حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات

ابن قائِد

بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي قال شيخنا وأستاذنا بل عينُ أستاذينا الشيخ الإمام العالم العلامة الحبر البحر الفهامة عمدة المحققين وبغية المدققين تقي الدين مفتي المسلمين وعالمهم أبو البقاء محمد بن سيدنا ومولانا قاضي القضاة شيخ الإسلام محيي السنة خير الأنام شهاب الدين أوحد المجتهدين أبي العباس أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله ابن النجار المصري الفتوحي الحنبلي تغمدهما الله تعالى برحمته وأدام النفع بعلومهما وبركاتهما وأحيى بهما سنة الإمام المبجل أبي عبدالله وصالح أحمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه ومتعه بالنظر إلى وجهه الكريم آمين. أحمدُ الله وحق لي أن أحمد. وأصلي وأسلم على خير خلقه أحمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم على المذهب الأحمد.

_ الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فيقول العبد الفقير أحمد بن عوض المرداوي الحنبلي

_ -عفا الله عنه- هذه حواش على كتاب "المنتهى" للشيخ تقي الدين الفتوحي الحنبلي، جردتها من خط شيخنا وأستاذنا وقدوتنا إلى الله تعالى، الشيخ العالم العلامة، الحبر البحر الفهامة، المحقق المدقق، المتقن المتفنن، البارع الرحلة، الشيخ عثمان بن أحمد النجدي الحنبلي عن هوامش نسخته، ومن بعض أوراق من داخلها بخطه، والله الموفق والمعين. وحيث رأيت في هذه الحاشية (م ص)، فالمراد به: الشيخ الإمام والحبر الهمام الشيخ منصور بن يونس البهوتي الحنبلي. أو رأيت: (م خ) فالمراد به: الشيخ العالم العلامة شيخنا الشيخ محمد الخلواتي تلميذ الشيخ منصور. أو رأيت (تاج)، فالمراد به: الشيخ الإمام والحبر الهمام تاج الدين البهوتي تلميذ المصنف.

وبعد فالتنقيح المشبع،

_ أو رأيت: (شرحه)، فالمراد به: شرح المصنف. أو رأيت (فارضي)، فالمراد به: الشيخ الفاضل الشيخ محمد الفارضي. أو رأيت (الشهاب)، أو (الفتوحي) فالمراد به: شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز، العالم العلامة والد المصنف. أو رأيت (ش شينا)، فالمراد به: شرح الشيخ منصور. أو رأيت (حا)، فالمراد به: حاشيته أيضا. قوله: (فالتنقيح) مبتدأ، خبره: (قد كان المذهب ... إلخ)، و (المشبع) صفة (التنقيح) وفيه استعارة تصريحية تبعية.

في تحرير أحكام المقنع في الفقه على مذهب الامام المبجل ابي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رضي الله تعالى عنه قد كان المذهب محتاجاً إلى مثله إلا أنه غير مستغنٍ عن اصله. فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في واحد مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد الشوارد. ولا أحذف منهما الاالمستغنى عنه والمرجوح وما بني عليه ولا اذكر قولاً غير ماقدم او صحح في التنقيح الا اذا كان عليه العمل او شهر او قوي الخلاف. فربما أشير اليه.

_ قوله: (في تحرير أحكام المقنع) صفة أو حال من (التنقيح) أو من ضمير (المشبع)، و (في الفقه) صفة أو حال من (المقنع). و(على مذهب) صفة أو حال (من الفقه)، قوله (إلى مثله) من قبيل: مثلك لا يبخل، فتدبر.

وحيث قلت: قيل وقيل. ويندر ذلك فلعدم الوقوف على تصحيح وان كانا لواحد فلاطلاق احتماليه. وسميته منتهى الارادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات. واسأل الله سبحانه وتعالى العصمة والنفع به. وان يرحمني وسائر الامة.

_

كتاب الطهارة

كِتَابُ الطهارة الطَّهَارَةِ ارتفاع حدث وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِمَاءٍ طَهُورٍ مُبَاحٍ .....

_ قوله: (ارتفاع حدث) اعلم: أن الحدث يطلق على الخارج من السبيل، وعلى خروجه، وعلى المعنى القائم بالبدن الحاصل بخروج ذلك الخارج، وحكم هذا الوصف: المنع من الصلاة ونحوها، ويطلق على نفس المنع، فللحدث إطلاقات أربعة، إذا علمت ذلك؛ فالمناسب تفسير كلام المصنف: (وهو ما أوجب) أي: معنى يقوم بالبدن ... إلخ. والضمير في (معناه) للحدث، (وما) معطوف على (الحدث) فتدبر، ثم قول من قال: إن الحاصل بغسل الميت في معنى ارتفاع الحدث؛ لأنه تعبدي لا عن حدث، فيه نظر، فإن الحدث كما صرحوا به: ما أوجب وضوءا أو غسلا، لا أن الحدث ما عقل معناه، فتنبه له، والله أعلم.

وَزَوَالُ خَبَثٍ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُبَحْ أَوْمَعَ تُرَابٍ طَهُورٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِنَفْسِهِ أَوْ ارْتِفَاعِ حُكْمِهِمَا بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ.

_ قوله: (به) الضمير عائد على المقيد بأحد قيديه دون الآخر، اعتمادا على القرينة الدالة على ذلك، وهي قوله: (ولو لم يبح)، والذي لم يعهد عوده بلا قرينة.

باب المياه

باب الْمِيَاهُ الْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ طَهُور ٌيَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ وُضُوءًا أَوْ إلَّا حَدَثَ رَجُلٍ وَخُنْثَى بقَلِيلٍ خَلَتْ بِهِ امْرَأَةٌ وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ حَدَثٍ كَخَلْوَةِ نِكَاحٍ تَعَبُّدًا «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ.» وَيُزِيلُ الْخَبَثَ الطَّارِئَ وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ وَلَوْ تَصَاعَدَ ثُمَّ قَطَرَ كَبُخَارِ

_ قوله: (إلا حدث رجل ... إلخ): عبارة "المقنع" وغيره: ولا يجوز للرجل الطهارة به فعمومه ينتاول الطهارة عن حدث أصغر أو أكبر، والوضوء والغسل المستحبين، وغسل الميت، قاله منصور. وعلم من قوله: (حدث رجل) أنه يزيل خبثه، قاله منصور. قلت: وغسل ذكره وأنثييه إذا خرج منه المذي ولم يصبهما. وبخطه على قوله: (إلا حدث) أي: وما في معناه. قوله: (ولو كافرة) ولعل ما انفصل من طهارتها الكبرى كما بقي.

الْحَمَّامَاتِ أَوْ اُسْتُهْلِكَ فِيهِ يَسِيرٌ مُسْتَعْمَلٌ، أَوْمَائِعٌ طَاهِرٌ وَلَوْ لِعَدَمِ كِفَايَةِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ أَوْ اُسْتُعْمِلَ

_ قوله: (أو استهلك فيه)، أي: القليل. قوله: (أو مائع) في ماء مطلقا. قوله: (أو استعمل ... إلخ) ظاهره ك"التنقيح و "الفروع" و "المبدع" و "الإنصاف" وغيرهل - عدم كراهة ما استعمل في طهارة لم تجب، أو غسل كافر، أو غسل به رأس بدلا عن مسح، وصرح في "الإقناع": بالكراهة؛ للخلاف فيه، واستوجهه شارحه.

فِي طَهَارَةٍ لَمْ تَجِبْ أَوْغُسْلِ كَافِرٍ أَوْ غُسِلَ بِهِ رَأْسٌ بَدَلًا عَنْ مَسْحٍ وَالْمُتَغَيِّرُ بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ وَبِمَا يَأْتِي فِيمَا كُرِهَ وَمَا لَا يُكْرَهُ. وَكُرِهَ مِنْهُ مَاءُ زَمْزَمَ فِي إزَالَةِ خَبَثٍ وَمَاءُ بِئْرٍ بِمَقْبَرَةٍ وَمَا اشْتَدَّ

_ قوله: (لم تجب) أي: لم تتوقف عليها صلاة، ليشمل طهارة المميز. قوله: (أو غسل كافر) أي: أو كافرة ولم تخل به، ولعل مثله المسلمة الممتنعة، لا المجنونة؛ لأنه ينوى عنها، كالميت دون الأولى. منصور. قوله: (أو غسل به رأس ... إلخ) قاله منصور: وقياسه ما غسل نحو خف بدلا عن مسحه انتهى. قوله: (وكره منه ماء زمزم في إزالة خبث) ولا يكره ما جرى على سطح الكعبة في ظاهر كلامهم. فائدة: قولهم: لا تصح الطهارة عن الحدث بمغصوب، أو ماثمنه المعين غصب، قال في "المبدع": كالصلاة في ثوب مغصوب. قاله منصور.

حَرُّهُ أَوْ بَرْدُهُ وَمُسَخَّنٌ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَوْبِمَغْصُوبٍ وَمُتَغَيِّرٌ بِمَا لَا يُخَالِطُهُ مِنْ عُودٍ قَمَارِيٍّ أَوْ قِطَعِ كَافُورٍ أَوْ دُهْنٍ أَوْبِمُخَالِطٍ أَصْلُهُ الْمَاءُ لَابِمَا يَشُقُّ صَوْنُهُ عَنْهُ، كَطُحْلُبٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ وَمُكْثٍ وَرِيحٍ وَلَا مَاءُ الْبَحْرِ،

_ قلت: فيؤخذ منه: تقييده بما إذا كان عالما ذاكرا، كما يأتي في الصلاة، وإلا صحت؛ لأنه غير آثم إذن. وقد يفرق: بأن المنع هنا أقوى؛ لتلف العين، بخلاف الصلاة، فلا يلزم من اغتفار الجهل والنسيان في الصلاة، اغتفارهما في الطهارة، وإن اشتركا في عدم الإثم. قوله: (ومسخن بنجاسة) أي: إلا الحمام، كما في "المبدع". قوله: (وإن لم يحتج إليه) لو أتى به بعد كل قيم المكروه؛ لكان أولى؛ ليشمله القيد، كما صرحوا: بأنه لا يترك واجب لشبهة والله أعلم. قوله: (قماري) بفتح القاف، نسبة إلى قمار: موضع ببلاد الهند. قوله (أو بمخالط أصله الماء) كملح مائي، وهو: ما ينعقد من الماء المرسل على السباخ، فلو انعقد من طاهر غير مطهر، كباقي الطاهرات وكذا الملح المعدني.

وَالْحَمَّامِ لَامُسَخَّنٌ بِشَمْسٍ أَوْبِطَاهِرٍ وَلَا يُبَاحُ غَيْرُ بِئْرِ النَّاقَةِ مِنْ ثَمُودَ الثَّانِي طَاهِرٌ كَمَاءِ وَرْدٍ وَطَهُورٍ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّطْهِيرِ. وَلَوْ بِوَضْعِ مَا يَشُقُّ صَوْنُهُ عَنْهُ أَوْ بِخَلْطِ مَا لَا يَشُقُّ غَيْرَ تُرَابٍ وَلَوْ قَصْدًا. وَمَا مَرَّ وَقَلِيلٌ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَوْ بِغَمْسِ بَعْضِ عُضْوِ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ بَعْدَ نِيَّةِ رَفْعِهِ وَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِانْفِصَالِهِ أَوْإزَالَةِ خَبَثٍ وَانْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ

_ قوله: (والحمام) وظاهره: ولو سخن بنجس، كما تقدم عن "المبدع". قوله: (وطهور تغير ... إلخ). ظاهره: ولو كثيرا، والله أعلم، ثم رأيته صريحا في "الحاشية" فليعلم. قوله: (ولا يصير مستعملا ... إلخ)، قال منصور: تلخص: أن الحدث يرتفع عن أول جزء لاقى، والماء يصير مستعملا بأول جزء انفصل على

مَعَ زَوَالِهِ عَنْ مَحَلٍّ، طَهُرَ أَوْغَسَلَ بِهِ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ لِخُرُوجِ مَذْيٍ دُونَهُ أَوْغُمِسَ فِيهِ كُلُّ يَدِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٌ لِوُضُوءٍ أَوْ حَصَلَ فِي كُلِّهَا وَلَوْ بَاتَتْ مَكْتُوفَةً أَوْ بِجِرَابٍ وَنَحْوَهُ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا نَوَاهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَيُسْتَعْمَلُ ذَا إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ

_ الصحيح، كما أن الماء الوارد على محل التطهير يرفع الحدث بمجرد إصابته، ولا يصير مستعملا إلا بانفصاله، فإن قلت: الوارد بمحل التطهير طهور يرفع الحدث، ويزيل النجس ما دام متصلا، فهلا كان المغموس فيه كذلك؟ قلت: إذا كان واردا، فهو طهور للمشقة، بخلاف المورود، كما يتس القليل بأول جزء يلاقيه من النجاسة إذا كان مورودا. قوله: (ويستعمل ذا) أي: ما غمس فيه يد النائم، فيستعمله في

مَعَ تَيَمُّمٍ وَطَهُورٍ مُنِعَ مِنْهُ لِخَلْوَةِ الْمَرْأَةِ أَوْلَى أَوْخُلِطَ بِمُسْتَعْمَلٍ لَوْ

_ وضوء، وغسل، وإزالة نجاسة بدن، أو ثوب، أو بقعة، وغسل يديه من نوم ليل، وأنثييه للمذي، مع تيمم حيث صح، ولا يرتفع به الحدث ولا ما في معناه، ولا يزول به الخبث، فمتى وجد طهورا استعمله، وتلزمه الإعادة فيما إذا كان المتنجس ثوبه، وصلى فيه، لعدم غيره، ويغسل به الميت مع التيمم كالحي. منصور. قوله: (مع تيمم) ظاهره: لا يشترط الترتيب بين استعمال الماء والتيمم، لأن (مع) لا تقتضيه، ولعل وجهه: أن الماء المذكور إنما وجب استعماله لقوة الخلاف فيه، ولا يخلو: إما أن يكون طهورا في نفس الأمر، فهو كاف وحده تقدم أو تأخر، أو لا يكون طهورا، فهو غير معتد به. وهذا بخلاف ما لو وجد ماء طهورا ليس فيه الخلاف المذكور، وكان يكفي بعض طهره، فإنه يجب فيه الترتيب بينه وبين التيمم، كما يأتي، فلا تيمم إلا بعد استعماله. وعبارة "الإقناع" هنا: ثم يتيمم، وبالواو عبرفي "الإنصاف"، و "التنقيح" و "التوضيح"، وحمل الشيخ منصور عبارة المصنف على الترتيب، والله أعلم. قوله: (وطهور منع منه لخلوة المرأة أولى) أي: مع التيمم.

خَالَفَهُ صِفَةً غَيْرَهُ وَلَوْ بَلَغَا قُلَّتَيْنِ الثَّالِثُ نَجِسٌ وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ نَجَاسَةٍ لَا بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ وَكَذَا قَلِيلٌ لَاقَاهَا وَلَوْ جَارِيًا، أَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا طَرْفٌ أَوْ يَمْضِ زَمَنٌ تَسْرِي فِيهِ كَمَائِعٍ وَطَاهِرٌ

_ قوله: (وكذا قليل ... إلخ) يعني: في غير محل التطهير، فلو صب ماء من إبريق على محل الاستنجاء لا ينجس الماء، لأن الوارد على محل التطهير طهور، عبد الرحمن البهوتي. قوله: (ولو جاريا) أي: بحيث لو ركد لأمكن سريان النجاسة فيه. قوله: (أو يمض زمن تسري فيه) أي: بالفعل، وإنما قيدنا بالحيثية المذكورة، احترازا عما إذا كان الجاري نازلا من أعلى إلى أسفل، فإنه إذا تس الأسفل لا يحكم بنجاسة الأعلى؛ لعدم إمكان السريان، ولما يلزم من المشقة العظيمة بتنجيس ما في الإبريق عند الاستنجاء به، بل وما في الإناء عند الشرب؛ لنزوله واتصاله بما في الجوف المحكوم بنجاسته قبل مفارقة الإناء للفم، ولا يمكن عاقل القول بذلك.

وَلَوْ كَثُرَا. وَالْوَارِدُ بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ طَهُورٌ كَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ إنْ كَثُرَ وَعَنْهُ كُلُّ جَرْيَةٍ مِنْ جَارٍ كمُنْفَرِدٍ فَمَتَى امْتَدَّتْ نَجَاسَةٌ بجَارٍ فَكُلُّ جَرْيَةٌ نَجَاسَةٌ مُفْرَدَةٌ وَالْجَرْيَةُ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ سِوَى مَا وَرَاءَهَا وَأَمَامَهَا وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْكَثِيرِ لَمْ يَنْجُسْ إلَّا بِبَوْلِ آدَمِيٍّ أَوْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ ذَابَتْ عِنْدَ أَكْثَر الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَوَسِّطِينَ إلَّا أَنْ تَعْظُمَ مَشَقَّةُ نَزْحِهِ كَمَصَانِعِ مَكَّةَ فَمَا تَنَجَّسَ بِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَتَطْهِيرُهُ بِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ

_ قوله: (ولو كثرا) خلافا "للأقناع" في قوله: إن الطاهر الكثير لا ينجس إلا بالتغير. قول: (والوارد) علم منه: أن محل التطهير إن ورد على القليل نجسه بمجرد الملاقاة، ولا فرق في ذلك بين الجاري والراكد. قوله: (بمحل تطهير) ولو تغير: قوله: (فمتى امتدت) أي: انبسطت.

بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَإِنْ شَقَّ نَزْحُهُ فَبِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ فَبِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ مَعَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ وَمَا تَنَجَّسَ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَبِإِضَافَةِ كَثِيرٍ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَإِنْ كَثُرَ فبِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِضَافَةِ كَثِيرٍ أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ كَثِيرٌ وَالْمَنْزُوحُ طَهُورٌ بِشَرْطِهِ وَإِلَّا أَوْ كَانَ كَثِيرًا مُجْتَمِعًا مِنْ مُتَنَجِّسٍ

_ قوله: (طهور بشرطه) بأن يكون آخر ما نزح ولم يتغير، ولم تكن عين النجاسة به، ولم يضف إلى ما قبله سواء بلغ حدا يدفع تلك النجاسة، أو لا. قوله: (وإلا) يكثر بأن كان قليلا، وتغير بالنجاسة، قال في "شرحه الصغير" ما نصه: تنبيه: ظهر مما سبق أن نجاسة الماء حكمية ... إلى أن قال: ونقل في "الفروع" عن بعضهم: أنه يصح بيعه، قلت: وهو بعيد؛ إذ الخمر نجاسته حكمية، ولا يصح بيعه. انتهى. وأقول: قد يفرق بينه وبين الخمر؛ بأن الماء يمكن تطهيره بفعل الآدمي؛ فهو كالثوب النجس، بخلاف الخمر، فإنها لا تطهر إلا بالانقلاب بنفسها، وهو غير محقق، والله أعلم.

يَسِيرٍ فَبِإِضَافَةِ كَثِير مَعَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ وَالْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا. وَالْيَسِيرُ وَالْقَلِيلُ مَا دُونَهُمَا وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ عِرَاقِيٌّ وَأَرْبَعُمِائَةُ رِطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ مِصْرِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ ومِائَةُ وَسَبْعَةُ وَسُبْعُ رِطْلٍ دِمَشْقِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ وَتِسْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَسُبْعَا رِطْلٍ حَلَبِيٍّ. وَمَا وَافَقَهُ وَثَمَانُونَ وَسُبْعَانِ وَنِصْفُ سُبْعِ رِطْلٍ قُدْسِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ رِطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بَعْلِيٍّ، وَمَا وَافَقَهُ. تَقْرِيبًا فَلَا يَضُرُّ نَقْصٌ يَسِيرٌوَمِسَاحَتُهُمَا أَيْ الْقُلَّتَيْنِ. أَيْ مِسَاحَةُ مَا يَسَعُهُمَا مُرَبَّعًا: ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ طُولًا وَعَرْضًا. وَعُمْقًا بِذِرَاعِ الْيَدِ.

_ قوله: (مع زوال تغيره) وتلخيص ما ذكره ك"الإقناع": إن ما تنجس بشيء ولم يتغير، لا يطهر إلا بإضافة ما يدفع تلك النجاسة عن نفسه، فيدفعها عما اتصل به، وإن تغير وبلغ حدا يدفعها لو لم يتغير؛ بإضافة ما يدفعها عن نفسه مع زوال التغير، أو بزوال تغيره بنفسه فقط، أو بنزح يبقى بعده ما يدفعها، وإن لم يبلغ حدا يدفعها؛ فبالإضافة مع زوال التغير، لا غير. فعلى قول أكثر المتقدمين والمتوسطين: لا يدفع بول الآدمي أو عذرته إلا ما يشق نزحه، وغيرهما: يدفعه القلتان فصاعدا، كقول أكثر المتأخرين في النجاسات كلها، والله أعلم.

وَمُدَوَّرًا ذِرَاعٌ طُولًا وَذِرَاعَانِ الْمُنَقِّحُ: وَالصَّوَابُ وَنِصْفُ ذِرَاعٍ عُمْقًا حَرَّرَتْ ذَلِكَ فَيَسَعُ كُلُّ قِيرَاطٍ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثَيْ رِطْلٍ عِرَاقِيٍّ.

_ قوله: (ومدورا ... إلخ) اعلم: أن بسط المربع يكون بضرب طوله في عرضه والاصل في عمقه، فيحصل مئة وخمسة وعشرون، وذلك بسطها أرباعا، ويقال للربع: ذراع قصير، وأما المدور: فإذا أردت اختبار مساواته للمربع؛ فإنك تبسطه بضرب نصف طوله في نصف محيطه، وهو -أي المحيط- ثلاثة أمثال وسبعه، وقد علمت أن الطول ذراع، فابسطه أرباعا من جنس بسط المربع، فيكون طوله أربعة أذرع قصيرة، ومحيطه اثني عشر وأربعة أسباع، فتضرب نصف الطول اثنين في نصف المحيط ستة وسبعين، يحصل اثنا عشر وأربعة أسباع، تضربها في بسط العمق، وقد علمت أنه ذراعان ونصف، فبسطه أرباعا عشرة، يحصل مئة وخمسة وعشرون وخمسة أسباع، فزاد بسط المدور على المربع بخمسة أسباع، وهي مقدار التقريب، وقس على ذلك بقية المساحات، تجعل المربع ميزانا تختبر به غيره، كما تقدم. قوله: (المنقح: حررت ذلك فيسع كل قيراط ... إلخ) أي: من قراريط الذراع من المربع لا من المدور، وذلك بأن تضرب البسط في البسط والمخرج في المخرج، وتقسم حاصل البسط على حاصل المخرج

_ يخرج ذرعه، فتحفظ قراريطه وتقسم عليها الخمس مئة، فبسط الذراع والربع خمسة، وقد تكرر ثلاثا طولا وعرضا وعمقا، فإذا ضربت خمسة في خمسة والخارج خمسة وعشرون في خمسة، بلغ مئة وخمسة وعشرين، والمخرج أربعة، وقد تكرر أيضا ثلاثا، فإذا ضربته كما تقدم، بلغ أربعة وستين -وهي سهام الذراع، أي أجزاؤه- فتقسم عليها الحاصل الأول، ويخرج ذراع، وسبعة أثمان ذراع، وخمسة أثمان ثمن ذراع، فإذا بسطت ذلك قراريط، وجدته سبعة وأربعين قيراطا إلا ثمن قيراط. وذلك لأن الذراع الكامل: أربعة وعشرون قيراطا، وسبعة أثمان: أحد وعشرون قيراطا. فتضمها إلى ما قبلها يحصل خمسة وأربعون قيراطا. وخمسة أثمان ثمن الذراع: قيراطان إلا ثمن قيراط، فاقسم عليها أرطال القلتين - الخمس مئة بالعراقي- وذلك بأن تبسط كلا من المقسوم والمقسوم عليه من جنس الكسر الموجود في المقسوم عليه؛ بأن تضرب الخمس مئة في مخرج الثمن ثمانية، يحصل أربعة آلاف، وتضرب السبعة والأربعين إلا ثمن قيراط في مخرج الثمن أيضا، يحصل خمسة وسبعون وثلاث مئة، ثم تنظر بين المقسوم والمقسوم عليه؛ فتجد بينهما توافقا بخمس خمس الخمس؛ وذلك لأن خمس الأربعة آلاف المقسومة ثمان مئة، وخمسها مئة وستون، وخمسها اثنان وثلاثون، فهذه خمس خمس المقسوم، كما ذكرنا، وكذلك خمس الخمسة والسبعين

وَالْعِرَاقِيُّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَتِسْعُونَ مِثْقَالًا سُبْعِ الْقُدْسِيِّ وَثُمُنُ سُبْعِهِ وَسُبْعُ الْحَلَبِيِّ وَرُبُعُ سُبْعِهِ وَسُبْعُ الدِّمَشْقِيِّ وَنِصْفُ سُبْعِهِ وَنِصْفُ الْمِصْرِيِّ وَرُبْعُهُ وَسُبْعُهُ

_ والثلاث مئة المقسوم عليها خمسة وسبعون، وخمسها خمسة عشر، وخمسها ثلاثة، فهي خمس خمس خمس المقسوم عليه أيضا، ثم تقسم الاثنين والثلاثين على الثلاثة يخرج عشرة وثلثان، فهذه حصة القيراط من الذراع من المربع، كما أشار إليه المنقح، رحمه الله تعالى، صرح بمعنى ذلك المصنف في "شرحه"، رحمه الله تعالى، قال الشيخ منصور رحمه الله تعالى: وبذلك يتضح لك عدم اتجاه اعتراض صاحب "الإقناع" على المنقح في "حاشية التنقيح" انتهى، والله أعلم. قوله: (سبع القدسي وثمن سبعه ... إلخ) اعلم: أن المصنف -رحمه الله تعالى- قد بين الرطل العراقي بالدراهم والمثاقيل، ثم أشار إلى بيان رطل غير العراقي بالدراهم والمثاقيل بقوله: (سبع القدسي ... إلخ) واستخراج ذلك بالأعداد الأربعة المتناسبة؛ أن تأخذ ثمن السبع، وهو ستة وخمسون، حاصلة من ضرب مخرج السبع، وهو سبعة في مخرج الثمن، وهو ثمانية، ثم تأخذ بسط السبع تجده تسعة، فنسبة مثاقيل الرطل العراقي وهي تسعون إلى مثاقيل الرطل القدسي، كنسبة التسعة إلى الستة والخمسين،

_ وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: (سبع القدسي وثمن سبعه) يعني أن الرطل العراقي نسبته إلى القدسي أنه: سبعه وثمن سبعه، فيكون معك ثلاثة أعداد معلومة، وهي التسعون، والتسعة، والستة والخمسون، وواحد مجهول وهو عدة مثاقيل القدسي، كنسبة التسعة، التي هي البسط، إلى الستة والخمسين، التي هي المخرج، فالمجهول هو الثاني، فتسطح الطرفين بضرب التسعين في الستة والخمسين يحصل خمسة آلاف وأربعون، فتقسمها على الوسط المعلوم، وهو التسعة، يخرج خمس مئة وستون، وهي عدة مثاقيل الرطل القدسي، ونسبة مثاقيل العراقي إليها سبع وثمن سبع، كما قال المصنف رحمه الله تعالى، وعلى هذا فقس الباقي. وإذا أردت معرفة الرطل القدسي بالدراهم، فاضرب عدة دراهم العراقي في المخرج المذكور، واقسم كما ذكرنا، وكذا غير القدسي، لكن تراعي المخرج والبسط؛ فإنه يختلف باختلاف الكسور، كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، فتأمله.

وَلَهُ اسْتِعْمَالُ مَا لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَلِيلٌ وَمَا اُنْتُضِحَ مِنْ قَلِيلٍ لِسُقُوطِهَا فِيهِ: نَجُسَ

_ وبخطه أيضاً على قوله: (سبع القدسي ... إلخ) يعني: أن الرطل العراقي نسبته إلى غيره من الأرطال أنه سبع القدسي ... إلخ، فالرطل القدسي: ثمان مئة درهم، والحلبي: سبع مئة درهم وعشرون درهما، والدمشقي: ست مئة درهم والمصري: مئة درهم وأربعة وأربعون درهما. وبالمثاقيل: فالرطل القدسي: خمس مئة مثقال وستون مثقالا. والحلبي: خمس مئة مثقال وأربعة مثاقيل. والدمشقي: أربع مئة مثقال وعشرون مثقالا. والمصري: مئة مثقال وأربعة أخماس مثقال. والقلتان بالمثاقيل: خمسة وأربعون ألفا. فإذا ضربت مثاقيل كل رطل من الأرطال المذكورة في عدة أرطال القلتين بذلك الرطل الذي ضربت مثاقيله، حصل ما ذكر من الخمسة والأربعين ألفا، والله أعلم.

وَيُعْمَلُ بِيَقِينٍ فِي كَثْرَة مَاءٍ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ وَلَوْ مَعَ سُقُوطِ عَظْمٍ وَرَوْثٍ شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِمَا أَوْطَاهِرٍ وَنَجِسٍ وَتَغَيَّرَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ وَعَيَّنَ السَّبَبَ قُبِلَ

_ قوله: (ويعمل بيقين في كثرة مساء ... إلخ) يعني: يعني: أنه لو رأى نجاسة وقعت في ماء، ولم تغيره، فشك في كثرته، بأن لم يعلم هل هو كثير فلا ينجس بالملاقاة فقط؟ أو هو قليل فينجس بالملاقاة؟ فيعمل باليقين، وهو كونه قليلا، فينجس بالملاقاة. قوله: (وطهارته ... إلخ) يعني لو علم بنجاسة ماء، أو غيره، ثم شك في حصول طهارته بعد، أو علم طهارته، ثم شك في في طرو نجاسته؛ فيعمل بما علم فيهما. قوله: (ونجس) في كثير، قوله: (وتغير بأحدهما) أي: يسيرا. قوله: (ولم يعلم) قال في "شرحه الصغير": ومحله إذا لم يكن تغيره لو فرض بالطاهر يسلبه الطهورية، انتهى. ووجهه: أنه إذا تغير بأحدهما تغيرا كثيرا لم يخل: إما أن يكون المغير: هو النجس؛ فلا كلام. وإما أن يكون المغير: هو الطاهر؛ فيسلبه الطهورية. فينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة وإن لم يتغير بها؛ لأنه حينئذ لا يدفع عن نفسه، وهو ظاهر، والله أعلم، قوله: (وإن أخبره عدل) ولو مستورا أو أعمى.

وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ مُبَاحٌ بِمُحَرَّمٍ أَوْنَجِسٍ لَمْ يَكُنْ تَطْهِيرُهُ بِهِ وَلَا طَهُورٌ مُبَاحٌ بِيَقِينٍ لَمْ يَتَحَرَّ وَلَوْ زَادَ عَدَدُ الطَّهُورِ الْمُبَاحِ وَيَتَيَمَّمُ بِلَا إعْدَامٍ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَوْ عَلِمَهُ بَعْدَ وَيَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ النَّجَسَ إعْلَامُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ لَا تُخْبِرْنَا وَيَلْزَمُهُ التَّحَرِّي لِحَاجَةِ شُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ غَسْلُ فَمِهِ

_ وبخطه أيضا على قوله: (وإن أخبره عدل) أي: بنجاسة شيء، وينبغي أن يقال: كذلك لو أخبره بسلب طهورية ماء، وعين السبب؛ لأنه إذا قبل في الأغلظ، قبل في الأخف من باب أولى، والله أعلم. قوله: (ويلزم من علم النجس) ولو بمعفو عنها، خلافا "للإقناع". قوله: (أن يستعمله) لعل محله إذا كان نجسا عندهما لا عند أحدهما، وأن مثله الطاهر إذا رأى من يريد أن يتوضأ به مثلا. قوله: (ويلزمه التحري ... إلخ) هل أراد استعماله مرة ثانية؛ يعمل بالتحري الأول، أم يلزمه أن يجدد التحري؟ لم أر من تعرض له، وينبني عليه أنا إذا قلنا: يتحرى ثانيا، وظهر له الماء الثاني مثلا، فيما إذا اشتبه ماءان؛ فإنه يلزمه غسل ما أصابه؛ لملابسته النجاسة قطعاً، وكونه يعمل بالأول أظهر، والله أعلم.

وَبِطَاهِرٍ أَمْكَنَ جَعْلُهُ طَهُورًا بِهِ أَوْ لَايَتَوَضَّأُ مَرَّةً مِنْ ذَا غَرْفَةً، وَمِنْ ذَا غَرْفَةً وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَيَصِحُّ ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ طَهُورٍ بِيَقِينٍ وَإِنْ اشْتَبَهَتْ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بنَجِسَةٍ أَوْمُحَرَّمَةٍ، وَلَاطَاهِرَ مُبَاحَ بِيَقِينٍ فَإِنْ عَلِمَ عَدَدَ نَجِسَةٍ أَوْ مُحَرَّمَةٍ، صَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً وَزَادَ صَلَاةً وَإِلَّا فَحَتَّى يَتَيَقَّنَ صِحَّتَهَا وَكَذَا أَمْكِنَةٌ ضَيِّقَةٌ

_ قوله: (ولا طاهر مباح بيقين)، قد يفهم منه: أنه إذا آمكنه تطهير ثوب يلزمه ذلك، فقوله: (ولا طاهر ... إلخ) أعم من أن يكون بالفعل، أو بالقوة. وينبغي أن يقال كذلك في الأمكنة الضيقة، ويؤيده قوله: في "شرحه الصغير": ولا سبيل إلى مكان طاهر بيقين .. انتهى. وإذا أمكن تطهيره فقد وجد إليه سبيلا، وكذا يؤيده أيضا اشتراطهم فيمن اشتبه عليه طهور بنجس، أن لا يمكن تطهيره به، بجامع الشرطية فيهما أيضا، وقولهم في كتاب الصلاة: ولمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبا، والله أعلم.

_ فائدة: الظاهر أن المراد بقولهم: فيمن اشتبهت عليه ثياب مباحة بمحرمة يصلي في كل ثوب بعدد الحرمة .. إلخ: بيان الصحة، وسقوط الفرض عنه بذلك لو فعله، لا أنه يجب عليه ذلك، بل لا يجوز، فيصلي عريانا ولا يعيد، لأنه اشتبه المباح بالمحظور في موضع لا تبيحه الضرورة، فهو عادم للسترة حكما، وإلا فما الفرق بينه وبين من اشتبه عليه طهور مباح بمحرم، مع أن كلا من الطهارة والسترة شرط الصلاة؟ ! لا يقال: الماء له بدل وهو التراب بخلاف السترة؛ لأنا نقول: لو فرضنا عدم التراب؛ جاز له أن يصلي أيضا على حسب حاله مع وجود هذا الماء المشتبه، بل يجب عليه لأن وجوده كعدمه حينئذ، فقد تركه لا إلى بدل، وهو ظاهر فتأمل. بل وكذلك ينبغي أنه لو توضأ، أو اغتسل من المياه المشتبهة، من كل ماء غرفة بعدد المحرم، وزاد واحدا لصح وضوؤه، وغسله، وارتفع حدثه جزما، بشرط أن يراعي الترتيب والموالاة في الوضوء؛ بأن يأخذ لكل عضو أكثر من عدد المحرم، ويغسل به ذلك العضو قبل انتقاله إلى غيره، ولكنه يكون فعل محرما، والله أعلم.

باب الآنية

باب الآنية الانية: الاوعية ويَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَعَظْمِ آدَمِيٍّ وَجِلْدِهِ حَتَّى الْمِيلُ وَنَحْوُهُ وَعَلَى أُنْثَى وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ مِنْ إنَاءٍ مِنْ ذَلِكَ وَمَغْصُوبٍ أَوْثَمَنُهُ مُحَرَّمٌ وَفِيهِ وَإلَيْهِ وَمُمَوَّهٌ وَمَطْلِيٌّ وَمُطَعَّمٌ وَمُكَفَّتٌ كَمُصْمَتٍ وَكَذَا مُضَبَّبٌ

_ قوله: (ويحرم اتخاذها) أي: اصطناعها، وكذا تحصيلها بنحو شراء.

لَا بيَسِيرَةٍ عُرْفًا مِنْ فِضَّةٍ لِحَاجَةٍ وَهِيَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا غَرَضٌ غَيْرُ زِينَةٍ وَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهَا وَتُكْرَهُ مُبَاشَرَتُهَا بِلَا حَاجَةٍ وَكُلُّ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مُبَاحٌ وَلَوْ ثَمِينًا وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ وَثِيَابِهِمْ وَلَوْ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ وَكَذَا مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا طَاهِرٌ مُبَاحٌ وَيُبَاحُ دَبْغُ جِلْدِ نُجِّسَ بِمَوْتٍ وَاسْتِعْمَالُهُ بَعْدُ وَمُنْخُلٍ مِنْ شَعْرٍ نَجِسٍ فِي يَابِسٍ وَلَا يَطْهُرُ بِهِ وَلَا جِلْدٌ غَيْرُ مَأْكُولٍ بِذَكَاةٍ

_ قوله: (طاهر مباح) فإن قلت: ينافيه ما ذكروه من كراهية الصلاة فيما ظنت نجاسته؟ ! قلت: يمكن حمل الإباحة هنا على غير الصلاة، فالمراد: الإباحة في الجملة، قوله: (نجس بموت ... إلخ) شمل المأكول إذا ذكاه من ليس بأهل للذكاة، لأنه ميتة، فينجس جلده، ويباح دبغه، أشبه ما لو مات بغرق، أو حرق، أو وقوع في نحو بئر، والله أعلم. قوله: (بعده) أي: يباح استعمال جلد الميتة في اليابسات بعد دبغه بطاهر منشف للرطوبة منق للخبث، بحيث لو نقع الجلد بعده في الماء لم يفسد، لا بتشميس وتتريب، وجعل المصران والكرش وترا: دباغ.

وَلَبَنٌ وَإِنْفَحَّةٌ وَجِلْدَتُهَا وَعَظْمٍ وَقَرْنٍ وَظُفْرٍ وَعَصَبٍ وَحَافِرٍ مِنْ مَيْتَةٍ نَجِسٌ لَاصُوفٌ وَشَعْرٌ وَرِيشٌ وَوَبَرٌ مِنْ طَاهِرٍ فِي حَيَاةٍ وَلَابَاطِنُ بَيْضَةِ مَأْكُولٍ صُلْبٌ قِشْرُهَا وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَكَمَيْتَتِهِ تَتِمَّةٌ وَسُنَّ تَخْمِيرُ آنِيَةٍ وَإِيكَاءُ أَسْقِيَةٍ

_

باب الاستنجاء

باب الاستنجاء الاستنجاء: إزَالَةُ خَارِجٍ مِنْ سَبِيلٍ بِمَاءٍ أَوْحَجَرٍ وَنَحْوه يُسَنُّ لِدَاخِلِ خَلَاءٍ وَنَحْوِهِ قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثَ الرَّجِسُ النَّجَسُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ وَانْتِعَالُهُ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَتَقْدِيمُ يُسْرَاهُ دُخُولًا وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا جَالِسًا وَيُمْنَاهُ خُرُوجًا كَخَلْعٍ وَعَكْسِهِ مَسْجِدٌ وَانْتِعَالٌ وَبِفَضَاءٍ بَعُدَ وَطَلَبُ مَكَانٍ رَخْوٍ وَلَصْقُ ذَكَرِهِ بِصُلْبٍ

_ قوله: (من سبيل) أي عنه يضا، حتى يتم الحد، إذ لو أزال الخارج من سبيل عن نحو بدن، لم يعد ذلك استنجاء، ويمكن الجواب: بأن قوله: (من سبيل) يتنازعه كل من (إزالة) و (خارج) فأعمل الثاني، وأهمل الأول. قوله: (بماء أو حجر) "أو": لمنع الخلو. محمد الخلوتي.

وَكُرِهَ رَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ وَأَنْ يَصْحَبَ مَا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِلَا حَاجَةٍ لَادَرَاهِمَ وَنَحْوَهَا لَكِنْ يَجْعَلُ فَصَّ خَاتَمٍ بِبَاطِنِ كَفِّ يُمْنَى وَاسْتِقْبَالُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَمَهَبِّ الرِّيحِ وَمَسُّ فَرْجِهِ وَاسْتِجْمَارُهُ بِيَمِينِهِ بِلَا حَاجَةٍ لِصِغَرِ حَجَرٍ تَعَذَّرَ وَضْعُهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ أَوْإصْبَعَيْهِ فَيَأْخُذُهُ بِهَا وَيَمْسَحُ بِشِمَالِهِ وَبَوْلُهُ فِي شَقٍّ وَسَرَبٍ وَإنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ وَمُسْتَحَمٍّ غَيْرِ مُقَيَّرٍ أَوْ مُبَلَّطٍ وَفِي مَاءٍ رَاكِدٍ وَقَلِيلٍ جَارٍ وَاسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ فِي فَضَاءٍ بِاسْتِنْجَاءٍ أَوْ اسْتِجْمَارٍ

_ قوله: (وكره رفع ثوبه) أي: إن لم يكن ثم ناظر. قوله: (قبل دنوه) إشارة إلى أن محله إذا بال قاعدا لا قائما. قوله: (فص خاتم) فص الخاتم: مثلثة، والكسر غير لحن، ووهم الجوهري. "قاموس". قوله: (واستقبال قبلة ... إلخ) قال في "شرح الإقناع": ظاهر كلامه كغيره، لا يكره استدبارها إذن، انتهى. وكذا ينبغي أن يقال بمثله في قولهم: يكره حال قضاء الحاجة استقبال شمس، وقمر، ومعب ريح. فتدبر.

وَكَلَامٌ فِيهِ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ لُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ وَتَغَوُّطُهُ بِمَاءٍ وَبَوْلُهُ وَتَغَوُّطُهُ بِمَوْرِدٍ وَطَرِيقٍ مَسْلُوكٍ وَظِلٍّ نَافِعٍ وَتَحْتَ شَجَرَةٍ عَلَيْهَا ثَمَرٌ وَعَلَى مَا نُهِيَ عَنْ اسْتِجْمَارٍ بِهِ لِحُرْمَتِهِ وَفِي فَضَاءٍ اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ وَاسْتِدْبَارُهَا وَيَكْفِي انْحِرَافُهُ وَحَائِلٌ وَلَوْ كَمُؤْخِرَةِ رَحْلٍ وَيُسَنُّ إذَا فَرَغَ مَسْحُ ذَكَرِهِ مِنْ حَلْقَةِ دُبُرِهِ إلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا وَنَتْرُهُ ثَلَاثًا وَبَدْءُ ذَكَرٍ بِقُبُلٍ وَبِكْرٍ بِقُبُلٍ وَتُخَيَّرُ ثَيِّبٌ وَتَحَوُّلُ مَنْ يَخْشَى تَلَوُّثًا وَقَوْلُ خَارِجٍ غُفْرَانَكَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي وَاسْتِجْمَارٌ بِحَجَرٍ ثُمَّ مَاءٍ فَإِنْ عَكَسَ كُرِهَ وَيُجْزِيهِ أَحَدُهُمَا وَالْمَاءُ أَفَضْلُ كجَمْعَهُمَا وَلَا يُجْزِي فِيمَا تَعَدَّى مَوْضِعِ عَادَةٍ إلَّا الْمَاءُ كقُبُلَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَمَخْرَجٍ غَيْرِ فَرْجٍ وَتَنَجُّسِ مَخْرَجٍ بِغَيْرِ خَارِجٍ وَاسْتِجْمَارٍ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ

_ قوله: (مطلقا) إلا تنبيه غافل عن هلكة. قوله: (وتغوطه بماء) غير البحر لأنه لا تغيره الجيف، وكذا ما أعد لذلك كنهر دمشق.

وَلَا يَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَةٍ وجَنَابَةٍ بِدَاخِلِ فَرْجِ ثَيِّبٍ لَاحَشَفَةِ أَقْلَفَ غَيْرِ مَفْتُوقٍ وَلَا يَصِحُّ اسْتِجْمَارٌ إلَّا بِطَاهِرٍ مُبَاحٍ مُنْقٍ كَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَخِرَقٍ

_ قوله: (بداخل فرج ثيب) ولو قلنا: إنه في حكم الالظاهر، وصرح في "الإقناع" هنا: بأنه في حك الباطن، ورتب عليه فساد الوضوء بخروج ما احتشته ولو بلا بلل، وفساد صومها بإدخال إصبعها، لا بوصول الحيض إليه. قوله: (غير مفتوق) قال منصور البهوتي: وكره الصلاة فيما أصابه الاستنجاء حتى يغسله، ونقل صالح: أو يمسحه. ونقل عبد الله: لا يلتفت إليه. انتهى. ومحل ما ذكرا إذا لم يتحقق أن ما أصابه من المنفصل عن محل النجاسة قبل طهارته، وإلا فيجب غسله بعدد ما بقي من السبع إن كان، وإلا فواحدة والله أعلم. قوله: (منق) قال منصور البهوتي: فلا يجزيء بأملس، ولا شيء رخو، ويجزيء الاستجمار بعده بمنق. انتهى.

وَهُوَ أَنْ يَبْقَى أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ وبِمَاءٍ خُشُونَةُ الْمَحَلِّ كَمَا كَانَ وَظَنُّهُ كَافٍ وَحَرُمَ بِرَوْثٍ وَعَظْمٍ وَبِطَعَامٍ وَلَوْ بَهِيمَةٍ وَبِذِي حُرْمَةٍ وَمُتَّصِلٌ بِحَيَوَانٍ وَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ مَسَحَاتٍ تَعُمُّ كُلُّ مَسْحَةٍ الْمَحَلَّ فَإِنْ لَمْ يُنْقِ زَادَ وَيُسَنُّ قَطْعُهُ عَلَى وِتْرٍ وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ لِكُلِّ خَارِجٍ إلَّا الرِّيحَ وَالطَّاهِرُ وَغَيْرُ الْمُلَوَّثِ وَلَا يَصِحُّ وُضُوءٌ وَلَا تَيَمُّمٌ قَبْلَهُ

_ والفرق بينه وبين غير المباح -حيث قالوا: لا يجزيء بعده؛ أي: بعد غير المباح إلا الماء - أن غير المنقي لا يمتنع استعماله في تخفيف النجاسة، بخلاف المغصوب، فإنه ممنوع منه، كالاستجمار بطعام بهيمة، فإنه لا يجزيء بعده إلا الماء، فكذا المغصوب؛ بجامع النهي فيهما، والله أعلم. قوله: (ولا يصح وضوء ولا تيمم قبله) ظاهره: سواء كان التيمم عن حدث أصغر أو أكبر، أو نجاسة. قال منصور البهوتي: فإن كانت النجاسة على غير السبيلين أو عليهما غير خارجة منهما؛ صح الوضوء والتيمم قبل زوالها، انتهى. والفرق بين ما إذا كانت النجاسة على السبيل خارجة

_ منه، وبين ما إذا كانت عليه غير خارجة منه: أنها في الأولى موجبة للطهارة، فاشترط زوالها ما أمكن أثرا وعينا، أو أو عينا فقط، بخلاف الثانية، فإنها غير موجبة للطهارة، فلم يشترط لصحتها زوالها، ولهذا لا يجزيء الاستجمار فيها بخلاف الأولى، والله أعلم.

باب التسوك

باب التسوك التسوك: وَكَوْنُهُ عَرْضًا بِيُسْرَاهُ عَلَى أَسْنَانٍ وَلِثَةٍ وَلِسَانٍ بِعُودٍ رَطْبٍ يُنْقِي لَا يَجْرَحُهُ وَلَا يَضُرُّهُ وَلَا يَتَفَتَّتُ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهِ مَسْنُونٌ مُطْلَقًا إلَّا الصَّائِمُ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَيُكْرَهُ وَيُبَاحُ قَبْلَهُ بِعُودٍ رَطْبٍ وَيَابِسٍ يُسْتَحَبُّ وَلَمْ يُصِبْ السُّنَّةَ مَنْ اسْتَاكَ بِغَيْرِ عُودٍ وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ صَلَاةٍ وَانْتِبَاهٍ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةِ فَمٍ وَوُضُوءٍ وَقِرَاءَةِ وَكَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسَنُّ بُدَاءَةُ الْأَيْمَنِ فِي سِوَاك تَتِمَّةٌ وَطُهْرِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ وَادِّهَانٌ غِبًّا يَوْمًا ويَوْمًا وَاكْتِحَالٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثًا وَنَظَرٌ فِي مِرْآةٍ وَتَطَيُّبٌ

_ بخط صاحب "المصباح" على هامشه في حديث، "ثلاث من سنن المرسلينء: السواكوالختان والحياء"، وصحف بعضهم فقال: الحناء، بالنون. قوله: (بالأيمن) أي: من ثناياه إلى أضراسه كما في "المطلع" و "الإقناع"، أو من أضراس اانب الأيمن، كما ذكره والد المصنف

وَيَجِبُ خِتَانُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَقُبُلَيْ خُنْثَى عِنْدَ بُلُوغٍ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَيُبَاحُ إذَنْ وَزَمَنَ صِغَرٍ أَفْضَلُ وَكُرِهَ فِي سَابِعِ وَمِنْ وِلَادَةٍ إلَيْهِ وَسُنَّ اسْتِحْدَادٌ وَحَفُّ شَارِبٍ وَتَقْلِيمُ ظُفْرٍ وَنَتْفُ إبِطٍ وَكُرِهَ حَلْقُ الْقَفَا لِغَيْرِ حِجَامَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْقَزَعُ. وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَتَرْكُ بَعْضِهِ وَنَتْفُ شَيْبٍ وَتَغْيِيرُهُ بِسَوَادٍ وَثَقْبُ أُذُنِ صَبِيٍّ.

_ في "قطعته" على "الوجيز" ويمكن الجمع بحمل الأول على الحقيقي، والثاني على الإضافي. قوله: (وكره حلق القفا) قال الجوهري: مؤخر العنق، مقصور، يذكر ويؤنث. فعلى هذا: هو ما خلف الرقبة، وفي "فتاوى ابن نصر الله ": حلق شعر القفا مكروه، وليس من الرأس، لأن الرأس حده إلى القفا، ولو حلق رأسه فلا يستحب حلق شعر القفا معه، بل يكره في الأصح، وليس ترك حلقه بدعة، بل هو السنة. انتهى ملخصا.

وَيَحْرُمُ نَمْصٌ وَوَشْرٌ وَوَشْمٌ وَوَصْلُ وَلَوْ بِشَعْرِ بَهِيمَةٍ أَوْ بِإِذْنِ زَوْجٍ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ طَاهِرٍ فصل سُنَنُ وُضُوءٍ اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ وَسِوَاكٌ وَغَسْلُ يَدَيْ غَيْرِ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ وَيَجِبُ لِذَلِكَ تَعَبُّدًا ثَلَاثٌ بِنِيَّةٍ شُرِطَتْ وَتَسْمِيَةٍ وَيَسْقُطُ غَسْلُهُمَا وَالتَّسْمِيَةُ سَهْوًا.

_ قوله: (ويسقط غسلهما والتسمية ... إلخ) فلو استعمل الماء ولم يدخل يده في الإناء؛ لم يصح وضوءه وفسد الماء، هكذا قال في "الإقناع" وغيره، ومعنى قوله: وفسد الماء؛ أي: الذي حصل في يده، وهو مبني فيما يظهر على القول بأن حصوله في بعضهما كحصوله في كلها، كما اختاره جمع، وأما على الصحيح؛ فينبغي صحة الوضوء ونحوه، حيث لم يحصل الماء في جميع اليد، وكذا لو كان الماء كثيرا، فانغمس فيه، أو قليلا فصمد أعضاءه له؛ فإنه يرتفع حدثه على القولين، فتدبر. قوله: (سهوا) وظاهره: ولو تذكر في الأثناء، فلا يغسلهما، بخلاف

وَبُدَاءَةٌ قَبْلَ غَسْلِ وَجْهٍ بِمَضْمَضَةٍ فَاسْتِنْشَاقٍ بِيَمِينِهِ وَاسْتِنْثَارٍ بِيَسَارِهِ

_ التسمية في الوضوء؛ لأنها منه. تنبيه: نقل ابن تميم عن "النكت": أن غسل اليدين - على القول بوجوبه- شرط لصحة الصلاة، وكذا حكاه الزركشي عن ابن عبدوس وغيره، واقتصر عليه، ولم يوجد في كلام أحد ممن تأخر ما يخالفه، وحيث كان كذلك فكيف يسقط غسلهما بالنسيان؟ ! قاله شيخ مشايخنا الشيخ منصور نقلا عن الشيخ عبد الرحمن البهوتي. وفيه بحثان: الأول: أن قوله: ولو تذكر في الأثناء ... إلخ أخذه من قول "المبدع": فإن نسي غسلهما سقط مطلقا. وهو غير ما ادعاه، بل يجوز أن يكون

وَمُبَالَغَةٍ فِيهِمَا لِغَيْرِ الصَّائِمِ وَفِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ مُطْلَقًا فَفِي مَضْمَضَةٍ: إدَارَةُ الْمَاءِ بِجَمِيعِ الْفَمِ. وفِي اسْتِنْشَاقٍ: جَذْبُهُ بِنَفَسِهِ إلَى أَقْصَى أَنْفٍ. وَالْوَاجِبُ الْإِدَارَةُ وَجَذْبُهُ إلَى بَاطِنِ أَنْفٍ وَلَهُ بَلْعُهُ لَا جَعْلُ مَضْمَضَةٍ أَوَّلًا وَجُورًا، وَاسْتِنْشَاقٍ سَعُوطًا وَفِي غَيْرِهِمَا: دَلِكَ

_ معناه: سواء قلنا بوجوبه، أو لا، وسواء قلنا: إنه شرط للصلاة، أو لا، أو سواء تذكره عند طهارة أخرى، أو لا، أما إذا تذكره في أثناء الطهارة الأولى - أعني اللتي هي أول طهارة بعد قيامه من نوم الليل- فالأظهر وجوب غسلهما، كالتسمية؛ بجامع وجوب تقديمهما على تلك الطهارة، وإن كان أحدهما جزءا من الطهارة، والآخر عبادة مستقلة، بل ينبغي على طريقة "المنتهى" وجوب الابتداء. البحث الثاني: أنا نمنع كون الأصحاب لم يصرحوا، بخلاف ما نقله ابن تميم، بل تصريحهم بالسقوط سهوا، تصريح بعدم الشرطية، فتدبر. وخطه أيضا على قوله: (سهوا) أي: أو جهلا. قوله: (أولا) أي ابتداء قبل الإدارة. قوله: (وجورا) الوجور، كرسول: الدواء يصب في الحلق. قوله: (سعوطا) السعوط، كرسول أيضا: دواء يصب في الأنف، ومثل

مَا يَنْبُو عَنْهُ الْمَاءُ وَتَخْلِيلُ لِحْيَةٍ كَثِيفَةٍ بِكَفٍّ مِنْ مَاءٍ يَضَعُهُ مِنْ تَحْتِهَا بِأَصَابِعِهِ مُشْتَبِكَةً أَوْمِنْ جَانِبَيْهَا وَيَعْرُكُهَا وَكَذَا عَنْفَقَةٌ وَشَارِبٌ وَحَاجِبَانِ، وَلِحْيَةُ أُنْثَى وَخُنْثَى. ومَسْحُ الْأُذُنَيْنِ بَعْدَ رَأْسٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ وَمُجَاوَزَةُ مَحَلِّ فَرْضِهِ وَغَسْلَةٌ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ وَكُرِهَ فَوْقَهَا.

_ قعود: مصدر. قاله في "المصباح" فالمعنى على التشبيه؛ أي: لا جعل مضمضة أولا كوجور؛ بأن يصب الماء في الحلق من غير إدارة الماء في الفم، ولا جعل استنشاق أولا كسعوط؛ بأن يصب الماء في أنفه من غير أن يجذبه بنفسه، فإنه لا يجزئه فيهما. قوله: (مشتبكة) في نسخة بخط المصنف: (مشتبكة). قوله: (ولحية أنثى وخنثى) وسن غسل باطن ما تقدم غير لحية ذكر فيكره على الصحيح.

باب الوضوء

باب الوضوء الوضوء: اسْتِعْمَالُ مَاءٍ طَهُورٍ فِي الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَيَجِبُ بِحَدَثٍ وَيَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ كَجَنَابَةٍ وَتَجِبُ التَّسْمِيَةُ وَتَسْقُطُ سَهْوًا كفِي غُسْلٍ لَكِنْ إنْ ذَكَرَهَا فِي بَعْضِهِ ابْتَدَأَ وَتَكْفِي إشَارَةُ أَخْرَسَ وَنَحْوِهِ بِهَا وَفُرُوضُهُ غَسْلُ الْوَجْهِ وَمِنْهُ فَمٌ وَأَنْفٌ وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ

_ قوله: (وتسقط سهوا) وكذا جهلا، قال منصور البهوتي: والظاهر: إجزاؤها بغير العربية، ولو ممن يحسنها، كالذكاة؛ لعدم الفرق. انتهى. وفيه نظر، بل الأولى إلحاقها بألفاظ الصلاة المتعبد بها، فلا تجزيء من قادر بغير العربية. قوله: (ابتدأ) خلافا "للإقناع" في قوله: سمى وبنى. والأولى ما قاله المصنف، إلا من ضيق وقت، أو قلة ماء. قوله: (وتكفي إشارة أخرس) بالأصبع أو الطرف، كما قاله ابن نصر الله في "حواشي الزركشي"، أو برأسه، كما ذكر الثلاثة في "شرحه". قوله: (ونحوه) كمعتقل لسانه.

الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَمِنْهُ الْأُذُنَانِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ وَيَسْقُطَانِ مَعَ غُسْلٍ وَهِيَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ مَا قَبْلَهُ بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ أَوْ قَدْرَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَضُرُّ إنْ جَفَّ لِاشْتِغَالٍ بِتَحْصِيلِ مَاءٍ أَوْ جَفَّ لِإِسْرَافٍ أَوْ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ أَوْ وَسَخٍ وَنَحْوِهِ لِغَيْرِ طَهَارَةٍ لَا بِسُنَّةٍ كَتَخْلِيلِ وَإِسْبَاغِ وَإِزَالَةِ شَكٍّ أَوْ وَسْوَسَةٍ فصل ويشترط لوضوء وغسل - ولو مستحبين - نية سِوَى غُسْلِ كِتَابِيَّةٍ ومُسْلِمَةٍ مُمْتَنِعَةٍ فَتُغْسَلَ قَهْرًا وَلَا نِيَّةَ لِلْعُذْرِ وَلَا تُصَلِّي بِهِ.

_ قوله: (ويسقطان مع غسل) أي: تحقق موجبه. قوله: (ويشترط ... إلخ) حاصل ما ذكره من الشروط المشتركة سبعة، وخصص الوضوء بثلاثة، والغسل بواحد. ولو قال: وانقطاع كوجب، لطان من المشتركة، وعم جميع الموجبات، والحاصل: أن شروط الوضوء عشرة والغسل ثمانية. فتدبر. قوله: (ولا تصلي به) وكذا تمنع من الطواف وقراءة القرآن، وكل ما يشترط له الغسل، وإنما لم يصح أن ينوى عنها؛ لعدم تعذرها منها، بخلاف الميت والمجنونة.

وَيَنْوى عَنْ مَيِّتٍ وَمَجْنُونَةٍ غُسْلًا وَطَهُورِيَّةُ مَاءٍ وَإبَاحَتُهُ وَتَمْيِيزٌ وَكَذَا إسْلَامٌ وَعَقْلٌ لِسِوَى مَنْ تَقَدَّمَ وَلِوُضُوءٍ دُخُولُ وَقْتٍ عَلَى مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ لِفَرْضِهِ وَفَرَاغُ خُرُوجِ خَارِجٍ وَاسْتِنْجَاءٍ أَوْ اسْتِجْمَارٍ.

_ قوله: (ومجنونة) وظاهره: لا تعيده المجنونة المسلمة، وأنها لا تصلي به. وبخطه أيضا على قوله: (ومجنونة) ولو كافرة. قوله: (وإباحته) فلا يصح وضوء ولا غسل بمحرم. قال في "المبدع": كالصلاة في ثوب محرم. قال منصور البهوتي: فيؤخذ منه تقييده بما إذا كان عالما ذاكرا، كما يأتي في الصلاة، وإلا صحت؛ لأنه غير آثم إذن. انتهى. وتقدم البحث فيه بالفرق بين الصلاة في الثوب المغصوب، والوضوء والغسل بالماء المغصوب؛ بأن في الأول تلف العين، وفي الثاني تلف المنفعة، والله أعلم، فاغتفر في الثاني عدم العلم دون الأول، والأصل في ذلك حديث: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"؛ أي مردود. قوله: (وفراغ خروج خارج) لو قال: وانقطاع موجب، وجعله من الشروط المشتركة؛ لكان أولى.

وَلِغُسْلِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَرَاغُهُمَا وَالنِّيَّةُ قَصْدُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْاسْتِبَاحَةِ مَا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ وَتَتَعَيَّنُ الثَّانِيَةُ لِمَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ وَإِنْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ بِطُرُوٍّ غَيْرِهِ وَتُسَنُّ عِنْدَ أَوَّلِ مَسْنُونٍ وُجِدَ قَبْلَ وَاجِبٍ وَنُطْقٌ بِهَا سِرًّا وَاسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا وَيُجْزِئُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْوَاجِبِ وَيَضُرُّ كَوْنُهُ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ لَاسَبْقُ لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدِهِ وَلَا إبْطَالُهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا بَعْدَهُ فَلَوْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ كَقِرَاءَةِ وَذِكْرِ وَأَذَانٍ وَنَوْمٍ وَرَفْعِ شَكٍّ وَغَضَبٍ وَكَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَفِعْلِ نُسُكٍ غَيْرَ طَوَافٍ وَجُلُوسٍ بِمَسْجِدٍ، وَقِيلَ وَدُخُولِهِ وَحَدِيثٍ وَتَدْرِيسِ عِلْمٍ وَأَكْلٍ وَزِيَارَةِ قَبْرِ

_ قوله: (لمن حدثه دائم) ويرتفع حدثه، ولا يحتاج إلى تعين نية الفرض. "إقناع". قوله: (كقراءة ... إلخ) مقتضى إطلاقهم: أنه يسن الوضوء لذلك متطهرا كان أو محدثا. قاله منصور البهوتي. وفيه نظر، واستدلاله بكلام الشارح غير ظاهر، والله أعلم. قوله: (وحديث) هو وما بعده من مدخول قيل.

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْالتَّجْدِيدَ إنْ سُنَّ بِأَنْ صَلَّى بَيْنَهُمَا نَاسِيًا حَدَثَهُ ارْتَفَعَ لَاإنْ نَوَى طَهَارَةً أَوْ وُضُوءًا وَأَطْلَقَ أَوْ جُنُبٌ الْغُسْلَ وَحْدَهُ أَوْ لِمُرُورِهِ وَمَنْ نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا أَوْ وَاجِبًا أَجْزَأَ عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ نَوَاهُمَا حَصَلَا وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَحْدَاثٌ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً تُوجِبُ غُسْلًا أَوْ وُضُوءًا وَنَوَى أَحَدَهَا لَا عَلَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ غَيْرُهُ ارْتَفَعَ سَائِرُهَا فصل وصفة الوضوء: أَنْ يَنْوِيَ ثُمَّ يُسَمِّي وَيَغْسِلُ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا.

_ قوله: (وحده) أي: دون الوضوء، فلا يرتفع حدثه الأصغر. قاله المصنف تبعا لابن نصر الله في "حواشي الفروع) وقال والد المصنف في "قطعته على الوجيز" يعني: ب (وحده) إطلاق نية الغسل، أي: بأن لا يقول: عن الحدث الأكبر أو للصلاة مثلا، وعليه: فلا يرتفع حدثه الأكبر أيضا. قوله: (أو لمروره) أي: بمسجد، فلا يرتفع حدثه الأكبر أيضا، خلافا لابن قندس. قوله: (وصفة الوضوء) أي: الكاملة، وسكت عن المجزئة، للعلم بها مما مر.

ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ومِنْ غُرْفَةٍ أَفْضَلُ وَيَصِحُّ أَنْ يُسَمَّيَا فَرْضَيْنِ ثُمَّ وَجْهَهُ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بِالْأَفْرَعِ بِالْأَجْلَحِ إلَى النَّازِلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ

_ قوله: (ومن غرفة أفضل) وإن شاء من ثلاث، وإن شاء من ست، ولا يفصل بين المضمضة والاستنشاق. قوله: (ثم يغسل وجهه) فيأخذ الماء بيديه، أو يغترف بيمينه، ويضم إليها الأخرى، قوله: (إلى النازل) أي: يغسل الوجه من أعلاه إلى أسفله، فبين الأعلى؛ بأنه من (منابت الشعر ... إلخ)، وبين الأسفل بقوله: (من اللحيين)؛ بأنه من الوجه، هما: اللحيان، والذقن. واعلم أن شعور الوجه كثيرة: شعر الذقن: وهو مجمع اللحيين. وشعور اللحيين: وهما ما نبت فيه الأسنان السفلى من الأضراس إلى الثنايا. والعذران، والعارضان: ما بين العذارين واللحيين. والحاجبان، وأهداب العينين والخدين. والعنفقة والشارب والسبالان. فالمجموع: تسعة عشر.

وَالذَّقَنُ طُولًا مَعَ مُسْتَرْسَلِ اللِّحْيَةِ ومِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ عَرْضًا فَيَدْخُلُ عِذَارٌ وَهُوَ شَعْرٌ نَابِتٌ عَلَى عَظْمٍ نَاتِئٍ يُسَامِتُ صِمَاخَ الْأُذُنِ وعَارِضٌ ومَا تَحْتَهُ إلَى ذَقَنٍ لَا صُدْغٌ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعِذَارِ، يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ وَيَنْزِلُ عَنْهُ قَلِيلًا وَلَا تَحْذِيفٌ الْخَارِجُ إلَى طَرَفَيْ الْجَبِينِ مِنْ جَانِبَيْ الْوَجْهِ بَيْنَ النَّزَعَةِ وَمُنْتَهَى الْعِذَارِ وَلَا النَّزْعَتَانِ وَلَا يُجْزِئُ غَسْلُ ظَاهِرِ شَعْرٍ إلَّا أَنْ لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ وَيُسَنُّ تَخْلِيلُهُ لَا غَسْلُ دَاخِلِ عَيْنٍ مِنْ نَجَاسَةٍ وَلَوْ أَمِنَ الضَّرَرَ

_ قوله: (والذقن) أي: مجمع اللحيين. قوله: (فيدخل عذار) وكذا البياض الذي بينه وبين الأذن، كما نص عليه الخرقي. قوله: (يسامت) أي: يحاذي. قوله: (صماخ الأرن) بكسر الصاد أي: خرقها. قوله: (ويسن تخليله) وكره غسل باطنه، قوله: (ولو أمن الضرر) بل يكره.

ثُمَّ يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ وَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ ويَدٍ أَصْلُهَا بِمَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْبِغَيْرِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْوَ أَظْفَارِهِ وَلَا يَضُرُّ وَسَخٌ يَسِيرٌ تَحْتَ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ وَمَنْ خُلِقَ بِلَا مِرْفَقٍ غَسَلَ إلَى قَدْرِهِ فِي غَالِبِ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ - مِنْ حَدِّ الْوَجْهِ إلَى مَا يُسَمَّى قَفًا وَالْبَيَاضُ فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مِنْهُ يُمِرُّ يَدَيْهِ مِنْ مُقَدَّمِهِ إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدُّهُمَا.

_ قوله: (ثم يديه) ويسن التيامن حتى بين الكفين للقائم من نوم الليل، وبين الأذنين، قاله الزركشي. وقال الأزجي: يمسحهما معا. قوله: (ونحوه) كداخل أنف. قلت: ومثله ما يعلق بأصول الشعر من قمل ونحوه، وما يكون بشقوق الرجل من الوسخ، قاله منصور البهوتي. قوله: (ثم يمسح جميع ظاهر رأسه) بماء جديد غير ما فضل عن ذراعيه؛ لأن البلل الباقي في يده مستعمل إن كان من الغسلة الأولى. قوله: (إلى قفاه) ولا يجب مسح ما نزل عن الرأس من الشعر؛ لعدم مشاركته للرأس في الترؤس، وإن نزل عن منبته، ولم ينزل عن محل الفرض فمسحه؛ أجزأ، ولو كان ما تحته محلوقا، لا إن عقد النازل فوق رأسه فمسحه.

ثُمَّ يُدْخِلُ سَبَّابَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ وَيَمْسَحُ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَيُجْزِئُ الْمَسْحُ كَيْفَ مَسَحَ وبِحَائِلٍ وَغَسْلُ أَوْإصَابَةُ مَاءِ مَعَ إمْرَارِ يَدِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ مَعَ كَعْبَيْهِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ وَالْأَقْطَعُ مِنْ مَفْصِلِ مِرْفَقٍ وَكَعْبٍ، يَغْسِلُ طَرَفَ عَضُدٍ وَسَاقٍ وَمِنْ دُونِهِمَا وَكَذَا تَيَمُّمٌ.

_ قوله: (وغسل) أي: مع الكراهة. قوله: (مع إمرار يده) يعني: فيهما، وإلا لم يجزئه، ما لم يكن جنبا ويغتسل ناويا للطهارتين، كما يعلم مما سيأتي. منصور البهوتي. قوله: (مع كعبيه) أي: كعبي كل رجل، وإلا فهي أكعب أربعة. قوله: (الناتئان) أي: (المرتفعان. قوله: (الأقطع من مفصل مرفق ... إلخ) ومتى وجد الأقطع ونحوه من يوضئه أو ييممه أو ينجيه بأجرة مثل؛ لزم قادرا عليها بلا ضرر عليه، أو على من تلزمه نفقته، وإلا صلى على حسب حاله، ولا إعادة. وإن تبرع أحد بتطهيره؛ لزمه. قوله: (من محل فرض) وأما الأقطع من فوقهما؛ فيستحب له مسح محل القطع بالماء.

وَسُنَّ لِمَنْ فَرَغَ رَفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَقَوْلُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَيُبَاحُ تَنْشِيفٌ وَمُعِينٌ وَسُنَّ كَوْنُهُ عَنْ يَسَارِهِ كَإِنَاءِ وُضُوءٍ ضَيِّقِ الرَّأْسِ وَإِلَّا فَعَنْ يَمِينِهِ وَمَنْ وُضِّئَ أَوْ غُسِّلَ أَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ وَنَوَاهُ صَحَّ

_ قوله: (لمن فرغ) أي: من الوضوء، وكذا من الغسل. قوله: (ويباح تنشيف ومعين ... إلخ) وتركهما أفضل. وبخطه على قوله: (ويباح تنشيف) ولا يكره نفض الماء بيديه عن بدنه؛ كما في "الإقناع". قوله: (بإذنه) هكذا في "الإقناع"، وظاهر عبارة "الشرح" و "المبدع" وغيرهما: لا يعتبر إذنه، بل نيته فقط؛ وهو أوجه، منصور البهوتي. قوله: (ونواه) أي: نوى المفعول به، سواء كان الفاعل مسلما أو ذميا، لكن لو استناب في نفس فعل الوضوء؛ بأن نوى وغسل الغير أعضاءه، كره؛ لعدم الحاجة إليه غالبا

لَا إنْ أُكْرِهَ فَاعِلٌ

_ قوله: (لا إن أكره فاعل) أي: موضيء، أو مغسل، أو ميمم الغير: أو صاب للماء، وقواعد المذهب تقتضي الصحة إذا أكره الصاب؛ لأن الصب ليس بركن ولا شرط، فيشبه الاغتراف بإناء محرم. منصور البهوتي. وفيه نظر، فراجع ما كتبه في "هداية الراغب". وبخطه على قوله: (لا إن أكره فاعل) يعني: بغير حق.

باب مسح الخفين

باب مسح الخفين مسح الخفين وما في معناهما رُخْصَةٌ الْعَزِيمَةُ وَأَفْضَلُ مِنْ غُسْلٍ وَيَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلَا يُسَنُّ أَنْ يَلْبَسَ لِيَمْسَحَ وَكُرِهَ لُبْسٌ مَعَ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ وَيَصِحُّ عَلَى خُفٍّ وَجُرْمُوقٍ خُفٌّ قَصِيرٌ وَجَوْرَبٍ صَفِيقِ وَالْجَوْرَبُ حَتَّى لِزَمِنٍ وَبِرِجْلٍ قُطِعَتْ أُخْرَاهَا مِنْ فَوْقِ فَرْضِ لَالِمُحْرِمٍ لَبِسَهُمَا لِحَاجَةٍ وَعَلَى عِمَامَةٍ وَجَبَائِرَ وَخُمُرِ نِسَاءٍ مُدَارَةً تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ لَا قَلَانِسَ وَلَفَائِفَ إلَى حَلِّ جَبِيرَةٍ وَلَا يَمْسَحُ فِي الْكُبْرَى غَيْرَهَا

_ باب مسح الخفين أعقبه للوضوء؛ لأنه بدل عن غسل أو مسح ما تحته فيه. قوله: (ولا يمسح في الكبرى غيرها) أي الجبيرة. فائدة: وجدت بخط الشيخ الفاضل الشيخ ياسين المقدسي الحنبلي ما مثاله مع تغير في

_ السؤال لا يخل؛ قال: سئل شيخنا وسيدنا الشيخ منصور البهوتي عن سؤال صورته: ما قولكم - رضي الله عنكم ونفع بعلومكم المسلمين - في رجل بإحدى رجليه جبيرة موضوعة على حدث، وبرجله الأخرى جبيرة موضوعة على طهر، ولم تأخذ من الصحيح شيئا، وهو لابس للخف، ما الجواب في المسح عليهما؟ فأجاب رضي الله عنه بما نصه: الحمد لله: أما الجبيرة التي وضعها على طهارة كاملة بالماء؛ فله المسح عليها إلى حلها، أو برء ما تحتها والحال هذه، وأما التي وضعها على غير طهارة؛ فيلزمه نزعها، فإن خاف ضررا؛ تيمم بدل غسل ما تحتها، مراعيا شرائط التيمم وفرائضه، ولا إعادة عليه، وليس له المسح على الخف؛ لأن شرطه اللبس على طهارة كاملة بالماء، وأحكامه تغاير أحكام الجبيرة، فلا يبنى عليها، بل لو لبس خفا على خف بشرطه، بعد أن مسح على الأول، لم يمسح على الثاني، والله سبحانه أعلم. كتبه منصور البهوتي الحنبلي عفي عنه. قال الشيخ ياسين: ونقلته من خط مولانا المشار إليه، أدام الله نفعه. انتهى. أقول: قول الشيخ منصور البهوتي - رحمه الله - في هذا الجواب: وليس له المسح على الخف ... إلخ فيه نظر: فإن المراد بكمال الطهارة: تمامها؛ احترازا عن نحو ما لو غسل رجله اليمنى، ثم أدخلها الخف، ثم غسل رجله اليسرى، وأدخلها الخف، فقد حصل لبس اليمنى قبل كمال الطهارة.

_ واحترزوا بالماء -في قولهم: بشرط كمال طهارة بماء- عن طهارة التيمم، كما لو كان عادما للماء، فتيمم ولبس خفا؛ فإنه لا يجوز المسح عليه إذن. أما لو تطهر بماء وتيمم لجرح في هذه الطهارة، أو مسح فيها على حائل؛ لم يمنع من لبس الخف في هذه الطهارة، ولهذا قال في "المنتهى" وغيره: (ولو مسح فيها على حائل، أو تيمم لجرح) أي: فيجوز لبس الخف في هذه الطهارة. وقد صرح في "الإنصاف" بما إذا مسح في طهارته على حائل فقال: ولو لبس خفا أو عمامة على طهارة مسح فيها على جبيرة؛ جاز المسح عليه على الصحيح من المذهب مطلقا، جزم به في المغني، و "الشرح"، وابن عبيدان، و"الحاويين"، و"الرعاية الصغرى" وصححه في "الرعاية

وهو عليها عزيمة، فيجوز بسفر المعصية، وغَيْرُهَا مِنْ حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِمُقِيمٍ وَعَاصٍ بِسَفَرٍ وَثَلَاثَةَ بِلَيَالِيِهِنَّ لِمَنْ بِسَفَرِ قَصْرٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ أَوْ سَافَرَ بَعْدَ حَدَثٍ قَبْلَ مسح.

_ الكبرى" وقدمه في "الفروع" وابن تميم، وقال ابن حامد: إن كانت الجبيرة في رجله وقد مسح عليها، ثم لبس الخف، لم يمسح عليه، انتهى. فعلمت منن قوله: مطلقا أنه لا فرق على الصحيح بين أن تكون الجبيرة التي مسح عليها في رجله أو لا، خلافا لابن حامد، وخذا الذي ذكره في "الإنصاف" أن الصحيح: هو مقتضى إطلاق "المنتهى" و "الإقناع" في قولهما: ولو مسح فيها على حائل، فإن الحائل شامل للجبيرة وغيرها، سواء كانت الجبيرة في رجله أو لا، خلافا لما ذكره منصور البهوتي، فتدبر، والله أعلم.

وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ مَسْحِ مُقِيمٍ ثُمَّ سَافَرَ أَوْ شَكَّ فِي ابْتِدَائِهِ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسْحِ مُقِيمٍ وَمَنْ شَكَّ مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَمْسَحْ فَإِنْ مَسَحَ فَبَانَ بَقَاؤُهَا صَحَّ بِشَرْطٍ تَقَدُّمُ كَمَالِ الطَّهَارَةِ بِمَاءٍ وَلَوْ مَسَحَ فِيهَا عَلَى حَائِلٍ أَوْ تَيَمَّمَ الْجُرْحِ أَوْ كَانَ حَدَثُهُ دَائِمًا.

_ قوله: (أو أقل من مسح مقيم) يعني: إذا مسح ولو إحدى رجليه، وهو مقيم، ثم سافر؛ لم يزد على مسح مقيم، ويتصور أن يصلي المقيم بالمسح سبع صلوات، كأن يؤخر الظهر للعصر بعذر يبيح الجمع، ثم يصلي العصر من الغد قبل فراغها. ويتصور أن يصلي المسافر بمسحه سبع عشرة صلاة. قوله: (ولو مسح فيها على حائل) أي: كجبيرة ولو في رجله، فيمسح عليها بشرطه، ويلبس عليها الخف على الصحيح، خلافا لابن حامد، كما يعلم من الإنصاف. قوله: (أو تيمم لجرح) عمومه كغيره، أنه لا فرق بين أن يكون التيمم لجرح في الرجل أو غيرها. ومن هنا يعلم: أن ما أفتى به منصور البهوتي في المسألة بحثا إنما يأتي على قوله ابن حامد، وهو خلاف الصحيح، فتنبه له.

وَيَكْفِي مَنْ خَافَ نَزْعِ جَبِيرَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا طَهَارَةٌ تَيَمَّمَ فَلَوْ عَمَّتْ مَحَلَّهُ مَسَحَهَا بِالْمَاءِ وَسَتْرُ مَحَلِّ فَرْضٍ وَلَوْ بِمُخْرَقٍ أَوْ مُفْتَقٍ وَيَنْضَمُّ بِلُبْسِهِ أَوْ كَانَ يَبْدُو بَعْضُهُ لَوْلَا شَدُّهُ أَوْ شَرْجُهُ كَالزُّرْبُولِ وَثُبُوتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَعْلَيْنِ إلَى خَلْعِهِمَا وَإمْكَانِ مَشْيٍ عُرْفًا بِمَمْسُوحٍ وَإبَاحَتِهِ مُطْلَقًا وَطَهَارَةِ عَيْنِهِ وَلَوْ فِي ضَرُورَةٍ وَتَيَمَّمَ مَعَهَا لِمَسْتُورٍ،

_ قوله: (ويتيمم معها لمستور) بخف أو عمامة أو غيرهما، ولا يمسح على النجس، وفي "الإقناع": ويحرم الجبر بجبيرة نجسة كجلد الميتة، والخرقة النجسة، وبمغصوب، والمسح على ذلك باطل، وكذا الصلاة فيه، كالخف النجس، وكذا الحرير لرجل، انتهى. والظاهر: أنه إذا خاف ضررا من نزعه؛ تيمم وصلى، لم يمسح، ولا إعادة إلا في صورة النجس. وفي "الإقناع" أيضا: ولو مسح على خف طاهر العين، لكن بباطنه أو قدمه نجاسة لا تمكن إزالتها إلا بنزعه؛ جاز المسح عليه، ويستبيح بذلك مس المصحف، والصلاة إذا لم يجد ما يزيل النجاسة، وغير ذلك، انتهى.

وَيُعِيدُ مَا صَلَّى بِهِ وَأَنْ لَا يَصِفَ الْبَشَرَةَ لِصَفَائِهِ أَوْ خِفَّتِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَاسِعًا يُرَى مِنْهُ بَعْضُ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِنْ لَبِسَ عَلَيْهِ آخَرَ، لَا بَعْدَ حَدَثٍ وَلَوْ مَعَ خَرْقِ أَحَدِهِمَا صَحَّ الْمَسْحُ وَإِنْ نَزَعَ الْمَمْسُوحَ لَزِمَ نَزْعُ مَا تَحْتَهُ

_ وهذا ظاهر في نجاسة برجله ليس لها جرم، وعدم ما يزيلها به، وتيمم عنها فتصح الصلاة. أما لو كانت في الخف وعدم ما يزيلها به، ولم يتضرر بخلعه فالظاهر؛ عدم صحة الصلاة إذن مع النجاسة، فلو تضرر بنزعه مع كونه مسح على الطاهر منه، فيمكن أن تلحق النجاسة بنجاسة على بدنه؛ فيصح التيمم عنها ولا إعادة؛ فليحرر. قوله: (ويعيد ما صلى به) لأنه حالم للنجاسة. قوله: (وإن لبس عليه آخر ... إلخ) دخل في هذه العبارة أربع صور؛ لأنه إما أن يكونا صحيحين، أو مخرقين، أو الأعلى صحيحا والأسفل مخرقا، أو عكسه. ففي الأولى: يصح على أيهما شاء. وفي الثانية: لا يصح على شيء منعما، ولو سترا. وفي الثالثة: يصح على الأعلى فقط. وفي الرابعة: على أيهما شاء، والله سبحانه وتعالى أعلم. وبخطه أيضا على قوله: (وإن لبس عليه آخر) ولو في إحدى رجليه. وقوله (صح المسح) يعني: على الفوقاني وعلى التحتاني؛ بأن يدخل يده من تحت الفوقاني.

وَشَرَطَ فِي عِمَامَةٍ كَوْنُهَا مُحَنَّكَةً أَوْذَاتَ ذُؤَابَةٍ وَعَلَى ذَكَرٍ وَسَتْرُ غَيْرَ مَا الْعَادَةُ كَشْفُهُ وَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ مَعَهَا وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِهَا وجَمِيع جَبِيرَةٍ إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ فَلَوْ تَعَدَّى شَدُّهَا مَحَلَّ الْحَاجَةِ نَزَعَهَا فَإِنْ خَافَ تَيَمَّمَ لِزَائِدٍ وَدَوَاءٍ وَلَوْ قَارًّا فِي شِقٍّ وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ. كَجَبِيرَةٍ وَأَكْثَرِ أَعْلَى خُفٍّ وَنَحْوَهُ وَسُنَّ بِأَصَابِعِ يَدِهِ مِنْ أَصَابِعِهِ إلَى سَاقِهِ

_ قوله: (أو ذات ذؤابة) وهي طرق العمامة المرخي. قوله: (أكثر أعلى خف) ولا يسن استيعابه. قوله: (ونحوه) كجرموق. قوله: (وسن بأصابع يده) يعني: أن صفة المسح المسنو: أن يضع يديه مفرجتي الأصابع على أطراف أصابع رجليه، ثم يمرهما على مشطي قدميه إلى ساقيه. قاله ابن عقيل وغيره، وجزم به في "الإقناع". قوله: (من أصابعه إلى ساقه) فيجزيء إن أمر يدع، وإلا فلا.

وَلَا يُجْزِي أَسْفَلِهِ وَعَقِبِهِ وَلَا يُسَنُّ وَحُكْمُهُ بِإِصْبَعٍ أَوْ حَائِلٍ غَسْلِهِ: حُكْمُ رَأْسٍ وَكُرِهَ غَسْلُ وَتَكْرَارُ مَسْحِ وَمَتَى ظَهَرَ بَعْضُ رَأْسٍ، وَفَحُشَ أَوْبَعْضُ قَدَمٍ إلَى سَاقٍ خُفٍّ أَوْ انْتَقَضَ بَعْضُ الْعِمَامَةِ أَوْ انْقَطَعَ دَمُ مُسْتَحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّة وَلَوْ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ واسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ وَزَوَالُ جَبِيرَةٍ كخُفٍّ.

_ فائدة: نظم المحب بن نصر الله -رحمه الله- الفروق الثمانية التي بين الجبيرة والخف، فقال: عزيمة ضرورة لم يشترط ... ستر محل الفرض فيها بل فقط ستر الذي يحتاج ثم يمسح ... جميعها مع خروق توضح بغير توقيت وفي الطهرين ... والطهر قبلها على قولين قال: وأخصر من ذلك: عزيمة ضرورة لم يشمل ... والخرق والتوقيت فيها أهمل وكلها امسح في الطهارتين ... وقبلها الطهر على قولين قوله: (وزوال جبيرة كخف) أي: فيستأنف الطهارة الصغرى، أما الكبرى؛ فيكفي غسل ما تحت الجبيرة عن إعادة الغسل. قال في "شرحه" وغيره: لعدم اعتبار الموالاة فيها انتهى.

_ قال الشيخ منصور: وهذا واضح إذا قلنا: بأن الاستئناف في الطهارة الصغرى مبني على اعتبار الموالاة. والصحيح الذي عليه المحققون: أنه مبني على رفع المسح الحدث، وكون الحدث لا يتبعض، وهذا لا فرق فيه بين الطهارتين. انتهى بمعناه. أقول: يمكن أن يجاب: بأن التبعيض في الطهارة الصغرى بنزع نحو الخف لما كان يؤدي في بعض الصور إلى فوات الموالاة؛ منع المحققون من التبعيض مطلقا، فأبطلوا الطهارة الصغرى بنزع نحو الخف، سواء فاتت الموالاة أو لم تفت، وحاصله: أن من الأصحاب من اعتبر فوات الموالاة بالفعل، فبنى الأمر على ذلك. ومنهم من اعتبر ما يمكن معه فوات الموالاة -وهو التبعض- فمنعه رأسا، سواء فاتت معه الموالاة بالفعل أو لم تفت، وإلى هذا ذهب المحققون، وهو أقرب إلى الاحتياط، فظهر من هذا: أن القائل بعدم التبعض ناظر إلى الموالاة، وأنها هي الحاملة له على ذلك، وهو إنما يتأتى في الطهارة الصغرى دون الكبرى، فلا يتأتى ذلك فيها عند الجميع، فلهذا اكتفي فيها بغسل ما تحت الجبيرة فقط. ولا بعد في ذلك؛ بدليل أنه لو اغتسل في جميع بدنه إلا موضع الجبيرة فلم يغسله ولم يمسحه، فإنه إذا نزعه أو كان لا جبيرة عليه؛ لم يلزمه سوى غسل ذلك المتروك، ففي صورة ما إذا مسحه أولى؛ لأن المسح لم يرد اإلا تخفيفا، فما ذكره صاحب "المنتهى"

_ وغيره ليس مبنيا على ضعيف، هذا ما ظهر لي، والله أعلم. وبخطه على قوله: (وزوال جبيرة كخف) فيستأنف الطهارة، قال في "شرحه" تبعا لغيره: إلا أنها إذا مسحت في الطهارة الكبرى وزالت، أجزأ غسل ما تحتها؛ لعدم وجوب الموالاة في الطهارة الكبرى.

باب نواقض الوضوء

باب نواقض الوضوء وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ ثَمَانِيَةٌ الْخَارِجُ وَلَوْ نَادِرًا أَوْطَاهِرًا أَوْ مُقَطَّرًا أَوْ مُحْتَشًى وَابْتَلَّ أَوْ مَنِيًّا دَبَّ أَوْ اسْتُدْخِلَ لَادَائِمًا مِنْ سَبِيلٍ إلَى مَا يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ وَلَو ْبِظُهُورِ مَقْعَدَةٍ عُلِمَ بَلَلُهَا لَا يَسِيرُ نَجَسٍ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ

_ قوله: (ولو نادراً) كريح من قبل. قوله (وابتل) حاصل ما يفيده كلامه في "شرحه" كـ"الإقناع": أن للمحتشي ثلاث حالات: إحداها أن يكون في الدبر، فينقض مطلقاً. الثانية: في القبل وابتل فكذلك عندهما. الثالثة: أن لا يبتل، فينقض عند "الإقناع" لا المصنف، والله أعلم. وأما طرف المصران أو الدودة إذا خرج نقض مطلقاً عند "الإقناع". ومع البلة على ما قدمه في "الفروع"، والله أعلم. قوله: "أو استدخل" أي: ثم خرج. قوله: (لا دائماً) أي: للضرورة.

خُنْثَى مُشْكِلٍ غَيْرَ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَمَتَى اسْتَدَّ الْمَخْرَجُ وَانْفَتَحَ غَيْرُهُ وَلَوْ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْمُعْتَادِ فَلَا نَقْضَ بِرِيحٍ مِنْهُ الثَّانِي خُرُوجُ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ مُطْلَقًا أَوْ نَجَاسَةٍ غَيْرِهِمَا كَقَيْءٍ وَلَوْ بِحَالَةٍ فَاحِشَةً فِي نَفْسِ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ وَلَوْ بِقُطْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ بِمَصِّ عَلَقٍ لَا بَعُوضٍ وَنَحْوِهِ الثَّالِثُ: زَوَالُ عَقْلٍ

_ قوله: (مطلقا) أي: كثيراً أو قليلاً. قوله: (ولو بحاله) أي: بصفته قبل استحالته. قوله: (في نفس كل أحد بحسبه) أي: روحه؛ أي: باطنه. قوله: (ونحوه) كبق. قوله: (زوال عقل) بنحو جنون. وبخطه أيضا على قوله: (زوال عقل) والتحقيق: أن العقل غريزة، كالنور يقذف في القلب، فيستعد لإدراك الأشياء، فيعلم وجوب الواجبات، وجواز الجائزات، واستحالة المستحيلات، ويتلمح به عواقب الأمور، وذلك النور يقل ويكثر، فإذا قوي؛ قمع ملاحظة عاجل الهوى. وأكثر أصحابنا يقولون: محله القلب، وهو مروي عن الشافعي. ونقل الفضل بن زياد، عن أحمد: أن محله الدماغ، وهو اختيار أصحاب أبي حنيفة، وهو رواية عن أحمد. ا. هـ "مطلع".

أَوْ تَغْطِيَتُهُ حَتَّى بِنَوْمٍ إلَّا نَوْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْيَسِيرُ عُرْفًا مِنْ جَالِسٍ وَقَائِمٍ لَامَعَ احْتِبَاءٍ أَوْ اتِّكَاءٍ أَوْ اسْتِنَادٍ الرَّابِعُ: مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ وَلَوْ دُبُرًا أَوْ مَيِّتًا مُتَّصِلٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ أَشَلَّ أَوْ قُلْفَةً أَوْ قُبُلَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ أَوْ لِشَهْوَةٍ مَا لِلَامِسِ مِثْلِهِ بِيَدٍ

_ قوله: "أو تغطيته" أي: بنحو إغماء. قوله: (واليسير عرفاً ... إلخ) وإن رأى رؤيا؛ فهو كثير. "إقناع". وإن سمع كلام غيره ولم يفهمه؛ فيسير. قاله الزركشي. وبخطه أيضاً على قوله: (واليسير ... إلخ) قال في "الإقناع": وينقض اليسير من راكع، وساجد، ومستند، ومتكيء، ومحتب كمضطجع. قوله: (مس فرج آدمي) ولو صغيراً لا بهيمة.

وَلَوْ زَائِدَةً خَلَا ظُفْرٍ أَوْالذَّكَرَ بِفَرْجِ غَيْرِهِ بِلَا حَائِلٍ لَامَحَلِّ بَائِنٍ وَشُفْرَيْ امْرَأَةٍ دُونَ مَخْرَجٍ.

_ قوله: (أو الذكر) يعني: أنه ينقض مس الذكر بقبل أنثى أو دبر مطلقاً، فالماس منهما لصاحبه ينتقض وضوؤه دون الممسوس، كما يعلم من عموم ما سيأتي. تنبيه: قال الشيخ تقي الدين: لفظ المس واللمس سواء، ومن فرق بينهما فقد فرق بين متماثلين. انتهى. قوله: (بفرج) بالتنوين. قوله: (لا محل بائن) أي: محل ذكر منفصل، وأما فرج المرأة؛ فلا يتصور فيه ذلك. قوله: (وشفري امرأة) أي: بلا شهوة، كما يعلم مما يأتي. قوله: (دون مخرج) أي: مخرج بول ومني وحيض، وذلك ما بين شفريها، وهما: حافتا فرجها.

الْخَامِسُ: لَمْسُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى الْآخَرَ لِشَهْوَةٍ بِلَا حَائِلٍ وَلَوْ بزَائِدٍ لِزَائِدٍ أَوْ أَشَلَّ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ هَرِمٍ أَوْ مَحْرَمٍ لَا شَعْرٍ َظُفْرٍ وَسِنٍّ ومَنْ دُونَ سَبْعٍ وَرَجُلٍ لِأَمْرَدَ وَلَا إنْ وَجَدَ مَمْسُوسٌ فَرْجُهُ أَوْ مَلْمُوسٌ شَهْوَةً السَّادِسُ: غَسْلُ مَيِّتٍ أَوْبَعْضِهِ لَاإنْ يَمَّمَهُ السَّابِعُ: أَكْلُ لَحْمِ إبِلٍ تَعَبُّدًا فَلَا نَقْضَ بِتَنَاوُلِ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا وَشُرْبِ لَبَنِهَا ومَرَقِ لَحْمِهَا الثَّامِنُ: الرِّدَّةُ وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ غُسْلًا غَيْرَ مَوْتٍ كَإِسْلَامٍ وَانْتِقَالِ مَنِيٍّ وَنَحْوِهِمَا أَوْجَبَ وُضُوءًا وَلَا نَقْضَ بِإِزَالَةِ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ.

_ قوله: (أو أشل) أي: أو كان اللمس لعضو أشل. قوله: (ومن دون سبع) فلا ينقض لمس بدنه لشهوة، ما عدا فرجيه؛ لأن الكلام هنا فيما سوى ذلك، فتدبر. قوله: (غسل ميت) ولو صغيراً أو كافراً، أو في قميصه. قوله: (الردة) ما يخرج به صاحبه عن الإسلام نطقاً كان، أو اعتقاداً، أو شكاً. قوله: (ونحوه) كظفر؛ لأنه ليس بدلاً عما تحته، بخلاف الخف. "شرح".

فصل مَنْ شَكَّ فِي طَهَارَةٍ أَوْحَدَثٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ بَنَى عَلَى يَقِينِهِ وَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَإِنْ جَهِلَ قَبْلَهُمَا تَطَهَّرَ،

_ قوله: (وإن تيقنهما ... إلخ) اعلم: أنه إذا تيقن الحدث والطهارة بعد طلوع الشمس مثلاً، وجهل أسبقهما ففي ذلك ثمان صور: الأولى: أن يتيقن الاتصاف بالطهارة والحدث. الثانية أن يتيقن فعل كل من الطهارة والحدث، من غير أن يعلم أن الطهارة عن حدث أو لا، وأن الحدث ناقض لطهارة، أو لا. الرابعة: أن يتيقن الاتصاف بالحدث وفعل طهارة، لا يدري هل هي رافعة لحدث، أو لا. فهذه الصور الأربع حكمها واحد على الصحيح، وهو أنه: إن جهل حالة قبلهما؛ تطهر، وإلا فهو على ضدها. الخامسة: أن يتيقن فعلهما رفعاً لحدث ونقضاً لطهارة. السادسة: أن يعين وقتا لا يسعهما، كما لو قال: توضأت وأحدثت عند قول المؤذن: الله أكبر، ففي هاتين الصورتين: إن جهل حاله قبلهما؛ تطهر وإلا فهو على مثلها.

وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى ضِدِّهَا وَإِنْ عَلِمَهَا وَتَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا رَفْعًا لِحَدَثٍ وَنَقْضًا لِطَهَارَةٍ أَوْ عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا فَهُوَ عَلَى مِثْلِهَا فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا فَبِضِدِّهَا

_ السابعة: تيقن أن الطهارة عن حدث، ولم يدر هل الحدث ناقض لطهارة أو لا، فهو في هذه الصورة متطهر مطلقاً؛ أي: سواء علم حالة قبلهما أو لا، وسواء كان قبلهما متطهراً أو محدثاً. الثامنة: عكسها؛ بأن تيقن أن الحدث ناقض لطهارة، ولم يدر هل الطهارة عن حدث أو لا، فهو في هذه الصورة محدث مطلقاً، فتدبر في هذا المقام؛ فإنه مما خفي على بعض الأفهام، حتى ادعى بعضهم في بعض صوره التكرار وليس كذلك، كما يظهر بأدنى افتكار، والله الموفق سبحانه. وبخطه على قوله: (وإن تيقنهما) أي: اتصافه بهما. قوله: (وإلا فهو على ضدها) فلو تعدد ذلك، كما لو تيقن بعد طلوع الشمس حدثاً حدثاً وطهارة، وقبلها بعد الفجر كذلك، وقبل الفجر كذلك وهكذا؛ فهل الحكم كذلك؟ وصرح بعض الشافعية بأن القاعدة عندهم: أنه يأخذ في الشفع بالمثل، وفي الوتر بالضد. قوله: (أو عين ... إلخ) أي: لفعلهما. قوله: (فهو على مثلها) فإن جهل حاله قبلهما؛ تطهر كما سبق. قوله: (فإن جهل حالهما ... إلخ) فإن قيل: هذا مكرر مع قوله قبل: (وإن تيقنهما، وجهل أسبقهما، فبضد حاله قبلهما)؟

وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ وَلَمْ يَدْرِ: الْحَدَثَ عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ لَا فَمُتَطَهِّرٌ

_ فالجواب: أنه لا تكرار؛ لأنه في الأولى تيقن اتصافه بالطهارة أو الحدث، وهنا تيقن فعل الطهارة والحدث، ولا شك أن الصورتين متغايرتان، بل قد أطلق صاحب "الفروع" الخلاف في الثانية فقال: فهل هو كحاله قبلهما، أو ضده؟ فيه وجهان: وقيل: روايتان. انتهى دون الأولى، فقدم أنه فيها كضد حاله قبلهما. فأراد المصنف أن ينص على أن الثانية كالأولى في الحكم، لكنها مقيدة بقيد ليس في الأولى، وهو أن يجهل كون التطهر رفعاً لحدث، وكون الحدث نقضا لطهارة، إذ لو علم ذلك؛ لكان على مثل حاله قبلهما، كما أسلفه المصنف. وكذا لو تيقن فعل الطهارة واتصافه بالحدث، أو عكسه بالقيد المذكور. والحاصل: أن صور المسألة أربع؛ لأنه إما أن يتيقن فعلهما، أو الاتصاف بهما، أو فعل الطهارة والاتصاف بالحدث، أو عكسه، والحكم فيها كلها: أنه إن جهل حاله قبلهما؛ تطهر وإلا فهو على ضدها، والله أعلم، فتأمل ذلك حق التأمل، فإنه مهم جداً.

مُطْلَقًا وَعَكْسُ هَذِهِ بِعَكْسِهَا وَلَا وُضُوءَ عَلَى سَامِعِي صَوْتِ أَوْ شَامِّي رِيحٍ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وَلَا إنْ مَسَّ وَاحِدٌ ذَكَرَ خُنْثَى وَآخَرُ فَرْجَهُ وَإِنْ أَمَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ صَافَّهُ وَحْدَهُ أَعَادَا وَإِنْ أَرَادَا ذَلِكَ تَوَضَّأَ وَيَحْرُمُ بِحَدَثٍ صَلَاةٌ وَطَوَافٌ وَمَسُّ مُصْحَفٍ وَبَعْضِهِ حَتَّى جِلْدَهُ وَحَوَاشِيهِ بِيَدٍ وَغَيْرِهَا بِلَا حَائِلٍ لَاحَمْلُهُ بِعِلَاقَةٍ وَفِي كِيسٍ وَكُمٍّ وَتَصَفُّحُهُ بِهِ أَوْ بِعُودٍ مَسُّ تَفْسِيرٍ وَمَنْسُوخٍ تِلَاوَتُهُ وصَغِيرٍ لَوْحًا فِيهِ قُرْآنٌ وَيَحْرُمُ مَسُّ مُصْحَفٍ بِعُضْوٍ مُتَنَجِّسٍ وَسَفَرٌ بِهِ لِدَارِ حَرْبٍ،

_ قوله: (مطلقاً) أي: متطهراً كان قبلهما أو محدثاً. قوله: (وحده) قيد في المسألتين، لكن لو صافه مع غيره؛ فلا إعادة على واحد منهما، وإن أمه مع غيره؛ أعاد المؤتم فقط؛ لأنه إما محدث، أو مؤتم به. قوله: (توضأا) وكذا في جمعة لم يتم العدد بدونهما. قوله: (وحواشيه) أي: وما فيه من ورق أبيض. قوله: (بعضو متنجس) أو بعضو رفع عنه الحدث قبل كمال الطهارة؛

وتَوَسُّدُهُ وَكُتُبِ عِلْمٍ فِيهَا قُرْآنٌ وكتبه َبِحَيْثُ يُهَانُ وَكُرِهَ مَدُّ رِجْلٍ إلَيْهِ وَاسْتِدْبَارُهُ وَتَخَطِّيهِ وَتَحْلِيَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَيُبَاحُ تَطْيِيبُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَكِتَابَةُ آيَتَيْنِ فَأَقَلَّ إلَى كُفَّارٍ.

_ لأن ذلك مراعى، فإن أكمله ارتفع؛ وإلا فلا، كما استظهره صاحب "الإنصاف"، ومنه يؤخذ أن قولهم: يصير الماء مستعملاً في الطهارة الصغرى بانفصاله، مشروط بكمال الطهارة، وإلا فهو باق على طهوريته؛ لم يرفع حدثاً. قوله: (وتوسده) أي: والوزن به، والاتكاء عليه، وكذا كتب علم فيها قرآن، وإلأ كره، وإن خاف سرقة؛ فلا بأس بتوسدها. قوله: (بحيث يهان) يعني: ببول حيوان، أو جلوس عليه، ونحوه، فتجب إزالته. قوله: (بذهب أو فضة) وحرم تحلية كتب علم بهما أو بأحدهما على الصحيح، وظاهره: ولو القرآن الذي فيها. فليتأمل. تاج الدين البهوتي.

باب الغسل

باب الغسل الغسل: اسْتِعْمَالُ مَاءٍ طَهُورٍ مُبَاحٍ فِي جَمِيع بَدَنِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ جُنُبًا وَمُوجِبُهُ سَبْعَةٌ انْتِقَالُ مَنِيٍّ فَلَا يُعَادُ غُسْلٌ لَهُ بِخُرُوجِهِ بَعْدَ وَيَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ بُلُوغٍ وَفِطْرٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا انْتِقَالُ حَيْضٍ الثَّانِي: خُرُوجُهُ

_ قوله: (على وجه مخصوص) أي: بنية وتسمية. قوله: (انتقال مني) بتشديد الياء، وقد تخفف، وبالأولى جاء القرآن, وسمي بذلك؛ لأنه يمنى؛ أي: يصب، وسميت منى: منى؛ لما يراق فيها من دماء الهدي. ويقال: منى وأمنى، وبالثانية جاء القرآن: (أفرأيتم ما تمنون) [الواقعة: 58] "مطلع". قوله: (وفطر) من صوم، ممن قبل أو كرر النظر لشهوة ونحوه. قوله: (وغيرهما) أي: كوجوب بدنة في الحج، حيث وجبت لخروج المني. وفي "شرح المصنف": كفساد نسك، وهو مبني على القول بفساده بالمباشرة. قوله: (الثاني: خروجه ... إلخ) قال منصور البهوتي: في عدة الخروج

مِنْ مَخْرَجِهِ وَلَوْ دَمًا وَتُعْتَبَرُ لَذَّةٌ فِي غَيْرِ نَائِمٍ وَنَحْوِهِ فَلَوْ جَامَعَ وَأَكْسَلَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَنْزَلَ بِلَا لَذَّةٍ لَمْ يُعِدْ.

_ بعد الانتقال موجباً نظر واضح؛ إذ الغسل وجب بالانتقال لا بالخروج على المذهب، وهذه الطريقة في عد الموجبات انفرد بها المصنف عن الأصحاب، انتهى. وأقول: يمكن أن يجاب: بأن الانتقال إنما يكون موجباً إذا أحس الشخص به سواء خرج، أو لم يخرج، كما يدل عليه كلام "الإقناع". وأما خروجه من مخرجه إنما يكون موجباً إذا لم يحس بالانتقال بدليل تصريح الأصحاب: بأنه إذا خرج من غير مخرجه لم يجب الغسل، وهذا لا يمكن مع إحساسه بالانتقال؛ لئلا يتناقض كلامهم، فكل واحد من الانتقال والخروج من المخرج موجب مستقل لا يغني عنه صاحبه، والمصنف أشار بصنيعه إلى هذا التحقيق، فتدبر، والله أعلم. قوله: (من مخرجه) أي: المعتاد. قوله: (ولو دما) أي: أحمر ولو بصفته، وظاهر كلامهم: طهارته. قوله: (وتعتبر لذة) أي: فلو خرج بدونها؛ لم يجب الغسل، بل يكون نجساً، وليس منيا، قاله في "الرعاية". قوله: (وأكسل) قال في "المصباح": أكسل المجامع -بالألف-: إذا نزع ولم ينزل، ضعفاً كان، أو غيره.

وَإِنْ أَفَاقَ نَائِمٌ وَنَحْوُهُ وَجَدَ بَلَلًا فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ فَقَطْ وَإِلَّا وَلَا سَبَبَ وَطَهَّرَ مَا أَصَابَهُ أَيْضًا وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَلِمُ ا لثَّالِثُ: تَغْيِيبُ حَشَفَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ قَدْرِهَا بِلَا حَائِلٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ دُبُرًا لِمَيِّتٍ أَوْ بَهِيمَةً مِمَّنْ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَلَوْ نَائِمًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ لَمْ يَبْلُغْ فَيَلْزَمُ إذَا أَرَادَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ لِغَيْرِ لُبْثٍ بِمَسْجِدٍ أَوْ مَاتَ وَلَوْ شَهِيدًا وَاسْتِدْخَالُ ذَكَرِ أَحَدِ مَنْ

_ قوله: (فوجد بللا) ببدنه أو باطن ثوبه، لا بظاهره. قوله: (ولا سبب) أي: فإن كان؛ لم يجب غسل. قال منصور البهوتي: والظاهر: وجوب غسل ما أصابه من ثوب وبدن؛ لرجحان كونه مذيا بقيام سببه، كما لو وجد في نومه حلما؛ فإنا نوجب عليه الغسل؛ لرجحان كونه منياً. قوله: (أو لم يبلغ) معنى الوجوب في حقه: أن الغسل شرط لصحة صلاته ونحوها، لا أنه يأثم بتركه؛ لأنه غير مكلف. وقد أشار المصنف إلى ذلك بقوله: (فيلزم ... إلخ).

ذُكِرَ كَإِتْيَانِهِ الرَّابِعُ: إسْلَامُ كَافِرٍ وَلَوْ مُرْتَدًّا أَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِي كُفْرِهِ مَا يُوجِبُهُ أَوْ مُمَيِّزًا وَوَقْتُ لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ الْخَامِسُ: خُرُوجُ حَيْضٍ السَّادِسُ: خُرُوجُ دَمِ نِفَاسٍ فَلَا يَجِبُ بِوِلَادَةٍ عَرَتْ عَنْهُ

_ قوله: (كإتيانه) فيجب الغسل على نائم ومجنون ومغمى عليه، استدخلت امرأة ذكر أحدهم، كما يجب على المجامعة، ولو كانت مجنونة، أو نائمة، أو مغمى عليها. وإن استدخلت ذكر ميت أو بهيمة؛ وجب عليها الغسل دون الميت. ويعاد غسل ميتة موطوءة. ولو قالت: بي جني يجامعني كالرجل؛ فعليها الغسل، قاله في "الإقناع". قال الشيخ منصور البهوتي: قلت وعلى ما ذكره المصنف لو قال رجل: بي جنية أجامعها كالمرأة؛ فعليه الغسل. انتهى. وفيه نظر. قوله: (عرت عنه) ولا يحرم بها وطء، ولا يفسد صوم، ولا بإلقاء علقة أو مضغة.

السَّابِعُ: الْمَوْتُ تَعَبُّدًا غَيْرَ شَهِيدِ مَعْرَكَةٍ أَوْ مَقْتُولٍ ظُلْمًا وَيُمْنَعُ مَنْ عَلَيْهِ غُسْلٌ مِنْ قِرَاءَةِ آيَةٍ لَا بَعْضِهَا وَلَوْ كَرَّرَ مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ الْمُنَقِّحُ: مَا لَمْ تَكُنْ طَوِيلَةً وَلَهُ تَهَجِّيهِ وَتَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحُرُوف وَقَوْلُ مَا وَافَقَ قُرْآنًا وَلَمْ يَقْصِدْهُ وذِكْرُ وَيَجُوزُ لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا دُخُولُ مَسْجِدٍ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ لَا لُبْثٌ بِهِ إلَّا بِوُضُوءٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَاحْتَاجَ لِلُبْثٍ جَازَ بِلَا تَيَمُّمٍ.

_ قوله: (من آية) أي: من قراءة آية، ولو بلا قصد قرآن. قوله: (ما لم تكن طويلة) أي: فتحرم قراءة بعض مساو لآية من غيرها، لا كلمات يسيرة منها. قوله: (وذكر) أي: ولم يوافق قرآناً؛ لئلا يتكرر مع ما قبله. محمد الخلوتي. قوله: (إلا بوضوء) أي: ولو انتقض بعد. قوله: (فإن تعذر) أي: مع تعذر الغسل أيضاً. قوله: (بلا تيمم) فإن تيمم فأولى. وبخطه على قوله: (بلا تيمم) لأنه كالملجأ، فأعطي حكم المجتاز. من

وَتَيَمَّمَ لِلَّبْثِ لِغُسْلٍ فِيهِ وَلَا يُكْرَهُ وَلَا وُضُوءٌ مَا لَمْ يُؤْذِ بِهِمَا وَتُكْرَهُ إرَاقَةُ مَاءَيْهِمَا بِهِ وَبِمَا يُدَاسُ وَمُصَلَّى الْعِيدِ، لَا الْجَنَائِزِ مَسْجِدٌ وَيُمْنَعُ مِنْهُ مَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ ومَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ تَتَعَدَّى وَيُكْرَهُ تَمْكِينُ صَغِيرٍ وَيَحْرُمُ تَكَسُّبٌ بِصَنْعَةٍ فِيهِ فصل والأغسال المستحبة ستة عشر غسلا: آكَدُهَا لِصَلَاةِ جُمُعَةٍ فِي يَوْمِهَا لِذَكَرٍ حَضَرَهَا وَلَوْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إنْ صَلَّى وَعِنْدَ جِمَاعٍ أَفْضَلُ

_ خط تاج الدين البهوتي. قوله: (لغسل فيه) أي: ولم يحتج للبث، وإلا جاز بلا تيمم. قوله: (ما لم يؤذ بهما) وأما البرك التي في المساجد، فهل يجوز البول حولهما مما ليس محلا للصلاة؟ قال الشيخ تقي الدين: هذا يشبه البول في القارورة في المسجد، والأظهر: جواز ذلك أحياناً للحاجة لا دائماً. انتهى. قوله: (ومصلى العيد) أي: والاستسقاء. قوله: (صغير) لا يميز لغير فائدة. وبخطه على قوله: (ويكره تمكين صغير) أي: منه. قوله: (بصنعة) ولو بكتابة. قوله: (لذكر) أي: لا امرأة وخنثى. قوله: (وعند مضي، وعن جماع أفضل) عبارة "الإقناع": والأفضل عند مضيه إليها عن جماع. انتهى.

ثُمَّ لِغُسْلِ مَيِّتٍ ثُمَّ لعِيدٍ فِي يَوْمِهَا لِحَاضِرِهَا إنْ صَلَّى وَلَوْ مُنْفَرِدًا ول كُسُوفٍ واسْتِسْقَاءٍ ولِجُنُونٍ. وَلِلْإِغْمَاءِ بِاحْتِلَامٍ فِيهِمَا ولِاسْتِحَاضَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ ولِإِحْرَامٍ حَتَّى حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ ولِدُخُولِ مَكَّةَ وَحَرَمِهَا ووُقُوفٍ بِعَرَفَةَ وطَوَافِ زِيَارَةٍ ووَدَاعٍ ومَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةِ ورَمْي جِمَارٍ وَيَتَيَمَّمُ لِلْكُلِّ لِحَاجَةٍ ولِمَا يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ لِعُذْرٍ.

_ ومحصل المسألة: أنه إما أن يجمع بين الوصفين، أو يقتصر على أحدهما، فنص صاحب "الإقناع" على أفضلية الجمع فقط. وأما المصنف فأفاد: أن ما فيه صفة من الصفتين أفضل مما خلا عنهما. ويعلم من ذلك أن الجمع أفضل، فعبارة المصنف أشمل. قوله: (ثم لعيد) أي: لصلاة عيد؛ بدليل يومها. قوله: (لحاضرها) ظاهره: أنه لا يختص بالذكر كما في الجمعة، وصنيع "الإقناع" يرجع إلى ذلك. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله: (لحاضرها) وكذا (إن صلى) أي: أراد ذلك. قوله: (لا احتلام فيهما) تخصيص الاحتلام بالنفي جري على الغالب، وإلا فالمراد: لا موجب للغسل أصلاً. قوله: (لكل صلاة) أي: مفروضة.

فصل: وَصِفَةُ الْغُسْلِ الْكَامِلِ أَنْ يَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ وَيَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا وَمَا لَوَّثَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا وَيُرَوِّي رَأْسَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ بَقِيَّةَ جَسَدِهِ ثَلَاثًا وَيَتَيَامَنُ وَيُدَلِّكَهُ وَيُعِيدُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ بِمَكَانٍ آخَرَ وَيَكْفِي الظَّنُّ فِي الْإِسْبَاغِ

_ قوله: (أن ينوي ويسمي ... إلخ) رأيت في "شرح المحرر" للعلامة الشيشيني -رحمه الله تعالى- ما نصه: فائدة: الأفعال أربعة أقسام: قسم تجب فيه التسمية: وهو الوضوء، والغسل، والتيمم، وعند الصيد، والتذكية. وقسم تسن فيه ولا تجب: وهي التسمية في أول المناسك، وعند قراءة القرآن، والأكل، والشرب، والجماع، وعند دخول الخلاء، ونحو ذلك. وقسم لا تسن فيه: كالصلاة، والأذان، والحج، والأذكار، والدعوات، وفي الفرق بينها وبين قراءة القرآن نظر. وقسم تكره فيه التسمية: وهو المحرم، والمكروه؛ لأن المقصود بالتسمية البركة والزيادة، وهذان لا يطلب ذلك فيهما؛ لفوات محلها. انتهى. ومن خطه نقلت.

وَالْمُجْزِئِ: أَنْ يَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ وَيَعُمَّ بِالْمَاءِ بَدَنَهُ حَتَّى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ امْرَأَةٍ عِنْدَ قُعُودِهَا لحَاجَةِ وبَاطِنِ شَعْرٍ وَيَجِبُ نَقْضُ لحَيْضٍ وَيَرْتَفِعُ حَدَثٌ قَبْلَ زَوَالِ حُكْمِ خَبَثٍ وَتُسَنُّ مُوَالَاةٌ فَإِنْ فَاتَتْ وَسِدْرٌ فِي غُسْلِ كَافِرٍ

_ قوله: (بدنه) لا داخل عينيه. قوله: (عند قعود) أي: عند قعودها على رجليها لقضاء البول والغائط. قوله: (وباطن شعر) ولو كثيفا، بخلاف الوضوء. محمد الخلوتي. قوله: (لحيض) ومثله: نفاس. قوله: (قبل زوال حكم خبث) لا يمنع وصول الماء. قوله: (جدد لإتمامه نية) لانقطاع النية بفوات الموالاة. قاله في "شرحه"، فعلم منهك أن الكثير الذي يضر تقدم النية فيه على العبادة، هو ما تفوت الموالاة، وأن اليسير الذي لا يضرن هو ما لا تفوت به الموالاة. وعلم من قولهم: (جدد لإتمامه نية) أنه لا يجدد تسمية، ولعله كذلك. والفرق: أن النية شرط؛ فيعتبر استمرار حكمهم إلى آخر العبادة، بخلاف التسمية، قاله منصور البهوتي في "حاشيته". وبخطه على قوله: (جدد لإتمامه نية) أي: لا تسمية.

أَسْلَمَ كَإزَالَةُ شَعْرِهِ وحَائِضٍ طَهُرَتْ وَأَخْذُهَا مِسْكًا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِينًا تَجْعَلُهُ فِي فَرْجِهَا فِي قُطْنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا وَسُنَّ تَوَضُّؤٌ بِمُدٍّ وَزِنَتُهُ الْمُدِّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَهِيَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِثْقَالًا وَرِطْلٌ وَثُلُثٌ عِرَاقِيٌّ وَمَا وَافَقَهُ وَرِطْلٌ وَسُبُعُ وَثُلُثُ سُبُعِ مِصْرِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ وَهِيَ ثَلَاثُ أَوَاقٍ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ أُوقِيَّةٍ بِوَزْنِ دِمِشْقَ وَمَا وَافَقَهُ. وَهِيَ أُوقِيَّتَانِ وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ بالْحَلَبِيِّ وَمَا وَافَقَهُ. وَأُوقِيَّتَانِ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ بِالْقُدْسِيِّ وَمَا وَافَقَهُ واغْتِسَالٌ بِصَاعٍ زِنَتُهُ سِتُّمِائَةِ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَهِيَ بِالْمَثَاقِيلِ أَرْبَعُمِائَةِ وَثَمَانُونَ مِثْقَالًا. وَخَمْسَةُ أَرْطَالٍ

_ قوله: (فطيباً) أي: إن لم تكن محرمة فيهما. قوله: (فطينا) أي: ولو محرمة. قوله: (وثلث سبع) وذلك أوقيتان وسبعها أوقية، ولو عبر به؛ لكان أبين كما نبه عليه الحجاوي في "الحاشية". قوله: (أوقية) قال في "المصباح": الأوقية -بضم الهمزة وبالتشديد عند العرب- أربعون درهماً، وهي في التقدير: أفعولة، كالأعجوبة والأحدوثة.

وَثُلُثِ عِرَاقِيَّةٍ بِالْبُرِّ الرَّزِينِ وأَرْبَعَةُ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ وَثُلُثُ سُبْعِ رِطْلٍ مِصْرِيٍّ ورِطْلٌ وَسُبْعُ رِطْلٍ دِمَشْقِيٍّ وَإحْدَى عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ حَلَبِيَّةٍ وعَشْرُ أَوَاقٍ وَسُبْعَانِ قُدْسِيَّةٍ الْمُنَقِّحُ وَهَذَا يَنْفَعُكَ هُنَا وَفِي الْفِطْرَةِ والْفِدْيَةِ والْكَفَّارَةِ وغَيْرِهَا وَكُرِهَ عُرْيَانًا وإسْرَافٌ لَا إسْبَاغٌ بِدُونِ مَا ذُكِرَ وَمَنْ نَوَى بِغُسْلٍ رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ أَوْ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ أَوْ نَوَى بِغُسْلِهِ أَمْرًا لَا يُبَاحُ إلَّا بِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ

_ قوله: (الرزين) وهو ما يساوي العدس. قوله: (وغيرها) كالنذر. قوله: (وكره عرياناً) وفي "الإقناع": لا بأس به خاليا، والتستر أفضل. قوله: (أو أمراً لا يباح إلا بوضوء ... الخ) يؤخذ من كلامهم: أن صور النية لرفع الحدث الأكبر ست لا غير: نية رفع الحدث الأكبر. نية رفع الحدثين. نية رفع الحدث ويطلق. نية استباحة أمر يتوقف على الوضوء والغسل معاً. نية أمر يتوقف على الغسل وحده، كقراءة القرآن. نية ما يسن له الغسل ناسيا للغسل الواجب.

أَجْزَأَ عَنْهُمَا وَسُنَّ لِكُلِّ مِنْ جُنُبٍ وَلَوْ أُنْثَى، وحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا: غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ لِنَوْمٍ وَكُرِهَ تَرْكُهُ لَهُ فَقَطْ ولِمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ ولِأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَا يَضُرُّ نَقْضُهُ بَعْدُ.

_ ففي هذه كلها يرتفع الأكبر ويرتفع الأصغر أيضاً فيما عدا الأولى والأخيرتين، وهذه الست يتأتى نظيرها في الأصغر، ويزيد على الأكبر بأنه يرتفع إذا قصد بطهارته شيئا يسن له، كقراءة القرآن واللبث في المسجد ذاكراً لحدثه، بخلاف الأكبر، فإنه لو نوى بغسله شيئا يسن له الغسل، كالعيد مثلاً -مع تذكره للواجب عليه- لا يرتفع الأكبر، كما تقدم التصريح به في الوضوء، فافهم الفرق بين البابين، فإنه مهم جداً، والله أعلم. قوله: (أجزأ عنهما) ولا ترتيب ولا موالاة ولا مسح الرأس. قوله: (لكل من جنب ... الخ) أي: لكل من وجب عليه الغسل. قوله: (له) أي: للجنب ونحوه لنوم فقط، دون أكل وشرب. قوله: (بعد) وظاهر كلام الشيخ تقي الدين: يتوضأ لينام على إحدى الطهارتين.

فصل يُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ وَبَيْعُهُ وَإِجَارَتِهِ والْقِرَاءَةُ والسَّلَامُ فِيهِ لَا الذِّكْرُ وَدُخُولُهُ بِسُتْرَةٍ مَعَ أَمْنِ الْوُقُوعِ فِي مُحَرَّمٍ مُبَاحٍ وَإِنْ خِيفَ كُرِهَ وَإِنْ عَلِمَ حَرُمَ أَوْ دَخَلَتْهُ أُنْثَى بِلَا عُذْرٍ حَرُمَ

_ قوله: (والسلام) أي: ابتداء ورداً. منصور البهوتي. قوله: (فيه) أي: من المبتديء، كما في "الآداب الشرعية". بخلاف الرد؛ فإنه مباح، كما في "شرحها" للحجاوي رحمه الله محمد الخلوتي. قوله: (مباح) ولو لم يرد به غسلاً مسنوناً، فلو تعذر عليه الغسل المسنون إلا به والحال ما ذكر؛ سن دخوله، أو لواجب تعذر كذلك؛ وجب، فتعتريه الأحكام الخمسة. قوله: (بلا عذر) نحو مرض وحيض ونحوه. ظاهره: سواء تعذر غسلها مع ذلك ببيتها، أو لا. وقال في "الإقناع": العذر: وجود نحو المرض، مع تعذر غسلها ببيتها.

باب التيمم

باب التيمم التيمم: اسْتِعْمَالُ تُرَابٍ مَخْصُوصٍ لِوَجْهٍ وَيَدَيْنِ بَدَلُ طَهَارَةِ مَاءٍ لِكُلِّ مَا يُفْعَلُ بِهِ عِنْدَ عَجْزٍ عَنْهُ أَيْ الْمَاءِ شَرْعًا سِوَى نَجَاسَةٍ عَلَى غَيْرِ بَدَنٍ

_ قوله: (مخصوص) أي: طهور، مباح، غير محترق، له غبار. قوله: (لوجه) اللام داخلة على مضاف محذوف متعلقة بـ (استعمال)، معناها: اختصاص الكلي ببعض أفراده، أي: استعمال كائن لمسح وجه ويدين، أي: خاص به. قوله: (لكل) أي: لفعل. قوله: (ما) أي: شيء, قوله: (به) أي: الماء؛ أي بطهارته، كصلاة وطواف، ففي الكلام حذف مضاف. قوله: (عند عجز) متعلق بـ (استعمال)، أو صفة لـ (بدل). قوله: (شرعاً) وإن لم يعجز عنه حساً. قوله: (سوى نجاسة على غير بدن) أي: كثوب وبقعة، فلا يصح التيمم لها، وهذا ستثناء منقطع؛ أي: لكن النجاسة على غير البدن لا يتيمم لها.

وَلُبْثٍ بِمَسْجِدٍ لَحَاجَةٍ وَهُوَ عَزِيمَةٌ يَجُوزُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ.

_ قوله: (ولبث بمسجد لحاجة) أي: وسوى لبث بمسجد من نحو جنب إذا احتاج له، وتعذر عليه الوضوء والغسل، وهو مستثنى من قوله: (لكل ما يفعل به) والظاهر: أنه مستثنى منه، من حيث الحكم الثابت للبدل من مبدله؛ وهو الوجوب أو عدمه. وتوضيحه: أنه لما ذكر أن التيمم بدل عن طهارة الماء لكل ما يفعل به، فهم منه أن التيمم يجب حيث تجب طهارة الماء، فتناول وجوب التيمم في الحالة المذكورة، فأخرجه بهذا الاستثناء من الحيثية المذكورة، لا من حيث عدم الصحة، كما في النجاسة على غير البدن. قاله منصور البهوتي. وحاصله: أن الاستثناءين مختلفان لفظاً ومعنى، أما اللفظ: فلأن الأول منقطع، والثاني متصل. وأما المعنى: فلأن الأول من حيث الصحة، والثاني من حيث الوجوب. والتقدير: سوى نجاسة على غير بدن، فلا يصح التيمم لها، سوى لبث بمسجد لحاجة، فلا يجب التيمم له، ويصح بل هو الأولى، كما نص عليه صاحب "الإقناع" خروجاً من خلاف من أوجبه كالموفق. وذكر منصور البهوتي: أن الحامل له على هذا الحمل أمر خارجي، وهو ما أشرنا إليه عن الموفق، وصاحب "الإقناع".

وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَنْذُورَةً بمُعَيَّنٍ فَلَا يَصِحُّ لحَاضِرَةٍ وَلَا عِيدٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُمَا. وَلَا لفَائِتَةٍ إلَّا إذَا ذَكَرَهَا وَأَرَادَ فِعْلَهَا، وَلَا لكُسُوفٍ قَبْلَ وُجُودِهِ وَلَا لاسْتِسْقَاءٍ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا

_ وأقول: يمكن أن يجعل الاستثناءان متصلين، بتقدير مضاف محذوف قبل قوله: (نجاسة)؛ أي: سوى غسل نجاسة، فيكون قوله: (سوى نجاسة) على التقدير المذكور مستثنى من قوله: (طهارة ماء) استثناء متصلا؛ لشموله الوضوء، والغسل، وغسل النجاسة على البدن، أو غيره. ويكون قوله: (ولبث بمسجد) مستثنى مما ذكره منصور البهوتي، وكل من الاستثناءين من حيث الحكم الثابت للبدل من مبدله، وهو الجواز، والوجوب، وعدمهما، فالأول من حيث الجواز؛ أي: لا يجوز التيمم عن نجاسة على غير بدن. والثاني من حيث الوجوب؛ أي: لا يجب التيمم لأجل اللبث بالمسجد عند الحاجة مع كونه جائزاً، بل أولى كما تقدم، والقرينة على الحيثيتين المذكورتين أمر خارجي كما تقدمت الإشارة إليه. ونظير هذين الاستثناءين -على ما ذكرنا- قولك: رأيت بني بكر عند بني تميم إلا زيداً من بني بكر، وعمراً من بني تميم. في تعدد كل من المستثنى والمستثنى منه، فتدبر. قوله: (وشروطه) أي: المختصة به، لا المشتركة بينه وبين مبدله. قوله: (لحاضرة) أي: لمفروضة غير فائتة، لا ما دخل وقتها؛ لاستحالته مع قوله: (لم يدخل وقتهما)، فهو مجاز مرسل بمرتبتين. قوله: (ولا لاستسقاء) أي: مع جماعة بدليل ما بعده. قوله: (ما لم يجتمعوا) أي: أكثرهم.

وَلَا لجِنَازَةٍ إلَّا إذَا غُسِّلَ الْمَيِّتُ أَوْ يُمِّمَ لِعُذْرٍ وَلَا لِنَفْلِ وَقْتٍ نُهِيَ عَنْهَا لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ، فَتُقَيَّدُ بِالْوَقْتِ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ ; وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ بِلَا عُذْرٍ. الشَّرْطُ الثَّانِي: تَعَذُّرُ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ وَلَوْ بِحَبْسٍ أَوْ قَطْعِ عَدُوٍّ مَاءَ بَلَدِهِ أَوْ عَجْزٍ عَنْ تَنَاوُلِهِ وَلَوْ بِفَمٍ لِفَقْدِ آلَةٍ أَوْ لمَرَضٍ مَعَ عَدَمِ مُوَضِّئٍ أَوْ خَوْفِهِ فَوْتَ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ أَوْ خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ بُطْءَ بُرْءٍ أَوْ بَقَاءَ شَيْنٍ أَوْ ضَرَرَ بَدَنِهِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ أَوْ فَوْتَ رِفْقَةٍ أَوْ مَالِهِ، أَوْ عَطَشَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَيْنِ أَوْ احْتِيَاجَهُ لِعَجْنٍ أَوْ طَبْخٍ أَوْ لِعَدَمِ بَذْلِهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَادَةً عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ فِي مَكَانِهِ وَلَا إعَادَةَ فِي الْكُلِّ.

_ قوله: (إلا إذا غسل .. الخ) أي: تم تغسيله. قوله: (لعذر) كتقطع أو عدم ماء. قوله: (وقت نهي) أي: عنه، بخلاف ركعتي طواف. قوله: (تعذر ... الخ) أي: تعذر استعمال الماء. قوله: (ولو بحبس) للماء أو لمريده. قوله: (عن تناوله) أي: أخذه من نحو بئر. قوله: (مع عدم موضيء) ولو بأجرة يقدر عليها بلا إضرار له، أو لمن تلزمه نفقته. قوله: (بانتظاره) أي: الموضيء مع غيبته. قوله: (أو خوفه) أي: المريض القادر بنفسه أو غيره. قوله: (بطء برءٍ) أي: طول المرض. قوله: (من جرح) أي: ضرراً ناشئا من جرح .. الخ. قوله: (أو برد) مع تعذر تسخين. قوله: (محترمين) بخلاف نحو حربي، وخنزير، وكلب عقور أو أسود بهيم. قوله: (في الكل) أي: مما مر.

وَيَلْزَمُ شِرَاءُ مَاءٍ أَوْ حَبْلٍ وَدَلْوٍ بِثَمَنِ مِثْلٍ أَوْ زَائِدٍ يَسِيرًا فَاضِلٍ عَنْ حَاجَتِهِ وَاسْتَعَارَتُهُمَا وقَبُولُهُمَا عَارِيَّةً، ومَاءٍ قَرْضًا وهِبَةٍ ووَيَجِبُ بَذْلُهُ لِعَطْشَانَ وَيُيَمَّمُ رَبُّ مَاءٍ مَاتَ لِعَطَشِ رَفِيقِهِ

_ قوله: (فاضل ... الخ) فلا يلزمه الشراء بما يحتاج إليه، ولا بثمن في ذمته، ولو وجده يباع نسيئة وقدر عليه في بلده لكنه أفضل، ولو توضأ العطشان ولم يشرب؛ كان عاصياً. قوله: (وثمنه قرضاً) أي: لا هبة ولا استقرضه. قوله: (ويجب بذله) ولو نجساً. وبخطه على قوله: (ويجب بذله لعطشان) أي: يخشى تلفه، وصوب في "تصحيح الفروع" وجوب حبس الماء لعطش الغير المتوقع، وكذا صوب الوجوب لو خاف على نفسه العطش بعد دخول الوقت، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب: منهم الشيخ الموفق. والقول بعدم الوجوب ضعيف جدا فيما يظهر. والأولى: فيها روايتان. والثانية: فيها وجهان. وبخطه أيضا على قوله: (ويجب بذله لعطشان) أي: لشربه لا لطهارة غيره بحال، ولعل وجوب البذل بقيمته ولو في ذمة معسر، كما يفهم من

وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ مَكَانَهُ وَقْتَ إتْلَافِهِ وَمَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ يَجْمَعَهُ وَيَشْرَبَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يُدَلِّيهِ فِيهَا يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ لَزِمَهُ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ وَمَنْ بَعْضُ بَدَنِهِ جَرِيحٌ وَنَحْوُهُ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِمَسْحِهِ بِالْمَاءِ وَجَبَ وَأَجْزَأَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ لَهُ وَلِمَا يَتَضَرَّرُ بِغُسْلِهِ مِمَّا قَرُبَ.

_ كلامهم في الأطعمة، وصرح به في "الرعاية" وعبارته: والمراد: بذله بثمنه. اهـ. قوله: (ويغرم ثمنه) ولو قلنا: إنه مثلي. قوله: (أو نحوه) بأن كان بـ، قروح أو رمد. قوله: (ولم يتضرر بمسحه بالماء) بل بغسله. وبخطه على قوله: (ولم يتضرر بمسحه) محله إذا كان البعض الجريح طاهراً لا نجاسة عليه، فإن كان نجساً؛ فقال في "التلخيص": يتمم ولا يمسح، ثم كانت النجاسة معفوا عنها ألغيت، واكتفي بنية الحدث، وإلا نوى الحديث والنجاسة إن اشترطت فيها. قاله في "المبدع"، نقله في "شرح الإقناع"، والله أعلم.

وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ضَبْطِهِ وَقَدَرَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَضْبِطُهُ لَزِمَهُ وَيَلْزَمُ مَنْ جُرْحُهُ بِبَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إذَا تَوَضَّأَ تَرْتِيبٌ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ عِنْدَ غَسْلِهِ لَوْ كَانَ صَحِيحًا ومُوَالَاةٌ فَيُعِيدُ غَسْلَ الصَّحِيحَ عِنْدَ كُلِّ تَيَمُّمٍ وَإِنْ وَجَدَ حَتَّى الْمُحْدِثُ مَاءً لَا يَكْفِي لِطَهَارَةٍ اسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ وَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَزِمَهُ إذَا خُوطِبَ بِصَلَاةٍ طَلَبُهُ فِي رَحْلِهِ وَمَا قَرُبَ عَادَةً ومِنْ رَفِيقِهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمُهُ.

_ قوله: (ويلزم من جرحه ... إلخ) يعني: ونحوه. قوله: (عند كل تيمم) حيث فاتت المولاة، أما لو لم تفت، كما لو كان الجرح في رجليه فتوضأ وتيمم في آخر الوقت، ثم خرج الوقت قبل فوات الموالاة؛ كفاه إعادة التيمم. قاله في "الحاشية" إخذاً من كلام المصنف في "شرحه" قال: وهذا بخلاف ما تقدم في مسح الخف يرفع الحدث، فإذا خلعه؛ عاد الحدث، وهو لا يتبعض في الثبوت، بخلاف التيمم فإنه مبيح لا رافع، فإذا بطل قبل فوات الموالاة؛ أعيد فقط. انتهى باختصار. قوله: (في رحله) أي: مسكنه وما يستصحبه من الإناث.

وَمَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَأَى مَا يَشُكُّ مَعَهُ فِي الْمَاءِ لَا فِي صَلَاةٍ، بَطَلَ تَيَمُّمُهُ فَإِنْ دَلَّهُ عَلَيْهِ ثِقَةٌ أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا عُرْفًا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَ وَقْتٍ وَلَوْ لِلِاخْتِيَارِ أَوْ رِفْقَةٍ، أَوْ عَدُوٍّ، أَوْ مَالٍ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ فُسَّاقًا غَيْرَ جَبَانٍ أَوْ مَالِهِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ جِنَازَةٍ وَلَا وقت فَرْضٍ إلَّا هُنَا وَفيما

_ قوله: (رأى ما يشك ... الخ) أي: شيئاً كخضرة، وركب قادم، قوله: (فإن دل عليه ثقة) أي: قريباً. قوله: (أو رفقة) ظاهره: ولو لم يخفف ضررا بفوت الرفقة؛ لفوت الإلف والأنس. قوله: (أو على نفسه) ولو كان خوفه بسبب ظنه فتبين عدمه، كسواد رآه ليلاً فظنه عدواً، فتبين عدمه بعد أن تيمم وصلى، فلا يعيد. قوله: (ولو فساقاً) أي: كما لو خافت امرأة بطلبها الماء فساقاً يفجرون بها؛ فتيمم، بل يحرم عليها الخروج إذن، ومثلها الأمرد. قوله: (غير جبان) يخاف بلا سبب يخاف منه. قوله: (لا وقت فرض) أي: ولا يتيمم لخوف فوت فرض. قوله: (إلا هنا) أي: فيما إذا علم المسافر الماء، أو دله عليه ثقة قريباً، وخاف بقصده فوت الوقت.

إذَا وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ وَمَنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ أَوْ تَحْصِيلُهُ مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى. أَعَادَ وَمَنْ خَرَجَ لِحَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ حَمَلَهُ إنْ أَمْكَنَهُ وتَيَمَّمَ إنْ فَاتَتْ حَاجَتُهُ بِرُجُوعِهِ وَلَا يُعِيدُ وَمَنْ فِي الْوَقْتِ أَرَاقَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أَوْ بَاعَهُ

_ قوله: (وقد ضاق الوقت) علم منه: أنه لو وصل إليه وأمكنه الصلاة به في الوقت، فأخر حتى خشي الفوات؛ فكالحاضر؛ لأن قدرته قد تحققت، فلا يبطل حكمها بتأخيره. قاله المجد. انتهى من "الحاشية". والفرق بين هذه المسألة والمسألة الآتية في قوله: (ومن في الوقت أراقه ... الخ): أنه هنا قادر على استعمال الماء ولو بعد الوقت، فلم يجز له التيمم، بخلاف ما يأتي، فإنه وإن كان قادراً قبل الإراقة، لكنه صار عادماً للماء، فجاز تيممه كما لا يخفى، فتأمل. قوله: (أعاد) ما لم يتعذر عليه ذلك حال التيمم فلا يعيد. قوله: (أو باعه) يعني: لغير عطشان.

أَوْ وَهَبَهُ حَرُمَ وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ ثُمَّ إنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ وَمَنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ وَبِهِ الْمَاءُ. وَقَدْ طَلَبَهُ عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كَانَ يَعْرِفُهَا فَتَيَمَّمَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ بَانَ بَعْدَ بِقُرْبِهِ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا لَا إنْ نَسِيَهُ أَيْ الْمَاءَ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ عَبْدِهِ وَتَيَمَّمَ كَمُصَلٍّ عُرْيَانًا وَمُكَفِّرٍ بِصَوْمٍ

_ قوله: (ولم يصح العقد) فلو تطهر به من أخذه؛ فالظاهر: عدم الصحة؛ لأنه مقبوض بعقد فاسد، فهو كالمغصوب، ما لم يجهل الحال؛ فيصح، كما يفهك كم "حواشي" ابن نصر الله على "الكافي". قوله: (ثم إن تيمم وصلى لم يعد) محله إذا لم يكن قادراً على استرداده ممن أخذه، وإلا لم يصح. قوله: (خفية) لا ظاهرة. قوله: (لم يعرفها) لا إن كان يعرفها. قوله: (لا إن نسيه أو جهله ... إلخ) أي: كأن يجده في رحله وهو في يده، أو ببئر بقربه أعلامها ظاهرة، وكأن يتمكن من تناوله منها، فلا يصح تيممه إذن، وفي هذه العبارة تصريح ببعض مفهوم قوله قبل: (ولو بان ... إلخ) وذلك لأن مفهوم قوله: (خفية): أنها لو كانت أعلامها ظاهرة؛ أعاد، وهو بعض ما تناوله قوله: (بموضع يمكنه استعماله)، فإنه يعم الصورتين المذكورتين، أعني: كونه في رحله، أو في بئر أعلامها ظاهرة. وكذا قوله: (لم يعرفها) مفهومه: أنه لو علمها ثم نسيها؛

_ فإنه يعيد، وهذا أيضا بعض ما شمله قوله: (أو نسيه بموضع يمكنه استعماله) غير أن الإعادة فيما إذا نسي البئر مشروطة بما لم يضل عنها، أما لو كان يعرفها، فطلبها وضل عنها وكانت أعلامها خفية؛ فإن التيمم يجزيه، ولا إعادة عليه، كما نص عليه المصنف وصاحب "الإقناع". والحاصل في مسألة البئر إذا بانت بقربه بعد التيمم: أنه إما أن يعرفها سابقا أولا، وعلى كلا التقديرين: إما أن تكون أعلامها ظاهرة أولا، وعلى تقديري معرفتها: إما أن يضل عنها أو لا، فهذه ست صور. فيجزيه التيمم بلا إعادة في صورتين: إحداهما: أن تكون أعلامها خفية ولم يكن يعرفها. والثانية: أن تكون أعلامها خفية وكان عارفا بها، لكن ضل عنها، ولا يجزيه التيمم في أربع صور: أحداها: أن تكون أعلامها ظاهرة، ولم يكن يعرفها. الثانية: أن تكون أعلامها ظاهرة وكان يعرفها، لكن ضل عنها. الثالثة: أن تكون أعلامها ظاهرة ويعرفها ولم يضل عنها، لكنه نسيها. الرابعة: أن تكون أعلامها خفية ويعرفها ولم يضل عنها، لكنه نسيها. وبخطه على قوله: (لا إن نسيه) يعني: أو ثمنه. وإن أدرج أحد الماء في رحله ولم يعلمه به، أو كان مع عبده ونسي أن يعلمه به حتى تيمم وصلى أعاد، كما لو كان النسيان منه.

نَاسِيًا لِلسُّتْرَةِ وَالرَّقَبَةِ وَيُتَيَمَّمُ لِكُلِّ حَدَثٍ ول نَجَاسَةٍ بِبَدَنٍ لِعَدَمِ مَاءٍ أَوْ لِضَرَرٍ مِنْ بَرْدٍ حَضَرَا بَعْدَ تَخْفِيفِهَا مَا أَمْكَنَ لُزُومًا وَلَا إعَادَةَ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ لِعَدَمٍ أَوْ لِقُرُوحٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا مَسَّ الْبَشَرَةِ بِمَاءٍ وَلَا تُرَابٍ وَنَحْوِهَا صَلَّى الْفَرْضَ فَقَطْ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ وَلَا يَؤُمُّ مُتَطَهِّرًا بِأَحَدِهِمَاوَلَا إعَادَةَ وَتَبْطُلُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ فِيهَا.

_ قوله: (ناسيا للسترة والرقبة) يعني: فلا يعتد بما فعله. قوله: (ويتيمم لكل حدث) علم منه: أن القائم من نوم الليل لا يتيمم بدل غسل يديه، وصرح به في "الرعاية"، وكذا من خرج منه مذي ولم يصبه، لا يتيمم بدل غسل ذكره أو أنثييه، لعدم ورود ذلك. قاله في "حاشية الإقناع". قوله: (حضرا) يعني: ولم يقدر على تسخينه. قوله: (والتراب) زاد بعضهم: وطينا أمكن تجفيفه، وإلا صح في الوقت. قاله في "المبدع". قاله منصور البهوتي. قوله: (لعدم) كمن حبس بمكان لا ماء ولا تراب. قوله (ونحوها) أي: القروج كالجراحات. قوله: (فقط) أي: دون النوافل. قوله: (ولا يزيد على ما يجزيء) أي: من القراءة، وظاهر العبارة: مطلقا، من القراءة

وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ مَسَحَ بِهِ أَعْضَاءَهُ وَصَلَّى وَلَمْ يُعِدْ إنْ جَرَى بِمَسِّ.

_ وغيرها وهذا في حق الجنب، لا في حق المحدث حدثا أصغر. قاله الجراعي في "حواشي الفروع" باختصار. وفي "شرح المحرر" للشيشيني ما يقتضي أن ذلك محرم. وفي "تصحيح المحرر" لابن نصر الكناني: فإن زاد على مجزيء من ركن أو واجب؛ أعاد. انتهى. وفي "منتخب الأزجي": لكن إن كان جنبا وزاد على مجزيء من ركن أو واجب؛ أعاد. انتهى. وبخطه على قوله: (ولا يزيد على ما يجزيء) ظاهره: من القراءة وغيرها، وهذا في حق الجنب، كما ذكره المصنف في "شرحه"، وقد سبقه إلى ذلك الجراعي في "حواشي الفروع" قال في "التوضيح": ولا يزيد هنا في القراءة وغيرها على ما يجزيء. قلت: لعله في الجنب. انتهى.

الثَّالِثُ: تُرَابٌ طَهُورٌ مُبَاحٌ غَيْرُ مُحْتَرِقٍ يَعْلَقُ غُبَارُهُ فَإِنْ خَالَطَهُ ذُو غُبَارٍ فَكَمَاءٍ خَالَطَهُ طَاهِرٌ فصل وفرائضه: مَسْحُ وَجْهِهِ سِوَى مَا تَحْتَ خَفِيفًا ودَاخِلِ فَمٍ وَأَنْفٍ، وَيُكْرَهُ ويَدَيْهِ إلَى كُوعَيْهِ وَلَوْ أَمَرَّ الْمَحَلَّ عَلَى تُرَابٍ أَوْ صَمَدَهُ لِرِيحٍ فَعَمَّهُ وَمَسَحَهُ بِهِ صَحَّ لَا إنْ سَفَتْهُ فَمَسَحَهُ بِهِ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِبَعْضِ يَدَيْهِ، أَوْ بِحَائِلٍ أَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ فَكَوُضُوءٍ

_ قوله: (مباح) لو تيمم بتراب غيره من غير غضب؛ جاز في ظاهر كلامهم؛ للإذن فيه عادة وعرفا، كالصلاة في أرضه. ذكر معناه في "المبدع". قاله في "حاشية الإقناع". قوله: (أو صمده) من باب نصر: قصده. "مختار". قوله: (أو يممه غيره) هذه المسألة تقدمت صريحا في قوله: (ومن وضيء أو غسل، أو يمم بإذنه، ونواه، صح، لا إن أكره فاعل) فذكرها هنا لمجرد التتميم. محمد الخلواتي.

وَتَرْتِيبٌ وَمُوَالَاةٌ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ وَهِيَ هُنَا بِقَدْرِهَا فِي وُضُوءٍ وتَعْيِينُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ فَلَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا ووَإِنْ نَوَاهُمَا أَوْ أَحَدَ أَسْبَابِ أَحَدِهِمَا أَجْزَأَ عَنْ الْجَمِيع وَمَنْ نَوَى شَيْئًا اسْتِبَاحَةً وَمِثْلَهُ ودُونَهُ فَأَعْلَاهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَنَذْرٌ فكِفَايَةٍ فَنَافِلَةٌ فَطَوَافُ نَفْلٍ فَمَسُّ مُصْحَفٍ، فَقِرَاءَةُ فَلُبْثِ

_ قوله: (لحدث أصغر) ولو مع حدث أكبر، بخلاف الغسل فيما يظهر. وإذا نوى استباحة أمر يتوقف على وضوء، وغسل، وإزالة نجاسة؛ أجزأه عن ذلك، وإذا نوى حدثا وأطلق؛ لم يجزئه عن شيء. كذا بحثه شيخنا محمد الخلوتي، وفيه نظر. قوله: (فنافلة) مطلقة أو مقيدة. قوله: (فطواف نفل) سكت عن طواف الفرض، ومقتضى كلام الشرح أنه بعد النافلة. قاله منصور البهوتي. وهل يستبيح بنية الطواف ركعتيه لتبعيتهما له أم لا؛ لأن نفل الصلاة أعلى من الطواف بقسميه؟ والثاني: أظهر؛ لإطلاقهم أن من نوى شيئا لم يستبح أعلى منه. قوله: (فلبث) لعل بعده استباحة وطء حائض ونفساء، وجزم به منصور البهوتي.

وَإِنْ أَطْلَقَهَا لِصَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا نَفْلَهُمَا وَتَسْمِيَةٌ فِيهِ ك وُضُوءٍ وَيَبْطُلُ حَتَّى تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ وَلُبْثٍ بِمَسْجِدٍ وحَائِضٌ لِوَطْءٍ: بِخُرُوجِ وَقْتٍ كطَوَافٍ، وجِنَازَةٍ وَنَافِلَةٍ وَنَحْوِهَا ونَجَاسَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةِ جُمُعَةٍ أَوْ يَنْوِ الْجَمْعَ فِي وَقْتٍ ثَانِيَةٍ وبِوُجُودِ مَاءٍ وزَوَالِ مُبِيحٍ ومُبْطِلٍ مَا تَيَمَّمَ لَهُ وَخَلْعِ

_ قوله: (إلا نفلهما) أي: لا فرضهما، فالحصر إضافي. قوله: (وتسمية فيه) ظاهره: حتى في التيمم عن نجاسة. منصور البهوتي. قوله: (ونحوها) كسجدة تلاوة. قوله: (ما لم يكن في صلاة جمعة) ولو زائدا على العدد؛ لأنها لا تقضى، فحيث خرج الوقت في صلاتها لم يبطل تيممه؛ حتى يفرغ من الصلاة، وعلم منه: أن العيد ليس كالجمعة، فيبطل تيممه لإمكان قضائه على صفته، بخلاف الجمعة. كل ذلك من بحث شيخنا محمد الخلوتي وشيخه منصور البهوتي. قوله: (في وقت ثانية) متعلق بالجمع لا بنية. ومفهومه: لو نوى الجمع في وقت أولى، بطل بخروج وقتها. فتدبر. قوله: (وخلع) من عطف الخاص على العام.

مَا يُمْسَحُ إنْ تَيَمَّمَ وَهُوَ عَلَيْهِ لَا عَنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِحَدَثِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ بَطَلَا وأَنْ انْقَضَيَا لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُمَا وفِي قِرَاءَةٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِهِمَا يَجِبُ التَّرْكُ وَبِغُسْلِ مَيِّتٍ وَلَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَتُعَادُ

_ قوله: (ما يمسح) سواء مسحه قبل ذلك أو لا. منصور البهوتي. قوله: (لا عن حيض ... إلخ) كالاستثناء من ذلك العام. قوله: (في صلاة) ولو صلاة جمعة، أو اندفق الماء قبل استعماله. قوله: (وإن انقضيا؛ لم تجب إعادتهما) بحث منصور البهوتي استحباب إعادة الصلاة لخبر ذلك. ومحله في نحو ظهر، كعشاء، لا صبح وعصر؛ لأنه وقت نهي. قوله: (ووطء) أي: فيما إذا تيممت الحائض للوطء؛ بطل التيمم بوجودها الماء. قوله: (ونحوهما) كلبث. قوله: (وبغسل ميت) أي: إن وجد الماء قبل الدفن، ولعل مثله الكفن بجامع الشرطية، بل أولى؛ لأنه لا بدل له. قوله: (وتعاد) أي: وجوبا.

وَسُنَّ لِعَالِمٍ وَلِرَاجٍ وُجُودَ مَاءٍ، أَوْ مُسْتَوٍ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَصِفَتُهُ أَنْ يَنْوِيَ ثُمَّ يُسَمِّي وَيَضْرِبُ التُّرَابَ بِيَدَيْهِ مَفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ. وكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ وَإِنْ بُذِلَ أَوْ نُذِرَ أَوْ وُقِفَ أَوْ وُصِّيَ بِمَاءٍ لِأَوْلَى جَمَاعَةٍ: قُدِّمَ غُسْلُ طِيبِ مُحْرِمٍ فنَجَاسَةِ ثَوْبٍ فَبُقْعَةٍ فَبَدَنٍ فَمَيِّتٌ فَحَائِضٌ فَجُنُبٌ فَمُحْدِثٌ لَا إنْ كَفَاهُ وَحْدَهُ فَيُقَدَّمُ عَلَى جُنُبٍ وَيُقْرَعُ مَعَ التَّسَاوِي وَإِنْ تَطَهَّرَ بِهِ غَيْرُ الْأَوْلَى أَسَاءَ وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ وَالثَّوْبُ يُصَلِّي فِيهِ ثُمَّ يُكَفَّنُ بِهِ

_ قوله: (قدم غسل طيب محرم) يعني: إن لم تمكن إزالته بغير الماء. قوله: (فحائض) وهل نفساء بمنزلة حائض، فيقرع بينهما، أو الحائض أولى، فتقدم عليها؟ الظاهر: الأول. قوله: (على جنب) وكذا على غيره فيما يظهر. قوله: (أساء) أي: حرم ذلك عليه. قوله: (يصلي فيه) أي: يصلي فيه الحي فرضه، ثم يكفن به الميت. وإذا أراد الصلاة على الميت صاى عريانا لا في إحدى لفافتيه.

باب إزالة النجاسة الحكمية

باب إزالة النجاسة الحكمية يُشْتَرَطُ لكُلِّ مُتَنَجِّسٍ حَتَّى أَسْفَلَ خُفٍّ، وحِذَاءٍ وذَيْلِ امْرَأَةٍ سَبْعُ غَسَلَاتٍ إنْ أَنْقَتْ وَإِلَّا فَحَتَّى تُنْقَى بِمَاءٍ طَهُورٍ وَأَمَرَ بِصَبِّ ذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ " وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُشْتَرَطَةٌ. فَأَشْبَهَتْ طَهَارَةَ الْحَدَثِ. فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الْغَسَلَاتِ بِغَيْرِ مَاءٍ طَهُورٍ. لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا مَعَ حَتٍّ وَقَرْصٍ لِحَاجَةٍ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ وَعَصْرٍ مَعَ إمْكَانِ فِيمَا تَشْرَبُ كُلَّ مَرَّةٍ خَارِجَ الْمَاءِ وَإِلَّا فَغَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ يَبْنِي عَلَيْهَا أَوْ دَقُّهُ

_ قوله: (سبع غسلات) أي: تعم كل غسلة المحل. قوله: (مع حت وقرص) قال الأزهري: الحت، وبابه قتل: أن يحك بطرف حجر أو عود. والقرص: أن يدلك بأطراف الأصابع والأظفار دلكا شديدا. كذا في "المصباح". قال: ودلكت الشيء دلكا، من باب قتل: مرسته بيدك. انتهى. وبخطه أيضا على قوله: (مع حت وقرص) في "المصباح": في حديث: "حتيه ثم اقرصيه"، قال الأزهري: الحت: أن يحك بطرف حجر أو عود، والقرص: أن يدلك بأطراف الأصابع والأظفار دلكا شديدا، ويصب عليه الماء حتى تزول عينه وأثره، وبابهما قتل. قوله: (لحاجة) ولو في كل مرة. قوله: (وعصر) أي: بحسب الإمكان.

وتَقْلِيبُهُ أَوْ تَثْقِيلُهُ وَكَوْنُ إحْدَاهَا فِي مُتَنَجِّسٍ بِكَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مُتَوَلِّدٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِتُرَابٍ طَهُورٍ يَسْتَوْعِبُ الْمَحَلَّ إلَّا فِيمَا يَضُرُّهُ فَيَكْفِي مُسَمَّاهُ وَيُعْتَبَرُ مَائِعٌ يُوصِلُهُ إلَيْهِ وَالْأُولَى أَوْلَى وَيَقُومُ أُشْنَانٌ وَنَحْوُهُ مَقَامَهُ وَيَضُرُّ بَقَاءُ طَعْمِ لَا بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ بَقَاؤُهُمَا عَجْزًا وَإِنْ لَمْ تُزَلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِمِلْحٍ أَوْ نَحْوِهِ مَعَ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ

_ قوله: (وتقليبه) أي: إن لم يمكن عصره. "شرح". فالمغسول ثلاثة أنواع: ما يمكن عصره: فلا بد من عصره. والثاني: ما لا يمكن عصره ويمكن تقليبه: فلا بد من دقه وتقليبه. والثالث: ما لا يمكن عصره ولا تقليبه: فلا بد من دقه وتثقيله، فتأمل. قوله: (أو تثقيله) بدل (تقليبه) حتى يذهب أكثر مائه. قوله: (وكون إحداها ... إلخ) بالرفع عطف على (سبع) النائب عن فاعل (يشترط). قوله: (إلا فيما) أي: في شيء يضره التراب. قوله: (مائع) أي: ماء طهور. قوله: (ويضر بقاء طعم) لدلالته على بقاء العين، ولسهولة إزالته. قوله: (أو نحوه) كصابون.

وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَطْعُوم فِي إزَالَتِهَا وَمَا تَنَجَّسَ بغَسْلَةٍ يُغْسَلُ عَدَدَ مَا بَقِيَ بَعْدَهَا بِتُرَابٍ طَهُورٍ حَيْثُ اُشْتُرِطَ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ وَيُغْسَلُ بِخُرُوجِ مَذْيٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَيَانِ مَرَّةً وَمَا أَصَابَهُ سَبْعًا وَيُجْزِي فِي بَوْلِ غُلَامٍ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامًا لِشَهْوَةٍ نَضْحُهُ، وَهُوَ غَمْرُهُ بِمَاءٍ وفِي صَخْرٍ وَأَجْرِنَةٍ صِغَارٍ وَأَحْوَاضٍ وَنَحْوِهَا وَأَرْضٍ تَنَجَّسَتْ بِمَائِعٍ وَلَوْ مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ: مُكَاثَرَتُهَا بِالْمَاءِ، حَتَّى يَذْهَبَ لَوْنُ نَجَاسَةٍ وَرِيحُهَا مَا لَمْ يُعْجَزْ وَلَوْ لَمْ يُزَلْ فِيهِمَا

_ قوله: (مطعوم) كدقيق، وأما النخالة الخالصة ونحوها؛ فيجوز استعمالها في غسل نحو الأيدي. قوله: (ويغسل بخروج مذي ... إلخ). لا يقال: هذا مكرر مع ما تقدم في ثاني أقسام الماء؛ لأنا نقول: لم يذكر هناك عدد، وإنما ذكر بالنظر إلى الماء، وهنا بالنظر إلى المحل. ولو ترك غسل الذكر والأنثيين مرة لخروج المذي عمدا وصلى، فقال الشيخ منصور البهوتي: الظاهر: الصحة. محمد الخلوتي. قوله: (ولو لم يزل فيهما) أي: في مسألة المنضوح من بول الغلام، ومسألة الأرض ونحوها. "شرح" منهصور.

وَلَا يَطْهُرُ دُهْنٌ وَلَا أَرْضٌ اخْتَلَطَتْ بِنَجَاسَةٍ ذَاتِ أَجْزَاءٍ وَلَا بَاطِنُ حَبٍّ وَلَا إنَاءٌ وَعَجِينٌ وَلَحْمٌ تَشَرَّبَهَا وسِكِّينٌ سَقَيْتهَا بِغَسْلٍ وصَقِيلٌ كَالسَّيْفِ بِمَسْحٍ وأَرْضٌ بِشَمْسٍ وَرِيحٍ وَجَفَافٍ ونَجَاسَةٌ بِنَارٍ فَرَمَادُهَا نَجَسٌ وَلَا بِاسْتِحَالَةٍ فَالْمُتَوَلَّدُ مِنْهَا كَدُودِ جُرْحٍ وَصَرَاصِيرَ كُنُفٍ نَجِسَةٌ إلَّا عَلَقَةٌ يُخْلَقُ مِنْهَا طَاهِرٌ وخَمْرَةٌ انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا أَوْ بِنَقْلٍ لَا لِقَصْدِ تَخْلِيلٍ وَدَنُّهَا مِثْلُهَا كَمُحْتَفَرٍ وَلَا إنَاءٌ طَهُرَ مَاؤُهُ وَيُمْنَعُ غَيْرُ خَلَّالٍ مِنْ إمْسَاكِهَا لِتُخَلَّلَ ثُمَّ إنْ تَخَلَّلَتْ أَوْ اتَّخَذَ عَصِيرًا لِتَخْمِيرٍ فَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ حَلَّ وَمَنْ بَلَعَ لَوْزًا أَوْ نَحْوَهُ فِي قِشْرِهِ ثُمَّ قَاءَهُ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْجُسْ بَاطِنُهُ كَبَيْضٍ فِي خَمْرٍ صُلِقَ وَأَيُّ نَجَاسَةٍ خَفِيَتْ غُسِلَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ غَسْلَهَا لَا فِي صَحْرَاءَ وَنَحْوِهَا وَيُصَلِّي فِيهَا بِلَا تَحَرٍّ

_ قوله: (وإناء) بالجر، هكذا بضبط المصنف. قوله: (غير خلال) أي: صانع الخل.

فصل الْمُسْكِرُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ الطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ فَمَا فَوْقَ الْخَمْرِ خِلْقَةً وَمَيْتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وسَمَكٍ، وجَرَادٍ، ومَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ كَالْعَقْرَبِ إلَّا الْوَزَغُ وَالْحَيَّةُ وَالْعَلَقَةُ يُخْلَقُ مِنْهَا حَيَوَانٌ. وَلَوْ آدَمِيًّا أَوْ طَاهِرًا وَالْبَيْضَةُ تَصِيرُ دَمًا وَلَبَنُ وَمَنِيُّ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَمَأْكُولٍ وَبَيْضُهُ وَالْقَيْءُ وَالْوَدْيُ وَالْمَذْيُ وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ أَوْ آدَمِيٍّ وَالنَّجَسُ هُنَا طَاهِرٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَاءُ قُرُوحٍ وَدَمٌ غَيْرِ فِي عِرْقٍ مَأْكُولٍ وَلَوْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ وسَمَكٍ وبَقٍّ وَقَمْلٍ وَبَرَاغِيث وَذُبَابٍ وَنَحْوِهِ وشَهِيدٍ عَلَيْهِ وَقَيْحٌ وَصَدِيدٌ نَجَسٌ

_ فائدة: الحشيشة المسكرة نجسة، والمراد: بعد علاجها لا قبله. قوله: (وبيضه) أي: بيض غير مأكول. قوله: (نجس) خبر (المسكر) وما عطف عليه، وهو أربعة عشر شيئا. قوله: (وصديد) أي: وعن أثر مما عفي عن يسيره على جسم صقيل بعد المسح، كما في "الإقناع".

وَيُعْفَى فِي غَيْرِ مَائِعٍ، وَمَطْعُومٍ عَنْ يَسِيرٍ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ مِنْ دَمٍ. وَلَوْ حَيْضًا وَنِفَاسًا وَاسْتِحَاضَةً وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُصَلٍّ لَا مِنْ حَيَوَانٍ نَجَسٍ أَوْ سَبِيلٍ وعَنْ أَثَرِ اسْتِجْمَارٍ بِمَحَلِّهِ ودُخَانِ نَجَاسَةٍ وَغُبَارِهَا وَبُخَارِهَا مَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ ويَسِيرِ مَاءٍ نَجَسٍ بِمَا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَأَطْلَقَهُ الْمُنَقَّحُ عَنْهُ وَيُضَمُّ مُتَفَرِّقٌ بِثَوْبٍ وَلَا أَكْثَرَ ونَجَاسَةٍ بِعَيْنٍ وحَمْلِ كَثِيرِهَا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ.

_ قوله: (لا من حيوان ... إلخ) أي: ولو كانت يسيرة لا يدركها طرف، كالذي يعلق بأرجل نحو ذباب. قوله: (أو سبيل) أي: مخرج بول أو غائط، فلا يرد ما تقدم من الحيض والنفاس والاستحاضة، كما يشير إليه كلامه في "الحاشية". محمد الخلوتي. قوله: (ويسير سلس) صاحب سلس البول: من لا يستمسك بوله. وبخطه على قوله: (ويسير سلس بول) يعني: بعد كمال التحفظ. قوله: (ويسير ماء) بالمد، كما يؤخذ من عبارة ابن حمدان في "رعايته" حيث قال: ويعفى عن يسير الماء النجس بما عفي عن يسيره من دم ونحوه. محمد الخلوتي.

وَعَرَقٍ وَرِيقٍ مِنْ طَاهِرٍ وَالْبَلْغَمُ وَلَوْ أَزْرَقَ وَرُطُوبَةُ فَرْجِ آدَمِيَّةٍ وَسَائِلٌ مِنْ فَمِ وَقْتَ نَوْمٍ وَدُودُ قَزٍّ وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ الزَّبَادُ وَالْعَنْبَرُ أَوْ أَكَلَ طِفْلٌ نَجَاسَةً ثُمَّ شَرِبَ وَلَوْ قَبْلَ، أَنْ يَغِيبَ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ أَوْ وَقَعَ فِيهِ هِرٌّ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَنْضَمَّ دُبُرُهُ إذَا وَقَعَ فِي

_ قوله: (ولو ازرق) بتشديد القاف، كذا ضبطه المصنف. قوله: (وقت نوم) والبخار، وهو: الهواء الخارج من الجوف؛ أي طاهر. "إقناع". قوله: (وفأرته) وكذا عنبر. قوله: (ولا يكره سؤر طاهر) شمل نحو حائض. قوله: (مما ينضم دبره) قيل: إن كل الحيوانات ينضم دبرها إذا وقعت في الماء إلا البعير.

مَائِعٍ وَخَرَجَ حَيًّا. لَمْ يُؤَثِّرْ وَكَذَا فِي جَامِدٍ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا فِيهِ وَإِنْ مَاتَ أَوْ وَقَعَ مَيِّتًا فِي دَقِيقٍ وَنَحْوِهِ أَلْقَى وَمَا حَوْلَهُ وَإِنْ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَنْضَبِطْ. حَرُمَ

_

باب الحيض

باب الحيض الحيض: دَمُ طَبِيعَةٍ وَجِبِلَّةٍ تُرْخِيهِ الرَّحِمُ يَعْتَادُ أُنْثَى إذَا بَلَغَتْ، فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ الْغُسْلَ لَهُ، فَلَا وَلَا لِجَنَابَةٍ بَلْ يُسَنُّ

_ فائدة: يحيض من الحيوانات أربع فقط: الآدمي، والأرنب، والضبع، والخفاش، فأخرج الجن. كذا بخط الشهاب البهوتي. قوله: (الرحم) موضع تكوين الولد. قوله: (معلومة) كأول الشهر، ووسطه، وآخره. قوله: (ويمنع ... إلخ) ذكر المصنف -رحمه الله- أن الحيض يمنع اثني عشر شيئا، وذكر صاحب "الإقناع" خمسة عشر شيئا، فزاد على المصنف: أنه يمنع الاعتكاف والمرور بمسجد -إن خافت تلويثه- وابتداء العدة إذا طلقت في أثنائه. لا يقال: يغني عن ذكر الاعتكاف ذكر اللبث؛ لأنا نقول: وكذا ذكر المنع من الغسل والوضوء، يغني عن ذكر فعل صلاة؛ لأنه إذا عدم الشرط عدم المشروط؛ لأنه ذكر مع ذلك أنها ليست بواجبة، ومعلوم أنه لا تباح صلاة غير واجبة بغير طهارة بحال. وبخطه على قوله: (ويمنع ... إلخ) وهذا المنع يقتضي التحريم، كما استظهره ابن نصر الله -رحمه الله- في حواشي "الكافي" قال: لأن

وَالْوُضُوءَ وَوُجُوبَ الصَّلَاةِ وَفِعْلَهَا وَفِعْلَ طَوَافٍ وَصَوْمٍ لَا وُجُوبَهُ وَمَسَّ مُصْحَفٍ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَقِرَاءَةَ قُرْآنٍ وَاللُّبْثَ بِمَسْجِدٍ وَلَوْ اللُّبْثُ لَا الْمُرُورَ إنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ نَصًّا وَإلَّا لِمَنْ بِهِ شَبَقٌ فيباح له بِشَرْطِهِ

_ الإتيان بالعبادة مع مانع من صحتها تلاعب. قوله: (والوضوء) أي: صحته، ولا يعارضه ما يأتي في اللبث؛ لإمكان حمله على مجرد الصورة، أو أنه رد به قول من يجوز ذلك. وحمله ابن قندس في "حاشية الفروع" على ما إذا كان الدم غير خارج؛ أي: بأن كان منجسا في الفرج، قال: فإنه يصح معه الوضوء، كما يصح مع الانقطاع. انتهى. فظاهره: أن هذا الوضوء وإن صححناه، لكن لا تستفيد به جواز اللبث في المسجد، وإنما يحصل بهذا الوضوء نوع تخفيف، وفارقت في هذه الحالة من انقطع دمها؛ لأنها مع الاحتباس لا يؤمن خروجه وتعديه، بخلاف حالة الانقطاع، والله أعلم. قوله: (ووطئا في فرج) وليس بكبيرة، كما في "الإقناع". قوله: (بشرطه) هو: أن لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج، وأن يخاف تشقق أنثييه إن لم يطأ، وأن لا يجد مباحة غير

وَسُنَّةَ طَلَاقٍ مَا لَمْ تَسْأَلْهُ خُلْعًا أَوْ طَلَاقًا عَلَى عِوَضٍ واعْتِدَادًا بِأَشْهُرٍ إلَّا لِوَفَاةٍ وَيُوجِبُ الْغُسْلَ والْبُلُوغَ والِاعْتِدَادَ بِهِ إلَّا لِوَفَاةٍ وَنِفَاسٌ مِثْلُهُ إلَّا اعْتِدَادٍ وَكَوْنُهُ لَا يُوجِبُ بُلُوغًا وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ فِي مُدَّةِ إيلَاءٍ وَلَا يُبَاحُ قَبْلَ غُسْلٍ بِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ غَيْرَ صَوْمٍ

_ الحائض، وأن لا يقدر على مهر حرة ولا ثمن أمة، ولعله: ولو بزيادة كثيرة لا تجحف بماله؛ لعدم تكرر ذلك. قوله: (ما لم تسأله خلعا) لا غيرها، ولو بعوض. قوله: (ويوجب الغسل ... إلخ) المراد بالوجوب: أعم من الشرعي والعادي؛ بدليل البلوغ، أو أنه على حذف مضاف تقديره: وحكم بلوغ؛ أي: والحكم بالبلوغ. وبخطه على قوله: (ويوجب) ذكر ثلاثة، وزاد في "الإقناع" شيئين آخرين وهما: الحكم ببراءة الرحم في الاعتداد واستبراء الإماء، والكفارة بالوطء فيه. قوله: (والبلوغ) أي: ببلوغ حد التكليف؛ أي: وصوله. قوله: (في مدة إيلاء) أي: إذا وجد النفاس في مدة الإيلاء؛ لم يحتسب منها، بل يكون قاطعا لها، فتستأنف بعد انقضائه. قوله: (غير صوم) أي: غير فعل صوم.

وَطَلَاقٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْ حَائِضٍ بِدُونِ فَرْجٍ وَيُسَنُّ سَتْرُهُ إذَا فَإِنْ أَوْلَجَ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ

_ وبخطه على قوله: (غير صوم ... إلخ) لا يرد اللبث بوضوء؛ لأن اللبث لم يبح بمجرد الانقطاع، بل يتوقف على شيء آخر، أو أن الحصر إضافي، أي: بالنسبة إلى تحريم الوطء، خلافا لمن جوزه. زاد في "الكافي": فيما يحصل بالانقطاع، أنه يزيل سقوط فرض الصلاة، ويزيل المنع من الطهارة. انتهى. وكذا يجوز معه المرور بمسجد. قوله: (وطلاق) فلو أراد وطأها، وادعت أنها حائض، وأمكن؛ قبل نصا. "إقناع". قوله: (قبل انقطاعه) علم منه: أنه لا كفارة لو وطئها بعد الانقطاع قبل الغسل، وإن كان محرما. زاد في "الإقناع": ولا بوطئها في الدبر. وبخطه على قوله: (قبل انقطاعه) أو وطئها طاهرة فحاضت فنزع، لأن النزع جماع، كما سيأتي، وذكره في "الإقناع".

مَنْ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ دِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا الْحَيْضَ وَالتَّحْرِيمَ وَكَذَا هِيَ إنْ طَاوَعَتْهُ وَتُجْزِئُ إلَى وَاحِدٍ كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَتَسْقُطُ بِعَجْزٍ وَأَقَلُّ سِنِّ حَيْضٍ تَمَامُ تِسْعِ سِنِينَ وَأَكْثَرُهُ خَمْسُونَ سَنَةً وَالْحَامِلُ لَا تَحِيضُ.

_ قوله: (دينار) زنته مثقال. "إقناع". زنته كما سيجيء: درهم وثلاثة أسباع درهم. قوله: (أو جاهلا) نسخة بخط المصنف: (جاهل الحيض). قوله: (إن طاوعته) عالمة الحيض والتحريم، فإن كانت مكرهة أو غير عالمة؛ فلا كفارة عليها. صرح به في المغني، و"المبدع". قوله: (وتسقط بعجز) وإن كرر الوطء في حيضة أو حيضتين؛ فكالصوم. وبدن الحائض طاهر، ولا يكره عجنها ونحوه، ولا وضع يدها في مائع. "شرحه". قوله: (تمام تسع) أي: تسع سنين تمام، أي: تامة، فهو من إضافة الصفة للموصوف، وظاهرها ليس مرادا. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (تمام تسع سنين) أي: تحديدا. قوله: (والحامل لا تحيض) فلو رأت دما؛ فهو دم فساد، يجوز

وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَغَالِبُهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ وَأَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وزَمَنُ حَيْضٍ خُلُوصُ النَّقَاءِ، بِأَنْ لَا تَتَغَيَّرَ مَعَهُ قُطْنَةٌ احْتَشَتْ بِهَا وَلَا يُكْرَهُ وَطْؤُهَا زَمَنَهُ وَغَالِبُهُ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ فصل والمبتدأة بدم أو صفرة أو كدرة

_ لزوجها وطؤها فيه، قال في "الإقناع": إن خاف العنت. قال شارحه: لم يذكر هذا القيد غيره من الأصحاب ممن وقفت على كلامهم. أقول: لعله مراد من أطلق، بل هو أمين على نقله. قوله: (وأقله) لا بد من تقدير مضاف بعد المبتدأ أو قبل الخبر، فالتقدير: وأقل زمن حيض: يوم وليلة، أو أقل الحيض دم يوم وليلة، وكذا أكثره وغالبه، فتأمل. وبخطه على قوله: (وأقله) أي: أقل زمنه. قوله: (ولا يكره وطؤها زمنه) أي: في المعتادة، بخلاف المبتدأة. قوله: (أو صفرة أو كدرة) الصفرة والكدرة هما: شيء كالصديد، تعلوه صفرة وكدرة، وليسا بدم، بل ماء. وصديد الجرح: ماؤه الرقيق المختلط

تَجْلِسُ بِمُجَرَّدِ مَا تَرَاهُ أَقَلَّهُ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي فَإِذَا وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ اغْتَسَلَتْ أَيْضًا تَفْعَلُهُ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ صَارَ عَادَةً تَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَتُعِيدُ صَوْمَ فَرْضٍ وَنَحْوَهُ وَقَعَ فِيهِ لَا إنْ أَيِسَتْ قَبْلَ تَكْرَارِهِ أَوْ لَمْ يَعُدْ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ تَكْرَارِهِ وَلَا يُكْرَهُ إنْ طَهُرَتْ يَوْمًا فَأَكْثَرَ.

_ بالدم قبل أن تغلظ المدة. قاله الجوهري. من خط الشيخ موسى الحجاوي نفعنا الله به. قوله: (اغتسلت) يعني: وجوبا. قوله: (فإن لم يتخلف .... إلخ) قال في "الإقناع": ولو لم يتوال؛ أي: كما لو رأت الدم خمسة برمضان، ثم لم تره بشوال، ثم رأته خمسة بذي القعدة وخمسة بذي الحجة؛ صارت الخمسة عادتها. وبخطه على قوله: (فإن لم يختلف) بأن كان مقداره في الثلاثة واحدا، وإلا فالعادة الأقل؛ لأنه المتكرر. قوله: (ونحوه) بالنصب. قوله: (أو لم يعد) لنحو علاج. قوله: (ويحرم وطؤها قبل تكراره) ولا كفارة ما لم يثبت أنه حيض، خلافا لما في "حاشية الإقناع". قوله: (ولا يكره إن طهرت يوما)

وَإِنْ جَاوَزَهُ فَمُسْتَحَاضَةٌ فَمَا بَعْضُهُ ثَخِينٌ أَوْ أَسْوَدُ

_ يعني: أو أقل، كما في "الإقناع"، وظاهر ما هنا: يكره. وبخطه على قوله: (يوما فأكثر) فإن عاد؛ فكما لو لم ينقطع، وتغتسل عند انقطاعه غسلا ثانيا. "إقناع". قوله: (وإن جاوزه فمستحاضة) علم منه: أن المستحاضة، هي: التي جاوز دمها أكثر الحيض. وهو تابع في ذلك صاحب "الإنصاف". وقال في "الإقناع": المستحاضة: هي التي ترى دما لا يصلح أن يكون حيضا، ولا نفاسا. وهو تابع في ذلك صاحبي "الشرح" و"المبدع"، فعلى كلام الولادة، وما تراه قبل تمام تسع سنين: دم فساد لا تثبت له أحكام الاستحاضة، وعلى كلام "الإقناع" وصاحبي "الشرح" و"المبدع" يكون ذلك داخلا في الاستحاضة، فتثبت له أحكامها. قوله: (فما بعضه ... إلخ) فإن اجتمعت صفات متعارضة، فذكر بعض الشافعية أنه يرجح بالكثرة، فإن استوت؛ رجح بالسبق. قاله في "المبدع"،

أَوْ مُنْتِنٌ وَصَلُحَ حَيْضًا تَجْلِسُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَوَالَ أَوْ يَتَكَرَّرْ وَإِلَّا فَأَقَلَّ الْحَيْضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ حَتَّى يَتَكَرَّرَ فَتَجْلِسُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ ابْتِدَائِهَا أَوْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ إنْ جَهِلَتْهُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا بِتَحَرٍّ أَيْ بِاجْتِهَادٍ وَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ مَنْ لَهَا عَادَةٌ جَلَسَتْهَا

_ نقله في "الحاشية". وكان محله إذا لم يمكن جعل الأسود والثخين والمنتن كله حيضا؛ بأن زاد مجموعة على خمسة عشر. قاله شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (أو منتن) أي: كريه الرائحة. قوله: (فأقل الحيض ... إلخ) الظاهر: أنه يلزمها الغسل بعد الأقل، وبعد الغالب أيضا، وأنها تعيد ما فعلته من واجب نحو صوم في بقية الغالب؛ لأنه صار حيضا، فتأمل. قوله: (من كل شهر) المراد به: شهر المرأة الآتي لا الهلالي. قوله: (بتحر) هذا آخر الكلام على المبتدأة. وحاصله: أن لها ثلاثة أحوال؛ لأنها: إما أن لا يجاوز دمها أكثر الحيض، أو يجاوز. والثاني: هي المستحاضة، وهي قسمان: مميزة وغير مميزة، ففي الأولى والأخيرة: تجلس الأقل حتى يتكرر، ثم تنتقل إلى المتكرر في الأول والغالب في الأخيرة، وفي الوسطى: تجلس المتميز الصالح من غير تكرار. قوله: (وإن استحيضت من لها عادة) اعلم أن المعتادة: هي التي تعرف شهرها الذي تحيض وتطهر فيه، وقت حيضها وطهرها منه؛ هي التي تعرف شهرها الذي تحيض وتطهر فيه، وتعرف وقت حيضها وطهرها منه؛ بأن تعرف أنها تحيض خمسة مثلا من ابتدائه، وتطهر في باقيه ويتكرر حيضها ثلاثةأشهر.

لَا مَا نَقَصَتْهُ قَبْلَ إنْ عَلِمَتْهَا وَإِلَّا عَمِلَتْ بِتَمْيِيزٍ صَالِحٍ وَلَوْ تَنَقَّلَ أَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَا تَبْطُلُ دَلَالَتُهُ بِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ عَلَى شَهْرٍ وَلَا يُلْتَفَتُ لِتَمْيِيزٍ إلَّا مَعَ اسْتِحَاضَةٍ فَإِنْ عُدِمَ فِمُتَحَيِّرَةٌ لَا تَفْتَقِرُ اسْتِحَاضَتُهَا إلَى تَكْرَارٍ وَتَجْلِسُ نَاسِيَةُ الْعَدَدِ فَقَطْ غَالِبَ الْحَيْضِ فِي مَوْضِع حَيْضِهَا

_ قوله: (لا ما نقصته قبل) أي: قبل الاستحاضة، فلو كانت عادتها عشرة أيام، فرأت الدم سبعة فقط، ثم طهرت، ثم استحيضت بعد ذلك؛ فتجلس السبعة دون العشرة، ولا يحتاج النقص إلى تكرار. وبخطه على قوله: (لا ما نقصته) يعني: لو استحيضت بعد. قوله: (قبل) أي: قبل الاستحاضة. قوله: (على شهر) يعني: هلالي أو ثلاثين. قوله: (ولا يلتفت ... إلخ) لا يخفى أن المراد منه: حصر العمل بالتمييز في الاستحاضة، لا حصر حال المستحاضة في العمل بالتمييز، فكأنه قال: غير المستحاضة لا تعمل بالتمييز، ولا يعمل بالتمييز إلا المستحاضة، وقد بين أن شرط عمل المستحاضة به: أن لا تكون عالمة العادة، فتأمل. قوله: (إلا مع استحاضة) وإلا جلست الكل. قوله: (وتجلس) الواو لاستئناف تفصيل ما أجمل، ولو أتى بالفاء؛ لكان أولى. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله: (وتجلس ناسية العدد فقط) أي: دون الشهر، وموضع حيضها منه؛ بأن علمت أن شهرها ثلاثون يوما، وأن موضع حيضها العشر

فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ إلَّا شَهْرَهَا، وَهُوَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ حَيْضٌ وَطُهْرٌ صَحِيحَانِ ففِيهِ إنْ اتَّسَعَ لَهُ وَإِلَّا جَلَسَتْ الْفَاضِلَ بَعْدَ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَتَجْلِسُ الْعَدَدَ بِهِ مَنْ ذَكَرَتْهُ وَنَسِيَتْ الْوَقْتَ وَغَالِبَ الْحَيْضِ

_ الوسطى مثلا، وجهلت العدد؛ فتجلس غالب الحيض في العشر الوسطى وهذه هي الأولى من أحوال المتحيرة. قوله: (فإن لم تعلم إلا شهرها ... إلخ) أي: نسيت عدد حيضها وموضعه، ولكن علمت شهرها، كأربعين أو خمسين، فتجلس غالب الحيض في أول شهرها حيث اتسع له؛ بأن يبقى بعدة أقل الطهر فأكثر، كما في المثال، وبهذا فارقت المتحيرة في هذه الحال المتحيرة في الحال الثالثة الآتية، وهي ما إذا نسيت العدد والموضع؛ لأنها هناك لم تعلم الشهر. قوله: (وإلا جلست الفاضل) أي: وإن لم يتسع شهرها لغالب الحيض؛ فإنها تجلس ما زاد على أقل الطهر من أول شهرها، كما إذا كان شهرها ثمانية عشر فما دون؛ فتجلس خمسة فأقل من أول شهرها. قوله: (وتجلس العدد به) أي: بالشهر؛ أي: في شهرها. وهذه هي الحال الثانية. وبخطه على قوله: (وتجلس العدد به) أي: بشهرها؛ أي؛ فيه، من أول ... إلخ. قوله: (من ذكرته) أي: العدد ونسيت الوقت، أي: موضع حيضها، كأن علمت أن حيضها خمسة أيام من الشهر، ولم تدر أهي في عشره الأولى أو الوسطى أو الأخيرة؟ فتجلس أول الشهر في هذه الصورة،

مَنْ نَسِيَتْهُمَا مِنْ أَوَّلِ كُلِّ مُدَّةٍ عُلِمَ الْحَيْضُ فِيهَا. وَضَاعَ مَوْضِعُهُ، كَنِصْفِ الشَّهْرِ الثَّانِي فَإِنْ جَهِلَتْ فَمِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ كَمُبْتَدَأَةٍ وَمَتَى ذَكَرَتْ عَادَتَهَا رَجَعَتْ إلَيْهَا وَقَضَتْ الْوَاجِبَ زَمَنِهَا وزَمَنَ جُلُوسِهَا فِي غَيْرِهَا.

_ أو علمت أن حيضها خمسة من النصف الثاني، ولم تعلم أهي الخمس الأولى أو الثانية أو الثالثة؟ فتجلس الخمس الأولى، وهذه صورة المتن. فإن علمت عدد أيامها في وقت من الشهر، كأن علمت أن حيضها في العشر الأولى، ونسيت موضعه منها، فإن كانت أيامها نصف الوقت، كخمسة في المثال، فلا يقين حينئذ، وحيضها من أولها، وإن زادت على النصف، كستة ضم الزائد إلى مثله مما قبله؛ فيكون الخامس والسادس حيضا بيقين، والأربعة الأولى مشكوك فيها، والله أعلم. قوله: (كمبتدأة) يعني: أن المتحيرة إذا نسيت عدد حيضها ووقته، ونسيت شهرها، فلم تعلم أول وقت كان الدم ابتدأها فيه؛ فإنها تجلس غالب الحيض من أول كل شهر هلالي، كما أن المبتدأة المستحاضة إذا لم يكن لها تمييز صالح، ولم تعلم أول وقت ابتدائها؛ فإنها تجلس غالب الحيض من أول كل شهر هلالي، لكن بعد التكرار، بخلاف المتحيرة، فإن استحاضتها لا تحتاج إلى تكرار، كما ذكره المصنف، فالتشبيه ليس تاما، فتدبره.

وَمَا تَجْلِسُهُ نَاسِيَةً مِنْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، فَهُوَ كَحَيْضٍ يَقِينًا وَمَا زَادَ إلَى أَكْثَرِهِ كَطُهْرٍ مُتَيَقَّنٍ وَغَيْرِهِمَا اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ عَادَةٌ مُطْلَقًا فكَدَمٍ زَائِدٍ عَلَى أَقَلِّ حَيْضٍ مِنْ مُبْتَدَأَةٍ فِي إعَادَةِ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا ثُمَّ عَادَ فِي عَادَتِهَا جَلَسَتْهُ لَا مَا جَاوَزَهَا وَلَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَكْثَرِهِ حَتَّى يَتَكَرَّرَ وَصُفْرَةٌ وَكُدْرَةٌ فِي أَيَّامِهَا حَيْضٌ لَا بَعْدَ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَمَنْ تَرَى يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ دَمًا يَبْلُغُ مَجْمُوعُهُ أَقَلَّهُ

_ قوله: (حتى يتكرر) فلو كانت عادتها سبعة، فرأت الدم خمسة، ثم طهرت خمسة، ثم رأت الدم خمسة، لم يجاوز مجموع الدمين مع الطهر بينهما أكثر الحيض؛ فهو حيض إن تكرر. فلو رأته ستة في المثال؛ فهي استحاضة. ولو رأت يوما دما وثلاثة عشر نقاء، ثم يوما دما؛ فهما حيضتان؛ لحصول طهر صحيح بين الدمين. ولو رأت يومين دما واثني عشر نقاء، ثم يومين دما؛ فاستحاضة. قوله: (ومن ترى دما ... إلخ) قال في "الإقناع" و "شرحه": وتجلس المبتدأة من هذا الدم أقل الحيض، ثم تغتسل، والباقي إن تكرر؛ تجلس ما تراه في زمن عادتها، وإن كانت عادتها بتلفيق؛

وَنَقَاءً مُتَخَلِّلًا فَالدَّمُ حَيْضٌ وَمَتَى انْقَطَعَ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَقَلِّ وَجَبَ الْغُسْلُ فَإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَهُ كَمَنْ تَرَى يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا نَقَاءً إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَثَلًا فمُسْتَحَاضَةٌ فصل يلزم كل من دام حدثه غَسْلُ الْمَحَلِّ وَتَعْصِيبُهُ لَا إعَادَتُهُمَا لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ وَيَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إنْ خَرَجَ شَيْءٌ.

_ جلست على حسبها، وإن لم يكن لها عادة ولها تمييز صحيح؛ جلست زمنه، فإن لم يكونا، وقلنا: تجلس الغالب؛ فهل تلفق ذلك من أكثر الحيض، أو تجلس أيام الدم من الست والسبع؟ وجهان. جزم بالثاني في "الكافي". انتهى. قوله: (ونقاء) النقاء بالفتح والمد: مصدر نقي، كتعب، بمعنى: نظف. قوله: (فإن جاوزا) أي: النقاء والدم. قوله: (وتعصيبه) أي: فعل ما يمنع الخارج حسب الإمكان؛ من شد، فإن غلب وقطر بعد ذلك؛ لم تبطل طهارتها، ولا يلزمها إذن إعادة شده. قاله في "الإقناع". قوله: (إن خرج شيء) مفهومه: أنه إن لم يخرج شيء؛

وَإِنْ اُعْتِيدَ انْقِطَاعُهُ زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْفِعْلِ تَعَيَّنَ وَإِنْ عَرَضَ هَذَا الِانْقِطَاعُ لِمَنْ عَادَتُهُ الِاتِّصَالُ بَطَلَ وُضُوءُهُ وَمَنْ تَمْتَنِعُ قِرَاءَتُهُ قَائِمًا أَوْ يَلْحَقُهُ السَّلَسُ قَائِمًا صَلَّى قَاعِدًا وَمَنْ

_ فطهارته بحالها، وهذا يقتضي أن طهارة من حدثه دائم ترفع الحدث، فيخالف مقتضى ما تقدم من قولهم: وتتعين نية الاستباحة لمن حدثه دائم، وقولهم في شروط الوضوء: ودخول وقت على من حدثه دائم لفرضه؛ فإن قضية ذلك كله أنه يتوضأ لوقت كل صلاة دائما. ويمكن أن يجاب: بأن ما تقدم فيما إذا لم يمكنه تعصيب المحل؛ كمن به باسور أو ناصور، وما هنا فيما إذا أمكنه ذلك، ولم يخرج شيء فليحرر. قوله: (وإن عرض هذا الانقطاع) أي: المتسع للطهارة والصلاة، سواء كان عروضه قبل الصلاة أو فيها، فمجرد الانقطاع يوجب الانصراف، ما لم يكن لها عادة بالانقطاع زمنا يسيرا، أو زمنا لا ينضبط، ولا تمنع من الدخول في الصلاة بمجرده أيضا، بل لا بد من وجود زمن يتسع للطهارة والصلاة. وعبارة "الإقناع" موهمة. قوله: (بطل وضوؤه) وإلا فلا.

لَمْ يَلْحَقْهُ إلَّا رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا رَكَعَ وَسَجَدَ وَحَرُمَ وَطْءُ مُسْتَحَاضَةٍ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ عَنَتٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَلِرَجُلٍ شُرْبُ دَوَاءٍ مُبَاحٍ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ وَلِأُنْثَى شُرْبُهُ لِإِلْقَاءِ نُطْفَةٍ وَحُصُولِ حَيْضٍ لَا لِحُصُولِ حَيْضٍ قُرْبَ رَمَضَانَ لِتُفْطِرَهُ ولِقَطْعِهِ لَا فِعْلُ الْأَخِيرِ بِهَا بِلَا عِلْمِهَا فصل النفاس لا حد لأقله وَهُوَ دَمٌ تُرْخِيهِ الرَّحِمُ مَعَ وِلَادَةٍ وَقَبْلَهَا

_ قوله: (ركع) وكذا لو لحقه غير مستلق؛ فلا يصلي مستلقيا، كما قاله أبو المعالي. (منه أو منها) فإن خافه؛ جاز، ولو لواجد الطول، بخلاف الحيض. "شرح" قوله: (لإلقاء نطفة) ولا يجوز ما يقطع الحمل. "إقناع". والظاهر: عمومه في الرجل والمرأة. قوله: (لتفطره) وهل يلزمها الإمساك مع القضاء، أم القضاء فقط؟ الظاهر: الثاني، كما ذكروا فيمن صارت نفساء بتعديها، أنه يثبت لها حكم غيرها. قوله: (النفاس) بكسر النون؛ الولادة، من التنفس، وهو التشقق

بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِأَمَارَةٍ وَبَعْدَهَا إلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ وَإِنْ جَاوَزَهَا وَصَادَفَ عَادَةَ حَيْضِهَا وَلَمْ يَزِدْ أَوْ زَادَ وَتَكَرَّرَ وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا أَوْ لَمْ يُصَادِفْ عَادَةَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَلَا تَدْخُلُ اسْتِحَاضَةٌ فِي مُدَّةِ نِفَاسٍ وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ بِوَضْعِ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ وَالنَّقَاءُ زَمَنُهُ طُهْرٌ وَيُكْرَهُ وَطْؤُهَا فِيهِ فَإِنْ عَادَ الدَّمُ فِي الْأَرْبَعِينَ أَوْ لَمْ تَرَهُ ثُمَّ رَأَتْهُ فِيهَا

_ والانصداع، ثم سمي الدم نفاسا؛ لأنه خارج بسبب الولادة، تسمية للمسبب باسم السبب. ويقال: نفست المرأة -بضم النون وفتحها مع كسر الفاء فيهما- والمصدر: النفاس. ويقال للمرأة: نفساء - بضم النون وفتح الفاء- أفصح من فتحهما، ومن ضم فسكون، وهي بالمد على اللغات الثلاث. "مطلع". قوله: (وإلا) بأن زاد ولم يتكرر، أو جاوز أكثر الحيض، تكرر أو لا. "شرحه". قوله: (أو لم يصادف عادة) ولم يتكرر، فإن تكرر وصلح، فحيض.

فمَشْكُوكٌ فِيهِ فَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتَقْضِي الصَّوْمَ الْمَفْرُوضَ وَنَحْوَهُ وَلَا تُوطَأُ وَإِنْ صَارَتْ نُفَسَاءَ بِتَعَدِّيهَا لَمْ تَقْضِ وَفِي وَطْءِ نُفَسَاءَ مَا فِي وَطْءِ حَائِضٍ وَمَنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَأَوَّلُ نِفَاسٍ وَآخِرُهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ فَلَا نِفَاسَ لِلثَّانِي

_ قوله: (ولا توطأ) أي: في الدم العائد في الأربعين. والظاهر: وجوب الكفارة قياسا على وجوب قضاء نحو الصوم. وقول منصور البهوتي: إنه كالدم الزاائد على اليوم والليلة وفي المبتدأة قبل تكرره، غير ظاهر؛ إذ المبتدأة ما فعلته من الواجبات في الزائد قبل تكرره. فليحرر.

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة الصلاة: أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ وَتَجِبُ الْخَمْسُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ غَيْرِ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ

_ فرضها بالكتاب والسنة والإجماع، وكان ليلة الإسراء، بعد مبعثه عليه الصلاة والسلام بنحو خمس سنين. قوله: (أقوال) ولو مقدرة، كمن أخرس. قوله: (معلومة) أي: مخصوصة. قوله: (وتجب الخمس) أي: خمس اليوم، فدخلت الجمعة. قوله: (مسلم) أي: لا كافر، ولو مرتدا، بمعنى: لا يلزمها القضاء، ولا نأمرهما بها قبل الإسلام، ولا تبطل عبادة مرتد بردته حيث لم تتصل بالموت. فتأمل. قوله: (ولو لم يبلغه الشرع) أي: ما شرعه الله من الأحكام، كمن أسلم بدار الحرب، أو نشأ ببادية بعيدة مسلما، مع عدم من يتعلم منه، أما من لم تبلغه الدعوة؛ فكافر "حاشية". وفي كلام ابن القيم ما يدل على أنهم كأهل الفترة، وأنهم كأطفال المشركين. منصور البهوتي.

أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغَطًّى عَقْلُهُ بِإِغْمَاءٍ أَوْ بِشُرْبِ مُحَرَّمٍ فَيَقْضِي حَتَّى زَمَنَ جُنُونٍ طَرَأَ مُتَّصِلًا بِهِ وَيَلْزَمُ إعْلَامُ نَائِمٍ بِدُخُولِ وَقْتِهَا مَعَ ضِيقِهِ وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَإِذَا صَلَّى أَوْ أَذَّنَ وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَافِرٌ يَصِحُّ إسْلَامُهُ حُكِمَ بِهِ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ ظَاهِرًا وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ

_ قوله: (أو نائما) أي: ساهيا. قوله: (أو محرم) قد يقال: يغني عنه قوله قبل: (أو شرب دواء) فإن عمومه يتناول المباح والمحرم؟ والظاهر: أنه إنما ذكره ليترتب عليه قوله: (حتى زمن جنون ... )؛ فإن هذا خاص بالمحرم دون المباح. ويجاب: بمنع الإغناء، بأن بين الدواء والمحرم عموما وخصوصا من وجه، فلا يغني أحدهما عن الآخر؛ لانفراد كل بجهة عمومه واجتمعاهما بجهة الخصوص. قوله: (حتى زمن جنون) هو: بالنصب على تقدير مضاف محذوف، أي: حتى صلاة زمن جنون ... إلخ. وفيه العطف على متبوع محذوف، لأن التقدير: فيقضي كل صلاة، حتى صلاة زمن ... إلخ، وهو جائز. قوله: (متصلا) وقياسه: الصوم وغيره. قوله: (ويلزم) آي: مطلقا. قوله: (مع ضيقه) يعني: ولو نام قبل دخول الوقت. قوله: (وإذا صلى) يعني: ركعة فأكثر. قوله: (ظاهرا) فيؤمر بإعادتها.

وَلَا تَجِبُ عَلَى صَغِيرٍ وَتَصِحُّ مِنْ مُمَيِّزٍ، وَهُوَ مَنْ بَلَغَ سَبْعًا وَالثَّوَابُ لَهُ وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَمْرُهُ بِهَا ل سَبْعِ وتَعْلِيمُهُ إيَّاهَا وَالطَّهَارَةَ ك إصْلَاحُ مَالِهِ. وكَفُّهُ عَنْ الْمَفَاسِدِ وضَرْبُهُ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرِ وَإِنْ بَلَغَ فِي مَفْرُوضَةٍ أَوْ بَعْدَهَا فِي وَقْتِهَا لَزِمَهُ إعَادَتُهَا مَعَ تَيَمُّمٍ ووُضُوءٍ وإسْلَامٍ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَزِمَتْهُ تَأْخِيرُهَا أَوْ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِ الْجَوَازِ ذَاكِرًا قَادِرًا عَلَى فِعْلِهَا إلَّا لِمَنْ لَهُ الْجَمْعُ وَيَنْوِيه أَوْ مُشْتَغِلٌ بِشَرْطِهَا الَّذِي يُحَصِّلُهُ قَرِيبًا ولَهُ تَأْخِيرُ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَزْمِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَظُنَّ مَانِعًا

_ قوله: (وضربه ... إلخ) يعني: غير مبرح؛ أي غير شديد، ولا يزيد على عشر في كل مرة. تاج الدين البهوتي. قوله: (في وقتها) أي: أو وقت مجموعة إليها قبلها. تاج الدين البهوتي. قوله: (لزمه إعادتها) لا إتمام ما بلغ فيه، خلافا "للإقناع". قوله: (وقت الجواز) وهو المعلوم مما يأتي، أو المختار فيما لها وقتان. قوله: (قادرا) بخلاف نحو نائم. قوله: (في الوقت) أي: وقت الجواز. قوله: (ما لم يظن مانعا ... إلخ)

كَمَوْتٍ وَقَتْلٍ وَحَيْضٍ أَوْ سُتْرَةَ أَوَّلِهِ فَقَطْ أَوْ لَا يَبْقَى وُضُوءُ عَادِمِ الْمَاءِ سَفَرًا إلَى آخِرِهِ وَلَا يَرْجُو وُجُودَهُ وَمَنْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَأْثَمْ وَمَنْ تَرَكَهَا جُحُودًا وَلَوْ جَهْلًا وَعَرَفَ وَأَصَرَّ كَفَرَ وَكَذَا لَوْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا أَوْ كَسَلًا إذَا دَعَاهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ لِفِعْلِهَا وَأَبَى حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا وَيُسْتَتَابَانِ وَالْإِبَاءِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ تَابَا بِفِعْلِهَا وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُمَا وَكَذَا تَرْكُ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ.

_ يؤخذ منه: أنه إذا نام بعد دخول الوقت، وظن أنه لا يفيق إلا بعد خروج الوقت؛ فإنه يحرم عليه، وإن كان يمكنه القضاء، كمن ظنت حيضا أو نفاسا. قوله: (أوله فقط) أي: دون آخره. قوله: (ومن له أن يؤخر .. إلخ) وهو العازم الذي لم يظن مانعا. قوله: (ومن تركها جحودا) المراد: من جحد وجوبها، سواء تركها أو فعلها. وبخطه أيضا على قوله: (جحودا) هو مصدر جحد جحدا وجحودا: أنكره، ولا يكون إلا على علم من الجاحد به. قاله في "المصباح المنير". قوله: (كفر) أي: صار مرتدا. قوله: (وكذا تهاونا) أي: وكذا لو تركها تهاونا ... إلخ. قوله: (فإن تابا بفعلها) يعني: مع إقرار جاحد. قوله: (يعتقد وجوبه) ولو مختلفا فيه.

باب الأذان

باب الأذان الأذان: إعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ قُرْبِهِ كَفَجْرٍ وَالْإِقَامَةُ إعْلَامٌ بِالْقِيَامِ إلَيْهَا بِذِكْرٍ مَخْصُوصٍ فِيهِمَا وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا ومِنْ الْإِمَامَةِ وَسُنَّ أَذَانٌ فِي يَمِينِ أُذُنِ مَوْلُودٍ حِينَ يُولَدُ. وإقَامَةٌ فِي الْيُسْرَى وَهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِل الْخَمْسِ الْمُؤَدَّاةِ وَالْجُمُعَةِ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ

_ باب الأذان اختلف في السنة التي شرع فيها الأذان، رجح الحافظ ابن حجر كونه في السنة الأولى، أي: من الهجرة. قوله: (وهو أفضل منها ... إلخ) وفي "الاختيارات": وهما أفضل من الإمامة، وهو أصح الروايتين عن أحمد، واختيار أكثر الأصحاب. "شرح الإقناع". قوله: (مولود) ولو كان المؤذن أنثى، كما في تلقين المحتضر. قوله: (وهما فرض كفاية) ترك المطابقة بين المبتدأ والخبر، إما لأنهما في المعنى شيء واحد يدعى به للصلاة، أو على حذف مضاف تقديره: كلاهما فرض كفاية، أو فعلهما، ونحو ذلك. قوله: (للخمس) لا المنذورة. قوله: (المؤداة) لا المقضية. قوله: (والجمعة) من عطف الخاص على العام؛ لمزيتها. ؤ]]

إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يَلْزَمُ رَقِيقًا حَضَرًا وَيُسَنَّانِ لِمُنْفَرِدٍ وَسَفَرًا وَلِمَقْضِيَّةٍ وَيُكْرَهَانِ لِخَنَاثَى وَنِسَاءٍ، وَلَوْ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَلَا يُنَادَى لِجِنَازَةٍ وَتَرَاوِيحَ بَلْ لِعِيدٍ وكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ الصَّلَاةَ جَامِعَةً أَوْ الصَّلَاةَ وَكُرِهَ بِحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَيُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ تَرَكُوهُمَا

_ قوله: (إذ فرض الكفاية لا يلزم رقيقا) أي: في الجملة. قوله: (حضرا) لعله حال من معنى النسبة؛ أي: يثبت ذلك، أو حكم به سفراً. محمد الخلوتي. قوله: (لمنفرد) لعل المراد: إذا كان ممن يجبان على جماعته؛ فلا يسنان لرقيق وصبي، فليحرر. قوله: (وسفرا) وإن اقتصر مسافر أو منفرد على إقامة، أو صلى بدونهما في مسجد صلي فيه؛ لم يكره، ويشرعان لجماعة ثانية في غير جوامع كبار. قاله أبو المعالي، كما في "الإقناع". قوله: (الصلاة) بنصبه: إغراء، ورفعه: مبتدأ أو خبرا. و (جامعة) بنصبه: حالا، ورفعه: خبرا للمذكور أو المحذوف، أو مبتدأ حذف خبره لتخصيصه بما قبله. انتهى. ابن حجر الشافعي. قوله: (تركوهما) قال الشيخ موسى الحجاوي: هو أولى من قول بعضهم: إذا اتفق أهل بلد؛ لأن الحكم منوط بالترك لا بالاتفاق. انتهى.

وَتَحْرُمُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ رَزَقَ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَنْ يَقُومُ بِهِمَا وَشُرِطَ كَوْنُهُ مُسْلِمًا ذَكَرًا عَاقِلًا وَبَصِيرًا أَوْلَى وَسُنَّ كَوْنُهُ صَيِّتًا أَمِينًا وعَالِمًا بِالْوَقْتِ وَيُقَدَّمُ مَعَ التَّشَاحِّ الْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إنْ اسْتَوَوْا فِي دِينٍ وَعَقْلٍ ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ أَكْثَرَ الْجِيرَانِ ثُمَّ يُقْرَعُ.

_ وأقول: إن كان مراده أنهم لا يقاتلون باتفاق لا ترك معه، كما لو اتفقوا قبل الزوال؛ فظاهر أنهم لا يقاتلون قبل الترك، لكن الظاهر أنه لا بد من ترك متفق عليه، فلا يكفي أحدهما في جواز المقاتلة. فليحرر. قوله: (وتحرم الأجرة) أي: دفعا وأخذا، فإن فعل؛ فسق، ولم يصح أذانه، كما سيأتي. قوله: (وشرط ... إلخ) ذكر هنا ثلاثة شروط، ويأتي قريبا رابع، وهو عدالته، وخامس، وهو تمييزه، فهي خمسة. وذكرها مجتمعة في "الإقناع"، زاد في العدالة: ولو مستورا. انتهى. فلا يصح أذان ظاهر الفسق. فائدة: لا يعتبر موالاة بين الإقامة والصلاة، خلافا للشافعي. قاله في "الفروع". قوله (عالما بالوقت) ولو عبدا، ويستأذن سيده. قاله في "الإقناع".

وَيَكْفِي مُؤَذِّنٌ بِلَا حَاجَةٍ وَيُزَادُ بِقَدْرِهَا وَيُقِيمُ مَنْ يَكْفِي وَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِلَا تَرْجِيعٍ وَهِيَ إحْدَى عَشْرَةَ جُمْلَةً بِلَا تَثْنِيَةٍ وَيُبَاحُ تَرْجِيعُهُ وَتَثْنِيَتُهَا.

_ وذكر ابن هبيرة: أنه يستحب حريته اتفاقا. قال في "شرح الإقناع": لكن ما ذكره المصنف ظاهر كلام جماعة، أي: أنه لا فرق. انتهى. وقد يقال: قول "المنتهى" و "الإقناع" ولو عبدا: يدل على أن الحر أولى من العبد؛ لأن ما بعد "لو" أدنى مما قبلها، بل صرح في "الإقناع" بأن الحر أولى من العبد. فتدبر. قوله: (كلمة) أي: جملة. قوله: (بلا ترجيع) أي: للشهادتين؛ بأن يخفض بهما صوته، ثم يعيدهما رافعا بهما صوته، وسمي ترجيعا؛ لرجوعه من السر إلى الجهر. والمراد بالخفض: أن يسمع من بقربه. والحكمة فيه: أن يأتي بهما بتدبر وإخلاص؛ لكونهما المنجبتين من الكفر، المدخلتين في الإسلام. قوله: (بلا تثنية) يعني: بلا تكرير لألفاظها مرتين مرتين، بخلاف الأذان، وهذا في الجملة، وإلا فهو يكرر قوله: قد قامت الصلاة، مرتين، وهو معنى ما في الصحيحين: "أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة".

وَسُنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَتَرَسُّلٌ فِيهِ وَحَدْرُهَا وَالْوَقْفُ عَلَى كُلِّ جُمْلَةٍ وَقَوْلُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ. بَعْدَ حَيْعَلَةِ أَذَانِ الْفَجْرِ وَيُسَمَّى التَّثْوِيبُ وَكَوْنُهُ قَائِمًا فِيهِمَا فَيُكْرَهَانِ قَاعِدًا لِغَيْرِ مُسَافِرٍ وَمَعْذُورٍ وَمُتَطَهِّرًا فَيُكْرَهُ أَذَانُ جُنُبٍ وإقَامَةُ مُحْدِثٍ وَعَلَى عُلْوٍ وكَوْنُهُ رَافِعًا وَجْهَهُ جَاعِلًا سَبَّابَتَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ

_ وبخطه على قوله: (بلا تثنية) يعني: لكل جملة، وإن كان بعضها متعين. محمد الخلوتي. قوله: (والوقف على كل جملة) أي: منهما. قوله: (بعد حيعلة أذان الفجر) أي: ويكره في أذان غيرها. كما في "الإقناع". وبخطه أيضا على قوله: (بعد حيعلة أذان الفجر) يعني: ولو قبل طلوعه. قوله: (ويسمى: التثويب) ثوب الداعي تثويبا، ردد دعاءه. ومنه: التثويب في الأذان. "مصباح". قوله: (فيكرهان قاعدا) أي: ومعا. قوله: (متطهرا) أي: من الحدثين والنجاسة، كما في "الرعاية" وإن لم يفرع المصنف على المتنجس؛ لما سيأتي أن القراءة تباح مع نجاسة الفم. قوله: (رافعا وجهه) يعني: في أذان وإقامة، على ما في "حاشية الإقناع".

وَيَلتفت يَمِينًا لُحَيٌّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَشِمَالًا لُحَيٌّ عَلَى الْفَلَاحِ وَلَا يُزِيلُ قَدَمَيْهِ وأَنْ يَتَوَلَّاهُمَا وَاحِدٌ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ مَا لَمْ يَشُقَّ وأَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ أَذَانٍ مَا يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا جِلْسَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يُقِيمُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا عُرْفًا فَإِنْ تَكَلَّمَ بمُحَرَّمٍ أَوْ سَكَتَ طَوِيلًا بَطَلَ وَكُرِهَ يَسِيرٌ غَيْرُهُ وَسُكُوتٌ بِلَا حَاجَةٍ مَنْوِيًّا مِنْ وَاحِدٍ عَدْلٍ فِي الْوَقْتِ وَيَصِحُّ لِفَجْرٍ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَيُكْرَهُ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ طلوع

_ وبخطه أيضا على قوله: (رافعا وجهه) يعني: وبصره، بخلاف الصلاة. قوله: (ويلتفت يمينا ... إلخ) أي: برأسه وعنقه وصدره. قوله: (وشمالا ل: حي على الفلاح) يعني: في الأذان دون الإقامة. "إقناع". قوله: (ما يسن تعجيلها) كمغرب. قوله: (خفيفة) أي: بقدر ركعتين. "إقناع". قوله: (أو سكت طويلا) وهو ما تفوت به الموالاة. قوله: (وكره يسير غيره) وله رد سلام فيهما، ولا يجب، لأن ابتداءه غير مسنون. قوله: (ويصح لفجر بعد نصف الليل) قال في "الإقناع": والليل هنا ينبغي أن يكون أوله غروب الشمس، وآخره طلوعها، كما أن النهار المعتبر نصفه: أوله طلوع الشمس، وآخره غروبها. قاله الشيخ. انتهى. قوله: (بعد نصف الليل) أي: الشمسي.

فَجْرٍ ثَانٍ إنْ لَمْ يُؤَذِّنْ لَهُ بَعْدَهُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ رُكْنٌ لِيَحْصُلَ السَّمَاعُ مَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِحَاضِرٍ وَمَنْ جَمَعَ أَوْ قَضَى فَوَائِتَ أَذَّنَ لِلْأُولَى، وَأَقَامَ لِلْكُلِّ وَيُجْزِي أَذَانُ مُمَيِّزٍ لَا فَاسِقٍ وَخُنْثَى وَامْرَأَةٍ وَيُكْرَهُ مُلْحِنٍ ومَلْحُونًا ومِنْ ذِي لُثْغَةٍ فَاحِشَةٍ وَبَطَلَ إنْ أُحِيلَ الْمَعْنَى.

_ قوله: (ورفع الصوت ركن) وكونه بقدر طاقته مستحب. وفي عبارة "الإقناع" إيهام. قوله: (ما لم يؤذن لحاضر) ووقت إقامة إلى الإمام، وأذان إلى المؤذن، وحرم أن يؤذن غير الراتب إلا بإذنه، إلا أن يخاف فوت وقت التأذين، ومتى اء وقد أذن قبله؛ أعاد. قاله في "الإقناع". قال في الإنصاف: استحبابا. انتهى. ومنه يعلم صحة الأذان مع الحرمة، وإلا وجبت إعادته، ويحتمل أن عدم وجوب الإعادة؛ لسقوط فرض الكفاية بغير ذلك الأذان المحرم؛ أي: لأن الشرط: العدالة ظاهرا. قوله: (ومن ذي لثغة) اللثغة، وزان غرفة: حبسة في اللسان، حتى تصير الراء لاما أو غينا، أو ثاء، ونحو ذلك. قال الأزهري: اللثغة أن

وسن لِمُؤَذِّنٍ وَسَامِعِهِ وَلَوْ ثَانِيًا وثَالِثًا وَلِمُقِيمِ وَسَامِعِهِ وَلَوْ فِي طَوَافٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ امْرَأَةً مُتَابَعَةُ قَوْلِهِ سِرًّا بِمِثْلِهِ وَلَا مُصَلٍّ ومُتَخَلٍّ وَيَقْضِيَانِهِ إلَّا فِي الْحَيْعَلَةِ فَيَقُولَانِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وفِي التَّثْوِيبِ صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ وفِي لَفْظِ الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا فَرَغَ وَيَقُولُ:

_ يعدل بحرف إلى حرف، ولثغ لثغا من باب تعب، فهو ألثغ، وامرأة لثغاء، مثل أحمر وحمراء "مصباح". قوله: (وسامعه) فإن سمع بعضه؛ فالظاهر: أنه يتابع فيما سمع فقط. قوله: (ولو ثانيا وثالثا) يعني: حيث استحب، ولم يصل جماعة. قوله: (صدقت ... إلخ) أي: صدقت في دعواك إلى الطاعة، وصرت بارا، دعاء له بذلك، أو بالقبول، الأصل: بر عملك. "مصباح". قوله: (ثم يصلي ... إلخ) يؤخذ منه: عدم كراهة إفراد الصلاة عن السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، خلافا لبعض الشافعية، وصرح به المنقح في أوائل "شرح التحرير" في الأصول، والله أعلم.

اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته ثُمَّ يَدْعُو هُنَا وَعِنْدَ إقَامَةٍ وَيَحْرُمُ خُرُوجُهُ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَهُ بِلَا عُذْرٍ أَوْ نِيَّةِ رُجُوعٍ.

_ تتمة: الأولى أن يحرم الإمام عقب الإقامة، ولا يضر فصل ولو طويلا. فائدة: قال الحافظ عماد الدين بن كثير: الوسيلة: علم على أعلى منزلة في الجنة، وهي منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وداره، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش. وأما الفضيلة: فهي الرتبة الزائدة على سائر الخلائق، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيرا للوسيلة في "المواهب" ملخصا. وأما الدرجة الرفيعة المدرج فيما يقال بعد الأذان؛ فلم أره في شيء من الروايات، كذا قاله السخاوي في "المقاصد"، والله أعلم. قوله: (وعند إقامة) أي: بعدها، وعند صعود الخطيب المنبر، وبين الخطبتين، وعند نزول الغيث، وبعد العصر يوم الجمعة، فجملتها ستة، شيخنا محمد الخلوتي.

باب شروط الصلاة

باب شروط الصلاة شروط الصلاة: مَا تتَوَقفُ عَلَيْهَا صِحَّتُهَا وَلَيْسَتْ مِنْهَا بَلْ تَجِبُ لَهَا قَبْلَهَا الْمُنَقِّحُ: إلَّا النِّيَّةَ وَهِيَ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَتَمْيِيزٌ وطَهَارَةٌ ودُخُولُ وَقْتِ وَهُوَ لِظُهْرٍ

_ قوله: (إن لم يكن عذر) يعجز به عن تحصيل الشرط ولو ناسيا، أو جاهلاً. قوله: (إلا النية) فإنه لا يجب تقدمها على الصلاة، بل الأفضل أن تقارن التكبير. قوله: (إسلام وعقل) لم يبينهما؛ لأن محله الأصول. قوله: (وتمييز) وتقدم في الصلاة قوله: (ودخول وقت) أسقط في "المقنع" الثلاثة الأول؛ نظرا إلى أنها شروط للنية، فهي للشرط لا ابتدائية. محمد الخلوتي. وبخطه أيضا على قوله: (ودخول وقت) لصلاة مؤقتة؛ احترازا عن النفل المطلق والمقضية. قوله: (لظهر) اشتقاقها من الظهور؛ إذ هي ظاهرة في وسط النهار. والظهر لغة: الوقت بعد الزوال. وشرعا: صلاة هذا الوقت، من تسمية الشيء باسم وقته.

وَهِيَ الْأُولَى مِنْ الزَّوَالِ، وَهُوَ ابْتِدَاءُ طُولِ الظِّلِّ بَعْدَ تَنَاهِي قِصَرِهِ لَكِنْ لَا يَقْصُرُ الظِّلُّ فِي بَعْضِ بِلَادِ خُرَاسَانَ. لِسَيْرِ الشَّمْسِ نَاحِيَةً عَنْهَا وَيَخْتَلِفُ بِالشَّهْرِ وَالْبَلَدِ فَأَقَلُّهُ بِإِقْلِيمِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ: قَدَمٌ وَثُلُثٌ فِي نِصْفِ حُزَيْرَانَ وَيَتَزَايَدُ إلَى عَشَرَةِ أَقْدَامٍ وَسُدُسِ فِي نِصْفِ كَانُونَ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ أَقَلَّ وَأَكْثَرُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَطُولُ كُلِّ إنْسَانٍ بِقَدَمِهِ سِتَّةُ وَثُلُثَانِ تَقْرِيبًا حَتَّى يَتَسَاوَى مُنْتَصِبٌ وَفَيْئُهُ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ

_ قوله: (وهي الأولى) إنما بدأ بها دون الفجر، مع أن الإيجاب كان ليلا؛ لأنه يحتمل أنه وجد تصريح بذلك، أو أن الاتيان بها متوقف على بيانها. قوله: (من الزوال) خبر مبتدأ محذوف تقديره: ومبدؤه من الزوال. قوله: (وهو ابتداء ... إلخ) تعريف بالعلامة، وإلا فهو ميل الشمس عن كبد السماء. قوله: (في غير ذلك) يعني: غير ذلك الإقليم. قوله: (وفيئه) بالرفع. قوله: (سوى ظل الزوال) إن كان.

وَالْأَفْضَلُ: تَعْجِيلُهَا إلَّا مَعَ حَرٍّ مُطْلَقًا حَتَّى يَنْكَسِرَ ومَعَ غَيْمٍ لِمُصَلٍّ جَمَاعَةً لِقُرْبِ وَقْتِ الْعَصْرِفَيُسَنُّ غَيْرِ جُمُعَةٍ فِيهِمَا وَتَأْخِيرُهَا

_ قوله: (مطلقا) أي: سواء كان البلد حارا أو لا، صلى في جماعة أو منفردا. قاله في "شرحه". وأراد بقوله: أو منفردا: إذا كان ممن لا تجب عليه الجماعة، أو يعذر بتركها، أما لو وجد من لا عذر له جماعة أول الوقت فقط؛ تعين عليه فعلها مع الجماعة، ولا يؤخرها؛ لأن المسنون لا يعارض الواجب، نبه عليه في "جمع الجوامع" لابن عبد الهادي. قوله: (حتى يتساوى .... إلخ) غاية لمحذوف دلت عليه القرينة؛ أي؛ واستمراره، أو ويستمر حتى يتساوى ... إلخ. والمحوج إلى هذا التكلف ما صرح به ابن هشام في متن "المغني" من أن "حتى" لا تقع بعد "من" التي لابتداء الغاية، قال: لضعفها في الغاية، بخلاف "إلى". انتهى. محمد خلوتي. قوله: (لقرب) أي: إلى قرب وقت العصر، كما عبر به في "الإقناع".

لِمَنْ لَا عَلَيْهِ جُمُعَةَ أَوْ يَرْمِي الْجَمَرَاتِ حَتَّى يَفْعَلَا أَفْضَلُ وَيَلِيهِ الْمُخْتَارُ لِلْعَصْرِ وَهِيَ الْوُسْطَى حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ ثُمَّ هُوَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى الْغُرُوبِ وَتَعْجِيلُهَا مُطْلَقًا أَفْضَلُ وَيَلِيهِ لِلْمَغْرِبِ وَهِيَ وِتْرُ النَّهَارِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ لِمُحْرِمٍ قَصَدَهَا إنْ لَمْ يُوَافِهَا

_ قوله: (حتى يفعلا) أي: يصلي الجمعة غيره، ويرمي المؤخر، علم ذلك من كلام المصنف. قوله: (للعصر) وهو لغة: العشي، وشرعا: صلاته، فكأنها سميت باسم وقتها. قوله: (وهي الوسطى) بمعنى الفضلى، مؤنث الأوسط، والوسط: الخيار. قوله: (مطلقا) يعني: في حر أو غيم أو غيرهما. قوله: (ويليه) فاعل يلي ضمير يعود على الوقت. قوله: (للمغرب) حال منه، وقس عليه. قوله: (للمغرب) ولها؛ للمغرب وقتان: وقت اختيار: وهو إلى ظهور النجوم، ووقت كراهة: وهو ما بعده إلى آخر وقتها. قاله في "الإقناع" بمعناه. قوله: (وهي الوتر) مقابل الشفع.

وَقْتَ الْغُرُوبِ وَفِي غَيْمٍ لِمُصَلٍّ جَمَاعَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَجَمْعِ تَأْخِيرٍ إنْ كَانَ جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَرْفَقَ وَيَلِيهِ الْمُخْتَارُ لِلْعِشَاءِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَصَلَاتُهَا آخِرَ الثُّلُثِ أَفْضَلُ مَا لَمْ يُؤَخَّرْ الْمَغْرِبُ وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إنْ شَقَّ وَلَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ والنَّوْمُ قَبْلَهَا والْحَدِيثُ بَعْدَهَا إلَّا يَسِيرًا أَهْلٍ ثُمَّ هُوَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرَضُ بِالْمَشْرِقِ وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ والْأَوَّلُ مُسْتَطِيلٌ أَزْرَقُ لَهُ شُعَاعٌ ثُمَّ يُظْلِمُ وَيَلِيهِ لِلْفَجْرِ إلَى الشُّرُوقِ وَتَعْجِيلُهَا مُطْلَقًا أَفْضَلُ وَتَأْخِيرُ الْكُلِّ مَعَ أَمْنِ فَوْتِ لِمُصَلِّي كُسُوفٍ وَمَعْذُورٍ، كَحَاقِنٍ وَتَائِقٍ أَفْضَلُ

_ قوله: (ما لم يؤخر المغرب) يعني: مجموعة إلى العشاء، فيسن فعلهما في أول الثلث الأول. قوله: (ولشغل) شمل العلم، بل هو من أفضل ما يشتغل به. قوله: (للفجر) يعني: وللفجر وقتان، كالمغرب: وقت اختيار، وهو: إلى الإسفار. ووقت كراهة، وهو: ما بعده إلى آخر وقتها، كما يفهم من كلام صاحب "الإقناع".

وَلَوْ أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ أَبَاهُ وَيَجِبُ لِتَعَلُّمِ الْفَاتِحَةِ، وذِكْرٍ وَاجِبٍ وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ التَّعْجِيلِ بِالتَّأَهُّبِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَيُقَدِّرُ لِلصَّلَاةِ أَيَّامَ الدَّجَّالِ قَدْرَ الْمُعْتَادِ

_ قوله: (ليصلي) الضمير فيه المرفوع عائد على الولد، وعلى هذا فلو أراد الوالد أن يؤم ولده؛ لم يلزم التأخير؛ لإمكانه بالإعادة، حيث شرعت. فافهم، قوله: (به) لا لفرض آخر. قوله: (أخر) يعني: وجوبا. قوله: (فلا يكره) أي: يعلم من هذا: أنه لا يكره أن يؤم أباه؛ أي: من حيث أنه لا تجب عليه طاعته إلا في غير المحرم والمكروه، منصور البهوتي. محمد الخلوتي. تنبيه: تأخير الكل أيضا لعادم الماء الراجي أو الظان وجوده إلى آخر الوقت المختار، أو آخر الوقت إن لم يكن ضرورة، أفضل، ولم ينبه عليه اكتفاء بما تقدم في التيمم، ونبه عليه في "الإقناع"، ومحل ذلك كله ما لم يظن مانعا، كما تقدم. قوله: (ويجب لتعلم الفاتحة ... إلخ) لعله ما لم يظن مانعا. قوله: (وتحصل فضيلة التعجيل) يعني: لكل ما يسن تعجيله بالاشتغال بأسباب الصلاة من حين دخول الوقت؛ لأنه لا يعد إذن متوانيا. قوله: (ويقدر للصلاة) يعني: ونحوها.

فصل أَدَاءُ الصَّلَاةِ، حَتَّى الْجُمُعَةِ يُدْرَكُ

_ قوله: (أداء حتى الجمعة ... إلخ) أداء: مبتدأ، وهو مضاف، والمضاف إليه محذوف تقديره: مؤقتة، وخبر المبتدأ جملة (يدرك ... إلخ) وقوله: (حتى الجمعة) عاطف ومعطوف على المضاف إليه المحذوف، فقد اجتمع في كلام المصنف أمران، أحدهما: حذف المضاف إليه، وإبقاء المضاف كحاله قبل الحذف؛ أي: غير منون، مع فقد الشرط الذي أشار إليه في الخلاصة، بقوله: ويحذف الثاني فيبقى الأول ... كحاله إذا به يتصل بشرط عطف وإضافة إلى ... مثل الذي له أضفت أولا الأمر الثاني: حذف المعطوف عليه، وإبقاء المعطوف، فأما الأمر الأول، فالشرط الذي ذكره في "الخلاصة" أفاد بدر الدين -رحمه الله- شارحها: أنه أغلبي، وتبعه عليه غيره، ونصه: قد يحذف المضاف إليه مقدرا وجوده، فيترك المضاف على ما كان عليه قبل الحذف، وأكثر ما يكون ذلك مع عطف مضاف إلى مثل المحذوف، وقد يفعل مثل هذا دون عطف، كقراءة

بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ وَلَوْ آخِرَ وَقْتِ ثَانِيَةٍ فِي جَمْعٍ وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ وَلَا تُمْكِنُهُ مُشَاهَدَةُ وَلَا مُخْبِرَ عَنْ يَقِينٍ صَلَّى إذَا ظَنَّ دُخُولَهُ

_ بعض القراء: (فلا خوف عليهم) [البقرة: 38] أي: .فلا خوف شيء عليهم. انتهى ملخصا. وأما الثاني: فلا إشكال في جوازه، كما أشار إليه في "الخلاصة" أيضا بقوله: وحذف متبوع بدا هنا استبح قال الشارح بدر الدين - رحمه الله -: ومنه قوله تعالى: (فلن يقبل من أدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به). [آل عمران: 91] المعنى -والله أعلم- لو ملكه وافتدى به. قوله: (بتكبيرة إحرام) يعني: في الوقت حقيقة أو حكما، كما أشار إليه بقوله: (ولو ... إلخ). قوله: (ولو آخر وقت ثانية في جمع) فالأولى أداء، دون الثانية. قوله: (إذا ظن دخوله) أي: الوقت، بدليل من اجتهاد، أو تقدير الزمن

وَيُعِيدُ إنْ أَخْطَأَ فَصَلَّى قَبْلَهُ وَيُعِيدُ أَعْمَى عَاجِزٌ عَدِمَ مُقَلَّدًا مُطْلَقًا وَيَعْمَلُ بِأَذَانِ ثِقَةٍ عَارِفٍ وَكَذَا إخْبَارُهُ بِدُخُولِهِ لَا عَنْ ظَنٍّ وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ طَرَأَ مَانِعٌ كَجُنُونٍ وَحَيْضٍ قُضِيَتْ وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفٌ كَبُلُوغِ وَنَحْوِهِ وَقَدْ بَقِيَ بِقَدْرِهَا قُضِيَتْ مَعَ مَجْمُوعَةٍ إلَيْهَا قَبْلَهَا وَيَجِبُ قَضَاءُ فَائِتَةٍ فَأَكْثَرَ مُرَتَّبًا وَلَوْ كَثُرَتْ إلَّا إذَا خَشِيَ فَوَاتَ حَاضِرَةٍ أَوْ خُرُوجَ وَقْتِ اخْتِيَارٍ وَلَا يَصِحُّ تَنَفُّلُهُ إذَاً

_ بقراءة ونحوه. قاله في "شرحه". قال في "الإقناع": والأولى تأخيرها قليلا احتياطا، إن لم يخش خروج وقت، أو تكون صلاة عصر في يوم غيم، فيستحب التبكير. انتهى ملخصا. ومنه يؤخذ: أنه إذا اختلف اثنان في دخول الوقت؛ كان الأولى التأخير حتى يتفقا، أو يتيقن دخوله؛ لأنه قبل ذلك لا يعمل بقول من قال بدخوله؛ لأنه عن ظن، وهو لا يعمل بظن غيره، فغاية ذلك أن يفيده ظناً، وقد علمت أن مع الظن يستحب التأخير، حتى لو قيل: إن خبر المثبت مقدم، فالتأخير لليقين أولى. كذا ظهر، فليحرر. وقد عرضت ملخص معناه على شيخنا محمد الخلوتي فارتضاه. قوله: (مطلقا) أخطأ أو أصاب. قوله: (ولا يصح تنفله إذا) ولو راتبة، وتصح فائتة إذا ويأثم.

أَوْ نَسِيَهُ بَيْنَ فَوَائِتَ حَالَ قَضَائِهَا أَوْ حَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ حَتَّى فَرَغَ لَا إنْ جَهِلَ وُجُوبَهُ فَوْرًا مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا أَوْ يَحْضُرْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ إذَاً.

_ قوله (حتى فرغ) أي: بأن لم يخطر بقلبه أن عليه فائتة قبل فراغه من الحاضرة، أما لو تذكر في أثناء الحاضرة، أو شك، واستمر الشك حتى فرغ، ثم تيقن الفائتة؛ فإنه يجب عليه في الصورتين قضاء الفائتة، وإعادة الحاضرة. قوله: (أو يحضر لصلاة عيد) لما سيأتي كراهة القضاء بموضع العيد قبل صلاته، وأما الجمعة؛ فقيل: عليه فعلها، ثم يقضيها ظهرا، كما أشار إليه في "الإقناع" هنا. ومقتضى "المبدع" و"المستوعب" أنه يسقط الترتيب كضيق الوقت، فلا يعيدها ظهرا، وجعله الشيخ منصور رحمه الله مقتضى "الإقناع" كالمصنف فيما يأتي في الجة: تؤخر فجر فائتة لخوف فوات الجمعة. قوله: (ولا يصح نفل مطلق) بل مقيد، كوتر وراتبة.

وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، كَانْتِظَارِ رُفْقَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ لَهَا وَإِنْ ذَكَرَ فَائِتَةً إمَامٌ أَحْرَمَ بحَاضِرَةٍ لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا قَطَعَهَا كَغَيْرِهِ إذَا ضَاقَ عَنْهَا وَعَنْ الْمُسْتَأْنَفَةِ وَإِلَّا أَتَمَّهَا نَفْلًا.

_ قوله: (ويجوز التأخير) لقضاء الفائتة. قوله: (كانتظار رفقة أو جماعة) عطفه على الرفقة؛ من عطف العام على الخاص. قاله في "حاشية الإقناع"، وكذا تحوله من موضع نام فيه؛ لفعله عليه الصلاة والسلام. انتهى. قوله: (أو جماعة) عطف عام على خاص، قوله: (بحاضرة) ولو جمعة، واستثناها جمع، كما في "الإقناع". قوله: (كغيره إذا ضاق عنها) يشمل المأموم والمنفرد. وهذه العبارة صادقة بثلاث صور: إحداها: أن يضيق عن إتمام ما شرع فيه، وعن الفائتة، والحاضرة، بأن يتسع للمستأنفتين فقط. الثانية: أن يتسع لإتمام ما شرع فيه، وللفائتة فقط. الثالثة: أن يتسع في كل منها أنه ضاق الوقت عن الثلاث وقضيته: أنهما يقطعان الصلاة في الصور كلها، فأما في الصورة الآولى؛ فظاهر، وأما

وَمَنْ شَكَّ فِي مَا عَلَيْهِ وَتَيَقَّنَ سَبْقَ الْوُجُوبِ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ يَقِينًا وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ مِمَّا تَيَقَّنَ وُجُوبَهُ.

_ وفي الأخيرتين؛ فينبغي أن يسقط الترتيب في هذه الحالة، ومثلها في ذلك الإمام فتأمل. قوله: (فيما عليه) أي: في قدر ما تركه من الصلوات. وبخطه أيضا على قوله: (ومن شك فيما عليه ... إلخ) عبارة المبدع: ومن شك فيما عليه من الصلاة، فإن شك في زمن الوجوب؛ قضى ما يعلم وجوبه، وإن شك في الصلاة بعد الوجوب؛ قضى ما يعلم به براءة ذمته، نص عليه. انتهى. قوله: (تيقن سبق الوجوب) كما إذا شك هل ترك الظهر وما بعدها من يوم كذا، وتيقن بلوغه قبل ذلك؛ فيعيد الظهر وما بعدها، حتى يتيقن براءة ذمته، وإلا بأن شك في الظهر وما بعدها، وهل بلغ قبل الظهر أو بعدها؟ لم تلزمه الظهر، بل وما بعدها حتى تبرأ ذمته. وبخطه على قوله: (سبق الوجوب) كمن تيقن أنه ترك بعد البلوغ والعقل، فإنه إذا كان بالغاً عاقلا فقد حصل الترك بعد سبق الوجوب، بخلاف ما إذا شك هل كان الترك قبل البلوغ أو بعده؟ لأن قبل البلوغ لم يحصل وجوب، ويحتمل أن يكون الترك فيه؛ أي: فيما قبل البلوغ. انتهى. من ابن قندس على "الفروع". قوله: (يقينا) أي: قضى ما تيقن به ذمته. قوله: (وإلا ... إلخ)

فَلَوْ تَرَكَ عَشْرَ سَجَدَاتٍ مِنْ صَلَاةِ شَهْرٍ قَضَى صَلَاةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ وَجَهِلَهَا قَضَى خَمْسًا وظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ، وَجَهِلَ السَّابِقَةَ تَحَرَّى بِأَيِّهِمَا يَبْدَأُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فبِمَا شَاءَ.

_ أي: وإن لم يتيقن سبق الوجوب، كمن قال: لم أصل منذ بلغت، ولم أدر متى بلغت؟ فإن هذا لم يتيقن سبق الوجوب الذي هو زمن البلوغ، فهذا يلزمه أن يقضي حتى يعلم أن ذمته برئت مما تيقن وجوبه. قاله في "شرحه". وعبارة ابن نصر الله عند قول "الفروع": (وإلا ... إلخ) أي: وإن لم يتيقن سبق الوجوب، صلى ما تيقن وجوبه، كمن شك هل كان وقت الظهر بالأمس بالغاً أم لا؟ فإنه لا يلزمه قضاء الظهر لشكه في وجوبه، ويلزمه إبراء ذمته مما تيقن وجوبه بعد الظهر، كالعصر والمغرب إن شك هل صلاهما أم لا؟ لأن الأصل عدم صلاته إياهما. انتهى. قوله: (ومن نسي صلاة من يوم وجهلها، قضى خمسا) لأنه لا يخرج من العهدة بيقين إلا بذلك؛ لأنه ما من واحدة من الخمس إلا ويجوز أن تكون هي الفائتة، ولا يلزمه ترتيب الخمس في هذه الحالة؛ لأن اللازم له في نفس الأمر صلاة واحدة لا ترتيب فيها، فما فعله قبل اللازمة له في نفس الأمر أو بعدها نفل، وإن كان ينوي بكل صلاة أنها الفائتة؛ لما تقدم؛ والله أعلم. وهذا بخلاف ما لو ترك صلاتين من يوم وجهلهما؛ فإنه

وَلَوْ شَكَّ مَأْمُومٌ، هَلْ صَلَّى الْإِمَامُ بِهِ الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ؟ . اعْتَبَرَ بِالْوَقْتِ فَإِنْ أَشْكَلَ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ.

_ يصلي الخمس مرتبة؛ لأن ما تركه مترتب في نفسه، ولا وصول إلى أدائه مرتبا إلا بفعل الخمس مرتبة. وهل مثله إذا ترك صلاتين من يومين وجهلهما؟ الظاهر نعم، فيقضي صلاة يومين. قوله: (خمسا) ولا يلزم ترتيب إذا. قوله: (ولو شك مأموم: هل صلى ... إلخ) يشعر بأن الشك بعد الفراغ، أما قبل الدخول فلا، حتى يتيقن أو يظن.

باب ستر العورة

باب ستر العورة وَهِيَ سَوْأَةُ الْإِنْسَانِ وَكُلُّ مَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ حَتَّى فِي نَفْسِهِ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَيَجِبُ حَتَّى خَارِجَهَا، وَحَتَّى فِي خَلْوَةٍ، وَحَتَّى فِي ظُلْمَةٍ لَا مِنْ أَسْفَلَ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ وَلَوْ بنَبَاتٍ وَنَحْوِهِ ومُتَّصِلًا بِهِ كَيَدِهِ وَلِحْيَتِهِ لَا بَارِيَةٍ وحَصِيرٍ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَضُرُّهُ ولَا بِحَفِيرَةٍ وَطِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ لِعَدَمِ وَيُبَاحُ كَشْفُهَا لِتَدَاوٍ وَتَخَلٍّ وَنَحْوِهِمَا وَلِمُبَاحٍ وِمُبَاحَةٍ.

_ قوله: (وهي: سوأة الإنسان) قبله ودبره. قوله: (وكل ما يستحيى منه) أي: إذا نظر إليه. قوله: (بما لا يصف البشرة) أي: لونها من بياض وسواد، ولو وصف الحجم، فلا يكفي ما يصف البشرة عند وجود غيره، وإلا تعين. وبخطه على قوله: (يصف ... إلخ) يقال: وصف الثوب الجسم، إذا أظهر حاله وبين هيئته، ومنه: وصفته من باب: وعد أي: أخبرت بما فيه من الأحوال والهيئات. ذكر معناه في "المصباح". قوله: (ونحوه) كورق وليف. قوله: (لا بارية) بموحدة، وبعد الراء ياء مثناة، تحتية مشددة: حصير نسج من قصب مشفق. ابن نصر الله في حواشي "الكافي". قوله: (ونحوهما) كما يعمل من السعف.

وَعَوْرَةُ ذَكَرٍ وَخُنْثَى بَلَغَا عَشْرًا وَأَمَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُبَعَّضَةٍ وحُرَّةٍ مُمَيِّزَةٍ وحُرَّةٍ مُرَاهِقَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ وابْنِ سَبْعِ الْفَرْجَانِ وَالْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ إلَّا وَجْهَهَا.

_ قوله: (وعورة ذكر وخنثى ... إلخ) قال شيخنا الخلوتي - حفظه الله - اعلم: أن حاصل الأقسام أحد وتسعون؛ لأن الإنسان إما أن يكون ذكرا، أو خنثى، أو أنثى. وكل من الثلاثة إما أن يكون حرا أو رقيقا، أو مبعضا، أو مكاتبا، أو مدبرا، أو معلقا عتقه بصفة، فهذه ثمانية عشر. وكل واحد ممن ذكر في هذه الصور: إما أن يكون بالغا، أو مراهقا، أو بلغ تمام عشر، أو ما بين سبع وعشر، أو دون سبع، وهذه خمس صور، فإذا ضربتها في الثمانية عشر: حصل تسعون، فزد عليها احتمال كون الأنثى أم ولد: تبلغ أحدا وتسعين صورة، وبعضها يخالف بعضا في العورة. انتهى المراد منه بالمعنى. وأقول: في ذلك نظر، وتحريره أن يقال: عورة الذكر والخنثى بأقسامهما الستة، أعني: كون كل واحد حرا، أو رقيقا، أو مبعضا، أو مكاتبا، أو مدبرا، أو معلقا عتقه بصفة، إن كانا بالغين، أو مراهقين، أو تم لهما عشر ما بين سرة وركبة، ومن سبع إلى عشر: الفرجان. وأما الأنثى: فإن كانت غير حرة، فإن تم لها عشر، أو كانت مراهقة بأقسامها الخمسة، أو بالغة بأقسامها الستة، بزيادة أم ولد؛ فكرجل؛ أي: ما بين سرة وركبة.

وَسُنَّ صَلَاةُ رَجُلٍ فِي ثَوْبَيْنِ وَيَكْفِي سَتْرُ عَوْرَتِهِ فِي نَفْلٍ وَشُرِطَ فِي فَرْضٍ سَتْرُ جَمِيعِ أَحَدِ عَاتِقَيْهِ

_ وإن كانت غير الحرة مميزة بأقسامها الخمسة، وهي ماعدا أم الولد؛ أعني: كونها رقيقة، أو مبعضة، أو مدبرة، أو مكاتبة، أو معلقا عتقها بصفة؛ فكذكر؛ أي: عورتها الفرجان، كما يفهم من قولهم: حرة مميزة كرجل؛ فإن الأمة المميزة ليست كذلك، ومن دون سبع لا حكم لعورته في جميع الأقسام المتقدمة، فهذا حكم الأحد والتسعين صورة، فاحفظها؛ فإنها مهمة. وفي كلام شيخنا في حكم العورة نظر، يعلم بالوقوف عليه. وهذا ما أمكن تحريره، والله أعلم. فائدة: فهم من قوله: (حرة مميزة): أن الأمة المميزة ليست كذلك، بل هي كالذكر. فتدبر. قوله: (في ثوبين) ذكره بعضهم إجماعا مع ستر رأسه بعمامة وما في معناها. ولا يكره في ثوب واحد يستر ما يجب ستره. وقميص أولى من الرداء إن اقتصر على واحد. قوله: (وشرط في فرض ... إلخ) ولو فرض كفاية، ولعل مثله النذر. قوله: (أحد عاتقيه) تثنية عاتق، وهو كما في "المصباح" ما بين المنكب والعنق، وهو موضع الرداء، يذكر ويؤنث، وجمعه عواتق. والمنكب مجتمع رأس العضد والكتف.

_ قوله: (بلباس) لا بنحو حصير، وحبل قدر على غيره. قوله: (في درع) وهو: القميص. قوله: (وخمار) وهو: غطاء رأسها، وتديره تحت حلقها. قوله: (في نقاب) على وزن كتاب، وهو: ما وصل إلى محجر عينها. "مصباح". قوله: (وبرقع) وهو: ما تستر به المرأة وجهها. قوله: (وإذا انكشف لا عمداً ... إلخ) انكشاف العورة في الصلاة، فيه ثمان صور؛ لأن المنكشف إما أن يكون يسيرا؛ بأن لا يفحش عرفا في النظر، وإما أن يكون كثيراً، وعلى التقديرين: إما أن يطول الزمن، أو لا، وعلى التقادير الأربعة: إما أن يكون عمداً، أو لا. ففي العمد بصوره الأربع، تبطل الصلاة. وفي غيره، تبطل فيما إذا كثر المنكشف، وطال زمنه. وفي الثلاث الباقية لا تبطل، وهي ما إذا قل المنكشف، وطال الزمن أو قصر، أو كثر المنكشف وقصر الزمن، ولم يتعمد في الثلاث. والمصنف -رحمه الله- نص على صور عدم البطلان الثلاث؛ لأنها أخصر، وعلمت الخمس المبطلة بالمفهوم.

يَسِيرٌ لَا يَفْحُشُ عُرْفًا وَغَيْرِهِمَا الْفُحْشُ فِي كُلِّ عُضْوٍ بِحَسَبِهِ، فِي النَّظَرِ وَلَوْ طَوِيلًا أَوْ كَثِيرَةٍ فِي قَصِيرٍ لَمْ تَبْطُلْ وَمَنْ صَلَّى فِي غَصْبٍ وَلَوْ بَعْضُهُ ثَوْبًا أَوْ بُقْعَةٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ أَوْ غَالِبُهُ حَيْثُ حُرِّمَ أَوْ حَجَّ بِغَصْبٍ عَالِمًا ذَاكِرًا لَمْ يَصِحَّ،

_ قوله: (يسير) وهو ما (لا يفحش ... إلخ). قوله: (أو كثير في قصير) حتى لو أطارت الريح سترته عن عورته كلها، فأعادها سريعاً بلا عمل كثير؛ لم تبطل. قوله: (ولو بعضه) المشاع أو المعين. قوله: (أو ذهب) الذهب له أسماء، جمعها الإمام ابن مالك رحمه الله في قوله: نضر نضير نضار زبرج سيرا ... ء زخرف عسجد عقيان والتبر ما لم يذب وأشركوا ذهبا ... مع فضة في نسيك هكذا العرب قوله: (عالما ذاكراً) أي: الحكم والعين، فلو نسي أو جهل أنه محرم، أو كونه غصباً، أو حريراً مثلا؛ صحت، فراجع "الإقناع". انتهى. فقوله: (عالماً ذاكراً) حالان من فاعل (صلى) أو (حج)، وحذف نظيره من الآخر، وليس من التنازع في الحال؛ لأنه لا يجوز عربية على الأصح. شيخنا محمد الخلوتي. والحاصل: أن كل ثوب يحرم لبسه -ولو خيلاء أو تصاوير، أو غيرها- لا تصح الصلاة فيه حيث كان عالماً ذاكراً، وإلا صحت؛ لأنه غير آثم. ومن صلى على أرض غيره، أو مصلاه بلا غصب، ولا ضرر؛ جاز. فائدة: قال في "الإقناع": ولو تقوى على أداء عبادة بأكل محرم؛

وَإِنْ غَيَّرَ هَيْئَةَ مَسْجِدٍ فَكَغَصْبهِ لَا إنْ مَنَعَهُ غَيْرَهُ.

_ صحت. قال في "شرحه": لأن النهي لا يعود إلى العبادة، ولا إلى شروطها، فهو إلى خارج عنها، وذلك لا يقتضي فسادها. لكن لو حج بغصب عالماً ذاكراً؛ لم يصح حجه على المذهب. انتهى. وكأنه يشير إلى أن كلام "الإقناع" ليس على إطلاقه، بل يستثنى من العبادات الحج، فإذا استعان عليه بأكل محرم؛ لم يصح حجه. كما قال في "المنتهى": (أو حج بغصب عالماً ذاكراً) وفيه نظر؛ فإن الاستعانة بأكل الحرام على الصلاة أو الحج عائداً فيهما إلى خارج، فإذا صحت الصلاة مع كونها آكد من الحج؛ فلأن يصح الحج أولى. فالأظهر: بقاء كلام "الإقناع" على عمومه، وحمل كلام "المنتهى" على ما إذا طاف طواف الفرض في سترة مغصوبة، أو وقف، أو سعى على دابة مغصوبة، فإن ذلك لا يصح، كالصلاة، أما الأكل؛ فهو خارج فيهما. فتدبر. قوله: (فكغصب) أي: في كونه لا تصح صلاته فيه. أما الغير؛ فصلاته صحيحة. قال في "الرعاية": ومن غصب مسجداً، وغير هيئته؛ فهو كغصب مكان غيره في صلاته فيه. انتهى. قال في "حاشية الإقناع": وعلم منه: أن صلاة غيره صحيحة؛ لأنه ليس بغاصب له. ومنه يؤخذ صحة الصلاة بمساجد

وَلَا يُبْطِلُهَا لُبْسُ عِمَامَةٍ وَخَاتَمٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُمَا وَنَحْوِهِمَا وَتَصِحُّ مِمَّنْ حُبِسَ بِغَصْبٍ وَكَذَا بِنَجِسَةٍ وَيُومِئُ بِرَطْبَةٍ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ، وَيَجْلِسُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَيُصَلِّي عُرْيَانًا مَعَ غَصْبٍ وفِي حَرِيرٍ لِعَدَمِ وَلَا إعَادَةَ وفِي نَجِسٍ لِعَدَمِ وَيُعِيدُ وَلَا يَصِحُّ نَفْلُ آبِقٍ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ أَوْ مَا يَسْتُرُ الْفَرْجَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا سَتَرَهُ،

_ حريم النهر؛ إذ المصلي فيها غير غاصب للبقعة؛ إذ له الصلاة فيها لو لم تبن، كما كان له أن يصلي في المسجد قبل أن يغير، والله أعلم. انتهى. محمد الخلوتي. قوله: (ممن حبس ... إلخ) ومثله خائف من خروجه الضرر. قوله: (وكذا بنجسة) يعني: بلا إعادة. قوله: (وفي حرير لعدم) ولو عارية. قوله: (ولا إعادة) والفرق: أن الغصب لم تعهد أباحته، بخلاف الحرير؛ فإنه أبيح للمرأة والعذر. محمد الخلوتي. قوله: (وفي نجس) أي: متنجس، فلو كان نجس العين، كجلد ميتة؛ صلى عرياناً بلا إعادة. نقله في "المبدع". قوله: (ولا يصح نفل آبق) أي: لا يصح نفل صلاة آبق، ومثله أجير خاص في غير الرواتب.

وَالدُّبُرُ أَوْلَى إلَّا إذَا كَفَتْ مَنْكِبَهُ وَعَجُزَهُ فَقَطْ فَيَسْتُرُهُمَا وَيُصَلِّي

_ قوله: (إلا إذا كفت منكبه ... إلخ) بأن كانت إذا تركها على كتفيه وسدلها من ورائه؛ تستر عجره. وبخطه أيضاً على قوله: (إلا إذا كفت ... إلخ) الظاهر: انه مستثنى من قوله: (أو الفرجين) باعتبار عموم الأحوال، وكأنه قال: ومن لم يجد إلا ما يستر الفرجين؛ سترهما في كل حال، إلا إذا كفت منكبه ... إلخ. وبخطه أيضاً على قوله: (إلا إذا كفت منكبه ... إلخ) اعلم: أن واجد السترة الناقصة تارة يجد ما يستر عورته فقط، أو منكبه فقط، بمعنى: أنه لا يمكنه إلا أحد الأمرين المذكورين، ولا يمكنه أن يستر بما وجده عجزه ومنكبه معاً، ففي هذه الصورة يتعين ستر عورته، ويصلي قائماً وجوباً، ويترك ستر منكبه. وتارة يجد ما يستر عورته فقط، أو منكبه وعجزه فقط، بمعنى: أنه يمكنه أحد الأمرين، فيلزمه الثاني؛ أعني: ستر منكبه وعجزه، ويصلي جالساً استحباباً. وأما إذا لم يجد إلا ما يستر العورة لا غير، أو لم يجد إلا ما يستر الفرجين أو أحدهما لا غير؛ فعلى ما قدر عليه في هذه الصور الثلاث. والدبر أولى في الأخيرة منها. وهذه الصور كلها تؤخذ من كلام المصنف رحمه الله تعالى؛ وبيان ذلك: أن قوله: (ومن لم يجد ما يستر عورته) يشمل ثلاث صور؛ لأن المعنى: أنه لا يستر ما وجده مع العورة غيرها، سواء كان ساتر العورة يستر المنكب وحده لو ترك العورة، وهي الصورة الأولى في كلامنا، أو كان ساتر العورة يستر منكبه وعجزه لو اقتصر عليهما، وهي

جَالِسًا وَيَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ سُتْرَةٍ بِثَمَنِ مِثْلِهَا فَإِنْ زَادَ فَكَمَاءِ وُضُوءٍ قَبُولُهَا عَارِيَّةً لَا هِبَةً فَإِنْ عَدِمَ صَلَّى جَالِسًا نَدْبًا، يُومِئ وَلَا يَتَرَبَّعُ بَلْ يَنْضَمُّ وَإِنْ وَجَدَهَا مُصَلٍّ قَرِيبَةً عُرْفًا سَتَرَ وَبَنَى وَإِلَّا ابْتَدَأَ وَكَذَا مَنْ عَتَقَتْ وَاحْتَاجَتْ إلَيْهَا وَيُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً وَإِمَامُهُمْ وَسَطًا وُجُوبًا فِيهِمَا كُلُّ نَوْعٍ جَانِبًا فَإِنْ شَقَّ صَلَّى الْفَاضِلُ وَاسْتَدْبَرَ مَفْضُولٌ ثُمَّ عَكَسَ وَمَنْ أَعَارَهُ سُتْرَتَهُ وَصَلَّى عُرْيَانًا لَمْ تَصِحَّ وَتُسَنُّ إذَا صَلَّى،

_ الصورة الثانية، أو لا يمكنه العدول بذلك الساتر عن العورة، وهي الصورة الثالثة. فذكر المصنف أنه يستر عورته في الأولى والثالثة بقوله: (ستره)، وأنه يلزمه العدول إلى ستر المنكب والعجز في الثانية بقوله: (إلا إذا كفت , .. إلخ). وأما الصورتان الرابعة والخامسة فظاهرتان. والله أعلم. قوله: (جالساً) يعني: ندباً. قوله: (بثمن) يعني: أو أجرة. قوله: (فكماء وضوء) فيلزم بزيادة يسيرة فاضلة عن حاجته. قوله: (لا هبةً) يعني: ولا استعارتها. قوله: (وكذا من عتقت فيها) ولو جهلت العتق، أو القدرة على السترة؛ أعادت. قوله: (ومن أعار سترته، وصلى عرياناً؛ لم تصح) لعله ما لم يعجز عن

وَيُصَلِّي بِهَا وَاحِدٌ فَآخَرُ وَيُقَدَّمُ إمَامٌ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى فصل كُرِهَ فِي صَلَاةٍ سَدْلٌ وَهُوَ طَرْحُ ثَوْبٍ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَا يَرُدُّ طَرَفَهُ عَلَى الْأُخْرَى واشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَهُوَ أَنْ يَضْطَبِعَ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وتَغْطِيَةُ وَجْهٍ، وَتَلَثُّمٌ عَلَى فَمٍ وَأَنْفٍ ولَفُّ كُمٍّ بِلَا سَبَبٍ وَمُطْلَقًا تَشَبُّهٌ بِكُفَّارٍ وَصَلِيبٍ فِي ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ وَشَدُّ وَسَطٍ بمشبه شد زُنَّارٍ وَأُنْثَى مُطْلَقًا

_ استردادها. قوله: (ويصلي بها) أي: العراة المبذولة لهم مع سعة الوقت، وقدم ذلك على الجماعة؛ لأن السترة شرط، وهو مقدم على الواجب، فلا تدفع إذن لمن يصلي بهم؛ لأن كل واحد متمكن من السترة في الحالة المذكورة. قوله: (كره في صلاة سدل) سواء كان تحت ثوب، أو لا. قوله: (على الأخرى) أي: الكتف الأخرى. قوله: (وهو أن يضطبع ... إلخ) بأن يجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن، وطرفيه على الأيسر. قوله: (ومطلقا) أي: في صلاة وغيرها. قوله: (بمشبه شد زنار) الزنار، كتفاح: خيط غليظ تشده النصارى على أوساطهم. وبخطه أيضاً على قوله: (بمشبه شد زنار) أي: بأن يرخى طرفي ما يشد به وسطه تزيناً.

وَمَشْيٌ بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ ولُبْسُهُ مُعَصْفَرًا فِي غَيْرِ إحْرَامٍ ومُزَعْفَرًا وأَحْمَرَ مُصْمَتًا وطَيْلَسَانًا، وَهُوَ الْمُقَوَّرُ

_ قوله: (ومشي بنعل واحدة) أي: بلا حاجة ولو يسيراً، أو لإصلاح الأخرى. وكره مشي في نعلين مختلفين كأحمر وأصفر بلا حاجة. ويستحب كون النعل أصفر، والخف أحمر، أو أسود. وكره لبس إزار، وخف، وسراويل قائماً، لا انتعال. وكره نظر ملابس حرير، وآنية ذهب وفضة إن رغبه فيها. قوله: (في غير إحرام) وفيه لا يكره. قوله: (وطيلساناً) لأنه من شعار اليهود. قوله: (وهو المقور) أي: الذي يلبس على شكل الطرحة، يرسل من

وَجِلْدًا مُخْتَلَفًا فِي نَجَاسَتِهِ وَافْتِرَاشُهُ لَا إلْبَاسُهُ دَابَّتَهُ وكَوْنُ ثِيَابِهِ فَوْقَ نِصْفِ سَاقِهِ أَوْ تَحْتَ كَعْبِهِ بِلَا حَاجَةٍ ولِلْمَرْأَةِ زِيَادَةُ إلَى ذِرَاعٍ.

_ وراء الظهر والجانبين، من غير إدارة الحنك، ولا إلقاء طرفيه على الكتفين، وأما المدور الذي يدار تحت الحنك ويغطي الرأس وأكثر الوجه، فيجعل طرفيه على الكتفين؛ فهذا لا خلاف في أنه سنة. كذا حققه الجلال السيوطي. وذلك مثل الكبود الذي يخرق في وسطه ما يخرج منه الرأس. وبخطه على قوله: (وهو المقور) هو شيء يقور من أحد طرفين ما يخرج الرأس منه، ويرخى الباقي خلفه، وفوق منكبيه. فتأمل. قوله: (وجلداً مختلفاً في نجاسته ... إلخ) الجلد المختلف في نجاسته على قسمين: أحدهما: جلود السباع والطير التي هي أكبر من الهر خلقة، فهذا القسم إن قلنا بطهارته؛ كره لبسه وافتراشه دون غيرهما من أنواع الانتفاع، وإن قلنا بنجاسته -وهو المذهب- حرم الانتفاع به مطلقاً. الثاني: جلد الميتة الطاهرة في الحياة، فهذا إن قلنا بطهارته بعد الدبغ؛ فحكمه كالقسم الأول المحكوم بطهارته، وإن قلنا بنجاسته -وهو المذهب- جاز الانتفاع به في اليابسات فقط، وكره لبسه وافتراشه أيضاً. فيتلخص: أن الجلد المختلف في نجاسته يكره لبسه وافتراشه على القول بطهارته، وكذا جلد الميتة بشرطه، والله أعلم. قوله: (لا إلباسه) أي: الجلد المذكور.

وَحَرُمَ أَنْ يُسْبِلَهَا بِلَا حَاجَةٍ خُيَلَاءَ فِي غَيْرِ حَرْبٍ وحَتَّى عَلَى أُنْثَى لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ وَتَعْلِيقُهُ، وَسَتْرُ جُدُرٍ بِهِ، وَتَصْوِيرُهُ لَا افْتِرَاشُهُ وَجَعْلُهُ مِخَدًّا وعَلَى غَيْرِ أُنْثَى حَتَّى كَافِرٍ لُبْسُ مَا كُلُّهُ وَمَا غَالِبُهُ ظُهُورًا حَرِيرٌ، وَلَوْ بِطَانَةً وافْتِرَاشُهُ لَا تَحْتَ صَفِيقٍ وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ واسْتِنَادٌ إلَيْهِ، وَتَعْلِيقُهُ وكِتَابَةُ مَهْرٍ فِيهِ وسَتْرُ جُدُرٍ بِهِ غَيْرَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ ومَنْسُوجٌ وَمُمَوَّهٌ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ لَا مُسْتَحِيلٌ لَوْنُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ وحَرِيرٌ سَاوَى مَا نُسِجَ مَعَهُ ظُهُورًا وخَزٌّ وَهُوَ مَا سُدِيَ بِإِبْرَيْسَمٍ وَأُلْحِمَ بِصُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ وَنَحْوِهِ أَوْ خَالِصٌ لِمَرَضٍ أَوْ حَكَّةٍ أَوْ لِحَرْبٍ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا الْكَلُّ لِحَاجَةٍ.

_ قوله: (أن يسبلها) أي: أن يرخي الرجل ثيابه، ويجرها، قميصاً كان، أو إزاراً، أو سراويل، أو عمامة في الصلاة وغيرها. قوله: (لا تحت صفيق) ويكره، كما يأتي. قوله: (وكتابة مهر فيه) أي: يحرم. وقيل: يكره. قوله: (غير الكعبة) أي: فيجوز سترها بحرير اتفاقا. قوله: (لا مستحيل لونه) أي: متغير. قوله: (وخر ... إلخ) هو بالرفع؛ لأنه من جملة المعطوفات على فاعل (حرم) بـ (لا)؛ أي: ولا يحرم خز ... إلخ.

وَحَرُمَ تَشَبُّهُ رَجُلٍ بِأُنْثَى وَعَكْسِهِ فِي لِبَاسٍ وَغَيْرِهِ وَإلْبَاسُ صَبِيٍّ مَا حَرُمَ عَلَى رَجُلٍ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيهِ وَيُبَاحُ مِنْ حَرِيرٍ كَيْسُ مُصْحَفٍ وَأَزْرَارٌ وَخِيَاطَةٌ بِهِ وَحَشْوُ

_ واعلم: أن الخز عكس الملحم معنى وحكماً، أما الأول: فلأن الملحم ما سدي بغير الحرير، وألحم به، كما ذكره في "شرح الإقناع". والخز عكسه، كما ذكره المصنف. وأما الثاني؛ أعني: الحكم، فقال في "الاختيارات": المنصوص عن أحمد وقدماء الأصحاب إباحة الخز دون الملحم. قوله: (في لباس وغيره) ككلام ومشي. قوله: (وإلباس صبي) أي: وحرم إلباس صبي ... إلخ، هذا صريح في بطلان صلاة الصبي في الثوب الحرير ونحوه، مع أنه لا عمد له، بل عمده خطأ، كما في الحج وغيره، وقد تقدم أن المكلف إذا صلى في ثوب محرم جاهلا أو ناسياً؛ فإن صلاته صحيحة، فينبغي هنا كذلك بجامع عدم الإثم، والجواب: بالفرق بين الحالين؛ وهو أن فعل المكلف في الحالة المذكورة غير مؤاخذ به أحد، فلذلك اغتفر صحة الصلاة، بخلاف مسألة الصبي، فإن الفعل الواقع فيها معصية مؤاخذ بها، وإن تعلقت بغير المصلي، فكأنه لشؤم أثر المعصية حكم ببطلان الصلاة، هذا ما ظهر. فليحرر.

جِبَابٍ وَفُرُشٍ وعَلَمُ ثَوْبٍ وَهُوَ طِرَازُهُ لَبِنَةُ جَيْبٍ، وَهُوَ الزِّيقُ وَالْجَيْبُ مَا يُفْتَحُ عَلَى نَحْرٍ أَوْ طَوْقٍ

_ قوله: (وعلم ثوب) قال أبو بكر في "التنبيه": ولو بيسير ذهب. قال: منصور البهوتي: وعلى قياسه الشاش المقصب. وبخطه على قوله: (وعلم ثوب) أي: كالحاشية التي تنسج من حرير في طرف الثوب، بشرط أن لا تزيد على أربع أصابع، كما ذكره المصنف. قال في "الإقناع" ما معناه: لو كان في ثياب قدر يعفى عنه من الحرير، وإذا ضم بعضه إلى بعض كان كثيراً؛ فلا بأس. انتهى. أي فلو كان في ثوب؛ حرم ذلك، ومن هنا يعلم أن قولهم: إذا تساوى الحرير وما معه ظهوراً؛ أبيح بقيد: بما إذا لم يجتمع من الحرير في موضع واحد فوق أربع أصابع لم يفصل بينها بغير الحرير، فإن ذلك لا يجوز، وهذا ظاهر؛ لأن قدر خمس أصابع فأكثر لو انفرد كعلم الثوب؛ لم يجز، فأولى إذا ضم إليه غيره في بقية الثوب. فتنبه لذلك، فإنه مهم قد يخفى، والله الموفق. قوله: (وهو الزيق) أي: المحيط بالعنق. قوله: (أو طوق) هو بالرفع عطفاً على (ما) وأشار المصنف بذلك إلى أن الجيب بعضهم يفسره بما انفتح على النحر، كما عليه صاحب "المصباح"، وبعضهم يفسره بالطوق

وَرِقَاعٌ وَسِجْفُ فِرَاءٍ لَا فَوْقَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ.

_ الذي يخرج منه الرأس، كما في "القاموس" وعبارته: وجيب القميص ونحوه -بالفتح- طوقه. انتهى. قوله: (ورقاع) أي: لا فوق أربع أصابع. قوله: (فراء) الفراء: جمع فرو، كسهام جمع سهم. قوله: (لا فوق أربع ... إلخ) يعني: أن ما ذكر من العلم، والرقاع، والسجف، ولبنة الجيب، إنما يباح إذا كان أربع أصابع معتدلة مضمونة فما دون، لا إن كان أكثر منها.

باب اجتناب النجاسة

باب اجتناب النجاسة وَهِيَ عَيْنٌ أَوْ صِفَةٌ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهَا بِلَا ضَرُورَةٍ، لَا لِأَذًى فِيهَا طَبْعًا لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ شَرْعًا حَيْثُ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا بَدَنَ مُصَلٍّ وَثَوْبَهُ وَبُقْعَتَهُمَا وَعَدَمِ حَمْلِهَا شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَتَصِحُّ مِنْ حَامِلٍ مُسْتَجْمِرًا أَوْ حَيَوَانًا طَاهِرًا وَمِمَّنْ مَسَّ ثَوْبُهُ ثَوْبًا

_ قوله: (اجتناب النجاسة) هو مبتدأ مصدر مضاف لفاعله المجازي، ومفعوله (بدن مصل) وما عطف عليه. قوله: (شرعاً) هو عائد لقوله: (أو غيره) يعني: أو لحق الغير الثابت بالشرع؛ لئلا يتكرر مع قوله: (منع الشرع). محمد الخلوتي. قوله: (وعدم حملها) معطوف على المبتدأ، والخبر: (شرط) ولم يطابق؛ إما لأنه مصدر، أو لأنهما في معنى شيء واحد، وهو مباعدة النجاسة. وإنما عبر المصنف بالاجتناب وعدم الحمل؛ ليخرج بالأول الملاقاة لها، وبالثاني الاشتمال عليها. قوله: (فتصح ... إلخ) مفرع على (حيث لم يعف عنها) قوله: (أو حيوانا طاهراً) كالهر. قوله: (وممن مس ... إلخ) مفرع على عدم الحمل، أو الاجتناب.

أَوْ حَائِطًا نَجِسًا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَيْهِ أَوْ قَابَلَهَا رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَمْ يُلَاقِهَا أَوْ صَلَّى عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ مِنْ مُتَنَجِّسٍ طَرَفُهُ وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ يَنْجَرُّ بِهِ أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فَزَالَتْ أَوْ أَزَالَهَا سَرِيعًا لَا إنْ عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا عَنْهُ أَوْ نَسِيَهَا أَوْ جَهِلَ عَيْنَهَا أَوْ حُكْمَهَا أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ عَلِمَ أَوْ حَمَلَ قَارُورَةً أَوْ آجُرَّةً بَاطِنُهَا نَجِسٌ

_ قوله: (من غير متعلق) فلو كان بيده حبل طرفه على نجاسة يابسة؛ فمقتضى كلام الموفق الصحة، وفي "الإقناع": لا تصح. لكن يمكن حمل كلام "الإقناع" على الرطبة، فلا مخالفة. وبخطه أيضاً على قوله: (غير متعلق) قال منصور البهوتي: قلت: وإذا تعلق بالمصلي صغير، به نجاسة لا يعفى عنها، وكان له قوة بحيث إذا مشى انجر معه؛ بطلت صلاته إن لم يزله سريعاً. قوله: (لا إن عجز) من باب: ضرب: ضعف عن المشي، ومن باب: قتل لغة، ومن باب: تعب لغة لبعض قيس عيلان. "مصباح". قوله: (ثم علم) راجع للأربع. قوله: (أو آجرة) الآجر: بمد الهمزة، والتشديد أشهر من التخفيف، الواحدة آجرة، وهو معرب. "مصباح".

أَوْ بَيْضَةً فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ، أَوْ مَذِرَةً، أَوْ عُنْقُودًا حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا وَإِنْ طَيَّنَ نَجِسَةً أَوْ بَسَطَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى حَيَوَانٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ طَاهِرًا صَفِيقًا أَوْ غَسَلَ وَجْهَ آجُرٍّ وَصَلَّى عَلَيْهِ، أَوْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ بَاطِنُهُ فَقَطْ نَجِسٌ أَوْ عُلْوٍ سُفْلُهُ غَصْبٌ، أَوْ سَرِيرٍ تَحْتَهُ نَجِسٌ كُرِهَتْ وَصَحَّتْ وَإِنْ خِيطَ جُرْحٌ أَوْ جُبِرَ عَظْمٌ بنَجِسٍ أَوْ عَظْمٍ نَجِسٍ فَصَحَّ لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ مَعَ ضَرَرٍ ولَا يَتَيَمَّمُ لَهُ إنْ غَطَّاهُ اللَّحْمُ

_ قوله: (أو بسط عليها) ولو رطبة حيث لم تنفذ إلى ظاهره. قوله: (أو على حيوان نجس) يؤخذ مما سيذكره منصور البهوتي في الباب بعده عن المجد: أن محل هذا في غير مسافر سائر، وإلا، فلا كراهة للحاجة. قوله: (أو حرير ... إلخ) الغرض من ذكره إفادة الكراهة، وإلا، فالصحة تقدمت صريحا في الباب قبله. قوله: (غصب) وتصح صلاة في بقعة أبنيتها غصب ولو اتستند إلى الأبنية لكن مع الكراهة. قال منصور البهوتي: وفي معنى ذلك ما ينبني بحريم الأنهار من مساجد وبيوت؛ لأن المحرم البناء بها، وأما البقعة؛ فعلى أصل الإباحة. قوله: (مع ضرر) على نفس أو عضو، أو حصول مرض. قوله: (إن غطاه اللحم) قلت: ويشبه ذلك الوشم إن غطاه اللحم،

وَمَتَى وَجَبَتْ فَمَاتَ أُزِيلَ إلَّا مَعَ الْمُثْلَةِ وَلَا يَلْزَمُ شَارِبَ خَمْرٍ قَيْءٌ وَإِنْ أُعِيدَتْ سِنُّ أَوْ أُذُنٌ أَوْ نَحْوُهُمَا فَثَبَتَتْ فَطَاهِرَةٌ فصل وَلَا تَصِحُّ تَعَبُّدًا صَلَاةُ فِي مَقْبَرَةٍ وَلَا يَضُرُّ قَبْرَانِ وَلَا مَا دُفِنَ بِدَارِهِ وفِي حَمَّامٍ وفِيمَا يَتْبَعُهُ فِي بَيْعٍ وَحَشٍّ وَأَعْطَانِ إبِلٍ وهي مَا

_ غسله بالماء، وإلا يتيمم له. "شرح الإقناع". قوله: (إلا مع المثلة) وزان غرفة، والمثلة بفتح الميم وضم الثاء: العقوبة. "مصباح". قال: ومثلت بالقتيل مثلا -من بابي قتل وضرب- إذا جدعته، وظهرت فعلك عليه تنكيلا، والتشديد مبالغة. انتهى. قوله: (فثبتت) أي: أو لم تثبت. قوله: في (مقبرة) قديمة أو حديثة، تقلبت أو لا، وهي: مدفن الموتى. قوله: (ولا يضر قبران) بل ثلاثة فصاعداً، والخشخاشة، وهي: بيت في الأرض، له سقف يقبر فيه جماعة، قبر واحد اعتبارا بها لا بمن فيها. قوله: (بداره) وإن كثر؛ لأنه ليس بمقبرة.

تُقِيمُ فِيهَا وَتَأْوِي إلَيْهَا وَفِي مَجْزَرَةٍ ومَزْبَلَةٍ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَأَسْطِحَتِهَا وَسَطْحِ نَهْرٍ سِوَى صَلَاةِ جِنَازَةٍ

_ قوله: (ومجزرة) أي: ما أعد للذبح. قوله: (ومزبلة) هي مرمى الزبالة ولو طاهرة. قوله: (وأسطحتها) أي: أسطحة المواضع المنهي عن الصلاة فيها، وشمل سطح الطريق سواء جاز وضعه أو لا، كما في "المستوعب"، خلافاً للمجد حيث صححها فيما جاز وضعه. ووجه الأول: أن الهواء تابع للقرار، وعلى هذا مشى في "الإقناع" أيضاً، أعني: عدم الصحة، لكن قال بعد ذلك ما معناه: إذا أخرج ساباطاً في موضع لا يحل إخراجه؛ لم تصح الصلاة فيه، ومفهومه: أنه لو كان يحل إخراجه؛ صحت، وهذا المفهوم يعارض عمومه عموم منطوق قوله: (وأسطحتها) مثلها، ويمكن الجواب: بتخصيص هذا المفهوم بما إذا الساباط على ملك الغير لا على الطريق. فتأمل. قوله: (وسطح نهر) أي: لا تصح الصلاة على نهر. قال ابن عقيل

فِي مَقْبَرَةٍ وَسِوَى جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَجِنَازَةٍ وَنَحْوِهَا بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ وَغَصْبٍ

_ ما معناه: لأن الصلاة على الماء لا تصح، فكذا على سطحه. انتهى. وفيه نظر؛ لأنا إنما منعنا من الصلاة على الماء لعدم إمكان الاستقرار عليه، وسطحه ليس كذلك، فالأولى ما ذكره في "الإقناع" بقوله: والمختار الصحة كالسفينة، قاله أبو المعالي. وبخطه أيضاً على قوله: (وسطح نهر) قال القاضي: تجري فيه سفينة. قال في "الإقناع": والمختار الصحة، كالسفينة، قاله أبو المعالي وغيره، انتهى. قال منصور البهوتي: وقد يفرق بينه وبين السفينة بأنها مظنة الحاجة، انتهى. ومقتضى كلام المصنف عدم الصحة مطلقاً، ففي المسألة ثلاثة أقوال. ولو جمد الماء، فقال أبو المعالي. فكالطريق، وجزم ابن تميم بالصحة، وتبعه في "الإقناع". تنبيه: تصح الصلاة في المدبغة، وتكره على الصحيح، ولو أخرج ساباطاً في موضع لا يحل إخراجه؛ لم تصح الصلاة فيه. قوله: (في مقبرة) ولو قبل الدفن؛ فتصح بلا كراهة. قوله: (وجمعة، وعيد، وجنازة، ونحوها بطريق لضرورة، وغصب) ظاهره: أن الجمعة وما بعدها تصح في الغصب، ولو بلا ضرورة، وهو غير ظاهر، فإن ما استدل به بعضهم على صحة ذلك في الغصب مطلقاً عن

وَعَلَى رَاحِلَةٍ بِطَرِيقٍ وَتَصِحُّ فِي الْكُلِّ لِعُذْرٍ.

_ "الشرح الكبير" إنما يدل على حال الضرورة× لقوله ما معناه: إذا صلى الإمام الجمعة في غصب فامتنع الناس من الصلاة خلفه، فاتتهم الجمعة. فقوله: فاتتهم الجمعة إشارة إلى أنها حال ضرورة، أما لو كان في البلد عدة جوامع، فيها واحد غصب بحيث إذا ترك الصلاة في الجامع الغصب صلى في غيره من بقية الجوامع، فينبغي عدم الصحة هنا، ولهذا صرح في "الإقناع" بأنها لا تصح الجمعة ونحوها في الغصب إلا للضرورة. وما اعترض عليه بعضهم بأن الضرورة يستوي فيها الجمعة وغيرها من بقية الصلوات الخمس لا يرد، بل في كلام "المبدع" ما يشير إلى الفرق بين الجمعة وغيرها، حيث قال: إن الجمعة تختص ببقعة، يعني: لا يمكن أداؤها منفرداً، بل هو مضطر إلى فعلها مع الجماعة، فإذا لم يجد إلا ذلك المكان الغصب؛ دار أمره بين أن يصلي معهم الجمعة في الغصب، وبين أن يصلي منفرداً، وهي لا تصح منفرداً، فجاز له أن يصليها في الغصب بخلاف نحو الظهر والعصر. فتأمل. فلو قال المصنف: بطريق وغصب لضرورة، كما في "الإقناع"، لكان أنسب. قوله: (ونحوها) ككسوف. وبخطه على قوله: (وغصب) ولو بلا ضرورة، وفيه نظر، فالصواب ما في "الإقناع". قوله: (وتصح في الكل لعذر) وليس منه خوف فوت الوقت.

وَتُكْرَهُ إلَيْهَا بِلَا حَائِلٍ وَلَوْ كَمُؤَخَّرَةِ رَحْلٍ لَا فِيمَا عَلَا عَنْ جَادَّةِ الْمُسَافِرِ يَمْنَةً وَيَسَرَةً وَلَوْ غُيِّرَتْ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا أَوْ مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ صَحَّتْ وَكَمَقْبَرَةٍ مَسْجِدٌ حَدَثَ بِهَا وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ فِي الْكَعْبَةِ وَلَا عَلَى ظَهْرِهَا إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ أَوْ خَارِجَهَا وَسَجَدَ فِيهَا وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ ومَنْذُورَةٌ فِيهَا وَعَلَيْهَا مَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَى مُنْتَهَاهَا

_ قوله: (ولو كمؤخرة رحل) مؤخرة الرحل والسرج -بضم الميم وسكون الهمزة، ومنهم من يثقل الخاء، ومنهم من يعد هذه لحناً، وأفصح اللغات آخرة، بالمد- وهي: الخشبة التي يستند إليها الراكب. "مصباح". قوله: (لا فيما علا ... إلخ) ولا بأس بطريق الأبيات القليلة؛ لعدم كثرة سلوكه. قوله: (حدث) أو وضع القبر، والمسجد معاً، فلا تصح الصلاة. قوله: (وتصح نافلة ومنذورة ... إلخ) ظاهره: سواء كان نذره مطلقاً، أو مقيداً بفعلها فيها وعليها، ويمكن حمله على ما في "الاختيارات" من أنه: إن نذر الصلاة في الكعبة؛ صح فعلها فيها، وإن نذرها مطلقاً؛ اعتبر فيها شروط

وَيُسَنُّ نَفْلُهُ فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ، وَهُوَ مِنْهَا وَقَدْرُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ وَيَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَالْفَرْضُ فِيهِ كَدَاخِلِهَا وَتُكْرَهُ بِأَرْضِ الْخَسفِ لا بِبَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ

_ الفريضة؛ لأن النذر المطلق يحذى به حذو الفرائض. انتهى. فتأمل. ويمكن حمل كلام المصنف كـ "الإقناع" على ما في "الاختيارات" بجعل قوله: (فيها وعليها) متعلقاً بـ (منذورة) لا بـ (تصح)، وهذا ظاهر لا غبار عليه، بل هو أولى من المخالفة. قوله: (مطلقاً) أي: من مكي وغيره. قوله: (لا ببيعة) أي: لا صورة فيها، وإلا كره.

باب استقبال القبلة

باب استقبال القبلة استقبال القبلة شرط للصلاة مَعَ الْقُدْرَةِ إلَّا فِي نَفْلِ مُسَافِرٍ وَلَوْ مَاشِيًا سَفَرًا مُبَاحًا وَلَوْ قَصِيرًا لَا تَعَاسِيفَ

_ صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس عشر سنين بمكة، وستة عشر شهراً بالمدينة، ثم أمر بالتوجه إلى الكعبة. قوله: (إلا في نفل مسافر ... إلخ) يعني: فلا يشترط له استقبال إن شق عليه ذلك، كما يعلم مما سيأتي، خلافاً لما يفهمه "شرحه": من أن محله: إذا تعذر عليه الاستقبال. محمد الخلوتي. قوله: (مباحاً) المراد بالمباح: ما قابل المحرم والمكروه فقط، أو يحمل المباح على حقيقته، وهو ما استوى طرفاه، ويعلم منه حكم المندوب والواجب بالأولى. محمد الخلوتي. قوله: (لا راكب تعاسيف) كأنه جمع تعساف بالفتح، وهو: ركوب الفلاة وقطعها على غير صوب، كالهائم والتائه. وبخطه أيضاً على قوله: (لا راكب تعاسيف) عسف عسفاً: إذا سلك غير طريق، والتعسف والاعتساف مثله، وهو راكب التعاسيف، كأنه جمع تعساف بالفتح مثل التضراب، والتقتال، والترحال من الضرب، والقتل والرحيل، والتفعال مطرد من كل فعل ثلاثي غالباً. "مصباح" ملخصاً.

لَكِنْ إنْ لَمْ يُعْذَرْ مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ أَوْ عَدَلَ هُوَ إلَى غَيْرِهَا عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَوْ عُذِرَ وَطَالَ بَطَلَتْ وَإِنْ وَقَفَ لِتَعَبِ دَابَّتِهِ، أَوْ مُنْتَظِرًا رُفْقَةً، أَوْ لَمْ يَسِرْ لِسَيْرِهِمْ أَوْ نَوَى النُّزُولَ بِبَلَدٍ دَخَلَهُ، أَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا اسْتَقْبَلَ وَيُتِمُّهَا وَيَصِحُّ نَذْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَإِنْ رَكِبَ مَاشٍ فِي نَفْلٍ أَتَمَّهُ وَتَبْطُلُ بِرُكُوبِ غَيْرِهِ

_ قوله: (من عدلت به دابته) أي: عن جهة سيره. قوله: (عن جهة سيره) يعني فيهما. قوله: (أو لم يسر لسيرهم) بأن قصد التخلف. قوله: (أو نزل) أي: أراد النزول، نزل مستقبلا، كما هو مقتضى عبارة "الإقناع". قوله: (ويصح نذر ... إلخ) أي: بأن نذر أن يصلي على الدابة، فالجار والمجرور متعلق بـ (الصلاة) لا بـ (يصح)؛ إذ لو نذر الصلاة مطلقاً؛ كان كالفرض، كما تقدم عن "الاختيارات". قوله: (وإن ركب ماش ... إلخ) هل مثله عكسه، وهو ما إذا مشى الراكب؛ بأن نزل ليمشي، وهو غير ما تقدم، الظاهر: نعم، قوله: (بركوب غيره) كالنازل.

وَعَلَى مَاشٍ إحْرَامٌ إلَى الْقِبْلَةِ وَرُكُوعٌ وَسُجُودٌ إلَيْهَا وَيَسْتَقْبِلُ رَاكِبٌ وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إنْ أَمْكَنَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَإِلَّا فإلَى جِهَةِ سَيْرِهِ وَيُومِئُ وَيَلْزَمُ قَادِرًا جَعْلُ سُجُودِهِ أَخْفَضَ والطُّمَأْنِينَةُ فصل وَفَرْضُ مَنْ قَرُبَ مِنْهَا أَوْ مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ قوله: (أخفض) ويعتبر طهارة ما تحت الراكب من نحو برذعة، وإن كان نجس العين، ولا كراهة هنا لمسيس الحاجة، كما صححه المجد، فيحمل ما تقدم من الكراهة على غير مسافر سائر؛ لأنه قد صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على حماره النفل. قوله: (أو من مسجد النبي ... إلخ) استشكله بعضهم، وغاية ما يقال: أنه يمكن أن يكون مراد الأصحاب بإلحاقهم المذكور، أن من بمسجده صلى الله عليه وسلم كمن بمكة في أنه يضر يمنة ويسرة عن محرابه صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره، فلا يضر انحرافه، والله أعلم.

إصَابَةُ الْعَيْنِ بِبَدَنِهِ وَلَا يَضُرُّ عُلُوٌّ ونُزُولٌ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ بِحَائِلٍ أَصْلِيٍّ كَجَبَلٍ فيَجْتَهِدُ إلَى عَيْنِهَا ومَنْ بَعُدَ هُوَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ لَا عَلَى مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمِ إصَابَةِ الْجِهَةِ بِالِاجْتِهَادِ وَيُعْفَى عَنْ انْحِرَافٍ يَسِيرٍ.

_ قوله: (إصابة العين) أي: بحيث لا يخرج شيء منه عنها، فلو خرج بعضه عن المسامتة؛ لم تصح، وفي معنى ذلك كل موضع ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه إذا ضبطت جهته، كما قاله الناظم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على الخطأ. قوله: (ولا يضر علو) كما لو صلى على جبل أبي قبيس. قوله: (ولا نزول) كما لو صلى في حفيرة نازلة عن مسامتة الكعبة. قوله: (إلا إن تعذر) الضمير في (تعذر) عائد على (الإصابة)، لكن لما كان تأنيث المصدر لفظياً جاز عدم إلحاق الفعل علامة التأنيث. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله: (إلا إن تعذر ... إلخ) أي: كالمصلي خلف أبي قبيس، بخلاف من صلى داخل المسجد الحرام، أو على سطحه، أو خارجه، وأمكنه ذلك بنظره، أو علمه، أو خبر عالم بذلك، فإن من نشأ بمكة، أو أقام بها كثيراً، تمكن من ذلك، ولو مع حائل حادث، كالأبنية. قوله: (فيجتهد) أي: في التوجه. قوله: (وهو من لم يقدر ... إلخ) هذا يشمل من كان قريباً من الكعبة وحال بينه وبينها نحو جبل، ولم يجد من يخبره بيقين عن العين، ومن كان

فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِخَبَرِ مُكَلَّفٍ عَدْلٍ ظَاهِرًا وبَاطِنًا عَنْ يَقِينٍ أَوْ الِاسْتِدْلَال بِمَحَارِيبَ عُلِمَ أَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ وَمَتَى اشْتَبَهَتْ سَفَرًا اُجْتُهِدَ فِي طَلَبِهَا بِالدَّلَائِلِ وَيُسْتَحَبُّ تَعَلُّمُهَا مَعَ أَدِلَّةِ الْوَقْتِ فَإِنْ دَخَلَ وَخَفِيَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ وَيُقَلِّدُ لِضَيْقِهِ وَأَثْبَتُهَا الْقُطْبُ

_ محبوساً بمحل تعذر عليه في استقبال العين، فيقتضي أنه ينتقل إلى استقبال الجهة، وهو ينافي ما قبله من قوله: (إلا إن تعذر بحائل أصلي كجبل؛ فيجتهد إلى عينها). وقد يقال: إن النص على الأولى قرينة على عدم إرادة شمول ما هنا لها. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (فإن أمكنه ذلك) أي: الواجب في القرب والبعد. قوله: (علم أنها ... إلخ) لا إن شك. قوله: (للمسلمين) ولو فساقاً. قوله: (سفراً) ولم يكن في قرية ولا يمكنه قصدها، وإلا لزمه، فإن وجد مخبراً عن يقين؛ لزم قبوله، أو عن ظن؛ قلده، إن كان من أهل الاجتهاد وهو العالم بالأدلة، حيث ضاق الوقت، وإلا لزمه التعلم والعمل باجتهاده، كما سيذكره المصنف، فإن لم يمكنه شيء من ذلك كله سفراً؛ اجتهد، فإذا غلب على ظنه جهة؛ تعينت، فإن تركها؛ أعاد ولو أصاب. ومن صلى قبل فعل ما لزمه من استخبار، أو اجتهاد، أو تقليد، أو تحر؛ أعاد ولو أصاب. قوله: (وأثبتها) أي: أقواها. قوله: (القطب) أي: الشمالي.

_ وبخطه على قوله: (وأثبتها القطب)، واعلم: أنه يستدل على القبلة بأشياء: منها: النجوم، وهي أصحها، قال تعالى: (وبالنجم هم يهتدون). [النحل: 16]. وفي الحديث: "تعلموا من النجوم ما تعرفون به الوقت والطريق". وأثبتها كما قال المصنف؛ أي: أقواها: القطب، بتثليث أوله، والمراد: القطب الشمالي؛ لأنه لا يزول عن مكانه، ويمكن كل أحد معرفته، وهو: نجم خفي شمالي، يراه حديد البصر إذا لم يكن القمر ظاهراً، وحوله أنجم دائرة كفراشة الرحى، أو كالسمكة، في أحد طرفيها أحد الفرقدين، وفي الطرف الجدي، فيستدل عليه بذلك، ومن استدبر الفرقدين والجدي في حال علو أحدهما وهبوط الآخر؛ فقد استدبر القطب، وإن استدبر أحدهما في غير هذا الحال، فإن استدبر الشرقي منهما؛ انحرف إلى المشرق قليلاً، وإن استدبر الغربي؛ انحرف إلى المغرب قليلا؛ ليكون كمستدبر القطب، ويكون انحرافه المذكور لاستدبار الجدي أقل من انحرافه لاستدبار الفرقدين؛ لأنه أقرب إلى القطب منهما. واعلم: أن للأنجم الدائرة حول القطب في كل يوم وليلة دورة، نصفها بالليل ونصفها بالنهار في الزمن المعتدل، فيكون الفرقدان عند طلوع الشمس في

وَهُوَ نَجْمٌ يَكُونُ وَرَاءَ ظَهْرِ الْمُصَلِّي بِالشَّامِ وَمَا حَاذَاهَا

_ مكان الجدي عند غروبها، ويمكن الاستدلال بها على أوقات الليل وساعاته وغيره من الأزمنة، لمن عرفها وفهم كيفية دورانها. قوله: (وهو نجم ... إلخ) أشار بعضهم إلى ضبط ذلك في قوله: من واجه القطب بأرض اليمن ... وعكسه الشام وخلف الأذن عراق اليمنى ويسرى مصر ... قد صحح استقباله في العمر قوله: "عراق" أي: وجعله بعراق حلف الأذن اليمنى، وبمصر خلف اليسرى، فكل من عراق ومصر مجرور بالعطف على أرض اليمن، مع تقدير متعلق. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (يكون وراء ظهر المصلي بالشام وما حاذاها) أي: كالعراق وحران وسائر الجزيرة؛ لأن تفاوت ذلك يسير معفو عنه، كما ذكره المجد، لكن قال صاحب "الإقناع": إن جعل القطب وراء ظهره في الشام وما حاذاها، وانحرف قليلا إلى المشرق كان مستقبل القبلة. قال الشيخ في "شرح العمدة": إذا جعل الشامي القطب بين أذنه اليسرى ونقرة القفا؛ فقد استقبل ما بين الركن الشامي والميزاب. انتهى. ومما يستدل به أيضاً: المجرة، فإنها تكون في الشتاء، أول الليل، في ناحية السماء، ممتدة شرقاً وغرباً على الكتف الأيسر من الإنسان، إذا

وَخَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى بِالْمَشْرِقِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ بِمِصْرَ وَمَا وَالَاهَا والشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَمَنَازِلُهُمَا وَمَا يَقْتَرِنُ بِهَا وَمَا يُقَارِبُهَا، كُلُّهَا تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ وَتَغْرُبُ بِالْمَغْرِبِ وَالرِّيَاحُ وَأُمَّهَاتُهَا أَرْبَعٌ الْجَنُوبُ، وَمَهَبُّهَا: قِبْلَةُ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ. وبِالْعِرَاقِ إلَى بَطْنِ كَتِفِ الْمُصَلِّي الْيُسْرَى مَارَّةً إلَى يَمِينِهِ، والشَّمَالُ: مُقَابِلَتُهَا وَمَهَبُّهَا مِنْ الْقُطْبِ إلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ فِي الصَّيْفِ، وَالصَّبَا، وَتُسَمَّى الْقَبُولَ مِنْ يَسْرَةِ الْمُصَلِّي بِالشَّامِ. لِأَنَّهُ

_ كان متوجهاً إلى المشرق، ثم تصير من آخره ممتدة شرقاً وغرباً أيضا على كتفه الأيمن، وأما في الصيف، فإنها تتوسط السماء. قوله: (من مطلغ سهيل) هو: نجم كبير مضيء، يطلع من مهب الجنوب، ثم يسير حتى يصير في قبلة المصلي ثم يتجاوزها، فيسير حتى يغرب بقرب مهب الدبور.

مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ صَيْفًا إلَى مَطْلَعِ الْعَيُّوقِ وَبِالْعِرَاقِ إلَى خَلْفِ أُذُنِ الْمُصَلِّي الْيُسْرَى، مَارَّةً إلَى يَمِينِهِ، والدَّبُورُ مُقَابِلَتُهَا لِأَنَّهَا تَهُبُّ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمَغْرِبِ وبِالْعِرَاقِ مُسْتَقْبِلَةً شَطْرَ وَجْهِ الْمُصَلِّي الْأَيْمَنِ وَلَا يَتْبَعُ مُجْتَهِدٌ مُجْتَهِدًا خَالَفَهُ وَلَا يَقْتَدِي بِهِ إلَّا إنْ اتَّفَقَا فَإِنْ بَانَ لِأَحَدِهِمَا الْخَطَأُ انْحَرَفَ وَأَتَمَّ وَيَتْبَعُهُ مَنْ قَلَّدَهُ وَيَنْوِي الْمُؤْتَمُّ مِنْهُمَا الْمُفَارَقَةَ وَيَتْبَعُ وُجُوبًا جَاهِلٌ أَعْمَى، الْأَوْثَقَ عِنْدَهُ وَلَا مَشَقَّةَ وَيُخَيَّرُ مَعَ تَسَاوٍ كعَامِّيٌّ فِي الْفُتْيَا وَإِنْ صَلَّى بَصِيرًا حَضَرًا فَأَخْطَأَ، أَوْ أَعْمَى بِلَا دَلِيلٍ أَعَادَا

_ قوله: (إلا إن اتفقا) ولو مال أحدهما يسيراً. قوله: (جاهلا) أي: بالأدلة. قوله: (الأوثق) علماً بالدلائل، وإن كان جاهلاً في الأحكام. قوله: (حضراً) يعني: ولو باجتهاد. قوله: (بلا دليل) من استخبار بصير، أو استدل بلمس محراب، أو نحوه مما يدل على القبلة. وبخطه على قوله: (بلا دليل) يعني: ولو أصاب.

فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِمُجْتَهِدٍ جِهَةٌ أَوْ لَمْ يَجِدْ أَعْمَى أَوْ جَاهِلٌ مَنْ يُقَلِّدُهُ، فَتَحَرَّيَا أَوْ أَخْطَأَ مُجْتَهِدٌ قَلَّدَ فَأَخْطَأَ مُقَلَّدَهُ سَفَرًا فَلَا إعَادَةَ وَيَجِبُ تَحَرٍّ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَإِنْ تَغَيَّرَ وَلَوْ فِيهَا عَمِلَ بِالثَّانِي وَبَنَى وَإِنْ ظَنَّ الْخَطَأَ فَقَطْ بَطَلَتْ وَمَنْ أُخْبِرَ فِيهَا بِالْخَطَأِ يَقِينًا لَزِمَهُ قَبُولُهُ

_ قوله: (فإن لم يظهر لمجتهد جهة) في السفر؛ بأن تعادلت عنده الأمارات، أو منعه من الاجتهاد نحو رمد؛ صلى على حسب حاله. قوله: (أو أخطأ مجتهد) يعني: سفراً. قوله: (سفراً) فلو كان حضراً؛ وجبت الإعادة؛ لأنه ليس محلا للاجتهاد. قوله: (ويجب تحر لكل صلاة) المفهوم من بحث الشيخ منصور في "شرح الإقناع": أن المراد لكل فريضة دخل وقتها، فإنه ذكر أن النوافل لا تحتاج لاجتهاد لكل ركعتين، أخذا من تعليلهم: بأنها حادثة متجددة، وأن المقلد لا يلزمه أن يجدد لكل صلاة تقليداً، كما هو مفهوم مجتهد. فتأمل. قوله: (وإن ظن الخطأ فقط) أي: من غير أن يظهر له جهة أخرى، وجملة ذلك أنه دخل في الصلاة باجتهاد؛ فإما أن يستمر اجتهاده إلى فراغها، أو يعرض له شك، ويستمر الشك إلى فراغها، أو يزول الشك، ويبقى ظن الصواب. أو بالعكس: بأن يظن الخطأ، ويظهر له جهة أخرى، فينتقل إليها ويبني، وصلاته صحيحة في الصور الأربع كلها. وإما أن يظن الخطأ من غير أن تظهر له جهة، فتبطل صلاته. وبخطه على قوله: (فقط) أي: بأن لم تظهر له جهة القبلة. قوله: (لزم قبوله) فيبتديء الصلاة من أولها.

باب النية

باب النية النية: الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ الشَّيْءِ يُزَادُ فِي عِبَادَةٍ: تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِيَمِينٍ وَهِيَ شَرْطٌ وَلَا تَسْقُطُ بِحَالٍ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا قَصْدُ تَعْلِيمِهَا أَوْ خَلَاصٍ مِنْ خَصْمٍ، أَوْ إدْمَانِ سَهَرٍ

_ قوله: (العزم) يقال: عزم على الشيء، وعزمه عزماً -من باب: ضرب- عقد ضميره على فعله. وضمير الإنسان: قلبه وباطنه. كله من "المصباح". قوله: (ويزاد ... إلخ) أي: في تعريف النية، وإلا فلا يشترط إضافة الفعل إلى الله في العبادات كلها، بل يستحب، كما في "الإقناع". قوله: (ولا يمنع صحتها) أي: الصلاة. قوله: (أو إدمان) أي: ملازمة. قوله: (سهر) يعني: بعد إتيان بالنية المعتبرة. وبخطه أيضاً على قوله: (سهر) السهر: عدم النوم في الليل كله، أو في بعضه. "مصباح".

وَالْأَفْضَلُ: أَنْ تُقَارِنَ التَّكْبِيرَ فَإِنْ تَقَدَّمَتْهُ يَسِيرٍ، لَا قَبْلَ وَقْتِ أَدَاءِ وَرَاتِبَةٍ وَلَمْ يَرْتَدَّ وَلَمْ يَفْسَخْهَا صَحَّتْ وَيَجِبُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا فَتَبْطُلُ بِفَسْخِ فِي الصَّلَاةِ وَتَرَدُّدٍ فِيهِ ووَعَزْمٍ عَلَيْهِ لَا عَلَى مَحْظُورٍ وَبِشَكِّهِ هَلْ نَوَى أَوْ عَيَّنَ

_ قوله: (والأفضل أن تقارن ... إلخ) ومعنى المقارنة: أن يأتي بالتكبير عقب النية، وهذا ممكن لا صعوبة فيه، بل عامة الناس إنما يصلون هكذا. قوله: (فإن تقدمته بيسير) ظاهره: ولو أتى بشيء من المبطلات للصلاة، غير ما ذكره، كالكلام، واستدبار القبلة، ويشير له قوله الآتي: (وتصح نية غرض من قاعد) مع منافاته له. محمد الخلوتي، وبعضه في "الإقناع". وبخطه أيضاً على قوله: (فإن تقدمته بيسير) وهو ما لا تفوت به الموالاة في الوضوء، كما في "حاشيته" في الغسل. قوله: (لا قبل وقت أداء) أي: أداء مكتوبة. قوله: (ولم يرتد) أي: من قدم النية. قوله: (صحت) أي: الصلاة. قوله: (وعزم عليه) ذكره ليرتب عليه ما بعده، وإلا فيغني عنه ما قبله، أو يقال: إنه تصريح بمفهوم قوله: (وتردد فيه). قوله: (أو عين) بأن شك، هل أحرم بظهر أو عصر، ثم ذكر بعد أن عمل عملاً قوليا أو فعليا، بطلت صلاته، وإ، شك هل نوى فرضا أو نفلا؟ أتمها نفلا، إلا أن يذكر

فَعَمِلَ مَعَهُ عَمَلًا ثُمَّ ذَكَرَ وَشُرِطَ مَعَ نِيَّةِ الصَّلَاةِ تَعْيِينُ مُعَيَّنَةٍ وَلَا قَضَاءٍ فِي فَائِتَةٍ وأَدَاءً حَاضِرَةٍ وَفَرْضِيَّةٍ فِي فَرْضٍ وَتَصِحُّ نِيَّةُ فَرْضٍ مِنْ قَاعِدٍ وَيَصِحُّ قَضَاءُ بِنِيَّةِ أَدَاءً وعَكْسُهُ إذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ لَا إنْ عَلِمَ بَقَاءَ الْوَقْتِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فِي وَقْتِهِ الْمُتَّسَعِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا صَحَّتْ مُطْلَقًا وَكُرِهَ نَفْلًا لِغَيْرِ غَرَضٍ

_ نية الفرض قبل عمل، فيتم فرضاً. قوله: (فعمل معه عملا) أي: فيهما فعليا أو قولياً. "شرح". يعني: فتبطل الصلاة فيهما، لكن في الثانية تصح نفلا؛ لأنه فيها أتى بما يفسد الفرض فقط، فهي من أفراد القاعدة الآتية، وفي بحث الشيخ منصور البهوتي ما يوافقه. قوله: (ثم ذكر) أي: ذكر أنه نوى أو عين. قوله: (من قاعد) أي: أو مستدبر. قوله: (لا إن علم) وقصد المعنى المصطلح عليه دون اللغوي؛ لإطلاق كل منهما على الآخر لغة.

وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ بَطَلَ فَرْضُهُ وَصَارَ نَفْلًا إنْ اسْتَمَرَّ إنْ لَمْ يَنْوِ الثَّانِيَ مِنْ أَوَّلِهِ بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ فَإِنْ نَوَاهُ صَحَّ وَمَنْ أَتَى بِمَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ انْقَلَبَ نَفْلًا وَيَنْقَلِبُ نَفْلًا مَا بِأَنْ عَدِمَهُ ك بِفَائِتَةٍ لَمْ تَكُنْ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُ وَإِنْ عَلِمَ لَمْ تَنْعَقِدْ فصل ويشترط لجماعة نية كل حالة وَإِنْ نَفْلًا فَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ، أَوْ مَأْمُومُهُ أَوْ نَوَى

_ قوله: (بطل فرضه) يعني: الأول. قوله: (وصار نفلا إن استمر ... إلخ) فيه: أن النفل المطلق لا يصح ممن عليه فائتة، قبل قضائها، إلا أن يجاب بأن هذا استدامة لنفل لا ابتداء له، ويغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء. فليحرر. وبخطه على قوله: (وصار نفلا) أي: الأول، وأما الثاني فلم ينعقد؛ لأنه يتوقف على نية من أوله. قوله: (بما يفسد الفرض فقط) أي: ظاناً جوازه، وإلا بطلا؛ لتلاعبه. قوله: (أو لم يدخل وقته) عطف على (بان عدمه) أي: وينقلب نفلا ما لم يدخل وقته. فتدبر. قوله: (أو مأمومه) أو عين إماماً أو مأموماً، فأخطأ، لم تصح، لا إن ظن.

إمَامَةَ مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُ، كَأُمِّيٍّ قَارِئًا أَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا. لَمْ تَصِحَّ فَإِنْ ائْتَمَّ مُقِيمٌ بِمُقِيمٍ مِثْلِهِ إذَا سَلَّمَ إمَامٌ مُسَافِرٌ أَوْ مَنْ سُبِقَ بِمِثْلِهِ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ صَحَّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ مَنْ لَمْ يَنْوِهِ أَوَّلًا إلَّا إذَا أَحْرَمَ إمَامًا لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ ثُمَّ حَضَرَ وَبَنَى عَلَى صَلَاةِ الْأَوَّلِ وَصَارَ الْإِمَامُ مَأْمُومًا لَا أَنْ يَؤُمَّ بِلَا عُذْرِ السَّبْقِ وَالْقَصْرِ إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ إمَامٌ، لِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ حَصْرٍ عَنْ قَوْلٍ وَيَبْنِي عَلَى تَرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَلَوْ مَسْبُوقًا

_ قوله: (إمامة) مصدر مضاف إلى المفعول؛ أي: نوى الأمي مثلاً أن يؤم قارئاً، ويحتمل أن يقرأ بتنوين: (إمامة) فتصير (من) فاعلاً بالإمامة، ويصير المفعول الصادق على المأموم هو الضمير المنصوب بيؤمه، العائد على معلوم من المقام، والتقدير على هذا: نوى الإمامة أمي مثلاً لا يصح ذلك الأمي أن يؤم من يصلي خلفه؛ لكونه قارئا، والوجه الأول أقرب، والله أعلم. قوله: (أن يؤمه) أي: أن يؤم من نوى الإمامة ذلك المأموم، فالضمير المرفوع بيؤم هو المرفوع بنوى المنصوب بيؤم، عائد إلى (من). قوله: (ويبني على ترتيب الأول) يعني: ولو في القراءة، حيث كان المستخلف ممن دخل مع الإمام، كما يعلم مما يأتي. فتنبه. اهـ.

وَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهُمْ السَّلَامُ وَلَهُمْ الِانْتِظَارُ وَالْأَصَحُّ يَبْتَدِئُ الْفَاتِحَةَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ وَتَصِحُّ نِيَّةُ مُصَلٍّ ظَانًّا حُضُورَ مَأْمُومٍ لَا شَاكًّا وَتَبْطُلُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوْ كَانَ مَعَهُ حَاضِرًا وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ لَا إنْ دَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ وَصَحَّ لِعُذْرٍ يُبِيحُ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَنْفَرِدَ إمَامٌ وَمَأْمُومٌ وَيَقْرَأُ مَأْمُومٌ فَارَقَ فِي قِيَامٍ أَوْ يُكْمِلُ وَبَعْدَهَا لَهُ الرُّكُوعُ فِي الْحَالِ فَإِنْ ظَنَّ فِي صَلَاةِ سِرٍّ أَنَّ إمَامَهُ قَرَأَ لَمْ يَقْرَأْ .....

_ وفي "حاشية الإقناع": لو نوى زيد الاقتداء بعمرو، ولم ينو عمرو الإمامة؛ صحت صلاة عمرو وحده. قاله في "المبدع". وقوله: ولم ينو عمرو الإمامة؛ أي: من أول الصلاة، فإن نواها في الأثناء؛ لم تبطل صلاته ولم يصر إماماً، كما يعلم من سياق كلامه بعد. انتهى. قوله: (أن ينفرد إمام ومأموم) ولا بد أن يستفيد بمفارقته الفراغ قبل الإمام، إن فارقه لإدراك حاجة، لا نحو مزحوم. قوله: (لم يقرأ) أي: لم يلزمه ذلك، والاحتياط القراءة، كما في "شرح الإقناع".

وَفِي ثَانِيَةِ جُمُعَةٍ يُتِمُّ جُمُعَةً وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ مُطْلَقًا لَا عَكْسُهُ وَيُتِمُّهَا مُنْفَرِدًا وَمَنْ خَرَجَ مِنْ صَلَاةٍ يَظُنُّ أَنَّهُ أَحْدَثَ لَمْ يَكُنْ بَطَلَتْ.

_ قوله: (في ثانية جمعة) أي: من أدرك مع إمامه الأولى. وعلم منه: لو فارقه في أولى جمعه لا يتمها جمعة، بل يتمها نفلا، ثم يصلي الظهر كمزحوم فيها، كما في "الإقناع" و "شرحه". قوله: (ومن خرج) أي: نوى الخروج.

باب صفة الصلاة

باب صفة الصلاة يُسَنَ خُرُوجٌ إلَيْهَا بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ إذَا خَرَجَ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: أَبْوَابَ فَضْلِكَ وَسُنَّ قِيَامُ إمَامٍ غَيْرِ مُقِيمٍ إلَيْهَا إذَا قَالَ الْمُقِيمُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ إذَا رَأَى الْإِمَامَ وَإِلَّا فَعِنْدَ رُؤْيَتِهِ

_ قوله: (ووقار) قال القاضي عياض والقرطبي: الوقار: يمعنى السكينة، ذكر على سبيل التأكيد. وقال النووي: الظاهر أن بينهما فرقاً، وأن السكينة التأني في الحركات، واجتناب العبث. والوقار: في الهيئة، كغض الطرف، وخفض الصوت، وعدم الالتفات. قوله: (والسلام ... إلخ) علم منه: عدم كراهة إفراد السلام عن الصلاة، كما لا يكره إفرادها عنه، على ما علم مما تقدم في الأذان عند قول المصنف: (ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم)، وفي "الإقناع": اللهم صل وسلم على محمد. وهو أولى؛ لما فيه من الخروج من الخلاف. قوله: (فغير مقيم) أي: من المأمومين، وأما المقيم، فإنه يقوم قبل شروعه في الإقامة؛ لأنها تسن قائماً، كما تقدم.

ثُمَّ يُسَوِّي إمَامٌ الصُّفُوفَ بِمَنْكِبٍ وَكَعْبٍ وَسُنَّ تَكْمِيلُ أَوَّلَ فَأَوَّلَ والْمُرَاصَّةُ وَيَمِينُهُ ولِرِجَالٍ أَفْضَلُ وَهُوَ مَا يَقْطَعُهُ الْمِنْبَرُ ثُمَّ يَقُولُ قَائِمًا مَعَ قُدْرَةٍ لِمَكْتُوبَةٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا فَإِنْ أَتَى بِهِ أَوْ ابْتَدَأَهُ أَوْ أَتَمَّهُ غَيْرَ قَائِمٍ صَحَّتْ نَفْلًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ

_ قوله: (والمراصة) أي: الالتصاق. قوله: (ويمينه) أي: ويمين الصف الأول لرجال أفضل. قال ابن نصر الله: وظاهر كلامهم: أن الأبعد عن اليمين أفضل ممن قرب عن اليسار، وهو أقوى عندي؛ لخصوصية جهة اليمين بمطلق الفضل، كما أن من وقف وراء الإمام أفضل، ولو كان في آخر الصف ممن هو يمين الإمام ملتصقاً به. انتهى. أي: موازياً للإمام؛ لأن الأفضل وقوفه خلفه. قوله: (وهو ما يقطعه ... إلخ) المراد: ما يلي الإمام ولو قطعه المنبر، لأن الصف الأول أول صف كامل، كما يقوله المخالف، وهذه نكتة تفسير المصنف له. محمد الخلوتي. قوله: (مع قدرة لمكتوبة: الله أكبر ... إلخ) قال الشهاب الشيشيني في "شرح المحرر": فرع: لو أتى بالتكبير على صورة الاستفهام، أو زاد بين الكلمتين واواً ساكنة، أو متحركة؛ لم يصح تكبيره. انتهى.

وَتَنْعَقِدُ إنْ مَدَّ اللَّامَ لَا تَنْعَقِدُ إنْ مَدَّ هَمْزَةَ اللَّهِ، أَوْ أَكْبَرَ أَوْ قَالَ: أَكْبَارٌ أَوْ الْأَكْبَرُ وَيَلْزَمُ جَاهِلًا تَعَلُّمُهَا فَإِنْ عَجَزَ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ، كَبَّرَ بِلُغَتِهِ وَإِنْ عَرَفَ لُغَاتٍ فِيهَا أَفْضَلُ كَبَّرَ بِهِ وَإِلَّا فيُخَيَّرُ وَكَذَا كُلُّ ذِكْرٍ وَاجِبٍ وَإِنْ عَلِمَ الْبَعْضَ أَتَى بِهِ وَإِنْ تَرْجَمَ عَنْ مُسْتَحَبٍّ بَطَلَتْ وَيَحْرُمُ أَخْرَسُ وَنَحْوُهُ بِقَلْبِهِ وَسُنَّ جَهْرُ إمَامٍ بِتَكْبِيرِ وَبِتَسْمِيعٍ وَتَسْلِيمَةٍ أُولَى وَبِقِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ، بِحَيْثُ يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَدْنَاهُ سَمَاعُ غَيْرِهِ وَإسْرَارُ غَيْرِهِ بِتَكْبِيرٍ وَسَلَامٍ وَفِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ تَفْصِيلٌ. وَيَأْتِي وَكُرِهَ جَهْرُ مَأْمُومٍ إلَّا بِتَكْبِيرٍ وَتَحْمِيدٍ وَسَلَامٍ لِحَاجَةٍ فَيُسَنُّ وَجَهْرُ كُلِّ مُصَلٍّ فِي رُكْنٍ ووَاجِبٍ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ ومَعَ

_ قوله: (كبر به) أي: ندباً، فيقدم السرياني، فالفارسي، ثم التركي أو الهندي. "إقناع". قوله: (من خلفه) أي: جميع من خلفه. قوله: (وسلام) أي: وتسميع أو تحميد غير مأموم لحاجة، كما يأتي. قوله: (فيسن) يعني: ولو بلا إذن إمام.

مَانِعٍ، بِحَيْثُ يَحْصُلُ السَّمَاعُ مَعَ عَدَمِهِ فَرْضٌ وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا عَجْزًا مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ مَمْدُودَتَيْ الْأَصَابِعِ مَضْمُومَتَيْهَا مُسْتَقْبِلًا بِبُطُونِهَا الْقِبْلَةَ إلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَيُنْهِيهِ مَعَهُ وَيَسْقُطُ بِفَرَاغِ التَّكْبِيرِ ثُمَّ وَضْعُ كَفِّ يُمْنَى عَلَى كُوعِ يُسْرَى وجَعْلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ وَنَظَرُهُ

_ قوله: (فرض) أي: مطلوب، فالجهر بشيء له حكم ذلك الشيء لا أن الجهر بالواجب فرض بالمعنى الحقيقي المصطلح عليه، فيكون من الجمع بين الحقيقة والمجاز، أو من عموم المجاز. قوله: (وسن رفع يديه) مكشوفتين هنا وفي الدعاء. ورفعهما إشارة إلى رفع الحجاب بينه وبين ربه. "إقناع". قوله: (إلى حذو منكبيه) أي: برؤوسهما. قوله: (إن لم يكن عذر) فيرفعهما أقل وأكثر مع عذر. قوله: (ويسقط بفراغ التكبير) ثم يحطهما من غير ذكر. قوله: (ثم وضع كف يمنى ... إلخ) عبارة "الإقناع": ثم يقبض بكفه الأيمن، كوعه الأيسر. قوله: (وجعلهما تحت سرته) ومعناه: ذل بين يدي عز. "إقناع". ويكره جعلهما على صدره، نص عليه.

إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ إلَّا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك،

_ قوله: (ونحوه) كخوف من سيل أو سبع. قوله: (وبحمدك) اختلف في هذا؛ فقيل: جملة واحدة، على أن الواو زائدة. وقيل: جملتان، على أنها عاطفة، ومتعلق الباء محذوف؛ أي: وبحمدك سبحتك. وقال الخطابي: المعنى: وبمعونتك التي هي نعمة توجب علي حمدك، سبحتك لا بحولي وقوتي. يريد أنه مما أقيم فيه المسبب مقام السبب. وقال ابن الشجري في: (فتستجيبون بحمده) [الإسراء: 52]، هو كقولك: أجبته بالتلبية؛ أي: فتجيبونه بالثناء؛ إذ الحمد هو الثناء، والباء متعلقة بحال محذوفة؛ أي: معلنين بحمده. قاله في "المغني"، قال: وقد اختلف في الباء من قوله تعالى: (فسبح بحمد ربك) فقيل: للمصاحبة، والحمد مضاف إلى المفعول؛ أي: سبحه حامداً له؛ أي: نزهه عما لا يليق به، وأثبت له ما يليق به. وقيل: للاستعانة، والحمد مضاف للفاعل؛ أي: سبحه بما حمد به نفسه؛ إذ ليس كل تنزيه محموداً، ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات. انتهى.

وتعالى جدك ولا إله غيرك ثُمَّ يَسْتَعِيذُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ وَهِيَ آيَةٌ فَاصِلَةٌ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ سِوَى بَرَاءَةٍ، فَيُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهَا بِهَا

_ قوله: (ولا إله غيرك) ويجوز، ولا يكره بغيره مما ورد. "إقناع". قوله: (ثم يستعيذ)، فيقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وكيف ما تعوذ من الوارد فحسن. "إقناع". قوله: (بين كل سورتين ... إلخ) اعترضه بعضهم؛ بأن في العبارة قصوراً لعدم شمولها بسملة الفاتحة، وأجاب بعض من كتب على البيضاوي بما حاصله: أن بسملة الفاتحة فاصلة، باعتبار عود القاريء. وأقول: يشكل على هذا الجواب ما أبداه الجعبري سؤالاً وجواباً، فقال: يا علماء العصر حييتم ... دونكم من خاطري مسأله ما سورتان اتفق الكل على ... أن يثبتوا بينهما البسمله وأجمعوا أيضاً على أنهم ... لم يثبتوا بينهما بسمله وأجاب بقوله: مالي أرى ذا المقريء المشرقي ... يبهم أعلام الهدى الواضحه سألتنا عن مبهم واضح ... هما -هديت- الناس والفاتحه إذ تلك جزء لا لفصل كذي ... وتركت بل نافت الفاتحه فإن مقتضى كلام الجعبري، بل صريحه: أن بسملة الفاتحة لما كانت

وَلَا يُسَنُّ جَهْرٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ الْفَاتِحَةَ وَفِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً فَإِنْ تَرَكَ وَاحِدَةً أَوْ تَرْتِيبَهَا أَوْ قَطَعَهَا غَيْرُ مَأْمُومٍ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ أَوْ ذِكْرٍ كَثِيرٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ قُرْآنٍ كَثِيرٍ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا إنْ تَعَمَّدَ وَكَانَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ فَإِذَا فَرَغَ قَالَ آمِينَ وَحَرُمَ وَبَطَلَتْ إنْ شَدَّدَ مِيمَهَا وَيَجْهَرُ بِهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ مَعًا وَيَجْهَرُ بِهَا غَيْرُهُمَا فَإِنْ تَرَكَهُ إمَامٌ أَوْ أَسَرَّهُ أَتَى بِهِ مَأْمُومٌ جَهْرًا وَيَلْزَمُ جَاهِلًا تَعَلُّمُهَا فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَزِمَهُ قِرَاءَةُ قَدْرِهَا فِي

_ جزءاً من الفاتحة كجزء منها، لم تجعل فاصلة؛ لأن الفاصلة تستلزم مفصولاً، فتكون حشواً، وما بعدها مناف لكونه فاتحة؛ أي: أولاً. وبخطه على قوله: (بين كل سورتين) أي: مشروعة قبل الفاتحة، وبين كل سورتين. قوله: (ولا يسن جهر بشيء من ذلك) وإن ترك شيئا منه، ولو عمداً، حتى تلتبس بما بعده؛ سقط. قوله: (فإذا فرغ قال: آمين) أي: بعد سكتةٍ لطيفة؛ ليعلم أنها ليست من القرآن. قوله: (وغيرهما) وهو المنفرد والقاريء خارج الصلاة. قوله: (ويلزم جاهلاً تعلمها) فلا تصح قبله مع القدرة عليه وسعة الوقت. قوله: (لزمه قراءة قدرها) أي: لا بأقل من ذلك، سواء زاد أو ساوى.

الْحُرُوفِ وَالْآيَاتِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا آيَةً كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قُرْآنًا حَرُمَ تَرْجَمَتُهُ وَلَزِمَ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنْ عَرَفَ بَعْضَهُ كَرَّرَهُ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا وَقَفَ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ وَمَنْ صَلَّى وَتَلَقَّفَ الْقِرَاءَةَ مِنْ لَفْظِ غَيْرِهِ صَحَّتْ ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً كَامِلَةً نَدْبًا مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَجْرِ وقِصَارِهِ فِي الْمَغْرِبِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ وَلَا يُكْرَهُ لِعُذْرٍ، كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ

_ قوله: (فإن لم يعرف إلا آية) يعني: منها أو من غيرها، فإن أحسن آية منها، وشيئاً من غيرها؛ كرر الآية لا الشيء، فإن لم يحسن إلا بعض آية؛ لم يكرره، وعدل إلى غيره. "إقناع". قوله: (بقدرها) يعني: حروفاً وآيات. قوله: (وفي الباقي من أوساطه) نقل الأصحاب عن الإمام أحمد -رحمه الله-

وَنَحْوِهِمَا بِأَقْصَرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا كُرِهَ بِقِصَارِهِ فِي فَجْرٍ لَا بِطِوَالِهِ فِي مَغْرِبٍ وَأَوَّلُهُ ق وَحَرُمَ تَنْكِيسُ الْكَلِمَاتِ وَتَبْطُلُ بِهِ لَا السُّوَرِ، وَالْآيَاتِ وَيُكْرَهُ ك بِكُلِّ الْقُرْآنِ فِي فَرْضٍ أَوْ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ.

_ أنه سئل عن إمام أحرم بالعصر فطول يظنها الظهر؟ فقال: يعيد ويعيدون. وهذا يقتضي أنه يطلب في الظهر من التطويل أكثر من العصر، فقوله: (وفي الباقي من أوساطه) فيه إجمال، لا أنه على حد سواء، كما أفاده شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (بأقصر من ذلك) أي: بأقصر من الطوال في الفجر، وبأقصر من الأوساط في غير الفجر والمغرب. قوله: (وإلا ... إلخ) أي: وإن قرأ في غير المغرب بأقصر من ذلك لغير عذر؛ كره في صورة واحدة، وهي: أن يقرأ في الفجر بقصار المفصل، ومفهومه: لا يكره في غير فجر ومغرب بقصاره، ولو لغير عذر، وهو أولى من مفهوم كلام "الإقناع"، فراجعه. قوله: (أو بالفاتحة فقط) يعني: في فرض أو نفل، كما يفيده أيضاً عموم "الإقناع".

لَا تَكْرَارُ سُورَةٍ أَوْ تَفْرِيقُهَا فِي رَكْعَتَيْنِ وجَمْعُ سُورَةٍ فِي رَكْعَةٍ، وَلَوْ فِي فَرْضٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَكْتُوبَةِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وقِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا أَوْ مُلَازَمَةُ سُورَةٍ مَعَ اعْتِقَادِ جَوَازِ غَيْرِهَا وَيَجْهَرُ إمَامٌ بِقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ فِي مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ وَكُرِهَ الْمَأْمُومِ ونَهَارًا فِي نَفْلٍ وَيُخَيَّرُ مُنْفَرِدٌ قَائِمٌ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ وَيُسِرُّ فِي قَضَاءِ صَلَاةِ جَهْرٍ نَهَارًا وَيَجْهَرُ بِهَا لَيْلًا فِي جَمَاعَةٍ وفِي نَفْلٍ يُرَاعِي الْمَصْلَحَةَ وَلَا تَصِحُّ بِقِرَاءَةٍ تَخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا رَافِعًا يَدَيْهِ مَعَ ابْتِدَائِهِ فَيَضَعُ يَدَيْهِ مُفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِيًا وَيَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَهُ وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ

_ قوله: (وأوساطها) أي: كأوائلها، كما في "الإقناع". فتركه المصنف؛ لعدم الخلاف فيه. محمد الخلوتي. قوله: (في جماعة) اعتباراً بالقضاء، وشبهها بالأداء؛ لكونها في جماعة، فإن قضاها منفرداً؛ أسر؛ لفوات شبهها بالأداء. "شرح إقناع". قوله: (حياله) بكسر الحاء؛ أي: بإزاء ظهره، فلا يرفعه عنه، ولا يخفضه. قال في "المصباح": قمت حياله، بكسر الحاء؛ أي: قبالته، وفعلت كل شيء على حياله؛ أي: بانفراده. انتهى.

وَالْمُجْزِئُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ وَسَطًا مَسُّ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ وَقَدْرُهُ مِنْ غَيْرِهِ ومِنْ قَاعِدٍ مُقَابَلَةُ وَجْهِهِ مَا وَرَاءَ رُكْبَتَيْهِ مِنْ أَرْضٍ أَدْنَى مُقَابَلَةٍ وَتَتِمَّتُهَا الْكَمَالُ وَيَنْوِيهِ أَحْدَبُ لَا يُمْكِنُهُ.

_ قوله: (والمجزيء بحيث ... إلخ) أي: من قائم. قوله: (وقدره من غيره) هو معطوف على الخبر في قوله: (بحيث) والتقدير: والمجزيء من غير الوسط قدر انحناء الوسط المجزيء. قوله: (ومن قاعد) متعلق بمبتدأ محذوف، تقديره: والمجزيء، وخبر هذا المبتدأ قوله: (مقابلة ... إلخ). فائدة: وإن عطس حال رفعه، فحمد لهما جميعاً؛ لم يجزئه نصاً، ولا تبطل به، ومثل ذلك لو أراد الشروع في الفاتحة فعطس، فقال: "الحمد لله" ينوي بذلك عن العطاس والقراءة. قاله في "الإقناع" بحروفه، ولم يتعرض في "شرحه" لما زاد على ذلك. ويشكل على المسألة الأخيرة قولهم في المسبوق: إذا أدرك الإمام راكعاً فكبر ونوى الإحرام والركوع بالتكبيرة، لم تنعقد؛ أي: لأنه شرك بين الواجب وغيره بالنية، فينبغي أن يقال هنا بالبطلان إن لم يأت بذلك؛ إذ كل من القراءة وتكبيرة الإحرام فرض، وأما المسألة الأولى، فمقتضى القواعد: أنه إن فعل ذلك عمداً؛ بطلت صلاته، وإن كان سهواً أو جهلاً؛

وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا وَهُوَأَدْنَى الْكَمَالِ وَأَعْلَاهُ لِإِمَامٍ عَشْرُ وَالْمُنْفَرِدِ الْعُرْفُ وَكَذَا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي سُجُودٍ وَالْكَمَالُ فِي رَبِّ اغْفِرْ لِي، بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: ثَلَاثَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ كُسُوفٍ فِي الْكُلِّ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مَعَ يَدَيْهِ قَائِلًا، إمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، مُرَتَّبًا وُجُوبًا ثُمَّ إنْ شَاءَ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ أَوْ أَرْسَلَهُمَا فَإِذَا قَامَ قَالَ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ وَيُحَمِّدُ فَقَطْ مَأْمُومٌ، وَيَأْتِي بِهِ فِي رَفْعِهِ.

_ وجب السجود لذلك؛ لأنه إذا لم يجزئه، فهو كمن تركه، وهذا حكم تركه؛ ولعل مرادهم في المسألتين ما ذكرناه، ولم أر من تعرض له. والله أعلم. قوله: (قائلاً) حال من فاعل (يرفع) العائد على المصلي. قوله: (إمام ومنفرد) كان الظاهر: النصب، على أن يكون حالا من ضمير (قائلاً)؛ ولعل رفعه إما على البدلية من ذلك الضمير، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والجملة حال منه. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ملء السماء) بالنصب

ثُمَّ يَخِرُّ مُكَبِّرًا، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ وَيَكُونُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَالسُّجُودُ عَلَى هَذِهِ لْأَعْضَاءِ بِالْمُصَلَّى رُكْنٌ مَعَ الْقُدْرَةِ لَامُبَاشَرَتُهَا بِشَيْءٍ مِنْهَا وَكُرِهَ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ وَيُجْزِئُ بَعْضُ كُلِّ عُضْوٍ وَمَنْ عَجَزَ بِالْجَبْهَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِهَا وَيُومِئ مَا يُمْكِنُهُ وَسُنَّ أَنْ يُجَافِيَ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهُمَا عَنْ سَاقَيْهِ مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ وَيَضَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَضْمُومَتَيْ الْأَصَابِعِ وَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ بِمَرْفِقَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، إنْ طَالَ وَيُفَرِّقَ رُكْبَتَيْهِ وَأَصَابِعَ رِجْلَيْهِ وَيُوَجِّهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَيَقُولُ تَسْبِيحَهُ ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَنْصِبَ يُمْنَاهُ وَيَثْنِيَ

_ على الحال من الضمير المستكن في (لك)، أو صفة لمصدر محذوف؛ أي: حمداً مالئاً السماء، وبالرفع: صفة للحمد، أو خبر لمبتدأ محذوف. قوله: (ثم يديه) وإن علا موضع رأسه على قدميه، فلم تستقل الأسافل بلا حاجة؛ فلا بأس بيسيره، وكره كثيره، ولا يجزئي إن خرج عن صفة السجود. "إقناع". قوله: (ومن عجز) أي: عن سجود. قوله: (لم يلزمه بغيرها) يعني: من أعضاء السجود. قوله: (ثم يرفع) أي: من السجدة الثانية حال كونه مكبراً قائماً ... إلخ

أَصَابِعَهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ مَضْمُومَتَيْ الْأَصَابِعِ ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتَقَدَّمَ ثُمَّ يَسْجُدُ كَالْأُولَى ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ إذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ فَإِنْ شَقَّ فَبِالْأَرْضِ ثُمَّ يَأْتِي بمِثْلِهَا إلَّا فِي تَجْدِيدِ نِيَّةٍ فَيَكْفِي وَتَحْرِيمِهِ وَاسْتِفْتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ إنْ تَعَوَّذَ فِي الْأُولَى ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ يَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ: الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ، وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ مَعَ لْوُسْطَى وَيَبْسُطُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ سِرًّا فَيَقُولُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ،

_ وهو صريح في أنه ليس لنا جلسة استراحة، وهو المذهب. فتأمل. قوله: (بمثلها) أي: في كل ما تقدم. قوله: (إلى القبلة) أي: موجهة إليها.

السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَيُشِيرُ بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ فِي تَشَهُّدِهِ وَدُعَائِهِ مُطْلَقًا عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَنْهَضُ فِي مَغْرِبٍ وَرُبَاعِيَّةٍ مُكَبِّرًا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُصَلِّي الْبَاقِي كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُسِرُّ وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا يَفْرِشَ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى وَيُخْرِجَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ.

_ قوله: (ويشير بسبابة اليمنى) يعني: لا بغيرها، ولو عدمت. "إقناع". قوله: (ويصلي الباقي كذلك) أي: كالركعة الثانية، لا كالركعتين الأوليين، كما فعله الشارح؛ لأنه يحوج إلى استثناء ما تقدم من تجديد النية وما معها، إلا أن يراد: يفعل في الباقي مثل ما فعله مشتركاً بين الأوليين، فلا يرد المختص بالأولى، وفيه من التكلف ما لا يخفى. محمد الخلوتي. قوله: (ولا يزيد على الفاتحة) يعني: ندباً، ولا تكره الزيادة. قوله: (يفرش ... إلخ) المشهور: ضم الراء، وحكي: كسرها.

ثُمَّ يَتَشَهَّدُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَقُولُ سِرًّا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ. إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ أَوْكَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، وَكَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ وَالْأُولَة أَوْلَى.

_ قوله: (ثم يقول اللهم صل على محمد ... إلخ) اعلم أنه لا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة إلا في خطبتي الجمعة، وأنها تجوز على غيره من الأنبياء منفرداً، وكذا غيرهم. قوله: (وبارك على محمد ... إلخ) الذي اختاره ابن كمال باشا، في حل الإشكال المشهور في المقام من أن هذه العبارة تقتضي أن تكون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أدون من الصلاة على إبراهيم عليه السلام؛ إذ يجب أن يكون وجه الشبه في المشبه به أقوى منه في المشبه. حاصله: أن التشبيه في كل من الصلاتين أفضل من الصلاة على السابقين، فتكون الصلاة على نبينا أفضل من الصلاة على السابقين عليه، ومنهم إبراهيم، كما أن الصلاة على إبراهيم أفضل من الصلاة على من سبقه

_ من الأنبياء، فيلزم من التشبيه المذكور كون الصلاة على المصطفى أفضل من الصلاة على إبراهيم. هذا ما نقله عن غيره. وقال إنه وجه وجيه رشيق، وتدقيق أنيق. ثم قال من عندياته ما حاصله: إنه لا يلزم مما ذكر تفضيل الصلاة على آله صلى الله عليه وسلم على الصلاة على آل إبراهيم، مع أنهم أنبياء، فيلزم تفضل آل محمد على الأنبياء، قياسا على سابقه؛ لأن المراد: تفضيل مجموع الصلاة على النبي وعلى الآل، على مجموع الصلاة على إبراهيم وعلى آله. على أنه يمكن أن يقال: تفضيل الشيء قد يكون من بعض الوجوه دون بعض، كما حقق في موضعه؛ إذ معنى التفضيل هو الزيادة، على أن الصلاة على إبراهيم باعتبار هذه الوجوه أولى؛ لما يعضده من بعض الأحاديث. وقوة وجه الشبه في المشبه به حينئذ باعتبار الظهور والشهرة. فإن قلت: إذا كان قوة الشبه في المشبه به لأجل الظهور، فليكتف بذلك من أول الأمر، حتى لا يلزم كون الصلاة على إبراهيم وآله أفضل من الصلاة على النبي وآله من غير احتياج إلى هذا الوجه. قلت: الاحتياج إلى هذا الوجه ليعلم كون الصلاة على النبي وآله أفضل من الصلاة على إبراهيم وآله؛ إذ هذا المعنى لا يعلم من هذه العبارة إلا بهذا الوجه، كما لا يخفى على من له أدنة فطانة. انتهى من خط شيخنا محمد الخلوتي.

ثُمَّ يَقُولُ نَدْبًا: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَإِنْ دَعَا بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ أَوْالسُّنَّةِ أَوْوَرَدَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَوْالسَّلَفِ أَوْبِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ مَا وَرَدَ ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِمَا بَدَا لَهُ أَوْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِغَيْرِ كَافِ الْخِطَابِ وَتَبْطُلُ بِهِ فَلَا بَاسَ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ ;، أَوْ يَخَفْ سَهْوًا وَكَذَا رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ يَقُولُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ مُرَتَّبًا، مُعَرَّفًا وُجُوبًا وَسُنَّ الْتِفَاتُهُ عَنْ يَسَارِهِ أَكْثَرَ وَحَذْفُ السَّلَامِ وَهُوَأَنْ لَا يُطَوِّلَهُ وَلَا يَمُدُّهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى النَّاسِ وَجَزْمُهُ بِأَنْ يَقِفَ عَلَى آخِرِ كُلِّ تَسْلِيمَةٍ وَنِيَّتُهُ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يُجْزِئُ إنْ لَمْ يَقُلْ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَالْأَوْلَى: أَنْ لَا يَزِيدَ وَبَرَكَاتُهُ

_ قوله: (ولو لم يشبه ما ورد) كالدعاء بالرزق الحلال. قوله: (معرفاً) يعني: بأل. قوله: (ولا يمده) عطف تفسير. قوله: (من الصلاة) فإن نوى معه على الحفظة والإمام والمأموم، أو نوى ذلك دون الخروج، لم تبطل، ولم تستحب.

وَأُنْثَى كَرَجُلٍ، حَتَّى فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي نَحْوِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ ; فَلَا يُسَنُّ لَهَا التَّجَافِي وَتَجْلِسُ مُسْدِلَةٌ رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا وَهُوَ أَفْضَلُ أَوْمُتَرَبِّعَةً وَتُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ إنْ سَمِعَهَا أَجْنَبِيٌّ وَالْخُنْثَى كَأُنْثَى فصل ثم يسن أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ ثَلَاثًا، وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَيَفْرُغُ مِنْ عَدَدِ الْكُلِّ مَعًا

_ قوله: (مسدلة) اسم فاعل من أسدل. وأما سدل، فمضارعه بالضم والكسر. ففي الماضي وجهان: أسدل وسدل. وفي المضارع ثلاثة. واسم فاعل سدل، سادلة. قوله: (ثلاثاً) قال ابن نصر الله: والظاهر: أن مرادهم: أن يقول ذلك وهو قاعد، ولو قاله بعد قيامه وفي ذهابه، فالظاهر: أنه مصيب للسنة أيضاً؛ إذ لا تحجير في ذلك. ولو شغل عن ذلك ثم تذكره، فذكره، فالظاهر: حصول أجره الخاص له أيضاً إذا كان قريباً للعذر. أما لو تركه عمداً، ثم استدركه بعد زمن طويل، فالظاهر: فوات أجره الخاص وبقاء أجر الذكر المطلق له. انتهى.

وَيَعْقِدُهُ وَالِاسْتِغْفَارَ بِيَدِهِ وَيَدْعُو الْإِمَامُ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ وَشُرِطَ الْإِخْلَاصُ وَاجْتِنَابُ الْحَرَامِ.

_ قوله: (ويعقده) من باب: ضرب، كما في "المصباح". قال المناوي في "الشرح الكبير" عند قوله صلى الله عليه وسلم: "واعقدن بالأنامل" ما نصه: أي: اعددن مرات التسبيح بها. وهذا ظاهر في عقد كل أصبع على حدة، لا ما يعتاد كثير من العد بعقد الأصابع. انتهى. والله أعلم. قوله: (ولا يكره أن يخص نفسه) أي: فيما لا يؤمن عليه، كما بعد التشهد، وإلا فقد خانهم، كما قاله الشيخ تقي الدين، وجزم به في "الإقناع"، وجعله المراد من كلامهم.

فصل يكره فيها الْتِفَاتٌ بِلَا حَاجَةٍ كَخَوْفٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ اسْتَدَارَ بِجِلْسَتِهِ، أَوْ اسْتَدْبَرَهَا لَا فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي شِدَّةِ خَوْفٍ، أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَطَلَتْ وَرَفْعُ بَصَرِهِ لَاحَالَ التَّجَشِّي وَتَغْمِيضُهُ وحَمْلُ مُشْغِلٍ عَنْهَا وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا وَإقْعَاؤُهُ بِأَنْ يَفْتَرِشَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ عَلَى

_ قوله: (ونحوه) كمرض. قوله: (استدار بجملته) أي: لا بوجهه فقط، أو مع صدره. قوله: (لا حال التجشي) يعني: في جماعة، كما استصوبه الحجاوي في "الحاشية". انتهى. والتجشي: هو إخراج صوت مع ريخ من الفم يحصل عند الشبع، والاسم: الجشاء، كغراب، كما في "المصباح". قوله: (وتغميضه) أي: المصلي عينه بلا حاجة، كما لو رأى نحو أمته مكشوفة العورة، وأجنبية أولى. قوله: (بأن يفرش قدميه ... إلخ) يعني: أن الإقعاء: هو أن يفرش قدميه،

عَقِبَيْهِ، أَوْبَيْنَهُمَا نَاصِبًا قَدَمَيْهِ

_ فيبسط ظهورهما على الأرض، ويجعل أليتيه على عقبيه. وهذه الصورة جعلها في "الإنصاف" هي المذهب، واقتصر عليها في "الإقناع" تبعاً "للمقنع" و "التنقيح". وذكر صاحب "المحرر" صورتين غير تلك الصورة فقال: هو أن يجلس على عقبيه أو بينهما، ناصباً قدميه. قال شارحه الشيشيني: يعني: أن الإقعاء هو أن يجعل أصابع قدميه في الأرض، ويكون عقباه قائمين، فتكون أليتاه على عقبيه أو بينهما. وهذا عام في جميع جلسات الصلاة. انتهى. وبخطه أيضاً على قوله: (بأن يفرش) أي: يبسط، وبابه: قتل، وفي لغة: من باب ضرب. قاله في "المصباح". قوله: (عقبيه) تثنية عقب بكسر القاف، وتسكينها تخفيف: مؤخر القدم. كذا في "المصباح".

وَعَبَثٌ وَتَخَصُّرٌ وَتَمَطٍّ وفَتْحُ فَمِهِ وَوَضْعِهِ فِيهِ شَيْئًا لَا فِي يَدِهِ واسْتِقْبَالُ صُورَةٍ ووَجْهِ آدَمِيٍّ ومَا يَلِيهِ ونَارٍ مُطْلَقًا ومُتَحَدِّثٍ ونَائِمٍ وكَافِرٍ وتَعْلِيقُ شَيْءٍ فِي قِبْلَتِهِ وحَمْلُ ثَوْبٍ، أَوْ فَصٍّ وَنَحْوِهِ فِيهِ صُورَةٌ ومَسُّ الْحَصَا وَتَقْلِيبُهُ وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ بِلَا عُذْرٍ وتَرَوُّحٌ بِمِرْوَحَةٍ وَنَحْوِهَا بِلَا حَاجَةٍ وفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ وَتَشْبِيكِهَا ومَسُّ لِحْيَتِهِ وعَقْصُ شَعْرِهِ وَكَفُّ ثَوْبِهِ وأَنْ يَخُصَّ جَبْهَتَهُ بِمَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ ومَسْحُ أَثَرِ سُجُودِهِ وتَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ واسْتِنَادُهُ بِلَا حَاجَةٍ فَإِنْ سَقَطَ لَوْ أُزِيلَ لَمْ تَصِحَّ وَابْتِدَاؤُهَا

_ قوله: (وعبث) يقال: عبث عبثاً من باب: تعب: لعب وعمل ما لا فائدة فيه، فهو عابث. "مصباح". قوله: (لا في يده) أي: أو كمه. قوله: (صورة) أي: منصوبة. قوله: (في قبلته) حتى المصحف. قوله: (وحمل فص ... إلخ) لا على وجه الاستعمال فيحرم. قوله: (وعقص شعره) أي: إدخال أطرافه في أصوله. قوله: (بما يسجد عليه) لأنه شعار الرافضة. قوله: (وتكرار الفاتحة) ما لم يكن لتوهم خلل في المرة الأولى. قوله: (فإن سقط) يعني: بالفعل.

فِيمَا يَمْنَعُ كَمَالَهَا كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَجُوعٍ وَعَطَشٍ مُفْرِطٍ أَوْ حَاقِنًا، أَوْ حَاقِبًا أَوْ مَعَ رِيحٍ مُحْتَبَسَةٍ أَوْ تَائِقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ فَتَجِبُ وَيَحْرُمُ اشْتِغَالُهُ بِغَيْرِهَا وَسُنَّ تَفْرِقَتُهُ وَمُرَاوَحَتُهُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ وَتُكْرَهُ كَثْرَتُهُ وحَمْدُهُ إذَا عَطَسَ، أَوْ وَجَدَ مَا يَسُرُّهُ واسْتِرْجَاعُهُ إذَا وَجَدَ مَا يَغُمُّهُ.

_ قوله: (فيما يمنع كمالها) ولو فاتته الجماعة. قوله: (مفرط) أي: كل من الحر والبرد والجوع والعطش. كما في "شرحه". قوله: (أو حاقناً) أي: أو أن يبتدئها حاقناً، فهو من قبيل عطف الجمل، كما أشار إليه شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ونحوه) كجماع وشراب. قوله: (ما لم يضق الوقت) ولو المختار. قوله: (كثرته) أي: أن يراوح. كذا في "شرحه"، وهو إشارة إلى ما حقق في محله من أن المطابقة في التذكير والتأنيث مؤنثة، وقد أرجع الضمير إليها مذكراً. محمد الخلوتي. قوله: (وحمده) أي: يكره. قوله: (إذا عطس) من باب: ضرب، وفي لغة: من باب: قتل.

وسُنَّ رَدُّ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا لَمْ يَغْلِبْهُ أَوْ يَكُنْ مُحْتَاجًا أَوْ بِمَكَّةَ فَإِنْ أَبَى فَإِنْ أَصَرَّ فَلَهُ قِتَالُهُ وَلَا يُكَرِّرُهُ إنْ خَافَ فَسَادَهَا وَيَضْمَنُهُ مَعَهُ وَيَحْرُمُ مُرُورٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ. وَلَوْ بَعِيدَةً وَإِلَّا فَفِي ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ وَلَهُ عَدُّ آيِ وَتَسْبِيحٍ بِأَصَابِعِهِ وقَوْلُ: سُبْحَانَكَ، فَبَلَى إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] نَصًّا، فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا لِلْخَبَرِ. وَأَمَّا {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ؟ } [التين: 8] فَفِي الْخَبَرِ فِيهَا نَظَرٌ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ ووَ سُؤَالُ عِنْدَ آيَةَ رَحْمَةٍ وَتَعَوُّذٍ بِهِ عِنْدَ آيَةِ عَذَابٍ ونَحْوُهُمَا ورَدُّ السَّلَامِ إشَارَةً وقَتْلُ حَيَّةً وَعَقْرَبٍ وَقَمْلَةٍ ولُبْسُ عِمَامَةٍ وَثَوْبٍ مَا لَمْ يُطِلْ وَفَتْحٌ عَلَى إمَامِهِ

_ قوله: (رد مار) بدفعه بلا عنف، ولو صغيراً أو بهيمة. قوله: (محتاجاً) لضيق الطريق. وتكره صلاته بموضع يحتاج فيه إلى المرور. "إقناع". قوله: (فله قتاله) لا بنحو سيف. قوله: (ورد السلام) والمذهب: لا يكره السلام على المصلي.

إذَا أُرْتِجَ، أَوْ غَلِطَ وَيَجِبُ فِي الْفَاتِحَةِ، كَنِسْيَانِ إمَامِهِ سَجْدَةً وَإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ كَاسْتِئْذَانٍ عَلَيْهِ، وَسَهْوِ إمَامِهِ سَبَّحَ رَجُلٌ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ كَثُرَ وَصَفَّقَتْ امْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى وَتَبْطُلُ صَلَاتُهَا إنْ كَثُرَ وَكُرِهَ بِنَحْنَحَةٍ وبِصَفِيرٍ وتَصْفِيقُهُ وتَسْبِيحُهَا لَا بِقِرَاءَةٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ غَلَبَهُ تَثَاؤُبٌ كَظَمَ نَدْبًا،

_ قوله: (إذا ارتج عليه) أي: التبس. يقال: أرتج على القاريء: إذا لم يقدر على القراءة، كأنه منع منها، من أرتجت الباب: أغلقته إغلاقاً وثيقاً. وهو مبني للمفعول مخفف. وقد قيل: ارتج: بهمزة وصل وتقيل الجيم، وبعضهم يمنعها. كذا في "المصباح". قوله: (أو غلط) أي: أخطأ وجه الصواب، كما في "المصباح". قوله: (وإذا نابه) أي: عرض له. قوله: (على ظهر الأخرى) قال في "الفروع": وظاهر ذلك. لا تبطل بتصفيقها على وجه اللعب، ولعله غير مراد، وتبطل لمنافاته الصلاة، وفاقاً للشافعي. والخنثى كامرأة. "شرح إقناع". قوله: (كظم) أي: أمسك ومنع فاه عن الانفتاح، وبابه ضرب، كما

وَإِلَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَإِنْ بَدَرَهُ بُصَاقٌ، أَوْ مُخَاطٌ، أَوْ نُخَامَةٌ، أَزَالَهُ فِي ثَوْبِهِ وَيُبَاحُ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ وفِي ثَوْبٍ أَوْلَى وَيُكْرَهُ يَمْنَةً وَأَمَامًا وَلَزِمَ حَتَّى غَيْرَ بَاصِقٍ: إزَالَتُهُ مِنْ مَسْجِدٍ.

_ في "المصباح". قوله: (وضع يده) أي: كف اليسرى، ليشبه الدافع له، واليسرى لما خبث، قوله: (تحت قدمه) أي: اليسرى، للحديث الصحيح. "إقناع". قوله: (يمنة) واليمنة واليسرة بفتح أولهما بضبط ابن عادل. وفي "المصباح": اليسار بالفتح: الجهة، واليسرة بالفتح أيضاً: مثله. وقعد يمنة ويسرة، ويميناً ويساراً، وعن اليمين وعن اليسار، واليمنى واليسرى، والميمنة والميسرة بمعنى. انتهى، والله أعلم.

وَسُنَّ تَخْلِيقُ مَحَلِّهِ وفِي نَفْلٍ: صَلَاةٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ ذَكَرَهُ والصَّلَاةُ إلَى سُتْرَةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَعَرْضُهَا أَعْجَبُ إلَى أَحْمَدَ وقُرْبُهُ مِنْهَا نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قَدَمَيْهِ وانْحِرَافُهُ عَنْهَا يَسِيرًا وَإِنْ تَعَذَّرَ غَرْزُ عَصًا، وَضَعَهَا وَيَصِحُّ وَلَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ مَا اعْتَقَدَهُ سُتْرَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ كَالْهِلَالِ فَإِذَا مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا شَيْءٌ، لَمْ يُكْرَهْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ

_ قوله: (وفي نفل ... إلخ) أي: لا فرض، ولا تبطل بذلك. محمد الخلوتي. قوله: (والصلاة إلى سترة) في "الإقناع": ولا تجزيء سترة مغصوبة، بل تكره الصلاة إليها كالقبر، وتجزيء نجسة. انتهى بمعناه. قوله: (قريب ذراع فأقل) عبارة "الإقناع". تقارب طول ذراع فأكثر، والمصنف تابع في ذلك "للتنقيح"، وذكره في "التنقيح" منصوص الإمام. قوله: (وعرضها) أي: وضع العصا ونحوها عرضاً. قوله: (أعجب إلى أحمد) أي: من الطول. قوله: (غرز) أي: إثباتها في الأرض، وبابه ضرب. قوله: (وإن لم تكن فمر ... إلخ) محله كان قريباً منه؛ بأن لا يكون

كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَا امْرَأَةٌ وَحِمَارٌ وَشَيْطَانٌ وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ: سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ.

_ بين الكلب وقدمي المصلي ثلاثة أذرع، كما يعلم من "الإقناع"، و "شرحه". والحاصل: أنه إن مر بينه وبين سترته -ولو بعيداً- أو مر بين يديه قريباً، كما تقدم، من غير سترة؛ بطلت في الصورتين، لا فيما سوى ذلك. والله أعلم. قوله: (بهيم) قال في "الإقناع" هنا: وهو ما لا لون فيه سوى السواد. وكذا في "المنتهى" في كتاب الصيد. زاد في "الإقناع" هناك: أو بين عينيه نكتتان، كما اقتضاه الحديث الصحيح. انتهى. والظاهر: أن هذا هو المعتمد، وأن اقتصار من اقتصر على الأول؛ لكونه المشهور الغالب. قوله: (وسترة الإمام ... إلخ) وهل يرد المأمومون من مر بين أيديهم؟

_ وهل يأثم؟ فيه احتمالان، ميل صاحب "الفروع" إلى أن لهم رده، وأنه يأثم. وصوب ابن نصر الله: لا، لكن صرح بالكراهة في "الإقناع" في الجماعة، والمراد بمن خلفه: من اقتدى به، سواء كان وراءه، أو بجانبيه، أو قدامه، حيث صحت، كما أشار إليه ابن نصر الله، "شرح" منصور. فائدة: سترة مغصوبة ونجسة كغيرها، قدمه في "الرعاية"، وفيه وجه. قال الناظم: وعلى قياسه سترة الذهب. وفي "الإنصاف": الصواب: أن النجسة ليست كالمغصوبة. وفي "الإقناع". ولا تجزيء سترة مغصوبة، فالصلاة إليها، كالصلاة إلى القبر، أو إلى بقعة مغصوبة فتكره الصلاة. والحاصل: أن الصحيح كراهة المغصوبة لا النجسة. وبخطه أيضاً على قوله: (وسترة الإمام لمن خلفه) أي: للمأموم، وقيد الخلف جرى على الغالب. ومعنى كونها سترة لمن خلفه: أنه لا يطلب في حقهم اتخاذ سترة. وليست سترة الإمام سترة حقيقة للمأموم؛ بدليل أنه لا تبطل صلاة المأموم بمرور كلب أسود بهيم بينه وبين إمامه، مع أنه صدق عليه في هذه الصورة أنه بينه وبين سترته قطعاً لو كانت حقيقة. ولهذا قال ابن نصر الله -بعد أن نظر في عدم البطلان المذكور- ما نصه: وقد يقال: إن كون سترة الإمام لمن خلفه يقتضي أنه لا يؤثر في صلاة من خلفه إلا ما يؤثر في صلاة الإمام؛ وهذا لم يؤثر في صلاة الإمام، فلم يؤثر في صلاة المأموم. انتهى.

_ ومنه تعلم: أنه لو مر الكلب بين الإمام وسترته، وكان لا يرى بطلان الصلاة به، والمأموم يرى البطلان؛ فإن صلاة المأموم صحيحة، كما لو ترك الإمام ستر عاتقيه، أو مسح جميع رأسه نظراً إلى اعتقاد الإمام، وأن المرور المذكور لم يؤثر في صلاة الإمام، فلم يؤثر في صلاة المأموم، خلافا لما بحثه منصور البهوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (وسترة الإمام سترة لمن خلفه) أي: فلا يضر صلاتهم مرور شيء بين أيديهم. فإن قيل: إذا مر شيء بينهم وبين الإمام؛ فقد مر بينهم وبين سترتهم، فكيف لا يضرهم؟ ! فالجواب: أن معنى كون سترة الإمام سترة لمن خلفه: أنه لا يؤثر في صلاة المأموم إلا ما يؤثر في صلاة الإمام، كما أفاده ابن نصر الله. يعني: أن معنى كون سترة الإمام سترة لمن خلفه: أن اتخاذ سترة الإمام كاف ومغن عن اتخاذ المأموم سترة، بمعنى أنها لا تطلب من المأموم، وأن الغرض الذي تفيده سترة الإمام من عدم البطلان بمرور الكلب الأسود البهيم، حاصل للمأموم أيضاً، فلا يؤثر في بطلان صلاة المأموم إلا ما أثر في صلاة الإمام. وليس المراد: أن سترة الإمام سترة للمأموم حقيقة. ويقرب من هذا قولهم: قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، حيث أرادوا أنها تقوم مقام قراءة المأموم، فلا

_ تطلب من المأموم على سبيل الوجوب، وليست قراءة الإمام قراءة للمأموم حقيقة، وإلا كرهت قراءة المأموم؛ لكراهة تكرار الفاتحة، ثم الظاهر: أن سترة الإمام تقوم مقام سترة المأموم في الأمور الثلاثة التي تفيدها السترة، وهي: عدم البطلان بمرور الكلب الأسود من ورائها، وعدم استحباب رد المصلي للمار، وعدم الإثم على المار من ورائها. قال الشيخ منصور: ولو كان مرور الكلب المذكور لا يقطع الصلاة عند الإمام، ويقطعها عند المأموم؛ ومر بين الإمام وسترته؛ فالظاهر: بطلان صلاة المأموم؛ لأنه مر بينه وبين سترته كلب أسود بهيم. وإن لم ير الإمام ذلك مبطلاً، كما لو انكشف عاتقاً المأموم، وهذا واضح. انتهى. وأقول: ليس واضحاً كما زعم، بل الظاهر الواضح: عدم البطلان؛ لأن معنى كون سترة الإمام سترة لمن خلفه، أنه لا يؤثر في صلاة المأموم، إلا ما أثر في صلاة الإمام -كما قدمناه عن ابن نصر الله، ونقله الشيخ منصور نفسه- لأن سترة الإمام سترة للمأموم حقيقة من كل وجه، وهذا المرور لم يؤثر في صلاة الإمام نظراً إلى اعتقاده، وما لا يؤثر في صلاة الإمام في اعتقاده، لا يؤثر في صلاة المأموم، وإن خالف اعتقاده، كما هو مقرر فيما إذا أخل الإمام بركن، أو شرط عند المأموم وحده، والله أعلم. وبخطه أيضاً على قوله: (وسترة الإمام سترة لمن خلفه) يعني: فلا يسن لمأموم اتخاذ سترة، فإن فعل؛ فليست سترة، فلا يضر صلاتهم مرور شيء بين أيديهم، وإن مر ما يقطعها بين الإمام وسترته، قطع صلاته وصلاتهم.

فصل أَرْكَانُهَا: مَا كَانَ فِيهَا وَلَا تَسْقُطُ عَمْدًا لَا سَهْوًا وَهِيَ قِيَامُ قَادِرٍ فِي فَرْضٍ سِوَى خَائِفٍ بِهِ وعُرْيَانٍ ولِمُدَاوَاةٍ وقِصَرِ سَقْفٍ لِعَاجِزٍ عَنْ خُرُوجٍ وخَلْفَ إمَامِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ بِشَرْطِهِ وَحَدُّهُ مَا لَمْ يَصِرْ رَاكِعًا وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ورُكُوعٌ رَفْعٌ مِنْهُ إلَّا مَا بَعْدَ أَوَّلَ فِي كُسُوفٍ واعْتِدَالٌ وَلَا تَبْطُلُ إنْ طَالَ.

_ قاله في "الإقناع". فقولهم: (سترة لمن خلفه) أي: كالسترة له لا من كل وجه، بل باعتبار أنه لا يطلب منه غير ذلك، لا أنها سترة حقيقة يثبت لها ما يثبت لمن هي له. فتدبر. قوله: (وقصر) كعنب. قوله: (وقراءة غير مأموم الفاتحة) أي: حيث كان مأموماً حقيقة؛ بأن صحت صلاة الإمام، بخلاف ما لو ائتم بمحدث أو نجس يجهل ذلك، فإنه لا بد من قراءة المأموم هنا، كما استظهره ابن قندس، ونقله عن بعض المتأخرين، ولعله مراد من أطلق. وبحث منصور البهوتي معللاً بالمشقة ممنوع؛ لندرة هذه الصورة. قوله: (إلا ما بعد أول في كسوف) فإن قلت: لم لم يؤخر قوله: (إلا

وَسُجُودٌ وَرَفْعٌ مِنْهُ وَجُلُوسٌ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَطُمَأْنِينَةٌ فِي كُلِّ فِعْلٍ وَهِيَ السُّكُونُ، وَإِنْ قَلَّ وَتَشَهُّدٌ أَخِيرٌ وَجُلُوسٌ لَهُ وَلِلتَّسْلِيمَتَيْنِ وَالرُّكْنُ مِنْهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، بَعْدُ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْأَوَّلِ وَالتَّسْلِيمَتَانِ وَالتَّرْتِيبُ

_ ما بعد أول في كسوف) عن قوله: (واعتدال)؛ ليشمل الاستثناء الثلاثة، أي: الركوع، والرفع، والاعتدال؟ قلت: الظاهر: أن الداعي إلى ذلك الصنيع إيراده جملة قوله: (ولا تبطل إن طال) الراجعة إلى الاعتدال؛ فإنه لو أخر الاستثناء عن ذكر الاعتدال؛ فإما أن يأتي به قبل الجملة المذكورة؛ بأن يقول: وركوع، ورفع منه، واعتدال إلا ما بعد أول في كسوف، ولا تبطل إن طال؛ فيحتاج إلى إظهار فاعل (طال)؛ لدفع اللبس، وفيه طول. وإما أن يأتي بالاستثناء بعد الجملة المذكورة؛ بأن يقول: وركوع، ورفع منه، واعتدال، ولا تبطل إن طال إلا ما بعد أول في كسوف، فيوهم أن معنى الاستثناء: أن طول الاعتدال فيما بعد الأول في الكسوف مبطل، وليس كذلك؛ فلذلك اختار المصنف -رحمه الله تعالى- تقديم الاستثناء على الاعتدال، ولا يفيد اختصاص الاسثتثناء بالركوع والرفع دون الاعتدال؛ لأنه يلزم من الحكم بسنية الركوع والرفع، الحكم بعدم وجوب الاعتدال؛ إذ مقتضى الرفع أن له أن يهوي إلى السجود من الركوع من غير رفع، فيستلزم جواز ترك الاعتدال. وإذا تحققت ذلك؛ علمت: أنه لا حاجة إلى جعل الاستثناء شاملا للاعتدال. فتأمل.

فصل ووَاجِبَاتُهَا مَا كَانَ فِيهَا وَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا ووَيَسْجُدُ لَهُ سَهْوًا تَكْبِيرَةٌ لِغَيْرِ إحْرَامٍ ورُكُوعِ مَسْبُوقٍ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَرُكْنٌ وسُنَّةٌ وتَسْمِيعٌ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ وتَحْمِيدٌ وتَسْبِيحَةٌ أُولَى فِي رُكُوعٍ، وسُجُودٍ ورَبِّ اغْفِرْ لِي، إذَا جَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلْكُلّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ بَيْنَ انْتِقَالٍ وَانْتِهَائِهِ فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ كَتَكْمِيلِهِ وَاجِبَ قِرَاءَةٍ رَاكِعًا، وَكَتَشَهُّدِهِ قَبْلَ قُعُودٍ وَمِنْهَا تَشَهُّدٌ أَوَّلُ وجُلُوسٌ لَهُ عَلَى غَيْرِ مَنْ قَامَ إمَامُهُ سَهْوًا وَالْمُجْزِئُ مِنْهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَمْدًا لِشَكٍّ فِي وُجُوبِهِ

_ قوله: (لشك في وجوبه) أما لو اعتقد الفرض سنة، أو عكسه، أو لم يعرف الفرض من السنة؛ فصلاته صحيحة، كما في "الإقناع".

لَمْ يَسْقُطْ فصل وسُنَنُهَا. وَهِيَ مَا كَانَ فِيهَا. وَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَيُبَاحُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ وَهِيَ اسْتِفْتَاحٌ وَتَعَوُّذٌ وَقِرَاءَةُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي فَجْرٍ، وَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَتَطَوُّعٍ، وَأُولَتَيْ مَغْرِبٍ وَرُبَاعِيَّةٍ، وَقَوْلُ: آمِينَ، وَقَوْلُ: مِلْءَ السَّمَوَاتِ بَعْدَ التَّحْمِيدِ لِغَيْرِ مَأْمُومٍ وَمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ فِي تَسْبِيحِ وَفِي سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ وَدُعَاءٌ فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ، وَقُنُوتٌ فِي وِتْرٍ

_ قوله: (لم يسقط) فتلزمه الإعادة، فلا يسقط الواجب مع الشك. قوله: (لغير مأموم) راجع لقوله: (ملء السماء ... إلخ) فقط، كما يعلم من الشارح. ومنه تعلم: أن ما قبل ذلك مسنون لكل مصل. وتوقف بعض في قراءة المأموم سورة في فجر، وجمعة، وعيد، لا محل له، ولا دليل عليه. قوله: (ودعاء في تشهد) ومقتضى ما سبق أنه مباح. وبخطه أيضاً على قوله: (ودعاء في تشهد) وتعوذ فيه. قوله: (في وتر) والصلاة على آل النبي، والبركة فيه، وما زاد على المجزيء في تشهد أول.

وَسُنَنُ الْأَفْعَالِ مَعَ الْهَيْئَاتِ: خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ وَسُمِّيَتْ هَيْئَةً، لِأَنَّهَا صِفَةٌ فِي غَيْرِهَا فَدَخَلَ جَهْرُ وَإِخْفَاتٌ وتَرْتِيلُ وَتَخْفِيفُ وَإِطَالَةُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَقْصِيرُ وَيُسَنُّ خُشُوعٌ

_ قوله: (خشوع) وهو: معنى يقوم بالنفس، يظهر منه سكون الأطراف.

باب سجود السهو

باب سجود السهو سجود السهو: يُشْرَعُ لِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ لَا عَمْدًا وَلِشَكٍّ فِي الْجُمْلَةِ لَا إذَا كَثُرَ حَتَّى صَارَ كَوَسْوَاسٍ بِنَفْلٍ وَفَرْضٍ سِوَى جِنَازَةٍ وسُجُودِ تِلَاوَةٍ، وشُكْرٍ وَسَهْوٍ.

_ اعلم: أن السهو، والنسيان، والغفلة ألفاظ مترادفة، معناها: ذهول القلب عن معلوم. وقال الآمدي: يقرب أن تكون معانيها متحدة. وفي "المواقف" وشرحها: السهو: زوال الصورة عن المدركة مع بقائها في الحافظة. والنسيان: زوالها عنهما معاً، فيحتاج في حصولها حينئذ إلى سبب جديد. وهو معنى قول "جمع الجوامع" و "شرحه" للجلال المحلي: والسهو: الذهول؛ الغفلة عن المعلوم الحاصل؛ أي: في الحافظة، فلا ينافي الغفلة عنه؛ لأنه باعتبار المدركة، فيتنبه له بأدنى تنبيه، بخلاف النسيان، فهو زوال المعلوم، فيستأنف تحصيله. انتهى. قوله: (في الجملة) راجع للثلاثة، خلافاً لما في "الحاشية". محمد الخلوتي. قوله: (وسهو) عللوه بأنه ربما أدى إلى التسلسل، وفيه نظر؛ لأن توهم

فَمَتَى زَادَ فِعْلًا مِنْ جِنْسِهَا قِيَامًا، أَوْ قُعُودًا، وَلَوْ قَدْرَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَوْ رُكُوعًا، أَوْ سُجُودًا أَوْ نَوَى الْقَصْرَ قَائِمٌ سَهْوًا، سَجَدَ لَهُ وَعَمْدًا بَطَلَتْ إلَّا فِي الْإِتْمَامِ وَإِنْ قَامَ لِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ جَلَسَ مَتَى ذَكَرَ وَلَا يَتَشَهَّدُ إنْ تَشَهَّدَ وَسَجَدَ وَسَلَّمَ.

_ التسلسل ليس مفسداً، إنما المفسد لزومه حقيقة، إلا أن يقال: من قواعدهم إقامة المظنة مقام المئنة. قوله: (أو قعوداً) أي: في غير محله، فلو رفع رأسه من سجود ليجلس للاستراحة، وكان موضع جلوسه للفصل أو التشهد ثم ذكر، أو جلس للفصل يظنه التشهد وطوله؛ لم يجب له سجود. ولو جلس للتشهد قبل سجود؛ سجد. قوله: (ولو قد جلسة الاستراحة) ولو قلنا باستحبابها؛ لأنه لم يردها. قوله: (سجد له) أي: وجوباً، وللإتمام استحباباً، ولا يعتد مسبوق بالإتمام سهواً؛ لخلوه عن النية، ولهذا لو أراد المصلي الإتمام بعد زيادته على الركعتين سهواً؛ لم يعتد به، فيأتي بما بقي من الرباعية سوى ما سهى عنه فإنه يلغو. ومقتضى كلامهم: لا يكره الإتمام بعد نية القصر؛ لإطلاقهم جواز ذلك. وفي "الغاية": إنه يكره. والله أعلم. قوله: (وإن قام لزائدة) أي: في فرض.

وَمَنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ نَهَارًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوٍ ولَيْلًا فَكَقِيَامِهِ إلَى ثَالِثَةٍ بفَجْرٍ وَمَنْ نَبَّهَهُ ثِقَتَانِ فَأَكْثَرَ وَيَلْزَمُهُمْ تَنْبِيهُهُ. لَزِمَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ ظَنَّ خَطَأَهُمَا مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ أَوْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مَنْ يُنَبِّهُهُ

_ قوله: (ومن نوى ركعتين ... إلخ) فإن نوى أربعاً نهاراً، ثم قام لخامسة؛ فكقيام إلى خامسة بظهر على ما يؤخذ من بحث شيخ مشايخنا الشيخ منصور رحمه الله. ولا يعارضه ما يأتي في التطوع من أن الزيادة على أربع نهاراً مكروهة فقط؛ لأن ذلك مفروض فيمن نوى الزيادة ابتداء، وأما هنا ففيمن لم ينوها. فتدبر. قوله: (فكقيامه إلى ثالثة بفجر) قال في "الشرح": نص عليه أحمد. ولم يحك فيه خلافاً في المذهب. فإن قيل: الزيادة على ثنتين ليلاً، مكروهة فقط، وذلك لا يقتضي بطلانها؛ قلت: هذا إذا نواه ابتداء، وأما هنا، فلم ينو إلا على الوجه المشروع، فمجاورته زيادة غير مشروعة. ومن هنا يؤخذ أن من نوى عدداً نفلاً، ثم زاد عليه، إن كان على وجه مباح؛ فلا أثر لذلك، وإلا كان مبطلاً له. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (ثقتان) ولو امرأتين. قوله: (ويلزمهم تنبيهه) يعني: ولو غير مأمومين. قوله: (أو يختلف عليه من ينبهه) أي: بأن أشار له بعضهم بالقيام، وبعضهم بالقعود. فإن قيل: التنبيه إنما يكون بتسبيح، أو تصفيق،

لَا إلى فِعْلِ مَأْمُومِينَ فَإِنْ أَبَاهُ إمَامٌ قَامَ لزَائِدَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كمُتَّبِعِهِ

_ فكيف يتصور اختلافهم؟ فالجواب: أنه قد ينبهه بعضهم بالتسبيح، وبعضهم بإشارة، أو قبض بيد، أو غير ذلك مما يدل على خلاف قول المسبح، كما أفاده ابن نصر الله في "حواشي الكافي". قوله: (لا إلى فعل مأمومين) قال في "الغاية": ويتجه: لا تبطل لو رجع لفعلهم. وقال في "الفروع": ويتوجه تخريج واحتمال؛ أي: أنه يرجع فعلهم، قال: وفيه نظر. وفي "الإنصاف": قل: فعل ذلك منهم مما يستأنس به، ويقوي ظنه. انتهى. وظاهر قولهم: لا يبني الإمام على غالب ظنه على الصحيح، أنه يجب عليه العمل باليقين مطلقاً، إلا إذا نبهه ثقتان ولم يتيقن خطأهما فقط؛ فلو رجع إلى قول فاسقين، أو واحد عدل، أو إلى فعل مأموم؛ فقد ترك الواجب عليه. وقد قال المصنف -رحمه الله- في "شرحه" ما معناه: إنه متى مضى مصل في موضع يلزمه الرجوع، أو رجع في موضع يلزمه المضي، عالماً بتحريمه؛ بطلت صلاته؛ لأنه كترك الواجب عمداً، وإن فعله يعتقد جوازه؛ لم تبطل؛ لأنه تركه غير متعمد. انتهى، والله أعلم. قوله: (فإن أباه إمام ... إلخ) ظاهر طريقة المصنف تبعاً "للشرح" و "المبدع" وغيرهما: أنه لا فرق في ذلك بين العمد وغيره، وطريقة صاحب

عَالِمًا ذَاكِرًا وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا مَسْبُوقٌ وَيُسَلِّمُ الْمُفَارِقُ وَلَا تَبْطُلُ إنْ أَبَى أَنْ يَرْجِعَ لِجُبْرَانِ نَقْصٍ وَعَمَلٌ مُتَوَالٍ مُسْتَكْثَرٍ عَادَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا يُبْطِلُهَا عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورِيَّةً: كَخَوْفٍ وَهَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ كَفِعْلِهِ

_ "الإقناع" تبعاً لابن عقيل: التفصيل: وهو أنه إن تعمد الإمام ذلك؛ بطلت صلاته، وصلاة المأموم مطلقاً؛ أي: سواء فارقوه، أو لا، قولاً واحداً، وإن لم يتعمد الإمام؛ بأن أبى الإمام سهواً؛ بطلت صلاته، وصلاة من تبعه عالماً ذاكراً. قوله: (عالماً) يعني: ببطلان صلاة الإمام. قوله: (ويسلم المفارق) وظاهره: ولو قلنا: تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة إمامه، فتكون هذه كالمستثناة من كلامهم؛ لعموم البلوى بكثرة السهو، فيعايا بها، فيقال: مأموم بطلت صلاة إمامه، ولم تبطل صلاته؟ ! قوله: (وإشارة أخرس) مفهومه أو لا، كما في "الإقناع". قوله: (كفعله) لا كقوله، فلا تبطل الصلاة إلا إذا كثرت وتوالت. "شرح" منصور.

وَكُرِهَ يَسِيرٌ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ وَلَا تَبْطُلُ بِعَمَلِ قَلْبٍ وإطَالَةِ نَظَرٍ إلَى شَيْءٍ وَلَا بِأَكْلٍ وَشُرْبٍ يَسِيرَيْنِ عُرْفًا، سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا وَلَا بِبَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ بِلَا مَضْغٍ وَلَوْ لَمْ يَجْرِ بِهِ رِيقٌ وَلَا نَفْلُ بِيَسِيرِ شُرْبٍ عَمْدًا وَبَلْعُ ذَوْبِ سُكَّرٍ وَنَحْوَهُ بِفَمٍ كَأَكْلٍ

_ تنبيه: اعلم: أن في الأكل والشرب في الصلاة ست عشرة صورة؛ وذلك لأن الأكل في الصلاة، إما عمداً أو لا، وعلى التقديرين، إما أن يكون كثيراً أو قليلاً، وعلى التقادير الأربعة، إما أن تكون الصلاة فرضاً أو نفلا، فهذه ثمان صور. ومثلها في الشرب، فالمجموع ست عشرة صورة، منها ما يبطل، ومنها ما لا يبطل. وتلخيصها على مقتضى كلام المصنف و "الإقناع": أن كثيرهما يبطل الصلاة مطلقاً، وأن يسيرهما عمداً يبطل الفرض، وأن يسير الأكل عمداً يبطل النفل عند المصنف لا "الإقناع"، وأن يسير الشرب عمداً لا يبطل النفل، وأن يسيرهما سهواً لا يبطل فرضاً ولا نفلاً. والله أعلم. قوله: (ولو لم يجر به ريق) خلافاً "للإقناع" في قوله: تبطل بما له جرم يجري بنفسه.

وَسُنَّ سُجُودُ لِإِتْيَانِهِ بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ سَهْوًا، كَقِرَاءَتِهِ سُورَةً فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ سَاجِدًا، وَكَتَشَهُّدِهِ قَائِمًا وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهَا عَمْدًا بَطَلَتْ وسَهْوًا فَإِنْ ذَكَرَ قَرِيبًا عُرْفًا وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ شَرَعَ فِي أُخْرَى، وَتُقْطَعُ أَتَمَّهَا وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَوْ أَحْدَثَ أَوْ تَكَلَّمَ مُطْلَقَا

_ قوله: (مشروع) أي: غير سلام، لا بما لم يشرع من ذكر، ودعاء، كحمد عاطس سهواً. قوله: (وسهواً) يعني: ولم يظن في رباعية أنها جمعة مثلاً، وإلا بطلت. قوله: (من المسجد) أي: من غير عمل كثير بالمشي، أو غيره، كما تقدم. محمد الخلوتي. قوله: (وتقطع) قال في "الغاية": ويتجه إن كان صلى الأخرى بدون إقامة، وتلفظ بنويت. انتهى. ومعناه: لا يتم الأولى إلا إذا كان صلى الثانية من غير إقامة لها، أو كلام، ولو بقوله: نويت ونحوه. أما الكلام، فظاهر، وأما الإقامة؛ فلأن فيها: "حيَّ على الصلاة"، وهو خطاب آدمي، فتبطل به، كما ذكروا في الأذان: لو أجاب المؤذن في الصلاة؛ بطلت بذلك. قوله: (أو تكلم) اعلم أن ظاهر كلامهم: أن الكلام المبطل للصلاة ما

أَوْ قَهْقَهَ هُنَا أَوْ فِي صُلْبِهَا بَطَلَتْ لَا إنْ نَامَ فَتَكَلَّمَ، أَوْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ حَالَ قِرَاءَتِهِ وَكَكَلَامٍ إنْ تَنَحْنَحَ بِلَا حَاجَةٍ أَوْ نَفَخَ ; فَبَانَ حَرْفَانِ لَا إنْ انْتَحَبَ خَشْيَةً، أَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ، أَوْ عُطَاسٌ،

_ انتظم حرفين فصاعداً، سواء أفهم معنى أم لا؛ وعللوا ذلك بأن الحرفين تكون كلمة؛ أي: من شأنها ذلك، وأما الحرف الواحد، فهو وإن كان قد يكون كلمة، إلا أن الغالب فيه أن لا يستقل بمعنى؛ فلذا تركوا التصريح به لندرته، وإلا فقوة كلامهم تعطي أنه إذا أفهم الحرف معنى أبطل الصلاة، كقولك: "ق" بقاف مكسورة من الوقاية. و "ع" بعين مهملة مكسورة من الوعي، لأن هذا أولى من حرفين لا يفهمان معنى مستقلاً، كـ "عن" و "لن" و "لم" على أن الجاري على قانون العرب أن لا ينطق بالقاف المكسورة مثلا وحدها، بل من ضم حرف إليها لو وقف عليها، وهو هاء السكت، فحيث نطق المصلي نطقاً جارياً على القانون؛ فلا بد له من حرفين. فتدبر. قوله: (أو قهقه) أي: ولو لم يبن حرفان. قوله: (لا إن نام) توقف فيه الإمام رحمه الله تعالى.

أَوْ تَثَاؤُبٌ وَنَحْوُهُ فصل ومن ترك ركنا غير تكبير الإحرام فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا فَلَوْ رَجَعَ عالما عامدا بطلت صلاته وَقَبْلَهُ

_ قوله: (أو تثاؤب) يقال: تثاءب -بالهمز- تثاؤباً مثل تقاتل تقاتلاً، قيل: هي فترة تعتري الشخص، فيفتح عندها فمه، وتثاوب بالواو: عامي. "مصباح". قوله: (ونحوه) كبكاء، ولو بان حرفان. قوله: (في قراءة) أي: واجبة؛ لأن القيام مقصود لها لا لذاته، وإلا فهو سابق عليها. تاج الدين البهوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (في قراءة) أي: نفس الفاتحة دون البسملة. قوله: (بطلت) أي: لغت، ولو عبر به؛ لكان أحسن. وبخطه أيضاً على قوله: (بطلت) أي: لغت، ولم يحتسب بها من عدد الركعات، وليس المراد بذلك البطلان الحقيقي؛ لأن العبادة إذا حكم على بعضها بالبطلان؛ حكم على كلها به أيضاً. منصور. قوله: (بطلت صلاته) وإن رجع ناسياً أو جاهلاً؛ لم تبطل صلاته، ولا يعتد بما يفعله في الركعة التي تركه منها؛ لأنها فسدت بشروعه في قراءة غيرها، فلم تعد إلى الصحة بحال. ذكره في "الشرح". "شرح" منصور.

إنْ لَمْ يَعُدْ عَمْدًا بَطَلَتْ وَسَهْوًا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ وبَعْدَ السَّلَامِ فكَتَرْكِ رَكْعَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ تَشَهُّدًا أَخِيرًا، أَوْ سَلَامًا فَيَأْتِيَ بِهِ وَيَسْجُدُ للسهو وَيُسَلِّمُ وَإِنْ نَسِيَ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ: أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَذَكَرَ وَقَدْ قَرَأَ فِي خَامِسَةٍ. فَهِيَ أُولَاهُ وقَبْلَهُ يَسْجُدُ سَجْدَةً،

_ قوله: (إن لم يعد عمدا؛ بطلت) أي: صلاته، بدليل ما قبله ومابعده. قوله: (ركعة) كاملة؛ أي: فيأتي بركعة، ويسجد للسهو قبل السلام. نص عليه. وفي رواية حرب: أن لم يطل فصل، أو يحدث، أو يتكلم. "شرح" منصور. قوله: (أخيرًا) وظاهره أوصريحه: أن السجود هنا بعد السلام، مع أن ليس من المسألتين الآتي استثناؤهما. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (أو سلاما) يعني: أو يكن المتروك سلاماً، لا بقيد كونه بعد السلام؛ ليأتى ذلك. محمد الخلوتي. قوله: (وقبله) أي: قبل الشروع في قراءة الخامسة المفهوم مما تقدم.

فَتَصِحُّ لَهُ رَكْعَةٌ وَيَأْتِي بِثَلَاثِ وبَعْدَ السَّلَامِ، بَطَلَتْ وسَجْدَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا مِنْ رَكْعَتَيْنِ جَهِلَهُمَا أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ وثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا مِنْ ثَلَاثِ أَتَى بِثَلَاثِ وَخَمْسًا مِنْ أَرْبَعِ،

_ قوله: (وبعد السلام) أي: من الأربع. قوله: (بطلت) أي: صلاته نصا. كما في "الإقناع". قوله: (أوثلاثا من ركعتين) من ثلاثية أو رباعية. قوله: (من ثلاث) يعني: من أربع. قوله: (وخمسا من أربع أو ثلاث ... إلخ) يعني: أنه إذا كان في رباعية كالظهر مثلا، فذكر بعد فراغه من الأربع الركعات أنه ترك خمس سجدات من أربع ركعات؛ فإنه يأتي بسجدتين، فتصح له ركعة؛ ثم يأتي بثلاث ركعات. وإذا كان في ثلاثية كالمغرب، فذكر بعد فراغه من الثلاث أنه ترك خمس سجدات من ثلاث ركعات؛ فإنه يأتي بسجدتين، فتصح له ركعة، ثم يأتي بركعتين، ويتم صلاته. وتوجيه المسألة الأولى: أنه حيث ترك خمس سجدات من أربع ركعات؛ فقد ترك من ركعة سجدتين، ومن ثلاث ركعات سجدة سجدة، فيحتمل أن تكون الركعة التي ترك منها سجدتين هي الأخيرة، فلا تنجبر إلا بسجدتين. ويحتمل أن تكون مما قبل الأخيرة، فتنجبر الأخيرة بسجدة.

_ والاحتمال الأول هو الأحوط؛ فلهذا لزمه أن يأتي بسجدتين جبرًا للأخيرة، فتصح له ركعة، ثم يأتي بثلاث ركعات. وتوجيه الثانية: أنه إذا ترك خمس سجدات من ثلاث ركعات؛ فقد ترك ركعة سجدة، ومن ركعتين سجدتين سجدتين، فيحتمل أن تكون الركعة التي ترك منها سجدة هي الأخيرة، فتنجبر بسجدةٍ، ويحتمل أن لا تكون هي الأخيرة، فلا تنجبر الأخيرة إلا بسجدتين، وهو الأحوط؛ فلذلك لزمه أن يأتي بسجدتين، كالمسألة الأولى، فتصح له ركعة ثم يأتي بركعتين. هذا تقرير العبارة على مقتضى ما في "شرح" المصنف وهو ظاهر لا غبار عليه. ووقع في نسخ "شرح" الشيخ منصور - رحمة الله تعالى - التي وقفنا عليها، بعد قول المتن: (وخمسا من أربع أو ثلاث) ما نصه: من أربع وجهلها. انتهى. وهذه الزيادة ليست في "شرح" المصنف، والصواب إسقاطها؛ وذلك لأنه إذا ترك خمس من ثلاث ركعات من أربع، وجهلها؛ أي: الثلاث ركعات من الرباعية؛ فقد صح له ركعة جزما؛ لتيقنه كون المتروك من ثلاث ركعات لا غير، وحيث صح له ركعة من الأربع فيحتمل أن تكون الصحيحة مما قبل الأخيرة، فتجبر الأخيرة، وتصح له ركعتان، ويحتمل أن تكون الصحيحة هي الأخيرة -وهو الأحوط- فيلزمه

أَوْ ثَلَاثِ أَتَى بِسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ

_ أن يأتي بثلاث ركعات من غير أن تجبر الأخيرة بشيء لصحتها. هذا قياس ما تقدم في قول المتن: (وثلاثا أو أربعاً من ثلاث)، أتى بثلاث بخلاف ما يقتضيه كلام الشيخ منصور -رحمه الله تعالى- فاحفظه؛ فإنه مهم. قوله: (أو ثلاثٍ أتى بسجدتين ثم بثلاث ركعات أو بركعتين) فهذه العبارة قد دلت على مسألتين: الأولى: إذا ذكر أنه ترك خمس سجدات من أربع ركعات، ولم يكن شرع في قراءة الخامسة - كما يعلم مما تقدم - فإنه يأتي بسجدتين؛ لاحتمال أن تكون الركعة الأخيرة قد ترك منها سجدتان؛ فلهذا كان الأحوط أن يأتي بسجدتين، فتتم له ركعة، ويأتي بثلاث ركعات، فتتم صلاته. الثانية: ذكر أنه ترك خمس سجدات من ثلاثِ ركعات من ثلاثية أو رباعية قبل شروعه في قراءة الرابعة، فإنه يأتي بسجدتين، فتتم له ركعة، ويأتي بركعتين أخريين، فتتم صلاته إن كانت ثلاثية، وإلا فبثلاثٍ. وهذا بخلاف ما لو ذكر أنه ترك خمس سجدات من ثلاث ركعات بعد فراغه من الرابعة، وجهل محل المتروك؛ فإنه لا بد أن يأتي بثلاث ركعات، ولا يكتفي بسجدتين وركعتين؛ لاحتمال أن يكون المتروك مما قبل الرابعة. وهذا يعلم بالأولى من قوله قبل: (وثلاثا أو أربعا من ثلاث أتى بثلاث) فإن مراده بقوله: (من ثلاث) في هذا؛ أي: من أربع ركعات. فهذا هو الفرق بين

وَمِنْ الْأُولَى سَجْدَةً. ومن الثانية سجدتين وَمِنْ الرَابِعَةٍ سَجْدَةً أَتَى بِسَجْدَةٍ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ وَمَنْ ذَكَرَ تَرْكَ رُكْنٍ جَهِلَهُ أَوْ مَحَلَّهُ عَمِلَ بِاسْتِوَاءِ التَّقْدِيرَيْنِ وَتَشَهُّدُ قَبْلَ سَجْدَتَيْ أَخِيرَةٍ زِيَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ وَقِيلَ سَجْدَةٌ ثَانِيَةٌ قَوْلِيَّةٌ وَمَنْ نَهَضَ عَنْ تَرْكِ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ تَرْكِ أَوْ دُونَهُ نَاسِيًا لَزِمَ رُجُوعُهُ وَكُرِهَ إنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا وَحَرُمَ إنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ

_ العبارتين، والله أعلم. وبخطه أيضا على قوله: (أو ثلاث) أي: من ثلاثية كمغرب. قوله: (ومن ذكر ترك ركن ... إلخ) هذا كالقاعدة الشاملة لما تقدم وغيره. وقوله: (عمل بأسوأ التقديرين) أي: أحوط. قوله: (وتشهُّد) أي: مع جلوسه. قوله: (فعلية) أي: من حيث الجلوس. قوله: (ومن نهض ... إلخ) لما تكلم على ترك الركن، ذكر ترك الواجب. قوله: (لزم رجوعه) إن ذكر قبل أن يستتم قائما؛ لتدارك الواجب،

وَبَطَلَتْ لَا إذَا نَسِيَ، أَوْ جَهِلَ وَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ وَكَذَا كُلُّ وَاجِبٍ فَيَرْجِعُ إلَى تَسْبِيحِ رُكُوعٍ، وسُجُودٍ قَبْلَ اعْتِدَالٍ لَا بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِلْكُلِّ

_ ويتابعه مأموم ولو اعتدل. قال في "شرح الإقناع": وظاهره: أنه يرجع ولو كان إلى القيام أقرب. قوله: (ويلزم المأموم متابعته) ولا يلزمه الرجوع إن سبحوا به قبل قيامه، وإن سبحوا به قبل قيامه، ولم يرجع؛ تشهدوا لأنفسهم، ولم يتابعوه؛ لتركه واجبا. وإن رجع قبل شروعه في القراءة؛ لزمهم متابعته، ولو شرعوا فيها، لا إن رجع بعدها لخطئه، وينوون مفارقته. "شرح" منصور. قوله: (وكذا كل واجب) أي: سائر. قوله: (قبل اعتدال) ومتى رجع إلى الركوع حيث جاز وهو إمام، فأدركه فيه مسبوق؛ أدرك الركعة، بخلاف مالو ركع ثانيًا ناسيًا. منصور البهوتي. تتمة: لو أحرم بالعشاء، ثم سلم من ركعتين ظنا أنهما من التراويح، أو سلم من ركعتين من ظهر ظنا أنها جمعة، أو فجر فائتة، ثم ذكر، أعاد فرضه، ولم يبن نصا؛ لأنه قد قطع نية الأولى باعتقاده أنه في أخرى، وعمله لها ما ينافي الأولى. بخلاف ما لو ذكر قبل أن يعمل ما ينافيها. وسئل أحمد

فصل ويبني على اليقين من شك في رُكْنٍ أَوْ عَدَدِ رَكَعَاتٍ وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ إلَى فِعْلِ إمَامِهِ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ وَلَوْ شَكَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا، بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ: هَلْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ رَاكِعًا أَمْ لَا؟ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَيَسْجُدُ لذلك

_ عن إمام صلى العصر بقومٍ، فظن أنها الظهر، فطول القراءة، ثم ذكر؟ فقال: يعيد ويعيدون. "شرح" منصور. فائدة: قال في "المبدع": واما المأموم، فيتبع إمامه مع عدم الجزم بخطئه، وإن جزم بخطئه؛ لم يتبعه ولم يسلم قبله. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (من شك) في ركن هل فعله أم لا؟ فكتركه. قوله: (ولا يرجع واحد) يعني: ليس معه مأموم آخر.

وَإِنْ شَكَّ هَلْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ جَعَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا سُجُودُ لِشَكٍّ فِي وَاجِبٍ أَوْ زِيَادَةٍ إلَّا إذَا شَكَّ وَقْتَ فِعْلِهَا وَمَنْ سَجَدَ لِشَكٍّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُجُودٌ سَجَدَ لِذَلِكَ وَمَنْ شَكَّ: هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ، أَوْ لَا سَجَدَ مَرَّةً

_ قوله: (جعله في الثانية) يعني: وسجد للسهو. قوله: (وقت فعلها) ومن شك في عدد الركعات أو غيره، فبنى على يقينه ثم زال شكه، وعلم أنه مصيب فيما فعله؛ لم يسجد مطلقا، على ما صححه في "الإنصاف". وتبعه في "الإقناع". وخالف في "شرحه" ا. هـ. "شرح" منصور. قوله: (سجد لذلك) وعلى هذا فقد سجد لسجود السهو. وقد يقال: هذا لا يعارض ما سبق؛ إذ هذا للإتيان به سهوًا لا للسهو فيه، والذي منعوه خشية التسلسل، السجود للسهو فيه. فتأمل. قاله شيخنا محمد الخلوتي. وبخطه أيضا على قوله: (سجد لذلك) ومن علم سهوا، ولم يعلم أيسجد له أم لا؟ لا يسجد؛ لأنه لم يتحقق سببه، والأصل عدمه. "شرح" منصور.

وَلَيْسَ عَلَى مَأْمُومٍ سُجُودُ سَهْوٍ إلَّا أَنْ يَسْهُوَ إمَامُهُ فَيَسْجُدَ مَعَهُ وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ مَا عَلَيْهِ وَاجِبِ يُتِمُّهُ وَلَوْ مَسْبُوقًا فِيمَا لَمْ يُدْرِكْهُ فَلَوْ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ رَجَعَ فَسَجَدَ مَعَهُ لَا إنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي آخِرِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ سَجَدَهَا مَعَهُ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بالثَّانِيَةِ ثُمَّ قَضَى صَلَاتَهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ وَيَسْجُدُ إنْ سَلَّمَ مَعَهُ سَهْوًا أَوْ لِسَهْوِهِ مَعَهُ وفِيمَا انْفَرَدَ بِهِ فَإِنْ

_ قوله: (أو لسهوه معه) من عطف العام على الخاص؛ لأن سلامه معه من أفراد سهوه معه. وبخطه أيضاً على قوله: (أو لسهوه معه) يعني: أن المسبوق إذا سهي عليه مع الإمام؛ لم يتحمله عنه الإمام، فيلزمه سجود السهو بعد قضاء ما فاته. وظاهره: سواء سجد مع الإمام لسهو الإمام، أو لا، فإن سجود سهو المسبوق محله بعد سلام الإمام لا قبله، كما عرفت. وربما يفهم هذا من قول "الإقناع": ولا يعيد السجود إذا سجد مع إمامه لسهو إمامه؛ فإن صورة هذه المسألة: أن يكون الإمام سهي عليه ولم يسه المسبوق، فإذا سجد الإمام لسهوه؛ تابعه المسبوق، فسجد معه، ولم يلزم

لَمْ يَسْجُدْ سَجَدَ مَسْبُوقٌ إذَا فَرَغَ وغَيْرُهُ بَعْدَ إيَاسِهِ مِنْ سُجُودِهِ فصل وَسُجُودُ السَّهْوِ: لِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ ولِلَحْنٍ يُحِيلُ الْمَعْنَى، سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا: وَاجِبٌ إلَّا إذَا تَرَكَ مِنْهُمَا مَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ

_ المسبوق إعادة سجود لذلك السهو الذي صدر من الإمام. فقوله: لسهو إمامه، مفهومه: أنه يعيده لسهو نفسه، سواء كان سهوه مع الإمام، أو فيما انفرد به، خلافا لما بحثه منصور البهوتي. قوله: (وللحن) من عطف الخاص على العام؛ لقوة خلاف المجد فيه. وبخطه على قوله: (وللحن) يعني: في السورة. قوله: (إلا إذا ترك ... إلخ.) هذا مستثنى من قوله: (مايبطل عمده) والتقدير: كل شيء أبطل عمده الصلاة، فإنه يوجب السجود، سهوًا أو جهلاً، إلا نفس سجود واجب، محله قبل السلام. فإن هذا الفرد - أعني السجود المذكور - يبطل عمده الصلاة؛ أي: إذا تركه المصلي عمدا؛ بطلت الصلاة، ومع ذلك لا يوجب سهوه، ولا جهله السجود، بل متى ذكره قريبا؛ أتى به من غير سجود آخر لذلك السهو. فتدبر. وبخطه أيضًا على قوله: (إلا إذا ترك) بأن لا

تَرْكِهِ لَا سُجُودٌ لِسَهْوِهِ وَلَا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ مَشْرُوعٍ وَلَا وَاجِبٍ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ مَا إذَا سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهَا وَكَوْنُهُ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ نُدِبَ وَإِنْ نَسِيَهُ قَبْلَهُ قَضَاهُ وَلَوْ شُرِعَ فِي أُخْرَى فإذَا سَلَّمَ وَإِنْ طَالَ فَصْلٌ عُرْفًا، أَوْ أَحْدَثَ، أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ يَقْضِهِ وَصَحَّتْ.

_ يأتي به قبل السلام، ويتعمد تركه بعد السلام إن قلنا: محله ندب، وهو المذهب. وإن قلنا: وجوب، فيتعمد تركه قبل السلام فقط. والد المصنف على "المحرر". وانظر لو كان عليه سجود محله قبل السلام، فأراد فعله بعد السلام، ثم لما سلم تركه عمدًا، فهل تبطل كما يشعر به كلام الشهاب والد المصنف أو لا؛ لأنه وقت سلامه كان عازمًا على فعل السجود، وقد تمت صلاته صحيحة، فلا يلحقها البطلان، كما لو أحدث؟ وهذا أقرب. وعليه: فمعنى تعمد ترك ما محله قبل السلام: أن يعزم وهو في الصلاة على ترك السجود ويتركه. أما لو عزم على فعله بعد السلام، فسلَّم ثم تركه؛ فلا، ما لم يكن حيلةً. هذا ما ظهر، والله أعلم. قوله: (مشروعٍ) أي: مسنون. قوله: (قضاه) سماه قضاءً؛ باعتبار فوات محل الندب بالسهو.

وَيَكْفِي لِجَمِيعِ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا ويَغْلِبُ مَا قَبْلَ السَّلَامِ وَمَتَى سَجَدَ بَعْدَهُ جَلَسَ تَشَهَّدَ وُجُوبًا التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَلَا يَتَوَرَّكُ فِي ثُنَائِيَّةٍ وَهُوَ وَمَا يُقَالُ فِيهِ وبَعْدَ رَفْعٍ كَسُجُودِ صُلْبٍ

_ قوله: (ولو اختلف محلهما) أي: محل السهوين. قوله: (كسجود صلب) أي: وما يقال فيه، وبعد رفع. هكذا قرَّره شيخنا. وقال: لتتم المطابقة.

باب صلاة التطوع

باب صَلَاةُ التَّطَوُّعِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ جِهَادٍ فَتَوَابِعِهِ فَعِلْمٍ: تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ مِنْ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَنَحْوِهِمَا أَفْضُلُ تَطَوُّعِ الْبَدَنِ وَنَصَّ أَنَّ الطَّوَافَ لِغَرِيبٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْمُنَقِّحُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَفْضُلُ مِنْهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ثُمَّ مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ وَيَتَفَاوَتُ فَصَدَقَةٌ عَلَى قَرِيبٍ مُحْتَاجٍ أَفْضَلُ

_ قوله: (فتوابعه) كالنفقة فيه. قوله: (وتعليمه) ظاهره: أن التعلم والتعليم في مرتبة واحدة، مع أن التعليم نفعه متعد. ولعلهم نظروا إلى تعدي نفع التعلم أيضًا باعتبار الأول، وهو ظاهر قولِ أبي الدرداء: العالم والمتعلم في الأجر سواء. انتهى. وإن كان يمكن حمله على معنى: أنهما سواء في ثبوتِ أصل الأجر، وإن اختلف. محمد الخلوتي. قوله: (ونحوهما)، كتفسير. قوله: (لغريب) أي: لم ينو الإقامة بمكة. محمد الخلوتي. قوله: (ثم ما تعدى) أي: بقية ذلك، وإلا فبعض المتقدم يتعدى.

مِنْ عِتْقِ وَهُوَ مِنْهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ إلَّا زَمَنَ غَلَاءٍ وَحَاجَةٍ ثُمَّ حَجٌّ فَصَوْمٌ وَأَفْضُلُهَا مَا سُنَّ جَمَاعَةً وَآكُدُهَا كُسُوفٌ فَاسْتِسْقَاءٌ فَتَرَاوِيحُ فَوِتْرٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ قوله: (من عتق) ملخصه: أن الصدقة زمن غلاء وحاجة، أفضل من العتق مطلقا، وفي غير غلاء وحاجة، عتق القريب أفضل من الصدقة عليه، وعتق الأجنبي أفضل من صدقة على أجنبي، وصدقة على قريب محتاج، أفضل من عتق أجنبي. وبخطه على قوله: (من عتق) أي: لأجنبي كما قيده به بعضهم، وإلا فعتق القريب عتق وصدقة. قوله: (وآكدها كسوف ... إلخ) يعني: أن مجموع ذلك آكد، وإن كان في نفسه متفاوتاً. قوله: (فوتر) كان الأشبه أن يكون الوتر آكد حتى من الكسوف؛ فإنه قد قيل بوجوبه وصلاة راتبة، وكان واجبا عليه عليه السلام، وقد قال صلى الله عليه وسلم ما لفظه أو معناه: "قد زادكم الله صلاة وهي أحب إلي من حمر النعم". محمد الخلوتي؛ والجواب: أن ما ما قبله تشرع له الجماعة مطلقا، بخلاف الوتر؛ فإنه لا تشرع له الجماعة إلا إذا كان تابعًا للتراويح.

وَمِنْ رَوَاتِبَ سُنَّةُ فَجْرٍ وَسُنَّ تَخْفِيفُهُمَا واضْطِجَاعٌ بَعْدَهَا عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ فَمَغْرِبٍ ثُمَّ سَوَاءٌ وَوَقْتُ وِتْرٍ: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَلَوْ مَعَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وآخِرَ اللَّيْلِ لِمَنْ يَثِقُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ وَلَا يُكْرَهُ بِهَا وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَإِنْ، أَوْتَرَ بِتِسْعِ تَشَهَّدَ بَعْدَ ثَامِنَةٍ ثُمَّ تَاسِعَةٍ وَسَلَّمَ وَبِسَبْعِ أَوْ بِخَمْسِ سَرَدَهُنَّ

_ قوله: (وآخر الليل) يجوز أن يكون مبتدأ من غير تقدير، وخبره (أفضل) أي: أفضل من أوله. ويجوز ما سلكه الشارح، وهو: أن يقدر في جانب المبتدأ، ويجعل (آخر) ظرفًا، والتقدير: ووتر آخر ليلٍ، وخبره (أفضل) والمعنى: أفضل من كونه أوله. محمد الخلوتي. قوله: (سردهن) وفي السبع وجه آخر، وهو أن يجلس بعد السادسة، ويتشهد التشهد الأول. وقد أشار إلى ذلك [الصالحي]- رحمه الله - بقوله:

وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثُ بِسَلَامَيْنِ وَيَجُوزُ ب وَاحِدٍ سَرْدًا وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَسَلَّمَ أَجْزَأَ وَإِلَّا قَضَى يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِسَبِّحْ والثَّانِيَة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} والثَّالِثَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

_ وإن شئت صل الوتر سبعا متابعا ... وإن شئت أيضاً فأت بالست واقعد قوله: (سردا) أي: من غير جلوس عقب الثانية. ومفهومه: أنه لا يجوز كالمغرب، وهو ما مشى عليه القاضي، لكن في "الإقناع" الجزم بالصحة. قوله: (مع إمام) أي: صلى الوتر ثلاثاً. قوله: (فإن كان يسلِّم) المراد: سلم. قاله منصور البهوتي في "شرحه". وبذلك عبر في "الإقناع". ويمكن أن يقال: إن المصنف أشار إلى أنه لا يشترط تحقق سلام الإمام، بل حيث كان من شأنه ذلك أجزأته الركعة، ما لم يتحقق أنه لم يسلم جمعاً بين الكلامين. قوله: (قضى) أي: ما لم يدركه. وإذا شك فيما صلاه إمامه، هل هو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشرة؟ فالأكمل أن يأتي

وَيَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ نَدْبًا ثُمَّ قَنَتَ قَبْلَهُ جَازَ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى صَدْرِهِ يَبْسُطُهُمَا وَبُطُونُهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ وَلَوْ مَأْمُومًا وَيَقُولُ جَهْرًا: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَهْدِيكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إلَيْكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَنَشْكُرُكَ، وَلَا نَكْفُرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى

_ بالأكثر. ويبقى النظر فيمن أدرك ركعةً مع إمام صلى ثلاثاً بسلام وتشهدين، كالمغرب، أو بواحد سردًا، هل يصح اقتصاره في النية على ركعة، أو لابد من نية ما صلاه الإمام إن تحققه؟ قال منصور البهوتي: الظاهر: أنه يتعين الثاني، حتى توافق نية الإمام المأموم. وأقول: ويصح الأول، والتوافق غير لازم؛ بدليل صحة نية الظهر ممن أدرك الإمام بعد ركوع الثانية من الجمعة، إلا أن يقال: إن هذا ثبت على خلاف القياس، فلا يقاس عليه. محمد الخلوتي. قوله: (جاز) لأن أحاديثه كلها معلولة، لكن يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، بشرط أن لا يشتد ضعفه، وأن لا ينوي سنيته، وأن يعمل به لنفسه. محمد الخلوتي.

وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْت وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْت وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْت وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْت إنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك، وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك، وَبِك مِنْك لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثَنَيْت عَلَى نَفْسِك ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ وَيُفْرِدُ مُنْفَرِدٌ الضَّمِيرَ ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ هُنَا وَخَارِجَ الصَّلَاةِ وَكُرِهَ قُنُوتٌ فِي غَيْرِ وِتْرٍ يَا أَبَتِ إنَّكَ قَدْ صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، هَهُنَا بِالْكُوفَةِ، نَحْوَ خَمْسِ سِنِينَ، أَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟ قَالَ: أَيْ: بُنَيَّ مُحْدَثٌ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْت ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إنَّ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ بِدْعَةٌ إلَّا إنْ تَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ فَيُسَنُّ لِإِمَامِ الْوَقْتِ خَاصَّةً فِيمَا عَدَا الْجُمُعَةَ وَيُجْهَرُ بِهِ فِي جَهْرِيَّةٍ

_ قوله: (ويؤمِّن مأمومٌ) أي: إن سمع، وإلا فالظاهر: أنه يقنت لنفسه، كما لو لم يسمع قراءة الإمام؛ فإنَّهُ يقرأ. قوله: (لإمام الوقت) أن يقنت

وَمَنْ ائْتَمَّ بِقَانِتٍ فِي فَجْرٍ. تَابَعَ وَأَمَّنَ وَالرَّوَاتِبُ الْمُؤَكَّدَةُ عَشْرُ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَيُخَيَّرُ فِي مَا عَدَاهُمَا وعَدَا وِتْرٍ سَفَرًا وَسُنَّ قَضَاءُ كُلٍّ ووِتْرٍ إلَّا مَا فَاتَ مَعَ فَرْضِهِ وَكَثُرَ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا سُنَّةَ فَجْرٍ وَسُنَّةُ فَجْرٍ، وَظُهْرٍ الْأَوْلَى بَعْدَهُمَا قَضَاءً

_ بعد الرفع من الركعة الأخيرة. قوله: (تابع) أي: فيقف من غير رفع ليديه، ولا دعاء، ولو لم يسمع. قوله: (وأمَّن) أي: إن سمع. قال في "الاختيارات": وإذا فعل الإمام ما يسوغ فيه الاجتهاد تبعه المأموم فيه، وإن كان هو لا يراه، مثل القنوت في الفجر ووصل الوتر. قوله: (المؤكدة) يكره تركها، ولا تقبل شهادة من داوم عليه؛ لسقوط عدالته. "إقناع". قوله: (فيخير) الفاء بمعنى الواو. قاله في "الحاشية". قوله: (الأولة) بدل من سنة ظهر، لا صفة؛ لأن النكرة لا توصف بالمعرفة

وَالسُّنَنُ غَيْرُ الرَّوَاتِبِ عِشْرُونَ أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ: وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَيُبَاحُ اثْنَتَانِ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وجَالِسًا وَفِعْلُ الْكُلِّ بِبَيْتٍ أَفْضَلُ وَسُنَّ فَصْلٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّتِهِ بِقِيَامٍ، أَوْ كَلَامٍ وَتُجْزِئُ سُنَّةُ عَنْ تَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَلَا عَكْسَ وَإِنْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ وَالسُّنَّةَ أَوْ وَالْفَرْضَ، حَصَلَا وَالتَّرَاوِيحُ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِرَمَضَانَ جَمَاعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْنِ، بِنِيَّةِ أَوَّلَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُسْتَرَاحُ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ وَلَا بَأْسَ بِزِيَادَةٍ وَوَقْتُهَا بَيْنَ سُنَّةِ عِشَاءٍ وَوِتْرٍ وبِمَسْجِدٍ وأَوَّلَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ ويُوتِرَ بَعْدَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ، أَنْ يُوتِرَ بَعْدَهُ

_ كما قيل في قوله تعالى: "ويل لكل همزة لمزة * الذي جمع مالا وعدده" [الهمزة: 1 - 2]. قوله: (التحية والسنة) لعل محله حيث شرعت التحية. قوله: (جماعة) هذا هو الأكمل، لا أنه قيد في سنيتها. قوله: (بين كل أربع) أي: وأربع أخرى. قوله: (ووقتها) أي: وقت الاستحباب. وأما وقت الجواز فبالفراغ من العشاء ولو في جمع تقديم، فيجوز فعلها قبل سنة العشاء، كما ذكره ابن قندس. وكذا يجوز فعلها بعد الوتر وقبل الفجر.

وَإِنْ، أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَهُ لَمْ يَنْقُضْهُ وَصَلَّى وَلَمْ يُوتِرْ وَالتَّهَجُّدُ بَعْدَ نَوْمٍ وَالنَّاشِئَةُ: مَا بَعْدَ رَقْدَةٍ وَكُرِهَ تَطَوُّعٌ بَيْنَهَا لَا طَوَافٌ وتَعْقِيبٌ، وَهُوَ صَلَاتُهُ بَعْدَهَا وَبَعْدَ وِتْرٍ جَمَاعَةً فصل وصلاة الليل أَفْضَلُ وَنِصْفُهُ الْأَخِيرُ: أَفْضَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَمِنْ الثُّلُثِ الْأَوْسَطِ وَالثُّلُثُ بَعْدَ النِّصْفِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَسُنَّ قِيَامُ اللَّيْلِ وَافْتِتَاحُهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَنِيَّتُهُ عِنْدَ النَّوْمِ وَكَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْسَخْ وَوَقْتُهُ مِنْ الْغُرُوبِ إلَى طُلُوعِ

_ قوله: (لم ينقضه) بأن يحرم بركعة ينوي بها نقص الوتر؛ أي: تصير الوتر الذي فعله شفعاً بانضمام هذه الركعة إليه، ثم يتهجد، ثم يوتر، فراجع "منتقى" المجد. قوله: (ولم ينسخ) أي: عند الأكثر. وهل الوتر قيام الليل أو غيره؟ احتمالان، الأظهر: الثاني. قاله في "الإقناع".

الْفَجْرِ وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُ وَلَا يَقُومُهُ كُلَّهُ إلَّا لَيْلَةَ عِيدِ وَصَلَاةُ لَيْلٍ وَنَهَارٍ مَثْنَى وَإِنْ تَطَوَّعَ نَهَارًا بِأَرْبَعٍ فَلَا بَأْسَ وبِتَشَهُّدَيْنِ أَوْلَى وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ سُورَةً وَإِنْ زَادَ عَلَى أَرْبَعِ نَهَارًا أَوْ ثِنْتَيْنِ لَيْلًا،

_ قوله: (وتكره مداومته) لعل المراد: مدوامة قيامه كله؛ فإنه المكروه، كما في "الإقناع". قوله: (ولا يقومه) أي: لا يستحب. قوله: (عيد) يعني: فطر وأضحى. وفي معناها ليلة النصف من شعبان. قوله: (وصلاة ليل) أي: كل من ليل ... إلخ. قوله: (مثنى) أي: كل منهما ثنتين ثنتين. وكان الظاهر: أن يكرر مثنى، كما هو كذلك في بعض النسخ؛ لتظهر المطابقة. قوله: (بأربع) أي: سردا، شمل سنة الظهر قبلها وبعدها، وقبل العصر. من خط تاج الدين البهوتي. قوله: (أو ثنتين ليلا ... إلخ) فإن قلت: قد تقدم في كلام المصنف في سجود السهو، أنه اذا قام إلى ثالثة ليلاً، يكون كمن قام إلى ثالثة بفجر؛

_ أي: في صلاة فرض الصبح، ومعلوم أن ذلك يبطل عمده الصلاة، ويوجب سهوه السجود، وقد قال في "الشرح الكبير" لأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر-رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر أنه كقيام إلى ثالثة بفجر: إنه منصوص الإمام أحمد - رحمه الله تعالى-. ولم يحك في ذلك خلافاً في المذهب مع سعة اطلاعه، فكيف جعل المصنف - رحمه الله - هنا الزيادة مكروهة فقط؟ وهل هذا إلا تناقض؟ ! . فالجواب: بالفرق بين ما هنا، وما في سجود السهو، أن ما في سجود السهو محله إذا نوى عند تكبيرة الإحرام ركعتين فقط، ثم بعد الشروع زاد عليهما، فيكون كالقيام إلى ثالثة بفجر على ما تقدم من التفصيل. وأما ما هنا: فمحله إذا نوى عند تكبيرة الإحرام أن يصلي زائدا على ركعتين، كأربع، أو ست، أو ثمان، أو غير ذلك، فإن الصلاة صحيحة، لكن مع الكراهة. أشار إلى ذلك كله العلامة الشيخ منصور رحمه الله تعالى في "شرح الإقناع". وأما من زاد على أربع نهارا؛ فكذلك؛ أي: إن نوى ذلك ابتداء عند تكبيرة الإحرام؛ صح مع الكراهة، وإلا بأن نوى أربعًا، ثم أراد أن يزيد على

وَلَوْ جَاوَزَ ثَمَانِيًا بِسَلَامٍ وَاحِدٍ

_ ذلك، فحكمه كمن نوى ركعتين ليلا، ثم قام إلى ثالثة، فيصير كمن قام إلى خامسة بظهر على ما يقتضيه بحث العلامة الشيح منصور -رحمه الله- فإنه قال بعد تقرير ما تقدم: ومن هنا يؤخذ أن من نوى عددا نفلاً؛ فزاد عليه، إن كانت زيادته على وجه مباح؛ فلا أثر لذلك، وإلا كان مبطلاً له. انتهى. فقوله: على وجه مباح؛ أي: كمن نوى ركعتين نهارًا، فقام إلى ثالثةٍ، فإنه يتم أربعًا، ولا يسجد للسهو، لأن الأربع في النهار غير مكروهة بخلافها في الليل، وبخلاف الزيادة على الأربع نهارًا. فتأمل ذلك. وحيث تقرَّر ذلك، فمعنى الزيادة في عبارة المتن: أنه يحرم بأزيد من ركعتين ليلا، أو أزيد من أربع نهاراً؛ أي: بأكثر من ذلك، والله أعلم. قوله: (ولو جاوز ثمانياً) غايةٌ للمسألتين، أعني: الزيادة على أربعٍ نهارًا، واثنتين ليلاً. وبخطه أيضا على قوله: (ولو جاوز ثمانيا) قال الجوهري: يقال: ثمانية رجال، وثماني نسوة، وهو في الأصل منسوب إلى الثمن؛ لأنه الجزء الذي صيَّر السبعة ثمانية، فهو ثمنها، ثم فتحوا أوله، وحذفوا منه إحدى ياءي النسب، وعوضوا منها الألف، كما فعلوا في النسبة إلى اليمن. فتثبت ياؤه عند الإضافة والنصب، كما تثبت ياءُ القاضي، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر. وما جاء في الشعر غير مصروف، فعلى توهُّم أنه جمع. انتهى "مطلع".

صَحَّ وَكُرِهَ وَيَصِحُّ تَطَوُّعٌ بِرَكْعَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مُضْطَجِعٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ وَأَجْرُ قَاعِدٍ عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ قَائِمٍ إلَّا الْمَعْذُورَ وَسُنَّ تَرَبُّعُهُ بِمَحَلِّ قِيَامٍ وثَنْيُ رِجْلَيْهِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَكَثْرَتُهُمَا أَفْضَلُ

_ قوله: (صح وكره) قال منصور البهوتي: قلت: إلا في الوتر والضحى لوروده. قوله: (ونحوها) أي: من الأوتار. قال في "الإقناع": مع الكراهة. قوله: (مضطجع) ولو متنفلاً. قوله: (وسن تربعه) أي: المصلي جالساً، لعذرٍ أو لا. قوله: (بركوع وسجود) أي: في حالتي الركوع والسجود، وهو مخير في الركوع، إن شاء ركعَ من قعودٍ، وإن شاء ركع من قيام. قوله: (وكثرتهما أفضل) وقد لمح.

مِنْ طُولِ قِيَامٍ وَتُسَنُّ صَلَاةُ الضُّحَى غِبًّا وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا ثَمَانٍ وَوَقْتُهَا مِنْ خُرُوج وَقْتِ النَّهْيِ، أَيْ: ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ إلَى قُبَيْلَ الزَّوَالِ وَأَفْضُلُهُ إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ

_ شيخنا محمد الخلوتي بذلك في قوله: كأن الدهر في خفض الأعالي ... وفي رفع الأسافلة اللئام فقيه عنده الأخبارُ صحت ... بتفضيل السجود على القيام قوله: (من طول قيام) أي: غير ما ورد تخفيفه أو تطويله. قوله: (وأقلُّها ركعتان) صلى النبي صلى الله عليه وسلم الضحى ثمانيا، كما في حديث أم هانيء الذي رواه الجماعة، وستًا، كما في حديث جابر بن عبد الله الذي رواه البخاري في "تاريخه"، وأربعا، كما في حديث عائشة الذي رواه أحمد ومسلم، وفي حديث أبي هريرة: "وركعتي الضحى". قوله: (إلى قبيل) أي: إلى دخول وقت النهي.

وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ، وَلَوْ فِي خَيْرٍ وَيُبَادِرُ بِهِ بَعْدَهَا ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ وصَلَاةُ الْحَاجَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، ، أَوْ آدَمِيٍّ وصَلَاةُ التَّوْبَةِ وعَقِبَ الْوُضُوءِ لِكُلٍّ رَكْعَتَانِ لَا صَلَاةُ التَّسْبِيحِ فصل وسجود تلاوة وشكر كنافلة فِيمَا يُعْتَبَرُ وَسُنَّ لِتِلَاوَةٍ وَيُكَرِّرُهُ بِتَكَرُّرِهَا حَتَّى فِي طَوَافٍ مَعَ قَصْرِ فَصْلٍ فَيَتَيَمَّمُ مُحْدِثٌ بِشَرْطِهِ وَيَسْجُدُ مَعَ قَصْرِهِ لِقَارِئٍ وَمُسْتَمِعٍ لَا سَامِعٍ وَلَا مُصَلٍّ إلَّا مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ قَارِئٍ يَصْلُحُ إمَامًا لَهُ

_ قوله: (فيما يعتبر) أي: من الشروط. قوله: (ولا مصل ... إلخ) أي: ولا يسن لمصل سمع قراءة غيره. والمراد: لا يجوز؛ لما فيه من الاختلاف على الإمام المنهي عنه، فإن فعل؛ فالظاهر: أنه يبطل إذا كان عمدًا؛ لأنه زيادة فعلية غير مشروعة. قوله: (إلا متابعة) هذا استثناء من: (مصل) أي: إلا مأمومًا سجد متابعةً لإمامه، فأفهم: أنه لا يسجد إلا متابعةً. قوله: (يصلح ... إلخ) يعني: أنه لا بد في صحة سجود المستمع مِن أن

فَلَا يَسْجُدُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ وَلَا قُدَّامَهُ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ رَجُلٌ لِتِلَاوَةِ امْرَأَةٍ، وَخُنْثَى وَيَسْجُدُ لِتِلَاوَةِ أُمِّيٍّ، وَزَمِنٍ وَصَبِيٍّ وَالسَّجَدَاتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً يُكَبِّرُ إذَا سَجَدَ وَإذَا رَفَعَ وَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمَ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ.

_ يكون القاريء صالحاً لأن يكون إمامًا للمستمع حال سجود المستمع، وليس إمامًا له حقيقة، بدليل أنه يصح -أي: يجوز- رفع المستمع قبل رفع القاريء من السجود. ومنه يؤخذ أنه لا يشترط فيه كل حاله. قوله: (وصبي) أي: مميز. قوله: (ثنتان) ذكره للخلاف في الثانية. قوله: (ويجلس) قال في "الفروع": ولعل جلوسه ندب. وتبعه في "المبدع" و"الإقناع". وفي كلام منصور البهوتي نظر. قوله: (ولو في صلاة) قدمه في "الإقناع"، ثم قال: وقياس المذهب لا يرفعهما في الصلاة.

وَكُرِهَ جَمْعُ آيَاتِهِ وحَذْفُهَا وقِرَاءَةُ إمَامٍ سَجْدَةٍ بِصَلَاةٍ سِرٍّ وسُجُودُهُ لَهَا وَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ فِي غَيْرِهَا وَسُجُودُ عَنْ قِيَامٍ أَفْضُلُ وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى رُكْنٌ وَتُجْزِئُ وَسُنَّ لِشُكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدٍ نِعَمٍ وانْدِفَاعِ نِقَمٍ مُطْلَقًا وَإِنْ سَجَدَ لَهُ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ لَا مِنْ جَاهِلٍ، أَوْ نَاسٍ وَصِفَتُهُ وَأَحْكَامُهُ كَسُجُودِهِ تِلَاوَةً.

_ قوله: (وسجود ... إلخ) قال في "شرحه": كصلاة النفل. انتهى. ومقتضاه: أن سجود قاعد على نصف أجر قائم إلا المعذور، كما في النفل. قوله: (الأولى ركن) وكذا الرفع من السجود، والسجود على الأعضاء السبعة. فهذه ثلاثة أركان لا تسقط عمدًا ولا سهوًا. وأما تكبيرة الانحطاط والرفع، وتسبيحة السجود، فواجبة، تسقط سهوًا، وتبطل بتركها عمدًا. قوله: (عند تجدد نعم) أي: ظاهرة. قوله: (واندفاع نقم) يعني: ظاهرة.

فصل تُبَاحُ الْقِرَاءَةُ فِي الطَّرِيقِ ومَعَ حَدَثٍ، أَصْغَرَ ونَجَاسَةِ ثَوْبٍ، وبَدَنٍ، حَتَّى فَمُ وَحِفْظُ الْقُرْآنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَتَعَيَّنُ مَا يَجِبُ فِي صَلَاةٍ وَتُسَنُّ الْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ والْخَتْمُ كُلَّ أُسْبُوعٍ مُرَّةً وَلَا بَأْسَ بِهِ كُلَّ ثَلَاثٍ وَكُرِهَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ وَيُكَبِّرُ لِآخِرِ سُورَةٍ مِنْ الضُّحَى وَيَجْمَعُ أَهْلَهُ وَيُسَنُّ تَعَلُّمُ التَّأْوِيلِ وَيَجُوزُ التَّفْسِيرُ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ لَا بِالرَّأْيِ: وَيَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِ صَحَابِيٍّ لَا تَابِعِيٍّ وَإِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ فَهُوَ تَوْقِيفٌ

_ قوله: (ويكبر) فقط. قوله: (ويلزم الرجوع إلى تفسير ... إلخ) قال الإمام البغوي نقلاً عن شيخه: إن صرف الآية إلى معنى محتمل موافقٍ لما

_ قبلها وما بعدها، غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط، قد رخص فيه لأهل العلم. انتهى. وبه يرد ما في "الإحياء" للغزالي - رحمه الله تعالى - أو يحمل علي معنى يرجع إلى ذلك؛ فإنه قال: إن الطامات، وهي: صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها إلى أمور لم تسبق منها إلى الأفهام، كدأب الباطنية، من قبيل البدعة المنهي عنها؛ فإن الصرف عن مقتضى ظواهرها بغير اعتصامٍ فيه بالنقل عن الشارع، ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل عقلي، حرام. مثال ذلك: قولهم في قوله تعالى: "اذهب إلى فرعون إنه طغى" [النازعات: 17] مشيرين إلى القلب، وأنه الطاغي على كل أحد. من تفسير الشيخ البهنسي، من خطِّ شيخنا الخلوتي نقلا عن خط شيخه الغنيمي، رحمه الله تعالى.

فصل أوقات النهي خَمْسَةٌ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ومِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَلَوْ مَجْمُوعَةً وَقْتَ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ وَتَفْعَلُ سُنَّةَ ظُهْرٍ بَعْدَهَا وَلَوْ فِي جَمْعِ تَأْخِيرٍ وعِنْدَ طُلُوعهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا قِيدَ رُمْحٍ وقِيَامِهَا حَتَّى تَزُولَ وغُرُوبِهَا حَتَّى يُتِمَّ وَيَجُوزُ فِعْلُ مَنْذُورَةٍ ونَذْرُهَا فِيهَا وَقَضَاءُ فَرَائِضَ ورَكْعَتَيْ طَوَافٍ وإعَادَةُ جَمَاعَةٍ أُقِيمَتْ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ لَا صَلَاةُ جِنَازَةٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا، إلَّا بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ وَيَحْرُمُ إيقَاعُ تَطَوُّعٍ أَوْ بَعْضِهِ بِغَيْرِ سُنَّةِ فَجْرٍ قَبْلَهَا فِي وَقْتٍ مِنْ الْخَمْسَةِ حَتَّى صَلَاةٌ عَلَى قَبْرٍ وغَائِبٍ وَلَا يَنْعَقِدُ إنْ ابْتَدَأَهُ فِيهَا وَلَوْ جَاهِلًا حَتَّى مَالَهُ سَبَبٌ كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَصَلَاةِ كُسُوفٍ وَقَضَاءِ رَاتِبَةٍ وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ إلَّا حَالَ خُطْبَةِ جُمُعَةٍ مُطْلَقًا

_ قوله: (قيد رمح) بكسر القافِ؛ أي: قدر. قوله: (حتى صلاة على قبر) أي: سواء كانت نفلا أو فرضا، على ما صرح به في "الإقناع"، وإن أوهم العطف قصره على النفل. قوله: (ولو جاهلا) أي: جاهل الوقت أو الحكم.

باب صلاة الجماعة

باب صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ: وَاجِبَةٌ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمُؤَدَّاةِ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ الْقَادِرِينَ وَلَوْ سَفَرًا فِي شِدَّةِ خَوْفٍ لَا شَرْطًا فَتَصِحُّ مِنْ مُنْفَرِدٍ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ مَعَ عُذْرٍ وَتَنْعَقِدُ بِاثْنَيْنِ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَلَوْ بِأُنْثَى أَوْ عَبْدٍ لَا بِصَبِيٍّ فِي فَرْضٍ وَتُسَنُّ بِمَسْجِدٍ ولِنِسَاءٍ مُنْفَرِدَاتٍ

_ قوله: (في غير جمعة وعيد) راجع لكل من قوله: (لا شرط) وقوله: (وتنعقد باثنين) وكذا قرره منصور البهوتي. وعبارة المصنف في الأول مشكلة؛ فإن الجمعة داخلة في الخمس المؤدَّاة على ما تقدم عنِ "المبدع" وقد جعل الجماعة للخمس واجبة لا شرطاً، فينبغي أن تحمل الخمس في كلامه على الظهر وما معها، أو يجعل الاستثناء راجعًا لقوله: (وتنعقد باثنين)، كما سلكه الشيخ منصور البهوتي في "شرحه". فتدبر. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله: (وعيد) أي: فيما يسقط به فرض الكفاية. قوله: (لا بصبي) أي: مأمومٍ

وَيُكْرَهُ لِحَسْنَاءَ حُضُورُهَا مَعَ رِجَالٍ وَيُبَاحُ لِغَيْرِهَا وَيُسَنُّ لِأَهْلِ كُلِّ ثَغْرٍ اجْتِمَاعٌ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَالْأَفْضَلُ لِغَيْرِهِمْ الْمَسْجِدُ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ إلَّا بِحُضُورِهِ فَالْأَقْدَمُ فَالْأَكْثَر جَمَاعَةٌ وَأَبْعَدُ أَوْلَى مِنْ أَقْرَبُ وَحُرِّمَ أَنْ يَؤُمَّ بِمَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ فَلَا تَصِحُّ إلَّا مَعَ إذْنِهِ أَوْ تَأَخُّرِهِ وَضِيقِ الْوَقْتِ وَيُرَاسَلُ أَنَّ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ قُرْبِ وَعَدَمِ مَشَقَّةٍ وَإِنْ بَعُدَ أَوْ لَمْ يُظَنَّ حُضُورُهُ، أَوْ ظُنَّ وَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ صَلُّوا

_ وحده والإمام بالغٌ. قوله: (ويكره لحسناء) ولو عجوزًا. قوله: (لأهل ثغرٍ) ويحرك. كما في "القاموس". قوله: (فالأكثر جماعة) وقيل: بتقديمه على الأقدم، كما في مختصر "المقنع"، وعلى ما هنا مشى في "الإقناع". لكن هذا مع الاستواء في البعد والقرب، وإلا فالأبعد يلي الأقدم، فهو مقدم على كثرة الجمع. قوله: (وأبعد ... إلخ) له مفهومان: أحدهما صحيح: وهو ما إذا استويا في كثرة الجمع أو اختلفا. والآخر غير مراد: وهو ما إذا اختلفا في القدم؛ فإن الأقدم أفضل ولو قريباً، خلافاً لما يوهمه عموم كلامه. محمد الخلوتي. فالأفضل الأقدم، ثم الأبعد، ثم الأكثر جماعة، كما يعلم من "شرحه".

وَمَنْ صَلَّى ثُمَّ أُقِيمَتْ سُنَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ وَكَذَا وَإِنْ جَاءَ مَسْجِدًا غَيْرَ وَقْتِ نَهْيٍ لِغَيْرِ قَصْدِهَا إلَّا الْمَغْرِبَ وَالْأُولَى فَرْضُهُ وَلَا تُكْرَهُ إعَادَةُ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ غَيْرَ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَلَا فِيهِمَا لِعُذْرٍ وَكُرِهَ قَصْدُ مَسْجِدٍ لَهَا وَيُمْنَعُ شُرُوعٌ فِي إقَامَةِ

_ قوله: (ومن صلى) يعني: الفرض منفردًا، أو في جماعة. قوله: (سن أن يعيد) أي: سواء كان في وقت نهي أو لا، حيث كان الشروع في الإقامة وهو بالمسجد. وأما من دخل المسجد وقد أقيمت، فإن الإعادة تسنُّ له بشرطين: أن لا يكون وقت نهي، وأن لا يكون مجيئه لقصد الإعادة. فالأول شرط لصحة الإعادة وسنيتها، والثاني شرط لسنيتها فقط. فعلى هذا من جاء لمسجد بعد الإقامة في غير وقتِ نهي، فإن كان بغير قصد الإعادة؛ سن أن يعيد، أو يقصدها كُرِه. وإن جاء بعد الإقامةِ وقت نهي؛ لم تجز الإعادة مطلقًا، أي: قصد الإعادة أو لا؛ بناءً على المذهب من عدم جواز ما له سبب من النفل في وقت النهي غير ما استثني، وهذا ليس منه، فهذه أربع صور فيمن دخل المسجد بعد الإقامةِ، وبقي صورة خامسةٌ، وهي ما إذا أقيمت، وهو بالمسجد، تُسنُّ فيها الإعادة مطلقًا. قوله: (في غير مسجدي مكة، والمدينة) أي: فقط. قوله: (ويمنع الشُّروع في إقامةٍ) يعني: يُريد الصلاة مع إمامها.

انْعِقَادُ نَافِلَةٍ وَمَنْ فِيهَا وَلَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يُتِمُّ إنْ أَمِنَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ تَسْلِيمَةِ الْإِمَامِ الْأُولَى أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ وَمَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ دُونَ الطُّمَأْنِينَةِ مَعَهُ اطْمَأَنَّ ثُمَّ تَابَعَ وَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَأَجْزَأَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَسُنَّ دُخُولُهُ مَعَهُ كَيْفَ أَدْرَكَهُ

_ قوله: (انعقاد نافلة) أي: لمن لم يصل، ولو جهل الإقامة، كما لو جهل وقت النهي، فلا تنعقد حيث كان الإحرام بعدها، وإلا فالأصل الإباحة، فتنعقد. قوله: (يتم إن أمن ... إلخ) يعني: يتم خفيفة. قوله: (فوت الجماعة) وإلا قطعها، قوله: (وأجزأته تكبيرة الإحرام) لعلَّ المراد بالإجزاء: أنه لا يطلب منه على سبيل الوجوب الإتيان بتكبيرة الركوع، بل تبقى في حقِّه سنة كما تقدم. ولا بد في ذلك من أن يخلص النية لتكبيرة الإحرام، فلو نوى بتكبيرة تكبيرة الإحرام، والركوع، أو نوى الركوع وحدَه؛ لم تنعقد صلاته. ولا بد أيضاً في أن يأتي بتكبيرة الإحرام قبل الخروج عن حد القيام، وإلا صارت نفلا، كما في "شرح الإقناع" وهو مشكل؛ لأنه إن قلنا: يتابع الإمام مع الحكم بنقليتها في حقه؛ فالنفل لا ينعقد ممن لم يصل بعد الإقامة، وإن قلنا: لا يتابع الإمام بل هو منفرد؛ فلا بد من القراءة. والأظهر: أنه إن فعل ذلك عمدًا؛ لم تنعقد فرضاً ولا نفلاً، وسهوا أو جهلا؛ صحت نفلاً، ولم يعتد ببقية الركعة، بل هو كالزيادة سهوًا، فيأتي بها منفردًا، ويسجدُ للسهو.

وَيَنْحَطُّ بِلَا تَكْبِيرٍ وَيَقُومُ مَسْبُوقٌ بِهِ وَإِنْ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ الثَّانِيَة وَلَمْ يَرْجِعْ انْقَلَبَتْ نَفْلًا وَمَا أَدْرَكَ آخِرُهَا وَمَا يَقْضِي أَوَّلُهَا فَيَسْتَفْتِحُ لَهُ وَيَتَعَوَّذُ وَيَقْرَأُ سُورَةً لَكِنْ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، أَوْ مَغْرِبٍ تَشَهَّدَ عَقِبَ أُخْرَى وَيَتَوَرَّكُ مَعَهُ وَيُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلِ حَتَّى يُسَلِّمَ وَيَتَحَمَّلُ عَنْ مَأْمُومٍ قِرَاءَةَ وَسُجُودَ سَهْوٍ

_ قوله: (بلا تكبير) ولو ساجدًا بأن أدركه في السجود. قوله: (ويقوم مسبوق به) كالقائم من التشهد الأول. قوله: (انقلبت نفلاً) لمفارقته الإمام بلا عذرٍ يبيح المفارقة قبل تمام الصلاة. ومنه يؤخذ أنه إذا انفرد مأموم في أثناء الصلاة بلا عذر؛ فإنها تنقلب نفلاً. ولعل محله في الثانية إذا لم يكن عالمًا عمدا، وأما الأولى، فقال منصور البهوتي: ظاهره لا فرق بين العمد والذكر، وضدهما، انتهى. ويمكن الفرق: بأن مفارقته قبل شروعه في الخروج من الصلاة أفحش. فتدبر.

وَتِلَاوَةٍ وَسُتْرَةَ وَدُعَاءَ قُنُوتٍ وَكَذَا تَشَهُّدٌ أَوَّلُ إذَا سَبَقَ بِرَكْعَةٍ وَسُنَّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ ويَتَعَوَّذَ فِي جَهْرِيَّةٍ وَيَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً حَيْثُ شُرِعَتْ فِي سَكَتَاتِهِ وَهِيَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ وَبَعْدَهَا وَتُسَنُّ هُنَا بِقَدْرِهَا وبَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ وفِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ أَوْ لَا يَسْمَعُهُ لِبُعْدٍ أَوْ طَرَشٍ إنْ لَمْ يَشْغَلْ مَنْ بِجَنْبِهِ وَمَنْ رَكَعَ، أَوْ سَجَدَ قَبْلَ إمَامِهِ عَمْدًا، حَرُمَ وَعَلَيْهِ وَعَلَى جَاهِلٍ وَنَاسٍ ذَكَرَ أَنْ يَرْجِعَ لِيَأْتِيَ بِهِ

_ قوله: (وتلاوة) يعني: من المأموم، أو من إمام في صلاة سر إذا سجد الإمام. قوله: (إذا سبق بركعة) وتسميع، قولو: ملء السماء ... إلخ. فهي ثمانية أشياء، لكن محل ذلك حيث كانت صلاة الإمام صحيحة، بخلاف ما إذا نسي حدثه حتى انقضت على ما سيجيء، فإنه لا بد في صحة صلاة المأموم من قراءة الفاتحة. قوله: (وإن لم يشغل من بجنبه) يقال: شغله من باب: قطع، فهو شاغل، ولا تقل: أشغله؛ لأنها لغة رديئة. "مختار". قوله: (ومن ركع أو سجد ونحوه قبل إمامه ... إلخ) اعلم: أن المأموم تارة يسبق إمامه إلى الركن؛ بأن يشرع في فعله قبل شروع الإمام، كأن يركع

_ قبل إمامه، أو يرفع من ركوع أو سجود قبله. وتارة يسبق إمامه بالركن؛ بأن يأتي به قبل إمامه، كأن يركع ويرفع قبل ركوع إمامه. وقد يسبقه بركنين فأكثر. وإذا سبقه بركنٍ؛ فتارة يكون ركوعًا، أو غيره. وإذا سبق بركنين؛ فتارة يكون أحدهما أيضا ركوعا، أو لا. إذا علمت ذلك؛ فحكم السبق إلى الركن أنه يحرم، ولا تبطل الصلاة به ولو عمدًا، لكن يجب عليه الرجوع؛ ليأتي بذلك مع الإمام، فإن لم يرجع حتى أدركه فيه الإمام عالما عمدًا؛ بطلت صلاته، وإن كان جاهلاً، أو ناسيًا؛ لم تبطل صلاته، بل يعتد بذلك الركن الذي سبقه إليه. وأما السبق بالركن، فإن كان ركوعاً؛ بطلت الصلاة، إن كان عالما عمدًا، وإن كان جاهلا أو ناسيا؛ بطلت تلك الركعة، إن لم يأت بذلك مع الإمام. وإن كان الركن الذي سبق به غير ركوع؛ لم تبطل الصلاة بنفس السبق به، كالسبق إليه ولو عمدًا، لكن عليه أن يرجع ليأتي به مع إمامه، فإن أبى عالما عمدا؛ بطلت صلاته، كما تقدم في السبق إلى الركن؛ لأن السبق بالركن يستلزم السبق إليه. وإن كان جاهلاً أوناسيًا؛ لم تبطل الصلاة. لكن ينبغي أن يعتد بما سبق به للعذر، كما في السبق إلى الركن. وأما السبق بركنين، فإن كان عالما عمدا؛ بطلت الصلاة؛ أي: سواءٌ كان أحدهما ركوعا أو لا، وإن كان جاهلاً أو ناسيا؛ بطلت تلك الركعة إن لم يأت بما سبق به مع الإمام، وكذا أكثر من ركنين.

مَعَهُ فَإِنْ أَبَى عَالِمًا عَمْدًا حَتَّى أَدْرَكَهُ فِيهِ بَطَلَتْ لَا جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَيَعْتَدُّ بِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي أَفْعَالِهَا بَعْدَهُ فَإِنْ وَافَقَهُ كُرِهَ وَإِنْ كَبَّرَ لِإِحْرَامٍ مَعَهُ أَوْ قَبْلَ إتْمَامِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَهُ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ

_ واعلم: أنه لا يعد سابقا بركن حتى يتخلص منه، فلا يعد سابقا بالركوع حتى يرفع، ولا بالرفع حتى يهوي إلى السجود. والتخلف عن الإمام بركن أو أكثر، كالسبق به على ما تقدم من التفصيل. قوله: (معه) المعية مصروفة إلى المعهودة شرعاً، وهي: اجتماعه معه في الطمأنينة لا في ابتداء الفعل. فتدبر. وبخطه على قوله: (معه) أي: عقبه، إذ تكره موافقته؛ كما سيجيء. قوله: (بطلت) أي: صلاته؛ لأنه ترك الواجب عمدًا. قوله: (بعده) أي: بعد شروع الإمام من غير تخلف، كما في " الإقناع". قوله: (لم تنعقد) ولو سهوًا.

أَوْ سَهْوًا وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَهُ بَطَلَتْ ومَعَهُ يُكْرَهُ وَلَا يَضُرُّ سَبْقُ بِقَوْلِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ سَبَقَ بِرُكْنِ بِأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بِرُكْنَيْنِ بِأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَهَوَى إلَى السُّجُودِ قَبْلَ رَفْعِهِ عَالِمًا عَمْدًا بَطَلَتْ وجَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ مَعَهُ لَا بِرُكْنٍ غَيْرِ رُكُوعٍ.

_ قوله: (ومعه يكره) والأولى أن يسلِّم بعد فراغه منهما. قوله: (لا بركنٍ غير ركوع) أي: لا تبطل الصلاة بسبق الإمام بركنٍ عمدًا غير ركوع؛ لأنه الذي يدرك به المأموم الركعة، وتفوت بفواته. قال في "شرح الإقناع": وظاهره: أن السبق بركنين يبطل الصلاة مع العمد مطلقا. انتهى.

_ وقوله مطلقا: أي: سواء كان أحدهما ركوعاً أو لا. ومحل عدم البطلان إذا سبق بركن غير ركوع عمدًا: إن أتى بذلك الركن مع الإمام، وإلا فيصدق عليه أنه تخلف بركن أيضاً، وهو كالسَّبْقِ بهِ، فكأنه سبق بركنين، فتبطل صلاته. هذا ما ظهر، فليحرر. وقد يؤخذ ذلك من قوله قبل: (فإن أبى عالماً ... إلخ). وتلخيص القول في السبق: أنه إذا سبق إمامه إلى ركنٍ، ولم يرجع حتى أدركه فيه، أو بركوع، أو ركنين غيره عالماً عمدا فيهن؛ بطلت صلاته مطلقا في الأخيرتين؛ أي: سواء أتى به مع الإمام أو لا، وسهوا أو جهلا؛ بطلت الركعة في الأخيرتين فقط إن لم يأت بذلك معه. والله اعلم. تنبيه: قضية كلام المصنف هنا كـ"الإقناع": أن الرفع والاعتدال ركن واحد. وهو مخالف لما ذكره المصنف في الأركان. وهما تابعان في ذلك لـ"الإنصاف"، فإنه قال ما نصه: فوائد: الأولى مثال ما إذا سبقه بركن واحد، أن يركع ويرفع قبل ركوع إمامه. ومثال سبقه بركنين: أن يركع ويرفع قبل ركوعه، ثم يسجد قبل رفعه، كما قاله المصنف يعني: الموفق فيهما. انتهى.

وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ بِلَا عُذْرٍ فَكَسَبْقٍ ولِعُذْرٍ إنْ فَعَلَهُ وَلَحِقَهُ وَإِلَّا لَغَتْ الرَّكْعَةُ وبِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ ولِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَسَهْوٍ وَزِحَامٍ إنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا تَرَكَهُ مَعَ أَمْنِ فَوْتِ الْآتِيَةِ وَإِلَّا لَغَتْ الرَّكْعَةُ والَّتِي تَلِيهَا عَوَضُهَا وَإِنْ زَالَ عُذْرُ مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ الْأُولَى وَقَدْ رَفَعَ إمَامُهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ وَتَصِحُّ لَهُ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ تُدْرَكُ بِهَا الْجُمُعَةُ وَإِنْ ظَنَّ تَحْرِيمَ مُتَابَعَتِهِ فَسَجَدَ جَهْلًا اُعْتُدَّ بِهِ

_ قوله: (ولعذر) كنومٍ وغفلةٍ وعجلةِ إمام. قوله: (ولحقه) ويجب ذلك، صحت. قوله: (مع أمن فوتِ الآتية) بطلت صلاته "شرح". فهو من حذف الجواب للعلم به.

فلَوْ أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَبِعَهُ وَتَمَّتْ جُمُعَتُهُ وبَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ تَبِعَهُ وَقَضَى وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ لِعُذْرٍ تَابَعَ وَقَضَى كَمَسْبُوقٍ وَسُنَّ لِإِمَامٍ التَّخْفِيفُ مَعَ الْإِتْمَامِ تَمْنَعُ مَأْمُومًا فِعْلَ مَا يُسَنُّ مَا لَمْ يُؤْثِرْ مَأْمُومٌ التَّطْوِيلَ وتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ إلَّا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي فَالثَّانِيَةُ أَطْوَلُ أَوْ بِيَسِيرٍ كَب سَبِّحْ

_ قوله: (وقضى) كمسبوق؛ أي: فيقضي بعد سلام إمامه ما فاته كمسبوق. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رجلٍ نعس خلف الإمام حتى صلى ركعتين. قال منصور البهوتي قلت: والمقضي هنا ليس أول صلاته دائما، بل حكمه حكم مافاته من صلاته معه. انتهى. وقد يقال: بل هو كالمسبوق في قضاء كلٍّ منهما ما فاته على صفته. قوله: (ما لم يؤثر) أي: يختر. قوله: (مأموم) أي: كلهم. قوله: (وتطويل قراءة الأولى) يعني: لإمام وغيره. "شرح". قوله: (في الوجه الثاني) أي: بأن كان العدو بغير جهة القبلة، وقسم المأمومين طائفتين.

وَالْغَاشِيَةِ وَانْتِظَارُ دَاخِلٍ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ وَمَنْ اسْتَأْذَنَتْهُ امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ كُرِهَ مَنْعُهَا وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لَهَا مَنْعُ مُوَلِّيَتِهِ إنْ خَشِيَ فِتْنَةً، أَوْ ضَرَرًا ومِنْ الِانْفِرَادِ فصل الْجِنُّ مُكَلَّفُونَ فِي الْجُمْلَةِ يَدْخُلُ كَافِرُهُمْ النَّارَ وَمُؤْمِنُهُمْ الْجَنَّةَ وَهُمْ فِيهَا كَغَيْرِهِمْ عَلَى قَدْرِ ثَوَابِهِمْ وَتَنْعَقِدُ ِهِمْ الْجَمَاعَةُ وَلَيْسَ مِنْهُمْ رَسُولٌ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إنَّ مَا بِيَدِهِمْ مِلْكُهُمْ مَعَ إسْلَامِهِمْ وَكَافِرُهُمْ كَالْحَرْبِيِّ

_ قوله: (ومن الانفراد) أي: عنه. قوله: (وتنعقد بهم الجماعة) لا الجمعة. عبارة "مغني ذوي الأفهام": وتصح صلاة صلاة جني خلف إنسي لا عسكه. والملائكة لا يكلفون بما يكلف به الإنس، فلا تصح من آدمي خلف ملك غير مأمور به زمن النبوة. انتهى. قوله: (كالحربي) أي: فيباح قتله؛ لأنه لم تعقد له ذمة. قاله ابن عبدالهادي.

وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ظُلْمُ الْآدَمِيِّينَ وَظُلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ وَبَوْلُهُمْ وَقَيْؤُهُمْ طَاهِرَانِ.

_ قوله: (ويحرم عليهم ظلم الآدميين) ويحرم زني بجني، ولواط، ولا يجب لهم قصاص، ولا يجوز تزويجهم. ويجب عليهم القصاص فيما أفسدوه من نفس أو طرف، ولا يجوز تسليطهم على إنسي في نفسٍ ولا مال، ويضمن من فعل ذلك، ويجوز ردُّهم عن إنسي بكل ممكن لمن قدر، ولا يجوز دفع زكاة إليهم، وتجوز معاملتهم، ويجوز استئجارهم على فعل شيء يجوز فعله، ولا تقبل شهادتهم على إنسي، وتقبل على بعضهم، وشهادة إنسي عليهم. ويجوز الحكم بينهم وبين إنسي. «مغني ذوي الأفهام» ملخصاً. قوله: (وبولهم) أي: وكذا غائطهم. وإنما اقتصر على المذكورين؛ لأنهما المنصوص عليهما في الحديث. قال الفارضي الحنبلي في «حاشية البخاري»: ومن جعل بول الشيطان في الأذن حقيقة استدل به على طهارة بول الجن وغائطهم، وهو مذهب أحمد؛ لأنه لم يؤمر بغسل الأذن. انتهى.

فصل الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْفَقِيهُ ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْفَقِيهُ ثُمَّ قَارِئٌ أَفْقَهُ ثُمَّ قَارِئٌ فَقِيهٌ ثُمَّ قَارِئٌ عَالَمٌ فِقْهَ صَلَاتِهِ مِنْ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا ثُمَّ قَارِئٌ لَا يَعْلَمُهُ ثُمَّ أَفْقَهُ وَأَعْلَمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ ثُمَّ أَسَنُّ ثُمَّ أَشْرَفُ وَهُوَ الْقُرَشِيُّ فَتُقَدَّمُ بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ قُرَيْشٍ. ثُمَّ الْأَقْدَمُ .....

_ وبخطه على قوله: (وبولهم) وكذا غائطهم. فارضي. قوله: (ثم الأجود قراءةً الفقيه) بقي أن يقول: ثم الجيد قراءة الأفقه، ثم الجيد قراءة الفقيه. قوله: (ثم الأقرأ) يعني: جودة وإن لم يكن فقيهًا، حيث عرف فقه صلاتِه. قوله: (ثم الأكثر قرآناً الفقيه) كان الأولى: ثم الكثير قرآناً الأفقه، ثمَّ الكثير قرآنا الفقيه. قوله: (ثم أفقه وأعلم ... إلخ) أي: غير قاريء، فيكون مقدمًا على أمي مثله لا يعلم. قوله: (بأحكام الصلاة) ولو أميَّاً. قوله: (ثم قريش) أي: باقي قريش. وبه سقط اعتراض الحجاوي على المنقح.

هِجْرَةً بِنَفْسِهِ وَسَبْقٌ بِإِسْلَامٍ كَهِجْرَةٍ ثُمَّ الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ ثُمَّ يُقْرَعُ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ عَبْدًا أَحَقُّ إلَّا مِنْ ذِي سُلْطَانٍ فِيهِمَا وَسَيِّدِهِ ببَيْتِهِ

_ قوله: (وسبق بإسلام ... إلخ) إذا اجتمع اثنان أحدُهما أقدم هجرة من الآخر، والثاني أسبق إسلاماً من الآخر، من المقدم منهما بالإمامةِ؟ والذي يؤخذ من كلامه في «الشرح الكبير»: أن المقدَّم في الهجرة أولى بالإمامة، سواء سبق بالإسلام، أو تأخَّر، أو ساوى غيره فيه. وعبارته: ومعنى (الأقدم هجرة): أن يهاجر إلينا اثنان من دار الحرب مسلمَين، فأسبقهما هجرة إلينا أولى. ثم قال: فإن لم يكن ذلك وكانا من أولاد المهاجرين، فإن السابق هجرة مقدم ولده، وكذلك إن لم يكن هجرة، بل كانا كافرين من أهل الذمة فأسلما، فإنه يقدم أقدمهما إسلامًا؛ لأنه أسبق إلى الطاعة. وكذلك جاء في حديث أبي مسعود في روايةٍ لأحمد ومسلم: «فأقدمهما سلما» يعني: إسلامًا، انتهى. محمد الخلوتي. قوله: (وصاحب البيتِ) أي: الصَّالح للإمامةِ. قوله: (ثمَّ الأتقى والأورع)

وَحُرٌّ أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ وَمُبَعَّضٍ

_ هما سيَّان على ظاهرِ كلامه، والورع كما قال القشيري في «رسالته»: اجتناب الشبهات. زاد القاضي عياض في «المشارق»: خوفاً من الله تعالى. قال ابن القيم: الفرق بين الزهد والورع؛ أن الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع: ترك ما يخشى ضرره في الآخرة. وبخطه أيضًا على قوله: (ثم الأتقى والأورع) قال بعضهم: التقوى ترك ما لا بأس به خوفا من الوقوع فيما به بأس، وهذا أعلى مراتبها على ما في «تفسير القاضي البيضاوي". وأدناها: توقي الشرك. وأوسطها: اتباع الأوامر واجتناب النواهي. وعلى هذا فليست مساوية للورع بسائر مراتبها، كما أنها ليست مساوية للزهد بسائر المراتب. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ومبعض) وهذا المبعض أولى من المكاتب لتلبسه بالحرية بالفعل، بخلاف

وَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ وَحَاضِرٌ وَبَصِيرٌ وَحَضَرِيٌّ وَمُتَوَضِّئٍ وَمُعِيرٌ وَمُسْتَأْجِرٌ أَوْلَى مِنْ ضِدِّهِمْ وَتُكْرَه إمَامَةُ غَيْرِ الْأَوْلَى بِلَا إذْنِهِ غَيْرَ إمَامِ مَسْجِدٍ وَصَاحِبِ بَيْتٍ فَتَحْرُمُ وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ فَاسِقٍ مُطْلَقًا إلَّا فِي جُمُعَةٍ وَعِيدٍ تَعَذُّرًا خَلْفَ غَيْرِهِ وَإِنْ خَافَ إنْ أَذًى، صَلَّى خَلْفَهُ وَأَعَادَ فَإِنْ وَافَقَهُ فِي الْأَفْعَالِ مُنْفَرِدٌ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ خَلْفَهُ بِإِمَامٍ لَمْ يُعِدْ

_ المكاتب، فإنه وإن فيه السبب، لكن لسنا على يقين من حصول عتقه بالفعل؛ لاحتمال تعجيزه، ومثله في ذلك المدبر، والمعلق عتقه بصفة قبل وجودها. قوله: (وهو) أي: المبعض، وكذا المكاتب. قوله: (ولا تصح إمامة فاسق ... إلخ) أي: فلا تصح صلاة المأموم. قوله: (وإن خاف أذى) أي: إن لم يصل خلف فاسق. قوله: (بإمام) يعني: في غير جمعة فيهما.

وَتَصِحُّ خَلْفَ أَعْمَى أَصَمَّ وَأَقَلْفَ وَأَقْطَعَ يَدَيْنِ، أَوْ رِجْلَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أَنْفٍ وَكَثِيرِ لَحْنٍ لَمْ يُحِلْ الْمَعْنَى وَالْفَأْفَاءِ الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ، والتَّمْتَامِ وَمَنْ لَا يَفْصَحُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ أَوْ يُصْرَعُ، مَعَ الْكَرَاهَةِ لَا خَلْفَ أَخْرَسَ وَكَافِرٍ وَإِنْ قَالَ مَجْهُولٌ هُوَ كَافِرٌ وَإِنَّمَا صَلَّى اسْتِهْزَاءً أَعَادَ مَأْمُومٌ وَإِنْ عُلِمَ لَهُ حَالَانِ أَوْ إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ وَأَمَّ فِيهِمَا وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّهِمَا ائْتَمَّ فَإِنْ عَلِمَ قَبْلَهَا إسْلَامَهُ أَوْ إفَاقَتَهُ، وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ، أَوْ جُنُونِهِ لَمْ يُعِدْ.

_ قوله: (أو رجلين) يعني: إذا أمكنه القيام؛ بأن يتخذ له رجلين من خشب وإلا فبمثله. قوله: (والفأفاء) الفأفاة كدحرجة، بهمزتين: التردد في الفاء، كذا في "المصباح"، والله أعلم. قوله: (مجهول) يعني: دينَهُ. قوله: (وإن أمَّ فيهما) أي: في المسألتين قوله: (في أيهما) أي: الحالين.

وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ مُسْتَمِرٌّ أَوْ عَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، أَوْ قُعُودٍ وَنَحْوِهِ أَوْ شَرْطٍ إلَّا بِمِثْلِهِ وَكَذَا عَنْ قِيَامٍ إلَّا الرَّاتِبَ بِمَسْجِدٍ الْمَرْجُوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ، وَيَجْلِسُونَ خَلْفَهُ وَتَصِحُّ قِيَامًا وَإِنْ اعْتَلَّ فِي أَثْنَائِهَا فَجَلَسَ أَتَمُّوا قِيَامًا وَإِنْ تَرَكَ إمَامٌ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا مُخْتَلَفًا فِيهِ بِلَا تَأْوِيلٍ، أَوْ تَقْلِيدٍ أَوْ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَا وعِنْدَ مَأْمُومٍ وَحْدَهُ لَمْ يُعِيدَا

_ قوله: (ونحوه) كاعتدالٍ. قوله: (وكذا عن قيام) فصله ليفصل فيه. قوله: (ويجلسون خلفه) يعني: ندباً. قوله: (وإن ترك إمام ركناً أو شرطاً) أي: من شروط الصلاة بعد أن يكون مستجمعاً لشروط الإمامة، بدليل أن العاجز عن الركوع مثلا لا تصح إمامته إلا بمثله، فلا تصح خلف فاسق ولو شافعيا إلا بالتقليد. وبخطه على قوله: (ركنا) كالطمأنينة. قوله: (أو شرطاً) كستر أحد العاتقين في الفرض. قوله: (بلا تأويل) أي: اجتهادٍ. قوله: (أو تقليد) أي: لمجتهدٍ. قوله: (عالما) المفهوم هنا فيه تفصيل، وهو أنه إن كان المتروك طهارة؛ فصلاة المأموم الغير العالم بذلك صحيحة، وإن كان غيرها؛ فغير صحيحة. ومثل الركن والشرط في الإعادة، الواجب إذا تركه عمداً. وأما إذا ترك ركناً سهواً، وأمكن تدراكه، فعلى ما تقدم. وبخطه على قوله: (عالماً) أي: أنه ركن أو شرط. قوله: (أو عند مأموم وحده لم يعيدا) أي: ما لم يعتقد مأموم

_ الإجماع على المتروك، كما بين ذلك بقوله: (وإن اعتقده .. إلخ) وإذا ترك المصاف للمأموم ركناً أو شرطاً عند صاحبه فقط، فهل نحكم بفذية من يعتقد ذلك ركناً أو شرطاً، مع كون التارك لا يعتقده أم لا؟ الظاهر من كلامهم: الثاني؛ وذلك لصحة إمامة هذا التارك في هذا الحال، وبخطه على قوله: (وعند مأموم وحده لم يعيدا) هل يقال: مثله لو ترك أحد مأمومين وقفا صفا ركنا، أو شرطا عند صاحبه فقط أي: فالمصافة صحيحة، ولا إعادة؟ الظاهر: نعم؛ كما يدل عليه تعليلهم صحة صلاة من لم يقف معه إلا محدث أو نجس، لا يعلم واحد منهما ذلك، حيث قالوا: لأنه لو كان إماما له، إذن لم يعد، فأولى إذا كان مصافاً. فيفهم من هذا: أن المصافة لا تزيد على الإقامة، بل قد صرحوا: بأنه يغتفر في المصافة، ما لا يغتفر في الإمامة؛ فجوزوا مصافة الأمي، والأخرس، والعاجز عن ركن، أو شرط، وناقص الطهارة؛ أي: العاجز عن إكمالها، والفاسق ونحو ذلك. قالوا: لأنه لا يشترط للمصافة صحة الإمامة، فهذا تصريح بأن الإمامة يحتاط لها أكثر من المصافة. والله أعلم. وبخطه أيضاً على قوله: (لم يعيدا) الأولى لم يعد؛ لأن الخلاف إنما هو في المأموم لا الإمام، إلا أن يقال: إنه أدرج الإمام، لئلا يتوهم بطلان صلاته، بارتباطها بمن لا تصح به. محمد الخلوتي.

وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مَأْمُومٌ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَبَانَ خِلَافُهُ أَعَادَ وَتَصِحُّ خَلْفَ مَنْ خَالَفَ فِي فَرْعٍ لَمْ يَفْسُقْ بِهِ وَلَا إنْكَارَ فِي َسَائِلِ الِاجْتِهَادِ.

_ قوله: (وإن اعتقده ... إلخ) هذا تقييد لما قبله، كأنه قال: لم يعيدا؛ أي الإمام والمأموم. أما الإمام؛ فمطلقاً وأما المأموم؛ فبشرط أن لا يعتقد الإجماع على المتروك، وإلا أعاد؛ لاعتقاده بطلان صلاة إمامه على مذهب الإمام والمأموم. وبخطه على قوله: (وإن اعتقده) أي: المتروك. قوله: (وتصح خلف من خالف في فرع لم يفسق به) علم منه: أنه لو فسق به؛ لم تصح خلفه، مع كونه مخالفاً. ومنه يعلم: أنه لا عبرة بعقيدة الإمام في شروط الإمامة؛ فلا بد من استجماع الإمام لشروط الإمامة، ثم بعد ذلك إذا ترك ركناً، أو شرطاً من شروط الصلاة عند المأموم وحده؛ لم يضر. وقد قال صاحب "المنتهى" في "شرحه": عند قوله: (وإن ترك إمام ركناً أو شرطاً) ما نصه: من شروط الصلاة ... انتهى. ومنه يعلم أيضاً: ما ذكرناه من أن شروط الإمامة لا بد من كمالها في الإمام. وإذا صلى شافعي مثلاً قبل الإمام الراتب؛ فالظاهر: أنه لا يجوز للحنبلي الاقتداء به؛ لأن ذلك من شروط الإمامة، لا من شروط الصلاة، كمت تقدم في الفاسق، خلافاً لما ذكره منصور البهوتي. فلا بد في إمامة الفاسق ونحوه من تقليد المأموم الحنبلي لمن يرى جواز ذلك. والله أعلم.

وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ أَوْ لِخَنَاثَى إلَّا عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ، إنْ كَانَا قَارِئَيْنِ وَالرِّجَالُ أُمِّيُّونَ فِي تَرَاوِيحَ فَقَطْ وَيَقِفَانِ خَلْفَهُمْ وَلَا مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي الْفَرْضِ وَتَصِحُّ فِي نَفْلٍ وفِي فَرْضِ بِمِثْلِهِ وَلَا إمَامَةُ مُحْدِثٍ وَلَا نَجِسٍ بِعِلْمِ ذَلِكَ وَإِنْ جَهِلَ مَعَ مَأْمُومٍ حَتَّى انْقَضَتْ

_ وبخطه على قوله: (وتصح خلف من خالف في فرع) أي: لا في أصل كمعتزلة، أو فرع فسق به؛ بأن اعتقد تحريمه. قوله: (ولا تصح إمامة امرأة ... إلخ) اعلم: أن الإمام، إما أن يكون رجلاً أو امرأة، أو خنثى، والمأموم كذلك، وثلاثة بتسع صورٍ، تصح الإمامة في خمس منها، وهي: الرجل برجل، أو امرأة، أو خنثى، وإمامة خنثى بامرأة، وإمامة امرأة بامرأة، ولا تصح في أربع، وهي إمامة المرأة برجل، أو خنثى، وإمامة الخنثى برجلٍ، أو خنثى، فتدبر. قوله: (ويعلم ذلك) وظاهره: ولو نسي بعد علمه. قوله: (فإن جهل مع مأموم ... إلخ) أي: جهل مع المأمومين كلهم حدث الإمام أو نجسه، حتى قضوا الصلاة؛ صحت صلاة مأموم وحده؛ أي: دون الإمام. ولا فرق بين

صَحَّتْ لِمَأْمُومٍ وَحْدَهُ إلَّا إنْ كَانُوا بِجُمُعَةٍ وَهُمْ بِإِمَامٍ أَوْ بِمَأْمُومٍ كَذَلِكَ أَرْبَعُونَ فَيُعِيدُ الْكُلُّ وَلَا أُمِّيٍّ وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ فِيهَا مَا لَا يُدْغَمُ أَوْ يُبَدِّلُ حَرْفًا إلَّا ضَادَ الْمَغْضُوبِ، والضَّالِّينَ بِظَاءٍ أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى، عَجْزًا عَنْ إصْلَاحِهِ إلَّا بِمِثْلِهِ

_ الحدث الأكبر والأصغر، ولا بين نجاسة الثوب، والبدن، والبقعة. وعلم منه: أنه إن علم الإمام، أو بعض المأموين قبل الصلاة أو فيها؛ أعاد الكل. قال: منصور البهوتي: وظاهره ولو نسي بعد علمه به. قوله: (صحت لمأموم وحده) إن كان قرأ الفاتحة؛ لأنه إنما يتحملها عنه مع صحة إمامته، كما صرح به ابن قندس في "حواشي الفروع". قوله: (أو يدغم فيها) وهو: الأرت بالمثناة. قوله: (أو يبدل حرفاً) وهو: الألثغ. قوله: (إلا ضاد المغضوب ... إلخ) محصل هذا الكلام: أن الأمي لا تصح إمامته إلا بمثله حيث كان ذلك عجزاً، إلا من يبدل الضاد في الموضعين بظاءٍ عجزاً، فغنها تصح إمامته، ولو بغير مثله، خلافاً "للمغني" وابن نصر الله، سواء

فَإِنْ تَعَمَّدَ أَوْ قَدَرَ عَلَى إصْلَاحِهِ أَوْ زَادَ عَلَى فَرْضِ الْقِرَاءَةِ عَاجِزٌ عَنْ إصْلَاحِهِ عَمْدًا لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ أَحَالَهُ فِيمَا زَادَ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ لِآفَةٍ صَحَّتْ وَمِنْ الْمُحِيلِ فَتْحُ هَمْزَةِ اهْدِنَا وَكُرِهَ أَنْ يَؤُمَّ أَجْنَبِيَّةً فَأَكْثَرَ لَا رَجُلَ فِيهِنَّ أَوْ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ بِحَقٍّ وَلَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ وَلَدِ زِنًا وَلَقِيطٍ وَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ، وَخَصِيِّ، وَجُنْدِيٍّ وَأَعْرَابِيٍّ إذَا سَلِمَ دِينُهُمْ وَصَلُحُوا لَهَا

_ عرف الفرق أم لا، كما يفهم من "حاشية المنتهى". وفي كلامه في "شرح الإقناع" نظر، والله أعلم. قوله: (أو قوماً ... إلخ) أي: يكره أن يؤم قوماً ... إلخ وعلم منه: أنه لا يكره الائتمام به، وصرح به في "الإقناع": قال: لأن الكراهة في حقه. قوله: (أكثرهم) فإن كرهه بعضهم؛ لم يكره. والأولى أن لا يؤمهم. "إقناع".

وَلَا أَنْ يَأْتَمَّ مُتَوَضِّئٌ بِمُتَيَمِّمٍ وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ مُؤَدِّي صَلَاةٍ بِقَاضِيهَا وعَكْسُهُ وقَاضِيهَا مَنْ يُؤَمُّ بِقَاضِيهَا مِنْ آخَرَ لَا بِمُصَلٍّ غَيْرَهَا وَلَا مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ إلَّا إذَا صَلَّى بِهِمْ فِي خَوْفٍ صَلَاتَيْنِ وَيَصِحُّ عَكْسُهَا.

_ قوله: (ولا أن يأتم متوضيء ... إلخ) المعلوم مما تقدم صحة إمامة المتيمم بالمتوضيء؛ حيث جعل المتوضيء أولى منه، وبين هنا أن الصحة مع عدم الكراهة. لكن فيه تأمل. وجه التأمل أنه تقدم: تكره إمامة غير الأولى بلا إذنه، وقد يقال: إن ما تقدم في كراهة الإمامة، وما هنا في عدم كراهة الائتمام، فلم يتوارد على محل واحد. قوله: (لا بمصل غيرها) أي: إلا ظهراً خلف جمعة إذا أدركه مسبوق بعد الثانية وقبل السلام. من خط تاج الدين البهوتي. قوله: (ولا مفترض بمتنفل). غير عيد خلف شافعي يرى سنيتها فيما يظهر. قاله في "الحاشية". بقي إذا صلى الشافعي الظهر مثلا إماماً بعد فعله لها، فهل لحنبلي أن يصلي خلفه؟ الظاهر: لا. قوله: (إلا إذا صلى بهم في خوف ... إلخ) وهو الوجه الرابع.

فصل السُّنَّةُ وُقُوفُ إمَامِ جَمَاعَةٍ مُتَقَدِّمًا إلَّا الْعُرَاةِ فوَسَطًا وُجُوبًا وامْرَأَةً أَمَّتْ نِسَاءً، فَوَسَطًا نَدْبًا وَإِنْ تَقَدَّمَهُ مَأْمُومٌ، وَلَوْ بِإِحْرَامٍ لَمْ تَصِحَّ لَهُ

_ قوله: (السنة وقوف إمام جماعة) يوهم أن غير التقدم خلاف السنة فقط، مع أنه صادق بأمرين: وهو التساوي والتأخر. فأما التساوي، فسيأتي أنه واجب في بعض الصور. وأما التأخر، فهو مبطل إلا فيما هو مستثنى. فالاعتماد في المفهوم على التفصيل الآتي. قوله: (متقدماً) حال. والقاعدة: أنه إذا كان في الجملة قيد، فهو مصب الحكم. فالمحكوم عليه حينئذ بأنه سنة كون الإمام متقدماً، لا وقوفه متقدماً؛ إذ الوقوف نفسه الذي هو القيام ركن في الفرض كما سبق. محمد الخلوتي. قوله: (وإن تقدمه مأموم ولو بإحرام؛ لم تصح له) أي: للمأموم الذي تقدم على إمامه؛ أي: لم تصح صلاته. ثم إن كان متقدماً على الإمام حال الإحرام؛ لم تنعقد صلاته، وإن تقدم بعد إحرامه؛ بطلت صلاته بتقدمه. وأما صلاة الإمام ففيها تفصيل، فلذلك سكت عنه، واقتصر على عدم صحة صلاة المأموم؛ لأن بطلانها لا تفصيل فيه. فأما الإمام فلا يخلو: إما أن يكون معه غير المأموم المتقدم كما لو كان عن يمين الإمام واحد فأكثر، أو كان خلفه اثنان فأكثر، فصلاة الإمام مع من لم يتقدم عليه صحيحة. وإمام أن لا يكون معه غير المتقدم؛

غَيْرُ قَارِئَةٍ أَمَّتْ رِجَالًا أَوْ خَنَاثَى أُمِّيِّينَ فِي تَرَاوِيحَ

_ ففي ذلك ثلاث صور: أحداها: أن يكون المتقدم لم تنعقد صلاته، لكونه أحرم متقدماً. ففي هذه الصورة تبطل صلاة الإمام، كما تقرر فيمن أحرم ظاناً حضور مأموم، ولم يحضر. الثانية: أن يكون المتقدم كان أحرم عن يمين الإمام ثم تقدم. ففي هذه لا تبطل صلاة الإمام، كما تقرر أيضاً في قولهم: لا إن دخل ثم انصرف. الثالثة: أن يكون المتقدم كان أحرم خلفه أو عن يساره، ثم تقدم. فالظاهر: عدم صحة صلاة الإمام أيضاً؛ لأن هذا المتقدم لم يحرم في موقف يصح اقتداؤه بالإمام فيه، فكأنه لم يدخل معه، كما يقتضيه كلام "الإقناع" وغيره، خلافاً لما فهمه منصور البهوتي. ولهذا ذكر في "الإقناع": لو أم أمي قارئا وأمياً وقفاً خلفه، أو القاريء عن يمينه والأمي عن يساره، لم تصح صلاتهم. انتهى. وأما قولهم: ومن صلى يسار إمام مع خلو يمينه، أو وقف فذا خلفه، أو خلف الصف، وصلى ركعة لم تصح، فلا يدل على صحة صلاة الإمام مطلقاً، ويكون هذا داخلاً في قولهم: لا إن دخل ثم انصرف، بل إنما يدل على بطلان صلاة المأموم جزماً. وأما صلاة الإمام ففيها التفصيل السابق. فتأمل هذا المحل، فإنه مهم، والله أعلم.

وَفِيمَا إذَا تَقَابَلَا، أَوْ تَدَابَرَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ لَا إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِ إمَامِهِ وَفِيمَا إذَا اسْتَدَارَ الصَّفُّ حَوْلَهَا وَالْإِمَامُ عَنْهَا أَبْعَدُ مِمَّنْ هُوَ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَفِي شِدَّةِ خَوْفٍ إنْ أَمْكَنَتْ مُتَابَعَةُ وَالِاعْتِبَارُ بِمُؤَخَّرِ قَدَمٍ وَإِنْ وَقَفَ جَمَاعَةٌ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ بِجَانِبِهِ صَحَّ وَيَقِفُ وَاحِدٌ، رَجُلٌ، أَوْ خُنْثَى عَنْ يَمِينِهِ وَلَا يَصِحُّ خَلْفَهُ وَلَا مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ عَنْ يَسَارِهِ وَإِنْ وَقَفَ يَسَارَهُ أَحْرَمَ، أَوْ أَدَارَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ فَوَقَفَا خَلْفَهُ

_ قوله: (وفيما إذا تقابلا) ولو خارج الكعبة. قوله: (في غير جهته) هو مراد "الإقناع" من قوله: في الجهة المقابلة له، وليس غرضه بالجهة المقابلة ما كان بإزائه فقط؛ لأن هذا لم يقل به أحد من الأصحاب، بل المراد بالمقابلة: الجهات الثلاث الباقية؛ لأن القصد إنما هو الاحتراز عما إذا كان جهتهما واحدة، والإمام أبعد عن القبلة؛ فإن المأموم يصير في حكم المتقدم على الإمام. محمد الخلوتي. قوله: (ويقف واحد ... إلخ) مفهوم قوله: (واحد) أن أكثر منه تصح عن يساره مع خلو يمينه كخلفه. والمذهب البطلان. تاج الدين البهوتي. قوله: (فوقفا خلفه) يعني: أصابا السنة.

وَإِلَّا أَدَارَهُمَا خَلْفَهُ فَإِنْ شَقَّ تَقَدَّمَ عَنْهُمَا وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ أَحَدِ اثْنَيْنِ صَفًّا تَقَدَّمَ الْآخَرُ إلَى يَمِينِهِ أَوْصَفٍّ أَوْ جَاء آخَرُ وَإِلَّا نَوَى الْمُفَارَقَةَ وَإِنْ وَقَفَ الْخَنَاثَى صَفًّا. لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ أَوْ خُنْثَى امْرَأَةً فَخَلْفَهُ وَإِنْ وَقَفَتْ بِجَانِبِهِ فَكَرَجُلٍ وبِصَفِّ رِجَالٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ مَنْ يَلِيهَا وخَلْفَهَا وَصَفٌّ تَامٌّ مِنْ نِسَاءٍ لَا يَمْنَعُ اقْتِدَاءَ مَنْ خَلْفَهُنَّ مِنْ رِجَالٍ

_ قوله: (أو جاء آخر) ليس في العبارة ما يحسن عطفه عليه، ففي التركيب من التهافة ما لا يخفى، وقد أبعد في توجيهه في "الشرح" حيث قال: فإن أمكنه التقدم فتقدم، أو جاء آخر فوقف معه قبل أن يتقدم؛ استغنى به عن التقدم. انتهى. فجعله عطفاً على محذوف مفرع على شرط محذوف مع جوابه، وفيه من البعد وكثرة الحذف ما لا يخفى. والأقرب أن المحذوف أداة الشرط وجوابه، والأصل: فإن تقدم الآخر إلى يمينه أو صف. قوله: (أو جاء آخر) عطف على فعل الشرط وهو: تقدم، وجواب الشرط محذوف تقديره، صحت صلاته. وقوله: (وإلا) أي: لم يقع شيء من ذلك ... إلخ. محمد الخلوتي. قوله: (فخلفه) مقتضى قولهم: حكم الخنثى الاحتياط: أن لا تقف المرأة خلفه، بل بجنبه عن يمينه؛ لجواز أن يكون امرأة، لكن القاعدة أغلبية. قوله: (وإن وقفت بجانبه) أي: الإمام.

وَسُنَّ أَنْ يُقَدَّمَ مِنْ أَنْوَاعِ أَحْرَارٌ بَالِغُونَ فَعَبِيدٌ الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ فَصِبْيَانٌ فَنِسَاءٌ كَذَلِكَ وجَنَائِزَ إلَيْهِ وَإِلَى قِبْلَةٍ فِي قَبْرٍ، حَيْثُ جَازَ حُرٌّ بَالِغٌ، فَعَبْدٌ فَصَبِيٌّ فَخُنْثَى فَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ إلَّا كَافِرٌ وامْرَأَةٌ، أَوْ خُنْثَى أَوْ مَنْ يَعْلَمُ حَدَثَهُ، أَوْ نَجَاسَتَهُ، أَوْ مَجْنُونٌ

_ قوله: (فامرأة كذلك) راجع لقوله: (فصبي) وما بعده. قوله: (إلا كافر أو امرأة أو خنثى) أي: وإن لم يعلم ذلك على ما يقتضيه إطلاقه. قوله: (أو من يعلم حدثه ... إلخ) يعني: إذا لم يقف مع المأموم إلا شخص يعلم ذلك المأموم حدث هذا الشخص أو نجاسته، فقد قال في "شرح الإقناع": وكذا لو علم المصاف حدث أو نجس نفسه. قال في "الشرح": وكذا إذا وقف معه سائر من لا تصح صلاته فدل أن من صحت صلاته؛ صحت مصافته. قاله في "شرح الإقناع". وبخطه على قوله: (أو من يعلم حدثه) لم يبرز الضمير مع جريان الوصف على غير من هو له؛ لأن العامل فعل، ومعه لا يجب الإبراز باتفاق البصريين والكوفيين بخلاف الوصف، كما في الرضي

أَوْ في فرض صَبِيٌّ ففذ وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَوْ الصَّفَّ غَيْرَ مَرْصُوصٍ وَقَفَ فِيهِ وَإِلَّا فَعَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ بِنَحْنَحَةٍ، أَوْ كَلَامٍ أَوْ إشَارَةِ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ وَيَتْبَعُهُ وَكُرِهَ بجَذْبِهِ

_ وابن الناظم. قوله: (أو في فرض) أي: فرض عين أو كفاية. فيشمل صلاة الجنازة. وقد صرح الشيخ منصور البهوتي في الحاشية في الجنائز؛ بأنه لا يصح فيها صلاة الفذ، خلافاً لابن عقيل، والقاضي في "التعليق"، فتقييد المصنف بطلان صلاة الفذ بما إذا صلى ركعة بالنظر لأكثر أفراد الصلاة وأغلبها. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله: (أو في فرض) قدمه؛ لئلا يوهم عوده للكل. قوله: (وقف) أي: فيما ذكر، أو من الحذف من الأول لقرينة. قوله: (ويتبعه) يعني: وجوباً.

وَمَنْ صَلَّى يَسَارَ إمَامٍ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ أَوْ فَذًّا وَلَوْ امْرَأَةً خَلْفَ امْرَأَةٍ رَكْعَةً لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ رَكَعَ فَذًّا لِعُذْرٍ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ أَوْ وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ صَحَّتْ

_ قوله: (ومن صلى يسار إمام) يعني: ولو جاهلاً. قوله: (مع خلو يمينه) أي: فهو فذ حكماً. قوله: (أو فذا) أي: حقيقة. فائدة: لو زحم في الجمعة، فأخرج عن الصف بعد الركعة الأولى؛ نوى المفارقة، وصحت جمعته، فإن لم ينو المفارقة، بل تابع الإمام ظاناً الجواز؛ فقال بعضهم: بالصحة. قوله: (لم تصح) يعني: للفذ ومن في حكمه. قوله: (وإن ركع فذاً لعذر) أي: بأن خاف فوت الركعة، وذلك كما إذا دخل والإمام راكع، ولم يمكنه الدخول في الصف، ولا الوقوف عن يمين الإمام، فكبر دون الصف فذاً طمعاً في إدراك الركعة، ثم دخل الصف، أو وقف معه آخر ولو بعد رفعه قبل سجود الإمام؛ صحت صلاته. فلو

فصل يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ يُمْكِنُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ إذَا رَأَى الْإِمَامَ، أَوْ رَأَى مَنْ وَرَاءَهُ وَلَوْ فِي بَعْضِهَا، أَوْ مَنْ شُبَّاكٍ أَوْ كَانَا بِهِ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ وَلَا مَنْ وَرَاءَهُ إذَا سَمِعَ التَّكْبِيرَ

_ ركع لغير عذر؛ بأن لا يخاف فوت الركعة، فإن دخل الصف، أو وقف معه آخر قبل رفعه وقبل سجود الإمام؛ صحت، وإلا فلا. قوله: (يصح اقتداؤ ... إلخ) حاصله: أن المقتدي إما أن يكون مع الإمام في المسجد، وإما أن يكون المأموم وحده خارجه. ففي الأولى: يكفي لصحة الاقتداء أحد أمرين: الرؤية، أو سماع التكبير. وفي الثانية: لا بد من الرؤية. قوله: (إذا رأى الإمام) أي: بالفعل، خلافاً لمنصور البهوتي. وبخطه على قوله: (إذا رأى الإمام أو من وراءه) قال منصور البهوتي: الظاهر أن المراد: إمكان الرؤية لولا المانع إن كان، فلو كان بالمأموم عمى، أو كان في

لَا إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ خَارِجَهُ

_ ظلمة وكان بحيث يرى لولا ذلك؛ صح اقتداؤه حيث أمكنته المتابعة، ولو بسماع التكبير. قوله: (لا إن كان المأموم وحده خارجه) هذا راجع لقوله: (ولو لم يكن بالمسجد ... إلخ) الشامل لما إذا كان الإمام وبعض المأمومين بالمسجد، وبعضهم خارجه، ولما إذا كان الإمام وحده في المسجد، والمأمومون كلهم خارج المسجد. والصورة الأولى هي المرادة بالصحة فيما تقدم؛ ولهذا نص على عدم الصحة في الثانية. فقوله: (لا إن كان ... إلخ) فهو كالاستثناء من عموم ما تقدم. والحاصل: أن الإمام إن كان بمسجد، فإما أن يكون معه جميع المأمومين، أو بعضهم، أو لا يكون معه في المسجد أحد منهم، بل يكونون كلهم خارجه. وعلى هذين التقديرين الأخيرين، فإما أن يكون الخارج عن مسجد الإمام في مسجد أو لا. فهذه خمس صور، الإمام فيها كلها في مسجد، وإن كان الإمام في غير مسجد: ففي ذلك صورتان؛ لأن الإمام إما أن يكون بمسجد أو لا، سبع صور في اقتداء المأموم بالإمام. وملخص الحكم فيها: أنه حيث كان الإمام بمسجد صح اقتداء من معه بذلك المسجد حيث أمكن برؤية للإمام، أو لمن وراءه، أو بسماع التكبير.

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ أَوْ طَرِيقٌ وَلَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ، حَيْثُ صَحَّتْ فِيهِ أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ بِسَفِينَةٍ وَإِمَامُهُ فِي أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ وَكُرِهَ عُلُوُّ إمَامٍ عَنْ مَأْمُومٍ مَا لَمْ يَكُنْ كَدَرَجَةِ مِنْبَرٍ وَتَصِحُّ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا وَهُوَ ذِرَاعٌ فَأَكْثَرُ وَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَأْمُومٍ وَلَا بِقَطْعِ الصَّفِّ إلَّا عَنْ يَسَارِهِ إذَا بَعُدَ بِقَدْرِ مَقَامِ ثَلَاثَةِ

_ وما سوى هذه الصورة لا بد من رؤية الإمام أو من وراءه. وبخطه على قوله: (لا إن كان المأموم وحده ... إلخ) أي: فلا يكفي سماع التكبير. قوله: (حيث صحت فيه) كجمعة، وعيد، وجنازة. قوله: (وإمامه في أخرى) يعني: غير مقرونة بها. قوله: (وكره علو إمام عن مأموم) فإن كان مع الإمام أحد مساو له أو أعلى منه؛ زالت الكراهة. صرح بالصورتين في "المغنى". ابن نصر الله على الزركشي -رحمه الله تعالى-. قوله: (ولا بقطع الصف ... إلخ) وكذا بعد الصف منه نصاً؛ لا بأس به. وقربه منه أفضل. وكذا توسط الإمام للصف. قاله في "الإقناع". قوله: (إلا عن يساره) اعلم أن وقوف المأموم مع الإمام على ثلاثة أحوال: تارة يكون خلفه، وتارة يكون يمينه، وتارة يكون يساره. ولا يكون قدامه على الصحيح إلا إذا

وَتُكْرَهُ صَلَاتُهُ فِي طَاقِ الْقِبْلَةِ إنْ مَنَعَ ذَلِكَ مُشَاهَدَتَهُ وتَطَوُّعُهُ بَعْدَ مَكْتُوبَةٍ مَوْضِعُهَا ومُكْثُهُ كَثِيرًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَيْسَ ثَمَّ نِسَاءٌ ووُقُوفُ مَأْمُومِينَ بَيْنَ سَوَارٍ تَقْطَعُ الصُّفُوفَ عُرْفًا بِلَا حَاجَةٍ فِي الْكُلِّ وَيَنْحَرِفُ إمَامٌ إلَى مَأْمُومٍ جِهَةَ قَصْدِهِ وَإِلَّا فعَنْ يَمِينِهِ وَاِتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ وَحَرُمَ بِنَاءُ مَسْجِدٍ، يُرَادُ بِهِ الضَّرَرُ لِمَسْجِدٍ بِقُرْبِهِ، فَيُهْدَمُ وَكُرِهَ حُضُورُ مَسْجِدٍ، وجَمَاعَةٍ لِآكِلِ بَصَلٍ، ، أَوْ فُجْلٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ

_ تقابلا داخل الكعبة، وإذا علمت ذلك؛ فانقطاع الصف بوقوع فرجة فيه: تارة يكون بقدر مقام ثلاثة رجال فأكثر، وتاؤة يكون أقل. والمنقطع: تارة يكون واحداً، وتارة يكون متعدداً. فهذه اثنتا عشرة صورة، عشر منها صحيحة، واثنتان تبطل فيهما صلاة المنقطع، وهما: ما إذا كان القطع في صف وقف بجنب الإمام عن يساره، وكانت الفرجة بقدر مقام ثلاثة فأكثر، فإنها تبطل صلاة المنقطع واحداً أو أكثر. وقد أشار المصنف إلى الصور كلها منطوقاً ومفهوماً. قوله: (فيهدم) يعني: وجوباً. قوله: (وكره حضور مسجد ... إلخ) أي: ولو لم يكن به أحد.

فصل يعذر بترك جمعة وجماعة مريض وخَائِفٌ حُدُوثَ مَرَضٍ لَيْسَا بِالْمَسْجِدِ وَتَلْزَمُ الْجُمُعَةُ مَنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِإِتْيَانِهَا رَاكِبًا، أَوْ مَحْمُولًا وَتَبَرَّعَ أَحَدٌ بِهِ أَوْ بِقَوْدِ أَعْمَى ومَنْ يُدَافِعُ أَحَدَ الْأَخْبَثَيْنِ أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَلَهُ الشِّبَعُ أَوْ لَهُ ضَائِعٌ يَرْجُوهُ أَوْ يَخَافُ ضَيَاعَ مَالِهِ أَوْ فَوَاتَهُ أَوْ ضَرَرًا فِيهِ أَوْ فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا أَوْ مَالٍ اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ، وَلَوْ نِظَارَةُ بُسْتَانٍ، أَوْ قَرِيبِهِ أَوْ رَفِيقِهِ أَوْ كَانَ يَتَوَلَّى تَمْرِيضَهُمَا، وَلَيْسَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ضَرَرِ لِصٍّ، أَوْ سُلْطَانٍ

_ قوله: (وتلزم الجمعة ... إلخ) هذا كالتقييد لما تقدم من قوله: (يعذر ... إلخ) وحاصله: أن المريض، والخائف حدوث مرض يعذر في ترك الجماعة، ولو أمكنه إتيانها راكباً أو محمولاً بلا ضرر، وفي ترك الجمعة إن لم يمكنه ذلك. قوله: (أو تبرع أحد به) أي: بالركوب والحمل. والجملة عطف على محذوف علم من المقام، تقديره: قدر عليه أو تبرع ... إلخ. قوله: (أو بحضرة طعام ... إلخ) ليس الحضور قيداً، بل حيث كان تائقاً. قوله: (أو موت قريبه ... إلخ) بالنصب عطفاً على: (ضياع) على حذف مضاف، والمعنى: أو يخاف حصول موت قريبه أو رفيقه في غيبته. قوله: (أو تمريضهما) بالنصب

أَوْ مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ أَوْ فَوْتَ رُفْقَةٍ بِسَفَرٍ مُبَاحٍ أَنْشَأَهُ، أَوْ اسْتَدَامَهُ أَوْ غَلَبَهُ نُعَاسٌ يَخَافُ بِهِ فَوْتَهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ مَعَ إمَامٍ أَوْ أَذًى بِمَطَرٍ وَوَحَلٍ وَثَلْجٍ وَجَلِيدٍ وَرِيحٍ بَارِدَةٍ بِلَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ أَوْ بِتَطْوِيلِ إمَامٍ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَوَدٌ يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْهُ لَا مَنْ عَلَيْهِ حَدُّ أَوْ بِطَرِيقِهِ أَوْ بِالْمَسْجِدِ مُنْكَرٌ، كَدُعَاةِ الْبُغَاةِ وَيُنْكِرُهُ بِحَسَبِهِ

_ أيضاً على تقدير عامل مناسب، نحو: يتولى تمريضهما، أو على تضمين الأول، أعني: (يخاف) العامل في: (ضياع ماله) معنى يصلح للكل، نحو: يراعي، فكأنه قال: أو يراعي ضياع ماله، أو موت قريبه أو رفيقه، أو تمريضها على حد: علفتها تبناً وماء بارداً ويحتمل كونهما مجرورين، أعني: (موت)، (وتمريض) لكن بتكلف. قوله: (ووحل) الوحل ويحرك: الطين الرقيق. "قاموس". وفي "شرحه": إن التسكين لغة رديئة. قوله: (باردة) يعني: لو لم تكن شديدة، كما في "الإقناع". قوله: (أو عليه قود) يعني: في نفس أو طرف قوله: (لا من عليه حد) أي: لله تعالى؛ لأنه لا يرجو العفو عنه، بخلاف حد القذف، فإنه مثل القود. كما في "الإقناع"، خلافاً للمصنف في "شرحه". وبخطه على قوله: (لا من عليه حد) ولو رجا العفو عنه.

باب صلاة أهل الأعذار

باب صلاة أهل الأعذار تَلْزَمُ مَكْتُوبَةٌ الْمَرِيضَ قَائِمًا وَلَوْ كَرَاكِعٍ، أَوْ مُعْتَمِدًا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا.

_ باب صلاة أهل الأعذار جمع عذر، كقفل وأقفال: وهو ما يرفع اللوم عما حقه أن يلام عليه. "مطلع". وبابه: ضرب، فالمصدر بالفتح، والاسم بالضم. قوله: (قائماً) أي: إن قدر. قوله: (يقدر عليها) قدرت على الشيء أقدر -من باب: ضرب- قويت عليه وتمكنت منه، والاسم: القدرة. قاله في "المصباح". وقدر يقدر، كعلم يعلم لغة فيه، كما في "المختار". وأما قدرت الشيء قدراً -فهو من بابي: ضرب وقتل- بمعنى: قدرته تقديراً، والاسم: القدر، بفتحتين. وقوله صلى الله عليه وسلم: "فاقدروا له"؛ أي: قدروا عدة الشهر. وقدر الله الرزق يقدره ويقدره: ضيقه. وقرأ السبعة: (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) [الرعد: 26]. بالكسر. فهو أفصح، ولهذا قال بعضهم:

فَإِنْ عَجَزَ أَوْ شَقَّ لِضَرَرٍ أَوْ زِيَادَةِ مَرَضٍ، أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ وَنَحْوِهِ فقَاعِدًا مُتَرَبِّعًا نَدْبًا وَيُثْنِي رِجْلَيْهِ فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَمُنْتَفَلٍ فَإِنْ عَجَزَ أَوْ شَقَّ وَلَوْ بِتَعَدِّيهِ بِضَرْبِ سَاقِهِ فَعَلَى جَنْبِهِ والْأَيْمَنُ أَفْضُلُ وَتُكْرَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى جَنْبِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ وَيُومِئ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ

_ الرواية في قوله صلى الله عليه وسلم: (فاقدروا له) بالكسر، انتهى. "مصباح". قوله: (ونحوه) كوهن بقيام. قوله: (فقاعداً) يعني: وجوباً. قوله: (ورجلاه إلى القبلة) هذا قيد معتبر في صحة الصلاة على هذه الحالة. أما لو استلقى على ظهره، ورجلاه إلى غير القبلة، فإنه يصير مستدبراً القبلة؛ فلا تنعقد صلاته. محمد الخلوتي. قوله: (وإلا تعين) أي: بلا كراهة. قوله: (ويوميء) يعني: برأسه. قوله: (بركوع وسجود) أي: عاجز عنهما.

وَيَجْعَلُهُ أَخْفَضَ وَإِذَا سَجَدَ مَا أَمْكَنَهُ عَلَى شَيْءٍ رُفِعَ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى وِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ نَاوِيًا مُسْتَحْضِرًا الْفِعْلَ والْقَوْلَ إنْ عَجَزَ عَنْهُ بِقَلْبِهِ كَأَسِيرٍ خَائِفٍ وَلَا تَسْقُطُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ فِي أَثْنَائِهَا انْتَقَلَ إلَيْهِ فَيَقُومُ أَوْ يَقْعُدُ وَيَرْكَعُ بِلَا قِرَاءَةٍ مَنْ قَرَأَ وَإِلَّا قَرَأَ وَإِنْ أَبْطَأَ مُتَثَاقِلًا مَنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ فَعَادَ الْعَجْزُ فَإِنْ كَانَ بِمَحِلِّ قُعُودٍ كَتَشَهُّدٍ صَحَّتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ، وَلَوْ جَهِلُوا

_ قوله: (ويجعله أخفض) للخبر وللتمييز. قوله: (على شيء رفع) أي: منفصلا عن الأرض. قوله: (أومأ) كذا بخطه. قوله: (ناوياً مستحضراً) تفسيراً لناوياً, قوله: (كأسير خائف) أن يعلموا بصلاته. قوله: (ولا تسقط) أي: ما دام ثابت العقل. قوله: (وإلا قرأ) أي: كلاً أو بعضاً. قوله: (فإن كان ... إلخ) يعني: أبطاءه. قوله: (وإلا بطلت صلاته، وصلاة من خلفه ولو جهلوا) أي: حيث

وَيَبْنِي مَنْ عَجَزَ فِيهَا عَلَى مَا فَعَلَهُ وَتُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ إنْ أَتَمَّهَا فِي انْحِطَاطِهِ لَا مَنْ صَحَّ فَأَتَمَّهَا فِي ارْتِفَاعِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى قِيَامٍ وَقُعُودٍ دُونَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، أَوْمَأَ بِرُكُوعٍ قَائِمًا وبِسُجُودٍ قَاعِدًا وَمَنْ قَدَرَ أَنْ يَقُومَ مُنْفَرِدًا ويَجْلِسَ فِي جَمَاعَةٍ، خُيِّرَ

_ كان الإمام متعمداً لزيادته قعوداً في غير محله. فإن قلت: ما الفرق بين ما هنا وما تقدم في سجود السهو فيما إذا قام لزائدة، حيث لم تبطل صلاة من تبعه هناك جاهلاً أو ناسياً؟ قلت: أجاب منصور البهوتي: بأنا إذا ألغينا ما فعله المأموم مع الإمام هناك للعذر؛ صارت الزيادة كأنها لم توجد، بخلاف ما هنا، فإن الإمام بمنزلة من ترك ركناً، فلا يعذر من خلفه بجهله؛ لأن الأركان لا تسقط بحال. انتهى بمعناه. وبخطه أيضاً على قوله: (وإلا بطلت) أي: إن تعمد. قوله: (فأتمها في ارتفاعه) أي: في حال نهوضه إلى القيام، فيجب عليه أن يعيد بعد القيام ما قرأه حال نهوضه؛ لأن فرضه إذن القراءة حال القيام، وأما ما قرأه جالساً قبل قدرته على القيام فيبنى عليه، خلافاً لمن توهم خلافه. قوله: (خير) وقيل: يلزمه القيام، وصوبه في "الإنصاف"، ومشى عليه

وَلِمَرِيضٍ يُطِيقُ قِيَامًا مُسْتَلْقِيًا لِمُدَاوَاةٍ بِقَوْلِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ ويُفْطِرَ بِقَوْلِهِ إنَّ الصَّوْمَ مِمَّا يُمَكِّنُ الْعِلَّةَ وَتَصِحُّ عَلَى رَاحِلَةٍ لِتَأَذٍّ بِوَحْلٍ وَمَطَرٍ وَغَيْرِهِ وانْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ أَوْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ،

_ في "الإقناع". وبخطه أيضاً على قوله: (خير) لعله وجهه: أن القيام وإن كان ركناً لكن له بدل، وهو القعود. قوله: (ولمريض) ولو أرمد. قوله: (ويفطر بقوله) أي: المسلم الثقة، ويكفي منه غلبة الظن. قوله: (لقادر على قيام) يعني: فيها، أو في غيرها، فإن عجز عن قيام وخروج؛ جاز، ويدور كلما انحرفت عن القبلة وجوباً، وتقام الجماعة فيها كذلك، وإذا أمكنه القيام فيها، أو في نجوها؛ من محفة وغيرها، فصلى قائما ولو جماعة؛ جاز، ولو أمكنه الخروج، كما يؤخذ ذلك من كلام المصنف الآتي. قوله: (ونحوه) كثلج. قوله: (وانقطاع عن رفقة) أي: بنزوله.

أَوْ عَجْزِ عَنْ رُكُوبِهِ إنْ نَزَلَ وَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالِ وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا تَصِحُّ لِمَرَضٍ وَمَنْ أَتَى بِكُلِّ فَرْضٍ وَشَرْطٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، أَوْ بِسَفِينَةٍ وَنَحْوِهَا سَائِرَةً، أَوْ وَاقِفَةً، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ صَحَّتْ وَمَنْ بِمَاءٍ وَطِينٍ يُومِئ كَمَصْلُوبٍ وَمَرْبُوطٍ وَيَسْجُدُ غَرِيقٌ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ وَيُعْتَبَرُ الْمَقَرُّ لِأَعْضَاءِ السُّجُودِ فَلَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى قُطْنٍ مَنْفُوشٍ وَنَحْوَهُ أَوْ صَلَّى مُعَلَّقًا وَلَا ضَرُورَةَ لَمْ تَصِحَّ

_ قوله: (أو عجز عن ركوبه) لا إن قدر ولو بأجرة يقدر عليها. قوله: (وما يقدر عليه) من عطف العام على الخاص؛ أي: عليه الاستقبال إن قدر عليه، وعليه أيضاً بقية الشروط والأركان والواجبات إن قدر عليها، وما لا يقدر عليه لا يكلف به، فالاستقبال ليس واجباً إلا مع القدرة، ولو كان في غير الراحلة والسفينة. محمد الخلوتي. قوله: (ولا تصح لمرض) أي: لم يصحبه شيء مما تقدم، أما لو كان يعجز عن الركوب إذا نزل، فإن صلاة الصحيح صحيحة، فصلاة المريض صحيحة بالأولى. محمد الخلوتي. قوله: (ومن أتى بكل فرض) أعم من الركن والواجب. قوله: (ومن بماء وطين ... إلخ) يعني: لا يمكنه الخروج. قوله: (على متن) أي: ظهر. قوله: (ويعتبر المقر لأعضاء السجود) لما كان يتوهم من مسألة من بماء وطين، والمصلوب، والمربوط، والغريق أن الاستقرار ليس بشرط، دفع

وَتَصِحُّ إنْ حَاذَى صَدْرُهُ رَوْزَنَةً وَنَحْوَهَا وعَلَى حَائِلٍ صُوفٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَيَوَانٍ وعَلَى مَا مَنَعَ صَلَابَةَ الْأَرْضِ ومَا تُنْبِتُهُ فصل مَنْ نَوَى سَفَرًا مُبَاحًا وَلَوْ نُزْهَةً أو فُرْجَةً،

_ بذلك هذا التوهم؛ إشارة إلى أنه إنما يكفي مثل ذلك للعذر، وإلا فالاستقرار حيث لا عذر شرط، فسقط ما قيل: إن قول المصنف: (ويعتبر ... إلخ) لا محل له. محمد الخلوتي. قوله: (ونحوها) كشباك. قوله: (من حيوان) يعني: طاهر. قوله: (وعلى ما منع صلابة الأرض) كفراش محشو. قوله: (من نوى) أي: ابتدأ ناوياً. وبخطه أيضاً على قوله: (ومن نوى ... إلخ) الأخلص في العبارة أن يقال: من ابتدأ سفراً مباحا ناوياً؛ فله القصر إذا فارق بيوت قريته .. إلخ، كما يعلم من شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (مباحاً) لا محرماً أو مكروهاً، كالسفر لفعل أحدهما. قوله: (ولو نزهة ... إلخ) وفي "المصباح" بعد أن نقل عن ابن السكيت أن مما تضعه العامة في غير موضعه: خرجنا نتنزه؛ إذا خرجوا إلى البساتين، وإنما التنزه التباعد

أَوْ هُوَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا تَقْرِيبًا بَرًّا، أَوْ بَحْرًا وَهِيَ يَوْمَانِ قَاصِدَانِ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَالْبَرِيدُ: أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٌ وَبِأَمْيَالِ بَنِي أُمَيَّةَ مِيلَانِ وَنِصْفٌ وَالْمِيلُ الْهَاشِمِيُّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ، وَهِيَ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ أَرْبَعٌ

_ عن المياه والأرياف ما نصه: وقال ابن قتيبة: ذهب بعض أهل العلم في قول الناس: خرجوا يتنزهون: أنه غلط، وهو عندي ليس بغلط؛ لأن البساتين في كل بلد إنما تكون خارج البلد، فإذا أراد أحد أن يأتيها؛ فقد أراد البعد عن المنازل والبيوت، ثم كثر هذا حتى استعملت النزهة في الخضر والجنان، هذا لفظه. وقال ابن القوطية والأزهري وجماعة: نزه المكان فهو نزه، من باب تعب. ونزه -بالضم- نزاهة، فهو نزيه. قال بعضهم: معناه أنه ذو ألوان حسان. وقال الزمخشري: أرض نزهة: ذات نزهة. تنهى. قوله: (أو هو أكثر قصده) لا إن استويا. قوله: (وهي يومان) أي: أو ليلتان، أو يوم وليلة مع المعتاد؛ من النزول والاستراحة، والأكل والصلاة ونحوها، كما في "شرح الروض" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي. قوله: (والهاشمي ... إلخ) وأما الأموي: فهو أربعة عشر ألفاً وأربع مئة قدم. قوله: (ستة آلاف ذراع) أي: بذراع اليد الناقص عن ذراع الحديد بقدر ثمن الحديد. فالميل بالحديد:

وَعِشْرُونَ إصبعًا مُعْتَرِضَةً مُعْتَدِلَةً، كُلُّ أُصْبُعٍ سِتُّ حِبَّاتِ شَعِيرٍ، بُطُونُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، عَرْضُ كُلِّ شَعِيرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ بِرْذَوْنٍ أَوْ تَابَ فِيهِ وَقَدْ بَقِيَتْ أَوْ أُكْرِهَ كَأَسِيرٍ، أَوْ غُرِّبَ أَوْ شُرِّدَ لَا هَائِمٌ وَسَائِحٌ وَتَائِهَ فَلَهُ قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ وفِطْرٌ وَلَوْ قَطَعَهَا فِي سَاعَةٍ

_ خمسة آلاف ومئتان وخمسون. قوله: (برذون) هو بالذال المعجمة يقع على الذكر والأنثى، وربما قالوا: برذونة. وبرذن الرجل؛ إذا ثقل. قال المطرزي: البرذون: التركي من الخيل، وهو خلاف العراب. وجعلوا النون أصلية، لأنهم لاحظوا التعريب. "مصباح" باختصار. قوله: (أو تاب فيه) عطف على (نوى) والضمير عائد على السفر بدون قيده؛ لأن المباح لا يتاب منه. والمعنى: أو تاب في سفر كان محرماً أو مكروهاً. وبخطه أيضاً على قوله: (أو تاب) أي: تاب في سفر المعصية، فهو عطف على مفهوم قوله: (مباحا) لا على منطوقه؛ لأن السفر المباح كله لا تتصور التوبة منه فيه. تاج الدين البهوتي. قوله: (لا هائم) هو من خرج على وجهه لا يدري أين يتوجه، إن سلك طريقا مسلوكا، وإلا فهو راكب التعاسيف. وأما السائح: فهو الذي لا يقصد مكاناً معيناً؛ لأن السفر إذن غير مباح، بل مكروه، والسياحة المذكورة في القرآن غير هذه، بل هي: الصوم، أو السياحة لطلب العلم أو

إذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ الْعَامِرَةِ أَوْ خِيَامَ قَوْمِهِ، أَوْ مَا نُسِبَتْ إلَيْهِ عُرْفًا سُكَّانُ قُصُورٍ وَبَسَاتِينَ وَنَحْوِهِمْ إنْ لَمْ يَنْوِ عَوْدًا أَوْ يَعُدْ قَرِيبًا فَإِنْ نَوَاهُ أَوْ تَجَدَّدَتْ نِيَّتُهُ لِحَاجَةٍ بَدَتْ فَلَا قَصْرَ حَتَّى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَ بِشَرْطِهِ أَوْ تَنْثَنِيَ نِيَّتُهُ وَيَسِيرَ وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَصَرَ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الْمَسَافَةِ ويَقْصُرَ مَنْ أَسْلَمَ، أَوْ بَلَغَ، أَوْ طَهُرَتْ وَلَوْ بَقِيَ دُونَ الْمَسَافَةِ.

_ الجهاد ونحوه. وأما لو سافر ليترخص، قال في "الفروع": فقد ذكروا أنه لو سافر ليفطر حرم. وأما التائه: فهو الضال عن الطريق. وبخطه أيضاً على قوله: (لا هائم ... إلخ) فاعل لفعل محذوف دل عليه المقام، كما أشار إليه الشارح بقوله: (لا يقصر .. إلخ). قوله: (أو ما نسبت إليه ... إلخ) أي: محلاً نسبت إلى ذلك المحل عرفاً ... إلخ. قوله: (أو يعد قريباً) بأن كان دون المسافة. قوله: (بشرطه) وهو أن لا ينوي العود أيضاً. قوله: (أو تنثني) عطف على: (يرجع). قوله: (نيته) أي: ترجع نيته إلى السفر بعد أن كانت للعود إلى مصره. تاج الدين البهوتي.

وَقِنٌّ وَزَوْجَةٌ وَجُنْدِيٌّ تَبَعًا لِسَيِّدٍ وَزَوْجٍ وَأَمِيرٍ فِي سَفَرٍ وَنِيَّتِهِ وَلَا يُكْرَهُ إتْمَامُ وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ وَمَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ أَوْ بِبَلَدٍ لَهُ بِهِ امْرَأَةٌ أَوْ تَزَوَّجَ فِيهِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ

_ قوله: (أو تزوج فيه) انظر: ما المراد بالتزوج هل هو العقد، أو الدخول؟ . قوله: (أو تزوج فيه) أي: بأن كان عقد عقده على امرأة فيه، وظاهره: ولو طلقها، وقال أيضاً: وظاهره: ولو لم يدخل بها. وكذا لو كان المسافر امرأة، وكان لها بالبلد زوج. وأهل مكة ومن حولهم ممن دون المسافة، كغيرهم في اعتبار المسافة. ومثلهم من ينوي الإقامة بمكة فوق عشرين صلاة، كأهل مصر والشام، فليس لهم قصر ولا جمع بمكة ولا منى ولا عرفة ولا مزدلفة؛ لانقطاع سفرهم بدخول مكة؛ إذ الحج قصد مكة لعمل مخصوص، كما يأتي. قال في "الشرح": وإن كان الذي خرج إلى عرفة في نيته الإقامة بمكة إذا رجع؛ لم يقصر بعرفة؛ أي: ولا بغيرها. وفهم منه: أنه لو كان من خرج من مكة ينوي أن يرجع إلى مكة فلا يقيم بها أكثر من أربعة أيام؛ فإنه يقصر بعرفة وغيرها، وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله لأنه حين خرج من مكة أنشأ السفر إلى بلده، والله أعلم. وبخطه على قوله: (أو تزوج فيه) يعني: ولو بعد فراق الزوجة.

صَلَاةٍ عَلَيْهِ حَضَرًا أَوْ، أَوْقَعَ بَعْضَهَا فِيهِ أَوْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ بِسَفَرٍ، أَوْ عَكْسَهُ أَوْ ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ تِلْكَ السُّنَّةَ أَوْ بِمَنْ يَشُكُّ فِيهِ وَيَكْفِي عِلْمُهُ بِسَفَرِهِ بِعَلَامَةِ أَوْ شَكَّ إمَامٌ فِي أَثْنَائِهَا أَنَّهُ نَوَاهُ عِنْدَ إحْرَامِهَا أَوْ أَعَادَ فَاسِدَةً يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِ عِنْدَ إحْرَامٍ أَوْ نَوَاهُ ثُمَّ رَفَضَهُ أَوْ جَهِلَ أَنَّ إمَامَهُ نَوَاهُ أَوْ نَوَى إقَامَةً مُطَلَّقَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ صَلَاةً أَقَامَ بِمَكَّةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ أَوْ لِحَاجَةٍ فَظَنَّ أَنَّهَا لَا تَنْقَضِي قَبْلَهَا أَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْمُدَّةِ أَوْ عَزَمَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، أَوْ تَابَ مِنْهُ فِيهَا أَوْ أَخَّرَهَا

_ قوله: (أو بمن يشك فيه) أي: في كونه مسافراً، فيتم ولو بان أنه مسافر. قوله: (بعلامة) نحو لباس. قوله: (إمام) أي: أو غيره. قوله: (يلزمه إتمامها) لكونه ائتم فيها بمقيم ونحوه. قوله: (أو جهل) أي: شك في ذلك. وليس مكرراً مع قوله قبل: (أو بمن يشك فيه) لأن الشك في تلك في كون الإمام مقيماً أو مسافراً، وفي هذه في نيته القصر أو الإتمام. قوله: (مطلقة) أي: غير مقيدة بزمن. قوله: (أو شك في نية المدة) أي: هل نوى إقامة تمنع أو لا؟ قوله: (ونحوه) أي: نحو قطع الطريق، كالزنا وشرب الخمر، أو نحو العزم على قطع الطريق، كأن ينوي الإقامة مدة تمنع القصر. ثم المراد بالعزم على قطع الطريق: أن يقلب سفره إلى ذلك حتى يكون عاصياً بسفره، فلا يترخص، بخلاف العاصي في السفر؛ فإن له الترخص في الجملة. وخرج

بِلَا عُذْرٍ حَتَّى ضَاقَ وَقْتُهَا عَنْهَا لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لَا إنْ سَلَكَ أَبْعَدَ طَرِيقَيْنِ أَوْ ذَكَرَ صَلَاةَ سَفَرٍ فِي آخَرَ أَوْ أَقَامَ لِحَاجَةٍ بِلَا نِيَّةِ إقَامَةٍ لَا يَدْرِي مَتَى تَنْقَضِي أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا، أَوْ بِمَرَضٍ، ، أَوْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ لَا بِأَسْرٍ وَمَنْ نَوَى بَلَدًا بِعَيْنِهِ يَجْهَلُ مَسَافَتَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا قَصَرَ بَعْدَ عِلْمِهِ كَجَاهِلٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ ابْتِدَاءً ويَقْصُرَ مَنْ عَلِمَهَا ثُمَّ نَوَى إنْ وَجَدَ غَرِيمَهُ رَجَعَ أَوْ نَوَى إقَامَةً بِبَلَدٍ دُونَ مَقْصِدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِ نِيَّتِهِ الْأُولَى: دُونَ الْمَسَافَةِ وَلَا يَسْتَرْخِصُ مَلَّاحٌ مَعَهُ أَهْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةُ إقَامَةٍ بِبَلَدٍ وَمِثْلُهُ

_ بقولنا: في الجملة: من عصى بتأخير الصلاة؛ فإنه وإن كان معصية -في السفر لا به- مانع من قصر تلك الصلاة. كما نص عليه المصنف وغيره. قوله: (في آخر) أي: وفي ذلك السفر بالأولى. قوله: (لا يدري متى تنقضي) أي: لا يعلم ولا يظن، لكن يحتمل انقضاءها في مدة لا تقطع حكم السفر، فلو ظن أنها لا تنقضي في أربعة أيام؛ لزمه الإتمام، كما تقدم. قوله: (ونحوه) كثلج. قوله: (لا بأسر) تبعاً لإقامتهم، كسفرهم. قوله: (أو نوى إقامة) يعني: لا تمنع القصر. قوله: (معه أهله) أي: أو لا أهل له.

مُكَارٍ وَرَاعٍ وَفَيْجٌ بِالْجِيمِ وَهُوَ رَسُولُ السُّلْطَانِ وَنَحْوُهُمْ وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ الْقَصْرَ حَيْثُ لَمْ يُبَحْ عَالِمًا لَمْ تَنْعَقِدْ كَمَا لَوْ نَوَاهُ مُقِيمٌ فصل يُبَاحُ جَمْعٌ بَيْنَ ظُهْرٍ وَعَصْرٍ وعِشَاءَيْنِ بِوَقْتِ إحْدَاهُمَا وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ غَيْرَ جَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ بِسَفَرِ قَصْرٍ ولِمَرِيضٍ يَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ مَشَقَّةٌ ولِمُرْضِعٍ لِمَشَقَّةِ كَثْرَةِ نَجَاسَةٍ والْمُسْتَحَاضَةُ وَنَحْوِهَا وعَاجِزٌ عَنْ طَهَارَةٍ، أَوْ تَيَمُّمٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ، أَوْ عَنْ مَعْرِفَةِ وَقْتٍ: كَأَعْمَى وَنَحْوِهِ ولِعُذْرٍ أَوْ

_ قوله: (وهو رسول السبطان) عبارة "المصباح" قيل: هو رسول السلطان يسعلى على قدميه. قوله: (بين ظهر وعصر) أي: بوقت إحداهما، ففيه الحذف؛ لدليل. قوله: (ولمريض ... إلخ) عطف على محذوف معلوم من المقام، والأصل: يباح جمع لصحيح بسفر قصر ولمريض ... إلخ؛ أي: مطلقاً. قوله: (عن طهارة) أي: بماء، بقرينة عطف التيمم، والعطف يقتضي المغايرة. وأما عطف الخاص على العام فمما يخص الواو، بخلاف ما هنا. محمد الخلوتي. قوله: (ونحوه)

شُغْلٍ يُبِيحُ تَرْكَ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ وَيَخْتَصُّ بِالْعِشَاءَيْنِ ثَلْجٌ وَبَرَدٌ وَجَلِيدٌ وَوَحْلٌ وَرِيحٌ شَدِيدَةٌ بَارِدَةٌ وَمَطَرٌ يَبُلُّ الثِّيَابَ وَتُوجَدُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ وَلَوْ صَلَّى بِبَيْتِهِ، أَوْ بِمَسْجِدٍ طَرِيقُهُ تَحْتَ سَابَاطٍ وَنَحْوِهِ وَالْأَفْضَلُ فِعْلُ الْأَرْفَقِ بِهِ مِنْ تَأْخِيرِ أَوْ تَقْدِيمٍ سِوَى جَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ إنْ عَدِمَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَتَأْخِيرٌ أَفْضَلُ سِوَى جَمْعِ عَرَفَةَ.

_ كمطمور، ومحله إذا تمكن من معرفة الوقت في أحد الوقتين، وأما إذا استمر معه الجهل؛ فلا فائدة في الجمع. فتأمل. محمد الخلوتي. قوله: (ويختص بالعشائين .. إلخ) فيه دخول الباء على المقصور عليه، وهو عربي جيد، والشائع دخولها على المقصور، كقوله تعالى: "يختص برحمته من يشاء" [آل عمران: 74] محمد الخلوتي. قوله: (وريح ... إلخ) ظاهره: وإن لم تكن الليلة مظلمة. ويعلم مما تقدم كذلك: لو كانت باردة بليلة مظلمة، وإن لم تكن شديدة. وفي كلام منصور البهوتي هنا نظر. قوله: (ونحوه) كجار مسجد. قوله: (إن عدم) أي: الأرفق الموافق لما يسن فيهما، وهو التقديم بعرفة والتأخير بمزدلفة. وإنما قيد بقوله: (إن عدم)؛ لأن قوله: (والأفضل فعل الأرفق) شامل لجمعي عرفة ومزدلفة، ولجمع غيرهما، ففهم من هذا: أنه يراعي الأرفق فيتبعه، سواء كان تقديما أو تأخيراً. فأما جمع غير عرفة

وَيُشْتَرَطُ لَهُ تَرْتِيبٌ مُطْلَقًا ولِجَمْعٍ بِوَقْتِ أُولَى نِيَّتُهُ عِنْدَ إحْرَامِهَا وأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ إقَامَةٍ وَوُضُوءٍ خَفِيفٍ فَيَبْطُلُ بِرُتْبَةٍ بَيْنَهُمَا.

_ ومزدلفة فهذا ظاهر فيه. وأما جمعا عرفة ومزدلفة، فتارة يوجد الأرفق موافقاً لما يسن فيهما، وتارة يوجد مخالفاً لما يسن فيهما. فإن وجد الأرفق موافقاً لما يسن فيهما؛ فظاهر أيضاً، وإن وجد مخالفاً؛ فقد عدم الأرفق الموافق، ووجد الأرفق المخالف، فلولا الاستثناء لشمل الكلام هذه الصورة؛ فلذلك أخرجها وأشار إليها بقوله: (إن عدم). فتأمل. وبخطه على قوله: (إن عدم) يعني: أن الأفضل في الجمع الأرفق سوى جمع عرفة، فالتقديم أفضل إن عدم كون التأخير أرفق، وسوى جمع مزدلفة، فالتأخير أفضل إن عدم كون التقديم أرفق. ومنه يعلم: أنه إذا كان الأرفق في عرفة التقديم، وفي مزدلفة التأخير؛ فإن ذلك أحرى فتنبه. قوله: (مطلقا) أي: ذكر أو نسي. قوله: (وأن لا يفرق) قال في "المصباح": فرقت بين الشيئين فرقا من باب قتل، فصلت أبعاضه. وفرقت بين الحق والباطل، فصلت أيضاً. هذه هي اللغة العالية، وبها قرأ السبعة في قوله تعالى: (فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) [المائدة: 25] وفي لغة من باب: ضرب، وبها قرأ بعض التابعين. وقال ابن الأعرابي:

وَوُجُودُ الْعُذْرِ عِنْدَ افْتِتَاحِهِمَا وسَلَامِ الْأُولَى وَاسْتِمْرَارُهُ فِي غَيْرِ جَمْعِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ إلَى فَرَاغِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْأُولَى لِمَطَرٍ ثُمَّ انْقَطَعَ وَلَمْ يَعُدْ فَإِنْ حَصَلَ وَحْلٌ وَإِلَّا بَطَلَ وَإِنْ انْقَطَعَ سَفَرٌ بِأُولَى بَطَلَ الْجَمْعُ وَالْقَصْرُ فَيُتِمُّهَا وَتَصِحُّ وبِثَانِيَةٍ بَطَلَا وَيُتِمُّهَا نَفْلًا وَمَرَضٌ فِي جَمْعٍ كَسَفَرٍ ولِجَمْعٍ بِوَقْتِ ثَانِيَةٍ نِيَّتُهُ بِوَقْتِ أُولَى مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا وبَقَاءُ عُذْرٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ ثَانِيَةٍ لَا غَيْرُ فَلَوْ صَلَّاهُمَا خَلْفَ إمَامَيْنِ، أَوْ مَنْ لَمْ يَجْمَعْ أَوْ إحْدَاهُمَا مُنْفَرِدًا،

_ فرقت بين الكلامين مخففا فافترقا، وفرقت بين العبدين مثقلا فتفرقا. فجعل المخفف في المعاني، والمثقل في الأعيان. والذي حكاه غيره أنهما بمعنى، والتثقيل مبالغة. انتهى. قوله: (وإن انقطع سفر بأولى ... الخ) فإن انقطع قبل الشروع فيها؛ فلا إشكال في عدم الجمع والقصر. قوله: (بطلا) أي: القصر والجمع. قوله: (أو من لم يجمع) أي خلف ... الخ.

والْأُخْرَى جَمَاعَةً أَوْ لَا بِمَأْمُومِ الْأُولَى وب أَخَّرَ الثَّانِيَةَ أَوْ بِمَنْ لَمْ يَجْمَعَ صَحَّ فصل تَصِحُّ صَلَاةُ الْخَوْفِ بِقِتَالٍ مُبَاحٍ وَلَوْ حَضَرَا مَعَ خَوْفِ هَجْمِ الْعَدُوِّ وفِي سَفَرٍ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ يَرَى وَلَمْ يُخَفْ كَمِينٌ صَفَّهُمْ الْإِمَامُ صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ

_ قوله: (أو بمن) أي: إماما ... الخ. قوله: (مع خوف هجم) في "المصباح": هجمت عليه هجوماً، من باب: قعد: دخلت بغتة على غفلة منه. وهجمت الرجل هجماً: طردته. انتهى. قوله: (يرى) أي: للمسلمين. قوله: (كمين) قال في "المصباح": كمن كموناً، من باب: قعد: فقد توارى واستخفى. ومنه الكمين في الحرب حيلة، وهو أن يستخفوا في مكمن -بفتح الميمين- بحيث لا يفطن بهم، ثم ينهضون على العدو

وَحَرَسَ الْآخَرُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِيَةِ فَيَسْجُدُ الْحَارِسُ وَيَلْحَقُهُ ثُمَّ الْأُولَى وَتَأَخَّرَ الْمُقَدَّمُ وَتَقَدَّمَ الْمُؤَخَّرُ ثُمَّ فِي الثَّانِيَةِ يَحْرُسُ السَّاجِدُ مَعَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَلْحَقُهُ فِي التَّشَهُّدِ فَيُسَلِّمُ بِجَمِيعِهِمْ وَيَجُوزُ جَعْلُهُمْ صَفًّا وَيَحْرُسُ بَعْضُهُ لَا حَرْسُ صَفٍّ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الثَّانِي: إذَا كَانَ بِغَيْرِ جِهَتِهَا أَوْبِهَا وَلَمْ يُرَ قَسَمَهُمْ طَائِفَتَيْنِ تَكْفِي كُلُّ طَائِفَةٍ الْعَدُوَّ طَائِفَةٌ وَتَحْرُسُ وَهِيَ مُؤْتَمَّةٌ بِهِ فِي كُلِّ صَلَاتِهِ وَتَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ وَطَائِفَةٌ يُصَلِّي بِهَا رَكْعَةً وَهِيَ مُؤْتَمَّةٌ فِيهَا إذَا فَرَغَتْ فَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا إلَى الثَّانِيَةِ نَوَتْ

_ على غفلة منهم. انتهى. قوله: (وحرس الآخر) أي: من وراء الأول. قوله: (وتقدم المؤخر) أي: إن كان صفاً واحداً. قوله: (لا حرس صف ... الخ) فلا تصح صلاته فقط؛ لتخلفه عنه في ركوع الثانية، وأساءا معاً. ويأتي لو خاطر الأقل وتعمدوا الصلاة؛ صحت، وحرم. ذكره في الوجه الثاني تاج الدين البهوتي. قوله: (أو بها ولم ير) أي: أو خيف كمين. قوله: (وهي مؤتمة به) أي: حكماً. قوله: (وهي) أي: بعد دخولها.

الْمُفَارَقَةَ وَأَتَمَّتْ لِنَفْسِهَا وَسَلَّمَتْ وَمَضَتْ تَحْرُسُ وَيُبْطِلُهَا مُفَارَقَتُهُ قَبْلَ قِيَامِهِبِلَا عُذْرٍ وَيُطِيلُ قِرَاءَتَهُ حَتَّى تَحْضُرَالْأُخْرَى فَتُصَلِّيَ مَعَهُ الثَّانِيَةَ ويُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ حَتَّى تَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ، وتَتَشَهَّدَ فَيُسَلِّمُ بِهَا وَإِنْ أَحَبَّ ذَا الْفِعْلَ مَعَ رُؤْيَةِ الْعَدُوِّ جَازَ وَإِنْ انْتَظَرَهَا جَالِسًا بِلَا عُذْرٍ وَإِنْ ائْتَمَّتْ بِهِ مَعَ الْعِلْمِ بَطَلَتْ

_ قوله: (ومضت تحرس) من بابي: قتل وضرب؛ أي: حفظه. "مصباح". قوله: (حتى تحضر الأخرى) وهذا هو الموضع الذي تقدم استثناؤه من أنه تطول فيه الركعة الثانية على الأولى. قوله: (بطلت) أي: صلاة الإمام، فلا تنعقد صلاة المأمومين. وظاهره: أنهم إن لم يعلموا ببطلان صلاته؛ صحت لهم؛ للعذر.

وَيَجُوزُ أَنْ تَتْرُكَ الْحَارِسَةُ الْحِرَاسَةَ بِلَا إذْنِ وتُصَلِّي لِمَدَدٍ تَحَقَّقْتَ غَنَاءَهُ عَنْهَا وَلَوْ خَاطَرَ أَقَلُّ مِمَّنْ شَرَطْنَا وَتَعَمَّدُوا الصَّلَاةَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ صَحَّتْ وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، والْأُخْرَى رَكْعَةً وَلَا تَتَشَهَّدُ مَعَهُ عَقِبَهَا وَيَصِحُّ عَكْسُهَا والرُّبَاعِيَّةَ التَّامَّةَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَتصِحُّ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً

_ قوله: (الحراسة) اسم مصدر حرس، قوله: (تحققت) لا إن غلب على ظنها، أو شكت؛ فلا يجوز. قاله في "تصحيح الفروع". والظاهر: الصحة. قوله: (صحت) أي: وحرم، علم منه: أن الإمام لا يفسق بذلك؛ أي: ولو مع التعميد؛ لأنه صغيرة، خلافاً لما في "الإنصاف"، و "الإقناع". قوله: (ركعتين) أي: ندباً. قوله: (بكل طائفة ركعتين) أي: مع إتيان كل طائفة بركعتين أخريين، حتى تكون تامة في حق الإمام والمأمومين. وهذا هو الفرق بينه وبين الوجه الخامس.

وَبأُخْرَى ثَلَاثًا وَتُفَارِقُهُ الْأُولَى عِنْدَ فَرَاغ التَّشَهُّدِ وَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ جَالِسًا يُكَرِّرُهُ فَإِذَا أَتَتْ قَامَ وَتُتِمُّ الْأُولَى بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَالْأُخْرَى بِسُورَةٍ مَعَهَا وَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعًا صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَيَيْنِ لَا الْإِمَامِ وَالْأُخْرَيَيْنِ إلَّا إنْ جَهِلُوا الْبُطْلَانَ الثَّالِثُ: أَنْ يُصَلِّي بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ تَمْضِي ثُمَّ بِالْأُخْرَى رَكْعَةً، ثُمَّ تَمْضِي وَيُسَلِّمُ وَحْدَهُ، ثُمَّ تَأْتِي الْأُولَى فَتُتِمُّ صَلَاتَهَا بِقِرَاءَةِ ثُمَّ الْأُخْرَى كذلك

_ قوله: (وتفارقه الأولى) أي: إذا صلى بها ركعتين في رباعية أو مغرب. "شرح". قوله: (وتتم الأولى) إشارة إلى أنه ليس قضاء؛ ولذا قال (بالفاتحة فقط). قوله: (والأخريين) كان الظاهر: إعادة (لا)؛ فإن كلامه يوهم خلاف المراد؛ إذ العبارة صادقة بصحة صلاة أحد الشقين من الإمام والأخريين. محمد الخلوتي. قوله: (إلا إن جهلوا البطلان) أي: الإمام والطائفتان؛ فتصح للطائفتين دون الإمام، وإنما بطلت صلاة الإمام؛ لزيادته انتظارا ثالثا لم يرد، وأما الطائفتان الأخيرتان؛ فلا تنعقد صلاتهما؛ لبطلان صلاة الإمام.

وَإِنْ أَتَمَّتْهَا الثَّانِيَةُ عَقِبَ مُفَارَقَتِهَا وَمَضَتْ ثُمَّ أَتَتْ الْأُولَى فَأَتَمَّتْ كَانَ أَوْلَى الرَّابِعُ: أَنْ «يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ صَلَاةً يُسَلِّمُ بِهَا أَيْ بِكُلِّ طَائِفَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مَرْفُوعًا، وَالشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا وَغَايَتُهُ: اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِينَ بِالْمُتَنَفِّلِ وَهُوَ مُغْتَفَرٌ هُنَا الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُصَلِّيَ الرُّبَاعِيَّةَ الْجَائِزَ قَصْرُهَا تَامَّةً بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ بِلَا قَضَاءٍ فَتَكُونُ لَهُ تَامَّةً وَلَهُمْ مَقْصُورَةٌ السَّادِسُ: وَمَنَعَهُ الْأَكْثَرُ أَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا قَضَاءٍ وَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِي الْخَوْفِ حَضَرًا بِشَرْطِ كَوْنِ كُلِّ طَائِفَةٍ أَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ وأَنْ يُحْرِمَ بِمَنْ حَضَرَتْ الْخُطْبَةَ وَيُسِرَّانِ الْقِرَاءَةَ فِي الْقَضَاءِ.

_ قوله: (بكل طائفة صلاة) وهذه هي الصورة المستثناة من ائتمام المفترض بالمتنفل. قوله: (بكل طائفة ركعة) أي: من الرباعية. قوله: (حضراً) يعني: لا سفرا. قوله: (أربعين) الوجه السابق: أن تقوم معه طائفة، وأخرى تجاه العدو، وظهرها إلى القبلة، ثم يحرم وتحرم معه الطائفتان، ثم يصلي هو والذين معه ركعة، ثم يقوم إلى الثانية، ويذهب الذين معه إلى وجه العدو، وتأتي الأخرى فتركع وتسجد معه، ثم يصلي بها الثانية، ثم تأتي التي تجاه العدو فتركع وتسجد، ويسلم بالجميع.

وَيُصَلِّي لِلِاسْتِسْقَاءِ ضَرُورَةً كَمَكْتُوبَةٍ وكُسُوفٍ وعِيدٍ آكَدُ مِنْ لِاسْتِسْقَاءِ وَسُنَّ حَمْلُ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يُثْقِلُهُ: كَسِكِّينٍ وَسَيْفٍ وَكُرِهَ مَا مَنَعَ إكْمَالَهَا كَمِغْفَرٍ أَوْ مَا ضَرَّ غَيْرَهُ كَرُمْحٍ مُتَوَسِّطٍ أَوْ مَا أَثْقَلَهُ كَجَوْشَنٍ وَجَازَ لِحَاجَةٍ: حَمْلُ نَجَسٍ وَلَا يُعِيدُ.

_ قوله: (ويصلي استسقاء) أي: في الخوف. قوله: (كمالها) أي: تمامها، اسم مصدر كمل، من أبواب: قرب، وضرب، وتعب، وهو أردؤها. كما في "المصباح". وفي نسخة بخطه: (إكمالها) على المصدرية. قوله: (كرمح متوسط) يجوز ان يقرأ بالإضافة؛ أي: كرمح شخص متوسط، ويجوز أن يقرأ بالتنوين على حد: (عيشة راضية) [الحاقة: 21]؛ أي: راض صاحبها، ومتوسط صاحبه. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله: (كرمح متوسط) هو بإضافة: (رمح) إلى: (متوسط) على حذف الموصوف. والتقدير كما في "الإقناع" و "شرحه": كرمح مصل متوسط للقوم إلا لحاجة. وبخطه على قوله: (كرمح) أي: وقوسه. قوله: (كجوشن) أي: الدرع. قوله: (حمل نجس) أي: لا يعفى عنه.

فصل وإذا اشتد خوف صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا، لِلْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَلْزَمُ افْتِتَاحُهَا إلَيْهَا وَلَوْ أَمْكَنَ يُومِئُونَ طَاقَتَهُمْ وَكَذَا حَالَةَ هَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ هَرَبًا مُبَاحًا أَوْ سَيْلٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ نَارٍ أَوْ غَرِيمٍ ظَالِمٍ أَوْ خَوْفَ فَوْتِ عَدُوٍّ يَطْلُبُهُ أَوْ وَقْتَ وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ ذَبِّهِ عَنْ ذَلِكَ أَوْ عَنْ نَفْسِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ لِسَوَادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا أَوْ دُونَهُ مَانِعٌ أَعَادَ لَا إنْ بِأَنْ

_ قوله: (وإذا اشتد خوف) بأن تواصل الضرب والطعن، والكر والفر، ولم يمكن تفريقهم، كما سبق. قوله: (وكذا حالة هرب) أي: فرار من عدو يطلبه؛ أي: يطلب المصلي. قوله: (أو ذبه) عطف على هرب؛ أي: أو حالة ذبه ... الخ. قوله: (وعن نفس) أي: أو ماله، على ما في "الإنصاف". قوله: (عدواً) أي: تبين أن بينه وبين العدو مانع، كبحر يحول بينهما؛ أعاد.

يَقْصِدَ غَيْرَهُ كمَنْ خَافَ عَدُوًّا إنْ تَخَلَّفَ عَنْ رُفْقَتِهِ فَصَلَّاهَا ثُمَّ بَانَ أَمْنُ الطَّرِيقِ أَوْ خَافَ بِتَرْكِهَا كَمِينًا أَوْ مَكِيدَةً أَوْ مَكْرُوهًا، كَهَدْمِ سُورٍ، أَوْ طَمِّ خَنْدَقٍ وَمَنْ خَافَ أَوْ أَمِنَ فِي صَلَاةٍ انْتَقَلَ وَبَنَى وَلَا يَزُولُ خَوْفٌ إلَّا بِانْهِزَامِ الْكُلِّ وَكَفَرْضِ تَنَفُّلٍ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَالْمُصَلِّي كَرٍّ وَفَرٍّ لِمَصْلَحَةٍ وَلَا تَبْطُلُ بِطُولِهِ.

_ قوله: (ثم بان أمن الطريق) يعني: فلا يعيد. قوله: (أو خاف بتركها) أي: صلاة الخوف. قوله: (كر) أي: لا صياح.

باب صلاة الجمعة

باب صلاة الجمعة صلاة الجمعة أَفْضَلُ مِنْ الظُّهْرِ ومُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَنْعَقِدُ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَعَبْدٍ وَمُسَافِرٍ وَلَا لِمَنْ قُلِّدَهَا أَنْ يَؤُمَّ فِي الْخَمْسِ وَلَا تُجْمَعُ حَيْثُ أُبِيحَ الْجَمْعُ وفَرْضُ الْوَقْتِ فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَهْلُ بَلَدٍ مَعَ بَقَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ

_ باب صلاة الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة. وقال الشيخ: فعلت بمكة على صفة الجواز، وفرضت بالمدينة. انتهى. قاله في "الإقناع". قوله: (أفضل من الظهر) لعل المراد: ظهر غير يومها، أو ظهر يومها لكن ممن لا تجب عليه، وهذا الثاني، أظهر. محمد الخلوتي. قوله: (ومستقلة) لا بدل. قوله: (ممن لا تجب عليه) الجمعة، فممن تجب عليه الجمعة أولى. قوله: (ولا لمن قلدها ... الخ) كان الظاهر أن يقال: ولا لمن قلد الخمس أن يؤم فيها؛ لأنه ربما يتوهم دخولها في الخمس، لكن لاستقلالها لم يستفد ذلك، كما صرح به. وأما من قلد الجمعة، فمعلوم أنه لا يتجاوزها، بخلاف من قلد

لَمْ تَصِحَّ وَتُتْرَكُ فَجْرٌ فَائِتَةٌ لِخَوْفِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا ذَا فَاتَتْ وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَوْطِنٌ بِنَاءً وَلَوْ مِنْ قَصَبٍ أَوْ قَرْيَةً خَرَابًا عَزَمُوا عَلَى إصْلَاحِهَا والْإِقَامَةِ بِهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْ الصَّحْرَاءِ وَلَوْ تَفَرَّقَ وَشَمِلَهُ

_ جميع الصلوات فتدخل في عمومها. وبخطه على قوله: (ولا لمن قلدها) أي: ولاه الإمام إمامتها. أي: لا يستفيد ذلك، لا أنه يمتنع عليه الإمامة؛ إذ إقامة الصلاة لا تتوقف على إذنه. قوله: (وتترك فجر) أي: تؤخر وجوباً. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (وتترك فجر) ومثلها غيرها. ولو قال: وتؤخر فائتة؛ لكان أولى؛ لأن الترك يوهم عدم الإتيان بها رأساً، ولا خصوصية للفجر بالتأخير. محمد الخلوتي. ثم المراد بالفوت: أن لا يدرك منها ما تصح به الجمعة، لا ما يشمل فوت الركعة الأولى. فتأمل. قوله: (مكلف) ملزم لما فيه مشقة. قوله: (بناء) أي: مبني. قوله: (وشمله) في "المصباح": شملهم الأمر: عمهم، من باب تعب، وفي لغة من باب:

اسْمٌ وَاحِدٌ إنَّ بَلَغُوا أَرْبَعِينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ تَقْرِيبًا فَتَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِهِمْ كَمَنْ بِخِيَامٍ وَنَحْوِهَا وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ فَوْقَ فَرْسَخٍ إلَّا فِي سَفَرٍ لَا قَصْرَ مَعَهُ أَوْ يُقِيمَ مَا يَمْنَعُهُ لِشُغْلٍ أَوْ عِلْمٍ وَنَحْوِهِ فَوْقِ أَرْبَعَةِ ذفَتَلْزَمُهُ بِغَيْرِهِ لَا عَبْدٍ، ومُبَعَّضٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى.

_ قعد. قوله: (اسم) أي: اسم بلد واحد لا إقليم واحد. قوله: (أو لم يكن بينهم ... الخ) هذا فيمن هو خارج البلد، أما من فيها؛ فتلزمه ولو كان بينه وبين موضعها فراسخ، ولو لم يسمع النداء، كما صرح به في "الإقناع". وبخطه على قوله: (أو لم يكن بينهم) أي: من المنارة. قوله: (أو يقيم) لعله صفة أخرى (لسفر)، والعائد محذوف؛ أي: إلا في سفر لا قصر معه، أو سفر يقيم فيه ما يمنعه لشغل أو علم ونحوه. ويجوز أن يكون صفة (لمسافر) المقدر في جانب المستثنى؛ لأن التقدير: إلا مسافراً في سفر ... الخ، أو إلا مسافراً ويقيم ما يمنعه ... الخ. والوجه الأول ظاهر حل الشارح شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ما يمنعه) أي: القصر، بأن تكون المدة أكثر من عشرين صلاة.

وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ أَجْزَأَتْهُ وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ وَلَا مَنْ لَزِمَتْهُ بِغَيْرِهِ فِيهَا وَالْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ إذَا حَضَرَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَانْعَقَدَتْ بِهِ وَلَا تَصِحُّ الظُّهْرِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ قَبْلَ تَجْمِيعِ الْإِمَامِ وَلَا مَعَ شَكٍّ فِيهِ وَتَصِحُّ مِنْ مَعْذُورٍ وَلَوْ زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَهُ إلَّا الصَّبِيَّ بَعْدَهُ وَحُضُورُهَا لِمَعْذُورٍ ولِمَنْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ كَعَبْدٍ أَفْضَلُ وَنُدِبَ تَصَدُّقٌ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ لِتَارِكِهَا بِلَا عُذْرٍ وَحَرُمَ سَفَرُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ حَتَّى يُصَلِّيَ

_ قوله: (ولم يجز) أي: ولم يصح أيضا، كما يعلم من كلامه الآتي. قوله: (ونحوه) ممن يعذر بتركها. قوله: (وجبت عليه) بخلاف مسافر حضرها. قوله: (قبل تجميع الإمام) أي: قبل فراغ ما تدرك به الجمعة. قوله: (من تلزمه) لعله أراد: من يلزمه الحضور، فيكون احترز بذلك عمن صلى العيد في يومها؛ فإنها تسقط عنه سقوط حضور لا وجوب؛ فإن الظاهر: أن سفره في يومها، كسفره في غيره من بقية الأيام. محمد الخلوتي.

إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ رُفْقَتِهِ وَكُرِهَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا فِي طَرِيقِهِ فِيهِمَا فصل ولصحتها شروط لَيْسَ مِنْهَا إذْنُ الْإِمَامِ أَحَدُهَا الْوَقْتُ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِيدِ إلَى آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَتَلْزَمُ بِزَوَالٍ وبَعْدَهُ أَفْضَلُ وَلَا تَسْقُطُ بِشَكٍّ فِي خُرُوجِهِ فَإِنْ تَحَقَّقُوا قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ صَلَّوْا ظُهْرًا

_ قوله: (إن لم يخف فوت رفقته) في "الإقناع" و "شرحه": لا يكره لمن فاتته الجمعة، أو لم يكن من أهل وجوبها، صلاة الظهر جماعة، وكذا لو تعددت. وقلنا: يصلون ظهراً، بل مقتضى ما سبق وجوبها، ما لم يخف فتنة في تلك الصور فيخفيها. انتهى ملخصا. قوله: (وكره قبله) لعله ما لم يكن من العدد المعتبر. وعلم: أنه لا يكمل بغيره فيحرم. محمد الخلوتي. قوله: (الوقت) فلا تصح قبله ولا بعده. ولم يقل: دخول وقت، كما فعل في غير الجمعة؛ لئلا يوهم صحتها بعد الدخول، سواء كانت في الوقت أو بعده. فتدبر. قوله: (من أول وقت العيد) جوازاً، ورخصة قبل الزوال. قوله: (فإن تحقق) أي: الخروج.

وَإِلَّا أَتَمُّوا جُمُعَةً الثَّانِي: اسْتِيطَانُ أَرْبَعِينَ وَلَوْ بِالْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا بِقَرْيَةٍ فَلَا تَتِمُّ مِنْ مَكَانَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ وَلَا يَصِحُّ بِجَمِيعِ أَهْلِ بَلَدٍ كَامِلٍ فِي بَلَدٍ نَاقِصٍ وَالْأَوْلَى: مَعَ تَتِمَّةِ الْعَدَدِ تَجْمِيعُ كُلِّ قَوْمٍ الثَّالِثُ حُضُورُهُمْ الْخُطْبَةَ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ خُرْسٌ أَوْ صُمٌّ

_ قوله: (استيطان أربعين ... الخ) فإن قلت: هذا مكرر مع ما تقدم من اعتبار الاستيطان؟ فالجواب: أن ما تقدم إنما سيق لبيان من تجب عليه، وما هنا لبيان صحتها. فتأمل. وبخطه على قوله: (استيطان أربعين) وأبو العباس منا، وأبو يوسف وصاحبه: ثلاثة، والنعمان: أربعة، ومالك: اثني عشر. تاج الدين البهوتي. قوله: (فلا تتمم من مكانين) يعني: لم يشملهما اسم واحد. قوله: (حضورهم) أي: الأربعين، ولو كانوا على هيئة لا تصح صلاة فيها، كإحداث، وعري، وحمل نجاسة، كالخاطب، وأولى على ما يأتي. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (حضورهم) أي: الأربعين الخطبة والصلاة. قوله: (أو صم) في "الإقناع": وإن قرب الأصم، وبعد من يسمع، أي: بحيث لا يسمع؛ لم تصح. انتهى. ولو كانوا خرساً إلا الخطيب، أو صماً إلا واحدا يسمع؛ صحت.

لَا كُلُّهُمْ فَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إتْمَامِهَا اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا إنْ لَمْ تُمْكِنْ إعَادَتُهَا وَإِنْ بَقِيَ، الْعَدَدُ وَلَوْ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ وَلَحِقُوا بِهِمْ قَبْلَ نَقْصِهِمْ أَتَمُّوا جُمُعَةً وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ الْعَدَدِ فَنَقَصَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ وَلَزِمَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ أَحَدَهُمْ وَبِالْعَكْسِ لَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَوْ أَمَرَهُ السُّلْطَانَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ لَمْ يَجُزْ بِأَقَلَّ

_ قوله: (لا كلهم) أي: لا إن كان الأربعون كلهم خرساً أو صماً؛ فلا تصح الجمعة. أما لو كان الخطيب سميعاً عربيا، والباقون كلهم طرشاً أو عجما لا يفهمون قوله؛ فإنها تصح، كما جزم به في "الإقناع". وبخطه على قوله: (لا كلهم) علم منه: أنهم لو كانوا خرساً إلا الخطيب، أو كانوا صماً، إلا واحدا يسمع؛ صحت جمعتهم. قاله في "شرح الإقناع". وفيه تأمل. قوله: (وإن رأى الإمام ... الخ) أي: اعتقد الأعظم، أو الراتب. تاج الدين البهوتي. قوله: (ولزمه أن يستخلف) في الخطبة والصلاة، وهل يأثم إذن هو؟ .

وَلَا أَنْ يَسْتَخْلِفَ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ وَبِالْعَكْسِ الْوِلَايَةُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ لَمْ يَرَوْهَا قَوْمٌ بِوَطَنٍ مَسْكُونٍ فَلِلْمُحْتَسَبِ أَمْرُهُمْ بِرَأْيِهِ بِهَا وَمَنْ فِي وَقْتِهَا أَحْرَمَ وَأَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً أَتَمَّ جُمُعَةً وَإِلَّا فَظُهْرًا إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ وَنَوَاهُ وَإِلَّا فَنَفْلًا

_ قوله: (ولا أن يستخلف) في الأقل؛ لقصور ولايته. قوله: (بخلاف التكبير الزائد) يعني: فله العمل برأيه. قوله: (وبالعكس) بأن أمره ألا يصلي بأربعين، وهو يرى وجوب الأربعين. قوله: (فللمحتسب أمرهم ... الخ) يؤخذ منه: أن الحاكم له مدخل في عبادة لا يراها غيره. تاج الدين البهوتي. قوله: (ومن في وقتها أحرم، وأدرك مع الإمام منها ركعة) قال المصنف في "شرحه": بسجدتيها. انتهى؛ أي: لا بد من إدراك المسبوق ركعة بسجدتيها حقيقة؛ بأن يركع ويسجد مع الإمام، أو حكماً؛ كمن ركع مع الإمام في الأولى، ثم زحم أو نام ونحوه، ولم يزل عذره إلا عند ركوع الإمام في الثانية، فالواجب عليه في هذه الصورة متابعة الإمام، وتصير الثانية أولاه، فلو ترك المتابعة جهلاً، وسجد وحده؛ تمت أولاه، وأدرك الجمعة؛ لأن هذا السجود المعتد به للعذر، بمنزلة ما لو أتي به مع الإمام. أما لو كان عالما بوجوب المتابعة، فسجد وحده؛ فإنها لا تصح جمعته، مع كونه أدرك مع الإمام الركوع، كما صرح بذلك المصنف

وَمَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ ثُمَّ زُحِمَ لَزِمَهُ السُّجُودُ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَإِذَا زَالَ الزِّحَامُ إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَ الثَّانِيَةِ فَيُتَابِعُهُ فِيهَا وَتَصِيرُ أُولَاهُ وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً .....

_ وصاحب "الإقناع"، ففي قول منصور البهوتي: فلا تعتبر ركعة بسجدتيها معه، نظر واضح. وبخطه على قوله: (ومن في وقتها أحرم، وأدرك مع الإمام منها ركعة) يعني: سجدتيها، ولو بعد الوقت حيث أحرم فيه. قوله: (ثم زحم) أي: عن سجود بأرض. "شرح". وبخطه على قوله: (ثم زحم) أي: دفع لمضايقة. قوله: (لزمه السجود) بجبهته وأنفه فقط. قوله: (إلا أن يخاف ... الخ) صريح ما هنا كما تقدم في الجماعة: أن من أدرك ركوع الأولى مع الإمام، ثم عذر بزحام أو غيره، وزال عذره في الثانية قبل الركوع، فإن أمكنه تكميل الأولى قبل رفع الإمام من ركوع الثانية، فعل وجوباً، وإلا بأن غلب على ظنه فوات الثانية، كما في "الإقناع"، لغى ما أدركه من الأولى، وتابعه في الثانية، وتصير أولاه، فتأمل. وبخطه على قوله: (إلا أن يخاف) سجوده بالأرض بعد زوال الزحام "شرح".

فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ عَالَمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ وَإِنْ جَهِلَهُ فَسَجَدَ ثُمَّ أَدْرَكَهُ أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَصَحَّتْ جُمُعَتُهُ وَكَذَا لَوْ تَخَلَّفَ لِمَرَضٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ سَهْوٍ وَنَحْوِهِ.

_ قوله: (ثم أدركه في التشهد) علم منه: أنه يكفي في إدراك الجمعة، إدراك ما تدرك به الركعة، إذا أتى بباقي الركعة قبل أن يسلم الإمام، فلا تعتبر ركعة بسجدتيها معه. قاله في "شرح الإقناع" وفيه نظر. فتدبر. وعلم منه أيضاً: أنه لو لم يدرك الإمام حتى سلم؛ فإنه يستأنف ظهراً، وصرح به في "الإقناع" قال: وإن غلب على ظنه الفوت، فتابع إمامه فيها، ثم طول، أو عدم الفوت؛ فسجد، فبادر الإمام فركع، لم يضره فيهما. انتهى. فائدة: إن قلت: صرحوا بأن الجمعة، يدرك وقتها بتكبيرة إحرام، وأن جماعتها لا تدرك إلا بركعة، مع أنه لا بد من كل من الوقت والجماعة، فما الفرق بينهما؟ قلت: الفرق أن الجماعة شرط لها، وهو داخل الماهية، والوقت شرط، وهو خارج الماهية، وما هو داخل الماهية آكد. قوله: (ونحوه) كغفلة.

الرَّابِعُ تَقَدُّمُ خُطْبَتَيْنِ بَدَلَ رَكْعَتَيْنِ لَا مِنْ الظُّهْرِ مِنْ شُرُوطِهِمَا الْوَقْتُ وَأَنْ يَصِحَّ أَنْ يُؤَمَّ فِيهَا وَحَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِرَاءَةُ آيَةٍ وَلَوْ جُنُبًا مَعَ تَحْرِيمِهَا وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ خُطْبَةٍ وَمُوَالَاةُ جَمِيعِهِمَا مَعَ الصَّلَاةِ وَالنِّيَّةُ وَالْجَهْرُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَسَائِرُ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ لَا الطَّهَارَتَانِ وسَتْرُ الْعَوْرَةِ وإزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَلَا أَنْ يَتَوَلَّاهُمَا وَاحِدٌ ومَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ وَلَا حُضُورُ مُتَوَلِّي الصَّلَاةِ الْخُطْبَةَ وَيُبْطِلُهَا كَلَامٌ مُحَرَّمٌ وَلَوْ يَسِيرًا وَهِيَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَقِرَاءَةٍ

_ قوله: (تقدم خطبتين ... الخ) من إضافة الصفة لموصوفها. قوله: (للقدر ... الخ) خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هذه الشروط للقدر الواجب من الخطبتين، وهو أركنهما. قوله: (ولا حضور متولي) أي: إمام. قوله: (الخطبة) ما لم يكن من تمام الأربعين، فلا بد من حضوره، كما علم مما تقدم. محمد الخلوتي. قوله: (كقراءة) أي: فلا تجوز، وتصح مع العجز غير القراءة، فإن عجز عنها؛ وجب بدلها ذكر. "شرح".

وَسُنَّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَوْضِع عَالٍ عَنْ يَمِينِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَإِنْ وَقَفَ بِالْأَرْضِ فَعَنْ يَسَارِهِمْ وسَلَامُهُ إذَا خَرَجَ وإذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وجُلُوسُهُ حَتَّى وبَيْنَهُمَا قَلِيلًا فَإِنْ أَبَى أَوْ خَطَبَ جَالِسًا فَصَلَ بِسَكْتَةٍ وأَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا مُعْتَمِدًا عَلَى سَيْفٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ عَصًا قَاصِدًا تِلْقَاءَهُ وقِصَرُهُمَا والثَّانِيَةِ أَقْصَرَ ورَفْعُ صَوْتِهِ حَسَبَ طَاقَتِهِ والدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُبَاحُ لِمُعَيَّنٍ وأَنْ يَخْطُبَ مِنْ صَحِيفَةٍ.

_ قوله: (أن يخطب) من باب: قتل، خطبة، بمعنى: مخطوبة، كنسخة بمعنى: منسوخة. "مصباح". قوله: (مستقبلي القبلة) المراد بها: المحراب. قوله: (إذا خرج) إلى مأموم. قوله: (وإذا أقبل عليهم) أي: بوجهه. قوله: (حسب طاقته) ويعرب الخطبتين بلا تمطيط، ويكون متعظاً بما يعظ الناس به، ويستقبلهم، وينحرفون إليه؛ فيستقبلونه، ويتربعون فيها؛ أي: في حال استماع الخطبة "إقناع". قوله: (لمعين) حتى السلطان.

فصل والجمعة: ركعتان يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ جَهْرًا وأَنْ يَقْرَأَ فِي فَجْرِهَا الم السَّجْدَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى وَيُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِمَا وَيَحْرُمُ إقَامَتُهَا وعِيدٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا لِحَاجَةٍ، كَضِيقِ وبُعْدٍ وخَوْفِ فِتْنَةٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ عُدِمَتْ فَالصَّحِيحَةُ مَا بَاشَرَهَا الْإِمَامُ مِنْهَا أَوْ أَذِنَ فِيهَا الْإِمَامُ فَإِنْ اسْتَوَيَا أَيْ إذْنِ أَوْ عَدَمِهِ فَالسَّابِقَةُ بِالْإِحْرَامِ.

_ قوله: (وتكره مداومته) يعني: بفجر. قوله: (وعيد) بالجر عطفاً على الضمير المجرور بإقامة، من غير إعادة الجار، على مذهب يونس والفراء، واختيار الإمام أبي عبد الله بن مالك. قوله: (وخوف فتنة ... الخ) وحيث جاز التعدد لحاجة، فإنه يقدر بقدرها. كما في "الإقناع"، خلافا لبعض الشافعية. قوله: (ما باشرها) أي: أم فيها. قوله: (أو أذن فيها الإمام) ولو مسبوقة. قوله: (فإن استويا في إذن ... الخ) ولعل من صور التساوي في الإذن، ما إذا باشر واحدة، وأذن في الأخرى.

وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا فَإِنْ أَمْكَنَ صَلَّوْا جُمُعَةً وَإِلَّا فظُهْرًا وَإِنْ جَهِلَ كَيْفَ وَقَعَتَا صَلَّوْا ظُهْرًا وَإِذَا وَقَعَ عِيدٌ فِي يَوْمِهَا سَقَطَتْ عَمَّنْ حَضَرَهُ مَعَ الْإِمَامِ سُقُوطَ حُضُورٍ لَا وُجُوبٍ كَمَرِيضٍ لَا كَمُسَافِرٍ إلَّا الْإِمَامَ فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ أَقَامَهَا وَإِلَّا صَلَّوْا ظُهْرًا وَكَذَا عِيدٍ بِهَا فَيُعْتَبَرُ الْعَزْمُ عَلَيْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَقَلُّ السُّنَّةِ بَعْدَهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا سِتٌّ،

_ قوله: (فإن أمكن) يعني: أن يصلي الجميع جمعة واحدة. قوله: (إلا الإمام) فيلزمه الحضور، كمن لم يصل العيد مع الإمام. قوله: (وكذا) يعني: وكذا سقوط عيد بها. قوله: (ولو فعلت) أي: سواء أريد فعلها قبل الزوال أو بعده، فلا بد من العزم عليها في الحالين، خلافاً "للإقناع" تبعاً لابن تميم، حيث قال: لا يعتبر العزم، إلا إذا فعلت بعد الزوال. قوله: (وأقل السنة) يعني: الراتبة. قوله: (وأكثرها) أي: السنة الراتبة، فعلى هذا: الرواتب ست عشرة ركعة. وإنما اقتصر في التطوع على العشر؛

وَسن قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ فِي يَوْمِهَا وكَثْرَةُ دُعَاءٍ وَأَفْضَلُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ وصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغُسْلٌ لَهَا فِيهِ وَأَفْضَلُهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ وتَنَظُّفٌ وَتَطَيُّبٍ ولُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَهُوَ الْبَيَاضُ وتَبْكِيرٌ إلَيْهَا مَاشِيًا بَعْدَ فَجْرٍ وَلَا بَأْسَ بِرُكُوبِهِ لِعُذْرٍ وعَوْدٍ وَيَجِبُ سَعْيٌ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي إلَّا بَعِيدَ مَنْزِلٍ عَنْ ففِي وَقْتٍ يُدْرِكُهَا إذَا عَلِمَ حُضُورَ الْعَدَدِ واشْتِغَالٌ بِذِكْرٍ وَصَلَاةٍ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ فيَحْرُمُ ابْتِدَاءُ صَلَاةٍ غَيْرِ تَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَيُخَفِّفُ مَا ابْتَدَأَهُ وَلَوْ نَوَى أَرْبَعًا صَلَّى اثْنَتَيْنِ.

_ لأنه اعتمد على ذكر رواتب الجمعة في بابها، فتأمل. قوله: (في يومها) أي: وليلتها، كما في "الإقناع". قوله: (ولبس أحسن ثيابه) بضم اللام، مصدر: لبست الثوب من باب: تعب، وبالكسر ما يلبس، كاللباس. كما في "المصباح". قوله: (ويخفف ما ابتدأه) أي: كيفاً. وأما تخفيف الكم؛ فأشار إليه لقوله: (ولو نوى ... الخ).

وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ تَخَطِّي الرِّقَابِ إلَّا إنْ رَأَى فُرْجَةً لَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا بِهِ وإيثَارُهُ بِمَكَانٍ أَفْضَلَ لَا قَبُولُهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ سَبْقُهُ إلَيْهِ وَالْعَائِدُ مِنْ قِيَامِهِ لِعَارِضٍ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ وَلَوْ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ إلَّا الصَّغِيرَ قَالَ الْمُنَقِّحُ: وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ وَإِلَّا مَنْ بِمَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِدُونِهِ ورَفْعُ مُصَلًّى مَفْرُوشٍ مَا لَمْ تَحْضُرْ الصَّلَاةُ.

_ قوله: (لا قبوله) يعني: ولا رده. قوله: (إلا الصغير) يعني: ولو أجنبياً. قوله: (ما لم تحضر الصلاة) وليس له الجلوس، ولا الصلاة عليه، فإن فعل، ففي الفروع في ستر العورة: لو صلى على أرضه أو مصلاه بلا غضب، صح في الأصح. قال في "شرح الإقناع": وتقدم هناك: جاز وصحت، ولعل ما هناك، إذا كان حاضراً، أو صلى معه على مصلاه، فلا يعارضه ما هنا، لغيبته، قال: وفيه شيء. انتهى؛ أي: لأن السكوت عندنا، لا يدل على رضا الغير، بالتصرف في ماله، كما صرحوا به في تصرف الفضولي.

وَكَلَامٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَهُوَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ إلَّا لَهُ أَوْ لِمَنْ كَلَّمَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَيَجِبُ لِتَحْذِيرِ ضَرِيرٍ وغَافِلٍ عَنْ هَلَكَةٍ وَبِئْرٍ وَنَحْوِهِ وَيُبَاحُ إذَا سَكَتَ بَيْنَهُمَا أَوْ شَرَعَ فِي دُعَاءٍ وَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَمِعَهَا وَتُسَنُّ سِرًّا كَدُعَاءٍ وحَمْدُهُ خُفْيَةً إذَا عَطَسَ، وَرَدُّ سَلَامٍ، وَتَشْمِيتُ عَاطِسٍ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ إذَا فُهِمَتْ كَكَلَامٍ وَمَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَتُسَنُّ تَحِيَّتُهُ لِمَنْ دَخَلَهُ بِشَرْطِهِ غَيْرَ خَطِيبٍ دَخَلَهُ لَهَا ودَاخِلِهِ لِصَلَاةِ عِيدٍ أَوْ وَالْإِمَامُ فِي مَكْتُوبَةٍ أَوْ بَعْدَ شُرُوعٍ فِي إقَامَةٍ وقَيِّمِهِ إذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ ودَاخِلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

_ قوله: (وكلام والإمام يخطب) يعني: ولو كان الإمام غير عدل، كما في "الإقناع". قوله: (وتأمين عليه) أي: على دعاء الخطيب، فيسن سراً. قوله: (وحمده) يعني: جائز. قوله: (بشرطه) هو أن لا يجلس، فيطول الفصل، ولا يكون وقت نهي، غير حال خطبة الجمعة، وأن يكون متطهراً.

وَيَنْتَظِرُ فَرَاغَ مُؤَذِّنٍ لِتَحِيَّةِ وَإِنْ جَلَسَ قَامَ فَأَتَى بِهَا مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ

_ قوله: (وينتظر فراغ مؤذن) لعل المراد: غير أذان جمعة؛ لأن سماع الخطبة أهم. قاله في "الفروع".

باب صلاة العيدين

باب صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ، فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى تَرْكِهَا قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ وَكُرِهَ إنْ يَنْصَرِفَ مَنْ حَضَرَ وَيَتْرُكَهَا

_ قوله: (إذا اتفق أهل بلد ... الخ) اعلم: أن من الأصحاب من عبر هنا، وفي باب الأذان: بالاتفاق. ومنهم من عبر: بالترك. والظاهر: أنه من قبيل الاحتباك، وهو: أن يحذف من أحد الجملتين ما تدل عليه الأخرى، فالتقدير في البابين: إذا حصل اتفاق وترك؛ قاتلهم الإمام. أما الاتفاق وحده، فهو: عزم على الترك، لا ترك حقيقة، وكذا الترك بلا اتفاق يكونلا جهلا، أو كسلا، أو تهاونا، فلا يقاتلون عليه ابتداء، بل يؤمرون أولا، فإن امتثلوا وإلا قوتلوا؛ لاجتماع الأمرين إذن، أعني: الترك والاتفاق، ولعل هذا هو تحرير الكلام، خلافاً لما يفهم من "حاشية الحجاوي" على "التنقيح". والله أعلم، وبخطه على قوله: (إذا اتفق) الاتفاق: ليس بشرط للقتال، بل بمجرد الترك، كما أشار له الشارح، وصرح به في "الإقناع". قوله: (ويتركها) يعني: إن لم يكن من العدد المعتبر؛ فيحرم، كما في "شرحه".

وَوَقْتُهَا كصَلَاةِ الضُّحَى فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِيدِ إلَّا بَعْدَهُ صَلَّوْا مِنْ الْغَدِ قَضَاءً وَكَذَا لَوْ مَضَى أَيَّامٌ وَتُسَنُّ بِصَحْرَاءَ قَرِيبَةٍ عُرْفًا إلَّا بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ فبِالْمَسْجِدِ وتَقْدِيمُ الْأَضْحَى، بِحَيْثُ يُوَافِقُ مَنْ بِمِنًى فِي ذَبْحِهِمْ، وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ وَأَكْلٌ فِيهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ تَمَرَاتٍ وِتْرًا وَإمْسَاكٌ فِي الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ لِيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ إنْ ضَحَّى وَالْأَوْلَى مِنْ كَبِدِهَا وَإِلَّا خُيِّرَ

_ قوله: (ووقتها، كصلاة الضحى) أي: كوقت صلاة، فهو على حذف مضاف. قوله: (فإن لم يعلم ... الخ) أي: وأما من فاتته مع الإمام؛ فيصليها متى شاء؛ لأنها نافلة ليس فيها اجتماع. قوله: (صلوا من الغد) يعني: ولو أمكن في يومها "إقناع". قوله: (وكذا لو مضى أيام) هل المراد هنا: جمع القلة، ما يشمل الكثرة؟ وبخطه على قوله: (وكذا لو مضى أيام) يعني: لو أخروها لفتنة، أو بلا عذر. قوله: (إلا بمكة المشرفة) لفضيلة البقعة، ومشاهدة الكعبة المشرفة. قوله: (فالمسجد) ويستحب للإمام أن يستخلف من يصلي بضعفة الناس في المسجد، والأولى أن لا يصلوا قبل الإمام، وأيهما سبق سقط الفرض به وجازت التضحية، وتنويه المسبوقة نفلا. قاله في "الإقناع".

وَغُسْلٌ لَهَا فِي يَوْمِهِ وَتَبْكِيرُ مَأْمُومٍ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَاشِيًا عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ إلَّا الْمُعْتَكِفَ فَفِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ وتَأَخُّرُ إمَامٍ إلَى الصَّلَاةِ وَالتَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالصَّدَقَةُ وَرُجُوعُهُ فِي غَيْرِ طَرِيقِ غُدُوِّهِ وَكَذَا جُمُعَةٌ وَمِنْ شُرُوطِهَا وَقْتٍ وَاسْتِيطَانٌ وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ لَا إذْنُ إمَامٍ وَيَبْدَأُ برَكْعَتَيْنِ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ: سِتًّا وفِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، خَمْسًا يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ

_ قوله: (وغسل لها) أي: في يومه لا ليلاً. قوله: (وكذا جمعة) ولا يمتنع في غيرها. قوله: (ومن شرطها) قال منصور البهوتي: لعل المراد: شرط ما يسقط به فرض الكفاية؛ بدليل المنفرد، تصح صلاته بعد صلاة الإمام. قوله: (ويبدأ بركعتين) الدليل على تقديم الصلاة على الخطبة حديث ابن عمر المتفق عليه، وهو: كان النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، يصلون العيدين قبل الخطبة. وحكمة التأخير هنا للخطبة، وتقديمها في الجمعة؛ أن الخطبة شرط للصلاة، والشرط مقدم على المشروط بخلاف خطبة العيد، وأيضاً صلاة العيد فرض، وخطبته سنة، والفرض أهم، فلا يعتد بها قبل الصلاة، بل تعاد.

وَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا وَإِنْ أَحَبَّ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَا يَأْتِي بِذِكْرٍ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ فِيهِمَا ثُمَّ يَقْرَأُ جَهْرًا الْفَاتِحَةَ ثُمَّ سَبِّحْ فِي الْأُولَى: ثُمَّ الْغَاشِيَةَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِذَا سَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا كَخُطْبَتَيْ جُمُعَةٍ حَتَّى فِي الْكَلَامِ إلَّا التَّكْبِيرَ مَعَ الْخَاطِبِ وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ والثَّانِيَةَ بِسَبْعِ نَسَقًا قَائِمًا يَحُثُّهُمْ فِي خُطْبَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ

_ قوله: (ويقول: الله أكبر) يعني: بين كل تكبيرتين زائدتين. قوله: (نسقا) يقال: نسقت الدر نسقا -من باب: قتل- نظمته، ودر نسق -بفتحتين- فعل بمعنى مفعول، كالولد بمعنى المولود، ونسقت الكلام: عطفت بعضه على بعض، وكلام نسق: على نظام واحد، استعارة من الدر "مصباح". قوله: (ويحثهم) من باب: قتل: بمعنى: حرضهم، كما في "المصباح".

وَيُرَغِّبُهُمْ بالْأَضْحَى فِي الْأُضْحِيَّةَ وَيُبَيِّنُ لَهُمْ حُكْمَهَا وَالتَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ وَالذِّكْرُ بَيْنَهُمَا وَالْخُطْبَتَانِ سُنَّةٌ وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ وقَضَاءُ فَائِتَةٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ بِمَوْضِعِهَا وَبَعْدَهَا قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ وأَنْ تُصَلَّى بِالْجَامِعِ بِغَيْرِ مَكَّةَ إلَّا لِعُذْرٍ وَيُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ قَضَاؤُهَا فِي يَوْمِهَا عَلَى صِفَتِهَا كَمُدْرِكِ فِي التَّشَهُّدِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ، أَوْ بَعْضِهِ أَوْ ذَكَرَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ، لَمْ يَأْتِ بِهِ وَيُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ، وَلَوْ بنَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ فِي قَضَاءٍ بِمَذْهَبِهِ وَسُنَّ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ وَإِظْهَارُهُ وَجَهْرُ بِهِ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ

_ قوله: (قبل مفارقته) يعني: لئلا يتوهم أن لها راتبة قبلها أو بعدها. قوله: (لعذر) كمطر. قوله: (بمذهبه) يتعلق بمحذوف؛ أي: عاملاً بمذهبه، أو يكبر على تقدير مضاف؛ أي: بمقتضى مذهبه. والمراد: لا بمذهب إمامه؛ لأنه بعد السلام صار في حكم المنفرد، ولا يلزم عليه صيرورة الصلاة إذن على صفة لم يقل بها أحد؛ لأن أمرهم بمتابعة الإمام المخالف، يتضمن القول بهذه الصورة. فتأمل. قوله: (غير أنثى) ظاهره: ولو خنثى مشكلاً، وفيه نظر. تاج الدين البهوتي.

وَفِطْرٍ آكَدُ وَمِنْ خُرُوجٍ إلَيْهِمَا إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ وَفِي كُلِّ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَفِي الْأَضْحَى عَقِبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ جَمَاعَةً، حَتَّى الْفَائِتَةُ فِي عَامِهِ مِنْ صَلَاةِ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا الْمُحْرِمَ فَمِنْ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَمُسَافِرٌ وَمُمَيِّزٌ كَمُقِيمٍ وَبَالِغٍ

_ قوله: (وفطر) هو بالرفع مبتدأ، على حذف مضافين، وخبر المبتدأ آكد، أي: وتكبير عيد فطر آكد من أضحى. والله أعلم. قوله: (عقب) أي: فيكره الفصل. صرح به ابن نصر الله في "حواشي الفروع". قوله: (حتى الفائتة في عامه) يعني: أنه إذا قضى في أيام التكبير المقيد فريضة من الخمس، من صلاة عامه، الذي هو إذ ذاك فيه؛ بأن كانت من صلوات المحرم فما بعده من ذلك العام؛ فإنه يسن التكبير إذا صلاها جماعة؛ لأنها فريضة فعلت في تلك الأيام. فتأمل. قوله: (إلى عصر آخر أيام التشريق) فيكون تكبير المحل عقب ثلاث وعشرين فريضة، وتكبير المحرم عقب سبع عشرة. والله أعلم. قوله: (إلا المحرم) أي: ولو رمى جمرة العقبة، قبل الفجر، كما في "الإقناع"؛ أي: حمل على الغالب، ولو أخر الرمي، حتى صلى الظهر؛ اجتمع في حقه التكبير والتلبية، فيبدأ بالتكبير، ثم يلبي نصاً؛ لأن التكبير مشروع

وَيُكَبِّرُ الْإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ وَمَنْ نَسِيَهُ قَضَاهُ مَكَانَهُ فَإِنْ قَامَ أَوْ ذَهَبَ عَادَ فَجَلَسَ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ يُطِلْ الْفَصْلَ وَيُكَبِّرُ مَنْ نَسِيَهُ إمَامُهُ ومَسْبُوقٌ إذَا قَضَى وَلَا يُسَنُّ عَقِبَ صَلَاةِ عِيدٍ وَصِفَتُهُ شَفْعًا: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك وَلَا بِالتَّعْرِيفِ عَشِيَّةَ عرفة بِالْأَمْصَارِ

_ في الصلاة، فكان أشبه بها. قال منصور البهوتي: يؤخذ منه تقديمه على الاستغفار، وقول: اللهم أنت السلام ... الخ. انتهى. قوله: (مستقبل الناس) أي: فيلتفت إلى المأمومين. قوله: (فإن قام) جوابه محذوف، دل عليه ما بعده، والتقدير: فإن قام أو ذهب؛ جلس، أو عاد فجلس. وبخطه على قوله: (فإن قام) يعني: جلس، حذف لدلالة ما بعده. قوله: (منا ومنك) كالجواب. "إقناع".

باب صلاة الكسوف

باب صلاة الكسوف صلاة الكسوف وَهُوَ ذَهَابُ ضَوْءِ أَحَدِ النَّيِّرَيْنِ أَوْ بَعْضِهِ سُنَّةٌ حَتَّى يُسْفِرَ بِلَا خُطْبَةٍ وَوَقْتُهَا مِنْ ابْتِدَائِهِ إلَى التَّجَلِّي وَلَا تُقْضَى إنْ فَاتَتْ كَاسْتِسْقَاءٍ وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَسُجُودِ شُكْرٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا وَلَا اسْتِسْقَاءٍ إذْنُ الْإِمَامِ وَفِعْلُهَا جَمَاعَةً بِمَسْجِدٍ أَفْضَلُ ولِلصِّبْيَانِ حُضُورُهَا وَهِيَ رَكْعَتَانِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى جَهْرًا، وَلَوْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً طَوِيلَةً ثُمَّ يَرْكَعُ طَوِيلًا ثُمَّ يَرْفَعُ فَيُسَمِّعُ وَيَحْمَدُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً وَيُطِيلُ وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ ك الْأُولَى لَكِنْ دُونَهَا فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ

_ قوله: (وهو ذهاب) أي: استتاره، لا فقده؛ بدليل قولهم: ينجلي وينكشف، وإلا لقالوا: يحدث ثانيا، أو: يوجد ويحصل. تاج الدين البهوتي.

وَلَا تُعَادُ إنْ فَرَغَتْ قَبْلَ التَّجَلِّي، بَلْ يُذَكِّرُ وَيَدْعُو وَإِنْ تَجَلَّى فِيهَا أَتَمَّهَا خَفِيفَةً وتَجَلَّى قَبْلَهَا لَمْ يُصَلِّ وَإِنْ غَابَتْ الشَّمْسُ كَاسِفَةً أَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَالْقَمَرُ خَاسِفٌ لَمْ يُصَلِّ وَإِنْ غَابَ خَاسِفًا لَيْلًا صَلَّى وَيَعْمَلُ بِالْأَصْلِ فِي وُجُودِهِ وبَقَائِهِ وذَهَابِهِ وَيَذْكُرُ وَيَدْعُوهُ وَقْتَ نَهْيٍ وَيُسْتَحَبُّ عِتْقٌ فِي كُسُوفِهَا.

_ قوله: (وقبلها لم يصل) هذا مكرر مع قوله قيل: (ولا تقضى إن فاتت)، كما في "شرحه". ويمكن أن يحمل الأول على ما إذا لم يعلم بالكسوف إلا بعد التجلي، أو عذر بترك الصلاة لشغل ونحوه، وما هنا على ما إذا لم يكن عذر، بل ترك الصلاة عمداً متمكناً، حتى تجلى فلا يصلي أيضاً أو بالعكس. قوله: (كاسفة) و (خاسفا) هذا جار على الأجود، على ما نص عليه ثعلب، حيث قال: أجود الكلام، خسق القمر، وكسفت الشمس. نقله في "المصباح". قوله: (ويعمل بالأصل) يعني: عند الشك. قوله: (في وجوده) فلا يصلي. قوله: (وبقائه) فيصلي. قوله: (وذهابه) قد يقال: يغني عنه قوله: (وبقائه)؛ إذ المراد: يعمل بالأصل في بقائه، كلا أو بعضاً.

وَإِنْ أَتَى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ أَوْ أَرْبَعِ أَوْ خَمْسِ فَلَا بَأْسَ وَمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ سُنَّةٌ لَا تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ ويَصِحُّ فِعْلُهَا كَنَافِلَةٍ وَلَا يُصَلَّى لِآيَةٍ غَيْرِهِ كَظُلْمَةِ نَهَارٍ، وَضِيَاءٍ وَرِيحٍ شَدِيدَةٍ، وَصَوَاعِقَ إلَّا لِزَلْزَلَةٍ دَائِمَةٍ وَمَتَى اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ قُدِّمَتْ فَتُقَدَّمُ عَلَى مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ جُمُعَةً أُمِنَ فَوْتُهَا وَلَمْ يُشْرَعْ فِي خُطْبَتِهَا أَوْ عِيدًا أَوْ مَكْتُوبَةً وَأُمِنَ الْفَوْتُ أَوْ وِتْرًا وَلَوْ خِيفَ فَوْتُهُ وَتُقَدَّمُ جِنَازَةٌ عَلَى عِيدٍ وَجُمُعَةٍ أُمِنَ فَوْتُهُمَا وتَرَاوِيحُ عَلَى كُسُوفٍ إنْ تَعَذَّرَ فِعْلُهُمَا وَإِنْ وَقَعَ بِعَرَفَةَ صَلَّى ثُمَّ دَفَعَ.

_ قوله: (أو خمس) ولا يزيد. قوله: (إلا لزلزلة دائمة) يعني: فيصلى لها، ككسوف. "إقناع". قوله: (وتقدم جنازة) أي: انفردت عن الكسوف؛ لئلا يتكرر، وهو تصريح بالمفهوم. قوله: (وجمعة) يعني: لم يشرع في خطبتها.

باب صلاة الاستسقاء

باب صلاة الاستسقاء وَهُوَ الدُّعَاءُ بِطَلَبِ السُّقْيَا عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَتُسَنُّ حَتَّى بِسَفَرٍ إذَا ضَرَّ إجْدَابُ

_ قوله: (وهو الدعاء بطلب ... الخ) لعل الباء في (بطلب) للتصوير. والمعنى: الاستسقاء: دعاء متضمن طلب السقيا، فالسين فيه للطلب الذي هو الدعاء. وحاصله: أن الاستسقاء: طلب السقيا، وذلك الطلب عبارة عن الدعاء المتضمن لذلك الطلب، ومع ذلك، فلا يخلو المقام عن صعوبة. فليحرر. شيخنا محمد الخلوتي. ويمكن أن يقال: الدعاء هنا، يمعنى النداء، فالباء في: (بطلب) للملابسة؛ أي: الاستسقاء شرعاً: نداء ملتبساً بطلب السقيا، أو أن الدعاء، بمعنى الطلب لكنه عام. وقوله: (بطلب السقيا) طلب خاص، فالباء أيضاً: للملابسة على سبيل استعمال العام للخاص، وملابسته إياه. قوله: (إجداب) الجدب: هو المحل وزنا ومعنى -خلاف الخصب كحمل: النماء والبركة- وهو انقطاع المطر، ويبس الأرض، يقال: جدب البلد، بالضم جدوبة، وأجدبت إجداباً، وجدبت، تجدب، من باب: تعب مثله، وأجدب القوم: دخلوا في الجدب، كذا في "المصباح" ملخصاً.

أَرْضٍ وقَحْطُ مَطَرٍ أَوْ غَوْرُ مَاءِ عُيُونٍ أَوْ أَنْهَارٍ وَوَقْتُهَا وَصِفَتُهَا فِي مَوْضِعِهَا وَأَحْكَامُهَا كَصَلَاةِ عِيدٍ وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ الْخُرُوجَ لَهَا وَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ والْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ وتَرْكِ التَّشَاحُنِ وبِالصَّدَقَةِ والصَّوْمِ وَلَا يَلْزَمَانِ بِأَمْرِهِ وَيَعِدُهُمْ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ وَيَتَنَظَّفُ لَهَا وَلَا يَتَطَيَّبُ وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَضَرِّعًا وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالشُّيُوخِ.

_ قوله: (أرض) احترز به عن أرض غير مسكونة، ولا مسلوكة؛ فإنه لا يضر إجدابها، فلا يستسقى لها، قوله: (وقحط مطر) قحط المطر قحطاً من باب نفع: احتبس، وحكى الفراء قحط قحطاً: من باب تعب تعباً، وقحط بالضم. "مصباح". وقحط الناس، بضم القاف وفتحها، وأقحطوا، بضم الهمزة وفتحها. "مطلع". قوله: (في موضعها) فتسن في صحراء، يكبر في أول ركعتيها سبعاً، والثانية خمساً، يفعلها أول النهار، لكن لا تتقيد بوقت، فتجوز بعد الزوال لا وقت نهي؛ لأنها نافلة، كما تقدم. قوله: (متواضعاً) في "المصباح": تواضع لله: خشع وذل. قال: وخشع: خضع؛ أي: ذل. والخضوع قريب من الخشوع، إلا أن الخشوع

وسن خُرُوجُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَأُبِيحَ خُرُوجُ طِفْلٍ وَعَجُوزٍ وَبَهِيمَةٍ والتَّوَسُّلُ بِالصَّالِحِينَ وَلَا يُمْنَعُ أَهْلَ الذِّمَّةِ

_ أكثر ما يستعمل في الصوت، والبصر، والخضوع في الأعناق. قال: وذل: سهل وانقاد. وتضرع إلى الله: ابتهل. انتهى. وقال ابن نصر الله: متواضعاً ببدنه، متخشعاً بقلبه وعينه، متذللاً في ثيابه، متضرعاً بلسانه. انتهى. قوله: (والتوسل بالصالحين) قال في "المذهب": يجوز أن يستشفع إلى الله تعالى برجل صالح. وقيل: يستحب. قال الإمام أحمد -رحمه الله- في "منسكه" الذي كتبه للمروذي: إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه. وجزم به في "المستوعب" وغيره. وقال الإمام أحمد وغيره في قوله عليه الصلاة والسلام: "إعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق": الاستعاذة لا تكون بمخلوق. قال إبراهيم الحربي: الدعاء عند قبر معروف الترياق المجرب، وقال شيخنا: قصده للدعاء عنده، رجاء الاستجابة بدعة، لا قربة باتفاق الأئمة.

مُنْفَرِدِينَ لَا بِيَوْمٍ وَكُرِهَ إخْرَاجُنَا لَهُمْ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ وَيُكْثِرُ فِيهَا الِاسْتِغْفَارَ وقِرَاءَةَ آيَاتٍ فِيهَا الْأَمْرُ بِهِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَظُهُورُهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدِقًا مُجَلِّلًا سَحًّا عَامًّا طَبَقًا دَائِمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ اللَّهُمَّ إنَّ

_ ذكره في "الفروع"، قاله في "شرح الإقناع". قوله: (منفردين ... الخ) ويؤخذ من تعليل هذا المحل، استحباب إفرادهم في مدائن الإسلام بحارة تختص بهم. كما أفاده ابن نصر الله، رحمه الله تعالى. قوله: (كخطبة العيد) الأولى، فيفتتحها بتسع تكبيرات نسقاً.

بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوهُ إلَّا إلَيْك اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ. وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِك اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ وَمِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ أَثَنَاءَ الْخُطْبَةِ فَيَقُولُ سِرًّا: اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتَنَا بِدُعَائِك وَوَعَدْتَنَا إجَابَتَك، وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتَنَا فَاسْتَجِبْ مِنَّا كَمَا وَعَدْتَنَا ثُمَّ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ والْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ وَكَذَا النَّاسُ وَيَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ فَإِنْ سُقُوا وَإِلَّا أَعَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ فَإِنْ تَأَهَّبُوا خَرَجُوا وَصَلَّوْهَا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا لَمْ يَخْرُجُوا وَشَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.

_ قوله: (ثانياً) صفة لمصدر محذوف؛ أي: عوداً ثانياً وثالثاً.

وَسُنَّ وُقُوفٌ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ وَاغْتِسَالٌ مِنْهُ، وَإِخْرَاجُ رِحَالٍ وثِيَابِهِ لِيُصِيبَهَا وَإِنْ كَثُرَ حَتَّى خِيفَ سُنَّ قَوْلُ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالضِّرَابِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ ومنابت الشجر ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به

_ قوله: (الآكام) هو بفتح الهمزة، تليها مدة، على وزن آصال، وبالكسر بلا مد: كجبال، والأول جمع أكم، ككتب، وأكم: جمع إكام، كجبال، وإكام: جمع أكم، كجبل، وأكم جمع أكمة، فهو مفرد جمع أربع مرات. قال عياض: وهو ما غلظ من الأرض، ولم يبلغ أن يكون جبلاً، وكان أكثر ارتفاعاً مما حوله، كالتلول ونحوها. انتهى. والظراب: الروابي الصغار، جمع ظرب، بكسر الراء، ذكره الجوهري. قوله: (ربنا لا تحملنا ... الخ) هكذا بخط المصنف بإسقاط الواو والتلاوة بإثباتها، ولعل وجه إسقاطها هنا عدم ما يعطف عليه: (لا تحملنا) في هذا الدعاء بخلافه في الآية الكريمة. فتدبر.

الآية وَسُنَّ قَوْلُ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَيَحْرُمُ بِنَوْءِ كَذَا وَيُبَاحُ قَوْلُ: مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا

_ قوله: (الآية) منصوبة بفعل مقدر، أي: اقرأ الآية إلى آخرها. قوله: (ويحرم بنوء كذا) في "المصباح": ناء ينوء نوءاً، مهموز من باب: قال: نهض، ومنه النوء للمطر. وبخطه على قوله: (ويحرم بنوء كذا) لعل المراد: إذا قصد نسبة الفعل إلى الله؛ بسبب النجم، وإلا فيمكن حمل الباء على الظرفية، كما هو المذهب الكوفي، فيوافق معنى: في نوء كذا، وأما نسبة الفعل إلى النجم، فكفر إجماعاً. كما صرح به المصنف في "شرحه". محمد الخلوتي.

صفحة فارغة

كتاب الجنائز

كتاب الجنائز يُسَنُّ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ والْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ وعِيَادَةُ مُسْلِمٍ غَيْرِ مُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ كَرَافِضِيٍّ وَيُسَنُّ كَمُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ غِبًّا

_ الجنائز: جمع جنازة، بفتح الجيم وكسرها، وهو أفصح، اسم للميت والسرير، أو للميت بالفتح، وللسرير بالكسر، أو بالعكس، أو بالكسر للنعش عليه ميت. وأصله من جنزه من باب: ضرب، ستره. قوله: (يسن الاستعداد) أي: التأهب. قوله: (وعيادة مسلم) أي: زيارته وافتقاده من العود، وهو الرجوع. قوله: (مسلم) يعني: لا ذمي فتحرم. قوله: (كرافضي) يعني: فتحرم. قوله: (غبا) هذا موافق لما ذكره الأصحاب من الشعر المشهور، وهو: لا تضجرن عليلا في مساءلة ... إن العيادة يوم بين يومين بل سله عن حاله وادع الإله له ... واجلس بقدر فواق بين حلبين من زار غبا أخاً دامت مودته ... وكان ذاك صلاحاً للخليلين

مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وفِي رَمَضَانَ لَيْلًا وَتَذْكِيرُهُ التَّوْبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَيَدْعُو بِالْعَافِيَةِ وَالصَّلَاحِ وَأَنْ لَا يُطِيلَ الْجُلُوسَ وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَإخْبَارِ مَرِيضٍ بِمَا يَجِدُ، بِلَا شَكْوَى وَيَنْبَغِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيُكْرَهُ الْأَنِينُ

_ قوله: (بكرة وعشيا) الواو: بمعنى: أو. قوله: (ليلا) أي: لأنه أرفق بالعائد. قوله: (وتذكيره التوبة) أي: ولو كان مرضه غير مخوف. قوله: (بلا شكوى) بأن يحمد الله أولا، ثم يخبر. فقد كان الإمام أحمد أولا يحمد الله فقط، فلما دخل عليه عبد الرحمن -طبيب السنة- وحدثه الحديث عن بشر بن الحارث، أي: حديث ابن مسعود مرفوعاً: "إذا كان الشكر قبل الشكوى، فليس بشاك" صار إذا سأله قال: أحمد الله إليك، أجد كذا، أجد كذا. قوله: (بالله تعالى) قال بعضهم: وجوبا، ويغلب الرجاء، ونصه: يكونان سواء، وإلا هلك.

وَتَمَنِّي الْمَوْتِ وَقَطْعُ الْبَاسُورِ وَمَعَ خَوْفِ تَلَفٍ يَحْرُمُ وبِتَرْكِهِ يُبَاحُ وَلَا يَجِبُ التَّدَاوِي وَلَوْ ظَنَّ نَفْعَهُ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ وَيَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ وَيُبَاحُ كَتْبُ قُرْآنٍ وذِكْرٍ بِإِنَاءٍ لِحَامِلٍ لِعُسْرِ الْوِلَادَةِ وَلِمَرِيضٍ وَيُسْقَيَانِهِ وَإِذَا نُزِلَ بِهِ سُنَّ تَعَاهُدُ بَلُّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وتَنْدِيَةِ شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ وتَلْقِينُهُ

_ قال الشيخ: هذا العدل، كما في "الإقناع". قوله: (وتمني الموت) أي: لغير ضرر بدينه، كما في "الإقناع"؛ لقوله: عليه الصلاة والسلام: "وإذا أردت بعبادك فتنة؛ فاقبضني إليك غير مفتون". وليس تمني الشهادة من تمني الموت المنهي عنه، كما في "الهدي"، بل هو مستحب. قوله: (يباح) يعني: قطعه. قوله: (وتركه) أي: توكلاً.

لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثٍ، إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيُعِيدَهُ بِرِفْقٍ وقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ويس عِنْدَهُ وتَوْجِيهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ

_ قوله: (لا إله إلا الله) اقتصر عليها؛ لأن إقراره بها إقرار بالأخرى، وفيه شيء، وفي "الفروع" احتمال. وقال بعض العلماء: يلقن الشهادتين؛ لأن الثانية تبع، فلهذا اقتصر في الخبر على الأولى. "شرح إقناع". قوله: (مرة) فإن لم يجب، أو تكلم بعدها؛ زاد إلى ثلاث، فلا يزيد عليها. وإن لم يجب، ما لم يتكلم، فبرفق؛ كما في المتن. وما أحسن ما اتفق لأبي زرعة الرازي، لما حضرته الوفاة، كان عنده أبو حاتم ومحمد بن مسلم، أن يلقناه، فتذكرا حديث التلقين، فأرتج عليهما، فبدأ أبو زرعة -وهو في النزع- فذكر إسناده إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، ثم خرجت روحه مع الهاء قبل أن يقول: دخل الجنة" كذا بخط حفيد ابن مفلح على "الفروع" شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ويس) في "المستوعب": ويقرأ تبارك. وبخطه على قوله: (يس) بسكون النون، حكاية للقراءة، ويجوز الفتح كهابيل.

مَعَ سَعَةِ الْمَكَانِ وَإِلَّا فعَلَى ظَهْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِنَفْسِهِ ويَعْتَمِدَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيمَنْ يُحِبُّ وَيُوصِي لِلْأَرْجَحِ فِي نَظَرِهِ فَإِذَا مَاتَ سُنَّ تَغْمِيضُهُ وَيُبَاحُ مِنْ مَحْرَمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَيُكْرَهُ مِنْ حَائِضٍ وَجُنُبٍ، وَأَنْ يَقْرَبَاهُ وَيُسَنُّ قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشَدُّ لَحْيَيْهِ وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ وخَلْعُ ثِيَابِهِ وسَتْرُهُ بِثَوْبٍ ووَضْعُ حَدِيدَة أَوْ نَحْوِهَا عَلَى بَطْنِهِ ووَضْعُهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ مُتَوَجِّهًا مُنْحَدِرًا نَحْوِ رِجْلَيْهِ وإسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إنْ مَاتَ غَيْرَ فَجْأَةٍ وَيُسَنُّ تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ وَيَجِبُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ.

_ قوله: (وإلا فعلى ظهره) ورجلاه إلى القبلة. قوله: (وقول: بسم الله) أي: عند تغميضه. قوله: (أو نحوهما) كطين رطب. قوله: (على بطنه) فوق ثيابه وهو مستلق على ظهره. قوله: (ويجب في قضاء دينه) كل ذلك قبل الصلاة عليه، كما في "الإقناع". فإن تعذر إيفاء دينه في الحل؛ استحب لوارثه أو غيره، أن يتكفل به عنه.

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْتَظَرَ بِهِ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ غَيْرِهِ، إنْ قَرُبَ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ أَوْ يَشُقَّ عَلَى الْحَاضِرِينَ وَيُنْتَظَرُ بِمَنْ مَاتَ فَجْأَةً، أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، أَوْ مَيْلِ أَنْفِهِ، وَيُعْلَمُ مَوْتُ غَيْرِهِمَا بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ كَانْفِصَالِ كَفَّيْهِ وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ فصل وَغُسْلُهُ مَرَّةً، أَوْ يُمِّمَ لِعُذْرٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَنْتَقِلُ إلَى ثَوَابِ فَرْضِ عَيْنٍ، مَعَ جَنَابَةِ أَوْ حَيْضٍ وَيَسْقُطَانِ بِهِ سِوَى شَهِيدِ مَعْرَكَةٍ

_ قوله: (مات فجأة) أي: بسبب صعقة، أو هدم، أو خوف من حرب، أو سبع، أو ترد من جبل، أو غير ذلك. "إقناع". قوله: (كانفصال كفيه) أي: انخلاعهما عن ذراعيه؛ بأن تسترخي عصبة اليد، فتبقى كأنها منفصلة في جلدتها عن عظم الزند. قوله: (والنظر إليه) يعني: ممن يباح له ذلك في حياته. قوله: (وينتقل ... الخ) أي: ثوابه.

وَمَقْتُولٍ ظُلْمًا وَلَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَيْنِ فَيُكْرَهُ وَيُغَسَّلَانِ مَعَ وُجُوبِ غُسْلٍ عَلَيْهِمَا قَبْلَ مَوْتٍ بِجَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ إسْلَامٍ كَغَيْرِهِمَا وَشُرِطَ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ وَإِبَاحَتُهُ وَإِسْلَامُ غَاسِلٍ غَيْرِ نَائِبٍ عَنْ مُسْلِمٍ نَوَاهُ وَلَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا وَعَقْلُهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَالْأَفْضَلُ ثِقَةٌ

_ قوله: (ومقتول ظلماً .... الخ) حتى من قتله الكفار صبراً، بأن يوثق، حتى يقتل في غير حرب. قاله في "الإقناع". وأما من قتله، أي: المسلمون أو الكفار خطأ؛ فقال ابن تميم: يغسل رواية واحدة. ولعل المراد: خطأ القصد، لا خطأ الفعل. فلا يخالف ما ذكره الشيشيني من أنه: إذا قتل المسلم بسب العدو لم يغسل، وذلك كأن يريد المسلم ضرب الكافر، فينزاح الكافر، فتقع الضربة بمسلم. قوله: (فيكره) وفي "الإقناع": يحرم. قوله: (ويغسلان ... الخ) يعني: وجوباً. قوله: (أو حائضاً) يعني: بلا كراهة، كما في "الإقناع". وما تقدم إنما هو حال النزع. قوله: (ولو مميزاً) يعني: مع الكراهة. "إقناع".

عَارِفٌ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ وَالْأَوْلَى بِهِ وَصِيَّةُ الْعَدْلِ فأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَتِهِ نَسَبًا ثُمَّ نِعْمَةً ثُمَّ ذَوُوا أَرْحَامِهِ كَمِيرَاثِ الْأَحْرَارِ فِي الْجَمِيعِ ثُمَّ الْأَجَانِبُ وب أُنْثَى وَصِيَّتُهَا فَأُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ فَبِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ ثُمَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى كَمِيرَاثٍ وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ وَبِنْتُ أَخٍ وَأُخْتٍ سَوَاءٌ وَحُكْمُ تَقْدِيمِهِنَّ كَرِجَالٍ وَأَجْنَبِيٌّ وَأَجْنَبِيَّةٌ أَوْلَى مِنْ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَزَوْجٌ وَزَوْجَةٌ أَوْلَى مِنْ سَيِّدٍ وَأُمِّ وَلَدٍ

_ قوله: (والأولى ... الخ) الظاهر: أن هذا لا يفيد منع غير الأولى من التغسيل، فلو غسله غير الأولى، بلا إذن الأولى؛ صح وإن كان خلاف الأولى، كما سيأتي تقريره في الصلاة عليه. قوله: (العدل) الظاهر: ولو ظاهراً. قوله: (وصيتها) يعني: أو وصيها. قوله: (وعمة وخالة) يعني: سواء. قوله: (وحكم تقديمهن ... الخ) انظر هل أفاد غير ما أفاده قوله قبل: (ثم القربى فالقربى، كميراث ... الخ)؟ . قوله: (كرجال) أي: فيقدم منهن من يقدم لو كانوا رجالاً. قوله: (وزوج وزوجة) أي: ولو قبل الدخول، أو وضعت عقب موته، أو كان الموت بعد طلاق رجعي، ما لم تتزوج من وضعت، ومحله إذا لم تكن ذمية، كما علم من قوله قبل: (وإسلام غاسل). فتأمل.

وَلِسَيِّدٍ غُسْلُ أَمَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ مُطْلَقًا وَلَهَا تَغْسِيلُهُ إنْ شَرَطَ وَطْأَهَا وَلَيْسَ لِآثِمٍ بِقَتْلٍ حَقٌّ فِي غُسْلِ مَقْتُولٍ وَلَا لِرَجُلٍ غُسْلُ ابْنَةِ سَبْعِ وَلَا امْرَأَةٍ غُسْلُ ابْنِ سَبْعِ وَلَهُمَا غُسْلُ مَنْ دُونَ ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسَاءٍ لَا يُبَاحُ لَهُنَّ غُسْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ لَمْ تَحْضُرُهُ أُمة لَهُ يُمِّمَ

_ قوله: (مطلقاً) أي: سواء شرط وطأها أو لا. قوله: (إن شرط ... الخ) يعني: في الكتابة. قوله: (وليس لآثم ... الخ) يعني: ولو أبا وابناً، وإلا لم يسقط حقه وإن لم يرث، خلافاً "للإقناع" حيث سوى بين العمد والخطأ. لكن ما في " الإقناع" منقول عن أبي المعالي، وما في "المنتهى" مأخوذ من مفهوم توجيه صاحب "الفروع" فليحرر. قوله: (ولا لرجل غسل ابنة سبع) يعني: ليست زوجته، ولا أمته. قوله: (ولا امرأة غسل بن سبع) يعني: كذلك. قوله: (وإن مات رجل .. الخ) لكن لو ماتت امرأة مع رجال، فيهم صبي لا شهوة له؛ علموه الغسل، وباشره. نصاً، وكذا رجل يموت مع نسوة فيهن صغيرة تطيق الغسل، قال المجد: لا أعلم فيه خلافاً. فعليه: لو كان مع الخنثى صغير أو صغيرة؛ فكذلك.

وَحَرُمَ بدون حَائِلٍ عَلَى غَيْرِ مَحْرَمٍ وَرَجُلٌ أَوْلَى بِخُنْثَى وَتُسَنُّ بُدَاءَةُ بمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ ثُمَّ بِأَبٍ ثُمَّ بِأَقْرَبَ، ثُمَّ أَفْضَلَ ; ثُمَّ أَسَنَّ، ثُمَّ قُرْعَةٌ وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا يُكَفِّنُهُ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُ جِنَازَتَهُ بَلْ يُوَارَى وَكَذَا كُلُّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ وَإِذَا أَخَذَ فِي غُسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَهُ وُجُوبًا وَسُنَّ لَهُ تَجْرِيدُهُ إلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَتْرُهُ عَنْ الْعُيُونِ تَحْتَ سِتْرٍ وَكُرِهَ حُضُورُ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي غُسْلِهِ، وتَغْطِيَةُ وَجْهِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَ غَيْرِ حَامِلٍ إلَى قُرْبِ جُلُوسِهِ وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ

_ قوله: (وحرم بدون حائل) أي: حرم أن ييمم أحد الثلاثة. قوله: (بداءة) البداءة بالكسرة والمد، والضم لغة، اسم من الابتداء، أي: التقديم، والبداءة كتمرة، بمعناه، كما في "المصباح". قوله: (ثم بأب) يعني: للغاسل. قوله: (ستر عورته وجوباً) وهي على ما تقدم توضيحه، كما في "الإنصاف": ما بين السرة والركبة؛ فيمن له سبع، على ما في "المبدع". قوله: (تحت ستر) كخيمة، وبيت. قوله: (ويعصر بطنه) يعني: ليخرج

وَيَكُونُ ثَمَّ بَخُورٌ وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنَجِّيهِ بِهَا وَيَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَةٍ بِهِ وأَنْ لَا يَمَسَّ عَوْرَةَ مَنْ بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَهُ إلَّا بِخِرْقَةٍ ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ وَيُسَمِّي وأَنْ يُدْخِلَ إبْهَامَهُ وَسَبَّابَتَهُ عَلَيْهِمَا خِرْقَةٌ مَبْلُولَةٌ بِمَاءٍ بَيْنَ شَفَتَيْهِ فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ، وفِي مَنْخِرَيْهِ فَيُنَظِّفَهُمَا

_ المستعد للخروج، لئلا يخرج بعد الأخذ في الغسل. قوله: (ثم بخور) دفعاً للتأذي برائحة الخارج. قوله: (ثم يلف على يده خرقة) الخرقة بكسر الخاء: قطعة من الثوب، جمعها خرق كسدرة، وسدر. ثم على كلام المصنف، أن الغاسل يعد خرقتين، إحداهما للفرجين، والأخرى لبقية البدن، وعلى كلام "الإقناع" ثلاث، لكل فرج واحدة، والثالثة لبقية البدن. قوله: (ويجب غسل نجاسة) ظاهره: ولو بالمخرج، فلا يجزيء فيها الاستجمار، وجوزه بعضهم قياساً. قوله: (ويسمي) وتسقط سهواً. قوله: (وسن أن يدخل إبهامه ... الخ) يعني: بعد غسل كفي الميت ثلاثاً. قوله: (في منخريه) بفتح وقد تكسر تبعاً لكسر الخاء، وفي لغة: منخور

ثُمَّ يُوَضِّئَهُ وَلَا يُدْخِلُ مَاءً فِي فَمِهِ، وَلَا أَنْفِهِ ثُمَّ يَضْرِبُ سِدْرًا وَنَحْوَهُ فَيُغَسِّلُ بِرَغْوَتِهِ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقَطْ ثُمَّ يُغَسَّلَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ ثُمَّ الْأَيْسَرُ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ وَيُثَلِّثُ ذَلِكَ

_ بضم الميم والخاء. قوله: (ثم يوضئه) يعني: ندباً. قوله: (ثم يغسل شقه الأيمن) فيغسل صفحة عنقه اليمنى، ثم كتفه، ويده إلى رجله اليمنى، ثم يقلبه على شقه الأيشر، ويغسل بقية شقه الأيمن، ثم الأيسر كذلك. فتدبر. قوله: (ثم يفيض الماء ... الخ) اعلم أن للأصحاب طريقتين: إحداهما، وهي طريقة ابن حامدٍ: أنه لا بد أن يكون السدر الذي يوضع في الماء يسيراً، ليبقى الماء على طهوريته مع العمل بالخبر في ذلك. قال: وهذا الذي وجدت عليه أصحابنا. الثانية، وهي طريقة القاضي، وأبي الخطاب: أن السدر يغسل به أولاً جميع بدن الميت مع الماء، ثم يغسل الميت بالماء القراح، ويكون ذلك كله غسلة واحدة، والاعتداد إنما هو بالماء القراح، ويفعل ذلك ثلاثاً، وهذه الطريقة هي التي جرى عليها المصنف، وصاحب "الإقناع" رحمهما الله تعالى.

إلَّا الْوُضُوءَ يُمِرُّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَ بِثَلَاثِ زَادَ حَتَّى يَنْقَى، وَلَوْ جَاوَزَ السَّبْعَ.

_ قوله: (إلا الوضوء) اعلم: أن محل كون الوضوء في الغسلة الأولى فقط إذا لم يخرج منه شيء، وإلا فيعيد الوضوء ندباً، أو وجوباً. والثاني ظاهر كلام المصنف في "شرحه" تبعاً "للمبدع". والظاهر أن وجهه: أن إعادة هذا الوضوء للنجاسة الخارجة لا للموت، فلا يرد أن الموت يوجب الغسل دون الوضوء، ولهذا رأيت بخط والد المصنف أنه يعايا بها، فيقال: حدث أصغر أوجب غسلاً؟ ! وأبطل غسلاً. انتهى. فسماه: حدثاً أصغر. ومعنى قوله: أبطل غسلا، وأوجب غسلا: أنه إذا خرج منه شيء قبل السبع بطل غسله السابق، ووجب غسله إلى سبع. يعني: مع وجوب إعادة الوضوء، كما صرح بمعناه في "الإقناع"، وإن لم يصرح بوجوب الوضوء. فتدبر. قوله: (فإن لم ينق) يعني: من الوسخ. قوله: (زاد) أي: استحباباً حيث لم يخرج منه شيء وإلا وجب غسله إلى سبع سواء خرج من السبيلين، أو غيرهما، ويوضأ وجوباً إذا خرج منه شيء بعد الثلاث، كما في "شرحه" تبعاً "للمبدع". ووجهه أن الوضوء هنا واجب للخارج لا للموت، والحاصل: أنه إن خرج شيء قبل السبع أعيد الغسل والوضوء وجوباً، وبعد السبع يعاد الوضوء وجوباً، والظاهر: أنه لو كان محدثاً قبل موته، وجب وضوؤه.

وَكُرِهَ اقْتِصَارٌ فِي غُسْلِ عَلَى مَرَّةٍ إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ وَلَا يَجِبُ الْفِعْلُ فَلَوْ تُرِكَ تَحْتَ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ وَحَضَرَ مَنْ يَصْلُحُ لِغُسْلِهِ وَنَوَى وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ كَفَى وَسُنَّ قَطْعُ عَلَى وِتْرٍ وجَعْلُ كَافُورٍ وَسِدْرٍ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ وخِضَابُ شَعْرِهِ بِحِنَّاءٍ وَقَصِّ شَارِبِ غَيْرِ مُحْرِمٍ وَتَقْلِيمِ أَظَافِرَ إنْ طَالَا

_ قوله: (إن لم يخرج شيء) فإن خرج حرم، قوله: (ولا يجب الفعل) أي: المباشرة. قوله: (ونحوه) أي: مما ينصب منه الماء. قوله: (من يصلح) هو المسلم المميز. قوله: (ونوى) أي: وسمى. قوله: (كفى) وهذا يرد ما سبق فيما إذا ماتت امرأة بين رجال، وعكسه. قاله في "شرح الإقناع". ويمكن أن يقال: إن كلامهم المتقدم مقيد بهذا، وأن محل ذلك إذا لم تتأت هذه الصورة. قوله: (وجعل كافور ... الخ) إن لم يكن محرماً. قوله: (وخضاب شعره) أي: الميت؛ أي: رأس المرأة، ولحية الرجل.

وَأَخْذُ شَعْرِ إبِطَيْهِ وَجَعْلُهُ مَعَهُ كَعُضْوٍ سَاقِطٍ وَحَرُمَ حَلْقُ رَأْسِ وأَخْذُ عَانَةٍ ك خَتْنٌ وَكُرِهَ مَاءٌ حَارٌّ وخِلَالٌ وأُشْنَانٌ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْه وتَسْرِيحُ شَعْرِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يُضَفَّرَ شَعْرُ أُنْثَى ثَلَاثَ قُرُونٍ وَسَدْلُهُ وَرَاءَهَا وتَنْشِيفُ ثُمَّ إنْ خَرَجَ شَيْءٌ بَعْدَ سَبْعِ حَشَا بِقُطْنٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فبِطِينٍ حُرٍّ ثُمَّ يَغْسِلُ الْمَحَلَّ وَيُوَضَّأُ

_ قوله: (كختن) ولو في حال وجوبه على الميت قبل موته؛ لزوال المقصود منه. قوله: (وكره ماء حار) وبارد يؤذيه. قوله: (ثم إن خرج شيء) ولو من غير سبيل. قوله: (حشي بقطن) لأنه أمكن. قوله: (حر) أي: خالص. قوله: (ثم يغسل المحل) أي: المتنجس وجوباً. قوله: (ويوضأ) أي: وجوباً إن قلنا بوجوبه.

وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ تَكْفِينِهِ لَمْ يُعَدْ الْغُسْلُ وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ فِي حَمَّامٍ لَا بِمُخَاطَبَةِ غَاسِلٍ لَهُ حَالَ غُسْلِهِ: بِانْقَلِبْ يَرْحَمْكَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ وَمُحْرِمٌ مَيِّتٌ ك حَيٍّ يُغَسَّلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَلَا يَقْرَبُ طِيبًا وَلَا يَلْبَسُ ذَكَرٌ الْمَخِيطَ وَلَا يُغَطَّى رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ أُنْثَى وَلَا تُمْنَعُ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طِيبٍ وَتُزَالُ اللَّصُوقُ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ

_ قوله: (وإن خرج بعد تكفينه ... الخ) يعني: أنه إن خرج من الميت شيء بعد وضعه في أكفانه ولفها عليه؛ حمل، ولم يعد غسل، ولا وضوء سواء كان ذلك بعد السابعة أو قبلها، قليلا كان الخارج أو كثيراً. وإن وضع على الكفن ولم يلف، ثم خرج منه شيء؛ أعيد غسله. قاله ابن تميم. قوله: (كحي) فيما يمنع منه. قوله: (ولا يغطى رأسه) ولا يفدي من فعل ذلك به، كما في "الإقناع". قوله: (ولا تمنع معتدة من طيب) لسقوط الإحداد بموتها. قوله: (وتزال اللصوق) بفتح اللام، ما يلصق على الجرح من الدواء، ثم أطلق على الخرقة ونحوها إذا شدت على العضو المداوي. قاله الحجاوي في "الحاشية" نقله عنه في "شرح الإقناع".

وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ بَقِيَتْ وَمُسِحَ عَلَيْهَا وَيُزَالُ خَاتَمٌ وَنَحْوُهُ لَوْ بِبُرْدَةٍ لَا أَنْفٌ مِنْ ذَهَبٍ وَيُحَطُّ ثَمَنُهُ إنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَةِ فَإِنْ عُدِمَتْ أُخِذَ إذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ وَيَجِبُ بَقَاءُ دَمِ شَهِيدٍ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُخَالِطَهُ نَجَاسَةٌ فَيُغْسَلَ ودَفْنُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا بَعْدَ نَزْعٍ لِأَمَةِ حَرْبٍ وَنَحْوِ فَرْوٍ وَخُفٍّ وَإِنْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ دَابَّةٍ لَا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ، أَوْ مَاتَ بِرَفْسَةٍ أَوْ

_ قوله: (وإن سقط منه شيء) كعضو لو أزيلت. قوله: (ومسح عليها) أي: إن وضعت على طهارة. قوله: (ونحوه) كسوار. قوله: (لا أنف) وهل مثله السن؟ الظاهر: لا؛ لعدم التشويه، إلا إن خيف مثلة. قوله: (ودفنه في ثيابه) قال في "الإقناع" تبعاً لغيره: وظاهره: ولو كانت حريراً. قال في "المبدع": ولعله غير مراد. انتهى. فتأمل. ولا تحرم الزيادة على ثيابه، كما يفهم من كلامه في "شرحه". قوله: (لا بفعل العدو) أي: أو سببه، كما لو أراد المسلم ضرب الكافر؛ فينزاح عنه وتقع الضربة بالمسلم، أو يطرد الكافر دابة المسلم طرداً عنيفاً؛ فيسقط، كما يؤخذ

حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ أَوْ عَادَ سَهْمُهُ عَلَيْهِ أَوْ حُمِلَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ بَالَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ عَطَسَ أَوْ طَالَ بَقَاؤُهُ عُرْفًا فَكَغَيْرِهِ.

_ من شرح "المحرر" للشيشيني، ويشير إليه قول الشارح عند قول المصنف: (إو عاد سهمه عليه)؛ لأنه لم يمت بفعل العدو مباشرة، ولا سبباً. انتهى. وقوله: كما لو أراد المسلم ضرب الكافر .... الخ: هذه الصورة من خطأ الفعل، لا من خطأ القصد، فلا يخالف ما تقدم عن ابن تميم، الذي ينبغي حمل كلامه عليه. قوله: (حتف أنفه) الحتف: الهلاك، والمراد بموته حتف أنفه، الموت على فراشه، كأنه سقط لأنفه فمات؛ وذلك لأنهم كانوا يتخيلون أن روح المريض تخرج من أنفه، فإن جرح؛ خرجت من جراحته. قوله: (أو عاد سهمه) أو سيفه. قوله: (فأكل ... الخ) قيد في الأخير فقط، وما قبله كغيره تكلم، أو شرب، أو نام، ونحوه، أو لا. من تقرير منصور البهوتي. قال ابن نصر الله -رحمه الله-: وظاهره: لا بد أن تكون هذه الأمور بعد حمله، فأما لو كانت قبل حمله في المعركة، مثل إن أكل، أو شرب بعد جرحه، وهو في المعركة، ثم مات فيها؛ فالظاهر: أن حكمه حكم شهيد المعركة، فلا يغسل، إلا أن يطول مكثه فيها، فيحتمل أن يغسل، كما نقل عن أحمد فيمن أقام فيها يوماً إلى الليل. انتهى.

وَسِقْطٌ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَوْلُودٍ حَيًّا وَيَحْرُمُ سُوءُ الظَّنِّ بِمُسْلِمٍ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَيُسْتَحَبُّ ظَنُّ الْخَيْرِ بِمُسْلِمٍ وَيَجِبُ عَلَى طَبِيبٍ وَنَحْوِهِ أَنْ لَا يُحَدِّثَ بِعَيْبٍ وعَلَى غَاسِلٍ سَتْرُ شَرٍّ لَا إظْهَارُ خَيْرِ.

_ قوله: (لأربعة أشهر ... الخ) لا مفهوم لقول "الإقناع": لأكثر من أربعة؛ لئلا يخالف ما هنا. قوله: (ظاهر العدالة) علم منه: أنه لا حرج بظن السوء بمن ظاهره الفسق، وحديث أبي هريرة مرفوعاً: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث". محمول على ما لم تعضده قرينة تدل على صدقه، وحديث: "احترسوا من الناس بسوء الظن". المراد به: الاحتراس بحفظ المال، كغلق باب خوف سارق، هذا معنى كلام القاضي، كما نقله في "شرح الإقناع". قوله: (ونحوه) كجرائحي.

فصل وَتَكْفِينُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وحَقِّهِ ثَوْبٌ لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ مَا لَمْ يُوصِ بِدُونِهِ وَيُكْرَهُ أَعْلَى ومُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ بِمَعْرُوفٍ وَلَا بَأْسَ بِمِسْكٍ فِيهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُقَدَّمًا حَتَّى عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهِمَا.

_ قوله: (فرض كفاية) أي: على عالم به. قوله: (لحق الله تعالى) أي: فلا يسقط لو أوصى أن لا يكفن؛ لما فيه من حق الله عز وجل. قوله: (يستر جميعه) ما لم يكن محرماً. قوله: (مثله) أي: في الجمع والأعياد، كما في "الإقناع". قوله: (ويكره بأعلى) فلو أوصى أن يكفن في أثواب لا تليق به؛ لم تصح الوصية؛ لأنها بمكروه. "كشاف القناع". قوله: (ومؤنة تجهيز) من أجرة غاسل، ونحوه. قوله: (بمعروف) أي: بقدر العرف والحاجة، فمن أخرج فوق العادة لطيب وحوائج، ونحو حمالين، فمتبرع، فإن كان من التركة؛ فالزائد من نصيبه إن كان وارثاً، وإلا ضمنه، وكذا ما يعطى لمن يرفع صوته مع الجنازة بالذكر ونحوه، وما يصرف في طعام ونحوه ليالي جمع، وما يصنع في أيامها من البدع المستحدثة. قوله: (من رأس ماله) متعلق بـ (يجب) قوله: (وأرش جناية) ولو متعلقة برقبة الجاني.

فَإِنْ عُدِمَ فَمِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَّا الزَّوْجَ ثُمَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا ثُمَّ عَلَى مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَلْزَمْ بَقِيَّتَهُمْ قَبُولُهُ لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ سَلْبُهُ مِنْهُ بَعْدَ دَفْنِهِ وَمَنْ نُبِشَ وَسُرِقَ كَفَنُهُ، كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَلَوْ قُسِمَتْ قَبْلَ تَكْفِينِهِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تُصْرَفْ فِي دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَإِنْ أَكَلَهُ سَبُعٌ وَنَحْوَهُ وَبَقِيَ كَفَنُهُ فَمَا مِنْ مَالِهِ فَتَرِكَةٌ وَمَا تُبُرِّعَ بِهِ فلِلْمُتَبَرِّعِ وَمَا فَضَلَ مِمَّا جُبِيَ فلِرَبِّهِ فَإِنْ جَهِلَ فَفِي كَفَنٍ آخَرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يُجْبَى كَفَنٌ لِعَدَمٍ إنْ سُتِرَ بِحَشِيشٍ وَيُسَنُّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ وَكُرِهَ فِي أَكْثَرَ وتَعْمِيمُهُ تُبْسَطُ عَلَى بَعْضِهَا وَاحِدَةً فَوْقَ أُخْرَى بَعْدَ تَبْخِيرِهَا وَتُجْعَلُ الظَّاهِرَةُ أَحْسَنَهَا،

_ قوله: (بعض الورثة) كأجنبي. قوله: (من تركته) يعني: لا من غيرها، إلا أن يتبرع. قوله: (أو وصية) أي: فلا يلزمهم، ثم إن تبرع به أحد، وإلا ترك بحاله. قوله: (ونحوه) كما لو أخذه سيل. قوله: (مما جبي) أي: جمع، وبابه: ضرب. قوله: (فإن جهل) أي: ربه، وكذا لو اختلط ما جبي، ولم يتميز ما لكل واحد. قوله: (وتجعل الظاهرة) وهي السفلى.

وَالْحَنُوطُ، وَهُوَ أَخْلَاطٌ مِنْ طِيبٍ فِيمَا بَيْنَهَا ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا مُسْتَلْقِيًا وَيُحَطُّ مِنْ قُطْنٍ مُحَنَّطٍ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ وَتُشَدُّ فَوْقَهُ خِرْقَةٌ مَشْقُوقَةُ الطَّرَفِ، كَالتُّبَّانِ تَجْمَعُ أَلْيَتَيْهِ وَمَثَانَتَهُ وَيُجْعَلُ الْبَاقِي عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ ومَوَاضِعِ سُجُودِهِ وَإِنْ طُيِّبَ كُلُّهُ فَحَسَنٌ وَكُرِهَ دَاخِلُ عَيْنَيْهِ ك يُكْرَهُ بِوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ وطَلْيُهُ بِمَا يُمْسِكُهُ، كَصَبِرٍ مَا لَمْ يُنْقَلْ ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُ الْعُلْيَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ طَرَفُهَا الْأَيْمَنُ عَلَى الْأَيْسَرِ ثُمَّ الثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةَ كَذَلِكَ وَيَجْعَلُ أَكْثَرَ الْفَاضِلِ مِمَّا عِنْدَ رَأْسِهِ ثُمَّ يَعْقِدُهَا وَتُحَلُّ فِي الْقَبْرِ

_ قوله: (ويحط من قطن محنط) أي: فيه حنوط. قوله: (ومواضع سجوده) ومغابنه، ويطيب رأسه ولحيته. "إقناع". قوله: (ثم يعقدها) يعني: ما لم يكن محرماً، وبخطه على قوله: (ثم يعقدها) من باب ضرب. قوله: (وتحل في القبر) فهم منه: أنه لا يحل الإزار إذا كان هناك، وصرح به في "الإقناع". وبخطه على قوله: (وتحل في القبر) زاد أبو المعالي وغيره: ولو

وَكُرِهَ تَخْرِيقُهَا لَا تَكْفِينُهُ فِي قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ والْجَدِيدُ أَفْضَلُ وَكُرِهَ بِرَقِيقٍ يَحْكِي الْهَيْئَةَ ومِنْ شَعْرٍ وصُوفٍ ومُزَعْفَرٌ وَمُعَصْفَرٌ وَحَرُمَ بِجِلْدٍ وَجَازَ فِي حَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ لِضَرُورَةٍ وَمَتَى لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ سُتِرَ عَوْرَتُهُ ثُمَّ رَأْسُهُ وَجُعِلَ عَلَى بَاقِيهِ حَشِيشٌ أَوْ وَرَقٌ

_ نسي بعد تسوية التراب قريباً؛ لأنه سنة. "إقناع". قوله: (والجديد أفضل) من العتيق، ما لم يوص بغيره، ولا بأس باستعداد كفن لحل أو عبادة فيه، قيل للإمام أحمد: يصلي فيه، أو يحرم فيه، ثم يغسله ويضعه لكفنه، فرآه حسناً. قوله: (يحكي الهيئة) أي: تقاطيع البدن، وأعضاءه، وأما الذي يحكي اللون من سواد البشرة وبياضها، فلا يجزيء. قوله: (ومن شعر وصوف) لأنه خلاف فعل السلف. قوله: (ومعصفر) ولو لامرأة؛ لأنه لا يليق بالحال. قوله: (وحرم بجلد) يعني: ولو لضرورة. قوله: (لضرورة) أي: لم يجد ما يستره غير ذلك ولو بحشيش. وعلم منه أنه إذا لم تكن ضرورة حرم تكفين بحرير ومذهب، وكذا مفضض ولو لامرأة، ويكون عند الضرورة ثوباً واحداً. قوله: (أو ورق) فإن لم يجد إلا ثوباً واحداً، ووجد جماعة من الأموات

وسن تَغْطِيَةُ نَعْشٍ وَكُرِهَ بِغَيْرِ أَبْيَضَ وَيُسَنُّ لِأُنْثَى وَخُنْثَى خَمْسَةُ أَثْوَابٍ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ إزَارٌ وَخِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ ولِصَبِيٍّ ثَوْبٌ وَيُبَاحُ فِي ثَلَاثَةٍ مَا لَمْ يَرِثْهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ولِصَغِيرَةٍ قَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ فصل وَالصَّلَاةُ عَلَى مَنْ قُ بِغُسْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَتَسْقُطُ بمُكَلَّفٍ وَتُسَنُّ إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنْ لَا تَنْقُصَ الصُّفُوفُ عَنْ ثَلَاثَةٍ.

_ جمع فيه ما يمكن جمعه. "إقناع" وقال ابن تميم: قال شيخنا: يقسم بينهم ويستر عورة كل واحد. ولا يجمعون فيه. انتهى. ولو قيل: حيث جاز دفن اثنين فأكثر فالجمع، وإلا فستر عورة كل، لكان حسناً. قوله: (وكره بغير أبيض) وحرم بحرير ونحوه. قوله: (لأنثى) يعني: بالغة. قوله: (وخنثى) أي: كذلك. قوله: (ولصبي) أي: يسن، وهو الواجب أيضاً. قوله: (فرض كفاية) أي: على عالم به، قوله: (وتسقط بمكلف) ولو أنثى أو عبد. قوله: (إلا على النبي صلى الله عليه وسلم) احتراماً له، وروي أنه أوصى بذلك.

وَالْأَوْلَى بِهَا وَصِيَّةُ الْعَدْلِ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا لَاثْنَيْنِ فَسَيِّدٌ بِرَقِيقِهِ فَالسُّلْطَانُ فَنَائِبُهُ الْأَمِيرُ فالْحَاكِمُ فَالْأَوْلَى بِغُسْلِ رَجُلٍ

_ قوله: (والأولى بها وصيه العدل) أي: بالصلاة المفروضة، ولو تقدم غير الأولى؛ صح كما يعلم مما يأتي، وسقط التقديم بعد، حتى ولو سقط الفرض بمكلف، ولا تصح الوصية بتعيين مأموم، والفذ هنا كغيرها، ولعل التكبيرة هنا كالركعة من ذات الركوع والسجود، كما يؤخذ من توجيههم لفعل عمر رضي الله عنه حين استشار الناس، فقال بعضهم كبر النبي صلى الله عليه وسلم سبعاً، وقال بعضهم: أربعاً، فجمع الناس عمر رضي الله عنه على أربع تكبيرات وقال: هو أطول الصلاة، قال العلماء: يعني أن كل تكبيرة على الجنازة مقام ركعة من الصلاة ذات الركوع، وأطول المكتوبات أربع ركعات. قوله: (فنائبه الأمير، فالحاكم) انظر مالفرق بين ما هنا، وما في النكاح من تقديم الحاكم على الأمير، وقد قال القاضي في تلك: القاضي أحب إلي من الأمير، وأجاب الشيخ منصور البهوتي: بأن ما هناك بمنزلة الحكم، والأمير لا دخل له فيه، وما هنا منظور فيه إلى القوة والبأس؛ لقوله عليه السلام: "لا يؤمن الرجل في سلطانه". والأمير أقوى سلطنة من الحاكم. محمد الخلوتي. قوله: (فالأولى بغسل رجل) أي: ولو كان الميت امرأة.

فَزَوْجٌ بَعْدَ ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ مَعَ تَسَاوٍ الْأَوْلَى بِإِمَامَةٍ ثُمَّ يُقْرَعُ وَمَنْ قَدَّمَهُ وَلِيٌّ لَا وَصِيٌّ بِمَنْزِلَتِهِ وَتُبَاحُ فِي مَسْجِدٍ إنْ أُمِنَ تَلَوُّثُهُ وَيُسَنُّ قِيَامُ إمَامٍ، ومُنْفَرِدٍ عِنْدَ صَدْرِ رَجُلٍ وَوَسَطِ امْرَأَةٍ وبَيْنَ ذَلِكَ مِنْ خُنْثَى وأَنْ يَلِيَ إمَامٌمِنْ كُلِّ نَوْعٍ أَفْضَلَ فَأَسَنَّ فَأَسْبَقَ ثُمَّ يُقْرَعْ وَجَمْعُهُمْ بِصَلَاةٍ أَفَضْلُ فَيُقَدَّمُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ أَوْلَاهُمْ بِإِمَامَةٍ ثُمَّ يُقْرَعُ وَلِوَلِيِّ كُلٍّ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ وَسَطُ أُنْثَى حِذَاءَ صَدْرِ رَجُلٍ وَخُنْثَى

_ قوله: (لا وصي بمنزلته) أي: لم يجعل له ذلك، ذكره المصنف في الموصى إليه بالدين. تاج الدين البهوتي. قوله: (إن أمن تلويثه) وإلا حرم. قوله: (عند صدر رجل) فإن خالف هذا الموقف، فإن كان مع بقاء المحاذاة وعكس ما ذكر؛ كان خلاف الأولى، وإن كان بحيث لم يتحقق المحاذاة؛ كان مكروهاً، نص على الثانية في "الإقناع" نقلا عن "الرعاية"، وببعض الهوامش في الثانية ما لم يفحش الانحراف بحيث إذا رآه الرائي لا يفهم أنه يصلي على الميت، فإن الصلاة لا تصح بالكلية. انتهى. وهو حسن. شيخنا خلوتي. قوله: (رجل) لعل المراد به: ما يشمل البالغ وغيره، وبالمرأة كذلك. قال في "المبدع": وهو ظاهر "الوجيز". قوله: (وأن يلي إمام) بالرفع فاعل (يلي). وقوله: (من كل نوع) متعلق بـ (يلي)، وقوله: (أفضل) مفعول يلي، ووجهه: أن ما يكون بين يدي الإمام هو الأفضل إلى أن يكون ما يلي القبلة هو الأدنى، عكس ترتيب

بَيْنَهُمَا وَيُسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِ كُلِّ نَوْعٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا يُحْرِمُ بالْأُولَى وَيَتَعَوَّذُ وَيُسَمِّي وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَلَا يَسْتَفْتِحُ وَفِي الثَّانِيَةِ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ك فِي تَشَهُّدٍ وَيَدْعُو فِي الثَّالِثَةِ بِأَحْسَنَ مَا يَحْضُرُهُ وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بِمَا وَرَدَ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا إنَّك تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا وَمَثْوَانَا وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

_ المأمومين خلف الإمام؛ لأنه قال صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهي" يعني: في حق المأمومين، ولو نصب المصنف (إماماً) ورفع (الأفضل)؛ لكان مطابقاً له معنى فقط، وهذا القدر كاف. فتأمل. وعبارة "الإقناع": ويقدم إلى الإمام من كل نوع أفضلهم. وهي واضحة. قوله: (بين رؤوس) أي: أفراد كل نوع. قوله: (كفي تشهد) لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: كيف نصلي عليك؟ علمهم ذلك.

اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَأَوْسِعْ مَدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ

_ قوله: (على الإسلام والسنة) قال المصنف تبعاً "للمبدع" رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة. انتهى. وفي "الإقناع": "اللهم من أحييته منا؛ فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا؛ فتوفه على الإيمان". قال في "شرحه" هكذا في "الفروع"، وهو لفظ حديث أبي هريرة. انتهى. ويؤخذ توجيه الأخير مما أفاده ابن نصر الله حيث قال: الإسلام هو العبادات كلها، والإيمان، الذي هو التصديق، شرط فيها، ووجودها في حال الحياة ممكن، بخلاف حالة الموت، فإن وجودها متعذر؛ فلهذا اكتفى بالموت على الإيمان خاصة، وطلب الحياة على الإسلام الذي الإيمان جزء منه. قوله: (اللهم اغفر له) أي: للميت، ذكرا كان أو غيره، فلا تعتبر معرفته، لكن الأولى ذلك، مع تسميته في دعائه، ولا بأس بالإشارة إليه حال الدعاء، ولو نوى الصلاة على هذا الرجل؛ فبان امرأة، أو بالعكس فالقياس الإجزاء؛ لقوة التعيين. قاله في "شرحه".

الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ. وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَأَفْسِحْ لَهُ قَبْرَهُ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَاسْتَمَرَّ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ وَقِه بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إسْلَامَ وَالِدَيْهِ دَعَا لِمَوَالِيهِ

_ قوله: (من زوجه) ينبغي أن لا يقال لمن لا زوجة له، كما يفهم من كلام ابن نصر الله. قال في "الإقناع": ولا يقول: أبدلها زوجاً خيراً من زوجها، في ظاهر كلامهم. قوله: (وفرطاً) أي: سابقاً مهيئا لمصالح أبويه في الآخرة. قوله: (دعا لمواليه) لعل المراد: حيث كان له موال يعلم إسلامهم، وأما ولد الزنا، فالظاهر: أنه يدعى لأمه فقط؛ لثبوت نسبه منها بخلاف

وَيُؤَنَّثُ الضَّمِيرُ عَلَى أُنْثَى وَيُشِيرُبِمَا يَصْلُحُ لَهُمَا عَلَى خُنْثَى وَيَقِفُ بَعْدَ رَابِعَةٍ قَلِيلًا وَلَا يَدْعُو وَيُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وثَانِيَةً وَسُنَّ وُقُوفُهُ حَتَّى تُرْفَعَ وَوَاجِبُهَا قِيَامُ فِي فَرْضِهَا وَتَكْبِيرَاتٌ فَإِنْ تَرَكَ غَيْرُ مَسْبُوقِ تَكْبِيرَةً عَمْدًا بَطَلَتْ وسَهْوًا يُكَبِّرُهَا مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ طَالَ أَوْ

_ أبيه وإن كان كل منهما زانياً، والله أعلم. قوله: (على خنثى) فيقول: اللهم اغفر لهذا الميت، أو لهذه الجنازة ونحو ذلك. قوله: (ولا يدعو) أي: بعد الرابعة حيث دعا بعد الثالثة، وإلا دعا كما يعلم من "الإقناع". قوله: (وواجبها) أي: أركانها. قوله: (وتكبيرات) كان الأولى أن يقول: التكبيرات، أو يزيد لفظ: أربع، ثم اعلم: أنه سكت عن الترتيب، وصرح في "الإقناع": بأن الدعاء للميت لا يتعين في الثالثة، بل يجوز في الرابعة، وما عداه يتعين في محاله.

وُجِدَ مُنَافٍ اسْتَأْنَفَ وقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَسُنَّ إسْرَارُهَا وَلَوْ صَلَّى لَيْلًا وَالصَّلَاةُ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَدْنَى دُعَاءٍ لِلْمَيِّتِ وَالسَّلَامُ وَشُرِطَ لَهَا مَعَ مَا لِمَكْتُوبَةٍ، إلَّا الْوَقْتَ حُضُورُ الْمَيِّتِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا عَلَى غَائِبٍ مِنْ الْبَلَدِ، وَلَوْ أَنَّهُ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ فِي غَيْرِ قِبْلَتِهِ وَعَلَى غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ إلَى شَهْرٍ بِالنِّيَّةِ وَإسْلَامُهُ وَتَطْهِيرُهُ

_ قوله: (وقراءة الفاتحة) يعني: على إمام ومنفرد. "إقناع". زاد في "شرحه": ويتحملها الإمام عن المأموم. قوله: (للميت) "أل" فيه للحضور؛ أي: الخارجي إن كان بين يدي المصلي، أو الذهني إن كان غائباً عن البلد بشرطه، وليست للجنس؛ لأنه لا يكفي الدعاء العام، بل لا بد من أدنى دعاء خاص بذلك الميت. محمد الخلوتي. قوله: (والسلام) أي: المطلوب المتقدم في صفتها، وهو التسليمة الأولى فقط، "فأل" للعهد. قوله: (حضور الميت) حيث لم يدفن. قوله: (ونحوه) كأسير فيصلي عليهما إلى شهر، ويسقط شرط الحضور للحاجة، والغسل لتعذره، أشبه الحي إذا عجز عن الغسل والتيمم. قوله: (إلى شهر) أي: من موته. قوله: (وتطهيره) أي: وتكفينه.

وَلَوْ بِتُرَابٍ لِعُذْرٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَيُتَابَعُ إمَامٌ زَادَ عَلَى رَابِعَةٍ إلَى سَبْعِ مَا لَمْ تُظَنَّ بِدْعَتُهُ أَوْ رَفْضُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبِّحَ بِهِ بَعْدَهَا وَلَا يَدْعُو فِي مُتَابَعَةٍ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلَا تَبْطُلُ بِمُجَاوَزَةِ سَبْعِ وَحَرُمَ سَلَامٌ قَبْلَهُ وَيُخَيَّرُ مَسْبُوقٌ فِي قَضَاءِ وَسَلَامٍ مَعَهُ وَلَوْ كَبَّرَ فَجِيءَ أُخْرَى فَكَبَّرَ وَنَوَاهَا لَهُمَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ تَكْبِيرِهِ

_ قوله: (ما لم تظن بدعته) أما لو علم ذلك؛ لم تصح إمامته. قوله: (وينبغي أن يسبح به) ظاهره: أنه لا يجب. قوله: (ولا تبطل بمجاوزة سبع) أي: وتحرم. قوله: (وحرم سلام قبله) أي: قبل المجاوز، وهل تبطل؟ ظاهره: لا، قال الشيخ منصور البهوتي: وهو كذلك، وينبغي أن تقيد الحرمة بما إذا لم ينو المفارقة. محمد الخلوتي. قوله: (وقد بقي ... الخ) الجملة حال من فاعل (كبر)، لكن في الكلام حذف تقديره: وقد بقي من تكبيره السبع أربع وقت مجيء الثانية،

أَرْبَعٌ جَازَ فَخَامِسَةٍ وَيُصَلِّي سَادِسَةٍ وَيَدْعُو فِي سَابِعَةٍ وَيَقْضِي مَسْبُوقٌ عَلَى صِفَتِهَا فَإِنْ خَشِي رَفْعَهَا تَابَعَوَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ يَقْضِ صَحَّتْ وَيَجُوزُ دُخُولُهُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَيَقْضِي الثَّلَاثَ.

_ قبل تكبيره لهما، وذلك ما إذا كانت تلك التكبيرة التي نواها لهما رابعة فما دون. وبخطه على قوله: (وقد بقي من تكبيره أربع) فلو كبر على جنازة، ثم جيء بأخرى؛ كبر ثانية ونواهما، فإن جيء بثالثة؛ كبر الثالثة ونوى الجنائز الثلاث، فإن جيء برابعة؛ كبر الرابعة، ونوى الكل، فيصير مكبراً على الأول أربعاً، وعلى الثانية ثلاثا، وعلى الثالثة ثنتين، وعلى الرابعة واحدة، فيأتي بثلاث تكبيرات أخر، فيتم سبعا يقرأ في خامسة ... الخ ما ذكر في المتن. قال في "الإقناع" بعد تقديمه لما ذكر: وفي "الكافي" يقرأ في الرابعة الفاتحة، ويصلي في الخامسة، ويدعو لهم في السادسة، انتهى. قوله: (ويقضي مسبوق على صفتها) أي: فلو أدركه في الدعاء وكبر الأخيرة معه، فإذا سلم الإمام؛ كبر وقرأ الفاتحة، ثم كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سلم من غير تكبير؛ لأن الأربع قد تقدمت، وفي كلام "الإقناع" هنا نظر، ومتى أدرك الإمام في الأولى فكبر وشرع في القراءة، ثم كبر الإمام قبل أن يتمها، قطع القراءة وتابعه. قوله: (تابع) أي: أتى بالتكبير نسقاً. قوله: (ويقضي الثلاث) أي: استحباباً.

وَيُصَلِّي عَلَى مَنْ قُبِرَ مَنْ فَاتَتْهُ قَبْلَهُ إلَى شَهْرٍ مِنْ دَفْنِهِ وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ وَتَحْرُمُ بَعْدَهَا وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَإِمَامٍ وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ تَحْقِيقًا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ غَيْرُ شَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفُرٍ فكَكُلِّهِ وَيَنْوِي بِهَا ذَلِكَ الْبَعْضُ فَقَطْ وَكَذَا إنْ وُجِدَ الْبَاقِي،

_ قوله: (وتحرم) أي: ولا تصح. قوله: (بعدها) وإن شك في انقضاء المدة؛ صلى عليه حتى يعلم فراغها. "إقناع". قوله: (فككله) أي: فيغسل ويكفن ويصلى عليه وجوباً إن لم يكن صلي عليه، فإن كان صلي عليه؛ وجب الغسل، والتكفين، واستحبت الصلاة، ويبقى النظر فيما إذا وجد بعض ميت، لكن كأن انفصل منه في حال الحياة، فهل يغسل ذلك البعض ويكفن ويصلى عليه؟ استظهره الشيخ منصور البهوتي، وهو مفهوم من قول المصنف فيما يأتي: (ولا على بعض حي في وقت لو وجدت فيه الجملة لم تغسل، ولم يصل عليها) فإن مفهومه: أن لو كان في وقت إذا وجدت فيه الجملة صلي عليها، أنه يصلي على ذلك البعض، وهل تكون الصلاة عليه واجبة، أو مستحبة؟ قال الشيخ منصور البهوتي: فيه التفصيل السابق، وهو أنه إن صلي على الجملة كانت مستحبة، وإن لم يصل عليها كانت واجبة، وكذا إن شك في كونه قد صلي عليه، وما ذكره الشيخ منصور البهوتي من التفصيل، الأظهر: خلافه وهو

وَيُدْفَنُ بِجَنْبِهِ وَتُكْرَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إلَّا إذَا وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ بِشَرْطِهِ صَلَّى عَلَى جُمْلَتِهِ فَتُسَنُّ كصَلَاةِ مَنْ فَاتَتْهُ وَلَوْ جَمَاعَةً أَوْ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ إذَا حَضَرَ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ الْأَوْلَى بِهَا مَعَ حُضُورِهِ فَتُعَادُ تَبَعًا

_ الوجوب في الحالين؛ لأنه لم يندرج في الجملة التي صلي عليها. فليحرر محمد الخلوتي. قوله: (ويدفن بجنبه) أي: القبر ولم ينبش. "إقناع". قوله: (بشرطه) مرتبط بقوله: (بعض). وقوله: (صلي على جملته) صفة ميت. ولكن وقع الفصل بين بعض وبين ما هو مرتبط به بـ (ميت) وسهله كونه مضافاً إليه، وهو كالجزء من المضاف، فالفصل به كلا فصل، ووقع الفصل أيضاً بين (ميت) وصفته بقوله: (بشرطه) وسهله كون الفاصل جاراً ومجروراً، وهو يتسامح فيه ما لا يتسامح في غيره. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله: (بشرطه) أي: غير شعر ... الخ. قوله: (على جملته) أي: بقيته الأكثر. قوله: (بالنية) لغيبته. قوله: (مع حضوره) أي: ولم يصل الأولى خلف من تقدم عليه، فله أن يصلي؛ لأنها حقه، وسن لمن صلى مع الأول أن يعيد مع الولي تبعاً له، فإن صلى الولي خلف من سبقه؛ صار إذناً فلا يعيد.

وَلَا تُوضَعُ لِصَلَاةٍ بَعْدَ حَمْلِهَا وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَأْكُولٍ بِبَطْنِ آكِلٍ ومُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَا عَلَى بَعْضِ حَيٍّ فِي وَقْتٍ لَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الْجُمْلَةُ لَمْ تُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا وَلَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَلَا لِإِمَامِ كُلِّ قَرْيَةٍ وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ: الصَّلَاةُ عَلَى غَالٍّ وقَاتِلٍ نَفْسَهُ عَمْدًا وَإِنْ اخْتَلَطَ أَوْ اشْتَبَهَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ، يَنْوِي بِالصَّلَاةِ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَغُسِّلُوا وَكُفِّنُوا وَإِنْ أَمْكَنَ عَزْلُهُمْ وَإِلَّا دُفِنُوا مَعًا وَلِلْمُصَلِّي قِيرَاطٌ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ.

_ قوله: (بعد حملها) أي: يكره، وظاهره: ولو الولي؛ تحقيقاً للإسراع بالميت. قوله: (ولا يصلي على مأكول .... الخ) أي: لا تصح لفقد شرطها من الغسل، والتكفين. قوله: (أو اشتبه) بوجود علامة فيه تدل على إسلامه، كعمامة بيضاء، وعلامة تدل على كفره، كصليب ونحوه. قوله: (ينوى) حال من نائب فاعل: (صلي) قوله: (وله بتمام دفنها آخر ... الخ) هل شرط حصول الثاني شهود الصلاة أم لا؟ الظاهر: الأول.

فصل وَحَمْلُهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَسُنَّ تَرْبِيعٌ فِيهِ بِأَنْ يَضَعَ قَائِمَةَ السَّرِيرِ الْيُسْرَى الْمُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرَةِ ثُمَّ الْيُمْنَى الْمُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرَةِ وَلَا يُكْرَهُ حَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى عَاتِقٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى

_ قوله: (حملها) أي: إلى محل دفنها، وكره أخذ أجرة عليه، وعلى غسل ونحوه. قوله: (وسن تربيع فيه) قال في "الحاشية" تبعاً لما في "شرح المصنف": أي: أن يحملها أربعة انتهى. وهو مخالف لما فسر به المصنف في المتن، اللهم إلا أن يحمل كلامهما على التفسير باللازم، لا أنه تفسير مراد. قوله: (المقدمة) حال السير، تلي يمين الميت من عند رأسه. قوله: (بين العمودين) أي: قائمتي السرير. قوله: (والجمع بينهما أولى) هذه عبارة "التنقيح"، واعترضه الحجاوي: بأنه ليس على المذهب، بل على القول بأنهما سواء. ويمكن الجواب بأن أفضلية التربيع على الحمل بين العمودين لا تمنع أفضلية الجمع بينهما

وَلَا بِأَعْمِدَةٍ لِلْحَاجَةِ وَلَا عَلَى دَابَّةٍ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَلَا حَمْلُ طِفْلٍ عَلَى يَدَيْهِ شَكْلُهَا مِنْ طِينٍ وَسُنَّ مَعَ تَعَدُّدِ تَقْدِيمُ الْأَفْضَلِ أَمَامَهَا فِي الْمَسِيرِ وَالْإِسْرَاعُ بِهَا دُونَ الْخَبَبِ مَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ مِنْهُ وَكَوْنُ مَاشٍ أَمَامَهَا وَرَاكِبٍ وَلَوْ سَفِينَةً خَلْفَهَا وَقُرْبُ مِنْهَا أَفْضَلُ وَكُرِهَ رُكُوبٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَعَوْدٍ وَتَقَدُّمُهَا إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ لَا إلَى الْمَقْبَرَةِ. وجُلُوسُ مَنْ تَبِعَهَا حَتَّى تُوضَعَ بِالْأَرْضِ لِلدَّفْنِ

_ على التربيع، كما ذكروا فيما تقدم: أن الماء أفضل من الحجر، وأن الجمع بينهما أفضل من الماء، ولهذا اتبع المصنف صاحب "التنقيح" في الموضعين. قوله: (ولا بأعمدة) أي: ولا بأس بحمل الميت بأعمدة للحاجة إليه. قوله: (لغرض صحيح) كبعد قبر. قوله: (دون الخبب) هو: ضرب من العدو: خطو فسيح دون العنق بفتحتين: ضرب من السير فسيح سريع. قوله: (ولو سفينة) فيه حذف مضاف تقديره: ولو راكب سفينة، فحذف راكب، وأقيم المضاف إليه مقامه، وكره تقدم راكب عليها.

إلَّا لِمَنْ بَعُدَ وقِيَامٌ لَهَا إنْ جَاءَتْ أَوْ مَرَّتْ بِهِ وَهُوَ جَالِسٌ ورَفْعُ الصَّوْتِ مَعَهَا وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ وأَنْ تَتْبَعَهَا امْرَأَةٌ وَحَرُمَ أَنْ يَتْبَعَهَا مَعَ مُنْكَرٍ عَاجِزٍ عَنْ إزَالَتِهِ وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ فصل وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَسْقُطُ وَتَكْفِينٌ وَحَمْلٌ ل كَافِرٍ وَيُقَدَّمُ بِتَكْفِينٍ مَنْ يُقَدَّمُ بِغُسْلِهِ وَنَائِبُهُ كَهُوَ وَالْأَوْلَى تَوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ وبِدَفْنِ رَجُلٍ مَنْ قُدِّمَ بِغُسْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ الْأَجَانِبِ مَحَارِمُهُ النِّسَاءِ فَالْأَجْنَبِيَّاتُ وبِدَفْنِ امْرَأَةٍ مَحَارِمُهَا الرِّجَالُ فَزَوْجٌ فَأَجَانِبُ فَمَحَارِمُهَا النِّسَاءُ

_ قوله: (إلا لمن بعد) أي: عنها. قوله: (وأن تتبعها امرأة) وأن تتبع بنار إلا لحاجة ضوء. قوله: (ويلزم القادر) أن يزيله، ولا يترك اتباعها. قوله: (كهو) وظاهره: ولو وصيا، ويحتمل أنه غير مراد، كما في الصلاة عليه. منصور البهوتي. قوله: (والأولى توليه) أي: التكفين. قوله: (وبدفن ... إلخ) أي: يقدم. قوله: (رجل) أي: ذكر. قوله: (وبدفن امرأة) أي: أنثى.

وَيُقَدَّمُ مِنْ رجَالٍ خَصِيٌّ، فَشَيْخٌ فَأَفْضَلُ دِينًا وَمَعْرِفَةً وَمَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِجِمَاعٍ أَوْلَى مِمَّنْ قَرُبَ وَكُرِهَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقِيَامِهَا وَغُرُوبِهَا وَلَحْدٌ وكَوْنُهُ وَنَصْبِ لَبِنٍ عَلَيْهِ أَفَضْلُ وَكُرِهَ شَقٌّ بِلَا عُذْرٍ وإدْخَالُهُ خَشَبًا إلَّا لِضَرُورَةٍ، ومَا مَسَّتْهُ نَارٌ ودَفْنٌ فِي تَابُوتٍ وَلَوْ امْرَأَةً وَسُنَّ أَنْ يُعَمَّقَ وَيُوَسَّعَ قَبْرٌ بِلَا حَدٍّ وَيَكْفِي مَا يَمْنَعُ السِّبَاعَ وَالرَّائِحَةَ وَأَنْ يُسَجَّى لِأُنْثَى وخُنْثَى وَكُرِهَ لِرَجُلٍ إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ يَدْخُلَهُ مَيِّتٌ مِنْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ إنْ كَانَ أَسْهَلَ وَإِلَّا مِنْ حَيْثُ سَهُلَ ثُمَّ سَوَاءٌ وَمَنْ بِسَفِينَةٍ يُلْقَى فِي الْبَحْرِ سَلًّا كَإِدْخَالِهِ الْقَبْرَ وقَوْلُ مُدْخِلِهِ بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَنْ يُلْحِدَهُ

_ قوله: (ولحد) هو مصدر: أن يحفر في أسفل حائظ القبر مما يلي القبلة مكاناً يوضع فيه الميت. قوله: (لبن) هو طوب غير مشوي. قوله: (بلا حد) وقال الأكثر: قامة وسط وبسطة، أي: بسط يده قائمة. قوله: (وأن يسجى) أي: القبر. قوله: (من عند رجليه) أي: القبر؛ أي: الموضع الذي تكون رجلا الميت فيه.

عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةً وَتُكْرَهُ مِخَدَّةٌ ومِضْرَبَةٌ وَقَطِيفَةٌ تَحْتَهُ أَوْ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ حَدِيدٌ وَلَوْ أَنَّ الْأَرْضَ رَخْوَةٌ وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ بِهِ الْقِبْلَةُ وَيُسَنُّ حَثْوُ التُّرَابِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا بِالْيَدِ ثُمَّ يُهَالُ وَتَلْقِينُهُ وَالدُّعَاءُ بَعْدَ الدَّفْنِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَرَشُّهُ بِمَاءٍ وَرَفْعُهُ قَدْرَ شِبْرٍ وَكُرِهَ فَوقه

_ قوله: (ويجب أن يستقبل به القبلة) أي: سواء كان على جنبه الأيمن أو الأيسر، أو مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى القبلة، كما في صلاة المريض، لكن الأفضل الصورة الأولى، وأقره محمد الخلوتي. قوله: (وسن) أي: لكل من حضر. قوله: (حثو التراب) وذكر أنه إذا أخذ من التراب قبضة، وقرأ عليها الإخلاص إحدى عشرة، ثم صرت في الكفن لم يسأل، أو يخفف عنه. محمد الخلوتي. قوله: (ثلاثا) من قبل رأسه أو لا. قوله: (وتلقينه) أي: بعد دفنه، فيقوم الملقن عند رأسه بعد تسوية التراب عليه، فيقول: يا فلان ابن فلانة ثلاثا، فإن لم يعرف اسم أمه نسبه إلى حواء -اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخواناً، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها،

وَزِيَادَةُ تُرَابِهِ وَتَزْوِيقُهُ وَتَخْلِيقُهُ وَنَحْوِهِ وتَجْصِيصُهُ وَاتِّكَاءٌ عَلَيْهِ وَمَبِيتٌ وَحَدِيثٌ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَتَبَسُّمٌ عِنْدَهُ، وَضَحِكٌ أَشَدُّ وَكِتَابَةٌ وَجُلُوسٌ وَوَطْءٌ وَبِنَاءُ ومَشْيٌ عَلَيْهِ بِنَعْلٍ حَتَّى بِالتُّمُشْكِ - بِضَمِّ التَّاءِ وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَسُنَّ خَلْعُهُ إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ وشَوْكٍ وَنَحْوِهِ.

_ وأن الله يبعث من في القبور. "إقناع". قوله: (وزيادة ترابه) أي: إلا لحاجة. قوله: (ونحوه) كدهنه. قوله: (ووطء) ولو بلا نعل. قوله: (ومشي عليه) أي: بين القبور، وبخطه على قوله: (ومشي عليه بنعل) قد يوهم أن المشي عليه بخف لا يكره، وليس مراداً؛ إذ وطء القبر نفسه مكروه مطلقاً، فالمراد بالمشي عليه: المشي بين القبور، ليوافق كلامه أولاً، وكلام الأصحاب. قوله: (بالتمشك) نوع من النعال. قوله: (وسكون الشين) المعجمة لا الكاف خلافاً "للتنقيح" وهو سهو منه، رحمه الله، قاله الحجاوي. تاج الدين البهوتي.

وَلَا بَأْسَ بِتَطْبِيقِهِ وَتَعْلِيمِهِ بِحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَبِلَوْحٍ وَتَسْنِيمُ أَفْضُلُ إلَّا بِدَارِ حَرْبٍ إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهُ فَتَسْوِيَتُهُ وَإِخْفَاؤُهُ وَيَحْرُمُ إسْرَاجُهَا وَالتَّخَلِّي وَجَعْلُ مَسْجِدٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا وَدَفْنٌ بِصَحْرَاءَ أَفْضَلُ سِوَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا وَلَمْ يُزَدْ لِأَنَّ الْخَرْقَ يَتَّسِعُ وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ وَمَنْ وَصَّى بِدَفْنِهِ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ فِي مِلْكِهِ دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ولَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا دُفِنَ فِيهِ مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ مَقْبَرَةً

_ قوله: (وإخفاؤه) يعني: أفضل. قوله: (عليها وبينها) يتنازعهما المصدران قبلهما، إن قلنا بجوازه في المصادر، وإلا فهو من الحذف لدليل. قوله: (لأن الخرق ... الخ) أي: الضرر الحاصل بذلك. قوله: (موضع قبره) أي: من مقبرة مملوكة معدة للدفن، فلا بأس باستعداد القبر، كالكفن، وحمله منصور البهوتي على الصحراء، وما تقدم على العمران، وترجاه رحمه الله.

وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْأَقَارِبِ والْبِقَاعِ الشَّرِيفَةِ وَيُدْفَنُ فِي مُسَبَّلَةٍ وَلَوْ بِقَوْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَيُقَدَّمُ فِيهَا بِسَبْقٍ ثُمَّ قُرْعَةٍ وَيَحْرُمُ الْحَفْرُ فِيهَا قَبْلَ الْحَاجَةِ ودَفْنُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ صَارَ تُرَابًا ومَعَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ وَسُنَّ حَجْزٌ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ وأَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْقِبْلَةِ مَنْ يُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامَةِ والْمُتَعَذِّرُ إخْرَاجُهُ مِنْ بِئْرٍ إلَّا مُتَقَطِّعًا وَنَحْوَهُ وَثَمَّ حَاجَةٌ إلَيْهَا أُخْرِجَ وَإِلَّا طَمَّتْ وَيَحْرُمُ دَفْنٌ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوَهُ وَيُنْبَشُ وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَهُ نَقْلُهُ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَيُبَاحُ نَبْشُ قَبْرِ حَرْبِيٍّ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ لِمَالٍ فِيهِ لَا مُسْلِمٍ مَعَ بَقَاءِ

_ قوله: (حتى يظن أنه صار ترابا) أي: فإن ظن؛ جاز نبشه، وأما الدفن عليه، فإن كان ظنه مطابقاً للواقع؛ جاز، وإلا فلا. وعبارة المصنف توهم خلاف ذلك، لكن ما ذكرناه يؤخذ من "الشرح" من موضع. محمد الخلوتي. قوله: (ونحوه) أي: كممثل به، ومجرح. قوله: (لمصلحة) كجعله مسجداً.

رِمَّتِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ كُفِّنَ بِغَصْبٍ أَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَيَبْقَى وَطَلَبَهُ رَبُّهُ وَتَعَذَّرَ غُرْمُهُ أَوْ وَقَعَ وَلَوْ بِفِعْلِ رَبِّهِ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ عُرْفًا نُبِشَ وَأُخِذَ لَا إنْ بَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَبْلَ إلَّا مَعَ دَيْنٍ وَيَجِبُ نَبْشُ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَمْكَنَ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ كَفَنٍ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَيَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، كَتَحْسِينِ كَفَنِهِ وَنَحْوِهِ ونَقْلِهِ لِبُقْعَةٍ شَرِيفَةٍ وَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ إلَّا شَهِيدًا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ وَدَفْنُهُ بِهِ سُنَّةٌ فَيُرَدُّ إلَيْهِ لَوْ نُقِلَ

_ قوله: (رمته) الرمة: العظام البالية، وتجمع على رمم مثل: سدرة وسدر ورمام، ورم العظم يرم من باب: ضرب: بلي، فهو رميم. "مصباح". قوله: (وطلبه ربه، وتعذر غرمه) قيدان في الكفن الغصب، والمال المبلوع، والحاصل: أنه ينبش في مسألة الكفن بشرطين: أن يطلبه ربه، ويتعذر غرمه. وفي مسألة المال المبلوع بخمسة شروط: أن يكون مال الغير، وأن يكون بغير إذنه، وأن يكون مما يبقى، كخاتم، بخلاف مأكول ومشروب، وأن يطلبه ربه، وأن يتعذر غرمه من تركة أو غيرها، كمن متبرع به. فتأمل. قوله: (أمكن) الجملة في محل جر صفة لـ (غسل)، وهل مثله التيمم؟ الظاهر: نعم. قوله: (بمصرعه) أي: فلا يجوز نقله. قوله: (فيرد إليه) أي: ندباً.

وَإِنْ مَاتَتْ حَامِلٌ حَرُمَ شَقُّ بَطْنِهَا وَأَخْرَجَ النِّسَاءَ مَنْ تُرْجَى حَيَاتُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ لَمْ تُدْفَنْ حَتَّى يَمُوتَ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا شُقَّ ل الْبَاقِي فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ أُخْرِجَ فَإِنْ تَعَذَّرَ غُسِّلَ مَا خَرَجَ وَلَا يُيَمَّمُ لِلْبَاقِي وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مَعَهَا بِشَرْطِهِ وَإِلَّا فعَلَيْهَا دُونَهُ فَإِنْ مَاتَتْ كَافِرَةٌ حَامِلٌ بِمُسْلِمٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَدَفْنُهَا بِمُسْلِمٍ مُنْفَرِدَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَمَعَنَا عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ مُسْتَدْبِرَةً الْقِبْلَةَ.

_ قوله: (حرم شق بطنها) مسلمة كانت، أو ذمية. "شرح". قوله: (من ترجى حياته) بحركة قوية مع انتفاخ مخارج، وتمام ستة أشهر. قوله: (أخرج) ولا يشق بطنها. قوله: (بشرطه) بأن يتم له أربعة أشهر. قوله: (وإن ماتت ... الخ) أي: ولو من كافر؛ لأن المذهب أن موت أحد أبوي الطفل يثبت به إسلامه؛ ولذا لم يقل من مسلم، لكن لو كان موتها وموت ولدها في بطنها معاً، وكان من غير مسلم؛ لم يحكم بإسلامه إذن. هذا ملخص ما أفاده ابن نصر الله في "حواشي الزركشي". قوله: (كافرة) أي: ذمية أو لا. قوله: (بمسلم) أي: من مسلم أو لا. قوله: (مفردة) أي: وجوباً.

فصل ويسن لِمُصَابٍ أَنْ يَسْتَرْجِعَ فَيَقُولَ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ويَصْبِرَ

_ قوله: (يسن لمصاب) بموت نحو قريب. قوله: (فيقول: إنا لله ... إلخ) ذكر ابن الجوزي في "قصصه" المفرد: أن آدم عليه السلام لما مات، عزى جبريل ولده شيئا، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال جبريل: أحسنت يا هبة الله، ووفقت، ووفق كل من قالها عند المصيبة. انتهى. لكن في "الإتقان": أنه روى الطبراني مرفوعاً: أن من خصائص هذه الأمة قول أحدهم عند المصاب: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الشيخ نور الدين علي الشبراملسي:

وَلَا يَلْزَمُ الرِّضَا بمَرَضٍ وفَقْرٍ وَعَاهَةٍ وَيَحْرُمُ بِفِعْلِهِ الْمَعْصِيَةَ وَكُرِهَ لِمُصَابٍ تَغْيِيرُ حَالِهِ مِنْ خَلْعِ رِدَاءٍ وَنَحْوِهِ وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ لَا بُكَاؤُهُ وجَعْلُ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ لِيُعْرَفَ فَيُعَزَّى وهَجْرُهُ الزِّينَةَ وَحَسَنَ الثِّيَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَحَرُمَ نَدْبٌ ونِيَاحَةٌ وشَقُّ ثَوْبٍ وَلَطْمُ خَدٍّ، وَصُرَاخٌ وَنَتْفُ شَعْرٍ وَنَشْرُهُ وَنَحْوُهُ.

_ إنه يمكن التوفيق بينهما، بحمل حديث الطبراني على أن هذه الأمة اختصت بإنزال هذا القول، لا بمجرد قوله: عند المصاب. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ولا يلزم الرضا بمرض)؛ لأن الرضا إنما يجب بالقضاء والقدر، لا بالمقضي والمقدور؛ لأنهما صفتان للعبد، والأوليان صفتان للرب. تاج الدين البهوتي. قوله: (ونياحة) ناحت المرأة على الميت نوحاً، من باب: قال، والاسم النواح، وزان غراب، والنياحة -بالكسر- اسم منه. "مصباح". قوله: (وشق ثوب، ولطم خد ... إلخ) ذكر ابن الجوزي في "قصصه" المفرد: أن آدم عليه السلام لما مات؛ مزقت حواء ثوبها عليه، وصرخت، ولطمت وجهها، ودقت صدرها، فورثت ذلك بناتها، ولزمت قبر آدم أربعين يوماً، لا تطعم رقاداً. شيخنا محمد الخلوتي.

وَتُسَنُّ تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ وَلَوْ صَغِيرًا وَتُكْرَهُ لِشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إلَى ثَلَاثِ فَيُقَالُ ل مُصَابٍ بِمُسْلِمٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك. وبِكَافِرٍ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَكُرِهَ تَكْرَارُهَا وجُلُوسٌ لَهَا لَا بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ لِيَتَّبِعَ الْجِنَازَةَ أَوْ لِيَخْرُجَ وَلِيُّهُ فَيُعَزِّيَهُ وَيَرُدُّ مُعَزًّى باسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَك، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَروَسُنَّ أَنْ يُصْلِحَ لِأَهْلِ مَيِّتٍ طَعَامًا يَبْعَثُ إلَيْهِمْ ثَلَاثًا لَا لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فَيُكْرَهُ ك فِعْلُهُمْ ذَلِكَ لِلنَّاسِ وَكَذَبْحٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَأَكْلٍ مِنْهُ.

_ قوله: (مسلم) أي: مصاب بمسلم، أو كافر، كما يأتي. قوله: (ولو صغيراً) أو قبل الدفن. قوله: (إلى ثلاث) فلا يعزى بعدها، إلا إذا كان غائباً؛ فلا بأس إذا حضر ما لم تنس المصيبة. قوله: (أو غير ذلك) أي: مما يؤدي معناه. قوله: (وجلوس لها) أي: من المصاب، وكذا من المعزي بعد التعزية.

فصل تسن لرجل زيارة قبر مسلم وَأَنْ يَقِفُ زَائِرٌ أَمَامَهُ قَرِيبًا مِنْهُ وَتُبَاحُ لِقَبْرِ كَافِرٍ وَتُكْرَهُ لِنِسَاءٍ وَإِنْ عَلِمْنَ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهُنَّ مُحَرَّمٌ حَرُمَتْ إلَّا لِقَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ فَتُسَنُّ وَلَا يُمْنَعُ كَافِرٌ زِيَارَةَ قَبْرِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَسُنَّ لِمَنْ زَارَ قُبُورَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَرَّ بِهَا أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، أَوْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ اللَّاحِقُونَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ وَيُخَيَّرُ فِيهِ عَلَى حَيٍّ بَيْنَ تَعْرِيفٍ وَتَنْكِيرٍ

_

وَهُوَ سُنَّةُ وَمِنْ جَمْعٍ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَرَدُّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ حَمِدَوَ إجَابَتِهِ وَيَسْمَعُ الْمَيِّتُ الْكَلَامَ وَيَعْرِفُ زَائِرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَتَأَذَّى بِالْمُنْكَرِ عِنْدَهُ وَيَنْتَفِعُ بِالْخَيْر وَسُنَّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُ وَلَوْ بِجَعْلِ جَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ فِي الْقَبْرِ وبِذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ عِنْدَهُ وَكُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا مُسْلِمٌ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِمُسْلِمٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ حَصَلَ لَهُ وَلَوْ جَهِلَهُ الْجَاعِلُ وَإِهْدَاءُ الْقُرَبِ مُسْتَحَبٌّ.

_ قوله: (كتشميت ... الخ) لبعضهم: من يستبق بالحمد يأمن من ... شوص، ولوص، وعلوص كذا وردا فالداء في الضرس شوص ثم في أذن ... لوص وفي البطن علوص كذا وردا قوله: (وإجابته) يعني أن إجابة العاطس لمن شمته فرض كفاية، فحيث عطس جماعة فشمتوا، كفى إجابة أحدهم، وإن شمت واحد؛ تعينت عليه الإجابة، كباقي فروض الكفايات.

صفحة فارغة

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة الزكاة: حَقٌّ وَاجِبٌ فِي مَالٍ خَاصٍّ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَالْمَالُ الْخَاصُّ سَائِمَةُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وبَقَرِ الْوَحْشِ وَغَنَمِهِ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ وَالْخَارِجُ مِنْ الْأَرْضِ والنحل والأثمان وعروض التجارة وَشُرُوطُهَا وَلَيْسَ مِنْهَا بُلُوغٌ، وعقل-:

_ كتاب الزكاة فرضت بالمدينة. قال الحافظ شرف الدين الدمياطي: في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر، بدليل قول قيس بن سعد بن عبادة: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر قبل نزول آية الزكوات. قوله: (حق) من نحو عشر أو نصفه أو ربعه. قوله: (في مال خاص) يأتي. قوله: (مخصوصة) هم الثمانية. قوله: (بوقت مخصوص) هو تمام الحول وبدو الصلاح ونحوه. قوله: (وغنمه) لا في ظباء. قوله: (وليس منها بلوغ) فتجب على صغير، ومجنون، لا فيما وقف لحمل من إرث، أو وصية،

الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ لَا كَمَالُهَا فَتَجِبُ عَلَى مُبَعَّضٍ بِقَدْرِ مِلْكِهِ عَلَى كَافِرٍ وَلَوْ كَانَ مُرْتَدًّا رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَلَا يَمْلِكُ رَقِيقٌ غَيْرَهُ وَلَوْ مَلَكَ.

_ ولو انفصل حياً، كما جزم به في "الإقناع". خلافاً لابن حمدان، قال لحكمنا بملكه ظاهراً، حتى منعنا باقي الورثة. وبخطه على قوله: (بلوغ) أي: لا تجب في المال المنسوب إلى الجنين. "إقناع". قوله: (بقدر ملكه) فلو كسب مبعض نصفه حر ألف درهم، وحال عليها الحول؛ وجب عليه زكاة خمس مئة؛ لأنها قدر ما يملكه من ذلك. قوله: (لا كافر) تصريح بما علم من مفهوم إسلام؛ أي: لا تجب على كافر وجوب أداء، وأما وجوب الخطاب؛ فثابت. نبه عليه ابن نصر الله في "حواشي الكافي"، وإليه أشار صاحب "الإقناع" بقوله: فلا تجب بمعنى الأداء على كل كافر. وهذا مبني على الصحيح عند الأصوليين من خطاب الكفار بالفروع. قوله: (ولو ملك) خلافاً للشافعي، وهو قول عندنا.

وَمِلْكُ نِصَابٍ تَقْرِيبًا فِي أَثْمَانٍ، وعُرُوضِ وَتَحْدِيدًا فِي غَيْرِهِمَا لِغَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ وَلَوْ مَغْصُوبًا وَيَرْجِعُ بِزَكَاتِهِ عَلَى غَاصِبِهِ أَوْ ضَالًّا لَا زَمَنَ مِلْكِ مُلْتَقِطٍ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى مُلْتَقِطٍ أَخْرَجَهَا مِنْهَا أَوْ غَائِبًا لَا إنْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ أَوْ مَسْرُوقًا أَوْ مَدْفُونًا مَنْسِيًّا أَوْ مَوْرُوثًا جَهِلَهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ هُوَ وَنَحْوَهُ وَيُزَكِّيهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ.

_ قوله: (لفلس) إنما تظهر فائدته على القول: بأن الدين لا يمنع وجوب الزكاة. ويمكن أن يقال: بل تظهر فائدته على المذهب، إذا تجدد له مال بعد الحجر، ومضى عليه حول، وهو محجور عليه؛ فإنه لا زكاة عليه فيما زاد على الدين، ولو بلغ نصاباً؛ لأنه ممنوع من التصرف فيه، لكنه يشكل بالمبيع المتعين، أو المتميز، حيث أوجبوا زكاته على المشتري، ولو في حال لا يجوز له فيها التصرف لخيار، أو غيره؛ فيطلب الفرق والتحرير. قوله: (أخرجها منها) ولو لحول التعريف، ولا تجزيء عن ربه "شرح". قوله: (لا إن شك في بقائه) لا يظهر له فائدة؛ إذ المال الغائب، سواء كان معلوم البقاء أو مشكوكه، متى وصل إلى يده؛ زكاه، ولا يلزمه إخراج ما وجب فيه قبل وصوله إلى يده، وقد نبه المحشي على ذلك. قوله: (ونحوه) كموهوب لم يقبض.

أَوْ مَرْهُونًا وَيُخْرِجُهَا رَاهِنٌ مِنْهُ بِلَا إذْنِ إنْ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ وَيَأْخُذُ مُرْتَهِنٌ عِوَضَ زَكَاةٍ إنْ أَيْسَرَ أَوْ دَيْنًا غَيْرَ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَوْ دِيَةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ دَيْنِ سَلَمٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَثْمَانًا أَوْ لِتِجَارَةٍ وَلَوْ مَجْحُودًا بِلَا بَيِّنَةٍ وَتَسْقُطُ زَكَاتُهُ إنْ سَقَطَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا إسْقَاطٍ وَإِلَّا فَلَا فَيُزَكِّي إذَا قَبَضَ أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ لِمَا مَضَى وَيَجْرِي إخْرَاجُهَا قَبْلَ وَلَوْ قَبَضَ دُونَ نِصَابٍ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ وَبَاقِيهِ دَيْنٌ، أَوْ غَصْبٌ، أَوْ ضَالٌّ زَكَّاهُ

_ قوله: (إن تعذر غيره) وإلا لم يجز، والظاهر: الإجزاء. قوله: (إن أيسر) أي: فيما إذا لم يأذن. قوله: (أودية واجبة) لأنها لم تتعين مالاً زكوياً. قوله: (أو دين سلم) فلا تجب. وبخطه أيضاً على قوله: (أو دين سلم ما لم يكن ... إلخ) الظاهر: أنه لا فرق بين دين السلم وغيره في وجوب الزكاة فيه، إن كان أثماناً، أو لتجارة، وفي عدم الوجوب إن لم يكن كذلك. وإن كان دين السلم يخالف غيره في غير ما ذكر؛ فما وجه إفراد دين السلم وتخصيصه بالقيد؟ فليحرر. قوله: (أثمانا) أي: فتجب.

وَإِنْ زَكَّتْ صَدَاقَهَا كُلَّهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ بِطَلَاقِهِ رَجَعَ فِيمَا بَقِيَ بِكُلِّ حَقِّهِ وَلَا تُجْزِئُهَا زَكَاتُهَا مِنْهُ بَعْدَ وَيُزَكِّي مُشْتَرٍ مَبِيعًا مُعَيَّنًا أَوْ مُتَمَيِّزًا وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى انْفَسَخَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَمَا عَدَاهُمَا بَائِعٌ وتَمَامُ الْمِلْكِ وَلَوْ فِي مَوْقُوفٍ

_ قوله: (كله) ويجب ذلك عليها. قوله: (متعيناً) كنصاب سائمة، معين أو موصوف من قطيع معين، والمتميز كهذه الأربعين، فكل متميز متعين ولا عكس. تنبيه: قال في "الفروع": النصاب الزكوي سبب لوجوب الزكاة، وكما يدخل فيه تمام الملك، يدخل فيه من تجب عليه. أو يقال: الإسلام والحرية شرطان للسبب، فعدمهما مانع من صحة السبب وانعقاده. وذكر غير واحد هذه الأربعة شروطاً للوجوب، كالحول، فإنه شرط للوجوب بلا خلاف، لا أثر له في السبب. "شرح إقناع". قوله: (وما عداهما) كما في الذمة.

عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ سَائِمَةٍ وغلة أرض وشجر ويخرج من غير السائمة فلا زكاة في دين كتابة وحصة مضاربة قبل قسمة ولو ملكت بالظهور ويزكي رب المال حصته كالأصل وإذا أداها من غيره فرأس المال باق ومنه تحتسب من أصل المال وقدر حصته من الربح وليس لعامل إخراج زكاة تلزم رب المال بلا إذنه فيضمنها ويصح شرط كل منهما زكاة حصته من الربح على الآخر لا زكاة رأس المال أو بعضه من الربح وتجب إذا نذر الصدقة بنصاب أو بهذا النصاب

_ قوله: (على معين) ولعل منه ما وقف على نحو مؤذن ومدرس. قوله: (قبل قسمة) أي: أو تنضيض مع محاسبة. قوله: (ولو ملكت) كما هو المذهب. قوله: (بلا إذنه) فيضمنها ولا تجزيء. قوله: (على الآخر) فيه أنه ليس على المضارب زكاة؛ فلعله على القول بوجوبها عليه، أو ليزيد به ربحه. قوله: (من الربح) فيفسد العقد. قوله: (إذا حال ... إلخ) متعلق بالصدقة. قوله: (عنهما) أي: في صورة بهذا النصاب. قوله: (نذر أن يتصدق به) أي: قبل وجوب الزكاة فيه، أما لو وجبت زكاة مالٍ، فنذر الصدقة به؛ لم تسقط تلك الزكاة، وتصير تلك الزكاة واجبة بالحول وبالنذر، إلا إن ينذر الصدقة به على من ليس من أصناف الزكاة؛ فلا يصح نذره في قدر الزكاة الواجبة، ويصح في بقيته. ابن نصر الله المحب. قوله: (على الخلطة) ويأتي: أنها لا تؤثر في غير سائمة. قوله: (موصى به) فلو أوصى بنفع سائمة؛ زكاها مالك الأصل. قوله: (ولا في مال من عليه دين ... إلخ) فلو كان له مالان من جنسين؛ جعل الدين في مقابلة

إذا حال الحول ويبرأ من زكاة ونذر بقدر ما يخرج منه بنيته عَنْهُمَا لَا فِي مُعَيَّنٍ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ ومَوْقُوفٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَغَنِيمَةٍ مَمْلُوكَةٍ إلَّا مِنْ جِنْسٍ إنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا وَلَا إنْ بُنِيَ عَلَى الْخُلْطَةِ وَلَا فِي فَيْءٍ وخُمُسِ ونَقْدٍ مُوصًى بِهِ فِي وُجُوهِ بِرٍّ، أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ وَقْفًا، وَلَوْ رَبِحَ وَالرِّبْحُ كَأَصْلٍ وَلَا فِي مَالِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِنَقْصِ النِّصَابِ وَلَوْ كَفَّارَةً وَنَحْوَهَا،

_ قوله: (إذا حال ... إلخ) متعلق بالصدقة. قوله: (عنهما) أي: في صورة بهذا النصاب. قوله: (نذر أن يتصدق به) أي: قبل وجوب الزكاة فيه، أما لو وجبت زكاة مال، فنذر الصدقة به؛ لم تسقط تلك الزكاة، وتصير تلك الزكاة واجبة بالحول وبالنذر، إلا أن ينذر الصدقة به على من ليس من أصناف الزكاة؛ فلا يصح نذره في قدر الزكاة الواجبة، ويصح في بقيته. ابن نصر الله المحب. قوله: (على الخلطة) ويأتي: أنها لا تؤثر في غير سائمة. قوله: (موصى به) فلو أوصى بنفع سائمة؛ زكاها مالك الأصل. قوله: (ولا في مال من عليه دين ... إلخ) فلو كان له مالان من جنسين؛ جعل الدين في مقابلة

أَوْ زَكَاةَ غَنَمٍ عَنْ إبِلٍ إلَّا مَا بِسَبَبِ ضَمَانٍ أَوْ حَصَادٍ، أَوْ جِذَاذٍ، أَوْ دِيَاسٍ وَنَحْوِهِ وَمَتَى بَرِئَ ابْتَدَأَ حَوْلًا.

_ ما يوفي منه، وإن لم يوف من أحدهما؛ جعل في مقابلة ما هو الأحظ للفقراء. قوله: (أو زكاة غنم عن إبل) مثال ذلك: أن يملك خمساً من الإبل في المحرم، وأربعين شاة في صفر، فبتمام حول الإبل وجب عليه شاة، فإن أخرجها من الأربعين؛ فلا إشكال، وإن لم يخرجها؛ فهي دين ينقص بها نصاب الغنم. أما لو اتفق الحولان؛ فالظاهر: وجوب شاتين. قوله: (إلا ما بسبب ضمان) صار به فرعاً، وقرار الضمان على غيره، ولذلك صور. قوله: (أو حصاد ... إلخ) ينبغي حمله على ما إذا لم يستدن لذلك، إلا بعد وجوب الزكاة بالاشتداد، وإلا كان مانعاً، على ما في "شرح الإقناع". حيث ترجى الأخير من عبارة مصنفه. قوله: (ومتى بريء) بريء زيد من دينه يبرأ، من باب: تعب، براءة: شقط عنه طليه، وبرأ من المرض يبرأ، من بابي: نفع وتعب، ومن باب: قرب لغة. "مصباح".

وَيَمْنَعُ أَرْشُ جِنَايَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ زَكَاةَ قِيمَتِهِ وَمَنْ لَهُ عَرْضُ قِنْيَةٍ يُبَاعُ لَوْ أَفْلَسَ يَفِي بِدَيْنِهِ جَعَلَ فِي مُقَابَلَةِ مَا مَعَهُ وَلَا يُزَكِّيهِ وَكَذَا مَنْ بِيَدِهِ أَلْفٌ وَلَهُ عَلَى مَلِيءٍ دَيْنُ أَلْفٍ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ خُمُسِ زَكَاةٍ ولِ أَثْمَانٍ وَمَاشِيَةٍ وَيُعْفَى فِيهِ عَنْ نِصْفِ يَوْمٍ

_ قوله: (يباع لو أفلس) كعقار، وأثاث لا يحتاجه. قوله: (يفي بدينه) أي: وعنده مال زكوي بدليل قوله: (جعل في مقابلة ما معه) من المال الزكوي، لا في مقابلة عرض القنية. قوله: (ولا يمنع الدين خمس الركاز)؛ لأنه بالغنيمة أشبه، ولذا لم يعتبر فيه نصاب ولا حول. قوله: (مضي حول) هو خبر من الأخبار المتقدمة لقوله: (وشروطها)، وقوله: (لأثمان ... إلخ) حال من (حول)، وشرط مجيء الحال من المضاف إليه موجود، وهو كونه

لَكِنْ يَسْتَقْبِلُ بِصَدَاقٍ وَأُجْرَةٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ مُعَيَّنَيْنِ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْ عَقْدٍ وَبِمِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِنْ تَعْيِينٍ وَيَتْبَعُ نِتَاجُ السَّائِمَةِ وَرِبْحُ التِّجَارَةِ الْأَصْلَ فِي حَوْلِهِ إنْ كَانَ نِصَابًا وَإِلَّا فَحَوْلُ الْجَمِيعِ مِنْ حِينِ كَمُلَ وَحَوْلُ صِغَارٍ مِنْ حِينِ مَلَكَ ك كِبَارٍ وَمَتَى نَقَصَ أَوْ بِيعَ

_ قد أضيف المصدر العامل فيه، على حد: (إليه مرجعكم جميعاً). [يونس: 4]، على حذف مضافين، والتقدير: ولوجوب زكاة أثمان ... إلخ: مضي حول. فتأمل. قوله: (لكن يستقبل ... إلخ) هذا استدراك مما فهم من الإطلاق في مبدأ الحول، فإن ظاهر الكلام: أنه من الملك دائماً، والواقع أنه ليس على الإطلاق، بل منه ما يكون مبدؤه من الملك، ومنه ما يكون من التعيين، كما بينه المصنف. قوله: (من ذلك) أي: المذكور؛ أي: كالصداق وعوض الخلع، فـ (من) تبعيضية. قوله: (وحول صغار) إذا تغذت بغير اللبن. قوله: (ومتى نقص) مطلقاً؛ أي: سواء وجبت في عينه، أو قيمته.

أَوْ أُبْدِلَ مَا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لَا فِرَارًا مِنْهَا انْقَطَعَ حَوْلُهُ إلَّا فِي ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ وَيُخْرِجُ مِمَّا مَعَهُ وفِي أَمْوَالِ الصَّيَارِفِ لَا بِجِنْسِهِ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِأَكْثَرَ زَكَّاهُ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ كَنِتَاجٍ وَإِنْ فَرَّ لَمْ تَسْقُطْ بِإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ وَيُزَكِّي مِنْ

_ قوله: (أو أبدل) يغني عنه قوله: (بيع) إلا أن يحمل الأول على ما فيه إيجاب وقبول، والثاني على المعاطاة، فتدبر. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (في عينه) قيد في الأخيرين. وبخطه على قوله: (في عينه) خرج به ما تجب في قيمته، كعروض تجارة، فلا ينقطع حولها ببيعها، أو إبدالها. "شرح", قوله: (وفي أموال الصيارف) عطفه على ما تقدم من عطف الخاص على العام. قاله في "شرح الإقناع". وكانت نكتته الإشارة إلى أنه لا فرق بين تكرر الإبدال وعدمه. قوله: (حول الأول) أي: الخارج عن ملكه. قوله: (لم تسقط بإخراج ... إلخ) مقتضاه صحة البيع.

جِنْسِ الْمَبِيعِ لِذَلِكَ الْحَوْلِ وَإِنْ اُدْعِي عَدَمَهُ وَثَمَّ قَرِينَةُ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِذَا مَضَى وَجَبَتْ فِي عَيْنِ الْمَالِ فَفِي نِصَابٍ لَمْ يُزَكِّ حَوْلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ زَكَاةً وَاحِدَةً إلَّا مَا زَكَاتُهُ الْغَنَمُ مِنْ الْإِبِلِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ زَكَاةٌ وَمَا زَادَ عَلَى نِصَابٍ يُنْقَصُ مِنْ زَكَاتِهِ كُلَّ حَوْلٍ بِقَدْرِ نَقْصِهِ بِهَا

_ قوله: (لذلك الحول) أي: الذي وقع الفرار فيه دون ما بعده. قوله: (وثم قرينة) تكذبه، كمخاصمة مع ساع جاء أثناء الحول. قوله: (في عين المال) أي: الذي يجوز إخراجها منه، بخلاف عروض التجارة، وما زكاته الغنم من الإبل. قوله: (إلا ما زكاته الغنم ... إلخ) كما دون خمس وعشرين منها، إذا مضى عليه أحوال ولم يزكه، فعليه لكل حول زكاة، بخلاف ما لو ملك خمساً من الإبل، ومضى أحوال؛ فإنه لا يلزمه إلا زكاة الحول الأول؛ لأنها دين ينقص بها النصاب. هذا معنى ما في "شرحه الصغير" وينبني عليه: أنه إذا ملك عشرين من الإبل، ومضى حولان مثلا؛

وَتَعَلُّقُهَا كأَرْشِ جِنَايَةٍ لَا كَدَيْنٍ بِرَهْنٍ أَوْ بِمَالٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ وَلَا تَعَلُّقِ شَرِكَةٍ فَلَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَالنَّمَاءُ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَهُ وَإِنْ أَتْلَفَهُ لَزِمَهُ مَا وَجَبَ فِيهِ لَا قِيمَتُهُ وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعٌ بَعْدَ لُزُومِ بَيْعِهِ فِي قَدْرِهَا إلَّا إنْ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ وَلَا يُعْتَبَرُ إمْكَانُ أَدَائِهَا وَلَا بَقَاءُ مَالٍ

_ فإنه لا يجب للثاني إلا ثلاث شياه؛ لأن زكاة الأول دين عليه، والله أعلم. وبخطه على قوله: (إلا ما زكاته الغنم) أي: ولو اتهم، كما يأتي. قوله: (وغيره) ظاهر عطفه على المفرع: أن الرهن لا يصح التصرف فيه ببيع ولا غيره مطلقاً، مع أنه ليس كذلك، كان الظاهر أن يقول: بإذن أو غيره؛ لأن الرهن يصح التصرف فيه بالبيع، إو غيره بالإذن. فتدبر. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (إلا إن تعذر غيره) أي: فله الرجوع؛ أي: لا يمنع، بل يجب. قوله: (ولا يعتبر إمكان أداء) أي: لا يشترط لوجوبها، بل شرط للزوم الإخراج، ولو أسقطه؛ لكان أحسن؛ لأنه علم مما تقدم. قوله: (ولا بقاء مال) أي: ليس شرطاً في كل من وجوب الزكاة، ولزوم إخراجها، بخلاف سابقه.

إلَّا إذَا تَلِفَ ثَمَرٌ أَوْ زَرْعٌ بِجَائِحَةٍ قَبْلَ حَصَادٍ وَجِذَاذٍ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ ومَعَ دَيْنٍ بِلَا رَهْنٍ وَضِيقِ مَالٍ يَتَحَاصَّانِ وبِهِ يُقَدَّمُ بَعْدَ نَذْرٍ بِمُعَيَّنٍ ثُمَّ أُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَكَذَا لَوْ أَفْلَسَ حَيٌّ.

_ قوله: (إلا إذا تلف ... إلخ) وإذا سقط الدين بلا عوض ولا إسقاط كما تقدم؛ أنه تسقط زكاته. قوله: (وجذاذ) أي: أو بعدهما قبل وضع بحرين. قوله: (بعد نذر) الظرف متعلق بـ (يتحاصان)، فإذا مات وترك ثلاث شياه مثلاً، وكان قد نذر قبل موته الصدقة بواحدة معينة من الثلاث، وعين أخرى أضحية، وترك الثالثة، وكانت تساوي عشرة دراهم مثلاً، وعليه عشرة دراهم زكاة، ومثلها ديناً لآدمي؛ فيتصدق بالشاة المنذورة، ويضحى بما عينها، وتباع الثالثة، ويصرف من ثمنها خمسة للزكاة، وخمسة للدين. ولا يظهر لي عطف المصنف (الأضحية) بـ (ثم) مع أنه لا ترتيب بين النذر والأضحية، فتدبر. والله أعلم.

باب زكاة السائمة

باب زكاة السائمة وَلَا تَجِبُ إلَّا فِيمَا لِدَرٍّ وَنَسْلٍ وَتَسْمِينٍ وَالسَّوْمُ أَنْ تَرْعَى الْمُبَاحَ أَكْثَرَ الْحَوْلِ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ فَتَجِبُ فِي سَائِمَةٍ بِنَفْسِهَا أَوْ بِفِعْلِ غَاصِبِهَا لَا فِي مَعْتَلَفَةٍ بِنَفْسِهَا أَوْ بِفِعْلِ غَاصِبٍ لَهَا أَوْ لِعَلَفِهَا وَعَدَمُهُ مَانِعٌ فَيَصِحُّ أَنْ تُعَجَّلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَيَنْقَطِعُ السَّوْمُ شَرْعًا بِقَطْعِهَا عَنْهُ بِقَصْدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِهَا وَنَحْوِهِ حَوْلِ التِّجَارَةِ بِنِيَّةِ قِنْيَةِ عَبِيدِهَا لِذَلِكَ أَوْ ثِيَابِهَا الْحَرِيرِ لِلُبْسِ مُحَرَّمٍ لَا بِنِيَّتِهَا لِعَمَلٍ قَبْلَهُ.

_ قوله: (وتسمين ... إلخ) لا فيما ينتفع بظهرها أكثر الحول. قوله: (بنفسها) أي: كما يجب العشر في زرع حمل السيل بذره إلى أرض، فنبت فيها. قوله: (لا في معتلفة بنفسها) أي: بأن رعت بنفسها من مملوك له؛ بخلاف ما إذا رعت المباح بنفسها. قال في "الإقناع": ولا تجب في العوامل أكثر السنة، ولا لإجارة، ولو كانت سائمة نصاً. انتهى. قوله: (ونحوه) كقصد جلب نحو خمر عليها. قوله: (لعمل قبله) من

وَلَا شَيْءَ فِي إبِلٍ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ بِصِفَةِ غَيْرَ مَعِيبَةٍ وَفِي الْمَعِيبَةِ صَحِيحَةٌ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ وَلَا يُجْزِي بَعِيرٌ وَلَا بَقَرَةٌ وَلَا نِصْفَا شَاتَيْنِ ثُمَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَتَجِبُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهِيَ مَا تَمَّ لَهَا سَنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَهِيَ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ خُيِّرَ بَيْنَ إخْرَاجِهَا وشِرَاءِ مَا بِصِفَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعِيبَةً أَوْ لَيْسَتْ فِي مَالِهِ فَذَكَرَ أَوْ خُنْثَى وَلَدِ لَبُونٍ وَهُوَ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْهَا أَوْ حَقُّ مَا تَمَّ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ أَوْ جَذَعٍ مَا تَمَّ لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ أَوْ ثَنِيٌّ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ

_ حمل أو كراء ونحوه. قوله: (ففيها شاة) سنها كأضحية: جذع ضأن، وثني معز، لكن لا يجزيء ذكر هنا. قوله: (غير معيبة) جودة ورداءة، ففي إبل كرام سمان شاة كريمة سمينة، وعكسه بعكسه. قوله: (ولا يجزيء بعير) ذكر أو أثنى؛ لأنه غير المنصوص عليه. قوله: (وهي أعلى من الواجب ... الخ) أي: لم يجزئه ابن لبون، ولذا قال: (خير ... إلخ) قوله: (أو حق ... إلخ) أي: وأولى. قوله: (أو جذع) أي: وأولى؛ لأنه قد ألقى سنه، قوله: (أو أنثى) ألقى ثنيته.

وَأَوْلَى بِلَا جُبْرَانٍ أَوْ بِنْتَ لَبُونٍ وَيَأْخُذُهُ وَلَوْ وُجِدَ ابْنُ لَبُونٍ وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي سِتٍّ ... أَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَتُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ وفَوْقَهَا بِلَا جُبْرَانٍ وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَفِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَيَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ حَتَّى بِالْوَاحِدَةِ الَّتِي يَتَغَيَّرُ بِهَا الْفَرْضُ وَلَا شَيْءَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ.

_ قوله: (وأولى) راجع للحق والجذع والثني، يعني: أن هذه أولى بالإجزاء من ابن اللبون، لكن بلا جبران في الكل. قوله: (جذعة) أي: وهي أعلى سن واجب. قوله: (وفوقها) عن بنت لبون، أو حقة، أو جذعة. قوله: (التي يتغير بها الفرض) وحتى بالمخرجة، فهي تزكي نفسها وغيرها. تاج الدين البهوتي. قوله: (ولا شيء فيما بين الفرضين) هو مناقض لقوله قبله: (ويتعلق الوجوب حتى بالواحدة التي يتغير بها الفرض)، فإن قيل: إن المراد بالوجوب: إنما هو الوجوب المتعلق بالواحدة المغيرة للفرض، وبما قبلها، لا بما بعدها؛ ولأنه زائد عن الغاية بالواحدة المذكورة؟ فالجواب: إن الوجوب متعلق بما هو بعدها أيضاً، وإنما هي مبدأ الوجوب، فهي أقب من ذلك النصاب المتجدد؛ لأنها أوله، بدليل أن عيبه بنقص

ثُمَّ يَسْتَقِرُّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مَا يَتَّفِقُ فِيهِ الْفَرْضَانِ كَمِائَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعِمِائَةٍ خَيْرُ بَيْنَ الْحِقَاقِ وَبَيْنَ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَيَصِحُّ كَوْنُ الشَّطْرِ مِنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ وَالشَّطْرِ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَاقِصًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ جُبْرَانٍ تَعَيَّنَ الْكَامِلُ وَمَعَ عَدَمِهِمَا أَوْ عَيْبِهِمَا أَوْ عَدَمِ أَوْ عَيْبِ كُلِّ سِنٍّ وَجَبَ فَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ إلَى مَا يَلِيهِ مِنْ أَسْفَلَ وَيَخْرُجُ مَعَهُ جُبْرَانًا أَوْ إلَى مَا يَلِيهِ مِنْ فَوْقُ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا فَإِنْ عُدِمَ مَا يَلِيهِ انْتَقَلَ إلَى مَا بَعْدَهُ فَإِنْ عَدِمَهُ أَيْضًا

_ بقدره من الشاة المخرجة عن الإبل، وأيضا لو لم يكن مخرجاً عنه مع وجوده؛ يلزم أنها بنفسها نصاب مستقل؛ لأن ما قبلها فيه شيء مخصوص. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (ولا شيء ... إلخ) أي: لا تعلق.

انْتَقَلَ إلَى ثَالِثٍ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَصْلُ وَالْجُبْرَانُ شَاتَانُ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيُجْزِئُ فِي جُبْرَانٍ وثَانٍ وَثَالِثٍ النِّصْفُ دَرَاهِمَ وَالنِّصْفُ شِيَاهٍ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ إخْرَاجٌ أَوْ دُونَ مُجْزِئٍ وَلِغَيْرِهِ دَفْعُ سِنٍّ أَعْلَى إنْ كَانَ النِّصَابُ مَعِيبًا وَلَا مَدْخَلَ لِجُبْرَانٍ فِي غَيْرِ إبِلٍ فصل وَأَقَلُّ نِصَابِ بَقَرٍ أَهْلِيَّةٍ أَوْ وَحْشِيَّةٍ ثَلَاثُونَ وَفِيهَاتَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَنَةٌ وَيُجْزِي مُسِنٌّ وفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَلَهَا سَنَتَانِ وَتُجْزِي أُنْثَى أَعْلَى مِنْهَا سِنًّا،

_ قوله: (انتقل إلى ثالث) أي: من فوق أو أسفل، ولا يزيد على ذلك. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (ومجنون) وسفيه. قوله: (ولغيره) أي: غير ولي من ذكر. قوله: (معيباً) بلا جبران. قوله: (ويجزيء مسن) بل أولى.

لَا مُسِنٌّ وَلَا تَبِيعَانِ وَفِي سِتِّينَ تَبِيعَانِ ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وكُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مَا يَتَّفِق فِيهِ الْفَرْضَانِ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَكَإِبِلٍ وَلَا يُجْزِئُ ذَكَرٌ فِي زَكَاةٍ إلَّا هَهُنَا وابْنُ لَبُونٍ وَحِقٌّ وَجَذَعٌ عِنْدَ عَدَمِ بِنْتِ مَخَاضٍ وإذَا كَانَ النِّصَابُ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ كُلُّهُ ذُكُورًا فصل وَأَقَلُّ نِصَابِ غَنَمٍ أَهْلِيَّةٍ أَوْ وَحْشِيَّةٍ أَرْبَعُونَ وفِيهَا شَاةٌ وَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاتَانِ وَفِي وَاحِدَةٍ وَمِائَتَيْنِ ثَلَاثُ إلَى أَرْبَعِمِائَةِ ثُمَّ تَسْتَقِرُّ وَاحِدَةٌ عَنْ كُلِّ مِائَةٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَعْزٍ ثَنِيٌّ ولَهُ سَنَةٌ ومِنْ ضَأْنٍ جَذَعٌ ولَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَا يُؤْخَذُ تَيْسٌ حَيْثُ يُجْزِي ذَكَرٌ إلَّا تَيْسَ ضِرَابٍ لِخَيْرِهِ بِرِضَى رَبِّهِ

_ قوله: (وجذع) أي: وما فوق. قوله: (ويؤخذ من معز ... إلخ) أي: يؤخذ في زكاة غنم، وما دون خمس وعشرين من إبل، وفي جبران. قوله: (ولا يؤخذ تيس) التيس: الذكر من المعز إذا أتى عليه حول، والجمع: تيوس، كفلس وفلوس، وقبل الحول

وَلَا هَرِمَةٌ وَلَا مَعِيبَةٌ لَا يُضَحَّى بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ كَذَلِكَ وَلَا الرُّبَّى وَهِيَ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا وَلَا حَامِلٌ وَلَا طَرُوقَةُ الْفَحْلِ وَلَا كَرِيمَةٌ وَلَا أَكُولَةٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا وَتُؤْخَذُ مَرِيضَةٌ مِنْ مِرَاضٌ وَصَغِيرَةٌ مِنْ صِغَارِ غَنَمٍ لَا إبِلٍ وَبَقَرٍ فَلَا يُجْزِي فُصْلَانٌ وعَجَاجِيلُ فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ مِنْ الْكِبَارِ وَيُقَوَّمُ فَرْضُهُ ثُمَّ تُقَوَّمُ الصِّغَارُ وَيُؤْخَذُ عَنْهَا كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ.

_ جدي. "مصباح". وبخطه أيضا على قوله: (ولا يؤخذ تيس) يعني: أنه إذا كان النصاب كله ذكورا، فإن الذكر يجزيء إخراجه، كما تقدم التصريح به، فإن أخرج إذن ذكراً، لإعادة له بالضراب فذاك، وإن أخرج تيساً، وهو الذكر الذي ينزو على الغنم، فإما إن يكون معداً للضراب أو لا، والثاني لا يجزيء؛ لفساد لحمه من غير زيادة فضيلة وعظم يوجب جعله للضراب، وهو التيس المعد للضراب، فيه الفضيلة والخسية؛ فيجزيء، ولكن لا يؤخذ قهراً على مالكه، بل برضاه. فتدبر. قوله: (وعجاجيل) جمع عجيل بتشديد الجيم. قوله: (ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط) يعني: أنه يؤخذ عن الصغار كبيرة، تنقص قيمتها بقدر نقص الصغار، مثال ذلك: لو كان عنده خمس وعشرون من صغار الإبل، وأربعون من صغار البقر، تساوي على تقدير كونها كباراً ألف درهم، وكانت بنت المخاص الواجبة حينئذ،

وَإِنْ اجْتَمَعَ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَصِحَاحٌ وَمَعِيبَاتٌ وَذُكُورٌ وَإِنَاثٌ لَمْ يَأْخُذْ إلَّا أُنْثَى صَحِيحَةً كَبِيرَةً عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ إلَّا كَبِيرَةً مَعَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَخْلَةً فَيُخْرِجُهَا أَيْ: الْكَبِيرَةَ وَيُخْرِجُ سَخْلَةً وصَحِيحَةً مَعَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَعِيبَةً فَيُخْرِجُهَا ومَعِيبَةً فَإِنْ كَانَ نَوْعَيْنِ كَبَخَاتِيٍّ وَعِرَابٍ أَوْ كَبَقَرٍ وَجَوَامِيسَ أَوْ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ أَوْ أَهْلِيَّةٍ وَوَحْشِيَّةٍ أُخِذَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ وَفِي كِرَامٍ وَلِئَامٍ أَوْ سِمَانٍ وَمَهَازِيلَ الْوَسَطُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ

_ في الإبل، والمسنة الواجبة في البقر، تساوي كل واحدة منها خمسين درهماً، فنظرنا في النصاب من الصغار، فوجدناه يساوي ست مئة، فقد نقصت قيمته عن قيمة الكبار خمسين، فينقص من قيمة الواجب فيه، عن قيمة الواجب في الكبار بقدر ذلك، أعني: الخمسين، فيجب فيه كبيرة قيمتها ثلاثون، التي هي تنقص عن الخمسين خمسين. فتأمل. قوله: (على قدر قيمة المالين) فيقوم كباراً، ويوف الفرض، ثم صغارا كذلك، ثم يؤخذ بالقسط. قوله: (وفي كرام ... إلخ) الكريمة: هي الجامعة للكمال

وَمَنْ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَابِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ مَا لَيْسَ فِي مَالِهِ جَازَ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَنْ الْوَاجِبِ وَيُجْزِئُ سِنٍّ أَعْلَى مِنْ فَرْضٍ مِنْ جِنْسِهِ لَا الْقِيمَةُ فَتُجْزِئُ بِنْتُ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَحِقَّةٌ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ وَجَذَعَةٌ عَنْ حِقَّةٍ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ الْوَاجِبُ فصل وإذا اختلط اثنان فأكثر

_ الممكن في حقها، من غزارة لبن، وجمال صورة، أو كثرة لحم، أو صوف، وهي النفاس، التي تتعلق بها نفس صاحبها، واللئيمة: ضد الكريمة، وأما السمين: فكثير اللحم، والمهزول: ضده. "مطلع". قوله: (وإذا اختلط) أي: اشترك. وبخطه على قوله: (وإذا اختلط) الخلطة مثل العشرة، وزناً ومعنى، والخلطة بالضم: اسم من الاختلاط، مثل الفرقة من الافتراق. "مصباح". وبخطه على قوله: (وإذا اختلط) ما توهمه صيغة افتعل، من أنه لا بد أن يكون المالان منفردين، ثم تقع بينهما الخلطة،

من أهلها فِي نِصَابٍ مَاشِيَةً لَهُمْ جَمِيعَ الْحَوْلِ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ بِكَوْنِهِ مَشَاعًا أَوْأَوْصَافٍ بِأَنْ تَمَيَّزَ مَا لِكُلٍّ وَاشْتَرَكَا فِي مُرَاحٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ الْمَبِيتُ وَالْمَأْوَى وَمَسْرَحٍ وَهُوَ مَا تَجْتَمِعُ السَّائِمَةُ فِيهِ لِتَذْهَبَ إلَى الْمَرْعَى

_ ليس مراداً؛ بدليل ما سيأتي في قوله: (ومتى لم يثبت لخليطين حكم الانفراد، بعض الحول ... إلخ) محمد الخلوتي. قوله: (من أهلها) أي: أهل وجوبها، لا مستحقيها، كما هو ظاهر، ويقتضيه كلامه الأتي. قوله: (في نصاب ماشية ... إلخ) فإذا كان لذلك المال الذي ثم النصاب المشترك فيه بقية لم يشتركا فيها؛ بأن لم يقع فيها خلطة بالكلية، أو وقعت، لكن مع غير هذا الخليط، فإن الخلطة تصير الجميع مالاً واحداً، كما صرح به المحشي في آخر الفصل، وعلى هذا: فينبغي أن يكون التقدير في جواب الشرط، وهو قوله: (فكواحد) فمالهما، ولو غير المشترك فيه إذا كان من جنس المشترك فيه؛ كواحد. محمد الخلوتي. قوله: (لهم) أي: فلا أثر لخلط غاصب مع غيره. قوله: (واشتركا في ... إلخ) قيد في الثاني، أعني: خلطة الأوصاف، كما صرح به في "الإقناع"، وهو ظاهر. قوله: (بضم الميم) قال في "المصباح" بعد ذكره لما في المتن: وفتح الميم بهذا

وَمَحْلَبِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَلْبِ وَفِي فَحْلٍ بِأَنْ لَا يَخْتَصَّ بِطَرْقِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ وَمَرْعًى وَهُوَ مَوْضِعُ الرَّعْيِ وَوَقْتُهُ، فَكَوَاحِدٍ.

_ المعنى خطأ؛ لأنه اسم مكان، واسم المكان والزمان والمصدر من أفعل بالألف مفعل على صيغة المفعول، وأما المراح بالفتح: فاسم الموضع من راحت بغير ألف. انتهى. قوله: (محلب) بفتح الميم ما ذكره المصنف، وأما بكسرها: فالوعاء يحلب فيه، وهو الحلاب أيضاً مثل كتاب: "مصباح". قوله: (وهو: موضع الحلب) بأن تحلب في مكان واحد. قوله: (أحد المالين) أي: إن اتحد نوعهما، وقد يقال: إن المضر إنما هو تخصيص الفحل بفعل فاعل، أما لو اختص بغير تخصيص، أو كان الاختصاص طبيعياً؛ بأن كان من أحد النوعين كالضأن والمعز، فلا يضر، ولعل هذا هو الحامل للمضنف على ترك التقييد بعدم اختلاف النوع، وعلى هذا: فينبغي أن يكون المراد من قوله: (بأن لا يختص) بأن لا يخص. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ووقته) أي: ففيه استعمال المشترك في معنييه. قوله: (فكواحد) هو جواب (إذا) يعني: فالمال المخلوط كواحد في الزكاة إيجابا وإسقاطاً، فتؤثر الخلطة تغليظاً وتخفيفاً.

وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ وَلَا اتِّحَادُ مَشْرَبٍ وَرَاعٍ وَإِنْ بَطَلَتْ بِفَوَاتِ أَهْلِيَّةِ خَلِيطٍ ضَمَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ مَالَهُ زَكَاةً إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ لِخَلِيطَيْنِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ بَعْضَ الْحَوْلِ بِأَنْ مَلَكَا نِصَابًا مَعًا زَكَّيَاهُ زَكَاةَ خُلْطَةٍ وَإِنْ ثَبَتَ لَهُمَا بِأَنْ خَلَطَا فِي أَثْنَائِهِ ثَمَانِينَ شَاةً زَكَّيَا كَمُنْفَرِدَيْنِ وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ خُلْطَةٍ فَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا فَعَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ شَاةٌ عِنْدَ تَمَامِ هِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ إلَّا إنْ أَخْرَجَهَا الْأَوَّلُ مِنْ الْمَالِ فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ ثَمَانُونَ جُزْءًا مِنْ مِائَةٍ

_ قوله: (ولا تعتبر نية الخلطة) أي: في خلطة أعيان أو أوصاف، والخلاف: في خلط وقع اتفاقاً، أو فعله راع، وتأخير النية عن الملك. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (ولا اتحاد مشرب ... إلخ) خلافاً "للإقناع" فيهما. قوله: (بأن ملكا نصابا) أي: وتم الحول بلا قسمة. قوله: (ثمانين شاة) أي: لكل أربعون مثلاً، فعلى كل شاة في الحول الأول. قوله: (إلا أن أخرجها الأول ... إلخ) وذلك بأن يدفع نصف شاة مشاعاً لفقير مثلاً أو ساع، ويتركها

وَتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ الشَّاةِ ثُمَّ كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ وَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ بِأَنْ مَلَكَا نِصَابَيْنِ فَخَلَطَاهُمَا ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ مَنْ لَمْ يَبِعْ لَزِمَهُ زَكَاةُ انْفِرَادٍ: شَاةٌ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ زَكَاةُ خُلْطَةِ نِصْفِ شَاةٍ إلَّا إنْ أَخْرَجَ الْأَوَّلُ الشَّاةَ مِنْ الْمَالِ فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ ثُمَّ كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْجَمِيعِ كُلِّهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا حُكْمُ الِانْفِرَادِ لِأَحَدِهِمَا يَخْلِطُ مَنْ لَهُ دُونَ نِصَابٍ بِنِصَابٍ لِآخَرَ بَعْضَ الْحَوْلِ وَمِنْ بَيْنِهِمَا ثَمَانُونَ شَاةً خُلْطَةً فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أو دُونَهُ

_ آخذها في المال، أما لو أخذت من المال وأفردت منه؛ لم يأت حول الثاني إلا على تسع وسبعين شاة، فلا يلزمه إلا أربعون جزءاً من تسعة وسبعين جزءاً من شاة، كما في التي بعدها. وبخطه على قوله: (إلا إن أخرجها ... إلخ) أي: الزكاة. قوله: (أجنبياً) أي: غير خليطه. قوله: (بخلط من له دون نصاب) يعني: والثابت له حكم الانفراد في هذه الصورة، هو من له نصاب.

بِنَصِيبِ الْآخَرِ أَوْ دُونَهُ وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا وَعَلَيْهِمَا زَكَاةُ الْخُلْطَةِ وَمَنْ مَلَكَ نِصَابًا دُونَ حَوْلٍ، ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مَشَاعًا أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بَعْضِهِ وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا أَوْ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اخْتَلَطَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَمَنْ مَلَكَ نِصَابَيْنِ ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا مَشَاعًا قَبْلَ الْحَوْلِ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَعَلَيْهِ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَاةُ مُنْفَرِدٍ وَعَلَى مُشْتَرٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَاةُ خَلِيطٍ وَمَنْ مَلَكَ نِصَابًا ثُمَّ أَخَّرَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ كَأَرْبَعِينَ شَاةً مَلَكَهَا فِي الْمُحَرَّمِ ثُمَّ أَرْبَعِينَ فِي صَفَرٍ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَوَّلِ فَقَطْ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ

_ قوله: (بنصيب الآخر أو دونه) فيه استعمال "دون" متصرفة، كما قريء به قوله تعالى: (ومنا دون ذلك). [الجن: 11] بالرفع. قوله: (لم ينقطع حولهما) أي: ولا خلطتهما؛ لما مر: إن إبدال النصاب بجنسه لا يقطع الحول، فلا تنقطع. "شرحه". قوله: (ثم باع نصفه) أي: مثلاً. قوله: (مشاعاً) أي: بغير جنسه. قوله: (انقطع الحول) أي: في الباقي لنقصه.

كَمِائَةٍ زَكَّاهُ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ وَقَدْرُهَا بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى زَكَاةِ الْجَمِيعِ فَيَسْقُطُ مِنْهَا مَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ وَيَجِبُ الْبَاقِي فِي الثَّانِي وَهُوَ شَاةٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا كَثَلَاثِينَ بَقَرَةً فِي الْمُحَرَّمِ وَعَشْرٍ فِي صَفَرٍ فَفِي الْعَشْرِ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا رُبْعُ مُسِنَّةٍ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا كَخَمْسِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَمَنْ لَهُ سِتُّونَ شَاةً كُلُّ عِشْرِينَ مِنْهَا مَعَ عِشْرِينَ لِآخَرَ فَعَلَى الْجَمِيعِ شَاةٌ نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ وَنِصْفُهَا عَلَى خُلَطَائِهِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ عَشْرٍ مِنْهَا مَعَ عَشْرٍ لِآخَرَ فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى خُلَطَائِهِ

_ قوله: (كمئة) ملكها في صفر، بعد أربعين ملكها في المحرم. قوله: (زكاه) أي: الثاني. قوله: (إذا تم حوله) أي: الثاني. قوله: (وقدرها) أي: زكاة الثاني. قوله: (بأن ينظر إلى زكاة الجميع) أي: الذي هو مئة وأربعون في المثال، وزكاة هذا الجميع شاتان. قوله: (منها ما وجب ... إلخ) أي: من زكاة الجميع. قوله: (في الأول) أي: وهو شاة. قوله: (مع عشرين لآخر) أي: ببلد واحد أو ببلاد متقاربة.

فصل ولا أثر لتفرق مال لِوَاحِدٍ غَيْرَ سَائِمَةٍ بِمَحَلَّيْنِ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ فَلِكُلِّ مَا فِي مَحَلٍّ مِنْهَا حُكْمٌ بِنَفْسِهِ فَعَلَى مَنْ لَهُ سَوَائِمُ بِمَحَالَّ مُتَبَاعِدَةٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فِي كُلِّ مَحَلٍّ شِيَاهٌ بِعَدَدِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ نِصَابٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ خَلِيطٍ.

_ قوله: (فعلى من له ... إلخ) على من: خبر مقدم لقوله: (شياه بعددها)، و (من) موصولة، أو موصوفة، وجملة (له بمحال متباعدة أربعون) صلة أو صفة، فـ (أربعون) مبتدأ، و (له) خبره، و (بمحال) حال من أربعون، و (متباعدة): مجرور نعتاً لـ (محال) الممنوع من الصرف. وقوله: (في كل محل) نعت لـ (أربعون)، إذا علمت ذلك، وكانت المحال إذا نظر بين كل محل وما يليه لم يبلغ ما بينهما المسافة، وإذا نظر بين محل وغير ما يليه كأقربها إلى محل المزكي وأبعدها؛ بلغ ما بينهما المسافة، فهل تكون في حكم المحل الواحد أم لا؟ الظاهر: نعم، واستصوبه شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (أربعون شاة) نعت لـ (أربعون). قوله: (في كل محل شياه) مبتدأ مؤخر، خبره قوله: (فعلى من له بمحال ... إلخ).

فَإِنْ كَانَ لَهُ سِتُّونَ شَاةً فِي كُلِّ مَحَلٍّ عِشْرُونَ خُلِطَتْ بِعِشْرِينَ لِآخَرَ لَزِمَ رَبَّ السِّتِّينَ شَاةٌ وَنِصْفُ وكُلَّ خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٌ وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ سَائِمَةٍ وَلِسَاعٍ أَخْذُ مِنْ مَالِ أَيْ: الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ مَعَ حَاجَةٍ وعَدَمِهَا وَلَوْ بَعْدَ قِسْمَةٍ فِي خُلْطَةِ أَعْيَانٍ مَعَ بَقَاءِ النَّصِيبَيْنِ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَمَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَذِمِّيٍّ لَا أَثَرَ لِخُلْطَتِهِ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ وَيَرْجِعُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ بِقِيمَةِ الْقِسْطِ الَّذِي قَابَلَ مَالَهُ مِنْ الْمُخْرِجِ يَوْمَ الْأَخْذِ فَيَرْجِعُ رَبُّ خَمْسَةَ عَشْرَ بَعِيرًا مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى رَبِّ عِشْرِينَ بِقِيمَةِ أَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَبِالْعَكْسِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا

_ قوله: (ولا تؤثر الخلطة في غير سائمة) تصريح بمفهوم قوله: (أول الخلطة في نصاب ماشية)؛ إذ المراد بها خصوص السائمة؛ لأنها هي التي تجب فيها الزكاة. قوله: (من مال أي الخليطين شاء) الظاهر: أن محله حيث لم يبذلا له الواجب، أما متى بذلا له الواجب من مال أحدهما، أو من خارج النصاب؛ فالظاهر: وجوب قبوله منهما. ابن نصر الله في "حواشي الكافي". قوله: (ويرجع مأخوذ منه على خليطه) أي: ويجزيء إخراج خليط بدون إذن خليطه ولو مع حضور، والاحتياط بإذنه. "شرحه".

وَمِنْ بَيْنِهِمَا ثَمَانُونَ شَاةً نِصْفَيْنِ، وَعَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ بِقِيمَةِ عِشْرِينَ مِنْهَا فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ عَلَى الْمَدِينِ ثُلُثُهَا وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثَاهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَرْجُوعٍ عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ بِيَمِينِهِ إنْ عُدِمَتْ بَيِّنَةٌ وَاحْتُمِلَ صِدْقُهُ وَيَرْجِعُ بِقِسْطٍ زَائِدٍ أَخَذَهُ سَاعٍ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا ظُلْمًا

_ قوله: (بقول بعض العلماء) أي: ويجزيء، ولو اعتقد المأخوذ منه عدم الإجزاء. قاله في "الإقناع"؛ أي: كما لو أخذ صحيحة عن مراض. قوله: (لا ظلماً) أي: كشاتين عن أربعين شاة، فلا يرجع بذلك.

باب زكاة الخارج من الأرض والنحل

باب زكاة الخارج من الأرض وَالنَّحْلِ تَجِبُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ مِنْ حَبٍّ ولو لِلْبُقُولِ كالرَّشَادِ والْفُجْلِ وَلَوْ لِمَا لَا يُؤْكَلُ كأُشْنَانٍ وقُطْنٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ مِنْ الْأَبَازِيرِ

_ باب زكاة الخارج من الأرض والنحل من زرع، وثمر، ومعدن، وركاز، وعسل قوله: (مدخر) بتشديد الدال؛ أي: معدود للحاجة، من: ذخرته، كنفع: إذا أعددته لوقت الحاجة إليه. قاله في "المصباح". وأصل مدخر: مذتخر مفتعل، فأبدلت تاء الافتعال دالاً، وأدغمت فيها الذال المعجمة، وليس من دخر -بالدال المهملة- يدخر بفتحتين؛ لأنه بمعنى: ذل وهان، فتدبر. قوله: (ولو للبقول) جمع بقل: ما نبت في بزره لا في أرومة؛ أي: أصل. قوله: (والفجل) بوزن قفل: بقلة معروفة. "مصباح". قوله: (أو من الأبازير) جمع أبزار جمع

كَالْكُسْفَرَةِ وَالْكَمُّونِ وَبَزْرِ الرَّيَاحِينِ والْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ غَيْرِ حَبٍّ كَصَعْتَرٍ وَأُشْنَانٍ وَسِمَاقٍ أَوْ وَرَقِ شَجَرٍ يَقْصِدُ كَسِدْرٍ وَخِطْمِيٍّ وَآسٍ أَوْ ثَمَرٍ كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَلَوْز وَفُسْتُقٍ وَبُنْدُقٍ لَا عُنَّابٍ وَزَيْتُونٍ وجَوْزٍ وَتِينٍ وَتُوتٍ وبَقِيَّةِ الْفَوَاكِهِ وَطَلْعِ فُحَّالٍ وَقَصَبٍ وَخَضْرٍ وَبُقُولٍ وَوَرْسٍ وَنُبُلٍ وَحِنَّاءٍ وفوة وَبَقَّمٍ وَزَهْرٍ

_ بزر: وهو كل حب يبذر للنبات، كما في "القاموس". قوله: (لا عناب) لأن العادة لم تجر بادخاره. قوله: (وجوز) أي: لأنه معدود. قوله: (وبقم ... إلخ) البقم بتشديد القاف: صبغ معروف. "مصباح".

كَعُصْفُرٍ وَزَعْفَرَانٍ ونَحْوِ ذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَبْلُغَ نِصَابًا وَقَدْرُهُ بَعْدَ تَصْفِيَةِ حَبٍّ وجَفَافِ ثَمَرٍ، ووَرَقٍ: خَمْسَةُ أَوْسُقٍ هِيَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ وبِالرِّطْلِ الْعِرَاقِيِّ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ وبِ الْمِصْرِيِّ أَلْفُ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ وَبِ الدِّمَشْقِيِّ ثَلَاثُمِائَةِ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ وب الْحَلَبِيِّ مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ رِطْلًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ وب الْقُدْسِيِّ مِائَتَانِ وَسَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ رِطْلًا وَسُبْعُ رِطْلٍ وَالْأُرْزُ وَالْعَلْسُ يُدَّخَرَانِ فِي قِشْرِهِمَا فَنِصَابُهَا مَعَهُ بِبَلَدٍ خُبِرَا

_ قوله: (بشرطين) متعلق بـ (تجب). قوله: (حمسة أوسق) وبالكيل المصري ستة أرادب وربع إردب. قوله: (والأرز) فيه لغات: أرز وزان قفل، والثانية: ضم الراء للاتباع، والثالثة: ضم الهمزة والراء وتشديد الزاي، والرابعة: فتح الهمزة مع التشديد، والخامسة: رز من غير همزة، كقفل. "مصباح". قوله: (والعلس) نوع من الحنطة.

فَوُجِدَا يَخْرُجُ مِنْهَا مُصَفَّى النِّصْفِ مَثَلًا ذَلِكَ وَالْوِسْقُ وَالصَّاعُ وَالْمُدُّ مَكَايِيلُ نُقِلَتْ إلَى الْوَزْنِ لِتُحْفَظَ مِنْ الزِّيَادَةِ وتُنْقَلَ وَالْمَكِيلُ مِنْهُ ثَقِيلٌ كَأُرْزٍ ومُتَوَسِّطٌ كَبُرٍّ وخَفِيفٌ كَشَعِيرٍ وَالِاعْتِبَارُ بِمُتَوَسِّطٍ فَتَجِبُ فِي خَفِيفٍ قَارَبَ هَذَا الْوَزْنَ

_ قوله: (مصفى النصف) أي: أو الثلث، فثلاثة أمثال ذلك، وهكذا. قوله: (مثلاً ذلك) أي: فنصاب كل منها مع قشره عشرة أوسق، ولا يجوز تقدير غيرها في قشره ولا إخراج قبل التصفية؛ لأن العادة لم تجر به. قوله: (والوسق) كفلس، جمعه وسوق. قوله: (مكاييل) أي: أصالة. قوله: (نقلت) أي: قدرت به، والنقل على ما في "الصحاح": تحويل الشيء من موضع إلى موضع، فلا بد من تجريد قوله: (نقلت) عن بعض معناه؛ أي: حولت إلى الوزن؛ أي: جعلت موازين بعد أن كانت مكاييل، وأما قوله: (وتنقل) فهو مستعمل في معناه الحقيقي، وهو حكاية الخبر، فهو معنى ثانٍ للفظ النقل. محمد الخلوتي. قوله: (لتحفظ) أي: من الزيادة والنقص. قوله: (وتنقل) يعني: من الحجاز إلى سائر البلاد. قوله: (كأرز) أي: وتمر. قوله: (كبر) أي: وعدس. قوله: قوله: (كشعير) أي: وذرة. قوله: (فيجب في خفيف ... إلخ). اعلم أن المقصود من هذا الكلام: أنه إذا لم يكن عند المزكي مكيال محفوظ، بل إنما عنده الميزان، فإنه يختلف بالثقل والخفة؛ لأن قدر النصاب من الخفيف لا يبلغ كيله قدر النصاب وزناً، وقدر وزن الثقيل ينقص كيلا، فإذا أراد معرفة

وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ فَمَنْ اتَّخَذَ مَا يَسَعُ صَاعًا مِنْ جَيِّدِ الْبُرِّ عَرَفَ بِهِ مَا بَلَغَ حَدَّ الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِهِ وَتُضَمُّ أَنْوَاعُ الْجِنْسِ مِنْ زَرْعِ الْعَامِ الْوَاحِدِ وثَمَرَتِهِ وَلَوْ مِمَّا يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ حَمْلَيْنِ إلَى بَعْضٍ لَا جِنْسٌ إلَى آخَرَ الثَّانِي وَقْتَ وُجُوبِهَا فَلَا تَجِبُ فِي مُكْتَسَبِ لِقَاطٍ، وأُجْرَةِ حِصَارٍ وَلَا فِيمَا لَا يُمْلَكُ إلَّا بِأَخْذِهِ كَبُطْمٍ وَزَعْبَلٍ وَبَزْرِ قُطُوّنَا وَنَحْوُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِعْلُ الزَّرْعِ فَيُزَكِّي نِصَابًا حَصَلَ مِنْ حَبٍّ لَهُ سَقَطَ بمِلْكِهِ أَوْ مُبَاحَةٍ

_ النوعين؛ فليأخذ من البر الجيد قدر صاع مثلا وزنا، ثم يضع هذا الموزون في وعاء، ويعلم ذلك، فيكتال به ما يريد من ثقيل وخفيف، كما قال المصنف: (فمن اتخذ ما يسع صاعاً ... الخ). قوله: (وإن لم يبلغه) أي: وزناً. قوله: (من غيره) أي: الذي لم يبلغه، ومتى شك؛ أخرج احتياطاً، ولا يجب. قوله: (إلى آخر) كان من تمام المحترز: ولا زرع أو ثمره عام إلى آخر. قوله: (وزعبل) وهو شعير الجبل. قوله: (وبزر قطونا) يشبه بزر الكتان. قوله: (ونحوه) كحب أشنان. قوله: (أو مباحة) وكذا إن كانت مملوكة للغير، وكان لا على وجه الغصب، كأن حمل السيل حبا لأرض غيره، أو على وجه الغصب، ولم يتملكه رب الأرض على ما يأتي، فما

فصل ويجب فيما يشرب بلا كلفة كبِعُرُوقِهِ وَغَيْثٍ وَبِسَيْحٍ وَلَوْ بِإِجْرَاءِ مَاءِ حَفِيرَةٍ شَرَاهُ الْعُشْرُ وَلَا تُؤَثِّرُ مُؤْنَةُ حَفْرِ نَهْرٍ وتَحْوِيلِ مَاءٍ وبِهَا، كَدَوَالٍ ونَوَاضِحَ وَتَرْقِيَةُ بِغَرْفٍ وَنَحْوِهِ: نِصْفُهُ وفِيمَا يُشْرِبُ بِهِمَا نِصْفَانِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فَالْحُكْمُ لِأَكْثَرِهِمَا نَفْعًا وَنُمُوًّا فَإِنْ جُهِلَ فَالْعُشْرُ.

_ يوهم كلامه من التقييد ليس مراداً، وفي "الشرح" ما يشير إلى بعضه محمد الخلوتي. قوله: (كبعروقه) قدره الشارح بقوله: كالذي يشرب بعروقه، على أنه مثال لـ (ما) ويلزمه حذف الموصول مع جزء الصلة وبقاء بعضها، ولو جعله مثالا لعدم الكلفة وقدره بقوله: كالشرب بعروقه؛ لسلم من ذلك؛ وليناسب المثال للمقابل الذي ذكره بقوله: (كدوالي) فإنه مثال للكلفة، والتقدير: كالشرب بدوال. محمد الخلوتي. قوله: (ولا يؤثر مؤنة حفر نهر) يعني: لخفتها. قوله: (وتحويل ماء) يعني: في سواق وإصلاح طرقه. قوله: (كدوالي) جمع دالية: دولاب تديره البقر، أو دلو صغيرة.

وَيُصَدَّقُ مَالِكٌ فِيمَا سَقَى بِهِ وَوَقْتُ وُجُوبِ فِي حَبٍّ إذْ اشْتَدَّ وَوَفِي ثَمَرَةٍ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا فَلَوْ بَاعَ الْحَبِّ أَوْ الثَّمَرَةِ أَوْ تَلِفَا بِتَعَدِّيهِ بَعْدَ لَمْ تَسْقُطْ وَيَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْإِخْرَاجِ عَلَى مُشْتَرٍ وقِيلَ فَلَا زَكَاةَ إلَّا إنْ قَصَدَ الْفِرَارَ مِنْهَا وَتُقْبَلُ دَعْوَى عَدَمِهِ والتَّلَفِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ اُتُّهِمَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ بظَاهِرٍ فَكُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِيمَا تَلِفَ

_ قوله: (ويصدق مالك سقى به) أي: بغير يمين. قوله: (فلو باع ... إلخ) مثلاً أو مات، ولم تبلغ حصة كل وارث نصاباً، أو كانوا مدينين. قوله: (إلا إن قصد الفرار منها) يعني: فلا تسقط ببيعه ونحوه، أو إتلافه، وهل إذا أوجبناها عليه في صورة البيع ونحوه، تجب أيضاً على المشتري، فتجب زكاتان في عين واحدة؟ قال الشيخ مرعي بحثاً منه: ولعلها لا تجب على البائع إلا إذا باعها لمن لا تجب عليه. انتهى. محمد الخلوتي. قوله: (ولو اتهم) أي: ما لم تقم بينة على الفرار، كما سبق في أول كتاب الزكاة، فينبغي أن تفسر التهمة هنا بما لا ينافي عدم قيام القرينة، كعدم العدالة ونحوه. محمد الخلوتي.

وَلَا تَسْتَقِرُّ إلَّا بِجُعْلٍ فِي جَرِينٍ أَوْ بَيْدَرٍ أَوْ مِسْطَاحٍ وَنَحْوِهَا يَلْزَمُ إخْرَاجُ حَبٍّ مُصَفًّى وثَمَرٍ يَابِسٍ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ وَلَوْ اُحْتِيجَ إلَى قَطْعِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ قَبْلَ كَمَالِهِ لِضَعْفِ أَصْلٍ أَوْ خَوْفِ عَطَشٍ أَوْ تَحْسِينِ بَقِيَّةٍ أَوْ لِكَوْنِ رَطْبِهِ لَا يُتْمَرُ أَوْ عِنَبِهِ لَا يُزَبَّبْ وَيُعْتَبَرُ نِصَابُهُ يَابِسًا وَيَحْرُمُ الْقَطْعُ مَعَ حُضُورِ سَاعٍ بِلَا إذْنِهِ وشِرَاءُ زَكَاتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ وَلَا يَصِحُّ وَسُنَّ بَعْثُ خَارِصٍ لِثَمَرَةِ نَخْلٍ وَكَرْمٍ بَدَا صَلَاحُهَا وَيَكْفِي وَاحِدٌ،

_ قوله: (في جرين) هو: موضع تشميسها، سمي بذلك بمصر والعراق، وبالبيدر بالمشرق والشام، وبالمسطاح بلغة آخرين. قوله: (ونحوها) كالمربد بلغة الحجاز. قوله: (مصفى) أي: من تبنه، وقشره. قوله: (أو وجب) أي: القطع، والوجوب هنا أن يراد به: الشرعي؛ إذ فساد المال منهي عنه، ويحتمل أن يراد به: التعين العادي. منصور البهوتي. قوله: (بلا إذنه) هذا ليس بظاهر إلا على القول بأن تعلقها كشركة، والمذهب خلافه. محمد الخلوتي. قوله: (وشراء زكاته ... إلخ) يمد ويقصر، لا إن عادت إليه بنحو هبة أو إرث. قوله: (أو صدقته) أي: ولو من غير آخذها. قوله: (وسن بعث ... إلخ) أي: سن لإمام. قوله: (ويكفي واحد) لأنه ينفذ ما اجتهد فيه، كحاكم وقائف، وظاهره: لا يشترط لفظ الشهادة.

وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَمِينًا لَا يُتَّهَمُ خَبِيرًا وَأُجْرَتُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ مَا يَفْعَلُهُ خَارِصٌ لِيَعْرِفَ مَا يَجِبُ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ وَلَهُ الْخَرْصُ كَيْفَ شَاءَ وَيَجِبُ خَرْصُ مُتَنَوِّعٍ وتَزْكِيَتُهُ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ وَلَوْ شُقَّا.

_ قوله: (مسلماً) ولو قنا، والظاهر: كونه ذكراً، كما يقتضيه تشبيههم له بالحاكم والقائف، وإن كان ظاهر إطلاقهم: لا يشترط ذلك، فراجع ابن نصر الله في "حواشي الكافي" قوله: (لا يتهم) أي: ككونه من عمودي نسب مخروص عليه. قوله: (وأجرته ... إلخ) قال المصنف في "شرحه": وأجرته من بيت المال. قال الشيخ منصور البهوتي: ويتوجه من نصيب عامل على الزكاة، انتهى. وهذا موافق لما يأتي في "شرحه" في باب أهل الزكاة حيث جعل الخارص من أفراد العامل. محمد الخلوتي. قوله: (وإلا فعليه ... إلخ) يعني: أنه إن لم يبعث الإمام خارصاً؛ وجب على رب المال من الخرص ما يفعله الخارص إن أراد التصرف، ليعرف قدر الواجب، قبل تصرفه. قوله: (وله) أي: لمن يخرص. قوله: (كيف شاء) أي: جملة أو تفصيلا إن اتحد النوع.

وَيَجِبُ تَرْكُهُ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ فَيَجْتَهِدُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فَإِنْ أَبَى فَلِرَبِّ الْمَالِ أَكْلُ قَدْرِ ذَلِكَ مِنْ ثَمَرٍ ومِنْ حَبِّ الْعَادَةِ وَمَا يَحْتَاجُهُ وَلَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ وَيَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ إنْ لَمْ يَأْكُلْهُ وَتُؤْخَذُ زَكَاةُ مَا سِوَاهُ بِالْقِسْطِ وَلَا يُهْدِي وَيُزَكِّي مَا تَرَكَهُ خَارِصٌ مِنْ الْوَاجِبِ ومَا زَادَ عَلَى قَوْلِهِ عِنْدَ جَفَافٍ وَلَا عَلَى قَوْلِهِ إنْ نَقَصَ وَمَا تَلِفَ عِنَبًا أَوْ رُطَبًا بِفِعْلِ مَالِكٍ أَوْ بضَمِنَ زَكَاتَهُ بِخَرِصَةٍ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا وَلَا يُخْرَصُ غَيْرُ نَخْلٍ وَكَرْمٍ.

_ قوله: (من ثمرٍ) متعلق بـ (أكل) أو بـ (قدر)، لا بـ (ترك)، وإلا لأوهم صحة عطف قوله: (ومن حب) عليه، وليس كذلك؛ لأن الحب لا يخرص. قوله: (ومن حب) يأكل، استئناف. قوله: (ما سواه) أي: المتروك. قوله: (ولا يهدي) أي: من الحبوب قبل إخراج زكاتها، وأما الثمار؛ فالثلث أو الربع الذي يترك له يتصرف فيه كيف شاء. وبخطه على قوله: (ولا يهدي) أي: من الزرع. قوله: (ولا يخرص غير نخل ... إلخ) أي: لعدم وروده.

فصل والزكاة عَلَى مُسْتَعِيرٍ ومُسْتَأْجِرِ دُونَ مَالِكِ وَمَتَى حَصَدَ غَاصِبُ أَرْضٍ زَرْعَهُ زَكَّاهُ وَيُزَكِّيهِ رَبُّهَا إنْ تَمَلَّكَهُ قَبْلَ وَيَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي خَرَاجِيَّةٍ وَهِيَ مَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقَسَّمْ ومَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا مِنَّا، ومَا صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا لَنَا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ والْعُشْرِيَّةُ مَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ

_ قوله: (والزكاة ... إلخ) عشراً أو نصفه أو ثلاثة أرباعه، فهي أولى من عبارة "الإقناع" حيث قال: ويجب العشر على المستأجر ... إلخ. قوله: (على مستعير) أي: لأن العزم يتبع الغنم. قوله: (إن تملكه قبل) أي: قبل حصاده، ولو بعد الاشتداد، وفي "الإقناع": وإن تملكه رب الأرض قبل اشتداد الحب؛ زكاه. فمفهومه: لو تملكه بعد الاشتداد؛ أن الزكاة على الغاصب. قوله: (ويجتمع ... إلخ) أي: لأن الموضوع مختلف وهو نفس الأرض والغلة، والسبب كذلك، وهو الانتفاع بالأرض وحصول النابت من الأرض. فتأمل. قوله: (عشر) أي: في الغلة. قوله: (وخراج) أي: في الرقبة. قوله: (ولم تقسم) غير مكة، فلا خراج في مزارعها.

وَنَحْوِهَا وَمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ كَالْبَصْرَةِ وَنَحْوِهَا وَمَا صُولِحَ أَهْلُهَا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ بِخَرَاجٍ يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ، كَالْيَمَنِ، ومَا فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِّمَ كَنِصْفِ خَيْبَرَ، ومَا أَقْطَعَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ مِنْ السَّوَادِ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ وَلِأَهْلِ الذِّمَّةِ شِرَاؤُهُمَا وَلَا تَصِيرُ بِهِ الْعُشْرِيَّةَ خَرَاجِيَّةً وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِمْ.

_ قوله: (ونحوها) كجواثي. قوله: (كالبصرة ونحوها) كمدينة واسط. قوله: (كنصف خيبر) خيبر: بلدة معروفة على نحو أربع مراحل من المدينة إلى جهة الشام، ذات نخيل ومزاراع وحصون، وهي بلاد طيء، فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوائل سنة سبع. قاله الحجاوي في "الحاشية"، نقله منصور البهوتي. قوله: (من السواد) أي: أرض العراق؛ سميت سواداً؛ باعتبار كثرة زرعها؛ لأن العرب تطلق اسم السواد على الأخضر. قوله: (ولأهل الذمة شراؤهما) والمراد بالبيع فيما يتعلق بالخراجية: دفعها بما عليها من الخراج، وليس بيعاً شرعياً؛ إذ لا يصح بيعها على المذهب، إلا إذا باعها الإمام لمصلحة أو غيره، وحكم به من يراه. وبخطه على قوله: (ولأهل الذمة ... إلخ) لكن يكره لمسلم بيع أرضه، وإجارتها من ذمي، نصاً، وكذا إعارتها لإفضائه إلى إسقاط العشر، إلا لتغلبي، فلا يكره، لأنهم يؤخذ منهم عشران. قوله: (شراؤهما) أي: الخراجية والعشرية. قوله: (ولا عشر عليهم) أي: لا زكاة.

فصل وفي العسل العشر سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ وَنِصَابُهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ رِطْلًا عِرَاقِيَّةً وَلَا زَكَاةَ فِيمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى الشَّجَرِ كَالْمَنِّ وَالتَّرْنَجَبِيلِ، وَالشَّيْرَخُشْكِ وَنَحْوِهَا، كَاللَّاذَنِ، وَهُوَ ظِلٌّ وَنَدًى يَنْزِلُ عَلَى نَبْتٍ تَأْكُلُهُ الْمِعْزَى فَتَعْلَقُ تِلْكَ الرُّطُوبَةُ بِهَا فَتُؤْخَذُ وَتَضْمِينُ أَمْوَالِ الْعُشْرِ، وَالْخَرَاجِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ بَاطِلٌ فصل وفي المعدن وَهُوَ كُلُّ مُتَوَلِّدٍ فِي الْأَرْضِ لَا مِنْ جِنْسِهَا وَلَا نَبَاتَ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ وَبِلَّوْرٍ

_ قوله: (أو مملوكة) أي: له أو لا. قوله: (عراقية) خمسة أثمان إردب مصري، قوله: (كالمن) بالفتح: شيء يسقط من السماء فيجنى. "مصباح". قوله: (بلور) هو حجر معروف، وأحسنه ما يجلب من جزائر الزنج، وفيه لغتان: كسر الباء مع فتح اللام مثل سنور، وفتح الباء مع ضم اللام، وهي

وَعَقِيقٍ وَصُفْرٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ وَكُحْلٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَغْرَةٍ وَكِبْرِيتٍ وَزِفْتٍ وَمِلْحٍ وَزِئْبَقٍ وَقَارٍ وَنِفْطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا اسْتَخْرَجَ: رُبْعَ الْعُشْرِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ مَعْدِنٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ مِنْ عَيْنِ نَقْدٍ وقِيمَةِ غَيْرِهِ بِشَرْطِ بُلُوغِهِمَا نِصَابًا بَعْدَ سَبْكٍ وَتَصْفِيَةٍ وَلَا يُحْتَسَبُ بِمُؤْنَتِهِمَا وَلَا بِمُؤْنَةِ اسْتِخْرَاجِ وكَوْنُ مُخْرِجِ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَلَوْ فِي دَفَعَاتٍ لَمْ يُهْمِلْ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا بِلَا عُذْرٍ أَوْ بَعْدَ زَوَالِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

_ مشددة فيهما مثل تنور. "مصباح". وبخطه على قوله: (بلور) كسنور وتنور. قوله: (وعقيق) العقيق: حجر يعمل منه الفصوص. "مصباح". قوله: (وصفر) الصفر مثل قفل، وكسر الصاد لغة: وقيل: أجوده. "مصباح". قوله: (ورصاص) بالفتح. قوله: (من عين ... إلخ) بمعنى: في. قوله: (ولا يحتسب بمؤنتهما) أي: السبك والتصفية، وظاهره: ولو ديناً أشبه مؤنة الحصاد ونحوه. قوله: (ولا مؤنة استخراج) أي: ما لم يكن ديناً، وإلا فيحتسب بها لسبقها الوجوب، فهي كالدين قبل مضي الحول، وكلامه في "شرحه" يوهم خلاف ذلك. قوله: (أو بعد زواله ثلاثة أيام) إلا إن كان فراراً.

وَيَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِإِحْرَازِهِ فَمَا بَاعَهُ تُرَابًا زَكَّاهُ كَتُرَابِ صَاغَةٍ والْجَامِدِ الْمُخْرَجِ مِنْ مَمْلُوكَةٍ لِرَبِّهَا لَكِنْ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى يَدِهِ وَلَا تَتَكَرَّرُ زَكَاةُ مُعَشَّرَاتٍ وَلَا مَعْدِنٍ غَيْرَ نَقْدٍ وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى آخَرَ فِي تَكْمِيلِ نِصَابٍ غَيْرِهِ وَيُضَمُّ مَا تَعَدَّدَتْ مَعَادِنُهُ وَاتَّحَدَ جِنْسُهُ وَلَا زَكَاةَ فِي مِسْكٍ وَزَبَاد، وَلَا فِي مُخْرَجٍ مِنْ بَحْرٍ كَسَمَكٍ وَلُؤْلُؤٍ وَمِرْجَانٍ وعَنْبَرٍ وَنَحْوِهِ فصل الركاز: الكنز من دفن الجاهلية أَوْ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ كُفَّارٍ فِي الْجُمْلَةِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ كُفْرٍ فَقَطْ وَفِيهِ وَلَوْ قَلِيلًا أَوْ عَرْضًا الْخُمْسُ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ الْمُطْلَقِ لِلْمَصَالِحِ كُلِّهَا

_ قوله: (حتى يصل إلى يده) فتجب فورا ما لم يخف على نفسه أو ماله، ومثله يقال في الركاز، كما يؤخذ هذا القيد من كلام المصنف في أول باب إخراج الزكاة. محمد الخلوتي. قوله: (في الجملة) أي: اعتبار الدفن في تعريفه بالنظر إلى جملة الأفراد وأكثرها، لا بالنظر إلى جميعها، بدليل قوله الآتي: (أو ظاهراً بطريق غير مسلوك). محمد الخلوتي. قوله: (الخمس) أي: على واجده ولو ذمياً، أو صغيراً، أو مجنوناً.

وَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ وَلَوْ أَجِيرًا لَا لِطَلَبِهِ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا بِدَارِنَا مَدْفُونًا بِمَوَاتٍ أَوْ شَارِعٍ أَوْ أَرْضٍ مُنْتَقِلَةٍ إلَيْهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ مَالِكُهَا أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَدَعْهُ وَمَتَى ادَّعَاهُ أَوْ مَنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا وَصْفٍ حَلَفَ وَأَخَذَهُ أَوْ ظَاهِرًا بِطَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ أَوْ خَرِبَةٍ بِدَارِ إسْلَامٍ أَوْ عَهْدٍ أَوْ حَرْبٍ وَقَدَرَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ بِجَمَاعَةٍ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ.

_ قوله: (وباقيه لواجده) أي: إن أخرج منه، وإلا بأن أخرج من غيره فكله له، قوله: (ولو أجيراً) يعني: لو استؤجر لحفر بئر، أو هدم شيء، فوجد ركازاً؛ فإنه لواجده. قوله: (لا لطلبه) أي: لا إن كان الواجد له أجيراً لطلب ذلك الركاز بعينه، فلو استأجره لطلب زكاز؛ فوجد غيره؛ فهو لواجده؛ لأنه ليس أجيراً لطلب ما وجده. قاله بحثاً في "شرح الإقناع". قوله: (أو ظاهراً) عطف على (مدفوناً) وهذا التعميم يقتضي أن الركاز يشمل ما كان مدفوناً، وغير مدفون، وهذا ينافي تعريفه: بأن الكنز من دفن الجاهلية، إلا أن يقال: إنه من قبيل: (وآتوا اليتامى أموالهم) [النساء: 2] وفيه: أنه مجاز في التعريف، وليس مشهوراً، ولا عليه قرينة، والحدود تصان عن مثل ذلك. وقد يقال: إن المصنف أشار بقوله: (في الجملة) المتعلق بـ (دفن) إلى ذلك؛ أي: الأكثر فيه أن يكون مدفوناً، وما هنا على هذا تصريح بالمفهوم. شيخنا محمد الخلوتي.

وَمَا خَلَا مِنْ عَلَامَةِ أَوْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ فلُقَطَةٌ وَوَاجِدُهَا فِي مَمْلُوكَةٍ أَحَقُّ مِنْ مَالِكِ وَرَبُّهَا أَحَقُّ بِرِكَازٍ وَلُقَطَةٍ مِنْ وَاجِدٍ مُتَعَدٍّ بِدُخُولِهِ وَإِذَا تَدَاعَى دَفِينَةً بِدَارِ مُؤَجِّرُهَا وَمُسْتَأْجِرُهَا فلِوَاصِفِهَا بِيَمِينِهِ

_ قوله: (علامة المسلمين) ولو كان على الباقي علامة كفر. قوله: (وإذا تداعيا دفينة) أي: بأن ادعى كل أنه وجد الدفينة أولاً، أو أنه هو الذي دفنها وأنها ملكه. قوله: (بدار مؤجرها ومستأجرها) أي: أو معير ومستعير. قوله: (فلواصفها بيمينه) فلو وصفاها، أو لم يصفاها، فلمستأجر أو مستعير بيمينه؛ لترجحه باليد. كذا يفهم من شرحي "المنتهى" و "الإقناع". وبخطه على قوله: (بيمينه) أي: حيث وصفها أحدهما، وإلا فلمكتر، كما في "الإقناع". ومثله مستعير. قال في "شرحه": فإن وصفاها؛ تساقطا، ورجح مكتر؛ لزيادة اليد. انتهى. وهو مفهوم من كلام "الإقناع".

باب زكاة الأثمان

باب زكاة الأثمان زكاة الأثمان وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ رُبْعُ عُشْرِهِمَا وَأَقَلُّ نِصَابِ ذَهَبٍ: عِشْرُونَ مِثْقَالًا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ إسْلَامِيٍّ وخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَسُبْعَا دِينَارٍ

_ باب زكاة الأثمان جمع ثمن، وكأنه نظر فيه إلى الغالب، وإلا فالمذهب على ما يأتي: إن الثمن هو ما دخلت عليه باء البدلية، سواء كان نقداً أو عرضاً، ولو أبدل الأثمان بالنقدين؛ لكان أظهر، وترجم له في "المقنع" بباب زكاة الذهب والفضة. محمد الخلوتي. قوله: (وأقل ... إلخ) لو قال: وأقل ما تجب فيه الزكاة ... إلخ؛ لكان أظهر؛ لأن النصاب منهما ليس له أقل وأكثر، والمراد: أنه لا تجب الزكاة في أقل من ذلك، كما هو منطوق حديث عمرو بن شعيب المستدل به. محمد الخلوتي. قوله: (إسلامي)، إذ المثقال درهم وثلاثة أسباع درهم، كما يأتي. قاله في "شرحه" أي: فتضرب العشرين عدد المثاقيل في واحد وثلاثة أسباع، الذي هو قدر المثقال، يبلغ ما ذكر.

وَتُسْعُهُ بالَّذِي زِنَتُهُ دِرْهَمٌ وَثُمْنُ دِرْهَمٍ عَلَى التَّحْدِيدِ وَالْمِثْقَالُ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَبِالدَّوَانِقِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ وَبِالشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً، وَالدِّرْهَمُ نِصْفُ مِثْقَالٍ وَخُمْسُهُ وَسِتَّةُ دَوَانِقَ وَهِيَ خَمْسُونَ وَخُمْسَا حَبَّةِ وَالدَّانِقُ ثَمَانِ حَبَّاتِ وَخُمْسَانِ وَأَقَلُّ نِصَابِ فِضَّةٍ: مِائَتَا دِرْهَمٍ وَتُرَدُّ الدَّرَاهِمُ الْخُرَاسَانِيَّةُ، وَهِيَ دَانِقٌ أَوْ نَحْوُهُ وَالْيَمَنِيَّةُ وَهِيَ دَانِقَانِ وَنِصْفٌ وَالطَّبَرِيَّةُ وَهِيَ

_ قوله: (بالذي زنته ... إلخ) أي: وهو دينار زماننا هذا. قال منصور البهوتي: إلا أن المئة دينار من دار الضرب مئة وثلاثة عشر درهماً، فيزيد الدينار على ما ذكره نصف جزء من مئة وثلاثة عشر جزءاً من درهم، ولا يكاد ذلك يظهر في الوزن. قوله: (والدانق) حبتا خرنوب. قوله: (ثمان حبات) أي: بالشعير. قوله: (مئتا درهم) وهي: مئة وأربعون مثقالا؛ لأن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل. فائدة: وزن الذهب يزيد على وزن الفضة -المساوي جرمها لجرمه- ثلاثة أسباع الفضة. قاله محمد بن أبي الفتح الصوفي الشافعي في "مقدمته". تاج الدين البهوتي.

أَرْبَعَةُ وَالْبَغْلِيَّةُ وَتُسَمَّى السَّوْدَاءَ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ إلَى الدِّرْهَمِ الْإِسْلَامِيِّ وَيُزَكَّى مَغْشُوشُ بَلَغَ خَالِصُهُ نِصَابًا فَإِنْ شَكَّ فِيهِ سَبَكَهُ أَوْ اسْتَظْهَرَ فَأَخْرَجَ مَا يُجْزِيهِ بِيَقِينٍ وَيُزَكِّي غِشٌّ بَلَغَ بِضَمٍّ نِصَابًا أَوْ بِدُونِهِ كَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ذَهَبٌ ثَلَاثُمِائَةٍ وفِضَّةٌ مِائَتَانِ وَإِنْ شَكَّ مِنْ أَيِّهِمَا الثَّلَاثُمِائَةِ اسْتَظْهَرَ فَجَعَلَهَا ذَهَبًا وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ مَغْشُوشٍ بِصَنْعَةِ الْغِشِّ، وَفِيهِ نِصَابٌ أَخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِهِ كَحُلِيِّ الْكِرَاءِ إذْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِصِنَاعَتِهِ وَيُعْرَفُ غِشُّهُ بِوَضْعِ ذَهَبٍ خَالِصٍ وَزْنُهُ بِمَاءٍ فِي إنَاءٍ أَسْفَلَهُ كَأَعْلَاهُ ثُمَّ فِضَّةٌ وَزْنُهُ وَهِيَ أَضْخَمُ مِنْ الذَّهَبِ ثُمَّ مَغْشُوشٌ وَيُعْلَمُ عِنْدَ عُلُوُّ الْمَاءِ فَإِنْ تَنَصَّفَتْ بَيْنَهُمَا عَلَامَةُ مَغْشُوشٍ، فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ، وَمَعَ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ بِحِسَابِهِ

_ قوله: (من أيهما الثلاث مئة) يجب قطع (الثلاث) عن (مئة) خطا ولفظاً، إذ "أل" لا تجامع الإضافة، ويجب نصب مئة تمييزاً للعدد. تاج الدين البهوتي.

فصل ويخرج عن جيد صحيح وَرَدِيءٍ مِنْ نَوْعِهِ وَمِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِحِصَّتِهِ وَالْأَفْضَلُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَعْلَى وَيُجْزِئُ رَدِيءٍ عَنْ أَعْلَى ومُكَسَّرٌ عَنْ صَحِيحٍ ومَغْشُوشٌ عَنْ جَيِّدٍ وسُودٌ عَنْ بِيضٍ مَعَ الْفَضْلِ وَقَلِيلُ الْقِيمَةِ عَنْ كَثِيرِهَا مَعَ اتِّفَاقِ الْوَزْنِ وَيُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ بِالْإِجْزَاءِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَيُخْرِجُ عَنْهُ وجَيِّدُ كُلِّ جِنْسٍ وَمَضْرُوبُهُ إلَى رَدِيئِهِ وَتِبْرِهِ وقِيمَةُ عُرُوضِ تِجَارَةٍ إلَى أَحَدِ ذَلِكَ وجَمِيعِهِ

_ لكن يرد عليه أن تمييزه العشرة وما دونها يكون مجروراً، إلا أن يقال: إنه مقيد بإمكان الإضافة، فليحرر. ثم رأيت في الرضي: أن نحو الثلاثة الأثواب بالإضافة؛ مذهب كوفي، وإنه ضعيف، وإن أقبح منه الثلاثة أثواب. قوله: (بالأجزاء) أي: لا بالقيمة. قوله: (ويخرج عنه) أي: بخلاف الفلوس، فلا تجزيء عنهما؛ لأنها عرض.

فصل ولا زكاة في حلي مباح معد لاستعمال أو إعارة وَلَوْ لِمَنْ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ غَيْرَ فَارٍّ وَتَجِبُفِي مُحَرَّمٍ مُعَدٍّ لِكِرَاءٍ أَوْ نَفَقَةٍ إذَا بَلَغَ نِصَابًا وَزْنًا إلَّا الْمُبَاحَ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ نَقْدًا فقِيمَتُهُ وَيُقَوَّمُ بِنَقْدٍ آخَرَ إنْ كَانَ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ نَقَصَ عَنْ نِصَابِهِ وَيُعْتَبَرُ مُبَاحُ صِنَاعَةٍ

_ قوله: (ومعد لكراء) بخلاف عقار وحيوان ونحوهما، مما ليس بجلي إذا أعده للكراء، فإنه لا زكاة فيه؛ كما صرح به في "الإقناع"، لكن لو أكثر من شراء عقار فارا من الزكاة، زكى قيمته، جزم به في "الإقناع" أيضا، وصوبه في "تصحيح الفروع" معاملة له بضد مقصوده، كالفار من الزكاة ببيع أو غيره، وظاهر كلام الأكثر أو صريحه: لا زكاة فيه. قاله في "الفروع". قوله: (إلا المباح للتجارة) كحلي الصيارف.

بَلَغَ نِصَابًا وَزْنًا فِي إخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُحَلَّى مَسْجِدٌ أَوْ مِحْرَابٌ أَوْ يُمَوَّهَ سَقْفٌ أَوْ حَائِطٌ بِنَقْدٍ وَتَجِبُ إزَالَتُهُ وزَكَاتُهُ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ فِيهِمَا فصل ويباح لذكر من فضة خاتم وَبِخِنْصَرِ يَسَارٍ أَفْضَلُ وَيَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ وَكُرِهَ بِسَبَّابَةٍ وَوُسْطَى لَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ مِثْقَالِ

_ قوله: (فيهما) أي: في وجوب الإزالة والزكاة. قوله: (خاتم) ويكره أن يكتب عليه قرآن أو ذكر. قوله: (ويجعل فصه ... إلخ) أي: ويجوز كون الفص من ذهب إن كان يسيراً. قوله: (مما يلي كفه) الظاهر: أن المراد جعله على حرف الخنصر، بدليل أنهم نسبوا هذا إلى حديث "الصحيحين"، ثم ذكروا عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يجعل الفص مما يلي ظاهر كفه، فالظاهر: المغايرة. قوله: (ووسطى) للنهي عن ذلك، وظاهره: أنه لا يكره جعله بإبهام وبنصر،

مَا لَمْ يَخْرُجُ عَنْ العَادَة وَقَبِيعَةُ سَيْفٍ وَحِلْيَةُ مِنْطَقَةٍ وجَوْشَنٍ وَخُوذَةٍ وَخُفٍّ وَانٍ، وَهِيَ شَيْءٌ يُلْبَسُ تَحْتَ الْخُفِّ وَحَمَائِلُ لَا رِكَابٍ وَلِجَامٍ وَدَوَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ومِنْ ذَهَبٍ قَبِيعَةُ سَيْفٍ ومَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَأَنْفٍ وشَدِّ سِنٍّ ولِنِسَاءٍ مِنْهُمَا مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى أَلْفِ مِثْقَالٍ ولِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَحِلُّ بِجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ وَيُكْرَهُ تَخَتُّمُهُمَا بِحَدِيدٍ وَصُفْرٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَيُسْتَحَبُّ بِعَقِيقٍ

_ ومنه يؤخذ أن مخالفة السنة بلا قصد المخالفة لا كراهة فيها؛ حيث لم يرد نهي خاص، ما لم تتأكد السنة، كالوتر والرواتب، فإنه تكره المداومة على تركها. قوله: (وقبيعة سيف) وهي ما على رأس القبضة. قوله: (بحديد) لأنه حلية أهل النار. قوله: (ونحاس) عطفه على الصفر من عطف العام على الخاص.

باب زكاة العروض

باب زكاة العروض وَالْعَرْضُ مَا يُعَدُّ لِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ لِأَجْلِ رِبْحٍ وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي قِيمَةِ بَلَغَتْ نِصَابًا لِمَا مُلِكَ بِفِعْلٍ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ اسْتِرْدَادًا بِنِيَّةِ تِجَارَةٍ أَوْ اسْتِصْحَابِ حُكْمِهَا فِيمَا تُعَوِّضُ عَنْ عَرْضِهَا وَلَا تُجْزِي مِنْ الْعُرُوضِ وَمَنْ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِتِجَارَةٍ فَنَوَاهُ لِقِنْيَةٍ ثُمَّ لِتِجَارَةٍ لَمْ يَصِرْ لَهَا غَيْرَ حُلِيٍّ لُبِسَ

_ قوله: (ما يعد لبيع) أي: أو لإجارة تربح، تاج الدين البهوتي. قوله: (وشراء) أي: ولو من نقد. قوله: (لم يصر لها) هو جواب شرط مقدر، وجواب: (من) محذوف، والتقدير: ومن عنده عرض لتجارة فنواه لقنية؛ انقطع الحول، ثم إن نواه لتجارة؛ لم يصر لها ... إلخ. وبخطه على قوله: (لم يصر لها) أي: لا بيع أو شراء؛ لأن القنية أصل في العروض، فاكتفي بمجرد النية في الرد إليه، كبقية الأصول. تاج الدين البهوتي. قوله: (غير حلي لبس) أي: من نقد.

وَتُقَوَّمُ بِالْأَحَظِّ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ فَتُقَوَّمُ الْمُغَنِّيَةُ سَاذَجَةً والْخَصِيُّ بِصِفَتِهِ وَلَا عَبِرَةَ بِقِيمَةِ آنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَإِنْ اشْتَرَى عَرْضًا

_ قوله: (للمساكين) المراد بهم: أهل الزكاة، مجازاً مرسلا. قوله: (ساذجة) الذي يخلص من كلام الجلال السيوطي: أن في هذه اللفظة: الفتح والكسر، والإعجام، والإهمال، وإن كان الإعجام والفتح أكثر وأشهر. محمد الخلوتي. قوله: (بمثله لتجارة) فيه نظر، وعبارة "التنقيح": وإن اشترى نصاب سائمة لتجارة، بنصاب سائمة لقنية؛ بنى. انتهى. ومعناه في "الفروع" ويأتي: من ملك نصاب سائمة لتجارة، نصف حول، ثم قطع نية التجارة، استأنفه للسوم، فهنا أولى. وجزم في "الإقناع" بما في "الفروع" و "التنقيح" واقتصر عليه. قوله: (لا إن اشترى عرضاً) أي: غير سائمة وإلا فيبني، كما هي الصورة المذكورة في "الفروع" و "التنقيح".

بِنِصَابٍ مِنْ أَثْمَانٍ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِقِنْيَةٍ بِمِثْلِهِ لِتِجَارَةٍ، بَنَى عَلَى حَوْلِهِ لَا إنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِنِصَابِ سَائِمَةٍ أَوْ بَاعَهُ بِهِ وَمَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِتِجَارَةٍ أَوْ أَرْضًا فَزُرِعَتْ أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَ

_ قوله: (أو باعه) أي: باع نصاب سائمة لقنية به؛ أي: بعرض غير سائمة، وإلا فيبنى، وهي صورة "التنقيح". قوله: (لتجارة) ولو سبق حول السوم حولها، كأربعين شاة قيمتها دون نصاب، ثم بلغته قيمتها في نصفه، فيزكيها زكاة تجارة؛ لأن وصفها يزيل سبب زكاة السوم، وهو الاقتناء. قوله: (أو أرضا) يعني: لتجارة. قوله: (فزرعت) أي: ببذر تجارة، فلو زرعها ببذر قنية؛ فواجب الزرع العشر، وواجب الأرض زكاة القيمة، كما في "المبدع" و "الإقناع". ظاهر كلام المصنف: لا فرق في وجوب زكاة التجارة، فيزكي الكل زكاة قيمة؛ لأن الزرع تابع للأرض، فأما إن زرع بذر تجارة في أرض قنية؛ فإنه يزكي الزرع زكاة قيمة. قوله: (أو نخلا) أي: شجراً في ثمره زكاة. وبخطه على قوله: (أو نخلا فأثمر) المراد: أو اشترى شجراً تجب في ثمرته الزكاة، فهو مجاز مرسل بمرتبتين، كالمشفر في شفة الإنسان، فأما لو كان الثمر مما لا زكاة فيه، كسفرجل وتفاح ومشمش، أو الزرع كذلك، كالخضروات من بطيخ وقثاء وخيار؛ ضم قيمة ذلك، إلى قيمة الأصل في الحول، كالربح.

فَعَلَيْهِ زَكَاةُ تِجَارَةٍ فَقَطْ زَكَاةَ قِيمَةٍ إلَّا أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصَابًا فَيُزَكِّي لِغَيْرِهَا وَمَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِتِجَارَةِ نِصْفِ حَوْلٍ ثُمَّ قَطَعَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ اسْتَأْنَفَهُ لِلسَّوْمِ وَإِنْ اشْتَرَى صَبَّاغٌ مَا يَصْبُغُ بِهِ وَيَبْقَى أَثَرُهُ كَزَعْفَرَانٍ وَنِيلٍ وَعُصْفُرٍ وَنَحْوَهُ فَهُوَ عَرْضُ تِجَارَةٍ يُقَوَّمُ عِنْدَ حَوْلِهِ لَا مَا يَشْتَرِيهِ قَصَّارٌ مِنْ قَلْيٍ وَنُورَةٍ وَصَابُونٍ، وَنَحْوِهِ وَأَمَّا آنِيَةُ عَرْضِ التِّجَارَةِ وَآلَةُ دَابَّتِهَا فَإِنْ أُرِيدَ بَيْعُهُمَا مَعَهُمَا فمَالُ تِجَارَةٍ وَإِلَّا فَلَا

_ قوله: (زكاة تجارة فقط) ولو سبق وقت الوجوب حولها. قوله: (إلا أن لا تبلغ قيمته ... إلخ) أي: المذكور من سائمة، وأرض مع زرع، ونخل مع ثمر. قوله: (فيزكي لغيرها) أي: ما فيه زكاة من ذلك لغير تجارة، فيخرج من السائمة زكاتها، ومن الزرع والثمر ما وجب فيه؛ لئلا تسقط الزكاة بالكلية، فالضمير في (فيزكي)، ليس مساويا له في قوله: (إلا أن لا تبلغ قيمته)، كما لا يخفى. قوله: (وإن اشترى صباغ) أي: أو دباغ.

وَمَنْ اشْتَرَى شِقْصًا لِتِجَارَةٍ بِأَلْفٍ فَصَارَ بِأَلْفَيْنِ زَكَّاهُمَا وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ وَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ بِعَكْسِهَا وَإِذَا أَذِنَ كُلُّ مِنْ شَرِيكَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِصَاحِبِهِ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ صَاحِبِهِ إنْ أَخْرَجَا مَعًا أَوْ جَهِلَ سَابِقٌ وَإِلَّا ضَمِنَ الثَّانِيَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَا إنْ أَدَّى دَيْنًا بَعْدَ أَدَاءِ مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلِمَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ الصَّدَقَةُ تَطَوُّعًا قَبْلَ إخْرَاجِهَا.

_ قوله: (نصيب صاحبه) لأنه انعزل حكماً؛ لأنه لم يبق عليه زكاة، ويقع الدفع إلى الفقير تطوعاً. قوله: (أو جهل) سابق أي: أو علم ثم نسي. قوله: (وإلا) أي: بأن علم سابق. قوله: (ضمن الثاني) ويرجع على ساع بقيت بيده. وبخطه على قوله: (ضمن الثاني) أي: إن كان الدفع لغير ساع، أو له، ولم تبق بيده، وإلا فلا يضمن وكيل، بل يرجع مخرج عنه على ساع ما دامت بيده؛ لأنه لم يتحقق هنا التفويت، كالوكيل في قضاء الدين. قوله: (ولمن عليه زكاة ... إلخ) ومن لزمه نذر وزكاة؛ قدم الزكاة، فإن قدم النذر؛ لم يصر زكاة. قوله: (قبل إخراجها) أي: بخلاف الصوم.

باب زكاة الفطر

باب زكاة الفطر زكاة الفطر صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَتُسَمَّى فَرْضًا وَمَصْرِفُهَا ك زَكَاةِ وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا دَيْنٌ إلَّا مَعَ طَلَبٍ وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَفْسِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ ومَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ بَعْدَ حَاجَتِهِمَا لِمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَدَابَّةٍ وَثِيَابِ بَذْلَةٍ وَنَحْوِهِ

_ قوله: (واجبة بالفطر) يعني: ولو لم يصم، أو لم يجب؛ لأن الفطر ليس سببا، بل وقته؛ فعلة الوجوب: إغناء الفقراء عن السؤال في ذلك اليوم. تاج الدين البهوتي. قوله: (من رمضان) أي: من آخر رمضان. قوله: (تلزمه مؤنة نفسه) أي: غير ماء، ولو لم يجب عليه تناول بفعله هو، كرضيع، ومريض ومجنون موسرين. تاج الدين البهوتي. قوله: (فضل) من باب: قتل؛ أي: بقي. قوله: (عن قوته) القوت: ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام. قوله: (ومن تلزمه) فيه العطف على المجرور بلا إعادة الجار؛ أعني: قوت. قوله: (وثياب بذلة) أي: مهنة في الخدمة. قوله: (ونحوه) كفرش وغطاء.

وَكُتُبٍ يَحْتَاجُهَا لِنَظَرٍ وَحِفْظٍ صَاعٌ وَإِنْ فَضَلَ دُونَهُ أَخْرَجَوَيُكْمِلُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ لَوْ عَدِمَ وَتَلْزَمُهُ عَمَّنْ يَمُونُهُ مِنْ مُسْلِمٍ حَتَّى زَوْجَةِ عَبْدِهِ الْحُرَّةِ ومَالِكِ نَفْعِ قِنٍّ فَقَطْ ومَرِيضٍ لَا يَحْتَاجُ نَفَقَةً ومُتَبَرِّعٌ بِمُؤْنَتِهِ رَمَضَانَ وآبِقٌ وَنَحْوُهُ لَا إنْ شُكَّ فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لِجَمِيعِهِمْ بَدَأَ بِنَفْسِهِ فَزَوْجَتُهُ فَرَقِيقُهُ فَأُمُّهُ فَأَبِيهِ فَوَلَدُهُ فَأَقْرَبُ فِي مِيرَاثٍ وَيُقْرَعُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ وَتُسَنُّعَنْ جَنِينٍ وَلَا تَجِبُ مَنْ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ لَا مَالِكَ

_ قوله: (وحفظ) أي: وحلي امرأة للبس، أو كراء تحتاج إليه. "إقناع". قوله: (حتى زوجة) و (مالك)، فيه العطف على معمولي عاملين مختلفين؛ إذ الأول معطوف على (من) المجرور بـ (عن)، والثاني معطوف على الضمير المنصوب في قوله: (تلزمه)، على أن العاطف في الشيئين واحد، وهو (حتى). قوله: (فقط) أي: دون رقبته. قوله: (ونحوه) كغائب ومرهون ومغصوب، لا عبد مأسور فيما يظهر؛ لخروجه عن ملكه بذلك. فتنبه. قوله: (لمن نفقته في بيت المال) كلقيط.

لَهُ مُعَيَّنٌ كَعَبْدِ الْغَنِيمَةِ وَلَا عَلَى مُسْتَأْجِرِ أَجِيرٍ، أَوْ ظِئْرٍ بِطَعَامِهِمَا وَلَا عَنْ زَوْجَةٍ نَاشِزٍ أَوْ ؤرلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا لِصِغَرِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَمَةٍ تَسَلَّمَهَا لَيْلًا فَقَطْ وَهِيَ عَلَى سَيِّدِهَا كَمَا لَوْ عَجَزَ زَوْجُ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهَا وَفِطْرَةُ مُبَعَّضٍ وقِنٍّ مُشْتَرَكٍ ومَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَارِثٍ أَوْ مُلْحَقٌ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ تُقَسَّطُ وَمَنْ عَجَزَ مِنْهُمْ لَمْ يَلْزَمْ الْآخَرَ سِوَى

_ قوله: (ولا عن زوجة ناشز) يعني: ولو حاملاً. قوله: (ونحوه) كحبسها ولو ظلما، وغيبتها لقضاء حاجتها ولو بإذنه. قوله: (تسلمها ليلا فقط) لأن الفطرة تابعة لنفقة النهار، وهي على السيد. كما في "الإقناع". قوله: (وهي على سيدها) أي: الفطرة. قوله: (كما لو عجز زوج) فإن كانت الزوجة حرة، لزمتها، ولا يرجع سيد، ولا زوجة على زوج أيسر. قوله: (وفطرة مبعض) مبتدأ، خبره (تقسط). وبخطه على قوله: (مبعض) ومنه معتق بعضه، ولا تتبع الفطرة المهايأة. قوله: (لم يلزم الآخر ... إلخ) أي: منهم؛ ليكون في الجواب أو الخبر رابط، ولو قال: شريكه، بدل (الآخر)؛ لكان أولى. محمد الخلوتي.

قِسْطِهِ كَشَرِيكِ ذِمِّيٍّ وَلِمَنْ لَزِمَتْ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ طَلَبُهُ بِإِخْرَاجِهَا وأَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَتُجْزِئُ بِلَا إذْنِ مَنْ تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مُتَحَمِّلٌ وَلَا تَجِبُ إلَّا بِدُخُولِ لَيْلَةِ الْفِطْرِ فَمَتَى وُجِدَ قَبْلَ الْغُرُوبِ مَوْتٌ وَنَحْوِهِ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَلَكَ رَقِيقًا أَوْ زَوْجَةً أَوْ وُلِدَ لَهُ بَعْدَهُ فَلَا فِطْرَةَ وَالْأَفْضَلُ إخْرَاجُهَا يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ صَلَاتِهِ أَوْ قَدْرُهَا وَيَأْثَمُ مُؤَخِّرُهَا عَنْهُ وَيَقْضِي وَتُكْرَهُ فِي بَاقِيهِ لَا فِي الْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَمَنْ عَلَيْهِ فِطْرَةُ غَيْرِهِ أَخْرَجَهَا مَعَ فِطْرَتِهِ مَكَانَ نَفْسِهِ.

_ قوله: (أو زوجة) الزوجة لا تملك، فنصبها يجوز أن يكون بفعل مقدر؛ أي: أو تزوج زوجة، ويجوز أن يكون معطوفا على حذف مضاف، تقديره: أو ملك رقيقا، أو بضع زوجة. "مطلع" ملخصاً. قوله: (أو قدرها) أي: أو قبل زمن فعلها، لمن لم يصل لعذر أو غيره.

فصل والواجب صَاعُ بُرٍّ أَوْ مِثْلُ مَكِيلِهِ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ

_ قوله: (والواجب: صاع بر) وما أحسن ما قيل: زكاة رؤوس الناس في يوم فطرهم ... إذا تم شهر الصوم صاع من البر وفي ثغرك المعسول للبائس الذي ... يروم زكاة الحسن صاع من الدر محمد الخلوتي. قوله: (أو مثل مكيله ... إلخ) أشار به إلى أن المعتبر إذا أخرج وزناً، إنما هو البر، ولهذا زاد في "الإقناع" بعد ما تقدم قوله: ولا عبرة بوزن تمر وغيره، سوى البر، قال: فإذا بلغ صاعاً من البر؛ أجزأ؛ أي: بأن اتخذ ما يسع صاعا من جيد البر. وهو نظير ما تقدم عن المصنف في زكاة الخارج. فراجعه.

أَوْ أَقِطٍ أَوْ مَجْمُوعٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْتَاطُ فِي ثَقِيلٍ لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ وَيُجْزِئُ دَقِيقُ بُرٍّ وشَعِيرٍ وَسَوِيقِهِمَا، وَهُوَ مَا يُحَمَّصُ ثُمَّ يُطْحَنُ بِوَزْنِ حَبِّهِ وَلَوْ بِلَا نَخْلٍ ك بِلَا تَنْقِيَةٍ لَا خُبْزٌ ومَعِيبٌ كَمُسَوِّسٍ وَمَبْلُولٍ وَقَدِيمٍ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَنَحْوُهُ ومُخْتَلِطٌ بِكَثِيرٍ مِمَّا لَا يُجْزِئُ وَيُزَادُ إنْ قَلَّ بِقَدْرِهِ وَيُجْزِئُ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ حَبٍّ وتَمْرٍ مَكِيلٍ يُقْتَاتُ وَالْأَفْضَلُ تَمْرٍ فَزَبِيبٌ فَبُرٌّ فَأَنْفَعُ فَدَقِيقُهُمَا

_ قوله: (أو أقط) ذكر ابن سيده في "محكمه" في الأقط أربع لغات: سكون القاف مع فتح الهمزة، وضمها، وكسرها، وكسر القاف مع فتح الهمزة، قال: وهو شيء يعمل من اللبن المخيض، وقال ابن الأعرابي: يعمل من ألبان الإبل خاصة. "مطلع". قوله: (ويحتاط في ثقيل) لعله وجوباً، كتمر أخرجه وزناً. قوله: (كمسوس) أي: ما وقع فيه السوس. قوله: (مما لا يجزيء) كعدس. قوله: (مكيل) وعبارة "الإقناع" إذا كان مكيلا؛ أي: لأنه أشبه بالواجب.

فَسَوِيقُهُمَا فَأَقِطٍ أَنْ لَا يَنْقُصَ مُعْطًى عَنْ مُدِّ بُرٍّ أَوْ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ إعْطَاءُ وَاحِدٍ مَا عَلَى جَمَاعَةٍ وعَكْسُهُ وَلِإِمَامٍ وَنَائِبِهِ رَدُّ زَكَاةٍ، وفِطْرَةٍ إلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ وَكَذَا فَقِيرٌ لَزِمَتَاهُ الْمُنَقِّحُ: مَا لَمْ تَكُنْ حِيلَةٌ.

_ قوله: (ما لم تكن حيلة) أي: على عدم الإخراج.

باب إخراج الزكاة

باب إخراج الزكاة إخراج الزكاة وَاجِبٌ فَوْرًا. ك نَذْرٍ مُطْلَقٍ وَكَفَّارَةٍ إنْ أَمْكَنَ وَلَمْ يَخَفْ رُجُوعَ سَاعٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَهُ تَأْخِيرُهَا لِشِدَّةِ حَاجَةٍ والْقَرِيبُ وَجَارٍ ولِحَاجَتِهِ إلَيْهَا إلَى مَيْسَرَتِهِ ولِتَعَذُّرِ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَالِ لِغَيْبَةِ وَغَيْرِهَا إلَى قُدْرَتِهِ وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلِإِمَامٍ وَسَاعٍ تَأْخِيرُهَا عِنْدَ رَبِّهَا لِمَصْلَحَةٍ، كَقَحْطٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ وَعَرَفَ فَعَلِمَ وَأَصَرَّ فَقَدْ ارْتَدَّ وَلَوْ أَخْرَجَهَا وَتُؤْخَذُ

_ قوله: (إخراج الزكاة) يعني: المستقرة؛ أي: زكاة المال، وأما زكاة الفطر؛ فتقدم أنها تجب بدخول ليلة العيد، مع أن الأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة. قوله: (فوراً) أي: في الجملة. قوله: (كنذر مطلق) ومثله مؤقت دخل وقته. قوله: (ولم يخف رجوع ساع) أي: لم يقبل قوله في ذلك اجتهاداً أو ظلماً. تاج الدين البهوتي. قوله: (وله تأخيرها ... إلخ) قيده جماعة بزمن يسير.

وَمَنْ مَنَعَهَا بُخْلًا بِهَا أَوْ تَهَاوُنًا أُخِذَتْ مِنْهُ وَعَزَّرَ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ إمَامٌ عَادِلٌ أَوْ عَامِلٌ فَإِنْ غَيَّبَ أَوْ كَتَمَ مَالَهٌ قَاتَلَهُ دُونَهَا وَأَمْكَنَ أَخْذُهَا بِقِتَالِهِ وَجَبَ قِتَالُهُ عَلَى إمَامٍ وَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا وَأُخِذَتْ فَقَطْ وَلَا يُكَفَّرُ بِقِتَالِهِ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا اُسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ وَأَخْرَجَ وَإِلَّا قُتِلَ حَدًّا وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمَنْ ادَّعَى أَدَاءَهَا أَوْ بَقَاءَ الْحَوْلِ أَوْ نَقْصَ النِّصَابِ، أَوْ زَوَالَ مِلْكِهِ أَوْ تَجَدُّدَهُ قَرِيبًا، أَوْ أَنَّ مَا بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ مُفْرَدٌ أَوْ مُخْتَلِطٌ وَنَحْوُهُ أَوْ أَقَرَّ بِقَدْرِ زَكَاتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ مَالِهِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ

_ قوله: (عادل) وإلا فالفسق عذر في عدم دفعها إليه. قوله: (أو عامل) أي: عدل، ولم يقيده المصنف هنا، اكتفاء بما يأتي في أهل الزكاة من اشتراط أمانته؛ لأن الفاسق ليس بأمين. قوله: (وأخذت فقط) أي: بلا زيادة. قوله: (فإن أخرج) كان قياس ما تقدم في الصلاة أن يقول: فإن تاب بالإخراج. قوله: (ومن ادعى أداءها) صدق بلا يمين. قوله: (ونحوه) كدعوى علف سائمة نصف الحول.

وَتَلْزَمُ عَنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَلِيِّهِمَا وَسُنَّ إظْهَارُهَا وتَفْرِقَةُ رَبِّهَا بِنَفْسِهِ بِشَرْطِ أَمَانَتِهِ وقَوْلُهُ عِنْدَ دَفْعِهَا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا وقَوْلُ آخِذِ آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت، وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت، وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُورًا وَلَهُ دَفْعُهَا إلَى السَّاعِي.

_ قوله: (وليهما) أي: في المال. قوله: (بشرط أمانته) يؤخذ منه: أن الفاسق لا يقبل قوله في الإخراج ونحوه، بخلاف العدل، تاج الدين البهوتي. قوله: (وقوله آخذ: آجرك الله ... إلخ) يعني: إن كان المقبض ربها، وإلا دعا له بلفظ الغيبة، وللرسول الحاضر، كرد السلام عليهما، أو كسلامه على الرسول، على الخلاف في أن تسليمه على الرسول زيادة على رد السلام المرسل، هل هو سلام مستأنف على الرسول فيندب؟ أو أن سلام المرسل بتبليغه يستلزم تسليم الرسول أيضاً، فيكون رداً فيجب؟ وعليه: تحصل السنة بالسلام للرسول نفسه. تاج الدين البهوتي. قوله: (وله دفعها إلى الساعي) ظاهره: سواء علم أنه يضعها موضعها، أو لا. وهذه طريقة صاحب "الشرح الكبير". و "الأحكام السلطانية"،

فصل وَيُشْتَرَطُ لإخراجها نِيَّةٌ مِنْ مُكَلَّفٍ إلَّا أَنْ تُؤْخَذَ قَهْرًا أَوْ يَغِيبُ مَالُهُ أَوْ يَتَعَذَّرُ وُصُولٌ إلَى مَالِكٍ بِحَبْسٍ

_ و"الإقناع": يحرم دفعها إليه، إن وضعها في غير مواضعها، ويجب كتمها إذن، وتجزيء لخوارج وبغاة إذا غلبوا على البلد، هذا معنى ما في "شرحه". قوله: (ويشترط لإخراجها نية ... إلخ) يعني: عن نفسه أو غيره، كالولي. وظاهر عبارة منصور البهوتي في "شرحه": تخصيص ما هنا بالمالك؛ لتقدم حكم غيره، ولو غير متعين. قوله: (من مكلف) وفي توكيل المميز في إخراج الزكاة خلاف، جزم في "الإقناع" بصحته تبعاً "للإنصاف"، وصوب في "تصحيح الفروع" عدمها. وظاهر "شرح" المصنف: الجري على ما في "تصحيح الفروع"، وهو أولى؛ لتأخره عن "الإنصاف"، ولو قيل: بجوازه مع القرب دون البعد؛ لم يبعد.

وَنَحْوِهِ فَيَأْخُذُهَا السَّاعِي وَتُجْزِئُ بَاطِنًا فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَالْأَوْلَى: قَرْنُهَا بِدَفْعٍ وَلَهُ تَقْدِيمُهَا بيَسِيرٍ كَصَلَاةٍ فَيَنْوِي الزَّكَاةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ، أَوْ صَدَقَةِ الْمَالِ، أَوْ الْفِطْرِ، وَلَا يُجْزِئُ إنْ نَوَى صَدَقَةَ مُطْلَقٍ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ فَرْضٍ وَلَا تَعْيِينُ مُزَكًّى عَنْهُ فَلَوْ نَوَى عَنْ مَالِهِ الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ. أَجْزَأَ عَنْهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا

_ قوله: (ونحوه) كأسر. قوله: (فيأخذها الساعي) يعني: من ماله. قوله: (ويجزيء باطناً) كظاهر. قوله: (فقط) قيد في الأخيرة، لا في قوله: (باطناً)؛ لأنها تجزيء في الثلاث ظاهرا، وتزيد الأخيرة بالإجزاء باطناً أيضاً، كما يؤخذ من "الحاشية". قوله: (بدفع) كصلاة. قوله: (فينوي ... إلخ) أي: بمخرج. قوله: (ولا تعيين مزكى عنه) فلو أخرج شاتين عن خمس من الإبل وأربعين شاة، ولم يعين ما لكل؛ جاز. قوله: (إن كان الغائب تالفاً) أي: وإلا فعن الغائب.

وإِنْ أَدَّى قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا جَعَلَهَا لِأَيِّهِمَا شَاءَ، كَتَعَيُّنِهِ ابْتِدَاءً وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا لَمْ يُصْرَفْ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا أَجْزَأَ عَنْهُ إنْ كَانَ سَالِمًا أَوْ نَوَى وَإِلَّا فنَفْلٌ أَجْزَأَ وَإِنْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، وَإِلَّا فَأَرْجَعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ بَانَ تَالِفًا وَإِنْ وَكَّلَ فِيهِ مُسْلِمًا ثِقَةً أَجْزَأَتْ نِيَّةُ مُوَكِّلٍ مَعَ قُرْبِ إخْرَاجٍ وَإِلَّا نَوَى وَكِيلٌ أَيْضًا.

_ قوله: (ابتداء) أي: حين الإخراج. قوله: (أجزأ عن أحدهما) يعني: فيخرج عن الآخر. قوله: (لم يصرف) أي: المخرج إلى غيره، لجزمه هنا بالنية عن الغائب، بخلاف ما تقدم. فتأمل. قوله: (إلى غيره) لعدم تناول النية له، والظاهر: ولا رجوع له فيما دفعه. قوله: (أجزأ) أي: عن الغائب، إن كان سالماً في الصورتين. قوله: (فله الرجوع) ظاهره: ولو كان الدفع لفقير، وهل هو مخالف لما يأتي، أم مقيد له؟ حرره. قد يقال: لا مخالفة، للفرق باشتراط الرجوع هنا دون ما هناك. قوله: (ثقة) مكلفاً. قوله: (وإلا نوى وكيل) أي: كما ينوي موكل عند توكيل.

ومَنْ عَلِمَ أَهْلِيَّةِ آخِذِ كُرِهَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ نَصًّا. مَعَ عَدَمِ عَادَتِهِ بِأَخْذِهَا لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ فصل والأفضل جعل زكاة كل مال في فقراء بلده مَا لَمْ تَتَشَقَّصْ زَكَاةُ سَائِمَةٍ ففِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَيَحْرُمُ مُطْلَقًا نَقَلَهَا إلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ وَتُجْزِي لَا نَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَوَصِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ

_ قوله: (ومن علم) يعني: ولو ظناً. قوله: (مطلقاً) أي: سواء نقلها لقريب، وأشد حاجة، أو لا، وسواء كان الناقل لها ربها أو الساعي، فإن قلت: الإطلاق لا بد أن يكون في مقابلة تقييد سابق، أو لاحق، والتقييد السابق هنا قوله: (ما لم تتشقص ... إلخ)؟ قلت: لا يصح عوده لما ذكرته؛ لأن فرض هذه المسألة في نقل إلى ما تقصر فيه الصلاة، وتلك في سائمة في بلد واحد، أو محلين ليس بينهما مسافة، فهما متنافيان، وإنما التقييد السابق الذي هذا الإطلاق في مقابلته ما في أول الباب، وإن كان ذلك في الإخراج، وهذا في النقل لاستلزامه له. قوله: (مطلقة) أي: لم تقيد بمكان.

وَمَنْ بِبَادِيَةٍ أَوْ خَلَا بَلَدُهُ عَنْ مُسْتَحِقٍّ فَرَّقَهَا بِأَقْرَبِ بَلَدٍ مِنْهُ وَمُؤْنَةُ نَقْلِ ودَفْعِ عَلَيْهِ ك كَيْلٍ وَوَزْنٍ وَمُسَافِرٌ بِالْمَالِ يُفَرِّقُهَا بِبَلَدٍ أَكْثَرُ إقَامَتِهِ بِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ بَعْثُ السُّعَاةِ قُرْبَ الْوُجُوبِ تَقْبِضُ زَكَاةَ الظَّاهِرِ وَيُسَنُّ لَهُ وَسْمُ مَا حَصَلَ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ فِي أَفْخَاذِهَا وغَنَمٍ فِي آذَانِهَا فعَلَى زَكَاةٍ " لِلَّهِ " أَوْ " زَكَاةٍ " وعَلَى جِزْيَةٍ " صِغَارٍ " أَوْ " جِزْيَةٍ "

_ قوله: (أكثر إقامته به) أي: رب المال، وفي "الإقناع" ما يقتضي؛ أي: المال، وهما متقاربان. قوله: (لقبض زكاة الظاهر) وهو السائمة، والزرع، والثمر، ... ويجعل حول الماشية المحرم ... وإن وجد ما لم يحل حوله، فإن عجل ربه الزكاة، وإلا وكل ثقة يقبضها، ثم يصرفها، وله جعله لرب المال، وما قبضه الساعي فرقه في مكانه وما قاربه، ويبدأ بأقارب مزك، لا تلزمه مؤونتهم. قوله: (وسن له وسم) أي: الإمام.

فصل ويجزيء تعجيلها لِحَوْلَيْنِ فَقَطْ إذَا كَمُلَ النِّصَابُ لَا عَمَّا يَسْتَفِيدُهُ أَوْ مَعْدِنٍ أَوْ رِكَازٍ أَوْ زَرْعٍ قَبْلَ حُصُولِ أَوْ طُلُوعِ

_ قوله: (ويجزيء تعجيلها) ظاهره: من مالك أو ولي، صححه ابن نصر الله، وصوبه في "تصحيح الفروع". وخالف في "الإقناع"، فجزم بأنه لا يجوز للولي تعجيل زكاة المولى عليه. قوله: (إذا كمل) من باب: قعد، ويستعمل في الذوات والصفات بمعنى التمام، ومن أبواب: قرب، وضرب، وتعب لغات، لكن باب: تعب أردؤها. كذا في "المصباح"، رحم الله مؤلفه. قوله: (قبل حصول ... إلخ) أي: قبل حصول ما ذكر، ويصح بعد نبات زرع، وظهور ثمرة، ولو قبل التشقق.

طَلْعٍ أَوْ حِصْرِمٍ وَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ نَاقِصٌ قَدْرَ مَا عَجَّلَهُ صَحَّ فَلَوْ عَجَّلَ عَنْ مِائَتَيْ شَاةٍ شَاتَيْنِ فَنُتِجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ سَخْلَةً لَزِمَتْهُ ثَالِثَةٌ وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لَزِمَهُ أَيْضًا دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ أَلْفِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ مِنْهَا، ثُمَّ رَبِحَتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا

_ قوله: (أو حصرم) هو أول العنب ما دام حامضا، قال أبو زيد: وحصرم كل شيء: حشفه. "مصباح". قوله: (عن مئتي شاة) أي: شاتين. قوله: (فنتجت) نتجت بضم أوله على البناء للمفعول. ويجوز نتجت على البناء للفاعل، و (سخلة) مفعوله. يقال في فعله: نتجت الناقة، وأنتجت، مبنيين للمفعول، ست لغات، وفيه حذف مضاف تقديره: نتج بعضها سخلة، والسخلة: اسم للمولود ساعة يولد، من أولاد الضأن والمعز جميعاً، ذكرا كان أو أنثى. حكاه الجوهري عن أبي زيد "مطلع".

وَيَصِحُّ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً لَا مِنْهَا لِحَوْلَيْنِ، وَلَا لِالثَّانِي فَقَطْ وَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَإِنْ مَاتَ قَابِضُ مُعَجَّلَةٍ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَتْ لَا إنْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ يَعْلَمُ غِنَاهُ فَافْتَقَرَ وَإِنْ مَاتَ مُعَجِّلُ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ تَلِفَ النِّصَابُ أَوْ نَقَصَ فَقَدْ بَانَ الْمُخْرَجُ غَيْرَ زَكَاةٍ وَلَا رُجُوعَ إلَّا فِيمَا بِيَدِ سَاعٍ

_ قوله: (عن أربعين ... إلخ) يعني: أنه يصح أن يعجل عن أربعين شاة لحولين، لكن من غيرها. والحاصل: أن الأربعين شاة يصح أن يعجل عنها منها للحول الأول فقط، ولحولين من غيرها. فتأمل. قوله: (المستحق) فيه نعت النكرة بالمعرفة، إلا أن يقال: "الـ"فيه للجنس. قوله: (ولا رجوع إلا فيما بيد ساع ... إلخ) علم منه: أنه لا رجوع فيما إذا مات معجل، أو ارتد مطلقاً، أي: سواء كانت بيد ساع، أو لا،

عِنْدَ تَلَفِ وَمَنْ عَجَّلَ عَنْ أَلْفِ يَظُنُّهَا لَهُ فَبَانَتْ خَمْسُمِائَةٍ أَجْزَأَ عَنْ عَامَيْنِ وَمَنْ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِ نِصَابَيْهِ وَلَوْ مِنْ جِنْسٍ فَتَلِفَ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى الْآخَرِ وَلِمَنْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْهُ زِيَادَةً عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَدَّ بِهَا مِنْ قَابِلَةٍ

_ كما في "شرح الإقناع". قوله: (عند تلف) أي: إو إتلاف غير فار. وبخطه على قوله: (عند تلف) تجدد أو ظهور. قوله: (عند أحد نصابيه) أي: بعينه. قوله: (ولمن أخذ الساعي منه ... إلخ) هذا هو الذي حرره الشيخ تقي الدين ابن تيمية، رحمه الله تعالى، فظاهره: أن ما أهداه للعامل، أو أخذه العامل لا باسم الزكاة، بل غضبا، فإنه لا يحتسب به من الزكاة. والله أعلم. قوله: (زيادة) أي: بلا تأويل. قوله: (أن يعتد بها) أي: ينوي بها التعجيل.

باب أهل الزكاة

باب أَهْلُ الزَّكَاةِ أَهْلُ الزَّكَاةِ ثَمَانِيَةُ: الأول: فَقِيرٌ، مَنْ لَمْ يَجِدْ نِصْفَ كِفَايَتِهِ الثاني: وَمِسْكِينٌ: مَنْ يَجِدُ نِصْفَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا يُعْطَيَانِ تَمَامَ كِفَايَتِهِمَا مَعَ عَائِلَتِهِمَا سَنَةً حَتَّى وَلَوْ كَانَ احْتِيَاجُهُمَا بإتْلَافِ مَا لَهُمَا فِي الْمَعَاصِي وَمَنْ مَلَكَ وَلَوْ مِنْ أَثْمَانٍ مَا لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ وَإِنْ تَفَرَّغَ قَادِرٌ عَلَى التَّكَسُّبِ لِلْعِلْمِ لَا لِلْعِبَادَةِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ أُعْطِيَ الثالث: وَعَامِلٌ عَلَيْهَا، كَجَابٍ وَحَافِظٍ، وَكَاتِبٍ، وَقَاسِمٍ.

_ قوله: (من لم يجد ... إلخ) أي: بأن لم يجد شيئا، أو يجد أقل من النصف. قوله: (ويعطيان تمام كفايتهما) المراد: أنهما يعطيان ما يحصل به تمام الكفاية، ومن تمام الكفاية ما يأخذه الفقير؛ ليتزوج به، إذا لم تكن له زوجة واحتاج للنكاح. منصور البهوتي رحمه الله. قوله: (في المعاصي) تقدم نظيره في من أراق الماء في الوقت وتيمم، أو كسر ساقه وصلى قاعداً. قوله: (ومن ملك، ولو من أثمان، ما لا يقوم ... إلخ) ما: موصولة، ولا: نافية.

وَشَرْطُهُ: كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُسْلِمًا أَمِينًا كَافِيًا مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى وَلَوْ قِنًّا أَوْ غَنِيًّا وَيُعْطَى قَدْرَ أُجْرَتِهِ مِنْهَا إلَّا إنْ تَلِفَتْ بِيَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ فمِنْ بَيْتِ

_ قوله: (أمينا) قال في "الفروع": ومرادهم بها: العدالة. قال في "المبدع": وفيه نظر. "شرح إقناع". قوله: (من غير ذوي القربى) هم مؤمنوا بني هاشم، وكذا مواليهم. قوله: (ولو قنا) واشتراط ذكوريته أولى. قاله في "الإقناع". وكذا لا بد من علمه بأحكام الزكاة، إن كان ممن يفوض إليه عموم الأمر، بخلاف ما إذا عين له الإمام ما يأخذه. قاله القاضي، نقله عنه في "الإقناع". قوله: (منها) فما يأخذه في مقابلة عمله، لا عمالته. قوله: (بلا تفريط) أي: ولا ضمان عليه إذن، بخلاف ما لو فرط، كما لو أخرها عنده بلا عذر، كاجتماع الفقراء، أو الزكاة، فإنه يضمن ما تلف، كما لو أخره وكيل في إخراجها بلا عذر.

الْمَالِ وَإِنْ عَمِلَ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَالِكِ عَلَى عَامِلٍ بِوَضْعِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَيُصَدَّقُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ وَيَحْلِفُ عَامِلٌ وَيَبْرَأُ وَإِنْ ثَبَتَ وَلَوْ بِشَهَادَةِ بَعْضٍ لِبَعْضٍ بِلَا تَخَاصُمٍ غَرِمَ

_ قوله: (أو نائبه) أي: نائب الإمام على ذلك القطر؛ أي: الناحية التي هو فيها، نيابة شاملة لقبض الزكوات وغيرها، كما في "الإقناع" قال: لأنهما يأخذان كفايتهما من بيت المال على الإمامة والنيابة. قوله: (لم يأخذ شيئاً) لأنه فعل واجباً عليه، وفاعل الواجب لا يأخذ أجراً؛ ولأن لكل منهما في بيت المال ما يكفيه. قوله: (وتقبل شهادة مالك ... إلخ) المراد الجنس، فلا يقال: إن الواحد فقط لا تقيبل شهادته هنا. قوله: (ويصدق) يعني: مزك. قوله: (ويحلف عامل) أنه لم يأخذها من مزك. قوله: (وإن ثبت) أي: الدفع للعامل. قوله: (ولو بشهادة بعض) أي: بعض أرباب الأموال. قوله: (بلا تخاصم) أي: بينهم وبين العامل، كما لو شهدوا قبل التناكر. قوله: (غرم) هو جواب (إن ثبت)، وفي حل منصور البهوتي نظر. ويمكن الجواب: بأن: (تقبل) جواب (لو)، وغرم جواب (إن) فلا نظر.

وَيُصَدَّقُ عَامِلٌ فِي دَفْعِ لِفَقِيرٍ وفَقِيرٌ فِي عَدَمِهِ وَيَجُوزُ كَوْنُ حَامِلِهَا وَرَاعِيهَا مِمَّنْ مَنَعَهَا الرابع: وَمُؤَلَّفٌ السَّيِّدُ الْمُطَاعُ فِي عَشِيرَتِهِ مِمَّنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ أَوْ يُخْشَى شَرُّهُ أَوْ يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ قُوَّةُ إيمَانِهِ أَوْ إسْلَامُ نَظِيرِهِ أَوْ جِبَايَتِهَا مِمَّنْ لَا يُعْطِيهَا أَوْ دَفْعٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ.

_ قوله: (ويصدق عامل) لعل المراد: متبرع، كوكيل وصانع، وظاهر كلامهم: خلافه، وصرح به ابن رجب، والقاضي تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (ويصدق عامل) أي: بيمينه، وظاهره: ولو غير متبرع، فلا تشترط النية. وصرح به ابن رجب، والقاضي: قوله: (في دفع) أي: بيمينه، وظاهره: ولو غير متبرع، فلا تشترط النية. وصرح به ابن رجب، والقاضي. قوله: (في دفع) أي: فيبرأ منها. قوله: (وفقير في عدمه) وظاهره: بلا يمين، فيأخذ من زكاة أخرى. قوله: (ممن منعها) ككونه من ذوي القربى، أو كافراً؛ لأن ما يأخذه أجرة لعمله، لا لعمالته. قوله: (ومؤلف) وأنواعه ستة، لا بد فيها كلها من كونه سيداً مطاعاً. قوله: (أو يخشى شره) ظاهره: ولو امرأة، كبلقيس، والقعورة، وملكة

وَيُعْطَى مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّأْلِيفُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ضَعْفِ إسْلَامِهِ لَا إنَّهُ مُطَاعٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ الخامس: وَمُكَاتَبٌ وَلَوْ قَبْلَ حُلُولِ نَجْمٍ.

_ فارس. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (أو يخشى شره) قال في "الإقناع": ولا يحل للمؤلف المسلم، ما يأخذه إن أعطي، ليكف شره، كالهدية للعامل، وإلا حل. انتهى. ومنه يعلم أن المؤلف المعطى لكف شره، لا يختص بالكافر، كما توهمه بعضهم، وبنى عليه المخالفة بينه وبين المصنف. فتدبر. وبخطه على قوله: (أو يخشى شره) ولو مسلماً. على ما في "الإقناع". قوله: (ويقبل قوله في ضعف إسلامه) وهل هو كمسلم قوي الإسلام في أمانة وشهادة، وولاية، ونحوها، أو لا؟ أو كظاهر العدالة فقط، وهو الأظهر، احتمالات. قوله: (ومكاتب) علم منه: أنه لا يدفع لمن علق عتقه على مجيء المال؛ لأنه ليس كالمكاتب؛ إذ لا يملك كسبه. وصرح به في "الإقناع": ولا يعطى مكاتب لجهة الفقر. وبخطه أيضاً على قوله: (ومكاتب) بين به المراد من الآية. قوله: (ولو قبل حلول نجم) قال في "الإقناع": ولو تلفت بيده؛ أجزأت. قال في "شرحه": كالغارم وابن السبيل. وبخطه أيضا على قوله:

وَيُجْزِئُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا رَقَبَةً لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيُعْتِقُهَا وَيُجْزِئُ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ أَنْ يَفْدِيَ بِهَا أَسِيرًا مُسْلِمًا لَا أَنْ يُعْتِقَ قِنَّهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ عَنْهَا وَمَا أَعْتَقَ سَاعٍ مِنْهَا فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ السادس: وغَارِمٌ تَدَيَّنَ لَا بِإِصْلَاحِ ذَاتِ بَيْنٍ أَوْ تَحَمَّلَ إتْلَافًا أَوْ نَهْيًا عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ غَنِيًّا وَلَمْ يَدْفَعْ مِنْ مَالِهِ أَوْ لَمْ يَحِلَّ أَوْ ضَمَانًا وَأَعْسَرَا

_ (ولو قبل حلول نجم) أي: أو قدر على كسب. قوله: (ويجزيء أن يشتري منها ... إلخ) المالك أو العامل بدليل ما يأتي. قوله: (لا تعتق عليه) برحم أو تعليق. قوله: (فولاؤه للمسلمين) وما أعتقه رب المال فولاؤه له. "شرح"؛ أي: بأن اشتري، كما تقدم. قوله: (ذات بين) ولو بين أهل ذمة. قوله: (أو نهباً) أي: لأجل الإصلاح. قوله: (من ماله) أي: فيأخذ إن اقترض ووفى. قوله: (وأعسرا) أي: الضامن والمضمون عنه، فيجوز الدفع للضامن، وكذا للمضمون عنه؛ فإن كان الضامن معسراً فقط؛ لم يجز الدفع إلى أحدهما، أو كان المضمون معسراً فقط، جاز إليه وحده، فيما يظهر، خلافا لما توهمه عبارة "الإقناع" ونصها: فإن كان

أَوْ تَدَيَّنَ لِشِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ كُفَّارٍ، أَوْ لِنَفْسِهِ مُبَاحٍ، أَوْ فِي مُحَرَّمٍ، وَتَابَ وَأَعْسَرَ وَيُعْطَى وَفَاءَ دَيْنِهِ، كَمُكَاتَبٍ وَلَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ السَّابِعُ: غَازٍ بِلَا دِيوَانٍ، أَوْ لَا يَكْفِيهِ فَيُعْطَى مَا يَحْتَاجُ لِغَزْوِهِ

_ الأصيل، والحميل معسرين؛ جاز الدفع إلى كل منهما، وإن كانا موسرين، أو أحدهما؛ لم يجز. انتهى. قوله: (أو تدين لشراء نفسه من كفار) قال أبو المعالي: ومثله لو دفع إلى فقير مسلم، غرمه السلطان مالا ليدفع جوزه. نقله عنه في "الإقناع" وأقره. قوله: (على ميت) لفقد شرط تمليك المعطي، ولو قضاء. قوله: (السابع) إنما لم يجر المصنف على نسق واحد؛ لأنه كان يوهم قوله: (غاز) - لو قاله - العطف على (ميت) من آخر السادس، فيوقع في غير المراد، وأتبع الثامن للسابع. محمد الخلوتي. قوله: (فيعطى) يعني: ولو غنيا. قوله: (ما يحتاج ... إلخ) فيه حذف العائد المنصوب بفعل، وهو كثير منجل.

وَيُجْزِئُ الْحَجِّ فَرْضَ فَقِيرٍ وَعُمْرَتَهُ لَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا فَرَسًا يَحْبِسُهَا أَوْ عَقَارًا يَقِفُهُ عَلَى الْغُزَاةِ لَا غَزْوَةً عَلَى فَرَسٍ مِنْهَا وَلِلْإِمَامِ شِرَاءُ فَرَسٍ بِزَكَاةِ رَجُلٍ وَدَفْعِهَا إلَيْهِ يَغْزُو عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَغْزُ رَدَّهَا الثَّامِنُ: ابْنُ السَّبِيلِ الْمُنْقَطِعُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ، أَوْ مُحَرَّمٍ وَتَابَ مِنْهُ لَا مَكْرُوهٍ ونُزْهَةٍ وَيُعْطَى وَلَوْ وَجَدَ مُقْرِضًا مَا يُبَلِّغُهُ بَلَدُهُ أَوْ مُنْتَهَى قَصْدِهِ وَعَوْدِهِ إلَيْهَا وَإِنْ سَقَطَ مَا عَلَى غَارِمٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ فَضَلَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ غَازٍ أَوْ ابْنِ سَبِيلٍ شَيْءٌ بَعْدَ حَاجَتِهِ رَدَّ الْكُلَّ أَوْ مَا فَضَلَ.

_ قوله: (فرض فقير) هل يشمل النذر أو لا؛ لعدم اصطلاحهم على ذلك؟ محمد الخلوتي. قوله: (ردها) لأنه لم يملكها بالدفع. قوله: ولو وجد مقرضا) وله وفاء. وبخطه أيضا على قوله: (ولو وجد مقرضا) أي: أو متبرعاً بالأولى.

وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ يَتَصَرَّفُ فِي فَاضِلٍ بِمَا شَاءَ وَلَوْ اسْتَدَانَ مُكَاتَبٌ مَا عَتَقَ بِهِ وَبِيَدِهِ مِنْهَا بِقَدْرِهِ فَلَهُ صَرْفُهُ فِيهِ تُجْزِيهِ وَكَفَّارَةٌ وَنَحْوُهُمَا لِصَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ وَيُقْبَلُ وَيَقْبِضُ لَهُ وَلِيُّهُ ولِمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ بِنِسْبَتِهِ وَيُشْتَرَطُ تَمْلِيكُ الْمُعْطَى وَلِلْإِمَامِ قَضَاءُ دَيْنٍ عَنْ حَيٍّ وَالْأَوْلَى لَهُ ولِمَالِكٍ دَفْعُهَا إلَى سَيِّدِ مُكَاتَبٍ لِرَدِّهِ مَا قَبَضَ إنْ رَقَّ بِعَجْزِهِ لَا مَا قَبَضَ مُكَاتَبٌ.

_ قوله: (وغير هؤلاء ... إلخ) هذا مبني على قاعدة مقررة، وهي: أن أهل الزكاة قسمان: أحدهما: يأخذ بسبب يستقر الأخذ به، وهو الفقر، والمسكنة والعمالة، والتأليف. والثاني: من يأخذ بسبب لا يستقر الأخذ به، وهو الكتابة، والغرم، والغزو، والسبيل. فالقسم الأول: من أخذ شيئا من الزكاة؛ صرفه فيما شاء كسائر مائله، ولا يرد شيئا. والقسم الثاني: إذا أخذ شيئا منها؛ صرفه فيما أخذه له خاصة؛ لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه، وإنما يملكه مراعى، فإن صرفه في الجهة التي استحق الأخذ بها، وإلا استرجع منه. فتدبر. قوله: (ويقبض له وليه) فإن عدم؛ فمن يتولى أمره من أم، وقريب، وغيرهما أيضا. قوله: (لا ما قبض مكاتب) يعني: أنه لا يلزم السيد رد

وَلِمَالِكِ دَفْعُهَا إلَى غَرِيمٍ مَدِينٍ بِتَوْكِيلِهِ وَيَصِحُّ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا وبِدُونِهِ فصل من له أخذ شيء أُبِيحَ لَهُ سُؤَالُهُ وَلَا بَأْسَ بِمَسْأَلَةِ شُرْبِ الْمَاءِ وَإِعْطَاءِ السُّؤَالِ مَعَ صِدْقِهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَجِبُ قَبُولُ مَالٍ طَيِّبٍ أَتَى بِلَا مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ.

_ ما قبضه المكاتب، ودفعه إليه بتعجيزه ولو مع بقائه بيده، ولو عجز المكاتب والزكاة بيده، أو مات وبيده وفاء؛ فهو لسيده أيضا. قاله في "الإقناع". قوله: (من أبيح له أخذ شيء) قال ابن حمدان: من زكاة، وصدقة تطوع، وكفارة، ونذر، ونحو ذلك. قوله: (ويجب ... إلخ) هذا مقيد فيما يظهر بما يأتي، وهو ما إذا علم أنه أعطي حياء؛ فإنه يجب الرد، ثم هذا أيضاً مقيد لما يأتي من قوله: (وكره رد هبة وإن قلت) أي: ما لم تكن مالا طيبا أتى بلا مسألة ... إلخ. وإن الحاصل:

وَمَنْ سَأَلَ وَاجِبًا مُدَّعِيًا كِتَابَةً أَوْ غُرْمًا أَوْ أَنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ. أَوْ فَقْرًا

_ أن ما يدفع للشخص على سبيل التبرع على ثلاثة أقسام: قسم يحرم رده، وقسم يجب رده، وقسم يكره رده، وانظر هل هناك قسم يباح رده، أو يسن؟ وبخطه أيضا على قوله: (ويجب ... إلخ) هذا أحد قولين في المسألة، والقول الثاني: إنه مستحب لا واجب، ومشوا عليه في الهبة، ولعله هو الصحيح؛ بدليل أنهم مشوا عليه في أبواب أخر، كالحج والتيمم، حيث قالوا: إنه لو بذل له مال هبة ليشتري به ماء، وكذا السترة، أو ليحج منه؛ لا يلزمه قبوله لما يلحقه بسبب ذلك من المنة، وابن حجر الهيتمي الشافعي في كتابه المسمى: بـ "الإنافة في فضل الصدقة والضيافة" رد جميع الأحاديث الدالة على وجوب القبول إلى الندب. محمد الخلوتي. قوله: (ومن سأل واجباً) كمن طلب شيئا من الزكاة. قوله: (أو غرماً) أي: لنفسه، وأما إن ادعاه لإصلاح ذات البين؛ فيكفي الاشتهار. قاله في "الإقناع" ويقوم مقام البينة، وكذا إذا ادعى الغزو؛ لإنه يقبل قوله. ذكره في "الإقناع" أيضاً.

وَعُرِفَ بِغِنًى قَبْلُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهِيَ فِي الْأَخِيرَةِ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَإِنْ صَدَّقَ مُكَاتَبًا سَيِّدُهُ قُبِلَ أَوْ غَارِمًا غَرِيمُهُ قُبِلَ وَأُعْطِيَ وَيُقَلَّدُ مَنْ ادَّعَى عِيَالًا أَوْ فَقْرًا وَلَمْ يُعْرَفْ بِغِنًى وَكَذَا يُقَلَّدُ جَلْدٌ ادَّعَى عَدَمَ مَكْسَبٍ بَعْدَ إعْلَامِهِ أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا قَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ وَيَحْرُمُ أَخْذُ بِدَعْوَى غِنَى فُقَرَاءَ، وَلَوْ مِنْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ وَسُنَّ تَعْمِيمُ الْأَصْنَافِ بِلَا تَفْضِيلٍ إنْ وُجِدَتْ حَيْثُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ

_ قوله: (ثلاثة رجال) أي: للنص. قوله: (وكذا جلد) أي: صحيح. قوله: (بلا تفضيل) يعني: بين الأصناف، لكل صنف منها. وبخطه أيضا على

وَتَفْرِقَتُهَا فِي أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ وَمَنْ فِيهِ سَبَبَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وَإِنْ أُعْطِيَ بِهِمَا وَعُيِّنَ لِكُلِّ سَبَبٍ قَدْرٌ وَإِلَّا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيُجْزِئُ اقْتِصَارٌ عَلَى إنْسَانٍ وَلَوْ غَرِيمَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ

_ قوله: (بلا تفضيل) يعني: أنه يسن أن يجعل المخرج زكاته ثمانية أجزاء، يدفع كل جزء منها لصنف من الأصناف القديمة، وهذا لا ينافيه ما تقدم أول الباب؛ من أنه يعطى كل على قدر حاجته؛ لأن ذاك بمعنى جواز الأخذ، وهذا في كيفية الدفع، فقد تندفع حاجة المخرج عليه بالأخذ بأكثر من واحد. قوله: (ومن فيه سببان ... إلخ) مراده بالمثنى: مطلق الكثرة، فيشمل الثلاثة، وما يمكن أن تجتمع، على حد: (ثم ارجع البصر كرتين) [الملك: 4]. محمد الخلوتي. قوله: (ولا يجوز أن يعطى ... إلخ) قال في "الإقناع" بعد تمثيله لذلك بالغارم الفقير: لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وعدمه. انتهى. ومقتضاه: أنه لو اتحد السببان؛ بأن كانا مما يستقر به الأخذ كالأربعة الأول، أو مما لا يستقر به كالأخر؛ فإنه يجوز أن يعطى بأحدهما إذن. فتأمل. قوله: (لا بعينه) أي: إلا بأن كانا من الأربعة الأول على حدة، أو من الأربعة الثانية على حدة؛ لا إن كان أحدهما من أحدهما، والآخر من الأربعة الأخرى. تاج الدين البهوتي.

مَا لَمْ تَكُنْ حِيلَةٌ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لِتِجَارَةٍ، قِيمَتُهُ نِصَابٌ بَعْدَ الْحَوْلِ، قَبْلَ إخْرَاجِ مَا فِيهِ مِنْ زَكَاةٍ. فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ فصل ولا تجزيء إلى كافر غير مؤلف وَلَا كَامِلِ رِقٍّ غَيْرَ عَامِلٍ ومُكَاتَبٍ وَلَا زَوْجَةِ وفَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ مُسْتَغْنِيَيْنِ بِنَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ وَلَا عَمُودِيِّ نَسَبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَا عُمَّالًا أَوْ مُؤَلَّفَيْنِ أَوْ غُزَاةً أَوْ غَارِمِينَ لِذَاتِ بَيْنٍ وَلَا زَوْجِ وَلَا سَائِرِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَامِلًا

_ قوله: (ما لم يكن حيلة) نصا؛ بأن يقصد إحياء ماله، كما يدل عليه نص الإمام. وقال القاضي وغيره: معنى الحيلة: أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من دينه؛ أن من شرطها تمليكاً صحيحان فإذا شرط الرجوع؛ لم يوجد. قوله: (ما لم يقع به مانع) أي: كالغناء، وكون السيد وارثاً؛ له لعدم من يحجبه. قوله: (ولا زوجة) أي: ولو ناشزاً. قوله: (ولا عمودي نسبه) ولو من ذوي الأرحام، كبنت بنت. قوله: (ما لم يكن ... إلخ) أي: من لزمت نفقته.

أَوْ غَازِيًا أَوْ مُؤَلَّفًا، أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ ابْنَ سَبِيلٍ، أَوْ غَارِمًا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ بَيْنٍ وَلَا بَنِي هَاشِمٍ، وَهُمْ سُلَالَتُهُ فَدَخَلَ آلُ عَبَّاسِ وَآلُ عَلِيٍّ، وجَعْفَرٍ، وعَقِيلِ وَآلُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وأَبِي لَهَبٍ مَا لَمْ يَكُونُوا غُزَاةً أَوْ مُؤَلَّفَةً، أَوْ غَارِمِينَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ بَيْنٍ وَكَذَلِكَ مَوَالِيهِمْ لَا مَوَالِي مَوَالِيهِمْ وَلِكُلٍّ أَخْذُ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ وَسُنَّ تَعَفُّفُ غَنِيٍّ عَنْهَا وعَدَمُ تَعَرُّضِهِ لَهَا ووَصِيَّةٍ لِفُقَرَاءَ ومِنْ نَذْرٍ لَا كَفَّارَةٍ وَيُجْزِئُ إلَى ذَوِي أَرْحَامِهِ وَلَوْ وَرِثُوا وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ومَنْ تَبَرَّعَ بِنَفَقَتِهِ بِضَمِّهِ إلَى عِيَالِهِ أَوْ تَعَذَّرَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ قَرِيبٍ بِغَيْبَةٍ أَوْ امْتِنَاعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا

_ قوله: (فدخل آل عباس) أي: ابن عبد المطلب. قوله: (وعقيل) أي: أبناء أبي طالب بن عبد المطلب. قوله: (وأبي لهب) ابن عبد المطلب. قوله: (إلى ذوي أرحامه) أي: غير عمودي نسبه. قوله: (ولو ورثوا) يعني: مزكياً؛ لصعف قرابتهم التي يرثون بها.

وَإِنْ دَفَعَهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا لِجَهْلٍ ثُمَّ عَلِمَ لَمْ تُجْزِئْهُ إلَّا لِغَنِيٍّ إذَا ظَنَّهُ فَقِيرًا فصل وتسن صدقة تطوع بفاضل عن كفاية دائمة بِمُتَّجَرٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ صَنْعَةٍ عَنْهُ وَعَمَّنْ يَمُونُهُ كُلَّ وَقْتٍ وسِرًّا بِطِيبِ نَفْسٍ فِي صِحَّةٍ ورَمَضَانَ ووَقْتِ حَاجَةٍ وكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ فَاضِلٍ، كَالْعَشْرِ والْحَرَمَيْنِ وجَارٍ وذِي رَحِمٍ لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَاوَةٍ وَهِيَ عَلَيْهِمْ صِلَةٌ أَفْضَلُ وَمَنْ تَصَدَّقَ بِمَا يُنْقِصُ مُؤْنَةً تَلْزَمُهُ أَوْ أَضَرَّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَرِيمِهِ أَوْ بِكَفِيلِهِ أَثِمَ وَمَنْ أَرَادَهَا بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَهُ عَائِلَةٌ لَهُمْ كِفَايَةٌ أَوْ يَكْفِيهِمْ بِمَكْسَبِهِ أَوْ وَحْدَهُ وَيَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ.

_ قوله: (عنه) بدل من (عن كفاية). قوله: (وهي عليهم ... إلخ) هي: مبتدأ عائد على الصدقة، و (عليهم) حال منه، على رأي سيبويه، و (صلة) خبر. وفي حل منصور البهوتي نظر. قوله: (أو وحده) عطف على جملة الحال المقرونة بالواو؛ أعني: وله عائلة. أو خبر لـ "كان" محذوفة. فتأمل. قوله: (حسن التوكل) أي: الثقة بما عند الله

فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ وَكُرِهَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَنْ يَنْقُصَ نَفْسَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ وَمَنْ مَيَّزَ شَيْئًا لِلصَّدَقَةِ أَوْ وَكَّلَ فِيهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ سُنَّ إمْضَاؤُهُ لَا إبْدَالُ مَا أَعْطَى سَائِلًا فَسَخِطَهُ.

_ تعالى، واليأس مما في أيدي الناس. وبخطه أيضاً على قوله: (حسن التوكل) وتوكل على الله: اعتمد عليه، ووثق به. "مصباح". قوله: (فله ذلك) أي: يستحب له ذلك، ولا يمتنع عليه. قوله: (وكره ... إلخ) تلخص مما تقدم إلى هنا: أن الصدقة تعتريها الأحكام الخمسة، كذا قرره الشيخ منصور البهوتي. وأقول: هذا مبني على أن المراد بقول المصنف: (فله ذلك): الإباحة المستوية الطرفين، التي لا ثواب ولا عقاب في فعلها وتركها، وليس كذلك المراد بها: ما قابل المحرم فتصدق بالمندوب؛ بدليل المقابلة، وأيضاً فلا يسع أحداً القول بأن الصدقة بجميع ماله على الوجه المذكور، لا ثواب فيها. فتدبر. شيخنا محمد الخلوتي.

وَالْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ كَبِيرَةٌ وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِهِ.

_ قوله: (والمن) وهو لغة: تعدد النعم. قوله: (كبيرة) فيحرم المن بها، وكذا بغيرها. صرح به في "الإقناع"، وإنما اقتصر المصنف على الصدقة؛ لأنها المذكورة في الآية، والمحل لها.

كتاب الصيام

كتاب الصيام الصيام: إمْسَاكٌ بِنِيَّةٍ عَنْ أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ وَصَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ يَجِبُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ صَحْوِ لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَصُومُوا وَإِنْ حَالَ دُونَ مَطْلَعِهِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ أَوْ غَيْرِهِمَا وَجَبَ صِيَامُهُ حُكْمًا ظَنِّيًّا احْتِيَاطًا بِنِيَّةِ رَمَضَانَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَيُجْزِئُ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ.

_ قوله: (مخصوصة) هي مفسداته، قول: (في زمن) وهو ما بين فجر وغروبه. قوله: (من شخص) أي: مسلم عاقل مميز، غير حائض ونفساء. قوله: (وصوم رمضان) رمضان زمن ممتد بين انسلاخ شعبان وغرة شوال، وهو تعريف باطل دوري، لأنه تعريف للشيء بما لا يعرف إلا به، والصواب: أنه زمن ممتد امتداد شهر واحد، يشتمل على الأيام الواجب صومها ابتداءً، على الصحيح المقيم المكلف بالتكاليف الشرعية الإسلامية. تاج الدين البهوتي. قوله: (لم يصوموا) أي: اتفاقاً. قوله: (وجب صيامه) خلافاً للشافعية.

وَتُثْبَتُ أَحْكَامُ صَوْمِ مِنْ صَلَاةِ تَرَاوِيحَ ووُجُوبِ كَفَّارَةٍ بِوَطْءٍ فِيهِ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ لَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ وَكَذَا حُكْمُ شَهْرٍ نُذِرَ صَوْمُهُ، أَوْ اعْتِكَافُهُ فِي وُجُوبِ الشُّرُوعِ إذَا غُمَّ هِلَالُهُ وَالْهِلَالُ الْمَرْئِيُّ نَهَارًا وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْمُقْبِلَةِ وَإِذَا ثَبَتَتْ رُؤْيَتُهُ بِبَلَدٍ لَزِمَ الصَّوْمُ جَمِيعَ النَّاسِ

_ قوله: (لا بقية الأحكام) كحلول دين، ووقوع طلاق. قوله: (وكذا حكم شهر) أي: معين. قوله: (ولو قبل الزوال) يعني: أنه إذا رئي الهلال يمسك إن كان في ثلاثي شعبان، ولا يفطر إن كان في ثلاثي رمضان، وأما إذا رئي نهار التاسع والعشرين، فلم يقل أحد بأنه للماضية، لما يلزم عليه من كون الشهر ثمانية وعشرين. كذا قرره بعض الشافعية. وترجى الشيخ منصور البهوتي كونه مراد أصحابنا، واستدل له بما يأتي في الطلاق، فيما إذا قال لزوجته: إن رأيت الهلال، فأنت طالق. أنها لا تطلق، إلا إذا رأته بعد الغروب. فتدبر. وأقول: يمكن جريان الخلاف في الصورة المذكورة، وإنه يلزم قضاء يوم، عند من جعله للماضية. وأما الطلاق، فمبناه على العرف في الجملة. فتدبر. قوله: (جميع الناس) ولا يعمل بحساب، وتنجيم، ولو كثرت إصابتهما، فلو فعل، لم يجزئه إذا لم يكن ثم مستند شرعي غير ما ذكر.

وَإِنْ ثَبَتَتْ نَهَارًا أَمْسَكُوا وَقَضَوْا كَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَقَلَ أَوْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ تَعَمَّدَ مُقِيمٌ أَوْ طَاهِرَةٌ الْفِطْرَ فَسَافَرَ أَوْ حَاضَتْ أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ أَوْ بَرِيءَ مَرِيضٌ مُفْطِرَيْنِ أَوْ بَلَغَ صَغِيرٌ فِي أَثْنَائِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ صَائِمًا بِسِنٍّ أَوْ احْتِلَامٍ، وَقَدْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ فَيُتِمُّ وَيُجْزِئُ كَنَذْرِ إتْمَامِ نَفْلٍ وَإِنْ عَلِمَ مُسَافِرٌ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ لَا صَغِيرٌ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْلُغُ غَدًا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ

_ قوله: (أو حاضت) أي: يلزمهما الإمساك، ويعايا بهما، فيقال لنا: مسافر سفر قصر، لم يجز له الفطر، وحائض يلزمها الإمساك؟ ! ومفهومه: أنهما لو لم يتعمدا الفطر، لم يلزمهما الإمساك، فصرح بجواز الفطر في الأولى فيما يأتي، وإن كان الأفضل فيها إتمام الصوم. وأما في الثانية: فالظاهر: وجوب الفطر فيها. قوله: (وقد نوى) أي: البالغ بسن أو احتلام، ومفهومه: أن البلوغ بالنبات بخلافهما. قوله: (ويجزيء) أي: إتمام ذلك اليوم؛ لأنه فعل ما وجب عليه مستوفياً لشرطه، وهو تبييت النية من الليل. قوله: (لزمه الصوم) كمن نذر صوم يوم يقدم فلان، وعلم قدومه في غدٍ، فينويه من الليل.

فصل ويقبل فيه وحده خبر مكلف عَدْلٍ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ أُنْثَى أَوْ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِحَاكِمٍ وَتَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ فَلَوْ صَامُوا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَوْهُ قَضَوْا يَوْمًا فَقَطْ وَبِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَرَوْهُ أَفْطَرُوا لَا بوَاحِدٍ وَلَا لِغَيْمٍ فَلَوْ غُمَّ لِشَعْبَانَ

_ قوله: (عدلٍ) قال في "الإقناع": لا مستور. قوله: (يوماً فقط) مبني على قاعدتين: إحداهما: أن الشهر قد يكون تسعة وعشرين، والثانية: أنا لا نوجب بالشك. قوله: (أفطروا) وعند مالك: ويكذب الشاهدان حيث كان صحواً. وعبارة "مختصرهم": وإن لم ير صحواً بعد الثلاثين كذباً. انتهى. محمد الخلواتي. قوله: (فلو غم لشعبان) إلى قوله: (وكذا الزيادة) اعلم: أن توضيح هاتين المسألتين يتأتى بعد معرفة قاعدة حسابية، هي: أن الشهر إذا دخل بيوم كالجمعة، كان ذلك اليوم هو التاسع والعشرين، وإذا علمت ذلك، فصورة

ورَمَضَانَ وَجَبَ تَقْدِيرُ رَجَبٍ، وشَعْبَانَ نَاقِصَيْنِ فَلَا يُفْطِرُوا قَبْلَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِلَا رُؤْيَةٍ وَكَذَا الزِّيَادَةُ لَوْ غُمَّ لِرَمَضَانَ

_ وغم هلال رمضان تلك الليلة، فإنا نفرض أولاً، أن الجمعة أول رمضان، فتكون هي التاسع والعشرين، ثم غم هلال شوال ليلة السبت، فنفرض ثانياً أن شعبان ثلاثون، وآخره الجمعة، وأن رمضان ثلاثنو، وآخره الأحد، فلا نفطر بلا رؤية، إلا يوم الاثنين، فقد صمنا إحدى وثلاثين، أولها الجمعة، وأخرها الأحد، ثم ثبت ببينة أن شعبان ورمضان كانا ناقصين، فيكون صومنا الجمعة أول الشهر صادف محله، وآخره الجمعة، لنقصه، وتبين أن يوم السبت والأحد الواقعين في آخر صومنا، كان زائدين على الصوم الواجب، فقد ظهر في هذه الصورة وجب صيام زيادة في آخر الصيام احتياطا، كما وجب في صورة المسألة الأولى صوم زيادة في أول الصوم احتياطاً. فتأمل ذلك كله، وكرر النظر فيه، والله أعلم. قوله: (وجب تقدير رجب) مصروف، كما في "المطلع". قوله: (وشعبان) غير مصروف. قوله: (وكذا الزيادة) يعني: أنه يجب صوم الزيادة على الصوم الواجب الواقع في آخره، كما يجب صوم الزيادة في أوله، كما في الصورة السابقة.

وَشَوَّالٍ، وأَكْمَلْنَا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وكَانَا نَاقِصَيْنِ وَمَنْ رَآهُ وَحْدَهُ لِشَوَّالٍ. لَمْ يُفْطِرْ ولِرَمَضَانَ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَجَمِيعُ أَحْكَامِ الشَّهْرِ، مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِمَا مُعَلَّقٍ بِهِ وَإِنْ اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى مَنْ أُسِرَ، أَوْ طُمِرَ، أَوْ بِمَفَازَةٍ وَنَحْوِهَا تَحَرَّى وَصَامَ وَيُجْزِئُهُ إنْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ وَافَقَهُ أَوْ مَا بَعْدَهُ لَا إنْ وَافَقَ الْقَابِلَ، فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ويَقْضِي مَا وَافَقَ عِيدًا أَوْ أَيَّامَ تَشْرِيقٍ

_ قوله: (وشوال) شوال -بوزن صوام- مصروف. "مطلع". قوله: (أو بمفازة) أي: مهلكة، من أسماء الأضداد، لكن المراد هنا: حقيقة البرية. تاج الدين البهوتي. قوله: (فلا يجزئ) يعني: الصوم. "شرح". قوله: (ويقضي) أي: من اشتبهت عليه الأشهر.

وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً، ثُمَّ عَلِمَ قَضَى مَا فَاتَ مُرَتَّبًا شَهْرًا عَلَى إثْرِ شَهْرٍ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَادِرٍ مُكَلَّفٍ لَكِنْ عَلَى وَلِيِّ صَغِيرٍ مُطِيقٍ أَمْرُهُ بِهِ وَضَرْبُهُ عَلَيْهِ لِيَعْتَادَهُ وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَفْطَرَ، وَعَلَيْهِ لَا مَعَ عُذْرٍ مُعْتَادٍ كَسَفَرٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ

_ قوله: (مرتباً ... إلخ) ترتيبه أن تكون ثلاثين بعد ثلاثين، ولو كانت الأيام والشهور غير متعاقبة، فيصوم ثلاثين ولو غير متوالية، ويجعلها عن رمضان الأول، وكذا الثاني والثالث، هكذا ينبغي أن يقرر المحل، وهو أحسن من حمله على وجوب التوالي في الأيام والشهور، ثم جعله مخالفاً لما يأتي في باب حكم القضاء. واعلم أن هذا مبني على اعتبار نية التعيين، وهو الصحيح، وأما إذا لم نعتبرها، وقلنا بصحة القضاء بنية الأداء، وعكسه، فإنه يجزيء شعبان الثانية عن رمضان الأولى، وشعبان الثالثة عن رمضان الثانية، ويلزم صوم شهر فقط عن رمضان الثالثة. قوله: (لكن على ولي صغير) أي: مميز ذكر أو أنثى، كصلاةٍ. تاج الدين البهوتي. قوله: (وضربه) أي: في عشر سنين. تاج الدين البهوتي. قوله: (أفطر) أي: جاز له ذلك. قوله: (كسفر) يعني: أنه إذا سافر الكبير

وَمَنْ أَيِسَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى قَضَاءِ فَكَمَغْصُوبٍ وَأَحَجَّ عَنْهُ، ثُمَّ عُوفِيَ وَسُنَّ فِطْرٌ، وَكُرِهَ صَوْمُ سَفَرَ قَصْرٍ وَلَوْ بِلَا مَشَقَّةٍ فَلَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ حُرِّمَا ولِخَوْفِ مَرَضٍ بِعَطَشٍ أَوْ غَيْرِهِ وخَوْفِ مَرِيضٍ

_ العاجز عن الصوم، أو مرض، فلا فدية عليه؛ لأنه أفطر بعذر معتاد، ولا قضاء لعجزه عنه. ويعايا بها، فيقال: مسلم مكلف أفطر عمداً في رمضان، ولم يلزمه قضاء ولا كفارة؟ ! ومن تقريرنا علمت أن الكاف في قوله: (كسفر) للتمثيل لا للتنظير. وبخطه على قوله: (كسفر) تنظير لا تمثيل، بل هو تشبيه. تاج الدين البهوتي. وفيه نظر. قوله: (ثم عوفي) فهم منه: أنه لو عوفي قبل إطعام، تعين القضاء كمعضوب عوفي قبل إحرام نائبه، كما ذكره في "شرح الإقناع". وبخطه أيضاً على قوله: (ثم عوفي) أي: فإنه يجزئه الإطعام، ولا قضاء عليه، إلا إن عوفي قبل غروب يومٍ، فيقضيه وجوباً. تاج الدين البهوتي. قوله: (وكره صوم) لعل الفرق بينه وبين إتمام الصلاة زيادة المشقة غالباً. قوله: (حرما) أي: حيث لا علة لسفره إلا الفطر. قاله منصور البهوتي.

وَحَادِثٍ بِهِ فِي يَوْمِهِ ضَرَرًا بِزِيَادَتِهِ أَوْ طُولِهِ بِقَوْلِ ثِقَةٍ وَجَازَ وَطْءٌ لِمَنْ بِهِ مَرَضٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فِيهِ أَوْ شَبَقٌ وَلَمْ تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِدُونِهِ وَيَخَافُ تَشَقُّقَ أُنْثَيَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَيَقْضِي مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ لِشَبَقٍ فَيُطْعِمُ كَكَبِيرٍ وَمَتَى لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِإِفْسَادِ صَوْمِ مَوْطُوءَةٍ جَازَ لَهُ ضَرُورَةً فصَائِمَةٍ أَوْلَى مِنْ حَائِضٍ وَتَتَعَيَّنُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ

_ ومنه يعلم: أنه لو أراد السفر لتجارة مثلاً، فأخر السفر إلى رمضان ليفطرهـ أنه يجوز له ذلك. فتدبر. قوله: (ثقة) أي: مسلم عدل، ما لم يكن المريض طبيباً ولو فاسقاً، كإفتاء فاسق نفسه، وكتقويم جزاء صيد مع عدالته فقط. تاج الدين البهوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (ثقة) حتى من به رمد يخاف بترك الاكتحال، فيجوز له الفطر. قوله: (أنثييه) أي: أو ذكره، أو مثانته. قوله: (ككبير) أي: ما لم يكن ثم عذر معتاد، كمرض، أو سفر، كالكبير. قال منصور البهوتي: ولعل حكم زوجته أو أمته التي ليس له غيرها كذلك. انتهى. قوله: (أولى من حائض) لتحريمها بنص القرآن. قوله: (وتتعين ... إلخ) قال منصور البهوتي: ولعل مثله لو أمكنه وطء من لزمها الإمساك، كطاهرة ونحوها أثناء النهار. قوله: (من لم تبلغ) ومفطرة أولى من صغيرة صائمة. تاج الدين البهوتي.

وَإِنْ نَوَى حَاضِرٌ صَوْمَ يَوْمٍ وَسَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ إذَا خَرَجَ وَالْأَفْضَلُ عَدَمُهُ وَكُرِهَ صَوْمُ حَامِلٍ وَمُرْضِعٍ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ الْوَلَدِ وَيَقْضِيَانِ الْفِطْرَ وَيَلْزَمُ مَنْ يَمُونُ الْوَلَدَ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ فَقَطْ إطْعَامُ مِسْكِينٍ كُلَّ يَوْمٍ مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ وَتُجْزِئُ إلَى وَاحِدٍ جُمْلَةً وَمَتَى قَبِلَ رَضِيعٌ ثَدْيِ غَيْرِهَا وَقَدَرَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ لَمْ تُفْطِرْ وَظِئْرٌ كَأُمٍّ فَلَوْ تَغَيَّرَ لَبَنُهَا بصَوْمِهَا أَوْ نَقَصَ فَلِمُسْتَأْجَرٍ

_ قوله: (ومرضع) أي: هي أم. قوله: (ويلزم من يمون الولد ... إلخ) أي: فوراً، فلا يؤخر إلى وقت القضاء، خلافاً لمجد الدين عبد السلام ابن تيمية في نجويزه ذلك. فقوله فيما بعد: (ويجزيء إلى واحد جملة) أي: مع حرمة التأخير، حيث لم يدفعها إلا في آخر يوم، أو يحمل على معنى تكريرها لواحد. قوله: (إطعام) ولا يسقط بعجزٍ، وكذا كبير ومأيوس. قوله: (وظئر) أي: غير أم. قوله: (فلو تغير لبنها ... إلخ) علم منه: أنه لا يحرم

الْفَسْخُ وَتُجْبَرُ عَلَى فِطْرٍ إنْ تَأَذَّى الرَّضِيعُ وَيَجِبُ الْفِطْرُ عَلَى مَنْ احْتَاجَهُ لِإِنْقَاذِ مَعْصُومٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ كَغَرَقٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ أُبِيحَ لَهُ فِطْرٌ بِرَمَضَانَ صَوْمُ غَيْرِهِ فِيهِ

_ عليها ذلك، لكن لو قصدت الإضرار، أثمت، كما قاله ابن الزاغوني. وقال أبو الخطاب: تأثم حيث تأذى الصبي، أي: مطلقاً. قوله: (وتجبر على فطر ... إلخ) أي: يجبرها الحاكم على ذلك قبل فسخ الإجارة، وظاهره: سواء كان الإجبار بطلب المستأجر، أو لا، وسواء قصدت الإضرار، أو لا، فيحرم عليها ذلك، وهذا قول أبي الخطاب. قال في "الفروع": وهو متجه. انتهى. وقال ابن الزاغوني: إن قصدت الإضرار، أثمت، وكان للحاكم إلزامها بالفطر بطلب المستأجر، وجزم به في "الإقناع". وبخطه على قوله: (وتجبر على فطر) أي: بطلب مستأجر. قوله: (فيه) أي: فلا يصح ولو عن رمضان آخر أو عن يوم من رمضان في يوم ثان منه في عامه. تاج الدين البهوتي.

فصل وشرط لكل يوم واجب نية معينة مِنْ اللَّيْلِ وَلَوْ أَتَى بَعْدَهَا لَيْلًا بِمُنَافٍ لِلصَّوْمِ وَلَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَلَوْ نَوَى إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، فَفَرْضٌ وَإِلَّا فَنَفْلٌ أَوْ عَنْ وَاجِبٍ وَعَيَّنَهُ بِنِيَّةٍ لَمْ تُجْزِئْهُ إلَّا إنْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ

_ قوله: (لكل يوم) أي: لصوم، أو واجب صومه. تاج الدين البهوتي. قوله: (بمناف) يعني للصوم، لا للنية. قوله: (إن كان غداً) بالنصب على إضمار اسم كان، أي: إن كان الصيام غداً، ودل على تقديره قوة الكلام. ومن كلامهم: إذا كان غداً، فأتني. كذا في "المطلع"، وذكر ما يقتضي جواز تصرفه. قوله: (ففرضي) قال في "المطلع": كذا بخط المصنف -يعني: الموفق- بياء المتكلم أي: الذي فرضه الله علي. انتهى. والله أعلم. قوله: (لم يجزئه) والفرق بين ما هنا والزكاة، حيث قالوا: لو أخرج زكاته، وقال: هذا عن مالي الغائب إن كان سالماً، وإلا فعن الحاضر، إنه يجزئه. أن تعيين المزكى ليس شرطاً، بخلاف الصوم الواجب. فتنبه. وأيضاً: الأصل في المال الغائب السلامة/ والأصل في رمضان عدم دخوله.

وَإِذَا نَوَى خَارِجَ رَمَضَانَ وَقَضَاءً وَنَفْلًا أَوْ نَذْرًا، أَوْ كَفَّارَةَ نَحْوِ ظِهَارٍ فنَفْلٌ وَمَنْ قَالَ: أَنَا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ الشَّكَّ أَوْ التَّرَدُّدَ فِي الْعَزْمِ أَوْ الْقَصْدِ فَسَدَتْ نِيَّتُهُ

_ قوله: (أو نذراً، أو كفارة ظهار) ظاهر "الشرح": أنه عطف على قوله: (ونفلا) فتكون نية القضاء، مع كل من نية النفل والنذر والكفارة، فتبطل نية التشريك بينهما فيها في الصور الثلاث، فتبقى نية الصوم مجردة عن الواجب، فيكون نفلا، ويصح من غير من عليه واجب، ويشكل فيمن هو عليه، والأولى عطف جمع النفل مع كل صورة من الواجبات الثلاث، أو يحمل القضاء على قضاء غير رمضان، كقضاء نذر أو كفارة. تاج الدين البهوتي ملخصاً. قوله: (أو كفارة ظهار) الأظهر: إسقاط (ظهار). محمد الخلوتي. قوله: (فنفل) خالف فيه صاحب "الإقناع"، فقال بعدم صحة النفل أيضا؛ لأن من عليه قضاء رمضان، لا يصح تطوعه قبله. وكذا القول في قوله: (ومن قطع نية قضاء ثم نوى نفلا)، وقوله: (وإن قلب نية قضاء إلى نفلٍ). فتدبر. وأجاب منصور البهوتي عما ذكر، بأنه ربما داز شيء تبعاً، وإن لم يجز استقلالاً، قال: بدليل صحة قلب الفرض نفلا في وقت النهي. انتهى. وفيه شيء. فليحرر. قوله: (في العزم أو القصد) يفهم منه: المغايرة بينهما، وقد قال النووي:

وَإِلَّا فَلَا. وَمَنْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ لَيْلًا أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى، وَكَذَا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ وَيَصِحُّ مِمَّنْ أَفَاقَ جُزْءًا مِنْهُ أَوْ نَامَ جَمِيعَهُ وَيَقْضِي مُغْمًى عَلَيْهِ فَقَطْ وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ فَكَمَنْ لَمْ يَنْوِ فَيَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَهُ نَفْلًا بِغَيْرِ رَمَضَانَ وَمَنْ قَطَعَ نِيَّةَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ ثُمَّ نَوَى نَفْلًا صَحَّ وَإِنْ قَلَبَ نِيَّةَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ إلَى نَفْلٍ صَحَّ وَكُرِهَ لِغَيْرِ غَرَضٍ

_ النية: القصد، وهو عزيمة القلب. فتعقبه الكرماني؛ بأن المتكلمين قالوا: القصد إلى الفعل: هو ما نجده في أنفسنا حال الإيجاد، والعزم قد يتقدم عليه، ويقبل الشدة والضعف، بخلاف القصد، ففرقوا بينهما من جهتين، فلا يصح تفسيره به، وكلام الخطابي أيضاً مشعر بالمغايرة بينهما، كما ذكر ذلك الجلال السيوطي في تأليف سماه بـ "منتهى الآمال في شرح حديث إنما الأعمال". قوله: (وإلا) أي: بأن نوى التبرك، أو لم ينو شيئا. قوله: (بنية) أي: مع نية الصوم أو سببها. قوله: (جزءاً منه) أي: وقد بيت النية. قوله: (أو نام جميعه) أي: وقد بيت النية. قوله: (فقط) لتكليفه دون مجنون،

وَيَصِحُّ صَوْمُ نَفْلٍ بِنِيَّةٍ أَثْنَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيُحْكَمُ بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُثَابِ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهَا فَيَصِحُّ تَطَوُّعُ مَنْ طَهُرَتْ أَوْ أَسْلَمَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَأْتِيَا فِيهِ بِمُفْسِدٍ

_ لعدم تكليفه، وينبغي أن يقيد بما إذا لم يتصل جنونه بإغماء محرم، وإلا فيقضي، كما لو تقدم نظيره في الصلاة. قوله: (ولو بعد الزوال) أي: ولو قبيل الغروب. قوله: (فيصح تطوع من طهرت ... إلخ) بخلاف ما لو قلنا: بأنه يحكم بالصوم الشرعي من الفجر، فإنه لا يصح التطوع لمن ذكر، لعدم الأهلية. قوله: (أو أسلم في يوم) أي: من غير مضان.

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ اسْتَعَطَ أَوْ احْتَقَنَ، أَوْ دَاوَى الْجَائِفَة

_ باب ما يفسد الصوم، ويوجب الكفارة الإفساد: الإبطال. والكفارة: عقوبة أو زاجر -وهو أصح- يستر الذنب. والأكل: إيصال جامد إلى الجوف من الفم، ولو بغير مضغ، ولو لم يتناول عادة، خلافاً لما في الأيمان فيهما. والطعام: مخصوص بما يؤكل عادة أو يشرب عادة، تفكهاً، أو اقتياتا، أو تداوياً، خلافا فيه للأيمان. والشرب: هو إيصال مائع إلى الجوف من الفم، ولو وجوراً، اقتياتاً، أو تفكهاً كخمر، أو تداوياً، حلافاً فيه للأيمان أيضاً. والحجامة: شرط ظاهر الجلد المتصل قصداً، لإخراج الدم من الجسد دون العروق، فإن القصد (قيد فيها)، فإن فقد القصد، فجرح وشرط. وشرط الحجامة كونها قفا، قيل: أو بقية الرأس أو الرقبة. تاج الدين البهوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (ما يفسد الصوم) أي: فقط، وما يفسده ويوجب الكفارة. قد يقال: الترجمة قاصرة على شيء له صفتان: إفساد الصوم، وإيجاب الكفارة؛ لأن قوله: (يوجب الكفارة) معطوف على الصلة، والمعطوف

فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ اكْتَحَلَ بِمَا عَلِمَ وُصُولَهُ إلَى حَلْقِهِ مِنْ كُحْلٍ أَوْ صَبْرٍ أَوْ قَطُورٍ، أَوْ ذَرُورَةٍ أَوْ إثْمِدٍ كَثِيرٍ أَوْ يَسِيرِ مُطَيِّبٍ أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْئًا مُطْلَقًا أَوْ وَجَدَ طَعْمَ عِلْكٍ مَضَغَهُ بِحَلْقِهِ أَوْ وَصَلَ إلَى فَمِهِ نُخَامَةٌ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ بَلْعُهَا أَوْ قَيْءٌ أَوْ نَحْوُهُ أَوْ

_ على الصلة صلة. والجواب: انه ليس من العطف على الصلة، بل من العطف على الموصول، بحذف المعطوف، وبقاء صلته لتقدم نظيره، فالتقدير: وما يوجب الكفارة. فالباب معقود لأمرين: مفسد للصوم سواء أوجب الكفارة، أم لا، وموجب الكفارة ولا يكون إلا مفسداً، كما جوز نظير ذلك في قوله تعالى: (والذي جاء بالصدق وصدق به) [الزمر: 33]. بل هو الأظهر فيها. فتدبر. قوله: (بما علم) أي: لا إن شك. قوله: (أو إثمد) الكحل الأسود. قوله: (مطلقاً) ينماع، أو لا، يغذي، أو لا، ولو بطرف سكين من فعله، أو فعل غيره بإذنه، فسد صومه. قوله: (علك) العلك: كل صمغ يعلك من لبان وغيره فلا يسيل. "مصباح". قوله: (أو وصل إلى فمه) وإن بصق نخامة بلا قصد من مخرج الحاء المهملة، لم يفطر. قوله: (نخامة) أي: وابتلعها، كما سيأتي

تَنَجَّسَ رِيقُهُ، فَابْتَلَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ دَاوَى الْمَأْمُومَةَ بِدَوَاءٍ أَوْ قَطَّرَ فِي أُذُنِهِ مَا وَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ أَوْ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى أَوْ اسْتَمْنَى أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ فَرْجٍ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى أَوْ حَجَمَ أَوْ احْتَجَمَ، وَظَهَرَ دَمٌ عَمْدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ وَلَوْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ فَسَدَ كرِدَّةٍ مُطْلَقًا وَمَوْتٍ وَيُطْعَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَا نَاسِيًا

_ قوله: (فابتلع شيئاً من ذلك) قال في "المبدع": فرعٌ: إذا تنجس فمه بدم أو قيء أو نحوه، فبلعه، أفطر، نص عليه، وإن قلَّ، لإمكان التحرز منه، ولأن الفم في حكم الظاهر، فيقتضي حصول الفطر بكل ما يصل إليه، لكن عفي عن الريق للمشقة، وإن بصق وبقي في فمه فابتلع ريقه، فإن كان معه جزء من النجس، أفطر به، وإلا فلا. انتهى. شيخنا محمد الخلوتي. وجزم ذلك صاحب "الإقناع" في الباب بعده. قوله: (فأمنى) لا إن أمذى أو أمنى بنظرة، صرح به في "الإقناع". قوله: (أو استمنى) أي: استدعى خروجه. جوهري. قوله: (أو حجم) في القفا أو الساق. نص عليه. قوله: (ذاكراً لصومه) أي: في جميع ما تقدم. قوله: (مطلقاً) عاد للإسلام، أو لا. قوله: (في نذر) لفساد يوم موته.

أَوْ مُكْرَهًا، وَلَوْ بِوُجُورِ مُغْمًى عَلَيْهِ مُعَالَجَةً وَلَا بِفَصْدٍ وشَرْطَ وَلَا إنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارُ أَوْ دَخَلَ فِي قُبُلٍ وَلَوْ لِأُنْثَى غَيْرُ ذَكَرٍ أَصْلِيٍّ أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ أَوْ احْتَلَمَ أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوْ أَصْبَحَ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ أَوْ لَطَّخَ بَاطِنَ قَدَمِهِ بِشَيْءٍ فَوَجَدَ طَعْمَهُ بِحَلْقِهِ أَوْ تَمَضْمَضَ وَلَوْ بَالَغَ أَوْ لِنَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا وَكُرِهَ عَبَثًا، أَوْ سَرَفًا أَوْ لِحَرٍّ، أَوْ عَطَشٍ كَغَوْصِهِ فِي مَاءٍ لَا لِغُسْلٍ مَشْرُوعٍ أَوْ تَبَرُّدٍ فَدَخَلَ حَلْقَهُ

_ قوله: (ولو بوجور) أي: ولو كان الإكراه بوجور ... إلخ. قوله: (وشرط) أي: أو جرح بدل حجامة. قوله: (أو غبار) أي: أو دخان، فلو قصد ذلك، أفطر. قوله: (في قبل) لا دبر. قوله: (غير ذكر) كأصبع، وعوادٍ، وذكر خنثى. قوله: (أو لنجاسة) الظرف متعلق بـ (تمضمض أو استنشق) بتقدير المعطوف عليه، أي: لوضوء أو لنجاسة أو متعلق بمحذوف نظير المذكور، والتقير: أو تمضمض أو استنشق لنجاسة، ولا بد من ملاحظة ما قدرناه في الوجه الأول، وهو قولنا: لوضوء. محمد الخلوتي. قوله: (أو عطش) لأنه مظنة وصول الماء إلى جوفه، بخلاف الغوص للتبرد. قوله: (أو تبرد) فلا يكره لهما.

أَوْ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ ظَانًّا غُرُوبَ شَمْسٍ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ طَلَعَ أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَغْرُبْ أَوْ أَكَلَ وَدَامَ شَكُّهُ أَوْ يَعْتَقِدُهُ نَهَارًا فَبَانَ لَيْلًا وَلَمْ يُجَدِّدْ نِيَّةً وَاجِبٍ أَوْ لَيْلًا، فَبَانَ نَهَارًا أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا قَضَى

_ قوله: (ونحوه) كجماع. قوله: (لم يفطر) هكذا في بعض النسخ، لكنه ليس بثابت في أكثر النسخ، وهو غير محتاج إليه؛ لأن معناه مستفاد من المعطوف عليه، أعني: قوله: (لا ناسياً ومكرها ... إلخ). فتدبر. قوله: (أو أكل ونحوه) كما لو شرب. قوله: (نهاراً) لا إن شك، أو ظنه ليلاً. قوله: (لواجب) لانقطاع النية، وافتقار الواجب إلى نية ليلية. قوله: (أو أكل ناسياً فظن أنه قد أفطر ... إلخ) في "الإنصاف": قلت: ويشبه ذلك لو اعتقد البينونة في الخلع لأجل عدم عود الصفة، ثم فعل ما حلف عليه. انتهى. يعني: أنه لو حلف بالطلاق لا يدخل دار فلان مثلاً، فخلع زوجته ليعقد عليها عقداً جديداً، متوهماً عدم عود الصفة في العقد الثاني، فإن الخلع لإسقاط اليمين غير صحيح، ولا تبين به، فلو اعتقد البينونة في هذا الخلع، ففعل المحلوف عليه، وقع عليه الطلاق، لعدم البينونة. هذا ما ظهر لي، والله أعلم. قوله: (قضى) جواب (وإن بان)، وما بعده.

فصل وَمَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَلَوْ فِي يَوْمٍ لَزِمَهُ إمْسَاكُهُ أَوْ رَأَى الْهِلَالَ لَيْلَتَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ لِمَيْتَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ أَنْزَلَ مَجْبُوبٌ بِمُسَاحَقَةٍ أَوْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ والْكَفَّارَةُ لَا سَلِيمٌ دُونَ فَرْجٍ، وَلَوْ عَمْدًا، أَوْ بغَيْرِ أَصْلِيٍّ فِي أَصْلِيٍّ وَعَكْسِهِ إلَّا الْقَضَاءُ إنْ أَمْنَى أَوْ أَمَذَى وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ

_ قوله: (في نهار رمضان) قال في "الإقناع": لو جامع يعتقده ليلاً فبان نهاراً، وجب القضاء والكفارة. قال في "شرحه": وعلى قياسه لو جامع يوم الثلاثين من شعبان، ثم ثيت أنه من رمضان. انتهى. وهذه الأخيرة يمكن إدراجها في قول المصنف: (ولو في يوم لزمه إمساكه)؛ بأن يراد: ولو في يوم لزمه إمساكه في نفس الأمر، سواء لزمه في الظاهر أيضاً، كما إذا ثبتت الرؤية أثناء النهار، فأمسكوا بقية اليوم، وجامع بعد الإمساك، أو لم يلزمه في الظاهر، لعدم ثبوت الرؤية، كأن جامع في أول اليوم، ثم ثبتت الرؤية آخره. فتأمل. وبخطه على قوله: (في نهار رمضان) أي: بلا عذر شبق، ونحوه. "إقناع"، كسفر ومرض ينتفع به فيه.

وَامْرَأَةٌ طَاوَعَتْ غَيْرَ جَاهِلَةٍ أَوْ نَاسِيَةٍ كَرَجُلٍ وَمَنْ جَامَعَ فِي يَوْمٍ فِي آخَرَ وَلَمْ يُكَفِّرْ لَزِمَتْهُ ثَانِيَةٌ كَمَنْ أَعَادَهُ فِي يَوْمٍ بَعْدَ أَنْ كَفَّرَ لِجِمَاعِهِ الْأَوَّلِ وَلَا تَسْقُطُ إنْ حَاضَتْ أَوْ نُفِسَتْ أَوْ مَرِضَا أَوْ جُنَّا أَوْ سَافَرَ بَعْدَ فِي يَوْمِهِ وَلَا كَفَّارَةٌ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ، وَالْإِنْزَالِ بِالْمُسَاحَقَةِ نَهَارَ رَمَضَانَ وَلَا فِيهِ سَفَرًا، وَلَوْ مِنْ صَائِمٍ.

_ قوله: (كرجل) وملوط به، كامرأة، ويفسد صومها. تاج الدين البهوتي. قوله: (لزمته ثانية) مقتضى القول بتداخل الكفارات إذا كانت من جنس واحد عدم لزوم الثانية هنا إذا لم يكفر للأول، لكنه مقيس على الظهار من نساء متعددات، حيث قالوا فيه بتعدد الكفارة، تنزلاً لاختلاف الأشخاص منزلة اختلاف الأجناس. محمد الخلوتي. قوله: (بعد أن كفر) أي: لا قبله، وكما لو نوى بالكفارة وطئاً معيناً دخل ما قبله لا ما بعده، بخلاف الإطلاق، ورفع الحدث. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (بعد أن كفر) أي: أخرج كل الكفارة، أما لو أخرج بعضها، ثم لزمته كفارة أخرى،

وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَلَوْ قَدَرَ لَا بَعْدَ شُرُوعٍ فِيهِ لَزِمَتْهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَقَطَتْ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ حَجٍّ وظِهَارٍ، ووَنَحْوِهَا وَيَسْقُطُ الْجَمِيعُ بِتَكْفِيرِ غَيْرِهِ عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَلَهُ إنْ مَلَكَهَا إخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَهُ أَكْلُهَا إنْ كَانَ أَهْلًا

_ فإنه يدخل فيها بقية الأولى، على ما بحثه الشيخ منصور، وأثبته في "شرحه". قوله: (لا بعد شروع) انظر هل مثل عدم الشروع، ما لو انقطع التتابع ووجب الاستئناف؟ استظهر الشيخ منصور البهوتي مثله. محمد الخلوتي. قوله: (لزمته) ويأتي في الظهار: أن المعتبر في الكفارات وقت الوجوب، فعليه: لا تلزمه، شرع فيه، أو لا. "شرح". قوله: (سقطت) كحيض. قوله: (ونحوها) كقتل. قوله: (بإذنه) حياً، وبدونه ميتاً، ولا يفتقر إلى إذن ولي أو فعله. تاج الدين البهوتي. قوله: (إن كان أهلا) الظاهر: أنه لا مفهوم لهذا القيد، فإن الإخراج هنا غير واجب، لسقوطها بالعجز، ولهذا أسقطه صاحب "الإقناع".

باب ما يكره ويستحب في الصوم وحكم القضاء

باب ما يكره ويستحب في الصوم وحكم القضاء كُرِهَ لِصَائِمٍ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فَيَبْلَعَهُ وَيُفْطِرُ بِغُبَارٍ قَصْدًا وبِرِيقٍ أَخْرَجَهُ إلَى بَيْنِ شَفَتَيْهِ لَا مَا قَلَّ عَنْ دِرْهَمٍ أَوْ حَصَاةٍ أَوْ خَيْطٍ وَنَحْوِهِ إذَا عَادَ إلَى فَمِهِ كَمَا عَلَى لِسَانِهِ إذَا أَخْرَجَهُ وَحَرُمَ مَضْغُ عِلْكٍ يَتَحَلَّلُ مُطْلَقًا وَكُرِهَ مَا لَا يَتَحَلَّلُ وذَوْقُ طَعَامٍ

_ باب ما يكره ويستحب في الصوم، وحكم القضاء لرمضان وغيره لا يخفى أن المصنف قد تعرض في هذا الباب أيضاً، لما يجب ويحرم، وبطريق المفهوم للمباح، فيؤخذ من كلامه: أن الصوم تعتري أحواله الأحكام الخمسة، وكأن المصنف اقتصر على ما ترجم له؛ لأنه المقصود، مع أن الشارح لم يكمل ما تركه المصنف على ما هو من عادته. قوله: (كره لصائم) أي: فرضاً، أو نفلاً. قوله: (كما على لسانه) أي: ولو كثر. قوله: (مطلقاً) أي: بلع ريقه، أو لا. قوله: (وذوق طعام) ظاهره: ولو لحاجة. قال في "شرحه": فعلى الكراهة: متى وجد طعمه بحلقه، أفطر، انتهى. ومقتضاه أنه لا يفطر على القول بعدم الكراهة للحاجة. قاله في

وتَرْكُ بَقِيَّةِ طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وشَمُّ مَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفَسٌ لِحَلْقِ وكَافُورٍ وَدُهْنٍ وَنَحْوِهِ وَقُبْلَةٌ وَدَوَاعِي وَطْءٍ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ وَتَحْرُمُ إنْ ظَنَّ إنْزَالًا وَيَجِبُ اجْتِنَابُ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَشَتْمٍ وَفُحْشٍ وَنَحْوِهِ وفِي رَمَضَانَ، ومَكَان فَاضِلٍ آكَدُ

_ "شرح الإقناع"، والتقييد بالحاجة جرى عليه في "الإقناع"، و "مختصر المقنع". قوله: (أن يجذبه) أي: جرمه. قوله: (ونحوه) كبخور، ونحو عود. قوله: (وقبلة) أي: قبلة من تباح قبلته في الفطر، كزوجة وسرية، والمراد قبلة تلذذ، لا ترحم وتودد، فأما من تحرم قبلته في الفطر، ففي الصوم أشد تحريماً. ابن نصر الله. قوله: (ونميمة) ذكر الخبر على وجه إفساد المودة. قوله: (وشتم) أي: سب. قوله: (وفحش) قال ابن الأثير: هو كل ما اشتد قبحه من الذنوب والمعاصي. "شرح إقناع". وبخطه أيضاً على قوله: (وفحش) أي: ألفاظ قبيحة، وإن لم يكن فيها سب لأحدٍ.

فصل وسن له كثرة قراءة وذكر وصدقة وكف لسانه عما يكره وقَوْلُهُ جَهْرًا إذَا شَتَمَ: إنِّي صَائِمٌ وتَعْجِيلُ فِطْرٍ إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبَ شَمْسٍ وَيُبَاحُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَكُرِهَ جِمَاعٌ مَعَ شَكٍّ فِي طُلُوعِ فَجْرٍ ثَانٍ لَا سَحُورٌ وَيُسَنُّ ك يُسَنُّ تَأْخِيرُهُ إنْ لَمْ يَخْشَهُ وَتَحْصُلُ فَضِيلَتُهُ بِشُرْبٍ وكَمَالُهَا بِأَكْلٍ

_ قوله: (إني صائم) أي: مرتين أو ثلاثاً، لخبر البخاري، و "وأذكار" النووي، ابن نصر الله على "الفروع". تاج الدين البهوتي. قوله: (لا سحور) السحور بالضم: اسم الفعل، وبالفتح: اسم لما يؤكل في السحر، وأجاز بعضهم أن يكون اسم الفعل بالوجهين، والأول أشهر، والمراد هنا: الفعل، فيكون بالضم على الصحيح، كما في "المطلع". قوله: (بشرب) ولو قل، كجرعة ولقمة. تاج الدين البهوتي.

وفِطْرٌ عَلَى رُطَبٍ، فَإِنْ عَدِمَ فَتَمْرٌ فَإِنْ عَدِمَ فَمَاءٌ وقَوْلُهُ عِنْدَهُ اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْتُ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فصل سن فورا تَتَابُعُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَّا إذَا بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَيَجِبُ

_ قوله: (فتمر) للشيخ المقريء المغربي: فطور التمر سنه ... رسول الله سنه ينال الأجر عبد ... يحلي منه سنه تقرير محمد الخلوتي. قوله: (وقوله عنده: اللهم) يحتمل أن هذا الدعاء قبل الفطر، ويحتمل أنه بعده، حديث ابن عباس أنه بعده، فإنه قال: إذا أفطر، كما أفاده ابن نصر، رحمه الله. قوله: (سن فوراً) سنة الفورية لفعل القضاء، وأما العزم عليه، فواجب، كالصلاة على ما استوجهه ابن نصر الله، رحمه الله تعالى.

وَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى نَذْرٍ لَا يَخَافُ فَوْتَهُ وَحَرُمَ تَطَوُّعٌ قَبْلَهُ وَلَا يَصِحُّ وتَأْخِيرُهُ إلَى آخَرَ، بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ أَخَّرَ قَضَى وَأَطْعَمَ وَيُجْزِئُ مِسْكِينًا لِكُلِّ يَوْمٍ مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ وُجُوبًا ولِعُذْرٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ قَضَى فَقَطْ

_ قوله: (عدد أيامه) تاماً، أو ناقصاً. قوله: (ويقدم على نذر) أي: وجوباً. قوله: (لا يخاف فوته) لسعة وقته، كما إذا نذر صوماً مطلقاً مع خوفه، كما لو نذر صوم عشرة من رجب، يقدم النذر على القضاء، فإن ازدحما، كالعشر الأخيرة من شعبان، قدم القضاء، على ما في "شرح الإقناع". ولو نوى في الصورة المذكورة الصوم عن قضاء رمضان وعن النذر، لم يصح عنهما، ولا عن أحدهما، كما تقدم في كتاب الصوم. قوله: (وحرم تطوع قبله) ظاهره: أن التحريم خاص بالتطوع قبل قضاء رمضان، وظاهر "الفروع": عموم كل صوم فرض. قوله: (بلا عذر) كسفر، ومرض. قوله: (وجوباً) ولا يسقط إطعام بعجز. قوله: (فقط) أي: بلا إطعام؛ لأنه غير مفرط، وإن أخر البعض لعذر، والبعض لغيره، فلكل حكمه.

وَلَا شَيْءٍ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ ولِغَيْرِهِ فَمَاتَ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَأَكْثَرُ أَطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا فَقَطْ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرُ صَوْمٍ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ حَجٍّ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ أَوْ اعْتِكَافٍ لَمْ يَفْعَل مِنْهُ شَيْئًا

_ قوله: (ولا شيء عليه) أي: المعذور. قوله: (لكل يوم مسكين فقط) أي بلا قضاء، لأن الصوم بأصل الشرع لا تدخله النيابة، كالصلاة. قوله: (نذر صوم ... إلخ) أي: مبهم زمانه، شهراً أو سنة، أو يوماً وهو من باب القلب، أو من باب إضافة الصفة لموصوفها، أي: صوم نذر. تاج الدين البهوتي. قوله: (في الذمة) أي: غير معين، كأن نذر صوم شهر غير معين، أو عشرة أيام مطلقة، فإنه يستقر في ذمته بمجرد نذره، بخلاف نذر المعين، فإنه لا يستقر قبل مجيئه، وإلى هذا أشار المصنف فيما يأتي بقوله: (ولا يقضى معين مات قبله)، فهو مقابل في الذمة. قوله: (لم يفعل منه شيئا) مفهومه: إنه إذا كان قد فعل منه شيئا، لا يسن لوليه فعل ذلك، ولعل هذا قيد في فعل، وأما إذا كان قد فعل بعضه، فإنه يسن لوليه فعل الباقي. حرره، وانظر هل هو كذلك، أو لا؟ فإنه لم يذكر محترز هذا القيد. لا يقال: سيأتي في المتن: أن من مات وقد فعل بعض واجب معين، سقط الباقي، وهو مقتضى عدم استحباب فعل الباقي عنه؟ لأنا نقول: هذه

مَعَ إمْكَانِ غَيْرِ حَجٍّ سُنَّ لِوَلِيِّهِ فِعْلُهُ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَدُونَهُ وَيَجُوزُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ خَلَّفَ مَالًا وَجَبَ فَيَفْعَلُهُ وَلِيُّهُ أَوْ يَدْفَعُ لِمَنْ يَفْعَلُ عَنْهُ وَيَدْفَعُ فِي صَوْمٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ طَعَامَ مِسْكِينٍ فِي كَفَّارَةٍ ولَا يُقْضَى مُعَيَّنٍ مَاتَ قَبْلَهُ وفِي أَثْنَائِهِ سَقَطَ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ

_ المسألة التي نحن فيها مقيدة بالموت، بعد الإمكان من فعل الكل، وإذا مات في أثنائه، تبين عدم التمكن من فعل الكل. فتدبر. قوله: (مع إمكان) أي: إمكان فعل ما نذره؛ بأن كان دخل وقته ومضى ما يسعه، ولو لم يتمكن منه لمرض وسفر. "حاشية". وبخطه على قوله: (مع إمكان ... إلخ) أي: مع مضي زمان يتسع لما نذره، فإن لم يتسع إلا لبعضه قضى عنه ذلك البعض فقط، كما في "الإقناع". كمن نذر صوم سنة، ومات قبل مضي ثلاثين يوماً، فيصام عنه ما مضى فقط. قوله: (غير حج) وأما ندب قضاء وليه الحج عنه، فلا يشترط وجود إمكان الميت منه قبل موته، بخلاف بقية الصور المذكورة، فيشترط وجود إمكان الميت من فعلها، وتركه تهاوناً، أو كسلاً. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (غير حج) أي: وعمرة، فلا يشترط إمكانهما.

يَصُمْهُ لِعُذْرٍ فَكَالْأَوَّلِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ مُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ وَنَحْوِهِ أُطْعِمَ عَنْهُ

_ قوله: (لعذر) نحو مرض. قوله: (فكالأول) أي: كنذر صوم في الذمة غير معين، مات قبل فعله بعد مضي ما يسعه، من أنه يسن لوليه فعله، وإن خلف مالاً، وجب.

باب صوم التطوع

باب صوم التطوع وَأَفْضَلُهُ يَوْمٍ ويَوْمٍ وَسُنَّ ثَلَاثَةِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَيَّامُ الْبِيضِ أَفْضَلُ وَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ والِاثْنَيْنِ

_ قوله: (وأفضله) أي: أفضل الصوم، صوم يوم، وفطر يوم. قوله: (ويوم) جزء الخبر، ولا يلزم عليه الإخبار بالنقيض؛ لأن الخبر هو المعنى المتصيد من مجموعهما، على حد: الرمان حلو حامض؛ أي: مز، والتقدير هنا: أفضل الصوم صوم يوم بين يومين، وهذا وجه وجيه لا غبار عليه. محمد الخلوتي. فائدة: متى شك في أول الشهر فاعتبر القمر ليلة اثني عشر، فإن غاب مع الفجر، فذاك، أو تقدم عليه بنحو عشر درج، فهو ليلة أحد عشر. قوله: (وخمس عشرة) هذا من باب تسمية خاتمة العدد المخصوص باسم مجموع العدد، كثلاثة وأربعة، وخمسة وعشرة، وألف ومئة، ويراد بها المتمم فقط، فإن أريد مجموع جميع العدد المخصوص، فحقيقة، والأول مجاز، من باب تسمية الجزء باسم الكل. وقولنا: مخصوص، ليخرج الاعتراض المشهور: بأن العدد من خصائصه قبول الزيادة لغير نهاية، فليس لعموم العدد كله خاتمة مخصوصة ومعينة، بل للعدد المخصوص فقط، كعاشر خاتمة لعشرة، أي: آخرها، ومنها أو لتسعة، أي: مصير بها عشرة، أو زائد على كونها تسعة، من باب كون الغاية زائدة على المغيا، والأول من باب كونها جزءاً منه، كثالث ثلاثة، والثاني، كثالث اثنين، وهو كونها زائداً عليه. تاج الدين البهوتي.

والْخَمِيسِ وسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ، وَالْأَوْلَى تَتَابُعُهَا، وعَقِبَ الْعِيدِ وَصَائِمُهَا مَعَ رَمَضَانَ كَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ وصَوْمُ الْمُحَرَّمِ وَآكَدُهُ الْعَاشِرُ وَهُوَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ ثُمَّ التَّاسِعُ وعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَآكَدُهُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهُوَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ وَلَا يُسَنُّ لِمَنْ بِهَا إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ وَقَارِنٍ عَدِمَا الْهَدْيَ ثُمَّ التَّرْوِيَةِ وَكُرِهَ إفْرَادُ رَجَبٍ والْجُمُعَةِ والسَّبْتِ بِصَوْمٍ وصَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَهُوَ الثَّلَاثُونَ مِنْ شَعْبَانَ، إذَا لَمْ يَكُنْ حِينَ التَّرَائِيِ عِلَّةٌ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً، أَوْ يَصِلَهُ بِصِيَامٍ قَبْلَهُ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا والنَّيْرُوزِ

_ قوله: (وعشر ذي الحجة) خلا العيد. قوله: (وكره إفراد رجب) وتزول الكراهة بفطره فيه ولو يوماً، أو بصومه شهراً آخر من السنة. "إقناع". ويجوز صوم الدهر، ولم يكره إذا لم يترك به حقاً، ولا خاف منه ضرراً، ولم يصم يومي العيدين وأيام التشريق. "إقناع" بمعناه. قوله: (والنيروز) هو رابع برج الحمل.

وَالْمِهْرَجَانِ وكُلِّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ أَوْ يَوْمٍ يُفْرِدُونَهُ بِتَعْظِيمٍ وتَقَدُّمُ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ووِصَالٌ إلَّا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إلَى السَّحَرِ وَتَرْكِهِ أَوْلَى وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا عَنْ دَمِ مُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ وَلَا يَوْمِ عِيدٍ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ فصل ومن دخل في تطوع غَيْرِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَمْ يَجِبْ إتْمَامُهُ وَيُسَنُّ وَإِنْ فَسَدَ فَلَا قَضَاءَ وَيَجِبُ إتْمَامُ فَرْضٍ مُطْلَقًا وَلَوْ مُوَسَّعًا كَصَلَاةٍ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَكَفَّارَةٍ وَإِنْ بَطَلَ فَلَا مَزِيدَ وَلَا كَفَّارَةَ وَيَجِبُ قَطْعُ لِرَدِّ مَعْصُومٍ عَنْ مَهْلَكَةٍ وَإِنْقَاذِ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وإذْ دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ قَطْعُهُ لِهَرَبِ غَرِيمٍ، وقَلبه نَفْلًا

_ قوله: (والمهرجان) هو تاسع عشر برج الميزان. قوله: (ويسن) أي: ويكره قطعه بلا حاجة.

فصل أفضل الأيام الجمعة واللَّيَالِي: لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَتُطْلَبُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَأَوْتَارُهُ آكَدُ

_ قوله: (ليلة القدر) بسكون الدال، وفتحها جائز. "مطلع". قوله: (من رمضان) هذا فيه إشارة إلى الصحيح من المذهب من اختصاصها بالعشر الأخيرة. والمذهب أيضاً: أنها تتنقل، فعلى هذا: لو نذر الاعتكاف ليلة القدر، أو علق طلاق زوجته على ليلة القدر، لزمه في الصورة الأولى اعتكاف العشر كلها، وطلقت زوجته في آخر ليلة منها في الثانية. وهذا إن صدر منه ذلك قبل مضي شيء من العشر، فإن نذر أو علق بعد أن مضى ليلة، لم تطلق إلا بمضي العشر كلها من العام الآتي، ولم يف بالنذر إلا باعتكاف ما بقي مع عشرٍ الآتي أيضاً. ثم اعلم: أن الشهر إن كان تاماً، فكل ليلة من العشر وتر، إما باعتبار الماضي، كأحد وعشرين، وثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإما باعتبار الباقي، كالثانية ... إلخ، وإن كان ناقصاً، فالأوتار باعتبار الباقي موافقة لها باعتبار الماضي، كما أفاده شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. فتأمل.

وأَرْجَاهَا سَابِعَتُهُ وَسُنَّ كَوْنٌ مِنْ دُعَائِهِ فِيهَا اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني

_ قوله: (وأرجاها سابعته) لأن ليلة القدر تسعة أحرف ذكرت ثلاثاً، ولأن لفظ: "هي" سبع وعشرون كلمة رسمية؛ إذ السورة ثلاثون، أما نحوية: فنحو خمسين. قال ابن عطية: هذا من ملح التفسير وتمليحه. تاج الدين البهوتي.

صفحة فارغة

كتاب الاعتكاف

كتاب الاعتكاف الاعتكاف: لُزُومُ مُسْلِمٍ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ عَاقِلٍ، وَلَوْ مُمَيِّزًا: مَسْجِدًا وَلَوْ سَاعَةً لِطَاعَةٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَلَا يَبْطُلُ بِإِغْمَاءٍ وَسُنَّ كُلِّ وَقْتٍ وفِي رَمَضَانَ آكَدُ وَآكَدُهُ عَشْرُهُ الْأَخِيرِ وَيَجِبُ بِنَذْرٍ وَإِنْ عَلَّقَ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطٍ تَقَيَّدَ بِهِ وَيَصِحُّ بِلَا صَوْمٍ لَا بِلَا نِيَّةٍ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيَّنَ نَذْرٌ بِهَا وَمَنْ نَوَى خُرُوجَهُ مِنْهُ بَطَلَ

_ كتاب الاعتكاف الاعتكاف لغة: لزوم الشيء. قوله: (لا غسل عليه) فلا يصح من جنب ونحوه، ولو متوضئاً. قاله في "شرح الإقناع". وبخطه أيضا على قوله: (لا غسل عليه) لعله ما لم يحتج إلى اللبث، لجواز اللبث إذن. قوله: (ولو ساعة) أي: أقل زمن ولو لحظة. وبخطه على قوله: (ولو ساعة) ولا يكفي عبوره. "إقناع". قوله: (أو غيره) من العبادات المنذورة. قوله: (بشرط تقيد به) فلا يلزم قبله. قوله: (منه) أي: من الاعتكاف، ولو لم يخرج من المسجد، بخلاف عكسه، كنية مصل فعلا مبطلاً، لكنه لم يفعله، فلا يبطلان به، تاج الدين البهوتي. قوله: (بطل) فاعل (بطل) ضمير عائد على اعتكافه المعلوم من المقام، ففيه الربط باسم الشرط.

وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ بِصَوْمٍ أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا أَوْ بِاعْتِكَافٍ أَوْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا لَزِمَهُ الْجَمْعُ كَنَذْرِ صَلَاةٍ بِسُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا يَجُوزُ لِزَوْجَةٍ وَقِنٍّ اعْتِكَافٌ بِلَا إذْنِ زَوْجٍ وسَيِّدٍ

_ قوله: (أو بصوم) أي: مع صوم، قوله: (أو يعتكف مصلياً) لكن لا يلزمه أن يصلي جميع الزمان إذا نذر أن يعتكف مصلياً، والمراد: ركعة أو ركعتان. "إقناع". قاله في "شرحه" بناء على ما لو نذر الصلاة وأطلق. وإن نذر اعتكاف أيامٍ متتابعة بصوم، فأفطر يوماً، أفسد تتابعه، ووجب الاستئناف، لإخلاله بالاتيان بما نذره على صفته. قاله في "الشرح" انتهى. قوله: (أو يصلي معتكفاً) ويكفيه ركعة أو ركعتان، على ما يأتي. والثاني: المذهب. قوله: (معينة) فلا يجوز غيرها ولو أفضل، كـ "الإخلاص" مع "تبت". قوله: (ولا يجوز لزوجة ... إلخ) أي: ويصح، كما يعلم مما يأتي. وبخطه أيضاً على قوله: (ولا يجوز لزوجة وقن) أي: ومدين وأجير، كهما قياساً. ابن نصر الله. تاج الدين البهوتي.

وَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا مِمَّا شَرَعَا فِيهِ بِلَا إذْنِ أَوْ بِهِ وَهُوَ تَطَوُّعٌ وَلِمُكَاتَبٍ اعْتِكَافٌ بِلَا إذْنِ وحَجٌّ مَا لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ وَمُبَعَّضٌ كَقِنٍّ إلَّا مَعَ مُهَايَأَةٍ فِي نَوْبَتِهِ فكَحُرٍّ فصل ولا يصح ممن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه وَلَوْ مِنْ مُعْتَكِفِينَ إنْ أَتَى عَلَيْهِ فِعْلُ صَلَاةٍ وَإِلَّا صَحَّ بِكُلِّ مَسْجِدٍ كَمِنْ أُنْثَى

_ قوله: (ولهما تحليلهما) أي: تجريدهما وإخراجهما. تاج الدين البهوتي. فإن لم يحللاهما، صح وأجزأ. قاله في "الإقناع". قوله: (بلا إذن) أي: ولو منذوراً. قوله: (إلا بمسجد) استدل على ذلك بقوله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) [البقرة: 187]. وفيه تأمل، إلا أن يضم إلى الآية أمر خارجي، وهو: أنه يحرم الوطء في الاعتكاف، فلو كان الاعتكاف يصح بالمسجد وغيره، لقيل: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون. كذا قرره الشيخ منصور البهوتي. محمد الخلوتي.

وَمِنْهُ ظَهْرُهُ ورَحَبَتُهُ الْمَحُوطَةُ ومَنَارَتُهُ الَّتِي هِيَ فِيهِ أَوْ بَابُهَا فِيهِ ومَا زِيدَ فِيهِ حَتَّى فِي الثَّوَابِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعِنْدَ جَمْعٍ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَيْضًا وَالْأَفْضَلُ لِرَجُلٍ تَخَلَّلَ اعْتِكَافَهُ جُمُعَةٌ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي جَامِعٍ وَيَتَعَيَّنُ إنْ عَيَّنَ بِنَذْرٍ وَلِمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِهِ وَيَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ

_ قوله: (ومنارته) في "مختار الصحاح": المنار: علم الطريق والمنارة التي يؤذن عليها. قوله: (وما زيد) أي: ومن المسجد مطلقاً ما زيد فيه، فيثبت له جميع أحكامه، حتى حكم المضاعفة في الثواب في المسجد الحرام. محمد الخلوتي. قوله: (ويتعين) أي: جنس الجامع لا عينه، ولو لم يتخلله جمعة، حيث لزمته الجمعة. قوله: (ولمن لا جمعة عليه) لعل المراد: أنه لا يتعين في حق من ذكر بالتعيين. وبخطه أيضاً على قوله: (ولمن لا جمعة عليه) كامرأة، ومسافر.

وَمَنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَأَفْضَلُهَا الْحَرَامُ فَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ فالْأَقْصَى فَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا، أَوْ صَلَاةً فِي أَحَدِهَا لَمْ يُجْزِئْهُ فِي غَيْرِهِ إلَّا أَفْضَلَ مِنْهُ وَمَنْ نَذَرَ زَمَنًا مُعَيَّنًا شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِهِ وَتَأَخَّرَ حَتَّى يَنْقَضِيَ وتَابَعَ لَوْ أَطْلَقَ ونَذَرَ عَدَدًا فَلَهُ تَفْرِيقُهُ مَا لَمْ يَنْوِ تَتَابُعًا وَلَا تَدْخُلُ لَيْلَةُ يَوْمٍ نَذَرَ كَيَوْمُ لَيْلَةٍ

_ قوله: (إلا أفضل منه) أي: إن وجد. قوله: (قبل دخوله) فلو نذر اعتكاف العشر الأخيرة من رمضان، دخل قبل غروب شمس العشرين ولم يخرج إلا ليلة. قوله: (ومن نذر عدداً) ولو ثلاثين. قوله: (ولا تدخل ليلة يوم نذر) لأن المفهوم من لفظ اليوم، الاتصال بالساعات. قال الخليل: إن اليوم عندهم: اسم لما بين طلوع الفجر، وغروب الشمس. انتهى. تاج الدين البهوتي.

وَمَنْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُهُ بِسَاعَاتٍ مِنْ أَيَّامٍ وَمَنْ نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا تَابَعَ وَمَنْ نَذَرَ يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مُتَتَابِعَةٍ لَزِمَهُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فصل يحرم خروج من لزمه تتابع مُخْتَارًا ذَاكِرًا إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَإِتْيَانِهِ بِمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ لِعَدَمِ وَكَقَيْءِ بَغْتَةٍ أَوْ غُسْلِ مُتَنَجِّسٍ يَحْتَاجُهُ

_ قوله: (ومن نذر يوماً) وكذا ليلة. قوله: (من أيام) فلو كان في وسط النهار فقال: لله علي أن أعتكف يوماً من وقتي هذا، لزمه من ذلك الوقت إلى مثله، ولا يدخل الليل. "إقناع". قوله: (مطلقاً) أي: غير معين؛ بأن لم يقل: رمضان مثلاً، بل قال: شهراً. قوله: (تتابع) كمن نذر اعتكاف شهر، أو أيام متتابعة. قوله: (إلا لما لا بد منه) يعني: فإنه لا يحرم، بل ربما تعين، فليس المراد من نفي الحرمة ثبوت الأعم من الإباحة والكراهية. محمد الخلوتي. قوله: (كإتيانه بمأكل ... إلخ) علم منه: أنه لا يجوز خروجه؛ لأجل أكله وشربه في بيته، وصرح به في "الإقناع".

وَكَبَوْلٍ وَغَائِطٍ وَطَهَارَةٍ وَاجِبَةٍ وَلَهُ الْمَشْيُ عَلَى عَادَتِهِ وقَصْدُ بَيْتِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَلِيقُ بِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا مِنَّةٍ وغُسْلُ يَدِهِ بِسُجَّدٍ

_ قوله: (وكبول) انظر ما فائدة الفصل بالجار، وقد يقال: إنه للتنبيه على أنه معطوف على: (إتيان) لا على: (متنجس)؛ لأنه يصير لا فائدة له، لدخوله في عموم المتنجس. محمد الخلوتي. قوله: (وطهارة واجبة) أي: لحدث أكبر أو أصغر، وأما الاستنجاء، فينبغي دخوله في قوله: (وغسل متنجس يحتاجه) وظاهره: ولو قبل دخول وقت صلاة، وصرح به في "الإقناع". وبخطه أيضاً على قوله: (واجبة) أي: لا نحو غسل جمعة، وتجديد وضوء. قوله: (على عادته) أي: من غير عجلة. قوله: (إن لم يجد مكاناً يليق به) كميضأة لا يحتشم مثله منها، ولا نقص عليه في دخولها، قالوا: ولا مخالفة لعادته، وفيه نظر. قاله في "الفروع"، ويلزمه قصد أقرب منزليه، لا إن بذل له صديقه أو غيره منزله القريب، للمشقة بترك المروءة والاحتشام منه.

فِي إنَاءٍ مِنْ وَسَخٍ وَزَفَرٍ وَنَحْوِهِمَا لَا بَوْلٌ، وفَصْدٌ، وحِجَامَةٌ بِإِنَاءٍ فِيهِ أَوْ فِي هَوَائِهِ وَكَجُمُعَةٍ وَشَهَادَةٍ لَزِمَتَاهُ وَكَمَرِيضٍ وَجِنَازَةٍ تَعَيَّنَ خُرُوجٌ إلَيْهِمَا وَلَهُ شَرْطُ خُرُوجٍ إلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْهُنَّ وَمِنْ كُلِّ قُرْبَةٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ أَوْ مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ كَعَشَاءٍ وَمَبِيتٍ بِمَنْزِلِهِ لَا الْخُرُوجِ إلَى التِّجَارَةِ، أَوْ التَّكَسُّبِ بِالصَّنْعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِمَا وَسُنَّ أَنْ لَا يُبَكِّرَ لِجُمُعَةٍ، ولَا يُطِيلَ الْمَقَامَ بَعْدَهَا وَكَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ تَعَيَّنَ نَفِيرٌ وإطْفَاءُ حَرِيقٍ وإنْقَاذُ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ مَرَضٌ شَدِيدٌ وخَوْفٌ مِنْ فِتْنَةٍ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حُرْمَتِهِ، أَوْ مَالِهِ

_ قوله: (في إناء) ليفرغ خارج المسجد. قوله: (ونحوهما) كقيام من نوم ليل. قوله: (لم تتعين) كزيارة رحم، أو صديق. قوله: (ولا يطيل المقام بعدهما) وله التبكير وإطالة المقام بعدها، ولا يكره لصلاحية الموضع للاعتكاف. قوله: (تعين ... إلخ) بأن احتيج إليه. قوله: (نفير) أي: لنحو عدو فجأهم. قوله: (ونحوه) كرد أعمى عن بئر أو حية. قوله: (ومرض شديد) يتعذر المقام معه، أو لا يمكنه إلا بمشقة شديدة؛ بأن يحتاج إلى خادم أو فراشٍ، لا لمرض خفيف، كصداع وحمى خفيفة.

وَنَحْوِهِ وحَاجَةُ لِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ وعِدَّةُ وَفَاةٍ وَتَحَيُّضُ بِخِبَاءٍ فِي رَحَبَتِهِ إنْ كَانَتْ وَأَمْكَنَ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا بِبَيْتِهَا وَكَحَيْضٍ نِفَاسٌ وَيَجِبُ فِي وَاجِبٍ رُجُوعٌ بِزَوَالِ عُذْرٍ فَإِنْ أَخَّرَ عَنْ وَقْتِ إمْكَانِهِ فَكَمَا لَوْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَلَا يَضُرُّ تَطَاوُلُ مُعْتَادٍ، وَهُوَ حَاجَةُ الْإِنْسَانِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجُمُعَةِ وَيَضُرُّ فِي غَيْرِ مُعْتَادٍ، كَنَفِيرٍ وَنَحْوِهِ فَفِي نَذْرٍ مُتَتَابِعٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ يُخَيَّرُ بَيْنَ بِنَاءٍ وَقَضَاءِ مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ

_ قوله: (ونحوه) كنهب بمحلته. قوله: (وحاجة ... إلخ) أي: حاجة كبيرة. قوله: (وعدة وفاة) أي: إذا مات زوج معتكفة، فلها الخروج لتعتد في منزلها، لوجوبه بأصل الشرع. قوله: (وتتحيض) أي: استحباباً. قوله: (في رحبته) أي: غير المحوطة. قوله: (وإلا) تحيضت ببيتها. قوله: (معتاد) يعني: فيبني بلا قضاء ولا كفارة؛ لأنه كالمستثنى. قوله: (ويضر) أي: تطاول. قوله: (ففي نذر متتابع) كشهر، أي: إذا علم أنه يضر تطاول العذر الغير المعتاد، ففي نذر ... إلخ. قوله: (يخير بين بناء ... إلخ) التخيير بين البناء

أَوْ اسْتِئْنَافِ وَفِي مُعَيَّنٍ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ وَفِي أَيَّامٍ مُطْلَقَةٍ بِلَا كَفَّارَةٍ لَكِنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فصل وإن خرج لما لا بد منه فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ سَأَلَ عَنْ مَرِيضٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يُعَرِّجْ أَوْ يَقِفْ لِذَلِكَ أَوْ دَخَلَ مَسْجِدًا يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ أَقْرَبَ إلَى مَحَلِّ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ خَرَجَ إلَيْهِ

_ والاستئناف، وأما قوله: (وقضاء)، فهو تتميم لحاجة البناء، وليس طرفا مستقلا. محمد الخلوتي. قوله: (أو استئناف) أي: بلا كفارة. قوله: (وفي معين) كشهر رمضان. قوله: (ويكفر) أي: كفارة يمين. قوله: (مطلقة) كعشرة أيام، ولم يقل: متتابعة، ولم ينوه. قوله: (ذلك اليوم) أي: الذي خرج فيه. قوله: (أو اشترى) أي: ولم يعرج ولم يقف، جاز. قوله: (ولم يعرج) أي: يعطف. قوله: (وإن كان أبعد) أي: بطل. قوله: (أو خرج إليه) أي

ابْتِدَاءً أَوْ تَلَاصَقَا وَمَشَى فِي انْتِقَالِهِ خَارِجًا عَنْهُمَا بِلَا عُذْرٍ أَوْ خَرَجَ لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ، وَأَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ أَوْ سَكِرَ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ خَرَجَ كُلُّهُ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ، وَلَوْ قَلَّ بَطَلَ وَيَسْتَأْنِفُ مُتَتَابِعًا بِشَرْطٍ أَوْ نِيَّةٍ إنْ كَانَ عَامِدًا مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا بِحَقٍّ وَلَا كَفَّارَةَ وَيَسْتَأْنِفُ مُعَيَّنًا قُيِّدَ بِتَتَابُعٍ أَوْ لَا وَيُكَفِّرُ وَيَكُونُ قَضَاءُ كُلٍّ واسْتِئْنَافُهُ عَلَى صِفَةِ أَدَائِهِ فِيمَا يُمْكِنُ

_ إلى المسجد الثاني لا بقيد الأبعد. قوله: (ابتداء) أي بلا عذر. قوله: (ويستأنف) أي: حيث بطل اعتكافه. قوله: (إن كان عامداً) يعني: فاعل ما تقدم من المبطلات. قوله: (أو مكرهاً بحق) أي: فيما إذا خرج لحق أمكنه الخروج منه، وأما السكر، فلا يتأتى فيه الإكراه بحق، ومفهومه: أنه إذا لم يتعمد، أو أكره بغير حق، لا يفسد اعتكافه. قوله: (فيما يمكن) أي: من صوم وصلاة نذرا فيه مثلاً، أو أحد المساجد الثلاثة حيث عينه، وأما لو نذر اعتكافا في شهر رمضان، ثم أفسده، فهل يلزمه قضاؤه في مثل تلك الأيام؟ على وجهين، وظاهر كلام أحمد: لزومه، وعلى هذا: لو نذر اعتكاف عشرة أيام، فشرع في اعتكافها في أول العشر الأواخر، ثم أفسده، لزمه قضاؤه في العشر من قابل، لأن اعتكاف العشر لزمه بالشروع عن

وَيَفْسُدُ إنْ وَطِئَ وَلَوْ نَاسِيًا فِي فَرْجٍ أَوْ أَنْزَلَ بِمُبَاشَرَةٍ دُونَهُ وَيُكَفِّرُ لِإِفْسَادِ نَذْرِهِ لَا لِوَطْئِهِ فصل يسن تشاغله بالقرب واجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ لَا إقْرَاءُ قُرْآنٍ،

_ نذره. هذا معنى ما في "شرح الإقناع"، نقلاً عن ابن رجب في "القاعدة" الحادية والثلاثين، وقوله: لأن اعتكاف العشر لزمه بالشروع عن نذره: إنما يظهر حيث شرطها متتابعة أو نواه. قوله: (لا لوطئه) أي: ولو كان التكفير للوطء نفسه، لا لأجل النذر للزمت الكفارة به، ولو كان الاعتكاف غير منذور. قوله: (ما لا يعنيه) بفتح الياء، ولا يجوز ضمها. قال الجوهري: أي: ما لا يهمه، والله أعلم. "مطلع".

وعِلْمٍ وَمُنَاظَرَةٍ فِيهِ وَيُكْرَهُ الصَّمْتُ إلَى اللَّيْلِ، وَإِنْ نَذَرَهُ لَمْ يَفِ بِهِ وَيَحْرُمُ جَعْلُ الْقُرْآنِ بَدَلًا عَنْ الْكَلَامِ وَيَنْبَغِي لِمَنْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ مُدَّةَ لُبْثِهِ

_ قوله: (ومناظرة) لكن فعله لذلك أفضل من الاعتكاف، لتعدي نفعه. "إقناع". قوله: (ويكره الصمت إلى الليل ... إلخ). وقال الموفق: ظاهر الأخبار: تحريمه، وجزم به في "الكافي"، والتحقيق كما في "الاختيارات": أنه يحرم إذا تضمن ترك كلام واجب، أو تبعد به عن الكلام المستحب، وأنه يجب عن الكلام المحرم، ويسن عن الفضول، ويكره عن المستحب. فتدبر. قوله: (وينبغي لمن قصد المسجد) قال في "الإقناع": للصلاة أو غيرها. قال في "شرحه": قلت: إلا لإقراء قرآن أو علم ونحوه، إن قلنا يكره للمعتكف. انتهى.

صفحة فارغة

كتاب الحج

كتاب الحج الحج: فَرْضُ كِفَايَةٍ كُلَّ عَامٍ وَهُوَ لُغَةً قَصْدُ مَكَّةَ لِعَمَلٍ مَخْصُوصٍ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ وَالْعُمْرَةُ زِيَارَةُ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَيَجِبَانِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً بِشُرُوطٍ وَهِيَ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَبُلُوغٌ، وَكَمَالُ حُرِّيَّةٍ وَيَجْزِيَانِ مِنْ أَسْلَمَ أَوْ أَفَاقَ ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ بَلَغَ

_ كتاب الحج الفتح: أشهر عكس ذي الحجة. فرض الحج سنة تسع عند الأكثر، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته سوى حجة واحدة، وهي: حجة الوداع، ولا خلاف أنها كانت سنة عشر، وكان قارناً، نصا، قاله في "الإقناع". وإنما سميت حجته بحجة الوداع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها، وقال: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب". قاله القاضي عياض. قوله: (ويجبان) أي: على الفور، كما سيأتي في المتن. قوله: (إسلامٌ، وعقل) شرطا وجوب وصحة. قوله: (بلوغ وكمال حرية) شرطا وجوب وإجزاء. قوله: (من أسلم) وهو حر مكلف، ثم أحرم بحج أو عمرة. قوله: (أو أفاق) أي: وهو حر مسلم قوله: (أو بلغ) حر صغير محرماً.

أَوْ عَتَقَ مُحْرِمًا قَبْلَ دَفْعٍ مِنْ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ إنْ عَادَ فَوَقَفَ فِي وَقْتِهِ أَوْ قَبْلَ طَوَافِ عُمْرَةٍ كَمَنْ أَحْرَمَ إذَنْ وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِإِحْرَامٍ وَوُقُوفٍ مَوْجُودَيْنِ إذَنْ وَأَنَّ مَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ لَمْ يَنْقَلِبْ فَرْضًا وَقَالَ جَمَاعَةٌ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مَوْقُوفًا فَإِذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ تَبَيَّنَ فَرْضِيَّتُهُ وَلَا يُجْزِئُ مَعَ سَعْيِ قِنٍّ وَصَغِيرٍ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ قَبْلَ وَقُوفٍ وَلَوْ أَعَادَهُ بَعْدَ مِنْ صَغِيرٍ وَيُحْرِمُ وَلِيٌّ وَلَوْ مُحْرِمًا أَوْ لَمْ

_ قوله: (أو عتق) قن مكلف. قوله: (قبل طواف عمرة) أي: قبل الشروع فيه. قوله: (إذن) أي: حال البلوغ والعتق. قوله: (ولا يجزيء) أي: الحج. قوله: (قن وصغير) مفردين أو قارنين، لأنهما اللذان يتأتى في حقهما ذلك، دون التمتع. قوله: (في مال) يعني: من أب، ثم وصيه، ثم حاكم.

يَحُجَّ ومُمَيِّزٌ بِإِذْنِهِ عَنْ نَفْسِهِ ويَفْعَلُ وَلِيٌّ مَا يُعْجِزُهُمَا لَكِنْ لَا يَبْدَأُ فِي رَمْيِ إلَّا بِنَفْسِهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِرَمْيِ حَلَالٍ وَيُطَافُ بِهِ لِعَجْزِهِ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا وَيُعْتَبَرُ نِيَّةُ طَائِفٍ بِهِ وَكَوْنَهُ يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ الْإِحْرَامَ لَا كَوْنُهُ طَائِفًا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا مُحْرِمًا وَكَفَّارَةُ حَجٍّ وَمَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ فِي مَالِ وَلِيِّهِ إنْ أَنْشَأَ السَّفَرَ بِهِ تَمْرِينًا عَلَى الطَّاعَةِ وَإِلَّا فَلَا وَعَمْدُ صَغِيرٍ مَجْنُونٍ خَطَأٌ لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا مَا يَجِبُ

_ قوله: (ويفعل ولي ... إلخ) أي: بنفسه أو نائبه. ذكره منصور البهوتي في "شرحه" فيما يأتي. قوله: (لكن لا يبدأ في رمي ... إلخ) وإن أمكن الصغير أن يناول النائب الحصى، ناوله، وإلا استحب أن توضع الحصاة بكفه، ثم تؤخذ فترمى عنه. قوله: (إلا بنفسه) إن كان فرضاً، فلو رمى عن موليه، وقع عن نفسه. قوله: (به) أي: إن لم يكن مميزاً. قوله: (أن يعقد له الإحرام) بأن يكون وليه، أو نائبه. منصور البهوتي. قوله: (لا كونه طاف عن نفسه) أشار في "الإقناع" إلى الفرق بينه وبين الرمي؛ بأن الطواف وجد من الصغير كمريض محمول، ولم يوجد من حامل إلا النية، بخلاف الرمي، قوله: (وإلا) أي بأن سافر به لتجارة، أو علم، أو إقامة بمكة، فلا يجب على الولي شيء من الكفارة، والزائد على نفقة الحضر. قوله: (ومجنون) أي: طرأ جنونه بعد الإحرام.

فِي خَطَإِ مُكَلَّفٍ، أَوْ نِسْيَانِهِ وَإِنْ وَجَبَ فِي كَفَّارَةٍ عَلَى وَلِيٍّ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ

_ قوله: (في خطأ مكلف) فيفدي لإزالة شعر، وتقليم ظفر، وقتل صيد، ووطء، بخلاف طيبٍ، ولبس مخيط، وتغطية رأسٍ. وما وجب من ذلك، ففيه التفصيل السابق، أي: من كونه على الولي أو الصغير، وكذا ما يفعله به الولي لمصلحة. فتدبر، وتمهل. قوله: (أو نسيانه) قال المجد: أو فعله به الولي لمصلحة، كتعطية رأسه لبردٍ، أو تطبيبه لمرض، فأما إن فعله الولي لعذر، فكفارته عليه، كحلق رأس محرم بغير إذنه. قوله: (صام عنه) المتبادر من عبارته: أن الصوم عن الصغير، وهو مناقض لقوله: (وجب على ولي) والحاصل: أن صوم كفارة واجبة على الولي، واجب على الولي، وصوم كفارة في مال الصبي، واجب على الصبي إذا بلغ، كما ذكره منصور البهوتي. وفي "المبدع": متى دخل في الكفارة اللازمة للولي صوم، صام عن نفسه. وهي ظاهرة لا غبار عليها، فيتعين حمل ما هنا على ذلك؛ بأن يراد بقوله: (عنه) أي: عن ذلك الواجب،

وَوَطْؤُهُ كَبَالِغٍ نَاسِيًا، يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ وَيَقْضِيهِ إذَا بَلَغَ فصل ويصحان مِنْ قِنٍّ وَيَلْزَمَانِهِ بِنَذْرِهِ وَلَا يُحْرِمَ وَلَا زَوْجَةٌ بِنَفْلٍ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدٍ وَزَوْجٍ

_ اللهم إلا أن يقال: معنى كونه عن الصغير: أن الوجوب إنما جاء من جهته، فنسب إليه. وفي "التنقيح" و "الإقناع": وإن وجب في كفارة صوم، صام الولي. وفيها عموم غير مراد، بقرينة أنه جزم في "الإنصاف" بما قاله في "الفروع" الذي جزم به المصنف هنا غير حاك فيه خلافاً. قاله منصور البهوتي. ولعل هذا حكمة عدول المصنف عما في "التنقيح" مع كونه التزمه أولاً، فما هنا أولى من عبارتهما على ما فيه. فتأمل. قوله: (إذا بلغ) ولا يصح قبله، ونظيره وطء مجنون يوجب الغسل عليه، ولا يصح منه إلا بعد إفاقته، لكن إذا أراد القضاء بعد بلوغ، قدم حجة الإسلام، فلو أحرم بالمقضية، انصرف إلى حجة الإسلام، ثم يقضي بعد ذلك. قوله: (ولا يحرم ... إلخ) أي: يحرم مع الصحة، ومثل القن المدبر وأم الولد، وتقدم حكم مكاتب، ومبعض.

فَإِنْ عَقَدَاهُ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا وَيَكُونَانِ كَمُحْصَرٍ وَيَأْثَمُ مَنْ لَمْ يَمْتَثِلْ لَا مَعَ إذْنِهِ وَيَصِحُّ رُجُوعٌ فِيهِ قَبْلَ إحْرَامٍ وَلَا بِنَذْرٍ أَذِنَ فِيهِ لَهُمَا أَوْ لَمْ يَأْذَنَ فِيهِ لَهَا وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ حَجِّ فَرْضٍ كَمُلَتْ شُرُوطُهُ فَلَوْ لَمْ تَكْمُلْ وأَحْرَمَتْ بِهِ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا وَمَنْ أَحْرَمَتْ بِوَاجِبٍ فَحَلَفَ زَوْجُهَا، وَلَوْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا تَحُجَّ الْعَامَ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَحِلَّ

_ قوله: (فلهما تحليلهما) أي: أخراجهما من الإحرام، لكن لا يخرجان بذلك بدليل قوله: (ويأثم من لم يمتثل) وله وطء زوجة وأمة أحرمتا بلا إذنه، بنفل إذا أمرهما بالتحلل وخالفتا. قوله: (قبل إحرام) أي: فله التحليل إذن، وإن لم يعلم من أحرم بالرجوع. قوله: (كملت شروطه) أي: ويستحب استئذانه. قوله: (فلو لم تكمل) أي: شروط الوجوب، بل شروط الإجزاء، أعني: سوى الاستطاعة، بدليل أنه لو كان نفلاً في حق غير المستطيعة لملك تحليلها. والحاصل: أنه متى أحرم المسلم الحر المكلف الغير المستطيع، فإنه يلزمه المضي فيه، ويجزيء ذلك عن حجة الفرض، بحيث إنه لو استطاع بعد ذلك لم تلزمه إعادته رجلاً كان أو امرأة. قوله: (بواجب) أي: حج أو عمرة، ولو بنذر. "شرح". قوله: (لم يجز أن تحل) وعنه: كمحصر.

وَإِنْ أَفْسَدَ قِنٌّ حَجَّهُ بِوَطْءٍ مَضَى وَقَضَاهُ وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ فِي رِقِّهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إنْ شَرَعَ فِيمَا أَفْسَدَهُ بِإِذْنِهِ وَإِنْ عَتَقَ أَوْ بَلَغَ الْحُرُّ فِي الْحِجَّةِ الْفَاسِدَةِ فِي حَالٍ يُجْزِئُهُ عَنْ حِجَّةِ الْفَرْضِ لَوْ كَانَتْ صَحِيحَة مَضَى وَأَجْزَأَتْهُ حَجَّةُ الْقَضَاءِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، والْقَضَاءِ وَقِنٌّ فِي جِنَايَتِهِ كَحُرٍّ مُعْسِرٍوَإِنْ تَحَلَّلَ بِحَصْرِ أَوْ حَلَّلَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ قَبْلَ الصَّوْمِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُوَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ وَإِنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ صَامَ وَكَذَا إنْ تَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ

_ قوله: (ويصح القضاء في رقه) فلو عتق قبله، لزم أن يبدأ بحجة الإسلام، فإن خالف، فكحر يبدأ بنذر أو غيره قبل حجة الإسلام، فيقع عن حجة الإسلام، ثم يقضي في القابل. قوله: (فيما أفسده بإذنه) فيه مضاف محذوف تقديره: في قضاء حج أفسده. وقوله: (بإذنه) صفة ثانية، والمعنى: في قضاء حج مأذون فيه فسد بوطء، وعمرة كحج، فإن قوله: (فيما أفسده) صادق بهما. قوله: (وإن عتق) أي: القن. قوله: (كحر معسر) أي: يفدي بصوم. قوله: (فلسيده) المراد: أنه يسن، كما تقدم في قضاء رمضان. قوله: (صام) عشرة أيام عن البدنة. قوله: (وكذا إن تمتع) أي: فيفدي بصوم.

وَمُشْتَرِي الْمُحْرِمِ كَبَائِعِهِ فِي تَحْلِيلِهِ وعَدَمِهِ وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهُ وَلِكُلٍّ مِنْ أَبَوَيْ مَنْعُهُ مِنْ إحْرَامٍ بِنَفْلِ كَجِهَادٍ وَلَا يُحَلِّلَانِهِ وَلَا غَرِيمٌ مَدِينًا وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ سَفِيهٍ بَالِغٍ وَعُمْرَتِهِ وَلَا تَحْلِيلُهُ وَيَدْفَعُ نَفَقَتَهُ إلَى ثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ وَيَتَحَلَّلُ بِصَوْمٍ إذَا أَحْرَمَ بِنَفْلٍ إنْ زَادَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفَقَةِ الْإِقَامَةِ، وَلَمْ يَكْتَسِبْهَا الِاسْتِطَاعَةُ وَلَا تَبْطُلُ بِجُنُونٍ

_ قوله: (في تحليله) أي: إن أحرم بلا إذن. قوله: (إن لم يعلم) إحرامه. قوله: (من إحرام بنفل) ولا يعتبر إذنهما في نفل، وصوم، وصلاة حضرا، وكذا سفر واجب، كحج وعلم، وتجب طاتهما في غير معصية. قال الشيخ تقي الدين: فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه، ولو شق عليه. قوله: (من حج الفرض) أي: وعمرته. قوله: (ولم يكتسبها) أي: الزيادة قوله: (الخامس ... إلخ) شرط للوجوب، لا للإجزاء. قوله: (ولا تبطل بجنون) أي: فيحج عنه.

وَهِيَ مِلْكُ زَادٍ يَحْتَاجُهُ ووِعَائِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إنْ وَجَدَهُ بِالْمَنَازِلِ وَمِلْكُ رَاحِلَةٍ بِآلَتِهَا أَوْ كِرَاءٍ يَصْلُحَانِ لِمِثْلِهِ فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ لَا فِي دُونِهَا

_ قوله: (ملك زاد) يعني: ذهابا وإياباً، من مأكول، ومشروب، وكسوة. قوله: (يحتاجه) ظاهر كلامه: لا يعتبر أن يكون صالحاً لمثله. قال في "الإنصاف": وهو صحيح. وفي "الفروع": يتوجه احتمال أنه كالراحلة. انتهى. وجزم به في "الوجيز". قاله في "شرح الإقناع". قوله: (إن وجد بالمنازل) يعني: بثمن مثله، أو زائد يسيرا. "شرح". قوله: (وملك راحلة) يعني: ولو بكراء. قوله: (في مسافة قصر) هو متعلق بملك راحلة، وأما الزاد، فيعتبر مطلقاً، أي: قربت المسافة أو بعدت حيث احتاج إليه، ولعل هذا هو السر في إعادة العامل، أعني: قوله: (ملك). قوله: (لا في دونها) في إدخال "في" على "دون" نظر، فإنها من الظروف الغير المتصرفة التي لا تخرج عن النصب على الظرفية إلا إلى الجر بـ "من" خاصة، ثم رأيته

إلَّا لِعَاجِزٍ وَلَا يَلْزَمُهُ حَبْوًا وَلَوْ أَمْكَنَهُ أَوْ مَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ كُتُبِ ومَسْكَنٍ وخَادِمٍ ومَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ إنْ فَضَلَ عَنْهُ وَأَمْكَنَ بَيْعُهُ وشِرَاءُ مَا يَكْفِيهِ وَيَفْضُلُ مَا

_ في "الصحاح" قال: إنها تستعمل بمعنى: أقرب، وعبارته: ويقال: هو دون ذاك: أي: أقرب منه. فأوقعها خبراً، وجعل هذا المعنى مقابلا لاستعمالها ظرفاً، وهنا يمكن، بل الأقرب أن تكون بمعنى أقرب، فلا اعتراض على المصنف، وأيضاً فقد قريء: (ومنا دون ذلك) [الجن: 11] بالرفع على كونها مبتدأ، وهو أولى في الاستدلال. محمد الخلوتي. قوله: (إلا لعاجز) عن مشي. قوله: (فاضلا) أي: حال كون ذلك المذكور من الزاد والراحلة بآلتهما فاضلا ... إلخ، فلو استغنى بإحدى نسختين من كتاب مثلا باع الأخرى. قوله: (ومسكن) للسكنى، أو يحتاج لأجرته، لنفقته ونفقة عياله، وما لا بد منه من نحو لباس، وفراش، وبضاعة يختل ربحها المحتاج إليه. قوله: (لكن إن فضل عنه ... إلخ) يعني: أنه إذا زاد نحو المسكن عن حاجة بأن كان واسعاً، أو الخادم نفيسا فوق ما يصلح له، وأمكن بيعه وشراء قدر الكفاية منه، ويفضل ما يحج به، لزمه ذلك. ويقدم النكاح مع

يَحُجُّ بِهِ لَزِمَهُ وقَضَاءِ دَيْنٍ ومُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ عَلَى الدَّوَامِ عَنْ عَقَارٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ وَنَحْوهَا وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ لَهُ وَمِنْهَا سَعَةُ وَقْتٍ وأَمْنُ طَرِيقٍ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ وَلَوْ بَحْرًا أَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ

_ عدم الوسع، من خاف العنت، نصاً، وكذا من احتاج 'ليه، كما جزم به في "الإقناع". قوله: (وقضاء دين) أي: حال، أو مؤجل. قوله: (ومنها: سعة) وعنه: أن سعة الوقت، وأمن الطريق، وقائد الأعمى، ودليل الجاهل، من شرائط لزوم الأداء، اختاره الأكثر، فيأثم إن لم يعزم على الفعل، كما نقول في طريان الحيض، فالعزم على العبادات مع العجز، يقوم مقام الأداء في عدم الإثم. "إقناع". وبخطه على قوله: (سعة وقت) فلو شرع وقت وجوبه، فمات في الطريق، تبينا عدم وجوبه، لعدم وجود الاستطاعة، أي: فلا يجب أن يحج عنه من تركته، وهو مخالف؛ لأن قاعدة إمكان الأداء في العبادة ليس شرطا. وبخطه على قوله: (ومنها: سعة وقت) أي: إمكان المسير؛ بأن تكمل الشروط، وفي الوقت سعة، بحيث يتمكن من المسير لأدائه، فلو أمكنه أن يسير سيراً مخالفا للعادة، لم يلزمه.

بِلَا خِفَارَةٍ يُوجَدَ فِيهِ الْمَاءُ وَالْعَلَفُ عَلَى الْمُعْتَادِ ودَلِيلٌ لِجَاهِلٍ وقَائِدٌ لِأَعْمَى وَيَلْزَمُهُمَا أُجْرَةُ مِثْلِهِمَا فَمَنْ كَمُلَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ السَّعْيُ عَلَيْهِ فَوْرًا وَالْعَاجِزُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ لِثِقَلٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ رُكُوبِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ أَوْ لِكَوْنِهِ نِضْوَ الْخِلْقَةِ لَا يَقْدِرُ

_ قوله: (بلا خفارة) ظاهره: ولو يسيرة؛ لأنها نكرة في سياق النفي، وعليه الجمهور. وفي "الإقناع": فإن كانت يسيرة، لزمه، قاله الموفق والمجد، وزاد: إذا أمن الغدر من المبذول له، ولعله مراده من أطلق. انتهى. قوله: (يوجد فيها) أي: في الطريق، وفي بعض النسخ (فيه) أي: الطريق، فإنه يذكر ويؤنث، والجملة إما حال من طريق، لوصفه بقوله: (يمكن سلوكه)، أو صفة بعد صفة. قوله: (ويلزمهما ... إلخ) أي: الجاهل، والأعمى. قوله: (أجرة مثلهما) أي: الديل، والقائدد. قوله: (ذلك) أي: المتقدم من الشروط الخمسة. قوله: (والعاجز ... إلخ) يعني: عن السعي. قوله: (نضو الخلقة) أي: وهو: المهزول، ويسمى العاجز عن السعي لزمانة ونحوها: المعضوب، من العضب بمهملة فمعجمة وهو القطع، كأنه قطع لما عجز عن كمال الحركة

ثُبُوتًا عَلَى رَاحِلَةٍ إلَّا بِمَشَقَّةٍ غَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ عَنْهُ فَوْرًا مِنْ بَلَدِهِ وَأَجْزَأَ عَمَّنْ عُوفِيَ لَا قَبْلَ إحْرَامِ نَائِبِهِ وَيَسْقُطَانِ عَمَّنْ يَجِدُ نَائِبًا وَمَنْ لَزِمَهُ فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ

_ والتصرف، ويقال: بالصاد المهملة، كأنه ضرب على عصبه، فانقطعت أعضاؤه. قاله ابن جماعة في "مناسكه"، نقله عنه في "شرح الإقناع". قوله: (يلزمه أن يقيم ... إلخ) ويكفي أن ينوي النائب المستنيب، وإن لم يسن لفظاً، وإن نسي اسمه ونسبه، نوى من دفع إليه المال ليحج عنه. قوله: (من يحج ... إلخ) أي: ولو امرأة عن رجل، بلا كراهة. قوله: (عمن عوفي) يعني: بعد إحرام نائبه، ولو قبل فراغه من النسك. وبخطه على قوله: (عمن عوفي) أي: من نحو مرض. قوله: (لا قبل إحرام نائبه) وهل يقع الحج إذن عن المستنيب وتلزمه النفقة، أم عن النائب فيرد النفقة؟ الأول: أظهر. وعليه فيعايا بها، فيقال: شخص صح نفل حجه قبل فرضه؟ ! قوله: (ومن لزمه ... إلخ) أي: ولو بنذر. قوله: (ولو قبل التمكن) أي: لنحو حبس مع سعة الوقت، وإلا فلا يلزمه، لما تقدم من أن سعة الوقت من الاستطاعة، ولا وجوب بدونها. قوله: (من جميع ماله) أي: لا من الثلث.

حِجَّةً وَعُمْرَةً مِنْ حَيْثُ وَجَبَا وَيُجْزِئُ مِنْ أَقْرَبِ وَطَنَيْهِ ومِنْ خَارِجِ بَلَدِهِ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَيَسْقُطُ بِحَجِّ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ لَا عَنْ حَيٍّ بِلَا إذْنِهِ وَيَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ نَفْلًا وضَاقَ مَالُهُ أَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ أَخَذَ لِحَجٍّ بِحِصَّتِهِ وَحَجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ وَإِنْ مَاتَ أَوْ نَائِبُهُ بِطَرِيقِهِ حَجَّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ مَاتَ فِيمَا بَقِيَ مَسَافَةً وَقَوْلًا وَفِعْلًا وَإِنْ صَدَّ فَعَلَ مَا بَقِيَ

_ قوله: (وطنيه) أي: الميت، وكذا المعضوب. قوله: (إلى دون مسافة) لأنه في حكم الحضر، ولا يجوز، بل لا يجزيء مما فوقها. قوله: (ويسقط بحج ... إلخ) أي: وكذا العمرة. قوله: (أجنبي) أي: ويرجع بما أنفق، كما في "الإقناع" في الصوم قبيل التطوع. قوله: (بلا إذنه) بخلاف دين؛ لأنه عبادة. قوله: (عن نفسه) أي: الحاج. قوله: (ولو نفلا) عن محجوج عنه. قوله: (وإن صد) يعني: بعد إحرام فاعل.

وَإِنْ وَصَّى بنَفْلٍ وَأَطْلَقَ جَازَ مِنْ مِيقَاتِهِ مَا لَمْ تَمْنَعْ قَرِينَةٌ وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجٌّ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا عَنْ نَذْرِهِ، وَلَا نَافِلَتِهِ فَإِنْ فَعَلَ انْصَرَفَ إلَى حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِنَذْرِ أَوْ نَفْلٍ مَنْ عَلَيْهِ حِجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا وَالنَّائِبُ كَالْمَنُوبِ عَنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ مَعْضُوبٍ ومَيِّتٍ وَاحِدٌ فِي فَرْضِهِ وَآخَرُ فِي

_ قوله: (وأطلق) أي: فلم يقل: من محل كذا. قوله: (من ميقاته) أي: بلد الموصي. قوله: (قرينة) ككثرة مال. قوله: (ممن يحج) يعني: حجة الإسلام، أو قضاء، أو نذراً. قوله: (عن نفسه) ومن أدى أحد النسكين فقط، صح أن ينوب فيه قبل أداء الآخر، وأن يفعل نذره ونفله. قوله: (حج) أي: ولا عمرة. قوله: (عن غيره) أي: عن فرض ... إلخ. قوله: (ولا نذره ولا نافلته) بالجر عطفاً على محذوف تقديره: عن فرض غيره، ولا نذره ولا نافلته، كما قدره الشارح. قوله: (من عليه حجة الإسلام) أي: أو قضاء. قوله: (كالمنوب عنه) فمتى أحرم النائب بنذر أو نفل عمن عليه حجة الإسلام، أو قضاء، وقع عنها. قوله: (معضوب) بالضاد المعجمة من العضب وهو: القطع، كأنه قطعت قواه،

نَذْرِهِ فِي عَامٍ وَأَيُّهُمَا أَحْرَمَ أَوَّلًا فَعَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ الْأُخْرَى عَنْ نَذْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ وأَنْ يَجْعَلَ قَارِنٌ الْحَجَّ عَنْ شَخْصٍ والْعُمْرَةَ عَنْ آخَرَ بِإِذْنِهِمَا وأَنْ يَسْتَنِيبَ قَادِرٌ وَغَيْرُهُ فِي نَفْلِ حَجٍّ، وفَرْضِهِ وَالنَّائِبُ أَمِينٌ فِيمَا أُعْطِيهِ لِيَحُجَّ مِنْهُ وَيَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْمَعْرُوفِ أَوْ طَرِيقٍ أَقْرَبَ بِلَا ضَرَرٍ وأَنْ يَرُدَّ مَا فَضَلَ ولَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ وخَادِمِهِ إنْ لَمْ يَخْدِمْ نَفْسَهُ مِثْلُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا اسْتَدَانَهُ لِعُذْرٍ وبِمَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ وَمَا لَزِمَ نَائِبًا بِمُخَالَفَتِهِ فمنه

_ وبالمهملة: من العصب، وهو: الضرب على العصب، كأنه ضرب على عصبه، كما في ابن جماعة. قوله: (بنية رجوع) وظاهره: ولو لم يستأذن حاكماً. قوله: (فمنه) أي: النائب؛ لأنه بجنايته، وكذا نفقة نسك فسد وقضائه، ويرد ما أخذ. ودم تمتع وقران على مستنيب بإذن، وشرط أحدهما الدم الواجب عليه، على الآخر، لا يصح، كشرطه على الأجنبي.

فصل وشرط لوجوب عَلَى أُنْثَى: مَحْرَمٌ أَيِّ مَوْضِعٍ اُعْتُبِرَ فَلِمَنْ لِعَوْرَتِهَا حُكْمٌ، وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَهُوَ زَوْجٌ أَوْ ذَكَرٌ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ

_ قوله: (وشرط لوجوب على أنثى ... إلخ) تنبيه: قال في "الإنصاف": ظاهر كلام المصنف وغيره: أن الخنثى كالرجل. قوله: (وفي أي موضع اعتبر فلمن لعورتها حكم) إعراب هذه العبارة أن تقول: "الواو" عاطفة، أو استئنافية، و (في أي موضع) جار ومجرور، مضاف ومضاف إليه، والجار متعلق بـ (اعتبر)، و (أي) اسم شرط جازم يجزم فعلين، الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه، و (اعتبر) فعل الشرط، وهو فعل ماض مبني للمفعول في محل جزم بـ (أي)، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازاً يعود على المحرم المتقدم ذكره. وقوله: (فلمن) الفاء رابطة للجواب، و (لمن) جار ومجرور: (اللام) حرف جر، و (من) في محل جر، إما اسم موصول، أو نكرة موصوفة. وجملة: (لعورتها حكم) من المبتدأ والخبر، صلة أو صفة، واللام ومجرورها خبر مبتدأ محذوف تقديره: فهو أي: المحرم -لمن لعورتها حكم. والجملة من هذا المبتدأ المحذوف وخبره في محل جزم جواب الشرط. والله تعالى أعلم.

ولو عبدا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِحُرْمَتِهَا بِسَبَبٍ مُبَاحٍ سِوَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِنَسَبٍ نَفَقَتُهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مِنْ سَبِيلِهَا فَيُشْتَرَطُ لَهَا مِلْكُ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ لَهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَ بَذْلِهَا ذَلِكَ سَفَرُهُ مَعَهَا وَتَكُونُ كَمَنْ لَا مَحْرَمَ لَهَا وَمَنْ أَيِسَتْ مِنْهُ اسْتَنَابَتْ وَإِنْ حَجَّتْ امْرَأَةٌ بِدُونِهِ حَرُمَ وَأَجْزَأَهَا وَإِنْ مَاتَ بِالطَّرِيقِ

_ قوله: (ولو عبداً) وهو أخوها من نسب أو رضاع مثلا، لا أنه عبد لها؛ لأنها لا تحرم عليه أبداً. قوله: (سوى نساء النبي ... إلخ) فهن أمهات المؤمنين في التحريم دون المحرمية "شرح". قوله: (ونفقته عليها) فإن كان زوجاً، لزمها أيضا ما زاد على نفقة الحضر، ونفقة الحضر على الزوج. صرح به في "شرح الإقناع". قوله: (كمن لا محرم لها) أي: فلا وجوب عليها. قوله: (ومن أيست منه ... إلخ) حمله ولده الموفق على من وجدته أولا، ثم أيست منه.

مَضَتْ فِي حَجِّهَا وَلَمْ تَصِرْ مُحْصَرَةً

_ وإلا فلا يلزمها الحج، فلا ستنابة إلى القول المرجوح: من أنه شرط للزوم الأداء، لا لوجوب الحج، وهو خلاف ما مشى عليه المصنف في قوله: (وشرط لوجوب). فتأمل, وبخطه على قوله: (ومن أيست ... إلخ) أي: بعد أن وجدت. قوله: (ولم تصر محصرة) عبارة "الإقناع": وإن مات محرم قبل خروج، لم تخرج، وبعده، إن كان قريبا، رجعت، أو بعيداً، مضت، ولم تصر محصرة. انتهى ملخصاً. وبين العبارتين تخالف بالإطلاق والتقييد، ولم ينبه الشيخ محمد الخلوتي في "شرحه" على ذلك، وسيأتي في كلام المصنف في كتاب العدد تفصيل فيما إذا كان المحرم هو الزوج، وعبارته: (ومن سافرت بإذنه أو معه لنقلة إلى بلد، فمات قبل مفارقة البنيان، أو لغير النقلة -ولو لحج- ولم تحرم قبل مسافة قصر، اعتدت بمنزله، وبعدهما تخير. وإن أحرمت ولو قبل موته، وأمكن الجمع، عادت، وإلا قدم الحج مع بعد، وإلا فالعدة ـ وتحلل لفوته بعمرة) انتهى. فيفهم منه أنها تكون محصرة. فتأمل وحرر.

باب المواقيت

باب المواقيت المواقيت: مَوَاضِعُ وَأَزْمِنَةٌ مُعَيَّنَةٌ لِعِبَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَمِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: ذُو الْحُلَيْفَةِ وأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ: الْجُحْفَةُ والْيَمَنِ: يَلَمْلَمُ ونَجْدٍ الْحِجَازُ، والطَّائِفِ: قَرْنُ

_ باب المواقيت قوله: (ذو الحليفة) على عشر مراحل من مكة، وتعرف الىن بـ (آبار علي). قوله: (الجحفة) قرية خربة قرب رابغ على يسار الذاهب لمكة، تعرف الآن بـ "المقابر"، على ثلاث مراحل أو أربع من مكة، ومن أحرم من

والْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ هَذِهِ لِأَهْلِهَا وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا وَمَنْ مَنْزِلُهُ دُونَهَا فَمِيقَاتُهُ مِنْهُ لِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَيُحْرِمُ مَنْ بِمَكَّةَ لِحَجٍّ مِنْهَا وَيَصِحُّ مِنْ الْحِلِّ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ ولِعُمْرَةٍ مِنْ الْحِلِّ وَيَصِحُّ مِنْ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَتُجْزِئُهُ

_ رابغ، فقد أحرم قبل الميقات بيسير. ويلملم: جبل، وكذا قرن. وذات عرق: قرية خربة قديمة، من علاماتها المقابر القديمة. وعرق، هو: الجبل المشرف على العقيق. وهذه الثلاثة الأخيرة على مرحلتين من مكة. قوله: (والمشرق) أي: العراق، وخراسان، وما يليهما. قوله: (ومن منزله) أي: بلده كخليص وعسفان. وبخطه على قوله: (ومن منزله) أي: ومن له منزلان سن إحرامه من أبعدهما. قوله: (من بمكة) أي: أو قربها كمنى. قوله: (لحج) يعني/ وحده أو قرانا معه العمرة. قوله: (منها) لو قال: ويحرم من بمكة لحج منها، ولعمرة من الحل، ويصح عكسها، وعليه دم في

وَمَنْ لَمْ يَمُرَّ بِمِيقَاتٍ أَحْرَمَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ حَاذَى أَقْرَبَهَا مِنْهُ وَسُنَّ أَنْ يَحْتَاطَ فإن تَسَاوَيَا قُرْبًا فمِنْ أَبْعَدِهِمَا من مكة فإن لم يحاذ

_ عمرة لا حج، لكان أخصر. فتأمل. قوله: (ومن لم يمر بميقات) أي: بأن كان في طريقه بين ميقاتين مثلا. قوله: (إذا علم أنه حاذى أقربها منه) يعني: إذا أتى طريقه بين ميقاتين مثلا، وكان بحيث إذا حاذى أحدهما يبقى بينه وبين يوم، وإذا حاذى الآخر يبقى بينه وبينه يومان، وهو عند محاذاة أحدهما غير محاذ للآخر، فيحرم إذا حاذى الأقرب إليه، ولو كان الآخر أبعد من مكة. فأما إذا كان بينه وبين محل يوم عند المحاذاة مع اختلافهما في أنفسهما قربا وبعداً من مكة، فيحرم عند محاذاة الأبعد من مكة، وإلى هذا أشار بقوله: (فإن استويا ... إلخ) قوله: (وسن أن يحتاط) بأن يحرم في حال تحققه عدم المجاوزة.

ميقاتا أَحْرَمَ عَنْ مَكَّةَ بِمَرْحَلَتَيْنِ فصل ولا يحل لمكلف حر مسلم أراد مكة أو الحرم أو نسكا تَجَاوُزُ

_ قوله: (بمرحلتين) فإذا أتى من سواكن إلى جدة، فإن رابغ ويلملم يكونان أمامه، فيصل جدة قبل محاذاتها، فيحرم منها، لأنها على مرحلتين من مكة. تتمة: يسن إحرام من أول الميقات، وهو الطرف الأبعد من مكة، ويجوز من الأقرب من مكة. قوله: (ولا يحل لمكلف ... إلخ). اعلم: أن المار على الميقات لا يجوز له تجاوزه بلا إحرام، بسبعة شروط: الإسلام، والحرية، والتكليف، وإرادة مكة أو الحرم، هذه الأربعة وجودية، والخامس، والسادس، والسابع: عدم القتال المباح، والخوف، والحاجة المتكررة، وهذه الثلاثة عدميةن وكلها مذكورة في المتن. فتدبر، والله أعلم.

مِيقَاتٍ بِلَا إحْرَامٍ إلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ أَوْ لِخَوْفٍ أَوْ حَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وَنَحْوِهِ وَكَمَكِّيٍّ يَتَرَدَّدُ لِقَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ ثُمَّ إنْ بَدَا لَهُ أَوْ بَدَا لِمَنْ لَمْ يَرِدْ الْحَرَمَ أَنْ يُحْرِمَ أَوْ لَزِمَ مَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ رَقِيقًا أَوْ تَجَاوَزَهَا غَيْرَ قَاصِدٍ مَكَّةَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُهَا فَمِنْ مَوْضِعِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَأُبِيحَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ دُخُولُ مَكَّةَ مُحِلِّينَ سَاعَةً وَهِيَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ لَا قَطْعَ شَجَرٍ وَمَنْ تَجَاوَزَهُ يُرِيدُ نُسُكًا أَوْ كَانَ فَرْضَهُ وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَزِمَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيُحْرِمَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ

_ قوله: (فمن موضعه) أي: أو قبله لا بعده، إلا مع دم. تاج الدين البهوتي. قوله: (وأصحابه) أي: الذين كانوا معه يوم الفتح فقط. ولو قال: ومن معه، لكان أولى، وإنما أبيحت للمقاتلين فقط، دون النساء ونحوهن كمرضى. تاج الدين البهوتي. قوله: (يريد نسكا) أي: نفلاً. قوله: (أو كان) أي: النسك وإن لم يرده. قوله: (أو غيره) أي: غير فوت الحج، كما لو خاف على نفسه أو ماله لصا، أو نحوه. "شرح" المصنف.

إنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ دَمٌ وَلَا يَسْقُطُ إنْ أَفْسَدَهُ أَوْ رَجَعَ وَكُرِهَ إحْرَامٌ قَبْلَ مِيقَاتٍ وبِحَجٍّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ وَهِيَ شَوَّالُ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَيَنْعَقِدُ

_ قوله: (من موضعه) أي: في الصورتين: العذر، وعدمه. قوله: (وهي: شوال ... إلخ) فيه تغليب. قوله: (وذو القعدة) بفتح القاف، وتكسر.

باب الإحرام

باب الإحرام الإحرام: نِيَّةُ النُّسُكِ وَسُنَّ لِمُرِيدِهِ غُسْلٌ أَوْ تَيَمُّمٌ لِعَدَمِ مَاءٍ وَلَا يَضُرُّ حَدَثُهُ بَيْنَ غُسْلٍ وَإِحْرَامٍ وتَنَظُّفٌ وتَطَيُّبٌ فِي بَدَنِهِ وَكُرِهَ فِي ثَوْبِهِ ولُبْسُ إزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ نَظِيفَيْنِ وَنَعْلَيْنِ بَعْدَ تَجَرُّدِ ذَكَرٍ عَنْ مَخِيطٍ وإحْرَامُهُ عَقِبَ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا وَلَا يَرْكَعُهُمَا وَقْتَ نَهْيٍ وَلَا مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وأَنْ يُعَيِّنَ نُسُكًا وَيَلْفِظُ بِهِ وَأَنْ يَشْتَرِطَ فَيَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلَانِيَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ

_ قوله: (نية النسك) أي: نية الدخول في حج أو عمرة أو فيهما، لا نية أن يحج أو يعتمر. قوله: (لعدم) أي: لعدم الماء حبسا، أو شرعاً. قوله: (وتنظيف) أي: بأخذ شعر وظفر. قوله: (وكره في ثوبه) وله استدامة لبسه ما لم ينزعه. قوله: (وإحرامه ... إلخ) أي: مستقبلا. قوله: (عقب صلاة فرض) بالإضافة وعدمها. قوله: (فيقول ... إلخ) تصوير للثلاثة، أعني: من قوله: (وأن يعين) فلا تكفي النية. وبخطه أيضاً على قوله: (فيقول) أي: إذا أراد الإحرام،

مِنِّي وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ، أَوْ إنْ أَفْسَدَهُ لَمْ يَقْضِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيَنْعَقِدُ إحْرَامٌ حَالَ جِمَاعٍ وَيَبْطُلُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ بِرِدَّةٍ لَا بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَسُكْرٍ كَمَوْتٍ وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامٌ مَعَ وُجُودِ أَحَدِهَا وَيُخَيَّرُ مُرِيدُ بَيْنَ تَمَتُّعٌ وَهُوَ أَفْضَلُهَا فَإِفْرَادٌ فَقِرَانٌ

_ نوى بقلبه قائلا بلسانه: اللهم ... إلخ، كما في "الإقناع". قوله: (فمحلي) أي: مكان إحلالي، فمتى حبس، حل بلا شيء، ولو قال: فلي أن أحل، خير. قوله: (لم يصح) أي: شرطه، وصح إحرامه. قوله: (وينعقد حال جماع) يعني: ويفسد. قوله: (أفضلها) فيه عود الضمير على ما تقدم بعضه، وتأخر بعضه؛ إذ الضمير راجع للأنساك الثلاثة التي هي: التمتع، والإفراد، والقران، وانظر: هل مثله جائز عربية؟ ! وقد يقال: إن المصحح للإضمار علم المرجع لا سبق ذكره، ولا ذكره. محمد الخلوتي. ثم إن "بين" مما لا يقع بعدها إلا الواو؛ لأن ما بعدها مما لا يغني فيه المتبوع، ولذلك احتاجوا إلى الجواب عن قوله:

والتَّمَتُّعِ: أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وبِهِ فِي عَامِهِ مُطْلَقًا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا والْإِفْرَادِ: أَنْ يُحْرِمَ ابْتِدَاءً بِحَجٍّ ثُمَّ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ والْقِرَانِ: أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا أَوْ يُحْرِمَ بِهَا ثُمَّ يُدْخِلُهُ عَلَيْهَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي طَوَافِهَا وَيَصِحُّ مِمَّنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَلَوْ بَعْدَ سَعْيِهَا

_ بسقط اللوى بين الدخول فحومل فقالوا: إنه على تقدير: بين أماكن الدخول. ويمكن الجواب بأن المصنف استعمل الفاء في حقيقتها ومجازها، فهي في إفادة الترتيب بين الثلاثة في الأفضلية، مستعملة في حقيقتها، وفي مجرد عطفها غفراد ما دخلت عليه "بين" مستعملة في مجازها بمعنى الواو. فتدبر. وأما الضمير في (أفضلها) فيمكن عوده على الأنساك المفهومة من قوله أول الباب: (الإحرام: نية النسك)؛ لأن اللام فيه للجنس، وهو صادق بالمتعدد، والله أعلم. قوله: (مطلقاً) من مكة، او بعيد منها. قوله: (ويصح ممن ... إلخ) ظاهر سياق المتن: أنه يكون قارناً، وصرح به في "شرحه" هنا حيث قال: ويصير قارناً على المذهب. انتهى. لكن صرح في "شرحه" فيما يأتي، بأنه يكون متمتعاً، وهو مخالف لذلك، وعبارة الشيخ منصور البهوتي في "الحاشية" عند قول المصنف في الفصل الآتي: (وإلا صار قارناً) بعد تقرير

وَمَنْ أَحْرَمَ بِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ بِهَا

_ المتن: ومحل هذا إذا لم يدخله عليها بعد سعيها؛ لكونه ساق الهدي، فإن كان كذلك، فهو متمتع. هذا كلامه في "شرحه". وفي "الإنصاف": يصير قارناً، ولم يحك خلافاً. وتبعه في "الإقناع"، ويمكن التوفيق بين كلامي المصنف هنا وفي "شرحه": بأن غرضه هنا: بيان صحة الإحرام بالحج على هذا الوجه المخصوص، لا بيان صفة من صفات القران، بدليل مقابلته بالصفة الغير الصحيحة، وغرضه في "الشرح": بيان أنه في هذه الحالة يسمى: متمتعاً لا قارناً، تنبيهاً على مخالفة ما في "الإنصاف"، وإن مشى عليه في "الإقناع"، وذكر المصنف في "شرحه" هنا: أنه المذهب، فيكون ذلك اختيارا له، وهذا تقرير لكلامهم. فليحرر. محمد الخلوتي. أقول: الأظهر -والله أعلم- أنه متى أحرم بالحج قبل فراغه من العمرة -حيث جاز له الإدخال- فإنه يصير قارنا على كل حال، كما يؤخذ ذلك من صريح "الإنصاف" الخالي من الخلاف، وكذلك صريح "الإقناع" و "شرح المنتهى" في موضع بلا دفاع، وكما يفهمه إطلاق قول المصنف الآتي: (وإلا صار قارنا) فإنك إذا قابلت هذه المواضع بما ذكره الشارح هناك، ظهر لك الرجحان. والله ولي التوفيق وعليه التكلان. فتأمل وتمهل.

فصل ويجب عَلَى متمتع وقَارِنٍ دَمٌ نُسُكٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ وَمَنْ هُوَ مِنْهُ مَسَافَةِ قَصْرٍ

_ وبخطه أيضا على قوله: (ممن معه هدي) أي: يجزيء في الأضحية؛ بأن يكون من النعم، لا مطلق هدي، بقرينة ما يأتي في الفصل بعده. فليحرر. وبخطه أيضا على قوله: (ممن معه هدي) مفهومه: أنه إذا لم يكن معه هدي، لا يصح إحرامه بالحج إذن إلا بعد فراغه من العمرة، لا أنه ينعقد فاسداً ويمضي فيه، كما يدل عليه صريح كلامه الآتي في الفصل الثاني في قوله: (ومع مخالفته إلى حج أو قران بفعل حج، ولم يجزئه عن واحد منهما، ولا دم، ولا قضاء) فقوله: (لم يجزئه) دليل على عدم الصحة. وقوله: (ولا قضاء على أنه لم ينعقد فاسداً. فتدبر. قوله: (ويجب على متمتع) أي: إجماعاً. قوله: (دم نسك) أي: هو نسك، فالإضافة بيانية. وبخطه أيضا على قوله: (دم نسك) أي: لا جبران لنقص، لعدمه. قوله: (وهم) أي: حاضروه. وبخطه أيضا على قوله: (وهم: أهل الحرم ... إلخ) ومن له منزلان متأهل بهما، أحدهما دون المسافة،

فَلَوْ اسْتَوْطَنَ أَفَقِيٌّ مَكَّةَ فَحَاضِرٌ وَمَنْ دَخَلَهَا وَلَوْ نَاوِيًا لِإِقَامَةٍ أَوْ مَكِّيًّا اسْتَوْطَنَ بَلَدًا بَعِيدًا مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا لَزِمَهُ دَمٌ وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ دَمِ مُتَمَتِّعٍ وَحْدَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ وَأَنْ لَا يُسَافِرَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةَ قَصْرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَأَحْرَمَ فَلَا دَمَ فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَأَنْ يَحِلَّ مِنْهَا قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهِ

_ والآخر فوقها، أو مثلها، لم يلزمه دم، ولو كان إحرامه من البعيد، أو كان أكثر إقامته، أو إقامته ماله فيه. قاله في "الإقناع". قوله: (أفقي) الأفقي نسبة إلى الأفق بضمتين، وهو: الناحية من السماء أو الأرض. قوله: (فحاضر) متمتع لا دم عليه. قوله: (ولو ناوياً لإقامة) حتى لو نوى الاستيطان. قوله: (أن يحرم ... إلخ) في "الحاشية" هنا تأمل. قوله: (في أشهر الحج) أي: وإلا لم يكن متمتعا ولا دم. كما في "شرحه". قوله: (وأن يحج) أي: يحرم به، وإلا فلا تمتع. قوله: (فأحرم فلا دم) وأما إذا لم يحرم، ورجع من غير إحرام، فهل يلزمه دم لتركه الإحرام، ودم لكونه جاوز الميقات من غير إحرام؟ قال شيخنا: يلزمه دم واحد لأنه ظاهر حديث ابن عمر الذي ذكره محمد الخلوتي. قوله: (فلا دم) أي: ولا تمتع.

وَإِلَّا صَارَ قَارِنًا وَأَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ مَكَّةَ لَزِمَهُ وَأَنْ يَنْوِيَ التَّمَتُّعَ فِي ابْتِدَائِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا

_ قوله: (وإلا صار قارنا) فلا تمتع، وظاهره: ولو بعد سعيها ممن معه هدي، وهو موافق لما في "الإنصاف" و "الإقناع"، وفي "شرح" المصنف تفصيل، وهو: أنه إن أدخل الحج قبل السعي، فقارن وإلا فمتمتع. وما أفهمه ظاهر المتن موافق لما قدمه في صفة القران، ولما في "الإنصاف" و "الإقناع". قوله: (وأن يحرم بها ... إلخ) ونصه -واختاره الموفق وغيره- أن هذا ليس بشرط، وهو الصحيح. "إقناع". قوله: (وأن ينوي التمتع ... إلخ) هذا قول القاضي، وهو الصحيح، وذلك لقوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) [البقرة: 196] فإنه لا يقال: تمتع المحرم قبل فراغه، إلا إذا كان عازماً على ذلك، ناويا له. وخالف الموفق في ذلك فقال: وظاهر النص يدل على أن هذا غير مشترط، فإنه لم يذكره، وكذلك الإجماع الذي ذكرناه مخالف لهذا القول. والإجماع الذي أشار إليه، هو قوله قبيل ذلك: قال ابن المنذر، وابن عبد البر: أجمع العلماء على أن من أحرم في أشهر الحج بعمرة حل منها، ولم يكن من حاضري المسجد الحرام، ثم أقام بمكة حلالاً من عامه، أنه متمتع، عليه دم ثم حج. وإلى ذلك أشار الشارح بقوله: ورده الموفق.

وَلَا يُعْتَبَرُ وُقُوعُهُمَا عَنْ وَاحِدٍ فَلَوْ اعْتَمَرَ عَنْ وَاحِدٍ وَحَجَّ عَنْ آخَرَ وَجَبَ الدَّمُ بِشَرْطِهِ لَا هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي كَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا وَيَلْزَمُ الدَّمُ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ نُسُكِهِمَا أَوْ بِفَوَاتِهِ وَإِذَا قَضَى الْقَارِنُ قَارِنًا لَزِمَهُ دَمَانِ ومُفْرِدًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَيُحْرِمُ مِنْ

_ قوله: (ولا يعتبر وقوعهما عن واحد) ويكون الدم على النائب إن لم يأذنا له في ذلك، إن لم يرجع إلى الميقات فيحرم بالحج، وإن أذنا له، فعليهما أو أحدهما، فالنصف عليه، والباقي على النائب. قوله: (ولا هذه الشروط ... إلخ) أي: ليس جميعها شرطا في تسميته متمتعا، بل بعضها شرط في ذلك وفي وجوب الدم، وبعضها في الدم وحده، فهي سالبة جزئية. قوله: (بفساد نسكهما) بل موقوفان، فإن قضى قارن لا متمتع مفرداً، تبين عدم لزومه؛ لأنه أفضل، لا أنه سقط. تاج الدين البهوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (بفساد نسكهما) أي: ما لم يقض القارن على صفة أعلى، كما لو قضى مفردا على ما يأتي. فتأمل. قوله: (ومفردا لم يلزمه شيء) وكذا إذا

الْأَبْعَدِ بِعُمْرَةٍ إذَا فَرَغَ وَإِذَا قَضَى الْقَارِنُ مُتَمَتِّعًا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْأَبْعَدِ إذَا فَرَغَ مِنْهَا وَسُنَّ لِمُفْرِدٍ وَقَارِنٍ فَسْخُ نِيَّتِهِمَا بِحَجٍّ وَيَنْوِيَانِ بِإِحْرَامِهِمَا بِذَلِكَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً فَإِذَا خَلَا أَحْرَمَا بِهِ لِيَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْنِ وَيُتِمَّانِ مَا لَمْ يَسُوقَا هَدْيًا أَوْ يَقِفَا بِعَرَفَةَ مُتَمَتِّعٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ فَيُحْرِمُ بِحَجٍّ إذَا طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ تَحَلُّلٍ بِحَلْقٍ فَإِذَا ذَبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ حَلَّ مِنْهُمَا مَعًا وَالْمُتَمَتِّعَةُ إنْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ أَوْ خَشِي غَيْرُهَا فَوَاتَ الْحَجِّ أَحْرَمْت بِهِ وَصَارَتْ قَارِنَةً

_ قضى متمتعا لم يلزمه شيء للغائب؛ لأنه لا ترفه فيه بترك السفر؛ إذ يلزمه بعد فراغ العمرة أن يحرم بالحج من أبعد الميقاتين، كما أفاده المحشي رحمه الله. قوله: (إذا فرغ) وإلا لزمه دم، لتركه واجباً. قوله: (إذا فرغ منها) أي: ولا دم كما تقدم عن المحشي. قوله: (وينويان بإحرامهما ... إلخ) يعني: أنهما بعد فسخ نية الحج يبقى أصل الإحرام، كمن أحرم مطلقا، فيصرفانه إلى العمرة. قوله: (أو يقفا بعرفة) لأنه الركن الأعظم، ولتعلق حق الفقراء بالهدي، وهو حق آدمي. تاج الدين البهوتي. قوله: (أحرمت به) أي: وجوباً، كغيرها ممن خشي فوته.

وَلَمْ تَقْضِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَيَجِبُ عَلَى قَارِنٍ وَقَفَ قَبْلَ طَوَافٍ وَسَعْيٍ: دَمُ قِرَانٍ وَتَسْقُطُ الْعُمْرَةُ فصل ومن أحرم مطلقا صَحَّ وَصَرْفُهُ لِمَا شَاءَ وَمَا عَمِل قَبْلَ فَهُوَ فلَغْوٌ وبما أو ِبمِثْلِ مَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ وَعَلِمَ انْعَقَدَ بِمِثْلِهِ فإن تبين إطلاقه

_ منصور البهوتي. فليس الخوف شرطا للجواز، بل للوجوب، إذ يجوز إدخال الحج على العمرة قبل الشروع في طوافها، وإن لم يخف فوت حج، كما هو الصورة الثانية من القران على ما تقدم. قوله: (ولم تقض طواف القدوم) لفوات محله، كتحية مسجد. قوله: (قبل طواف) لا مفهوم له. قوله: (وتسقط العمرة) أي: تندرج في أفعال الحج. قوله: (مطلقا) أي: بأن لم يعين نسكا من الثلاثة. قوله: (وصرفه لما شاء) أي: بالنية فلا يتوقف على لفظ. قوله: (وعلم) أي: قبل إحرامه أو بعده، ويعمل بما أخبره به فلان، لا بما خطر في نفسه، وظاهره: ولو فاسقاً؛ لأنه لا يعلم إلا من جهته. قوله: (انعقد) اعلم: أنه إن كان عالماً ما أحرم به فلان عند إحرامه، فظاهر معنى الانعقاد، وإن علم به بعد الإحرام، فالمعنى تبينا انعقاده بمثله.

فَلِلثَّانِي صَرْفُهُ إلَى مَا شَاءَ وَإِنْ جَهِلَ إحْرَامَهُ فَلَهُ جَعْلُهُ عُمْرَةً وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ الْأَوَّلُ؟ فَكَمَا لَوْ لَمْ يُحْرِمْ فَيَنْعَقِدُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ إحْرَامُ الْأَوَّلِ فَاسِدًا فَكَنَذْرِهِ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ وَيَصِحُّ أَحْرَمْت يَوْمًا أَوْ أَحْرَمْت بِنِصْفِ نُسُكٍ وَنَحْوِهِمَا لَا إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ مَثَلًا فَأَنَا مُحْرِمٌ وَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ ِعُمْرَتَيْنِ انْعَقَدَ بِإِحْدَاهُمَا وَبِنُسُك

_ قوله: (إلى ما شاء) أي: ولا يتعين ما صرفه إليه الأول أو يصرفه. قوله: (وإن جهل إحرامه) أي: صفة إحرامه، لا أنه جهل هل أحرم، أو لا؛ لئلا يتكرر مع قوله: (ولو شك ... إلخ) قوله: (فله جعله عمرة) ويجوز غيرها قوله: (فكما لو لم يحرم فينعقد) صحيحاً، وهو ظاهر إن لم يعلم الفساد، على أن ظاهره مطلقاً. قوله: (ويصح أحرمت ... إلخ) اعلم: أن الأقرب أن يكون قوله: (أحرمت يوماً ... إلخ) فاعل على تأويل: يصح هذا اللفظ، أي: تنعقد هذه الصيغة. قوله: (لا إن أحرم زيد) عطف على (أحرمت يوماً) على ما تقدم، أي: يصح هذا اللفظ لا هذا اللفظ. وما ذكره الشارح هنا، بيان معنى، لما فيه من كثرة الحذف جداً. والله أعلم. وقد رضي به شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (لا إن أحرم ... إلخ) أي: بتعليق، كقوله: (إن أحرم ... إلخ).

أَوْ نَذْرٍ وَنَسِيَهُ قَبْلَ طَوَافٍ صَرَفَهُ إلَى عُمْرَةٍ وَيَجُوزُ إلَى غَيْرِهَا إلَى قِرَانٍ أَوْ إفْرَادٍ يَصِحُّ حَجًّا فَقَطْ وَلَا دَمَ وتَمَتُّعٍ فَكَفَسْخِ حَجٍّ إلَى عُمْرَةٍ وَيَلْزَمُهُ دَمُ مُتْعَةٍ بِشُرُوطِهِ لِلْآيَةِ وَيُجْزِئُهُ تَمَتُّعُهُ عَنْهُمَا وأَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَيْهَا مَعَ بَقَاءِ وَقْتِ الْوُقُوفِ يُحْرِمُ بِحَجٍّ وَيُتِمُّهُ وَعَلَيْهِ لِلْحَلْقِ دَمٌ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ حَاجًّا وَإِلَّا فدَمُ مُتْعَةٍ وَمَعَ مُخَالَفَتِهِ إلَى حَجٍّ أَوْ إلَى قِرَانٍ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ حَجٍّ وَلَمْ يُجْزِئْهُ فِعْلُهُ ذَلِكَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا قَضَاءَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ وَأَجْزَأَهُ

_ قوله: (أو نذر) عطف على محذوف، تقديره: وبنسك فرض، أو مندوب، أو نذر. قوله: (ويجزئه عنهما) أي: يجزئه تمتعه عنهما، أي: الحج والعمرة. قوله: (أنه كان حاجاً) مفرداً أو قارناً، لحلقه قبل محله. قال منصور البهوتي: لكن إن فسخ نيته للحج إلى العمرة قبل حلقه، فلا دم عليه. قوله: (ولا قضاء) لكن إن كان عليه حجة الإسلام، أتى بها بعد ذلك. قوله: (إلى الحج) أي: وجوباً. قوله: (وأجزأه) أي: عن حجة الإسلام.

وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ دُونَهُمَا وَمَنْ أَحْرَمَ لِعَامَيْنِ حَجِّ مِنْ عَامِهِ وَاعْتَمَرَ مِنْ قَابِلٍ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ اثْنَيْنِ حَجَّتَيْنِ لِيَحُجَّ عَنْهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ أُدِّبَ وَمَنْ اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ بِعَامٍ فِي نُسُكٍ فَأَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَنْسَهُ صَحَّ وَلَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ لِلْآخَرِ بَعْدَهُ وَإِنْ نَسِيَهُ: وَتَعَذَّرَ عِلْمُهُ، فَإِنْ فَرَّطَ أَعَادَ الْحَجَّ عَنْهُمَا وَإِنْ فَرَّطَ مُوصًى إلَيْهِ غَرِمَ ذَلِكَ وَإِلَّا مِنْ تَرِكَةِ مُوصِييهِ فصل وسن من عقب إحرامه تلبية حَتَّى عَنْ أَخْرَسَ وَمَرِيضٍ كَتَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ

_ قوله: (أدب) لفعله محرماً، نصا. قوله: (بعده) أي: ولو بعد طوافه للزيارة بعد نصف ليلة النحر، لبقاء توابع الإحرام للأول من رمي وغيره، فكأنه باق، ولا يدخل إحرام على إحرام. "شرحه". قوله: (ومريض) أي: وصغير، ومجنون، ومغمى عليه تكميلا لنسكهم، وكالأفعال التي يعجزون عنها. قوله: (لا شريك لك) ولا تستحب زيادة

إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَسُنَّ ذِكْرُ نُسُكِهِ فِيهَا وَسُنَّ بَدْءُ قَارِنٍ بِذِكْرِ الْعُمْرَةِ وَسُنَّ إكْثَارُ تَلْبِيَةٍ وَتَتَأَكَّدُ التَّلْبِيَةُ إذَا عَلَا نَشَزًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا، أَوْ صَلَّى مَكْتُوبَةً، أَوْ أَقْبَلَ لَيْلٌ، أَوْ أَقْبَلَ نَهَارٌ، أَوْ الْتَقَتْ الرِّفَاقُ، أَوْ سَمِعَ مُلَبِّيًا، أَوْ أَتَى مَحْظُورًا نَاسِيًا، أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ، أَوْ نَزَلَ عَنْهَا، أَوْ رَأَى الْبَيْتَ وَسُنَّ جَهْرُ ذِكْرٍ بِهَا فِي غَيْرِ مَسَاجِدِ الْحِلِّ وَأَمْصَارِهِ وطَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ وَتُشْرَعُ بِالْعَرَبِيَّةِ لِقَادِرٍ وَأَلَّا فبِلُغَتِهِ

_ على ما ذكر، ولا تكره. قوله: (إن الحمد .. إلخ) بالكسر، نصاً، للعموم، أي: بترك القيد، وهو: العلة. قوله: (وأمصاره) أي: وحول البيت؛ لئلا يشغل الطائفين عن طوافهم وأذكارهم. قوله: (وطواف) أي: في غير طواف. قوله: (والسعي) أي: لئلا يشغلهم، بل يسر بها فيهما. قوله: (لقادر) فلا تجزيء بغيرها، كالأذان.

وَدُعَاءٌ وصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهَا وَلَا تَكْرَارُهَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَكُرِهَ لِأُنْثَى جَهْرٌ بِتَلْبِيَةٍ ; بِأَكْثَرَ مَا تُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا لَا لِحَلَالٍ تَلْبِيَةٌ

_ قوله: (ودعاء) أي: ويسأل الله الجنة، ويعوذ به من النار.

باب محظورات الإحرام

باب محظورات الإحرام محظورات الإحرام تِسْعٌ الأول والثاني: إزَالَةُ شَعْرٍ وَلَوْ مِنْ أَنْفِهِ وتَقْلِيمُ ظُفْرِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِلَا عُذْرٍ كَمَا لَوْ خَرَجَ بِعَيْنِهِ شَعْرٌ أَوْ كُسِرَ ظُفْرُهُ فَأَزَالَهُمَا أَوْ زَالَا مَعَ غَيْرِهِمَا فَلَا يَفْدِي لِإِزَالَتِهِمَا إلَّا إن حصلَ الأذى بِغَيْرِهِمَا كَقَرْحٍ وَنَحْوِهِ

_ باب محظورات الإحرام أي: ما يحرم بسببه. أنثه؛ لكون المحظورات جمع محظورة، كما في "المطلع" قال: وهي صفة لموصوف محذوف، أي: باب الخصلات أو الفعلات المحظورات، أي: الممنوع، أي: فعلهن في الإحرام. قال الجوهري: المحظور: المحرم، والمحظور أيضاً: الممنوع، وكذا ذكر ابن نصر الله في حواشي "الكافي". قوله: (إزالة شعر) أي: من بدنه كله بلا عذر. قوله: (وتقليم ظفر ... إلخ) أي: أزالته. قوله: (كما لو خرج) تمثيل للمنفي. قوله: (ونحوه) كقمل.

وَمَنْ طُيِّبَ أَوْ حُلِقَ رَأْسُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَ نَفْسِهِ أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ كُرْهًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ حُلِقَ رَأْسُهُ مُكْرَهًا بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ وَلَا فِدْيَةَ بِحَلْقِ مُحْرِمٍ أَوْ تَطَيُّبِهِ حَلَالًا وَيُبَاحُ غَسْلُ شَعْرِهِ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ بَانَ بِمُشْطٍ أَوْ تَخْلِيلٍ وَهِيَ فِي كُلِّ فَرْدٍ

_ قوله: (رأسه) ليس بقيد. قوله: (أو بيده كرهاً) يعني: لو حلق رأس نفسه، وكذا لو قلم ظفره بيده كرهاً، فدى؛ لأنه إتلاف يستوي فيه الإكراه وعدمه، كما سيأتي، بخلاف ما إذا تطيب مكرهاً. وكلامه هنا يوهم مخالفة ما يأتي. فتأمل. قوله: (فعلى حالق) لم يقل: على فاعل؛ لأن الكلام في خصوص حلق رأسه بيد غيره، وهو تصريح بمفهوم قوله قبله: (أو بيده كرهاً) فهو قرينة على رجوع قوله: (أو بيده كرهاً) إلى مسألة الحلق وحدها، كما فرضه المصنف في "شرحه"، فلا اعتراض. قوله: (بحلق محرم أو تطييبه حلالاً) والظاهر: أو محرماً يجوز له الحلق، كمعتمر طاف وسعى، لجواز الإتلاف في كل منهما، فلا جزاء فيه. قوله: (أو تطييبه) أي: بلا مباشرة لطيب. قوله: (ويباح) أي: لمحرم. قوله: (ويباح) أي: لمحرم. قوله: (غسل شعره) أي: بلا تسريح. قوله: (ونحوه) كصابون، وله حك بدنه أو رأسه برفق، ما لم يقطع شعراً، فيحرم عليه.

أَوْ بَعْضِهِ مِنْ دُونِ ثَلَاثٍ مِنْ شَعْرٍ أَوْ ظُفْرٍ إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَتُسْتَحَبُّ مَعَ شَكٍّ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فَمَتَى غَطَّاهُ وَلَوْ بِقِرْطَاسٍ بِهِ دَوَاءٌ أَوْ لَا دَوَاءَ بِهِ، أَوْ غَطَّاهُ بِطِينٍ أَوْ نُورَةٍ أَوْ حِنَّاءٍ، أَوْ عَصَبَهُ وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ اسْتَظَلَّ فِي مَحْمَلٍ وَنَحْوَهُ بِثَوْبٍ وَنَحْوِهِ رَاكِبًا أَوْ لَا حَرُمَ بِلَا عُذْرٍ وَفَدَى

_ قوله: (من دون) أي: من اثنتين، ولو أتى به بدل من دون ثلاث، لكان أخصر وأظهر فيما يظهر. قوله: (مسكين) أي: عن كل واحد منها أو بعضهز قوله: (تغطية الرأس) أي: رأس الذكر كله أو بعضه، بدليل عصب السير، وتقدم: الأذنان من الرأس، وكذا البياض فوقهما. "شرح". قوله: (فمتى غطاه) حرم بلا عذر وفدى. قوله: (أو استظل) أي: ستره بغير لاصق؛ بأن استظل ... إلخ. قوله: (في محمل) ضبطه الجوهري كمجلس، وعكس ابن مالك. "شرح إقناع". قوله: (أو بثوب ونجوه) كخوص وريش. قوله: (وفدى) أي: مطلقاً.

لا إنْ حَمَلَ عَلَيْهِ أَوْ نَصَبَ بِحِيَالِهِ شَيْئًا أَوْ اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ بَيْتٍ أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطَ والْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، أَوْ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسُ خُفَّيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا كران وَيَحْرُمُ قَطْعُهُمَا حَتَّى إزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ، وَلَا فِدْيَةَ

_ قوله: (أو شجرة) ولو طرح عليها شيئا يستظل به. "إقناع". قوله: (لبس المخيط) وهو: ما يخاط على قدر الملبوس عليه، كقميص، وسراويل، وبرنس، وقباء، وكذا درع، ونحوه، مما يصنغ من نحو لبد على قدر الملبوس عليه، وإن لم يكن فيه خياطة. قاله في "الإقناع" و "شرحه". قوله: (والخفين) من عطف الخاص على العام. قوله: (أو نعلين) أي: أو لم يمكن لبسهما لنحو ضيق، كما في "الإقناع". قوله: (ويحرم) قطعهما وعنه: يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، قال الموفق وغيره: والأولى قطعهما، معلا بالحديث الصحيح.

وَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ رِدَاءً وَلَا غَيْرَهُ إلَّا إزَارَهُ ومِنْطَقَةً وَهِمْيَانًا فِيهِمَا نَفَقَةٌ مَعَ حَاجَةٍ لِعَقْدِ وَيَتَقَلَّدُ بِسَيْفٍ لِحَاجَةٍ وَيَحْمِلُ جِرَابَهُ وقِرْبَةَ الْمَاءِ فِي عُنُقِهِ لَا صَدْرِهِ وَلَهُ أَنْ يَأْتَزِرَ ويَلْتَحِفَ بِقَمِيصٍ ويَرْتَدِيَ بِهِ وبِرِدَاءٍ مُوَصَّلٍ وَإِنْ طَرَحَ مُحْرِمٌ عَلَى كَتِفَيْهِ قَبَاءً فَدَى وَإِنْ غَطَّى خُنْثَى مُشْكِلٌ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ لَا إنْ لَبِسَهُ أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ بِلَا لُبْسِ

_ قوله: (ولا غيره) أي: ولا يخله بنحو شوكة، ولا يزره في عروته، ولا يغرزه في أزاره، فإن فعل، أثم، وفدى. "شرح" الشيخ منصور. قوله: (ومنطقة) بكسر الميم وفتح الطاء، وهي: كل ما شددت به وسطك. "مطلع". قوله: (وهميانا) بكسر الهاء: ما توضع فيه الدراهم والدنانير، ويشد على الحقو، وظاهره: سواء كان فيهما نفقته، أو نفقة غيره، فإن لم يكن فيهما نفقة فعقدهما ولو لحاجة أو وجع، فدى. قوله: (ويتقلد بسيف لحاجة) ولا يجوز حمل السلاح بمكة لغير حاجة. قوله: (لا صدره) بإدخال حبلها فيه. قوله: (قباء) أي: ونحوه كجوخة.

الْخَامِسُ: الطِّيبُ فَمَتَى طَيَّبَ مُحْرِمٌ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَ فِي أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ ادِّهَانٍ أَوْ اكْتِحَالٍ أَوْ اسْتِعَاطٍ أَوْ احْتِقَانٍ طِيبًا يَظْهَرُ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ أَوْ قَصَدَ شَمَّ دُهْنٍ مُطَيَّبٍ أَوْ قَصَدَ شَمَّ مِسْكٍ أَوْ شَمَّ كَافُورٍ أَوْ عَنْبَرٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ أَوْ بَخُورِ عُودٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَا يُنْبِتُهُ آدَمِيٌّ لِطِيبٍ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ كَوَرْدٍ وَبَنَفْسَجٍ وَمَنْثُورٍ وَلَيْنَوْفَرَ وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهِ وَشَمَّهُ أَوْ مَسَّ مَا يَعْلَقُ بِهِ كَمَاءِ وَرْدٍ حَرُمَ وَفَدَى لَا إنْ شَمَّ بِلَا قَصْدٍ أَوْ مَسَّ مَا لَا يَعْلَقُ أَوْ شَمَّ وَلَوْ قَصْدًا فَوَاكِهَ أَوْ عُودًا أَوْ نَبَاتَ صَحْرَاءَ كَشِيحٍ وَنَحْوِهِ كَخُزَامَى أَوْ مَا يُنْبِتُهُ آدَمِيٌّ لَا بِقَصْدِ طِيبٍ كَحِنَّاءٍ وَعُصْفُرٍ وَقُرُنْفُلٍ وَدَارِ صِينِيٍّ وَنَحْوِهَا أَوْ لِقَصْدِهِ

_ قوله: (مطيب) ولو بجلوسه عند عطار لشم طيب. قوله: (أو ما ينبته ... إلخ) عطف على (دهن)، فـ (ما) في محل جر، و (ينبته آدمي) صفة. قوله: (ومنثور) وهو الخيري: بكسر الخاء المعجمة، والياء المثناة تحت. قوله: (وشمه) عطف على قوله: (أو قصد شم دهن .... إلخ)، وكان الأخصر أن يقول أولاً: أو شم قصدا دهنا مطيبا ... إلخ. فتدبر. قوله: (بلا قصد) ولو لمشتر لنحو تجارة. قوله: (فواكه) كتفاح وأترج. قوله: (ونحوه) كخرامى.

وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَرَيْحَانٍ فَارِسِيٍّ وَهُوَ الْحَبَقُ وَكَنَمَّامٍ وَبَرَمٍ وَهُوَ ثَمَرُ الْعُصَاةِ كَأُمِّ غِيلَانَ وَنَحْوِهَا، وَكَنَرْجِسِ وَكَمَرْزَنْجُوشَ وَنَحْوِهَا أَوْ ادَّهَنَ بغَيْرِ مُطَيِّبٍ وَلَوْ فِي رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ وَاصْطِيَادُهُ وَهُوَ الْوَحْشِيُّ الْمَأْكُولُ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِأَصْلِهِ فَحَمَامٌ وَبَطٌّ وَحْشِيٌّ فَمَنْ أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ أَوْ بَعْضُهُ بِمُبَاشَرَةِ إتْلَافِهِ أَوْ سَبَبٍ وَلَوْ بِجِنَايَةِ دَابَّةِ مُحْرِمٍ مُتَصَرِّفٍ فِيهَا أَوْ بِإِشَارَةِ مُحْرِمٍ لِمُرِيدِ صَيْدٍ أَوْ دَلَالَتُهُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَوْ

_ قوله: (قتل صيد البر) وكذا ذبحه وأذاه. "إقناع". قوله: (ومن غيره) وهو: الأهلي وغير المأكول بأصله، أي: لا بوصفه. قوله: (وحشي) وإن تأهل، وبقر وجواميس أهلية وإن توحشت. "إقناع". قوله: (متصرف فيها) أي: بيدها أو فمها، لا رجلها. قاله في "الإقناع".

إِعَانَتِهِ وَلَوْ بِمُنَاوَلَتِهِ آلَتَهُ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ دَلَالَةُ عَلَى طِيبٍ وَلِبَاسٍ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ إلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ مُحْرِمٌ فبَيْنَهُمَا وَلَوْ دَلَّ وَنَحْوَهُ حَلَالٌ ضَمِنَهُ مُحْرِمٌ وَحْدَهُ كَشَرِكَةِ غَيْرِهِ مَعَهُ وَلَوْ دَلَّ حَلَالٌ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ بِالْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَكَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ مُحْرِمًا وَإِنْ نَصَبَ شَبَكَةً وَنَحْوَهَا ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ حَفَرَ بِئْرًا بِحَقٍّ

_ قوله: (على طيب ولباس) لأنه لا ضمان فيهما بالسبب. قوله: (فعليه الجزاء) جواب (من) قوله: (فبينهما) ويأتي أن من دفع لشخص آلة قتل، فقتل بها شخصاً، انفرد القاتل بالضمان. ولعل الفرق أن الآدمي لما كان من شأنه الدفع عن نفسه، ولا يقدر عليه إلا بمزيد قوة، قويت المباشرة فلم يلحق بها السبب، بخلاف الصيد، فإن من شأنه أن لا يدفع عن نفسه، فضعفت المباشرة، فألحق بها السبب. قوله: (ونحوه) كأن أشار، وهو عطف على المعنى، وإلا فشرط عطف الفعل على الاسم، وعكسه: أن يكون الاسم يشبه الفعل، فـ (نحوه) هنا، عطف على مصدر متصيد من معنى (دل). محمد الخلوتي. قوله: (كشركة غيره معه) أي: في قتله. قوله: (محرم محرما) فيكون بينهما. قوله: (ونحوها) كفخ.

لَمْ يَضْمَنْ مَا حَصَلَ بِسَبَبِهِ إلَّا إنْ تَحَيَّلَ وَحَرُمَ أَكْلُهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَذَا مَا ذُبِحَ أَوْ صِيدَ لِأَجْلِهِ وَيَلْزَمُهُ بِأَكْلِهِ الْجَزَاءُ وَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ لِدَلَالَةٍ أَوْ صِيدَ أَوْ ذُبِحَ لَهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى مُحْرِمٍ غَيْرِهِ كَعَلَى حَلَالٍ وَإِنْ نَقَلَ بَيْضَ صَيْدٍ سَلِيمًا فَفَسَدَ أَوْ أَتْلَفَ غَيْرَ مُذْرٍ مَا فِيهِ فَرْخٌ مَيِّتٌ إلَّا بَيْضِ النَّعَامِ لِأَنَّ لِقِشْرِهِ قِيمَةً أَوْ حَلَبَ صَيْدًا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ مَكَانه

_ قوله: (إلا إن تحيل) بأن قصد أخذه بعد تحلله من إحرام يحدثه. قوله: (كله) أي: ما صاده، أو دل، أو اعان عليه، أو أشار إليه ونحوه. "شرح". قوله: (الجزاء) أي: لمالكه. قوله: (أو صيد له) أي: أو ذبح. قوله: (وإن نقل بيض صيد) ولو عن فراشه برفق ففسد، ضمنه. قوله: (إلا من بيض النعام) يعني: فيضمنه مطلقاً. قوله: (أو حلب صيداً) أي: ولو بعد حله، كحلال حلب صيد حرم بعد إخراجه. قوله: (مكانه) أي: مكان الإتلاف.

وَلَا يَمْلِكُ صَيْدًا ابْتِدَاءً بِغَيْرِ إرْثٍ فَلَوْ قَبَضَهُ مُحْرِمٌ هِبَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِشِرَاءٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَعَلَيْهِ إنْ تَلِفَ قَبْلَهُ الْجَزَاءُ مَعَ قِيمَتِهِ فِي هِبَةٍ وَشِرَاءٍ وَإِنْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا بِالْحَرَمِ فَذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ وَلَوْ بَعْدَ حِلِّهِ أَوْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحَرَامِ إلَى الْحِلِّ ضَمِنَهُ وَكَانَ مَا ذَبَحَ لِغَيْرِ حَاجَةِ أَكْلِهِ مَيْتَةً

_ قوله: (ابتداء) أي: ملكاً متجدداً. قوله: (بغير إرث) ومثله: تنصف الصداق. قوله: (هبة) منصوب على الحال، أو التمييز، أو بنزع الخافض، و (رهنا) معطوف عليه، ففيه ما فيه، ويبقى النظر في حكمة الإتيان بالجار في الأخير دون الأولين. ولعل الحكمة: أن كلا من الهبة والرهن يطلق على العقد وعلى العين، فيصح نصبهما على الحالية من الهاء، وأما الشراء، فهو اسم للعقد لا غير، فلا يصح نصبه في الحالية من الهاء، فجره بالباء، ولو جر الثلاثة بناء على أنها بمعنى العقود، لصح. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (لزمه رده) أي: إلى من أقبضه إياه، فإن فعل، فلا ضمان مطلقاً. قوله: (في هبة) وقال في "الرعاية" و "المستوعب": لا شيء لواهب. انتهى، وهو مقتضى ما يأتي من أن ما لا ضمان في صحيحه، لا ضمان في فاسده. قاله في "حاشية الإقناع". قوله: (وكان ما لغير حاجة أكله ميتة) أي: ولو لصوله.

وَإِنْ ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدَ حَرَمٍ فَكَالْمُحْرِمِ وَإِنْ كَسَرَ الْمُحْرِمُ بَيْضَ صَيْدٍ حَلَّ لِمَحَلِّ وَمَنْ أَحْرَمَ وَبِمِلْكِهِ صَيْدٌ لَمْ يَزُلْ وَلَا يَدُهُ الْحُكْمِيَّةُ وَلَا يَضْمَنُهُ مَعَهَا وَمَنْ غَصَبَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَمَنْ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ أَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ لَزِمَهُ إزَالَتُهَا بِإِرْسَالِهِ وَمِلْكُهُ بَاقٍ فَيَرُدُّهُ آخِذُهُ وَيَضْمَنُهُ قَاتِلُهُ وَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُرْسِلِهِ مِنْ يَدِهِ قَهْرًا وَمَنْ قَتَلَ صَيْدًا صَائِلًا دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ شَبَكَةٍ لِيُطْلِقَهُ أَوْ قَطَعَ مِنْهُ عُضْوًا مُتَآكِلًا فَمَاتَ لَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ فَوَدِيعَةٌ

_ قوله: (حل لمحل) أي: لا لمحرم. قوله: (الحكمية) بأن يكون في بيته غائبا عنه، أو أمانة. قوله: (ومن أدخله الحرم) أي: المكي. قوله: (المشاهدة) بفتح الهاء، أي: التي تشاهد؛ بأن يكون حاملاً للصيد، أو لقفصه، أو ممسكاً حبلا متصلا به، فهي اسم مفعول، كما في "المطلع".

وَلَا تَأْثِيرَ لِحَرَمٍ وإحْرَامٍ فِي تَحْرِيمِ إنْسِيٍّ وَلَا فِي مُحَرَّمِ الْأَكْلِ إلَّا الْمُتَوَلِّدَ وَيَحْرُمُ بِإِحْرَامٍ قَتْلُ قَمْلٍ وَصِئْبَانِهِ وَلَوْ بِرَمْيِهِ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ لَا بَرَاغِيثَ وَقُرَادٍ وَنَحْوِهِمَا وَيُسَنُّ مُطْلَقًا قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَيُبَاحُ لَا بِالْحَرَمِ: صَيْدُ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ كَسَمَكٍ، وَلَوْ عَاشَ فِي بَرٍّ أَيْضًا، كَسُلَحْفَاةٍ وَسَرَطَانٍ وَطَيْرُ الْمَاءِ بَرِّيٌّ

_ قوله: (ويحرم بإحرام .... إلخ) مفهومه: أنه لا يحرم بغير إحرام كحرم، لكن في "مغني ذوي الأفهام": أنه يكره رميه حياً. وفي "الإقناع": يحرم رميه مقتولا في المسجد، وهو محمول على القول بنجاسة قشره، والصحيح طهارته. وقد صرح في "الإقناع" نفسه: أن له دفنه فيه. قوله: (ويسن مطلقاً) أي: في حرم، أو إحرام مع أذى بالفعل، أو لا، غير كلب عقور، فيجب كما يأتي. قوله: (غير آدمي) المفهوم فيه تفصيل، بدليل المعيان. قوله: (ما يعيش في الماء) من صيد البحر، والأنهار، والآبار، والعيون. قاله في "الإقناع" قوله: (كسلحفاة) من حيوان الماء معروفة، تطلق على

وَيُضْمَنُ جَرَادٌ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ بِمَشْيِ مُحْرِمٍ عَلَى مُفْتَرِشٍ بِطَرِيقٍ وَكَذَا بَيْضُ طَيْرٍ أَتْلَفَهُ مُحْرِمٌ لِحَاجَةِ مَشْيٍ فَيَضْمَنُهُ وَلِمُحْرِمٍ احْتَاجَ إلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ وَفَعَلَهُ يُفْدَى وَكَذَا لَوْ اُضْطُرَّ كَمَنْ بِالْحَرَمِ اُضْطُرَّ لِذَبْحِ صَيْدٍ مَيْتَةً فَيَحِقُّ غَيْرُهُ فَلَا يُبَاحُ إلَّا لِمَنْ يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهَا

_ الذكر والأنثى. وقال الفراء: الذكر من السلاحف غيلم، والأنثى سلحفاة في لغة بني أسد، وفيها لغات: إثبات الهاء، فتفتح اللام وتسكن الحاء، والثانية: بالعكس، إسكان اللام وفتح الحاء. والثالثة، والرابعة: حذف الهاء مع فتح اللام وسكون الحاء والمد والقصر. "مصباح". قوله: (إلى فعل محظور) أي: غير مفسد، بخلاف الوطء على ما استظهره الشيخ منصور البهوتي رحمه الله تعالى. قوله: (وهو ميتة في حق غيره) مقتضاه كـ "الإقناع": أنه يصير طاهراً مباحاً في حق شخص، نجسا محرماً في حق غيره، وفيه نظر: قاله في "شرح الإقناع". ويمكن أن يقال: قولهم: وهو ميتة، معناه: كميتة في التحريم، لا في النجاسة، بقرينة قوله: (فلا يباح ... إلخ) فيكون طاهراً في حق الجميع؛ لأنه مذكى مباحاً في حق المصطر، لا في حق غيره؛ لأن تحريمه لحرمته لا لنجاسته. فتدبر.

السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكَاحِ إلَّا فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَتُعْتَبَرُ حَالَتُهُ فَلَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا صَحَّ عَقْدُهُ بَعْدَ حِلِّ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ حَلَالًا، فَأَحْرَمَ مُوَكِّلٌ فَعَقَدَهُ الْوَكِيلُ حَالَ إحْرَامِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَنْعَزِلْ وَكِيلُهُ بِإِحْرَامِهِ فَإِذَا حَلَّ عَقَدَهُ وَلَوْ قَالَ عَقَدَ قَبْلَ إحْرَامِي قُبِلَ وَكَذَا إنْ عَكَسَ لَكِنْ يَلْزَمُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَصِحُّ مَعَ جَهْلِهِمَا وُقُوعَهُ

_ قوله: (السابع: عقد النكاح) أي: فيحرم أن يتزوج المحرم، أو يتزوج غيره بولاية أو وكالة، وأن يقبل له النكاح وكيله الحلال، وأن تزوج المحرمة، والنكاح في ذلك كله باطل. تعمده، أو لا، كما في "الإقناع". قوله: (ولو وكله) أي: الحلال حالة كون الموكل حلالاً، فقول المصنف: (حلالاً) حال من الضمير المستتر في (وكله) العائد على الموكل المفهوم من (وكله)، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن"، أي: الشارب المفهوم من (يشرب). والهاء في (وكله) ضمير راجع إلى (الحلال) المتقدم ذكره. فتدبر. قوله: (وكذا إن عكس) والظاهر: أنه يلزمه تطليقها، كما قاسه منصور البهوتي على ما في الوكالة: إذا وكله أن يتزوج له امرأة. ففعل، ثم أنكر الوكالة ... إلخ.

و: تَزَوَّجْتُك وَقَدْ حَلَلْت، وَقَالَتْ: بَلْ مُحْرِمَةٌ صُدِّقَ وَتُصَدَّقُ هِيَ فِي نَظِيرَتِهَا فِي الْعِدَّةِ وَمَتَى أَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ امْتَنَعَتْ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ لَا نُوَّابِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَتُكْرَهُ خِطْبَةُ مُحْرِمٍ كَخِطْبَةُ عُقْدَةٍ وحُضُورُهُ وَشَهَادَتُهُ فِيهِ لَا رَجْعَتُهُ وَلَا شِرَاءُ أَمَةٍ لِوَطْءٍ الثَّامِنُ: وَطْءٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَهُوَ يُفْسِدُ النُّسُكَ قَبْلَ تَحَلُّلٍ أَوَّلَ وَعَلَيْهِمَا الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ

_ قوله: (وتصدق هي في نظيرتها في العدة) أي: حيث لم تمكنه. قوله: (محرم) أي: شخص محرم، ليوافق ما في "الرعاية" وغيرها، لشموله الذكر والأنثى. فقوله: (خطبة محرم) مصدر لفاعله ومفعوله معاً. وفي "تفسير" القاضي ما يقتضي جواز ذلك، حيث قال في تفسير قوله تعالى: (وكنا لحكمهم شاهدين) أي: الحاكمين والمتحاكمين. انتهى. فأنت تراه فسر الضمير بالفاعل والمفعول معاً. محمد الخلوتي. قوله: (وشهادته فيه) أي: فسر الضمير بالفاعل والمفعول معاً. محمد الخلوتي. قوله: (وشهادته فيه) أي: مع صحة العقد؛ بأن يكون من حلال لحلال، وإلا فشهادته في الفاسد حرام، كما سيجيء. قوله: (ويوجب الغسل) أي: فلا يفسد بحائل.

وَيَقْضِي فَوْرًا إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا فَيَقْضِي بَعْدَ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ فَوْرًا مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا إنْ كَانَ قَبْلَ مِيقَاتٍ وَإِلَّا فمِنْهُ وَمَنْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ قَضَى الْوَاجِبَ لَا الْقَضَاءَ وَنَفَقَةُ قَضَاءِ مُطَاوِعَةٍ عَلَيْهَا ومُكْرَهَةٍ عَلَى مُكْرِهٍ وَسُنَّ تَفَرُّقُهُمَا فِي قَضَاءٍ مِنْ مَوْضِعِ وَطْءٍ فَلَا يَرْكَبُ مَعَهَا فِي مَحْمَلٍ وَلَا يَنْزِلُ مَعَهَا فِي فُسْطَاطٍ وَلَا نَحْوِهِ إلَى أَنْ يَحِلَّا وبَعْدَهُ لَا يُفْسِدُ نُسُكَهُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ والْمُضِيُّ لِلْحِلِّ

_ قوله: (قضى الواجب) أي: بإفساد الأول. قوله: (ومكرهة على مكره) قياسه: لو استدلت ذكر نائم، فعليها نفقة قضائه. قوله: (من موضع وطء) وعلم منه: أن الواطيء يصلح محرما لها في حجة القضاء، ونقل ابن الحكم. لا. فيعايا بها. قوله: (في فسطاط) بضم الفاء وكسرها: بيت من الشعر. قوله: (وبعده لا يفسد) يعني: إذا وطيء بعد التحلل الأول لا يفسد نسكه، ويفسد أحرامه، أي: ما بقي منه، فلهذا احتاج إلى تجديد الإحرام لما بقي من أفعال الحج. وخالف في "المغني" و "الشرح"، فقالا: إذا وطيء بعد طواف الزيارة، ولم يرم جمرة العقبة أي: وحلق فإنه

فَيُحْرِمُ لِيَطُوفَ مُحْرِمًا وَعُمْرَةٌ كَحَجٍّ فَيُفْسِدُهَا قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ لَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ حَلْقٍ وَعَلَيْهِ شَاةٌ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُكْرَهَةٍ التَّاسِعُ: الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لِشَهْوَةٍ وَلَا تُفْسِدُ النُّسُكَ

_ لا يلزمه إحرام، لوجود أركان الحج. وكلام المصنف يشعر مفهومه بذلك، حيث جعل العلة الطواف، لكن جرى في "الإقناع" على ما قدمناه مع حكايته بعد ذلك لما في "المغني" و "الشرح", وعن "الفروع" أنه قال: ظاهر كلام جماعة: كما سبق، أي: خلافاً "للمغني" و "الشرح". فتدبر. والله أعلم. قوله: (ليطوف محرماً ... إلخ) أي: للزيارة. ومقتضاه: أنه لو كان طاف قبل الوطء، لا إحرام عليه، وجزم به في "المغني" و "الشرح". ونقل في "الفروع" عن ظاهر كلام جماعة أنه لا بد من الإحرام مطلقاً، لبقائه بعد التحلل الأول، فيفسد بالوطء، أي: يفسد ما بقي من الإحرام، لا أنه يفسد من أصله، وإلا لفسد حجه، فلا بد على ظاهر كلام تلك الجماعة من تجديد الإحرام، سواء طاف للزيارة أم لا، ليؤدي بقية الأفعال بإحرام صحيح، وما جرم به المصنف، هو ما قدمه في "الإقناع" لكن تجديد الإحرام مطلقاً هو الأحوط. فتدبر.

فصل والمرأة إحرامها في وجهها فَتُسْدِلُ لِحَاجَةٍ وَتَحْرُمُ تَغْطِيَتُهُ وَلَا يُمْكِنُهَا تَغْطِيَةُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بجُزْءٍ مِنْهُ وَلَا كَشْفُ جَمِيعِهِ إلَّا بجُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ، فَسِتْرُ الرَّأْسِ كُلِّهِ أَوْلَى، لِكَوْنِهِ عَوْرَةً وَلَا يَخْتَصُّ سِتْرُهُ بِإِحْرَامٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَى رَجُلٍ غَيْرَ لِبَاسٍ وتَظْلِيلِ مَحْمِلٍ وَيُبَاحُ لَهَا خَلْخَالٌ وَنَحْوُهُ مِنْ حُلِيٍّ وَيُسَنُّ لَهَا الْخِضَابُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَكُرِهَ بَعْدَهُ وَإِذَا شَدَّتْ يَدَيْهَا بِخَرِقَةٍ فَدَتْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا لُبْسُ قُفَّازَيْنِ وَهُمَا شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ كَمَا يُعْمَلُ لِلْبُزَاةِ وَيَفْدِيَانِ بِلُبْسِهِمَا وَكُرِهَ لَهُمَا اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ وَنَحْوِهِ لِزِينَةٍ لَا لِغَيْرِهَا وَلَهُمَا لُبْسُ مُعَصْفَرٍ وكُحْلِيٍّ وقَطْعُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ بِغَيْرِ طِيبٍ واتِّجَارٌ وَعَمَلُ صَنْعَةٍ مَا لَمْ يُشْغِلَا عَنْ وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ ونَظَرٌ فِي

_ قوله: (فتسدل لحاجة) أي: ولو مس بشرتها، كما في "الإقناع" تبعاً للموفق، خلافاً للقاضي في اشتراطه عدم المباشرة، فإن لم تبعده بسرعة، فدت، عند القاضي. قوله: (عن واجب) أي: فيحرما. قوله: (أو مستحب) أي: فيكرها

مِرْآةٍ لِحَاجَةٍ كَإِزَالَةِ شَعْرٍ بِعَيْنٍ وَكُرِهَ لِزِينَةٍ وَلَهُ لُبْسُ خَاتَمٍ وَيَجْتَنِبَانِ الرَّفَثَ وَالْفُسُوقَ وَالْجِدَالَ وَيُسَنُّ قِلَّةُ كَلَامِهِمَا إلَّا فِيمَا يَنْفَعُ

_ إن لم نقل بتوقفها على ورود نهي خاص، وإلا كان خلاف الأولى، وهو الصحيح. قوله: (الرفث) وهو الجماع. قوله: (والفسوق) أي: كالسباب. قوله: (والجدال) أي: المراء. قوله: (وتسن قلة كلامهما) المراد: العدم، لا حقيقة القلة.

باب الفدية

باب الفدية الفدية: مَا يَجِبُ بِسَبَبِ نُسُكٍ أَوْ حَرَمٍ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ ذَبْحِ شَاةٍ، أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ وَهِيَ فِدْيَةُ لُبْسِ مَخِيطٍ وَطِيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسِ وَإِزَالَةِ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ظُفْرَيْنِ أَوْ الثَّانِي جَزَاءُ الصَّيْدِ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ مِثْلِ أَوْ تَقْوِيمُهُ بِمَحِلِّ التَّلَفِ

_ باب الفدية الفدية والفداء في الأصل: ما يعطى في افتكاك أسير، أو إنقاذ من هلكة. وإطلاق الفدية من محظورات الإحرام، فيه إشعار بأن من أتى محظوراً منها، فكأنه صار في هلكة يحتاج إلى إنقاذه منها بالفدية التي يعطيها. وسبب ذلك والله أعلم تعظيم أمر الإحرام، وأن محظوراته من المهلكات، لعظم شأنه، وتأكد حرمته. ولم أجد من اعتنى بالتنبيه على هذا، فليستفد، فإنه من النفائس. كذا رأيته بخط ابن نصر الله، رحمه الله. قوله: (تمر أو شعير) أي: أو زبيب، أو أقط، ومما يأكله أفضل، ومنه تعلم: أنها ليست كالفطرة من جميع الوجوه، وإن شبهها بها فيما يأتي، وأن اقتصاره هنا على ما ذكر، لشهرته. قوله: (بين مثل) يعني: يذبحه ويفرقه على الفقراء.

وَبِقُرْبِهِ بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ كَوَاجِبٍ فِي فِدْيَةِ أَذًى وَكَفَّارَةٍ فَيُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَصُومَ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا وَإِنْ بَقِيَ دُونَهُ صَامَ يَوْمًا

_ قوله: (يشتري بها طعاما ... إلخ) ليس بقيد، فيجزيء إخراج قدره من طعام نفسه. قوله: (فيطعم كل مسكين ... إلخ) وتكون المساكين بقدر الأمداد، أو أنصاف الآصع، وأيام الصوم بقدر المساكين إذا لم يبق دون طعام مسكين، وإلا فيزيد يوماً. قوله: (أو يصوم ... إلخ) أي: بلا متابعة. قوله: (كل مسكين ... إلخ) فلا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء، ويطعم عن بعضه، ولعل مثله فداء. "إقناع". قوله: (وإن بقي دونه ... إلخ) يعني: إذا اختار الصيام عن الطعام، فبقي مالا يعدل طعام مسكين، صام يوماً كاملا، كما لو كان الطعام عشرة أمداد بر ونصفا، فيصوم أحد عشر يوماً، أما لواجب الإطعام في الصورة المذكورة، فالظاهر: أنه يخرج ما معه ولا يلزمه تكميل ولا صيام، قال في "الإقناع": ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعضه. انتهى.

وَيُخَيَّرُ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ بَيْنَ إطْعَامٍ وَصِيَامٍ مُرَتَّبًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا: دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فَيَجِبُ هَدْيٌ أَوْ ثَمَنَهُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ: ثَلَاثَةَ فِي الْحَجِّ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُ آخِرِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَلَهُ تَقْدِيمُهَا فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَوَقْتُ وُجُوبِهَا كَهَدْيٍ وسَبْعَةَ إذَا رَجَعَ لِأَهْلِهِ وَإِنْ صَامَهَا قَبْلَ بَعْدَ إحْرَامٍ بِحَجٍّ أَجْزَأَهُ لَكِنْ لَا يَصِحُّ أَيَّامَ مِنًى وَمَنْ لَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ فِي أَيَّامِ مِنًى صَامَ عَشَرَةً وَعَلَيْهِ دَمٌ مُطْلَقًا

_ قوله: (بين إطعام) بقدر قيمة المتلف. قوله: (مرتبا) خبر يكون محذوفة على قلة. قوله: (أو ثمنه) أو بمعنى الواو. قوله: (وله) أي: المتمتع. قوله: (في إحرام العمرة) أي: لا قبله، لعدم انعقاد السبب. قوله: (قبلب) أي: قبل رجوعه. قوله: (بعد إحرام بحج) أي: وفراغ منه، أي: من أركانه، ومضي أيام منى، وعلى هذا: فهو من باب الكناية حيث أطلق الملزوم، وهو: الإحرام بالحج، وأراد اللازم، وهو: الفراغ منه، وإلا فظاهره غير مراد. ولهذا اعترض الحجاوي على من عبر بذلك، كصاحب "التنقيح" والمصنف. قوله: (مطلقا) أي: أخر لعذر أولا، بخلاف الهدي إذا أخره لعذر،

وَكَذَا إنْ أَخَّرَ الْهَدْيِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ بِلَا عُذْرٍ وَلَا يَجِبُ تَتَابُعٌ وَلَا تَفْرِيقٌ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَلَا السَّبْعَةِ وَلَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ إذَا قَضَاهَا وَلَا يَلْزَمُ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ بَعْدَ وُجُوبِ صَوْمٍ انْتِقَالٌ عَنْهُ شُرِعَ فِيهِ أَو لًا

_ ولعل الفرق اتساع وقتها، فيندر استغراق العذر له بخلاف أيام النحر. "حاشية" منصور البهوتي. قوله: (إذا قضى) التقييد به جري على الغالب، وإلا فلو صام أيام منى عن الثلاثة، صح وكان أداء، ولا يجب بينها وبين السبعة حينئذ تتابع، ولا تفريق، ومنه تعلم أن قوله: (إذا قضى) راجع للثلاثة فقط؛ إذ السبعة لا محل لها معين حتى تقضى بفواته. محمد الخلوتي. قوله: (ولا يلزم من قدر ... إلخ) أي: ويجزيء. قوله: (انتقال عنه) أي: عدول. قوله: (شرع فيه أولا) قال في "تصحيح الفروع": فعلى هذا، لو قدر على الشراء بثمن في الذمة وهو موسر في بلده، لم يلزمه ذلك، بخلاف كفارة الظهار وغيرها. قاله في "القواعد". انتهى. قال في "الحاشية":

الثَّانِي الْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ حَلَّ النَّوْعُ الثَّالِثُ فِدْيَةُ الْوَطْءِ وَيَجِبُ بِهِ فِي حَجٍّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ بَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَاصَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِيهِ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ وفِي عُمْرَةٍ شَاةٌ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ

_ قلت: لم يظهر لي وجه التفريع، ولا الفرق بين ما هنا وكفارة الظهار وغيرها؛ إذ الصحيح أن الاعتبار في الكفارات بوقت وجوبها، وهو موافق لما ذكر هنا، فأين الفرق؟ انتهى. قوله: (قبل التحلل الأول) أي: وبعده شاة على ما تقدم، فإن لم يجدها، هل يصوم عشرة أيام كذلك، أو تستقر في ذمته حتى يجدها؟ وهل هي كفدية الوطء في الترتيب أو كفدية الأذى؟ والذي اختاره شيخنا، الأول، محمد الخلوتي. قوله: (وفي عمرة شاة) وإذا لم يجدها، هل يصوم عشرة أيام كذلك، وهل هي فدية تخيير إلحاقاً لها بفدية الأذى، أو فدية ترتيب إلحاقاً لها بفدية الوطء؟ توقف فيه شيخنا منصور البهوتي، ثم استطظهر أنه يصوم كذلك، وأنها كفدية الوطء. محمد الخلوتي. أقول: هذا البحث نشأ من الغفلة عما يأتي قريبا من قول الشارح: وكذا وطء في العمرة، أي: فإن الواجب عليه كفدية الأذى صيام، أو صدقة، أو نسك وعلى هذا: فذكر المصنف الشاة في الوطء في العمرة مع ما هو مرتب غير ظاهر، إلا أن يقال: إن المقصود ذكر فدية الوطء في الحج قبل التحلل الأول

الضَّرْبُ الثَّالِثُ: دَمٌ وَجَبَ لِفَوَاتِ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ لِمُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ فَمَا أَوْجَبَ بَدَنَةً كَمَا لَوْ بَاشَرَ دُونَ فَرْجٍ فَأَنْزَلَ أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ لِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ أَوْ اسْتَمْنَى فَأَمْنَى،

_ وهي مرتبة، وأما فدية العمرة، فذكرت بطريق التبعية، لا لكونها من هذا القسم، ولهذا لم يتعرض المصنف لما إذا لم يجد الشاة، كما فعل في بدنة الحج، والحاصل: أنه متى وجب بالوطء شاة في حج بعد التحلل الأول، أو عمرة فإن الشاة لا تجب بخصوصها، بل على التخيير المذكور على ما نقله الشيخ منصور البهوتي في "شرحه" هنا، وفي "شرح الإقناع" عن "الشرح الكبير" فتدبر. قوله: (الضرب الثالث ... إلخ) هذا الضرب لا خفاء في رجوعه إلى الضربين قبله، فما الفائدة في جعله مستقلا بنفسه مع إمكان تقليل الأقسام؟ ! قوله: (كما لو باشر ... إلخ) أي: قبل التحلل الأول، كما هو شرط أصله، ثم رأيته في "شرح الإقناع". وانظر: هل يجب فيه بعده شاة كأصله؟ أعني: الوطء، وهو الظاهر. قوله: (فأنزل) أي: في الجميع، لكن ما الحكمة في تعبيره هنا بالإنزال وفيما بعد بالإمناء؟

فَحُكْمُهَا كَبَدَنَةِ وَطْءٍ وَمَا أَوْجَبَ شَاةً، كَمَا لَوْ أَمَذَى بِذَلِكَ أَوْ بَاشَرَ وَلَمْ يُنْزِلْ، أَوْ أَمْنَى بِنَظْرَةٍ فَكَفِدْيَةِ أَذًى

_ وأنه كان الظاهر إسقاط قوله: (فأنزل) وتسليط قوله: (فأمنى) على جميع ما قبله. منصور البهوتي. وقد يقال: لم يفعل كذلك؛ لئلا يتوهم أن قوله: (فأمنى) قيد في استمنى فقط، وأن ما قبله مطلق أنزل به أولاً. محمد الخلوتي. قوله: (فحكمها) أي: حكم بدنته، ففيه الرابط باعتبار عود الضمير على ما فيه ضمير رابط. قوله: (وما اوجب شاة) أي: مما ذكر، وهو ما وجب لمباشرة دون فرج، كما بينه بقوله بعد: (كما لو مذي ... إلخ)، فلا يشكل على ما بحثه الشيخ منصور البهوتي فيما تقدم. فليحرر مرة أخرى. ثم ظهر لي أن البحث المتقدم نشأ من الغفلة عما ذكره منصور البهوتي في "شرح المنتهى" و "الإقناع" نقلا عن "الشرح الكبير": إن الواجب في الوطء في العمرة كفدية الأذى، صيام، أو صدقة، أو نسك، وكذا الوطء في الحج بعد التحلل الأول، كما نقل منصور البهوتي في الشرحين عن "الشرح الكبير"، لكن ذكر المصنف لفدية العمرة في قسم

وَخَطَأَ فِي الْكُلِّ كَعَمْدٍ وَأُنْثَى مَعَ شَهْوَةٍ كَرَجُلٍ وَمَا وَجَبَ لِفَوَاتِ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فَكَمُتْعَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ فصل ومن كرر محظورا من جنس غير قتل صيد بِأَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ

_ الترتيب يوهم خلاف ذلك، إلا أن يقال: المقصود إنما هو فدية الحج قبل التحلل؛ لأنه المترتب، وغيره ذكر بطريق التبعية، تتميماً لما يجب في العمرة لا لكون واجبها مرتبا، ولهذا لم يتعرض لما إذا عدم الشاة، كما لم يتعرض لما إذا عدم البدنة، مع أن واجب العمرة قد قدمه في محظورات الإحرام، فكان الأحسن إسقاطه هنا، أو التصريح بأنه كفدية الأذى. قوله: (من جنس ... إلخ) قال الزركشي وغيره: إذا لبس وغطى رأسه ولبس الخف، ففدية واحدة؛ لأن الجميع جنس واحد. قاله في "الإنصاف" نقله في "الحاشية"، وعموم كلام الزركشي يقتضي: أن تغطية الرأس بجميع أنواعها حتى بالتظليل بمحمل، متحدة مع لبس المخيط، والمفهوم من "الإقناع" التفضيل، وهو أنه إن غطى رأسه بمخيط كطاقية،

أَوْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ وَطِئَ وَأَعَادَهُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فوَاحِدَةٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ أُخْرَى ومِنْ أَجْنَاسٍ فلِكُلِّ جِنْسٍ فِدَاءٌ وفِي الصُّيُودِ وَلَوْ قُتِلَتْ مَعًا جَزَاءٌ بِعَدَدِهَا وَيُكَفِّرُ مَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ أَوْ وَطِئَ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا لَا مَنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ فِي حَالٍ مِنْ ذَلِكَ وَمَتَى زَالَ عُذْرُهُ أَزَالَهُ فِي الْحَالِ

_ وعمامة، فكلبس المخيط في بدنه، وإلا فجنس آخر له فدية على حدته. فليحرر. قوله: (أو وطيء) ولعل مثله مقدماته، ثم رأيته صريحاً في "الإقناع" و "شرحه". قوله: (وأعاده) عطف على: (حلق) وما عطف عليه، ومجموعهما تصوير لـ (كرر). قوله: (قبل التكفير) متعلق بـ (كرر). قوله: (بأن حلق ... إلخ) جملة معترضة بينهما للتفسير، وهذا أولى من تعلقه بـ (أعاده)؛ إذ قوله: (وأعاده) من تتمة تصوير التكرير، ولا يضر الفصل بين المتعلق والمتعلق بالجمل الاعتراضية؛ لأن هذا من شأن الاعتراض على ما هو المشهور فيه. محمد الخلوتي. قوله: (فلكل جنس) لم تتكرر أفراده، أو تكررت قبل التكفير. قوله: (أو وطيء) أي: أو باشر.

وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً لِغَسْلِ طِيبٍ مَسَحَهُ أَوْ حَكَّهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ وَلَهُ غَسْلُهُ بِيَدِهِ وبِمَائِعٍ بِلَا عُذْرٍ فَدَى وَيَفْدِي مَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ فَعَلَ مَحْظُورًا وَمَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ فِي بَدَنِهِ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ لَا لُبْسُ مُطَيَّبٍ بَعْدَهُ أَوْ اسْتَدَامَ لُبْسَ مَخِيطٍ أَحْرَمَ فِيهِ وَلَوْ لَحْظَةً فَوْقَ الْمُعْتَادِ مِنْ خَلْعِهِ فَدَى وَلَا يَشُقُّهُ وَإِنْ لَبِسَ أَوْ افْتَرَشَ مَا كَانَ مُطَيَّبًا وَانْقَطَعَ رِيحُهُ وَيَفُوحُ بِرَشِّ مَاءٍ وَلَوْ تَحْتَ حَائِلٍ غَيْرَ ثِيَابِهِ لَا يَمْنَعُ الْحَائِلُ رِيحَهُ وَلَا مُبَاشَرَتَهُ فَدَى. فصل وكل هدي أو إطعام يتعلق بحرام أو إحرام كجزاء صيد، وَمَا

_ قوله: (حسب ... إلخ) مفعول مطلق صفة لمصدر محذوف. قوله: (فإن أخره) أي: غسل الطيب. قوله: (ولو لحظة) أشار بذلك إلى خلاف أبي حنيفة، حيث قيد اللزوم بما إذا كان اللبس أو تغطية الرأس يوما كاملا أو ليلة كاملة، كما صرح به علي القاري في "شرح المنسك"، ونقله ابن جماعة عنهم. محمد الخلوتي. قوله: (وكل هدي) هو مبتدأ، خبره: (يلزمه ذبحه)، وخبر: (أو أطعام) محذوف دل عليه خبر الأول، أو خبرهما محذوف، أي: فهو لمساكن الحرم،

وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فَوَاتِ أَوْ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فِي حَرَمٍ وهَدْيُ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ يَلْزَمُ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وتَفْرِقَةُ لَحْمِهِ أَوْ إطْلَاقُهُ لِمَسَاكِينِهِ وَهُمْ الْمُقِيمُ بِهِ وَالْمُجْتَازُ مِنْ حَاجٍّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ وَالْأَفْضَلُ نَحْرُ مَا وَجَبَ بِحَجٍّ بِمِنًى ; وَنَحْرُ مَا وَجَبَ بِعُمْرَةٍ بِالْمَرْوَةِ وَإِنْ سَلَّمَهُ لَهُمْ فَنَحَرُوهُ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ وَنَحَرَهُ أَوْ عَجَزَ ضَمِنَهُ وَالْعَاجِزُ عَنْ إيصَالِهِ إلَى الْحَرَمِ يَنْحَرُهُ حَيْثُ قَدَرَ وَيُفَرِّقُهُ بِمَنْحَرِهِ وَتُجْزِئُ فِدْيَةُ أَذًى ولُبْسٍ وطِيبٍ وَنَحْوِهَا ومَا وَجَبَ بِفِعْلٍ

_ وجملة يلزمه مستأنفة على أنها مجملة، كما يأتي. قوله: (أو إطلاقه) أي: المذبوح. قوله: (لمساكنه) ظاهر تعبيرهم بالجمع: أنه لا يجزيء الدفع لواحد، كالفطرةن اللهم إلا أن يقال: المراد الجنس، لكن قال الشيخ منصور البهوتي: إلحاقه بالكفار أشبه. تأمل. قوله: (وما بعمرة بالمروة) خروجاً من خلاف الإمام مالك، فإنه يوجب ذلك. محمد الخلوتي.

مَحْظُورٍ خَارِجَ الْحَرَمِ بِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وحَيْثُ وُجِدَ وَدَمُ إحْصَارٍ حَيْثُ أُحْصِرَ وصَوْمٌ وَحَلْقٌ بِكُلِّ مَكَان وَالدَّمُ الْمُطْلَقُ كَأُضْحِيَّةٍ جِذْعُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيُّ مَعْزٍ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ، أَوْ بَقَرَةٍ إحْدَاهُمَا فأَفْضَلُ وَتَجِبُ كُلُّهَا وَتُجْزِئُ عَنْ بَدَنَةٍ وَجَبَتْ وَلَوْ فِي صَيْدِ بَقَرَةٍ كَعَكْسِهِ وعَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ مُطْلَقًا

_ قوله: (خارج الحرم) أي: ولو لغير عذر. قوله: (مطلقاً) كعكسه.

باب جزاء الصيد

باب جزاء الصيد جزاء الصيد: مَا يُسْتَحَقُّ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلِهِ وَمُقَارِبِهِ وَشِبْهِهِ وَيَجْتَمِعُ ضَمَانُ وَجَزَاءٌ فِي مَمْلُوكٍ وَهُوَ ضَرْبَانِ مَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ فَيَجِبُ فِيهِ نَصًّا وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا: مَا قَضَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَمِنْهُ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ وبَقَرِهِ وأُيَّلٍ وَثيتل ووَعِلٍ بَقَرَةٌ وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ وَفِي غَزَالٍ شَاةٌ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَرَوَى جَابِرٌ مَرْفُوعًا «فِي الظَّبْيِ شَاةٌ» قَالَهُ فِي شَرْحِهِ. وَفِي الْمُبْدِعِ: قَضَى بِهِ عُمَرُ وَابْنُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَفِي وَبْرٍ وضَبٍّ: جَدْيٌ وَفِي يَرْبُوعٍ: جَفْرَةٌ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ

_ قوله: (ما يستحق) أي: يستحقه المساكين. قوله: (وهو) أي: الصيد. قوله: (ومنه) أي: من النوع الذي قضت فيه الصحابة، وليس في كلامه ما يعطي أن الصحابة قضت في جميع جزيئات ذلك النوع، فلا ينافي أن الضبع قضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم. محمد الخلوتي. قوله: (بدنة) أي: بعير ذكر أو أنثى. قوله: (وإيل) ذكر الأوعال. قوله: (وثيتل) المسن. قوله: (جدي) أي: له ستة أشهر. قوله: (لها أربعة أشهر) صفة كاشفة.

وَفِي أَرْنَبٍ عَنَاقٌ وَفِي حَمَامٍ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ الْمَاءَ وَهَدَرَ شَاةٌ النَّوْعُ الثَّانِي: مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ وَيَجُوزُ كَوْنُ الْقَاتِلِ أَحَدُهُمَا أَوْ هُمَا خَطَأً أَوْ لِحَاجَةِ أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ الْمُنَقِّحُ: وَهُوَ قَوِيٌّ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ لِأَنَّ قَتْلَ الْعَمْدِ يُنَافِي الْعَدَالَةَ وَيُضْمَنُ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَصَحِيحٌ وَمَعِيبٌ بِمِثْلِهِ وَمَاخِضٌ بِمِثْلِهِ

_ قوله: (عناق) هي أصغر من الجفرة. قوله: (وفي حمام) أي: كل واحدة منه. قوله: (أو هما) من استعارة المرفوع للمنصوب. قوله: (أو لحاجة) هذه ليست في كلام ابن عقيل، كما يفهم من "الإنصاف" و "الإقناع"، بل مقيسة على كلامه، والمقيس على كلام الرجل مذهب له على الصحيح؛ فلذا نسبه إليه. قوله: (ينافي العدالة) انظر: هل هو كبيرة، فينافي العدالة كما ذكر؟ نظر فيه منصور البهوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (ينافي العدالة) أي:

وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ مِنْ عَيْنٍ وأَعْرَجَ مِنْ قَائِمَةٍ بأَعْوَرُ وأَعْرَجَ مِنْ أُخْرَى وذَكَرٍ بِأُنْثَى وعَكْسُهُ لَا أَعْوَرَ بِأَعْرَجَ وَنَحْوِ ذَلِكَ لضَّرْبُ الثَّانِي مَا لَا مِثْلَ لَهُ وَهُوَ بَاقِي الطَّيْرِ، وفِيهِ وَلَوْ أَكْبَرَ مِنْ الْحَمَامِ قِيمَتُهُ مَكَانَهُ فصل وإن أتلف جزءا من صيد فاندمل وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَهُ مِثْلٌ ضَمِنَ بِمِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ لَحْمًا وَإِلَّا فبِنَقْصِهِ مِنْ قِيمَتِهِ وَإِنْ جَنَى عَلَى حَامِلٍ، فَأَلْقَتْ مَيِّتًا ضَمِنَ نَقْصَهَا فَقَطْ كَمَا لَوْ جَرَحَهَا

_ إن لم يتب، وهي شرط الحكم. "شرح" وفي التقييد شيء؛ لأنه متهم وإن تاب. فتأمل. قوله: (لا أعور بأعرج) لاختلاف النوع. قوله: (وإلا) أي: وإلا يكن له مثل. قوله: (ضمن نقصها) أي: الأم؛ لأن الحمل زيادة في البهائم. وإن ولدته حيا ثم مات، فقال جماعة: عليه جزاؤه، وقيده جماعة بما إذا كان لوقت يعيش لمثله، وإلا فكالميت، وجزم به في "المغني" و "الشرح" "شرح" منصور البهوتي. قوله: (فقط) أي: دون الحمل.

وَمَا أُمْسكَ فَتَلِفَ فَرْخُهُ أَوْ نَفَرَ فَتَلِفَ أَوْ نَقَصَ حَالَ نُفُورِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ جَرَحَهُ غَيْرَ مُوحٍ، فَغَابَ وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ أَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ بِجِنَايَتِهِ قُوِّمَ صَحِيحًا وَجَرِيحًا غَيْرَ مُنْدَمِلٍ ثُمَّ يُخْرَجُ بِقِسْطِهِ مِنْ مِثْلِهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ وفِيمَا انْدَمَلَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ أَوْ جُرْحًا مُوحِيًا جَزَاءُ جَمِيعِهِ وَإِنْ نَتَفَ رِيشَهُ أَوْ شَعْرَهُ أَوْ وَبَرَهُ فَعَادَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ صَارَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَكَجُرْحٍ وَكُلَّمَا قَتَلَ صَيْدًا حُكِمَ عَلَيْهِ وَعَلَى جَمَاعَةٍ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ صَيْدٍ وَاحِدٍ جَزَاءٌ وَاحِدٌ

_ قوله: (وما أمسك) بالبناء للمفعول في الأفعال الثلاثة، أعني: أمسك، ونفر، وضمن؛ لئلا يحوج إلى حذف المفعول في تلك المواضع، وإن كان في الأولين عائداً منصوبا بالفعل، وهو عندهم كثير. قوله: (بقسطه) أي: بدل قسطه. قوله: (فكجرح) أي: موح.

باب صيد الحرمين ونباتهما

باب صيد الحرمين ونباتهما وَحُكْمُ صَيْدِ حَرَمِ مَكَّةَ حُكْمُ صَيْدِ الْإِحْرَامِ حَتَّى فِي تَمَلُّكِهِ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ صَيْدُ بَحْرِيِّهِ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ وَإِنْ قَتَلَ مُحِلٌّ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ لَا غَيْرُ قَوَائِمِهِ قَائِمًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ قَتَلَهُ عَلَى غُصْنٍ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أَنَّ

_ قوله: (كله) هو فاعل بالظرف المعتمد على الموصوف، أو مبتدأ مؤخر خبره الظرف. قوله: (أو جزؤه) معطوف على (كله) وقوله: (لا غير) معطوف على (جزؤه) و (قائما) حال من الهاء في قوائمه العائدة إلى الصيد المذكور، والمضاف هنا جزء المضاف إليه معنى؛ إذ المراد: بغير القوائم جزء آخر من الصيد، كذنبه ورأسه، فكأنه قال: لا رأسه أو ذنبه قائماً، والمعنى: أنه إذا كان جزء من الصيد في الحرم، فإن كان ذلك الجزء من القوائم، ضمنه مطلقاً، أي: قائما أولا، وإن كان من غير القوائم، كالرأس والذنب، فإن كان الصيد غير قائم، ضمنه أيضا، وإن كان قائما، لم يضمنه، فتلخص: أنه إذا كان جزء الصيد في الحرم، فإنه يضمنه في ثلاث صور، ولا يضمنه في صورة، وذلك لأنه: إما أن يكون الجزء من القوائم أولا، وعلى كلا التقديرين: إما أن يكون قائماً أولا، فهذه أربع صور يضمنه فيها إلا في صورة منها، وهي: ما إذا كان الجزء غير القوائم، وكان الصيد قائماً، فلا يضمنه فيها.

أَصْلَهُ بالْحِلِّ أَوْ أَمْسَكَهُ بِالْحِلِّ فَهَلَكَ فَرْخُهُ أَوْ وَلَدُهُ بِالْحَرَمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ مُحِلٌّ بِالْحَرَمِ وَلَوْ عَلَى غُصْنٍ أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ أَمْسَكَهُ بِالْحَرَمِ فَهَلَكَ فَرْخُهُ أَوْ وَلَدُهُ بِالْحِلِّ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ بِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ غَيْرَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِسَهْمِهِ فَشَطَحَ فَقَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ دَخَلَ سَهْمُهُ أَوْ كَلْبُهُ الْحَرَمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَتَلَ صَيْدًا أَوْ جَرَحَهُ مُحَلٌّ بِالْحِلِّ فَمَاتَ بِالْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ مَاتَ

_ قوله: (ضمنه) أي: المقتول أو الهالك. قوله: (أو فعل ذلك) أي: الإرسال من الحل على الحل على صيد به. قوله: (فقتل) أي: صيداً، سواء كان المقصود بالإرسال، أو غيره على ما تقدم، وهذه حكمة حذف المعمول. محمد الخلوتي. قوله: (في الحرم) أي: كالمسألة المتقدمة في قوله: (أو أرسل كلبه من الحل على صيد بالحل فقتله، أو غيره بالحرم أو فعل ذلك بسهمه ... إلخ)؛ لأن سبب القتل، وهو نهش الكلب أو إصابة السهم، حصل بالحرم، وهو دفع لما عساه أن يتوهم من حل ما كان غير مضمون مع أنه ليس على إطلاقه، بل ما كان منه سبب موته بالحرم، لا يحل، كما أن جميع ما كان مضموناً، لا يحل. محمد الخلوتي.

وَلَا يَحِلُّ مَا وُجِدَ سَبَبُ مَوْتِهِ بِالْحَرَمِ فصل ويحرم قلع شجرة وحَشِيشِهِ حَتَّى الشَّوْكُ وَلَوْ ضَرَّ والسِّوَاكُ وَنَحْوَهُ وَالْوَرَقُ إلَّا الْيَابِسَ والْإِذْخِرَ والْكَمْأَةَ وَالْفَقْعَ والثَّمَرَةَ ومَا زَرَعَهُ حَتَّى مِنْ الشَّجَرِ

_ قوله: (قلع شجره) أي: النبت بنفسه. قوله: (وحشيشه) أطلق المصنف الحشيش على النابت الرطب واليابس، إما بطريق الحقيقة فيهما، أو المجاز في الأول والحقيقة في الثاني، وهو الذي يقتضيه كلام الجوهري، ولهذا استثنى منه المصنف باليابس، فلو كان الحشيش في كلامه خاصا باليابس لكان تناقضا، ولو كان خاصا بالرطب، لم يدخل فيه اليابس، فلا يستثنى منه فتدبر، والله أعلم.

وَيُبَاحُ رَعْيُ حَشِيشَةِ وانْتِفَاعٌ بِمَا زَالَ أَوْ انْكَسَرَ مِنْهُ بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ وَلَوْ لَمْ يَبِنْ وَتُضْمَنُ شَجَرَةٌ صَغِيرَةً عُرْفًا بِشَاةٍ ومَا فَوْقَهَا بِبَقَرَةٍ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ تَقْوِيمِهِ وَيَفْعَلُ بِقِيمَتِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وحَشِيشٌ وَوَرَقٌ بِقِيمَتِهِ وغُصْنٌ بِمَا نَقَصَ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ شَيْءٌ مِنْهَا سَقَطَ ضَمَانُهُ كَرَدِّ شَجَرَةٍ فَتَنْبُتُ وَيُضْمَنُ نَقْصُهَا وَلَوْ غَرَسَهَا فِي الْحِلِّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا أَوْ يَبِسَتْ ضَمِنَهَا فَلَوْ قَلَعَهَا غَيْرُهُ ضَمِنَهَا وَحْدَهُ وَيَضْمَنُ مُنَفِّرٌ صَيْدًا قُتِلَ بِالْحِلِّ وَكَذَا مُخْرِجُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ فَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ وَلَدَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَدَهُ وَيُضْمَنُ غُصْنٌ أَصْلُهُ أَوْ بَعْضُ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ لَا مَا بِهَوَاءِ الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ بِالْحِلِّ وَكُرِهَ إخْرَاجُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَإِخْرَاجُ حِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ لَا مَاءِ زَمْزَمَ وَلَا وَضْعُ الْحَصَا بِالْمَسَاجِدِ وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ تُرَابِهَا وطِينِهَا

_ قوله: (ويباح رعي حشيشه) أي: الرطب.

فصل وحد حرم مكة مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ: ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ بُيُوتِ السُّقْيَا ومِنْ الْيَمَنِ: سَبْعَةُ عِنْدَ أَضَاةِ لِبْنٍ ومِنْ الْعِرَاقِ كَذَلِكَ عَلَى ثَنِيَّةِ رِجْلٍ جَبَلٌ ومِنْ الطَّائِفِ وَبَطْنِ نَمِرَةَ كَذَلِكَ عَنْهُ طَرَفُ عَرَفَةَ ومِنْ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةُ شِعْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ: عَشَرَةُ عِنْدَ مُنْقَطِعِ الْأَعْشَاشِ ومِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ: أَحَدَ عَشَرَ مِيلًا وَحُكْمُ وَجٍ وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ: كَغَيْرِهِ مِنْ الْحِلِّ وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَتُضَاعَفُ السَّيْئَةُ وَالْحَسَنَةُ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ فَاضِلٍ

_ قوله: (وتضاعف) أصله: تتضاعف، حذفت التاء الأولى أو الثانية على الخلاف. فارضي. قوله: (والسيئة ... إلخ) ظاهر كلامه تبعا للقاضيوغيره: أن المضاعفة في السيئتا أيضا في الكم، كما هو ظاهر نص الإمام وكلام ابن عباس, وظاهر "الإقناع": أن المضاعفة فيها في الكيف لا الكم، وهو كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى آمين وحمل الشيخ تقي الدين كلام ابن عباس على الكيف، واستدل بقوله: (فلا يجزيء إلا مثلها) [الأنعام: 160]، أي: واحدة وإن كانت عظيمة. والجواب على القول الأول: تخصيص العموم بالنصوص الواردة في التضعيف.

فصل ويحرم صيد حرم المدينة، وشَجَرُهِ وَحَشِيشُهِ إلَّا لِحَاجَةِ الْمَسَانِدِ وَالْحَرْثِ وَالرَّحْلِ والْعَلَفَ وَنَحْوِهَا وَمَنْ أَدْخَلَهَا صَيْدًا فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيمَا حَرُمَ مِنْ ذَلِكَ وَحَرَمُهَا: بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مَا بَيْنَ ثَوْرٍ جَبَلٌ صَغِيرٌ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى الْحُمْرَةِ بِتَدْوِيرٍ خَلْفَ أُحُدٍ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ وَعِيرٌ جَبَلٌ مَشْهُورٌ بِهَا وَذَلِكَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا

_ قوله: (بين ثور) حال. قوله: (وعير) بالجر عطف على "ثور"، و "جبل" في الموضعين بالجر، بدل مما قبله، ويجوز رفعه خبر لمبتدأ محذوف. فارضي. قوله: (وذلك ما بين لابتيها) أشار المصنف بذلك إلى أنه لا تعارض بين حديث: "حرم المدينة ما بين ثور إلى عير" وحديث: "ما بين لابتيها حرام" قال في "فتح الباري": رواية "ما بين لابتيها" أرجح، لتوارد الرواة عليها، ورواية جبليها لا تنافيها، فيكون عند كل جبل لابة،

وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حِمًى

_ أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال، وجبليها من جهة المشرق والمغرب. وبخطه أيضاً على قوله: (لابتيها) تثنية لابة، وهي: الحرة، أرض تركبها حجارة.

باب دخول مكة

باب دخول مكة يُسَنُّ نَهَارًا مِنْ أَعْلَاهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ وَسُنَّ خُرُوجٌ مِنْ مَكَّةَ مِنْ أَسْفَلِهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى وَسُنَّ دُخُولُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ فَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ،

_ قوله: (كداء) بالفتح والمد: التثنية العليا بأعلى مكة عند المقبرة، ولا ينصرف، للعلمية والتأنيث، وذكر بعض فيه أيضا الصرف، وتسمى تلك الناحية: المعلى. قوله: (وكدى) مثل مدى: موضع بأسفل مكة بقرب شعب الشافعيين. وبخطه أيضاً على قوله: (كدى) ويعرف الآن بباب شبيكة. قوله: (من باب بني شيبة) هو الذي بإزائه الآن الباب المعروف بباب السلام. قوله: (فإذا رأى البيت) أي: أول مرة. قوله: (رفع يديه) يعني: للدعاء. قوله: (أنت السلام) أي: اسم الله تعالى. قوله: (ومنك السلام) أي: التحية.

حَيِّنَا رَبِّنَا بِالسَّلَامِ اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ، وَرَآنِي لِذَلِكَ أَهْلًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اللَّهُمَّ إنَّك دَعَوْتَ إلَى حَجِّ بَيْتِك الْحَرَامِ وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي وَاعْفُ عَنِّي وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ

_ قوله: (بالسلام) أي: السلامة. قوله: (بيتك الحرام) سمي بالحرام؛ لأن حرمته انتشرت. وأريد بتحريم البيت سائر الحرم. قاله العلماء. "شرح إقناع". قوله: (يرفع بذلك صوته) أي: إذا كان رجلاً.

ثُمَّ يَطُوفُ مُتَمَتِّعٌ لِلْعُمْرَةِ ومُفْرِدٌ وقَارِنٌ لِلْقُدُومِ وَهُوَ الْوُرُودُ وَيَضْطَبِعُ غَيْرُ حَامِلِ مَعْذُورٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعِهِ وَيَبْتَدِئُهُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَيُحَاذِيهِ أَوْ بَعْضَهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ

_ قوله: (ثم يطوف ... إلخ) أي: وهو تحية الكعبة، وتحية المسجد الصلاة، وتجزيء عنها الركعتان بعد الطواف، وهذا لا ينافي أن تحية المسجد الحرام الطواف؛ لأنه مجمل، وهذا تفصيله، ذكر معناه في "الإقناع" و "شرحه". والحاصل: أن تحية الكعبة مقدمة على تحية المسجد. قوله: (وهو الورود) وهو تحية الكعبة. قوله: (حامل معذور) هو بالإضافة، أي: غير حامل شخصا معذوراً كمريض، وصغير، فلا يستحب في حق الحامل الطائف اضطباع، ولا رمل، كما سيأتي. هكذا ينبغي أن يفهم، ويدل له قول العلامة ابن قندس عند قول "الفروع": أو حامل معذور، أي: المعذور إذا حمله آخر، ليطوف به، لا يرمل الحامل. انتهى. قوله: (في كل أسبوعه) فإذا فرغ سواه. قوله: (فيحاذيه ... إلخ) فيه أن محاذاته أو بعضه بكل البدن غير ممكنة، فلعل المراد: محاذاة جهته، والمراد: أنه لا يبتديء الطواف بحيث يكون بعض أجزائه قد تجاوز موضعه، بل لا بد أن يبتديء: إما قبله، ليمر بكل بدنه عليه، أو يبتديء من محاذاته كذلك، أو بعد

وَيَسْتَلِمُهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ لَمْ يُزَاحِمْ وَاسْتَلَمَهُ بِيَدِهِ وَقَبَّلَهَا فبِشَيْءٍ وَيُقَبِّلُهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَوْ بِشَيْءٍ وَلَا يُقَبِّلُهُ وَاسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِكَ،

_ جزء منه، لكن بحيث يكون كل بدنه محاذيا للجزء الباقي، والعبارة تضيق عن أداء المعنى المراد. محمد الخلوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (فيحاذيه ... إلخ) فإن لم يفعل؛ بأن ابتدأ الطواف من جانب الركن من جهة الباب، بحيث خرج شيء من بدنه عن محاذاة الحجر، لم يحتسب بذلك الشوط. قال والد المصنف فيما رأيته بخطه على هامش "المحرر": وذلك بأن يقف مقابل الحجر حتى يكون مبصراً لضلعي البيت، اللذين عن أيمن الحجر وأيسره. وهذا احتراز من أن يقف في ضلع الباب ويستلمه منه، فلا يكون محاذياً له ببدنه كله، فمتى رأى الضلع الآخر، فقد حاذاه بكل بدنه. قوله: (ويستلمه) أي: يمسه. قوله: (ويقبله) أي: من غير صوت. قوله: (ولا يقبله) أي: ما أشار به. قوله: (إيماناً بك) مفعول له، أي: فعلت ذلك إيماناً بك، أي: لأجل إيماني أنك حق فعلت ذلك. كذا في "المطلع"،

وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك، وَوَفَاءً بِعَهْدِك، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَيُرْمِلُ طَائِفٌ مَاشِيًا غَيْرَ حَامِلِ مَعْذُورٍ ونِسَاءٍ، ومُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ أَوْ قُرْبَهَا فَيُسْرِعُ الْمَشْيَ، وَيُقَارِبُ الْخُطَى فِي ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ ثُمَّ بَعْدَهَا يَمْشِي أَرْبَعَةَ وَلَا يَقْضِي فِيهَا رَمَلَ.

_ وقوله: لأجل ... إلخ، أراد به التنبيه على إرادة الحصر، وعلى أنه مفعول له. محمد الخلوتي. قوله: (وتصديقا بكتابك) روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: لما أخذ الله تعالى الميثاق على الذرية، كتب كتاباً وألقمه الحجر، فهو يشهد للمؤمن بالوفاء، وعلى الكافر بالجحود. ذكره الحافظ أبو الفرج. انتهى. "مطلع". فالمراد من كتابه تعالى هنا: غير القرآن. محمد الخلوتي. قوله: (ووفاء بعهدك) لعله قوله: (ولله على الناس) الآية. [آل عمران: 97]. قوله: (ويرمل) كيطلب. قوله: (أو قربها) أي: فلا يسن هو، ولا الاضطباع لهم. قوله: (ولا يقضي فيها رمل) أي: فات.

والرَّمَلُ أَوْلَى مِنْ الدُّنُوِّ مِنْ الْبَيْتِ وَالتَّأْخِيرُ لَهُ أَوْ لِلدُّنُوِّ أَوْلَى وَكُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ اسْتَلَمَهُمَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمَا لَا الشَّامِيِّ وَهُوَ أَوَّلُ رُكْنٍ يَمُرُّ بِهِ وَلَا الْغَرْبِيِّ وَهُوَ مَا يَلِيهِ وَيَقُولُ حَاذَى الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ اللَّهُ أَكْبَرُ وبَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَبَيْنَهُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَيَقُولُ فِي بَقِيَّةِ طَوَافِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا

_ قوله: (استلمهما) ولا يقبل إلا الحجر الأسود. قوله: (اللهم اجعله حجاً مبروراً ... إلخ) قال صاحب "المطالع": الحج المبرور هو: الخالص الذي لا يخالطه مأثم. وقال الأزهري: المبرور المتقبل، وسعيا مشكوراً، أي: اجعله عملا متقبلا يزكو لصاحبه ثوابه، والتقدير -والله أعلم- اجعل حجي حجاً مبروراً، وسعيي سعيا مشكوراً، وذنبي ذنباً مغفوراً. انتهى. "مطلع" ملخصاً.

وَذَنْبًا مَغْفُورًا رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ وَيَدْعُو وَيَذْكُرُ بِمَا أَحَبَّ وَتُسَنُّ الْقِرَاءَةُ فِيهِ وَلَا يُسَنُّ رَمَلٌ، وَلَا اضْطِبَاعٌ فِي غَيْرِ هَذَا الطَّوَافِ وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا لِعُذْرٍ

_ قوله: (ومن طاف راكباً أو محمولاً ... إلخ) اعلم: أن مسألة الحمل تشتمل على أربع وستين صورة، وذلك لأنه: إما أن ينوي الحامل والمحمول عن المحمول وحده، أو عن الحامل وحده، أو ينوي كل منهما عن نفسه فقط، أو عن صاحبه فقط، أو كل واحد منهما عن نفسه وصاحبه، أو الحامل عن نفسه وصاحبه، والمحمول عن نفسه فقط، أو عن صاحبه فقط، أو عكسه بأن ينوي المحمول عن نفسه وصاحبه، والحامل عن نفسه فقط، أو عن صاحبه فقط، أو ينوي الحامل عن نفسه أو صاحبه أو عنهما، والمحمول لم ينو شيئا، أو عكسه؛ بأن ينوي المحمول عن نفسه أو صاحبه أو عنهما، والحامل لم ينو شيئا، أو لا توجد نية من واحد منهما أصلا. فهذه ست عشرة صورة، وكل منها، إما أن تكون مع العذر أولا، وعلى كل تقدير: إما أن يكون ذلك في طواف أو سعي، فهي أربع وستون صورة،

________ وهي من حيث الإجزاء وعدمه على ثلاثة أقسام: قسم منها يقع الطواف والسعي عن المحمول وحده، وقسم عن الحامل وحده، وقسم لا يقع عن واحد منهما. وقد صرح صاحب "الإقناع" رحمه الله تعالى بوقوع كل من الطواف والسعي في حال العذر، عن المحمول في ثلاث صور منها، وعن الحامل في صورتين. فأما صور الإجزاء عن المحمول، فإحداها: أن ينوي الحامل والمحمول عن المحمول، الثانية: أن ينوي كل منهما عن نفسه، الثالثة: أن ينوي المحمول عن نفسه، والحامل لم ينو شيئا، ففي هذه الثلاث الصور لا يقع الطواف والسعي إلا عن المحمول وحده، وأما صورتا الإجزاء عن الحامل وحده، فإحداهما: أن ينوي الحامل والمحمول عن الحامل، والثانية: أن ينوي الحامل عن نفسه فقط، والمحمول لم ينو شيئا، ففي هاتين الصورتين يقع الإجزاء عن الحامل. كل ذلك مع العذر، وقد عن لي أن أضع شباكاً للست عشرة المتقدمة، فإن كل منها يعلم حكم باقيها ونفرضها في حالة العذر، وأنبه على صور الإجزاء وعدمه، وهذه صورته: عذر:

_ نويا عن المحمول وحده يجزيء عنه وحده ... نويا عن الحامل وحده يجزيء عنه وحده ... نوى كل عن نفسه فقط يجزيء عن المحمول وحده ... نوى كل عن صاحبه فقط لا يجزيء عن واحد منهما // نوى كل عن نفسه وصاحبه لا يجزيء عن واحد منهما ... نوى الحامل عن نفسه وصاحبه والمحمول عن نفسه فقط ... نوى المحمول عن نفسه وصاحبه والحامل عن نفسه فقط لا يجزيء عن واحد منهما ... نوى الحامل عن نفسه وصاحبه والمحمول عن صاحبه فقط لا يجزيء عن واحد منهما /// نوى المحمول عن نفسه وصاحبه والحامل عن صاحبه فقط لا يجزيء عن واحد منهما ... نوى الحامل عن نفسه والمحمول لم ينو شيئا يجزيء عنه وحده ... نوى المحمول عن نفسه فقط والحامل لم ينو شيئا يجزيء عن المحمول وحده ... نوى الحامل عن صاحبه فقط والمحمول لم ينو شيئا لم يجزيء عن واحد // نوى المحمول عن صاحبه فقط والحامل لم ينو شيئا لا يجزيء عن واحد منهما ... نوى الحامل عن نفسه وصاحبه والمحمول لم ينو شيئا لا يجزيء عن واحد منهما ... نوى المحمول عن نفسه وصاحبه والحامل لم ينو شيئا لا يجزيء عن واحد منهما ... لم توجد نية من الحامل والمحمول أصلا لا تجزيء عن واحد منهما

وَلَا يُجْزِئُ عَنْ حَامِلِهِ إلَّا إنْ نَوَى وَحْدَهُ أَوْ نَوَيَا جَمِيعًا عَنْهُ ورَاكِبًا كَطَوَافٍ وَإِنْ طَافَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ أَوْ قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ مَعَهُ طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ تَوَجَّهَ الْإِجْزَاءُ قَالَهُ فِي "الْفُرُوعِ"

_ قوله: (ولا يجزيء عن حامله) بخلاف وقوف، فيجزيء عنهما. قوله: (بنية حقيقية، لا حكمية) قال العلامة ابن قندس: النية الحقيقية: أن ينوي الطواف حقيقة، والنية الحكمية: أن يكون قد حصلت له نية قبل، ثم استمر حكمها ولم يقطعها، وهو معنى قولهم: استصحاب حكم النية هو: أن لا ينوي قطعها. انتهى. قوله: في الحكمية قد حصلت له نية قبل. معناه والله أعلم: أن ينوي الطواف قبل الشروع فيه، ثم يعرض له غريم في الطواف، فيتبعه لملازمته مستصحباً لحكم تلك النية، أي: غير قاطع لها، فلا يجزئه الطواف في هذه الحالة، وهذا بخلاف ما لو لم يعرض له غريم، بل شرع في الطواف مستصحباً لحكم تلك النية، فإنه يصح طوافه بشرط قرب الزمن بين النية والشروع، وأما النية الحقيقية، فهي: ما قارنت الطواف الذي قصد معه ملازمة الغريم؛ بأن ينوي عند الشروع فيه الطواف، فإنه لا يضر مع ذلك قصد الغريم، كما لو نوى الصوم وقصد معه هضم الطعام، أو نوى الصلاة وإدمان السهر، لكن ثوابه ينقص بذلك.

وَيُجْزِئُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ لَا خَارِجَهُ أَوْ مُنَكِّسًا وَنَحْوَهُ أَوْ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ أَوْ شَاذَرْوَانَ الْكَعْبَةِ أَوْ نَاقِصًا، وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ نَجِسًا وفِيمَا لَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ لُبْسُهُ يَصِحُّ طَوَافُهُ وَيَفْدِي وَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ لِحَدَثٍ فِيهِ وَيَبْتَدِئُهُ لِقَطْعٍ طَوِيلٍ وَإِنْ كَانَ قَطَعَهُ يَسِيرًا أَوْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ أَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ وَهُوَ فِيهِ صَلَّى وَبَنَى مِنْ الْحَجَرِ فَلَا يَعْتَدُّ بِبَعْضِ شَوْطٍ قَطَعَ فِيهِ

_ قوله: (منكسا) يجوز فتح الكاف، صفة لمصدر محذوف، أي: طاف طوافاً منكسا، ويجوز كسرها، ويكون حالا، أي: طاف منكسا طوافه. "مطلع" قوله: (ونحوه) كالقهقرى. قوله: (أو على جدار الحجر) لا إن مسه بيده، فيصح. قوله: (أو شاذروان الكعبة) خلافا للشيخ تقي الدين، فيصح عنده الطواف عليه، وعلى الأول: لو مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان، صح طوافه اعتبارا بجملته، كما لا يضر التفات المصلي بوجهه. قاله في "الإقناع" و "شرحه". قال في "شرحه": وعلى قياسه لو مس أعلا جدار الحجر. انتهى. فيصح طوافه. قوله: (فلا يعتد ببعض شوط قطع فيه ... إلخ) وشروط الطواف ثلاثة عشر: إسلام، وعقل، ونية، ستر

فَإِذَا تَمَّ تَنَفَّلَ بِرَكْعَتَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا ب {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، والْإِخْلَاصِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَتُجْزِئُ مَكْتُوبَةٌ عَنْهُمَا وَيُسَنُّ عَوْدُهُ إلَى الْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ والْإِكْثَارُ مِنْ الطَّوَافِ كُلَّ وَقْتٍ وَلَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ بِرَكْعَتَيْنِ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ وتَأْخِيرُ سَعْيِهِ عَنْ طَوَافِهِ بِطَوَافٍ وغَيْرِهِ

_ عورة، وطهارة حدث لا لطفل، وطهارة خبث حتى لطفلٍ، وتكميل السبع، وجعل البيت عن يساره، والطواف بجميع البيت، وأن يطوف ماشيا مع القدرة، وأن يوالي بينه، وكونه في المسجد، وأن يبتديء من الحجر الأسود. وسننه عشر: استلام الحجر، وتقبيله أو ما يقوم مقامه، واستلام الركن اليماني، واضطباع، ورمل، ومشي في مواضعه، ودعاء، وذكر، ودنو من البيت وركعتا الطواف. قوله: (خلف المقام) وله فعلها خارج المسجد حيث شاء. قوله: (وله جمع أسابيع ... إلخ) أي: فلا يكره الفصل بين السبع وركعتيه، كما لا يكره الفصل بين الفرض وراتبته، بخلاف قراءة آية السجدة والسجدة.

وَإِنْ فَرَغَ مُتَمَتِّعٌ ثُمَّ عَلِمَ أَحَدَ طَوَافَيْهِ بِلَا طَهَارَةٍ وَجَهِلَهُ لَزِمَهُ الْأَشَدُّ وَهُوَ جَعْلُهُ لِلْعُمْرَةِ فَلَا يَحِلُّ مِنْهَا بِحَلْقٍ لِفَرْضِ وَعَلَيْهِ بِهِ دَمٌ وَيَصِيرُ قَارِنًا

_ قوله: (وإن فرغ متمتع ... إلخ) اعلم: أن عبارة المصنف "كالإقناع" غير ظاهرة المراد فيما يظهر، وذلك لأنه إذا فرغ المتمتع من أفعال عمرته وحجه، فقد أتى بطوافين وسعيين، فإذا تذكر أن أحد طوافيه بلا طهارة وجهله، فلم يعلم أهو طواف العمرة أم طواف الحج؟ فإنا نلزمه بالعمل بالأحوط، وهو الأشد عليه، ليخرج من العهدة بيقين، فباعتبار أنه إذا قدر الفاسد هو طواف العمرة، فسد سعيها، ولزمه دم لحلقها، وصار قارناً لإحرامه بالحج قبل طواف عمرته، نلزمه التزام ذلك، وباعتبار أنه إذا قدر الفاسد هو طواف الحج، يفسد سعيه فقط، نلزمه التزام ذلك أيضاً، فيتلخص من ذلك: أنه يعيد طواف الحج وسعيه، ويجزئانه عن النسكين، ويلزمه دمان أحدهما: لحلقه، والآخر: لقرانه أو لتمتعه، فقد عاملناه بالأحوط، وهو الأشد عليه بالاعتبارين. وعبارة المصنف "كالإقناع" ظاهرة في أن الأشد، هو: اعتبار كون الطواف الفاسد، طواف العمرة لا غير، وأنه يجزئه طواف الحج عن النسكين، وإذا كان كذلك، فينبغي أن يجزئه السعي أيضا عن النسكين، لوقوعه بعد طواف

وَيُجْزِئُهُ الطَّوَافُ لِلْحَجِّ عَنْ النُّسُكَيْنِ وَيُعِيدُ السَّعْيَ وَإِنْ جَعَلَ مِنْ الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ ودَمُ وَإِنْ كَانَ وَطِئَ بَعْدَ حِلِّهِ مِنْ عُمْرَتِهِ لَمْ يَصِحَّا وَتَحَلَّلَ بِطَوَافِهِ الَّذِي نَوَاهُ بِحَجِّهِ مِنْ عُمْرَتِهِ الْفَاسِدَةِ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِحَلْقِهِ وَدَمٌ لِوَطْئِهِ فِي عُمْرَتِهِ

_ الحج المقدرة صحته، فلا يظهر حينئذ وجه قوله: (ويعيد السعي) ويحتمل أن مراده بقوله: (ويجزئه الطواف للحج عن النسكين) أي: الطواف الذي يأتي به بعد التذكر. قوله: (ويعيد السعي) أي: سعي الحج، لجواز كونه بعد طواف فاسد، لكن كان حق العبارة أن يقول: ويعيد الطواف والسعي، ويجزئان عن النسكين. فتأمل ذلك ولا تستعجل. قوله: (عن النسكين) أي: الحج والعمرة، كالقارن ابتداء. قلت: الظاهر لزوم الطواف، لاحتمال أنه الذي بلا طهارة، فلا يسقط فرضه إلا بيقين. منصور. قوله: (وإن جعل من الحج) أي: إن قلنا بذلك، وتقدم أن الصحيح لزوم الأشد. قوله: (ودم) أي: للتمتع. قوله: (من عمرته الفاسدة) أي: ولزمه قضاؤها، كما يعلم مما تقدم من لزوم قضاء ما فسد من حج أو عمرة، وأما الحج هنا، فالظاهر عدم لزوم قضائه، لعدم انعقاده. والله أعلم.

فصل ثم يخرج للسعي من باب الصفا فَيَرْقَى الصَّفَا لِيَرَى الْبَيْتَ فَيَسْتَقْبِلُهُ وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ ثَلَاثًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا هَدَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعَدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ وَلَا يُلَبِّي ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَلَمِ نَحْوُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَسْعَى مَاشٍ سَعْيًا شَدِيدًا إلَى الْعَلَمِ الْآخَرِ ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَرْقَى الْمَرْوَةَ فَيَقُولُ كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ مَا بَيْنَهُمَا فَيُلْصِقُ عَقِبَهُ بِأَصْلِهِمَا

_ قوله: (بأصلهما) إن لم يرقهما، كما في "الإقناع".

ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ إلَى الصَّفَا يَفْعَلُهُ سَعْيًا ذَهَابُهُ سَعْيَةٌ وَرُجُوعُهُ سَعْيَةٌ فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِذَلِكَ الشَّوْطُ وَيُشْتَرَطُ نِيَّةٌ ومُوَالَاةٌ وكَوْنُهُ بَعْدَ طَوَافِ وَلَوْ مَسْنُونًا وَتُسَنُّ مُوَالَاتُهُ بَيْنَهُمَا وطَهَارَةٌ وَسُتْرَةٌ لَا اضْطِبَاعٌ وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى وَلَا تَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا وَتُسَنُّ مُبَادَرَةُ مُعْتَمِرٍ بِذَلِكَ وتَقْصِيرُهُ لِيَحْلِقَ وَيَتَحَلَّلَ مُتَمَتِّعٌ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا وَلَوْ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مُتَمَتِّعٌ وَمُعْتَمِرٌ إذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ وَلَا بَأْسَ بِهَا فِي طَوَافِ الْقُدُومِ سِرًّا

_ قوله: (وموالاته) أي: بين أجزائه. قوله: (وكونه بعد طواف) أي: طواف نسك. قوله: (بذلك) أي: الطواف والسعي. "شرح" منصور.

باب صفة الحج

باب صفة الحج يُسَنُّ لِمُحِلٍّ بِمَكَّةَ وَبِقُرْبِهَا وَلِمُتَمَتِّعٍ: حَلَّ إحْرَامٌ بِحَجٍّ فِي ثَامِنِ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ إلَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَصَامَ فِي سَابِعِهِ بَعْدَ فِعْلِ مَا يَفْعَلُهُ فِي إحْرَامِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وطَوَافٍ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَطُوفُ بَعْدَهُ لِوَدَاعِهِ وَالْأَفْضَلُ مِنْ تَحْتِ الْمِيزَابِ وَجَازَ وَصَحَّ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى مِنًى قَبْلَ الزَّوَالِ فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ إلَى الْفَجْرِ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ سَارَ،

_ قوله: (حل) قال في "المصباح": حل المحرم حلا بالكسر: خرج من إحرامه، وأحل بالألف، مثله، فهو محل. انتهى. قوله: (لوداعه) فلا يجزئه السعي بعده. قوله: (ثم إلى الفجر) أي: يمكث، وانظر لم لم يقل: إلى طلوع الشمس؟

فَأَقَامَ بِنَمِرَةَ إلَى الزَّوَالِ فَيَخْطُبُ بِهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ خُطْبَةً قَصِيرَةً، مُفْتَتَحَةً بِالتَّكْبِيرِ يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الْوُقُوفَ وَوَقْتَهُ وَالدَّفْعَ مِنْهَا وَالْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ ثُمَّ يَجْمَعُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ حَتَّى الْمُنْفَرِدُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ يَأْتِي عَرَفَةَ وَكُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ وَهِيَ مِنْ الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ عَلَى عُرَنَةَ إلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ إلَى مَا يَلِي حَوَائِطَ بَنِي عَامِرٍ وَسُنَّ وُقُوفُهُ رَاكِبًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنَاسِكِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الصَّخْرَاتِ وَجَبَلِ الرَّحْمَةِ حَبْلَ الْمُشَاةِ وَلَا يُشْرَعُ صُعُودُهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ ومِنْ قَوْلِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ

_ قوله: (فأقام بنمرة) هي: موضع بعرفة، وهو جبل عليه أنصاب الحرم، على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف. قوله: (من يجوز له) وهو من لا ينوي الإقامة بعد عوده إلى مكة أكثر من أربعة أيام، فالمكي لا يجوز له الجمع. فتأمل.

يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حي لا يموت بيده الخير وهو عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَوَقْتُهُ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فَمَنْ حَصَلَ لَا مَعَ سُكْرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فِيهِ بِعَرَفَةَ وَلَوْ لَحْظَةً وَهُوَ أَهَلَّ لِلْحَجِّ وَلَوْ مَارًّا أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا أَنَّهَا عَرَفَةُ صَحَّ حَجُّهُ وَعَكْسُهُ إحْرَامٌ وَطَوَافٌ وَسَعْيٌ وَمَنْ وَقَفَ بِهَا نَهَارًا وَدَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعُدْ أَوْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَقَعْ وَهُوَ بِهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ بِخِلَافِ وَاقِفٍ لَيْلًا فَقَطْ

_ قوله: (أو إغماء فيه) لعدم العقل. قوله: (وهو أهل) بأن يكون مسلماً عاقلا محرماً بالحج. قوله: (ولو مارا بها ... إلخ) يعني: أنه لا يشترط للوقوف نية، ولا أن يعرف محله، بخلاف الإحرام، فإنه يشترط له النية، وبخلاف الطواف والسعي، فإنه يشترط لهما النية، وأن يعلم أن محلهما محل العبادة. من خط مؤلفه عبد الرحمن البهوتي. قوله: (وعكسه إحرام ... إلخ) أي: فلا يصير محرماً بمجرد حصوله في الميقات، وكذا الطواف والسعي. منصور.

فصل ثم يدفع بعد الغروب إلَى مُزْدَلِفَةَ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ بِسَكِينَةٍ مُسْتَغْفِرًا يُسْرِعُ فِي الْفُرْجَةِ فَإِذَا بَلَغَهَا جَمَعَ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا قَبْلَ حَطِّ رَحْلِهِ وَإِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِالطَّرِيقِ تَرَكَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَهُ وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ أَوْ مُزْدَلِفَةَ جَمَعَ وَحْدَهُ

_ قوله: (وهي ما بين المأزمين) هما جبلان بين عرفة ومزدلفة. قوله: (ووادي محسر) هو ما بين مزدلفة ومنى. قوله: (جمع العشاءين) أي: من يجوز له. قوله: (ومن فاتته الصلاة ... إلخ) دفع بهذا ما يتوهم من أنه إذا فاتته مع الإمام، لا يجوز له أن يجمع وحده، فبين أن له الجمع وليس المراد: أن شرط صحة جمعه أن يكون الإمام قد صلى. فتأمل. قوله: (وحده) انظر هذا هل يغني عنه ما سبق من قوله: (حتى المنفرد)؟ وقد يقال: إن ما أعاده للتنبيه على مخالفة القائل: بأنه لا يجمع إلا إذا جمع الإمام وأن يكون معه، وهو مذهب أبي حنيفة، فعلى هذا المراد بكونه منفرداً: أن لا يكون مع الإمام الأعظم ولو كان في جماعة، والمراد بالمنفرد فيما سبق: المنفرد حقيقة، وهما متغايران حينئذ. محمد الخلوتي.

ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا وَلَهُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْإِمَامِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَفِيهِ قَبْلَهُ غَيْرِ رُعَاةٍ وسُقَاةِ دَمٌ مَا لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ كَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا إلَّا فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَمَنْ أَصْبَحَ بِهَا صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ ثُمَّ أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقَى عَلَيْهِ أَوْ وَقَفَ عِنْدَهُ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَهَلَّلَ وَكَبَّرَ وَدَعَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَمَا وَقَفْتنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِك كَمَا هَدَيْتنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتنَا بِقَوْلِك وَقَوْلُك الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 198]- الْآيَتَيْنِ - إلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 198 - 199]

_ قوله: (وسقاة) على زمزم. قوله: (ثم أتى المشعر الحرام) هو جبل صغير بمزدلفة. قوله: (وأريتنا إياه) الأفصح أريتناه كما في قوله تعالى: (أنلزمكموها) [هود: 28]. قوله: إلى (غفور رحيم) [البقرة: 199]. بالرفع على الحكاية، والمجرور قول محذوف، أي: إلى قوله تعالى: (غفور رحيم) والجار يتعلق بمحذوف تقديره: يقرأ إلى قوله: (غفور رحيم).

فَإِذَا أَسْفَرَ جِدًّا سَارَ بِسَكِينَةٍ فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا أَسْرَعَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ سَبْعِينَ أَكْبَرَ مِنْ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ كَحَصَى الْخَذْفِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَكُرِهَ مِنْ الْحَرَمِ ومِنْ الْحُشِّ وتَكْسِيرُهُ وَلَا يُسَنُّ غَسْلُهُ وَتُجْزِئُ حَصَاةٌ نَجِسَةٌ وفِي خَاتَمٍ إنْ قَصَدَهَا وغَيْرُ مَعْهُودَةٍ كَمِنْ مِسَنٍّ وَبِرَامٍ وَنَحْوِهِمَا لَا صَغِيرَةٌ جِدًّا أَوْ كَبِيرَةٌ أَوْ مَا رَمَى بِهَا أَوْ بِغَيْرِ الْحَصَى، كَجَوْهَرٍ وَذَهَبٍ وَنَحْوِهِمَا

_ قوله: (أسرع) أي: ماش، وحرك راكب دابته. قوله: (الخذف) هو الرمي بنحو حصاة أو نواة بين السبابتين. قوله: (وكره من الحرم) أي: المسجد، وفيه: أن إخراج تراب المسجد وطيبه حرام. ولم يظهر لي فرق بين ترابه وحصبائه، إلا أن يقال: مرادهم بالتراب المحرم إخراجه: ما كان من أجزائه، وبالحصى الغير المحرم إخراجه: ما لم يكن من أجزائه، وهذا الفرق يشكل بالطيب، وقد يفرق بين الطيب، وبين الحصى والتراب بالمالية وعدمها. محمد الخلوتي. قوله: (وتكسيره) أي: قطعه من الجبل، كما يفعله من لا علم عنده. ذكره في "الهدي".

فَإِذَا وَصَلَ مِنًى وَهُوَ مَا بَيْنَ وَادِي مُحَسِّرٍ وَجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَدَأَ بِهَا فَرَمَاهَا بِسَبْعٍ وَيُشْتَرَطُ الرَّمْيُ فَلَا يُجْزِئُ الْوَضْعُ وكَوْنُهُ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَلَوْ رَمَى دُفْعَةً وَاحِدَةً وَيُؤَدَّبُ وعِلْمُ الْحُصُولِ

_ قوله: (بدأ بها) تحية لمنى. قوله: (فرماها) يعني: راكباً إن كان وإلا ماشياً. قاله في "الإقناع". قوله: (فلا يجزيء الوضع) بل الطرح يجزيء. قوله: (دفعة) هي بفتح الدال: المرة، وأما بالضم: فاسم لما يدفع بمرة، يقال: دفعت من الإناء دفعة بالفتح، بمعنى: المصدر، وجمعها: دفعات كسجدات، وبقي فيه دفعة بالضم، أي: مقدار ما يدفع، وجمعها: دفع كغرف، ودفعات كغرفات. "مصباح". قوله: (وعلم الحصول) نقل الشيخ منصور البهوتي عن ابن جماعة، أنه قال في "مناسكه": إنه لم ير من نبه على المراد من المرمى من أهل مذهبه ولا من غيرهم، ولكن يؤخذ مما نص عليه الحنابلة: من أنه لو رمى حصاة، فوقعت خارجه ثم تدحرجت فيه، أجزأته، أن المراد منه مجتمع الحصى لا الشاخص المرتفع فيه. انتهى. أقول: انظر هذا مع قول النووي في "تحرير التنبيه" ما نصه: قال الشافعي رحمه الله: الجمرة مجتمع الحصى لا ما

بِالْمَرْمَى فَلَوْ وَقَعَتْ خَارِجَهُ ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ فِيهِ أَوْ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ ثُمَّ صَارَتْ فِيهِ وَلَوْ بِنَفْضِ غَيْرِهِ أَجْزَأَتْهُ وَوَقْتُهُ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَنُدِبَ بَعْدَ الشَّرْقِ فمِنْ غَدِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ وأَنْ يُكَبِّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ويَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا ويَسْتَبْطِنَ الْوَادِيَ، ويَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، ويَرْمِيَ عَلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ وَيَرْفَعُ يُمْنَاهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبِطِهِ وَلَا يَقِفُ وَلَهُ رَمْيُهَا مِنْ فَوْقِهَا

_ سال، فمن رمى في المجتمع، أجزأه، ومن رمى في المسايل، فلا. انتهى. فهذا صريح فيما استنبطه محمد الخلوتي. قوله: (بالمرمى) وهو مجتمع الحصى لا نفس الشاخص. قوله: (ثم صارت ... إلخ) يؤخذ منه عدم اشتراط الفورية. قوله: (ولو بنفض غيره) نص عليه، وقال ابن عقيل: لا تجزئه؛ لأن حصولها في المرمى بفعل الثاني. قال في "الفروع": وهو أظهر. قال في "الإنصاف": وهو الصواب. نقله في "الإقناع". قوله: (من نصف الليل) أي: لمن وقف قبله.

وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ بِأَوَّلِ الرَّمْيِ ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا مَعَهُ ثُمَّ يَحْلِقُ وَيُسَنُّ اسْتِقْبَالُهُ وبُدَاءَةٌ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ أَوْ يُقَصِّرُ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ لَا مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهَا وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ مِنْ شَعْرِهَا كَذَلِكَ أُنْمُلَةً فَأَقَلَّ كَعَبْدٍ، وَلَا يَحْلِقُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَسُنَّ أَخْذُ ظُفْرٍ وَشَارِبٍ وَنَحْوَهُ ولَا يُشَارِطَ الْحَلَّاقَ عَلَى أُجْرَةٍ وَسُنَّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى مَنْ عَدِمَهُ

_ قوله: (ثم يحلق) أي: يزيل الشعر بأي شيء كان. قوله: (وبداءة) قال في "المصباح": بدأت الشيء وبالشيء أبدأ بدءاً بهمز الكل، وابتدأت به: قدمته، وأبدأته: لغة والبداءة بالكسر والمد وضم الأول: لغة اسم منه أيضاً، والبداءة بالياء: مكان الهمزة عامي، نص عليه ابن بري وجماعة، والبدأة مثل تمرة بمعناه، يقال: لك البدأة، أي: الابتداء، ومنه: فلان بدء قومه، إذا كان سيدهم ومقدمهم. انتهى. قوله: (إلا بإذن سيده) قال الزركشي: لأن الشعر ملك للسيد ويزيد في قيمته، ولم يتعين زواله، فلم يكن له ذلك كغير حالة الإحرام، نعم إن أذن له سيده، جاز؛ إذ الحق له. قوله: (وسن إمرار الموسى ... إلخ) الموسى: آلة الحديد، قيل: الميم زائدة ووزنه مفعل من أوسى رأسه بالألف، وعلى هذا: فهو منصرف منون في التنكير، وقيل: الميم أصلية ووزنه: فعلى، كحبلى، وعلى هذا لا ينصرف

ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءُ وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ نُسُكٌ فِي تَرْكِهِمَا دَمٌ لَا إنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَيَّامِ مِنًى أَوْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْيِ، أَوْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى النَّحْرِ أَوْ نَحَرَ أَوْ طَافَ قَبْلَ رَمْيِهِ وَلَوْ عَالِمًا وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ رَمْيٍ وَحَلْقٍ وَطَوَافِ والثَّانِي بِمَا بَقِيَ مَعَ سَّعْيِ

_ مطلقا، لألف التأنيث المقصورة، وأوجز ابن الأنباري، فقال: الموسى: يذكر ويؤنث، وينصرف ولا ينصرف، ويجمع على الصرف: المواسي، وعلى قول المنع: الموسيات، لكن قال ابن السكيت: الوجه الصرف، وهو مفعل من أوسيت رأسه إذا حلقته. قاله في "المصباح". قوله: (إلا النساء) يعني: وطئا، ومباشرة، وعقداً. قوله: (والحلق) ولا بد من نية في الحلق والتقصير. قوله: (والتقصير) الواو بمعنى أو. قوله: (نسك) يعني: لا بد له من نية، كالطواف. قوله: (في تركهما) أي: في ترك جميعهما لا مجموعهما؛ لأنه لو حلق ولم يقصر، أو عكسه لا شيء عليه؛ لأن الواجب أحدهما وقد فعله. قوله: (أو طاف) أي: للإفاضة. قوله: (قبل) أي: قبل الوقوف.

ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ خُطْبَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ، يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا النَّحْرَ وَالْإِفَاضَةَ وَالرَّمْيَ ثُمَّ يُفِيضُ إلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ مُفْرِدٌ وَقَارِنٌ لَمْ يَدْخُلَاهَا قَبْلَ لِلْقُدُومِ بِرَمَلٍ ومُتَمَتِّعٌ بِلَا رَمَلٍ ثُمَّ لِلزِّيَارَةِ وَهِيَ الْإِفَاضَةُ وَيُعَيِّنُهُ بِالنِّيَّةِ وَهُوَ رُكْنٌ لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إلَّا بِهِ وَوَقْتُهُ وَإِلَّا فبَعْدَ الْوُقُوفِ ويَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى جَازَ وَلَا شَيْءَ فِيهِ كَالسَّعْيِ ثُمَّ يَسْعَى مُتَمَتِّعٌ ومَنْ لَمْ يَسْعَ مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ لِمَا أَحَبَّ وَيَتَضَلَّعُ مِنْهُ وَيَرُشُّ عَلَى بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَرِيًّا وَشِبَعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِي وَامْلَأْهُ مِنْ خَشْيَتِكَ

_ قوله: (برمل) أي: واضطباع. قوله: (بلا رمل) أي: ولا اضطباع. قوله: (لا يتم الحج إلا به) يعني: إجماعاً. قوله: (لما أحب) أن يعطيه الله تعالى.

فصل ثم يرجع فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى وَيَبِيتُ بِهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ وَيَرْمِي الْجَمَرَاتِ بِهَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَلَا يُجْزِئُ رَمْيُ غَيْرِ سُقَاةٍ وَرُعَاةٍ إلَّا نَهَارًا بَعْدَ الزَّوَالِ وَسُنَّ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَبْدَأُ بالْأَوْلَى أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ وَتَلِيَ مَسْجِدَ الْخَيْفِ، فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ قَلِيلًا فَيَقِفُ يَدْعُو وَيُطِيلُ ثُمَّ الْوُسْطَى فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَيَقِفُ عِنْدَهَا فَيَدْعُو ثُمَّ يَأْتِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي الْكُلِّ وَتَرْتِيبُهَا شَرْطٌ كَالْعَدَدِ فَإِنْ جَهِلَ مِنْ أَيُّهَا تُرِكَتْ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ

_ قوله: (ثم يرجع) أي: من مكة، قوله: (ثلاث ليال) أي: إن لم يتعجل وإلا فليلتين. قوله: (ولا يقف عندها) يعني: لضيق المكان. قوله: (وترتيبها شرط) الظاهر: أنه لا تشترط الموالاة، ويدل عليه قوله: (فإن جهل من أيها تركت، بنى على اليقين) أي: فيجعلها من الأولى، فيذهب إليها، فيرميها بحصاة واحدة فقط، ثم يعيد رمي ما بعدها، فإنه لو كانت المولاة معتبرة، لأعاد رمي الأولى كاملاً، لطول الزمن. محمد الخلوتي.

وَإِنْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ، وَلَوْ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى غَدَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ الْكُلِّ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَجْزَأَ أَدَاءً وَيَجِبُ تَرْتِيبُهُ بِالنِّيَّةِ وَفِي تَأْخِيرِهِ عَنْهَا دَمٌ كَتَرْكِ مَبِيتِ لَيْلَةٍ بِمِنًى وَفِي تَرْكِ حَصَاةٍ مَا فِي شَعْرَةٍ

_ قوله: (ويجب ترتيبه ... إلخ) أي: لا بد منه، فلا ينافي كونه شرطاً، كما تقدم. قوله: (وفي تأخيره عنها دم) أي: ولا يأتي به إذن. قوله: (ليلة بمنى) يعني: أو أكثر من ليلة كما في "الإقناع"، فإنه لا يتعدد الدم؛ لأنه واجب واحد. قال في "شرح الإقناع": وعلم منه: أنه لو ترك دون ليلة، فلا شيء عليه وظاهره ولو أكثرها. انتهى. قال الشيخ منصور البهوتي في "شرحه": ولعل المراد: لا يجب استيعاب الليلة بالمبيت، بل كمزدلفة على ما سبق. انتهى. قوله: (وفي ترك حصاة ما في شعرة) أي: بشرط أن يكون الترك من الأخيرة، وأن يكون سائر ما قبلها من الجمرات وقع تاماً، وأن تكون أيام التشريق قد مضت، فإنه لو كان الترك من غير الأخيرة، لم يصح رمي ما بعد الجمرة التي ترك منها، ولو كان ما قبل المتروك منها، لم يصح رميه؛ لم يصح رمي ما بعده بالمرة، ولو كان الترك من

وَفِي حَصَاتَيْنِ مَا فِي شَعْرَتَيْنِ وَلَا مَبِيتَ عَلَى سُقَاةٍ وَرُعَاةٍ فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُمْ بِهَا لَزِمَ الرُّعَاةَ فَقَطْ الْمَبِيتُ وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ، وتَوْدِيعِهِمْ وَهُوَ بِهَا لَزِمَتْ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ مِنْ الْغَدِ

_ الأخيرة ولم تمض جميع أيام التشريق، وجب عليه أن يعيد، ولم يجزئه الفداء، لبقاء وقت الرمي، كما تقدم جميع ذلك، فافهم تسلم. محمد الخلوتي. قوله: (ما في شعرتين) محله إذا كان ذلك من الجمرة الأخيرة من آخر يوم، وإلا فيلزم عدم صحة رمي ما بعد المتروك منها، فيلزم دم كما تقدم. قوله: (على سقاة ... إلخ) أهل سقاية الحاج: هم القائمون بها، وكان العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يلي ذلك في الجاهلية والإسلام، فمن قام بذلك بعده إلى الآن، فالرخصة له. والرعاء بكسر الراء ممدوداً جمع راع، كجائع وجياع، ويجمع على رعاة كقاض وقضاة، وعلى عيان: كشاب وشبان. "مطلع".

وَيَسْقُطُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَنْ مُتَعَجِّلٍ وَيَدْفِنُ حَصَاهُ وَلَا يَضُرُّ رُجُوعُهُ فَإِذَا أَتَى مَكَّةَ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافِ إذَا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ أُمُورِهِ وَسُنَّ بَعْدَهُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَرَكْعَتَانِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَقَامَ أَعَادَهُ وَمَنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ - وَنَصُّهُ: أَوْ الْقُدُومَ - فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ أَجْزَأَهُ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْوَدَاعَ رَجَعَ وَيُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ إنْ بَعُدَ

_ قوله: (فإذا أتى مكة ... إلخ) فهم منه: أنه لو سافر إلى بلده من منى، ولم يأت مكة، لا وداع عليه، وصرح به في [كشاف القناع] عن الشيخ تقي الدين في موضع. قوله: (وركعتان) وهما ركعتا الطواف. قوله: (عند الخروج) أي: بنية الزيارة أو القدوم، أما لو نواه للوداع، لم يجزئه عن الزيارة، وهل يجزئه عن القدوم؟ وانظر: لو نواه لهما؟ قوله: (فإن خرج قبل الوداع ... إلخ) حاصله: أن من خرج قبل الوداع، فأما أن يرجع حتى بلوغه مسافة قصر من مكة أو بعدها، ففي الأول: لا شيء عليه ويعود بلا إحرام، وفي الثاني: يحرم بعمرة ولا يسقط عنه الدم، كمن لم يرجع. فتأمل. قوله: (إن بعد) أي: مسافة قصر.

فَإِنْ شَقَّ أَوْ بَعُدَ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ بِلَا رُجُوعٍ وَلَا وَدَاعَ عَلَى حَائِضٍ ونُفَسَاءَ إلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ ثُمَّ يَقِفُ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ مُلْصِقًا بِهِ جَمِيعَهُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُك وَأَنَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ ; وَسَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ حَتَّى بَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ إلَى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتَنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي وَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَك مَا أَبْقَيْتَنِي، وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ قوله: (فعليه دم) يعني: رجع أو لا. قوله: (قبل مفارقة البنيان) يعني: فترجع، وإلا فعليها دم. قوله: (في الملتزم) وهو أربعة أذرع. قوله: (وإلا فمن) الوجه: أنه فعل دعاء، ويجوز كونه حرف جر لابتداء الغاية.

وَيَأْتِي الْحَطِيمَ أَيْضًا وَهُوَ تَحْتَ الْمِيزَابِ ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ وَيُقَبِّلَهُ وَتَدْعُو حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ نَدْبًا وَسُنَّ دُخُولُ الْبَيْتِ بِلَا خُفٍّ وَبِلَا سِلَاحٍ وزِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرِ صَاحِبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ

_ قوله: (ويأتي الحطيم) قيل: سمي بذلك؛ لأن إسماعيل عليه السلام كان يحطم العلف لغنمه فيه، أي: يكسره لهم. قوله: (وسن دخوله البيت) يعني: إذا لم يلزم عليه أذية نفسه أو غيره، أو كشف عورة بسبب الزحام، كما هو مشاهد في هذه الأعصار، فيحرم كما ذكره ابن جماعة في "مناسكه". قوله: (وزيارة قبر النبي ... إلخ) قال ابن نصر الله: لازم استحباب زيارة قبره عليه الصلاة والسلام استحباب شد الرحال إليها؛ لأن زيارته للحاج بعد حجه لا تمكن بدون شد الرحل فهذا كالتصريح باستحباب شد الرحل لزيارته عليه الصلاة والسلام. قوله: (فيسلم عليه) أي: بعد أن يصلي تحية المسجد، فيقول: "السلام عليك يا رسول الله". كان ابن عمر لا يزيد على ذلك، وإن زاد، فحسن.

مُسْتَقْبِلًا لَهُ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَجْعَلُ الْحُجْرَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَدْعُوَ وَيُحَرَّمُ الطَّوَافُ بِهَا وَيُكْرَهُ التَّمَسُّحُ ورَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَهَا وَإِذَا تَوَجَّهَ هَلَّلَ ثُمَّ قَالَ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ

_ قوله: (مستقبلا له) أي: فيستقبل المسمار الفضة في الرخامة الحمراء، ويسمى الآن بـ "الكوكب الدري". قوله: (ورفع الصوت عندها) وتستحب الصلاة بمسجده صلى الله عليه وسلم، وهي بألف صلاة، وبالمسجد الحرام بمئة ألف، وفي الأقصى بخمس مئة، وحسنات الحرم كصلاته. "إقناع". وكذا سيئاته على ظاهر ما تقدم عن نص الإمام وابن عباس.

فصل مَنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ وَهُوَ بِالْحَرَمِ خَرَجَ فَأَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَالْأَفْضَلُ إحْرَامُهُ مِنْ التَّنْعِيمِ فالْجِعْرَانَةُ فَالْحُدَيْبِيَةُ فَمَا بَعُدَ وَحَرُمَ مِنْ الْحَرَمِ وَيَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى لِعُمْرَتِهِ وَلَا يَحِلُّ مِنْهَا حَتَّى يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ وَلَا بَأْسَ بِهَا فِي السَّنَةِ مِرَارًا وفِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ نَصًّا وَكُرِهَ إكْثَارٌ مِنْهَا وَهُوَ بِرَمَضَانَ أَفْضَلُ فَائِدَةٌ وَلَا يُكْرَهُ إحْرَامٌ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَلَا يَوْمَ النَّحْرِ وَلَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْقَارِنِ ومِنْ التَّنْعِيمِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ

_ قوله: (من أراد العمرة) وتسمى: حجاً أصغر. قوله: (وكره إكثار منها ... إلخ) أي: في غير رمضان بدليل ما بعده، بل قال في "الإقناع": يستحب تكرارها فيه؛ لأنها تعدل حجة. فائدة: قال أنس: حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحدة، واعتمر أربع عمر:

فصل أركان الحج: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وطَوَافُ الزِّيَارَةِ فَلَوْ تَرَكَهُ رَجَعَ مُعْتَمِرًا والْإِحْرَامُ والسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَوَاجِبَاتُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ ووُقُوفُ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ نَهَارًا إلَى الْغُرُوبِ والْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ إلَى بَعْدِ نِصْفِ اللَّيْلِ إنْ وَافَاهَا قَبْلَهُ

_ واحدة في ذي القعدة، وعمرة الحديبية، وعمرة مع حجته، وعمرة الجعرانة؛ إذ قسم غنائم حنين. متفق عليه. انتهى. من "شرح" الشيخ منصور البهوتي. قوله: (الوقوف) بدأ به مع تقدم الإحرام عليه وجوداً؛ لأنه الركن الأعظم، كما يشهد له خبر: "الحج عرفة". قوله: (رجع معتمراً) يعني: إن بعد عن مكة مسافة قصر. قال ابن نصر الله: وفي إحرامه بالعمرة إشكال؛ لأنه إدخال عمرة على حج، وهو غير صحيح.

والْمَبِيتُ بِمِنًى والرَّمْيُ وتَرْتِيبُهُ والْحِلَاقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وطَوَافُ الْوَدَاعِ وَهُوَ الصَّدْرُ وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ إحْرَامٌ وطَوَافٌ وسَعْيٌ وَوَاجِبُهَا إحْرَامٌ مِنْ الْمِيقَاتِ وَحَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ فَمَنْ تَرَكَ لْإِحْرَامَ لَمْ يَنْعَقِدْ نُسُكُهُ وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا غَيْرَهُ أَوْ نِيَّتَهُ لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ إلَّا بِهِ وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ دَمٌ فَكَصَوْمِ مُتْعَةٍ وَالْمَسْنُونُ كَالْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَالرَّمَلِ، وَالِاضْطِبَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِ

_ قوله: (وطواف الوداع) وظاهره: أنه يجب ولو لم يكن بمكة كمنى، كما في "الحاشية" قال الشيخ: وطواف الوداع ليس من الحج، وإنما هو لكل من أراد الخروج من مكة، قاله في "الإقناع". قوله: (وواجبها) إحرام من الحل، وحلق ... إلخ. قوله: (أو نيته) يعني: حيث اعتبرت بخلاف الوقوف. قوله: (إلا به) أي: بذلك الركن المتروك هو أو نيته. قوله: (ومن ترك واجباً) يعني: ولو سهواً.

باب الفوات والإحصار

باب الفوات والإحصار الْفَوَاتُ سَبْقٌ لَا يُدْرَكُ وَالْإِحْصَارُ الْحَبْسُ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ لِعُذْرٍ حَصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَانْقَلَبَ إحْرَامُهُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ لِيَحُجَّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ عُمْرَةً وَلَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ كَمَنْذُورَةٍ

_ قوله: (سبق لا يدرك) اصطلاحاً. قوله: (ولم يقف) أي: لم يكن وقف بها في وقته المعتبر له، والمراد: من طلع عليه فجر يوم النحر، ولم يتصف بكونه قد وقف. محمد الخلوتي قوله: (عمرة) يعني: سواء كان قارناً أو لا؛ لأن عمرة القارن لا تلزمه أفعالها، وإنما يمنع من عمرة على عمرة إذا لزمه المضي في كل منهما. قوله: (كمنذورة) أي: كما لا تجزيء هذه العمرة عن عمرة منذورة، ويحتمل أن يريد: كما لا تجزيء المنذورة عن عمرة الإسلام لو فرض، كما إذا كان رقيقاً وأحرم بمنذورة، ثم عتق في أثنائها بعد الطواف. والأول أقرب،

وَعَلَى مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَوَّلًا قَضَاءُ حَتَّى النَّفْلِ وهَدْيٌ مِنْ الْفَوَاتِ يُؤَخَّرُ لِلْقَضَاءِ زَمَنَ الْوُجُوبِ صَامَ كَمُتَمَتِّعٍ وَإِنْ وَقَفَ الْكُلُّ أَوْ إلَّا يَسِيرًا: الثَّامِنَ أَوْ الْعَاشِرَ خَطَأً أَجْزَأَهُمْ وَمَنْ مُنِعَ الْبَيْتَ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ أَوْ فِي عُمْرَةٍ ذَبَحَ هَدْيًا بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ وُجُوبًا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِالنِّيَّةِ وَحَلَّ وَلَا إطْعَامَ فِيهِ

_ قوله: (قضاء ... إلخ) أي: قضاء ما أحرم به، ففيه حذف. قوله: (يؤخر) أي: ولو ساقه. قوله: (فإن عدمه زمن الوجول ... إلخ) يعني: أنه إذا عدم الهدي وقت فوات الحج، فإنه يصوم في حجة القضاء، وسبعة إذا رجع، ولو كان زمن القضاء قادراً على الهدي، اعتبارا بوقت الوجوب، قوله: (صام كمتمتع) أي: في حجة القضاء، ولو أيسر بعد زمن الوجوب. قوله: (ومن منع إلخ هذا شروع في حكم الإحصار. وبخطه أيضاً على قوله: (ومن منع البيت) المراد به: الحرم، يعني بلاحق بخلاف محبوس بحق يمكن الخروج منه. قوله: (لو بعد الوقوف) كما لو كان قبله وخشي الفوات، فإن الفوات ليس شرطاً لتحلل لتحلل المحصر. قوله: (ذبح هديا) أي: في موضع حصره، قوله: (صام عشرة أيام بالنية) نصا، وظاهره: لا حبق ولا تقصير؛ لأنه من توابع الوقوف، وهو أحد القولين، وقدم الوجوب في "الرعاية"

وَلَوْ نَوَى التَّحَلُّلَ قَبْلَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَحِلَّ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِتَحَلُّلِهِ ولِكُلِّ مَحْظُورٍ بَعْدَهُ وَيُبَاحُ تَحَلُّلٌ لِحَاجَةٍ إلَى قِتَالٍ، أَوْ بَذْلِ مَالٍ لَا يَسِيرٍ لِمُسْلِمٍ

_ وجزم به في "الإقناع". قوله: (ولزمه دم لتحلله) تقدم أن من رفض إحرامه، لم يلزمه لذلك شيء، ولعل ما تقدم في غير المحصر، وهذا في المحصر، فلا تناقض. فليحرر. قوله: (ويباح تحلل ... إلخ) عبارة "الإقناع": وإن طلب العدو خفارة على تخلية الطريق، وكان ممن لا يوثق بأمانه، لم يلزم بذله، وإن وثق والخفارة كثيرة، فكذلك، بل يكره بذلها إن كان العدو كافرا، وإن كانت يسيرة، فقياس المذهب: وجوب بذله. انتهى. قوله: (قتال) بل الانصراف أولى من القتال إذا كان العدو مسلماً. فتدبر. قوله: (لمسلم) مفهومه: أنه يجوز التحلل لو كان اليسير لكافر، خلافاً "للإقناع" حيث لم يجز التحلل لبذل مال يسير مطلقاً، أي: لمسلم أو كافر.

وَلَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ تَحَلَّلَ قَبْلَ فَوْتِ الْحَجِّ وَمِثْلُهُ مَنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ

_ قوله: (ولا قضاء) يعني: إن كان نفلا. قوله: (قبل فوات الحج) مفهومه: لو تحلل بعد فوات الحج، لزمه القضاء، وهو الموافق لما مر أول الباب، خلافاً لما صححه ابن رزين في "شرحه". وبخطه أيضاً على قوله: (قبل فوات الحج) لكن إن أمكنه فعل الحج في ذلك العام، لزمه. نقله الجماعة "حاشية" وحيث أطلق الجماعة، فالمراد بهم: عبد الله بن الإمام، وأخوه صالح، وحنبل ابن عم الإمام، وأبو بكر المروذي، وإبراهيم الحربي، وأبو طالب، والميموني، فارضي. فائدة: فاسد حج في هذه الأحكام كصحيحه، لكن إن حل من أفسد حجه لإحصار ثم زال وفي الوقت سعة، قضى في ذلك العام. قال الموفق والشارح وجماعة: وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد الحج فيه، في غير هذه المسألة. انتهى.

وَمَنْ حُصِرَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى يَطُوفَ وَمَنْ حُصِرَ عَنْ وَاجِبٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَحَجُّهُ صَحِيحٌ وَمَنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ فِي حَجٍّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ مَجَّانًا وَمَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ بِذَهَابِ نَفَقَةٍ أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْبَيْتِ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَلَا يَنْحَرُ هَدْيًا مَعَهُ إلَّا بِالْحَرَمِ

_ قوله: (فقط) أي: بأن من رمى وحلق بعد وقوفه. قوله: (ومن حصر عن واجب) كرمي. قوله: (وعليه دم) كما لو تركه اختياراً. قوله: (بعمرة) فلو كان قد طاف للقدوم، وسعى ثم أحصر أو مرض أو فاته الحج، تحلل بطواف وسعي آخرين؛ لأن الأولين لم يقصدهما للعمرة. قوله: (ومن أحصر بمرض ... إلخ) قال في "شرح الإقناع": ومثله حائض تعذر مقامها أو رجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة، أو لعجزها عنه، أو لذهاب الرفقة. قاله في "شرح المنتهى". انتهى. وفي "الإنصاف" نقلا عن الزركشي: أن لها التحلل عند الشيخ تقي الدين. كمن حصره عدو. والله أعلم. قوله: (إلا بالحرم) فليس كالمحصر، فيبعث الهدي.

وَمَنْ شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ: أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي فَلَهُ التَّحَلُّلُ مَجَّانًا فِي الْجَمِيعِ

_ قوله: (مجاناً) أي: ولا دم.

باب الهدي والأضاحي

باب الهدي والأضاحي الْهَدْيُ: مَا يُهْدَى لِلْحَرَمِ مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا وَالْأُضْحِيَّةُ مَا يُذْبَحُ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَهْلِيَّةٍ أَيَّامَ النَّحْرِ بِسَبَبِ الْعِيدِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تُجْزِئُ مِنْ غَيْرِهِنَّ وَالْأَفْضَلُ إبِلٌ، فَبَقَرٌ، فَغَنَمٌ إنْ أَخْرَجَ كَامِلًا ومِنْ كُلِّ جِنْسٍ أَسْمَنُ، فَأَغْلَى ثَمَنًا فَأَشْهَبُ وَهُوَ الْأَمْلَحُ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ أَوْ مَا بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ فَأَصْفَرُ فَأَسْوَدُ ومِنْ ثَنِيِّ مَعْزٍ: جَذَعُ ضَأْنٍ ومِنْ سُبْعِ بَدَنَةٍ. أَوْ سُبْعِ بَقَرَةٍ: شَاةٌ ومِنْ إحْدَاهُمَا سَبْعُ شِيَاهٍ ومِنْ الْمُغَالَاةِ تَعَدُّدٌ فِي جِنْسٍ وَذَكَرٌ كَأُنْثَى

_ باب الهدي والأضاحي وما يتبعهما من العقيقة قوله: (فغنم) أي: إذا قوبل الجنس بالجنس، فهو كذلك، وإلا فسيأتي أن سبع شياه من البدنة والبقرة، والأمر فيه سهل. محمد الخلوتي. قوله: (وهو الأملح) قصد به تفسير الحديث. قوله: (ومن المغالاة ... إلخ) أي: وأفضل من المغالاة. فبدنتان سمينتان بتسعة أفضل من بدنة بعشرة،

وَلَا يُجْزِئُ دُونَ جَذَعِ ضَأْنٍ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وثَنِيِّ مَعْزٍ مَا لَهُ سَنَةٌ وثَنِيِّ بَقَرٍ مَا لَهُ سَنَتَانِ وثَنِيِّ إبِلٍ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ، وأَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ وبَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ وَيُعْتَبَرُ ذَبْحُهَا عَنْهُمْ وَسَوَاءٌ أَرَادُوا كُلُّهُمْ قُرْبَةً. أَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ قُرْبَةً، وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ لَحْمًا، أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ ذِمِّيًّا وَيُجْزِئُ فِيهِمَا جَمَّاءُ وَبَتْرَاءُ وَصَمْعَاءُ وَخَصِيٌّ وَمَرْضُوضُ الْخُصْيَتَيْنِ ومَا خُلِقَ بِغَيْرِ أُذُنٍ، أَوْ ذَهَبَ نِصْفُ أَلْيَتِهِ لَا بَيِّنَةُ الْعَوَرِ، بِأَنْ انْخَسَفَ عَيْنُهَا

_ ورجح الشيخ البدنة. قوله: (ولا يجزيء) أي: حيوان دون ... إلخ. قوله: (ما له ستة أشهر) وقبلها حمل، بفتح المهملة والميم. تاج الدين البهوتي. قوله: (ويجزيء فيهما جماء) الجماء: هي التي خلقت بلا قرن. والبتراء: التي لا ذنب لها خلقة أو مقطوعا. قوله: (وخصي) أي: ما قطعت خصيتاه أو سلتا. فتدبر. بل هو راجح على النعجة، ورجح الموفق: الكبش على سائر النعم. قوله: (بأن انخسفت عينها) فلو كان عليها بياض، وهي قائمة لم تذهب، أجزأت. "إقناع".

وَلَا قَائِمَةُ الْعَيْنَيْنِ مَعَ ذَهَابِ إبْصَارِهِمَا وَلَا عَجْفَاءُ لَا تَنْقَى، وَهِيَ الْهَزِيلَةُ الَّتِي لَا مُخَّ فِيهَا. وَلَا عَرْجَاءُ لَا تُطِيقُ مَشْيًا مَعَ صَحِيحَةٍ، وَلَا بَيِّنَةُ الْمَرَضِ وَلَا جِدَاءٌ وَهِيَ الْجَدْبَاءُ، وَهِيَ مَا شَابَ وَنَشِفَ ضَرْعُهَا وَلَا هَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَتْ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا وَلَا عَصْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي انْكَسَرَ غُلَافُ قَرْنِهَا

_ قوله: (ولا قائمة العينين) وهي خفية العمى. قوله: (مع ذهاب أبصارهما) كـ: (صغت قلوبكما) [التحريم: 4] قوله: (لا تنقي) بضم التاء وكسر القاف، من أنقت الإبل: إذا سمنت وصار فيها نقي، وهو: مخ العظم، وشحم العين من السمن. "مطلع". قوله: (التي لا مخ فيها) أي: ذهب، والمخ: الودك الذي في العظم، وخالص كل شيء، وقد سمي الدماغ مخا. "مصباح". قوله: (ولا بينة المرض) وهو المفسد للحمها بجري أو غيره. "إقناع".

وَلَا خَصِيٌّ مَجْبُوبٌ وَلَا عَضْبَاءُ: مَا ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أَوْ ذَهَبَ قَرْنِهَا وَتُكْرَهُ مَعِيبَتُهُمَا بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ، أَوْ قَطْعٍ لِنِصْفٍ مِنْهُمَا فَأَقَلَّ وَسُنَّ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً بِأَنْ يَطْعَنَهَا فِي الْوَهْدَةِ. وَهِيَ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ وبَقَرٍ وَغَنَمٍ عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ مُوَجَّهَةً إلَى الْقِبْلَةِ وَيُسَمِّي حِينَ يُحَرِّكُ يَدَهُ بِالْفِعْلِ وَيُكَبِّرُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَك وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ وَيَذْبَحُ وَاجِبًا قَبْلَ نَفْلٍ وَسُنَّ إسْلَامُ ذَابِحٍ وَتَوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ وَيَحْضُرُ إنْ وَكَّلَ وَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ إذَنْ إلَّا مَعَ التَّعْيِينِ لَا تَسْمِيَةُ الْمُضَحّي عَنْهُ

_ قوله: (ولا خصي مجبوب) أي: ما قطع ذكره وأنثياه، لا ما قطعت أنثياه فقط، أو سلتا، أو سلتا، أو رضتا، فإنه يجريء كما تقدم. قوله: (بأن يطعنها) يطعن: بضم العين وفتحها، بالقول، وبالحربة، لكن الأكثر فتح العين في القول، وضمها في الحربة ونحوها. "مطلع". قوله: (بالفعل) أي: النحر أو الذبح. قوله: (ويذبح واجباً ... إلخ) أي: ندبا كالصدقة. قوله: (إذن) أي: حين التوكيل.

وَوَقْتُ ذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ. وَوَقْتُ ذَبْحِ هَدْيِ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَهَدْيٍ وَقِرَانٍ: مِنْ بَعْدِ أَسْبَقِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِالْبَلَدِ أَوْ قَدْرِهَا لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ وَإِنْ فَاتَتْ الصَّلَاةُ بِالزَّوَالِ ذَبَحَ إلَى آخِرِ ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَفِي أَوَّلِهَا فِيمَا يَلِيهِ أَفْضَلُ وَيُجْزِئُ فِي لَيْلَتِهَا فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ قَضَى الْوَاجِبَ كَالْأَدَاءِ وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ

_ قوله: (من بعد أسبق صلاة ... إلخ) يعني: ولو قبل الخطبة، والأفضل بعدها، وإن ذبح قبل وقته، لم يجز، وصنع به ما شاء، وعليه الواجب، كما سيأتي، وبخطه أيضا على قوله: (من بعد أسبق صلاة العيد) أي: أو ما يقوم مقام صلاة العيد، كالجمعة إذا وقعت يومه، وفعلت قبل الزوال؛ إذ هي أحرى من مضي المقدار. قوله: (لمن لم يصل) أي: مع عدم وجوبها، كأهل البوادي. قوله: (ثاني التشريق) أي: ثاني أيام التشريق، فإن أيام النحر ثلاثة: يوم العيد ويومان بعده. قوله: (وفي أولها) أي: أيام الذبح وهو يوم العيد "شرح". قوله: (ويجزيء في ليلتيها) مع الكراهة، كما في "الإقناع".

ووَقْتَ ذَبْحِ وَاجِبٍ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ مِنْ حِينِهِ وَإِنْ فعَلَهُ لِعُذْرٍ فَلَهُ ذَبْحُهُ قَبْلَهُ وَكَذَا مَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ فصل ويتعين هدي بـ: هذا هدي أَوْ ِتَقْلِيدِهِ أَوْ إشْعَارِهِ بِنِيَّتِهِ وأُضْحِيَّةٌ بهَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ لِلَّهِ وَنَحْوَهُ فِيهِمَا لَا بِنِيَّتِهِ حَالَ الشِّرَاءِ وَلَا بِسَوْقِهِ مَعَ نِيَّتِهِ كَإِخْرَاجِهِ مَالًا لِلصَّدَقَةِ بِهِ

_ قوله: (وإن فعله) أي: أراد فعله بقرينة قوله: (قبله). فتنبه. قوله: (وكذا ما وجب) أي: في أن وقته من تركه .... إلخ، وهذا مشبه بقوله: (ووقت ذبح واجب ... إلخ). وجملة: (وإن فعله) معترضة. قوله: (ويتعين هدي) أي: يجب. قوله: (أو تقليده) النعل والعرى. قوله: (ونحوه) كلله علي ذبحه.

وَمَا تَعَيَّنَ جَازَ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ وَشِرَاءُ خَيْرٍ مِنْهُ لَا بَيْعُهُ فِي دَيْنٍ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتٍ وَإِنْ عَيَّنَ مَعْلُومٍ عَيْبُهُ تَعَيَّنَ وَكَذَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُجْزِئْهُ وَيَمْلِكُ رَدَّ مَا عَلِمَ عَيْبَهُ بَعْدَ تَعَيُّنِهِ وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْشَ فَهُوَ كَفَاضِلٍ مِنْ قِيمَةٍ وَلَوْ بَانَتْ مَعِيبَةً مُسْتَحَقَّةً لَزِمَهُ بَدَلُهَا

_ قوله: (جاز نقل الملك فيه) بخلاف رقيق نذر عتقه نذر تبرر؛ لأن الحق للعبد وما هنا للفقراء، وهو مما يزيدهم خيراً. تدبر. ويأتي في كلام المصنف إشارة إلى ذلك. قوله: (ولو بعد موت) وتقوم ورثته مقامه في ذبح وغيره. قوله: (وإن عين معلوم عيبه ... إلخ) فإن لم يعلم عيبه، تعين أيضا بدليل ما بعده، فهو مفهوم موافقة، خلافا لما في "شرح" منصور البهوتي. قوله: (تعين) يعني: وأجزأ. قوله: (بعد تعيينه) يعني: ويشتري بثمنه صحيحاً. قوله: (لزمه بدلها) ظاهره كـ "الإقناع": لزوم البدل، سواء وجب بالتعين أو قبله، لصحة تعيينها قبل العلم، فتصير واجبة، بخلاف ما لو علم استحقاقها قبله، لعدم صحته إذن.

ويَرْكَبَ لِحَاجَةٍ فَقَطْ بِلَا ضَرَرٍ وَيَضْمَنُ النَّقْصَ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا إنْ أَمْكَنَ حَمْلُهُ أَوْ سَوْقُهُ وَإِلَّا فكَهَدْيٍ عَطِبَ وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُ ويَجُزَّ صُوفَهَا وَنَحْوَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَهُ إعْطَاءُ الْجَازِرِ مِنْهَا هَدِيَّةً وَصَدَقَةً لَا بِأُجْرَتِهِ وَيَتَصَدَّقُ وَيَنْتَفِعُ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا وَيَحْرُمُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا وَإِنْ سُرِقَ مَذْبُوحٌ مِنْ أُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ هَدْيٍ مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً، أَوْ عَنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا بِنَذْرٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ

_ قوله: (ويضمن النقص) أي: بركوبه، لعله يكون كفاضل من قيمة، كما تقدم في الأرش. قوله: (وإن ولدت) أي: معينة ابتداء، أو عما في ذمته. قوله: (وإلا فكهدي ... إلخ) لو قال: وإلا ذبحه موضعه كهدي عطب، لكان أخصر وأظهر. قوله: (ويتصدق به) يعني: ندبا. قوله: (لا بأجرته) أي: بدلها. قوله: (وجلها) بضم الجيم: ما تحلل به الدابة، وجمعه: جلال، وجمع الجلال: أجلة. "مطلع". قوله: (وإن سرق) أي: بلا تفريط. قوله: (ولو بنذر) أي: ولو وجب بنذر. قوله: (فلا شيء فيه) كوديعة.

وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ضَمِنَ وَإِنْ ذَبَحَهَا ذَابِحٌ فِي وَقْتِهَا بِلَا إذْنِ نَوَاهَا عَنْ نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ وَفَرَّقَ لَحْمَهَا لَمْ تُجْزِئْ وَضَمِنَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ إنْ لَمْ يُفَرِّقْ لَحْمَهَا وقِيمَتَهَا إنْ فَرَّقَهُ وَإِلَّا أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ

_ قوله: (وإن لم يعين، ضمن) يعني: إذا ذبح عن واجب في ذمته، ولم يعينه قبل الذبح وسرق، ضمن ما في ذمته، أي: لم يكفه ما ذبحه عنه. قوله: (أو فرق لحمها) معطوف على قوله: (علمه) أي: أو مع تفريق لحمعها، أي: لو نواها عن نفسه لا مع علمه أنها أضحية الغير، وفرق لحمها، لم تجز واحداً منهما. قوله: (وإلا أجزأت) أي: وإن لم ينوها عن نفسه، ولم يفرق لحمها مع عدم علمه أنها أضحية الغير، أجزأت عن ربها. قاله في "الحاشية". وحاصل ذلك: أن الذابح لأضحية الغير في وقت الذبح، إما أن يكون عالماً بأنها أضحية الغير، أو لا، فعلى الأول: إما أن ينويها عن ربها، أو عن نفسه، أو يطلق، فهذه ثلاث صور، وعلى الثاني: وهو ما إذا لم يعلم أنها أضحية الغير؛ بأن اشتبهت عليه وظنها أضحيته فنواها عن نفسه، وإذا جمعت هذه الصورة إلى ما في الشق الأول، حصل أربع صور، وفي كل واحدة منها، إما أن يفرق اللحم، أو لا، فهذه ثمان صور، وملخص الحكم

وإنْ ضَحَّى اثْنَانِ كُلٌّ بِأُضْحِيَّةٍ الْآخَرِ غَلَطًا كَفَتْهُمَا وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ بَقِيَ اللَّحْمُ تَرَادَّاهُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ صَاحِبُهَا ضَمِنَهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ تُصْرَفُ فِي مِثْلِهَا لِتَعَيُّنِهَا بِخِلَافِ قِنٍّ تَعَيَّنَ لِعِتْقٍ وَهُوَ حَقٌّ لِلرَّقِيقِ وَلَوْ مَرِضَتْ فَخَافَ عَلَيْهَا فَذَبَحَهَا فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا وَلَوْ تَرَكَهَا فَمَاتَتْ. فَلَا

_ فيها: أنها تجزيء ربها في خمس صور، ولا تجزيء واحداً منهما في الثلاث الباقية، والثلاث هي: ما إذا نواها عن نفسه مع علمه أنها أضحية الغير، فرق لحمها، أو لا، وما إذا نواها عن نفسه لا مع علمه أنها أضحية الغير وفرق لحمها، فلا تجزيء في هذه الثلاث واحداً منهما، والخمس التي تجزيء عن ربها، هي: ما إذا نواها عن ربها، أو أطلق، فرق لحمها فيهما، أو لا، والخامسة: أن ينويها عن نفسه لا مع علمه أنها أضحية الغير، ولم يفرق لحمها، فتجزيء في هذه الصور عن ربها، والمقام يحتمل صوراً أخر. فليحرر. قوله: (كفتهما) أي: كفى كل واحد منهما أضحيته. قوله: (ولا ضمان) أي: ولو فرقا اللحم. قوله: (تعين لعتق) بأن نذر تبرراً فأتلف، فلا بدل. قوله: (فخاف عليها) موتاً. قوله: (ولو تركها فماتت) أي: بمرض لم يتسبب فيه، كما يأتي.

وَإِنْ فَضَلَ عَنْ شِرَاءِ الْمِثْلِ شَيْءٌ اشْتَرَى بِهِ شَاةً، أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ بِلَحْمٍ يَشْتَرِي بِهِ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ عَطِبَ بِطَرِيقٍ هَدْيٌ وَاجِبٌ، أَوْ تَطَوُّعٍ بِنِيَّةٍ دَامَتْ ذَبَحَهُ مَوْضِعَهُ وَسُنَّ غَمْسُ نَعْلِهِ فِي دَمِهِ وَضَرْبُ صَفْحَتِهِ بِهَا لِتَأْخُذَهُ الْفُقَرَاءُ. وَحَرُمَ أَكْلُهُ وخَاصَّتِهِ مِنْهُ وَإِنْ تَلِفَ أَوْ عَابَ بِفِعْلِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ لَزِمَهُ بَدَلُهُ كَأُضْحِيَّةٍ وَإِلَّا أَجْزَأَ ذَبْحُ مَا تَعَيَّبَ مِنْ وَاجِبٍ بِالتَّعْيِينِ كَتَعَيُّنِهِ مَعِيبًا فَبَرِئَ

_ قوله: (وإن عطب) كتعب: هلك، وكذا لو خاف عطبه، فلو ترك نحره إذن حتى هلك، ضمنه، كما في "الإقناع". وبخطه أيضا على قوله: (وإن عطب) أي: او عجز عن المشي مع الرفقة. قوله: (بنية دامت) المراد منه: تصوير هدي التطوع. وعبارة "الإقناع": أو تطوع بأن ينويه هدياً، ولا يوجبه بلسانه، ولا بتقليده، وإشعاره، وتدوم نيته فيه قبل ذبحه، فإن فسخ نيته، فعل ما شاء. قوله: (ذبحه) يعني: وجوباً. قوله: (وسن غمس نعله) أي: نعل الهدي. قوله: (ليأخذه الفقراء) أي: لتعرفه، فتأخذه. قوله: (منه) أي: من العاطب، غير دم متعة وقران. تاج الدين البهوتي. قوله: (فبريء) والظاهر: الإجزاء عما وجب في الذمة أيضا.

وَإِنْ وَجَبَ قَبْلَ تَعَيُّنٍ كَفِدْيَةٍ ومَنْذُورٍ فِي الذِّمَّةِ فَلَا وَعَلَيْهِ نَظِيرُهُ وَلَوْ زَادَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَا لَوْ سُرِقَ أَوْ ضَلَّ وَنَحْوَهُ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ عَاطِبٍ وَمَعِيبٍ وَضَالٍّ وُجِدَ وَنَحْوَهُ فصل يجب هدي بنذر وَمِنْهُ إنْ لَبِسْت ثَوْبًا مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ. فَلَبِسَهُ وَنَحْوَهُ وَسُنَّ سَوْقُ حَيَوَانٍ مِنْ الْحِلِّ وأَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ

_ قوله: (وإن وجب قبل تعيين) هذا مقابل قوله: (أجزأ ذبح ما تعيب من واجب بالتعيين) والمعنى: أن الهدي إذا تعيب بانقلاع عينه مثلا قبل ذبحه بغير فعل صاحبه، فإنه يجزئه ذبحه إن كان وجوبه بمجرد التعيين، ويلزمه بدله إن وجب عليه قبل ذلك. والله أعلم. قوله: (ومنه ... إلخ) هو: حبر مبتدؤه قوله: (إن لبست ... إلخ) أي: هذه الصيغة، وقوله: (ونحوه) عطف على المبتدأ. تدبر. قوله: (فلبسه) أي: وقد ملكه. قوله: (ونحوه) أي: من النذور المعلقة على شرط إذا وجد. قوله: (وأن يقفه) قال في "المصباح": وقفت الدابة تقف وقوفاً: سكنت، ووقفتها أنا وقفاً يتعدى، والمصدر فارق، ووقفت الدار: حسبتها في سبيل الله،

وإشْعَارُ بُدْنٍ وبَقَرٍ: بِشَقِّ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى مِنْ سَنَامٍ أَوْ مَحَلِّهِ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ وتَقْلِيدُهُمَا مَعَ غَنَمِ النَّعْلِ وَآذَانِ الْقِرَبِ وَالْعُرَى ووَإِنْ نَذَرَ هَدْيًا وَأَطْلَقَ فَأَقَلُّ مُجْزِئٌ شَاةٌ أَوْ سُبْعٌ مِنْ بَدَنَةٍ، أَوْ بَقَرَةٍ وَإِنْ ذَبَحَ إحْدَاهُمَا عَنْهُ كَانَتْ كُلُّهَا وَاجِبَةً وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ إنْ أَطْلَقَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ.

_ ووقفت الرجل عن الشيء وقفاً: منعته عنه. انتهى. قوله: (وإشعار بدن ... إلخ) يعني: ويكون ما ذكر من الإشعار والتقليد من الميقات إن ساقه قبله، وأن أرسله مع غيره، فمن بلده. حاشية بالمعنى أخذا من "الإقناع". قوله: (من سنام) وإن كانت ذات سنامين، كفى واحد كما في البخاتي؛ لأن القصد العلامة وقد حصلت. قوله: (النعل وآذان القرب) الواو فيهما بمعنى "أو" كما عبر به في "الإقناع". قوله: (كانت كلها واجبة) لعل المراد: إذا ذبحتها بنية كونها عما نذره، وجب عليه الصدقة بها، وأثيب عليها الواجب، أما لو ذبحها بنية أن يكون سبعها عن النذر، وباقيها لحم، فلا يمتنع. فليحرر. قوله: (إن أطلق) أي: بأن لم ينو معيناً.

ومُعَيَّنًا أَجْزَأَهُ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَعِيبًا أَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ وَعَلَيْهِ إيصَالُهُ أَوْ ثَمَنِ غَيْرِ مَنْقُولٍ كَعَقَارٍ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ وَكَذَا إنْ نَذَرَ سَوْقَ أُضْحِيَّةٍ إلَى مَكَّةَ. أَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ بِهَا وَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا لِ غَيْرِ الْحَرَمِ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ تَعَيَّنَ ذَبْحًا وَتَفْرِيقًا لِفُقَرَائِهِ وَسُنَّ أَكْلُهُ وَتَفْرِقَتُهُ مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ كَأُضْحِيَّةٍ وَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ، وَلَوْ بِنَذْرٍ أَوْ تَعْيِينِ غَيْرِ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ فصل التضحية: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ

_ قوله: (وثمن غير منقول ... إلخ) فيه العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، أي: يبيع الناذر غير المنقول، ويبعث بثمنه، كما في "الإقناع". وظاهره: أن للناذر تولي بيعه. قوله: (ولا معصية فيه) بخلاف ما لو كان بالمحل صنم، أو بيت نار، ونحو ذلك. قوله: (ولا يأكل من واجب) أي: من هدي واجب ... إلخ. قوله: (غير دم متعة) يعني: فيجوز الأكل منه، كهدي تطوع. قوله: (سنة مؤكدة) أي: يكره تركها مع القدرة، نص عليه.

عَنْ مُسْلِمٍ تَامِّ الْمِلْكِ أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وعَنْ مَيِّتٍ أَفْضَلُ وَيُعْمَلُ بِهَا كَعَنْ حَيٍّ وَتَجِبُ بِنَذْرٍ وَكَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَبْحُهَا وعَقِيقَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةٍ بِثَمَنِهَا وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقُ أَثْلَاثًا حَتَّى مِنْ وَاجِبَةٍ ولِكَافِرٍ مِنْ تَطَوُّعٍ

_ قوله: (تام الملك) يعني: حر أو مبعض فيما ملكه بجزئه الحر، بخلاف مكاتب بلا إذن. قوله: (وعن ميت أفضل) يعني: أن تضحية الإنسان عن ميت أفضل منها عن حي، لشدة حاجة الميت. قوله: (كعن حي) يعني: من أكل، وإهداء، وصدقة. قوله: (وذبحها وعقيقة أفضل ... إلخ) أي: وهدي كذلك، وإنما اقتصر عليهما لورود النص فيهما. ابن نصر الله. قوله: (أثلاثاً) يعني: يتصدق بأفضلهما، ويهدي أوسطها، ويأكل أدونها. كما في "الإقناع". قوله: (ولكافر من تطوع) أي: يهدى له منه.

ولَا مما ليَتِيمٍ وَمُكَاتَبٍ فِي إهْدَاءٍ وَصَدَقَةٍ وَيَجُوزُ قَوْلُ مُضَحٍّ مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ وأَكْلُ أَكْثَرَ لَا كُلَّهَا وَيَضْمَنُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَمَا مَلَكَ أَكَلَهُ فَلَهُ هَدِيَّتُهُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا كَبَيْعِهِ وَإِتْلَافِهِ وَيَضْمَنُهُ أَجْنَبِيٌّ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ مَنَعَ الْفُقَرَاءَ مِنْهُ حَتَّى أَنْتَنَ ضَمِنَ نَقْصَهُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ وَإِلَّا فقِيمَتَهُ وَنُسِخَ تَحْرِيمُ الِادِّخَارِ

_ قوله: (لا مما ليتيم) أي: ليست الأضحية من مال يتيم ومكاتب، كالأضحية المتقدمة في الإهداء والصدقة. قوله: (وأكل أكثر) يجوز جره بالفتحة، ممنوعا من الصرف، للوصف، ووزن الفعل، وبالكسرة؛ لكونه مضافاً إلى محذوف لقرينة، والشرط موجود، وهو عطف شيء مضاف إلى مثل المحذوف، أعني: كل المضاف إلى ضمير الأضحية. قوله: (أقل ما يقع عليه الاسم) كالأوقية لا دونها لفقد الاسم، ولا ترد الأيمان. تاج الدين البهوتي. قوله: (وإلا ضمنه ... إلخ) أي: وإلا يملك أكله كهدي واجب ليس دم متعة وقران، ضمنه كله. قوله: (ويضمنه أجنبي ... إلخ) أي: الهدي أو الأضحية إذا أتلفه قبل الذبح، وأما بعده فمثلي. قوله: (وإلا فقيمته) الأظهر: مثله. قوله: (ونسخ تحريم الادخار) يعني:

وَمَنْ فَرَّقَ نَذْرًا بِلَا إذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ وَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ فَقِيرٍ فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَيَفْعَلُ مَا شَاءَ بِمَا ذَبَحَ قَبْلَ وَقْتِهِ وَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ حَرُمَ عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ أَخْذُ شَيْء مِنْ شَعْرِهِ أَوْ ظُفْرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ إلَى الذَّبْحِ الْمُنَقِّحُ: وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ

_ للحوم الأضاحي فوق ثلاث، لحديث مسلم: "كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم". قوله: (ومن فرق نذراً ... إلخ) منهما، أو هديا واجباً بغير نذر على مستحق. قوله: (ويفعل ما شاء) أي: من بيع وغيره. وبخطه أيضا على قوله: (ويفعل ما شاء ... إلخ) فلو ذبحه ليبيعه، فالظاهر: تحريم الأمرين، كما لو سافر ليفطر. وانظر هل يصح البيع إذن، أم لا؟ قوله: (قبل وقته) أي: وعليه بدل واجب قبل التعيين مطلقاً، وبدل ما وجب بالتعيين إن تلف بفعله أو تفريطه، كما يعلم مما تقدم في الفصل قبله. قوله: (حرم على من يضحي ... إلخ) يعني: ولا فدية عليه، بل يتوب ويستغفر، وظاهره: عن نفسه أو عن غيره. تدبر. وفي صورة ما إذا ضحى عن غيره فالظاهر من كلامهم: الحرمة عليهما معاً.

لِمَنْ يُضَحِّي بِأَكْثَرَ وَسُنَّ حَلْقٌ بَعْدَهُ فصل والعقيقة: سُنَّةٌ فِي حَقِّ أَبٍ وَلَوْ مُعْسِرًا. وَيَقْتَرِضُ وعَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ سِنًّا وَشَبَهًا فَإِنْ عَدِمَ الشَّاتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ. وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَلَا تُجْزِئُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ إلَّا كَامِلَةً تُذْبَحُ فِي سَابِعِهِ

_ قوله: (والعقيقة سنة في حق أب) أي: فلا يعق غيره إلا إن تعذر بموت أو امتناع، فلو تركها الأب، لم يسن للمولود أن يعق عن نفسه بعد بلوغه، فلا تسمى عقيقة، واستحبه جمع. قوله: (متقاربتان) أي: سناً وشبهاً. قوله: (في سابعه) يعني: ولو مات الولد قبله. ويتوجه: أو الأب. وزاد بعض: ضحوة، ويجوز ذبحها قبل السابع لا قبل الولادة. كما في "الإنضاف" و "الإقناع".

وَيُحْلَقُ فِيهِ رَأْسُ ذَكَرٍ وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ وَرِقًا وَكُرِهَ لَطْخُهُ مِنْ دَمِهَا وأَنْ يُسَمَّى فِيهِ حَرُمَ أَنْ يُسَمَّى بِعَبْدٍ لِغَيْرِ اللَّهِ كَعَبْدِ الْكَعْبَةِ وبِمَا يُوَازِي أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى وَبِمَا لَا يَلِيقُ إلَّا بِهِ تَعَالَى وَكُرِهَ بِحَرْبٍ وَيَسَارٍ وَنَحْوِهِمَا لَا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَأَحَبُّهَا عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ

_ قوله: (ويسمى فيه) أي: السابع، وهي حق أب. قوله: (وما لا يليق إلا به) كملك الأملاك، وسلطان السلاطين، وما بمعناه، كشاه وشياه، وقياسه: القدوس، والبر، والخالق، والرحمن، وفي هذه قول: تكره. قوله: (وكره بحرب) ويستحب تغيير اسم قبيح. قوله: (ونحوهما) كرباح. قوله: (لا بأسماء الأنبياء) وأما التكني بكنيته صلى الله عليه وسلم فلا يكره بعد موته ولو لمن اسمه محمد على إحدى الروايات، وصوبها في "تصحيح الفروع"، خلافاً للعلامة ابن القيم، كما في "الهدي": وعبارته: والصواب: أن التكني بكنيته ممنوع، والمنع في حياته أشد، والجمع بينهما أي: الاسم والكنية ممنوع. انتهى. فظاهره التحريم. فتأمل.

فإن فات فَفِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ. فَإِنَّ فَاتَ فَفِي أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَلَا تُعْتَبَرُ الْأَسَابِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْزَعُهَا أَعْضَاءً وَلَا يُكَسِّرُ عَظْمَهُمَا وَطَبْخُهَا أَفْضَلُ وَيَكُونُ مِنْهُ بِحُلْوٍ وَحُكْمُهَا كَأُضْحِيَّةٍ لَكِنْ يُبَاعُ جِلْدٌ وَرَأْسٌ وَسَوَاقِطُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ فَعَقَّ أَوْ ضَحَّى أَجْزَأَ عَنْ الْأُخْرَى

_ قوله: (فإن فات) يعني: الذبح في سابعه. قوله: (وحكمها: كأضحية) أي: فيما يجزيء، ويكره، ويستحب، لكن لا يعتبر فيها تمليك، بخلاف هدي وأضحية. قوله: (لكن يباع جلد ... إلخ) أي: جوازاً. قوله: (وإن اتفق وقت عقيقة وأضحية ... إلخ) أي: أو هدي. قوله: (فعق ... إلخ) ظاهره: وإن لم ينو الأخرى. وفي "الإقناع" تبعاً لابن القيم في "التحفة" تقييد ذلك بالنية عنهما، وأما الثواب، فلا شك في اعتبار النية له. تدبر. ولو اجتمع له عدة أولاد، قال ابن نصر الله: يتوجه أنه يكفيه عقيقة واحدة بطريق الأولى. قوله: (أو ضحى) أي: أو هدى.

وَلَا تُسَنُّ فَرَعَةٌ نَحْرُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ. وَلَا الْعَتِيرَةُ وَهِيَ ذَبِيحَةُ رَجَبٍ وَلَا يُكْرَهَانِ

_ قوله: (نحر أول ولد الناقة ... إلخ) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي: أول الناقة المنحور. قوله: (ولا يكرهان) لتوقفهما على نهي خاص.

كتاب الجهاد

كتاب الجهاد الجهاد: قِتَالُ الْكُفَّارِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَسُنَّ بِتَأَكُّدٍ مَعَ قِيَامِ مَنْ يُكْفَى بِهِ وَلَا يَجِبُ إلَّا عَلَى ذَكَرٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ صَحِيحٍ وَلَوْ أَعْشَى أَوْ أَعْوَرَ وَلَا يُمْنَعُ أَعْمَى وَاجِدٍ بِمِلْكٍ، أَوْ بِبَذْلِ إمَامٍ مَا يَكْفِيهِ وأَهْلَهُ فِي غَيْبَتِهِ ومَعَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مَا يَحْمِلُهُ وَيُسَنُّ تَشْيِيعُ غَازٍ لَا تَلَقِّيهِ وَأَقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَعَ قُدْرَةٍ عَلَيْهِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً إلَّا أَنْ تَدْعُوَ حَاجَةٌ إلَى تَأْخِيرِهِ

_ كتاب الجهاد مصدر جاهد من جهد، أي: بالغ في قتل عدوه، فهو لغة: بذل الطاقة والوسع. قوله: (قتال كفار) يعني: خاصة. قوله: (فرض كفاية) أي: وأفضل من رباط. قوله: (ذكر) أي: لا أنثى وخنثى. قوله: (صحيح) أي: سليم من العمى والعرج والمرض. قوله: (ولو أعشى) أي: ضعيف البصر. قوله: (تشييع غاز) ومثله حاج، يقال: شيعت الضيف: تبعته عند رحيله إكراماً له، وهو التوديع، ومنه تشييع الغازي. قوله: (مرة) بالرفع خبر المبتدأ الذي هو: (أقل ما يفعل ... إلخ)، وأما نصب (مرة) فضعيف جداً، وإن دعت حاجة إلى أكثر، وجب.

وَمَنْ حَضَرَهُ أَوْ حُصِرَ ; أَوْ بَلَدَهُ أَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ اسْتَنْفَرَهُ مَنْ لَهُ اسْتِنْفَارُهُ تَعَيَّنَ عَلَى مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ وَلَوْ عَبْدًا وَلَا يُنْفَرُ فِيخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَلَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَلَوْ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَالنَّفِيرِ وَالْعَدُوُّ بَعِيدٌ صَلَّى ثُمَّ نَفَرَ ومَعَ قُرْبِهِ يَنْفِرُ وَيُصَلِّي رَاكِبًا أَفْضَلُ وَلَا يُنَفِّرُ لِ آبِقٍ وَلَوْ نُودِيَ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً لِحَادِثَةٍ يُشَاوَرُ فِيهَا لَمْ يَتَأَخَّرْ أَحَدٌ بِلَا عُذْرٍ وَمُنِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَزْعِ لَأْمَةِ حَرْبِهِ إذَا لَبِسَهَا حَتَّى يَلْقَى الْعَدُوَّ ومِنْ الرَّمْزِ بِالْعَيْنِ وَالْإِشَارَةِ بِهَا والشِّعْرِ وَالْخَطِّ وَتَعَلُّمِهِمَا

_ قوله: (ومن حضره ... إلخ) يجوز في (من): أن تكون موصولا مبتدأ، خبره قوله: (تعين ... إلخ) والرابط للجملة بالمبتدأ ما في (من) الثانية من العموم، كما في نحو: زيد نعم الرجل، ويجوز أن تكون (من) اسم شرط مبتدأ، خبره على الأصح جملة الشرط، والرابط: الضمير المستتر في (حضره)، فلا إشكال على التقديرين. قوله: (أو استنفره) أي: طلب خروجه للقتال. قوله: (من نزع لأمة الحرب) اللأمة بالهمزة، كتمرة: الدرع. قوله: (والإشارة) الظاهر: أنه عطف تفسير، وهي: الإيماء إلى مباح من نحو: ضرب أو قتل على خلاف ما هو ظاهر، ولا يحرم ذلك على غيره صلى الله عليه وسلم إلا في محظور.

وَأَفْضَلُ مُتَطَوَّعٍ بِهِ: الْجِهَادُ وَغَزْوُ الْبَحْرِ أَفْضَلُ وَتُكَفِّرُ الشَّهَادَةُ غَيْرَ الدَّيْنِ وَيُغْزَى مَعَ كُلِّ بَارٍّ وَفَاجِرٍ يَحْفَظَانِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَعَ مُخَذِّلٍ وَنَحْوَهُ وَيُقَدَّمُ أَقْوَاهُمَا وَجِهَادُ الْمُجَاوِرِ مُتَعَيَّنٌ إلَّا لِحَاجَةٍ وَمَعَ تَسَاوٍ جِهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفْضَلُ وَسُنَّ رِبَاطٌ وَهُوَ لُزُومُ ثَغْرِ الْجِهَادِ وَلَوْ سَاعَةً وَتَمَامُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَأَفْضَلُهُ بِأَشَدِّ خَوْفٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مُقَامٍ بِمَكَّةَ وَالصَّلَاةُ بِهَا أَفْضَلُ

_ قوله: (وغزو البحر) الغزو: قصد العدو في دارهم. قوله: (غير الدين) أي: وغير مظالم العباد، كقتل، عند الشيخ. قوله: (مع كل بر وفاجر) يقال: رجل بار وبر: إذا كان ذا نفع وخير ومعروف، ومن أسمائه تعالى: البر. وأما الفاجر: فالرجل المنبعث في المعاصي. كما في "المطلع" عن صاحب "المطالع". قوله: (لا مخذل) أي: لا مع مخذل ونحوه، فلا يكون الأمير كذلك، لفوات المقصود. قوله: (ونحوه) كمعروف بهزيمة. قوله: (ويقدم أقواهما) ولو عرف بمعصية. قوله: (وسن رباط) أصل الرباط من: ربط الخيل؛ لأن كلا من الفريقين يربطون خيلهم مستعدين لعدوهم. "مطلع". قوله: (وهو) أي: لغة الحبس، وعرفاً: ما ذكره المصنف. قوله: (وهو أفضل من مقام بمكة) إجماعا. ذكره التقي.

وَكُرِهَ نَقْلُ أَهْلِهِ إلَى مَخُوفٍ وَإِلَّا فَلَا كَأَهْلِ الثَّغْرِ وعَلَى عَاجِزٍ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ كُفْرٍ أَوْ بِدَعٍ مُضِلَّةٍ الْهِجْرَةُ إنْ قَدَرَ وَلَوْ فِي عِدَّةٍ بِلَا رَاحِلَةٍ ومَحْرَمٍ وَسُنَّ لِقَادِرٍ وَلَا يَتَطَوَّعُ بِهِ مَدِينُ آدَمِيٍّ لَا وَفَاءً لَهُ إلَّا مَعَ إذْنِ أَوْ مَعَ رَهْنٍ مُحْرَزٍ أَوْ مَعَ كَفِيلٍ مَلِيءٍ وَلَا مَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ حُرٌّ مُسْلِمٌ إلَّا بِإِذْنِهِ لَا جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَلَا فِي سَفَرٍ لِوَاجِبٍ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ فِرَارٌ مِنْ مِثْلَيْهِمْ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ مَعَ ظَنِّ تَلَفٍ إلَّا مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إلَى فِئَةٍ وَإِنْ بَعُدَتْ وَإِنْ زَادُوا فَلَهُمْ الْفِرَارُ وَهُوَ مَعَ ظَنِّ تَلَفٍ أَوْلَى وَسُنَّ الثَّبَاتُ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ التَّلَفِ

_ قوله: (كأهل الثغر) أي: ولو مخوفاً. قوله: (وسنت لقادر) ولا تجب هجرة من بين أهل المعاصي. قوله: (مدين آدمي) أي: ولو مؤجلاً. قوله: (إلا متحرفين ... إلخ) التحرف: أن ينصرفوا من ضيق إلى سعة، أو من

والْقِتَالُ مَعَ ظَنِّهِ فِيهِمَا أَوْلَى مِنْ الْفِرَارِ وَالْأَسْرِ وَإِنْ وَقَعَ فِي مَرْكَبِهِمْ نَارٌ فَعَلُوا مَا يَرَوْنَ السَّلَامَةَ فِيهِ مِنْ مُقَامٍ وَوُقُوعٍ فِي الْمَاءِ أَوْ تَيَقَّنُوا التَّلَفَ فِيهِمَا أَوْ ظَنُّوا السَّلَامَةَ فِيهِمَا ظَنًّا مُتَسَاوِيًا، خُيِّرُوا فصل يجوز تبييت كفار وَلَوْ قَتَلَ بِلَا قَصْدٍ مَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ ورَمْيُهُمْ بِمَنْجَنِيقٍ وبِنَارٍ، وقَطْعُ سَابِلَةٍ ومَاءٍ فَتَحَهُ لِيُغْرِقَهُمْ، وهَدْمُ عَامِرِهِمْ

_ سفل إلى علو، أو من مكان منكشف إلى مستتر، ونحو ذلك. والتحيز: أن ينضموا إلى جماعة يقاتلون معهم. قوله: (فيهما) أي: الفرار والثبات. قوله: (من مقام) هو بضم الميم: الإقامة، وبفتحها: القيام، تقول: أقام مقاماً، أي: بالضم، وقام مقاماً، أي: بالفتح. ذكره في "المطلع". ووجهه: أن المفعل بفتح الميم قياس في مصدر الثلاثي إلا المثال، كالمضرب والمشرب بخلاف الموعد، فإنه بالكسر، وأما المصدر الميمي من غير الثلاثي المجرد، فإنه على صيغة اسم المفعول كالمكرم، ذو المقام بضم الميم فيهما بمعنى الإكرام والإقامة. قوله: (وقطع سابلة) أي: طريق. قوله: (ليغرقهم) يعني: ولو تضمن

وأَخْذُ شَهْدٍ بِحَيْثُ لَا يُتْرَكُ لِلنَّحْلِ مِنْهُ شَيْء لَا حَرْقُهُ أَوْ تَغْرِيقُهُ وَلَا تَحْرِقَنَّ نَحْلًا وَلَا تُغْرِقَنَّهُ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ إلَّا لِحَاجَةِ أَكْلٍ وَلَا إتْلَافُ شَجَرٍ، أَوْ زَرْعٍ يَضُرُّ بِنَا وَلَا قَتْلُ صَبِيٍّ وَلَا أُنْثَى وَلَا خُنْثَى، وَلَا رَاهِبٍ، وَلَا شَيْخٍ فَانٍ، وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى. لَا رَأْيَ لَهُمْ وَلَمْ يُقَاتِلُوا، أَوْ يُحَرِّضُوا وَإِنْ تُتُرِّسَ بِهِمْ رُمُوا بِقَصْدِ الْمُقَاتَلَةِ وبِمُسْلِمٍ إلَّا إنْ خِيفَ عَلَيْنَا وَيُقْصَدُ الْكَافِرُ بِالرَّمْيِ دُونَ الْمُسْلِمِ وَيَجِبُ إتْلَافُ كُتُبِهِمْ الْمُبَدَّلَةِ وَكُرِهَ لَنَا نَقْلُ رَأْسِ ورَمْيُهُ بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ وَحَرُمَ أَخْذُ مَالٍ مِنْهُمْ لِنَدْفَعَهُ إلَيْهِمْ

_ قتل نحو صبي. قوله: (لا حرقه) الحرق اسم مصدر أحرقه إحراقاً وحرقه تحريقاً. قوله: (ولو لغير قتال) أي: كبقر. قوله: (ولا قتل صبي وأنثى ... إلخ) ظاهره: أنه يقتل غير من سماهم، كالقن والفلاح، قال في "الإنصاف": وهو المذهب، خلافاً لـ "المغني" و "الشرح"، ويقتل مريض لو كان صحيحا قاتل، لا ميئوسا منه، كزمن. انتهى باختصار. قوله: (وراهب) هو اسم فاعل من رهب: إذا خاف، وهو مختص بالنصارى كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا وترك ملاذها، والزهد فيها والعزلة عن أهلها، وتحمل مشاقها. "مطلع". قوله: (وإن تترس) أي: تستر كالترس.

وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا وَقَدَرَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ وَلَوْ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِمَرِيضٍ حَرُمَ قَتْلُهُ قَبْلَهُ وأَسِيرٍ غَيْرِهِ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا وَيُخَيَّرُ إمَامٌ فِي أَسِيرٍ حُرٍّ مُقَاتِلٍ بَيْنَ قَتْلٍ ورِقٍّ ووَ فِدَاءٍ بِمَالٍ وَيَجِبُ اخْتِيَارُ الْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ فَقَتْلُ أَوْلَى وَمَنْ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا يُقْتَلَ كَأَعْمَى وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَنَحْوِهِمْ كَخُنْثَى رَقِيقٍ بِسَبْيٍ وَعَلَى قَاتِلِهِمْ غُرْمُ الثَّمَنِ غَنِيمَةً والْعُقُوبَةُ وَالْقِنُّ غَنِيمَةً وَيُقْتَلُ لِمَصْلَحَةٍ وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ مَنْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ جِزْيَةٌ أَوْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِمُسْلِمٍ

_ قوله: (وأسير غيره) يعني: كأسير نفسه. قوله: (إلا أن يكون ... إلخ) يعني: أنه إذا قتل أسيره أو أسير غيره في حالة لا يجوز قتله فيها؛ بأن كان متمكناً من إتيان الإمام به، فإنه إن كان الأسير صغيرا أو امرأة، غرم قيمته للمغنم، لأنه صار غنيمة بنفس السبي، بخلاف الحر المقاتل. قوله: (ورق) أي: اتخاذه رقيقاً. قوله: (ومن) أي: إطلاقه بغير شيء. قوله: (وفداء) الفداء: إبدال الأسير بما ذكر المصنف. وإذا كسر أوله، يمد ويقصر، وإذا فتح، قصر لا غير. قوله: (لمسلم) أي: أو ذمي، كقود له أو عليه، وفي "البلغة": يتبع به بعد عتقه إلا أن يغنم بعد استرقاقه، فيقضي منه دينه، فيكون رقه

وَلَا يُبْطِلُ اسْتِرْقَاقٌ حَقًّا لِمُسْلِمٍ وَيَتَعَيَّنُ رِقٌّ بِإِسْلَامِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رِقِّهِ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فيَجُوزُ الْفِدَاءِ لِيَتَخَلَّص مِنْ الرِّقِّ وَيَحْرُمُ رَدُّهُ إلَى الْكُفَّارِ وَإِنْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ قُبِلَتْ جَوَازًا وَلَمْ تُسْتَرَقَّ مِنْهُمْ زَوْجَةٌ وَلَا وَلَدٌ بَالِغٌ وَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَسْرِهِ وَلَوْ لِخَوْفٍ. فَكَأَصْلِيٍّ

_ كموته، وعليه يخرج حلوله برقه، وإن أسر وأخذ ماله معاً، فالكل للغانمين، والدين باق في ذمته. انتهى. قوله: (ويحرم رده إلى الكفار) وقال الموفق: إلا أن يكون له من يمنعه من الكفار من عشيرة أو نحوها. قوله: (وإن بذلوا ... إلخ) أي: الأسرى الذين تقبل منهم الجزية. قوله: (ولم تسترق زوجة) لأنها تبع لزوجها، والولد البالغ داخل فيهم.

فصل والمسبي غير بالغ منفردا أَوْ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ ومَعَهُمَا عَلَى دِينِهِمَا وَمَسْبِيٌّ ذِمِّيٌّ يَتْبَعُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ عُدِمَ أَحَدُ أَبَوَيْ غَيْرِ بَالِغٍ بِدَارِنَا أَوْ اُشْتُبِهَ وَلَدُ مُسْلِمٍ بِوَلَدِ كَافِرٍ أَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا فمُسْلِمٌ وَإِنْ بَلَغَ عَاقِلًا مُمْسِكًا عَنْ إسْلَامٍ وَعَنْ كُفْرٍ قُتِلَ قَاتِلُهُ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجَةِ حَرْبِيٍّ بِسَبْيٍ لَا مَعَهُ وَلَوْ اُسْتُرِقَّا وَتَحِلُّ لِسَابِيهَا وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مُسْتَرَقٍّ مِنْهُمْ الْكَافِرُ وَلَا مُفَادَاتُهُ بِمَالٍ وَتَجُوزُ بِمُسْلِمٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ ذَوِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إلَّا بِعِتْقٍ أَوْ افْتِدَاءِ أَسِيرٍ أَوْ بَيْعٍ

_ قوله: (أو عدم ... إلخ) كأن زنت كافرة ولو بكافر بدارنا، فمسلم. قوله: (وإن بلغ ... إلخ) أي: من قلنا بإسلامه ممن تقدم. قوله: (بسبي) أي: لسبي لها وحدها لا سبيه وحده، وله زوجة بدار حرب، فنكاحه باق. قوله: (وتحل ... إلخ) يعني: مسبية وحدها. قوله: (ولا يصح بيع مسترق) يعني ولو كافراً. قوله: (أو افتداء أسير) أي: مسلم بكافر ذي رحم، فيقرق بينه وبين رحمه للحاجة.

فِيمَا إذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَمَنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ عَدَدًا فِي عَقْدٍ يَظُنُّ أَنَّ بَيْنَهُمْ أُخُوَّةً أَوْ نَحْوَهَا فَتَبَيَّنَ عَدَمُهَا رُدَّ إلَى الْمُقَسِّمِ الْفَضْلُ الَّذِي فِيهِ بِالتَّفْرِيقِ وَإِذَا حَضَرَ إمَامٌ حِصْنًا لَزِمَهُ الْأَصْلَحِ مِنْ مُصَابَرَتِهِ ومُوَادَعَتِهِ بِمَالٍ وهُدْنَةٍ بِشَرْطِهَا وَيَجِبَانِ إنْ سَأَلُوهُمَا وَثَمَّ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ قَالُوا ارْحَلُوا عَنَّا وَإِلَّا قَتَلْنَا أَسْرَاكُمْ فَلْيَرْحَلُوا وَيُحْرَزُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ دَمُهُ وَمَالُهُ حَيْثُ كَانَ وَلَوْ مَنْفَعَةَ إجَارَةٍ وأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ وَحَمْلَ امْرَأَتِهِ لَا وَهِيَ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ بِرِقِّهَا

_ قوله: (فيما إذا ملك أختين) يعني: وطيء إحداهما ثم أراد الأخرى. قوله: (بالتفرق) هذا إذا فات المبيع، فإن كان بيد مشتر، فلبائع الفسخ. قوله: (من مصابرته) المصابرة: مفاعلة من الصبر، والمراد: ملازمته. والموادعة: المسالمة والمتاركة، يدع كل واحد منهما صاحبه. "مطلع". قوله: (وهدنة) أي: بلا مال. قوله: (فليرحلوا) أي: وجوباً. قوله: (حيث كان) يعني: في الحصن أو خارجه.

وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ مُسْلِمٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ عَدْلٍ مُجْتَهِدٍ فِي الْجِهَادِ وَلَوْ أَعْمَى أَوْ مُتَعَدِّدًا جَازَ وَيَلْزَمُهُ الْحُكْمُ بِالْأَحَظِّ لَنَا وَيَلْزَمُ حَتَّى بِمَنٍّ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ بِرِقِّهِ وَلَا رِقُّ مَنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ وَلَا رِقُّ وَلَا قَتْلُ مَنْ حَكَمَ بِفِدَائِهِ وَلَهُ الْمَنُّ مُطْلَقًا وقَبُولُ فِدَاءٍ مِمَّنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ أَوْ رِقِّهِ وَإِنْ أَسْلَمَ مَنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ أَوْ سَبْيِهِ عُصِمَ دَمُهُ فَقَطْ وَلَا يُسْتَرَقُّ وَإِنْ سَأَلُوا أَنْ يُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَزِمَهُ أَنْ يُنْزِلَهُمْ، وَيُخَيَّرَ فِيهِمْ كَأَسْرَى وَلَوْ كَانَ بِهِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فَبَذَلَهَا لِعَقْدِ الذِّمَّةِ عُقِدَتْ مَجَّانًا: وَحَرُمَ رِقُّهُ وَلَوْ خَرَجَ عَبْدٌ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ نَزَلَ مِنْ حِصْنٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ جَاءَنَا مُسْلِمًا أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَالْكُلُّ لَهُ

_ قوله: (وله) أي: الإمام. قوله: (مطلقا) أي: على من حكم بقتله أو رقه أو فدائه. قوله: (فقط) أي: دون ماله وذريته. قوله: (كأسرى) لأنه حكم الله تعالى. قوله: (عقدت ... إلخ) أي: عقدت له الذمة بمعنى الأمان.

وَإِنْ أَقَامَ بِدَارِ حَرْبٍ فَهُوَ رَقِيقٌ وَلَوْ جَاءَ مَوْلَاهُ مُسْلِمًا بَعْدَهُ لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ وَلَوْ جَاءَ مَوْلَاهُ قَبْلَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ جَاءَ هُوَ مُسْلِمًا فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِقِنٍّ غَنِيمَةٌ فَلَوْ هَرَبَ الْقِنُّ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ جَاءَ بِمَالٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَالْمَالُ لَنَا

_ قوله: (وإن أقام بدار حرب) أي: العبد المسلم. قوله: (ولو جاء قبله) أي: مولاه. قوله: (ثم جاء هو) أي: العبد. قوله: (فهو) أي: القن.

باب ما يلزم الإمام والجيش

باب ما يلزم الإمام والْجَيْشَ يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الطَّاعَاتِ وأَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ وعَلَى إمَامٍ عِنْدَ الْمَسِيرِ تَعَاهُدُ الرِّجَالِ وَالْخَيْلِ ومَنْعُ مَا لَا يَصْلُحُ لِحَرْبٍ ومُخَذِّلٍ ومُرْجِفٍ ومُكَاتِبِ بِأَخْبَارِنَا ومَعْرُوفٍ بِنِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ ورَامٍ بَيْنَنَا بِفِتَنٍ وصَبِيٍّ ونِسَاءٍ إلَّا عَجُوزًا لِسَقْيِ وَنَحْوِهِ وَتَحْرُمُ اسْتِعَانَةٌ بِكَافِرٍ فِي غَزْوٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ وبِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِي شَيْء مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وإعَانَتُهُمْ إلَّا خَوْفًا

_ قوله: (الإمام) أي: أو أميره عند مسيره إلى الغزو، وفي دار الحرب. قوله: (كل أحد) أي: من إمام ورعيته. قوله: (في الطاعات) يعني: كلها من جهاد وغيره. قوله: (وأن يجتهد) أي: يبذل وسعه. قوله: (ونحوه) كمعالجة الجرحى، أي: وإلا امرأة الأمير لحاجته. قوله: (وبأهل الأهواء) كالرافضة. قوله: (من أمور المسلمين) من غزو، وعمالة، وكتابة، وغير ذلك، لأنهم أعظم ضررا؛ لكونهم دعاة بخلاف اليهود والنصارى. قوله: (وإعانتهم) أي: على عدوهم، والمراد: عدو من جنسهم لا منا، وإلا فتجتمع على قتالهم.

وَيَسِيرُ بِرِفْقٍ إلَّا لِأَمْرٍ يَحْدُثُ وَيُعِدُّ لَهُمْ الزَّادَ وَيُحَدِّثُهُمْ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ وَيُعَرِّفُ عَلَيْهِمْ الْعُرَفَاءَ وَيَعْقِدُ لَهُمْ الْأَلْوِيَةَ. وَهِيَ الْعِصَابَةُ تُعْقَدُ عَلَى قَنَاةٍ وَنَحْوِهَا والرَّايَاتُ وَهِيَ أَعْلَامٌ مُرَبَّعَةٌ وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شِعَارًا يَتَدَاعُونَ بِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ وَيَتَخَيَّرُ الْمَنَازِلَ وَيَحْفَظُ مَكَامِنَهَا وَيَتَعَرَّفُ حَالَ الْعَدُوِّ بِبَعْثِ الْعُيُونِ وَيَمْنَعُ جَيْشَهُ مِنْ مُحَرَّمٍ وتَشَاغُلٍ بِتِجَارَةٍ وَيَعِدُ الصَّابِرَ فِي الْقِتَالِ بِأَجْرٍ وَنَفْلٍ وَيُشَاوِرُ ذَا رَأْيٍ وَيَصُفُّهُمْ وَيَجْعَلُ فِي كُلِّ جَنَبَةِ كُفْؤًا وَلَا يَمِيلُ مَعَ قَرِيبِهِ، وذِي مَذْهَبِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ مَعْلُومًا مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ مَجْهُولًا لِمَنْ يَعْمَلُ مَا فِيهِ غَنَاءٌ أَوْ يَدُلُّ عَلَى طَرِيقٍ أَوْ عَلَى قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ وَنَحْوِهِ بِشَرْطِ أَنْ

_ قوله: (العرفاء) جمع عريف، وهو القائم بأمر القبيلة أو الجماعة من الناس، كالمقدم عليهم، ينظر في حالهم ويتفقدهم، ويتعرف الأمير منه أحوالهم. قوله: (الألوية) أي: البيض، كما في "الإقناع". قوله: (عند الحرب) كأمت أمت وحم لا ينصرون. قوله: (في كل جنبة) أي: ناحية. قوله: (كفؤاً) أي: من يقوم بأمرها كما ينبغي. قوله: (غناء) بفتح الغين

لا يُجَاوِزَ ثُلُثَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ وأن يعطي ذَلِكَ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ جَعَلَ الْأَمِيرُ لَهُ جَارِيَةً مِنْهُمْ فَمَاتَتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَهِيَ أَمَةٌ أَخَذَهَا كَحُرَّةٍ أَسْلَمَتْ بَعْدَ فَتْحٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا فقِيمَتُهَا كَحُرَّةٍ أَسْلَمَتْ قَبْلَ فَتْحٍ وَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا وَلَمْ يَشْتَرِطُوهَا وَأَبَوْهَا وَأَبَى أَخْذُ الْقِيمَةِ فُسِخَ وَلِأَمِيرٍ فِي بَدَاءَةِ أَنْ يُنْفِلَ الرُّبْعَ فَأَقَلَّ بَعْدَ الْخُمْسِ. ويُنْفِلَ فِي رَجْعَةٍ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بَعْدَهُ وذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ وَإِذَا رَجَعَ بَعَثَ أُخْرَى فَمَا أَتَتْ أَخْرَجَ خُمْسَهُ وَأَعْطَى السَّرِيَّةَ مَا وَجَبَ لَهَا

_ المعجمة والمد، أي: كفاية ونفع. قوله: (أخذها) أي: مطلقا أسلمت قبل الفتح أو بعده. قوله: (قيمتها) وظاهره: لا ترد إليه لو أسلم بعد أخذ القيمة. قاله في "الإنصاف". قوله: (وأبوها) أي: إن كانت أمة. قوله: (أن ينفل ... إلخ) يقال: أنفلت الرجل ونفلته بالألف، والتثقيل: وهبت له النفل وغيره، وهو عطية لا يراد

بِجُعْلِهِ وَقَسَّمَ الْبَاقِيَ فِي الْكُلِّ فصل ويلزم الجيش الصبر والنصح والطاعة فَلَوْ أَمَرَهُمْ الْأَمِيرُ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً وَقْتَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ فَأَبَوْا عَصَوْا وَحَرُمَ بِلَا إذْنِهِ حَدَثٌ كَتَعَلُّفٍ وَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِمَا وتَعْجِيلٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ بِمَوْضِعٍ عِلْمِهِ مَخُوفًا وَكَذَا بِرَازٌ فَلَوْ طَلَبَهُ كَافِرٌ سُنَّ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ كُفْءٌ لَهُ بِرَازُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ خَصْمِهِ لَزِمَ

_ ثوابها، والنفل: الغنيمة. قال: إن تقوى ربنا خير نفل أي: خير غنيمة، وجمعه أنفال، كسبب وأسباب. "مصباح". قوله: (بجعله) ولعله يقسم بينها، كغنيمة على عدد رؤوسهم. قوله: (وحرم بلا إذنه حدث ... إلخ) أي: إحداث فعل مما سيأتي. قوله: (وكذا براز) بكسر الباء: مصدر بارز برازاً ومبارزة، إذا برز لخصم من العدو. وبالفتح: اسم للفضاء الواسع. "مطلع".

فَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ أَوْ ثَخُنَ فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ عَنْهُ وَالرَّمْيُ وَإِنْ قَتَلَهُ أَوْ أَثْخَنَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ وَكَذَا مَنْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا أَوْ صَبِيًّا بِإِذْنِ لَا مُخَذِّلًا وَمُرْجِفًا. وَكُلَّ عَاصٍ حَالَ الْحَرْبِ فَقَتَلَ أَوْ أَثْخَنَ كَافِرًا مُمْتَنِعًا لَا مُشْتَغِلًا بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ وَلَا مُنْهَزِمًا وَلَوْ شَرَطَ لِغَيْرِهِ وَكَذَا لَوْ قَطَعَ أَرْبَعَتَهُ وإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ أَسَرَهُ إنْسَانٌ فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ فأَوْ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ فغَنِيمَةٌ وَالسَّلَبُ مَا عَلَيْهِ مِنْ ثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَسِلَاحٍ وَدَابَّتِهِ الَّتِي قَاتَلَ عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا فَأَمَّا نَفَقَتُهُ وَرَحْلُهُ وَخَيْمَتُهُ وَجَنِيبُهُ فغَنِيمَةٌ وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ فِي الْقِتَالِ عَلَى أَنْفِهِ لَا لُبْسُ عِمَامَةٍ كَرِيشِ نَعَامٍ

_ قوله: (أو أثخنه) أي: أوهنه. قوله: (وكل عاص) كرام بفتن. قوله: (حال حرب) متعلق بـ (غرر). قوله: (أربعته) أي: يديه ورجليه، ولو قتله آخر.

فصل ويحرم غزو بلا إذن الأمير إلَّا أَنْ يُفَاجِئَهُمْ عَدُوٌّ يَخَافُونَ كَلَبَهُ أَوْ وَاحِدٌ وَلَوْ عَبْدًا دَارَ حَرْبٍ بِلَا إذْنٍ فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٌ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ رِكَازًا أَوْ مُبَاحًا لَهُ قِيمَةٌ فِي مَكَانِهِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وطَعَامًا وَلَوْ سُكَّرًا وَنَحْوَهُ أَوْ عَلَفًا وَلَوْ بِلَا إذْنِ وحَاجَةٍ فَلَهُ أَكْلُهُ. وَلَهُ إطْعَامُ سَبْيٍ اشْتَرَاهُ وَنَحْوِهِ ولَا لِصَيْدٍ وَيَرُدُّ فَاضِلًا وَلَوْ يَسِيرًا وثَمَنَ مَا بَاعَ وَيَجُوزُ الْقِتَالُ بِسِلَاحٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَيَرُدُّهُ لَا عَلَى فَرَسٍ وَلَا لُبْسُ ثَوْبٍ مِنْهَا وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ مُطْلَقًا مِمَّا أُحْرِزَ وَلَا التَّضْحِيَةُ بِشَيْءٍ فِيهِ الْخُمْسُ وَلَهُ لِحَاجَةٍ ; دَهْنُ بَدَنِهِ وَدَهْنُ دَابَّتِهِ وشُرْبُ شَرَابٍ وَمَنْ أَخَذَ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَزَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالْفَاضِلُ لَهُ وَإِلَّا فالْغَزْوِ وَإِنْ أَخَذَ دَابَّةً غَيْرَ عَارِيَّةٍ وَلَا حَبِيسٍ لِغَزْوٍ عَلَيْهَا مَلَكَهَا بِهِ وَمِثْلُهَا سِلَاحٌ وَغَيْرُهُ

_ قوله: (لا لصيد) كجارح فلا يطعمه. قوله: (فاضلا) من طعام أو علف. قوله: (من الغنيمة) ولو بلا حاجة. قوله: (مطلقاً) أي: من طعام أو غيره في دار إسلام أو حرب. قوله: (شراب) كجلاب وسكنجبين.

باب قسمة الغنيمة

باب قسمة الغنيمة وَهِيَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ قَهْرًا بِقِتَالٍ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَيَمْلِكُ أَهْلُ حَرْبٍ مَا لَنَا بِقَهْرٍ وَلَوْ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ حَتَّى مَا شَرَدَ أَوْ أَبِقَ أَوْ أَلْقَتْهُ رِيحٌ إلَيْهِمْ مِنْ سُفُنِنَا، وَحَتَّى أُمَّ وَلَدٍ لَا وَقْفًا وَيُعْمَلُ بِوَسْمٍ عَلَى حَبِيسٍ كَقَوْلِ مَأْسُورٍ هُوَ مِلْكُ فُلَانٍ وَلَا حُرًّا وَلَوْ ذِمِّيًّا

_ باب قسمة الغنيمة بمعنى مغنومة. قوله: (وما ألحق به) أي: بالمأخوذ بقتال، كفدية الأسرى، وهدية حربي لأمير جيش أو غيره بدار حرب، وما أخذ من مباحها بقوة الجيش. قوله: (مالنا) حتى عبدا مسلما كما سيأتي، فلا ينفذ فيه عتق. قوله: (بقهر) وظاهره: ولو قبل الحيازة إلى دارهم، وجزم به في "الإقناع". قوله: (أو ألقته ريح إليهم) يعني: من سفننا. قوله: (وأم ولد) أي: ومكاتب ومن أسلم منهم وبيده شيء من ذلك، فهو له نصا، ولعل مثله ما إذا دخلوا إلينا بأمان ومعهم شيء من ذلك، فلا يتعرض لهم فتدبر. قوله: (على حبيس) أي: وما عليه علامة المسلمين، من مراكب أو غيرها، ولم يعرف صاحبها، قسم، وجاز التصرف فيه. قوله: (كقول مأسور) يعني: من كفار. قوله: (هو ملك فلان) يعني: فيرد إليه. قوله: (ولا حراً) أي: ولا يملكون حراً ... إلخ. قوله: (ولو ذمياً) ومتى قدر عليه، رد إلى ذمته ولم يسترق.

وَيَلْزَمُ فِدَاؤُهُ لَا فِدَاءُ بِخَيْلٍ، وسِلَاحٍ ومُكَاتَبٍ، وأُمِّ وَلَدٍ وَيَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُ أَمَةٍ لَا حُرَّةٍ وَإِنْ أَخَذْنَاهَا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ رُدَّتْ حُرَّةً لِزَوْجٍ ولِسَيِّدٍ وَيَلْزَمُ سَيِّدًا أَخْذُهَا وَبَعْدَ قِسْمَةٍ بِثَمَنِهَا وَوَلَدُهُمَا مِنْهُمْ كَوَلَدِ زِنًا وَإِنْ أَبَى الْإِسْلَامَ ضُرِبَ وَحُبِسَ حَتَّى يُسْلِمَ وَلِمُشْتَرٍ أَسِيرًا رُجُوعٌ بِثَمَنِهِ بِنِيَّةِ وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُمْ مَالُ مُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهَدٍ مَجَّانًا فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَجَّانًا وبِشِرَاءٍ، أَوْ بَعْدَ قَسْمِهِ بِثَمَنِهِ وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ آخِذُهُ أَوْ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ

_ قوله: (وسلاح) لأنه إعانة علينا. قوله: (ومكاتب وأم ولد) أي: ولو كافرين، لانعقاد سبب الحرية فيهما. قوله: (وينفسخ به) أي: باستيلائهم. قوله: (وإن أخذناها) أي: الحرة. قوله: (ويلزم سيداً أخذها) أي: قبل قسمة مجاناً. قوله: (بثمنها) أي: ولا يتركها. قوله: (كولد زنا) هذا واضح في الحرة، لعدم ملكهم إياها دون أم الولد. قوله: (حتى يسلم) لأنه مسلم تبعا لأمه، فلا يقر على الكفر. قوله: (رجوع) يعني: على الأسير. قوله: (بنيته) يعني: والقول في قدره قول الأسير، لأنه غارم. قوله: (أو معاهد) يعني: ذمي أو غيره. قوله: (ولربه أخذه) أي: قبل قسمة. قوله: (ولو باعه) أي: مال من ذكر. قال ابن رجب: والأظهر وجزم به في "الإقناع" أن المطالبة

لَزِمَ وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ كَمَا سَبَقَ مِنْ آخَرَ مُشْتَرٍ وَآخَرَ مُتَّهِبٍ وَتَمَلَّكَ غَنِيمَةً بِاسْتِيلَاءٍ وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ كَعِتْقِ عَبْدِ حَرْبِيٍّ وَإِبَانَةِ زَوْجَةِ حَرْبِيٍّ أَسْلَمَا وَلَحِقَا بِنَا وَتَجُوزُ قِسْمَتُهَا فِيهَا وبَيْعُهَا فَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ بِمَكَانِهَا فَأَخَذَهَا مِنْ مُشْتَرٍ فَهِيَ مِنْ مَالِهِ وَشِرَاءُ الْأَمِيرِ لِنَفْسِهِ مِنْهَا إنْ وَكَّلَ مَنْ جَهِلَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ صَحَّ وَإِلَّا حَرُمَ

_ تمنع التصرف، كالشفعة. انتهى. وعلم من كلامه: أنه لا يأخذ ما وقف أو أعتق. قوله: (لزم) أي: لزم تصرفه. قوله: (كما سبق) أي: مجانا أو بثمنه. قوله: (وإبانة زوجة ... إلخ) هذا على قول، والمذهب: أنها لا تبين بذلك، كما يأتي. قوله: (ولحقا بنا) أي: بدار حرب. قوله: (فمن ماله) أي: فرط أو لا. قوله: (وشراء الأمير ... إلخ) يعني: وولده. قوله: (منها) أي: من الغنيمة حصة أحدهم المعلومة قبل القسمة. قوله: (وإلا حرم) أي: ولم يصح، ونحو ابن الأمير مثله.

فصل وتضم غنيمة سرايا الجيش إلى غنيمته وَيَبْدَأُ فِي قَسْمٍ بِدَفْعِ سَلَبٍ ثُمَّ بِأُجْرَةِ جَمْعِ وَحَمْلِ وَحِفْظِ وجُعْلِ مَنْ دَلَّ عَلَى مَصْلَحَةٍ ثُمَّ يُخَمِّسُ الْبَاقِيَ ثُمَّ خُمُسَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْرِفُهُ كَالْفَيْءِ وَكَانَ قَدْ خُصَّ مِنْ الْمَغْنَمِ بِالصَّفِيِّ، وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ قِسْمَةِ كَجَارِيَةٍ وَثَوْبٍ وَسَيْفٍ وَسَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ حَيْثُ كَانُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ وَسَهْمٌ لِفُقَرَاءِ الْيَتَامَى. وَهُمْ مَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، فَيُعْطَوْنَ كَزَكَاةٍ بِشَرْطِ إسْلَامِ الْكُلِّ

_ قوله: (وجعل من دل ... إلخ) قال منصور البهوتي: هذا من النفل، فحقه أن يكون الخمس، كما يعلم مما تقدم ويأتي. قوله: (وبنو المطلب) يعني: بني عبد مناف. قوله: (وسهم للمساكين) أي: أهل الحاجة، فيدخل فيهم الفقراء.

وَيَعُمُّ مَنْ بِجَمِيعِ الْبِلَادِ حَسَبَ الطَّاقَةِ رُدَّ فِي كُرَاعٍ وسِلَاحٍ وَمَنْ فِيهِ سَبَبَانِ فَأَكْثَرَ أَخَذَ بِهَا ثُمَّ بِنَفَلٍ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى السَّهْمِ لِمَصْلَحَةٍ وَيَرْضَخُ لِمُمَيِّزٍ وَقِنٍّ وَخُنْثَى وَامْرَأَةٍ عَلَى مَا يَرَاهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ بِهِ لِرَاجِلٍ سَهْمَ الرَّاجِلِ وَلَا لِفَارِسٍ سَهْمَ الْفَارِسِ وَلِمُبَعَّضٍ بِالْحِسَابِ مِنْ رَضْخٍ وَإِسْهَامٍ وَإِنْ غَزَا قِنٌّ عَلَى فَرَسِ سَيِّدِهِ رَضَخَ لَهُ وَقَسَمَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ سَيِّدِهِ فَرَسَانِ ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ لِقَصْدِ قِتَالٍ أَوْ بَعْثٍ فِي سَرِيَّةٍ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ كَرَسُولٍ وَدَلِيلٍ وَجَاسُوسٍ وَلِمَنْ خَلَّفَهُ الْأَمِيرُ بِبِلَادِ الْعَدُوِّ وَغَزَا وَلَمْ يَمُرَّ الْأَمِيرُ بِهِ فَرَجَعَ وَلَوْ مَعَ مَنْعِ غَرِيمٍ لَهُ أَوْ مَنْعِ أَبٍ لَا لِمَنْ لَا يُمْكِنُهُ قِتَالٌ وَلَا لِدَابَّةٍ لَا يُمْكِنُهُ عَلَيْهَا لِمَرَضٍ لَا لِمُخَذِّلٍ وَمُرْجِفٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ وَقَاتَلَ لَا يَرْضَخُ لَهُ ولَا لِمَنْ نَهَاهُ الْأَمِيرُ أَنْ يَحْضُرَ وكَافِرٍ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ وَعَبْدٍ لَمْ يَأْذَنْ

_ قوله: (في كراع) أي: خيل. قوله: (وسلاح) يعني في سبيل الله تعالى. قوله: (ورضخ) الرضخ: العطاء دون سهم لمن لا سهم له.

سَيِّدُهُ وَطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ وَمَنْ فَرَّ مِنْ اثْنَيْنِ. لِلرَّاجِلِ وَلَوْ كَافِرًا سَهْمٌ. وَلِلْفَارِسِ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيٍّ وَيُسَمَّى الْعَتِيقُ ثَلَاثَةُ وعَلَى فَرَسٍ هَجِينٍ وَهُوَ مَا أَبُوهُ فَقَطْ عَرَبِيٌّ، أَوْ مُقْرِفٍ عَكْسِ الْهَجِينِ أَوْ بِرْذَوْنٍ وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ نَبَطِيَّانِ سَهْمَانِ وَإِنْ غَزَا اثْنَانِ عَلَى فَرَسِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَسَهْمُهُ لَهُمَا وَسَهْمُ مَغْصُوبٍ لِمَالِكِهِ ومُعَارٍ وَمُسْتَأْجَرٍ وَحَبِيسٍ لِرَاكِبِهِ وَيُعْطِي نَفَقَةَ الْحَبِيسِ وَلَا يُسْهِمُ لِأَكْثَرِ مِنْ فَرَسَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْخَيْلِ فصل ومن أسقط حقه وَلَوْ مُفْلِسًا لَا سَفِيهًا فلِلْبَاقِي وَإِنْ أَسْقَطَ الْكُلُّ ففَيْءٌ وَإِذَا لَحِقَ مَدَدٌ أَوْ أَسِيرٌ أَوْ صَارَ الْفَارِسُ رَاجِلًا أَوْ عَكْسَهُ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ، وَجُعِلُوا كَمَنْ كَانَ فِيهَا كُلِّهَا كَذَلِكَ وَلَا قَسْمَ لِمَنْ مَاتَ أَوْ انْصَرَفَ أَوْ أُسِرَ قَبْلَ ذَلِكَ

_ قوله: (أو أسير) أي: انفلت.

وَيَحْرُمُ قَوْلُ الْإِمَامِ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا فِيمَا تَعَذَّرَ حَمْلُهُ وَتُرِكَ فَلَمْ يُشْتَرَ وَلِلْإِمَامِ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ، وإحْرَاقُهُ وَإِلَّا حَرُمَ وَيَصِحُّ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْغَانِمِينَ لِمَعْنًى فِيهِ وَيَخُصُّ الْإِمَامُ بِكَلْبٍ مَنْ شَاءَ وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَصُبُّ الْخَمْرَ وَلَا يَكْسِرُ الْإِنَاءَ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِلْجِهَادِ فَيُسْهِمُ لَهُ كَأَجِيرِ الْخِدْمَةِ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً مِنْهَا وَلَهُ فِيهَا حَقٌّ أَوْ لِوَلَدِهِ أُدِّبَ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدَّ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا إلَّا أَنْ تَلِدَ مِنْهُ فقِيمَتُهَا وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَإِنْ أَعْتَقَ قِنًّا أَوْ كَانَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ عَتَقَ قَدْرُ حَقِّهِ وَالْبَاقِي كَعِتْقِهِ شِقْصًا

_ قوله: (وإلا حرم) أي: بأن رغب في شرائه. قوله: (ويصح تفضيل) أي: يجوز. قوله: (وإن أعتق قنا، أو كان يعتق عليه ... إلخ) صورة المسألة الأولى: أن يكون في الغنيمة أرقاء؛ بأن يكون السبي أولاداً صغاراً مثلا أو بالغين، واختار الإمام رقهم، فقال بعض الغانمين لواحد من الأرقاء:

وَالْغَالُّ وَهُوَ مَنْ كَتَمَ مَا غَنِمَ أَوْ بَعْضَهُ لَا يَحْرُمُ سَهْمُهُ وَيَجِبُ حَرْقُ رَحْلِهِ كُلِّهِ وَقْتَ غُلُولِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إذَا كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا وَلَوْ أُنْثَى وَذِمِّيًّا إلَّا سِلَاحًا وَمُصْحَفًا وَحَيَوَانًا بِآلَتِهِ وَنَفَقَتَهُ وَكُتُبَ عِلْمٍ وَثِيَابَهُ الَّتِي عَلَيْهِ وَمَا لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ فَلَا وَهُوَ لَهُ وَيُعَزَّرُ وَلَا يُنْفَى وَيُؤْخَذُ مَا غَلَّ لِلْمَغْنَمِ فَإِنْ تَابَ بَعْدَ قَسْمٍ أَعْطَى الْإِمَامُ خُمُسَهُ وَتَصَدَّقَ بِبَقِيَّتِهِ وَمَا أُخِذَ مِنْ فِدْيَةِ أَوْ أُهْدِيَ لِلْأَمِيرِ أَوْ لِبَعْضِ قُوَّادِهِ أَوْ الْغَانِمِينَ بِدَارِ حَرْبٍ فَغَنِيمَةٌ وَمَا بِدَارِنَا فَلِمُهْدَى لَهُ

_ أعتقتك، فيعتق عليه نصيبه منه، والباقي إن كان موسرا بقيمته، عتق أيضاً، وإلا فلا. وصورة الثانية: أن يكون بين أحد من الغانمين وبين واحد من أرقا الغنيمة قرابة توجب العتق، كأخوة أو أبوة، فإن نصيب الغانم من قريبه يعتق عليه قهراً، وكذا باقيه إن كان موسراً بقيمته.

باب الأرضون المغنومة

باب الأرضون المغنومة الأرضون المغنومة ثَلَاثُ: عَنْوَةٌ وَهِيَ مَا أُجْلُوا عَنْهَا بِالسَّيْفِ وَيُخَيَّرُ إمَامٌ بَيْنَ قَسْمِهَا كَمَنْقُولٍ ووَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِلَفْظٍ يَحْصُلُ بِهِ وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجًا يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ الثَّانِيَةُ: مَا جَلَوْا عَنْهَا خَوْفًا مِنَّا وَحُكْمُهَا كَالْأُولَى الثَّالِثَةُ: الْمُصَالَحُ عَلَيْهَا، وَهِيَ نَوْعَانِ فَمَا صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا لَنَا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ فَهِيَ كَالْعَنْوَةِ فِي التَّخْيِيرِ وعَلَى أَنَّهَا لَهُمْ وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا فَهُوَ كَجِزْيَةٍ، إنْ أَسْلَمُوا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى مُسْلِمٍ سَقَطَ وَيُقَرُّونَ فِيهَا بِلَا جِزْيَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلُ وعَلَى إمَامٍ فِعْلُ الْأَصْلَحِ وَيُرْجَعُ فِي خَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ إلَى تَقْدِيرِهِ

_ قوله: (الثانية: ما جلوا عنها ... إلخ) وعنه: تصير وقفاً بنفس الاستيلاء، وجزم به في "الإقناع". قوله: (على أنها لنا) أي: نقرها معهم بالخراج. قوله: (فكالعنوة) خلافاً "للإقناع" في أنها تصير وقفاً بالاستيلاء. قوله: (فعل الأصلح) يعني: مع وقف أو قسمة.

وَوَضَعَ عُمَرُ - رضي الله عنه - عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ قِيلَ بِالْمَكِّيِّ وَقِيلَ بِالْعِرَاقِ وَهُوَ نِصْفُ الْمَكِّيِّ وَالْجَرِيبُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ فِي مِثْلِهَا وَالْقَصَبَةُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعٍ وَسَطٍ وَقَبْضَةٌ وَإِبْهَامٌ قَائِمَةً وَالْخَرَاجُ عَلَى أَرْضٍ لَهَا مَاءٌ تُسْقَى بِهِ وَلَوْ لَمْ تُزْرَعْ عَلَى مَا لَا يَنَالُهُ مَاءٌ وَلَوْ أَمْكَنَ زَرْعُهُ وَإِحْيَاؤُهُ وَلَمْ يَفْعَلْ وَمَا لَمْ يَنْبُتْ إلَّا عَامًا بَعْدَ عَامٍ فَنِصْفُ خَرَاجِهِ يُؤْخَذُ فِي كُلِّ عَامٍ وَهُوَ عَلَى الْمَالِكِ وكَالدَّيْنِ يُحْبَسُ بِهِ الْمُوسِرُ وَيُنْظَرُ بِهِ الْمُعْسِرُ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِهِ أُجْبِرَ عَلَى إجَارَتِهَا أَوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا وَيَجُوزُ أَنْ يُرْشِيَ الْعَامِلَ وَأَنْ يُهْدِيَ إلَيْهِ لِدَفْعِ ظُلْمٍ لَا لِيَدَعَ خَرَاجًا وَالْهَدِيَّةُ الدَّفْعُ ابْتِدَاءً وَالرِّشْوَةُ بَعْدَ طَلَبٍ وَأَخْذُهُمَا حَرُمَ وَلَا خَرَاجَ عَلَى مَسَاكِنَ مُطْلَقًا لَا مَزَارِعِ مَكَّةَ وَالْحَرَمُ كَهِيَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبِنَاءُ وَالِانْفِرَادُ بِهِ فِيهِمَا لَا تَفْرِقَةُ خَرَاجٍ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَمَصْرِفُهُ كَفَيْءٍ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي إسْقَاطِهِ عَمَّنْ لَهُ وَضْعُهُ فِيهِ جَازَ وَلَا يَحْتَسِبُ بِمَا ظُلِمَ فِي خَرَاجِهِ مِنْ عُشْرٍ

_ قوله: (ولا يحتسب بما ظلم ... إلخ) أي: إذا لم ينوه حال دفع.

باب الفيء

باب الفيء الفيء: مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ كُفَّارٍ بِحَقٍّ بِلَا قِتَالٍ كَجِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ وَعُشْرِ تِجَارَةٍ وَنِصْفِهِ وَمَا تُرِكَ فَزَعًا أَوْ عَنْ مَيِّتٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَمَصْرِفُهُ وخُمْسِ الْغَنِيمَةِ الْمَصَالِحُ وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ مِنْ سَدِّ ثَغْرٍ وَكِفَايَةِ أَهْلِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ مِنْ سَدِّ بَثْقٍ وكَرْيِ نَهْرٍ وعَمَلِ قَنْطَرَةٍ وَرِزْقِ قُضَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ

_ قوله: (من مال كافر) أي: غالبا. قوله: (بحق) خرج به ما أخذ ظلماً، كمال مستأمن. قوله: (بلا قتال) خرج به الغنيمة. قوله: (وعشر تجارة) أي: من حربي. قوله: (ونصفه) أي: من ذمي. قوله: (وما ترك) أي: من كفار. قوله: (أو عن ميت) أي: مسلم أو كافر. قوله: (من سد ثغر) أي: عمارته بمن فيه كفاءة، وهم أهل القوة من الرجال الذين لهم منعة. قوله: (وكفاية أهله) يعني: من نفقة وسلاح. قوله: (بثق) أي: خرق. قوله: (وكري نهر) الكري كالرمي: حفر الأنهار وتنظيفها، وكري البئر: طيها. عن الشيباني. "مطلع". قوله: (وعمل قنطرة) أي: جسر. قوله: (وغير ذلك) أي: كرزق أئمة ومؤذنين.

وَلَا يُخَمِّسُ وَيَقْسِمُ فاضلٌ بَيْنَ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ وَسُنَّ بُدَاءَةٌ بِأَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَيْشٌ قِيلَ بَنُو النَّضْرِ بْنُ كِنَانَةَ وَقِيلَ بَنُو فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ثُمَّ بِأَوْلَادِ الْأَنْصَارِ فَأَسْبَقُ بِإِسْلَامٍ فَأَسَنُّ فَأَقْدَمُ هِجْرَةً وَسَابِقَةً وَيُفَضِّلُ بِسَابِقَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَا يَجِبُ عَطَاءٌ إلَّا لِبَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ بَصِيرٍ صَحِيحٍ يُطِيقُ الْقِتَالَ

_ قوله: (بين أحرار المسلمين) غير الرافضة، عند الشيخ وغيره. قوله: (الأقرب فالأقرب ... إلخ) فيبدأ من قريش ببني هاشم، ثم بني المطلب، لأنهم شيء واحد، كما في الحديث، ثم ببني عبد شمس، لأنه شقيق هاشم، ثم بني نوفل، لأنه أخو هاشم لأبيه، ثم بني العزى، لأن فيهم أصهار النبي صلى الله عليه وسلم، فإن خديجة منهم، ثم بني عبد الدار، ثم الأقرب فالأقرب، حتى تنقضي قريش. قوله: (قيل بنو النضر) قدمه في "الإقناع" فقال: وقريش: بنو النضر بن كنانة، وقيل: ... إلخ. قوله: (وسابقة) السابقة: الفعلة الجميلة، كتجهيز جيش أو فتح قلعة، فتفيد التقديم بعد ما تقدم، وتفيد التفصيل عند الانفراد.

وَيُخْرِجُ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ بِمَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَزَمَانَةٍ وَنَحْوهَا وَبَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ وَيَحْرُمُ أَخْذٌ مِنْهُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ الْعَطَاءِ دُفِعَ لِوَرَثَتِهِ حَقُّهُ وَلِامْرَأَةِ جُنْدِيٍّ يَمُوتُ وَصِغَارِ أَوْلَادِهِ كِفَايَتُهُمْ فَإِذَا بَلَغَ ذَكَرُهُمْ أَهْلًا لِلْقِتَالِ فُرِضَ لَهُ إنْ طَلَبَ وَإِلَّا تُرِكَ كَالْمَرْأَةِ وَالْبَنَاتِ إذَا تَزَوَّجْنَ

_ قوله: (دفع لورثته حقه) قال منصور البهوتي: وقياسه جهات الأوقاف إذا مات بعد مضي زمن استحقاقه يعطى لورثته.

باب الأمان

باب الأمان الأمان: ضد الخوف وَيَحْرُمُ بِهِ قَتْلٌ وَرِقٌ وَأَسْرٌ وَشُرِطَ كَوْنُهُ مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ سَكْرَانَ وَلَوْ كَانَ قِنًّا أَوْ أُنْثَى أَوْ مُمَيِّزًا أَوْ أَسِيرًا وَلَوْ لِأَسِيرٍ وعَدَمُ ضَرَرٍ وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ وَيَصِحُّ مُنَجَّزًا كَآمِنٌ ومُعَلَّقًا نَحْوُ مَنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ آمِنٌ ومِنْ إمَامٍ لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ ومِنْ أَمِيرٍ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ جُعِلَ بِإِزَائِهِمْ ومِنْ كُلِّ أَحَدٍ لِقَافِلَةٍ وَحِصْنٍ صَغِيرَيْنِ عُرْفًا وبِقَوْلٍ كَسَلَامٍ وأَوْ يَدُك وَنَحْوُهَا آمِنٌ كَلَا بَأْسَ عَلَيْك وَأَجَرْتُك، وَقِفْ، وَأَلْقِ سِلَاحَك وَقُمْ وَلَا تَذْهَلْ وَمَتْرَسٍ وَكَ شِرَائِهِ وبِإِشَارَةٍ تَدُلُّ كَإِمْرَارِهِ يَدَهُ أَوْ بَعْضَهَا عَلَيْهِ أَوْ بِإِشَارَةٍ بِسَبَّابَتِهِ إلَى السَّمَاءِ وَيَسْرِي إلَى مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ إلَّا أَنْ يُخَصِّصَ وَيَجِبُ رَدُّ مُعْتَقِدِ غَيْرِ الْأَمَانِ أَمَانًا إلَى مَأْمَنِهِ وَيُقْبَلُ مِنْ عَدْلٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ أَسِيرٌ فقول منكر

_ قوله: (ولو لأسير) أشار به إلى مخالفة "الإقناع" حيث قال: وليس ذلك لآحاد الرعية، إلا أن يجيزه الإمام.

وَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَعْطَى أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا فَفَتَحَهُ وَاشْتَبَهَ وَادَّعُوهُ حَرُمَ قَتْلُهُمْ ورِقُّهُمْ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ لَوْ نُسِيَ أَوْ اشْتَبَهَ مَنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ وَإِنْ اشْتَبَهَ مَا أُخِذَ مِنْ كُفَّارٍ بِمَا أُخِذَ مِنْ مُسْلِمٍ فَيَنْبَغِي الْكَفُّ عَنْهُمَا وَلَا جِزْيَةَ مُدَّةَ أَمَانٍ وَيُعْقَدُ لِرَسُولٍ مُسْتَأْمَنٍ وَمَنْ جَاءَنَا بِلَا أَمَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ أَوْ تَاجِرٌ وَصَدَّقَتْهُ عَادَةٌ قُبِلَ وَإِلَّا أَوْ كَانَ جَاسُوسًا فَكَأَسِيرٍ وَمَنْ جَاءَتْ بِهِ رِيحٌ أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ أَوْ أَبَقَ أَوْ شَرَدَ إلَيْنَا فلِآخِذِهِ وَيَبْطُلُ أَمَانٌ بِرَدِّهِ وبِخِيَانَةٍ وَإِنْ أَوْدَعَ أَوْ أَقْرَضَ مُسْتَأْمَنٌ مُسْلِمًا مَالًا أَوْ تَرَكَهُ ثُمَّ عَادَ لِدَارِ حَرْبٍ أَوْ اُنْتُقِضَ عَهْدُ ذِمِّيٍّ بَقِيَ أَمَانُ مَالِهِ وَيَبْعَثُ مَالَهُ إلَيْهِ إنْ طَلَبَهُ وَإِنْ مَاتَ فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ فَفَيْءٌ وَإِنْ اُسْتُرِقَّ وُقِفَ فَإِنْ عَتَقَ

_ قوله: (ولا جزية مدة أمان) يعني: حيث لم يقيموا في بلادنا سنة فأكثر، وإلا فتؤخذ منهم، كما تقدم في قوله في الأرضين المغنومة: (ويقرون فيها بلا جزية بخلاف ما قبل). قوله: (أو انتقض عهد ذمي ... إلخ) هذا على قول أبي بكر، والمذهب: أنه إذا انتقض عهد ذمي، صار ماله فيئا، كما سيجيء.

أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَيْءٌ وَإِنْ أُسِرَ مُسْلِمٌ فَأُطْلِقَ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً أَوْ أَبَدًا أَوْ أَنْ يَأْتِيَ وَيَرْجِعَ إلَيْهِمْ أَوْ أَنْ يَبْعَثَ مَالًا وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ إلَيْهِمْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ إلَّا الْمَرْأَةَ فَلَا تَرْجِعَ وبِلَا شَرْطٍ أَوْ كَوْنَهُ رَقِيقًا فَإِنْ أَمَّنُوهُ فَلَهُ الْهَرَبُ فَقَطْ وَإِلَّا فَيَقْتِلْ وَيَسْرِقْ أَيْضًا وَلَوْ جَاءَ عِلْجٌ بِأَسِيرٍ عَلَى أَنْ يُفَادِيَ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ لَمْ يُرَدَّ، وَيَفْدِيهِ الْمُسْلِمُونَ إنْ لَمْ يُفْدَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ جَاءَنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ مُسْلِمَةٌ لَمْ تُرَدَّ مَعَهُ وَيَرْضَى وَيُرَدُّ الرَّجُلُ

_

باب الهدنة

باب الهدنة الهدنة: عَقْدُ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً وَمُعَاهَدَةً وَمُسَالَمَةً وَمَتَى زَالَ مَنْ عَقَدَهَا لَزِمَ الثَّانِيَ الْوَفَاءُ وَلَا تَصِحُّ إلَّا حَيْثُ جَازَ تَأْخِيرُ الْجِهَادِ فَمَتَى رَآهَا الْإِمَامُ مَصْلَحَةً وَلَوْ بِمَالٍ مِنَّا ضَرُورَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً جَازَ وَإِنْ طَالَتْ عَلَى الْحَاجَةِ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَإِنْ أُطْلِقَتْ أَوْ عُلِّقَتْ بِمَشِيئَةٍ لَمْ تَصِحَّ وَمَتَى جَاءُوا فِي فَاسِدَةٍ مُعْتَقِدِينَ الْأَمَانَ رُدُّوا آمِنِينَ وَإِنْ شَرَطَ فِيهَا أَوْ فِي عَقْدِ ذِمَّةٍ شَرْطًا فَاسِدًا كَرَدِّ امْرَأَةٍ أَوْ صَدَاقِهَا أَوْ صَبِيٍّ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ إدْخَالَهُمْ الْحَرَمَ بَطَلَ دُونَ عَقْدٍ وَجَازَ شَرْطُ رَدِّ رَجُلٍ جَاءَ مُسْلِمًا لِلْحَاجَةِ وَجَازَ أَمْرُهُ سِرًّا بِقِتَالِهِمْ وَبِالْفِرَارِ فَلَا يَمْنَعُهُمْ أَخْذُهُ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ هَرَبَ مِنْهُمْ قِنٌّ فَأَسْلَمَ لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِمْ وَهُوَ حُرٌّ وَيُؤَاخَذُونَ بِجِنَايَتِهِمْ عَلَى مُسْلِمٍ مِنْ مَالٍ وَقَوَدٍ وَحَدِّ وَيَجُوزُ

_ قوله: (ومتى جاؤوا في فاسدة ... إلخ) وعبارة "الإقناع": في باطلة. قوله: (أو صبي) أي: مميز.

قَتْلُ رَهَائِنِهِمْ إنْ قَتَلُوا رَهَائِنَنَا وعَلَى الْإِمَامِ حِمَايَتُهُمْ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَإِنْ سَبَاهُمْ كَافِرٌ وَلَوْ مِنْهُمْ لَمْ يَصِحَّ لَنَا شِرَاؤُهُمْ وَإِنْ سَبَى بَعْضُهُمْ وَلَدَ بَعْضٍ وَبَاعَهُ أَوْ وَلَدَ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِيهِ صَحَّ كَحَرْبِيٍّ لَا ذِمِّيٍّ وَإِنْ خِيفَ نَقْضُ عَهْدِهِمْ نُبِذَ إلَيْهِمْ بِخِلَافِ ذِمَّةٍ وَيَجِبُ إعْلَامُهُمْ قَبْلَ الْإِغَارَةِ وَيُنْتَقَضُ عَهْدُ نِسَاءِ وَذُرِّيَّاتِهِمْ بِنَقْضِ رِجَالِهِمْ تَبَعًا وَإِنْ نَقَضَهَا بَعْضُهُمْ فَأَنْكَرَ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ظَاهِرًا أَوْ كَاتَبُونَا أُقِرُّوا بِتَسْلِيمِ مَنْ نَقَضَ أَوْ بِتَمْيِيزِهِ عَنْهُمْ قَادِرِينَ انْتَقَضَ عَهْدُ الْكُلِّ

_ قوله: (نبذ إليهم) أي: جاز، كما في "الإقناع".

باب عقد الذمة

باب عقد الذمة وَيَجِبُ إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهُ مَا لَمْ تُخَفْ غَائِلَتُهُمْ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ وَصِفَتُهُ أُقْرِرْتُمْ بِجِزْيَةٍ وَاسْتِسْلَامٍ أَوْ يَبْذُلُونَ ذَلِكَ فَيَقُولُ أَقْرَرْتُكُمْ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِهَا وَالْجِزْيَةُ مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الصَّغَارِ كُلَّ عَامٍ بَدَلًا عَنْ قَتْلِهِمْ، وإقَامَتِهِمْ بِدَارِنَا وَلَا تُعْقَدُ إلَّا لِأَهْلِ كِتَابٍ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ يَدِينُ بِالتَّوْرَاةِ كَالسَّامِرَةِ أَوْ بِالْإِنْجِيلِ كَالْفِرِنْجِ وَالصَّابِئِينَ أَوْ مَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ كَالْمَجُوسِ وَإِذَا اخْتَارَ كَافِرٌ لَا تُعْقَدُ لَهُ دِينًا مِنْ هَؤُلَاءِ أُقِرَّ وَعُقِدَتْ لَهُ

_ باب عقد الذمة الذمة: الأمان، والعهد، والضمان، ومعنى عقدها: إقرار بعض الكفار على كفره، بشرط بذل الجزية، والتزام حكم المسألة بقول يدل على ذلك. قوله: (شروطه) هي بذل الجزية، والتزام حكم الملة، وكون كافر كتابياً، أو موافقاً في دينه، أو له شبهة كتاب، كمجوسي، ومعنى التزام حكم الملة: قبول ما يحكم به عليهم من أداء حق أو ترك محرم. قوله: (كالسامرة) هم طائفة من اليهود عندهم تشديد في دينهم. قوله: (وعقدت له) لكن لا تحل ذبيحته ولا مناكحته إن لم يكن أبواه كتابيين.

وَنَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودُهُمْ وَمَجُوسُهُمْ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ وَغَيْرُهُمْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ بَذَلُوهَا وَيُؤْخَذُ عِوَضُهَا زَكَاتَانِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا فِيهِ زَكَاةٌ حَتَّى مِمَّا لَا تَلْزَمُهُ جِزْيَةٌ وَمَصْرِفُهَا كَجِزْيَةٍ وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وَلَوْ بَذَلَتْهَا لِدُخُولِ دَارِنَا وَتُمَكَّنُ مَجَّانًا ومَجْنُونٍ وقِنٍّ وزَمِنٍ وأَعْمَى وشَيْخٍ فَانٍ ورَاهِبٍ بِصَوْمَعَةٍ وَيُؤْخَذُ مَا زَادَ عَلَى بُلْغَتِهِ وخُنْثَى مُشْكِلٍ رَجُلًا أُخِذَ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَقَطْ وَلَا عَلَى فَقِيرٍ

_ قوله: (من بني تغلب) ظاهره: حتى حربي منهم لم يدخل في صلح عمر، خلافاً لـ "الإقناع". قوله: (حتى ممن لا تلزمه جزية) فتؤخذ من مال صغيرهم ونسائهم. قوله: (ولا جزية على صبي وامرأة) لأنهما لا يقتلان، وهي بدل القتل. قوله: (وراهب بصومعة) علم منه: أنها تؤخذ من راهب يخالط الناس ويبيع ويشتري.

غَيْرِ مُعْتَمِلٍ يَعْجَزُ عَنْهَا وَالْغَنِيُّ مِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ النَّاسُ غَنِيًّا وَتَجِبُ عَلَى مُعْتَقُ وَلَوْ لِمُسْلِمٍ ومُبَعَّضٍ بِحِسَابِهِ وَمَنْ صَارَ أَهْلًا بِأَثْنَاءِ حَوْلٍ أُخِذَ مِنْهُ بِقِسْطِهِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَيُلَفَّقُ مِنْ إفَاقَةِ مَجْنُونٍ حَوْلٌ ثُمَّ تُؤْخَذُ وَمَتَى بَذَلُوا مَا عَلَيْهِمْ لَزِمَ قَبُولُهُ ودَفْعُ مَنْ قَصَدَهُمْ بِأَذًى إنْ لَمْ يَكُونُوا بِدَارِ حَرْبٍ وَحَرُمَ قَتْلُهُمْ وَأَخْذُ مَالِهِمْ وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ عَنْهُ لَا إنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ وَنَحْوُهُ فَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَمَالِ حَيٍّ وفِي أَثْنَائِهِ تَسْقُطُ وَتُؤْخَذُ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ سَنَةٍ اُسْتُوْفِيَتْ كُلُّهَا وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا وَيُطَالُ قِيَامُهُمْ وَتُجَرُّ أَيْدِيَهُمْ وَلَا يُقْبَلُ إرْسَالُهَا وَلَا يَتَدَاخَلُ الصَّغَارُ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهَا وَلَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ وَيَصِحُّ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ودَوَابِّهِمْ وأَنْ يَكْتَفِيَ بِهَا عَنْ الْجِزْيَةِ وَيُعْتَبَرُ بَيَانُ قَدْرِهَا وأَيَّامِهَا وَعَدَدِ مَنْ يُضَافُ وَلَا تَجِبُ بِلَا شَرْطٍ

_ قوله: (غير معتمل) أي: مكتسب. قوله: (ولا يتداخل الصغار) فمن اجتمعت عليه جزية سنين، استوفيت كلها، وامتهن عند أخذ كل واحدة منها.

وَإِذَا تَوَلَّى إمَامٌ فَعَرَفَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِمْ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ ظَهَرَ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ وَإِلَّا رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمْ إنْ سَاغَ وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ مَعَ تُهْمَةٍ نَقْصٌ أَخْذُهُ وَإِذَا عَقَدَهَا كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَحِلَاهُمْ ودِينَهُمْ وَجَعَلَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ عَرِيفًا يَكْشِفُ حَالَ مَنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ أَوْ نَقَضَ الْعَهْدَ أَوْ خَرَقَ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ

_ قوله: (وإذا تولى إمام ... إلخ) هذا غير مناف لما تقدم من قوله: والمرجع في خراج وجزية إلى اجتهاد الإمام، أنه محمول على ما إذا لم يتغير السبب، وما تقدم على ما إذا تغير. فتدبر. قوله: (إن ساغ) أي: صلح أن يكون مثله جزية. قوله: (عريفا) أي: مسلماً.

باب [ما يلزم] الإمام

باب عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي نَفْسٍ وَمَالٍ وَعِرْضٍ وإقَامَةِ حَدٍّ فِيمَا يُحَرِّمُونَهُ كَزِنًا لَا مَا يُحِلُّونَهُ كَخَمْرٍ وَيَلْزَمُهُمْ التَّمْيِيزُ عَنَّا بِقُبُورِهِمْ وبِحِلَاهُمْ بِحَذْفِ مُقَدَّمِ رُءُوسِهِمْ لَا كَعَادَةِ الْأَشْرَافِ وَأَنْ لَا يَفْرِقُوا شُعُورَهُمْ وبِكُنَاهُمْ وَبِأَلْقَابِهِمْ فَيُمْنَعُونَ نَحْوُ أَبِي الْقَاسِمِ وعِزِّ الدِّينِ وبِرُكُوبِهِمْ عَرْضًا بِإِكَافٍ عَلَى غَيْرِ خَيْلٍ وبِلِبَاسِ ثَوْبٍ عَسَلِيٍّ لِيَهُودٍ. وأَدْكَنَ وَهُوَ الْفَاخِتِيِّ لِنَصَارَى وَشَدِّ خِرَقٍ بِقَلَانِسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ. وَشَدِّ زُنَّارٍ فَوْقَ ثِيَابِ نَصْرَانِيٍّ وَتَحْتَ ثِيَابِ نَصْرَانِيَّةٍ وَيُغَايِرُ نِسَاءُ كُلٍّ بَيْنَ لَوْنَيْ خُفٍّ ولِدُخُولِ حَمَّامِنَا جَلْجَلٌ أَوْ خَاتَمُ رَصَاصٍ وَنَحْوِهِ بِرِقَابِهِمْ

_ باب [ما يلزم] الإمام أي: في أحكام أهل الذمة مما يجب، ويحرم، وما ينتقض عهدهم به.

وَيَحْرُمُ قِيَامٌ لَهُمْ ولِمُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ كَرَافِضِيٍّ وتَصْدِيرُهُمْ فِي الْمَجَالِسِ وبُدَاءَتُهُمْ بِسَلَامٍ. وبِكَيْفَ أَصْبَحْتَ أَوْ أَمْسَيْتَ أَوْ أَنْتَ أَوْ حَالُك. وتَهْنِئَتُهُمْ وَتَعْزِيَتُهُمْ وَعِيَادَتُهُمْ وَشَهَادَةُ أَعْيَادِهِمْ وَلَا بَيْعُنَا لَهُمْ فِيهَا وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ عَلِمَهُ سُنَّ قَوْلُهُ رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي وَإِنْ سَلَّمَ ذِمِّيٌّ لَزِمَ رَدُّهُ. فَيُقَالُ ووَإِنْ شَمَّتَهُ كَافِرٌ أَجَابَهُ وَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ فصل ويمنعون من حمل سلاح وثِقَافٍ ورَمْيٍ وَنَحْوِهَا وتَعْلِيَةِ الْبِنَاءِ فَقَطْ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَوْ رَضِيَ وَيَجِبُ نَقْضُهُ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَتْ بِهِ قَبْلَهُ لَا إنْ مَلَكُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا يُعَادُ عَالِيًا لَوْ انْهَدَمَ وَلَا إنْ بَنَى دَارًا عِنْدَهُمْ دُونَ بِنَائِهِمْ ومِنْ إحْدَاثِ كَنَائِسَ وَبِيَعٍ وَمُجْتَمَعٍ لِصَلَاةٍ وَصَوْمَعَةٍ لِرَاهِبٍ إلَّا إنْ شُرِطَ فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا عَلَى أَنَّهُ لَنَا ومِنْ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ

_

أَوْ هُدِمَ ظُلْمًا مِنْهَا وَلَوْ كُلُّهَا كَزِيَادَتِهَا لَا رَمَّ شُعْثِهَا ومِنْ إظْهَارِ مُنْكَرٍ وعِيدٍ صَلِيبٍ أَكْلٍ وَشُرْبٍ بِنَهَارِ رَمَضَانَ وخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ أَتْلَفْنَاهُمَا ومِنْ رَفْعِ صَوْتٍ عَلَى مَيِّتٍ وقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وضَرْبِ نَاقُوسٍ وَجَهْرٍ بِكِتَابِهِمْ وَإِنْ صُولِحُوا فِي بِلَادِهِمْ عَلَى جِزْيَةٍ أَوْ خَرَاجٍ لَمْ يُمْنَعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَيُمْنَعُونَ دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ وَلَوْ بَذَلُوا مَالًا وَمَا اسْتَوْفَى مِنْ الدُّخُولِ مَلَكَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَالِ لَا الْمَدِينَةِ حَتَّى غَيْرَ مُكَلَّفٍ ورَسُولَهُمْ وَيَخْرُجُ إلَيْهِ إنْ أَبَى أَدَاءَ إلَّا لَهُ، وَيُعَزِّرُ مَنْ دَخَلَ لَا جَهْلًا وَيُخْرَجُ وَلَوْ مَيِّتًا وَيُنْبَشُ إنْ دُفِنَ بِهِ مَا لَمْ يَبْلَ ومِنْ إقَامَةٍ بِالْحِجَازِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعِ وَفَدَكَ وَمَخَالِيفِهَا وَلَا يَدْخُلُونَهَا إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَلَا يُقِيمُونَ لِتِجَارَةٍ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيُوَكِّلُونَ فِي مُؤَجَّلٍ وَيُجْبَرُ

_ قوله: (واليمامة) هي مدينة على أربعة أيام من مكة، ولها عمائر قاعدتها حجر اليمامة. قاله في "المطلع"، وفي "المصباح": اليمامة بلدة من العوالي من بلاد بني حنيفة. وبها تنبأ مسيلمة الكذاب.

مَنْ لَهُمْ عَلَيْهِ حَالٌّ عَلَى وَفَائِهِ جَازَتْ إقَامَتُهُمْ لَهُ وَمَنْ مَرِضَ لَمْ يُخْرَجْ مِنْهُ حَتَّى يَبْرَأَ وَإِنْ مَاتَ دُفِنَ فِيهِ وَلَيْسَ لِكَافِرٍ دُخُولَ مَسْجِدٍ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لِبِنَائِهِ وَالذِّمِّيُّ وَلَوْ أُنْثَى صَغِيرَةً أَوْ كَانَ تَغْلِيبًا إنْ اتَّجَرَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ ثُمَّ عَادَ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الْوَاجِبُ فِيمَا سَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بِلَادِنَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ مِمَّا مَعَهُ وَيَمْنَعُهُ دَيْنٌ كَزَكَاةٍ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَيُصَدَّقُ أَنَّ جَارِيَةً مَعَهُ أَهْلُهُ أَوْ بِنْتُهُ وَنَحْوُهُمَا وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَعَ حَرْبِيٍّ اتَّجَرَ إلَيْنَا الْعُشْرَ لَا مِنْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَعَهُمَا وَلَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كُلَّ عَامٍ وَلَا يُعَشِّرُ ثَمَنَ خَمْرٍ وثَمَنَ خِنْزِيرٍ وعَلَى الْإِمَامِ حِفْظُهُمْ وَمَنْعُ مَنْ يُؤْذِيهِمْ وفَكُّ أَسْرَاهُمْ بَعْدَ فَكِّ أَسْرَانَا وَإِنْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا أَوْ مُسْتَأْمَنَانِ بِاتِّفَاقِهِمَا أَوْ اسْتَعْدَى ذِمِّيٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ آخَرَ فَلَنَا الْحُكْمُ وَالتَّرْكُ وَيَحْرُمُ إحْضَارُ يَهُودِيٌّ فِي سَبْتِهِ. وَتَحْرِيمُهُ بَاقٍ فَيُسْتَثْنَى مِنْ عَمَلٍ فِي إجَارَةٍ وَيَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَيَلْزَمُهُمْ حُكْمُنَا وَلَا يُفْسَخُ بَيْعٌ فَاسِدٌ تَقَابَضَاهُ وَلَوْ أَسْلَمُوا أَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمُهُمْ وَيُمْنَعُونَ مِنْ شِرَاءِ مُصْحَفٍ وَكُتُبِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ

_

فصل وإن تهود نصراني أَوْ تنصر يهودي لم يقر فإن أبى ما كان عليه والْإِسْلَامَ هُدِّدَ وَحُبِسَ وَضُرِبَ وَإِنْ انْتَقَلَا أَوْ مَجُوسِيٌّ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يُقَرَّ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَإِنَّ أَبَاهُ قُتِلَ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ وَإِنْ انْتَقَلَ غَيْرُ كِتَابِيٍّ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ تَمَجَّسَ وَثَنِيٌّ أُقِرَّ وَإِنْ تَزَنْدَقَ ذِمِّيٌّ لَمْ يُقْتَلْ وَإِنْ كَذَّبَ نَصْرَانِيٌّ بِمُوسَى خَرَجَ مِنْ دِينِهِ وَلَمْ يُقَرَّ لَا يَهُودِيٌّ بِعِيسَى وَيُنْتَقَضُ عَهْدُ مَنْ أَبَى بَذْلَ جِزْيَةٍ أَوْ الصَّغَارَ أَوْ الْتِزَامَ أَحْكَامِنَا أَوْ قَاتَلَنَا أَوْ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ مُقِيمًا أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ أَوْ أَصَابَهَا بِاسْمِ نِكَاحٍ أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا أَوْ تَجَسَّسَ أَوْ آوَى جَاسُوسًا أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ كِتَابَهُ أَوْ دِينَهُ أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ وَنَحْوِهِ أَوْ تَعَدَّى عَلَى

_ قوله: (أو تجسس) تفحص عن الأخبار.

مُسْلِمٍ بِقَتْلٍ أَوْ فِتْنَةٍ عَنْ دِينِهِ لَا بِقَذْفِهِ وإيذَائِهِ بِسِحْرٍ فِي تَصَرُّفِهِ وَلَا إنْ أَظْهَرَ مُنْكَرًا أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابِهِ وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ وَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ وَلَوْ قَالَ: تُبْت كَأَسِيرِ وَمَالُهُ فَيْءٌ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ إنْ أَسْلَمَ وَلَوْ كَانَ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا رِقُّهُ لَا إنْ رُقَّ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَمَنْ جَاءَنَا بِأَمَانٍ فَحَصَلَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ فَكَذِمِّيٍّ

_

كتاب البيع

كتاب البيع البيع: مُبَادَلَةُ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ مُطْلَقًا بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِمَالٍ فِي الذِّمَّةِ لِلتَّمَلُّكِ عَلَى التَّأْبِيدِ غَيْرَ رِبًا وَقَرْضٍ

_ كتاب البيع مصدر باع: بمعنى ملك، وبمعنى اشترى، وكذا اشترى يكون بالمعنيين، وباع وأباع بمعنى. وأركانه ثلاثة: عاقد، ومعقود عليه، وصيغة. وشروطه كما سيجيء: سبعة. قوله: (مالية) بأن يباح نفعها مطلقاً. قوله: (مطلقاً) أي: في كل حال، وهو مفعول مطلق، نائب عن مصدر موصوف محذوف، أي: حلا مطلقاً، والعامل فيه المذكور أعني: (مباحة) عند المازني، وعليه ظاهر "الخلاصة"، وفعل مقدر من لفظه عند الجمهور، أي: حلت حلا مطلقاً. انتهى. قال الحجاوي في حد البيع: وهو مبادلة مال ولو في الذمة، أو منفعة مباحة، كممر الدار، بمثل أحدهما على التأبيد، غير ربا وقرض، قال بعضهم: وهو أحسن من حد المصنف من حيث قلة اللفظ، وزيادة المعنى، فإنه قد استغنى عن (عين مالية) بـ "مال"، وعن (للملك) بـ "على التأبيد"؛ إذ لا يبدل شيء بشيء على التأبيد إلا للملك؛ أما العواري التي الحترز عنها به، فلا تراد على التأبيد؛ لأنها مردودة، وشمل حده تسع صور، وهذه ست

وَيَنْعَقِدُ لَا هَزْلًا وَلَا تَلْجِئَةً أَوْ أَمَانَةً وَهُوَ إظْهَارُهُ لِدَفْعِ ظَالِمٍ وَلَا يُرَادُ

_ فقط، واستغنى عن (مطلقا) بالمثال. انتهى. وقد اشتمل كل من الحدين على العلل الأربع، كما هو ظاهر شيخنا. قوله: (وهو إظهاره) أي: البيع المظهر لدفع ... إلخ. فهو من قبيل إضافة الصفة للموصوف، وفي "شرح" منصور البهوتي إشارة إلى ذلك. واعلم: أن بيع التلجئة والأمانة صورة واحدة على مقتضى كلامه كـ "الإقناع"؛ لأنه قد لجيء إلى البيع للدفع، وهو أمانة عند المشتري، ونقل في "الإقناع" عن الشيخ: أن بيع الأمانة، هو البيع المعاد. قوله: (ولا يراد ... إلخ) حال من الهاء في (إظهاره)؛ لكون المضاف مصدراً عاملا، لكن كان الأولى ترك الواو مع المضارع المنفي بلا، كما في قوله تعالى: (ومالنا لا نؤمن بالله) [المائدة: 84] بل تجرده من الواو إذن واجب عند بعض. ونقل المرادي عن "التسهيل": أن الأصح في مثله إذا سمع مؤول على إضمار المبتدأ، كالمثبت ذكره عند قوله:

بَاطِنًا بِإِيجَابٍ كَبِعْتُكَ أَوْ مَلَّكْتُكَ أَوْ وَلَّيْتُكَهُ أَوْ أَشْرَكْتُكَ فِيهِ أَوْ وَهَبْتُكَ وَنَحْوُهُ وقَبُولٍ كَابْتَعْتُ أَوْ قَبِلْتُ أَوْ تَمَلَّكْتُهُ أَوْ اشْتَرَيْتُهُ أَوْ أَخَذْتُهُ وَنَحْوُهُ وَصَحَّ تَقَدُّمُ قَبُولٍ بِلَفْظِ أَمْرٍ أَوْ مَاضٍ مُجَرَّدٍ عَنْ اسْتِفْهَامٍ وَنَحْوِهِ وتَرَاخِي أَحَدِهِمَا وَالْبَيِّعَانِ بِالْمَجْلِسِ لَمْ يَتَشَاغَلَا

_ وكنت ولا ينهنهني الوعيد. قوله: (بإيجاب) وهو اللفظ الصادر عن المشتري. قوله: (أو ملكتك) لم يأت بالمفعول الثاني فيهما، إشارة إلى جواز حذفه، لكن محله عند عدم اللبس. قوله: (ونحوه) كاستبدلته، إذا كان القبول على وفق الإيجاب في قدر ثمن وصفته وغيرهما. "شرحه". قوله: (وماض) أي: لا مضارع. قوله: (عن استفهام) يعني: لفظاً أو تقديرا. قوله: (ونحوه) كترج. قوله: (أحدهما) أي: الإيجاب والقبول. قوله: (والبيعان) هذا في قوة: والآتي بهما، أي: الإيجاب والقبول بالمجلس. فجملة الحال مشتملة على الرابط تأويلا فتدبر. قوله: (لم يتشاغلا ... إلخ) حال من الضمير في: (بالمجلس) فهي من حال

بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا وبِمُعَاطَاةٍ كَأَعْطِنِي بِهَذَا خُبْزًا فَيُعْطِيهِ مَا يُرْضِيهِ أَوْ يُسَاوِمُهُ بِثَمَنٍ فَيَقُولُ خُذْهَا أَوْ هِيَ لَكَ أَوْ أَعْطَيْتُكهَا أَوْ خُذْ هَذِهِ بِدِرْهَمٍ فَيَأْخُذُهَا أَوْ هِيَ لَكَ أَوْ كَيْفَ تَبِيعُ الْخُبْزَ؟ فَيَقُولُ: كَذَا بِدِرْهَمٍ، فَيَقُولُ: خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ

_ متداخلة وجرى فيها على الأكثر حيث جردها من الواو، كما في قوله تعالى: (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) [آل عمران: 174]. فتدبر. قوله: (بما يقطعه) أي: البيع. قوله: (فيعطيه ما يرضيه) وقوله: (فيأخذها) علم منه: أنه لا بد من معاقبة القبض والإقباض للطلب، وصرح به في "الإقناع"، قال: لأنه إذا اعتبر التأخير في الإيجاب والقبول اللفظي، ففي المعاطاة أولى. انتهى. فعلم من "الإقناع" أيضا: أنه لا يضر التشاغل بما لا يقطعه عرفاً. والله أعلم. قوله: (فيقول) أي: بائع. قوله: (كذا ... إلخ) كلمة مركبة من كلمتين مكني بها عن غير عدد، كما في نحو: "أتذكر يوم كذا" في محل نصب بأبيع ونحوه. قوله: (فيقول) أي: مشتر. قوله: (خذه) أي: فيأخذه. قوله: (أو اتزنه) أي: فيتزنه، أي: الدرهم. ويعتبر في المعاطاة معاقبة القبض والإقباض للطلب. "إقناع".

أَوْ وَضَعَ ثَمَنَهُ عَادَةً وَأَخَذَهُ عَقِبَهُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى بَيْعٍ وَشِرَاءٍ فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ سَبْعَةٌ الأول: الرِّضَا إلَّا مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ الثَّانِي: الرُّشْدُ إلَّا فِي يَسِيرٍ وإذَا أَذِنَ لِمُمَيِّزٍ وَسَفِيهٍ وَلِيُّ.

_ قوله: (أو وضع ثمنه ... إلخ) فلو ضاع الثمن في هذه الصورة، فمن ضمان مشتر، لعدم قبض البائع له، وانظر هل يتأتى فيه من التفصيل ما يتأتى فيما اشترى من بعد ونحوه قبل قبضه؟ قوله: (عقبه) أي: ولو لم يكن المالك حاضراً. قوله: (الرضا) أي: من العاقدين. قوله: (بحق) أي: فلا يشترط. قوله: (الثاني: الرشد) المراد هنا: جواز التصرف، كما أشار له في "شرحه"، فلو عبر به كما فعل غيره، كان أولى، إلا أنه تجوز عن الشيء بصفة جزئه؛ إذ جائز التصرف هو الحر المكلف الرشيد، واتكل على قرينته التي في كلامه، وهي قوله: (إلا ... إذا أذن ... إلخ) فإن توقف المميز على الإذن، مقتض لكون البلوغ شرطاً، وقوله: (أو لقن سيد) فإنه مقتض لاشتراط الحرية. فتأمل. محمد الخلوتي.

وَيَحْرُمُ بِلَا مَصْلَحَةٍ أَوْ لِقِنٍّ سَيِّدٌ الثَّالِثُ: كَوْنُ الْمَبِيعِ مَالًا وَهُوَ مَا يُبَاحُ نَفْعُهُ مُطْلَقًا

_ قوله: (ويحرم بلا مصلحة) أي: يحرم إذنه في مالهما ولا يصح. قوله: (أو لقن) ويصح منه قبول هبة ووصية بلا إذن، نصاً. قوله: (كون مبيع) أي: معقود عليه، فإن الثمن يسمى: مبيعاً كما يسمى المشتري: بائعاً. وفيه أنه جعل الشرط جزء المشروط؛ إذ تقدم أن البيع مبادلة عين مالية، فلا حاجة إلى هذا الشرط، وعلى تقدير كونه زائداً على أجزاء المعرف، ففيه إدخال الشروط في التعاريف، إلا أن يقال: ما هنا رسم، وهو يغتفر فيه ما لا يغتفر في الحد. فتدبر. محمد الخلوتي. قوله: (وهو ما يباح نفعه) أي: الانتفاع به، أعم من أن يكون عيناً أو منفعة، وعلى هذا التأويل، فلا يكون المصنف كغيره ساكتاً عن التعرض للمنفعة، بل أراد من المال ما يشملها وهو المنتفع به عيناً كان أو منفعة، كما أشار إليه الشيخ منصور البهوتي في "شرح الإقناع" وعبارته: وظاهر كلامه هنا كغيره: أن النفع لا يصح بيعه مع أنه ذكر في حد البيع صحته، فكان ينبغي أن يقال هنا: كون مبيع مالاً أو نفعاً مباحاً مطلقاً، أو يعرف المال بما يعم الأعيان والمنافع. انتهى. محمد الخلوتي. ويمكن أن يجاب عنهم جميعاً: بأن هناك مضافاً محذوفاً، أي: كون مبيع الذات أو المنفعة مالاً بقرينة ما سبق.

واقْتِنَاؤُهُ بِلَا حَاجَةٍ كَبَغْلٍ وَحِمَارٍ وطَيْرٍ لِقَصْدِ صَوْتِهِ ودُودِ قَزٍّ وَبَزَرِهِ ونَحْلٍ مُنْفَرِدٍ أَوْ مَعَ كَوَارَتِهِ أَوْ فِيهَا إذَا شُوهِدَ دَاخِلُهَا إلَيْهَا لَا كِوَارَاتٍ بِمَا فِيهَا مِنْ عَسَلٍ وَنَحْلٍ وَكَهِرٍّ وفِيلٍ وَمَا يُصَادُ عَلَيْهِ كَبُومَةٍ شَبَاشًا أَوْ بِهِ كَدِيدَانٍ وَسِبَاعِ بَهَائِمَ وطَيْرٍ تَصْلُحُ لِصَيْدٍ وَوَلَدِهَا وَفَرْخِهَا وَبَيْضِهَا إلَّا الْكَلْبَ وَكَقِرْدٍ لِحِفْظٍ وَكَعَلَقٍ لِمَصِّ دَمٍ ولَبَنِ آدَمِيَّةٍ

_ قوله: (واقتناؤه) لعله من عطف الخاص على العام. قوله: (كبغل) الكاف للتمثيل؛ لأن ما بعدها جزء مما قبلها. قوله: (ونحل) أي: محبوس لا طائر. قوله: (أو مع كواراته) الكوارات بضم الكاف، جمع كوارة، وهي: ما عسل فيه النحل. وهي الخلية أيضاً، وقيل: الكوارة من الطين، والخلية من الخشب. "مطلع". قوله: (من عسل ونحل) يعني: فلا يصح للجهالة. قوله: (شباشا) ويكره فعل ذلك. "إقناع". قوله: (وسباع بهائم) كفهود. قوله: (لحفظ) يعني لا للعب. قوله: (ولبن آدمية) يعني: لا آدمي، فلا يضمن بإتلاف.

وَيُكْرَهُ وقِنٍّ مُرْتَدٍّ ومَرِيضٍ ووَ قِنٍّ قَاتِلٍ فِي مُحَارَبَةٍ لَا مَنْذُورٍ عِتْقُهُ نَذْرَ تَبَرُّرٍ وَلَا مَيْتَةٍ وَلَوْ طَاهِرَةً إلَّا سَمَكًا وَجَرَادًا وَنَحْوَهُمَا وَلَا سِرْجِينٍ نَجَسٍ وَلَا دُهْنٍ نَجَسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَصْبِحَ بمُتَنَجِّسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ

_ قوله: (ويكره) يعني: بيع لبن آدمية. قوله: (مرتد) يعني: ولو لم تقبل توبته. قوله: (ومريض) أي: ولو مأيوساً منه. قوله: (وجان) يعني: ولو تعلقت الجناية برقبته. فتدبر. قوله: (في محاربة) أي: قبل القدرة عليه. ويصح بيع أمة لمن به عيب يفسح به النكاح، كجذام وبرص. وهل لها منعه من وطئها؟ يحتمل وجهين، أولاهما ليس لها منعه. قوله: (نذر تبرر) أي: لا لحاح وغصب. قوله: (ولو طاهرة) كعبد ميت. قوله: (ونحوهما) من حيوانات البحر التي لا تعيش إلا فيه. قوله: (ويجوز أن يستصبح ... إلخ) قيده في "الإقناع" تبعاً لجماعة، بكونه على وجه لا تتعدى فيه النجاسة؛ بأن يصب من إبريق ونحوه بلا مس، قال في "الإنصاف": الظاهر أن هذا القيد ليس بشرط، وهو ظاهر عبارة المصنف. قوله: (في غير مسجد) أي: لنجاسة دخانه.

وَحَرُمَ بَيْعُ مُصْحَفٍ وَلَا يَصِحُّ لِكَافِرٍ وَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ أُلْزِمَ بِإِزَالَةِ يَدِهِ عَنْهُ وَلَا يُكْرَهُ شِرَاؤُهُ اسْتِنْقَاذًا وإبْدَالُهُ لِمُسْلِمٍ وَيَجُوزُ نَسْخُهُ بِأُجْرَةٍ وَيَصِحُّ شِرَاءُ كُتُبِ الزَّنْدَقَةِ وَنَحْوهَا لِيُتْلِفَهَا لَا خَمْرٍ لِيُرِيقَهَا الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُ حَتَّى الْأَسِيرَ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ وَقْتَ عَقْدِ وَلَوْ ظَنَّا عَدَمَهُمَا فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ فُضُولِيٍّ وَلَوْ أُجِيزَ بَعْدَ

_ قوله: (أو غيره) كاستيلاء عليه. "شرح". قوله: (وإبداله) يعني: بمصحف ولو مع دراهم. قوله: (نسخه بأجرة) حتى من كافر، ومحدث بلا مس، ولا حمل كافر. قوله: (أن يكون) أي: المبيع بالمعنى المتقدم. قوله: (حتى الأسير) بالعطف على المجرور باللام في له؛ لأنه من أفراد العاقد، وهو غاية في النقص. قوله: (أو مأذوناً فيه) أي: البيع. قوله: (وقت عقد) الظرف يتنازعه مملوكاً ومأذوناً. وقوله: (فلا يصح تصرف فضولي) تصريح بمفهوم الإذن، وقوله: (ولا بيع ما لا يملكه) تصريح بمفهوم الملك.

إلَّا إنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ وَنَوَى لِشَخْصٍ لَمْ يُسَمِّهِ ثُمَّ إنْ أَجَازَهُ مَنْ اشْتَرَى لَهُ مِلْكَهُ مِنْ حِينِ اشْتَرَى وَإِلَّا وَقَعَ لِمُشْتَرٍ وَلَزِمَهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا مَوْصُوفًا لَمْ يُعَيَّنْ إذَا قَبَضَ أَوْ ثَمَنَهُ بِمَجْلِسِ عَقْدٍ لَا بِلَفْظِ سَلَفٍ أَوْ سَلَمٍ وَالْمَوْصُوفُ الْمُعَيَّنُ كَبِعْتُك عَبْدِي فُلَانًا وَيَسْتَقْصِي صِفَتَهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ قَبْضٍ كَوَيَنْفَسِخُ عَقْدٌ عَلَيْهِ بِرِدِّةٍ لِفَقْدِ صِفَةٍ وتَلِفَ قَبْلَ قَبْضٍ وَلَا أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ مِمَّا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ كَمِصْرَ وَالشَّامِ وَكَذَا الْعِرَاقُ غَيْرَ الْحِيرَةِ وأُلَّيْسَ وبَانِقْيَا

_ قوله: (إلا إن اشترى ... إلخ) شرط في شراء الفضولي أمرين: أن يشتري في الذمة، وأن لا يسمي المشتري له. قوله: (ثم إن أجازه ... إلخ) ولعل وارث كل يقوم مقامه. قوله: (وإلا وقع لمشتر) مفهومه: لو أجاز البعض، لم يلفت إليه، ثم إنه لا يتصرف المشتري فيه قبل عرضه على من نواه له، فإن تعذر، فماذا؟ قوله: (أو ثمنه) أي: كله، فإن قبض البعض، صح فيه بقسطه. قوله: (لا بلفظ سلف) فلا ينعقد به مع الحلول. قوله: (قبل قبض) أي: قبضه، فالتنوين عوض عن المضاف إليه، وهو الضمير الرابط، فلا حاجة إلى تقدير غيره. محمد الخلوتي. قوله: (وبانقيا) ناحية بالنجف دون الكوفة.

وأَرْضِ بَنِي صَلُوبَا إلَّا الْمَسَاكِنَ وإذَا بَاعَهَا الْإِمَامُ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ غَيْرُهُ وَحَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَى صِحَّتَهُ وَتَصِحُّ إجَارَتُهَا لَا بَيْعُ وَلَا إجَارَةُ رِبَاعِ مَكَّةَ والْحَرَمِ، وَهِيَ الْمَنَازِلُ لِفَتْحِهَا عَنْوَةً وَلَا مَاءٍ عِدٍّ كَعَيْنٍ وَنَقْعِ بِئْرٍ وَلَا مَا فِي مَعْدِنٍ جَارٍ كَقَارٍ وَمِلْحٍ وَنِفْطٍ وَلَا نَابِتٍ مِنْ كَلَإٍ وَشَوْكٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحُزْهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي

_ قوله: (وأرض بني صلوبا) والثلاثة من العراق، صح بيعها؛ لأنها فتحت صلحاً على أنها لأهلها، ولكون الاستثناء من العراق فصل بقوله: (وكذا). قوله: (لفتحها عنوة) ولم تقسم، وكأنه سكت عنه اكتفاء بما سبق آنفاً. قوله: (ونفط) قيل: الفتح أجود، وقيل: الكسر أجود، نقله في "المصباح". قوله: (من كلإ) قال في "المصباح": الكلأ مهموز: العشب رطباً كان أو يابسا. انتهى.

بَيْعِ أَرْضٍ وَمُشْتَرِيهَا أَحَقُّ بِهِ وَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ وَيَحْرُمُ دُخُولٌ لِأَجْلِ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ إنْ حُوِّطَتْ وَإِلَّا جَازَ بِلَا ضَرَرٍ وَحَرُمَ مَنْعُ مُسْتَأْذِنٍ إنْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ وَطُلُولٌ تُجْنَى مِنْهُ النَّحْلُ كَكَلَإٍ وَأَوْلَى وَنَخْلُ رَبِّ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهِ الْخَامِسُ: الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ آبِقٍ وشَارِدٍ وَلَوْ لِقَادِرٍ عَلَى تَحْصِيلِهِمَا وَلَا سَمَكٍ بِمَاءٍ إلَّا مَرْئِيًّا بمَحُوزٍ يَسْهُلُ أَخْذُهُ مِنْهُ وَلَا طَائِرٍ يَصْعُبُ أَخْذُهُ إلَّا بمُغْلَقٍ. وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ

_ قوله: (وطلول ... إلخ) جمع طل، وهو: المطر الخفيف. قوله: (تجني منها النحل) أي: تتغذى بما على الزهر والشجر من الندى، فإن رب الأرض لا يملكه. قوله: (ونحل رب الأرض ... إلخ) في إسناد الأحقية إلى النحل ما لا يخفى، إلا أن يقال: إنه من قبيل الاختصاص لا الملك الحقيقي، أو: العبارة مقلوبة، والأصل: ورب الأرض أحق به لنحله، أو هو من باب قوله تعالى: (عيشة راضية) [الحاقة: 21]: راضية صاحبها. محمد الخلوتي. قوله: (على تسليمه) أي: المعقود عليه. قوله: (فلا يصح بيع آبق) أي: جعله ثمناً أو مثمناً. قوله: (بمحوز) أي: بماء. قوله: (يسهل أخذه ... إلخ) مقتضاه: أنه لو كان مرئيا بماءن لكن يصعب أخذه، أنه لا يصح بيعه.

وَلَا مَغْصُوبٍ إلَّا لِغَاصِبِهِ أَوْ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِهِ وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ عَجَزَ السَّادِسُ: مَعْرِفَةُ مَبِيعٍ بِرُؤْيَةِ مُتَعَاقِدَيْنِ مُقَارِنَةً لِجَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِ يَدُلُّ عَلَى بَقِيَّتِهِ كَأَحَدِ وَجْهَيْ ثَوْبٍ غَيْرِ مَنْقُوشٍ

_ ويطلب الفرق بينه وبين الطائر إذا صعب أخذه، ولكن كان بمغلق، ولعل الفرق أن لنوع السمك قوة الغوص في الطين بحيث يتعذر أخذه، فاعتبرت السهولة فيه، بخلاف الطائر، فإنه ليس له تلك القوة، بل له قوة الطيران، وخرق طبقات الجو، وكونه بمغلق منعه من ذلك. محمد الخلوتي. قوله: (إلا لغاصبه) أي: ما لم يقصد بغصبه الاستيلاء عليه حتى يبيعه له ربه، فإنه لا يصح بيعه له في هذه الصورة، كما سيصرح به المصنف في آخر الفصل الآتي. قوله: (إن عجز) أي: بعد البيع، وقبله لا يصح، أي: الأخذ. قوله: (مقارنة) أي: للعقد، وهو حال أو نعت لرؤية، فيصح نصبه وجره، ويمكن رفعه أيضا بجعله نعتا لمعرفة، غلا أن فيه الفصل بين النعت ومنعوته. وبخطه أيضاً على قوله: (مقارنة) المراد بالمقارنة: أعم من المقارنة الحقيقية، والمتقدم بزمن لا يتغير فيه المبيع، بدليل أنه فرع عليه فيما يأتي قوله: (فلا يصح إن سبقت العقد بزمن ... إلخ) وإلا لكان المفرع عدم الصحة إذا سبقت العقد مطلقاً. محمد الخلوتي. قوله: (لجميعه) متعلق بـ (رؤية).

فَلَا يَصِحُّ إنْ سَبَقَتْ الْعَقْدَ بِزَمَنٍ يَتَغَيَّرُ فِيهِ وَلَوْ شَكًّا وَلَا إنْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الْبَغْلَ، فَبَانَ فَرَسًا وَنَحْوَهُ وَكَرُؤْيَتِهِ مَعْرِفَتُهُ بِلَمْسٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ أَوْ وَصْفٍ مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ بِمَا يَكْفِي فِيهِ فَيَصِحُّ بَيْعُ أَعْمَى وَشِرَاؤُهُ كَتَوْكِيلُهُ ثُمَّ إنْ وَجَدَ مَا وُصِفَ أَوْ تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ مُتَغَيِّرًا فَلِمُشْتَرٍ الْفَسْخُ وَيَحْلِفُ إنْ اخْتَلَفَا ولَا يَسْقُطُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ

_ قوله: (فلا يصح إن سبقت) أي: الرؤية، لوجهين: كونها أقرب مذكور، ولأنه محترز المقارنة المتعلقة بالرؤية. قوله: (يتغير) أي: يمكن لا بالفعل. قوله: (فبان فرسا ... إلخ) قد يفرق بين ما هنا وما يأتي في النكاح، من أنه إذا قال: زوجتك بنتي هذه فاطمة، فبانت عائشة، صح؛ بأن المعرفة للمعقود عليه في البيع أضيق منها في النكاح، ولذا لا يشترط رؤية الزوجة في صحة العقد ولا وصفها، كالبيع، بل لو قال له: زوجتك بنتي، وليس له إلا واحدة، صح، بخلاف ما لو قال: بعتك أمتي، وليس له إلا واحدة من غير رؤية ولا صفة، كما تقدم. فتدبر. بقي أنه لم اكتفى في النكاح بالتعيين واشترط هنا المعرفة؟ أجاب منصور البهوتي: بأنه عقد معاوضة، فاعتبرت فيه معرفة العوضين بخلاف النكاح. فتدبر. قوله: (وكرؤيته) الكاف للتشبيه. قوله: (إن اختلفا) أي: في نقص أو تغيير.

سَوْمٍ وَنَحْوِهِ لَا بِرُكُوبِ دَابَّةٍ بِطَرِيقِ رَدِّهَا وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرَّدِّ فَلَا أَرْشَ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ حَمْلٍ بِبَطْنٍ وَلَا لَبَنٍ بِضَرْعٍ

_ قوله: (وإن أسقط حقه من الرد، فلا أرش) أي: في الصورتين، ولعل محله في تغيير ما تقدمن رؤيته، إذا لم يثبت حدوث عيب به قبل قبضه، وإلا فله الأرش، كما سياتي في العيب، ولعل محله فيما بيع بصفة فوجده ناقصاً، إذا كان الموصوف معيناً، ويكون الفرق بينه وبين ما يأتي في الشروط في البيع: أن الصفة إذا ذكرت للتمييز، لم تقابل بثمن، فلا أرش، بخلاف ما إذا نص على اشتراطها، فإنها مقصودة في نفسها لا للتمييز، فله الأرش عند فقدها، أما الموصوف الذي لم يعين إذا أتى به البائع ناقصاً، فإن للمشتري طلب بدله؛ لأنه وجب في الذمة سليماً بخلاف المعين. هذا ما ظهر لي في تحرير هذا المحل، فليحرر مرة أخرى، والله أعلم. قوله: (ولا يصح بيع حمل ... إلخ) اعلم: أنه إذا باع الحامل من غير تعرض لحملها، شمله البيع، إذا كان المالك واحداً، وإلا بطل البيع. قاله في "شرحه" كذا حكاه منصور البهوتي بصيغة التبري، وكان وجهه أنه ليس من تفريق الصفقة الآتي؛ إذ محله إذا نص على ما يصح وما لا يصح، بخلاف ما سكت عنه، وكان من شأنه أن يدخل تبعاً لو لم يكن مانع من كونه ملك الغير مثلاً.

ونَوًى بِتَمْرٍ وصُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ إلَّا تَبَعًا وَلَا عَسْبِ فَحْلٍ وَلَا مِسْكٍ فِي فَأْرَتِهِ وَلَا لِفْتٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَلْعٍ وَلَا ثَوْبٍ مَطْوِيٍّ أَوْ نُسِجَ بَعْضُهُ

_ قوله: (بتمر) الباء في الثلاثة بمعنى في، كما في: (ولقد نصركم الله ببدر) [آل عمران: 123] قوله: (وصوف على ظهر) ظاهره: ولو بشرط جزه في الحال، ويطلب الفرق بينه وبين الزرع ونحوه إذا شرط قطعه. قوله: (إلا تبعاً) بأن باعه الأصل وسكت عن الفرع، فإنه يدخل تبعاً، ولا يصح تصويره؛ بأن يقول له: بعتك هذه الشاة بحملها؛ لأنهم نصوا على أن البيع في مثل هذه الصورة لا يصح؛ لأنه قد جمع بين معلوم ومجهول يتعذر علمه. والأصحاب إن نصوا على البطلان في بعض هذه الصور على الوجه المذكور، فقياس كلامهم: أن جميع هذه المسائل كذلك. محمد الخلوتي. قوله: (ولا عسب فحل) عسب الفحل الناقة عسباً، من باب ضرب: طرقها. "مصباح". قال: ونهي عن عسب الفحل، هو على حذف مضاف، أي: عن كراه؛ لأن ثمرته المقصودة غير معلومة؛ لأنه قد يلقح، وقد لا يلقح، فهو غرر. وقيل: المراد: الضراب نفسه، وهو ضعيف؛ لأن تناسل الحيوان مطلوب لذاته، فلا ينهى عنه لذاته، للتناقض. انتهى. قوله: (في فأر) أي: نافجته بالجيم، أي: وعاءه، من نفجته: عظمته، لنفاستها.

عَلَى أَنْ يُنْسَجَ بَقِيَّتَهُ وَلَا عَطَاءٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا رُقْعَةٍ بِهِ وَلَا مَعْدِنٍ وَحِجَارَتِهِ وسَلَفٌ فِيهِ وَلَا مُلَامَسَةٍ، كَبِعْتُك ثَوْبِي هَذَا عَلَى أَنَّكَ مَتَى لَمَسْتَهُ أَوْ إنْ لَمَسْتَهُ أَوْ أَيْ ثَوْبٍ لَمَسْتَهُ فعَلَيْكَ بِكَذَا وَلَا مُنَابَذَةٍ كَمَتَى أَوْ إنْ نَبَذْتَ هَذَا أَوْ أَيَّ ثَوْبٍ نَبَذْتُهُ فَلَكَ بِكَذَا وَلَا بَيْعُ الْحَصَاةِ، كَارْمِهَا فَعَلَى أَيِّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ فلَكَ بِكَذَا، أَوْ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ قَدْرَ مَا تَبْلُغُ هَذِهِ الْحَصَاةُ إذَا رَمَيْتهَا بِكَذَا

_ قوله: (على أن ينسج ... إلخ) فإن أحضر بقية اللحمة وباعه الجميع، أعني: ما نسج وما لم ينسج مع حضوره، وشرط عليه تتميم نسجه، صح، لعدم الجهالة. قوله: (وحجارته) يعني: قبل حوزه إن كان جارياً، وكذا إن كان جامدًا وجهل. «شرح». قوله: (أو أي ثوب لمسته) العلة في الأوليين: التعليق، وفي الأخيرة: هو والجهالة.

وَلَا بَيْعُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ، كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدٍ، وشَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ، وشَجَرَةٍ مِنْ بُسْتَانٍ وَلَوْ تَسَاوَتْ قِيَمُهُمْ وَلَا الْجَمِيعِ إلَّا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَا شَيْءٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا إلَّا مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَيَصِحُّ إلَّا بِقَدْرِ دِرْهَمٍ وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا شُوهِدَ مِنْ حَيَوَانٍ ومِنْ ثِيَابٍ وَإِنْ جَهِلَا عَدَدَهُ وحَامِلٍ بِحُرٍّ ومَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ

_ قوله: (وشاة من قطيع) القطيع: اسم طائفة البقر والغنم. قال ابن سيده: الغالب عليه أنه من العشرة إلى الأربعين. وقيل: ما بين خمسة عشر إلى خمسة وعشرين، وجمعه: أقطاع، وأقطعة، وقطعان، وقطاع، وأقاطيع. قال سيبويه: هما مما جمع على غير واحدة، كحديث وأحاديث. «مطلع». محمد الخلوتي. قوله: (إلا ما يساوي درهما) أي: من المبيع. قوله: (إلابقدر درهم) أي: من المبيع وهو العشر مثلاً. قوله: (وحامل بحر) أي: إذا قال: بعتك هذه الجارية، وكانت حاملا بحر، صح. وكذا إذا قال: دون حملها؛ لكونه حرًا فيما يظهر، بخلاف ما إذا كان رقيقا، فلا يصح استثناؤه. ثم إنه في مسألة الحر إذا لم يعلم مشترٍ بالحرية، فله الفسخ.

وبَاقِلَّاء وجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَنَحْوِهِ فِي قِشْرَيْهِ وحَبٍّ مُشْتَدٍّ فِي سُنْبُلِهِ وَيَدْخُلُ السَّاتِرُ تَبَعًا وقَفِيزٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ إنْ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهَا وَزَادَتْ عَلَيْهِ ورِطْلٍ مِنْ دَنٍّ أَوْ مِنْ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ وَبِتَلَفِ مَا عَدَا قَدْرَ

_ قوله: (وباقلاء) الباقلا: وزنه فاعلا، يشدد فيقصر، ويخفف فيمد، الواحدة: باقلاة بالوجهين. «مصباح». قوله: (ويدخل الساتر تبعا) فلو استثنى القشر ونحوه، بطل؛ لأنه كبيع النوى في التمر. قوله: (من دن) الدن: كهيئة الحب إلا أنه أطولُ منه، وأوسع رأساً، وجمعه دنان، مثل سهم وسهام. والحب بضم الحاء المهملة: الخابية، فارسي معرب. قاله في «المصباح». قوله: (وبتلف ... إلخ) الباء سببية، ولعل فائدة

مَبِيعٍ يَتَعَيَّنُ وَلَوْ فَرَّقَ قُفْزَانًا وَبَاعَ وَاحِدًا مُبْهَمًا مَعَ تَسَاوِي أَجْزَائِهَا صَحَّ وصُبْرَةٍ جُزَافًا مَعَ جَهْلِهِمَا أَوْ عِلْمِهِمَا وَمَعَ عِلْمِ بَائِعٍ وَحْدَهُ يَحْرُمُ وَيَصِحُّ وَلِمُشْتَرٍ الرَّدُّ وَكَذَا عِلْمِ مُشْتَرٍ وَحْدَهُ وَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ وصُبْرَةٍ عَلِمَ قُفْزَانَهَا إلَّا قَفِيزًا لَا ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ إلَّا صَاعًا وَلَا نِصْفِ دَارِهِ الَّذِي يَلِيهِ

_ ذلك: أن للمشتري قبضه إذن بغير إذن من البائع، بخلافه قبل ذلك، فإن تعيينه مفوض إلى البائع. قوله: (وباع واحدًا مبهماً) أي: مثلا. قوله: (صح) قال في «شرحه»: كما لو لم يفرقها. ومنه يعلم: أن تعيين المبيع أيضاً إلى البائع، وأنه بتلف ما عدا واحدًا يتعين. قوله: (علم قفزانها) لا إن جهلت إلا مشاعاً. قوله: (إلا صاعاً) أي: لا إلا جزءًا مشاعاً، كثلث. قوله: (الذي يليه) هو أحسن من تعبير «الإقناع» بالتي، لإيهامه أنه لو باعه من داره التي تليه نصفاً شائعاً أنه لا يصح، وليس كذلك، والجواب عنه: أن التي في كلامه جار على النصف،

وَلَا جَرِيبٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ مُبْهَمًا إلَّا إنْ عَلِمَا ذَرْعَهُمَا وَيَكُونُ مُشَاعًا وَيَصِحُّ مُعَيَّنًا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً مَعًا ثُمَّ إنْ نَقَصَ ثَوْبٌ بِقَطْعٍ وَتَشَاحَّا كَانَا شَرِيكَيْنِ وَكَذَا خَشَبَةٌ بِسَقْفٍ وَفَصٌّ بِخَاتَمٍ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ حَمْلِ مَبِيعٍ أَوْ شَحْمِهِ أَوْ رِطْلِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمٍ إلَّا رَأْسَ َأْكُولٍ وَجِلْدَهُ وَأَطْرَافَهُ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا لَا

_ لأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه، كما في قولهم: قطعت بعض أصابعه، أو يحمل على بيع نصفٍ لا على الشيوع. فتأمل. قوله: (معا) فإن عيِّن أحدهما، لم يصح، وفيه نظر. قوله: (بسقف) يعني: ولا يضر استتار بعضٍ؛ لأن المقصود ظاهر. قوله: (وأطرافه) وكذا ما يستثنى من كارعٍ وسموطٍ. قاله غير واحد. والسموط: جمع سمط بفتح السين، وهو: الصوف المنتوف بالماء الحار. قال في «القاموس»: سمط الجدي يسمطه ويسمطه، فهو مسموط وسميط: نتف صوفه بالماء الحار. انتهى. فكأنهم أطلقوا المصدر على الصوف، ثم جمعوه جوازًا. فتدبر.

يَصِحُّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا إلَّا فِي هَذِهِ وَلَوْ أَبَى مُشْتَرٍ ذَبْحَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَمْ يُجْبَرْ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ ذَلِكَ وَلَهُ الْفَسْخُ بِعَيْبٍ يَخُصُّ الْمُسْتَثْنَى السَّابِعُ: مَعْرِفَتُهُمَا لِثَمَنٍ حَالَ عَقْدِ وَلَوْ بِمُشَاهَدَةٍ وَكَذَا أُجْرَةٌ فَيَصِحَّانِ بِوَزْنِ صَنْجَةٍ وَبِمِلْءِ كَيْلٍ مَجْهُولَيْنِ وبِصُبْرَةٍ وبِنَفَقَةِ عَبْدِهِ شَهْرًا وَيَرْجِعُ مَعَ تَعَذُّرِهِ مَعْرِفَةَ ثَمَنٍ فِي فَسْخِ بِقِيمَةِ مَبِيعٍ وَلَوْ أَسَرَّا ثَمَنًا بِلَا عَقْدٍ ثُمَّ عَقَدَاهُ بِثَمَنٍ آخَرَ فَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَلَوْ عَقَدَا سِرًّا بِثَمَنٍ ثُمَّ عَلَانِيَةً بِأَكْثَرَ فَكَنِكَاحٍ وَالْأَصَحُّ

_ قوله: (مفردًا) يعني: كالنوى في التمر. قوله: (يختص المستثنى) لأن الجسد شيء واحد، يتألم كله بألم بعضه. «شرح». قوله: (حال عقدٍ) يعني: ولو برؤية متقدمةٍ بزمنٍ لا يتغير، أو وصف، كما تقدم في المبيع. "شرحه". قوله: (مجهولين) يعني: في العرف، معلومين للعاقدين بالمشاهدة. قوله: (وبنفقة عبده) يعني: أو نفسه، أو زوجته، أو ولده ونحوه، لا دابته. قوله: (بقيمة مبيع) وكذا في إجارة بقيمةِ منفعةٍ، وينبغي مثله إذا تلفت الصنجة قبل الوزن، فللبائع قيمةُ المبيع. وعرضته على شيخنا فأقره. قوله: (والأصح ... إلخ) اختار في «الإقناع»: أنها كالأولى وأولى. وقد

قَوْلُ الْمُنَقِّحِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الثَّانِي إنْ كَانَ فِي مُدَّةِ خِيَارِ وَإِلَّا فالْأَوَّلُ، انْتَهَى وَلَا يَصِحُّ بِرَقْمِهِ وَلَا بِمَا بَاعَ بِهِ زَيْدٌ إلَّا إنْ عَلِمَاهُمَا وَلَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً

_ يفرق بين ما هنا، وما يأتي في الخيار: أن الزيادة هنا ظاهرًا غير مقصودة باطناً، بخلاف ما يأتي. وهذا أظهر. فتدبر. قوله: (برقم) الرقم مثل الختم لفظاً ومعنىً. «مصباح». قوله: (ولا بألف درهم ذهباً وفضةً) لجهل مقدار كل من الألف، كما لو قال: بعضها ذهب وبعضها فضة. وبخطه أيضاً على قوله: (ولا بألف درهم ذهباً وفضة) قد يقال: هذا لا جهالة فيه؛ لأنه يؤول الأمر في هذه المسألة إلى أن البيع وقع بألف درهم، واشترط أن ينقده من جنسي الذهب والفضة؛ إذ الدرهم هو المقدار المعلوم من الفضة، كما يومي إليه قول المصنف الآتي: (ولا بدينار أو درهم مطلقٍ)، إلاأن يقال: إنه استعمله في المقدار من الذهب أيضاً. وليس هذا بمتعارفٍ، بدليلما ما يأتي من عدم صحة البيع في قوله: بعتك هذا (بدينارٍ إلا درهماً)، أو (بمئة درهم إلا دينارا)؛ لأنهم فسَّروا نحو هذا بما المستثنى فيه من غير جنس المستثنى منه. فليحرر. محمد الخلوتي.

وَلَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَرِطْلِ خَمْرٍ وَلَا بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ السِّعْرُ وَلَا كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ وَلَا بِدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ مُطْلَقٍ وَثُمَّ نُقُودٌ مُتَسَاوِيَةٌ رَوَاجًا إلَّا وَاحِدٌ أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا صَحَّ وَصُرِفَ إلَيْهِ وَلَا بِعَشَرَةٍ صِحَاحًا أَوْ إحْدَى عشَرةَ

_ قوله: (ورطل خمر) انظر: هلا كان هذا من تفريق الصفقة، وقد يقال بالفرق بين الثمن والمثمن، وهو: أن البيع يتعدد بتعدد الثمن، فيتأتى تفريق الصفقة فيه، بخلاف الثمن، فإن البيع لا يتعدد بتعدده، وقد أشار الشيخ منصور البهوتي في «الحاشية» إلى هذا الفرق فيما يأتي في تفريق الصفقة. فتنبه له. محمد الخلوتي. قوله: (ولا كما يبيع الناس) ما لم يكن قد وقع تسعير من الحاكم على سعر معين يعلمان قدره، وكانوا لا يمكنهم مخالفته، وإلا فما يبيع به الناس لا ينضبط؛ لاختلافهم. محمد الخلوتي. قوله: (ولا بدينار) أي: مطلق. قوله: (متساوية رواجاً) يعني: مختلفة قدرًا. قوله: (صحاحا) حال. قوله: (أو إحدى عشرة) كأن الظاهر: أو أحد عشر، كما هو في بعض نسخ «الإقناع»؛ لأن ما زاد على العشرة من العدد يوافق تمييزه في التذكير والتأنيث، والتمييز هنا مذكر وهو: الدرهم أو الدينار، ولا يقال إنهم قالوا: إذا حذف المعدود، جاز التذكير والتأنيث، كما قاله النووي؛ لأنا نقول: هو مخصوص بما كان من جنس الليالي والأيام، كما صرح به السُّبكي

مُكَسَّرَةً وَلَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ عِشْرِينَ نَسِيئَةً إلَّا إنْ تَفَرَّقَا فِيهِمَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَا بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَلَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا أَوْ إلَّا قَفِيزًا أَوْ نَحْوِهِ وَلَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أَرْهَنَ بِهَا وَبِالْمِائَةِ الَّتِي لَك هَذَا وَلَا مِنْ صُبْرَةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ قَطِيعٍ كُلَّ قَفِيزٍ أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الْقَطِيعِ كُلَّ قَفِيزٍ ذِرَاعٍ أَوْ شَاةٍ

_ فيما كتبه على قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث» الحديث. قوله أيضاً على قوله: (أو إحدى عشرة) أي: مختلفة مكررًا. قوله: (مكسرة) حال. قوله: (أو عشرين نسيئةً) أو الصبرة على أن أزيدك قفيزا، أو أنقصك قفيزًا. قوله: (أو نحوه) أي: مما المستثنى فيه من غير جنس المستثنى منه للجهالة، وفيه: أنهم اغتفروا الجهالة التي تزول بالحساب، كما سيأتي التصريح به على جهة القاعدة الكلية في السادس من أنواع الخيار. محمد الخلوتي. قوله: (ولا من صبرة ... إلخ) الفرق بين هذه والتي بعدها، حيث صح البيع في الثانية دون الأولى، أنَّ البيع في الأولى هو الجزء الذي اقتضه (من) التبعيضية، وعدد القفزان المدلول عليه بـ «كل» مجهول، والمبيع في الثانية: الصبرة المشاهدة، ويعلم مقدارها بالكيل، ومثل الصبرة، الثوب، والقطيع. وجهالة الثمن تؤدي إلى جهل المثمن، وعلمه إلى علمهِ. محمد الخلوتي.

بِدِرْهَمٍ ومَا بِوِعَاءٍ مَعَ وِعَائِهِ مُوَازَنَةُ كُلِّ رِطْلٍ بِكَذَا مُطْلَقًا ودُونَهُ مَعَ الِاحْتِسَابِ بِزِنَتِهِ عَلَى مُشْتَرٍ إنْ عَلِمَا مَبْلَغَ كُلٍّ مِنْهُمَا وجُزَافًا مَعَ ظَرْفِهِ أَوْ دُونَهُ أَوْ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَسْقُطَ مِنْهُ وَزْنُ الظَّرْفِ وَمَنْ اشْتَرَى زَيْتًا أَوْ نَحْوَهُ فِي ظَرْفٍ فَوَجَدَ فِيهِ رُبًّا صَحَّ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُ الرُّبِّ

_ قوله: (وما بوعاء ... إلخ) اعلم: أنه قد اشتمل على ست صور إحداها: بيع الوعاء بما فيه وزناً، سواء علما قدر كل على انفراده أو لا. الثانية: بيع ما في الوعاء دونه، مع احتساب بائع بوزن الوعاء على مشتر، فيشترط في هذه الصورة أن يعلما مبلغ كل منهما. الثالثة: بيع الوعاء بما فيه جزافاً. الرابعة: بيع ما في الوعاء دونه جزافاً. الخامسة: بيع الوعاء بما فيه وزناً، على أن يسقط من وزن المجموع وزن الظرف، فيحتسب وزنه على البائع بشرط علمهما وزن كل. السادسة: بيع ما في الوعاء دونه وزناً، على أن يسقط من وزن المجموع وزن الظرف، فيحتسب وزنه على البائع. وهذه الأخيرة أغلبها في الديار المصرية، وكلها تؤخذ من كلام المصنف. قوله: (موازنةً) أي: وزناً. قوله: (في ظرف) ظاهره: ولو جزافا. قوله: (فوجد فيه ربا) مثلا. قوله: (ولم يلزمه) أي: البائع. قوله: (بدل الرُّبِّ) فإن تراضيا، جاز.

فصل في تفريق الصفقة وهي: أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ مَنْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا لَمْ يَتَعَذَّرْ عِلْمُهُ صَحَّ فِي الْمَعْلُومِ بِقِسْطِهِ لَا إنْ تَعَذَّرَ وَلَمْ يُبَيَّنْ ثَمَنُ الْمَعْلُومِ وَمَنْ بَاعَ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُ بَعْضَهُ صَحَّ فِي مِلْكِهِ بِقِسْطِهِ وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ والْأَرْشُ إنْ أَمْسَكَ فِيمَا يُنْقِصُهُ التَّفْرِيقُ وَإِنْ بَاعَ قِنَّهُ مَعَ قِنِّ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ، أَوْ مَعَ حُرٍّ، أَوْ خَلًّا مَعَ خَمْرٍ، صَحَّ فِي قِنِّهِ وفِي خَلٍّ بِقِسْطِهِ وَبِقَدْرِ خَمْرٍ خَلًّا وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ

_ قوله: (ولم يبين ثمنَ المعلوم) فهم منه: أنه إذا بين ثمنُ المعلوم، صح فيه إن صح بيع المعلوم على انفراده، لو نص عليه، كما إذا قال: بعتك هذه الفرس وما في بطن الأخرى، وبين ثمن الفرس، كمئة، بخلاف: بعتك الفرس وحملها بكذا، فلا يصح، ولو بين ثمن كل منهما؛ لأن دخوله بالتبعية لا يتأتى بعد مقابلته بثمنٍ، وإبطالُ البيع فيه دون أمه بمنزلة استثنائه، وهو مبطل للبيع، كما تقدم. هذا حاصل ما أفاده الشيخ منصور في «شرح الإقناع»، رحمه الله، بحثاً. قوله: (ويقدر خمر خلا) أي: وكذا يقدر حر قنا، وإنما اقتصر على

وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ عَبْدَيْهِ لِاثْنَيْنِ أَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ وَكِيلَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ صَحَّ وَقُسِّطَ عَلَى قِيمَتَيْهِمَا وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّا وَقُسِّطَ عَلَيْهِمَا وبَيْنَ بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ بَطَلَ وَصَحَّتْ وَمَتَى اُعْتُبِرَ قَبْضٌ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَبْطُلْ الْآخَرُ بِتَأَخُّرِهِ فصل وَلَا يَصِحُّ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ

_ التنبيه على تقدير الخمر خلا، إشارة إلى الخلاف فيه، والرد على القائل بتقويمه عند أهل الذمة، الذين يرون بيعه، كما حكاه في «المبدع». شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (أو وكيلهما) أي: أو من مالك ووكيلٍ، فهي خمسُ صورٍ، وإن اعتبرت ما في قوله: (أو عبديه لاثنين) من العموم زادت الصور، فإنه يشمل: ما إذا كانا مالكين، أو وكيلين، أو مختلفين. على أنه لو اقتصر في مسألة: (أو اشترى) على قوله: (من اثنين)، لشمل كذلك قوله: (وبين بيع وكتابة) أي: بيع شيء لرقيقه، وكتابة، أي: وباعه نفسه. انتهى. فصل في موانع صحة البيع قوله: (ممن تلزمه جمعة) أي: بنفسه، كالحر المكلف المقيم، أو بغيره، كالمسافر، فلو وكل في بيع أو شراء من لا تلزمه، كالمرأة والمسافر، فعقد وكيله بعد النداء مع من لا تلزمه، فالظاهر الجواز؛ لأن إباحة ذلك لمن لا تلزمه،

بَعْدَ نِدَائِهَا الَّذِي عِنْدَ الْمِنْبَرِ الْمُنَقِّحُ: أَوْ قَبْلَهُ لِمَنْ مَنْزِلُهُ بَعِيدٌ، بِحَيْثُ إنَّهُ يُدْرِكُهَا: انْتَهَى إلَّا مِنْ حَاجَةٍ كَمُضْطَرٍّ إلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ يُبَاعُ وعُرْيَانٍ وَجَدَ سُتْرَةً وَكَفَنٍ وَكَمُؤْنَةِ تَجْهِيزٍ لِمَيِّتٍ خِيفَ فَسَادُهُ

_ ليست مخصوصة بما إذا كان لنفسه، بدليل أنهم عدوا فيمن يجوز له البيع والشراء بعد النداء، العبد، ومعلوم أنه لا يعقد لنفسه. بقي أنه هل يقال: لا بد من التوكيل قبل النداء أم يجوز حتى بعده؟ الظاهر: الثاني. قوله: (بعد ندائها) فلو صدر الإيجاب أو القبول ممن تلزمه بعد النداء، والآخر لا تلزمه، حرم ولم ينعقد. ومنه يعلم: أنه لو صدر الإيجاب أو القبول قبل النداء ممن تلزمه، وتممه بعده من لا تلزمه، جاز ذلك، وصح فيما يظهر. وبخطه أيضا على قوله: (بعد ندائها) أي: أذانها، أي: الشروع فيه، ولو لأحد جامعين بالبلد، قبل أن يؤذن للآخر، وصححه في «الفصول»، وظاهره: ولو أراد الصلاة فى الجامع الذي لم يؤذن له، ويطلب الفرق بينه وبين التنفل بعد الإقامة إذا أراد الصلاة مع غير ذلك الإمام. وبخطه أيضاً على قوله: (بعد ندائها)، يعني: ولو لم يعلم به؛ لأن العبرة بما في نفس الأمر. قوله: (بحيث ... إلخ) متعلق بمحذوفٍ هو صفة لمصدر، أي: قبلية كائنة بحيث إنه يدرك الصلاة مع الخطبة فقط. وقبل ذلك لا يلزم. قوله: (كمضطر) أي: كشراء مضطر، بتقدير مصدر مضاف لفاعله، لأنه مثال لما استثني من قوله: (ولا شراء)، ثم هذا المصدر المضاف لفاعله، قد أضيف تقديرًا إلى مفعولِه أيضا؛ لأنه عطف على الفاعل في قوله: (وكفن ... إلخ)، فهو

بِتَأَخُّرِ ووُجُودِ أَبِيهِ أَوْ نَحْوِهِ يُبَاعُ مَعَ مَنْ لَوْ تَرَكَهُ لَذَهَبَ ومَرْكُوبٍ لِعَاجِزٍ أَوْ ضَرِيرٍ عَدِمَ قَائِدًا وَنَحْوِهِ وَكَذَا لَوْ تَضَايَقَ وَقْتُ مَكْتُوبَةٍ وَيَصِحُّ إمْضَاءُ بَيْعِ خِيَارٍ وَبَقِيَّةُ الْعُقُودِ وَتَحْرُمُ مُسَاوِمَةٌ وَمُنَادَاةٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عِنَبٍ أَوْ عَصِيرٍ لِمُتَّخِذِهِ خَمْرًا وَلَا سِلَاحٍ وَنَحْوِهِ فِي فِتْنَةٍ، أَوْ لِأَهْلِ حَرْبٍ، أَوْ قُطَّاعِ طَرِيقٍ مِمَّنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَلَوْ بِقَرَائِنَ، وَلَا مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَمَشْمُومٍ وَقَدَحٍ لِمَنْ يَشْرَبُ عَلَيْهِ أَوْ بِهِ مُسْكِرًا، وجَوْزٍ وَبَيْضٍ وَنَحْوِهِمَا لِقِمَارٍ. وغُلَامٍ وَأَمَةٍ لِمَنْ عُرِفَ بِوَطْءِ دُبُرٍ، أَوْ ِغِنَاءٍ

_ نظير: يعجبني أكل زيد الخبز، واللحم، بجر اللحم عطفاً على زيدٍ. على تقدير إضافة المصدر لمفعوله. فتدبر. قوله: (ووجود أبيه ... إلخ)، لعله من إضافة الصفة للموصوف، والأصل: وأبيه ونحوه الموجود يباع ... إلخ، ليناسب تقدير شراءٍ، كما في سوابقه ولواحقه. قوله: (ونحوه): كأمِّه وأخيه. قوله: (وقت مكتوبةٍ) ولو جمعةً لم يؤذن لها. قوله: (ويصحُّ إمضاء بيع خيارٍ) أي: وفسخه. قوله: (لمتخذه خمرًا) يعني: ولو ذميًا. قوله: (وقدح) مثلا. قوله: (أو غناء) أي: محرم، وهو بالمد وكسر الغين المعجمة، وأما بالفتح، فهو: النفع.

وَلَوْ اُتُّهِمَ بغُلَامِهِ فَدَبَّرَهُ أَوَّلًا وَهُوَ فَاجِرٌ مُعْلِنٌ أُحِيلَ بَيْنَهُمَا كَمَجُوسِيٍّ تُسْلِمُ أُخْتُهُ وَيُخَافُ أَنْ يَأْتِيَهَا وَلَا قِنٍّ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي يَدِهِ أُجْبِرَ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَا تَكْفِي كِتَابَتُهُ وَلَا بَيْعُهُ بِخِيَارٍ وَبَيْعٌ عَلَى بَيْعِ مُسْلِمٍ كَقَوْلِهِ لِمُشْتَرٍ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ: أُعْطِيكَ مِثْلَهُ بِتِسْعَةٍ وَشِرَاءٌ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لِبَائِعٍ شَيْئًا بِتِسْعَةٍ: عِنْدِي فِيهِ عَشَرَةٌ، زَمَنَ

_ قوله: (ولو اتهم) يجوز كونه بضمِّ الهمزة، وسكون التاء، وكسر الهاء على أن الهمزة قطعية، ويجوز تشديد التاءِ مضمومة على أن الهمزة وصلية، والفعل مبني للمفعول فيهما. قال في «المصباح»: أتهمته ظننت به سوءا، واتهمته بالتثقيل مثله، على وزن افتعلت. قوله: (فدبره) لأنه لا يمنع البيع. قوله: (أُحيل بينهما) ولو ببيع؛ لئلا يخلو به. قوله: (بخيار) يعني: له أولهما لا لمشتر فقط. قوله: (وبيع) مبتدأ، (وشراء) معطوف عليه، وخبرهما محذوف تقديره: محرمان، لدلالة خبرِ ما بعده، أعني: قوله: (وسوم) عليه، فهو نظير: زيد وعمرو وبكر مضروبٌ، ولك أن تقدر خبر كل بعده على حدته. قوله: (كقوله ... إلخ) انظر: هذا التصوير فإنه مشكلٌ؛ إذ قوله: (أعطيك مثله بتسعة). وكذا قوله: (عندي فيه عشرة) ليس بيعًا، ولا شراء، فلعلَّ المراد: مع ما ينضمُّ إلى ذلك ليتم به عقد البيع من

الْخِيَارَيْنِ وَسَوْمٌ عَلَى سَوْمِهِ مَعَ الرِّضَا صَرِيحًا مُحَرَّمٌ لَا بَعْدَ رَدِّ وَلَا بَذْلُ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى وَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى السَّوْمِ فَقَطْ وَكَذَا إجَارَةٌ وَإِنْ حَضَرَ بَادٍ لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ بِسِعْرِ يَوْمِهَا وَجَهِلَهُ وَقَصَدَهُ حَاضِرٌ عَارِفٌ بِهِ وَبِالنَّاسِ إلَيْهَا حَاجَةٌ حَرُمَتْ مُبَاشَرَتُهُ الْبَيْعَ لَهُ وَبَطَلَ رَضُوا أَوْ لَا صَحَّ كَشِرَائِهِ لَهُ وَيُخْبِرُ مُسْتَخْبِرًا عَنْ سِعْرٍ جَهِلَهُ وَمَنْ خَافَ ضَيْعَةَ مَالِهِ أَوْ أَخْذَهُ ظُلْمًا صَحَّ بَيْعُهُ لَهُ

_ القبول في الأولى، والإيجاب في الثانية، وقد يقال: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن ما ذكر يرجع إلى معنى المعاطاة، وهي كافية ويصدق عليها البيع والشراء خصوصاً مع قوله هناك: (ونحوه) مما يدل على بيع وشراءٍ. محمد الخلوتي. قوله: (لا بعد رد) عطفٌ على محذوف، والتقدير: محرم قبل الرد لا بعده، وإنما أظهر، لحذف المرجع. قوله: (فقط) أي: دون البيع والشراء. قوله: (وكذا إجارة) أي: في الثلاثة، أعني: الإيجار والاستئجار والسوم. وتصح في الأخير. قوله: (باد) أي ليس من أهل البلد. قوله: (ويخبر ... إلخ)، أي: وجوباً. قوله: (له) أي: لمن خاف أن يأخذه منه؛ لعدم تحقق الإكراه، والضمير على هذا في بيعه للمال، وإضافة المصدر إلى مفعوله عند حذف الفاعل كثيرةٌ، كما في قوله تعالى: (بسؤال نعجتك). [ص: 24]. كما نص عليه بدر الدين ابن مالك في «شرح الخلاصة». ويحتمل أن المعنى: صح بيع المالك لماله في هذه

وَمَنْ اسْتَوْلَى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا حَقٍّ أَوْ جَحْدِهِ أَوْ مَنَعَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ إيَّاهُ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ وَمَنْ أَوْدَعَ شَهَادَةً فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي أَبِيعُهُ أَوْ أَتَبَرَّعُ بِهِ خَوْفًا وَتَقِيَّةً عُمِلَ بِهِ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: اشْتَرِنِي مِنْ زَيْدٍ فَإِنِّي عَبْدُهُ، فَفَعَلَ فَبَانَ حُرًّا فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا غَرِمَهُ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْهُ الْعُهْدَةُ حَضَرَ الْبَائِعُ أَوْ غَابَ كَاشْتَرِ مِنْهُ عَبْدَهُ هَذَا وَأُدِّبَ هُوَ وَبَائِعٌ وَتُحَدُّ مُقِرَّةٌ وُطِئَتْ وَلَا مَهْرَ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا بِثَمَنٍ نَسِيئَةً أَوْ لَمْ يُقْبَضْ حُرِّمَ وَبَطَلَ شِرَاؤُهُ لَهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِ ... الْأَوَّلِ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَوْ نَسِيئَةً وَكَذَا

_ الحالة، فيكون من إضافة المصدر لفاعله، أي: سواء باعه لمن خاف منه أو لا. والاحتمال الأوَّل أقربُ؛ لأن فيه تنصيصاً على الصورة المتوهَّمةِ. فتدبر. قوله: (فإن أخذ شيئا) أي: من الثمن، سواء قبضه من المشتري أو من غيره؛ لأنه بغير حق، كالغصب. قوله: (عبده) هذا بخلاف ما لو قال: اشتر منه عبده، من غير أن يقول: هذا، فلا يعزر. قوله: (وأدب هو) أي: القائل في الصورتين، والمراد: عزر. محمد الخلوتي. قوله: (ومن باع شيئاً بثمن نسيئة، أو لم يقبض، حرم، وبطل شراؤه له من مشتريه بنقدٍ من جنس الأول أقل منه ولو نسيئة. وكذا

الْعَقْدُ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَ وَسِيلَةً إلَى الثَّانِي إلَّا إنْ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْعِينَةِ ; لِأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ إلَى أَجَلٍ يَأْخُذُ بَدَلَهَا عَيْنًا أَيْ نَقْدًا حَاضِرًا وَعَكْسُهَا مِثْلِهَا

_ العقد الأول حيث كان وسيلة إلى الثاني، إلا إن تغيرت صفته. وتسمى: مسألة العينة؛ لأن مشتري السلعة إلى أجل، يأخذ بدلها عينا، أي: نقدًا حاضرًا، وعكسها مثلها) انتهى المقصود. [وقد اشتمل كلامه -رحمه الله تعالى- كغيره على أن يشترط في مسألة العينة ستة شروط: أحدها: أن يكون العقد فيها قبل قبض الثمن في العقد الأول. والثاني: أن يكون المشتري هو البائع، أو وكيله، والثالث: أن يشتريها من المشتري، أو وكيله. والرابع: أن يكون الثمن من جنس الأول. والخامس: أن يكون الثمن فيها أقل منه في العقد الأول. والسادس: أن لا تتغير صفة المبيع، بنحو مرض أو نسيان صنعة، فإن فقد شيء مما ذكر، لم تكن من العينة المحرمة الباطلة. وأما عكسها، فيشترط فيه أيضاً ستة شروط، بعضها موافق لما اشترط في مسألة العينة، وبعضها مخالف له. فأحدها: أن يكون العقد فيه بعد قبض الثمن في العقد الأول. والثاني: أن يكون المشتري هو البائع، أو وكيله. والثالث: أن يشتريها من المشتري أو وكيله. والرابع: أن يكون الثمن من جنس الأول. والخامس: أن يكون الثمن فيه، أي: في العكس أكثر منه في العقد الأول. والسادس: أن لا تتغير صفة المبيع بنحو سمن وتعلم صنعة. إذا علمت ذلك، فلمسألة العينة ست صور: إحداها: أن يبيع زيد على عمرٍو مثلا شيئاً بثلاثين درهما مؤجلة، ثم يشتريه منه بعشرين حاضرة مقبوضة، أو حالة في الذمة غير مقبوضة، أو مؤجلة، هذه الثلاث كلها مع كون الثمن في العقد

_ الأول مؤجلا، ويتأتى مثلها فيما إذا كان الثمن في العقد الأول حالا غير مقبوض، فهذه ست صور. وإن اعتبرت فيما إذا كان الثمن في العقد الأول مؤجلا، أن العقد في مسألة العينة يكون تارة قبل حلول الأجل، وتارة بعده، زادت الصور ثلاثا، فيصير المجموع تسع صور. وأما عكس مسألة العينة، فهو: أن يبيع شيئاً بنقد حاضر، أي: مقبوض كعشرين، ثم يشتريه البائع من مشتريه بأكثر، كثلاثين من جنس النقد الأول غير مقبوض، سواء كان الثمن في العقد الثاني، وهو العكس، حالا أو مؤجلا، فتحت العكس صورتان، فالصور في العينة وعكسها ثمان، أو إحدى عشرة صورة، بقي أن قولهم: بنقدٍ، أي: بفضة أو ذهب، هل هو قيد، أم مثله باقي الربويات؟ كما لو باع مثلا: شاة بقدر معلومٍ من القمح، ثم اشتراها منه بأقل أو بأكثر من جنس ذلك القمح، على ما تقدم في الصور. الظاهر: أنه لا فرق؛ لأنهم عللوا التحريم والبطلان في مسألة العينة وعكسها؛ بأن ذلك ذريعة إلى الربا، ومعلوم عدم قصر ذلك على النقدين. والله سبحانه أعلم بالصواب. قوله: (أي نقدا حاضرا) هكذا في «المصباح»، قال: وذلك حرام إذا شرط المشتري على البائع أن يشتريها منه بثمن معلوم، فإن لم يكن بينهما شرط، فأجازها الشافعي، فلو باعها المشتري من غير بائعها في المجلس، فهي عينة أيضا، لكنها جائزة بالاتفاق. انتهى].

وَإِنْ اشْتَرَاهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ غُلَامُهُ وَنَحْوُهُ صَحَّ مَا لَمْ يَكُنْ حِيلَةً وَإِنْ بَاعَ مَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا نَسِيئَةً ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ بِثَمَنِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مَالًا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ نَسِيئَةً لَمْ يَصِحَّ حَسْمًا لِمَادَّةِ رِبَا النَّسِيئَةِ فصل يحرم التسعير وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ وَإِنْ هَدَّدَ مَنْ خَالَفَهُ حَرُمَ وَبَطَلَ وَحَرُمَ بِعْ كَالنَّاسِ واحْتِكَارٌ فِي قُوتِ آدَمِيٍّ وَيَصِحُّ شِرَاءُ مُحْتَكَرٍ

_ قوله: (وإن باع ما يجري فيه الربا ... إلخ) وهو المكيل والموزون. قوله: (من جنسه) أي: شيئا من جنس المبيع. قوله: (أو ما لا يجوز بيعه ... إلخ) أي: شيئا من غير جنس المبيع لا يجوز بيع ذلك المبيع بهذا المشترى نسئية؛ بأن يكونا مكيلين، أو موزونين، بخلاف ما لو كان الأول مكيلا والثاني موزونًا، فيصح، وإنما حملناه على ما هو من غير جنس المبيع؛ لئلا يكون من عطف العام على الخاص، لاختصاص ذلك بـ الواو دون (أو)، التي وقع العطف هنا بها. فتدبر. قوله: (واحتكارٌ) وهو شراؤه زمن الحاجة ليغلو.

وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ فَإِنْ أَبَى وَخِيفَ التَّلَفُ فَرَّقَهُ الْإِمَامُ وَيَرُدُّونَ بَدَلَهُ وَكَذَا سِلَاحٌ لِحَاجَةٍ وَلَا يُكْرَهُ ادِّخَارُ قُوتِ أَهْلِهِ وَدَوَابِّهِ وَمَنْ ضَمِنَ مَكَانًا لِيَبِيعَ فِيهِ وَيَشْتَرِيَ فِيهِ وَحْدَهُ كُرِهَ الشِّرَاءُ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ كَمِنْ مُضْطَرٍّ نَحْوِهِ وجَالِسٍ عَلَى طَرِيقٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ زِيَادَةٍ بِلَا حَقٍّ

_ قوله: (ويردون بدله) أي: مثلُ المثلي، وقيمةُ المتقوَّم. قوله: (كمن مضطرٍ) أي: بدون ثمنِ مثل. قوله: (أخذُ زيادة) يعني: على ثمن مثلٍ أومثمن. قوله: (بلا حق) بخلاف ما لو كانت سلعته أحسن، فطلب زيادة لذلك. محمد الخلوتي.

باب الشروط في البيع

باب الشروط في البيع وَالشَّرْطُ فِيهِ وشِبْهِهِ إلْزَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْآخَرَ بِسَبَبِ الْعَقْدِ مَا لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَتُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهُ لِلْعَقْدِ وَصَحِيحُهُ أَنْوَاعٍ: مَا يَقْتَضِيهِ بَيْعٌ ك تَقَابُضٍ وَحُلُولِ ثَمَنٍ وَتَصَرُّفِ كُلٍّ فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ ورَدِّهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَلَا أَثَرَ لَهُ الثَّانِي مِنْ مَصْلَحَتِهِ كَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ بِهِ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ صِفَةً فِي مَبِيعٍ كَالْعَبْدِ كَاتِبًا

_ قوله: (ما يقتضيه بيع) أي: يطلبه مجازًا؛ لكون ما ذكر مقصودًا في البيع، فجعل البيع طالباً، كقوله تعالى: (جدارًا يريد أن ينقض). [الكهف: 77]. قوله: (أو بعضه) أي: المعلوم إلى أجل معلوم. قوله: (به) أي: بالثمن، أو بعضه. واقتصر في «الشرح» على الأول، وأراد به كلا أو بعضا. ولو ثنى الضمير، لكان أولى، كما في قوله تعالى: (إن يكن غنياً أو فقيرًا فالله أولى بهما). [النساء: 135]. قوله: (كالعبد كاتباً) التقدير: ككون العبد كاتبا، كما أفاده حل الشارح، فـ (كاتباً) منصوب على الخبرية للكون، وعمل مع حذفِه؛ لانه حذف من حيث إنه مضاف، وعمل

أَوْ فَحْلًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ صَانِعًا أَوْ مُسْلِمًا والْأَمَةِ بِكْرًا أَوْ تَحِيضُ والدَّابَّةِ هِمْلَاجَةَ أَوْ لَبُونًا أَوْ حَامِلًا والْفَهْدِ أَوْ الْبَازِي صَيُودًا والْأَرْضِ خَرَاجُهَا كَذَا والطَّائِرِ مُصَوِّتًا أَوْ يَبِيضُ أَوْ يَجِيءُ مِنْ مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا أَنْ يُوقِظَهُ لِلصَّلَاةِ وَيَلْزَمُ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ أَوْ أَرْشُ فَقَدْ الصِّفَةِ وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدٌّ تَعَيَّنَ أَرْشُ

_ من حيث إنه ناسخٌ. وأمَّا امتناع عمل المصدرِ محذوفًا، فهو من حيث المصدرية، الذي هو رفع الفاعل ونصب المفعول. فتدبر. قوله: (أو فحلا) قال في «الحاشية»: كان ينبغي أن يكون هذا مما يقتضيه العقد؛ إذ لو تبيَّن خلافه، لكان له الفسخ وإن كان لم يشترطه، فلا أثر لشرطه، ولذلك لم يذكره في «المقنع» وغيره. قوله: (هملاجة) بكسر الهاء، أي: تمشي الهَمْلجة، وهي: مشية سهلة في سرعة. انتهى. قوله: (مصوتا) يعني: أو في وقت معلوم، كعند الصباح أو المساء. قوله: (أو أرش فقد الصفة) بأن يقوم المبيع متصفاً بتلك الصفة، وتعرف قيمته، ثم يقوَّم خالياً منها، وتُعرف قيمتُه، ويسقط من الثمن بنسبة ذلك.

وَإِنْ أَخْبَرَ بَائِعٌ بِصِفَةٍ فَصَدَّقَهُ بِلَا شَرْطٍ أَوْ شَرَطَ الْأَمَةِ ثَيِّبًا أَوْ كَافِرَةً أَوْ هُمَا أَوْ سَبِطَةَ أَوْ حَامِلًا فَبَانَتْ أَعْلَى أَوْ جَعْدَةً، أَوْ حَائِلًا فَلَا خِيَارَ الثَّالِثُ: شَرَطَ بَائِعٌ نَفْعًا غَيْرَ وَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ مَعْلُومًا فِي مَبِيعٍ كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا وَحِمْلَانِ الْبَعِيرِ إلَى مُعَيَّنٍ

_ قوله: (أو كافرة) أي: أو العبد كافرًا. قوله: (أو جعدةً) أو حاملاً، هو من عطف خاصٍ على عام؛ إذ هما من جملة الأعلى، فرفع بذلك توهم عدم كونهما من الأعلى. قوله: (أو هما ... إلخ) استعار المرفوع للمنصوب؛ إذ الأصل إيَّاهما، وانظر: هل هذه الاستعارة جائزة أو هي موقوفة على السماع؟ قوله: (شرط بائع نفعا) في مبيع، قال في «شرح الإقناع»: ونفقة المبيع المستثنى نفعه مدة الاستثناء، الذي يظهر أنها على البائع؛ لأنه مالك المنفعة لا من جهة المشتري، كالعينِ الموصَى بنفعها، لا كالمؤجرة والمعارة. انتهى. وبخطه أيضاً على قوله: (نفعاً) أي: لنفسه أو لغيره. قوله: (وحملان البعير) مثلا، وخصَّه؛ لورود الخبرِ فيه.

وَلِبَائِعٍ إجَارَةُ وإعَارَةُ مَا اُسْتُثْنِيَ وَلَهُ عَلَى مُشْتَرٍ، إنْ تَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ بِسَبَبِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَكَذَا شَرْطُ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ فِي مَبِيعٍ ك حَمْلِ حَطَبٍ أَوْ تَكْسِيرِهِ وخِيَاطَةَ ثَوْبٍ أَوْ تَفْصِيلَهُ، أَوْ جَذِّ رَطْبَةٍ وَنَحْوِهِ بِشَرْطِ عِلْمِهِ وَهُوَ كَأَجِيرٍ فَإِنْ مَاتَ أَوْ اسْتَحَقَّ نَفْعَهُ فَلِمُشْتَرٍ عِوَضُ ذَلِكَ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِهِ بِلَا عُذْرٍ جَازَ وَيُبْطِلُهُ جَمْعٌ بَيْنَ شَرْطَيْنِ وَلَوْ صَحِيحَيْنِ

_ قوله: (ولبائع ... إلخ) أي: لا لغير بائع ممن استثني النفع له؛ لأنه في هذه الحالة مستعير، وهو لايملك إقامة غيره. قوله: (فإن مات) يعني: بائع، فالفاء للتفسير، فما بعدها متضمن لبيان الحكم الذي حصلت المشابهة فيه. محمد الخلوتي. قوله: (أو تلف) أي: مبيع. قوله: (أو استحق) يعني: نفع بائع. قوله: (وإن تراضيا) أي: فيما إذا شرط بائع نفع مبيع، أو مشتر نفع بائع في مبيع مع عدم العذر، جاز ذلك. وأما مع العذر، فقد قدَّمه المصنف، فلا حاجة إلى ما قدره الشارح بقوله: ولو (بلا عذر) لما فيه من التكرار. تأمل. قوله: (جمع بين شرطين) ظاهر كلام الأصحاب: أن المراد: جمع بين شرطين من أحد العاقدين، وأمَّا إذا اشترط كلٌّ منهما شرطا، فلا تأثير. وتوقف الشيخ منصور البهوتي في صحة ذلك؛ نظرًا لظاهر الخبر، فعلى هذا لو

مَا لَمْ يَكُونَا مِنْ مُقْتَضَاهُ أَوْ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ غَيْرِ خُلْعٍ بِشَرْطٍ كَبِعْتُكَ عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ إلَى كَذَا أَوْ عَلَى أَنْ تُرْهِنَنِيهِ بِثَمَنِهِ، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا وَيَنْفَسِخُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ

_ بيع ثوب بثوب، وشرط كل على صاحبه تفصيل الآيل أو خياطته، لم يصح. فليحرر. محمد الخلوتي. قوله: (ما لم ... إلخ) أي: مدة عدم كونهما من مقتضاه أو مصلحته؛ بأن يكونا من النوع الثالث، أو أحدِهما منه، والآخر من الأولين، فيبطل البيع بذلك، بخلاف ما إذا كانا كلاهما من مقتضاه أو مصلحته، أو أحدهما من مقتضاه والآخر من مصلحته، فيصح ذلك ولا يبطل البيع. وبخطه أيضاً على قوله: (ما لم يكونا من مقتضاه ... إلخ) الظاهر: أن محله إذا كان الشرطان اللذان من مقتضاه أو مصلحته صحيحين، أما لو كانا فاسدين، فالظاهر: بطلان العقد بجمعهما. قوله: (تَنْقُدَني) أي: تعطيني الثمن في وقت كذا، بتعدية نقد إلى مفعولين، كما في «المصباح»، وبابه قتل، و (إلى) في كلامه مرادفة لـ (في) أو (عند) على ما في «المغني». قوله: (وينفسخ إن لم يفعل) أي: لأن قوله: (وإلا فلا بيع بيننا) فسخٌ معلق على شرط، فإذا وجد الشرط، وجد المعلق عليه، بخلاف ما لو قال: وإلا فلي الفسخ، فإنه لا يفسخ إلا بقوله إذ ذاك: فسخت، وأما الخلع، فهو وإن كان

فصل وفاسده أَنْوَاعٍ: الأول: مُبْطِلٌ كَشَرْطِ بَيْعٍ آخَرَ أَوْ سَلَفٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ صَرْفِ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الثَّانِي: مَا يَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ، كَشَرْطٍ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ كَأَنْ لَا يَخْسَرَ أَوْ نَفَقِ وَإِلَّا رَدَّهُ أَوْ لَا يَقِفَهُ أَوْ يَبِيعَهُ، أَوْ يَهَبَهُ، أَوْ يُعْتِقَهُ، أَوْ إنْ أَعْتَقَهُ فَلِبَائِعٍ وَلَاؤُهُ، أَوْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إلَّا شَرْطُ الْعِتْقِ

_ فسخا، لكن ألحق بعقود المعاوضات؛ لا شتراط العوض فيه، فلم يصح تعليقه بشرطٍ، والظاهر: أنه من تعليق الفسخ على الشرط المعروف بمصر بالبيع المعاد، وهو أن يتفقا على أن البائع متى جاء المشتري بالثمن، انفسخ البيع، ما لم يكن حيلة ليربح في قرض، فلا يصح البيع، كما سيجيء في خيار الشرط. قوله: (أو سلف) أي: سلم. قوله: (وهو) أي: العقد مع شرطه. قوله: (الثاني ما يصح معه البيع ... إلخ) أي: حيث لم يجمع بين شرطين، كما تقدم التصريح به، بل بطلانه بهما أولى من بطلانه بالصحيحين، كما أشار له المصنف بقوله فيما تقدم: (ولو صحيحين).

وَيُجْبَرُ إنْ أَبَاهُ فإن أصر أَعْتَقَهُ حَاكِمٌ وَكَذَا شَرْطُ رَهْنٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ كَخِيَارٍ أَوْ أَجَلٍ مَجْهُولَيْنِ. أَوْ تَأْخِيرِ تَسْلِيمِهِ بِلَا انْتِفَاعِ أَوْ إنْ بَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَحْمِلُ وَلِمَنْ فَاتَ غَرَضُهُ الْفَسْخُ أَوْ أَرْشَ نَقْصِ ثَمَنٍ أَوْ اسْتِرْجَاعُ زِيَادَةَ بِسَبَبِ إلْغَاءِ وَمَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: بِعْنِي هَذَا عَلَى أَنْ أَقْضِيكَ مِنْهُ فَبَاعَهُ صَحَّ الْبَيْعُ لَا الشَّرْطُ وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْحَقِّ: اقْضِنِيهِ عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ كَذَا بِكَذَا فَقَضَاهُ صَحَّ دُونَ الْبَيْعِ

_ قوله: (ويجبر إن أباه) ولا يصح بيعه بشرط العتق؛ لأنه يتسلسل. قوله: (أو تأخير تسليمه) لعله بلا مصلحةٍ. قوله: (ولمن فات ... إلخ) يعني: لفساد الشرط من بائع ومشتر علم الحكم أو جهله. «شرحه». قوله: (لا الشرط) ولبائع الفسخ أو أخذ أرش نقص ثمنٍ، على ما تقدم شرحه. قوله: (صح دون البيع) أي: دون شرط البيع، فلا يلزم الوفاء به، ثم إن أوقعا

وَإِنْ قَالَ اقْضِنِي أَجْوَدَ مِمَّا لِي عَلَى أَنْ أَبِيعُكَ كَذَا، فَفَعَلَا فبَاطِلَانِ الثَّالِثُ: مَا لَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ بَيْعٌ كَبِعْتُكَ أَوْ اشْتَرَيْتُ إنْ جِئْتَنِي، أَوْ رَضِيَ زَيْدٌ بِكَذَا وَيَصِحُّ بِعْتُ وَقَبِلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وبَيْعُ الْعُرْبُونِ وإجَارَتُهُ وَهُوَ:

_ البيع بعدُ برضاهما، جاز، خلافا لما يوهمه كلامُ الشَّارح. فتنبَّه. قوله: (ما لا ينعقد معه بيع) إن قلت: ما الفرق بينه وبين الأول، وهلا جعلهما قسمًا واحدًا لما فيه من لم الشعث؟ قلت: الأول من حيث إنه شرط عقد في عقدٍ، والثاني من حيث إنه تعليق على شيء، فهما شيئان، وإن اتفقا في إبطالهما للعقد من أصله، كما تقدم نظيره في أقسام الصحيح، فإنها متفقة في صحة العقد معها لكنها متغايرة في غير ذلك، وصنيع «الإقناع» يرشد إلى ذلك، فراجعه. قوله: (وبيع العربون) العربون: بفتح العين والراء، فيه لغة على وزن عصفور.

دَفْعُ بَعْضِ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَيَقُولُ إنْ أَخَذْتَهُ أَوْ جِئْتُك بِالْبَاقِي وَإِلَّا فَهُوَ لَكَ لَا جَاءَ لِمُرْتَهِنٍ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ وَمَا دُفِعَ فِي عُرْبُونٍ فَلِبَائِعٍ ومُؤَجِّرٍ إنْ لَمْ يَتِمَّ وَمَنْ قَالَ إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِلْكٌ وَإِلَّا وَقَالَ إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ

_ قوله: (أو أجرةٍ) يعني: بعد عقدٍ فيهما. قوله: (إن أخذته) احتسبت به. قوله: (أو جئتُ بالباقي) يعني: احتسبتُ به. قوله: (ومن قال: إن بعتك ... إلخ) بخلاف ما لو قال لزوجته: إن خلعتك فأنت طالق، فخلعها، فإنها لا تطلق؛ لأنَّ البائن لا يلحقها الطلاق، أي: ولتشوف الشارع إلى العتق دون الطلاق. قوله: (فباعه ... إلخ) قال في «الإقناع» تبعاً لجمع: عتق على البائع قبل القبول. قال في «شرحه»: وفيه نظر، كما قال ابن رجب، أي: بل إنما يعتق بعد القبول حال انتقال الملك إلى المشتري حيث يترتب على الإيجاب والقبول انتقال الملك وثبوت العتق، فيتدافعان، فينفذ العتق لقوته وسرايته وتقدم سببه، وهذا قولُ القاضي، وابنِ عقيلٍ، وأبي الخطاب

وَمَنْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ أَوْ مِنْ عَيْبِ كَذَا إنْ كَانَ لَمْ يَبْرَأْ وَإِنْ سَمَّاهُ أَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بَرِئَ فصل ومن باع ما يذرع عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ فَبَانَ أَكْثَرَ صَحَّ وَلِكُلٍّ الْفَسْخُ مَا لَمْ يُعْطِ الزَّائِدَ مَجَّانًا

_ في «رؤوس المسائل» وغيرهم. ولا فرقَ في ذلك بين أن يكون المشتري قد علَّق أيضاً؛ بأن قال: إن اشتريته، فهو حرٌّ، أو لا، فيعتق في الصورتين على البائع، ولا يعتق على المشتري إلا إذا لم يصدر من البائع تعليقٌ، كما أفاده المصنف بقوله: (وإلا ... إلخ). قوله: (لم يبرأ) وكذا لو أبرأه من جرح لا يعرف غوره، أي: فلا يبرأ، كما في «الإقناع». قوله: (ومن باع) اعلم: أنه إذا بان المبيع زائدًا، فللبائع حالتان: إما أن يعطي الزائد للمشتري مجاناً، أو لا، ففي الأولى: لا خيار لواحد منهما، وفي الثانية: لكل الفسخ. وإذا بان ناقصا، فللمشتري ثلاثة أحوال؛ لأنه إما أن يفسخ، أو يأخذ ما وجد بجميع الثمن، أو بقسطه، ويخير بائع في الأخيرة فقط. فتدبر.

وَإِنْ بَانَ أَقَلَّ صَحَّ وَالنَّقْصُ عَلَى بَائِعٍ وَيُخَيَّرُ إنْ أَخَذَهُ مُشْتَرٍ بِقِسْطِهِ لَا إنْ أَخَذَهُ بِجَمِيعِهِ وَلَمْ يَفْسَخْ وَيَصِحُّ فِي صُبْرَةٍ ونَحْوِهَا وَلَا خِيَارَ لِمُشْتَرٍ

_ قوله: (ويخير) يعني: بائع. قوله: (ولا خيار لمشتر) يعني: ولا لبائع.

باب الخيار

باب الخيار الْخِيَارُ: اسْمُ مَصْدَرِ اخْتَارَ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ وَأَقْسَامُهُ ثَمَانِيَةٌ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَيَثْبُتُ فِي بَيْعٍ غَيْرَ كِتَابَةٍ وتَوَلِّي طُرُقِ عَقْدٍ وشِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْمُنَقِّحُ: أَوْ يَعْتَرِفُ بِحُرِّيَّتِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَكَبَيْعٍ صُلْحٌ وقِسْمَةٌ وهِبَةٌ بِمَعْنَاهُ وإجَارَةٌ

_ قوله: (وأقسامه) أي: باعتبار أسبابه. قوله: (ثمانية) يعني: بالاستقراء. قوله: (وشراء من يعتق عليه) أي: فلا خيار لمشتر وحده، وأما البائع، فهو على خياره على الصحيح. فيراجع «تصحيح الفروع». فتدبر. قوله: (بمعناه) راجعٌ للثلاثة، أي: بأن يكون الصلح على إقرار، والقسمةُ على التراضي، والهبة على عوضٍ معلومٍ، فإن الثلاثة إذن في معنى البيع.

ومَا قَبَضَهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ ورِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ لَا فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ وحَوَالَةٍ وسَبْقٍ ونَحْوهَا وَيَبْقَى إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا عُرْفًا بِأَبْدَانِهِمَا ومَعَ إكْرَاهٍ أَوْ فَزَعٍ مِنْ مَخُوفٍ أَوْ إلْجَاءٍ بِسَيْلٍ أَوْ حَمْلٍ إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسٍ زَالَ فِيهِ إلَّا إنْ تَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ أَوْ يُسْقِطَاهُ بَعْدَهُ

_ قوله: (وما قبضه ... إلخ) إنما نصَّ على هذه مع أنها من البيع؛ لئلا يتوهم أنه لا يثبت فيها خيار المجلس، كما لا يثبت فيها خيار الشرط. منصور البهوتي. محمد الخلوتي. قوله: (وربوي بجنسه) أي: فإن ذلك مما القبض فيه شرط لصحته. وهذه العبارة أحسن من قول بعضهم: وربوي بربوي، لصدقه بما إذا بيع مكيلٌ بموزونٍ. مع أن القبض حينئذ غير معتبر. فتنبَّه. قوله: (لا في مساقاةٍ ومزارعة) لا فائدة لهذا النفي إلا على القول الضعيف القائل بأنهما عقدان لازمان، ومثلهما المسابقة. محمد الخلوتي. قوله: (ويبقى) يعني: من عقد. قوله: (ومع إكراه) أي: لهما، فإن أكرِهَ أحدهما، بقيَ خيارُه فقط. قوله: (زال فيه) أي: بعد اجتماعهما، وهل يضرُّ طولُ فصلٍ بين زوالِ المانِع والاجتماعِ؟

وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ وَتَحْرُمُ الْفُرْقَةُ خَشْيَةَ الِاسْتِقَالَةِ وَيَنْقَطِعُ خِيَارُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لَا جُنُونِهِ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إذَا أَفَاقَ وَلَا يَثْبُتُ لِوَلِيِّهِ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَاهُ فِي الْعَقْدِ، أَوْ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ إلَى أَمَدٍ

_ قوله: (خشية الاستقالة) أي: فسخ البيع لا الإقالة الآتية، لعدم توقفها على خيار. قوله: (وينقطع خيار ... إلخ) أي: خيارُهما، كما في «الإقناع». قوله: (وهو) أي: من جن منهما على خياره إذا أفاق. وظاهره: ولو كان قنا فيما أذن له فيه. واستظهر الشيخ منصور البهوتي: أن سيد القن المأذون له في التجارة بمنزلة الموكل، فإن كان حاضر العقد، ثبت الخيار له، وإن لم يكن حاضرا، فالخيار للقنِّ إذا أفاق. واستظهر أيضا: أن الصغير بمنزلة المكلف، فيثبت الخيار له، لا لوليه، ولا ينتظر به بلوغه؛ لأنه عاقل، فيثبت الخيار له فيما يصح تصرفه فيه. انتهى. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ولا يثبت لوليه) ولعله ما لم يطبق الجنون.

مَعْلُومٍ فَيَصِحُّ وَلَوْ فِيمَا يَفْسُدُ قَبْلَهُ وَيُبَاعُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إلَيْهِ لَا فِي عَقْدِ حِيلَةً لِيَرْبَحَ فِي قَرْضٍ فَيَحْرُمُ وَلَا خِيَارَ، وَلَا يَحِلُّ تَصَرُّفُهُمَا الْمُنَقِّحُ: فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ

_ قوله: (ويحفظ ثمنه إليه) أي: إلى مضي ذلك الأمر، فإن تم ولم يختر أحدهما الفسخ، فالثمن المحفوظ للمشتري، ولو كان أنقص مما دفع من الثمن، ولا يرجع بالخسران، ولو كان بسبب اشتراط صاحب تلك المدة التي وقع البيع لأجلها خوف الفساد، وإن اختار أحدهما الفسخ، دفع الثمن المحفوظ إلى البائع ولو كان أكثر من ثمن المبيع أو أقل. ولا يرجع الآخر بخسران ولو كان صاحبه هو المفوت عليه أيضاً. محمد الخلوتي. قوله: (ليربح) يعني: مشتر صورة، مقرض حقيقة، وربحه بانتفاعه بالمبيع زمن خيار، فكأنه أقرضه الدراهم التي سميت ثمناً، وشرط عليه الانتفاع بالدار مدة القرض، فهو قرض جر نفعًا، وذلك حرام، كما سيأتي. قوله: (في قرض) أي: في ثمن هو في معنى القرض.

وَيَثْبُتُ فِي بَيْعٍ وَصُلْحٍ وَقِسْمَةٍ بِمَعْنَاهُ وإجَارَةٍ فِي ذِمَّةٍ أَوْ مُدَّةٍ لَا تَلِي الْعَقْدَ لَا فِيمَا قَبَضَهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ وَابْتِدَاءُ مُدَّةٍ مِنْ عَقْدٍ وَيَسْقُطُ بِأَوَّلِ الْغَايَةِ فإلَى صَلَاةٍ بِدُخُولِ وَقْتِهَا، ك الْغَدِ وَإِنْ شَرَطَاهُ يَوْمًا وَيَوْمًا صَحَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ لَهُمَا وَلَوْ وَكِيلَيْنِ كَمُوَكِّلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَأْمُرَاهُمَا بِهِ وفِي مُعَيَّنٍ مِنْ مَبِيعَيْنِ بِعَقْدٍ وَمَتَى فُسِخَ فِيهِ رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ ومُتَفَاوِتًا ولِأَحَدِهِمَا ولِغَيْرِهِمَا وَلَوْ الْمَبِيعَ وَيَكُونُ تَوْكِيلًا لَهُ فِيهِ لَا لَهُ دُونَهُمَا

_ قوله: (ويثبت ... إلخ) لم يستثن الكتابة، وتولي طرفي العقد، وشراء من يعتق عليه، كما صنع فيما سبق، فهل يؤخذ بدلالة المفهوم أنه يثبت فيها خيار الشرط أو يؤخذ بدلالة الأولى أنه لا يثبت فيها؟ وهو الظاهر في الكتابة من قوله -في بابها-، (والكتابة عقد لازم لا يثبت فيها خيار) انتهى. (وخيار) - في كلامه - نكرة في سياق النفي، فتعم كل نوع. وأيضا ظاهر (إسقاطه) الهبة: أنه لا يثبت فيها خيار الشرط، وليس كذلك، كما هو مصرح به. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ومتفاوتاً) عطف على حال محذوفة من الهاء في (شرطه)، أي: متساوياً ومتفاوتاً. قوله: (ولأحدهما) يعني: معيناً، وإلا لم يصح.

وَلَا يَفْتَقِرُ فَسْخُ مَنْ يَمْلِكُهُ إلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ وَلَا رِضَاهُ وَإِنْ مَضَى زَمَنُهُ وَلَمْ يَفْسَخْ لَزِمَ وَيَنْتَقِلُ مِلْكٌ بِعَقْدٍ وَلَوْ فَسَخَاهُ بَعْدُ فَيَعْتِقُ بِشِرَاءٍ مَا يَعْتِقُ عَلَى مُشْتَرٍ وَيَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَبِيعٍ وَكَسْبُهُ وَنَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ لَهُوَمَا أَوْلَدَ فَأُمُّ وَلَدٍ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَى بَائِعٍ بِوَطْءِ الْمَهْرُ ومَعَ عِلْمِ تَحْرِيمِهِ وزَوَالِ مِلْكِهِوَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِوَطْئِهِ الْحَدُّ وَوَلَدُهُ قِنٌّ وَالْحَمْلُ وَقْتَ عَقْدِ مَبِيعٍ لِإِنْمَاءٍ فَتُرَدُّ الْأُمَّاتُ بِعَيْبٍ بِقِسْطِهِا

_ قوله: (وما أولد) أي: مشتر. وفي سقوط خيار بائع بالإحبال روايتان، وعلى رواية عدم السقوط يرجع بقيمة أم الولد؛ لتعذر ردها. قال منصور البهوتي: وقياس ما ذكر في عتق المشتري وإتلافه للمبيع بطلان خيار البائع -انتهى- أي: فيلزم البيع، ويستقر للبائع الثمن. قوله: (وولده قن) ومع الجهل بما سبق، فالولد حر. قوله: (مبيع) أي: في حكم المبيع، فهو كإحدى عينين، فإذا تعيبت إحداهما ردت بقسطها من الثمن، فلذلك فرع عليه قوله: (فترد الأمات ... إلخ) وهذا الصحيح من الروايتين، والكلام هنا في البهائم بدليل قوله: (الأمات)، دون الآدميات، وإلا لقال: الأمهات. قوله: (فترد الأمات ... إلخ) قال منصور البهوتي: قلت: فإن كانت أمة، ردت هي وولدها؛

وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُمَا مَعَ خِيَارِهِمَا فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَمُثَمَّنٍ وَيَنْفُذُ عِتْقُ مُشْتَرٍ لَا غَيْرُ عِتْقٍ مَعَ خِيَارِ الْآخَرِ إلَّا مَعَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ بَائِعٌ مُطْلَقًا إلَّا بِتَوْكِيلِ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ فَسْخًا وَتَصَرُّفُ مُشْتَرٍ بِيعَ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ لَمْسٍ لِشَهْوَةٍ ... نَحْوِهِ وَسَوْمِهِ

_ لتحريم التفريق على القولين. انتهى. قال شيخنا محمد الخلوتي: ليس غرضه من ذلك التنكيت على المصنف، بل مجرد الفائدة؛ لأن المصنف عبر بالأمات، وهي: مختصة بالبهائم على الصحيح في اللغة، وإنما ترك المصنف هنا التنبيه على ذلك اعتماداً على ما يأتي في خيار العيب. فتدبر. قوله: (مطلقاً) أي: سواء كان الخيار لهما، أو له، أو لمشتر. "شرحه" قوله: (وليس فسخاً) يعني: فلا بد من قوله: فسخت البيع ونحوه، كما في "الإقناع"، و "شرحه". قوله: (أو لمس) قال منصور البهوتي: الأولى التعبير بالواو، أو مراده إن "أو" بمعنى الواو؛ لأن اللمس ليس من التصرف، فهو معطوف عليه بالرفع. محمد الخلوتي.

إمْضَاءٌ وَإِسْقَاطُ الْخِيَارَةِ لَا لِتَجْرِبَةٍ كَاسْتِخْدَامٍ وَلَا إنْ قَبَّلَتْهُ الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَمْنَعْهَا وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا مُطْلَقًا بِتَلَفِ مَبِيعٍ بَعْدَ قَبْضٍ وتْلَافِ مُشْتَرٍ إيَّاهُ مُطْلَقًا وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِأَمَةٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا

_ قوله: (إمضاء) أي: ولو فسد تصرفه. قوله: (كاستخدام) تنظير وتشبيه، لا تمثيل، هذا المفهوم من عبارة "الإقناع". فتدبر. قوله: (مطلقاً) أي: خيار مجلس، أو شرط. "شرحه". قوله: (بعد قبض) وكذا قبله، لكن التالف إذن قسمان: ما هو من ضمان مشتر، فيبطل الخيار فقط. وما ليس من ضمانه، كما لو اشترى بكيل، فيبطل البيع بتلفه، ويبطل معه الخيار. قوله: (مطلقاً) أي: قبض أو لم يقبض، اشترى بكيل أو وزن، أو لا، لاستقرار الثمن بذلك في ذمته. "شرحه". قوله: (وإن باع عبداً ... إلخ) يعني: بشرط خيار. قوله: (فمات العبد) يعني: أو أعتقه، أو باعه، ونحوه مما يتعذر رده معه، بخلاف ما لو كان باقياً بحاله، فإن البائع يسترجعه، ولا خصوص

وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَيُوَرَّثُ خِيَارُ الشَّرْطِ إنْ طَالَبَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي إرْثِ خِيَارِ غَيْرِهِ الثَّالِثُ خِيَارُ غَبْنٍ يَخْرُجُ عَنْ عَادَةٍ

_ لهذه الصورة، بل كذلك سائر السلع المبيعة أو المجعولة ثمنا، إذا علم بعيبها من صارت إليه بعد العقد، فإن له الفسخ واسترجاع العوض من قابضه إن كان باقياً، أو بدله إن تعذر رده، ذكر ذلك صاحب "الإقناع" في خيار العيب، وهو أنسب من ذكره هنا، فانظر ما النكتة التي قصدها المصنف؟ فتدبر. وكأن النكتة: أن العبد لما كان مبيعا بشرط الخيار فمات، وقد قرر المصنف أن الخيار يبطل مطلقاً بتلف مبيع، فربما يتوهم في صورة العبد عدم الخيار بالكلية فدفعه المصنف بأنه قد خلف خيار الشرط -الذي قلنا ببطلانه بتلف المبيع- خيار العيب في الثمن، وهو لا يؤثر فيه التلف، فلهذا كان له رد الأمة، والرجوع بقيمة العبد. فتدبر. قوله: (قبل موته) كشفعة وحد قذف؛ بأن يقول: أنا على حقي من الخيار. قوله: (غيره) كعيب، وتدليس.

وَيَثْبُتُ لِرُكْبَانٍ تُلُقُّوا وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ إذَا بَاعُوا أَوْ اشْتَرَوْا وَغُبِنُوا وَالْمُسْتَرْسَلُ غَبْنٌ. وَهُوَ مَنْ جَهِلَ الْقِيمَةَ وَلَا يُحْسِنُ يُمَاكِسُ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ وَفِي نَجْشٍ، بِأَنْ يُزَايِدَهُ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً وَلَوْ بِلَا مُوَاطَأَةٍ وَمِنْهُ أُعْطِيتُ كَذَا، وَهُوَ كَاذِبٌ وَلَا أَرْشَ مَعَ إمْسَاكِ

_ قوله: (ولمسترسل) أي: معتمد على صدق غيره، لسلامة سريرته، فينقاد له انقياد الدابة لقائدها. محمد الخلوتي. قوله: (وهو: من جهل القيمة) ويقبل قوله بيمينه في جهل القيمة، وإن لم تكذبه قرينة. ذكره في "الإقناع". وقال ابن نصر الله: الأظهر: احتياجه للبينة. "شرحه". قوله: (ولو بلا مواطأة) ولا بد من كون المزايد عارفاً بالقيمة ليحصل الاغترار بزيادته. قوله: (وهو كاذب) وإذا أخبره أنه اشتراها بكذا، وكان زائداً عما اشتراها به، لم يبطل البيع، وكان له الخيار، صححه في "الإنصاف". "شرحه". وهذا غير ما يأتي في تخبيره بالثمن؛ لأنه قد باعه هنا مساومة، هكذا نقل عن منصور البهوتي.

وَمَنْ قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ: لَا خِلَابَةَ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا خُلِبَ وَالْغَبْنُ مُحَرَّمٌ وَخِيَارُهُ ك عَيْبٍ فِي عَدَمِ فَوْرِيَّةٍ وَلَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ تَعَيُّبُهُ وَعَلَى مُشْتَرٍ الْأَرْشُ وَلَا تَلَفُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يُغْبَنُ كَثِيرًا وَكَبَيْعٍ إجَارَةٌ لَا نِكَاحٌ فِي أَثْنَائِهَا رَجَعَ بِالْقِسْطِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا مِنْ الْمُسَمَّى

_ قوله: (قيمته) ظاهره: سواء كان مثلياً أو متقوماً. ونظيره ما يأتي في السابع: من أنه إذا تلف المبيع، تحالفا وغرم المشتري قيمته، سواء كان مثليا أو متقوماً. وحكوا هناك قولا آخر: أنه يضمن بمثله إن كان مثلياً، وبقيمته إن كان متقوماً. فليحرر. محمد الخلوتي. قوله: (فإن فسخ ... إلخ) هو بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا كان المغبون هو المؤجر، ففسخ، أو كان هو المستأجر، ففسخ، فإن المؤجر في الصورتين ليس له إلا قسط ما مضى من المدة من أجرة المثل، لا من المسمى، فكلام المصنف شامل للصورتين، فإن كان المؤجر قد قبض الأجرة، وهو المغبون، ففسخ، فإن له من المسمى بقسط ما مضى، ويرجع أيضا بما نقص عن أجرة المثل فيما مضى ويرد ما بقي، وإن

الرَّابِعُ: خِيَارُ التَّدْلِيسِ بِمَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ كَتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وتَحْمِيرِ وَجْهٍ وَتَسْوِيدِ شَعْرٍ وَتَجْعِيدِهِ وجَمْعِ مَاءِ الرَّحَى وَإِرْسَالِهِ عِنْدَ عَرْضِ وَيَحْرُمُ كَكَتْمِ عَيْبٍ وَيَثْبُتُ لِمُشْتَرٍ خِيَارُ الرَّدِّ. وَلَوْ حَصَلَ بِلَا قَصْدٍ وَمَتَى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ خُيِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُنْذُ عَلِمَ بَيْنَ إمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ ورَدٍّ مَعَ صَاعِ تَمْرٍ سَلِيمٍ إنْ حَلَبَهَا وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا قِيمَةً وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ بِغَيْرِهَا فقِيمَتُهُ مَوْضِعُ عَقْدٍ وَيُقْبَلُ رَدُّ اللَّبَنِ بِحَالِهِ بَدَلَ التَّمْرِ

_ كان المغبون هو المستأجر، فإنه يرجع على المؤجر بقسط ما بقي من المدة من المسمى، ويرجع بما زاد على أجرة المثل في الماضي، هذا خلاصة ما في "الإقناع". وقد أتى المصنف من ذلك بما فيه لذوي الفهم إقناع وبما فيه لأولي التحقيق انتهاء، كيف وهو "المنتهى" نفعنا الله به. قوله: (كتصرية اللبن) أي: جمعه. قوله: (إن حلبها) وقبله، لا شيء عليه، وذلك بأن يقر بائع أو تشهد به بينة، كما في "الإقناع". قوله: (بدل التمر) وعلى هذا فيصير الشيء بدلا عن بدله، ونظيره: قيام الماء مقام التراب فيمن مات والسفينة باللجة، وألقي في البحر سلا. محمد الخلوتي.

وغَيْرِهَا عَلَى التَّرَاخِي كمَعِيبٍ وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا عَادَةً سَقَطَ الرَّدُّ كَعَيْبٍ زَالَ ومُزَوَّجَةٍ بَانَتْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مُصَرَّاةِ لَبَنٍ كَثِيرٍ فَحَلَبَهُ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ رَدَّهُ أَوْ مِثْلَهُ إنْ عَدِمَؤ وَلَهُ رَدُّ مُصَرَّاةٍ مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ مَجَّانًا الْمُنَقِّحُ: بَلْ قِيمَةُ مَا تَلِفَ مِنْ اللَّبَنِ الْخَامِسُ: خِيَارُ الْعَيْبِ وَمَا بِمَعْنَاهُ وَهُوَ نَقْصُ مَبِيعٍ

_ قوله: (وغيرها على التراخي) فهم منه: أن خيار المصراة على الفور، لكن فورية عرفية؛ لأنه قد تقدم تقديرها بثلاثة أيام. محمد الخلوتي. قوله: (بانت) يعني: لا رجعية. قوله: (وإن كان بغير مصراة لبن كثير) يعني: وقت عقد؛ لأنه مبيع، لا إن كان يسيراً، أو حدث بعد بيع ولو كثيراً. قوله: (بعيب) يعني: أو خيار شرط. قوله: (من غير بهيمة الأنعام) يعني: كأمة وأتان. قوله: (وما معناه) أي: العيب، كطول نقل ما في دار عرفاً. قوله: (وهو نقص) أي: ما به نقص مبيع؛ إذ النقص مصدر، إلا أن يجعل اسماً لما به النقص عرفاً. محمد الخلوتي. قوله: (مبيع) أي: عينه، وإن لم تنقص قيمته بل زادت، كخصاء. "شرحه"، وهذا

أَوْ قِيمَتِهِ عَادَةً كَمَرَضٍ وبَخَرٍ وَحَوَلٍ وَخَرَسٍ وَكَلَفٍ وَطَرَشٍ وَقَرَعٍ وَتَحْرِيمٍ عَامٍّ كَمَجُوسِيَّةٍ وعَفَلٍ وَقَرَنٍ وَفَتَقٍ وَرَتَقٍ واسْتِحَاضَةٍ وَجُنُونٍ وَسَعَالٍ وَبَحَّةٍ وَحَمْلِ أَمَةٍ وذَهَابِ جَارِحَةٍ

_ يخالف ما تقدم في شروط البيع. قوله: (أو قيمته) يعني: وإن لم تنقص عينه. قوله: (وبخر) هو نتن الرائحة، وبابه: علم. والأحول: من اعوجت ينه وخرجت عن الاستواء والخرس: منه الكلام خلقة. والكلف: تغيير بشرة الوجه بلون علاه، وبابه: علم. قال الأزهري: ويقال للبهق: كلف. انتهى. والبهق: بياض يخالف لون الجسد وليس ببرص، وقيل: سواد يعتري الجلد. والطرش: الصمم، وقيل: أقل منه، وبابه: علم. والقرع: الصلع، مصدر قرع الرأس: إذا لم يبق عليه شعر. وقال الجوهري: إذا ذهب شعره من آفة، وبابه: علم. والعفل: أن يخرج من فرجها شيء يشبه أدرة الرجل، أو لحم ينبت في قبل المرأة، أو المتلاحمة، أو ورم بين مسلكي المرأة فيضيق حتى يمتنع الإيلاج. قوله: (تحريم عام) بملك ونكاح، وكان ذلك غير خاص بالمشتري، بخلاف أخته مثلا. قوله: (وحمل أمة) أي: لا بهيمةٍ.

أَوْ سِنٍّ مِنْ كَبِيرٍ وزِيَادَتِهَا وزِنَا مَنْ بَلَغَ عَشْرًا وشُرْبِهِ مُسْكِرًا، وَإِبَاقِهِ وَسَرِقَتِهِ، وَبَوْلِهِ فِي فِرَاشِهِ وَحَمَقِ كَبِيرٍ وَهُوَ ارْتِكَابُهُ الْخَطَأَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَكَفَزَعِهِ شَدِيدًا، وَكَوْنُهُ أَعْسَرَ لَا يَعْمَلُ بِيَمِينِهِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ وَعَدَمِ خِتَانِ ذَكَرٍ وَعَثْرَةِ مَرْكُوبٍ وَكَدْمِهِ وَرَفْسِهِ وَحَرَنِهِ وَكَوْنُهُ شَمُوسًا أَوْ بِعَيْنَيْهِ ظَفْرَةٌ، وطُولِ مُدَّة نَقْلِ مَا فِي دَارٍ عُرْفًا وَلَا أُجْرَةَ

_ قوله: (وزيادتها) أي: الجارحة أو السن، وأفرد الضمير؛ لأن العطف بـ "أو"، أو أن المعنى: أو زيادة المذكورة، أي: منهما. قوله: (من بلغ عشراً) ظاهره: تكرار، أو لا. قاله في "المبدع". "شرح إقناع". قوله: (وحمق كبير) مركب أضافي، وهو أحد ثلاثة أشياء لا دواء لها، كما في قوله: لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة والبغضاء والهرما قوله: (ذكر) يعني: كبير، للخوف عليه. قوله: (وكدمه) أي: عضه. قوله: (شموساً) أي: مستعصيا. قوله: (أو بعينه ظفرة) في "مختار الصحاح": الظفرة بفتحتين: الجليدة التي تغشي العين، ويقال لها: ظفر أيضاً، بوزن قفل، وقد ظفرت عينه من باب: طرب. محمد الخلوتي.

لِمُدَّةِ نَقْلٍ اتَّصَلَ عَادَةً وَتَثْبُتُ الْيَدُ وَتُسَوَّى الْحُفَرُ وبَقٍّ وَنَحْوِهِ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِهَا وَكَوْنُهَا يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ وثَوْبٍ غَيْرَ جَدِيدٍ مَا لَمْ يَبِنْ أَثَرُ اسْتِعْمَالِهِ ومَاءٍ مُسْتَعْمَلًا فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَاءَ لِشُرْبٍ

_ قوله: (وتسوى الحفر) يعني: الحاصلة بسبب إخراج دفين. قوله: (وكونها تنزلها الجند) يعني: أو الجن، بل أولى، قال الشيخ تقي الدين: والجار السوء، أي: عيب، كما في "الإقناع". ولهذا يقال: الجار قبل الدار، وأصله قوله تعالى: (رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة). [التحريم: 11]. حيث ذكر "عندك" قبل "بيتاً"، قال الزمخشري في "تفسيره": ومن هنا قوله: أني بنيت الجار قبل المنزل قوله: (وثوب) هو في معنى: وعدم جدة ثوب ما لم يكن ... إلخ، وإلا فالثوب ليس بعيب، بل هو معيب. فتدبر. وقد عرضته على شيخنا فأقره. قوله: (في رفع حدث) لعله أو ما في معناه، وكذا ما فضل من ماء يسير خلت به المكلفة، ونحوه.

لَا مَعْرِفَةِ غَنَاءٍ وَثيُوبَةٍ وعَدَمِ حَيْضٍ وكُفْرٍ وفِسْقٍ بِاعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلِ وتَغْفِيلٍ وعُجْمَةٍ وقَرَابَةٍ وصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَيْنِ لَا يَسِيرَةٍ بِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ فِي مَعِيبٍ قَبْلَ عَقْدٍ أَوْ قَبْضِ مَا يَضْمَنُهُ بَائِعٌ قَبْلَهُ كَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَنَحْوِهِ وَمَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ إذَا جَهِلَهُ ثُمَّ بَانَ بَيْنَ رَدِّ وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ مَا دَفَعَ أَوْ

_ قوله: (لا معرفة غناء) ما لم يشترط عدمه. قوله: (أو فعل) أي: غير ما تقدم. قوله: أيضا على قوله: (أو فعل) هذا ينافي ما تقدم في قوله: (وزنا من بلغ عشرا، وشربه مسكراً، وسرقته، وإباقه)، فالأولى ما في "الإقناع" حيث خصص الفسق هنا بالاعتقاد، فقال: وليس الفسق من جهة الاعتقاد والتغفيل عيباً. والشيخ في "شرحه" لما رأى كلام المصنف مناقضا لما أسلفه احتاج إلى استثناء ما سلف بقوله: غير زناً، وشرب مسكر، أو نحوه، مما سبق. انتهى. محمد الخلوتي. قوله: (وعجمة) أي: كونه أعجمياً. قوله: (ونحوه) أي: نحو سقوط الآيات، من نحو كتب فقه، ونحو. قوله: (ونحوه) كموصوف، ومرئي قبل عقد بيسير. قوله: (إذا جهله) حال العقد، أو حال القبض. فتنبه.

أَبْرَأَ أَوْ وَهَبَ مِنْ ثَمَنِهِ وَبَيْنَ إمْسَاكٍ مَعَ أَرْشِ وَهُوَ قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَعِيبًا مِنْ ثَمَنِهِ مَا لَمْ يُفْضِ إلَى رِبًا، كَشِرَاءِ حُلِيٍّ فِضَّةً بِزِنَتِهِ دَرَاهِمَ أَوْ قَفِيزٍ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ رِبًا بِمِثْلِهِ وَيَجِدُهُ مَعِيبًا فَيَرُدُّ أَوْ يُمْسِكُ مَجَّانًا وَإِنْ تَعَيَّبَ أَيْضًا عِنْدَهُ فَسَخَهُ حَاكِمٌ وَرَدَّ بَائِعٌ الثَّمَنَ وَطَالَبَ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ ; لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يُهْمَلُ بِلَا رِضًا وَلَا أَخْذِ أَرْشٍ

_ قوله: (من ثمنه) حال من (قسط). قال في "شرح الإقناع": وهل يأخذ الأرش من عين الثمن أو حيث شاء البائع؟ فيه احتمالان، وصحح ابن نصر الله الثاني في باب الإجارة، قال في "تصحيح الفروع": وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب. قال في "الاختيارات": ويجبر المشتري على الرد، أو أخذ الأرش؛ لتضرر البائع بالتأخير. قوله: (وإن تعيب) أي: الحلي، أو القفيز. قوله: (بقيمة المبيع) يعني: ويبقى المبيع إذن للمشتري، مع أنه بالفسخ قد خرج عن ملكه، فكيف يعود من غير عقد إلى ملكه. فإن قيل: دفعه القيمة معاوضة، ففيه أن ذلك مما يفضي إلى الربا. فليحرر مرة أخرى. والجواب: أن دفع القيمة من غير الجنس، فلا رباً، فإن قلت: هلا رد بعد الفسخ مع الأرش ولا ربا؟ قلت:

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ حَتَّى تَلِفَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَرْضَ بِعَيْبِهِ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَرَدَّ بَدَلَهُ وَاسْتَرْجَعَ الثَّمَنَ وَكَسْبُ مَبِيعٍ مَعِيبٍ لِمُشْتَرٍ وَلَا يَرُدُّ لِعَيْبِهِ نَمَاءً مُنْفَصِلًا إلَّا لِعُذْرٍ كَوَلَدِ أَمَةٍ وَلَهُ قِيمَتُهُ وَلَهُ رَدُّ ثَبَتَ وَطِئَهَا مَجَّانًا وَإِنْ وَطِئَ بِكْرًا أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ نَسِيَ صَنْعَةً عِنْدَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ أَوْ رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ إنْ زَالَ وَإِنْ دَلَّسَ بَائِعٌ فَلَا أَرْشَ عَلَى مُشْتَرٍ وَذَهَبَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَ أَوْ أَبَقَ

_ المبيع بالفسخ يرجع إلى ملك البائع بالثمن، فهو معاوضة، أي: حكمه كما أشار إلى ذلك منصور البهوتي رحمه الله تعالى. قوله: (وإن لم يعلم عيبه) أي: ما يجري فيه الربا. قوله: (إن زال) يعني: ولو سريعاً، بخلاف ما يأخذه مشتر من أرش. قوله: (وذهب عليه) أي: على البائع المدلس إن تلف بغير فعل مشتر، كموته وإباقه، أو تعيب بفعل مشتر مأذوناً فيه، كوطء البكر، بخلاف قطع عضو مثلاً، وهذا هو المراد من قول صاحب "الإقناع" هنا: وسواء تعيب أو تلف بفعل الله تعالى، كالمرض أو بفعل المشتري، كوطء البكر. فإنه من اللف والنشر المشوش. فتنبه.

وَإِلَّا فَتَلِفَ أَوْ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرٍ عَيْبَهُ حَتَّى صَبَغَ أَوْ نَسَجَ أَوْ وَهَبَ

_ قوله: (وإلا فتلف ... إلخ) أي: إن لم يدلس البائع فتلف المبيع مطلقاً، تعين الأرش، بخلاف ما إذا دلس، فإنه إن لم يكن بفعل مشتر، ذهب على البائع، وأما إن كان بفعل مشتر كأكله ونحوه، فالظاهر: تعين الأرش أيضاً، كما إن لم يدلس. قوله: (أو عتق ... إلخ) أي: سواء دلس بائع، أو لا، فالقيد غير معتبر في العطف، وإن اعتبر في المعطوف عليه، هذا هو الموافق لكلام الأصحاب. فتدبر. قال في "الإقناع" و "شرحه": لو أسقط مشتر خيار رد بعوض بذله البائع، أو غيره، قل أو كثر، جاز، وليس من الأرش في شيء، ونص على مثله في خيار معتقة تحت عبد، وعلى قياس ذلك النزول عن الوظائف بعوض. انتهى ملخصاً. وفي "الإقناع" أيضاً: لو اشترى متاعاً فوجده خيراً مما اشترى، فعليه رده إلى بائعه، كما لو وجده أردأ، كان له رده، ولعل محل ذلك إذا كان البائع جاهلاً به، وفيه أيضاً: وإن أنعل الدابة، ثم أراد ردها بعيب مثلا، نزع النعل، ما لم يعبها، فيتركه إلى سقوطه أو موتها، وليس له قيمته على بائع، ولو باع شيئا بذهب فأخذ عنه دراهم، ثم فسخ، رجع مشتر بالذهب لا بالدراهم. قال في "شرحه": لأن المعاوضة عقد

أَوْ بَاعَهُ أَوْ بَعْضَهُ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ لَكِنْ لَوْ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ رَدُّهُ وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى ثُمَّ لِلْبَائِعِ الثَّانِي رَدُّهُ عَلَيْهِ وَفَائِدَتُهُ اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ وَإِنْ كَسَرَ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا وَلَيْسَ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَبَيْضِ الدَّجَاجِ رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ كَبَيْضِ النَّعَامِ وَجَوْزِ الْهِنْدِ، خُيِّرَ بَيْنَ أَرْشِهِ وَبَيْنَ رَدِّهِ مَعَ أَرْشِ كَسْرِهِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَرْشٌ مَعَ كَسْرٍ لَا تَبْقَى مَعَهُ قِيمَةٌ وَخِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ إلَّا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ رِضَاهُ كَتَصَرُّفِهِ واسْتِعْمَالِهِ لِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ فَيَسْقُطُ أَرْشٌ كَرَدٍّ

_ آخر استقر حكمه، وكذا إجارة وغيرها من عقود المعاوضات. انتهى. أي: فإن الرجوع إنما يكون بما وقع عليه العقد الأول. فتدبر. قوله: (ويقبل قوله) أي: المشتري. قوله: (فله رده) أي: ولكل طلب الأرش أيضاً. قوله: (الثمنين) فلا رد إن اتفقا.

وَلَا يَفْتَقِرُ رَدُّ إلَى حُضُورِ بَائِعٍ وَلَا رِضَاهُ، وَلَا قَضَاءِ وَلِمُشْتَرٍ مَعَ غَيْرِهِ مَعِيبًا أَوْ شَرْطِ خِيَارٍ إذَا رَضِيَ الْآخَرُ الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ كَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ بِشَرْطِ خِيَارٍ لَا إذَا وَرِثَ وَلِلْحَاضِرِ مِنْ مُشْتَرِيَيْنِ نَقْدُ نِصْفِ ثَمَنِهِ وَقَبَضَ نِصْفَهُ وَإِنْ نَقَدَهُ كُلَّهُ لَمْ يَقْبِضْ إلَّا نِصْفَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْغَائِبِ وَلَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ بِعْتُكُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَبِلْت جَازَ وَمَنْ اشْتَرَى مَعِيبَيْنِ أَوْ مَعِيبًا فِي وِعَاءَيْنِ صَفْقَةً لَمْ يَمْلِكْ رَدَّ أَحَدِهِمَا بِقِسْطِهِ إلَّا إنْ تَلِفَ الْآخَرُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي قِيمَتِهِ وَمَعَ عَيْبِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَهُ رَدُّهُ بِقِسْطِهِ لَا إنْ نَقَصَ بِتَفْرِيقٍ،

_ قوله: (لا إذا ورث) يعني: المعيب أو خيار الشرط، لتشقص السلعة هنا على البائع وقد أخرجها غير مشقصة، بخلاف التي قبلها؛ لأن العقد يتعدد بتعدد العاقد. قوله: (ورجع على الغائب) إن نوى الرجوع، كبقية الحقوق الواجبة إذا أداها عن الغير. قوله: (جاز) أي: صح البيع في نصف المبيع بنصف الثمن. "شرحه". قوله: (في قيمته) أي: التالف ليوزع الثمن عليهما.

كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ حَرُمَ كَأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَمِثْلُهُ جَانٍ لَهُ وَلَدٌ يُبَاعَانِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهُ وَالْمَبِيعُ بَعْدَ فَسْخِ أَمَانَةٌ بِيَدِ مُشْتَرٍ فصل وإن اختلفا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبَ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَلَا بَيِّنَةَ فقَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا قَوْلُ أَحَدِهِمَا قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ أَنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ الْمَرْدُودَ إلَّا فِي خِيَارِ شَرْطٍ فقَوْلُ مُشْتَرٍ وقَوْلُ مُشْتَرٍ فِي عَيْنِ ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِعَقْدٍ

_ قوله: (على البت) لأن الأيمان كلها في البت، إلا ما كان على نفي فعل الغير. "شرح إقناع". قوله: (قول بائع) أي: بيمينه. قوله: (إن المبيع) أي: المعين، بدليل ما يأتي من قبول قول قابض في ثابت في ذمة، وكذا لو اعترف بائع بعيب ما باعه، ثم أنكر أن المبيع هو المردود، فقول مشتر بيمينه. فتأمل. فقبول قول بائع: إن المبيع ليس المردود: مشروط بأمرين: أن يكون معيناً، وأن لا يقر بالعيب، وكذا مشتر في الثمن. قوله: (وقول مشتر في عين ... إلخ) أي: بيمينه. قوله: (بعقد) يعني:

وقَابِضٍ فِفي ثَابِتٍ فِي ذِمَّةٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، وَقَرْضٍ وَسَلَمٍ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَمَنْ بَاعَ قِنًّا تَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الْبَيْعِ، خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّ وأَرْشٍ وبَعْدَ قَتْلٍ يَتَعَيَّنَ أَرْشٌ وبَعْدَ قَطْعٍ فَكَمَا لَوْ عَابَ عِنْدَهُ وَإِنْ لَزِمَهُ مَالٌ وَالْبَائِعُ مُعْسِرٌ، قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا تَعَلَّقَ أَرْشٌ بِذِمَّتِهِ وَلَا خِيَارَ السَّادِسُ: خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ بِتَخَيُّرِ الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ فِي صُوَرٍ

_ إلا في خيار شرط، أو يقر مشتر بعينه على قياس ما سبق في المبيع، فقول بائع فيهما بيمينه. قوله: (وقابض) أي: بيمينه. قوله: (إن لم يخرج عن يده) بحيث يغيب عنه. قوله: (يتعين أرش) قال منصور البهوتي: قلت فإن دلس بائع، فات عليه، ورجع مشتر بجميع الثمن، كما سبق. انتهى. قوله: (فكما لو عاب عنده) يعني: فإن كان البائع مدلساً، رجع بجميع الثمن، وذهب القطع على البائع، وإلا فلمشتر الأرش، أو رده مع أرش قطعه عنده، فيقوم مستحق القطع، ومقطوعاً بالفعل، ويرد البائع ما بينهما، وأما الأرش الذي يأخذه المشتري، فهو قسط ما بين قيمته جانياً، وغير جان من الثمن. فلو قوم غير جان بمئة، وجانياً بخمسين، فما بينهما النصف، فالأرش نصف الثمن. قوله: (بتخيير) أي: مع تخيير، فالباء للمصاحبة، فهو متعلق بـ (البيع)،

1 ـ فِي تَوْلِيَةٍ كوَلَّيْتُكَهُ أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ بِمَا اشْتَرَيْتُهُ بِهِ، أَوْ بِرَقْمِهِ ويَعْلَمَانِهِ 2 ـ وشَرِكَةٍ وَهِيَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ كَأَشْرَكْتُك فِي ثُلُثِهِ أَوْ فِي رُبْعِهِ وَنَحْوِهِمَا وَأَشْرَكْتُ يَنْصَرِفُ إلَى نِصْفِهِ لِآخَرَ عَالِمٍ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ وَإِلَّا أَخَذَ نَصِيبَهُ كُلَّهُ وَإِنْ قَالَ أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا أَخَذَ ثُلُثَهُ

_ أو للسببية فيجوز ذلك، وكونه متعلقاً بـ (خيار) على التنازع في المصادر. قوله: (أو بما اشتريته) ما: موصولة، والعائد المجرور محذوف؛ لوجود شرطه، والتقدير: به. قوله: (بيع بعضه) أي: العين. قوله: (ينصرف إلى نصفه) انظر هذا مع ما قرروه في الإقرار: من أنه لو أقر بأن فلاناً شريكه في كذا، كان مجملاً، يرجع في تفسيره إلى المقر، ولم يحملوه على النصف ابتداء، وقد يفرق بين البابين؛ بأنه لما كان الجزء المأخوذ من المقر بغير عوض، رجع تفسيره إليه؛ لئلا يلزم الإجحاف عليه، والمأخوذ هنا بعوضه، فلا فوت، فحملت الشركة فيه على الأصل فيها. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (نصيبه) وهو هنا ربع البيع.

وَمَنْ أَشْرَكَ آخَرَ فِي قَفِيزٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبَضَ بَعْضَهُ أَخَذَ نِصْفَ الْمَقْبُوضِ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ كُلَّهُ جُزْءًا يُسَاوِي مَا قَبَضَ انْصَرَفَ إلَى الْمَقْبُوضِ ومُرَابَحَةً وَهِيَ بَيْعُهُ بِثَمَنِهِ بِثَمَنِهِ وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا كُرِهَ ومُوَاضَعَةٍ وَهِيَ بَيْعٌ بِخُسْرَانٍ وَكُرِهَ فِيهَا مَا كُرِهَ فِي مُرَابَحَةٍ فَمَا ثَمَنُهُ مِائَةً وَبَاعَهُ بِهِ وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ، وَقَعَ

_ قوله: (أو نحوه) كرطل حديد، وذراع من نحو ثوب. قوله: (المقبوض) أي: صح فيما قبض فقط. قوله: (جزءاً) كنصف وثلث. قوله: (يساوي ما قبض) أي: أو ينقص عما قبض، فإن باع جزءا أكثر مما قبض، فالظاهر أنه يصح في قدر ما قبضه بقسطه، ولا خيار. قوله: (وهي بيعه) أي: كلا أو بعضاً. قوله: (كره) لأنه يشبه بيع العشرة بإحدى عشر، وليس به حقيقة. قوله: (ووضيعة درهم) الواو للمعية، وما بعدها منصوب على أنه مفعول معه، وهو مضاف، و (درهم) مضاف إليه، أو الواو للحال، و (وضيعة) مرفوع على أنه مبتدأ، و (درهم) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة خبر (وضيعة)، أو الواو للعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، فيكون (وضيعة) مجروراً، و (درهم) مجروراً بالإضافة إليه، لكن هذا الأخير فيه ضعف في العربية، والذي قبله فيه نظر، لعدم ظهور المسوغ للابتداء بالنكرة، إلا أن

بِتِسْعِينَ ولِكُلِّ أَوْ عَنْ كُلِّ عَشَرَةٍ يَقَعُ بِتِسْعِينَ وَعَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ حِينَئِذٍ لِزَوَالِهَا بِالْحِسَابِ وَيُعْتَبَرُ لِلْأَرْبَعَةِ عِلْمُهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَتَى بَانَ أَقَلَّ أَوْ مُؤَجَّلًا حُطَّ الزَّائِدُ وَيُحَطُّ قِسْطُهُ فِي مُرَابَحَةٍ وَيُنْقِصُهُ فِي مُوَاضَعَةٍ

_ يجعل من باب: تمرة خير من جرادة. قوله: (وينقصه) قال المصنف في "شرحه": أي الزائد، وتبعه على ذلك الشيخ منصور في "شرحه" على "المنتهى" و "الإقناع"، فعلى هذا لو قال: بعتكه برأس ماله أربعين، ووضيعة درهم من كل عشرة، فتبين أن رأس ماله ثلاثون، أسقطت العشرة من الثمن الذي هو ستة وثلاثون، فيبقى ستة وعشرون، والأقرب أنه يزول من الوضيعة ما يقابل الزيادة، وهو في المثال درهم، فتكون الوضيعة الباقية ثلاثة دراهم تسقط من الثلاثين، فيبقى الثمن سبعة وعشرين، ويمكن تفسير كلام المتن كـ "الإقناع" بما يوافق ذلك؛ بأن يكون الضمير في (ينقصه) راجعاً إلى قسط الزائد لولا تفسيرهم الضمير بما ذكر، وكان وجهه، عقوبة البائع بإلزامه الوضيعة وبخطه أيضاً على قوله: (حط الزائد ... إلخ) أي: في الصور الأربع: التولية، والشركة، والمرابحة،

_ والمواضعة مثال ذلك: لو باع زيد فرساً من عمرو بأربعين ديناراً تولية، فظهر أن رأس مالها ثلاثون ديناراً، فإن في هذه الصورة تسقط العشرة الدنانير، ويبقى الثمن ثلاثين، ولو أشركه فيها؛ بأن قال: أشركتك في نصفها بنصف ثمنها، وهو عشرون في المثال، فإذا ظهر كذبه في العشرة، سقط عن عمرو خمسة، ولو باعها زيد مرابحة؛ بأن قال: بعتكها برأس مالها أربعين، وزيادة أربعة دنانير، فظهر أن الثمن ثلاثون، فإنه يسقط عن عمرو الزائد، وهو عشرة، وقسطه من الربح، وهو دينار كما ذكره المصنف بقوله: (ويحط قسطه مرابحة)، فيبقى الثمن ثلاثة وثلاثين، ولو باعها بأربعين، ووضيعة دينار من كل عشرة، فلو كان صادقاً لكان الثمن ستة وثلاثين، فإذا تبين أن الثمن ثلاثون، فإنها تسقط العشرة الزائدة مع بقاء الوضيعة على ما هي عليه، فسقط من الستة والثلاثين عشرة، ويبقى الثمن ستة وعشرين ديناراً. هذا مقتضى ما في "الشرحين" و "شرح الإقناع" حيث فسروا الضمير المنصوب في: (وينقصه في مواضعة) بقولهم: أي: الزائد، لكن هذا داخل تحت عموم قولهم أولاً: (حط الزائد)، كما عرفت مما تقدم، والأقرب أن يكون الضمير المنصوب عائداً للقسط من قوله: (ويحط قسطه في مرابحة) ويكون المعنى على هذا: أنه يحط من الوضيعة قدر الزائد، ففي المثال: الزائد عشرة دنانير، يقابلها من الوضيعة دينار، فيسقط من الوضيعة

وَأَجَلِ فِي مُؤَجَّلٍ وَلَا خِيَارَ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى بَائِعٍ غَلَطًا بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَ مُشْتَرٍ لَمْ يَحْلِفْ وَإِنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدُونِ ثَمَنِهَا عَالِمًا لَزِمَهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ أَوْ مِمَّنْ حَابَاهُ أَوْ لِرَغْبَةٍ

_ ولا يبقى منها إلا ثلاثة، وهي قدر ما يخص رأس المال الذي هو الثلاثون، فيكون الثمن في هذه الصورة سبعة وعشرين ديناراً. هذا ما ظهر لي فليحرر، والله أعلم. قوله: (وأجل في مؤجل) يعني: بمقداره، ولو مضى منه شيء قبل ذلك، فإن لم يعلم مشتر بذلك إلا بعد مضي الأجل، فهل يأخذ الثمن من البائع ويؤجل عليه مقدار الأجل أم لا؟ قوله: (غلطاً) أي: ولو معروفاً صدقه. قوله: (لم يحلف) خلافاً للموفق، والشارح. قوله: (وإن باع ... إلخ) أي: سلعة. قوله: (أو ممن حاباه) أي: من شخص حاباه المشتري، أي: اشتراه منه

تَخُصُّهُ أَوْ مَوْسِمٍ ذَهَبَ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِقِسْطِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُتَمَاثِلَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ كَزَيْتٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنْ كَتَمَ خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ رَدٍّ وَإِمْسَاكٍ وَمَا يُزَادُ فِي ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ خِيَارِ أَوْ يُحَطُّ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ يُلْحَقُ بِهِ لَا بَعْدَ لُزُومِهِ وَلَا إنْ جَنَى فَفُدِيَ وَهِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ كَزِيَادَةٍ وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ وَإِنْ أَخَذَ مُشْتَرٍ أَرْشًا لِعَيْبٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَخْبَرَ بِهِ لَا بِأَخْذِ نَمَاءٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ لَمْ يُنْقِصْهُ وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَعَمِلَ فِيهِ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مَا

_ بأكثر من ثمنه، محاباة له، لا من شخص حابى المشتري، فقد جرت العلة أو الصفة على غير من هي له، ولم يبرز الضمير؛ لأن الخلاف في الوصف، وأما الفعل فلا يجب معه إبراز باتفاق الفريقين. قوله: (يلحق به) أي: العقد. قوله: (وهبة) أي: فيكون لبائع زمن الخيارين. قوله: (أو جناية) أي: عليه، قلت: فيرد لبائع إن رد المبيع بعيب ونحوه. "شرح". قوله: (أو غيره) عطف على الضمير المرفوع في قوله: (عمل) للفصل

يُسَاوِي عَشَرَةً أَخْبَرَ بِهِ وَلَا يَجُوزُ تَحَصَّلَ بِعِشْرِينَ وَمِثْلُهُ أُجْرَةُ مَكَانِهِ وكَيْلِهِ وَزْنِهِ وَإِنْ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِهِ أَوْ حَطَّ الرِّبْحَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي وَأَخْبَرَ بِمَا بَقِيَ فَلَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَخْبَرَ بِالْحَالِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، اشْتَرَاهَا بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ بَيَّنَهُ وَمَا بَاعَهُ اثْنَانِ مُرَابَحَةً فَثَمَنُهُ بِحَسَبِ مِلْكَيْهِمَا لَا عَلَى رَأْسِ مَالَهِمَا

_ بالظرف، ومثله كاف في ذلك، بل الهمزة كافية، كما في "الكشاف". قوله: (بحسب ملكيهما) فلو كانت السلعة بينهما نصفين، أحدهما اشترى نصفها بخمسين، والآخر بستين، ثم باعاها برأس مالها، وربح عشرة مثلاً، فالثمن، وهو مئة وعشرون، بينهما نصفين، قال المصنف في "شرحه". كمساومة، أي: كما لو كان بيعهما لها مساومة، لا مرابحة؛ بأن قالا ابتداء للمشتري: بعناكها بمئة وعشرين، من غير ذكر، كربح ولا رأس مالٍ. فتدبر.

السَّابِعُ: خِيَارٌ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا، أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا حَلَفَ بَائِعٌ مَا بِعْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا ثُمَّ مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا ثُمَّ إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ

_ قوله: (لاختلاف) أي: ثابت لأجل اختلاف. قوله: (المتبايعين) يعني: في قدر ثمنه، أو جنسه، أو عينه، كما في "حاشية المنتهى". قوله: (أو ورثتهما) كان عليه أن يقول: أو أحدهما، وورثه الآخر. تقرير منصور البهوتي. وكذا وليهما، أو ولي أحدهما مع الآخر، أو ورثته، وكذا يقال في الوكيل أيضاً، فالصور ست عشرة، محمد الخلوتي. قوله: (حلف بائع ... إلخ) إن قلت: يعتبر في الجملة الشرطية مطابقة طرفيهما في العموم والخصوص، وهنا الشرط أعم من الجواب، فكان الظاهر أن يقول: حلف بائع أو ورثته ... إلخ. قلت: لما كان في حكم الورثة تفصيل -وهو أنها تارة تحلف على البت، كمورثها إن شاهد العقد، وتارة على نفي العلم إن لم تشاهد- أسقط حديث الورثة. محمد الخلوتي. قوله: (ما اشتريته بكذا) أي: إلا إذا كان بعد قبض ثمن، وفسخ عقد بنحو عيب كما سيأتي، وإلا في كتابة، فقول سيد. "إقناع" وإنما تحالفا كذلك؛ لأن كلا منهما مدع، ومدعى عليه صورة وحكماً؛ إذ لا تسمع إلا بينة المدعي باتفاقنا.

أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ أُقِرَّ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ وَيَنْفَسِخُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا الْمُنَقِّحُ: فَإِنْ نَكَلَا صَرَفَهُمَا كَمَا لَوْ نَكَلَ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَكَذَا إجَارَةٌ فَإِذَا تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ فأُجْرَةُ مِثْلِ وفِي أَثْنَائِهَا بِالْقِسْطِ

_ قوله: (أو نكل) أي: عما وجب عليه من اليمين، قال في "المبدع": وظاهره: ولو أنه بدل أحد شقي اليمين، فإنه يعد ناكلاً، ولا بد أن يأتي فيها بالمجموع. فقول "الإقناع": وكذا لو نكل مشتر عن الإثبات فقط. لا مفهوم له. قاله في "شرحه". قوله: (وإلا) أي: وإن لم يرض أحدهما بقول الآخر بعد التحالف. "شرحه". قوله: (وباطناً) لعل فائدته: لو تبين لأحدهما بعد الفسخ صدق صاحبه، لم يلزم إعلامه، ولا استحلاله. فتدبر. قوله: (فإن نكلا) وأما لو نكل أحدهما فقط، فقد تقدم أنه يقر. قوله: (صرفهما) أي: أمرهما بالذهاب عنه؛ لأنه لا سبيل له إذن إلى الحكم بينهما بغير ذلك، فيصرفهما حتى يصطلحا. قوله: (من ترد عليه اليمين) أي: على القول بردها، وهو ضعيف. قوله: (بالقسط) أي: من أجرة مثل.

وَيَحْلِفُ بَائِعٌ فَقَطْ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنٍ وَفَسْخِ عَقْدٍ وَإِنْ تَلِفَ مَبِيعٌ تَحَالَفَا وَغَرِمَ مُشْتَرٍ قِيمَتَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا وفِي قَدْرِهِ وصِفَتِهِ وَإِنْ تَعَيَّبَ،

_ قوله: (ويحلف بائع) هل يحلف على نفي القبض؛ بأن يقول: ما قبضت منه غير هذا؟ أو على نفي الاستحقاق؛ بأن يقول: لا يستحق علي غير هذا؟ ولا يكفي الحلف على نفي القبض، لاحتمال صدقه، وأنه أبرأ من بعض الثمن، أو وهب له، وتقدم أنه عند التفاسخ يرجع المشتري بما وهبه، أو أبريء منه. محمد الخلوتي. قوله: (فقط) أي: دون مشتر. قوله: (وفسخ عقد) لأنه غارم. قوله: (وغرم مشتر قيمته) فإن كان بعد قبض الثمن، وتساوى الثمن والقيمة، وكانا من جنس واحد، تقاصا وتساقطا، وإلا سقط الأقل، ومثله من الأكثر، ويبقى الزائد يطالب به صاحبه. قوله أيضاً على قوله: (وغرم مشتر قيمته) يعني: ولو مثلياً، كما جزم به في "الإقناع". قوله: (وفي صفته) لأنه غارم. قوله: (وإن تعيب ... إلخ) مقتضاه: أن قيمته تعتبر حين التلف، لا حال العقد، وإلا لم يحتج إلى ضم أرشه إلى قيمته، لكن القيمة تعتبر حال العقد. قاله في "شرح الإقناع"، قال: على ما أوضحته في "الحاشية".

ضُمَّ أَرْشُهُ إلَيْهِ وَكَذَا كُلُّ غَارِمٍ لَا وَصْفُهُ بِعَيْبٍ وَإِنْ ثَبَتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي تَقَدُّمِهِ الثَّامِنُ: خِيَارٌ يَثْبُتُ لِلْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ وَلِتَغَيُّرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ وتقدم فصل وإن اختلفا في صفة ثمن أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ ثُمَّ غَالِبَهُ رَوَاجًا فإن استوت؛ فَالْوَسَطُ

_ فائدة: لا يبطل البيع بجحوده، فلو قال: بعتك هذه الأمة، فأنكر مشتر، لم يطأها بائع، لكن إن لم يبذل له الثمن، فيتوجه الفسخ، كما لو أعسر مشتر. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (ضم أرشه) أي: العيب. قوله: (إليه) أي: المبيع، أي: إلى قيمته. قوله: (في تقدمه) على ما تقدم في الاختلاف في حدوث العيب. قوله: (رواجاً) أي: ما لم يكن المبيع لا يباع إلا بنقد معين، كالبن حيث لا يباع إلا بالريال، فإنه يتبع، ولا يرجع إلى نقد البلد. محمد الخلوتي.

وفِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ قَدْرِهِمَا أَوْ ضَمِينٍ فَقَوْلُ مُنْكِرِهِ كَمُفْسِدٍ وفِي قَدْرِ مَبِيعٍ أَوْ عَيْنِهِ فَقَوْلُ بَائِعٍ وَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّهِمَا يُسَلِّمُ قَبْلَ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ نُصِّبَ عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ ثُمَّ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا ثُمَّ أُجْبِرَ بَائِعٌ ثُمَّ مُشْتَرٍ إنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا بِالْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ حُجِرَ عَلَى مُشْتَرٍ فِي مَالِهِ كُلِّهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ وَإِنْ غَيَّبَهُ ببَعِيدٍ أَوْ كَانَ بِهِ أَوْ ظَهَرَ عُسْرُهُ فَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ كَمُفْلِسٍ وَكَذَا مُؤَجِّرٌ بِنَقْدٍ حَالٍّ

_ قوله: (أو أجل) أي: في غير سلم. قوله: (كمفسد) لكن يأتي في الإقرار: (تقبل دعوى إكراه بقرينة)، نحو ترسيم عليه. قوله: (فقول بائع) أي: وورثته، وكذا إجارة. قوله: (والثمن عين) أي: معين في العقد. قوله: (فلبائع الفسخ) أي: على التراخي، كعيب، ولا يلزمه إنظار، وكذلك قال في "الإقناع": في الحال. لا إن مراده الفورية. قوله: (كمفلس) وكل موضع قلنا: له الفسخ في البيع، فإنه يفسخ بلا حكم حاكم، وفي النكاح تفصيل يأتي.

وَإِنْ أَحْضَرَ بَعْضَ الثَّمَنِ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ مَا يُقَابِلُهُ إنْ نَقَصَ بِتَشْقِيصٍ وَلَا يَمْلِكُ بَائِعٌ مُطَالَبَةً بِثَمَنٍ بِذِمَّةٍ وَلَا أَحَدُهُمَا قَبْضَ مُعَيَّنٍ زَمَنَ خِيَارِ شَرْطٍ بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِمَّنْ الْخِيَارُ لَهُ فصل وَمَا اُشْتُرِيَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ مُلِكَ وَلَزِمَ بِعَقْدٍ

_ قوله: (بتشقيص) إن قلنا: له حبسه على ثمنه، وهو ضعيف. قوله: (بثمن بذمة) يعني: زمن خيار مجلس أو شرط. فصل في التصرف في المبيع قوله: (وما اشتري) إلى قوله: (ولزم) أي: البيع فيه. كذا في "الشرح" وفيه: أن المتصف باللزوم هو العقد، ولا معين لكون العقد لزم بعقد، إلا أن يقال: المراد بالعقد اللازم: ما ترتب على الإيجاب والقبول، وهو انتقال الملك. وفي قوله: (بعقد) نفس الإيجاب والقبول، أو نجعل الضمير في (لزم) للملك المفهوم من: (ملك) ومعنى لزوم الملك بالعقد: أنه تسبب عنه، أو

وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَوْ لِبَائِعِهِ، وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَلَا إجَارَتُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ، وَلَا رَهْنُهُ وَلَوْ قَبَضَ ثَمَنَهُ،

_ يجعل قوله: (بعقد) متعلقاً بقوله: (ملك) فيكون مقدماً من تأخير، ويجعل الضمير في: (لزم) راجعاً للعقد؛ لأنه مقدم رتبة، وإن كان متأخراً لفظاً. وقول الشارح: أي: المبيع، وفيه إشارة إلى أن الضمير في: (ملك) راجع إلى (ما) وكذا في: (لزم) على أنه من الحذف والإيصال، كما أشار إليه الشارح. محمد الخلوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (وما اشتري) إلى قوله: (ملك ولزم بعقد): والأظهر: أن الضمير في: (ملك) للمشتري وهو المبيع الواقعة عليه (ما)، وفي: (لزم) للملك المفهوم من: (ملك) والفعلان يتنازعان في (بعقد). قوله: (بكيل) الباء بمعنى مع، أي: شيء اشتري مصاحباً بشرط كيل ونحوه؛ بأن كان المكيل ونحوه هو المبيع، كما إذا اشترى صبرة كل قفيز بكذا، أو كان هو الثمن، كما إذا اشترى عبداً بصبرة على أنها كذا قفيزاً، فإن المكيل ونحوه في الصورتين، أعني كونه مبيعاً، وكونه ثمناً، لا يصح التصرف فيه قبل قبضه على ما فصله المصنف. قوله أيضا على قوله: (بكيل) أي: في المكيلات. قوله: (أو وزن) أي: في الموزونات. قوله: (أو عد) أي: في المعدودات. قوله: (أو ذرع) أي: في المذروعات. قوله: (ولم يصح بيعه ... إلخ) اعلم أن حاصل ما ذكر المصنف من صور

وَلَا حَوَالَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَنْبِيهٌ وَيَصِحُّ جُزَافًا، إنْ عَلِمَا قَدْرَهُ وعِتْقُهُ ومَهْرًا وخُلْعٌ عَلَيْهِ وَوَصِيَّةٌ بِهِ

_ المبيع الذي لا يصح تصرف المشتري فيه قبل قبضه بغير عتق ونحوه، سبع صور: المكيل، والموزون، والمعدود، والمذروع، إذا بيع ذلك بالكيل ونحوه والمبيع بصفة إذا كان معيناً، والمبيع برؤية متقدمة. فهذه ست صور، المبيع فيها معين، ومع ذلك لا يصح تصرف المشتري فيه بغير ما استثنى، ومثله في ذلك الثمن إذا وقع بإحدى الصور الست، والسابعة: كل عوض في عقد تتوقف صحته على القبض، كالصرف والسلم، فإنه لا يصح التصرف أيضاً في العوض قبل قبضه. وحاصل ما يكون من ضمان البائع على ما ذكره المصنف هنا: ثمان صور، الست المتقدمة، والثمر على الشجر، وكل مبيع منع البائع المشتري من قبضه. قوله: (وعتقه) كما لو اشترى عبيداً على أنهم عشرة، فأعتقهم قبل عدهم، فهو من جزئيات قوله: (أو عد)، فيصح العتق. قال في "المبدع": قولاً واحداً. نقله في "شرح الإقناع" وأما قولهم: وما عدا ذلك كالعبد ... إلخ. فهو العبد الواحد مثلا، فانحل إشكال الحجاوي على "المنقح".

وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ بِآفَةٍ وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ بِلَا فِعْلِ وَلَا أَرْشَ وبِإِتْلَافٍ وَمُشْتَرٍ تَعَيَّبَهُ لَا خِيَارَ وبِفِعْلِ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ يُخَيَّرُ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخِ وإمْضَاءِ وَطَلَبِ بِمِثْلِ مِثْلِيٍّ أَوْ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ مَعَ تَلَفٍ وبِنَقْصٍ مَعَ تَعَيُّبٍ وَالتَّالِفُ مِنْ مَالِ بَائِعٍ فَلَوْ بِيعَ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ

_ قوله: (فيما تلف ... إلخ) أي: كلا أو بعضاً بقرينة ما بعده. قوله: (ولا أرش) قال منصور البهوتي: قد تقدم لك في خيار العيب: أنه يخير بين الرد والإمساك مع الأرش. ووجهه واضح، فالأولى عود (ولا أرش) للمشبه دون المشبه به. انتهى المقصود. أقول: ما ذكره المصنف هنا، وجرى عليه في "شرحه" من أن المشتري حيث أخذ المكيل ونحوه معيباً، فكأنه اشتراه راضياً بعيبه، فلا أرش له، غير صريح في المخالفة، لما تقدم في العيب؛ لإمكان حمل ما تقدم على ما إذا أقبضه غير عالم بالعيب؛ لأنه إذا علم به بعد، فله الأرش، بخلاف ما هنا، فإنه عالم بالعيب قبل قبضه، وهو ظاهر، فكأنه عالم به حال العقد، فلا أرش له. فتأمل. قوله: (وبفعل) أي: وإن تلف أو تعيب بفعل ... إلخ. قوله: (بين فسخ) يعني: أو أخذ ثمن. قوله: (فلو أبيع أو أخذ بشفعة ... إلخ) في هذه العبارة صورتان: الأولى: قوله: (أبيع) وصورتها: أن يشتري زيد من عمرو داراً بصبرة طعام على أنها عشرة أرادب مثلاً، ثم يبيع زيد

مَا اشترى بكيل وَنَحْوِهِ ثُمَّ تَلِفَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَأَخَذَ مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ

_ المشتري الدار المذكورة لبكر بثمن معلوم، ثم يتلف الطعام بغير فعل آدمي قبل قبضه بالكيل، فإن البيع الأول ينفسخ وحده دون الثاني، فتستقر الدار لبكر بثمنها الذي اتفق هو وزيد عليه، وعلى زيد -وهو المشتري الأول لعمرو، وهو البائع الأول- قيمة الدار؛ لتعذر ردها إليه. والصورة الثانية: قوله: (أو أخذ بشفعة) وذلك كأن يشتري زيد من عمرو نصف دار بينه وبين بكر بصبرة طعام على أنها كذا مثلا، فيأخذ بكر هذا النصف المبيع بالشفعة، ثم يتلف الطعام قبل قبضه، فإن البيع ينفسخ دون الأخذ بالشفعة، فيدفع بكر الشفيع لزيد المشتري مثل الطعام، ويدفع زيد لعمرو قيمة نصف الدار؛ لتعذر رده إليه. قوله أيضاً على قوله: (فلو أبيع ... إلخ) الأنسب تفريعه على قوله الآتي: (وثمن ليس في ذمة كمثمن) لوقوع نحو المكيل هنا ثمناً، لا مثمناً. فتدبر. قوله أيضا على قوله: (فلو أبيع ... إلخ) هذا تفريع على قاعدتين مقررتين لم يذكرا قبل، إحداهما: أن حكم الثمن حكم المثمن. والثانية: أن الفسخ رفع للعقد. قوله: (بكيل) الباء داخلة على الثمن.

وَلَوْ خُلِطَ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ لَمْ يَنْفَسِخْ وَهُمَا شَرِيكَانِ وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا الْمَبِيعَ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ومِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ إلَّا إنْ مَنَعَهُ بَائِعٌ أَوْ كَانَ ثَمَرًا عَلَى شَجَرٍ أَوْ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فمِنْ بَائِعٍ

_ قوله: (ولو خلط ... إلخ) يعني: مبيع مكيل ونحوه بغير فعل مشتر. قوله: (أو رؤية متقدمة) ولو ثمراً على شجر، أو منعه بائع قبضه. قوله: (ومن ضمان مشتر ... إلخ) ومن هنا يعلم: أن الذي لا يدخل في ضمان مشتر أربعة أنواع: ما اشتراه بكيل ونحوه، أو بصفة، أو رؤية متقدمة، وما منعه بائع قبضه، والثمر على الشجر. ومثله الحب الذي اشتد. ويصح تصرفه في النوعين الأخيرين دون الأولين، فبين ما لا يصح تصرفه فيه، وما لا يدخل في ضمانه عموم وخصوص مطلق؛ فكل ما لا يصح تصرفه فيه لا يدخل في ضمانه، وليس كل ما لا يدخل في ضمانه لا يصح تصرفه فيه. وبخطه أيضا على قوله: (ومن ضمان مشتر ... إلخ) معطوف على قوله: (يصح التصرف فيه) مع حذف عامل، أي: ويكون (من ضمان مشتر ... إلخ). فتدبر. محمد الخلوتي. قوله: (أو بصفة ... إلخ) متعلق بمحذوف معطوف على خبر كان، تقديره: أو كان مبيعاً معيباً بصفة ... إلخ.

وَمَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ مُشْتَرٍ فِيهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَثَمَنٌ لَيْسَ فِي ذِمَّتِهِ كَمُثَمَّنٍ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ لِاسْتِقْرَارِهِوَحُكْمُ كُلِّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعِوَضٍ فِي صُلْحٍ بِمَعْنَى بَيْعٍ وَنَحْوِهِمَا حُكْمُ عِوَضٍ فِي بَيْعٍ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ ومَنْعِهِ

_ قوله: (وما لا يصح تصرف ... إلخ) لو قال: ما ضمنه البائع كان أولى؛ لأنه أخصر، وليعم الثمر على الشجر قبل جذه، فإنه يصح التصرف فيه، وينفسخ العقد بتلفه، إلا أن يقال: اقتصر على ما هنا؛ لأن حكم الثمر يأتي في بابه. أو يقال: الكلام فيما تلف قبل القبض، وهذا ينفسخ عقده بتلفه ولو بعد قبضه قبل جذه، كما يأتي. قاله في "الحاشية" وفيه نظر. فتأمل. قوله: (بتلفه) يعني: بآفة، وأما بفعل آدمي، فقد تقدم تفصيله "حاشية". قوله: (وما في الذمة) أي: من ثمن أو مثمن، أي: إذا كان ما في الذمة من نحو مكيل، فإنه لا تجري فيه الأحكام السابقة كلها، فيصح الاعتياض عنه بأخذ دله من غير جنسه، والحوالة عليه، وبيعه لمن هو عليه، بشرط قبض عوضه. فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (وما في الذمة له أخذ بدله) فيه تجوز، فإن الثمن حيث كان في الذمة لا يتصف بالتلف حقيقة عند تلف نظيره من مال المدين، لكن أطلق على هذا النظير أنه ثمن فيغرم بدله إطلاقاً مجازياً.

وَكَذَا مَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَعِوَضِ خُلْعٍ وَعِتْقٍ ومَهْرٍ وَمُصَالَحٍ بِهِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ لَكِنْ يَجِبُ بِتَلَفِهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَا وَدِيعَةٌ وَمَالُ شَرِكَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَا قَبَضَهُي شَرْطٌ ل صِحَّةِ عَقْدِهِ كَصَرْفٍ وسَلَمٍ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ولَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ فِي مَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَيَضْمَنُ هُوَ وزِيَادَتَهُ كَمَغْصُوبٍ

_ قوله: (ونحوه) كعوض طلاق. قوله: (لكن يجب ... إلخ) يحتمل أن تكون (لكن) هي المخففة من الثقيلة، فإنها قد تدخل بعد التخفيف على الجملتين، وأن تكون هي الخفيفة بأصل الوضع، وعلى كل، فهي حرف ابتداء لمجرد إفادة الاستدراك، كما يعلم من "مغني اللبيب"، وذلك أن قوله: (لا ينفسخ بهلاكه) مع سكوته عن الضمان وعدمه يوهم أنه من ضمان المبذول له، فدفع ذلك بأنه ليس من ضمان المبذول له، وأنه لا يضيع عليه. فتدبر. قوله: (كصرف) أي: كعوض صرف. قوله: (وسلم) أي: رأس مال. قوله: (ولا يصح تصرف ... إلخ) يعني: بغير عتق. قوله: (كمغصوب) قال ابن نصر الله في "حواشي المحرر": ينبغي تقييده بما إذا كان القابض عالماً بفساد العقد. أما إن كان جاهلاً، فينبغي أن يكون حكمه في الضمان حكم القابض من الغاصب إذا كان جاهلاً في أنه يضمن ذلك فيما التزم ضمانه، ولا يضمن ما لم يلتزم ضمانه. قاله في "حاشيته".

فصل وَيَحْصُلُ قَبْضُ مَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ بِذَلِكَ بِشَرْطِ حُضُورِ مُسْتَحِقٍّ أَوْ نَائِبِهِ وَوِعَائِهِ كَيَدِهِ وَتُكْرَهُ زَلْزَلَةُ الْكَيْلِ وَيَصِحُّ قَبْضُ مُتَعَيَّنٍ بِغَيْرِ رِضَى بَائِعٍ ووَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ إلَّا

_ قوله: (بذلك) أي: المذكور، وهو من قبيل مقابلة الجمع بالجمع المقتضية لانقسام الآحاد بالآحاد. محمد الخلوتي. قوله: (حضور مستحق) شمل البائع والمشتري. قوله: (ووعاؤه) بأن دفعه مشتر لبائع وقال: كله، فإنه يصير مقبوضاً. قاله في "التلخيص"، وفيه نظر. قوله: (ويصح قبض متعين ... إلخ) اعلم أن القاعدة في المبيع: أنه إما متميز أو غيره، فغير المتميز قسمان: مبهم تعلق به حق توفية، كقفيز من صبرة ونحوه، فيفتقر إلى القبض على الصحيح، أي: لجواز التصرف فيه، ويتوقف قبضه على الإذن من الباذل. ومبهم لم يتعلق به حق توفية، كنصف عبد ونحوه، ففي "البلغة": هو كالذي قبله، وفي "التلخيص": هو من المتميزات. والمتميز قسمان: ما يتعلق به حق توفية، فهو كالمبهم الذي تعلق به حق توفية، وما لا يتعلق به حق توفية، كالعبد والدار والصيرة ونحوها من الجزافيات، فيجوز التصرف فيه قبل قبضه، وضمانه على مشتريه. قوله أيضا على قوله: (ويصح قبض متعين ... إلخ) يعني: لا يحتاج إلى حق توفية؛ لئلا يخالف ما

مَا كَانَ مِنْ غير جِنْسِ مَالِهِ واسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَمَتَى وَجَدَهُ قَابِضٌ زَائِدَ مَا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ أَعْلَمَهُ بِهِ وَإِنْ قَبَضَهُ ثِقَةً بِقَوْلِ بَاذِلٍ إنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ وَلَمْ يَحْضُرْ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي نَقْصِهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي قَدْرِهِ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ

_ سيأتي في قوله: (لا غصبه) ويدل على هذا قول المصنف في شرح ما سيأتي: أي: لا غصب مشتر مبيعاً لا يدخل في ضمانه إلا بقبضه، أي: بأن يحتاج إلى حق توفية. وعلى هذا، فلا يناسب قول منصور البهوتي هنا: وظاهره: ولو احتاج إلى حق توفية. مع أنه احتاج آخراً إلى عدم اعتبار هذه الصورة. ويمكن أن يجاب أيضا بأن قوله: (بغير رضى بائع) بمعنى: بغير إذنه، لا على وجه الغصب والقهر، فلا يخالف ما بعده، والله أعلم. قوله: (ما لا يتغابن) أي: يتسامح. قوله: (ولم يحضر كيله) هو ولا نائبه، ولا دفع له الوعاء.

وَلَوْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ وَمَنْ قَالَ وَلَوْ لِغَرِيمِهِ تَصَدَّقْ عَنِّي بِكَذَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي صَحَّ وَكَانَ اقْتِرَاضًا لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ غَرِيمٍ بِقَدْرِهِ بِالْمُقَاصَّةِ وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ ومُتَّهِبٍ بِإِذْنِ وَاهِبٍ قَبْضٌ لَا غَصْبُهُ وَيَأْتِي وَغَصَبَ بَائِعٌ ثَمَنًا أَوْ أَخَذَهُ بِلَا إذْنٍ لَيْسَ قَبْضًا إلَّا مَعَ الْمُقَاصَّةِ وَأُجْرَةُ كَيَّالٍ

_ قوله: (لا غصبه) هذا يناقض قوله فيما سبق (ويصح قبض متعين بغير رضى بائع)، إلا أن يحمل هذا على ما يحتاج لحق توفية، وذاك على ما لا يحتاج. منصور البهوتي. وهذا الجواب مبني على ظاهر تعميم الشارح في قوله: (لا غصبه) حيث رجع الضمير إلى كل من المبيع والموهوب، قال الشيخ في تقريره: والأظهر: أن قوله: (لا غصبه) راجع إلى الموهوب فقط، بدليل قول الشارح: وإتلاف مشتر المبيع مطلقاً، وأن القبض شرط في ملك الموهوب دون المبيع. ففي كلام الشارح عند التحقيق نوع تناقض، حيث سوى في جانب المشتري بين أن يكون بإذن أو لا. وعمم في ضمير (غصبه) وجعله شاملا للمبيع والموهوب. هذا آخر ما قرره شيخنا، ثم أثبت في "الحاشية" ما نصه: لكن سيأتي في الهبة أنه يصح التصرف فيها قبل قبضها. فليتأمل. انتهى. وكأنه أمر بالتأمل للإشارة إلى أن هذا زيد في الإشكال. فليحرر المقام. محمد الخلوتي. قوله: (ثمناً) أي: ليس معيناً. قوله: (إلا مع المقاصة) بأن تلف ما قبضه واتحد مع ماله من الدين جنساً

وَوَزَّانٍ وَعَدَّادٍ وَذَرَّاعٍ وَنَقَّادٍ وَنَحْوِهِمْ عَلَى بَاذِلٍ ونَقْلٍ عَلَى مُشْتَرٍ وَلَا يَضْمَنُ نَاقِدٌ حَاذِقٌ أَمِينٌ خَطَأً وفِي صُبْرَةٍ ومَا يُنْقَلُ بِنَقْلٍ ومَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلٍ وغَيْرِهِ بِتَخْلِيَةِ لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي قَبْضِ مُشَاعٍ يُنْقَلُ إذْنُ شَرِيكِهِ فَلَوْ أَبَاهُ وَكَّلَ فِيهِ فَإِنْ أَبَى نَصَّبَ حَاكِمٌ مَنْ يَقْبِضُ

_ وحلولاً وغيرهما. زاد في "الحاشية": أو كان باقيا ورضي المدين بكونه عما عليه، فكأنه حمل المقاصة على الأعم من الحقيقة. فتدبر. قوله: (ونقاد) المراد: قبل قبض الآخذ؛ لأن على الباذل تسليم ما عليه صحيحاً. أما بعد قبضه، فعلى الآخذ لملكه بقبضه، فعليه بيان عيبه، كما يعلم من "الإقناع". فتدبر. قوله: (ونقل على مشتر) يعني: ونحوه، ولو قال: على آخذ، لكان أشمل. قوله: (خطأ) سواء كان متبرعاً أو بأجرة. قوله: (وغيره بتخلية) زاد في "الإقناع" مع عدم مانع. قال في "شرحه": أي: حائل؛ بأن يفتح له باب الدار، أو سلمه مفتاحها ونحوه، وإن كان فيها متاع للبائع، قال الزركشي: ويأتي عملا بالعرف. انتهى. قوله: (لكن يعتبر في قبض ... إلخ) أي: في جوازه لا صحته.

وَلَوْ سَلَّمَهُ بِلَا إذْنِهِ فَالْبَائِعُ غَاصِبٌ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى مُشْتَرٍ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فعَلَى بَائِعٍ فصل والإقالة فسخ تَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ وبَعْدَ نِدَاءِ جُمُعَةٍ ومِنْ مُضَارِبٍ وَشَرِيكٍ وَلَوْ بِلَا إذْنِ ومِنْ مُفْلِسٍ بَعْدَ حَجْرٍ لِمَصْلَحَةٍ وبِلَا شُرُوطِ بَيْعٍ وَبِلَفْظِ صُلْحٍ وبَيْعٍ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَى مُعَاطَاةٍ وَلَا خِيَارَ فِيهَا وَلَا شُفْعَةَ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَمُؤْنَةُ رَدِّ عَلَى بَائِعٍ

_ قوله: (ولو سلمه بلا إذنه ... إلخ) في "المغني" و "الشرح" في الرهن: لا يكفي هذا التسليم، أي: تسليم المشترك بغير إذن الشريك، إن قلنا: استدامة القبض شرط للزوم الرهن، كما هو المذهب؛ لتحريم الاستدامة، نقله هنا صاحب "الإقناع" وأقره. قوله: (وإلا) أي: وإلا يعلم، ومثله يجهله. قوله: (لمصلحة) أي: فيهن. قوله: (وبيع) أي: لفظه وما بعده، من عطف الخاص على العام.

وَلَا تَصِحُّ مَعَ تَلَفِ مُثَمَّنٍ ومَوْتِ عَاقِدٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنٍ أَوْ نَقْصِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَالْفَسْخُ رَفْعُ عَقْدٍ مِنْ حِينِ فُسِخَ

_ قوله: (وموت عاقد) أي: أو غيبته. قال في "الإقناع": لو قال أقلني ثم غاب، فأقاله، لم تصح. انتهى. وذكر القاضي وأبو الخطاب في تعليقهما: لو قال: أقلني، ثم دخل الدار، فأقاله على الفور، صح إن قيل: هي فسخ لا بيع؛ لأن البيع يشترط له حضور العاقدين في المجلس. نقله في "شرح الإقناع".

باب الربا والصرف

باب الربا والصرف الربا: تَفَاضُلٌ فِي أَشْيَاءَ وَنَسَاءٌ فِي أَشْيَاءَ مُخْتَصٌّ بَأَشْيَاءَ وَرَدَ الشَّرْعِ بِتَحْرِيمِهَا فَيَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ فِي كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ وَإِنْ قَلَّ كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ لَا فِي مَاءٍ

_ باب الربا والصرف الربا مقصور، أصله: الزيادة. قوله: (ونساء) في "المصباح": النسيء مهموز على فعيل، ويجوز الإدغام؛ لأنه زائد، هو: التأخير، والنسيئة فعيلة مثله، وهما اسمان من: نسأ الله أجله، من باب نفع، وأنسأه بالألف: إذا أخره. انتهى. وأما النساء، فبالمد، كما في "المطلع" وعبارته: النسيئة، والنساء بالمد: التأخير، وحيث جاء النساء في الكتاب، فهو ممدود، ولا يجوز قصره. انتهى مختصراً. قوله: (فيحرم ... إلخ) هو كالتفسير لقوله: (تفاضل في أشياء) كما أن قوله في أول الفصل الآتي: (ويحرم ربا النسيئة بين ما اتفقا ... إلخ) كالتفسير لقوله: (ونساء في أشياء) محمد الخلوتي. قوله: (وإن قل) بحيث لا يتأتى كيله، لعدم العلم بتساويهما. قوله: (لا في ماء) يعني: لعدم تموله عادة. قال في "المبدع": وفيه نظر؛

وَلَا فِيمَا لَا يُوزَنُ عُرْفًا لِصِنَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَمَعْمُولٍ مِنْ نُحَاسٍ وحَدِيدٍ وحَرِيرٍ وَقُطْنٍ ونَحْوِ ذَلِكَ وَلَا فِي فُلُوسٍ عَدَدًا وَلَوْ نَافِقَةً وَيَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةٍ بجِنْسِهَا وَإِنْ عَلِمَا كَيْلَهُمَا وتَسَاوِيَهُمَا أَوْ لَا وَتَبَايَعَاهُمَا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَكِيلَتَا فَكَانَتَا سَوَاءً وحَبٍّ جَيِّدٍ بخَفِيفٍ

_ إذ العلة عندنا ليست هي المالية. قاله في "شرح الإقناع". وقد يقال: سلمنا ذلك، لكن مرادهم: أن ما ذكر من إباحة الأصل، وعدم التمول عادة، ضعف العلة فيه، التي هي الكيل، فلم تؤثر. محمد الخلوتي. قوله: (لصناعته) أي: لارتفاع سعره بها. قوله: (من نحاس) كأسطال، ودسوت. قوله: (وحديد) كنعال، وسكاكين. قوله: (وحرير) كثياب. قوله: (ونحو ذلك) كأكسية من صوف. قوله: (ولا في فلوس) يعني: يتعامل بها. قوله: (فكيلتا) أي: في المجلس؛ لأن قبض ذلك، هو شرط بقاء العقد، ولذا عبر بالفاء التي للتعقيب. قوله: (فكانتا سواء) وإلا لم يصح.

لَا بمُسَوَّسٍ وَلَا مَكِيلٍ بِجِنْسِهِ وَزْنًا وَلَا مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ كَيْلًا إلَّا إذَا عُلِمَ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فِي مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ وَيَصِحُّ إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَيْلًا وَوَزْنًا وَجُزَافًا وبَيْعُ لَحْمٍ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ إذَا نَزَعَ عَظْمَهُ وبِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَبغَيْرِ مَأْكُولٍ وعَسَلٍ بِمِثْلِهِ إذَا صُفِّيَ وفَرْعٍ مَعَهُ غَيْرُهُ لِمَصْلَحَتِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا بِنَوْعِهِ كَجُبْنٍ بِجُبْنٍ وسَمْنٍ بِسَمْنٍ مُتَمَاثِلًا وبِ غَيْرِهِ كَزُبْدٍ بِمَخِيضٍ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إلَّا مِثْلُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ لِاسْتِخْرَاجِهِ مِنْهُ لَا مَا مَعَهُ مَا لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهِ كَكِشْكٍ بِنَوْعِهِ

_ قوله: (من جنسه) كلحم بقر بلحم بقر. قوله: (كبغير مأكول) تشبيه. قوله: (كجبن) تمثيل على اللف والنشر المرتب. وبخطه أيضاً على قوله: (كجبن) أي: وزناً. قوله: (وسمن) أي: كيلاً، وإن كان مائعاً، وإلا فوزناً. قوله: (وبغيره) أي: بفرع غير نوعه. قوله: (ككشك) فيه أنه لا يمكن جعله كشكاً، إلا بانضمام القمح إلى اللبن، كما أنه لا يمكن جعله جبناً، إلا بانضمام الإنفحة إليه، فلم جعل هذا مما ليس لمصلحته، وذاك مما هو لمصلحته؟ ويمكن الفرق بينهما؛ بأن ضم البر إلى اللبن ليس علة في بقاء أحدهما على حاله، ولا في وجوده، بخلاف ضم الملح إلى السمن، والإنفحة إلى الجبن، وأما تسمية هذا: كشكاً، فإنما نشأت عن الهيئة الاجتماعية، ولو أبقي أحدهما منفرداً عن الآخر، لم يفسد. محمد الخلوتي.

وَلَا بِفَرْعِ غَيْرِهِ وَلَا فَرْعٍ بِأَصْلِهِ كَأَقِطٍ بِلَبَنٍ وَلَا نَوْعٍ مَسَّتْهُ النَّارُ بِنَوْعِهِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ وَالْجِنْسُ مَا شَمَلَ أَنْوَاعًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ وَفُرُوعُهَا أَجْنَاسٌ، كَالْأَدَقَّةِ وَالْأَخْبَازِ وَالْأَدْهَانِ وَاللَّحْمُ وَاللَّبَنُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِمَا وَالشَّحْمُ وَالْمُخُّ وَالْأَلْيَةُ

_ قوله: (ولا بفرع غيره) أي: فيما معه مما ليس لمصلحته، كما هو سياق كلامه، فلا تناقض، ككشك بهريسة. قوله: (والجنس: ما ... إلخ) أي: الجنس هو: الشامل لأشياء مختلفة بأنواعها، قال في "الإقناع": فكل شيئين فأكثر أصلهما واحد، فهما جنس واحد، وإن اختلفت مقاصدهما، كدهن ورد، وبنفسج، وزنبق، وياسمين، ونحوها إذا كانت كلها من دهن واحد، أي: كالشيرج، فهي جنس واحد. قال في "شرحه": لاتحاد أصلها، أي: وهو الشيرج مثلاً، وإنما طيبت بهذه الرياحين، فنسبت إليها، فلم تصر أجناساً. انتهى المقصود. قوله: (واللبن أجناس) أي: ذو أجناس. قوله: (باختلاف أصولهما) أي: بسبب. مصنف. قوله أيضا على قوله: (باختلاف أصولهما) أي: اللحم واللبن، فلحم الضأن والمعز جنس، والبقر والجواميس جنس، وكذا اللبن.

وَالْقَلْبُ وَالطِّحَالُ وَالرِّئَةُ وَالْكُلْيَةُ وَالْكَبِدُ وَالْكَارِعُ أَجْنَاسٌ وَيَصِحُّ بَيْعُ دَقِيقٍ رِبَوِيٍّ بِدَقِيقِهِ إذَا اسْتَوَيَا نُعُومَةً ومَطْبُوخِهِ بِمَطْبُوخِهِ وخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ إذَا اسْتَوَيَا نِشَافًا أَوْ رُطُوبَةً وعَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ ورَطْبِهِ بِرَطْبِهِ ويَابِسِهِ بِيَابِسِهِ ومَنْزُوعِ نَوَاهُ بِمِثْلِهِ لَا مَعَ نَوَاهُ بِمَا مَعَ نَوَاهُ وَلَا مَنْزُوعِ نَوَاهُ بِمَا نَوَاهُ فِيهِ وَلَا حَبٍّ بِدَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ وَلَا دَقِيقِ حَبٍّ بِسَوِيقِهِ وخُبْزٍ بِحَبِّهِ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ وَلَا نِيئِهِ بِمَطْبُوخِهِ وَلَا أَصْلِهِ بِعَصِيرِهِ وَلَا خَالِصِهِ أَوْ مَشُوبِهِ بِمَشُوبِهِ وَلَا رَطْبِهِ بِيَابِسِهِ كَرُطَبٍ وَلَا الْمُحَاقَلَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ وَيَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَلَا الْمُزَابَنَةِ وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِالتَّمْرِ إلَّا فِي الْعَرَايَا وَهِيَ بَيْعُهُ خَرْصًا بِمِثْلِ مَا يَئُولَ إلَيْهِ إذَا جَفَّ كَيْلًا

_ قوله: (والكارع أجناس) أي: ذات. قوله: (ولا المحاقلة) مأخوذة من الحقل، وهو: الزرع إذا تشعب قبل أن يغلظ سوقه. محمد الخلوتي. قوله: (بمثل ما يؤول إليه) الظاهر: أن المراد ما يؤول إليه نوعه، سواء

فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِمُحْتَاجٍ لِرُطَبٍ وَلَا ثَمَنٍ مَعَهُ بِشَرْطِ الْحُلُولِ وَتَقَابُضِهِمَا بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ ففِي نَخْلٍ بِتَخْلِيَةٍ فِي تَمْرٍ بِكَيْلٍ فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَشَيَا فَسَلَّمَ الْآخَرُ صَحَّ وَلَا تَصِحُّ فِي بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَلَا زِيَادَةُ مُشْتَرٍ وَلَوْ مِنْ عَدَدٍ فِي صَفَقَاتٍ وَيَصِحُّ بَيْعُ نَوْعَيْ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ بِنَوْعَيْهِ كَدِينَارٍ قِرَاضَةً، وَهِيَ قِطَعُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وصَحِيحٍ بصَحِيحَيْنِ أَوْ قِرَاضَتَيْنِ أَوْ صَحِيحٍ بصَحِيحٍ وحِنْطَةٍ حَمْرَاءَ وَسَمْرَاءَ ببَيْضَاءَ وتَمْرٍ

_ كان ذلك الرطب مما لو ترك لصار تمراً، وهو الغالب، أو مما لو ترك لصار حشفا لا تمراً، كما في بعض الأنواع، كما تقدم في زكاة الخارج من الأرض. قوله: (فيما دون ... إلخ) أي: لا فيها ولا فيما زاد عليها، ويبطل البيع فيها في جميع المعقود عليه، وإنما لم يصح في هاتين الصورتين فيما دون الخمسة، لجهل المبيع إذن. قوله: (ولا ثمن معه) أي: نقد. قوله: (بشرط ... إلخ) هذان شرطان للعرايا، كما في "شرح المصنف" ونص عبارته: وبقي للعرايا شرطان، نبه عليهما بقوله: (بشرط ... إلخ) قوله: (ولا تصح) أي: العرايا، أي: صورتها. قوله: (ولا زيادة مشتر) أي: ما رخص فيه، فشمل صورة الخمسة فما فوقها. فتأمل. قوله: أيضاً على قوله: (وزيادة مشتر) علم منه جواز زيادة البائع.

مَعْقِلِيٍّ وَبَرْنِيِّ بِإِبْرَاهِيمِيِّ ونَوَى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى ولَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ وصُوفٍ بِمَا عَلَيْهِ صُوفٌ ودِرْهَمٍ فِيهِ نُحَاسٌ ِنُحَاسٍ أَوْ بمُسَاوِيهِ فِي غَشٍّ وذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ بِمِثْلِهَا وتُرَابِ مَعْدِنٍ وصَاغَةٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ومَا مُوِّهَ بِنَقْدٍ مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهَا بِجِنْسِهِ ونَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ بِمِثْلِهِ أَوْ تَمْرٍ لَا رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ وَمَعَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِمُدَّيْنِ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُقْصَدُ كَخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ بِمِثْلِهِ وبِمِلْحٍ وَيَصِحُّ أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا والْآخَرِ فُلُوسًا أَوْ حَاجَةًأَوْ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفًا وَفُلُوسًا وَنَحْوِهِ وقَوْلُهُ لِصَائِغٍ صُغْ لِي خَاتَمًا وَزْنُهُ دِرْهَمٌ أُعْطِيَكَ

_ قوله: (وصاغة) أي: وتراب الصاغة، برادة نحو حلي ذهب أو فضة مع ما يختلط به من نحو تراب، كما هو المتعارف فيما بينهم الآن بمصر. قوله: (كمد عجوة ... إلخ) هذه تسمى: مسألة مد عجوة ودرهم، لتمثيلها بذلك، وللبطلان فيها مأخذان، احدهما: سد ذريعة الربا، وفي كلام الإمام إيماء إلى ذلك. الثاني: وهو مأخذ القاضي وأصحابه أن الصفقة إذا اشتملت على شيئين مختلفي القيمة، يقسط الثمن على قيمتهما، وهذا يؤدي هنا،

مِثْلَ زِنَتِهِ وأُجْرَتَك دِرْهَمًا. وَلِلصَّائِغِ أَخْذُ الدِّرْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مُقَابَلَةِ الْخَاتَمِ والثَّانِي أُجْرَةٌ لَهُ وَمَرْجِعُ كَيْلِ عُرْفِ الْمَدِينَةِ ووَزْنِ عُرْفِ مَكَّةَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا لَا عُرْفَ لَهُ هُنَاكَ يُعْتَبَرُ فِي مَوْضِعِهِ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ رُدَّ إلَى أَقْرَبِ مَا يُشْبِهُهُ بِالْحِجَازِ وَكُلُّ مَائِعٍ مَكِيلٌ

_ إما إلى يقين التفاضل، وإما إلى الجهل بالتساوي، وكلاهما مبطل للعقد، فإنه إذا باع درهماً ومداً يساوي درهمين، بمدين يساويان ثلاثة، فالدرهم في مقابلة ثلثي مد، ويبقى مد في مقابلة مد وثلث، وذلك ربا، فلو فرض التساوي كمد يساوي درهماً، ودرهم يساوي درهماً ودرهم، لم يصح أيضاً؛ لأن التقويم ظن وتخمين، فلا تتحقق معه المساواة، والجهل بالتساوي، كالعلم بالتفاضل. انتهى. منصور البهوتي. وقوله: في المأخذ الأول: سد ذريعة الربا، أي: لأن ذلك قد يكون حيلة على الربا الصريح، كبيع مئة في كيس بمئتين، جعلا للمئة الثانية في مقابلة الكيس، وهو قد لا يساوي درهماً. قوله: (والثاني أجرة له) وغاية ما فيه، أنه جمع بين بيع وإجارة، وهو صحيح كما تقدم، لا أنه شرط عقد في عقد، الذي هو بيعتان في بيعة المنهي عنه.

فصل ويحرم ربا النسيئة بَيْنَ مَا اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ كَمُدَبَّرٍ بِمِثْلِهِ أَوْ شَعِيرٍ وك حُلُولٌ وَقَبْضٌ بِالْمَجْلِسِ تَنْبِيهٌ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا إلَّا فِي صَرْفِهِ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ وَيُحْمَلُ نَسَاءٌ فِي مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ وَفِي مَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا فَضْلٍ كَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ وَتِبْنٍ

_ قوله: (بين ما اتفقا ... إلخ) ما: واقعة على مثنى، وقوله: (اتفقا) بمراعاة معنى "ما" صلة أو صفة. قوله: (قبض) تنبيه: القبض هنا وحيث اعتبر، شرط لبقاء العقد لا لصحته، وإلا لم يتقدم المشروط. منصور البهوتي. قوله: (إلا في صرفه بفلوس ... إلخ) تبع فيه "التنقيح" وهو مخالف لم تقدم في أول الباب، ولما جزم به في "الإقناع" لكن ما ذكره هو الصحيح كما في "الإنصاف" و "التنقيح"، خلافاً لما في "الإقناع". فتدبر.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئٍ وَهُوَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَا بِمُؤَجَّلٍ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَلَا تَصَارُفُ الْمَدِينَيْنِ بِجِنْسَيْنِ فِي ذِمَّتَيْهِمَا وَلَا نَحْوُهُ وَيَصِحُّ إنْ أُحْضِرَ أَحَدُهُمَا

_ قوله: (وهو دين) بالرفع على حذف مضاف، أي: وهو بيع دين بدين، وهذا تفسير لبيع الكاليء بالكاليء، فالكاليء هو الدين نفسه، ويجوز قراءته بالجر على إبقاء المضاف إليه بحاله؛ لأن الدليل عليه، وهو: (بيع) موجود قبله، ثم اعلم: أن قول المصنف؛ وهو: (ولا يصح بيع كاليء بكاليء) شامل لأربع صور، وهي: بيعه حالاً أو مؤجلاً بحال لمن هو عليه أو غيره. وقوله: (ولا بمؤجل ... إلخ) شامل لصورتين: بيعه حالاً أو مؤجلا بمؤجل لمن هو عليه، وكذا بالأول لغير من هو عليه، فالصور ثمان، على أن قوله: (ولا مؤجل ... إلخ) داخل تحت عموم ما قبله، فهو من قبيل عطف الخاص على العام. فتدبر ذلك. قوله: (ونحوه) بأن يكون لأحدهما على صاحبه بر، وعليه له شعير، فتبايعانهما. قوله: (ويصح إن أحضر أحدهما ... إلخ) اعلم: أن هذه المسألة من بيع الدين لمن هو عليه، وقد ذكرها المصنف أيضاً في باب السلم، وملخص الكلام فيها: إنه إذا باع الدين لمن هو عليه، فإما أن يبيعه بمعين أو بموصوف في الذمة، كما إذا كان لزيد على عمرو قمح معلوم، فباعه زيد عليه بدراهم معينة أو في الذمة، فإنه

أَوْ كَانَ أَمَانَةً وَمَنْ وَكَّلَ غَرِيمُهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَبَاعَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ أَخْذُهُ

_ يصح في الصورتين، بشرط قبض زيد للعوض في صورة ما إذا باعه بموصوف مطلقاً، أعني: سواء كان بين هذا العوض وبين الدين ربا النسيئة؛ بأن كانا مكيلين أو موزونين أولا؛ بأن كان أحدهما مكيلاً أو موزوناً، والآخر مخالف له، وكذا لا بد من قبض زيد للعوض فيما إذا باعه بمعين، حيث كان بين العوضين علة ربا النسيئة؛ بأن كانا مكيلين أو موزونين، ولا بد في ذلك كله من شرط آخر لم ينبه عليه المصنف هنا، وهو أن لا يكون بين العوض الذي يأخذه زيد مثلا، وبين أصل دينه الذي على عمرو ربا النسيئة، كما لو كان القمح الذي على عمرو عوض دراهم، فإنه لا يجوز لزيد أن يعتاض عنه دنانير، كما بين ذلك المصنف في آخر البيع. وعبارة "الإقناع" عند ذكر المسألة في السلم نصها: لكن إن كان الدين من ثمن مكيل أو موزون باعه بالنسيئة، فإنه لا يصح أن يأخذ عوضه ما يشارك المبيع في علة ربا فضل أو نسيئة، وتقدم آخر كتاب البيع. انتهى بمعناه. فتدبر. قوله: (أو كان أمانة) والآخر مستقر في الذمة؛ لأنه خرج عن كونه بيع دين بدين إلى كونه بيع دين بعين، وأن يكون في ذلك بسعره في يوم المصارفة، على ما يأتي آخر الباب. محمد الخلوتي.

وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَبَعَثَ إلَى غَرِيمِهِ دِينَارًا وَتَتِمَّتُهُ دَرَاهِمُ أَوْ أَرْسَلَ إلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَقَالَ لِلرَّسُولِ خُذْ قَدْرَ حَقِّك مِنْهُ دَنَانِيرَ، فَقَالَ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ خُذْ صِحَاحًا بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَجُزْ فصل والصرف: بيع نقد بنقد وَيَبْطُلُ كَسَلَمٍ بِتَفَرُّقٍ يَبْطُلُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ قَبْلَ تَقَابُضٍ وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي بَعْضٍ بَطَلَا فِيهِ فَقَطْ

_ قوله: (وتتمته دراهم) لم يجز؛ لأنه من مسألة: مد عجوة ودرهم. "شرحه". قوله: (أو أرسل) أي: من عليه دنانير للرسول الذي أرسله إلى من عليه دراهم، وقال ذلك المرسل في حال إرساله: إذا وصلت إلى من أرسلتك إليه، فخذ منه قدر حقك منه دنانير صحاحاً نظير مالك، فقال المرسل إليه للرسول: خذ مني دراهم صحاحاً في نظير ما لك من الدنانير، لم يجز له؛ لأنه لم يوكله في الصرف. محمد الخلوتي. قوله: (قبل تقابض) أي: من الجانبين في صرف، ومن جانب واحد في السلم؛ إذ المعتبر فيه قبض رأس ماله، وأما المسلم فيه، فمن شرطه التأجيل، فالتفاعل مستعمل في حقيقته ومجازه معاً، وهو جائز عندنا، وفاقاً للشافعي. محمد الخلوتي.

وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي قَبْضٍ فِي صَرْفٍ وَنَحْوِهِ مَا دَامَ مُوَكِّلُهُ بِالْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ بِتَخَايُرٍ فِيهِ وَإِنْ تَصَارَفَا عَلَى عَيْنَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ

_ قوله: (ويصح التوكيل) أي: الوكالة، يعني: أنها تستمر صحيحة ما دام الموكل في المجلس، فمتى فارق أحد العاقدين صاحبه قبل التقابض، بطل العقد، ففسدت الوكالة. قوله: (ولا يبطل بتخاير فيه) وكذا سائر ما يشترط فيه القبض، فيفسد الشرط فقط. قوله: (وإن تصارفا على عينين) إلى قوله: (من غير جنسه) قال ابن نصر الله: مقتضى صحة البيع مع تفريق الصفقة، صحة البيع هنا فيقدر الخالص بقسطه من عوضه الآخر. انتهى. قال منصور البهوتي قلت: ليس هذا من قبيل تفريق الصفقة؛ لأن معناه: أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح، وهنا كل من المعيب وعيبه يصح بيعه، وإنما بطل العقد؛ لأنه باعه غير ما سمي له. انتهى. أقول: ما ذكره منصور البهوتي يخالفه قوله: تبعاً لغيره عند قول المصنف: (وإن ظهر في بعضه بطل فيه فقط) ما نصه: بنى على تفريق الصفقة، فقد أثبت ما نفاه أولاً، والأظهر: أنه إذا كان العيب من غير الجنس، فإنه من تفريق الصفقة، لكن إن كان العيب في كل دينار مثلا، لم يصح العقد، أما في قدر الغش؛ فلأنه غير ما سمي له، وأما في الخالص، فلجهل قدره وقت العقد، وأما إذا كان العيب في بعض الدنانير دون بعض، فما لا عيب فيه، صح العقد فيه بناء على تفريق الصفقة، وما فيه عيب، لم يصح

وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ خَبَرِ صَاحِبِهِ وَظَهَرَ غَصْبٌ أَوْ عَيْبٌ فِي جَمِيعِهِ وَلَوْ يَسِيرًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ ظَهَرَ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ فِيهِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَلِآخِذِهِ الْخِيَارُ فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ وَإِنْ أَمْسَكَ فَلَهُ بِالْمَجْلِسِ لَا مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ جُعِلَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا وَكَذَا سَائِرُ أَمْوَالِ الرِّبَا إذَا بِيعَتْ بغَيْرِ جِنْسِهَا مِمَّا الْقَبْضُ شَرْطٌ فِيهِ فَبُرٌّ بِشَعِيرٍ وُجِدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَأَرْشٌ بِدِرْهَمٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ جَازَ وَإِنْ تَصَارَفَا عَلَى جِنْسَيْنِ فِي الذِّمَّةِ إنْ تَقَابَضَا قَبْلَ الافتراق

_ في غشه، ولا في خالصه، لما تقدم من التعليل. فتأمل ذلك بلطف، والله أعلم. وليس بشرط تفريق الصفقة أن يشتمل العقد على ما لا يقبل الصحة أصلاً، بل على ما لم تحصل فيه الصحةز فتدبر. قوله: (ولو بوزن ... إلخ) المراد: ولو كان طريق العلم بوزنه المشاهدة لوزن متقدم، أو الإخبار بوزنه. قوله: (إن جعل ... إلخ) أي: الأرش.

وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فقَبْلَ تَفَرُّقٍ لَهُ إبْدَالُهُ أَوْ أَرْشُهُ وبَعْدَهُ لَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشٍ وأَخَذَ بَدَلِهِ بِمَجْلِسِ رَدٍّ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ فَتَفَرَّقَا قَبْلَ رَدِّ وَأَخْذِ بَدَلِهِ بَطَلَ وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ مِنْ جِنْسٍ ك كَمِنْ جِنْسَيْنِ إذْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَرْشٌ مُطْلَقًا

_ قوله: (فقبل تفرق) أي: من مجلس العقد. قوله: (فتفرقا) لو أتى بالواو، لكان أحسن؛ لأنه لا معنى للتفريع هنا؟ ! قال الشيخ منصور البهوتي: ويمكن أن تكون رابطة داخلة على أداة شرط مقدرة قبل قوله: (تفرقا)، وقوله فيما بعد: (بطل)، جواب لذلك الشرط المقدر، وهو وجوابه جواب للشرط المذكور. شيخنا محمد الخلوتي. ويمكن الجواب: بأن الفاء لمجرد العطف على الشرط لا للتفريع فلا يحتاج إلى تقدير. قوله: (مطلقا) أي: سواء كان من جنس السليم أو غيره، وسواء كان ثمناً أو مثمناً، وسواء كان قبل التفرق أو بعده؛ لأنه إن كان من الجنس، أدى إلى التفاضل، وإن كان من غيره، أدى إلى مسألة: مد عجوة ودرهم. محمد الخلوتي.

وَإِنْ تَلِفَ عِوَضٌ قُبِضَ فِي صَرْفِ ثُمَّ عُلِمَ عَيْبُهُ وَقَدْ تَفَرَّقَا فُسِخَ وَرُدَّ الْمَوْجُودُ وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَعِيبِ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ فَيَرُدُّ مِثْلَهَا أَوْ عِوَضَهَا إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَخْذُ أَرْشِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ فصل ولكل الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ مِنْ جِنْسِ مَا صَرَفَ بِلَا مُوَاطَأَةٍ

_ قوله: (في صرف) أي: من جنس واحد، وإلا تعين أرش. قاله منصور البهوتي. قوله: (ثم علم عيبه) بأن أخبره ثقة كان قد شاهده قبل تلفه. محمد الخلوتي. قوله: (فسخ) أي: فسخه حاكم. قوله: (ولكل الشراء ... إلخ) قال في "الشرح الكبير": وإن باع مدي تمر رديء بدرهم، ثم اشترى بالدرهم تمراً جيداً، أو اشترى من رجل دينارا صحيحاً بدراهم، وتقابضا، ثم اشترى منه بالدراهم قراضة من غير مواطأة ولا حيلة، فلا بأس به. انتهى. وانظر هل قوله: وتقابضا، شرط

وَصَارِفُ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ أَعْطَى أَكْثَرَ لِيَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْهُ فَفَعَلَ جَازَ وَلَوْ بَعْدَ تَفَرُّقٍ وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ وخَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَأَعْطَى دِينَارًا صَحَّ

_ في ذلك؟ ومقتضى القواعد أنه إن تعلق بالدراهم حق توفية، كأن كانت معدودة، فلا بد في صحة التصرف فيها من قبضها، بخلاف ما لو كانت معينة جزافاً، فلعل كلامه مبني على الأول. قوله: (وصارف فضة ... إلخ) هو مبتدأ خبره الجملة الشرطية بعده، فقوله: (أعطى) بالبناء للفاعل، وعلى تقدير أداة الشرط، أي: إن أعطى ... إلخ، وجملة: (جاز) جواب الشرط. قوله: (أعطى) أي: فضة. قوله: (والزائد أمانة) فلو دفع له ستين ليأخذ منها خمسين، فتلف منها بلا تعد ولا تفريط، عشرة قبل التمييز، كان التالف عليها أسداساً، فيضع على الدافع واحداً وثلثي واحد، وذلك سدس العشرة، ويبقى له ثمانية وثلث، وذلك سدس الخمسين الباقية؛ لأن مجموع الستين بينهما أسداساً سدس للدافع كبقية الأموال المشتركة، وقد توقف في ذلك جماعة؛ لقلة التأمل. قوله: (وخمسة دراهم) الأولى نصبه بفعل شرط مقدر، أي: وإن صرف خمسة دراهم، بدليل الفاء في (فأعطي) المبني للمفعول.

وَلَهُ مُصَارَفَتُهُ بَعْدَ بِالْبَاقِي وَلَوْ اقْتَرَضَ الْخَمْسَةَ وَصَارَفَهُ بِهَا عَنْ الْبَاقِي أَوْ دِينَارًا بِعَشَرَةِ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ ثُمَّ اقْتَرَضَهَا عَنْ الْبَاقِي صَحَّ بِلَا حِيلَةٍ وَهِيَ التَّوَسُّلُ إلَى مُحَرَّمٍ بِمَا ظَاهِرُهُ الْإِبَاحَةُ، وَالْحِيَلُ كُلُّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَقَضَاهُ دَرَاهِمَ مُتَفَرِّقَةً كُلَّ نَقْدَةٍ بِحِسَابِهَا مِنْهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ وَزْنًا فَوَفَّاهَا عَدَدًا فَوُجِدَتْ وَزْنًا أَحَدَ عَشَرَ فالزَّائِدُ مُشَاعٌ مَضْمُونٌ وَلِمَالِكِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ

_ قوله: (وله) أي: لقابض الدينار. قوله: (مصارفته) أي: الدافع. قوله: (بالباقي) أي: في بقية الدينار، أو عن الباقي. قوله: (أو ديناراً) بالنصب عطفاً على اللفظ، أو المحل من قوله: (فضة) على الوجهين، هكذا يفهم من تقرير بعض الشيوخ والشروح. والأقرب أنه مفعول بمحذوف معطوف على: (اقترض) من قوله: (ولو اقترض الخمسة) تقديره: أو صرف دينارا بعشرة ... إلخ. قوله: (بلا حيلة) أي: مواطأة، ليتوصلا إلى التفرق قبل قبض ما يشترط قبضه. قوله: (مشاع مضمون) وفيما تقدم: (والزائد أمانة) الفرق بينهما: أن الدافع هنا لم يعلم بالزائد، بل دفع له الجميع على أنه حقه،

وَمَنْ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ بِإِخْبَارِ صَاحِبِهِ بِوَزْنِهِ وَتَقَابَضَاهُ وَافْتَرَقَا فَوَجَدَهُ نَاقِصًا بَطَلَ الْعَقْدُ وزَائِدًا وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنَيْهِمَا بَطَلَ أَيْضًا وفِي الذِّمَّةِ وَقَدْ تَقَابَضَا وَافْتَرَقَا فَالزَّائِدُ بِيَدِ قَابِضٍ مُشَاعٌ مَضْمُونٌ وَلَهُ دَفْعُ عِوَضِهِ مِنْ جِنْسِهِ وغَيْرِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُ الْعَقْدِ وَيَجُوزُ الصَّرْفُ وبِ مَغْشُوشٍ وَلَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ وَيَحْرُمُ كَسْرُ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يُخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ وَالْكِيمْيَاءُ غِشٌّ فَتُحَرَّمُ

_ وقبضه الآخذ على أنه عوض ماله، فكان مضموناً عليه، بخلاف ما إذا علم بأنه أكثر من حقه، فإنهما تراضيا ودخلا على كون الزائد أمانة. قوله: (فوجده ناقصاً) ظاهره: لا فرق بين المعين وما في الذمة. ونقله في "المغني" عن ابن عقيل صريحاً، ومقتضى ما تقدم: أنه يصح فيما إذا كانا في الذمة بقدر الناقص. منصور البهوتي. قوله: (وفي الذمة ... إلخ) علم منه: صحة العقد على نقد بنقد في الذمة. وهو ينافي اشتراط صاحب "المستوعب" التعيين، وينافي قوله في "شرحه": وهو مراد من أطلق

فصل ويتميز ثمن عن مثمن بباء البدلية ولو أن أحدهما نَقْدٌ وَيَصِحُّ اقْتِضَاءُ مِنْ آخَرَ إنْ أُحْضِرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ أَمَانَةً وَالْآخَرُ مُسْتَقِرٌّ فِي الذِّمَّةِ بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِينَارٍ لَزِمَهُ شِقٌّ ثُمَّ إنْ اشْتَرَى آخَرَ بِنِصْفٍ آخَرَ لَزِمَهُ شِقٌّ أَيْضًا وَيَجُوزُ إعْطَاؤُهُ عَنْهُمَا صَحِيحًا لَكِنْ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي أَبْطَلَهُ وقَبْلَ لُزُومِ الْأَوَّلِ يُبْطِلُهُمَا

_ قوله: (مستقر) احترز من رأس مال السلم، والتماثل هنا المشار إليه: (بسعر يومه) أي: يوم الاقتضاء من حيث القيمة، لتعذره من حيث الصورة. قاله في "المغني"، نقله منصور البهوتي في "حاشيته". قوله: (بسعر يومه) لئلا يتخذ وسيلة إلى الربا. محمد الخلوتي. قوله: (ولا يشترط حلوله) أي: إذا لم يجعل للمقضي فضلا، لأجل تأجيل ما في الذمة؛ لأنه إذا لم ينقصه من سعره، فقد رضي بتعجيل ما في الذمة من غير عوض، وهذا مفهوم من قوله: (بسعر يومه). قوله أيضا على قوله: (ولا يشترط حلوله) أي: ما في الذمة.

وَتَتَعَيَّنُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ بِتَعْيِينٍ فِي جَمِيع عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَتُمْلَكُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إبْدَالُهَا وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا الْمُنَقِّحُ: إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَى وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ فَإِنْ تَلِفَتْ فَمِنْ ضَمَانِهِ وَيَبْطُلُ غَيْرُ نِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَوْ مَعِيبَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا وفِي بَعْضٍ هُوَ كَذَلِكَ فَقَطْ ومِنْ جِنْسِهَا يُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخِ وَإِمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ إنْ تَعَاقَدَا عَلَى مِثْلَيْنِ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ لَا بَعْدَ الْمَجْلِسِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ

_ قوله: (وتتعين ... إلخ) التعيين له صورتان، الأولى: بالإشارة من غير تسمية المشار إليه، كبعتك هذا بهذا، الثانية: بالإشارة مع التسمية، كبعتك هذا الثوب بهذه الدراهم، والظاهر: اختصاص البطلان إذا ظهرت معيبة من غير جنسها، بالثانية دون الأولى، بل هو عيب فيها يثبت فيها الفسخ. نعم إن كان المعقود عليه يشترط فيه التماثل، ثم ظهر عيب من غير الجنس يخل به، بطل العقد؛ لعدم التماثل على ما تقدم، فإذا لم يسم النقد، لم يحكم ببطلان العقد، لكن يكون كالعيب من الجنس، هذا ملخص ما نقله منصور البهوتي عن ابن قندس. قوله: (وتملك به) أي: سبب التعين، وإلا فالملك بالعقد. قوله: (فإن تلفت) أي: دراهم أو دنانير معينة، فمن ضمان من صارت إليه، إن لم تحتج إلى وزن وعد. قوله: (وإلا فله أخذه) أي: لا من جنس السليم. قوله: (من غير الجنس) أي: جنسها، مما لا يشاركه في العلة.

وَيَحْرُمُ الرِّبَا بِدَارِ حَرْبٍ وَلَوْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ لَا بَيْنَ سَيِّدٍ وَرَقِيقِهِ وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا فِي مَالِ كِتَابَةٍ

_ قوله: (في مال كتابة) يعني: فقط، بأن عوضه عن مؤجلها دونه.

باب بيع الأصول والثمار

باب بيع الأصول والثمار الْأُصُولُ: أَرْضٌ وَدُورٌ وَبَسَاتِينُ وَنَحْوُهَا وَالثِّمَارُ أَعَمُّ مِمَّا يُؤْكَلُ وَمَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ أَوْ وَقَفَ أَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِدَارِ تَنَاوَلَ أَرْضَهَا بِمَعْدَنِهَا الْجَامِدِ وبِنَاءَهَا وفِنَاءَهَا إنْ كَانَ ومُتَّصِلًا بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا كَسَلَالِمَ ورُفُوفٍ مُسَمَّرَةٍ وأَبْوَابٍ مَنْصُوبَةٍ ورَحًى مَنْصُوبَةٍ وخَوَابٍ مَدْفُونَةٍ ومَا فِيهَا مِنْ شَجَرٍ وعُرُشٍ،

_ قوله: (ونحوها) كطواحين ومعاصر. قوله: (تناول أرضها) أي: إن لم تكن موقوفة، كمصر، والشام، وسواد العراق. ذكره في "المبدع" وغيره، وأقره المصنف في شرحه. قوله: (وفناؤها) فيه أن الفناء مملوك، وقيل: مختص. قوله: (عرش) جمع عريش، وهي: الظلة. وفي "المصباح": العرش: السرير، وعرش البيت: سقفه، والعرش أيضاً: شبه بيت من جريد، يجعل فوقه الثمام، والجمع عروش، كفلس وفلوس، والعريش مثله، وجمعه عرش، مثل بريد وبرد، وعلى الثاني قوله: "تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفلان كافر بالعرش"؛ لأن بيوت مكة كانت عيداناً، ويظلل عليها. انتهى.

لَا كَنْزٍ وَحَجَرٍ مَدْفُونَيْنِ وَلَا مُنْفَصِلٍ كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ وَبَكَرَةٍ وَقُفْلٍ وَفُرُشٍ ومِفْتَاحٍ وَحَجَرِ رَحًى فَوْقَانِيٍّ وَلَا معْدِنٍ جَارٍ وَمَاءٍ نَبْعٍ وبِأَرْضٍ أَوْ بُسْتَانٍ دَخَلَ غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا وَلَا مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ لَا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةٌ، كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَقِطْنِيَّاتٍ وَنَحْوِهَا كَجَزَرٍ وَفُجْلٍ وَثُومٍ وَنَحْوِهِ وَيَبْقَى لِبَائِعٍ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ أَخْذِهِ بِلَا أُجْرَةٍ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ مُشْتَرٍ وَإِنْ كَانَ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَرَطْبَةٍ وبُقُولٍ أَوْ تَتَكَرَّرُ

_ قوله: (لا كنز ... إلخ) بالجر عطفاً على (شجر) والظرفية في قوله: (وما فيها) لا تنافي الانفصال، بل تصدق مع الاتصال والانفصال، والتقدير: وتناول الكائن فيها من شجر، لا من كنز ... إلخ، وهذا أولى من الجر على المجاورة. قوله: (وماء نبع) نبع الماء نبوعاً من باب: قعد، ونبع نبعاً من باب: نفع، لغة -خرج من العين. "مصباح". قوله: (لبائع) أي: ونحوه. قوله: (وبقول) البقل: كل نبات اخضرت به الأرض.

ثَمَرَتُهُ كَقِثَّاءٍ وَبَاذِنْجَانٍ فَأُصُولُ لِمُشْتَرٍ وَجْزَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَقْطَةٌ أُولَى لِبَائِعٍ وَعَلَيْهِ قَطْعُهَا فِي الْحَالِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ مُشْتَرٍ وَقَصَبُ سُكَّرٍ كَزَرْعٍ وفَارِسِيٌّ كَثَمَرَةٍ وَعُرُوقُهُ لِمُشْتَرٍ وَبَذْرٌ بَقِيَ أَصْلُهُ كَشَجَرٍ وَإِلَّا فكَزَرْعٍ وَلِمُشْتَرٍ جَهِلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ وإمْضَاءٍ مَجَّانًا وَيَسْقُطُ إنْ حَوَّلَهُ بَائِعٌ مُبَادِرًا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ أَوْ وَهَبَهُ مَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ وَكَذَا مُشْتَرٍ نَخْلًا ظَنَّ طَلْعَهَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَبَانَ مُؤَبَّرًا

_ قوله: (كقثاء) اسم لما يسميه الناس: الخيار، والعجور، والفقوس، الواحدة قثاءة. "مصباح". قوله: (باذنجان) الباذنجان: من الخضروات، بكسر الذال، وبعض العجم يفتحها، فارسي معرب. قوله: (كزرع) أي: فيبقى إلى أخذه. قوله: (كثمرة) فما ظهر، فلبائع. قوله: (بقي أصله) ولم يرد نقله. قوله: (فبان مؤبراً) أي: متشققاً، ولفظ التأبير وقع في الحديث الشريف، وفسر صاحب "المغني" التأبير في الحديث: بالتشقق، أي: لكون التأبير -وهو التلقيح- يقع عقب التشقق غالباً، وسيأتي

لَكِنْ لَا يَسْقُطُ بِقَطْعٍ وَيَثْبُتُ لِمُشْتَرٍ ظَنَّ دُخُولَ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لِبَائِعٍ كَمَا لَوْ جَهِلَ وُجُودَهُمَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي جَهْلِهِ ذَلِكَ إنْ جَهِلَهُ مِثْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ مَزَارِعُ قَرْيَةٍ بِلَا نَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَشجَرُ بَيْنَ بُنْيَانِهَا وأصول بقولها كما تقدم فصل ومن باع أو رهن أو وهب نخلا تشقق طلعه وَلَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ

_ في المتن تحقيق ذلك في محله من الفصل بعده. فتدبر. قوله: (تشقق طلعه) الطلع بالفتح: ما يطلع من النخلة، ثم يصير ثمراً، إن كان أنثى، وإن كانت ذكراً، لم يصر ثمرا، بل يؤكل طريا، ويترك على النخلة أياماً معلومة حتى يصير فيه شيء أبيض مثل الدقيق، وله رائحة ذكية، فيلقح به الأنثىز وأطلعت الأنثى: أخرجت طلعها، فهي مطلع، وربما قيل: مطلعة، وأطلعت أيضاً: طالت. قاله في "المصباح".

أو طَلْعُ فِحَالٍ يُرَادُ لِلتَّلْقِيحِ أَوْ صَالَحَ بِهِ أَوْ جَعَلَهُ أُجْرَةً أَوْ صَدَاقًا أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ فَثَمَرٌ لَمْ يَشْتَرِطْهُ أَوْ بَعْضَهُ الْمَعْلُومَ أَخَذَ لِمُعْطٍ مَتْرُوكًا إلَى جَذَّاذٍ مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِأَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ يَكُنْ

_ ومنه يؤخذ أن النخلة تطلق على الذكر والأنثى، وإن اختص الذكر بالفحال، على وزن تفاح، وفحل، كفلس، وجمع الأول: فحاحيل، والثاني: فحول، وفحولة، وفحال، قال الشاعر: تأبري يا خيرة الفسيل ... تأبري من حنذ فشولي إذ ضن أهل النخل بالفحول وللشعر قصة في "المصباح" فراجعه. قوله: (أو طلع فحال) بالنصب عطفاً على خبر "كان" المحذوفة مع اسمها بعد "لو"، أي: أو كان المتشقق طلع فحال ... إلخ، ويحتمل أن يكون مرفوعاً عطفاً على: (طلعه)، من قوله: (تشقق طلعه) أي: أو تشقق طلع فحال ... إلخ، والعائد محذوف، أي: فيه. قوله: (فثمر) أي: دون العراجين، ونحوها. منصور البهوتي.

خَيْرًا مِنْ رُطَبِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ مُشْتَرٍ قَطْعَهُ ولَمْ يَتَضَرَّرْ النَّخْلُ بِبَقَائِهِ فَإِنْ تَضَرَّرَ قُطِعَ بِخِلَافِ وَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ تَدْخُلُ فِيهِمَا كَفَسْخِ لِعَيْبٍ وَمُقَابَلَةٍ فِي بَيْعٍ وَرُجُوعِ أَبٍ فِي هِبَةٍ

_ قوله: (بخلاف وقف، ووصية) لعل الفرق بينهما، وبين ما تقدم: أن الوقف لما كان القصد من وقف الشجر الانتفاع بثمرته، دخلت، ولو بعد التشقق، والوصية شبيهة بالوقف في كثير من الأحكام، وأما الإقرار، فالمفهوم من كلام منصور البهوتي في آخر باب الإقرار من "شرح الإقناع" أن الثمرة في الإقرار كالبيع، على التفصيل المذكور، وهو الأظهر من بحث الشيخ مرعي أنه كالوقف والوصية. قوله: (ورجوع أب في هبة) يعني: فيما إذا كانت النخل ذات طلع حين الهبة، وتشققت بعد، فرجع الأب بعد تشققها، أما لو كانت خالية منه، ثم حدث عند الابن، فإنه يمنع رجوع الأب؛ لأنه زيادة متصلة. منصور البهوتي، وعبارته في "شرح الإقناع": لكن يأتي في الهبة: أن الزيادة المتصلة تمنع الرجوع. فيحمل ما هنا على ما إذا كان الطلع موجوداً حال الهبة، ولم يزد. انتهى.

وَكَذَا مَا بَدَا عِنَبٍ وَتِينٍ وَتُوتٍ ورُمَّانٍ وجَوْزٍ أَوْ ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ كَمُشْمُشٍ وَتُفَاحٍ وَسَفَرْجَلٍ وَلَوْز أَوْ خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ كَوَرْدٍ وَقُطْنٍ

_ وقد حكى صاحب "الإقناع" خلافا في الطلع المتشقق، هل هو زيادة متصلة، كما اختاره صاحب "المغني"؟ او هو زيادة منفصلة؟ كما صرح به القاضي وابن عقيل في التفليس، والرد بالعيب، وذكره منصوص أحمد. قال في "الإقناع": وهو المذهب. قال في "شرحه": وجزم به المصنف - أي: بكونه زيادة منفصلة - فيما تقدم في خيار العيب. انتهى. ومن كلام "الإقناع" تعلم: أن ما ذكره المصنف مبني على ضعيف، حيث جعل الطلع المتشقق زيادة متصلة، وإن تبع المصنف في ذلك "التنقيح"، حيث نقله المنقح عن "المغني"، فعلى المذهب: لا تتبع الثمرة المتشققة في الفسوخ، ولا في الرجوع في الهبة، وهو المفهوم من الحديث، حيث جعل المتشقق للبائع، فهو كولد البهيمة. هذا ما ظهر. فليحرر. قوله: (ما بدا) أي: ظهر من غير نور، ولا غلاف. قوله: (من أكمامه) الكم: الغلاف. قوله: (وقطن) أي: لا يحصد في كل عام.

وَمَا قَبْلُ لِآخُذَ كَوَرَقِ وَكَزَرْعِ قُطْنٍ يُحْصَدُ كُلَّ عَامٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُعْطٍ فِي بُدُوِّ وَيَصِحُّ شَرْطُ بَائِعٍ مَا لِمُشْتَرٍ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ مَعْلُومًا وَإِنْ ظَهَرَ أَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُ ثَمَرِهِ أَوْ طَلْعٍ وَلَوْ مِنْ نَوْعٍ فلِبَائِعٍ وَغَيْرُهُ لِمُشْتَرٍ إلَّا فِي شَجَرَةٍ فَالْكُلُّ لِبَائِعٍ وَنَحْوِهِ وَلِكُلٍّ السَّقْيُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَوْ تَضَرَّرَ الْآخَرُ وَمَنْ اشْتَرَى شَجَرَةً ولَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعُهَا أَبْقَاهَا فِي أَرْضِ بَائِعٍ وَلَا يَغْرِسُ مَكَانَهَا لَوْ بَادَتْ وَلَهُ الدُّخُولُ لمصالحها فصل وَلَا يصح بيع ثمرة قبل بدو صلاحها ولا زَرْعٍ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَصْلِ أَوْ الْأَرْضِ وَلَا يَلْزَمُهُمَا قَطْعُ شُرِطَ

_ قوله: (فلبائع) أي: فما ظهر، أو تشقق، يكون وحده لبائع، ونحوه، دون ما لم يظهر، أو يتشقق، ولو من ذلك النوع، فيكون لمشتر ونحوه، إلا في شجرة تشقق بعضهان فكل ثمرتها لبائع، ونحوه، أي: فما ظهر فقط. قوله: (لو بادت) وإذا انكسرت، أو احترقت، ونحوه، ونبت شيء من عروقها، فإنه يكون لصاحبها، يبقى إلى أن يتبد. نقل عن منصور البهوتي. قوله: (لغير مالك) لعل المراد: مالك العين.

إلَّا مَعَهُمَا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ إنْ انْتَفَعَ بِهِمَا وَلَيْسَا مُشَاعَيْنِ وَكَذَا رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ وَلَا قِثَّاءٍ وَنَحْوَهُ إلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً أَوْ مَعَ أَصْلِهِ وَحَصَادُ وَلِقَاطُ وَجِذَاذُ عَلَى مُشْتَرٍ وَإِنْ تَرَكَ مَا شَرَطَ قَطْعَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ بِزِيَادَتِهِ وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا عُرْفًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى رُطَبًا عَرِيَّةً فأَتْمَرَتْ وَإِنْ حَدَثَ مَعَ ثَمَرَةٍ انْتَقَلَ مِلْكُ أَصْلِهَا ثَمَرَةٌ أُخْرَى أَوْ اخْتَلَطَتْ مُشْتَرَاةٌ بِغَيْرِهَا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ فَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهَا فَالْآخِذُ شَرِيكٌ بِهِ وَإِلَّا اصْطَلَحَا وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَتَأْخِيرِ قَطْعِ خَشَبٍ مَعَ شَرْطِهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي زِيَادَتِهِ مَتَى بَدَا صَلَاحُ ثَمَرٍ أَوْ اشْتَدَّ حَبٌّ جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وبِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَلِمُشْتَرٍ بَيْعُهُ قَبْلَ جَذِّهِ وقَطْعُهُ وَتَبْقِيَةٌوَعَلَى بَائِعٍ سَقْيُهُ وَلَوْ تَضَرَّرَ أَصْلٌ وَيُجْبَرُ إنْ أَبَى

_ قوله: (على مشتر) إلا مع شرطه على بائع، كتكسير حطب.

وَمَا تَلِفَ سِوَى يَسِيرٍ لَا يَنْضَبِطُ بِجَائِحَةٍ وَهِيَ مَا لَا صُنْعَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا وَلَوْ بَعْدَ قَبْضٍ فعَلَى بَائِعٍ مَا لَمْ تُبَعْ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ

_ قوله: (وما تلف) أي: من ثمرة لا زرع. قوله: (ولو بعد قبض) بتخلية، ويعايا بها فيقال: مبيع قبضه المشتري ومع ذلك هو مضمون على البائع؟ قوله: (فعلى بائع) ويقبل قول بائع في قدر تالف؛ لأنه غارم، فيرد بائع من الثمن بقدر تالف، وإن تلف الجميع، رد جميع الثمن. قاله في "الإقناع". ومنه تعلم: أن العقد ينفسخ في قدر التالف، كما تقدم في المكيل ونحوه، إذا تلف قبل قبضه، لكن تقدم: أنه إذا تعيب نحو المكيل بلا فعل، فإن المشتري إن أمضى، لا أرش له. قال المصنف في "شرحه": لأنه رضي به معيبا، وقد نص هنا على أن للمشتري أرش الثمر المتعيب بالجائحة، فما الفرق بينهما؟ سيما وقد اشتركا في ضمان البائع، وفي انفساخ العقد بالتلف المذكور، فهلا تساويا في حكم العيب أيضاً؟ ويمكن الجواب: بأن المكيل ونحوه، لما كان عيبه قبل قبضه، كان المشتري القابض له معيباً، كالقادم على عيبه وقت العقد، تنزلا لقبض نحو المكيل منزلة العقد، فلم يثبت له أرش، بخلاف ما هنا، فإن قبض الثمر قد حصل بالتخلية، غير أنه نزل عيبه قبل الجذاذ، بمنزلة عيبه قبل العقد. قوله: (مع أصلها) أي: أو لمالك الأصل.

يُؤَخِّرُ أَخْذَهَا عَنْ عَادَتِهِ وَإِنْ تَعَيَّبَتْ بِهَا خُيِّرَ بَيْنَ إمْضَاءِ وأَرْشٍ أَوْ رَدِّ وَأَخْذِ ثَمَنٍ كَامِلًا وبِصُنْعِ آدَمِيٍّ خُيِّرَ بَيْنَ فَسْخِ أَوْ إمْضَاءِ وَمُطَالَبَةِ مُتْلِفٍ وَأَصْلُ مَا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ مِنْ قِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ كَشَجَرٍ وَثَمَرَتِهِ كَثَمَرِ فِي جَائِحَةٍ وَغَيْرِهَا وَصَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ صَلَاحٌ لِجَمِيعِ نَوْعِهَا الَّذِي بِالْبُسْتَانِ وَالصَّلَاحُ فِيمَا يَظْهَرُ فَمًا وَاحِدًا كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ طَيِّبٍ أَكْلُهُ وَظُهُورِ نُضْجِهِ وفِيمَا يَظْهَرُ فَمَا بَعْدَ فَمٍ كَقِثَّاءٍ أَنْ تُؤْكَلَ عَادَةً وفِي حَبٍّ أَنْ يَشْتَدَّ أَوْ يَبْيَضَّ وَشَمِلَ بَيْعَ دَابَّةٍ عِذَارًا وَمِقْوَدًا وَنَعْلًا،

_ قوله: (أو رد ... إلخ) المحل للواو؛ لأنه ما لا يغني متبوعه، فـ (أو) بمعنى الواو، وكأنه ارتكب ذلك خوفاً من توهم المعادلة بين كل اثنين من الأربعة. تدبر. قوله: (ما واحداً) أي: دفعة واحدة. قوله: (عذاراً) أي: لجاماً. قوله: (ومقوداً) أي: رسناً. قوله: (ونعلاً) أي: حذاء.

وقِنٍّ لِبَاسًا مُعْتَادًا وَلَا يَأْخُذُ مُشْتَرٍ مَا لِجَمَالٍ ومَالًا مَعَهُ أَوْ بَعْضَ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطٍ ثُمَّ إنْ قَصَدَ اشْتَرَطَ لَهُ شُرُوطَ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا

_ قوله: (وقن ... إلخ) فيه العطف على معمول عاملين مختلفين، فيقدر له عامل.

باب السلم

باب السلم: عَقْدٌ عَلَى مَوْصُوفٌ فِي ذِمَّةٍ مُؤَجَّلٌ بِثَمَنٍ مَقْبُوضِ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ

_ قوله: (على موصوف ... إلخ) سيأتي في الإجارة ما يقتضي أنه يكون في المنافع كما يكون في الأعيان، حيث قال: (فصل: والإجارة ضربان ... إلخ) ما نصه: (وإن جرت بلفظ سلم اعتبر قبض أجرة بمجلس، وتأجيل نفع)، ونبه عليه المحشي هناك، فانظر هل يمكن تأويل عبارة المصنف هنا بما يشمل المنافع؛ بأن يحمل الموصوف في الذمة على الأعم من أن يكون عيناً أو منفعة؟ والظاهر: أنه لا مانع منه، حيث سلم الحكم المذكور، وأشار إلى ذلك الشارحان هنا، حيث قدر المصنف: (عقد) على شيء، وقدر شيخنا: (عقد) على ما يصح بيعه، والشيء وما يصح بيعه، كلاهما أعم من العين والمنفعة. محمد الخلوتي. قوله: (بثمن مقبوض ... إلخ) قال في المبدع: اعترض بأن قبض الثمن شرط من شروطه لا أنه داخل في حقيقته، والأولى أنه بيع موصوف في الذمة إلى أجل. انتهى. وانظر هل يرد عليه أن الأجل شرط من شروطه؟ .

وَيَصِحُّ بِلَفْظِهِ وبِلَفْظِ سَلَفٍ وبَيْعٍ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْهُ بِشُرُوطٍ أَحَدُهَا انْضِبَاطُ صِفَاتِهِ كَمَوْزُونٍ وَلَوْ شَحْمًا وَلَحْمًا نِيئًا وَلَوْ مَعَ عَظْمِهِ إنْ عُيِّنَ مَحِلٌّ يُقْطَعُ مِنْهُ ومَكِيلٍ ومَذْرُوعٍ ومَعْدُودٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَلَوْ آدَمِيًّا لَا فِي أَمَةٍ وَوَلَدِهَا وحَامِلٍ وَلَا فِي فَوَاكِهَ مَعْدُودَةٍ وبُقُولٍ وجُلُودٍ ورُءُوسٍ وَأَكَارِعَ وبَيْضٍ وَنَحْوِهَا وأَوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ رُءُوسًا وَأَوْسَاطًا كَقَمَاقِمَ وَلَا فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ كَجَوْهَرٍ ومَغْشُوشِ أَثْمَانٍ أَوْ يَجْمَعُ أَخْلَاطًا غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَمَعَاجِينَ ونِدٍّ وَغَالِيَةٍ وقِسِيٍّ وَنَحْوِهَا

_ قوله: (بلفظه) أي: بمشتق من لفظه. قوله: (وهو نوع منه) أفهم المصنف -رحمه الله- أنه يشترط فيه مع هذا الشرط جميع شروط البيع، فشروطه أربعة عشر.

وَيَصِحُّ فِيمَا فِيهِ لِمَصْلَحَتِهِ شَيْءٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَجُبْنٍ وخُبْزٍ وخَلٍّ تَمْرٍ وسَكَنْجَبِينَ وَنَحْوِهَا وفِيمَا يَجْمَعُ أَخْلَاطًا مُتَمَيِّزَةً كَثَوْبٍ مِنْ نَوْعَيْنِ ونُشَّابِ وَنَبْلِ مُرَيَّشَيْنِ وَخِفَافٍ وَرِمَاحِ وَنَحْوهَا وفِي أَثْمَانٍ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَهَا وفِي فُلُوسٍ وَيَكُونُ رَأْسُ مَالِهَا عَرَضًا وفِي عَرَضٍ بِعِوَضٍ لَا إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا رِبًا فِيهِمَا وَإِنْ جَاءَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ مَحَلِّهِ لَزِمَ قَبُولُهُ.

_ قوله: (كجبن) الجبن فيه ثلاث لغات، أجودها: سكون الباء، ثم ضمها اتباعاً، وأضعفها: الثقيل كعتل، وبعضهم يجعله ضرورة. "مصباح". قوله: (وسكنجبين) ليس من كلام العرب، وهو معروف، مركب من السكر والخل ونحوه. "مطلع". قوله: (ويكون رأس مالها عرضاً) أي: لأنها ملحقة بالأثمان على الصحيح، كما في "الإنصاف" و "التنقيح"، وكما تقدم في ربا النسيئة، خلافاً "للإقناع". قوله: (لزم قبوله) حيث كان على صفة المسلم فيه، حيث لم يكن حيلة، كما في أمة

الثَّانِي: ذِكْرُ مَا يُخْتَلَفُ بِهِ ثَمَنِهِ غَالِبًا كَنَوْعِهِ ومَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَهُ وقَدْرِ حَبٍّ ولَوْنٍ إنْ اخْتَلَفَ وبَلَدِهِ وحَدَاثَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَضِدِّهِمَا وسِنِّ حَيَوَانٍ وذَكَرًا وَسَمِينًا وَمَعْلُوفًا وَكَبِيرًا أَوْ ضِدَّهَا وصَيْدَ أُحْبُولَةٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ صَقْرٍ وطُولِ رَقِيقٍ بِشِبْرٍ وَكَحِلًا أَوْ دَعِجًا وَبَكَارَةً أَوْ ثُيُوبَةً وَنَحْوَهَا ونَوْعِ طَيْرٍ ولَوْنِهِ وَكِبَرِهِ

_ سنها كذا؛ لينتفع بها مدة الأجل، ثم يردها، فلا يصح، بقي أن المسلم فيه في هذه الصورة، هو رأس مال السلم، فلا ينطبق عليه تعريف البيع الذي السلم نوع منه؛ إذ هو: مبادلة شيء بشيء ... إلخ، ويمكن أن يجاب: بأنه ليس رأس مال السلم هو المسلم فيه، بل المسلم فيه موصوف في الذمة، أعم من تلك العين أو غيرها. فتدبر. قوله: (وذكراً ... إلخ) بالنصب عطفاً على محل (ما) في قوله: (ذكر ما يختلف به ثمنه) فإنه من إضافة المصدر إلى مفعوله، وكأن النكتة في العدول عن العطف على اللفظ، إلى العطف على المحل، خوف توهم عطفه على حيوان في قوله: (وسن حيوان ... إلخ). فتدبر. قوله: (ونحوها) كسمن الرقيق، وهزاله.

وَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ وَلَهُ أَخْذُ دُونَ مَا وَصَفَ وغَيْرِ نَوْعِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَيَلْزَمُهُ أَخْذُ أَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ وَيَجُوزُ رَدُّ مَعِيبٍ وأَخْذُ أَرْشِهِ وعِوَضِ زِيَادَةِ قَدْرٍ لَا جَوْدَةً وَلَا نَقْصِ رَدَاءَةٍ الثَّالِثُ قَدْرِ كَيْلٍ فِي مَكِيلٍ، ووَزْنٍ فِي مَوْزُونٍ، وذَرْعٍ فِي مَذْرُوعٍ مُتَعَارَفٍ فِيهِنَّ فَلَا يَصِحُّ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا، وَلَا فِي مَوْزُونٍ كَيْلًا وَلَا شَرْطُ صِحَّةٍ، أَوْ مِكْيَالٍ، أَوْ ذِرَاعٍ لَا عُرْفَ لَهُ وَإِنْ عَيَّنَ

_ قوله: (دون ما وصف) اعلم: أن "دون" ظرف غير متصرف عند الجمهور، وعند الأقل متصرف، وعلى القولين، متى جاءت في مقام تصلح فيه للنصب على الظرفية، كقولك: داري دون العقيق، أي: كائنة دونه، فهي منصوبة، وظرف بإجماعهم، ولا يمكن عاقلا أن يدعي فيها التصرف، ولا أن حركتها حركة بناء، وأما إن جاءت في مكان لا يقتضي الظرفية بظاهره، فهنا يدعي غير الجمهور تصرفها، وأنها مرفوعة، وأن فتحتها بناء، نحو: (منا دون ذلك) [الجن: 11] بالرفع والفتح، والجمهور على أنها صفة لمحذوف، أي: فريق دون ذلك. قوله: (من جنسه) أي: لا من غيره. قوله: (من نوعه) لا نوع آخر من جنسه ولو أجود. فتدبر. قوله: (قدر) أي: عدد كيل، أي: مكيل. قوله: (ووزن) أي: ميزان. قوله: (وذرع) أي: ما يذرع به.

فَرْدًا مِمَّا لَهُ عُرْفٌ صَحَّ الْعَقْدُ دُونَ التَّعْيِينِ الرَّابِعُ: ذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ لَهُ وَقَعَ فِي الثَّمَنِ عَادَةً كَشَهْرٍ وَنَحْوِهِ وَيَصِحُّ فِي جِنْسَيْنِ إلَى أَجَلٍ إنْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ وفِي جِنْسٍ إلَى أَجَلَيْنِ إنْ بَيَّنَ قِسْطَ كُلِّ أَجَلٍ وَثَمَنَهُ وأَنْ يُسْلَمَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا مَعْلُومًا مُطْلَقًا وَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ أَوْ أَجَّرَ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ مُطْلَقًا أَوْ ل مَجْهُولٍ كَحَصَادٍ وَجِذَاذٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ جَعَلَهَا إلَى عِيدٍ، أَوْ رَبِيعٍ، أَوْ جُمَادَى، أَوْ النَّفْرِ لَمْ يَصِحَّ غَيْرُ الْبَيْعِ وَإِنْ قَالَا مَحَلُّهُ رَجَبٌ أَوْ إلَيْهِ

_ قوله: (مما له عرف) أي: مما له أمثال معروفة المقدار، كما لو قال: بمكيل فلان، فيصح العقد، ويكون بمكيل تلك المحلة، ولا يلزم خصوص مكيل ذلك الرجل. فتدبر. قوله: (غير البيع) أي: غير ما وقع بلفظ البيع، فلو أسلم في شيء حالاً بلفظ البيع، صح، كما في "الإقناع". تدبر.

أَوْ فِيهِ وَنَحْوُهُ صَحَّ وَحَلَّ بِأَوَّلِهِ وإلَى أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ، يَحِلُّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُمَا وَلَا يَصِحُّ يُؤَدِّيهِ فِيهِ وَيَصِحُّ لِشَهْرٍ وَعِيدٍ رُومِيَّيْنِ إنْ عُرِفَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَدِينٍ فِي قَدْرِهِ ومُضِيِّهِ ومَكَانِ تَسْلِيمٍ وَمَنْ أُتِيَ بِمَالِهِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَبْلَ مَحِلِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ لَزِمَهُ فَإِنْ أَبَى قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: إمَّا أَنْ تَقْبِضَ أَوْ تُبْرِئَ فَإِنْ أَبَاهُمَا قَبَضَهُ لَهُ وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فَأَبَى رَبُّهُ أَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ فَأَبَتْ لَمْ يُجْبَرَا وَمَلَكَتْ الْفَسْخَ

_ قوله: (صح وحل بأوله) هذا مشكل في قوله: (فيه) لاقتضاء "في" الظرفية، ويحتمل أنهم إنما قالوا ذلك؛ لأن الظرفية تحتمل الأوائل، والأواخر، والأواسط، فرجعوا إلى الأول، ولم يلتفتوا إلى ما عدا ذلك، وحينئذ ينبغي النظر في الحكمة في صحة ذلك هنا، وعدم صحته فيما يأتي في قوله: (ولا يصح: يؤديه فيه) مع أن العلة فيهما واحدة. فتدبر. محمد الخلوتي. قوله: (أو فيه) انظر: ما الفرق بين هذه، وقوله بعده: (ولا يصح: يؤديه فيه)؟ ولعل الفرق أنه إذا قال: يحل في الشهر الفلاني، فإن كل جزء من الشهر قابل ومتسع للحلول فيه، فيحمل على أول جزء لسبقه، وإذا قال: يؤديه فيه، فإن كل دقيقة من الشهر مثلا غير متسعة الأداء، وكونه يحمل على قدر معين، يحتاج إلى تحديد وتنصيص، ولم يوجد، فلم يصح. قوله: (ونحوه) كشعبان. قوله: (ومضيه) أي: عدما، أو وجوداً. قوله: (فأبى ربه) أي: مالك الدين.

الْخَامِسُ: غَلَبَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ فِي مَحِلِّهِ وَيَصِحُّ إنْ عَيَّنَ نَاحِيَةٍ تَبْعُدُ فِيهَا آفَةٌ لَا قَرْيَةً صَغِيرَةً أَوْ بُسْتَانًا وَلَا مِنْ غَنَمِ زَيْدٍ، أَوْ أَسْلَمَ نِتَاجِ فَحْلِهِ، أَوْ فِي مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى مَحِلٍّ يُوجَدُ فِيهِ عَامًّا، فَانْقَطَعَ وَيُحَقَّقُ بَقَاؤُهُ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ بَعْضُهُ خُيِّرَ بَيْنَ صَبْرٍ أَوْ فَسْخٍ فِيمَا تَعَذَّرَ وَيَرْجِعُ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ عِوَضِهِ السَّادِسِ: قَبْضُ رَأْسِ مَالِهِ قَبْلَ تَفَرُّقٍ وَكَقَبْضٍ مَا بِيَدِهِ أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ لَا مَا فِي ذِمَّتِهِ وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وصِفَتِهِ فَلَا تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ وَيُرَدُّ إنْ وُجِدَ،

_ قوله: (فيما تعذر) أي: في المتعذر، كلا أو بعضا. قوله: (برأس ماله) أي: بعينه إن كان باقيا. وبخطه أيضا على قوله: (برأس ماله) أو بعضه. قوله: (قبض رأس ماله) أي: المعين، أو الموصوف، كما علم من كلامه في مواضع. قوله: (وكقبض) بالتنوين، بمعنى: مقبوض، خبر مقدم. وقوله: (ما بيده) مبتدأ مؤخر. و (ما) موصول، أو موصوف. و (بيده) صلة، أو صفة. قوله: (أمانة) وما عطف عليه، بدل من (ما) والمعنى: أنه يصح جعل ما بيد المسلم إليه من أمانة، أو غصب رأس مال سلم، ولا يشترط تجديد قبض؛ إذ كونها بيده بمنزلة القبض. تدبر.

وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهَا فقَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ فقِيمَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ مُؤَجَّلَةً السَّابِعُ أَنْ يُسْلَمَ فِي ذِمَّةٍ فَلَا يَصِحُّ فِي عَيْنٍ كَشَجَرَةٍ نَابِتَةٍ وَنَحْوِهَا فصل ولا يشترط ذكر مكان الوفاء إنْ لَمْ يُعْقَدْ بِبَرِّيَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَيَجِبُ مَكَانَ عَقْدِ وَشَرْطُهُ فِيهِ مُؤَكَّدٌ وَإِنْ دَفَعَ فِي غَيْرِهِ

_ قوله: (وإلا فقيمته) ظاهره: ولو مثليا، ولعل وجهه: تعذر معرفة قدر المثلي؛ لأن فرض المسألة أن رأس مال السلم مجهول القدر، والصفة، كالصبرة المشاهدة، والجوهرة. قوله: (وإن دفع في غيره لا مع أجرة ... إلخ) كما إذا أسلم في قمح، وهو بمصر، على أن يسلمه له بالشام، ثم أراد أن يدفعه له بمصر، فإن كان مع أجرة حمله إلى الشام، لم يجز، وإلا جاز. قوله أيضا على قوله: (وإن دفع) نائب فاعله ضمير مستتر معلوم من المقام، تقديره: وإن دفع هو، أي: المسلم فيه. قوله: (في غيره) أي: في غير المكان الذي وجب الوفاء به لشرط وعقد.

لا مَعَ أُجْرَةِ حَمْلِهِ إلَيْهِ صَحَّ كَشَرْطُهُ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ بِمُسْلَمٍ فِيهِ وَلَا اعْتِيَاضٌ عَنْهُ وَلَا بَيْعُهُ أَوْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ فَسْخِ وَقَبْلَ قَبْضِ وَلَوْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا حَوَالَةَ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ وَتَصِحُّ هِبَةُ كُلِّ دَيْنٍ لِمَدِينٍ

_ قوله: (صح) أي: جاز الدفع. قوله: (أخذ رهن) بمعنى: مرهون. قوله: (أو كفيل) أي: ضمين. قوله: (ولا اعتياض عنه ... إلخ) الظاهر: أن الفرق بينه وبين بيعه، أن الاعتياض يكون مع المسلم إليه، ويكون بغير النقدين، كأن يعوضه عن الشعير قمحاً. وأما بيع المسلم فيه، فعام في الأمرين، أي: يكون بعرض وغيره، مع من عليه الدين وغيره. قوله: (أو رأس ماله) أي: الموجود. قوله: (بعد فسخ) أي: أو: إقالة. قوله: (وقبل قبض) له من مسلم إليه. قوله: (ولمن) أي: وجب. قوله: (ولا حوالة به) أي: المذكور من المسلم فيه. أو رأس ماله. قوله: (وتصح هبة كل دين لمدين فقط) أي: لا لغيره. قال محمد الخلوتي: إلا لضامنه، ويتجه: ولو ضمنه حيلة. انتهى. يعني: أن الضامن إذا كان الحامل له الضمان صحة هبة الدين الذي على المضمون، فإنه يصح الضمان والهبة، ويقوم الضامن مقام صاحب الدين في مطالبة

فقط وبَيْعُ مُسْتَقِرٍّ مِنْ ثَمَنٍ وَقَرْضٍ وَمَهْرٍ بَعْدَ دُخُولٍ وَأُجْرَةٍ اسْتَوْفَى نَفْعَهَا وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ لِمَدِينٍ بِشَرْطِ قَبْضِ عِوَضِهِ قَبْلَ تَفَرُّقٍ أَيْ بَيْعُ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً أَوْ بِمَوْصُوفٍ فِي ذِمَّةٍ لَا لِغَيْرِهِ وَلَا غَيْرِ مُسْتَقِرٍّ كَدَيْنِ كِتَابَةٍ وَنَحْوِهِ

_ المضمون به. قوله: أيضا على قوله: (وتصح هبة كل دين ... إلخ) أي: بمعنى إسقاطه. قوله: (فقط) أي: لا لغيره. قوله: (وبيع مستقر) أي: دين مستقر ملكه. قوله: (ونحوه) كجعل بعد عمل. قوله: (بشرط قبض ... إلخ) أي: وبشرط أن لا يكون بين العوض المقبوض وبين أصل الدين علة ربا النسيئة، كما تقدم آخر كتاب البيع، وقد نص في "الإقناع" على هذا الشرط هنا أيضا، فقال: لكن إن كان الدين من ثمن مكيل أو موزون باعه بالنسيئة أو بثمن لم يقبض، فإنه لا يصح أن يأخذ عوضه ما يشارك المبيع في علة ربا فضل أو نسيئة. وتقدم آخر كتاب البيع. انتهى. أي: فلا يعتاض عن ثمن المكيل مكيلاً، ولا عن الموزون موزوناً، بل يعتاض عرضا، أو نسيئاً، يخالفه في المكيل، أو الوزن. قوله: (قبل تفرق) حاصله: أن الدين المستقر، يصح بيعه لمن هو عليه، بشرط العوض في صورتين مذكورتين صريحاً في المتن، وبغير قبض العوض في صورة، وهي: ما إذا كان العوض معيناً يباع بالدين نسيئة. فتدبر. قوله: (ونحوه) كأجرة قبل استيفاء نفعها.

وَتَصِحُّ إقَالَةُ فِي سَلَمٍ وبَعْضِهِ بِدُونِ قَبْضِ رَأْسِ مَالِهِ وعِوَضِهِ إنْ تَعَذَّرَ فِي مَجْلِسِهَا وَيُفْسَخُ يَجِبُ رَدُّ مَا أَخَذَ وَإِلَّا فمِثْلُهُ ثُمَّ قِيمَتُهُ فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ ثَمَنًا وَهُوَ ثَمَنٌ فصَرْفٌ وَفِي غَيْرِهِ يَجُوزُ تَفَرُّقٌ قَبْلَ قَبْضٍ وَمَنْ لَهُ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ فَقَالَ: لِغَرِيمِهِ اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِك لَمْ يَصِحَّ لِنَفْسِهِ وَلَا لِلْآمِرِ وَصَحَّ لِي ثُمَّ لَكَ وأَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُ أَوْ أَحْضِرْ كُتَيِّبًا لِي مِنْهُ لِأَقْبِضَهُ لَك صَحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ تَرَكَهُ بِمِكْيَالِهِ وَأَقْبَضَهُ لِغَرِيمِهِ صَحَّ لَهُمَا

_ قوله: (في سلم) أي: مسلم فيه. قوله: (بدون ... إلخ) أي: لا يشترط في صحة الإقالة، قبض رأس مال السلم، أو عوضه. قوله: (وفي غيره) أي: ما ذكر، أي: بأن كان العوضان أو أحدهما عرضا، قوله: (قبل قبض) إن لم يتفقا في علة الربا، أو يكن عوض موصوف في ذمة. قوله: (لم يصح لنفسه) أي: القابض. قوله: (أو احضر) من باب: قعد. قوله: (صح قبضه لنفسه) فقط، علم منه: أنه لا يكون قبضا

وَيُقْبَلُ قَوْلُ قَابِضِ جُزَافًا فِي قَدْرِهِ لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ لَا قَابِضٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ دَعْوَى غَلَطٍ وَنَحْوِهِ وَمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافِ أَوْ عَقْدٍ أَوْ ضَرِيبَةٍ

_ لغريمه حتى يقبضه له بالكيل، فإن قبضه بدونه، لم يتصرف فيه قبل اعتباره؛ لفساد القبض، وتبرأ به ذمة الدافع، كما في "الإقناع". ومنه تعلم: أنه لا مخالفة حينئذ بين ما هنا وما تقدم؛ لأن صحة القبض تارة يقصد بها الكاملة، أي: التي تفيد الدافع براءة الذمة، والقابض جواز التصرف، وهي المنفعة هنا بالمفهوم، وتارة يقصد بها مطلق ما يترتب عليها فائدة ما، وهي التي دل عليها صريح كلامه المتقدم في الخيار، في قوله: (ويصح جزافاً، إن علما قدره) فلم يتوارد الكلامان على شيء واحد حتى يحصل التخالف، والذي مشى عليه في "شرح الإقناع" أنه: إما لأن السلم أضيق من غيره، أو أن ما في كل محل على رواية، واستظهر الثاني. قوله: (قول قابض) أي: بيمينه. قوله: (لا قابض) أي: ولا مقبض. قوله: (ونحوه) كسهو. قوله: (أو ضريبة) الضريبة: فعيلة من الضرب، جمعها: ضرائب، من

سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ فَشَرِيكُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذٍ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ قَابِضٍ وَلَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ الطَّالِبِ لِحَقِّهِ مَا لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ أَوْ يُتْلَفْ فَيُتَعَيَّنُ غَرِيمٌ وَمَنْ اسْتَحَقَّ عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَالِهِ عَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ أَجَلًا وَاحِدًا تَسَاقَطَا أَوْ بِقَدْرِ الْأَقَلِّ لَا إذَا كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا دَيْنَ سَلَمٍ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءً بِدَفْعٍ بَرِئَ

_ قولهم: ضربت عليه خرجاً، جعلته عليه وظيفة، كما في "المصباح". والوظيفة: ما يقدر من عمل، ورزق، وطعام، وغير ذلك. ووظفت عليه العمل توظيفاً: قدرته. قوله: (أو تعلق به حق) كبيع بعض مال المفلس لبعض غرمائه، وكبيع الرهن؛ لتوفية الدين لمن له على الراهن دين غير المرتهن، فلا مقاصة إذا، قال في "المغني": من عليها دين من جنس نفقتها، لم يحتسب به مع عسرتها؛ لأن قضاء الدين بما فضل. منصور البهوتي. قوله: (ومتى نوى مديون وفاء بدفع ... إلخ) فيه إشارة إلى ما حققه الزركشي الشافعي في "قواعده": من أن النية تنقسم إلى نية التقرب، ونية

وَإِلَّا فمَتَبَرُّعٌ وَتَكْفِي نِيَّةُ حَاكِمٍ وَفَّاهُ قَهْرًا مِنْ مَدْيُونٍ

_ القصد، فالأولى: تكون في العبادات، وهو إخلاص العمل لله وحده. والثانية: تكون في المحتمل للشيء وغيره، وذلك كأداء الديون إذا أقبضه من جنس حقه، فإنه يحتمل التمليك هبة، وقرضا، ووديعة، وإباحة، فلا بد من نية تميز إقباضه عن سائر أنواع الإقباض، ولا يشترط نية التقرب. انتهى. فقوله: ولا يشترط نية التقرب، أي: لا يشترط في صحة أداء الدين ونحوه نية التقرب، بل قصد كون المدفوع وفاء، إلا في حصول الثواب، فإنه لا بد فيه من نية التقرب، وهو معنى قول أصحابنا وغيرهم في الأصول: ومن الواجب ما لا يثاب عليه، كرد وديعة، وقضاء دين، إذا فعل مع غفلة، أي: عن نية التقرب؛ لأنها التي يترتب الثواب عليها. ولهذا قال النووي في "شرح مسلم": الأعمال ضربان: ضرب تشترط النية لصحته وحصول الثواب فيه، كالأركان الأربعة وغيرها، مما أجمع العلماء على أنه لا يصح إلا بنية. وضرب لا تشترط النية لصحته، لكن تشترط لحصول الثواب، كالأوقاف، والهبات، والوصايا، ورد الأمانات، ونحوها. انتهى. فقوله: لا تشترط النية لصحته: أي: نية التقرب؛ لأنها المشترطة في حصول الثواب، فظهر لك: أنه لا منافاة بين اشتراطهم النية في وفاء الدين، ونفيهم حاجته إليها؛ لأن النية المشترطة هي نية القصد، والمنفية نية التقرب. وهذا ظاهر لمن تدبر، والله أعلم. قوله: (وإلا ... إلخ) أي: وإن لم ينو الدافع الوفاء، فمتبرع. وفهم منه:

_ أنه لا بد من نية وفاء الدين، وأما قولهم في الأصلو: ومن الواجب ما لا يثاب عليه، كنفقة واجبة، ورد وديعة وغصب، ونحوه، إذا فعل مع غفلة، فمرادهم: مع غفلة عن نية التقرب، لا عن نية الوفاء والرد مثلا؛ لأن الثواب على الأولى. أعني: نية التقرب، دون الثانية؛ إذ قد توجد مع إكراه مثلا. يدل على ذلك قوله في "مختصر الأصول" بعد ما تقدم: لعدم النية المترتب عليها الثواب. انتهى. وهي نية التقرب إلى الملك الوهاب، فلا تنافي بين الكلامين، خلافا لما توهم منصور البهوتي من قوله: من عليه دين لا يعلم به ربه، وجب عليه إعلامه به، ويجب أداء ديون الآدميين على الفور عند المطالبة، لا بدونها، قال ابن رجب: إذا لم يكن عين له وقت الوفاء، فيقوم مقام المطالبة.

باب القرض

باب القرض: دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ لَهُ وَهُوَ مِنْ الْمَرَافِقِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا ونَوْعٌ مِنْ السَّلَفِ فَإِنْ قَالَ مُعْطٍ مَلَّكْتُك وَلَا قَرِينَةَ عَلَى رَدِّ بَدَلِهِ فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هِبَةٌ وَشُرِطَ عِلْمُ قَدْرِهِ ووَصْفِهِ وكَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَمِنْ شَأْنِهِ

_ قوله: (دفع مال ... إلخ) يشمل العارية، والهبة، فأرجهما بقوله: (ويرد بدله) أو يفسر قوله: (مال) بتمليكه، فتخرج العارية؛ لأنها إباحة المنافع، وتخرج الهبة بالقيد المذكور. قوله أيضا على قوله: (دفع مال) أي: وأما دفع المنفعة فعارية. قوله: (إرفاقا) مفعول لأجله، أو حال من الدفع. قوله: (المندوب إليها) ويجوز أخذ جعل على اقتراضه له بجاهه، لا على ضمانه له، كما في "الإقناع". قوله: (ونوع من السلف) لشموله له، وللسلم. قوله: (علم قدره) أي: بمقدر معروف. قوله: (ومن شأنه ... إلخ) قال في "الحاشية": أي: من شرطه ذلك، ثم ذكر ما يأتي في اللقيط: أنه يجوز الاقتراض على بيت المال لنفقة اللقيط، وأن للناظر الاستدانة على الوقف. قال في "شرح الإقناع": قلت: والظاهر أن الدين في هذه المسائل يتعلق بذمة المقترض، وبهذه الجهات، كتعلق أرش الجناية برقبة العبد

أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا إلَّا بَنِي آدَمَ وَيَتِمُّ بِقَبُولٍ وَيَمْلِكُ وَيَلْزَمُ بِقَبْضٍ فَلَا يَمْلِكُ مُقْرِضٌ اسْتِرْجَاعَهُ إلَّا إنْ حُجِرَ عَلَى مُقْتَرِضٍ لِفَلَسٍ وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ وَإِنْ شَرَطَ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيَجِبُ قَبُولُ مِثْلِيٍّ رُدَّ مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ أَوْ يَكُنْ فُلُوسًا أَوْ مُكَسَّرَةً فَيُحَرِّمَهَا السُّلْطَانُ فَلَهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ

_ الجاني، فلا يلزم المقترض الوفاء من ماله، بل من ريع الوقف، وما يحدث لبيت المال. أو يقال: لا يتعلق بذمته وما هنا بمعنى: الغالب، فلا ترد المسائل المذكورة لندرتها. انتهى. ويظهر لي أن الأولى تشبيه الناظر والإمام بالوكيل، لا بسيد الجاني؛ لأن سيد الجاني قد يسقط عنه الدين بموت الجاني مثلا، فلا ينبغي أن يقاس عليه الناظر والإمام، بل هو فيما اقترضاه لما ذكر، كالوكيل إذا اشترى لموكله بثمن في ذمته، وقد صرحوا بضمان الوكيل في الحالة المذكورة، فكذا ينبغي ضمان الناظر والإمام. فتدبر. قوله: (ويتم) أي: عقده. قوله: (لم يصح) يعني: الشرط. قوله: (ويجب قبول مثلي) يعني: ولو تغير سعره. قوله: (ما لم يتعيب) كحنطة ابتلت وعفنت، أي: فسدت من النداوة، فله طلب مثل سليم. قوله: (أو مكسرة) أي: أو مغشوشة. قوله: (السلطان) أي: أو نائبه. قوله: (فله قيمته) أي: المذكور

قَرْضٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إنَّ جَرَى فِيهِ رِبَا فَضْلٍ وَكَذَا ثَمَنٌ لَمْ يُقْبَضْ أَوْ طَلَبُ ثَمَنٍ بِرَدِّ مَبِيعٍ وَيَجِبُ رَدُّ مِثْلِ فُلُوسٍ غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ أَوْ كَسَدَتْ ومِثْلِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلُ فقِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ وقِيمَةِ غَيْرِهِمَا كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ يَوْمَ قَبْضٍ وَغَيْرِهِ يَوْمَ قَرْضٍ وَيُرَدُّ مِثْلُ كَيْلِ مَكِيلٍ دُفِعَ وَزْنًا وَيَجُوزُ قَرْضُ مَاءٍ كَيْلًا ولِسَقْيٍ مُقَدَّرًا بِأُنْبُوبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا

_ من الفلوس، والمكسرة التي منع السلطان المعاملة بها. فتدبر. قوله: (أو رخصت) أي: إن لم تنفق، لقلة الرغبات. قوله: (أو كسدت) أي: بلا منع السلطان. قوله: (فإن أعوز) أي: عجز، مجرده: عوز كفرح: قل فلم يوجد. قوله: (يوم إعوازه) لأنه وقت ثبوتها في الذمة. قوله: (غيرهما) أي: المكيل والموزون. قوله: (ونحوه) أي: مما لا ينضبط. قوله: (بأنبوبة) في "المصباح": الأنبوب: ما بين الكعبين من القصب والقناة.

وزَمَنٍ مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِهِ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ مِنْ نَوْبَتِهِ وخُبْزٍ وَخَمِيرٍ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ وَيَثْبُتُ الْبَدَلُ حَالًّا وَلَوْ مَعَ تَأْجِيلِهِ وَكَذَا كُلُّ حَالٍّ أَوْ حَلَّ وَيَجُوزُ شَرْطُ رَهْنٍ فِيهِ ولَا تَأْجِيلِ أَوْ نَقْصٍ فِي وَفَاءٍ أَوْ جَرِّ نَفْعًا كَأَنْ يُسْكِنَهُ دَارِهِ أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ أَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ وَإِنْ فَعَلَهُ بِلَا شَرْطٍ أَوْ أَهْدَى لَهُ بَعْدَ الْوَفَاءِ أَوْ قَضَى مُقْتَرِضٌ خَيْرًا مِنْهُ بِلَا مُوَاطَأَةٍ أَوْ عُلِمَتْ زِيَادَتُهُ لِشُهْرَةِ سَخَائِهِ جَازَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ وَقَالَ: خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً»

_ قوله: (رهن فيه، وضمين) ينبغي تقييدهما بمعينين، كما في البيع. قوله: (لا تأجيل) أي: لا يجوز شرط التأجيل، أي: لا يجوز الإلزام به. قوله: (خيرا منه) أي: في الصفة، كصحاح عن مكسرة. قوله: (أو ببلد آخر) يعني: ولحمله مؤونة، وإلا جاز، كما صححه في "المغني". ولا يفسد القرض بفساد الشرط. قوله: (وإن فعله) أي: ما يحرم اشتراطه، كأن أسكنه داره بعد الوفاء، أو قضاه ببلد آخر بعد الوفاء. "شرحه" قوله: (سخائه) وكرمه. قوله: (بكرا) أي: فتي من الإبل. قوله: (خيرا منه) أي:

وَإِنْ فَعَلَ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَلَمْ يَنْوِ احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ مُكَافَأَتَهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنَّ جَرَتْ عَادَةٌ بَيْنَهُمَا بِهِ قَبْلَ قَرْضٍ وَكَذَا كُلُّ غَرِيمٍ فَإِنْ اسْتَضَافَهُ حَسَبَ لَهُ مَا أَكَلَ وَمَنْ طُولِبَ بِبَدَلِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ بِبَلَدٍ آخَرَ لَزِمَهُ إلَّا مَا

_ رباعية، كثمانية: السن التي بين الثنية والناب. قوله: (فإن استضافه، لا في دعوة عامة. قوله: (ما أكل) أي: إلا إن جرت عادة بينهما بذلك قبل القرض، كما في "شرح الإقناع". قوله: (ومن طولب ببدل ... إلخ) اعلم: أن البدل المطلوب بغير بلد القرض، إما أن يكون لحمله مؤنة، أو لا، وعلى كلا التقديرين، إما أن تكون قيمة البدل ببلد -نحو القرض- أزيد، أو أنقص، أو مساوية لقيمة ببلد الطلب، فهذه ست صور، يلزم بذل البدل ببلد الطلب في خمس صور منها، وهي: ما إذا لم يكن لحمل البدل مؤنة بصوره الثلاث، أو كان له مؤنة، لكن قيمته ببلد -نحو القرض- أزيد أو مساوية، ويلزم بذل قيمة البدل ببلد الطلب في صورة واحدة، وهي: ما إذا كان لحمله مؤنة، وقيمته ببلد -نحو القرض- أنقص، فتلزم قيمته نحو القرض حتى مع وجود المثل ببلد الطلب. ويعايا بها، فيقال لنا: مثلي وجب فيه رد القيمة؟ ! قوله

لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَتُهُ بِهَا وَلَوْ بَذَلَهُ الْمُقْتَرِضُ أَوْ الْغَاصِبُ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ لَزِمَ قَبُولُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ

_ أيضا على قوله: (ببدل قرض) قلت: ومثله ثمن في ذمة، ونحوه. منصور البهوتي. قوله: (بها) أي: بلد القرض. قوله: (ولو بذله) أي: بذل ما في ذمته من مثل، أو قيمة، بخلاف ما إذا كان المغصوب باقيا، فلا يجبر ربه على قبول بدل بحال، لا مع المؤنة، ولا مع عدمها، ولا مع الأمن أو الخوف، كما في "الإقناع". فتدبر. قوله أيضا على قوله: (ولو بذله) فيه الصور الست السابقة، فيلزم قبول البدل في ثلاث منها، بشرط، وهي: ما إذا لم يكن لحمل البدل مؤنة، سواء كانت قيمته ببلد -نحو القرض- أزيد أو أنقص أو مساوية. والشرط أمن بلد البذل، والطريق، ولا يلزم القبول في الثلاث الباقية، أعني: ما لحمل البدل فيها مؤنة، سواء كانت قيمته ببلد -نحو القرض- أزيد أو أنقص، أو مساوية. قوله: (لزم قبوله) من اقترض من رجل دراهم، وابتاع منه بها شيئا، فخرجت زيوفاً، فالبيع جائز، ولا يرجع عليه بشيء، نصاً.

باب الرهن

باب الرهن: تَوْثِقَةُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ وبَعْضِهِ مِنْهَا أَوْ ثَمَنِهَا وَالْمَرْهُونُ عَيْنٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ وَثِيقَةً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ أَوْ بَعْضِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ ثَمَنِهَا وَتَصِحُّ زِيَادَةُ رَهْنٍ لَا دَيْنِهِ ورَهْنُ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَوْ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَارًا وَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ أَوْ مَبِيعًا غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوْ عَلَى ثَمَنِهِ

_ قوله: (توثقة دين) أي: جعلها وثيقة بدين. قوله: (بعين) لا دين، أو منفعة، قوله: (يمكن أخذه) أي: بان تكون مالية يصح بيعها. قوله: (وتصح زيادة رهن) أي: مرهون، إطلاقا للمصدر على اسم المفعول. قوله: (ورهن ما يصح بيعه) أي: من الأعيان دون المنافع، بقرينة ما قدمه بقوله: (توثقة دين بعين ... إلخ) فتدبر. قوله: (أو مؤجرا) يعني: لمستأجر، أو غيره. قوله: (أو معارا) أي: لمستعير، أو غيره. قوله: (العارية) إذا رهنت عند مستعير ولم يستعملها، ولم يأذن راهن، كما سيأتي.

أَوْ مُشَاعًا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ شَرِيكٌ وَمُرْتَهِنٌ بِكَوْنِهِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا جَعَلَهُ حَاكِمٌ بِيَدِ أَمِينٍ أَمَانَةً أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ مُكَاتَبًا وَيُمَكَّنُ مِنْ كَسْبٍ فَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ وَكَسْبُهُ رَهْنٌ وَإِنْ عَتَقَ بِأَدَاءٍ أَوْ إعْتَاقٍ فَمَا أَدَّى بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ رَهْنٌ أَوْ يَسْرُعُ فَسَادُهُ بِمُؤَجَّلٍ وَيُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا أَوْ قِنًّا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ إذَا شَرَطَ كَوْنَهُ بِيَدِ مُسْلِمٍ عَدْلٍ كَكُتُبِ حَدِيثٍ وَتَفْسِيرٍ لَا مُصْحَفًا وَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ سِوَى ثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وزَرْعٍ أَخْضَرَ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ وقِنٍّ دُونَ وَلَدِهِ وَنَحْوِهِ يُبَاعَانِ

_ قوله: (أو مشاعاً) أي: ولو بعض نصيبه من مشاع، كأن يرهن نصف نصيبه، أو نصيبه من معين، كأن يكون له نصف دار فيرهن نصيبه من بيت منها بعينه لشريكه أو غيره، ولو مما يمكن قسمته، وبطلت إن وقع البيت لغير راهن. قوله: (وإن لم يرض شريك) أي: في منقول. قوله: (أو مكاتباً) أي: أو مدبراً ومعلقاً عتقه بصفة لا توجد قبل حلول الدين، ولو احتمالا، وعتق إن وجدت. قوله: (فهو وكسبه رهن) لأنه نماؤه. قوله: (لا مصحفاً) يعني: ولو لمسلم. قوله: (أخضر) أي: قبل اشتداد حبه.

وَيَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ بِمَا يَخُصُّ الْمَرْهُونَ مِنْ ثَمَنِهِمَا وَلَا يَصِحُّ بِدُونِ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا فصل وَشُرِطَ تَنْجِيزُهُ وكَوْنُهُ مَعَ حَقٍّ أَوْ بَعْدَهُ ومِمَّنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ ومِلْكُهُ وَلَوْ لِمَنَافِعِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ بِإِعَارَةٍ بِإِذْنِ مُؤَجِّرٍ وَمُعِيرٍ وَيَمْلِكَانِ الرُّجُوعَ قَبْلَ إقْبَاضِهِ لَا فِي إجَارَةِ لِرَهْنٍ قَبْلَ مُدَّتِهَا وَلِمُعِيرٍ طَلَبُ رَاهِنٍ بِفَكِّهِ مُطْلَقًا

_ قوله: (من ثمنهما) ففي جارية مرهونة ذات ولد، قيمتها مع كونها ذات ولد مئة، وقيمة الولد خمسون، فحصتها ثلثا الثمن، ولمرتهن لم يعلم الولد الخيار. قوله: (مع حق) أي: مع وجوبه. قوله: (وممن يصح بيعه) المراد به: كونه جائز التصرف، وهو: الحر المكلف الرشيد، فيشمل ولي اليتيم، ويخرج المكاتب والعبد المأذون له، وقد أشار المصنف في "شرحه" إلى ذلك. قوله: (ولو لمنافعه) المراد: ما يعم الانتفاع؛ ليشمل المعار. قوله: (قبل إقباضه) أي: الرهن، والفاعل المثنى محذوف. قوله: (مطلقاً) أي: عين مدة العارية والرهن أو لا، حالا كان الدين أو لا، في محل الحق أو قبله؛ لأن العارية لا تلزم. "شرح" وأما المؤجر، فلا رجوع له قبل مضي مدة الإجارة، للزومها.

وَإِنْ بِيعَ رَجَعَ بِمِثْلٍ مِثْلِيٍّ وبِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ أَوْ مَا بِيعَ بِهِ وَالْمَنْصُوصُ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَ الْمُعَارَ لَا الْمُؤَجَّرَ وكَوْنُهُ مَعْلُومًا جِنْسُهُ وَقَدْرُهُ وَصِفَتُهُ وبِدَيْنٍ وَاجِبٍ أَوْ مَآلُهُ إلَيْهِ فَيَصِحُّ بِعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ وَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وبِنَفْعِ إجَارَةٍ فِي

_ قوله: (وإن بيع) أي: المعار أو المؤجر، أي: باعه الحاكم إن لم يأذن ربه؛ لأنه مقتضى عقد الرهن. "شرح إقناع". قوله: (رجع بمثل مثلي ... إلخ) أي: مؤجر ومعير. قوله: (وبالأكثر ... إلخ) هذا ما قدمه في "التنقيح"، وجزم به في "الإقناع"، فيكون هذا هو الصحيح، والله أعلم. قوله: (والمنصوص ... إلخ) صححه في "الإنصاف" قوله: (ضمن المعار ... إلخ) لا يعارض هذا ما تقدم في قوله: (ويسقط ضمان العارية)؛ لأن ما تقدم فيما إذا رهنها المعير للمستعير، وما هنا فيما إذا رهنها المستعير، فالعارية في الصورة الأولى قد انقطعت برهنها عنده، فسقط ضمانها، وفي هذه الصورة العارية مستمرة حتى بعد الرهن؛ لانتفاع المستعير بها في ذلك. فتدبر. قوله: (ومقبوض بعقد فاسد) من عطف الخاص على العام، دفعا لتوهم عدم صحة الرهن هنا، عقوبة لهما.

ذِمَّةٍ لَا بِدِيَةٍ عَلَى عَاقِلَةٍ وبِجُعَلٍ قَبْلَ حَوْلٍ وعَمَلٍ وَيَصِحُّ بَعْدَهُمَا وَلَا بِدَيْنِ كِتَابَةٍ وعُهْدَةِ مَبِيعٍ وعِوَضٍ غَيْرِ ثَابِتٍ فِي ذِمَّةٍ كَثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ مُعَيَّنَيْنِ وَإِجَارَةِ مَنَافِعِ مُعَيَّنَةٍ كَدَارٍ وَنَحْوِهَا أَوْ دَابَّةٍ لِحَمْلِ مُعَيَّنٍ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ مَالِ يَتِيمٍ لِفَاسِقٍ وَمِثْلُهُ مُكَاتَبٌ ومَأْذُونٌ لَهُ وَإِنْ رَهَنَ ذِمِّيٌّ عِنْدَ مُسْلِمٍ خَمْرًا بِيَدِ ذِمِّيٍّ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ بَاعَهَا الْوَكِيلُ حَلَّ فَيَقْبِضُهُ أَوْ يُبْرِئُ

_ قوله: (ونحوها) لعدم تعلقه بالذمة في هذه الصور، لا حالا ولا مآلا؛ ولأن الإجارة تنفسخ بتلف هذه الأعيان. "شرحه". قوله: (لفاسق) لأنه تعريض به للهلاك، ويصح لمصلحة إن كان بيد عدل. قوله: (ومثله) أي: مثل اليتيم. قوله: (فإن باعها الوكيل) أي: صورة. قوله: (حل) أي: حل لرب الدين أخذ دينه من ثمنها. قوله: (فيقبضه) وإن لم يكن رهن.

فصل ولا يلزم إلا في حق راهن بِقَبْضٍ كَقَبْضِ مَبِيعٍ وَلَوْ مِمَّنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ وَلِيِّ أَمْرٍ لِمَنْ جُنَّ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ إقْبَاضُهُ ثُمَّ غَرِيمٍ لَمْ يَأْذَنْ وَلِرَاهِنٍ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ وَيَبْطُلُ إذْنُهُ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ وَخَرَسٍ

_ قوله: (ولو ممن اتفقا عليه) وعبد راهن وأم ولده كهو، بخلاف مكاتبه وعبده المأذون له قوله: (ويعتبر فيه) أي: القبض. قوله: (إذن ولي أمر) أي: حاكم. قوله: (ونحوه) كمبرسم. قوله: (لم يأذن) أي: في إقباضه لمرتهن ولو كان قد وجد الإذن من الراهن؛ لبطلانه بموته. قوله: (ولراهن الرجوع) أي: الفسخ وله التصرف أيضاً. وبطل رهن بما منعه ابتداء، كبيع وعتق؛ لأنه نوع تصرف، فيأذن لمصلحة كإتمام بيع شرط فيه إن كان حظ، ومثله من سفه بعد رشد. قوله: (بنحو إغماء) أي: أو حجر لسفه. وتنتظر إفاقة مغمى عليه، وليس لأحد تقبيضه؛ إذ المغمى عليه لا تثبت عليه ولاية. قوله: (وخرس) أي: لم تفهم إشارته، وإلا لو كان كاتباً، فكناطق.

وَإِنْ رَهَنَهُ مَا بِيَدِهِ وَلَوْ غَصْبًا لَزِمَ وَصَارَ أَمَانَةً وَاسْتِدَامَةُ قَبْضِ شَرْطٌ لِ لُزُومِ فَيُزِيلُهُ أَخَذَ رَاهِنٍ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ وَلَوْ نِيَابَةً لَهُ وتَخَمُّرُ عَصِيرٍ وَيَعُودُ بِرَدِّهِ وتَخَلَّلَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ السَّابِقِ وَإِنْ أَجَرَهُ أَوْ أَعَارَهُ لِمُرْتَهِنٍ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلُزُومُهُ بَاقٍ وَإِنْ وَهَبَهُ وَنَحْوِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَبَطَلَ الرَّهْنُ وَإِنْ بَاعَهُ بِإِذْنِهِ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ شَرَطَ فِي مُؤَجَّلٍ رَهْنَ ثَمَنِهِ مَكَانَهُ فَعَلَ وَإِلَّا بَطَلَ وَشَرْطُ تَعْجِيلِهِ لَاغٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ

_ قوله: (بحكم العقد السابق) فلو تخمر قبل لزومه، بطل ولم يعد بلا عقد جديد. قوله: (فعل) أي: وجب الوفاء بالشرط، فإذا بيع، كان ثمنه رهنا مكانه من غير احتياج 'لى عقد. قوله: (لاغ) أي: ويكون ثمنه رهناً مكانه. قوله: (وله) أي: للمرتهن قبل وقوعه، وقبل قول مرتهن في عدم إذن، وقول راهن في وقوع تصرفه قبل رجوع مرتهن في إذن، صوبه في "الإنصاف"، وحزم به في "الإقناع".

وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ بِلَا إذْنِ وَيَحْرُمُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ فَكَذَّبَهُ أَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ بِلَا إذْنِ مُرْتَهِنٍ فِي وَطْءٍ أَوْ ضَرَبَهُ بِلَا إذْنِهِ فَتَلِفَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ووَارِثُهُ فِي عَدَمِهِ فَعَلَى مُوسِرٍ وَمُعْسِرٍ أَيْسَرَ قِيمَتُهُ رَهْنًا وَإِنْ ادَّعَى رَاهِنٌ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ وَأَمْكَنَ وَأَقَرَّ مُرْتَهِنٌ بِوَطْئِهِ وبِإِذْنِهِ وبِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ، قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فأَرْشُ بِكْرٍ فَقَطْ

_ قوله: (فإن نجزه) بأن قال: هو حر الآن، قوله: (أو أقر به) بأن قال: كنت أعتقته قبل الرهن، وكذا لو علق عتقه على صفة، فوجدت قبل فكه، عتق. قوله: (أو أحبل الأمة) أي: جعلها حاملاً. قوله: (ويصدق) أي: مرتهن. قوله: (ووارثه) أي: بيمينه. قوله: (رهنا) أي: مكانه إن كان الدين مؤجلا، وإلا بأن كات حالا أو حل، طولب به خاصة، لبراءة ذمته به من الحقين. قوله: (وأمكن) أي: كونه منه؛ بأن ولدته لستة أشهر فأكثر منذ وطئهان والراهن ابن عشر فأكثر. قوله: (قبل) أي: بلا يمين، فيبطل الرهن، ولا يلزمه وضع قيمته مكانه، لكن بالشروط الأربعة، ومتى اختل واحد منها لم يقبل قول الراهن في البطلان وعدم اللزوم إلا ببينة، وإن أنكر مرتهن الإذن في الوطء، وأقر بما سواه بطل الرهن، ولزم وضع قيمته مكانه. قوله: (فقط) أي يجعل رهنا معها حيث لم يأذن.

وَلِرَاهِنِ غَرْسٍ مَا رَهَنَ عَلَى مُؤَجَّلٍ وانْتِفَاعٌ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ ووَطْءُ بِشَرْطِ أَوْ إذْنِ وسَقْيُ شَجَرٍ وَتَلْقِيحُ وَإِنْزَاءُ فَحْلٍ عَلَى مَرْهُونَةٍ وَمُدَاوَاةٌ وَفَصْدٌ وَنَحْوَهُ وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ لَا خِتَانُ غَيْرِ مَا عَلَى مُؤَجَّلٍ يَبْرَأُ قَبْلَ أَجَلِهِ وقَطْعُ سِلْعَةٍ خَطِرَةٍ وَنَمَاؤُهُ وَلَوْ صُوفًا وَلَبَنًا وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ رَهْنٌ وَإِنْ أَسْقَطَ مُرْتَهِنٌ أَرْشًا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ دُونَ حَقِّ رَاهِنٍ وَمُؤْنَتُهُ وَأُجْرَةُ مُخَزِّنِهِ ورَدِّهِ مِنْ إبَاقِهِ عَلَى مَالِكِهِ كَكَفَنِهِ بِيعَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ أَوْ كُلُّهُ إنْ خِيفَ اسْتِغْرَاقُهُ

_ قوله: (ما على مؤجل) أي: بلا إذن. قوله: (على مرهونة) يعني: ويكون رهناً. قوله: (والرهن بحاله) أي: فلا يزول بانتفاع الراهن به، ولا يعارضه ما تقدم من أنه يزيله استعارة راهن له؛ لإمكان حمل ما هنا على انتفاع لا يخرج معه عن يد المرتهن. قوله: (وقطع سلعة) قال الأطباء: هي ورم غليظ غير ملتزق بالجلد، يتحرك عند تحريكه، يقبل التزايد؛ لأنها خارجة عن اللحم؛ ولهذا قال الفقهاء: يجوز قطعها عند الأمن. قاله في "المصباح". قوله: (ككفنه) إن مات ويبطل الرهن.

فصل والرهن أَمَانَةٌ وَلَوْ قَبْلَ عَقْدٍ كَبَعْدَ وَفَاءِ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ وَلَا يَبْطُلُ وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ حَقِّهِ كَدَفْعِ عَيْنٍ لِيَبِيعَهَا وَيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَكَحَبْسِ عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ بَعْدَ فَسْخِ عَلَى الْأُجْرَةِ فَيَتْلَفَانِ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ

_ قوله: (والرهن أمانة) أي: بيد المرتهن أو من اتفقا عليه "شرح". قوله: (ولو قبل عقد) كما إذا دفعه إليه ليرهنه عنده، فلو تلف قبل العقد عليه بلا تفريط، لم يضمنه. قوله: (كبعد وفاء) يعني: أو إبراء، وليس عليه مؤنة رده كوديعة ومؤجرة، بل ذلك على المالك بخلاف عارية. قوله: (ويدخل في ضمانه) أي: المرتهن أو نائبه. قوله: (ولا يبطل ... إلخ) أي: لا يبطل عقد الرهن بتعد أو تفريط في مرهون، أي: لا يفيد العقد بذلك. قوله أيضا على قوله: (ولا يبطل) هو من تتمة قوله: (ويدخل في ضمانه). قوله: (من حقه) أي لدين. قوله: (على الأجرة) أي: المعجلة. قوله: (فيتلفان) أي: بخلاف مبيع يحبس على ثمنه، وثوب مصبوغ مثلا على أجرته، فإنهما مضمونان على

وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِحَادِثٍ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ ظَاهِرٍ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ سَبَبًا حَلَفَ وَإِنْ ادَّعَى رَاهِنٌ تَلَفَهُ بَعْدَ قَبْضٍ فِي بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ قَبْلَ قَوْلِ الْمُرْتَهِنِ إنَّهُ قَبْلَهُ وَلَا يَنْفَكُّ بَعْضُهُ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ كُلَّهُ وَمَنْ قَضَى أَوْ أَسْقَطَ بَعْضَ دَيْنٍ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَقَعَ عَمَّا نَوَاهُ صَرَفَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ

_ الصحيح كما في "تصحيح الفروع". قوله: (وإن ادعى ... إلخ) أي: المرتهن بظاهر كنهب وحرق. قوله: (أو لم يعين سبباً) أصلا، أو عين خفيا كسرقة. قوله: (شرط فيه) رهن معين على الثمن المؤجل، فيريد المرتهن، وهو البائع، فسخ البيع؛ لعدم الوفاء بالشرط، ويريد الراهن، وهو المشتري، إمضاءه، فقول المرتهن؛ لأن الأصل عدم القبض. قوله: (عما نواه) أي: قاض ومسقط. قوله: (إلى أيهما شاء) يعني: والقول قوله في النية واللفظ؛ لأنه أدرى بما صدر منه.

وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فوَفَّى أَحَدِهِمَا أَوْ رَهَنَاهُ شَيْئًا فَوَفَّاهُ أَحَدُهُمَا انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ وَمَنْ أَبَى وَفَاءَ حَالٍّ وَقَدْ أَذِنَ فِي بَيْعِ رَهْنٍ وَلَمْ يَرْجِعْ بِيعَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي بَيْعِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَوُفِّيَ وَإِلَّا فَأُجْبَرَ عَلَى بَيْعِ أَوْ وَفَاءِ حُبِسَ أَوْ عُزِّرَ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَوَفَّى فصل ويصح جعل رهن بيد عدل وَإِنْ شُرِط بِيَدِ أَكْثَرَ لَمْ يَنْفَرِدْ

_ قوله: (وإن رهنه عند اثنين ... إلخ) فلو رهن اثنان عبداً لهما، عند اثنين بألف، فهذه أربعة عقود، ويصير كل ربع من العبد رهنا بمئتين وخمسين، فمتى قضاها من هي عليه، انفك من الرهن ذلك القدر. قوله: (بيع ... إلخ) أي: باعه مأذون له، وله بيع بدله بالإذن الأول، ولا بد من إذن مرتهن لعدل. قوله: (أو وفاء) قال في "المغني": وقياس المذهب: إن عزله عن البيع للمرتهن فسخ البيع الذي حصل الرهن بثمنه، كما لو امتنع الراهن من تسليم الرهن المشروط في البيع. نقله في "شرح الإقناع". قوله: (فإن أصر) أي: أو غاب مسافة قصر. قوله: (بيد عدل) أي: جائز التصرف ولو فاسقاً، ويكون وكيلاً

وَاحِدٌ بِحِفْظِهِ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ يَدِ مَنْ شُرِطَ مَعَ بَقَاءِ حَالِهِ إلَّا بِاتِّفَاقِ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ وَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ إلَى أَحَدِهِمَا وَفَاتَ ضَمِنَ حَقَّ الْآخَرِ وَيَضْمَنُهُ مُرْتَهِنٌ بِغَصْبِ هِوَيَزُولُ بِرَدِّهِ لَا مِنْ سَفَرٍ مِمَّنْ بِيَدِهِ وَلَا بِزَوَالِ تَعَدِّيهِ وَإِنْ حَدَثَ لَهُ فِسْقٌ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ تَعَادَى مَعَ أَحَدِهِمَا

_ للمرتهن في قبضه. قوله: أيضا على قوله: (بيد عدل) يعني: ولو مكاتباً بجعل، ولا أثر لقبض، نحو صبي وعبد لم يأذن سيده. قوله: (مع بقاء حاله) أي: أمانته وقوته وعدم عداوة لأحدهما، وإلا وجب على الدافع رده إلى يد نفسه. قوله: (إلى أحدهما) يعني: ولو امتنع الآخر. قوله: (بغصبه) أي: من العدل. قوله: (ويزول) أي: ما ذكر من الغصب والضمان. قوله: (برده) أي: إلى العدل. قوله: (لا من سفر ... إلخ) أي: لا يزول ضمان برده من سفر لم يؤذن فيه كائن ممن الرهن بيده من عدل ومرتهن. فتدبر. قوله: (ولا بزوال تعديه) من عطف العام على الخاص. قوله: (تعديه) أي: إلا بقبض جديد. قوله: (وإن حدث له) أي: لمن الرهن بيده. قوله: (أو نحوه) كضعف عن حفظه. قوله: (أو تعادى) أي: العدل، وإن شرط كون رهن يوما بيد

أَوْ مَاتَ أَوْ مُرْتَهِنٌ وَلَمْ يَرْضَ رَاهِنٌ بِكَوْنِهِ بِيَدِ وَرَثَةٍ أَوْ وَصِيٍّ جَعَلَهُ حَاكِمٌ بِيَدِ أَمِينٍ وَإِنْ أَذِنَا لَهُ أَوْ رَاهِنٌ لِمُرْتَهِنٍ فِي بَيْعِ وَعُيِّنَ نَقْدٌ تَعَيَّنَ وَإِلَّا بِيعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَبِأَغْلَبِ فبِجِنْسِ الدَّيْنِ فبِمَا يَرَاهُ أَصْلَحَ عَيَّنَهُ حَاكِمٌ وَتَلَفُهُ بِيَدِ عَدْلٍ مِنْ ضَمَانِ رَاهِنٍ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ رَهْنٌ بِيعَ رَجَعَ مُشْتَرٍ، أُعْلِمَ عَلَى رَاهِنٍ

_ مرتهن ويوماً بيد فلان، جاز، ذكره القاضي. قوله: (أو مات) أي: العدل. قوله: (أو راهن) أي: مالك لا مستعير. قوله: (فبما يراه) أي: مأذون له، قوله: (فإن تردد) أي: رأى العدل، أو اختلفا عليه. قوله: (وتلفه) أي: ثمن رهن. قوله: (وإن استحق) أي: أو تعيب. قوله: (أعلم) أي: أعلمه بائع أنه مأذون له، وأما المغصوب منه، فإما أن تكون العين باقية بيد مشتريها، فينتزعها منه، وإما أن تكون تالفة، فله تضمين من يشاء من الغاصب، والعدل، والمشتري دون المرتهن، على ما صوبه ابن نصر الله لعدم حصولها، ولا ثمنها بيده. فإن حصلت بيده ضمن،

وَإِلَّا فَعَلَى بَائِعٍ. وَإِنْ قَضَى مُرْتَهِنًا فِي غِيبَةِ رَاهِنٍ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ ضَمِنَ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفُ مُرْتَهِنٌ وَيَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى رَاهِنٍ رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ وَكَذَا وَكِيلٌ

_ وقرار الضمان على المشتري، وإن لم يعلم بالغصب. قال في "الإقناع": لأن التلف حصل في يده. قال في "شرحه": ويرجع على الراهن بالثمن الذي أخذ منه إن كان أخذه منه. انتهى. قوله: (وإلا فعلى بائع) ويرجع على راهن إن أقر، أو ثبت ببينة. قوله: (ضمن) وإن لم يأمره مدين بالإشهاد، فإن حضر راهن القضاء، أو أشهد العدل، لم يضمن، ولو غاب شهوده أو ماتوا، إن صدقه راهن. قوله: (ولا يصدق) أي: العدل. قوله: (عليهما) أي: على الراهن والمرتهن، أما الأول؛ فلأنه يدعي الدفع لغيره، وأما الثاني؛ فلأنه لم يأتمنه. قوله: (وكذا وكيل) أي: كالعدل إذا قضى بغير بينة مع غيبة راهن وكيل

وَيَصِحُّ شَرْطُ كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَبَيْعِ مُرْتَهِنٍ وعَدْلٍ لِرَهْنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُعْزَلَانِ بِعَزْلِهِ لَا مَا لَا يَقْتَضِيهِ أَوْ يُنَافِيهِ كَكَوْنِ مَنَافِعِهِ لَهُ أَوْ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ أَوْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ حُلُولِ أَوْ مِنْ ضَمَانِ مُرْتَهِنٍ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ

_ في قضاء دين قضي في غيبة موكل، ولم يشهد في الحكم، فيضمن. قوله: (ونحو ذلك) كجعله بيد معين أو أكثر. قوله: (أو ينافيه) يعطف على: (لا يقتضيه) لا على (يقتضيه). والتقدير: لا يشترط شيء لا يقتضيه عقد الرهن، أو شيء ينافيه عقد الرهن. قوله: (ككون منافعه ... إلخ) هذا مثال لما يقتضيه عقد الرهن، وما بعده من الأمثلة لما ينافيه. قوله: (أو من ضمان مرتهن) أو شرط توقيت كعشرة أيام مثلاً؛ لمنافاته له، كما في "الإقناع". قوله: (ولا يفسد العقد) فلو قال لغريم: رهنتك عبدي هذا على أن تزيدني في الأجل؛ بأن كان الدين مؤجلا إلى رجب، ورهنه على أن يمده إلى رمضان مثلا، كان الرهن باطلاً؛ لأن الرجل لا يثبت في الدين إلا إن يكون مشروطاً في عقد وجب فيه. وإذا ثبت الأجل، فسد الرهن؛ لأنه في مقابلته. "إقناع"، و "شرحه".

فصل وإن اختلفا فِي أَنَّهُ عَصِيرٌ أَوْ خَمْرٌ فِي عَقْدٍ شُرِطَ فِيهِ أَوْ رَدِّ رَهْنٍ أَوْ فِي عَيْنِهِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ دَيْنٍ بِهِ أَوْ قَبْضِهِ وَلَيْسَ بِيَدِ مُرْتَهِنٍ فَقَوْلُ رَاهِنٍ وأَرْسَلْتُ زَيْدًا لِيَرْهَنهُ بِعِشْرِينَ وَقَبَضَهَا وَصَدَّقَهُ

_ قوله: (أورد رهن) فقول راهن كمعير ومؤجر. قوله: (أو قدره ... إلخ) فإن اختلفا في رهينة شجر في أرض مرهونة، فقول مالك؛ لأن الاختلاف هنا في عقد، واليد لا تدل عليه، بخلاف ما لو كان الاختلاف في ملك. ذكره ابن رجب في "القاعدة الخامسة والعشرين عن القاضي، وابن عقيل، نقله منصور البهوتي. قوله أيضا على قوله: (أو قدره) أي: وكذا لو اختلفا في صفة خروجه عن يده، كأن قال: هو رهن بالمؤجل دون المعجل. قوله: (فقول راهن) كمعير ومؤجر. قوله: (وصدقه) فإن لم يصدق زيد المرتهن بل الراهن، حلف زيد أنه ما رهنه إلا بعشرة، وما قبض غيرها، ولا يمين على الراهن؛ لأن الدعوى على غيره، وإن نكل زيد، غرم العشرة المختلف فيها، ولا يرجع بها على أحد، وإن

قُبِلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِعَشَرَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ لُزُومِهِ بِوَطْءِ أَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ جَنَى أَوْ بَاعَهُ أَوْ غَصَبَهُ قُبِلَ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى مُرْتَهِنٍ أَنْكَرَهُ وَلِمُرْتَهِنٍ رُكُوبُ مَرْهُونٍ وحَلْبُهُ وَاسْتِرْضَاعُ أَمَةٍ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ وَلَا يُنْهِكُهُ بِلَا إذْنِ رَاهِنٍ وَلَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يَمْتَنِعْ وَيَبِيعُ فَضْلَ لَبَنٍ بِإِذْنِ وَإِلَّا فَحَاكِمٌ وَيَرْجِعُ بِفَضْلِ نَفَقَتِهِ عَلَى رَاهِنٍ وأَنْ يَنْتَفِعَ بِإِذْنِ رَاهِنٍ مَجَّانًا وَلَوْ بِمُحَابَاةٍ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ قَرْضًا

_ عدم رسول، حلف راهن أنه ما أذن في رهنه إلا بعشرة، وما قبض غيرها. "شرحه". قوله أيضا على قوله: (وصدقه) أي: صدق زيد المرتهن. قوله: (قبل قول الراهن بعشرة) يعني: ويغرم الرسول العشرة الباقية للمرتهن. قوله: (ولا ينهكه) أي: يبالغ حتى يهزله. قال في "المصباح": نهكته الحمى، من باب: نفع وتعب: هزلته، ونهكه السلطان عقوبة: بالغ في ذلك. قوله: (ويرجع بفضل نفقة ... إلخ) يعني: وإن لم يرجع في غيرها بلا إذن. قوله: (مجاناً) أي: أو بعوض. قوله: (ما لم يكن الدين قرضا) قيد في المسألتين،

وَيَصِيرُ مَضْمُونًا بِالِانْتِفَاعِ وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ بِلَا إذْنِ رَاهِنٍ وَأَمْكَنَ فمُتَبَرِّعٌ وَإِنْ تَعَذَّرَ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَ أَوْ نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ حَاكِمًا أَوْ يُشْهِدْ ومُعَارٌ وَمُؤَجَّرٌ وَمُودَعٌ كَرَهْنٍ وَإِنْ عَمَّرَ الرَّهْنَ رَجَعَ بِآلَتِهِ لَا بِمَا يَحْفَظُ بِهِ مَالِيَّةَ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِ

_ أعني: قوله: (ولمرتهن ركوب مرهون ... إلخ) وقوله: (وأن ينتفع ... إلخ) على أن هذه التفرقة هنا بين القرض وغيره من المصنف وغيره مخالفة لما أسلفه في القرض من قوله: (وكذا كل غريم)، لكن ذكر صاحب "المستوعب" أن في غير المقترض روايتين، فيكون المصنف كصاحب "الإقناع" مشى في كل باب على رواية، أفاده في "شرح الإقناع". قوله: (بالانتفاع) أي: لا قبله. قوله: (أو نفقة مثله) وهذا مما أنكره ابن هشام على الفقهاء. قال: والصواب: العطف بالواو. فراجع "المغني". تدبر. قوله: (كرهن) أي: فيما تقدم من الإنفاق والرجوع.

فصل وإن جنى رهن تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ

_ قوله: (وإن جنى رهن ... إلخ) أي: بغير إذن سيده، أو به، وهو يعلم تحريم الجناية، وعدم وجوب طاعة سيده فيها، وإلا بأن أذن له صغير أو أعجمي لا يعلم التحريم، أو يعتقد وجوب طاعته سيده، فعلى السيد. قوله أيضاً على قوله: (وإن جنى رهن ... إلخ) أي: على نفس أو مال جناية توجب المال واختير المال. فائدة: إذا جنى أحد عبدين لشخص، مرهونين عند آخر، كل واحد منهما بدين منفرد، ففي ذلك أربع صور، لأنه تارة يتفق الدينان المرهون فيهما وقيمتا الجاني والمجني عليه، وتارة يختلف الدينان والقيمتان، وتارة يتفق الدينان مع اختلاف القيمتين، وتارة يتفق القيمتان مع اختلاف الدينين، ومحصل الحكم في ذلك: أنه مع التساوي في الدينين والقيمتين تكون الجناية هدراً، ومع اختلاف الدينين فقط أو مع القيمتين، ينقل دين المقتول إلى القاتل، إن كان دين المقتول أزيد، فيصير القاتل رهناً بدين المقتول، وإن كان دين القاتل أكثر في هاتين الصورتين، فلا نقل، ومع اختلاف القيمتين فقط، فإن كانت قيمة المقتول أزيد، فلا نقل، وإن كانت قيمة القاتل أزيد، بيع منه بقدر الجناية يكون رهناً بدين المقتولن وباقيه رهن بدينه، أو يجعل القاتل رهناً في الدينين معاً. والله أعلم.

فإن استغرقه خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ قِيمَتِهِ وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ أَوْ بَيْعِهِ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ تَسْلِيمِهِ لِوَلِيِّهَا فَيَمْلِكُهُ وَيَبْطُلُ فِيهِمَا وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَبَاقِيه رَهْنٌ فَكُلُّهُ وَإِنْ فَدَاهُ مُرْتَهِنٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا إنْ نَوَى وَأَذِنَ رَاهِنٌ وَلَمْ يَصِحَّ شَرْطُ كَوْنُهُ رَهْنًا بِفِدَائِهِ مَعَ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَالْخَصْمُ سَيِّدُهُ الطَّلَبَ لَغَيْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فالْمُرْتَهِنُ وَلِسَيِّدٍ أَنْ يَقْتَصَّ إنْ أَذِنَ مُرْتَهِنٌ أَوْ أَعْطَاهُ مَا يَكُونُ رَهْنًا بِدُونِهِمَا فِي نَفْسٍ أَوْ دُونِهَا أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ

_ قوله: (فإن استغرقه) أي: استغرق الأرش الجاني؛ بأن ساوى قيمته أو زاد عليها، وحينئذ، فلا يظهر. قوله: (بالأقل منه) أي: من الأرش ومن قيمته؛ لأن الواجب مع الاستغراق قيمة الجاني؛ لأنها إما مساوية للأرش أو أقل منه، ولا يكون الأرش أقل من القيمة مع الاستغراق للثاني. قوله: (فإن تعذر) يعني: أو نقص بتشقيص. قوله: (وأذن راهن) يعني: حتى ولو تعذر استئذانه؛ لأن المالك لا يتعين عليه الفداء، بخلاف النفقة. قوله: (مع دينه الأول) والظاهر: أن له الرجوع في عين ما دفع؛ لأنه لم يتم له شرطه، كما في الشروط الفاسدة. قوله: (أو عفا ... إلخ) أي: السيد، فلو أراد أن يصالح عنها،

أَقَلِّهِمَا تُجْعَلُ مَكَانَهُ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الرَّهْنِ أَوْ أَرْشَهُ وَكَذَا لَوْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَاقْتَصَّ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ

_ أو يأخذ عوضاً عنها، لم يجز إلا بإذن مرتهن؛ إذ الأرش يجب من غالب نقد البلد، كقيم المتلفات، كما في "الحاشية". قوله: (أقلهما) أي: الجاني والمجني عليه، قوله: (تجعل مكانه) أي: تكون رهناً، ولا يحتاج إلى عقد جديد، بل الشرع جعل الأرش والنماء ونحوهما رهناً. تدبر. هذا هو المفتى به، كما في "شرحه". قوله: (وكذا لو جنى على سيده) فإن أوجبت جنايته على سيده مالاً أو غيره وعفا عليه، كما لو كانت على ما دون النفس، أو عفا مجاناً، فهدر. وإن جنى على عبد سيده، فإن لم يكن المجني عليه مرهوناً، فكالجناية على طرف سيده، وإن كانت الجناية على مورث سيده، وكانت على طرفه أو ماله، فكأجنبي، وله القصاص إن كانت موجبة له، والعفو على مال وغيره، فإن انتقل ذلك إلى السيد بموت المستحق، له ما لمورثه من القصاص والعفو على مال؛ لأن الاستدامة أقوى من الابتداء، فجاز أن يثبت بها ما لا يثبت في الابتداء، قاله في "الإقناع"، و "شرحه". قوله: (فاقتص هو أو وارثه) أي: فعليه قيمته، أو أرشه، يكون رهناً

وَإِنْ عَفَا عَنْ الْمَالِ صَحَّ لَا فِي حَقِّ مُرْتَهِنٍ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ رَدَّ مَا أَخَذَ مِنْ جَانٍ وَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْ الْأَرْشِ رَجَعَ جَانٍ عَلَى رَاهِنٍ وَإِنْ وَطِئَ مُرْتَهِنٌ مَرْهُونَةً وَلَا شُبْهَةَ حُدَّ وَرَقَّ وَلَدُهُ وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ وَإِنْ أَذِنَ رَاهِنٌ فَلَا مَهْرَ وَكَذَا لَا حَدَّ إنْ ادَّعَى جَهْلَ تَحْرِيمِهِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَلَا فِدَاءَ

_ مكانه إن كان الدين مؤجلا، أو قضاء عن الدين إن كان حالا كما في "الإقناع". قوله: (وإن عفا عن المال ... إلخ) أي: الواجب بالجناية على الرهن. قوله: (وإن وطيء مرتهن مرهونة) يعني: بإذن راهن أو لا، غير أنه لا مهر مع الإذن. قوله: (ولا شبهة) بخلاف ما لو جهل التحريم كما يأتي. قوله: (ولزمه المهر) يعني: إن لم يأذن راهن. قوله: (ولا فداء) أي: لولد إن أذن راهن وإلا فداه، كما في "الإقناع"، خلافا لما في "شرحه".

باب الضمان

باب الضمان: الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ أَوْ مُفْلِسٍ أَوْ قِنٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِمَا وَيُؤْخَذُ مِمَّا بِيَدِ مُكَاتَبٍ ومَا ضَمِنَهُ قِنٌّ مِنْ سَيِّدِهِ مَا وَجَبَ عَلَى آخَرَ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ يَجِبُ غَيْرَ جِزْيَةٍ فِيهِمَا بِلَفْظِ ضَمِينٌ وَكَفِيلٌ وَقَبِيلٌ وَحَمِيلٌ وَصَبِيرٌ وَزَعِيمٌ وضَمِنْتُ

_ مما قاله بعض الأدباء في الضمان: ضاد الضمان بصاد الصك ملتصق ... فإن ضمنت فحاء الحبس في الوسط قوله: (التزم ... الخ) أي: إيجابه على نفسه. قوله: (من يصح تبرعه) وهو جائز التصرف ولو فاسقا. كما في "الإقناع". قوله: (ما وجب) أي: مالاً. قوله: (مع بقائه) أي: ما وجب على مضمون عنه، فلا يسقط عنه بالضمان. قوله: (غير جزية) يعني: فلا يصح ضمانها من مسلم أو كافر لفوات الصغار عن المضمون بدفع الضامن.

دَيْنَكَ أَوْ تَحَمَّلْتُهُ وَنَحْوَهُ وبِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِنْ أَخْرَسَ وَلِرَبِّ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ ومَعًا فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ أَوْ أُحِيلَ أَوْ زَالَ عَقْدٌ بَرِئَ ضَامِنٌ وَكَفِيلٌ وَبَطَلَ رَهْنٌ لَا إنْ وُرِثَ لَكِنْ لَوْ أَحَالَ رَبُّ دَيْنٍ عَلَى اثْنَيْنِ وَكُلٌّ ضَامِنٌ الْآخَرَ - ثَالِثًا لِيَقْبِضَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ صَحَّ وَإِنْ بَرِئَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْكُلِّ بَقِيَ مَا عَلَى الْآخَرِ أَصَالَةً وَإِنْ بَرِئَ مَدْيُونٌ بَرِئَ ضَامِنُهُ وَلَا عَكْسَ وَلَوْ لَحِقَ ضَامِنٌ بِدَارِ حَرْبٍ مُرْتَدًّا أَوْ أَصْلِيًّا لَمْ يَبْرَأْ وَإِنْ قَالَ رَبُّ دَيْنٍ لِضَامِنٍ: بَرِئْتَ إلَيَّ

_ قوله: (ونحوه) من كل ما يؤدي معنى التزامه ما عليه، كعندي، وعلي مالك، ونحو ذلك. قوله: (وبإشارة) أي: لا بكتابة منفردة عن إشارة مفهومة، فمن لا إشارة له، لا يصح ضمانه، وكذا سائر تصرفاته. وتأتي صحة وصيته، وطلاقه، وإقراره بالكتابة. قوله: (من أخرس) أي: لا بكتابة سواء فهمت إشارته، أو لا. قوله: (أيهما) بالجر: اسم موصول معرب، أي: الذي شاءه رب الدين، وأراده من الضامن والمضمون. قوله: (ومعاً) منصوب على الظرفية بعامل محذوف، أي: مطالبتهما معاً. وهو محل الحال، أي: مصطحبين. فتدبر. قوله: (فإن أحال) أي: رب دين على مضمون أو راهن. قوله: (أو زال عقد) يعني: بتقايل أو غيره.

مِنْ الدَّيْنِ فَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَا أَبْرَأْتُكَ أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ ووَهَبْتُكَهُ تَمْلِيكٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَى مَضْمُونٍ وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَأَسْلَمَ مَضْمُونٌ لَهُ أَوْ عَنْهُ بَرِئَ كَضَامِنِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ ضَامِنٌ بَرِئَ وَحْدَهُ وَيُعْتَبَرُ رِضَا ضَامِنٍ لَا مَنْ ضُمِنَ أَوْ مَنْ ضُمِنَ لَهُ وَلَا أَنْ يُعَرِّفَهُمَا ضَامِنٌ وَلَا الْعِلْمُ بِالْحَقِّ وَلَا وُجُوبُهُ إنْ آلَ إلَيْهِمَا فَيَصِحُّ ضَمِنْتُ

_ قوله: (فقد أقر بقبضه لأنه أقر بفعل واصل إليه، وذلك إقرار بالقبض. قوله: (بريء) لأن مالية الخمر بطلت في حقه، فلم يملك المطالبة. "شرحه". قوله: (ويعتبر رضا ضامن) لأنه تبرع. قوله: (أو ضمن له) لأن أبا قتادة ضمن الميت في الدينارين، وأقره الشارع. رواه البخاري. ولصحة قضاء دينه بغير إذنه، فضمانه أولى. قوله: (ولا أن يعرفهما ضامن) لأنه لا يعتبر رضاهما. قوله: (إن آل إليهما) أي: إلى العلم والوجوب، بخلاف: ضمنت بعض دينك، لجهالة البعض حالا ومآلا، أو أحد دينيك. وبخلاف ضمان دين الكتابة؛ إذ قد يعجز المكاتب نفسه، فلا يؤول للوجوب كما سيأتي.

لِزَيْدٍ مَا عَلَى بَكْرٍ أَوْ مَا يُدَايِنُهُ وَلَهُ إبْطَالُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَمِنْهُ ضَمَانُ السُّوقِ وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَيْنٍ أَوْ مَا يَقْبِضُهُ مِنْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ وَيَصِحُّ ضَمَانُ مَا صَحَّ أَخَذَ رَهْنٍ بِهِ ودَيْنِ ضَامِنٍ ومَيِّتٍ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ قَبْلَ قَضَاءِ دَيْنِهِ ومُفْلِسٍ مَجْنُونٍ ونَقْصِ صَنْجَةٍ أَوْ كَيْلٍ

_ قوله: (وله إبطاله) أي: الضمان. قوله: (قبل وجوبه) أي: الحق. قوله: (ما يلزم ... إلخ). فلو قال: ما أعطيته فعلي، ولا قرينة، فهو لما وجب ماضياً. جزم به في "الإقناع"، وللماضي والمستقبل على ما صوبه في "الإنصاف"، ومعناه للزركشي. قوله: (ما صح أخذ رهن به) يعني: لا عكسه؛ لصحة ضمان العهدة دون أخذ الرهن بها. قوله: (ودين ضامن) أي: وضامن الضامن وهكذا؛ لأنه لازم، ويثبت الحق في ذمة الجميع، أيهم قضاه، برئت ذممهم من جهة الغريم، ولمن أدى الرجوع على من فوقه إلى الأصيل، وإن أبرأ الغريم الأصيل، بريء الجميع. أو غيره، بريء ومن تحته، وليس لمن أبرأ رجوع على أحدٍ. "شرحه". قوله: (ومفلس) معطوف على (ضامن). وكذا (مجنون).

وَيَرْجِعُ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ وعُهْدَةِ مَبِيعٍ عَنْ بَائِعٍ لِمُشْتَرٍ بِأَنْ يَضْمَنَ عَنْهُ الثَّمَنَ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَوْ أَرْشَهُ وعَنْ مُشْتَرٍ لِبَائِعٍ بِأَنْ يَضْمَنَ الثَّمَنَ الْوَاجِبَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ وَلَوْ بَنَى مُشْتَرٍ فَهَدَمَهُ مُسْتَحِقٌّ فَالْأَنْقَاضُ لِمُشْتَرٍ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ تَالِفٍ عَلَى بَائِعٍ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْعُهْدَةِ وعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَغَصْبٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَقْبُوضٍ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ

_ قوله: (وعهدة مبيع ... إلخ) عطف على (ما صح أخذ رهن به). وعهدة المبيع لغة: الصك، أي: الكتاب الذي تكتب به المعاملات والأقارير. واصطلاحاً: ضمان الثمن أو جزء منه عن أحدهما للآخر، إن ظهر ما يوجبه. فتدبر. قوله: (بأن يضمن عنه الثمن) ولو قبل قبضه؛ لأنه يؤول للوجوب. قوله: (أو إن ظهر به عيب) كان ينبغي أن يقول: أو أرشه. كما فعل في جانب المبيع؛ إذ الثمن في ذلك كالمثمن، ويمكن أنه اكتفى بفهمه بالمقايسة، وفيه شيء. قوله: (كغضب وعارية ... إلخ) وضمان هذه الأعيان في الحقيقة ضمان استنقاذها وردها أو قيمتها عند تلفها، فهي كعهدة المبيع. قاله في "شرح الإقناع".

وَوَلَدِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ إنْ سَاوَمَهُ وَقَطَعَ ثَمَنَهُ أَوْ سَاوَمَهُ فَقَطْ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضَوْهُ وَإِلَّا رَدَّهُ لَا إنْ أَخَذَهُ لِذَلِكَ بِلَا مُسَاوَمَةٍ وَلَا قَطْعِ ثَمَنٍ وَلَا بَعْضِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ مِنْ دَيْنٍ وَلَا دَيْنِ كِتَابَةٍ وَلَا أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يَضْمَنَ التَّعَدِّيَ فِيهَا وَمَنْ بَاعَ بِشَرْطِ ضَمَانِ دَرَكِهِ إلَّا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ إنْ دَرَكَهُ مِنْهُ أَيْضًا لَمْ يَعُدْ صَحِيحًا وَإِنْ شُرِطَ خِيَارٌ فِي ضَمَانٍ أَوْ كَفَالَةٍ فَسَدَ وَيَصِحُّ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فصل وإن قضاه ضامن أو أحال به ولم ينو رُجُوعًا لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ نَوَاهُ رَجَعَ عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ضَمَانٍ وَلَا

_ قوله: (إن ساومه) أي: طلب شراءها أو استئجارها. قوله: (وقطع ثمنه) أي: أو أجرته. قوله: (إلا من زيد) لم يصح البيع، لاعترافه بحق لزيد فيه، وأ، هـ لم يأذن. قوله: (فسدا) أي: الضمان، والكفالة. قوله: (ويصح ألق متاعك ... إلخ) أي: يصح قول جائز التصرف لآخر: ألق ... إلخ. قوله: (لم يرجع) يعني: ولو ضمن بإذنه. قوله (وإن نواه: رجع ... إلخ)

قَضَاءٍ بِالْأَقَلِّ مِمَّا قَضَى وَلَوْ قِيمَةَ عَرَضٍ عَوَّضَهُ بِهِ أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ وَكَذَا كَفِيلٌ وَكُلُّ مُؤَدٍّ عَنْ غَيْرِهِ دَيْنًا وَاجِبًا لَا زَكَاةً وَنَحْوَهَا لَكِنْ يَرْجِعُ ضَامِنُ الضَّامِنِ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى الْأَصِيلِ

_ في المسألة أربع صور: لأنه تارة يأذن المضمون للضامن في الضمان والقضاء، وتارة لا يأذن له في واحد منهما، وتارة في الأول، وتارة في الثاني فقط، وكلها تفهم من المتن، وأن له الرجوع فيها مع الخلاف في بعضها. فتدبر. قوله: (عوضه) أي: العرض. قوله: (به) أي: بالدين. قوله: (أو قدر الدين) "أو" بمعنى الواو. قوله: (ونحوها) ككفارة مما يفتقر إلى نية المخرج. قوله: (لكن يرجع ... إلخ) هذا استدراك من قوله: (رجع على مضمون عنه) رفع به توهم أنه يرجع، سواء كان القاضي ضامنا أو ضامن ضامن. فبين أنه لا يرجع على الأصيل إلا ضامنه، وأن ضامن الضامن لا يرجع على الأصيل، بل على الضامن الذي هو مضمونه. وإن أحال رب الدين إنساناً به على الضامن، بريء المضمون من جهة المحيل، وانتقل الحق للمحتال على الضامن، حتى لو أبرأ المحتال المضمون، لم يبرأ، ولو أبرأه الضامن، بريء. ولا يطالب الضامن المضمون بالدين حتى يؤديه للمحتال، أو يملكه المحتال دينه؛ بأن يهبه له، كما تقدم. ولو مات ضامن ولم يخلف تركة، رفع المحتال أمره إلى الحاكم؛ ليأخذ من الأصيل، ويدفعه إلى المحتال، ولا يقال: يسقط حق المحتال؛ لعدم التركة؛ لأن الضامن له تركة بالنسبة إلى

وَإِنْ أَنْكَرَ مَقْضِيٌّ الْقَضَاءَ وَحَلَفَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ صَدَّقَهُ إلَّا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَضَرَهُ أَوْ أَشْهَدَ وَمَاتَ أَوْ غَابَ شُهُودُهُ وَصَدَّقَهُ

_ هذا الدين وهو ما يستحقه في ذمة الأصيل. وكذا إذا أدى ضامن الضامن، ومات الضامن قبل أدائه غلى ضامنه، ولم يترك شيئاً. هذا خلاصة ما يؤخذ من كلام ابن نصر الله المنقول في "الشرح" في مواضع، حصل في بعضها اضطراب. فتثبت. ونظم ذلك شيخنا محمد الخلوتي فقال: إذا أحال رب دين واحداً ... بدينه من ضامن فقد غدا من قد ضمن لا يملك المطالبة ... إلا إذا أدى الديون الواجبه كذا ابن نصر الله قد أفتى به ... نجاه رب العرش من عقابه وقد نظمت مسألة الحواله على الضامن، وعدم رجوعه على المضمون قبل أدائه، وعدم صحة إبراء المحتال للمضمون عنه، وصحة إبراء الضامن للمضمون عنه؛ لأنه لا طلب على مضمون عنه ولا حق إلا للضامن، فقلت: حوالتنا صحح على ضامن ولا ... يطالب مضونا إذا لم يكن أدى وإن يبر محتال لمضمون ضامن ... فلاغ وإن ضامن يبري فما ردا قوله: (ولو صدقه) أي: صدق المدين الضامن الذي ادعى القضاء. قوله: (وصدقه) فلو ردوا لفسق باطن، فلا رجوع، بخلاف رق، أو لكونه واحداً،

وَإِنْ اعْتَرَفَ وَأَنْكَرَ مَضْمُونٌ عَنْهُ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ وَمَنْ أَرْسَلَ آخَرَ إلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ مَالٌ لِأَخْذِ دِينَارٍ فَأَخَذَ أَكْثَرَ ضَمِنَهُ مُرْسِلٌ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى رَسُولِهِ

_ لأنه مال ثبت بالواحد مع اليمين. قوله أيضاً على قوله: (وصدقه) أي: المدين الضامن. قوله: (وإن اعترف) أي: رب حق. قوله: (مضمون عنه) أي: القضاء بدين. قوله: (ضمنه مرسل) أي: الآمر للرسول بأخذ الدينار؛ لأنه سلطه. وفي "الإقناع": أن الزائد من ضمان باعث نحو الدينار، وهو من عنده المال. فلو كان المال ديناً على المرسل إليه، فبعث مع الرسول عوضه، كدينار عن دراهم، ففي "الإقناع": من ضمان الباعث أيضاً. وهو مقتضى قول المصنف في الوكالة: (ومن وكل في قبض درهم أو دينار، لم يصارف). انتهى. إلا أن يخبر الرسول الغريم: أن رب الدين أذن له في المصارفة، فمن ضمان الرسول، كما صرح به في "الإقناع" وغيره. بقي لو لم يصارف في هذه الصورة، بل أخذ أكثر مما أمر بأخذه، فالظاهر: أنه من ضمان باعث، إلا أن يخبر، كما تقدم.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا وَإِنْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَإِنْ عَجَّلَهُ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ وَلَا يَحِلُّ وَلَا ضَامِنٍ وَمَنْ ضَمِنَ أَوْ كَفَلَ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ صُدِّقَ خَصْمُهُ بِيَمِينِهِ فصل في الكفالة وهي: الْتِزَامُ رَشِيدٍ إحْضَارَ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مَالِيٌّ إلَى رَبِّهِ وَتَنْعَقِدُ بِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ ضَمَانٌ وَإِنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ أُخِذَ بِهِ

_ قوله: (وإن عجله، لم يرجع) أي: بغير إذن المضمون، وإلا رجع. قوله: (ولا ضامن) أي: إن وثق ورثته، وإلا حل. وإذا أخذ الغريم منهم دينه، لا يرجعوا على مضمون حتى يحل الدين. فتدبر. قوله: (التزام رشيد) ولو مفلسا. قوله: (بما ينعقد به ضمان) من الألفاظ السابقة كلها، نحو: أنا ضمين ببدنه، أو زعيم به؛ لأنها من نوع منه، فيؤخذ منه صحتها ممن يصح ضمانه، وببدن من يصح ضمانه. قوله: (أخذ به) أي: بمن ضمنت معرفته، أي: بإحضاره. ولا يكفي بيان اسمه، ونسبه، ومحله. فقوله: ضمنت معرفته، كقوله: ضمنت إحضاره؛ ولذا قال الإمام في رواية أبي طالب، فيمن ضمن المعرفة: أخذ به، فإن لم يقدر، ضمن. انتهى. أي: ضمن ما على

وَتَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ عَيْنٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ

_ المكفول، وقول الشيخ تقي الدين رحمه الله: إن دلالة الكفيل المكفول له على المكفول به، وإعلامه بمكانه، بيرأ به، ويعد تسليما، محله في مكفول محبوس في حبس الشرع؛ إذ رب الدين متمكن من استعداء الحاكم عليه، فيأمره بالخروج ليحاكم غريمه، ثم يرده. لكن يؤخذ من كلام الشيخ تقي الدين: أنه لو أتى به إلى بيت المكفول، ولا يمكنه الفرار منه، وليس ثم يد حائلة ظالمة تمنعه منه، أنه يبرأ بذلك. "شرحه". قوله: (وتصح ببدن من عنده عين مضمونه) أي: كمغصوب وعارية، لا بأمانة، كوديعة وشركة، إلا إن كفل بشرط التعدي فيها. قوله: (أو عليه دين) وجب أو يجب غير جزية ودين سلم، بشرط أن يكون المكفول يلزمه الحضور، إلى مجلس الحكمن لا ولد بوالد، ومكاتب في مال كتابة؛ إذ لا يلزمه الحضور إذا عجز. وتصح الكفالة بمحبوس؛ لكونه يمكن تسليمه بأمر الحاكم ثم يعيده إلى الحبس بالحقين. وإن كان محبوساً عند غير الحاكم، تسلمه محبوساً.

وَلَا حَدٌّ أَوْ قِصَاصٌ وَلَا بِزَوْجَةٍ وشَاهِدٍ وَلَا إلَى أَجَلٍ أَوْ شَخْصٍ مَجْهُولَيْنِ وَلَوْ فِي ضَمَانٍ وَإِنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بِشَخْصٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ أَوْ ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ أَوْ إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ شَهْرًا صَحَّ وَيَبْرَأُ إنْ لَمْ يُطَالِبْهُ فِيهِ

_ قوله: (لا حد) يعني: لله، أو لآدمي/ كزنا وقذف. قوله: (ولا بزوجة) أي: في حق الزوجية. قوله: (ولو في ضمان) أي: لا يصح الضمان إلى أجل مجهول، كقوله: ضمنته أو كفلته إلى مجيء المطر. وإن ضمن أو كفل عند حصاد أو جذاذ، فكأجل في بيع، لا يصح على المقدم، والأولى الصحة هنا. قاله الموفق والشارح. قوله: (وإن كفل بجزء) كنصفه، صح. قوله: (أو عضو) ظاهر أو باطن، صح. قوله: (إن لم يطالبه فيه) وأما توقيت الضمان، فالظاهر: أنه لا يصح. منصور البهوتي. فيطلب الفرق بين الضمان والكفالة مع أنها نوع منه، أسلفه الشارح محمد الخلوتي. قد يجاب بأن الضمان أضيق من الكفالة؛ لأنه إذا ضمن الدين، لم يسقط إلا بأداء وإبراء، بخلاف الكفالة بالبدن، فإنها تسقط بهما وبموت المكفول، ولا يلزم من كون شيء نوعا من شيء آخر، مساواة أحدهما للآخر في الحكم، بل قد يختلفان، كما في السلم مع البيع. فتدبر.

وَإِنْ قَالَ أَبْرِئْ الْكَفِيلَ وَأَنَا كَفِيلٌ فَسَدَ الشَّرْطُ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَيُعْتَبَرُ رِضَا كَفِيلٍ لَا مَكْفُولٍ بِهِ وَمَتَى سَلَّمَهُ بِمَحِلِّ عَقْدٍ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَا وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ يَدٌ حَائِلَةٌ ظَالِمَةٌ أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ أَوْ مَاتَ أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ طَلَبٍ بَرِئَ كَفِيلٌ لَا إنْ مَاتَ هُوَ أَوْ مَكْفُولٌ لَهُ

_ قوله: (فسد الشرط) وهو قوله: (أبريء الكفيل) والعقد، وهو قوله: (أنا كفيل)؛ لأن التقدير: كفلت لك إن أبرأت كفيلك. فقد شرط فسخ عقد في عقد، ففسدا، ولا تصح براءة إذن. قوله: (بمحل عقد) الكفالة. قوله: (وقد حل الأجل) أي: أجل الكفالة إن كانت مؤجلة، سواء كان عليه فيه ضرر، أو لا، بخلاف ما لو سلمه قبل الأجل، وكان على المكفول له ضرر في قبض المكفول، لغيبة حجته، أو لم يكن يوم مجلس الحكم، أو لكون الدين مؤجلا لا يمكن اقتضاؤه منه ونحوه، فلا يبرأ كفيل. قوله: (ولا ضرر ... إلخ) لأنه قد لا يقدر على إثبات الحجة فيه، لنحو غيبة شهود. قوله: (في قبضه) أي: المكفول، ولو امتنع من تسلمه ولم يشهد على امتناعه قوله: (أو سلم نفسه) يعني: في محله. قوله: (أو تلفت العين) يعني: المضمونة كعارية، أو ضمن التعدي فيها وإن لم تكن مضمونة، كوديعة. قوله: (لا إن مات هو)

وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ غَابَ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ رَدَّهُ فِيهِ أَوْ عَيَّنَهُ لِإِحْضَارِهِ ضَمِنَ مَا عَلَيْهِ لَا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ قَبْلَ غُرْمِهِ اسْتَرَدَّهُ وَالسَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ وَإِذَا طَالَبَ كَفِيلٌ مَكْفُولًا بِهِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ أَوْ ضَامِنٌ مَضْمُونًا بِتَخْلِيصِهِ لَزِمَهُ إنْ كَفَلَ أَوْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ وَطُولِبَ وَيَكْفِي فِي الْأُولَى أَحَدُهُمَا

_ أي: الكفيل عن تركه، فيؤخذ من تركته ما كفل به حيث تعذر إحضار مكفول به، كما لو مات الضامن، فإن كان دينا مؤجلا، فوثق ورثته برهن يحرز، أو ضمين مليء، وإلا حل. قوله: (أو غاب) أي: عن البلد ولو قريبا. اعلم: أن الغائب إما أن يعلم خبره ومكانه، ولو بدار حرب، أو لا، ففي الأول: يمهل الكفيل إلى أن يمضي قدر ما يمكن إحضاره فيه، ثم يغرم ما عليه. وفي الثاني: يغرم بلا إمهال. قوله أيضاً على قوله: (أو غاب) أي: بأن توارى. قوله: (وإن ثبت موته ... إلخ) من زوائده على "الإقناع". قوله: (والسجان) أي: ونحوه، كرسول الشرع. قوله: (كالكفيل) أي: فيغرم إن هرب المحبوس وعجز عن إحضاره. قوله: (ويكفي في الأولى) أي: مسألة الكفالة قوله: (أحدهما) أي: الإذن أو الطلب. أما في الإذن، فظاهر. وأما

وَمَنْ كَفَلَهُ اثْنَانِ فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ وَإِنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَا وَإِنْ كَفَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَخْصٌ آخَرُ فَأَحْضَرَ الْمَكْفُولَ بِهِ بَرِئَ وَهُوَ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ فَقَطْ وَمَنْ كَفَلَ لِاثْنَيْنِ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ كَفَلَ الْكَفِيلَ آخَرُ والْآخَرَ آخَرُ بَرِئَ كُلٌّ بِبَرَاءَةِ مَنْ قَبْلَهُ وَلَا عَكْسَ كَضَمَانٍ وَلَوْ ضَمِنَ اثْنَانِ وَاحِدًا وَقَالَ كُلٌّ ضَمِنْتُ لَك الدَّيْنَ فضَمَانُ اشْتِرَاكٍ فِي انْفِرَادٍ فَلَهُ طَلَبُ كُلٍّ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ وَإِنْ قَالَا ضَمِنَّا لَك الدَّيْنَ فبَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ

_ في الطلب، فلأنه كوكيل المكفول له في طلبه بالحضور. قوله: (فأحضر) أي: الآخر. قوله: (ببراءة من قبله) أي: سواء بريء الأول بإحضاره المكفول به، أو بإبراء المكفول له من الكفالة. فتدبر. قوله: (ولا عكس) أي: عكساً كليا، وإلا فقد يبرأ الأول ببراءة الثاني، كما إذا أحضر الثاني المكفول به، وقد لا يبرأ الأول، كما إذا أبرأ المكفول له الكفيل الثاني. فتدبر.

باب الحوالة

باب الحوالة: عَقْدُ إرْفَاقٍ هِيَ انْتِقَالُ مَالٍ مِنْ ذِمَّةِ بِلَفْظِهَا أَوْ بِمَعْنَاهَا الْخَاصِّ وَشَرْطُ رِضَا مُحِيلٍ وَالْمُقَاصَّةِ وعِلْمُ الْمَالِ واسْتِقْرَارُهُ فَلَا تَصِحُّ عَلَى مَالِ سَلَمٍ أَوْ رَأْسِهِ بَعْدَ فَسْخِ أَوْ صَدَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ

_ قوله: (بلفظها) أي: بمشتق منه على الحذف والإيصال. قوله: (أو معناها الخاص) كأتبعتك بدينك على زيد. قوله: (والمقاصة) أي: إمكانها؛ بأن يتحدا جنسا وصفة، وحلولا أو أجلا. قوله: (وعلم المال) أي: المحال به وعليه للعاقدين؛ بان يكون كل من الدينين مما يصح السلم فيه، مثلياً كان أو لا. فلا تصح: ببعض دينك على بعض ديني مثلا. قوله: (واستقراره) أي: فلا تصح على أجرة قبل استيفاء منافع إن كانت لعمل، أو قبل فراغ مدة إن كان على مدة، لعدم استقرارها. أو أحال بائع على ثمن مبيع مدة خيار المجلس أو شرط، أو على استحقاق في وقف، أو على ناظره، أو ولي بيت المال، أو أحال ناظر بعض مستحقين على جهة، لم تصح؛ لأن الحوالة انتقال مال من ذمة إلى ذمة، ولم يوجد هنا أيضا على قوله: (واستقراره) أي: الدين المحال عليه، ولو على ضامن بما ضمنه ووجب، لا بما يجب قبل وجوبه، وعلى ما في ذمة ميت، وعلى مكاتب بغير مال كتابة كبدل قرض، دون المحال به، فلا يشترط استقراره، كما سيجيء في المتن. قوله: (بعد فسخ) ولو كان الحقان حالين، فشرط على محتال تأخير

أَوْ مَالِ كِتَابَةٍ وَيَصِحُّ إنْ أَحَالَ سَيِّدَهُ أَوْ زَوْجٌ امْرَأَتَهُ لَا بِجِزْيَةٍ وَلَا أَنْ يُحِيلَ وَلَدٌ عَلَى أَبِيهِ وكَوْنُهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مِنْ مِثْلِيٍّ وَغَيْرِهِ كَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ

_ حقه أو بعضه إلى أجل، لم تصح الحوالة. قاله في "الإقناع". قال في "شرحه": ولو قيل: يفسد الشرط فقط، كما في الشروط الفاسدة في البيع، لكان أوفق بالقواعد. قال: ولم أر المسألة لغيره. انتهى. قوله: (لا بجزية) هذا كالاستثناء، لا أنه خارج بشيء من القيود السابقة. وكذا ما بعده. فتدبر: (على أبيه) بدين مستقر؛ لأنه لا يملك إحضاره لمجلس الحكم. وأما النفقة الواجبة، فغير مستقرة وإن ملك المطالبة بها، لما سيأتي من أن نفقة القريب تسقط بمضي الزمان. فتدبر. ويؤخذ من هذا شرط سادس للحوالة، وهو: تمكن المحيل من إحضار المحال عليه لمجلس الحكم، ولا يغني عن هذا قوله الآتي: (وإمكان حضوره) إلى آخره؛ لأن المراد به: أن يمكن المحتال أن يحضر المحال عليه لمجلس الحكم، وما نحن فيه، هو: أن يكون المحيل قادراً على إحضار المحال عليه. وسابع، وهو: عدم فوات الصغار. قوله: (كمعدود ومذروع) ينضبطان بالصفة وفيهما وجه. فعلى المذهب: تصح الحوالة بإبل الدية على من عليه مثلها. "شرحه".

لَا اسْتِقْرَارُ مُحَالٍ بِهِ وَلَا رِضَا مُحَالٍ عَلَيْهِ وَلَا مُحْتَالٍ إنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ وَيُجْبَرُ عَلَى اتِّبَاعِهِ وَلَوْ مَيِّتًا وَيَبْرَأُ مُحِيلٌ بِمُجَرَّدِهَا وَلَوْ أَفْلَسَ مُحَالٌ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ أَوْ مَاتَ وَالْمَلِيءُ الْقَادِرَ بِمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَبَدَنِهِ فَقَطْ فَعِنْدَ الزَّرْكَشِيّ مَالِهِ: الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ. وقَوْلِهِ: أَنْ لَا يَكُونَ مُمَاطِلًا وبَدَنِهِ: إمْكَانُ

_ قوله: (ويبرأ محيل ... إلخ) أي: فيزول أثر نقص الدين نصاب المحيل. قوله: (محال عليه) أي: بعدها. قوله: (أو جحد) أي: وعلمه المحتال، أو صدق المحيل، أو ثبت ببينة ونحوه، وإلا فلا يقبل قول محيل بمجرده. قوله: (والمليء ... إلخ) المليء مهموز على فعيل، لغة: الغني المقتدر، ويجوز البدل، والإدغام، وملؤ بالضم ملاءة. واصطلاحاً هنا ما ذكره المصنف بقوله: ولا من هو في غير بلده، أو ذي سلطان لا يمكن إحضاره مجلس الحكم. فتدبر. قوله: (فقط) أي: لا بفعله برجوعه إلى عدم المطل، ولا بتمكينه من الأداء، لرجوعه إلى القدرة على الوفاء؛ إذ من ماله غائب، أو في الذمم، ونحوه، غير قادر على الوفاء، ولذا أسقطهما الأكثر. قوله: (فعند الزركشي) أي: المليء ماله ... إلخ.

حُضُورِهِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْتَالَ عَلَى وَالِدِهِ وَإِنْ ظَنَّهُ مَلِيئًا أَوْ جَهِلَهُ فَبَانَ مُفْلِسًا رَجَعَ لَا إنْ رَضِيَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْمُلَاءَةَ وَمَتَى صَحَّتْ فَرَضِيَا بخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ بدُونِهِ أَوْ تَعْجِيلِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ أَوْ عِوَضِهِ جَازَ وَإِذَا بَطَلَ بَيْعٌ وَقَدْ أُحِيلَ بَائِعٌ أَوْ أَحَالَ بِالثَّمَنِ بَطَلَتْ لَا إنْ فُسِخَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ وَكَذَا نِكَاحُ فَسْخٍ ونَحْوُهُ وَلِبَائِعٍ أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى مَنْ أَحَالَهُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَلِمُشْتَرٍ

_ قوله: (فرضيا) أي: محتال ومحال عليه. قوله: (بخير منه) أي: بدفعه. قوله: (على أي وجه كان) يعني: بعيب أو تقايل أو غيرهما. قوله: (لم يقبض) أي: المحال به. قوله: (ونحوه) كإجارة. قوله: (على من أحاله عليه) أي: مشتر. قوله: (في الأولى) وهي ما إذا أحيل بائع.

أَنْ يُحِيلَ مُحَالًا عَلَيْهِ عَلَى بَائِعٍ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَحَلْتُك أَوْ أَحَلْتُك بِدَيْنِي وَادَّعَى أَحَدُهُمَا إرَادَةَ الْوَكَالَةِ صُدِّقَ وعَلَى أَحَلْتُك بِدَيْنِكَ فَقَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: أَحَلْتنِي بِدَيْنِي عَلَى بَكْرٍ وَاخْتَلَفَا هَلْ جَرَى بَيْنَهُمَا لَفْظُ الْحَوَالَةِ أَوْ غَيْرُهُ؟ صُدِّقَ عَمْرٌو فَلَا يَقْبِضُ زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ وَمَا قَبَضَهُ وَهُوَ قَائِمٌ لِعَمْرٍو أَخْذُهُ وَالتَّالِفُ مِنْ عَمْرٍو وَلِزَيْدٍ طَلَبُهُ بِدَيْنِهِ وَلَوْ قَالَ عَمْرٌو أَحَلْتُك وَقَالَ زَيْدٌ: وَكَّلْتَنِي صُدِّقَ

_ قوله: (في الثانية) وهي ما إذا أحال البائع على مشتر بالثمن. قوله: (واختلفا) هذا تصريح بمفهوم المسألة التي قبلها أو غيره كالوكالة، ولا بينة لواحد منهما. قوله: (صدق عمرو) يعني: بيمينه. قوله: (*) (وهو قائم) أي: باق، قوله: (لعمرو أخذه) الجملة خبر قوله: (وما قبضه). قوله: (والتالف ... إلى آخره) يعني: بلا تفريط. قوله: (صدق) يعني: زيد بيمينه.

وَالْحَوَالَةُ عَلَى مَالِهِ فِي الدِّيوَانِ إذْنٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَإِحَالَةُ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَنْ دَيْنُهُ عَلَيْهِ وَكَالَةً ومَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِهِ وَكَالَةً فِي اقْتِرَاضٍ، وَكَذَا مَدِينٍ عَلَى بَرِيءٍ فَلَا يُصَارِفُهُ

_ قوله: (والحوالة على ما ... إلخ) أي: شيء.

باب الصلح

باب الصلح: التَّوْفِيقُ وَالسَّلْمُ ويَكُونُ بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَأَهْلِ حَرْبٍ وبَيْنَ أَهْلِ عَدْلٍ وَبَغْيٍ وبَيْنَ زَوْجَيْنِ خِيفَ شِقَاقُ بَيْنِهِمَا أَوْ خَافَتْ إعْرَاضُهُ وبَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ فِي غَيْرِ مَالٍ وَهُوَ فِيهِ مُعَاقَدَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مُوَافَقَةٍ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُوَ قِسْمَانِ

_ باب الصلح لغة: (التوفيق) إلى آخره. قوله: (والسلم) أي: قطع المنازعة، وأقسامه خمسة. قوله: (وأهل حرب) وتقدم في الجهاد أنه يكون بعقد ذمة أو هدنة أو أمانٍ. قوله: (أهل عدل وبغي) ويأتي في باب قتال أهل البغي. قوله: (خيف شقاق بينهما) يأتي في عشرة النساء. قوله: (في غير مال) وهذا مذكور في مواضع متعددة متفرقة، كأقوالهم في اللقيط، وفي الجلوس في الطريق، وغير ذلك. ومنه ما يأتي في هذا الباب عند قوله: (فصل ويصح صلح مع إقرار وإنكار ... إلخ) وليس هذا النوع باب يخصه. كما في "شرح الإقناع". فتدبر. قوله: (وهو فيه ... إلخ) أي: شرعاً. قوله: (بين مختلفين) أي: متخاصمين. وهذا النوع الخامس من المبوب له. ولا يقع غالبا إلا عن انحطاط من رتبة إلى ما دونها على سبيل المداراة لبلوغ بعض الغرض، وهو من أكبر العقود فائدة، ولذلك حسن -أي أبيح- فيه الكذب. قوله: (وهو) أي: الصلح في الأموال.

الأول: عَلَى إقْرَارٍ وَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ عَلَى جِنْسِ الْحَقِّ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَيْنٍ فَيَضَعَ أَوْ يَهَبُ الْبَعْضَ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ فَيَصِحُّ لَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ

_ قوله: (على جنس الحق) أي: المقر به. قوله: (مثل أن يقر له ... إلخ) أي: رشيد. قوله: (فيضع) أي: يسقط المقر له عن المقر بعض الدين. قوله: (أو يهب البعض) أي: من العين المقر بها للمقر. "شرحه". قوله: (فيصح) لأن الأول إبراء، والثاني هبة، يعتبر له شروط الهبة من كونه جائز التصرف، والعلم بالموهوب ونحوه. وبالجملة: فقد منع الخرقي وابن أبي موسى الصلح على الإقرار، وأباه الأكثرون. قاله في "شرح الإقناع". فتدبر. فعلى الأول إن وفاه من جنس حقه، فوفاء، أو من غير جنسه، فمعاوضة، أو أبرأه من بعضه، فإسقاط، أو هبة له، فهبة، ولا يسمى صلحاً. فالخلاف في التسمية قاله في "المغني" و "الشرح" وأما المعنى، فمتفق عليه. تدبر.

أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْبَاقِي أَوْ يَمْنَعَهُ حَقَّهُ بِدُونِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَمُكَاتَبٍ ومَأْذُونٍ لَهُ وَوَلِيِّ إلَّا إنْ أَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَيَصِحُّ عَمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَى مُوَلِّيهِ وَبِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مُؤَجَّلٍ بِبَعْضِهِ حَالًّا إلَّا فِي كِتَابَةٍ وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ حَالٍّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الْوَضْعُ لَا التَّأْجِيلُ

_ قوله: (أو بشرط ... إلخ) بأن يقول: أبرأتك، أو وهبتك على أن تعطيني الباقي، لما يأتي أن الهبة لا يصح تعليقها، ولا تعليق الإبراء بشرط، أي: إذا وضع بعض دين، أو وهب بعض عين لمن أقر، بشرط أن يدفع الباقي، لم يصح ذلك. قوله: (ولا ممن لا يصح تبرعه كمكاتب ... إلخ) وناظر وقف، ووكيل في استيفاء حقوق. قوله: (ويصح ... إلخ) أي: ويجوز أيضاً. لكن ينبغي أن يقيد بما سيأتي من كونه لا يعلم الولي كذب نفسه فإن لم تكن بينة لم يصالح. وظاهره ولو علمه الولي. قوله: (ببعضه حالاً) أي: لأنه كبيع مؤجل كثير بمعجل قليل، وذلك باطل. قوله: (إلا في كتابة) لأن الربا لا يجري بينهما في ذلك، فيصح أن يعجل المكاتب بعض ما في ذمته لسيده ويبرئه من الباقي. قوله: (صح الوضع) لأنه برضاه. قوله: (لا التأجيل) لأنه وعد، وكذا لو صالح بخمسين مكسرة عن مئة صحاح، كان إبراء من الخمسين، ووعدا في الأخرى.

وَلَا يَصِحُّ عَنْ حَقٍّ كَدِيَةٍ خَطَأٍ أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنْ جِنْسِهِ وَيَصِحُّ عَنْ مُتْلَفٍ مِثْلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وبِعَرْضِ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ فِيهِمَا وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ بَيْتٍ أَقَرَّ بِهِ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ سُكْنَاهُ مُدَّة أَوْ بِنَاءِ غُرْفَةٍ لَهُ فَوْقَهُ أَوْ ادَّعَى رِقَّ مُكَلَّفٍ أَوْ زَوْجِيَّةَ مُكَلَّفَةٍ فَأَقَرَّا لَهُ بِعِوَضٍ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ بَذَلَا مَالًا صُلْحًا عَنْ دَعْوَاهُ أَوْ لِمُبِينِهَا لِيُقِرَّ بِبَيْنُونَتِهَا صَحَّ وأَقِرَّ لِي بِدَيْنِي وَأُعْطِيكَ أَوْ وَخُذْ مِنْهُ مِائَةً فَفَعَلَ لَزِمَهُ وَلَمْ يَصِحَّ الصلح

_ قوله: (من جنسه) لأنه ربا، قوله: (فيهما) أي: الدية وقيمة غير مثلي. قوله: (لم يصح) أي: صلح ولا إقرار.

النَّوْعُ الثَّانِي: عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ فبِنَقْدٍ عَنْ نَقْدٍ صَرْفٌ وبِعَرْضٍ أَوْ عَنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ بَيْعٌ وبِمَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى وَخِدْمَةِ مُعَيَّنَيْنِ إجَارَةً وعَنْ دَيْنٍ يَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا لَا بِجِنْسِهِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ وبِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ وَيَحْرُمُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةُ مَنْ وُصِيَّ لَهُ بِخِدْمَةِ أَوْ سُكْنَى أَوْ حَمْلِ أَمَةٍ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ لَا بَيْعًا

_ قوله: (النوع الثاني ... إلخ) هذا النوع قال في "الإقناع": هو معاوضة، أي: بيع. انتهى. ثم قسمه كالمصنف إلى ثلاثة أقسام: بيع، وصرف، وإجارة. وهذا الصنيع مع ما تقدم في البيع من أنه مبادلة ... إلخ يقتضي إطلاق البيع على مبادلة العين والمنفعة إلى آخر الحد، وإطلاقه أيضا على خصوص مبادلة عين بعين، إحداهما غير نقد. قوله: (على سبيل المعاوضة) فإن كان بأقل على سبيل الإبراء، صح، لا بلفظ صلح. قوله: (وبشيء في الذمة) أي: والصلح عن دين بشيء في الذمة. قوله: (لا بيعا) لعدم العلم بالمبيع.

وَمَنْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ بِشَيْءٍ رَجَعَ بِهِ إنْ بَانَ عَدَمُهُ أَوْ زَالَ سَرِيعًا وَتَرْجِعُ امْرَأَةٌ صَالَحَتْ عَنْهُ بِتَزْوِيجِهَا بِأَرْشِهِ وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَمَّا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ بمَعْلُومِ نَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ فَكَبَرَاءَةٍ مِنْ مَجْهُولٍ الْقِسْمُ الثَّانِي عَلَى إنْكَارٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا فَيُنْكِرَ أَوْ يَسْكُتَ وَهُوَ يَجْهَلُهُ ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ

_ قوله: (بشيء) يعني: من عين أو منفعة، وليس من الأرش في شيء. قوله: (رجع به إن بان عدمه) كنفاخ بطن ظنه حملا، ثم ظهر الحال، لتبين عدم استحقاقه. قوله: (سريعاً) كمزوجة بانت. قوله: (بمعلوم نقد) أي: حال، قوله: (من مجهول) أي: فيصح على المشهور. وفي "الإقناع": لا يصح الصلح. وما ذكره المصنف أولى؛ لأن الصلح أوسع من البيع. فتدبر. قوله: (على إنكار) أي: واقع على إنكار ... إلخ. قوله: (أو يسكت) أي: المدعى عليه. قوله: (وهو يجهله) سيأتي محترز هذا في قوله: (ومن علم بكذب نفسه ... إلخ). قوله: (على نقد) أي: حال. قوله: (أو نسيئة ... إلخ) ومن هنا يؤخذ مع ما تقدم: أن الصلح عن الدين بدين غير مقبوض، يصح في موضعين.

إبْرَاءِ في حَقِّهِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ لِعَيْبٍ شَيْئًا وبَيْعًا فِي حَقِّ مُدَّعٍ فَلَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَفُسِخَ الصُّلْحُ وَيَثْبُتُ فِي مَشْفُوعٍ الشُّفْعَةُ إلَّا إذَا صَالَحَ بِبَعْضِ عَيْنٍ مُدَّعًى بِهَا فَهُوَ فِيهِ كَالْمُنْكِرِ

_ أحدهما: في صلح الإقرار، وهو ما إذا كان الدين المصالح عنه مجهولا، تعذر علمه أو لا. وثانيهما: في صلح الإنكار مطلقاً. قوله: (في حقه) أي: المدعى عليه. قوله: (لا شفعة فيه) أي: المصالح عنه. قوله: (ولا يستحق ... إلخ) أي: مدعى عليه. قوله: (وبيعا في حق مدع) لأنه يعتقده عوضا عن حقه، فيلزمه حكم اعتقاده. قوله: (ويثبت في مشفوع ... إلخ) صولح به، كشقص من دار، فلشريك المدعي أخذه. تنبيه: إذا اختلف المتصالحان في قدر الصلح، ولا بينة، بطل وعاد إلى أصل الخصومة. قاله في "المستوعب". منصور البهوتي. قوله: (إلا إذا صالح ... إلخ) أي: المدعى عليه المدعي. قوله: (ببعض عين) يعني: او بكلها كما في "الإقناع". قوله: (فهو) أي: المدعي. قوله: (فيه) أي: في الصلح المذكور. قوله: (كالمنكر) يعني: إن وقع على عينه، وإلا طالب ببدله المدعى عليه. وله

وَمَنْ عَلِمَ بِكَذِبِ نَفْسِهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِ وَمَا أَخَذَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَنْ قَالَ صَالِحْنِي عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي تَدَّعِيهِ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِهِ وَإِنْ صَالَحَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مُنْكِرٍ لِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ بِإِذْنِهِ أَوْ دُونِهِ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ وَكَّلَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِدُونِ إذْنِهِ

_ الإمساك مع الأرش. قوله: (ومن علم بكذب نفسه ... إلخ) أي: من مدع ومدعى عليه. أفاد المصنف -رحمه الله- بهذا كغيره من الأصحاب: أن شرط صحة صلح الإنكار أن يعتقد المدعي حقيقة ما ادعاه، والمدعى عليه عكسه، فتنبه. قوله: (وما أخذه ... إلخ) مدع مما صولح به، أو مدعى عليه مما انتقصه من الحق بجحده. قوله: (ومن قال ... إلخ) من زوائده على "الإقناع". أي: ومن ادعي عليه بحق، فأنكره، ثم قال: صالحني ... إلخ. قوله: (وإن صالح عن منكر ... إلخ) اعلم: أن هذه المسألة تشتمل على ست عشرة صورة؛ لأنه تارة يكون عن دين، وتارة عن عين، وفي كل منهما: إما بإذن المنكر أو دونه، وعلى التقارير الأربعة: إما أن يعترف الأجنبي بصحة الدعوى أو لا، وعلى الثمانية: إما أن يذكر أنه وكله المنكر أولا. قوله: (صح) سواء اعترف الأجنبي للمدعي بصحة دعواه، أو لم يعترف. قوله: (إنه وكله) أي: في صلح. قوله: (بدون إذنه) أي: في الصلح أو الدفع. فإن أذن في أحدهما رجع بالنية.

وَإِنْ صَالَحَ لِنَفْسِهِ لِيَكُونَ الطَّلَبُ لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى أَوْ أَقَرَّ وَالْمُدَّعَى دَيْنٌ أَوْ هُوَ عَيْنٌ وَعَلِمَ عَجْزَهُ عَنْ اسْتِنْقَاذِهَا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ أَوْ عَدَمَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَتْ صَحَّ ثُمَّ إنْ عَجَزَ خُيِّرَ بَيْنَ فَسْخِ وإمْضَاءِ فصل وَيَصِحُّ صُلْحٌ مَعَ إقْرَارٍ وإنْكَارٍ عَنْ قَوَدٍ وسُكْنَى وعَيْبٍ

_ قوله: (وإن صالح لنفسه) أي: أجنبي مدعيا. اعلم: أن الأجنبي إذا صالح المدعي ليكون الطلب له، ففي ذلك صور، منها غير صحيحة، وهي: ما إذا كان الأجنبي منكرا لصحة الدعوى، والمدعى دين أو عين. أو معترفا بصحة الدعوى، والمدعى دين أو عين، علم بعجزه عن استنقاذها أو لا، ثم تبين عجزه. وصحيحة، وهي: ما إذا كان الأجنبي مقرا بصحة الدعوى، والمدعى به عين، علم أو ظن القدرة على استنقاذها، أو علم أو ظن عدمها، ثم تبينت القدرة. قوله: (وقد أنكر المدعى) دينا أو عينا. فصل في الصلح عما ليس بمال قوله: (عن قود) أي: في نفس أو دونها.

بفوق دِيَةً وبِمَا يَثْبُتُ مَهْرًا حَالًّا وَمُؤَجَّلًا لَا بِعِوَضٍ عَنْ خِيَارٍ أَوْ شُفْعَةٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ وَيَسْقُطُ جَمِيعُهَا وَلَا سَارِقًا أَوْ شَارِبًا لِيُطْلِقَهُ أَوْ شَاهِدًا لِيَكْتُمَ شَهَادَتَهُ وَمَنْ صَالَحَ عَنْ دَارٍ وَنَحْوِهَا فَبَانَ الْعِوَضُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ بِهَا

_ قوله: (بفوق دية) قال في "المصباح": فوق: نقيض تحت، وهو ظرف مكان، يقال: زيد فوق السطح. وقد استعير للاستعلاء الحكمي، ومعناه: الزيادة والفضل، فقيل: العشرة فوق التسعة، أي: تعلو، والمعنى: تزيد عليها. وهذا فوق ذاك، أي: أفضل، وقوله تعالى: (فما فوقها) [البقرة: 26] أي: فما زاد عليها في الصغر والكبر. ومنه قوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين) [النساء: 11] أي: زائدات ... إلخ، فعلم من هذا: أن ما هنا من الاستعمال المجازي، بزائد على قدر الدية. ولا تخرج في الحالين عن الظرفية. غاية الأمر أنها حقيقة تارة، ومجاز أخرى. قوله: (وبما يثبت مهرا) وهو أقل متمول من نقد أو عوض. قوله: (عن خيار ... إلخ) أي: خيار بيع أو إجارة. قوله: (وتسقط) أي: هذه المذكورات. فقوله: (جميعها) تأكيد للضمير المستتر، لا أنه فاعل، وإلا لذكر الفعل. قوله: (أو نحوها) كحيوان وكتاب. قوله: (مستحقا) أي: أو حراً. قوله: (رجع بها) أي: الدار ونحوها.

مَعَ إقْرَارِ وبِالدَّعْوَى وَفِي الرِّعَايَةِ: أَوْ قِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ مَعَ إنْكَارٍ وعَنْ قَوَدٍ بِقِيمَةِ عِوَضٍ وَإِنْ عَلِمَاهُ فَبِالدِّيَةِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُجْرِيَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ سَطْحِهِ مَاءً بِلَا إذْنِهِ وَيَصِحُّ صُلْحُهُ عَلَى ذَلِكَ بِعِوَضٍ فمَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ إجَارَةٌ وَإِلَّا فبَيْعٌ وَيُعْتَبَرُ عِلْمُ قَدْرِ الْمَاءِ بِسَاقِيَتِهِ

_ قوله: (مع إقرار وبالدعوى) هذا المذهب. قوله: (وفي الرعاية ... إلخ) ذكره؛ لانفراد صاحب "الرعاية" به. قوله: (وإن علماه) أي: علم المتصالحان كونه مستحقا حال الصلح، أو كونه حرا. قوله: (فبالدية) ظاهره مع إقرار أو إنكار، والأظهر: الأول فقط. قوله: (ويعتبر علم قدر الماء بساقيته) يعني: أنه يعلم تقدير الماء بتقدير الساقية، أي: عرضا، ولا بد من معرفة طولها، وبيان موضعها في البيع، والإجارة. قوله: (وتقدير ما يجري فيه الماء) كأنه بيان لما أراده من قوله: (بساقيته) فتدبر. قوله أيضا على قوله: (ويعتبر علم ... إلخ) أي: في الأولى، أي: بعلم ساقيته، أي: محل خروج الماء إلى السطح أو الأرض بأنبوبة أو نحوها، ولا بد من معرفة موضعها. قوله: (بساقيته) أي: برؤية ساقيته. ولا بد من ذكر عرضها وطولها، كما أشار إليه فيما يأتي بقوله: (وتقدير ما يجري فيه الماء ... إلخ).

ومَاءِ مَطَرٍ بِرُؤْيَةِ مَا يَزُولُ عَنْهُ أَوْ مِسَاحَتِهِ وَتَقْدِيرُ مَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا عُمْقِهِ وَلَا مُدَّتِهِ لِلْحَاجَةِ كَنِكَاحٍ وَلِمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ الصُّلْحُ عَلَى سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ لَا عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ مَطَرٍ عَلَى سَطْحٍ أَوْ أَرْضٍ ومَوْقُوفَةٍ كَمُؤَجَّرَةٍ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى سَقْيِ أَرْضِهِ مِنْ نَهْرِهِ أَوْ عَيْنِهِ مُدَّةً وَلَوْ مُعَيَّنَةً حرم

_ قوله: (لا عمقه) خلافاً "للإقناع" في الإجارة. قوله: (ولا مدته) خلافاً له أيضاً فيها. قوله: (على ساقية محفورة) أي: مدة لا تزيد على مدة الإجارة. وأما المستعير، ففيه نظر ظاهر. قوله: (وموقوفة) أي: على معين أو غيره. قوله: (كمؤجرة) أي: فيجوز في محفورة. قوله: (وإن صالحه على سقي أرضه ... إلخ) أي: لأن الماء العد لا يملك بملك الأرض، فإن صالحه على سهم من النهر، أو العين، أو البئر كثلث ونحوه، جاز وكان بيعا للقرار، والماء تابع له. قاله في "الإقناع". قوله: (حرم) ولم يصح.

وَيَصِحُّ شِرَاءُ مَمَرٍّ فِي دَارٍ ومَوْضِعٍ بِحَائِطٍ يُفْتَحُ بَابًا بُقْعَةٍ تُحْفَرُ بِئْرًا وعُلُوِّ بَيْتٍ وَلَوْ لَمْ يُبْنَ إذَا وُصِفَ لِيَبْنِيَ أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ خَشَبًا مَوْصُوفَيْنِ وَمَعَ زَوَالِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بمُدَّتِهِ وإعَادَتُهُ مُطْلَقًا والصُّلْحُ عَلَى عَدَمِهَا كَعَلَى زَوَالِهِ وفِعْلُهُ صُلْحًا أَبَدًا أَوْ إجَارَةً مُدَّة مُعِينَةً وَإِذَا مَضَتْ بَقِيَ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ

_ قوله: (في دار) نص عليها لغلبتها لا لخصوصها. قوله: (يفتح بابا) أي: يدخل منه الغير. قوله: (موصوفين) أي: معلومين. قوله: (ومع زواله) أي: ما على العلو من بنيان أو خشب. قوله: (له الرجوع) أي: لرب البناء والخشب. قوله: (بمدته) قيده في "المغني" بما إذا كان في مدة الإجارة، وكان سقوطها لا يعود. قال في "شرح الإقناع": وعلى مقتضى ما في الإجارة: إنما يرجع إذا كان من فعل رب البيت، أو من غير فعلهما، أما إن كان من قبل المستأجر وحده، فلا رجوع له، انتهى كلامه رحمه الله. وهو الظاهر. قوله: (مطلقا) أي: سواء زال سقوطه، أو سقوط ما تحته، أو لهدمه، أو غيره. قوله: (على عدمها) أي: الإعادة. قوله: (وفعله) أي: ما تقدم من الممر، وفتح الباب بالحائط، وحفر البقعة بالأرض بئرا، ووضع البناء والخشب على علو غيره. "شرحه". قوله: (أبداً) أي: مؤبداً وهو في معنى البيع. قوله: (وإذا مضت .... إلخ) من زوائده على "الإقناع".

فصل في حكم الجوار إذَا حَصَلَ فِي هَوَائِهِ أَوْ أَرْضِهِ غُصْنُ شَجَرِ غَيْرِهِ أَوْ عِرْقُهُ لَزِمَهُ إزَالَتُهُ وَضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ بَعْدَ طَلَبٍ فَلَهُ قَطْعُهُ لَا صُلْحُهُ وَلَا مَنْ مَالَ حَائِطُهُ أَوْ زَلَقَ خَشَبُهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ

_ قوله: (في هوائه) أي: المملوك له، هو أو منفعته. قوله: (أو أرضه) التي يملك عينها أو نفعها. قوله: (غصن) راجع إلى الهواء. قوله: (إو عرقه) راجع إلى الأرض، ففيه لف ونشر مرتب. قوله: (لزمه) أي: رب غضن أو عرق إزالته وإن لم يحصل به ضرر. قوله: (بعد طلب) قطع به في "التنقيح" خلافاً لما في "الإنصاف" وقد تبع المصنف لما في "التنقيح" كـ "الإقناع". قوله: (فإن أبى) أي: رب غصن، أو عرق، إزالته، لم يجبر؛ لأن حصوله ليس من فعله. قوله: (فله قطعه) إن لم يزل إلا به، فإن أمكن أزالتها، أي: الأغصان بلا إتلاف، ولا قطع من غير مشقة، ولا غرامة، مثل أن يلويها ونحوه، لم يجز له إتلافها، فإن فعل إذن ضمن، قاله في "الإقناع".

عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ وإن اتفقا أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُ أَوْ بَيْنَهُمَا جَازَ وَلَمْ يَلْزَمْ وَحَرُمَ إخْرَاجُ دُكَّانٍ ودَكَّةٍ بنَافِذٍ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ وَكَذَا جَنَاحٌ

_ قوله: (عن ذلك) أي: بقائه كذلك، قوله: (بعوض) لأن شغله لملك الآخر لا ينضبط. قوله: (ولم يلزم) أي: فلكل منهما فسخه متى شاء، وصحة الصلح هنا مع جهالة العوض وهو الثمرة، خلاف القياس، لخبر مكحول يرفعه: "أيما شجرة ظللت على قوم، فهم بالخيار من قطع ما ظلل، أو أكل من ثمرها"، فإن مضت مدة ثم امتنع رب الشجرة من دفع ما صالح به من الثمرة، فعليه أجرة المثل، هذا في الأغصان، وأما العروق، فإنها لا ثمر لها، لكن إن اتفقا على أن ما نبت من عروقها لصاحب الأرض، أو جزءا معلوما منه، صح جائزاً لا لازما، كما في "الإقناع". قوله: (وكذا جناح) ويقال له الروشن: بناء يوضع على أطراف خشب أو حجر مدفون في الحائط. والساباط، هو: سقيفة بين حائطين تحتها طريق. والدكان والدكة بفتح دالها وضم داله: بناء يسطح أعلاه للجلوس عليه، كما في "القاموس"،

وسَابَاطٌ وَمِيزَابٌ إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ بِلَا ضَرَرٍ بِأَنْ يُمْكِنَ عُبُورُ مَحْمَلٍ

_ ولذا قال في "الإقناع": الدكان: هو الدكة. وفي"القاموس" في محل آخر: الدكان، كرمان: الحانوت. قوله: (إلا بإذن إمام أو نائبه) أي: في الثلاثة، ولذلك فصلها بقوله: (وكذا). قوله: (بأن يمكن ... إلخ) أي: انتفاء الضررفي ثلاثة؛ بأن يمكن ... إلخ، ولو كان الطريق منخفضا وقت وضع الساباط، بحيث لا ضرر فيه إذ ذاك، ثم ارتفع الطريق على طول الزمان، وجب على ربه إزالته إذا حصل منه ضرر. قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى. قال: ومن كانت له ساحة يلقى فيها التراب والحيوان الميت، وتضرر الجيران بذلك، فإنه يجب على صاحبها أن يدفع ضرر الجيران، إما بعمارتها، أو بإعطائها لمن يعمرها، أو بأن يمنع أن يلقى فيها ما يضر بالجيران، وقال: لا يجوز لأحد أن يخرج في طريق المسلمين شيئا من أجزاء االبناء، حتى إنه ينهى عن تجصيص الحائط إلا أن يدخل في حده بقدر غلظ الجص. انتهى. نقله في "الإقناع", ومتى وجد خشبه، أو بناءه، أو مسيل مائه ونحوه من جناح، وساباط في حق غيره، ولم يعلم سببه، فهو له؛ لأن الظاهر وضعه بحق، فإن اختلفا، فقول صاحب نحو الخشب؛ أنه وضعه بحق من يمينه. "إقناع". قوله: (محمل) كمجلس ومقود.

وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ هَوَائِهِ أَوْ دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ وفَتْحِ بَابٍ فِي ظَهْرِ دَارٍ فِيهِ لِاسْتِطْرَاقٍ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَوْ أَهْلِهِ وَيَجُوزُ لِغَيْرِ اسْتِطْرَاقٍ وفِي نَافِذٍ وصُلْحٌ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ ونَقْلُ بَابٍ فِي غَيْرِ نَافِذٍ إلَى أَوَّلِهِ بِلَا ضَرَرٍ كَمُقَابَلَةِ بَابِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ لَا إلَى دَاخِلٍ إنْ لَمْ يَأْذَنْ مَنْ فَوْقَهُ ويَكُونُ إعَارَةً وَمَنْ خَرَقَ بَيْنَ دَارَيْنِ لَهُ مُتَلَاصِقَيْنِ بَابَاهُمَا فِي دَرْبَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ وَاسْتَطْرَقَ إلَى كُلٍّ مِنْ الْأُخْرَى جَازَ وَحَرُمَ أَنْ يُحْدِثَ بِمِلْكِهِ

_ قوله: (ويحرم ذلك ... إلخ) أي: إخراج المذكورات. قوله: (عن ذلك) أي: المذكور من الخمسة في ملك غيره، ومن الاستطراق في غير نافذ. قوله: (في غير نافذ) أي: في درب غير نافذ. قوله: (إلى أوله) أي: الدرب. قوله: (ونحوه) كفتحه عاليا يصعد إليه بسلم، يشرف منه على دار جاره. قوله: (ويكون إعارة) أي: لازمة بعد فتحه ما دام مفتوحاً. قوله: (وحرم أن يحدث ... إلخ) علم منه: أنه لو كان هذا الذي حصل منه الضرر سابقا على ملك الجار، مثل من له في ملكه مدبغة ونحوها، فأحيا إنسان إلى جانبه مواتاً، أو بنى جانبه داراً قال في "شرح الإقناع" قلت: أو اشترى

مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ كَحَمَّامٍ وَكَنِيفٍ وَرَحًى وَتَنُّورٍ وَلَهُ مَنْعُهُ إنْ فَعَلَ كَابْتِدَاءِ إحْيَائِهِ

_ دارًا بجانبه، بحيث يتضرر صاحب الملك المحدث بذلك المذكور من نحو المدبغة، لم يلزمه إزالة الضرر، صرح به في "الإقناع"، قال: وليس له منعه من تعلية داره، ولو أفضى إلى سد الفضاء عنه، أو خاف نقص اجرة داره، وإن حفر بئرا في ملكه، فانقطع ماء بئر جاره، أمر بسدها، فإن عاد ماء الأولى، وإلا كلف ربها بحفر الثانية، ولو ادعى أن بئره فسدت من خلاء جاره، أو بالوعته، والبئر أقدم منهما، طرح فيهما نفط، فإن ظهر في البئر طعمه أو ريحه، كلف تحويلهما إن لم يكن إصلاحهما بنحو بناء يمنع وصوله إلى البئر، وإلا فلا. قوله: (ما يضر ... إلخ) بضم الياء، قال في "المصباح": ضره يضره، من باب قتل: إذا فعل به مكروها، وأضر به، يتعدى بنفسه ثلاثيا وبالياء رباعيا. انتهى. قوله: (كحمام) يتأذى بدخانه. قوله: (وكنيف) أي: يتأذى بريحه. قوله: (ورحى) أي: يهتز بها حيطانه. قوله: (وتنور) أي: يتعدى دخانه إليه، ودخان حدادة. قوله: (إن فعل) ويضمن من أحدث بملكه ما يضره بجاره ما تلف به؛ لتعديه. قال في "الإقناع". قوله: (كابتداء) أي: كما له منعه من ابتداء إحياء ما بجواره: لتعلق مصالحه به.

وَكدَقٍّ وَسَقْيٍ يَتَعَدَّى بِخِلَافِ طَبْخٍ وَخَبْزٍ فِيهِ وَمَنْ لَهُ حَقُّ مَاءٍ يَجْرِي عَلَى سَطْحِ جَارِهِ لَمْ يَجُزْ لِجَارِهِ تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ لِيَمْنَعَ الْمَاءَ أَوْ ل يَكْثُرَ ضَرَرُهُ وَيَحْرُمُ تَصَرُّفٌ فِي جِدَارِ جَارٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ بِفَتْحِ رَوْزَنَةٍ أَوْ طَاقٍ أَوْ ضَرْبِ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ إلَّا بِإِذْنِ وَكَذَا وَضْعُ خَشَبٍ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفٌ إلَّا بِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَيُجْبَرُ إنْ أَبَى وَجِدَارُ مَسْجِدٍ كدَارٍ

_ قوله: (وكدق) كقصارة. قوله: (ليمنع الماء) أي جريانه. قوله: (روزنة) الروزنة: الكوة، كما في "القاموس". والكوة تضم وتفتح: الثقبة في الحائط، وجمع المفتوح على لفظه: كوات كحبة وحبات، وكواء أيضاً، مثل ظبية وظباء، وركوة وركاء، وجمع المضموم كوى، مثل مدية ومدى، وعينها واو، وأما لامها، فقيل: واو وقيل: ياء، والكو لغة أيضا. قاله في "المصباح". قوله: (وكذا وضع خشب) أي: فلا يجوز بغير إذن، وبه تصير لازمة. قوله: (ويجبر إن أبى) ولو كان الحائط لنحو يتيم. وإن صالحه عنه بشيء،

وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ ويُسْنِدَ قُمَاشَهُ وَجُلُوسَهُ فِي ظِلِّهِ ونَظَرُهُ فِي ضَوْءِ سِرَاجِ غَيْرِهِ وَإِنْ طَلَبَ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ أَوْ سَقْفٍ انْهَدَمَ شَرِيكَهُ أُجْبِرَ كَنَقْضِهِ عِنْدَ خَوْفِ سُقُوطِ أَخَذَ حَاكِمٌ مِنْ مَالِهِ أَوْ بَاعَ عَرْضَهُ وَأَنْفَقَ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَنَاهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ حَاكِمٍ أَوْ لِيَرْجِعَ شَرِكَةً رَجَعَ ولِنَفْسِهِ بِآلَتِهِ فشَرِكَةٌ وبِغَيْرِهَا فلَهُ وَلَهُ نَقْضُهُ لَا إنْ دَفَعَ شَرِيكُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ

_ جاز حتى في الحالة التي يجب فيها التمكين. قوله: (وإن طلب شريك) يعني: في طلق أو وقف. "شرح". قوله: (كنقض عند خوف سقوط) أي: فيجبر الممتنع من النقض. قوله: (ليرجع شركة) يعني: إذا بنى أحد الشريكين بدون إذن الحاكم والشريك مع امتناع الشريك وتعذر إجباره، أو أخذ شيء من ماله، ونوى الرجوع، فإنه يرجع إذن. نقله في الحاشية عن "تصحيح الفروع". قوله: (وله) أي: الباني لا شريكه.

وَكَذَا إنْ احْتَاجَ لِعِمَارَةِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ نَاعُورَةٍ أَوْ قَنَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ وَلَا يُمْنَعُ شَرِيكٌ مِنْ عِمَارَةِ فَالْمَاءُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ بَنَيَا مَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالنَّفَقَةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْمِلُهُ مَا احْتَاجَ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ وَصَفَا الْحَمْلَ وَإِنْ عَجَزَ قَوْمٌ عَنْ عِمَارَةِ قَنَاتِهِمْ أَوْ نَحْوِهَا فَأَعْطَوْهَا لِمَنْ يُعَمِّرُهَا وَيَكُونُ مِنْهَا جُزْءٌ مَعْلُومٌ صَحَّ

_ قوله: (أو دولاب ... إلخ) قال في "المصباح": الدولاب: المنجنون التي تديرها الدابة، فارسي معرب، وقيل: عربي، وفتح الدال أفصح من الضم، ولهذا اقتصر عليه جماعة، والناعورة: المنجنون التي يديرها الماء، سمي بذلك لنعيره، والجمع نواعير، وهو من نعرت الدابة تنعر -من باب قتل- نعيراً: صوتت. انتهى. فقد علمت أن المنجنون يشمل النوعين. فتدبر. قوله: (على الشركة) وفي الرجوع بالنفقة ما سبق من التفصيل. قوله: (كذلك) أي: نصفان. قوله: (لم يصح) أي: الصلح في المسألتين، أما في الأولى، فلأنه يصالح عن بعض ملكه ببعض، وأما في الثانية، فلجهالة الحمل، وكونه لا ينضبط.

وَمَنْ لَهُ عُلُوٌّ أَوْ طَبَقَةٌ ثَالِثَةٌ لَمْ يُشَارِكْ فِي بِنَاءِ مَا انْهَدَمَ تَحْتَهُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ مَالِكُهُ وَيَلْزَمُ الْأَعْلَى سُتْرَةٍ تَمْنَعُ مُشَارَفَةَ الْأَسْفَلِ اشْتَرَكَا وَمَنْ هَدَمَ بِنَاءً لَهُ فِيهِ جُزْءٌ إنْ خِيفَ سُقُوطُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ إعَادَتُهُ

_ قوله: (تحته) لعدم ملكه لشيء منه. قوله: (مالكه) أي: ليتمكن رب العلو من انتفاعه به. قوله: (فلا شيء عليه) بل له الرجوع بأجرة مثل النقص، إن نوى الرجوع. قوله: (وإلا لزمته إعادته) مقتضى القواعد: أنه يضمن أرش نقص حصة شريكه. قاله في "شرح الإقناع"، لكن ما ذكره المصنف كـ "الإقناع"، هو ما جرى عليه الأصحاب.

كتاب الحجر

كتاب الحجر: مَنْعُ مَالِكٍ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ ولِفَلَسٍ: مَنْعُ حَاكِمٍ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ الْمَوْجُودِ مُدَّةَ الْحَجْرِ وَالْمُفْلِسُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا مَا يَدْفَعُ بِهِ حَاجَتَهُ وعِنْدَ الْفُقَهَاءِ، مَنْ دَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ وَالْحَجْرُ عَلَى ضَرْبَيْنِ لِحَقِّ الْغَيْرِ عَلَى مُفْلِسٍ ورَاهِنٍ ومَرِيضٍ وقِنٍّ وَمُكَاتَبٍ

_ كتاب الحجر للمفلس وغيره قوله: (منع مالك ... إلخ) عبارة "الإقناع": منع الإنسان، وهي أليق بقوله الآتي: (وقن)؛ لأنه ليس بمالك على الصحيح. قوله: (الموجود) أي: حال الحجر. قوله: (والمفلس ... إلخ) أي: لغة. قوله: (من لا مال له) أي: نقد. قوله: (ولا ما يدفع به حاجته) أي: من العروض. قوله: (لحق) أي: حظ. قوله: (الغير) أي: غير المحجور عليه. قوله: (كعلى مفلس) لحق الغرماء. قوله: (وراهن) لحق مرتهن في رهن لازم. قوله: (ومريض) مرض موت مخوف، وما بمعناه فيما زاد على الثلث لحق الورثة. قوله: (ومكاتب) أي: لحق سيد.

ومُرْتَدٍّ ومُشْتَرٍ بَعْدَ طَلَبِ شَفِيعٍ أَوْ تَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ الثَّانِي لِحَظِّ نَفْسِهِ ك عَلَى صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ وَلَا يُطَالَبُ وَلَا يُحْجَرُ بِدَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ وَلِغَرِيمٍ مِنْ أَرَادَ سَفَرًا سِوَى جِهَادٍ مُتَعَيَّنٍ وَلَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ أَوْ لَا يَحِلُّ قَبْلَ مُدَّتِهِ وَلَيْسَ بِدَيْنِهِ رَهْنٌ يُحْرَزُ أَوْ كَفِيلٌ مَلِيءٌ مَنْعُهُ

_ قوله: (ومرتد) أي: لحق المسلمين؛ لأن تركته فيء. قوله: (بعد طلب شفيع) على القول بأنه لا يملكه بالطلب لحق الشفيع، والصحيح أنه يملك الشقص بالطلب. قوله: (أو تسليمه المبيع) أي: تسليم البائع المشتري المبيع بثمن حال إذا امتنع مشتر من أداء ثمن. قوله: (وماله بالبلد أو قريب منه) أي: فيحجر عليه في جميع ماله لحق بائع. قوله: (ولغريم من أراد ... إلخ) أي: ولغريم مدين ولو ضامنا، فلو أراد المدين وضامنه معا سفرا، فله منعهما ومنع أحدهما، أيهما شاء حتى يوثق بما ذكر. قاله في "الإقناع". وقد يتوقف في كونه له منعهما معا، فإنه بمنع الضامن يصدق على الأصيل أن بدينه كفيل مليء، فلا يمنع من السفر، كما هو مفهوم قوله: (وليس بدينه رهن يحرز أو كفيل مليء) وعلم منه: أنه لو كان الضامن غير مليء،

حَتَّى يُوثِقَهُ بِأَحَدِهِمَا لَا تَحْلِيلَهُ إنْ أَحْرَمَ وَيَجِبُ وَفَاءُ حَالٍّ فَوْرًا عَلَى قَادِرٍ بِطَلَبِ رَبِّهِ فَلَا يَتَرَخَّصُ مَنْ سَافَرَ قَبْلَهُ وَيُمْهَلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَيَحْتَاطُ إنْ خِيفَ هُرُوبُهُ بِمُلَازَمَتِهِ أَوْ بِكَفِيلٍ أَوْ تَرَسَّمَ وَكَذَا لَوْ طَلَبَ تَمْكِينَهُ مِنْهُ مَحْبُوسٌ أَوْ تَوَكَّلَ فِيهِ وَإِنْ مَطَلَهُ حَتَّى شَكَاهُ وَجَبَ عَلَى حَاكِمٍ أَمْرُهُ بِوَفَائِهِ بِطَلَبِ غَرِيمِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَمَا غَرِمَ بِسَبَبِهِ فَعَلَى مُمَاطِلٍ

_ وأراد المضمون سفرا، فله منعه حتى يأتي بضامن مليء أو رهن يحرز، وكذا لو كان بالدين رهن لا تفي قيمته به، فله أن يطلب زيادة الرهن حتى تبلغ قيمةُ الجميع قدر الدين، أو يطلب منه ضامنا بما بقي من الدين بعد قيمة الرهن. قوله أيضا على قوله: (ولغريم من أراد سفرا ... إلخ) لم يقيده بالطويل، قال الشيخ منصور البهوتي: فمقتضاه العموم، ولعله أظهر. انتهى. والمصنف تابع في ذلك "للتنقيح"، وقيده في "الإقناع" بالطويل يعني: فوق مسافة القصر، وهو تابع للموفق وابن أخيه وجماعة، قال في "الإنصاف": ولعله أولى. قوله: (إن أحرم) أي: بحج أو عمرة ولو نفلا. قوله: (بطلب ربه) أي: أو عند أجله إن كان مؤجلا. قوله: (قبله) أي: قبل الوفاء بعد الطلب. قوله: (بقدر ذلك) أي: بقدر ما يصير به قادرا من إحضار ونحوه.

وَإِنْ تَغَيَّبَ مَضْمُونٌ فَغَرِمَ ضَامِنٌ بِسَبَبِهِ أَوْ شَخْصٌ لِكَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ رَجَعَ بِهِ عَلَى مَضْمُونٍ وَكَاذِبٍ وَإِنْ أَهْمَلَ شَرِيكٌ بِنَاءَ حَائِطِ بُسْتَانٍ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَمَا تَلِفَ مِنْ ثَمَرَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْهُ وَلَوْ أَحْضَرَ مُدَّعًى بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِمُدَّعٍ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ إحْضَارِهِ وَرَدُّهُ حَبْسَهُ وَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ وَتَجِبُ

_ قوله: (وإن تغيب ... إلخ) أطلقه الشيخ تقي الدين في موضع، وقيده بقادر على الوفاء في آخر. قال المصنف في "شرحه": ولعل المراد: إن ضمنه بإذنه، وإلا فلا فعل له ولا تسبب. قوله: (فغرم ضامن ... إلخ) أي: غرم شيئا زائدا على الدين، لنحو رسول القاضي وغيره مما يؤخذ ظلما، وأما أصل الدين، فالرجوع به تقدم في باب الضمان. فتدبر. قوله: (اتفقا عليه) أي: على بنائه، فبنى أحدهما ما عليه وأهمل الآخر. قوله: (بسبب ذلك) أي: بسبب الإهمال. قوله: (ضمن) أي: المهمل. قوله: (لزمه مؤنة إحضاره) فإن ثبت لمدع، فمؤنة إحضاره ورده على المدعى عليه، كما في "الإقناع". قوله: (فإن أبى) يعني: مدين وفاء ما عليه بعد أمر الحاكم له بطلب ربه، فهو عطف على قوله: (وإن مطله ... إلخ) قوله: (حبسه) وظاهره:

تَخْلِيَتُهُ إنْ بَانَ مُعْسِرًا أَوْ يُبْرِئَهُ أَوْ يُوَفِّيَهُ عَزَّرَهُ وَيُكَرِّرُ وَلَا يُزَادُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَكْثَرِ التَّعْزِيرِ بَاعَ مَالَهُ وَقَضَاهُ وَتَحْرُمُ مُطَالَبَةُ ذِي عُسْرَةٍ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ وَمُلَازَمَتُهُ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ وَدَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ كَثَمَنِ وقَرْضٍ أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ أَوْ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ وأَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ حُبِسَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ تُخْبِرَ بَاطِنَ حَالِهِ وَلَا يَحْلِفُ

_ ولو أجيراً خاصا، أو امرأة مزوجة. قوله: (فإن أصر) أي: أقام على الامتناع. نقله في "المطلع" عن ابن القطاع وغيره. قوله: (فإن ادعاها ... إلخ) وإن طلب رب دين تفتيش مدعي عسرة، فعلى الحاكم إجابته. قوله: (عن عوض كثمن) عوضه للبيع. قوله: (وقرض) أي: عوضه ما دفع لمقترض. قوله: (أو عن غير عوض) أي: مالي، كمهر وضمان. قوله: (أن تخبر ... إلخ) أي: تعلم، وبخطه أيضا على قوله: (أن تخبر) خبرت الشيء

مَعَهَا أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفًا وَنَحْوَهُ وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بهِ وَيَحْلِفُ مَعَهَا وَيَكْفِي فِي الْحَالَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ بِالتَّلَفِ أَوْ الْإِعْسَارِ وَتُسْمَعُ قَبْلَ حَبْسٍ كبَعْدَهُ

_ أخبره، من باب قتل، خبرا: علمته. "مصباح". قوله: (ونحوه) كنفاد ماله في النفقة أو غيرها. قوله: (ويقيم بينة) ولا يعتبر فيها خبرة باطنه. قوله: (ويحلف معها) أي: مع بينة التلف ونحوه، أنه لا مال له في الباطن؛ لأن اليمين على أمر محتمل غير ما شهدت به البينة، فلا يكون مكذبا لها، ولا يعتبر في هذه البينة أن تخبر باطن حاله، بخلاف بينة العسرة، فإنه لا بد فيها أن تكون ممن يخبر باطن حاله؛ لأنها شهادة على نفي قبلت للحاجة، على أن شهادة النفي لا ترد مطلقاً؛ إذ لو شهدت أن هذا وارثه لا وارث له غيره، قبلت، وأيضا: فالشهادة بالإعسار وإن تضمنت النفي، فهي تثبت حالة تظهر وتقف عليها بالمشاهدة، بخلاف ما إذا شهدت أنه لا حق له، فإن هذا مما لا يوقف عليه، والحاصل: أن بينة المعسر إن شهدت بنحو تلف حلف معها ولم يعتبر فيها خبرة الباطن، ولم يحلف معها، ويكتفى فيها باثنين، كما في "الإقناع". فتدبر.

أَوْ يَسْأَلَ سُؤَالَ مُدَّعٍ وَيُصَدِّقُهُ فَلَا وَإِنْ أَنْكَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِقُدْرَتِهِ أَوْ حَلَفَ بِحَسَبِ جَوَابِهِ حُبِسَ وَإِلَّا حَلَفَ مَدِينٌ وَخَلَّى

_ قوله: (أو يسأل ... إلخ) يعني: أو يطلب مدعي العسرة من الحاكم أن يسأل رب الدين عن عسرته؛ بأن يقول للحاكم: إن المدعي يعرف أني معسر، فأسأله عن ذلك، فيقول المدعي، وهو رب الدين: نعم، هو صادق في دعواه العسرة، فلا يحبس إذن. فقول المصنف: (سؤال مدع) مفعول بقوله: (يسأل)، كأنه قال: أو يطلب السؤال، لا أنه مفعول مطلق حتى يكون التقدير: أو يسأل مثل سؤال المدعي. فتدبر. قوله: (فلا) أي: فلا يحبس في المسائل الثلاث، وهي ما إذا أقام بينة بعسرته، أو تلف ماله ونحوه، أو صدقه مدع على ذلك. "شرحه" قوله: (وإن أنكر) أي: مدع عسرته. قوله: (بقدرته) أي: لتسقط عنه اليمين. قوله: (حبس) حتى يبرأ أو تظهر عسرته. قوله: (وإلا حلف مدين وخلي) أي: وإن لم يكن دينه عن عوض مالي كأرش جناية، ولم يعرف له مال سابق، ولم يقر أنه مليء، ولم يقم بينة بإعساره، ولم يصدقه غريمه في دعوى الإعسار، ولا أقام غريمه بينة بقدرته، ولا حلف الغريم بحسب جوابه، فإنه يحلف مدين أنه لا مال له، أو أنه معسر ويخلى سبيله، فإن فقد شيء من القيود السبعة، فإنه لا يحلف إلا في صورتين، إحداهما: أن يقيم بينة بالتلف فإنه يحلف معها، والأخرى: أن يسأل سؤال خصمه، فيكذبه، ولا يحلف الخصم، فإن المدين يحلف أيضا،

وَلَيْسَ عَلَى مَحْبُوسٍ قَبُولُهُ مَا يَبْذُلُهُ غَرِيمُهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَّةٌ فِيهِ وَحَرُمَ إنْكَارُ مُعْسِرٍ وَحَلِفُهُ وَلَوْ تَأَوَّلَ وَإِنْ سَأَلَ الْحَاكِمَ غُرَمَاءُ مَنْ لَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِدَيْنِهِ أَوْ بَعْضُهُمْ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ إجَابَتُهُمْ وَيُسَنُّ إظْهَارُ حَجْرِ سَفَهٍ وَفَلَسٍ والْإِشْهَادُ عَلَيْهِ فصل ويتعلق بحجره أَحْكَامٌ أَحَدُهَا تَعَلُّقُ حَقِّ غُرَمَائِهِ بِمَالِهِ

_ والصورتان مذكورتان في المتن، وفي الثانية منهما نوع مخالفة؛ لأنا نقول برد اليمين، والله أعلم، فليحرر. قوله أيضا على قوله: (وإلا حلف مدين ... إلخ) أي: وإن لم يكن دينه عن عوض كصداق، ولم يعرف له مال؛ لأن الأصل بقاؤه، ولم يقر أنه مليء، ولم يحلف مدع طلبت يمينه. "شرحه"، ولم يقم بينة بقدرته. قوله: (وحلفه): لا حق عليه، قوله: (لزمه إجابتهم) لا إن سأله مفلس وحده، فإن لم يسأله أحد منهم، لم يحجر عليه. قوله: (أحكام) أي: أربعة. قوله: (حق غرمائه) أي: كلهم. قوله: (بماله) أي: الموجود والحادث.

فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقِرَّ بِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ تَدْبِيرٍ وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ لِغُرَمَائِهِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ بِكُلِّ الدَّيْنِ وَيُكَفِّرُ هُوَ وسَفِيهٌ بِصَوْمٍ إلَّا إنْ فُكَّ حَجْرُهُ وَقَدَرَ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّهِ وَإِنْ جَنَى شَارَكَ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءَ وَقُدِّمَ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ قِنُّهُ بِهِ

_ قوله: (بغير تدبير) يعني: ووصية، ولعل مثله تعليق. قوله: (بكل الدين) لاحتمال غريم آخر. قوله: (ويكفر هو ... إلخ) أي: وجوباً. وقوله: (إلا ... إلخ) أي: فلا يجب إذن الصوم، بل يجوز بعتق، لا أنه يجب بغير الصوم ولو مع القدرة عليه؛ لأن المعتبر في الكفارات وقت الوجوب على المذهب، كما يأتي في الظهار. فتدبر. قوله: (بشراء ... إلخ) أي: يجب سواء علم بائع ونحوه حجره أو لا. قوله: (ونحوهما) كضمان التصرف. قوله: (وتبع) أي: لا يشارك الغرماء ولو جاهلاً، لكن له أخذ عينه، كما يأتي فقط. قوله: (به) أي: بما لزمه في ذلك. قوله: (من جنى عليه قنه) أي: بلا إذن السيد أو به حيث علم التحريم وعدم وجوب الطاعة، وإلا فبذمة سيد، فيكون أسوة الغرماء، كما لو جنى السيد نفسه، كما يعلم مما تقدم في الرهن. فتدبر.

الثَّانِي: أنَّ من وَجَدَ عَيْنَ مَا بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ أَعْطَاهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَوْ أَجَّرَهُ وَلَوْ نَفْسَهُ وَلَمْ يَمْضِ مِنْ مُدَّتِهَا شَيْءٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ حَجْرِهِ جَاهِلًا بِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَلَوْ قَالَ الْمُفْلِسُ أَنَا أَبِيعُهَا وَأُعْطِيكَ ثَمَنَهَا أَوْ بَذَلَهُ غَرِيمٌ

_ قوله: (عين ما باعه) أي: لمفلس. قوله: (أو أقرضه) إياه، أو دفعه ثمنا لعين خرجت مستحقة، فإن تلف الثمن، فهو أسوة الغرماء. قوله: (رأس مال ... إلخ) حال. قوله: (ونحو ذلك) كشقص أخذه مفلس منه بشفعة. قوله: (فهو أحق بها ... إلخ) قال في "الإقناع": لو حكم حاكم بكونه أسوة الغرماء، نقض حكمه نصاً. انتهى. وصرح به المصنف أيضاً فيما يأتي في أدب القاضي. قوله: (جاهلاً) أي: لا عالما لدخوله على بصيرة، ويتبع ببدلها بعد فك الحجر عنه، فإن كانت باقية، فله أخذها. قوله أيضا على قوله: (جاهلا به) أي: فله أخذ عينه، وليس له مشاركة الغرماء، كما تقدم. قوله: (أو بذله غريم) أي: من ماله أو مال مفلس، لكن إن بذله غريم مفلس، فبذله المفلس لبائع، فلا فسخ له، لزوال العجز عن تسليم الثمن. ومن قلنا:

أَوْ خَرَجَتْ وَعَادَتْ لِمِلْكِهِ وَقَرَعَ إنْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ وَشُرِطَ كَوْنُ الْمُفْلِسِ حَيًّا إلَى أَخْذِهَا وبَقَاءُ كُلِّ عِوَضِهَا فِي ذِمَّتِهِ

_ له أخذ عينه، فله تركها، والضرب مع الغرماء، هكذا في "شرحه" ومحله إذا كانت المعاملة للمفلس قبل الحجر عليه، أما إذا كانت بعده، فإنه لا مشاركة أصلا، سواء كان جاهلا أو عالماً، كما تقدم في قول المصنف كـ "الإقناع": (وإن تصرف في ذمته بشراء أو إقرار ونحوهما، صح، وتبع به بعد فكه) أي: فلا يشارك الغرماء غير أنه إذا كان جاهلاً بحجره، فإن له أخذ عين ماله، كما قال المصنف وغيره ولو بعد حجره جاهلا به، فتنبه فإن كلام الشرح موهم كما تقدم. قوله: (لملكه) أي: بفسخ أو عقد أو غيرهما، كرجوع في هبة ولده. قوله: (بين البائعين) لأن كلا منهما يصدق عليه أنه أدرك متاعه عند من أفلس، وكذا لو كان البائع لها على المفلس أكثر، فذكر البائعين تمثيل. قوله: (وشرط كون المفلس ... إلخ) أي: وشرط لرجوع من وجد عين ماله عند من أفلس، ستة شروط: واحد في المفلس، وواحد في العوض، وأربعة في العين، زاد في "الإقناع" سابعاً وهو: كون صاحب العين حياً، وعلى الأول تقوم ورثته في الرجوع مقامه. وعلم من كلامه: أن حلول الثمن ليس شرطاً، وسيصرح بحكمه.

وكَوْنُ كُلِّهَا فِي مِلْكِهِ إلَّا إذَا جَمَعَ الْعَقْدُ عَدَدًا فَيَأْخُذُ مَعَ تَعَذُّرِ بَعْضِهِ مَا بَقِيَ والسِّلْعَةِ بِحَالِهَا لَمْ تُوطَأْ بِكْرٌ وَلَمْ يُجْرَحْ قِنٌّ ولَمْ تَخْتَلِطْ بِغَيْرِ مُتَمَيِّزٍ ولَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَاتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَنَسْجِ غَزْلٍ وَخَبْزِ دَقِيقٍ وَجَعْلِ دُهْنٍ صَابُونًا ولَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ كَشُفْعَةٍ وجِنَايَةٍ

_ قوله: (عددا) كثوبين فأكثر، قوله: (مع تعذر بعضه) يعني: بتلف إحدى العينين أو بعضهما، كموت أحد عبدين أو قطع يده، فيأخذ الباقي بقسطه، ويطالب ببقية الثمن، بخلاف ما لو كانت العينان بحالهما، فقبض من الثمن مقدار ثمن إحداهما، فإنه يمنع رجوعه في العينين وفي إحداهما، والفرق: أن المقبوض من الثمن يقسط على المبيع، فيقع القبض من ثمن كل واحدة، بخلاف التلف، فإنه لا يلزم من تلف إحداهما تلف شيء من الأخرى. ومفهومه: أنه لا يرجع في البعض مع بقاء البعض الآخر كما في الأخذ بالشفعة. قوله: (والسلعة بحالها) يعني: حين انتقلت عنه؛ بأن لم تنقص ماليتها بذهاب صفة مع بقاء عينها. منصور البهوتي. قوله: (لم توطأ بكر) إلى قوله: (صابوناً) بيان لمعنى كون السلعة بحالها. قوله أيضا على قوله: (لم توطأ بكر) يعني: لا ثيب بلا حمل. قوله: (ولم يجرح قن) أي: جرحاً تنقص به ماليته. قوله: (كشفعة) بأن اشترى المفلس شقصا مشفوعاً أو غير المفلس ثم يفلس، فليس لبائعه في

ورَهْنٍ وَإِنْ أَسْقَطَهُ رَبُّهُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ ولَمْ تَزِدْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَتَجَدُّدِ حَمْلٍ لَا إنْ وَلَدَتْ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ بِقَوْلِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا بِلَا حَاكِمٍ وَهُوَ فَسْخٌ

_ الصورتين رجوع فيه؛ لتعلق حق الشفيع به، هذا كله قبل الطلب، وأما بعده، فقد دخل في ملك الشفيع به. قوله: (ورهن) لعله رهن لازم. قوله: (وتجدد حمل) أي: في بهيمة. قوله: (بقول) لا بفعل، كأخذ العين ولو نوى به الرجوع. قوله: (ولو متراخيا) كرجوع أب في هبة وكرد لعب. قوله: (بلا حاكم) لثبوته بالنص، كفسخ المعتقة، قوله: (وهو فسخ) يعني: أن رجوع رب العين فيها فسخ حقيقة أو حكما؛ لأنه قد لا يكون هناك عقد يفسخ، كاسترجاع الزوج الصداق الذي انفسخ النكاح فيه مما يسقطه قبل فلس المرأة إذا باعته ثم عاد إليها ونحوه، وإلا فيرجع إلى ملكه قهراً حيث استمر في ملكها بصفته. قاله في "شرح الإقناع". ولم يعدوا هذا قسما من أقسام الخيار، لعله لندوره. قوله أيضاً على قوله: (وهو فسخ) أي: كالفسخ وقد لا يكون ثم عقد يفسخ، كاسترجاع زوج الصداق إذا انفسخ النكاح على وجه يسقطه قبل فلس المرأة، وكانت باعته ونحوه، ثم عاد إليها، وإلا فسيرجع إلى ملكه قهراً حيث استمر في ملكها بصفته. منصور البهوتي.

لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ وَلَا قُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمٍ فَلَوْ رَجَعَ فِيمَنْ أَبَقَ صَحَّ وَصَارَ لَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ تَلِفَ فمِنْ مَالِهِ وَإِنْ بَانَ تَلَفُهُ حِينَ رَجَعَ بَطَلَ اسْتِرْجَاعُهُ وَإِنْ رَجَعَ فِي شَيْءٍ اشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ قُدِّمَ تَعْيِينُ مُفْلِسٍ وَمَنْ رَجَعَ فِيمَا ثَمَنُهُ مُؤَجَّلٌ أَوْ فِي صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَمْ يَأْخُذْهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَلَا حَالَ إحْرَامِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ نَقْصُ كَهُزَالٍ وَنِسْيَانِ صَنْعَةٍ وصَبْغُ ثَوْبٍ أَوْ قَصْرُهُ مَا لَمْ يَنْقُصْ بِهِمَا وَلَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَهِيَ لِبَائِعٍ وَظَهَرَ

_ قوله: (لا يحتاج إلى معرفة) أي: معرفة مرجوع فيه. قوله: (ولا قدرة) أي: قدرة مفلس. قوله: (وإن بان تلفه حين رجع ... إلخ) ومنه لو رجع في أمة وطئها المفلس ثم تبين أنها كانت حملت قبل الرجوع؛ إذ الاستيلاد إتلاف. قوله: (قدم تعيين مفلس) يعني: على تعيين ربه. قوله: (ومن رجع) أي: أراد الرجوع. "شرح" منصور. قوله: (وهو) أي: الراجع دون المفلس، فلا أثر لإحرامه. قوله: (قبل حلوله) أي: فلا يباع في الديون الحالة؛ لتعلق بائعه به. قوله: (ولا صبغ ثوب) ويكون المفلس شريكا لآخذ بالصبغ، سواء كان الصبغ من مال مفلس أو اشتراه من آخذ أو من أجنبي. فتدبر.

فِي التَّنْقِيحِ رِوَايَةُ كَوْنِهَا لِمُفْلِسٍ وَلَا غَرْسُ أَرْضٍ أَوْ بِنَاءٌ فِيهَا قَبْلَ قَلْعِ وَاخْتَارَهُ وَيُسَوِّي حُفَرًا وَلِمُفْلِسٍ مَعَ الْغُرَمَاءِ الْقَلْعُ وَيُشَارِكَهُمْ آخِذٌ بِالنَّقْصِ فَلِآخِذِ الْقَلْعُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ أَوْ أَخْذُ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا سَقَطَ وَإِنْ مَاتَ بَائِعٌ مَدِينًا فَمُشْتَرٍ أَحَقُّ بِمَبِيعِهِ

_ قوله: (كونها لمفلس) ولعله الصحيح. قوله: (ولا غرس أرض) وكذا زرع ويبقى لحصاد بلا أجرة. قوله: (أو بناء فيها) بمعنى مبني. قوله: (واختاره غريم) أي: وحده بدليل ما بعده، فيضمن الغريم نقص الأرض بمعنى أنه يضرب لرب الأرض به معهم. قوله: (القلع) أي: ويلزمهم إذن تسوية الأرض. قوله: (فإن أباهما أيضاً) أي: مع إباء المفلس والغرماء القلع. قوله: (مدينا) حال، أي: أو أفلس. قوله: (أحق بمبيعه) أي: من الغرماء يضرب له معهم بالثمن إن لم يكن أخذه. وتقدم أنه إن كان حين البيع معسراً، فله الفسخ. منصور البهوتي. قوله: وتقدم ... إلخ

وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ الثَّالِثُ أَنْ يَلْزَمَ الْحَاكِمَ قَسْمُ مَالِهِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وبَيْعُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فِي سُوقِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ الْمُسْتَقِرِّ فِي وَقْتِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَسَمَهُ فَوْرًا وَسُنَّ إحْضَارُهُ مَعَ غُرَمَائِهِ وبَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ وأَنْ يَبْدَأَ

_ يشير به إلى أنه إن ظهر كونه معسرا حين البيع، كان لبائع الفسخ، وإلا فهو أسوة الغرماء، وفيه إشارة إلى أنه لا معارضة بين ما هنا وما تقدم، حيث حكموا هناك بأن له الفسخ، وهنا؛ بأنه أسوة الغرماء؛ لأن ما هنا فيما إذا كان قد مات وذاك فيما قبل فتدبر. قوله: (ولو قبل قبضه) أي: ولو مكيلا ونحوه. قوله: (بثمن مثله ... إلخ) العبرة بوقت البيع لا بوقت الشراء كما علم من المتن. وعلم منه أيضا أنه لا يجوز بدون ثمن المثل. قال في "شرح الإقناع": قوله: (المستقر) أي: من نقد البلد أو غالبه كرهن. قوله: (في وقته) أي: وقت البيع، فلا عبرة بحال الشراء. قوله: (فوراً) حال من (قسم) و (بيع) أي: من غير بطء، وهو في الأصل مصدر فارت القدر فوراً: غلت. قوله: (وسن إحضاره ... إلخ) علم منه: أنه لا يحتاج الحاكم إلى استئذان المفلس في البيع؛ لأنه محجور عليه محتاج إلى قضاء دينه، فجاز بيع

بِأَقَلِّهِ بَقَاءً وأَكْثَرِهِ كُلْفَةً وَيَجِبُ تَرْكُ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ لِمِثْلِهِ مَا لَمْ يَكُونَا عَيْنَ مَالِ غَرِيمٍ وَيَشْتَرِي أَوْ يَتْرُكُ لَهُ بَدَلَهُمَا وَيَبْذُلُ أَعْلَى بِصَالِحٍ ومَا يَتَّجِرَ بِهِ أَوْ آلَةَ تَحَرُّفٍ وَيَجِبُ لَهُ وَلِعِيَالِهِ أَدْنَى نَفَقَةِ مِثْلِهِمْ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَكِسْوَةٍ

_ ماله بغير إذنه كالسفيه، وإنما ندب إلى إحضاره أو وكيله وقت البيع؛ لفوائد، منها: أن يحضر ثمن متاعه ويضبطه. ومنها: أنه أعرف بالجيد من متاعه، فإذا حضر تكلم عليه. ومنها: أنه تكثر فيه الرغبة. ومنها: أنه أطيب لنفسه، وأسكن لقلبه. فتدبر. قوله: (بأقله بقاء) أي: مما يسرع إليه الفساد كطعام رطب وفاكهة. قوله: (وأكثره كلفة) الواو بمعنى "ثم"، يعني: كالحيوان، قال في "الإقناع": فيبيع أولا ما يسرع فساده ثم الحيوان، ثم الأثاث، ثم العقار. قوله: (من مسكن) بفتح الكاف وكسرها: المنزل والبيت. "مطلع". قوله: (وخادم) واحد الخدم غلاما أو جارية. قوله: (وما يتجر به) لمؤنة إن كان تاجراً

وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يُقَسَّمَ وَأُجْرَةِ مُنَادٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَتَبَرَّعْ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ عَيَّنَا مُنَادِيًا غَيْرَ ثِقَةٍ رَدَّهُ حَاكِمٌ بِخِلَافِ بَيْعِ مَرْهُونٍ ضَمِنَهُمَا إنْ تَبَرَّعَا وَإِلَّا قَدَّمَ مَنْ شَاءَ

_ قوله: (وتجهيز ميت) أي: تلزمه مؤنته غير زوجة، ويكفن هو ومن يلزمه كفنه في ثلاثة أثواب إن كان رجلا، وخمسة إن كان امرأة، من ملبوس مثله في الجمع والأعياد. وقدم في "الرعاية" في ثوب واحد. وإن تلف شيء من ماله تحت يد أمين الحاكم، فمن ضمان مفلس. قوله: (حتى يقسم) أي: إلى أن يفرغ الحاكم من قسمة ماله بين الغرماء، ومحل ذلك إذا لم يكن لمفلس كسب يفي بنفقته وكسوته، وإن كان كسبه دون ذلك كملت من ماله. قاله في "الإقناع". فتدبر. قوله: (وأجرة مناد) وهو السمسار الذي يدخل بين البائع والمشتري لإمضاء البيع. "مطلع". قوله: (من المال) أي: مقدمة على ديون الغرماء، ونظيره ما يستدان على تركة الميت لمصلحة التركة، فإنه مقدم على الديون الثابتة في ذمة الميت. "إقناع".

وَيُبْدَأُ بِمَنْ جَنَى عَلَيْهِ قِنُّ الْمُفْلِسِ فَيُعْطَى الْأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ الْأَرْشِ فَيُخْتَصُّ ثُمَّ يَبْدَأُ بِمَنْ عِنْدَهُ رَهْنٌ فَيُخْتَصُّ بِثَمَنِهِ دَيْنٌ حَاصَصَ الْغُرَمَاءَ وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ رُدَّ عَلَى الْمَالِ ثُمَّ بِمَنْ لَهُ عَيْنُ مَالٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا مِنْ مُفْلِسٍ فَيَأْخُذُهُا

_ قوله: (بمن جنى عليه قن المفلس) أي: قبل الحجر أو بعده، وأما من جنى عليه المفلس، فهو أسوة الغرماء، كما تقدم أول الفصل. فإن قلت: قد تقدمت هذه المسألة أيضاً في قوله: (وقدم من جنى عليه قنه به) قلت: نعم، ولكن بين هنا كيفية التقديم، وأن المراد منه: دفع الأقل من القيمة والأرش. فتدبر. قوله: (فيعطى) أي: يعطيه الحاكم أو أمينه. قوله: (الأقل من ثمنه أو الأرش) أي: ولا شيء لمجني عليه غير ذلك، هذا إذا كانت الجناية بغير إذن السيد، فإن كانت بإذنه، تعلقت بذمته، كما في كتاب الجنايات، فيضرب للمجني عليه بجميع أرشها مع الغرماء. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (ثم بمن عنده رهن) أي: لازم؛ بأن يكون مقبوضا وإلى ذلك أشار بقوله: (عنده) حيا كان المفلس أو ميتاً، لتعلق حقه بعين الرهن وذمة الراهن، بخلاف الغرماء، قوله: (عين مال) مبيعة أو مؤجرة ونحوهما على ما تقدم. قوله: (أو استأجر عيناً) عطف على قوله: (له عين مال) قوله: (فيأخذها) يعني: فلا تنفسخ الإجارة بالفلس، ولمفلس مع الغرماء

وَإِنْ بَطَلَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ضَرَبَ لَهُ بِمَا بَقِيَ ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِيَ عَلَى قَدْرِ دُيُونِ مَنْ بَقِيَ وَلَا يَلْزَمُهُمَا بَيَانُ أَنْ لَا غَرِيمَ سِوَاهُمْ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ رَبُّ حَالٍّ رَجَعَ عَلَى كُلِّ غَرِيمٍ بِقِسْطِهِ وَلَمْ تَنْقَضِ

_ بيعها مسلوبة المنفعة تلك المدة، ولهم تأخير البيع حتى تنقضي مدة الإجارة، فإن اختلفوا، قدم قول من طلب البيع في الحال. قوله: (وإن بطلت) بموت العين التي استأجرها من المفلس وعجل له أجرتها. قوله: (ضرب له .... إلخ) أي: إن لم تكن عين الأجرة باقية، وإلا فيأخذ منها قدر الباقي، وإن كان ذلك بعد قسم المال، رجع على الغرماء بحصته. فتدبر. قوله: (بما بقي) أي: من الأجرة المعجلة. قوله: (أن لا غريم سواهم) أي: بخلاف الورثة؛ لئلا يأخذ ما لا حق له فيه. قوله: (بقسطه) يعني: ولا بعد إتلاف قابض ما قبضه، بخلاف ما إذا قبض أحد الشريكين شيئا من الدين المشترك. قال في "شرح الإقناع": ولعل الفرق أن بالحجر تعلق حق جميع الغرماء بماله، فتخصيص بعضهم باطل، كما سبق، بخلاف مسألة القبض من المشترك؛ إذ المدين فيها غير محجور عليه. وبخطه أيضاً على قوله: (بقسطه): اعلم: أن الطريق في توزيع مال المفلس على الغرماء: أن تجمع الديون التي تريد التوزيع عليها،

وَمَنْ دَيْنُهُ مُؤَجَّلٌ لَا يَحِلُّ وَلَا يُوقَفُ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذا حَلَّ

_ وتنسب كل دين واحد من الغرماء إلى مجموع الدين، فتعطيه من مال المفلس بتلك النسبة، فإذا كان مال المفلس ثلاث مئة، ودينه ست مئة، لغريم منها أربع مائة، ولآخر مئتان، فنسبة حصة صاحب الأربع مئة من جملة الدين، وهو ست مئة، تجدها ثلثين، فتعطيه من مال المفلس ثلثيه، وقد علمت: أن مال المفلس في المثال ثلاث مئة، فيخصه منها مئتان، وكذلك تنسب حصة صاحب المئتين من جملة الدين، كما تقدم تجدها ثلث الدين، فتعطيه من مال المفلس ثلثه، وهو مئة، فإذا ظهر في هذا المثال بعد القسمة غريم ثالث دينه مئتان، فإنك تضمنها إلى الدين السابق، فيكون مجموع الدين ثمان مائة، فنسبة الأربع مائة منها النصف، ونسبة المئتين منها الربع، فظهر أن لصاحب المثتين ربع مال المفلس، فيأخذ من أخذ المئتين ربعهما خمسين، ومن آخذ المئة ربعها خمسة وعشرين، فيكمل معه خمسة وسبعون، وهي ربع مال المفلس، ويبقى مثلها في يد صاحب المئتين الذي أخذ أولاً من مال المفلس مئة؛ لأن هذا الثالث أخذ منها خمسة وعشرين، ويبقى عند صاحب الأربع مائة مئة وخمسون، وهي نصف مال المفلس، وعلى هذا فقس. والله تعالى أعلم.

وَيُشَارِكُ مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ قَبْلَ قِسْمَةٍ فِي الْكُلِّ وفِي أَثْنَائِهَا فِيمَا بَقِيَ وَيَضْرِبُ لَهُ بِكُلِّ دَيْنِهِ ولِغَيْرِهِ بِبَقِيَّتِهِ وَيُشَارِكُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ قَبْلَ حَجْرٍ وَبَعْدَهُ وَلَا يَحِلُّ بِجُنُونٍ وَلَا مَوْتٍ إنْ وَثَّقَ وَرَثَتُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْأَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ التَّرِكَةِ وَيَخْتَصُّ بِهَا رَبُّ حَالٍّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَيِّتٍ وَارِثٌ حَلَّ وَلَيْسَ لِضَامِنٍ مُطَالَبَةُ رَبِّ حَقٍّ بِقَبْضِهِ مِنْ تَرِكَةِ مَضْمُونٍ عَنْهُ أَوْ يُبْرِئَهُ وَلَا يَمْنَعُ دَيْنٌ انْتِقَالَهَا إلَى وَرَثَةٍ

_ قوله: (في الكل) أي: كل مال مفلس. قوله: (ويشارك مجني عليه) أي: من جنى عليه المفلس، وهذا أزيد مما تقدم. قوله: (ولا يحل مؤجل بجنون) أي: ولا فلس مطلقاً، سواء وثق الدين أم لا. قوله: (أو التركة) حيث لم يكن بالدين توثقة من المدين الميت. قوله: (أو لم يكن وارث حل) أي: ولو ضمنه الإمام، فيأخذه كله ولا يسقط شيء في مقابلة الأجل، وإن ضمنه ضامن وحل على أحدهما، لم يحل على الآخر، أي: بأن مات الضامن المؤجل، فإنه يحل عليه فقط إذا لم توثق ورثته، أو مات المضمون وكان الضامن غير مليء، فإنه يحل على المضمون فقط بشرطه. قوله: (ولا يمنع دين انتقالها) ويتعلق بها كلها حق غرماء، وإن لم يستغرقها دين، سواء كان

وَيَلْزَمُ إجْبَارُ مُفْلِسٍ مُحْتَرِفٍ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ فِيمَا يَلِيقُ بِهِ ل بَقِيَّةِ دَيْنِهِ كَوَقْفٍ وَأُمِّ وَلَدٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا مَعَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِقَضَائِهَا

_ لله تعالى كزكاة، أو لآدمي ثبت في الحياة، أو تجدد بعد الموت بسبب يقتضي الضمان، كحفر بئر تعدياً، وصح تصرف وارث في التركة ببيع وغيره، لكن لا يجوز لهم التصرف إلا بشرط الضمان، فلا تتوقف صحة تصرفهم على الضمان على ما هو المتبادر من عبارة "المبدع" و "شرح المنتهى" وغيرهما، خلافاً لظاهر الإقناع وضمن الورثة بتصرفهم في التركة الأقل من قيمة التركة أو الدين، فإن تعذر، فسخ تصرفهم. قاله في "الإقناع" تبعاً "للمبدع" وغيره، وعبارة "شرح المنتهى": فسخ العقد. انتهى. قال في "شرح الإقناع": فعليها: إن تصرفوا بعتق لم يتأت فسخه، وعليهم الأقل من قيمته أو الدين، كما لو أعتق السيد الجاني، والراهن الرهن. انتهى. فائدة: متى خلى الورثة بين التركة والغرماء، سقطت مطالبتهم بالديون. ونصب الحاكم من يوفيهم منها، ولم يملكها الغرماء بذلك. فتدبر.

لَا امْرَأَةٌ عَلَى نِكَاحٍ وَلَا مَنْ لَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ كَفَّارَةٌ وَيَحْرُمُ عَلَى قَبُولِ هِبَةٍ وصَدَقَةٍ ووَصِيَّةٍ وتَزْوِيجِ أُمِّ وَلَدٍ وخُلْعِ عَلَى عِوَضٍ يُوَفِّي مِنْهُ دَيْنَهُ ورَدِّ مَبِيعٍ وإمْضَائِهِ وأَخْذِ دِيَةٍ عَنْ قَوَدٍ ونَحْوِهِ

_ قوله: (ولا من لزمه حج) يعني: أو نفقة واجبة؛ لأنه إتمام تصرف سابق على الحجر، فلم يحجر عليه فيه. قوله: (أو كفارة) أي: فلا يجبر على إيجار نفسه، كوقفه وأم ولده في ذلك قوله: (ويحرم على قبول هبة ... إلخ) أي: لما فيه من الضرر بتحمل المنة، ولو كان المتبرع ابناً له، ولا يملك الحاكم قبض ذلك بلا إذن لفظي أو عرفي من المدين، ولا غير المدين وفاء دينه مع امتناعه، وكذا لو بذله غير الدين، وامتنع ربه من أخذه منه، فإن قلت: تقدم أن وفاء الدين عن الغير لا يتوقف على إذن المدين، حتى أن للموفي الرجوع إذا نواه. قلت: يمكن حمل ذلك على ما إذا لم يوجد من الإعسار، فلم يقم الموفي عن المدين بواجب؛ لأن العسر المعسر يقول له: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) [البقرة: 280]. فما تقدم مقيد، فلا تغفل. قوله: (وتزويج أم ولد) يعني: ولو لم يكن يطؤها، لما فيه من تحريمها بالنكاح. قوله: (وإمضائه) لأنه إتمام تصرف سابق على الحجر، فلم يحجر عليه فيه. قوله: (عن قود) ثم إن اقتص، فلا شيء للغرماء، وإن

وَيَنْفَكُّ حَجْرُهُ بِوَفَاءِ وَصَحَّ الْحُكْمُ بِفَكِّهِ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِ فَلَوْ طَلَبُوا إعَادَتَهُ لِمَا بَقِيَ لَمْ يُجِبْهُمْ وَإِنْ ادَّانَ فَحُجِرَ عَلَيْهِ تَشَارَكَ غُرَمَاءُ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ والثَّانِي وَمَنْ فُلِّسَ ثُمَّ ادَّانَ لَمْ يُحْبَسْ وَإِنْ أَبَى مُفْلِسٌ، أَوْ وَارِثٌ الْحَلِفَ مَعَ شَاهِدٍ لَهُ بِحَقٍّ فَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْحَلِفُ الرَّابِعُ انْقِطَاعُ الطَّلَبِ عَنْهُ فَمَنْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ شَيْئًا لَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ حَتَّى يَنْفَكَّ حَجْرُهُ فَصْلٌ وَمَنْ دَفَعَ مَالِهِ

_ عفا على مال ثبت وتعلق به دينهم، وله العفو مجاناً؛ لأن المال لم يجب عيناً، خلافاً لـ "الإقناع" هنا. قوله: (ومن فلس) أي: ثبت فلسه عند حاكم وحكم به. فصل في أحكام تتعلق بالمحجور عليه لحظ نفسه، وهم: الصغير، والسفيه، والمجنون، ذكوراً كانوا أو إناثاً، والحجر عليهم عام في المال والذمة إلا بإذن. تدبر. قوله: (ومن دفع) أي:

بِعَقْدٍ أَوْ لَا إلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ رَجَعَ فِي بَاقٍ وَمَا تَلِفَ عَلَى مَالِكِهِ عَلِمَ بِحَجْرِ أَوْ لَا وَيَضْمَنُ جِنَايَةً وإتْلَافَ مَا لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ وَمِنْ إعْطَاءِ مَالًا ضَمِنَهُ آخِذُهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ وَلِيُّهُ لَا إنْ أَخَذَهُ لِيَحْفَظَهُ كَأَخْذِهِ مَغْصُوبًا لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ وَمَنْ بَلَغَ رَشِيدًا أَوْ مَجْنُونًا ثُمَّ عَقَلَ وَرَشَدَ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِلَا

_ دفعاً معتبراً؛ بأن يكون من غير محجور عليه، فدفع نحو صغير كلا دفع، فيصير مضموناً على القابض، كما في "مغني ذوي الأفهام" لابن عبد الهادي. قوله: (بعقد) كبيع وإجارة وقرض. قوله: (أو لا) كوديعة وعارية. قوله: (في باق) أي: في مدفوع باق قوله: (فعلى مالكه) أي: غير مضمون على قابضه. قوله: (علم) أي: الدافع. قوله: (بحجر) أي: المدفوع إليه أولاً؛ لأنه مظنة الشهرة. قوله: (ويضمن ... إلخ) أي: المحجور عليه لحظ نفسه. قوله: (جناية، وإتلاف ما لم يدفع إليه) أي: الجناية عليه؛ لتعديه بوضع يده عليه من غير إذن شرعي من المالك. تدبر. قوله: (ومن أعطاه) أي: أي شخص غير محجور عليه أعطاه المحجور عليه ماله، ضمنه الآخذ إلى أن يأخذه ولي الدافع. قوله: (حتى يأخذه، أي: إلى أن يأخذه ... إلخ) قوله: (وليه) إن يأخذه لينتفع به. قوله: (ولم يفرط) أي: فيهما. قوله: (ومن بلغ) أي: أي صغير بلغ ذكراً كان، أو أنثى، أو خنثى. قوله: (رشيداً) أي: أو سفيهاً

حُكْمٍ وَأُعْطِيَ مَالَهُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ بِحَالٍ وَبُلُوغِ ذَكَرٍ وَإِمْنَاءٍ أَوْ تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ أَوْ نَبَاتِ شَعْرٍ خَشِنٍ حَوْلَ قُبُلِهِ وأُنْثَى بِذَلِكَ وبِحَيْضٍ وَحَمْلُهَا دَلِيلُ إنْزَالِهَا وَقَدْرُهُ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَإِنْ طَلُقَتْ زَمَنَ إمْكَانِ بُلُوغٍ وَوَلَدَتْ

_ ثم رشد، انفك الحجر عنه برشده. وقوله: (رشيداً) حال من فاعل بلغ. قوله: (وأعطي ماله) ويستحب بإذن قاض، وإشهاد برشد، ودفع ليأمن التبعة. قوله: (لا قبل ذلك) المذكور من البلوغ والعقل والرشد بحال، أي: ولو صار شيخاً. قوله: (بإمناء) أي: إراقة مني يقظة أو مناماً، أو جماع، أو غيرهما. قوله: (خشن) أي: قوي. قوله: (وأنثى بذلك) أي: المذكور من الثلاثة. قوله: (دليل إنزالها) لإجراء الله العادة بخلق الولد من مائهما. قوله: (وقدره) أي: قدر زمن يحكم ببلوغها إذا ولدت لستة أشهر، فيحكم ببلوغها منها؛ لأنه اليقين، هذا إذا كانت توطأ؛ بأن كانت مزوجة أو مملوكة. قوله: (وإن طلقت زمن ... إلخ) أي: بعد تسع سنين، أي: وكانت لا توطأ؛ بأن لم تكن مملوكة مثلاً، كما يفهم من "شرح" المصنف كـ "الإقناع".

لِأَرْبَعِ سِنِينَ أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِمُطَلِّقٍ وَحُكِمَ بِبُلُوغِهَا مِنْ قَبْلِ الطَّلَاقِ وبِسِنٍّ أَوْ نَبَاتٍ حَوْلَ قُبُلَيْهِ أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ أَوْ حَيْضٍ مِنْ قُبُلٍ أَوْ هُمَا مِنْ مَخْرَجٍ

_ قوله: (لأربع سنين) يعني: فأقل منذ طلقت. قوله: (من قبل الطلاق) أي: احتياطاً للنسب. قوله: (حول قبليه) أي: لا حول أحدهما. قاله القاضي وغيره. قوله: (أو هما من مخرج) يعني: أنه إذا خرج المني والحيض من الخنثى المشكل من مخرج واحد، فإنه يحكم ببلوغه مع بقاء إشكاله، ولا إشكال في ذلك، بل يتعين حمل كلامهم على هذا، والله أعلم، ثم إن الضمير المنفصل معطوف على المجرور، أعني: قوله: (بسن ... إلخ) فهو من وضع المرفوع موضع المجرور، ويحتمل أنه فاعل بفعل محذوف، انفصل لحذف عامله مع حرف

وَالرُّشْدُ إصْلَاحُ الْمَالِ وَلَا يُعْطَى مَالَهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ، وَمَحِلُّهُ قَبْلَ بُلُوغٍ بلَائِقٍ بِهِ ويُؤْنَسُ رُشْدُهُ فَوَلَدُ تَاجِرٍ بِأَنْ يَتَكَرَّرَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ فَلَا يُغْبَنُ غَالِبًا غَبْنًا فَاحِشًا ووَلَدِ رَئِيسٍ وَكَاتِبٍ

_ مصدري، والأصل أو أن يخرجا من مخرج، فحذف الموصول مع الفعل، فانفصل الضمير، والله أعلم. قوله أيضاً على قوله تعالى: (أو هما من مخرج) أي: المني والحيض. قوله: (والرشد) هو في الأصل: إصلاح وإصابة الصواب، رشد رشداً، من باب: تعب، ورشد يرشد، من باب: قتل كما في "المصباح". قوله: (ولا يعطى ماله ... إلخ) أي: من بلغ رشيداً ماهراً. قوله: (حتى يختبر) أي: يمتحن. قوله: (ومحله قبل بلوغ) اعلم: أنه لا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء، والمصلحة والمفسدة. ولو قال المصنف: قبيل بالتصغير لأشعر بذلك. قال في "الإقناع": وبيع الاختبار وشراؤه صحيح، أي: لقوله تعالى: (وابتلوا اليتامى) [النساء: 6] ولا يأمر بغير صحيح. قوله: (ويؤنس) أي: يعلم. قوله: (فولد تاجر) من يبيع ويشتري لطلب الربح. قوله: (وولد رئيس ... إلخ) الرئيس: شريف القدر، من رأس يرأس بفتحتين رئاسة تشرف قدره، يعني: أولاد الكبار الذين

بِاسْتِيفَاءٍ عَلَى وَكِيلِهِ وأُنْثَى بِاشْتِرَاءِ قُطْنٍ وَاسْتِجَادَتِهِ وَدَفْعِهِ وأُجْرَتِهِ لِلْغَزَّالَاتِ وَاسْتِيفَاءٍ عَلَيْهِنَّ وأَنْ يَحْفَظَ كُلَّ مَا فِي يَدِهِ عَنْ صَرْفِهِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ أَوْ حَرَامٍ كَقِمَارٍ وَغِنَاءٍ وَشِرَاءِ مُحَرَّمٍ وَمَنْ نُوزِعَ فِي رُشْدِهِ فَشَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ ثَبَتَ وَإِلَّا فَادَّعَى عِلْمَ وَلِيُّهُ حَلَفَ

_ يصان أثمالهم عن الأسواق، يختبر الواحد منهم؛ بأن تدفع إليه نفقته مدة، لينفقها في مصالحه، فإن صرفها واستوفى على وكيله فيما وكله فيه، واستقصى عليه، دل ذلك على رشد، فيعطى ماله، وإلا فلا. تدبر. قوله: (وأنثى ... إلخ) يعني أن الأنثى يؤنس رشدها ويعلم؛ بأن يفوض إليها ما يفوض إلى ربة البيت من غزل بنفسها أو بمن تدفعه إليه بأجرة المثل، وتوكل في شراء الكتان ونحوه، وحفظ الأطعمة من الهر والفأر وغير ذلك، فإن وجدت ضابطة لما في يدها مستوفية من وكيلها، فهي رشيدة يدفع إليها مالها، وإلا فلا. قوله: (فيما لا فائدة فيه) يعني: وإن لم يكن حراماً. قوله: (ومن نوزع) أي: نازعه وليه. قوله: (عدلان) لأنه قد يعلم بالاستفاضة، كالنسب. قوله: (حلف) فإن نكل لم يقض عليه.

وَمَنْ تَبَرَّعَ فِي حَجْرِهِ فَثَبَتَ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا رَشِيدًا نَفَذَ فَصْلٌ وَوِلَايَةُ مَمْلُوكٍ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وصَغِيرٍ وَبَالِغٍ مَجْنُونٍ لِأَبٍ بَالِغٍ رَشِيدٍ ثُمَّ لِوَصِيِّهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ وَثَمَّ مُتَبَرِّعٌ أَوْ كَافِرًا عَلَى كَافِرٍ

_ قوله: (في حجره) أي: ظاهراً. قوله: (فثبت كونه مكلفاً) أي: حال التبرع. قوله: (رشيداً) نظراً إلى نفس الأمر. قوله: (وولاية مملوك) صغير وكبير، ذكر وأنثى. قوله: (وصغير) عاقل أو لا. قوله: (لأب بالغ رشيد ... إلخ) خرج بالأب الجد والأم، وبالبالغ غيره، كابن عشر، إذا أتت زوجته بولد بعد نصف سنة منذ أمكن اجتماعه بها، فإنه يلحقه نسب ذلك الولد، ولا تكون ولايته له. ولا لوصيه قبل الولادة، وكذا ولد سفيه، فوليهما الحاكم. ومع هذا لا يحكم ببلوغ الأب بمجرد ذلك، كما سيأتي في أواخر اللعان؛ لأنا إنما ألحقنا به الولد مع الإمكان حفظاً للنسب، واحتياطاً له. ولا يثبت به مهر، ولا تثبت به عدة. وسكت عن اشتراط الحرية، وصرح باشتراطها في "الإقناع" قال في "شرحه": لكن تثبت ولاية مكاتب على ولده التابع له في الكتابة. وهل

ثُمَّ حَاكِمٍ وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا فَإِنْ عُدِمَ فَأَمِينٌ يَقُومُ مَقَامَهُ وَحَرُمَ تَصَرُّفُ وَلِيِّ صَغِيرٍ مَجْنُونٍ إلَّا بِمَا فِيهِ حَظٌّ أَوْ حَابَىَوْ زَادَ عَلَى نَفَقَتِهِمَا أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ

_ للولي أن يوكل فيما هو ولي فيه؟ قال ابن نصر الله في "حواشي الفروع": له ذلك في الأصح، سواء كان أبا، أو وصيه، أو حاكماً. قال: وكذلك يخرج في ناظر الوقف. وهل وكيل الناظر مثله في قبول قوله فيما صرفه أو لا؟ احتمالان. قوله: (وتكفي العدالة ظاهراً) أي: في أب ووصيه والحاكم. قال الإمام أحمد رضي الله عنه: أما حكامنا اليوم فلا أرى أن يتقدم إلى أحد منهم، ولا يدفع إليه شيئاً. وأما عدالة كافر، فتعتبر بحسب دينه؛ بأن يمتثل ما يعتقده واجباً، وينتهي عما يحرمونه، ويراعي مروءته. قوله: (فإن عدم) يعني: حاكم أهل. قوله: (فأمين يقوم مقامه) يعني: من أم وغيرها. قوله: (ولي صغير) أي: وسفيه. قوله: (فإن تبرع) بصدقة أو هدية أو هبة. قوله: (أو حابى) المحاباة: المسامحة، مأخوذ من حبوته إذا أعطيته. قاله في "المصباح" قوله: (أو من تلزمهم مؤنته) نحو زوجة، عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، على رأي الكوفيين وابن مالك، أي: أو نفقة من تلزمهما ... إلخ.

بِالْمَعْرُوفِ ضَمِنَ وَتُدْفَعُ إنْ أَفْسَدَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَإِنْ أَفْسَدَهَا أَطْعَمَهُ مُعَايَنَةً وَإِنْ أَفْسَدَ كِسْوَتَهُ سَتَرَ عَوْرَتَهُ فَقَطْ فِي بَيْتٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحَيُّلٌ لَوْ بِتَهْدِيدٍ

_ قوله: (بالمعروف) متعلق بالنفقة لا بزاد، والمعنى: النفقة الكائنة بالمعروف، يضمن الزائد عليها. قوله: (ضمن) أي: ما تبرع به، أو حابى به، والزائد عليها. ومتى كان خلط قوته أرفق به، وألين في الخبز، وأمكن في حصول الأدم، فهو أولى، وإن كان إفراده أرفق به أفرده مراعاة للمصلحة. قوله: (إن أفسدها) علم منه: أن من لم يفسدها، يجوز أن يعجل له ما جرت به عادة أهل بلده. "شرح إقناع". قوله: (بيوم) صفة لـ (يوماً) المنصوب بتدفع على الظرفية، أي: بقدر نفقة يوم، أي: يدفع الولي نفقة المفسد لها كل يوم بقدره، ولا يزيده على ذلك، فإن فعل، ضمن. قوله: (معاينة) أي: حال كونه معايناً له، وإلا كان مفرطاً. قوله: (ولو بتهديد) وزجر وصياح عليه. ومتى أراه الناس ألبسه ثيابه، فإذا عاد إلى البيت نزع عنه وستر عورته فقط. ويقيد مجنون بنحو حديد؛ لخوف عليه أو منه.

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَرْتَهِنَ مِنْ مَالِهِمَا لِنَفْسِهِ غَيْرَ أَبٍ وَلَهُ وَلِغَيْرِهِ مُكَاتَبَةُ قِنِّهِمَا وعِتْقُهُ عَلَى مَالِ وتَزْوِيجُهُ لِمَصْلَحَةٍ وإذْنُهُ فِي تِجَارَةٍ وسَفَرٌ بِمَالِهِمَا مَعَ أَمْنِ ومُضَارَبَتُهُ بِهِ وَلِمَحْجُورٍ رِبْحُهُ كُلُّهُ ودَفْعُهُ مُضَارَبَةً بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ

_ قوله: (وسفر بمالهما) يعني: لتجارة وغيرها؛ بأن عرض له سفر؛ لأنه أحظ لهما، ولأنه عادة البالغين في أموالهم. ومقتضى إطلاقه كـ "الإنصاف" و "المبدع": جواز ذلك حتى في البحر مع غلبة السلامة. وفي "الإقناع": في غير البحر. أي: وأما فيه فلا. تدبر. قوله: (ولمحجوز ربحه كله) أي: ولا أجرة لولي في نظير اتجاره به، التجارة بمال المحجور عليه أولى من تركها. وفي "الاختيارات": تستحب التجارة بمال اليتيم؛ لقول عمر وغيره: اتجروا في أموال اليتامى؛ لئلا تأكلها الصدقة. قوله: (ودفعه مضاربة) ظاهره ولو لنحو ولده، ولعله غير مراد؛ لما سيأتي في الوكالة: أن من لا تقبل شهادته له كنفسه.

وبَيْعُهُ نَسَاءً وقَرْضُهُ وَلَوْ بِلَا رَهْنٍ لِمَصْلَحَةٍ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَالْأَوْلَى أَخْذُهُ وَإِنْ تَرَكَهُ فَضَاعَ الْمَالُ لَمْ يَضْمَنْهُ وهِبَتُهُ بِعِوَضٍ ورَهْنُهُ لِثِقَةٍ لِحَاجَةٍ وَإِيدَاعِهِ وشِرَاءُ عَقَارٍ وبِنَاؤُهُ بِمَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ لِمَصْلَحَةٍ وشِرَاءُ أُضْحِيَّةٍ ل مُوسِرٍ ومُدَاوَاتُهُ وتَرْكُ صَبِيٍّ

_ قوله: (وبيعه نساء) يعني: لمليء، وكان الثمن المؤجل أكثر مما يباع به حالا. قوله: (وقرضه .. لمصلحة) كحاجة سفر، أو خوف على المال من هلاك بنحو نهب أو غرق، وكان لمليء، ومن الحظ في القرض، كما ذكره القاضي: أن يكون للمحجور عليه مال في بلد، فيريد نقله إلى بلد آخر، فيقرضه الولي من رجل في ذلك البلد، ليقضيه بدله في بلده، قاصداً الولي بذلك حفظه من الغرر والمخاطرة في نقله. قال: أو يكون مما يتلف بتطاول مدته، أو حديثه خير من قديمه، كالحنطة، فيقرضه خوفا من السوس، أو خوفاً من نقص قيمته وأشباه ذلك. نقله في "الإقناع" وأقره. قوله: (بعوض) يعني: قدر قيمته فأكثر. قوله: (لثقة) أي: عدل. قوله: (وشراء أضحية لموسر) أي: من ماله كثير، وكان اليتيم يعقلها، كما في "المغني"؛ لأنه يوم سرور، فيحصل بذلك جبر قلبه، وإلحاقه بمن له أب، كالثياب الحسنة. وتحرم صدقة وهدية الولي بشيء منها، وتقدم. تدبر.

بِمَكْتَبٍ بِأُجْرَةٍ وشِرَاءُ لُعَبٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ لِصَغِيرَةٍ مِنْ مَالِهَا وبَيْعُ عَقَارِهِمَا لِمَصْلَحَةٍ وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ أَوْ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ

_ قوله: (بمكتب) المكتب، كجعفر: موضع تعليم الكتابة. قاله في "المصباح". وله تعليمه أيضاً الرماية، والأدب، وما ينفعه، واداء الأجرة عنه من ماله؛ لأن ذلك من مصالحه أشبه ثمن مأكوله. قوله: (وشراء لعب ... إلخ) جمع لعبة كغرفة: ما يلعب به، كما في "المصباح". وهل لولي صغيرة أن يجهزها إذا زوجها بما يليق بها من قماش لبدنها، وفرش على عادة البنات في ذلك؟ قال ابن نصر الله: لا أعلم فيه نقلا، والظاهر: جوازه، بل هو أولى من شراء اللعب ونحوها. انتهى. ونقله في "شرح الإقناع" مسلماً غير معزو. قوله: (غير مصورة) كبلا رأس. قوله: (وبيع عقارهما لمصلحة) أي: كاحتياج إلى نفقة، أو كسوة، أو قضاء دين، أو ما لا بد منه، وليس له ما تندفع به حاجته، وكخوف عليه من هلاك بغرق أو خراب ونحوه. أو يكون في بيعه غبطة؛ بأن يبذل فيه زيادة كثيرة على ثمن مثله، ولا يتقيد بالثلث، أو يكون في مكان

وَيَجِبُ قَبُولُ وَصِيَّةٍ لَهُمَا بِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا إنْ لَمْ تَلْزَمْهُمَا أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا حَرُمَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَخْلِيصُ حَقِّهِمَا إلَّا بِرَفْعِ مَدِينٍ لِوَالٍ يَظْلِمُهُ رَفَعَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّ مَغْصُوبٍ إلَّا بِكُلْفَةٍ عَظِيمَةٍ

_ لا ينتفع به، ولا غلة له، كخراب محلته، أو نفعه قليل، فيبيعه ويشتري له في مكان يكثر نفعه. أو يرى شيئاً يباع، في شرائه غبطة، ولا يمكنه شراؤه إلا ببيع عقاره. أو لكونه له جار سوء. فأنواع المصلحة كثيرة لا تنحصر. قوله: (ويجب قبول وصية ... إلخ) ومثلها هبة. وعلم منه: أنه ليس لوليهما شراء من يعتق عليهما مطلقاً؛ لأنه تبرع قوله: (نفقة) أي: لهما. قول: (أو غيره) كوجود غني أقرب، وقدرة موصى به على الكسب. قوله: (وإلا حرم) ولعله مع الصحة. قوله: (وإن لم يمكنه تخليص حقهما) يعني: من دين أو عين. قوله: (إلا برفع مدين) أي: أو من عنده العين. قوله: (إلا بكلفة عظيمة) يؤخذ منه: أن الإنسان إن لم يمكنه

فصل ومن فك حجره فَسَفِهَ أُعِيدَ وَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ إلَّا حَاكِمٌ كَمَنْ جُنَّ وَلَا يَنْفَكُّ إلَّا بِحُكْمِهِ وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ بِلَا إذْنِ وَلِيُّهُ لِحَاجَةٍ لَا عِتْقُهُ وتَزْوِيجُهُ بِلَا إذْنِهِ

_ أخذ حقه إلا برفع من هو عليه لوال يظلمه، جاز رفعه. قال في "شرح الإقناع" والظاهر: أن ذلك في تخليص مال نفسه جائز، وفي تخليص مال موليه واجب، حيث أفضى الترك إلى ضياعه، وأنه ينبغي غعلام من عليه الحق قبل رفعه للظالم إن أمكن بلا ضرر من تعد، أو هرب، ونحوهما. قوله: ومن فك حجره ... إلخ) لتكليف ورشد، أي: بخلاف من بلغ سفيها أو مجنوناً، فإن النظر في ماله لوليه قبله من أب وغيره، استصحابا للأصل والشيخ الكبير إذا اختل عقله، حجر عليه بمنزلة المجنون. قوله (فسفه) كتعب تعبا، وجزل جزالة. قوله: (أعيد) أي: أعاد الحاكم الحجر عليه، كما يفهم من "شرحه"، و"الإقناع". قوله: (كمن جن) ولا يفتقر إلى حكم، خلافاً لـ "الإقناع". قوله: (ويصح تزوجه ... إلخ) أي:

لِحَاجَةٍ وإجْبَارُهُ لِمَصْلَحَةٍ كَسَفِيهَةٍ وَإِنْ أَذِنَ لَمْ يَلْزَمْ تَعَيُّنُ الْمَرْأَةِ وَيَتَقَيَّدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْزَمُ وَلِيًّا زِيَادَةُ زَوْجٍ بِهَا لَا زِيَادَةُ إذْنٍ فِيهَا وَإِنْ عَضَلَهُ اسْتَقَلَّ فَلَوْ عَلِمَهُ يُطَلِّقُ اشْتَرَى لَهُ أَمَةً وَيَسْتَقِلُّ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ بِنَسَبٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ قِصَاصٍ، أُخِذَ بِهِ فِي لْحَالِ وَلَا يَجِبُ مَالٌ عَفَى عَلَيْهِ وبِمَالٍ فَبَعْدَ فَكِّهِ وَتَصَرُّفُ وَلِيُّهُ كَوَلِيِّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ

_ السفيه البالغ، وكذا السفيهة. قوله: (لحاجة) منفعة أو خدمة. قوله: (كسفيهة) لوليها إجبارها لمصلحة. قوله: (ويتقيد بمهر المثل) فلا يزيد عليه؛ لأنه تبرع لم يؤذن فيه. قوله: (ويستقل ... إلخ) أي: سفيه. قوله: (بالمال) كطلب بحد قذف. قوله: (وإن أقر بحد) أي: بموجبه من زناً وقذف، قوله: (ولا يجب ... إلخ) أي: حالاً.

فَصْلٌ: وَلِوَلِيِّ غَيْرِ حَاكِمٍ وَأَمِينِهِ الْأَكْلُ لِحَاجَةٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ الْأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ بِيَسَارِهِ وَمَعَ

_ قوله: (ولولي غير حاكم ... إلخ) وأما الحاكم وأمينه، فلا يأكلان من مال اليتيم ونحوه شيئاً؛ لأنهما يستغنيان بمالهما في بيت المال. قوله: (موليه) قال في "المصباح"/ وليت على الصبي والمرأة، فالصبي والمرأة مولي عليه، والأصل وزان مفعول. انتهى. يعني: أنه قبل الإعلال مولوي على وزن مضروب، فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، وقلبت الضمة كسرة، كما في رميت الشيء، فهو مرمي، فهذا زنة اسم المفعول، وأما الفاعل، فيقال: وال، وولي، فعيل بمعنى فاعل. ومنه: (الله ولي الذين 'منوا) [البقرة: 257] أي: مدبرهم وقائم بهم، وكل من قام بشيء، أو ولي أمر أحد، فهو وليه، كما في "المصباح", وقد ظهر لك من عبارة المصباح: أن قول المصنف: (موليه) من باب الحذف والإيصال، والأصل: مولي عليه له. فتدبر. قوله: (الأقل) منصوب بالمصدر المعرف باللام، أعني قوله: (الأكل) وهو قليل، كقول الشاعر:

عَدَمِهَا مَا فَرَضَهُ لَهُ حَاكِمٌ وَلِنَاظِرِ وَقْفٍ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ أَكْلٌ بِمَعْرُوفٍ وَمَنْ فُكَّ حَجْرُهُ فَادَّعَى عَلَى وَلِيُّهُ تَعَدِّيًا أَوْ مُوجِبَ ضَمَانٍ وَنَحْوِهِ أَوْ الْوَلِيُّ وُجُودَ ضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَوْ تَلَفٍ أَوْ قَدْرَ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ فَقَوْلُ وَلِيٍّ مَا لَمْ يُخَالِفْهُ عَادَةٌ وَعُرْفٌ وَيَحْلِفُ غَيْرَ حَاكِمٍ لَا فِي دَفْعِ مَالٍ بَعْدَ رُشْدٍ أَوْ عَقْلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ

_ ضعيف النكاية أعداءه ... يخال الفرار يراخي الأجل قوله: (ما فرضه له ... إلخ) أي: قدره. قوله: (حاكم) أي: لمصلحة. قوله: (بمعروف) أي: حيث لم يشترط له شيء. قوله: (أو موجب ضمان) يعني: بلا بينة. قوله: (ونحوه) كعدم مصلحة في بيع عقار. قوله: (أو غبطة) أي: مصلحة. قوله: (أو تلف) أي: ولم يذكر سبباً، أو ذكر خفياً. وأما الظاهر فلا بد من بينة عليه. ثم يقبل قوله كالوكيل. قوله: (أو كسوة) أي: لمحجور عليه، أو لمن تلزمه نفقته من نحو زوجة وقريب ورقيق. أو قدر نفقة على عقاره، ولو في عمارة بمعروف، ولو من مال الولي ليرجع. وظاهره: لا تقبل دعواه اقتراضا عليه؛ لأنه خلاف الظاهر.

مُتَبَرِّعًا وَلَا فِي قَدْرِ زَمَنِ إنْفَاقٍء وَلَيْسَ لِزَوْجِ رَشِيدَةٍ حَجْرٌ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعٍ زَائِدٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا وَلَا لِحَاكِمٍ حَجْرٌ عَلَى مُقَتِّرٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ

_ قوله: (ولا في قدر زمن إنفاق) أي: كما لو قال وصي: أنفقت عليك ثلاث سنين، وقال يتيم: بل مات أبي من سنتين، وأنفقت علي من موته، فقول يتيم بيمينه؛ لأن الأصل موافقته. قوله: (ولا حاكم حجر على مقتر ... إلخ) واختار الأزجي من أصحابنا، وابن سريج، وأبو سعيد الإصطرخي من الشافعية: بلى، بمعنى أنه ينفق عليه جبرا بالمعروف، لا أنه يمنع من العقود والتصرف في ماله. قاله في "شرحه".

فَصْلٌ: لِوَلِيٍّ مُمَيِّزٍ وَسَيِّدِهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَكَذَا أَنْ يَدَّعِيَ ويُقِيمَ بَيِّنَةً ويُحَلِّفَ وَنَحْوَهُ وَيَتَقَيَّدُ فَكُّ بِقَدْرٍ وَنَوْعٍ عُيِّنَا كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ فِي نَوْعٍ وتَزْوِيجٍ مُعَيَّنٍ وبَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ والْعَقْدِ الْأَوَّلِ

_ قوله: (لولي مميز ... إلخ) أي: حر، يعني: من ذكر، أو أنثى، أو خنثى. وعلم منه: أن المجنون والطفل، لا يصح تصرفهما بإذن ولا غيره. قوله: (وسيده) أي: القن المميز، ففيه استخدام. قوله: (وكذا أن يدعي) أي: على خصمه، أو خصم وليه أو سيده. قوله: (ونحوه) كمخالفة. قوله: (ويتقيد فك) أي: إطلاق تصرف المأذون له. قوله: (بقدر) كمئة دينار. قوله: (ونوع) كبر. قوله: (عينا) أي: فلا يتعداهما. قوله: (بمعين) أي: بشخص معين. قوله: (عين ماله) أي: فلا يبيع غيرها. قوله: (والعقد الأول) من نحو بيع أو إجارة، فمتى عادت العين للموكل، لم يملك الوكيل العقد عليها ثانيا بلا إذن متجدد. وظاهره: ولو عادت بفسخ، وضعفه في "تصحيح الفروع"، وصوب الجواز منصور البهوتي.

وَهُوَ فِي بَيْعِ نَسِيئَةٍ وَغَيْرِهِ كَمُضَارِبٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ وَلَا يَتَوَكَّلَ وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ عَلَيْهِ وَإِنْ وَكَّلَ فَكَوَكِيلٍ وَمَتَى عَزَلَ سَيِّدٌ قِنَّهُ انْعَزَلَ وَكِيلُهُ كَوَكِيلٍ ومُضَارِبٍ لَا كَصَبِيٍّ ومُكَاتَبٍ وكَمُرْتَهِنٍ أَذِنَ لِرَاهِنٍ فِي بَيْعِ وَيَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى مَالِكِهِ لِرَحِمٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ زَوْجًا لَهُ لَا مِنْ مَالِكِهِ وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ وَمَنْ رَآهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ يَتَّجِرُ فَلَمْ يَنْهَهُ لَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا لَهُ وَيَتَعَلَّقُ دَيْنِ

_ قوله: (وغيره) كبعرض. قوله: (كمضارب) أي: فيصح، لا وكيل. قوله: (ولو لم يقيد عليه) أي: بأن أذن له في التجارة مطلقاً، بل ولو أذن له في جميع أنواع التجارة، كما في "الإقناع". وفي إيجار عبيده وبهائمه خلاف، قال في "تصحيح الفروع": الصواب الجواز إن رآه مصلحة. منصور البهوتي. قوله: (فكوكيل) أي: يصح فيما يعجزه، أو لا يتولاه مثله. قوله: (ويصح أن يشتري ... إلخ) أي: مأذون له. قوله: (أو قول) أي: تعليق، لا من اعترف بحريته. قوله: (أو زوجاً له) أي: ذكرا أو أنثى. قوله: (ويتعلق دين ... إلخ) أي: جميع، وعنه: بقدر قيمته.

مَأْذُونٍ لَهُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ ودَيْنُ غَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ أُعْتِقَ لَزِمَ سَيِّدَهُ وَمَحِلُّهُ إنْ تَلِفَ وَإِلَّا أَخَذَ حَيْثُ أَمْكَنَ وَمَتَى اشْتَرَاهُ رَبُّ دَيْنٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ تَحَوَّلَ إلَى ثَمَنِهِ وبِذِمَّتِهِ فَمَلَكَهُ مُطْلَقًا

_ قوله: (مأذون له) أي: ولو كان المال بيده، قوله: (بذمة سيد) لا بذمة العبد، ولا رقبته. قوله: (لزم سيده) أي: فيفديه بالأقل مما عليه أو قيمة العبد. قوله: (تعلق ... إلخ) صفة لـ (دين). قوله: (تحول) إلى ثمنه، يعني: وتجري هنا المقاصة بشرطها. قوله: (وبذمته) أي: العبد؛ بأن أقر به غير مأذون، ولم يصدقه سيده. منصور البهوتي. وبخطه أيضا على قوله: (وبذمته ... إلخ): من هنا علم: أن دين العبد على ثلاثة أقسام: قسم يتعلق بذمة السيد، وهي: الديون التي أذن له فيها، وقسم يتعلق برقبته، وهي: ما لم يؤذن له فيه مما ثبت ببينة من الإتلافات، أو تصديق السيد، وقسم يتعلق بذمته، وهو: ما لم يثبت بغير إقرار العبد فقط. وبخطه أيضاً على قوله: (وبذمته): متعلق بمحذوف تقديره: وإن تعلق دين بذمة العبد، فالجار والمجرور متعلق بمحذوف مفهوم من المقام مع حذف الشرط وسهله تقدم أداة الشرط في قوله: (ومتى اشتراه). وقوله: (فملكه مطلقاً) معطوف على فعل الشرط المقدر.

أَوْ مَنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ سَقَطَ وَيَصِحُّ إقْرَارُ مَأْذُونٍ وَلَوْ صَغِيرًا فِي قَدْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَبِيَدِهِ مَالٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بِهِ صَحَّ وَيَبْطُلُ إذْنُ بِحَجْرٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ الْمُطْبَقِ لَا بِإِبَاقٍ

_ وقوله: (أو من تعلق برقبته) مفعول بمحذوف أيضا، تقديره: أو ملك من تعلق دينه برقبته، والجملة معطوفة بـ (أو) على فعل الشرط المقدر أيضاً. وقوله: (سقط) جواب الشرط وما عطف عليه، والأصل: وإن تعلق دين بذمة العبد، فملكه رب الدين مطلقاً، سقط، وإن ملكه رب دين تعلق برقبته، وكان الملك بلا عوض، سقط. فتأمل في هذا المقام، فإنه مزلة أقدام. قوله: (مطلقاً) أي: بعقد أو غيره، كإرث. قوله: (سقط) هذا من المواضع التي يسقط فيها الدين بلا عوض ولا إسقاط، ويترتب على ذلك سقوط زكاته عن مالكه، كما تقدم في الزكاة. قوله: (فأقر به، صح) يعني: ولو أقر به حال الحجر والمنع من التصرف. قوله: (ويبطل إذن ... إلخ) أي: إذن سيد لعبده في تجارة. قوله: (المطبق) في "المصباح": أطبقت عليه الحمى: دامت، فهي مطبقة بالكسر على الباب. وأطبق عليه الجنون، فهو مطبق أيضا، والعامة تفتح الباء على معنى: أطبق الله عليه الحمى والجنون، أي: أدامهما، كما يقال: أحمه الله. وعلى هذا، فالأصل: مطبق عليه، فحذفت

وأَسْرٍ وَتَدْبِيرٍ وَإِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ وَحُرِّيَّةٍ وَحَبْسٍ بِدَيْنٍ وَغَصْبٍ وَتَصِحُّ مُعَامَلَةُ قِنٍّ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مَأْذُونًا لَهُ لَا تَبَرُّعُ مَأْذُونٍ لَهُ بِدَرَاهِمَ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَهُ هَدِيَّةُ مَأْكُولٍ وَإِعَارَةٌ دَابَّةٍ وَعَمَلُ دَعْوَةٍ وَنَحْوَهُ بِلَا إسْرَافٍ وَلِ غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ قُوتِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ بِهِ كَرَغِيفٍ وَنَحْوِهِ وَلِزَوْجَةٍ وَكُلُّ مُتَصَرِّفٍ فِي بَيْتٍ الصَّدَقَةُ مِنْهُ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهِ

_ الصلة تخفيفاً، أو يكون الفعل مما استعمل لازماً ومتعدياً، إلا أني لم أجده. انتهى. ومنه تعلم رجحان الكسر، وجريانه على الأصل، خلافاً لما في "شرح" منصور البهوتي من اقتصاره على الفتح. قوله: (وغصب) أي: لمأذون. قوله: (وتصح معاملة قن) أي: لا معاملة. صغير إلا فيما يعامل مثله فيه ما لم يعلم أنه مأذون له. قوله: (ونحوهما) أي: ولو قل. قوله: (ولغير مأذون) أي: وصف، أي: في تجارة. قوله: (ونحوه) كفلس وبيضة. قوله: (وكل متصرف في بيت) كخادم وأجير.

بِنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ أَوْ يَضْطَرِبَ عُرْفٌ أَوْ يَكُونَ بَخِيلًا وَيَشُكُّ فِي رِضَاهُ فِيهِمَا فَيَحْرُمُ كَزَوْجَةٍ أَطْعَمَتْ بِفَرْضٍ وَلَمْ تَعْلَمْ رضَاهُ وَمَنْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ قِنٍّ عَيْبًا فَقَالَ أَنَا غَيْرُ مَأْذُونٍ لِي لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ صَدَّقَهُ سَيِّدٌ

_ قوله: (أو يضطرب) أي: يختلف. قوله: (ويشك) أي: المتصرف من زوجة وغيرها. قوله: (كزوجة أطعمت ... إلخ) يعني: أن المرأة إذا كانت ممنوعة من التصرف في بيت زوجها، كالتي يطعمها قدراً معلوماً، فرضه الحاكم لها كل يوم، فإنها لا تتصدق بشيء من مال زوجها، عملا بدلالة الحال كما لو منعها بالقول الصريح فتدبر.

باب الوكالة

باب الوكالة: اسْتِنَابَةُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ مِثْلَهُ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَتَصِحُّ مُؤَقَّتَةً ومُعَلَّقَةً وبِكُلِّ قَوْلٍ دَلَّ عَلَى الْإِذْنِ وقَبُولُ بِكُلِّ قَوْلٍ

_ باب الوكالة اسم مصدر بمعنى التوكيل. وهي لغة: التفويض والاكتفاء، وشرعاً: استنابة ... إلخ. قوله: (جائز التصرف) أي: فيما وكل فيه، وإن لم يكن مطلق التصرف، فشمل توكيل لنحو عبد فيما لا يتعلق بالمال مقصوده، وإلى هذا أشار منصور البهوتي في "شرحه" بقوله: فيما وكل فيه. أو نقول: جائز التصرف على حقيقته، أعني: الحر المكلف الرشيد. والتعريف بحسب الغالب وفيه ما فيه. قوله: (فيما تدخله النيابة) أي: من قول كعقد وفسخ، أو فعل، كقبض وإقباض. قوله: (ومعلقة) كمطلقة ومنجزة. قوله: (وقبول) عطف على الضمير الموفوع: في (تصح)؛ للفصل الكثير، واغتفر عطف المذكر على المؤنث مع مراعاة الأول. قوله: (بكل قول ... إلخ) ظاهر اقتصاره كـ "الإقناع" على القول: عدم انعقادها بالفعل. وفي كلام القاضي ما يدل على انعقادها بالفعل، وهو ظاهر كلام الموفق، فيمن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط، قال

أَوْ فِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٌ وَشُرِطَ تَعْيِينُ وَكِيلٍ لَا عِلْمُهُ بِهَا وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِخَبَرِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ وَيَضْمَنُ وَلَوْ شَهِدَ بِهَا اثْنَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا عَزَلَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا لَمْ تَثْبُتْ وَإِنْ حُكِمَ أَوْ قَالَهُ غَيْرُهُمَا لَمْ يَقْدَحْ وَإِنْ أَبَى فَكَعَزْلِهِ نَفْسَهُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلٌ فِي شَيْءٍ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ سِوَى أَعْمَى وَنَحْوِهِ عَالِمًا فِيمَا يَحْتَاجُ لِرُؤْيَةٍ وَمِثْلُهُ تَوَكُّلٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوجِبَ نِكَاحًا مَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ لِمَوْلِيَّتِهِ

_ في "الفروع": وهو أظهر، كالقبول. قوله: (ولو متراخياً) يعني: عن الإذن. قوله: (وكذا كل عقد جائز) كشركة، ومساقاة، ومزارعة، ومضاربة فيما تقدم، حتى في صحة قبول بفعل فوراً، ومتراخياً. قوله: (ويضمن) يعني: متصرف. قوله: (لم تثبت) يعني: لرجوعه قبل الحكم، قوله: (فكعزله) وجه التشبيه أنها لم تتم. قوله: (ونحوه) كمشتر لم ير مبيعاً. قوله: (لموليته) لنحو فسق.

وَلَا يَقْبَلَهُ مَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ لِنَفْسِهِ سِوَى نِكَاحِ أُخْتِهِ وَنَحْوِهَا لِأَجْنَبِيٍّ ووَ غَنِيٍّ فِي قَبْضِ زَكَاةٍ لِفَقِيرٍ وطَلَاقِ امْرَأَةٍ نَفْسَهَا وَغَيْرِهَا بِوَكَالَةِ وَلَا تَصِحُّ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ أَوْ طَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَمَنْ قَالَ لِوَكِيلٍ غَائِبٍ أَحْلِفُ أَنَّ لَك مُطَالَبَتِي أَوْ أَنَّهُ مَا عَزَلَك لَمْ يُسْمَعْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَلَوْ قَالَ عَنْ ثَابِتٍ مُوَكِّلُك أَخَذَ حَقَّهُ لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يُؤَخِّرُ لِيَحْلِفَ مُوَكِّلٌ

_ قوله: (ولا يقبله ... إلخ) ككافر يقبل نكاح مسلمة لمسلم. قوله: (سوى نكاح ... إلخ) أي: سوى قبول. قوله: (لفقير) لأن منع هؤلاء من ذلك؛ للتنزيه، لا لمعنى يمنع التوكيل. قوله: (ولا تصح في بيع ... إلخ) هذا مما علم من قوله: (ولا يصح توكيل ... إلخ)؛ إذ تصرف الموكل إذن غير صحيح، فتوكيله كذلك، كما مر، قوله: (ومن قال لوكيل غائب) مضاف. قوله: (لم يسمع) لأنه دعوى للغير. قوله: (إلا أن يدعي) ذلك القائل. قوله: (علمه) أي: الوكيل. قوله: (بذلك) أي: العزل.

فصل وتصح في كل حق آدمي مِنْ عَقْدٍ وَفَسْخٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعِهِ وَتَمَلُّكُ الْمُبَاحِ وَصُلْحٍ وَإِقْرَارٍ وَلَيْسَ تَوْكِيلُهُ فِيهِ بِإِقْرَارٍ وعِتْقٍ وَإِبْرَاءِ وَلَوْ لِأَنْفُسِهِمَا إنْ عَيَّنَا

_ اعلم: أن هذا الفصل معقود لما يصح فيه التوكيل من الأعمال، وما لا يصح، وما للوكيل فعله، وما يمتنع عليه. وحملة الأعمال ثلاثة أقسام: ما يجوز التوكيل فيه مطلقاً. وما يمتنع مطلقاً. وما يجوز مع العجز دون القدرة. والأول نوعان: حقوق الآدميين، وأشار إليه بقوله: (وتصح في كل حق آدمي ... إلخ) وحقوق الله تعالى، وإليه أشار بقوله: (وتصح في كل حق لله تعالى ... إلخ). والقسم الثاني أشار إليه بقوله: (لا في ظهار ولعان ... إلخ). والقسم الثالث أشار إليه بقوله: (وفعل حج وعمرة) فتدبر. قوله: (في كل حق آدمي) متعلق بمال، أو ما يجري مجراه. قوله: (من عقد) أي: كبيع وهبة. قوله: (وتملك مباح) كصيد. قوله: (وإقرار) بأن يقول: وكلتك في الإقرار، لا إن قال له: أقر عني، فلا يكون ذلك وكالة. ويصح توكيل في إقرار بمجهول، ويرجع في تفسيره إليه. قوله: (ولو لأنفسهما) أي: نفس المعتق، والمبرأ بصيغة اسم المفعول، كما علم ذلك من قوله: (عتق وإبراء)، فيملكان ذلك بالوكالة الخاصة لا بالوكالة العامة. ومثلهما طلاق، فلو وكل عبده، أو غريمه، أو امرأته في عتق عبيده، أو إبراء غرمائه، أو طلاق نسائه، انصرف إلى غير المخاطب. ونظير ذلك ما ذكروه

لَا فِي ظِهَارٍ ولِعَانٍ وَيَمِينٍ وَنَذْرٍ وَإِيلَاءٍ وَقَسَامَةٍ ووَ شَهَادَةٍ والْتِقَاطٍ واغْتِنَامٍ وجِزْيَةٍ ورَضَاعٍ وَتَصِحُّ فِي بَيْعِ مَالِهِ كُلِّهِ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ والْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ والْإِبْرَاءُ مِنْهَا كُلِّهَا أَوْ مَا شَاءَ مِنْهَا لَا فِي فَاسِدٍ أَوْ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَلَا اشْتَرِ مَا شِئْتَ أَوْ عَبْدًا بِمَا

_ من أنه لو دفع لإنسان مالا، ليتصدق به على الفقراء مثلاً، لم يجز له الأخذ منه، لأجل وصفه أو عمله. وهل له أن يدفع لنحو ولده وزوجته؟ فيه وجهان: أولاهما: الجواز؛ لدخولهم في عموم لفظه. قال في "المغني" نقله في "شرح الإقناع". قوله: (أو ما شاء منه) أي: الوكيل. قوله: (والمطالبة بحقوقه) يعني: كلها، أو ما شاء منها. قوله: (لا في فاسد) لأن الموكل لا يملكه، ولا يملك الصحيح أيضا. قوله: (أو كل قليل وكثير) أي: باتفاق الأصحاب. كما ذكر الأزجي؛ لعظم الغرر والضرر. قال في "المبدع": ومثله: وكلتك في شراء ما شئت من المتاع الفلاني. ولو قال: وكلتك بما لي من التصرفات، فاحتمالان. قاله في "شرح الإقناع".

شِئْتَ حَتَّى يُبَيَّنَ نَوْعٌ وَقُدِّرَ ثَمَنٌ وَوَكِيلُهُ فِي خُلْعٍ بِمُحَرَّمٍ كَهُوَ فَلَوْ خَالَعَ بِمُبَاحٍ صَحَّ بِقِيمَتِهِ وَتَصِحُّ فِي كُلِّ حَقٍّ حَتَّى اللَّهِ تَعَالَى تَدْخُلُهُ نِيَابَةٌ مِنْ إثْبَاتِ حَدٍّ وَاسْتِيفَائِهِ وعِبَادَةٍ كَتَفْرِقَةِ صَدَقَةٍ ونَذْرٍ وزَكَاةٍ وَتَصِحُّ بِقَوْلِهِ أَخْرِجْ زَكَاةَ مَالِي مِنْ مَالِكَ وكَفَّارَةٍ وَتَصِحُّ فِعْلِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَتَدْخُلُ رَكْعَتَا طَوَافٍ تَبَعًا لَا بَدَنِيَّةٍ مَحْضَةٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَطَهَارَةٍ مِنْ حَدَثٍ وَنَحْوِهِ

_ قوله: (حتى يبين) بالبناء للمفعول. قاله منصور. قوله: (نوع) أي: يشتريه. قوله: (وقدر ثمن) أي: يشتري به. قوله: (بمحرم) كخمر. قوله: (كهو) فيلغو، حيث علمه وكيل وزوجة، لا بلفظ طلاق، أو نيته، فيقع رجعيا. قوله: (فلو خالع ... إلخ) يعني: وكيل في خلع بمحرم. قوله: (بقوله) أي: مكلف رشيد لمثله. قوله: (من مالك) لأنه اقتراض من مال وكيل، وتوكيل في إخراج زكاة. منصور. قوله: (وفعل حج) نفلا مطلقا، أو فرضا من نحو معضوب، كما تقدم. قوله: (محضة) أي: لا تتعلق بالمال. قوله: (وصوم) كرمضان. وأما الصوم المنذور الذي يفعل عن الميت، فليس فعله بوكالة؛ لأن الميت لم يستنب الولي لذلك، وإنما أمره الشرع به؛ إبراء لذمة الميت. كما في "الإقناع" و "شرحه". قوله: (من حدث) علم منه: صحتها في تطهير بدن من نجاسة. قوله: (ونحوه) كاعتكاف.

وَيَصِحُّ اسْتِيفَاءُ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلٍ وَغِيبَتِهِ حَتَّى فِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَلِوَكِيلٍ تَوْكِيلٌ فِيمَا يُعْجِزُهُ لِكَثْرَتِهِ وَلَوْ فِي جَمِيعِهِ وَفِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ لَا فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ إلَّا بِإِذْنِ وَيَتَعَيَّنُ أَمِينٌ إلَّا مَعَ تَعْيِينِ مُوَكِّلٍ وَكَذَا وَصِيٌّ يُوَكِّلُ أَوْ حَاكِمٌ يَسْتَنِيبُ

_ قوله: (ويصح استيفاء) أي: لما وكل فيه. قوله: (وحد قذف) والأولى بحضوره فيهما؛ لاحتمال العفو إذا حضر رحمة وشفقة. قوله: (ولوكيل ... إلخ) هذا شروع في بيان ما للوكيل فعله، وما يمنع منه. قوله: (وما لا يتولى مثله ... إلخ) يحتمل نصب مثله على المفعولية، والعائد المضاف إليه، ويحتمل رفعه على الفاعلية، والعائد محذوف، تقديره: وما لا يتولاه مثله. والمعنى على الأول: أن لوكيل التوكيل في شيء لا يتولى الوكيل مثل ذلك الشيء، وعلى الثاني: أن لوكيل التوكيل في شيء لا يتولاه مثل الوكيل. والمعنيان متقاربان، لكن الأول أحسن صناعة، لعدم الحذف، والثاني أحسن معنى. وكذا ما بعده. قوله: (إلا بإذن) ومنه لو قال له: اصنع ما شئت، أو تصرف كيف شئت. ويلحق بالوكيل المضارب، كما في "المبدع". فتدبر. قوله: (ويتعين أمين) فإن خان، فعليه عزله. قوله: (وكذا وصي) أي: فيما تقدم كله.

ووَكِّلْ عَنْكَ وَكِيلُ وَكِيلِهِ فَلَهُ عَزْلُهُ وعَنِّي أَوْ يُطْلِقُ فوَكِيلُ مُوَكِّلِهِ كَأَوْصِ إلَى مَنْ يَكُونُ وَصِيًّا لِي وَلَا يُوصِي وَكِيلٌ مُطْلَقًا وَلَا يَعْقِدُ مَعَ فَقِيرٍ

_ قوله: (ووكل عنك ... إلخ) الأقرب في إعرابه أن يكون معمولاً لقول محذوف وقع شرطاً، وقوله: (وكيل وكيله) خير لمحذوف، والجملة جواب الشرط المحذوف، والتقدير: وإن قال موكل لوكيله: وكل عنك، فالوكيل الثاني وكيل وكيله، أي: بعد فعل الوكيل، وما في الشرحين من تقدير: وقول موكل ... إلخ، حل معنى. فتأمل وتمهل. قوله: (وكيل وكيله ... إلخ) اعلم أنه حيث قلنا: إن الوكيب الثاني وكيل الموكل، فإنه ينعزل بعزله وموته ونحوه، ولا يملك الوكيل الأول عزله، ولا ينعزل بموته ونحوه. وحيث قلنا: إن الثاني وكيل الوكيل، فإنه ينعزل بعزلهما أو أحدهما ونحوه، كما في "الإقناع". قوله أيضا على قوله: (وكيل وكيله) أي: فينعزل بموت الأول وعزله. قوله: (مطلقاً) أي: سواء أذن له في توكيل أم لا. قوله: (ولا يعقد ... إلخ) أي: لا يصح أن يعقد ... إلخ. قوله: (مع فقير) أي: لا يقدر على ثمن.

أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ يَنْفَرِدُ مِنْ عَدَدٍ أَوْ يَبِيعُ نَسِيئَةً أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ عَرَضٍ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ بغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ غَيْرِ غَالِبِهِ إنْ جَمَعَ نُقُودًا أَوْ الْأَصَحِّ إنْ تَسَاوَتْ إلَّا إنْ عَيَّنَهُ مُوَكِّلٌ وَإِنْ وَكَّلَ عَبْدٌ غَيْرَهُ وَلَوْ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ صَحَّ إنْ أَذِنَ وَإِلَّا فَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ

_ قوله: (أو قاطع طريق) أي: ومن يعسر على موكل أخذ منه. منصور البهوتي. قوله: (أو ينفرد من عدد) لعله فيما إذا وكلهم دفعة، أما لو وكل وكيلا ثم آخر، فالظاهر: الاستقلال، ولا ينعزل الأول حيث لم يخرجه عن الوكالة. قوله: (إلا بإذن) أي: لفظي أو عرفي. قوله: (وإن وكل عبد غيره ... إلخ) اعلم: أن توكيل عبد الغير تارة يكون فيما يملك العبد فعله بدون إذن سيده، كصدقة بنحو رغيف، وكطلاق ورجعة، فيصح بدون إذن سيده. وتارة يكون فيما لا يملك العبد فعله، وهو قسمان: عقود معاوضة كبيع، وغيرها، كإيجاب نكاح وقبوله، فلا يصح فيهما بغير إذن سيده على الصحيح. قوله: (إن أذن) هو، أي: سيده.

فصل الوكالة واشركة والمضاربة والمساقاة والمزارعة والوديعة والجعالة عُقُودٌ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِكُلٍّ فَسْخُهَا وَتَبْطُلُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ وحَجْرٍ لِسَفَهٍ حَيْثُ اُعْتُبِرَ رُشْدٌ

_ هذا الفصل معقود لبيان حكم عقد الوكالة وغيرها، وهو الجواز، ولبيان ما تبطل به، وانعزال الوكيل وحكم ما بيده بعده وغير ذلك. قوله: (وتبطل بموت ... إلخ) أي: تلك العقود، ويستثنى من ذلك ولي اليتيم، وناظر الوقف إذا وكل أحدهما أو عقد عقداً جائزاً غيرها، كالشركة والمضاربة، ثم مات، فإن العقد لا ينفسخ؛ لأنه متصرف على غيره. ذكره في "القواعد"، واقتصر عليه في "الإنصاف"، وقطع به في "الإقناع". قوله: (وجنون) أي: مطبق. قوله: (حيث اعتبر رشد) كالتصرف المالي، بخلاف نحو طلاق ورجعة، فلا تبطل بحجر على واحد منهما، وكذا في تملك مباح، كاستقاء ماء واحتطاب، والذي حجر عليه الموكل أو الوكيل في هذه الصور، كما في "شرح" منصور البهوتي.

وتبطل وكالة بِسُكْرٍ، يَفْسَّقُ بِهِ فِيمَا يُنَافِيهِ كَإِيجَابِ نِكَاحٍ وَنَحْوِهِ ولِفَلَسِ مُوَكِّلٍ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ وبِرِدَّتِهِ وبِتَدْبِيرِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ قِنًّا وُكِّلَ فِي عِتْقِهِ لَا بِسُكْنَاهُ أَوْ بَيْعِهِ فَاسِدًا مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ وبِوَطْئِهِ لَا قُبْلَتِهِ زَوْجَةً وَكَّلَ فِي طَلَاقِهَا وَكَذَا وَكِيلٌ فِيمَا يُنَافِيهَا وبِدَلَالَةِ رُجُوعِ أَحَدِهِمَا وبِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِقَبْضِ مَا وَكَّلَ فِيهِ أَيْ فِي قَبْضِهِ وبِتَلَفِ الْعَيْنِ ودَفْعِ عِوَضٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وإنْفَاقِ

_ قوله: (يفسق به) بخلاف ما أكره عليه. قوله: (فيما ينافيه) أي: الفسق. قوله: (ونحوه) كإثبات حد. قوله: (فيما حجر عليه) كأعيان ماله، بخلاف ما لو وكله في تصرف يتعلق بذمته أو لا يتعلق بالمال، كطلاق ورجعة ونحوهما، فلا. قوله: (وبوطئه لا قبلته) خلافا لـ "الإقناع" في تسويته بينهما في الإبطال. قوله: (فيما ينافيها) كارتداد وكيل في إيجاب نكاح، أو قبوله، فتبطل وكالته بذلك. قوله: (وبدلالة) أي: دال. قوله: (أحدهما) أي: الموكل والوكيل عن الوكالة، كوطء زوجة وكل في طلاقها، كما تقدم في موكل، وكقبول وكيل في شراء عبد الوكالة من مالكه في عتقه، والحاصل أن في العبارة عطف عام على خاص. قوله: (ما وكل فيه) أي: في قبضه، أو الخصومة فيه. قوله: (وبتلف العين) لا بعضها. قوله: (ودفع ... إلخ) كما

مَا أُمِرَ بِهِ وَلَوْ نَوَى اقْتِرَاضَهُ كَتَلَفِهِ وَلَوْ عُزِلَ عَوَّضَهُ لَا بِتَعَدٍّ يَضْمَنُ ثُمَّ إنْ تَصَرَّفَ كَمَا أُمِرَ وَبَرِئَ بِقَبْضِهِ الْعِوَضَ

_ لو أعطاه دينارين وقال له: اشتر بهذا ثوباً، وبهذا كتاباً، فتلف دينار الثوب مثلاً، فاشتراه بدينار الكتاب، فلا يصح هذا الشراء؛ لبطلان الوكالة، هكذا في الشرحين، وهو واضح إن اشترى الثوب بعين درهم الكتاب، أما لو اشترى الثوب بدرهم في الذمة من غير أن يسمي الموكل، ثم دفع درهم الكتاب فيه وأجاز الموكل ذلك، فالظاهر: صحته على ما تقدم في البيع. قوله: (ما أمر به) أي: بالشراء به ونحوه، وكذا لو تصرف فيه ولو بخلطه بغير متميز. قال في "المبدع": وإن اختلط الدرهم بآخر له، عمل بظنه ويقبل قوله حكماً. ذكره القاضي. قوله: (كتلفه) أي: ما أمر بالشراء به. قوله: (عوضه) أي: عوض ما أنفقه. قوله: (لا بتعد) أي: كلبس ثوب وكل في بيعه. قوله: (ويضمن) أي: ما تعدى فيه، أو فرط. قوله: (بريء) أي: صح تصرفه وبرئ من ضمان ما كان مضموناً عليه، ولعله إنما يبرأ بلزوم العقد لا بمجرده، وأما قبض العوض، فليس قيداً، بل هو غير مضمون عليه، وإن كان بدلاً عما هو مضمون، فإن رد المبيع عليه بعيب، عاد الضمان، وإن عاد إلى يد الوكيل بعقد آخر لم يعد إلا إن تعدى؛ لأن هذه وكالة أخرى، وثمن كمثمن في ذلك.

وَلَا بِإِغْمَاءٍ وعِتْقِ وَكِيلٍ، أَوْ بَيْعِهِ، أَوْ إبَاقِهِ وطَلَاقِ وَكِيلِهِ وجُحُودِ وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلٍ وَعَزْلِهِ، وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَشَرِيكٍ ومُضَارِبٍ لَا مُودَعٌ وَلَا يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَيُقْبَلُ أَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ قَبْلَ دَفْعِ وَكِيلِهِ لِلسَّاعِي،

_ قوله: (ولا بإغماء) أي: لا تبطل بإغماء لموكل أو وكيل. قوله: (أو بيعه) وهبته، لكن لا يتصرف إلا بإذن سيده الثاني من مشتر أو متهب. قوله: (وطلاق وكيلة) أي: في التصرف؛ بأن وكل زوجته في شيء، ثم طلقها، فلا تنعزل بذلك. قوله: (وجحود وكالة) أي: من أحدهما، كما أن جحود النكاح ليس طلاقاً. قوله: (ولو لم يبلغه) ثم إن تصرف حينئذ، ضمن، وإلا فلا، إن لم يتعد أو يفرط. يستثنى من ذلك لو اقتص الوكيل، ولم يعلم عفو موكله، فإنه لا ضمان عليهما. قوله: (لا مودع) أي: قبل علمه بموت مودع، أو عزله، فلا يضمن تلفها عنده بلا تعد ولا تفريط. قوله: (ولا يقبل) يعني: قول موكل في عزله قبل تصرف غير طلاق. قوله: (قبل دفع وكيله للساعي ... إلخ) ظاهره: أنه لو كان الوكيل دفع الزكاة لنحو فقير، لا يقبل قول الموكل: أنه كان أخرج قبل ذلك، حتى ينتزعها من الفقير بلا بينة. قاله في "شرح الإقناع".

وَتُؤْخَذُ إنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ وإقْرَارُ وَكِيلٍ بِعَيْبٍ فِيمَا بَاعَهُ وَإِنْ رُدَّ بِنُكُولِهِ رُدَّ عَلَى مُوَكِّلٍ وَعُزِلَ فِي دَوْرِيَّةٍ وَهِيَ وَكَّلْتُكَ وَكُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ بعَزَلْتُكَ وَكُلَّمَا وَكَّلْتُكَ فَقَدْ عَزَلْتُكَ وَهُوَ فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ وَمَنْ قِيلَ لَهُ اشْتَرِ كَذَا بَيْنَنَا فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَهَا لِآخَرَ فَقَدْ عَزَلَ نَفْسَهُ وَتَكُونُ لَهُ وَلِلثَّانِي وَمَا بِيَدِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ أَمَانَةٌ

_ قوله: (وتؤخذ) يعني: زكاة دفعها وكيل من ساع، وقد أخرج موكل. قوله: (إن بقيت بيده) وإلا تعين الرجوع على وكيل. قوله: (وإن رد بنكوله) أي: إن قلنا: القول قول البائع، وتقدم: الصحيح قول مشتر. قوله: (وعزل في دورية ... إلخ) إنما سميت هذه الوكالة دورية؛ لأنها تدور مع العزل، فكلما عزله، عاد وكيلا بحكم التعليق والتكرار. قوله: (وهو) أي: العزل المذكور. قوله: (معلق بشرط) وهو التوكيل، فلا يكون وكيلا بعد ذلك في تلك العين. قوله: (وما بيده) أي: الوكيل ونحوه. قوله: (أمانة) أي: فلا يضمن حيث لم يتصرف، ولم يتعد، أو يفرط، وكذا هبة بيد ولد بعد رجوع أبيه فيها.

فصل وحقوق العبد مُتَعَلِّقَةٌ بِمُوَكِّلٍ فَلَا يَعْتِقُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَكِيلٍ وَيَنْتَقِلُ مِلْكٌ لِمُوَكِّلٍ وَيُطَالِبُ بِثَمَنِ وَيَبْرَأُ مِنْهُ بِإِبْرَاءِ بَائِعٍ وَكِيلًا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَكِيلٌ ويَرُدَّ بِعَيْبٍ وَيَضْمَنُ الْعُهْدَةَ وَنَحْوَهُ وَيَخْتَصُّ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ لَمْ يَحْضُرْهُ مُوَكِّلٌ

_ فصل في حكم عقود الوكيل، وما يمتنع عليه منها، وما يترتب على تصرفه من ضمان. قوله: (وحقوق العقد) كتسليم ثمن، وقبض مبيع، وضمان درك، ورد بعيب، ونحوه مطلقاً. قوله: (ويطالب) يعني: موكل، أي: كما أن الوكيل يطالب بذلك. قوله: (لم يعلم) أي: لا إن علم. قوله: (ويرد ... إلخ) أي: موكل. قوله: (ونحوه) بالرفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: ونحو ما ذكر كذلك، كملك مشتر طلب بائع بإقباض ما باعه له وكيله، لكن إن باع وكيل بثمن في الذمة، فلكل من موكل ووكيل، الطلب به، لصحة قبض كل منهما له، وإن اشترى وكل بثمن في ذمته، ثبت في ذمة الموكل أصلاً، وفي ذمة الوكيل تبعاً، كالضامن، وللبائع مطالبة من شاء منهما، وإن أبرأ الموكل بريء الوكيل لا عكسه. قوله: (لم يحضره موكل) فإن حضره موكل،

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَكِيلٍ لِنَفْسِهِ وَلَا شِرَاؤُهُ مِنْهَا لِمُوَكِّلِهِ إلَّا إنْ أَذِنَ فَيَصِحُّ تَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِيهِمَا كَأَبِ الصَّغِيرِ وتَوْكِيلِهِ فِي بَيْعِهِ، وآخَرَ فِي شِرَائِهِ وَمِثْلُهُ نِكَاحٌ ودَعْوَى وَوَلَدُهُ وَوَالِدُهُ وَمُكَاتَبُهُ وَنَحْوِهِمْ كَنَفْسِهِ وَكَذَا حَاكِمٌ وَأَمِينُهُ وَوَصِيٌّ وَنَاظِرُ وَقْفٍ وَمُضَارِبٌ الْمُنَقِّحُ وَشَرِيكُ عَنَانٍ وَوُجُوهٍ وَإِنْ بَاعَ وَكِيلٌ أَوْ مُضَارِبٌ بِزَائِدٍ عَلَى مُقَدَّرٍ أَوْ ثَمَنِ مِثْلٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا أُمِرَا بِهِ صَحَّ وَكَذَا إنْ بَاعَا بِأَنْقَصَ مِثْلٍ، أَوْ اشْتَرَيَا بِأَزْيَدَ وَيَضْمَنَانِ فِي شِرَاءٍ الزَّائِدَ وفِي بَيْعٍ كُلَّ النَّقْصِ عَنْ مُقَدَّرٍ مَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ عَادَةً عَنْ ثَمَنِ مِثْلٍ

_ فالأمر له، إن شاء حجر على الوكيل فيه أو أبقاه له، مع كون الوكيل يملكه؛ لأن الخيار حقيقة له. "شرح". قوله: (كأب الصغير) أي: إذا باعه من ماله، أو اشترى منه. قوله: (وناظر وقف) أي: فلا يصح أن يؤجره لمن ترد شهادته له من ولد، ووالد، وزوج، ومكاتب مطلقاً، وقيل بل بأجرة المثل، وقيل: يصح مطلقاً، هذا إن لم يكن الناظر هو المستحق، وإلا صحت بلا نزاع، كما في "جمع الجوامع" لابن عبد الهادي رحمه الله تعالى. قوله: (عن ثمن مثل) وكذا شريك، ووصي، وناظر وقف، أو بيت مال ونحوهم. قال الشيخ تقي الدين: وهذا ظاهر فيما إذا فرط، أما إذا احتاط ولم يقصر، فهو معذور. انتهى. ومنه تعلم اعتبار التفريط وعدمه، وهو موافق لما ذكره فيما سيأتي. فتدبر.

وَلَا يَضْمَنُ قِنٌّ لِسَيِّدِهِ وَلَا صَغِيرٌ لِنَفْسِهِ وَإِنْ زِيدَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلٍ قَبْلَ بَيْعٍ لَمْ يَجُزْ بِهِ وفِي مُدَّة خِيَارِ مَجْلِسٍ لَمْ يَلْزَمْ فَسْخُ وبِعْهُ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَ بِهِ وَبِعَرَضٍ أَوْ بِدِينَارٍ صَحَّ وَكَذَا بِأَلْفٍ نَسَاءً فَبَاعَ بِهِ حَالًّا وَلَوْ مَعَ ضَرَرٍ مَا لَمْ يَنْهَهُ وبِعْهُ فَبَاعَ بَعْضَهُ بِدُونِ ثَمَنِ كُلِّهِ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يَبِعْ بَاقِيه

_ قوله: (لم يلزم) ينبغي تقييده بما إذا زاد غير عالم بالأول، وإنما لم يلزم الفسخ في الثانية مع لزومه فيما تقدم في الحجر في أمين الحاكم؛ لأن مال المفلس بيع لوفاء دينه، وهو واجب بحسب الإمكان، بخلاف ما هنا، فإن خالف الوكيل وباع مع حضور من يزيد على ثمن المثل، فمقتضى ما سبق: يصح البيع، وظاهر كلامهم: ولا ضمان، ولم أره مصرحاً به. قاله في "شرح الإقناع". وقد يقال: بل هو مفرط في الحالة المذكورة، فيضمن لتحقق تفريطه، أخذا مما سيأتي، وكلامهم هنا لا ينافيه. فليحرر. قوله: (ولو مع ضرر) أي: بحفظ ثمن. قوله: (ما لم يبع باقيه) أي: مدة عدم بيع

أَوْ يَكُنْ عَبِيدًا أَوْ صُبْرَةً وَنَحْوهَا فَيَصِحُّ مَا لَمْ يَقُلْ صَفْقَةً كَشِرَاءٍ وبِعْهُ بِأَلْفٍ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَهُ بِهِ فِي آخَرُ صَحَّ مَا لَمْ يَنْهَهُ أَوْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ واشْتَرِهِ بِكَذَا فَاشْتَرَاهُ بِهِ مُؤَجَّلًا أَوْ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ تُسَاوِيهِ إحْدَاهُمَا أَوْ شَاةً تُسَاوِيهِ بِأَقَلَّ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا واشْتَرِ عَبْدًا لَمْ يَصِحَّ شِرَاءُ اثْنَيْنِ مَعًا وَيَصِحُّ شِرَاءُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أُمِرَ بِشِرَائِهِمَا وَلَيْسَ لَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ لَزِمَهُ مَا لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ

_ باقيه فـ (ما) مصدرية ظرفية، والمعنى: أن البيع الأول موقوف، فإن بيع الباقي، تبينا صحة الأول، وإلا تبينا بطلانه، كما في "شرح الإقناع" قال: ولم أره صريحاً. قوله: (ونحوها) أي: مما لا ينقصه تفريق. قوله: (كشراء) فلو قال: اشتر لي عشرة عبيد، أو أرطال غزل، أو أمداد بر، صح شراؤها صفقة، وشيئا بعد شيء، ما لم يقل: صفقة، فيتعين. قوله: (لم يصح شراء اثنين معاً) وظاهره: ولو كان أحدهما يساوي ما عينه من الثمن، وكأنه اقتصار على محل النص. قوله: (ويصح شراء واحد ممن ... إلخ) أي: عبدين. قوله: (أمر بهما) أي: بشرائهما.

وَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ رَدُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ورَدَّهُ ثُمَّ إنْ حَضَرَ فَصَدَّقَ بَائِعًا لَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ وَهُوَ بَاقٍ لِمُوَكِّلٍ وَإِنْ أَسْقَطَ وَكِيلٌ خِيَارَهُ وَلَمْ يَرْضَ مُوَكِّلُهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَإِنْ أَنْكَرَ بَائِعٌ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لِمُوَكِّلٍ حَلَفَ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ وَلَا يَرُدُّ مَا عَيَّنَهُ لَهُ مُوَكِّلٌ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ قَبْلَ إعْلَامِهِ واشْتَرِ بِعَيْنِ هَذَا فَاشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَلْزَمْ مُوَكِّلًا وَعَكْسُهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ جَازَا وبِعْهُ لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ

_ قوله: (فله رده) أي: إن سخطه موكل أو كان غائبا. قوله: (ولا يرد ما عينه) خلافاً لـ "الإقناع". قوله: (لم يلزم موكلاً) وحينئذ يقع الشراء لوكيل، وهل يتوقف على إجازة الموكل؟ فيه روايتان. قاله في "المغني". قوله: (وإن أطلق) بأن قال: اشتر كذا بكذا ولم يقل بعين ولا في ذمة. قوله: (جازا) أي: الشراء بالعين وفي الذمة. قوله: (لم يصح) سواء قدر له الثمن أو لا، إلا إن علم وكيل ولو بقرينة أنه لا غرض له في عين زيد.

وَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ مَلَكَ تَسْلِيمَهُ لَا قَبْضَ ثَمَنِهِ مُطْلَقًا فَإِنْ تَعَذَّرَ

_ قوله: (ملك تسليمه) اعلم: أنه حيث جاز للوكيل قبض الثمن، لم يجز له أن يسلم المبيع قبل قبض ثمنه عنه إلا بحضور موكل، فإن سلمه بغير حضوره قبل قبضه، ضمن، وكذا وكيل في شراء وقبض مبيع لا يسلم الثمن حتى يسلم المبيع. قاله في "الإقناع". وأقره شارحه عليه، فقول المصنف هنا: (ملك تسليمه)، أي: بعد قبض الثمن، حيث ساغ له، ومما تقرر، علم: أنه لو كان العاقدان وكيلين إذن لكل منهما في قبض ما يؤول إليه، لأدى ذلك إلى التشاح، فينضب الحاكم عدلا يقبض منهما، ويسلم المبيع ثم الثمن، كما تقدم في الخيار. فتدبر. قوله: (مطلقاً) أي: سواء دلت عليه قرينة كأمره ببيعه في محل ليس فيه الموكل، أو لا. هذا أحد الأوجه في المسألة، قال في "الإنصاف": وهو المذهب، وقدمه في "التنقيح"، واختاره الأكثر. والثاني: يملكه مطلقاً. والثالث: يملكه مع القرينة. وصوبه في "الإنصاف"، وقطع به في "الإقناع"، و "مختصر المقنع". قوله: (فإن تعذر) أي: على موكل قبض الثمن لموت مشتر مفلسا ونحوه، لم يلزمه؛ لظهور مبيع مستحقاً أو معيباً، فإنه لا شيء على وكيل في شرائه.

لَمْ يَلْزَمْهُ كَحَاكِمٍ وَأَمِينِهِ الْمُنَقِّحُ مَا لَمْ يُفْضِ إلَى رِبًا فَإِنْ أَفْضَى وَلَمْ يَحْضُرْ مُوَكِّلُهُ مَلَكَ قَبْضَهُ وَكَذَا الشِّرَاءُ وَإِنْ أَخَّرَ تَسْلِيمَ ثَمَنِهِ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَهُ وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي بَيْعٍ تَقْلِيبُهُ عَلَى مُشْتَرٍ إلَّا بِحَضْرَةِ مُوَكِّلٍ وَإِلَّا ضَمِنَ وَلَا بَيْعُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَيَضْمَنُ وَيَصِحُّ وَمَعَ مُؤْنَةِ نَقْلٍ وَمَنْ أُمِرَ بِدَفْعِ شَيْءٍ إلَى مُعَيَّنٍ لِيَصْنَعَهُ فَدَفَعَ وَنَسِيَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ أَطْلَقَ مَالِكٌ فَدَفَعَهُ إلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ وَلَا اسْمَهُ وَلَا دُكَّانَهُ ضَمِنَ

_ قوله: (كحاكم وأمينه) يبيعان شيئا على غائب، أو صغير، أو نحوهما، ويتعذر قبض الثمن لهرب مشتر أو نحوه. منصور البهوتي. قوله: (ما لم يفض إلى ربا) أي: ربا النسيئة. قوله: (ومع مؤنة نقل لا) أي: لا يصح البيع إذا نقل الوكيل المبيع الذي لحمله مؤنة إلى بلد آخر. قوله: (وإن أطلق مالك) أي: بأن لم يعين المدفوع إليه. قوله: (إلى من لا يعرف عينه) كما لو ناوله من وراء جدار.

وَمَنْ وُكِّلَ فِي قَبْضِ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ لَمْ يُصَارَفْ وَإِنْ أَخَذَ رَهْنًا أَسَاءَ وَلَمْ يَضْمَنْهُ وَمَنْ وَكَّلَ وَلَوْ مُودَعًا فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ وَلَمْ يَشْهَدْ وَأَنْكَرَ غَرِيمٌ ضَمِنَ مَا لَيْسَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلٍ

_ قوله: (لم يصارف) أي: لم يجز للوكيل أن يأخذ ممن عليه الدين غير ما هو عليه على سبيل المصارفة؛ لأنه لم يؤذن له في ذلك. فإن فعل كان وكيلا في المصارفة للمدين لا لصاحب الدين هو الموكل الأول، فمتى تلف ما أخذه هذا الوكيل، كان من ضمان دافعه؛ لأنه باق على ملكه، هذا إن لم يخبر الرسول المدين بأن رب الدين آذنه في ذلك، فإن أخبره بذلك، ضمنه الرسول؛ لأنه غره، ولا يعارض هذا ما سبق في الضمان من أن الرسول المخالف يكون ضمان ما خالف فيه على المرسل الأول، ويستقر على الرسول؛ لأن ذاك فيما إذا كان المأمور بقبضه عين مال المرسل كالوديعة، بخلاف ما هنا، فإنه في الدين، وهو لا يملك إلا بقبضه، وسوى في "الإقناع" بين المسألتين، فجعل الضامن على الباعث، أي: المدين أو من عنده المال ويرجع على الرسول في الأخيرة، أعني: صورة الوديعة. قوله: (وإن أخذ ... إلخ) أي: وكيل قبض دين، قوله: (ولم يضمنه) لأنه فاسد، فلا ضمان فيه، كما لا ضمان في صحيحه. قوله: (وأنكر غريم) أي: أنكر القضاء. قوله: (ضمن ما) أي: المدفوع

بِخِلَافِ إيدَاعٍ وَإِنْ قَالَ أَشْهَدْتُ فَمَاتُوا أَوْ أَذِنْتَ لِي فِيهِ أَوْ قَضَيْت بِحَضْرَتِكَ حَلَفَ مُوَكِّلٌ وَمَنْ وُكِّلَ فِي قَبْضِ كَانَ وَكِيلًا فِي خُصُومَةٍ لَا عَكْسِهِ وَيُحْتَمَلُ فِي أَجِبْ خَصْمِي عَنِّي كَخُصُومَةٍ وبُطْلَانُهَا

_ الذي ليس دفعه في حضور الموكل حتى ولو صدقه موكل لأنه لم يأذن إلا في دفع مبريء. قوله: (بخلاف إيداع) أي: فلا يضمن وكيل لم يشهد على الوديع إذا أنكر؛ لقبول قوله في الرد والتلف. قوله: (وإن قال) وكيل في قضاء دين. قوله: (ومن وكل في قبض) قال في "شرحه": لدين أو عين، فشمل ذلك الوديعة والغصب وغيرهما، فيملك الخصومة؛ لأنها طريق إلى ذلك. قال منصور البهوتي: قلت: ومثله من وكل في قسم شيء، أو بيعه، أو طلب شفعة، فيملك بذلك تثبيت ما وكل فيه، لأنه طريق إليه. انتهى. والتوكيل في الخصومة توكيل في إثبات الحق، وليس لوكيل في خصومة إقرار على موكله مطلقاً، أي: عند الحاكم أو غيره. قوله: (وبطلانها) قال في "تصحيح الفروع": الصواب الرجوع في ذلك إلى القرائن، فإن دلت على شيء كان، وإلا فهي إلى الخصومة أقرب. انتهى. منصور البهوتي.

واقْبِضْ حَقِّي الْيَوْمَ لَمْ يَمْلِكْهُ غَدًا ومِنْ فُلَانٍ مَلَكَهُ مِنْ وَكِيلِهِ لَا مِنْ وَارِثِهِ وَإِنْ قَالَ الَّذِي قِبَلَهُ مَلَكَهُ مِنْ وَارِثِهِ فصل والوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي تَلَفِ ونَفْيِ تَفْرِيطٍ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي كُلِّ مَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَوْ نِكَاحًا

_ قوله: (اليوم) أي: أو يوم كذا ونحوه. قوله: (وإن قال: الذي قبله) أي: أو في جهته أو الذي عليه. فصل في اختلاف الوكيل مع الموكل، وما يقبل قوله فيه وغير ذلك. قوله: (لا يضمن ما تلف) متبرعاً، أو بجعل. قوله: (بلا تفريط) فإن فرط، أو تعدى، ضمن. قوله: (في تلف) أي: في دعوى تلف عين، أو ثمنها بعد قبضه المأذون فيه، حتى لو كان له دين، ولآخر عليه دين، فوكله في قبض دينه، وأذن له أن يستوفي حقه منه فتلف المال قبل استيفائه، فإنه لا يضمنه، نص عليه أحمد في رواية مثنى الأنباري. ذكره ابن رجب في القاعدة الثالثة والأربعين. قوله: (في كل ما) أي: تصرف، أي: في صدوره منه. قوله: (وكل فيه) من نحو بيع وإجارة وغيرهما، فيقبل قوله في قبض ثمن من

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّ عَيْنٍ أَوْ ثَمَنِهَا فقَوْلُ وَكِيلٍ لَا بِجُعْلٍ وَلَا إلَى

_ مشتر حيث جاز قبضه، وفي تلفه بيده، وفي قدر ثمن ونحوه، لكن لا يصدق فيما يخالف الحس من قليل ثمن إن باع، أو كثيره إن اشترى، ولو وكل بائع في بيع، ومشتر في شراء، واتفق الوكيلان على الثمن، واختلف فيه الموكلان، فقال القاضي: يتحالفان، وقال المجد: الأصح: يقبل قول الوكيلين، ولا تحالف. قوله: (فقول وكيل) اعلم: أن جملة الأمناء على ضربين: أحدهما: من قبض المال لنفع مالكه لا غير، كالوديع، والوكيل المتبرع، فيقبل قوله في الرد. الثاني: من ينتفع بقبض الأمانة، كالوكيل بجعل، والمضارب، والمرتهن، فلا يقبل قوله في الرد على الأصح. قاله في "شرحه". وإن طلب الموكل الثمن من الوكيل، فوعده رده، ثم ادعى أنه كان رده قبل الطلب، أو أنه تلف، لم يقبل ولو ببينة، وإن لم يعده برده، لكن منعه أو مطله مع إمكانه، ثم ادعى رداً أو تلفا، لم يقبل إلا ببينة، فيبرأـ إذا شهدت بالرد مطلقاً، أو التلف قبل المنع، أو المطل وإلا ضمن، وإن أنكر قبض المال، ثم ثبت ببينة، أو اعتراف، فادعى رداً أو تلفا، لم يقبل ولو ببينة، فإن كان جحوده بقوله: لا يستحق علي شيئاً، أو ملك عندي شيء، أو نحوه مما ليس بصريح في إنكار القبض ابتداء، سمع قوله، إلا أن يدعي رداً أو تلفاً بعد قوله: مالك عندي شيء ونحوه، فلا يسمع قوله، لكن في مسألة التلف يقبل بيمينه بالنسبة لغرم البدل، كما يأتي في الغاصب.

وَرَثَةِ مُوَكِّلٍ أَوْ إلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ وَلَا وَرَثَةِ وَكِيلٍ فِي دَفْعٍ لِمُوَكِّلٍ وَلَا أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ ومُسْتَأْجِرِ وَدَعْوَى الْكُلِّ تَلَفًا بِحَادِثٍ ظَاهِرٍ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِالْحَادِثِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وأَذِنْتَ لِي فِي الْبَيْعِ نَسَاءً أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِأَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْإِذْنِ فقَوْلُ وَكِيلٍ كَمُضَارَبٍ

_ قوله: (ولو بإذنه) كأن آذنه في دفع دينار لزيد قرضاً، فقال الوكيل: دفعته له، وأنكره زيد، ونحوه. قوله: (ولا أجير مشترك) أي: كصباغ وصائغ وخياط، وظاهره: أنه يقبل قول أجير خاص، وأطلق في "الإقناع": أنه لا يقبل قول أجير في الرد، والأظهر: قبول الخاص إن عمل في بيت مستأجر. قوله: (ودعوى الكل) أي: كل الأمناء المقبول قولهم أو لا من وكيل وأجير مشترك ومستأجر لعين ونحوهم. قوله: (ويقبل قوله فيه) أي: بيمينه. قوله: (أو اختلفا في صفة الإذن) هل العين كذا، والمبيع كذا، والمعقود معه فلان؟ لا في جنس التصرف، كبيع ورهن، فقول موكل.

ووَكَّلْتَنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ لَك فُلَانَةَ فَفَعَلْت وَصَدَّقَتْ الْوَكِيلَ وَأَنْكَرَهُ مُوَكِّلٌ فَقَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَإِلَّا لَزِمَهُ تَطْلِيقُهَا وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلًا شَيْءٌ وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِلَا جُعْلٍ وبِ مَعْلُومٍ أَيَّامًا مَعْلُومَةً أَوْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْأَلْفِ شَيْئًا مَعْلُومًا لَا مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ كَذَا لَمْ يَصِفْهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ ثَمَنَهُ وَإِنْ عَيَّنَ الثِّيَابَ الْمُعَيَّنَةَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ مُعَيَّنٍ صَحَّ كَبِعْ ثَوْبِي بِكَذَا فَمَا زَادَ فَلَكَ وَيَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ إلَّا إنْ اشْتَرَطَهُ

_ قوله: (بلا يمين) لأن الموكل يدعي عقداً لغيره. قوله: (ثم إن تزوجها) أي: بعقد جديد أقر العقد، فلو ادعته المرأة، استحلف الموكل؛ لأنها تدعي الصداق في ذمته، كما صرح به في "المغني" وغيره. قوله: (ثم إن تزوجها) أي: بعقد جديد أقر العقد، ولو مات أحدهما لم يرثه الآخر؛ لأنه لم يثبت نكاحها فترثه، وهو منكر زوجيتها، فلا يرثها إلا أن يصدق الورثة، أو تقوم بها بينة. قوله: (تطليقها) وحرم نكاحها غيره قبله، ولا يصح، قوله: (ولا يلزم وكيلا شيء) أي: إن لم يضمن الصداق، وإلا فنصفه. قوله: (وبمعلوم) أي: لا بمجهول، وله إذن أجرة المثل، ويصح تصرفه. قوله: (من معين) ليس بقيد.

وَمَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ فَادَّعَى إنْسَان أَنَّهُ وَكِيلُ رَبِّهِ فِي قَبْضِهِ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ أُحِيلَ بِهِ فَصَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعٌ إلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُسْتَحْلَفْ وَإِنْ دَفَعَهُوَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ ذَلِكَ حَلَفَ وَرَجَعَ عَلَى دَافِعٍ إنْ كَانَ دَيْنًا ودَافِعٌ عَلَى مُدَّعٍ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ فِي تَلَفٍ ومَعَ حَوَالَةٍ فَيَرْجِعُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا وَوَجَدَهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ

_ قوله: (ومن عليه حق) يعني: من دين أو عين عارية، أو وديعة ونحوها. قوله: (وأنكر صاحبه ذلك) أي: تذلك المذكور من وكالة وحوالة. قوله: (في تلف) أي: وإلا يتعد أو يقصر، لم يرجع الدافع حيث تلف؛ لأن ما قبضه المحتال بتعد أو تفريط أو لا، مضمون عليه؛ لأنه قبضه لنفسه، وقد علمت أن هذا الكلام فيما إذا صدق المدعى عليه المدعي، فأحرى إذا لم يصدقه، وهو داخل في عموم قوله: (ومع عدم تصديقه برجع مطلقاً) واعلم: أنه تقبل بينة المحتال عليه على المحيل، فلا يطالبه، وتعاد لغائب محتال بعد دعواه، فيقضى له بها إذن. قاله في "المبدع". قوله: (ونحوها) كعارية وغصب. قوله: (أيهما شاء) فإن ضمن الوكيل، لم يرجع على دافع ولو صدقه، وإن ضمن الدافع رجع على وكيل تعدى أو

وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى غَيْرِ مُتْلِفٍ أَوْ مُفَرِّطٍ ومَعَ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ فَيَرْجِعُ مُطْلَقًا وَإِنْ ادَّعَى مَوْتَهُ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَزِمَهُ دَفْعُهُ مَعَ تَصْدِيقِهِ وحَلِفُهُ مَعَ إنْكَارِهِ وَمَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي رَدٍّ وَطُلِبَ مِنْهُ لَزِمَهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِيَشْهَدَ وَكَذَا مُسْتَعِيرٌ وَنَحْوُهُ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا أَخَّرَ كَدَيْنٍ بِحُجَّةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا بَلْ الْإِشْهَادُ بِأَخْذِهِ كَحُجَّةِ مَا بَاعَهُ.

_ فرط ولو صدقه، وإلا يتعد أو يفرط لم يرجع عليه حيث صدقه، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: (ولا يرجع بها على غير متلف ... إلخ). فتدبر. قوله: (ولا يرجع بها) دافع ضمنه ربها على مدع ... إلخ هذا كله إذا صدق من عليه الحق المدعي. قوله: (مطلقاً) أي: سواء كان ديناً أو عيناً، بقي أو تلف، ومجرد التسليم ليس تصديقاً. قوله: (وحلفه) أي: أنه لا يعلم صحة ما قاله. قوله: (وكذا مستعير ... إلخ) أي: وكذا من لا يقبل قوله في الرد من مدين ومستعير ومرتهن ونحوهم، لا بينة عليهم بذلك، يلزمهم الرد، ولا يجوز لهم التأخير إلى أن يشهد القابض على نفسه، لأن الدافع إذن لا ضرر عليه فيه، لتمكنه من الجواب بنحو: لا يستحق علي شيئاً، ويحلف عليه كذلك.

كتاب الشركة

كتاب الشركة الشركة: قِسْمَانِ اجْتِمَاعٌ فِي اسْتِحْقَاقٍ الثَّانِي فِي تَصَرُّفٍ وَتُكْرَهُ مَعَ كَافِرٍ لَا كِتَابِيٍّ لَا يَلِي التَّصَرُّفَ وَهُوَ أَضْرُبٍ شَرِكَةُ عِنَانٍ وَهِيَ

_ قوله: (في استحقاق) أي: استحقاق منفعة وعين، كعبد ورثه اثنان، أو منفعة فقط، كعبد أوصى بنفعه لهما، أو رقبة فقط، كعبد أوصى بنفعه لزيد وورث العبد اثنان، أو حق في رقبة، كحد قذف لاثنين بكلمة واحدة، وأنه يحد لهما حداً واحداً، وهذا النوع الرابع شبيه بالنوع الثاني، أعني: الاشتراك في المنفعة فقط، غير أن ذاك يرجع إلى المال، وهذا لا يرجع. فتدبر. قوله: (في تصرف) وهي شركة العقود المقصودة هنا. قوله: (وتكره مع كافر) يعني: ليس بكتابي، كالمجوسي، والثني، ومن يعبد غير الله تعالى، وظاهره: ولو كان المسلم يلي التصرف، كما في "شرح الإقناع": وتكره معاملة من في ماله حلال وحرام يجهل. قوله: (شركة عنان) سميت شركة العنان بذلك؛ لاستواء الشريكين فيها في المال والتصرف، كالفارسين إذا سويا بين عناني فرسيهما في السير،

أَنْ يُحْضِرَ كُلُّ مِنْ عَدَدِ جَائِزُ التَّصَرُّفِ مِنْ مَالِهِ نَقْدًا مَضْرُوبًا مَعْلُومًا وَلَوْ مَغْشُوشًا قَلِيلًا أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتًا أَوْ شَائِعًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إنْ عَلِمَ كُلٌّ قَدْرَ مَالِهِ لِيَعْمَلَ فِيهِ كُلٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِنِسْبَةِ مَالِهِ أَوْ جُزْءًا مُشَاعًا مَعْلُومًا أَوْ يُقَالُ بَيْنَنَا

_ هذا بالنظر للغالب، وإلا فقد يكون العمل فيها من جانب، كما صرح به المصنف وغيره. قوله: (أن يحضر ... إلخ) أي: فلا تصح على غائب، أو في الذمة، لكن إذا أحضراه وتفرقا، ووجد منهما ما يدل على الشركة فيه انعقدت حينئذ، كما في "شرح الإقناع". قوله: (كل) أي: فخرجت المضاربة؛ لأن المال فيها من جانب، والعمل من آخر، قوله: (معلوماً) اعلم: أن محصل ما يؤخذ من كلامهم في شروط شركة العنان أنها سبعة: إحضار المال، وكون عاقد جائز التصرف، وكون المال له حقيقة، أو حكماً، وكونه نقداً، وكونه مضروباً، وكونه معلوماً، واشتراط جزء معلوم من الربح. هذه سبعة شروط، سابعها فيه تفصيل، وهو: أنه إن عمل كل، فلا بد من شرط جزء معلوم من الربح لكل، وإن عمل البعض، فلا بد من شرط جزء معلوم من الربح زائد على ربح ماله. قوله: (أو من جنسين) أي: أو صفتين. قوله: (أو متفاوتاً) ويرجع كل بما أخرجه، وما زاد فربح. قوله: (ليعمل فيه) أي: في جميع المال، فهذه ثلاث صور صحيحة. قوله: (كل) أي: كل من الشركاء.

فَيَسْتَوُونَ فِيهِ أَوْ الْبَعْضُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ أَثَرٌ مِنْ رِبْحِ مَالِهِ وَتَكُونُ عِنَانًا وَمُضَارَبَةً وَلَا تَصِحُّ بِقَدْرِهِ لِأَنَّهُ إبْضَاعٌ وَلَا بِدُونِهِ وَتَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَيُغْنِي لَفْظُ الشَّرِكَةِ عَنْ إذْنٍ صَرِيحٍ

_ قوله: (فيستوون فيه) لأن إضافته إليهما إضافة واحدة من غير ترجيح، فاقتضت تسويتهم فيه، قوله: (أو البعض) بالرفع، عطف على: (كل) فاعل يعمل، وفيه إدخال "أل" على "بعض"، وقد أجازه النحويون إلا الأصمعي، فإنه امتنع من دخولها، على "بعض" "وكل"، قال أبو حاتم: ثم قلت للأصمعي: رأيت في كلام ابن المقفع: العلم كثير ولكن أخذ البعض خير من ترك الكل، فأنكره أشد الإنكار! وقال "كل" و "بعض" معرفتان؛ لأنهما في نية الإضافة، وقد نصبت العرب عنهما الحال، فقالوا: مررت بكل قائماً. نقله في "المصباح". قوله: (بما يدل على الرضا) أي: من قول أو فعل.

بِالتَّصَرُّفِ وَيَنْفُذُ مِنْ كُلٍّ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ والْوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ خَلْطُ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْعَمَلُ وَبِإِعْلَامِ الرِّبْحِ بِعِلْمِ وَالرِّبْحُ نَتِيجَتُهُ وَالْمَالُ تَبَعٌ فَمَا تَلِفَ قَبْلَ خَلْطٍ

_ قوله: (بحكم الملك ... الخ) الظاهر: أن الإضافة بيانية، والباء للسببية، وفي الكلام مضاف محذوف، والأصل: بسبب حكم هو الملك، أي: بسبب ثبوت الملك في نصيبه، وثبوت الوكالة في نصيب شريكه. فتدبر. قوله: (لأن مورد العقد العمل) المورد في الأصل، اسم مكان الورود، يعني: أنه يرد العقد على التصرف والعمل، والربح لا بد من معرفة قدره، وعملهما على قدر ربحهما، فبمعرفة قدر الربح يعلم قدر العمل، مثلاً إذا كان الربح نصفين، فالعمل كذلك، فلذلك كانت معرفة الربح كافية عن معرفة العمل. قوله: (نتيجته) أي: نتيجة العمل. قوله: (والمال تبع) أي: تبع للعمل. قوله: (فما تلف) أي: بعد تصرف، وإلا انفسخت فيه، كما يأتي. قوله أيضاً على قوله: (فما تلف قبل خلط) أي: بعد التصرف. ومقتضى قولهم: فمن الجميع أنه ينتقل ملك نصف مال كل منهما للآخر، وأن ذلك مقتضى عقد الشركة، فاندفع قول ابن نصر الله: إن الانتقال إما بهبة، أو عوض، ولم يوجد واحد منهما.

فمِنْ الْجَمِيعِ لصحة قسم بلَفْظٍ كَخَرْصِ ثمر وَلَا تَصِحُّ إنْ لَمْ يُذْكَرْ الرِّبْحُ أَوْ شُرِطَ لِبَعْضِهِمْ جُزْءًا مَجْهُولًا أَوْ دَرَاهِمُ مَعْلُومَةٌ أَوْ رِبْحُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ وَكَذَا مُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ وَمَا يَشْتَرِيهِ الْبَعْضُ بَعْدَ عَقْدِهَا فلِلْجَمِيعِ وَمَا أَبْرَأَهُ مِنْ مَالِهَا أَوْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فمِنْ نَصِيبِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِمُتَعَلِّقٍ بِهَا فمِنْ الْجَمِيعِ وَالْوَضِيعَةُ بِقَدْرِ مَالِ كُلٍّ

_ قوله: (فمن الجميع) يعني: فالتالف من مال جميع الشركاء، وفائدة ذلك: أنه يجبر ما تلف من ربح الآخر حيث كان التلف بعد التصرف. قوله: (بلفظ) فكذا الشركة. قوله: (فللجميع) أي: حيث لم ينوه لنفسه. قوله: (من مالها ... الخ) بيان لما أبرأ, وحيث أبرأ من الجميع أو أقر به، صح في نصيبه، وبطلت الشركة، أما في صورة الإبراء، فظاهر، وأما في صورة الإقرار، فلكون المقر له لم يحصل بينه وبين الشريك الآخر عقد شركة، ولا بينه وبين وكيله. فتدبر. قوله: (قبل الفرقة) أي: قسم الشركة. قوله: (فمن نصيبه) يعني: أن ذلك ينفذ في قدر ما يخصه من المبرأ منه أو المقر به، كنصفه أو ثلثه مثلا، فتدبر. قوله: (بمتعلق بها) كأجرة دلال. قوله: (بقدر مال كل) سواء كانت لتلف، أو نقصان ثمن أو غيره.

وَمَنْ قَالَ عَزَلْتُ شَرِيكِي صَحَّ تَصَرُّفُ الْمَعْزُولِ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ وَلَوْ قَالَ فَسَخْت الشَّرِكَةَ انْعَزَلَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْيَدِ إنَّ مَا بِيَدِهِ لَهُ وقَوْلُ مُنْكِرٍ لِلْقِسْمَةِ وَلَا تَصِحُّ وَلَا مُضَارَبَةٍ بِنُقْرَةٍ الَّتِي لَمْ تُضْرَبْ وَلَا بِمَغْشُوشَةٍ كَثِيرًا وفُلُوسٍ وَلَوْ نَافِقَتَيْنِ فصل ولكل أن يبيع ويشتري ويَأْخُذَ وَيُعْطِيَ وَيُطَالِبَ وَيُخَاصِمَ وَيُحِيلَ

_ قوله: (صح تصرف المعزول ... الخ) أي: وصح تصرف العازل في جميع المال. قوله: (انعزلا) أي: فلا يتصرف كل إلا في قدر نصيبه. قوله: (بنقرة) النقرة: القطعة المذابة من الفضة، وكذا من الذهب، كما في "القاموس"، وقبل الذوب، هي تبر. كذا في "المصباح". والظاهر: أن المراد هنا: ما يشمل النوعين؛ استعمالا للمقيد في المطلق، بقرينة تفسيره لها بقوله: (التي لم تضرب) ولم يقل: القطعة المذابة. فتدبر. فصل فيما يملك العامل فعله، وما لا يملكه، وفيما عليه قوله: (ويأخذ) أي: يأخذ ثمناً ومثمناً. قوله: (ويعطي) أي: يعطي ذلك. قوله: (ويطالب) أي: يطالب بالدين.

وَيَحْتَالَ وَيَرُدَّ بِعَيْبٍ لِلْحَظِّ وَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ ويُقِرَّ بِهِ ويُقَايِلَ ويُؤَجِّرَ وَيَسْتَأْجِرَ ويَبِيعَ نَسَاءً ويَفْعَلُ كُلَّ مَا فِيهِ حَظٌّ كَحَبْسِ غَرِيمٍ وَلَوْ أَبَى الْآخَرُ ويُودِعَ لِحَاجَةٍ ويَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ عِنْدَهَا ويُسَافِرَ مَعَ أَمْنٍ وَمَتَى لَمْ يَعْلَمْ أَوْ وَلِيُّ يَتِيمٍ خَوْفَهُ أَوْ يَعْلَمَا فَلَسَ مُشْتَرٍ يَضْمَنُ بِخِلَافِ شِرَائِهِ خَمْرًا جَاهِلًا

_ قوله: (للحظ) أي: فيما وليه هو أو صاحبه. قوله: (ولو رضي شريكه) أي: فيرد في الجميع، بخلاف احد اثنين اشتريا معيباً، فرضي أحدهما بعيبه، فإن الآخر إنما يرد في نصيبه، والفرق أن كلا من الشريكين هنا محجور عليه؛ لحظ شريكه، ولأن القصد هنا حصول الربح. فتدبر. قوله: (ويقايل) أي: لمصلحة. قوله: (نساء) أي: لمن يعرفه ويتمكن من أخذ الثمن منه عند حلوله. قوله: (مع أمن) أي: أمن البلد والطريق، فحيث كان الغالب السلامة فلا ضمان، وحيث كان الغالب العطب أو استوى الأمران ضمن، ومثله ولي يتيم ومضارب. قوله: (خوفه) أي: البلد أو الطريق. قوله: (بخلاف شرائه خمرا) قلت: ومثله حر لم يعلمه.

وَإِنْ عَلِمَ عُقُوبَةَ سُلْطَانٍ بِبَلَدٍ بِأَخْذِ مَالٍ فَسَافَرَ فَأَخَذَهُ ضَمِنَ لَا أَنْ يُكَاتِبَ قِنًّا أَوْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يُعْتِقَهُ بِمَالٍ وَلَا أَنْ يَهَبَ أَوْ يُقْرِضَ أَوْ يُحَابِيَ أَوْ يُضَارِبَ أَوْ يُشَارِكَ بِالْمَالِ أَوْ يَخْلِطَهُ بِغَيْرِهِ أَوْ يَأْخُذَ بِهِ سَفْتَجَة بِأَنْ يَدْفَعَ مِنْ مَالِهَا إلَى إنْسَانٍ وَيَأْخُذَ مِنْهُ كِتَابًا إلَى وَكِيلٍ بِبَلَدٍ آخَرَ يَسْتَوْفِي مِنْهُ أَوْ يُعْطِيَهَا بِأَنْ يَشْتَرِيَ الشَّرِيكُ عَرَضًا وَيُعْطِيَ بِثَمَنِهِ كِتَابًا إلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ

_ قوله: (فسافر ... الخ) يفهم من تعبيره بالفاء: أنه لو لم يعلم بذلك إلا بعد سفره، لا ضمان عليه، ولعله ما لم يتمكن من الخروج من تلك البلدة أو نحوه. قوله: (أو يعتقه بمال) لأن ذلك ليس من التجارة المقصودة بالشركة قوله: (ولا أن يهب) ونقل حنبل: يتبرع ببعض لمصلحة. قاله المصنف في "شرحه"، كما إذا لم يتمكن من أخذ الثمن إلا بالإبراء من بعضه، وينبغي تقييده بما إذا لم يكن الشريك عالماً بحال المشتري وقت العقد، أما لو علم أنه ذو شوكة ولا يمكن الاستيفاء منه فعقد معه، فينبغي ضمانه، كما لو علم فلسه، على قياس ما تقدم في الوكيل. فتدبر. قوله: (أو يقرض) يعني: ولو برهن. قوله: (أو يخلطه) من باب: ضرب. قوله: (سفتجة) السفتجة، قيل: بضم السين، وقيل: بفتحها، وأما التاء فمفتوحة فيهما، فارسي

وَلَا أَنْ يُبْضِعَ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ مَالِهَا إلَى مَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ وَشَرِيكِهِ وَلَا أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَيْهَا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَر مِنْ الْمَالِ أَوْ بِثَمَنٍ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ جِنْسِهِ إلَّا فِي النَّقْدَيْنِ

_ معرب، وفسرها بعضهم فقال: هي كتاب صاحب المال لوكيله أن يدفع مالاً قرضاً يأمن به من خطر الطريق، والجمع سفاتج. قاله في "المصباح". قوله أيضا على قوله: (أو يأخذ به سفتجة ... الخ) قال في "الاختيارات": لو كتب رب المال للجابي أو السمسار ورقة؛ ليسلمها إلى الصيرفي المسلم ماله، وأمره أن لا يسلمه حتى يقبضه منه، فخالف ضمن؛ لتفريطه، ويصدق الصيرفي مع يمينه، والورقة شاهدة له؛ لأنه العادة. نقله منصور البهوتي في "حاشية الإقناع". قوله: (وهو) أي: الإبضاع في الأصل: طائفة من المال تبعث للتجارة. قاله الجوهري. والمراد هنا: (أن يدفع من مالها ... الخ) قوله: (إلا في النقدين) لجريان العادة بقبول أحدهما عن الآخر.

إلَّا بِإِذْنِ فِي الْكُلِّ وَلَوْ قِيلَ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَرَأَى مَصْلَحَةً جَازَ الْكُلُّ وَمَا اسْتَدَانَ بِدُونِ إذْنِ فَعَلَيْهِ وَرِبْحُهُ لَهُ وَإِنْ أَخَّرَ حَقَّهُ مِنْ دَيْنٍ جَازَ وَلَهُ مُشَارَكَةُ شَرِيكِهِ فِيمَا يَقْبِضُهُ

_ قوله: (جاز الكل) أي: كل ما يتعلق بالتجارة، بخلاف نحو القرض. قوله: (فعليه) أي: فضمان ما استدانه عليه إن تلف، أو خسر؛ لأنه لم تقع الشركة فيه، وإن أخذ أحدهما مالاً مضاربة، فربحه له دون صاحبه؛ لأنه لا يستحقه بعمله، ويجيء فيه ما يأتي في المضارب، ذكره في "المغني". قاله في "شرح الإقناع". قوله: (وإن أخر حقه) يعني: زمن خيار، كما يفهم من "المبدع". قوله: (وله مشاركة شريكه فيما يقبضه مما لم يؤخر) مفهومه: أنه ليس له مشاركته فيما يقبضه مما أخر، وهو مخالف لما تقدم في السلم، حيث قال هناك: (ولو بعد تأجيل الطالب لحقه) والجواب: أن التأخير هناك بعد لزوم العقد، فهو وعد غير لازم، وهنا في مدة الخيار، كما في "المبدع" فلا معارضة. فتدبر. فائدة: للغريم غير المحجور عليه التخصيص مع تعدد سبب الاستحقاق، لكن ليس لأحدهما إكراهه على تقديمه. قاله في "الإقناع"، أي: فيقع القبض فاسداً.

مِمَّا لَمْ يُؤَخِّرْ وَإِنْ تَقَاسَمَا دَيْنًا فِي ذِمَّةِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ وَعَلَى كُلٍّ مَا جَرَتْ عَادَةٌ بِتَوَلِّيهِ، مِنْ نَشْرِ ثَوْبٍ وَطَيِّهِ وَخَتْمٍ وَإِحْرَازٍ فَإِنْ فَعَلَهُ بِأُجْرَةٍ فعَلَيْهِ وَمَا جَرَتْ بِأَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ حَتَّى شَرِيكِهِ لِفِعْلِهِ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إلَّا بِعَمَلٍ كَنَقْلِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ

_ قوله (مما لم يؤخر) أي: ولو أخرجه القابض برهن أو وفاء، فينتزع ممن بيده، كمقبوض بعقد فاسد. قوله: (وإن تقاسما ديناً في ذمة) أي: بأن كان لهما على زيد مئة، فقال أحدهما لصاحبه: أنا آخذ منه خمسين، وأنت تأخذ خمسين، أو في أكثر من ذمة؛ بأن كان لهما ديون على جماعة ورضي كل ببعضهم، فإن ذلك لا يصح. قوله: (إذا كان ... إلخ) إذا: ظرفية لا شرطية، وإنما جاز ذلك؛ لأن ما جاز أن يستأجر له غير الحيوان، جاز أن يستأجر له الحيوان. قاله في "المغني". يعني: أن لأحد الشريكين

وَبَذْلُ خِفَارَةٍ وَعُشْرٍ عَلَى الْمَالِ وَكَذَا لِمُحَارِبٍ وَنَحْوِهِ

_ الاستئجار لبعض الأعمال في المال المشترك وقد سلم جواز استئجار نحو غرائر الشريك الآخر، فليسلم جواز استئجار الشريك بنفسه، أو غلامه، أو دابته؛ لأن ما جاز أن يستأجر له غير الحيوان ... الخ، وهذه إحدى الروايتين، والأخرى: لا يجوز؛ لأن هذا لا تجب الأجرة فيه إلا بالعمل، ولا يمكن إيقاع العمل في المشترك؛ لأن نصيب المستأجر غير متميز من نصيب المؤجر، فإذا لا تجب الأجرة، والدور والغرائز لا يعتبر فيها إيقاع العمل، إنما يجب وضع العين في الدار فيمكن تسليم المعقود عليه. قاله في "المغني". قوله: "وبذل" أي: وعلى كل بذل ... الخ، و (بذل) بالرفع عطفاً على (تولي) الواقع مبتدأ مرخراً، خبره مع ما عطف عليه قوله: (على كل). فتدبر. قوله أيضا على قوله: (وبذل خفارة ... الخ) في "المصباح": خفر بالعهد يخفر من باب: ضرب، وفي لغة من باب: قتل: إذا وفى به، وخفرت الرجل: حميته وأجرته من طالبه، فأنا خفير، والاسم: الخفارة، بضم الخاء وكسرها. والخفارة مثلثة الخاء: جعل الخفير. انتهى. وهذه الأخيرة هي المرادة هنا. قوله: (وعشر) أي: زكاة، وينبغي أن يقال بمثله. فيما لو غصبت العين المشتركة، فدفع أحد الشريكين مالا في استنقاذها، كما يقتضيه عموم قول الإمام أحمد: ما أنفق على المال المشترك، فعلى المال بالحصص.

فصل وَالِاشْتِرَاطُ فِيهَا نَوْعَانِ صَحِيحٌ، كَأَنْ أَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَّا فِي نَوْعِ كَذَا أَوْ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا يَبِيعَ إلَّا بِنَقْدِ كَذَا أَوْ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ لَا يُسَافِرَ بِالْمَالِ وفَاسِدٌ وَهُوَ قِسْمَانِ

_ فصل في أحكام الشروط في الشركة، وحكمها إذا فسدت، أو تعدي فيها قوله: (إلا في نوع كذا) كالحرير والبر، قوله: (أو بلد بعينه) كمكة، والمدينة. قوله: (أو من فلان) قال في "شرح الإقناع": فإن جميع البيع والشراء من واحد، لم يضر. ذكره في "المستوعب". وفي "المغني"، و "الشرح" خلافه، قال في "المبدع". وهو ظاهر. انتهى كلام الشارح. أقول: ما نقله عن "المغني"، و "الشرح" هو المفهوم من "الإقناع"، و "شرح المنتهى" حيث ذكرا: أن من جملة الشروط الفاسدة، شرط أن لا يبيع إلا ممن اشترى منه، فإن الظاهر: أن المراد به: أنه لا يبيع ما اشتراه إلا على بائعه الذي اشتراه منه. قوله: (وفاسد ... الخ) قال في "الإقناع" ما معناه: إذا

مُفْسِدٌ لَهَا وَهُوَ مَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ وغَيْرُ مُفْسِدٍ كَضَمَانَ الْمَالِ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْوَضِيعَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَالِهِ، أَوْ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا يَخْتَارُ مِنْ السِّلَعِ أَوْ يَرْتَفِقَ بِهَا أَوْ لَا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةَ كَذَا وَإِذَا فَسَدَتْ قُسِّمَ رِبْحُ شَرِكَةِ عِنَانٍ قَدْرِ الْمَالَيْنِ وأَجْرُ مَا تَقَبَّلَاهُ فِي شَرِكَةِ أَبْدَانٍ بِالسَّوِيَّةِ وَوُزِّعَتْ وَضِيعَةٌ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ وَرَجَعَ كُلٌّ مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي عِنَانٍ ووُجُوهٍ وأَبْدَانٍ بِأُجْرَةِ نِصْفِ عَمَلِهِ

_ شرط أحد الشريكين على الآخر مضاربة أخرى، فسد الشرط وحده، صححه في "الإنصاف". قال منصور البهواتي: ومقتضى كلام المجد في المضاربة أنه لا يصح. قال، أي: المجد ومن دفع إلى آخر مئتين على أن يعمل في أحدهما، وعينها بالنصف، وفي الأخرى بالثلث، قياس مذهبنا ومذهب الشافعي، الجواز فيما إذا عطف بحرف الواو، والمنع فيما إذا قال: هذه بالنصف على أن تكون الأخرى بالثلث. انتهى. قوله: (من السلع) بكسر السين: جمع سلعة كسدرة وسدر، وهي: البضاعة، أي: قطعة من المال تعد للتجارة، وأما بفتح السين فهي: الشجة، وجمعها: سلعات. قوله: (وأجر ما تقبلاه) أي: العمل الذي التزماه بعقد. قوله: (ووزعت ... إلخ) أي: قسمت. قوله: (نصف عمله) فإن كان عمل أحدهما مثلا يساوي عشرة دراهم،

ومِنْ ثَلَاثَةِ بِأُجْرَةِ ثُلُثَيْ عَمَلِهِ وَمَنْ تَعَدَّى ضَمِنَ وَرِبْحِ مَالٍ لِرَبِّهِ وَعَقْدٌ فَاسِدٌ فِي كُلِّ أَمَانَةٍ وَتَبَرُّعٍ كَمُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ وَوَكَالَةٍ الْوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا كَصَحِيحٍ فِي ضَمَانٍ وَعَدَمِهِ

_ والآخر خمسة، تقاصا بدرهمين ونصف، ورجع ذو العشرة بدرهمين ونصف، وهكذا. قوله: (ومن تعدى) أي: في صحيحة، أو لا من الشركاء بمخالفة أو إتلاف. قوله: (لربه) ففي شركة العنان يكون الربح بينهما على قدر الملك، وفي المضاربة لا شيء للعامل. فتدبر قوله: (وعقد) هو مبتدأ، خبره: (كصحيح). قوله: (في كل أمانة ... الخ) أي: في شأن كل عين موضوفة بأنها أمانة لا مضمومة، وكل عين موصوفة بأنها تبرع، أي: متبرع بها، أو ذات تبرع، فالأول: مثل له بالمضاربة إلى الهبة، والثاني: مثل له بالهبة، والصدقة، هذا كله في عقود لا معاوضة فيها، وأما عقود المعاوضة فقد أشار المصنف إليها بقوله بعد: (وكل لازم ... الخ) ولا مفهوم لقوله: (لازم) بل كذلك الجائز، كما في "شرح الإقناع". والحاصل: أن الصحيح من العقود إن أوجب الضمان، ففاسده كذلك، وإن كان لا

وَكُلُّ لَازِمٍ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ يَجِبُ فِي فَاسِدِهِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهَا فصل الثاني المضاربة وَهِيَ دَفْعُ مَالٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ قَدْرُهُ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ لَهُ أَوْ لِقِنِّهِ

_ يوجبه، فكذلك فاسده، وليس المراد: أن كل حال ضمن فيها في الصحيح، ضمن فيها في الفاسد، فإن البيع الصحيح لا تضمن فيه المنفعة، بل العين بالثمن، والمقبوض ببيع فاسد، يجب ضمان الأجرة فيه، والإجارة الصحيحة تجب فيها الأجرة بتسليم العين المعقود عليها انتفع المستأجر، أو لا، وفي الإجارة الفاسدة روايتان، أولاهما كذلك. قوله: (وكل لازم ... الخ) أي: أو جائز، فالأول، كما مثل، والثاني، كالعارية. قوله: (ونحوها) كقرض. قوله: (وهي دفع مال) أي: نقد مضروب غير مغشوش كثيرا. قوله: (أو ما في معناه) كوديعة، وغصب. قوله: (معين) أي: فلا يصح: ضارب بأحد هذين الكيسين. قوله: (معلوم) فلا يصح: ضارب بهذه الصبرة. قوله: (بجزء معلوم) متعلق بـ (يتجر) يعني: أن من شرط صحة المضاربة تقجير نصيب العامل من الربح، فلو قال رب المال: خذه

أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ عَمَلٍ مِنْهُ وَتُسَمَّى قَرْضًا ومُعَامَلَةً وَهِيَ أَمَانَةٌ وَوَكَالَةٌ فَإِنْ رَبِحَ فَشَرِكَةٌ وَإِنْ فَسَدَتْ فَإِجَارَةٌ وَإِنْ تَعَدَّى فغَصْبٍ وَلَا يُعْتَبَرُ قَبْضُ رَأْسَ الْمَالِ وَلَا الْقَوْلُ فَتَكْفِي مُبَاشَرَتُهُ لِلْعَمَلِ وَتَصِحُّ مِنْ مَرِيضٍ وَلَوْ سَمَّى لِعَامِلِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ

_ مضاربة، ولم يذكر سهم العامل، أو قال: ولك جزء، أو حظ، أو نصيب من الربح، ففاسدة، والربح كله لرب المال، والوضيعة عليه، وللعامل أجر مثله، وتصرفه صحيح؛ لعموم الإذن. قوله: (مع عمل منه) أي: من الأجنبي، والمراد به هنا: غير قنهما، ولو ولده الصغير، أو زوجته، فإن لم يشترط عمل من الأجنبي، لم تصح المضاربة. قوله: (وتسمى قراضاً) أي: عند أهل الحجاز، والمضاربة عند أهل العراق. قوله: (فإجارة) أي: كإجارة. قوله: (وإن تعدى) أي: بفعل ما ليس له فعله. قوله: (فغصب) يرد المال وربحه، ولا أجرة له، ويضمنه. قوله: (ولا القول) أي: قول عامل: قبلت، ونحوه. قوله: (فتكفي مباشرته) أي: العمل قبولا. قوله: (من مريض) أي: مرض موت مخوف. قوله: (أكثر من أجر مثله) بخلاف مساقاة ومزارعة، فمن الثلث؛ لأن الثمرة من عين المال.

و: اتَّجِرْ بِهِ وَكُلُّ رِبْحِهِ لِي إبْضَاعٌ لَا حَقَّ لِلْعَامِلِ فِيهِ واتَّجِرْ بِهِ وَكُلُّهُ لَك قَرْضٌ لَا حَقَّ لِرَبِّهِ فِيهِ وبَيْنَنَا يَسْتَوِيَانِ فِيهِ وخُذْهُ مُضَارَبَةً وَلَك أَوْ وَلِي رِبْحُهُ لَمْ يَصِحَّ وَلِي أَوْ وَلَك ثُلُثُهُ يَصِحُّ وَبَاقِيهِ لِلْآخَرِ وَإِنْ أَتَى مَعَهُ بِرُبُعِ عُشْرِ الْبَاقِي وَنَحْوِهِ صَحَّ

_ قوله: (وكل ربحه لي ... إلخ) اعلم: أنه إذا شرط الربح كله لأحدهما، فإما أن تكون الصيغة منافية للشرط، كضارب به، فلا يصح، أو لا، كاتجر به، فيصح العقد، ويكون إبضاعاً، أو قرضا. وإذا شرط بعضه لأحدهما، صح مع الصيغتين، وللمسكوت عنه منهما ما بقي من الربح، وقد ذكر المصنف الأقسام الأربعة. قوله: (يستويان فيه) لأن مطلق الإضافة يقتضي التسوية. قوله: (لم يصح) أي: العقد، أي: ولعامل أجرة مثله في الأولى، دون الثانية، قوله: (وباقيه للآخر) فإن قال: لي النصف ولك الثلث، وسكت عن الباقي، صح وكان لرب المال. و: خذه مضاربة على الثلث، أو بالثلث ونحوه، صح، وكان تقدير النصيب للعامل. قوله: (صح) سواء عرفا الحساب أو جهلاه؛ لزوال الجهل بالحساب، ففي المثال أعني: ما إذا قال للعامل: لك ثلث الربح وربع عشر الباقي، يكون له ثلث وسدس عشر؛ لأن المخرج ستون، ثلثها عشرون، وربع عشر الباقي واحد. فتدبر.

_ وإيضاح ذلك: أن الكسر المذكور، أعني: ربع عشر الباقي بعد الثلث مثلا من الكسر المضاف، وهو أقسام: أحدها أن يكون غير الكسر الأول مفرداً، سواء كان الأول مفرداً، أم لا، نحو: خمس خمس، وخمسي خمس. الثاني: أن يكون المضاف إليه غير مسمى، كمثال المتن، أعني: ربع عشر الباقي، وكالمضاف إلى ما اجتمع نحو: نصف وثلث، وخمس ما اجتمع منهما. والمضاف إليه في هذا القسم بصورتيه، أعني: الإضافة إلى الباقي، وإلى ما اجتمع, وغير مسمى، مثال المتن من الصورة الأولى من صورتي هذا القسم. والطريق في معرفة مخرج ذلك ونحوه: أن تقيم مخرج المضاف للجملة، وهو الثلث في المثال، وتأخذ منه بسطه وتلقيه، فمخرج الثلث ثلاثة، وبسط الثلث واحد، وإذا ألقيته من المخرج بقي اثنان ثم تقسم مخرج المضاف إلى الباقي، كأنه مضاف إلى الجملة؛ بأن تقسم مخرج ربع عشر الباقي، كأنه مخرج ربع عشر، فتجد مخرج ربع العشر أربعين، ثم تنظر إلى الباقي بعد بسط الثلث، وهو اثنان، هل ينقسم على الأربعين أو يباين أو يوافق؟ فتجد بينهما موافقة بالأنصاف، فتضرب وفق المضاف إلى الباقي، وهو عشرون، في مخرج المضاف إلى الجملة، وهو ثلاثة، يحصل ستون، ثلثها عشرون، وربع عشر الباقي واحد، ومجموعهما أحد وعشرون، وهي ثلث وسدس عشر، كما ذكرنا أولا، وللكسر المضاف بقية أقسام تطلب من محلها.

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهَا أَوْ فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ مُزَارَعَةٍ لِمَنْ الْمَشْرُوطُ؟ فلِعَامِلٍ وَمُضَارَبَةٍ فِيمَا لِعَامِلٍ أَنْ يَفْعَلُهُ أَوْ لَا ومَا يَلْزَمُهُ وَفِي شُرُوطٍ كَشَرِكَةِ عِنَانٍ وَإِنْ قِيلَ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَهُوَ مُضَارِبٌ بِالنِّصْفِ فَدَفَعَهُ ل آخَرَ بِالرُّبُعِ عُمِلَ بِهِ وَمَلَكَ الزِّرَاعَةَ لَا التَّبَرُّعَ وَنَحْوَهُ إلَّا بِإِذْنٍ

_ قوله: (فلعامل) أي: قليلا كان، أو كثيراً. قوله: (أن يفعله) أي: من أخذ، وإعطاء. قوله: (أو لا) أي: أو لا يفعله، كعتق، وكتابة، وقرض. قوله: (وما يلزمه) أي: من نشر، وطيٍ، وختم. قوله: (كشركة عنان) لاشتركهما في التصرف بالإذن. قوله: (وإن قيل) أي: قال رب المال لعامل. قوله: (برأيك) أي: أو بما أراك الله تعالى. قوله: (عمل به) أي: بما فعله، فيكون الربح بين رب المال والعامل الأول والثاني على ما شرط، وهذا بخلاف ما لو قال رب المال لشخص: ادفع هذا المال لزيد مضاربة، فدفعه، فإنه لا شيء للدافع إذن؛ لأنه وكيل لرب المال في ذلك، والفرق بين الصورتين: أنه قبض المال في الصورة الأولى مضاربة، وحصل منه عمل بعد ذلك بدفعه إلى غيره، بخلاف الثانية، فإن المضاربة لم توجد إلا مع الثاني، حتى إن الدافع في الثانية لو شرط لنفسه من الربح شيئاً، كان العقد فاسداً؛ لأنه شرط جزء لأجنبي لا يعمل. فتدبر. قوله: (ونحوه) كقرض.

وَإِنْ فَسَدَتْ فَلِعَامِلٍ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَوْ خَسِرَ وَإِنْ رَبِحَ فلِلْمَالِكِ وَتَصِحُّ مُؤَقَّتَةً وإذَا مَضَى كَذَا فَلَا تَشْتَرِ أَوْ فَهُوَ قَرْضٌ فَإِذَا مَضَى وَهُوَ مَتَاعٌ فَلَا بَأْسَ إذَا بَاعَهُ كَانَ قَرْضًا ومُعَلَّقَةً كَإِذَا جَاءَ زَيْدٌ فَضَارِبْ بِهَذَا أَوْ اقْبِضْ دَيْنِي وَضَارِبْ بِهِ لَا ضَارِبْ بِدَيْنِي عَلَيْكَ أَوْ عَلَى زَيْدٍ فَاقْبِضْهُ وَيَصِحُّ بِوَدِيعَةٍ وغَصْبٍ عِنْدَ زَيْدٍ أَوْ عِنْدَك ويَزُولُ الضَّمَانُ كَبِثَمَنِ عَرَضٍ

_ قوله: (أجر مثله) أي: حيث لم يتبرع بعمله، بخلاف ما لو شرط كل الربح لرب المال. قوله: (فلمالك) يعني: وتصرفه نافذ. قوله: (فإذا مضى) لم يشتر في الأولى. قوله: (أو اقبض ... إلخ) لا إن قال: اعزله. قوله: (ديني ... إلخ) أي: من فلان، أو من نفسك. قوله: (وضارب به) أو: فضارب، أو: "ثم" بالأولى. قوله: (وتصح) أي: تصح إن قال: (بوديعة .. إلخ). قوله: (بوديعة) أي: عند مقوله له أو غيره بالشروط المتقدمة، أعني: كونه نقداً مضروباً ... إلخ، لا بدل وديعة وغضب؛ لأنه دين. قوله: (وغصب) أي: وعارية. قوله: (عند زيد) أي: قادراً على أخذه. قوله: (ويزول الضمان) أي: بمجرد عقد المضاربة. قوله: (كثمن عرض) يعني: باعه وقبض ثمنه بإذن.

ومَنْ عَمِلَ مَعَ مَالِكِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَكَانَ مُضَارَبَةً ومُسَاقَاةً ومُزَارَعَةً وَإِنْ شَرَطَ فِيهِنَّ عَمَلَ مَالِكٍ أَوْ غُلَامِهِ مَعَهُ صَحَّ، كبَهِيمَتِهِ فصل وليس لعامل شراء من يعتق على رب المال فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَعَتَقَ وَضَمِنَ ثَمَنَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ اشْتَرَى وَلَوْ بَعْضَ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ لِمَنْ لَهُ فِي الْمَالِ مِلْكٌ صَحَّ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ

_ قوله: (كبهيمة) أي: كشرط عمل بهيمة على حذف مضافين. فصل فيما للعامل أن يفعله وما لا يفعله، وغير ذلك قوله: (على رب المال) أي: بغير إذنه، فإن أذن، صح وعتق، وانفسخت المضاربة في قدر ثمنه؛ لأنه قد تلف، وإن كان ثمنه كل المال، انفسخت كلها، وإن كان في المال ربح، رجع العامل بحصته. قوله: (وإن لم يعلم) أي: وإن لم يعلم العامل بأن ذلك ممن يعتق على رب المال؛ لأنه إتلاف، فلا فرق فيه بين العلم والجهل. قوله: (انفسخ نكاحه) أي: نكاح

وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ رِبْحٌ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لَهُ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِهَا إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَيَحْرُمُ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ

_ من له في المال ملك، ويتنصف المهر فيما إذا اشتريت الزوجة ولم يدخل بها، ويرجع على العامل بنصفه الذي تقرر عليه؛ لأنه السبب فيه، ولا شيء على عامل فيما إذا اشترى زوج ربة المال بما فوته من مهر ونفقة؛ لأن ذلك لا يعود إلى المضاربة، سواء اشترى ذلك بعين المال، أو في الذمة. قوله: (وظهر ربح ... إلخ) أي: والحال أنه قد ظهر في مال المضاربة ربح، بحيث يخرج ثمن قريبه من حصته من الربح، سواء كان الربح ظاهراً حين الشراء أو بعده، ومن يعتق عليه باق في التجارة، وكذا إن لم يخرج كله، لكن [إن] كان العامل موسراً، فإنه يعتق قريبه كله، ويرجع عليه رب المال بباقي العبد، وإن كان معسراً، لم يعتق إلا ما ملكه، وإن أيسر بالبعض فقط، عتق قدر ما هو موسر به، وغرم قيمة ما عتق. قوله: (وإلا) أي: وإلا يظهر ربح في المال حتى باع من يعتق عليه فلا يعتق شيء منه. قوله: (وليس له الشراء من مالها ... إلخ) أي: من رب المال؛ لأنه يصير شريكاً فيه، وفهم منه: أنه إن لم يظهر ربح: أنه يصح. منصور البهوتي. كالوكيل، فيشتري من رب المال أو من نفسه بإذنه. قوله: (ويحرم أن يضارب ... إلخ) أي: أن يأخذ مضاربة. قال ابن نصر الله في "حواشي

إنْ ضَرَّ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَعَلَ رَدَّ مَا خَصَّهُ وَلَا يَصِحُّ لِرَبِّ الْمَالِ الشِّرَاءُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ اشْتَرَى شَرِيكٌ نَصِيبَ

_ "الفروع": وهل الوكيل يجعل كالمضارب في ذلك؟ لم أجد من تعرض له، وتعليلهم يقتضي أنه مثله؛ لأنهم عللوا ذلك بأن منافعه مستحقة، والوكيل بجعل كذلك. انتهى. وهو ظاهر في الوكيل بجعل أياماً معلومة؛ لأن منافعه في تلك الأيام مستحقة عليه، وأما إذا لم تكن على أيام معلومة فقد يفرق بينه وبين المضارب. قوله: (إن ضر الأول) أي: أو كان رب المال قد شرط للعامل النفقة، فإن فقد الأمران؛ بأن لم يكن ضرر، ولا اشترط للعامل نفقة، أو كان بإذنه مطلقاً، جاز، وامتنع الرد. قوله: (فإن فعل رد ... إلخ) علم منه: أنه لو أخذ المضارب بضاعة لآخر، أو عمل في مال نفسه فربح فيهما، لم يرد شيئا بل ربح البضاعة لصاحبها، وربح مال نفسه له. قوله: (لنفسه) يعني: لأنه ملكه. قوله: (وإن اشترى شريك ... إلخ) يعني: أنه إذا اشترى أحد الشريكين من مال الشركة حصة صاحبه منه، جاز؛ لأنه يشتري ملك غيره، وقال أحمد -رحمه الله- في الشريكين في الطعام يريد أحدهما بيع حصته من صاحبه: إن لم يكونا يعلمان كيله، فلا بأس. وإن علما كيله، فلا بد من كيله، يعني: أن من علم مبلغ شيء، لم يبعه صبرة، وإن سلمه إياه بالكيل والوزن، جاز. قاله في "المغني" في هذا المحل. ومنه تعلم: أن هذه المسألة إنما

شَرِيكِهِ صَحَّ وَإِنْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ صَحَّ فِي نَصِيبِ مَنْ بَاعَهُ فَقَطْ وَلَا نَفَقَةَ لِعَامِلٍ إلَّا بِشَرْطٍ فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ مُطْلَقَةً وَاخْتَلَفَا فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ عُرْفًا مِنْ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ وَلَوْ لَقِيَهُ بِبَلَدٍ وَأَذِنَ فِي سَفَرِهِ إلَيْهِ وَقَدْ نَضَّ فَأَخَذَهُ فَلَا نَفَقَةَ لِرُجُوعِهِ

_ ذكرت في فصل المضاربة استطراداً، وليس المراد فيها بالشريكين: رب المال والمضارب؛ لأنه قد نص على حكم شرائهما من المال قبل، وإنما المراد: بيان حكم العين المشتركة بين اثنين فأكثر، إذا أراد أحد الشركاء شراء نصيب صاحبه منه. وقوله: (وإن اشترى الجميع ... إلخ) يعني: أنه إذا اشترى أحد الشريكين جميع العين المشتركة بينه وبين غيره، بطل في قدر حقه؛ لأنه ملكه، وصح في قدر نصيب شريكه، بناء على تفريق الصفقة. فتدبر ذلك. قوله: (صح) إلا أن من علم مبلغ شيء، لم يبعه صبرة. قوله: (ولا نفقة لعامل) أي: ولو مع السفر. قوله: (إلا بشرط) قال الشيخ: أو عادة، والأحسن: تقديرها. قوله: (فله نفقة مثله ... إلخ) تردد ابن نصر الله؛ هل هي من رأس المال، أو الربح؟ قال منصور البهوتي: قلت: بل الظاهر: أنها من الربح. انتهى. أي: فإن لم يكن ربح فلا نفقة فيما يظهر. فتدبر. قوله: (من طعام وكسوة) كالزوجة. قوله: (إليه) أي: وقد شرط له النفقة. قوله: (وقد نض) أي: المال وصار نقداً. قوله: (فلا نفقة لرجوعه) لزوال

وَإِنْ تَعَدَّدَ رَبُّ الْمَالِ فَهِيَ عَلَى قَدْرِ مَالِ كُلٍّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا بَعْضُ مِنْ مَالِهِ عَالِمًا بِالْمَالِ وَلَهُ الشِّرَاءُ بِإِذْنِ فَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً مَلَكَهَا وَصَارَ ثَمَنُهَا قَرْضًا وَلَا يَطَأُ رَبُّهُ أَمَةً وَلَوْ عَدِمَ الرِّبْحَ ولَا رِبْحَ لِعَامِلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ فَإِنْ رَبِحَ فِي إحْدَى سِلْعَتَيْنِ أَوْ سَفْرَتَيْنِ وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى أَوْ تَعَيَّبَتْ أَوْ نَزَلَ السِّعْرُ أَوْ تَلِفَ بَعْضُ بَعْدَ عَمَلِ فَالْوَضِيعَةُ مِنْ رِبْحِ

_ القراض، ولهذا لا يكفن من المال لو مات وقد شرط النفقة، كالزوجة. قوله: (وإن تعدد رب المال ... إلخ) يعني: إذا كان عاملا لأكثر من واحد، حتى ولو كان معه مال لنفسه يتجر فيه، أو معه بضاعة لآخر، فالنفقة المشروطة حضرا أو سفراً على قدر ما يعمل فيه من الأموال، ما لم يشرطها بعض من ماله عالماً بالحال. قوله: (وله) أي: للعامل. قوله: (التسري) أي: من مال المضاربة. قوله: (فإذا اشترى أمة) أي: للتسري بها. قوله: (ولو عدم الربح) لأنه ينقصها إن كانت بكراً، أو يعرضها للتلف بإيلادها. قوله: (رأس المال) أي: يسلمه إلى ربه، وإلا فلا يستحق أخذ شيء من الربح.

بَاقِيهِ قَبْلَ قَسْمِهِ نَاضًّا أَوْ تَنْضِيضِهِ مَعَ مُحَاسَبَتِهِ وَيَنْفَسِخُ فِيمَا تَلِفَ قَبْلَ عَمَلِ فَإِنْ تَلِفَ الْكُلُّ ثُمَّ اشْتَرَى لِلْمُضَارَبَةِ شَيْئًا مِنْ السِّلَعِ فكَفُضُولِيٍّ وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ شِرَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَقَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِ أَوْ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا وَيُطَالَبَانِ بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَامِلٌ وَإِنْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنِ لَمْ يَرْجِعْ رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ قَتَلَ قِنَّهَا فَلِرَبِّ الْمَالِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ وَيَكُونُ كَبَدَلِ الْمَبِيعِ

_ قوله: (ناضاً) أي: نقداً. قوله: (فكفضولي) سواء علم بالتلف قبل ذلك أو لا، ما لم يجزه رب المال بشرطه. قوله: (فالمضاربة بحالها) لأن الموجب لفسخها هو التلف، ولم يوجد حين الشراء ولا قبله. قوله: (ويرجع به عامل) دفعه بنية الرجوع على رب المال، ورأس المال هو الثمن، فيجبر من الربح. قوله: (وإن قتل ... إلخ) من زيادته على "الإقناع". قوله: (كبدل المبيع) أي: كثمنه لو أبيع.

وَالزِّيَادَةُ عَلَى قِيمَتِهِ رِبْحٌ وَمَعَ رِبْحٍ الْقَوَدُ وَيَمْلِكُ عَامِلٌ حِصَّتَهُ مِنْ رِبْحٍ بظُهُورِهِ قَبْلَ قِسْمَةٍ كَمَالِكِ لَا الْأَخْذَ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ وَتَحْرُمُ قِسْمَتُهُ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا وَإِنْ أَبَى مَالِكٌ الْبَيْعَ أُجْبِرَ إنْ كَانَ رِبْحٌ وَمِنْهُ مَهْرُ وثَمَرَةُ وَأُجْرَةُ وأَرْشُ ونِتَاجٌ وَإِتْلَافُ مَالِكٍ كَقِسْمَةٍ فَيَغْرَمُ حِصَّةَ عَامِلٍ كَأَجْنَبِيٍّ

_ قوله: (والزيادة ... إلخ) أي: في المال المعفو عليه. قوله: (على قيمته) لعل المراد بها ثمنه. قوله: (قبل قسمة) ويستقر ملكه إياها بالمقاسمة وبالمحاسبة التامة. قوله: (وإن أبى مالك البيع) أي: بعد فسخ المضاربة، والمال عرض، وطلبه عامل. قوله: (ومنه مهر) أي: مهر أمتها إن زوجت باتفاقهما، أو وطئت ولو مطاوعة. قوله: (وثمرة) يعني: ظهرت من شجر اشتري من مالها. قوله: (وأجرة) أي: وجبت بعقد على شيء من مالها، أو بتعد عليه. قوله: (وأرش) أي: أرش عيب وجناية. قوله: (ونتاج) أي: نتجته بهيمتها. قوله: (وإتلاف مالك) أي: إتلافه مال المضاربة. قوله: (كقسمة) أي: كقسمة الربح. قوله: (حصة عامل) أي: من ربح. قوله: (كأجنبيٍّ) أي: فإنه يغرم للعامل حصته من الربح، ولرب المال رأس ماله وحصته.

وَحَيْثُ فُسِخَتْ وَالْمَالُ عَرَضٌ أَوْ دَرَاهِمُ وَكَانَ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسَهُ فَرَضِيَ رَبُّهُ بِأَخْذِهِ قَوَّمَهُ وَدَفَعَ حِصَّتَهُ وَمِلْكُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً عَلَى قَطْعِ رِبْحِ عَامِلٍ كَشِرَائِهِ خَزًّا فِي الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَبْقَى حَقُّهُ فِي رِبْحِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَعَلَى عَامِلٍ بَيْعُهُ وَقَبْضُ ثَمَنِهِ كَتَقَاضِيهِ لَوْ كَانَ دَيْنًا مِمَّنْ وَلَا يَخْلِطُ رَأْسَ مَالٍ قَبَضَهُ فِي وَقْتَيْنِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ نَضَّ أَوْ قَضَى بِرَأْسِ الْمَالِ دَيْنَهُ ثُمَّ اتَّجَرَ بِوَجْهِهِ وَأَعْطَى رَبَّهُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ مُتَبَرِّعًا بِهَا جَازَ وَإِنْ مَاتَ عَامِلُ أَوْ مُودَعٌ أَوْ وَصِيٌّ وَجُهِلَ بَقَاءُ مَا بِيَدِهِمْ فدَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ

_ قوله: (وملكه) ثم إن ارتفع السعر بعد التقويم ودفع حصة العامل، لم يطالبه العامل بشيء، كبعد بيعه لأجنبي. قوله: (إن لم يكن حيلة) أي: ما فعله المالك من الفسخ، وأخذ العوض، وهذا القيد ليس في "الإقناع" بل هو من الزيادات. قوله: (لو كان ديناً) سواء كان فيه ربح أو لا. قوله: (أو قضى ... إلخ) من زيادته على "الإقناع".

وَإِن أَرَادَ الْمَالِكُ تَقْرِيرَ وَارِثِ فمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ وَلَا يَبِيعُ عَرَضًا بِلَا إذْنِ فَيَبِيعُهُ حَاكِمٌ وَيَقْسِمُ الرِّبْحَ وَوَارِثُ الْمَالِكِ كَهُوَ فَيَتَقَرَّرُ مَا لِمُضَارِبٍ وَلَا يَشْتَرِي وَهُوَ فِي بَيْعِ وَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ كَفَسْخِ وَالْمَالِكُ حَيٌّ وَإِنْ أَرَادَ الْمُضَارَبَةَ وَالْمَالُ عَرَضٌ فَمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ فصل والعامل أمين َيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ رَأْسِ مَالٍ

_ قوله: (فيتقرر ما لمضارب) أي: من الربح، ويقدم به على الغرماء. قوله: (مبتدأة) فحيث أراد رب المال ابتداء المضاربة مع وارث العامل أو وليه، جاز، وإن كان عرضاً، لم يجز، ودفع إلى الحاكم فيبيعه ويقسم الربح على ما شرطا، ولا يبيعه أحدهما بغير إذن الآخر؛ لاشتراكهما فيه. فصل فيما يقبل قول العامل والمالك فيه وغير ذلك قوله: (في قدر رأس مال) يعني: حيث لا بينة وقدمت بينة رب المال. فائدة: لو كان المضارب يدفع إلى رب المال في كل وقت شيئاً معلوماً، ثم طلب رب المال رأس ماله، فقال المضارب: كل ما دفعت إليك

ورِبْحٍ وَعَدَمِهِ وهَلَاكٍ وَخُسْرَانٍ وفِيمَا يَذْكُرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهَا وَلَوْ فِي عِنَانٍ وَوُجُوهٍ ومَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خِيَانَةٍ وَلَوْ أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفًا أَوْ خَسَارَةً قُبِلَ لَا غَلَطًا أَوْ كَذِبًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ اقْتِرَاضًا تَمَّمَ بِهِ رَأْسَ الْمَالِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ لِرَبِّهِ

_ من رأس المال، ولم أكن أربح شيئاً، فقول المضارب في ذلك، نص عليه في رواية مهنا. نقله في "شرح الإقناع". قوله: (وربح) أي: ويصدق عامل في قدر ربح المال. قوله: (وخسران) ومحل ذلك إن لم يكن لرب المال بينة تشهد بخلاف ذلك، وإن ادعى الهلاك بأمر ظاهر، كلف بينة تشهد به، ثم يحلف إنه تلف به. قوله: (وما يذكر) قلت: وكذا ولي يتيم ووكيل ونحوه. منصور البهوتي. قوله: (ووجوه) أي: وأبدان ومفاوضة. قوله: (لا غلطاً ... إلخ) غلط في منطقه غلطاً: أخطأ وجه الصواب. والكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء فيه العمد والخطأ؛ إذ لا واسطة بين الصدق والكذب على مذهب أهل السنة، والإثم يتبع العمد، والنسيان مشترك بين معنيين: ترك الشيء على ذهول وغفلة، وذلك خلاف الذكر له، والترك على تعمد،

وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَدِّهِ وصِفَةِ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ فَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ عَامِلٍ وبِقَدْرِ رِبْحِ فِي قَدْرِ مَا شُرِطَ لِعَامِلٍ وَيَصِحُّ دَفْعُ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ لِمَنْ يَعْمَلُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ أُجْرَتِهِ.

_ وعليه: (ولا تنسوا الفضل بينكم) [البقرة: 237] أي: لا تقصدوا الترك والإهمال. كله من "المصباح". إذا علمت ذلك، فالمراد من الغلط هنا: سبق لسانه بغير ما قصده بحسب دعواه. ومن الكذب قسمه الأول، أعني: العمد، ومن النسيان الأول أيضاً، أعني: ترك الشيء غفلة وذهولاً، فالعامل هنا يدعي الذهول عما حصل من التلف والخسارة. فتدبر. قوله: (عن يده) هل هو قراض عند الربح، أو قرض عند الخسران؟ قوله: (بجزء من أجرته ... إلخ) فإن ماتت العين بيد العامل هلكت على صاحبها، واقتسما ما تحصل كما شرطا، فلو شرطا أنها إذا ماتت يستوفي قيمتها من المتحصل، ويقتسمان ما بقي، لم يصح، كما لو اشترطا في المزارعة أن يستوفي رب الأرض بذرة ثم يقتسمان ما بقي. قاله المصنف في "شرحه" في فصل المزارعة، من باب المساقاة.

وخِيَاطَةُ ثَوْبٍ وَنَسْجٍ غَزْلٍ وَحَصَادُ زَرْعٍ وَرَضَاعُ قِنٍّ وَاسْتِيفَاءُ مَالٍ وَنَحْوُهُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ وبَيْعٌ وَنَحْوَهُ لِمَتَاعٍ وَغَزْوٍ بِدَابَّةٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ أَوْ سَهْمِهَا ودَفْعُ دَابَّةٍ أَوْ نَحْلٍ وَنَحْوِهِمَا لِمَنْ يَقُومُ بِهِمَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِجُزْءٍ مِنْهُمَا وَالنَّمَاءُ مِلْكٌ لَهُمَا لَا بِجُزْءٍ مِنْ نَمَاءٍ كَدَرٍّ وَنَسْلٍ وَصُوفٍ وَعَسَلٍ وَنَحْوَهُ

_ قوله: (وخياطة ثوب) وعلى قياسه: لو دفع شبكة لصياد ليكون الصيد بينهما. قاله الموفق خلافاً لابن عقيل، وكذا لو دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً، ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله، جاز، نص عليه في رواية حرب. وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربعه، جاز، نص عليه، كما في "شرح الإقناع" نقلا عن "المغني" للموفق رحمه الله. قوله: (ونحوه) كبناء دار. قوله: (منه) فإن جعل له مع ذلك درهما أو أزيد، لم يصح. قوله: (ونحوهما) كعبد وأمة. قوله: (بجزء منهما) أي: لا من نمائهما، وله أجرة المثل. قوله: (ملك لهما) لأنه نماء ملكهما. قوله: (لا بجزء من نماء) لحصول النماء بغير عمله منه. قوله: (ونحوه) كمسك وزباد.

فصل الثَّالِثُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وهي أن يشتركا فِي رِبْحِ مَا يَشْتَرِيَانِ فِي ذِمَمِهِمَا بِجَاهِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ مَا يَشْتَرِيَانِهِ، وَلَا قَدْرِهِ، وَلَا وَقْتِ فَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ شَيْءٍ فَبَيْنَنَا صَحَّ وَكُلٌّ وَكِيلُ الْآخَرِ وَكَفِيلُهُ بِالثَّمَنِ وَمِلْكٍ وَرِبْحٍ كَمَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَتَصَرُّفُهُمَا كَشَرِيكَيْ عِنَانٍ

_ قوله: (وهي أن شتركا) أي: بلا مال. قوله: (بجاههما) أي: بوجوههما وثقة التجار بهما. سميت بذلك؛ لأنهما يعاملان فيها بوجهها، والجاه والوجه واحد، يقال: فلان وجيه، أي: ذو جاه. قوله: (ولا يشترط ذكر جنس) أي: جنس ما يشتريانه. قوله: (ولا وقت) أي: مدة الشركة، خلافاً لأبي حنيفة في اشتراط الثلاثة. قوله: (وملك وربح ... إلخ) أي: فيما يشتريانه. قوله: (على قدر الملك) فمن له فيه الثلثان، فعليه ثلثا الوضيعة، ومن له الثلث، فعليه ثلثها، سواء كان الربح بينهما كذلك أو لا؛ لأن الوضيعة نقص رأس المال، وهو مختص بملاكه فيوزع بينهم على قدر الحصص. قوله: (وتصرفهما ... إلخ) أي: فيما يجوز، ويمتنع، ويجب، وفي شروطٍ، وإقرار، وخصومة، وغيرها.

فصل الرابع: شركة الأبدان وَهِيَ: أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَمَلَّكَانِ بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ مُبَاحٍ كَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَتَلَصُّصٍ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهِ يَتَقَبَّلَانِ فِي ذِمَمِهِمَا مِنْ عَمَلٍ وَيُطَالِبَانِ بِمَا يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا وَيَلْزَمُهُمَا عَمَلُهُ وَلِكُلٍّ طَلَبُ أُجْرَةِ

_ قوله: (شركة الأبدان) سميت بذلك لاشتراكهما في عمل أبدانهما. قوله: (وهي) أي: نوعان. قوله: (ونحوه) كسلب قتيل. قوله: (ويتقبلان) أي: يلتزمان، من قولهم: تقبلت العمل من صاحبه، إذا التزمته بعقد، كما في "المصباح". فتدبر. يعني: أو يتقبل أحدهما والآخر يعمل، ذكره المصنف في "شرحه" جعلا لضمان المتقبل، كالمال، وعمل الآخر، كالمضاربة. قوله: (ولكل طلب أجرة) أي: أجرة عمل ولو تقبله صاحبه، ويبرأ مستأجر بدفعها لأحدهما؛ لأن كل واحد منهما كالوكيل عن الآخر، ولو قال أحدهما: أنا أتقبل وأنت تعمل، صحت الشركى جعلا لضمان المتقبل كالمال، ولكل منهما المطالبة بالأجرة.

وَتَلَفُهَا بِلَا تَفْرِيطٍ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَإِقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ عَلَيْهِمَا وَالْحَاصِلُ كَمَا شَرَطَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ صَنْعَةِ وَلَا مَعْرِفَتُهَا وَيَلْزَمُ غَيْرَ عَارِفٍ إقَامَةُ عَارِفٍ مَقَامَهُ وَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَرَكَ الْعَمَلَ لِعُذْرٍ أَوْ لَا فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا

_ قوله: (وتلفها ... إلخ) أي: الأجرة. قوله: (بما في يده) أي: لا بما في يد شريكه، ولا بدين عليه. قوله: (والحاصل) أي: في النوعين، أعني: ما تملكاه، أو أحدهما من مباح، وما حصل من أجرة عمل تقبلاه أو أحدهما. قوله: (ولا يشترط اتفاق صنعة) كحداد ونجار وخياط؛ لأنهم اشتركوا في مكسب مباح، فصح، كما لو اتفقت. قوله: (ولا معرفتها) أي: الصنعة لواحد منهما، فلو اشترك شخصان لا يعرفان الخياطة في تقبلها ويدفعان ما تقبلاه لمن يعمله وما بقي من الأجرة لهما، صح، لما تقدم. قوله: (مقامه) بضم الميم، اسم موضع من أقام، وأما مفتوح الميم، فاسم موضع من قام المجرد، كما في "المصباح". وجوز في "القاموس" الفتح أيضا في الأول، أعني: المزيد، وجعل الضم هو القياس.

وَيَلْزَمُ مِنْ عذرٍ بِطَلَبِ شَرِيكِهِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَحْمِلَا عَلَى دَابَّتَيْهِمَا مَا يَتَقَبَّلَانِهِ فِي ذِمَمِهِمَا لَا أَنْ يَشْتَرِكَا فِي أُجْرَةِ عَيْنِ الدَّابَّتَيْنِ أَوْ أَنْفُسِهِمَا إجَارَةً خَاصَّةً وَلِكُلٍّ أُجْرَةُ دَابَّتِهِ ونَفْسِهِ وَتَصِحُّ شَرِكَةُ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا آلَةُ قِصَارَةٍ وَلِلْآخَرِ بَيْتٌ يَعْمَلَانِ فِيهِ بِهَا لَا ثَلَاثَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَلِلْآخَرِ رَاوِيَةٌ وَثَالِثٍ يَعْمَلُ

_ قوله: (ويلزم من عذر ... إلخ) فإن امتنع فلصاحبه الفسخ، بل وإن لم يمتنع؛ لجوازها. قوله: (ما يتقبلانه ... إلخ) أي: شيئا يلتزمان حمله لموضع معلوم. قوله: (أو أنفسهما) لأن المكتري استحق منفعة البهيمة التي استأجرها أو منفعة المؤجر نفسه، ولهذا تنفسخ بموت العين المؤجرة من بهيمة أو إنسان، فلم يتأت ضمان، فلم تصح الشركة؛ لأن مبناها عليه. قوله: (ونفسه) لبطلان الشركة، فإن أعان أحدهما صاحبه في التحميل، فله أجرة مثله؛ لأنه عمل طامعاً في عوض لم يسلم له. قوله: (يعملان فيه) صفة أو حال، أي: يعملان فيه ما يتقبلان عمله من الثياب، فالشركة وقعت على عملهما، والعمل يستحق به الربح في الشركة، وأما الآلة والبيت، فلا يستحق بهما شيء؛ لأنهما يستعملان في العمل المشترك، فصارا كالدابتين اللتين يحملان عليهما ما يتقبلان حمله في ذمتهما، ولهذا لو كان لأحدهما آلة أو بيت، وليس للآخر شيء، واتفقا على أن يعملا بالآلة أو

أَوْ أَرْبَعَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَلِلْآخَرِ رَحًى وَلِثَالِثٍ دُكَّانٍ وَرَابِعٍ يَعْمَلُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مَا تَقَبَّلَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ آلَةِ رُفْقَتِهِ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُمْ مَا ذُكِرَ لِلطَّحْنِ صَحَّ وَالْأُجْرَةُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ وَإِنْ تَقَبَّلُوهُ فِي ذِمَمِهِمْ صَحَّ وَالْأُجْرَةُ أَرْبَاعًا

_ في البيت والأجرة بينهما، جاز؛ لما ذكر. قوله: (ومن استأجر منهم ما ذكر للطحن، صح) أي: صفقة، كمن تزوج أربع نسوة بصداق واحد. قوله: (بقدر القيمة) أي: أجرة مثلهم. قوله: (وإن تقبلوه في ذممهم، صح) والأجرة أرباعاً، فلو كانت الأجرة مئة درهم، كان لكل واحد ربعها وهو خمسة وعشرون درهماً، لكن يرجع كل منهم على رفقته، لتفاوت العمل بثلاثة أرباع أجرة مثل ما كان من جهته، كما قال المصنف: (ويرجع كل ... إلخ) فلو فرضنا أن أجرة مثل الدابة أربعون، والرحى ثلاثون، والدكان عشرون، والعامل عشرة، فصاحب الدابة يرجع بثلاثة أرباع أجرها، وهو ثلاثون، ضمها إلى ما خصه من المئة،

_ وهو خمسة وعشرون، فيجتمع له خمسة وخمسون، ولرفقته الرجوع عليه بخمسة عشر؛ لأن صاحب الرحى يرجع عليه بربع الثلاثين وهو سبعة ونصف، وصاحب الدكان بربع العشرين، وهو خمسة، والعامل بربع العشرة، وهو اثنان ونصف، ومجموع ذلك خمسة عشر، فأسقطها من الخمسة والخمسين، يبقى له أربعون، لا رجوع لأحد عليه فيها بشيء، وصاحب الرحى يرجع على رفقته بثلاثة أرباع أجرتها، وهو اثنان وعشرون ونصف، فضمها إلى نصيبه من المئة، يجتمع له سبعة وأربعون ونصف، لكن يرجع عليه رفقته بسبعة عشر ونصف؛ لأن صاحب الدابة يرجع عليه بعشرة، وصاحب الدكان بخمسة، والعامل باثنين ونصف، ومجموع ذلك سبعة عشر ونصف، فأسقطه مما اجتمع له، يبقى له ثلاثون، لا رجوع لأحد عليه فيها بشيء، وصاحب الدكان يرجع على رفقته بثلاثة أرباع أجره وهو خمسة عشر مع ما له من المئة، فيجتمع له أربعون، لكن يرجع عليه رفقته بعشرين، لصاحب الدابة عشرة، وصاحب الرحى سبعة ونصف، والعامل اثنان ونصف، فأسقط ذلك مما اجتمع له، يبقى له عشرون، لا رجوع لأحد عليه فيها بشيء، ويرجع العامل على رفقته باثنين وعشرين ونصف، مع ما له من المئة، فيجتمع له اثنان وثلاثون ونصف، لكن يرجع عليه رفقته باثنين وعشرين ونصف، لصاحب الدابة عشرة، وصاحب الرحى سبعة ونصف، وصاحب الدكان خمسة، ومجموع ذلك اثنان وعشرون ونصف، فأسقطه مما اجتمع له، وهو اثنان وثلاثون ونصف،

وَيَرْجِعُ كُلٌّ عَلَى رُفْقَتِهِ لِتَفَاوُتِ الْعَمَلِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَجْرِ الْمِثْلِ وأَجِّرْ عَبْدِي أَوْ دَابَّتِي وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا فلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ولَا تصح شركة دَلَّالِينَ

_ يبقى له عشرة لا رجوع لأحد عليه فيها بشيء أصلا. هذا توضيح ما ذكر في الشروح والحواشي في هذا المحل. فتأمله. قوله: أيضا على قوله: (وإن تقبلوه في ذممهم ... إلخ) بأن قال لهم إنسان: استأجرتكم لطحن هذا القمح بمئة، فقبلوا. قوله: (ويرجع كل على رفقته ... إلخ) وإنما لم يرجع كل بربع أجر المثل؛ لأن كل واحد منهم قد لزمه منهم قد لزمه ربع الطحن بمقتضى الإجارة، فلا يرجع بما لزمه على أحد، ولو تولى أحدهم الإجارة لنفسه، كانت الأجرة كلها له، وعليه لكل واحد من رفقته أجرة ما كان من جهته. قوله: (فله) أي: فللمقول له أجر مثل عمله. قوله: (ولا تصح شركة دلالين) قال في "الإقناع" بعد أن علل عدم صحة شركة الدلالين بنحو ما في "الشرح" ما نصه: وهذا في الدلالة التي فيها عقد، كما دل عليه التعليل المذكور. قال الشيخ: فأما مجرد النداء والعرض، أي: عرض المتاع للبيع، وإحضار الزبون، فلا خلاف في جواز الاشتراك فيه.

وَمُوجِبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ التَّسَاوِي فِي عَمَلٍ وَأَجْرٍ وَلِذِي زِيَادَةِ عَمَلٍ لَمْ يَتَبَرَّعْ طَلَبُهَا وَيَصِحُّ جَمْعٌ بَيْنَ شَرِكَةِ عِنَانٍ وَأَبْدَانٍ وَوُجُوهٍ وَمُضَارَبَةٍ

_ وقال: وليس لولي الأمر المنع بمقتضى مذهبه في شركة الأبدان، والوجوه، والمساقاة، والمزارعة، ونحوها مما يسوغ فيه الاجتهاد. انتهى. قوله: (وموجب العقد ... إلخ) هو بفتح الجيم؛ لأنه هنا صادق على المسبب لا على السبب، فإن السبب هنا العقد المطلق، والمسبب هو التساوي؛ لأن إطلاق العقد أوجب التساوي. قال في "المصباح": أوجبت السرقة القطع، فالموجب بالكسر: السبب، وبالفتح: المسبب عنه. انتهى. قوله: (المطلق) في شركة، وإجارة، وجعالة. قوله: (ويصح جمع ... إلخ) قال ابن منجا: وكما لو ضم ماء طهوراً إلى مثله.

فصل الخامس: شركة المفاوضة وهي قسمان: صحيح وهو تفويض كل إلى صاحبه شراء وبيعا في الذمة ومضاربة وَتَوْكِيلًا وَمُسَافَرَةً بِالْمَالِ وَارْتِهَانًا وَضَمَانًا مَا يَرَى مِنْ الْأَعْمَالِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا إنْ لَمْ يُدْخِلَا كَسْبًا نَادِرًا أَوْ غَرَامَةً وفَاسِدٌ، وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَا كَسْبًا نَادِرًا كَوِجْدَانِ لُقَطَةٍ، أَوْ رِكَازٍ، أَوْ مَا يَحْصُلُ مِنْ مِيرَاثٍ، أَوْ مَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا مِنْ ضَمَانِ غَصْبٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ

_ قوله: (وهي) أي: شركة المفاوضة لغة: الاشتراك في كل شيء، كالتفاوض. قوله: (وهو تفويض كل ... إلخ) أي: كل من اثنين أو أكثر. قوله: (وضمان ما يرى) أي: تقبل والتزام. قوله: (من الأعمال) كخياطة وحدادة، وهي الجمع بين عنان، ومضاربة، ووجوه، وأبدان. ذكره المصنف في "شرحه"، وتبعه عليه في "شرح الإقناع". قوله: (وعليهما) لأنها لا تخرج عن أضرب الشركة المتقدمة. قوله: (ونحو ذلك) كضمان عارية، ولزوم مهر بوطءٍ، نص على فساد هذا القسم الإمام.

وَلِكُلٍّ مَا يَسْتَفِيدُهُ ورِبْحُ مَالِهِ. وأُجْرَةُ عَمَلِهِ وَيَخْتَصُّ بِضَمَانِ مَا غَصَبَهُ أَوْ جَنَاهُ أَوْ ضَمِنَهُ عَنْ الْغَيْرِ

_ قوله: (عن الغير) لأن لكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت.

باب المساقاة

باب المساقاة: دَفْعُ شَجَرٍ مَغْرُوسٍ مَعْلُومٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ من ثَمَرُهُ

_ باب المساقاة مفاعلة من السقي؛ لأنه أهم أمرها بالحجاز. قوله: (دفع شجر) لا ما يتكرر حمله، بل مزارعة. قوله: (معلوم) أي: بالمشاهدة لهما أو الصفة التي لا يختلف الشجر معها، كالبيع، هكذا في "المغني" و "شرح المنتهى" وغيرهما، والمراد: كما يصح البيع بالوصف؛ لما تقدم من أنه خاص بما يصح السلم فيه. قاله في "شرح الإقناع". فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (معلوم) أي: فلا يصح على أحد هذين الحائطين. قوله: (له ثمر) فلا يصح على نحو حور وصفصاف؛ لأنه لا ثمر له. قوله: (مأكول) عمومه يشمل ما لو كان الثمر موجوداً لكنه لم يكمل. قاله المصنف: قال في "الإقناع": فإن بقي من العمل ما لا تزيد به الثمرة، كالجذاذ ونحوه، لم يصح، أي: عقد المساقاة. فائدة: فسر صاحب "الإقناع" المساقاة بما فسر به المصنف المناصبة، وبما فسر به المصنف المساقاة أيضا. قال في "شرحه": فعلمت أن المساقاة أعام من المناصبة. انتهى.

وَالْمُنَاصَبَةُ. الْمُغَارَسَةُ دَفْعُهُ بِلَا غَرْسٍ مَعَ أَرْضٍ لِمَنْ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَرِهِ أَوْ مِنْهُمَا وَالْمُزَارَعَةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ. أَوْ مَزْرُوعٍ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُتَحَصَّلِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ عَاقِدِ كُلٍّ نَافِذَ التَّصَرُّفِ وَتَصِحُّ مُسَاقَاةٌ بِلَفْظِهَا ومُعَامَلَةٍ وَمُفَالَحَةٍ. واعْمَلْ بُسْتَانِي هَذَا

_ قوله: (لمن يغرسه ويعمل عليه) ويقوم بمصالحه من سقي وغيره. قوله: (من ثمره) أي: تلك السنة، لا منه، ولا بآصع أو دراهم، أو من بستان آخر. قوله: (بلا غرس) علم منه: أنه لا بد من كون الغرس من رب الأرض. قوله: (منه) أي: من عين الشجر، والثمرة تابعة للأصل، وبهذا يخالف الصورة الثالثة. قوله: (أو منهما) أي: لا من شجر وأرض. قوله: (من المتحصل) أي: لا منه ومن الأرض، وكذا المضاربة. قوله: (ويعتبر ... إلخ) أي: للثلاثة. قوله: (نافذ التصرف) وهو الحر، المكلف، الرشيد. قوله: (وتصح مساقاة بلفظها ... إلخ) أي: وكذا يصح قبول بما يدل عليه من قول وفعل، فشروعه في العمل قبول. قوله: (ومفالحة) يقال: فلح الأرض: شقها، وبابه: نفع. قوله: (و: اعمل بستاني هذا) يعني: حتى تكمل ثمرته على النصف مثلا.

وَنَحْوِهِ ومَعَ مُزَارَعَةٍ بِلَفْظِ إجَارَةٍ وعَلَى ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ مَوْجُودَيْنِ يَنْمِيَانِ بِعَمَلٍ وَتَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ نُظِرَ إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى وبِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجِ أَوْ غَيْرِهِ

_ قوله: (ونحوه) أي: من كل لفظ يؤدي معناها. قوله: (بلفظ إجارة) كأستأجرتك لتعمل على هذا البستان حتى تكمل ثمرته بثلثها، أو استأجرتك لتزرع هذا الحب بهذه الأرض، وتعمل عليه حتى يتم بالربع ونحوه؛ لأن هذا اللفظ مؤد للمعنى. قوله: (بعمل) هذا تصريح بما فهم من عموم الحد، كما تقدمت الإشارة إليه. قوله: (وتصح إجارة أرض ... إلخ) هذه حقيقة، خلافاً لأبي الخطاب. قوله: (بجزء مشاع) لا بآصع معلومة مما يخرج منها. قوله: (فإن لم تزرع ... إلخ) قلت: أو زرعت فلم تنبت. قاله الشيخ منصور البهوتي. قوله: (نظر إلى معدل المغل) من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: إلى المغل المعدل، أي: الموازن لما يخرج منها لو زرعت. قوله: (المسمى) أي: منه، فإن فسدت، فأجرة المثل. قوله: (بطعام) أي: وإجارة أرض بطعام. قوله: (من جنس الخارج) لا منها، كما تقدم.

وَلَوْ عَمِلَا فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ صَحَّ بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ أَوْ كُلِّهِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ إنْ شَرَطَ الْكُلَّ لَهُ وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ مُسَاقَاةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ وَيَصِحُّ إلَى جِذَاذٍ وإدْرَاكٍ. ووَمَتَى انْفَسَخَتْ وَقَدْ ظَهَرَ ثَمَرٌ فبَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ وَعَلَى عَامِلٍ تَمَامُ الْعَمَلِ

_ قوله: (بنصفه) أي: أو أقل؛ لأنه لم يجعل له شيء في مقابلة عمله، ولا شيء لعامل إذن؛ لتبرعه، وهذا نظير ما تقدم في شركة العنان إذا كان العمل من أحدهما ولم يشرط له أزيد من ربح ماله. فتدبر. قوله: (إن شرط الكل له) لأنه عمل بعوض لم يسلم له. كما لو قال: خذ هذه الألف مضاربة وجميع الربح لك، كما تقدم. قوله: (ولا يشترط) فإن ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالباً، فلم تحمل تلك السنة، فلا شيء للعامل؛ لأنه دخل على ذلك. قوله: (ويصح إلى جذاذ وإدراك ومدة تحتمله) أي: تحتمل إدراك الثمرة فيها. قوله: (فبينهما) حتى لو تلفت إلا واحدة. قوله: (وعلى عامل تمام العمل) يعني: إذا انفسخت بعد ظهور الثمرة بموت أحدهما، أو فسخه، ووارق العامل يقوم مقامه في الملك والعمل، فإن أبى وارث أن يأخذ ويعمل، لم يجبر، ويستأجر الحاكم من التركة من يعمل، فإن لم تكن تركة أو تعذرت، بيع من نصيب

_ العامل ما يحتاج إليه تكميل العمل، واستؤجر من يعمله. ذكره في "المغني". وإن باع عامل أو وارثه نصيبه لمن يقوم مقامه، جاز لكن إن كان المبيع ثمراً، لم يصح إلا بعد بدو الصلاح، أو لمالك الأصل، وإن كان المبيع نصيب المناصب من الشجر، صح مطلقاً، وصح شرط عمل على مشتر كمكاتب بيع، فإن لم يعلم، فله الخيار بين فسخ وأخذ أرش. ذكر معناه في "الإقناع". وقال في محل آخر: وإذا ساقى رجلا أو زرارعه، فعامل العامل غيره على الأرض أو الشجر بغير إذن ربه، لم يجز. قال في "شرحه": كالمضارب لا يضارب في المال. انتهى. ولم يتعقبه بشيء، وأقول: ينبغي حمل هذا الأخير على ما إذا فعل ذلك قبل شروعه في العمل، وظهور الثمرة والزرع؛ وظهور الثمرة والزرع؛ لئلا يناقض ما تقدم من صحة إقامة غيره مقامه. فتدبر. ثم رأيته في "الإقناع" ذكر أنه لو أراد الزراع ترك العمل وبيع عمل يديه وما أنفق قبل ظهور الزرع، لم يجز، وهو يؤيد ما قلنا. فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (وعلى عامل ... إلخ) فإن حدثت ثمرة

الْمُنَقِّحُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ دَوَامُ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُنَاصَبَةِ وَلَوْ فُسِخَتْ إلَى أَنْ تَبِيدَ وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لِعَامِلٍ فَسَخَ أَوْ هَرَبَ قَبْلَ ظُهُورِ وَلَهُ إنْ مَاتَ أَوْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَإِنْ بَانَ الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا فلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ

_ أخرى بعد الفسخ، فلا شيء له فيها. منصور البهوتي. قوله: (والواقع كذلك) لعله فيما إذا شرط جزء من الشجر، لا من الثمر وحده. قوله: (وله إن مات) أحدهما. قوله: (أجر عمله) أي: بخلاف المضاربة؛ لأن الربح لا يتولد من المال بنفسه، وإنما يتولد من العمل ولم يحصل بعمله ربح، والثمر متولد من عين الشجر وقد عمل على الشجر عملا مؤثراً في الثمرة مفضياً إلى ظهورها غالباً، فكان لعمله تأثير في حصول الثمر، وظهوره بعد الفسخ. ذكره ابن رجب في "القواعد". فتدبر. قوله: (مستحقاً) أي: ملكاً أو وقفاً لغير المساقي بعد عمل عاملٍ فيه. قوله: (فله أجر مثله) أي: على الغاصب.

فصل وعلى عامل مَا فِيهِ نُمُوٌّ أَوْ صَلَاحٌ لِثَمَرٍ وَزَرْعٍ مِنْ سَقْيٍ وطَرِيقِهِ وَتَشْمِيسُ وَإِصْلَاحُ مَحَلِّهِ وحَرْثٍ وَآلَتِهِ وَبَقَرِهِ وَزِبَارٍ وَتَلْقِيحٍ

_ فصل فيما يلزم العامل ورب المال وغير ذلك قوله: (وعلى عامل ما ... إلخ) أي: في الثلاثة عند الإطلاق. قوله: (من) بيان لـ (ما). قوله: (سقي) أي: بماء حاصل لا يحتاج إلى حفر بئر، ولا إدارة دولابٍ، لا حفر بئر، أو تحصيل الماء بنحو شراء، فإنه على المالك، كما يأتي. قوله: (وطريقه) أي: إصلاح طريقه بكري وتنظيف. قوله: (وحرث) أي: وفعل حرث. قوله: (وزبار) الزبار، بكسر الزاي: تخفيف الكرم من الأغصان، وكأنه مولد. قاله في "الحاشية"، وقوله: مولد، أي: عربي غير محض. قال في "المصباح": رجل مولد بالفتح: عربي غير محض، وكلام مولد كذلك. انتهى. قوله: (وتلقيح) التلقيح: التأبير، وهو: وضع طلع ذكر النخل في طلع أنثاه. وذكر النخل يقال له: فحال، كتفاح،

وَقَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ وَتَفْرِيقُ زِبْلٍ وَسِبَاخٍ وَنَقْلِ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ لِجَرِينٍ وَحَصَادٍ وَدِيَاسٍ وَلِقَاطٍ وَتَصْفِيَةُ وَتَجْفِيفُ وَحِفْظُ إلَى قِسْمَةٍ وَعَلَى رَبِّ أَصْلٍ حِفْظُهُ كَسَدِّ حَائِطٍ وَإِجْرَاءِ نَهْرٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ ودُولَابٍ وَمَا يُدِيرُهُ وَشِرَاءِ مَاءٍ ومَا يُلَقَّحُ بِهِ

_ وفحل، كفلس، ويجمع الأول على فحاحيل، والثاني على فحول وفحال، ومن جمعه على فحول قول الشاعر: تأبري يا خيرة الفسيل ... تأبري من حنذ فشولي إذ ضن أهل النخل بالفحول وللشعر قصة مذكورة في "المصباح"، فراجعه. قوله: (مضر) يعني: بشجر أو زرع، وقطع شوك، وشجر يابس، وآلة ذلك، كالفأس ونحوه. قوله: (ونحوه) كزرع. قوله: (ولقاط) أي: لنحو قثاء وباذنجان. قوله: (وتصفية) أي: لزرع. قوله: (وتجفيف) أي: لثمرة. قوله: (حفظه) أي: ما يحفظه. قوله: (وما يديره) من بهائم. قوله: (وما يلقح به) من طلع فحال ويسمى الكثر، بضم الكاف وسكون المثلثة وفتحها، كما في "الشرحين"،

وَتَحْصِيلُ زِبْلٍ وَسِبَاخٍ وَعَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا جِذَاذٌ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ عَلَى عَامِلٍ لَا عَلَى أَحَدِهِمَا مَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ بَعْضُهُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهِ وَيُتَّبَعُ فِي الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ

_ وفي "المصباح": والكثر: بفتحتين: الجمار: ويقال: الطلع، وسكون الثاء لغة. انتهى. ففيه أربع لغات. فتدبر. قوله: "وتحصيل زبل" الزبل: السرجين، وهو الروث. قوله: (وسباخ) سبخت الأرض سبخا من باب: تعب، فهي: سبخة، ككلمة، أي: ملحة. "مصباح". قوله: (في الكلف) الكلف جمع كلفة. كغرف جمع غرفة، وهي: ما تحملته على المشقة، قال في "المصباح": التكاليف: المشاق، الواحدة: تكلفة أيضا، وكلفت في الأمر من باب: تعب: حملته على مشقة، وكلَّفته الأمر فتكلفه، كحملته فتحمل-وزنا ومعنى- على مشقة. انتهى. قول: (السلطانية) قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى: لمن له الولاية على المال أن يصرفه فيما يخصه من الكلف. كناظر الوقف والوصي والوكيل. قال: ومن لم يخلص مال غيره من التلف إلا بما أدى عنه. رجع به في أظهر قولي العلماء.

الْعُرْفُ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَكُرِهَ حَصَادٌ وَجِذَاذٌ لَيْلًا وَعَامِلٌ كَمُضَارِبٍ فِيمَا يُقْبَلُ أَوْ يُرَدُّ قَوْلُهُ فِيهِ ومُبْطِلٍ وجُزْءٍ مَشْرُوطٍ

_ قوله: (العرف) فيما عرف أخذه من رب المال، فهو عليه، وما عرف من العامل فعليه، وما طلب من قرية من وظائف سلطانية ونحوها، فعلى قدر الأموال، وإن وضعت على الزرع، فعلى ربه، وعلى العقار، فعلى ربه ما لم يشترط على مستأجر، وإن وضع مطلقًا، فالعادة. قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى. فائدة: إذا فسخ العامل المزارعة قبل الزرع أو بعده قبل ظهوره، فلا شيء له، وليس له بيع ما عمل في الأرض، وإن أخرجه مالك، فله أجر عمله، وما أنفق في الأرض وبعد ظهور الزرع، له حصته وعليه تمام العمل، كالمساقاة. قوله: (ما لم يكن شرط) يعني: فيعمل به، وإن ساقاه على أرضٍ خراجية، فالخراج على رب المال، لأنه يجب على رقبةِ الأرض، أثمرت الشجرة أو لم تثمر، زرع الأرض أو لم يزرعها. قوله: (ليلاً) نصا، ولعله لخشية حصول ضرر. قال المصنف: قوله: (وعامل ... إلخ) في مساقاة ومزارعة. قوله: (فيما يقبل) كنفي تعد. قوله: (أو يرد قوله فيه) كدعوى دفع ثمرة وزرع لربهما. قوله: (ومبطل) كمجهول ودراهم.

فَإِنْ خَانَ فَمُشْرِفٌ يَمْنَعُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَامِلٌ مَكَانَهُ وَأُجْرَتُهُمَا مِنْهُ وَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَلِمَالِكٍ قَبْلَ فَرَاغِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِهِ نَفْعٌ لِعَدَمِ بَطْشِهِ أُقِيمَ مَقَامَهُ أَوْ ضُمَّ إلَيْهِ

_ قوله: (فإن خان) وتثبت بإقرار، أو بينة، أو نكول. قوله: (فمشرف يمنعه) يعني: أنه يضم إليه إذن من يمنعه الخيانة، ليحفظ المال، كالوصي إذا ثبتت خيانته تحصيلا للغرضين، كما سيأتي في الوصايا. قوله: (وأجرتهما) أي: المشرف والعامل مكانه. قوله: (وإن اتهم) أي: ولم تثبت. قوله: (ضم أمين) أي: إلى العامل المتهم. قوله: (من نفسه) أي: المالك. قوله: (لعدم بطشه) البطش: الأخذ بالعنف، وبطشت اليد: إذا عملت، وبابه: ضرب. والبطش هنا كناية عن القوة على العمل. قوله: (أقيم مقامه) يعني: إن عجز بالكلية. قوله: (أو ضم إليه) أي: إن ضعف.

فصل وشرط علم بذر وقَدْرِهِ وَكَوْنُهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ ولَوْ عَامِلًا وَبَقَرُ الْعَمَلِ مِنْ الْآخَرِ

_ فصل في المزارعة قوله: (وكونه من رب الأرض) أي: مالك عينها أو منفعتها، كالمستأجر، والموقوف عليه، وكذا من في يده أرض خراجية. كما صرح بذلك في "الإقناع". قال في "شرحه": وكذلك ينبغي في ناظر الوقف إذا رآه مصلحة. انتهى. والأجرة على المستأجر دون المزارع، وكذا الخراج على من هي في يده لا على المزارع، كما في المساقاة. فائدة: لو كان البستان مشتملاً على ما تصح المساقاة عليه، وما لا تصح، صحت فيما يصح فقط، هذا ظاهر كلامهم في تفريق الصفقة، ويحتمل أن يقال: يدخل غيره تبعاً. تتمة: لا شيء للعامل من غير الثمرة، كالجريد والليف والورق، ونحوه. قاله: في "حاشية الإقناع". قوله: (ولو عاملا) أي: ولو كان رب الأرض عاملا على الزرع في أرضه.

وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ بَذْرٍ مِنْ عَامِلٍ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ لَهُمَا أَوْ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَذْرِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ وَالْبَذْرِ مِنْ ثَالِثٍ أَوْ وَالْبَقَرِ مِنْ رَابِعٍ أَوْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَالْبَقَرِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْمَاءِ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ شَرَطَ لِعَامِلٍ نِصْفَ هَذَا النَّوْعِ وَرُبُعَ لِآخَرَ وَجُهِلَ قَدْرُهُمَا أَوْ إنْ سَقَى سَيْحًا أَوْ زَرَعَ شَعِيرًا فالرُّبُعُ، وبِكُلْفَةٍ. أَوْ حِنْطَةً فالنِّصْفُ أَوْ لَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ وَإِلَّا فالرُّبُعُ أَوْ أَنْ يَأْخُذ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ أَوْ: سَاقَيْتُكَ هَذَا الْبُسْتَانَ بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ أُسَاقِيَك الْآخَرَ بِالرُّبُعِ فَسَدَتَا كَمَا لَوْ شَرَطَا

_ قوله: (ولا يصح كونه بذر ... إلخ) حاصل ما ذكر المصنف من الصور الفاسدة في هذه المسألة سبع صور. قوله: (أو منهما) أي: من رب الأرض والعامل معاً. قوله: (ولا من أحدهما) أي: أحد المزارعين سواء عملا، أو أحدهما، أو غيرهما. قوله: (أو البذر من ثالث) أي: أو كون الأرض من واحد، والعمل من ثان، والبذر من ثالث. وقوله: (أو البقر من رابع) أي: زيادة على الثلاثة. قوله: (كما لو شرطا) أي: رب المال والعامل.

لأحدهما قفزانا أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ زَرْعَ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرِ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَمَنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ فِي نَصِيبِهِ بِفَضْلٍ عَنْ حِصَّتِهِ صَحَّ مَنْ زَارَعَ أَوْ أَجَّرَ أَرْضًا وَسَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ بِهَا صَحَّ مَا لَمْ تَكُنْ

_ قوله: (معينة) وكذا لو شرط لأحدهما ما على السواقي أو الجداول، منفردًا أو مع نصيبه. فائدة: لا يجوز أن يشرط على الفلاح شيئاً مأكولاً ولا غيره، من دجاج وغيرها التي يسمونها خدمة، ولا يجوز أخذه بشرطٍ ولا غيره، كما تقدم في القرض. قوله: (والزرع) أي: إذا فسدت المزارعة. قوله: (أو الثمر) يعني: إذا فسدت المساقاة. قوله: (بفضلٍ) أي: كما تقدم نظيره في المساقاة وشركة العنان، حتى لو زارعه بقدر حصة العامل في الأرض، لم تصح، كما تقدم في المساقاة وشركة العنان، ولا شيء للعامل هنا لتبرعه، وإن زارعه بالكل، لم تصح أيضاً، وله أجرةُ المثل، لأنه عمل بعوض لم يسلم له. فتدبر.

حِيلَةً وَمَعَهَا إنْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ فَتَفْرِيقُ صَفْقَةٍ وَلِمُسْتَأْجِرٍ فَسْخُ

_ قوله: (ومعها) أي: مع الحيلة على بيع الثمرة قبل وجودها، أو قبل بدو صلاحها، بأن آجره الأرض بأكثر من أجرتها، وساقاه على الشجر بجزء من ألف جزء ونحوه، فيحرم ذلك، ولا يصح كل من الإجارة والمساقاة على ما في "الإقناع". وكذا على ما نقله المصنف عن "المنقح". قال في "الإقناع": سواء جمعا بين العقدين، أو عقدا واحدا بعد آخر، ومقتضى ما قدمه المصنف-رحمه الله- أنه يصح في الإجارة، ويبطل في المساقاة، كما أفاده في "شرح الإقناع" ومتى قطع بعض الشجر المثمر-والحالة هذه- فإنه ينقص من العوض المستحق بقدر ما ذهب من الشجر، سواء قيل بصحة العقد أو فساده. قاله في: "الإقناع". قال في "شرحه": قاله الشيخ تقي الدين. قلت: مقتضى القواعد أنه لا يسقط من أجرة الأرض شيء إذا قلنا بصحتها، لأن الأرض هي المعقود عليها، ولم يفت منها شيء، وأما إذا فسدت، فعليه أجرة مثل الأرض، ويرد الثمرة، وله أجرة مثل عمله فيها، والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ الْمُنَقِّحُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ عَقْدِ الْحِيلَةِ مُطْلَقًا

_ قوله: (وإلا) صحت، أي: الإجارة. قوله: (مطلقاً) أي: سواء كان فيه إبطال حق لآدمي أو لله تعالى، وسواء كان إجارة أو مساقاة، جمع بينهما في عقد أو فرقهما

باب الإجارة

باب الإجارة: عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ مَعْلُومَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً مِنْ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَالِانْتِفَاعُ تَابِعٍ

_ باب الإجارة لغة: المجازاة، يقال: آجره على عمله، إذا جازاه عليه. وشرعا: ما ذكره المصنف. قوله: (مباحة) أي: لا محرمة، كزنا وزمر. قوله: (معلومة) أي: لا مجهولة، ثم هي ضربان، أشير إلى الأول منها بقوله: (مدة معلومة من عين ... إلخ)، وإلى الثاني بقوله: (أو عمل معلوم). وقوله (بعوض معلوم). راجع للضربين، فهو متعلق بـ (عقد)، فعلمت: أن المعقود عليه المنفعة لا العين، خلافا لأبي إسحاق المروزي، لأن المنفعة هي التي تستوفى، والأجر في مقابلتها، ولهذا تضمن دون العين، وإنما أضيف العقد إلى العين؛ لأنها محل المنفعة ومنشؤها، كما يضاف عقد المساقاة إلى البستان، والمعقود عليه الثمرة، على أنه لو أضيف إلى المنفعة، كما لو قال: أجرتك منفعة داري، لجاز. وقوله: (والانتفاع تابع) يعني: أن الانتفاع من قبيل المستأجر تابع للمنفعة المعقود عليها ضرورة، إذ المنفعة لا توجد عادة إلا عقبه، وهذه من زيادته على "الإقناع".

وَيُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْمُدَّةِ صُورَةٌ تَقَدَّمَتْ فِي الصُّلْحِ ومَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ وَهِيَ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْعَرَايَا وَالشُّفْعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ الرُّخَصِ الْمُسْتَقِرِّ حُكْمُهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَالْأَصَحُّ لَا

_ قوله: (صورة تقدمت في الصلح) وهي: أن يصالحه على إجراء مائه في أرضه أو سطحه، فلا يعتبر فيها تقدير المدة، للحاجة، كنكاح. قوله: (ولم يقسم) وأركانها خمسة: المتعاقدان، والعوضان، والصيغة. قوله: (ونحوها) كالسلم. قوله: (والأصح لا) هذا التصحيح لصاحب ((الفروع)) وتبعه المنقح عليه، وتبعهما المصنف، وجزم به في "الإقناع" فقال عن هذه الأمور: إنها من الرخص المستقر حكمها على وفق القياس. انتهى. قال في "الفروع": لأن من لم يخصص العلة، لا يتصور عنده مخالفة قياس صحيح، ومن خصصها، فإنما يكون الشيء خلاف القياس إذا كان المعنى المقتضي للحكم موجودا فيه وتخلف الحكم عنه. انتهى. قوله: لأن من لم يخصص العلة، أي: من قال: لا يعتبر اطرادها بأن توجد ويتخلف الحكم، كالماء فإن علة الربا _ وهي الكيل _ موجودة فيه، وتخلف الحكم عنها، فإنه ليس ربويا، كما تقدم. قاله منصور البهوتي في مناهي "شرح الإقناع".

وَتَنْعَقِدُ بِلَفْظِ إجَارَةٍ وكِرَاءٍ ومَا بِمَعْنَاهُمَا وبِلَفْظِ بَيْعٍ إنْ لَمْ يُضَفْ إلَى الْعَيْنِ فَصْلٌ وَشُرُوطُهَا ثلاثة الأول: مَعْرِفَةُ مَنْفَعَةٍ إمَّا بِعُرْفٍ كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا وَخِدْمَةِ آدَمِيٍّ سَنَةً أَوْ بِوَصْفٍ كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلَى مَحَلِّ كَذَا أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ طُولَهُ وعَرْضَهُ وَسَمْكَهُ وَآلَتَهُ

_ قوله: (وكراء) الكراء بالمد: الأجرة، وهو مصدر في الأصل من: كاريته كراء، من باب: قاتل، والفاعل مكار على النقص، والجمع مكارون مثل قاضون، ومكاريون، بالتشديد، خطأ. "مصباح". قوله: (معرفة منفعة) لأنها المعقود عليها، فاشترط العلم بها، كالمبيع. والعرف: ما يتعارفه الناس بينهم. قوله: (وبناء حائط) البناء تارة يقدر بالزمان كيوم، وتارة بالعمل، كما ذكر المصنف من بناء حائط صفته كذا، أو دار صفتها كذا، فلو بناه ثم سقط، فله الأجرة، إلا إن سقط بتفريطه، نحو إن بناه محلولاً، فعليه إعادته، وغرم ما تلف به. قوله: (يذكر طوله) وموضع الحائط أيضا. قوله: (وسمكه) أي: علوه. قوله: (وآلته) يعني: من طينٍ أو غيره.

وأَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ مَعْلُومٍ أَوْ لِزَرْعِ أَوْ غَرْسِ مَا شَاءَ أَوْ لِزَرْعِ وَغَرْسِ مَا شَاءَ أَوْ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ وَيَسْكُتُ أَوْ يُطْلِقُ وتَصْلُحُ لِلْجَمِيعِ

_ قوله: (وأرض معينة لزرع ... إلخ) اعلم: أن هذه المسألة تشتمل على أربع وستين صورة، وذلك لأنه إما أن يؤجرها للزرع وحده، أو للغرس وحده، أو للبناء وحده، أو لاثنين منها، أو للثلاثة، أو يؤجرها ويطلق؛ بأن يقول: أجرتك هذه الأرض، ويسكت. وهي تصلح للجميع، ففيما إذا أجرها للزرع وحده، إما أن يخصص؛ بأن يقول: لزرع بر مثلا، أو يعمم، بأن يقول: لزرع ما شئت، أو يطلق؛ بأن يقول: للزرع، ويسكت، وكذا في الغرس والبناء، فهذه تسع صور، فيما إذا أجرها لأحد الثلاثة، وإذا أجرها لاثنين، فإما أن يؤجرها للزرع مع الغرس ويخصص فيهما، أو يعمم فيهما، أو يطلق فيهما، أو يخصص في الزرع، ويعمم في الغرس، أو يطلق. أو يعمم في الزرع ويخصص. أو يطلق في الغرس. أو يطلق في الزرع ويخصص. أو يعمم في الغرس. فهذه تسع صور أيضا. وإما أن يؤجرها للزرع مع البناء، وفيها تسع كذلك. وإما أن يؤجرها للغرس والبناء. وفيها تسع أيضا. فهذه سبع وعشرون صورة، فيما إذا جمع بين اثنين تضمها إلى التسع قبلها، تصير

ولِرُكُوبٍ، مَعْرِفَةُ رَاكِبٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ وَذِكْرِ جِنْسِ مَرْكُوبٍ كَمَبِيعٍ ومَا يَرْكَبُ بِهِ مِنْ سَرْجٍ وَغَيْرِهِ وكَيْفِيَّةِ سَيْرِهِ مِنْ هِمْلَاجٍ

_ ستاً وثلاثين، وإذا أجرها للثلاثة، فإما أن يخصص، أو يعمم، أو يطلق في الكل، وإما أن يخصص في الزرع ويعمِّم، أو يطلق في الآخرين، أو يعمم في الغرس ويطلق في البناء، أو بالعكس، وإما أن يعمم في الزرع ويخصص أو يطلق في الآخرين، أو يخصص في الغرس ويطلق في البناء، أو بالعكس، وإما أن يطلق في الزرع ويخصِّص، أو يعمم في الآخرين، أو يخصص في الغرس ويعمم في البناء، أو بالعكس، وإما أن يخصص في الغرس ويعمم، أو يطلق في الآخرين، وإما أن يعمم في الغرس ويخصص أو يطلق في الآخرين. وإما أن يطلق في الغرس، ويخصِّص أو يعمم في الآخرين، وإما أن يخصص في البناء، ويعمم أو يطلق في الآخرين، وإما أن يعمِّم في البناء، ويخصص أو يطلق في الآخرين، وإما أن يطلق في البناء، ويخصص أو يعمم في الآخرين، فهذه سبع وعشرون صورة، فيما إذا جمع بين الثلاثة ضمَّها إلى ما قبلها تصير ثلاثا وستين صورة، والرابعة والستون أن يؤجر الأرض ويطلق. فتدبر ذلك. والله أعلم. قوله أيضا على قوله: (وأرض معينةٍ) يعني: برؤية لا وصف. قوله: (كمبيع) يعني: إن لم يكن مرئيا. قوله: (من هملاج) هملج البرذون هملجة: مشى مشية سهلة في سرعة. وقال في ((مختصر العين)): الهملجة: حسن سير الدابة. وقالوا في اسم الفاعل: هملاج بكسر الهاء، للذكر

وَغَيْرِهِ لَا ذُكُورِيَّتِهِ أَوْ أُنُوثِيَّتِهِ أَوْ نَوْعِهِ ولِحَمْلِ مَا يَتَضَرَّرُ كَخَزْفٍ وَنَحْوَهُ مَعْرِفَةُ حَامِلِهِ وَمَعْرِفَتُهُ لِمَحْمُولٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ وَذِكْرُ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ ولِحَرْثٍ مَعْرِفَةُ أَرْضٍ فَصْلٌ الثَّانِي مَعْرِفَةُ أُجْرَةٍ فَمَا بِذِمَّةٍ كَثَمَنٍ وَمَا عُيِّنَ كَمَبِيعٍ وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ بِسُكْنَى أُخْرَى وخِدْمَةٍ وتَزَوُّجٍ مِنْ مُعَيَّنٍ

_ والأنثى، وهو يقتضي أن اسم الفاعل لم يجيء على قياسه، وهو: مُهملج. قاله في ((المصباح)). وقال المطرزي: البرذون: التركي من الخيل، وهو خلاف العراب. قوله: (أو نوعه) أي: كعربي أو بردون في الفرس. قوله: (ولحمل ما يتضرر ... إلخ) أي: يخشى عليه التكسر إذا حمل. قوله: (ونحوه) كزجاج. قوله: (معرفة حامله) يعني: من آدمي، أو بهيمة. قوله: (أو صفة) إن كان نحو خزف. قوله: (وقدره) إن لم يكن كذلك. قوله: (معرفة أرض) أي: برؤية فقط. قوله: (كمبيع) يعني: معين، فتكفي مشاهدة نحو صبرة. قوله: (وتزويج من معين) أي: شخص، أي: امرأة معينة.

وحُلِيٍّ بِأُجْرَةٍ مِنْ جِنْسِهِ وأَجِيرٍ وَمُرْضِعَةٍ بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا وَهُمَا فِي تَنَازُعٍ كَزَوْجَةٍ

_ قوله: (من جنسه) للبس أو عارية. قوله: (وأجير) وإن شرط للأجير إطعام غيره وكسوته موصوفاً. جاز. ويكون للأجير، إن شاء أطعمه، وإن شاء تركه، وإن لم يكن موصوفاً، لم يصح، وإنما جاز للأجير، للحاجة إليه. قاله في ((الإقناع)). و"شرح" المصنف: وإن استغنى الأجير ... بطعام نفسِه أو غيره، أو عجز عن الأكل لمرض أو غيره، لم تسقط نفقته ... كالدَّراهم. وإذا دفع للأجير الطعام، فأحب أن يبقي بعضه لنفسه، فإن كان ... دفع له أكثر من الواجب ليأكل قدر حاجته، ... أو كان في تركه ... ضرر على المؤجر، بضعف الأجير عن العمل، أو بتقليل لبن الظئر، لم يجز. وإذا دفع إليه قدر الواجب فقط أو أكثر، وملَّكه إياه، ولم يكن في تفضيله لبعضه ضررٌ بالمؤجر، جازَ. وإن قدَّم إليه طعامًا فنهب أو تلف قبل أكله، ضمن أجير خص، لا على مائدة لا تخصه. قوله: (ومرضعة) أي: أم أو غيرها. قوله: (وكسوتهما) أي: وإن لم يوصفا، أو مع دراهم معلومة. قوله: (وهما في تنازع) أي: مع مستأجر في صفة طعام أو كسوة. قوله: (كزوجة) أي: فلهما نفقة وكسوة مثلهما.

وَسُنَّ عِنْدَ فِطَامٍ لِمُوسِرٍ اسْتَرْضَعَ أَمَةً إعْتَاقُهَا وحُرَّةً إعْطَاؤُهَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً

_ قوله: (وسن عند فطام ... إلخ) هل ذلك من مال الصبي الموسر، أو مال وليه، وهل المسترضع ولي الطفل، أو من تلزمه الأجرة؟ تردد في ذلك ابن نصر الله، قال: وهذا مثل التضحية عن اليتيم، قال: وذكروا في غرة الجنين خلافاً في تقديرها بسبع سنين، ويتوجه في غرة الظئر مثل ذلك. "حاشية". وفي ذلك وجه بالوجوب. وأقول: المتبادر من كلام المصنف أن الغرة من مال المسترضع، لا من مال الولد، ويؤيده قول الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم: ما يذهب عني مذمة الرضاع. ولم يقل ما يذهب عن ولدي؟ ويفرق بين الغرة والتضحية، بأن التضحية يعقلها اليتيم ويأكلها كلها. قوله: (استرضع أمة) أي: لنحو ولده. قوله: (عبداً أو أمة) قال الشيخ: لعل هذا في المتبرعة.

وَالْعَقْدُ عَلَى الْحَضَانَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ وَالْأَصَحُّ اللَّبَنُ وَإِنْ أُطْلِقَتْ أَوْ خُصِّصَ رَضَاعٌ لَمْ يَشْمَلْ الْآخَرَ وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى رَضَاعٍ أَوْ مَعَ حَضَانَةٍ انْفَسَخَ بِانْقِطَاعِ اللَّبَنِ وَشُرِطَ مَعْرِفَةُ مُرْتَضِعٍ وأَمَدِ رَضَاعٍ ومَكَانِهِ

_ قوله: (والعقد على الحضانة) أي: خدمة المرتضع من حمله، ودهنه، ووضع الثدي في فمه، ونحوه. قوله: (واللبن تبع) كصبغ صباغ. قوله: (والأصح اللبن) قاله المنقح؛ لأنه المقصود، وجواز الإجارة عليه رخصة؛ للضرورة إلى حفظ الآمدي. قوله: (وإن أطلقت ... إلخ) يعني: أنه إذا خصص أحد الأمرين من الرضاع والحضانة، لم يشمل الآخر، وهذا تفريع على الأصح؛ من أن اللبن هو المعقود عليه. وفي "تصحيح الفروع": الصواب الرجوع إلى العرف. فتدخل الحضانة في الرضاع. وجزم به في "الإقناع". قوله أيضاً على قوله: (وإن أطلقت) أي: حضانة؛ بأن استأجرها لحضانة. قوله: (على رضاع) أي: وحده. قوله: (وشرط ... إلخ) أي: ثلاثة شروط غير ما تقدم. قوله: (معرفة مرتضع) أي: برؤية. قوله: (ومكانه) يعني: في بيتها أو بيته.

لَا اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ بِعَلَفِهَا أَوْ مَنْ يَسْلُخُهَا بِجِلْدِهَا أَوْ يَرْعَاهَا بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهَا وَلَا طَحْنِ كُرٍّ بِقَفِيزٍ مِنْهُ وَمَنْ أَعْطَى صَانِعًا مَا صَنَعَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَ حَمَّالًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِأَخْذِ وَكَذَا رُكُوبُ سَفِينَةٍ وَدُخُولُ

_ قوله: (بعلفها) أي: أو مع دراهم ولو معلومة، إلا أن يذكر قدره وصفته من شعير وغيره بحيث لا يختلف. قوله: (بجلدها) لأنه لا يعلم هل يخرج سليماً أو لا؟ وهل هو ثخين أو رقيق؟ ولأنه لا يجوز أن يكون عوضا في البيع، فكذا هنا، ومسألة طحن قمح بنخالته، وعمل السمسم شيرجاً بالكسب الخارج منه، وحلج القطن بالحب الذي يخرج منه، فلا يصح للجهالة بالأجرة؛ لأنه لا يعلم ما يخرج منه. قوله: (ولا طحن كر بقفيز منه) أي: وله أجر مثله في الصور الأربع. قوله أيضاً على قوله: (بقفيز منه) أي: من المطحون لجهل بقية الدقيق، فكأنه استأجره لطحن مجهول القدر، وعلى هذا يحمل النهي عن قفيز الطحان. وعلم منه: أنه لو جعل له قفيزاً من الحب، أنه يصح، كما لو جعل له جزءاً مشاعاً من المطحون أو من الحب. فتدبر. قوله: (فله أجر مثله) لأن الأصل في قبض مال الغير

حَمَّامٍ وَمَا يَأْخُذُ حَمَّامِي فَأُجْرَةُ مَحَلٍّ وَسَطْلٍ وَمِئْزَرٍ وَالْمَاءُ تَبَعٌ وإنْ خِطْته الْيَوْمَ ورُومِيًّا فَبِدِرْهَمٍ وغَدًا أَوْ فَارِسِيًّا فَبِنِصْفِهِ أَوْ إنْ زَرَعْتَهَا بُرًّا فَبِخَمْسَةٍ وذُرَةً فَبِعَشَرَةٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ وإنْ رَدَدْتهَا الدَّابَّةَ الْيَوْمَ فَبِخَمْسَةٍ وغَدًا فَبِعَشَرَةٍ أَوْ عَيَّنَا زَمَنًا وَأُجْرَةً ومَا زَادَ فَلِكُلِّ يَوْمٍ كَذَا صَحَّ لَا لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ فَلَوْ عُيِّنَ لِكُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ شَيْءٌ أَوْ اكْتَرَاهُ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ أَوْ عَلَى حَمْلِهِ زُبْرَةً إلَى مَحَلِّ كَذَا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَإِنْ زَادَتْ فَلِكُلِّ رِطْلٍ دِرْهَمٌ صَحَّ

_ أو منفعته الضمان، إلا بعقد أو شرط أو تعويض. وهذا في المتنصب لذلك، وإلا فلا شيء له. قال شيخنا محمد الخلوتي: قد يقال: في كلام المصنف ما يشير إلى اعتبار ذلك القيد حيث لاحظ الوصف العنواني بقوله: (صانعاً) أو (حمالاً) دون أن يقول شخصاً. انتهى. قوله: (أو عيناً زمناً) الزمان: مدة قابلة للقسمة، ولهذا يطلق على القليل والكثير، والجمع: أزمنة، والزمن مقصود منه، وجمعه: أزمان، كسبب وأسباب، وقد يجمع على أزمن. "مصباح". قوله: (أو على حمل زبرة ... إلخ) يعني: صح العقد في العشرة بالمسمى، وأما الزائد على العشرة، فله أجر المثل فيه، وافق المسمى أو زاد عليه،

وَلِكُلٍّ الْفَسْخُ أَوَّلُ كُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فِي الْحَالِ فَصْلٌ الثَّالِثُ كَوْنُ نَفْعٍ مُبَاحًا بِلَا ضَرُورَةٍ

_ أو نقص عنه، كما يفهم ذلك من "الإقناع 83" وعبارة المصنف ممكنة الحمل على ذلك، كما ذكره في "شرح الإقناع". قوله: (ولكل الفسخ) مفهومه: أنه إذا لم يفسخ أحدهما بعد دخول الشهر على الفور، فإنه يلزمهما حكم الإجارة. وصرح به في "الإقناع": ولو آجره داراً أو نحوها شهراً غير معين، لم يصح، للجهالة. ولو قال: أجرتك هذا الشهر بكذا، وما زاد فبحسابه، صح في الأول، وأجرتك داري عشرين شهراً، كل شهر بدرهم، صح، ولا فسخ لواحد منهما. قوله: (في الحال) أي: على الفور. قوله: (كون نفع ... إلخ) اعلم: أن محصل ما يعتبر في النفع سبعة أمور: الإباحة، وإطلاقها. والثالث: أن يكون مقصوداً عادة. والرابع: كونه متقوماً، أي: له قيمة. والخامس: أن يمكن استيفاؤه مع بقاء العين. والسادس: القدرة عليه. والسابع: أن يكون النفع للمستأجر. فتدبر. قوله: (مباحاً) بخلاف زنا وزمر. قوله: (بلا ضرورة) قال ابن نصر الله في "حواشي المحرر": احترز من نحو استئجار الرجل حريراً للبسه، فإنه لا يباح لبسه إلا لضرورة، كالحكة ونحوها، ولا يصح هذا الاحتراز؛ لأن من أبيح له

مَقْصُودًا مُتَقَوِّمًا يُسْتَوْفَى دُونَ الْأَجْزَاءِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ لِمُسْتَأْجِرٍ كَكِتَابِ لِنَظَرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ نَقْلٍ لَا مُصْحَفٍ وَكَدَارٍ تُجْعَلُ مَسْجِدًا أَوْ تُسْكَنُ وحَائِطٍ لِحَمْلِ خَشَبٍ وَكَحَيَوَانٍ لِصَيْدٍ وحِرَاسَةٍ سِوَى كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وكشَجَرٍ لِنَشْرٍ أَوْ جُلُوسٍ بِظِلِّهِ وبَقَرٍ لِحَمْلٍ وَرُكُوبٍ وغَنَمٍ

_ لبس الحرير لحكة، يجوز له استئجاره للبسه. والأولى كون ذلك احترازاً عن كلب الصيد وكلب الزرع، فإنه يباح نفعه للصيد والزرع، ولا يجوز إجارته لذلك، لكن إباحته ليست للضرورة بل للحاجة. فلو قيل بدل قوله: (بلا ضرورة): لغير حاجة، كان أولى. "حاشية". قوله: أيضاً على قوله: (بلا ضرورة) أي: لا آنية نقد، أو حاجة، ككلب. قوله: (مقصوداً) أي: عادة، لا آنية لتجمل. قوله: (متقوماً) عن "المصباح": قومت المتاع: إذا جعلت له قيمة معلومة، فتقوم هو. وشيء متقوم، أي: له قيمة. قوله: (دون الأجزاء) أي: دون استهلاكها. قوله: (لا مصحف) أي: ولو جاز بيعه، كما في "شرح الإقناع". قوله: (لحمل خشب) أي: معلوم. قوله: (وحيوان لصيد) مثله ما يصاد به، كفخ وشبكة. قوله: (وحراسة) كقرد. قوله: (أو جلوس بظله) لا لأخذ ثمرة وحطب.

لِدِيَاسِ زَرْعٍ وبَيْتٍ فِي دَارٍ وَلَوْ أُهْمِلَ اسْتِطْرَاقِهِ وآدَمِيٍّ لِقَوْدِ وعَنْبَرٍ لِشَمٍّ لَا مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَرَيَاحِينَ ونَقْدٍ لِتَحَلٍّ وَوَزْنٍ فَقَطْ وَكَذَا مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ وَفُلُوسٌ لِيُعَايِرَ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ إنْ أُطْلِقَتْ وَلَا عَلَى زِنًا أَوْ زَمْرٍ أَوْ غِنَاءٍ

_ قوله: (لدياس زرع) يعني: معلوم، أو أياماً معلومة. قوله: (ولو أهمل استطراقه) لأنه متعارف. قوله: (لقود) أي: لقود مركوب، أو آدمي مدة معلومة. قوله: (وعنبر لشم) وصندل ونحوه مما يبقى من الطيب. قوله: (ونقد لتحل) أي: ويصح استئجار [نقد ... إلخ]. قوله: (ليعاير عليه) أي: المذكور. قوله: (فلا تصح ... إلخ) أي: فلا تصح إجارة نقد وما عطف عليه. قوله: (إن أطلقت) أي: وتكون قرضاً. قوله: (أو غناء) ولا تصح إجارة كاتب يكتب ذلك، والغناء مثل كتاب: الصوت. وأما بالقصر: فضد الفقر، وقياسه الضم؛ لأنه صوت. وغنى بالتشديد: إذا ترنم بالغناء. "مصباح". ومقتضى إطلاق المصنف وغيره الغناء هنا: أن الغناء كله محرم. قاله ابن نصر الله -رحمه الله- في بعض حواشيه. فتدبر. وسيأتي في باب من تقبل شهادته، حكاية الخلاف في ذلك، فيحمل كلامه هنا على غناء محرم، واختيار الأكثر تحريمه. وحكى القاضي عياض الإجماع على كفر من استحله، وقدم المصنف في الشهادات: أنه يكره. وحكى قولا ثالثاً: أنه يباح. "حاشية".

أَوْ نَزْوِ فَحْلٍ أَوْ دَارٍ لِتُعْمَلَ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ لِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ لِحَمْلِ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَكْلِهَا لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ أَوْ خَمْرٍ لِشُرْبِهَا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَتَصِحُّ لِإِلْقَاءٍ وَإِرَاقَةٍ

_ قوله: (أو نزو فحل) يقال نزا الفحل نزواً -من باب: قتل- ونزواناً: وثب. "مصباح". قوله: (أو بيت نار) لتعبد المجوس. قوله: (أو لبيع الخمر ... إلخ) فلو اكترى ذمي من مسلم داراً ليسكنها، فأراد بيع الخمر فيها، فلصاحب الدار منعه؛ لأنه معصية. قوله أيضاً على قوله: (أو لبيع الخمر) يعني: ولو علم ذلك بقرينة. قوله: (ولا أجرة له) لأن المنفعة المحرمة لا تقابل بعوض. قوله: (وتصح لإلقاء وإراقة) قال في "الإقناع": ولا يكره أكل أجرة ذلك، ويصح لكسح كنيف، ويكره له أكل أجرته، كأجرة حجام. قال في "شرحه": لقوله عليه الصلاة والسلام: "كسب الحجام خبيث". متفق عليه، وقال: "أطعمه ناضحك ورقيقك".

وَلَا عَلَى طَيْرٍ لِسَمَاعِهِ وَتَصِحُّ لِصَيْدٍ وَلَا عَلَى تُفَّاحَةٍ لِشَمٍّ أَوْ شَمْعٍ لِتَجَمُّلٍ أَوْ شَعْلٍ أَوْ طَعَامٍ لِأَكْلٍ أَوْ حَيَوَانٍ لِأَخْذِ لَبَنِهِ غَيْرِ ظِئْرٍ وَيَدْخُلُ نَفْعُ بِئْرٍ وحِبْرُ نَاسِخٍ وخَيْطُ خَيَّاطٍ

_ قلت: ولعل الفرق بين ذلك، وبين ما سبق من أجرة الإلقاء والإراقة: مباشرة النجاسة، إذ إلقاء الميتة وإراقة الخمر لا مباشرة فيه للنجاسة غالباً، بخلاف كسح الكنيف، والله أعلم. انتهى. قوله: (لسماعه) أي: سماع صوته، لعدم القدرة. قوله: (وتصح لصيد) أي: تصح إجارة طير لصيد، كصقر وباز، مدة معلومة. قوله: (ولا على تفاحة لشم) لعدم تقومها عادة، ولا ثوب لتغطية نعش. قوله: (وحبر ناسخ) اعلم: أنه يجوز أن يستأجر ناسخاً له كتباً شرعية؛ من حديث وفقه وغيرهما، حتى الشعر المباح والسجلات، نص عليه. ولا بد من تقدير ذلك، إما بالمدة، وإما بالعمل، فإن قدره بالمدة، فظاهر، وإن قدره بالعمل، ذكر عدد الورق وقدره، وعدد السطور، وقدر الحواشي، ودقة القلم وغلظه، فإن عرف الخط بالمشاهدة، جاز، وإن أمكن ضبطه بالصفة، ذكره، وإلا فلا بد من المشاهدة. ويصح تقدير الأجرة بأجزاء الفرع، وبأجزاء الأصل، وإن قاطعه على نسخ الأصل بأجر واحد، جاز، فإن أخطأ بالشيء اليسير، كما جرت

وكحل كَحَّالٍ ومَرْهَمُ طَبِيبٍ وصَبْغُ صَبَّاغٍ

_ به العادة، عفي عنه، وإن كان كثيراً عرفاً، فعيب يرد به. قال ابن عقيل: ليس له محادثة غيره حالة النسخ، ولا التشاغل بما يشغل سره ويوجب غلطه، ولا لغيره تحديثه وشغله، وكذلك الأعمال التي تختل بشغل السر والقلب، كالقصارة والنساجة، ونحوهما. قوله: (وكحل كحال) اعلم: أنه إذا استأجر كحالا ليكحل عينه، صح، ويقدر ذلك بالمدة، دون البرء؛ لأنه غير معلوم، ويبين عدد ما يكحله كل يوم، فيقول: مرة، أو مرتين، فإن كحله في المدة فلم يبرأ، استحق الأجرة، وإن بريء في أثنائها، انفسخت فيما بقي، وكذا لو مات الأرمد. فإن امتنع المريض من تمام الكحل مع بقاء المرض، استحق الطبيب الأجرة بمضي المدة؛ لأن الأجير بذل ما عليه، ولا يصح تقدير المدة بالبرء لا إجارة، ولا جعالة، لعدم الضبط. ويصح أن يستأجر طبيباً لمداواته، والكلام فيه كالكحال، إلا أنه لا يصح اشتراط الدواء على الطبيب، بخلاف الكحل، فيصح اشتراطه على الكحال، ويدخل تبعاً للحاجة إليه، وجري العادة به فيه، دون دواء وملك الأجرة، ولو أخطأ في تطبيبه. ذكره ابن عبد الهادي في "جمع الجوامع" قال: ويلزمه ما العادة أن يباشره من وصف الأدوية وتركيبها وعملها، فإن لم تكن عادته تركيبها، لم يلزمه. ويلزمه أيضاً ما يحتاج إليه من حقنه وفصده ونحوهما، إن شرط عليه، أو جرت العادة أن يباشره، وإلا فلا. قاله في "الإقناع".

وَنَحْوُهُ تبعاً. فَلَوْ غَارَ مَاءُ بِئْرِ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ وَلَا فِي مُشَاعٍ مُفْرَدًا لِغَيْرِ شَرِيكِهِ وَلَا فِي عَيْنٍ لِعَدَدِ

_ قوله: (ونحوه) كدباغ دباغ. قوله: (فلا فسخ) لمستأجر؛ لعدم دخوله في الإجارة. هكذا نقله في "الانتصار" عن الأصحاب. وقال في "الإقناع" في فصل: والإجارة عقد لازم: لو انقطع الماء من بئر الدار، أو تغير بحيث يمنع الشرب والوضوء، ثبت لمستأجر الفسخ. قال في "شرحه": ولا يعارضه ما قدمته عن "الانتصار" من أنه لا فسخ بذلك، لإمكان حمله على أنه لا يحصل الفسخ بمجرد ذلك. انتهى. فتأمل. قوله: (ولا في مشاع) في "القاموس": سهم شائع، وشاع، ومشاع: غير مقسوم. قوله: (مفرداً) أي: عن باقي العين، وهو حال من الضمير في (مشاع) فإنه اسم مفعول بمعنى مفرق غير متعين، على ما يفهم من كتب اللغة، وأصله مشيع كمبيع، فنقلت حركة العين إلى الساكن الصحيح، ثم قلب حرف العلة في الأصل وانفتاح ما قبله الآن، فقيل: مباع ومشاع، كما قرر في محله. قوله: (لغير شريكه) بالباقي أنه لا يقدر على تسليمه، ومقتضى التعليل: أن العين

وَهِيَ لِوَاحِدٍ إلَّا فِي قَوْلٍ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلَا فِي امْرَأَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ بِلَا إذْنِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ أَوْ مُؤَجَّرَةٌ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عَلَى دَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا مُؤَجِّرٌ

_ لو كانت لجمع، فآجر أحدهم نصيبه لواحد منهم بغير إذن الباقين، لم تصح. قال في "الرعاية الكبرى": لا تصح إلا لشريكه بالباقي، أو معه لثالث، ذكر ذلك شارح "الإقناع". قوله: (وهي لواحد) وإلا فهي مسألة إجارة المشاع. وإن آجر اثنان دارهما من واحد صفقة واحدة، على أن نصيب أحدهما بعشرة، والآخر بعشرين، صح، وإن أقاله أحدهما بعد، صح، وبقي العقد في نصيب الآخر. ذكره القاضي، ثم قال: ولا يمتنع أن نقول بفسخ العقد في الكل. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (إلا في قول) هو رواية في إجارة المشاع، ووجه في إجارة العين لاثنين فأكثر. فتأمل. فالاستثناء راجع إلى المسألتين. قوله: (وعليه العمل) أي: عمل الحكام. قوله: (ولا يقبل قولها: إنها متزوجة) يعني: لتبطل الإجارة. قوله: (قبل نكاح) يعني: لتصح الإجارة.

فَصْلٌ وَالْإِجَارَةُ ضَرْبَانِ عَلَى عَيْنٍ وَشَرْطُ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِ سَلَمٍ فِي مَوْصُوفَةٍ بِذِمَّةٍ وَإِنْ جَرَتْ بِلَفْظِ اُعْتُبِرَ قَبْضُ أُجْرَةٍ بِمَجْلِسِ وتَأْجِيلُ نَفْعٍ وفِي مُعَيَّنَةٍ صِحَّةُ بَيْعٍ سِوَى وَقْفٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَحُرٍّ وَحُرَّةٍ وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ وَيُكْرَهُ اسْتِئْجَارُ أَصْلِهِ لِخِدْمَتِهِ وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ زَوْجَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَلَوْ مِنْهَا وحَضَانَتِهِ وذِمِّيٍّ مُسْلِمًا لَا لِخِدْمَتِهِ

_ قوله: (على عين) أي: على منفعة عين، وسيأتي: أن لها صورتين، إلى أمد معلوم، أو لعمل معلوم، ثم العين: إما معينة، أو موصوفة في الذمة، ثم المعينة: إما مرئية وقت العقد، أو قبله بيسير، أو موصوفة، كما تقدم في المبيع، فالأقسام خمسة. قوله: (وتأجيل نفع) ومنه تعلم: أن السلم يكون في المنافع، كالأعيان. قوله: (وفي معينة) شروطها خمسة: صحة بيعها، ومعرفتها، وقدرة عليها، واشتمالها على النفع، وكونه مملوكاً لمؤجر أو مأذوناً فيه. قوله: (مسلماً) لعمل معلوم في الذمة، كخياطة وبناء، وكذا مدة معلومة. وقوله: (لا لخدمته) أي: في النوعين، ولا بأس أن يحفر للذمي

ومَعْرِفَتُهَا وقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهَا كَمَبِيعٍ واشْتِمَالُهَا عَلَى النَّفْعِ فَلَا تَصِحُّ فِي زَمِنَةٍ لِحَمْلٍ وَلَا سَبِخَةٍ لِزَرْعٍ وكَوْنُ مُؤَجِّرٍ يَمْلِكُهُ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فَتَصِحُّ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لِغَيْرِ حُرٍّ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى لِمُؤَجِّرِهَا وَلَوْ بِزِيَادَةٍ مَا لَمْ تَكُنْ حِيلَةً كَعِينَةٍ

_ قبراً بالأجرة، ويكره إن كان ناووساً، وهو: حجر ينقر ويوضع فيه الميت. قوله: (كمبيع) فلا تصح إجارة آبق وشارد، ولو لقادر على تحصيلهما، ولا مغصوب إلا لغاصبه، أو قادر على أخذه، كالبيع. قوله: (في زمنة) الزمن والزمانة: مرض يدوم طويلاً، وبابه: تعب، كما في "المصباح". قوله: (ولا سبخة) أي: لا تنبت، ولا حمام لحمل كتب. قوله: (يملكه) أي: نفع العبد. قوله: (أو مأذوناً له فيه) كالولي والوكيل. قوله: (فتصح ... إلخ) أي: الإجارة، أي: يجوز لمستأجر أن يؤجر المؤجرة بغير إذن مالكها. قوله: (لغير حر) صغير أو كبير؛ لأن اليد لا تثبت عليه. قوله: (كعينة) بأن استئجارها بأجرة حالة نقداً، ثم أجرها بأكثر منه

ومِنْ مُسْتَعِيرٍ بِإِذْنِ مُعِيرٍ فِي مُدَّةٍ يُعَيِّنُهَا وَتَصِيرُ أَمَانَةً وَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهَا وفِي وَقْفِ مَنْ نَاظَرَهُ فَإِنْ مَاتَ مُسْتَحِقُّ أَجَّرَهُ وَهُوَ نَاظِرٌ بِشَرْطٍ لَمْ تَنْفَسِخْ أَوْ لِكَوْنِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي وَجْهٍ

_ مؤجلاً، والظاهر: أن عكسها مثلها، كما تقدم، وحيث صحت، فليس للمؤجر الأول مطالبة المستأجر الثاني بالأجرة؛ لأن غريم الغريم ليس بغريم، قال منصور البهوتي: قلت: إن غاب المستأجر الأول، أو امتنع، فللمؤجر رفع الأمر للحاكم، فيأخذ من المستأجر الثاني، ويوفيه أجرته، أو من مال المستأجر الأول إن كان، وإن أفضل شيء حفظه للمستأجر، وإن بقي له شيء، فمتى وجد له مالاً، وفاه منه، كما يأتي في القضاء على الغائب. انتهى. قوله: (يعينها) فإن لم يعين له مدة، فكوكيل مطلق يؤجر العرف، فلا مفهوم لقيد التعيين في أصل الصحة. قوله: (وفي وقف من ناظره ... إلخ) اعلم: أن إجارة الوقف صحيحة في الجملة، أعني: حيث لم تخالف شرط الواقف بلا ضرورة، ثم إن المؤجر له، إما ناظر خاص، أو عام، فالخاص من شرط له الواقف النظر، سواء كان

الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَشْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ

_ أجنبياً، أعني: غير مستحق في الوقف، أو كان مستحقاً فيه غير أجنبي، وكذا المستحق إذا لم يشترط الواقف ناظراً، بناء على أن النظر حينئذ للمستحق، كما هو المذهب، فالخاص ثلاثة أقسام، وأما العام، فهو الحاكم، كالوقف على نحو الفقراء، حيث لم يشترط الواقف ناظرا، فإنه للحاكم، وفي هذه الصور الأربع إذا مات المؤجر للوقف، لم تنفسخ الإجارة في ثلاث منها، وهي ما عدا الثالثة، أعني: صورة ما إذا آجره المستحق لكونه مستحقاً بلا شرط ناظر، قولا واحداً في صورتين من الثلاث، هما العام والخاص الأجنبي، وعلى الأصح في الثانية، وهي الناظر المستحق، كما جزم به المصنف وصاحب "الإقناع"، وتنفسخ الإجارة في الصورة الثالثة، وهي: ما إذا آجره المستحق، لكونه مستحقاً بلا شرط ناظر، كما جزم به في "الإقناع"، وقدمه في "التنقيح"، وأشار المصنف إلى ضعف مقابله بقوله: (في وجه). إذا تقرر ذلك: علمت أن قول المصنف: (في وجه)، راجع للثالثة فقط، المشار إليها، بقوله: (ولكون الواقف عليه). لا إليها، وإلى الصورة قبلها، أعني: قوله: (وهو ناظر بشرط) ولهذا فصل المسألتين، ولم يجعل الجواب فيهما واحداً؛ بأن يقول: (وهو ناظر بشرط)، أو (لكون الوقف عليه لم تنفسخ ... إلخ) وهذا ظاهر لا مرية فيه بعون الله سبحانه. فتأمله، فإنه مهم.

وَكَذَا مُؤَجِّرُ إقْطَاعَهُ ثُمَّ يُقْطَعُهُ غَيْرُهُ فَعَلَى هَذَا يَأْخُذ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ أُجْرَةٍ قَبَضَهَا مُؤَجِّرٌ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ فمِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَعَلَى مُقَابِلِهِ

_ قوله: (وكذا مؤجر ... إلخ) أي: لا تنفسخ في وجه. والصحيح الآخر، أعني: الانفساخ، كما في مسألة الوقف إذا آجره المستحق، لكونه مستحقاً، كما جزم بذلك في "الإقناع". قوله: (إقطاعه) أي: إقطاع استغلال. قوله: (من تركته) فإن تعذر أخذها، فظاهر كلامهم أنها تسقط. قاله في "شرح الإقناع" نقلا عن "المبدع". قوله: (وعلى مقابله) أي: وعلى مقابل الوجه السابق، وهو القول بانفساخ الإجارة بانتقال الاستحقاق عن المؤجر غير المشروط له النظر في مسألة الوقف ومسألة الإقطاع. قدم هذا الوجه في "التنقيح". وقطع به في "الإقناع". فتنفسخ الإجارة في هاتين المسألتين، وينتزع من آل إليه الوقف إو الإقطاع ذلك من يد المستأجر، ويرجع عجل أجرته على تركة

يَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى وَرَثَةِ قَابِضٍ أَوْ عَلَيْهِ وَإِنْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْعَامُّ لِعَدَمِ الْخَاصِّ أَوْ الْخَاصُّ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ لَمْ تَنْفَسِخْ بِمَوْتِهِ وَلَا عَزْلِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ أَجَّرَ سَيِّدٌ رَقِيقَهُ ; أَوْ وَلِيَّ يَتِيمًا أَوْ مَالِهِ ثُمَّ عَتَقَ الْمَأْجُورُ أَوْ بَلَغَ وَرَشَدَ أَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ عُزِلَ لَمْ تَنْفَسِخْ إلَّا إنْ عَلِمَ بُلُوغَهُ أَوْ عِتْقَهُ فِي الْمُدَّةِ فصل والإجارة العين صُورَتَانِ: إلَى أَمَدٍ وَشَرْطٌ عِلْمُهُ وأَنْ لَا يُظَنَّ عَدَمُهَا فِيهِ وَإِنْ طَالَ

_ قابض مات، أو عليه، وعلى قياس ما تقدم عن "المبدع"؛ انها إذا تعذر أخذها من تركة القابض، تسقط. قوله: أيضاً على قوله: (وعلى مقابله) أي: وهو المذهب. فائدة: إذا بيعت الأرض المحتكرة، أو ورثت، فالحكم على من انتقلت إليه في الأصح. قاله الشيخ تقي الدين. قوله: (على ورثة قابض) يعني: إن مات. قوله: (أو عليه) إن كان حياً. قوله: (ولإجارة العين) أي: المعقود على منفعتها. قوله: (وأن لا يظن عدمها فيه) قال في "الفروع": وظاهره: ولو ظن عدم العاقد، ولا فرق بين

لَا أَنْ تَلِيَ الْعَقْدَ فَتَصِحَّ لِسَنَةِ خَمْسٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَلَوْ مُؤَجَّرَةً أَوْ مَرْهُونَةً أَوْ مَشْغُولَةً وَقْتَ عَقْدٍ إنْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِهِ فَلَا تَصِحُّ فِي مَشْغُولَةٍ بِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ وَنَحْوِهِمَا لِلْغَيْرِ وَلَا شَهْرًا

_ الوقف والملك، بل الوقف أولى. قاله في "الرعاية". قال في "المبدع": وفيه نظر. انتهى. وكأن وجهه: أن الملك فيه أضعف، وأن البطن الثاني يتلقاه عن واقفه، فلا ولاية للمؤجر على ما يستحقه. فلو قيل: لا بد من ظن بقائه، لم يبعد، بخلاف ملكه الطلق، فإن وارثه إنما يتلقاه عن المؤجر، وهو لا يملك إلا ما لم يتصرف فيه مورثه. فتدبر. قوله: (فتصح لسنة خمس ... إلخ) لجواز العقد على سنة خمس مع غيرها، فجاز العقد عليها مفردة. قوله: (إن قدر ... إلخ) مفهومه: أنها لا تصح إذا لم يقدر على التسليم وقت وجوبه ولو قدر عليه بعد ذلك، وهو مخالف لما ذكره ابن نصر الله. فتأمله. قوله: (عند وجوبه) أي: التسليم، وهو أول دخول المدة. قوله: (ونحوهما) كأمتعة كثيرة يتعذر تحويلها. قوله: (للغير) صفة لما قبله، والتقدير: كائن ذلك لغير المستأجر وكانت الإجارة بغير إذن هذا الغير. وإذا كان الشاغل لا يدوم، كالزرع ونحوه، أو كان الشغل بما يمكن

أَوْ سَنَةً وَيُطْلَقُ وَلَا مِنْ وَكِيلٍ مُطْلَقٍ

_ فصله عنه، كبيت فيه متاع، أو مخزن فيه طعام، ونحوه، جازت إجارته لغيره وجهاً واحداً. قاله ابن عبد الهادي في "جمع الجوامع". "شرح إقناع". تتمة: قال ابن نصر الله: لو كانت مشغولة في أول المدة، ثم خلت في أثنائها، يتوجه صحتها فيما خلت فيه من المدة بقسطه من الأجرة، ويثبت الخيار بناء على تفريق الصفقة، وكذا يتوجه فيما تعذر تسليمها في أول المدة، ثم امكن في أثنائها. ذكره في "شرح الإقناع". قوله: (ويطلق) خلافاً لـ"الإقناع". قوله: (مطلق) أي: لم يقدر له الموكل أمداً، فهو اسم مفعول وقع صفة لـ (وكيل)، كما هو المتبادر من حل الشارح، ويحتمل أن يكون اسم فاعل أضيف إليه (وكيل)، لكن كان الظاهر: أن يقال حينئذ في الحل: أي: لم يقدر لوكيله أمداً. فتدبر. قوله أيضا على قوله: (ولا من وكيل مطلق) أي: لم يذكر له مدة، لا أنه مفوض، قيل له: أجر أي مدة أردتها. وهذا يمكن تفريعه على قوله: (وشرط عمله) أي: علم المؤجر للأمد، إما صريحاً، أو عرفا، كما في الوكيل المطلق.

مُدَّةً طَوِيلَةً بَلْ الْعُرْفَ كَسَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَتَصِحُّ فِي آدَمِيٍّ لِرَعْيٍ وَنَحْوِهِ مَعْلُومَةٍ وَيُسَمَّى الْأَجِيرَ الْخَاصَّ لِتَقْدِيرِ زَمَنٍ يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرُ نَفْعَهُ فِي جَمِيعِهِ سِوَى فِعْلِ الْخَمْسِ بِسُنَّتِهَا فِي أَوْقَاتِهَا وصَلَاةِ جُمُعَةٍ وعِيدِ وَلَا يَسْتَنِيبُ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ اسْتَوْفَاهَا بِالْأَهِلَّةِ وَكَمُلَ عَلَى مَا بَقِيَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَذَا كُلُّ مَا يُعْتَبَرُ بِالْأَشْهُرِ كَعِدَّةٍ وَصِيَامِ كَفَّارَةٍ وَنَحْوِهِمَا

_ قوله: (مدة طويلة) كخمس سنين. قوله: (ونحوهما) كثلاث. قوله: (وتصح في آدمي ... إلخ) هذا من جزئيات الصورة الأولى من صورتي إجارة العين. قوله: (ونحوه) كخدمة. قوله: (بسننها) أي: المؤكدات. قاله في "المستوعب". قوله: (وصلاة جمعة وعيد) قال المجد في "شرحه": وظاهر النص يمنع من شهود الجماعة إلا بإذن أو شرط، انتهى. قوله: (ولا يستنيب) لوقوع الإجارة على عينه. قوله: (ومن استأجر سنة) أي: من العقد، أو لم يقل من العقد. على ما في "الإقناع". قوله: (ونحوهما) كأجل سلم وخيار ونذر.

الثَّانِيَةُ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ كَدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ لِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَلَهُ رُكُوبُ لِ مِثْلِهِ فِي جَادَّةٍ مُمَاثِلَةٍ أَوْ بَقَرٍ لِحَرْثِ أَوْ دِيَاسٍ ل مُعَيَّنٍ أَوْ آدَمِيٍّ لِيَدُلَّ عَلَى طَرِيقٍ أَوْ رَحًى لِطَحْنِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَشُرِطَ عِلْمُ عَمَلٍ وَضَبْطُهُ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي عَلَى مَنْفَعَةٍ بِذِمَّةٍ

_ قوله: (كدابة ... إلخ) أي: معينة أو موصوفة. قوله: (مماثلة) أي: بعداً وقرباً، وسهولة وحزونة، وأمنا وخوفا. قوله: (أو بقر لحرث) أي: لحرث أرض مشاهدة معينة أو موصوفة. قوله: (ليدل على طريقٍ) أي: معين. قوله: (الضرب الثاني: على منفعة ... إلخ) أي: من ضربي الإجارة. إن قلت: تقرر عندهم أن الإجارة بيع المنافع، والمعقود عليه المنفعة، فما معنى كونها على ضربين: عين ومنفعة؟ قلت: لا ريب في أن المعقود عليه في الإجارة المنفعة دون العين، لكن تارة يقصد الانتفاع بمنفعة في عين للمؤجر، وهو الضرب الأول، وتارة يقصد تحصيل منفعة في عين للمستأجر، وإيجاد تلك المنفعة فيها، كخياطة ثوبه، وهو الضرب الثاني. فالضربان في الحقيقة راجعان إلى المنفعة رجوع الأقسام للمقسم. قوله: (بذمة) وهي نوعان:

وَشَرْطٌ ضَبْطُهَا بِمَا لَا يَخْتَلِفُ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ دَارٍ وَحَمْلٍ وكَوْنِ أَجِيرٍ فِيهَا جَائِزَ التَّصَرُّفِ وَيُسَمَّى الْمُشْتَرَكَ لِتَقْدِيرِ نَفْسِهِ بِالْعَمَلِ وأَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَعَمَلٍ

_ ما يكون في محل معين، كاستأجرتك لحمل هذه الغرارة البر إلى محل كذا، على بعير تقيمه من مالك بكذا، وما يكون في محل موصوف، كاستأجرتك لحمل غرارة برصفته كذا إلى مكة بكذا. قوله: (وشرط ضبطها) أي: المنفعة؛ بأن يقدرها بعمل أو مدة. قوله أيضا على قوله: (وشرط ضبطها) حاصل ما ذكره المصنف من الشروط أربعة. فتدبر. قوله: (وحمل ... إلخ) أي: معلوم. قوله: (جائز التصرف) لأنه لا ذمة لغيره. قوله: (مدة وعمل) فإن فعل ذلك جعالة، صح؛ لأنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الإجارة، فإذا تم العمل قبل انقضاء المدة، لم يلزمه العمل في بقيتها كقضاء الدين قبل أجله. وإن مضت المدة قبل العمل؛ فإن اختار إمضاء العقد، طالبه بالعمل فقط، كالمسلم إذا صبر عند التعذر؛ وإن فسخ قبل العمل، سقط الأجر والعمل. وإن كان بعد عمل بعضه؛ فإن كان الفسخ من الجاعل، فللعامل أجر مثله؛ وإن كان من العامل، فلا شيء له. هذا مقتضى كلامهم، لكن لم أره صريحاً. قاله في "شرح الإقناع".

كيِخِيطهُ فِي يَوْمٍ وَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ عَقِبَ الْعَقْدِ وكَوْنُ عَمَلٍ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ لِكَوْنِهِ مُسْلِمًا كَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَفِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَنِيَابَةٍ فِي حَجٍّ وَقَضَاءٍ وَلَا يَقَعُ إلَّا قُرْبَةً لِفَاعِلِهِ وَيَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَيْهِ لَا جَعَالَةٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى رُقْيَةٍ كَورِزْقٍ عَلَى مُتَعَدٍّ نَفْعُهُ كَقَضَاءٍ لَا قَاصِرٍ كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ خَلْفَهُ وَنَحْوِهِمَا

_ قوله: (في يوم) ويصح ذلك في الجعالة؛ لأنه يغتفر فيها. قوله: (عقب العقد) فإن تركه بلا عذر، فتلف بسببه، ضمن. قوله: (لا يختص فاعله ... إلخ) أي: بكونه مسلماً، فالباء داخلة على المعقود عليه من قصر الموصوف على الصفة. قوله: (أن يكون ... إلخ) انظر: ما فائدة التطويل هنا، وهلا اكتفى بنحو: وكون عمل لا يختص المسلم بفعله. وكأنها مجرد موافقته الأصحاب على ذلك التعبير. قوله: (وقضاء) قاله ابن حمدان، أي: فصل الأحكام. قوله: أيضاً على قوله: (وقضاء) أي: وفتيا. قوله: (لفاعله) ولا يقدح ذلك في الإخلاص، وإلا لم تستحق الغنائم. قوله: (ولا رزق) بالكسر: اسم للمرزوق. قوله: (على متعد نفعه) وتصح على تعليم خط،

وَصَحَّ اسْتِئْجَارٌ لِحَجْمٍ كَفَصْدٍ وَكُرِهَ لِحُرٍّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ ومَأْخُوذٍ بِلَا شَرْطٍ عَلَيْهِ وَيُطْعِمُهُ رَقِيقًا وَبَهَائِمَ فَصْلٌ وَلِمُسْتَأْجِرٍ اسْتِيفَاءُ نَفْعٍ بِمِثْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَطَا بِنَفْسِهِ فَتُعْتَبَرُ مُمَاثَلَةُ رَاكِبٍ فِي طُولٍ وَقِصَرٍ وَغَيْرِهِ لَا فِي مَعْرِفَةِ رُكُوبٍ

_ وحساب، وشعر مباح، وشبهه، فإن نسي ما تعلمه من شعر، وحساب، ونحوهما في المجلس، فعلى أجير إعادة التعليم، وإلا فلا، وتصح أيضا على بناء المساجد، وكنسها، وإسراج قناديلها، وفتح أبوابها، ونحوه، وعلى بناء قناطر وربط ومدارس. قوله: (كفصد) وتصح لحلق شعر، وتقصير، وختان، وقطع شيء من جسده إن احتاج إلى قطعه، ومع عدمها يحرم، ولا يصح. قاله في "الإقناع"، قال في "شرحه": ومثله حلق اللحية؛ فلا يصح الاستئجار له. انتهى. أقول: هذا كله معلوم من اشتراطهم لصحة الإجارة كون النفع مباحاً، فليس زائداً في الحقيقة على ما تقدم. فتدبر. قوله: (وغيره) كثقل وخفة.

وَمِثْلُهُ شَرْطُ زَرْعِ بُرٍّ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُهَا مُسْتَعِيرٌ بِتَلَفٍ عِنْدَهُ وَجَازَ بِمِثْلِ ضَرَرِهِ لَا أَكْثَرَ أَوْ مُخَالِفٌ فلِزَرْعِ بُرٍّ لَهُ زَرْعُ شَعِيرٍ وَنَحْوِهِ لَا دُخْنٍ وَنَحْوِهِ وَلَا غَرْسٌ أَوْ بِنَاءٌ ولِأَحَدِهِمَا لَا يَمْلِكُ الْآخَرَ ولِغَرْسٍ، لَهُ الزَّرْعِ وَدَارٌ لِسُكْنَى لَا يَعْمَلُ فِيهَا حِدَادَةً وَلَا قِصَارَةً وَلَا يُسْكِنُهَا دَابَّةً

_ قوله: (فلزرع بر ... إلخ) الظاهر: تعلقه بمبتدأ محذوف خبره جملة: (له زرع شعير) تقديره: فمستأجر أرض لزرع ... إلخ. فتدبر. قوله: (له الزرع) وللبناء، لم يكن له الزرع، وإن كان أخف ضرراً؛ لأنه ليس من جنسه، وفيه وجه. وجزم به في "الإقناع". قوله: (ودار لسكنى) فله السكنى، ووضع متاعه فيها، ويترك فيها من الطعام ما جرت عادة الساكن به، وله أن يأذن لأصحابه وأضيافه في الدخول والمبيت فيها. قاله في "الإقناع". قوله: (ولا قصارة) لأنه يضر بها بهز حيطانها. قوله: (ولا يسكنها دابة) لأنها تفسدها

وَلَا يَجْعَلُهَا مَخْزَنًا لِطَعَامٍ ودَابَّةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ لَا يَمْلِكُ الْآخَرَ ولِحَمْلِ حَدِيدٍ أَوْ قُطْنٍ لَا يَمْلِكُ حَمْلَ الْآخَرِ فَإِنْ فَعَلَ أَوْ سَلَكَ طَرِيقًا أَشَقَّ فالْمُسَمَّى مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ ولِحُمُولَةِ قَدْرٍ فَزَادَ

_ ببولها وروثها. قاله منصور البهوتي. قلت: إن لم تكن قرينة، كالدار الواسعة التي فيها اصطبل معد للدواب عملا بالعرف. قوله: (ودابة) بالنصب، والرفع، والجر وهو أضعفها، أي: ومستأجر دابة، والخبر جملة (لا يملك الآخر) قوله: (لا يملك الآخر) وإن اكتراها ليركبها عريا أو بسرج لم يملك الآخر، وبسرج لم يملك أثقل منه، ولا أن يركب الحمار بسرج برذون إن كان أثقل أو أضر، وإلا جاز. قوله: (في أجرة المثل) خلافاً "للمغني" فيما إذا اكترى لحمل حديد، فحمل قطناً أو عكسه، حيث جعل اللازم فيها أجر المثل، وتبعه في "الإقناع". قوله: (فزاد ... إلخ) مثل ذلك لو اكترى لحمل قفيزين، فوجدهما ثلاثة، إن تولى مكتر الكيل ولم يعلم مكر، فإن تولاه مكر بلا إذن مكتر، فغاصب في الزائد، عليه

أَوْ إلَى مَوْضِع فَجَاوَزَهُ فالْمُسَمَّى ولِزَائِدٍ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ فقِيمَتُهَا كُلُّهَا، وَلَوْ أَنَّهَا بِيَدِ صَاحِبِهَا لَا إنْ تَلِفَتْ بِيَدِ صَاحِبِهَا. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهَا شَيْءٌ بِسَبَبٍ غَيْرِ حَاصِلٍ مِنْ الزِّيَادَةِ

_ ضمانه وضمان دابته، ولا أجر له فيه. وإن تولاه أجنبي غيرهما بلا إذنهما، فعليه لصاحب الدابة الأجر، وضمانها إن تلفت، وعليه لصاحب الطعام ضمانه إن تلف، سواء كاله الأجنبي ووضعه أحدهما على ظهر الدابة، أو تولاها الأجنبي؛ فالحكم منوط بالكائل؛ لأن التدليس في الزائد منه. ذكر معناه في "الإقناع". قوله: أيضا على قوله: (فزاد) أي: ولو لركوبه وحده، فأردف غيره. قوله: (أو إلى موضع ... إلخ) وإن اكترى ظهراً إلى بلد ركبه إلى مقره ولو لم يكن في أول عمارته. قاله في "الإقناع". قال في "شرحه": قلت: إن دلت قرينة على ذلك، كمن معه أمتعة ونحوها، فواضح، وإلا فمحله إن لم يكن للدواب موقف معتاد، كموقف بولاق ومصر القديمة ونحوهما. انتهى. قوله: (من الزيادة) فهم منه: أنه لو كان التلف بسبب الزيادة، كتعبها من الحمل الزائد، أو اليسير الذي تجاوز فيه المسافة، فإنه يضمن، كتلفها تحت الحمل الزائد، والراكب المتعدي، وكمن ألقى حجراً في سفينة موقورة، فغرفها الحجر، فإنه يضمن قيمتها، وما فيها كله. "إقناع".

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الِانْتِفَاعِ فَقَوْلُ مُؤَجِّرٍ فصل وعلى مؤجر كل ما جرت به عادة أو عرف من آله كزمام مركوب وَرَحْلِهِ وَحِزَامِهِ أَوْ فِعْلٍ كَقَوْدٍ وَسَوْقٍ وَرَفْعٍ وَشَدٍّ وَحَطٍّ وَلُزُومِ دَابَّةٍ لِنُزُولِ الْحَاجَةِ وَوَاجِبٍ وتَبْرِيكُ بَعِيرٍ لشيخٍ

_ قوله: (في صفة الانتفاع) أي: أو قدره لزرع، أو غرس، أو بناء. قوله: (فقول مؤجر) وفي قدر أجرة، تحالفا. قوله: (وعلى مؤجر) أي: مع إطلاق عقد الإجارة. قوله: (كزمام) وهو الذي يقوده به. قوله: (لحاجة) بولٍ، أو غائط، وكذا طهارة. قوله: (وواجب) كفرض صلاة ولو كفاية لا لسنة راتبة، لصحتها على الراحلة، ولا لأكل وشرب، ويدع البعير واقفاً حتى يقضي حاجته، ويتطهر، ويصلي الفرض، فإن المكتري إتمام الصلاة، فطالبه الجمال بقصرها لم يلزمه، بل تكون خفيفة في إتمام. قوله: (وتبريك بعير لشيخ ... إلخ) أي: لركوب ونزول لمن ذكر، ولا يلزمهم مشي معتاد عند قرب منزل، والمروءة تقتضيه من قوي قادر جرت عادة مثله به. ولو اكترى بعيراً إلى مكة، لم يملك إلى الحج، أي: إلى عرفة

وامْرَأَةٍ وَمَرِيضٍ

_ والرجوع إلى منى لرمي الجمار، وإن اكتراه ليحج عليه، له ذلك. قاله في "الإقناع". قال في "شرحه": وظاهره: أنه لا يركب بعد رمي الجمار إلى مكة بلا شرط؛ لأن الحج قد انقضى. انتهى. وإذا كان الكراء في طريق لا يكون السير فيه إلى المتكاريين، فلا وجه لتقدير السير فيه، وإلا استحب ذكر قدره في كل يوم، فإن أطلقا وللطريق منازل معروفة، جاز، وحملا على العرف إن اختلفا في قدره، أو وقته، أو موضع النزول من داخل البلد أو خارجه، وإن لم يكن للطريق عرف، لم يصح عند القاضي. وقال الموفق: الأولى الصحة؛ لأنه لم تجر العادة بتقدير السير، ويرجع إلى العرف في طريق أخرى، وإن شرط حمل زاد مقدر، وأنه يبدل ما نقص بالأكل، أو لا يبدله، صح، فإن ذهب بغير أكل، كسرقة وسقوط، فله إبداله، وإن أطلقا العقد، فله إبدال ما ذهب بسرقة وأكل، ولو معتاداً كالماء؛ لأنه استحق حمل مقدار معلوم، فملكه مطلقاً. ويصح كراء العقبة؛ بأن يركب شيئا ويمشي شيئاً، وإطلاقها يقتضي ركوب نصف الطريق، ولا بد من العلم بها، إما بالفراسخ؛ بأن يركب نحو فرسخ، ويمشي شيئا، وإطلاقها يقتضي ركوب نصف الطريق، ولا بد من العلم بها، إما بالفراسخ؛ بأن يركب نحو فرسخ، ويمشي آخر، أو بالزمان، مثل أن يركب ليلا لا نهاراً، أو يوماً دون يوم، ونحو ذلك. قوله: (ومريض) ولو طارئاً مرضه على الإجارة، وسمين ونحوهم، لنزول وركوب.

ومَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ نَفْعٍ كَتَرْمِيمِ دَارٍ بِإِصْلَاحِ مُنْكَسِرٍ وَإِقَامَةِ مَائِلٍ وَعَمَلِ بَابٍ وَتَطْيِينِ سَطْحٍ وَتَنْظِيفِهِ مِنْ ثَلْجٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَجْدِيدِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا أَوْ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِهَا بَعْدَ أَوْ الْعِمَارَةَ أَوْ جَعَلَهَا أُجْرَةً لَمْ يَصِحَّ لَكِنْ لَوْ عَمَّرَ بِهَذَا الشَّرْطِ أَوْ بِإِذْنِهِ رَجَعَ بِمَا قَالَ مُكْرٍ وعَلَى مُكْتَرٍ مَحْمِلٌ

_ قوله: (من ثلج ونحوه) فإن لم يفعل مؤجر ذلك، فللمستأجر الفسخ. قاله في "الإقناع". قوله: (مدة تعطيلها) أي: المؤجرة من دار، أو حمام، أو طاحون مثلا، كما لو أجره ذلك كل شهر بمئة دينار، وكان يعرض له في بعض أشهر السنة شهر لا ينتفع به فيه للتعمير ونحوه، فشرط المؤجر: أن أجرة مثل هذه المدة عليه، لم تصح؛ لأنه لا يجوز أن يؤجره مدة لا يمكن الانتفاع في بعضها. قوله: (لم يصح) يعني: العقد في الأربع. قوله: (أو بإذنه) يفهم منه: أنه لا رجوع بلا إذن، بل هو متبرع. قوله: (بما قال) أي: حيث لا بينة؛ لأنه منكر. قوله: (وعلى مكتر) أي: يجب عليه ذلك، بمعنى: أنه لا يلزم المؤجر، بل إن أراده مكتر فمن ماله. قوله: (محمل) كمجلس: شقان على البعير

وَمِظَلَّةٌ وَوِطَاءٌ فَوْقَ الرَّحْلِ وَحَبْلُ قِرَانٍ وَبَيْنَ الْمَحْمِلَيْنِ وَدَلِيلٌ وبَكَرَةٌ وَحَبْلٌ وَدَلْوٌ وتَفْرِيغُ بَالُوعَةٍ وَكَنِيفٍ وَدَارٍ مِنْ قُمَامَةٍ وَزِبْلٍ وَنَحْوِهِ إنْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَعَلَى مُكْرٍ تَسْلِيمُهَا فَارِغَةً وتَسْلِيمُ مِفْتَاحٍ وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ

_ يحمل فيهما العديلان، كما في "القاموس". قوله: (ومظلة) بالكسر في الميم، والفتح في الظاء: الكبير من الأخبية، وهو دون البيت، من الشعر ونحوه. قوله: (ونحوه) كرماد. قوله: (فارغة) بالوعتها وكنيفها، ونحوه.

فَصْلٌ وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ فَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ مُسْتَأْجِرٌ أَوْ تَحَوَّلَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَإِنْ حَوَّلَهُ مَالِكُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةَ أَوْ الْأَجِيرُ مِنْ تَكْمِيلِ الْعَمَلِ فَلَا أُجْرَةَ وَإِنْ شَرَدَتْ مُؤَجَّرَةٌ، أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ بَاقِي النَّفْعِ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدِهِمَا

_ قوله: (عقد لازم) أي: حيث لا خيار. قوله: (فإن لم يسكن مستأجر) يعني: لعذر، أو لا قوله: (فعليه الأجرة) وليس لمؤجر تصرف فيها بعد تسليمها لمستأجر، فإن فعل ويد المستأجر عليها، كأن سكن الدار أو أجرها لغير مستأجر، فعليه أجرة المثل للمستأجر، وعلى المستأجر الأجرة المعقود عليها. وإن تصرف مالك العين فيها قبل تسليمها، أو امتنع منه حتى انقضت المدة انفسحت الإجارة. وإن سلمها إليه في أثنائها، انفسخت فيما مضى، ووجب أجر الباقي بالحصة من المسمى. قاله في "الإقناع". قوله: (بغير فعل أحدهما) أي: كما لو استأجره لحفر بئر، فنبع ماء منعه من الحفر، أو ظهرت صخرة كذلك. فلو استأجره لحفر بئر عمقها عشرة

فالْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَى وَإِنْ هَرَبَ أَجِيرٌ أَوْ مُؤَجِّرُ عَيْنٍ بِهَا أَوْ شَرَدَتْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ

_ أذرع وطولها عشرة وعرضها عشرة، فحفر خمسة في خمسة في خمسة، ثم حصل ما منعه من حفر الباقي، كان للأجير ثمن المسمى؛ لأن نسبة مضروب ما حفره، وهو خمسة في خمسة في خمسة بمئة وخمسة وعشرين، ثمن ما استؤجر لحفره، وهو عشرة في عشرة في عشرة بألف. هذا معنى ما ذكره في "الرعاية"، وتبعه في "الإقناع" أولا ثم خالفه، وقال: تبسط الأجرة على ما عمله، وما لم يعلمه، فيستحق بالقسط من ذلك، ولا يبسط على الأذرع، أي: لصعوبة حفر أسفل البئر ومشقة إخراج ترابها، وهو الصحيح، أي: أن له القسط من المسمى. قوله: (بقدر ما استوفى) أي: بكل حال. قاله في "الإقناع"، أي: سواء عادت العين في المدة أو لم تعد؛ لأن للمكري فيه عذراً. قوله: (أو مؤجر عين بها) أي: قبل استيفاء بعض النفع. هذا إذا كانت على معينة، فلو هرب الجمال، ونحوه بدوابه التي لم تعين في العقد، استأجر الحاكم عليه من ماله إلى أن يرجع، فإن تعذر؛ بأن لم يكن حاكم، أو كان وتعذر الإثبات عنده، أو لم يجد ما يكتريه أو نحوه، فلمستأجر الفسخ، كما لو كانت على معينة، ولا أجرة لما مضى قبل هربه، فإن فسخ وكان الجمال ونحوه قبض الأجرة، فهي دين في ذمته.

النَّفْعِ حَتَّى انْقَضَتْ انْفَسَخَتْ فَلَوْ كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ خُيِّرَ مُسْتَأْجِرٌ بَيْنَ فَسْخِ وصَبْرٍ وَإِنْ هَرَبَ أَوْ مَاتَ جَمَّالٌ أَوْ نَحْوُهُ وَتَرَكَ بَهَائِمَهُ وَلَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ حَاكِمٌ وَإِلَّا فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مُكْتَرٍ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ رَجَعَ

_ قوله: (حتى انقضت) فإن عادت أو أعادها ربها قبل انقضاء المدة، استوفى ما بقي منها فقط. وانفسخت زمن هرب ونحوه، ولا أجرة له. قوله: (انفسخت) لفوات زمنها المعقود عليه. قوله: (فلو كانت على عمل ... إلخ) يعني: موصوف بذمة، كخياطة ثوب وبناء حائط. قوله: (استؤجر من ماله ... إلخ) أي: استأجر الحاكم من مال الأجير، كالمسلم إليه إذا هرب ونحوه؛ لأن للحاكم ولاية على غائب وممتنع، فيقوم عنهما بما وجب عليهما من مالهما. قوله: (أو نحوه) كبغال وحمار. قوله: (وله مال) أي: مقدور عليه. قوله: (وإلا) أي: وإلا بأن لم يقدر للهارب على مال. قوله: (أو نية رجوع) يعني: ولو لم يستأذن حاكماً أو يشهد. ومتى اختلفا في قدر النفقة، فإن كان قدرها الحاكم، فقول مكتر في إنفاقه دون ما زاد، وإلا فقوله في قدرها بالمعروف. قوله أيضا على قوله: (أو نية رجوع) أي: بدون إذن حاكم، ولو أمكن استئذانه، أشهد على نية الرجوع بأن قال: اشهدوا أني ما أنفقت على هذه البهائم إلا بنية الرجوع أولا. ويرجع إلى القدير حاكم إن كان، وإلا قبل قول منفق بالعرف.

فَإِذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ بَاعَهَا حَاكِمٌ وَوَفَّاهُ وَحِفْظَ بَاقِي ثَمَنِهَا لِمَالِكِهَا وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وفِي الْمُدَّةِ وَقَدْ مَضَى مَا لَهُ أُجْرَةٌ فِيمَا بَقِيَ وانْقِلَاعِ ضِرْسٍ اكْتَرَى لِقَلْعِهِ، أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِبُرْئِهِ

_ قوله: (ووفاه) أي: ما أنفق عليها. قوله: (وتنفسخ الإجارة بتلف ... إلخ) أي: بتلف العين التي هي محل المنفعة عليها قبل قبضها، أو بعده قبل مضي ماله أجر في العادة، فتنفسخ في الكل. وقوله: (في المدة) عطف على ما قدرناه، أعني: قبل مضي ماله أجر في العادة. قوله: (معقود عليه) أي: معين، والمعقود عليه المنفعة، ومحلها العين. قوله أيضا على قوله: (معقود عليه) كدابة وعبد مات، ودار انهدمت. قوله أيضا على قوله: (بتلف معقود عليه) أي: محله، على حذف مضاف، إذ المعقود عليه المنفعة والعين محله، سواء قبضها المستأجر أو لا، لعدم قبض المعقود عليه؛ لأنه إنما يكون باستيفائها، أو التمكن منه، ولم يحصل ذلك. فتدبر. قوله: (ماله أجر) أي: عادة. قوله: (لبرئه ونحوه) أي: كاستئجار طبيب ليداويه، فيبرأ أو يموت، فتنفسخ فيما بقي، فإن امتنع المريض من ذلك مع بقاء المرض، استحق الطبيب الأجر بمضي المدة، فإن شارطه على البرء، فهي جعالة، ولا يستحق شيئاً من الأجرة حتى يوجد البرء. ذكره في

وَنَحْوِهِ ومَوْتِ مُرْتَضِعٍ لَا رَاكِبٍ اكْتَرَى لَهُ وَلَا مُكْرٍ، أَوْ مُكْتَرٍ أَوْ عُذْرٍ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ يَكْتَرِيَ فَتَضِيعَ نَفَقَتُهُ أَوْ يَحْتَرِقَ مَتَاعُهُ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا أَوْ انْهَدَمَتْ انْفَسَخَتْ فِيمَا بَقِيَ وَيُخَيَّرُ مُكْتَرٍ فِيمَا انْهَدَمَ بَعْضُهُ فَإِنْ أَمْسَكَ فَبِالْقِسْطِ مِنْ الْأُجْرَةِ

_ "الإنصاف"، نقله في "شرح الإقناع". وقد تقدم عن "الإقناع" أنه لا يصح التقدير بالبرء، لا إجارة ولا جعالة. قوله: (ونحوه) كمستأجر لاقتصاص، فمات من عليه القصاص. قوله: (لا راكب اكترى له) أي: مطلقاً، أي: سواء كان له من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة أو لا، وسواء كان هو المكتري، أو غيره اكترى؛ لأن المعقود عليه منفعة الدابة، وذكر الراكب؛ لتقدر به المنفعة. "شرحه". (ولا مكر أو مكتر ... إلخ) اعلم: أنه لا تنفسخ الإجارة بموت العاقدين أو أحدهما إلا في مسألة واحدة، وهي ما إذا مات الموقوف عليه المؤجر، ولم يشترط له النظر على الصحيح. قوله: (بأن يكتري ... إلخ) أي: من يريد السفر. قوله: (فتضيع نفقته) فلا يمكنه السفر. قوله: (متاعه) أي: متاع مكتري نحو دكان ليبيع فيها، وإن اكترى أرضاً لها ماء ليزرعها. قوله: (أو داراً) ليسكنها. قوله: (فانقطع) ماؤها أي: مع الحاجة إليه. قوله: (فيما انهدم بعضه) للعيب.

وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا

_ قوله: (ومن استأجر أرضا ... إلخ) اعلم: أن الأرض لا تخلو من قسمين: أحدهما: أن يكون لها ماءٌ دائم، إما من نهر لم تجر العادة بانقطاعه كالأراضي الشاربة من النيل والفرات ونحوهما، أو لا ينقطع إلا مدةً لا تؤثر في الزرع، أو من شرب عينٍ تنبع، أو بركة من مياه الأمطار يجتمع فيها الماء ثم تسقى به، أو من بئر تقوم بكفايتها، أو كان ما بها يشرب بعروقه لنداوة الأرض وقرب الماء الذي تحتها، فهذا كله دائم ويصح استئجاره للغراس والزرع، وكذا ما تَشرَبُ من مياه الأمطارِ، وتكتفي بالمعتاد منه. القسم الثاني: أن لا يكون لها ماء دائم، وهو نوعان: أحدهما: ما يشرب من زيادةٍ معتادةٍ تأتي وقت الحاجة، كأرض مصر الشاربة من زيادة النيل، وما يشرب من زيادةِ الفراتِ وغيرهما، وما يشرب من الأودية الجارية من ماء المطر المعتاد.

بِلَا مَاءٍ أَوْ أَطْلَقَ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا صَحَّ لَا إنْ ظَنَّ إمْكَانَ تَحْصِيلِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وُجُودَهُ بِأَمْطَارٍ أَوْ زِيَادَةٍ صَحَّ

_ النوع الثاني: أن يكون مجيء الماء إليها نادرا، أو غير ظاهر، كالأرض التي لا يكفيها إلا المطر الشديد الذي يندر وجوده، أو يكون شربها من واد، مجيئه نادر، أو يكون شربها من زيادةٍ غير معتادةٍ، بل نادرة، فهذه إن آجرها بعد وجود ما يسقيها به، صح، وإلا فلا، إلا إن استأجرها على أن لا ماء لها، أو أطلق مع علمه بحالها، كما قال المصنف. والأقسام الثلاثة في الأرض تؤخذ من كلام المصنف منطوقًا، ومفهومًا. قوله: (بلا ماءٍ): أي: للزرع. قوله: (أو أطلق) أي: بأن لم يقل: ولا ماءَ لها. قوله أيضًا على قوله: (أو أطلق) فسر المصنف الإطلاق في «شرحه»؛ بأن قال: أجرتك هذه الأرض مدة كذا بكذا، ولم يقيد النفع، وقيد قوله قبلها: وإن أجر أرضاً بلا ماءٍ، بقوله: ليزرعها المستأجر، وفسر الإطلاق في «شرح الإقناع» بقوله؛ بأن لم يقل: ولا ماء لها، وجعل القيد في الأولى. قوله: (بلا ماءٍ) والأمر في ذلك قريبٌ محتمل لكل من التفسيرين. قوله: (مع علمه بحالها) مع أنها بلا ماءٍ. قوله: (صح) لأنه يتمكن من الانتفاع بها بالنزول فيها، وبوضع رحله وحطبه فيها، قال في «شرح الإقناع»: وهذا معنى استئجار الأرض مقيلا ومراحاً. يعني: الذي أنكر الشيخ تقي الدين صحته. قوله: (تحصيله) بشراءٍ، أو غيرِه أو لم يعلم حالها.

وَلَوْ زَرَعَ فَغَرِقَ أَوْ تَلِفَ أَوْ لَمْ يَنْبُتْ فَلَا خِيَارَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَإِنْ تَعَذَّرَ زَرْعُ لِغَرَقٍ أَوْ قَلَّ الْمَاءُ قَبْلَ زَرْعِهَا أَوْ بَعْدَهُ أَوْ عَابَتْ بِغَرَقٍ يَعِيبُ بِهِ الزَّرْعُ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً فَزَرَعَهَا فَلَمْ يَنْبُتْ إلَّا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ مُدَّةَ احْتِبَاسِهَا وَلَيْسَ لِرَبِّهَا قَلْعُهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ وَإِنْ غُصِبَتْ مُؤَجَّرَةٌ مُعَيَّنَةٌ لِعَمَلٍ خُيِّرَ بَيْنَ فَسْخِ وصَبْرٍ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا ولِمُدَّةٍ خُيِّرَ بَيْنَ فَسْخٍ وإمْضَاءٍ وَمُطَالَبَةِ غَاصِبٍ بِأَجْرِ مِثْلٍ مُتَرَاخِيًا وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا

_ قوله: (ولو زرع فغرق ... إلخ) أي: وللمكتري الانتفاع بالأرض بغير الزرع، أو بالزرع في بقية المدة، فله ذلك. قوله: (أو تلف) أي: قبل حصاده بحريقٍ أو جرادٍ أو نحوه. قوله: (لغرقٍ) والغارقة بالماء: التي لا يمكن زرعها قبل انحساره - وهو تارة وتارة - لا تصح إجارتها قبله. قوله: (فله الخيارُ) لحصول ما تنقصُ به منفعةُ العينِ المؤجرة، فإن اختار الفسخ بعد أن زرع، بقي الزرع إلى الحصاد، وعليه من المسمَّى بحصته إلى الفسخِ، وأجر المثل لما بقي متصفة بذلك العيب. قوله: (فزرعها) يعني: ما جرت العادة بنباته فيها. قوله: (معينة لعمل) كهذه الدابة ليركبها إلى مكة. قوله: (بين فسخ وإمضاء) أي: إبقاء العقد بلا فسخ، وعليه المسمَّى تاما، قوله: (متراخيًا) أي: كخيار عيبٍ.

فَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى وَإِنْ رُدَّتْ فِي أَثْنَائِهَا قَبْلَ فَسْخِ اسْتَوْفَى مَا بَقِيَ وَخُيِّرَ فِيمَا مَضَى وَلَهُ بَدَلٌ مَوْصُوفَةٌ بِذِمَّةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ الْمُؤَجِّرَ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُطْلَقًا وَحُدُوثُ خَوْفٍ عَامٍّ كَغَصْبٍ وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ تُشْتَرَطْ مُبَاشَرَتُهُ فَمَرِضَ

_ قوله: (فعليه أجرة ما مضى) أي: قبل الفسخ بالقسط من المسمى. قوله: (وله بدل موصوفة) يعني: غصبت أو ماتت أو تعيبت، وعلم منه: أنها لا تنفسخ بالعيب. فائدة: لو أتلف مستأجر العين، ثبت ما تقدم من الفسخ والانفساخ مع تضمينه ما أتلف، ونظيره: جب المرأة زوجها، تضمن الدية، ولها الفسخ للعيب. قوله: (مطلقا) سواء كانت الإجارة على عملٍ، أو إلى مدة معينة، أو موصوفة، غصبها قبل المدة أو فيها. قوله: (كغصب) يعني: في ثبوت أصل الفسخ، وإن كان المخير في الغصب، هو المستأجر على ما يفهم من كلامهم. وفي مسألة الخوف العام، لكل منهما فسخ الإجارةِ، كما في «شرحه» و «الإقناع». قوله أيضاً على قوله: (كغصب) أي: فلمستأجرٍ الخيار. قوله: (ولم تشترط ... إلخ) وقد علم مما تقدم: إذا حوله المالك ... إلخ.

أُقِيمَ عِوَضُهُ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْقَصْدُ، كَنَسْخٍ وَنَحْوه أَوْ وَقَعَتْ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ شُرِطَتْ مُبَاشَرَتُهُ فَلَا وَلِمُسْتَأْجِرٍ الْفَسْخُ وَإِنْ ظَهَرَ أَوْ حَدَثَ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ فَلِمُسْتَأْجِرٍ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَزُلْ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ والْإِمْضَاءُ مَجَّانًا

_ قوله: (أقيم عوضه) كالأجير الخاص. قوله: (بمؤجرة) أي: وقع العقد على عينها، فإن كانت موصوفةً في الذمَّة، فلا فسخ، وعلى مكر إبدالها، فإن عجز، أو امتنع ولم يمكن إجبارُه، فلمكترٍ الفسخ. وعلم مما تقدم: أنَّ الإجارة الصحيحة ليس للمؤجر ولا غيرِه فسخها لزيادة حصلت، ولو كانت العين وقفًا. قال الشيخ تقي الدين: باتفاق الأئمة. وإذا التزم المستأجر بهذه الزيادة على الوجه المذكور، لم تلزمه إتفاقا، ولو التزمها بطيب نفس منه بناء على أنَّ الزيادة لا تلحق العقود اللازمة بعد لزومها. ذكره في: «الإختيارات»، قاله في «شرح الإقناع». قوله: (تفاوت الأجرة) كسوء الجوار. قوله: (إن لم يزل) كأن انسدت البالوعةُ، ففتحها مؤجر في زمن لا تتلف فيه منفعة تضرُّ بالمستأجر، فلا خيار له. قوله: (مجاناً) أي: بلا أرش لعيب قديم، أو حديثٍ، وفيه وجه: له الأرش، كالبيع. قال ابن نصر الله: وقد تعبنا فلم نجد بينهما فرقًا. نقله في «شرح الإقناع».

وَيَصِحُّ بَيْعُ مُؤَجَّرَةٍ وَلِمُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ فَسْخٌ أَوْ إمْضَاءٌ مَجَّانًا وَالْأُجْرَةُ وَلَهُ وَلَا تَنْفَسِخُ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَوْ لِمُسْتَأْجِرٍ وَلَا بِوَقْفِ وَلَا بِانْتِقَالِ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ صُلْحٍ وَنَحْوِهِ فَصْلٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ خَاصٍّ، وَهُوَ

_ قوله: (ويصح بيع مؤجرة) ورهنها، سواء أجرها مدة لا تلي العقد، ثم باعها قبل دخولها، أو باعها في أثناء المدة، كما لو زوج أمته، ثم باعها. قوله: (والأجرة له) أي: للمشتري، لكن لو رد مستأجر المؤجرة لعيب ونحوه، عادت المنفعة إلى البائع دون المشتري؛ لأنَّ عقده لم يتناولها تلك المدة، لعدم ملك البائع إذ ذاك. قوله أيضا على قوله: (والأجرة له) يعني: من حين البيع نصاً. قوله: (ولو لمستأجر) فلو ردَّها بعيب، فالإجارة بحالها. قوله: (ونحوه) كجعالةٍ. ولو باع وارثٌ الدار التي تستحق المعتدَّة للوفاة سكناها وهي حامل، فقال الموفق: لا يصح بيعها. وقال المجد: قياسُ المذهب الصحة. قال في «الإنصاف»: وهو الصواب. «إقناع». فصل: فيما يضمنه الأجير وما لا يضمنه، واختلافه هو والمستأجر، وغير ذلك قوله: (على أجير خاص) ونحو قصار متبرع أولى، وقبل في تبرعه،

مَنْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةَ سَلَّمَ نَفْسَهُ وَلَا فِيمَا يَتْلَفُ بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ أَوْ يُفَرِّطَ وَلَا حَجَّامٍ أَوْ خَتَّانٌ أَوْ بَيْطَارٍ أَوْ طَبِيبٍ خَاصًّا أَوْ مُشْتَرَكًا

_ ويستحق الأجرة بتسليم نفسه، عمل، أو لم يعمل؛ لأنه بذل ما عليه، كما لو بذل البائع العينَ المبيعة. قوله: (مدة) يستحق المستأجر نفعه في جميع المدة المقدرة نفعه بها لا يشركه فيها أحد، فإن لم يستحق نفعه في جميع الزمن، فمشتركٌ، كما تقدم. قوله: (سلم نفسه) للمستأجر، بأن كان يعمل عند المستأجر. قوله: (أو لا) أي: بأن كان يعمل في بيت نفسه. قوه: (فيما يتلف بيده) الباء: بمعنى «في» كما عبر به في «الإقناع». قوله: (إلا أن يتعمد) أي: الإتلاف. قوله: (أو يفرِّط) بأن يقصر في حفظه. قوله: (ولا حجَّام ... إلخ) اعلم: أنه إذا كان أحد من ذكر حاذقا، ولم تجن يده، وأذن في الفعل من له الإذن، لم تضمن سراية الفعل، كحدِّ وقودٍ، خلافًا لصاحب «الرعاية»، حيث جعل هؤلاء كغيرهم، فالخاص لا ضمان عليه بخلاف المشترك، ولابن القيم في «الهدي» في عدم اعتبار الإذن في قطع السلعة، قال: لأنه محسن. قوله: (أو بيطار) ويسمى بزاغا: يقال: بزغ البيطار بزغا، أسال الدم، وبابه: قتل، والبطر الشَّقُّ، ومنه البيطار.

حَاذِقًا لَمْ تَجْنِ يَدُهُ وَأَذِنَ فِيهِ مُكَلَّفٌ أَوْ وَلِيُّ وَلَا رَاعٍ لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطُ بِنَوْمٍ أَوْ غَيْبَتِهَا عَنْهُ وَنَحْوِهِ وَإِنْ ادَّعَى مَوْتًا وَلَوْ لَمْ يُحْضِرْ جِلْدًا أَوْ ادَّعَى مُكْتَرٍ أَنَّ الْمُكْتَرَى أَبَقَ أَوْ مَرِضَ، أَوْ شَرَدَ أَوْ مَاتَ فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا قُبِلَ بِيَمِينِهِ كَدَعْوَى حَامِلٍ تَلَفَ مَحْمُولٍ وَلَهُ أُجْرَةُ حَمْلِهِ

_ قوله: (حاذقا لم تجن يده) أشار بذلك إلى شرطين: أن يكون حاذقا في صناعته؛ بأن يكون له بها بصارة ومعرفة، وإلا لم يحل له مباشرة القطع، وأن لا تجني يده بقطع ما لا يقطع، أو بآلةٍ، أو في وقت لا يصلح أن يقطع فيه. قوله: (مكلَّف) أي: وقع فِعْلٌ به. قوله: (أو ولي) لمن وقع الفعل به. قوله: (لم يتعد) يعني: بضربٍ أسرف فيه، أو في غير محله. قوله: (عنه) وقبل في عدم تعد ونحوه. قوله: (وإن ادعى موتا) لها أو لبعضها. قوله: (ولو لم يحضر جلدًا) يعني: أو غيره من أجزائها. قوله: (أو ادَّعى مكترٍ) لرقيقٍ وبهائمَ. قوله: (أو بعدَها) وقبل قول مكترٍ أيضا في وقته حيث وافقه المكري على نحو الإباقِ، وخالفه في وقته. قوله: (تلف محمول) بغير فعله، كما لو خطف منه بلا تفريط. قوله: (وله أجرة حمله) لا يعارِضه ما يأتي فيما إذا اتلف محمولاً، للضمان هناك، دون ما هنا، والأحسن قول المصنف: إن ما هنا عن عدم تمام العمل، ليس بناشيء من جهة الأجير.

وَإِنْ عَقَدَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ تَعَيَّنَتْ فَلَا تُبَدَّلُ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ وعَلَى مَوْصُوفٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ نَوْعِهِ وكِبَرِهِ أَوْ صِغَرِهِ أَوْ عَدَدِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ سِخَالِهَا وَإِنْ عَمِلَ لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ فَأَضَرَّهُ فَلَهُ قِيمَةُ مَا فَوَّتَهُ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرَكُ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ مِنْ تَخْرِيقِ وَغَلَطِ فِي تَفْصِيلٍ

_ قوله: (فيما تلف) منها، كموت أحدِ رضيعيْن. قوله: (من ذكر نوعِه) فلا يكفي الجنس؛ لأنَّ لكلِّ نوعٍ أثرا في إتعاب الراعي. قوله: (وإن عمل ... إلخ) أي: أجيرٌ خاصٌّ. قوله: (فأضره ... إلخ) علم منه كـ «الإقناع» أنه إذا لم يستضر، لا يرجع بشيءٍ؛ لأنه اكتراه لعمل، فوفَّاه على التمام. قوله: (ويضمن المشتركُ) غير من تقدم، وهو، أي: المشترك: من قُدِّر نفعُه بالعمل، ويتقبل الأعمال، فتتعلق الإجارة بذمته، ولا يستحق الأجرة إلا بتسليم عمله دون نفسِه، بخلاف الأجير الخاص. قوله أيضا على قوله: (ويضمن المشترك) أي: ولو تعرض فيه للمدة. قوله: (من تخريقٍ) بنحو دقٍّ، أو مد، أو عصر، أو بسط.

وبِزَلْقِهِ وَسُقُوطٍ عَنْ دَابَّةٍ، وبِخَطَئِهِ وَلَوْ بِدَفْعِهِ إلَى غَيْرِ رَبِّهِ وَغَرِمَ قَابِضٌ قَطَعَهُ أَوْ لَبِسَهُ جَهْلًا أَرْشُ قَطْعِهِ وَأُجْرَةُ لُبْسِهِ وَرَجَعَ بِهِمَا عَلَى دَافِعٍ لَا مَا تَلِفَ بِحِرْزِهِ أَوْ غَيْرِ فِعْلِهِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مطلقا

_ قوله: (وبزلقِه) أي: الحامل من آدمي، أو بهيمةٍ على وجهٍ لا تستحق منفعته في جميعها. كطبيب. قوله: (وسقوطٍ عن دابة) أي: سقوط الحملِ عن دابة، أو حامل، قوله: (وبخطئه) ولو استأجر جزارًا لذبح نحو شاة، فلم يسم عمدًا، ضمنها، لا سهوا؛ لحلها إذن. قوله: (ولو بدفعه إلى غير ربه) ولرب الثوب الطلب بثوبه إن كان موجودًا، وإن هلك ضمنه القابضُ، ولربه تضمين الدافع؛ لأنه أحال بينه وبين ماله. هذا قياس كلامهم، والله أعلم. ذكره بمعناه في «شرح الإقناع». قوله: (ورجع بهما) أي: القابض. قوله: (مطلقاً) سواءٌ عَمِل في بيت ربِّه أو غيره. هكذا في «الإقناع». لكن كلام المصنف الآتي في الفصل بعدَه يُخالفه. قاله في «شرح الإقناع». ويمكن حمل ما يأتي على ما إذا كانت العينُ باقية، فلا مخالفة. فتدبر.

وَلَهُ حَبْسُ مَعْمُولٍ عَلَى أُجْرَتِهِ إنْ أَفْلَسَ رَبُّهُ وَإِلَّا فَتَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ عَمَلِهِ أَوْ حَمْلِهِ خُيِّرَ مَالِكٌ بَيْنَ تَضْمِينِهِ إيَّاهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ أَوْ مَحْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ أَوْ مَعْمُولًا وَمَحْمُولًا وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَإِذَا جَذَبَ الدَّابَّةَ مُسْتَأْجِرٌ، أَوْ مُعَلِّمُهَا السَّيْرَ لِتَقِفَ أَوْ ضَرَبَاهَا كَعَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ

_ قوله: (إن أفلس) أي: حكم بفلسِه ورجع به ربه، كما لو اشترى إنسان ثوباً ودفعه لصانع عمله، ثم أفلس المستأجر، فجاء بائعه يطلبه بعد فسخه البيع؛ لوجود متاعه عند من أفلس، فإنَّ للصانع حبسه على أجرته؛ لأنَّ العمل الذي هو عوضها موجود في عين الثوب، ثمَّ إن كانت أجرته أكثر مما زادت به قيمته، أخذ الزيادة، وحاصص الغرماء بما بقي له من الأجرة. قوله: (ربه) كما لو أجر ملكه لآخر بأجرةٍ حالةٍ، ثم ظهرت عسرتُه قبل التَّسليمِ، فإنَّ للمؤجر فسخ الإجارةِ. قوله: (وله الأجرة) وقبل قولُ ربِّ الثوبِ في صفة عمِلهِ، لأنه غارمٌ. قوله: (لم يضمن) ويجوز لمستأجِرٍ إيداعُها في الخان، إذا قدم بلدًا وأراد المضيَّ في حاجته، وإن لم يستأذن المالك في ذلك. قاله في «الإقناع».

مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُشْتَرِكٌ خَاصًّا فَلِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَعَانَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِضَمَانِهِ لَا لِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ وأَذِنْتَ فِي تَفْصِيلِهِ قَبَاءً قَالَ بَلْ قَمِيصًا

_ قال في «شرحه» لأنه مأذون فيه عرفاً. وكذلك إذا ذهب بها من حارةٍ إلى حارةٍ. انتهى. وكذا يجوز غسل ثوبٍ مستأجرٍ إذا اتسخ، أو تنجَّس. قوله: (ما تلف به) أي: للإذن فيه عادة. قوله: (فلكل حكم نفسه) فإذا تقبل صاحب الدكان خياطة ثوب ودفعه إلى أجيره، فخرقه، أو أفسده بلا تعد ولا تفريط، لم يضمنه؛ لأنه أجير خاص، ويضمنه صاحب الدكان لمالكه؛ لأنه مشترك. قوله: (لضمانه) أي: التزامه العمل، والدليل على أنَّ عمل المشترك مضمون عليه، أنه لا يستحق العوض إلا بالعمل، وأن الثوب لو تلف في حرزه بعد عمله لم يكن له أجر فيما عمل، وكان ذهاب عمله من ضمانه، بخلاف الخاص، فإنه إذا أمكن المستأجر من استعماله، استحق العوض بمضي المدة، وإن لم يعمل. قوله: (قباءً) القباء، ممدود، عربي، والجمع أقبيةٌ، كأنه مشتق من قبوت الحرف أقبوه: ضممته. وقباء - بضم القاف يقصر ويمد ويصرف

فقَوْلُ الْخَيَّاطِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وإنْ كَانَ يَكْفِينِي فَفَصِّلْهُ، فَقَالَ: يَكْفِيَكَ فَفَصَّلَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ اقْطَعْهُ قَبَاءً فَقَطَعَهُ قَمِيصًا لَا إنْ قَالَ يَكْفِيكَ فَقَالَ: اقْطَعْهُ فَصْلٌ وَتَجِبُ أُجْرَةٍ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ بِعَقْدٍ وَتُسْتَحَقُّ كَامِلَةً

_ ولا يصرف - موضع بقرب مدينة النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الجنوب نحو ميلين. «مصباح». قوله: (فقول الخياط) ومثله صباغ في صفة الصبغ. قوله: (ضمنه) أي: ضمن نقصه بالقطع، ولا أجر له. فصل يذكر فيه متى تجب الأجرة، وتستحق، وتستقر، وغير ذلك قوله: (وتجب أجرةٌ) أي: تملك حالة، أو مطلقةً. قوله: (في إجارة عين) ولو مدة لا تلي العقد. قوله: (أو ذمة) كحمل معينٍ إلى مكان معين. قوله: (وتستحق ... إلخ) بأن يملك المطالبة بها المؤجر، ويجب على المستأجر تسليمها.

بِتَسْلِيمِ عَيْنٍ أَوْ بَذْلِهَا وَتَسْتَقِرُّ بِفَرَاغِ عَمَلٍ مَا بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ وَيَدْفَعُ غَيْرَهُ مَعْمُولًا وبِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ وبِبَذْلِ تَسْلِيمِ عَيْنٍ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهَا وَيَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهَا وتَأْخِيرِهَا وَلَا تَجِبُ بِبَذْلِ فِي فَاسِدَةٍ فَإِنْ تَسَلَّمَ فأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَةِ أَرْضٍ وَبِهَا غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ لَمْ يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ أَوْ شُرِطَ بَقَاؤُهُ خُيِّرَ مَالِكُهَا بَيْنَ أَخْذِهِ

_ قوله: (أو بذلها) بأن يأتي بها مؤجر إلى مستأجر ليستوفي نفعها، فيمتنع من تسلمها؛ لأنه فَعَلَ ما عليه، معينة كانت أو موصوفةً. قوله: (وتستقر) أي: تثبت كاملة بذمة مستأجر، كسائر الديون، قوله: (وببذل) من زوائده على «الإقناع». قوله: (وإذا انقضت إجارةُ أرضٍ) أي: ولو فاسدة. قوله: (غراسٌ ... إلخ) الغراس، بكسر الغين المعجمة: فسيل النَّخل، وما يغرس من الشجر، فهو فعال بمعنى: مفعول، ككتاب، وبساط. بمعنى: مكتوب، ومبسوط. قوله: (أو بناء) مصدر بنى يبني، وهو هنا بمعنى المفعول، كالخلق بمعنى: المخلوق. فتدبر. قوله: (لم يشترط قلعه) بأن أطلقا مدة الإجارة. قوله: (خير مالكها ... إلخ) وكذا لو اشترى أرضاً، فغرس أو بنى فيها، ثم فسخ العقد بنحو عيب، أو إقالةٍ، فإنَّ مالك الأرض يخير بين الثلاثة، وأما المبيع بعقدٍ فاسدٍ، أو المستأجر بعقدٍ فاسدٍ قبل مضي المدة،

بِقِيمَتِهِ أَوْ تَرْكِهِ بِأُجْرَتِهِ أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ مَا لَمْ يَقْلَعْهُ مَالِكُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ مَسْجِدًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا يُهْدَمُ وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ إلَى زَوَالِهِ

_ فكعارية، فلرب الأرض تملك العين، والبناء بالقيمة، أو قلعه وضمان النقص، لا تركه بالأجرة بغير رضى صاحبه، ولا قلعه مجانا بلا ضمان نقص، لكن في صورة الإجارة الفاسدة يلزم المستأجر أجرة المثل مُدَّة وضعِ يدِه، كما نص عليه المصنف بقوله: (فإن تسلَّم فأجرة المثل) وكذا يأتي في الغصب، أنه يلزم في المقبوض بعقدٍ فاسد أجرة مثله، فولنا: ليس لمالكٍ تركه بأجرته، يعني: ليس له إلزام صاحب الغرس والبناء بذلك، كما بعد انقضاء الإجارة الصحيحة، حيث لم يختر مستأجر قلعه، فلا معارضة، وقد نص المصنف على مسألتي المشتري والمستأجر، وأنهما كالمستعير في باب العارية، وذكرهما صاحب «الإقناع» هنا. قال في «الحاشية» تنبيه: يأتي في العارية قول المجد: إنه حيث أمكن القلع بلا ضرر، أجبر عليه المستعير. فينبغي أن يقال هنا كذلك، إذ لا فرق. انتهى. قوله: (بقيمته) أي: بأن تقوم الأرض مغروسة أو مبنيَّة، ثم خاليةً، فما بينهما قيمة الغراس والبناء، قوله: (ما لم يقلعه مالكُه) أي: فلا يمنع منه. قوله: (أو نحوه) كمدرسة. قوله: (وتلزم الأجرة إلى زواله) وكذا لو بنى بها بناءً وقفه على مسجدٍ، كما ذكره الشيخ تقي الدين، فإذا انهدم، زال حكم الوقف، وأخذوا أرضهم فانتفعوا بها. «شرحه».

وَلَا يُعَادُ بِغَيْرِ رِضَا رَبِّ الْأَرْضِ تَنْبِيهٌ وَفِي الْفَائِقِ. قُلْتُ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا لَمْ يُتَمَلَّكْ إلَّا بِشَرْطِ وَاقِفٍ أَوْ بِرِضَا مُسْتَحِقٍّ الْمُنَقِّحُ بَلْ إذَا حَصَلَ بِهِ نَفْعٌ كَانَ لَهُ ذَلِكَ والْقَلْعِ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ وَكَذَا تَسْوِيَةُ حُفَرٍ إنْ اخْتَارَهُ

_ تنبيه: ظاهر ما تقدَّم: أن التخيير باقٍ، ولو وقف مستأجرٌ ما بناه، قال في «الفروع»: فإن لم يترك بالأجرة، فيتوجه أن لا يبطل الوقف مطلقًا. انتهى. فإن تملَّكه ربُّ الأرض اشترى بقيمته مثله، وكذا إن هدمه وضمن نقصه، صرف نقصه وما أخذ في مثله. قوله: (ولا يعاد) مسجدٌ، أو غيرُه انهدم بعد انقضاءِ المدَّة. قوله: (لم يتملَّك) غراس ولا بناءٌ. قوله: (إلا بشرطِ واقفٍ) لأن في دفع قيمتِه من ربع الوقف تفويتاً على المستحقِّ، فلا بدَّ من أحدِ الأمرين، قوله: (بل إذا حصل به ... إلخ) هذا مخالف لما في «الإقناع» تبعاً لما مال إليه ابنُ رجبٍ، من أنه لا يتملك غير تام الملك. قوله أيضا على قوله: (بل إذا حصل به نفع) يعني: لجهة الوقفِ، بأن يكون أحظَّ من قلعه مع ضمان نقصه، ومن إبقائه بأجرة مثله، فيتملكه الناظر ولو لم يشترطه واقفٌ، أو يرضى به مستحقٌّ. قوله: (والقلع على مستأجرٍ) اختاره أو لا. قوله: (وكذا تسوية ... إلخ) فصله، لانفرادِهِ بالشَّرط. قوله: (اختاره) أي: المستأجر، لا إن اختاره المؤجر.

وَإِنْ شُرِطَ قَلْعُهُ لَزِمَهُ قَلْعُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ حُفَرٍ وَلَا إصْلَاحُ أَرْضٍ إلَّا بِشَرْطٍ وَلَا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ غَرَامَةُ نَقْصٍ وَإِنْ بَقِيَ زَرْعٍ بِلَا تَفْرِيطِ مُسْتَأْجِرٍ لَزِمَ تَرْكُهُ بِأُجْرَتِهِ وبِتَفْرِيطِهِ فَلِمَالِكِ ذَلِكَ وأَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ مَا لَمْ يَخْتَرْ مُسْتَأْجِرٌ قَلْعَهُ وتَفْرِيغَهَا فِي الْحَالِ وَاكْتِرَاءُ مُدَّةً لِزَرْعٍ لَا يَكْمُلُ فِيهَا إنْ شَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ وإلا فلا

_ قوله: (وإن شرط قلعه) يعني: عند انقضائها، أو في وقت معين. قوله: (غرامة نقص) وإن كان المستأجر شريكًا في الأرض شركة شائعة، فبنى أو غرس، ثم انقضت المدة فللمؤجر أخذ حصة نصيبه من الأرض في الغرس والبناء بقيمته. فإن كان المؤجر يملك نصف الأرض، أخذ نصف الغراس والبناء بنصف قيمته، وهكذا، وليس للمؤجر إلزام المستأجر بالقلْعِ. لاستلزامه قلع ما لا يجوز قلعُه، لعدم تميز ما يخص نصيبه من الأرض من الغراس والبناء، قاله ابن نصر الله، وجزم به في «الإقناع». قوله: (بلا تفريط مستأجر) كأن أبطأ الزرع لنحو بردٍ، قوله: (وبتفريطه) بأن زرع ما لا ينتهي عادة قبل المدة. قوله: (وإلا) أي: بأن أطلق أو شرط الإبقاء.

وَمَتَى انْقَضَتْ رَفَعَ يَدَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ رَدٌّ وَلَا مُؤْنَةٌ كَمُودَعٍ وَلِ مُشْتَرِطٍ عَدَمَ سَفَرٍ بمُؤَجَّرَةٍ الْفَسْخُ بِهِ وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ بِعَقْدِ فَأَعْطَى عَنْهَا دَنَانِيرَ ثُمَّ انْفَسَخَ رجع بالدراهم

_ قوله: (ومتى انقضت) وهي أمانة بعد المدة. قوله: (ولم يلزمه رد) إلا بشرط. كما في «التبصرة». قوله: (كمودع) بخلاف غصبٍ وعارية، وفسد شرط ضمانها مع صحة العقد.

باب المسابقة

باب المسابقة: الْمُجَارَاةُ بَيْنَ حَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ. وَالْمُنَاضَلَةُ: الْمُسَابَقَةُ بِالرَّمْيِ. وَتَجُوزُ فِي سُفُنٍ وَمَزَارِيقُ وَطُيُورٍ وَغَيْرِهَا وَعَلَى الْأَقْدَامِ وَكُلِّ الْحَيَوَانَاتِ لَا بِعِوَضٍ

_ باب يذكر فيه مسائل من أحكام المسابقة والمناضلة أجمع المسلمون على جواز المسابقة في الجملة. وسنده قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) [الأنفال: 60] والسبق، بسكون الباء: بلوغ الغاية، والسباق والمسابقة من ذلك. والسبق بفتح الباء، والسبقة: الجعل يتسابق عليه. قوله: (ونحوه) كسفن. قوله: (والمناضلة) والمنضال والنيضال من النضل، وهو: الرمي بالسهام. قوله: (ومزاريق) جمع مِزراق، بكسر الميم: رمحٌ قصير أخف من العنزة، والعنزة: عصًا أقصر من الرمح، ولها زج من أسفلها، أي: حديدة، والجمع: عنز وعنزات، كقصبة وقصبٍ وقصبات. «مصباح». قوله: (وغيرها) كالرماح والأحجار. قوله: (وكل الحيوانات) كإبل، وخيل، وبغالٍ. قوله: (لا بعوض) أي: مال لمن سبق.

إلَّا فِي خَيْلٍ وَإِبِلٍ وَسِهَامٍ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ. أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ والرُّمَاةِ بِرُؤْيَةٍ سَوَاءٌ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَتَيْنِ لَا الرَّاكِبَيْنِ وَلَا الْقَوْسَيْنِ

_ قوله: (إلا في خيل ... إلخ) أي: إلا في مسابقة خيلٍ ... إلخ للرجال. قاله في «الإقناع»، لأن النساء لسن مأمورات بالجهاد. قاله في «شرحه». قوله: (وسهام) السهام: النشاب والنبل. قاله في «شرحه». قال في «المصباح»: النبل: السهام العربية، وهي مؤنثة لا واحدَ لها من لفظها، بل الواحدُ: سهْمٌ، فهي مفردةُ اللفظ مجموعةُ المعنى، وجمعها نبال، مثل سهم وسهام. وقال أيضا: نشب الشيء في الشيء ينشب - من باب: تعب - نشوبًا: علق، فهو ناشب، ومنه اشتق النشاب. قوله: (بشروط) متعلق بـ (تجوز)، العامل في (بعوض). قوله: (تعيين المركوبين) أي: في المسابقة. قوله: (والرُّماة) أي: في المناضلة. قوله: (برؤية) أي: فيهما. قوله: (أو جماعتين) علم منه: صحة عقد المسابقة والمناضلة على أكثر من اثنين. قاله المصنف. قوله: (ولا القوسين)

الثَّانِي: اتِّحَادُ الْمَرْكُوبَيْنِ أَوْ الْقَوْسَيْنِ بِالنَّوْعِ فَلَا تَصِحُّ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وهَجِينٍ وَلَا قَوْسٍ عَرَبِيَّةٍ وفَارِسِيَّةٍ الثَّالِثُ: تَحْدِيدُ الْمَسَافَةِ وَالْغَايَةِ ومَدَى رَمْيٍ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ

_ وما اشترط تعيينه من مركوبٍ ورامٍ تعين، فلا يبدَّل. وما لا يشترط تعيينه كالراكب والقوس، لا يتعيَّن بالتعيين، فيجوزُ إبداله لعذرٍ وغيره. قوله: (وهجينٍ) أي: أبوه فقط عربي. قوله: (ولا قوس عربيةٍ) وهي: قوس النَّبل. قوله: (وفارسيةٍ) وهي قوسُ النُّشَّاب. ولا يكره الرمي بالفارسية. قوله: (المسافة) في «المصباح»: ساف الرجل الشيء يسوفه سوفا - من باب: قال: اشتمه. ويقال: إن المسافة من هذا، وذلك أن الدليل يسوف تراب الموضع الذي ضَلَّ فيه، فإن استاف رائحةَ الأبوال والأبعار، علم أنه على جادة، وإلا فلا، وأصلها مفعلة، وجمعها مسافات. قوله: (والغاية) بأن يكون لابتداء عدوهما وآخره غاية لا يختلفان فيها. قوله: (ومدى) أي: تحديده. والمدى بفتحتين: الغاية. وبَلَغَ مَدَى البصر، أي: منتهاه وغايته. وهل يقال: مد البصر، بالتثقيل، فيه خلاف. وتمادى في غَيَّهِ: إذا لج ودام على فعله. «مصباح». قوله: (بما جرت به العادة) ويعرف المدى بالمشاهدة:

الرَّابِعُ: عِلْمُ عِوَضٍ وَإِبَاحَتُهُ وَهُوَ تَمْلِيكٌ بِشَرْطِ سَبْقِهِ الْخَامِسُ: الْخُرُوجُ عَنْ شِبْهِ قِمَارٍ بِأَنْ لَا يُخْرِجَ جَمِيعُهُمْ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخْذُهُ جَازَ فَإِنْ جَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَإِنْ سَبَقَ مُخْرِجُ أَحْرَزَهُ. وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا وَإِنْ سَبَقَ الْآخَرُ أَحْرَزَ سَبْقَ صَاحِبِهِ وَإِنْ أَخْرَجَا مَعًا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِمُحَلِّلٍ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا

_ نحو: من هنا إلى هنا، أو بالذراع، نحو مئة ذراع. وما لم تجر به عادة، وهو ما تتعذر فيه الإصابة غالباً، وهو ما زاد على ثلاث مئة ذراع. فلا تصحُّ عليه. وقد قيل: إنه ما رمى في أربع مئةٍ إلا عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه. قوله: (علم عوض)، كثمنٍ وأجرةٍ. قوله (وهو تمليك) أي: بذلُ العوض المذكور تمليكٌ للسابق، قلت: في كلامهم أنه جعالة، فليس من قبيل التمليك المعلق على شرطٍ محضٍ. «شرح إقناع». قوله: (من الإمام) ولو من بيت المال. قوله: (أحرز سبق صاحبه) أي: ملكه، فيأخذه إن كان عينًا، ويطالب به إن كان دينا، ويقضى له به، ويجبر من هو بذمته على تسليمه إن كان موسرًا، وإن أفلس، ضرب له به مع الغرماء.

وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ يُكَافِئُ مَرْكُوبُهُ مَرْكُوبَيْهِمَا أَوْ رَمْيُهُ رَمْيَهُمَا فَإِنْ سَبَقَاهُ أَحْرَزَا سَبَقَيْهِمَا وَلَمْ يَأْخُذَا مِنْهُ شَيْئًا وَإِنْ سَبَقَ هُوَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَحْرَزَ السَّبَقَيْنِ وَإِنْ سَبَقَا مَعًا فَسَبْقُ مَسْبُوقٍ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قَالَ غَيْرُهُمَا مَنْ سَبَقَ أَوْ صَلَّى فَلَهُ عَشَرَةٌ لَمْ يَصِحَّ مَعَ اثْنَيْنِ وَإِنْ زَادَ أَوْ قَالَ وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ وَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ لِلْأَقْرَبِ السَّابِقِ صَحَّ وَخَيْلُ الْحَلْبَةِ مُرَتَّبَةٌ مُجَلٍّ فَمُصَلٍّ فَتَالٍ فَبَارِعٌ فَمُرْتَاحٌ

_ قوله: (ولا يجوز أكثر) لعله اقتصارًا على النَّص. قوله (أو صلى) أي: جاء ثانياً. قوله: (فمصل) سمي المصلي بذلك؛ لأن رأسه يكون عند الصلا من المجلي. والصلوان، هما: العظمان الناتئان من جانبي الذنب، وفي الأثر، عن علي رضي الله عنه: سبق أبو بكر، وصلى عمر، وخبطتنا فتنة. وقال الشاعر:

فَخَطِيٌّ فَعَاطِفٌ فَمُؤَمَّلٌ فَلَطِيمٌ فَسُكَيْتٌ فَفُسْكُلٌ وَيَصِحُّ عَقْدٌ لَا شَرْطٌ فِي إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا وَلَا أَرْمِي أَبَدًا أَوْ شَهْرًا أَوْ أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ أَصْحَابَهُ أَوْ بَعْضَهُمْ أَوْ غَيْرَهُمْ فصل والمسابقة جعالة لَا يُؤْخَذُ بِعِوَضِهَا رَهْنٌ وَلَا كَفِيلٌ وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ لِصَاحِبِهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ

_ إن تبتدر غاية يومًا لمكرمة ... تلق السوابق فينا والمصلينا قوله: (فسكيت) على وزن كميت، وقد تشدَّد الكاف، هو: الفسكل الذي يجيء آخر الخيل، فعلى هذا كان الأَوْلى عطف الفسكل بالواو؛ ليكون عطف تفسير «للسكيت»، وكلام المجد في «شرحه» يدل على تغايرهما، حيث جعل السُّكيت العاشر، والفسكل هو الذي يجيء بعد الجميع. كما في «الحاشية». قوله: (ففسكل) وما بعده لا يعتد به، والأولى عطفه بالواو؛ لأنه مرادف لما قبله. قوله: (فيمتنع عليه) أي: على المفضولِ دون الفاضل.

وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ لَا أَحَدِ الرَّاكِبَيْنِ أَوْ تَلَفِ إحْدَى الْقَوْسَيْنِ وسَبَقٌ فِي خَيْلٍ مُتَمَاثِلِي الْعُنُقِ بِرَأْسٍ وَفِي مُخْتَلِفَيْهِمَا وإبِلٍ بِكَتِفٍ وَيَحْرُمُ أَنْ يُجَنِّبَ أَحَدَهُمَا مَعَ فَرَسِهِ أَوْ وَرَاءَهُ فَرَسًا يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ. وأَنْ يَصِيحَ بِهِ فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ لقوله صلى الله عليه وسلم لا جلب ولا جنب ..... "

_ قوله: (أو تلف إحدى القوسين) أي: فلا تبطل. قوله: (بكتف) أي: ولا تصح بأقدام معلومة. قوله: (لا جلب) والجلب، بفتح الجيم واللام، هو الزجر للفرس، والصياح عليه، حثاً له على الجري. قوله: (ولا جنب) أي: في الرهان.

فَصْلٌ وَشَرْطُ الْمُنَاضَلَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ كَوْنُهَا عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَتَبْطُلُ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُهُ مِنْ أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ وَيَخْرُجُ مِثْلُهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَهُمْ الْفَسْخُ إنْ أَحَبُّوا

_ قوله: (وشرط لمناضلةٍ ... إلخ) أي: أربعةُ شروطٍ زائدةٍ على الخمسة المتقدمة؛ فمجموع شروطها تسعة. قوله: (ويخرج مثله) أي: من جعل بإزائه من الحزب الآخر، لأن كل واحد من الزعيمين، وهما الرئيسان يختار إنساناً، ويختار الآخر في مقابلته آخر. فإذا كان أحدهما لا يحسن الرمي، بطل العقد فيه، وأخرج الذي اختير في مقابلته، كالبيع إذا بطل في بعض المبيع، فإنَّه يسقط ما يقابله من الثمن. قوله: (ولهم) أي: لمن بقي الفسخ، لكن إنما تظهر فائدة هذا الفسخ فيما يظهر على القول باللزوم، وهو وجه في المذهب، كما نص على ذلك المصنف في «شرحه». قوله: (إن أحبوا) لتبعض الصفقة في حقهم.

وَإِنْ تَعَاقَدُوا لِيَقْتَسِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ حِزْبَيْنِ بِرِضَاهُمْ لَا بِقُرْعَةٍ. صَحَّ وَاحِدًا ثُمَّ الْآخَرُ آخَرُ حَتَّى يَفْرُغَا وَإِنْ تَشَاحَّا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالْخِيَرَةِ اقْتَرَعَا وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ رَئِيسِ الْحِزْبَيْنِ وَاحِدًا وَلَا الْخِيَرَةِ فِي تَمْيِيزِهِمَا إلَيْهِ الثَّانِي: مَعْرِفَةُ عَدَدِ الرَّمْيِ والْإِصَابَةِ الثَّالِثُ: تَبْيِينُ كَوْنِهِ مُفَاضَلَةً كأَيْنَا فَضَلَ صَاحِبَهُ بِخَمْسِ إصَابَاتٍ

_ قوله: (وإن تعاقدوا) أي: المتناضلون. قوله: (فيمن يبدأ بالخيرة) اسم من الاختيار، مثل الفدية من الافتداء. «مصباح». قوله: (ولا يجوز جعل رئيس الحزبين واحدًا ... إلخ) ولا يشترط استواء الحزبين، فيجوز كون أحدهما عشرة، والآخر ثمانية، كما لا بدَّ من كون الرشق يمكن قسمه بين كل حزب بغير كسر، ويتساوون فيه. فإذا كانوا ثلاثة مثلاً وجب أن يكون له ثلث، وهكذا. وإذا أخرج أحد الزعيمين السبق من عنده، فسبق حزبه، لم يكن على حزبه شيء، وإن شرطه عليهم، فهو عليهم بالسويَّة، ويقسم على الآخر بالسويَّة من أصاب ومَنْ أخطأ، لأن مطلق الإضافة يقتضي التسوية، والرشق، بكسر الراء، هو: عددُ الرمي، وبفتحها: الرمي، وهو مصدرُ رشقتُ الشيء رشْقًا.

مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً فَقَدْ سَبَقَ أَوْ مُبَادَرَةً، كَأَيْنَا سَبَقَ إلَى خَمْسِ إصَابَاتٍ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً فَقَدْ سَبَقَ وَلَا يَلْزَمُ إنْ سَبَقَ إلَيْهَا وَاحِدٌ إتْمَامُ الرَّمْيِ أَوْ مُحَاطَّةً بِأَنْ يُحَطَّ مَا تَسَاوَيَا ِيهِ مِنْ إصَابَةٍ مِنْ رَمْيٍ مَعْلُومٍ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرَّمَيَاتِ فَأَيُّهُمَا فَضَلَ بِإِصَابَةٍ مَعْلُومَةٍ فَقَدْ سَبَقَ

_ قوله: (إتمام الرمي) بخلاف مفاضلةٍ، فإنها ذاتُ تفضيل، وذلك أنه يلزم فيها الإتمام إذا كان فيه فائدةً، فإذا قالا: أيُّنا فضل صاحبه بثلاث إصابات من عشرين رميةً، فهو سابقٌ، فرميا اثني عشر سهما، فأصابها أحدهما، وأخطأها الآخر كلها، لم يلزم إتمام الرِّشق، وضابط ذلك: أنه متى بقي من عدد الرمي ما يمكن أن يسبق أحدهما به صاحبه، أو يسقط به سبق صاحبه، لزم إتمام العمل، وإلا فلا. قوله: (فقد سبق): والفرق بين المفاضلة والمحاطة، أن المحاطة تقدَّر فيها الإصابة من الجانين بخلاف المفاضلةِ. منصور البهوتي. وتوضيحُ هذا الفرق: أنَّ المفاضلة تارة توجد الإصابة منهما، لكن يفضل أحدهما على الآخر بقدرٍ معلوم، وتارة لا توجد إصابة من أحد الجانبين أصلاً، وتوجد من الآخر. فإن من وجدت منه الإصابة المعلومة، فهو سابق في الصورتين، فقد ظهر لك أنَّ المفاضلة

وَإِنْ أَطْلَقَا الْإِصَابَةَ أَوْ قَالَا خَوَاصِلَ تَنَاوَلَهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَإِنْ قَالَا خَوَاسِقَ أَوْ خَوَازِقَ بِالزَّايِ أَوْ مُقَرْطَسَ مَا خَرَقَ الْغَرَضَ وَثَبَتَ فِيهِ أَوْ خَوَارِقَ بِالرَّاءِ أَوْ مَوَارِقُ مَا خَرَقَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَوْ خَوَاصِرَ مَا وَقَعَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْهِ أَوْ خَوَارِمَ مَا خَرَمَ جَانِبَهُ أَوْ حَوَابِي مَا وَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ وَثَبَ إلَيْهِ أَوْ شَرَطَا إصَابَةَ مَوْضِعٍ مِنْهُ كَدَائِرَتِهِ تَقَيَّدَتْ بِهِ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ إصَابَةٍ نَادِرَةٍ وَلَا تَنَاضُلُهُمَا عَلَى أَنَّ السَّبَقَ لَأبَعْدهمَا رَمْيًا

_ لا تستلزم الإصابة من الجانبين، بخلاف المحاطة، فإنه لا بدَّ فيها من وجود إصابة من الجانبين، ليتأتى الإسقاط، وإلا لم يكن سابقًا. فتدبر. قوله: (ثم وثب إليه) أي: الغرض. قوله: (تقيَّدت به) وإن شرطا الخواسق والحوابي معاً، صحَّ. قاله في «الشرح» منصور البهوتي.

الرَّابِعُ: مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا وَارْتِفَاعًا وَإِنْ تَشَاحَّا فِي الِابْتِدَاءِ أُقْرِعَ وَإِذَا بَدَأَ فِي وَجْهٍ بَدَأَ الْآخَرُ في الثَّانِي

_ قوله: (معرفة قدره) أي: الغرض بالمشاهدة، أو بتقديره بمعلوم، والغرض: ما تقصد إصابته بالرمي. وعبارة «الإقناع»: وهو ما ينصب في الهدف من قرطاس، أو جلدٍ، أو خشب، أو غيرها. ويسمَّى: شارة. والهدف: ما ينصب الغرض عليه، إما تراب مجموع، أو حائط أو غيرهما. انتهى. قوله: (وارتفاعا) من الأرض. قوله: (وإذا بدأ في وجه ... إلخ) الوجه: هو رمي القوم بأجمعهم جميع السهام؛ وذلك لأن المتناضلين تارةً يتفقان على رشق واحد؛ بأن يقولا مثلا: أيُّنا فضل صاحبه بخمس من عشرين، فقد سبق، فالرشق هنا واحد، وهو عشرون، وتارة يتفقان على رشقين أو أرشاق معلومة؛ بأن يقولا مثلاً: نرمي هذا اليوم ثلاثة أرشاقٍ، أولها: عشرون، وثانيها: ثلاثون، وثالثها: أربعون، وإصابة الأول كذا، والثاني كذا، وهكذا، فكل رشق من هذه الأرشاق وجْهٌ، فإذا بدأ أحدهما برشق، بدأ الآخر بالثاني تعديلاً بينهما، فإن اشترطا البداءة لأحدهما في كلِّ الأرشاق والوجوه، لم يصح، وإن فعلا ذلك بلا شرط برضاهما، صحَّ، وإذا شرعا

وَسُنَّ جَعْلُ غَرَضَيْنِ وَإِذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِغَرَضٍ بَدَأَ الْآخَرُ بِالثَّانِي وَإِنْ أَطَارَتْهُ الرِّيحُ فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ خَوَاسِقَ أَوْ نَحْوُهَا لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ وَإِنْ عَرَضَ عَارِضٌ مِنْ كَسْرِ قَوْسٍ أَوْ قَطْعِ وَتَرٍ أَوْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَمْ يُحْتَسَبْ بِالسَّهْمِ وَإِنْ عَرَضَ مَطَرٌ أَوْ ظُلْمَةٌ جَازَ تَأْخِيرُهُ وَكُرِهَ مَدْحُ أَحَدِهِمَا أَوْ الْمُصِيبِ وَعَيْبُ الْمُخْطِئِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ صَاحِبِهِ

_ في رمي الرشق، فبدأ أحدهما بسهم، رمى الثاني بسهم كذلك، حتى يقضيا رميهما، وإن رميا سهمين سهمين أو أكثر، فحسن، وإن شرطا أن يرمي أحدهما رشقه ثم الآخر، أو أحدهما عددًا ثم الآخر مثله، أو أن يبدأ كل منهما من وجهين متواليين، جاز، ويستحب تعيين المبتديء بالرمي عند عقد المناضلة، واختار في «الترغيب» أنه يعتبر ذكر المبتدئ منهما. قوله: (وشرطهم) الجملة حالية: ومفهومها: أنه لو كان شرطهم خواصل، أو كانا أطلقا الإصابة لاحتسب له به؛ لأنه لو كان الغرض موضعه لأصابته. قوله: (أو نحوهما) مما يقتضي خرقَه مع الثُّبوتِ أو النفوذ. قوله: (لم يحتسب) بالسَّهم، يعني: أخطأ أو أصاب. قوله: (لما فيه ... إلخ) إنما ذكر هذا التعليل على خلافِ العادة، تبعا لذكره في «المقنع». قاله المصنف، وحرمه ابن عقيل، ويتوجه في شيخ العلم وغيره.

وَمَنْ قَالَ ارْمِ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ فَإِنْ كَانَ صَوَابُكَ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِك فَلَكَ دِرْهَمٌ أَوْ لَكَ بِكُلِّ سَهْمٍ أَصَبْتَ بِهِ دِرْهَمٌ أَوْ ارْمِ هَذَا السَّهْمَ فَإِنْ أَصَبْتَ بِهِ فَلَكَ دِرْهَمٌ صَحَّ وَلَزِمَهُ بِذَلِكَ لَا إنْ قَالَ: وَإِنْ أَخْطَأْتَ فَعَلَيْكَ دِرْهَمٌ.

_ كذلك. قاله في «الفروع». قوله: (أكثر من خطئك) بأن كل ستة فأكثر. الخطأ، مهموز بفتحتين: ضد الصواب، يقصر ويمد، وهو اسم من أخطأ، وقال أبو عبيدة: خطيء خطأ، من باب: علم، وأخطأ بمعنىً واحدٍ. «مصباح». قوله: (صح) أي: وكان جعالة، ولم يكن نضالا، لعدم التعدد. قوله: (ولزمه) أي: الجعل. قوله: (بذلك) أي: بما شرطه من الإصابة.

صفحة فارغة

كتاب العارية

كتاب العارية العارية: الْعَيْنُ الْمَأْخُوذَةُ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا مُطْلَقًا بِلَا عِوَضٍ

_ كتاب العارية قال الأزهري: نسبة إلى العارة، كما قال تميم بن مقبل: فأخلف وأتلف إنما المال عارة ... وكله مع الدهر الذي هو آكله من البحر الطويل، وهي: ما نشأ عن الإعارة وتعلقت به، أعني: الشيء المعار من الأعيان المدفوعة لمن ينتفع بها إلى آخر الحد، فهي: اسم مصدر. وهي: اسم من الإعارة مثل طاعة وإطاعة، وقال الليث: سميت عارية؛ لأنها عارٌ على طالبها. ومثله للجوهريِّ، وقيل: من عارَ الفرس: إذا ذهب من صاحبه، وهما غلط، لأن العارية من الواو، لأنَّ العرب تقول: هم يتعاورون العواري، بالواو: إذا أعار بعضهم بعضاً، والعار، وعارَ الفرس، من اليائي، فالصحيح ما قال الأزهري. وقد تخفف العارية في الشعر. قاله في «المصباح» ملخصاً. قوله: (المأخوذة) من مالكها - ولو لنفعها - أو وكيله. قوله: (للانتفاع بها) يعني: مطلقًا أو زمناً معلوماً. قوله: (بلا عوضٍ) من أخذٍ، أو غيره. وتطلق كثيرًا على الإعارة مجازًا.

وَالْإِعَارَةُ إبَاحَةُ نَفْعِهَا بِلَا عِوَضٍ وَتُسْتَحَبُّ وَتَنْعَقِدُ بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا وَشُرِطَ كَوْنُ عَيْنٍ مُنْتَفَعًا بِهَا مَعَ بَقَائِهَا وكَوْنُ مُعِيرٍ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْعًا ومُسْتَعِيرٍ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ لَهُ وَصَحَّ فِي مُؤَقَّتَةٍ شَرْطُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ، وَتَصِيرُ إجَارَةً

_ قوله: (والإعارة: إباحة نفعها) أي: رفع الحرج عن تناولها، لا تمليك، فلا يعتبر. قوله: (بلا عوض) يعني: من مستعير أو غيره. قوله: (وشرط) أي: أربعة. قوله: (أهلا للتبرع له) فلا تصح إعارة مصحف لكافر. قوله أيضاً على قوله: (أهلا للتبرع له) بتلك العين؛ بأن يصح منه قبولها هبة. فلا تصح إعارة عبد مسلم لكافر لخدمته. قوله: (وصح في مؤقتة) فإن أطلقت، فإجارة فاسدة. قوله: (وتصير إجارة) كما يصح شرط عوض في هبة، وتصير بيعاً تغليباً للمعنى على اللفظ في الموضعين، وإن قال: أعرتك عبدي على أن تعيرني فرسك، فإجارة فاسدة؛ للجهالة، غير مضمونة، كالصحيحة. قال الحارثي: وكذا لو قال: أعرتك هذه الدابة لتعلفها، أو هذا العبد لتمونه. انتهى. وإن عين المدة والمنفعة، صحت إجارة، كما تقدم.

وَإِعَارَةِ نَقْدٍ وَنَحْوِهِ لَا لِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مَعَ بَقَائِهِ قَرْضٌ وكَوْنُ نَفْعِ مُبَاحًا وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَكَلْبٍ لِصَيْدٍ وفَحْلٍ لِضِرَابٍ

_ فائدة: قال المروزي: قلت لأبي عبد الله: رجل سقطت منه ورقة فيها أحاديث وفوائد فأخذتها، ترى أن أنسخها وأسمعها؟ قال: لا، إلا بإذن صاحبها. قوله: (وإعارةُ نقدٍ ونحوِه) أي: كسائر الموزونات والمكيلات مع الإطلاق، أو لما تبقَّى مع استيفائه، كدراهم لنفقةٍ، وخبزٍ لأكل، فيكون ذلك قرضاً، فقوله: (وإعارة نقد ونحوه) مبتدأ. وقوله: (قرض) خبره. وقوله: (لا لما يستعمل فيه مع بقائه) عطف على محذوف نحو ما قدَّرنا. واعلم: أن المنفي بلا، يكون داخل فيما قبلها بحيث لا يصح استثناؤه، فمتى صح استثناؤه أخرج بإلا أو إحدى أخواتها، فتدبر هذا في كلام المؤلفين، وربما يؤخذ ذلك من اشتراط النحويين في العطف بلا، أن لا يكون ما قبلها صادقاً على ما بعدها، فلا تقول: جاءني رجل لا زيدٌ. فتدبر. قوله: (لا لما ... إلخ) شمل صورتي الإطلاق والتقييد. قوله: (مع بقائه) كنقد لينفقه، وموزون ونحوه ليأكله. قوله: (قرض) أي: أن هذا معنى القرض، وهو مغلب على اللفظ، كما تقدم، وعلم منه: أنه لو استعار ما ذكر لما يستعمل فيه مع بقائهِ، كنقد لوزنٍ وتحل، لم يكن قرضاً. قاله المصنف رحمه الله.

وَتَجِبُ إعَارَةُ مُصْحَفٍ لِمُحْتَاجٍ لِقِرَاءَةٍ عَدِمَ غَيْرَهُ وَتُكْرَهُ إعَارَةُ أَمَةٍ جمِيلَةٍ لِذَكَرٍ

_ قوله: (لمحتاجٍ لقراءةٍ) يعني: إن لم يحتج صاحبه إليه. قوله: (وتكره إعارة أمةٍ جميلةٍ ... إلخ): وقيل تحرم. قال في «التنقيح»: وهو أظهر، ولا سيما لشاب خصوصا العزب. انتهى. قلت: الأولى أنه إن علم أو ظن الوقوع في محرم، حرم، كما في نظائره من بيع نحو عنب لمن ظن أنه يعصره خمرًا، وإلا كره، ثم رأيته قال في «الإقناع» ما نصه: وتحرم إعارتها وإعارة أمرد، وإجارتهما لغير مأمونٍ، قال في «شرحه»: لأنه إعانة على الفاحشة. انتهى. وهو موافق لما بحثناه. فتأمل. قال المصنف في «شرحه»: ومتى وطئها كان زانيا، وعليه الحد إن علم التحريم، ولسيِّدها المهر، طاوعت، أو لا، إن لم يأذن. انتهى، وكذا تحد الأمة إن طاوعته عالمةً بالتحريمِ، وولده رقيقٌ، وإن كان جاهلا، فلا حد، وولده حرٌّ يُلحق به، وعليه قيمتُه للمالك يومَ ولادِته إن لم يأذن مالك. قوله أيضاً على قوله: (أمةٍ جميلةٍ ... إلخ) علم منه: أنها لو كانت شوهاء قبيحة المنظر، جازت إعارتها، وصرح به في «الإقناع». ثم الجواز يحتمل نفي التحريم والكراهة، فلا ينافي أن أصلَ العارية الندب، ويحتمل أنه على ظاهره، فحينئذٍ تكمل للعاريةِ الأحكام الخمسة.

غَيْرِ مَحْرَمٍ واسْتِعَارَة أَصْلِهِ لِخِدْمَتِهِ وَصَحَّ رُجُوعُ مُعِيرٍ وَلَوْ قَبْلَ أَمَدٍ عَيَّنَهُ لَا فِي حَالٍ يَسْتَضِرُّ بِهِمُسْتَعِيرٌ فَمَنْ أَعَارَ سَفِينَةً لِحَمْلٍ، أَوْ أَرْضًا لِدَفْنِ مَيِّتٍ، أَوْ زَرْعٍ. لَمْ

_ فالواجب: إعارة المصحف لمحتاج لقراءة بشرطه. والمندوب: أكثر صورها. والمباح: إعارةُ الشوهاء ونحوها لذكر غير محرم. والمكروه: إعارة الجميلة بشرطها. والمحرم: إعارة مسلم لكافرٍ لخدمته. فتدبر. وإذا أطلق المدة في العارية، فله أن ينتفع بها ما لم يرجع، وإن وقَّتها، فله أن ينتفع بها ما لم يرجع أو ينقض الوقت. قوله أيضاً على قوله: (جميلة) أي: لا شوهاء وكبيرة لا تشتهى، أو لأنثى أو محرمٍ مطلقاً. قوله: (غير محرم) أي: مطلقاً، سواء خلا بها، أو نظر إليها، أو لا. قوله: (لخدمته): مفهومه: لا يكره لغير خدمةٍ، كعملٍ. قوله: (وصح رجوعُ معيرٍ) أي: في عاريةٍ. لم يقل: وجاز رجوع معير، مع توفية بالمقصود وزيادة؛ لأنه قد يوهم الصحة في قوله: (لا في حال ... إلخ). قوله: (أو أرضا؛ لدفن ميت أو زرع ... إلخ) ينبغي تقييده بما إذا لم يؤخر الزرع عن مدة ينقص في مثلها، أو يتأخر بسببه تأخرًا غير متعارف، فيخير معير بين تركه بأجرته، أو أخذه بقيمته، ما لم يختر مستعير قلعَهُ، وتفريغها في الحال، على قياس ما تقدم في الإجارة، والله أعلم. وإذا نبش القبر لمسوغ، فطلب المعير نقله، فهل له ذلك؟

يَرْجِعْ حَتَّى تَرْسِي أَوْ يَبْلَى أَوْ يُحْصَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يُحْصَدُ قَصِيلًا وَكَذَا حَائِطٌ لِحَمْلِ خَشَبٍ لِتَسْقِيفٍ أَوْ سُتْرَةٍ قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ فَإِنْ سَقَطَ لِهَدْمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُعَدْ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْحَائِطُ وَمَنْ أَعَارَ أَرْضًا لِغَرْسٍ أَوْ لِبِنَاءٍ وَشَرَطَ قَلْعَهُ بِوَقْتٍ أَوْ رُجُوعٍ لَزِمَ عِنْدَهُ

_ قوله: (حتى ترسى) هو بالبناءِ للمفعولِ من أرسيت السفينة: حبستها بالمرساة. وأما المجرد، فليس مضارعه مكسور العين، لأنه واوي اللام مفتوح العين في الماضي، تقول: رسا الشيء، يرسوا رسوا ورسوا: ثبت، فهو راسٍ. وجبال راسية وراسيات ورواسٍ. قوله: (أو يبلى) يعني: بأن يصير رميماً، ولم يبق شيء من العظام. قوله: (قصيلا) أي: أخضر قبل أوان حصاده، فعلى مستعير قطعه في وقت جرت العادة بقطعه فيه إذا رجع المعير. قوله (أو سترة) أي: بعد أن بنى عليه، أو كانت لازمةً ابتداءً، كما تقدم في الصلح. قوله: (قبل أن يسقط) ولو بذل معير قيمة نقص القلع. قوله: (فإن سقط لهدم أو غيره ... إلخ) ظاهره: ولو بهدم معير. قوله: (لم يعد) يعني: إن كان قد طالب برفعه. قوله: (أو عند الضرورة) يعني: كما تقدم في الصلح. قوله: (بوقت) يعني: معيَّن، أي: فيه. قوله: (لزم عنده) أي: عند ما ذكر من الوقت والرجوع، ولا يضمن رب أرضٍ نقص مقلوع. قوله أيضاً على

لَا تَسْوِيَتُهَا بِلَا شَرْطٍ وَإِلَّا فَلِمُعِيرٍ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ قَلْعُهُ وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ وَمَتَى اخْتَارَهُ مُسْتَعِيرٌ سَوَّاهَا فَإِنْ أَبَاهُمَا مُعِيرُ الْأَرْضِ والْمُسْتَعِيرُ مِنْ أُجْرَةِ وقَلْعٍ بِيعَتْ أَرْضٌ بِمَا

_ قوله: (لزم) أي: ولو لم يأمره معير بذلك. قوله: (بلا شرط) أي: لتسوية، وبه يلزمه. قوله: (وإلا) أي: وإلا يشترط قلعه بوقتٍ أو رجوع، لم يجبر مستعير على قلع تضرَّر به، فإن أمكن القلع من غير نقصٍ، أجبر عليه، ومتى لم يمكن بلا نقص، ففيه تفصيل مذكور في المتن. قوله: (فلمعير ... إلخ) أي: ما لم يختر مستعير قلعه، وتفريغها في الحال، كما يفهم من قول المصنف: (ومتى اختاره مستعير سواها)، وينبغي تقييده أيضاً بما إذا لم يكن البناء مسجدا أو نحوه، فلا يهدم، وتلزم الأجرة إلى زواله، كما تقدم نظيره في الإجارة. قوله: (بقيمته) أي: قهرًا، كالشفيع ولو مع دفع مستعير قيمةَ أرض، لأنها أصل، والغرسُ أو البناءُ تابع؛ بدليل تبعيتهما لها في البيع والشفعة. قوله: (ويضمن نقصه) أي: ومؤونة قلع على مستعيرٍ، كمستأجِرٍ، وكما لو لم يتضرر به، أو شرط القلع عليه. قوله: (ومتى اختاره مستعير) أي: مع بذل معير القيمة، ولم يكن القلع مشروطا عليه. قوله: (فإن أباهما معير ... إلخ) أي: فإن أبى معيرٌ، أخذه بقيمته، وقلعه مع ضمان نقصه، قال ابن نصر الله في حواشي «المحرر»: فإن لم يفعلهما، ثم اختار بعد ذلك أحدهما، فهل له ذلك،

فِيهَا إنْ رَضِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَبِجَبْرِ الْآخَرِ ودَفَعَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قِيمَتَهَا فَارِغَةً والْبَاقِي لِلْآخَرِ وَلِكُلٍّ بَيْعُ مَا لَهُ مُنْفَرِدًا وَيَكُونُ مُشْتَرٍ كَبَائِعٍ فَإِنْ أَبَيَاهُ تُرِكَ بِحَالِهِ وَلِمُعِيرٍ الِانْتِفَاعُ بِأَرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِمَا فِيهَا وَلِمُسْتَعِيرٍ الدُّخُولُ لِسَقْيٍ

_ أو يكون تركه ذلك مجانا لازما له على الدوام؟ ينظر في ذلك، والأظهر: أن له ذلك أي وقت أراده. انتهى. قاله في «الحاشية». قوله أيضا على قوله: (فإن أباهما معير ... إلخ) لم يأتِ المصنف بالفاعل ضميرًا، كما فعل في المفعول؛ لئلا يوهم عوده إلى مستعير المذكور قبله. قوله: (ويجبر الآخر) يعني: بطلب من رضي. قوله: (ودفع لرب الأرض ... إلخ) من زيادته على «الإقناع». قوله أيضًا على قوله: (ودفع لرب الأرض قيمتها فارغة ... إلخ) هل تقدر الأرض مشغولة بغرس أو بناء مستحق القلع، أم تقدر خالية أصلاً؟ الأظهر: الثاني. قوله: (والباقي للآخر) وهو رب الغراس والبناء. قوله: (وإن أبياه ترك بحالِه) هذا تصريح بمفهوم قوله قبل: (بيعت أرض بما فيها إن رضيا). قوله: (ولمعير الانتفاع ... إلخ) هذا مستأنف، أي: ولمعيرٍ في إعارة ... إلخ، وكذا قوله: (ولمستعيرٍ)، والله أعلم.

وَإِصْلَاحٍ وَأَخْذِ ثَمَرٍ لَا لِتَفَرُّجٍ وَنَحْوِهِ وَلَا أُجْرَةَ مُنْذُ رَجَعَ إلَّا فِي الزَّرْعِ

_ قوله: (ونحوه) أي: كمبيتٍ. قوله: (ولا أجرة منذ رجع) أي: معير في نظير بقاء غرس أو بناء في معارة، ولا في سفينة في لجة بحر، أو في أرض لدفن قبل أن يبلى الميت؛ لأن بقاء هذه العارية إلى زوال الضرر. قال منصور البهوتي: ولا إذا أعار لغرس أو بناء، ثم رجع إلى تملكه بقيمته، أو قلعه مع ضمان نقصه. انتهى. ولو حذف قوله: إلى تملكه ... إلخ، لكان أولى؛ لأنه قد يوهم أنَّ عليه الأجرة إذا لم يتملكه بقيمته، أو بقلعه مع ضمان نقصه، مع أن صريح كلامه أن لا أجرة له مطلقاً، لقوله بعد: ولأنه إذا أبى أخذ الغراس أو البناء بقيمته أو قلعه وضمان نقصه، فإبقاؤه في الأرض من جهته، فلا أجرة له كما قبل الرجوع. انتهى. وهو مقتضى قول المتن أيضاً: (وإن أبياه ترك بحاله)، والله أعلم. قوله: (إلا في الزرع) أي: إذا أعاره للزرع وزرع، ثم رجع المعير قبل أوان حصده - ولا يحصد قصيلا -، فله أجرة مثل الأرض من رجوعه إلى الحصاد؛ لوجوب تبقيته فيها قهرًا عليه؛ لأنه لم يرض بذلك، ولو استعار دابةً ليركبها إلى موضع معلومٍ، فجاوزَه، فقد تعدى؛ وعليه أجرة المثل للزائد خاصة.

وَإِنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى بَعْدَ رُجُوعِ أَوْ أَمَدِهَا فِي مُؤَقَّتَةٍ فَغَاصِبٌ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمُسْتَعِيرٍ وَمَنْ حَمَلَ سَيْلٌ إلَى أَرْضِهِ بَذْرَ غَيْرِهِ فلِرَبِّهِ مَبْقِيٌّ إلَى حَصَادٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ

_ قوله: (فغاصب) يعني: وقيل قول معيرٍ في قدْرِ مدةٍ، لأنَّ الأصل عدمها في الزائد. قوله: (والمشتري والمستأجر بعقدٍ فاسدٍ كمستعير)، ليس المراد: من كل وجه، بل في بعض الوجوه، كما أشار إليه منصور البهوتي بقوله: من أن البائع والمؤجر لا يملك قلع غرسه أو بنائه بلا ضمان نقص، لتضمنه - أي: العقد - إذناً. انتهى. فعلى هذا لو امتنع البائع والمؤجر من أخذه بقيمته، أو قلعه وضمان نقصه، وأبى المشتري أو المستأجر القلع، لزمه أجرة المثل، وأشار إليه منصور البهوتي بقوله أيضاً: لكن تقدَّم في الإجارةِ: يلزم المستأجر أجرة المثلِ مدة وضع يده، ويأتي في الغصب: أنَّه يلزم في المقبوض بعقدٍ فاسدٍ أجرة مثله. قوله: (ومن حمل سيل إلى أرضه بذر غيره ... إلخ) آثر «من» على «إن»؛ لمحل عود الضمير من أرضه عليها، وهو لا يعود إلا على الأسماء. قوله: (مبقى) أي: عليه، ففيه الرابط، وإن كان يحصد قصيلا حصد، قاله الحارثي.

وَحَمَلَهُ لِغَرْسٍ أَوْ نَوًى وَنَحْوِهِ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ كَغَرْسِ مُشْتَرٍ شِقْصًا يَأْخُذُهُ شَفِيعٌ وَإِنْ حَمَلَ أَرْضًا بِغَرْسِهَا إلَى أُخْرَى فَنَبَتَ كَمَا كَانَ فلِمَالِكِهَا وَيُجْبَرُ عَلَى إزَالَتِهَا وَمَا تُرِكَ لِرَبِّ الْأَرْضِ سَقَطَ طَلَبُهُ بِسَبَبِهِ

_ قوله: (يأخذه شفيع) بجامع عدم التعدي، فلرب الأرض أخذه بقيمتِه، أو قلعه مع ضمانِ نقصِه. قوله: (ويجبر على إزالتها) صرَّحوا في حكم الجوار؛ بأن رب الشجر لا يجبر على إزالة عروق شجره وأغصانها من أرض جاره وهوائها؛ لأنه حصل بغير اختيار مالكها، والفرق بين ذلك وما هنا، أنَّ ما حصل هنا، يمنع الانتفاع بالكلية بخلاف الأغصان والعروق. قوله: (وما ترك لرب الأرض سقط طلبه بسببه) فإذا كانت كلفة نقلِه تزيد على ثمنه، فهل يسقط حتى في هذه الحالة، أم لا؟ . قوله أيضًا على قوله: (بسببه) أي: فلا يطالب بأجرةٍ ولا نقلٍ ولا غيره. فائدة: من إملاء شيخنا محمد البهوتي، والكلام لغيره: يؤخذ من نص الإمام، الفرق بين العاريةِ والعينِ المؤجرةِ، من كون المؤجرة لا يلزمه ردها، والمعارة يلزمه ردها، فإنه لما كان النفع في العارية مختصًا بالمستعير، ألزم بالرد، ولما كان النفع في الإجارة مشتركًا بين المؤجر والمستأجر من حيث أخذ المؤجر العوض في مقابلة المنفعةِ، لم يلزم فيها الرد. انتهى.

فَصْلٌ وَمُسْتَعِيرٌ فِي اسْتِيفَاءِ نَفْعٍ مُعَارَةٍ كَمُسْتَأْجِرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعِيرُ وَلَا يُؤَجِّرُ إلَّا بِإِذْنِ

_ قوله: (ومستعير في استيفاء ... إلخ) أي: في حكمِ استيفاء نفع معارةٍ بنفسه أو نائبه. قوله: (كمستأجر) يعني: ولا يشترط تعيين نوع الانتفاع، فينصرف إلى المعروف. قوله: (إلا أنه ... إلخ) عبارة «الإقناع»: إلا أنهما يختلفان في شيئين: أحدهما: أن المستعير لا يملك الإعارة ولا الإجارةَ. والثاني: الإعارة لا يشترط لها تعيين نوعِ الإنتفاعِ، فلو أعاره مطلقاً، ملك الانتفاع بالمعروف في كل ما هو مهيَّأ له، كالأرض مثلا تصلح للبناء، والغراس، والزراعة، والارتباط، وله انتساخ الكتاب المعار، ودفع الخاتم المعار إلى من ينقش له على مثالِه. انتهى. قوله: (إلا بإذن) ولا يضمن مستأجر من مستعير، وعكسه تلفت عين عنده بلا تعدٍّ ولا تفريط، وتقدَّم في الإجارة. فائدة: ملخص ما ذكروه من عدمِ ضمان العارية، ثلاث صور: غير المقبوضة، كلحاف الضيف والكتب ونحوها. والموقوفة على غير معيَّن. والمستعارة من المستأجر.

فَإِنْ خَالَفَ فَتَلِفَتْ عِنْدَ الثَّانِي ضَمَّنَ وَالْقَرَارُ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ وَإِلَّا ضَمِنَ الْعَيْنَ فِي عَارِيَّةٍ وَيَسْتَقِرُّ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْعَوَارِيّ الْمَقْبُوضَةُ غَيْرُ وَقْفٍ كَكُتُبِ عِلْمٍ وَنَحْوِهَا تَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ

_ قوله: (ضمن أيهما شاء) أي: من المستعير، والآخذ منه، قيمة العين، أو أجرتها. قوله: (على الأوّل) والإجارة بعكسها. قوله: (المقبوضة) بخلاف رديف. قوله: (غير وقفٍ ككتب علمٍ ... إلخ) فلو كانت برهن فتلفتْ، رجع الرَّهن إلى ربِّه؛ لعدم صحة أخذ الرهن عليها، على ما تقدم في الرهن، لأنها أمانة، فَيَردُّ الرهن لربِّه مطلقا، وإن فرط لفساده، قاله في «شرح الإقناع»، وقوله: وإن فرَّط، أي: في كتب العلم ونحوها، فضمانه لها بالتفريط غير مستلزم؛ لصحة الرهن. قوله أيضاً على قوله: (غير وقف ... إلخ) مقتضى تعليل المصنف في «شرحه» أن ذلك مقيدٌ بما إذا كان الوقف على غير معين، فلو كان على معين وتلف، ضمنه مستعيره، كالمطلق. قال في «شرح الإقناع»: وهو ظاهر، ولم أره. انتهى. قوله: (ونحوها) كأدرع موقوفة على الغزاةِ. قوله: (تلفت) صفةٌ لكتبٍ وما عطف عليها. قوله: (بلا تفريط) بأن سرقت من حرزٍ.

مَضْمُونَةٌ بِخِلَافِ حَيَوَانٍ مُوصَى بِنَفْعِهِ بِقِيمَةٍ مُتَقَوِّمَةٍ يَوْمَ تَلِفَ وَمِثْلُ مِثْلِيَّةٍ وَيَلْغُو شَرْطُ عَدَمِ ضَمَانِهَا كَشَرْطِ ضَمَانِ أَمَانَةٍ وَلَوْ أَرْكَبَ دَابَّتَهُ مُنْقَطِعًا لِلَّهِ، فَتَلِفَتْ تَحْتَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَرَدِيفِ رَبِّهَا ورَائِضٍ ووَكِيلِ وَمَنْ قَالَ لَا أَرْكَبُ إلَّا بِأُجْرَةٍ فَقَالَ مَا آخُذُ أُجْرَةً فَعَارِيَّةٌ أَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ رَبِّهَا فَعَارِيَّةٌ

_ قوله: (مضمونة) أي: مطلقاً. قوله: (بخلاف حيوانٍ) من زيادته على «الإقناع». ولعل غيره. كذلك. قوله: (موصىً بنفعه) أي: بلا تفريط. قوله: (يوم تلف ... إلخ) يعني: وقت التلف لا خصوص النهار. قال في «المصباح»: العرب قد تُطلقُ اليوم وتريد الوقت والحين، نهارًا كان أو ليلاً، فتقول: ذخرتك لهذا اليوم، أي: لهذا الوقت الذي افتقرتُ إليك فيه. ولا يكادون يفرقون بين يومئذٍ، وحينئذٍ، وساعتئذٍ. انتهى. وهذا يؤيد قوله في «شرح الإقناع»: ولعل المراد بيوم التلف. وقتُه، ليلاً كان أو نهارًا. انتهى. قوله: (ولو أركب دابته) أي: أو غطى ضيفَه بنحو لحاف، فتلف، لم يضمنه. قوله: (ورائضٍ) وهو: معلِّمها السير. قوله: (أو استعمل المودع) من زيادته أيضاً على «الإقناع».

وَلَا يَضْمَنُ وَلَدَ عَارِيَّةً سُلِّمَ مَعَهَا وَلَا زِيَادَةً عِنْدَهُ كَمُؤَجَّرَةً بِلَا قَيْدٍ وَلَا هِيَ أَوْ جُزْؤُهَا بِاسْتِعْمَالٍ بِمَعْرُوفٍ

_ قوله: (ولا يضمن ولد عارية ... إلخ) ولم يقل هو وقت عارية معار، كما أن الحمل وقت بيع مبيع؛ لأنَّ العارية ترد على المنفعة، والحمل والولد لا منفعة لهما، بخلاف البيع، فإنه على العين وكل من الحمل والولد عين، كما أشار إليه في «شرح الإقناع». وقوله: (ولا زيادة عنده) علم منه: أن الزيادة لو كانت موجودة عند العقد، كما لو كانت الدابة سمينة، فهزلت عند المستعير، أنه يضمن نقصها. قال في «شرح الإقناع»: قلت: إن لم تذهب في الاستعمال بالمعروف، أو بمرور الزمان. انتهى. قوله: (عنده) أي: حدثت. قوله: (بلا تعد) أي: منهما. قوله: (ولا هي أو جزؤها ... إلخ) اعلم: أن العارية إذا تلفت كلها باستعمالها بمعروفٍ، كثوبٍ بلي بمرور الزمان عليه، مع أنه لم يستعمله إلا بالمعروف، كاللبس مثلاً، أو تلف جزء منها كذلك، كحمل منشفة - وهي: خرقةٌ يمسح بها ماء الجسد - وخمل طنفسةٍ وهي: بساطٌ له خمل رقيق، وهو كفلس: الهدب، أو تلفت الزيادة التي حصلت عند المستعير، فإنه لا يضمن كل ذلك، وعبارة ابن نصر الله: فعلى هذا لو ماتت بالانتفاع بالمعروف، فلا ضمان. وعلم من قوله

وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُسْتَعِيرٍ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهَا كَمَغْصُوبٍ لَا مُؤْنَتُهَا عِنْدَهُ وَيَبْرَأُ بِرَدِّ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا إلَى مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ عَلَى يَدِهِ كَسَائِسِ وَخَازِنٍ وَزَوْجَةٍ وَوَكِيلٍ عَامٍّ فِي قَبْضِ حُقُوقِهِ وَلَا بِرَدِّهَا لَى إصْطَبْلِهِ أَوْ غُلَامِهِ وَمَنْ سَلَّمَ لِشَرِيكِهِ الدَّابَّةَ فَتَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ تَعَدٍّ لَمْ يَضْمَنْ.

_ بالمعروف: أنه لو حَمَلَ في الثوب تراباً فتلف، أو استعمل ما استعاره في غير ما يستعمل فيه مثله، فإنه يضمن ما نقص من أجزائها بهذه الاستعمالات. ولو جرح ظهر الدابة بالحمل، وجب الضَّمان، سواء كان الحمل معتادا أو لا؛ لأنه غير مأذون فيه، ذكره الحارثي. قاله في «شرح الإقناع». قوله: (إنه لم يتعدَّ) يعني: الاستعمال بالمعروف؛ لأنَّه مُنكِرٌ، ويبرأ من ضمانها. قوله: (كمغصوب) يعني: إلى موضع أخذهما إلا باتفاقهما. قوله: (عنده) أي: كمؤجرة. قوله: (ويبرأ بردِّ) بضبطه. قوله: (وغيرِها) من العوارِي. ككتابٍ. قوله (أو غلامِه) وهو خادمُه حرًا كان أو عبدًا. قوله: (لم يضمن) فإن آذنه في الاستعمال، فعاريةٌ، ما لم يكن في نظير نفقتها.

فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ آجَرْتُك قَالَ بَلْ أَعَرْتنِي قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ. فَقَوْلُ قَابِضٍ وبَعْدَهَا فَقَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا مَضَى ولَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ زَرَعَ عَارِيَّةً وَقَالَ رَبُّهَا إجَارَةً وأَعَرْتنِي أَوْ آجَرْتنِي. فَقَالَ غَصَبْتَنِي أَوْ أَعَرْتُك، فَقَالَ بَلْ آجَرْتنِي وَالْبَهِيمَةُ

_ فصل في اختلاف المالك مع القابض قوله: (وإن اختلفا) أي: المالك والقابض. قوله: (بل أعرتني) يعني: والعين قائمة لم تتلف. قوله: (فقول قابضٍ) وعكسُها بعكسها. قوله: (وله أجرة المثل) أي: سواء كانتِ العينُ قائمة، أو كانت تالفةً في الصُّورة المذكورة، أعني: ما إذا قال المالكُ: أجرتكها، وقال القابض: أعرتنيها، وعند التلف لا يستحق المالك المطالبةَ بالقيمة، لإقراره بما يسقط ضمانها، ولا نظر إلى إقرارِ المستعير، لأنَّ المالك ردَّه بإقراره بالإجارة، فله الأجرة فقط. قوله: (وكذا لو ادَّعى ... إلخ) من زيادته على «الإقناع» والأصل لتقي الدين، رحمه الله تعالى. قوله: (فقال: غصبتني) أي: والبهيمة تالفة، فالقيد في كلام المصنف في الصُّور الثلاث، ثمَّ فيما إذا ادَّعى القابض العارية، والمالك ُالغصب، هما متفقان على ضمان العين، مختلفان في الأجرة، وفي دعوى القابضِ الإجارة، والمالك الغصب، هما متفقان على

تَالِفَةٌ أَوْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهَا فَقَوْلُ مَالِكٍ وَكَذَا أَعَرْتنِي أَوْ جَرْتنِي: فَقَالَ غَصَبْتَنِي فِي الْأُجْرَةِ رَفْعِ الْيَدِ وأَعَرْتُك فَقَالَ أَوْدَعْتنِي فَقَوْلُ مَالِكٍ وَلَهُ قِيمَةُ تَالِفَةٍ وَكَذَا فِي عَكْسِهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مَا انْتَفَعَ بِهَا

_ وجوب الأجرة، مختلفان في ضمان العين، وفي الثالثة لم يتفقا على شيءٍ، والقولُ قولُ المالك في الصور الثلاث، ففي صورتي دعوى الغصب، له القيمة والأجرة، وفي دعواه العارية، والقابضِ الإجارة له قيمة العين، هذا إذا كان ما يَدَّعِيهِ المالك من القيمة أكثر مما يعترف به القابض من الأجرة، وإلا فقول القابض بغيرِ يمينٍ، كما في «الشرح الكبير». قوله: (فقولُ مالكٍ) أي: بيمينه في الأربع. قوله: (وكذا: أعرتني) أي: كالأوليتين مع تَلفِ العين. قوله: (أو: آجرتني) يعني: والبهيمة قائمة. قوله: (فقال: غصبتني) أي: والعين قائمة بقرينة. قوله: (ورفع اليد) ولئلا يتكرر مع ما قبله، سواءٌ كان ذلك قبل مضي مدةٍ لها أجرة أو بعدها، وقول المصنف: (في الأجرة) يعني: في الصورة الثانية، أعني: بعد مضي ما له أجرة، وليس قرينةً على تخصيصِ كلامِه بالصُّورة الثانية؛ إذ لا خصوصية لها بقبول قول المالِك فيها، بل بوجوبِ الأجرةِ. فتنبه. قوله: (ورفع اليد) أي: استحقاق انتزاع العين فيه. قوله: (وأعرتك) أي: أو غصبتني. قوله: (فقول مالك) أي: بيمينه.

كتاب الغصب

كتاب الْغَصْبِ اسْتِيلَاءٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ عُرْفًا عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ قَهْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ وَيُضْمَنُ عَقَارٌ وأُمُّ وَلَدٍ

_ كتاب الغصب الغصب: مصدر غصب يغصب، من باب: ضرب يضرب، وهو لغة: أخذ الشيء ظلما. قاله الجوهري، وابن سيده. وشرعًا: ما ذكره المصنف. والغصب حرام إجماعا، بالكتاب والسنة؛ لقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [البقرة: 188] وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يحل مال امريء مسلم إلا عن طيب نفس». رواه ابن ماجه، والدارقطني. قوله: (استيلاء غير حربي ... إلخ) أي: التمكنُ والغلبةُ بفعل يعد استيلاء. قوله: (على حق غيره ... إلخ) حقُّ الغير شامل الملك والاختصاص، وهو ما يستحق من يده عليه الانتفاع به، ولا يملك أحد مزاحمته فيه، مع عدم قَبول للتمول والمعاوضة. قوله: (قهرًا) حال خرج به الاختلاس، والنَّهب، والسرقة؛ لعدمِ القهر فيها. قوله: (بغير حق) ومنه المأخوذ مكساً ونحوه، وخرج به استيلاء الولي على مال موليه، فإنه بحقٍّ؛ وكذا الشفعة. قوله: (ويضمن عقار) قال الجوهري: : العقار بالفتح: الأرض، والضياع، والنخل. «مطلع». ولعلَّ المراد به هنا: كل ما لم ينقل. قاله في «الحاشية».

وقِنٌّ بِغَصْبِهِ لَكِنْ لَا تَثْبُتُ عَلَى بُضْعِ أَمَةٍ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهَا وَلَا يَضْمَنُ نَفْعَهُ وَإِنْ غَصَبَ خَمْرَ مُسْلِمٍ ضَمِنَ مَا تَخَلَّلَ بِيَدِهِ لَا مَا تَخَلَّلَ مِمَّا جَمَعَ بَعْدَ إرَاقَةٍ

_ قوله: (وقن) ذكرًا كان أو أنثى، ولو مكاتبًا أو مدبرًا، أو معلقًا عتقه بصفة. قوله (على بضع) البضع بضم الباء، وجمعه أبضاع، كقفل وأقفال: يطلق على الفرج والجماع والتزويج. والبِضاعُ: الجماع لفظًا ومعنى. ذكره الحجاوي في «حاشيته» نقله عنه في «شرح الإقناع»، رحمهما الله تعالى. قوله: (فيصح تزويجها) ولو أم ولد. قوله: (ولا يضمن نفعه) لأنه لا تصح المعاوضة بالإجارةِ عليه، ولو حبسَها حتى فات النكاح بالكبر. قوله: (ما تخلَّل بيده) يعني: إن تلف قبل ردِّه، وإلا وجب رده بعينه؛ لأن يدَ الأول لم تزل بالغصب، فكأنها تخللت في يده، وكذلك خمر الذمي بلا ولي؛ لوجوب ردِّها قبل التخلُّل حيث كانت مستترة، وكونها مالا بعد التخلل مطلقا. فقوله: (مسلم) ليس بقيدٍ في ذلك، والله أعلم. قوله: (بعد إراقةٍ) لزوال اليد إذن، ولعلَّ المراد: غير خلال. قاله في «شرح الإقناع».

وَتُرَدُّ خَمْرُ ذِمِّيٍّ مُسْتَتِرَةً كَخَمْرِ خَلَّالٍ وكَلْبٌ يُقْتَنَى لَا قِيمَتُهَا مَعَ تَلَفٍ وَلَا جِلْدِ مَيْتَةٍ غُصِبَ ; لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِدَبْغٍ وَلَا يَضْمَنُ حُرٌّ بِاسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ وَتُضْمَنُ ثِيَابُ حُرٍّ صَغِيرٍ وَحُلِيُّهُ لَا دَابَّةٌ عَلَيْهَا مَالِكُهَا الْكَبِيرُ وَمَتَاعُهُ وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ كُرْهًا أَوْ حَبَسَهُ مُدَّةً فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لَا إنْ مَنَعَ وَلَوْ قِنًّا: الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ

_ قوله: (وترد ... إلخ) أي: وكذا لو غصب دهنًا متنجسًا، لأنه يجوز الإستصباح به في غير مسجدٍ. قاله في «شرح الإقناع». والظاهر: أنَّ مثل ذلك، جلد ميتة دبغ ثم غصب للانتفاع به في اليابسات. قوله: (مع تلف) أي: تلف الخمر والكلب، ولو كان المتلف لهما ذمياً. قوله: (ولا جلد ميتة ... إلخ) فإن دبغه غاصب ردَّه، كما في «تصحيح الفروع». قوله: (ولا يضمن حر باستيلاء عليه) كبيرًا أو صغيرًا، بأن حبسه، ولم يمنعه الطعام والشراب، فمات عنده؛ لأنه ليس بمال، لكن لو بعد حرًا صغيرا أو مجنونا عن بيت أهله، لزمه رده، ومؤنته عليه. قوله: (لا دابة ... إلخ) من زيادته على «الإقناع». قوله: (وإن استعمله كرهًا ... إلخ) يعني: في خدمةٍ وخياطةٍ، ونحوهما. قوله: (مدة) يعني: لها أجرةٌ.

وَلَا يُضْمَنُ رِبْحٌ فَاتَ بِحَبْسِ مَالِ تِجَارَةٍ فَصْلٌ: وعَلَى غَاصِبٍ رَدُّ مَغْصُوبٍ إلَى مَحَلِّهِ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ لِكَوْنِهِ بُنِيَ عَلَيْهِ أَوْ بَعُدَ أَوْ خُلِطَ بِمُتَمَيِّزٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ قَالَ رَبُّ عَبْدٍ دَعْهُ وَأَعْطِنِي أُجْرَةَ رَدِّهِ إلَى بَلَدٍ غَصْبِهِ لَمْ يَجِبْ

_ قوله: (ولا يضمن ربح فات ... إلخ) من زيادته على «الإقناع»، كعبد يريد سيده تعليمه صناعةً. قوله: (مال تجارة) يعني: ولم يربح فيه غاصب. قوله: (رد مغصوب) يعني: إلى محله. قوله: (قدر عليه) بأن كان باقياً. قوله: (أو خلط بمتميِّز) كسمسم ببر أو شعيرٍ. قوله: (ونحوه) كانفلات حيوانٍ غصبه بموضع يعسر مسكه فيه، ويحتاج فيه إلى أجرةٍ، فعلى غاصبٍ. قوله: (لم يجب) كذا بضبطه، أي: لم يلزم الغاصب أن يجيبه إلى ذلك، وكذا لو بذل لمالك أكثر من القيمة، ولا يرد؛ لأن ذلك معاوضة، فتكون برضاهما، وإن أراد مالك من غاصب رده إلى بعضِ الطريق فقط، لزمه، كمدين أسقط عنه رب الدين بعضَه، وطلب باقيه، وكذا إن طلب مالك إبقاءه بمحله.

وَإِنْ سَمَّرَ بِالْمَسَامِيرِ بَابًا قَلَعَهَا وَرَدَّهَا وَإِنْ زَرَعَ الْأَرْضَ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا بَعْدَ حَصْدِ إلَّا الْأُجْرَةُ وَيُخَيَّرُ قَبْلَهُ بَيْنَ تَرْكِهِ إلَيْهِ بِأُجْرَتِهِ أَوْ تَمَلُّكِهِ بِنَفَقَتِهِ وَهِيَ مِثْلُ الْبَذْرِ، وَعِوَضُ لَوَاحِقِهِ

_ قوله: (وإن سمر) كضرب: شد بها. «مطلع». قوله: (باباً) أو غيره. قوله: (قلعها) أي: وجوباً. قوله: (إلا الأجرة) أي: أجرة المثل من وضع يده على الأرض إلى ردِّها، وليس له تملك الزرع بعد حصاده؛ لأنه انفصل عن ملكه، كغرسٍ قلعه. قول: (أوتملكه بنفقته ... إلخ) ولا أجرة لمكثه في الأرض إذن، ويزكيه رب الأرض إذن، ولو بعد اشتداده، كما تقدم في الزكاة، ، وفصل في «الإقناع»؛ فجعلها على رب الأرض إن أخذه قبل وجوب الزكاة، وعلى الغاصب إن أخذها بعده. قال في «شرح الإقناع» تأييدًا لما ذهب إليه المصنف، كـ «التنقيح»: ويفرق بين رب الأرض والمشتري؛ بأنَّ رب الأرض يتملكه بنفقته، فملكه مستندٌ إلى أول وجوده، بخلاف المشتري. انتهى. قوله: (وعوض لواحقة) من حرثٍ وسقي ونحوهما، ولو فعله غاصبٌ بنفسِه.

وَإِنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهَا أُخِذَ بِقَلْعِ غِرَاسِهِ أَوْ بِنَائِهِ وتَسْوِيَتِهَا وَأَرْشِ نَقْصِهَا وَأُجْرَتِهَا حَتَّى وَلَوْ كَانَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ لَمْ يَغْصِبْهَا

_ قوله: (أخذ بقلع غرسه ... إلخ) أي: ألزم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «ليس لعرق ظالم حق». رواه الترمذي، وحسَّنه، وهو على وصف «العرق» بـ «الظلم»، لا على الإضافة قاله الحارثي. وهذا الحديث محمول على الشجر؛ ليحصل الجمع بينه وبين قوله عليه الصلاة والسلام: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء وله نفقته». رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسَّنه. في «المصباح»: وقوله عليه الصلاة والسلام: «ليس لعرق ظالم حق» قيل: معناه: لذي عرق ظالم، وهو الذي يغرس في الأرض على وجه الاغتصاب، أو في أرض أحياها غيره؛ ليستوجبها هو لنفسِه، فوصف العرق بالظلم مجازًا؛ ليعلم أنَّه لا حرمة له، حتى يجوز للمالك الاجتراء عليه بالقلع إذا امتنع منه صاحبه، كما يجوز الاجتراء على الرجل الظالم، فيرد ويمنع وإن كره ذلك. انتهى. قوله: (وأرش نقصها) حتى لو ترك زرعها، فنقصت، كأراضي البصرة.

لَكِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا يَمْلِكُ أَخْذَهُ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ وَهَبَ لِمَالِكِهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ وَرُطَبُهُ وَنَحْوُهَا كَزَرْعٍ لَا غَرْسٍ لِمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ أَثْمَرَ مَا غَرَسَهُ غَاصِبٌ فِي مَغْصُوبٍ وَمَتَى كَانَتْ آلَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ مَغْصُوبٍ فأُجْرَتُهَا مَبْنِيَّةً وَلَا يَمْلِكُ

_ قوله: (ولا يملك أخذه بقيمتِه) ولو نقصت بقلعه. قوله: (ونحوُها) مما يتكرر حمله، كقثاء وبامياء غير منسيةٍ. قوله: (كزرعٍ) فيخير فيه رب أرض. قال في «الحاشية»: لكن لو كان الغاصب أخذ منه جزَّةً أو لقطة فأكثر، فهل يمتلَّكه بجميع عوض اللواحِق، أو يحتسب عليه قيمة ما أخذه، أو يكون ذلك مانعًا من التملكِ؟ لم أر فيه نقلاً. انتهى. أقول: مقتضى قولِهم: له أخذه إذا أدركه قائمًا؛ أنه لا فرق في ذلك بين ما إذا كان الغاصبُ قد أخذ منه لقطة أو جزة أو لا، ومقتضى القول ملك صاحب الأرض إذا تملك الزرع، فإنه يستند إلى بذره في الأرض، حتى إنه يزكيه، ولو تملكه بعد الاشتداد، كما مشى عليه المصنف في الزكاة تبعا «للتنقيح»؛ أنه حيث تملكه بعد أخذ الغاصب جزة أو لقطة، فإنه يرجع بذلك على الغاصب؛ لأنَّ ملكه استند إلى أول وضعه في الأرض. فتدبر. قوله: (لا غرسٍ) فإن أثمر، كان الثمر لغاصب ولو قبل جذاذٍ. قوله: (من مغصوبٍ) بأن ضرب من ترابه لبنًا، وبنى به بيتاً فيها. قوله: (مبنيَّةً)

هَدْمَهَا. وَإِلَّا فأُجْرَتُهَا فَلَوْ أَجَّرَهُمَا فَالْأُجْرَةُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا وَمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَغِرَاسًا مَنْقُولًا مِنْ وَاحِدٍ فَغَرَسَهُ فِيهَا لَمْ يَمْلِكْ قَلْعَهُ وَعَلَيْهِ إنْ فَعَلَ أَوْ طَلَبَهُ رَبُّهُمَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ تَسْوِيَتُهَا ونَقْصِهَا ونَقْصِ غِرَاسٍ وَإِنْ غَصَبَ خَشَبًا فَرَقَّعَ بِهِ سَفِينَةً قُلِعَ وَيُمْهَلُ مَعَ خَوْفٍ

_ لأنها ملكه لا يملك هدمها إن أبرأه ... إلخ، مما تلف بها. قوله: (وإلا) أي: وإلا تكن آلات البناء من مغصوب. قوله: (بقدر قيمتهما) أي: توزَّع بالمحاصَّة بقدر أجرة مثل الأرض وأجرة البناء. قوله: (عليه إن فعل) أي: بغير إذن مالك. قوله: (لغرض صحيح) بأن كان لا ينتج مثله في الأرض. قوله: (ونقصها) أي: أرشه. قوله: (ونقص غراس) وإن غصب أرضاً لرجل وغراسًا من آخر، وغرسه فيها، فكما لو حمله السَّيل إليها، فإذا قلنا: ليس له قلعة مجاناً، وغرم أرش النقص، رجع رب الأرض به على الغاصب؛ لتسببه في غرمه، وكذا لو زرع المغصوبة ببذر الغير، وقلنا: يبقى بأجرة مثله، فهي على غاصبه، هذا حاصل كلام المجد، كما أشار إليه في «شرح الإقناع». قوله: (ويمهل مع خوفٍ)

حَتَّى تَرْسِى. فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِمَالِكِ أَخْذُ قِيمَتِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إلَيْهِ ونَقْصِهِ وَإِنْ غَصَبَ مَا خَاطَ بِهِ جُرْحَ وَخِيفَ بِقَلْعِهِ ضَرَرُ آدَمِيٍّ أَوْ تَلَفُ غَيْرِهِ فقِيمَتُهُ وَإِنْ حَلَّ لِغَاصِبٍ أُمِرَ بِذَبْحِهِ وَيَرُدُّهُ كَبَعْدَ مَوْتِ غَيْرِ آدَمِيٍّ

_ كما لو كان المغصوب في محل لو قلع منه دخل الماء السفينة وهي في اللجة، سواء كان فيها ملكٌ للغاصب أو لغيره، من حيوان، وغيره، أما لو كانت على الساحل أو كان أعلاها، فإنه يؤخذ حيث كان، ولصاحب اللوح طلب قيمته حيث تأخر القلع، كما أشار إلى ذلك المصنف بقوله: (فإن تعذر ... إلخ) فإذا أمكن ردُّ اللوح، فعل، وردَّت القيمة. قوله: (حتى ترسى) من أرسيت السفينة: حبستها بالمرساة. قوله: (فإن تعذر) يعني: الإرساء في زمنٍ يسيرٍ؛ لبُعد البرِّ. قوله: (أخذُ قيمتِه) يعني: حين التعذر بدليل الأرش. قوله: (إليه) أي: إلى آخذ القيمة. قوله: (محترم) من آدمي أو غيره، بخلاف نحو مرتدٍّ وخنزيرٍ. قوله: (أو تلف غيره) أي: موت. قوله: (وإن حل لغاصب) كشاته، وإلا بأن كان لغيره، أو له، لكن لا يؤكل، لم يذبح، فتجب القيمة. قوله: (أمر بذبحه) يعني: ولو نقصت به قيمته أكثر من قيمة الخيط، أو لم يكن معدًا لأكل، كخيل. قاله في «الحاشية».

وَمَنْ غَصَبَ جَوْهَرَةً فَابْتَلَعَتْهَا بَهِيمَةٌ فَكَذَلِكَ وَلَوْ ابْتَلَعَتْ شَاةُ شَخْصٍ جَوْهَرَةَ آخَرَ غَيْرَ مَغْصُوبَةٍ وَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِذَبْحِهَا وَهُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا ذُبِحَتْ وَعَلَى رَبِّ الْجَوْهَرَةِ مَا نَقَصَ بِهِ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ رَبُّ الشَّاةِ بِكَوْنِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ حَصَلَ رَأْسُهَا بِإِنَاءٍ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِذَبْحِهَا أَوْ كَسْرِهِ وَلَمْ يُفَرِّطَا كُسِرَ وَعَلَى مَالِكِهَا أَرْشُهُ وَمَعَ تَفْرِيطِهِ تُذْبَحُ بِلَا ضَمَانٍ وَمَعَ تَفْرِيطِ رَبِّهِ يُكْسَرُ بِلَا أَرْشٍ وَيَتَعَيَّنُ فِي غَيْرِ مَأْكُولَةٍ كَسَرَهُ وَيَحْرُمُ تَرْكُ الْحَالِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ

_ قوله: (فابتلعتها بهيمةٌ) يعني: بتفريطه، أو لا. قوله: (ولا تخرج .... إلخ) أي تعذر إخراجها. قوله: (وهو أقل ضررٍ) أي: بأن يكون نقصها بالذبح أقل من قيمة الجوهرة. قوله: (وعلى رب الجوهرة ... إلخ) ظاهره: وإن لم يفرط. قوله: (ويتعين في غير مأكولةٍ كسره) ولو كان التفريط من ربها، وعليه أرشه مالم يكن المفرط هو رب الإناء. قوله أيضاً على قوله: (ويتعين في غير مأكولة ... إلخ) وإن قال من وجب عليه الغرم: أنا أتلف مالي ولا أغرم شيئًا، فله ذلك. «شرحه». قوله: (على ما هو عليه) فإن لم يفرط رب الإناء، وامتنع رب مأكولةٍ من ذبحها ومن أرشِ كسرِ الإناءِ،

وَلَوْ حَصَلَ مَالُ شَخْصٍ فِي دَارٍ آخَرَ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ بِدُونِ نَقْضِ وَجَبَ وَعَلَى رَبِّهِ ضَمَانُهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ صَاحِبُ الدَّارِ

_ أو رب غير مأكولة من أرش كسرٍ، أجبر؛ لإزالة الضرر، كالعلف. قوله: (ولو حصل مال شخص ... إلخ) فإن باع داراً، وفيها ما يعسر إخراجه كخوابي غير مدفونة وخزائن غير مسمَّرة، أو حيوان، وكان نقض الباب أقلَّ ضررا من بقاء ذلك في الدار، أو من تفصيل ما يمكن تفصيله، أو ذبح ما يذبح نقض، وكان إصلاحه على البائع، وإن كان أكثر ضررًا لم ينقض، بل يصطلحان على ذلك؛ بأن يشتريَه مشتري الدار، ونحو ذلك. اعلم: أن المال الحاصل في دارِ الغير، إما حيوانٌ أو غيره، بفعل ربِّ الدار أو بغير فعله: فالأول، كما لو غصب نحو فصيل، فأدخله داره، فكبر، وتعذَّر خروجه بغير نقض الباب، ففي هذه الصورة، يجب نقض الباب؛ وردُّ الفصيل ونحوه، ولا شيء على ربِّ الحيوان، وكذا ينقض الباب لو دخل الحيوان بنفسه أو بفعل ربِّه، وعلى صاحب الفصيل فيهما ضمان نقض الباب، إن لم يفرِّط رب الدار. والثاني، أعني: ما إذا كان المالُ غير حيوانٍ، كخشبة مثلا إن أدخلها الغاصب دارَه، ثم بنى الباب ضيقًا، فكالحيوانِ، وإن حصلت الخشبة من غير تفريط صاحب الدار، فإن كان كسرها أكثر ضررًا من نقض الباب،

وَمَنْ غَصَبَ دِينَارًا أَوْ نَحْوَهُ فَحَصَلَ فِي مِحْبَرَة آخَرَ أَوْ نَحْوِهَا وَعَسُرَ إخْرَاجُهُ فَإِنْ زَادَ ضَرَرُ الْكَسْرِ عَلَيْهِ فَعَلَى الْغَاصِبِ بَدَلُهُ وَأَلَّا تَعَيَّنَ الْكَسْرُ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا وَإِنْ حَصَلَ بِلَا غَصْبٍ وَلَا فِعْلِ أَحَدٍ كُسِرَتْ وَعَلَى رَبِّهِ أَرْشُهَا إلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ لِكَوْنِهَا ثَمِينَةً وبِفِعْلِ مَالِكِهَا تُكْسَرُ مَجَّانًا

_ بأن تنقص قيمتها بالكسر أكثر من أرشِ نقضه وإصلاحه، فكالفصيل، فينقض الباب ويغرم صاحبها أرش نقضه وإصلاحِه، وإن كان كسرها أقلَّ ضررًا، كسرت، ولا شيء على صاحب الدار، هذا كله إذا لم يحصل من رب المال عدوان، فلو غصب دارًا، وأدخلها فصيلا، أو خشبة، أوتعدى على إنسان، فأدخل داره فرسًا ونحوها، كسرت الخشبة، وذبح الحيوان المأكول، ولو زاد ضرره على نقض البناء، وإن كان الحاصل من ذوات التركيب، كالتوابيت والأسرَّة، فكذلك إن فرَّط مالك الدار نقض البابُ من غير أرش، وإن فرط مالكه، فكك التركيبُ. قوله: (فحصل ... إلخ) يعني: بفعل غاصب أو لا. قوله: (أو نحوها) من كل إناء ضيِّق الرأس. قوله: (عليه) أي: على الدينار. قوله: (وإلا) أي: بأن تساويا أو كان الكسر أقلَّ. قوله: (كسرت) مطلقاً. قوله: (لكونها ثمينة) أي: فلا تكسر ويصطلحان.

وبِفِعْلِ رَبِّ الدِّينَارِ يُخَيَّرُ بَيْنَ تَرْكِهِ وكَسْرِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ مِثْلِهِ إنْ بَذَلَهُ رَبُّهَا فَصْلٌ وَيَلْزَمُ رَدُّ مَغْصُوبٍ زَادَ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ كَقِصَارَةِ وَسِمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةً والْمُنْفَصِلَةِ كَوَلَدِ وكَسْبِ وَلَوْ غَصَبَ قِنًّا أَوْ شَبَكَةً أَوْ شَرَكًا فَأَمْسَكَ أَوْ جَارِحًا أَوْ فَرَسًا فَصَادَ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ غَنِمَ فلِمَالِكِهِ

_ قوله: (إن بذله ربها) ولو في حالٍ يجبر على كسرها. قوله: (زاد) صفة لمغصوبٍ. قوله: (بزيادته) متعلق بـ (زاد)، والباء للمصاحبة. قوله: (كولدٍ) أي: ولد بهيمة أو أمةٍ لم يحكم بحريته. قوله: (فأمسك) أي: المذكور صيدًا. قوله: (أو جارحًا) أي: أو سهمًا، كما في «المغني». قوله: (أو فرسًا) أي: أو قوسًا، كما في «الإقناع». قوله: (أو غنم) أي: عليه، وحذفَه؛ لدلالةِ الأوَّل عليه. قوله: (فلمالكه) أي: مالك المغضوب، بخلاف ما لو غضب منجلا أو فأسا، فقطع به حشيشًا أو حطبًا، أو سيفا، فقاتل به وغنم. والفرق حصول الفعل من الغاصب في هذه دون تلك.

لَا أُجْرَتُهُ زَمَنَ ذَلِكَ. وَإِنْ أَزَالَ اسْمَهُ كَنَسْجِ غَزْلٍ وطَحْنِ حَبٍّ أَوْ طَبَخَهُ وَنَجْرِ خَشَبٍ وَضَرْبِ حَدِيدٍ وفِضَّةٍ وَنَحْوِهِمَا وَجَعْلِ طِينٍ لَبِنًا أَوْ فَخَّارًا

_ «حاشية» قوله أيضا على قوله: (فلمالِكه) أي: المذكور، قن وشبكةٍ وشرك وجارح وفرس، أو أنه أفرد الضَّمير للعطف بـ «أو». والأول أولى؛ لأن الأفصح في المعطوف بـ «أو» المطابقة، كقوله تعالى: (إن يكن غنياً أو فقيرًا فالله أولى بهما). [النساء: 135] أفاده شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (لا أجرته) لعله مالم يكن الحاصل للمالك من ذلك أقل من أجرة المثل، وإلا ألزم الغاضب بقيتها. قوله: (وإن أزال اسمه ... إلخ) وكذا لو أزال اسم بعضه، فعليه رد باق وأرش نقصٍ، إن نقص بتفريقه، وما أزال اسمه مع أرش نقصه إن كان، ولا شيء له إن زاد، والله أعلم. قوله: (ونحوهما) كذهب. قوله: (وجعل طينٍ لبناً) إلا أن يجعل الغاصب فيه تبناً له، فله أن يحله ويأخذ تبنه. قال الحارثي: لكن عليه ضمان الللبن؛ قد تمحص للمالك. هذا إذا كان يحصل منه شيء، وإلا فليس له حله، وإن طالبه مالك بحله، لزمه إن كان فيه غرض صحيح. قوله: (أو فخاراً) الفخار: الطين المشوي، وقبل الطبخ، هو: خزف وصلصال. «مصباح».

رَدَّهُ وأَرْشَهُ إنْ نَقَصَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّ مَا أَمْكَنَ رَدُّهُ إلَى حَالَتِهِ وَمَنْ حَفَرَ فِي مَغْصُوبَةٍ بِئْرًا. أَوْ شَقَّ نَهْرًا وَوَضَعَ التُّرَابَ بِهَا

_ قوله: (ولا شيء له) بخلاف صبغ ثوب، فإنه عين ماله. قوله: (وللمالك إجباره ... إلخ) ظاهر كلامهم هنا: وإن لم يكن فيه غرض صحيح، لكن مقتضى ما تقدم: إنما يملك إجباره إذا كان فيه غرض صحيح، وجزم به الحارثي، كما أفاده في «شرح الإقناع». قوله أيضًا على قوله: (وللمالك إجبارُه على ردِّ ما أمكن ردُّه إلى حالته ... إلخ) فلو قال مالك لغاصب: أعطني أجرة إعادته إلى حالته، لم يجب؛ لأن الواجب الإعادة بطلبه، لا المعاوضة عنها، كما تقدَّم في المغصوب إذا بُعِّد. قوله أيضًا على قوله: (وللمالك إجباره على ردِّ ما أمكن رده) بخلاف نحو أبواب، ومذبوح، ومطحون. قوله: (إلى حالته) كمسامير ضربها فيردها، بخلاف نحو فخار. (أو شقَّ نهرًا) ولو كشط تراب الأرض، فطالبه المالك برده وفرشه، لزمه ذلك. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه»: وظاهره: وإن لم يكن فيه غرضٌ صحيحٌ، وهو أحد وجهين أطلقهما في «المبدع» وغيره،

فَلَهُ طَمُّهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَلَوْ بَرِئَ مِنْ مَا يَتْلَفُ بِهَا وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ وَإِنْ أَرَادَهُ مَالِكٌ أُلْزِمَ بِهِ وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ أَوْ بَيْضًا فَصَارَ فِرَاخًا. أَوْ نَوًى. أَوْ أَغْصَانًا فَصَارَ شَجَرًا رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ

_ وإن أراده غاصب لغرض صحيح، مكن منه، وإلا فلا. قوله: (فله طمها ... إلخ) أي: بترابها حيث بقي، فلو فات بنحو سيل أو ريح، فله الطم بغيره من جنسه لا برملٍ، أو كُناسةٍ ونحوها. ذكره الحارثي. قاله في شرح «الإقناع" قوله: "لغرض صحيح" كإسقاط ضمان ما يقع فيها، ومطالبة تفريغ الأرض. قوله: (ولو أبريء مما يتلف بها) لأنَّ الغرض قد يكون غيره، كأن نقل ترابها إلى ملك نفسشؤ أو غيره، أو إلى طريق. فلو لم يكن له غرض، كما لو وضع التراب في أرض مالكها أو موات، وأبراه من ضمان ما يتلف يها، لم يملك طمها. قاله في «الإقناع». قوله: (وإن أراده) أي: الطم لغرصٍ صحيح. قوله: (فزرعه) أي: في أرضه، أو أرض غيره.

فَصْلٌ وَيَضْمَنُ نَقْصَ مَغْصُوبٍ وَلَوْ رَائِحَةَ مِسْكٍ وَنَحْوِهِ أَوْ نَبَاتِ لِحْيَةِ عَبْدٍ وَإِنْ خَصَاهُ أَوْ أَزَالَ مَا تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ مِنْ حُرٍّ رَدَّهُ وقِيمَتَهُ وَإِنْ قَطَعَ مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ

_ قوله: (ويضمن نقص مغصوب ... إلخ) بعد غضصبه وقبل رده. وظاهره: لا يضمن نقص صفة محرمة، كغناء ونحوه. قوله: (ولو رائحةَ مسكٍ) تذهبُ أو تنقصُ. قوله: (ونحوِه) كعنبر. قوله: (أو بنبات ... إلخ) أي: أو قطع أذن نحو حمار. قوله: (وإن خصاه) أي: العبد. ولو زادت قيمته بالخصاء. قوله أيضاً على قوله: (وإن خصاه أو أزال ما تجب فيه دية من حرٍّ ... إلخ) من عطف العام على الخاص؛ ليفيد أنه تجب قيمته إذا خصاه ولو لم تنقص به القيمة بل أو زادت. قوله أيضا على قوله: (وإن أزال ما تجب فيه دية من حر ... إلخ) وقوله: (وإن قطع ما فيه مقدر ... إلخ) علم منه: أنه لو ذهب منه ما فيه مقدر بغير جناية عليه، كما لو عمي أو خرس أو ذهبت يده أو رجله بنحو أكلة، فإنه يضمن النقص فقط، دون المقدر، وجزم به في «الإقناع». وكذا لو قطعت يده ونحوها قصاصاً، فإنه ليس على الغاصب إلا النقصُ. قوله أيضاً على قوله: (ما تجب فيه دية من حر): كأنفِه أو لسانِه أو يديهِ أو رجليهِ. قوله: (وإن قطع ما فيه مقدر ... إلخ) أي: من رقيق مغصوب، وأما الدابة، فتضمن جنايتها بما نقص من قيمتها، ولو بتلف إحدى عينيها، وما روى زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين

دُونَ ذَلِكَ فأَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ وَيَرْجِعُ غَاصِبٌ غَرِمَ عَلَى جَانٍ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ فَقَطْ

_ الدابة بربع قيمتها، وروي عنن عمر أيضا، قال في «المبدع»: لا نعرف صحته، بدليل احتجاج أحمد بقول عمر دونه، مع أن قول عمر محمول على أنَّ ذلك كان قدر نقصِها. قوله: (دون ذلك) أي: الدية الكاملة، كقطع يدٍ أو رجلٍ. قوله: (فأكثرُ الأمرين) من ديةِ المقطوعِ، ونقص قيمته. فول غصب عبدًا قيمته ألف، فزادت عنده إلى ألفين، ثم قطع يده، فصار يساوي ألفًا وخمس مئة، كان عليه مع رده ألف. وإن كان القاطع ليده غير الغاصب، فعليه أرش الجناية فقط، وما زاد يستقرُّ على غاصبٍ، وللمالك تضمين الغاصب الكل؛ لحصول النقص بيده، وإلى هذا يشير قول المصنف: (ويرجع غاصب غرِم على جانٍ ... إلخ). قوله: (غرم) بالكسر. قاله في «المختار». قوله: (فقط) أي: دون ما زاد عن أرش جنايةٍ، فيستقرُّ على غاصب.

وَلَا يَرُدُّ مَالِكٌ أَرْشُ مَعِيبٍ أَخَذَهُ مَعَهُ بِزَوَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصُ سِعْرٍ كَهُزَالٍ زَادَ بِهِ وَيَضْمَنُ زِيَادَتَهُ لَا مَرَضًا بَرِئَ مِنْهُ فِي يَدِهِ وَلَا إنْ عَادَ مِثْلُهَا مِنْ جِنْسِهَا وَلَا إنْ نَقَصَ فَزَادَ مِثْلَهُ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ صَنْعَةً بَدَلَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا

_ قوله: (ولا يرد مالكٌ ... إلخ) يعني: أنه إذا استرد المالك المغصوب معيباً مع الأرش، ثم زال العيب في يدِ مالِكه، لم يجب ردُّ الأرش؛ لاستقراره بأخذ العين ناقصةً. وكذا لوأخذه معيبًا بغير أرش، فزال العيب، لم يسقط الأرش. قوله أيضا على قوله: (ولا يرد مالك) كما لو غصب عبدا، فمرض عنده، فرده وأرش نقصه بالمرض، ثم برأ عند مالكه. قوله: (ولا يضمن نقص سعرٍ) لذهابِ نحو موسمٍ. قوله: (زاد به) أي: أو لم يزدْ ولم ينقُص. قوله: (ولا إن عادَ مثلها) أي: قدرها والعينُ بيده. قوله: (من جنسِها) كصنعةٍ بدل صنعةٍ. بخلاف ما لو هُزِل، فتعلَّم صنعة، فيضمن. قوله: (ولا إن نقصَ فزادَ مثله من جنسه ... إلخ) علم منه: أنَّه لو نقصَ، فغلى السعر، كعبد يساوي، وهو خياط مثلاً، مئة، فنسي الصَّنعةَ، فصار يساوي ثمانين، فغلى السعر، فصارَ يساوي مئة، أنه يضمن النَّقص حينئذٍ؛ لأن العائد ليس من جنس ما ذهب، والله أعلم. ثم رأيته مصرَّحًا به في «شرح المنتهى»، ولله الحمد.

وَإِنْ نَقَصَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ خُيِّرَ بَيْنَ مِثْلِهَا أَوْ تَرْكِهَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا وَيَأْخُذَهَا وَأَرْشَ نَقْصِهَا وَعَلَى غَاصِبٍ جِنَايَةُ مَغْصُوبٍ وإتْلَافُهُ وَلَوْ عَلَى رَبِّهِ أَوْ مَالِهِ

_ قوله: (وإن نقص غير مستقر) بأن يكون سارياً غير واقف. قوله: (وعفنت) هو بكسر الفاء، بمعنى: فسدت من ندواةٍ أصابتها، وبابه: فرح فرحًا. قال في «المصباح»: عفن الشيء عفنا، من باب: تعب: فسد من نداوةٍ أصابتهُ، فهو يتمزَّق عند مسِّه، وعفن اللَّحم: تغيَّرت رائحته. انتهى. قوله أيضا على قوله: (وعفِنت) أي: ولم تبلغْ حالاً يعلم فيها قدر أرش نقصها. قوله: (خُيِّر بين مثلها) أي: ثم إذا استقرَّ نفصها يأخذها وأرش نقصها، ويردُّ المالك ما أخذ؛ لأن ملكَه لم يزل عن ماله يأخذ العوض، كما إذا أخذ القيمة؛ لتعذر ردِّ المغصوب، ثم قدر على المغصوب. وعبارة «الإقناع»: فإن استقرَّ أخذها والأرش. انتهى. ولا حاجة حيئنذ إلى ما حمله عليه الشارح. والله أعلم. قوله: (وعلى غاصبٍ جناية مغصوب وإتلافه) إذ الإتلاف في الأموال، والجناية أعم؛ ولذلك اقتصر عليها في قوله: (وهي على غاصب ... إلخ) وشمل كلامه جناية المغصوب على نفسه، فإنها على الغاصب أيضاً؛ إذ عليه أن

بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ أو قِيمَتِهِ. وَهِيَ عَلَى غَاصِبٍ هَدَرٌ وَكَذَا عَلَى مَالِهِ إلَّا فِي قَوَدٍ فَيُقْتَلُ بِعَبْدٍ غَاصِبٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَزَوَائِدُ مَغْصُوبٍ إذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ أَوْ جَنَتْ كَهُوَ

_ يرده سليمًا تامًا، والله أعلم. قوله أيضا على قوله: (وإتلافه) أي: بدل ما يتلفُه. قوله: (إلا في قَوَد) لأنَّه حق تعلق بنفسه لا يمكن تضمينه لغيره فاستوفي منه. قوله: (فيقتل بعبد غاصب ... إلخ) قتله عمدًا، كعبد غيره من أجنبي أو سيد. وفي «المستوعب»: من استعان بعبدِ غيره بلا إذن سيده، فحكمه حكم الغاصب حال استخدامه. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه»: فيضمن جنايته ونقصه، وجزم به في «المبدع»، وكذا في «المنتهى» في الديات. قوله أيضًا على قوله: (فيقتل بعبدٍ غاصب ... إلخ) علم منه: أنه يقتل بالغاصب من باب أولى. وهل يتوقف اقتصاص الغاصب فيما إذا قتل عبده على كونه موسرًا بقيمته أم لا، ولو عفى الغاضب على مال، سقط حقُّه ولم يستحقَّ شيئا، وإذا كانت الجناية بإذن المالك، فينبغي أن لا تلزم الغاصب، والله أعلم.

فَصْلٌ وَإِنْ خَلَطَ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرُهُ مَا لَا يَتَمَيَّزُ كَزَيْتٍ وَنَقْدٍ بِمِثْلِهِمَا لَزِمَهُ مِثْلُهُ مِنْهُ وبِدُونِهِ أَوْ بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ فشَرِيكَانِ بِقَدْرِ قِيمَتَيْهِمَا كَاخْتِلَاطِهِمَا مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ

_ قوله: (وإن خلط ما لا يتميز ... إلخ) فإن تلف من الخليط بقدر ما للغاصب، تعين الباقي للمالك؛ لتعين حقه في المختلط، والله أعلم. قوله: (لزمه مثله) أي: مثل المغصوب كيلا ووزناً. قوله: (منه) أي: من المختلط. قوله: (فشريكان ... إلخ) فيباع الجميع، ويدفع إلى كل واحد قدر حقه وإن تراضيا على أن يأخذ المغصوب منه أكثر من حقه أو أقل -والاختلاط بغير الجنس- جاز. بخلاف ما لو خلطه بجيد أو رديء، واتفقا على أن يأخذ أكثر من حقه من الرديء أو سمح الغاصب بدفع أكثر من حقه من الجيد؛ لأنَّه ربا، فإن رضي بدون حقه من الردئ أو سمح الغاضب بدفع أكثر من حقه من الجيد، جاز؛ لأنه لا مقابل للزيادة. وإن نقص مغصوب عن قيمته منفردًا، ضمه غاصب، وإن خلطه بما لا قيمةَ له كزيتٍ بماء، فإن أمكن تخليصه، فعل، وإلا أو كان يفسده، فعليه مثلُه. قاله في «شرح الإقناع».

وَحَرُمَ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ فِي قَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ وَلَوْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمَيْنِ لِآخَرَ وَلَا تَمْيِيزٍ فَتَلِفَ اثْنَانِ

_ قوله: (وحرم تصرف غاصب ... إلخ) أي: وكذا المالك. والمراد بـ (تصرف): فيه إفراز لماله لو توقَّف عليه، كأكِله، وبيعه جزءًا مفردًا. أما لو باع نصيبه أو وهبه مشاعًا، فينبغي أن لا يحرم، كما لو اختلطا من غير غصبٍ. قوله: (في قدر ماله) بأن ينفق من الدراهم المختلطة، أو يأكل من الطعام المختلط قدر حقه. والظاهر: لا يصحُّ تصرُّفه فيه مفردًا. قوله: (ولو اختلط درهم ... إلخ) في «شرح» منصور البهوتي: بلا غصب. وكذا في «الإقناع»، ولعلَّه لا مفهوم له؛ إذ ما ذكر من الاحتمالين موجود مطلقًا. لا يقال: يجب كون التالف من مالِ الغاصب عقوبة له، لأن ذلك فيما صار الاشتراك فيه مشاعًا، بخلاف هذا؛ لتميز مال كل في نفس الأمر، والله أعلم. قوله أيضًا على قوله: (لو اختلط درهم ... إلخ) مثله لو اختلط ستة بثلاثةٍ، فتلف ستة، فما بقي، فبينهما نصفين؛ لأنهما قد استويا في احتمال أن تكون الثلاثة كلها أو بعضها من مالِ أحدهما وهكذا. ولا يأتي ما في «تصحيح الفروع» من القرعة هنا؛ لأنا لم نتحقق أن الباقي من مال أحدهما، بخلاف المثال الأول، والله أعلم.

فَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِزَيْتٍ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ضَمِنَ النَّقْصَ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ وَلَمْ تَزِدْ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا فشَرِيكَانِ بِقَدْرِ مَالَيْهِمَا وَإِنْ زَادَتْ

_ قوله: (فبينهما نصفين) وفي «تصحيح الفروع»: الأولى أن يقرع بينهما؛ لأنَّا متحقِّقون أنه لأحدهما، وقد أثبته علينا، فيخرج بالقرعة كنظائره. قوله: (وإن غصب ثوباً فصبغه) إلى آخر الفصل. حاصل هذه المسائل أنه: إما أن يغصب الثوب وحده، أو الصبغ وحده، أو يغصبهما من واحد، أو اثنين، فهذه أربعُ صور، وعلى كلٍّ منها: إما أن يزيد الثوب، أو الصبغ، أو هما، أو ينقصان كذلك، أو لا يزيد واحد منهما، ولا ينقص، فهذه سبعة في أربعة بثمانية وعشرين صورة. وحاصل الجواب فيها: أنْ يقال: يشترك ربُّ الثوب والصبغ فيهما بقدر قيمتهما. ومن زادت قيمة ماله وحده، فله. فإن زادت القيمتان معًا، فبينهما، والنقصُ على غاصبٍ، وكذا في مسألة الزيتِ والسَّويق. تنبيه: غاير في هذا الفصل بين قوله: (فشريكان بقدر قيمتيهما)، وقوله: (بقدر ماليهما)، وقوله: (بقدر حقيهما)، وذلك للتفنن، والله أعلم. قوله: (وإن زادت ... إلخ) أي: بغُلُوِّ السعر، فلو حصلتِ الزيادة بالعمل فبينهما؛ لأنَّ عمله الغاصب في العين المغصوبة لمالكها حيث كان أثرًا،

قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فلِصَاحِبِهِ فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قَلْعَ الصِّبْغِ لَمْ يَجِبْ وَلَوْ ضَمِنَ النَّقْصَ وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُ صَبْغِ وتَزْوِيقِ دَارٍ وَنَحْوِهِ وُهِبَ لَهُ لَا مَسَامِيرَ سَمَّرَ بِهَا الْمَغْصُوبَ وَإِنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا أَوْ غَصَبَ زَيْتًا فَلَتَّ بِهِ سَوِيقًا فشَرِيكَانِ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا وَيَضْمَنُ النَّقْصَ وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغًا فَصَبَغَهُ بِهِ رَدَّهُ وأَرْشَ نَقْصِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ زَادَ

_ وزيادة مال الغاصب له. قاله المنصف في «شرحه». قوله: (قيمة أحدهما) كأن كانت قيمة الثوب عشرة، والصبغ خمسة، وصار مصبوغًا يساوي عشرين بسبب غلو الثوب أو الصبغ. قوله: (قبول صيغ) بكسر الصَّاد: ما يُصبغ به. قوله: (ونحوه) كنسج ثوب وقصره. قوله: (لا مسامير) لتميزها. قوله: (وإن غصب ثوباً وصبغاً) يعني: من واحد أو اثنين، فلو كان الصبغ لشخص والثوب لآخر، فهما شريكان بقدر ملكيهما، وإن زادت قيمتهما، فلهما، وقيمة أحدهما، فلربه، وإن نقصت قيمتهما أو قيمة أحدهما، فعلى غاصب.

فَصْلٌ وَيَجِبُ بِوَطْءِ غَاصِبٍ أَمَةً مَغْصُوبَةً عَالِمًا تَحْرِيمَهُ حَدٌّ ومَهْرُ وَلَوْ مُطَاوِعَةً وأَرْشُ بَكَارَةٍ ونَقْصٍ بِوِلَادَةٍ وَالْوَلَدُ مِلْكٌ لِرَبِّهَا وَيَضْمَنُهُ سِقْطًا لَا مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ

_ قوله: (ويجب بوطء غاصب ... إلخ) يعني: أمة مغصوبة: قوله (حدٌّ) أي: للزنى. قوله: (ومهر) أي: مهر مثلها ولو ثيباً. قوله: (ولو مطاوعة) وتحد بشرطه. قوله: (وأرش بكارةٍ) فلا يندرج في المهرِ؛ لأن كلا منهما يضمن منفردًا، بدليلِ أنَّ من وطيء ثيبًا لزمه مهرها، وإن افتضَّها بأصبعه، لزمه أرش بكارتِها، وما يأتي في النكاح من الاندراج، ففي الحرة، ويطلب الفرق. قوله: (ونقص بولادة ... إلخ) نصَّ عليها مع أنه تقدم أنه يضمن نقص مغصوبٍ؛ لئلا يتوهَّم أنه ينجبر بالولد. وصفة تقويمها أن ينظر كم تساوي، ثيباً لم تلد، وثيبًا ولدت، فما بينهما، فهو نقصُ الولادة، ولا تقدر بكرًا؛ لأخذ أرش بكارتها. قوله: (ويضمنه سقطاً لا ميتًا بلا جناية بعشرِ قيمةِ أمِّه) دلَّت هذه العبارة على ثلاثِ مسائل؛ الأولى: إذا ولدته سقطاً حيًا ثم ماتَ، فإنَّه يضمنه بعشر قيمة أمه. الثانية: ولد ميتاً بجناية فكذلك، أي: يضمنه بعشر قيمة أمِّه، كما صرح به في «الإقناع»

وَقَرَارُهُ مَعَهَا عَلَى الْجَانِي وَكَذَا وَلَدُ بَهِيمَةٍ

_ وظاهره: سواءٌ غصبها حاملاً به، أو حملت به عند الغاصب، وهو اختيار القاضي، وابنِ عقيل، وصاحب «التلخيص»، وقدَّمه في «المغني» و «الشرح»، و «الفروع»، و «الفائق»، وصححه في «الإنصاف». وعند أبي الحسين بن القاضي: يضمنه فيما إذا حملت به عند الغاصب بقيمتِه، كما لو كان حياً. وقال الموفق ومن تبعه فيها: والأولى أنه يضمنه بعشر قيمة أمه. قال في «تصحيح الفروع» عنه: وهو الصواب، ويحتمل الضَّمان بأكثر الأمرين. قال الحارثي: وهو أقيس. الثالثة: ولد ميتاً بلا جنايةٍ ولو تاماً، فلا شيء عليه. وبقي إذا ولدته حيًا تاماً ثم مات، فيجزم في «المغني» و «الشرح» وغيرهما: بأنه يضمنه بقيمته، والله أعلم. قوله أيضًا على قوله: (ويضمنه سقطاً ... إلخ) أي: مولودًا قبل تمامه حيًا، فإن ولدته تامًا حيًا، ثم مات، ضمنه بقيمته. وجزم به في «المغني» و «الشرح». وميتًا بجناية، ضمَّنه مالك من شاء من جان وغاصب. قوله: (ولا ميتًا) أي: ولو تامًا. قوله: (وكذا لود بهيمةٍ) أي: حكمه حكم ولد أمةٍ فيما سبق من التفصيل، لكن إذا ولدته ميتًا بجنايةٍ، يضمن بما نقص أمه، لا بعشر قيمتها، كما يأتي في الجنايات.

وَالْوَلَدُ مِنْ جَاهِلِ حُرٌّ وَيَفْدِي بِانْفِصَالِهِ حَيًّا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَضْعِهِ وَيَرْجِعُ مُعْتَاضٌ غَرِمَ عَلَى غَاصِبٍ بِنَقْصِ وِلَادَةٍ

_ قوله: (والولد من جاهل) للحكم أو الحال؛ لقرب عهده بإسلام أو نشوئه بباديةٍ بعيدة يخفى عليه مثلُ هذا الحال، أو اشتبهت عليه بزوجته، أو أمته، أو اشتراها من غاصبٍ ومن لا يعلم. قوله: (حر) أي: يلحق نسبه للشبهة. قوله: (ويُفدى بانفصاله حيا ... إلخ) أي: ويفدى الولدُ من الجاهل، أي: يلزم الواطيء فداؤه، فلو انفصل ميتاً من غير جناية، فلا ضمان، كالولد من العالم، وبها يُضمن لرب الأمة بعشر قيمتها، ولورثته غرة، قيمتها خمس من الأبل موروثة عنه، لا يرثُ الضارب منها شيئاً؛ لأنَّه قاتل. صرَّح بمعناه في «الإقناع»، والله أعلم. قوله: (ويرجع معتاضٌ ... إلخ) اعلم: أنه إذا انتقلت العينُ المعصوبة عن يد غاصبها إلى غير مالكها بشراء، أو قرض حيث صحَّ، ونحوهما، فالمنتقلة هي إليه بمنزلة الغاصب في كونِ المالك يملك تضمينه العين المنتقلة، سواء عالماً بكونها مغصوبة أو لا، لكن إنما يستقر عليه ما دخل على ضمانه من عين، أو منفعة، وما عداه يستقرُّ على الغاصب إن لم يعلم الثاني بالحال. وإذا تقرَّر ذلك، فالأيدي المترتبةُ على يدِ الغاصبِ عشرٌ. أشار المصنف رحمه الله تعالى إلى تفصيلها بقوله: (ويرجع ... إلخ).

وَمَنْفَعَةٍ فَائِتَةٍ بِإِبَاقٍ وَنَحْوَهُ وَمَهْرٍ وَأُجْرَةِ نَفْعٍ وَثَمَرٍ وَكَسْبٍ وَقِيمَةِ وَلَدٍ وغَاصِبٌ عَلَى مُعْتَاضٍ بِقِيمَةُ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ وَفِي إجَارَةٍ يَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ غَرِمَ بِقِيمَةِ عَيْنٍ وغَاصِبٌ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَنْفَعَةٍ وَيَسْتَرِدُّ مُشْتَرٍ وَمُسْتَأْجِرٌ لَمْ يُقِرَّا بِالْمِلْكِ لَهُ مَا دَفَعَاهُ مِنْ الْمُسَمَّى،

_ قوله: (ومنفعة فائتة بإباق أو نحوه ومهر وأجرة نفع) فيه شبه تكرار. فلو قال: وأجرة نفع ولو فائتاً بإباق ونحو ومهر ... إلخ، لكان أخلصَ، والله أعلم. قوله: (وغاصبٌ) أي: غرم. قوله: (يرجع مستأجرٌ) أي: حيث جهل. قوله: (ويستردُّ مشتر) أي: ونحوه، (ومستأجر ... إلخ) اعلم: أن في كل واحد منهما أربع صور؛ لأنه إما أن يعلم بالغصب، أو لا، وعلى التقديرين: إما أن يقرَّ بالملك، أو لا، فظاهر «الإقناع»: أنهما يستردَّان ما دفعاه من المسمَّى للغاصب في الصُّور كلها؛ ولذلك قال في «الإقناع»: بكل حال. انتهى. وهو مقتضى ما يأتي في الدعاوى. وأما كلام المصنف هنا، فدل منطوقه على الاسترداد في صورتين وهما: العلم بالغصب وعدمه مع عدم الإقرار بالملك للغاصب في الصورتين، ومفهومه: أنه لا استرداد في الصورتين الباقيتين، وهما: الإقرارُ بالملك للغاصب

_ مع العلم بالغصب، وعدمه، ويأتي في الدعاوى والبينات: أن قوله: اشتريته من زيدٍ وهو ملكه، لا يمنع الرجوع عليه، ويمكن حمله على ما إذا قال ذلك جاهلاً، أو يكون هنا بعدم الإقرار؛ لشمول العبارة الصريحة إذا عُلم الحال. فتلخص من العبارتين ثلاث مسائل: الأولى: أن يعلم بالحال، ولا يقر بالملك وهي المرادة. الثانية: أن يقر بالملك ويجهل الحال، وهي المرادة هناك، وفي هاتين المسألتين يرجع معتاض بما دفعه للغاصب. الثالثة: أن يقر بالملك ويعلم الحال، وهذه لم ينص عليها وهي التي ينبغي أن يقال فيها: لا يرجع بشيء مؤاخذة له بإقراره؛ إذ لا يتأتى هنا العلم بأن مستنده في الإقرار اليد. فائدة: قال منصور البهوتي: لو طالب المالك الغاصب بالثمن كله، إذا كان أزيد من القيمة، فقياس لمذهب أن له ذلك، كما نص عليه أحمد في المتجر في الوديعة من غير إذن: أنَّ الربح للمالك. قاله في «القواعد». انتهى. وهذا واضح إذا لم يكن ردَّ العين، كأن جهل من دفعت له أو تلفت، أما إذا كانت باقيةً بحالها وأمكن ردُّها، فصريح كلامهم - في

_ مواضع _ وجوب ردها، وما يتبعها من زيادة نفع وأرش وأجرة نقص. بل هو معنى قول المصنف: لو تلفت ضمَّن المالك من تلفت بيده قيمتها للمعتاض بما دفع، وهو صريح قول المصنف: (ويسترد مشتر ومستأجرٌ، لم يقرا بالملك له، ما دفعاه من المسمَّى) إذ لم يقيد بكون المسمى أقل من القيمة، أو أكثر، والله أعلم. على أن في أصل المسألة إشكالاً، وهو: أن البيع الذي قبض فيه الغضب أكثر من القيمة، أو أقلَّ، لم ينعقد، فالثمن باقٍ على ملك المشتري، فكيف يملكه المغضوب منه حيث جهل المشتري مثلا؟ فلو قيل: إنَّ الورع أن يقبض المالك من الثمن قدر قيمة المغصوب ويتصدَّق بالزائد، لم يبعد. فليتأمل. ومحلُّ رجوع القابض بعوض بما ذُكر، إذا كان جاهلاً بالحال، كما نبَّه عليه الشارح، ولعله لم يقيد بذلك؛ لتقييده به فيما بعد، فكأنه يقول: إذا ضمن الجميع القابض مع العلم فيما إذا لم يدخل على ضمان شيء ألبته، فأولى أن يضمن ذلك فيما إذا دخل على ضمان البعض مع العلم، والله أعلم. قوله أيضاً على قوله: (لم يقر بالملك له ... إلخ) مفهومه: أنهما إذا أقرا بالملك له، لا يرجعان عليه، لكن يأتي في الدعاوى والبينات: أنَّ قول المدعي: اشتريته من زيد، وهو ملكه، لا يمنع الرجوع إذا انتزعه المدعي.

وَلَوْ عَلِمَا الْحَالَ وَفِي تَمَلُّكٍ بِلَا عِوَضٍ وَعَقْدِ أَمَانَةٍ مَعَ جَهْلِ يَرْجِعُ مُتَمَلِّكٌ

_ وأجاب بعض مشايخنا بأن قوله في الدعوى: وهو ملكه، ليس المقصودُ منه عادة الإقرار، وإنما يقصد به تصحيح الدعوى، فلم يثبت له حكم الإقرار قاله في «الحاشية». وأقول: يمكن التوفيق بين كلامي المصنف بحملِ ما يأتي في الدعاوى والبينات على ما إذا أقر بالملك جاهلاً بالحال، وما هنا على ما إذا كان عالماً بالحال، فيرجع مع الجهل، لا مع العلم، فلا معارضة إذن، وهذا أولى من بقاء كل من الكلامين على عمومه؛ لما علمت أنه محتمل خصوصًا، وظاهر «الإقناع» الرجوع في الكلِّ. فغاية ما في كلام المصنف أن مفهومه هنا فيه تفصيل، دلَّ عليه منطوق ما يأتي. فتلخَّص: أن الرجوع في ثلاث صور متفق عليه بين الكتابين، وارتفع التعارض بين الكلامين. وأن الذي فيه نزاع بين المصنف وصاحب «الإقناع»، صورة ما إذا كان المشتري أو المستأجر عالماً بالحال مقرًا بالملك، فـ «الإقناع» على الرجوع، والمصنف على عدمه. فتأمل. قوله: (ولو علما الحال) اي: كون العين مغصوبة. قوله: (بلا عوض) كهبة، وصدقة. قوله: (وعقد أمانة) كوديعة، ورهن. قوله: (مع جهل) أي: مع جهلِ قابضٍ بغصبٍ.

وَأَمِينٌ بِقِيمَةِ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ وَلَا يَرْجِعُ غَاصِبٌ بِشَيْءٍ وَفِي عَارِيَّةٍ مَعَ جَهْلِ مُسْتَعِيرٍ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَنْفَعَةٍ وغَاصِبٌ بِقِيمَةَ عَيْنٍ وَمَعَ عِلْمِهِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَيَرْجِعُ غَاصِبٌ بِهِمَا وَفِي غَصْبٍ يَرْجِعُ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ بِمَا غَرِمَ وَلَا يَرْجِعُ الثَّانِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَفِي مُضَارَبَةٍ وَنَحْوِهَا يَرْجِعُ عَامِلٌ

_ قوله: (وأمين ... إلخ) لا يناقِض هذا ما سبق في الوكالةِ والرهن؛ من أنَّ الوكيل والأمين في الرهن إذا باعا وقبضا الثمن، ثم بان المبيعُ مستحقاً، لا شيء عليهما؛ لأنَّ معناه: أن المشتري لا يطالبهما بالثمن الذي أقبضه لهما؛ لتعلُّق حقوقِ العقد بالموكل دون الوكيل. أما كون المستحقِّ للعينِ لا يطالبُ الوكيل، فلم يتعرَّضوا له هناك البتة، وهو بمعزلٍ عن مسألتهم بالكلية. قاله ابن رجب. قوله: (ولا يرجع غاصب) غرِم العين، والمنفعة. قوله: (يرجع الغاصب الأول بما غرم) يعني: من قيمة عينٍ ومنفعةٍ تلفت عند الثاني، وأما أجرتها مدَّة إقامتِها عند الأوَّل، فهي عليه، وليس للمالك مطالبة الثاني بها، ولا للأول الرجوع بها على الثاني. فقد أشار إليه الشارح. قوله: (بشيء) أي: مطلقاً. قوله: (وفي مضاربة ونحوها يرجع عاملٌ ... إلخ) أي: مع جهلٍ، كما يُعلم من مواضع: منها قوله في «شرحه الصغير»: لأنَّه غره؛ إذ العالم لم يغرَّ، ويؤخذه منه: أن الأجير في المال

بِقِيمَةِ عَيْنٍ وأُجْرَ عَمَلٍ وغَاصِبٌ بِمَا قَبَضَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ مِنْ رِبْحٍ وثَمَرٍ فِي مُسَاقَاةٍ بِقِسْمَتِهِ مَعَهُ وَفِي نِكَاحٍ يَرْجِعُ زَوْجٌ بِقِيمَتِهَا وَقِيمَةِ وَلَدٍ اشْتَرَطَ حُرِّيَّتَهُ أَوْ مَاتَ وغَاصِبٌ بِمَهْرِ مِثْلٍ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْ مُسَمًّى وَفِي إصْدَاقٍ وخُلْعٍ أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ وَإِيفَاءِ دَيْنٍ يَرْجِعُ قَابِضٌ بِقِيمَةِ مَنْفَعَةٍ وغَاصِبٌ بِقِيمَةِ عَيْنٍ وَالدَّيْنُ بِحَالِهِ وَفِي إتْلَافٍ بِإِذْنِ غَاصِبٍ الْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ مُتْلِفٌ فعَلَيْهِ

_ المغضوب، كخياطةٍ، وبناء، وحائكٍ، لا يستحقُّ أجرة عملِه على أحد، إذا علم أنَّ العين غصبٌ؛ لتعدِّيه بذلك، والله أعلم. قوله: (ونحوها) كشركةٍ، ومساقاة. قوله: (بقسمته) أي: الرِّبح، أو الثمر، أو الزرع. قوله: (يرجع زوجٌ) يعني: جهل الحال. قوله: (اشترط حريَّته) أي: أو غرَّ بها. قوله: (أو نحوه) كطلاق، وعتق، وصلح عن دم عمد. قوله: (وإيفاءِ ديْنٍ) اي: دين سلم، أو غيرِه. قوله: (بإذن غاضبٍ) كذبح حيوانٍ، وطبخه. قوله: (القرارُ عليه) أي: الغاصب.

وَإِنْ كَانَ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ هُوَ الْمَالِكُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَمَا سِوَاهُ فعَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ أَطْعَمَهُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ وَعَلِمَ بِغَصْبِهِ اسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فعَلَى غَاصِبٍ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ طَعَامُهُ ولِمَالِكِهِ أَوْ قِنِّهِ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ أَخَذَهُ بِقَرْضٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ أَبَاحَهُ لَهُ أَوْ اسْتَرْهَنَهُ أَوْ اسْتَوْدَعَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قِصَارَتِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ وَنَحْوِهِمَا وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَبْرَأْ غَاصِبٌ

_ قوله: (وإن أطعمه ... إلخ)، هذه المسألة من أفراد قوله فيما تقدم: (وفي إتلافٍ بإذن غاصب ... إلخ) فانظر ما فائدة تنصيصه عليها؟ ويمكن الجواب: بأن ما تقدَّم فيما إذا كان المتلف نائباً عن الغاصب، بخلاف ما هنا. فتدبر. قوله: (وإلا) أي: بأنْ ظنَّه الغاصب. قوله: (أو أخذه بقرض أو شراءٍ ... إلخ) أي: أخذ المالك المغصوب من الغاصب. قوله: (أو أباحه له) بأن كان صابوناً، فقال: اغسل به، أو شمعاً، فأمره بوقده، ونحوه، وهو لا يعلم أنَّه ملكه. قوله: (لم يبرأ غاصب) اي: من جميع مالزِمَه، بسبب الغصب. وإلا فيبرأ في مسألة القرض والشِّراء من قيمةِ العين، وأرْش البكارة؛ لأنَّه يستقر عليه، لو كان أجنبياً.

وَإِنْ أُعِيرَهُ بَرِئَ كَصُدُورِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَالِكٍ لِغَاصِبٍ أَوْ أَقْرَضَهُ الْمَغْصُوبَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعَارَهُ لِغَاصِبِهِ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ آجَرَهُ لَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ وَكَمَا لَوْ زَوَّجَهُ الْمَغْصُوبَةَ وَمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهَا فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً

_ وكذا قوله: (وإن أعيره بريء) أي: بريء مما يستقر عليه لو كان أجنبياً، وهو قيمة العين. وأما المنفعة، فلا يبرأ الغاصب منها، حتى ما تلف تحت يد المالك قبل علمه بالحال، ولو حَذَفَ هاتين المسألتين، لكان أولى؛ لعلمهما من قوله: (وإن كان المنتقل ... إلخ) قوله أيضاً على قوله: (لم يبرأ غاصبٌ) أي: من جميع ما لزمه بسبب الغصب. بل يبرأ ما دخل على ضمانه، كما تقدم في القاعدة، وهي قوله: (وإن كان المنتقل ... إلخ) فيبرأ الغاصب فيما إذا أخذه المالك بشراء، أو قرض من قيمة العين وأرش البكارة، كالمعتاض الأجنبي، لا من المنفعة. وكذا قوله: (وإن أعيره برئ) فإنه لا يبرأ الغاصب من المنفعةِ، كما تقدَّم في الأجنبي، على أن المصنف - رحمه الله تعالى - لو حذف هذه الجملة، وهي قوله: (أخذه ... إلخ) لعلم حكمها مما تقدم، والله أعلم. قوله: (وأن أعيره برئ) أي: سواء علم المالك أنه ماله، أو لم يعلم. لكن له الرجوع بأجرة المنفعة على الغاصب، حتى المنافع التي تلفت تحت يد المالك قبل علمه. كما يجب على الغاصب قيمة الطعام الذي أباحه لمالكه، أو وهبه إياه، ونحوه. فتأمل. قوله: (وكما لو زوَّجه) أي: زوج المالك الغاضب، فتصير أمانة.

وَقَلَعَ غِرَاسَهُ أَوْ بِنَاءَهُ رَجَعَ عَلَى بَائِعٍ بِمَا غَرَّمَهُ وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ مَا اشْتَرَاهُ رَدَّ بَائِعُهُ مَا قَبَضَهُ وَمَنْ اشْتَرَى قِنًّا فَأَعْتَقَهُ فَادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ الْبَائِعَ غَصَبَهُ مِنْهُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ صَدَّقَاهُ مَعَ الْمَبِيعِ لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهُ وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى مُعْتِقِهِ فَصْلٌ وَإِنْ أُتْلِفَ أَوْ تَلِفَ مَغْصُوبٌ ضُمِنَ مِثْلِيٌّ. وَهُوَ كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ

_ قوله: (وقلع غرسه ... إلخ) لا يعارضه ما تقدَّم من أن الغارس، والباني بعقد فاسد، كمستعير؛ لأنَّه فيما إذا تعاطى المالك العقد معه، فإنه كالإذن له في ذلك. وأيضا ذاك في الفاسد، وهذا في الباطل. «حاشية». قوله: (مطلقة) بأن لم تقل: ملكه في وقت كذا، بل أطلقت الملك. قوله: (رد بائعه ما قبضه) يعني: للمشتري، أي: البائع والمشتري. قوله: (لم يبطل عتقه) ولمالك تضمين من شاء منهما قيمته يوم العتق. قوله: (أو تلف) ولو بصاعقة، أو بمرض غصب به. قوله: (ضمن مثليٌّ) بمثله، وغيره بقيمته. قال في «الانتصار» و «المفردات»: لو حكم حاكم بغير المثل في المثليِّ، وبغير القيمة المتقومِ، لم ينفذ حكمه، ولم يلزم قبوله. نقله في «الإقناع» وأقره، واقتصر عليه في «المبدع» وغيره.

مَوْزُونٍ لَا صِنَاعَةَ فِيهِ مُبَاحَةٌ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ بِمِثْلِهِ فَإِنْ أَعْوَزَ فقِيمَةُ

_ قوله: (لا صناعة فيه) أي: المكيل، بخلاف نحو هريسةٍ، والموزون بخلاف نحو حلي. قوله: (يصح السلم فيه) خرج به كلُّ مكيل، وموزون لا يصحُّ السلم فيه؛ لكونه مختلطاً بغيره مثلا اختلاطاً ينقص قيمته، كما لو غصب لبناً مشوباً بماء، ونحوه. وهذا أولى من التمثيلِ له بنحو الجوهر؛ إذ هو خارجٌ بقوله: (مكيل أو موزون) والله أعلم. إلا أن يقال: المراد: الجوهر الموزون. كما عبَّر به في «الحاشية». قوله: (بمثله) نصاً؛ لأن المثل أقرب إليه من القيمة، لمماثلته له من طريق الصورة، والمشاهدة، والمعنى، بخلاف القيمة، فإنها تماثل من طريق الظنِّ، والاجتهاد. وسواء تماثلت أجزاءُ المثلي أو تفاوتت، كالأثمان - ولو دراهم مغشوشة رائجة - والحبوب والأدهان ونحوها، وفي رطب صار تمرًا، وسمسم صار شيرجا، يخير مالكه، فيضمنه، أي المثلين أحب. وأما مباح الصناعة، كمعمول حديدٍ، ونحاسٍ، وصوفٍ، وشعر مغزول، فيضمن بقيمته. «شرحه». وينبغي أن يستثنى من ضمان المثلي بمثله الماء في المفازة، فإنَّه يُضمن بقيمته في البرية. ذكره في «المبدع»، وجزم به الحارثي. قلت: ويؤيده ما قالوه في التيمم: وييمم رب ماء مات لعطش رفيقه، ويغرم قيمته مكانَه. قاله في «شرح الإقناع». قوله: (فإن أعوز) أي: تعذر

مِثْلِهِ يَوْمَ إعْوَازِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمِثْلِ لَا بَعْدَ أَخْذِهَا وَجَبَ وغَيْرَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ فِي بَلَدِ غَصْبِهِ مِنْ نَقْدِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَ فمِنْ غَالِبِهِ وَكَذَا مُتْلَفٌ بِلَا غَصْبٍ وَمَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ

_ المثل لعدم، أو بعد، أو غلاء. قوله أيضاً على قوله: (فإن أعوز) يعني: أعوز في البلد أو حوله. قوله: (يوم إعوازه) ولو قبل غصب. قوله: (فإن قدر) يعني: من عليه المثل. قوله: (وجب) أي: المثل ولو بعد الحكم عليه بأداءِ القيمةِ، كالمأمور بالتيمم عند ضيق الوقت، وعدم الماء، ثم قدر عليه قبل الصلاة. قوله: (وغيره بقيمته ... إلخ) فإن كان زرعا أخضر، قوم على رجاء السلامة وخوف العطب، كالمريض الجاني. قاله في «شرح الإقناع». قوله: (يوم تلفه) ولو زادت قيمته بعده. والمراد باليوم هنا: الوقت ليلا كان، أو نهارًا فيما يظهر، كما تقدم. قوله: (ومقبوض بعقد فاسد) يعني: تلف، أو أتلف، يجب الضمان في صحيحه، كبيع، لا نحو هبة. منصور البهوتي. قوله: أيضا على قوله: (ومقبوض بعقد فاسد ... إلخ) لكن لو اشترى ثمرة شجر شراء فاسدًا، وخلى البائع بينه وبينه على شجره، لم يضمنه بذلك؛ لعدمِ ثبوتِ يدِه عليه. ذكره بعض أصحابنا محلَّ وفاق. قاله ابن رجب في

وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَاهُ مِمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَلَوْ دَخَلَ بِأَنْ أَخَذَ مَعْلُومًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، أَوْ حَوَائِجَ مِنْ بَقَّالٍ وَنَحْوِهِ فِي أَيَّامٍ ثُمَّ يُحَاسِبُهُ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ بِسِعْرِ يَوْمِ أَخْذِهِ وَيُقَوَّمُ مَصُوغٌ مُبَاحٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وتِبْرٌ تُخَالِفُ قِيمَةَ وَزْنِهِ بغَيْرِ جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَيُعْطَى بِقِيمَتِهِ عَرَضًا

_ «القواعد» ومقتضى قولهم: فإن دخل في ملكه، صحة العقد، وإلا لما ترتب عليه الملك. قال منصور البهوتي: هذا العقد جار مجرى الفاسد لكونه لم يعين الثمن، لكنه صحيح، إقامة للعرف مقام النطق. قال: وهذا وإن كان مخالفاً لما تقدم في البيع، أولى من القول بأنه فاسد يترتب عليه الملك. قوله: (وما أجري مجراه) كالمقبوض على وجه السوم. منصور البهوتي. قوله: (في ملكه) أي: ملك المتلف له. قوله: (ونحوه) كجزَّار وزيات. قوله: (فإنه يعطيه) أي: لا يضمنه بالمثل، أو القيمة بل يعطيه ... إلخ. قوله: (يوم أخذه) قال منصور البهوتي: لتراضيهما على ذلك، ومقتضاه صحة البيع بثمن المثل. انتهى. حيث إن علماه حالة العقد، وإلا فهو كالبيع بما يشتري به زيد مثلاً، أو بما ينقطع به السعر، فلا يصحُّ، والله أعلم. قوله: (ويعطى بقيمته ... إلخ) الباء بدلية، أي: ويعطي الغاصب المالك عوضا بدل قيمة الحليِّ المصوغ من النقدين.

وَيُضْمَنُ مُحَرَّمٌ صِنَاعَةً بِوَزْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وفِي تَلَفِ بَعْضِ مَغْصُوبٍ فَتَنْقُصُ قِيمَةُ بَاقِيهِ كَزَوْجَيْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا رَدَّ بَاقٍ وَقِيمَةَ تَالِفٍ وَأَرْشَ نَقْصِ وفِي قِنٍّ يَأْبِقُ وَنَحْوَهُ قِيمَتُهُ وَيَمْلِكُهَا مَالِكُهُ لَا غَاصِبٌ مَغْصُوبًا بِدَفْعِهَا فَمَتَى قَدَرَ رَدَّهُ

_ قوله: (ويُضمن محرم صناعة) كأواني ذهب، أو فضة، وحلي رجال محرم. قوله: (وفي تلف ... إلخ) أي: يجب في ذلك. قوله: (يأبق) أبق العيد إباقاً، من بابي: تعب، وقتل في لغةٍ، والأكثر من باب: ضرب: إذا هَرَب من سيِّده من غير خوفٍ ولا كد عمل، هكذا قيده في «العين»، وقال الأزهري: الإباق: هرب العبد من سيده. قاله في «المصباح». قوله: (ونحوه) كجمل شَرَدَ. قوله: (ويملكها) قال منصور البهوتي: أي: القيمة. انتهى. وكذا المثل بالأولى. قوله: (بدفعها) قال منصور البهوتي: قال في «التلخيص»: ولا يجبر المالك على أخذها، ولا يصح الإبراء منها، ولا يتعلق الحق بالبدل، فلا ينتقل إلى الذمة، وإنما يثبت جواز الأخذ دفعاً للضرر، فتوقف على خيرته. انتهى كلامه، والظاهر: أن محل هذا إذا كانت عين الغصب باقية حين دفع البدل، وإلا فيجب البدل في الذمَّة، ويصحُّ الإبراء وغيره.

وَأَخَذَهَا أَوْ بَدَلَهَا إنْ تَلِفَتْ. وفِي عَصِيرٍ تَخَمَّرَ خَلًّا بِيَدِهِ رَدُّهُ وأَرْشَ نَقْصِهِ وَكَمَا لَوْ نَقَصَ بِلَا تَخَمُّرٍ وَاسْتَرْجَعَ الْبَدَلَ وَهُوَ مِثْلُ الْعَصِيرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِمَالِكِهِ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا لَوْ أَدَّى قِيمَةَ الْآبِقِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ لِرَبِّهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ عَصِيرٍ أَوْ زَيْتٍ غَلَاهُ غَاصِبٌ بِغَلَيَانِهِ فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ. وَمَا صَحَّتْ إجَارَتُهُ مِنْ مَغْصُوبٍ وَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَعَلَى قَابِضٍ وَغَاصِبٍ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ بِيَدِهِ، وَمَعَ عَجْزِ عَنْ

_ قوله: (وأخذها) بزيادةٍ متصلةٍ. قوله: (إن تلفت) وليس لغاصب حس المغصوب لتردَّ قيمته، وكذا مشتر بعقد فاسد ليس له حبس المبيع على رد ثمنه. صححه في «التلخيص»، بل يدفعان إلى عدلٍ يسلم إلى كل ما له. منصور البهوتي. قوله: (من مغصوب ... إلخ) «من» للتبعيض لا للبيان. محمد الخلوتي، لا يخفى عدمُ ظهور التبعيض؛ لأنَّ ضابطه صحَّة حلول بعضٍ محلها، فلو قيل: وما صحَّت إجارته بعض مغصوبٍ ... إلخ، لما كان له معنى؛ إذ المتبادر إذن أن يكون بدلا من (ما) فالصواب: أنها للبيان؛ لما في (ما) من الإبهام. فتدبر. قوله: (بعقد فاسد) أي: يجب الضمان في صحيحه، كما تقدم. وصرَّح بمعناه في «شرحه». قوله: (مدة مقامه ... إلخ) أي: فتضمنُ المنافعُ بالفوات والتفويت.

رَدِّ إلَى أَدَاءِ قِيمَةٍ وَمَعَ تَلَفِ فإلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ وَإِلَّا فَلَا كَغَنَمٍ وَشَجَرٍ وَطَيْرٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا مَنَافِعَ لَهَا يُسْتَحَقُّ بِهَا عِوَضٌ وَيَلْزَمُ فِي قِنٍّ ذِي صَنَائِعَ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا فَقَطْ

_ قوله: (إلى أداء قيمته ... إلخ) فلو دفع بعضها في أول شهر مثلا، ثم دفع الباقي في آخر الشهر، فهل تلزمه الأجرة إلى آخر الشهر، أم يلزمه بقدر ما بقي من القيمة؟ قوله: (وإلا فلا) أي: فلا تصحُّ أجارة المغصوب والمقبوض بعقدٍ فاسدٍ، أي: لم تجر عادة بإجارته، فلا يلزم غاصبه ولا قابضة أجرة. «شرح» منصور رحمه الله. قوله: (يستحق بها عوض) أي: غالبًا، فلا يرد صحة إجارة غنم لدياس زرع وشجر لنشر ونحوه؛ لندرته. منصور البهوتي. قوله: (ويلزم ... إلخ) أي: يلزم غاصبا وقابضاً بعقدٍ فاسدٍ. قوله: (ذي صنائع ... إلخ) علم منه: أنه لو لم يحسن صنعة، لم يلزمه أجرةُ صنعةٍ مقدَّرة، ولو حبسه مدة يمكن أن يتعلم فيها صنائع؛ لأنه غير متحقق، كما تقدم التنبيه عليه، والله أعلم.

فَصْلٌ وَحَرُمَ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ وَغَيْرِهِ فِي مَغْصُوبٍ بِمَا لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ مِنْ صِحَّةٍ وَفَسَادٍ كَإِتْلَافٍ وَاسْتِعْمَالٍ كَلُبْسٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَا بِمَا لَهُ حُكْمٌ كَعِبَادَةٍ وعَقْدٍ وَلَا يَصِحَّانِ وَإِنْ اتَّجَرَ بِعَيْنِ مَغْصُوبٍ أَوْ ثَمَنِهِ فَالرِّبْحُ وَمَا اشْتَرَاهُ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي ذِمَّةٍ بِنِيَّةِ نَقْدِهِ ثُمَّ نَقَدَهُ لِمَالِكٍ

_ فصل في حكم تصرفات الغاصب وغيرها قوله: (وحرم تصرف غاصب) وغيره ممن علم بالحال. قوله: (ونحوه) كاستخدامٍ وذبحٍ. قوله: (كعبادة) أي: كصلاة في ثوب أو بقعةٍ. قوله: (بعينِ مغصوبٍ) يعني: أو مسروقٍ ونحوه. قوله: (وما اشتراه) أي: الغاصب من السِّلع. قوله: (بنية نقده) فلو اشتري في ذمته، ولم ينو دفع الثمن من المغصوب، فالربح للغاصب، خلافاً لـ «الإقناع» حيث جعله للمالك، والحاصل: أن الربح للمالك مطلقاً عند صاحب "الإقناع"، وفي غير هذه عند المصنف. قوله أيضاً على قوله: (بنية نقده) يعني: المغصوب أو ثمنه، لا إن لم ينو، خلافاً لـ «الإقناع» حيث قال: فإنه للمالك حتى في هذه الصورة. قوله: (لمالك) هذه المسألة مشكلة جدًا على قواعد المذهب؛ لأن تصرفات الغاصب غير صحيحةٍ، فكيف يملك المالك الربح والسلع؟ ! لكن نصوص أحمد رحمه الله ـ متفقة على أن الربح للمالك، فخرج الأصحاب ذلك على وجوه مختلفةٍ، كلها ضعيفة، والأقرب ما في

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ مَغْصُوبٍ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبِهِ أَوْ صِنَاعَةٍ فِيهِ أَوْ مِلْكِ ثَوْبٍ أَوْ سَرْجٍ عَلَيْهِ فقَوْلُ غَاصِبٍ وفِي رَدِّهِ أَوْ عَيْبٍ فِيهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ بِيَدِهِ غُصُوبٌ أَوْ رُهُونٌ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا فَسَلَّمَهَا إلَى حَاكِمٍ وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهَا بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهَا وَلَهُ الصَّدَقَةُ بِهَا عَنْهُمْ،

_ «المبدع» حيث حمله على ما إذا تعذر رد المغصوب إلى مالكه، ورد الثمن إلى المشتري، كما نقله عنه في «شرح الإقناع». فتدبر. قوله: (فقولُ غاصبٍ) اي: بيمينه حيث لا بيِّنة. قوله: (فقول مالكٍ) أي: بيمينه على نفي ذلك. قوله: (لا يعرف أربابها) أو عرفهم وفقدوا، وليس لهم ورثة. منصور البهوتي. قوله: (وله الصدقة ... إلخ) يعني: بلا إذن حاكم، ولو بوقف على المساكين. قال ابن رجب في «القواعد»: وعلى هذا الأصل يتخرج جواز أخذ الفقراء من الصدقة من يد من ماله حرام، كقطَّاع الطريق. وأفتى القاضي بجوازه. انتهى. أقول: إنما يظهر هذا التخريج أن لو قصد المتصدق جعل الثواب

بِشَرْطِ ضَمَانِهَا كَلُقَطَةٍ وَيَسْقُطُ عَنْهُ إثْمُ الْغَصْبِ وَلَيْسَ لَهُ التَّوَسُّعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ فَقِيرًا وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُبَاحٍ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ حَرَامِ مَالِهِ غُنْيَةً عنه

_ لرب المتصدَّق به كما في مسألتنا، فيجوز قبول الصدقةِ إذن، وإلا فيد المتصدَّق عليه من جملة الأيدي العشر المترتبة على يد الغاصب، كما تقدَّم. قوله أيضاً على قوله: (وله الصدقة بها عنهم) فالثواب لأربابها، قال منصور البهوتي: بلا إذن حكام، كما في «الفروع»، وليس لصاحبه إذا عرف ردُّ المعاوضة. انتهى. قوله: (بشرط ضمانها ... إلخ) أي: لأربابها إذا عَرفَهم، فيخيَّر مالك المال أذا حضر بين الأجر والبدل، ولا ينقض المالك تصرف المتصدق؛ لثبوت الولاية له شرعا للحاجة، كمَنْ ماتَ، ولا ولي له، ولا حاكم. قوله: (كلقطةٍ) حرم التقاطها، أو لم يُعرِّفها. قوله: (ويسقط عنه إثم الغصب) أي: مع التوبة. قوله: (وإن فقيرًا) أي: ودينٌ كعين. قوله: (ومن لم يقدر على مباح ... إلخ) قال في «الإختيارات»: لو باع الرجل مبايعاتٍ يعتقد حِلَّها، ثم صار المال إلى وراثٍ، أو متهبٍ، أو

كَحَلْوَاء وَنَحْوَهَا وَلَوْ نَوَى جَحْدَ مَا بِيَدِهِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ حَقٍّ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ رَبِّهِ فَثَوَابُهُ لَهُ وَإِلَّا فلِوَرَثَتِهِ وَلَوْ نَدِمَ وَرَدَّ مَا غَصَبَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ بَرِئَ مِنْ إثْمِهِ لَا مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ وَلَوْ رَدَّهُ وَرَثَةُ غَاصِبِهِ فَلِمَغْصُوبٍ مِنْهُ مُطَالَبَتُهُ فِي الْآخِرَةِ

_ مشتر، يعتقد تلك العقود محرَّمة، فالمثال الأصلي لهذا: اقتداءُ المأموم بصلاة إمام أخل بما هو فرض عند المأمومِ دونه، والصحيح: الصحة. نقله في «حاشية الإقناع». قوله: (كحلواء) كذا بضبطِه. قوله: (ونحوها) كفاكهةٍ. قوله: (ولو نوى جحد ... إلخ) لأن نية الجحد قائمة مقام إتلافه. قوله: (من ذلك) أي: المذكور من غصوب وغيرها. قوله: (وإلا فلورثته) علم منه: أنه يُثاب الإنسان على ما فات عليه قهرًا مع أنه لم ينوه. قوله: (ولو رده ورثة غاصب) يعني: إلي ورثةِ مالكٍ.

فَصْلٌ وَمَنْ أَتْلَفَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ سَهْوًا مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمَّنَهُ وَإِنْ أُكْرِهَ فَمُكْرِهُهُ وَلَوْ عَلَى إتْلَافِ مَالِ نَفْسِهِ لَا غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَصَائِلٍ ورَقِيقٍ حَالَ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ. وَمَالِ حَرْبِيٍّ وَنَحْوِهِمْ فَإِنْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ أَوْ حَلَّ قَيْدَ قِنٍّ أَوْ أَسِيرٍ أَوْ دَفَعَ لِأَحَدِهِمَا مِبْرَدًا فَبَرَدَهُ أَوْ حَلَّ فَرَسًا أَوْ سَفِينَةً فَفَاتَ أَوْ عَقَرَ شَيْءٌ

_ فصل فيما يضمن به المال بلا غصب قوله: (ومن أتلف) من مكلف وغيرِه، إن لم يدفعه ربه إليه. قوله: (مالا) أي: لا نحو كلبٍ. قوله: (محترمًا) لا نحو صنم، وآلات لهوٍ. قوله: (لغيره) لا مالَ نفسه. قوله: (ومثله يضمنه) لا أهل عدلٍ وبغيٍ. قوله: (كصائل) أي: إن لم يندفع بدونه. قوله: (مبردًا) بكسر الميم: ما يبرد به الحديد. قوله: (فبرده) أي: القيد. قوله: (أو عقر ... إلخ) أي: بأن كان الطائر جارحًا، فقلع عين إنسان ونحوه، وكذا لو حل سلسلة فهدٍ، أو ساجور كلب - وهو: خشبةٌ تجعل في عنقه - فقتل أو عقر، ضمنه. «شرحه».

مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ وِكَاءَ زِقِّ مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ فَأَذَابَتْهُ الشَّمْسُ أَوْ بَقِيَ بَعْدَ حَلِّهِ فَأَلْقَتْهُ رِيحٌ فَانْدَفَقَ ضَمِنَهُ لَا دَافِعُ مِفْتَاحِ لِلِّصِّ وَلَا حَابِسُ مَالِكِ دَوَابَّ فَتَتْلَفُ وَلَوْ بَقِيَ الطَّائِرُ أَوْ الْغَرْسُ حَتَّى نَفَّرَهُمَا آخَرُ ضَمِنَ الْمُنَفِّرُ

_ قوله: (أو أتلف) أي: الطائر، أو القِن، أو الفرس، أو نحوه. قوله: (شيئاً) كأن كسر إناء. قوله: (أو وكاء زِقِّ مائع ... إلخ) ولو فتح بثقا - وهو: الجسر الذي يحبس الماء - فأفسد الماء زرعًا، أو غيره، ضمن. قال منصور البهوتي: قلت: وعلى قياسِه لو فات به ري شيء من الأراضي التي كانت تروى، بسبب سده، فيضمن فاتحه خراجه، وعلى قياسه لو فرَّط من يلي سد البثق فيه، فأزاله الماء عند علوه، وأتلف شيئاً، أو فات به ري شيء من الأراضي. انتهى. قوله: (فأذابته الشمس) بخلاف ما لو أذابته نار قربها إليه غيرُه، فإنَّ قياس المذهب يضمنه مقربها. ذكره المجد. قوله: (فألقته ريح) أي: لو زلزلة. قوله: (فاندفق) أي: أو خرج منه شيء. قوله: (ولا حابس مالك دواب) كذا بضبطه. قوله: (ضمن المنفر) كدافع في بئر مع حافرها، وكذا لو حَلَّ حيواناً وحرَّضه آخرُ، فجنى، فإنَّ ضمان جنايته على المحرِّض. فائدة: لو أتلف وثيقةً بمال لا يثبت إلا بها، فتعذَّر ثبوته، ضمِنَه.

وَمَنْ رَبَطَ أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ وَلَوْ وَاسِعًا أَوْ تَرَكَ بِهَا طِينًا أَوْ خَشَبَةً أَوْ عَمُودًا أَوْ حَجَرًا أَوْ كِيسَ دَرَاهِمَ أَوْ أَسْنَدَ خَشَبَةً إلَى حَائِطٍ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بذَلِكَ وَيَضْمَنُ مَغْرَمًا أَخَذَهُ ظَالِمٌ بِإِغْرَائِهِ وَدَلَالَتِهِ

_ قوله: (أو أوقف دابة) أي: له أو لغيره ويدُه عليها؛ بأن كان راكبًا أو نحوه، فأتلفت شيئاً أو جنت بيدٍ أو رجلٍ، ضمن رابطها وموقفها. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه»: وظاهره: لا يضمن جناية ذنبها. قوله: (أو ترك بها) أي: ألقى بها طينًا، أو قشر بطيخ، أو رشَّه فزلق به إنسان، ضمنه، إلا إن كان الرش لتسكين الغبار على الوجه المعتاد، فلا ضمان في ذلك. قوله: (أو حجرًا) لا في نحو مطر ليطأ عليه الناس، كما سيجيء. قوله: (إلى حائطٍ) وظاهره: ولو مال إلى السقوط. منصور البهوتي. قوله: (بإغرائه) كقوله: خذ من مالِه؛ فإنه كذا وكذا. والدال هو من يقول: ماله بمحلِّ كذا، ولعله يكتفي بأحد الأمرين؛ ليوافق ما تقدم في الحجر. ومثله من شكى إنساناً ظلمًا، فأغرمه شيئاً لحاكمٍ سياسيٍّ، كما أفتى به قاضي القضاة الشهاب ابن النجار، والد المصنف. قال في «شرح الإقناع»: ولم يزل مشايخنا يُفتون به، بل لو أغرمه شيئًا لقاضٍ ظلمًا، كان له الرجوع عليه، كما يعلم مما تقدم في الحجر. انتهى.

وَمَنْ اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا أَوْ لَا يُقْتَنَى أَوْ أَسْوَدَ بَهِيمًا أَوْ أَسَدًا أَوْ هِرًّا تَأْكُلُ الطُّيُورَ وَتَقْلِبُ الْقُدُورَ عَادَةً مَعَ عِلْمِهِ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ السِّبَاعِ الْمُتَوَحِّشَةِ الْمُنَقِّحُ: وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ الْكَبْشُ الْمُعَلَّمُ النِّطَاحَ أَوْ خَرَقَ ثَوْبَ مَنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ أَوْ نَفَحَتْ دَابَّةٌ

_ قوله: (ومن اقتنى كلباً عقورًا ... إلخ) فهم منه: أنه لو حصل شيء من ذلك في بيتِه من غير اقتنائِه ولا اختيارِه، فأفسد شيئاً، لم يضمنْه؛ لعدم تسببه، وصرح به في «شرحه» و «الإقناع». قوله: (عقورًا) أي: بأن تكون عادته ذلك. قوله: (أو لا يقتنى) كغير الثلاثةِ. قوله: (تأكل ... إلخ) أي: المذكورات. قوله: (عادة) أي: بأن تقدمت للهر عادة بذلك، فإن لم يكن للهر عادة بذلك، لم يضمن صاحبه ما أتلفه، كالكلب الذي ليس بعقور. ولا فرق في ضمات إتلاف ما لا يجوز اقتناؤه مما تقدم، بين الإتلاف في الليل والنهارِ، بخلاف البهائم، كما سيجيء قوله: (مع علمه) أي: المقتني لذلك. قوله: (أو نحوها) كدبٍّ وقردٍ. قوله: (فعقر) أي: شيء من ذلك آدمياً أو دابةً. قوله: (من دخل) منزل المقتني إن لم ينبهه على الكلب، أو أنَّه غير موثقٍ. ذكره الحارثي، وكذا لو خرق ثوب من هو خارجُ منزله، بخلاف بوله وولوغه في إناء الغير - «شرحه» - لأنه لا يخص العقور. قوله: (أو نفحت دابة ... إلخ) نفحت الدابة نفحًا: ضربت بحافرها. قاله في «المصباح».

بضَيِّقٍ مِنْ ضَرْبِهَا ضَمِنَهُ وَيَجُوزُ قَتْلُ هِرٍّ بِأَكْلِ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ أَجَّجَ نَارًا بِمِلْكِهِ أَوْ سَقَاهُ فَتَعَدَّى إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لَا بِطَرَيَانِ رِيحٍ فَأَتْلَفَهُ به ضَمِنَهُ

_ قوله: (بضيق) أي: لا واسع؛ لعدم حاجته إلى ضربِها، فهو الجاني على نفسِه. قوله: (ويجوز قتل هر بأكلِ لحمٍ ... إلخ) بسبب ذلك. وقوله: (ونحوه) أي: نحو اللحم، كخبزٍ، وكذا سائر ما فيه أذى دفعًا لأذاه، وقيَّده ابن عقيل، ونصره الحارثي بحين أكلها اللحم ونحوه فقط، إلحاقاً لها بالصائل. فائدة: إذا ألقت الريح إلى داره ثوب غيرِه، لزمه حفظه؛ لأنه أمانة، فإن عرف صاحبَه، لزمه إعلامه، فإن لم يفعل، ضمِنه، وإلا فلقطة. وإن سقط طائر غيره في داره، لم يلزمه حفظه، ولا إعلام صاحبه، إلا أن يكون غيرَ ممتنِع، فكالثوبِ. قوله: (ومن أجج ناراً) أي: أوقد. قوله: (بملكه) ولو بإجارةٍ أو إعارةٍ وكذا بمواتٍ. منصور البهوتي. وأما بملك الغير، فيضمن مطلقًا، أفرط، أو فرط، أو لا. قوله: (إلى ملك غيرِه) ولو بأن تُيبِّس النار أغصان شجرة غيره ولم يكن في هوائِه. قوله: (لا بطريان ريحٍ ... إلخ) قال في «عيون المسائل»: لو أججها على سطح داره، فهبَّت الريح، فأطارت الشرر، لم يضمن؛

إن أفَرطَ أَوْ فَرَّطَ. وَمَنْ حَفَرَ أَوْ قِنُّهُ بِأَمْرِهِ بِئْرًا لِنَفْسِهِ فِي فِنَائِهِ ضَمِنَ

_ لأنَّه في ملكه ولم يفرط. وهبوب الريح ليس من فعله. قال المجد رحمه الله: لو أوقد نارًا لخبز ونحوه في السَّفينة، فظاهر رواية ابن هانيء وحربٍ: لا ضمان عليه؛ لأنه لا بدَّ له منه. انتهى. قال منصور البهوتي: فيؤخذ منه الضَّمان لو أوقدها لتناول التتن المشهور في نحو مصر بالدخان؛ لأنه غير ضروري. انتهى. قوله: (إن أفرط أو فرط) الإفراط: الإسراف، وهو: مجاوزة الحد عمدًا وعدوانًا، والتفريط: التقصير. فالأول: كما لو أجج نارا تسري في العادة لكثرتها، أو في ريح شديدة تحملها، أو قرب زرب أو حصيد. الثاني: كما لو ترك النار مؤججة، والماء مفتوحاً ونام، فحصل تلفٌ. قوله: (أو حفر قنه) أي: ولو أعتقه بعد. قوله: (بئرًا) أي: أو بعضها. قوله: (لنفسه) فلو حفرها لنفعٍ عامٍّ، فينبغي أن يقال: حكمه، كما لو حفَره بالطريق على ما يأتي. منصور البهوتي. قوله: (في فنائه) الفناء ككساء: ما كان خارج داره قريباً منها.

مَا تَلِفَ بِهِ وَكَذَا حُرٌّ عَلِمَ الْحَالَ لَا فِي مَوَاتٍ لِتَمَلُّكٍ أَوْ لِارْتِفَاقٍ أَوْ لِانْتِفَاعٍ عَامٍّ أَوْ فِي سَابِلَةٍ وَاسِعَةٍ أَوْ بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ خَانًا وَنَحْوَهُمَا لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا ضَرَرٍ وَلَوْ بِلَا إذْنِ إمَامٍ كَبِنَاءِ جِسْرٍ ووَضْعِ حَجَرٍ بِطِينٍ لِيَطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَمَنْ أَمَرَ حُرًّا بِحَفْرِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا حَافِرٌ عَلِمَ وَإِلَّا فَآمِرٌ كَأَمْرِهِ بِبِنَاءٍ وَحَلَفَا إنْ أَنْكَرَ الْعِلْمَ وَيَضْمَنُ سُلْطَانٌ أَمَرَ وَحْدَهُ

_ قوله: (وكذا حرٌّ) أي: حفر بفناءِ غيره، ولو بأجرةٍ. قوله: (علم الحال) أي: علم كونها ليست ملكه. قوله: (أو في سابلةٍ) أي: طريق مسلوك. قوله: (ونحوهما) كبناءٍ وقفه على المسجد. قوله: (لنفع المسلمين) كما لو حفرها ليجتمعَ فيها ماءُ المطر. قوله: (كبناءِ جسر) أي: قنطرة. قوله: (بأجرةٍ) أي: مسمَّى أجرة؛ لأنه حيث كان عالماً بالحال لا يستحق أجرة؛ لتعديه، كما يعلم من قوله فيما تقدم: (وفي مضاربة ونحوها يرجع عامل بقيمة عين وأجر عمل). انتهى. إذ هو مبنيٌّ على ما إذا جهل الحال، كما هو مصرَّح به. قوله: (علم) أي: علم كونها ملك الغير. قوله: (كأمره ببناء) أي: في ملك غيره. قوله: (ويضمن سلطان آمرٌ وحده) ظاهره: ولو علم أنها لغير السُّلطان، ولعل محله إذا خاف المأمور إن خالف، بخلاف ما إذا أمره أمر تخييرٍ، وهل نائبه كذلك أم لا؟

وَمَنْ بَسَطَ فِي مَسْجِدٍ حَصِيرًا أَوْ بَارِيَةً أَوْ بِسَاطًا أَوْ عَلَّقَ أَوْ أَوْقَدَ فِيهِ قِنْدِيلًا أَوْ نَصَبَ فِيهِ بَابًا أَوْ عُمُدًا أَوْ رَفًّا لِنَفْعِ النَّاسِ أَوْ سَقَفَهُ أَوْ بَنَى جِدَارًا أَوْ نَحْوَهُ أَوْ جَلَسَ أَوْ اضْطَجَعَ أَوْ أَقَامَ فِيهِ وَاضْطَجَعَ أَوْ أَقَامَ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ فَعَثَرَ بِهِ حَيَوَانٌ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا أَوْ مِيزَابًا وَنَحْوَهُ إلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا أَهْلِهِ فَسَقَطَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِ وَقَدْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ وَلَا ضَرَرَ

_ قوله: (ومن بسط في مسجد) أي: أو نحوه، كمدرسة. قوله: (أو بارية) حصير خشن. قاله في «المصباح». وتطلق في الشام على ما ينتج من قصب. قال المصنف: ولعلَّه مراد الأصحاب بقرينة العطف. قوله: (ونحوه) كمنبر، قوله: (لم يضمن ما تلف به) لأنه فعل مباح لم يتعد به على أحد، فإن كان الفعل محرمًا، كالجلوس مع الحيض في المسجد، أو مع إضرار المارة في الطريق ضمن به، ذكره في «شرحه» وخالف الحارثي في مسألة الحيض والجنابة؛ لأن المنع لا لذاتِ الجلوس، بل لمعنى قارنه، وهو الجنابة أو الحيض، فأشبه من جلس بملكه بعد نداء الجمعةِ. قوله: (ونحوه) كساباط. قوله: (ضمنه) أي: المخرج، ومقتضى ما تقدم في حفرِ البئر: أن نحو الجناح من ضمان الباني، أي: الأجير إذا كان حرًا، وانظر هل يفرق بين العالم بالتحريم أم لا؟ قوله: (وقد طولب بنقضه) مفهومه: إن لم

وَإِنْ مَالَ حَائِطُهُ إلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَكَمَيْلِ شَقَّهُ عَرْضًا لَا طُولًا وَأَبَى هَدْمَهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْهُ فَصْلٌ وَلَا يَضْمَنُ رَبُّ

_ يُطالب قبل بيعِه، لا ضمانَ. قوله: (وإن مال) فهم منه: أنَّه لو بناه مائلاً إلى ملك غيره بلا إذنه، ضمن ما تلف به، وحيث وجب الضمان، والتالف آدمي، فالدية على عاقلته؛ لأنها تحمل دية القتل الخطأ وشبه العمد، وإن أبرأه من مال الحائط إلى ملكه والحق له، فلا ضمان. قوله: (إلى غير ملكه) أي: مختصًا أو مشتركًا وقد بناه مستقيمًا. منصور البهوتي. قوله: (لا طولا) أي: فلا أثر له. قوله: (ولا يضمن ... إلخ) أي: فلو انفلتت الدابة ممن هي في يده، فأفسدت شيئاً، فلا ضمان على أحدٍ، «العجماء جرحها جبار»، أي: هدر، فلو استقبلها إنسان، فردَّها، فقياس قول الأصحاب: الضمان. قاله الحارثي. ثم قال: ويحتمل عدم الضَّمان. قال: والبهيمة النزقة التي لا

غَيْرِ ضَارِيَةٍ وجَوَارِحَ وَشِبْهِهَا مَا أَتْلَفَتْهُ وَلَوْ صَيْدًا بِالْحَرَمِ وَيَضْمَنُ رَاكِبٌ وَسَائِقٌ وَقَائِدٌ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا جِنَايَةَ يَدِهَا وَفَمِهَا وَوَلَدِهَا ووطئها بِرِجْلِهَا

_ تنضبط بكبحٍ ولا نحوه، ليس له ركوبها بالأسواق، فإن ركب، ضمن، لتفريطه، وكذا الرموح: التي تضرب برجلها، والعضوض. قوله: (غير ضارية) أي: معتادةٍ، أي: معروفة بالصول. قوله: (وجوارح) كالصقر، والبازيِّ إذا أطلقهما ربُّهما، فأفسدا طيور الناس. وقوله: (وشبهها) أي: شبه الجوارح، كالكلب العقور، والدابة والفرس العضوض إذا أطلق ذلك على الناس في طرقهم، ومصاطبهم، ورحابهم، فمتى أتلف ما ذكر، مالا أو نفساً، ضمنه لتفريطه. قوله: (ويضمن راكب ... إلخ) ظاهر كلام الأصحاب: أن ضمان النفس على صاحب الدابة في ماله، لا على عاقلته، وذكر بعض الشافعية أنه على العاقلة، كالقتل بالسبب؛ لاشتراكهما في التفريط، وهو حسن يناسب قواعد الأصحاب، بل هو عين قولهم. قاله ابن نصر الله، وصرَّح المجدُ بما يقتضي أنَّه لا خِلافَ فيه. قوله: (وولدها) أي: ولو لم يفرِّط راكبٌ ونحوه. وظاهره: سواء جنى بيده أو فمه، أو رجله، أو ذنبه، قال منصور البهوتي: ولو قيل يضمن منه.

لَا مَا نَفَحَتْ بِهَا مَا لَمْ يَكْبَحْهَا زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ أَوْ يَضْرِبْ وَجْهَهَا وَلَا جِنَايَةَ ذَنَبِهَا وَيَضْمَنُ مَعَ سَبَبٍ كَنَخْسٍ وَتَنْفِيرٍ فَاعِلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ رَاكِبُ ضَمِنَ الْأَوَّلُ أَوْ مَنْ خَلْفَهُ إنْ انْفَرَدَ بِتَدْبِيرِهَا لِصِغَرِ الْأَوَّلِ أَوْ مَرَضِهِ وَنَحْوِهِمَا

_ ما يضمن منها فقط، لكان له وجهٌ. انتهى. قوله: (لا ما نفحت بها) أي: ضربت بحافرِها. ويفرق بين ما هنا وبين ما تقدم من قوله: (أو نفحت دابة بضيق من ضربها، ضمنه) أي: المالك بأن الدابة في الضيق إذا كانت واقفةً، قد يحتاج المار إلى ضربها لتتأخر عنه، بخلاف ما هنا، فإنه ليس فيه أنها واقفة بضيق. فيتأمل. قوله: (مالم يكبحها) أي: يجذبها باللِّجام. قوله: (أو يضرب وجهها) أي: أو غيره مما لا يكون تأديباً معتاداً، ولو فعل ذلك لمصلحةٍ. قوله: (كنخس) نخست الدابة نخسا بعود - من باب: قتل - طعنته أو نحوه، فهاج، والفاعل نخَّاسٌ مبالغة، ومنه قيل لدلال الدواب ونحوها نخاس. «مصباح». قوله: (فاعله) أي: دون راكب ونحوه، وعليه فهدر. قوله: (ضمن الأوَّل) ما يضمنه المنفرد؛ لأنَّه المتصرف فيها، القادر على كفِّها. فلو قال: ويضمن منفردٌ من راكبين بتدبيرها، وإن اشتراكا فيه، اشتركا في الضَّمان، كسائق وقائد، لكان أظهر. قوله: (ونحوهما) كعماه.

وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي تَدْبِيرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا سَائِقٌ وَقَائِدٌ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ، وَيُشَارِكُ رَاكِبٌ مَعَهَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَإِبِلٌ وَبِغَالٌ مُقْطَرَةٌ كَوَاحِدَةٍ عَلَى قَائِدِهَا الضَّمَانُ وَيُشَارِكُهُ سَائِقٌ فِي أَوَّلِهَا فِي جَمِيعِهَا وفِي آخِرِهَا فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ وفِيمَا بَيْنَهُمَا فِيمَا بَاشَرَ سَوْقَهُ. ومَا بَعْدَهُ وَإِنْ انْفَرَدَ رَاكِبٌ عَلَى أَوَّلِ قِطَارٍ ضَمِنَ جناية الْجَمِيعِ

_ قوله: (أو مع أحدهما) علم مما تقدم: أنه لو اجتمع الثلاثة أو اثنان منهم، لكن انفرد واحدٌ بالتصرف، اختص بالضمان. قاله منصور البهوتي. قوله: (وبغالٌ مقطَّرة) أي: بغالٌ، وغيرُها، أي: مجعولة قطارًا، والقطار من الإبل: عدد على نسق واحد، والجمع قطر، مثل: كتاب وكتب، وهو فعال بمعنى مفعول، مثل كتاب، وبساط. وقطرت الإبل قطرًا، من باب: قتل أيضًا، أي: جعلتها قطاراً، فهي مقطورة، وقطرتها بالتثقيل مبالغة. «مصباح». قوله: (ضمن جناية الجميع) قال منصور البهوتي: قلت فعلى هذا إن كان معه سائق، فعلى ما سبق من التفصيل إذا كان سائق وقائد، وإن كان المنفرد بالقطار راكباً، أو سائقًا على غير الأوَّل، ضمن جناية ما هو

وَيَضْمَنُ رَبُّهَا وَمُسْتَعِيرٌ وَمُسْتَأْجِرٌ وَمُودِعٌ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا لَيْلًا إنْ فَرَّطَ لَا نَهَارًا إلَّا غَاصِبُهَا وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ بَهَائِمَ فُلَانٍ رَعَتْ زَرْعَهُ لَيْلًا وَلَا غَيْرُهَا وَوُجِدَ أَثَرُهَا بِهِ قُضِيَ لَهُ

_ راكب عليه، أو سائق له، وما بعده دون ما قبله. انتهى. قوله: (ومودع) قال منصور البهوتي قلت: وقياسه مرتهن وأجير لحفظها، وموصى له بنفعها. انتهى. قوله: (وغيرهما) كثوبٍ خرقته، أو مضغته، أو وطئت عليه ونحوه. قوله: (ليلاً) ولو لربها، فيضمنه مستعير ونحوه. قوله: (إن فرط) من هي بيده في حفظٍ؛ بأن لم يضمها بحيث لا يمكنها الخروج، فإن ضمها فأخرجها غيره بغير إذنه، أو فتح عليها بابا، فالضمان على مخرج، وفاتح. قوله: (لا نهارًا) أي: ولا يد لأحد عليها. قال الحارثي: لو جرت عادة بعض أهل النواحي بربطها نهارا، وأرسالها وحفظ الزرع ليلا، فالحكم كذلك، أي: يضمن ربها، ونحوه ما أفسدت ليلا إن فرط، لا نهارًا؛ لأن هذا نادر، فلا يعتبر به في تخصيص الحديث. قوله: (زرعه) أي: أو شجرهُ. قوله: (قضي له) وهو من القيافة في الأموال.

وَمَنْ طَرَدَ دَابَّةً مِنْ مَزْرَعَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَفْسَدَتْهُ إلَّا أَنْ يُدْخِلَهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ فَإِنْ اتَّصَلَتْ الْمَزَارِعُ صَبَرَ لِيَرْجِعَ عَلَى رَبِّهَا وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُخْرِجَهَا وَلَهُ مُنْصَرَفٌ غَيْرُ الْمَزَارِعِ فَتَرَكَهَا فهَدَرٌ كَحَطَبٍ عَلَى دَابَّةٍ، خَرَقَ ثَوْبَ بَصِيرٍ عَاقِلٍ يَجِدُ مُنْحَرِفًا وَكَذَا لَوْ كَانَ مُسْتَدْبَرًا فَصَاحَ بِهِ مُنَبِّهًا لَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ فَصْلٌ وَإِنْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتَا ضَمِنَ كُلٌّ سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا

_ قوله: (من مزرعته) يعني: فدخلت مزرعة غيره، لم يضمن ... إلخ. قوله: (فإن اتصلت المزراع) لم يطردها. قوله: (ليرجع على ربها) بما تأكله، حيث لا يمكنه منعها إلا بتسليطها على مال غيره. منصور البهوتي. قوله: (كحطبٍ على دابة) اي: أو على إنسان بالأولى. قوله: (خرق ثوب ... إلخ) قال منصور البهوتي: قلت: وقياسه لو جرحه ونحوه، وكالحطب حديدٌ ونحوه. قوله: (وإلا ضمن) قال منصور البهوتي: قلت: وكالمستدبر الأعمى إذا صاح عليه منبِّهًا له بالانحراف لموضع يمكنه الانحراف، ولم يفعل. انتهى. قوله: (ضمن كل) أي: كل من قيمتي السفينتين. منصور البهوتي.

فِيهَا، إنْ فَرَّطَ وَلَوْ تَعَمَّدَاهُ فشَرِيكَانِ فِي إتْلَافِهِمَا ومَا فِيهِمَا فَإِنْ قُتِلَ غَالِبًا فالْقَوَدُ وَإِلَّا فشِبْهُ عَمْدٍ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا وَاقِفَةً ضَمِنَهَا قَيِّمُ السَّائِرَةِ إنْ فَرَّطَ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً ضَمِنَ قَيِّمُهَا الْمُصْعِدَةَ إلَّا أَنْ يُغْلَبَ عَنْ ضَبْطِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَلَّاحٍ فِيهِ وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُ الصَّادِمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَعَ عَمْدٍ وَلَوْ خَرَقَهَا عَمْدًا أَوْ بِشِبْهِهِ أَوْ خَطَأً عُمِلَ بِذَلِكَ

_ قوله: (مع عمد) أي: تعمد الصدم، بل يعتد بفعله، فإن كان حرا، فليس لورثته إلا نصف ديته، وإن كان عبدًا، فليس لسيده إلا نصف قيمته؛ لأنه شارك في قتله، ومفهومه: أنه يسقطُ مع خطأ، فتجب الدية كاملة على العاقلةِ. قوله: (عمل بذلك) أي: فيقتص في صورة العمد بشرطه. والدية في عاقلته في الأخيرين، والكفارة في ماله. والعمد؛ بأن يتعمد قلع لوح ونحوه في اللُّجة. وشبهه؛ بأن يقلع لوحاً من غير داع إلى قلعه، لكن في مكان قريبٍ من الساحل لا يغرق به من فيها غالباً. والخطأ؛ بقلع لوح يحتاج إلى الإصلاح في محل لا يغرق به من فيها غالبًا.

والْمُشْرِفَةُ عَلَى غَرَقٍ يَجِبُ إلْقَاءُ مَا يُظَنُّ بِهِ نَجَاةٌ غَيْرَ الدَّوَابِّ إلَّا أَنْ تُلْجِئَ الضَّرُورَةُ إلَى إلْقَائِهَا وَمَنْ قَتَلَ صَائِلًا عَلَيْهِ وَلَوْ آدَمِيًّا دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ

_ قوله: (يجب) أي: على الركبان. قوله: (غير الدواب) أي: ولو كل الأمتعة، فلو ألقى متاعه ومتاع غيره مع عدم امتناعه، فلا ضمان على أحد، ومع امتناع الغير يجوز الإلقاء لغير الممتنع، لكن يضمن. قوله: (إلى إلقائها) ومفهومه: أن الرقيق كالحر في أنه لا يلقى مطلقاً. قوله: (ومن قتل صائلاً ... إلخ) وإذا عرفت البهيمة بالصول، وجب على مالكها والإمام وغيره إتلافها إذا صالت على وجه المعروف، ولا تضمن، كمرتدٍ. ولو حالت بهيمة بينه وبين ماله، ولم يصل إليه إلا بقتلها، لم يضمن. قاله في «الإقناع». قوله: (دفعا عن نفسه) أي: إن لم يندفع إلا بالقتل، فلا يضمنه، فلو دفعه عن غيره، ضمن الدافع الصائل، إلا إن كان الصائل ولده، فلا يضمنه أبوه الدافع له، أو كان الصائل امرأة الدافع، كزوجة، وأم وأخت وخالة، فلا يضمن دافع، كما جزم به في «الإقناع». وفي الفتاوى «الرحبيات» عن ابن عقيل وابن الزاغوني:

أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ أَتْلَفَ وَلَوْ مَعَ صَغِيرٍ مِزْمَارًا. أَوْ طُنْبُورًا أَوْ عُودًا أَوْ طَبْلًا أَوْ دُفًّا بِصُنُوجٍ أَوْ حِلَقٍ أَوْ نَرْدًا أَوْ شِطْرَنْجًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ كَسَرَ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِيهِ خَمْرٌ مَأْمُورٌ بِإِرَاقَتِهَا قَدَرَ عَلَى إرَاقَتِهَا بِدُونِهِ أَوْ لَا أَوْ حُلِيًّا مُحَرَّمًا عَلَى ذَكَرٍ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ

_ لا ضمان، أي: على الدافع عن غيره مطلقا، ونقل في «القواعد» عن القاضي: الضمان مطلقا، كما هو مفهوم كلام المصنف، فصاحب «الإقناع» قد توسَّط بين القولين. قوله: (أو خنزيرا) أي: ولو لم يصل عليه. وكذا كل حيوان أبيح قتله، قوله: (أو أتلف) أي: بكسر، أو خرق، أو غيرهما. قوله: (ولو مع صغير) أي: ولو كان المتلفُ المفهوم من الفعل. قوله: (أو كسر إناء فضة، أو ذهب) وأما إذا أتلفه، فإنه يضمنه بوزنه ذهبًا، أو فضة، كما تقدم بلا صناعة. قوله: (أو فيه خمر ... إلخ) وهي ما عدا خمر خلَّال وذمي المستتر بها، فإنه لا يضمن إناءهما، تبعًا لهما. قوله: (لم يستعمله) أي: يتخذه. قال في «الآداب الكبرى»: ولا يجوز تخريق الثياب التي عليها الصور، ولا الرقوم التي تصلح بسطا وتداس، ولا كسر الحلي

يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ أَوْ آلَةَ سِحْرٍ أَوْ تَعْزِيمٍ أَوْ تَنْجِيمٍ أَوْ صُوَرَ خَيَّالٍ أَوْ أَوْثَانًا أَوْ كُتُبَ مُبْتَدِعَةٍ مُضِلَّةً أَوْ كُفْرٍ أَوْ حَرَقَ مَخْزَنَ خَمْرٍ أَوْ كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ رَدِيئَةٌ لَمْ يَضْمَنْهُ

_ المحرم على الرجال إن صلح للنِّساء. قال في موضع آخر: ولم يستعمله الرجال. قوله: (فيه أحاديث رديئة) أي: موضوعة. قال في «شرحه»: وظاهره: ولو كان معها غيرها.

باب الشفعة

بَابُ الشُّفْعَةِ: اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعُ شِقْصِ شَرِيكِهِ مِمَّنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ إذَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ

_ باب الشفعة الشفعة بالضم، مشتقة من شفعت الشيء شفعا، من باب: ضرب ضممته إلى الفرد؛ لأن صاحبها يشفع ماله بها، وهي اسم للملك المشفوع مثل اللقمة للملقوم، وتستعمل بمعنى التملك لذلك الملك. ومنه قولهم: من ثبتت له شفعة فأخر الطلب بغير عذر، بطلت شفعته. ففي هذا المثال جمع بين المعنيين، فإن الأولى للمال، والثانية للتملك، ولا يعرف لها فعل. انتهى. «مصباح». قوله: (استحقاق الشريك) أي: لا الجار، أي الشريك في ملك الرقبة ولو مكاتبًا. قوله: (شقص ... إلخ) الشقص، بالكسر: السهم والنصيب. «قاموس». قوله: (شريكه) أي: المنتقل عنه إلى غيره. قوله: (يعوض) متعلق بـ (انتقل) أي: بنحو بيع. قوله: (إن كان) أي: المنتقل إليه: (مثله) أي: مثل الشريك حين عقد؛ بأن يكونا مسلمين أو كافرين، أو المنتقل إليه دون الشريك؛ بأن يكون مسلمًا والآخر كافرًا، فلا شفعة لكافر على مسلم.

وَلَا تَسْقُطُ بِاحْتِيَالٍ وَيَحْرُمُ وَشُرُوطُهَا خَمْسَةٌ كَوْنُهُ مَبِيعًا،

_ قوله: (ولا تسقط باحتيال ... إلخ) بأن يظهرا في العقد شيئا لا يؤخذ بالشفعة معه، ويتواطآ في الباطن على خلافه، كإظهار تواهب، أو زيادة ثمن، ونحوه. قال في «الفائق» قلت: ومن صور التحيُّل: أن يقفه المشتري، أو يهبه حيلة لإسقاطها، فلا تسقط بذلك عند الأئمة الأربعة. ويغلط من يحكم بهذا ممن ينتحل مذهب أحمد. وللشفيع الأخذ بدون حكم. انتهى. قال في القاعدة الرابعة والخمسين: هذا ظاهر. منصور. وإذا خالف أحدهما ما تواطآ عليه، فطالب صاحبه بما أظهره، لزمه في ظاهر الحكم. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه» قلت: إن لم تقم بينة بالتواطؤ، وله تحليف البائع أنه لم يتواطآ معه على ذلك. انتهى. ولا يحل في الباطن لمن غر صاحبه، الأخذ بخلاف ما تواطآ عليه. قاله في «الإقناع». وبخطه أيضاً على قوله: (باحتيال) أي: ويقبل قول مشترٍ بيمينه في عدمه، فتسقط. قوله: (كونه مبيعاً) أي: حقيقة أو حكماً، فدخل صلحُ الإقرار، والجناية

فَلَا تَجِبُ فِي قِسْمِهِ وَلَا هِبَةٍ وَلَا فِيمَا عِوَضُهُ غَيْرُ مَالِيٍّ كَصَدَاقٍ وَعِوَضُ خُلْعٍ وصُلْحٍ عَنْ قَوَدٍ وَلَا مَا أَخَذَ أُجْرَةً أَوْ ثَمَنًا فِي سَلَمٍ أَوْ عِوَضًا فِي كِتَابَةٍ الثَّانِي كَوْنُهُ مُشَاعًا مِنْ عَقَارٍ يَنْقَسِمُ إجْبَارًا فَلَا شُفْعَةَ لِجَارٍ فِي مَقْسُومٍ مَحْدُودٍ وَلَا فِي طَرِيقٍ مُشْتَرَكٍ لَا يَنْفُذُ

_ الموجبة للمال، وخرج مالو رجع الشقص لعاقد؛ لرده بنحو عيب؛ لأنه فسخ لا بيع. فتدبر. قوله: (فلا تجب في قسمة) إفراز، أو تراض. قوله: (ولا هبة) أي: بلا عوض. قوله: (ولا فيما عوضه غير مال) منه ما اشتراه ذمي بخمر، أو خنزير. قوله: (وعوض خلع) أو عتق، كأعتق عبدك عني بنصف دار. قوله: (عن قود) أي: ولو قلنا: الواجب في العمد أحد شيئين. ولو قال لأمِّ ولده: إن خدمت ولدي حتى يستغني، فلك هذا الشقص، فخدمته إلى الفطام، استحقته، ولا شفعة فيه، لأنه موصى به بشرط. قاله المصنف. قوله: (ولا ما أخذ أجرة) أي: أو جعالة. قوله: (كونه مشاعا) أي: غير مفرز. قوله: (من عقار) يعني: أرضا، وأما البناء والشجر، فتبع، كما سيجيء. قوله: (فلا شفعة ... إلخ) مفرع على قوله (مشاعاً). قوله: (ولا في طريق) مفرع على قوله: (ينقسم إجبارا)

بِبَيْعِ دَارٍ فِيهِ وَلَوْ كَانَ نَصِيبُ مُشْتَرٍ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ فَإِنْ كَانَ لَهَا بَابٌ آخَرُ وَأَمْكَنَ فَتْحُ بَابٍ لَهَا إلَى شَارِعٍ وَجَبَتْ وَكَذَا دِهْلِيزٌ وَصَحْنٌ مُشْتَرَكَانِ وَلَا فِيمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ كَحَمَّامٍ صَغِيرٍ. وَبِئْرٍ وَطُرُقٍ وَعِرَاضٍ ضَيِّقَةٍ وَلَا فِيمَا لَيْسَ بِعَقَارٍ كَوَجَوْهَرٍ وَسَيْفٍ وَنَحْوِهِمَا وَيُؤْخَذُ غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ تَبَعًا لِأَرْضٍ،

_ قوله: (وجبت) أي: حيث أمكنت قسمته، كغيره. قوله: (وكذا) أي: فيما تقدم من التفصيل. قوله: (دهليز)، بكسر الدال: ما بين الباب والدار. قوله: (وصحن) أي: وسط الدار. قوله: (وبناء منفرد) فلو بيعت حصة من علو دار مشترك، فلا شفعة لصاحب السفل فيه، ولو كان السقف لهما، فإن كان السفل لهما والعلو لأحدهما، فباع رب العلو العلو ونصيبه من السفل، فللشريك الشفعة في السفل فقط دون العلو؛ لعدم الشركة فيه. قوله: (ويؤخذ غراس ... الخ) وكذا نهر، وبئر، وقناة، ودولاب.

لَا ثَمَرٌ وَزَرْعٌ الثَّالِثُ: طَلَبُهَا سَاعَةَ يَعْلَمُ فَإِنْ أَخَّرَهُ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ لِطَهَارَةٍ أَوْ إغْلَاقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ أَوْ لِيَشْهَدَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ

_ قوله: (لا ثمر) ظاهر، فلو كان غير متشقق، دخل في الشفعة حيث أخذه الشفيع قبل التشقق، وإلا فلمشتر مبقىً، كما يأتي. قوله: (الثالث: طلبها ساعة يعلم) أي: إن لم يكن عذر، وإلا بطلت فإن قدر معذور على التوكيل فيطلب الشفعة، فلم يفعل، أو لقي المشتري في غير بلده، فلم يطالبه - سواء قال: إنما تركت المطالبة لأطالبه في البلد الذي فيه البيع، أو لا، أو نسي المطالبة، أو البيع، أو جهلا باستحقاقه لها - سقطت شفعته. وإن قال الشريك لشريكه: بع نصف نصيبي مع نصف نصيبك، ففعل، ثبت لكل منهما فيما بيع من نصيب صاحبه. قوله أيضًا على قوله: (الثالث طلبها ... إلخ) قال الحارثي: في جعل هذا شرطا إشكال، وهو أن المطالبة بالحق فرع عن ثبوت ذلك الحق، ورتبة الشرط متقدمة على المشروط، فالصحيح: أنه شرط لاستدامة الشفعة لا لأصلها. انتهى. قوله: (أو ليشهد الصلاة) ظاهره: ولو نفلا، كالكسوف،

يَخَافُ فَوْتَهَا وَنَحْوِهِ أَوْ مَنْ عَلِمَ لَيْلًا حَتَّى يُصْبِحَ مَعَ غَيْبَةِ مُشْتَرٍ أَوْ لِ صَلَاةٍ وَسُنَنِهَا وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ أَوْ جَهْلًا بِأَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْقِطٌ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ أَوْ أُشْهِدَ بِطَلَبِهِ

_ والتراويح وقد يقال: قوله في «شرحه» هنا: أو أخره من علم، وقد دخل وقت مكتوبة ليشهد الصلاة في جماعة يفيد التخصيص بالفرض. ويؤيده قوله: كـ «الإقناع»: ويأتي بالصلاة بسننها. فتدبر، والله أعلم. قوله: (ونحوه) كمن أخر ليرقع ثوبه، أو ليلتمس ضالته. قوله: (مع غيبة مشتر) أي: في جميع هذه الصور. قوله: (ولو مع حضوره) فإن قيل: ما الفرق بين هذه المسألة وبين قوله قبل: (أو ليشهد الصلاة في جماعة) حيث قيد في الأولى بغيبة مشتر، وهنا لم يقيد بها؟ أجيب بأن الفرق بينهما: أنه في الأولى علم قبل دخوله المسجد، فلا تلزمه بالسعي إلى مطالبته بالشفعة، بل يعذر بتحصيل الجماعة، وحيئنذ فلو كان المشتري حاضرًا، وجبت المطالبة، وإلا سقطت، بخلاف الثانية، فإنه لم يعلم بالبيع إلا وهو في المسجد، أو علم به خارجه، وقدم الجماعة؛ لغيبة المشتري، ثم اجتمعا في المسجد، فلا يلزمه في الصورتين الطلب، إلا بعد الإتيان بالصلاة مع سننها. فلتأمل. قوله: (أو أشهد بطلبه ... إلخ) أي: فإن لم يشهد، سقطت. وظاهر كلامه.

غَائِبٌ أَوْ مَحْبُوسٌ لَمْ تَسْقُطْ وَتَسْقُطُ بِسَيْرِهِ فِي طَلَبِهَا بِلَا إشْهَادٍ لَا إنْ أُخِّرَ طَلَبُهُ بَعْدَهُ وَلَفْظُهُ أَنَا طَالِبٌ أَوْ مُطَالِبٌ أَوْ آخُذُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ قَائِمٌ عَلَيْهَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يُفِيدُ مُحَاوَلَةَ الْأَخْذِ وَيَمْلِكُ بِهِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَيُوَرَّثُ

_ كالموفق: أن الشفيع إذا كان ببلد المشتري غير محبوس، لا بد من توجهه له. وصرح به في «العمدة»، فلا يكفي إشهاده بالطلب. وقال الحارثي: المذهب الإجزاء، وهو اختيار أبي بكر، وجزم به في «الإقناع». منصور البهوتي. قوله: (غائب) أي: عن بلدته ولو قدر على التوكيل فيه. قوله: (أو محبوسا) ظلما، أي: أو مريض لا مرضًا يسيرًا. قوله: (بلا إشهاد) أي: قبل سيره، ولو سار بسيرٍ معتاد. قوله: (ولفظه) أي: لفظ الطلب الذي يكون وسيلة المعذور إلى الأخذ بالشفعة أن يقول ... إلخ. قوله: (أنا طالب) أي: للشفعة. قوله: (مما يفيد محاولة الأخذ) كتملكت المشفوع. قوله: (ويملك به) لأن البيع السابق سبب، فإذا انضمت إليه المطالبة، كان كالإيجاب في البيع إذا انضم إليه القبول. قوله: (فيصحُّ تصرفه) أي: تصرف الشفيع في الشقص المشفوع؛ لانتقال الملك فيه إليه بالطلب.

وَلَا تشْتَرَط رُؤْيَتُهُ لِأَخْذِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ أَوْ أَخَّرَهُمَا عَجْزًا كَمَرِيضٍ

_ قوله: (ولا تشترط رؤيته ... إلخ) أي: ولا معرفة ثمن أيضًا. خلافاً لما جزم به في «المبدع»، ونقله في «الإنصاف» عن الموفق وقطع به في «الإقناع»، لكن المصنف تابع «للتنقيح» لما تقدم في خطبته. قوله أيضاً على قوله: (ولا تشترط رؤيته) أي: مشاهدة ما منه الشقص المشفوع، أي: العقار، فلا يشترط ذلك قبل التملك، قطع به في «التنقيح» وغيره. قال المصنف: ولعل الأصحاب نظروا إلى كونها انتزاعًا قهريًا، كرجوع نصف الصداق المعين إلى ملك الزوج بطلاقه قبل الدخول، وإن لم يكن رآه، كما لو وكل إنسان آخر في شراء عبدٍ، وتزويج امرأةٍ، وإصداقِها إيَّاه ففعل، ولم يَرَهُ الموكل، ثم طلقها قبل الدخول. انتهى. قوله: (وإن لم يجد من يشهده) أي: بأن لم يجد أحدًا، أو وجد من لا أهليَّة فيه، كالمرأة والفاسق، أو وجد مستوري الحالِ. قال في «تصحيح الفروع»: ينبغي

وَمَحْبُوس ظُلْمًا أَوْ لِإِظْهَارِ زِيَادَةَ ثَمَنٍ أَوْ نَقْصَ مَبِيعٍ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُهُ أَوْ لِتَكْذِيبِ مُخْبِرٍ لَا يُقْبَلُ فعَلَى شُفْعَتِهِ وَتَسْقُطُ إنْ كَذَّبَ مَقْبُولًا أَوْ قَالَ لِمُشْتَرٍ: بِعْنِيهِ أَوْ أَكْرَنِيهِ

_ أن يُشهدهما ولو لم يقبلهما الحاكم، أو وجد من لا يقدم معه إلى موضع المطالبة. قال في «المغني»: فإن وجد واحدًا لا أكثر، فأشهده، أو لم يشهده لم تسقط. انتهى. وردَّه الحارثي؛ بأن شهادة العدل يقضى بها مع اليمين. قوله: (أو لإظهار زيادة ثمن) أو غير جنسه. قوله: (أو نقص مبيع) أي: لا زيادته. قوله: (أو لتكذيب مخبر ... إلخ) فهم منه: أنه لو لم يكن يكذبه ولم يصدقه، كان على شفعته. وعبارة «الإقناع»: أو أخبره فلم يصدِّقه، أي: سواء كذبه أو لا، فهو على شفعته في الصورتين. قوله: (لا يقبل) أي: لفسقه. قوله: (وتسقط إن كذب مقبولا) أو لم يصدِّقه، أو صدَّق غير مقبول ولم يطلب فتسقط شفعته، كما جزم به في «الإقناع». قوله أيضا على قوله: (إن كذب مقبولا) أي: عدلا، ولا أنثى أو عبدًا. قوله: (أو قال لمشتر: بعنيه) أو هبنيه، أو ائتمني عليه، مثل ذلك ما لو قيل له:

أَوْ صَالِحْنِي أَوْ اشْتَرَيْتُهُ رَخِيصًا وَنَحْوَهُ لَا إنْ عَمِلَ دَلَّالًا بَيْنَهُمَا وَهُوَ السَّفِيرُ أَوْ تَوَكَّلَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ فَاخْتَارَ إمْضَاءَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ أَوْ ضَمِنَ ثَمَنَهُ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ دَعَا لَهُ بَعْدَهُ وَنَحْوُهُ أَوْ أَسْقَطَهَا قَبْلَ بَيْعِ وَمَنْ تَرَكَ شُفْعَةَ مُوَلِّيهِ وَلَوْ لِعَدَمِ حَظِّ فَلَهُ إذَا صَارَ أَهْلًا الْأَخْذُ بِهَا

_ شريكك باع نصيبه من زيد، فقال: إن باعني زيد وإلا فلي الشفعة، فتسقط شفعته، كما قدمه الحارثي رحمه الله تعالى. قوله: (أو صالحني) أي: أو قاسمني، أو اكتر مني. قوله: (ونحوه) كاشتريت غاليًا. قوله: (أو رضي) أي: أو أذن في البيع. قوله: (به) أي: بالبيع. قوله: (ونحوه) كرد سلامه. قوله: (ومن ترك شفعة موليه ... إلخ) ولو أبا، أو على مجنون مطبق، أي: لا ترجى إفاقته، أي: أو صرح الولي بالعفو عنها، ثم إن عاد الولي، فأخذ بها، صحَّ إن كان أحظ. واعلم: أنه يجب على الولي الأخذ بالشفعة حيث كان فيه حظ؛ بأن كان الشراء رخيصًا، أو بثمن المثل، أو للمحجور عليه مال يوفي الثمن منه، فإن ترك الولي إذن، فلا غرم عليه. وإلا يكن الأخذ حظ، كما لو غبن المشتري، أو كان الأخذ بها يحتاج إلى أن يستقرض ويرهن مال المحجور عليه، تعيَّن الترك، ولم يصح الأخذ. وأما المحجور عليه لفلس، فله الأخذ

الرابع: أَخْذُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ فَإِنْ طَلَبَ بَعْضَهُ مَعَ بَقَاءِ الْكُلِّ سَقَطَتْ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ أَخَذَ بَاقِيَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَلَوْ اشْتَرَى دَارًا

_ والعفو، ولا يجبر على أخذ وإن كان فيه حظ. وإن باع وصيٌّ أيتام نصيب أحدهم في شركة الآخر، فله الأخذ لذلك الآخر، فإن كان الوصي شريكاً، لم يأخذ لنفسه للتهمة، بخلاف مالو باع الوصي نصيب نفسه، فله الأخذ لليتيم إن كان حظ؛ لعدم التهمة. ولأب باع نصيب ولده أخذه بالشفعة؛ لأن له الشراء لنفسه من مال ولده. وإذا بيع شقص في شركة حملٍ، لم يكن لوليه أخذ قبل ولادته؛ لأنه لا يمكن تمليكه إذن بغير الوصية، فإذا ولد أخذ الولي إن كان حظ. قوله: (الرابع أخذ ... إلخ) قال الحارثي: هذا الشرط كالذي قبله من كونه ليس شرطا لأصل استحقاق الشفعة، فإن استحقاق الجميع أمر يتعلق بكيفية الأخذ، والنظر في كيفية الأخذ فرع استقراره، فيستحيل جعله شرطاً لثبوت أصله. قال: والصواب أن يجعل شرطاً للاستدامةِ، كما الذي قبله. نقله في «حاشية الإقناع». قوله: (مع بقاء الكل) أي: لم يتلف من المبيع شيء. قوله: (وإن تلفَ بعضُه) أي: ولو بفعل الله تعالى، كمطر. قوله: (بحصته) ومع بقاء صورة المبيع ونقصه، كانشقاق حائط وبوران أرض، ليس له الإ الأخذ بكل الثمن أو الترك. قوله: (فلو اشترى دارا) أي: شقصا منها.

بِأَلْفٍ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَابَهَا أَوْ هَدَمَهَا، فَبَقِيَتْ بِأَلْفٍ أَخَذَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَهِيَ بَيْنَ شُفَعَاءَ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ وَمَعَ تَرْكِ الْبَعْضِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكَ وَكَذَا إنْ غَابَ وَلَا يُؤَخَّرُ بَعْضُ ثَمَنِهِ لِيَحْضُرَ غَائِبٌ فَإِنْ أَصَرَّ فَلَا شُفْعَةَ، وَالْغَائِبُ عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُطَالِبُهُ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ غَلَّتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا أَخَذَ بِحِصَّتِهِ،

_ قوله: (على قدر أملاكهم) أي: كمسائل الرد. قوله: (ومع ترك البعض ... إلخ) أي: بعض الشركاء، وكذا لو أخذ بها أحد الشركاء، ثم رد ما أخذه بعيب، توفرت الشفعة على بقية الشركاء، فيأخذوا الكل أو يتركوا إن كان قبل أخذهم. قوله: (لم يكن الباقي) أي: من الشركاء. قوله: (وكذا إن غاب) البعض، أي: أصر على تأخيره فلا شفعة، كما لو أبى أخذ جميع المبيع. قوله: (والغائب على حقه) فإذا قدم ثان بعد أخذ أول، فإن شاء أخذ، وإن شاء عفا، وإن خرج الشقص مستحقا بعد أخذ الثاني مثلاً، فالعهدة على المشتري لا على الأول. قوله: (من غلته) كثمرٍ وأجر. قوله: (أخذ بحصته) يعني: أن المشتري حيث كان شريكاً في العقار قبل الشراء،

فَإِنْ عَفَا لِيُلْزِمَ بِهِ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِشَفِيعٍ فِيمَا بِيعَ عَلَى عَقْدَيْنِ الْأَخْذُ بِهِمَا وبِأَحَدِهِمَا وَيُشَارِكُهُ مُشْتَرٍ إذَا أَخَذَ بالثَّانِي فَقَطْ وَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ حَقَّ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدٌ حَقَّ اثْنَيْنِ أَوْ شِقْصَيْنِ مِنْ عَقَارَيْنِ صَفْقَةً فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حَقِّ أَحَدِهِمَا وأَخْذُ الشِّقْصَيْنِ وأَخْذُ شِقْصٍ بِيعَ مَعَ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ بِحِصَّتِهِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا الْخَامِسُ: سَبْقُ مِلْكِ شَفِيعٍ لِلرَّقَبَةِ

_ فإنه يستقر ملكه على ما يقابل ما كان له، فلا ينتزع منه، وإلا فلا شفعة له على نفسه. فتدبر. قوله: (فإن عفا) مشتر عن شفعته، كحاضرٍ أخذ بالشفعة عفا لغائب قدم. قوله: (على عقدين) وكذا أكثر، فإذا أخذ بغير الأول، فلسابقٍ مشاركته. قوله: (بالثاني) لا بهما أو بالأول فقط. قوله: (وإن إشترى اثنان ... إلخ) أو واحد لنفسِه أو لغيره بوكالة أو ولاية حق واحد. قوله: (وأخذ شقص ... إلخ) أي: مشفوعٍ. قوله: (على قيمتيهما) أي: الشقصين، أو الشقص وما معه. قوله: (سبق ملك ... إلخ) أي: ببينة أو إقرار مشترٍ، فلا تكفي اليد. قوله: (للرقبة) أي: لجزء من رقبة ما منه الشقص المبيع.

فَيثبُتُ لِمُكَاتَبٍ لَا لِأَحَدِ اثْنَيْنِ اشْتَرَيَا دَارًا صَفْقَةً عَلَى الْآخَرِ ولَوْ مَعَ ادِّعَاءِ كُلٍّ السَّبْقَ وَتَحَالَفَا أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتُهُمَا وَلَا بِمِلْكٍ غَيْرِ تَامٍّ كَشَرِكَةِ وَقْفٍ أَوْ الْمَنْفَعَةِ. كَبَيْعِ شِقْصٍ مِنْ دَارٍ مُوصًى بِنَفْعِهَا لَهُ فَصْلٌ وَتَصَرُّفُ مُشْتَرٍ مَشْفُوعٍ بَعْدَ طَلَبِ بَاطِلٌ،

_ قوله: (كشركة وقف) ولو على معينٍ، ولا ينقض حكم حنبلي بثبوت الشفعة فيه، كالوقف على النفس وإجازة المشاع؛ لعدم مخالفته لنص إمامه، بخلاف ما لو حكم بعدم وقوع الثلاث المجموعة؛ لمخالفة نص إمامه. هذا معنى ما أفتى به المصنف قال: وسواء كان حاكمه يصلح للقضاء أو لا يصلح، على ما اختاره الموفق والشيخ تقي الدين وجماعة. قال في «الإنصاف» عن هذا القول: وهو الصواب، وعليه عمل الناس من مدد ولا يسع الناس غيره، وهو قول أبي حنيفة ومالكٍ. قوله: (وتصرف مشتر) أي: ولو على معين. قوله: (باطلٌ) أي:

وقَبْلَهُ بِوَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِمَا لَا تَجِبُ بِهِ شُفْعَةٌ ابْتِدَاءً كَجَعْلِهِ مَهْرًا أَوْ عِوَضًا فِي خُلْعٍ أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ يُسْقِطُهَا لَا بِرَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ وَيَنْفَسِخَانِ بِأَخْذِهِ

_ ويحرم تصرف مشتر بعدَه، لانتقال الملك إلى الشفيع بالطلب في الأصحِّ، أو الحجر عليه به لحق الشفيع على مقابلة، فإن نهى الشفيع المشتري عن التصرف ولم يطالبه بها، لم يصر المشتري ممنوعًا، بل تسقط الشُّفعة على قولنا بالفورية، كما هو صحيح. قوله: (بوقف) أي: على معين أو غيره. منصور البهوتي. قوله: (أو هبةٍ) أي: بلا عوض، ولو قبل قبضٍ، أو وصية قبلت قبل طلب، وإلا بطلت الوصية، ودفع شفيع الثمن لورثة الموصي لا للموصى له. قوله: (أو بما لا تجب ... إلخ) عطفُ عام على خاص. قوله: (أو عوضا في خلع) أي: أو خلاف أو عتق. قوله: (أو صلحا) بمعنى اسم المفعول. قوله: (يسقطها) أي: إن لم تكن حيلة، كما تقدم، وهو خبر المبتدأ. وهو قوله: (وتصرف مشتر ... إلخ). وقوله: (قبله بوقف) عطف على قوله: (بعد طلب). والحاصل: أن المبتدأ أخبر عنه بخبرين مرتبين على قيدين مختلفين. فتأمل. قوله: (وينفسخان) أي: الرهن والإجارة. قوله: (بأخذه) أي: الشفيع الشِّقص لسبق حقِّه حقهما،

وَإِنْ بَاعَ أَخَذَهُ شَفِيعٌ بِثَمَنِ أَيْ: الْبَيْعَيْنِ شَاءَ وَيَرْجِعُ مَنْ أُخِذَ الشِّقْصُ مِنْهُ بِبَيْعٍ قَبْلَ بَيْعِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا أَعْطَاهُ

_ ولخروج الشقص من يد المشتري قهرًا، بخلاف البيع، ولاستناد الآخذ إلى حال الشراء. وإن وصى بالشقص، فإن أخذ شفيعٌ قبل قبول، بطلت الوصية، واستقر الأخذ، وكذا لو طلب ولم يأخذ، ويدفع الثمن إلى الورثة. وإن قبل موصى له قبل أخذ قبل أخذ شفيع وطلبه، بطلت الشفعة، وإن ارتدَّ وقتل أو مات، فلشفيع الأخذ من بيت المال، والمطالب بالشفعة وكيل بيت المال، انتهى. منصور البهوتي. قوله: (أي البيعين شاء) وكذا لو تعددت البيوع. قوله: (ويرجع ... إلخ) أي: فلو أخذ شفيعٌ بالبيع الأول، رجع المشتري الثاني على الأول، والثالث على الثاني، وهكذا، وينفسخ ما بعد البيع الأول، وإن أخذ بالأخير، فلا رجوع، واستقرَّت العقود، وإن أخذ بالمتوسط، استقر ما قبله وانفسخ ما بعده، فلو اشتراه الأول بعشرة أرادب شعيرٍ، والثاني بعشرة أرادب فول، والثالث بعشرة أرادب قمح، فإن أخذ الشفيع من الأول، دفع له الشعير، ويرجع كل من الثاني والثالث على بائعه بما دفع له، وإن أخذ من الثاني، دفع له الفول ورجع، وإن أخذ من الثالثِ، دفع له القمح، ولا رجوع لأحدٍ منهم على غيره. قوله: (بما) أي: بثمن.

وَلَا تَسْقُطُ بِفَسْخِ لِتَحَالُفٍ وَيُؤْخَذُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ بَائِعٌ وَلَا بِإِقَالَةٍ، أَوْ عَيْبٍ فِي شِقْصٍ وفِي ثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ أَخْذِهِ بِهَا يُسْقِطُهَا لَا بَعْدَهُ

_ قوله: (ولا إقالة ... إلخ) يعني: أنه إذا فسخ البيع بعيبٍ في الشقص، أو إقالة، ثم علم الشفيع، فله الأخذ بها، فينقض فسخه، ويؤخذ بما وقع عليه العقد، وإن أخذ الشفيع الشقص ثم ظهر على عيبٍ لم يعلماه، فله رده على المشتري، أو أخذ أرشه والمشتري على البائع كذلك، وأيهما علم به قبل العقد أو بعده لم يرده، ولكن إذا علم الشفيع وحده، فلا رد للمشتري، وله الأرش. وإن ظهر الثمن المعين مستحقًا، فالبيع باطل ولا شفعة، وإن ظهر بعضه مستحقًا، بطل فيه فقط، وثبت الشفعة في باقيه، وكذا لو كان الثمن نحو مكيل تلف قبل قبضه وقبل أخذٍ، فلا شفعة، ولا تصح إقالة بائع وشفيع. قوله: (المعين) كهذا العبد، فوجده أصم مثلا وفسخ، وغير المعين لا يمنع، كالشقص. والفرق بين العيب في الثمن المعين، والعيب في الشقص - حيث أسقط الفسخ في الأول الشفعة دون الفسخ في الثاني - أن في صورة عيب الثمن المعين حق البائع في استرجاع الشقص، ولا يحصل مع الأخذ، بخلاف ما إذا كان العيب في الشقص، فإن حق المشتري في استرجاع الثمن، وقد حصل له من الشفيع، فلا فائدة له في سقوط الشفعة، ولا ضرر عليه في ذلك. قوله: (يسقطها) خبر لمحذوف.

وَلِبَائِعٍ إلْزَامُ مُشْتَرٍ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ وَبِتَرَاجُعِ مُشْتَرٍ وَشَفِيعٍ بِمَا بَيْنَ قِيمَةِ وَثَمَنِهِ فَيَرْجِعُ دَافِعُ الْأَكْثَرِ بِالْفَضْلِ وَلَا يَرْجِعُ شَفِيعٌ عَلَى مُشْتَرٍ بِأَرْشِ عَيْبٍ فِي ثَمَنٍ عَفَا عَنْهُ بَائِعٌ وَإِنْ أَدْرَكَهُ شَفِيعٌ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِزَرْعِ مُشْتَرٍ، أَوْ ظَهَرَ ثَمَرٌ أَوْ أُبِّرَ طَلْعٌ وَنَحْوِهِ فلَهُ وَيَبْقَى لِحَصَادٍ وجُذَاذٍ وَنَحْوِهِ بِلَا أُجْرَةٍ

_ قوله: (ولبائع) فسخ بعد أخذ شفيع. قوله: (بقيمةِ شقصه) لفواته عليه بيده. قوله: (بما بين قيمة ... إلخ) أي: قيمة شقصٍ. قوله: (بالفضل) فإذا كانت قيمة الشقص مئةً، وقيمة العبد الذي هو الثمن مئة وعشرين، وكان المشتري أخذ المئة والعشرين من الشفيع، رجع الشفيع عليه بالعشرين؛ لأن الشقص إنما استقر عليه بالمئة. قوله: (عفا عنه بائع) فإن أخذ بائع أرشه، لم يرجع مشتر على شفيع أعطاه قيمة العبد مثلا سليما، وإلا رجع. قوله: (وإن أدركه) أي: المشفوع. قوله: (أو ظهر ثمر) أي: بعد شرائه. قوله: (أو أبر طلع) فلو كان موجودًا حين عقد بلا تأبير، ثم أبر قبل أخذ شفيع، فكذلك لمشتر مبقى، لكن يأخذ شفيع أرضا ونخلا بحصتهما من ثمن؛ لفوات بعض ما شمله عقد البيع عليه، والمراد بالتأبير: لازمه، وهو: التشقق مجازًا، ومن هنا علم: أن الطلع قبل التأبير زيادة متصلة، بخلاف نحو كثر، فلشفيع. قوله: (ونحوه) كظهور لقطة من نحو قثاء. قوله: (ونحوه) كلقاط. قوله: (بلا أجرةٍ) أي: على مشترٍ لشفيع.

وَإِنْ قَاسَمَ مُشْتَرٍ شَفِيعًا أَوْ وَكِيلَهُ زِيَادَةَ ثَمَنٍ وَنَحْوَهُ ثُمَّ غَرَسَ أَوْ بَنَى لَمْ تَسْقُطْ وَلِرَبِّهِمَا أَخَذَهُمَا وَلَوْ مَعَ ضَرَرِ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصًا بِقَلْعٍ فَإِنْ أَبَى فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ حِينَ تَقْوِيمِهِ أَوْ بِقَلْعِهِ وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ أَبَى فَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أَخَذَهَا وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَإِنْ بَاعَ شَفِيعٌ

_ قوله: (أو وكيله) أي: أو وليَّه؛ لكونه محجورًا عليه، ولا حظ فيها، ثم بلغ. قوله: (أو بنى) أي: فيما خرج له بالقسمة. قوله: (ولو مع ضرر) أي: لأرضٍ. قوله: (ولا يضمن نقصًا) أي: في أرض ولا تسوية حفر. قوله: (حين تقويمه) لا بما أنفق، زاد على القيمة أو نقص، فتقوم الأرض مغروسة أو مبنية، ثم تقوَّم خالية، فما بينهما فقيمة غراسٍ وبناءٍ. قوله: (من قيمته) أي: المذكورة. قوله: (وإن حفر بئرًا ... إلخ) أي: مشتر لإظهار زيادة ثمنٍ ونحوِه، أو قاسم، كما تقدَّم، وحفر في نصيبه. قوله: (أخذها) يعني: شفيع. قوله: (وإن باع شفيع ... إلخ) اعلم: أنه إذا باع الشفيع جميع حصته بعد علمه ببيع شريكه، فإن شفعته تسقط، فإن باع بعض حصته عالماً، ففي سقوط الشفعة وجهان: أصحهما عند الحارثي: عدم السقوط؛ لقيام المقتضي وهو الشركة، ومفهوم كلام «الإقناع» السقوط، وللمشتري الأول الشفعة

شِقْصَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ فعَلَى شُفْعَتِهِ وَتَثْبُتُ لِمُشْتَرٍ فِي ذَلِكَ وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ شَفِيعٍ لَا بَعْدَ طَلَبِهِ أَوْ إشْهَادٍ بِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ كُلِّهِمْ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ فَإِنْ عَدِمُوا فَلِإِمَامٍ الْأَخْذُ بِهَا فَصْلٌ وَيَمْلِكُ الشِّقْصَ شَفِيعٌ

_ على الثاني؛ لأنه شريك في الرقبة، سواء أخذ منه ما اشتراه أو لم يؤخذ، أشبه المالك الذي لم تسحتقَّ عليه شفعةٌ. قوله: (شقصه) أي: أو بعضه. قوله: (قبل علمه) لا بعده. قوله: (في ذلك) أي: الذي باعَه الشَّفيع كلا أو بعضاً. قوله: (بموت شفيع) أي: قبل طلبٍ مع قدرة، أو إشهاد مع عذر. قوله: (وتكون لورثته) اعلم: أنه حيث لم يستقر الملك قبل الموت، فعفا بعضُ الورثة، فليس للباقي إلا أخذ الكل أو الترك. فتدبر. قوله: (كلهم) ولو زوجًا، ومولى، وذوي أرحام. قوله: (فللإمام الأخذ بها): حيث لم يدخل بملك شفيع مع حظ، فإن قيل: ظاهر قوله: (فللامام ... إلخ): أن الإمام مخير في ذلك مع أنه واجب عليه، فالجواب من وجهين؛ أحدهما: أنه مبني على أن الملك لا يثبت بالطلب. والثاني: أنه فيما إذا أشهد لو يطالب. وإذا جاز للإمام الأخذ مع عدم ثبوت الملك للشفيع، علم حكم ما إذا ثبت الملك قبل الموت، وهذا أظهر، والله أعلم. قوله: (ويملك الشقص ... إلخ) أي: بلا حكم حاكم، واعلم: أنه لا يلزم المشتري تسليم الشقص حتى يقبض الثمن؛ لأن الشفعة عقدٌ قهريٌّ

مُلِئَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ الْمَعْلُومِ، وَيَدْفَعُ مِثْلَ مِثْلِيٍّ وقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ مِثْلُ مِثْلِيٍّ فقِيمَتُهُ أَوْ مَعْرِفَةُ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ فقِيمَةُ شِقْصٍ وَإِنْ جَهِلَ الثَّمَنَ وَلَا حِيلَةَ سَقَطَتْ فَإِنْ اتَّهَمَهُ حَلَّفَهُ ومَعَهَا فقِيمَةُ شِقْصٍ وَإِنْ عَجَزَ وَلَوْ عَنْ بَعْضِ ثَمَنِهِ بَعْدَ إنْظَارِهِ ثَلَاثًا فَلِمُشْتَرٍ الْفَسْخُ

_ بخلاف البيع، فإنه عن رضىً. قوله: (مليء) أي: قادر على ثمنه. قوله: (بقدر ثمنه) أي: وجنسه وصفته، أي: الذي استقر عليه شراؤه به. انتهى. منصور البهوتي. قوله: (المعلوم) يعني: أن الشفعة إنما تتم إذا علم الثمن؛ لأنه شرط لصحتها، بل لاستدامتها، فمتى جهل سقطت. قوله: (مثل مثلي) أي: مثل ثمن مثله، كقرض من مكيل وموزون. قوله: (وقيمة متقوم) أي: ثمن متقوم وقت لزوم عقد. قوله: (فإن تعذر مثل مثلي) من مكيل وموزون لعدمه. قوله: (أو معرفة) المتقوم بنحو تلف. قوله: (سقطت) كما لو نسي. قوله: (فإن اتهمه) أي: اتهم شفيع مشترياً. قوله: (حلَّفه) اي: أنه لم يفعله حيلة. قوله: (وإن عجز) من أبواب: ضرب، وقتل، وتعب، وأقواها أولها. قوله: (ثلاثاً) أي: ثلاث ليالٍ بأيامها من حين الأخذ. قوله: (فلمشتر الفسخ) بلا حاكم يعني: أن المشتري إذن يملك فسخ الأخذ بالشفعة، كبائع

وَلَوْ أَتَى بِرَهْن أَوْ ضَامِن وَمَنْ بَقِيَ بِذِمَّتِهِ حَتَّى فَلِسَ خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخٍ أَوْ ضَرْبٍ مَعَ الْغُرَمَاءِ ومُؤَجَّلٍ كَحَالٍّ وَإِلَّا فإلَى أَجَلِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ كَفَلَهُ مَلِيءٌ وَيُعْتَدُّ بِمَا زِيدَ أَوْ حُطَّ زَمَنُهُ وَيُصَدَّقُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ ثَمَنٍ وَلَوْ قِيمَةَ عَرْضٍ وفِي جَهْلٍ بِهِ وأَنَّهُ غَرَسَ أَوْ بَنَى إلَّا مَعَ بَيِّنَةِ وَتُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ مُشْتَرٍ

_ بثمن حال، فتعذر بلا حاكم، كالرد بالعيب. قوله: (ولو أتى برهن) أي: محرزٍ. قوله: (أو ضامن) أي: مليء. قوله: (فلس) أي: حجر عليه الحاكم لفلسٍ. قوله: (بين فسخ) لأخذٍ بشفعة. قوله: (حل) قبل أخذ بشفعة. قوله: (كحال) أي: فيما تقدم. قوله: (إن كان مليئا) أي: قادرًا على الوفاء. قوله: (ويعتد) في قدر ثمن. قوله: (بيمينه) إذا اختلف هو وشفيعٌ، حيث لا بينة. قوله: (ولو قيمة ... إلخ) أي: ولو كان الثمن قيمة عرض اشترى به الشِّقص، واختلفا في قيمته، وقد فُقد، وإلا عرض على المقومين. قوله: (وجهل) لجواز كونه صبرة أونسيئة. قوله: (أو بنى) وادعى شفيع أنه كان بها حال الشراء. قوله: (وتقدم) أي: بينة شفيع؛ لأنه خارج. قوله: (على بينة مشتر) ولا تقبل شهادة بائع لواحدٍ منهما؛ لأنه متهم.

وإنْ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ وَأَثْبَتَهُ بَائِعٌ بِأَكْثَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ أَيْ: الشِّقْصِ بِأَلْفٍ فَإِنْ قَالَ خَلَطْتُ أَوْ نَسِيتُ أَوْ كَذَبْتُ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ ادَّعَى شَفِيعٌ شِرَاءَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ اتَّهَبْتُهُ أَوْ وَرِثْتُهُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَنْكَرَ وَأَقَرَّ بَائِعٌ بِهِ وَجَبَتْ ويَبْقَى الثَّمَنُ الْأَخِيرَةِ إنْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِقَبْضِهِ فِي ذِمَّةِ شَفِيعٍ حَتَّى يَدَّعِيَهُ مُشْتَرٍ وَإِلَّا أَخَذَ الشِّقْصَ مِنْ بَائِعٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَلَوْ ادَّعَى شَرِيكٌ عَلَى حَاضِرٍ بِيَدِهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشُّفْعَةِ،

_ قوله: (وأثبته) أي: الشراء. قوله: (أو أنكر) أي: مدعى عليه الشراء. قوله: (وجبت) أي: ثبتت لشفيعٍ. قوله: (إن أقر بائع بقبضه) وليس لشفيع ولا بائع محاكمة مشتر ومخاصمته؛ ليثبت البيع في حقِّه؛ لعدم الحاجه إليه؛ لوصول كل منهما إلى مقصوده بدون المحاكمة. ومتى ادَّعى بائع أو مشتر الثمن دفع له؛ لأنه لأحدهما، وإن ادَّعياه جميعًا، فأقر المشتري بالبيع، وأنكر البائع القبض، فهو لمشتر، ويطالب البائع حيئنذ المشتري بثمنه ما لم يثبت دفعه إليه. قوله: (وإلا) أي: وإلا يكن بائع في الأخيرة أقر بقبض ثمنه. قوله: (أخذ الشقص) أي: الشفيع. قوله: (ولو ادعى ... إلخ) من هنا إلى آخر الفصل من زيادته على «الإقناع». قوله: (أنه) أي: الحاضر. قوله: (اشتراه) أي: الشقص. قوله: (منه) أي: من الغائب. قوله: (وأنه) أي: المدعي. قوله: (يستحقه) أي: الشقص.

فَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّكَ بِعْتَ نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فَقَالَ: نَعَمْ فَإِذَا قَدِمَ فَأَنْكَرَ حَلَفَ وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الشَّفِيعِ فَصْلٌ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيمَا ادَّعَى شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ لَا مَعَ خِيَارِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ

_ قوله: (فصدقه ... إلخ) علم منه: أنه لو كذَّبه، كما لو قال من بيده الشقص: إنما أنا وكيل في حفظه، أو مودع، أنه لا يؤخذ بالشُّفعة، بل القول قول من بيده الشقص بيمينه، فإن نكل، احتمل أن يقضي عليه؛ لأنه لو أقر قضي عليه، واحتمل أن لا يقضى عليه؛ لأنه قضاء على غائب بلا بينة ولا إقرار. ذكره في «المغني» و «الشرح». قوله: (حلف) أي: وطالب بالأجرة من شاء منهما. قوله: (على الشفيع) لتلف المنافع تحت يده. قوله: (فيما ادعى شراءه ... إلخ) علم منه: أن لو أقر بمجرد الملك لموليه أو موكله الغائب، لم تجب، ولو أقر بعد بالشراء. فتأمل. قوله: (لموليه) أي: أو الغائب وهو على حجته إذا قدم. قوله: (لا مع خيارٍ) لهما أو لأحدهما.

وَعُهْدَةُ شَفِيعٍ عَلَى مُشْتَرٍ إلَّا إذَا أَنْكَرَ وَأَخَذَ مِنْ بَائِعٍ فإذَنْ عَلَيْهِ كَعُهْدَةِ مُشْتَرٍ فَإِنْ أَبَى مُشْتَرٍ قَبْضَ مَبِيعٍ أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ وَإِنْ وَرِثَ اثْنَانِ شِقْصًا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ الثَّانِي وشَرِيكِ مُوَرِّثِهِ وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا لِمُضَارِبٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ،

_ قوله: (وعهدة شفيع ... إلخ) العهدة في الأصل: كتابُ الشراء، يعني: فيما إذا ظهر الشقص مستحقاً أو معيباً، وأراد الشفيع الرجوع بالثمن أو الأرش. قوله: (قبض مبيع) ليسلمه للشفيع. قوله: (أجبره حاكم) لوجوبه عليه. قوله: (وإن ورث اثنان شقصًا) أي: أو اتهباه أو اشترياه، ولم يؤخذ بالشفعة. قوله: (ولا شفعة لكافر) أي: ولو ببدعةٍ، أو مرتدًا ولو أسلم بعد البيع، وهي من المفردات. قوله: (ولا لمضارب على رب المال ... إلخ) اعلم: أن العامل إذا اشترى من مال المضاربة شقصا مشفوعا، فباقيه إما أن يكون لرب المال، أو للعامل، أو لأجنبي فرب المال لا شفعة له أصلاً، وهو المشار إليه بقوله: (ولا له على مضاربٍ) وذلك لأنه ملكه كلا أو بعضًا. والعامل لا شفعة له أيضاً إن ظهر ربح في مال المضاربة، وإليه أشار بقوله: (ولا لمضارب ... إلخ) والأجنبي أمره ظاهر، ثم إذا باع مالك الباقي نصيبه، فإن كان أجنبيًا، فإما أن يبيعه لأجنبي، أو لرب المال، أو للعامل. وإن كان مالك الباقي هو العامل، فإما أن يبيعه لرب المال، أو لأجنبي. وإن كان هو رب المال، فإما أن يبيعه للعامل، أو لأجنبي، فهذه سبع صور. والمفهوم من كلام المصنف: ثبوت الشفعة فيها كلها إن كان حظ، كما

إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَلَا لَهُ عَلَى مُضَارِبٍ وَلَا لِمُضَارِبٍ فِيمَا بَاعَهُ مِنْ مَالِهَا وَلَهُ فِيهِ مِلْكٌ وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ شَرِكَةٌ لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَ حَظٌّ فَإِنْ أَبَى أَخَذَ بِهَا رَبُّ الْمَالِ

_ يفهم ذلك من قوله: (وله الشفعة ... إلخ)، فهذه عشرُ صورٍ، يوكن أن تزيد على ذلك. وبخطه أيضاً على قوله: (ولا لمضارب ... إلخ) صورته: أن يشتري من مال المضاربة شقصاً مشفوعا للمضارب فيه شركة، فحيث ظهر في مال المضاربة ربح كان له جزء من الشقص، فلا تجب له على نفسه. قوله: (إن ظهر ربح) أي: في مال المضاربة. قوله: (وإلا) أي: وإلا يظهر ربح. قوله: (ولا له على مضارب) صورته أن يشتري المضارب من مالها شقصا شركة لرب المال، فلا شفعة لربِّ المال فيه، ظهر ربح، أو لا؛ لأن ملكه كله أو بعضه. قوله: (ولا لمضارب فيما باعه من مالها ... إلخ) صورته: أن يكون للمضارب شقص في دار ويشتري بقيتها من مال المضاربة، ثم يبيع هذا الشقص الذي اشتراه من مال المضاربة، أي: فلا شفعة له فيه، والله أعلم. قوله: (إن كان حظ) نحو كونه بدون ثمن مثله. قوله: (أخذ بها ربُّ المال) ولا ينفذ عفو مضاربٍ عنها.

باب الوديعة

باب الوديعة: الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَى مَنْ يَحْفَظُهُ بِلَا عِوَضٍ وَالْإِيدَاعُ تَوْكِيلُ فِي حِفْظِهِ وَالِاسْتِيدَاعُ تَوَكُّلٌ فِي حِفْظِهِ كَذَلِكَ بِغَيْرِ تَصَرُّفٍ وَيُعْتَبَرُ لَهَا أَرْكَانُ وَكَالَةٍ وَهِيَ أَمَانَةٌ لَا تُضْمَنُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ تَلِفَتْ مِنْ بَيْنِ مَالِهِ

_ باب الوديعة تطلق على العين والعقد. قوله: (المال) أو المختص، لا نحو كلبٍ لا يقتنى. قوله: (المدفوع) لا ما ألقته ريحٌ. قوله: (إلى من يحفظه) لا نحو عارية. قوله (بلا عوض) لا أجير على حفظِه. قوله: (توكيل) أي: فتصح بكل قول دل على إيداع. قوله: (تبرعا) أي: من الحافظ. قوله: (توكل ... إلخ) أي: فتصح بكل قول أو فعل دل على استيداع. قوله: (كذلك) أي: تبرعا. قوله: (بغير تصرف) تصريح بم علم من مفهوم الحفظ؛ لأن مقتضاه بقاء العين على حالها إلى أن يأخذها ربها، فإن أذن فيه، فعارية وتقدم. قوله: (وتعتبر لها أركان وكالةٍ) أي: ما يعتبر فيها من البلوغ، والعقل، والرشد، وتعيين وديعٍ. وقبولها مستحبٌّ لمن علم من نفسه الأمانة، ويكفي القبض قبولا. قال في «المبدع»: ويكره لغيره. انتهى. أي: لمن لا يعلم من

وَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا عُرْفًا كَحِرْزِ سَرِقَةٍ

_ نفسه ذلك. قال منصور البهوتي: قلت: ولعلَّ المراد: بعد إعلامه بذلك إن كان لا يعلمه؛ لئلا يغره. انتهى. وتنفسخ بموت أحدهما، وجنونه، وبعزله مع علمِه، وقبله لا ينعزل، بخلاف وكيلٍ، فإن عزل نفسه، فهي بعده أمانة، حكمها في يده حكم الثوب الذي أطارته الريح إلى داره، يجب رده، فإن تلف قبل التمكن من ردِّه، فهدر. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه»: وفهم منه: أنه إن تلف بعد تمكنه من ردِّه أنه يضمنه؛ لأنه متعد بإمساكه فوق ما يتمكن فيه من الرد. انتهى. وقد سبق لصاحب «الإقناع» في الغصب: أنه إذا أطارت الريح ثوب غيره إلى داره، أو حصل في داره حيوانٌ، أو طائر غير ممتنع، فإنَّ الواجب حفظه، وإعلام صاحبه إن عرفه. ومقتضاه عدم وجوب. فتأمل. قوله: (في حرز مثلها) قال في «الرعاية»: من استودع شيئاً، حفظه في حرز مثله عاجلا مع القدرة، وإلا ضمن. نقله منصور البهوتي. قوله: (كحرز سرقةٍ) أي: في كل مالٍ بحسبه.

فَإِنْ عَيَّنَهُ رَبُّهَا فَأَحْرَزَهَا بِدُونِهِ ضَمِنَ وَلَوْ رَدَّهَا إلَى الْمُعَيَّنِ وبِمِثْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ إخْرَاجِهَا فَأَخْرَجَهَا لِغَشَيَانٍ شَيْءٍ

_ قوله: (فإن عينه) أي: بأن قال: احفظها في هذا البيت. قوله: (فأحرزها بدونه) أي: المعين في الحفظ. ظاهره: ولو كان حرز مثلها. قوله: (ولو ردها إلى المعين) يعني: وتلفت. وعلى قياسه: لو لم يعينه، فأحرزها بدون حرز مثلها، فيضمن- ولو ردها إلى حرز المثل - بجامع التعدِّي. تأمل. قوله: (وبمثله) أي: في الحفظ. قوله: (أو فوقه) كما لو أودعه خاتما وقال: البسه في خنصرك، فلبسه في بنصره، ولا فرق بين الجعل أولا في غير المعين، وبين النقل إليه. قوله: (لا يضمن) إن تلفت، حيث لم ينهه عن إخراجها عن المعين، وإلا ضمن، إلا لخوف عليها، كما سيأتي. قوله أيضا على قوله: (لا يضمن) ظاهره: ولونهاه عن حفظها بمثله، أو فوقه ولا يعارضه ما يأتي من قوله: (أو أخرجها لغير خوف، فتلفت، ضمن) قال منصور البهوتي هناك: سواءٌ أخرجها إلى مثله، أو أحرز منه؛ لمخالفة ربها بلا حاجة ويحرم. انتهى؛ لأنا نقول: ما هنا فيما إذا حفظها ابتداء في حرز مثلها، أو فوقه، وما يأتي فيما إذا أخرجها من الحرز المعين. قوله: (فأخرجها لغشيان شيء ... إلخ) فلو أخرج الوديعة المنهي عن إخراجها، وتلفت، فادعى الوديع أنه أخرجها (لغشيان شيء الغالب منه الهلاك)، وأنكر صاحبها وجوده، فعلى الوديع البينة أنه كان في

الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ لَمْ يَضْمَنْ إنْ وَضَعَهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ فَوْقَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَحْرَزَهَا فِي دُونِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَرَكَهَا إذَنْ أَوْ أَخْرَجَهَا لِغَيْرِ خَوْفٍ فَتَلِفَتْ ضَمِنَ

_ ذلك الموضع ما ادعاه؛ لأنه لا تتعذر إقامة البينة عليه؛ لظهوره، ثم يقبل قوله في التلف به بيمينه. قوله أيضا على قوله: (لغشيان ... إلخ) غشيته أغشاه، من باب: تعب: أتيته. والاسم: الغشيان بالكسر. «مصباح». قوله: (الغالب منه الهلاك) كنهبٍ، وحريق متلف. قوله: (لم يضمن) لعله مقيد بما إذا لم يكمنه ردها إلى صاحبها، وإلا ضمن، كما يعلم من قوله الآتي: (ومن أراد سفرًا، أو خاف عليها عنده). والله أعلم. قوله أيضا على قوله: (لم يضمن) ويعايا بها، ولو كانت العين في بيت ربها، فقال لآخر بأجرة أو لا: احفظها في محلها، فنقلها عنه من غير خوفٍ، ضمنها؛ لأنه ليس وديعًا، ومع خوفٍ، عليه إخراجها. قوله: (وإن تركها إذن) أي: حالة الغشيان، وكان قد نهاه عن إخراجها. ولم يقل: وإن خفت عليها. كما يعلم مما بعده. قوله: (أو أخرجها) أي: من حرزٍ نهاه مالكها عن إخراجها منه. قوله: (فتلفت) بالأمر المخوف، أو غيره؛ لأنه صار مفرطاً بعدم الإخراج، ولو أحرزها بأحرز من الأول.

فَإِنْ قَالَ لَا تُخْرِجْهَا وَإِنْ خِفْتَ عَلَيْهَا فَحَصَلَ خَوْفٌ وَأَخْرَجَهَا أَوْ لَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلِفْ بَهِيمَةً حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَهَا لَا إنْ نَهَاهُ مَالِكٌ وَيَحْرُمُ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ

_ قوله: (ماتت) أي: بتركه. قوله: (لا إن نهاه مالك) فلو نهاه وليٌّ، فهل يضمن الولي فقط إذا لم يعلم أنها ليست ملكة؟ وإذا علم، فعلى من القرار؟ وكونه على الوديع أقربُ. قوله: (وإن أمره به ... إلخ) إنما قيَّد اللزوم بالأمر بالإنفاق؛ لأنه لم يأمره به، ففي ذلك تفصيل، وجملته: أن الإتفاق على البهيمة واجب، فإذا أمر المالك الوديع به فرضي، وجب عليه بلا إشكالٍ، وإن لم يأمره به، فإن قدر الوديع على المالك، أو وكيله، طالبه بالإنفاق عليها، أو بردِّها عليه، أو بأن يأذن له في الإنفاق عليها ليرجع به، فإن عجز عن استئذانه، فأنفق، رجع بالأقلِّ مما أنفق، أو نفقة المثل، كما لو أمره به، ولو لم يستأذن حاكماً، أو يشهد مع قدرته عليهما، هذا حيث نوى الرجوع بما أنفق في الصورتين، أعني: ما إذا أذن له ربها، أو عجز عن استئذانه، ومتى اختلفا في قدر نفقةٍ، فقول وديع بيمينه إن وافق قوله المعروف، وفي قدر المدَّة، فقول مالك بيمينه، فإن ترك الوديع الإنفاق الواجب عليه، فماتت بذلك، ضمنها في الصورتين. فتدبر. وهل يرجع في الأوليين أم لا؟

واتْرُكْهَا فِي جَيْبِكَ فَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي كُمِّهِ أَوْ فِي كُمِّكَ فَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ أَخَذَهَا بِسُوقِهِ وَأُمِرَ بِحِفْظِهَا فِي بَيْتِهِ فَتَرَكَهَا إلَى حِينِ مُضِيِّهِ فَتَلِفَتْ أَوْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي هَذَا

_ مقتضى ما تقدم في الرهن: لا يرجع، أي: لقدرته على استئذان المالك وردها عليه. قوله: (واتركها في جيبك ... إلخ) اعلم: أنَّ الجيب أعلى حفظا من اليد والكم، حيث كان الجيب ضيقا، أو مزرورًا، وأن اليد والكم حرزان مختلفان، كل منهما دون الآخر حفظا من وجه. إذا تقرَّر ذلك واستحضرت القاعدة التي ذكرها المصنف أول الباب - وهي قوله: (فإن عينه ربها ... إلخ) - علمت حكم هذه الثلاثة، من أنه إذا أمره بحفظها في الجيب المقيد، فحفظها في يده أو كمه، ضمن، أو في أحدهما، فوضعها فيه، لا [يضمن]، أو في أحدهما فوضعها في الآخر، ضمن. قوله: (إلى حين مضيه) أي: فوق ما يمكنه أن يمضي فيه. علم منه: أنه لو بادر بالمضي إلى بيته، فتلفت في طريقه، لا يضمن. وهل مثله لو علم المودع من عادة الوديع أنه لا يمضي إلي بيته إلا في وقت معلوم، كما إذا دفع له شيئاً يحفظه في بيته وهو في السوق في أول النهار، ويعلم أنَّه لا يرج إلى البيت إلا في آخر النهار، فتركها الوديع إلى وقت رواحِهِ، فتلفت؟ ظاهر المتن:

الْبَيْتِ وَلَا تُدْخِلْهُ أَحَدًا فَخَالَفَ فَتَلِفَتْ بِحَرْقٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ سَرِقَةٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دَاخِلٍ ضَمِنَ لَا إنْ قَالَ: اُتْرُكْهَا فِي كُمِّك أَوْ يَدِكَ فَتَرَكَهَا فِي جَيْبِهِ أَوْ أَلْقَاهَا عِنْدَ هُجُومِ نَاهِبٍ وَنَحْوِهِ إخْفَاءً لَهَا وَإِنْ قَالَ مُودِعُ خَاتَمٍ اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ فِي الْخِنْصِرِ ضَمِنَهُ لَا عَكْسُهُ إلَّا إنْ انْكَسَرَ لِغِلَظِهَا وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ لِعُذْرٍ إلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ

_ أنه يضمن. ويحتمل لا ضمان، تأمَّل. قوله: (بحرقٍ) اسم من إحراق النار. قوله: (فتركها في جيبِه) ولم يكن واسعا غير مزرور. قوله: (ونحوه) كقاطع طريق. قوله: (إخفاء لها) ظاهره: ولو ألقاها وحدها من بين ماله. وهل إذا لم يلقها، فأخذت، يضمن أم لا؟ قوله: (إلا) أي: أو لم يدخله في جمعيها. قوله: (وإن دفعها) أي: دفع الوديع الوديعة. قوله: (ماله) أي: مال الوديع. قوله: (ونحوهما) كخازنه. قوله: (أو لعذر) كموت وسفر مخوفٍ. قوله: (وإلا ضمن) أي: وإلا يكن عذر عند دفعها لأجنبي، أو حاكمٍ.

وَلِمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْقَرَارُ إنْ عَلِمَ وَإِنْ دَلَّ لِصًّا ضَمِنَا وَعَلَى اللِّصِّ الْقَرَارُ وَمَنْ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ رَدَّهَا إلَى مَالِكهَا أَوْ مَنْ

_ قوله: (ولمالك مطالبة الأجنبي) أي: ببدل الوديعة، وسكت عن الحاكم، ومقتضى «الإقناع»: أن له مطالبته أيضا، وعبارته: وإن دفعها إلى أجنبي، أو حاكم لعذر، لم يضمن، وإلا ضمن، وللمالك مطالبته، ومطالبة الثاني. انتهى. فقوله: الثاني شامل للأجنبي والحاكم، وفسره الشارح بقوله: وهو القابض من المستودع؛ لأنَّه قبض ما ليس له قبضه، أشبه المودع من الغاصب. انتهى. ووجه ما في «الإقناع»: أن الحاكم لا ولاية له على مكلف رشيد حاضر، كما صرح به المصنف في «شرحه». قوله: (أيضا) أي: كما له مطالبة الوديع. قوله: (وعليه) أي: الأجنبي. قوله: (إن علم) أي: علم الحال، وإلا فعلى الأول. قوله: (ومن أراد ... إلخ) أي: أي وديع. قوله: (أو خاف عليها) أي: من نهبٍ، أو غرق، ونحوها. قوله: (إلى مالكها) وشريكٍ كأجنبيٍّ.

يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً أَوْ وَكِيلِهِ فِي قَبْضِهَا إنْ كَانَ وَلَا يُسَافِرُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ أَحْفَظَ لَهَا الْمُنَقِّحُ وَالْمَذْهَبُ بَلَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ وَلَا وَكِيلَهُ حَمَلَهَا مَعَهُ إنْ كَانَ أَحْفَظَ وَلَمْ يَنْهَهُ وَإِلَّا دَفَعَهَا لِحَاكِمٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِثِقَةٍ كَمَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْ دَفَنَهَا وَأَعْلَمَ سَاكِنًا ثِقَةً فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ ضَمِنَهَا

_ قوله: (وإن لم يخف عليها) في السَّفر. قوله: (المنقح: والمذهب بلى ... إلخ) يعني: أن المذهب جواز السفر بالوديعة، والحال أن ربها حاضر، والسفر آمن أو أحفظ، أي: ولم ينهه المالك. وجزم به في «الإقناع». قال في «شرحه»: فعلى هذا لا يضمنها إن تلفت معه، سواء كان به ضرورة إلى السفر أولا، لأنه نقلها إلى موضعٍ مأمونٍ، فلم يضمنها، كما لو نقلها في البلد، وكأب ووصيٍّ، لا كمستأجر لحفظ شيء. انتهى. قوله: (والحالة هذه) أي: إن لم يخف، أو كان أحفظ. قوله: (انتهى) ومحله إن لم ينهه عنه. قوله: (ولا وكيله) أي: ولا من يحفظ ماله عادةً. منصور البهوتي. قوله: (وإلا دفعها) أي: وإلا يكن أحفظ، أو نهاه. قوله: (أو دفنها) أي: إن لم يضرها الدفن. قوله: (وأعلم ساكناً) أي: لا غيره. قوله: (ثقة) أي: لا غيره.

وَلَا يَضْمَنُ مُسَافِرٌ أُودِعَ فَسَافَرَ بِهَا فَتَلِفَتْ بِالسَّفَرِ وَإِنْ تَعَدَّى فَرَكِبَهَا لَا لِسَقْيِهَا أَوْ لَبِسَهَا لَا لِخَوْفٍ مِنْ عُثٍّ وَنَحْوِهِ وَيَضْمَنُ إنْ لَمْ يَنْشُرْهَا أَوْ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا أَوْ لِيَنْظُرَ إلَيْهَا ثُمَّ رَدَّهَا أَوْ كَسَرَ خَتْمَهَا أَوْ حَلَّ كِيسَهَا أَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا أَوْ خَلَطَهَا لَا بِمُتَمَيِّزٍ وَلَوْ فِي إحْدَى عَيْنَيْنِ بَطَلَتْ فِيهِ وَوَجَبَ رَدُّهَا فَوْرًا وَلَا تَعُودُ

_ قوله: (فسافر) أي: سار في سفره ودام. قوله: (وإن تعدى) يعني: بانتفاعه. قوله: (لا لسقيها) أي: أو علفها. قوله: (من عث) هو سوس يلحس الصوف، علم منه: أنه إذا لبِسَها خوفاً عليها من نحو العث، لا ضمان، ومثله إذا لبسها. وقوله: (ويضمن إن لم ينشرها) هل أجرة النشر على المالك؟ الظاهر: نعم، حيث تعذَّر استئذانه. قوله: (ونحوه) كفرشه. قوله: (لينفقها) أي: له أو لغيره. قوله: (ثم ردَّها) أي: إلى وعائها ولو بنية الأمانة. قوله: (أو جحدها) ظاهره: ولو نسياناً. قوله: (ولو في أحد عينين) أي: ولو كان التعدِّي، أو الجحد، أو الحفظ بغير متميِّز. قوله: (بطلت) جواب (إن) من قوله: (وإن تعدى) فيما حصل فيه شيء من الثلاثة المذكورة. قوله: (فورًا) لزوال الاستئمان بالتعدي.

وَدِيعَةً بغير عقد متجدد وَصَحَّ كُلَّمَا خُنْتَ ثُمَّ عُدْتَ إلَى الْأَمَانَةِ فَأَنْتَ أَمِينٌ وَإِنْ أَخَذَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُ أَوْ بَدَلَهُ مُتَمَيِّزًا أَوْ أَذِنَ فِي أَخْذِهِ فَرَدَّ بَدَلَهُ بِلَا إذْنِهِ فَضَاعَ الْكُلُّ ضَمِنَهُ وَحْدَهُ مَا لَمْ تَكُنْ مَخْتُومَةً أَوْ مَشْدُودَةً أَوْ الْبَدَلُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ فَيَضْمَنُ الْجَمِيعَ

_ قوله: (وصح) أي: قول مالك لوديع. قوله: (كلما خنت) أي: لصحة تعليق الإيداع على الشرط، كالوكالة. قوله: (فأنت أمين) قال منصور البهوتي: وإن خلط إحدى وديعتي زيدٍ بالأخرى بلا إذن، وتعذر التمييز، فوجهان، ذكره في «الرعاية» وإن اختلطت الوديعةُ بلا فعل، ثم ضاع البعض، جعل من مال المودع في ظاهر كلامه، ذكره المجد في «شرحه». انتهى. ولعل المراد في الأخيرة: إذا تلف بلا تفريطٍ، وأمَّا معه، فيضمن مطلقًا. الذي يظهر في الأولى: لا ضمان إلا أن ينهاه مالك، أو يكن له غرض في إفراد كل واحدةٍ من العينين؛ لحلٍّ ونحوه، والله أعلم. قوله: (أو بدله) أي: بلا إذن، كدرهم أبيض بأسود. قوله: (فردَّ بدله) أي: متميزًا، ففيه احتباكٌ. قوله: (غير متميز) أي: في الثانية، وهي مسألة الإذن في

وَيَضْمَنُ بِخَرْقِ كِيسٍ مِنْ فَوْقِ شَدٍّ أَرْشِهِ الْكِيسِ فَقَطْ ومِنْ تَحْتِهِ أَرْشَهُ وَمَا فِيهِ وَمَنْ أَوْدَعَهُ صَغِيرٌ وَدِيعَةً لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهَا لِوَلِيِّهِ وَيَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ أَوْ يَخَفْ هَلَاكَهَا مَعَهُ كَضَائِعٍ وَمَوْجُودٍ فِي مَهْلَكَةٍ فَلَا وَمَا أُودِعَ أَوْ أُعِيرَ لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ قِنٍّ لَمْ

_ الأخذ لا في الرد، ومنه يعلم حكم الضَّمان إذا ردَّ البدل غير متميز في الأولى بالأولى. قوله: (وما فيه) أي: إن ضاع لهتك الحرز ولا يضمن بمجرد نية التعدِّي، بل لابد من فعلٍ أو قول. منصور البهوتي. قوله: (بردها لوليه) أي: في ماله، كدينه الذي له عليه. قوله: (ويضمنهما) أي: قابضُها من صغير. قوله: (مالم يكن مأذوناً له) أي: في الإيداع. قوله: (أو يخف) أي: قابضها من الصَّغير. قوله: (معه) إن تركها. قوله: (فلا) أي: فلا ضمان؛ لقصده التخليص من الهلاك، فالحفظ فيه لمالكه. قوله: (وما أودع ... إلخ) قال منصور البهوتي: أي: أودعه مالكه أو أعاره وهو جائز التصرف. انتهى. وهو يشير إلى أنه لو كان المودع، أو المعير غير جائز

يَضْمَنْ بِتَلَفٍ وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حُرٍّ فِي رَقَبَتِهِ فصل وَالمودع أمين يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي رَدِّ وَلَوْ عَلَى يَدِ قِنِّهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ خَازِنِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّهَا إلَيْهِ وفِي قَوْلِهِ أَذِنْتَ لِي فِي دَفْعِهَا

_ التصرف، فمن ضمان القابض مطلقًا، كما تقدم في الحجر، وأوضحه في «شرح الإقناع» بحثا. قوله: (بتلف) أي: في يد قابضه. قوله: (غير حر) شمل القنَّ، والمدبر، والمكاتب، وأم الولد، والمعلق عتقه بصفة، قال في «شرح الإقناع»: ظاهر قوله - يعني الحجاوي - كغيره إذا أتلفه: أنه لو تلف بيده، لا ضمان ولو بتعد، أو تفريط، وهو كالصريح في قول «التنقيح»: ولا يضمن الكل تلفهما، أي: الوديعة والعارية بتفريط، لكن مقتضى تعليلهم بما تقدم: أنه يضمن إن تعدى أو فرط، ويكون كإتلافه. انتهى. قوله: (في رد) أي: في دعوى رد الوديعة إلى مالكها، أو من يحفظ مال. قوله: (ولو على يد قنه) أي: قن مدعي الرد. قوله: (إليه) أي: كما لو كان حياً. قوله: (وفي قوله: إذن لي ... إلخ) مع إنكار المالك الإذن ولا بينة به، وهذه المسألة من المفردات، ولو اعترف المالك بالإذن، وأنكر الوديع، فقول وديعٍ، ثم إن أقر المدفوع إليه في الصورتين بالقبض، فلا كلام، وإلا حلف وبرئ، وفاتت على ربها، هذا إن كان الثاني وديعاً،

إلَى فُلَانٍ وَفَعَلْتُ وتَلَفِ لَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ، كَحَرِيقٍ وَنَحْوِهِ إلَّا مَعَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِوُجُودِهِ وعَدَمِ خِيَانَةٍ وتَفْرِيطٍ وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا لِحَاكِمٍ أَوْ وَرَثَةِ مَالِكٍ أَوْ رَدًّا بَعْدَ مَطْلِهِ بِلَا

_ فإن كان دائناً، فقوله بيمينه أيضا، لكن يضمن الدافع حيث لم يشهد، أو يكن بحضور مالك، سواء صدقه المالك، أو كذبه، كما تقدم في الوكالة. قوله: (وتلف) أي: ودعوى تلف بسبب خفيٍّ، كسرقةٍ، وكذا إن لم يذكر سبباً. قوله: (ونحوه) كنهبٍ, قوله: (إلا مع بينة ... إلخ) قال في «الإقناع»: ويكفي في ثبوته - أي: السبب الظاهر - الاستفاضة. قال في «شرحه»: فعلى هذا: إذا علمه القاضي بالاستفاضة، قبل قول الوديع بيمينه، ولم يكلفه بينة تشهد بالسبب، ولا يكون من القضاء بالعلم، كما ذكره ابن القيم في «الطرق الحكمية» في الحكم بالاستفاضة لا في خصوص هذه. انتهى. قوله: (بوجوده) ثم يحلف. قوله: (وتفريط) أي: وعدم [تفريط]. قوله: (وإن ادعى) أي: الوديع. قوله: (أو ردًا) أي: أو تلفاً، لم يقبل، كغاصب، ويضمن. قوله: (بعد مطله) أي: تأخير دفعها لمستحقه.

عُذْرٍ أَوْ مَنْعِهِ أَوْ وَرَثَةُ رَدًّا وَلَوْ لِمَالِكٍ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ قَالَ: لَمْ تُودِعْنِي ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا سَابِقَيْنِ لِجُحُودِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ بِبَيِّنَةٍ وَيَقْبَلَانِ بِهَا بَعْدَهُ

_ قوله: (أو ورثة ردا، ولو لمالك ... إلخ) وكذا ملتقط. ومن أطارت الريح إلى داره ثوباً، لم يقبل إلا ببيِّنة. قال في «الإقناع»: ومن حصل في يده أمانة بغير رضى صاحبها كاللقطة، ومن أطارت الريح إلى داره ثوباً، وجبت المبادرة إلى الرد مع العلم بصاحبها، والتمكن منه، وكذا إعلامه. قال في «شرحه»: أي: الواجب عليه أحد أمرين: إما الرد، أو الإعلام. انتهى المقصود. وبعد تعلم: تقييد ما سبق لصاحب «الإقناع» في الغصب وغيره بما هنا، قال في «شرحه» أيضا هنا: لأن مؤنة الرد لا تجب عليه، وإنما الواجب التمكين من الأخذ. قاله في القاعدة الثانية والأربعين. قوله أيضًا على قوله: (ورثة ردًا) أي: ورثة لوديع ردًا منهم، أو من مورثهم، وكذا ملتقطٌ، ومن أطارت إليه الريح ثوباً ونحوه. قوله: (ثم أقر) أي: بالإيداع. قوله: (لم يقبل) أي: لتكذيبه لها بجحوده. قوله: (ويقبلان بها ... إلخ) أي: كما لو ادَّعى عليه بالوديعة يوم الجمعة، فجحدها، ثم أقر بها يوم السبت، ثم ادعى ردًا، أو تلفًا بغير تفريط يوم الأحد وأقام بذلك بيِّنة، قبلت؛ لأنه

وَإِنْ قَالَ مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ قُبِلَا لَا وُقُوعُهُمَا بَعْدَ إنْكَارِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ وَارِثِ قَبْلَ إمْكَانَ رَدِّ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَنْ أَخَّرَ رَدَّهَا أَوْ مَالًا أُمِرَ بِدَفْعِهِ بَعْدَ طَلَبٍ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ وَيُمْهَلُ لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ بِقَدْرِهِ وَيَعْمَلُ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ عَلَى كِيسٍ

_ ليس بمكذب لها إذن، فلو شهدت البينة برد أو تلف مطلقين، واحتمل كونه قبل الجحود وكونُه بعده لم يسقط الضَّمان. وحيث ثبت التلف، كما في صورة التعيين بعد الجحود، لم يسقط الضمان، كالغاصب. وبخطه أيضا على قوله: (ويقبلان بها) أي: الرد والتلف، أي: دعواهما. فإن أطلقت البينة لم تسمع؛ لأن الضمان محقق، فلا يزول بالشَّك. قوله: (قبلا) أي: الرد والتلف قبل إنكاره بيمينه. قوله: (عند وارث) أي: لوديع. قوله: (قبل إمكان رد) أي: لنحوِ جهلٍ بها، أو به. قوله: (ونحوه) كصلاة. قوله: (بقدره) أي: المذكور. قوله: (ويعمل بخط مورثه) أي: وجوبا. قوله: (على كيسٍ) قال شيخنا: من نحوِ ذلك إذا وَجد خطَّه على كتابٍ: هذا وقف ونحوه. ويفرق بينه وبين ما ذكروه في غير هذا الموضع؛ من أنه لا بد مع الخط من قرينةٍ، كوضعه بخزانة الوقف؛ بأن ذلك فيما إذا كان الخط غير خط مورِّثه، ولم يكن تحقق جريان ملك مورثه عليه، وما هنا فيما إذا اجتمع الأمران. فتدبر. من خط شيخنا محمد الخلوتي.

وَنَحْوَهُ هَذَا وَدِيعَةٌ، أَوْ لِفُلَانٍ وَيَعْمَلُ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ وُجُوبًا أَوْ لَهُ عَلَى فُلَانٍ ويَحْلِفَ وَإِنْ ادَّعَاهَا اثْنَانِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فلَهُ بِيَمِينِهِ وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ ولَهُمَا فلَهُمَا وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا وَصَدَّقَاهُ أَوْ سَكَتَا فَلَا يَمِينَ وَإِنْ كَذَّبَاهُ

_ وأراد شيخه: خاله الشيخ منصور رحمهما الله تعالى. قوله: (ونحوه) كصندوق. قوله: (ويحلف) مع شاهد إذا علم من مورثه الصدق، وهذا مما يخالف به الحلف الشهادة. قوله: (فأقر) أي: الوديع. قوله: (بيمينه) قال منصور البهوتي: فلو قال الوديع: أودعنيها الميت، وقال: هي لفلان، ورثته: بل هي له، فقول وديعٍ مع يمينه. أفتى به الشيخ تقي الدين. انتهى رحمه الله تعالى ونفعني به. قوله: (ويحلف) أي: الوديع وتكون بيمينه على نفي العلم. قاله في «المبدع». قوله: (ويحلف لكل منهما) أي: ويحلف وديع لكل منهما على نصفِها، فإن نكل، لزمه عوضها يقتسمانه. قوله: (وإن كذباه) أي: أو أحدهما.

حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالَتَيْنِ فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا وَإِنْ أَوْدَعَاهُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا يَنْقَسِمُ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِغَيْبَةِ شَرِيكَهُ أَوْ وَامْتِنَاعِهِ سَلَّمَ إلَيْهِ

_ قوله: (أنه لا يعلمه) وكذا إن كذبه أحدُهما، فإن نكل قضي عليه بالنكول، فتؤخذ منه القيمة والعين، فيقترعان عليها، أو يتفقان. هذه طريقة «المحرر» وجماعة، وقدمها الحارثي. «شرحه». فائدة: قال المجد في «شرحه»: لو كان على الوديع دينٌ بقدر الوديعة كألف درهمٍ، فأعطاه الوديع ألفًا ثم اختلفا، فقال الوديع: الذي دفعت إليك وفاءٌ عن الدين، والوديعة تلفت، فقال المالك: بل هوَ الوديعة، والدين بحاله، فالقول قول الوديع. انتهى. قوله: (في الحالتين) ما إذا صدَّقاه، أو كذَّباه وحلف. قوله: (فمن قرع حلف وأخذها) وكذا حكم عاريةٍ، ورهن، وبيعٍ مردودٍ بعيب، أو خيارٍ، أو غيرهما. ويأتي في الدعاوى والبينات. منصور البهوتي. ثم لو تبين أنها للمقروع، فقال الإمام: قد مضت القرعة، وعلى القارع قيمتها للمقروع. فتأمل. قوله: (ينقسم) لا كآنية نحاس، وحلي، ومختلف إجزاءٍ، إلا بإذن شريكه، أو حاكم. قوله: (سلم إليه) أي: وجوباً بلا حاكمٍ.

وَلِمُودِعٍ وَمُضَارِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إنْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَلَا يَضْمَنُ مُودَعٌ أُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهَا لِغَيْرِ رَبِّهَا فَإِنْ طَلَبَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا حَلَفَ مُتَأَوِّلًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أُخِذَتْ ضَمِنَهَا وَيَأْثَمُ إنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ وَهُوَ دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بِهَا وَيُكَفِّرُ

_ قوله: (ولمودع ... إلخ) لعل المراد في مقابلة من قال: ليس لهم ذلك، فيكون واجباً عليه، ولا سيما مع غيبة المالك. قوله: (ومستأجر) قلت: ومثلهم العدل بيده الرهن، والأجير على حفظ عين، والوكيل فيه، والمستعير والمجاعل على عملها. منصور البهوتي. قوله: (ولم يجد بدًا) من الحلف؛ بأن كان الطالب ليمينه متغلبا عليه بسلطنة، أو تلصُّص، ولا يمكنه الخلاص منه إلا بالحلف. قوله: (حلف متأولا) فينوي: لا وديعة لفلانٍ عندي في موضع كذا، من المواضع التي ليست بها ونحوه، ولم يحنث ولو بطلاق، إن كان الضرر الحاصل بالتغريم كثيرًا يوازي الضرر في صورة الإكراه. كما حرره الحارثي رحمه الله تعالى. قوله: (إن لم يتأول) لكذبه. قوله: (وهو) أي: إثم حلفه بدون تأويل. قوله: (ويكفر) قد يفهم منه: أنها ليست غموسًا؛ لأن اليمين الغموس لا كفارة فيها، ولم يستثنوا هناك شيئاً، ولعل الخلاف في عدم إثمه هنا. فليتأمل.

باب إحياء الموات

باب إحياء الموات وهِيَ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ وَمِلْكِ مَعْصُومٍ فَيُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ كُلِّ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ

_ باب إحياء الموات قال الأزهري: هو الأرض التي ليست لها مالك، ولا ماءَ بها، ولا عمارة، ولا ينتفع بها. انتهى. وتسمَّى ميتة وموتانا. ثم اعلم: أن المواتَ خمسة أقسام؛ لأنه إما أن لا يجري عليه ملكٌ لأحدٍ ولم يوجد فيه عمارة، أو يجري عليه ملك مالكٍ، فالأوَّل: يملك بالأحياءِ بغير خلافٍ بين القائلين بالإحياء. والقسم الثاني: وهو ما جرى عليه ملك مالكٍ، إما أن يكون المالك معيناً أو لا، والأول: وهو المالك المعين، إما أن يمكله بنحو شراءٍ فلا يملك بالإحياء بغير خلافٍ، وإما أن يملك بالإحياء ثمَّ ترك حتى دثر وصار مواتاً، فلا يملك أيضاً كالذي قبله. والثاني: أعني: مالم يجر عليه ملكٍ، لمعين بل وجد فيه آثار ملك، نوعان؛ لأنه إما أن يكون أثر الملك جاهلياً، أو إسلامياً، فيملك فيهما. فتأمل. قوله: (المنفكة) أي: الخالصة. قوله: (عن الاختصاصات) لمعصوم مسلم، أو كافر خرج به المتحجر قبل تمام إحيائه. قوله: (وملك ... إلخ) ها الحد جامع مانع، كما أفاده الحارثي. قوله: (كل مالم ... إلخ) أي: كل موات لم يعلم جريان ملك معصوم عليه. قوله: (ولم يوجد فيه أثر عمارة)

وَإِنْ مَلَكَهُ مَنْ لَهُ حُرْمَةٌ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَإِنْ وُجِدَ أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ لَمْ يُمْلَكْ بِإِحْيَاءٍ وَكَذَا إنْ جُهِلَ وَإِنْ عُلِمَ وَلَمْ يُعَقِّبْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى دَثَرَ وَعَادَ مَوَاتًا لَمْ يُمْلَكْ بِإِحْيَاءٍ إنْ كَانَ لِمَعْصُومٍ وَإِنْ عُلِمَ مِلْكُهُ لِمُعَيَّنٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ

_ لا مفهوم له، كما سيجيء في قوله: (أو كان به أثر ملك ... إلخ) قال في «الإقناع»: وأما مساكن ثمود، فلا تملك فيها؛ لعدم دوام البكاء مع الانتفاع. قاله الحارثي. قوله أيضا على قوله: (أثر عمارة) أي: بغير خلافٍ عند القائلين بالإحياء. قوله: (وإن ملكه) أي: الخراب. قوله: (من له حرمة) من مسلم أو ذميٍّ، أو مستأمن. قوله: (أو شُك فيه) أله حرمةٌ، أو لا؟ قوله: (وكذا إن جهل) مالكه؛ بأن لم تعلم عينه مع العلم بجريان الملك عليه لذي حرمة، فلا يملك بالإحياء. قوله: (ولم يعقب) أي: لم يكن له ورثة. قوله: (أقطعه الإمام) أي: فيء. قوله: (دثر) بابه: قعد: اندرس. قوله: (ملكه) أي: الخراب. قوله: (غير معصوم) وهو الكافر الذي لا أمان له.

فَإِنْ أَحْيَاهُ بِدَارِ حَرْبٍ وَانْدَرَسَ كَانَ كَمَوَاتٍ أَصْلِيٍّ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ غَيْرِ جَاهِلِيٍّ كَالْخَرِبِ الَّتِي ذَهَبَتْ أَنْهَارُهَا وَانْدَرَسَتْ آثَارُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا مَالِكٌ

_ قوله: (فإن أحياه بدار حرب ... إلخ) أي: وإن كان بدار إسلام، فالصحيح أنه لا يملكه بالإحياء، فلا أثر لإحيائه، فلا مفهوم لقوله: (بدار حرب). وإن ملكه بنحو شراء؛ بأن وكل غير المعصوم معصوما ليشتري له مكاناً، فاشتراه ثم ترك حتى درس وصار مواتا، فالظاهر: أنه لا يملك بالإحياء، فيكون فيئا بمنزلة ما جلوا عنه خوفاً منا، لكن مقتضى التعليل أنه يملك بالإحياء. قاله منصور البهوتي. وظاهر كلام المصنف: أنه يملكه المسلم والذمي، وقيده في «الإقناع» بالمسلم. قال في «شرحه». ولعله غير مراد. قوله: (أصلي) أي: يملكه من أحياه. قوله: (وإن تردد ... إلخ) فيه روايتان. قوله: (عليه) أي: وليس به اثر ملك، كما يعلم مما تقدم في قوله: (ولم يوجد فيه أثر عمارةٍ)؛ ليصح عطف قوله (أو كان به). فتأمل. قوله: (أو كان به ... إلخ) فيه روايتان.

أَوْ جَاهِلِيٍّ قَدِيمٍ أَوْ قَرِيبٍ مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ وَمَنْ أَحْيَا وَلَوْ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ ذِمِّيًّا مَوَاتًا سِوَى مَوَاتِ الْحَرَمِ وَعَرَفَاتٍ، ومَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَرْضِ كُفَّارٍ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا، ومَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ كَطُرُقِهِ وَفِنَائِهِ وَمَسِيلِ مَائِهِ وَمَرْعَاهُ وَمُحْتَطَبِهِ وَحَرِيمِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَلَكَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ مَعْدِنٍ جَامِدٍ

_ قوله: (قديم) كديار عاد. قوله: (أو قريب ... إلخ) فيه روايتان. قوله: (بإحياء) أي: في الأربع. قوله: (سوى ... إلخ) علم منه: أن موات العنوة كأرض مصر والشام والعراق وصرح به في «الإقناع». قوله: (من أرض كفار) عامرًا كان أو مواتا؛ لأنه تابع لأرضهم. قوله: (وما قرب) أي: عرفًا، وقيل: غلوة. قوله: (وتعلق بمصالحه) فهم منه: أنه لو لم يتعلق بمصالحه مع قربه، ملك، كما يأتي. قوله: (وفنائه) أي: ما اتسع أمامه. قوله: (ونحو ذلك) كمدفن موتاه ومطرح ترابِهِ. قوله: (ملكه) جواب (من) قوله: (بما فيه) أي: مع ما فيه. قوله: (من معدن ... إلخ) أي: مع ذلك قال في «الشرح» و «المبدع»: ولو تحجر الأرض أو أقطعها، فظهر فيها معدن قبل إحيائها، كان له إحياؤها، ويملكها بما فيها؛ لأنه صار أحق بتحجره

باطن كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وظَاهِرٍ كَجَصٍّ وَكُحْلٍ

_ وإقطاعه، فلم يمنع من إتمام حقه. قال في «المغني»: ولو ظهر في ملكه معدن بحيث يخرج النيل عن أرضه، فحفر إنسان من خارج أرضه، كان له أن يأخذ ما خرج عن أرضه منه؛ لأنه لم يملكه إنما ملك ما هو من أجزاء أرضه. قوله: (باطنٍ) أي: ما يحتاج في إخراجه إلى حفرٍ ومؤنةٍ. قوله أيضا على قوله: (باطن) أي: ظاهر على وجه الأرض أو لا. قوله: (وظاهر) أي: ما يتوصل إلى ما فيه بلا مؤنة، يعني: ظهر بإظهاره وحفره. أما ما كان ظاهرا قبل إحيائها، فلا يملك؛ لأنه يقطع نفعًا واصلا للمسلمين، بخلاف ما ظهر بإظهاره، فإنه لم يقطع عنهم شيئاً. قوله: (كجص) الجص - بالكسر - معروف، وهو معرَّب؛ لأن الجيم والصَّاد لا يجتمعان في كلمة عربيةٍ؛ ولهذا قيل: الإجَّاص معرب. «مصباح».

وَعَلَى ذِمِّيٍّ خَرَاجُ مَا أَحْيَا مِنْ مَوَاتٍ عَنْوَةً وَيُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ وَيُقْطَعُ مَا قَرُبَ مِنْ السَّاحِلِ مِمَّا إذَا حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ صَارَ مِلْحًا أَوْ مِنْ الْعَامِرِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَصَالِحِهِ لَا مَعَادِنُ مُنْفَرِدَةٌ وَلَا يُمْلَكُ مَا نَضَبَ مَاؤُهُ وَإِنْ ظَهَرَ فِيمَا أَحْيَا عَيْنُ مَاءٍ أَوْ مَعْدِنٍ جَارٍ كَنَفْطٍ وَقَارٍ

_ قوله: (وعلى ذميِّ ... إلخ) أي: لا مسلمٍ، وهل يملكه مع ذلك أم لا؟ الأقرب: أنَّه لا يملكه، كما هو صريح «الإنصاف». ثانياً: وفهم من كلامه أنه لا شيء عليه في غير العنوة، وهو الصحيح. قاله في «الإنصاف». قال منصور البهوتي؛ ولعل مرادهم بغير العنوة العشرية، بدليل مقابله وهو أن عليه عشر زرعه وثمره، وأن المراد بالعنوة: ما يعمُّ ما جلا عنها أهلها خوفاً منَّا، وما صالحناهم على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج. انتهى. قوله: (صار ملحاً) وإحياء هذا النوع بتهيئه لما يصلح له من حفر ترابِهِ وتمهيده وفتح قناة إليه؛ لأنه يتهيأ بهذا للانتفاع. قوله: (بمصالحه) علم منه: أنه ليس للإمام إقطاع مالا يجوز إحياؤه مما يتعلق بمصالح العامر. قوله: (ولا يملك ما نضب ماؤه) من الجزائر. هذا ما قطع به في «التنقيح». وفي «الإنصاف» عن ابن عقيل والموفق والشارح: يجوز. وجزم به في «الإقناع»، ونص عليه الحارثي مع عدم الضرر. قال منصور البهوتي: ولعل من منع الإحياء، منعه بالبناء، ومن أجازه فمراده: بالزرع

أَوْ كَلَأٌ أَوْ شَجَرٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ وَمَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ يَجِبُ بَذْلُهُ لِبَهَائِمِ غَيْرِهِ وَزَرْعِهِ مَا لَمْ يَجِدْ مُبَاحًا أَوْ يَتَضَرَّرُ بِهِ أَوْ يُؤْذِيهِ بِدُخُولِهِ أَوْ لَهُ فِيهِ مَاءُ السَّمَاءِ فَيَخَافُ عَطَشًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْنَعَهُ وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمَوَاتٍ

_ ونحوه، كما يدلُّ عليه التعليل. انتهى. قوله: (جارٍ) أي: إذا أخذ منه شيء خلفه غيره. قوله: (أو كلأ) الكلأ - مهموز- العشب رطباً كان أو يابسا، والجمع أكلاء، مثل سببٍ وأسباب. «مصباح». قوله: (وما فضل من مائه) أي: الذي لم يحزه. قوله: (وحاجة عياله) في شربٍ، وعجينٍ، وطبخ، وطهارة، وغسل ثياب، ونحو ذلك. قاله الحارثي؛ لأن ذلك كله من حاجته. قوله: (وزرعه) أي: وبساتينه. قوله: (مالم يجد مباحًا) يعني: رب البهائم أو الزرع. قوله: (أو يؤذه) أي: طالب الماء. (أو له فيه) أي: البئر؛ لأنه ملكه بالحيازة بخلاف العد. قوله: (ويخاف عطشاً) وحيث لزمه بذله، لم يلزمه حبل ودلو وبكرة مالم يضطر إلى ذلك مع عدم الضَّرر، كما يأتي في الأطعمة. قوله: (ومن حفر بئرًا ... إلخ) اعلم: أنَّ البئرَ

لِلسَّابِلَةِ فِي سَقْيِ زَرْعٍ وَشُرْبٍ وَمَعَ ضِيقٍ بِسَقْيِ آدَمِيٍّ فَحَيَوَانٍ فَزَرْعٍ، وارْتِفَاقًا كَالسِّفَارَةِ لِشُرْبِهِمْ ودَوَابِّهِمْ فَهُمْ أَحَقُّ بِمَائِهَا وَقَامُوا وَعَلَيْهِمْ بَذْلُ فَاضِلٍ لِشَارِبٍ فَقَطْ وَبَعْدَ رَحِيلِهِمْ تَكُونُ سَابِلَةً لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ عَادُوا كَانُوا أَحَقَّ بِهَا تَمَلُّكًا فمِلْكٌ لِحَافِرٍ

_ المحفورة في الموات على ثلاثة أقسامٍ؛ لأنها إما أن تحفر لنفعٍ عام أو خاص، فالأوَّل: حافر فيها كغيره، والثاني وهو الخاصُّ: إما أن يكون موسعًا أو مضيقًا، فالأول، كالآبار التي يحفرها المسافرون؛ لشربهم ودوابِّهم فهذا يختص به الحافر ما دام مقيمًا. والثاني: وهو الخاص المضيق: وهو القاصد بحفره التملك، فهذه ملك لحافرها. فتدبر. قوله: (للسَّابلة) اي: نفع المجتازين. قوله: (ومع ضيق) أي: تزاحم. قوله: (لشارب فقط) أي: دون نحو زرع. قوله: (فملك لحافر) قال في «المغني»: وعلى كل حال، لكل أحدٍ أن يستقي من الماء الجاري لشربه وطهارته وغسل ثيابه وانتفاعه به في أشباه ذلك، مما لا يؤثر فيه من غير إذنٍ، إذا لم يدخل إليه في مكان محوط عليه، ولا يحل لصاحبه المنع من

فصل وإحياء أرض بحوز بحائط منيع أَوْ إِجْرَاءِ مَاءٍ لَا تُزْرَعُ إلَّا بِهِ أَوْ مَنْعِ مَاءٍ لَا تُزْرَعُ مَعَهُ

_ ذلك. نقله في «الإقناع» وأقره. قوله: (وإحياء أرض) أي: موات. قوله: (بحوز) أي: ضم إليه. قوله: (بحائط منيع) أي: يمنع ما وراءه مما جرت عادة أهل البلد بالبناء به من لبن أو غيره، سواء أرادها لبناءٍ أو زرع أو غيرهما، ولا يعتبر تسقيف ولا نصب باب، لا بحرث أو زرع بل بتحجيرٍ. قوله: (أو إجراء ماء) بأن يسوقه إليها من نهر أو بئر. قوله: (أو منع ما لا تزرع معه) يحتمل أن يكون قوله: (ما) ممدودًا، هو الذي يدل عليه كلامه في «شرحه» أي: بأن تكون الأرض غارقة بالماء، بحيث لا يمكن زرعها إلا بحبسه عنها، فمتى حبسه عنها فقد ملكها؛ لأن بذلك يتمكن من الانتفاع، ولا يعتبر أن يزرعها ويسقيها، ويحتمل أن يكون قوله: (ما) مقصورًا، فتكون (ما) نكرة موصوفة، أو اسمًا موصولا، والمعنى: أو منع شيء لا يمكن زرعها معه، أو الشيء الذي لا يمكن زرعها معه. وهذا أولى؛ ليشمل ما ذُكر من الماء

أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ غَرْسُ شَجَرٍ فِيهَا وَبِحَفْرِ بِئْرٍ يَمْلِكُ حَرِيمَهَا وَهُوَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فِي قَدِيمَةٍ خَمْسُونَ ذِرَاعًا وفِي غَيْرِهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ

_ وغيره، كما لو كان المانع من زرعها كثرة الأحجار، كأرض اللجاة - ناحية بالشام - فإحياؤها بقلع أحجارها وتنقيتها، وكما لو كانت غياضًا وأشجاراً، كأرض الشعرى، فأحياؤها، بأن يقلع أشجارها، ويزيل عروقها المانعة من الزرع. وجزم بذلك كله في «الإقناع». فتدبر, قوله: (أو حفر بئر) يصل إلى مائها مع طي لحاجة. قوله: (أو غرس شجر فيها) بأن كانت لا تصلح لغرس، لكثرة أحجارها ونحوها، فينقيها ويغرسها؛ لأنه يراد للبقاء بخلاف زرع. قوله: (وبحفر بئر) استخرج ماءها. قوله: (في قديمة) هي المراد بالعادية، أي: وهي التي انطمت وذهب ماؤها فجدد حفرها وعمارتها أو انقطع ماؤها فاستخرجه. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه»: وعلم من كلامه: أن البئر التي لها ماء ينتفع به الناس، ليس لأحد احتجاره، كالمعادن الظاهرة. قوله: (خمسون ذراعًا) لعل المراد: بذراع اليد. منصور البهوتي.

وَحَرِيمُ عَيْنٍ وَقَنَاةٍ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ ونَهْرٍ مِنْ جَانِبَيْهِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِطَرْحِ كِرَايَتِهِ وَطَرِيقِ شَاوِيهِ وَنَحْوِهِمَا وشَجَرَةٍ قَدْرُ مَدِّ أَغْصَانِهَا وأَرْضٍ تُزْرَعُ مَا تَحْتَاجُ لِسَقْيِهَا وَرَبْطِ دَوَابِّهَا وَطَرْحِ سَبَخِهَا وَنَحْوِهِ ودَارٍ مِنْ مَوَاتٍ حَوْلَهَا مَطْرَحُ تُرَابٍ وَكُنَاسَةٍ وَثَلْجٍ وَمَاءِ مِيزَابٍ وَمَمَرٍّ لِبَابٍ وَلَا حَرِيمَ لِدَارٍ مَحْفُوفَةٍ بِمِلْكٍ وَيَتَصَرَّفُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ عَادَةٍ وَإِنْ وَقَعَ فِي الطَّرِيقِ نِزَاعٌ وَقْتَ الْإِحْيَاءِ فَلَهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَلَا تُغَيَّرُ بَعْدَ وَضْعِهَا

_ قوله: (وقناة) أي: من موات حولها. قوله: (لطرح كرايته) أي: يلقى منه طلبًا لسرعة جريه. قوله: (شاويه) أي: قيمه. قوله: (ونحوهما) أي: من مرافقه. قوله: (وشجر) أي: غرس بموات، وفي نسخة (وشجرة) وما في الأصل موافق لخط المصنف. قوله: (وكناسةٍ) أي: الزبالة. قوله: (بحسب عادةٍ) في الانتفاع، فإن تعداها منع. قوله: (وإن وقع في الطريق نزاع) أي: في قدره. قوله: (بعد وضعها) يعني: ولو زادت على سبعة أذرع؛ لأنها للمسلمين

وَمَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا بِأَنْ أَدَارَ حَوْلَهُ أَحْجَارًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا لَمْ يَصِلْ مَاءَهَا أَوْ سَقَى شَجَرًا مُبَاحًا وَأَصْلَحَهُ وَلَمْ يُرْكِبْهُ وَنَحْوِهِ أَوْ أَقْطَعَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ووَارِثُهُ ومَنْ يَنْقُلُهُ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ نَزَلَ عَنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ أَوْ عَنْ وَظِيفَةٍ لِأَهْلٍ أَوْ آثَرَ شَخْصًا

_ قوله: (ومن تحجر ... إلخ) أي: وهو أن يشرع في إحيائه، كما مثَّله المصنف. قوله: (بأن أدار حوله أحجارًا) يعني: أو ترابا، أو شوكا، أو حائطا غير منيع. قوله: (أو سقى شجرًا ... إلخ) قال في «حاشية التنقيح» الصواب: شفى بالشين المعجمة وتشديد الفاء، أي: قطع الأغصان الرديئة؛ لتخلفها أغصان جيدة، تصلح للتركيب، وهو التطعيم. قوله: (ولم يركبه) أي: يطعمه، فإن ركبه، ملكه. قوله: (ونحوه) أي: كحرث أرضٍ. قوله: (أو أقطعه) أي: أقطعه الإمام مواتا ليحييه، وعلم منه: أن للإمام ذلك. قوله: (لم يملكه) أي: قبل إحيائه. قوله: (وهو أحق به) أي: من شرع في إحياء شيء لم يتمه، تحجر الموات، أو حفر البئر ولم يصل ماءها، أو شفى الشجر المباح ولم يركبه ونحوه، أو أقطعه. قوله: (أو عن وظيفة) أي: من إمامة، أو خطابة، أو تدريس ونحوه. قوله: (لأهل) فهم منه: أنه لا يتعيَّن إذا كان غير أهلٍ. قال الموضح: ملخص كلام الأصحاب: يستحقُّها منزول له إن كان أهلا، وإلا فلناظرٍ توليةُ مستحقها شرعاً.

بِمَكَانِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ عُرْفًا وَلَمْ يَتِمَّ إحْيَاؤُهُ وَحَصَلَ مُتَشَوِّقٍ لِإِحْيَائِهِ قِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُحْيِيَهُ أَوْ تَتْرُكَهُ فَإِنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِعُذْرٍ أُمْهِلَ مَا يَرَاهُ حَاكِمٌ مِنْ نَحْوِ شَهْرٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَمْلِكُ بِإِحْيَاءِ غَيْرِهِ فِيهَا وَكَذَا لَا يُقَرِّرُ غَيْرُ مَنْزُولٍ لَهُ

_ قوله: (وليس له) أي: لمن قلنا: إنه أحق بشيء مما سبق. قوله: (بيعه) أي: لعدم الملك. قال منصور البهوتي: ولعل هذا لا ينافي ما ذكره ابن نصر الله؛ لأن العوض ليس خاصاً في البيع. قوله: (فإن طالت المدة) أي: لنحو التحجر. قوله: (عرفاً) أي: نحو ثلاث سنين. كما في «الإقناع». قوله: (متشوِّف) أي: منتظر. قوله: (فإن طلب المهلة لعذر) فإن لم يكن عذر، قيل له: إما أن تعمر أو ترفع يدك، فإن لم يعمرها، فلغيره عمارتها. قوله: (فيها) أي: في مدةِ المهلة، وبعدها من أحيا مَلَك. قال في «الإنصاف». لا أعلم فيه خلافا. قوله: (وكذا لا يقرر غير منزول له) أي: في أرض

ولَا لِغَيْرِ الْمُؤْثَرِ أَنْ يَسْبِقَ: وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُ جُلُوسٍ بِطَرِيقٍ وَاسِعَةٍ وَرَحْبَةِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مَحُوطَةٍ مَا لَمْ يَضِقْ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَمْلِكُهُ مُقْطَعٌ

_ خراجية أو وظيفة نزل عنها لأهل، فإن قرَّر المنزول له من له الولاية كالناظر، ثم الأمرُ له، وإلا فهي للنازل، وأخذ العوض عن ذلك قريب في الخلع، كما قاله ابن نصر الله وغيره. قال منصور البهوتي: قلت: وإن لم يتم النزول، فله الرجوع بما بذله من العوض؛ لأن البدَلَ لم يسلم له. انتهى. وكذا ينبغي أن النازل بعوضٍ إذا لم يسلم له، فله الرجوع في وظيفته؛ لأنه لم يحصل منه رغبة مطلقة عن وظيفته بل مقيدةٌ بعوض ولم يحصل له. فتدبر. قوله: (أن يسبق) من باب: ضرب، كما في «المختار» للرازي. قوله: (إقطاع جلوس) وهذا إقطاع الإرفاق. قوله: (غير محوطة) علم منه: أن الرحبة لو كانت محوطةً، لم يجز إقطاع الجلوس بها؛ لأنها مسجد. تتمة وفائدة: الأسباب المقتضية للملك: الإحياء، والميراث، والمعاوضات، والهبات، والوصايا، والوقف، والصدقات، والغنيمة، والاصطياد، ووقوع الثلج في المكان الذي أعده، وانقلاب الخمر خلا، والبيضة المذرة فرخًا. قاله في «حاشية الإقناع».

بَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مَا لَمْ يَعُدْ الْإِمَامُ فِي إقْطَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْطِعْ فَالسَّابِقُ أَحَقُّ مَا لَمْ يَنْقُلْ قُمَاشَهُ عَنْهَا فَإِنْ أَطَالَهُ أُزِيلَ وَلَهُ أَنْ يَسْتَظِلَّ بِمَا لَا يَضُرُّ كَكِسَاءٍ وَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ إلَيْهِ أَوْ إلَى خَانٍ مُسْبَلٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ خَانِكَاهْ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ بِهَا إلَى تَنْزِيلِ نَاظِرٍ أُقْرِعَ وَالسَّابِقُ إلَى مَعْدِنٍ أَحَقُّ بِمَا يَنَالُهُ وَلَا يُمْنَعُ

_ قوله: (بل يكون أحق به) ولو نقل قماشه عنها، بخلاف السابق إليها بلا إقطاع، كما سيأتي. تتمة: من جلس في مسجدٍ لفتوى أو إقراء، فهو أحق به ما دام فيه، أو غاب لعذر وعاد قريباً، ومن سبق إلى نحو رباط، لم يبطل حقه بخروجه لحاجة. منصور البهوتي. قوله: (ككساء) أي: لا بناءٍ. قوله: (ولم يتوقف فيها ... إلخ) أي: المذكورات من الخان والرباط والمدرسة والخانكاه. قوله: (إلى معدنٍ) أي: مباح؛ بأن يكون غير مملوك سواءٌ كان المعدن باطناً، أو ظاهرًا، فمتى شرع في حفر المعدن ولم يصل إلى النيل، صار أحق بالأخذ منه ما دام مقيماً على الأخذ منه. قوله: (ولا يمنع ... إلخ) ما دام آخذًا.

إذَا طَالَ مُقَامُهُ وَإِنْ سَبَقَ عَدَدٌ وَضَاقَ الْمَحِلُّ عَنْ الْآخِذِ جُمْلَةً أُقْرِعَ وَالسَّابِقُ إلَى مُبَاحٍ كَصَيْدٍ وَعَنْبَرٍ وَحَطَبٍ وَثَمَرٍ وَمَنْبُوذٍ رَغْبَةً عَنْهُ أَحَقُّ بِهِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ عَدَدٍ بِالسَّوِيَّةِ وَلِلْإِمَامِ لَا غَيْرِهِ إقْطَاعُ غَيْرِ مَوَاتٍ تَمْلِيكًا

_ قوله: (إذا طال مقامه) قال في «المغني» و «الشرح». فإن أخذ قدر حاجته، وأراد الإقامة فيه بحيث يمنع غيره منه، منع من ذلك. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه»: لعدم دعاء الحاجةِ إليه. انتهى. قوله: (أقرع) فلو حفر إنسانٌ من جانب آخر، فوصل إلى النيل، لم يكن للسابق منعه. قوله: (وعنبرٍ) أي: على ساحل البحر، وإلا فلقطةٌ. قوله: (رغبة عنه) أي: كالنثار في الأعراس. قوله: (أحق به) أي: مسلمًا كان أو ذميًا، لكن الملك مقصورٌ فيه على القدر المأخوذ، فلا يملك ما لم يحزه، ولا يمنع غيره منه. قاله في «الإقناع» و «شرحه» قوله: (ويقسم) أي: بين عدد، أي: أخذوه دفعة. قوله: (بالسوية) ولو كان بعضهم يأخذ للحاجة، وبعض للتجارة؛ لأن الاستحقاق بالسبب لا بالحاجة. قوله: (غير موات) أي:

وَانْتِفَاعًا لِلْمَصْلَحَةِ وحَمْيُ مَوَاتٍ لِرَعْيِ دَوَابِّ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مَا لَمْ يُضَيِّق وَلَهُ نَقْضُ مَا حَمَاهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ،

_ بل من العامر العائد إلى بيت المال، وإنما نص عليه؛ لكونه يتوقف على إقطاع الإمام بخلاف الموات؛ فإنه لا يتوقف على إقطاع الإمام مع جوازه أيضًا. كما علم مما تقدَّم، فلا مفهوم له. فتدبر. قوله: (وانتفاعاً) أي: بزرع وإجارة وغيرهما مع بقائه للمسلمين، وهو إقطاع الاستغلال. قوله: (للمصلحة) قال في «الإقناع»: والظاهر: أن مرادهم - أي: الأصحاب - بالمصلحة، ابتداء ودواما، فلو كان ابتداؤه لمصلحة، ثم في أثناء الحال فقدت، فللإمام استرجاعها، أي: لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا. فتدبر. قوله: (وحمى موات ... إلخ) أي: منع الناس منه. قوله: (لرعي دواب المسلمين التي يقوم بها) أي: بحفظها من الصدقة والجزية، ودواب الغزاة، وماشية الضعفاء، وغير ذلك، ثم إن كان الحمى لكافة الناس، تساوى فيه جمعيهم، فإن خص به المسلمون، اشترك فيه غنيهم وفقيرهم، ومنع منه أهل الذمة، وإن كان خص به الفقراء، منع منه الأغنياء وأهل الذمة، ولا يجوز تخصيص الأغنياء وأهل الذمة به، ولا يجوز لأحد أن

لَا مَا حَمَاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا يُمَلَّكُ بِإِحْيَاءٍ وَلَوْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ فصل ولمن في أعلى ماء غير مملوك كالأمطار والأنهار الصغار أن يسقي ويحبسه حَتَّى يَصِلَ إلَى كَعْبِهِ، ثُمَّ يُرْسِلَهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ ثُمَّ

_ يأخذ من أرباب الدواب عوض مرعى مواتٍ أو حمى، ومن أخذ مما أحياه إمام، عزر في ظاهر كلامهم. قال في «الإقناع»: وظاهره: ولا ضمان. قوله: (لا ما حماه رسول الله ... إلخ) أي: لأن النص لا يُنقض بالاجتهاد. فصل في الانتفاع بالمياه غير المملوكة ونحوه أيضًا هذا الفصل معقود لمسائل من أحكام الانتفاع بالمياه غير المملوكة ونحو ذلك. ثم الماء على أربعة أقسام؛ لأنه إما أن يكون واقفًا، أو جاريا، والجاري، إما أن يكون في نهر غير مملوك، أو لا، فإن كان في نهر غير مملوك فإما أن يكون في نهر عظيم كالنيل والفرات، فلكل أن يسقي منها متى شاء ما شاء، وإما أن يكون في نهر صغير أو سيلا يتشاح فيه، وهو المشار إليه بقوله: (ولمن في أعلى ... إلخ) وأشار إلى المملوك بقوله: (وإن حفر نهر صغير ... إلخ) قوله: (والأنهار الصغار ... إلخ) أي: حيث لم يعلم المحيي أو لا.

هُوَ كَذَلِكَ مُرَتَّبًا إنْ فَضَلَ شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِي فَإِنْ كَانَ لِأَرْضِ أَحَدِهِمْ أَعْلَى وَأَسْفَلُ سُقِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فَأَكْثَرُ فِي قُرْبٍ قُسِّمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أُقْرِعَ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ وَاحِدٍ سَقَى الْقَارِعُ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَإِنْ أَرَادَ إنْسَانٌ إحْيَاءَ أَرْضٍ يَسْقِيهَا مِنْهُ لَمْ يُمْنَعْ مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ مِنْهُ وَلَا يَسْقِي قَبْلَهُمْ وَلَوْ أَحْيَا سَابِقٌ فِي أَسْفَلِهِ ثُمَّ آخَرُ فَوْقَهُ ثُمَّ ثَالِثٌ فَوْقَ ثَانٍ سَقَى الْمُحْيِي أَوَّلًا ثُمَّ ثَالِثٌ

_ قوله: (على حدته) أي: على انفراده. قوله: (في قرب) أي: من أول نهر. قوله: (على قدر الأرض ... إلخ) فلو كان لواحدٍ جريب، ولآخر جريبان، ولثالثٍ ثلاثة، فللأول السدس، والثاني الثلث، والثالث النصف. قوله: (وإلا أقرع) أي: وإن لم يمكن قسمُ الماء على قدر الأرض، أقرع، فمن قرع سقى أرضه أولا بجميع الماء، ثم يرسله إلى من بقي، هذا إذا كان الماء يكفي الجميع، فلو كان الماء لا يفضل عن سقي أحدهما، فكما قال المصنف: يسقي القارع بقدر حقه من الماء، وإنما القرعة للتقدم، بخلاف الأعلى مع الأسفل، فإنه ليس للأسفل حق إلا في الفاضل عن الأعلى، كما تقدَّم. قوله: (منه) أي: السيل أو النهر الصَّغير. قوله: (في أسفله) أي: النهر.

وَإِنْ حُفِرَ نَهْرٌ صَغِيرٌ وَسِيقَ مَاؤُهُ مِنْ نَهْرٍ كَبِيرٍ مَلَكَهُ وَهُوَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ عَلَى حَسَبِ عَمَلٍ وَنَفَقَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ وَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ جَازَ وَإِلَّا قَسَمَهُ حَاكِمٌ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمْ فَمَا حَصَلَ لِأَحَدِهِمْ فِي سَاقِيَتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ والْمُشْتَرَكُ. لَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِذَلِكَ وَمَنْ سَبَقَ إلَى قَنَاةٍ لَا مَالِكَ لَهَا فَسَبَقَ آخَرُ إلَى بَعْضِ أَفْوَاهِهَا مِنْ فَوْقُ أَوْ أَسْفَلُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا سَبَقَ إلَيْهِ وَلِمَالِكِ أَرْضٍ مَنْعُهُ

_ قوله: (ملك) أي: الماء الداخل فيه. قوله: (على قسمته) أي: بمهايأة أو غيرها. قوله: (على قدر ملكهم) أي: في النهر، فتؤخذ خشبة أو حجر مستوي الطرفين والوسط، فيه ثقوب متساوية في السعة على قدر حقوقهم، فيوضع ذلك على موضع مستوٍ من الأرض في مصدِم الماء، فيخرج من كل ثقب إلى ساقيةٍ مفردةٍ لكل واحد منهم، فإن كانت أملاكهم مختلفةً، قسم الماء على قدر ذلك، فإذا كان لأحدهم نصفه، وللثاني ثلثه، وللثالث سدسه، جعل فيه ستة ثقوب، لصاحب النصف ثلاثة تصب في ساقيته، ولصاحب الثلث اثنان، ولصاحب السدس واحد. تتمة: نقل يعقوب في من غصب حقه من ماء مشترك، للبقية أخذ حقِّهم.

مِنْ الدُّخُولِ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ رُسُومُهَا فِي أَرْضِهِ وَلَا يَمْلِكُ تَضْيِيقَ مَجْرَى قَنَاةٍ فِي أَرْضِهِ خَوْفَ لِصٍّ وَمَنْ سُدَّ لَهُ مَاءٌ لِجَاهِهِ فَلِغَيْرِهِ السَّقْيُ مِنْهُ لِحَاجَةِ مَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ يَرُدُّهُ عَلَى مَنْ سَدَّ عَنْهُ

_ قوله: (من الدخول بها) أي: بأرضه. قوله: (ولو كانت رسومها) أي: ولو كانت رسوم القناة المحياة في أرض المانع، فلا يدخل المحيي بالقناة في أرض غيره بغير إذنه، ولا ينافي هذا ما ذكروه في الصلح، من أن من وجد رسوم خشبه أو مسيل مائه ونحوه في أرضِ غيرِه، يقضى له به، عملا بالظاهر؛ لأن هنا علمنا عدم سبق الملك؛ لأن المحيي إنما ملك ما أحياه بالإحياء، وقبله لا ملك له، بخلاف ما هناك، ذكره في «حاشية الإقناع». قوله: (فلغيره) أي: غير المتجوه ممن لا استحقاق له في أصل الماء إلا بالحاجة، أن يسقي أرضه من هذا الماء المسدود للمتجوه، مالم يكن ترك هذا الغير السقي من الماء المسدود، سبباً في رد المتجوه الماء الذي سد له إلى أصحابه، لم يجز لغيره السقي منه، وإن كان لا يردُّه إليهم، سواء سقى غير المتجوه أو لا، فله السقي. قوله: (مالم يكن تركه يرده ... إلخ) يعني: مالم يكن ترك بعض الشركاء السقي من الماء المسدود للمتجوه سببًا لرد الفضل عليهم، بحيث يكون المتجوه إذا رأى أحدًا منهم يسقي من الماء يمنعهم الفضل مضارة، وإذا لم ير أحدًا يسقي منه، ردَّ على الشركاء فضل الماء،

_ فلا يجوز في هذه الحالة لأحد السقي منه؛ لأنه يتسبب في ظلم غيره. فتأمل ذلك، فإنها مسألة بعيدة الفهم على كثير من الناس، حتى عدت هذه العبارة من الألغاز، وقد نبهنا على ذلك شيخنا محمد الخلوتي، رحمه الله تعالى.

باب الجعالة

باب الجعالة: جَعْلُ مَالٍ مَعْلُومٍ لَا مِنْ مَالِ مُحَارِبٍ فَيَصِحُّ مَجْهُولًا لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ عَمَلًا وَلَوْ مَجْهُولًا أَوْ مُدَّةً وَلَوْ مَجْهُولَةً كَمَنْ رَدَّ لُقَطَتِي

_ باب الجعالة من الجعل بمعنى: التسمية، أو منه بمعنى: الإيجاب، وتطلق على المجعول. واعلم: أن الجعالة نوع إجازة؛ لوقوع العوض في نظير النفع، لكن تخالفها وتتميز عنها بأشياء: كون العامل لا يلتزم العمل، وكون العقد قد يقع لا مع معين، كمن فعل كذا، فله كذا. ويجوز الجمع فيها بين تقدير المدة والعمل، بخلاف الإجارة في ذلك. قوله: (جعلُ معلوم) أي: تسمية مال، فلو شرط مجهولا، كمن رد عبدي، فله نصفه. أو محرما، كالخمر، فله أجرة المثل. بخطه أيضا على قوله: (معلوم) أي: برؤية أو صفةٍ، كأجرة. قوله: (محارب) أي: حربي. قوله: (فيصح مجهولا) أي: فيصح أن يجعل الإمام من مال حربي مجهولا، كثلث مال فلان الحربي لمن يدل على قلعةٍ مثلا، وتقدم. قوله: (لمن يعمل له) أي: للجاعل، بخلاف مالو قال زيد مثلا لجماعة: من ركب منكم دابته مثلا، فله كذا. فلا يصح؛ لئلا يجتمع له أمران: العمل والجعل، كما تقدم نظيره في الإجارة. فتدبر. قوله: (عملا) أي: مباحًا، لا نحو زمر. قوله: (مدة) أي: فيها. قوله: (ولو مجهولة) كمن حرس زرعي، فله كذا أو أذن بهذا المسجد، فله في كل شهر كذا. قوله: (كمن ردَّ لقطتي)

أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ أَوْ أَقْرَضَنِي زِيدَ بِجَاهِهِ أَلْفًا. أَوْ أَذَّنَ بِهَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا. فَلَهُ كَذَا. أَوْ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ مَدِينِي فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا فَمَنْ بَلَغَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ اسْتَحَقَّهُ بِهِ وفِي أَثْنَائِهِ فحِصَّةُ تَمَامِهِ إنْ أَتَمَّهُ بِنِيَّةِ الْجُعْلِ وبَعْدَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَحُرِّمَ أَخْذُهُ ومَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ دِينَارٍ أَوْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا

_ أي: أو لقطة فلان، لأنه ضامنٌ له إذن، بخلاف مالو قال: قال فلان: من رد لقطتي، فله كذا. قوله: (أو أقرضني زيد بجاهه ألفا) هذه الأمثلة الثلاثة أمثلة للعمل المجهول. وقوله: (أو أذن بهذا المسجد شهرًا) يجوز أن يكون مثلا للمدة المجهولة إن جعلنا المعنى: له على كل شهر كذا. فتأمل. قوله: (استحقه به) لعله إن فعله بنية الجعل، كما في التي بعدها، ومتى تلف الجعل بيد الجاعل، كان للعامل مثله إن كان مثلياً، وإلا فقيمته، والجماعة تقتسمه، فإن فاوت بينهم فجعل لواحد على رده مثلا ديناراً، ولآخر دينارين، ولآخر ثلاثة، فردوه، فلكل واحد ثلث جعله، وإن رده اثنان منهم، فلكل منهما نصف جعله، وإن جعل لأحدهم دينارًا وللآخرين عوضا مجهولا، فرده، فلصاحب الدينار ثلثه، وللآخرين أجرة عملهما. وإن جعل لواحد معين شيئًا في رده، فرده هو وآخران معه وقالا: رددناه معاونة له، استحق جميع الجعل ولا شيء لهما. وإن قالا: رددناه لنأخذ العوض لأنفسنا، فلا شيء لهما، وله ثلث الجعل. قوله: (وهو أقل من دينار ... إلخ) علم منه: أنه

اللَّذَيْنِ قَدَّرَهُمَا الشَّارِعُ فَقِيلَ: يَصِحُّ وَلَهُ بِرَدِّهِ الْجُعْلُ فَقَطْ وَقِيلَ: لَا وَلِلرَّادِّ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَيَسْتَحِقُّ مَنْ رَدَّهُ مِنْ دُونِ مُعَيَّنَةِ الْقِسْطَ ومِنْ أَبْعَدَ فَلَهُ الْمُسَمَّى فَقَطْ ومَنْ رَدَّ أَحَدَ آبِقَيْنِ نِصْفَهُ وَبَعْدَ شُرُوعِ عَامِلٍ إنْ فَسَخَ جَاعِلٌ فَعَلَيْهِ أُجْرَةٌ عَمَلِهِ

_ لو جعل له أكثر مما قدره الشارع استحق المشروط فتأمل. ثم رأيته صرح في «الإقناع» بذلك. قوله: (فقيل: يصح ... إلخ) هذا مما أطلق فيه المصنف الوجهين، وجزم في «الإقناع» بالثاني، وقطع به الحارثي وصاحب «المبدع». فتدبر. قوله: (وقيل: ما قدر الشارع) وبه جزم في «الإقناع». قوله: (ومن أبعد، المسمى) ومن غير البلد، المسمى، ومن غير طريقه، فلا شيء له، كما لو جعل له في رد أحد عبديه معينًا، فرد الآخر. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه» قلت: بل ما قدَّره الشارع، وكذا التي قبلها. قوله: (نصفه) ظاهره: استوت قيمتهما أم اختلفت، وانظر: لأي شيء لم نحكم بعدم استحقاقه شيئاً من الجعل؛ لأنه لم يتم العمل، ولعله لتعدد العقد بتعدد المعقودِ عليه. ومقتضى ذلك لو قال: من خاط لي هذين الثوبين، فله كذا، فخاط أحدهما، فله بقدره من الجعل، ومحل ذلك إذا لم يكن في اللفظ ما يدل على فعل الشيئين معا، كما لو قال: من ردهما كليهما، فله كذا، ولم أر من صرح بذلك، والله أعلم. قوله: (فعليه أجرة عمله) أي: قبل فسخ لا بعده.

وَإِنْ فَسَخَ عَامِلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَعَمَلٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ جُعْلٍ فقَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ وفِي قَدْرِهِ أَوْ مَسَافَتِهِ فَقَوْلُ جَاعِلٍ وَإِنْ عَمِلَ وَلَوْ الْمُعَدُّ لِأَخْذِ أُجْرَةٍ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِلَا إذْنٍ. أَوْ جُعْلٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا فِي تَخْلِيصِ مَتَاعِ غَيْرِهِ. وَلَوْ قِنًّا مِنْ بَحْرٍ أَوْ فَلَاةٍ فأُجْرَةُ مِثْلِهِ ورَدِّ آبِقٍ مِنْ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ

_ قوله: (وإن اختلفا) أي: الجاعل والعامل. قوله: (فقول من ينفيه) منهما، كما لو ادعى الجاعل شرطه دون ما قدَّر الشارع، فقال العامل: لم تشترط شيئا، أو عكسه. قوله: (وفي قدره) أي: أو عينه. قوله: (فقول جاعل) يعني: بيمينه. قوله: (ولو المعد لأخذ أجرة) كملاح، وجمال، وحجام، وخياط. قوله: (متاع غيره) ظاهره: أنه يجوز ذلك سواء عرف مالكه، أم لا، وسواء كان مما يجوز التقاطه، أم لا. فتأمل. قوله: (ولو قنا) أي: غير آبق، كما يعلم مما يأتي. قوله: (من بحر) كما لو انكسرت السفينة، فأخرج قوم متاعها من البحر، فتجب لهم الأجرة على الملاك؛ لأن فيه حثاً وترغيباً في إنقاذ الأموال من الهلكة. قوله: (أو فلاةٍ) أي: أو فم سبع. قوله: (فأجر مثله) ويرجع بنفقةٍ واجبة، وأجر حمل متاع.

إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ فمَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ مَا لَمْ يَمُتْ سَيِّدُ مُدَبَّرٍ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ قَبْلَ وُصُولٍ. فَيُعْتَقَا وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ يَهْرُبُ وَيَأْخُذُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ فِي قُوتٍ وَلَوْ هَرَبَ،

_ قوله: (إن لم يكن الإمام) أي: فلا شيء له نصًا، لانتصابه للمصالح، وله حق في بيت المال على ذلك. فتدبر. وهل هذا القيد مختص برد القن أم فيه وفي رد المتاع؟ ولعله أظهر. قوله: (فما قدر الشارع) أي: سواء رده من المصر أو خارجه، قربت المسافةُ أو بعدتْ، ولو كان الرادُّ زوجاً للرقيق أو من عيال المالكِ؛ للحث على حفظه خوفاً من لحوقه بدار الحرب والسعي في الأرض بالفساد بخلاف غيره من الحيوان والمتاع. قوله: (قبل وصول) يعني: إيصالها إليه، أي: تسليمهما؛ لأن الجعل منوط بتسليم العمل. قوله: (ولا شيء له) دفع بهذه الجملة توهم استحقاق الراد بقدر رده قبل موت السَّيد، وإلا فعدم استحقاق الجعل كله علم من قوله: (مالم يمت ... إلخ). قوله: (أو يهرب) وكذا لو مات. قوله: (ويأخذ ما أنفق عليه) والظاهر: أنه يقبل قوله في إنفاقٍ بمعروفٍ؛ لأنه أمين. فتأمل. قوله: (أو على دابة) قال منصور البهوتي: يجوز التقاطها. انتهى. ومفهومه يخالف ما قدَّمناه، ولعله غير مراد. قوله: (في قوتٍ) ولا في زائدٍ عليه، كحلواء. قوله: (ولو هرب ... إلخ) وعلى قياسه: أو شردت الدابة وإلا فما الفرق؟ !

أَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مَالِكًا مَعَ قُدْرَتِهِ وَيُؤْخَذَانِ مِنْ تَرِكَةِ مَيِّتٍ مَا لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ وَلَهُ ذَبْحُ مَأْكُولٍ خِيفَ مَوْتُهُ وَلَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ وَمَنْ وَجَدَ آبِقًا أَخَذَهُ وَهُوَ أَمَانَةٌ

_ قوله: (مع قدرة) بخلاف مالو أنفق الرهن ونحوه. ولعل الفرق أن القدرة على الاستئذان هنا نادرة لا تكاد تحقق غالبا بخلاف ذلك. «حاشية». قوله: (ويؤخذان) أي: الجعل والنفقة. قوله: (من تركةِ ميتٍ) أي: من تركة سيد ميت. قوله: (مالم ينو التبرع) أي: بالعمل والنَّفقة، فلا شيء له. قال في «شرح الإقناع»: ومقتضاه لا تعتبر نية الرجوع، أي: في النفقة. قال: بخلاف الوديعة ونحوها. والفرق: الترغيب في الإنقاذ من المهلكة. قوله: (خيف موته) هل يقبل قوله: إنه لم يذبحه إلا خوفًا من موته؟ الظاهر: لا بد من البينة إلا إن كان أمينًا، كالراعي، والله أعلم. قوله: (ولا يضمن ما نقصه) لأنه متى كان العمل في مال الغير إنقاذًا له من التلف المشرف عليه، كان جائزًا بغير إذن مالكه؛ لأنه إحسان إليه. قوله: (ومن وجد آبقا، أخذه ... إلخ) تنبيه: يقال: أبق العبد - إذا هرب من سيده - بفتح الباء، يأبق بكسرها وضمها، فهو آبق. وقال الثعالبي في «شرح اللغة»: لا يقال للعبد: آبق إلا إذا كان ذهابُه من غيرِ خوف، ولا كدٍّ

وَمَنْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَهُ الْآبِقُ أَخَذَهُ وَلِنَائِبِ إمَامٍ بَيْعُهُ لِمَصْلَحَةٍ فَلَوْ قَالَ كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ عَمِلَ بِهِ

_ في العمل، وإلا فهو هارب. قاله في «شرح الإقناع». قوله: (ومن ادعاه ... إلخ) اعلم: أنه إذا وجد صاحبه، دفعه إليه إذا اعترف العبد المكلَّف، أو أقام صاحبه بينة، وإلا دفعه للإمام أو نائبه ليحفظه لصاحبه. قوله: (فصدَّقه الآبق) أي: المكلف. منصور البهوتي، أو أقام مدعٍ بينة.

باب اللقطة

باب اللقطة: مَالٌ أَوْ مُخْتَصٌّ ضَاعَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ وَمَنْ أُخِذَ مَتَاعُهُ وَتُرِكَ بَدَلُهُ فِي كَلُقَطَةٍ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ

_ باب اللقطة اللقطة، محركة - وكحزمة وهمزة وثمامة - ما التقط. «قاموس» وأراد بمحركة: مفتوحة اللام والقاف. اعلم: أن الالتقاط يشتمل على أمانة واكتسابٍ. قال الحارثي: وللناس خلاف في المغلب منهما، منهم من قال: الكسب ووجه بأنه مآل الأمر. ومنهم من قال: الأمانة، وهو الصحيح؛ لأن المقصود إيصال الشيء إلى أهله، ولأجله شرع الحفظ والتعريف أولا، والملك آخراً عند ضعف الرَّجاء للمالكِ. انتهى. المصنف. قوله: (مالٌ) كنقد ومتاعٍ. قوله: (أو مختص) كخمر خلال. قوله: (ضائع) أي: ساقط بلا علمٍ. قوله: (أو في معناه) كمتروك قصدًا لمعنى يقتضيه، كملقى عند هجومِ ناهب ونحوه، ومدفون منسي. قوله: (لغير حربي) فإن كان لحربيٍّ فلآخذه، كالحربي إذا ضلَّ الطريق، فوجده إنسانٌ، فأخذه ملكه، كما تقدَّم. قوله: (وترك بدله) أي: شيء متمول غيره. قوله: (ويأخذ حقه منه) وتصدَّق بفاضل. قوله: (بعد تعريفه) أي: سنة.

وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الأول: مَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ كَسَوْطٍ وَشِسْعٍ وَرَغِيفٍ فَيُمْلَكُ بِأَخْذِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ وَلَا بَدَلُهُ إنْ وَجَدَ رَبَّهُ وَكَذَا لَوْ لَقِيَ كَنَّاسٌ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ قِطَعًا صِغَارًا مُتَفَرِّقَةً وَلَوْ كَثُرَتْ وَمَنْ تَرَكَ دَابَّةً بِمَهْلَكَةٍ أَوْ فَلَاةٍ

_ قوله: (وهي ثلاثة أقسام) يعني: بالاستقراء. قوله: (أوساطِ الناس) أي: لا يطلبونه إذا ضاع منهم. قوله: (كسوطٍ) ما يُضرب به. وفي «شرح المهذب»: هو فوق القضيب ودون العصا. وفي «المختار»: وهو سوط لا ثمرة له. قوله: (وشسع) الشسع: أحد سيور النعل الذي يدخل بين الإصبعين. قوله: (فيملك ... إلخ) قال في «الإقناع»: والأفضل أن يتصدق به. قوله: (ولا بدله) علم منه: أنه لو بقي بعينه، وجب ردُّه لربه، وصرح به في «الإقناع» بحثاً. قوله: (قطعا صغارا) من الفضة. قوله: (ومن ترك دابة ... إلخ) لا عبدًا أو متاعا تركه ربُّه عجزًا عنه، فلا يملكه بذلك؛ اقتصارًا على صورة النص، ولأن العبد يمكنه في العادة التخلص إلى الأماكن التي يعيش فيها، والمتاع لا حرمة له في نفسه، ولا يخشى عليه التلف كما يخشى على الحيوان.

لِانْقِطَاعِهَا أَوْ عَجْزِهِ عَنْ عَلَفِهَا مَلَكَهَا آخِذُهَا وَكَذَا مَا يُلْقَى خَوْفَ غَرَقٍ الثَّانِي: الضَّوَالُّ الَّتِي تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ وَخَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وظِبَاءٍ وطَيْرٍ وفَهْدٍ وَنَحْوِهَا فَغَيْرُ الْآبِقِ يَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ وَلَا يُمْلَكُ بِتَعْرِيفٍ وَلِإِمَامٍ وَنَائِبِهِ أَخْذُهُ

_ قوله: (لانقطاعها) أي: بعجزها عن المشي. قوله: (ملكها آخذها) أي: إلا أن يكون تركها ليرجع إليها، أو ضلَّت منه، فلا يملكها آخذها، كما في «الإقناع». قوله: (وكذا ما يلقى خوف غرقٍ) خلافا «للإقناع» في إحياء الموات في أنه باقٍ على ملك صاحبه. قوله: (وحمر) أي: أهلية. قوله: (وفهدٍ) يعني: معلم أو قابل، وإلا فليس بمال. قوله: (فغير الآبق يحرم التقاطه) أي: وأما الآبق، فيجوز التقاطه صوناً له عن اللحوق بدار الحرب وارتداده وسعيه بالفساد، وتقدَّم. وبخطه أيضاً على قوله: (يحرم التقاطُه) فإن تبع شيء منها دوابَّه فطرده، أو دخل شيء منها داره فأخرجه، فلا ضمان عليه حيث لم يأخذه، ولم تثبت يده عليه. قوله: (ولا يملك بتعريف) ولم يرجع بما أنفق لتعديه بالتقاطه. قوله: (ولإمام ونائبه) لا غيرهما، خلافاً للموفق عند الخوف عليها.

لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِوَصْفٍ وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ صَيُودٍ مُتَوَحِّشَةٍ لَوْ تُرِكَتْ رَجَعَتْ إلَى الصَّحْرَاءِ بِشَرْطِ عَجْزِ رَبِّهَا وَلَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ لَا أَحْجَارِ طَوَاحِينَ وَقُدُورٍ

_ قوله: (ولا يلزمه) أي: الإمام. قوله: (ولا يؤخذ منه) أي: من الإمام. قوله: (بوصف) بل لابد من البينة، كما صرح به. قوله: (ويجوز ... إلخ) أي: لأن تركها أضيع لها من سائر الأموال، والمقصود حفظها لصاحبها، لا حفظها في نفسها. ومثله على ما ذكر في «المغني» وغيره: لو وجد الضالة في أرض مسبعة يغلب على الظن أن الأسد يفترسها إن تركت، أو قريبًا من دار الحرب يخاف عليها من أهلها، أو بمحلٍّ يستحلُّ أهله أموال المسلمين، كواد التيم، أو في برية لا ماء فيها ولا مرعى، فالأولى جواز أخذها للحفظ ولا ضمان، ويسلمها إلى نائب الإمام ولا يملكها بالتعريف. قال الحارثي: وهو كما قال. قال في «الإنصاف»: ولو قيل بوجوب أخذها - والحالة هذه - لكان له وجهٌ. قاله في «شرح الإقناع». لكن ما ذكره في «المغني» وغيره من جواز أخذ الضالة التي يحرم التقاطها عند الخوف عليها لغير الإمام ونائبه، خلاف الصحيح من المذهب، كما صرح به في «الإنصاف»، ودل عليه مفهوم كلام المصنف. قوله: (وقدور) لأنها لا تكاد تضيع عن صاحبها.

ضَخْمَةٍ وَأَخْشَابٍ كَبِيرَةٍ وَمَا حُرِّمَ الْتِقَاطُهُ ضَمِنَهُ آخِذُهُ إنْ تَلِفَ أَوْ نَقَصَ كَغَاصِبٍ لَا كَلْبًا وَمَنْ كَتَمَهُ فَتَلِفَ فقِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ وَيَزُولُ ضَمَانُهُ بِدَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ رَدَّهُ إلَى مَكَانِهِ بِأَمْرِهِ الثَّالِث: مَا عَدَاهُمَا مِنْ ثَمَنٍ وَمَتَاعٍ وَغَنَمٍ وَفُصْلَانِ وَعَجَاجِيلَ وَأَفْلَاءٍ وَقِنٍّ صَغِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُحَرَّمُ عَلَى مَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا أَخْذُهَا وَيَضْمَنُهَا بِهِ

_ قوله: (ومن كتمه) إماماً كان أو غيره. قوله: (فتلف) أي: ثمَّ ثبت. قوله: (ويزول ضمانه) أي: المحرم التقاطه. قوله: (بأمره) وبغيره يضمنه. قوله: (من ثمن) أي: نقد. قوله: (ومتاع) كثياب. قوله: (وفصلان) ولد الناقة إذا فصل عنها. قوله: (وأفلاء) الفو- كعدو- المهر والجحش يفصل عن أمه. وكحمل لغة. قوله: (وقن صغير) ومريض كبار إبلٍ ونحوها. قوله: (ونحو ذلك) كخشبةٍ صغيرةٍ. قوله: (على من لا يأمن نفسه ... إلخ) كما لو نوى تملكه في الحال أو كتمانها، فإن أخذها بنية الأمانة ثم طرأ عليه قصد الخيانة، فاختار الموفق: لا يضمن. وصحَّحه الحارثي. وجزم به في «الإقناع» قوله: (به) أي: بأخذها إن تلفت فرط، أو لا، أشبه الغاصب.

وَلَمْ يَمْلِكْهَا وَلَوْ عَرَّفَهَا وَإِنْ أَمِنَ نَفْسَهُ وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهَا وَلَوْ بِمَضْيَعَةٍ وَمَنْ أَخَذَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا أَوْ فَرَّطَ ضَمِنَهَا إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِرَدِّهَا

_ قوله: (ولو بمضيعةٍ) كذا بضبط المصنف. وبكسر الضاد على ما في «المطلع». وأصله مضيعة على وزن مفعلة، بكسر العين، استثقلت الكسرة على الياء، فنقلت إلى الساكن قبلها. شخنا محمد الخلوتي. انتهى. هذا معنى ما قدمه في «المطلع». قال وقيل: أي: بسكون الضاد وفتح الياء المثناة تحت، بوزن مسبعة، ورأيته كذلك مضبوطا بقلم المصنف، وقلم الإمام ابن عادل أيضا، وحكى في «المصباح» فيها الوجهين على حد سواء قال: والمراد بها: المفازة المنقطعة. انتهى، والله أعلم. قوله: (بردها) وكذا لو دفعها للإمام أو نائبه.

فَصْلٌ وَمَا أُبِيحَ الْتِقَاطُهُ وَلَمْ يُمْلَكْ بِهِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ حَيَوَانٌ فَيَلْزَمُهُ فِعْلُ الْأَصْلَحِ مِنْ أَكْلِهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ بَيْعَهُ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ تَتِمَّةٌ أَوْ حِفْظِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنِيَّتِهِ فَإِنْ اسْتَوَتْ الثَّلَاثَةُ خُيِّرَ الثَّانِي: مَا يُخْشَى فَسَادُهُ فَيَلْزَمُهُ فِعْلُ الْأَحَظِّ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ أَكْلُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ تَجْفِيفِ مَا يُجَفَّفُ فَإِنْ اسْتَوَتْ خُيِّرَ

_ فصل وما أبيح التقاطه ولم يملك به وهو القسم الثالث. قوله: (حيوانٌ) أي: مأكول، كفصيل وشاة. قوله: (فعلُ الأصلح) أي: لمالكه. قوله: (بقيمته) أي: في الحال. قوله: (أو بيعه) ولو بلا إذن إمام. قوله: (من ماله) فإن ترك الإنفاق فمات، ضمنه. قوله: (بنيته) كمؤنة تجفيف نحو عنبٍ. قوله: (فإن استوت الثلاثة) أي: في نظر ملتقط. قوله: (خير) قال الحارثي: أولى الأمور الحفظ مع الإنفاق، ثم البيع وحفظ الثمن، ثم الأكل وغرم القيمة. قوله: (فساده) كبطيخٍ وطبخ. قوله: (ما يجفف) كعنبٍ ورطبٍ، فإن احتاج في تجفيفه إلى مؤنة، باع بعضه فيه، فإن أنفق من ماله، رجع به في الأصحِّ. قال في «المبدع»: وإن تعذَّر بيعة ولم يمكن تجفيفه، تعين أكله. فلو تركه حتى تلفَ، ضمنَه.

الثَّالِث: بَاقِي الْمَالِ وَيَلْزَمُهُ حِفْظُ الْجَمِيعِ وتَعْرِيفُهُ فَوْرًا نَهَارًا أَوَّلَ كُلِّ يَوْمٍ أُسْبُوعًا ثُمَّ عَادَةً حَوْلًا مِنْ الْتِقَاطِهِ بِأَنْ يُنَادِي: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نَفَقَةٌ فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَكُرِهَ دَاخِلَهَا،

_ قوله: (باقي المال) أي: من نقد وغيره، فيبقيه بحالته. قوله: (ويلزمه حفظ الجميع) أي: ما أبيح التقاطه بأنواعه الثلاثة، ويكون الحفظ حيئنذ أعم من أن يكون حفظاً لعين أو ثمن أو قيمة: فتأمل. قوله: (وتعريفه) سواء أراد تملكه أو حفظه لربِّه. قوله: (أول كل يوم) تبع فيه «التقيح». قال الحجاوي: وهو غريب جداً؛ لأن أول النهار الشرعي من الفجر، ولا تعريف في ذلك الوقت، ولم نر من قاله غيره، وتابعه من جمع بين «المقنع» و «التنقيح» تقليدًا له. انتهى. ويمكن الجواب: بأن المراد: ما يعد أولا في العرف قبل اشتغال الناس في معاشهم. قوله: (ثم عادة) في «الإنقاع»: ثم مرة من كل أسبوع من شهر، ثم مرة في كل شهر. قوله: (بأن ينادي) أي: بنفسه أو بنائبه، تصديرٌ لأصل التعريف، فيفهم منه كـ «الإقناع»: تكرير النداء في أيامه عدة أوقات. فتدبر. قوله: (في الأسواق) والحمامات، ويكثر منه موضع وجدانها، وفي الوقت الذي يلي التقاطها، فإن التقطها في صحراء، عرفها في أقرب البلاد من الصحراء. كما في «الإقناع».

وَأُجْرَةُ مُنَادٍ عَلَى مُلْتَقَطٍ وَيُنْتَفَعُ بِمُبَاحٍ مِنْ كِلَابٍ وَلَا تُعَرَّفُ وَإِنْ أَخَّرَهُ الْحَوْلَ أَوْ بَعْضَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَثِمَ وَلَمْ يَمْلِكْهَا بِهِ بَعْدَ كَالْتِقَاطِهِ بِنِيَّةِ تَمَلُّكٍ وَلَمْ يُرِدْ تَعْرِيفًا وَلَيْسَ خَوْفُهُ بِأَنْ يَأْخُذَهَا سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ يُطَالِبَهُ بِأَكْثَرَ؛

_ قوله: (على ملتقطٍ) ولا يرجع بها ولو قصد حفظها لمالكها، خلافًا لأبي الخطاب. قوله: (وينتفع بمباح) أي: في الحال. ظاهر: جواز التقاطه، وجزم به في «الإقناع»، وقدم المصنف في «شرحه» أنه يحرم التقاطه، وجزم به في «التنقيح» تبعا لـ «المغني» وغيره، لكن لا ضمان. قوله: (ولا تعرف) أي: ولو معلمة. قوله: (وإن أخره ... إلخ) علم منه: أنه لو ترك تعريفها؛ لكونه لا يرجى وجود صاحبها، لم يملكها، وهو ظاهر كلام «التنقيح» أيضا، وفي «الإقناع»: وإن كان لا يرجى وجود صاحب اللقطة، لم يجب تعريفها في أحد القولين. قال في «شرحه»: ومنه لو كانت دراهم أو دنانير ليست بصرَّة ولا نحوها، على ما ذكره ابن عبد الهادي في «مغني ذوي الأفهام» حيث ذكر أنه يملكها ملتقطها بلا تعريف. قوله: (وليس خوفه أن يأخذها سلطان ... إلخ) هذا معنى كلامه في

عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا حَتَّى يَمْلِكَهَا بِدُونِهِ وَمَنْ عَرَّفَهَا فَلَمْ تُعَرَّفْ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ حُكْمًا وَلَوْ عَرْضًا أَوْ لُقَطَةَ الْحَرَمِ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ أَوْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ أَوْ ضَاعَتْ فَعَرَّفَهَا الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ أَوْ أَعْلَمَهُ وَقَصَدَ بِتَعْرِيفِهَا لِنَفْسِهِ

_ «الفروع» يعني: فلا بد أن يعرفها حولا متى وجد أمناً، وإلا لم يملكها. قاله المصنف في «شرحه». فيؤخذ من هذا ما يرجِّح أن تأخير التعريف للعذر لا يؤثر. انتهى. أي: وهو أحد الوجهين في المسألة، أعني: إذا أخره لعذر، وأنه يملكها بتعريفها حولاً بعد زوال العذر. قال المصنف في «شرحه» أيضًا عن هذا الوجه: ومفهوم كلام «التنقيح» أنه المذهب. انتهى. وهو مفهوم كلام المصنف أيضًا. قوله: (عذرًا في ترك تعريفها) أي: بل في تأخيره. قوله: (دخلت في ملكه ... إلخ) اعلم: أنَّ الملتقط يملك اللقطة بعد حول التعريف ملكا مراعى يزول بمجيء صاحبها. قاله في «المغني». قوله: (حكماً) أي: قهرًا كالميراث. قوله: (لنفسه) ملكها الثاني فيهما، فإن رأى لقطة أو لقيطاً وسبقه آخر إلى الأخذ، فلآخذ، فإن أمر أحدهما صاحبه بالأخذ فأخذ، ونواه لنفسه، وإلا فلآمر إن صححنا التوكيل في الالتقاط، والمذهب: لا يصح، كما تقدَّم، والفرق بين الالتقاط والاصطياد: أن الالتقاط يشتمل على أمانة واكتساب، بخلاف الاصطياد ونحوه، فإنه محض اكتساب.

فَصْلٌ وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا حَتَّى يُعَرِّفَ وِعَاءَهَا وَهُوَ كِيسُهَا وَنَحْوُهُ ووِكَاءَهَا وَهُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ وعِفَاصَهَا وَهُوَ صِفَةُ الشَّدِّ وقَدْرَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَسُنَّ ذَلِكَ عِنْدَ وُجْدَانِهَا وإشْهَادُ عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا لَا عَلَى صِفَتِهَا

_ قوله: (ويحرم تصرُّفه) أي: الملتقط ولو بخلطه بما لا يتميَّز منه. قوله: (ونحوه) كخرقةٍ شدت فيها، أو قدر أو زق فيه مائع، ولفافة على نحو ثوب. قوله: (ووكاءها) ككتاب، هل هو خيط أو سير؟ قوله: (وهو ما تشد به) كيسها ونحوه من سير أو خيطٍ. قوله: (وهو صفة الشد) فيتعرف الربط، هل هو عقدة أو عقدتان أو أنشوطة أو غيرها. قال في «المصباح»: والأنشوطة أفعولة، بضم الهمزة: ربطه دون العقدة إذا مدت بأحد طرفيها انفتحت. قوله: (وقدرها) أي: بنحو كيل. قوله: (وصفتها) أي: نوعها لونها. قوله: (وسن ذلك ... إلخ) أي: معرفة ما ذكر لا على صفتها؛ لئلا ينتشر ذلك، فيدَّعيها غير مستحقها، بل يذكر للشهود ما يذكر في التعريف.

وَكَذَا لَقِيطٌ وَمَتَى وَصَفَهَا طَالِبُهَا لَزِمَ دَفْعُهَا بِنَمَائِهَا وَمَعَ رِقٍّ مُلْتَقَطٍ وَإِنْكَارِ سَيِّدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ والْمُنْفَصِلِ بَعْدَ حَوْلِ تَعْرِيفِهَا لِوَاجِدِهَا

_ وفائدة الإشهاد؛ حفظها عن نفسه أن يطمع فيها، وعن ورثته وغرمائه. انتهى هنا. قال في «الشرح» و «المبدع»: يستحب كتب صفاتها؛ ليكون أثبت لها مخافة نسيانها. نقله في «شرح الإقناع». قوله: (وكذا لقيط) أي: في الإشهاد. قوله: (ومتى وصفها ... إلخ) علم منه: الاكتفاء بالوصف، فلا يشترط في ذلك بينة تشهد بالملك للواصف، ولا أنها ضاعت منه، ولا يمينه على ذلك، ولا أن يغلب على ظن الملتقط صدقه. وأنه لا يجوز دفعها بمجرد دعواها بلا وصفٍ، فإن فعل، ضمن إن جاء آخر فوصفها. وله تضمين أيهما شاء. وقرار الضمان على الآخذ. وإن لم يأت أحد، فلملتقط مطالبة آخذها بها؛ لأنها أمانة بيده، ولا يأمن مجيء صاحبها، فيلزمه بها. قوله: (لزم دفعها) أي: بلا بينة ولا يمين ولو أن الملتقط حجر عليه. قوله: (بنمائها) أي: المتصل والمنفصل في حولِ التعريف. قوله: (ومع رق ملتقط) وهو بكسر القاف: اسم فاعل، لا بفتحها: اسم مفعول؛ لأنه تقدم في آخر الجعالة أنه إذا كانت اللقطة عبدًا مكلفاً، فإنه يكفي تصديقه لمالكه، ولا يحتاج إلى بيِّنة. فتذكر. قوله: (فلا بد من بينة) تشهد بأنه التقطها ونحوه؛ لأن إقرار القنِّ

وإنْ تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ قَبْلَهُ وَلَمْ يُفَرِّطْ لَمْ يَضْمَنْهَا وبَعْدَهُ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ عَرَّف رَبُّهَا

_ بالمال لا يصح، فمتى كان بيد القن عين وجاء طالبها وقال: هي لقطة، ووصفها، لم يكف تصديق القن لواصف على أنها لقطة. فتدبر. قوله: (قبله) أي: قبل الحول بيدِ ملتقطٍ. قول: (مطلقا) فرط، أو لا، قال في «المغني»: وتملك اللقطة ملكا مراعى يزول بمجيء صاحبها، ويضمن له بدلها، والظاهر: أنه يملكها بغير عوض يثبت في ذمته، وإنما يتجدد وجوب العوض بمجيء صاحبها، كما يتجدد زوال الملك عنها بمجئيه، وكما يتجدد وجوب نصف الصداق للزوج أو بدله إن تعذر [ثبوت الملك فيه] بالطلاق. وقال القاضي وأصحابه: لا يملكها إلا بعوضٍ يثبت في ذمته لصاحبها، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن جاء صاحبها، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء، فجعلها من المباحات؛ ولأنه لو مات لم يعزل من تركته بدلها. انتهى ملخصًا، ذكره في «شرحه». قوله: (وتعتبر القيمة) أي: إذا زادت أو نقصت. قوله: (يوم عرف ربها) لأنه وقت وجوب رد العين إليه لو كانت موجودة، وإن كانت مثله، لزمه رد مثلها.

وَإِنْ وَصَفَهَا ثَانٍ قَبْلَ دَفْعِهَا لِلْأَوَّلِ أُقْرِعَ وَدُفِعَتْ إلَى قَارِعٍ بِيَمِينِهِ وبَعْدَهُ لَا شَيْءَ لِلثَّانِي وَإِنْ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ أَخَذَهَا مِنْ وَاصِفٍ فَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ مُلْتَقِطٌ وَلَوْ أَدْرَكَهَا رَبُّهَا بَعْدَ الْحَوْلِ مَبِيعَةً أَوْ مَوْهُوبَةً فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْبَدَلُ

_ قوله: (وإن وصفها ثانٍ .. إلخ) لعلَّ المراد: كوصفِ الأول؛ ليحصل التساوي، وكذا لو أقاما بينتين. قوله: (وبعده، لا شيء للثاني) فلو كان دفع بعضها، كما لو كانت عينينِ، دفع إحداهما، ثم جاء ثانٍ فوصفها، فالظاهر: أن لكل حكمه، فيقرع بينهما فيما بقي، وينفرد الأوَّل بما قبض. قوله: (فإن تلفت) أي: مدفوعة بيد من أخذها بالوصف، أما لو تلفت بيد ملتقط، فدفع بدلها لواصف، ثم أقام آخر بيِّنة، لم يطالب ذو البينة إلا الملتقط؛ لتلف ماله تحت يده، ويرجع ملتقط على واصفٍ بما أخذه، لتبين عدم استحقاقه إن لم يقر له. وبخطه أيضا على قوله: (فإن تلفت) أي: مدفوعة بالوصف، وعلم منه: ضمان ما دفع بغيره، بل بمجرد الدعوى. قوله: (لم يضمن ملتقط) يعني: ولو دفع بلا حاكمٍ. قوله: (إلا البدل) لصحة التصرف الناقل للملك ولزومه.

وَيُفْسَخُ زَمَنَ خِيَارٍ وَتُرَدُّ كَبَعْدَ عَوْدِهَا بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ رَهْنِهَا وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى رَبِّهَا وَلَوْ قَالَ مَالِكُهَا بَعْدَ تَلَفِهَا أَخَذْتُهَا لِتَذْهَبَ بِهَا وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ لِأُعَرِّفَهَا فقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَوَارِثُ مُلْتَقِطٍ، وَرَبُّ لُقَطَةٍ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمُوَرِّثِهِ لِقِيَامِهِ وَمَنْ اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَالًا لَا يَدْرِي مَنْ صَرَّهُ فَهُوَ لَهُ وَلَا يَبْرَأُ مَنْ أَخَذَ مِنْ نَائِمٍ شَيْئًا إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لَهُ

_ قوله: (زمان خيار ... إلخ) كذا بخطه، وفي نسخ: «زمن» وفي «المصباح»: الزمان مدة قابلة للقسمة، ولهذا يطلق على القليل والكثير. والجمع: أزمنة، والزمن مقصور منه، وجمعه: أزمان مثل سبب وأسباب. انتهى. قوله: (خيار) أي: لهما أو لبائع، لا لمشتر وحده، مالم يفسخ. قوله: (أو رهنها) يعني: لو أدركها ربها بعد رهنها، فله انتزاعها ولو مقبوضة، فيأخذها ممن هي بيده. قوله: (ومؤنة الرد) لمالكها. قوله: (على ربها) أي: كوديعةٍ. قوله: (بعد تلفها) بحول تعريف. قوله: (ووارث) أي: كل منهما، أي: ملتقط ورب لقطة، بعد الحول أو قبلَه. قوله: (ومن استيقظ) أي: من نوم، أو إغماءٍ، أو جنونٍ. قوله: (في ثوبه) أي: أو كيسه، أو جيبه. قوله: (فهو له) لأن قرينة الحال تقتضي تمليكه له. قوله: (من نائم) أي: أو ساهٍ. قوله: (إلا بتسليمه له) يعني: بعد انتباهِهِ.

وَمَنْ وَجَدَ فِي حَيَوَانٍ نَقْدًا أَوْ دُرَّةً فَلُقَطَةٌ لِوَاجِدِهِ وَإِنْ وَجَدَ دُرَّةً غَيْرَ مَثْقُوبَةً فِي سَمَكَةٍ فلِصَيَّادٍ مَنْ ادَّعَى مَا بِيَدِ لِصٍّ

_ قوله: (ومن وجد في حيوان نقدا ... إلخ) كشاة وبقرة، يعني: لو اشترى شاة أو نحوها، فذبحها، فوجد في بطنها نقدًا أو درة، فلقطة، يعرفها ويبدأ بالبائع؛ لأنه يحتمل أن تكون ابتعلتها من ملكه، كما لو وجد صيدا مخضوبا، أو في أذنه قرطٌ أو في عنقه خرز، فإنه لقطة؛ لأن ذلك الخضاب ونحوه يدل على ثبوت اليد عليه قبل ذلك. قوله: (فلقطةٌ) ذهب أو فضة. قوله: (وإن وجد درة ... إلخ) فلو وجد في بطن السمكة ما لا يكون إلا لآدمي، كدراهم، أو نحو درة مثقوبة، أو متصلة بنحو ذهب، أو في عين، أو نهر ولو متصلا بالبحر، فلقطةٌ لواجدها من صياد أو مستعير، وإن اصطادها من عين، أو نهرٍ غير متصل بالبحر، فكالشاةِ، أي: لقطةٌ مطلقا. قاله في «الإقناع» ملخصا. قال في «شرحه»: وعلم منه: أنه إن كان متصلا بالبحر، وكانت الدرة غير مثقوبة، أنها للصياد. قوله: (غير مثقوبة) فإن كانت مثقوبة، أو متصلة بنحو ذهب، أو فضة، فلقطة. قوله: (فلصياد) يعني: ولو باعها. قوله: (ما بيد لص) بخلاف نحو وديعةٍ وعارية ورهن، فلا يكفي الوصف، بل لا بد من البيِّنةِ، أو القرعة مع اليمين.

أَوْ نَاهِبٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ وَوَصَفَهُ فَهُوَ لَهُ فَصْلٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُلْتَقِطٍ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ وَلَا بَيْنَ مُلْتَقِطٍ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وعَدْلٍ وَفَاسِقٍ يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ وَجَدَهَا صَغِيرٌ أَوْ سَفِيهٌ أَوْ مَجْنُونٌ قَامَ وَلِيُّهُ بِتَعْرِيفِهَا فَإِنْ تَلِفَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمْ وفَرَّطَ ضَمِنَ كَإِتْلَافِهِ وَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطِ الْوَلِيِّ فعَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تُعَرَّفْ فلِوَاجِدِهَا

_ قوله: (أو ناهب) قال في القاعدة الثانية والتسعين: من ادَّعى شيئًا ووصفه، دفع إليه بالصفة إذا جهل ربُّه، ولم تثبت عليه يد من جهة مالكه، وإلا فلا. قوله: (ووصفه) أي: بصفة تميزه. قوله: (ولا فرق) أي: في وجوب التعريف والملك بعده. قوله: (وكافر) أي: مالم تكن اللقطة عبدًا مسلمًا. قوله: (وفاسق) قال في «الإقناع»: ويضم إلى كافر وفاسق أمين في تعريف وحفظ. قوله: (وإن وجدها صغير) ظاهره ولو مميزا. قوله: (وفرط) علم منه أنها لو تلفت بيد أحدهم بلا تفريط من أحدهم، ولا من الولي، فإنه لا ضمان؛ لأنها كالأمانة، وجزم به في «الإقناع». قوله: (وإن كان بتفريط الولي ... إلخ) بأن علم بها ولم يأخذها منه.

وَالرَّقِيقُ وَلِسَيِّدِهِ أَخْذُهَا وتَرْكُهَا مَعَهُ إنْ كَانَ عَدْلًا يَتَوَلَّى تَعْرِيفَهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ سَيِّدَهُ لَزِمَهُ سَتْرُهَا عَنْهُ وَمَتَى تَلِفَتْ بِإِتْلَافِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ ففِي رَقَبَتِهِ وَمُكَاتَبٌ كَحُرٍّ ومُبَعَّضٌ فبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ وَكَذَا كُلُّ نَادِرٍ مِنْ كَسْبٍ كَهِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وَنَحْوِهَا وَلَوْ أَنَّ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةً

_ قوله: (والرفيق ... إلخ) علم منه: أن للعبد التقاطها وتعريفها بلا إذن سيده، كاحتطابه واحتشاشه واصطياده. قال في «المبدع»: إذا لم ينهه عنها، أي: عن اللقطة. قال: فإن نهاه، لم يصح قطعاً. ومثله في أحكامه أم ولد، ومدبر، ومعلق عتقه بصفة، لكن إن تلفت بتفريط أم الولد، فداها سيدها بالأقل من قيمتها، أو قيمة ما أتلفت كسائر إتلافاتها. قوله: (لسيِّده) أي: العدل. قوله: (يتولى تعريفها) فإن كان الرقيق غير أمين، وأقرها السيد معه، فهو مفرط، يضمنها إن تلفت، كما لو أخذها منه ثم ردها إليه. قوله: (ومكاتب كحر) فإن عجز، فكلقطة قن. قوله: (ونحوها) كنثار وقع في حِجرِهِ. قوله: (مهايأة) أي: مناوبة

بَابُ اللَّقِيطِ طِفْلٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَلَا رِقُّهُ، نُبِذَ أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ إلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ: إلَى الْبُلُوغِ وَالْتِقَاطُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِمَّا مَعَهُ فمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ

_ باب اللقيط فعيل بمعنى: مفعول. قوله: (طفل) لا مميز. قوله: (لا يعرفُ نسبه) بخلاف معروف النسب أو الرق، سواء رفعه من يعرفه، أو لا، فهو لقيط لغة لا شرعا. قوله: (نبذ) أي: طرح في شارع أو نحو باب مسجد. قوله: (أو ضل) أي: لم ينبذ، بل ضل ما بين ولادة إلى سن ... إلخ. قوله: (التمييز) فقط على الصحيح. قاله في «الإنصاف». قوله: (فرض كفايةٍ) أي: على من علم به. قوله: (مما معه) فإن تعذر الإنفاق عليه مما معه لمانع، أو انتُظر حصوله من وقف أو غيره، فلمن أنفق عليه بنية الرجوع أن يرجع؛ لأنه في هذه الحالة غني عن مال الغير، كما ذكره الحارثي. نقله عنه منصور البهوتي.

اقْتَرَضَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى مَنْ عَلِمَ وَلَا يَرْجِعُ فَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وبِحُرِّيَّتِهِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ فِي بَلَدِ أَهْلِ حَرْبٍ

_ قوله: (اقترض عليه) أي: على بيت المال. منصور البهوتي. قوله: (حاكم) وظاهره: ولو مع وجود متبرعٍ. وأن اقترض الحاكم ما أنفق عليه، ثم بان رقيقاً أو له أبٌ موسر، رجع عليه. قال منصور البهوتي. قلت: وقياس الأب وارث موسر. ويؤيده قول صاحب «الإقناع»: فإن لم يظهر له أحد، وفي الحاكم من بيت المال، ولا ينافي هذا قولهم: تسقط نفقة القريب بمضي الزمان؛ لأن محله إذا لم يحصل إنفاقٌ بنية رجوع. فراجع. قوله: (فإن تعذر) أي: فنفقته على من علم حاله مجاناً. قوله: (فهي) أي: النفقة على اللقيط الذي ليس معه شيء، أو معه ونفد. وله: (فرض كفايةٍ) أي: فتجب في بيت المال أو من علم حاله، كما تقدَّم، ويستحب للملتقط الإشهاد عليه وعلى ما معه. قوله: (ويحكم بإسلامه) أي: إن وجد بدار إسلام فيه مسلم أو مسلمة يمكن كونه منه، لظاهر الدار، وتغليبًا للإسلام، فإنه يعلو ولا يعلى عليه. قوله: (وحريته) لأنها الأصل في الآدميين، فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحرارًا، والرق لعارضٍ، والأصل عدمه، فهو حر في جميع أحكامه حتى

وَلَا مُسْلِمَ فِيهِ. أَوْ فِيهِ مُسْلِمٌ كَتَاجِرٍ وَأَسِيرٍ فكَافِرٌ رَقِيقٌ وَإِنْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ فمُسْلِمٌ أَوْ فِي بَلَدِ إسْلَامٍ كُلُّ أَهْلِهِ ذِمَّةٍ فكَافِرٌ

_ في القود والقذف على الصحيح من المذهب. وقيل: حر في غيرهما. ذكره في «الإنصاف». قوله: (ولا مسلم فيه) أي: بلدهم أصلا، فلو كان بها مسلم ساكن، كان اللقيط مسلما، كما في «الرِّعاية» وأشار إليه الحارثي أيضًا. قوله: (فكافر رقيق) عمومه يتناول ما لو كان الملتقط له مسلما، وفيه نظر! فإن تبعيته لأبويه انقطعت كما تنقطع بالسبي، وكلامه في «المغني» يدل عليه. قاله ابن نصر الله في «حواشي المحرر». فإن فرض أنه لم يقدر عليه إلا بقتالٍ، فهو سبي. وهل الالتقاط كالسبي في أنه يثبت له مثل دين ملتقطه، كما يثبت له مثل دين سابيه؟ هذا محتمل. انتهى. وإنما يحكم برقه؛ لأن أهل الحرب وأموالهم وذريتهم يملكون بالاستيلاء. كما مر، وعمومه يتناول ما لو كان الملتقط حربيا أو مسلما دخل بأمانٍ، لكن في كلام ابن نصر الله ما يقتضي خلافه. قاله في «الحاشية». قوله: (وإن كثر المسلمون) أي: ولو تجارًا أو أسارى. قوله: (فمسلم) أي: حر. قوله: (أو في بلد إسلام) أي: أو إلا أن يوجد ... إلخ.

وَإِنْ كَانَ بِهَا مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ فمُسْلِمٌ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَنْ قُلْنَا بِكُفْرِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ حَتَّى صَارَتْ دَارَ إسْلَامٍ فمُسْلِمٌ وَمَا وُجِدَ مَعَهُ مِنْ فِرَاشٍ تَحْتَهُ وثِيَابٍ أَوْ مَالٍ فِي جَيْبِهِ أَوْ تَحْتَ فِرَاشِهِ أَوْ مَدْفُونًا تَحْتَهُ طَرِيًّا أَوْ مَطْرُوحًا قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ حَيَوَانٌ مَشْدُودٌ بِثِيَابِهِ فلَهُ وَالْأَوْلَى بِحَضَانَتِهِ وَاجِدُهُ إنْ كَانَ أَمِينًا عَدْلًا وَلَوْ ظَاهِرًا حُرًّا مُكَلَّفًا رَشِيدًا وَلَهُ حِفْظُ مَالِهِ

_ قوله: (وإن كان بها) أي: ببلد الإسلام. قوله: (تبعًا للدار) وهو من وجد ببلد أهل حرب، لا مسلم به، أو به نحو تاجر أو أسير. قوله: (فمسلم) مثله فيما يظهر: لو لم يبلغ من حكمنا بكفره حتى إلى دار الإسلام. قوله: (قريباً منه) لا غير طري أو بعيدًا، فيكون لقطة، ويمتنع التقاطه بدون التقاط المال الموجود؛ لما فيه من الحيلولة بين المال ومالكه. وإن كان في خيمة أو دار، فهي له. قوله: (والأولى بحضانته) أي: وحفظ ماله. قوله: (ولو ظاهرًا) كولاية نكاح وشهادةٍ فيه. قوله: (حرًا) أي: تامَّ الحرية. قوله: (وله حفظ ماله) أي: يجب عليه، فلعله في مقابلة من قال: ذلك للحاكم.

والْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وقَبُولُ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ لَهُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ قِنٍّ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وذِمِّيٍّ لِذِمِّيٍّ وَيُقَرُّ بِيَدِ مَنْ بِالْبَادِيَةِ مُقِيمًا فِي حِلَّةٍ أَوْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إلَى الْحَضَرِ لَا بَدَوِيًّا يَنْتَقِلُ فِي الْمَوَاضِعِ أَوْ مَنْ وَجَدَهُ فِي الْحَضَرِ فَأَرَادَ نَقْلَهُ إلَى الْبَادِيَةِ أَوْ مَعَ فِسْقِهِ أَوْ رِقِّهِ أَوْ كُفْرِهِ وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ

_ قوله: (والإنفاق عليه منه) أي: بلا إذن الحاكم، لكن يستحب استئذانه، وهذا بخلاف من أودع مالا وغاب، فإنه ليس لوديع الإنفاق منه على ولد ربه إلا بإذنِ حاكمٍ. قال في «المغني»: والفرق بينهما من وجهين: أحدهما: أن الملتقط له ولاية على اللقيط وعلى ماله. والثاني: أنه ينفق على اللقيط من ماله، وولد رب الوديعةِ لا بد فيه من إثبات حاجته؛ لعدم ماله وعدم نفقة متروكة برسمه. قوله: (ويصح التقاط قن .. إلخ) أي: يجوز، بل يجب. قوله: (لذمي) لعله إذا عرف بعلامة، أو وجد في بلد كل أهله ذمة، كما تقدم. قوله: (في حلةٍ) أي: بيوت مجتمعةٍ مستوطنةٍ. قوله: (ينتقل في المواضع) انظر: هل المراد: إذا وجد من يريد أخذ اللقيط، أم يجب على الحاكم أخذه. من البدوي مطلقا؟

وَإِنْ الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ النَّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ مِنْ حِلَّةٍ إلَى حِلَّةٍ لَمْ يُقَرَّ بِيَدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَحِلُّ الَّذِي كَانَ بِهِ وَبِيئًا كَغَوْرِ بَيْسَانَ وَنَحْوِهِ وَيُقَدَّمُ مُوسِرٌ وَمُقِيمٌ مِنْ مُلْتَقِطَيْنِ عَلَى ضِدِّهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُلْتَقِطِ مِنْهُمَا قُدِّمَ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ عَدِمَاهَا قُدِّمَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ بِيَدَيْهِمَا أُقْرِعَ فَمَنْ قُرِعَ سُلِّمَ إلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا يَدٌ فَوَصَفَهُ أَحَدُهُمَا بِعَلَامَةٍ مَسْطُورَةٍ فِي جَسَدِهِ قُدِّمَ وَإِنْ وَصَفَاهُ أُقْرِعَ وَإِلَّا سَلَّمَهُ حَاكِمٌ إلَى مَنْ يَرَى مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا وَمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ سَقَطَ

_ قوله: (وبيئاً) أي: وخيما. قوله: (كغور بيسان) موضع بالشام. قوله: (ونحوه) كالجحفة بالحجاز. قوله: (على ضدهما) أي: على فقير ومسافر. قال في «المغني»: وعلى قياس قولهم في تقديم الموسر، ينبغي تقديم الجواد على البخيل؛ إذ ربما تخلق بأخلاقه، وتعلَّم من جوده. قوله: (أقرع) وذكر كأنثى، بخلاف حضانةٍ، فيقرع بينهما. قوله: (سقط) أي: هو، أي: حقه، والجملة خبر (من) إن كانت موصولة، أو جواب الشرط إن كانت شرطية. وعلى كل، فلا بد في الجملة من رابطٍ، وليس هنا إلا الضمير في (سقط)، العائد إلى مركب، وهو (حقه) فيه ضمير وهو الهاء عائد على المبتدأ، أو اسم الشرط، فهل مثل هذا يكفي في الربط أم لا؟ قال شيخنا محمد

فَصْلٌ وَمِيرَاثُهُ وَدِيَتُهُ إنْ قُتِلَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيُخَيِّرُ الْإِمَامُ فِي عَمْدٍ بَيْنَ أَخْذِهَا والْقِصَاصِ وَإِنْ قُطِعَ طَرَفُهُ عَمْدًا اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَرُشْدُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ الْعَفْوُ عَلَى مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ

_ الخلوتي: صنيع البدر الدَّماميني في مواضع يقتضي الاكتفاء به، والله أعلم. قوله: (وميراثه) أي: اللقيط. قوله: (لبيت المال) وفاقًا لمالك والشافعي وأكثر أهل العلم. وبخطه أيضا على قوله: (لبيت المال) يعني: إن لم يكن له وارث كسائر من لا وارث له، ولا يرثه متلقطٌ خلافًا للشيخ والحارثي. قوله: (ويخير الإمام ... إلخ) معنى التخيير: تفويض النظر إليه في أصلح الأمرين، فإذا ظهرَ له الأصلح، لم يكن مخيرًا، بل يتعين عليه فعل ذلك الأصلح، ولا يجوز له العدول عنه، فليس التخيير هنا حقيقة. وعلى هذا يقاس عليه جميع ما ذكره الفقهاء من قولهم: يخير الإمام في كذا، ويخير الولي أو الوصي في كذا ونحوه. فاحفظ ذلك فإنه مهم، والله أعلم. قوله: (عمدًا) يعني: وهو محجور عليه. قوله: (انتظر بلوغه) ليقتص أو يعفو. قوله: (على ما ينفق عليه) ظاهره: لا فرق بين العاقل والمجنون، وهو المذهب، كما في «شرحه»، ويأتي في استيفاء القصاص: ليس لولي الصغير العفو على مال، بخلاف ولي المجنون، فإن كان المجنون بالغًا، فهل تنتظر إفاقته أم لا؟ وجهان.

وَإِنْ ادَّعَى جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ قَاذِفُهُ رِقَّهُ وَكَذَّبَهُ لَقِيطٌ بَالِغٌ فقَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى أَجْنَبِيٌّ رِقَّهُ وَهُوَ بِيَدِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مَعَ رِقِّهِ وَإِلَّا فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِيَدٍ وَحَلَفَ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ بِمِلْكٍ

_ قال الحارثي: الأول المذهب. قال في «تصحيح الفروع» قلت: الصواب إن كانت إفاقته قريبةً، لم يصح العفو، وإلا صحَّ، والله أعلم. نقله عنه منصور البهوتي رحمه الله تعالى. قوله: (وإن ادعى جانٍ عليه) أي: جناية موجبة للقصاص. قوله: (وكذبه) علم منه: أنه لو صدَّق جانياً وقاذفاً، لم يكن عليهما إلا ما يجب في قذف الرقيق أو الجناية عليه. قوله: (فقوله) أي: اللقيط، فلو كان اللَّقيط قاذفاً، فادعى أنه عبدٌ، ليجب عليه ما يجب على العبد، لم يقبل منه؛ لأنه خلاف ظاهر. قوله: (وإن ادعى أجنبي رقه) أي: غير واجده، أما هو فلا، كما يأتي. قوله: (وهو بيده) أي: مدع لرقه، فإن لم يكن بها لم يصدق، بخلاف دعوى النَّسب. قوله: (بيمينه) حيث كان لقيط طفلا أو مجنوناً، ثم إن بلغ وقال: أنا حر، لم يقبل. قاله الحارثيُّ. فلو كان مميزًا عاقلا حين الدعوى، وقال: أنا حر، خلي سبيله إلا أن تقوم بينة برقه. قوله: (ويثبت نسبه مع رقه) أي: مع بقاء رقه، فلا يزول رقه بثبوت نسبه ولو ببينة. قوله: (وإلا) أي: وإلا يكن اللقيط بيد الأجنبي المدعي لرقه. قوله: (أو بملك) أي: وإن لم يذكر سببه.

أَوْ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ مُلْتَقِطُهُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لَقِيطٌ بَالِغٌ لَمْ يُقْبَلْ وبِكُفْرٍ وَقَدْ نَطَقَ بِإِسْلَامٍ وَهُوَ يَعْقِلُهُ أَوْ مُسْلِمٌ حُكْمًا فمُرْتَدٌّ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ مَنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلَوْ أُنْثَى ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ نَسَبٍ مَعْرُوفٍ أُلْحِقَ وَلَوْ مَيِّتًا بِهِ لَا بِزَوْجِ مُقِرَّةٍ وَلَا يَتْبَعُ

_ قوله: (في ملكه) أي: لأنه ابن أمته، أو أنها ولدته فقط. وهل تكفي - في البينة الشاهدة أن أمته ولدته في ملكه، امرأة واحدة أو رجل واحد - لأنه مما لا يطلع عليه الرجال غالباً، وبه جزم في «المغني» - أو لا بدَّ فيها من رجلين، أو رجل وامرأتين، كما ذكره القاضي؟ فيه وجهان، قال الحارثي عن قول القاضي: أنه أشبه بالمذهب. قوله: (وإن ادَّعاه) أي: الرق. قوله: (لقيط بالغ) أي: بأن قال: أنا ملك زيد، ولو صدَّقه زيد، أو لم يكن قد اعترف بحريَّة. قوله: (أو مسلم حكمًا) تبعًا للدار أو غيرها. قوله: (وإن أقر به) أي: بأن اللقيط ولدُه. قوله: (معروفٍ) أو كافرًا أو قناً. قوله: (ألحق ولو ميتاً) أي: ولو كان اللقيط ميتا.

فِي رِقٍّ وَلَا كَافِرًا فِي دِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعًا قُدِّمَ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِيهَا أَوْ فِي عَدَمِهَا عُرِضَ مَعَ مُدَّعٍ أَوْ أَقَارِبِهِ إنْ مَاتَ: عَلَى الْقَافَةِ فَإِنْ

_ قوله: (إلا أن يقيم بينة ... إلخ) وكذا لو أقامت المرأة بينة أنها ولدته على فراش زوجها، لحق به. ولا بد في الكافر من استمرار أبويه على الحياة والكفر إلى بلوغه. قوله: (على فراشه) لثبوت أنه ولد ذميين. قوله: (وإن ادَّعاه اثنان ... إلخ) أي: أو اثنان لا واحد وواحدة؛ لعدم التنافي، فيلحق بهما. وبخطه أيضا على قوله: (وإن ادعاه اثنان) يعني: كل واحد يقول إنه ولدُه. قوله: (فإن تساووا فيها) أي: بأن لم يكن أحدُهما خارجاً، وإلا قدمت بينته. قوله: (مع مدع) أي: موجود. قوله: أو أقاربه إن مات) علم منه: أنه يعمل بالقافة في غير بنوة، كأخوة وعمومة؛ وهو كذلك عند أصحابنا. قاله في «الإنصاف» خلافاً لأبي الخطاب. قاله في «الحاشية». ولا فرق في المدَّعيين بين الرجلين والمرأتين، والحر والحرة والأمة، والمسلم والكافر، والمسلمة والكافرة. فإن ألحقته القافة بأمين، لم يلحقهما للتنافي. قوله: (على القافة) وهم: قوم يعرفون الأنساب بالشبه، ولا يختص ذلك بقبيلةٍ معينةٍ، بل من عرف منه ذلك، وتكررت إصابته، فهو قائف.

أَلْحَقَتْهُ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ لحق فَيَرِثُ كُلًّا مِنْهُمَا إرْثَ وَلَدٍ وَيَرِثَانِهِ إرْثَ أَبٍ وَإِنْ وَصَّى لَهُ قَبِلَا وَإِنْ خَلَّفَ أَحَدَهُمَا فَلَهُ إرْثُ أَبٍ كَامِلٍ وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ مِنْ الْمَيِّتِ وَلِأُمَّيْ أَبَوَيْهِ مَعَ أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ سُدُسٍ وَلَهَا نِصْفُهُ وَكَذَا لَوْ أَلْحَقَتْهُ بِأَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَافَةٌ أَوْ نَفَتْهُ أَوْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ اخْتَلَفَ قَائِفَانِ أَوْ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ ضَاعَ نَسَبُهُ وَيُؤْخَذُ باثْنَيْنِ خَالَفَهُمَا ثَالِثٌ كَبَيْطَارَيْنِ وطَبِيبَيْنِ فِي عَيْبٍ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ دَعْوَاهُ مَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ الْقَافَةُ لَمْ يُقْبَلْ

_ قوله: (أو اثنين لحق) أي: لا باثنتين، ولو كان لكل منهما بنت، ولهذا الملحق أم أجنبية من البنتين، جاز لشخص أجنبي أن يجمع بين الثلاث، وقد نظم ذلك شيخنا محمد الخلوتي ملغزا بقوله: يافقيها حوى الفضائل طرا ... وتسامى على الأنام بعلمه أفتنا في شخص تزوج أختيـ ... ـن لشخص مع البناء بأمه قوله: (إرث ولد) فإن لم يخلفا غيره، ورث مالهما. قوله: (إرث أبٍ) اي: أب واحد. قوله: (وإن وصِّي له) أي: أو وهب أو اشتريا له ونحوه. قوله: (نصف سدس) لأنهما كجدةٍ لأبٍ .. قوله: (ولها) أي: أم أمه. قوله: (وإن لم توجد قافة) يعني: أصلا لا قريبة ولا بعيدة، وقد ادَّعاه اثنان فأكثر، فإن وجدت، ذهبوا إليها ولو بعيدة. قوله: (لم يقبل) لأنه حق عليه.

وَمَعَ عَدَمِ إلْحَاقِهَا بِوَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا يُلْحَقُ بِالْآخَرِ وَيَكْفِي قَائِفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ كَحَاكِمٍ فَيَكْفِي مُجَرَّدُ خَبَرِهِ وَشَرْطُ كَوْنِهِ ذَكَرًا عَدْلًا حُرًّا مُجَرَّبًا فِي الْإِصَابَةِ

_ قوله: (من اثنين) أي: ادعيا نسبَه. قوله: (ويكفي قائف) في إلحاق النسب. قوله: (وهو كحاكم ... إلخ) يعني: أن القائف كالحاكم لا كالشاهد، فلا يعتبر فيه التعدد، ولا لفظ الشهادة، وقد أشار المصنف إلى أنه لا يعتبر فيه لفظ الشهادة؛ لكونه كالحاكم لا كالشاهد، بقوله: (فيكفي مجرَّد خبره). وأما كونه يكفي واحد، فقد صرح به أولا حيث قال: (ويكفي قائف واحد). قوله: (فيكفي مجرد خبره) فإن ألحقته بواحد ثم بآخر، كان لاحقاً بالأول فقط، لأن إلحاقه جرى مجرى حكم الحاكم، فلا ينقض لمخالفة غيره، فإن أقام الآخر بيِّنة أنه ولده حكم له به، وسقط قول القائف، كالتراب مع الماء. قوله: (ذكرا عدلا) علم منه: اشتراط إسلامه بالأولى، خلافاً لـ «الإقناع». قوله: (في الإصابة) ويكفي كونه مشهودًا بالإصابة، وصحة المعرفة في مرات كثيرة. فمن عرف مولودًا بين نسوة ليس فيهن أمه، ثم وهي فيهن، فأصاب كل

وَكَذَا إنْ وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً

_ مرة، فقائف. وقال القاضي: يترك الصبي بين عشرة رجال غير مدعيه، فإن ألحقه بأحدهم سقط قوله، وإن نفاه عنهم ترك مع عشرين فيهم مدَّعيه، فإن ألحقه به علمت إصابته، وإلا فلا. قال في «المغني»: وهذه التجربة عند عرضه على القائف؛ للاحتياط في معرفة إصابته، فإن لم يجرب في الحال بعد أن كان مشهوراً بالإصابة وصحة المعرفة في مرات كثيرة، جاز. قوله: (وكذا إن وطيء ... إلخ) أي: في العرض على القافة. وبخطه أيضًا على قوله: (وكذا إن وطيء اثنان امراة ... إلخ) يعني: أن الولد في هذه الصور الأربع، حكمه حكم اللقيط فيما تقدم من عرضه على القافة والعمل بما تقوله القافة فيه، ومن ضياع نسبه على التفصيل السابق، سواء ادعى الواطئان المذكوران الولد أو جحداه، أو أحدهما، وقد ثبت الافتراش. ذكره القاضي وغيره، وشرط أبو الخطاب في وطء الزوجة أن ينفي الزوج الولد، فعليه إن ادَّعاه لنفسه اختص به. قاله في «المحرر» قال المصنف في «شرحه»: وما قدَّمه في «المحرر» هو المذهب، ولهذا مشيت عليه في المتن. وقوله في «المحرر»: وقد ثبت الافتراش يشير إلى أن الواطئان قد استويا في الافتراش، كاستواء مدعي اللقيط في الدعوى، ومعنى الاستواء في الفراش في الصُّورة الأولى: أن كلا منهما واطيء بشيء. وفي الثانية: أنه لو انفرد كل منهما

بِشُبْهَةٍ أَوْ أَمَتَهُمَا فِي طُهْرٍ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ زَوْجَةً أَوْ سُرِّيَّةً لِآخَرَ وأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا وَلَيْسَ لِزَوْجٍ أُلْحِقَ بِهِ اللِّعَانَ لِنَفْيِهِ

_ بالملك، كان صاحب ولدٍ. وفي الثالثة والرابعة: قد استوى الواطيء بالشبهة والزوج أو السيد في حكم الفراش بلا مريةٍ، فلا أثر لجحود أحدهما للولد مع ثبوت الافتراش. قوله: (امرأة) أي: بلا زوج. قوله: (بشبهة ... إلخ) وكذا لو تزوَّجها كلٌّ منهما تزوجا فاسدًا، أو أحدهما صحيحاً والآخر فاسدًا، أو باع أمته الموطوءة، فوطئها المشتري قبل الاستبراء. قوله: (يمكن كونُه منهما) فيرى القافة سواء ادعياه أو جحداه أو أحدهما، وقد ثبتَ الافتراش، كما في «المحرر». قال المصنف في «شرحه»: هذا المذهب. قوله: (اللعان) لعدم شرطه، وهو سبق القذف.

كتاب الوقف

كتاب الوقف الوقف: تَحْبِيسُ مَالِكٍ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ مَالَهُ الْمُنْتَفَعَ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ تَصَرُّفِهِ وَغَيْرُهُ فِي رَقَبَتِهِ يَصْرِفُ رِيعَهُ إلَى جِهَةِ بِرٍّ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى

_ كتاب الوقف مصدر وقف الإنسان الشيء، يقفه بمعنى: حبسه وأحسبه، ولا يقال: أوقفه، إلا في لغة شاذة، عكس أحبسه وأعتقه. فائدة: قال الإمام الشافعي، رحمه الله: لم يحسن أهل الجاهلية، وإنما حبَّس أهلُ الإسلام. انتهى. وأركان الوقف أربعة: الواقف، والموقوف، والموقوف عليه، والصيغة التي ينعقد بها. قوله: (تحبيس مالك) بنفسه أو وكيله، ولو قال: تحبيس جائر التصرف، لكان أوضح وأخصر، لإغناء قوله: (ماله) عن (مالكٍ). قوله: (مطلق التصرف) وهو المكلف الحر الرشيد. قوله: (ماله) أي: لا نحو كلب وخمر. قوله: (مع بقاء عينه) يعني: لا نحو مطعوم غير ما يأتي. قوله: (في رقبته) أي: لا في منفعته، فيبطل شرط بيعه، كما سيجيء. قوله: (ريعه) أي: المال. قوله: (إلى جهة بر) يعينها واقفه، وهذا معنى قولهم: وتسبيل المنفعة، أي: إطلاق فوائد العين الموقوفة من غلة وثمرة وغيرها للجهة المعيَّنة. قوله: (تقربا) حال. قوله: (إلى الله تعالى) بأن ينوي به القربة، وهذا الحد لصاحب «المطلع»، وتبعه المنقح، وتبعهما المصنف، واستظهر في «شرحه» أن قوله:

وَيَحْصُلُ بِفِعْلٍ مَعَ دَالٍّ عَلَيْهِ عُرْفًا كَأَنْ يَبْنِي بُنْيَانًا عَلَى هَيْئَةِ مَسْجِدٍ وَيَأْذَنَ إذْنًا عَامًّا فِي الصَّلَاةِ فِيهِ حَتَّى لَوْ كَانَ سُفْلَ بَيْتِهِ أَوْ عُلْوَهُ أَوْ وَسَطَهُ وَيَسْتَطْرِقُ

_ (تقرباً إلى الله تعالى) إنما هو في وقف يترتب عليه الثواب، فإن الإنسان قد يقف على غيره تودُّدًا، أو على ولده خشية بيعه بعد موته وإتلاف ثمنه، أو خشية أن يحجر عليه ويباع في دينِه، أو رياء ونحوه، وهو وقف لازم لا ثواب فيه؛ لأنه لا يبتغي به وجه الله تعالى. انتهى. قال منصور البهوتي: قلت: ويمكن أن يكون القصد به بيان أصل مشروعيته والحكمة فيه، فلا يضر ما يطرأ عليه، ولا يكون للاحتراز. انتهى. قوله: (ويحصل ... إلخ) أي: الوقف حكماً. اعلم: أن الوقف له صيغتان: فعلية وقولية، وقد ذكرهما المصنف، رحمه الله تعالى. قوله: (عرفاً) كالقول؛ لاشتراكهما في الدلالة عليه. قوله: (في الصلاة) ولو بفتح الأبواب، أو التأذين، أو كتابته لوحًا بلا إذن، أو الوقف، أو نوى خلافه. قوله: (حتى لو كان) أي: ذلك المذكور. قوله: (أو وسطه) ولو لم يذكر استطراقاً إلى ما جعله مسجدًا، صلح الوقف. قوله: (ويستطرق) إليه كما لو باع أو آجر بيتاً من داره، ولم يذكر له استطراقاً، فإنه يصح البيع والإجارة، ويستطرق إليه على العادة.

أَوْ بَيْتًا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ تَطَهُّرٍ وَيَشْرَعُهُ أَوْ يَجْعَلُ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً وَيَأْذَنُ إذْنًا عَامًّا بِالدَّفْنِ فِيهَا وقَوْلٍ وَصَرِيحُهُ: وَقَفْتُ وَحَبَسْتُ وَسَبَّلْتُ وَكِنَايَتُهُ تَصَدَّقْتُ وَحَرَّمْتُ وَأَبَّدْتُ وَلَا يَصِحُّ بِهَا إلَّا بِنِيَّةِ أَوْ قَرَنَهَا بِأَحَدِ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ كَتَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً أَوْ مُحَبَّسَةً

_ قوله: (لقضاء حاجة) أي: البول والغائط. قوله: (ويشرعه) أي: يفتح بابه على الطريق، أو يملأ نحو خابيةِ ماء على الطريق، أو في مسجد ونحوه. قوله: (إذنا عاما) أي: لا خاصا. قوله: (وصريحه) أي: القول: (وقفت ... إلخ) قال في «الاختيارات»: وقف الهازل ووقف التلجئة، إن غلب على الوقف جهة التحرير من جهة أنه لا يقبل الفسخ، فينبغي أن يصح، كالعتق والإتلاف، وإن غلب عليه شبه التمليك، فيشبه الهبة والتمليك، وذلك لا يصح من الهازل على الصحيح. نقله في «شرح الإقناع». قوله: (وسبلت) ويكفي أحدها. قوله: (ولا يصح بها) أي: بالكناية. قوله: (إلا بنية) ولا يعلم ذلك إلا من جهته. قوله: (الخمسة) أي: الصرائح الثلاث. والكنايتين الباقيتين من الثلاث التي أتى بإحداها؛ إذ الألفاظ الصريحة والكناية ست، نصفها صريح ونصفها كناية، فإذا أتى بواحدة من الصريح، لم تفتقر إلى

أَوْ مُسَبَّلَةً أَوْ مُحَرَّمَةً أَوْ مُؤَبَّدَةً أَوْ بِحُكْمِ الْوَقْفِ كَلَا تُبَاعُ أَوْ لَا تُوهَبُ أَوْ لَا تُورَثُ أَوْ عَلَى قَبِيلَةِ أَوْ طَائِفَةِ كَذَا فَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْتُ بِدَارِي عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ الْوَقْفَ وَأَنْكَرَ زَيْدٌ لَمْ تَكُنْ وَقْفًا فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ مُصَادَفَتُهُ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا

_ غيرها، أو بواحدةٍ من الكناية بقي بعدها من الستة خمسة، فلا بد من نية الوقف، أو قرنها بأحد ألفاظ الخمسة الباقية، كما قال المصنف، رحمه الله تعالى. قوله: (لم تكن وقفا) لمخالفته للظاهر، وعلم منه: أنه لو قال ذلك متصلا، قبل منه، وكذا لو صدَّقه زيد؛ فأما إذا لم ينكر زيد ولم يصدِّق، فهل يقبل قول المتصدق إذن، أم لا؟ وهل يرجع إلى قول وارث حينئذ؟ لم أر نقلا، وقوة المتن تعطي أنه يقبل قوله؛ لأنه لم يوجد الإنكار، والله أعلم. قوله: (وشروطه أربعة ... إلخ) زاد في «الإقناع» خامسًا: وهو كون الواقف ممن يصح تصرفه في ماله، وهو المكلَّف الرشيد. قوله: (عينا) فلا يصح وقف منفعةٍ، كما ذكره في «شرحه»، خلافاً للشيخ. وقوله: (يصح بيعها)

ويُنْتَفَعُ بِهَا عُرْفًا كَإِجَارَةٍ مَعَ بَقَائِهَا أَوْ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْهَا مَنْقُولَةً كَحَيَوَانٍ وَأَثَاثٍ وَسِلَاحٍ وَحُلِيٍّ عَلَى لُبْسٍ وَعَارِيَّةٍ أَوْ لَا كَعَقَارٍ لَا ذِمَّةً كَدَارٍ وَعَبْدٍ ومُبْهَمًا كَأَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَأُمِّ وَلَدٍ وَكَلْبٍ وَمَرْهُونٍ أَوْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَائِهِ

_ عمومه يشمل المكاتب، وجزم به في «الإقناع»، قال: وإذا أدى، بطل، أي: فلا تبطل كتابة بوقفه. قوله: (يصحُّ بيعها) شمل المؤجرة. قوله: (عرفاً) ما فائدة قوله: (عرفاً)، هلا يغني عنه ما بعده؟ ثم ظهر لي أن فائدة ذلك التنبيه على أن من اقتصر من الأصحاب على قوله: (عرفاً)، فإن مراده، كالإجارة، والله أعلم. قوله: (أو مشاعًا ... إلخ) أي: معلومًا. فلو وقفه مسجدًا، ثبت فيه حكم المسجد في الحال عند التلفظ بالوقف، فيمنع منه الجنب ونحوه كالسَّكرانِ، ثم القسمة متعيِّنة؛ لتعينها ريقاً للانتفاع بالموقوف. قوله: (منها) أي: العين الموصوفة. قوله: (وأثاث) كبساطٍ. قوله: (وسلاح) كسيف. قوله: (وعاريَّة) أي: لمن يحل له، فإن أطلق، لم يصح قطع به في «الفائق» و «الإقناع». منصور البهوتي. وقوله: أطلق، أي: بأن لم يقل: على لبس أو عارية. قوله: (كأم ولد) يعني: ولا يصحُّ وقفُه عليها، كما سيجيء.

كَمَطْعُومٍ وَمَشْمُومٍ وأَثْمَانٍ كَقِنْدِيلٍ مِنْ نَقْدٍ عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ إلَّا تَبَعًا كَفَرَسٍ بِلِجَامٍ وَسَرْجٍ مُفَضَّضَيْنِ الثَّانِي: كَوْنُهُ عَلَى بِرٍّ كَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْأَقَارِبِ

_ قوله: (كمطعوم) غير ماء. قوله: (ومشموم) لا ينتفع به مع بقاء عينه، بخلاف ند وصندل وقطع كافورٍ؛ فيصح وقفه لشم مريض وغيره. قوله: (وأثمان) ولو لتحل أو وزن. قوله: (من نقدٍ) فهو باق على ملك صاحبه، ولو تصدَّق بدهن على مسجد ليوقد فيه، جاز، وهو من باب الوقف. قاله الشيخ، كالماء. قوله: (إلا تبعاً ... إلخ) أي: ويباع ما فيه الفضة، وينفق عليه منه، ونص عليه في الفرس الحبيس. قاله في «الإقناع». فتدبر. قوله: (كونه على بر) أي: جهة بر: اسم جامع للخير، وأصله الطاعة لله تعالى، والمراد: اشتراط معنى القربة في الصرف إلى الموقوف عليه؛ لأن الوقف قربة وصدقة، فلابد من وجودها فيما لأجله الوقف. وبخطه أيضاً على قوله: (كونه على بر) مسلمًا كان الواقف أو ذميًا، فلا يصح على طائفة الأغنياء أهل الذمة، وقيل: يصح؛ لأن الشرط عدم المعصية، والأول المذهب، أعني: اشتراط القربة. قوله: (كالمساكين) أي: كالوقف على المساكين، والحج، والغزو، وكتابة الفقه ونحوه. قوله: (والقناطر) أي: وإصلاح الطرق.

وَيَصِحُّ مِنْ ذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ مُعَيَّنٍ وَعَكْسِهِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَيَسْتَمِرُّ لَهُ إذَا أَسْلَمَ وَيَلْغُو شَرْطُهُ مَا دَامَ كَذَلِكَ لَا عَلَى كَنَائِسَ أَوْ بُيُوتِ نَارٍ أَوْ بِيَعٍ وَنَحْوِهَا وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ

_ قوله: (معين) أو طائفةٍ كالفقراءِ والمساكين، فقوله: (معيَّن) ليس قيدًا، وكذا قوله: (من ذمي)، بل يصح من المستأمن والحربي، وإنما قيده بما ذكر؛ لأجل قوله: (وعكسه) ولأنه الأكثر. قوله: (ولو أجنبيا) أي: من الواقف. قوله: (ويلغو شرطه ... إلخ) أي: الواقف. قال المصنف: قلت: ويتوجَّه مثل ذلك مالو وقف على زيدٍ ما دام غنيا، أو على فلانة ما دامت متزوجة. انتهى. أي: فيصح الوقف ويلغو شرطه، وكذا لو وقف على امراة ما دامت عزباء؛ لأن اشترط العزوبية باطل. قال في «الإنصاف»: على المذهب. قال: لأن الوصف ليس قربةً. قوله: (ما دام كذلك) أي: ذميًا. قوله: (لا على كنائس) أي: معبد اليهود أو النصارى أو الكفار. قوله: (ولو من ذميٍّ) أي: لأن مالا يصح الوقف عليه من المسلم، لا يصح الوقف عليه من الذمي. وفي أحكام الذمة: للإمام أن يستولي على كل ما وقف على كنيسة أو بيت نار ويجعلها على جهة قربات. انتهى. منصور البهوتي:

بَلْ عَلَى الْمَارِّ بِهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَا عَلَى كُتُبِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَوْ حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ وَلَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَنْصَرِفُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فِي الْحَالِ وَعَنْهُ يَصِحُّ الْمُنَقِّحُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَهُوَ أَظْهَرُ

_ والمراد: إذا لم يعلم ورثة واقفها، وإلا فللورثة أخذها، كما تقدم. انتهى. قوله: (بل على المار) أي: يصح الوقف على من ينزلها من المجتازين فقط من مسلم وذمي. قوله: (من مسلم وذمي ... إلخ) فإن خص أهل الذمة، لم يصحَّ، وهذا المذهب. قاله المصنف في «شرحه». قوله: (ولا على كتب) أي: كتابة. قوله: (التوارة) قال المصنف في «شرحه» قلت: ويلحق بذلك كتب المبتدعة كالخوارج والقدرية ونحوهما، والله أعلم. قوله: (والإنجيل) أي: أو شيء من أحدهما. قوله: (على نفسه) وجزم به في «الإقناع». قوله: (وينصرف إلى من بعده) أي: إن كان، وإلا بطل. قوله: (وهو أظهر) ومتى حكم به حاكم - حيث يجوز له الحكم - فظاهر كلامِهم: ينفذ حكمه ظاهرًا. وقوله: حيث يجوز، أشار به إلى المجتهد، أما المقلد فلا، كما قاله منصور البهوتي.

وَإِنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ وَاسْتَثْنَى غَلَّتَهُ أَوْ بَعْضَهَا لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ أَوْ الْأَكْلَ أَوْ الِانْتِفَاعَ أَوْ لِأَهْلِهِ أَوْ يُطْعِمُ صَدِيقَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ فَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا فلِوَرَثَتِهِ وَتَصِحُّ إجَارَتُهَا وَمَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَافْتَقَرَ تَنَاوَلَ مِنْهُ وَلَوْ وَقَفَ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً أَوْ بِئْرًا أَوْ مَدْرَسَةً لِلْفُقَهَاءِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ أَوْ رِبَاطًا لِلصُّوفِيَّةِ مِمَّا يَعُمُّ

_ قوله: (واستثنى غلته) أي: كلَّها. قوله: (أو بعضها) أي: المعلوم. قوله: (فلو مات في أثنائها) أي: أثناء المدة التي استثنى نفع الوقف فيها، كالمستثنى في البيع. قوله: (وتصح إجارتُها) أي: من الموقوف عليه وغيره، كالمستثنى في البيع. قلت: ومنه يؤخذ صحة إجارة ما شرط سكناه لنحو بنيه، أو أجنبي، أو خطيبٍ، أو إمام. منصور البهوتي. قوله: (تناول منه) وكذا لو وقف على العلماء أو القراء ونحوهم، فصار كذلك، والله أعلم. قوله: (أو بعضهم) أي: نوعٍ من الفقهاء، كالحنابلة أو الشافعية مثلا. قوله: (أو رباطاً) أي: أو نحوه. قوله: (للصوفية) الصوفي: المتبتل للعبادة وتصفية النفس من الأخلاق المذمومة، وتعتبر فيه العدالة وملازمة غالب الآداب

فَهُوَ كَغَيْرِهِ الثَّالِثُ: كَوْنُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُ ثَابِتًا

_ الشرعية في غالب الأوقات قولا وفعلا، وأن يكون قانعا بالكفاية من الرزق، بحيث لا يمسك ما فضل عن حاجته، لا لبس خرقة، أو لزوم شكل مخصوصٍ في اللبسة ونحوها. ذكره الشيخ. قال: والصوفي الذي يدخل في الوقف على الصوفية يعتبر له ثلاثة شروط: الأول: أن يكون عدلا في دينه. الثاني: أن يكون ملازمًا لغالب الآداب الشرعية في غالب الأوقات، وإن لم تكن واجبةً، كآداب الأكل، والشرب، واللباس، والنوم، والسَّفر، والصحبة، والمعاملة مع الخلق، ولا يلتفت إلى ما أحدثه بعض المتصوفة من الآداب التي لا أصل لها في الدين، من التزام شكل مخصوص في اللبسة ونحوها مما لا يُستحب في الشريعة. الثالث: أن يكون قانعا بالكفاية من الرزق بحيث لا يمسك ما يفضل عن حاجته. وقال الحارثي: ولا يشترط في الصوفي لباس الخرافة المتعارفة عندهم من يد شيخ، ولا رسوم اشتهر تعارفها بينهم، فما وافق الكتاب والسنة، فهو حق، وما لا، فهو باطل، ولا يلتفت إلى اشتراطه. قوله: (فهو) أي: الواقف. قوله: (كونه على معيَّن) يعني: لا على مجهولٍ من جهة، أو شخصٍ، والوقف على المساجد ونحوها، وقف

فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَجْهُولٍ، كَرَجُلٍ ومَسْجِدٍ أَوْ مُبْهَمٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ لَا يَمْلِكُ كَقِنٍّ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمَلَكٍ وَبَهِيمَةٍ وكَعَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ بَلْ تَبَعًا، كَعَلَى أَوْلَادِي وَفِيهِمْ حَمْلٌ فَيَسْتَحِقُّ بِوَضْعٍ. وَكُلُّ حَمْلٍ

_ على المسلمين إلا أنه عين نفع خاص لهم، فلو لم يذكر مصرفا، بل قال: وقفت كذا وسكت، فقال في «الإقناع». الأظهر: بطلانه. انتهى. وفي «الإنصاف»: الوقف صحيحٌ عند الأصحاب. انتهى. وقطع به الحارثي، والذي جزم به المصنف فيما سيأتي أنه يصحُّ، ويصرف إلى ورثته نسبا، فقوله: (كونه على معين) يعني به: لا على مجهول. قوله: (وأم ولد ... إلخ) فلو وقف على غيرها على أن ينفق عليها منه مدة حياته، أو يكون الريع لها مدَّة حياته، صح الوقف؛ لأن استثناء المنفعة لأم ولده كاستثنائها لنفسه. قوله: (وملكٍ) اي: أو جنٍّ وشياطين. قوله: (أصالة) أي: استقلالاً.

مِنْ أَهْلِ وَقْفٍ: مِنْ ثَمَرِ وَزَرْعِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مُشْتَرٍ وَكَذَا مَنْ قَدِمَ إلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ فِيهِ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ إلَى مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ لِكُلِّ زَمَنٍ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ فَيَكُونُ لَهُ بِقِسْطِهِ أَوْ يَمْلِكُ لَا ثَابِتًا كَمُكَاتَبٍ الرَّابِعُ: أَنْ يَقِفَ نَاجِزًا

_ قوله: (من أهلِ وقف) أي: كان منهم، كما لو نصَّ عليه، أو كانوا قبيلة ونحو ذلك. قوله: (من ثمر وزرع ... إلخ) هذا ظاهرٌ في الثَّمر، وكذا في الزرع حيث كان موجوداً حال الوقف ودخل، فأما إذا حدث الزرع بعده، فإن كان البذر من مال الموقوف عليهم، فلا يستحق الحمل بوضعه منه شيئاً، إنما يستحق قدر نصيبه من المنفعة، وإن كان البذر من مال الوقف، فالظاهر: أنَّه كذلك، ولم أره صريحا، والله أعلم. قوله أيضًا على قوله: (من ثمر وزرع ما يستحقُّه مشتر ... إلخ) فيستحق من ثمر لم يتشقق، ومن أصول نحو بقل، بخلاف ثمرٍ تشقق، وزرع لا يحصد إلا مرة، فلا شيء له؛ لأنه لا يتبع أصله، بخلاف نحو الثمرة قبل التشقُّق؛ لأنها تتبع أصلها، فيستحقها مستحق الأصل. قوله: (كمكاتب) وصحَّ وقفه. كما تقدم. قوله: (ناجزاً) أي: غير معلق، ولا مؤقت ولا مشروط بنحو خيار.

فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ إلَّا بِمَوْتِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ حِينِهِ وَيَكُونُ مِنْ ثُلُثِهِ وَشَرْطُ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ مَتَى شَاءَ أَوْ خِيَارٍ فِيهِ أَوْ تَوْفِيَتِهِ أَوْ تَحْوِيلِهِ مُبْطِلٌ

_ قوله: (إلا بموته) كقوله: هذا وقف بعد موتي. قوله: (ويلزم من حينه) أي: حين صدوره منه. إن قيل: ما الفرق بينه وبين التدبير، مع أن كليهما تعليق بالموت، ومع ذلك التدبير لا يلزم من حينه؟ ! قلنا: قد أشار الإمامُ - رحمه الله تعالى- إلى الفرق بينهما؛ بأنَّ المدبر لا ينتقل الملك فيه إلى آدمي، بخلاف الوقف، فإنه ينتقل الملك فيه إلى الآدمي حقيقة أو حكما، فلزم في الوقف من حينه؛ لتعلق حق الآدمي به بخلاف التدبير. قوله: (من ثلثه) لأنه في حكم الوصية، فيتوقف لزوم ما زاد على الثلث على إجازة الورثة، وأما قدر الثلث، فيلزم وقفُه من حينه. قوله: (متى شاء) أي: أو شرط تغيير شرطه؛ لأن ذلك كله ينافي مقتضى الوقف. قوله: (أو خيار فيه) أي: أبدًا، أو مدَّة معينة. قوله: (أو توقيته ... إلخ) فائدة: قال في «المغني». وإن قال: هذا وقف على ولدي سنة، ثم على المساكين، صح، وكذلك إن قال: هذا وقف على ولدي مدة حياتي، ثم هو بعد موتي للمساكين، صحَّ، لأنه وقفٌ متصل الابتداء والانتهاء. وإن قال: وقفٌ على المساكين، ثم على أولادي، صح، ويكون وقفاً على المساكين ويلغو قوله: على أولادي؛ لأن المساكين لا انقراض لهم. قوله: (أو تحويله) يعني: إلى غير الموقوف عليه، أو عن الوقفية، بأن يجعله مطلقاً.

فَصْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ إخْرَاجُهُ عَنْ يَدِهِ وَلَا فِيمَا عَلَى مُعَيَّنٍ قَبُولُهُ وَلَا يَبْطُلُ بِرَدِّهِ

_ قوله: (ولا يشترط للزومه) أي: ولا لصحته بالطريق الأولى. قوله: (عن يده) فيلزم بمجرد اللفظ، ويزول ملكه عنه. قوله: (ولا - فيما على معين- قبوله) وغير المعين أحرى وكالعتق. والفرق بينه وبين الهبة والوصية: أن الوقف لا يختص بالمعيَّن، بل يتعلَّق به حق من يأتي من البطون في المستقبل، فيكون الوقف على جمعيهم إلا أنه مرتب، فصار كالوقف على الفقراء. قال ابن المنجا: وهذا الفرق موجود بعينه في الهبة. انتهى. قال منصور البهوتي: قلت: فيه نظر، فإن الوقف يتلقاه كل بطن من واقفه، والهبة تنتقل إلى الوراث من موريه، لا من الواهب. انتهى. وأقول: النظر ظاهرٌ، إن كان ابن المنجا يوافق على أن الوقف يتلقاه كل بطن من واقفه، لا إن كان ممن يقول: يتلقاه البطن الثاني من البطن الأول، وهكذا ما بعده يتلقاه من الذي قبلَه. والمسألة ذاتُ وجهين، كما في «الفائق». وبخطه أيضًا على قوله: (ولا، فيما على معين ... إلخ) والأولى لمن وقف على نحو أولادِه أن يذكر في مصرفه جهةً تدوم، كالفقراء. قوله: (ولا يبطل برده) يعني: كسكوته.

وَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ ومُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ يُصْرَفُ فِي الْحَالِ

_ قوله: (ويتعين مصرف الوقف ... إلخ) قال في «الإقناع»: يجوز صرف الموقوف على بناء المسجد، لبناء منارته وإصلاحها، وبناء منبره، وأن يشتري من سُلَّم للسطح، وأن يبني منه ظلةٌ، لا في بناء مرحاض، وزخرفة مسجد، ولا في شراء مكانس، ومجارف. قال الحارثيُّ: وإن وقف على مسجد أو مصالحه، جاز صرفه في نوع العمارة وفي مكانس، ومجارف، ومساحي، وقناديل، ووقود - قال في «شرحه»: بفتح الواو- كزيتٍ، ورزق إمام، ومؤذن، وقيِّم. قوله: (فلو سبل ماء للشرب .. إلخ) وكذا إخراج حصر المسجد لمنتظر جنازة أو غيره. قوله: (ومنقطع الابتداء) أي: فقط، كوقفه على من لا يجوز الوقف عليه، كعبدٍ، ثم على من يجوز، كأولاده والفقراء. اعلم: أنَّ للوقف ست صفات: إحداها: متصل الإبتداء والانتهاء والوسط. الثانية: منقطع الابتداء، متصل الوسط والانتهاء. الثالثة: متصل الابتداء [والوسط]، منقطع الانتهاء، عكس التي قبلها. الرابعة: متصل الابتداء والانتهاء، منقطع الوسط. الخامسة: عكسها منقطع الطرفين، صحيح الوسط. والوقف صحيح في الخمس كلها.

إلَى مَنْ بَعْدَهُ وَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ ولِآخَرَ بَعْدَ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ ومَا وَقَفَهُ وَسَكَتَ إلَى وَرَثَتِهِ نَسَبًا عَلَى قَدْرِ

_ والسادسةُ: منقطع الابتداء والوسط والآخر، مثل: أن يقف على من لا يصحُّ عليه ويسكت، أو يذكر ما لا يصح الوقف عليه أيضاً. والوقف فيها غير صحيح. ذكره منصور البهوتيُّ، رحمه الله تعالى. قوله: (إلى من بعده) إن كان، وإلا بطل الوقفُ. قوله: (وسكت) بأن قال: هذه الدار وقفٌ، ولم يسم مصرفاً. قوله: (إلى ورثته نسبًا) يعني: لا نكاحًا أو ولاء. قال ابن نصر الله في «حواشي الفروع»: هل المراد ورثته حين موته، أو حين انقطاع الوقف؟ وإذا صرف إليهم فماتوا، فهل ينتقل إلى ورثتهم، أم لا؟ فأما الأولى، ففي «الرعاية» ما يقتضي أنَّ المراد: ورثته حين انقطاع الوقف؛ لأنه قال: إلى ورثته إذن، أي: حين الانقطاع، وأما المسألة الثانية، ففي «شرح الخرقي» للزركشي: وحيث قلنا: يصرف إلى الأقارب، فانقرضوا، أو لم يوجد له قريب، فإنه يصرف إلى بيتِ المال؛ لأنه مال لا مستحق له، نص عليه أحمد في رواية إبراهيم وأبي طالب وغيرهما، وقطع به أبو الخطاب وأبو البركات، وقال ابن عقيل في «التذكرة» وصاحب «التلخيص»، وأبو محمد: يرجع إلى الفقراء والمساكين؛ إذ القصد بالوقف الصداقة الدائمة. انتهى. ولم يذكر إذا مات بعض الورثة، فهل يصرف

إرْثِهِمْ وَقْفًا وَيَقَعُ الْحَجْبُ بَيْنَهُمْ كَإرْثٍ فَإِنْ عَدِمُوا فلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَنَصُّهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَمَتَى انْقَطَعَتْ الْجِهَةُ وَالْوَاقِفُ حَيٌّ رَجَعَ إلَيْهِ وَقْفًا وَيَعْمَلُ فِي صَحِيحٍ وَسَطٍ فَقَطْ بِالِاعْتِبَارَيْنِ

_ إلى من بقي، أم لا؟ والظاهر من كلامهم: أنه يصرف إلى ورثة الواقف إذ ذاك، وأنه إذا حدث للواقف وارث، فإنه يشارك الموجودين، كما في نظائره، والله أعلم. قوله: (كإرث) أي: غنيهم وفقيرهم فيه سواء. قوله: (ومتى انقطعت الجهة، والواقف حي ... إلخ) فلو وقف على أولاده وأنسالهم أبدًا على أنَّ من توفي منهم عن غير ولد، رجع نصيبه إلى أقرب الناس إليه، فتوفي أحد أولاده عن غير ولد، والأب الواقف حي، فهل يعود نصيبه إليه؛ لكونه أقرب الناس إليه، أو لا؟ يخرج على ما إذا انقطعت الجهة. قال العلامة ابن رجب: والمسألة ملتفتة إلى دخول المخاطب في خطابه. انتهى. فالصحيح رجوعه إليه، وجزم به الشيخ منصور في «شرحه».

وَيَمْلِكُهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَيَنْظُرُ فِيهِ هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ وَيَتَمَلَّكُ زَرْعَ غَاصِبٍ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ خَطَئِهِ وفِطْرَتُهُ وزَكَاتُهُ وَيُقْطَعُ سَارِقُهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ وَلَا يَطَؤُهَا وَلَهُ تَزْوِيجُهَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِغَيْرِهِ وأَخْذُ مَهْرِهَا وَلَوْ لِوَطْءِ شُبْهَةٍ

_ قوله: (ويملكه ... إلخ) أي: يملك الوقف الموقوف عليه إن كان آدمياً معيناً، أو جمعا محصورًا كأولاده، وإلا انتقل الملك فيه إلى الله تعالى كالوقف على المساجد، والمدراس، والفقراء، والغزاة، ونحو ذلك. فتدبر. قوله: (فينظر فيه هو) أي: إن كان مكلفًا رشيدًا. قوله: (ويتملك زرع غاصب) أي: بنفقته. قوله: (ويلزمه أرش خطئه) وكذا عمد يوجب المال، أو عفا ولي الجناية عليه، فلا يتعلق برقبته. قوله: (وفطرته .. إلخ) وأما إذا اشترى عبدًا من غلة الوقف لخدمة الوقف، فإن الفطرة تجب قولا واحدًا؛ لتمام التصرف فيه. قاله أبو المعالي. منصور البهوتي. قوله: (ويقطع سارقه) أي: الموقوف على معيَّن، وسارق نمائه. قوله: (موقوفة عليه) فلو وقفت عليه زوجتُه، انفسخ النِّكاح للملك. قوله: (ولا يطؤها) يعني: ولو أذن واقف. قوله: (ولو لوطء شبهةٍ) أي: او زناً. وهذه كلُّها فوائد القول بأن الموقوف عليه المعين يملك الوقف، وكذا النفقة عليه، وتأتي.

وَوَلَدُهَا مِنْ شُبْهَةٍ حُرٌّ وَعَلَى وَاطِئٍ قِيمَتُهُ تُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ ومِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا وَقْفٌ وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ بِوَطْئِهِ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ تُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ وَتُعْتَقُ بِمَوْتِهِ وَتَجِبُ قِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ يَشْتَرِي بِهَا وبِقِيمَةٍ وَجَبَتْ بِتَلَفِهَا أَوْ بَعْضِهَا مِثْلُهَا أَوْ شِقْصٌ يَصِيرُ وَقْفًا بِالشِّرَاءِ

_ قوله: (حر) يعني: ولو كان الواطيء رقيقا إن اشتبهت عليه بمن ولده منها حرٌّ؛ لاعتقاده حريَّته. قوله: (في مثله) أي: يكون وقفًا مكانه. قوله: (وقْف) أي: تبعًا لأمه وعلى قياسه ولد بهيمة، وودي النخل، فيكون وقفا لا غلة؛ لأنه بالأصل أشبه. فتأمل. قوله: (وولده حر) أي: الموقوف عليه من الموقوفة؛ للشبهة. قوله: (وعليه قيمته) أي: يوم وضعه حيَّاً؛ لتفويته رقه على من يؤول إليه الوقف بعد. قوله: (تصرف في مثله) أي: في قن مثله؛ لأنها بدله. قوله: (وتعتق بموته) لأنها صارت أم ولده؛ لولادتها منه، وهو مالكها. قوله: (في تركته) إن كانت؛ لأنه أتلفها على من بعده من البطون. قوله: (مثلها) يكون وقفًا مكانها. قال الحارثي: اعتبار المثلية في البدل المشترى بمعنى: وجوب الذكر في الذكر، والأنثى، والكبير في الكبير، وسائر الأوصاف التي تتفاوت الأعيان بتفاوتها، لا سيَّما الصناعة المقصودة في الوقف، والدليل على الاعتبار أن الغرض جبرانُ ما فات، ولا يحصل بدون ذلك. وإن وطئها الواقف،

وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ وَإِنْ قُطِعَ فَلَهُ الْقَوَدُ وَإِنْ عَفَا فَأَرْشُهُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ قُتِلَ وَلَوْ عَمْدًا فقِيمَتُهُ وَلَا يَصِحُّ عَفْوُ عَنْهَا وقَوَدًا بَطَلَ الْوَقْفُ وَلَا إنْ قُطِعَ وَيَتَلَقَّاهُ كُلُّ بَطْنٍ عَنْ وَاقِفِهِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ لِثُبُوتِ الْوَقْفِ فَلِمَنْ بَعْدَهُمْ الْحَلِفُ

_ وجب المهر للموقوف عليه، ووجب الحدُّ، والولد رقيقٌ، مالم نقل ببقاء ملكه. ذكره الحارثي. قلت: الظاهر: عدم وجوب الحد؛ لشهة الخلاف في بقاء ملكه. ذكره منصور البهوتي. قوله: (ولا يصح عتق موقوف) بحال، ولو أعتق بعضه الطلق لم يسر بالأولى. قوله: (فله القود) أي: للرقيق. قوله: (وإن عفا) يعني: أو كان القطع لا يوجب قودًا؛ لعدم المكأفاة، أو لكونه خطأ أو جائفة، ونحوه. قوله: (ولا يصح عفو عنها) يعني: ولو قلنا: إنه يملكه؛ لأنه لا يختص به. قوله: (وقودا) أي: بأن قتل مكافئا عمدا، فقتله، وكالمقتول قصاصاً. قوله: (بطل الوقف) كما لو مات حتف أنفه. قوله: (عن واقفه) لا عمَّن قبله. قوله: (فإذا امتنع البطن الأول) يعني: أو من بعده حال استحقاقهم. قوله: (فلمن بعدهم الحلف) ولو قبل استحقاقهم للوقف. منصور البهوتي. وعلم منه: أنهم لا يستحقونه بالحلف، بل بعد انقراض من قبلهم؛ ففائدة ذلك

وَأَرْشُ جِنَايَةِ وَقْفٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ خَطَأٌ فِي كَسْبِهِ فَصْلٌ وَيُرْجَعُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ وَمِثْلُهُ اسْتِثْنَاءٌ ومُخَصَّصٌ مِنْ صِفَةٍ وعَطْفِ بَيَانٍ وتَوْكِيدٍ وبَدَلٍ

_ عدم صحة تصرف من بيده الوقف فيه ببيعٍ، ونحوه. وحيث ثبت الوقف بالحلف المذكور، فإن الريع يكون ملكاً للبطن الأول، لأنه يدخل في ملكهم قهراً كالإرث؛ بدليل أنه لا يبطل برده. فتأمل. قوله: (وأرش جناية ... إلخ) مبتدأ مضاف. قوله: (وقف) أي: رقيق موقوف. قوله: (على غير معيَّن) كالمساكين. قوله: (خطأً) حال. قوله: (في كسبه) خبره، أي: لا في رقبته. قوله: (ويرجع) أي: في أمور الوقف. قوله: (إلى شرط واقفٍ) كشرطه لزيد كذا، ولعمرو كذا، ونحو ذلك. قوله: (ومثله) أي: مثل الشرط الصريح في وجوب الرجوع إليه. قوله: (وعطف بيان) هو: التابع الجامد الموضع لمتبوعه، أو المخصص له، كعلى ولدي أبي محمد عبد الله، وفي أولاده من كنيته أبو محمد غير عبد الله، فلا يدخل في الوقف. قوله: (وتوكيد) بمعنى مؤكد، وهو: التابع الرافع لاحتمال إرادة المجاز، كوقفه على أولاد زيد نفسه، فلا يدخل فيه أولاد أولاده. قوله: (وبدل) فلو قال: وقفت على ولدي فلان وفلان، ثم الفقراء، لم يشمل ولد ولده. فمن له أربعة أولادٍ وقال: وقفت على ولدي فلان وفلان وفلان، وعلى أولاد أولادي،

وَنَحْوِهِ وجَارٌّ نَحْوُ عَلَى أَنَّهُ وَبِشَرْطِ أَنَّهُ وَنَحْوُهُ فَلَوْ تَعَقَّبَ جُمَلًا عَادَ إلَى الْكُلِّ وفِي عَدَمِ إيجَارِهِ أَوْ قَدْرِ مُدَّتِهِ وفِي قِسْمَتِهِ وتَقْدِيمِ بَعْضِ أَهْلِهِ كَعَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ وَيَبْدَأُ بِالدَّفْعِ إلَى زَيْدٍ، أَوْ عَلَى طَائِفَةِ كَذَا وَيَبْدَأُ بِالْأَصْلَحِ وَنَحْوِهِ وتَأْخِيرٍ عَكْسُهُ وتَرْتِيبٍ كَجَعْلِ اسْتِحْقَاقِ بَطْنٍ مُرَتَّبًا عَلَى

_ دخل الثلاثة المسمون فقط، وأولاد الأربعة؛ لأنه أبدل بعض الولد، وهو فلان وفلان وفلان من اللفظ المتناول للجميع: وهو: ولدي. وبدل البعض يوجب الحكم به، ويتعين من جهةِ الإعرابِ قطع البدل في هذه الحالةِ. قال في «التسهيل»: وما فصل به مذكور، وكان وافياً، ففيه البدلُ والقطعُ، وإن كان غير واف، تعين قطعه إن لم ينو معطوف محذوف. انتهى. وهذه فائدة جليلة، فلتحفظ، والله الموفق. قوله: (ونحوه) أي: كالغاية، كعلى أولادي حتى يبلغوا، أي: ثم هو على المساكين مثلا، وإلا كان معلق الانتهاء، وهو باطل. والإشارة بلفظ «ذلك»، والتمييز. قوله: (ونحوه) أي: نحو: لكن إن كان كذا، فكذا. قوله: (فلو تعقَّب) يعني: الشرط ونحوه. قوله: (وتأخيرٍ عكسُه) أي: عكس التقديم، كعلى أولادي، يعطى منهم أولا ما سوى فلانٍ كذا، ثم ما فضل لفلان.

آخَرَ فَالتَّقْدِيمُ بَقَاءُ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُؤَخَّرِ عَلَى صِفَةٍ إنَّ لَهُ مَا فَضَلَ وَإِلَّا سَقَطَ وَالتَّرْتِيبُ عَدَمُهُ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ وفِي إخْرَاجِ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بِصِفَةٍ وَإِدْخَالِ مَنْ شَاءَ

_ قوله: (ما فضل) أي: عن مقدر ما قبله، ومنه تعلم: أنَّه لا بد من تقدير ما يعطاه المقدم. وصرح به في «الإقناع». قوله: (مع وجود المقدَّم) يعني: كلا، أو بعضاً. قوله: (من أهل الوقف) أي: مطلقاً. ومعني الإخراج والإدخال بصفة: جعل الاستحقاق والحرمان مرتبًا على وصف. ولو وقف على أولاده؛ وشرط أن من تزوج من البنات، فلا حق لها، أو على زوجته ما دامت عازبة، صح. كما في «الإقناع». قوله: (أو بصفة) أي: كإخراج من تزوجت من بناته. قال في «الحاشية»: هكذا مثلوا، وانظر: هل يعارض ما نقلته عن صاحب «الإنصاف»؟ . انتهى. وأشار بقوله: ما مر ... إلخ إلي ما نقله عن صاحب «الإنصاف» عند قول المصنف في الوقف على الذمي: (ويستمر له إذا أسلم، ويلغو شرطه ما دام كذلك) فإنه ذكر هناك نقلا عن «الإنصاف»: أنه لو وقف على امرأةٍ ما دامت عزباء، كان اشتراط العزوبية باطلا؛ لأن الوصف ليس قربة. انتهى بمعناه. وأقول: يمكن حمل كلام «الإنصاف»

مِنْهُمْ أَوْ بِصِفَةٍ لَا إدْخَالِ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ كَشَرْطِ تَغْيِيرِ شَرْطٍ وفِي نَاظِرِهِ وإنْفَاقٍ عَلَيْهِ وسَائِرِ أَحْوَالِهِ كَأَنْ لَا يَنْزِلَ فِيهِ فَاسِقٌ وَلَا شِرِّيرٌ وَلَا مُتَجَوَّه وَنَحْوُهُ وَإِنْ خَصَّصَ مَقْبَرَةً أَوْ رِبَاطًا أَوْ مَدْرَسَةً أَوْ إمَامَتَهَا بِأَهْلِ مَذْهَبٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ بِقَبِيلَةٍ تَخَصَّصَتْ لا الْمُصَلِّينَ وَلَا الْإِمَامَةِ بِذِي مَذْهَبٍ مُخَالِفٍ لِظَاهِرِ السُّنَّةِ

_ على ما إذا أراد الواقف بقوله: ما دامت عزباء: منعها من التزوج، وتركها لما هو قربة من القربات، فيبطل اشتراطه ذلك. وحمل ما ذكروه هنا ومثلوا به على ما إذا أراد الواقف الرفق بمن فارقها زوجها، وصارت عزباء في مظنة الحاجة، وعدم قيام أحدٍ بمؤنتها، بخلاف ما إذا تزوَّجت واستغنت بزوجها، فحينئذ لم يشترط العزوبية من حيث إنها ترك للنكاح، بل من حيث إنها مظنة الحاجة. وهذا ظاهرٌ لا شبهة فيه إن شاء الله تعالى، فلا تعارض بين الكلامين. فتأمل بالإنصاف. قوله: (لا إدخال من شاء من غيرهم) أي: ولا يصح الوقف أيضاً. قوله: (كشرطه) أي: لنفسه أو للناظر بعده. قوله: (تغيير شرط) فلا يصح الشرط، ولا الوقف؛ لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف فأفسده، وكما لو شرط أن لا ينتفع به، فيفسد الوقف. قوله: (وإنفاق عليه) أي: بأن يقول: ينفق عليه، أو يعمَّر من جهة كذا. قوله: (ونحوه) أي: كذي بدعة. قوله: (لا المصلين) أي: لا تتخصص بهم، بل لكل أحد الصلاة فيها. قوله أيضا على قوله: (لا المصلين) عطف على قوله: (مقبرة) أي: لا إن خصص

وَلَوْ جُهِلَ شَرْطُهُ عُمِلَ بِعَادَةٍ جَارِيَةٍ ثُمَّ بِعُرْفٍ فَالتَّسَاوِي فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ نَاظِرًا فلِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمَحْصُورِ،

_ المصلين، ولا إن خصص الإمامة ... إلخ. قوله: (ولو جهل شرطه ... إلخ) بأن ثبت الوقف دون الشرط في قسمته بينهم. واعلم: أنه إذا جهل شرط الواقف، وأمكن التآنس بصرف من تقدم ممن يوثق به، رجع إليه؛ لأنه أرجح بما عداه، والظاهر: صحَّة تصرُّفه ووقوعه على الوقف، فإن تعذر وكان الوقف على عمارة، أو إصلاح، صرف بقدر الحاجة، إن كان على قوم، عمل بعادة جارية ... إلخ. قوله: (جارية) أي: مستمرة إن كانت ببلد الواقف. قوله: (ثم عرف) مستمر في الوقف في مقادير الصَّرف، كفقهاء المدارس. قوله: (فإن لم يشرط ناظرًا) أي: أو شرطه لمعين فمات، أو عزل نفسه. وإن شرط النظر للأفضل من أولادِه، فأبى القبول، انتقل إلى من يليه، فإن تعيَّن أحدهم أفضل، ثم صار فيهم من هو أفضل منه، انتقل إليه، فإن استوى اثنان، اشتركا في النظر. قوله أيضًا على قوله: (فإن لم يشرط ناظرًا) فلو قال الواقف: النظر لزيد، فإن مات فلعمرو، فعزل زيد نفسه، أو فسق، وقلنا: ينعزل، فكموته؛ لأن تخصيص الموت خرج مخرج الغالب، والصحيح: أنه لا ينعزل، كما يأتي، فلا مفهوم له. هذا معنى ما في «الإقناع». قال في «شرحه»: وإن أسقط حقه من النظر لغيره، فليس له ذلك؛ لأنه إدخال في الوقف لغير أهله، فلم

كُلٌّ عَلَى حِصَّتِهِ وَغَيْرُهُ كَعَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ لِحَاكِمِ وَمَنْ أَطْلَقَ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ شَمِلَ أَيَّ حَاكِمٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَ حَاكِمِ الْبَلَدِ زَمَنَ الْوَاقِفِ أَمْ لَا

_ يملكه، وحقه باق، فإن أصر على عدم التصرف، انتقل إلى من يليه، كما لو عزل نفسه، فإن لم يكن من يليه، أقام الحاكم مقامه، كما لو مات. هذا ما ظهر لي، ولم أره مسطورًا، وقد عمَّت البلوى بهذه المسألة. انتهى ما ذكره رحمه الله تعالى. قوله: (كل على حصَّته) أي: من جائز التصرُّف، وولى غيرهم. قوله: (وغيره) أي: غير الموقوف على محصور. وقوله: (غيره) مبتدأ، خبره (لحاكم) على حذف مضاف، والتقدير: ونظر غير الوقف على محصور، كعلى مسجدٍ، ومدرسةٍ، ومساكين - لحاكم. قوله: (لحاكم) أي: فلم يقيد بكونه شافعياً، أو حنفياً، ونحوه. قوله: (شمل) أي: لفظ: الحاكم (أي حاكمٍ كان). قاله الشخ تقي الدين. وإن شرط النظر لحاكم المسلمين كائناً من كان فتعدد الحاكم، فأفتى الشيخ نصر الله الحنبلي، والشيخ برهان الدين ولد صاحب «الفروع»: أن النظر فيه للسلطان يوليه من شاء للمتأهلين لذلك. منصور البهوتي. ولعلَّ مرادهما: مع المشاحة من الحكام،

وَلَوْ فَرَضَهُ حَاكِمٌ لَمْ يَجُزْ لِ آخَرَ نَقْضُهُ وَلَوْ وَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا النَّظَرَ شَخْصًا قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَقَّهُمَا

_ وإلا فلكل النظر على انفرادٍ. وإذا بدأ أحدهم، ففوَّضه لأهل، لم يجز للباقين نقضه. هذا الذي يتمشى على عبارة المتن، والله أعلم. قوله: (ولو فوضه حاكم ... إلخ) قال المصنف في «شرحه»: ولعل وجهه أن الأصحاب قاسوا التفويض على حكم الحاكم قبله. انتهى. مع أنهم ذكروا أن للحاكم النَّصب والعزل؛ لأصالة ولايته كما يأتي، إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا تعدَّدت الحكام، وما يأتي على ما إذا لم يكن إلا حاكم واحد، بقرينة السياق، أو يقال: النصب - أي: الآتي ذكره - بمعنى: التوكيل والتفويض - أي: المذكور هنا - إسناده إليه على وجه الاستقلال بالنظر فيه؛ لكونه مصلحة من مصالح الوقف، فهو بمنزلة التقرير في الوظائف، وبمنزلة نصب الإمام قاضياً، أو والياً، كما ذكروا أنَّه وكيلٌ عن المسلمين، لا عن الإمام. وكما يأتي في القضاء: إذا نصب القاضي قيِّماً، لم ينعزل بعزله مع أهليَّته. ذكره منصور البهوتي رحمه الله تعالى. قوله: (كلٌّ منهما) أي: من حاكمين أو حكام، قدم وليُّ الأمر أحقهما، أو أحقهم. قوله: (شخصًا) لعله في آن واحد، أو جهل سابقٌ، وإلا تعين الأول؛ لوقُوعه في محله، ولذلك لم بملك الثاني نقضه. ثم هل يؤمر الحاكم - الذي ولى غيره ولاء - بعزله؛ لاحتمال سبق توليته، أم لا؟ قوله: (قدم ولي الأمر) أي: السلطان.

فَصْلٌ وَشُرِطَ فِي نَاظِرٍ إسْلَامٌ وتَكْلِيفٌ وكِفَايَةٌ لِتَصَرُّفٍ وَخِبْرَةٌ بِهِ

_ فصل في مسائل من أحكام الناظر قوله: (في ناظرٍ) أي: مطلقًا. قوله: (إسلام) إن كان الوقف على مسلم، أو جهة من جهاتِ الإسلام، كمسجدٍ، ونحوِه. فلو كان الوقف على كافر معيَّن، جاز شرط النظر فيه لكافرٍ، كما لو وقف على أولادِه الكفار، وشرط النَّظر لأحدهم، أو غيرهم من الكفَّار، فيصح كما في وصية الكافر لكافر على كافر. أشار إليه ابن عبد الهادي وغيرُه. نقله منصور البهوتي. والحاصل: أنه إذا كان الوقف على مسلم، أو جهة الإسلام فلا بد أن يكون الناظر مسلمًا. قوله أيضا على قوله: (وشرط في ناظر: إسلام) يعني: بشرطين: كون الجهة جهة إسلام أو المعين مسلمًا، وكون الناظر أجنبيًا، كما يعلم من «شرح» المصنف، ويفهم من كلام «المتن» الآتي أيضًا. قال في «شرحه» هنا: وشرط في ناظر مطلقًا ... إلخ. وكأنه أراد به، سواء كانت ولايته من واقف، أو حاكم حيث كان أجنبيًا، كما أشرنا إليه، وإنما قيَّدناه بذلك؛ لأن المصنف قال في شرح قوله: (وإن كان

وَقُوَّةٌ عَلَيْهِ وَيُضَمُّ لِضَعِيفٍ قَوِيٌّ أَمِينٌ وفِي أَجْنَبِيٍّ وِلَايَتُهُ مِنْ حَاكِمٍ

_ لموقوفٍ عليه بجعله له، أو لكونه أحق، لعدم غيره، فهو أحق مطلقا) ما نصه: أي سواء كان عدلا، أو فاسقًا، ويشمل الإطلاق المسلم والكافر. انتهى. وهذا معنى ما نقله المصنف في «شرحه» عن «المغني» واستظهره. فتأمل. قوله: (وقوة عليه) أي: لا ذكوريَّة وعدالة. قوله: (ويضم لضعيف ... إلخ) أي: يضمه الحاكم، سواء كان على معين، أو غيره. وهل شرطه إذا كان المضموم متبرعًا، أو لا؟ وهل يفرَّق بين الوقف على معين، أو غيره؟ الظاهر: أنه إذا كان على غير معين، جاز ولو بجعل للحاجة، وكذا إن كان على معين ورضي بذلك. وإذا ضم إليه القوي، فالناظر الأول، غير أنه لا يتصرف إلا بإذنه، يعني: وسواء كان ناظراً بشرط، أو موقوفا عليه. ويضم- أيضاً - إلى الفاسق عدل. فائدة: إذا شرط لناظرٍ عوضٌ معلوم، فإن كان بقدر أجرِ المثل، اختص به، وكان ما يحتاج إليه الوقف - من أمناء وغيرهم - من غلة الوقف، وإن كان المشروط أكثر مما يحتاج إليه الوقف - من أمناء وغيرهم- من غلة الوقف، وإن كان المشروط أكثر مما يحتاج إليه الوقف- من أمناء وعمال عليه - يصرفها من الزيادة حتى يبقى له أجرُ المثل، إلا أن يكون الواقف شرطه له خالصاً. ذكر معنى ذلك صاحب «الإقناع»، رحمه الله.

أَوْ نَاظِرٍ عَدَالَةً فَإِنْ فَسَقَ عُزِلَ ومِنْ وَاقِفٍ وَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ فَسَقَ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ وَإِنْ كَانَ لِمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ لَهُ أَوْ لِكَوْنِهِ أَحَقَّ لِعَدَمِ غَيْرِهِ فَهُوَ أَحَقُّ مُطْلَقًا وَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ بِلَا شَرْطٍ وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَسْنَدَهُ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ فَلَهُ عَزْلُهُ

_ قوله: (أو ناظرٍ) أي: أصلي، أو لا، وجاز للوكيل أن يوكِّل. قوله: (عدالة) أي: ولو ظاهرًا. محمد الخلوتي. قوله: (عزل) أي: انعزل. قوله: أيضًا على قوله: (عزل) الظاهر: أنه لا ينعزل بمجرَّد الفسق. شيخنا محمد الخلوتي. أقول: بل المفهومُ من «شرح» المصنف: أنه ينعزل بمجرد الفسق. فتأمل. ونقل عن «المغني» ما يدل على ذلك. قوله: (يضم إليه أمين) يعني: ولم ينعزل، وفيه ما تقدَّم في الضعيف. وهل إذا قوي الضعيف، أو زال الفِسقُ ينعزل المضموم، أو يُعزلُ، أو لا؟ الظَّاهر: الأول. قوله: (مطلقًا) أي: عدلاً كان أو فاسقاً، رجلاً أو امرأة، رشيدًا أو محجورًا عليه، بل ظاهره: ولو كافرًا. قوله: (ثم جعله لغيره ... إلخ) الفرق بين الصيغ الثلاث لفظيٌّ، يعني: أن قوله: جعلت النَّظر لفلان، أو أسندته إليه، أو فوَّضته إليه،

وَلِنَاظِرٍ بِأَصَالَةٍ

_ مؤدى الجميع واحد، وحكمها واحد، وهو: أنَّ له عزله؛ لأنه نائب عنه، بخلاف مالو شرطه لغيره ابتداءً، فليس له عزله؛ لأنه إذا لم يشترط لنفسه النظر، فبفراغه من الوقف وشروطِهِ قد خرج عن ملكه، وانقطعت علقه منه، وصار الواقف أجنبياً. قوله: (ولناظر بأصالة ... إلخ) فلو شرط الوقف النظر للحاكم، أو الموقوف عليه، فهل يمتنع التوكيل حيث لا يجوز للوكيل نظرًا للشرط، أو يجوز له، نظرا لأصالة ولايته لولا الشرط؟ قال منصور البهوتي: لم أر من تعرَّض له، لكن ما صحَّحوه في الوكالة من عدم انفساخ الإجارة بموته نظرا للشرط يؤيد الأول. وفي «شرح الإقناع»: لكن لو كان الموقوف عليه هو المشروط له، فالأشبه أن له النَّصب، لأصالة ولايته؛ إذ الشرط كالمؤكد لمقتضى الوقف عليه. انتهى، والله أعلم. فائدة: ما بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد، فالإمامة لمن رَضُوا به، لا اعتراض للسلطان عليهم، وليس لهم بعد الرضا به عزله؛ لرضاهم به كالولاية، مالم يتغير حاله بنحو فسق، أو ما يمنع الإمامة. وليس له أن يستنيب إن غاب؛ لأن تقديم الجيران له ليس ولاية، وإنما قدم، لرضاهم به، ولا يلزم من رضاهم به الرضى بنائبه، كما في الوصي بالصلاة على ميت، بخلاف من ولاه الناظر، أو الحاكم؛ لأنَّ الحق صار له بالولاية، فجاز أن يستنيب، فمتى غاب ولاه السلطان، أو نائبه في الجوامع الكبار،

كَمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ وَحَاكِمٍ نُصِّبَ وَعُزِلَ

_ فنائبه أحق، ثم لم يكن نائب من رضيه أهلُ المسجد؛ لتعذر إذنه. قال الشيخ تقي الدين، رحمه الله تعالى: لو عُطِّل مغل مسجد سنة، قسطت الأجرة المستقبلة على السنة التي تعطل مغلها، وعلى السنة الأخرى التي لم يتعطل مغلها؛ لتقوم الوظيفةُ فيهما، فإنَّه خير من التعطل. قوله: (كموقوف عليه) أي: معيَّن. قوله: (وحاكمٍ) أي: فيما على غير معين، كالفقراء. قوله: (وعزل) يعني: أن الناظر الأجنبي - وهو غير الموقوف عليه - إذا كانت ولايته من ناظر جعل له ذلك، أو بدونه حيث جاز للوكيل التوكيل، أو كانت ولايته من حاكم، فإنه لا بدَّ من عدالته، فإذا فسق انعزل، ولا يتوقف على عزلٍ، كما يفهم من «شرح» المصنف حيث قال: لأنها ولاية على حقِّ غيره، فنافاها الفسق. ونقل عن «المغني» ما يدل على ذلك أيضاً، فإنه عنه في ناظر ولايته من الواقف وهو فاسق، أو فسق ما نصه: ويحتمل أن لا تصح توليته، وأنه ينعزل إذا فسق في أثناء ولايته؛ لأنها ولاية على حقِّ غيره، فنافاها الفسق، كما لو ولاه الحاكم. انتهى. فعلَّل عدم الصحة والانعزال بما علل به «شرح» الشيخ محمد الخلوتي، وجعل من ولاه الحاكم أصلا في ذلك، فقضيته أنه لا خلاف فيه. فتدبر.

لَا نَاظِرٍ بِشَرْطٍ وَلَا يُوصِي بِهِ بِلَا شَرْطِ وَلَوْ أَسْنَدَ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِلَا شَرْطِ وَاقِفٍ وَإِنْ شَرَطَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ التَّصَرُّفَ لِوَاحِدٍ والْيَدَ لِآخَرَ أَوْ عِمَارَتَهُ لِوَاحِدٍ وتَحْصِيلَ رِيعِهِ لِآخَرَ صَحَّ وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ نَاظِرٍ خَاصٍّ لَكِنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ وَلَهُ ضَمُّ أَمِينٍ

_ قوله: (لا ناظر بشرط) يعني: أجنبي. وإن مات ناظر بشرط في حياة واقفٍ، لم يملك الواقف نصب غيره مطلقًا بدون شرط. منصور البهوتي. قوله: مطلقًا، أي: سواء كان على معين أو غيره. قوله أيضا على قوله: (لا ناظرٍ بشرط) عمومه يشمل الواقف إذا شرط النظر لنفسه وأطلق وهو يخالف ما قدمه، إلا أن يحمل الأول على ما إذا شرط ذلك لنفسه. قوله: (بلا شرط) أي: بلا شرط واقفٍ؛ لأن للناظر النصب، والعزل، والوصية به، فإذا شرطه له، ملكه. قوله: (لم يصح تصرف ... إلخ) فإن لم يوجد إلا واحدٌ، أو أبى أحدهما، أو مات، أقام الحاكم مقامه آخر. قوله: (مع ناظر خاص) أي: ليس استحقاقه من جهة الحاكم، بخلاف ما لو عين الحاكم له ناظرًا، فإن له النظر معه، كما يعلم مما تقدم في قوله: (ولناظر بأصالةٍ كوقوف عليه وحاكم نصب وعزل)، وقد قال هنا: (وله ضم أمين ... إلخ) فعلم: أنه لو كان من قبله، لما احتاج إلى ضم أمينٍ، بل له عزله مطلقًا. فتدبر. قوله أيضًا على

مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ وَلَا اعْتِرَاضَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ عَلَى أَمِينٍ وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِانْتِسَاخِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ لِمَصْلَحَةٍ كَشِرَائِهِ لِلْوَقْفِ نَسِيئَةً أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَعَلَيْهِ نَصْبُ مُسْتَوْفٍ لِلْعُمَّالِ الْمُتَفَرِّقِينَ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَةٌ إلَّا بِهِ فَصْلٌ وَوَظِيفَتُهُ حِفْظُ وَقْفٍ وَعِمَارَتُهُ وَإِيجَارُهُ وَزَرْعُهُ وَمُخَاصَمَةٌ فِيهِ وَتَحْصِيلُ رِيعِهِ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ وَالِاجْتِهَادُ فِي تَنْمِيَتِهِ وَصَرْفُهُ فِي جِهَاتِهِ مِنْ عِمَارَةٍ وَإِصْلَاحِ وَإِعْطَاءُ مُسْتَحِقٍّ وَنَحْوِهِ

_ قوله: (مع ناظر خاص) أي: حاضرٍ، وإلا جاز له التقدير. قوله: (مع تفريطه) ومتى فرط سقط ما له من المعلوم بقدر ما فوته من الواجب عليه، فيوزع ما قدر له على ما عمل ومالم يعمله، ويسقط مالم يعمله. قوله: (على أمين) أي: ولاه الواقف. قوله: (أو لم يعينه) أي: بنقد لم يعينه ... إلخ. قوله: (وعليه) أي: على الناظر حاكمًا كان أو غيره. قوله: (ووظيفته) أي: الناظر مطلقاً، أي ناظر كان، بشرط، أو استحقاق، أو لا. قوله: (في جهاته) أي: بما يحصل به تنميته. قوله: (وإعطاء مستحق ... إلخ) ويقبل قول الناظر المتبرع في دفع لمستحق، وإن لم

وَلَهُ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ والتَّقْرِيرُ فِي وَظَائِفِهِ

_ يكن متبرعًا، فلا بدَّ من بينة، كما تقدم في الوكالة. قال في «شرح الإقناع»: ولا يعمل بالدفتر الممضي منه - المعروف في زمننا بالمحاسبات - في منع مستحق ونحوه، إذا كان بمجرد إملاء الناظر والكاتب على ما اعتبر في هذه الأزمنة، وقد أفتى به غير واحد في عصرنا. انتهى. قوله: (والتقرير في وظائفه) قال الحارثي: ومتى امتنع من نصب من يجب نصبه، نصَّبه الحاكم، كما في عضل الولي في النكاح. انتهى. قال منصور البهوتي قلت: وكذا لو طلب جعلا على النصب. انتهى. لكن لا يقرِّر نفسه في وظائفه، وكذا لا يجوز مع كونه ناظرًا أن يكون شاهد الوقف، ولا مباشرًا فيه، ولا أن يتصرَّف بغير مسوغ شرعي، أفتى بكلِّ ذلك ابن المصنف الموفق، ووافقه من حنفية عصره النور المقدسي، ومن الشافعية الشمس الرملي. وأقول: يزاد على ذلك فيما يظهر أنه لا يجوز له تقرير من لا تقبل شهادته له؛ لأنهم كهو، ولذلك لا تصح إجارته لنفسه، ولا لهم، كما تقدَّم. فتأمل.

وَمَنْ قُرِّرَ عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ حَرُمَ صَرْفُهُ بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ وَلَوْ أَجَّرَهُ نَاظِرٌ بِأَنْقَصَ وَضَمِنَ النَّقْصَ

_ قوله: (ومن قرر على وفق الشرع ... إلخ) من ذلك لو فوض حاكم النظر لمن يستحقه؛ لوصف فيه، كما لو شرطه للأرشد، أو الأفضل من بنيه، أو غيرهم، فأثبت أحدهم ذلك الوصف وفوضه إليه، أو شرط الواقف أن الحاكم يولِّيه من شاء، ففوَّضه لشخص، فإنه لا يجوز له ولا لغيره من الحكام نقض هذا التفويض؛ لأنه نقض للحكم مالم يتغير الوصفُ، كما لو صار غيره أرشد منه، أو أفضل، فإنه يفوضه إليه؛ لوجود الشرط فيه. والحاصل: أنه يحرم على الناظر، وعلى غيره صرف المقرر، وله أن يستنيب كما لو أستأجره ليخيط له ثوبًا. فيؤخذ منه: أنه لو قال في شرطه: أن يكون الإمام فلاناً وأن يؤم بنفسه، أنه لا يجوز له أن يستنيب إلا إن تعذرت عليه الإمامة بنفسه، كما ذكره ابن نصر الله. قوله: (بلا موجب) بكسر الجيم، أي: مقتض - لا بفتحها - لأنه بمعنى الأثر المترتب على الشيء وهو غير مراد هنا. شخنا محمد الخلوتي. وليس منه النيابة في نحو إمامة وغلق باب؛ فإنها جائزة، ولو نهى الواقف عنه، كما في «الإقناع» و «شرحه»، إذا كان النائب أهلا. قوله: (وضمن النَّقص) أي: إن كان المستحق غيره.

الْمُنَقِّحُ: أَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى فِيمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَهُوَ لَهُ مُحْتَرَمٌ وَإِنْ كَانَ شَرِيكًا أَوْ لَهُ النَّظَرُ فَقَطْ فغَيْرُ مُحْتَرَمٍ وَيَتَوَجَّهُ إنْ أَشْهَدَ وَإِلَّا فلِلْوَقْفِ وَلَوْ غَرَسَهُ لِلْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فوَقْفٌ. وَيَتَوَجَّهُ فِي غَرْسِ أَجْنَبِيٍّ أَنَّهُ لِلْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ

_ قوله: (محترمٌ) أي: فليس لأحد طلبه بقلعه؛ لملكه له ولأصله. قال منصور البهوتي: قلت: فلو مات وانتقل الوقف لغيره، فينبغي أن يكون كغرس وبناء مستأجر انقضت مدته. قوله: (وإن كان شريكاً) بأن كان الوقف عليه وعلى غيره. قوله: (فغير محترم) فلباقي الشركاء أو المستحقين هدمه وقلعه. قوله: (ويتوجه ... إلخ) أي: في غرس من ذكر وبنائه أنه له محترما، أو غير محترم، على التفصيل السابق، أن أشهد أنَّ غرسه وبناءه لنفسه لا للوقف. والحاصل: أن صاحب «الفروع» يقيد ما أطلقه الأصحاب بالإشهاد. فتدبر. قوله: (ولو غَرَسه) أي: الناظر، أو بناه. قوله: (في غرس أجنبي) المراد بالأجنبي: غير الناظر والموقوف عليه.

وَيُنْفَقُ عَلَى ذِي رُوحٍ وَمِمَّا عَيَّنَ وَاقِفٌ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فمِنْ غَلَّتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فعَلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ مُعَيَّنٍ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنِ مِثْلِهِ تَكُونُ وَقْفًا لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ فَإِنْ أَمْكَنَ إيجَارُهُ كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أُوجِرَ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةُ مَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بِيعَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ عَقَارًا لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ بِلَا شَرْطٍ كَالطَّلْقِ فَإِنْ شَرَطَهَا

_ قوله: (على ذي روح) كرفيق وخيل. قوله: (فإن تعذر) لعجز، أو غيبة، ونحوهما، ول بإجارته بقدر نفقته. قوله: (وصرف ثمنه في مثله) أي: في الكون وقفاً، لا في حيوان مثل المبيع؛ لعدم الفائدة. وفي بعض النسخ: «في عين» وهي أظهر. والحاصل: أنه إذا صرف ثمنه فيما لا يحتاج إلى نفقة، حصلت الفائدة. قوله: (ونفقة ما) أي: حيوان موقوف. قوله: (كما تقدم) أي: من إطلاق الواقف شرط العمارة؛ بأن لم يذكر البداءة بها ولا تأخيرها. قوله: (وإن كان عقارًا) أي: ونحوه ما لا روح فيه من سلاح، ومتاع، وكتب، ونحوها. قوله: (بلا شرط) واقفٍ مطلقا، كالطلق.

عُمِلَ بِهِ مُطْلَقًا وَمَعَ إطْلَاقِهَا تُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْمُنَقِّحُ: مَا لَمْ يُفْضِ إلَى تَعْطِيلِ مَصَالِحِهِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الْإِمْكَانَ وَلَوْ احْتَاجَ خَانٌ مُسَبَّلٌ أَوْ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى حَاجٍّ أَوْغُزَاةٍ وَنَحْوِهِمْ إلَى مَرَمَّةٍ أُوجِرَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَتَسْجِيلِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْوَقْفِ

_ قوله: (عمل به مطلقا) أي: سواء شرط البداءة بالعمارة، أو تأخيرها، فيعمل بما شرط، لكن إن شرط تقديم الجهة، عمل به. قال الحارثي: ما لم يؤد إلى التعطيل، فإذا أدى إليه، قدمت العمارة؛ حفظا لأصل الوقف. وقال: اشتراط الصرف إلى الجهة في كل شهر كذا، في معنى: اشتراط تقديمه على العمارة. قوله أيضا على قوله: (مطلقًا) أي: على حسب ما شرط. قال بعضهم: وهذا الإطلاق ليس فس مقابلة تقييد سابق، ولا لاحق. قوله: (ومع إطلاقها) أي: إطلاق الواقف العمارة؛ بأن لم يذكر البداءة بها، ولا تأخيرها. قوله: (حسب ... إلخ) بفتح السين، بمعنى: القدر والعدد.

فَصْلٌ وَإِنْ وَقَفَ عَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ الْمَسَاكِينِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ رُدَّ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ فَلَوْ مَاتَ الْكُلُّ فلِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلَ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ صُرِفَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِي ثُمَّ إنْ مَاتُوا جَمِيعًا

_ فصل في أحكام صور من صور الوقف قوله: (وإن وقف على عدد معين ... إلخ) أي: إنسان، وهو: اسم جنس يقع على الذكر والأنثى، والواحد والجمع، كما في «المصباح». أي: كما لو قال: وقفت داري على زيد، وعمرٍو، وبكر، ثم على المساكين. وليس التعيين في العدد بقيد، بل لو وقف على عدد غير معيَّن، كما لو قال: على أولادي، ثم المساكين، لم ينتقل إلى المساكين إلا بعد انقراض جميع الأولاد، ومن مات منهم، عاد نصيبه إلى من بقي من الأولاد، كما هو صريح كلامه كغيره فيما يأتي، وكأنه إنما قيد بالمعين؛ دفعا لتوهم عدم استحقاق أحدٍ منهم لأكثر من نصيبه عند مَوْتِ غيره؛ لتنصيصه عليهم. فتدبر بلطف. قوله: (معين) أي: اثنين فأكثر. قوله: (رد نصيبه) أي: الميت منهم. قوله: (إلى الباقي) كالتي قبلها، خلافاً لـ «الإقناع»، حيث قال: فمن مات منهم، فحكم نصيبه حكم المنقطع كما لو ماتوا جميعًا. وإن قال: وقفته

صُرِفَ مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ وعَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ الْمَسَاكِينِ دَخَلَ الْمَوْجُودُونَ فَقَطْ

_ على أولادي وعلى المساكين، فهو بين الجهتين نصفين. قال في «الإقناع» أيضا: ولو وقف داره على مسجد وعلى إمام يصلي فيه، كان للإمام نصف الريع، كما لو وقفها على زيد وعمرو. ولو وقفها على مساجد القرية، وعلى إمام يصلي في واحد منها، كان الريع بينه وبين كل المساجد نصفين. انتهى. قوله: (مصرف المنقطع) أي: لورثة الواقف نسبًا على قدر إرثهم ... إلخ. قوله: (وعلى ولده) أي: أو أولاده. قوله: (دخل الموجودون) أي: حال الوقف ولو حملا. قوله: (فقط) أي: دون من يحدث من أولاده بعد الوقف، خلافا لـ «الإقناع»، حيث قال بدخوله، تبعًا لما اختاره ابن أبي موسى، وأفتى به ابن الزاغوني، وهي رواية في المذهب، والعمل بها أولى، نظرا إلى عرف الناس، فإن الواقف لا يقصد حرمان ولده المتجدد، بل هو عليه أشفق؛ لصغره وحاجته؛ ولهذا كان بعض مشايخنا النجديين يختار العمل بذلك، وبعده مما يقدم فيه «الإقناع» على «المنتهى». فتدبر.

الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ بِالسَّوِيَّةِ ووَلَدُ الْبَنِينَ وُجِدُوا حَالَةَ الْوَقْفِ أَوْ لَا كَوَصِيَّةٍ وَيَسْتَحِقُّونَهُ مُرَتَّبًا كَبَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وعَلَى عَقِبِهِ أَوْ نَسْلِهِ أَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِه

_ قوله: (الذكور والإناث) يعني: والخناثى. قوله: (بالسوية ... إلخ) والمستحب التنصيص على ذلك، خلافًا للموفق في استحبابه أن يقسمه الواقف للذكر مثل حظ الأثنيين، وإنما قلنا بالتسوية؛ لأن إطلاق التشريك يتقضي التسوية، كما لو أقرَّ لهم، وكولد الأم في الميراث. ولا يدخل فيهم الولد المنفي بلعان؛ لأنه ليس بولدٍ شرعي. قوله: (وولد البنين) - على أصح الروايات - مطلقاً سواء (وجدوا ... إلخ) يعني: ما لم تدل قرينة على عدم دخولهم، كما في «المبدع» وغيره، كقوله: على ولدي لصلبي، أو الذين يلونني، فإن قال ذلك، لم يدخل ولدُ الولد بخلاف. قوله: (كوصية) أي: في تناول الولد لولد البنين، وإن إذا وجدوا قبل موت الموصي، فإذا وصى لولد فلان بكذا، ووجد له ولد ابن بعد الوصية وقبل موت الموصي دخل في الوصيَّة. قوله: (ويستحقُّونه) أي: في أصح الوجهين. قوله: (مرتبًا) أي: لا مع آبائهم، مالم يكونوا قبيلة، كولد النضر بن كنانة. ولو قال: على أولادي، ثم أولادهم، ثم على أنسالهم وأعقابهم، استحقه أهل العقب مرتبا لا مشتركا؛ لقرينة الترتيب فيما قبله. قوله: (وعلى عقبه) وهو الولد، وولد الولد، ونسلُ الولد.

أَوْ ذُرِّيَّتِهِ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ بَنَاتٍ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَنَحْوِهِ وعَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ عَلَى مِثْلِهَا لَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا قَبْلَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ

_ قوله: (أو ذريته) أي: أو من ينتسب إليه. قوله: (لم يدخل ولد بناتٍ) يعني: لصلبٍ أو لابن. قوله: (ونحوه) كقوله: على ولدي، فلان، وفلان، وفلانة، وأولادهم. أو قال: فإذا خلت الأرض ممن ينتسب إليَّ من قبل أم، أو أب فللمساكين. أو على البطن الأول من أولادي، ثم على الثاني، والثالث، وأولادهم. والبطن الأول بنات، ونحو ذلك. فتدبر. قوله: (ثم أولادهم فترتيب جملة) أي: لا ترتيب أفراد. وكذا على أولادي وأولادهم ما تناسلوا بطناً بعد بطن، أو طبقة بعد طبقة، أو نسلاً بعد نسل، أو عقباً بعد عقب، أو الأعلى فالأعلى، أو الأقرب فالأقرب. وإن رتَّب بعضهم، فقال: على أولادي ثم أولادهم وأولاد أولادهم. أو على أولادي وأولاد أولادي، ثم على أولادهم وأولاد أولادهم، عمل به. ففي المسألة الأولى: يختص به الأولاد، فإذا انقرضوا، صار مشتركًا بين من بعدهم. فإن قيل: قد رتَّب أولاً، فهلا حُمِل عليه ما بعده؟ قلت: قد يكون غرض الواقف تخصيص أولاده؛ لقربهم منه. وفي المسألة الثانية: يشترك البطنان الأولان دون غيرهم، فإذا انقرضوا اشترك فيه من بعدهم. قاله في «الإقناع» و «شرحه».

فَلَوْ قَالَ وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَلَدٍ بَعْدَ أَبِيهِ نَصِيبَهُ الْأَصْلِيَّ وَالْعَائِدَ

_ تنبيه: اعلم أن صفاتِ الاستحقاق للوقف ثلاثٌ: ترتيب جملةٍ، وترتيب أفرادٍ، واشتراك، فالأولى - أعني: ترتيب الجملة - عبارة عن كون البطن الأول ينفرد بالوقف كله عمن بعده، ما دام منه واحد، ثم إذا انقرض أهل البطن الأول كلهم، انتقل إلى الثاني فقط. وما دام من الثاني واحد، لم ينتقل منه شيء للثالث وهكذا. والثانية -أعني ترتيب الإفراد - عبارة عن كون الشخص من أهل الوقف لا يشاركه ولده، ولا يتناول من الوقف شيئاً ما دام الأب حيا، فإذا مات الأب، انتقل ما بيده إلى ولده، فاستحقاقه مشروط بموت أبيه. والثالثة - أعني: الاشتراك - عبارة عن استحقاق جميع الموجودين من البطون من غير توقف على شيء، بل هم على حد سواء، فيشارك الولد والده، وكذا ولد الولد، ثم الصفة الأولى تحصل بصيغ: منها أن يقول: هذا وقف على أولادي، أو ولدي، أو بطنًا بعد بطن، أو طبقةً بعد طبقة، أو نَسلاً بعد نسل، أو قرنا بعد قرن، أو ثم أولادهم. وتحصل الثانية بقوله: من مات، فنصيبه لولده، أو عن غير ولد ولدٍ، فلمن في درجته. والثالثة بالواو. قوله: (الأصلي والعائد) أي: سواءٌ بقي من البطن الأول أحدٌ، أو لم يبق. وهذا ترتيب الأفراد. وكذا لو قال: على أولادي، ثم أولادهم، على أنه من توفي منهم عن غير ولد، فنصيبه لأهل درجته، فيستحق كل ولد بعد أبيه نصيبه بقرينة قوله: (عن غير ولد) كما في «الإقناع».

وبِالْوَاوِ لِلِاشْتِرَاكِ وعَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَالْوَقْفُ مُرَتَّبٌ فَهُوَ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَكَذَا إنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبُطُونِ

_ قوله: (وبالواو للاشتراك) وكذا لو قال: على أولادي، أو ولدي، وليس له إلا أولاد أولاد، أو قال: على أولادي، أو ولدي، ويفضل الأكبر، أو الأفضل أو فإذا خلت الأرض من عقبي عاد إلى المساكين، أو قال: على ولد ولدي غير ولد فلان، أو قال: يفضل الأعلى فالأعلى، وأشباه ذلك، مما يدل على التعميم، فلا ترتيب. قوله: (والوقف مرتب) الجملة حالية من فاعل قول محذوف تقديره: ومتى قال في وقفه: على أن من مات ... إلخ، في حال كون الوقف مرتبًا ... إلخ، واعلم: أنه شامل لترتيبي الجملة والأفراد، وأنه لو مات في هذه الصورة عن ولد، كان نصيبه له، حتى ولو كان الواقف أتى بما يدلُّ على ترتيب الجملة، عملاً بمفهوم قوله: (عن غير ولد)، كما يفهم من «الإقناع»، ونقلناه عنه قبل هذا. فتدبر. قوله: (من أهل الوقف) أي: المستحقين له، أي: المتناولين له. قوله: (وكذا إن كان مشتركًا ... إلخ) أي: بأن قال: على أولادي وأولادهم، من مات منهم عن غير ولد، فنصيبه لمن درجته. فإنه إذا مات أحدٌ منهم عن غير ولد، اختص بنصيبه أهل البطن الذي هو منهم من أهل الوقف، كما في مسألة الترتيب. ومن هنا تعلم: أن محل كون قول الواقف: من مات عن غير ولدٍ، فنصيبه لمن في درجته. دليلاً على ترتيب الأفراد إذا كان الوقف غير مشتركٍ، بل كان مرتبًا ترتيب جملةٍ على مثلها، كما لو قال: على ولدي، أو أولادي،

_ أو زاد: ثم أولادهم، أو بطنًا بعد بطنٍ، ونحو ذلك على أنَّ من مات غير ولد ... إلخ، بخلاف ما إذا نص على التشريك، أو أتى بما يدل عليه كالواو؛ فإن قوله حيئنذ: من مات عن غير ولد، فنصيبه لمن في درجته؛ غير مخرج له إلى ترتيب الإفراد، بل من مات عن غير ولد فكما قال المصنِّف. ومن مات عن ولد، فالظاهر: أن نصيبه يكون لأهل الوقف، وهو داخلٌ في قول المصنف: (فكما لو لم يذكر الشرط ... إلخ). فتدبر. وبخطه أيضًا على قوله: (وكذا إن كان مشتركا بين البطون) يعني: أنه إذا كان الوقف مشتركا، كما لو قال: على أولادي وأولادهم، وشرط أنَّ من مات عن غير ولدٍ، فنصيبه لمن في درجته؛ فإنه يعمل بهذا الشرط كما في مسألة الترتيب. فمن مات في مسألة التشريك عن غير ولد وفي درجته أحد، فنصيبه لأهل الدَّرجة من أهل الوقف، كما قال المصنف. ومن هنا يعلم أنَّ قوله: من مات عن غير ولد، فنصيبُه لمن في درجته بعد التشريك؛ لا يصيِّره ترتيب إفراد، وإلا لم يصح قوله: (وكذا إن كان مشتركا). وأن مفهوم الشرط هنا لاغ غير معتد به، فإذا مات في الحالة المذكورة بعض أهلِ الوقف عن ولدٍ، فإنه لا يصير نصيبه إليه؛ لأنا لو جعلنا لولد الولدِ سهمًا مثل سهمِ أبيه، ثم دفعنا له أيضاً سهم أبيه، صار له سهمان، ولغيره سهم، وهذا ينافي التسوية؛ لأنه يفضي إلى تفضيل ولد الابن على الابن. وليس المراد من قول المصنف: (وكذا إن كان مشركا ... الخ) كونه يصير بالشرط المذكور ترتيب إفراد، كما يصير به ترتيب الجملة ترتيب إفراد؛ لأنه يأباه قوله بعده كغيره: (فإن لم يوجد في درجته أحد فكما لو لم يذكر الشرط، فيشترك الجميع في مسألة الاشتراك) فصرح ببقاء الاشتراك، ولو كان الشرط المذكور يصيره ترتيبًا، لكان عند عدم أهل الدرجة يختص به

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ فَيَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِرَاكِ وَيَخْتَصُّ لْأَعْلَى بِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَكَذَلِكَ فَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ وَبَنُو بَنِي عَمِّ أَبِيهِ وَنَحْوِهِمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَنَحْوِهِ

_ الأعلى دائما. فتأمل. فعلى هذا نصيب من مات عن ولد في الصورة المذكورة - أعني: صورة الاشتراك - يكون مشتركا بين أهل الوقف؛ لعدم وجود الشرط المذكور، ويمكن إدراج هذا في قول المصنف: (فكما لو لم يذكر الشرط). فتدبر، والله أعلم. قوله: (بين البطون) فيختصُّ به أهل البطن الذي هو منهم من أهل الوقف. قوله: (فكما لو لم يذكر الشرط) لأنه لم يوجد ما تظهر به فائدته. قوله: (وإن كان على البطن الأول ... إلخ) أي: إن كان ترتيب جملةٍ. قوله: (فيستوي في ذلك كله) أي: في جميع ما تقدَّم من الصور من كان من أهل درجته، وهم إخوته وبنو عمه ... إلخ. وكذا إناث من ذكر حيث لا مخصص للذكور، فأخواته كإخوته، وبنات عمه كبني عمه، وكذا الباقي. ولو قال: فيستوي في ذلك ولد أبيه وولد عمِّه وولد بني عم أبيه، لشمل النوعين. فتدبر. قوله: (ونحوهم) كبني بني عمِّ أبي أبيه، وكذا إناثهم حيث لا مخصص للذكور. قال منصور البهوتي.

فَيَخْتَصُّ بِالْأَقْرَبِ وَلَيْسَ مِنْ الدَّرَجَةِ مَنْ هُوَ أَعْلَى أَوْ أَنْزَلُ مِنْهُ وَالْحَادِثُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْآيِلِ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ. كَالْمَوْجُودِينَ حِينَهُ فَيُشَارِكُهُمْ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَدَثَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْ الْمَوْجُودِينَ وَشَرَطَ اسْتِحْقَاقَ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى. أَخَذَهُ مِنْهُمْ وعَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِي، وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ كَانَ عَلَى الْمُسَمَّيَيْنِ وأَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ الثَّالِثِ دُونَهُ وعَلَى زَيْدٍ وَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ فَعَلَى الْمَسَاكِينِ. كَانَ بَعْدَ مَوْتِ زَيْدٍ لِأَوْلَادِهِ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ عَى الْمَسَاكِينِ وعَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَقَطْ، ثُمَّ نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ، عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا

_ قوله: (وشرط) كذا بضبط المصنف. قوله: (وعلى ولد ولدي ... إلخ) فلو لم يقل في هذه المسألة: (وعلى ولد ولدي) بل اقتصر على قوله: (على ولدي فلان وفلان). وله ثلاثةُ بنين، لم يشمل المسكوت عنه، ولا أولاد الثلاثة، اعتبارًا بالبدل. قال في «شرح الإقناع»: وقد سئلت عنها بالحرمين، وأفتيت فيها؛ بأن الوقف بعد ولديه يصرف مصرف المنقطع، ووافقني على ذلك من يوثق به. انتهى.

وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لَهُ فَمَاتَ أَحَدُ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ بِنْتًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَلَدٍ. فَلَهُ مَا اسْتَحَقَّتْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا وَلَوْ قَالَ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ. ثُمَّ نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ عَمَّنْ لَمْ يُعْقِبْ وَمَنْ أَعْقَبَ ثُمَّ انْقَطَعَ عَقِبُهُ وَيَصِحُّ عَلَى وَلَدِهِ وَمَنْ يُولَدُ لَهُ وعَلَى بَنِيهِ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ فلِلذُّكُورِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانُوا قَبِيلَةً دَخَلَ نِسَاؤُهُمْ دُونَ أَوْلَادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ وعَلَى عِتْرَتِهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ فَكَمَا كعَلَى قَبِيلَتِهِ

_ قوله: (وإن سفل) كقعد قعودا، وفي لغة، كقرب. قوله: (قبل موتها) أي: عملا بقول الواقف: من مات منهم ... إلخ، لأن هذا من القرائن المقتضية لدخول أولاد البنات، كما تقدَّم. قوله: (وإن سفل) يقال: سفل سفولا من باب: قعد، وكقرب لغة. قوله: (عم من لم يعقب) أي: لم يخلف ولدًا من إخوته أو من نسلهم، يعني: أن قوله: (ثم نسلهم وعقبهم) لا يخصص الإخوة بمن له ولد، بل يعم الجميع من له ولد، ومن لا ولد له. قوله: (فللذكور) أي: دون الإناث، والخناثى. قوله: (وإن كانوا قبيلة) يعني: كبني هاشم، وتميم. قوله: (من غيرهم) وحفيد، وسبط: ولد الابن، والبنت. قوله: (كعلى قبيلته) وهم بنو أبٍ واحدٍ.

وعَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ قَرَابَةِ زَيْدٍ فلِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَبِيهِ وجَدِّهِ وجَدِّ أَبِيهِ وعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ قَوْمِهِ أَوْ نِسَائِهِ أَوْ آلِهِ أَوْ أَهْلِهِ كَعَلَى قَرَابَتِهِ وعَلَى ذَوِي رَحِمِهِ فلِكُلِّ قَرَابَةٍ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ والْأُمَّهَاتِ والْأَوْلَادِ وعَلَى الْأَيَامَى أَوْ الْعُزَّابِ فلِمَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَالْأَرَامِلِ النِّسَاءُ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَبِكْرٌ وَثَيِّبٌ وَعَانِسٌ أُخُوَّةٌ وَعُمُومَةٌ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى وَإِنْ وَقَفَ أَوْ وَصَّى لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوْ إخْوَتِهِ وَنَحْوِهِمْ لَمْ يَدْخُلْ مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ

_ قوله: (وأولاد أبيه) هم إخوته وأخواتُه. قوله: (وجدِّه) أولاد جده، هم: ابوه، وأعمامه، وعماته. قوله: (وجد أبيه) أي: أولاد جد أبيه، هم: جده، وأعمام أبيه، وعمَّاته. قوله: (من جهة الآباء) عصبةً كانوا، كالآباء، والأعمام، وبنيهم، أولا، كالعمات وبنات العم. قوله: (والأمهات) كأمه، وأبيها، وأخواله، وخالاته وإن علوا. قوله: (والأولاد) أي: كابنه، وبنته، وأولادهما. قوله: (فلمن لا زوج له) بكر كان، أو لا. قوله: (وعانس) من بلغ حد التزوج ولم يتزوج. قوله: (أو قرابته) عطفٌ على (أهل). قوله: (ونحوهم) كأعمامه، وجيرانه. قوله: (من يخالف دينه) قياساً على الميراث. قوله: (إلا بقرينة) كما لو كانوا كلهم كفارًا، أو إلا واحدًا، والواقف مسلم، فإنهم يدخلون، كما في «الإقناع».

وعَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقٍ ومِنْ أَسْفَلَ تَنَاوَلَ جَمِيعَهُمْ وَمَتَى عَدِمَ مَوَالِيهِ فلِعَصَبَتِهِمْ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ فلِمَوَالِي عَصَبَتِهِ وعَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ وَلَوْ أَمْكَنَ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَعَذَّرَ كَوَقْفِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَمَّمَ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ، وَسَوَّى بَيْنَهُمْ وَإِلَّا جَازَ التَّفْضِيلُ والِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ إنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ كَذَلِكَ وعَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ يتَنَاوَلَ الْآخَرَ

_ قوله: (من فوق) يعني: أعتقوه. قوله: (ومن أسفل) يعني: أعتقهم. قوله: (تناول جميعهم) وتساووا في الاستحقاق إن لم يفضل بعضهم على بعض؛ لأن الاسم يشملهم. قوله: (ومَنْ لم يكن له مولى) أي: حين صدور الوقف من الواقف، فإن كان له ذاك موالٍ فانقرضوا، لم يرجع الوقف لموالي عصبته، كما في «شرح الإقناع». قوله: (ثم تعذر) يعني: بكثرة أهله. قوله: (وإلا جاز) يعني: وإلا يمكن حصرهم. قوله: (كذلك) وإلا عمَّ من أمكن، وسوي، كما تقدَّم.

وَلَا يَدْفَعُ إلَى وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ زَكَاةٍ إنْ كَانَ عَلَى صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِهَا وَمَنْ وَجَدَ فِيهِ صِفَاتٍ اسْتَحَقَّ بِهَا وَمَا يَأْخُذُ الْفُقَهَاءُ مِنْهُ كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا كَجُعْلٍ وَلَا كَأُجْرَةٍ وعَلَى الْقُرَّاءِ فَلِلْحُفَّاظِ وَعَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ. فَلِمَنْ عَرَفَهُ وَعَلَى الْعُلَمَاءِ. فَلِحَمَلَةِ الشَّرْعِ وعَلَى سُبُلِ الْخَيْرِ. فَلِمَنْ أَخَذَ مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ

_ قوله: (ولا كأجرة) أي: في أصح الأقوال الثلاثة، كما في «التنقيح» قال المصنف في «شرحه»: قلت: وعلى الأقوال الثلاثة حيث كان الاستحقاق بشرط، فلا بد من وجوده. انتهى. قال منصور البهوتي: يعني: إذا لم يكن الوقف من بيت المال، فإن كان منه، كأوقاف السلاطين من بيت المال، فليس بوقفٍ حقيقي، بل كل من جاز له الأكل من بيت المال، جاز له الأكل منها، كما أفتى به صاحب «المنتهى» موافقة للشيخ الرملي وغيره في وقف جامع طولون ونحوه. قوله: (فللحفَّاظ) أي: للقرآن. قوله: (فلمن عرفه) ولو بحفظ أربعين حديثا، لا بمجرد السماع. قوله: (فلحملة الشرع) ولو أغنياء، وهم أهل التفسير، والحديث، والفقه؛ أصولِهِ وفروعِهِ.

وَيَشْمَلُ جَمْعَ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ وَضَمِيرُهُ الْأُنْثَى لَا عَكْسُهُ ولِجَمَاعَةٍ أَوْ لِجَمْعٍ مِنْ الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَلِثَلَاثَةٍ وَيُتَمِّمُ مِمَّا بَعْدَ الدَّرَجَةِ الْأُولَى وَشَمِلَ أَهْلَ الدَّرَجَةِ وَإِنْ كَثَرُوا وَوَصِيَّةٌ كَوَقْفٍ لَكِنَّهَا أَعَمُّ فَصْلٌ وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَا يُفْسَخُ بِإِقَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا يُبَاعُ

_ قوله: (فثلاثة) منه كبنيه لصلبه. قوله: (ويتمم) أي: بقرعةٍ. قوله: (الأولى) أي: كبني بنيه. قوله: (وإن كثروا) بالضم. قاله في «المختار» و «المصباح» , وكثرهم بمعنى: غلب، من باب: نصر. قوله: (أعمُّ) لصحتها لمرتد وحربي. فصل في حكم الوقف وما يفعل به إذا تعطل نفعه وغير ذلك قاله المصنف. قوله: (عقد لازم) يعني: بمجرد تمام الصيغة، فلا يحتاجُ إلى حكم حاكم. قوله: (ولا غيرها) أي: غير الإقالة، كما لو ظهر بما وقفه عيب، فأراد فسخه؛ ليرده بالعيب على بائعه مثلا، فليس له ذلك، بل يتعين الأرش، كما تقدَّم التصريح به في الخيار. فتدبر. قوله: (ولا يباع) أي:

إلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ الْمَقْصُودَةُ بِخَرَابٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَعْمُرُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مَسْجِدًا بِضِيقِهِ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ بِخَرَابِ مَحَلَّتِهِ أَوْ حَبِيسًا

_ فيحرم بيعه، ولا يصح، ولا المناقلة به، وهي: إبداله ولو بخير منه. نصاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يباع أصلها». وقد صنف الشيخ يوسف المرداوي كتابًا لطيفًا في رد المناقلة بالوقف، وأجاد وأفاد. قاله منصور البهوتي. قوله: (المقصودة) منه بحيث لا يردّ على أهله شيئاً، أو يرد شيئا لا بعد نفعًا بالنسبة إليه، وإلا لم يجز بيعه ولو قل نفعُه. قوله: (ولم يوجد) يعني: في ريعه. قوله: (أو غيره) كخشب تشعَّب وخيف سقوطه. قوله: (بضيق) كذا بخط المصنف، وفي غيره: «بضيقه» أي: تعطل بضيقه ... إلخ، زاد في «الإقناع» تبعا لـ «المغني»: وتعذر توسيعه في محله. وكلام المصنف لا يأباه؛ لأنه إذا أمكن توسيعه في محله، كان كالوقف الذي وجد ما يعمر به من غير بيع. فتدبر. قوله: (أو خراب محلته) نقله عبدُ الله. ونقل صالح: يحول المسجد خوفاً من اللصوص، وإذا كان موضعه قذراً، قال القاضي:

لَا يَصْلُحُ لِغَزْوٍ فَيُبَاعُ وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ بَيْعِهِ وَشَرْطُهُ فَاسِدٌ ويُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ بَعْضِ مِثْلِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ لِإِصْلَاحِ بَاقِيهِ إنْ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَيْنَيْنِ أَوْ عَيْنًا وَلَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ وَإِلَّا بِيعَ الْكُلُّ

_ يعني: إذا كان يمنع من الصلاة فيه. «شرحه». قوله: (فيباع) أي: وجوبًا، كما مال إليه في «الفروع»، ونقل معناه القاضي، وأصحابُه، والموفَّق، والشيخ تقي الدين. قوله: (في مثله) يعني: إن أمكن. قوله: (ويصحُّ بيع بعضه ... إلخ) اعلم: أنه إذا تخرب الوقف تخربا يجوز بيعه بسببه، وأمكن بيع بعضه، وتعمير باقيه بثمن البعض المبيع، جاز ذلك بثلاثة شروط: أحدها: أن يكون الواقف واحدًا، لا متعددًا. والثاني: أن يكون على جهةٍ واحدةٍ لا متعددةٍ، كالمساجد والمدارس. والثالث: أحد أمرين: كونه عينين تباعُ إحداهما، وتعمَّر الأخرى بثمن المبيعة، أو عينًا واحدة لا تنقص بالتشقيص؛ فإن اختل واحد من هذه الشروط، لم يجز بيع البعض. فتدبر. قوله: (إن كان عينيْن) كدارين خربتا، بِيعت إحداهما ليعمَّر بثمنها الأخرى. قوله: (وإلا بيع الكلُّ) أي: وإن انتفى عدم النَّقصِ؛ بأن نقصت القيمة بالتشقيص بيع الكل. فهذا من المواضع التي ورد النفي فيها على نفي، فرجع المعنى إلى

وَلَا يُعَمَّرُ وَقْفٌ مِنْ آخَرَ وَأَفْتَى عُبَادَةَ بِجَوَازِ عِمَارَةٍ وقف مِنْ رِيعٍ آخَرَ عَلَى جِهَتِهِ

_ الإثبات؛ ولذلك كان محصل قوله: (وإلا بيع الكل) وإن نقصت، بيع الكل. فتأمله بلطف. قوله: (ولا يعمَّر وقف ... إلخ) هذا مفرَّع على ما تقدم من اشتراط اتحاد الواقف، فمتى كان على إنسان مثلا داران، وقف إحداهما عليه زيد، والأخرى وقفها عليه عمرو، لم تعمر إحداهما من الأخرى. وهذا ظاهر إن كان المراد: لا يعمر وقف من عين وقفٍ آخر، أي: لا يباع في تعميره، كما تقدَّم، أو بعين الآلة. أما إن كان المراد: لا يعمر وقف من ريع آخر على جهته، كما هو مقتضى كلامهم؛ ففيه أن الريع ملك للموقوف عليه، يفعل به ما يريد، اللهم إلا أن يقال: المراد: لا يجب ذلك، أو يحمل على ما إذا كان الوقف على غير معين، كالفقراء ونحوهم، فإنَّ الناظر يمنع من تعمير أحدهما من ريع الآخر. قوله: (من آخر) أي: من ريع آخر ولو على جهته. قوله: (وأفتى عبادة ... إلخ) هو من أئمة أصحابنا، كما نقله عنه ابن رجب في «طبقاته» في ترجمته.

الْمُنَقِّحِ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ ويَجُوزُ نَقْضُ مَنَارَةِ مَسْجِدٍ وَجَعْلُهَا فِي حَائِطِهِ لِتَحْصِينِهِ واخْتِصَارُ آنِيَةٍ وَإِنْفَاقُ الْفَضْلِ عَلَى الْإِصْلَاحِ ويَبِيعُهُ حَاكِمٌ إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ وَإِلَّا فنَاظِرٌ خَاصٌّ وَالْأَحْوَطُ إذَنْ حَاكِمٌ لَهُ وَبِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْبَدَلِ يَصِيرُ وَقْفًا كَبَدَلِ أُضْحِيَّةٍ ورَهْنٍ أُتْلِفَ وَالِاحْتِيَاطُ وَقْفُهُ

_ قوله: (وعليه العمل) وهذا مقابلٌ لما جزم به المصنف أولاً. قوله: (لتحصينه) يعني: من نحوِ كلابٍ. قوله: (واختصارُ آنية) يعني: موقوفة كقدور وقرب. قوله: (على سبل الخيراتِ) كمساكن ومساجدَ تعطَّلت. قوله: (وإلا) أي: بأن كان على شخص معين، أو جماعة معينين، أو من يؤم، أو يؤذّن، أو يقيم بهذا المسجد ونحوه. قوله: (فناظر خاصٌّ) أي: وإلا فحاكم، كما صرح به في «الإقناع». قوله: (وبمجرد شراء البدل ... إلخ) يعني: لجهة الوقف ولزوم العقد فيه. قوله: (كبدل أضحية ورهن أُتلف) وقيل: لا بدَّ من تجديد الوقفية بعد الشراء، وهو ظاهر «الخرقي»، وجزم به العلامة الحارثي، رحمه الله. قوله: (والاحتياط وقفه) يعني: لئلا ينقضه من لا يرى وقفيته بمجرد الشراء.

وَفَضْلُ غَلَّةٍ مَوْقُوفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ اسْتِحْقَاقُهُ مُقَدَّرٌ يَتَعَيَّنُ إرْصَادُهُ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاخْتَلَّ صَرَفَ فِي ثَغْرٍ مِثْلِهِ وَعَلَى قِيَامِهِ مَسْجِدٌ وَرِبَاطٌ وَنَحْوُهُمَا وَنَصَّ فِي مَنْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَانْحَرَفَ الْمَاءُ بِرَصْدٍ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ حُصْرِ وَزَيْتٍ وَمَغَلٍّ وَأَنْقَاضٍ وَآلَةٍ وَثَمَنِهَا يَجُوزُ صَرْفُهُ فِي مِثْلِهِ وإلَى فَقِيرٍ وَيَحْرُمُ حَفْرُ بِئْرٍ وغَرْسُ شَجَرَةٍ بِمَسْجِدٍ فَإِنْ فَعَلَ طُمَّتْ وَقُلِعَتْ

_ قوله: (يتعيَّن إرصاده) أي: الفضل، أي: حبسُه وحفظُه؛ لتوقع حاجه تعرض. وظاهره: ولو علم أنَّ ريعه يفضل دائمًا، خلافًا للشيخ في وجوب صرفه إذن. قال: لأن بقاءه فساد، ولا مانع من إعطائه فوق ما قدره له الواقف؛ لأن تقديره لا يمنع استحقاقه. قوله: (ونحوهما) كسقاية. قوله: (يرصد) أي: ما وقفه عليه، أي: يحفظ وينتظر رجوع الماء. قوله: (عن حاجته) أي: الموقوف عليه من نحو مسجد. قوله: (ويحرم حفر بئر) يعني: ولو لمصلحة عامة؛ لأنَّ البقعة مستحقة للصلاة، فتعطيلها عدوان. قوله: (وقلعت) ظاهره: أنه لا يختص الطم والقلع بالإمام، بل الظاهر: أن مؤنة ذلك

فَإِنْ لَمْ تُقْلَعْ فَثَمَرَتُهَا لِمَسَاكِينِهِ وَإِنْ غُرِسَتْ قَبْلَ بِنَائِهٍ وَوُقِفَتْ مَعَهُ فَإِنْ عَيَّنَ مَصْرِفَهَا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَكَ مُنْقَطِعٍ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَسْجِدٍ أَرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ ذَلِكَ وَجَعْلَ سُفْلِهِ سِقَايَةً وَحَوَانِيتَ لَا نَقْلُهُ مَعَ إمْكَانَ عِمَارَتِهِ دُونَ الْأُولَى ولا تحليته بذهب أو فضة

_ على حافر وغارس، وأنه إذا قام به غيره عنه عند امتناعه، أو غيبته بنية الرجوع، كان له ذلك. فتدبر. قوله: (فثمرها لمساكينه) لعله إذا أعرض عنها غارسُها، أو لم يعلم، وإلا فهي على ملكه غير أنَّه غاصبٌ. قوله أيضًا على قوله: (لمساكينه) قال الحارثي: والأقرب حله لغيرهم. قوله: (فإن عين مصرفها) أي: لنحو حصر وزيت. قوله: (ذلك) أي: رفعه. قوله: (ولا تحليته بذهب، أو فضة) كما هو في نسخةٍ بخط المصنف، أي: لا يجوز ذلك، وفاقًا للشافعي. وقيل: يكره وفاقاً لمالك. وللحنفية: الكراهة، والإباحة، والندب.

باب الهبة

باب الهبة: تَمْلِيكُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ مَالًا

_ باب الهبة مصدر وهب الشيء هبة ووهبًا، بإسكان الهاء وفتحها، وقد تطلق الهبة على الموهوب. وفي «المحكم»: لا يقال: وهبكه، ونقل السيرافي سماع مثله، وأصلها من هبوب الريح، أي: مروره. قوله: (الهبة تمليك ... إلخ) وكذلك العطية، فهي مصدر، لكن قال الحارثي: ليست عند أهل اللغة كذلك فيما علمت، بل هي نفس الشيء المعطى، قال في «الإقناع»: وهبة التلجِئةِ باطلة، أي: وهي بحيث توهب في الظاهر وتقبض مع اتفاقهما على أن الواهب ينتزعها متى شاء، ونحو ذلك. قوله: (تمليك) خرج به العاريَّة. قوله: (مالاً) أي: لا نحو كلب. وظاهره: يشمل العين والمنفعة، ويؤيده أنه يصح بيعها فتصح هبتها، لكن قد يخالفه ما يأتي من قوله: (ومنحتكه وغلَّته وسكناه ... لك عاريةٌ) فيحمل ما هنا على العين، والله أعلم.

مَعْلُومًا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ مَوْجُودًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ فِي الْحَيَاةِ بِلَا عِوَضٍ بِمَا يُعَدُّ هِبَةً عُرْفًا فَمَنْ قَصَدَ بِإِعْطَاءٍ ثَوَابَ الْآخِرَةِ فَقَطْ فصَدَقَةٌ وإكْرَامًا وَتَوَدُّدًا وَنَحْوَهُ هَدِيَّةٌ وَإِلَّا فهِبَةٌ

_ قوله: (معلوماً) يعني: منقولاً أو عقارًا. قوله: (تعذَّر علمه) كدقيقٍ اختلط بدقيقِ آخر. قوله: (موجودًا) لا معدوما كما تحمل به أمتُه. قول: (مقدورًا على تسليمه) أي: لا كآبق. قوله: (غير واجبٍ) أي: لا نحو نفقةِ قريب وزوجة. قوله: (في الحياة ... إلخ) بخلاف الوصية. والظروف الثلاثة متعلقة بـ (تمليك) والباء الأولى للتعدية، والثانية للسببية، فلا يلزم تعلق حرفي جرٍّ بلفظ واحد، بمعنى واحدٍ، بعامل واحد. قوله: (بلا عوض) خرج به المعاوضات. قوله: (بما يعد هبة) أي: من كل قول أو فعل دلَّ عليها، كوهبتك، وملكتك، وأعطيتك، ومناولة سائل ونحوه. قوله: (وإكراما) أي: أو مكافأة، فإن قصد بالإعطاء ثوابَ الآخرة والإكرام والتودُّد، فهل تكون صدقة وهديَّة، أو هدية فقط؛ لاشتراطه في الصدق التمحض، بدليل قوله: (فقط) وهو أقرب؟ . فتدبر. قوله: (وإكرامًا أو توددًا) أي: أو هما معا. قوله: (ونحوه) كمحبة. قوله: (وإلا فهبة ... إلخ) أي: إلا يقصد باعطاء شيئا مما ذكر.

وَعَطِيَّةٌ وَنِحْلَةٌ وَيَعُمُّ جَمِيعَهَا لَفْظُ الْعَطِيَّةِ وَقَدْ يُرَادُ بِعَطِيَّةٍ الْهِبَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ

_ قوله: (وعطية، ونحلة) فالألفاظ الثلاثة متفقة معنى وحكما. منصور البهوتي. وهي - والله أعلم - مع الصدقة والهدية متفقة حكمًا. قال في «الإقناع»: وأنواع الهبة: صدقة، وهدية، ونحلة، وهي: العطية. انتهى. فجعل الهبة جنساً تحته أنواع ثلاثة، وهو مقتضى صنيع المصنف أيضًا حيث عرَّف الهبة، ثم نوعها إلى ما ذكر، غير أن المصنف ذكر أيضًا: أن العطية تعم الصدقة؛ والهدية، والهبة أيضًا، فيؤخذ منهما عموم كل من الهبة والعطية للأنواع الثلاثة، والأنواع الثلاثة - أعني: الصدقة، والهدية، والهبة - مستحبة إذا قصد بها وجه الله تعالى، كالهبة للعلماء، والفقراء، والصَّالحين، وما قصد به صلة الرحم. بل تقدَّم أن الصدقة على قريبٍ محتاج أفضل من عتقٍ. ولا شك أن الصدقة أفضل من الهبة. قال الشيخ: إلا أن يكون في الهبة معنى تكون به أفضل من الصدقة، كالإهداء لرسول صلى الله عليه وسلم محبة له، وكالإهداء لقريبٍ يصل به رحمه، أو أخ له في الله، فهذا قد يكون أفضل من الصدقة. انتهى كلامه - رحمه الله - وهو في غاية الحسن. قوله: (ويعم جميعها ... إلخ) أي: الصدقة، والهدية، والهبة. قوله: (وقد يراد بعطية الهبة) أي: أو الموهوب.

وَمَنْ أَهْدَى لِيُهْدَى لَهُ أَكْثَرُ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوِعَاءُ هَدِيَّةٍ كَهِيَ مَعَ عُرْفٍ وَكُرِهَ رَدُّ هِبَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَيُكَافِئُ أَوْ يَدْعُو إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَهْدَى حَيَاءً فَيَجِبُ الرَّدُّ وَإِنْ شُرِطَ فِيهَا وَصَارَتْ بَيْعًا وَإِنْ شُرِطَ ثَوَابٌ مَجْهُولٌ لَمْ يَصِحَّ

_ قوله: (لغير النبي ... إلخ) اللام: بمعني: «من»؛ لأنه مأمور بأشرف الأخلاق وأجلها، صلى الله عليه وسلم. قوله: (ووعاء هدية، كهي) أي: فلا يرد نحو قوصرة التمر، فإن لم يكن عرف ردَّه. قوله: (وكره رد هبةٍ) علم منه: أنه لا يجب قبول هبة ولو جاءت بلا مسألةٍ ولا استشراف نفس، وهو إحدى الروايتين، وصوبه في «الإنصاف»، وعنه: يجب. اختارها أبو بكر في «التنبيه»، وصاحب «المستوعب»، وتبعهما المصنف في الزكاة. قوله: (ويكافيء أو يدعو) أي: استحبابا فيما يظهر. قوله: (صارت بيعًا) أي: فيشترط لها شروطه، ويثبت فيها خيار وشفعة ونحوهما، وعلم منه: أنها لا تقتضي عوضًا بلا شرط، ولو دلت قرينة على العوض، كقضاء حاجة وشفاعة ونحو ذلك. قوله: (لم يصح) أي: كبيع بمجهول، وحكمها كبيع فاسد، فتضمن مع زيادتها، كمغصوب

وإن اختلفا في شرط عوض، فقول منكر. وفي: وهبتني ما بيدي، فقال: بل بعتكه، ولا بينة، يحلف كل على ما أنكر، ولا هبة ولا بيع. وتصح وتملك بعقد - فيصح تصرف قبل قبض - وبمعاطاة بفعل،

_ قوله: (ولا بينة) أي: أو لهما وتعارَضتا. قوله: (ولا هبة) أي: ثابتة، وإن نكلا أو أحدهما، فالظاهر: أنه لا يوقف الأمر، ولا هبة ولا بيع؛ لأن الأصل عدم كل واحد منهما. قوله: (وتصح ... إلخ) من زيادته، أي: فليس القبض ركنا ولا شرطًا للصحة، بل للزوم، خلافاً لابن عقيل في عده القبض ركناً. قوله: (وتملك بعقد) أي: بإيجاب وقبول، فالنماء والفطرة للمتَّهب وعليه. قوله: (فيصح تصرف قبل قبضٍ) أي: على المذهب، نص عليه، والنماء للمتهب. قاله في «الإنصاف»، وفيه نظر؛ إذا المبيع بخيار لا يصح التصرف فيه زمنه، فهنا أولى؛ لعدم تمام لملك. منصور البهوتي. وأقول: يمكن الفرقُ بينهما؛ بأن مقتضى الخيار أن يبقى المعقود عليه على حاله؛ لينظر خير الأمرين من الفسخ والإمضاء، وأما الهبة، فإنه بمجرد العقد قد انقضى وطر الواهب من

فتجهيز بنته بجهاز إلى بيت زوجٍ تمليكٌ. وهي -في تراخي قبول، وتقدمه، وغيرهما - كبيع. وقبولٌ هنا وفي وصية، بقول، أو فعل دال على الرضا.

_ الموهوب؛ بدليل بلا عوض، بخلاف البيع، وأما تمام الملك، فقد يقال: إنما يشترط للزوم لا للصحة، وإنما لم نقل بذلك في الخيار؛ للفرق المذكور، ويدل عليه قصة ابن عمر حيث وهب عمر للنبي صلى الله عليه وسلم البعير الذي عليه ابن عمر، فوهبه النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر. قالوا: ولم ينقل قبول النبي صلى الله عليه وسلم من عمر، ولا قبول ابن عمر، أي: وكذا لم ينقل التسليم أيضًا، والله أعلم. فتأمل. قوله: (فتجهيز بنته ... إلخ) أي: أو أخته ونحوها، كما في «شرح الإقناع»، فالقيد أغلبيُّ. قوله: (وهي في تراخي قبول ... إلخ) فيصح ما داما في المجلس، ولم يتشاغلا بما يقطعهما عرفا. قوله: (وغيرهما) أي: كاستثناء واهبٍ نفع موهوب مدة معلومة، والمراد: في الجملة، بدليل أنه يصح أن يهب أمةً ويستثني ما في بطنها، كما جزم به

وقبضها كمبيع، ولا يصح إلا بإذن واهب، وله الرجوع قبله. ويبطل بموت أحدهما

_ في «الإقناع». قال في «شرحه»: كالعتق. انتهى. ومنه تعلم ما أشرنا إليه من أنها ليست في ذلك كالبيع من كل وجه. قوله: (كمبيعٍ) ففي مكيل، وموزون، ومعدودٍ، ومذروعٍ بذلك، وما ينقل بنقله ... إلخ. قوله: (إلا بإذن واهبٍ) أي: إذنا لفظيا أو حاليا كمناولة وتخليةٍ. قوله: (وله الرجوع فيه) أي: ولواهب الرجوع هبة، وفي إذن في قبضها قبل حصوله من متهب ولو بعد تصرُّفه فيها. قال الحارثي: وعتق الموهوب، وبيعه، وهبته قبل القبض رجوعٌ؛ لحصول المنافاة. انتهى. لكن قال في «الإقناع»: مع الكراهة. قال في «شرحه»: خروجاً من خلاف من قال: إن الهبة تلزم بالعقد. قوله: (ويبطل بموتِ أحدهما) أي: يبطل الإذن في القبض بموت أحدهما قبل القبض، وبطل عقدهما بموت أحدهما أو جنونه أو إغمائه قبل قبولٍ، أو ما يقوم مقامه. تتمةٌ: إذا تفاسخا عقد هبة، صح، ولا يفتقر إلى قبض الموهوب له، وتكون العين أمانة في يد المتهب. قاله في «الاختيارات». قوله: (ويبطل بموت) أي: يبطل إذن واهبٍ في قبضٍ.

وإن مات واهبٌ، فوارثه مقامَه في إذن ورجوع. وتلزم بقبض، كبعقد فيما بيد متهب. ولا يحتاج لمضي زمن يتأتى قبضه فيه. وتبطل بموت متهب قبل قبض. فلو أنفذها واهب مع رسوله، ثم مات موهوب له قبل وصولها، بطلت، لا إن كانت مع رسول موهوب له. ولا تصح لحمل. ويقبل ويقبض لصغؤر ومجنونٍ وليٌّ،

_ قوله: (وإن مات واهبٌ) يعني: قبل قبضٍ، أذن فيه، أو لا. قوله: (فيما بيد متهب) من وديعة، وعارية، وغصب، وغيرها. قوله: (ولا يحتاج) أي: لزوم. قوله: (يتأتى) أي: يمكن. قوله: (قبل قبضٍ) أي: لقيامه مقام القبول. قوله: (فلو أنفذها) أي: أرسل الهبة. ومثلها هديَّةٌ وصدقةٌ. قوله: (ولا تصحُّ لحملٍ) لأن تمليكه تعليق على خروجه حيا، والهبة لا تقبل التعليق. قوله: (ويقبض) وفي «المختار»: قبض الشيء: أخذه، والقبض ضد البسط، وبابهما: ضرب. قوله: (ومجنون) يعني: وسفيهٍ، وأما العبد المكلف، فيصح أن يقبل الهبة بغير إذن سيده، كالاحتشاش والاصطياد، وتكون لسيده إلا المكاتب، وليس له التبرع بغير إذن سيده. قوله: (ولي) أي: أب

فإن وهب هو، وكل من يقبل، ويقبض هو. ولا يحتاج أبٌ وهب

_ فوصيه، فحاكم، فأمينه. والأب السفيه والفاسق وجوده كعدمه، فتنتقل ولاية الولد للحاكم مع وجود الأب، كما يفهم من «الإقناع». قوله: (فإن وهب هو) أي: الولي. قوله: (وكل من يقبل) إن كان غير الأب. قوله: (ويقبض هو) ظاهر كلامه تبعاً لـ «التنقيح»: أن التوكيل في القبول فقط، وأن الإيجاب والقبض من الواهب، وهو خلاف ما صرح به في «المغني» و «الإنصاف» من أن توكيل غير الأب، في القبول والقبض. قوله: (ولا يحتاج أب ... إلخ) يعني: أنه إذا كان الواهب لنحو صغير أباه الولي عليه، فإنه لا يحتاج في صحة الهبة إلى أن يوكل الأب من يقبل الهبة لنحو الصغير، بل يقول: وهبت ولدي كذا، وقبضته له، ولا يحتاج إلى قبوله. قاله في «الإقناع»؛ للاستغناء عنه بقرائن الأحوال. قال في «شرح الإقناع»: فإن لم يقل الأب الواهب لوليه: وقبضته له، لم يكف على ظاهر رواية حرب. انتهى. ومتى عدم ولي نحو الصغير قبض له من يلي حاله من أم وقريب وغيرهما، نصَّ عليه. ويصح من نحو صغير قبض مأكول يدفع مثله له؛ لفعله عليه السلام حيث كان الناس إذا رأوا أول الثمار،

مَوْلِيَّه لصغر إلى توكيل. ومن أبرأ من دينه، أو وهبه لمدينه، أو أحله منه، أو أسقطه عنه،

_ جاؤوا به إليه صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه قال: «اللهم بارك لن في ثمرنا»، ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان. أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة. قال في «الإقناع»: ولو اتخذ الأب دعوة ختان، وحملت هدايا إلى داره، فله، إلا أن يوجد ما يخصص ذلك بالمختون، كثياب الصبيان؛ فله، أو ما يخصه بالأم، كما لو كان المهدي من أقاربها أو معارفها، فلها، وما حصل لخادم فقراء يطوف لهم بالأسواق لا يختص به. انتهى. ولعله إذا عرف بذلك، وإلا اختص به. وما دفع من صدقة لشيخ زاويةٍ، أو رباط، الظاهر: أنه لا يختص به، وله التفضيل في القسم بحسب الحاجة، وإن كان يسيرًا لم تجر العادة بتفريقه، اختص به. نقله في «الإقناع» عن الحارثي، وأقره عليه. قوله: (لصغر) أي: أو نحوه. قوله: (من دينه) أي: لا قبل وجوبه. قوله: (أو وهبه) حملا للفظ على المعنى، فلو قَصد حقيقة الهبة، لم تصحَّ.

أو تركه، أو ملَّكه له، أو تصدق به عليه، أو عفا عنه، صح ولو قبل حلوله، أو اعتقد عدمه. لا إن علقه. و: إن مت فأنت في حل، وصية. ويبرأ، ولو رد أو جهل، لا إن علمه مدين فقط وكتمه، خوفا من أنه إن علمه لم يبرئه. ولا يصح مع إبهام المحل، كأبرأت أحد غريميَّ. أو: من أحد دينيَّ.

_ قوله: (لو قبل حلوله) أي: الدين؛ لأن تأجيله لا يمنع ثبوته في الذمة. قوله: (أو اعتقد عدمه) كقوله: أبرأتك من مئةٍ يعتقد عدمها. قوله: (ولو رد أو جهل) ينبغي قراءتها بصيغة المبني للمفعول؛ ليتناسب اللفظان، وليظهر حل المصنف قوله: (جهل) بما إذا جهل الدين ربُّه، ومن هو عليه. والحاصل: أنه من جهة الجهل وعدمه، إما أن يعلماه، أو يجهلاه، أو يعلمه ربُّه فقط، أو المدين فقط، والبراءة صحيحة في الكل إلا في الأخيرة فقط بالشرط المذكور في المتن؛ ومعنى ردَّ المدين البراءة: أن يقول مثلا: لا أقبل البراءة ونحو ذلك. قوله: (أو جهل) أي: قدره أو صفته أو كليهما، وإن لم يتعذر علمه. قوله: (مع إبهام المحل) يعني: الوارد عليه الإبراء.

وما صح بيعه صحت هبته، واستثناء نفعه فيها زمنا معينا. ويعتبر لقبض مشاع إذن شريك، وتكون حصته وديعة. وإن أذن له في التصرف مجانا، فكعارية، وبأجرة فكمؤجر.

_ فائدة: لو أبراه من درهم إلى ألف، صحَّ في الألف وما دونه. كما في «الإقناع». قوله: (ويعتبر لقبض ... إلخ) أي: لجوازه أو انتفاء ضمان حصة الشريك لا للزوم الهبةِ، كما ذكره ابن نصر الله. قوله: (لقبض مشاع) أي: مشاع منقول، قال في «الإقناع»: وإن وهب، أو تصدق، أو وقف، أو وصى بأرض، أو باعها، احتاج أن يحده كلها. قال في «شرحه». بأن يقول: كذا سهمًا من كذا سهمًا. انتهى. يعني: لا بد من معرفة قدر النصيب المشاع، لا ذكر ما يحيط بها من الأمكنة، وعلم منه: صحة هبة المشاع. قوله: (وبأجرة ... إلخ) فإن قال: استعمله وأنفق عليه، فإجارةٌ فاسدة لا ضمان فيها.

لا مجهول لم يتعذر علمه، ولا هبة ما في ذمة مدين لغيره، ولا ما لا يقدر على تسليمه، ولا تعليقها، ولا اشتراط ما ينافيها، كأن لا يبيعها، أو يهبها، ونحوهما. وتصح هي.

_ قوله: (لا مجهول ... إلخ) أي: لا تصح هبة المجهول التي تمكن معرفته، كعبد من عبيده، وثوب من ثيابه، ومنه الحمل في البطن، واللبن في الضرع، والصوف على الظهر، فلا تصح هبة ذلك كله، كما جزم به في «الإقناع». وبخطه أيضًا على قوله: (لا مجهول ... إلخ) أي: كحمل ولبن في ضرع، ودهن في سمسم، وزيت في زيتون ونحوه، . ولو قال: خذ من هذا الكيس ما شئت، كان له أخذ ما به جميعًا، وخذ من هذه الدراهم ما شئت، لم يملك أخذها كلها. والفرق: أن الكيس ظرفٌ، فإذا أخذ المظروف حسن أن يقال: أخذت من الكيس ما فيه، ولا يحسن أن يقال: أخذت من الدَّراهم كلها، كما ذكر ابن الصيرفي في «النوادر». قوله: (ولا تعليقها) أي: بشرط غير موت الواهِبِ، وأما به، فيصح ووصيةً، كما تقدم، والمراد: شرط مستقبل، كإذا رأس الشهر، أو قدم فلانٌ، فقد وهبتك كذا، كالبيع. وبالمستقبل قيد في «الإقناع»، وخرج به الماضي والحال، فلا يمنع التعليق عليه الصحة، كإن كانت ملكي ونحوه، فقد وهبتكها؛ فتصح. فتأمل.

ولا مؤقتة إلا في العمرى، كأعمرتك، أو أرقبتك هذه الدار، أو الفرس، أو الأمة. ونصه: لا يطأ. وحُمل على الورع. أو: جعلتُها لك عمرك أو حياتك، أو عمرى، أو رقبى، أو ما بقيت. أو: أعطيتكها .. ، فتصح، وتكون لمعطى ولورثته بعده إن كانوا، كتصريحه. وإلا فلبيت المال.

_ قوله: (إلا في العمرى) أي: والرقبى، كما يعلم من كلامه. وصرَّح باستثنائهما في «الإقناع»، وهما نوعان من أنواع الهبة يفتقران الهبة يفتقران إلى ما تفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول، والقبض وغير ذلك. وسميت عمرى، لتقييدها بالعمر، ورقبى؛ لأن كل واحدٍ منهما يرقب موتَ صاحبِه. قال أهل اللغة: يقال: أعمرته مشددا، إذا جعلت له الدَّار مدَّة عمره أو عمرك. وكان الجاهلية تفعلُه، فأبطل الشرع ذلك؛ بأن تكون لورثته بعده، لا لمعمر ومرقبٍ. قوله: (كأعمرتك) أي: جعلتها لك مدَّةَ عمرك. قوله: (ونصه) أي: فيمن يعمر الجارية. قوله: (وحمل) أي: حمله القاضي على الورع؛ للاختلاف في صحة العمْرى، والفروج يحتاط لها. قوله: (أو جعلتها لك عمرك) أي: لا عمر زيدٍ، فلا تصحُّ. قوله: (فتصح) أي: في جميع ما تقدم، وهي من أمثلة العمرى. قوله: (كتصريحه) بأن يقول: هي لك ولعقبك من بعدك. قوله: (وإلا فلبيت المال) كسائرِ الأموال المخلَّفةِ.

وإن شرط رجوعها، بلفظ إرقاب أو غيره، لمُعمِر عند موته، أو إليه إن مات قبله، أو إلى غيره، وهي الرقبى، أو رجوعها مطلقا إليه، أو إلى ورثته،

_ قوله: (وإن شرط رجوعها) أي: الهبة. قوله: (بلفظ) أي: في لفظ إرقاب أو معه. قوله: (لمعمر) أي: واهبٍ. قوله: (عند موته) أي: موت موهوبٍ له. قوله: (أو إليه) أي: الواهب. وقوله: (إن مات) أي: موهوب له. وقوله: (قبله) أي: الواهب. نحو أن يقول: وهبتك هذه الدار، أو هي لك عمرك، على أنك إن مت قبلي، عادت إلي أو إلى فلان، وإن مت أو مات قبلك، استقرت عليك، وهذه هي الرقبى، كما قال المصنف؛ لأن كلا منهما يرقب موت صاحبه. قوله: (أو إلى غيره) كورثةِ واهبٍ إن مات قبل موهوب له. قوله: (وهي الرقبى) أي: مسألة ما إذا شرط رجوعها إليه أو إلى غيره، إن مات الموهوب له قبل من تَرجعُ إليه، كأن يقول: وهبتك هذه الدار أو نحوها، أو هي لك عمرك، على أنك إذا متَّ قبلي، أو قبل فلان عادت إليَّ أو إليه، وإن مت أو مات فلان قبلك استقرَّت لك. وسميت رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه. قال المصنف في «شرحه»: وقد روي عن أحمد أنَّ الرقبى: أن يقول: هي لك حياتك، فإذا مت، فهي لفلان، أو راجعة إلي. قال: والحكم في الصورتين واحد. انتهى. قوله: (مطلقًا) أي: بلا تقييد بموتٍ أو غيره.

أو آخرهما موتا، لغا الشرط، وصحت لمُعمَر وورثته، كالأول. و: منحتكه .. ، وسكناه وغلته، وخدمته لك .. .... ، عارية.

_ قوله: (أو آخرهما موتاً) أي: بأن قال الواهب: هذه الدار ونحوها لآخرنا موتاً، فيصح العقد دون الشَّرطِ، كما أشار إلى ذلك المصنف بقوله: (لغا الشرط، وصحت ... إلخ) ولو جعل اثنان كل منهما داره للآخر على أنه إن مات قبله عادتْ إليه، فرقبى من الجانبين. قاله منصور البهوتي. قوله: (وصحت لمعمر) بفتح الميم الثانية ولورثته بعده، فإن لم يكونوا فلبيت المال. قوله: (كالأوَّل) أي: المذكور أولا من صور العمرى، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترقبوا، ولا تعمروا، فمن أرقب شيئًا أو أعمره، فهو لورثته». قال الحارثي: والسند صحيح بلا إشكال، وخرجه أبو داود، والنسائي، وغيرهما. وروى أحمد وغيره نحوه من طرق مختلفة، فهذه نصوص تدل على ملك المعتمر والمرقب مع بطلان شرط العود؛ لأنه إذا ملك العين، لم تنتقل عنه بالشرط. قوله: (ومنحتكه) أي: أبحت لك منافعه؛ من صوف ووبر ولبن ونحوه. وبخطه على قوله: (ومنحتكه ... إلخ) هذا شروعٌ في إعمار المنافع وإرقابها، وهو غير صحيح، والحكم فيه أنها عاريَّة، كما ذكره المصنِّف، له الرجوع متى شاء في حياة الممنوح وبعد موتِه؛ لأنها هبة منفعة. قوله: (عارية) يرجع فيها متى شاء.

فصل ويجب تعديلٌ بين من يرث بقرابة، من ولد وغيره، في هبة غير تافه، بكونها بقدر إرثهم، إلا في نفقة، فتجب الكفاية. وله التخصيص بإذن الباقي، فإن خص أو فضل بلا إذن، رَجَعَ أَوْ أَعْطَى حَتَّى يستووا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَلَيْسَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، ثَبَتَتْ لِآخِذٍ.

_ فصل في حكم عطية الأولاد وغيرِهم من الورثة من تعديل ورجوع وغيرهما قوله: (ويجب تعديل) على الأب والأم وغيرهما. وقوله: (بين من يرث ... إلخ) يعني: من واهب، لا بنكاح أو ولاءٍ، وعلم منه: أنَّه لا يجب على المسلم التسوية بين أولاده والذميين، وصرَّح به الشيخ تقي الدين، رحمه الله. قوله: (من ولد وغيره) كأب وأم. قوله: (بكونها) أي: الهبة. قوله: (بقدر إرثهم) اقتداءً بقسمة الله تعالى. قوله: (بإذن الباقي) لانتفاءِ علَّة التحريم، وهي كونه يورث العداوة. قوله: (رجع) أي: إن كان أبًا، أو قبل قبض مطلقًا. قوله: (أو أعطى ... إلخ). أي: وجب أحد الأمرين عليه ولو بمرض الموت. قوله: (حتى يستووا) ولا يحسب من الثُّلث؛ لأنه تدارك للواجب. قوله: (وليست بمرض موته) يعني: المخوف، وإلا توقفت على إجازة الباقي.

وَتَحْرُمُ الشَّهَادَةُ عَلَى تَخْصِيصٍ أَوْ تَفْضِيلٍ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً إنْ عَلِمَ وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ فَاسِدٍ عِنْدَهُ. وَتُبَاحُ قِسْمَةُ مَالِهِ بَيْنَ وَارِثِهِ وَيُعْطَى حَادِثٌ حِصَّتَهُ وُجُوبًا. وَسُنَّ أَنْ لَا يُزَادَ ذَكَرٌ عَلَى أُنْثَى فِي وَقْفٍ وَيَصِحُّ وَقْفُ ثُلُثِهِ

_ قوله: (وكذا كل عقد فاسد عنده) كنكاح بلا ولي، وبيع غير مرئي ولا موصوف، إن لم يحكم به من يراه، حرم على الحنبلي أن يشهد به تحملا وأداء. قوله: (وتباح ... إلخ) أي: لعدم الجور. قوله: (ويعطى حادث ... إلخ) لعل محله إذا حدث قبل موت المورِّث، فيجب عليه الرجوع في قدر نصيب الحادث، وإعطاؤه إيَّاه، وإلا فقد استقرَّ ملك الورثة على ما ملكوه، وانقطع رجوع المورِّث بموته، ثم رأيته ذكر ما يفهم ذلك منه في «الإقناع» فقال: وإن ولد له ولد بعد موتِه، استحب للمعطى أن يساوي المولود [الحادث] بعد أبيه. انتهى. والفرق بين ما هنا وما سبق في الوقف من قوله: (دخل الموجودون فقط): أن التسوية في العطية واجبةٌ، وفي الوقف مستحبَّةٌ، ولأن الوقف لا يتأتى الرجوع فيه، بخلاف العطية.

فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ لَا وَقْفُ مَرِيضٍ وعَلَى أَجْنَبِيٍّ بزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ الْمُنَقِّحُ: وَلَوْ حِيلَةً كَعَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعُ وَاهِبٍ بَعْدَ قَبْضٍ وَيَحْرُمُ

_ قوله: (في مرضه) أي: المخوف أو غيرِه. قوله: (على بعضهم) ويجري الوقف للثلث على بعض الورثةِ إذن، مجرى الوصيةِ في أنه ينفذ إن خرج من للثلث على بعض الورثة إذن، مجرى الوصية في أنَّه ينفذ إن خرج من الثلث، كالوصية، بوقفه على بعضهم، لا أنه يتوقف على الإجازة. فتدبر. قوله: (لا وقف مريض) أي: لا ينفذ، لا أنه لا يصح، ولذلك يتم بإجازة الورثة. قوله: (ولو حيلةً) لما تقدَّم من تحريم الحيل وبطلانها إذا كانت وسيلة لمحرم. قوله: (كعلى نفسه) بناء على صحته على ما تقدم. قوله: (ثم عليه) أي: على الوارث، أو الأجنبي. قوله: (ولا رجوع واهبٍ) ومثله متصدِّق، كما صرح به الموفَّق وغيره. قوله: (بعد قبض) يعني: ولو نقوطاً، وحمولة في عرسٍ ونحوه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه» متفق عليه. وفي رواية لأحمد، قال قتادة: ولا أعلم القيء إلا حرامًا. وسواء عوض عنها، أو لا؛ لأن الهبة المطلقة لا تقتضي الثواب، وتقدَّم.

إلَّا مَنْ وَهَبَتْ زَوْجَهَا بِمَسْأَلَتِهِ ثُمَّ ضَرَّهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ والْأَبُ

_ قوله: (إلا من وهبت زوجها ... إلخ) أي: أو أبرأته من دينها، ومنه يُعلم: أنه لا يُشترط في رجوع الزوجة ما يُشترطُ رجوع الأب، لأنَّه لو ابرأ ولده. لم يكن له الرجوع. قوله: (بمسألته) لا إن وهبته من غير سؤاله. قوله: (أو غيره) كتزوج عليها. قوله: (والأب) أي: فإن له الرجوع فيما وهب ولده، ولو ادَّعى اثنان مولودًا، فلو وهباه أو أحدهما، فلا رجوع قبل الإلحاق، ومنه تعلم: أن اللام في (الأب) للحنس، وأنه عند تعدده يثبت لكل ما يثبت للمنفرد من الرجوع، وظاهره: ولو كان الأب كافرًا وهب لولده الكافر شيئا، ثم أسلم الولد، فإن للأب الرجوع في هبته، وهو المذهب، خلافاً للشيخ في منعه من الرجوع. ثم اعلم: أنه يشترط لجواز رجوع الأب وصحته فيما وهبه لولده أربعة شروط: أحدها: أن يكون ما وهبه عيناً باقيةً في مِلكِ الابن إلى رجوعِ أبيه، فلا رجوع فيما أبرأ ولده من الدين، ولا في منفعةٍ استوفاها، ولا فيما خرجت عن ملكه ببيع ولو بخيارٍ، أو هبةٍ لازمةٍ، أو وقفٍ. الثاني: أن تكون باقيةً في تصرف الولد، فلا رجوع في قيمة تالفةٍ، ولا في أمةٍ استولدها الابن، أو كان وهبها له للاستعفاف، فلو تصرف الابن بما لا يمنعه التصرف في الرقبة، كالوصية، والهبة قبل القبض، والوطء المجرد عن الإحبال، والتزويج، والإجارة، والمزارعة عليها، وجعلها مضاربةً، وتعليق عتق بصفةٍ، لم يمنع ذلك رجوع الأبِ؛ لبقاءِ تصرُّف الابن، فإذا رجع، فما كان من التصرُّف لازماً كالإجارة، والتزويج، والكتابةِ، فهو باقٍ بحاله، وما كان

وَلَوْ تَعَلَّقَ بِمَا وَهَبَهُ حَقٌّ كَفَلَسٍ أَوْ رَغْبَةً كَتَزْوِيجٍ إلَّا إذَا وَهَبَهُ سُرِّيَّةً لِلْإِعْفَافِ وَلَوْ اسْتَغْنَى أَوْ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ وَلَا يَمْنَعُهُ نَقْصُ أَوْ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَهِيَ لِلْوَلَدِ إلَّا إذَا حَمَلَتْ الْأَمَةُ وَوَلَدَتْ فَيُمْنَعُ فِي الْأُمِّ

_ قوله: (ولو تعلَّق بما وهب ... إلخ) أي: بما وهبَ الأبُ لولدهِ. قوله: (كفلسٍ) أي: فلس الولد، وظاهره: ولو حجر عليه، خلافا لـ «الإقناع» في جعله الحجر عليه لفلسٍ مانعاً من رجوع الأبِ، لكن ما ذكره في «الإقناع» هو ما صوَّبه الحارثيُّ، وبه صرح في «المغني» صاحب «المحرر» وغيرهما. قوله: (كتزويج) بأن زوج الولد الموهوب له، أو داينه أحد لأجل ما في يده من المال الموهوب، له الرجوع في الصدقة، كالهبة. قوله: (ولو استغنى) أي: الابن عنها بتزوجه، أو شرائه غيرها، ونحوه، ولو لم تصر أم ولد. قوله: (أو إذا سقط حقَّه منه) خلافاً لـ «الإقناع». قوله: (ولا يمنعه نقص) أي: نقص ذات الموهوب، أو قيمته. قوله: (أو زيادة منفصلة) كولد، وثمرة، وكسب. قوله: (وهي) أي: المنفصلة. وقوله: (إلا إذا حملت ... إلخ) أي: من غير الابن، كزوج، أو زنًا، أو بشبهة بمن ولدها رقيقٌ. فتدبر.

وَتَمْنَعُهُ الْمُتَّصِلَةُ وَيُصَدَّقُ أَبٌ فِي عَدَمِهَا ورَهْنُهُ إلَّا أَنْ يَنْفَكَّ وهِبَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ وبَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ فَلَسِ مُشْتَرٍ لَا إنْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ وَيُمَلِّكُهُ مُكَاتَبًا وَلَا يَصِحُّ رُجُوعٌ إلَّا بِقَوْلٍ.

_ قوله: (وتمنعه المتصلة) كسمن، وكبر، وحملٍ، وتعلم صنعةٍ. قوله: (ورهنه) أي: ويمنعه من الرجوع رهنه اللَّازم. قوله: (وهبة الولد لولده) أي: هبة لازمة. قوله: (إلا أن يرجع هو) أي: الثاني في هبته. قوله: (وبيعه) أي: ولو مع خيار. قوله: (إلا أن يرجع إليه بفسخ) لا بشراء، واتهاب ونحوهما. قوله: (لا إن دبره) أي: دبر الولد ما وهب له. قوله: (ويملكه مكاتباً) ولأب ما بقي من مالِ كتابةٍ فقط. قوله: (ولا يصحُّ رجوعٌ إلا بقولٍ) أي: نحو: رجعتُ في هبتي، أو ارتجعتها، أو رددتها، أو عدت فيها، فلو تصرف فيه قبل رجوعه بالقول، لم يصح، ولو نوى الرجوع، كوطءِ موهوبةٍ. وصفة الرجوع أن يقول: قد رجعت فيها، أو ارتجعتها، أو رددتها، ونحوه من الألفاظ الدَّالة على الرجوع. وعلم منه: أنه لا يصح تعليق الرجوع. وصرح به في «المبدع»، كما في «حاشية الإقناع».

فصل ولأب حر تملك ما شاء من مال ولدهمَا لَمْ يَضُرَّهُ

_ قوله: (ولأب حر تملك ... إلخ) أي: لا غيره، محتاج، أو لا. وظاهره: ولو غير رشيدٍ. وخرج بالحر القن، والمبعض، ثم اعلم أنَّ تملك الأب لمال ولده لا بد له من ستة شروط؛ أحدها: كونه فاضلا عن حاجة الولد. ثانيًا: أن لا يعطيه لولدٍ آخر. ثالثها: أن لا يكون بمرض موت أحدهما. رابعها: أن لا يكون الأب كافرًا، والابن مسلمًا، سيما إذا كان الابن كافرًا، ثم أسلم. قاله الشيخ، وقال: الأشبه أن المسلم ليس له أن يأخذ من مال ولده الكافر شيئًا. خامسها: أن يكون عينا موجودة. سادسها: القبض مع القول، أو النية. ذكر معنى ذلك صاحب «الإقناع»، فهو موافق لما يؤخذ من كلام المصنف إلا الرابع، فإن ظاهر كلام المصنف: أنه لا فرق بين أن يكون الأب موافقا لابنه في الدين أو مخالفًا له فيه، وهو ظاهر ما قدمه في «الإنصاف» وجعله المذهب، وقال عن كلام الشيخ تقي الدين: قلت: وهذا عين الصواب. انتهى. قوله: (ما شاء) يعني: علم الولد، أو لا، صغيرا كان أو كبيرا، ذكرًا أو أنثى، راضيا أو ساخطاً. قوله: (مالم يضره) أي: يضر الأب ولده، بما يتملكه منه، أي: مدة عدم ضرره، وكذا لا يتملكه إن تعلق به حق رهن، أو فلس

إلَّا سُرِّيَّتَهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ لِيُعْطِيَهُ لِوَلَدٍ آخَرَ أَوْ بِمَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَيَحْصُلُ بِقَبْضِ مَعَ قَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَهُ وَلَوْ عِتْقًا وَلَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ نَفْسِهِ وَلَا غَرِيمِ وَلَدِهِ وَلَا قَبْضِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِقَبْضِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ بِقَبْضِهِ وَأَنْكَرَ الْوَلَدُ رَجَعَ عَلَى غَرِيمِهِ والْغَرِيمُ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ أَوْلَدَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ صَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا تَلْزَمُهُ

_ ذكره في «الاختيارات». قوله أيضاً على قوله: (مالم يضره) أي: بأن تعلقت به حاجة الولد، كآلة حرفةٍ يكتسب بها، ورأس مال يتجر به. قوله: (إلا سريته) أي: الأمة التي وطئها الولد. قوله: (أو بمرض موت أحدهما) أي: المخوف. قوله: (لأن الولد لا يملكه إلا بقبضه) وهو لا يتملك غير ملك ولد. قوله: (ولو أقر الأب بقبضه) أي: دين ولده من غريمه. قوله: (وأنكر الولد) أي: أو أقر، فلا مفهوم له. قوله: (وإن أولد جارية ولده) يعني: قبل تملكها. قوله: (صارت له) أي: للأب.

قِيمَتُهُ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهَا إنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا فَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ وَمَنْ اسْتَوْلَدَ أَمَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ قِنٌّ. وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ حُدَّ وَلَيْسَ لِوَلَدٍ وَلَا وَرَثَتِهِ مُطَالَبَةُ أَبٍ بِدَيْنٍ أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لِلِابْنِ عَلَيْهِ إلَّا بِنَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ وبِعَيْنِ مَالٍ لَهُ بِيَدِهِ

_ قوله: (وعليه قيمتُها) لكن ليس له مطالبتُهُ بها. قوله: (إن كان الابن قد وطئها) يعني: أن الأب إذا وطيء جارية ولده، وكان الولد قد وطيء تلك الجارية، فإنها لا تصير أم ولد للأب، لأنها بولد الولد صارت غير قابلة للتملك، فتبقى على ملك الولد، وتحرم عليهما، فتحرم على الأب، لأنها من موطوءات ابنه، على الابن؛ لأنها موطوءة أبيه، ولا حدَّ على الابن للشبهة. فتدبر. قوله: (فلا تصير أم ولد) بل تحرم عليهما إذن، ولا حدَّ. قوله: (مطالبة أبٍ بدينٍ) بخلاف أم وجد، إن لم يكن مالزم الجد كان لولده، ثم انتقل إلى وارثه، فإنه لا يطالب إذن، كما في المتن. فتدبر. قوله: (ولا غير ذلك) كأجرةِ ما انتفع من ماله.

وَيَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ الدَّيْنُ وَنَحْوِهِ وَإِنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ الَّذِي أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ وَنَحْوَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ انْتَقَدَ ثَمَنَهُ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ بَلْ جِنَايَتُهُ وَمَا قَضَاهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ وَصَّى بِقَضَائِهِ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ فصل وَعَطِيَّةُ مَرِيضٍ غَيْرَ مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَوْ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ كَصُدَاعٍ ووَجَعِ ضِرْسٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَوْ صَارَ مَخُوفًا

_ قوله: (وإن وجد) أي: الولد. قوله: (أو باعه) أي: لأبيه. فصل في عطية المريض، ومحاباته، وما يتعلق بذلك قال في «الإقناع»: وإن اختلف الورثة وصاحبُ العطية، هل أعطيها في الصحة أو في المرض؟ فقولهم: أي: الورثة. قوله: (ولو مخوفًا) أي: كصحيح. قوله: (أو غير مخوفٍ) عطف على قوله: (غير مرض الموت) لا على: (مخوفا) كما قد يتوهم. قوله: (كصداع) وجع الرأس يقال منه: صدع تصديعا، بالبناء للمفعول. «مصباح». قوله: (ونحوهما) كحمى يوم، ورمد، وإسهال يسير بلا دمٍ.

وَمَاتَ بِهِ كَصَحِيحٍ وفِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ كَالْبِرْسَامِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ وَالْقِيَامِ الْمُتَدَارِكِ وَالْفَالِجِ فِي ابْتِدَاءٍ

_ قوله: (ومات به) فتصحُّ بجميع ماله. قوله: (كصحيحٍ) أي: كعطية صحيحٍ، فهو على حذف مضاف، يعني: فتصح بجميع ماله. قوله: (وفي مرض موته المخوف ... إلخ) أي: العطية في ذلك كوصيةٍ، وكذا إقباضه في مرضِ موته المخوف، ما وهبه في الصِّحة إعتبارًا بحال القبض؛ لأنه وقت لزومها. قوله: (كالبرسام) بكسر الموحدة، وهو: بخار يرتقي إلى الرأس، يؤثر في الدماغ، فيختل به العقل. قوله: (وذات الجنب) في «المصباح»: ذات الجنب علة صعبة، وهي: ورم يعرض للحجاب المستبطن للأضلاع، يقال منه: جنب الإنسان - بالبناء للمفعول - فهو مجنوب. قوله: (والرعاف) أي: لأنه يصفي الدم. قوله: (والقيام المتدارك) أي: المتلاحق المتتابع. قال في «المصباح»: أصل التدراك: اللُّحوق. قوله أيضًا على قوله: (المتدارك) الإسهال الذي لا يستمسك، وإن كان ساعةً، وكذلك إسهالٌ معه دم. قوله: (والفالج) مرض يحدث في أحد شقي البدن طولا، فيبطل إحساسه،

وَالسِّلِّ فِي انْتِهَائِهِ. وَمَا قَالَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ إنَّهُ مَخُوفٌ كَوَصِيَّةٍ،

_ فإذا جاوز السابع انقضت حدته، فإذا جاوز الرابع عشر، صار مرضًا مزمنًا، ومن أجل خطره في الأسبوع الأول عُدَّ من الأمراض الحادة، ومن أجل لزومه ودوامه بعد الرابع عشر، عد من الأمراض المزمنة؛ ولهذا يقول الفقهاء: أول الفالج خطر. وفلج الشخص - بالبناء للمفعول - فهو مفلوج؛ إذا أصابه الفالج. «مصباح». قوله: (والسل) مرض لا يكاد صاحبه يبرأ منه، وفي كتب الطب: أنه من أمراض الشباب؛ لكثرة الدم فيهم، وهو قروح تحدث في الرئة. «مصباح». قوله: (وما قال عدلان ... إلخ) أي: مسلمان لا واحد، ولو عدم غيره. قوله: (إنه مخوف) اعلم: أنَّ المخوف ما يكثر حصول الموت عنده، لا ما يغلب على القلب الموت منه، أو يتساوى عنده الأمران، فإن ذلك ليس بقيدٍ؛ بدليل أنهم جعلوا ضرب المخاض مخوفاً، مع أن الهلاك ليس غالبا، ولا مساوياً للسلامة، كما في «الاختيارات». قوله: (كوصية) أي: في أنها لا تصح لوارث بشيء غير الوقف للثلث فأقلَّ، ولا لأجنبي بزيادة على الثلث، إلا بإجازة الورثة فيهما، وفي أن فضيلتها

وَلَوْ عِتْقًا أَوْ مُحَابَاةً لَا كِتَابَةً أَوْ وَصِيَّةٍ بِهَا بِمُحَابَاةٍ

_ ناقصة عن فضيلة الصدقة في الصحة، وفي أنها تتزاحم في الثلث، إذا وقعت دفعة كتزاحم الوصايا، وأن خروجها من الثلث يعتبر حال الموت لا قبله، ولا بعده، فلو أعتق في مرضه أمةً تخرج من الثلث حال العتق، لم يجز أن يتزوَّجها؛ لاحتمال أن لا تخرج كلها من الثلث عند الموت، وإن وهبها، حرم على المتهب وطؤها، حتى يبرأ، أو تخرج من الثلث عند موته، فقد علم أن العطية في مرض الموت المخوف تنفذ. قوله أيضًا على قوله: (كوصية) أي: فتنفذ في الثلث فما دونه لأجنبي، وتقف على الإجازة فيما زاد عليه، (ولا تصح)، ولوارث بشيء مع التحريم إلا بالإجازة أو وقف الثلث. قوله: (ولو عتقًا) أي: ولو كانت عطيته عتقًا، أو وقفًا. قوله: (أو محاباة) كبيع شيء، أو إيجاره بدون ثمن المثل، وأجرته وشراء واستئجار بأكثر. قوله أيضا على قوله: (أو محاباة) أي: أو عفوًا عن جنايةٍ توجب المال. قوله: (لا كتابة أو وصية بها بمحاباة) أي: فإن المحاباة تكون من رأس المال فيهما. هذا معنى كلامه في «الإنصاف» و «التنقيح» و «الإقناع» قال منصور البهوتي في «شرحه»: لكن كلام «المحرر» و «الفروع» والحارثي وغيرهم، يدل على أنَّ الذي يصح من رأس المال هو الكتابة

وَإِطْلَاقُهَا بِقِيمَتِهِ والْمُمْتَدَّةُ كَالسِّلِّ وَالْجُذَامِ وَالْفَالِجِ فِي دَوَامِهِ إنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ فَمَخُوفَةٌ. وَإِلَّا فَلَا

_ نفسها، لأنها عقد معاوضة، كالبيع من الغير. قال الحارثي: ثم إن وجدت محاباة، فالمحاباة من الثلثِ. وقد ناقش شارح «المنتهى» صاحب «الإنصاف»، وعارضه بكلام «المحرر» و «الفروع»، وذكر أنه لم يقف على كلام الحارثي، وقد ذكرته لك، فوقع الإشتباه على صاحب «الإنصاف» و «التنقيح» وتبعه من تبعه، والحق أحق أن يُتبع. انتهى. تتمة: الاستيلاد في مرض الموت المخوف لا يعتبر من الثلث؛ لأنَّه قبيل الاستهلاك في مهور الأنكحة، وطيبات الأطعمة، ونفائس الثياب، والأدوية، ويقبل إقرار المريض به. قوله: (وإطلاقُها بقيمته) مبتدأ وخبر، يعني: أنه إذا أوصى بأن يكاتب عبده فلان، ولم يقل: بكذا، فإنه يكاتب بقدر ما يساوي ذلك العبد، فليس للوارث أن يطلب كتابته بأكثر من قيمته، ولا للعبد أن يطلب الكتابة بأقل، إلا بتراضيهما. قوله: (كالسل) أي: في ابتدائه، لا في انتهائه، وحمى الربع، وهي: التي تأخذ يوماً، وتذهب يومين، وتعود في اليوم الرابع.

وَكَمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ مَنْ بَيْنِ الصَّفَّيْنِ وَقْتَ حَرْبٍ وَكُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُكَافِئٌ أَوْ مِنْ الْمَقْهُورَةِ وَمَنْ بِاللُّجَّةِ عِنْدَ الْهَيَجَانِ أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ أَوْ قُدِّمَ لِقَتْلٍ أَوْ حُبِسَ لَهُ وَأَسِيرٌ عِنْدَ مَنْ عَادَتُهُ الْقَتْلُ وَجَرِيحٌ مُوحِيًا مَعَ ثَبَاتِ عَقْلِهِ اعْهَدْ إلَى النَّاسِ. فَعَهِدَ إلَيْهِمْ وَوَصَّى وَحَامِلٌ عِنْدَ مَخَاضٍ مَعَ أَلَمٍ حَتَّى تَنْجُوَ وَكَمَيِّتِ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ أُبِينَتْ حُشْوَتُهُ وَلَوْ عَلَّقَ صَحِيحٌ عِتْقَ قِنِّهِ فَوُجِدَ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فمِنْ ثُلُثِهِ.

_ قوله: (من بين الصفين) (من) مبتدأ، خبره (كمريضٍ). قوله: (وقت حرب) أي: اختلاط الطائفتينِ للقتال، بخلاف مالو كان كلٌّ منهما متميزةً. قوله: (وكل الطائفتين ... إلخ) سواء تباينتا في الدين، أو اتفقتا. قوله: (ومن باللجة) بضم اللام: معظم الماء. قوله: (عند الهيجان) أي: ثوران البحر بريحٍ عاصفٍ. قوله: (أو قدم لقتل) قصاصا أو غيره؛ لظهور التلف وقربه. قوله: (مع ثبات عقله) وإلا فلا حكم لكلامه. قوله: (وحامل عند مخاض) - بفتح الميم، والكسر لغة- وجع الولادة، ومخضت المرأة وكل حامل، من باب: تعب: دنت ولادتها، وأخذها الطلق، فهي ما خض، بغير هاء. قوله: (حتى تنجو) يعني: من نفاسها، ولو بسقط تام الخلق، فلا عبرة بمضغة، إلا أن يكون ثم مرض، أو ألم، فكمريض. قوله: (أو أبينت) أي: فصلت، وأخرجت، لا إن شقت، وهي في البطن. قوله: (حشوته) اي: أمعاؤه، بضمِّ الحاء وكسرها. قوله: (فوجد في مرضه) أي: مرض موته المخوف، ولو بغير اختياره، كما في «الإقناع». قوله: (فمن ثلثه) اعتباراً بزمن وجود الصفة.

وَتُقَدَّمُ عَطِيَّةٌ اجْتَمَعَتْ مَعَ وَصِيَّةٍ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنَجَّزَةِ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ فَإِنْ وَقَعَتْ دَفْعَةً قُسِّمَ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالْحِصَصِ وَلَا يُقَدَّمُ عِتْقٌ وَأَمَّا مُعَاوَضَتُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَتَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَلَوْ مَعَ وَارِثٍ.

_ قوله: (وتقدم عطية ... إلخ) يعني: تقدَّمت، أو تأخَّرت. قوله: (وإن عجز) يعني: الثلث. قوله: (المنجزة) احترز به عن الوصية. قوله: (بديء بالأول) يعني: عتقًا كان أو غيره، كما يأتي. قوله: (دفعة) أي: بأن قبلها الكل معًا، أو وكلوا واحدًا قبل لهم بلفظٍ واحدٍ. قوله أيضاً على قوله: (دفعة) هي بفتح الدال. قال في «المصباح»: الدفعة بالفتح: المرة، وبالضم: اسم لما يدفع بمرة، يقال: دفعت من الإناء دفعة بالفتح بمعنى المصدر، وجمعها دفعات مثل سجدةٍ وسجدات، وبقي في الإناء دفعة بالضَّم، أي: مقدار ما يُدفع. انتهى. قوله: (قسم) أي: الثلث. قوله: (وأما معاوضته) أي: في مرض موتِه المخوف.

وَإِنْ حَابَى وَارِثَهُ بَطَلَتْ فِي قَدْرِهَا وَصَحَّتْ فِي غَيْرِهِ بِقِسْطِهِ وَلَهُ الْفَسْخُ لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ وَأَخَذَهُ وَلَوْ حَابَى أَجْنَبِيًّا وَشَفِيعُهُ وَارِثٌ أَخَذَ بِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ لِغَيْرِهِ وَإِنْ آجَرَ نَفْسَهُ وَحَابَى الْمُسْتَأْجِرَ صَحَّ مَجَّانًا.

_ قوله: (وإن حابى وارثه) اي: في نحو بيعٍ. قوله: (بطلت) أي: المعاوضة. قوله: (في قدرها) أي: المحاباة وحكمه كعطيةٍ. قوله: (لا إن كان له شفيع ... إلخ) أي: لا فسخ للوارث المشتري بمحاباة، إن كان المبيع الذي وقعت فيه المحاباة شقصًا من عقارٍ فيه شفعة، كما لو باع المريض لوارثه نصف دارٍ، بين المريض وشخص آخر بمئة مثلا، وهو يساوي ثلاث مئة، فإنه يصح البيع في ثلث النصف، وهو سدس الدار بالمئة، فإذا أخذه الشفيع، فليس للمشتري فسخ البيع؛ لأنه لا فائدة فيه؛ لأن ما دفعه من الثمن يأخذه من الشفيع. قوله: (ولو حابى) يعني: المريض. قوله: (أجنبيا) أي: وخرجت المحاباة من الثلث، أو أجاز الورثة. قوله: (أخذ) أي: الوراث. وقوله: (بها) أي: بالشُّفعة. قوله: (إن لم تكن حيلة) أي: على محاباة الوارث. قوله: (لغيره) أي: غير الوارث. قوله: (وإن آجر نفسه) من زيادتِهِ. قوله: (مجانا) أي: بلا رد مستأجر لشيء من المدة، أو العمل وارثا كان، أو غيره.

وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُهُ عِنْدَ مَوْتٍ فَلَوْ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَلَكَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ تَبَيُّنًا عَتَقَهُ كُلَّهُ وَإِنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ فصل تفارق العطية الوصية في أربعة: أَنْ يُبْدَأَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مِنْهَا وَالْوَصِيَّةُ يُسَوَّى بَيْنَ مُتَقَدِّمِهَا وَمُتَأَخِّرِهَا الثَّانِي: لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْعَطِيَّةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ.

_ قوله: (عند موت) أي: لا عند تصرف. قوله: (فلو عتق) فيه استعمال المجرد متعديًا. فصل حكم العطية في مرض الموت المخوف، حكم الوصية في أشياء، كما تقدم، منها: أنه يقف نفوذها على خروجها من الثلث، أو إجازة الورثة. ومنها: أنها لا تصح لوارثٍ، إلا بإجازة الورثة. ومنها: أن فضيلتها ناقصةٌ عن فضيلة الصدقة في الصحة. ومنها: أنها تتزاحم في الثلث إذا وقعت دفعة واحدة. ومنها: أن خروجها من الثلث يُعتبر حال الموت. قوله: (في أربعة) أي: أربعة أحكام. قوله: (أنه لا يصح الرجوع في العطية) يعني: بعد لزومها بالقبض، وإن كثرت.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَبُولُ عَطِيَّةٍ عِنْدَهَا وَالْوَصِيَّةُ بِخِلَافِهَا الرَّابِعُ: أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي عَطِيَّةٍ مِنْ حِينِهَا مُرَاعًى فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ مَوْتٍ تَبَيُّنًا أَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا فَلَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ قِنًّا فِي مَرَضِهِ فَكَسَبَ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ فَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَكَسْبُ مُعْتَقٍ لَهُ ومَوْهُوبٍ لِمَوْهُوبٍ لَهُ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَلَهُمَا مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ فَلَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ قِنًّا لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَكَسَبَ مِثْلَ قِيمَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ

_ تنبيه: تخالف العطية الوصية أيضاً في أنها لا يصح تعليقها بشرط، إلا العتق. قاله في «حاشية الإقناع». قوله: (من حينها) أي: بشروطها؛ لأنها إن كانت هبة، فمقتضاها تمليكه الموهوب في الحال، كعطية الصحة، وكذا إن كانت محاباة أو إعتاقاً. قوله: (مراعى) لأنا لا نعلم هل هو مرض الموت، أو لا؟ ولا نعلم هل يستفيد مالا، أو يتلف شيء من ماله؟ فتوقفنا؛ لنعلم عاقبة أمره، لنعمل بها. قوله: (فلهما) أي: العتيق والموهوب له. قوله: (فقد عتق منه شيء ... إلخ) ضابط ذلك أن تقول: عتق منه شيء، وللورثة مثلا ما عتق منه، وهو شيئان، وله من كسبِهِ شيء إن كسب مثل قيمته، وشيئان إن كسب مثلي

وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ فَصَارَ وَكَسْبُهُ نِصْفَيْنِ يُعْتَقُ مِنْهُ نِصْفُهُ وَلَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُمَا وَإِنْ كَسَبَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ صَارَ لَهُ شَيْئَانِ وَعَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ يُعْتَقُ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ

_ قيمته، وثلاثة أشياء إن كسب ثلاثة أمثال قيمته، ونصف شيء إن كسب مثل نصف قيمته، وعلى هذا أبدًا، ثم تجمع الأشياء، فتقسم قيمة العبد وكسبه عليها، فما خرج فهو الشيء. فلو أعتق عبدًا لا مال له سواه، قيمته مئة، فكسب ثلاث أمثال قيمته، فقد عتق منه شيء، لورثة سيده شيئان مثلا ما عتق منه، وله من كسبه ثلاثة أشياء، ثم تجمع الأشياء، فتبلغ ستةً، فاقسم عليها قيمة العبد، وكسبه -وذلك أربع مئة- يخرج الشيء ستة وستين وثلثين، فقد عتق منه شيء، وهو ثلثا قيمته، ولورثة سيده شيئان مثلا ما عتق منه، وله من كسبه ثلاثة أشياء، وهي ثلثا كسبه. ذكره في «المبدع». قاله في «حاشية الإقناع». قوله: (وللورثةِ شيئان) أي: منه، ومن كسبه. قوله: (فصار وكسبه نصفين) لأن العبد لما استحق بعتقه شيئاً، وبكسبه شيئًا، كان له في الجملة شيئاً، وللورثة شيئان. قوله: (وله نصف كسبه) أي: غير محسوب عليه؛ لأنه استحقه بجزئه الحر، لا من جهة سيِّده.

وَإِنْ كَسَبَ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهُ نِصْفُ شَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ فَيُعْتَقُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَفِي هِبَةٍ لِمَوْهُوبٍ لَهُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ وَبِقَدْرِهِ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ وَطِئَهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا نِصْفُ قِيمَتِهَا فَكَمَا لَوْ كَسَبَتْهُ يُعْتَقُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَلَوْ وَهَبَهَا لِمَرِيضٍ آخَرَ لَا مَالَ لَهُ فَوَهَبَهَا الثَّانِي لِلْأَوَّلِ صَحَّتْ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي شَيْءٍ وَعَادَ إلَيْهِ بالثَّانِيَةِ ثُلُثُهُ بَقِيَ لِوَرَثَةِ الْآخَرِ ثُلُثَا شَيْءٍ وَلِ الْأَوَّلِ شَيْئَانِ فَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِوَرَثَةِ الثَّانِي رُبْعُهَا

_ قوله: (ولورثة الثاني ربعها) وطريقها بالجبر أن تقول: صحَّت هبة الأول في شيء من الجارية، فبقيت جارية إلا شيئاً، وصحت هبة الثاني في ثلث الشيء، يبقى مع الأول جارية إلا ثلثي شيء، يعدل ضعف ما صحت فيه هبته -وهو شيء- وضعفه شيئان، فتجبر الجارية بزيادة ثلثي شيء، وتقابل بزيادتهما على الشيئين، فتبقى جارية كاملة، تعدل شيئين وثلثي شيء، فتقسم الجارية على الأشياء، فتقول: واحد على اثنين وثلثين، يخرج ثلاثة أثمان، وهو الشيء الذي صحت فيه هبة الأول، فيبقى معه خمسة أثمان الجارية،

وَإِنْ بَاعَ قَفِيزًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِقَفِيزٍ يُسَاوِي عَشَرَةَ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَأَسْقِطْ قِيمَةَ الرَّدِيءِ مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدِ ثُمَّ اُنْسُبْ الثُّلُثَ إلَى الْبَاقِي وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ تَجِدْهُ نِصْفَهَا

_ وصحت هبة الثاني في ثلث ثلاثة الأثمان، فيجتمع مع ورثة الأوَّل ستة أثمان، وهي ضعف ما صحت فيه هبةُ الأوَّل، ومع ورثةِ الثاني ثمنان، وهما ضعف ما صحت فيه هبة الثاني. قوله: (وإن باع قفيزًا لا يملك غيره ... إلخ) طريق هذه المسألة بالجبر، كما في «الإقناع» وغيره أن تقول: صحَّ البيع في شيء من الجيد بشيء من الرديء، وقيمة ذلك الشيء الذي صح فيه العقد من الرديء، ثلث قيمة شيء من الجيد، فتكون المحاباة بثلثي شيء من الجيد، فألقها منه يبقى قفيز إلا ثلثي شيء يعدل مثلي المحاباة الباقين للورثة من هذا الجيد، وقد عرفتَ أنَّ المحاباة ثلثا شيء، فمثلاها شيء وثلث شيء، فتقول: قفيز إلا ثلثي شيء يعدل شيئاً وثلث شيء، فتجبر بإزالة الاستثناء، وتقابل؛ بأن تزيد نظير المستثنى على الطرف الآخر، فيصير هكذا: قفيزٌ: يعدل شيئين، والقفيز على ما قابله، فيخرج الشيء نصف القفيز الجيد، وهو الذي صحَّ فيه البيع بنصف القفيز الرديء، وحصلت فيه المحاباة بثلثي شيء، أعني: بالعشرة، والله أعلم.

فَيَصِحُّ فِي نِصْفِ الْجَيِّدِ وَبِنِصْفِ الرَّدِيءِ وَيَبْطُلُ فِيمَا بَقِيَ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى رِبَا الْفَضْلِ فَلَوْ لَمْ يُفْضِ كَعَبْدٍ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَبْدٍ يُسَاوِي عَشَرَةً صَحَّ بَيْعُ ثُلُثِهِ بِالْعَشَرَةِ وَالثُّلُثَانِ كَالْهِبَةِ لِلْمُبْتَاعِ نِصْفَهُمَا لَا إنْ كَانَ وَارِثًا وَإِنْ أَقَالَ مَنْ أَسْلَفَهُ عَشَرَةَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ

_ قوله: (فيصح في نصف الجيد بنصف الرديء) لأن ذلك مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر أخذ جميعه بجميع الثمن، أشبه ما لو اشترى سلعتين بثمنٍ، فانفسخ البيع في إحداهما بعيبٍ أو غيره. قوله: (وإن أقال ... إلخ) أي: المريض شخصًا ... إلخ فـ (من) مفعول، كما يقتضيه حل المصنف لا فاعل، كما هو صريح الشيخ منصور البهوتي. والحاصل: أن فاعل (أقال) هو المريض. وهو فاعل (سلف) أيضًا، وأما (من) فهي واقعة على غير المريض، أعني: على المحابى اسم مفعول. والتقدير: وإن أقال المريض شخصًا سلفه المريض، أو الشخص الذي سلفه المريض ... إلخ، فالصفة، أو الصلة جارية على غير من هي له، ومع ذلك لم يبرز الضمير، لأن العامل فعل، لا يجب الإبراز باتفاق البصريين والكوفيين. قوله: (في كرِّ حنطةٍ) الكر جمعه أكرار، كقفلٍ وأقفالٍ: وهو ستون قفيزاً،

وَقِيمَتِهِ عِنْدَ الْإِقَالَةِ ثَلَاثُونَ صَحَّتْ فِي نِصْفِهِ بِخَمْسَةٍ وَإِنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً عَشَرَةً لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَصَدَاقُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ فَمَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ فلَهَا بِالصَّدَاقِ خَمْسَةٌ وشَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ رَجَعَ إلَيْهِ نِصْفُهُ بِمَوْتِهَا صَارَ لَهُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ اُجْبُرْهَا بِنِصْفِ شَيْءٍ وَقَابِلِ مَخْرَجُ الشَّيْءِ ثَلَاثَةٌ فَلِوَرَثَتِهِ سِتَّةٌ وَلِوَرَثَتِهَا أَرْبَعَةٌ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا وَرِثَتْهُ وَسَقَطَتْ الْمُحَابَاةُ وَمَنْ وَهَبَ زَوْجَتَهُ كُلَّ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ فَمَاتَتْ قَبْلَهُ فَلِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَلِوَرَثَتِهَا خُمُسُهُ

_ والقفيز ثمانية مكاكيك. والمكوك: صاع ونصف. «مصباحٌ». قوله: (رجع إليه نصفه) أي: نصف ما حصل لها، وهو خمسة وشيء. قوله: (اجبرها) أي: السبعة وما معها؛ بأن تكمل هذا الطرف، وتزيل الاستثناء منه، فيصير سبعةً ونصفًا. وقوله: (وقابل) أي: بأن تزيد مثل المستثنى على الطرف الآخر، وهو الشيئان، فيصير شيئين ونصفًا، فترجع إلى البسيطة الثالثة. قوله: (ومن وهب زوجته ... إلخ) طريقها بالجبر أن تقول: صحَّت الهبة في شيء من المال، وعاد إليه نصفه بالإرث، فيبقى لورثتها نصف شيء، ولورثته المال كلُّه إلا نصف شيء، وذلك يعدل شيئين لأننا صححنا الهبة في شيء

فصل ولو أقر في مرضه أَنَّهُ أَعْتَقَ ابْنَ عَمِّهِ أَوْ نَحْوَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَلَكَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَوَرِثَ فَلَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ وَنَحْوَهُ بِمِائَةٍ ويُسَاوِي أَلْفًا فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَالثَّمَنُ وَثَمَنُ كُلِّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَيَرِثُ

_ فيكون لورثته مثلا ذلك؛ لأن الهبة استقرَّت في ثلث المال، وبقي لورثته ثلثاه، فإذا كان الثلث شيئاً، فالثلثان شيئان، فاجبر المال بنصف شيء؛ بأن تزيل الاستثناء، وقابل؛ بأن تزيد على ما يعادله نصف شيء مثل ما جبرت به، يصير المال كله يعدل شيئين ونصف شيء، والمال هنا قدر من العددِ، لا المال المصطلح عليه عند الجبريين الذي هو المجذور القائم من ضرب الشيء في نفسه، فتقول: مال، أي: عدد يعدل شيئين ونصف شيء، وذلك من الضرب الثالث من الأضرب البسيطة، فتقسم على الأشياء، يخرج الشيء خمسي المال، وقد علمت أنه عاد للزوج منه بالإرث نصفه، فيبقى لورثتها نصفه، وهو خمس المئة، والأربعة الأخماس الباقية لورثةِ الزوج، كما قال المصنف، والله تعالى أعلم. قوله: (أو نحوه) بالنصب، كما رأيته بخطِّه، ويمثل بابن خاله، ويحتمل أن يكون مجرورا، ويمثَّل بخالهِ.

فَلَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِكُلِّ مَالِهِ وَتَرَكَ ابْنًا عَتَقَ ثُلُثُ الْأَبِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَوَرِثَ بِثُلُثِهِ الْحُرِّ مِنْ نَفْسِهِ ثُلُثَ سُدُسِ بَاقِيهَا الْمَرْقُوقِ وَلَا وَلَاءَ عَلَى هَذَا الْجُزْءِ وَبَقِيَّةُ الثُّلُثَيْنِ تَعْتِقُ عَلَى الِابْنِ وَلَهُ وَلَاؤُهَا وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهُ سِتَّةٌ تَحَاصَّا فَكَانَ ثُلُثُ الثُّلُثِ لِلْبَائِعِ مُحَابَاةً وَثُلُثَاهُ لِلْأَبِ عِتْقًا يُعْتَقُ بِهِ ثُلُثُ رَقَبَتِهِ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ دِينَارَيْنِ وَيَكُونُ ثُلُثَا الْأَبِ مَعَ الدِّينَارَيْنِ مِيرَاثًا وَإِنْ عَتَقَ عَلَى وَارِثِهِ صَحَّ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ دَبَّرَ ابْنَ عَمِّهِ وَنَحْوَهُ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ

_ قوله: (تحاصا) أي: البائع والأب، يعني: أنَّه قد حصل من المريض عطيتان، محاباة البائع، بثلث المال، وعتق الأب، فيتحاصَّان لتقارنهما؛ لأن ملك المريض لأبيه مقارن لملك البائع لثمنه. وقوله: (ميراثاً) أي: للابن. قاله في «شرحه». قال منصور البهوتيُّ: وفيه نظر، بل للأب بثلثه الحر ثلث السدس، والباقي للابن على ما تقدم. انتهى. قوله: (عتق على وراثه) أي: المريض دون الوارث؛ بأن كان الرقيق أخا لابن عم المريض الوارث له، فاشتراه عتق على الوارث؛ لأنه أخوه، ولم يرث معه.

وأَنْتَ حُرٌّ آخِرَ حَيَاتِي عَتَقَ وَوَرِثَ بِخِلَافِ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَوْتِ قَرِيبِهِ وَلَيْسَ عِتْقُهُ وَصِيَّةً لَهُ وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ وَرِثَتْهُ وَتَعْتِقُ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَإِلَّا عَتَقَ بِقَدْرِهِ وَبَطَلَ النِّكَاحُ وَلَوْ أَعْتَقَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَأَصْدَقَهَا مِائَتَيْنِ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمَا وَهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ الْعِتْقُ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ الصَّدَاقَ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى بُطْلَانِ عِتْقِهَا ثُمَّ يَبْطُلُ صَدَاقُهَا وَلَوْ تَبَرَّعَ بِثُلُثِهِ ثُمَّ اشْتَرَى أَبَاهُ وَنَحْوَهُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ صَحَّ الشِّرَاءُ

_ قوله: (آخر حياتي ... إلخ) إنما ورث هنا؛ لحصول الحرية قبل الموت، فالحرية قد سبقت هنا الإرث بخلاف التي بعدها، فإن الحرية لم تحصل قبل الموت، بل قارنت الإرث ولم تسبقه، فهي كما إذا دبر ابن عمه ونحوه. كما تقدم. قوله: (وبطل النكاح) أي: تبينا بطلانه؛ لأنه نكح مبعَّضة يملك بعضها، فيبطل إرثها؛ لبطلان سببه وهو النكاح. قوله: (ولم تستحق الصداق) ويعايا بها فيقال: امرأة تزوجت بصداق مقدر في نكاح صحيح، ودخل بها ولم تستحق الصداق من غير أن يوجد منها ما يسقطه؟ ! ويمثل به أيضا للدين الذي يسقط بلا إسقاطٍ، ولا تعويضٍ، فتسقط زكاته، كما تقدم في الزكاة.

وَلَا عِتْقَ فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ عَلَى وَارِثِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا إرْثَ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ فِي حَيَاتِهِ

_ قوله: (ولا عتق) يعايا بذلك فيقال: شخص ملك أبا، أو ابنه ونحوهما، ولم يعتق عليه واحد منهم؟ ! وإنما كان كذلك؛ لسبق التبرع بالثلث.

صفحة فارغة

كتاب الوصية

كتاب الوصية: الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ وبِمَالٍ التَّبَرُّعُ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ وَتَصِحُّ مُطْلَقَةً ومُقَيَّدَةً مِنْ مُكَلَّفٍ لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ

_ كتاب الوصية لغة: الأمر، كقوله تعالى: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب). [البقرة: 132] وقوله تعالى: «ذلكم وصاكم به». [الأنعام 151] ومنه قول الخطيب: أوصيكم بتقوى الله، أي: آمركم. وشرعًا: ما ذكره المصنف - رحمه الله - وهي نوعان، أي: مطلقة غير مقيدة بالمال، كما فهم من صنيعه، ومقيدةٌ بالمال. وأركان الوصية أربعة: موص، وصيغة، موصى به، وموصى له. وقد أشار إلى الأول بقوله: (من مكلف)، وإلى الثاني بقوله: (بلفظ ... إلخ)، وإلى الثالث والرابع أشار بالبايين الآتيين. قوله: (بعد الموت) بخلاف الهبة. قوله: (ولا تعتبر فيها القربة) لصحتها لمرتد وحربي بدار حرب، كالهبة. قوله: (ومقيدة) كإن ميت في يومي هذا، أو مرضي هذا، أو عامي هذا، فلزيد كذا؛ لأنه تبرع يملك تنجيزه، فملك تعليقه كالعتق. قوله: (لم يعاين الموت) أي: لم يعاين ملكَ الموتِ؛ فإن عاينه، لم تصح. قال في «الآداب الكبرى»: وتقبل التوبة مالم يعاين الملك. وقيل: ما دام.

وَلَوْ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ أَخْرَسَ لَا مُعْتَقَلًا لِسَانُهُ بِإِشَارَةٍ أَوْ سَفِيهًا بِمَالٍ لَا عَلَى وَلَدِهِ وَلَا سَكْرَانَ أَوْ مُبَرْسَمًا ومِنْ مُمَيِّزٍ لَا طِفْلٍ بِلَفْظٍ وَبِخَطٍّ ثَابِتٍ بِإِقْرَارِ وَرَثَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ لَا إنْ خَتَمَهَا

_ مكلفا. وكذا في «الرعاية». وقيل: ما لم يغرغر، أي: ما لم تبلغ روحه حلقومه، كما في «النهاية»؛ لأنَّ الروح تفارق القلب قبل الغرغرةِ، ولا يبقى له نيَّة ولا قصد صحيح، فإن جرح جرحًا موحيًا، صحت توبته، والمراد: مع ثبات عقله؛ لصحة وصية عمر وعلي - رضي الله عنهما- واعتبار كلامهما. انتهى. نقله في «حاشية الإقناع». قوله: (أو أخرس) أي: بإشارةٍ مفهومةٍ وكتابةٍ، أو عبدًا، أو مكاتبًا، أو مدبرًا، أو أم ولد في غير مال، كتغسيله والصلاة عليه، وأما في المال، فإن ماتوا في الرق، فلا وصية لهم، وإن عتقوا وماتوا من غير تغيير لوصية، صحَّت، كفقير أوصى ولا شيء له، ثم استغنى ولم يرجع. قوله: (أو سفيهًا بمال) يعني: أن السفيه تصح وصيته بمال، ومثله ضعيف عقل ضعفا يمنع رشده. قوله: (لا على ولدِه) أي: لا إن وصى على ولده، فلا تصح وصية؛ إذ لا ولاية له عليه. قوله: (أو مبرسمًا) أي: أو مغمى عليه ومجنونًا. قوله: (ومن مميِّز) يعني: يعقلها، أي: يعرف خروجها عن ورثته إلى موصى له. قوله: (ثابت) يعني: أنَّه خطه. قوله: (لا إن ختمها ... إلخ) لكن لو تحقق أنه خطه من خارج، عمل بالخط لا بالإشهاد عليها. قاله في «الإقناع».

وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا بِخَطِّهِ وَتُسَنُّ لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ عُرْفًا بِخُمْسِهِ لِقَرِيبٍ فَقِيرٍ وَإِلَّا فلِمِسْكِينٍ وَعَالِمٍ وَدَيِّنٍ وَنَحْوِهِمْ وَتُكْرَهُ لِفَقِيرٍ لَهُ وَرَثَةٌ الْمُنَقِّحُ: إلَّا مَعَ غِنَى الْوَرَثَةِ وَتَصِحُّ مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَلَوْ وَرِثَهُ زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ وَرَدَّهَا بِالْكُلِّ بَطَلَتْ فِي قَدْرِ فَرْضِهِ

_ قوله: (وأشهد) أي: ولم يعلم الشاهد ما فيها. قوله: (لقريبٍ فقير) أي: غير وارث. قوله: (وإلا) أي: وإلا يكن قريب فقير وترك خيرًا، فلمسكين ... إلخ. قوله: (وعالم) أي: فقير. قوله: (ودين) أي: فقير. قوله: (ونحوهم) أي: كابن السبيل. قوله: (وتكره لفقير ... إلخ) أي: تكره الوصية لمن لم يترك مالا كثيرا إن كان له وارث محتاج، والله أعلم. قوله أيضًا على قوله: (وتكره لفقيرٍ) أي: منه. قوله: (إلا مع غنى الورثة) هو بالقصر: ضد الفقر. وبالمد: الصوت. قوله: (وتصح ممن لا وارث له) أي: جائزًا. قال في «شرحه»: مطلقاً، أي: لا بفرض، ولا عصبةٍ، ولا رحم، ولا ولاءٍ، ولا نكاح، فتجوز وصيته إذن بكل ماله، كما روي عن ابن مسعود. قوله: (فلو ورثه زوج) مفرع على المفهوم، أي: لا ممن له وارث فلو ... إلخ.

مِنْ ثُلُثَيْهِ فَيَأْخُذُ وَصِيٌّ الثُّلُثَ ثُمَّ ذُو الْفَرْضِ فَرْضَهُ مِنْ ثُلُثَيْهِ ثُمَّ تُتَمَّمُ مِنْهُمَا وَلَوْ وَصَّى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَهُ كُلُّهُ إرْثًا وَوَصِيَّةً وَيَجِبُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ بِلَا بَيِّنَةٍ ذِكْرُهُ وَتَحْرُمُ مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلِوَارِثٍ بِشَيْءٍ وَتَصِحُّ وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ وَصَّى لِكُلِّ وَارِثٍ بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ وَارِثِهِ أَوْ بِوَقْفِ ثُلُثِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ صَحَّ مُطْلَقًا وَكَذَا وَقْفٌ زَائِدٌ أُجِيزَ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا

_ قوله: (ثم تتمَّم منهما) فيعطى الموصى له ما بقي. قوله: (للآخر) بكل ماله. قوله: (ويجب على من عليه حقٌ) لله، أو لآدمي، أو عنده وديعة بلا بينة. قوله: (وتحرم ... إلخ) علم من كلامه: أن الوصية بالمال تعتريها الأحكام الخمسة ما عدا الوجوب. قوله: (ولوارث بشيء) ومنه ما لو أسقط مريض عن وارثه ديناً، أو أوصى بقضائه، أو أسقطت المرأة في مرضها صداقها عن زوجها، أو عفا عن جنايةٍ موجبها المال، فذلك كله كوصية، وإن وصى لولد وارثه، صح، فإن قصد بذلك نفع الوارث، لم يجز فيما بينه وبين الله تعالى، وتنفذ حكماً؛ لأنه أجنبي. قوله: (وتصح) أي: مع تحريمها. قوله: (صح) أي: وجاز. قوله: (مطلقاً) أي: أجاز باقي الورثة، أو لا.

وَمَنْ لَمْ يَفِ ثُلُثُهُ بِوَصَايَاهُ أُدْخِلَ النَّقْصُ عَلَى كُلٍّ بِقَدْرِ وَصِيَّتِهِ وَإِنْ عِتْقًا وَإِنْ أَجَازَهَا وَرِثَهُ بِلَفْظِ إجَازَةٍ أَوْ إمْضَاءٍ أَوْ تَنْفِيذٍ لَزِمَتْ وَهِيَ تَنْفِيذٌ لَا يَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ هِبَةٍ فَلَا يَرْجِعُ أَبٌ أَجَازَ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَهَبُ وَوَلَاءُ عِتْقٍ مُجَازٌ لِمُوصٍ تَخْتَصُّ بِهِ عَصَبَتُهُ وَتَلْزَمُ بِغَيْرِ قَبُولٍ وقَبْضٍ وَلَوْ مِنْ سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ ومَعَ كَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى مُجِيزِهِ ومَعَ جَهَالَةِ الْمُجَازِ

_ قوله: (وإن عتقا) لتساويهم في الأصل، أعني: التبرع بعد الموت وتفاوتهم في المقدار، كمسائل العول، فلو وصى لواحدٍ بثلثِ ماله، ولآخر بمئة، ولثالث بعبد قيمته خمسون، وبثلاثين لفداءِ أسيرٍ، وبعشرين لعمارة مسجد، وكان ثلث ماله مئة، وبلغ مجموع الوصايا ثلاث مئة، نسبت منها الثلث، فيعطى كل واحد ثلث وصيته. قوله: (بلفظ: إجازة، أو إمضاء) كإجزتها أو أجزت، وهكذا ما بعده. قوله: (أو تنفيذٍ) أي: أو نحو ذلك: كرضيت بما فعله. قوله: (وهي تنفيذ) أي: لا هبة. قوله: (وتلزم) أي: الإجازة. قوله: (بغير قبول) من مجازٍ له. قوله: (وقبضٍ) أي: ولا تصح الإجازة إلا من جائز التصرُّف، بخلاف الصبي والمجنون؛ لأنها تبرع بالمال، أشبهت الهبة إلا السفيه المفلس، كما أشار إليهما بقوله: (ولو ... إلخ). قوله: (على مجيزه) كما لو وقف أكثر من الثلث على وراثه، فإن الزائد لا يلزم فيه الوقف إلا بإجازة الوارث، وليست إجازته ابتداء وقفٍ

وَيُزَاحَمُ بمُجَاوِزٍ لِثُلُثِهِ الَّذِي لَمْ يُجَاوِزُهُ لِقَصْدِهِ تَفْضِيلَهُ كَجَعْلِهِ الزَّائِدَ لِثَالِثٍ لَكِنْ لَوْ أَجَازَ مَرِيضٌ فمِنْ ثُلُثِهِ كَمُحَابَاةِ صَحِيحٍ فِي بَيْعِ خِيَارٍ لَهُ

_ حتى لا تصح إجازة وقفٍ على المجيز. قوله: (الذي لم يجاوزه) نائب الفاعل، أي: سواء أجيز للمجاوز وحده، أو لا، فلو وصى لزيدٍ بالثلث، ولعمرو بالنصف، فأجاز الورثة لعمروٍ مثلا، زاحم زيدا بنصف كاملٍ، فيقسم الثلث بينهما على خمسة، بسط النصف والثلث من مخرجِهما ستة، لصاحب النصف ثلاثةُ أخماسه، وللآخر خمساه، ثم يكمل لصاحب النصف نصفه بالإجازة، وهذا من تتمة المفرع على أن الإجازة تنفيذ، فلو قلنا: هي عطيةٌ، فإنما يزاحمه بثلث خاصة؛ إذا الزيادة عليه عطية محضة من الورثة، لم تتلقَّ من الميت، فلا يزاحم بها الوصايا، فيقسم الثلث بينهما نصفين، ثم يكمل لصاحب النِّصف بالإجازة، وهذه المسألة مما تشكل على كثيرٍ. فتدبر. قوله: (لكن ... إلخ) هذا استدراك مما أوهمه قوله: (وهي تنفيذ ... إلخ) فإنه لو سكت عن هذا الاستدراك، لتوهم أنَّ إجازة المريض من رأس ماله لا من ثلثه؛ لأنها تنفيذ لا هبة، ٌ فلذلك رفع هذا التوهم بقوله: (لكن ... إلخ). قوله: (لو أجاز مريض) يعني: مرض الموت المخوف. قوله: (فمن ثلثه) أي: لا من رأس ماله، خلافاً لـ «الإقناع».

ثُمَّ مَرِضَ زَمَنَهُ وإذْنِ فِي قَبْضِ هِبَةٍ لَا خِدْمَتِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِكَوْنِ مَنْ وَصَّى أَوْ وَهَبَ لَهُ وَارِثًا أَوْ لَا عِنْدَ الْمَوْتِ وبِإِجَازَةِ أَوْ رَدٍّ بَعْدَهُ وَمَنْ أَجَازَ مُشَاعًا ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَجَزْتُ لِأَنِّي ظَنَنْتُهُ قَلِيلًا قُبِلَ بِيَمِينِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَبْلَغًا مَعْلُومًا

_ قوله: (ثم مرض زمنه) يعني: ولم يفسخ. قوله: (بعده) أي: فلا عبرة بما صدر منهم قبله. قوله: (ومن أجاز مشاعًا) يعني: من التركة كنصف ماله وثلثيه. قوله: (لأنني ظننته) أي: المال المخلف. قوله: (فيرجع بما زاد على ظنه) أي: يرجع بما زاد على القدر الذي ظنه مما يتوقف على إجازته، وهو القدر الزائد على الثلث في ظنه. والحاصل: أن الموصى له يأخذ ثلث المال الذي ظهر، ويضاف إليه القدر الزائد على الثلث المظنون فقط، فإذا كان المال ألفًا، وظنه ثلاث مئة، والوصية بالنصف، فقد إجاز السدس وهو خمسون، فهي جائزة عليه مع ثلث الألف، فلموصى له ثلاث مئةٍ وثلاثة ثمانون وثلث، والباقي للوارث، وهي ستُّ مئةٍ وستة عشر وثلثان. قوله: (لا يخفى) أي: على المجيز. قوله: (وإن كان) أي: المجاز. قوله: (معلومًا) يعني: كألفٍ.

وقَالَ ظَنَنْتُ الْبَاقِي كَثِيرًا لَمْ يُقْبَلْ فَصْلٌ وَمَا وَصَّى بِهِ لِغَيْرِ مَحْصُورٍ كَفُقَرَاءَ أَوْ غُزَاةٍ وَبَنِي هَاشِمٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ وَمَحَلُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَثْبُتُ مِلْكُ مُوصًى لَهُ مِنْ حِينِهِ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَهُ وَمَا حَدَثَ مِنْ نَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ فلِوَرَثَةِ وَيَتْبَعُ مُتَّصِلٌ وَإِنْ كَانَتْ بِأَمَةٍ فَأَحْبَلَهَا وَارِثٌ قَبْلَهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى قِيمَتُهَا لِلْوَصِيِّ لَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا

_ قوله: (وقال: ظننت الباقي كثيرًا) يعني: أو ظهر عليه دين لم أعلمه. قوله: (لغير محصور) كفقراء. قوله: (ونحوه) كمدرسةٍ، ورباطٍ. قوله: (ولم يُشترط قبوله) لتعذُّره، فتلزم الوصية بمجرَّد الموت. قوله: (وإلا اشترط) أي: وإن لا تكن كذلك؛ بأن كانت لآدمي معين ولو عددًا يمكن حصره، اشترط القبول بقول، أو فعل دلَّ على الرضى، كأخذ واستعمال، كما تقدَّم في الهبة. قوله: (من حينه) أي: القبول المعتبر. قوله: (فلا يصح تصرفه) أي: الموصى له في الموصى به قبله، أي: القبول. قوله: (من نماءٍ منفصل) يعني: قبل قبولٍ. قوله: (ويتبع متصل) أي: يتبع العين الموصى بها نماءٌ.

وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِزَوْجَتِهِ

_ قوله: (وإن وصى له بزوجته ... إلخ) اعلم: أن في هذه المسألة صورًا؛ لأن الزوجة الأمة الموصى بها، إما أن تكون حاملا حين الوصية، أو بعد الوصية قبل موت الموصي، أو بعد موت الموصي قبل قبول الوصية، فهذه ثلاث صور: ففي الصورة الأولى: وهي: ما إذا كانت حاملاً وقت الوصيَّة، يكون الحمل موصى به بلا نماءٌ، كما أن الحمل وقت عقد مبيع لا نماء على ما تقدم، سواء ولدته قبل موت الموصي أو بعده، قبل القبول أو بعده. قال في «الإقناع»: ولو وصى له بزوجته، فقبلها، انفسخ النكاح، فإن أتت بولد كانت حاملا به وقت الوصية، فهو موصى به معها. انتهى. وهو صادق بما ذكرنا. وأما الصورة الثانية، وهي: ما إذا حملت به بعد الوصية قبل موت الموصي، فإما أن تضعه قبل موت الموصي، أو بعده قبل القبول، أو بعدهما، أي: الموت والقبول، فهذه ثلاثةُ أحوالٍ يختلف الحكم فيها، فيكون الولد للموصي فيما إذا ولدته قبل موته، وللورثة فيما إذا ولدته بعد موت الموصي قبل القبول، وللموصى له فيما إذا ولدته بعد الموت والقبول، وإلى هذا أشار في «الإقناع» بقوله: وإن حملت به بعد الوصية وولدته في حياة الموصي، فهو له، وبعد موته قبل القبول؛ للورثة ولأبيه، إن ولدته بعده. انتهى.

فَأَحْبَلَهَا وَوَلَدَتْ قَبْلَهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وبِأَبِيهِ فَمَاتَ قَبْلَ قَبُولِهِ فَقَبِلَ ابْنُهُ عَتَقَ الْمُوصَى بِهِ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَرِثْ وَعَلَى وَارِثٍ ضَمَانُ عَيْنٍ حَاضِرَةٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهَا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ

_ وأما الصورة الثالثة، وهي: ما إذا حملت به بعد موت الموصي قبل القبول، فإما أن تلده قبل القبول أيضا، فيكون للورثة؛ لأنه نماء منفصل قبل القبول، وإما أن تلده بعد القبول، فيكون للموصى له؛ لأنه نماء متصل قبل الوضع، فيعتق عليه، كما يعتق في كلِّ موضع قلنا: إن الولد للموصى له، وإلى هذا أشار في «الإقناع» بقوله: وإن حملت بعد موت الموصي ووضعته قبل القبول، فللورثة، وبعده لأبيه. انتهى. فقوله: وإن حملت بعد موت الموصي ووضعته قبل القبول، فللورثة. هو معنى قول المصنف: (وإن وصى له بزوجته ... إلخ). فتدبر ذلك، ففي كلام الشيخ منصور -رحمه الله- هنا نظر ظاهر تبعه عليه الشيخ الخلوتي رحمه الله تعالى. قوله: (وولدت قبله) أي: القبول. قوله: (فمات قبل قبوله) أي: مات موصى له بعد موت موصٍ. قوله: (حينئذ) أي: حين القبُول. قوله: (ضمان عين) أي: لا ضمان دين. قوله: (بمجرد موت مورِّثه) بمعنى: أنها تحتسب على الورثة، ولا ينقص بتلفها ثلثٌ أوصى به.

مُورِثِهِ لَا سَقْيُ ثَمَرَةٍ مُوصًى بِهَا وَإِنْ مَاتَ مُوصًى لَهُ قَبْلَ مُوصٍ بَطَلَتْ لَا إنْ كَانَتْ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبُولِهِ لَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولٍ وَرَدٍّ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَسَقَطَ حَقُّهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَدٍّ وَقَبُولٍ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ

_ قوله: (لا إن كانت بقضاءِ دينه) صورة هذه المسألة: أن يوصي زيد بقضاء دين عمرو الكائن لبكر، فيموت بكر قبل موت زيد، فإنها لا تبطل في هذه الصورة، وعلله في «شرح المنتهى» للمؤلف، وكذا في «شرح الإقناع» واللفظ له: بأن تفريغ ذمة المدين بعد موته كتفريغها قبله؛ لوجود الشغل في الحالين كما لو كان حيًا. انتهى. وبخط الشيخ منصور على قوله: (بعد موته) أي: رب الدين، وهو موافق لما مثلنا؛ لأن الذي مات في المثال أولا هو بكر الذي هو صاحب الدين، وهذه المسألة كالمستثناة من قاعدة كليَّة تقريرها: كل وصية مات الموصى له فيها قبل الموصي، فإنها تبطل إلا إذا أوصى بقضاء دينه ... إلخ. فتدبر ذلك فإنه مهم، والله أعلم. قوله: (مطلقا) أي: قبضها أو لا، مكيلا ونحوه، أو لا.

فصل وإن قال موص رجعت في وصيتي أو أبطلتها ونحوه بَطَلَتْ وَإِنْ قَالَ فِي مُوصًى بِهِ: هَذَا لِوَرَثَتِي أَوْ مَا وَصَيْت بِهِ لِزَيْدٍ فَلِعَمْرٍو فرُجُوعٌ وَإِنْ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فبَيْنَهُمَا وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا قَبْلَ مُوصٍ أَوْ رَدَّ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ لِأَنَّهُ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَوْجَبَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا أَوْ عَرَضَهُ لَهُمَا أَوْ وَصَّى بِبَيْعِهِ أَوْ عِتْقِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ وَلَوْ صُبْرَةً بِغَيْرِهَا أَوْ أَزَالَ اسْمَهُ فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ أَوْ جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ أَوْ عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا، أَوْ ضَرَبَ النَّقْرَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ نَجَّرَ الْخَشَبَةَ بَابًا

_ قوله: (ونحوه) كرددتها. قوله: (ولم يقل ذلك) أي: ما وصيت به لزيدٍ فلعمرو. قوله: (وإن باعه) أي: باع الموصي ما أوصى به. قوله: (أو أوجبه) بأن قال لإنسان: بعتكه أو وهبتكه. قوله: (أو حرمه عليه) أي: بأن وصى لزيد بشيء، ثم قال: هو حرام عليه. قوله: (أو خلطه) أي: الموصى به من نحو زيت ودقيق. قوله: (أو بنى) حجرًا أو في أرض. قوله: (أو غرس) شجرًا أو في أرض.

أَوْ أَعَادَ دَارًا انْهَدَمَتْ أَوْ جَعَلَهَا حَمَّامًا أَوْ نَحْوَهُ فَرُجُوعٌ لَا إنْ جَحَدَهَا أَوْ آجَرَ أَوْ زَوَّجَ أَوْ زَرَعَ أَوْ وَطِئَ وَلَمْ تَحْمِلْ أَوْ لَبِسَ أَوْ سَكَنَ مُوصًى بِهِ أَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ فَتَلِفَ أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا أَوْ بِقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَخَلَطَهَا وَلَوْ بِخَيْرٍ مِنْهَا وَزِيَادَةُ مُوصٍ فِي دَارٍ لِلْوَرَثَةِ لَا الْمُنْهَدِمِ وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ ثُمَّ

_ قوله: (أو أعاد دارًا ... إلخ) اعلم: أنه إذا انهدمت الدار الموصى بها، أو انهدم بعضها وزال اسمها، كان ذلك رجوعًا، وإذا أعادها ولو بآلتها القديمة، فرجوع أيضًا. وهذه مسألة المتن. فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (أو أعاد دارا) أي: أو لم يعدها حيث زال الاسم بالانهدام. قوله: (فرجوع) لأن ذلك دليل اختياره الرجوع. قوله: (لا إن جحدها) أي: الوصية. قوله: (أو زرع) يعني: أرضاً لا حباً. قوله: (فتلف) أي: ماله الذي كان يملكه حين الوصية. قوله: (ثم ملك مالا) يعني: غيره، فليس رجوعًا. قوله: (فخلطها) يعني: بجنسها لا بغيره ولم تتميَّز.

قَالَ: إنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلَهُ فَقَدِمَ بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ فلزيد

_ قوله: (فله): ما وصيت به لزيدٍ. قوله: (فقدم ... إلخ) أي: قدم عمرو. قوله: (لزيد ... إلخ) عبارة المصنف في «شرحه»: فالموصى به لزيد دون عمرو؛ لأن الموصي لما مات قبل قدوم عمرٍو، انقطع حقه من الموصى به، وانتقل إلى زيدٍ؛ لأنه لم يوجد إذا ذاك ما يمنعه، فلم يؤثر وجود الشرط بعد ذلك، كما لو علق إنسانٌ طلاقاً أو عتقًا على شيء، فلم يوجد إلا بعد موته، وقيل: بل يكونُ لعمرو، وعلم ما تقدم: أن عمرًا لو قدم في حياة الموصي كان له. قال في «الإنصاف»: بلا نزاع. انتهى. وفهم منه: أن المتن على ظاهره، كـ «الإقناع»، أي: من جهة أنه لا فرق بين أن يقدم عمرو بعد موت الموصي قبل قبول زيد، أو بعده، وأما قول المصنف في «شرحه»: وانتقل إلى زيد، أي: بموت الموصي، فلا يعني به: وجود القبول، بل يعني به: أن زيدا بموت الموصي صار متمكنا من القبول؛ لانقطاع حق الميت بموته، ولذلك لم يقيد بالقبول، بل شبه المسألة بطلاقٍ أو عتق علق على شيء، فلم يوجد إلا بعد الموت، فعلم: أن حق عمرو قد انقطع بمجرد موت الموصي قبل قدومه من غير توقف على شيء آخر. ففي تقييد منصور البهوتي في «شرح الإقناع» بالقبول، نظر. فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (فلزيد) أي: لانقطاع حق عمرو بموت الموصي قبل قدومِه، وظاهره: كـ «الإقناع»، سواء وجد القبول قبل قدومه، أو لا.

وَيُخْرِجُ وَصِيٌّ فَوَارِثٌ فَحَاكِمٌ الْوَاجِبَ وَمِنْهُ وَصِيَّةٌ بِعِتْقٍ فِي كَفَّارَةِ تَخْيِيرٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ فَإِنْ وَصَّى مَعَهُ بِتَبَرُّعٍ اُعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنْ الْبَاقِي وَإِنْ قَالَ أَخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثِي بُدِئَ بِهِ فَمَا فَضَلَ مِنْهُ فلِصَاحِبِ التَّبَرُّعِ وَإِلَّا بَطَلَتْ

_ قوله: (ويخرج وصي) أي: موصى إليه بإخراج الواجب. قوله: (فوارث) أي: جائز التصرُّف. قوله: (في كفارة تخيير) وهي كفارة اليمين. قوله: (من رأس المال) متعلق بـ (يخرج). قوله: (فإن وصى معه) أي: مع الواجب. قوله: (يتبرع) أي: من معين أو مشاعٍ. قوله: (اعتبر الثلث) أي: الذي تعتبر منه التبرعات. قوله: (من الباقي) أي: بعد أداء الواجب. قوله: (وإن قال ... إلخ) أي: من عليه واجب ووصى بتبرع. قوله: (بديء) أي: بالبناء للمفعول، كما هو بضبطه. قوله: (وإلا بطلت) كما لو رجع عنها.

باب الموصى له

بَابُ الْمُوصَى لَهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا ولِمُكَاتَبِهِ وَمُكَاتَبِ وَارِثِهِ كالْأَجْنَبِيِّ ولِأُمِّ وَلَدِهِ كَوَصِيَّتِهِ أَنَّ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ وَقْفٌ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا

_ باب الموصى له هو الثالث من أركان الوصيَّة. فائدة: لو وصف الموصى له أو الموقوف عليه بغير صفته، كأن يقول: على أولادي السود، وهم بيض، أو العشرة، وهم اثنا عشر، فههنا يعتبر الموصوف دون الصفة، كما في «الاختيارات» قال: والذي يقتضيه المذهب: أن الغلط في الصفة لا يمنع صحة العقد. انتهى. قوله: (من مسلم) أي: معيَّن كزيد، أو لا كالفقراء. قوله: (ولو حربيا) كالهبة، فلا تصح لعامة النصارى أو نحوهم، ومحله كما في «المبدع»: إذا أوصى لحربي بغير سلاح وخيل. قال: فإن وصى له بشيء منهما، فيتوجه أنه كبيعه منه. قوله: (عليها) أي: أم ولده، أو زوجته. قوله: (على ولدها) منه أي: خاضنةً له.

وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا فَفَعَلَتْ وَأَخَذَتْ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ ولِمُدَبَّرِهِ فَإِنْ ضَاقَ ثُلُثُهُ عَنْهُ وَعَنْ وَصِيَّتِهِ بُدِئَ بِعِتْقِهِ ولِقِنِّهِ بِمُشَاعٍ كَثُلُثٍ وبِنَفْسِهِ وَرَقَبَتِهِ يَعْتِقُ بِقَبُولِهِ إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِلَّا فبِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَفَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ لَا بِمُعَيَّنٍ وَلَا لِقِنِّ غَيْرِهِ وَلَا لِحَمْلٍ إلَّا إذَا عَلِمَ وُجُودَهُ حِينَهَا بِأَنْ تَضَعَهُ حَيًّا

_ قوله: (وإن شرط عدم تزويجها) أي: أم ولده، أو زوجته. قوله: (ففعلت) أي: وافقت. قوله: (بديء) أي: من الثلث. قوله: (بمشاع) أي: من ماله. قوله: (كثلثه) أي: ثلث ماله. قوله: (وبنفسه) أي: القنِّ. قوله: (وإن كانت به) أي: الثلث. قوله: (وفضل شيء) أي: بعد عتقه. قوله: (لا بمعين) أي: لا تصح الوصية لقنه بمعين لا يدخل فيه. قوله: (ولا لقن غيره) أي: لا تصح الوصية لقن غيره، خلافًا لـ «الإقناع»، وعليه فتكون لسيده بقبول القن، ولا يفتقر إلى إذن سيده. قوله: (إلا إذا علم وجوده) علم منه: أنه لا تصح الوصية لمن تحمل به هذه المرأة. قوله: (حينها) أي: الوصية. قوله: (بأن تضعه) أي: الأم حيًا، أي: لا ميتا، فتبطل.

لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِرَاشًا أَوْ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِهَا وَكَذَا لَوْ وَصَّى بِهِ وإنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ ذَكَرٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فكَذَا فَكَانَا فَلَهُمَا مَا شَرَطَ وَلَوْ كَانَ قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ فَلَا وَطِفْلٌ: مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَصَبِيٌّ وَغُلَامٌ وَيَافِعٌ وَيَتِيمٌ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَا يَشْمَلُ الْيَتِيمُ وَلَدَ زِنًا وَمُرَاهِقٌ مَنْ قَارَبَهُ وَشَابٌّ وَفَتًى مِنْهُ إلَى ثَلَاثِينَ وَكَهْلٌ مِنْهَا إلَى خَمْسِينَ سَنَةً. قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَشَيْخٌ مِنْهَا إلَى سَبْعِينَ ثُمَّ هَرِمَ وَإِنْ قَتَلَ وَصِيٌّ مُوصِيًا بَطَلَتْ لَا إنْ جَرَحَهُ

_ قوله: (لأقل من أربع سنين) أي: من الوصيةِ. قوله: (إن لم تكن) أي: الأم. قوله: (فراشًا) أي: لزوج أو سيدٍ. قوله: (أو من ستة أشهر) يعني: فراشا كانت، أو لا. قوله: (وكذا لو وصَّى به) يعني: فلا تصح إلا إذا علم وجودُه حين الوصيةِ. قوله: (إن كان ما في بطنِك فلا) أي: فلا شيء لهما، لأن أحدهما بعض ما في بطنها أو حملها، لا كله. وإن وصى لحمل امراة، فولدت ذكرا وأنثى، فالوصيَّة لهما بالسوية. قوله: (من لم يميز) وظاهره: من ذكر وأنثى. قوله: (من قاربه) أي: البلوغ. قوله: (ثم هرم) أي: إلى آخر عمره. قوله: (وإن قتل وصي موصيا) يعني: قتلا مضمونا بقصاص أو ديةٍ أو كفارةٍ، كما قال ابن نصر الله: ولو خطأ.

ثُمَّ أَوْصَى لَهُ فَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْجُرْحِ صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحَلِّهَا فَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا وَكَذَا فَعَلَ مُدَبَّرٌ بِسَيِّدِهِ وَتَصِحُّ لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ ولِجَمِيعِهَا وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا يُعْطَى مِنْ زَكَاةٍ ولِكُتُبِ قُرْآنٍ وَعِلْمٍ ومَسْجِدٍ وَتُصْرَفُ فِي مَصْلَحَتِهِ ولِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ رُدَّ مُوصًى بِهِ أَوْ بَاقِيهِ لِلْوَرَثَةِ

_ قوله: (ثم أوصى) يعني: المجروح. قوله: (له) أي: لجارحه. قوله: (وكذا فعل مدبَّر بسيِّده) فإن قتل سيده بعد أن دبره، بطل، لا إن جرحه قبل. قوله: (ولجميعها) يعني: ولا يجب التعميم ولا التسوية، وتعطى الأصناف بأجمعهم، كما في «الإقناع». قال في «شرحه»: بخلاف الزكاة، والفرق بينها -حيث يجوز الاقتصار في الزكاة على صنف واحد- أن آية الزكاة أريد بها بيان من يجوز الدفع إليه، والوصية أريد بها من يجب الدفع إليه. انتهى. قال في «الإقناع» تبعا لـ «المغني»: وينبغي أن يعطى كل صنف ثمن الوصية، كما لو وصى لثمانِ قبائل، ويكفي من كل صنفٍ واحد. انتهى. قوله: (ولفرسٍ حبيس ... إلخ) فإن أراد موصٍ تمليك المسجد، أو الفرس، لم تصحَّ الوصية. قوله: (رد ... إلخ) أي: ولا يصرف في حبيس آخر، نص عليه. قوله: (موصى به) يعني: إن لم يكن أنفق منه شيء.

كَوَصِيَّةٍ بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ فَتَعَذَّرَ أَوْ شِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ لِيُعْتَقَ عَنْهُ أَوْ عَبْدِ زَيْدٍ بِهَا فَاشْتَرَوْهُ أَوْ عَبْدًا يُسَاوِيهَا بِدُونِهَا وَإِنْ وَصَّى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ صُرِفَ فِي الْقُرَبِ وَيَبْدَأُ بِالْغَزْوِ وَلَوْ قَالَ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ تَعَالَى فَلَهُ صَرْفُهُ فِي أَيْ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ وَالْأَفْضَلُ صَرْفُهُ إلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ فمَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ فجِيرَانِهِ وَإِنْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ صُرِفَ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا يَدْفَعُ إلَى كُلٍّ قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ حَتَّى يَنْفُد

_ قوله: (فتعذر) لموته، أو نحوه، فثمنه للورثة. قوله: (بدونها) فالفاضل للورثة. قوله: (حيث أراكَ الله) أي: أو يريك. قوله: (إلى فقراء أقاربه) أي: الموصي، غير الوارثين. قوله: (من الرضاع) كأمه وأخته. قوله: (وإن وصى أن يحج عنه بألف، صرف ... إلخ) اعلم: أنه إذا قال الموصي: أوصيت أن يحج عني بألف. وجب صرف الألف من الثلث إن كان تطوعا في حجة بعد أخرى حتى ينفد. وإن قال: يحج عني حجة بألف. وجب صرف الألف من الثلث إن كان تطوعاً في حجة بعد أخرى حتى ينفد. وإن قال: يحج عني حجة بألف. دفع الكل إلى من يحج عني حجة واحدة، صرح بهاتين الصورتين المصنف، وصاحب «الإقناع».

__ فأما إن قال الموصي: حجوا عني بألف. ولم يقل: واحدة، لم يحج عنه إلا حجة واحدة، وما فضل للورثة. صرح بهذه الصورة أيضاً صاحب «الإقناع» واستشكلها بعضهم وادَّعى تخريجها على ضعيفٍ. وأقول: يمكن توجيه ذلك كلِّه؛ بأن قوله في الصورة الأولى: أوصيت أن يحج عني بألف. في قوة قوله: أوصيت بألفٍ في الحج؛ لأن «أن» والفعل بعدها في تأويل مصدر معرف، كما تقرر في محله، فحيث جعل الألف في جهة الحج، وجب صرفه كله فيه، ولو مرة بعد أخرى، لا سيما و «الـ» في الحج المؤول صالحة لاستغراق الأفراد الممكنة، فهو من قبيل الاستغراق العرفي، وهذا بخلاف ما إذا قال: يحجُّ عني حجة بألف. فإنه قوله: حجة، مفيد للوحدة، وأن الألف يصرف إلى من يفعلها، فوجب امتثال ذلك، كما صرح به الكتابان أيضًا. وأما الصورة الثالثة التي انفرد بها صاحب «الإقناع» عن «المنتهى»، وهي قوله: حجوا عني بألف ... إلخ، فإنه أتى بالفعل الغير المؤول بالمصدر، فليست كالصورة الأولى، ولم يقل: حجة واحدة، فليست كالثانية، بل أتى بالفعل فقط. ومن المقرر المشهور أن الأفعال نكرات، والنكرة عند الإطلاق إنما تقتضي وجود الماهية، وهو

فَلَوْ لَمْ يَكْفِ الْأَلْفُ أَوْ الْبَقِيَّة حَجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَلَا يَصِحُّ حَجُّ وَصِيٍّ بِإِخْرَاجِهَا وَلَا وَارِثٍ وَإِنْ قَالَ حَجَّةً بِأَلْفٍ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى مَنْ يَحُجُّ فَإِنْ عَيَّنَهُ فَأَبَى الْحَجَّ بَطَلَتْ فِي حَقِّهِ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ،

_ حاصل بالمرة، والأصل عدم إرادة الموصي لما زاد عليها، فحيث حج عنه مرة بأقل من الألف، فقد حصل مراده، فيكون الباقي للورثة، كما ذكره صاحب «الإقناع». هذا ما ظهر للفقير، والله سبحانه وتعالى أعلم. فائدة: لو وصى أن يصلى عنه بدراهم، لم تنفذ وصيته، وصرفت الدراهم في الصدقة، ويختص بها أهل الصلاة. ولو وصى أن يشترى مكان معين فيوقف على جهة بر، فلم يُبَع ذلك المكان اشتري مكان آخر، ووقف عليها، وقد ذكر العلماء فيما إذا قال: بيعوا غلامي من زيدٍ وتصدَّقوا بثمنه، فامتنع زيد من شرائه، فإنَّه يباع من غيره ويتصدَّق بثمنه، ولو وصى بمال ينفق على وجه مكروه، صرف في القرب. قاله في «الاختيارات»، نقله في «حاشية الإقناع». قوله: (فلو لم يكف الألف ... إلخ) أن يحج به من بلد موص. قوله: (بطلت في حقه) أي: بطل تعيينه. قوله: (أو أجرةٍ) يعني: أن صحت الإجازة للحج.

وإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أَعْطَى الْأَلْفَ وَحُسِبَ الْفَاضِلُ عَنْ نَفَقَةِ مِثْلٍ فِي فَرْضٍ والْأَلْفُ فِي نَفْلٍ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِأَلْفٍ فَأَعْتَقُوا نَسَمَةً بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَهُمْ عِتْقُ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِنْ قَالَ أَرْبَعَةً بِكَذَا جَازَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا مَعْلُومًا وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ وَصِيَّةً فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ أَخَذَ الْعَبْدُ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ مِثْلِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ اُشْتُرِيَ بِثُلُثِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ وَلَوْ وَصَّى بِشِرَاءِ فَرَسٍ لِلْغَزْوِ بِمُعَيَّنٍ وبِمِائَةٍ نَفَقَةً لَهُ فَاشْتُرِيَ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَبَاقِيهِ نَفَقَةٌ لَا إرْثَ وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ فلِأَهْلِ زُقَاقِهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ ولِجِيرَانِهِ تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ولِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ، أَوْ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ،

_ قوله: (بخمس مئة) أي: قيمتها خمس مئة فقط، إذ لو كانت تساوي ألفا، لم يلزم غيرها، كما تقدم قريبا. قوله: (وإن قال) أي: قال: اعتِقوا أربعة أرقاء. قوله: (ولو وصى بعتق عبد زيدٍ ووصيةٍ) له، أي: بأن قال: يشترى عبد زيد، ويعتق ويعطى مئة. قوله: (وإن وصى لأهل سكته ... إلخ) فلو وصى لأهل العلم، فلمن اتصف به، أو لأهل القرآن، فللحفظة، كما ذكره الحجاوي في «الحاشية». قوله: (حال الوصية) أي: فلا يدخل فيهم من وجد بين الوصية والموت. قوله: (من كلِّ جانب) أي: فيقسم المال على عدد الدور،

أَوْ ِأَقْرَبِهِمْ رَحِمًا وَلَهُ أَبٌ وَابْنٌ، أَوْ جَدٌّ ... أَخٌ فَهُمَا سَوَاءٌ وَأَخٌ مِنْ أَبٍ وَأَخٌ مِنْ أُمٍّ إنْ دَخَلَ فِي الْقَرَابَةِ سَوَاءٌ وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَحَقُّ مِنْهُمَا وَالْإِنَاثُ كَالذُّكُورِ فِيهَا فَصْلٌ وَلَا تَصِحُّ لِكَنِيسَةٍ أَوْ بَيْتِ نَارٍ أَوْ كُتُبِ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ أَوْ مَلَكٍ أَوْ مَيِّتٍ وَإِنْ وَصَّى لِمَنْ يَعْلَمُ مَوْتَهُ أَوْ لَا وحَيٍّ فَلِلْحَيِّ النِّصْفُ وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُ بَهِيمَةٍ

_ وكل حصة دار تقسم على سكانها. وجيران المسجد من يسمع النداء، كما في «الإقناع». قوله: (إن دخل في القرابة) والمذهب: لا يدخل. قوله: (فيها) أي: القرابة. قوله: (ولا تصح لكنيسة) أي: ولا لحصرها وقنادِيلها. قوله: (أو بيت نار) أي: ولو من ذمي؛ لأن ذلك إعانةٌ على معصيةٍ. ويصح أن يوصي ببناء ما يسكنه المجتاز من ذمي وحربي. قوله: (أو كتب التوارة) لتحريم الاشتغال بها؛ للتبديل. قوله: (وإن وصى لمن يعلم موته ... إلخ) اعلم: أنه إذا جمع في وصيَّته بين من يصح تمليكه حقيقةً أو حكمًا، ومن لا يصح

وَتَصِحُّ لِفَرَسِ زَيْدٍ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَيَصْرِفُهُ فِي عَلَفِهِ فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ فَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّ الْوَرَثَةُ فَلِأَجْنَبِيٍّ السُّدُسُ وبِثُلُثَيْهِ فَرَدَّ الْوَرَثَةُ نِصْفَهَا وَهُوَ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا

_ تمليكه كذلك، فإنه تارة يكون من لا يصح تمليكه كان من شأنه أن يصح تمليكه، فتفريق صفقة، أو لا، فالجميع لمن يصح تمليكه ويلغو ما عداه. فتدبر. قوله: (ويصرفه) وصي فحاكم، لا وارث أو مالك. قوله: (فللأجنبي السدس) فلو كان الموصي قال في وصيته: وإذا ردوا وصية وارث، فالثلث كله للأجنبي، كان على ما قال. قوله: (وبثلثيه ... إلخ) حاصل هذه العبارة: أن الورثة إما أن يجيزوا لهم، أو عكسه، أو يجيزوا للأجنبي وحده، أو للوارث وحده، أو يردوا ما زاد على الثلث، فهذه خمس صور: للأجنبي الثلث فيها في صورتين، وهما: الأولى والثالثة، وله السدس في ثلاثٍ، وهي: الثانية والرابعة، والخامسة. والوارث له الثلث في صورتين أيضاً، وهما: الأولى والرابعة، وله السدس في صورةٍ، وهي: الخامسة، ولا شيء له في الثانية والثالثة. وهذه الصور نص عليها المصنف إلا مسألة الرد لهما، أو لأجنبي وحده. وقد أشار في «الإقناع» إلي صورة الرد لهما بقوله: وإن ردوا وصية الوارث ونصف وصية الأجنبي، فله، أي: -الأجنبي- السدس. انتهى.

وَلَوْ رَدُّوا نَصِيبَ وَارِثٍ أَوْ أَجَازُوا لِلْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ الثُّلُثُ كَإِجَازَتِهِمْ لِلْوَارِثِ ولَهُ وَلِمَلَكٍ أَوْ وحَائِطٍ بِالثُّلُثِ فَلَهُ الْجَمِيعُ ولَهُ وَلِلَّهِ أَوْ لِلرَّسُولِ فنِصْفَانِ وَمَا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وبِمَالِهِ لَابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّاهَا فَلَهُ التُّسْعُ وبِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُ التُّسْعِ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُمْ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ

_ والحاصل: أن الورثة لهم حرمان الوارث من جميع وصيته، ولهم نقص الأجنبي نصف وصيته، لا أكثر من نصف وصيته. فتأمل. قوله: (كإجازتهم للوارث) أي: مع الأجنبي؛ إذ لو قالوا: أجزنا وصية الوارث كلها، ورددنا نصف وصية الأجنبيِّ، لم يكن للأجنبي إلا السدس. قوله: (ولا يستحق معهم بالفقر ... إلخ) أي: لأنه ذكره بعنوان يختص به، وهو العلم الشخصيُّ، فمنعه من مشاركة من أخص بوصف عام، كالفقر أو المسكنة أو نحو ذلك. هذا حاصل فرق ابن نصر الله، وهو حسن. شيخنا محمد الخلوتي.

وَلَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ وَبِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِجِيرَانِهِ وَزَيْدٌ مِنْهُمْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ قَالَ لِجَارِي أَوْ قَرِيبِي فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ قَالَ غَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَهُ عَبْدَانِ بِهَذَا الِاسْمِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيَصِحُّ أَعْطُوا ثُلُثِي أَحَدَهُمَا وَلِلْوَرَثَةِ الْخِيَرَةُ وَلَوْ وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ أَوْ لِعَمْرٍو أَوْ لِأَحَدِهِمَا صَحَّ لَا مُطْلَقًا

_ قوله: (باسم مشترك لم يصحَّ) وإن وصف موصى له أو موقوفا عليه بغير صفته، كأولادي السود، وهم بيضٌ، أو العشرة، وهم أكثر. ففي «الاختيارات»: الأوجه: أن يعتبر الموصوف دون الصفةِ. انتهى. فائدة: قال أبوبكر: لو قال الموصي: اعتق عبدًا نصرانيًا، فأعتق مسلمًا، أو ادفع ثلثي إلى نصراني، فدفعه إلى مسلم، ضمن. قال أبو العباس: وفيه نظر. قوله: (ولا شيء له) أي: لإبهام الموصى له، كأنه قال: أوصيت بمئتين لمن يعتق من هذين. وفي كلام محمد الخلوتي هنا نظر. قوله: (ويصحُّ أعطوا ثلثي أحدهما) إنما صحَّت الوصيَّة هنا؛ لأنه أضاف تمليك الموصى له

وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، فَوَهَبَهُ الْخِدْمَةَ أَوْ رَدَّ عَتَقَ مُنَجَّزًا وَمَنْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ وَقْفِهِ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُنَجِّزَ وَارِثٌ فَإِنْ أَبَى فَحَاكِمٌ وَكَسْبُهُ بَيْنَ مَوْتِ وَتَنْجِيزِ إرْثٌ

_ إلى الورثة، وهم يعينون عند التمليك باختيارهم، بخلاف ما إذا نسب التمليك إلى نفسه، كما تقدَّم، أعني: نحو قوله: أوصيت بكذا لأحد هذين، فلا يصح. وفي كلام محمد الخلوتي هنا أيضًا نظرٌ. قوله: (فوهبه ... إلخ) أي: وهب الموصى له العبد الموصى به الخدمة. وقوله: (عتق منجزا) خالف فيه صاحب «الإقناع» وغيره كـ «المغني» و «الشرح» حيث قالوا: لا يعتق في الصورتين إلا بعد السنة.

باب الموصى به

باب الموصى به يُعْتَبَرُ إمْكَانُهُ فَلَا تَصِحُّ بِمُدَبَّرٍ واخْتِصَاصُهُ فَلَا تَصِحُّ بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ وَتَصِحُّ بِإِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وبِمَا يَعْجَزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَطَيْرٍ بِهَوَاءٍ وَحَمْلٍ بِبَطْنٍ وَلَبَنٍ بِضَرْعٍ وبِ مَعْدُومٍ كبِمَا تَحْمِلُ بِهِ أَمَتُهُ أَوْ شَجَرَتُهُ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً

_ باب الموصى به هذا الباب هو: الركن الرابع. قوله: (يعتبر إمكانه) أي: الموصى به، أي: إمكان تمليكه للموصى له، فلا تصح بمدبر، أي: ولا بأم ولدٍ. قوله: (واختصاصه) أي: وإن لم يكن مالا. قوله: (فلا تصح بمال غيره) بأن قال: وصيت بمال زيدٍ، فلا تصح الوصية؛ لفساد الصيغة بإضافة المال إلى غيره. قوله: (وحمل) أي: حمل بهيمة أو أمةٍ إن كان موجودًا حين الوصية. قال أبو العباس في تعاليقه القديمة: ويظهر لي أنه لا تصح الوصية بالحمل؛ نظرا إلى علة التفريق؛ إذ ليس التفريق مختصًا بالبيع، بل هو عام في كل تفريق إلا العتق وافتداء الأسرى. قوله: (ولبن بضرع ... إلخ) ناقش الحارثي في التمثيل به: بأنه غير معجوز عن تسليمه، لكنه من نوع المجهول أو المعدوم، لتجدُّده شيئا فشيئا.

وبمئة لَا يَمْلِكُهَا. فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ أَوْ قَدَرَ عَلَى الْمِائَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِ فلَهُ إلَّا حَمْلَ الْأَمَةِ فقِيمَتُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ وبِغَيْرِ مَالٍ كَكَلْبٍ مُبَاحِ النَّفْعِ وَهُوَ كَلْبُ صَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ وَجُرْوٍ لِمَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ لَهُ غَيْرَ أَسْوَدَ بَهِيمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ لَمْ تَصِحَّ وزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ لِغَيْرِ مَسْجِدٍ وَلَهُ ثُلُثُهُمَا وَلَوْ كَثُرَ الْمَالُ

_ قوله: (وبمئة) أي: مئة درهم أو غيرها، وليس هذا من قبيل الوصية بمال غيره؛ لأنه لم يضفها إلى ملك غيره. قوله: (فقيمته) الظَّاهر: أن القيمة تعتبر يوم الولادة إن قيل قبلها، وإلا فوقت القبول. منصور البهوتي. قوله: (وإلا بطلت) أي: وإلا يحصل شيء من ذلك، وكذا لو لم تحمل الأمة حتى صارت حرة، فإن وطئت وهي في الرق بشهبةٍ وحملت، فعلى واطيء قيمة الولد لموصى له به. قوله: (وجرو) بالكسر، والضم لغة: ولد الكلب. قوله: (غير أسود) أي: غير كلبٍ وجرو. قوله: (بهيم) أي: لأنه لا يباح صيده ولا اقتناؤه. قوله: (لغير مسجد) أي: فيحرم استصباح به فيه. قوله: (وله ثلثهما ولو كثر المال ... إلخ) أي: لأن موضوع الوصيَّة على أن يسلم ثلثا التركة للورثة، وليس من التركة شيء من جنس الموصى به. وتقسمُ الكلابُ بين الوارث والموصى له على عددها؛ لأنه لا قيمةَ لها، فإن تشاحُّوا في بعضها، فينبغي

إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ لَا بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَخَمْرٍ وَمَيْتَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَتَصِحُّ بِمُبْهَمٍ كَثَوْبٍ وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَإِنْ اخْتَلَفَ بِالْعُرْفِ وَالْحَقِيقَةِ غُلِّبَتْ فَشَاةٌ وَبَعِيرٌ وَثَوْرٌ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى مُطْلَقًا وَحِصَانٌ وَجَمَلٌ وَحِمَارٌ وَبَغْلٌ وَعَبْدٌ لِذَكَرٍ وَحِجْرٌ وَأَتَانٌ وَنَاقَةٌ وَبَقَرَةٌ لِأُنْثَى وَفَرَسٌ وَرَقِيقٌ لَهُمَا وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنْ خَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ

_ أن يقرع بينهم. قاله في «الإقناع». قوله: (وميتة) وظاهره: ولو انتفع بجلدها بعد دبغ. قوله: (ونحوهما) كخنزير. قوله: (ما يقع عليه الاسم) أي: لأنه مقتضى اللفظ. قوله: (فإن اختلف ... إلخ) يعني: اسم موصىً به. قوله: (فشاةٌ) هي لضأن ومعز. قوله: (مطلقاً) أي: سواء قال: وصيت بثلاث أو ثلاثةٍ من غنمي، أو إبلي، أو بقري ونحوه؛ لأن اسم الجنس يذكَّر ويؤنث. قوله: (وحجر) هو بكسر الحاء وسكون الجيم: الأنثى من الخيل. وفي عبارة بعض: حجرة بالهاء، وهو لحن، كما في «القاموس». قوله: (وحمير) أي: عملا بالعرف، ولم تغلب الحقيقة هنا؛ لهجرها فيما عدا الثلاثة، كما أشار إليه الحارثي، لكن إن قرن به ما يصرفه إلى أحدها، كدابة يقاتل عليها أو يسهم لها، انصرف للخيل، أو دابةٍ ينتفع بظهرها ونسلها، خرج من البِغالُ والذكور.

وبِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَتُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا تَعَيَّنَتْ فِيهِ وَإِنْ قُتِلُوا فلَهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ عَلَى قَاتِلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ وَلَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ مَلَكَ وَاحِدًا أَوْ كَانَ لَهُ تَعَيَّنَ وَإِنْ قَالَ أَعْطُوهُ عَبْدًا مِنْ مَالِي أَوْ مِائَةً مِنْ أَحَدِ كِيسَيَّ وَلَا عَبْدَ لَهُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا شَيْءٌ اُشْتُرِيَ لَهُ ذَلِكَ وبِقَوْسٍ وَلَهُ أَقْوَاسٌ لِرَمْيٍ بِنُشَّابٍ أَوْ نَبْلٍ وَقَوْسٌ بِمَجْرَى وبُنْدُقٍ ونَدْفٍ فَلَهُ قَوْسٌ النُّشَّابِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُهَا إلَّا مَعَ صَرْفِ قَرِينَةٍ إلَى غَيْرِهَا وَلَا يَدْخُلُ وَتَرُهَا وبِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ وَثَمَّ مُبَاحٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ

_ قوله: (تعين) وكذا حكم شاةٍ من غنمه وثوبٍ من ثيابه ونحوه. قوله: (لأنها أظهرها) أي: أسبق إلى الفهم. قوله: (إلى غيرها) كأن يكون ندافا لا عادة له بالرمي، أو كانت عادته رمي الطيور بالبندق، فإن لم يكن له إلا واحدة، تعيَّنت فيها. قوله: (ولا يدخل وترُها) أي: لا يدخل في وصيةٍ بقوس وترها؛ لأن الاسم يقع عليها دونه. قوله: (وثم مباح) أي: من الكلاب، وهو ما يبُاح اقتناؤه، ومن الطبول، كطبل حرب. قال الحارثي: وطبل صيد وحجيجٍ لنزولٍ وارتحالٍ. قوله: (انصرف إليه) لأن وجود المحرم كعدمه شرعًا.

ولو وصى بدفن كتب العلم لم تدفن وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا إنْ وَصَّى بِهَا لِشَخْصٍ كُتُبُ الْكَلَامِ وَمَنْ وَصَّى بِإِحْرَاقِ ثُلُثِ مَالِهِ صَحَّ وَصُرِفَ فِي تَجْمِيرِ الْكَعْبَةِ وتَنْوِيرِ الْمَسَاجِدِ وبِدَفْنِهِ فِي التُّرَابِ يُصْرَفُ فِي تَكْفِينِ الْمَوْتَى وفِي الْمَاءِ يُصْرَفُ فِي عَمَلِ سُفُنٍ لِلْجِهَادِ

_ قوله: (لم تدفن) لطلبِ نشرِه. قوله: (ولا يدخل فيها ... إلخ) أي: لأن الكلام ليس من العلم. قال أحمد في رواية أبي الحارث: الكلام رديء لا يدعو إلى خير، لا يفلح صاحب كلام، تجنبوا أصحاب الجدال والكلام، وعليك بالسنن، وما كان عليه أهل العلم، فإنهم كانوا يكرهون الكلام. وعنه: لا يفلح صاحب كلام أبدًا، ولا ترى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل. وروى ابن مهدي عن مالك فيما حكى البغوي: لو كان الكلام علما، لتكلم فيه الصَّحابة والتابعون، كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل. قال ابن عبد البر: أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام لا يُعدُّون في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الفقه والآثار. انتهى. قال في «الإقناع»: ولا تصح الوصية لكتبه، أي: الكلام، ولا لكتب البدع المضلَّة، والسحر، والتعزيم، والتنجيم، ونحوِ ذلك؛ لأنه إعانة على معصية: قوله: (في تجمير الكعبة) أي. تبخيرها.

وَتَصِحُّ بِمُصْحَفٍ لِيُقْرَأَ فِيهِ وَيُوضَعُ بِمَسْجِدٍ أَوْ مَوْضِعٍ حَرِيزٍ وَتُنَفَّذُ وَصِيَّةٌ فِيمَا عُلِمَ مِنْ مَالِهِ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ فَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ فَاسْتَحْدَثَ مَالًا وَلَوْ بِنَصْبِ أُحْبُولَةٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَقَعُ فِيهَا صَيْدٌ بَعْدَهُ دَخَلَ تَحْتَ ثُلُثِهِ فِي الْوَصِيَّةِ وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ وَإِنْ قُتِلَ فَأُخِذَتْ دِيَتُهُ فَمِيرَاثٌ تَدْخُلُ فِي وَصِيَّتِهِ وَيُقْضَى مِنْهَا دَيْنُهُ وَتُحْسَبُ عَلَى الْوَرَثَةِ إنْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِهَا فَصْلٌ وَتَصِحُّ بِمَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ كَمَنَافِعِ أَمَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَيُعْتَبَرُ خُرُوجُ جَمِيعِهَا مِنْ الثُّلُثِ

_ قوله: (وتنفذ وصيته ... إلخ) يعني: بجزءٍ مشاعٍ من ماله كربعٍ وخمس. قوله: (وتحسب على الورثة) أي: كعبدٍ قيمتُه خمس مئة دينار. قوله: (مفردةٍ) أي: عن الرَّقبة. قوله: (ويعتبر خروج جمعيها) أي: العين الموصى بنفعها مطلقاً، وقيل: إن وصى بالمنفعة على التأييد اعتبر ذلك، أو مدة معلومة اعتبرت المنفعة فقط، ومشى عليه في «الإقناع».

وَلِلْوَرَثَةِ وَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أَبَدًا عِتْقُهَا لَا عَنْ كَفَّارَةٍ وبَيْعُهَا وكِتَابَتُهَا وَيَبْقَى انْتِفَاعُ وَصِيٍّ بِحَالِهِ ووِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا بِإِذْنِ مَالِكِ النَّفْعِ وَالْمَهْرُ لَهُ وَوَلَدُهَا مِنْ شُبْهَةٍ حُرٌّ وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَتُهُ عِنْدَ وَضْعٍ عَلَى وَاطِئٍ وقِيمَتُهَا إنْ قُتِلَتْ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ

_ في موضع، وصحح الأول في «الإنصاف»، وهو مقتضى ما في «تصحيح الفروع»، وجزم به الحارثي وغيره. قوله: (ويبقى انتفاع وصي بحاله) يعني: ولو أعتقت أو بيعت، وهل يصح وقفها؟ قال ابن نصر الله: لم نر فيه نقلاً، ثم قال- والله أعلم-: الظاهر: عدم الصحة. قال منصور البهوتي: قلت: بل الظاهر ومقتضى القواعد: صحته؛ لصحة بيعها. انتهى. أقول: ما ذكره ابن نصر الله أظهر؛ إذ لابد في العين الموقوفة من كونها ينتفع بها، وهذه لا منافع لها؛ لأنها مستحقة للموصى له، ولا يلزم من صحة البيع صحَّة الوقف؛ لأن الوقف أضيق. وقد تقدَّم أن من شرط الوقف. كونه عيناً يصحُّ بيعها وينتفع بها عرفا مع بقائها. فتأمل. قوله: (بإذن مالك النفع) يعني: في التزويج، وإلا لم يصح، ووجب تزويجها بطلبها. قوله: (والمهر له) أي: حيث وجب بنكاح أو شبهةٍ أو زناً. قوله: (وقيمتها إن قتلت) اعلم: أنه إذا قتلت الأمة الموصى

وَإِنْ جَنَتْ سَلَّمَهَا وَارِثٌ أَوْ فَدَاهَا مَسْلُوبَةَ وَعَلَيْهِ إنْ قَتَلَهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ اسْتِخْدَامُهَا حَضَرًا وَسَفَرًا وإجَارَتُهَا وإعَارَتُهَا وَكَذَا وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَارِثٍ وَطْؤُهَا وَلَا حَدَّ بِهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَا تَلِدُهُ حُرٌّ وَتَصِيرُ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ مَالِكَ الرَّقَبَةِ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدُهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا لَهُ وَنَفَقَتُهَا عَلَى مَالِكِ نَفْعِهَا

_ ينفعها، فإما أن يكون القاتل أجنبيا، أي: غير وارث، وإما أن يكون وارثا، فإن كان الأول، بطلت الوصيةُ ولزمَ القاتل قيمةُ الأمةِ غير مسلوبة المنافع، بل تقوم بمنفعتها وتدفع للورثة. وعبارة «الإقناع» هنا موهمة. وإن كان الثاني، لم تبطل الوصيةُ، بل يلزم القاتل قيمة المنفعة للموصى له، كما أشار إلى ذلك المصنف بقوله: (وعليه إن قتلها ... إلخ). قوله: (سلمها وارث) يعني: مسلوبة المنفعة. قوله: (أو فداها) يعني: بالأقل من أرشٍ، وقيمتها مسلوبة. قوله: (وعليه) أي: الوارث. قوله: (إن كان الواطيء مالك الرقبة ... إلخ) أي: وعليه المهر لمالك المنفعة دون قيمة الولد إن انفرد بالإرث، فإن كان له شريك في الرقبة، غرم من الولد حصة شريكه، ومتى كانت أم ولدٍ، فانتفاع وصي بحاله، وعلى الوصي إن كان الولد منه، قيمتُه. قوله: (ونفقتها على مالك) أي: والفطرة تابعةٌ لها.

وَإِنْ وَصَّى لِإِنْسَانٍ بِرَقَبَتِهَا ولِآخَرَ بِمَنْفَعَتِهَا صَحَّ وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ كَالْوَارِثِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمُكَاتَبٍ صَحَّ وَكَانَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ وَتَصِحُّ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وبِنَجْمٍ مِنْهَا فَلَوْ وَصَّى بِأَوْسَطِهَا أَوْ قَالَ ضَعُوهُ وَالنُّجُومُ شَفْعٌ صَرَفَ لِلشَّفْعِ الْمُتَوَسِّطِ كَالثَّانِي وَالثَّالِثِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ سِتَّةٍ

_ قوله: (وكان كما لو اشتراه) ويعتبر من الثلث الأقل من قيمته مكاتبًا، وما عليه، فإن عجز في حياة موصٍ، لم تبطل، وإن أدى لموص، عتق وبطلت، وإن أدى لموصىً له، عَتَق وولاؤُه له. قوله: (وتصح بمال الكتابة) يعني: الصحيحة. ولموصى له قبضٌ، وإبراءٌ عند حلول، وعتق عبد بأحدهما، وولاؤه لسيده، فإن عجز، فلوارثٍ تعجيزه، فيكون قناً له. وإن أراد موصى له إنظاره عند عجز ووارث تعجيزه، أو بالعكس، قدم وارث. قوله: (وبنجم) أي: وتعطيه الورثة ما شاءوا منها عند إبهامٍ. قوله: (منها) يعني: للمكاتب أو غيره. قوله: (بأوسطها) أي: النُّجوم. قوله: (أو قال: ضعوه) أي: الأوسط. قوله: (والنجوم شفع) أي: كأربعة. قوله: (صرف ... إلخ) هذا حيث كانت النجوم متساوية القدر، كما في «الإقناع». وينبغي: والأجل أيضًا، كما يدلُّ عليه كلامه، فلو كانت مختلفة المقدار، فكان

وَإِنْ قَالَ ضَعُوا نَجْمًا، فَمَا شَاءَ وَارِثٌ وَإِنْ قَالَ أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ وَمِثْلَ نِصْفِهِ وُضِعَ فَوْقَ نِصْفِهِ وَفَوْقَ رُبْعِهِ ومَا شَاءَ فَالْكُلُّ ومَا شَاءَ مِنْ مَالِهَا فَمَا شَاءَ مِنْهُ لَا كُلُّهُ وَتَصِحُّ بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ ولِآخَرَ بِمَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ بَطَلَتْ فِيمَا عَلَيْهِ

_ بعضها مئة، وبعضها مئتين، وبعضها ثلاث مئةٍ، تعينت المئتان. ولو كانت متساوية القدرِ مختلفةَ الأجلِ، مثل أن يكون اثنان إلى شهر شهر، وواحدًا إلى شهرين، وواحدٌ إلى ثلاثة أشهر، تعينت الوصية في الذي إلى شهرين. ومتى اتفقت معاني الأوسط في واحد؛ بأن اتفق في واحد منها أنه أوسط في العدد والقدر والأجل، تعيَّن وضعه بلا إشكالٍ. وإن اختلف الأوسط؛ بأن كان لها أوسط في الأجل، وأوسط في القدر، وأوسط في العدد، يخالف بعضها بعضاً، رجع إلى قول الورثة مع أيمانهم أنهم لا يعلمون ما أراد الموصي منها، وإن قال: ضعوا أكبر نجومه. وضع أكثرها مالا، وإن قال: ضعوا أكثرها- بالمثلَّثة- وضعوا أكثر من نصف النجوم، كثلاثةٍ من خمسةٍ. فتدبر. قوله: (فالكل) أي: يجب وضعه إن شاء، وخرج من الثلث. قوله: (لاكله) لأن «من» للتبعيض، وإن احتملت البيان؛ لأن الأول اليقين.

وَإِنْ وَصَّى بِكَفَّارَةِ أَيْمَانٍ فَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَصْلٌ وَتَبْطُلُ وَصِيَّةٌ بِمُعَيَّنٍ بِتَلَفِهِ وَإِنْ أَتْلَفَ الْمَالَ كُلَّهُ غَيْرُهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ لَهُ لِمُوصًى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى غَلَا أَوْ نَمَا قُوِّمَ حِينَ مَوْتِ لَا أَخْذِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمُوصًى سِوَاهُ إلَّا دَيْنٌ أَوْ غَائِبٌ فَلِمُوصًى لَهُ ثُلُثُ مُوصًى بِهِ وَكُلَّمَا اقْتَضَى أَوْ حَضَرَ شَيْءٌ مَلَكَ مِنْ مُوصًى بِهِ قَدْرَ ثُلُثِهِ حَتَّى يَتِمَّ وَكَذَا حُكْمُ مُدَبَّرٍ

_ قوله: (فأقله ثلاثة) لأنها أقلُّ الجمع، وقد يكون الموجب مختلفًا. قوله: (بتلفه) أي: قبل قبولٍ، لا بإتلافه. قوله: (فلموصى له) أي: حيث خرج من الثلث عند الموت، وكان غيره عينًا حاضرة يتمكن وارث من قبضها، وظاهره: أنه لو تلف المال مع موت موصٍ، كان لموصى له ثلث موصى به إن لم تجز الورثة. منصور البهوتي. قوله: (وإن لم يأخذه) أي: وإن لم يقبل الموصى له الموصى به حتى زادت قيمته. قوله: (وكذا حكم مدبر) قال في «الترغيب»: وكذا إذا كان الدين على أحد أخوي الميت ولا مال له غيره، فهل يبرأ من نصيب نفسه قبل تسليم نصيب أخيه؟ على الوجهين. نقله في «الفروع». أي: فعلى الصحيح: أنَّ هذا الدين الثابت على أحد الوارثين حيث لا مال للميت سواه، فإنَّ المدين

وَمَنْ وُصِّيَ لَهُ بِثُلُثِ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ فَلَهُ الْبَاقِي وبِثُلُثِ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ وَاسْتُحِقَّ اثْنَانِ أَوْ مَاتَا فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي وبِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ، ولِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَالُهُ غَيْرُهُ مِائَتَانِ، فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ فَلِمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ ورُبْعُ الْعَبْدِ وَلِمُوصًى لَهُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَإِنْ رَدُّوا فَلِمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ سُدُسُ الْمِائَتَيْنِ وَسُدُسٌ، وَلِمُوصًى لَهُ بِهِ نِصْفُهُ وبِالنِّصْفِ مَكَانَ الثُّلُثِ وَأَجَازُوا فَلَهُ مِائَةٌ وثُلُثُ الْعَبْدِ وَلِمُوصًى لَهُ بِهِ ثُلُثَاهُ وَإِنْ رَدُّوا فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ خُمْسُ الْمِائَتَيْنِ وَخُمْسُ الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِهِ خُمُسَاهُ

_ وإن كان قد انتقل إليه نصف الدين مثلا، لكنه لا يبرأ من نصف الدين، بل كلما دفع إلى شريكه شيئاً من الدين بريء الدافع من نظيره؛ لاستقرار ملكه عليه. فتدبر. قوله: (ثلث المئتين) أي: لعدم المزاحم. قوله: (وربع العبد) لأنه قد أوصى له بثلث العبد، وللأول بكله، فيزاد بسط الثلث على مخرجه ويقسم على أربعة. قوله: (فله مئة) أي: لعدم المزاحم. قوله: (وثلث العبد) لأنه قد أوصى له بنصف العبد، وللأول بكلِّه، فيزاد بسط النصف على مخرجه، ويقسم على ثلاثة.

وَالطَّرِيقُ فِيهِمَا أَنْ تُنْسَبَ الثُّلُثُ وَهُوَ مِائَةٌ إلَى وَصِيَّتِهِمَا وَهُمَا فِي الْأُولَى مِائَتَانِ وفِي الثَّانِيَةِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَصِيَّتِهِ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَلَوْ وَصَّى لِشَخْصٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ وَلِثَالِثٍ بِتَمَامِ الثُّلُثِ عَلَى الْمِائَةِ

_ قوله: (والطريق فيهما) أي: مسألتي الثلث والنصف. قوله: (بتمام الثلث ... إلخ) فلو أوصى لشخص بمثل نصيب بعض ورثته، وأوصى لآخر بتكملة جزء معلوم من التركة، كما إذا ترك خمسة أعمام، وأوصى لزيد بنصيب أحدهم، ولعمرو بتكملة نصف المال وثلثه، أو ثلاثة أثمانه أو غير ذلك، وطريقه: أن تزيد على مسألة الورثة ما فوق الجزء الموصى بتمامه، والقدر المزيد هو مجموع الوصيتين، وإن حصل كسرٌ، فابسط الكل من نوعه، ثم أخرج من القدر المزيد مثل نصيب المشبَّه به للأول وباقيه للثاني، أو تخرج بسط ذلك الجزء من مخرجه، وتقسم الباقي على مسألة الورثة، فإن انقسم، صحت المسألة كلها من المخرج، وإلا فاضرب مسألة الورثة أو وقفها في المخرج، يحصل مصحح الإرث والوصية، أخرج منه ذلك الجزء للوصيتين، واقسم الباقي على مسألة الورثة يخرج جزء سهمها، اضربه في سهام كل وارث منها، يحصل نصيبه من المصحح، فانظر كم خص الوارث المشبه بنصيبه، فللموصى له بالنصيب من جزء الوصيتين،

فَلَمْ يَزِدْ عَنْهَا بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ التَّمَامِ وَالثُّلُثُ مَعَ الرَّدِّ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتِهِمَا وَإِنْ زَادَ عَنْهَا فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ نَفَذَتْ عَلَى مَا قَالَوَإِنْ رَدُّوا فَلِكُلٍّ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ وَلَوْ وَصَّى لِشَخْصٍ بِعَبْدٍ وَلِآخَرَ بِتَمَامِ الثُّلُثِ عَلَيْهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْمُوصِي قُوِّمَتْ التَّرِكَةُ بِدُونِهِ ثُمَّ أُلْقِيَتْ قِيمَتُهُ مِنْ ثُلُثِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِوَصِيَّةِ التَّمَامِ

_ والفاضل للموصى له بالتكملة لذلك الجزء. تنبيه: لو استغرق النصيب جميع الجزء الموصى بتمامه، فالوصية الثانية باطلة، وإليه أشار المصنف. بقوله: (فلم يزد عنها بطلت). فتدبر. قوله: (فلم يزد) أي: الثلث. وقوله: (عنها) أي: المئة. قوله: (بدونه) أي: العبد، اعتبارًا بحال موت الموصي، فهو لوصية التمام، فإن لم يبق شيء، فلا شيء له، ولو وصى لشخص بثلث ماله ويعطى زيد منه كل شهر مئة حتى يموت، صح، فإن مات وبقي شيء، فهو للأول. نص عليه ذكره في «المبدع». قاله في «شرح الإقناع».

باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

باب الوصية بالأنصباء والأجزاء مَنْ وَصَّى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ فَلَهُ مِثْلُهُ مَضْمُومًا إلَى الْمَسْأَلَةِ فَبِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنَانِ فثُلُثُ وَثَلَاثَةُ فرُبْعٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ بِنْتٌ فَتُسْعَانِ

_ باب الوصية بالأنصباء والأجزاء الأنصباء: جمع نصيبٍ، وهو: الحظ. والأجزاء: جمع جزءٍ، وهو: الطائفة من الشيء، والجزء بالفتح لغة، وجزأت الشيء جزءًا، وجزءته تجزئة: جعلته أجزاء. وقال ابن سيده: جزَّأ المال بينهم، مشددًا لا غير: قسَّمه. والفرق بين الأنصباء والأجزاء: أن الأنصباء جمع نصيب، وهو مشاع قدر بما يخص بعض الورثة، والأجزاء جمع جزء وهو مشاع لم يقدر بذلك، بل قدر مستقلا، كجزء وحظ، أو نحو سدسٍ، والله أعلم. قوله: (وارث معيَّن) أي: أو غيره، أي: بالتسمية أو الإشارة، كالنسب والكتابة ونحوهما حين الوصية. قوله: (مضموما إلى المسألة) وفاقا للشافعي وأبي حنيفة، وقال مالك: يعطى مثل ذلك النصيب من أصل المسألة غير مزيد عليه شيء، ثم يقسم باقيه بين الورثة إن كان.

وبِنَصِيبِ ابْنِهِ فلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ وبِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَلَهُ نَصِيبُ الْبِنْتِ وبِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ فلَهُ مِثْلَاهُ وبِضِعْفَيْهِ فثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ وبِثَلَاثَةِ أَضْعَافِهِ فأَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ وَهَلُمَّ جَرًّا وبِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَلَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ فمَعَ ابْنٍ وَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ تَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ سَهْمٌ وَلِلْمُوصَى سَهْمٌ مزَادٌ فَتَصِيرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وبِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ لَوْ كَانَ

_ قوله: (وبنصيب ابنه ... إلخ) يعني: أن المعنى في ذلك بمثل نصيب ابنه ونحوه، صوناً للفظ عن الإلغاء، فإنه قد أمكن الحمل على المجاز بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، ومثله في الاستعمال كثيرٌ، نحو: (واسئل القرية). [يوسف: 82]. قوله: (فله مثل نصيبه) فلا تبطل، خلافًا لأبي حنيفة. قوله: (فله مثل نصيب البنت) لأنه المتيقَّن. قوله: (وبضعف) اعلم: أن القاعدة في ضعف الشيء: أن تأخذ نظير ذلك الشيء، ثم تزيد عليه للضعف مثله، وللضعفين مثلين وهكذا. فالأصل مثلٌ يزاد عليه مثل آخر في الضِّعف، واثنان في الضعفين وهكذا. قوله: (نصيب وارث) أي: حين الوصية، فلا عبرة هنا بالموت؛ لأن المقصود من التشبيه معرفة المقدار، كما يفهم من «الإقناع».

فَلَهُ مِثْلُ مَالِهِ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةَ بَنِينَ فَلِلْمُوصَى لَهُ سُدُسٌ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فخُمْسٌ وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ ابْنٍ خَامِسٍ لَوْ كَانَ. فَقَدْ وَصَّى لَهُ بِالْخُمْسِ إلَّا السُّدُسَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ

_ قوله: (فله مثل ما له لو كانت ... إلخ) أي: بأن ينظر ما يكون للموصى له مع وجود الوارث فيكون له مع عدمه، وطريق ذلك: أن تصحح مسألة عدم الوارث، ثم تصحح مسألة وجوده، ثم تضرب إحدهما في الأخرى، ثم تقسم المرتفع من الضرب على مسألة وجود الوارث، فما خرج بالقسمة أضفه إلى ما ارتفع من الضرب فيكون للموصى له، واقسم المرتفع بين الورثة. ففي مسألة المتن: مسألة عدم الوارث من أربعة، ومسألة وجوده من خمسة، وهما متباينان، فاضرب أربعة في خمسة تبلغ عشرين، اقسمها على مسألة وجوده يخرج أربعةً، أضفها إلى العشرين، تصير أربعة وعشرين.

فَيَكُونُ لَهُ سَهْمٌ يُزَادُ عَلَى ثَلَاثِينَ وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ لَهُ مِنْهَا سَهْمَانِ ولِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ كَانُوا خَمْسَةً وَوَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ ابْنٍ سَادِسٍ لَوْ كَانَ فَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِالسُّدُسِ إلَّا السُّبْعَ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمٌ يُزَادُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَتَصِحُّ مِنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ

_ قوله: (بعد الوصية) لأنه من أفراد، فله مثل نصيبه مضمومًا إلى المسألة. فتدبر. مسألة: خلف ستة بنين، وأوصى لزيد بمثل نصيب أحدهم، ولعمرو بثلث ما بقي من المال بعد النصيب، فلهذه المسألة ونحوها طرق، منها: طريق الجبر: وهو أن تأخذ شيئاً وتسقط منه نصيبًا لزيد، يبقى شيء سوى نصيب، تسقط ثلثه لعمرو، وهو ثلث شيء إلا ثلث نصيب، يبقى ثلثا شيء سوى ثلثي نصيب يعدل أنصباء الورثة، وهي ستة، فبعد الجبر والمقابلة يبقى شيء يعدل ستة أنصباء وثلثي نصيبٍ، فابسطها أثلاثا واقلب الاسم، فالشيء عشرون، والنصيبُ اثنان، يعطى زيد نصيبًا يبقى ثمانية عشر، يعطى

فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ مَنْ وُصِّيَ لَهُ بِجُزْءٍ أَوْ حَظٍّ أَوْ نَصِيبٍ أَوْ قِسْطٍ أَوْ شَيْءٍ مَا شَاءُوا مِنْ مُتَمَوِّلٍ وبِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ سُدُسٌ بِمَنْزِلَةِ سُدُسٍ مَفْرُوضٍ إنْ لَمْ تَكْمُلْ فُرُوضُ الْمَسْأَلَةِ أَوْ كَانَ

_ ثلثها لعمرو ستة، يبقى اثنا عشر لكل ابن اثنان، والأنصباء متوافقة بالنصف، فترد المسألة إلى نصفها، وتعطي كل واحد نصف ما كان بيده. ومنها: أن تجعل المال كله دينارًا ولعمرو دراهم لأجل الوصية بثلث الباقي، فتجعل الدينار نصيب زيد ولعمرو درهم من الثلاثة، يبقى درهمان للبنين، لكل ابن ثلث درهم، فعلمنا: أن قيمة الدينار ثلث درهم، فتزيده على الثلاثة وتبسطها أثلاثا تبلغ عشرة والنصيب واحد؛ لأنه كان ثلثا وقد بسطنا ما معنا أثلاثا، وتسمى هذه طريقة الدينار والدرهم. ومنها أن تقول: مسألة الورثة من ستة، فيكون لزيد سهم مثل أحدهم، ثم تزيد على أنصباء البنين مثل نصفها، وهو ثلاثة، لأنه أوصى بثلثٍ، وثلث كل شيء مثل نصف الباقي بعده، فيكون جميع المسألة عشرة. قوله: (مفروض) أي: فيأخذه كاملا. قوله: (فروضُ المسألة) كزوجٍ وأمٍّ.

الْوَرَثَةُ عَصَبَةً وَإِنْ كَمُلَتْ فُرُوضُ الْمَسْأَلَةِ أُعِيلَتْ بِهِ وَإِنْ عَالَتْ أُعِيلَ مَعَهَا وبِجُزْءٍ مَعْلُومٍ كَثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ تَأْخُذُهُ مِنْ مَخْرَجِهِ فَتَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَتُقَسِّمُ الْبَاقِي عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَتُفْرَضُ لَهُ الثُّلُثُ وَتُقَسِّمُ الثُّلُثَيْنِ عَلَيْهَا

_ قوله: (عصبة) كأربعة بنين. قوله: (وإن كملت) كبنتين وأبوين. قوله: (وإن عالت) كزوج وشقيقتين. قوله: (تأخذه من مخرجه ... إلخ) يعني: أنَّ طريق ذلك أن تعرف مسألة الورثة وتعرف مخرج الوصيَّة سواء كانت بجزء واحد، أو بأجزاء، وتعتبره أصلاً للمسألة، فتخرج منه مقدار الوصيَّة، وتقسم الباقي على مسألة الورثة، فإن انقسم، صحتا من المخرج، وإن باين الباقي مسألة الورثة أو وافقها، فاضرب المسألة أو وفقها في المخرج، يحصل التصحيح، وإن شئت فاعرف ما فوق كسر الوصية أو كسورها، وخذ من مسألة الورثة مثله، وزده عليها يحصل التصحيح، والقدر المزيد هو الوصية، فإن حصل في المأخوذ كسر، فابسط الجميع من جنسه، يحصل التصحيح قوله: (عليها) أي: على مسألة الورثة، كما لو وصى له بالثلث، فلو وصى له بالنصف وله ابنان، فردَّا، فللموصى له الثلث والباقي للابنين، وتصح من ثلاثة، فإن لم ينقسم الباقي بعد الثلث على مسألة الورثة، ضربت المسألة أو وفقها في مخرج الوصية، فما بلغ، فمنه تصح. مثال المباينة: ما لو وصى بنصفٍ وله ثلاثة بنين، فردُّوا. مخرج الوصية من ثلاثةٍ،

وبِجُزْأَيْنِ أَوْ بِأَكْثَرَ تَأْخُذُهَا مِنْ مَخْرَجِهَا وَتُقَسِّمُ الْبَاقِي عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَرَدَّ الْوَرَثَةُ جَعَلْتَ السِّهَامَ الْحَاصِلَةَ لِلْأَوْصِيَاءِ ثُلُثُ الْمَالِ وَدَفَعْتَ الثُّلُثَيْنِ إلَى الْوَرَثَةِ فَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ولِلْآخَرِ بِرُبْعِهِ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ

_ للموصى له سهم منها، يبقى اثنان يباينان عدد البنين، فاضرب ثلاثة في ثلاثة، تصح من تسعة. ومثال الموافقة: لو كان البنون أربعة، فقد بقي لهم سهمان يوافقان عددهم بالنصف فردهم لاثنين واضربهما في ثلاثة تصح من ستة، للموصى له سهمان، ولكل ابنٍ سهم. قوله: (فإن زادت على الثلث ورد الورثة ... إلخ) اعلم: أنه إذا كان الموصى به أكثر من الثلث، فللورثة أن يجيزوا الزائد على الثلث كله، وأن يردوه كله، أو بعضه، ولبعضهم أن يجيز كل الوصايا أو بعضها، ولباقيهم مخالفته. وأصل مسألة الإجازة دائماً، هو مخرج جزء الوصية أو أجزائها، وعدد رؤوس كل من أوصي لهم بجزء فريق، وبسط كسر وصيته نصيبه، وسهام الورثة، وهي مسألتهم فريق، والباقي من مخرج الوصية إن كان هو نصيبه، فصصِّح يحصل المطلوب. وأصل مسألة الرد دائما ثلاثة: مقام الثلث، وسهام الوصايا أو أوفاقها فريق، ونصيبه واحد، وهو بسط الثلث، ومسألة الورثة فريق ونصيبه اثنان، ولا يخفى التصحيح.

أَخَذْتَ الثُّلُثَ وَالرُّبْعَ مِنْ مَخْرَجَيْهِمَا سَبْعَةً مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَبَقِيَ خَمْسَةٌ لِلِابْنَيْنِ إنْ أَجَازَا وَإِنْ رَدَّا جَعَلْتَ السَّبْعَةَ ثُلُثَ الْمَالِ فَتَكُونُ مِنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَإِنْ أَجَازَا لِأَحَدِهِمَا أَوْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا لَهُمَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ فَاضْرِبْ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ يَكُنْ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَسِتِّينَ لِلَّذِي أُجِيزَ لَهُ سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ وَلِلَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ والَّذِي أَجَازَ لَهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ وَلِ الْآخَرِ سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى سَبْعَةٌ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْمَالِ عَمِلْتَ فِيهَا عَمَلَكَ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ فبِنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَرُبْعٍ وَسُدُسٍ أَخَذْتَهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَالَتْ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ كَذَلِكَ إنْ أُجِيزَ لَهُمْ أَوْ الثُّلُثُ إنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ ولِزَيْدٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ ولِآخَرَ بِنِصْفِهِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ إنْ أُجِيزَ لَهُمَا وَالثُّلُثُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مَعَ الرَّدِّ

_ قوله: (على ثلاثةٍ) بسط المال ونصفُه، فيكون لصاحب المال أربعة أتساع، اثنان من الثلث، واثنان من نصيب الابن المجيز، ولصاحب النصف تسعان، واحد من الثلث وواحد من نصيب الابن المجيز، وللابن الراد ثلاثة.

وَإِنْ أُجِيزَ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَحْدَهُ فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ التُّسْعُ وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الْمَالِ وَإِنْ أُجِيزَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ فَلَهُ النِّصْفُ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ تُسْعَانِ وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا لَهُمَا فَسَهْمُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِنْ أَجَازَ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَحْدَهُ دَفَعَ إلَيْهِ كُلَّ مَا بِيَدِهِ وَإِنْ أَجَازَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ دَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَنِصْفَ سُدُسِهِ

_ قوله: (ونصف سدسه) وذلك واحد وثلاثة أرباعٍ من نصف المجيز الذي هو ثلاثة، ونسبة ذلك من المال تسع وثلاثة أرباع تسع، فيضاف له ذلك إلى التسع الذي حصل له من الثلث، فيكمل له تسعان وثلاثة أرباع تسع، تأخذها من مخرج ربع التسع أحد عشر من ستة وثلاثين. ووجه ذلك: أنه لو أجاز له الوارثان، كان له تمام النصف ثلاثة ونصف من تسعة، فإذا أجاز له أحدهما، لزمه دفع نصف ذلك، وهو واحد وثلاثة أرباع من نصيب المجيز من التسعة، وقدره من التصحيح سبعة من نصيب المجيز، وهو اثنا عشر حالة الرد، فإن الابنين لو أجازا له معًا، دفعا إليه تمام النصف أربعة عشر على أربعة، يجتمع له ثمانية عشر نصف الستة والثلاثين، فإذا أجاز له أحدهما، دفع له سبعة، وهي نصف نصيبه ونصف سدسه.

فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ إذَا خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ولِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ فَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ الْمَالِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَعِنْدَ الرَّدِّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ولِآخَرَ بِثُلُثِ بَاقِي الْمَالِ فَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ الْمَالِ بَلْ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْبَاقِي تُسْعَانِ مَعَ الْإِجَازَةِ وَمَعَ الرَّدِّ الثُّلُثُ عَلَى خَمْسَةٍ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةُ الثَّانِي بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ النِّصْفِ فَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ الْمَالِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ مَا يَبْقَى مِنْ النِّصْفِ. وَهُوَ ثُلُثُ السُّدُسِ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، لِصَاحِبِ النَّصِيبِ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ لِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ إنْ أَجَازَا لَهُمَا وَمَعَ الرَّدِّ الثُّلُثُ عَلَى سَبْعَةٍ

_ فصل في الجمع بين الوصية بالأجزاء والأنصباء الأجزاء: جمع جزء، والمراد هنا: مطلق الكسر مفردًا كان أو غيره، لا الجزء المصطلح عليه، هو الذي إذا سلِّط على كله أفناه. قوله: (يقسم الثلث بينهما ... إلخ) أي: لكل منهما السدس، وتصح من ستة، والابنان بالعكس، فلكل منهما السدس مع الإجازة، والثلثُ مع الرد.

وَإِنْ خَلَّفَ أَرْبَعَةَ بَنِينَ وَوَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ فَأَعْطِ زَيْدًا وَابْنًا الثُّلُثَ والثَّلَاثَةَ الثُّلُثَيْنِ لِكُلِّ ابْنٍ تُسْعَانِ وَلِزَيْدٍ تُسْعٌ وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا سُدُسَ جَمِيعَ الْمَالِ ولِعَمْرٍو بِثُلُثِ بَاقِي الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ صَحَّتْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ لِكُلِّ ابْنٍ تِسْعَةَ عَشَرَ وَلِزَيْدٍ خَمْسَةٌ وَلِعَمْرٍو ثَلَاثَةٌ وَإِنْ خَلَّفَ أُمًّا وَبِنْتًا وَأُخْتًا وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ وَسُبْعِ مَا بَقِيَ ولِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ وَرُبْعِ مَا بَقِيَ ولِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ فَمَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ السِّتَّةِ سَهْمٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ سَهْمَانِ وَرُبْعُ مَا بَقِيَ سَهْمٌ. وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ سَهْمٌ وَسُبْعُ مَا بَقِيَ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ سَهْمٍ. فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْمُوصَى بِهِ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ يُضَافُ إلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ يَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ يُضْرَبُ فِي سَبْعَةٍ لِيَخْرُجَ الْكَسْرُ صَحِيحًا يَكُونُ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ.

_

فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعِ مَضْرُوبٌ لَهُ فِي سَبْعَةٍ فَلِلْبِنْتِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْأُمِّ سَبْعَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ وَرُبْعُ مَا بَقِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ وَسُبْعُ مَا بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَوَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا رُبْعَ الْمَالِ فَخُذْ الْمَخْرَجَ أَرْبَعَةً وَزِدْ رُبْعَهُ يَكُونُ خَمْسَةً فَهُوَ نَصِيبُ كُلِّ ابْنٍ وَزِدْ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ وَاحِدًا وَاضْرِبْهُ فِي الْمَخْرَجِ يَكُنْ سِتَّةَ عَشَرَ أَعْطِ نَصِيبًا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَاسْتَثْنِ مِنْهُ رُبْعَ الْمَالِ أَرْبَعَةً يَبْقَى لَهُ سَهْمٌ ولِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ

_ قوله: (وإن خلَّف ثلاثة بنين، ووصى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع المال ... إلخ) اعلم: أن الطريق في هذه المسألة ونحوها أن تقول: مسألة الورثة في الصورة المذكورة من ثلاثة، ونصيب كل ابن واحد، فتزيد للوصية واحدًا

__ تصير أربعة تضربها في مخرج الكسر المستثنى تبلغ ستة عشر، ومنها تصح، فإذا أردت معرفة النصيب، فزد على المخرج كسره، كما قال المصنف، تبلغ خمسة، فأعط كل ابن خمسة يبقى واحد وهو الموصى به، وقد صدق على الموصى له أنه أخذ مثل نصيب أحد البنين، وهو خمسة إلا ربع جميع المال، وهو أربعةٌ. وله طريق آخر وهو: أن كل ابنٍ يزيد نصيبه على نصيب الموصى له ربع جميع المال، فالثلاثة بنين يزيدون عليه بثلاثة أرباع المال، فخذ مخرج الربع وأعط البنين ثلاثة أرباعه يبقى واحد بين البنين الثلاثة أرباعهما للبنين لا مشاركة للوصي فيها، وهي اثنا عشر لكل ابن منها أربعة، يبقى أربعة بينهم وبين الموصي أرباعًا، لكل واحدٍ واحد، فيجتمع لكل ابن خمسة، كما تقدم. وطريقه بالجبر: أن تجعل المسألة شيئا وتلقي منه نصيبًا، يبقى شيء سوى نصيب، تزيد عليه الربع المستثنى يبلغ شيئاً وربع شيء سوى نصيب يعدل ثلاثة أنصباء، فبعد الجبر والمقابلة: شيء وربع شيء يعدل أربعةَ أنصباء، فإذا أردت أن تعرف مقدار الشيء، ففيه عملان للجبريين والفرضيين: فأما الجبريون، فإنهم يقسمون أربعة على شيء وربع يخرج الشيء ثلاثة وخمسا، تبسطه أخماسًا يبلغ ستة عشر، ومنه تصح، والنصيب خمسة، وهي بسط الشيء، والربع أرباعا.

وأما الفرضيون، فإنهم لما عادل معهم شيء وربع أربعة أنصباء، بسطوا كلا من الجانبين أرباعًا، يبلغ بسط الأنصباء ستة عشر وبسط الشيء وربع خمسة، وقلبوا الاسم، فجعلوا بسط الأنصباء هو الشيء، وبسط الشيء وربعا هو النصيب. قوله أيضا على قوله: (وإن خلف ثلاثة بنين ... إلخ) طريق هذه المسألة وشبهها، كما أشار إليه المصنف: أن تزيد على مسألة الورثة مثل سهام المشبه بنصيبه واحدًا أو أكثر، وتضرب المجتمع في مخرج الكسر المستثنى، فما حصل، فمنه تصح المسألة، ثم زد على مخرج الكسر بسطه، واضرب المجتمع في المزيد على مسألة الورثة، يحصل مقدار النصيب المشبه به، فأسقط من النصيب مقدار الكسر المستثنى من جملة المسألة، يفضل مقدار الوصية، ادفعه للموصى له واقسم باقي السهام كلها على الورثة، وإن شئت فزد على الفريضة مثل سهام المشبه به، وأسقط من الحاصل ما تحت الكسر المستثنى، يبقى التصحيح، والزائد على الفريضة هو الوصية، وإن حصل كسر، فابسط الكل من جنسه، ومتى كان الاستثناء مستغرقا، بطلت الوصية، لا من حيث صحة الاستثناء المستغرِق، بل من حيث أنه يصير كأنه لم يوصِ أصلاً، أو أوصى ورجع، وهو يملك الرجوع، بخلاف الطَّلاق ونحوه.

و ... إلَّا رُبْعَ الْبَاقِي بَعْدَ النَّصِيبِ فَزِدْ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ سَهْمًا وَرُبْعًا وَاضْرِبْهُ فِي الْمَخْرَجِ يَكُنْ سَبْعَةَ عَشَرَ لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ، وإلَّا رُبْعَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ،

_ قوله: (و ..... إلا ربع الباقي بعد النصيب ... إلخ) طريقهُ بالجبر: أن تأخذ شيئا وتلقي منه نصيبًا، يبقى سوى نصيبٍ، ثم تسترجع من النصيب ربع الباقي بعده، وهو ربع شيء إلا ربع نصيب، وتزيد ذلك على الشيء، يبلغ شيئًا وربع شيء إلا نصيبًا وربع نصيبٍ، يعدل ثلاثة أنصباء، فبعد الجبر والمقابلة، شيء وربع شيء يعدل أربعة أنصباء وربع نصيب، فابسطها أرباعا، واقلب الاسم، فالشيء سبعة عشر، والنصيب خمسة، فتأخذ من سبعة عشر نصيبًا وهو خمسةٌ، وتسترجع منها ربع الباقي بعدها، وهو ثلاثة، يبقى اثنان، للموصى له وخمسة عشر للثلاثة البنين، لكن ابن خمسة. فتأمَّله، فإنَّه نفيس، والله أعلم. قوله: (و .... إلا ربع الباقي بعد الوصية ... إلخ) اعلم: أن الجزء من باقي المال بعد الوصية كالجزء الواقع فوقه من باقي المال بعد النصيب، فربع الباقي بعد الوصية كثلث الباقي بعد النصيب، وثلث الباقي بعد الوصية كنصف الباقي بعد النصيب، وهكذا ففي مسألتنا هذه استثني ربع الباقي بعد الوصية، فهو كما لو استثني ثلث الباقي بعد النصيب، فتأخذ شيئًا وتلقي منه نصيبًا، يبقى شيء سوى نصيبٍ تزيد عليه ثلث الباقي بعد النصيب، وهو ثلث شيء إلا ثلث نصيب يصير شيئا وثلث شيء إلا نصيبًا وثلث نصيب يعدل ثلاثة أنصباء، فبعد الجبر والمقابلة: شيء وثلث شيء يعدل أربعة أنصباء وثلث نصيبٍ، فابسطها أثلاثا واقلب الاسم،

فَاجْعَلْ الْمَخْرَجَ ثَلَاثَةً وَزِدْ وَاحِدًا تَكُنْ أَرْبَعَةً فَهُوَ النَّصِيبُ، وَزِدْ عَلَى سِهَامِ الْبَنِينَ سَهْمًا وثُلُثًا وَاضْرِبْهُ يَكُنْ الضَّرْبِ لَهُ سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ

_ فالشيء ثلاثة عشر، والنصيب أربعة، واسترجع منها ثلث الباقي، وهو ثلاثة يبقى واحد للموصى له ولكل ابنٍ أربعة، فالذي أخذه الموصى له مثل النصيب إلا ثلث الباقي بعد النصيب، ومثل النصيب إلا ربع الباقي بعد الوصية. واعلم: أنَّه إذا لم يقيد الجزء المستثنى من باقي المال بما بعد النصيب ولا بما بعد الوصيَّة، فإنا نحمله على ما بعد الوصيَّة؛ لأن الاستثناء مما بعد الوصيَّة أكثر، والحاصل للموصى له أقل، وذلك في نحو هذه المسألة لا مطلقًا. فتدبر. قوله: (بعد الوصيَّة) طريق هذه وشبهها: أن تأخذ مقام ما فوق الكسر وتزيد عليه بسطه، يحصل النصيب، وتأخذ سهما مثل نصيب ابنٍ لأجل المثل، وتزيد عليه ما فوق الكسر المستثنى، والحاصل على عدد البنين، وابسط الكل يحصل التصحيح. ففي مثال المصنف: فوق الربع ثلث، زد بسطه على مقامه يحصل النصيب أربعة، وزد على سهم أحد البنين مثل ثلثه، والحاصل، وهو: سهم وثلث على ثلاثة البنين يحصل أربعة، وثلث، أبسطه أثلاثاً، يحصل المال ثلاثة عشر، كما قال المصنِّف.

باب الموصى إليه

باب الموصى إليه تَصِحُّ إلَى مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ عَدْلٍ وَلَوْ مَسْتُورًا أَوْ عَاجِزًا وَيُضَمُّ أَمِينٌ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ قِنًّا وَلَوْ لِمُوصٍ وَيَقْبَلُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ لَيْسَتْ تَرِكَتُهُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا ونَحْوَهُمَا

_ باب الموصى إليه أي: المأذون بالتصرُّف بعد الموتِ أو غيره، مما للموصي التصرف فيه حال الحياة، وتدخله النيابة. والدُّخول في الوصية للقوي قربة، وتركه أولى في هذه الأزمنة. قوله: (ولو مستورًا) أي: ظاهر العدالة. قوله: (ويضم أمين) أي: قوي معاون، ولا تزال يده عن المال ولا نظره. قوله: (ويقبل ... إلخ) أي: من ذكر من قن، وأم ولدٍ لغير موصٍ. قوله: (بإذن سيِّدٍ) لأن منافعه مملوكة لغيره. قوله: (من مسلم ... إلخ) أي: بلفظ: فوضت، أو: أوصيت إليك، أو إلى زيدٍ بكذا، أو أنت، أو هو وصي، أو جعلتك، أو جعلته وصيي. فمتى قبل، صار وصيَّاً، فلو تصرف موصى إليه قبل القبولِ، فاستظهر ابن رجبٍ قيامه مقام القبول. ذكره في القاعدة الخامسة والخمسين. قوله: (ونحوهما) كسرجين نجس.

ومِنْ كَافِرٍ إلَى عَدْلٍ فِي دِينِهِ وَتُعْتَبَرُ الصِّفَاتُ حِينَ مَوْتِ وَوَصِيَّةٍ وَإِنْ حَدَثَ عَجْزٌ بِضَعْفٍ أَوْ عِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ ضَمُّ أَمِينٍ وَتَصِحُّ لِمُنْتَظَرٍ كإذَا بَلَغَ أَوْ حَضَرَ وَنَحْوَهُ أَوْ إنْ مَاتَ الْوَصِيُّ فَزَيْدٌ وَصِيٌّ أَوْ زَيْدٌ وَصِيٌّ سَنَةً ثُمَّ عَمْرٌو

_ قوله: (إلى عدل) أي: كافر. قوله: (وتعتبر الصفات ... إلخ) المراد بالصفات: الإسلام، والتكليف، والرشد، والعدالة. قوله: (وإن حدث ... إلخ) أي: بعد موت موصٍ. قوله: (أو علةٍ) كعمى. قوله: (ونحوِه) أي: مما يشقُّ معه العمل. قوله: (وجب ضم أمين) أي: معاون له، والأول هو الوصي دون الثاني، فالتصرف للأول وحده، والثاني إنما هو معين، فدلَّ أن الناظر الحسي حيث ساغت إقامته لا تصرف له، وإنما التصرف للأول. قاله منصور البهوتي. تتمة: ما أنفقه وصي متبرع بمعروف في ثبوتها، فمن مال يتيمٍ. ذكره الشيخ تقي الدين في فتاويه. إذا أخرج عن اليتيم إقطاعه، للوصي الصرف بالمعروف من ماله في إعادته، وعلى قياس ذلك الوظائف وهو متجه؛ لأنه مصلحة له. قاله في «حاشية الإقناع». قوله: (ونحوه) كإذا أفاق، كأوصيت إليك، فإذا تاب ابني عن فسقه، أو صح من مرضه، أو اشتغل بالعلم، أو صالح أمه، أو رشد، فهو وصي ونحوه.

وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: الْخَلِيفَةُ بَعْدِي فُلَانٌ الْخَلِيفَةُ فُلَانٌ، صَحَّ وَكَذَا فِي ثَالِثٍ وَرَابِعٍ لِلثَّانِي إنْ قَالَ فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي. فَإِنْ وَلِيَ ثُمَّ مَاتَ فَفُلَانٌ بَعْدَهُ وَإِنْ عَلَّقَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وِلَايَةَ حُكْمٍ أَوْ وَظِيفَةٍ بِشَرْطِ شُغُورِهَا أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ صَارَ الِاخْتِيَارُ لَهُ وَمَنْ وَصَّى زَيْدًا ثُمَّ عُمَرًا اشْتَرَكَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَ زَيْدًا وَلَا يَنْفَرِدُ غَيْرُ مُفْرَدٍ

_ قوله: (وإن قال الإمام) أي: الأعظم. قوله: (شغورها) أي: تعطلها. قوله: (أو غيره) كموت من هي بيده. قوله: (حتى قام غيره) أي: ولي الأمر. قوله: (إلا أن يخرج) أي: بأن يقول: أخرجته ونحوه. قوله: (ولا ينفرد) الظاهر: أن المراد: صدور التصرف عن رأيهما، سواء باشره أحدهما أو الغير بإذنهما، ولا يشترط توكيل أحدهما الآخر، كما في "الإقناع" وغيره. قوله: (غير مفرد) أي: بأن يقول: لكل منهما التصرف على انفراده. أو: لفلان منهما الانفراد، فيعمل به، وشمل قوله: (ولا ينفرد ... إلخ) التصرف والحفظ، فلا يقسم المال بينهما، بل يجعل في مكان تحت أيديهما، وإن نصب وصياً ونصب عليه ناظراً، يرجع الوصي إلى رأيه ولا يتصرف إلا بإذنه، جاز، كما في "الإقناع".

وَلَا يُوصِي وَصِيٌّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ اثْنَيْنِ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ أَوْ هُمَا أُقِيمَ مَقَامَهُ أَوْ مَقَامَهُمَا وَإِنْ جَعَلَ لِكُلٍّ أَنْ يَنْفَرِدَ اكْتَفَى بِوَاحِدٍ وَمَنْ عَادَ إلَى حَالِهِ مِنْ عَدَالَةٍ

_ قال في «شرح الإقناع»: قلت: فإن خالف، لم ينفذ تصرفه. انتهى. قوله: (ولا يوصي وصي) كالوكيل. قوله: (أو هما) أي: أو مات الوصيان، أو تغيَّر حالهما. قوله: (أقيم) أي: أقام الحاكم قوله: (أن ينفرد) فمات البعض، أو تغيَّر حاله. قوله: (بواحد) أي: ولو لم يبق غيره. قوله: (ومن عاد ... إلخ) تشمل هذه العبارة ثلاث صور، وذلك أنه إما أن يوجد التغيُّر والعود في حياة الموصي أو بعده، أو يوجد التغير في حياة الموصي، والعود بعده، ففي الأولى لا شك في عوده إلى عمله، كما تشمله عبارة المصنف، وصرح به في «الإقناع». وفي الثانية والثالثة صرح في «الإقناع» أيضا بأنه لا يعود إلى عمله إلا بعقد جديدٍ. بأن قال الموصي مثلا: إن انعزلت لفقد صفةٍ، ثم عدت إليها، فأنت وصي، ومقتضى كلام المصنف عودُه إلى عمله في الثانية، وإذا أُعيد إلى عمله وكان قد أتلف مالا، فقياس المذهب: براءتُه بالقبض من نفسه. فتدبر.

أَوْ غَيْرِهَا عَادَ إلَى عَمَلِهِ وَصَحَّ قَبُولُ وَصِيٍّ وَعَزْلُهُ نَفْسَهُ فِي حَيَاةِ مُوصٍ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَلِمُوصٍ عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ فَصْلٌ وَلَا تَصِحُّ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ كَإِمَامٍ بِخِلَافَةٍ وقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وتَفْرِيقِ وَصِيَّةٍ وَرَدِّ أَمَانَةٍ. وغَصْبٍ وَنَظَرٍ فِي أَمْرٍ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَحَدِّ قَذْفِ يَسْتَوْفِيه لِنَفْسِهِ لَا الْمُوصَى لَهُ لَا بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ مَعَ رُشْدِ وَارِثِهِ وَمَنْ وَصَّى فِي فِعْلِ شَيْءٍ لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيْرِهِ وَمَنْ وَصَّى بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَوْ جَحَدُوا

_ قوله: (أو غيرها) كقوة بعد تغيره. قوله: (عاد إلى عمله) لزوال المانع. قوله: (وصح قبول وصي) لأنه أذن في التصرُّف، فصحَّ قبوله بعد العقد، كالوكالة، بخلاف الوصية بالمال، فإنها تمليك في وقتٍ، فلم يصحَّ القبول قبله. قوله: (وعزله نفسه) أي: من القدرة والعجز. قوله: (في أمر غير مكلف) رشيدٍ من طفل ومجنون، وسفيه من أولاده، وتزويج مولياتِه، ويقوم وصيٌّ مقامه في الإجبار. قوله: (لنفسه) أي: الموصي الميت. قوله: (مع رشد) أي: وبلوغ.

وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ قُضِيَ الدَّيْنِ بَاطِنًا وَأَخْرَجَ بَقِيَّةَ الثُّلُثِ مِمَّا فِي يَدِهِ وَإِنْ فَرَّقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ أَوْ جَهِلَ مُوصًى لَهُ فَتَصَدَّقَ هُوَ أَوْ حَاكِمٌ بِهِ ثُمَّ ثَبَتَ لَمْ يَضْمَنْ وَيَبْرَأُ مَدِينٌ بَاطِنًا بِقَضَاءِ دَيْنٍ يَعْلَمُهُ عَلَى الْمَيِّتِ وَلِمَدِينٍ دَفْعُ دَيْنَ مُوصًى بِهِ لِمُعَيَّنٍ إلَيْهِ وإلَى الْوَصِيِّ وَإِنْ لَمْ يُوصَ بِهِ

_ قوله: (قضى الدين ... إلخ) يعني: وجوباً. قوله: (بقية الثلث ... إلخ) يعني: بقية الثلث أي: ثلث ما في أيدي الورثةِ؛ لأن ما في يده يخرج ثلثه بلا شك. فالحاصل: أنَّه يخرج الثلث جميعه، أو ما أمكن منه مما في يده. وقولنا: ما أمكن منه، أي: لو لم يحصل في يده إلا أقل من الثلث، فإنه يخرجه، والله أعلم. قوله: (مما في يده) يعني: إن لم يخف تبعةً. قوله: (لم يضمن) موصى إليه ولا حاكمٌ، وإن أمكن الرجوع على آخذ، فعل ووفى الدين. قاله ابن نصر الله -رحمه الله- بحثاً. قوله: (ويبرأ مدين ... إلخ) للميت عليه دين، وجهه: أن المدينَ إذا دفع الدَّين إلى غريم الميت، فقد قضى عنه دينا واجبًا، ومن قضى عن غيره دينًا واجبًا بنيَّة الرجوع، رجع ولو بلا إذن المقضيِّ عنه، وحيئنذٍ فيستحق على الميت الرجوع بمثل ما أدى عنه، وعليه للميت مثل ذلك فيتقاصان. ومنه تعلم. أن محل ذلك إذا جرت المقاصة في الدينين، وإلا فلا يبرأ المدين بدفع الدَّينِ، بل

وَلَا بِقَبْضِهِ عينا فإلَى وَارِثٍ وَوَصِيٍّ وَإِنْ صَرَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ فِي جِهَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ وَصَّى بِإِعْطَاءِ مُدَّعٍ عَيْنَهُ دَيْنًا بِيَمِينِهِ نَقَدَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَمَنْ أُوصِيَ إلَيْهِ بِحَفْرِ بِئْرٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ فِي السَّبِيلِ، فَقَالَ لَا أَقْدِرُ، فَقَالَ وَمَنْ وَصَّى بِبِنَاءِ مَسْجِدٍ فَلَمْ يَجِدْ عَرْصَةً لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ عَرْصَةٍ

_ له الرجوع بشرطه، والله أعلم. قوله: (ولا بقبضه) أي: بقبض الموصى له بتلك العين؛ بأن أوصى له بشيء غير معينٍ، وكان له دين أو عين من غصب ووديعةٍ وعاريةٍ بقدر الوصية، فليس لمن عنده ذلك أن يدفعه إلى الموصى إليه وحدَه، ولا إلى الوارث وحده، بل إليهما معًا، وفُهم منه: أنه لو دفع ذلك إلى الوارث أو الموصى له دون الوصي، لم يبرأ، وذلك لأنَّ أعيان التركة في الحالة المذكورة مشتركةٌ بين الوارث والموصى له، واستحقاق قبض الدَّين أو العين المذكورة مشتركٌ بين الوصيِّ والوارث، فالوارث يقبضُ لنفسه، والوصيُّ للموصى له. فتدبر. قوله: (لا بئر لهم) لما فيه من تخصيصهم.

يَزِيدُهَا فِي مَسْجِدٍ وضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت أَوْ أَعْطِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَنْ شِئْتَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا دَفَعَهُ إلَى أَقَارِبِهِ الْوَارِثِينَ وَلَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ وَلَا إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ لِبَيْعِ بَعْضِ عَقَارٍ لِقَضَاءِ دَيْنِ أَوْ حَاجَةِ صِغَارٍ وَفِي بَيْعِ بَعْضِهِ ضَرَرٌ بَاعَ الْوَصِيُّ عَلَى وَعَلَى كِبَارٍ أَبَوْا أَوْ غَابُوا

_ قوله: (و: ضع ثلثي حيث شئت) فلو قال: اصنع في مالي ما شئت، أو هو بحكمك افعل فيه ما شئت، ونحو ذلك من ألفاظ الإباحة، لا الأمر. قال أبو العباس: أفتيتُ أنَّ هذا الوصي له أن يخرج ثلثه، وله أن لا يخرجه بحسب اختياره. انتهى. ولو قال: تصدَّق من مالي، احتمل ما تناوله الاسم، واحتمل ما قلَّ وكثُر. قاله في «المبدع» «حاشية» منصور البهوتي على «الإقناع». قوله: (بعض عقار) أي: من تركةٍ، أو غيره إلا الفروج. نص عليه، قاله الحارثي، قاله في «الإقناع»، أي: احتياطًا للفروج، فلا بد من الاتفاق على ذلك.

وَلَوْ اُخْتُصُّوا بِمِيرَاثٍ وَمَنْ مَاتَ بِبَرِّيَّةٍ وَنَحْوِهَا وَلَا حَاكِمَ وَلَا وَصِيَّ فَلِمُسْلِمٍ أَخْذُ تَرِكَتِهِ وَبَيْعُ مَا يَرَاهُ وتَجْهِيزُهُ مِنْهَا إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فمِنْ عِنْدِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ نَوَاهُ أَوْ اسْتَأْذَنَ حَاكِمًا

_ قوله: (ولو اختصوا بميراث) فإن كان شريكهم غير وارثٍ، لم يبع عليه. قوله: (ببرية) أي: صحراء. قوله: (ونحوها) كجزيرة لا عمران بها. قوله: (أو على من تلزمه نفقته) أي: كفنه، ولو عبر به، لكان أولى؛ ليخرج الزوج.

كتاب الفرائض

كِتَابُ الْفَرَائِضِ الْعِلْمُ بِقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَالْفَرِيضَةُ نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لِمُسْتَحِقِّهِ وَأَسْبَابُ إرْثٍ رَحِمٌ ونِكَاحٌ ووَلَاءُ عِتْقٍ وَكَانَتْ تَرِكَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةً لَمْ تُوَرَّثْ وَالْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ عَشَرَةٌ الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ وَالْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَابْنُ الْأَخِ لَا مِنْ الْأُمِّ وَالْعَمُّ وَابْنُهُ كَذَلِكَ وَالزَّوْجُ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ ومِنْ الْإِنَاثِ سَبْعٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالْأُخْتُ وَالزَّوْجَةُ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ وَالْوَارِثُ ثَلَاثَةُ ذُو فَرْضٍ وعَصَبَةٌ وذو رَحِمٍ

_ قوله: (بقسمة المواريث) أي: التركات.

باب ذي الفروض

باب ذي الفروض وَهُمْ عَشَرَةٌ: الزَّوْجَانِ وَالْأَبَوَانِ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ وَوَلَدُ الْأُمِّ فَلِزَوْجٍ رُبْعٌ مَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ ونِصْفٌ مَعَ عَدَمِهِمَا وَلِزَوْجَةٍ فَأَكْثَرُ ثُمُنٌ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ وَرُبُعٌ مَعَ عَدَمِهِمَا وَيَرِثُ أَبٌ وجَدٌّ مَعَ ذُكُورِيَّةِ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ بِالْفَرْضِ سُدُسًا وبِفَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ مَعَ أُنُوثِيَّتِهِمَا وَيَكُونَانِ عَصَبَةً مَعَ عَدَمِهِمَا فَصْلٌ وَالْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبُ كَأَخٍ بَيْنَهُمْ

_ باب ذوي الفروض ولو في بعض الصور. قوله: (وهم عشرة: الزوجان) أي: على البدلية. قوله: (والأبوين) جمعًا وفرادى. قوله: (والجد والجدة) أي: كذلك. قوله: (فلزوج) بدأ بهما؛ لقلة الكلام عليهما. قوله: (أو ولد ابن ... إلخ) أي: وكذا إذا استغرقت الفروض، أو أبقت السدس فقط، أو أقل منه، فصور تعيُّن السدس للأب أو الجدِّ خمسٌ لا غير. فصل الورثة أربعة أقسام: قسم يرث بالفرض وحده، وهو سبعة: الزوجان، والجدتان، والأم، وولداها.

مَا لَمْ يَكُنْ الثُّلُثُ أَحَظَّ فَيَأْخُذُهُ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ بَعْدَهُ الْأَحَظُّ مِنْ مُقَاسَمَةٍ كَأَخٍ أَوْ ثُلُثَ الْبَاقِي أَوْ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ

_ وقسم يرث بالتعصيب وحده، وهو اثنا عشر: كل عصبة بنفسه غير الأب والجد. وقسمٌ يرث تارةً بالفرض، وتارةً بالنصيب، ولا يجمع بينهما، وهو أربعٌ: البنت، وبنت الابن، والأخت لأبوين ولأب، إذا انفردن عمَّن يجعلهن عصبةً، ورثن بالفرض، وإلا ورثن بالتعصيب. وقسمٌ يرث بالفرض مرة، وبالعصوبة مرة، ويجمع مرة، وهو الأب والجد. قوله: (ما لم يكن الثلث أحظ) ظاهره: أنه استوى له الثلث والمقاسمة، كما في الصور الثلاث، فإنما يأخذه الجد عصوبة لا فرضًا، خلافًا للشافعية؛ لأنه جعل الجد مثل واحد من الأخوة مدة عدم كون الثلث أحظ من المقاسمة، وهو صادق بتلك الصور، وينبني عليه ما إذا أوصى لشخصٍ بشيء مما يبقى بعد الفرض، ولم يكن إلا جد وأخوان مثلا، فإن اعتبر كون ما يأخذه الجد فرضًا، تصحُّ الوصية، وإلا فلا، لعدمه. قوله: (وله مع ذي فرض ... إلخ) اعلم: أنه إذا كان مع الجد والإخوة ذو فرض، فللجد أربعة أحوالٍ: الأول: أن يستغرق الفرض جميع المال. الثاني: أن يفضل عن الفرض أقل من السدس الثالث: أن يفضل عنه السدس فقط. ففي هذه الأحوال الثلاثِ للجد السدس، ولا شيء للإخوة إلا الأخت في

فَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَتُسَمَّى مُرَبَّعَةَ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُ السُّدُسِ أَخَذَهُ وَسَقَطَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٍّ لِلزَّوْجِ نِصْفٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ وَلِلْجَدِّ سُدُسٌ وَلِلْأُخْتِ نِصْفٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ نَصِيبُ

_ «الأكدرية» في الحال الثالثة. وإلى ذلك كله أشار المصنف بقوله الآتي: (فإن لم يبق غير السدس ... إلخ). الحال الرابع: أن يفضل عن الفرض أكثر من السدس، فيجب للجد خير أمورٍ ثلاثةٍ، أشار إليها المصنف بقوله: (الأحظ من مقاسمة ... إلخ) وإذا أردت معرفة الأحظ، فاعرف نسبة ما يخصه على التقادير الثلاثة، كل واحد على حدته، وسمها كسورًا، ثم خذ تلك الكسور من مخرج يجمعها، وانظر إلى ما يزيد بسط أحدهما، فانسبه من ذلك المخرج، فهو قدر الفضل. فائدة: يستوي للجد السدس، وثلث الباقي في زوج وجد وثلاثة إخوة وضابطه: أن يكون مع الجد من فرضه النصف؛ ومن الإخوة أكثر من مثليه. ويستوي له الأمور الثلاثة في زوج وجد وأخوين. وضابطه: أن يكون مع الجدِّ من فرضه النصف ومن الإخوة مثلاه. وصرح بعض الشافعية: أن الأولى اعتبار السدس حيث وُجد، لأنه ثبت بالنص للأب، والجد يسمى أبًا.

الْأُخْتِ وَالْجَدِّ أَرْبَعَةً مِنْ تِسْعَةٍ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ فَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ سِتَّة وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ وَلَا عَوْلَ فِي مَسَائِلِهِمَا وَلَا فَرْضَ لِأُخْتٍ مَعَهُ ابْتِدَاءً فِي غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ جَدٍّ وَأُخْتٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ وَتُسَمَّى الْخَرْقَاءَ لِكَثْرَةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا والْمُسَبَّعَةَ وَالْمُسَدَّسَةُ وَالْمُخَمَّسَةُ وَالْمُرَبَّعَةُ وَالْمُثَلَّثَةُ وَالْعُثْمَانِيَّةُ وَالشَّعْبِيَّةُ وَالْحَجَّاجِيَّةُ

_ قوله: (على ثلاثة) والأربعة لا ثلث لها، بل تباين مخرج الثلث، فتضرب ثلاثة في تسعة. قوله: (ولا عول في مسائل الجد) أي: مع الإخوة. قوله: (ابتداء) أي: بخلاف المعادَّة.

وَوَلَدُ الْأَبِ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ إذَا انْفَرَدُوا فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَادَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ بِوَلَدِ الْأَبِ ثُمَّ أَخَذَ قِسْمَهُ

_ قوله: (عاد ولد الأبوين ... إلخ) اعلم: أن محل المعادة إذا كان ولد الأبوين أقلَّ من مثلي الجد، فمتى كان ولد الأبوين مثلَيه، فلا معادة، لعدم الفائدة، . ويكون ولد الأبوين أقلَّ من مثليه في خمس صور: شقيقةٌ، شقيقتان، ثلاث شقائق، شقيق فقط، شقيقةٌ مع شقيق. ثم اعلم: أنهم يعدون من ولد الأب ما يصير المجتمع من النوعين مثلي الجد أو أقل، فهي ثلاث عشرة صورةً، وكلٌّ منها: إما أن لا يكون معهم ذو فرض، أو يكون ذو الفرض نصفا، كزوج، أو ربعا، كزوجة، أو سدساً، كجدة، أو ربعًا وسدسا، كزوجة وجدة. وإذا ضربت خمسة في ثلاثة عشر، حصل خمسةٌ وستون، ويضاف لذلك ثلاث صور وهي: أن يكون مع الجد شقيقة وأخت لأب، والفرض ثلثان، كبنتين معهم، أو نصف وسدسٌ، كبنت وأمٍّ معهم، أو نصفٌ وثمن، كبنتٍ وزوجة معهم، فهذه ثمان ستون صورة للمعادة. ويبقى لولد الأب بقية في ثمانٍ منها، وهي: أن يكون مع الجدِّ شقيقة ومعهما أم وجدة، إما مع أخ وأخت، أو مع ثلاث أخوات للأب، أو لا يكون مع الجد والشقيقة صاحب فرض، ويكون ولد الأب إما أخاً، أو أختين، أو أخًا وأختًا، أو ثلاث أخوات لأب. فتأمَّل ذلك.

وَتَأْخُذُ أُنْثَى لِأَبَوَيْنِ تَمَامَ فَرْضِهَا وَالْبَقِيَّةُ لِوَلَدِ الْأَبِ وَلَا يَتَّفِقُ هَذَا فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا فَرْضُ غَيْرِ السُّدُسِ فَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ ثُمَّ تَأْخُذْ الَّتِي لِأَبَوَيْنِ مَا سُمِّيَ لِلَّتِي لِأَبٍ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَخٌ لِأَبٍ فَلِلْجَدِّ ثُلُثٌ وَلِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ نِصْفٌ يَبْقَى لَهُمَا سُدُسٌ عَلَى ثَلَاثَةٌ فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. و .... مَعَهُمْ أُمٌّ لَهَا سُدُسٌ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِ الَّتِي لِأَبَوَيْنِ نِصْفُ وَالْبَاقِي لَهُمَا فتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ وتُسَمَّى مُخْتَصَرَةَ زَيْدٍ

_ قوله: (غير السدس) أي: ومع السدس يبقى في الربع صور. قوله: (وتسمى مختصرة زيد) اعلم: أنه يستوي للجد فيها المقاسمة وثلثُ الباقي، فإن اعتبرت له المقاسمة، فأصلها ستة، للأم السدس سهم، يبقى خمسة على ستَّة لا تنقسم، وتُباين، فتضرب ستة في ستة بستة وثلاثين، للأم ستة، وللجد عشرة، وللشقيقة النصف ثمانية عشرة، وللأخ والأخت لأب سهمان على ثلاثة لا تنقسم، وتباين، فتضرب ثلاثة في ستة وثلاثين بمئة وثمانية، وترجع بالاختصار إلى أربعة وخمسين، وإن اعتبرت للجد ثلث الباقي فرضًا، فأصلها ثمانية عشر، ويفرض النصف للشقيقة، وتصح ابتداء من أربعة وخمسين، وإنما فرض للشقيقة في هذه ونظائرها؛ لأنه لما فرض للجد، بطلت عصوبة الشَّقيقة به، فترجع إلى فرضها. فتأمل. قوله أيضًا على قوله: (وتسمى مختصرة زيد) لردها من مئة وثمانية إلى أربعة وخمسين.

ومَعَهُمْ أَخٌ آخَرُ مِنْ تِسْعِينَ وَتُسَمَّى تِسْعِينِيَّةَ زَيْدٍ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ وَتُسَمَّى عَشَرِيَّةَ زَيْدٍ فَصْلٌ وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ فَمَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ كَامِلِي الْحُرِّيَّةِ لَهَا سُدُسٌ ومَعَ عَدَمِهِمْ ثُلُثٌ وَفِي أَبَوَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضَيْهِمَا والرَّابِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا أَبٌ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أَوْ ادَّعَتْهُ وَأُلْحِقَ بِهَا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ تَعْصِيبُهُ مِمَّنْ نَفَاهُ وَنَحْوِهِ

_ قوله: (وتسمى عشرية) أي: بفتح الشين نسبة إلى عشرة. فائدة: اعلم: أنَّ الجد مع الإخوة، إما أن يجتمع معهم ذو فرض، أو لا، وعلى كلا التقديرين، إما أن يجتمع معه الفريقان، أعني: أولاد الأبوين وأولاد الأب أو أحدهما، فإذا انفرد أحدهما معه، ولم يكن ذو فرض، فله ثلاثة أحوال: أحظية الثلث، أو المقاسمة، أو استواؤهما، ومع ذي الفرض سبعة أحوال: أحظية ثلث الباقي، أو سدس الكل، أو المقاسمة، أو استواء أمرين منهما، أو الثلاثة، ومع الجمع كذلك. قوله: (ونحوه) أي: كجحد زوج مقرة به.

فَلَا يَرِثُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَتِهِ وَلَوْ بِأُخُوَّةٍ مِنْ أَبٍ إذَا وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ وَتَرِثُ أُمُّهُ وذُو فَرْضٍ مِنْهُ فَرْضَهُ وَعَصَبَتُهُ بَعْدَ ذُكُورِ وَلَدِهِ وَإِنْ نَزَلَ عَصَبَةُ أُمِّهِ فِي إرْثٍ فَأُمٌّ وَخَالٌ لَهُ الْبَاقِي ومَعَهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ لَهُ السُّدُسُ وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا دُونَ الْخَالِ وَيَرِثُ أُخُوَّةٌ مَعَ بِنْتِهِ لَا أُخْتُهُ لِأُمِّهِ وَإِنْ مَاتَ ابْنُ ابْنِ مُلَاعَنَةٍ وَخَلَّفَ أُمَّهُ وَجَدَّتَهُ أُمَّ أَبِيهِ فَالْكُلُّ لِأُمِّهِ فَرْضًا وَرَدًّا وَتَحْجُبُ الْقُرْبَى الْبُعْدَى مُطْلَقًا لَا أَبٌ أُمَّهُ أَوْ أُمَّ أَبِيهِ

_ قوله: (عصبة أمه) أي: العصبة بالنفس لا بالغير. ولا مع الغير. قوله: (في إرث) أي: لا في تزويجه، والعقل عنه. فصل قوله: (ولجدة أو أكثر ... إلخ) اعلم: أنه لا يرث عندنا من الجدات أكثر من ثلاث، وهي أم الأم، وأم الأب، وأم أبي الأب، وإن علون أمومة، وأن القربى تحجب البعدى مطلقا. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وعند الشافعية:

وَلَا يَرِثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَب وَأُمِّ أَبِي الْأَب وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً فَلَا مِيرَاثَ لِأُمِّ أَبِي أُمٍّ وَلَا لِأُمِّ أَبِي جَدٍّ بِأَنْفُسِهِمَا

_ أن القربى من جهة الأم تحجب البعدى مطلقاً، وأن القربى من جهة الأب تحجب البعدى من جهته، وتشارك البعدى من جهة الأم، وهذا الأصح عندهم، وبه قال مالك. وهو رواية عن إمامنا. إذا علمت ذلك، فإنه يرث عند الشافعية كل جدة أدلت بمحض الإناث، أو بمحض الذكور، أو بمحض إلى محض الذكور، وما سواها ساقط. ويعبَّر عن الساقطة بالفاسدة. ولهم في معرفة ما في كل درجة من الوارثات، والسواقط طريق؛ هو أنه إذا قيل مثلا: ما في الخامسة من الجدات؟ فخذ اثنتين من الدرجات والأبوين، وضعفهما مرة بعد أخرى إلى بقية العدد، ففي المثال تضعف الاثنين مرة، يحصل أربعة، ثم تضعفها تصير ثمانية، ثم تضعفها تصير ستة عشر، نصفها من جهة الأب، ونصفها من جهة الأم، فيرث من جهة الأم واحدةٌ أبدًا لا غير، ومن جهة الأب في المثال أربع، ويسقط من عداهن. قوله: (بأنفسهما) أي: بل بالتنزيل، كسائر ذوي الأرحام.

والْمُتَحَاذِيَاتُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ وَأُمُّ أَبِي أَبٍ وَلِ ذَاتِ قَرَابَتَيْنِ مَعَ ذَاتِ قَرَابَةٍ ثُلُثَا السُّدُسِ وَلِلْأُخْرَى ثُلُثُهُ فَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهِمَا وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ وبِنْتَ خَالَتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَرِثَ جَدَّةٌ لجِهَةٍ

_ قوله: (فجدَّته) أي: المتزوج من جهة أبيه. قوله: (ولا يمكن أن ترث جدَّة ... إلخ) يعني: أنه إذا اجتمعت جدة لجهة واحدةٍ مع جدةٍ ذات ثلاث جهات وراثة بهن، فإنه لا ترث الأولى مع الثانية شيئا، كمن مات عن أم أبي الجد، وعن جدة هي أم أم أم أم، وأم أم أم أب، وأم أم أبي أب. هذه عبارة الفارضي في شرح «منظموته». ومثال هذه المسألة: أن يتزوج زيد مثلا بنت خالته، فيأتيه ولد اسمه أحمد، فتزوج هذا الولد بنت بنت خالة أمه، فيأتيه ولد اسمه محمد، فجده زيد لأمه جدة لمحمد من ثلاث جهات وراثة بهن - كما ذكر الشارح- وجدة زيد لأبيه، هي أم أبي جد محمد المذكور، وهي الساقطة، والله أعلم. وهذه صورتها:

مَعَ ذَاتِ ثَلَاثٍ

_ قوله: (مع ذات ثلاث) وصورته: أن يولد لعائشة مثلا ثلاث بنات هند، وعمرة، وحفصة، ثم تلد هند ابنا، ولكل من عمرة وحفصة بنتا، فيتزوج ابن هند بنت عمرة، فيأتي بينهما ابن، فيتزوج هذا الابن ببنت لبنت حفصة، فيأتي بينهما ولد، فإن الجهات الثلاث انحصرت في عائشة؛ لأنها بالنسبة لهذا الولد أم أم أم أمه، وأم أم أم أبيه، وأم أم أبي أبيه.

فصل ولبنت صلب النصف ثُمَّ هُوَ لِبِنْتِ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ لِأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ لَمْ يَعْصِبْنَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَعْصِبْنَ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ السُّدُسُ مَعَ عَدَمِ مُعَصِّبٍ وَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ بِهِ وَكَذَا بِنْتُ ابْنِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ وَعَلَى هَذَا وَكَذَا أُخْتٌ فَأَكْثَرُ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَيْنِ بَنَاتُ صُلْبٍ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ أَوْ هُمَا سَقَطَ مِنْ دُونِهِنَّ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُنَّ ذَكَرٌ بِإِزَائِهِنَّ أَوْ أَنْزَلَ مِنْ بَنِي الِابْنِ وَلَهُ مِثْلَا مَا لِلْأُنْثَى وَلَا يُعَصِّبُ ذَاتَ فَرْضٍ أَعْلَى مِنْهُ وَلَا مَنْ هِيَ أَنْزَلُ مِنْهُ وَكَذَا أَخَوَاتٌ لِأَبٍ مَعَ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعَصِّبُهُنَّ إلَّا أَخُوهُنَّ وَلَهُ مِثْلَا مَا لِأُنْثَى وَأُخْتٍ فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ عَصَبَةً يَرِثْنَ مَا فَضَلَ كَالْإِخْوَةِ وَلِوَاحِدٍ وَلَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ وَلِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُلُثٌ بالسوية

_ قوله: (فأكثر) أي: وإن نزل. قوله: (ولو أنثى) أي: أو خنثى.

فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ يَسْقُطُ كُلُّ جَدٍّ بِأَبٍ وجَدٍّ بِأَقْرَبَ مِنْهُ وابْنٍ أَبْعَدُ بِأَقْرَبَ وكُلُّ جَدَّةٍ بِأُمٍّ ووَلَدُ الْأَبَوَيْنِ بِثَلَاثَةٍ الِابْنُ وَابْنُهُ وَالْأَبُ ووَلَدُ الْأَبِ بِثَلَاثَةٍ وبِالْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وابْنُهُمَا بِجَدٍّ ووَلَدُ الْأُمِّ بِأَرْبَعَةٍ: بِالْوَلَدِ ووَلَدِ الِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ والْأَبِ والْجَدِّ وَإِنْ عَلَا وَمَنْ لَا يَرِثُ لَا يُحْجَبُ

_ فصل في الحجب والحجب نوعان: نقصانٌ وحرمانٌ. والأول: سبعة أنواع: انتقال من فرض إلى آخر، في الزوجين والأم، وبنت الابن، وأختٍ لأب. وذوات النصف إلى الثلثين. وانتقال من فرض إلى تعصيب في حق ذوات النصف والثلثين. وعكسه في الأب والجد. وبالمزاحمة في الفرض، أو التعصيب، والعول في حق ذي الفرض. وحجب حرمان، بالوصف في الكل، وبالشخص. ولا يدخل على ستة: الأبوين والولدين، والزوجين. وأقلُّ ميراث الابن فأكثر ربع وسدس. والبنت بالفرض خمسان. والبنتين

_ فأكثر ثلث وخمس. والزوجة سبع. والزوج خمس. والأب ثلث خمس. والأم والأخت لأب عشر. وأولاد الأم خمس. والأختين لغير أم خمسان. والكلالة هل هي ميت لا والد له ولا ولد، أو الورثة ليس فيهم ذلك، أو ميت لا ولد له، أو الورثة فيهم ذلك؟ أقوال أربعة، أصحُّها الأول، والثاني. فالولد فيه أربعة: الابن وابنه، والبنت وبنت الابن. والوالد: الأب والجد. وخصت الأم والجدة بالإجماع. فولد الأم يحجب بستة. وكل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، إلا ولد الأم اتفاقا، وأم الأب والجد عندنا، خلافاً للأئمةِ الثلاثة.

باب العصبة

بَابُ الْعَصَبَةِ وَهُوَ مَنْ يَرِثُ بِلَا تَقْدِيرٍ وَلَا يَرِثُ أَبْعَدُ بِتَعْصِيبٍ مَعَ أَقْرَبَ وَأَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ: ابْنٌ فَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، فَأَبٌ فَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ مَعَ الْإِخْوَةِ فَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ

_ باب العصبة وهم ثلاثة أقسامٍ: عصبة بنفسه، وهو: المعتق، والمعتقة، وكل ذكر غير الزوج، والأخ لأم. وعصبةٌ بالغير وهو أربعة: البنت، وبنت الابن، والأخت لأبويْن ولأب، كلُّ واحدةٍ بأخيها، أو بابن عمها، أو أنزل منها في بنت الابن، إذا لم يكن لها فرضٌ في الأخيرة، أو بالجدِّ مع الأخت. وعصبة ٌمع الغير: وهو الأخت لأبوين، ولأبٍ مع البنت، أو بنت الابن. قوله: (وهو من يرث ... إلخ) واختص بالذكور غالباً؛ لأنهم أهل النصرة والشدة. واحترز «بغالباً» عن المعتقة. قوله: (بتعصيب) أي: بل بفرضٍ كالأب والجد مع الابن وابنه. قوله: (وأقربُ العصبة: ابن) قدِّم على الأب؛ لأنه طرف مقبل، وهو أولى من الإدبار.

فلِأَبٍ فَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ فلِأَبٍ وَإِنْ نَزَلَا وَيَسْقُطُ الْبَعِيدُ بِالْقَرِيبِ فَأَعْمَامٌ فَأَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ فَأَعْمَامُ أَبٍ فَأَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ

_ قوله: (كذلك) أي: لأبوين، فلأب فيهما. قوله: (لا يرث بنو أبٍ أعلى ... إلخ) اعلم: أن جهات العصوبة عندنا ست: البنوة، ثم الأبوة، ثم الجدودة مع الإخوة، ثم بنوَّة الإخوة، ثم العمومة، ثم الولاء. وعند الشافعية والمالكية الجهات سبعٌ، بزيادة الإسلام: وهو بيت المال إن انتظم، وهو مؤخَّر عما تقدم. وعند الحنفية خمسٌ بإسقاط بيت المال، وإدخال الجد وإن علا في الأبوة، وبني الإخوة وإن سفلوا في الأخوة. إذا علمت ذلك، فمتى وجد واحد من الجهات المذكورة، لم يرث أحد مما بعده من الجهات بالعصوبة. فإن اجتمع اثنان من جهة، قدِّم بالدرجة، فأقربهم إلى الميت يقدم على الأبعد، كالابن على ابن الابن. فإن استويا، فالأقوى، كالشقيق على الأخ لأب. وإلى هذا أشار الإمام الجعبري بقوله: وبالجهة التقديم ثم بقربه ... وبعدهما التَّقديم بالقوة اجعلا

فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً وأَبُوهُ ابْنَتَهَا فَابْنُ الْأَبِ عَمٌّ وَابْنُ الِابْنِ خَالٌ فَيَرِثُهُ مَعَ عَمٍّ لَهُ خَالُهُ دُونَ عَمِّهِ وَلَوْ خَلَّفَ الْأَبُ فِيهَا أَخًا وَابْنَ ابْنِهِ وَهُوَ أَخُو زَوْجَتِهِ وَرِثَهُ دُونَ أَخِيهِ وَأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ حَتَّى فِي أُخْتٍ لِأَبٍ وَابْنِ أَخٍ مَعَ بِنْتٍ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَمَنْ لِأَبَوَيْنِ فَإِنْ عَدِمَتْ الْعَصَبَةُ مِنْ النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ وَلَوْ أُنْثَى ثُمَّ عَصَّبَتْهُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ

_ وأشار إليه المصنف أيضاً، فأشار إلى الجهة «بالفاء» وإلى الدرجة بقوله: (وأولى ولد كلِّ أبٍ ... إلخ) وإلى القوة بقوله: (فإن استووا فمن لأبويْن). فإن قلت: لم عددتم بني الإخوة جهة مستقلة دون بني الأعمام؟ فالجواب: أنه لما لم يشاركوا الجد، بل حجبهم، وخالفوا آباءهم في ذلك، لم يمكن إدارجهم معهم، بخلاف بني الأعمام. فتأمل. قوله: (فيرثه) أي: ابن الأب.

كَنَسَبٍ ثُمَّ مَوْلَاهُ كَذَلِكَ ثُمَّ الرَّدُّ ثُمَّ الرَّحِمُ وَمَتَى كَانَ الْعَصَبَةُ عَمًّا أَوْ ابْنَهُ أَوْ كَانَ ابْنَ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ انْفَرَدَ دُونَ أَخَوَاتِهِ بِالْمِيرَاثِ وَمَتَى كَانَ أَحَدُ بَنِي عَمٍّ زَوْجًا أَوْ أَخًا لِأُمٍّ أَخَذَ فَرْضَهُ وَتَسْقُطُ أُخُوَّةٍ لِأُمٍّ بِمَا يُسْقِطُهَا فَبِنْتٌ وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَسْتَقِلُّ عَصَبَةٌ انْفَرَدَ بِالْمَالِ وَيَبْدَأُ بِذِي فَرْضٍ اجْتَمَعَ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْء سَقَطَ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأَبٍ أَوْ لِأَبَوَيْنِ أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ أَوْ لِأَبَوَيْنِ مَعَهُنَّ أَخُوهُنَّ لِلزَّوْجِ نِصْفٌ

_ قوله: (كنسب) أي: حتى في رد الابن المعتق، أو ابن ابنه لأبي المعتق، أو جده إلى السدس، خلافاً للشافعية والمالكية، فإنه لا شيء للأصل مع الفرع بالولاء عندهم، وحتى مشاركة جد المعتق لإخوته، وإن الشقيق يعد على الجد الإخوة للأب، ثمَّ يسقطهم، وفاقاً لأبي يوسف ومحمد، وخلافاً للشافعية والمالكية، فإنهم يقدمون بعد أبي المعتق إخوته، ثم بنيهم، ثم الجد وإن علا. وسيأتي ذلك في بابه، فتنبه.

وَلِلْأُمِّ سُدُسٌ وَلِلْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ الثُّلُثُ وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ وَتُسَمَّى مَعَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ الْمُشَرَّكَةَ وَالْحِمَارِيَّةَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمْ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ عَالَتْ إلَى عَشَرَةٍ وَتُسَمَّى ذَاتَ الْفُرُوخِ والشُّرَيْحِيَّةَ

_

باب أصول المسائل

بَابُ أصول المسائل أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ سَبْعَةٌ أَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ وَهِيَ مَا فِيهَا فَرْضٌ أَوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْعٍ

_ باب أصول المسائل اعلم: أن الأصول يعرض لها النقص، وهو: كون فروض المسألة أقل من مخرجها. والعدل: وهو مساواتها له. والعول: وهو زيادتها عليه. ثم هي على أقسامٍ: قسم يعرض له النقص والعدل فقط، وهو: الاثنان، والثلاثةُ. وقسم يعرض له النقص فقط، وهو: الأربعة، والثمانيةُ. وقسم يعرض له النقص، والعول فقط، وهو: الاثنا عشر، والأربعة والعشرون. وقسمٌ يعرض له الثلاثة، وهو السِّتة لا غير. وزاد بعضهم الثمانية عشر، للسدس وثلث الباقي، كأم وجد وخمسة إخوة. والستة والثلاثين للسدس والربع وثلث الباقي، كزوجةٍ معهم. وصوب أنهما تأصيل لا تصحيح، وزادتِ الأصول على الفروض السِّتةِ باعتبار الاجتماع. فتأمل. قوله أيضًا على قوله: (أصول ... إلخ) قيَّدها في «المستوعب» بالصلب، وكأنه يريد الأصول الخالصة من شائبة التصحيح، احترازا من أصلي ثمانية عشر، وستة وثلاثين في مسائل الجد، على القول به، والله أعلم. قوله: (أو فرضان) الفروض القرآنية ستة: نصف، وربع، وثمن، وهي نوع. وثلثان، وثلث،

فَنِصْفَانِ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَتُسَمَّيَانِ الْيَتِيمَتَيْنِ أَوْ نِصْفَ وَالْبَقِيَّةَ كَزَوْجٍ وَأَبٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَثُلُثَانِ أَوْ ثُلُثٌ وَالْبَقِيَّةُ أَوْ هُمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَرُبُعٌ وَالْبَقِيَّةُ أَوْ مَعَ نِصْفٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثُمُنٌ وَالْبَقِيَّةُ أَوْ مَعَ نِصْفٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثَةُ تَعُولُ وَهِيَ مَا فَرَضَهَا نَوْعَانِ فَأَكْثَرُ

_ وسدس، وهي نوع. وإنما جعلوا النصف والربع والثمن نوعًا، والثلثين والثلث والسدس نوعا؛ لأن مخرج النصف داخل مخرج الربع، ومخرج الربع داخل في مخرج الثمن، كما أن مخرج الثلثين والثلث، وهو ثلاثة، داخلٌ في مخرج السدس، ولم يعتبروا دخول مخرج النصف في مخرج السدس؛ لأن مخرج الربع إليه أقرب، فاعتباره أولى. أو لأن الربع يتفرع النصف من تضعيفه، والثمن من تنصيفه، كما أن الثلث تتفرع الثلثان من تضعيفه، وهذا أظهر. ولم أر هذين الوجهين لأحدٍ. فليتأمل والله أعلم. قوله: (اليتيمتين) تشبيها بالدرة اليتيمة؛ لأنهما فرضان متساويان، ورث بهما المال كله، ولا ثالث لهما. قوله: (وثلاثةٌ تعول) اعلم: أن العول: زيادة في سهام أصل المسألة، نقصان في الأنصباء. والسهام: هي الأفراد المأخوذة من المسألة. والأنصباء: المقادير، كالثلث، والربع. وأذا أردت أن تعلم مقدار ما نقصه نصيب كل، فاضرب المسألة بعولها

فَنِصْفٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ سُدُسٍ مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ بِلَا عَوْلٍ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِلْزَامِ والْمُنَاقَضَةِ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَجَدَّةٍ وإلَى ثَمَانِيَةٍ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَتُسَمَّى الْمُبَاهَلَةَ وإلَى تِسْعَةٍ كَزَوْجٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَأُخْتَيْنِ وَتُسَمَّى الْغَرَّاءَ والْمَرْوَانِيَّةَ وإلَى عَشْرَةٍ وَهِيَ ذَاتُ الْفُرُوخِ وَلَا تَعُولُ إلَى أَكْثَرَ وَرُبُعٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ رُبُعٌ مَعَ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٌ مِنْ سُدُسٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ

_ في أصل المسألة بلا عول، إن تباينا، أو وفق إحداهما في الأخرى، إن توافقا،

وَتَصِحُّ بِلَا عَوْلٍ، كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَمٍّ وَتَعُولُ عَلَى الْإِفْرَادِ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وإلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ وإلَى سَبْعَةَ عَشَرَ كَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ وَتُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ وَلَا تَعُولُ إلَى أَكْثَرَ وَثُمُنٌ مَعَ سُدُسٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ أَوْ مَعَهُمَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَصِحُّ بِلَا عَوْلٍ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا وَأُخْتٍ وَتُسَمَّى الدِّينَارِيَّةَ والرِّكَابِيَّةَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ

_ ثم اضرب جزء السهم في نصيب أحد الورثة من إحدى المسألتين، واحفظ حاصله، ثم اضرب نصيبه من الأخرى في جزء سهمها، واحفظ حاصله، وانظر بين الحاصلين، وسم الفضل من حاصل ضرب إحدى المسألتين في الأخرى، وهكذا في بقية الورثة، ولك معرفة جزء السهم طريقان:

وَلَا تَعُولُ إلَى أَكْثَرَ وَتُسَمَّى الْبَخِيلَةَ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا والْمِنْبَرِيَّةَ. ; لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ عَنْهَا عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا فَصْلٌ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ الْفُرُوضُ الْمَالَ وَلَا عَصَبَةَ رُدَّ فَاضِلُ عَلَى كُلِّ ذِي فَرْضٍ بِقَدْرِهِ إلَّا زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً فَإِنْ رَدَّ عَلَى وَاحِدٍ أَخَذَ الْكُلَّ وَيَأْخُذُ جَمَاعَةٌ مِنْ جِنْسٍ كَبَنَاتٍ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُمْ فَخُذْ عَدَدَ سِهَامِهِمْ مِنْ أَصْلِ سِتَّةٍ فَإِنْ

_ أحدهما: أن تقسم الحاصل على كلٍّ من المسألتين، فما خرج، فهو جزء سهمها. والثاني: أن تعتبر كل مسألة، أو وفقها جزء سهم للأخرى. تنبيه: أن يكون الميت ذكرًا في كل مسألة أصلها ثمانية، أو أربعة وعشرون، أو ستة وثلاثون عند من أثبته. وفي عول الاثني عشر إلى سبعة عشر. وأن يكون أنثى في عول الستة إلى ثمانية، وإلى تسعة، وإلى عشرةٍ ويجوز أن يكون ذكرًا، وأن يكون أنثى في غير ذلك. قوله: (وإن اختلف جنسهم) أي: محلُّهم من الميت، كبنتٍ وبنتِ ابن.

انْكَسَرَ شَيْءٌ صَحَّتْ وَضَرَبْتَ فِي مَسْأَلَتِهِمْ لَا فِي السِّتَّةِ

_ قوله: (صحَّحت) أي: صححت المسألة. منصور البهوتي. قوله: (ضربت) أي جُزء السهم. منصور البهوتي. قوله: (في مسألتهم) أي: في أصلها بالرد، كما في المسألةِ العائلةِ. قوله: (لا في الستة) وأصل مسائل الرد أربعة: اثنان، وثلاثة، وأربعة، وخمسة. هذا إذا لم يكن زوج، أو زوجة، فإن كان، فالأصول خمسة: أربعة، وثمانية، وستة عشر، واثنان وثلاثون، وأربعون. فالأول: أصل لما إذا كان فرض الزوجية ربعًا، ومسألة الرد من ثلاثة. أو نصفا، ومسألة الرد من اثنين. والثاني: أصل لما إذا كان فرض الزوجية نصفا، ومسألة الرد من أربعة. والثالث: لما إذا كان ربعا، وهي من أربعة، والرابع: لما إذا كان ثمنا، وهي من أربعة، والخامس: لما إذا كان ثمناً، وهي من خمسة. هذا كله مع قطع النظر عن التصحيح؛ لأن أصل المسألة كما تقدم مخرج فرضها، أو فروضها. وقد ذكر المصنف رحمه الله الأصول التسعة في الرد: أربعة مع عدم الزوجين، وخمسة مع أحدهما. وتقدم في أصول المسائل أنها بلا رد، سبعة، أي: متفق عليها، وزاد بعضهم: الثمانية عشر للسدس وثلث الباقي، والستة والثلاثين للربع والسدس وثلث الباقي. فالأصول في البابين ستة عشر، أو ثمانية عشر، ولا يخفى التصحيح بعد ذلك. فتدبر.

فَجَدَّةٌ وَأَخٌ لِأُمٍّ مِنْ اثْنَيْنِ وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأُمٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَأُمٌّ وَبِنْتٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأُمٌّ وَبِنْتَانِ مِنْ خَمْسَةٍ وَلَا تَزِيدُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَوْ زَادَتْ سُدُسًا آخَرَ لَكَمُلَ ومَعَ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ يُقَسِّمُ مَا بَعْدَ فَرْضِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّدِّ، كَوَصِيَّةٍ مَعَ إرْثٍ فَإِنْ انْقَسَمَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَإِلَّا ضُرِبَتْ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ فَمَا بَلَغَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ فَزَوْجٌ وَجَدَّةٌ وَأَخٌ لِأُمٍّ فَتَضْرِبُ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ وَهِيَ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ وَهِيَ اثْنَانِ فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ومَكَانَ زَوْجٍ زَوْجَةٌ فَتَضْرِبُ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِهَا تَكُنْ ثَمَانِيَةً ومَكَانَ الْجَدَّةِ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ تَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ

_ قوله: (وإلا ضربت ... إلخ) أي: وإن لم ينقسم ما بقي بعد فرض أحد الزَّوجين على مسألة الرَّدِّ، ضربت مسألة الرد في مسألة الزوجية. ولم يقيِّد ذلك بالمباينة؛ لأنه لا يكون إلا كذلك، حيث لم ينقسم. لكن محله إذا لم تحتج إحدى المسألتين أو كلاهما إلى تصحيح، فإن احتاجتا، أو إحداهما إليه، وصحَّحت المنكسر قبل ضرب مسألة الرد في مسألة الزوجية، فقد تتأتى الموافقة، وأن أخرت التصحيح عن ذلك، جاز ولم تتأت الموافقة، والله أعلم.

ومَعَ الزَّوْجَةِ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ يَكُونُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ومَعَهُنَّ جَدَّةٌ تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعِينَ وَتُصَحَّحُ مَعَ كَسْرٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شِئْت صَحِّحْ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ ثُمَّ زِدْ عَلَيْهَا لِفَرْضِ الزَّوْجَةِ لِلنِّصْفِ مِثْلًا ولِلرُّبُعِ ثُلُثًا ولِلثُّمُنِ سُبُعًا وابْسُطْ مِنْ مَخْرَجِ كَسْرٍ لِيَزُولَ

_

باب تصحيح المسائل

بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ إذَا انْكَسَرَ سَهْمُ فَرِيقٍ عَلَيْهِ ضَرَبْتَ عَدَدَهُ إنْ بَايَنَ سِهَامَهُ أَوْ وَفْقَهُ لَهَا إنْ وَافَقَهَا بِنِصْفٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ وَيَصِيرُ لِوَاحِدِهِمْ مَا كَانَ لِجَمَاعَتِهِمْ أَوْ وَفْقَهُ وعَلَى فَرِيقَيْنِ فَأَكْثَرَ

_ باب تصحيح المسائل أي: تحصيل أقل عدد ينقسم يخرج منه نصيب كل وارث صحيحًا بلا كسرٍ. ويتوقف على أمريْن: معرفة أصل المسألة وقد تقدَّم. ومعرفة جزء السهم وقد أخذ فيما يعلم به، فقال: (إذا انكسر ... إلخ). منصور البهوتي. قوله: (سهم فريقٍ) أي: جماعةٍ اشتركوا في فرضٍ، أو ما أبقت الفروض. قوله: (إن باين) أي: عدد الفريق. قوله: (ما كان) أي: مثله. وقوله: (لجماعتهم) أي: عند التباين. قوله: (أو وفقه) أي: وفق ما كان لجماعتهم عند التوافق. منصور البهوتي. قوله: (فأكثر) أي: كثلاثة، وأربعةٍ، ولا يتجاوزها في الفرائض.

ضَرَبْتَ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ الْمُتَنَاسِبَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْأَقَلُّ جُزْءًا لِلْأَكْثَرِ كَنِصْفِهِ وَنَحْوِهِ أَوْ وَفْقَهُمَا أَوْ بَعْضَ الْمُتَبَايِنِ فِي بَعْضِهِ إلَى آخِرِهِ أَوْ وَفْقَ الْمُتَوَافِقَيْنِ

_ قوله: (ضربت أحد المتماثلين) كزوج، وثلاثِ جدَّاتٍ، وثلاثة إخوة لأم، أو أربعة إخوة لأم، واثني عشر عمًا. قوله: (أو أكثر المتناسبين) كزوج، وثلاثة إخوة لأم، وتسعة أعمام. قوله: (أو وفقهما) بالنصب عطفًا على مفعول (ضربت) - والضمير راجع لـ (أحد المتماثلين وأكثر المتناسبين) - ومحل ذلك فيما إذا كان الكسر على ثلاثة أحياز. كما في «شرحه» أي: ضربت وفق أحد المتماثلين للثالث فيه، وأكثر المتناسبين للثالث فيه، مثال الموافقة بين أحد المتماثلين. والثالث: أربع زوجاتٍ، وثمانية وأربعون شقيقةً، وستة أعمامٍ. ومثال الموافقة مع أكبر المتناسبين: أربع زوجاتٍ، وثلاث شقيقات، وستة أعمام. قوله أيضًا على قوله: (أو وفقها) كأربعة إخوةٍ لأم، واثني عشر عمًا. قوله: (في بعضه) كجدَّتين، وخمس بناتٍ، وثلاثة أعمام. قوله: (إلى آخره) جزء الشيء: كسره الذي إذا سلط عليه أفناه، فهو أخصُّ من الكسر.

كَأَرْبَعَةٍ وَسِتَّةٍ وَعَشَرَةٍ فَتَقِفُ أَيَّهَا شِئْتَ، وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفَ الْمُطْلَقَ فِي كُلِّ الْآخَرِ ثُمَّ وَفْقُهُمَا فِيمَا بَقِيَ

_ قوله: (كأربعة ... إلخ) مثال ذلك: أربع زوجاتٍ، وثمانية وأربعون أختا لغير أمٍّ، وعشر أعمامٍ. قوله: (في كلِّ الآخر) أي: ضربت وفق المتوافقين في كلِّ الآخر. وهذا ظاهر فيما إذا كان الكسر على فريقين، فإن كان على أكثر، فالعبارة غير محرَّرة؛ لعدم تمحُّضها إذن على مذهب البصريين، ولا على مذهب الكوفيين، فإن ظاهر المتن مع في «شرحه»: مركب من الطريقين، فإن الظاهر: أن الموقوف إنما يتأتى على طريق البصريين؛ وذلك لأنه متى وقع الانكسار على ثلاثة أحياز، وكانت متوافقةً، فإن طريق البصريين: أنك تقفُ أحدها أياً شئت، ويُسمى -ما تقفه- الموقوف المطلق، كما ذكره المصنف، ثم توافق بين الموقوف، وبين الآخرين، وتردُّ كلا منهما إلى وفقه، ثم تنظر في الوفقين فإن ثماثلا، ضربت إحدهما في الموقوف، ثم في الموقوف، أو تناسبا ضربت أكثرهما فيه، أو تباينا، ضربت أحدهما في الآخر، ثم في الموقوف، أو توافقا، ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم في الموقوف، فما بلغ ضربتَهُ في المسألة. وأما طريقُ الكوفيين: فإنَّك تضرب - ابتداءً من غير وَقْفٍ- وفق أحدهما في جميع الآخر، فما بلغ، وافقت بينَه وبين الثالث، فتضربُ وفْقَ أحدِهما

_ في جميع الآخر، وهذا - أعني: ضرب وفق مبلغ الأوليين في الثالث - هو المراد بقول المصنف: (ثم وفقهما فيما بقي) أي: ثم وفق الوفقين في الثالث. فتدبر. قوله أيضًا على قوله: (في كل الآخر ... إلخ) الظَّاهر: أن كلام المتن مع ما في «شرحه» مركب من طريقي الكوفيين والبصريين، ويتبين ذلك ببيان الطريقين، فاعلم: أنه إذا اجتمع ثلاثة أعدادٍ فأكثر، وطلب منك تحصيل أقل عدد ينقسم عليها - ومنه ما ذكره المصنف وغيره - من الانكسار على أكثر من فريقين، كأربعةٍ، وستَّة، وعشرةٍ. فطريق الكوفيين: أن تنظر بين الأربعة والستة مثلا تجدهما متوافقين، فمسطح وفق أحدهما في جميع الآخر أقل عدد ينقسم عليهما، وذلك اثنا عشر، فانظر بين الاثني عشر والعشرة كذلك، تجد أقل عددٍ ينقسم عليهما ستين. وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن الهائم في «ألفيته» بقوله: فالمنهج الكوفي أن تعتبرا ... عدين منها كيف ما تيسرا محصِّلا أقل عد ينقسم ... عليهما فذين مثل ما رسم

_ وما بدا اعتبر بثالثٍ علم ... محصلا أقل عدٍّ ينقسم عليهما والحاصل اعتبر بما ... يربع واعمل مثل ما تقدما وهكذا لآخر الأعداد ... فاعمل تقز إذ ذاك بالمراد وأما طريق البصريين: فهي أن تقف واحدًا منها أيًا كان، ثم تعرض على هذا الموقوف بقيةَ الأعداد واحدًا بعد واحدٍ، فما كان منها مماثلا للموقوف، أو داخلاً فيه، فأسقِطه، وما كان منها موافقًا له، فردَّه إلى وفقه، وما كان مباينًا، فأبقه بحاله، ثمَّ إن زادت المثبتات المعروضةُ على الموقوف على اثنين، فإنَّك تقف منها واحدًا، وتفعل فيه كما تقدَّم، وهكذا إلى أن يبقى عدد واحد، أو عددان، فإن بقي واحد، فاضربه في مسطح الموقوفات، وإن بقي عددان، فاطلب أقلَّ عدد ينقسم عليهما، فما حصل، فاضربه في مسطح الموقوفات. ففي المثال المذكور تقف العشرة مثلا، وتنظر بينها وبين كلٍّ من الأربعة والستة، فترد الأربعة لاثنين، والستة لثلاثةٍ للتوافق، ثم اضرب الاثنين في الثلاثة، والحاصل - وهو ستة - في العشرة الموقوفة بستين. ويسمى الموقوف في المثال المذكور ونحوه الموقوف المطلق؛ لعدم تعيُّن وقف واحدٍ بعينه، وقد يتعين وقف واحدٍ من الأعداد عندهم؛ وذلك بأن يوافق أحد الأعداد كل ما سواه مع تباين ما سواه، كما في مثال المصنف أيضا، أعني: ستة وأربعة وتسعة، فيتعيَّن وقف الستَّةِ. والأحسن في هذا المقيَّد أن تسطح المتباينين فقط؛ بأن تضرب الأربعة في التسعة بستةٍ وثلاثين. وإلى هذا أشار ابن الهائم أيضًا بقوله:

وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُوَافِقُ الْآخَرَيْنِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ كَسِتَّةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَتِسْعَةٍ فَتَقِفُ السِّتَّةَ فَقَطْ وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفُ الْمُقَيَّدُ وَأَجْزَأَك

_ في المنهج البصري قف منها عدد ... والأكبر الأولى بوفق معتمد وما سوى الموقوف منها قابلا ... به وأسقط داخلا مماثلا وأثبتن مباينا وراجعا ... وقف من المثبت عدا تابعا إن زاد عدها على عدين ... واعمل به كأوَّل الوقفين من اعتباره بباقي المثبت ... مراعيًا لحكم كلِّ نسبةِ فإن تزد أيضًا فثالثاً قف ... وكلَّما بينته لك اقتفِي وهكذا إلى بقاءِ عدد ... أو عددين والذي به ابتدي فاضربه في مضروب كلما وقف ... أي بعضه في البعض مثل ما عرف وحيث يبقى عددان اطلب أقل ... ما ينقسم عليهما فما حصل فاضربه في محصلٍ مما وقف ... بضربه تظفر بمطلوبٍ وصف ورب عد وقفه تعينا ... وذاك إن وافق ما تباينا أو ما تباينتْ وبالمقيد ... سماه بصريون فاقهم واقتد مثاله طود فواو يوقف ... وغيره التخيير فيه يعرفُ وفي مقيد وقفت حسنا ... تركيبُ غيره بضرب زكنا

ضَرْبُ أَحَدِ الْمُتَبَايِنَيْنِ فِي كُلِّ الْآخَرِ فَمَا بَلَغَ يُسَمَّى جُزْءَ السَّهْمِ بِضَرْبِ جُزْءِ السَّهْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ فَإِذَا قَسَمْتَ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَضْرُوبٌ فِي عَدَدِ جُزْءِ لسَّهْمِ، فَمَا بَلَغَ فلِلْوَاحِدِ أَوْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَمَتَى تَبَايَنَ أَعْدَادُ الرُّءُوسِ وَالسِّهَامِ كَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ، وَثَلَاثِ جَدَّاتٍ، وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ سُمِّيَتْ صَمَّاءَ وَلَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوَاعِدِنَا مَسْأَلَةُ الِامْتِحَانِ، وَهِيَ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَخَمْسُ جَدَّاتٍ وَسَبْعُ بَنَاتٍ وَتِسْعُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ. لِأَنَّا لَا نُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ

_ قوله: (جزء السَّهم) أي: خظ الواحد من أسهم المسألة مما صحَّت منه، بمعنى: أنك إذا قسمت مصحح المسألة عليها، خرج لكلِّ سهم منها ذلك العددُ؛ لأنه متى قُسم الحاصل على أحدِ المضروبَين، خرج المضروبُ الآخر. منصور البهوتي.

باب المناسخات

بَابُ المناسخات الْمُنَاسَخَاتِ أَنْ يَمُوتَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ أَوْ بَعْضُهُمْ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ وَلَهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ أَنْ يَكُونَ وَرَثَةُ الثَّانِي يَرِثُونَهُ كَالْأَوَّلِ كَعَصَبَةٍ لَهُمَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَ مَنْ بَقِيَ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْأَوَّلِ

_ قوله: (ولها ثلاث صور) أي: معلومةٍ بالحصرِ. قوله: (كالأول) أي: على حسبِ ميراثِهم من الأوَّل، كإخوة، أو أعمام، للأوَّل والثاني وما بعده. ومن أمثلة ذلك: لو مات إنسان عن أربعة بنين وثلاث بناتٍ، ثم قبل القسمة ماتت بنتٌ، ثم ابن، ثم بنت، ثم ابن، فبقي ابنان وبنت، فاقسم المال على خمسة، ولا يحتاج إلى عمل. وقد يتفق ذلك في أصحاب الفروض في مسائل يسيرة، كزوجة، وثلاثة بنين، وبنتٍ منها، ثم مات أحد البنين قبل القسمة، فإن الزوجة كبنت في المسألتين، فتقسم على ورثة الثاني فقط.

الثَّانِيَة: أَنْ لَا تَرِثَ وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ غَيْرَهُ كَإِخْوَةٍ خَلَّفَ كُلُّ مِنْهُمْ بَنِيهِ. فَاجْعَلْ مَسَائِلَهُمْ كَعَدَدٍ انْكَسَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُهُ وَصَحِّحْ كَمَا ذُكِرَ الثَّالِثَةُ: مَا عَدَاهُمَا فَصَحِّحْ الْأُولَى وَاقْسِمْ سَهْمَ الْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَإِنْ انْقَسَمَ صَحَّتَا مِنْ الْأُولَى كَرَجُلٍ خَلَّفَ زَوْجَةً وَبِنْتًا وَأَخًا ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ وَعَمِّهَا فَلَهَا أَرْبَعَةٌ وَمَسْأَلَتُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ فَصَحَّتَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَإِلَّا فَإِنْ وَافَقَتْ سِهَامُهُ مَسْأَلَتَهُ ضَرَبْتَ وَفْقَ مَسْأَلَتِهِ فِي الْأُولَى ثُمَّ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ سِهَامِ الثَّانِي، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ أُمًّا لِلْبِنْتِ الْمَيِّتَةِ فَتَصِيرُ مَسْأَلَتُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ تُوَافِقُ سِهَامَهَا بِالرُّبُعِ فَتَضْرِبُ رُبُعَهَا ثَلَاثَةً فِي الْأُولَى تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَإِلَّا ضَرَبْتَ الثَّانِيَةَ فِي الْأُولَى ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ مَضْرُوبًا فِي سِهَامِ الْمَيِّتِ الثَّانِي كَأَنْ تُخَلِّفَ الْبِنْتُ بِنْتَيْنِ فَإِنَّ

_ قوله: (خلف كل بنيه) كثلاثة إخوة، أو بنين، مات أحدهم عن ابنين، ثم آخر عن زوجة، وثلاثة بنين، وبنت، ثم الآخر عن خمسة بنين.

مَسْأَلَتَهَا تَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ تَضْرِبُهَا فِي الْأُولَى تَكُنْ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَإِنْ مَاتَ ثَالِثٌ فَأَكْثَرُ جَمَعْتَ سِهَامَهُ مِنْ الْأُولَيَيْنِ فَأَكْثَرَ وَعَمِلْتَ كَثَانٍ مَعَ أَوَّلٍ وَاخْتِصَارُ الْمُنَاسَخَاتِ أَنْ تُوَافِقَ سِهَامَ الْوَرَثَةِ بَعْدَ التَّصْحِيحِ بِجُزْءٍ كَنِصْفٍ وَخُمْسٍ وَجُزْءٍ مِنْ عَدَدٍ أَصَمَّ كَأَحَدَ عَشَرَ، فَتَرُدَّ الْمَسَائِلَ إلَى ذَلِكَ الْجُزْءِ وَتَرُدَّ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ إلَيْهِ وَإِذَا مَاتَتْ بِنْتٌ مِنْ بِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ سَأَلَ عَنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَالْأَبُ جَدٌّ فِي الثَّانِيَة وَيَصِحَّانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ وَإِلَّا فأَبُو أُمٍّ فَلَا يَرِثُ شَيْئًا وَيَصِحَّانِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتُسَمَّى الْمَأْمُونِيَّةَ

_

باب قسم التركات

بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ ذَا أَمْكَنَ نِسْبَةَ سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ الْمَسْأَلَةِ بِجُزْءٍ فَلَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِنِسْبَتِهِ وَإِنْ قَسَمْتَ التَّرِكَةَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ أَوْ وَفْقَهَا عَلَى وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ وَضَرَبْتَ الْخَارِجَ فِي سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ خَرَجَ حَقُّهُ وَإِنْ عَكَسْتَ فَقَسَمْتَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّرِكَةِ وَقَسَمْت عَلَى مَا خَرَجَ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ بَعْدَ بَسْطِهِ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجِ خَرَجَ حَقُّهُ وَإِنْ قَسَمْت الْمَسْأَلَةَ عَلَى نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ ثُمَّ التَّرِكَةَ عَلَى خَارِجِ الْقِسْمَةِ خَرَجَ حَقُّهُ وَإِنْ ضَرَبْتَ سِهَامَهُ فِي التَّرِكَةِ وَقَسَمْتَهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ خَرَجَ نَصِيبُهُ وَإِنْ شِئْتَ قَسَمْتَ التَّرِكَةَ فِي الْمُنَاسَخَاتِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثُمَّ نَصِيبَ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَتِهِ وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ وَإِنْ قَسَمْتَ عَلَى قَرَارِيطِ الدِّينَارِ فَاجْعَلْ عَدَدَهَا كَتَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ وَاعْمَلْ عَلَى مَا ذُكِرَ وَتَجْمَعُ تَرِكَةً هِيَ جُزْءٌ مِنْ عَقَارٍ وَكَثُلُثٍ وَرُبُعٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ قَرَارِيطِ الدِّينَارِ كَمَا ذُكِرَ أَوْ تَأْخُذُ مِنْ مَخْرَجِهَا وَتَقْسِمُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ

_ باب قسم التركات

فَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ وَافَقْتَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَضَرَبْتَ الْمَسْأَلَةَ أَوْ وَفْقَهَا فِي مَخْرَجِ سِهَامِ الْعَقَارِ ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَضْرُوبٌ فِي السِّهَامِ الْمَوْرُوثَةِ مِنْ الْعَقَارِ أَوْ وَفْقِهَا فَمَا كَانَ فَانْسِبْهُ مِنْ الْمَبْلَغِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ نَصِيبُهُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: لَا حَاجَةَ لِي بِالْمِيرَاثِ اقْتَسَمَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَيُوقَفُ سَهْمُهُ

_

باب ذوي الأرحام

بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُمْ كُلُّ قَرَابَةٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا بِعَصَبَةٍ وَأَصْنَافُهُمْ أَحَدَ عَشَرَ وَلَدُ الْبَنَاتِ لِصُلْبٍ أَوْ لِابْنٍ ووَلَدُ الْأَخَوَاتِ وبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وبَنَاتُ الْأَعْمَامِ ووَلَدُ وَلَدِ الْأُمِّ والْعَمُّ لِأُمٍّ والْعَمَّاتُ والْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وأَبُو الْأُمِّ

_ باب ذوي الأرحام جمع رحم، ككتفٍ: بيت منبت الولد، ووعاؤه، والقرابة، أو أصلها وأسبابها. «قاموس». قوله: (وهم: كل قرابة ... إلخ) أي: في اصطلاح الفقهاء في باب الفروض. منصور البهوتي. قوله: (وبنات الأعمام) أي: أشقاء، أو لأب. وأما الأعمام لأم، فلا خصوص لبناتهم، بل جميعُ أولادهم الذكور والإناث من ذوي الأرحام كآبائهم، وهم داخلون في قول المصنف فيما سيأتي: (ومن أدلى بهم). قوله: (والعمات) يعني: لأبوين، أو لأبٍ، أو لأمٍ، وسواء في ذلك عمَّات الميت، وعمَّات أبيه، وعمَّات جده، وإن علا. قوله: (والأخوال) أي: لأبوين، أو لأبٍ، أو لأمٍّ، وكذا خالات أبيه، وأخواله، وأخوال أمه وخالاتها، وأخوال وخالات جده وإن علا من قبل الأب، أو الأم.

وكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ لِأَبٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ أَوْ أَعْلَى مِنْ الْجَدِّ ومَنْ أَدْلَى بِهِمْ وَيُورَثُونَ بِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ فَوَلَدُ بِنْتٍ لِصُلْبٍ أَوْ لِابْنٍ وَوَلَدُ أُخْتٍ كَأُمِّ كُلٍّ وَبِنْتُ أَخٍ وعَمٍّ وَوَلَدُ وَلَدِ أُمٍّ كَآبَائِهِمْ وَأَخْوَالٌ وَخَالَاتٌ وَأَبُو أُمٍّ كَأُمٍّ وَعَمَّاتٌ وَعَمٌّ مِنْ أُمٍّ كَأَبٍ وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ وَأَبُو أُمِّ أَبٍ وَأَخَوَاتُهُمَا وَأُخْتَاهُمَا وَأُمُّ أَبِي جَدٍّ بِمَنْزِلَتِهِمْ

_ قوله: (ومن أدلى بهم) أي: بمن ذكر، أي: بصنفٍ منهم، كعمة العمة، وخالة الخالة، وعمة العم لأم، وأخيه وعمه لأبيه، وأبي أبي الأم وعمه وخاله. قوله: (كآبائهم) فيه تغليب المذكر على المؤنث؛ لأن ولد الأم قد يكون أنثى فتكون أولادها كهي، ويمكن أن يقال: إن ولد الأخت لأم دخل في قوله: (وولد أخت) أي: من كل جهة، ويكون المراد من قوله: (ولد أمٍّ): الذكور فقط، والله أعلم. قوله: (وخالات) أي: من قبل الأم. قوله: (بمنزلتهم) فيه تغليب أيضًا؛ لأن المدلى به هنا أنثيان، وهما: أم الأب، وأم الأم، وذكرٌ، وهو: أبو أمِّ الجد. وقوله: (وأخواهما وأختاهما) أي: أخوا أم الأب وأم الأم وأختاهما، والمعنى: أن أبا أم الأب وأخاها وأختها بمنزلتها، وأن أبا أم الأم وأخاها وأختها بمنزلتها، فأخو أم الأب وأختها،

ثُمَّ تَجْعَلُ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ أَنَّهُمَا نَزَّلَا بِنْتَ الْبِنْتِ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ وَبِنْتَ الْأَخِ مَنْزِلَةَ الْأَخِ وَبِنْتَ الْأُخْتِ مَنْزِلَةَ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةَ مَنْزِلَةَ لْأَبِ وَالْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ فَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِوَارِثٍ وَاسْتَوَتْ مَنْزِلَتُهُمْ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لَهُمْ ذَكَرٌ كَأُنْثَى فَبِنْتُ أُخْتٍ وَابْنٌ وَبِنْتٌ لِ أُخْرَى. لِ الْأُولَى النِّصْفُ وَلِ الْأُخْرَى وَأَخِيهَا النِّصْفُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جَعَلَتْهُ كَالْمَيِّتِ وَقَسَمْت نَصِيبَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَثَلَاثِ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَثَلَاثِ عَمَّاتٍ كَذَلِكَ فَالثُّلُثُ بَيْنَ الْخَالَاتِ عَلَى خَمْسَةٍ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْعَمَّاتِ كَذَلِكَ فَاجْتَزِئْ بِإِحْدَاهُمَا وَاضْرِبْهَا فِي ثَلَاثَةٍ تَكُنْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْخَالَةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ ثَلَاثَةٌ ومِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَهْمٌ ومِنْ قِبَلِ الْأُمِّ سَهْمٌ ولِلْعَمَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ سِتَّة، وَلِلْعَمَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَهْمَانِ، ومِنْ قِبَلِ الْأُمِّ سَهْمَانِ

_ خالُ الأب وخالته، وكذا أخو أم الأم وأختها، خال الأم وخالته، ويحتمل أنَّ الضمير في قوله: (وأخواهما وأختاهما) عائد إلى أبي أم الأب وأبي أم الأم، فيكون المعنى: أن أخا أبي أم الأب وأخته بمنزلته، فأخو أبي أم الأب وأخته، عم لأم الأب وعمَّةٌ له، وأن أخا أبي أم الأم وأخته بمنزلته، وهما

وَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ أَخْوَالٍ مُفْتَرِقِينَ فَلِذِي الْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِذِي الْأَبَوَيْنِ وَيُسْقِطُهُمْ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَ بَنَاتِ عُمُومَةٍ مُفْتَرِقِينَ فَالْكُلُّ لِبِنْتِ ذِي الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِجَمَاعَةٍ جُعِلَ كَأَنَّ الْمُدْلَى بِهِمْ أَحْيَاءٌ وَأُعْطِيَ نَصِيبُ كُلِّ وَارِثٍ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَمِلَ بِهِ وَيُسْقِطُ بَعِيدٌ مِنْ وَارِثٍ بِأَقْرَبَ إلَّا إنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ فَيَنْزِلُ بَعِيدٌ حَتَّى يَلْحَقَ بِوَارِثٍ سَقَطَ بِهِ أَقْرَبُ أَوَّلًا كَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ الْكُلُّ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ وَخَالَةُ أَبٍ وَأُمُّ أَبِي أُمٍّ الْكُلُّ لِلثَّانِيَةِ

_ عم لأم الأم وعمَّة لها. فتدبر. قوله: (وإن أدلى جماعة ... إلخ) هذا علم من قوله قبل: (ويورثون بتنزيلهم منزلة من أدلوا به) ثم يجعل نصيب كل وارث لمن أدلى به. وإنما أعاده ليرتب عليه قوله: (وإن أسقط بعضهم بعضا عمل به) أي: وإن أسقط بعض المدلى بهم بعضًا منهم، أي: من المدلى بهم، عمل به، فلا يورث من أدلى بالبعض السَّاقط. قوله: (وخالة أبٍ) يعني: بمنزلة أختها أم الأب، وأم الأب جدة، وأما أم أبي الأم، فكالأم، والأم تُسقط الجدة.

وَالْجِهَاتُ ثَلَاثَةٌ أُبُوَّةٌ وأُمُومَةٌ وبُنُوَّةٌ فَتَسْقُطُ بِنْتُ بِنْتِ أَخٍ بِبِنْتِ عَمِّهِ وَيَرِثُ مُدْلٍ بِقَرَابَتَيْنِ بِهِمَا وَلِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَ ذِي رَحِمٍ فَرْضُهُ بِلَا حَجْبٍ وَلَا عَوْلَ وَالْبَاقِي لَهُمْ كَانْفِرَادِهِمْ فَلِبِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ أُخْتٍ أَوْ أَخٍ لَا لِأُمٍّ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِيَّةِ الْبَاقِي بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَعُولُ هُنَا إلَّا سِتَّةٌ إلَى سَبْعَةٍ كَخَالَةٍ وَسِتِّ بَنَاتٍ وَسِتِّ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَكَأَبِ أُمٍّ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ وَثَلَاثِ بَنَاتِ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَمَالُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ وَارِثَهُ وإنَّمَا يَحْفَظُ الْمَالَ الضَّائِعَ وَغَيْرَهُ فَهُوَ جِهَةٌ وَمَصْلَحَةٌ

_ قوله: (أبوة) يدخل فيها فروع الأب، من الأجداد والجدات السواقط، وبنات الإخوة، وأولاد الأخوات، وبنات الأعمام والعمات وأولادهن، وعمات الأب وعمات الجد وإن علا. ويدخل في الأمومة فروع الأم، من الأخوال والخالات، وأعمام الأم وأعمام أبيها وأمِّها، وعمات الأم وعمات أبيها وأمها، وأخوال الأم وأخوال أبيها وأمها، وخالات الأم وخالات أبيها وأمها. ويدخل في البنوة أولادُ البناتِ وأولاد بنات الابن. قوله: (بقرابتين) يعني: أو بأكثر.

باب ميراث الحمل

بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ مَنْ مَاتَ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ فَطَلَبَ بَقِيَّةُ وَرَثَتِهِ الْقِسْمَةَ وُقِفَ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ إرْثِ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ وَدُفِعَ لِمَنْ لَا يَحْجُبُهُ إرْثُهُ ولِمَنْ يَحْجُبُهُ الْحَمْلُ حَجْبَ نُقْصَانٍ أَقَلَّ مِيرَاثِهِ وَلَا يُدْفَعُ لِمَنْ يُسْقِطُهُ شَيْءٌ فَإِذَا وُلِدَ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَرُدَّ مَا بَقِيَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيَرِثُ وَيُوَرَّثُ إذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا أَوْ عَطَسَ أَوْ تَنَفَّسَ

_ باب ميراث الحمل الحمل، بفتح الحاء: ما في بطن الحبلى. وبالكسر: مصدرُ حمل الشيء على ظهره، أو رأسه. وفي حمل الشجرة الوجهان. ذكرهما ابنُ دريدٍ. ويقال: امرأة حامل وحاملةٌ، إذا كانت حبلى، فإذا حملت شيئا على ظهرها، أو على رأسها، فهي حاملةٌ لا غير. قوله: (فطلب بقية ووثته) يعني: أو طلب بعضهم. قوله: (استهل صارخًا) أي: بعد وضعه. وقوله: (استهلَّ) قيل: بالبناء للمفعول، وقيل: بالبناء للفاعل، ومعناه: خرج صارخًا. وأما أهل المولود، فالبناء للفاعل، ومعناه ما تقدم، كما في «المصباح». وقال الجوهري وغيره: استهل المولود: إذا صاح عند الولادة. انتهى. وعليه فقوله: (صارخًا) حال مؤكدة. فتدبر.

أَوْ ارْتَضَعَ أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى حَيَاةٍ كَحَرَكَةٍ طَوِيلَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَكَمَا لَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَإِنْ اخْتَلَفَ مِيرَاثُ تَوْأَمَيْنِ وَاسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا وَأُشْكِلَ أُخْرِجَ بِقُرْعَةٍ وَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ بِدَارِنَا عَنْ حَمْلٍ مِنْهُ لَمْ يَرِثْهُ وَكَذَا مِنْ كَافِرٍ غَيْرِهِ. كَأَنْ يُخَلِّفَ أُمَّهُ حَامِلًا مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ فَتُسْلِمُ قَبْلَ وَضْعِهِ وَيَرِثُ صَغِيرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مِنْهُ

_ قوله: (ونحوها) كسُعال، لا بحركة يسيرةٍ، أو اختلاج، أو تنفس يسير؛ لأنها لا تدل على حياة مستقرة، ولو عملت الحياة إذن؛ لأنه لا يعلم استقرارها. قال منصور البهوتي: فيؤخذ منه أن المولود لدون ستة أشهر لا يرث بحالٍ، للقطع بعدم استقرار حياته، فهو كالميت. قوله: (لم يرثه) قال في «الإنصاف»، و «تصحيح الفروع»: على الصحيح من المذهب، نص عليه. انتهى. وهو مبني على أنه لا يرث إلا بخروجه، فلا يثبت له الملك حتى ينفصل حيا، وقبل: يثبت له الملك بمجرَّد موت مورثه، ويتبيَّن ذلك

وَمَنْ خَلَّفَ أُمًّا مُزَوَّجَةً ووَرَثَةً لَا تَحْجُبُ وَلَدَهَا لَمْ تُوطَأْ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ لِيُعْلَمَ أَحَامِلٌ أَوْ لَا؟ فَإِنْ وُطِئَتْ وَلَمْ تُسْتَبْرَأْ فَأَتَتْ بِهِ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْ وَطْئِهِ لَمْ يَرِثْهُ والْقَائِلَةُ إنْ أَلِدْ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ وَلَمْ أَرِثْ وَإِلَّا وَرِثْنَا: هِيَ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ قَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ وَهُوَ حُرَّانِ وَمَنْ خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَامْرَأَةَ أَبٍ حَامِلًا فَهِيَ الْقَائِلَةُ: إنْ أَلِدْ أُنْثَى وَرِثْتُ لَا ذَكَرًا

_ بخروجه حيَّاً، وعليه فيرث هنا؛ لأنه حين موت مورثه كان كافرًا كمورثه. قال في «القواعد الفقهية»: وهذا الخلاف مطرد في سائر أحكامه الثابتة، هل هي معلَّقة بشرط انفصاله حيَّاً، فلا تثبت قبله. أو هي ثابتة له في حال كونه حملا، لكن ثبوتها مراعى بانفصاله حياً، فإذا انفصل حياً تبينا ثبوتها من حين وجود أسبابها؟ وهذا هو تحقيق معنى قول من قال: هل الحمل له حكم، أم لا؟ . انتهى. «حاشية الإقناع».

باب ميراث المفقود

بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَأَسْرٍ وَتِجَارَةٍ وَسِيَاحَةٍ، اُنْتُظِرَ بِهِ تَتِمَّةُ تِسْعِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ فإنْ فُقِدَ ابْنُ تِسْعِينَ اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ فَقْدِهِ ْهَلَاكَ كَمِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ أَوْ فِي مَهْلَكَةٍ كَدَرْبِ الْحِجَازِ أَوْ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ حَالَ الْحَرْبِ أَوْ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ وَغَرِقَ قَوْمٌ وَنَجَا قَوْمٌ. اُنْتُظِرَ بِهِ تَتِمَّةُ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ فُقِدَ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَالُهُ وَيُزَكَّى قَبْلَهُ لِمَا مَضَى وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ قَسْمِ أَخَذَ مَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ وَرَجَعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ الْبَاقِي فَإِنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ زَمَنَ التَّرَبُّصِ

_ باب ميراث المفقود هو: من لا تعلم له حياة، ولا موت؛ لانقطاع خبره. منصور البهوتي. قوله: (ظاهرها) أي: الغالب عليى الظن في تلك الغيبة. قوله: (السلامة) أي: بقاء حياته. قوله: (أو في مهلكة) أي: أرضٍ يكثر فيها.

أَخَذَ كُلُّ وَارِثٍ الْيَقِينَ وَوَقَفَ الْبَاقِي فَاعْمَلْ مَسْأَلَةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَوْتِهِ ثُمَّ اضْرِبْ إحْدَاهُمَا أَوْ وَفْقَهَا فِي الْأُخْرَى وَاجْتَزِئْ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا وبِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا وَيَأْخُذُ وَارِثٌ مِنْهُمَا لِإِسْقَاطِ إحْدَاهُمَا فِي الْيَقِينِ فَإِنْ قَدِمَ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهِ وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ الصُّلْحُ عَلَى مَا زَادَ عَنْ نَصِيبِهِ فَيَقْتَسِمُونَهُ كَأَخٍ مَفْقُودٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ مَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ والْمَوْتِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ لِلزَّوْجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِلْأُمِّ تِسْعَةٌ وَلِلْجَدِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ تِسْعَةٌ

_ قوله: (اليقين) وهو مالا يمكن أن ينقص عنه مع حياة المفقود، أو موته. قوله: (وإلا) أي: وإن لم يقدم المفقود، بل استمر مفقودًا مجهول الحال، أو علم موتُه بعد موت مورثه، لا إن علم موته قبله، أو علم موته وشكَّ هل كان قبل مورثه، أو بعده، كما يعلم مما سيأتي، فأحوال المفقود خمسة: لأنه إما أن يقدم، أو لا. وعلى الثاني: إما أن يستمرَّ مجهول الحالِ، أو لا. وعلى الثاني: إما أن يُعلم موته قبل مورثه أو بعده، أو يشكَّ، فيحكم بإرثه من مورثه في ثلاثة، ولا شيء له في حالين، وهما: ما إذا علم موته قبل مورِّثه، أو عُلم موتُه وشكَّ. فتدبر.

وَلِلْأُخْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْمَفْقُودِ سِتَّةٌ يَبْقَى تِسْعَةٌ وعَلَى كُلِّ الْمَوْقُوفِ إنْ حَجَبَ أَحَدًا وَلَمْ يَرِثْ أَوْ كَانَ أَخًا لِأَبٍ عَصَّبَ أُخْتَهُ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَإِنْ بَانَ مَيِّتًا قَبْلَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فَالْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَمَفْقُودَانِ فَأَكْثَرُ كَخَنَاثَى فِي تَنْزِيلِ وَمَنْ أُشْكِلَ نَسَبُهُ فَكَمَفْقُودٍ وَمَنْ قَالَ: ابْنَيْ أَمَتَيْهِ أَحَدُهُمَا ابْنِي ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا فَيُعَيِّنُهُ فَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَرَى الْقَافَةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَتَقَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَا رَقِيقَيْهِ بِقُرْعَةٍ وَلَا يَتَّزِع فِي نَسَبٍ وَلَا يَرِثُ

_ قوله: (يبقى تسعة) لا حق للمفقود فيها، بل إن كان حيًا، فهي للزوج، وإن كان ميتًا، فهي مع نصيب المفقود بين الأم والجد والأخت، ومجموعهما خمسة عشر، للأمِّ منها ثلاثة، وللجدِّ سبعة، وللأخت خمسة. قوله: (ولم يرث) كجدٍّ وشقيق وأخ لأب. قوله: (ومن أشكل نسبه ... إلخ) يعني: ورجي انكشافه. قوله: (عن ابني أمتيه) أي: المجهولي النَّسب. قوله: (أحدهما ابني) يعني: وأمكن كونهما منه. قوله: (فيعينه) أي: يؤمر بذلك. قوله: (ولا يرث) أي: من عتق منهما بقرعة.

وَلَا يُوقَفُ وَيُصْرَفُ نَصِيبُ ابْنٍ لِبَيْتِ الْمَالِ

_ قوله: (لبيت المال) لأنه لا حقَّ لباقي الورثة فيه، ومالكه مجهولٌ.

باب ميراث الخنثى

بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى وَهُوَ مَنْ لَهُ شَكْلُ ذَكَرِ رَجُلٍ وفَرْجِ امْرَأَةٍ وَيُعْتَبَرُ أَمْرُهُ بِبَوْلِهِ فَسَبَقَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فمُشْكِلٌ فَأَرْجَى كَشْفُهُ لِصِغَرِ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينُ وَوَقَفَ الْبَاقِي لِتَظْهَرَ ذُكُورِيَّتُهُ بِنَبَاتِ لِحْيَتِهِ أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ ذَكَرِهِ أَوْ أُنُوثِيَّتَهُ بِحَيْضٍ أَوْ تَفَلُّكَ ثَدْيٍ أَوْ سُقُوطِهِ أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ فَرْجٍ فَإِنْ مَاتَ أَوْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ أَخَذَ نِصْفَ إرْثِهِ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا فَقَطْ كَوَلَدِ أَخِي الْمَيِّتِ أَوْ عَمِّهِ أَوْ أُنْثَى فَقَطْ كَوَلَدِ أَبٍ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا تَسَاوَيَا كَوَلَدِ أُمٍّ فَلَهُ السُّدُسُ مُطْلَقًا أَوْ مُعْتَقٌ فعَصَبَةٌ مُطْلَقًا وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا مُتَفَاضِلًا عَمِلْتَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ، ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، ثُمَّ تَضْرِبُ إحْدَاهَا أَوْ وَفْقَهَا في الأخرى، وتجتزئ بإحداهما

_ قوله: (وهو من له شكل ذكرٍ) أي: صورة. قوله: (اعتبر أكثرهما) أي: قدرًا وعددًا. قوله: (فإن رجي كشفه) أي: إشكاله. قوله: (أو تفلُّك ثدي) أي: استدارته. قوله: (على أنه ذكر) أي: فالتباين، كابن، وبنت.

إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا وَتَضْرِبُهَا فِي اثْنَيْنِ ثُمَّ مَنْ لَهُ

_ وولدٍ خنثى. والتوافق، كزوجٍ، وأم، وولد أب خنثى. والتماثل، كزوجةٍ، وولد خنثى، وعمٍّ. والتناسب، كأم، وبنت، وولد خنثى، وعمٍّ.

شَيْءٌ مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مَضْرُوبٌ فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا أَوْ مِنْهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَقَلِّ الْعَدَدَيْنِ نِسْبَةِ أَقَلِّ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى ثُمَّ يُضَافُ إلَى مَالِهِ مِنْ أَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا وَإِنْ نَسَبْتَ نِصْفَ مِيرَاثِهِ إلَى جُمْلَةِ التَّرِكَةِ ثُمَّ بَسَطْتَ الْكُسُورَ الَّتِي تَجْتَمِعُ مَعَك مِنْ مَخْرَجٍ يَجْمَعُهَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ نَزَّلْتَهُمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ فَمَا بَلَغَ مِنْ ضَرْبِ الْمَسَائِلِ تَضْرِبُهُ فِي عَدَدِ أَحْوَالِهِمْ وَتَجْمَعُ مَا حَصَلَ لَهُمْ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ قَبْلَ الضَّرْبِ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ. هَذَا إنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَة وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِهَاتٍ جَمَعَتْ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي الْأَحْوَالِ وَقَسَمَتْهُ عَلَى عَدَدِهَا فَمَا خَرَجَ فنَصِيبُهُ

_ قوله: (في نسبة أقل المسألتين) أي: في مخرجها، أي: مخرج الكسر الذي حصلت به النِّسبة. قوله: (وإن نسبت نصف ميراثيه) أي: ميراثي كل وارث من مسألتي الذكورية والأنوثية.

وَإِنْ صَالَحَ مُشْكِلٌ مَنْ مَعَهُ عَلَى مَا وَقَفَ لَهُ صَحَّ إنْ صَحَّ تَبَرُّعُهُ وَكَمُشْكِلٍ مَنْ لَا ذَكَرَ لَهُ وَلَا فَرْجَ وَلَا فِيهِ عَلَامَةُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى

_

باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

باب ميراث الغرقى وَمَنْ عَمِيَ مَوْتِهِمْ إذَا عَلِمَ مَوْتَ مُتَوَارِثَيْنِ مَعًا فَلَا إرْثَ وَإِنْ جَهِلَ أَسْبَقَ هَلْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ لَا؟ أَوْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ، أَوْ جَهِلُوا عَيْنَهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ وَرَثَةُ كُلٍّ سَبْقَ الْآخَرِ وَرِثَ كُلُّ مَيِّتٍ صَاحِبَهُ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ مَعَهُ فَيُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا مَاتَ أَوَّلًا يُوَرَّثُ الْآخَرُ مِنْهُ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا وَرِثَهُ عَلَى الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ، ثُمَّ يَصْنَعُ بِالثَّانِي كَذَلِكَ فَفِي أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيْدٍ وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو يَصِيرُ مَالَ

_ باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم كالهدمى، أي: خفي حال موتهم تقدمًا، وتأخرا، ومعيَّةً. قوله: (وإن جهل أسبق) أي: من حيث السبق؛ بأن لم يعلم هل سبق أحدهما الآخر، أو لا؟ قوله: (من تلادِ مالِه) أي: قديمه الذي مات وهو يملكه. قوله: (على الأحياء من ورثتِهِ) أي: ورثة الآخر، فتعمل للأحياء من ورثة هذا الآخرِ مسألةً، وتقابل بينها وبين سهام مورِّثهم، وتنزل مسألة الأحياء منزلة فريقٍ في المسألة، وسهم مورثهم كسهم ذلك الفريق، ثم تفعل ما يقتضيه التصحيح، وقد حصل بهذا قسم تلاد أحدهما على كل ورثته، وطريف الآخر على أحياء ورثته. قوله: (ثم يصنع بالثاني كذلك) أي: إذا أردتَ

_ قسم تلاد الآخر على جميع ورثته، عملت مسألتَهم، ونظرت ما يخص الميت منها، فتقسمه على أحياء ورثته، وتنزل مسألتهم مع سهم مورثهم كفريق له سهم، كما تقدم. وحاصل الكلام في هذا المقام: أنَّه إذا مات جماعة بهدم ونحوه وجهل الأسبق، فإنك تفرض تقدم موت واحدٍ منهم، فتقسم ماله الأصلي على جميع من يرثه من الأحياء، ومن مات معه، فما حصل للأحياء، فلا إشكال فيه، وما حصل لواحد ممن مات معه، تقسمه على أحياء ورثته، أعني: ورثة الميت الذي ورثناه، وتجعل مسألتهم مع سهم مورثهم كفريق له سهم في المسألة، ثم تفعل كذلك فيما بقي من الموتى الوارثين أيضًا، وما آل الأمرُ إليه على قياس ما يقضتيه تصحيح المسائل، فهو مصحَّحُ مسألة واحد من الموتى، وقد علم به قسمة ماله على جميع ورثته، وقسم ما ورثه بعض الموتى على أحياء ورثته، ثم تنتقل إلى الميت الآخر، وتفرضه مات أولا، وتعمل فيه كعملك في الأول، وهكذا إلى آخر الموتى. وتوضيح ذلك بعمل المسألة التي ذكرها المصنف في قوله: (وفي زوج وزوجة وابنهما ... إلخ) فتفرض مثلا: موت الزوج أولا، فورثته: زوجتان، وأم، وابن، مسألتهم من أربعةٍ وعشرين، وتصح من ثمانية وأربعين لزوجته الثمن ستة، لكل واحدة منهما ثلاثة، ولأمه السدس ثمانية، والباقي أربعة وثلاثون لابنه، ثم تنظر في نصيب زوجته الميتةِ -وهو ثلاثة- فتقسمه على أحياء ورثتها، أعني: أباها وابنها من غيره، ومسألتهما من ستة: للأب السدس، والباقي للابن، فتجعل هذه المسألة، أعني: الستة مع نصيب الزوجةِ.

كُلِّ وَاحِدٍ لِمَوْلَى الْآخَرِ

_ الثلاثة كفريق في مسألة الزوج: له ثلاثة، فترد الستة إلى وفقها اثنين وتحفظهما، ثم تنظر في نصيب الابن، أعني: الأربعة والثلاثين، فتقسمه على أحياء ورثته، أعني: أم أبيه، وأخاه لأمه، وعاصبه إن كان، فمسألته من ستة أيضًا، وتعتبر فيها ما تقدَّم، فتردها لوفقها ثلاثة، فمسألة الزوج، أعني: الثمانية والأربعين كأنَّ فيها فريقين، لأحدهما ثلاثة، وعدد الفريق ستة، وللآخر أربعة وثلاثون، وعدد الفريق ستة، فتضرب راجع أحد العددين في راجع الآخر، أعني: اثنين في ثلاثة بستة، وهي جزء السَّهم، فتضربها في الثمانية والأربعين، تكن مئتين وثمانية وثمانين، فلأمه ثمانية في ستة بثمانية وأربعين، ولزوجته الحية ثلاثة في ستة ثمانية عشر، ومثلها لورثة الميتةِ: لأبيها سدسها، وباقيها لابنها الحي، والباقي وهو مئتان وأربعة لورثة الابن: الجدة، والأخ لأم، والعاصب. هذا آخر قسم تلاد مال الزوج. ثم نفرض أن الزوجة هي التي ماتت أولا، ورثتها زوج، وأب، وابنان، مسألتهم من اثني عشر، وتصح من أربعة وعشرين، فلزوجها ستة تقسم على أحياء ورثته، أعني: الزوجة الحية، وأمه، والعاصب إن كان، ومسألته من اثني عشر، توافق سهامهم بالسدس، فتردها إلى اثنين، ولابن الزوجة الميت سبعةٌ، تقسم على أحياء ورثته: الجدة، والأخ لام، والعاصب، ومسألته من ستة، وراجع مسألة الزوج داخل في الستة، فتضرب ستة في أربعةٍ وعشرين، تكن مئة وأربعةً وأربعين، هذا مصحح مسألة الزوجة،

وفِي زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَابْنِهِمَا خَلَّفَ امْرَأَةً أُخْرَى وأُمًّا وَخَلَّفَتْ ابْنًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَبًا، فمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ لزوْجَته الْمَيِّتَةِ

_ أعني: الذي يقسم بها تلاد مالها، فلأبيها أربعة في ستة بأربعة وعشرين، ولابنها الحي سبعة في ستة باثنين وأربعين، ولورثة ابنها الميت مثل ذلك، لجدته سدسُها سبعة، ولأخته لأمه كذلك، والباقي للعاصب، ولورثة الزوج الأحياء نصيبه، ستة في ستةٍ بستةٍ وثلاثين، ومجموع ذلك هو المئة والأربعة والأربعون، وأما مسألة الابن التي يقسم بها تلاد ماله، فهي من ثلاثة، وذلك أنا نفرض موته قبل أبويه، فيرثانه فقط، ثم ثلث الأم يقسم على ورثتها الاحياء، كما تقدم، ومسألة ورثتها من ستة، وثلثا الأب على ورثته الأحياء من اثني عشر، كما تقدم أيضًا، فتردها لوفق نصيبه، وهو نصفها ستة، ثم تكتفي بأحد الستتين، فتضربها في ثلاثة، تكن ثمانية عشر، لورثة أمه ستة، ولورثة أبيه اثنا عشر، وعلى هذا فقس. قوله: (وفي زوج وزوجة وابنهما ... إلخ) اعلم: أن حاصل العمل في هذه المسألة الذي أشار إليه المصنف رحمه الله: أن تجعل لكلِّ واحد من الثلاثة مسألةً، تقسم بها تلاد ماله الذي كان في يده قبل الغرق ونحوه، وفي كل مسألةٍ من المسائل الثلاث تقدر من عدا صاحب المسألة من الأحياء والأموات معه وراثاً على حسب ما يتقضيه الإرث،

_ فما حصل لأحياء وثته، لا إشكال فيه، فتبقيه بحاله، وما حصل للميت معه، تقسمه على أحياءِ ورثته، أعني: الأحياء من ورثة أحد الميتين، فتعمل مسألةً لورثته الأحياء، وتقابل بينهما وبين سهام ميته، فتجعل مسألة كفريق له سهام، فإن انقسم، فلا إشكال، وإن وافق، فرد المسألة إلى وفقها كما ترد الفريق إلى وفقه، وتبقى المسألة بحالها إن باينتها السهام، وتفعل كذلك في نصيب الميت الآخر. والحاصل: أنك تجعل مسألة كل من هذه المسألة كفريق له سهام؛ لأنهم بمنزلة مورثهم الذي هو أحد الميتين، ثم تتمم العمل المعهود في الكسر على فريقين فأكثر مثلا، وقد تمَّ عمل أحد المسائل الثلاث، ثم تفعل مثل ذلك في كل من الآخرين، فلذلك عمل المصنف للزوج مسألة، وتمم عمل ما آل إلى الزوجة والابن، ثم للزوجة مسألةً وتمم كذلك، ثم للابن مسألة كذلك. وتوضيحه أن تقول: نقدر موت الزوج أولا، وله من الورثة زوجتان وأم وابنٌ، فمسألته من أربعة وعشرين، وتصح من ثمانية وأربعين، لزوجتيه الثمن ستة، لكل منهما ثلاثة، ولأمه السدس ثمانية، ولابنه الباقي أربعة وثلاثون، فأما نصيب أمه وزوجته الحية، فلا إشكال فيهما، وأما نصيب زوجته الميتة، فتقسمه على الأحياء من ورثتها، أعني: أباها وابنها الحيين، وأما ابنها الميت، فلا شيء له من نصيبها من زوجها؛ لأنه ليس من تلاد مالها، بل من طريفه، وعلى هذا فقس.

ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبِ سُدُسٌ وَلِابْنِهَا الْحَيِّ مَا بَقِيَ تُرَدُّ مَسْأَلَتُهَا إلَى وَفْقِ سِهَامِهَا بِالثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَلِابْنِهِ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ لِأُمِّ أَبِيهِ سُدُسٌ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ وَمَا بَقِيَ لِعَصَبَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالنِّصْفِ فاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ اثْنَيْنِ ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَكُنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةَ وَثَمَانِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْهَا مِنْ سِتَّةٍ فَدَخَلَ وَفْقُ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَتِهِ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَمَسْأَلَةُ أُمِّهِ مِنْ سِتَّةٍ وَلَا مُوَافَقَةَ وَمَسْأَلَةُ أَبِيهِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَاجْتَزِئْ بِضَرْبِ وَفْقِ سِهَامِهِ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ يَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ

_

وَإِنْ ادَّعَوْهُ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ تَعَارَضَتَا تَحَالَفَا وَلَمْ يَتَوَارَثَا فَفِي امْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا. فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا ثُمَّ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ وَقَالَ أَخُوهَا مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا حَلَفَ كُلٌّ عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَكَانَ مُخَلَّفُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَمُخَلَّفُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ عَيَّنَ وَرَثَةُ كُلٍّ مَوْتَ أَحَدِهِمَا وَشَكُّوا، هَلْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ وَرِثَ مَنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ مِنْ الْآخَرِ وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَوْ نَحْوِهِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ كَفَارِسٍ وَرِثَ مَنْ بِهِ مَنْ الَّذِي بِالْمَشْرِقِ لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الزَّوَالِ

_ قوله: (تحالفا) أي: حلف كل على ما أنكره من دعوى صاحبه، كما سيأتي.

باب ميراث أهل الملل

بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ لَا يَرِثُ مُبَايِنٌ فِي دِينٍ إلَّا بِالْوَلَاءِ ومُوَرِّثِهِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ مُرْتَدًّا بِتَوْبَةٍ أَوْ زَوْجَةٌ فِي عِدَّةٍ أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ فَلَهُ نَصِيبُهُ. فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ " رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ. وَالْحِكْمَةُ فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُسِمَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ وَرِثَ مِمَّا بَقِيَ دُونَ مَا قُسِمَ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَتَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَاحْتَازَهَا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَسْمِهَا. ولَا زَوْجًا وَلَا مَنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا ذِمِّيٌّ وَالْآخَرُ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ وَالْآخَرُ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ إنْ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ

_ قوله: (قبل قسم ميراث مورثه) فإن قسم البعض، ورث مما بقي دون ما قسم، فإن كان الوارث واحدًا، فتصرف في التركة، أو احتازها، فهو بمنزلة قسمتها. منصور البهوتي. قوله: (في عدة) أي: لا بعدها. قوله: (أو نحوه) كابنه، أو مع موتِه؛ بأن علَّق عتقه على موت قريبِهِ، جزم به في «الإقناع». قوله: (والآخر حربي) أي: فيبعث مال الذمي لورثة الحربي، حيث علم.

وَهُمْ مِلَلٌ شَتَّى لَا يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا وَلَا بِنِكَاحٍ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا وَمُخَلَّفُ مُكَفَّرٍ بِبِدْعَةٍ كَجَهْمِيٍّ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يَتُبْ ومُرْتَدٍّ وَزِنْدِيقٍ وَهُوَ الْمُنَافِقُ فَيْءٌ وَلَا يَرِثُونَ أَحَدًا وَيَرِثُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ فَلَوْ خَلَّفَ أُمَّهُ وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ وعَمَّا وَرِثَتْ الثُّلُثَ بِكَوْنِهَا أُمًّا والنِّصْفَ بِكَوْنِهَا أُخْتًا وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا أُخْتٌ أُخْرَى لَمْ تَرِثْ بِكَوْنِهَا أُمًّا إلَّا السُّدُسَ ; لِأَنَّهَا أَنْجَبَتْ بِنَفْسِهَا وَبِ الْأُخْرَى وَلَوْ أَوْلَدَ بِنْتَهُ بِنْتًا بِتَزْوِيجٍ فَخَلَّفَهُمَا وعَمَّا. فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالْبَقِيَّةُ لِعَمِّهِ فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ فَالْمَالُ لِلصُّغْرَى ; لِأَنَّهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْكُبْرَى فَلَهَا ثُلُثٌ وَنِصْفٌ وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَ الصُّغْرَى فَوَلَدَتْ بِنْتًا وَخَلَّفَ مَعَهُنَّ عَمَّا فَلِبَنَاتِهِ الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لَهُ

_ قوله: (ونحوه) من كل مجتهدٍ فيها ينصب عليها الأدلة. قوله: (فلهما الثلثان) ولا إرث بالزوجية؛ لأنهما لا يقران عليها، لو أسلما، أو أحدهما.

وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِنْتُهُ الْكُبْرَى فَلِلْوُسْطَى النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ لَهَا وَلِلصُّغْرَى فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ الْوُسْطَى فَالْكُبْرَى أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَالصُّغْرَى بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ. فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ لَهُمَا بِالتَّعْصِيبِ فَلَوْ مَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهَا فَأُمُّ أُمِّهَا أُخْتٌ لِأَبٍ فَلَهَا الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لِلْعَمِّ وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِنْتُهُ الصُّغْرَى فَلِلْوُسْطَى بِأَنَّهَا أُمٌّ سُدُسٍ وَلَهُمَا ثُلُثَانِ بِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِلْأَبِ وَمَا بَقِيَ لِلْعَمِّ وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى لِأَنَّهَا جَدَّةٌ مَعَ أُمٍّ وَكَذَا لِوَلَدٍ مُسْلِمٍ ذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرِهَا بِشُبْهَةِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ

_

باب ميراث المطلقة

باب ميراث المطلقة وَيَثْبُتُ لَهُمَا فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ ولَهَا فَقَطْ مَعَ تُهْمَتِهِ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا بِأَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ وَنَحْوِهِ ابْتِدَاءً أَوْ سَأَلَتْهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا كصلاة وَنَحْوَهَا

_ باب ميراث المطلقة أي: طلاقا رجعيا، أو بائنا، مع تهمة بقصد حرمان. قوله: (في عدة رجعيَّة) فهم منه: أنهما لا يتوارثان بعد العدة، وهو صحيح إن كان الطلاق في غير مرض الموت المخوف، فإن كان فيه، ورثته، لا هو، كما صرح به في «المستوعب». وكلام المصنف لا يأباه. فتدبر. قوله: (أقل من ثلاث) أي: كطلقةٍ، أو طلقتين، على غير عوضٍ، على ما استظهره منصور البهوتي. أي: وإلا لم ترث؛ لأنها سألت الإبانة، وقد أجابها. قوله: (أو علَّقه) أي: الطلاق البائن. قوله: (ونحوها) أي: الصلاة المفروضة، كصومٍ مفروضٍ. قال في «المحرر»: وكلام أبيها. لكن جزم في «الإقناع» بخلافه فقال: وليس مما لا بد منه كلام أبويها.

أَوْ عَقْلًا كَأَكْلٍ وَنَحْوِهِ أَوْ عَلَى مَرَضِهِ أَوْ فِعْلٍ لَهُ فَفَعَلَهُ فِيهِ أَوْ عَلَى تَرْكِهِ فَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ إبَانَةَ ذِمِّيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ عَلَى إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ عَلِمَ أَنَّ سَيِّدَهَا عَلَّقَ عِتْقَهَا بَعْدُ، فَأَبَانَهَا الْيَوْمَ أَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ وَكَّلَ فِيهَا مَنْ يُبِينُهَا مَتَى شَاءَ فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ قَذَفَهَا فِي صِحَّتِهِ وَلَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ وَطِئَ غَافِلًا حَمَاتَهُ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ بِهِ أَوْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ بَلْ لُسِعَ

_ قوله: (أو عقلا) أي: في حكم العقل المستفادِ من التَّجارب. قاله في «شرحه»، فالفعل هنا بمعنى: العادة. قوله: (ففعله فيه) أي: المريض مرضا مخوفا. قوله: (أو على تركه) أي: فعلٍ له، وكذا لو حلف بالثلاث، ليتزوَّجن عليها، فمات قبل أن يفعل. قوله: (أو إبانة ذمية ... إلخ) هو بالنصب عطفًا على الهاء من (علَّقه) أي: أو علق المريض -مرض الموت المخوف- إبانة ذمية على إسلامها، أو إبانة أمة على عتقها، فأسلمت الذمية، وعتقت الأمة، ثم مات الزوج، فإنهما يرثانه. قوله: (أو وطيء عاقلا ... إلخ) أي: ولو صبيًا، لا مجنونًا. منصور البهوتي. قوله: (حماته) أي: أم زوجته.

أَوْ أُكِلَ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدُّ وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ أَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ فَبَتَّهَا أَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَ أُمَّهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ فَوَرِثَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَئِنْ مِتَّ لَأَرَّثْتُهَا مِنْكَ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ لَا تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ ولَهُ فَقَطْ إنْ فَعَلْت بِمَرَضِ مَوْتِهَا الْمَخُوفِ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا مَا دَامَتْ مُعْتَدَّةً إنْ اُتُّهِمَتْ وَإِلَّا سَقَطَ مِيرَاثُهُ كَفَسْخِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَتْ وَيَقْطَعُهُ إبَانَتُهَا فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ أَوْ فِيهِ بِلَا تُهْمَةٍ بِأَنْ سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ أَوْ الثَّلَاثَ أَوْ الطَّلَاقَ فَثَلَّثَهُ، أَوْ عَلَّقَهَا عَلَى فِعْلٍ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَفَعَلَتْ عَالِمَةً بِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ فَوُجِدَ فِي مَرَضِهِ أَوْ كَانَتْ لَا تَرِثُ كَأَمَةٍ وَذِمِّيَّةٍ وَلَوْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ

_ قوله: (ولو أسلمت بعد) أي: أو طلقت. قوله: (ما دامت معتدةً) مفهومه: أنه لو انقضت عدتها، انقطع ميراثه، وهو مقتضى ما في «التنقيح» و «الإنصاف»، خلافاً لظاهر «الفروع»، كـ «المقنع» و «الشرح» حيث أطلقوا، واختاره في «الإقناع» وقال: إنه أصوب مما في «التنقيح». قوله: (أو الطلاق) أي: مطلقا. قوله: (أو كانت) أي: المبانة في مرض موته المخوف.

وَمَنْ أَكْرَهَ وَهُوَ عَاقِلٌ وَارِثٌ وَلَوْ نَقَصَ إرْثُهُ أَوْ انْقَطَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ فِي مَرَضِهِ عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لَمْ يَقْطَعْ إرْثُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ امْرَأَةً تَرِثُهُ سِوَاهَا أَوْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ أَيْ: قَصْدِ حِرْمَانِهَا الْإِرْثَ حَالَ الْإِكْرَاهِ وَتَرِثُ مَنْ تَزَوَّجَهَا مَرِيضٌ مُضَارَّةً لِيُنْقِصَ إرْثَ غَيْرِهَا وَمَنْ جَحَدَ إبَانَةَ امْرَأَةٍ ادَّعَتْهَا لَمْ تَرِثْهُ إنْ دَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا إلَى مَوْتِهِ وَمَنْ قَتَلَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ

_ قوله: (ومن أكره ... إلخ) وكذا لو وطيء مريض من ينفسخ نكاحه بوطئها، كأم امرأته، أو ابنتها، فإنَّ امرأته تبين منه، وترثه إذا مات في مرضه، ولا يرثها، وسواء طاوعته الموطوءة، أو أكرهَها؛ لأن مطاوعتها، ليس للمرأة فيه فعلٌ يسقط به ميراثها. فإن كان زائل العقل حين الوطء، لم ترث امرأته من شيئاً، كما في «المغني». قوله: (وهو عاقل وارث) أي: لزوج المكرهة. قوله: (ولو نقص) أي: بحدوث مشاركٍ. قوله: (أو انقطع) أي: بحاجب. قوله: (امرأة) بالنصب مفعول (أكره). قوله: (على ما يفسخ نكاحها) أي: كوطئها. قوله: (ومن جَحد إبانة امرأة) أي: بأن كان غير وارث إذ ذاك.

وَمَنْ خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدٌ أَوْ مُنْقَطِعٌ قَطْعًا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَجُهِلَ مَنْ يَرِثُ أَخْرَجَ بِقُرْعَةٍ وَإِنْ طَلَّقَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ وَرِثَ الثَّمَانِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْمُطَلَّقَاتُ فَلَوْ كُنَّ وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا وَرِثَ الْخَمْسَ عَلَى السَّوَاءِ

_ قوله: (أو منقطع قطعاً ... إلخ) أي: كأن طلق إحدى زوجاته طلاقًا بائناً، كما لو قال من له أربعٌ: إحداكن، أو ثنتان، أو ثلاث منكن طالق ثلاثا، وكان ذلك في صحته ثم مات، ولم يعين. قوله: (فلو كنَّ) أي: كان بدلهن، فهو من الحذف والإيصال لصحة الإخبار. شيخنا محمد الخلوتي.

باب الإقرار بمشارك في الميراث

باب الإقرار بمشارك في الميراث إذَا أَقَرَّ كُلُّ الْوَرَثَةِ وَهُمْ مُكَلَّفُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ بِنْتٌ أَوْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ بمُشَارِكٍ أَوْ مُسْقِطٍ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ مِنْ أَمَتِهِ فَصَدَّقَ أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ثَبَتَ نَسَبُهُ إنْ كَانَ مَجْهُولًا

_ باب الإقرار بمشارك في الميراث أي: بيان العمل إذا أقر بعض الورثة. قوله: (وهم مكلَّفون) لأن إقرار غيره لا يعوَّل عليه. قوله: (ولو أنهم) أي: المنحصر فيهم الإرث. قوله: (بنت) أي: لإرثها بفرض ورد، فإن أقر أحد الزوجين بابن للآخر من نفسه، ثبت نسبه من المقر مطلقًا بشرطه، ومن الميت إن كان زوجة، وأمكن اجتماعه بها، وولدته لستَّة أشهر من ذلك، وإن كان زوجًا وصدقه باقي الورثة، أو نائب الإمام ثبت أيضًا، وإلا فلا. هذا ما ظهر لي، والله أعلم. «شرح إقناع». قوله: (بمشارك) كابن أقر بابن للميت. قوله: (ولو من أمته) أي: الميت. قوله: (فصدق) إن كان مكلَّفًا. قوله: (إن كان مجهولاً) أي: وأمكن كونه من الميت، ولم ينازع المقر في نسب المقر به، وسكت عن هذين الشرطين لوضوحهما. قاله في «شرحه». أي: وإلا فهي أربعةٌ.

وَلَوْ مَعَ مُنْكَرٍ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ وإرْثُهُ إنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ زَوْجٍ وَمَوْلًى إنْ وَرِثَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا زَوْجَةٌ أَوْ زَوْجٌ فَأَقَرَّ بِوَلَدٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِهِ فَصَدَّقَهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُ إمَامٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَشَهِدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ وَلَدُ الْمَيِّتِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَوِرْثُهُ وَإِلَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ مُقِرٍّ وَارِثٍ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا لِلْمُقِرِّ، وَمَاتَ عَنْهُ أَوْ عَنْهُ وَعَنْ بَنِي عَمٍّ وَرِثَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وعَنْهُ وَعَنْ أَخٍ مُنْكِرٍ فَإِرْثُهُ بَيْنَهُمَا

_ قوله: (إن لم يقم به مانع) إن كان المانع قتلا، فظاهر، وإن كان رقا، أو اختلاف دينٍ، فهل يعتبر في عدم إرثه وجود المانع حالَ الموت، أم حال الإقرار به؟ الظاهر: الأوَّل. قوله: (ويعتبر إقرار زوج ... إلخ) قد يقال: هذا علم من قوله أولا (إذا أقر كل الورثة) إذ هو شاملٌ لمن ورث بقرابة، أو زوجية، أو ولاء، فما حكمة ذكره أيضًا؟ ويمكن أن يقال: المعلوم مما تقدم ثُبوتُ النسب عند إقرار الجميع بشرطه، ويحتمل أن يكون مفهومه فيه تفصيل؛ فلذلك اعتني بنفي ذلك. قوله: (وإن أقر به ... إلخ) أي: المشارك، أو المسقِط.

وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ تَبَعًا مِنْ وَلَدِ مُقِرٍّ مُنْكِرٍ لَهُ فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ وَإِنْ صَدَّقَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ ثَبْتِ نَسَبِهِ فَلَوْ مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُقِرِّ اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ وَإِلَّا فَلَا وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ أَخَذَ الْفَاضِلَ بِيَدِ الْمُقِرِّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَوْ كُلَّهُ إنْ سَقَطَ بِهِ فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْهِ بِأَخٍ فَلَهُ ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ وبِأُخْتٍ فخُمُسُهُ وابْنُ ابْنٍ بِابْنٍ فكُلُّ مَا بيَدِهِ

_ قوله: (تبعا) أي: تبعا لثبوت نسبه من مقر. قوله: (ثبت نسبُه) وإن مات غير مكلف قبل تكليفه، ولم يبق غير مقر مكلف، ثبت نسب مقر به؛ لأن المقر صار جميع الورثة. مؤلف. ومقتضاه: أنه يكمل إرث المقر به، وإن أنكره ورثة غير المكلف، ويؤيده ما يأتي. قوله: (فلو مات) أي: المقر به. قوله: (اعتبر تصديقه) أي: للمقر، حتى يرث منه؛ لأن المقر إنما يسري إقراره على نفسه. مؤلف. قوله: (وإلا) أي: وإلا يصدق، فلا يرث. قوله: (ومتى لم يثبت نسبه) أي: المقر به؛ بأن أقر به بعض الورثة، ولم يَشهد بنسبه عدلان. قوله: (أخذ الفاضل) عن نصيبه على مقتضى إقراره.

وَمَنْ خَلَّفَ أَخًا مِنْ أَبٍ وَأَخًا مِنْ أُمٍّ فَأَقَرَّا بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَأَخَذَ مَا بِيَدِ ذِي الْأَبِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ لِأَبٍ وَحْدَهُ أَخَذَ الْمُقَرُّ بِهِ مَا يَدِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ وَحْدَهُ، أَوْ بِأَخٍ سِوَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ والْعَمَلِ بِضَرْبِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ وَتُرَاعَى الْمُوَافَقَةُ وَتَدْفَعُ لِمُقِرِّ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ ولِمُنْكِرٍ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي الْإِقْرَارِ ولِمُقَرٍّ بِهِ مَا فَضَلَ فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْنِ بِأَخَوَيْنِ فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ فَصَارُوا ثَلَاثَةً فَتَضْرِبُ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ تَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ، لِلْمُنْكِرِ سَهْمٌ مِنْ الْإِنْكَارِ فِي الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُقِرِّ سَهْمٌ مِنْ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةً. وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إنْ صَدَّقَ الْمُقِرُّ مِثْلُ سَهْمِهِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ فمِثْلُ سَهْمِ الْمُنْكِرِ وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ مَا فَضَلَ وَهُمَا سَهْمَانِ حَالَ التَّصْدِيقِ سَهْمٌ حَالَ الْإِنْكَارِ وَمَنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَلَوْ اخْتَلَفَا وبِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا إنْ كَانَا تَوْأَمَيْنِ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ

_

نَسَبُ الثَّانِي حَتَّى يُصَدِّقَ الْأَوَّلُ وَلَهُ نِصْفُ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ وَلِلثَّانِي ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ وَرَثَةِ بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ فَلَهَا مَا فَضُلَ بِيَدِهِ عَنْ حِصَّتِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُنْكِرُ فَأَقَرَّ ابْنُهُ بِهَا كَمُلَ إرْثُهَا وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إنْكَارِهِ ثَبَتَ إرْثُهَا وَإِنْ قَالَ مُكَلَّفٌ مَاتَ أَبِي وَأَنْتَ أَخِي أَوْ مَاتَ أَبُونَا وَنَحْنُ أَبْنَاؤُهُ فَقَالَ هُوَ أَبِي وَلَسْت أَخِي لَمْ يُقْبَلْ إنْكَارُهُ ومَاتَ أَبُوك وَأَنَا أَخُوك فَقَالَ لَسْت أَخِي فَالْكُلُّ لِلْمُقَرِّ بِهِ ومَاتَتْ زَوْجَتِي وَأَنْتَ أَخُوهَا فَقَالَ لَسْت بِزَوْجِهَا قُبِلَ إنْكَارُهُ فصل إذا أقر في مسألة عول بمن يُزِيلُهُ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِأَخٍ فَأَضْرِبْ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ تَبْلُغُ سِتَّةً وَخَمْسِينَ. وَاعْمَلْ عَلَى مَا ذُكِرَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ. وَلِلْمُنْكِرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْمُقِرَّةِ سَبْعَةٌ وَلِلْأَخِ تِسْعَةٌ

_ قوله: (أقرت إحداهما بأخ) أي: مساوٍ لهما.

فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَهُوَ يَدَّعِي أَرْبَعَةً وَالْأَخُ يَدَّعِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَاقْسِمْ التِّسْعَةَ عَلَى مُدَّعَاهُمَا لِلزَّوْجِ سَهْمَانِ وَلِلْأَخِ سَبْعَةٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أُخْتَانِ لِأُمٍّ ضَرَبْتَ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْإِنْكَارِ فِي وَفْقِ الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَلِوَلَدِي الْأُمِّ سِتَّة عَشَرَ. وَلِلْمُنْكِرَةِ مِثْلُهُ وَلِلْمُقِرَّةِ ثَلَاثَةٌ فَيَبْقَى مَعَهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْأَخِ مِنْهَا سِتَّةٌ يَبْقَى سَبْعَةٌ لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَشِبْهِهَا تَقَرُّ بِيَدِ مَنْ أَقَرَّ فَإِنْ صَدَّقَ الزَّوْجُ فَهُوَ يَدَّعِي اثْنَيْ عَشَرَ وَالْأَخُ يَدَّعِي سِتَّةً يَكُونَانِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَاضْرِبْهَا فِي الْمَسْأَلَةِ ; لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهَا وَلَا تُوَافِقُهَا ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مَضْرُوبٌ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَضْرُوبٌ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ. وَعَلَى هَذَا يُعْمَلُ كُلُّ مَا وَرَدَ

_ قوله: (وللأخ سبعة) فإن أقرت الأختان بالأخ، وكذَّبها الزوج، دفع إلى كل منهما سبعة، وللأخ أربعة عشر، يبقى أربعة يقرون بها للزَّوج، وهو ينكرها، وفيها ثلاثة أوجه: أحدها، وهو مقتضى كلام المصنف في المسألة بعدها: أن تقر بيد من هي بيده؛ لبطلان الإقرار بإنكار المقر له.

باب ميراث القاتل

باب ميراث القاتل لَا يَرِثُ مُكَلَّفٌ أَوْ غَيْرُهُ انْفَرَدَ أَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ مُوَرِّثِهِ وَلَوْ بِسَبَبٍ إنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ أَوْ دِيَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ فَلَا تَرِثُ مَنْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ مِنْ الْغُرَّةِ شَيْئًا وَلَا مَنْ سَقَى وَلَدَهُ وَنَحْوَهُ دَوَاءً أَوْ أَدَّبَهُ أَوْ قَصَدَهُ أَوْ بَطَّأَ سِلْعَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَمَاتَ

_ باب ميراث القاتل أي: حكم ميراثه إيجابا، أو سلبا. ويحتمل أن المراد: بيان الميراث الثابت للقاتل، وأما ذكر من لا يرث فاستطراد، وهذا نظير ما تقدم في ميراث المطلقة. قوله: (إن لزمه) أي: القاتل بمباشرة، أو سببٍ. قوله: (قود) أي: كما في العمد، عند توفر شروطِ القصاص. قوله: (أو ديةٌ) كما في عمد لم تتوفر فيه شروط القصاص. قوله: (أو كفارة) كما في شبه العمد، والخطأ. قوله: (من الغرة) وهي عبد، أو أمة قيمتها خمس من الإبل موروثة عنه، كأنه سقط حيَّا؛ فلذلك لا حقَّ فيها لقاتل، ونحوه. قوله: (ونحوه) كأبيه. قوله: (أو أدبه ... إلخ) أي: خلافا للموفق والشارح، حيث اختارا ثبوت الإرث في ذلك، وصوبه في «الإقناع»؛ لأنه غير مضمون.

وَمَا لَا يُضْمَنُ بِشَيْءِ مِنْ هَذَا كَالْقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ والْعَادِلِ الْبَاغِي وَعَكْسِهِ فَلَا يَمْنَعُ من الْإِرْثَ

_

باب ميراث المعتق بعضه

باب ميراث المعتق بعضه لَا يَرِثُ رَقِيقٌ وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يُورَثُ وَيَرِثُ مُبَعَّضٌ وَيُورَثُ وَيُحْجَبُ بِقَدْرِ جُزْئِهِ الْحُرِّ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ هُوَ كَالْحُرِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ فِي تَوْرِيثِهِ وَالْإِرْثِ مِنْهُ وَغَيْرِهِمَا وَكَسْبُهُ وَإِرْثُهُ بِهِ لِوَرَثَتِهِ فَابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ، وأُمٌّ وَعَمٌّ حُرَّانِ فَلَهُ نِصْفُ مَالِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَهُوَ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَلِلْأُمِّ رُبُعٌ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْقُصْ ذُو فَرْضٍ بِعَصَبَةٍ كَجَدَّةٍ وَعَمٍّ مَعَ ابْنٍ نِصْفُهُ حُرٌّ. فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ إرْثِ الْجَدَّةِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يُسْقِطُهُ بِحُرِّيَّتِهِ التَّامَّةِ كَأُخْتٍ وَعَمٍّ حُرَّانِ

_ قوله: (ويحجب) أي: ويعصِّب. قوله: (فابنٌ) أي: مثلاً، فمثلُه كل عصبة نصفه حُرٌّ مع ذي فرض ينقص به نصيبه. قوله: (وكذا ... إلخ) اسم الإشارة راجع لما علم مما تقدم: أعني: كون المبعض مع ذي فرض ينقص به، والتقدير: المبعض إذا لم ينقص به ذو الفرض، كالمبعض إذا نقص به، في أن المبعض يأخذ في الحالين من نصيبه لو كان كامل الحريَّة بقدر ما فيه منها. قوله: (كأخت وعمٍّ حران) أي: هما حران، وفي نسخة «حرين».

فَلَهُ نِصْفُ وَلِلْأُخْتِ نِصْفُ مَا بَقِيَ فَرْضًا، وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ وَبِنْتٌ وَأُمٌّ نِصْفُهُمَا حُرٌّ، وأَبٌ حُرٌّ لِلْبِنْتِ نِصْفُ مَا لَهَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَهُوَ رُبُعٌ وَلِلْأُمِّ مَعَ حُرِّيَّتِهَا وَرِقِّ الْبِنْتِ ثُلُثٌ. والسُّدُسُ مَعَ حُرِّيَّةِ الْبِنْتِ فَقَدْ حَجَبَتْهَا بِحُرِّيَّتِهَا عَنْ السُّدُسِ فَبِنِصْفِهَا حَجَبَتْهَا عَنْ نِصْفِهِ، يَبْقَى لَهَا الرُّبُعُ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَلَهَا بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا نِصْفُهُ وَهُوَ ثُمُنٌ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا وَإِنْ شِئْت نَزَّلْتَهُمْ أَحْوَالًا كَتَنْزِيلِ الْخَنَاثَى وَإِذَا كَانَ عَصَبَتَانِ نِصْفُ كُلٍّ حُرٌّ حَجَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ أَوْ لَا كَأَخَوَيْنِ وَابْنَيْنِ لَمْ تَكْمُلْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا

_ قوله: (لم تكمل الحرية فيهما) أي: لم نجعلهما، كابن، أو أخ مثلا كامل الحريَّة باعتبار إرثهما، فلا نجعل المال جميعه لهما نصفين، وأما باعتبار حجبهما الغير، فتكمل فيهما الحرية. هذه طريقة المصنف تبعًا للمنقح. واختار في «الإقناع» عدم تكميل الحرية بالاعتبارين، فللأم مع الابنين سدس وربع سدسٍ، وللزوجة ثمن وربع ثمنٍ.

وَلَهُمَا مَعَ عَمٍّ أَوْ نَحْوِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بِالْخِطَابِ وَالْأَحْوَالِ وَلِابْنٍ وَبِنْتٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ عَمٍّ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ومَعَهُمَا أُمٌّ وَعَمٌّ فَلَهَا السُّدُسُ وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ أَصْلِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَلِلْبِنْتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْأُمِّ مَعَ الِابْنَيْنِ سُدُسٌ وَلِزَوْجَةٍ ثُمُنٌ وَابْنَانِ نِصْفُ أَحَدِهِمَا قِنٌّ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا تَنْزِيلًا لَهُمَا وَحَطًّا بِأَحْوَالِهِمَا وَإِنْ هَايَأَ مُبَعَّضٌ سَيِّدَهُ أَوْ قَاسَمَهُ فِي حَيَاتِهِ فَكُلُّ تَرِكَتِهِ لِوَرَثَتِهِ

_ قوله: (فكل تركته لورثته) وإذا اشترى المبعض من ماله الخاص به رقيقا وأعتقه فولاؤه له، ويرثه وحده حيث يرث ذو الولاء كذلك. أشار إليه ابن نصر الله.

فصل ويرد على ذي فرض وعَصَبَةٍ إنْ لَمْ يُصِبْهُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مِنْ نَفْسِهِ

_ قوله: (ويرد ... إلخ) اعلم: أن كلَّ ذي فرض يستغرق المال كله إذا انفرد حيث كان، يرد عليه، فإذا كان بعضه حرا، فأعطه أولا من فرضه بقدر حريته، ثم رد عليه عند انفراده إلى أن يكمل له من التركة بقدر حريته، والباقي لذوي الأرحام، ثم لبيت المال، وإذا كان من يرد عليه أكثر من واحد، رددت بقدر الأنصباء ما لم يؤد إلى إعطاء أحدهم من التركة جزءًا زائدًا على جزئه الحر، كأن يعطى نصف التركة، وثلثه حر، فيمنع من الزائد، وإلى هذا أشار المصنف. بقوله: (لكن ... إلخ) ولا يتصور في ذي الفرض أن يصيبه من التركة بقدر حريته بالفرض وحده. فقول المصنف: (إن لم يصبه ... إلخ) خاص بالعصبة، فإن العاصب تارة يعطى ابتداء نصف التركة، ولا يرد عليه شئ بعد ذلك؛ لأنه قد أصابه بقدر حريته، وعن هذا احترز بقوله: (إن لم يصبه) وتارة يعطى ابتداء من التركة أقل من قدر حريته، كابنين، فإنا إذا لم نكمل حريتهما نعطي كل واحدٍ منهما ابتداءً ثلاثة أثمان التركة، والربع الباقي إذا لم يكن ثمَّ عاصب غيرهما يرد عليهما بقدر نصيبهما، فيكمل لكلٍّ منهما نصف. والحاصل: أن العاصب المبعَّض لا يزاد أصلا على نصف المال. قوله: (إن لم يصبه) أي: من التركة.

لَكِنْ أَيُّهُمَا اسْتَكْمَلَ بِرَدِّ أَزْيَدَ مِنْ قَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مِنْ نَفْسِهِ مُنِعَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَرُدَّ عَلَى غَيْرِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فلِبَيْتِ الْمَالِ فَلِبِنْتٍ نِصْفُهَا حُرٌّ نِصْفٌ بِفَرْضٍ وَرُدَّ وَلِابْنٍ مَكَانَهَا النِّصْفُ بِعُصُوبَةٍ، وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ الْبَقِيَّةُ مَعَ عَدَمِ عَصَبَةٍ وَلِبِنْتٍ وَجَدَّةٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ الْمَالُ نِصْفَانِ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ وَلَا يُرَدُّ هُنَا عَلَى قَدْرِ فَرْضَيْهِمَا لِئَلَّا يَأْخُذَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَوْقَ نِصْفِ التَّرِكَةِ وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِمَا الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا بِقَدْرِ فَرْضَيْهِمَا لِفَقْدِ الزِّيَادَةِ الْمُمْتَنِعَةِ وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثُلُثِهِمَا الثُّلُثَانِ بِالسَّوِيَّةِ وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ

_ قوله: (إن أمكن) أي: بأن كان هناك من لم يصبه بقدر حريته من المال. قوله: (وإلا فلبيتِ المالِ) أي: بعد ذي الرَّحم، كما يُعلم من «الشرح»، كما في منصور البهوتي. قوله: (المال) أي: بل ثلاثة أرباعه. قوله: (البقيَّة) أي: وهي ربع ردا. قوله: (نصفان) بدل. وفي نسخة «نصفين» حال.

باب الولاء

باب الولاء: ثُبُوتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِعِتْقٍ أَوْ تَعَاطِي سَبَبِهِ فَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا، أَوْ بَعْضَهُ فَسَرَى إلَى الْبَاقِي أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِرَحِمٍ أَوْ عِوَضٍ أَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ بِإِيلَادٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ وعَلَى مَنْ لَهُ أَوْ لَهُمْ وَإِنْ سَفُلُوا وَلَاؤُهُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ سَائِبَةً كَأَعْتَقْتُك سَائِبَةً أَوْ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إنِّي اعْتَقْت عَبْدًا لِي فَجَعَلْته سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ وَإِنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يُسَيِّبُونَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ. فَإِنْ تَأَثَّمْتَ أَوْ تَحَرَّجْتَ مِنْ شَيْءٍ فَنَحْنُ نَقْبَلُهُ وَنَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ فِي زَكَاتِهِ أَوْ نَذْرِهِ أَوْ كَفَّارَتِهِ

_ الولاء لغة: الملك. قوله: (ثبوت حكم) أي: عصوبة. قوله: (بعتق) أي: إعتاق. قوله: (سببه) كاستيلاد وتدبير. قوله: (أو عوض) أخذه سيده. قوله: (أو وصيةٍ) بأن وصى بعتقه، فنفذت وصيَّته. قوله: (من زوجة عتيقة ... إلخ) يعني: لمعتقه أو غيره. منصور البهوتي. أي: لا من حرة الأصل أو مجهولة النَّسب، إذ لا ولاء عليهم إذن، ولا من أمةِ الغير؛ لكونهم تبعًا لأمهم حيث لا شرط، ولا غرور. ومع أحدهما، فعليهم الولاء لمعتق الأب فيما يظهر، والله أعلم. قوله: (وسرية) أي: للعتيق.

إلَّا إذَا أَعْتَقَ مُكَاتَبٌ رَقِيقًا أَوْ كَاتَبَهُ فَأَدَّى فلِلسَّيِّدِ وَلَا يَصِحُّ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إنْ بَاعَ الْمَأْذُونَ فَعَتَقَ عِنْدَ مُشْتَرِيه وَيَرِثُ ذُو وَلَاءٍ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ نَسِيبِ وَارِثٍ ثُمَّ عَصَبَتُهُ بَعْدَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَمَنْ لَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ عَتِيق وَالْآخَرُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ ... ن حَيٍّ بِأَمْرِهِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتَقٍ عَنْهُ بِدُونِهِ أَوْ عَنْ مَيِّتٍ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقٍ إلَّا مَنْ أَعْتَقَهُ وَارِثٌ عَنْ مَيِّتٍ لَهُ تَرِكَةٌ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ

_ قوله: (إلا إذا أعتق مكاتب رقيقا) أي: بإذن سيده. قوله: (أو كاتبه) أي: بالإذن. قوله: (فأدى) أي: الثاني. قوله: (فللسيد) أي: لا للمكاتب. قوله: (إن باع) أي: المكاتب. قوله: (المأذون) له في العتق. قوله: (وارثٍ) أي: مستغرق. قوله: (الأقرب فالأقرب) أي: نسبًا، فولاء كذلك. قوله: (من لم يمسه رق ... إلخ) اعلم: أن الإنسان لا يخلو إما أن يمسه رق، أو لا، فالأول: عليه الولاء. والثاني: إما أن يكون أبواه حري الأصل، أو مجهولي النَّسب، أو أحدهما كذلك، ففي هذه كلها: لا ولاء عليه، وفي ذلك ثمان صور. أو يكون أبواه قد مسهما الرق، فعليه الولاء أمه ما دام أبوه رقيقًا، فإن أعتق، انجر الولاء لمعتقه. فالصور عشر، منها ثنتان فيهما الولاءُ، والثمان لا ولاء فيها. فتدبر. قوله: (عن حي) أي: مكلَّف رشيدٍ. قوله: (واجب عليه) أي: من كفارة ونذر.

فلِلْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعِتْقُ أَطْعَمَ أَوْ كَسَا وَيَصِحُّ عِتْقُهُ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا تَرِكَةَ أَجْزَأَ كَإطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِمَا أَوْ بِعِتْقٍ أَجْنَبِيٌّ أَجْزَأَ وَلِمُتَبَرِّعٍ الْوَلَاءُ وَمَنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي أَوْ عَنِّي مَجَّانًا أَوْ وَثَمَنُهُ عَلَيَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ وَإِنْ فَعَلَ وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِهِ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِمُعْتَقٍ عَنْهُ وَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ بِالْتِزَامِهِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَهُ وأَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ أَوْ زَادَ: عَنْكَ فَفَعَلَ عَتَقَ وَلَزِمَ قَائِلًا ثَمَنُهُ وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقٍ وَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْهُ وَعَلَيَّ كَذَا فَلَغْوٌ وَإِنْ قَالَ كَافِرٌ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ صَحَّ وَوَلَاؤُهُ لِلْكَافِرِ وَيَرِثُ بِهِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ بَايَنَ دِينَ مُعْتَقِهِ

_ قوله: (وإن لم يتعيَّن العتق) ككفَّارة اليمين. قوله: (ويصحُّ عتقه) أي: الوارث عن الميت في كفارة اليمين. وانظر الولاء في هذه الحالة، هل هو للمعتق، أو لغيره؟ والظاهر: الأول، كما يعطيه عموم قوله الآتي: (ولمتبرع الولاء). قوله: (ولمتبرع) أي: وارث، أو أجنبي. قوله: (الولاء) أي: والأجر للمعتق عنه. نصًا. قوله: (بالتزامه) فإن ادعى رجوعه عن الالتزام لم يقبل إلا ببينة فيما يظهر. قوله: (عن واجبٍ) والمراد: إذا نواه. قاله في «شرح الإقناع».

فصل ولا يرث نساء به إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ أعتق من أعتقن أو كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ وَأَوْلَادَهُمْ أَوْ مَنْ جَرُّوا وَلَاءَهُ وَمَنْ نَكَحَتْ عَتِيقَهَا فَهِيَ الْقَائِلَةُ: إنْ أَلِدُ أُنْثَى فَلِيَ النِّصْفُ وذَكَرًا فالثُّمُنُ. وَإِنْ لَمْ أَلِدْ فالْجَمِيعُ وَلَا يَرِثُ بِهِ ذُو فَرْضٍ غَيْرَ أَبٍ أَوْ جَدٍّ مَعَ ابْنٍ سُدُسًا وجَدٍّ مَعَ إخْوَةٍ ثُلُثًا إنْ كَانَ أَحَظَّ لَهُ وَتَرِثُ عَصَبَةٌ مُلَاعَنَةٌ عَتِيق ابْنِهَا وَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُوقَفُ وَلَا يُوصَى بِهِ وَلَا يُورَثُ وَإنَّمَا يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَةِ السَّيِّدِ إلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِ عَتِيقِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْكُبْرِ

_ قوله: (وأولادهم) أي: من ذكر. قوله: (ومن نكحت) أي: تزوَّجت. قوله: (وهو المراد بالكبر) المذكور في حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: «ميراث الولاء للكبر من الذكور».

فَلَوْ مَاتَ سَيِّدٌ عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ فَإِرْثُهُ لِابْنِ سَيِّدِهِ وَإِنْ مَاتَا قَبْلَ الْعَتِيق وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا ابْنًا والْآخَرُ أَكْثَرَ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَإِرْثُهُ عَلَى عَدَدِهِمْ كَالنَّسَبِ وَلَوْ اشْتَرَى أَخٌ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا فَمَلَكَ قِنًّا ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ الِابْنُ بِالنَّسَبِ دُونَ أُخْتِهِ سَأَلْتُ عَنْهَا سَبْعِينَ قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْعِرَاقِ فَأَخْطَئُوا فِيهَا وَلَوْ مَاتَ الِابْنُ ثُمَّ الْعَتِيق وَرِثَتْ مِنْهُ بِقَدْرِ عِتْقِهَا مِنْ الْأَبِ وَالْبَاقِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُعْتِقِ أُمِّهَا إنْ كَانَتْ عَتِيقَةً

_ قوله: (والآخر أكثر) كتسعة. ثم مات، أي: الأب. قوله: (بالنَّسب) أي: باعتبار كونه نسيبًا وعصبة للمعتق، لا أنه نسيب للعتيق. ولا يرثه باعتبار كونه معتق المعتق، وإنما كان كذلك؛ لأنه قد اجتمع فيه جهتان. جهة كونه عصبة نسب لمعتق المعتق، وجهة كونه مولى المعتق، وهذه الجهة هي التي وجدت في البنت، والجهة الأولى مقدمة على الثانية، فلذلك لم ترث البنت شيئا، وهذه المسألة هي التي روي عن الإمام مالك أنه قال: سألت سبعين قاضيًا من قضاة العراق عنها فأخطؤوا فيها. قوله: (والباقي بينها وبين معتق أمها ... إلخ) وجه ذلك- والله أعلم- أنه إذا

وَمَنْ خَلَّفَتْ ابْنًا وَعَصَبَةً وَلَهَا عَتِيقٌ فَوَلَاؤُهُوَإِرْثُهُ لِابْنِهَا إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ نَسِيبٌ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى عَصَبَتِهَا فَإِنْ بَادَ بَنُوهَا فلِعَصَبَتِهَا دُونَ عَصَبَتِهِمْ

_ كانت أم الابن والبنت عتيقة، وأبوهما عند ولادتهما رقيقا، فلما اشتريا أباهما نصفين مثلا، وعتق عليهما، انجر للابن بعتقه نصف أبيه، نصف ولاء أخته فقط، دون نصف نفسه. كما لا يرث نفسه، وانجر للبنت نصف ولاء أخيها كذلك، فينجرُّ لكل واحد منهما من ولاء الآخر بقدر ما عتق عليه من الأب، وباقي ولاء كل منهما باق لمولى الأم بحاله، فلما مات الأب والابن ثم عتيق الأب، ولم يبق إلا البنت ومعتق الأم، كان نصف ولاء عتيق الأب للبنت؛ لعتقها لنصف الأب المعتق له، ونصف ولائه الباقي للابن، لعتقه أيضًا لنصف الأب المعتق له، فحيث كان الابن ميتاً كان هذا النصف لمن له ولاء الابن - أعني: البنت ومولى الأم - فإن ولاء الابن بينهُما نصفين، لما علمت من انجرار نصف ولائه للبنت، وبقاء نصفه الآخر لمولى الأم. هذا مقتضى ما سيذكره في الفصل بعده، ولو قال: وبين معتق أمهما، أو أمه، أي: الابن لكان أولى، لأنَّ كون أم البنت عتيقة ليس قيدًا، ولا سببًا في ذلك. فتأمله، فإنَّه دقيق. قوله: (نسيب) أي: للعتيق. قوله: (وعقْلُه) أي: العتيق. قوله: (فإن باد) أي: انقرض. قوله: (دون عصبتِهم) أي: عصبة بنيها.

فصل في جر الولاء ودوره مَنْ بَاشَرَ عتقا أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ لَمْ يَزُلْ وَلَاؤُهُ بِحَالٍ فَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَوَلَاءُ مَنْ تَلِدُ لِمَوْلَى أُمِّهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبَ سَيِّدُهُ وَجَرُّ وَلَاءِ وَلَدِهِ وَلَا يَعُودُ لِمَوْلَى الْأُمِّ بِحَالٍ ولَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِ مُكَاتَبٍ مَيِّتٍ أَنَّهُ أَدَّى وَعَتَقَ لِيَجُرَّ الْوَلَاءَ وَإِنْ عَتَقَ جَدٌّ وَلَوْ قَبْلَ أَبٍ لَمْ يَجُرَّهُ وَلَوْ مَلَكَ وَلَدُهُمَا أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ ووَلَاءُ إخْوَتِهِ وَيَبْقَى وَلَاءُ نَفْسِهِ لِمَوْلَى أُمِّهِ كَمَا لَا يَرِثُ نَفْسَهُ فَلَوْ أَعْتَقَ هَذَا الِابْنُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ ثَبَتَ لَهُ وَلَاؤُهُ وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ فَصَارَ كُلٌّ مَوْلَى الْآخَرِ

_ قوله: (ولدهما) أي: العبد والعتيقةِ. قوله: (هذا الابن) أي: ابن العبد والعتيقة. قوله: (مولى الآخر) أي: صاحب ولائه. قال في «الإقناع»: فلو مات الأب، وابنه، والعتيقُ، فولاؤه لمولى أم مولاه. قال في «شرحه»: فيه.

ومِثْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدًا كَافِرًا وَسَبَى سَيِّدَهُ فَأَعْتَقَهُ فَلَوْ سَبَى الْمُسْلِمُونَ الْعَتِيقَ الْأَوَّلَ فَرَقَّ ثُمَّ عَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ ثَانِيًا وَلَا يَنْجَرُّ إلَى الْأَوَّلِ قَبْلَ رِقِّهِ ثَانِيًا مِنْ وَلَاءِ وَلَدٍ وَمِنْ عَتِيقٍ وَإِذَا اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ مُعْتَقَةَ أَبُوهُمَا نِصْفَيْنِ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُمَا وَجَرَّ كُلٌّ نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ وَيَبْقَى نِصْفُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ

_ نظرٌ؛ لقوله فيما سبق ولا يعود إلى موالي أمه بحال. انتهى. قوله أيضا على قوله: (مولى الآخر) أي: فالابن مولى معتق أبيه، لأنه أعتقه، والعتيق مولى معتقه؛ لأنه جر ولاؤه بعتقه أباه. منصور البهوتي. قوله: (فسبى سيده) أي: فأسلم وسبى ... إلخ. قوله: (ما للأول) أي: المعتق. قوله: (قبل رقه) أي: العتيق. قوله: (وعتيق) أي: بل يبقى لمعتقه الأول على ما كان عليه. قوله: (وإذا اشترى ... إلخ) هذا شروع في دور الولاء، ومعناه: أن يخرج من مال ميِّت قسط إلى مال ميت آخر بحكم الولاء، ثم يرجع من ذلك القسط جزء إلى الميت الآخر بحكم الولاء، فيكون هذا الجزء الراجع قد دار بينهما. واعلم: أنه لا يقع الدور في مسألة حتى يجتمع فيها ثلاثة شروط: أن يكون المعتق اثنين فأكثر، وأن يكون في المسألة اثنان فأكثر، وأن يكون الباقي منهما يحوز إرث الميت قبله. فتدبر، والله أعلم.

فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَرِثَاهُ أَثْلَاثًا بِالنَّسَبِ وَإِنْ مَاتَتْ الْبِنْتُ بَعْدَهُ وَرِثَهَا أَخُوهَا بِهِ فَإِنْ مَاتَ فَلِمَوْلَى أُمِّهِ نِصْفُ وَلِمَوْلَى أُخْتِهِ نِصْفٌ وَهُمْ الْأَخُ وَمَوْلَى الْأُمِّ فَيَأْخُذُ مَوْلَى أُمِّهِ نِصْفَهُ ثُمَّ يَأْخُذُ الرُّبُعَ الْبَاقِي وَهُوَ الْجُزْءُ الدَّائِرُ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْأَخِ وَعَادَ إلَيْهِ.

_ قوله: (عاد إليه) أي: إلى الأخ.

كتاب العتق

كتاب العتق وَهُوَ تَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ وَتَخْلِيصُهَا مِنْ الرِّقِّ ومِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ وَأَفْضَلُهَا أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا وذَكَرٍ وَتَعَدُّدٌ أَفْضَلُ وَسُنَّ عِتْقُ وكِتَابَةُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ وَكُرِهَا إنْ كَانَ لَا قُوَّةَ لَهُ وَلَا كَسْبَ أَوْ يَخَافُ مِنْهُ زِنًا أَوْ فَسَادَ وَإِنْ عُلِمَ أَوْ ظُنَّ ذَلِكَ مِنْهُ حَرُمَ وَصَحَّ الْعِتْقُ وَيَحْصُلُ بِقَوْلٍ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ عِتْقٍ. وحُرِّيَّةٍ كَيْفَ صُرِفَا غَيْرَ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ وَاسْمِ فَاعِلٍ وَيَقَعُ مِنْ هَازِلٍ لَا مِنْ نَائِمٍ وَنَحْوِهِ وَلَا إنْ نَوَى بِالْحُرِّيَّةِ عِفَّتَهُ وَكَرَمَ خُلُقِهِ وَنَحْوَهُ وأَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَوْ الْبَلَدِ يُعْتَقُ مُطْلَقًا وَكِنَايَتُهُ مَعَ نِيَّتِهِ خَلَّيْتُك أَوْ أَطْلَقْتُك وَالْحَقْ بِأَهْلِك وَاذْهَبْ

_ قوله: (وتخليصها) عطف تفسير. قوله: (أنفسها) أي: أعزها. قوله: (وأغلاها) ظاهره: ولو كافرة. قوله: (وتعدد) أي: ولو من إناث. قوله: (مع نيته) قلت: أو قرينة، كسؤال عتق، كالطلاق. منصورالبهوتي

حَيْثُ شِئْتَ وَلَا سَبِيلَ لِي أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي أَوْ لَا مِلْكَ لِي أَوْ لَا رِقَّ لِي أَوْ خِدْمَةَ لِي عَلَيْك، وَفَكَكْت رَقَبَتَك وَوَهَبْتُك لِلَّهِ، وَرَفَعْتُ يَدِي عَنْك إلَى اللَّهِ وَأَنْتَ لِلَّهِ أَوْ مَوْلَايَ أَوْ سَائِبَةً وَمَلَّكْتُك نَفْسَك. ولِأَمَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ حَرَامٌ ولِمَنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ أَبَاهُ أَنْتَ أَبِي أَوْ أَنْتَ ابْنِي وَلَوْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوف لَا لِكِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ عِتْقَهُ كَأَعْتَقْتُك أَوْ وأَنْتِ بِنْتِي لِعَبْدِهِ و: أَنْتَ ابْنِي لِأَمَتِهِ وبِمِلْكٍ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ وَلَوْ حَمْلًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ وَأَبٌ وَابْنٌ مِنْ زِنًا كَأَجْنَبِيَّيْنِ وَيُعْتَقُ حَمْلٌ لَمْ يُسْتَثْنَ بِعِتْقِ أُمِّهِ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ إنْ كَانَ

_ قوله: (ولمن يمكن ... إلخ) هذا صريح لا يحتاج إلى نية، فهومستأنف، أو معطوف على الصريح. فتدبر. قوله: (ونحوه) ككونه ممسوحاً. قوله: (ولم ينو به) أي: فإن نواه عتق؛ لأنه كناية. كما في "الإقناع"، وكذا ما بعهده. قوله: (ولو حملاً) أي: ولو كان المملوك حملا، كما لو اشترى زوجة ابنه. قوله: (لم يستثن) وإلا بقي على رقه. قوله: (بعتق أمه) كما لو

مُوسِرًا وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ وَيَصِحُّ عِتْقُهُ دُونَهَا وَمَنْ مَلَكَ بِغَيْرِ إرْثٍ جُزْءًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةٍ بَاقِيَةٍ فَاضِلَةٍ كَفِطْرَةٍ يَوْمَ مِلْكِهِ عَتَقَ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ جُزْءَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِ كُلِّهِ وَإِلَّا عَتَقَ مَا يُقَابِلُ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ وبِإِرْثٍ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا مَا مَلَكَهُ وَلَوْ مُوسِرًا وَمَنْ مَثَّلَ وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ بِرَقِيقِهِ فَجَدَعَ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ أَوْ نَحْوُهُمَا أَوْ خَرَقَ أَوْ حَرَّقَ عُضْوًا مِنْهُ عَتَقَ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَكَذَا لَوْ اسْتَكْرَهَهُ عَلَى الْفَاحِشَةِ أَوْ وَطِئَ مُبَاحَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لِصِغَرٍ فَأَفْضَاهَا وَلَا عِتْقَ بِخَدْشٍ وَضَرْبٍ وَلَعْنٍ وَمَالُ مُعْتِقٍ بِغَيْرِ أَدَاءٍ عِنْدَ عِتْقٍ لِسَيِّدٍ

_ اشترى أمة من ورثة ميت موصى بحملها لغيره، فأعتقها، فسرى العتق إلى الحمل. قوله: (بقيمة باقيه) أي: بما يوازيها من قيمة الكل، لاقيمة الباقي فقط. قوله: (ومن مثل) أي: قطع أطرافه. قوله: (ونحوهما) كما لو خصاه. قوله: (أو خرق ... إلخ) لعله غير أذن أنثى لزينة، فإن شرمها؛ عتقت؛ لأنه لا يعتبر القصد.

فَصْلٌ وَمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مُشَاعًا كَنِصْفٍ أَوْ مُعَيَّنًا غَيْرَ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ وَنَحْوِه مِنْ رَقِيقٍ عَتَقَ كُلُّهُ وَمَنْ أَعْتَقَ كُلَّ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ الْمُعْتِقُ لَهُ كَافِرًا أَوْ نَصِيبَهُ وَهُوَ يَوْمَ عِتْقِهِ مُوسِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ بِقِيمَةِ بَاقِيهِ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَى مُعْتِقِ وَلَوْ مَعَ رَهْنِ شِقْصِ الشَّرِيكِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَكَانُهُ وَيَضْمَنُ شِقْصَ مِنْ مُكَاتَبٍ مِنْ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا وَإِلَّا فمَا قَابَلَ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ

_ قوله: (أو معيناً) كيد ورجل. قوله: (ونحوه) كدمع وسمع. قوله: (ولو أم ولد) أي: بأن وطئ اثنان أمة مشتركة بينهما في طهر واحد، وأتت بولد فألحقته القافة بهما، فتصير أم ولدهما. قوله: (أو نصيبه) أي: أو أقل. قوله: (يوم عتقه) أي: كله، أو بعضه. قوله: (كما تقدم) أي: كيسار في فطرة. قوله: (عتق كله) أي: بمجرد تلفظه بالعتق، ولو قبل دفعه القيمة؛ فلا عبرة بعتق الآخر حصته بعد ذلك. قوله: (ولو مع رهن شقص الشريك) وكونه بيد مرتهنه. قوله: (مكانه) أي: رهناً. قوله: (وإلا) أي: وإن لم يكن موسراً بقيمة باقيه كله؛ لا يعتق زيادة على نصيبه.

وَالْمُعْسِرُ يُعْتَقُ حَقُّهُ فَقَطْ وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ وَمَنْ لَهُ نِصْفُ قِنٍّ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِثَالِثٍ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ مُوسِرَانِ مِنْهُمْ حَقَّهُمَا مِنْهُ مَعًا تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِ الْبَاقِي ووَلَائِهِ وأَعْتَقْتُ نَصِيبَ شَرِيكِي لَغْوٌ كَقَوْلِهِ لِقِنِّ غَيْرِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي أَوْ فِيهِ وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُهُ وأَعْتَقْت النَّصِيبَ يَنْصَرِفُ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ يَسْرِي وَلَوْ وَكَّلَ شَرِيكٌ شَرِيكَهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَلَا نِيَّةَ انْصَرَفَ إلَى نَصِيبِهِ وَأَيُّهُمَا سَرَى عَلَيْهِ الْعِتْقُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مُوسِرَيْنِ إنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَتَقَ الْمُشْتَرَكُ لِاعْتِرَافِ كُلٍّ بِحُرِّيَّتِهِ فَصَارَ كُلٌّ مُدَّعِيًا عَلَى شَرِيكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهِ ويَحْلِفُ كُلٌّ لِلسِّرَايَةِ

_ قوله: (معاً) أي: بأن وكلا شخصا، أو وكل أحدمها الآخر؛ فأعتقه بكلامٍ واحد. قوله: (لغو) أي: لا يعول عليه في الشرع. قوله: (ثم يسري) أي: بشرطه. قوله: (فأعتق) أي: الوكيل. قوله: (انصرف إلى نصيبه)، كالبيع. قوله: (سرى عليه) أي: بعتق النصف عن نفسه، أو شريكه. والظاهر أن الولاء لمن حصل العتق له. قوله: (من موسرين) ولو كافرين. قوله: (ويحلف كل للسِّراية) أي: لنفيها، إن يكن بينة، فإن نكلا جميعا؛ تساقطا، وإن نكل أحدهما؛ قضي عليه.

وَوَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ أَحَدٌ بِعِتْقِ فَيَثْبُتُ لَهُ وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ وَيَعْتِقُ حَقَّ مُعْسِرٍ فَقَطْ مَعَ يَسْرَةِ الْآخَرِ وَمَعَ عُسْرَتِهِمَا لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ فَشَهِدَا فَمَنْ حَلَفَ مَعَهُ الْمُشْتَرَكِ عَتَقَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ وَأَيُّهُمَا مَلَكَ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ الْمُعْسِرِ شَيْئًا عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ إلَى نَصِيبِهِ وَمَنْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ: إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ الْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ عَلَيْهِ مَضْمُونًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ عَلَى كُلٍّ نَصِيبُهُ

_ قوله: (لبيت المال) أي: أشبه المال الضائع. قوله: (فيثبت له) أي: الولاء. قوله: (ويضمن حق شريكه) أي: حصة شريكه؛ لاعترافه. قوله: (ويعتق ... إلخ) أي: عند دعوى كل أن شريكه أعتق ... إلخ. قوله: (نصيب صاحبه) وإلا يحلف؛ لم يعتق منه شيء. قوله: (وأيهما) أي: المعسرين المتداعيين.

وَ: إنْ أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِك فَفَعَلَ عَتَقَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ صَلَّيْت مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ فَصَلَّتْ كَذَلِكَ عَتَقَتْ و: إنْ أَقْرَرْتُ بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ فَأَقَرَّ بِهِ لَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ فَقَطْ و: إنْ أَقْرَرْتُ بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ سَاعَةَ إقْرَارِي فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّا وَيَصِحُّ شِرَاءُ شَاهِدَيْنِ مِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا بِعِتْقِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِمَا كَانْتِقَالِهِ لَهُمَا بِغَيْرِ شِرَاءٍ وَمَتَى رَجَعَ بَائِعٌ رَدَّ مَا أَخَذَهُ وَاخْتَصَّ بِإِرْثِهِ وَيُوقَفُ إنْ رَجَعَ الْكُلُّ حَتَّى يَصْطَلِحَا وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدٌ فلِبَيْتِ الْمَالِ

_ قوله: (مطلقاً) أي: موسرين، أو معسرين، أو مختلفين. قوله: (كذلك) أي: مكشوفة الرأس. قوله: (عتقت) أي: ولغا قبله. قوله: (فقط) أي: دون عتقه. قوله: (لم يصحا) لتنافيهما. قوله: (واختص بإرثه) أي: بالولاء.

فصل ويصح تعليق عتق بصفة كَإنْ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ مَا دَامَ مِلْكُهُ وَلَا يَعْتِقُ بِإِبْرَاءِ وأَلْفًا عَتَقَ وَمَا فَضُلَ عَنْهُ فَلِسَيِّدِهِ وَلَهُ أَنْ يَطَأَ ويَقِفْ ويَنْقُلَ مِلْكَ مَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ قَبْلَهَا وَإِنْ عَادَ مِلْكُهُ وَلَوْ بَعْدَ وُجُودِهَا حَالَ زَوَالِهِ عَادَتْ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِهِ فَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ لَغْوٌ وَيَصِحُّ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَلَا يَمْلِكُ وَارِثٌ بَيْعَهُ قَبْلَهُ كَمُوصًى بِعِتْقِهِ قَبْلَهُ أَوْ لِمُعَيَّنٍ قَبْلَ قَبُولِهِ وَكَسْبِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لِلْوَرَثَةِ وَكَذَا اخْدِمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ فَلَوْ أَبْرَأَهُ زَيْدٌ مِنْ الْخِدْمَةِ عَتَقَ فِي الْحَالِ

_ قوله: (ولا يملك إبطاله) أي: ولو وافقه العبد. قوله: (عادت) يعني: فمتى وجدت في ملكه؛ عتق. قوله: (ويبطل بموته) أي: المعلق. قوله: (قبله) أي العتق. قوله: (ثم أنت حر) أي: إن خرج فيها من الثلث.

وَإِنْ جَعَلَهَا لِكَنِيسَةٍ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَهَا عَتَقَ مَجَّانًا و: إنْ خَدَمْت ابْنِي حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَخَدَمَهُ حَتَّى كَبِرَ وَاسْتَغْنَى عَنْ رَضَاعٍ عَتَقَ كُنْتُ مَمْلُوكًا لِأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: أَعْتَقْتُكَ وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْك أَنْ تَخْدُمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْتَ فَقُلْت: إنْ لَمْ تَشْتَرِطِي عَلَيَّ مَا فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْتُ فَأَعْتِقِينِي وَاشْتَرِطِي عَلَيَّ و: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَفَعَلَهُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا وَيَصِحُّ لَا مِنْ رَقِيقٍ تَعْلِيقُ عِتْقِ قِنِّ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ نَحْوِ إنْ مَلَكْت فُلَانًا أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لَا بِغَيْرِهِ نَحْوَ إنْ كَلَّمْتُ عَبْدَ زَيْدٍ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يُعْتَقُ إنْ مَلَكَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ وأَوَّلُ أَوْ: آخِرُ قِنٍّ أَوْ يَطْلُعُ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ فَلَمْ يَمْلِكْ أَوْ يَطْلُعْ إلَّا وَاحِدٌ عَتَقَ وَلَوْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا. أَوَّلًا وَآخِرًا أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ حَيَّيْنِ مَعًا عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ وآخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا لَمْ يُعْتَقْ الْأَوَّلُ وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ وَلَدَتْ حَيًّا عَتَقَ الثَّانِي وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَشْكَلَ

_ قوله: (وهما) أي: السيد والعبد. قوله: (قبلها) أي: الخدمة. قوله: (مجاناً) أي: من غير شيء. قوله: (ويصح) أي: من حر رشيدٍ. قوله: (لا بغيره) أي: بغير ملكه له

الْآخَرُ أُخْرِجَ بِقُرْعَةٍ و: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ أَوْ إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا لَمْ يُعْتَقْ الْحَيُّ وأَوَّلُ أَمَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِي تَطْلُعُ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ فَطَلَعَ الْكُلُّ أَوْثِنْتَانِ مَعًا عَتَقَ وَطَلُقَ وَاحِدَةٌ بِقُرْعَةٍ وآخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبِيدًا ثُمَّ مَاتَ فَآخِرُهُمْ حُرٌّ مِنْ حِينِ شِرَائِهِ وَكَسْبُهُ لَهُ وَيَحْرُمُ وَطْءُ أَمَةٍ حَتَّى يَمْلِكَ غَيْرَهَا وَيَتْبَعُ مُعْتَقَةٍ بِصِفَةٍ وَلَدُهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ حَالَ عِتْقِهَا أَوْ حَالَ تَعْلِيقِهِ لَا مَاءٌ حَمَلَتْهُ وَوَضَعَتْهُ بَيْنَهُمَا وأَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ. يُعْتَقُ بِلَا شَيْءٍ وعَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا أَوْ: بِعْتُك نَفْسَك بِأَلْفٍ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَقْبَلَ

_ قوله: (شرائه) اعلم أن الشراء يكون ممدودًا ومقصورا. هكذا قال اليزيدي، وقال الكسائي: مقصور لا غير. قوله: (حتى يملك غيرها) لاحتمال أن تكون آخرًا. قوله: (وعلى ألف، أو بألف، أوعلى أن تعطيني ألفاً) أو بعتك نفسك بألف، لا يعتق حتى يقبل؛ لأنه أعتقه على عوض، فلا يعتق بدون قبوله.

و: عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً يُعْتَقُ بِلَا قَبُولِ وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةِ حَيَاتِهِ أَوْ نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا مِنْ الْعَبْدِ وغَيْرٍ وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا رَجَعَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ وَلَوْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ صَحَّ وَعَتَقَ وَلَهُ وَلَاؤُهُ و: جَعَلْتُ عِتْقَك إلَيْكَ أَوْ خَيَّرْتُك وَنَوَى تَفْوِيضَهُ إلَيْهِ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَتَقَ و: اشْتَرِنِي مِنْ سَيِّدِي بِهَذَا الْمَالِ وَأَعْتِقْنِي فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّا وَإِلَّا عَتَقَ وَلَزِمَ مُشْتَرِيه الْمُسَمَّى

_ قوله: (وللسيد بيعها) أي: المدة المعلومة، والمراد: إجارتهما، كما في "الإقناع" قوله: (وإن مات) أي: السيد. قوله: (صح، وعتق) لأنه تعليق. قوله: (عتق) وإلا فلا. قوله: (وإلا) أي: وإن لم يشتر بعين ما في يد العبد صح ... إلخ. سواء اشتراه بثمن في ذمته، أو بمعيَّن غير ما في يد العبد فما يوهمه، ما في "شرح" منصور البهوتي، ليس مرادًا.

فصل وَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ، أَوْعَبْدٍ لِي أَوْ مَمَالِيكِي أَوْ رَقِيقِي حُرٌّ يُعْتَقُ مُدَبَّرُوهُ وَمُكَاتَبُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَشِقْصٌ يَمْلِكُهُ وَعَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ وعَبْدِي حُرٌّ أَوْأَمَتِي حُرَّةٌ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا عِتْقَ وَطَلَّقَ الْكُلَّ ; لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وأَحَدُ عَبْدَيَّ أَوْ عَبِيدِي حُرٌّ أَوْ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَنْوِهِ أَوْ عَيَّنَهُ وَنَسِيَهُ أَوْ أَدَّى أَحَدُ مُكَاتِبِيهِ وَجَهِلَ وَمَاتَ بَعْضُهُمْ أَوْ أَقْرَعَ أَوْ وَارِثُهُ فَمَنْ خَرَجَ بِالْقُرْعَةِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ حِينِ الْعِتْقِ وَمَتَى بَانَ لِنَاسٍ أَوْ لِجَاهِلٍ أَنَّ عَتِيقَهُ أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُخْرِجِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِالْقُرْعَةِ وأَعْتَقْتُ هَذَا لَا بَلْ هَذَا عَتَقَا وَكَذَا إقْرَارُ وَارِثٍ

_ قوله: (فيعم) أي: وكذا إن قال: كل عبد أملكه في المستقبل. قوله: (وطلق الكل) هذه من مفردات المذهب. قوله: (إذا لم يحكم بالقرعة) فإن حكم بها، أو كانت بأمر حاكم؛ عتقا. قوله: (وكذا إقرار وارث) بأن مورثه أعتق هذا، لا بل هذا، فيعتقان.

وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِشَرْطٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَهُ قَبْلَهُ عَتَقَ الْبَاقِي كَقَوْلِهِ لَهُ وَلِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَيُعْتَقُ وَحْدَهُ وَكَذَا الطَّلَاقُ فصل وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ جُزْءًا مِنْ مُخْتَصٍّ بِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ أَوْ دَبَّرَهُ وَمَاتَ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُ كُلَّهُ عَتَقَ وَلِشَرِيكٍ فِي مُشْتَرَكٍ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهِ عَتَقَ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ مِنْهُ وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ بِيعُوا فِيهِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ بَعْضَهُمْ بِيعَ بِقَدْرِهِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ وَارِثُهُ بِقَضَائِهِ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ عَتَقَ ثُلُثُهُمْ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ مَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ وَإِلَّا جَزَّأْنَاهُمْ ثَلَاثَةَ كُلُّ اثْنَيْنِ جُزْءٌ، وَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ

_ قوله: (قبله) أي: قبل الشرط. قوله: (عتق الباقي) يعني: عند الشرط. قوله: (في مرضه) أي: مرض الموت المخوف، وما ألحق به. قوله: (وإلاجزأناهم) نسخة: جزأناهم، وكلاهما لغة.

وَسَهْمَيْ رِقٍّ. فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ وَرَقَّ الْبَاقُونَ وَإِنْ كَانُوا ثَمَانِيَةً فَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ بِسَهْمَيْ حُرِّيَّةٍ وَخَمْسَةٍ رِقٍّ وَسَهْمٍ لِمَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ وَإِنْ شَاءَ جَزَّأَهُمْ أَرْبَعَةَ وَأَقْرَعَ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَثَلَاثَةِ رِقٍّ ثُمَّ أَعَادَهَا لِإِخْرَاجِ مَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ وَكَيْفَ أَقْرَعَ جَازَ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ والْآخَرِ ثَلَثُمِائَةٍ جَمَعْتَ الْخَمْسَمِائَةِ فَجَعَلْتهَا الثُّلُثَ ثُمَّ أَقْرَعْتَ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَتَانِ ضَرَبْتهَا فِي ثَلَاثَةٍ تَكُنْ سِتَّمِائَةٍ ثُمَّ نَسَبْتَ مِنْهُ الْخَمْسَمِائَةِ فَيُعْتَقُ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ عَتَقَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ وَكُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ هَذَا الْبَابِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يُضْرَبَ فِي ثَلَاثَةٍ لِيَخْرُجَ بِلَا كَسْرٍ

_

وَإِنْ أَعْتَقَ مُبْهَمًا مِنْ ثَلَاثَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاتِهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ رُقَّا وعَلَى أَحَدِهِمَا عَتَقَ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ أَعْتَقَ الثَّلَاثَةَ فِي مَرَضِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ عِتْقِهِمْ. أَوْ دَبَّرَهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ وَوَصَّى بِعِتْقِ الْبَاقِي فَمَاتَ أَحَدُهُمْ. أَقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ

_ قوله: (فإن وقعت عليه رقاً) أي: فإن كانت قيمته وفق الثلث؛ فلا إشكال، وإن كانت أكثر، فالزائد على الثلث؛ هلك على مالكه، وإن كانت أقل؛ فلا يعتق من الآخرين شيء، لأنه لم يعتق إلا واحداً. قال منصور البهوتي: قلت: إن كسب شيئاً بعد العتق ثم مات، اعتبر من الثلث لأجل أن ترث ورثته ما كسبه بجزئه الحر، أو بكله إن خرج من الثلث. قوله أيضاً على قوله: (فإن وقعت عليه) أي: وإن لم يخرج من الثلث. قوله: (وبين الحيين) ومتى وقعت القرعة على الميت، وكانت قيمته أقل من الثلث؛ عتق من أحد الحيين تتمة الثلث بالقرعة.

باب التدبير

باب التدبير: تعليق العتق بالموت فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ بِهِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَبَاقِيهِ بِمَوْتِ الْآخَرِ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ عِتْقٍ وحُرِّيَّةٍ مُعَلَّقَيْنِ بِمَوْتِهِ وَلَفْظُ تَدْبِيرٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا غَيْرُ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ وَاسْمُ فَاعِلٍ وَتَكُونُ كِنَايَاتُ عِتْقٍ مُنَجَّزٍ لِتَدْبِيرٍ إنْ عُلِّقَتْ بِالْمَوْتِ وَيَصِحُّ مُطْلَقًا كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ومُقَيَّدًا كَإنْ مِتُّ فِي عَامِي

_ قوله: (بالموت) أي: موت المعلق. قوله: (ويعتبر كونه) أي: ويقدم على التدبير عتق في المرض، ويساويه وصية بعتق. قوله (ممن تصح وصيته) أي ولو محجورًا عليه لفلس، أو سفهٍ، أومميزًا يعقله. قوله: (من ثلثه) سواء وقع في الصحة، أو المرض. قوله: (بموت الآخر) إن لم يحتمله ثلث الأول، وإلا سرى عليه، كما تقدم. قوله: (لتدبير) هو خبر تكون، أي: كناية العتق المنجز كناية للعتق المعلق، كقوله: إن مت فأنت لله، أو نحوه. قوله: (مطلقا) أي: غير مقيد، ولا معلق.

أَوْ مَرْضِي هَذَا فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ومُعَلَّقًا كَإذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ومُؤَقَّتًا كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ الْيَوْمَ أَوْ سَنَةً وإنْ أَوْ مَتَى أَوْ إذَا شِئْتَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَشَاءَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ بِوَصِيَّةٍ فَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالٍ ورُجُوعٍ وَيَصِحُّ وَقْفُ مُدَبَّرٍ وَهِبَتُهُ وَبَيْعُهُ وَلَوْ أَمَةً أَوْ فِي غَيْرِ دَيْنٍ وَمَتَى عَادَ عَادَ التَّدْبِيرُ وَإِنْ جَنَى بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ فَدَى بَقِيَ تَدْبِيرُهُ وَإِنْ بِيعَ بَعْضُهُ فَبَاقِيهِ مُدَبَّرٌ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ إنْ وَفَّى ثُلُثُهُ بِهَا وَمَا وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ بِمَنْزِلَتِهَا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ بِمَنْزِلَتِهَا وَيَكُونُ مُدَبَّرًا بِنَفْسِهِ فَلَوْ قَالَتْ: وَلَدْتُ بَعْدَهُ وَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَفِ

_ قوله: (في حياة سيده) ظاهره ولو بعد المجلس، خلافاً لأبي الخطاب. قوله: (ويصح وقف مدبر) أي: ويبطل به، بخلاف الكتابة؛ فإنه إذا وقف المكاتب، لا تبطل كتابته، بل إن أدى؛ بطل الوقف وإلا صح. فتدبر. قوله: (بيع) أي: جاز بيعه في الجباية. قوله: (بمنزلتها) أي: سواء كانت حاملا به حين التدبير، أو بعده، قوله: (بنفسه) أي: فلا يبطل تدبيره ببطلان تدبير الأم. قوله: (فقوله) أي: وكذا ورثته.

الثُّلُثُ بِمُدَبَّرَةٍ وَوَلَدِهَا أَقْرَعَ وَلَهُ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ أَنَّهُ دَبَّرَ أَمَتَيْنِ لَهُ وَكَانَ يَطَؤُهُمَا ووَطْءُ بِنْتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ أُمَّهَا وَيَبْطُلُ تَدْبِيرُهَا بِإِيلَادِهَا وَوَلَدٍ مُدَبَّرٍ مِنْ أَمَةِ نَفْسِهِ كَهُوَ ومِنْ غَيْرِهَا كَأُمِّهِ وَمَنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ دَبَّرَ مُكَاتَبَهُ صَحَّ وَعَتَقَ بِأَدَاءِ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهُ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ مَا عَلَيْهِ عَتَقَ كُلُّهُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَا يَحْتَمِلُهُ وَسَقَطَ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فِيمَا بَقِيَ أَوْ كَسْبُهُ إنْ عَتَقَ أَوْ بِقَدْرِ عِتْقِهِ لَا لِبْسُهُ لِسَيِّدِهِ وَمَنْ دَبَّرَ شِقْصًا لَمْ يَسِرِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ سَرَى عِتْقُهُ إلَى الْمُدَبَّرِ مَضْمُونًا

_ قوله: (ووطء بنتها) أي: التابعة لها. قوله: (من أمة نفسه) أي: المدبر. قوله: (كهو) إن جاز له التسري، بناء على ثبوت الملك له. قوله: (كأمه) أي: حرية، ورقاً. قوله: (قبله) أي: الأداء. قوله: (وثلثه يحتمل ما عليه) أي: وأما أم الولد المكاتبه؛ فتعتق بالموت مطلقاً، وسقط ما عليها من مال الكتابة. قوله: (عتق كله) يعني: وبطلت الكتابة. قوله: (لا لبسه) أي: بكسر اللام ما يلبس كاللباس، وأما بالضم؛ فمصدر. قوله: (ومن دبر شقصا) أي ولو موسرا.

وَلَوْ أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ أَوْ قِنٌّ أَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبٌ لِكَافِرٍ أُلْزِمَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ فَشَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ حَلَفَ مَعَهُ الْمُدَبَّرُ حُكِمَ بِهِ وَيَبْطُلُ بِقَتْلِ مُدَبَّرٍ سَيِّدَهُ

_ قوله: (بيع) أي: باعه الحاكم. قوله: (أو عدل وأمراتان) لأن التدبير يتضمن إتلاف المال.

باب الكتابة

باب الكتابة: بَيْعُ سَيِّدٍ رَقِيقَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ

_ اسم مصدر بمعنى: المكاتبة من الكتب، وهو: الجمع؛ لأنها تجمع نجوماً. ومنه سمي الخراز كاتباً، قال الحريري: وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفاً ولا قرؤوا ما خط في الكتب قوله: (بيع سيد) هو مصدر مضاف لفاعله. وقوله: (رقيقه) مفعوله الأول، و (نفسه) مفعوله الثاني. فإن المصدر يعمل عمل فعله. وباع يتعدى إلى مفعولين، كما صرح به صاحب "المصباح"، قال: وأكثر الاقتصار على الثاني؛ لأنه المقصود بإلاسناد، ولهذا تتم به الفائدة، نحو: بعتُ الدارَ، ويجوز الاقتصار على الأول عند عدم اللبس، نحو بعت الأمير؛ لأن الأمير لا يكون مملوكا يباع، وقد تدخل "من" على المفعول الأول على وجه التأكيد، فيقال: بعت من زيدٍ الدار، كما يقال: كتمت زيدًا الحديث، وكتمت منه الحديث، وسرقت زيدا المال، وسرقت منه المال وربما دخلت اللام مكان "من"، يقال: بعتك الشيء، وبعته لك، واللام زائدة انتهي. قوله (رقيقه) ذكراً، أو أنثى. قوله: (بمال) أي: لا خمر، ونحوه.

فِي ذِمَّتِهِ مُبَاحٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا بِعِلْمِ قِسْطٍ كُلِّ نَجْمٍ وَمُدَّتِهِ بِمَنْفَعَةٍ عَلَى أَجَلَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَجَلٌ لَهُ وَقَعَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ فِيهِ وَتَصِحُّ عَلَى خِدْمَةٍ مُفْرَدَةٍ أَوْ مَعَهَا مَالٌ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَوْ أَثْنَائِهَا وَتُسَنُّ لِمَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا وَهُوَ الْكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ

_ قوله: (في ذمته) أي: لا معين. قوله: (مباح) أي: لا آنية ذهب، وفضة. قوله: (معلوم) أي: لا مجهول. قوله: (يصح السلم فيه) أي: لا نحو جوهر. قوله: (منجم) النجم هنا، الوقت؛ لأن العرب كانت لا تعرف الحساب، وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجم، كما قال بعضهم: إذا سهيل أول الليل طلع .... فابن اللبون الحق والحق جذع قوله: (على أجلين) فأكثر، كأن يكاتبه في المحرم على خدمته فيه، وفي رجب، لا على خدمة شهر أو سنةٍ، ولو معيناً؛ لأنه نجم واحد، ولا يشترط في الخدمة تأجيل نجمها، بخلاف المال. قوله: (على الكسب) خلافاً "للإقناع"، فيصحُّ لساعتين.

وَتُكْرَهُ لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ وَتَصِحُّ لِمُبَعَّضٍ ومُمَيِّزٍ لَا مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا مِنْ غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَلَا بِغَيْرِ قَوْلٍ وَتَنْعَقِدُ بكَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَبُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمَتَى أَدَّى مَا عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ أَبْرَأَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثٌ مُوسِرٌ مِنْ حَقِّهِ عَتَقَ وَمَا فَضُلَ بِيَدِهِ فَلَهُ

_ قوله: (وتكره لمن لا كسب له) وكذا تكره لمن خيف منه زناً، أو فساد، أو ردة ولحوق بدار حرب، وتحرم لمن علم، أو ظن منه ذلك. كما تقدم في أول العتق في "المتن" و "شرحه". قوله: (لمبعض) أي: بعضه حر. قوله: (ومميز) أي: رقيق مميز، لا طفل، ومجنون، لكن يعتقان بالتعليق إن علق عتقهما على الأداء صريحاً. منصور البهوتي. قوله: (ولا من غير جائز التصرف) كسفيه ومحجور عليه لفلس، وراهن لعبد رهناً مقبوضاً. قوله: (أو بغير قولٍ) لأن المعاطاة لا تمكن فيها صريحاً. قوله: (أو أبرأه سيده) أي: جائز التصرف. قوله: (موسر) فإن كان معسراً؛ عتق حقه بلا سراية. قوله: (وما فضل بيده) أي: بعد الأداء لجميع مال الكتابة، فللمكاتب

وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ وَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَجِّلَهَا وَيَضَعُ عَنْهُ بَعْضَهَا وَيَلْزَمُ سَيِّدًا أَخْذُ مُعَجَّلِهِ بِلَا ضَرَرٍ فَإِنْ أَبَى جَعَلَهَا إمَامٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ

_ كما صرح بذلك في "الإقناع" و "شرحه" بخلاف ما إذا أبرأه، فإن ما في يده يكون للسيد. وهذا مقتضى ما قدمه المصنف في قوله: (ومال معتق بغير أداء عند عتق لسيد). فقول الشارح هنا: أو إبرائه من، فيه نظر. فتدبر. قوله: (وتنفسخ بموته) يعني: وقتله، كموته، فإن كان القاتل سيده، فماله له، ولاشيء عليه، وإن كان أجنبياً؛ فللسيد قيمته. قوله: (قبل أدائه) أي: أداء الجميع، ولو خلَّف وفاء. قوله: (ويضع عنه بعضها) كما لو كان النجم مئةً؛ فعجَّل منه ستين، أو صالحه عليها، وأبراه من الباقي، فيصح؛ لأنه غير مستقر، وليس بدين صحيح؛ إذ لا يجبر على أدائه، ولا تصح الكفالة به، وإن اتفقا على الزيادة في الأجل والدين، كأن حل عليه نجم، فقال: أخره إلى كذا، وأزيدك كذا؛ لم يجز. قوله: (بلا ضرر) كطريق مخوف، أو احتاجت إلى مخزنٍ كطعام، وقطن، ونحوهما. قوله: (في بيت المال) وظاهره أنه: إن تلف بيت المال ضاع على السيد؛ ليقام قبض الإمام مقام قبضه.

وَمَتَى بَانَ بِعِوَضٍ دَفَعَهُ عَيْبٌ فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ عَوَّضَهُ بِرَدِّهِ وَلَمْ يَرْتَفِعْ عِتْقُهُ وَلَوْ أَخَذَ سَيِّدُهُ حَقَّهُ ظَاهِرًا ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ ادَّعَى تَحْرِيمَهُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا حَلَفَ الْعَبْدُ ثُمَّ يَجِبُ أَخْذُهُ وَيُعْتَقُ بِهِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ رَدُّ إلَى مَنْ أَضَافَهُ إلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُهُ وَلَهُ قَبَضَ مَا لَا يَفِي بِدَيْنِهِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ وتَعْجِيزُهُ لَا قَبْلَ أَخْذِهِ ذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ سَيِّدِهِ وَفَائِدَتُهُ يَمِينَهُ عِنْدَ النِّزَاعِ

_ قوله: (ظاهرا) يعني: عملا بالظاهر في كون ما بيد الإنسان ملكه. قوله: (ثم قال: هو حر) أي: بمقتضى أدائه مال الكتابة. قوله: (ثم بان) أي: ما دفعه. قوله: (مستحقاً) أي: مغصوباً. قوله: (وله قبض ... إلخ) أي: سيد المكاتب إذا كان له عليه دينان: دين الكتابة، ودين نحو قرض. قوله: (من دين له على مكاتبه) أي: له أن ينوي أنَّ ما قبضه من مكاتبه من دين غير الكتابة، حيث كان المقبوض لا يفي بالدينين. قوله: (لا قبل أخذ ذلك) أي: الذي بيد المكاتب.

فصل ويملك كسبه ونفعه وكل تصرف يصلح ماله كبيع وشراء وإجارة واستئجار وَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقٍ وَسَفَرُهُ كَغَرِيمٍ وَلَهُ أَخْذُ صَدَقَةٍ وَيَلْزَمُ شَرَطَ تَرْكَهُمَا كَالْعَقْدَ فَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ هُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ شَرْطُهُ نَوْعَ تِجَارَةٍ وأَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ التَّابِعِ لَهُ كَمِنْ أَمَتِهِ فَإِنْ وَلَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزِهِ لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَيَتْبَعُهُ مِنْ أَمَةِ سَيِّدِهِ

_ قوله: (وتتعلق) أي: الاستدانة. قوله: (يتبع بها بعد عتق) فإن مات؛ سقط ما عليه، ولم يلزم السيد. وكذا إن عجز. وكلام "الإقناع" مؤول. قوله: (وسفره كغريم) أي: حكمه حكم سفر غريم يملكه مع توثقه برهن يحرز، أو كفيل مليء، على القول به، وإلا؛ فللسيد منعه منه. قوله: (وله أخذ صدقة) أي: ولو واجبة. قوله: (تركهما) أي: السفر والصَّدقة. قوله: (لا شرط نوع تجارةٍ) كأن لا يتجر إلا في نوع كذا. قوله: (وينفق) أي: من كسبه. قوله: (على نفسه) أي: وزجته. قوله: (لعجزه) علة للمنفي، لا للنفي. قوله: (لزمته) أي: السيد. قوله: (لغير سيِّده) لأنه تابع لأمه.

بِشَرْطِهِ وَنَفَقَتُهُ مِنْ مُكَاتِبِهِ وَلَوْ لِسَيِّدِهِ عَلَى أُمِّهِ وَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ لِنَفْسِهِ مِنْ جَانٍ عَلَى طَرَفِهِ لَا مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِهِ وَلَا أَنْ يُكَفِّرَ بِمَالٍ أَوْ يُسَافِرَ لِجِهَادٍ أَوْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى أَوْ يَتَبَرَّعَ أَوْ يُقْرِضَ أَوْ يُحَابِيَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ يَرْهَنَ أَوْ يُضَارِبَ أَوْ يَبِيعَ نَسَاءً وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ يَهَبَ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ يُزَوِّجَ رَقِيقَهُ أَوْ يَحُدُّهُ أَوْ يُعْتِقَهُ وَلَوْ بِمَالٍ أَوْ يُكَاتِبَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَلَهُ تَمَلُّكُ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وشِرَاؤُهُمْ وَفِدَاؤُهُمْ وَلَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِمَالِهِ وَلَهُ كَسْبُهُمْ وَلَا يَبِيعُهُمْ فَإِنْ عَجَزَ رَقُّوا مَعَهُ وَإِنْ أَدَّى عَتَقُوا مَعَهُ وَكَذَا وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ أَعْتَقَ صَارُوا أَرِقَّاءَ لِلسَّيِّدِ وَلَهُ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ

_ قوله: (بشرطه) أي: اشتراطه. قوله: (ونفقته) أي: ولد المكاتب. قوله: (على أمه) لأنه تابع لها. قوله: (ولو بعوض) أي: مجهولٍ، أو معلوم فيه محاباة. كما استظهره الشيخ منصور البهوتي أما إذا كانت بمعلوم لا محاباة فيه؛ فهي بيع حقيقي، فتصح.

وَوَلَدُ مُكَاتَبَةٍ وَلَدَتْهُ بَعْدَهَا يَتْبَعُهَا فِي عِتْقٍ بِأَدَاءِ أَوْ إبْرَاءٍ وَلَا بِإِعْتَاقِهَا وَلَا إنْ مَاتَتْ وَوَلَدُ بِنْتِهَا كَوَلَدِهَا لَا وَلَدُ ابْنِهَا وَإِنْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَإِنْ اسْتَوْلَدَ أَمَتَهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَى سَيِّدِهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ أَرْشُهَا وبِحَبْسِهِ مُدَّةً أَرْفَقُ الْأَمْرَيْنِ بِهِ مِنْ إنْظَارِ مِثْلِهَا أَوْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَا بِنْتٍ لَهَا

_ قوله: (بعدها) أي لا قبلها. قوله: (كولدها) تبعاً لأمه. قوله: (لا ولد ابنها) من غير أمته؛ لأنه تابع لأمِّه دون أبيه. قوله: (وإن استولد أمته) ثم عتق بأداءٍ، أو إبراء. قوله: (أرشها) إن لم يكن فيها تمثيل، وإلا عَتَق كما سبق. قوله: (أرفق الأمرين) أي: على السَّيِّد. قوله: (به) أي: المكاتب. قوله: (من إنظاره) بيان للأرقف؛ فإنه أحدهما. لا بيان للأمرين؛ فإنهما مجموع الإنظار، وأجرة المثل، كما توهمه بعض المحققين. فتنبه. قوله: (مكاتبته) لبقاء أصل الملك. قوله: (لا بنت لها) أي: لا شرط

فَإِنْ وَطِئَهَا بِلَا شَرْطٍ أَوْ بِنْتَهَا الَّتِي فِي مِلْكِهِ أَوْ أَمَتَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَوْ مُطَاوِعَةً وَمَتَى تَكَرَّرَ وَكَانَ قَدْ أَدَّى لِمَا قَبْلَهُ لَزِمَهُ آخَرُ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ أَمَتِهَا إنْ أَوْلَدَهَا لَا بِنْتِهَا وَلَا قِيمَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ

_ وطء بنت لها، ثبتت كتابتها بطريق التبعية؛ لأن وطأها إذ ذاك غير مباح؛ لعدمها، والمعدوم لا يتصف بالإباحة، وما لا يباح، لا يصح شرطه. قوله: (فلها) أي: المكاتبة فيهن. قوله: (ولو مطاوعة) أي: ولو كانت الموطوءة فيهن مطاوعة. هذا ظاهر في أمتها، وأمَّا فيها وفي بنتها؛ ففيه أنها مالكة لمنافعها، وكذا ابنتها بطريق التبعية لها. وسياتي أن الزانية المطاوعة لا مهر لها. ويمكن الجواب: بأن المكاتبة وإن ملكت منافعها، غير أنها يغلب فيها جانب المالية، وهي رقيقة ما بقي عليها درهم. فلهذا كانت مطاوعتها كمطاوعة الأمة، لا كمطاوعة الحرة. ويدلك علي تغليب جانب المالية فيها قول المصنف في "شرحه" في الاستدلال على ذلك: ولهذا لو رأى مالك مال من يتلفه، فلم يمنعه؛ لم يسقط عنه الضمان فتدبر. قوله: (وإلا، فلا) يلزم إلا مهر واحد؛ لاتحاد الشبهة، وهي كونها مملوكته، أو مملوكة مملوكته. قوله: (لا بنتها) لأنها كانت ممنوعة من التصرف فيها قبل استيلادها، فلم يفوت عليها شيء باستيلادها. قوله: (أو مكاتبته) لأن ولد السيد، كجزء منه، فيؤخذ منه: أنه لا تلزمه قيمة ولده من مكاتبته، ولا بنتها. منصور البهوتي.

وَيُؤَدَّبُ إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَتَصِيرُ إنْ وَلَدَتْ أُمَّ وَلَدٍ ثُمَّ إنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ وَإِنْ مَاتَ وعَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهَا سَقَطَ وَعَتَقَتْ وَمَا بِيَدِهَا لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ سَيِّدٌ مُكَاتَبَهُ وَعِتْقُهُ فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ وَلَوْ فِي غَيْرِ كَفَّارَةٍ وَمَنْ كَاتَبَهَا شَرِيكَانِ ثُمَّ وَطِئَهَا فَلَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَهْرٌ وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ وَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهَا ونَظِيرَهَا مِنْ وَلَدِهَا وَإِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِمَا يَعْتِقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وبَاقِيهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ

_ قوله: (إن ولدت) أي: الموطوءة بشرط، أو غيره. قوله: (وإن مات) أي: السيد. قوله: (وعتقه) أي: السيد، أي: إعتاقه. قوله: (ولو في غير كفارة) وصح -إن لم يكن أدى شيئاً- عتق فيها. قوله: (ولو لم تعجز) فتبقى على كتابتها. قوله: (قيمة حصته) أي: مكاتبه، والكتابة بحالها. قوله: (أم ولدهما) فإن أدَّت إليهما؛ عتقت، أو أدت إلى أحدهما؛ عتق نصيبه، وإلا؛ فإنه يعتق نصفها .. إلخ.

فصل ويصح نقل الملك في المكاتب وَلِمُشْتَرٍ جَهِلَهَا الرَّدُّ أَوْ الْأَرْشُ وَهُوَ كَبَائِعٍ فِي عِتْقٍ بِأَدَاءٍ وَلَهُ الْوَلَاءُ وعَوْدِهِ قِنًّا بِعَجْزِهِ فَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ مِنْ مُكَاتِبِي شَخْصٍ أَوْ اثْنَيْنِ الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ فَإِنْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا بَطَلَا وَإِنْ أُسِرَ فَاشْتُرِيَ فَأَحَبَّ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ وَإِلَّا فَإِذَا أَدَّى لِمُشْتَرِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ بِمُدَّةِ الْأَسْرِ فَلَا يَعْجِزُ حَتَّى يَمْضِيَ بَعْدَ الْأَجَلِ مِثْلُهَا

_ قوله: (وحده) أي: دون الثاني؛ لأنه لا يصح أن يملك العبد سيده؛ لإفضائه إلى تناقض الأحكام. قوله: (وإن أسر) أي: أسره الكفار. قوله: (بما اشتري به) فله ذلك، وهو على كتابته. قوله: (لمشتريه) أي: أو من وقع في قسمته. قوله: (له) أي: لمشتريه؛ لعتقه في ملكه. وهذا الحكم مبني على ثلاث قواعد: الأولى: أن الكفار يملكون أرقاء المسلمين بالقهر. الثانية: أن من وجد ماله، من مسلم، أو معاهد، بيد من اشتراه منهم، فهو أحق به بثمنه.

وَعَلَى مُكَاتَبٍ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ مُقَدِّمًا عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ أَدَّى مُبَادِرًا وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَتَقَ وَاسْتِقْرَارُ الْفِدَاءِ وَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ لَزِمَهُ وَكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ وَيَسْقُطُ إنْ كَانَتْ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ وَهِيَ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ وَإِنْ فَدَاهُ وَإِلَّا بِيعَ فِيهَا قِنًّا وَيَجِبُ فِدَاءُ جِنَايَتِهِ مُطْلَقًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِهَا وَإِنْ عَجَزَ عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فَيُقَدِّمُهَا

_ الثالثة: أن المكاتب يصح نقل الملك فيه. وهذا المذهب في الثلاث، قاله في "الإنصاف". قوله: (عليه) أي: المكاتب. قوله: (لزمه) أي: أقل الأمرين من أرشها، وقيمته. قوله: (فله تعجيزه) أي: بعودِه إلى الرِّق. قوله: (قنا) أي: وتبطل الكتابة. قوله: (مطلقاً) أي: سواء كانت سيِّده، أو أجنبي. قوله: (عن ديون معاملة) وأما أرشُ الجناية؛ فتقدم أنه يتعلق برقبته. قوله: (فيقدِّمها) أي: المكاتب على دين كتابة.

مَحْجُورًا عَلَيْهِ لعدَم تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ فَلِهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ بِخِلَافِ أَرْشِ ودَيْنِ كِتَابَةٍ وَيَشْتَرِطُ رَبُّ دَيْنٍ وأَرْشٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ فصل والكتابة عقد لازم لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا فَسْخَهَا وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَلَا جُنُونِهِ وَلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ بِأَدَاءٍ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ وَارِثِهِ وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُؤَدِّهِ فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ بِلَا حُكْمِ وَيَلْزَمُ إنْظَارُهُ

_ قوله: (محجورًا عليه) أي: بأن ضاق ماله عن ديونه، فسأل غرماؤه الحاكم الحجْر عليه، فحجر عليه. قوله: (ربُّ دينٍ) أي: دين معاملة. قوله: (بعد موته) أي: في تركه مكاتب. قوله: (والكتابة) أي: الصحيحة. قوله: (عقد لازم) أي: من الطرفين، لأنها بيع. قوله: (ولا حجر عليه) أي: لسفه أو فلس كبقية العقود اللازمة. قوله: (مقامه) أي: السيد من ولي وغيره. قوله: (فلسيده الفسخ) كما لو أعسر مشتر بالثمن قبل دفعه. قوله: (ويلزم إنظاره) أي:

ثَلَاثًا لِبَيْعِ عَرْضٍ وَلِمَالٍ غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَلِدَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ مُودَعٍ وَلِمُكَاتَبٍ قَادِرٍ عَلَى كَسْبٍ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَمْلِكْ وَفَاءً لَا فَسْخَهَا فَإِنْ مَلَكَهُ أُجْبِرَ عَلَى أَدَائِهِ ثُمَّ عَتَقَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ انْفَسَخَتْ وَيَصِحُّ فَسْخُهَا بِاتِّفَاقِهِمَا وَلَوْ زَوَّجَ امْرَأَةً تَرِثُهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ وَصَحَّ ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَكَذَا لَوْ وَرِثَ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ غَيْرَهَا

_ يلزم السيد إنظاره قبل فسخ كتابته. قوله: (ثلاثاً) إن استنظره المكاتب. قوله: (على كسب) أي: أن يكتسب. قوله: (تعجيز نفسه) يعني: بترك الكسب. قوله: (فإن ملكه) أي: الوفاء. قوله: (فإن مات) يعني: المكاتب. قوله: (انفسخت) يعني: ولو ملك وفاء، ويكون لسيده. قوله: (باتفاقهما) فتصحُّ الإقالة. قوله: (ترثه) أي: السيد كبنته. قوله: (وصح) أي بأن قلنا: إن الكفاءة شرط للزوم، لا للصحة، أو حكم به من يراه. قوله: (ثم مات) أي: السيد. قوله: (انفسخ النِّكاح) لملكِها زوجها، أو بعضه.

وَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى مَنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ رُبْعَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ بَدَلِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَوْ وَضَعَ بِقَدْرِهِ أَوْ عَجَّلَهُ جَازَ الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ وَالْإِيتَاءُ مِنْ الثَّانِي وَلِسَيِّدٍ الْفَسْخُ بِعَجْزِ مُكَاتَبٍ عَنْ رُبْعِهَا وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُصَالِحَ سَيِّدَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لَا مُؤَجَّلًاوَمَنْ أُبْرِئَ مِنْ كِتَابَتِهِ عَتَقَ وَإِنْ أُبْرِئَ مِنْ بَعْضِهَا فَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ عَلَى الْقِيَمِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ كُلٌّ مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا وَيَعْجِزُ بِعَجْزِهِ عَنْهَا وَحْدَهُ وَإِنْ أَدَّوْا وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ مَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ فقَوْلُ مُدَّعِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ

_ قوله: (ولا يلزمه) أي: المكاتب. قوله: (من غير جنسه) ولزم من الجنس، والأولى من عينه. قوله: (بغير جنسه) أي: حالاً. قوله: (لا مؤجلا) أي: أو بحال لم يقبض، لأنه بيع دين بدين. قوله: (بعوض) كثلاثة بألف. قوله: (على القيم) أي: لا على عدد الرؤوس. قوله: (يعتق بأدائها ... إلخ) وإن شرط عليهم ضمان بعضهم بعضاً؛ لم يصحَّ الشرط، وتصح الكتابة.

وَيَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ كُلُّهُ وشِقْصًا مِنْ مُشْتَرَكٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَيَمْلِكُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ فَإِذَا أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ ولِلْآخَرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ عَتَقَ إنْ كَانَ مَنْ كَاتَبَهُ مُوسِرًا مُوسِرًا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَدَائِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا

_ قوله: (عتق كله) أي: بالسراية إلى باقيه. قوله: (بقدره) أي: الجزء المكاتب، ولا يستحق الشريك شيئاً. فما أخذه من الصدقة بذلك الجزء كما لو ورث المبعض شيئاً بجزئه الحر. قوله: (ما يقابل حصته) فليس له أن يؤدي إلى من كاتبه شيئا حتى يؤدي إلى الشريك الذي لم يكاتبه ما يقابل حصَّته منه، سواء أذن في كتابته أم لا، فلو أدى الكتابة من جميع كسبه؛ لم يعتق؛ لأنه دفع ما ليس له. قوله: (موسرًا) أي: فيعتق المكاتب كله، أما جزؤه المكاتب؛ فبالأداء. وأما الآخر؛ فبالسِّراية. قوله: (وعليه) أي: الموسر. قوله: (قيمة حصَّةِ شريكِه) أي: إن كان موسرا بكلها، وإلا سرى العتق إلى قدر ما هو موسر به من القيمة. قوله: (وإن أعتقه) أي: أعتق نصيبه. قوله: (الشريك) أي: الذي لم يكاتب.

وَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا لِلشَّرِيكِ مُكَاتَبًا وَلَهُمَا كِتَابَةُ عَبْدِهِمَا عَلَى تَسَاوٍ وتَفَاضُلٍ وَلَا يُؤَدِّي إلَيْهِمَا إلَّا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ كَاتَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ فَوَفَّى أَحَدَهُمَا أَوْ أَبْرَأَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ خَاصَّةً إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا كُلُّهُ وَإِنْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَوَفَّى أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ مُكَاتَبًا

_ قوله: (على تساوٍ ... إلخ) أي: ولو بلا إذن الآخر، ولعله حيث دفع للآخر من المال بقدر ملكه، فلو دفع المكاتب جميع ما في يده لأحدهما؛ لم يعتق منه شيء؛ لأنه ليس له أن يخص أحدهما بشيء، والقبض فاسد. قوله: (ملكيهما) أي: فلا يزيد أحدهما ولا يُقدِّمه على الآخر. قوله: (منفردين) يعني: في صفقتين. قوله: (فوفى أحدهما) أي: ولو بلا إذن الآخر، ولعله حيث دفع للآخر من المال بقدر ملكه. فلو دفع المكاتب جميع ما في يده لأحدهما؛ لم يعتق منه شيء؛ لأنه ليس له أن يخص أحدهما بشيء، والقبض فاسد. قوله: (كتابة واحدة) أي: في صفقة.

وإذا كاتب ثلاثة عبداً، فادعى الأداء إليهم، فأنكره أحدهم؛ شاركهما فيما أقرا بقبضه. ونصه: تقبل شهاتهما عليه. ومن قبل كتابة عن نفسه وغائب؛ صح، كتدبير. فإن أجاز الغائب، وإلا، لزمه الكل. فصل وإن اختلفا في كتابة؛ فقول منكر. وفي قدر عوضها، أو جنسه، أو أجلها، أو وفاء مالها؛ فقول سيدٍ. وإن قال: قبضتها إن شاء الله، أو زيد، عتق، ولم يؤثر، ولو في مرضه.

_ قوله: (وغائب) كما لو قال لبعض عبيده: كاتبتك وفلاناً الغائب على مئتين تؤديانهما علي قسطين سلخ كل شهر النصف، فقال العبد: قبلت ذلك لنفسي ولفلان الغائب. قوله: (كتدبير) أي: بجامع السببية في العتق. قوله: (الكل) أي: الذي كوتبا عليه. قوله: (في كتابة) أي: بأن ادعى أحدهما صدور الكتابة وأنكر الآخر. قوله: (وفي قدر عوضها) يعني: قبل العتق. أو بعدَه. قوله: (فقول سيِّد) أي: بيمينه. قوله: (ولم يؤثر) أي: الاستثناء.

وَيَثْبُتُ الْأَدَاءُ وَيَعْتِقُ بِشَاهِدٍ مَعَ امْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينِ فصل والْفَاسِدَةُ كَعَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مجْهُولٍ يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ الصِّفَةِ فِي أَنَّهُ إذَا أَدَّى عَتَقَ لَا إنْ أُبْرِئَ وَيُتْبَعُ وَلَدٌ لَا كَسْبٌ فِيهَا

_ قوله: (أو يمين) أي: كسائر الديون. قوله: (يغلب فيها حكم الصفة ... إلخ) الصفة، هي: الأداء، وحكمها: العتق، فلذلك متي أدى؛ عتق، نظرًا إلى الصفة، ولا يبقى رقيقا، نظرا إلى فساد الكتابة، سواء صرح بالصفة؛ بأن قال: إذا أديت إلي؛ فأنت حرٌّ، أم لا، ولكن لما كانت هذه الصفة مبنية على المعاوضة، وتابعةً لها، والمعاوضة هي المقصودة؛ كان للسيد إبطالها بالفسخ، كما سيأتي؛ لانبنائها على فاسد، فتفسد بإلافساد، بخلاف الصفة المجردة. فإنه لا يملك إبطالها، كما تقدَّم. فتأمل. قوله: (ويتبع ولد) أي: بشرطه. قوله: (لا كسب) فما بيده حين العتق، فإنه لسيده، ولم يلزم فيها أداءُ الربع. والحاصل: أن الفاسدة كالصحيحة في أربع أحكام: عتقه بالأداء مطلقاً، صرح له بذلك أم لا. وأنه إذا عتق بالأداء؛ لم تلزمه قيمة نفسه، ولم يرجع على سيده بما أعطاه. وأن المكاتب يملك التصرف في كسبه، ويملك أخذ الصدقات.

وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَجُنُونِهِ وَحَجْرٍ عَلَيْهِ لِسَفَه

_ وأنه إذا كاتب جماعة فاسدة، فأدى إليه أحدهما حصته؛ عتق المؤدي. وتفارق الصحيحة في ثلاثة: أنه إذا أبريء من العوض؛ لم يصح، ولم يعتق. وأن لكل منهما فسخها، سواء كان هناك صفة صريحة، أم لا. وأنه لا يلزم السيد أن يؤدي إليه ربع الكتابة. قوله: (وتنفسخ) فاسدة؛ لعدم لزومها.

باب أحكام أم الولد

باب أحكام أم الولد وَهِيَ شَرْعًا مَنْ وَلَدَتْ مَا فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ خَفِيفَةً مِنْ مَالِكٍ وَلَوْ بَعْضَهَا أَوْ مُكَاتَبًا وَلَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ أَوْ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا وَإِنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فِيهِ كَالْمُضْغَةِ وَنَحْوِهَا لَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ أَصَابَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لَا بِزِنًا ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا عَتَقَ الْحَمْلُ وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ وَمَنْ مَلَكَ حَامِلًا فَوَطِئَهَا حَرُمَ بَيْعُ الْوَلَدِ وَيُعْتِقُهُ

_ التسري جائز إجماعاً، وفعله عليه الصلاة والسلام. قوله: (ولو خفية) أي: ولو بشهادة امرأة ثقة. قوله: (ولو بعضها) صادق باليسير. قوله: (وطئها) فإن وطئها الابن؛ لم تصر أم ولدٍ للأب؛ لتحريمها عليه أبدًا، ويلحق الأب نسبُ ولدهِ للشبهة، ويعتقُ على أخيه. قوله: (وإن وضعت) يعني: من مالك، أو أبيه. قوله: (ونحوها) أي: كالعلقة. قوله: (حرم بيع الولد) أي: ولم يصحَّ. منصور البهوتي. قوله: (ويعتقه) لأن الماء يزيد في

وَيَصِحُّ قَوْلُهُ لِأَمَتِهِ: يَدُك أُمُّ وَلَدِي أَوْ لِابْنِهَا يَدُك ابْنِي وَأَحْكَامُ أُمِّ وَلَدٍ كَأَمَةٍ فِي إجَارَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ وَسَائِرِ أُمُورِهَا إلَّا فِي تَدْبِيرٍ أَوْ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ كَبَيْعٍ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَكَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا أَوْ يُرَادُ لَهُ كَرَهْنٍ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَ إيلَادِهَا كَهِيَ وَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ

_ الولد. ويعايا بها، فيقال: سيد وجب عليه عتق عبده في غير كفارة، ولا نذر، ولا اشتراط بائعٍ عليه، ولا قرابة بينه وبينه؟ . قوله: (ويصح قوله لأمته ... إلخ) يعني: أنَّ هذه الصيغة صحيحة، معتدٌّ بها في كون المقول لها ذلك أمَّ ولد، مؤاخذة له بإقراره، فهو بمنزلة: أنت أم ولدي، والصيغتان أعني: قولهُ: أنتِ أمُّ ولدي، وقوله: يدك مثلا أمُّ ولدي، من قبيل الإخبار والاعتراف، فلزمه مقتضى إقراره، لا أن ذلك إنشاءٌ، لكونها أم ولده؛ إذ كينونتها أم ولد منحصرة في الاستيلاد الذي هو فعل، لا قول. فتدبر. قوله: (أو لابنها: يدك ابني) أي: وزاد بأن قال: ولدت في ملكي، وإلالم يصر إقرارا، كما سيجيء في بابه. قوله: (وسائر أمورها) كإعارة وإيداع. قوله: (كهي) أي: فيجوز فيه من التصرف ما يجوز في أمِّه، ويمتنع ما يمتنع، ويعتق بموت السيد، سواءً بقيت أمة، أم لا، ما لم يكن الولد من وطءٍ اشتبهت عليه بمن ولده منها حر.

بِإِعْتَاقِهَا أَوْ مَوْتِهَا قَبْلَ سَيِّدِهَا وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَنَفَقَتُهَا لِمُدَّةِ حَمْلِهَا مِنْ مَالِ حَمْلِهَا وَإِلَّا فعَلَى وَارِثِهِ وَكُلَّمَا جَنَتْ أُمُّ وَلَدٍ فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْفِدَاءِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ أُرُوشٌ قَبْلَ إعْطَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا تَعَلَّقَ الْجَمِيعُ بِرَقَبَتِهَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجَمِيعِ أَوْ قِيمَتِهَا وَإِنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ إنْ لَمْ يَرِثْ وَلَدُهَا شَيْئًا مِنْ دَمِهِ الْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأٍ لَزِمَهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دِيَتِهِ وَتَعْتِقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ

_ قوله: (بإعتاقها) أي: منجزًا، وكذا لا تعتق بإعتاقه. قوله: (قبل سيدها) بل يعتق بموت السيد، ولا تبطل تبعيته، كالتدبير، بخلاف الكتابة. قوله: (يوم الفداء) أي: على الصفة التي هي عليها إذ ذاك؛ من مرض، وصحة. قوله: (إن لم يرث ولدها شيئاً) أي: بأن وُلد ميتا. قوله: (في الموضعين) أي: العمد والخطإ.

وَلَا حَدَّ بِقَذْفِ أُمِّ وَلَدٍ وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدٍ كَافِرٍ مُنِعَ مِنْ غَشَيَانِهَا وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأُجْبِرَ عَلَى نَفَقَتِهَا إنْ عَدِمَ كَسْبُهَا فَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ فَإِنْ مَاتَ كَافِرًا عَتَقَتْ وَإِنْ وَطِئَ أَحَدُ اثْنَيْنِ أَمَتَهُمَا أُدِّبَ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ مِنْ مَهْرِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَوْ وَلَدَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَيَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ مُعْسِرًا قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَا مِنْ مَهْرٍ ووَلَدٍ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا

_ قوله: (ولا حد بقذف أم ولد) أي: لأنها رقيقة. قوله: (من غشيانها) اسم مصدرٍ، أي: إتيانها. قوله: (وحيل بينه وبينها) لئلا يغشاها، ولا تعتق بإسلامها. قوله: (حلت له) لزوال المانع، وهو الكفر. قوله: (أدب) أي: بمئة إلا سوطاً. قوله: (بقدر حصته) أي: إن لم تحبل من هذا الوطء، وتصير أم ولد، وإلا لم يلزمه، بدليل ما بعده. قوله: (لا من مهر وولد ... إلخ) هذا يفيد أن قوله قبيل هذا: (ويلزمه لشريكه من مهرها ... إلخ) ليس على سبيل الاستقرار؛ بل اللزوم مراعى، فإن صارت أم ولد؛ سقط عنه ما لشريكه من المهر، وإلا لزم من المهر لشريكه بقدر نصيبه، وأما الولد؛ فقد تقدم في المكاتبة: أنه إذا استولدها أحد الشريكين؛ لزمه لشريكه من قيمةِ الولد بقدر نصيبه؛ وظاهر ما هنا شاملٌ للمكاتبة؛ لأنها أمةٌ ما بقي عليها درهم. فليحرر.

فَإِنْ أَوْلَدَهَا الثَّانِي بَعْدَ فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وَإِنْ جَهِلَ إيلَادَ شَرِيكِهِ أَوْ أَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ

_ قوله: (وولده رقيق) أي: تابع لها.

كتاب النكاح

كتاب النكاح وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي عَقْدِ التَّزْوِيجِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ وَالْأَشْهَرُ مُشْتَرَكٌ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ وَسُنَّ لِذِي شَهْوَةٍ لَا يَخَافُ زِنًا وَاشْتِغَالُهُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إلَّا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا وَمَا لِي فِيهِنَّ طَوْلُ النَّكْحِ لَتَزَوَّجْت مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ وَيُبَاحُ لِمَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ

_ هو لغة: بمعنى الوطء، والعقد، والجمع بين الشيئين. قال ابن جني: سألت أبا علي الفارسي عن قولهم: نكحها، قال: فرقت العرب فرقاً لطيفاً، يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا: نكح فلانة، أو بنت فلانٍ. أرادوا: عقد عليها، وإذا قالوا: نكح امرأته، لم يريدوا إلا المجامعة. "شرحه". قوله: (وهو) أي: شرعاً. قوله: (في عقد) أي: في عقدٍ يعتبر فيه لفظ إنكاح، أو تزويج، أو تزوجته. ودليل الحقيقة؛ التبادر إلى الفهم عند الإطلاق. ودليلُ مجازيته في الوطء؛ صحة النفي عنه. فيقال: هذا سفاح وليس بنكاح. قوله: (والأشهر: مشترك) وقيل: بل هو متواطيء فيهما؛ لأن كلا من المجاز والاشتراك خلاف الأصل. قوله: (والمعقود عليه المنفعة) أي: منفعةُ الاستمتاع، لا ملكها. قوله: (لا يخاف زنا) يعني: ولو فقيرًا، عاجزا عن الإنفاق. قوله: (لمن لا شهوة له) يعني: كالعنين، والمريض، والكبير.

وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَخَافُ زِنًا وَلَوْ ظَنًّا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى حَجٍّ وَاجِبٍ وَلَا يَكْتَفِي بِمَرَّةٍ بَلْ يَكُونُ فِي مَجْمُوعِ الْعُمُرِ وَيَجُوزُ بِدَارِ حَرْبٍ لِضَرُورَةٍ لِغَيْرِ أَسِيرٍ وَيَعْزِلُ وَيُجْزِئُ تَسَرٍّ عَنْهُ وَسُنَّ تَخَيُّرُ ذَاتِ الدِّينِ الْوَلُودِ الْبِكْرِ الْحَسِيبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ دِينِهَا حَتَّى يُحْمَدَ جَمَالُهَا

_ قوله: (ويجب على من يخاف زنا) أي: وقدر على نكاح حرة. وعبارة "المقنع" بدل "الزنا": "المحظور". وهو أعم، إذ يشمل حتى الاستمناء باليد. قوله: (ولا يكتفى بمرة) أي: في الخروج من عهدة الوجوب، ولا بالعقد فقط. قوله: (لضرورة) مفهومه أنه يحرمُ لغيرها، وصرح به في "الإقناع"، وأنه يصحُّ مع الحرمة. قوله: (لغير أسير) مقتضاه ولو لضرورة. قاله منصور البهوتي. قوله: (ويَعزِل) أي: وجوباً إن حرم، واستحباباً إن جاز. قوله: (البِكر) أي: ما لم تكن المصلحة في نكاح الثيب أرجح. قوله: (الحسيبة) وهي النسيبة، أي: طيبة الأصل، لا بنت زنا، أو لقيطة، أو لا يعرف أبوها، ويستحب أن لا يزيد على واحدة، إن حصل بها الإعفاف.

فصل ولمن اراد خطبة امرأة وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَتُهُ نَظَرُ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا كَوَجْهٍ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ وَيُكَرِّرُهُ وَيَتَأَمَّلُ الْمَحَاسِنَ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَلِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ نَظَرُ ذَلِكَ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ ومِنْ وَهِيَ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِنَسَبٍ

_ قوله: (ولمن أراد ... إلخ) أي: يباح. قال في "شرحه": أي في الأصح. انتهى. وقيل: يسن، وقدمه في "الإقناع"، وصوبه في "الإنصاف" قوله: (وغلب على ظنه) وإلا لم يجز، كما ذكره الجراعي في "حواشي الفروع". قوله: (إن أمن الشهوة) أي: ثورانها. قوله: (من غير خلوة) فإن لم يتيسر له النظر، أو كرهه؛ بعث إليها امرأة ثقة، تتأملها، ثم تصفها له، وتنظر المراة إلى الرجل، إذا عزمت على نكاحه. قاله في "الإقناع". وهذا على السنية ظاهر، وكذا على الإباحة حيث قلنا: لا تنظر المرأة من الرجل شيئاً. قوله: (مستامةٍ) أي: معروضة لبيع، يريد شراءها. قوله: (بنسب) كأمه.

أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا إلَّا نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولِلْعَبْدِ لَا مُبَعَّضٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ نَظَرُ ذَلِكَ مِنْ مَوْلَاتِهِ وَكَذَا غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ كَعِنِّينٍ وَكَبِيرٍ وَنَحْوِهِمَا ويَنْظُرَ مِمَّنْ لَا تُشْتَهَى كَعَجُوزٍ وَبَرْزَةٍ وَقَبِيحَةٍ وَنَحْوِهِنَّ ومِنْ أَمَةٍ غَيْرِ مُسْتَامَةٍ إلَى غَيْرِ عَوْرَةِ صَلَاةٍ اكْشِفِي رَأْسَكِ وَلَا تَشَبَّهِي بِالْحَرَائِرِ وَحَرُمَ نَظَرُ خَصِيٍّ وَمَجْبُوبٍ وَمَمْسُوحٍ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ

_ قوله: (مباح) كرضاع، ومصاهرة، بخلاف أمِّ المزني بها، والموطوءة بشبهةٍ. قوله: (لحرمتها) أي: لا ملاعنة. قوله: (من مولاته) أي: مالكته كله. قوله: (ونحوهما) كمريض، لا شهوة له. قوله: (وبرزة) أي: لا تشتهى. قوله: (ونحوهن) كمريضة لاتشتهى. قوله: (إلى غير عورة صلاة) وهو الوجه خاصة في الحرائر، وما عدا ما بين السرة والركبة في الأمة، لكن المصنف تبع "التنقيح" في ذلك، قال في "شرحه": والذي يظهر؛ التسوية بينَها وبين المستامة. أي فينظر منهما إلى الأعضاء الستة فقط. وصوب ذلك في "الإقناع". قوله: (خصي) أي: مقطوع الخصيتين. قوله: (ومجبوب) أي: مقطوع الذكر. قوله: (وممسوح) أي: مقطوعهما.

وَلِشَاهِدٍ وَمُعَامِلٍ نَظَرُ وَجْهٍ مَشْهُودٍ عَلَيْهَا وَوَجْهِ وَكَذَا كَفَّيْهَا لِحَاجَةٍ وَلِطَبِيبٍ وَمَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ وَلَوْ أُنْثَى فِي وُضُوءٍ وَاسْتِنْجَاءٍ نَظَرٌ وَمَسٌّ مَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلَامٍ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ اُنْظُرُوا فِي مُؤْتَزَرِهِ فَلَمْ يَجِدُوهُ أَنْبَتَ الشَّعْرِ فَلَمْ يَقْطَعْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَقَ عَانَةَ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ ولِامْرَأَةٍ مَعَ امْرَأَةٍ وَلَوْ كَافِرَةً مَعَ مُسْلِمَةٍ، وَلِرَجُلٍ مَعَ رَجُلٍ وَلَوْ أَمْرَدَ نَظَرُ غَيْرِ عَوْرَةٍ وَهِيَ مِنْ امْرَأَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ ولِامْرَأَةٍ نَظَرٌ مِنْ رَجُلٍ إلَى غَيْرِ عَوْرَةٍ

_ قوله: (ومعامل) أي: في نحو بيع. قوله: (وكفيها لحاجة) فصله عما قبله، لاختصاصه بالقيد. ثم هل هو في حقِّ المعامَلِ فقط، كما يفهم من "شرح" منصور البهوتي، أم فيه، وفي الشاهد، كما هو صريح "الإقناع"؟ الثاني أظهر، والله أعلم. قوله: (ولو أمرد) أي: أبطأ نبات وجهه، وبابه تعب تعباً، وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله تعالى: يا رامياً بسهام اللحظ مجتهدًا ... أنت القتيل بما ترمي فلا تصبِ وباعث الطرف يرتاد الشفاء به ... توقَّه ربما يأتيك بالعطب

وَمُمَيِّزٌ لَا شَهْوَةَ لَهُ مَعَ امْرَأَةٍ كَامْرَأَةٍ وذُو الشَّهْوَةِ مَعَهَا وَبِنْتُ تِسْعٍ مَعَ رَجُلٍ كَمَحْرَمٍ وَخُنْثَى مُشْكِلٌ فِي نَظَرِ رَجُلٍ إلَيْهِ كَامْرَأَةٍ الْمُنَقِّحُ وَنَظَرُهُ إلَى رَجُلٍ كَنَظَرِ امْرَأَةٍ إلَيْهِ وإلَى امْرَأَةٍ كَنَظَرِ رَجُلٍ إلَيْهَا وَلِرَجُلٍ نَظَرٌ لِغُلَامٍ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَيَحْرُمُ نَظَرٌ لَهَا أَوْ مَعَ خَوْفِ ثَوَرَانِهَا إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَلَمْسٌ كَنَظَرٍ بَلْ أَوْلَى وَصَوْتُ الْأَجْنَبِيَّةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَيَحْرُمُ تَلَذُّذٌ بِسَمَاعِهِ وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ وخَلْوَةُ غَيْرِ مَحْرَمٍ عَلَى الْجَمِيعِ مُطْلَقًا وَكَرَجُلٍ مَعَ عَدَدٍ مِنْ نِسَاءٍ وَعَكْسِهِ وَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ نَظَرُ جَمِيعِ بَدَنِ الْآخَرِ وَلَمْسُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ حَتَّى فَرْجِهِ كَبِنْتٍ دُونَ سَبْعِ وَكُرِهَ إلَيْهِ حَالَ الطَّمْثِ

_ قوله: (نظر لغلام) أي: المميز. قوله: (كنظر) أي: في التحريم. قوله: (ليس بعورة) أي: بخلاف شعرها المتصل، فإنه عورة. قوله: (ويحرم تلذذ بسماعه) ولعل مثله أمرد. قوله: (مطلقاً) أي: بشهوة، ودونها.

وتَقْبِيلُهُ بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا قَبْلَهُ وَكَذَا سَيِّدٌ مَعَ أَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ لَهُ وَيَنْظُرُ سَيِّدٌ مِنْ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُبَاحَةِ كَزَوْجَةٍ ومُسْلِمٌ مِنْ أَمَتِهِ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ إلَى غَيْرِ عَوْرَةٍ وَمَنْ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْضَهَا كَمَنْ لَا حَقَّ لَهُ وَحَرُمَ تَزَيُّنُ لِمَحْرَمٍ غَيْرِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ فصل يحرم تصريح وهو ما لا يحتمل غير النكاح بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ إلَّا لِزَوْجٍ تَحِلُّ لَهُ ويحرم تَعْرِيضٌ بِخِطْبَةِ رَجْعِيَّةٍ وَيَجُوزُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَؤ بَائِنٍ وَلَوْ بِغَيْرِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهَا بَائِنٌ أَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَالْمُنْفَسِخُ نِكَاحُهَا لِنَحْوِ رَضَاعٍ وَلِعَانٍ مِمَّا تَحْرُمُ بِهِ أَبَدًا وَهِيَ فِي جَوَابِ كَهُوَ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ

_ قوله: (المباحة) احترز به عن المشتركة، والمزوجة. والوثنية، ونحوها ممن لا تحل له، فإنه فيها كغيره، كما نص عليه المصنف بعد. قوله: (إلى غير عورة) وهي ما بين سرة وركبة. قوله: (كمن لا حق له) أي: في تحريم نظر، واستمتاع. قوله: (وسيد) لدعائه إلى الافتتان بها. قوله: (معتدة) مطلقاً، أي: بائنة، أو رجعية في عدة حياة، أو وفاة.

وَالتَّعْرِيضُ نحو إنِّي فِي مِثْلِك لَرَاغِبٌ وَلَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِك وَتَحْبِيبُهُ مَا يَرْغَبُ عَنْك وَإِنْ قُضِيَ شَيْءٌ كَانَ وَنَحْوُهُمَا وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مُسْلِمٍ أُجِيبَ وَلَوْ تَعْرِيضًا إنْ عَلِمَ الثَّانِي وَإِلَّا جَازَ أَوْ تَرَكَ أَوْ أَذِنَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ جَازَ وَالتَّعْوِيلُ فِي رَدِّ وَإِجَابَةِ عَلَى وَلِيٍّ مُجْبِرٍ وَإِلَّا فعَلَيْهَا وَفِي تَحْرِيمِ خِطْبَةِ مَنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ مُعَيَّنٍ احْتِمَالَانِ وَيَصِحُّ عَقْدٌ مَعَ خِطْبَةٍ حَرُمَتْ

_ قوله: (على خطبة مسلم) أي: صريحة لا تعريضا، ولو في غير العدة، فلو كان التعريض من الأول في العدة، أو بعدها؛ لم يحرم على الثاني خطبتها، كما في "الاختيارات"، ونصه: إن عرض لها في العدة، أو بعدها؛ لم يحرم على الثاني خطبتها. وفي "الإقناع" تقييد بالعدة، فلعله لا مفهوم له. قوله: (ولو تعريضاً) أي: سواء أجيب الأول تصريحاً، أو تعريضاً. قوله: (أو سكت) أي: الخاطب الأول. قوله: (احتمالان) أظهرهما التحريم. قاله المصنف.

وَيُسَنُّ مَسَاءً يَوْمِ الْجُمُعَةِ وأَنْ يَخْطُبَ قَبْلَهُ بِخُطْبَةِ بْنِ مَسْعُودٍ وَيُجْزِي أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ وأَنْ يُقَالَ لِمُتَزَوِّجٍ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا وَعَلَيْكُمَا وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ فَإِذَا زُفَّتْ إلَيْهِ قَالَ: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه

_ قوله: (عبده ورسوله) أي: ويقرأ ثلاث آيات.

باب ركني النكاح وشروطه

باب ركني النكاح وشروطه رُكْنَاهُ إيجَابٌ بِلَفْظِ إنْكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ وسَيِّدٍ لِمَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا أَعْتَقْتُك وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك وَنَحْوَهُ وَإِنْ فَتَحَ وَلِيٌّ زَوَّجْتُك فَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ مِنْ جَاهِلٍ وعَاجِزٍ

_ قوله: (ركناه ... إلخ) عد في "الإقناع" أركان النكاح ثلاثة؛ بزيادة الزوجين الخاليين من الموانع، وأسقطه المصنف، كـ "المقنع"، وغيرهما؛ لوضوحه. قوله: (إيجاب) أي: وهو اللفظ الصادر من الولي، أو وكيله، وقوله: (بلفظ: إنكاح، أو تزويج) أي: بما هو مشتقٌّ منهما، فلا يصح الإيجاب ممن يحسن العربية إلا بلفظ: أنكحت، أو زوَّجت؛ لورودهما في نص القرآن في قوله: (زوجنا كها) [الأحزاب: 37]، (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) [النساء: 22]. قوله: (أو بعضها) أي: والبعض الآخر حر، إن أذنت له هي، ومعتقُ البقية. قوله: (تاء زوَّجتك) أي: وكذا لو فتح الزوج تاء قَبلت. قبلتَ. ذكره في "شرح الإقناع". قوله: (من جاهل) أي: بالعربية. قوله: (وعاجز) أي: عن النطقِ بضم التاء. قال في

وَيَصِحُّ زُوِّجْتَ بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ التَّاءِ وقَبُولٌ بِلَفْظِ قَبِلْت أَوْ رَضِيت هَذَا النِّكَاحَ أَوْ قَبِلْت أَوْ رَضِيت فَقَطْ أَوْ تَزَوَّجْتهَا وَيَصِحَّانِ مِنْ هَازِلٍ وَتَلْجِئَةٍ وبِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُمَا الْخَاصَّ بِكُلِّ لِسَانٍ مِنْ عَاجِزٍ وَلَا يَلْزَمُهُ تَعَلُّمُ لَا كِتَابَةٍ وَإِنْ قِيلَ لِمُزَوِّجٍ أَزَوَّجْتَ فَقَالَ نَعَمْ ولِمُتَزَوِّجٍ أَقَبِلْت فَقَالَ نَعَمْ صَحَّ لَا إنْ تَقَدَّمَ قَبُولٌ وَإِنْ تَرَاخَى حَتَّى تَفَرَّقَا أَوْ تَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا بَطَلَ الْإِيجَابُ وَمَنْ أَوْجَبَ وَلَوْ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ ثُمَّ جُنَّ

_ "شرحه": وهذا هو الظَّاهر. انتهى. وقطع به في "الإقناع". قوله: (بضمِّ الزاي) أي: بصيعة المبنيِّ للمفعول، ولا يصحُّ بلفظ: جوزتك بتقديم الجيم. وسئل الشيخ تقي الدين عن رجل لم يقدر أن يقول إلا: قبلت تجويزها بتقديم الجيم، فأجاب بالصحة؛ بدليل قوله: جوزتي طالق، فإنها تطلق. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (وإن تراخى) أي: قبولٌ. قوله: (ومن أوجب) أي: صدر منه. قوله: (ثم جن) وإذا أذنت المرأة لوليها أن يزوجها، ثم جُنَّت، أو أغمي؛ فكما لو جن الولي، وكذا لو فسق الولي،

أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبُولٍ بَطَلَ كَبِمَوْتِهِ لَا إنْ نَامَ وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ فصل وشروطه خمسة: الأول: تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ فَلَا يَصِحُّ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَلَهُ غَيْرُهَا حَتَّى يُمَيِّزَهَا وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَلَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَإِنْ سَمَّاهَا بِاسْمِهَا وَلَمْ يَقُلْ أَوْ قَالَ مَنْ لَهُ عَائِشَةُ وَفَاطِمَةُ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَائِشَةَ فَقَبِلَ وَنَوَيَا فَاطِمَةَ لَمْ يَصِحَّ كَمَنْ سَمَّى لَهُ فِي الْعَقْدِ غَيْرَ مَخْطُوبَتِهِ فَقَبِلَ يَظُنُّهَا إيَّاهَا

_ أو زالت ولايته قبل القبول. قوله: (بطل) أي: الإيجاب، أي: صارَ وجودُهُ كعدمِه، وعبارة "الإقناع": بطل العقد، وفي إطلاق العقد تبعاً "للإنصاف" تجوُّز. قوله: (حتى يميِّزها) أي: باسمٍ، أو صفةٍ، لا يشاركها غيرها فيها، أو بإشارة إليها، وهي حاضرة. وقوله: (وإن سمَّاها باسمِها) أي: أو ذكرها بصفتها. قوله: (كمن سمي له ... إلخ) أي: ولم يقل: بنتي، أو أختي، ونحوه، وإلا صح كما تقدم آنفًا، حيث لم يكن له إلا واحدة. فتدبر. قوله: (يظنها إياها) فهم

وَكَذَا: زَوَّجْتُك حَمْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الثَّانِي رِضَا زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَلَوْ رَقِيقًا وزَوْجَةٍ حُرَّةٍ عَاقِلَةٍ ثَيِّبٍ تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ وَيُجْبِرُ أَبٌ ثَيِّبًا دُونَ ذَلِكَ وبِكْرًا وَلَوْ مُكَلَّفَةً وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُهَا مَعَ أُمِّهَا وَيُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ بِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ كُفْؤًا لَا بِتَعْيِينِ أَبٍ

_ منه أنه لم يظنها إياها؛ صحَّ العقد، وصرح به في "شرح الإقناع". وقوله: (وكذا: زوجتك حمل هذه المرأة) لأنه مجهول. أي: أو إن وضعت زوجتي بنتاً، فقد زوجتكها؛ لأنه لا يصح تعليقه على شرط مستقبلٍ، بخلافِ الحاضر والماضي، كقوله: زوَّجتك هذا المولود، إن كان أنثى، أو زوجتك بنتي، إن كانت عدتها قد انقضت، أو إن كنت وليها، وهما يعلمان ذلك؛ فيصح، وكذا إن شاء الله تعالى، أو علقه بمشيئة الزوج، فقال: قد شئت، وقبلت. "إقناع" عن ابن رجب. وأقره، وذكره المصنف فيما سيجيء في محرماتِ النكاح. قوله: (تم لها تسعُ سنين) يعني: فلبنت تسع إذن صحيح يعتبر مع ثيوبتها، ويسن مع بكارتها. قوله: (ويسن استئذانها مع أمها) أي: وأمها، كما في "الإقناع". قوله: (لابتعيين أب) أي:

ومَجْنُونَةً وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ ثَيِّبًا أَوْ بَالِغَةً وَيُزَوِّجُهَا مَعَ شَهْوَتِهَا كُلُّ وَلِيٍّ وابْنًا صَغِيرًا وبَالِغًا مَجْنُونًا وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ وَيُزَوِّجُهُمَا مَعَ عَدَمِ أَبٍ وَصِيُّهُ فَإِنْ عُدِمَ وَثَمَّ حَاجَةٌ فَحَاكِمٌ وَيَصِحُّ قَبُولُ مُمَيِّزٍ لِنِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلِكُلِّ وَلِيٍّ تَزْوِيجُ بِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ بِإِذْنِهَا وَهُوَ مُعْتَبَرٌ لَا مَنْ دُونَهَا بِحَالٍ وَإِذْنُ ثَيِّبٍ بِوَطْءٍ فِي قُبُلٍ وَلَوْ زِنًا أَوْ مَعَ عَوْدِ بَكَارَةٍ الْكَلَامُ وبِكْرٍ وَلَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرٍ الصُّمَاتُ وَلَوْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ

_ أو وصيه، فلا تجبر على من لا ترغب فيه، فإن امتنع ممن عينته؛ فعاضل. قوله: (مجنوناً) أي: جنوناً مطبقًا، أو سفهًا لمصلحةٍ. قوله: (ويزوجهما) أي: الصغير، والبالغ المجنون. قوله: (وصيُّه) أي: في النكاح. قوله: (مميز) أي: لا طفل، ومجنون، ولو بإذن. قوله: (لا من دونها بحال) يعني: أن من دون تسع سنين، ليس لكل الأولياء تزويجها بإذن. أو دونه مع شهوة، أو لا، أو غير ذلك من الأحوال، بل لبعض الأولياء تزويجها بلا إذنها، وهو الأب المجبر، ووصيُّه فقط، دون الحاكم، وباقي الأولياء، فليس لهم تزويج من دون تسع سنين، فاعتمد ذلك. والله أعلم. قوله: (ولو زنا) أي: ولو كان الوطءُ زِناً.

وَنُطْقُهَا أَبْلَغُ. وَيُعْتَبَرُ فِي اسْتِئْذَانِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ لَهَا عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ الْمَعْرِفَةُ بِهِ وَمَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ فَكَبِكْرٍ وَيُجْبِرُ سَيِّدٌ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وأَمَةً مُطْلَقًا لَا مُكَاتَبًا أَوْ مُكَاتَبَةً وَيُعْتَبَرُ فِي مُعْتَقٍ بَعْضُهَا إذْنُهَا وَإِذْنُ مُعْتِقِهَا. ومَالِكِ الْبَقِيَّةِ كَالشَّرِيكَيْنِ وَيَقُولُ كُلٌّ زَوَّجْتُكَهَا

_ قول: (ويعتبر في استئذان ... إلخ) أي: من يشترط إذنه. قوله: (بغير وطء) كأصبع، ووثبةٍ. قوله: (مطلقاً) أي: كبيرة أو صغيرة. بكرا أو ثيبا، قنا أو مدبرة، أو أم ولد مباحة، أو محرَّمة، كمجوسية. قوله: (أو مكاتبة) أي: ولو صغيرين. قوله: (ويقول كل ... إلخ) أي: كل من المالك، والمعتق، أو من الشريكين. قال منصور البهوتي قلت: الأظهر أنه لا يضر ترتبهما فيه، أي: الإيجاب، ما داما في المجلس، ما يتشاغلا بما يقطعه عرفاً، وفي اعتبار ايجاده حرجٌ ومشقة. انتهى. والظاهر: أنه لا بد من وقوع القبول بعد الإيجابين؛ لأن مجموعهما إيجاب واحد.

فصل الثالث: الْوَلِيُّ إلا على النبي صلى الله عليه وسلم فَلَا يَصِحُّ إنْكَاحُهَا لِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا فَيُزَوِّجُ أَمَةَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَلِيُّهَا فِي مَالِهَا وغَيْرِهَا مَنْ يُزَوِّجُ سَيِّدَتَهَا بِشَرْطِ إذْنِهَا نُطْقًا وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَا إذْنَ لِمَوْلَاةِ مُعْتَقَةٍ وَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا وَيُجْبِرُهَا

_ قوله: (وليها في مالها) وكذا أمة محجور عليه. قوله: (أقرب عَصَبتها) أي: العتيقة نسبا. فولاء، ويقدم ابن المولاة على أبيها؛ لأن الابن أقرب ولاءً. قوله: (ويجبرها ... إلخ) هذه المسألة لم أرها في نسخ "شرحه"، بل مقتضى كلام الشيخ منصور البهوتي: أنها لم تقع في "المنتهى"؛ وذلك أنه قال عند قول صاحب "الإقناع": ويجبرها من يجبر سيدتها ما نصه: إن حمل ذلك على الأمة، كما هو صريح كلامه؛ فلا مفهوم له، والمعنى: أنه يزوج الأمة بلا إذنها ولي سيدتها بإذن السيدة إن تكن محجورًا عليها، وإلا زوجها في مالها، وإن كان مراده: يجبر العتيقة من يجبر مولاتها، كما في "المنتهى" وغيره، معناه: أن أبا المعتقة، يجبر عتيقة ابنته البكر. قال الزركشي: وهو بعيد، وصحح عدم الإجبار. قال في "الإنصاف": وهو كما قال في الكبيرة. يعني:

مَنْ يُجْبِرُ مَوْلَاتَهَا

_ إذا كانت المعتقة كبيرة، لا إجبار، بخلاف الصغيرة لم يتم لها تسع سنين، ولذا اقتصر "المصنف" في "شرحه" على التمثيل بها. انتهى. وعبارة منصور البهوتي في "الحاشية" أي: إذا كانت العتيقة بكرًا، أو ثيبًا دون تسع سنين، زوَّجها أبو معتقتها بغير إذنها، كما يجبر مولاتها، لو كانت كذلك. وفي "الإنصاف": الأولى على هذه الرواية: أن لا يجبر المعتقة الكبيرة. انتهى. وهل يزوِّج المعتقة في المرض قريبُها، أولا؟ فيه وجهان، استظهر ابن نصر الله الأول. قوله: (من يجبر مولاتها) لا مفهوم له؛ إذ أمة امرأةٍ يجبرها ولي سيدتها سواء كان يجبر السيد أولاً، ومعنى إجبار الأمة أن ولي السيدة يزوج أمتها بإذن السيدة، لا بإذن الأمة. لكن هذه العبارة لم أرها في "الشرحين"، وقد وقع نظيرها في "الإقناع" وجوز شارحه أن يكون المراد منها: ما ذكرناه. فتدبر.

وَالْأَحَقُّ بِإِنْكَاحِ حُرَّةٍ أَبُوهَا فَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا فابْنُهَا فَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ فلِأَبٍ فَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ فلِأَبٍ وَإِنْ سَفَلَا فَعَمٌّ لِأَبَوَيْنِ فلِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةِ نَسَبٍ كَالْإِرْثِ ثُمَّ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ مَوْلَى الْمَوْلَى ثُمَّ عَصَبَاتُهُ ثُمَّ السُّلْطَانُ وَهُوَ الْإِمَامُ وَلَوْ مِنْ بُغَاةٍ إذَا اسْتَوْلَوْا عَلَى بَلَدٍ فَإِنْ عُدِمَ الْكُلُّ زَوَّجَهَا ذُو سُلْطَانٍ فِي مَكَانِهَا كَعَضْلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَكَّلَتْ

_ قوله: (ثم عصبته الأقرب) فيقدم هنا ابنه وإن نزل على أبيه؛ لأنه أقوى تعصيبا، بخلاف النسب، وإنما قدم الأب في النسب؛ لمزيد الشفقة وفضيلة الولادة، وهذا معدوم في أبي المعتق، فرجع فيه إلى الأصل. وقد صرح بذلك صاحب "الإقناع". قوله: (ثم السلطان) وإذا ادَّعت المرأة خلوها من الموانع، وأنها لا ولي لها؛ زوِّجت، ولو لم يثبت ذلك ببينةٍ. ذكره الشيخ تقي الدين، واقتصر عليه في "الفروع". قاله الشيخ في منصور في "شرح الإقناع". قوله: (ذو سلطانٍ) أي: ككبير قريةٍ، وأميرِ قافلةٍ.

وَوَلِيُّ أَمَةٍ وَلَوْ آبِقَةَ سَيِّدُهَا وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ مُكَاتَبًا وَشُرِطَ فِي وَلِيٍّ ذُكُورِيَّةٌ وعَقْلٌ وبُلُوغٌ وحُرِّيَّةٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُبَعَّضَ لَا يَسْتَقِلَّانِ بِوِلَايَةٍ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِمَا إلَّا مُكَاتَبًا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ واتِّفَاقُ دِينِ إلَّا أُمَّ وَلَدٍ لِكَافِرٍ أَسْلَمَتْ وأَمَةً كَافِرَةً لِمُسْلِمٍ والسُّلْطَانَ وعَدَالَةٌ وَلَوْ ظَاهِرَةً إلَّا فِي سُلْطَانٍ وسَيِّدِ ورُشْدٌ وَهُوَ مَعْرِفَةُ الْكُفْءِ وَمَصَالِحِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ طِفْلًا أَوْ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ عَبْدًا أَوْ عَضَلَ بِأَنْ مَنَعَهَا كُفْؤًا رَضِيَتْهُ وَرَغِبَ بِمَا صَحَّ مَهْرًا وَيُفَسَّقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ أَوْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَهِيَ مَا لَا تُقْطَعُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ أَوْ جَعَلَ مَكَانَهُ

_ قوله: (أو مكاتباً) يعني: بإذن سيده، وإلا لم يصح. قوله: (وحريَّة) أي: كاملة. قوله: (ولو ظاهرة) فيكفي مستور الحال. قوله: (فإن كان الأقرب طفلا) يعني: من لم يبلغ، وفيه مجاز مرسل؛ لأن الطفل صغير لم يميز، فأطلقه على مطلق الصغير. قوله: (أو فاسقا) أي: فسقا ظاهرًا. قوله: (أو عبدًا) أي: ولو بعضه. قوله: (بما صحَّ مهرًا) أي: ولو دون مهر المثل. قوله: (إن تكرر) أي: ثلاثاً، كما قاله ابن عقيل. وهذا أحد أقوال ثلاثةٍ فيمن أتى صغيرة، هل يفسق بإدمانها؟ وهو المذهب، كما يأتي في الشهادات، أو بتكررها ثلاثاً؟ . قوله: (غيبة منقطعةً) أي: ولم يوكل. قوله: (ومشقة) قال في "الإقناع": وتكون فوق المسافة.

أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِأَسْرٍ أَوْ حَبْسٍ زَوَّجَ حُرَّةً أَبْعَدُ وأَمَةً حَاكِمٌ وَإِنْ زَوَّجَ حَاكِمٌ أَوْ أَبْعَدُ بِلَا عُذْرٍ لِلْأَقْرَبِ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ عَصَبَةٌ أَوْ أَنَّهُ صَارَ أَوْ عَادَ أَهْلًا بَعْدَ مُنَافٍ ثُمَّ عَلِمَ أَوْ اسْتَلْحَقَ بِنْتَ مُلَاعَنَةٍ أَبٌّ بَعْدَ عَقْدِ لَمْ يُعِدْ وَيَلِي كِتَابِيٌّ نِكَاحَ مُوَلِّيَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ حَتَّى مِنْ مُسْلِمٍ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْمُسْلِمِ يَقُومُ مَقَامَهُ غَائِبًا وَحَاضِرًا وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ إذْنِهَا وبِدُونِهِ

_ قوله: (أو تعذرت مراجعتُه) أي: أو تعسَّرت. قوله: (زوَّج حرة أبعد) أي: يليه. قوله: (أو أنه صار) أي: بأن بلغ أقرب. قوله: (أو عَادَ) أي: بأن أفاق من جنون قوله: (لم يُعَد) أي: العقد، ومثله إرث ونحوه. قوله: (موليته) كبنته. قوله: (قبل إذنها) يعني: له في التزويج. قوله: (وبدونه) أي: بدون إذنها له في التوكيل؛ لأنه ليس وكيلا عنها.

وَيَثْبُتُ لِوَكِيلِ مَا لَهُ مِنْ إجْبَارٍ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ لِوَكِيلِ فَلَا يَكْفِي إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا بِتَزْوِيجٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِيهِ بِلَا مُرَاجَعَةِ وَكِيلٍ أَيْ اسْتِئْذَانٍ لَهَا وَإِذْنِهَا لَهُ فِيهِ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ فَلَوْ وَكَّلَ وَلِيُّ ثُمَّ أَذِنَتْ لِوَكِيلِهِ صَحَّ وَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لِلْوَلِيِّ وَيُشْتَرَطُ فِي وَكِيلِ وَلِيٍّ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ وَنَحْوِهِ فِي قَبُولِ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ مُطْلَقًا زَوِّجْ مَنْ شِئْت وَلَا يَمْلِكُ وَكِيلٌ بِهِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ ومُقَيَّدًا كَزَوِّجْ زَيْدًا

_ قوله: (وإذنها ... إلخ) لأنه قبل أن يوكله الولي أجنبي وبعده وليٌّ. قال منصور البهوتي: قلت: فيؤخذ منه لو أذنت للأبعد مع أهلية الأقرب، ثم انتقلتِ الولاية للأبعد؛ فلا بد من إذنها له بعد انتقال الولاية إليه. قوله: (ونحوه) ككافرٍ. وقوله: (ويصح توكيله مطلقاً) أي: توكيلا مطلقاً. قوله: (ولا يملك به) أي: الوكيل، وكذا ولي المرأة إذا أذنت له، وأطلقت، فليس له أن يتزوَّجها. جزم به في "الإقناع" قال في "الإنصاف": وأما من ولايته بالشرع كالولي، والحاكم، وأمينه، فله أن يزوج نفسه. قوله: (من نفسه) وله

وَإِنْ قَالَ زَوِّجْ أَوْ اقْبَلْ مِنْ وَكِيلِهِ زَيْدٍ أَوْ أَحَدِ وَكِيلَيْهِ فَزَوَاجُ أَوْ قَبِلَ مِنْ وَكِيلِهِ عَمْرٌو لَمْ يَصِحَّ وَيُشْتَرَطُ قَوْلُ وَلِيٍّ أَوْ وَكِيلِهِ لِوَكِيلِ زَوْجٍ زَوَّجْتُ فُلَانَةَ فُلَانًا أَوْ لِفُلَانِ أَوْ زَوَّجْتُ مُوَكِّلَكَ فُلَانًا فُلَانَةَ وقَوْلُ وَكِيلِ زَوْجٍ قَبِلْتُهُ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ أَوْ لِفُلَانِ

_ تزويجها من أبيه وابنه، ونحوهما. منصور البهوتي. ويتقيد الولي- إذا أذنت له وأطلقت، ووكيل الولي المطلق- بالكفؤ. "إقناع". قوله: (زوَّجت فلانةَ فلاناً) أي: من غير أن يقول: موكَّلتي، أو موكلك، لكن لا بد أن ينسبها بما تنميَّز به، كما تقدم، فإن قلت: تقدم أنه لايكفي في الأب أن يسميها فقط من غير أن يقول: بنتي، وهنا ذكر أنه لا يُعتبر أن يقول الوكيل: موكلتي؟ قلت: هنا قوله مثلاً: فلانة بنت فلان الفلاني بمنزلة قول الأب: فلانة بنتي. فتدبر. قوله: (أو لفلان) فإن لم يقل ذلك؛ لم يصح النكاح - منصور البهوتي - لعدم تعيين الزوجين، وبهذا يفرق بين النكاح وسائر العقود، كالبيع

وَوَصِيُّ وَلِيٍّ أَبٌ أَوْ غَيْرُهُ فِي نِكَاحٍ بِمَنْزِلَتِهِ إذَا نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ فَيُجْبِرُ مَنْ يُجْبِرُهُ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَلَا خِيَارَ بِبُلُوغٍ فصل وإن استوى وليان فأكثر فِي دَرَجَةٍ صَحَّ التَّزْوِيجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ

_ قوله: (في نكاح) أي: في إيجاب نكاح. وقولُه: (في نكاح) متعلق (بمنزلته) والتقدير: ووصي ولي إذا نصَّ له على النكاح بمنزلته فيه. قوله: (إذا نصَّ له عليه) فإن لم ينص له على النكاح، بل وصَّاه على أولاده الصِّغار ينظر في أمرهم؛ لم يملك بذلك تزويج أحد منهم. منصور البهوتي. قال ابن عقيل: صفة الإيصاء أن يقول الأب لمن اختاره: وصَّيت إليك بنكاحِ بناتي، أو جعلتك وصياً في نكاح بناتي، كما يقول في المال: وصيت إليك بالنظر في أموال أولادي، فيقوم الوصي مقامه. قوله: (صحَّ التزويج ... إلخ) ومن صورِ التَّساوي، ابنا عم أحدهما أخ لأمٍّ، خلافاً "للإقناع"، وفاقاً "للإنصاف".

وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ أَفْضَلِ فَأَسَنُّ فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُ مَنْ قَرَعَ فَزَوَّجَ وَقَدْ أَذِنَتْ لَهُمْ صَحَّ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَنْ أَذِنَتْ لَهُ وَإِنْ زَوَّجَ وَلِيَّيْنٍ لَاثْنَيْنِ وَجُهِلَ السَّبْقُ مُطْلَقًا أَوْ عُلِمَ سَابِقٌ ثُمَّ نُسِيَ أَوْ عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَ السَّابِقُ فَسَخَهُمَا حَاكِمٌ فَإِنْ عُلِمَ وُقُوعُهُمَا مَعًا بَطَلَا وَلَهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ بِقُرْعَةٍ

_ قوله: (والأولى تقديم أفضل) أي: علمًا، ودينًا. قوله: (من أذنت له) أي: ولم يصحَّ غيره. قوله: (مطلقاً) أي: جهلاً مطلقاً؛ بأن لم يعلم هل وقعا معا، أو واحداً بعد آخر؟ فيفسخهما الحاكم. قوله: (ثم نسي) ولو مع إقرارها لأحدهما به، وإن علم السابق؛ فالنكاح له، فإن دخل بها الثاني ووطئها وهو لا يعلم؛ فوطءُ شبهةٍ يجب لها به مهرُ المثلِ، وترد للأول، ولا تحلُّ له حتى تنقضي عِدَّتُها، ولا يحتاج الثاني ولا يحتاج الثاني إلى فسخ؛ لأنه باطل، ولا يجبُ المهرُ إلا بالوطءِ في الفرج. "إقناع" باختصار. قوله: (في غير هذه) وفيها فلا. قوله: (نصف المهر بقرعةٍ) محله ما إذا لم تكن أقرب بالسبق

وَإِنْ مَاتَتْ فَلِأَحَدِهِمَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا بِقُرْعَةٍ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ فَإِنْ كَانَتْ أَقَرَّتْ بِسَبْقٍ لِأَحَدِهِمَا فَلَا إرْثَ لَهَا مِنْ الْآخَرِ وَهِيَ تَدَّعِي مِيرَاثَهَا مِمَّنْ أَقَرَّتْ فَإِنْ كَانَ ادَّعَى ذَلِكَ أَيْضًا دَفَعَ إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا إنْ أَنْكَرَ وَرَثَتَهُ

_ لأحدهما، فإن كان وجب المهر، أو نصفه على المقر له، لاعترافه به لها وتصديقها له عليه، وكذا لو طلقاها؛ وجب على أحدهما نصف المهر بقرعة، وإذا عقد عيها أحدهما بعد ذلك؛ فلا ينبغي أن ينقص عدد طلاقه بهذه الطلقة؛ لأننا لم نتحقق أن عقده هو الصحيح حتى يقع طلاقه. ذكر معناه الشيخ تقي الدين. قوله: (فإن كانت أقرت بسبق ... إلخ) أي قبل موت الزوجين، وكذا لو أقرت بعد موتهما. كما في "الإقناع". ولو ادعى كل منهما السبق، فأقرت لأحدهما؛ فلا أثر له، ثم إذا فرق بينهما؛ وجب المهر على المقر له، وإن ماتا؛ ورثته دون صاحبه، وإن ماتت قبلهما؛ احتمل أن يرثها المقرُّ له، واحتمل أن لا يرثها. أطلقهما في "المغني"و"الشرح"."إقناع"و"شرحه" باختصار قوله: (إن أنكر ورثته) والقول قولهم مع أيمانهم أنهم

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَقَرَّتْ بِسَبْقٍ وَرِثَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ وَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ بِأَمَتِهِ أَوْ ابْنَهُ بِنْتَ أَخَاهُ أَوْ وَصِيٌّ فِي النِّكَاحِ صَغِيرًا. بِصَغِيرَةٍ تَحْتَ حَجْرِهِ وَنَحْوَهُ صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ وَكَذَا وَلِيُّ تَحِلُّ لَهُ كَابْنِ عَمٍّ وَمَوْلًى وَحَاكِمٍ إذَا أَذِنَتْ لَهُ أَوْ وَكَّلَ زَوْجٌ وَلِيًّا وَعَكْسَهُ أَوْ وَكَّلَا وَاحِدًا وَنَحْوَهُ ويَكْفِي زَوَّجْتُ فُلَانًا أَوْ تَزَوَّجْتُهَا إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجُ أَوْ وَكِيلُهُ إلَّا بِنْتَ عَمِّهِ وَعَتِيقَتَهُ الْمَجْنُونَتَيْنِ فَيُشْتَرَطُ وَلِيٌّ غَيْرُهُ أَوْ حَاكِمٌ

_ لا يعلمون السابق، فإن نكلوا؛ قضي عليهم."إقناع"و"شرحه". قوله: (بأمته) أي: أو بنته بإذنها، فلو كانت صغيرة، لم يجز؛ لعدم الكفاءة. قوله: (ونحوه) كما لو زوج ابنه الصغير بصغيرة هو ولي عليها. قوله: (أو وكلا واحداً ونحوه) أي: نحو ما تقدم، كأن أذن سيد عبده الكبير أن يتزوج أمته، أو نحو النكاح من العقود، كالبيع والإجارة، فيجوز تولي الطرفين فيهما. قوله: (فيشترط) أي: وقت القبول.

فصل ومن قال لأمته التي يحل له نكاحها إذا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً مِنْ قِنٍّ أَوْ مُدَبَّرَةٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ أَوْ مُعَلَّقٍ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ: أَعْتَقْتُكِ وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ أَوْ جَعَلْت عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا أَوْ صَدَاقَ أَمَتِي عِتْقَهَا أَعْتَقْتُهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا أَوْ أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَعِتْقِي أَوْ عِتْقُكِ صَدَاقُكِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَتَزَوَّجْتُكِ أَوْ تَزَوَّجْتُهَا إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ

_ قوله: (التي يحل له نكاحها) دخل فيه الكتابية، واحترز به عن المجوسية، والوثنية، والمحرمة، وكذا لو كان معه أربع نسوة، وقال لأمته: ما ذكر؛ فلا يكون نكاحًا؛ لأنه لا يحل له نكاحها؛ لأنها خامسة. قوله: (إذًا) أي: وقت القول. وقوله كغيره: (لو كانت حرة) لدفع اعتبار عدم الطول، وخوف العنت المعتبر في نكاح الأمة مع ما تقدم. قوله: (صح) أي: العتق والنكاح. قوله: (أو وتزوجتها) لأن قوله: (وجعلت عتقها صداقها) ونحوه يتضمن ذلك.

وَيَصِحُّ جَعْلُ صَدَاقِ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ عِتْقَ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَمَنْ طَلَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا أَعْتَقَ وَتُجْبَرُ عَلَى الِاسْتِسْعَاءِ غَيْرُ مَلِيئَةٍ وَمَنْ أَعْتَقَهَا بِسُؤَالِهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ أَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي فَقَطْ وَرَضِيَتْ صَحَّ ثُمَّ إنْ أَنْكَحَتْهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا

_ قوله: (عتق بعض الآخر) يعني: أن أذنت هي، ومعتقُ البقية إن كان ذكرًا، وإلا فولي المعتقة، وكان بحضور شاهدين ومتصلاً، كما تقدم. قوله: (ومن) أي: أي أمة قيل لها: أعتقتك ... إلخ. قوله: (ما أعتق) أي: وقت الإعتاق."إقناع". وإن سقط لرضاع، أو نحوه؛ رجع بكلها وقت عتقٍ. قوله: (غير مليئة) يعني: بكلِّه أو بعضه. قوله: (ومن أعتقها بسؤالها ... إلخ) لو أعتقت عبدها على تزوجه بها بسؤاله أو لا؛ عتق مجاناً. "فروع". قوله: (فقط) أي: دون أن يقول: ويكون عتقك صداقك، وكذا لو زاد ذلك أيضاً. قوله: (وإلا) أي: وإن لم تنكحه، سواء كان الامتناع منها أو

قِيمَةُ مَا أَعْتَقَ. مِنْهَا وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُكِ لِزَيْدٍ وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ وَنَحْوَهُ أَوْ أَعْتَقْتُكِ وَزَوَّجْتُكِ لَهُ عَلَى أَلْفٍ وَقَبِلَ فِيهِمَا صَحَّ كَأَعْتَقْتُكِ وَأَكْرَيْتُك مِنْهُ سَنَةً بِأَلْفٍ فصل الرابع: الشهادة إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِشَهَادَةِ ذَكَرَيْنِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ مُتَكَلِّمَيْنِ سَمِيعَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَوْ أَنَّ الزَّوْجَةَ ذِمِّيَّةٌ عَدْلَيْنِ وَلَوْ ظَاهِرًا

_ منه، فلا يجبر واحد منهما على التزويج، كما لو دفع إنسان مئة دينار مثلا لامرأة على أن يتزوجها بها، ثم عرض لأحدهما قبل العقد الرجوع عن ذلك؛ فإنه لا يمتنع عليه، ويأخذ ما دفعه لها. قوله: (قيمة ما أعتق) من كل أو بعض. قوله: (وقبل فيهما) أي: إن لم يجبر. قوله: (ولو ظاهراً) قال في "الترغيب": لو تاب الشاهد في مجلس العقد فكمستورٍ؛ فيكفي. انتهى. وكذا لو تاب الولي في المجلس. قال منصور البهوتي: قلت: بل يكتفى بذلك حيث اعتبرت العدالة مطلقاً؛ لأن إصلاح العمل ليس شرطاً فيها، كما يأتي. انتهى.

فَلَا يُنْقَضُ لَوْ بَانَا فَاسْقِينَ غَيْرَ مُتَّهَمَيْنِ لِرَحِمٍ وَلَوْ أَنَّهُمَا ضَرِيرَانِ أَوْ عَدُوَّا الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، أَوْ الْوَلِيِّ وَلَا يُبْطِلُهُ تَوَاصٍ بِكِتْمَانِهِ

_ قوله: (لو بانا فاسقين) قلت: وكذا فلا ينقض إن بان الولي فاسقاً. منصور البهوتي. وطريق التبين قيام البينة، أو اتفاق الزوجين، ولا عبرة بقول شاهد: كنت فاسقاً. قوله: (لرحم) أي: بأن لا يكونا من عمودي نسب الزوجين، أو الولي. قوله: (ولا يبطله تواص بكتمانه) قال الشهاب الفتوحي في "حاشية المحرر" في الكلام على التواصي بكتمان النكاح ما نصه: وأما الكتمان، فذكره الأصحاب مسألة مفردة، وقد اختلفت الرواية في ذلك، فعنه: يستحب أن يضرب فيه بالدف كيما يعلم الناس، وظاهره: أن الإعلان مستحب، وكتمانه لا يبطل، وهذا هو المذهب. وروى عنه المروذي: إذا تزوج بولي وشاهدين في سر؛ فلا، حتى يعلنه، ويضرب عليه بالدف. قال أبوبكر في "الشافي": من شروط النكاح الإظهار، فإذا دخله الكتمان فسد، وكذلك الرجعة، قال: لأن أحمد قال في رواية أبي طالب: إذا طلق زوجته وراجعها واستكتم الشهود حتى انقضت العدَّةُ؛ فرق بينهما ولا رجعة له عليها، قال: فنص على بطلان الرجعة بالكتمان، فأولى أن يبطل النكاح. انتهى. قاله الزركشي في "شرح الكتاب". انتهى كلام الشهاب رحمه الله تعالى.

وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ بِخُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ أَوْ إذْنِهَا وَالِاحْتِيَاطُ الْإِشْهَادُ وَإِنْ ادَّعَى زَوْجٌ إذْنَهَا وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ قَبْلَ دُخُولِ لَا بَعْدَهُ الْخَامِسُ كَفَاءَةُ زَوْجٍ عَلَى رِوَايَةٍ فَتَكُونُ حَقًّا لَلَهُ تَعَالَى وَلَهَا وَلِأَوْلِيَائِهَا كُلِّهِمْ فلَوْ رَضِيَتْ مَعَ أَوْلِيَائِهَا بغَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ زَالَتْ بَعْدَ عَقْدٍ فَلَهَا فَقَطْ الْفَسْخُ وَعَلَى أُخْرَى أَنَّهَا شَرْطٌ لِلُّزُومِ لَا لِلصِّحَّةِ فَيَصِحُّ وَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْ امْرَأَةٍ وَعَصَبَتِهَا حَتَّى مَنْ يَحْدُثُ الْفَسْخُ

_ قوله: (من الموانع) أي: ما لم يعلم أنها كانت ذات زوج، فلا بد أن يشهد بإبانتها وانقضاء عدتها، وعليه يحمل قول من قال في الشَّهادات: لا بد في النكاح من الشهادة بالخلو من الموانع. قوله: (كفاءة زوج) فهم منه: أن كفاءة المرأة ليست معتبرة، فلا تعتبر فيها الصفات المعتبرة في كفاءة الزوج من الدين، والمنصب، والحرية، والصناعة غير الزرية، وإلىسار، فقد تزوج صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي، وتسرى بالإماء. قوله: (بعد عقد) أي: كعتقها تحت عبدٍ. قوله: (وعلى أخرى ... إلخ) هذه الرواية هي

فيَفْسَخَ أَخٌ مَعَ رِضَا أَبٍ. وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِ عَصَبَةٍ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَالْكَفَاءَةُ دِينٌ فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ بِفَاجِرٍ وَمَنْصِبٌ وَهُوَ النَّسَبُ فَلَا تُزَوَّجُ عَرَبِيَّةٌ بِعَجَمِيٍّ لَأَمْنَعَنَّ تَزَوُّجَ ذَوَاتِ لْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَحُرِّيَّةٌ فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ بِعَبْدٍ وَيَصِحُّ إنْ عَتَقَ مَعَ قَبُولِهِ

_ المذهب عند أكثر المتأخرين، قال في "المقنع و "الشرح": وهي أصح. انتهى. وجزم بها في "الإقناع". قوله: (مع رضا أب) ورضا زوجة. قوله: (وفعل) أي: بأن مكنته من نفسها عالمة به، وأمَّا الأولياء؛ فلا يثبت رضاهم إلا بالقول، لا بالفعل، كالسكوت. "إقناع". قوله: (عفيفة) أي: عن زنا. قوله: (بفاجر) أي: فاسق. قوله: (فلا تزوج حرة) يعني: ولو عتيقة. قوله: (بعبد) أي: أو مبعض. قوله: (مع قبوله) بأن قال له السيد: أنت حر مع قبولك النكاح، أو ينجز عتقه بمجرد قبول العبد. ومنه من يعلم العتيق كفء لحرة الأصل.

وَصِنَاعَةٌ غَيْرُ زَرِيَّةٍ فَلَا تُزَوَّجَ بِنْتُ بَزَّازٍ بِحَجَّامٍ وَلَا بِنْتُ ثَانِي صَاحِبِ عَقَارٍ بِحَائِكٍ وَيَسَارٌ بِحَسَبِ مَا يَجِبُ لَهَا فَلَا تُزَوَّجُ مُوسِرَةٌ بِمُعْسِرٍ

_ قوله: (غير زرية) أي: دنية. تنبيه: يأتي في العيوب أن للولي العاقل منع المرأة من نكاح مجنون وأجذم ونحوهما، ولم يذكروه في الكفاءة. منصور البهوتي. قوله: (بحسب ما يجب) ولا يتقدر ذلك بعادتها عند أبيها، خلافا لما يفهم من كلام ابن عقيل؛ لأن الأب قد يكون مسرفاً، وقد يكون مقترًا، ولذلك جعله في"شرح الإقناع" قولاً مقابلاً للصَّحيح، حيث زاد الواو، فقال: وقال ... إلخ. فتدبر. قوله: (فلا تزوج موسرة ... إلخ) زاد في "الإقناع" شرطاً آخر، وهو الخلو من الموانع؛ بأن لا يكون بهما، أو بأحدهما ما يمنع التزويج من نسب، أو سبب، أو اختلاف دين، أو كونها في عدة، ونحوه. قوله: (بمعسر) وليس مولى القوم كفؤًا لهم، ويحرم تزويجُها بغير كفء بغير رضاها، ويفسق به الولي. قاله في "الإقناع". قال في "شرحه" قلت: إن تعمده. فائدة: قال في "الإقناع": العرب من قرشي وغيره بعضهم لبعض أكفاء وسائر الناس بعضهم لبعض أكفاء. انتهى.

باب المحرمات في النكاح

باب المحرمات في النكاح ضربان: ضَرْبٌ عَلَى الْأَبَدِ وهُنَّ أَقْسَامٌ خمسة قِسْمٌ بِالنَّسَبِ وَهُنَّ سَبْعٌ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ وَالْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ مَنْفِيَّاتٍ بِلِعَانٍ مِنْ زِنًا وَالْأُخْتُ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ وَبِنْتٌ لَهَا أَوْ لِابْنِهَا أَوْ لَبِنْتِهَا وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ وَبِنْتُهَا وَبِنْتُ ابْنِهَا وَإِنْ نَزَلْنَ كُلُّهُنَّ وَالْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَإِنْ عَلَتَا كَعَمَّةِ أَبِيهِ وأمه وَعَمَّةِ الْعَمِّ لِأَبٍ لَا لِأُمٍّ وعَمَّةِ الْخَالَةِ لِأَبٍ

_ قوله: (قِسمٌ) خير لمبتدأ محذوف لتقديره: الأول، وقوله: (بالنسب) صفة لـ (قسم) متعلق بمحذوف معلوم من المقام، تقديره: محرم بالنسب، أو يحرم بالنسب. قوله: (وهن سبع: الأم) الأولى: الأم والجدة. قوله: (أو من زنا) ويكفي في التحريم أن يعلم أنها بنته ظاهراً، إن كان النسب لغيره. قوله: (لأبٍ) هو متعلق بـ (العم) لا بـ (العمة) وكذا قوله: (وعمة الخالةِ لأبٍ)

لَا عَمَّةُ الْخَالَةِ لِأُمٍّ وكَخَالَةِ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ لَا الْعَمَّةِ لِأَبٍ فَتَحْرُمُ كُلُّ نَسِيبَةٍ سِوَى بِنْتِ عَمٍّ وعَمَّةٍ وَبِنْتِ خَالٍ وَبِنْتِ خَالَةٍ والثَّانِي بِالرَّضَاعِ وَلَوْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى إرْضَاعِ طِفْلٍ وَتَحْرِيمُهُ كَنَسَبٍ حَتَّى فِي مُصَاهَرَةٍ فَتَحْرُمُ زَوْجَةُ أَبِيهِ ووَلَدِهِ مِنْ رَضَاعٍ كَمِنْ نَسَبٍ لَا أُمُّ أَخِيهِ وأُخْتُ ابْنِهِ مِنْ رَضَاعٍ

_ فإنهما عمَّتا أبيه وأمه، وإنما احتاج إلى التنصيص على عمة العم والخالة؛ لأن فيهما قيدًا ليس في عمة الأب والأم، وذلك لأن عمة الأب والأم تحرمان من كل جهة، أعني: لأبوين، أو لأب، أو لأم، بخلاف العم والخالة، فإنهما إن كانا لغير أمٍّ حرمت عمتاهما، وإن كانا لأم فلا؛ لأن عمتهما أجنبيتان، وأما عمة الشقيق، فهي عمة الأب بلافرق، وكذا عمة الخالة الشقيقة. قوله: (وتحريمه كنسب) ولو من لبن زناً. قوله: (لا أم أخيه ... إلخ) هذه العبارة أصلها لابن البناء، وتبعه ابن حمدان، وصاحب "الوجيز". قال صاحب "الإقناع""يعنون: فلا يحرمان، وفيها صور، ولهذا قيل إلا المرضعة وبنتها على أبي المرتضع وأخيه من النسب، وعكسه، والحكمُ صحيح. انتهى، وكذا قال المصنف في "شرحه": وإن الصور أربع. انتهى.

_ وتوضيح ذلك أن قولهم: (إلا المرضعة ... إلخ) من قبيل اللف والنشر المشوش، أي: إلا المرضعة على أخي المرتضع من النسب، وإلا بنتها على ابنه من النسب، وكذا عكسه، أي: أم المرتضع وأخته من النسب على أبيه وأخيه من الرضاع. وعبارة ابن البناء ومن تبعه محتملة لذلك، فإن قولهم: لا أم أخيه وأخت ابنه من رضاع يحتمل أن يكون: (من رضاع) متعلقاً في المعنى بكل من المضاف، الذي هو أم وأخت، والمضاف إلىه، الذي هو الأخ والابن، على أن يكون حذف من أحدهما، لدلالة الآخر عليه، فالمعنى: أن المرضعة وبنتها يحلان لأبي المرتضع وأخيه من النسب، وأن أم المرتضع وأخته من النسب يحلان لأبيه وأخيه من الرضاع، وبهذا تصير الصور أربعاً، فيوافق ما ذكره المصنف في "شرحه" وصاحب "الإقناع". هذا وقد قال في "التنقيح" وغيره. الصواب عدم الاستثناء. وقال في "الإقناع": والأظهر عدم الاستثناء. قالوا: لأنهن في مقابلة من يحرم بالمصاهرة لا في مقابلة من يحرم بالنسب، والشارع إنما حرم من الرضاع ما يحرم من النسب، لا من يحرم من المصاهرة. انتهى. فقولهم: لأنهن في مقابلة من يحرم من المصاهرة، بيانه: أن المرضعة مع أخي المرتضع بمنزلة

الثَّالِثُ: بِالْمُصَاهَرَةِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ عَلَوْنَ وحَلَائِلُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَمِثْلُهُنَّ مِنْ رَضَاعٍ فَيَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ لَا بَنَاتُهُنَّ وَأُمَّهَاتُهُنَّ

_ زوجة أبيه، وبنت المرضعة مع أبي المرتضع بمنزلة الربيبة، وأم المرتضع نسباً مع أخيه من الرضاع بمنزلة زوجة أبيه أيضاً، وأخت المرتضع نسباً مع أبيه من الرضاع بمنزلة الربيبة أيضا، فإن قلت: كيف جزمتم بالإباحة في الصور الأربع، نظرا إلى أنهن في مقابلة من يحرم بالمصاهرة، مع أنه قد تقدم: أنه يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب، حتى في مصاهرة، فهل هذا إلا تناقض؟ قلت: يمكن الفرق بوجود المصاهرة وتقديرها؛ فحيث وجدت المصاهرة بالفعل، فمن حرم بها لنسب ألحق به من الرضاع، وأما حيث لم توجد المصاهرة وإنما وجد بالرضاع تقديرها؛ فلا أثر له. وفي كلام بعضهم إشارة إلى هذا، كما أوضحته في رسالة مستقلة فيا يتعلق بالرضاع حِلَّاً وحرمة. والله تعالى أعلم بالصواب. قوله: (بالمصاهرة) هي مصدر صاهر القوم: تزوج منهم. قوله: (وهن أربع ... إلخ) ومثلهن من رضاع. قاله في "شرح الإقناع". ويمكن أن يشمله قول المنصف بعد: (ومثلهن من رضاع) ولا يختص بحلائل عمودي نسبه. قوله: (وحلائل عمودي نسبه) أي: زوجات، والزوج حليل؛ لأنها تحل له.

والرَّبَائِبُ وَهُنَّ بَنَاتُ زَوْجَتِهِ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ أَوْ كُنَّ لِرَبِيبٍ أَوْ ابْنِ رَبِيبِهِ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ خَلْوَةٍ وَقَبْلَ وَطْءٍ لَمْ يَحْرُمْنَ وَتَحِلُّ زَوْجَةُ رَبِيبٍ وبِنْتُ زَوْجِ أُمٍّ وزَوْجَةُ زَوْجِ أُمٍّ ولِأُنْثَى ابْنُ زَوْجَةِ ابْنٍ وزَوْجُ زَوْجَةِ أَبٍ أَوْ زَوْجَةِ بْنٍ وَلَا يُحَرَّمُ فِي مُصَاهَرَةٍ إلَّا بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ دُبُرًا أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِزِنًا بِشَرْطِ حَيَاتِهِمَا وكَوْنُ مِثْلِهِمَا يَطَأُ وَيُوطَأُ وَيَحْرُمُ بِوَطْءِ ذَكَرٍ مَا يَحْرُمُ بامْرَأَةٍ فَلَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْ لَائِطٍ وَمَلُوطٍ بِهِ أُمُّ الْآخَرِ، وَلَا ابْنَتُهُ الرَّابِعُ بِاللِّعَانِ فَمَنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ بَعْدَ إبَانَةٍ

_ قوله: (وهن بنات زوجة ... إلخ) أي: ولو من رضاع. قوله: (لربيب) أي: ابن الزوجة. قوله: (فإن ماتت) أي: الزوجة. قوله: (لم يحرمن) أي: البنات. قوله: (وتحل زوجة ربيب ... إلخ) أي: لزوج أمه. قوله: (وبنت زوج أم) اي: لابن امرأته. قوله: (إلا تغييب حشفة) أي: فلا يحرم تحمل الماء وفاقاً "للإقناع"، خلافا لصاحب "الرعاية" وما يأتي في الصداق. قوله: (الرابع: باللعان ... إلخ) مما يلحق بذلك في التحريم المؤبد لو قتل

لَنَفْيِ وَلَدٍ حُرِّمَتْ أَبَدًا وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ الْخَامِسُ: زَوْجَاتُ نَبِيِّنَا عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مَنْ فَارَقَهَا وَهُنَّ أَزْوَاجُهُ دُنْيَا وَأُخْرَى فصل الضرب الثاني: إلَى أَمَدٍ وَهُنَّ نَوْعَانِ نَوْعٌ لِأَجْلِ الْجَمْعِ فَيَحْرُمُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وبَيْنَ امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وبَيْنَ خَالَتَيْنِ أَوْ عَمَّتَيْن

_ رجل آخر ليتزوج امرأته؛ فإنهما لا تحل للقاتل أبدا؛ عقوبة له، ولو خبب رجل امرأة زوجها؛ يعاقب عقوبة بليغة، ونكاحه باطل في أحد قولي العلماء في مذهب مالك وأحمد وغيرهما، ويجب التفريق بينهما. قاله الشيخ تقي الدين. قوله: (وإلى أمد) غاية، كالمدى. قله: (بين أختين) من نسب، أو رضاع. قوله: (بين خالتين) كأن تزوج كل من رجلين بنت الأخر، فتلد له بنتا، فالمولودتان كل منهما خالة الأخرى لأب. قوله: (أو عمتين) بأن تزوج كل من رجلين أم الآخر، فتلد له بنتا، فكل من المولودتين عمة الأخرى لأم.

أَوْ عَمَّةٍ وَخَالَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ لَهَا لِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ وبَيْنَ أُخْتِ شَخْصٍ مِنْ أَبِيهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أُمِّهِ وَلَا بَيْنَ مُبَانَةِ شَخْصٍ وَبِنْتِهِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ فِي عَقْدٍ فَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ مَعًا بَطَلَا وفِي زَمَنَيْنِ يَبْطُلُ مُتَأَخِّرٌ فَقَطْ كَوَاقِعٍ فِي عِدَّةِ الْأُخْرَى وَلَوْ بَائِنًا فَإِنْ جُهِلَ فُسِخَا وَلِإِحْدَاهُمَا نِصْفُ مَهْرِهَا بِقُرْعَةٍ وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا صَحَّ وَحَرُمَ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يُفَارِقَ زَوْجَتَهُ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا مَعًا صَحَّ وَلَهُ وَطْءُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَتَحْرُمُ بِهِ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِإِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ بِبَيْعٍ

_ قوله: (أو عمة) كأن تزوج رجل امرأة، وابنه أمها، فتلد كل منهما بنتا، فبنت الابن خالة بنت الأب، وبنت الأب عمة بنت الابن. قوله: (أو امراتين) من عطف العامِّ على الخاصِّ. قوله: (معا) أي: في وقت واحد. قوله: (بطلا) لكن لو تزوج أما وبنتا في عقد؛ بطل في الأم فقط، كما سيجيء. قوله: (فسخا) أي: فسخ النكاحيْن حاكم إن لم يطلقها زوج. قوله: (ولو ببيعٍ) أي: لازمٍ في حقه.

لِلْحَاجَةِ أَوْ هِبَةٍ أَوْ تَزْوِيجٍ بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ تَحْرِيمِ أَوْ كِتَابَةِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ بَيْعِ بِشَرْطِ خِيَارٍ لَهُ فَلَوْ خَالَفَ وَوَطِئَ لَزِمَهُ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ عَادَتْ لِمِلْكِهِ وَلَوْ قَبْلَ وَطْءِ الْبَاقِيَةِ لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ فَإِنْ وَجَبَ لَمْ يَلْزَمْ تَرْكُ الْبَاقِيَةِ فِيهِ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ حَسَنٌ وَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ سُرِّيَّتِهِ وَلَوْ بَعْدَ إعْتَاقِهَا زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا

_ قوله: (للحاجة) أي: للحاجة إلى التفريق. قوله: (أو هبة) أي: مقبوضةٍ لغير ولدِهِ. قوله: (بعد استبراء) قيد في التزويج، فلا يصح قبله بخلاف البيع والهبة، فإنهما يصحَّان قبل الاستبراء، لكن الحِلَّ يتوقف على الاستبراء. قوله: (وهو حسنٌ) لتحريمها زمن الاستبراء، ومثل ذلك لو عادت إليه معتدة. قوله: (لم يصح) لأن النكاح عقد تصير به المرأة فراشًا، فلم يجز أن يرد على فراش الأختِ، كالوطء، بخلاف الشِّراء؛ لأنه يراد للوطء وغيره، ولذا صحَّ شراء الأختين في عقد واحد. قوله: (سواها) أي: سوى أخت سريته ونحوها؛ لأن تحريم نحو الأخت لمعنى لا يوجد في غيرها.

وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَحْرِيمِ السُّرِّيَّةِ واسْتِبْرَائِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ السُّرِّيَّةُ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا حَرُمَ فِي عِدَّتِهَا نِكَاحُ أُخْتِهَا ووَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً وأَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثٍ غَيْرِهَا بِعَقْدٍ أَوْ وَطْءٍ وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ فِي عِدَّتِهَا إلَّا مِنْ وَاطِئٍ لَهَا لَا إنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِحُرٍّ جَمْعُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ إلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ وَفُسِخَ تَحْرِيمُ الْمَنْعِ وَلَا لِعَبْدٍ جَمْعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَأَكْثَرُ جَمْعُ ثَلَاثِ

_ قوله: (وإن تزوَّجها) أي: أخت سريته ونحوها. قوله: (بعد تحريم) أي: بنحو بيع. قوله: (بحاله) لكن لا تحل له السرية حتى تبينَ الزوجة وتعتد، ولا يحل له وطء الزوجة حتى يحرم السرية. وله: (نكاح أختها) أي: ونحوها. قوله: (أو وطء) أي: لو كان له أربع زوجاتٍ، ووطيء امرأة بشبهةٍ أو زناً؛ لم يحل له أن يطأ منهنَّ أكثر من ثلاثٍ حتى تنقضي عدة موطوءَته. قوله: (لا إن لزمتها عدة) فلا حتى تنقضي العِدَّتان، كما في "المحرر" وغيره. ابن نصر الله: القياس: أنَّ له نكاحها إذا دخلت في عدة وطئه. قوله: (بأي عدد شاء) تكرمة له من الله تعالى، ومات عن تسع.

وَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِهَايَةِ جَمْعِهِ حَرُمَ تَزَوُّجُهُ بَدَلَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِخِلَافِ مَوْتِهَا فَإِنْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَكَذَّبَتْهُ فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَنِكَاحُ بَدَلِهَا وَتَسْقُطُ الرَّجْعَةُ لَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ ونَسَبُ الْوَلَدِ فصل النوع الثاني: لِعَارِضٍ يَزُولُ فَتَحْرُمُ زَوْجَةُ غَيْرِهِ ومُعْتَدَّتِهِ ومُسْتَبْرَأَةٌ مِنْهُ وزَانِيَةٍ عَلَى زَانٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَتُوبَ بِأَنْ تُرَاوَدَ عَلَى الزِّنَا فَتَمْتَنِعَ

_ قوله: (وبدلها) قال في "الإقناع": في الظاهر. قال في "شرحه": قلت: وأما في الباطن؛ فليس له ذلك إن كان كاذبًا، أو لم يغلب على ظنه انقضاء عدَّتها. انتهى. قوله: (ونسب الولد) أي: مالم يثبت إقرارها بانقضاء عدتها بالقروء، ثم يأتي به لأكثر من ستة أشهر بعدها. قوله: (بأن تراود ... إلخ) أي: يراودها ثقة عدل على الزنا فتأبى، إذ غير العدل لا يقبل خبره. وعلم منه: أن المراودة جائزة للحاجة. وهل يكفي واحد أم لا؟

ومُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وتَنْقَضِيَ عِدَّتُهُمَا ومُحْرِمَةٌ حَتَّى تَحِلَّ ومُسْلِمَةٌ عَلَى كَافِرٍ حَتَّى يُسْلِمَ وعَلَى مُسْلِمٍ وَلَوْ عَبْدًا كَافِرَةٌ غَيْرُ حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ وَلَوْ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ

_ قوله: (زوجاً غيره) يعني: ولو كافرًا في كتابية. قوله: (عدتهما) أي: الزانية والمطلقة، ولعل عدة الزانية من آخر وطء. قوله: (أبواها كتابيان) علم منه أنها لو تولدت بين كتابي وغيره؛ لم تحل، وكذا لو كان أبواها غير كتابيين، واختارت دين أهل الكتاب. قال في "الإنصاف" و "المبدع". وهو المذهب. وقيل: تحل. وقطع به في "الإقناع" في أواخر الذمة، ومشى هنا على ما ذكره المصنف، فظاهرُه الحرمةُ. وأهل الكتاب، من دان بالتَّوراة والإنجيل خاصة، كاليهود، والسامرة منهم، والنصارى، ومن وافقهم من الإفرنج، والأرمن وغيرهم، فأما المتمسك من الكفار بصحف إبراهيم وشيث، وزبور داود؛ فليسوا بأهل كتاب، لا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم، كالمجوس، وأهل الأوثان، وكذا الدروز ونحوهم. قوله: (من بني تغلب) تغلب في الأصل: مضارع غلب

وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ حَتَّى تُسْلِمَ وَمُنِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ كَأَمَةٍ مُطْلَقًا وَلِكِتَابِيٍّ نِكَاحُ مَجُوسِيَّةٍ ووَطْؤُهَا بِمَلْكِ يَمِينٍ لَا مَجُوسِيٍّ لِكِتَابِيَّةٍ وَلَا يَحِلُّ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَنَتَ الْعُزُوبة

_ كضرب، ثم سمي بهذا المضارع المبدوء بتاء الخطاب، بني تغلب: وهم قوم من مشركي العرب، طلبهم عمر رضي الله عنه بالجزية، فأبوا أن يعطوها باسم الجزية، وصالحوا على اسم الصدقة مضاعفة، ويروى أنَّه قال: هَاتُوها وسموها ما شئتم. كذا في"المصباح". قوله: (ومن في معناهم) أي: من نصارى العرب ويهودِهم. منصور البهوتي. قوله: (مطلقاً) أي: في كل زمان، وعلى كل حال. منصور البهوتي. حتي بالملك على المذهب، خلافاً "لعيون المسائل". قوله: (لا مجوسي) أي: لا يحل لمجوسي وطء لكتابية بنكاح، بل بملك على الصحيح. قوله: (ولا يحل لحر) أي: كامل الحرية. قوله: (عنت العزوبة) أي: ولو خصياً أو مجبوباً خاف التلذذ حراماً.

لِحَاجَةِ مُتْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ وَلَوْ مَعَ صِغَرِ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ غَيْبَتِهَا أَوْ مَرَضِهَا وَلَا يَجِدُ طَوْلًا حَاضِرًا يَكْفِي لِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً لَا غَائِبًا وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْخِيرِ صَدَاقِهَا أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضِ بُضْعِهَا أَوْ وُهِبَ لَهُ فَتَحِلُّ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى ثَمَنِ أَمَةٍ وَلَا يَبْطُلُ نِكَاحُهَا إنْ أَيْسَرَ وَلَهُ إنْ لَمْ تُعِفُّهُ نِكَاحُ أَمَةٍ أُخْرَى إلَى أَنْ يَصِرْنَ أَرْبَعًا وَكَذَا عَلَى حُرَّةٍ لَمْ تُعِفَّهُ بِشَرْطِهِ وَكِتَابِيٌّ حُرٌّ فِي ذَلِكَ كَمُسْلِمٍ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَصِيرُ إنْ وَلَدَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْأَمَةِ حُرًّا إلَّا بِاشْتِرَاطِ

_ قوله: (ولا يجد طولا) أي: فضلاً. قوله: (فتحل ... إلخ) قال في "الإقناع": والصبر عنها مع ذلك خير وأفضل ونكاح مبعضة أولى من أمة. قوله أيضاً على قوله: (فتحلُّ) هذا إن لم تجب نفقته على غيره، وإلا فالمنفق يعفُّه بحرة. قوله: (ولو قدر على ثمن أمة) خلافاً "للإقناع". قوله: (ونحوه) كبرءٍ من مرض، وقدوم زوجة. قوله: (إن لم تعفَّه) أي: لم تكفه عن الحرام. قوله: (إلا باشتراط) أي: على مالكها. قاله في "شرحه". قال في

ولِقِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ لِابْنِهِ حَتَّى عَلَى حُرَّةٍ وجَمْعٌ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ لَا نِكَاحُ سَيِّدَتِهِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْعَبْدِ يَنْكِحُ سَيِّدَتَهُ فَقَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ وَقَدْ نَكَحَتْ عَبْدَهَا فَانْتَهَرَهَا عُمَرُ وَهَمَّ أَنْ يَرْجُمَهَا وَقَالَ لَا يَحِلُّ لَك ولِأَمَةٍ نِكَاحُ عَبْدٍ وَلَوْ لِابْنِهَا لَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِسَيِّدِهَا وَلَا لِحُرٍّ أَوْ حُرَّةٍ نِكَاحُ أَمَةِ أَوْ عَبْدِ وَلَدِهِمَا وَإِنْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ أَوْ وَلَدُهُ الْحُرُّ أَوْ مُكَاتَبُهُ أَوْ مُكَاتَبَ وَلَدِهِ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَمَنْ جَمَعَ فِي عَقْدٍ بَيْنَ مُبَاحَةِ وَمُحَرَّمَةٍ كَأَيِّمٍ وَمُزَوَّجَةٍ صَحَّ فِي الْأَيِّمِ وبَيْنَ أُمٍّ وَبِنْتٍ صَحَّ فِي الْبِنْتِ

_ "شرح الإقناع": وفيه إيماء إلى أن ناظر الوقف، وولي اليتيم ونحوه، ليس للزوج اشتراط حريَّة الولد عليه؛ لأنه ليس بمالك، وإنما يتصرف للغير بما فيه حظ، وليس ذلك من مقضى العقد، فلا أثر لاشتراطه. انتهى. قوله: (عبد ولدهما) يعني: من النسب، بخلاف أبيهما. قوله: (أو بعضه) قال في "شرح الإقناع": قلت: والمكاتبة في ذلك كالمكاتب.

وَمَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا حَرُمَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ إلَّا الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ وَلَا يَحْرُمُ فِي الْجَنَّةِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ والْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرُهُ

_ قوله: (حرم وطؤها بملك) شمل هذا المطلقة ثلاثاً إذا كانت أمة، فاشتراها مطلقها، ولهذا قال أبو الوفاء في "الفنون": حلها بعيد في مذهبنا؛ لأن الحل يتوقف على زوج وإصابةٍ، قال: ومتى زوَّجها مع ما ظهر من تأسُّفه عليهما؛ لم يكن قصده بالنكاح إلا التحليل. والقصد عندنا يؤثر في النكاح.

باب الشروط في النكاح

باب الشروط في النكاح وَمَحَلُّ الْمُعْتَبَرِ مِنْهَا صُلْبُ الْعَقْدِ وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَهِيَ قِسْمَانِ

_ باب الشروط في النكاح أي: ما يشترطه أحد الزوجين. قوله: (المعتبر)، وهو: الصَّحيح اللازم، والفاسد بنوعيه. فمعنى اعتبار الصحيح اللازم، ثبوت الخيار عند عدمه، ومعنى اعتبار الفاسد .... . قوله: (صلب العقد ... إلخ) أي: حالة العقد، وعلم منه: أن الشروط إنما تلزمُ في النكاح الذي وجدت في عقده، أو اتفقا عليها قبله، فلو أبينت ثم عَقَدَ عليها ثانياً؛ لم تعد الشروط. قوله: (وكذا لو اتفقا عليه قبلَه) قاله الشَّيخُ وغيره، وعلى هذا جواب أحمد في مسائل الحيل؛ لأن الوفاء بالشروط، والعقود، والعهود، يتناول ذلك تناولاً واحدا. قال في "الإنصاف": وهو الصواب الذي لا شك فيه. قاله في "الإقناع" ملخصاً. قال في "شرحه": وظاهر هذا، أو صريحه: أن ذلك لا يختص بالنكاح،

القسم الأول: صَحِيحٌ لَازِمٌ لِلزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ فَكُّهُ بِدُونِ إبَانَتِهَا وَيُسَنُّ وَفَاءَهُ بِهِ كَزِيَادَةِ مَهْرٍ أَوْ نَقْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبَوَيْهَا أَوْ أَوْلَادِهَا أَوْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ أَوْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا أَوْ يَبِيعَ أَمَتَهُ فَإِنْ لَمْ يَفِ فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى التَّرَاخِي بِفِعْلِهِ لَا عَزْمِهِ

_ بل العقود كلها في ذلك سواء. انتهى. ولا يلزم الشرط بعد العقد ولزومه؛ لكن يأتي في آخر النشوز: أن اشتراط الحكمين مالا ينافي النكاح لازم، إلا أن يقال: نزلت هذه الحالة منزلة العقد قطعاً للشقاق والمنازعة، قاله في "الإقناع" و "شرحه". قوله: (صحيح) أي: وهو مالا ينافي مقتضى العقد. قوله: (لازم للزوج) بمعنى ثبوت الخيار لها بعدمه. قاله في "الإقناع"؛ أي: لا بمعنى أنه يأثم بتركه، ولهذا قال المصنف: (ويسن وفاؤه به). قوله: (فليس له فكه) أي: الشرط. قوله: (بدون إبانتها) أي: بينونتها، فعلى هذا لو أبانها ثم تزوجها ثانيا؛ لم تعد الشروط. قوله: (بفعله) أي: ما شرط عليه عدمه، كالتزوج والتسري عليها.

وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضًا مِنْ قَوْلٍ أَوْ تَمْكِينٍ مَعَ الْعِلْمِ لَكِنْ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا فَخَدَعَهَا وَسَافَرَ بِهَا ثُمَّ كَرِهَتْهُ وَلَمْ تُسْقِطْ حَقَّهَا مِنْ الشَّرْطِ لَمْ يُكْرِهْهَا بَعْدَ وَمَنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ مَنْزِلِ أَبَوَيْهَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ الشَّرْطُ وَمَنْ شَرَطَتْ سُكْنَاهَا مَعَ أَبِيهِ ثُمَّ أَرَادَتْهَا مُنْفَرِدَةً فَلَهَا ذَلِكَ

_ قوله: (ولا يسقط) أي: خيارها. قوله: (إلا بما يدل على رضاً) يعني: منها. قوله: (مع العلم) أي: بمخالفة الشرط، وإلا لم يسقط خيارُها، وإذا شرطت أن لا يتزوَّج، أو لا يتسرى عليها، ففعل ذلك ثم طلق، أو باع قبل فسخها؛ فقياس المذهب أنها لا تملك الفسخ. قاله في"الاختيارات". قوله: (بطل الشرط) ولو تعذر سكنى المنزل بخراب وغيره؛ سكن بها حيث أراد، وسقط حقها من الفسخ. قاله في "الإقناع" فإن عمر المنزل ذلك، وصلح للسكن؛ فالظاهر عودُ الصِّفةِ. ولم أقف عليه لأحدٍ، ثم رأيت الشيخ منصورًا ذكر مثل ذلك.

فصل القسم الثاني: فَاسِدٌ وَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ يُبْطِلُ النِّكَاحَ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ نِكَاحُ الشِّغَارِ وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ وَلَا مَهْرَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَجْعَلَ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَعَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ مَهْرًا لِلْأُخْرَى فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ قَلِيلٍ وَلَا حِيلَةَ صَحَّ وَإِنْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا صَحَّ نِكَاحُهَا فَقَطْ الثَّانِي نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا طَلَّقَهَا أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَنْوِيَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ قَبْلَهُ

_ قوله: (نكاح الشغار) سمي النكاح شغارًا؛ لارتفاع المهر بينهما، من شَغَرَ الكلبُ: إذا رفع رجله ليبولَ، ويجوز أن يكون من شغر البلد: إذا خلا؛ لخلوِّ العقد عن الصداق. "مطلع". قوله: (نكاح المحلل) وهو حرام غير صحيح ويلحق فيه النسب. "إقناع". وسمي نكاح المحلل، لقصد الزوج الحل في موضع لا يحصل فيه الحل. وفي "الفنون" فيمن طلق زوجته الأمة ثلاثاً، ثم اشتراها لتأسُّفه على طلاقها: حِلُّها بعيدٌ في مذهبنا؛ لأنه يقف على زوجٍ وإصابةٍ. "إقناع".

أَوْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا بِنِيَّةِ هِبَتِهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْهَا لِيَفْسَخَ نِكَاحَهَا وَمَنْ لَا فُرْقَةَ بِيَدِهِ لَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ فَلَوْ وَهَبَتْ مَالًا لِمَنْ تَثِقُ بِهِ لِيَشْتَرِيَ مَمْلُوكًا فَاشْتَرَاهُ وَزَوَّجَهُ بِهَا ثُمَّ وَهَبَهُ أَوْ بَعْضَهُ لَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَحْلِيلٌ مَشْرُوطٌ وَلَا مَنْوِيٌّ مِمَّنْ تُؤَثِّرُ نِيَّتُهُ أَوْ شَرْطُهُ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُنَقِّحِ قُلْت: الْأَظْهَرُ عَدَمُ الْإِخْلَالِ الثَّالِثُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَى مُدَّةٍ أَوْ يَشْرِطَ

_ قوله: (انفسخ نكاحها) يعني: وحصل الحل. قوله: (وهو الزوج) أي: على القول بأن من لا فرقة بيده، لا أثر لنيَّته. وهو ضعيف جدًا. والأصحُّ أنَّ المرأة ووليها وولي الزَّوج، كهو نية واشتراطاً، ووكيل كموكلٍ. وكذا رأيته بخط التاج البهوتي - تلميذ المصنف ــــــ على هامش نسخته. وهو أولى من التناقض، فقد ذكر فيما تقدم. فليحفظ. قوله: (نكاح المتعة) سمي بذلك؛ لأنَّه يتزوجها ليتمتَّع بها إلى أمدٍ، ويلحق فيه النسب، اعتقده نكاحاً، أو لا، كما في "شرح الإقناع".

طَلَاقِهَا فِيهِ بِوَقْتٍ أَوْ يَنْوِيَهُ بِقَلْبِهِ أَوْ يَتَزَوَّجَ الْغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إذَا خَرَجَ أَوْ يُعَلِّقَ النِّكَاحَ عَلَى شَرْطٍ غَيْرِ زَوَّجْتُ وَقَبِلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُسْتَقْبَلٍ كَزَوَّجْتُك إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا أَوْ إنْ وَضَعَتْ زَوْجَتِي ابْنَةً فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا وَيَصِحُّ عَلَى مَاضٍ وحَاضِرٍ كَإنْ كَانَتْ بِنْتِي أَوْ إنْ كُنْتُ وَلِيَّهَا. أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ أَوْ إنْ شِئْتَ فَقَالَ: شِئْتُ وَقَبِلْتُ وَنَحْوِهِ الثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا مَهْرَ أَوْ لَا نَفَقَةَ أَوْ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَنْ يَشْتَرِطَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَدَمَ وَطْءٍ وَنَحْوِهِ أَوْ إنْ فَارَقَ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ أَوْ خِيَارًا فِي عَقْدٍ أَوْ مَهْرٍ

_ قوله: (أو نحوه) أي: كعزل. قوله: (أو مهر ... إلخ) وهل يصحُّ الصداق ويبطل شرط الخيار فيه، أو يصحُّ ويثبت فيه الخيار، أو يَبطل الصداق؟ فيه ثلاثة أوجه، أطلقها في "الشرح". قاله في "شرح الإقناع".

أَوْ إنْ جَاءَها بِهِ فِي وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا أَوْ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا أَوْ أَنْ تَسْتَدْعِيَهُ لِوَطْءٍ عِنْدَ إرَادَتِهَا أَوْ أَنْ لَا تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَيْهِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ دُونَ الشَّرْطِ وَمَنْ طَلَّقَ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَقَعَ

_ قوله: (ونحوه) كإنفاقه عليها كل يوم عشرَةَ دراهم. منصور البهوتي. وانظر هل يعارض هذا ما نقله في "شرح الإقناع" عن "الاختيارات": أن من الشروط اللازمة شرط زيادة معلومةٍ في نفقتها الواجبة، فمقتضاه: أنه إذا كانت نفقتها قدر ستَّة دراهم مثلا، فاشترطت عشرة، فكأنها اشترطت زيادة أربعة، وهي معلومة. فليحرر. يمكن أن يقال: لا تعارض، بأن يحمل ما ذكره الشارح هنا من شرط دراهم معلومةٍ على ما إذا كانت أقَلَّ من نفقَةِ المثلِ، كما إذا كانت نفقة مثلها كل يوم خمسة عشر درهمًا، فشرط أن ينفق عليها كلَّ يوم عشرةً، فكأنها أسقطت عنه شيئاً قبل وجوبه؛ فلم يصح، بخلاف ما في "الاختيارات"، فإنه كالزيادة المعلومة في المهر.

فصل وإن شرطها مُسْلِمَةً أَوْ قِيلَ زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ أَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ أَوْ شَرَطَ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ وَلَا إنْ شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً أَوْ شَرَطَ صِفَةً فَبَانَتْ أَعْلَى مِنْهَا

_ قوله: (ولم تُعرف) قيدٌ في الأخيرة، وهو حال من مفعول ظن. قوله: (أو نسيبة) أي: ذاتُ نسبٍ صحيحٍ شريفٍ، يُرغب في مثلِهِ شرعًا، مثل كونها من أولاد العلماء والصلحاء. "مُطلعٌ". قوله (لا يفسخ به النكاح) كخرس، وعمى. قوله: (فله الخيار) يعني: ولا شيء عليه إن فسخ قبل الدخول، وبعده؛ يرجع بالمهر إلى الغارِّ. منصور البهوتي. قال في "الإقناع": ولا يَصحُّ فسخٌ في خيارِ الشرطِ إلا بحكم حاكمٍ، غير من شرَطتْ، أي: أو ظنَّتْ حرية زوجها، فبانَ عبدًا؛ فلها الفسخ بلا حاكمٍ، كما لو عتقت تحته. انتهى بمعناه.

وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَظَنَّأَوْ شَرَطَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَيَفْدِي مَا وُلِدَ حَيًّا بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ وَكُلُّ الْحَيَوَانَاتِ مُتَقَوِّمَةٌ يَوْمَ وِلَادَتِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ رَضِيَ بِالْمُقَامِ فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ فرَقِيقٌ وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا فَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ يَفْدِيهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ إذَا عَتَقَ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ وَيَرْجِعُ زَوْجٌ بِفِدَاءِ وثصبَ الْمُسَمَّى عَلَى مَنْ غَرَّهُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا

_ قوله: (ومن تزوج أمه) أي: في الواقع ونفس الأمر. قوله: (أو شرَطَ أنها حرة) أي: شرطها حرة الأصل، بخلاف ما إذا ظنها عتيقةً، فلا خيار له، كما في"الإقناع". قوله: (ما وُلد حياً) أي: لوقت يعيش لمثله. قوله: (ثم إن كان) أي: حالَ العقد ممن لا يحل له نكاح الإماء؛ بأن كان حرًا واجد الطَّول، أو غيرَ خائفٍ العنتَ. قوله: (فما ولدت ... إلخ) أي: ما حملت به، وولدته بعد ثبوت رقها ببينة، لا بمجرد إقرارها؛ إذ لا يقبل قولها على الزوج. قوله: (فرقيق) يعني: لربِّ الأمةِ. قوله: (فولده حر) ويعايا بها، فيقال: حرٌّ بين رقيقين. قوله: (ويرجع) فهم منه: أنه لا يملك مطالبة الغار قبل الغرم، فلو أبريء من الفداء والمسمى، فهل يرجع به، أم لا؟ الظاهر: الثاني، بل قد يؤخذُ مما سيجيء في الباب بعدَه فيما كتبناه هناك. قوله: (زوج) يعني: حر، أو عبد. قوله: (وبالمسمى ... إلخ) وكذا أُجرةُ انتفاعِه بها

وَإِنْ كَانَ سَيِّدَهَا وَلَمْ تَعْتِقْ بِذَلِكَ أَوْ أَبَاهَا وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ فَلَا مَهْرَ لَهُ وَلَا لَهَا وَوَلَدُهَا مُكَاتَبٌ فَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ قِنًّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا يَجِبُ لَهَا الْبَعْضُ فَيَسْقُطُ مَا وَجَبَ لَهَا لِمَا تَقَدَّمَ وَوَلَدُهَا يَغْرَمُ أَبُوهُ قَدْرَ رِقِّهِ مُطَالَبَةَ غَارٍّ ابْتِدَاءً وَالْغَارُّ مَنْ عَلِمَ رِقَّهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ

_ إن غرمها. منصور البهوتي. قوله: (فلا مهر له) أي: إن كان غر. قوله: (ولا لها) أي: إن غَرَّت. قوله: (لها) يعني: إن لم تغر. قوله: (وإن كانت) أي: الغارة (قنا) أي: غير مكاتبة، فشمل المدبرة وأم الولد؛ فلا يسقط مهرها، بل يغرمه مع فداء الولد لسيدها، ويقدر ولد أم الولد قنا. قوله: (ولمستحق) أي: لمستحق الفداء والمهر من سيِّدٍ، وزوجة مكاتبةٍ ومبعضة؛ لأن قرار الضمان على الغَارِّ، حيث كان غير المستحق. فتدبر. قوله: (ابتداء) نصًا، بدون مطالبة الزوج. منصور البهوتي. قوله: (والغارُّ: من علم ... إلخ) يعني: من امرأة، وولي، ووكيل. وعبارة "الإقناع": وشرط رجوعه على الغار أن يكون الغار قد شرط له أنها حُرَّةٌ، ولو لم يقارن الشرط العقد حتى مع إيهامه حريتها. قاله في "المغني" و "الشرح" نصًا. انتهى. قوله: (ولم يبيِّنه) للزوج، بل أتى بما يوهم حريتها. منصور.

وَمَنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ وَتَظُنُّهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ صَحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ شَرَطَتْ صِفَةً فَبَانَ أَقَلَّ فَلَا فَسْخَ إلَّا بِشَرْطِ حُرِّيَّةٍ فصل ولمن عتقت كلها تحت رقيق كله الفسخ وَإِلَّا أَوْ عَتَقَا مَعًا فَلَا فَتَقُولُ فَسَخْتُ نِكَاحِي أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي وطَلَّقْتُهَا كِنَايَةً عَنْ

_ البهوتي. فمجرد العلم لا يوجب الضَّمان. قوله: (فلها الخيار) فإن اختارت الفسخ؛ لم يحتج إلى حكم حاكم، وإن كانت أمة؛ فلها الخيار أيضاً. منصور البهوتي. قوله: (إلا بشرط حرية) وكذا شرطها فيه صفة يخل فقدها بالكفاءَة، كما ذكره ابن نصر الله، وجزم به في "الإقناع". منصور البهوتي. قوله: (ولمن) أي: أمةٍ، أو مبعَّضة. قوله: (فلا) أي: فلا فسخ. قوله: (فتقول) أي: العتيقة. قوله: (أو اخترت نفسي) أي: أو اخترت فراقه. قوله: (وطلقتها) أي: طلقت نفسي. قوله: (كنايةٌ) يفسخ بها النكاح إن نوت به الفرقة.

الْفَسْخِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى رِضًا وَلَا يَحْتَاجُ فَسْخِهَا لِحُكْمِ حَاكِمٍ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ فَسْخٍ أَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا أَوْ مُبَاشَرَتِهَا وَنَحْوِهِ وَلَوْ جَاهِلَةً عِتْقَهَا أَوْ مِلْكَ الْفَسْخِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَلِبِنْتِ تِسْعٍ أَوْ دُونَهَا إذَا بَلَغَتْهَا وَلِمَجْنُونَةٍ إذَا عَقَلَتْ الْخِيَارُ دُونَ وَلِيِّ فَإِنْ طَلَقَتْ قَبْلَهُ وَقَعَ وَبَطَلَ خِيَارُهَا إنْ كَانَ بَائِنًا وَإِنْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ أَوْ عَتَقَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ بَطَلَ وَمَتَى فَسَخَتْ بَعْدَ دُخُولٍ فَمَهْرُهَا لِسَيِّدِهَا وقَبْلَهُ لَا مَهْرَ وَمَنْ شَرَطَ مُعْتِقُهَا أَنْ لَا تَفْسَخَ نِكَاحَهَا وَرَضِيَتْ أَوْ بُذِلَ لَهَا عِوَضٌ لِتُسْقِطَ حَقَّهَا مِنْ فَسْخٍ مَلَكَتْهُ صَحَّ وَلَزِمَهَا

_ قوله: (على رضًا) أي: بالمقام معه. قوله: (فإن عَتق) أي: زوجُ عتيقةٍ. قوله: (ونحوِه) كقبلتها. قوله: (ولبنت تسع) يعني: عتقت. قوله: (ولمجنونة) أي: عتقت. قوله: (فلها الخيار) وإذا فسخت؛ بنت على ما مضى من عِدَّتها، وتتم عدة حرة. قوله: (ورضيت) لعله: أو لم ترض، فلا مفهوم له. قوله: (ولزمها) يعني: ولم تملك الفسخَ.

وَمَنْ زَوَّجَ مُدَبَّرَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا ثُمَّ مَاتَ عَتَقَتْ وَلَا فَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ ; لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرِقُّ بَعْضُهَا فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ وَلِمَالِكِ زَوْجَيْنِ بَيْعُهُمَا وأَحَدِهِمَا وَلَا فُرْقَةَ بِذَلِكَ

_

باب حكم العيوب في النكاح

باب حكم العيوب في النكاح وَأَقْسَامُهَا الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ ثَلَاثَةٌ: قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ وَهُوَ كَوْنُهُ قَدْ قُطِعَ ذَكَرُهُ أَوْ بَعْضُهُ وَلَمْ يَبْقَ مَا يُمْكِنُ جِمَاعٌ بِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ إمْكَانِهِ أَوْ قُطِعَ خُصْيَتَاهُ أَوْ رُضَّتْ بَيْضَتَاهُ أَوْ سُلَّا أَوْ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ وَطْءٌ وَلَوْ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنْ وَأَقَرَّ بِالْعُنَّةِ أَوْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَدِمَا فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ فَنَكَلَ وَلَمْ يَدَّعِ وَطْئًا

_ باب حكم العيوب في النكاح أي: بيان ما يثبت به الخيار منها، وما لا خِيار به. منصور البهوتي. قوله: (في عدم إمكانه) يعني: بالباقي. قوله: (أو رُضَّ) الرض: الكسر، وبابه: قتل. قوله: (أو سلا) الأولى سلتا. قوله: (أو مرض) يعني: لا يرجى برؤه. منصور البهوتي. قوله: (أو ثبتت بِبيِّنة) يعني: على إقراره، أو على وجودها إن أمكن؛ بإطلاع أحد من أهل الخبرة والثقة. قوله: (أو عُدِمَا) أي: الإقرار والبيِّنة. قوله: (ولم يدع وطأ) قبل دعواها. منصور البهوتي.

أُجِّلَ سَنَةً هِلَالِيَّةً مُنْذُ تَرَافُعِهِ وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا مَا اعْتَزَلَتْهُ فَقَطْ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَطَأْ. فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِنْ قَالَ: وَطِئْتُهَا وَأَنْكَرَتْ وَهِيَ ثَيِّبٌ فَقَوْلُهَا

_ قوله: (أجل سنةً) ولو عبدا؛ لتمر به الفصول الأربعة، فإن كان من يَبَسٍ؛ زال في فصل الرطوبة وعكسه، وإن كان من برودةٍ؛ زال في فصل الحرارة، وإن كان من احتراقٍ؛ زال في فصل الاعتدال، فإذا مضت الفصول الأربعة ولم يزل؛ علمنا أنه خلقةٌ. قوله: (منذ ترافعه) إلى الحاكم فيضرب له المدة، ولم يضربها غيره. ولا يعتبر عنته إلا بعد بلوغِه. قوله: (ما اعتزلته) يعني: بنشوز، أو غيره فقط. فلو عزل نفسه، أو سافر؛ احتسب عليه ذلك. منصور البهوتي. قوله: (فلها الفسخ) وإن جب ذكره قبل الحول ولو بفعلها؛ فلها الخيار من وقته. قوله: (وهي ثيب) أي: لو ادعى زوج بعد الوطء أنه وجدها ثيباً، وقالت: بل كنتُ بِكرًا. قال منصور البهوتي: فالظاهر قولها؛ لأن الأصل السلامة، بخلاف ما تقدم في البيع، إذا اختلفَ البائع والمشتري في ذلك؛ لأن الأصل براءةُ المشترِي من الثمنِ. انتهى.

إنْ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ وَإِلَّا فقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَثَبَتَتْ عُنَّتُهُ وَبَكَارَتُهَا أُجِّلَ وَعَلَيْهَا الْيَمِينُ إنْ قَالَ أَزَلْتُهَا وَعَادَتْ وَإِنْ أُشْهِدَ بِزَوَالِهَا لَمْ يُؤَجَّلْ وَحَلَفَ إنْ قَالَتْ زَالَتْ بِغَيْرِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ وَادَّعَاهُ وَمَتَى اعْتَرَفَتْ بِوَطْئِهِ فِي قُبُلٍ بِنِكَاحٍ تَرَفُّعًا فِيهِ وَلَوْ مَرَّةً أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ رِدَّةٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ فَقَدْ زَالَتْ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ وَلَا تَزُولُ عُنَّةٌ بِوَطْءِ غَيْرِ مُدَّعِيَةٍ أَوْ فِي دُبُرٍ

_ قوله: (إن ثبتت عنته) قبل دعواه وطأها. منصور البهوتي. قوله: (وإلا فقوله) أي: وإلا تثبت عنته فقوله، فلا تُضربُ له مدَّة. قوله: (وإن كانت بكرا) أي: مدَّعية العنة التي ادعى زوجها وطأها، ولم تثبت عنته، وشهد ثقة ببقاء بكارتها؛ أجل. قوله: (وبكارتها) أي: وبقاء بكارتها بشهادة امرأة ثقةٍ، والأحوط شهادة امرأتين. قوله: (وادعاه) أي: الوطء، ولو مع دعواها البكارة، ولم تثبت. منصور البهوتي. قوله: (ونحوه) كصومٍ واجبٍ. قوله: (وإلا) أي: وإلا يكن إقرارها بعد ثبوت عنته، بل قبلها. قوله: (أو في دبر) لأنه ليس محلا.

وَمَجْنُونٌ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ كَعَاقِلٍ فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ وَمَنْ حَدَثَ بِهَا جُنُونٌ فِيهَا حَتَّى انْتَهَتْ وَلَمْ يَطَأْ فَلِوَلِيِّهَا الْفَسْخُ وَيَسْقُطُ حَقُّ زَوْجَةِ عِنِّينٍ ومَقْطُوعٍ بَعْضُ ذَكَرِهِ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَقِسْمٌ بِالْمَرْأَةِ وَهُوَ كَوْنُ فَرْجِهَا مَسْدُودًا لَا يَسْلُكُهُ ذَكَرٌ فَإِنْ كَانَ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فرَتْقَاءُ وَإِلَّا فقَرْنَاءُ وَعَفْلَاءُ أَوْ بِهِ بَخَرٌ أَوْ قُرُوحٌ سيالة

_ قوله: (ومجنون) أي لدفع الضرر الحاصل بالعجز عن الوطء. بل قال ابن عقيل: إذا ادعت زوجة المجنون عنته؛ ضربت له المدة، خلافا للقاضي، وصوبه في "الإنصاف"، وجزم به في "الإقناع" ويكون القول قولها هنا في عدم الوطء، ولو ثيباً. قوله: (أو قدرِها) أي: مع انتشارٍ فيهما. قوله (مسدودًا) أي: ملتصقًا. قوله: (فرتقاء) والفعل فيهما، كتعب. قوله: (وإلا فقرناء وعفلاء) أي: بأن كان مسدودًا بلحمٍ حدثَ فيه، فذلك اللَّحم هو القَرَن والعفل عند القاضي. قوله: (أو به بخر) أي: أو كون فرجها ... إلخ.

أَوْ كَوْنُهَا فَتْقَاءَ بِانْخِرَاقِ مَا بَيْنَ سَبِيلَيْهَا أَوْ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ أَوْ مُسْتَحَاضَةً وَقِسْمٌ مُشْتَرَكٌ وَهُوَ الْجُنُونُ وَلَوْ كَانَ أَحْيَانًا وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَبَخَرُ فَمٍ وَاسْتِطْلَاقُ بَوْلٍ ونَجْوٌ وَبَاسُورٌ وَنَاصُورٌ وَقَرَعُ رَأْسٍ وَلَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا خُنْثَى فَيُفْسَخُ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ دُخُولٍ أَوْ كَانَ بِالْفَاسِخِ عَيْبٌ مِثْلُهُ أَوْ مُغَايِرٌ لَهُ

_ قوله: (ولو أحياناً) وإن زال العقل بمرضٍ؛ فإغماءٌ لا خيار به، فإن زال المرض ودام؛ فجنون. منصور البهوتي. قوله: (والجذام ... إلخ) الجذام: داء معروف تتهافت منه الأطراف، ويتناثر اللحم - نسأل الله العافية - قوله: (والبرص) البرص بفتح الباء والراء: مصدر برص -بكسر الراء- ابيضَّ جلده، أو اسود بعلة. قوله: (وبخر) بفتحتين: نتن رائحته. قوله: (وباسور وناصور) داءان بالمقعدة معروفان. منصور البهوتي. قوله: (وكون أحدهما خنثى) أي: غير مشكل. منصور البهوتي. قوله: (بكلٍّ من ذلك) ولو مع صغر من به العيبُ، فلا يُنظَر. قوله: (أو مغاير له) قال في "المغني" و "الشرح"

لَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ وَقَطْعِ يَدٍ ورِجْلٍ وَعَمًى وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا عَقِيمًا أَوْ نِضْوًا وَنَحْوُهُ فصل ولا يثبت خيار في عيب بعد عقد وَلَا لِعَالِمٍ بِهِ وَقْتَهُ وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي لَا يَسْقُطُ فِي عُنَّةٍ إلَّا بِقَوْلِ وَيَسْقُطُ بِهِ وَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا وَيَسْقُطُ فِي غَيْرِ عُنَّةٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضًا

_ و"المبدع": إلا أن يجد المجبوب المرأة رتقاء، فلا ينبغي أن يثبت لأحدهما خيار. قوله: (لا بغير ما ذكر) خلافًا لابن القيم. قوله: (ونحوه) أي: كالسمين جدًا. منصور البهوتي. قوله: (في عيبٍ زال) فلو فسخت لعيبٍ، فبان غيره، كبياض ظنته برصا؛ فالنكاح بحاله.

مِنْ وَطْءٍ أَوْ تَمْكِينٍ مَعَ عِلْمٍ بِهِ كَبِقَوْلٍ وَلَوْ جُهِلَ الْحُكْمُ أَوْ زَادَ أَوْ ظَنَّهُ يَسِيرًا فَبَانَ كَثِيرًا وَلَا يَصِحُّ فَسْخُ بِلَا حَاكِمٍ فَيَفْسَخُهُ أَوْ يَرُدُّهُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَيَصِحُّ مَعَ غَيْبَةِ زَوْجٍ فَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ فَلَا مَهْرَ وَلَهَا بَعْدَ دُخُولٍ أَوْ خَلْوَةٍ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ طَرَأَ الْعَيْبُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مُغْرٍ مِنْ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيٍّ وَلَوْ مَحْرَمًا فِي عَدَمِ عِلْمٍ بِهِ

_ قوله: (من وطءٍ) يعني: من الزوج مع علمه بعيبِها. قوله: (أو تمكينٍ) أي: منها. قوله: (ويصحُّ مع غيبةِ زوجٍ) والأولى مع حضوره. قوله: (فإن فُسخَ) أي: منه، أو منها. قوله: (فلا مهر) أي: ولا متعة. قوله: (ويرجع به) أي: الزوج حيث غرم لا إن أبريء. قوله: (عاقلةٍ) ظاهره: ولو دون البلوغ، حيث كانت مميِّزة، بخلاف طفلةٍ، ومجنونةٍ. قوله: (في عدم علمٍ به) يعني: حيث لا بينة بعلمه، وكذا هي، يقبل قولها في عدم علمها بعيبها إن احتمل. ذكره الزركشي. منصور البهوتي.

فَلَوْ وُجِدَ مِنْ زَوْجَةٍ وَوَلِيٍّ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ وَمِثْلُهَا فِي رُجُوعٍ عَلَى غَارٍّ لَوْ زُوِّجَ امْرَأَةً فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا رُجُوعَ

_ قوله: (على الوليِّ) لأنه مباشر، ومن المرأة والوكيل الضمان بينَهما نصفينِ. قاله الموفق. منصور البهوتي. قوله: (ومثلُها) أي: مثل مسألة ما إذا غر الزوج بمعيبة في رجوعٍ بمهرِ المثلِ. قوله: (وغيرها) فلو وطئها؛ فعليه مهر مثلها، ويرجع به على من غره بإدخالها عليه. قوله: (وإن طلَّقتْ) يعني: المعيبَة. قوله: (قبل دخولٍ) أي: قبل دخوله بها، وقبل العلم بالعيب؛ فعليه نصف الصداق، ولا يرجع به على أحد. منصور البهوتي. قوله: (قبل العلم به) أي: وأما بعده؛ فمن باب أولى أنه لا رجوع. قوله: (فلا رجوع) يعني: بالصداق المستقر بالموت على أحد. منصور البهوتي.

فصل وليس لولي صغير أو صغيرة أو مَجْنُونٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ سَيِّدِ أَمَةٍ تَزْوِيجُهُمْ بِمَعِيبٍ يُرَدُّ بِهِ وَلَا لِوَلِيِّ حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ تَزْوِيجُهَا بِهِ بِلَا رِضَاهَا فَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ إنْ عُلِمَ الْعَيْبُ وَأَلَّا صَحَّ وَلَهُ الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ وَإِنْ اخْتَارَتْ مُكَلَّفَةٌ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا لَمْ تُمْنَعْ ومَجْنُونًا أَوْ مَجْذُومًا أَوْ أَبْرَصَ فَلِوَلِيِّهَا الْعَاقِدِ مَنْعُهَا وَإِنْ عَلِمَتْ الْعَيْبَ بَعْدَ عَقْدٍ أَوْ حَدَثَ بِهِ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى الْفَسْخِ

_ قوله: (فلو فعل) أي: ولي غير المكلف، وولي المكلفة بلا رضاها. قوله: (وله الفسخ) وقيل: يجب. وجزم به في "الإقناع" في ولي غير المكلف، وما سلكه المصنف تابع فيه "التنقيح" وهو مقتضى عبارة "المبدع". قال منصور البهوتي: وقد يجاب عنه: بأنه في مقابلةِ من يقولُ: لا يفسخ، وينتظر البلوغ، أو الإفاقة، فلا ينافي الوجوب، ونظيره في كلامهم، ومنه ما في "الفروع": في الوقف، في بيع الناظر له. انتهى. فتدبر. قوله: (العاقد) لا البعيد؛ لأن ذلك غير مخل بالكفاءة.

باب نكاح الكفار

باب نكاح الكفار وَهُوَ كَنِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ يَجِبُ بِهِ وتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيُقَرُّونَ فَإِنْ أَتَوْنَا قَبْلَ عَقْدِهِ عَقَدْنَاهُ عَلَى حُكْمِنَا وَإِنْ أَتَوْنَا بَعْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُبَاحُ إذًا كَعَقْدٍ فِي عِدَّةٍ فَرَغَتْ أَوْ عَلَى أُخْتِ زَوْجَةٍ مَاتَتْ أَوْ بِلَا شُهُودٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ صِيغَةٍ أُقِرَّا وَإِنْ حَرُمَ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا الْآنَ كَذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ فِي عِدَّةٍ لَمْ تَفْرُغْ أَوْ حُبْلَى لَوْ مِنْ زِنًا أَوْ شَرَطَا الْخِيَارَ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ بِمُدَّةٍ لَمْ تَمْضِ

_ باب نكاح الكفار أي: بيان حكمِه، وما يقرون عليه لو ترافعوا إلينا، أو أسلموا. قوله: (فيما يجبُ) أي: يثبت من وقوع طلاق، وظهار، وإيلاء، ووجوب مهرٍ، ونفقةٍ، وقسم، وإباحة لمطلق ثلاثاً، وإحصان. قوله: (وتحريم المحرمات) يعني: السابق تفصيلها؛ لأنهم مخاطبون بالفروع. قوله: (ما اعتقدوا) أي: مدة اعتقادهم حلها .... إلخ. قوله: (على حكمنا) أي: بإيجاب، وقبول، شاهدي عدل منا. قوله: (إذا) أي: حال الترافع، أو الإسلام، وعُلِم منه أنَّا لا نتعرض لكيفية العقد، من وجود صيغة، وولي، وشهود. قوله: (أو حبلى) أي: من غيره. قوله: (لم تمض) أي: إن قلنا: إنه لا يصح من مسلم

أَوْ اسْتَدَامَ نِكَاحُ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا وَلَوْ مُعْتَقِدًا حِلَّهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ وَطِئَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا وَإِلَّا فَلَا وَمَتَى صَحَّ الْمُسَمَّى أَخَذَتْهُ وَإِنْ قَبَضَتْ الْفَاسِدَ كُلَّهُ اسْتَقَرَّ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ وَجَبَ قِسْطُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَا يَدْخُلُهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدٌّ بِهِ

_ النكاح كذلك، والمذهب. صحته من مسلم، فهنا أولى. منصور البهوتي. وعبارة المصنف موهمة كـ: "الإقناع". قوله: (أو استدام نكاح مطلقته ثلاثا) الظاهر: أن المراد عقد على مطلقته ثلاثاً، واستمرَّ على ذلك، فلا يقر وإن اعتقد حلها، وأما إذا طلق زوجته ثلاثاً فلم يفارقها، ولم يعقد عليها، بل استمر معها؛ فهذا لا يتوهم فيه أنه يقر حتى يحتاج إلى التنبيه عليه؛ إذ حكم طلاقه كطلاق المسلم، فقد صارت بالبينونة منه أجنبية، فإذا استمر معها؛ كان كمن وطيء أجنبيَّةً بلا عقدٍ واستمرَّ معها معتقدًا ذلك عقدًا، فلا فرقَ حينئذ بين المطلقة ثلاثاً والبائنِ بطلقةٍ، بجامع انقطاع علقة النكاح بالبينونة. فتدبر. قوله: (وإلا فلا) أي: وإن لم يعتقداه نكاحًا؛ فلا يقرَّان عليه؛ لأنَّه ليس من أنكحتهم، وكذا ذمي قهر حربية واعتقداه نكاحا، أو طاوعته على الوطء، واعتقداه نكاحًا، وأما قهر الذمية، فلا يتأتى؛ لعصمتها. قوله: (وإن قبضت الفاسد) كخمر، وخنزيرٍ. قوله: (به)

وَلَوْ أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَمْرًا خَلًّا ثُمَّ طَلَّقَ وَلَمْ يَدْخُلْ رَجَعَ بِنِصْفِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ قَبْلَ طَلَاقِهِ رَجَعَ بِنِصْفِ مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا أَوْ لم يُسَمَّ مَهْرٌ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فصل وإن أسلم الزوجان معا أَوْ زَوْجُ كِتَابِيَّةٍ فعَلَى نِكَاحِهِمَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ كَافِرٍ أَوْ أَحَدُ غَيْرِ كِتَابِيَّيْنِ قَبْلَ دُخُولٍ انْفَسَخَ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ أَسْلَمَ فَقَطْ أَوْ أَسْلَمَا وَادَّعَتْ سَبْقَهُ أَوْ قَالَا سَبَقَ أَحَدُنَا وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ

_ أي: المذكور من الكيل ونحوه. قوله: (مهر مثلها) يعني: إذا أسلمت، أو ترافعا إلينا. قوله: (وإن أسلم الزوجان) أي: ولو قبل الدُّخول. قوله: (معًا) بأن تلفظا بالإسلام دفعة واحدة. قال الشيخ تقي الدين: ويدخل فيه: لو شَرَع الثاني قبل أن يفرغ الأول. قوله: (أو زوج كتابيَّة) يعني: أبواها كتابيان. قوله: (انفسخ) يعني: ولا يكون طلاقا. قوله: (ولها نصف المهر) أي: حيث لم يثبت سبقها له بالإسلام، وإلا فلا شيء لها. قوله: (وادعت سبقه) يعني: وقال الزوج:

وَإِنْ قَالَ أَسْلَمْنَا مَعًا فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ فَأَنْكَرَتْهُ فقَوْلُهَا وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَ الثَّانِي قَبْلَهُ فعَلَى نِكَاحِهِمَا وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسْخَهُ مُنْذُ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُسْلِمْ الثَّانِي فِيهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا فَلَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ أَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ فَقَوْلُهَا وَلَهَا النَّفَقَةُ

_ بل هي السابقة. فتحلف أنه السابق. قوله: (فقولها) لأنه الظاهر، إذ يبعد اتفاقهما دفعة واحدة. قوله: (وإن أسلم أحدهما) أي: الزوجين غير الكتابيين، أو أسلمت كتابيَّة تحت كافرٍ. قوله: (ولم يسلم الثاني)، وظاهره: ولو ماتَ أحدُهما فيها. ويؤدب للوطء. وعلم منه: أنه لو أسلم الآخر في العدة؛ لا مهر. قوله: (فلها مهر مثلها) لتبين أنه وطئها بعد البينونة. قوله: (فلها نفقة العدة) لأنها محبوسة بسببه، بخلاف ما لو سبقها؛ إذ لا سبيل له إلى تلافي نكاحها، كالبائن. قوله: (وإن اختلفنا في السابق ... إلخ) قد يقال: أنه تكرار مع قوله قبل: (أو أسلما، وادعت سبقه ... إلخ) وإن كان ما تقدم في غير المدخول بها، وهذا في المدخول بها؛

وَيَجِبُ الصَّدَاقُ بِكُلِّ حَالٍ وَمَنْ هَاجَرَ إلَيْنَا بِذِمَّةٍ مُؤَبَّدَةٍ أَوْ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَنْفَسِخْ

_ لأنه إذا قبل قولها قبل الدخول، فبعده بطريق الأولى، اللهم إلا أن يقال: المقصود مما هنا إيجاب النفقة، وما تقدم في المهر. فليحرر. قوله أيضًا على قوله: (وإن اختلفا في السابق) فلو قال زوج: أسلمت بعدي بشهرين، فلا نفقة لكِ فيهما، فقالت: بل بشهر، أو قالت: أسلمت في العدة، فقال: بل بعدها، أو قال: أسلمتِ في العدة، فقالت: بل بعدها؛ فقوله فيهنَّ، كما في "الإقناع". قوله: (بكل حال) سواءٌ سبقها أو سبقته، وسواء كانا بدار إسلام أو حرب، أو أحدهما بدار إسلام والآخر بدار حرب؛ لاستقراره بالدخول. قوله: (لم ينفسخ) أي: من جهة اختلاف الدار، وأما اختلاف الدين؛ فقد تقدم تفصيله، فتنبه له، وهو: أنه إن سبق زوج كتابية؛ فالنكاح بحاله، أو زوج غيرها؛ وقف الأمر على انقضاء العدة، وإن سبقته؛ وقف على الانقضاء مطلقًا، كل ذلك إن دَخَل بها.

فصل وإن أسلم وتحته أكثر من أربع فأسلمن أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ اخْتَارَ وَلَوْ مُحَرَّمًا أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَلَوْ مِنْ مَيِّتَاتٍ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُكَلَّفَ وَيَعْتَزِلُ الْمُخْتَارَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَاتِ

_ قوله: (فأسلمن) أي: معه مطلقا، أو قبل انقضاء العدة، إن كان بعد الدخول بهن، وكنَّ غير كتابيات، كما تقدم. قوله: (اختار ... أربعًا) أي: وجوبًا. فلو اختار أقل من أربع، أو اختار ترك الجميع؛ أُمِر بطلاق أربعٍ، أو تمام أربع؛ لأن الأربع زوجات، لا يبن منه إلا بطلاقٍ، أو ما يقوم مقامه، كما في "المغني". قوله: (ولو محرمًا) لأنه استدامة. قوله: (منهن) أي: ولو من تأخرَّ عقده عليهن، أو كان الجميع في عقدٍ. قوله: (حتى يكلف) يعني: ولا يختار وليه. قوله: (ويعتزل المختارات) أي: وجوبًا، إن كانت المفارقات أربعا فأكثر، وإلا اعتزل من المختارات بعددهن. منصور البهوتي.

وَأَوَّلُهَا مِنْ حِينِ اخْتَارَهُ أَوْ يَمُتْنَ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ وَلَيْسَ الْبَاقِي كِتَابِيَّاتٌ مَلَكَ إمْسَاكًا وَفَسْخًا فِي مُسْلِمَةٍ خَاصَّةً وَلَهُ تَعْجِيلُ إمْسَاكٍ مُطْلَقًا وتَأْخِيرُهُ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ أَوْ أَسْلَمْنَ وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا فَعِدَّتُهُنَّ مُنْذُ أَسْلَمَ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ أُجْبِرَ بِحَبْسٍ ثُمَّ تَعْزِيرٍ وعَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ إلَى أَنْ يَخْتَارَ وَيَكْفِي فِي اخْتِيَارٍ أَمْسَكْتُ هَؤُلَاءِ وَتَرَكْت هَؤُلَاءِ أو اخترت هذه

_ قوله: (وإن أسلم بعضهن) أي: الزائدات على أربع. قوله: (ملك إمساكًا، وفسخًا في مسلمه) أي: إن زدن على أربع؛ أي: المسلمات. قوله: (خاصةً) أي: فلا يختار كافرةً. قوله: (وله تعجيل إمساك مطلقًا ... إلخ) أي: من غيرِ قيدٍ، فمن أسلم وتحته ثمان نسوةٍ، فأسلم منهن خمس؛ فله تعجيل اختيار أربعٍ منهن قبل إسلام البواقي، وانقضاء عدَّتهن. قوله أيضًا على قوله: (مطلقا) أي: سواء كانت الباقيات كتابيات، أو لا. قوله: (ثم تعزير) وليس للحاكم أن يختار عنه. "إقناع". قوله: (وعليه نفقتهن) أي: الجميع، ولو غير مكلف. "شرح إقناع". قوله: (أو اخترت هذه) فإن قال:

لِفَسْخٍ لِإِمْسَاكٍ وَنَحْوِهِ وَيَحْصُلُ بِوَطْءٍ أَوْ طَلَاقٍ لَا بِظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ وَإِنْ وَطِئَ الْكُلَّ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَإِنْ طَلَّقَ الْكُلَّ ثَلَاثًا أَخْرَجَ أَرْبَعًا بِقُرْعَةٍ وَلَهُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي وَالْمَهْرُ لِمَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِالِاخْتِيَارِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارٍ بِشَرْطٍ وَلَا فَسْخُ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا إسْلَامُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَلَيْسَ فِيهِنَّ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ ; لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقُ فَيَقَعُ ; لِأَنَّهُ كِتَابَةٌ وَإِنْ اخْتَارَ إحْدَاهُنَّ قَبْلَ إسْلَامِهَا لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ اخْتِيَارٍ وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا لَمْ يَنْفَسِخْ ; لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ الِاخْتِيَارُ لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِ فَعَلَى الْجَمِيعِ أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ

_ سرحت أو فارقت هولاء؛ لم يكن طلاقاً، ولا اختيارًا بلا نيَّة. قوله: (ونحوه) كأبقيت هذه، وباعدت هذه. قوله: (ثلاثا) أي: أو طلاقاً بائنًا دون ثلاث، كبعوضٍ، ونحوه. تاج الدين البهوتي. قوله: (بقرعة) وكن المختاراتِ. قوله: (وله نكاح البواقِي) أي: بعد انقضاء عدَّةِ المخرجات بقرعة. منصور البهوتي. قوله: (وإلا فلا) أي: فلا مهر؛ لأنه ممنوع الابتداء، فوجوده كعدمه. قوله: (لم يتقدَّمها) أي: لم يتقدم فسخُها، فهو على حذف مضافٍ، سواء تقدم إسلامها، أو تأخَّر. وعبارة "المحرر": لم يتقدمه؛ أي: الفسخ. وهي أحسن من عبارة المصنف. قوله: (فعلى الجميع) أي: ممَّن أسلمن.

أَوْ ثَلَاثةِ قُرُوءٍ وَيَرِثُ مِنْهُ أَرْبَعٌ بِقُرْعَةٍ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتُهُ أُخْتَانِ اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا فَسَدَ نِكَاحُهُمَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ وَإِلَّا فَنِكَاحُهَا وَحْدَهَا فصل وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن معه أَوْ فِي الْعِدَّةِ مُطْلَقًا اخْتَارَ إنْ جَازَ لَهُ نِكَاحُهُنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ بِإِسْلَامِهِنَّ وَإِلَّا فسد

_ قوله: (ويرث منه) أي: من الميت. قوله: (أربع) أي: ممن أسلمن. قوله: (بقرعة) أي: لا باختيار وارث. قوله: (أختان) أي: أو امرأة وعمتها مثلا. قوله: (اختار ... إلخ) أي: إن كانتا كتابيتين أو غيرهما، وأسلمتا معه، أو بعده في العدة إن كانت عدَّة؛ بإن كان دخل بهما. قوله: (أمًا وبنتا) أسلمتا، أو أحدهما، أو كانتا كتابيتين، وقد أسلم الزوج. قوله: (فأسلمن معه) أي: مطلقاً، كتابيات، أو لا، دخل بهنَّ، أو لا. وقوله: (أو في العدة) أي: إن كان دخل بهنَّ، وعلم من اشتراط إسلامهن: أنهن لو لم يسلمن، لا معه، ولا في العدة؛ فسد نكاحهنَّ، ولو كتابيات؛ لأن الحر المسلم لا ينكح أمة كافرة. قوله: (مطلقا) أي: قبله أو بعده. قوله: (بإسلامهن) واحة تعفه، وإلا زاد إلى أربعٍ. قوله: (وإلا) أي: وإلا

فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى أَعْسَرَ أَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُنَّ بَعْدَهُ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي فَلَهُ الِاخْتِيَارُ وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمْنَ أَوْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمْنَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ عَتَقَتْ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا تَعَيَّنَتْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ فَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِي عِدَّتِهَا قَبْلَهُنَّ أَوْ بَعْدَهُنَّ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ وَتَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ

_ يجز له نكاح الإماء؛ بأن كان حرا واجدا الطول، أو غير خائف العنت. قوله: (حتى أعسر) يعني: مع خوف العنت، فله الاختيار. قوله: (فله الاختيار) من الكل، ولا تتعين العتيقة نظرًا إلى وقت الاجتماع. قوله: (وإن عتقت) يعني: وإن أسلم ثم عتقت ... إلخ. قوله: (أو عتقت بين إسلامه وإسلامها ... إلخ) هذا صادق بصورتين: إحداهما: أن يسلم، ثم تعتق، ثم تسلم. والثانية: أن تسلم، ثم تعتق، ثم يُسلم. والأولى هي عين قوله أولاً: (وإن عتقت ثم أسلمت) لأن الكلام مبني على ما إذا أسلم الزوج، أو لا، فالأولى حمل ما هنا على الصورة الثانية فقط؛ لئلا يكون فيه تكرار، وإن كان خلاف ما مثل به منصور البهوتي رحمه الله تعالى. قوله: (تعيَّنت الأولى) أي: استمر نكاحها، وانفسخ نكاح الإماء، إن كانت تعفه. والأظهر: تعيَّنت من عتقت؛ لأن العتيقة في ثاني صورة ليست أولى. ولأن المدار على أن يتقدَّم عتقها على إسلامه، أو إسلامها، سواء تقدم على إسلام البواقي أو تأخر، فتعين إذن، وإلا بأن تأخر عتقها، سواء كان قبل

هَذَا إنْ لَمْ يَعْتِقْنَ ثُمَّ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ فكَالْحَرَائِرِ وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ عَتَقَ أَوْ لَا اخْتَارَ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ أَوْ أَسْلَمْنَ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ اخْتَارَ أَرْبَعًا بِشَرْطِهِ

_ إسلامهن أو بعده. فحاصل ما ذكرنا من الصُّور ست، تتعين في أربع منها، ولا تتعين في اثنتين، كما بينا. فتدبر. قوله: (وإن أسلم عبد ... إلخ) تلخيص الكلام في هذا المقام: أنه حال اجتماعه معهن على الإسلام، إن كان عبدًا؛ اختار ثنتين، ولو عتق قبل الاختيار. وإن كان حرًا؛ اختار أربعا، إن جاز له نكاح الإماء. فتدبر. قوله: (وإن أسلم عبد ... إلخ) إذا عتق العبد في هذه المسألة؛ ففيها ست صور؛ لأنه إما أن يسلم ثم يعتق، أو بالعكس، وعلى كلا التقديرين: إمَّا أن تسلم الزوجات قبل إسلامه وعتقه، أو بينهما، أو بعدهما، فيتعين في حقه اختيار ثنتين فيما إذا تأخر عتقه عن إسلامه وإسلامهن، سواء تقدم إسلامه عليهن، أو تأخر عنهن، ويختار أربعا في الباقي. كل ذلك بشرطه، كما قيده المصنف. فتأمل. قوله: (أو لا) أي: أو لم يعتق. قله: (ثنتين) أي: بلا شرط. قوله: (بشرطه) أي: عادمٍ خائفٍ.

وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ حَرَائِرُ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ خِيَارُ الْفَسْخِ وَلَوْ أَسْلَمَتْ مَنْ تَزَوَّجَتْ بِاثْنَيْنِ فِي عَقْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَلَوْ أَسْلَمُوا مَعًا مَعًا فصل وإن ارتد أحد الزوجين أو هما معا قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ سَبَقَهَا أَوْ ارْتَدَّ وَحْدَهُ وَتَتَوَقَّفُ فُرْقَةٌ بَعْدَ دُخُولٍ عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّةٍ وَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ بِرِدَّتِهَا وَحْدَهَا وَإِنْ لَمْ يَعُدْ مَنْ ارْتَدَّ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ إلَى الْإِسْلَامِ فَوَطِئَهَا فِيهَا أَوْ طَلَّقَ

_ قوله: (خيارُ الفسخ) لرضاهنَّ به عبدًا كافرًا، والمسلم أولى. قوله: (باثنين) يعني: فأكثر. قوله: (في عقدٍ) يعني: أو في عقدين فأكثر، فللأوَّل. قوله: (إن سبقها ... إلخ) فهم: أنه يسقط المهر كله قبل الدخول إن سبقته، أو ارتدت وحدها، أو ارتدا معًا. وصرَّح بالأخيرتين في "الإقناع". قوله (وتقف فرقة) يعني: بردة. قوله: (وإن لم يعد ... إلخ) أي: من ارتدَّ

وَجَبَ الْمَهْرُ وَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَإِنْ انْتَقَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ أَوْ تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ أَوْ تَمَجَّسَتْ دُونَهُ فَكَرِدَّةٍ

_ منهما. مفهومه: أنه لو عاد المرتد في العدة؛ لم يلزم بوطءٍ مهر، وأنه يقع الطلاق؛ لعدم البينونة. قوله: (وجب المهر) لأنه وطء شبهةٍ. قوله: (ولم يقع طلاقٌ) يعني: لسبق الفرقة. قوله: (وإن انتقلا) أي: الكافران. قوله: (لا يقر عليه) كيهودي تنصر، وعكسه. قوله: (أو تمجس كتابي) عطف خاص على عام. قوله: (فكردة) أي: فينفسخ إن كان قبل دخولٍ، ويقف على انقضاء العدة إن كان بعده.

صفحة فارغة

كتاب الصداق

كتاب الصداق وَهُوَ: الْعِوَضُ الْمُسَمَّى فِي عَقْدِ نِكَاحٍ، وبَعْدَهُ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي نِكَاحٍ وَتُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ فِيهِ وتَخْفِيفُهُ ووَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ صَدَاقُ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خَمْسِمِائَةٍ

_ كتاب الصداق فيه فتح الصاد وكسرها، وصدقة بفتح الصَّاد وضم الدال، وتسكن الدال مع فتح الصاد وضمها، فهي خمس لغات، وله ثمانية أسماء، نظمها صاحب "المطلع" في قوله: صداق ومهر نحلة وفريضة ... حباء وأجر ثمَّ عقر علائق قوله: (في عقد) ولو حكمًا، كأن ذكر قبله، ثم سكت عنه حينه مع قصده باطنًا، اكتفاء بالسَّبق القريب، كالشرط. تاج الدين البهوتي. قوله أيضًا على قوله: (في عقد نكاحٍ) يعني: أو نحوِه، كوطءِ الشبهة والزنا. قوله: (وبعده) يعني: بفرض حاكمٍ، أو تراضيهما. قوله: (وتستحب تسميته) يعني: ويكره تركها.

وَهِيَ صَدَاقُ أَزْوَاجِهِ وَإِنْ زَادَ فَلَا بَأْسَ وَكَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ وَلَا يَتَقَدَّرُ فَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةٍ صَحَّ مَهْرًا، وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ عَلَى مَنْفَعَةِ زَوْجٍ أَوْ حُرٍّ غَيْرِهِ مَعْلُومَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَرِعَايَةِ غَنَمِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ عَمَلٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ أَوْ غَيْرِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبِهَا، وَرَدِّ قِنِّهَا مِنْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وتَعْلِيمَهَا مُعَيَّنًا مِنْ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ شِعْرٍ مُبَاحٍ

_ قوله: (أزواجه) إلا صفية، وأم حبيبة. قاله ابن سيد الناس، فالأولى أصدقها عتقها، والثانية أصدقها النجاشي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي بأرض الحبشة، أربعة آلاف درهم. "شرح" مؤلف. ومن سماحته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخذ الأقل لبناته، وإعطاؤه الأكثر لزوجاته. تاج الدين البهوتي. قوله: (وإن قل) فلا يعتبر أن يكون له نصف يتموَّل، خلافا للخرقي، وصاحب "الإقناع". قوله: (كرعاية غنمها) يعني: المعلومة. قوله: (كخياطة ثوبها) أي: المعلوم. قوله: (ورد قنها) يعني: المعلوم. قوله: (وتعليمها) ويذكر المراد من التعليم: هل هو التفهيم، أو التحفيظ؟ قوله: (معيَّنا) يعني: باباً أو بعضه، كتابًا أو بعضه. قوله: (أو حديثٍ) إن كانت مسلمةً فيهما.

أَوْ أَدَبٍ أَوْ صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَيَتَعَلَّمُهُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا وَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ أَيْ: مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا وَعَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ تَعْلِيمٍ، وَدُخُولٍ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وبَعْدَ دُخُولٍ فكُلُّهَا وَإِنْ عَلَّمَهَا ثُمَّ سَقَطَ رَجَعَ بِالْأُجْرَةِ ومَعَ تَنَصُّفِهِ بِنِصْفِهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا فَوُجِدَتْ حَافِظَةً لِمَا أَصْدَقَهَا، وَادَّعَى تَعْلِيمَهَا فَأَنْكَرَتْهُ حَلَفَتْ وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَوْ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ وَمَنْ تَزَوَّجَ أَوْ خَالَعَ نِسَاءً بِمَهْرٍ أَوْ عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ، وَقَسْمُ بَيْنَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ وَلَوْ قَالَ بَيْنَهُنَّ فعَلَى عَدَدِهِنَّ

_ قوله: (أو أدب) يعني: من نحوٍ، وصرف، ومعان، وبيان، وبديع، ولغة. قوله: (ثم يعلِّمها) يعني: أو يأتيها بمن يعلمه لها، إن كان مثله في التعليم. تاج الدين البهوتي. قوله: (لزمته أجرةُ تعليمها) أي: مثل. تاج الدين البهوتي. قوله: (ومن تزوج، أو خالع) يعني: أو طلق. تاج الدين البهوتي.

فصل ويشترط علمه فَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا أَوْ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ رَدَّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ، أَوْ خِدْمَتَهَا مُدَّةً فِيمَا شَاءَتْ، أَوْ مَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ أَوْ نَحْوَهُ أَوْ مَتَاعَ بَيْتِهِ وَنَحْوَهُ لَمْ يَصِحَّ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ التَّسْمِيَةُ أَوْ خَلَا الْعَقْدُ عَنْ ذِكْرِهِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ يَسِيرٍ فَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ أَوْ قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ وَنَحْوَهُ صَحَّ، وَلَهَا أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ

_ قوله: (ويشترط) يعني: لصحة الإصداق. قوله: (مطلقاً) أي: بأن لم يعينه، ولم يصفه، ولم يقل: من عبيدي. قوله: (ونحوه) أي: كحمل أمته. قوله: (لم يصح) يعني: الإصداق، وصحَّ العقد. قوله: (ولا يضر جهل) في صداق. قوله: (فلو أصدقها عبدًا ... إلخ) فإن أصدقها عبدًا وسطاً، صح. قال في "الشرح": الوسط من العبيد: السندي؛ لأن الأعلى: التركي والرومي. والأسفل: الزنجي والحبشي. والوسط: السِّندي والمنصوري. قوله: (أو دابة من دوابه) يعني: وعين نوعها، فرسًا أو غيرها. قوله: (أو قميصا) يعني: عين نوعه.

وقِنْطَارًا مِنْ زَيْتٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ وَلَهَا الْوَسَطُ وَلَا يَضُرُّ غَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ فَيَصِحُّ عَلَى مُعَيَّنٍ آبِقٍ أَوْ مُغْتَصَبٍ يُحَصِّلُهُ ودَيْنِ سَلَمٍ، ومَبِيعٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وعَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَلَوْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ أَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَجَاءَتْهُ بِهَا لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهَا وفَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ وعَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا، وأَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَخْرَجَهَا وَنَحْوِهَا صَحَّ لَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَ مَيِّتًا

_ قوله: (يحصله) وعلى الزوج تحصيل ذلك، فإن تعذر، فقيمته، وإن كان المغصوب مثلياً، وجب مثله عند تعذره، وفي "الإقناع": فإن تعذر الآبق والمغصوب، فعلى الزوج قيمتهما. قوله: (ودين سلم) أي: مسلم فيه، في ذمتها، أو في ذمة غيرها له، لا رأس مال سلم، وهو ثمنه، إلا بعد فسخ عقد سلم بإقالة، أو غيرها. تاج الدين البهوتي. قوله: (إن كان أبوها حيا) أي: أو غيره. تاج الدين البهوتي.

وَإِنْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ قِنٍّ لَهُ صَحَّ لَا طَلَاقَ زَوْجَةٍ لَهُ أَوْ جَعْلَهُ إلَيْهَا إلَى مُدَّةٍ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَمَنْ قَالَ لِسَيِّدَتِهِ: اعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَأَعْتَقَتْهُ أَوْ قَالَتْ ابْتِدَاءً أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي عَتَقَ مَجَّانًا وَمَنْ قَالَ اعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ بِعِتْقِهِ كَاعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدِي وَمَا سُمِّيَ أَوْ فُرِضَ مُؤَجَّلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَحِلَّهُ صَحَّ وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ

_ قوله: (قن له، صح) يعني: ولها ولاؤه. تاج الدين البهوتي. قوله: (مجانا) أي: فلا يلزمه أن يتزوَّج بها؛ لأن ما اشترطته عليه حق له، فلا يلزمه، كما لو شرطت عليه أن تهبه دنانير، فيقبلها، ولأنَّ النكاح من الرجل لا عوض له، بخلاف المرأة. منصور البهوتي. قوله: (لزمته قيمته) لا تزويجه. قوله: (على أن أبيعك عبدي) فلزمه بالعتق القيمة، لا البيع. قوله: (وما سمي) أي: في العقد. قوله: (أو فرض) أي: بعد العقد. قوله: (ولم يذكر محله) بأن قيل: على كذا مؤجلا. قوله: (الفرقة) يعني: البائنة.

فصل وإن تزوجها على خمر أو خنزير أو مال مغصوب صح وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وعَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا فَلَهَا قِيمَتُهُ يَوْمَ عَقْدٍ وَلَهَا فِي اثْنَيْنِ فَبَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا الْآخَرُ، وَقِيمَةُ الْحُرِّ وَتُخَيَّرُ فِي عَيْنٍ بَانَ جُزْءٌ مِنْهَا مُسْتَحَقًّا أَوْ عَيْنٍ ذَرَعَهَا فَبَانَتْ أَقَلَّ بَيْنَ أَخْذِهِ وقِيمَةِ مَا نَقَصَ وَبَيْنَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ

_ قوله: (صح) أي: النكاح؛ لأن فساد العوض لا يزيد على عدمه، وهو صحيح مع عدمه، فكذا مع فساده. قوله: (وعلى عبدٍ) يعني: بعينه، تظنه مملوكاً له. قاله في "الإقناع". ومنه تعلم: أنها لو كانت عالمة بحاله وقت العقد، لم يكن لها قيمته، بل مهر المثل. قوله: (فلها) وفي مثلي يخرج مغصوبًا مثله. فائدة: لو أصدقها عبدًا بشرط أن تعتقه، فقياس المذهب أنه يصح، كالبيع. منصور البهوتي. قوله: (قيمته) أي: ويقدر حر عبدًا. قوله: (بان أحدهما حرًا) أي: أو مغصوبا. قوله: (ما نقص) أي: فات عليها.

وَمَا وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا أَوْ نَاقِصًا صِفَةً شَرَطَتْهَا فَكَمَبِيعٍ وَلِمُتَزَوِّجَةٍ عَلَى عَصِيرٍ بَانَ خَمْرًا مِثْلَ الْعَصِيرِ وَيَصِحُّ عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا أَوْ أَنَّ الْكُلَّ لَهُ إنْ صَحَّ تَمَلُّكُهُ وَإِلَّا فَالْكُلُّ لَهَا كَشَرْطِ ذَلِكَ

_ قوله: (عيبا) أي: من معين. قوله: (أو ناقصا) يعني: من معين. قوله: (فكمبيع) أي: فلها رد معين، وطلب قيمته أو مثله، ولها إمساكه مع أرش، وأما الموصوف فلها إمساكه، أو رده وطلب بدله فقط، وإن تزوجها على نحو شاة، فوجدتها مصرَّاة، فلها ردها، وترد معها صاعا من تمر على قياس البيع. وسائر فروع الرد بالعيب والتدليس، تثبت هنا؛ لأنه عقد معاوضة، فأشبه البيع. هذا معنى كلامه في "الشرح". "شرح الإقناع". قوله: (إن صح تملكه) عبارة "الإقناع": وشرطه أن لا يجحف بمال البنت. أي: بناء على ما قاله القاضي والموفَّق والشارح: من أنه لا يملكه إلا بالقبض مع النية، كما جزم به المصنف و "الإقناع". قال الزركشي: وضعف

لِغَيْرِ الْأَبِ وَيَرْجِعُ إنْ فَارَقَ قَبْلَ دُخُولٍ فِي الْأُولَى بِأَلْفٍ وفِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ نِصْفِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ إنْ قَبَضَتْهُ مَعَ النِّيَّةِ وقَبْلَ قَبْضِهِ يَأْخُذُ مِنْ الْبَاقِي مَا شَاءَ بِشَرْطِهِ

_ هذا؛ بأنه يلزم منه بطلان خصيصة هذه المسألة. انتهى. ولهذا قال الشيخ تقي الدين: لا يتصور الإجحاف؛ لعدم ملكها له. أي: بناء على ما قاله ابن عقيل، وقدمه الزركشي: من أن الأب يملك ما اشترطه لنفسه بنفس العقد، كما تملك هي، حتى لو مات قبل القبض، ورث عنه، لكن يقدر فيه الانتقال إلى الزوجة [أولا] ثم إليه، كأعتق عبدك عن كفارتي. قوله: (لغير الأب) من جد أو أخ ونحوهما. قوله: (في الأولى) أي: مسألة الأب. قوله: (وفي الثانية) وهي الكلُّ للأب. قوله: (ولا شيء على الأب) أي: في الصورتين. قوله: (وقبل قبضه ... إلخ) أي: قبل قبض الأب الصَّداق من الزوج، ومنه يعلم: أن يعلم: أن الأب لا يملكه بالشرط، بل بالقبض مع النية.

فصل ولأب تزويج بكر وثيب بدون صداق مثلها وَإِنْ كَرِهَتْ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا تَتِمَّتُهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ بِإِذْنِهَا صَحَّ وبِدُونِهِ يَلْزَمُ زَوْجًا تَتِمَّتُهُ وَنَصُّهُ الْوَلِيَّ

_ قوله: (وثيب) يعني: ولو كبيرةً. قوله: (وإن كرهت) لعله إذا لم تعلق إذنها له على مهرٍ معينٍ. قال في "المبدع": لا يقال: كيف يملك الأب تزويج الثيب الكبيرة بدون صداق مثلها؟ لأن الأشهر أنه يتصور؛ بإن تأذن في أصل النكاح، دون قدر المهر. نقله في "شرح الإقناع". قوله: (ولا يلزم أحدا تتمته) أي: لا الزوج، ولا الأب. قوله: (بإذنها) أي: مع رشدها. قوله: (صحَّ) أي: لزم حق الزوجة مع رشدها. قوله: (ويلزم زوجا تتمته ... إلخ) أي: ويصير الولي ضامنًا. قال في "حاشية التنقيح": وفائدته: لو تعذر أخذ التكملة من الزوج، فترجع على الولي، فعلى هذا إن أخذته من الولي، فله الرجوع به على الزوج، كالضَّامن سواء. انتهى. (وعلى هذا يحمل نص الإمام في رواية ابن منصور التي أشار إليها المصنف بقوله: (ونصه: ... الولي) وليس المراد بتلك الرواية أن الولي يكون مستقلا بالضمان، كما قد يوهمه كلام الشارح. فتأمل.

كَتَتِمَّة مَنْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِدُونِ مَا قَدَّرَتْهُ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ الْمُسَمَّى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى زَوْجَةٍ إلَّا بِإِذْنِ رَشِيدَةٍ وَإِنْ زَوَّجَ أَبٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ وَلَا يَضْمَنُهُ أَبٌ مَعَ عُسْرَةِ ابْنٍ وَلَوْ قِيلَ: لَهُ ابْنُك فَقِيرٌ مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الصَّدَاقُ؟ فَقَالَ: عِنْدِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ وَلَوْ قَضَاهُ عَنْ ابْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَ وَلَمْ يَدْخُلْ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِ فَنِصْفُهُ لِلِابْنِ وَلِأَبٍ قَبْضُ صَدَاقِ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لَا رَشِيدَةٍ وَلَوْ بِكْرًا إلَّا بِإِذْنِهَا

_ قوله: (بدون ما قدرته) لعله إذا لم تنهه أن يزوجها بدون ما قدرته له. قوله: (إلا بإذن رشيدة) لعله فيما إذا كان المزوج غير الأب. قوله: (وإن زوج ابنه الصغير ... إلخ) وهل مثله المجنون؟ الظاهر: نعم. قوله: (صحَّ) أي: ولزم الابن. قوله: (لزمه) لضمانه إيَّاه. قوله: (فنصفه للابن) قال ابن نصر الله: محله ما لم يكن زوجه لوجوب الإعفاف عليه، فإنه يكون للأب. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (إلا بإذنها) أي: إن لم يشترطه، أو بعضه لنفسه، وإلا فله ذلك، كما تقدم، فلا تعارض بين كلاميه. فتأمل.

فصل وإن تزوج عبد بإذن سيده صح وَلَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ حُرَّةٍ وَمَتَى أَذِنَ لَهُ وَأَطْلَقَ نَكَحَ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَيَتَعَلَّقُ صَدَاقٌ، وَنَفَقَةٌ، وَكِسْوَةٌ، وَمَسْكَنٌ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وزَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ أَوْ عَلَى مَا سَمَّى لَهُ بِرَقَبَتِهِ وبِلَا إذْنِهِ لَا يَصِحُّ، وَيَجِبُ فِي رَقَبَتِهِ بِوَطْئِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ

_ قوله: (ولو أمكنه حرَّة) هذا مما يشهد أن الكفاءة شرط للزوم لا للصحَّة، وإلا لما كان للغايةِ به فائدةٌ؛ إذ يصيرُ وجودُه كعدمِه، لعدم التمكن منه لفسادِه. تاج الدين البهوتي. قوله: (وأطلَقَ) أي: بأن قال له: تزوَّج، ونحوه، ولم يُقيِّد بواحدةٍ ولا أكثر. قوله: (فقط) فإن طلَّق رجعيًا، فله ارتجاعها بغيرِ إذن سيِّده، لا إعادة البائن بإذنه. "إقناع". قوله: (وبلا إذنه) أي: في أصلِ النكاحِ، أو أذن له في معيَّنة، أو من بلدٍ، أو من جنسٍ معيَّن، فخالفَ، لم يصح النكاح. قوله: (بوطئِه) أي: لا بخلوته. قوله: (لزمه مهر المثل) أي: مع عدم تسميةِ مهرٍ، وقيل: لا يلزمه، وإن

يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقٍ وَإِنْ زَوَّجَهُ حُرَّةً، وَصَحَّ ثُمَّ بَاعَهُ لَهَا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ تَقَاصًّا بِشَرْطِهِ وَإِنْ بَاعَهُ لَهَا بِمَهْرِهَا صَحَّ قَبْلَ دُخُولٍ، وَبَعْدَهُ وَيَرْجِعُ سَيِّدٌ فِي فُرْقَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ بِنِصْفِهِ فصل وتملك زوجة بعقد جميع الْمُسَمَّى وَلَهَا نَمَاءُ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ، وَدَارٍ وَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَضَمَانُهُ، وَنَقْصُهُ عَلَيْهِ إنْ مَنَعَهَا قَبْضَهُ وَإِلَّا فعَلَيْهَا كَزَكَاتِهِ

_ سمى. تاج الدين البهوتي. وهذا ظاهر كلام المصنف، كـ "الإقناع". قال شارحه: وظاهره: سواء كان فيه تسميةٌ، أو لا. قوله: (يتبع به) أي: يتبعُه سيِّدُه. منصور البهوتي. قوله: (بنصفِه) أي: المهر. قوله: (وتملك زوجةٌ) أي: حرَّة، وسيد أمة. قوله: (ولها نماء معين) الظاهر: أن المراد هنا بالمعيَّن: المتميز، لا المتعين الصادق بعبدٍ من عبيده، فإنه كقفير من صبرةٍ، كما يأتي. قوله: (وإلا فعليها) أي: لا نحو مكيل، فعليه ـ وإن لم يمنعها قبضه ــ ضمانه حتى تقبضه، كمبيعٍ.

وغَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهَا وَلَا تَمْلِكُ تَصَرُّفًا فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ كَمَبِيعٍ وَمَنْ أَقْبَضَهُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ مَلَكَ نِصْفَهُ قَهْرًا إنْ بَقِيَ بِصِفَتِهِ وَلَوْ النِّصْفُ فَقَطْ مَشَاعًا أَوْ مُعَيَّنًا مِنْ مُتَنَصِّفٍ وَيَمْنَعُ ذَلِكَ بَيْعٌ وَلَوْ مَعَ خِيَارِهَا وهِبَةٌ أُقْبِضَتْ وعِتْقٌ ورَهْنٌ وكِتَابَةٌ لَا إجَارَةٌ، وَتَدْبِيرٌ، وَتَزْوِيجٌ

_ قوله: (إن بقي بصفته) أي: حين عقد بلا زيادة ولا نقصٍ. قوله: (من متنصف) أي: متساوي الأجزاء. قوله: (أقبضت) فإن لم تقبض، رجع بنصفه، ويطلب الفرق بينه وبين البيع بشرط الخيار؛ إذ كلٌّ منهما غير لازم إذن مع انتقال الملك فيهما؟ أجيب؛ بأنه يمكن الفرق بينهما: أن الملك المترتب على البيع بخيارٍ أقوى من الملك المترتب على الهبة قبل القبض؛ بدليل لزوم البيع واستقرار الملك بموت البائع مثلاً في صورة شرط الخيار له، فلذلك امتنع الرجوع، بخلاف الهبة قبلَ القبضِ، فإنها لا تلزم بموت واهب، بل وارثة يقوم مقامه، فالملك المترتب عليها ضعيف لا يمنع الرجوع، والله أعلم. قوله: (لا إجارة) أي: لا تمنع الإجارة الرجوع في العين، لكن يخير الزوج بين أخذ نصف العين ناقصًا مسلوب المنفعة إلى انقضاء مدة الإجارة، وبين أخذ نصف القيمةِ، وليس له انتزاع العين من المستأجر، ولا شيء من الأجرة. فتدبر.

فَإِنْ كَانَ قَدْ زَادَ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً رَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةُ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَ أَمَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً وَهِيَ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ دَفْعِ نِصْفِهِ زَائِدًا وَبَيْنَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا وَغَيْرِهِ لَهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ فُرْقَةٍ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ عَقْدٍ إلَى قَبْضٍ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لَا يُعْطِيهِ إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ وَإِنْ نَقَصَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ خُيِّرَ زَوْجٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ عَقْدٍ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا وَغَيْرِهِ يَوْمَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ عَقْدٍ إلَى قَبْضٍ

_ قوله: (منفصلة) كحمل بهيمةٍ عندها وولادةٍ. قوله: (متصلة) أي: كسمن. قوله: (زائدًا) ويلزمه قبوله. قوله: (إن كان متميَّزًا) كعبد معيَّن. قوله: (وغيره) أي: كعبدٍ من عبيدِه إذا زاد زيادة متصلة. قوله: (لا تعطيه) أي: وليها. منصور البهوتي. قوله: (إلا نصفَ القيمةِ) أي حال العقد إن كان متميزًا، وإلا فيوم الفرقة على أدنى صفةٍ من قبض إلى عقد. قوله: (بغير جناية) كعبد عمي. قوله: (غير محجور عليه ... إلخ) والمحجور عليه لا يأخذ وليه إلا نصف القيمةِ.

وَإِنْ اخْتَارَهُ نَاقِصًا بِجِنَايَةٍ فَلَهُ مَعَهُ نِصْفُ أَرْشِهَا وَإِنْ زَادَ مِنْ وَجْهٍ، وَنَقَصَ مِنْ آخَرَ فَلِكُلٍّ الْخِيَارُ وَيَثْبُتُ بِمَا فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ تُرَدَّ قِيمَتُهُ وَحَمَلَ فِي أَمَةٍ نَقْصٌ، وفِي بَهِيمَةٍ زِيَادَةٌ مَا لَمْ يَفْسُدْ اللَّحْمُ وَزَرْعٌ، وَغَرْسٌ نَقْصٌ لِأَرْضٍ لَا وَلَا أَثَرَ لِكَسْرٍ مَصُوغٍ، وَإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ وَلَا لِسِمَنٍ فَزَالَ ثُمَّ عَادَ وَلَا لِارْتِفَاعِ سُوقٍ وَإِنْ تَلِفَ أَوْ اُسْتُحِقَّ بِدَيْنٍ رَجَعَ فِي مِثْلِيٍّ بِنِصْفٍ مِثْلِهِ، وفِي غَيْرِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ مُتَمَيِّزٍ يَوْمَ عَقْدٍ، وغَيْرِهِ يَوْمَ فُرْقَةٍ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ عَقْدٍ إلَى قَبْضٍ

_ قوله: (ونقص من آخر) كعبدٍ سمن، ونسي صَنعةً. قوله: (ويثبت) أي: الخيار للزوجة بين دفع النصف، وبين القيمة لغرض صحيح لها، كشفقة الرقيق على أطفالها، ونحوه. قوله: (أو استحقَّ) كما لو أفلست، وحجر الحاكمُ عليها، ثم طلق الزوج قبل دخول إن لم يَبقَ الصداقُ بعينه، وحينئذ فيشارك الزوج الغرماء بنصف القيمة، وإلا فلا يمنع ذلك رجوع الزوج بنصفه، كما سبق في الحجر. وأوضح من هذا المثال، ما لو استدان العبد ديونا تعلقت برقبته، واستغرقته، فإن ذلك يمنع رجوع الزوج فيه.

وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ أَوْ أَرْضًا فَبَنَتْهَا فَبَذَلَ الزَّوْجُ قِيمَةً زَائِدَةً لِيَمْلِكَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ نَقَصَ فِي يَدِهَا بَعْدَ تَنَصُّفِهِ ضَمِنَتْ نَقْصَهُ مُطْلَقًا وَمَا قَبَضَ مِنْ مُسَمًّى بِذِمَّةٍ كَمُعَيَّنٍ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِهِ صِفَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ فَأَيُّهُمَا عَفَا لِصَاحِبِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنْ مَهْرٍ وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَمَتَى أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ ثُمَّ طَلَقَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ دُخُولٍ رَجَعَ فِي الْأُولَى بِبَدَلِ نِصْفِهِ وفِي الثَّانِيَةِ بِبَدَلِ جَمِيعِهِ كَعَوْدِهِ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَتِهَا الْعَيْنَ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ وَلَوْ وَهَبَتْهُ نِصْفَهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ رَجَعَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي وَلَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَاءِ مَهْرٍ فَالرَّاجِعُ لِلزَّوْجِ وَمِثْلُهُ أَدَاءُ ثَمَنٍ ثُمَّ يَفْسَخُ لعَيْبٍ

_ قوله: (فصبغته) يعني: ولو بأجرةٍ. قوله: (فله ذلك) فإن بذلت النصف له بزيادتِهِ، لزمه قبوله؛ لأنها زادته خيرًا. قوله (مطلقا) أي: سواء طلبه ومنعته، أو لا، متميزًا، أو لا. منصور البهوتي. قوله: (لعيب) أي: أو تقايل، ونحوه.

فصل ويسقط كله إلى غير متعة بِفُرْقَةِ لِعَانٍ وفَسْخِهِ لِعَيْبِهَا أَوْ مِنْ قِبَلِهَا كَإِسْلَامِهَا تَحْتَ كَافِرٍ ورِدَّتِهَا، وَرَضَاعِهَا مَنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا وفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ أَوْ إعْسَارِهِ أَوْ عَدَمِ وَفَائِهِ بِشَرْطٍ واخْتِيَارِهَا لِنَفْسِهَا بِجَعْلِهِ لَهَا بِسُؤَالِهَا قَبْلَ دُخُولٍ وَيَتَنَصَّفُ بِشِرَائِهَا زَوْجَهَا وفُرْقَةٍ مِنْ قِبَلِهِ كَطَلَاقِهِ وخُلْعِهِ

_ قوله: (إلى غير متعة) قال الفارضي: يعني: أنه لو تزوَّجها ولم يسم لها مهرا، ثم حصلت فرقة مسقطة للمهر الذي لم يسمَّ كلُّه، فإنه يسقط، ولم تجب. انتهى من "شرحه". تاج الدين البهوتي. قوله: (بجعله لها) أي: وبدونه، فلها نصفه. قوله: (قبل دخولٍ) أي: ما يقرر المهر من وطء، أو خلوة ونحوهما. منصور البهوتي. قوله: (بشرائها زوجها) أي: لتمام البيع بالسيِّد، وهو قائم مقام الزوج، فلم تتمخض الفرقة من جهتها. المصنف. فلو اشترته من غير من وجب عليه المهر؛ بأن باعه سيِّدُه بعد

وَلَوْ بِسُؤَالِهَا وإسْلَامِهِ مَا عَدَا مُخْتَارَاتِ مَنْ أَسْلَمَ ورِدَّتِهِ، وَشِرَائِهِ إيَّاهَا وَلَوْ مِنْ مُسْتَحِقٍّ مَهْرَهَا أَوْ مِنْ قِبَلِ أَجْنَبِيٍّ كَرَضَاعٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دُخُولٍ وَيُقَرِّرُهُ كَامِلًا مَوْتُ وَلَوْ بِقَتْلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ أَوْ نَفْسَهُ أَوْ مَوْتُهُ بَعْدَ طَلَاقٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَبْلَ دُخُولٍ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ،

_ العقد لزيد مثلا، اشترته من زيدٍ، فهل يَسقط؛ لأن من وجب عليه المهر لا مدخل له في هذا البيع، أم يتنصف؛ لأنه لم يتمحض من جهتها، بل منها ومن سيد قائم مقام السيِّد الأول، فتكون كالأولى؟ . قوله: (ولو بسؤالها) أي: الطلاق، والخلع، وكذا لو علَّق طلاقها على فعلها شيئا، ففعلته. منصور البهوتي. قوله: (وإسلامه) أي: إن لم تكن كتابية. قوله: (ما عدا مختارات من أسلم) أي: من اختارهنَّ للفرقة؛ لزيادتهن على أربعٍ قبل الدخول، فلا مهر لهنَّ، أو اختارها للفرقة من نحو إحدى أختين. قوله: (ونحوه) كوطء أبي الزوج، أو ابنه الزوجة، وكذا لو طلق حاكم على مولٍ، ونحوه. منصور البهوتي. قوله: (موت) أي: من أحد الزوجين. قوله: (في مرض موت) أي: المخوف. قوله: (أو ترتدَّ) أي: تمت قبل موته، فيتنصَّف فيهن. فارضي.

ووَطْؤُهَا حَيَّةً فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا وخَلْوَةٌ بِهَا عَنْ مُمَيِّزٍ، وَبَالِغٍ مُطْلَقًا مَعَ عِلْمِهِ وَلَمْ تَمْنَعْهُ إنْ كَانَ يَطَأُ مِثْلُهُ ويُوطَأُ مِثْلُهَا وَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا وَلَوْ نَائِمًا أَوْ بِهِ عَمًى أَوْ بِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَجَبٍّ وَرَتْقٍ أَوْ شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ، وَإِحْرَامٍ، وَصَوْمٍ وَاجِبٍ ولَمْسُ وَنَظَرٌ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ وتَقْبِيلُهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ

_ قوله: (ووطؤها حيَّة) فإن وطئها ميتة، فقد تقرر بالموت، أو دون فرج، فيأتي أن اللمس لشهوةٍ يقرره. منصور البهوتي. قوله: (وبالغ) قال الفارضي: وحذف (بالغ) أولى؛ لشمول المميز له. تاج الدين البهوتي. قوله: (مطلقًا) أي: مسلما كان أو كافرا، ذكرًا أو أنثى، عاقلا أو مجنونا، أعمى أو بصيرًا. منصور البهوتي. قوله: (إن كان يطأ مثله) وإلا لم يتقرر. قوله: (عدم علمه بها) لنحو نوم أو منعها له، خلافا لشيخنا الموفق. تاج الدين البهوتي. والأظهر: العرف. قوله: (ولو نائمًا) أي: مع علمه، كما تقدَّم. قوله: (ولمسٌ) يعني: للزوجة. قوله: (ونظر إلى فرجها) لا إلى غيره من بدنها. قوله: (لشهوة) فيهما. قوله: (بحضرة الناس) أي: أو لا، كما في "الإقناع".

لَا إنْ تَحَمَّلَتْ بِمَائِهِ وَيَثْبُتُ بِهِ نَسَبُ وعِدَّةٌ ومُصَاهَرَةٌ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ

_ قوله: (ويثبت به نسب) أي: بالتحمل، ولو جهلت أنَّه ماؤه. تاج الدين البهوتي. قوله أيضًا على قوله: (به) أي: بتحمل المرأة ماء الرجل. ولعله حيث لم تعلمه ماء أجنبي، وإلا فكزنا. فتدبر. ثم رأيتُه قال في "المبدع" ما نصه: إذا تحملت ماء زوجها، لحق نسب من ولدته منه، وفي العدة والمهر وجهان: فإن كان حرامًا، أو ماء من ظنته زوجها، فلا نسب ولا مهر ولا عدة في الأصح فيها. انتهى قوله: (وعدَّة) يعني: ولو لم تحمل منه. قوله: (ومصاهرة) هذا قول صاحب "الرعاية"، وتقدم ما يخالفه في المحرمات حيث قال ثمَّ: (ولا يحرم في مصاهرة وإلا تغييب حشفة ... إلخ). ولعل ما تقدم هو الصحيح لأمرين: أحدهما: جريه في "الإقناع" على خلاف قول "الرعاية" في البابين. والثاني أن محل المسألة محرمات النكاح، وقد ذكر المصنف فيها خلاف قول صاحب "الرعاية". قوله: (ولو من أجنبي) إن حملت منه، بخلاف زوج، فلا يشترط حملٌ منه. تاج الدين البهوتي. ولا يلزم الأجنبي مهرٌ إذن.

لَا رَجْعَةٌ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا فِي الْخَلْوَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ وَلَا الْعِدَّةُ وَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ الْوَطْءِ مِنْ إحْصَانٍ لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا وَنَحْوَهُمَا فصل وإذا اختلفا أَوْ وَرَثَتُهُمَا أَوْ زَوْجٌ، وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ فِي قَدْرِ صَدَاقٍ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ مَا يَسْتَقِرُّ بِهِ فَقَوْلُ زَوْجٍ أَوْ وَارِثِهِ بِيَمِينِهِ،

_ قوله: (لا رجعة) يعني: لو تحملت رجعية. قوله: (ولا تثبت) أي: بالخلوة. قوله: (ونحوهما) كتحريمِ مصاهرةٍ. قوله: (أو ورثتها) أي: أو أحدهما، وورثة الآخر. قوله: (أو زوج وولي صغيرةٍ) يعني أو عكسه. فالقسمة العقلية تقتضي تسعَ صورٍ؛ لأنه إما أن يختلف الزوجان، أو ولياهما، أو ورثتها، أو أحدهما مع ولي الآخر أو وارثه، وفيها أربع صور؛ لأن الأحد صادق بالزوج، أو الزوجة، أو يختلف وارث أحدهما مع ولي الآخر، وفيها صورتان. والمصنف اقتصر على ثلاث صور. فتأمل. قوله: (أو صفته) شمل الحلول والتأجيل. وما يأتي من قوله: (وتعتبر عادة في تأجيل أو غيره، فإن اختلفت، أو المهور، أخذ بوسطٍ حال)، مخصوص بفرض مهر المثل؛ لأنه إنما يفرض حالا، بخلاف اختلافهما في صفة الواقع بفعلهما، أو بفعل وليهما. تاج الدين البهوتي.

وفِي قَبْضٍ أَوْ تَسْمِيَةِ مَهْرِ مِثْلٍ فَقَوْلُهَا أَوْ وَرَثَتُهَا بِيَمِينٍ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ سِرًّا، وَعَلَانِيَةً أَخَذَ بالزَّائِدِ مُطْلَقًا وَتَلْحَقُ بِهِ زِيَادَةٌ بَعْدَ عَقْدِ فِيمَا يُقَرِّرُهُ ويُنَصِّفُهُ وَتَمْلِكُ بِهِ مِنْ حِينِهَا

_ قوله: (وفي قبض) أنكرته. قوله: (أو تسمية) ادَّعتها. قوله: (فقولها) أي: قول الزوجة في دعوى تسمية مهر المثل؛ لأنه الظاهر، وهذا على إحدى الروايتين. وعلى الأخرى القول قوله، وبه جزم في "الإقناع". وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا طلق ولم يدخل بها، فعلى ما هنا: لا متعة لها، بل لها نصف مهر المثل؛ لأنه المسمى لها. وعلى ما في "الإقناع": لها المتعة؛ لأنها مفوضة. قوله: (أو ورثتها) كقوله، أو ورثته في مهر مثل، أو تسميته، إذا ادعت زيادة كوارثها. تاج الدين البهوتي. قوله: (بيمين) وإن دفع إليها ألفا، أو عرضا وقال: دفعته صداقًا، وقالت: بل هِبةً، فقوله بيمينه، ولها رد ما ليس من جنس صداقها، وطلبه بصداقها. منصور البهوتي. قوله: (مطلقا) أي: سواء كان الزائد صداق السر أو العلانية. مصنف. قوله: (بعد عقد) أي: ما دامت في حباله، ولا تفتقر إلى شروط الهبة. ومعنى لحوقها: أنه يثبت لها حكم المسمى فيما يقرِّره، وينصفه. قوله: (وتملك) أي: الزيادة. قوله: (به) أي: بجعلها. مصنف.

فَمَا بَعْدَ عِتْقِ زَوْجَةٍ لَهَا وَلَوْ قَالَ وَهُوَ عَقْدٌ أُسِرَّ ثُمَّ أُظْهِرَ، وَقَالَتْ عَقْدَانِ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ فقَوْلُهَا وَإِنْ اتَّفَقَا قَبْلَ عَقْدٍ عَلَى مَهْرٍ، وَعَقَدَاهُ بِأَكْثَرَ تَحَمُّلًا فَالْمَهْرُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهَا تَفِي لِزَوْجِهَا بِمَا، وَعَدَتْ بِهِ شَرَطَتْهُ وَهَدِيَّةُ زَوْجٍ لَيْسَتْ مِنْ الْمَهْرِ فَمَا قَبْلَ عَقْدٍ إنْ وَعَدُوهُ وَلَمْ يَفُوا رَجَعَ بِهَا

_ قوله: (وقالت: عقدان بينهما فرقة ... إلخ) أي: ولها المهر في العقد الثاني، إن كان دخل بها، ونصفُهُ في الأول، إن ادَّعى ما ينصفه. وإن أصر على إنكار جريان عقدين، سئلت، فإن ادَّعت أنه دخل بها في الأول، ثم أبانها، ثم نكحها، حلفت، واستحقَّت، كما في "الإقناع". قوله: (فقولها) أي: بيمينها. قوله: (ما عُقِدَ عليه) بخلاف البيع؛ لأنه لا ينعقد هزلا ولا تلجئةً. قوله: (وشرطته) أي: ندبًا. قوله: (رجع بها) أي بالهديَّة قبل العقدِ؛ لدلالة الحال على أنه وهب بشرط إيقاع العقد، فإذا زال، ملك الرجوع، كالهبة بشرط الثواب. قلت: قياس ذلك، لو وهبته هي شيئا قبل الدخول،

وَمَا قُبِضَ بِسَبَبِ نِكَاحٍ فكَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُ، وَيُنَصِّفُهُ، وَيُسْقِطُهُ وَمَا كَتَبَ فِيهِ الْمَهْرَ لَهَا وَلَوْ طَلُقَتْ، وَتُرَدُّ هَدِيَّةٌ فِي كُلِّ فُرْقَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ مُسْقِطَةٍ لِلْمَهْرِ كَفَسْخٍ لِفَقْدِ كَفَاءَةٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَثْبُتُ مَعَ أَوْ مُقَرَّرٍ لِنِصْفِهِ كَطَلَاقِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَخَذَ بِسَبَبِ عَقْدِ كَدَلَّالٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ فَسَخَ بَيْعَ بَاقِلَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقِفُ عَلَى تَرَاضٍ لَمْ يَرُدَّهُ وَإِلَّا رَدَّهُ،

_ ثم طلق ونحوه. قاله في "شرح الإقناع". قوله: (وما قبض) أي: مما يدفع لأقارب زوجةٍ. قوله: (فكمهر) في تقرر، وسقوط، وتنصف. فإن كان الإعراض منه، أو ماتت، فلا رجوع. منصور البهوتي. قوله: (كفسخ لفقد كفاءة ... إلخ) الكاف للتشبيه لا للتمثيل، يعني: أن الفرقة الاختيارية في حق الزوج، كفسخه لعيبها ونحوه، حكمها كالفرقة القهرية عليه، كفسخ الزوجة لفقد كفاءة الزوج ونحوه، في وجوب رد ما أهداه زوج عليه، حيث كان ذلك قبل تقرر شيء من الصداق، وظاهره: سواء كانت الهدية قبل العقد، أو بعده. قوله: (فسخ بيع) أي: عقد بيع، ونحوه. قوله: (ونحوها) كخيارهما. قوله: (وإلا) أي: بأن كان أحدهما اختيارًا، والآخر قهرًا، وهو الباذل للدلال، أو قهرا منهما شرعا، كباطل، سواء كانا باذلين، أو أحدهما أو غيرهما،

وَقِيَاسُهُ نِكَاحٌ فُسِخَ لِعَقْدِ كَفَاءَةٍ أَوْ عَيْبٍ فَيَرُدُّهُ لَا لِرِدَّةٍ، وَرَضَاعٍ، وَمُخَالَعَةٍ فصل في المفوضة وتَفْوِيضُ بُضْعٍ بِأَنْ يُزَوِّجَ أَبٌ ابْنَتَهُ الْمُجْبَرَةَ أَوْ غَيْرَهَا بِإِذْنِهَا أَوْ غَيْرُ الْأَبِ بِإِذْنِهَا بِلَا مَهْرٍ وتَفْوِيضُ مَهْرٍ كَعَلَى مَا شَاءَتْ أَوْ شَاءَ أَوْ فُلَانٌ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ وَنَحْوُهُ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَهَا مَعَ ذَلِكَ ومَعَ فَسَادِ تَسْمِيَةٍ طَلَبُ فَرْضِهِ، وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهَا مِنْهُ قَبْلَ فَرْضِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا وَلَوْ عَلَى قَلِيلٍ صَحَّ وَإِلَّا فَرَضَهُ حَاكِمٌ بِقَدْرِهِ،

_ لا إن كان الاختيار من الباذل. تاج الدين البهوتي. قوله: (وتفويض مهر) أي: بأن يجعل إلى رأي أحد الزوجين، أو غيرهما. قوله: (ونحوه) كعلى حكم من ذكر. قوله: (طلب فرضه) يعني: ولو قبل دخولٍ. قوله: (فإن تراضيا) يعني: مع جواز تصرفهما. قوله: (وإلا) أي: وإلا يتراضيا. قوله: (بقدره) أي: مهرِ المثلِ.

وَيَلْزَمُهُمَا فَرْضُهُ كَحُكْمِهِ فَدَلَّ أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ الْمُطَالَبَةِ كَتَقْدِيرِهِ أُجْرَةَ مِثْلٍ أَوْ نَفَقَةً وَنَحْوَهُ حُكْمٌ فَلَا يُغَيِّرُهُ حَاكِمٌ آخَرُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ دُخُولٍ وفَرْضِ وَرِثَهُ صَاحِبُهُ وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَهُمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا الْمُتْعَةُ وَهِيَ مَا يَجِبُ لِحُرَّةٍ أَوْ سَيِّدِ أَمَةٍ عَلَى زَوْجٍ بِطَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرٌ مُطْلَقًا عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ،

_ قوله: (ويلزمهما فرضه) أي: لمهرِ المثل. قوله: (سبب المطالبة) وهو هنا فرض الحاكم. قوله: (حكم) أي: متضمن للحكم، وليس بحكم صريح. قاله ابن نصر الله. قوله: (قبل دخول) أي: مقرر للمهر. قوله: (قبلهما) أي: الدخول والفرض من زوج، أو حاكمٍ فقط. قوله: (وهي ما تجب لحرة ... إلخ) وتستحب لكل مطلقة غيرها. قوله: (قبل دخول) أو غيره، مما ينصف الصداق، كما في "الإقناع". قوله: (لمن لم يسم لها مهر) أي: صحيح. قوله: (مطلقا) أي: سواء كانت مفوضة بضع، أو مفوضة مهر،

وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ فَأَعْلَاهَا خَادِمٌ وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ تُجْزِيهَا فِي صَلَاتِهَا وَلَا تَسْقُطُ إنْ وَهَبَتْهُ مَهْرَ الْمِثْلِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا اسْتَقَرَّ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا مُتْعَةَ إنْ طَلُقَتْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِنَحْوِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَقَارِبِهَا كَأُمٍّ، وَخَالَةٍ،

_ أو سمي لها مهر فاسد، كخمر وخنزير، وسواء كان الزوجان حرين، أو رقيقين، أو مختلفين، مسلمين أو ذميين، أو مسلمًا وذمية. منصور البهوتي. قوله: (وعلى المقتر قدره) ومتعة الأمة لسيِّدها كمهرها. وتسقط المتعة في كل موضع يسقط فيه المهر. قوله: (فأعلاها) أي: على الموسر. قوله: (خادم) أي: ذكر، أو أنثى. قوله: (وأدناها) أي: على المعسر. قوله: (في صلاتها) وهي درع وخمار، أو ثوب يستر ما يجب ستره في صلاتها، قوله: (ولا تسقط) أي: ولا يصح إسقاطها، أي: المتعة قبل الفرقةِ؛ لأنها لم تجب بعد. منصور البهوتي. قوله: (إن وهَبَته) أي: أبرأته منه. منصور البهوتي. قوله: (ومهر المثل معتبر ... إلخ) وفي كلام الشيخ مرعي: أن مهر المثل كالمسمَّى، يتقرر كل منهما بالدخول، أو الخلوة. وهو ظاهر إن وافق المنقول.

وَعَمَّةٍ، وَغَيْرِهِنَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى فِي مَالٍ، وَجَمَالٍ، وَعَقْلٍ، وَأَدَبٍ، وَسِنٍّ، وَبَكَارَةٍ أَوْ ثُيُوبَةٍ وَبَلَدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دُونَهَا زِيدَتْ بِقَدْرِ فَضِيلَتِهَا ; لِأَنَّ زِيَادَةَ فَضِيلَتِهَا تَقْتَضِي زِيَادَةَ مَهْرِهَا أَوْ إلَّا فَوْقَهَا نَقَصَتْ بِقَدْرِ نَقْصِهَا وَتُعْتَبَرُ عَادَةُ فِي تَأْجِيلٍ وَغَيْرِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَوْ الْمُهُورُ أُخِذَ وَسَطِ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ اُعْتُبِرَ شَبَهُهَا بِنِسَاءِ بَلَدِهَا فَإِنْ عُدِمْنَ أَيْ: نِسَاءُ بَلَدِهَا فبِأَقْرَبِ النِّسَاءِ شَبَهًا بِهَا مِنْ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ وَإِنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا اسْتَقَرَّ الْمُسَمَّى

_ قوله: (في نكاح فاسد) أي: مختلفٍ منه. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (في نكاح فاسد) قوة كلامه تعطي أن مهر المثل في النكاح الفاسد لا يتقرر إلا بالوطء. قوله: (وإن دخل، أو خلا بها استقرَّ المسمى) أي: لاتفاقِهما على أنَّ المسمى هو المهر. قاله في "شرحه". ومفهومه كالمتن: أن مهر المثل ليس كذلك، فلا يتقرر إلا بالوطء، كما في النكاح الباطل. وفي كلام الشيخ مرعي أن مهر المثل كالمسمى، أي: في التقرر

وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِوَطْءٍ وَلَوْ مِنْ مَجْنُونٍ فِي بَاطِلٍ إجْمَاعًا أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ عَلَى الزِّنَا فِي قُبُلٍ دُونَ أَرْشِ بَكَارَةٍ وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ شُبْهَةٍ وإكْرَاهٍ،

_ بالخلوة، وهو مسلم إن وافق المنقول. قوله: (في باطلٍ إجماعاً) كنكاح زوجة الغير، والمعتدة. قال منصور البهوتي: قلت: من غير زنًا، وإلا فهو مختلف فيه. ولا بد في كون نكاح المعتدة باطلا من كونه عالما بالحال، وبتحريم الوطءِ، ولا بد في وجوب مهر المثل في الباطل والشبهة، من كون الموطوءة غير عالمةٍ، ولا مطاوعة، وإلا فهي زانية، لا مهر لها؛ لمطاوعتها إن كانت حرة. قوله: (أو بشبهةٍ) أي: إن لم تكن حرة عالمة مطاوعة فيهما. منصور البهوتي. قوله: (في قبل) أي: لا في دبرٍ، ويحد به. تاج الدين البهوتي. قوله: (دون أرش بكارة) وهو ما بين مهر البكر، والثيب. وقيل: حكومة، هذا في الحرة. قال في "شرح الإقناع": بخلاف الأمة، وتقدَّم في الغصب. انتهى. قوله: (بتعدد شبهة) كأن وطئها ظاناً أنها زوجتُهُ خديجة، ثم وطئها ظانا أنها زوجته زينبُ،

وَيَجِبُى بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ لَا مُطَاوِعَةٍ غَيْرَ أَمَةٍ أَوْ مُبَعَّضَةٍ بِقَدْرِ رِقٍّ وَعَلَى مَنْ أَذْهَبَ عُذْرَةَ أَجْنَبِيَّةٍ بِلَا وَطْءٍ أَرْشُ بَكَارَتِهَا وَإِنْ فَعَلَهُ زَوْجٌ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجٌ مِنْ نِكَاحِهَا فَاسِدٌ قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ فَإِنْ أَبَاهُمَا زَوْجٌ فَسَخَهُ حَاكِمٌ

_ ثم وطئها ظانا أنها سريته، فيجب لها ثلاثة مهورٍ، فإن اتحدت الشُّبهة وتعدد الوطء، فهو واحد. منصور البهوتي. قوله: (ويجب بوطء ميتة) أي: ولو دبرًا. تاج الدين البهوتي. قوله وبخطه على قوله: (ميتة) بزنا، ويورث عنها. قال الشيخ منصور البهوتي: وظاهر إباحة القاضي نظر الزوج إلى فرج زوجته الميتة تارة، وتحريمه أخرى، وتصريح جميع الأصحاب؛ بأن له تغسيلها، أن بعض علق النكاح باق، وأنها ليست كالأجنبية من كل الوجوه، وأنه لا يجب بوطئها ميتة ما يجب بوطء غيرها. فليحرر. قوله: (لا مطاوعةٍ) يعني: مكلفة رشيدة. قوله: (أرش بكارتها) وهو ما بين المهرين. قوله: (قبل دخولٍ) أي: ونحوه مما يقررُ. قوله: (ولا يصحُّ تزويجُ ... إلخ) ويكون فاسدًا كالأوَّل، فلا بد من طلاقِهما، أو فسخمها، أو فسخِ الحاكم، وهكذا لو زاد بخلافِ البيعِ؛ لأنه

وَلِزَوْجَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرًا حَالًّا لَا مُؤَجَّلًا حَلَّ وَلَهَا زَمَنُهُ النَّفَقَةِ والسَّفَرِ بِلَا إذْنِهِ وَلَوْ قَبَضَتْهُ، وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ بَانَ مَعِيبًا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا وَلَوْ أَبَى كُلٌّ تَسْلِيمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أُجْبِرَ زَوْجٌ ثُمَّ زَوْجَةٌ وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا بِهِ أُجْبِرَ الْآخَرُ وَلَوْ أَبَتْ التَّسْلِيمَ بِلَا عُذْرٍ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُ مَهْرٍ قُبِضَ وَإِنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا مُطَاوِعَةً لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا بَعْدَ وَإِنْ أَعْسَرَ بِمَهْرٍ حَالٍّ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولٍ فَلِ حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ الْفَسْخُ مَا لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ،

_ يعتمد الملك والتسليم، ويترتب على النكاح الفاسد أكثر أحكام الصحيح من وقوع الطلاق، ولزوم عدَّة الوفاةِ بعد الموتِ، والاعتداد منه بعد المفارقة في الحياة، ووجوب المهر المسمى فيه بالعقد، وتقريره بالخلوة. كما في "حاشية الإقناع". قوله: (ولها زمنه النَّفقة) أي: إن صلحت للاستمتاع، ولو معسرًا بالصداق. قال الموفق ولد صاحب "المنتهى": إنما لها النفقة في الحضر دون السفر؛ لأنه لو بذل لها الصداق وهي غائبةٌ، لم يمكنه تسلُّمها، وبدليل أنها

وَالْخِيَرَةُ لِحُرَّةٍ وَسَيِّدِ أَمَةٍ لَا وَلِيِّ صَغِيرَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ

_ لو سافرت بإذنه، فلا نفقة لها. "شرح إقناع". قوله: (والخيرة لحرة ... إلخ) أي: مكلفةٍ. تتمة: من اعتراف لامرأةٍ بأن هذا ابنه منها، لزمه لها مهر المثلِ.

باب الوليمة

باب الوليمة وَهِيَ اجْتِمَاعٌ لِطَعَامِ عُرْسٍ خَاصَّةً وَحِذَاقٌ لِطَعَامٍ عِنْدَ حِذَاقِ صَبِيٍّ، وَعَذِيرَةٌ، وَأَعْذَارٌ لِطَعَامِ خِتَانٍ، وَخُرْسَةٌ، وَخُرْسٌ لِطَعَامِ وِلَادَةٍ،

_ قوله: (عرس) بضمِّ العين: هو الزفاف، بكسر الزاي، أي: إهداء العروس إلى زوجها، وأما عرس الرجل، بالكسر، فهي: امرأته، والعروس يطلق على الذكر والأنثى أيام الدخول، ويجمع للمذكر على عرس، كرسولٍ ورسلٍ، وللمؤنث على عرائس، كعجوز وعجائز. فتدبر. قوله: (خاصة) وقيل: تطلق الوليمة على كل طعام لسرورٍ حادثٍ، لكن استعمالها في طعام العرسِ أكثر. قوله: (حذاق صبي) قال في "الإنصاف" فيما رأيته بخط التاج البهوتي. أي: معرفته، وتمييزه، وإتقانه. انتهى. ويوم حذاقه: يوم ختمه القرآن. قاله في "القاموس". منصور البهوتي. قوله: (وإعذارٌ) بالذال المعجمة، كما في "المصباح"، وبالمهملة، كما نصَّ عليه ابن عادل صاحب التفسير، ورأيته بخطه. قوله: (ولادةٍ) أي: للسلامة من الطلق بالولادةِ. الشهاب الفتوحي.

ووَكِيرَةٌ لِدَعْوَةِ بِنَاءٍ، وَنَقِيعَةٌ لِقُدُومِ غَائِبٍ، وَعَقِيقَةٌ لِذَبْحٍ لِمَوْلُودٍ، وَمَأْدُبَةٌ لِكُلِّ دَعْوَةٍ لِسَبَبٍ، وَغَيْرِهِ، وَوَضِيمَةٌ لِطَعَامِ مَأْتَمٍ وَتُحْفَةٌ لِطَعَامِ قَادِمٍ

_ قوله: (لدعوة) الدعوة: الطعام إليه، وهي مثلثة الدال على ما في "المطلع". قوله: (بناء) قال النووي: أي: مسكن متجدد. انتهى. من الوكر، وهو المأوى. منصور البهوتي. قوله: (ونقيعةٌ) من النقع، وهو: الغبار أو النحر، أو القتل. "شرح إقناع". قوله: (لقدوم غائبٍ) من سفر، ظاهره: طويلا كان أو قصيرا. "شرح إقناع". أي: الطعام من غيره، وأما منه، فتحفةٌ كما سيجيء. قوله: (لطعام مأتم) أصله اجتماع الرجال والنساء. قوله: (وتحفة لطعام قادمٍ) أي: منه، فالتحفة من القادم، والنقيعة له. منصور البهوتي. قال الشيخ موسى الحجاوي في "حاشيته على الإقناع": عدد الولائم سبعة عشر اسما في ستة أبياتٍ، وهي: لأطعمة أسماء سبع وعشرة ... وليمة عرسٍ والختان عذيرة

وَشُنْدُخُيَةٌ لِطَعَامِ إمْلَاكٍ عَلَى زَوْجَةٍ وَمِشْدَاخٌ لِمَأْكُولٍ فِي خَتْمَةِ الْقَارِئِ وَلَمْ يَخُصُّوهَا لِإِخَاءٍ، وَتَسَرٍّ بِاسْمٍ وَتُسَمَّى الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ الْجَفَلَى والْخَاصَّةَ النَّقَرَى، وَتُسَنُّ الْوَلِيمَةُ بِعَقْدٍ

_ وخرس نفاس شندخيَّة مملك ... حذاق صبي والبناء وكيرة عقيقة مولودٍ ومشداخ قاريء ... وذبح أصب في ابتداء عتيرة نقيعة سفر ثم تحفة قادم ... تسر وللإخاء عدُّوا عتيرة وضيمة أتم دعوة الجفلى لمن ... يعمم في النقرى يخصص خيرة ومأدبة اسم لمطلق دعوة ... فقد كملت بالنظم وهي ذخيرة قوله: (وشندخيَّة: لطعام إملاك على زوجة) مأخوذ من قولهم: فرس مشندخ، أي: يتقدم غيره، سمي بذلك؛ لأنه يتقدم الدخول. "شرح إقناع". قوله: (ولم يخصوها) أي: الدعوة. قوله: (باسم) بل تشملهما المأدبة. قوله: (بعقد) وإن نكح أكثر من واحدة في عقد، أو عقود، أجزأته وليمة واحدة، إذا نوها عن الكل. "إقناع".

وَتَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ دَاعٍ مُسْلِمٌ يَحْرُمُ هَجْرُهُ وَمَكْسَبُهُ طَيِّبٌ إلَيْهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ بِأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ فِي مَالِهِ شَيْءٌ حَرَامٌ كَأَكْلِهِ مِنْهُ، وَمُعَامَلَتِهِ، وَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ، وهِبَتِهِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ دُعَاءِ الْجَفَلَى كَأَيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إلَى الطَّعَامِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ وَتُسَنُّ فِي ثَانِي مَرَّةٍ وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ مُبَاحَةٌ غَيْرَ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ ومَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ وَيُسْتَحَبُّ أَكْلُهُ وَلَوْ صَائِمًا لَا صَوْمًا وَاجِبًا وَإِنْ أَحَبَّ دَعَا، وَانْصَرَفَ

_ قوله: (إجابة من عينه): (إجابة): مصدر مضاف إلى الفاعل. و (من): نكرة، أو موصولة، أي: وتجب إجابة شخص عين ذلك الشخص داع، أو: وتجب إجابة الشخص الذي عينه داع ... إلخ، ولو عبدًا بإذن سيده، أو مكاتبا لم تضر بكسبه. قوله: (مسلم) رجل أو امرأة بلا خلوة محرمة، كما في "الإقناع". قوله: (أول مرة) يعني: بلا عذر لمدعو، من نحو مرض. قوله: (وتكره إجابة من ... إلخ) مصدر مضاف إلى المفعول. قوله: (ونحوه) كقبولِ صدقته. قوله: (وسائر الدعوات ... إلخ) يعني: بعد الوليمة. قوله: (ولو صائمًا) يعني: تطوعًا.

فَإِنْ دَعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ أَجَابَ الْأَسْبَقَ قَوْلًا فَالْأَدْيَنُ فَالْأَقْرَبُ رَحِمًا فجِوَارًا ثُمَّ أَقْرَعَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِي الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَزَمْرٍ، وَخَمْرٍ، وَأَمْكَنَهُ الْإِنْكَارُ حَضَرَ، وَأَنْكَرَ وَإِلَّا لَمْ يَحْضُرْ وَلَوْ حَضَرَ فَشَاهَدَهُ أَزَالَهُ، وَجَلَسَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهِ انْصَرَفَ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ أُبِيحَ الْجُلُوسُ وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيهَا صُورَةُ حَيَوَانٍ كُرِهَ لَا إنْ كَانَتْ مَبْسُوطَةً أَوْ عَلَى وِسَادَةٍ وَكُرِهَ سَتْرُ حِيطَانٍ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ إنْ لَمْ تَكُنْ حريرا

_ قوله: (الأسبق قولا) أي: لا مجيئًا. قوله: (وخمرٍ) أي: أو آلة لهو. قوله: (وأمكنه الإنكار) أي: الإزالة. قوله: (وأنكر) أي: وجوبًا فيهما. قوله: (وإلا لم يحضر) بل يحرم. قوله: (ولو حضر) أي: بلا علمٍ. قوله: (وكره ستر حيطان ... إلخ) وهو عذر في ترك الإجابة.

ويَحْرُمُ بِهِ وجُلُوسٌ مَعَهُ وأَكْلٌ أَوْ قَرِينَةٍ وَلَوْ مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ، ولَمْ يُحْرِزْهُ عَنْهُ وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ، وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ أُذِنَ فِيهِ لَا فِي الدُّخُولِ وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ قُدِّمَ إلَيْهِ بَلْ يَمْلِكُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ جَهْرًا عَلَى أَكْلٍ، وَشُرْبٍ والْحَمْدُ إذَا فَرَغَ وأَكْلُهُ مِمَّا يَلِيهِ بِيَمِينِهِ وبِثَلَاثِ أَصَابِعَ

_ قوله: (إذن فيه) أي: حيث جرت عادة أهلِ البلد به. قوله: (جهرا) فيقول: بسم الله. قال الشيخ: ولو زاد: الرحمن الرحيم، لكانَ حسنًا، بخلاف الذبح، فإنه قد قيل: لا يناسب، ويسمي مميز عاقل، وغيره يسمى عنه، وينبغي أن يشير بها أخرس ونحوه، كوضوء. قوله: (والحمد) أي: جهرًا. كما في "الإقناع". قوله: (إذا فرغ) قال ابن البنَّاء: قال بعض أصحابنا: في الأكل أربعُ فرائض: أكل الحلال، والرضى بما قسم الله، والتسمية على الطعام، والشكر لله عز وجل على ذلك. نقله في "حاشية الإقناع". قوله: (وأكله مما يليه) فيكره مما يلي غيره، إن لم يكن أنواعًا، أو فاكهةً فلا يكره، وإن أكل وحده، فلا بأس بأكله مما لا يليه. قال في "شرح الإقناع". قلت: وكذا لو كان يأكل مع من لا يستقذره منه، بل يستشفي به.

وتَخْلِيلُ مَا عَلِقَ بِأَسْنَانِهِ ومَسْحُ الصَّحْفَةِ وأَكْلُ مَا تَنَاثَرَ وغَضُّ بَصَرِهِ عَنْ جَلِيسِهِ وإيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَشُرْبُهُ ثَلَاثًا وغَسْلُ يَدَيْهِ قَبْلَ طَعَامٍ مُتَقَدِّمًا بِهِ رَبُّهُ وبَعْدَهُ مُتَأَخِّرًا بِهِ رَبُّهُ وَكُرِهَ تَنَفُّسُهُ فِي الْإِنَاءِ ورَدُّ شَيْءٍ مِنْ فِيهِ إلَيْهِ ونَفْخُ الطَّعَامِ وأَكْلُهُ حَارًّا أَوْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ أَوْ وَسَطِهَا وفِعْلُ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مِنْ غَيْرِهِ ومَدْحُ طَعَامِهِ، وَتَقْوِيمُهُ وعَيْبُ الطَّعَامِ وقِرَانُهُ فِي تَمْرٍ مُطْلَقًا وأَنْ يَفْجَأَ قَوْمًا عِنْدَ وَضْعِ طَعَامِهِمْ تَعَمُّدًا وأَكْلٌ بِشِمَالِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ وأَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُؤْذِيهِ أَوْ قَلِيلَا بِحَيْثُ يَضُرُّهُ وشُرْبُهُ مِنْ فَمِ سِقَاءٍ وفِي أَثْنَاءِ طَعَامٍ بِلَا عَادَةٍ وتَعْلِيَةُ قَصْعَةٍ وَنَحْوِهَا بِخُبْزٍ فَائِدَةٌ ونِثَارٌ، وَالْتِقَاطُهُ

_ قوله: (بأسنانه) أي: لا في أثناء الطعام، ويلقي ما أخرجه الخلال، ويكره ابتلاعه، لا ما قلعه بلسانه، كما في "الإقناع". قوله: (قبل طعام) ولو كان على وضوء. قوله: (وبعده متأخرًا به) ولا يكره غسل يديه في الإناء الذي أكل فيه، ويكره بطعام، وهو القوت، ولو بدقيق حمص وعدس ونحوه، لا بملح؛ لأنه ليس بقوت، كما ذكره الشيخ، ولا بأس بغسل يد بنخالة؛ لأنها ليست قوتا، وإن دعت حاجة إلى استعمال قوت، كدبغ بدقيق شعير، وتطبب لجرب بلبن ودقيق، رخص فيه، ويستحب غسل فم

وَمَنْ حَصَلَ فِي حَجْرِهِ مِنْهُ أَوْ أَخْذُهُ فلَهُ مُطْلَقًا، وَتُبَاحُ الْمُنَاهَدَةُ وَهِيَ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رُفْقَةٍ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ وَيَدْفَعُونَهُ إلَى مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ، وَيَأْكُلُونَ جَمِيعًا فَلَوْ أَكَلَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ أَوْ تَصَدَّقَ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ، وَيُسَنُّ إعْلَانُ نِكَاحٍ وضَرْبٌ عَلَيْهِ بِدُفٍّ مُبَاحٍ فِيهِ وفِي خِتَانٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ وَنَحْوِهَا

_ بعد طعام، وأن يتمضمض من لبن. وفي "الآداب": يتوجَّه: من كل ما له دسم، ويسن أن يلعق أصابعه، أو يلعقها غيره قبل الغسل. قوله: (مطلقا) أي: سواء كان ثم شريك لم يأذن أو لا، وكذا نحو تمرٍ مما جرت العادة بتناوله فرادى. قوله: (بدفٍّ مباح): وهو ما لا حلق فيه ولا صنوج. والمراد بالصنوج: ما يجعل في إطار الدُّف من النحاس المدور صغاراً، كما في "المصباح". قال: والإطار مثل كتاب، لكل شيء ما أحاط به. قال في "الإقناع": ويحرم كلُّ ملهاةٍ سوى الدف. قوله: (ونحوها) كولادةٍ وإملاكٍ.

باب عشرة النساء

باب عشرة النساء وَهِيَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْأُلْفَةِ وَالِانْضِمَامِ يَلْزَمُ كُلًّا مُعَاشَرَةُ الْآخَرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْ لَا يَمْطُلَهُ بِحَقِّهِ وَلَا يُنْكِرَهُ لِبَذْلِهِ وَيَجِبُ بِعَقْدِ تَسْلِيمِهَا بِبَيْتِ زَوْجٍ إنْ طَلَبَهَا وَهِيَ حُرَّةٌ وَلَمْ تَشْتَرِطْ دَارَهَا وَأَمْكَنَ اسْتِمْتَاعٌ بِهَا وَنَصُّهُ بِنْتُ تِسْعٍ وَلَوْ نِضْوَةَ الْخِلْقَةِ، وَيُسْتَمْتَعُ بِمَنْ يُخْشَى عَلَيْهَا كَحَائِضٍ،

_ باب عشرة النساء أصلها الاجتماع. قوله: (من الألفة) الألفة بالضم: اسم من ألفته من باب: تعب: أنستُ به وأحببته، ومن الائتلاف أيضاً، وهو: الالتئام والانضمام والاجتماع. كما يؤخذ من "المصباح". قوله: (بالمعروف) وهو هنا النصفة وحسن الصحبة مع الأهل. والمطل: الدفع عن الحق بوعدٍ، وبابه: قَتَلَ. قوله: (لبذله) بل ببشرٍ، وطلاقة وجهٍ، ولا يتبعه منةً، ولا أذى. قوله: (ويجب بعقد ... إلخ) أي: مع دفع مهر حالٍّ طلبته، كما تقدم. قوله: (ولم تشترط ... إلخ) وإلا فلها الفسخ إذا نقلها. قوله: (وأمكن استمتاعٌ) وإلا لم يلزم تسليمها، ولو قال: أربِّيها. قوله: (ولو نضوة) أي: مهزولة الجسم. قوله: (كحائضٍ) أي: مثل استمتاعه بحائض، وهو ما دون الفرج.

وَيُقْبَلُ قَوْلُ ثِقَةٍ فِي ضِيقِ فَرْجِهَا، وَعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَنَحْوِهِمَا وتَنْظُرَهُمَا لِحَاجَةٍ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَيَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا إنْ بَذَلَتْهُ وَلَا يَلْزَمُ ابْتِدَاءُ تَسْلِيمِ مُحْرِمَةٍ أَوْ مَرِيضَةٍ وَمَتَى امْتَنَعَتْ قَبْلَ مَرَضٍ ثُمَّ حَدَثَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَوْ أَنْكَرَ أَنَّ وَطْأَهُ يُؤْذِيهَا فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ وَمَنْ اسْتَمْهَلَ مِنْهُمَا لَزِمَ إمْهَالُهُ مَا جَرَتْ عَادَةٌ بِإِصْلَاحِ أَمْرِهِ فِيهِ لَا لِعَمَلِ جِهَازٍ

_ قوله: (قول ثقة) أي: امرأةٍ. قوله: (وعبالة ذكره) أي: كبره. قوله: (ونحوهما) كقروح بفرج. قوله: (وتنظرهما) أي: المرأة الثقةُ. قوله: (إن بذلته) فتلزمه النفقة، وإن لم يتسلمها. قوله: (ولا يلزم) يعني: لا يلزم زوجةً، أو وليَّها. قوله: (ابتداء) أي: في ابتداء الدُّخول؛ بأن يكون ذلك قبله، بخلاف ما لو طرأ بعده، فليس لها منعه مما يباحُ له، ولو بذلت نفسها وهي كذلك، لزمه تسلم ما عدا الصغيرة. قوله: (ومريضة) أي مرضا يرجى زواله، وإلا فكغيرِها. قوله: (منهما) أي: من الزوجين، وكذا ولي من به صغر أو جنون. قوله: (ماجرت عادة ... إلخ) أي: زمنا كيومين أو ثلاثةٍ،

وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أَمَةٍ مَعَ الْإِطْلَاقِ إلَّا لَيْلًا فَلَوْ شَرَطَ نَهَارًا أَوْ بَذَلَهُ سَيِّدٌ وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهَا فِيهِ عِنْدَهُ أَوَّلًا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْعَجِيزَةِ فِي قُبُلٍ مَا لَمْ يَضُرَّ أَوْ يَشْغَلْهَا عَنْ فَرْضٍ والسَّفَرُ بِلَا إذْنِهَا، وبِهَا إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ بَلَدَهَا أَوْ أَمَةً فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِسَيِّدٍ سَفَرٌ بِهَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ وَلَا يَلْزَمُ وَلَوْ بَوَّأَهَا سَيِّدُهَا مَسْكَنًا أَنْ يَأْتِيَهَا الزَّوْجُ فِيهِ

_ ويرجع فيه إلى العرف، كما أشار إلىه بقوله: (جرت عادة ... إلخ). قوله: (وله الاستمتاع ... إلخ) أي: وللزوج الاستمتاع بزوجته. قال في "الإقناع": كل وقت، على أي صفة كانت، إذا كان في القبل ... إلخ ما ذكره المصنِّف، ومقتضاه جواز ذلك ولو كانت نائمة بخلاف الزوجة، فإنها لا يجوز لها استدخال ذكر النائم، كما سيأتي. فائدة: لا يكره الوطء في يوم من الأيام، ولا ليلة من الليالي، وكذا الخياطة وسائر الصناعات. قوله: (أو يشغل) شغله شغلا، من باب: نفع. قوله: (وبها) أي: والسفر آمنٌ. قوله: (لو بوأها) أي: هيأ لها. قوله: (أن يأتيها الزوج فيه) لأن المسكن

وَلَهُ السَّفَرُ بِعَبْدِهِ الْمُزَوَّجِ، وَاسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ بِعْتُكَهَا فَقَالَ بَلْ زَوَّجَتْنِيهَا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا وَتَحِلُّ لَهُ، وَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مَهْرِهَا وَيَحْلِفُ لِزَائِدٍ وَمَا أَوْلَدَهَا فحُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ وَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَلَا يَرُدَّهَا بِعَيْبٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ وَاطِئٍ وَقَدْ كَسَبَتْ فَلِسَيِّدٍ مِنْهُ قَدْرُ ثَمَنِهَا وَبَقِيَّتُهُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَصْطَلِحَا

_ زمن حق الزوج له لا للسيد فهي كالحرة. قوله: (واستخدامه نهارًا) وله منعه من التكسب؛ لتعلق المهر والنفقة بذمته. قوله: (وتحل له) لأنها إما زوجةٌ أو أمة. قوله: (ويحلف ... إلخ) وإلا لزمه. قوله: (لزائد) وأما زيادة مهر، فلا يحلف الزوج لها؛ لأن السيد لا يدعيها. قوله: (لا ولاء عليه) لإقرار السيد بأنها ملك الواطيء. قوله: (ولا يردها بعيب) أي: لا يفسخ النكاح به. منصور البهوتي. قوله: (قدرُ ثمنها) أي: باقي. منصور البهوتي.

وبَعْدَهُ، وَقَدْ أَوْلَدَهَا فحُرَّةٌ وَيَرِثُهَا وَلَدُهَا إنْ كَانَ وَإِلَّا وُقِفَ وَلَوْ رَجَعَ سَيِّدٌ فَصَدَّقَهُ الزَّوْجُ لَمْ يُقْبَلْ فِي إسْقَاطِ حُرِّيَّةِ وَلَدٍ وَلَا اسْتِرْجَاعِهَا إنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَيُقْبَلُ فِي غَيْرِهِمَا وَلَوْ رَجَعَ الزَّوْجُ ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنِ

_ قوله: (وإلا وقف) ولعلَّه إلى أن يظهر لها وارث، وليس لسيِّد أخذ قدر ثمنها منه؛ لأنه لا يدَّعيه على الواطيء؛ لزوال ملكه عنه بموته، بخلاف ما إذا ماتت في حياة الواطيء، فإن السيد يدَّعي أن كسبها انتقل إلى الواطيء، وهو يقر أنه للسيد؛ فلهذا يأخذ منه الثمن أو بقيته. "شرحه". قوله: (فصدقه الزوج) برفع الزوج، كما ضبطه المصنِّف، والمراد من تصديق الزوج: بقاؤه على دعواه الزوجية، واحترز بذلك عمَّا لو رجع كل منهما عن دعواه إلى دعوى صاحبه، فإن النزاع بينهما باقٍ إذن، فلا يتوهم زوال الحرية واسترقاق أم الولد، بخلاف ما إذا اتفقا على الزوجية، فإنه يتوهم ذلك؛ فلهذا نبه عليه المصنف. ومن هنا تعلم: أن لا يجوز نصب الزوج على البدل من الضمير؛ لوجهين: أحدهما: أن التصديق حينئذ وصف للسيِّد، وهو معنى رجوعه عن دعواه، فيكون تطويلا بلا فائدةٍ، وليس ذلك من دعاةِ المصنف رحمة الله، والثاني: أنه يفوت الاحتراز المذكور على تقدير هذا الوجه المهجور. فتدبر.

فصل ويحرم وطء فِي حَيْضٍ أَوْ دُبُرٍ وَكَذَا عَزْلٌ بِلَا إذْنِ حُرَّةٍ أَوْ سَيِّدِ أَمَةٍ إلَّا بِدَارِ حَرْبٍ فَيُسَنُّ مُطْلَقًا وَلَهَا تَقْبِيلُهُ وَلَمْسُهُ لِشَهْوَةٍ وَلَوْ نَائِمًا لِاسْتِدْخَالِ ذَكَرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَهُ إلْزَامُهَا بِغَسْلِ نَجَاسَةٍ، وَغُسْلٍ مِنْ حَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَجَنَابَةٍ مُكَلَّفَةً وأَخْذِ مَا يُعَافَ

_ قوله: (ويحرم وطء في حيضٍ) وليس بكبيرة. قوله: (أو دبرٍ) وهو كبيرةٌ. قوله: (أو سيد أمةٍ) لأن الحق في الولد له، ومقتضاه: يجوز بلا إذنه مع شرط حرية الولد. قوله: (مطلقاً) أي: حرة أو أمة أو سرية إن جاز ابتداء النكاح، وإلا وجب، وأطلق في "الإقناع" وجوبه. قوله: (ولها تقبيله) أي: الزوج. قوله: (بلا إذنه) لأنه لا تصرُّف فيه بلا إذنه. قوله: (وله إلزامها بغسل نجاسةٍ) إن اتحد مذهبهما، فظاهر، وإن اختلف؛ بأن كان كل منهما عارفًا بمذهبه، عاملا به، فيعمل كلٌّ بمذهبه، وليس له الاعتراض على الآخر؛ لأنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد، ويجوز له أن يصلي فيما طهرته على مذهبها، وعكسُه. أما إذا كانت عامية لا مذهب لها، فإنه يلزمها بمذهبه. والله تعالى أعلم. قوله: (ما يعاف) أي: تعافه النفس، أي: تكرهه. "مطلع". فإن احتاجت إلى شراء ماء، فثمنه عليه.

مِنْ شَعْرِ وظُفُرٍ لَا بِعَجْنٍ أَوْ خَبْزٍ أَوْ طَبْخٍ، وَنَحْوِهِمَا وَلَهُ مَنْعُ ذِمِّيَّةٍ دُخُولَ بِيعَةٍ، وَكَنِيسَةٍ، وَشُرْبَ مَا يُسْكِرُهَا لَا دُونَهُ وَلَا تُكْرَهُ عَلَى إفْسَادِ صَوْمِهَا أَوْ صَلَاتِهَا أَوْ سَبْتِهَا وَيَلْزَمُهُ وَطْءُ فِي كُلِّ ثُلُثِ سَنَةٍ مَرَّةً إنْ قَدَرَ ومَبِيتٌ بِطَلَبٍ عِنْدَ حُرَّةٍ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعِ وأَمَةٍ مِنْ سَبْعٍ وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ فِي الْبَقِيَّةِ وَإِنْ سَافَرَ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ فِي غَيْرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ وَاجِبَيْنِ أَوْ طَلَبِ رِزْقٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ َزِمَهُ فَإِنْ أَبَى شَيْئًا

_ قوله: (من شعر) كعانةٍ. قوله: (وظفر) أي: طالا، ولو قليلا. قوله: (أو نحوها) من خدمةِ الزوجِ، فلا يلزمها ذلك لزوجها، لكن الأولى فعل ما جرت به العادة، وأوجبه الشيخ وفاقا للمالكية. وأما خدمة نفسها فعليها، إلا أن يكون مثلها لا تخدم نفسها، ويأتي، كما في "الإقناع". قوله: (إن قدر) أي: بطلبها. قوله: (ليلة من أربع) يعني: إن لم يكن له عذر. قوله: (وله أن ينفرد في البقية) بنفسه أو سريَّته، إذا لم تستغرق زوجاته جميع الليالي. قوله: (فإن أبى) عبارة "الإقناع" فإن أبى أن يقدم من غير عذر بعد مراسلة الحاكم إليه. فسخ الحاكم نكاحه، نصًا. قال في "شرح الإقناع": وما ذكره

مِنْ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَسُنَّ عِنْدَ وَطْءٍ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبْ

_ من المراسلة لم يذكره في "المقنع" ولا "الفروع" ولا "الإنصاف"، وتبعهم في "المنتهى"، وحكاه في "الشرح" عن بعض الأصحاب. قوله: (من ذلك) الواجب عليه من الميت كل أربعٍ ليلة، حتى مضت أربعة أشهر. هذا مقتضى نص الإمام، وإلا لما توقف الفسخ على أربعة أشهر، بل على مضي أربع ليال، أو الوطء في كل أربعةٍ. قوله: (بلا عذر) يعني: لأحدهما في الجميع، مانع من الرجوع، علم منه: أنه لو كان لعذر، فلا فسخ؛ لسقوط حقها من القسم والوطء، وإن طال سفره، بدليل أنه لا يفسخ نكاح المفقود إذا ترك لامرأته نفقة. قوله: (بطلبها) ولا يصح إلا بحكم حاكم. قوله: (قول: بسم الله ... إلخ) أي: قول زوج، وكذا زوجة، كما نصَّ عليه ابن نصر الله، رحمه الله، واستظهره في "الإنصاف"، واستحسن ما روى ابن أبي شيبة في "منصفه" عن ابن مسعود موقوفًا، أنه إذا أنزل يقول: اللهمَّ لا تجعل للشيطان فيما رزقتني نصيبا. انتهى. ولعل المراد: أنه يقول ذلك بعد فراغه من الجماع لا حالته، كما أنه يسمي قبل ذلك.

الشَّيْطَانَ ما رزقتنا

_ ومعنى قوله في حديث ابن عباس: «لم يضره الشيطان أبدًا»: قال المنذري في "حواشيه": قيل: لم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء، واختلف في تأويله، فقيل: يحتمل أن يكون دفعُ الضرر حفظه من إغوائه وإضلاله بالكفر، ويحتمل حفظه من الكبائر والفواحش، وقيل: لا يصرفه عن توفيقه للتوبة إذا زل، وقيل: هو أن لا يصرع، وقيل: لا يطعن فيه الشيطان عند ولادته. انتهى. نقله ابن نصر الله في "حاشية الفروع". قوله: (ما رزقتنا) أي: وأن يلاعبها قبل الجماع؛ لتنهض شهوتها، وأن يغطي رأسه عند الجماع، ولا يستقبل القبلة، ويستحب للمرأة أن تتخذ خرقةً تناولها الزوج بعد فراغِه، ولا تظهرها لامرأةٍ، ولو من أهل دراها. وقال الحلواني في "التبصرة": يكره أن يمسح ذكره بالخرقة التي تمسح بها فرجها. وقال ابن القطان: لا يكره نخرها للجماع وحاله، ولا نخره. قال مالك: لا بأس به عند الجماع، وأراه سفها في غيره. "إقناع" ملخصًا.

وَكُرِهَ مُتَجَرِّدَيْنِ وإكْثَارُ كَلَامٍ حَالَتَهُ ونَزْعُهُ قَبْلَ فَرَاغِهَا ووَطْؤُهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَوْ يَسْمَعُهُ غَيْرُ طِفْلٍ لَا يَعْقِلُ وَلَوْ رَضِيَا وأَنْ يُحَدِّثَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ وَطْءِ نِسَائِهِ أَوْ مَعَ إمَائِهِ بِغُسْلٍ لَا فِي مَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَاتِ ومَنْعُ كُلٍّ مِنْهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَلَا نَفَقَةَ،

_ قوله: (ونزعه) أي: نزع ذكره. قوله (قبل فراغِها) أي: إنزالها. قوله: (بحيث يراه ... إلخ) أي: إن كانا مستوري العورة، وإلا حرم. ويكره أن يقبلها، أو يباشرها عند الناس. "إقناع". قوله: (بما جرى بينهما) يعني: ولو لضرتها، وحرمه في "الغنية" لأنه من السر، وإفشاؤه حرام. قوله: (بين وطء نسائه) أي: زوجات أو إماء، أو بين وطء نسائه وإمائه، ففيه شبه استخدام. قوله: (إلا برضا الزوجات) ويجوز نومه مع امرأته بلا جماع بحضرة محرم لها. "إقناع". قوله: (من خروج) يعني: من منزله إلى ما لها منذ بدٌّ. قوله: (ويحرم) أي: الخروج. قوله: (أو ضرورةٍ) كإتيان بنحو مأكل؛ لعدم من يأتيها به. قوله: (فلا نفقة) أي: مدة خروجها إن لم تكن حاملا، ومحل ذلك أيضا إذا كان قائما بحوائجها، وإلا فلا.

وَسُنَّ إذْنُهُ إذَا مَرِضَ مَحْرَمٌ لَهَا أَوْ مَاتَ وَلَهُ إنْ خَافَهُ لِحَبْسٍ أَوْ نَحْوِهِ إسْكَانُهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا فَإِنْ لَمْ تُحْفَظْ حُبِسَتْ مَعَهُ حَيْثُ فَإِنْ خِيفَ مَحْذُورٌ ففِي رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ كَلَامِ أَبَوَيْهَا وَلَا مَنْعِهِمَا مِنْ زِيَارَتِهَا وَلَا يَلْزَمُهَا طَاعَتُهُمَا فِي فِرَاقِ وزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا لِرَضَاعٍ، وَخِدْمَةٍ بَعْدَ نِكَاحٍ بِلَا إذْنِه

_ قوله: (أو مات) أي: محرم لها لا غيره، ولا لزيارة أبويها بلا مرضٍ. قوله: (لحبس) أي: لكونه محبوسا، ولو بحق. قوله: (أو نحوه) كسفرٍ. قوله: (فإن لم تحفظ) أي: إن لم يمكن أن يحفظها غيره. قوله: (حبست معه) أي: إذا كان الحبس مسكن مثلها، ولم يفض إلى محذور، كاختلاطها برجال. قوله: (ففي رباطٍ) أي: فتسكن الزوجة وحدها في رباط ونحوه مما يؤمن عليها فيه، وليس المعنى أنها تسكن معه في رباط؛ لأن هذه الصورة تقدَّمت في قوله: (فإن لم تحفظ حبست معه). قوله: (من زيارتها) يعني: إن لم يخش ضررًا، وإلا فله المنع، كما في "الإقناع". قوله: (بلا إذنه) فتصح به أو له، أي: للزوج، أو لعمل في ذمتها، كما في "الإقناع".

وَتَصِحُّ قَبْلَهُ وَتَلْزَمُ وَلَهُ الْوَطْءُ مُطْلَقًا، فصل وعَلَى غَيْرِ طِفْلٍ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي قَسْمٍ وَعِمَادُهُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ يَتْبَعُهُ وَعَكْسُهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ بِلَيْلٍ كَحَارِسٍ وَيَكُونُ لَيْلَةً وَلَيْلَةً إلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ بأَكْثَرَ وَلِزَوْجَةِ أَمَةٍ مَعَ حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً لَيْلَةٌ مِنْ ثَلَاثِ، ولِمُبَعَّضَةٍ بِالْحِسَابِ

_ قوله: (مطلقا) أي: سواء أضر بالمرتضع أو لا. فصل في القسم، وهو: توزيع الزمان على الزوجتين فأكثر. قوله: (في قسم) وتقدَّم تعريفه. قوله: (وعماده) أي: مقصوده. كذا بخط ابن عادل. قوله: (الليل) لأنه مأوى الإنسان إلى منزله. قوله: (والنهار يتبعه) فإن أحب جعله مضافًا للآتية جاز. قوله: (بالحساب) فلمنصفة ثلاث ليال مع حرة، ولها أربع؛ لأن الحرة لو انفردت، لها ليلة، والأمة على النصف، فلها نصف ليلة، والمبعضة إذا كان نصفها حرًا، ونصفها رقيقًا، تعطيها نصف ما للحرة ونصف ما للأمة، وذلك ثلاثة أرباع ليلة، ثم تبسط الثلاثة أربع ليال كاملة، فتصير ثلاثاً، وتبسط ليلة الحرة

وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا، وَيَطُوفُ بِمَجْنُونٍ مَأْمُونٍ وَلِيُّهُ وَيَحْرُمُ تَخْصِيصُ بِإِفَاقَةٍ فَلَوْ أَفَاقَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ قَضَى يَوْمَ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَهُنَّ وأَنْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَحَلِّهِ وأَنْ يَأْتِيَ بَعْضًا ويَدْعُوَ بَعْضًا وَلَا يَلْزَمُ مَنْ دُعِيَتْ إتْيَانَ مَا لَمْ يَكُنْ سَكَنَ مِثْلِهَا، وَيَقْسِمُ لِحَائِضٍ، وَنُفَسَاءَ، وَمَرِيضَةٍ، وَمَعِيبَةٍ أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا

_ الكاملة كذلك، فتصير أربعًا؛ فلهذا كان للحرة مع المنصفة أربع ليال، وللمنصفة ثلاث، وقس على ذلك ما لو كان ثلثها حرا أو نحوه. قوله: (يستأنف القسم) يعني: بعد إتمامه للحرة نوبتها على حكم الرق. قوله: (بمجنون) أي: ومن لم يبلغ. قوله: (فلو أفاق في نوبة واحدة ... إلخ) هذا تفريع على ما قدمه من أن ولي المجنون المأمون يطوف به، فيقسم بين زوجاته. يعني: أنه إذا عرفت وجوب قسم المجنون المأمون، فأفاق بعد قسمه لواحدة، فهل نلغي قسمه ولا نقضي تلك الليلة، أم نعتبرها ونقضيها للأخرى؛ بأن يبيت حال إفاقته عند الأخرى؟ فنص المصنف على الثاني. بقوله: (فلو أفاق ... إلخ) وليس هذا من التخصيص؛ لأنه بغير قصدٍ. قوله: (قضى يوم) أي: زمن، أي: ليلة جنونه. فهو مجازٌ مرسل بمرتبتين.

أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ إذَا قَدِمَ وَلَيْسَ لَهُ بُدَاءَةٌ وَلَا سَفَرٍ بِإِحْدَاهُنَّ بِلَا قُرْعَةٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ، وَرِضَاهُ وَيَقْضِي مَعَ قُرْعَةٍ أَوْ رِضَاهُنَّ مَا تَعَقَّبَهُ سَفَرٌ أَوْ تَخَلَّلَهُ مِنْ إقَامَةٍ وبِدُونِهَا جَمِيعَ غَيْبَتِهِ وَمَتَى بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِقُرْعَةٍ أَوْ لَا لَزِمَهُ مَبِيتُ آتِيَةٍ عِنْدَ ثَانِيَةٍ، وَيَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ إلَى غَيْرِ ذَاتِ لَيْلَةٍ فِيهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ وفِي نَهَارِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ كَعِيَادَةٍ فَإِنْ لَمْ يَلْبَثْ لَمْ يَقْضِ وَإِنْ لَبِثَ أَوْ جَامَعَ لَزِمَهُ قَضَاءُ لُبْثٍ، وَجِمَاعٍ لَا قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ حَقِّ الْأُخْرَى وَلَهُ قَضَاءُ أَوَّلِ لَيْلٍ عَنْ آخِرِهِ ولَيْلِ صَيْفٍ عَنْ شِتَاءٍ وَعَكْسِهِمَا وَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَصْحَبَ إحْدَاهُنَّ، والْبَوَاقِي غَيْرَهُ إلَّا بِقُرْعَةٍ

_ قوله: (إذا قدم) ولا يحسب عليها زمن السفر. قوله: (ما تعقبه) كذا بضبط المصنف. قوله: (من إقامة) لعل المراد: ما يمنع القصر. قوله: (جميع غيبته) حتى زمن سيره، وحله وارتحاله. قوله: (وإلا لضرورة) كما إذا نزل بها. قوله: (كعيادة) أي: أو سؤال عن أمر يحتاج إليه. قوله: (إلا بقرعة) يعني: ويقضي للباقيات مدة إقامته، وبلا قرعة، قضى جميع المدة، كحاضرٍ.

وَمَنْ امْتَنَعَتْ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَبِيتٍ مَعَهُ أَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا وَلَوْ بِإِذْنِهِ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ قَسْمٍ، وَنَفَقَةٍ لَا لِحَاجَتِهِ بِبَعْثِهِ وَلَهَا هِبَةُ نَوْبَتِهَا بِلَا مَالٍ لِزَوْجٍ يَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ ولِضَرَّةٍ بِإِذْنِهِ وَلَوْ أَبَتْ مَوْهُوبٌ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ لِيَلِيَ لَيْلَتَهَا وَمَتَى رَجَعَتْ وَلَوْ فِي بَعْضِ لَيْلَةٍ قَسَمَ وَلَا يَقْضِي بَعْضًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَى فَرَاغِهَا وَلَهَا بَذْلُ قَسْمٍ، وَنَفَقَةٍ، وَغَيْرِهِمَا لِيُمْسِكَهَا يَعُودُ بِرُجُوعِهَا وَيُسَنُّ تَسْوِيَةُ فِي وَطْءٍ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ وفِي قَسْمٍ بَيْنَ إمَائِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْضُلهُنَّ إنْ لَمْ يُرِدْ اسْتِمْتَاعًا بِهِنَّ

_ قوله: (بلا مال) فهم منه: أنه لا يجوز هبةُ ذلك بمال، فلو أخذت مالا، لزمها رده، وعليه أن يقضي لها. وقال الشيخ: قياس المذهب جواز أخذ العوض. قوله: (ويسن تسوية في وطءٍ) ولا يجب غير ما تقدم إذا جامع في نوبة إحداهن غيرها.

فصل ومن تزوج بكرا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَلَوْ أَمَةً ثُمَّ دَارَ وثَيِّبًا ثَلَاثًا وَتَصِيرُ الْجَدِيدَةُ آخِرَهُنَّ نَوْبَةً وَإِنْ شَاءَتْ لَا هُوَ سَبْعًا فَعَلَ وَقَضَى الْكُلَّ وَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتَانِ كُرِهَ وَبَدَا بِالدَّاخِلَةِ أَوَّلًا، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّسَاوِي وَإِنْ سَافَرَ مَنْ قَرَعَ دَخَلَ عَقْدٍ فِي قَسْمِ سَفَرٍ

_ قوله: (ومن تزوج بكرا) يعني: ومعه غيرها. قوله: (ثلاثا) أي: ثم دار، وتصير الجديدة آخرهن نوبة. قوله: (وإن شاءت) أي: الثيب. قوله: (كره) أي: كره له ذلك. قوله: (وإن سافر من قرع ... إلخ) المتبادر من عبارة "الإقناع" و "شرح المنتهى ". أنها تصور بما إذا أراد السفر من زفت إليه امرأتان، فقرع بينهما لأجل السفر، فمن ظهرت لها القرعة سافر بها، ودخل حق عقدها في قسم السفر إن وفى به، فإذا قدم قضى للأخرى حق عقدها. والمتبادر من عبارة المتن: تصويرها بما إذا زفت إليه امرأتان معا، ولم يرد السفر، فقرع بينهما ليبدأ بإحداهما، ثم عزم على السفر، فقرع لمن يسافر بها، فإن ظهرت القرعة للأولى، دخل حق عقدها في قسم السفر، وإن ظهرت للثانية، لم يدخل؛ لأن وقته لم يجيء، كما هو مفهوم قوله: (إن سافر من قرع). فتدبر قوله: (دخل حق عقد في قسم) إن وفى به.

فَيَقْضِيه لِلْأُخْرَى بَعْدَ قُدُومِهِ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً وَقْتَ قَسْمِهَا أَثِمَ وَيَقْضِيهِ مَتَى نَكَحَهَا وَمَنْ قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ ثُمَّ تَجَدَّدَ حَقُّ رَابِعَةٍ بِرُجُوعِهَا فِي هِبَةِ أَوْ عَنْ نُشُوزٍ أَوْ نِكَاحٍ وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ثُمَّ فَرُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ

_ قوله: (فيقضيه) أي: حق العقد من سبع، أو ثلاث. قوله: (ثم ربع الزمن المستقبل) أي: بعد زمن العقد، وهو الزمن المشتمل على حق الثالثة والرابعة، ويعرف قدره من القسم للثنتين المتقدمتين بالقسم، فإن حق الثالثة مساو لحق واحدة منهما؛ لأنها كانت معهما في حال القسم لهما، فإن قسم لهما لكل واحدةٍ ليلةً، وإن كان قسم لكل واحدة منهما أكثر من ليلةٍ، فحقُّها كذلك، فإن كان حقها ليلة، فحقها كذلك، فإن كان حقها ليلة، كان للرابعة ثلث ليلة، فإن الليلة إذا كانت ثلاثة أرباع الزمن، كان الربع ثلث ليلة. وإن كان حقها ليلتين، كان الربع ثلثي ليلة، وإن كان حقها ثلاث ليال؛ لكونه قسم للثنتين لكل واحدة ثلاث ليال، كان الربع ليلة كاملة؛ لأن الثلاثة أرباع إذا كانت ثلاث ليالٍ، كان الربع ليلة كاملة، وما قلته في ذلك مستنبط من كلام شارح "المحرر"، وهو واضح. ابن قندس-رحمه الله- على "الفروع". وبخطه على قوله: (ثم ربع الزمن المستقبل ... إلخ) قال منصور البهوتي في "حاشيته": يعني: ربع اليوم الذي يلي حقَّ العقد للرابعة. انتهى المقصود.

_ وفي تفسيره الزمن المستقبل بذلك نظر؛ إذ هو خلافُ المنقول، كما في "حواشي ابن قندس على الفروع"، وكما هو مقتضى كلام المصنف في "شرحه"، فإن المنقول على ما ذكرناه لك: أن المراد بالزمن المستقبل هنا: الزمن المشتمل على حق الثالثة والرابعة، وذلك مختلف بحسب ما قسم للأُوليين، فإنك تجعل للثالثة مثل ما لإحداهما، ثم تزيد على حق الثالثة ثلثه بطريق ما فوق الكسْرِ، فإن زمن الثالثة الذي عرفته من قسمه للأوليين، نسبته إلى الزمن المستقبل المذكور هنا: بقية زمن ذهب ربعه، فتزيد ثلثه ليصير معه ربعا، وهذا أيضًا قياس ما ذكره المصنف، وصاحب "الإقناع"، وابن نصر الله في المسألة التي بعد هذه، وقال في "الإنصاف" عن ذلك في الثالثة: إنه المذهب. وحيث علمت تساوي المسألتين، فلا يطلب الفرق بينهما، كما صنع المحشِّي؛ لعدم اختلافهما على ما قرَّرنا، فسقط ما ذكره المحشي من الإشكال والجواب في الأولى المبنيين على تفسيره المذكور. فراجع المسطور، والله ولي الأمور، نسأله أن يوفقنا لاتباع المأثور، والله أعلم.

وَبَقِيَّتُهُ لِلثَّالِثَةِ فَإِنْ أَكْمَلَ الْحَقَّ ابْتَدَأَ التَّسْوِيَةَ وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ثُمَّ لَيْلَةَ الْمَظْلُومَةِ ثُمَّ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ

_ قوله: (وبقيته للثالثة) أي: ويقدِّمها لسبق حقِّها. قوله: (ثم نصف ليلة للثالثة ... إلخ) هذا قياس ما ذكره المصنف في المسألة السابقة، وإنما كان لها نصف ليلةٍ؛ لأن الثالثة هنا لها ثُلث زمن القسم من المستقبل؛ لأنها واحدة من ثلاث، كما أن الرابعة في الأولى لها ربع الزمن المستقبل؛ لأنها واحدة من أربع. وبقية الزمن - وهو هنا ثلثا زمن القسم - للمظلومة حتى يوفيها حقها، ويعرف قدره من القسم للأولى، فإن حق الثانية مساو لحق الأولى؛ لأنها كانت معها في حال القسم، فلو كان قسم الأولى ليلة، كما مثل به المصنف، كان حق المظلومة ليلة، فيكون للثالثة نصف ليلة، لأنه إذا كان ثلثا الزمن ليلة، كان الثلث نصف ليلة، ولو قسم للأولى ليلتين، كان حق المظلومة ليلتين، والثالثة ليلة؛ لأنه إذا كان الثلثان ليلتين، كان الثلث ليلة، وعلى هذا، كما يؤخذ من كلام ابن قندس في الأولى. قوله بخطه على قوله: (ثم نصف ليلة ... إلخ): هذا المذهب. قاله في "الإنصاف" واختار

وَلَهُ نَهَارُ قُسِمَ أَنْ يَخْرُجَ لِمَعَاشِهِ، وَقَضَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ فصل في النشوز وَهُوَ: مَعْصِيَتُهَا إيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَتُهُ بِأَنْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ أَوْ أَجَابَتْهُ مُتَبَرِّمَةً وَعَظَهَا فَإِنْ أَصَرَّتْ هَجَرَهَا فِي مَضْجَعٍ مَا شَاءَ وفِي الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا فَوْقَهَا فَإِنْ أَصَرَّتْ ضَرَبَهَا غَيْرَ شَدِيدٍ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ لَا فَوْقَهَا

_ الموفق، والشارح: لا يبيت نصفها. بل ليلة كاملة؛ لأنه حرجٌ، وعبارة ابن نصر الله: قوله: (ثم نصف ليلةٍ للثالثة) لأن الليلة التي يوفيها للثانية نصفها من حقها، ونصفها من حق الأولى، فيثبت للجديدة في مقابلة ذلك نصف ليلةٍ؛ لتساويهما. انتهى. فتدبر. قوله: (متبرمة) أي: متضجرة. من برم بالشيء برما، كضجر وزنًا ومعنى، وتبرم كبرم. والضحر من الشيء: الاغتمام منه والقلق مع كلام منه. قوله: (وعظها) أي: ذكرها بما يلين قلبها من ثواب وعقاب. قوله: (عشرة أسواط) يعني: ولا يسأله أحد لم ضربها؟ ولا أبوها، فإن تلفت،

وَيُمْنَعُ مِنْهَا مِنْ عَلِمَ بِمَنْعِهِ حَقَّهَا حَتَّى يُوَفِّيَهُ وَلَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الْفَرَائِضِ لَا تَعْزِيرُهَا فِي حَادِثٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ ظُلْمَ صَاحِبِهِ أَسْكَنَهُمَا حَاكِمٌ قُرْبَ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا، وَيَكْشِفُ حَالَهُمَا كَعَدَالَةٍ، وَإِفْلَاسٍ مِنْ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ وَيُلْزِمُهُمَا الْحَقَّ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَتَشَاقَّا بَعَثَ حَكَمَيْنِ ذَكَرَيْنِ حُرَّيْنِ مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِ الْجَمْعِ، وَالتَّفْرِيقِ وَالْأَوْلَى مِنْ أَهْلِهِمَا يُوَكِّلَانِهِمَا لَا جَبْرًا فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ مِنْ جَمْعٍ أَوْ تَفْرِيقٍ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ وَلَا إبْرَاءُ غَيْرِ وَكِيلِهَا

_ فلا ضمان عليه. "إقناع". قوله: (ويمنع منها ... إلخ) أي: من هذه الأشياء. منصور البهوتي. قوله: (في حادث) كسحاقٍ. قوله: (قرب ثقةٍ) أي: رجلٍ. قوله: (من خبرة) هو بالكسر: اسمٌ من اختبرته، أي: امتحنته، كما في "المصباح". قوله: (ولا يصح إبراء غير وكيلها ... إلخ) اعلم: أن الحكمين، كما يعلم

فِي خُلْعٍ فَقَطْ. وَإِنْ شَرَطَا مَا لَا يُنَافِي نِكَاحًا لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ نَفَقَةٍ وَلِمَنْ رَضِيَ الْعَوْدَ وَلَا يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا بِغَيْبَةِ الزَّوْجَيْنِ أَحَدِهِمَا، وَيَنْقَطِعُ بِجُنُونِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ

_ من كلامه وكلام غيره، وكيلان عن الزوجين، فيثبت لهما أحكام الوكيل، ومن ذلك أنهما لا يتصرَّفان في شيء إلا بإذن الزوجين، فيأذن الزوج لوكيله فيما يراه من جميع بصلح، أو تفريقٍ بطلاق أو خلع، وهي كذلك. ومن ذلك أيضاً أن الحكمين ليس لهما الإبراء لأحد الزوجين مما عليه من الدين للآخر؛ لأنه لم يؤذن له فيه، إلا أن وكيل المرأة إذا أذنت له في الخلع من غير أن تنص له على إبراء، فإن له أن يبريء الزوج من دين عليه للزوجة في مقابلة الخلع؛ لأن الخلع لا يصح إلا بعوض، فتوكيلها فيه إذن منها له في المعاوضة، وما فعله من الإبراء نوع من المعاوضة. إذا علمت ذلك، فقول المصنف: (فقط) قيد راجع لقوله: (في خلع) أي: لا في غيره، كطلاقٍ، أو حالة جمع، ولقوله: (وكيلها) أي: لاغير وكيلها، وهو وكيل الزوج، فلا يصحُّ إبراؤه في حال من الأحوال أصلا إلا بإذن، والله أعلم. قوله: (ولمن رضي) أي: بمنافٍ؛ لعدم لزومه. قوله: (ونحوه) كحجرٍ لسفهٍ.

صفحة فارغة

كتاب الخلع

كتاب الخلع وَهُوَ: فِرَاقُ زَوْجَتَهُ بِعِوَضٍ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ ولِمُبْغِضَةِ تَخْشَى أَنْ لَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ تعالى

_ كتاب الخلع الخلع: بضم الخاء، اسم من الخلع بفتحها: بمعنى النزع، استعير لافتداء المرأة نفسها من زوجها، فهو استعارةٌ من خَلع اللباس؛ لأن كل واحدٍ منهما لباس للآخر، فإذا فعلا ذلك، فكأن كل واحدٍ نزع لباسه عنه، وفي الدُّعاء: "ونخلع ونهجر من يكفرك"، أي: نبغضه ونتبرأ منه. قوله: (بعوض) يعني: لزوجها فقط، ولو من غيرها، كطلاقٍ فيهما. تاج. قوله: (بألفاظ) وفائدة الخلع: تخليصها منه على وجهٍ لا رجعة له عليها. إلا برضاها وعقدٍ جديدٍ، وعدم نقص عدد الطلاق، فمجموع هذين الأمرين، هو فائد الخلع. وأما الأمر الأول وحده، فيوجد أيضاً في الطلاق، فإنه تخليص للزوجة من زوجها على وجهٍ لا رجعة له عليها، إلا برضاها وعقدٍ جديدٍ، لكن ينقص به عدد الطلاق. قوله: (لسوءِ عشرةٍ) أي: بأن كره كلٌّ منهما صاحبه.

فِي حَقِّهِ وَتُسَنُّ إجَابَتُهَا حَيْثُ أُبِيحَ إلَّا مَعَ مَحَبَّتِهِ لَهَا فَيُسَنُّ صَبْرُهَا وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا وَيُكْرَهُ وَيَصِحُّ مَعَ اسْتِقَامَةِ وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ إنْ عَضَلَهَا لِتَخْتَلِعَ وَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ وَيُبَاحُ ذَلِكَ مَعَ زِنَاهَا وَإِنْ أَدَّبَهَا لِنُشُوزِهَا أَوْ تَرْكِهَا فَرْضًا فَخَالَعَتْهُ لِذَلِكَ صَحَّ وَيَصِحُّ، وَيَلْزَمُ

_ قوله: (إجابتها) يعني: إذا سألته. قوله: (حيث أُبيحَ) كما في الصورتين السابقتين. قوله: (إلا مع محبته) أي: فلا يسن أن يجيبها. قوله: (ويكره) أي: الخلع. قوله: (ويحرم ولا يصح إن عضلها) أي: منعها من الواجب، أو ضربها ضربا محرمًا. أما لو منعها كمال الاستمتاع مع أداء الواجب، وقصد بقطع ما عوَّدها من الزيادة، إلجاءها إلى الافتداء، كره ذلك، وصحَّ الخلع. فتدبر. قوله: (ويقع رجعيًا) أي: حين إذ عضلها. قوله: (أو نيته) أي: ولم تبن منه؛ لفساد العوض، فإن لم يكن بلفظ طلاق أو نيته، فلغو. قوله: (ويباح ذلك) أي: العضل لتفتدي منه. قوله: (صح) أي: وأبيح له العوض.

مِمَّنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ وبَذْلُ عِوَضِهِ مِنْ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَلَوْ مِمَّنْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا وَرُدَّا فِي افْتِدَاءِ أَسِيرٍ فَيَصِحُّ اخْلَعْهَا عَلَى كَذَا عَلَى أَوْ عَلَيْهَا، وَأَنَا ضَامِنٌ وَلَا يَلْزَمُهَا إنْ لَمْ تَأْذَنْ وَيَصِحُّ سُؤَالُهَا عَلَى مَالِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ وبِدُونِهِ إنْ ضَمِنَتْهُ، وَيَقْبِضُهُ زَوْجٌ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ قِنًّا كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، وَمُكَاتَبٍ الْمُنَقِّحُ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ وَلِيُّ وَسَيِّدُ وَهُوَ أَصَحُّ انْتَهَى وَإِنْ قَالَ َلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَهْرِهَا فَفَعَلَ فرَجْعِيٍّ وَلَمْ يَبْرَأْ

_ قوله: (ممن يقع طلاقه) يعني: ولو عبدًا أو صغيرًا يعقله، حتى الحاكم في إيلاء ونحوه، والسفيه. قوله: (ممن يصح تبرعه) وهو المكلف غير المحجور عليه. قوله: (وردًا) أي: لمانع. قوله: (كفي افتداءِ أسيرٍ) أي: كمبذول ... إلخ. قوله: (على مال أجنبيٍّ) أي: غير زوجها، كقولها: اخلعني على عبد زيدٍ وأنا ضامنته. قوله: (أن ضمنته) فيلزمها بدله، وإن لم تضمنه، ولم يصحَّ الخلع. قوله: (ويقبضه زوج) أي: عاقل. قوله: (ولو صغيرًا) أي: يعقل الخلع. قوله: (ولي) أي: ولي صغيرٍ وسفيهٍ. قوله: (وهو أصح) وهو المذهب.

وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَبِ وَلَا تَطْلُقُ إنْ قَالَ طَلَّقْتُهَا إنْ بَرِئْتُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ زَوْجٌ إنْ أَبْرَأْتَنِي أَنْتَ مِنْهُ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَبْرَأهُ لَمْ تَطْلُقْ

_ قوله: (إن قال: طلقها إن برئت) يعني: لأنه لا يبرأ. قوله: (لم تطلق) يعني: رشيدة كانت أو لا. ومن قال لزوجته: أن أبرأتني من حقوق الزوجية، ومن العدة، أي: نفقتِها، فأنتِ طالقٌ، فأبرأته، فأفتى ابن نصر الله: بعدم صحة البراءةِ، وعدم وقوع الطلاقِ، وعلَّل ذلك، فقال: أما عدم صحة البراءة؛ فلأنَّها قصدت المعاوضة في الطلاق، ولم يقع الطلاق، فلم تصح البراءة، وأما عدم وقوع الطلاق؛ فلأنه علقه على الإبراء من العدة، والمراد: من نفقتها، ولا تصح البراءة منها، إلا بعد وجوبها، ولا تجب العدة، إلا بالطلاق، فلا يتصور وقوعُ الطلاق؛ لتوفقه على ما هو متوقف عليه، فيدور. انتهى. كتب بعضهم عليه ما صورتُه: يؤخذ من مسألة الخرقي؛ فيما إذا خالع حاملا فأبرأته من حملها، ومما ذكره المصنف بعد هذا، يعني: صاحب "الفروع" وفي "المحرر"؛ فيما إذا خالعها على نفقة عدتها، ما يمنع ذلك. انتهى. وأقول: لا نسلِّم ذلك؛ لأن نفقة الحمل في الصورة المذكورة مستحقَّة على الزوج؛ بسببٍ موجود، وهو الحمل، فصحَّ الخلع بها، بخلاف مسالة المحب ابن نصر الله، رحمه الله، فإن الطلاق فيها على

وَلَيْسَ لِأَبِ صَغِيرَةٍ أَنْ يُخَالِعَ مِنْ مَالِهَا وَلَا لِأَبِ سَيِّدِهِمَا أَنْ يُخَالِعَا أَوْ يُطَلِّقَا عَنْهُمَا وَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى شَيْءٍ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِ أَوْ خَالَعَتْ مَحْجُورَةٌ لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ وَلِيٌّ، وَيَقَعُ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ رَجْعِيًّا

_ نفقه العدة، ولم يوجد سببها، أعني: الطلاق الرجعي؛ إذ لا سبب لها غيره. فتدبر. قوله أيضًا على قوله: (لم تطلق) يعني: ما لم يكن قصده مجرد تلفظٍ بالإبراء، كما في "الاقناع". قوله: (وليس لأب صغيرةٍ) هذا كقوله: بأبه اقتدى ... قوله: (من مالها) لأنه لا حظَّ لها في ذلك. قوله: (أمةٌ) يعني: ولو مكاتبة. قوله: (ولو أذن فيه ولي) لأنه لا إذن له في التبرع. قال في "المبدع": والأظهر: الصحة مع الإذن.

وَلَا يَبْطُلُ إبْرَاءُ مَنْ ادَّعَتْ سَفَهًا حَالَتَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَيَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ فِي ذِمَّتِهَا فصل وهو طلاق بائن ما لم يقع بلفظ صريح في خلع كفسخت

_ قوله: (بلا بينة) أي: على سفهها، كمن باع، ثم ادعى سفهاً، ونحوه. قوله: (في ذمتها) أي: ويأخذ منها إذا انفكَّ الحجر عنها، وعلم منه: أنه لا يصح بمعين؛ لتعلق حق الغرماء به. قوله: (وهو طلاقٌ بائن ... إلخ) اعلم: أن لفظ الخلع ونحوه، من الألفاظ التي ليس فيها لفظُ الطلاق، إما أن يقترن بعوض أو لا، وعلى التقديرين، إما أن ينوي الزوج بذلك اللفظ الطلاق، أو لا. فهذه أربع صورٍ مختلف حكمها. فيكون طلاقا في صورتي النيَّة بعوض أو دونه، وفسخا لا ينقص عدد الطلاق في صورة العوض بلا نيةٍ، ولا فسخًا ولا طلاقاً، بل لغوا في صورة عدم العوض والنية. قوله: (بلفظ صريحٍ) أي: أو كناية خلع، وأولى. وحينئذ فلم يبق شيء من ألفاظه سوى تلك، فكيف يكون طلاقاً بائناً بأي لفظٍ غير تلك؟ تاج. إذا تقرر ذلك، فقول المصنف: (مالم يقع بلفظ صريح في خلع) يعني: أو بلفظ كناية وأولى، كما يفهم مما

وخلعت وفاديت ولم ينو به طلاقا فيكون فسخا لا ينقص به عدد طلاق ولَمْ يَنْوِ خُلْعًا وَكِنَايَاتُهُ بَارَيْتُكَ، وَأَبْرَأْتُكِ، وَأَبَنْتُكِ فَمَعَ سُؤَالِ وَبَذْلِ يَصِحُّ بِلَا نِيَّةٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهَا مِمَّنْ أَتَى بِكِنَايَةٍ،

_ قدمه في "الفروع" وكأنه إنما ذكر الصريح؛ ليرتب عليه قوله: (ولو لم ينو خلعًا)، وإنما صح الخلع بالصريح بلا نيةٍ، أي: لأن الصريح في شيء لا يحتاج إليها. قوله: (فمع سؤال وبذل) أي: إن أردت حكم الكناية. فمع سؤال الزوجة الخلع، والتزامها العوض، يصح الخلع بلا نيةٍ؛ لن مجموع ذلك، قرينة على إرادته، ولعل سؤال غير الزوجة، وبذله العوض، كذلك. وبخطه أيضاً على قوله: (فمع سؤال وبذل) إنما كان البذل والسؤال ونحوُهما، قائمة مقام نية الزوج للكناية، مع أنها ليست من فعله - والقاعدة: أن لا يُستدل على قصد شخص بفعل غيره، بل فعله - تنزيلا لإجابته للسؤال، ولقبضه للعوض منزلة فعلهما، كنعم وبلى، عقب كلام آخر من آخر. تاج الدين البهوتي. قوله: (وإلا فلا بد ... إلخ) أي: وإن لم تسأله الخلع وتبذل له العوض، فلا يصحُّ الخلعُ بالكنايةِ، إلا بالنيةِ. والحاصل: أنه لا بد في الكناية من أحد أمرتن: النية، أو القرينة.

وَتُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا فمِنْهُ خَلَعْتُكِ أَوْ نَحْوُهُ عَلَى كَذَا ومِنْهَا رَضِيتُ أَوْ نَحْوُهُ وَيَصِحُّ بِكُلِّ لُغَةٍ مِنْ أَهْلِهَا لَا مُعَلَّقًا كَإنْ بَذَلْتِ لِي كَذَا فَقَدْ خَالَعْتكِ وَيَلْغُو شَرْطُ رَجْعَةٍ أَوْ خِيَارٍ فِي خُلْعٍ دُونَهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِيهِ وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلَاقٌ وَلَوْ وَجَّهَتْ بِهِ وَمَنْ خُولِعَ جُزْءٌ مِنْهَا كَنِصْفِهَا أَوْ يَدِهَا لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ

_ قوله: (وتعتبر الصيغةُ) أي: يُشترط لصحةِ الخلعِ: الإيجابُ من الزوجِ، أو وكيله، والقبول من الزوجةِ، أو من يقوم مِقامها، فلا يصح الخلع بمجرد بذل المال، وقبوله، ولا بد وأن يكون ذلك في المجلس، كالبيع. قوله: (ويصحُّ بكل لغةٍ من أهلها) أي: أهل تلك اللغة، أي: العارفِ بها. قوله: (لا معلقا) أي: لا يصحُّ تعليق الخلع على مستقبل غير إن شاء الله تعالى، كقوله: خلعتك إذا جاء رأس الشهر، أو إن رضي زيد إلحاقا له بعقود المعاوضات، ثم إن كان بنية الطلاق، فطلاق معلق، وإلا فلغو. وقد تقدمت هذه المسألة في قول المصنف في باب الشروط في البيع: (ويصح تعليق فسخ غير خلع بشرط). قوله: (ويستحق المسمى فيه) أي: في الخلع بشرط رجعة، أو خيار. قوله: (ومن خولع جزء منها) أي: مشاعًا، (كنصفها)، أو معينا، (كيدها). ويصير طلاقها بنيته.

فصل ولا يصح إلا بعوض وَكُرِهَ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا

_ قوله: (ولا يصح) أي: الخلع. (إلا بعوض) أي: لأنه ركنٌ فيه، فلم يصح تركه، كالثمن في البيع. لا يقال: هلا يصح الخلع في صورة تجرده عن العوض، ويجب مهر المثل؟ لأنَّا نقول: خروج البضع من ملك الزوج غير متقوَّم، فإذا رضي بغيرِ عوضٍ، لم يكن له شيء، كما لو طلقها، أو علقه على فعل، ففعلته، وفارق النكاح، فإنَّ دخول البضع في ملك الزوج متقوم، ثم العوض في الخلع، كالعوض في البيع والصداق، يدخل في ضمان الزوج بالعقد إن لم يكن نحو مكيلٍ، أو برؤية متقدِّمة أو صفة، وإلا فمن ضمانِ الزوجة. قوله: (وكره بأكثر مما أعطاها) لعل المراد: إذا كان العوض منها.

وَهُوَ عَلَى مُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ كَخَمْرٍ، وَخِنْزِيرٍ كَبِلَا عِوَضٍ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِنِيَّةِ طَلَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ كعَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا صَحَّ وَلَهُ بَدَلُهُ وَإِنْ بَانَ مَعِيبًا فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَيَرُدُّهُ وَإِنْ تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَصِحُّ عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مُطْلَقًا، وَيَنْصَرِفُ إلَى حَوْلَيْنِ أَوْ تَتِمَّتِهِمَا

_ قوله: (وهو على محرم يعلمانه) لعل مثله إذا علمه الزوج وحده؛ لأنه حينئذ رضي بلا عوضٍ. قوله: (فيقع رجعيا ... إلخ) أي: فيقع الخلع بلا عوض، أو بعوض محرم يعلمانه، أو الزوج على ما ذكرنا، طلاقاً رجعيًا إن نوى به الطلاق، وإلا فلغوٌ. قوله: (أو قيمته) أي: إن كان متقوَّمًا، كالعبد في مثاله، وإلا فمثله، ولو بدله، لشملها. قوله: (فلا شيء له) أي: للزوج؛ لأن المحرم ثبت في ذمتها بالخلع، فلم يكن له غيره، وقد سقط بالإسلام، فلم يجب غيره. قوله: (ويصحُّ) أي: الخلع. (على رضاع ولده) أي: على إرضاعها ولده المعين منها، أو من غيرها، أي: بلا تقدير مدة. قوله: (وينصرف إلى حولين) أي: إن كان الخلع عند الوضع، أو قبله. قوله: (أو تتمتهما) أي: بقيةِ الحولينِ، إن مضى منهما شيء قبل الخلع.

وعَلَيْهِ أَوْ عَلَى كَفَالَتِهِ أَوْ نَفَقَتِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَوْ لَمْ تَنْتَهِ حَتَّى انْهَدَمَتْ أَوْ جَفَّ لَبَنُهَا أَوْ مَاتَتْ أَوْ الْوَلَدُ رَجَعَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ يَوْمًا فَيَوْمًا وَلَا يَلْزَمُهَا كَفَالَةُ بَدَلِهِ أَوْ لِرَضَاعَةٍ وَلَا يُعْتَبَرُ تَقْدِيرُ نَفَقَةٍ، وَوَصْفِهَا وَيَرْجِعُ لِعُرْفٍ، وَعَادَةٍ وَيَصِحُّ عَلَى نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ

_ قوله: (وعليه أو على كفالته ... إلخ) عطف على قوله: (على رضاع ولده) أي: ويصح على رضاعِ ولده مدةً معيَّنة، وكذا ما بعده. قوله: (رجع) أي: الزوج على المخالعة في صور الانهدام، والجفاف، وموت الولد، وعلى تركتها في صورة موتها ببقية حقِّه على الصفة التي وقع عليها العقد، كما أشار إلى ذلك المصنف بقوله: (يومًا فيومًا) أي: يدفع له ما بقي كل يوم بحسبه، فلا يستحقه معجلا، وهذا واضح في غير صورة موتها، إذا لم توثق الورثة. أما فيها، فينبغي أن يأخذه معجلا؛ لحلوله بالموت، كما تقدم في الحجر. قوله: (ولا يعتبر تقدير نفقته ... إلخ) فلا يشترط ذكر طعام، وجنسه، ولا قدر أُدم، وجنسه، اكتفاءً بالعرف، والأولى ذكر ذلك وتقديرُ المدةِ. وللوالد أن يأخذ منها ما شرط لولده، وينفقه بعينه، أو يأخذه لنفسه، وينفق عليه غيره. قوله: (ويصحُّ على نفقة ماضية) أي: في ذمة الزوج لزوجته، كسائر الديون.

ومِنْ حَامِلٍ عَلَى نَفَقَةِ حَمْلِهَا، وَيَسْقُطَانِ وَلَوْ خَالَعَهَا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ

_ قوله: (ومن حامل على نفقة حملها) أي: ويبرأ إلى فطامه. قوله: (ويسقطان) أي: النفقة الماضية. ونفقة الحمل عن الزوج. قوله: (ولو خالعها فأبرأته ... إلخ) الظاهر: أن المراد بهذه العبارة: أن تبرئه من نفقة حملها قبل الخلع؛ بأن تجعل الإبراء عوضاً فيه فيخالعها، كما صرَّح بذلك في "الإقناع". وبخطه على قوله: (ولو خالعها) أي: على عوضٍ، ثم أبرأته من نفقة حملها؛ بريء إلى فطامه، ويحتمل أن المراد: أنها أبرأته قبل خلعه من نفقة حملها؛ بأن جعلت الإبراء عوضًا في الخلع، فخالعها صح، وبريء إلى فطامه، كما تقدم في "الإقناع" وهذا أولى. فتأمل، والله أعلم. أما لو خالعها على عوض، ثم أبرأته من نفقة حملها، فإنه يبرأ إلى فطامه. كما في "شرح الإقناع". وإنما صح الخلع في صورة جعل العوض الإبراء من نفقة الحمل، مع أن الإبراء من النفقة ليس من مالكها، فإنها للحمل، لكنَّها كالمالكة لها، كما قاله القاضي. أما كونها كالمالكة للنفقة مدة الحمل، فواضح، وأما بعد الوضع؛ فلأنَّها لولا ذلك لأحذت أجرة رضاعها، أو ما زاد على ذلك من كُسوة الطفل، ودهنه، فلا يدخل

حَمْلِهَا بَرِئَ إلَى فِطَامِهِ وَيَصِحُّ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا لِجَهَالَةٍ أَوْ غَرَرٍ فمُخَالِعٍ عَلَى مَا بِيَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَتَاعٍ مَا بِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَمَّى مَتَاعًا وعَلَى مَا تَحْمِلُ أَمَةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا

_ تحت الإبراء؛ لأنه ليس في يدها ولا في حكمه، على أنا نقول: إن الإبراء في الصورة المذكورة، ليس على حقيقته، بل هو محمول على معناه، وهو أنها تقوم عنه بما يجب عليه مما ذكرنا، فهو نظير ما إذا خالعها على نفقة ولدِه المعيَّن، ولو كان إبراءً حقيقة، لم يصح لا من المالك، ولا ممَّن هو في حكمه؛ لأنه إبراءٌ مما سيجب، فهو كما لو قالت الزوجةُ لزوجها: أبرأتك من نفقة غدٍ، فإنَّه لا يصح، والله أعلم. قوله: (ما بهما) أي: ما في اليد أو البيت من ذلك، ولو أقلَّ من ثلاثة، فلو كان فيهما غير المسمى، كما لو خالعها على ما بيدِها من دراهمَ، فكان فيها دنانيرٌ، فهل يستحقها، أو يكون كما لو لم يكن بيدها شيء؟ الظاهر: الثاني

مَا يَحْصُلُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ وَجَبَ فِيهِ وفِيمَا يُجْهَلُ مُطْلَقًا كَثَوْبٍ وَنَحْوِهِ مُطْلَقُ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ وعَلَى ذَلِكَ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ فَبَانَ مَرْوِيًّا لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَيَصِحُّ عَلَى هَرَوِيٌّ فِي الذِّمَّةِ وَيُخَيَّرُ إنْ أَتَتْهُ بمَرْوِيٍّ بَيْنَ رَدِّهِ، وَإِمْسَاكِهِ فصل وطلاق معلق بعوض كخلع في إبانة فَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَقَتْ بَائِنًا

_ قوله: (ما يحصل) أي: من الشجرة والأمة، لكن قياس ما تقدَّم في الوصيةِ، له قيمةُ ولد الأمة؛ لحرمة التفريق. قوله: (وطلاق معلَّق بعوض) أي: وطلاقٌ بشرط عوض، سواء كان الطلاق في نفسه منجزًا، كقوله: إن أعطيتني ألفًا، فأنت طالق الآن، أو معلقا، كقوله: إن أعطيتني ألفًا، فأنت طالق، إذا جاء زيد، ونحوه.

بِأَيِّ عَبْدٍ أَعْطَتْهُ وَمَلَكَهُ وَإِنْ إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ لْهَرَوِيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ طَلَقَتْ مَرْوِيًّا وَإِنْ بَانَ مُسْتَحَقَّ الدَّمِ فَقُتِلَ. فَلَهُ أَرْشُ عَيْبِهِ وَإِنْ خَرَجَ أَوْ بَعْضُهُ مَغْصُوبًا أَوْ حُرًّا فِيهِمَا لَمْ تَطْلُقْ

_ قوله: (بأي عبد) أي: يصحُّ تمليكُه، لا نحو منذور عتقه نذز تبرر. وظاهره: حتى المكاتب؛ لجواز نقل الملك فيه خلافا لـ "الإقناع". قوله: (أعطته) أي: ولو متراخيًا. قوله: (وإن أعطيتني هذا العبد) مثله، كما في "الإقناع": إن اعطيتني عبدًا. ويمكن أن يكون قول المصنِّف بعد هذا: (ولا شيء له إن بان معيبا) أي: في الصورتين، أعني: صورة التنكير، أو التعريف والإشارة، فيكون كلام المصنف مساوياً لما في "الإقناع". قوله: (وإن بان مستحقَّ الدم) أي: مباح الدم بقصاص، أو غيره. قوله: (فأرش عيبه) قاله القاضي، خلافاً لابن البنا. قوله: (لم تطلق) أي: بإعطائه؛

وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَأَعْطَتْهُ فرَجْعِيٌّ وإنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا أَوْ هَرَوِيًّا مَغْصُوبًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَعْطَتْهُ هَرَوِيًّا مَعِيبًا، فَلَهُ مُطَالَبَتُهَا بسَلِيمٍ وإنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَعْطَيْتنِي أَوْ أَقْبَضْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ فَأَيَّ وَقْتٍ أَعْطَتْهُ عَلَى صِفَةٍ يُمْكِنُهُ الْقَبْضُ أَلْفًا فَأَكْثَرَ وَازَنَهُ بِإِحْضَارِهِ وَإِذْنُهَا فِي قَبْضِهِ وَلَوْ مَعَ نَقْصٍ فِي الْعَدَدِ بَانَتْ وَمَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وطَلِّقْنِي أَوْ اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ وَلَك أَلْفٌ، أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَلَعْتَنِي فَلَكَ أَوْ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ فَقَالَ لَهَا طَلَّقْتُكِ أَوْ قَالَ لَهَا خَلَعْتُكِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لْأَلْفَ بَانَتْ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ أَجَابَهَا عَلَى الْفَوْرِ وَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ إجَابَتِهِ عَلَى شَيْءٍ فَطَلَّقَ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ، وَوَقَعَ رَجْعِيًّا

_ لأنه إنما يتناول ما يصح إعطاؤها إياه. قوله: (بإحضاره) أي: بين يدَيْه متمكنًا من قبضه، ولا يدٌ ظالمة حائلة. تاج الدين البهوتي. قوله: (ووقع رجعيًا) أي: بشرطِه الآتي؛ بأن يكون أقل من ثلاث في مدخول بها.

وَمَنْ سُئِلَ الطَّلَاقَ فَخَلَعَ لَمْ يَصِحَّ وطَلِّقْنِي أَوْ طَلِّقْهَا بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِطَلَاقِهَا بَعْدَهُ ومِنْ الْآنِ إلَى شَهْرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِطَلَاقِهَا قَبْلَهُ وطَلِّقْنِي بِهِ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ ضَرَّتِي عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّقَهَا صَحَّ

_ قوله: (فخلع، لم يصح) أي: لعدم الصيغة منهما فيه، وعدم العوض أيضا، فإنها إنما للطلاق، ومحل ذلك ما لم ينو بالخلع الطلاق، وإلا وقع طلاقاً بائنا، واستحقَّ العوض. قوله: (بألف إلى شهر) "إلى" هنا، بمعنى "من" الابتدائية؛ لأن الطلاق لا غاية لانتهائه، وإنما الغاية لابتدائه. فقوله: (إلى شهرٍ) أي: طلاقاً مبتدأ من شهر، أي: من مضي شهر، فلا بد في استحقاق العوض في الصورة المذكورة أن يوقع الطلاق بعد مضي شهر من حين السؤال، سواء أوقعه منجزا؛ بأن صبر إلى أن مضى الشهر، ثم نجز الطلاق، أو أوقعه معلَّقًا، كما لو قال حين السؤال: إذا جاء رأس الشهر. والظاهر: أنه لا يملكُ المطالبة بالعوض، حتى يمضي الشهر، ويقع الطلاق. فتدبر.

الشَّرْطُ، وَالْعِوَضُ وَإِنْ لَمْ يَفِ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْهُ، وَمِنْ الْمُسَمَّى وطَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ أَوْ وَلَك أَلْفٌ، وَنَحْوَهُ فَطَلَّقَ أَكْثَرَ اسْتَحَقَّهُ وَلَوْ أَجَابَ بأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ بَانَتْ بِالْأُولَى

_ قوله: (وإن لم يف فله الأقل ... إلخ) أي: إذا لم يطلِّق ضرتها في الصورة الأولى، أو طلَّقها في الثانية، فإن طلاق السائلة بائن؛ لأنه بعوض، ثم إن كان العوض المذكور في الطلاق أكثر من الصداق المسمى، فليس له ما سمى في الطلاق؛ لأنه لم يف بالشرط، لكنه لم يطلق إلا بعوض، فإذا لم يسلم له، رجع إلى ما رضي به عوضًا، وهو الصداق، وأما إن كان المسمى في الطلاق أقل من الصداق، فليس له إلا ما سمي في الطلاق؛ لأنه رضي بكونه عوضًا عن زوجته، وعن شيء آخر، فإذا جعل كله عنها، كان أحظ له. قوله: (فطلق أكثر استحقه) أي: من غالب نقد البلد، إن أجابها على الفوز، ولها الرجوع قبل إجابته، كما تقدَّم آخر الفصل قبله. قوله: (بانت بالأولى) أي: إن نوى كون الألف في مقابلتها، فظاهر: أنها تبين بالأولى، ويستحق الألف، ولا يلحقها ما بعدها، وأما إن نواه بعد الثانية، وجعل الألف في مقابلتها، فالأولى رجعية، وتبين بالثانية، ويستحق الألف، فإن

وَإِنْ ذَكَرَ الْأَلْفَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ بَانَتْ بِهَا والْأُولَى رَجْعِيَّةً وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ وَإِنْ ذَكَرَهُ عَقِبَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وطَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ أَقَلَّ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا مَا أَوْقَعَهُ وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتَاهُ طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بَانَتْ بِقِسْطِهِمَا وَلَوْ قَالَتْهُ إحْدَاهُمَا فَرَجْعِيٌّ وَلَا شَيْءَ لَهُ

_ نوى جعل الألف في مقابلة الأولى والثانية، بانت بالأولى بنصف الألف، وإن نواه بعد الثالثة، وجعله في مقابلتها وحدها، فكذلك تبين بها، وما قبلها رجعي، وإن نوى الألف بعد الثالثة، وجعله في مقابلة الثلاث، بانت بالأولى بثلث الألف، وإن جعله في مقابلة الثالثة والثانية، فالأولى رجعية، وتبين بالثانية بنصف الألف. هذا مقتضى ما ذكروه في هذا المحل. قوله: (ولو قال امرأتاه) بخذف تاء التأنيث من الفعلِ، كما هو بخط المصنف. وهو لغة، سمع سيبويه: قال فلانةٌ. قوله: (بانت بقسطها) أي: من الألف، ويسقط على مهرِ مثليهما، فإذا كان مهر مثل المطلَّقة ستين، والأخرى أربعين، كان له من الألف ست مئة. قوله: (ولو قالته) أي: طلقنا بألفٍ، (إحداهما، فرجعيٌّ) سواء طلق السائلة، أو ضرتها؛ لخلوه من العوض؛

وأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ طَلَقَتْ بِقِسْطِهَا وأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا شِئْنَا، وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ رَشِيدَةٍ وَقَعَ بِهَا رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وبِالرَّشِيدَةِ ; بَائِنًا بِقِسْطِهَا مِنْ الْأَلْفِ وأَنْتِ طَالِقٌ، وَعَلَيْكِ أَلْفٌ أَوْ عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِالْمَجْلِسِ بَانَتْ، وَاسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا يَنْقَلِبُ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ بَذَلَتْهُ بِهِ بَعْدَ رَدِّهَا

_ لعدم وفائه بما طَلَبت. فإنها جعلت الألف في مقابلة طلاقها مع ضرتها، ولم يف به، بخلاف السابقة، فإن كل واحدةٍ منهما بذلت له قسطاً من الألف في مقابلة طلاقها وحدها. قوله: (فقالتا: شئنا) عُلم منه: أنه لو شاءت الرشيدة فقط، لم يقع طلاق؛ لعدم وجود المعلق عليه. قوله: (وبالرشيدة بائناً بقسطها) أي: من الألف، يقسط على مهر مثليهما، خلافا لـ "الإقناع"، حيث ألزم الرشيدة بنصف الألف. قال في "الإنصاف": على الصحيح في المذهب. قوله: (وأنت طالق وعليك ألف ... إلخ) اعلم: أن الزوج تارة يجعل الطلاق معلقاً على العوض، كقوله: إن أعطيتني كذا، فأنت طالق، أو أنت طالق،

وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ قَبْلَ قَبُولِهَا فصل إذا خالعته في مرض موتها فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ إرْثِهِ مِنْهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ وَصَّى أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِزَائِدٍ عَنْ إرْثِهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ الزَّائِدَ وَإِنْ خَالَعَهَا، وَحَابَاهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَنْ وَكَّلَ فِي خلع امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا

_ إن أعطيتني كذا، فلا يقع الطلاق، إلا بوجود المعلق عليه، كما تقدم ويأتي، وتارةً يوقع الطَّلاق، ثم يشترط العوض كما هنا، فيقع الطلاق منجزًا مطلقا، أي: سواء قبلت أو لا، وأما العوض، فإن التزمته وقع الطلاق بائنا، واستحقه بشرطين: أن تلتزم العوض بالمجلس. وأن لا يتقدم التزامها ردها لالتزام العوض، فإن عدما أو أحدهما، فالطلاق رجعي. قوله: (ويصح رجوعه) أي: عن طلب العوض (قبل قبولها) أي: التزامها العوض، فيكون رجعيًا، ولا تبين منه ببذل العوض بعد. قوله: (فله الأقلُّ من المسمَّى) أي: العوض المذكور في الخلع. قوله: (مطلقا) هو مفعول مطلقٌ، أي: توكيلا مطلقا من غير تقدير عوض،

فَخَالَعَ بأَنْقَصَ مِنْ مَهْرِهَا ضَمِنَا لنَّقْصَ وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْعِوَضَ فَنَقَصَ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ زَادَ مَنْ وَكَّلَتْهُ، وَأَطْلَقَتْ عَلَى مَهْرِهَا أَوْ مَنْ عَيَّنَتْ لَهُ الْعِوَضَ عَلَيْهِ صَحَّ الْخُلْعُ وَلَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ خَالَفَ جِنْسًا أَوْ حُلُولًا أَوْ نَقْدًا لِبَلَدٍ لَمْ يَصِحَّ لَا وَكِيلَهَا حلولا

_ والمستحب: التقدير. قوله: (فخالع بأنقص ... إلخ) اعلم: أن صور مخالفة الوكيل المذكورة هنا أربع؛ لأن وكيل الزوج، تارة يخالع بأنقص من المهر، أو مما قدر له، ووكيل الزوجة تارةً يختلعُها بأزيدَ من المهر، أو مما قدَّرت له، والخلع في الأربع صحيح، ويضمن النقص أو الزيادة، إلا في الصورة الثانية، وهي ما إذا عيَّن الزوج لوكيله العوض فتقص منه، ووجهه: أن مخالفته إذن صريحةٌ، فيشبه الفضولي، فلا يصح الخلع، وكأن الفرق بينه وبين البيع: أنَّ النكاح يحافظ على بقائه، ويحتاط له أزيد من الملك. وأما الفرق بين هذه، وبين ما إذا اختلع وكيلها بأزيد مما قدرته، فهو: أن الخلع من جانب الزوج دون الزوجة؛ إذ يصح أن يختلعها الأجنبي بغير علمها، ففي صورة الزِّيادة، حصل منها الرضى بما قدرته، وتبرع الأجنبي بالزائد، ولو وقع الخلع بما قدرته فقط أو بما ألزمنا به الوكيل فقط، لكان صحيحًا، فكذا إذا اجتمعا. قوله: (لا وكيلها حلولا) أي: لا يضرُّ، بل يصح الخلع إن خالف وكيل الزوجة حلولا؛ بأن

وَلَا يَسْقُطُ مَا بَيْنَ مُتَخَالِعَيْنِ مِنْ حُقُوقِ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ بِسُكُوتٍ عَنْهَا وَلَا نَفَقَةِ عِدَّةِ حَامِلٍ وَلَا بَقِيَّةِ مَا خُولِعَ بِبَعْضِهِ وَيَحْرُمُ الْخُلْعُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ طَلَاقٍ، وَلَا يَصِحُّ وَغَالِبُ النَّاسِ وَاقِعٌ فِي ذَلِكَ فصل إذا قال خالعتك بألف فأنكرته أَوْ قَالَتْ إنَّمَا خَالَعْتَ غَيْرِي بَانَتْ وَتَحْلِفُ لِنَفْيِ الْعِوَضِ وَإِنْ أَقَرَّتْ، وَقَالَتْ ضَمِنَهُ غَيْرِي فِي ذِمَّتِهِ قَالَ فِي ذِمَّتِكَ لَزِمَهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ عِوَضِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ فقَوْلُهَا

_ وكلته أن يختلعها بحال، فاختلعها بمؤجَّل؛ لأنه زادها خيرًا، وكذا لو خالف وكيل الزوج تأجيلا؛ بأن وكله أن يخلعها بمؤجل، فخلعها بحال. قوله: (ويحرم الخلع) أي: ولا يصحُّ، أي: لا يقع؛ لأنه ليس المقصود منه الفرقة، بل بقاء المرأة مع زوجها، ومثل ذلك كما في "شرح الإقناع": من يخلع الأخت، ثم يتزوج أختها، ثم يخلع الثانية ويعيد الأولى، وهلمَّ جرا. قوله: (أو تأجيله، فقولها) قال منصور البهوتي: لعل المراد: إذا أقرَّت به

وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ ثُمَّ أَبَانَهَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَوُجِدَتْ طَلَقَتْ وَلَوْ كَانَتْ وُجِدَتْ حَالَ بَيْنُونَتِهَا

_ ابتداءً مؤجلا متَّصلاً، بخلاف ما لو أقرَّت به، ثم سكتَتْ، ثم ادَّعت تأجيلَه، وأنكرها، فقوله، كما يأتي في الإقرار. قوله: (وإن علَّق طلاقها بصفةٍ ثم أبانها) أي: لا حيلةً على إسقاط يمين الطلاق، وإلا فلا يصحُّ الخلع، كما تقدَّم. قوله: (ولو كانت وجدت) الصفة ... إلخ، أي: كلُّها أو بعضها، كما لو قال: إن أكلت هذا الرغيف فأنت طالق، ثم أبانها فأكلت بعضَهُ، ثم أعادَها إلى نكاحه، فأكلت بقيَّته، فتطلقُ، كما ذكره ابن نصر الله في "حواشي الفروع".

كتاب الطلاق

كتاب الطلاق وَهُوَ: حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْضِهِ وَيُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ وَيُبَاحُ عِنْدَهَا وَيُسَنُّ لِتَضَرُّرِهَا نِكَاحٍ ولِتَرْكِهَا صَلَاةً، وَعِفَّةً وَنَحْوَهُمَا

_ كتاب الطلاق الطلاق والطلقة: مصدرُ طلقت المرأة بفتح اللام وضمِّها: بانت من زوجها، والجمعُ طَلَقاتٌ بفتح اللام، فهي طالقٌ، وطلَّقها زوجها فهي مطلقة، وأصله في اللغة: التخلية، يقال: طَلَقتِ الناقةُ: إذا سرحت حيث شاءت، وحُبس فلان في السجن طلقًا بغير قيدٍ، والإطلاق: الإرسال. وشرعًا: ما ذكره المصنِّف بقوله: (حل ... إلخ). قوله: (حلُّ قيد النكاح) أي: بإيقاع نهاية عددِه. قوله: (أو بعضِهِ) أي: أو هو، أي: الطلاق: حل بعض القيد بإيقاع ما دون النهاية. قوله: (ويكره بلا حاجةٍ) أي: بأن كانت حالُ الزوجين مستقيمةً. قوله: (ويباح عندها) أي: عند الحاجة، كسوء خلق المرأة، والتضرُّر بها من غير حصول الغرض بها. قوله: (ويسن لتضررها) أي: الزوجة ببقاء النكاح لبغضه أو غيرِهِ. قوله: (ولتركِها صلاةً) أي: بتأخيرها عن وقتها. قوله: (وعفَّةً) أي: ولتركِها عِفَّة بزناها ونحوهما، كتفريطها في حقوق الله تعالى، إذا لم يمكنه

وَهِيَ كَهُوَ فَيُسَنُّ أَنْ تَخْتَلِعَ إنْ تَرَكَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يَجِبُ طَاعَةُ أَبَوَيْهِ عَدْلَيْنِ فِي طَلَاقِ أَوْ مَنْعٍ مِنْ تَزْوِيجٍ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ فَيَصِحُّ وحَاكِمٍ عَلَى مُولٍ، وَيُعْتَبَرُ إرَادَةُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِفَقِيهٍ يُكَرِّرُهُ وحَاكٍ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا نَائِمٍ وَلَا زَائِلٍ عَقْلُهُ بِجُنُونٍ أَوْ بَرْسَامٍ أَوْ نَشَّافٍ وَلَوْ بِضَرْبِهِ نَفْسَهُ

_ إجبارها، وقال الشيخ تقي الدين: يجب فراقها إذن. واعلم: أن الطلاق تعتريه الأحكام الخمسة، ذكر المصنِّف منها هنا ثلاثةً، ويأتي أنه يحرم في الحيض، أو طهرٍ أصابها فيه، ويجب على مولٍ أبي الفيئة، أي: الوطء بعد الأربعة أشهرٍ. قوله: (في طلاق أو منعٍ من تزويجٍ) أي: لأنهما ليسا من البر، وكذا لا تجب طاعتهما في بيع سرية أو ترك شرائِها. قوله: (ولو مميزًا يعقله) أي: بأن يعلم: أنَّ زوجته تبين من وتحرم عليه إذا طلقها، وعلم منه: صحَّة طلاق السفيه، والعبد، ومن لم تبلغه الدعوة. قوله: (وتعتبر إرادة لفظه لمعناه) أي: يشترط لوقوعِ الطلاق، أن يقصد بلفظ الطلاق معناه الموضوع

وَكَذَا آكِلِ بَنْجٍ وَنَحْوِهِ ومَنْ غَضِبَ حَتَّى أُغْمِيَ أَوْ أُغْشِيَ عَلَيْهِ وَيَقَعُ مِمَّنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ

_ له؛ بأن يعرفه ولا يريد غيره. قوله: (وكذا آكل بنج) آكل بمدِّ الهمزة وكسر الكاف اسم فاعل، والبنج، كفلس: نبات له حب، يخلط بالعقل ويورث الخبال، أي: الفساد والجنون، وربما أسكر إذا شربه الإنسانُ بعد ذوبه، ويقال: أنه يورث السُّبات. قاله في "المصباح". أي: وكذا لا يقع طلاق آكل البنج لتداو، أو غيره. قوله: (حتَّى أغمي ... إلخ) الإغماء: امتلاء بطون الدماغ من بلغمٍ بارد غليظ، أو سهو يلحق الإنسان مع فتور الأعضاء لعلة. والغشي بفتح الغين المعجمة -وضمُّها لغة- تعطُّل القوى المتحركة؛ لضعف القلب بوجع شديد أو برد أو جوع مفرطٍ، وقيل: الغشي: الإغماء. قوله: (فذكر أنَّه طلق) أي: لأنه إذا ذكر الطلاق وعلم به، دل ذلك على أنه كان عاقلا حال صدوره منه، فلزمه. قال الموفق: هذا -والله أعلم- فيمن جنونه بذهاب معرفته بالكليَّة، وبطلان حواسه، فأما من كان جنونُه لنشافٍ، أو كان مبرسمًا، فإن ذلك يُسقط حكم تصرُّفه، مع أن معرفته غيرُ ذاهبة بالكلية، فلا يضره ذكره للطلاق، إن شاء الله تعالى.

ومِمَّنْ شَرِبَ طَوْعًا مُسْكِرًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا حَاجَةٍ وَلَوْ خَلَطَ فِي كَلَامِهِ أَوْ سَقَطَ تَمَيُّزُهُ بَيْنَ الْأَعْيَانِ وَيُؤَاخَذُ بِسَائِرِ أَقْوَالِهِ وكُلِّ فِعْلٍ يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَقْلُ كَإِقْرَارٍ، وَقَذْفٍ، وَظِهَارٍ، وَإِيلَاءٍ، وَقَتْلٍ، وَسَرِقَةٍ، وَزِنًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا مِنْ مُكْرَهٍ لَمْ يَأْثَمْ وَلَا مِمَّنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ ظُلْمًا

_ قوله: (وممن شرب طوعاً) أي: مختارًا، (مسكرا أو نحوه)، كالحشيشة المسكرة. قاله المصنف في "شرحه" تبعًا للشيخ تقي الدين، فإنَّ حكمها عنده حكم الشراب المسكر، حتى في إيجاب الحد، خلافاً لما قدمه في "الإقناع" تبعًا للزركشي من أنها كالبنج. وفرق الشيخ بينهما، بأنها تشتهي وتطلب، فهي كالخمر بخلاف البنج، فالحكم عنده منوط باشتهاء النفس وطلبها. قوله: (بين الأعيان) أي: كأن صار لا يعرف ثوبه من ثوب غيره. قوله: (ونحو ذلك) كوقفٍ وعارية. قوله: (لا من مكره لم يأثم) بأن لم يتجاوز ما أكره عليه. قوله: (ولا ممن أكره ظلمًا) أي: لا يقعُ طلاقُهُ، بخلاف مول أكرهه حاكم على الطلاق، وبخلاف اثنين زوَّجهما وليان ولم يعلم السابق منهما. فأكرههما الحاكم على الطلاق فيقع؛ لأنه إكراه بحق.

بِعُقُوبَةٍ أَوْ تَهْدِيدٍ لَهُ أَوْ وَلَدِهِ مِنْ قَادِرٍ بِسَلْطَنَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ كَلِصٍّ وَنَحْوِهِ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعِ طَرَفٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ َخْذِ مَالٍ يَضُرُّهُ كَثِيرًا وَظَنَّ فَطَلَّقَ تَبَعًا لِقَوْلِهِ

_ قوله: (بعقوبة) ظاهره كـ "التنقيح": أن العقوبة بما ذكره إكراهٌ، ولو لم تقترن بوعيدٍ، خلافاً لـ "الإقناع". قوله: (أو تهديد) أي: تخويفٍ، فالوعيد المذكور إكراه، لا يقال: لو كان الوعيد إكراهًا لكنا مكرهين على العبادات، فلا ثواب؛ لأن أصحابنا قالوا: يجوز أن يقال: إننا مكرهون عليها، والثواب بفضله لا مستحقا عليه عندنا، ثم العبادات تفعل للرغبة أيضا. قوله: (بسلطنة) متعلق بـ (قادر)، أي: قادرٍ بسبب كونِهِ سلطاناً، الحكَّام، أو بسبب تغلُّب، كلصٍّ، وقاطع طريقٍ. قوله: (بقتلٍ ... إلخ) متعلِّق بـ (تهديدٍ). قوله: (أو ضربٍ) أي: شديد، كما في "الإقناع"، لا يسير في حقِّ من لا يبالي به، أما في حقِّ ذوي المروءات، على وجه يكون إخراقًا لصاحبه وغضا له وشهرة، فهو كالضرب الكثير. قاله الموفق، والشارح. قوله: (أو حبس) أي: طويل. قوله: (أو أخذ مالٍ ... إلخ) أي: وإخراج من ديار، ونحوه، كما في "الإقناع".

وَكَمُكْرَهٍ مَنْ سُحِرَ لِيُطَلِّقَ لَا مَنْ شُتِمَ أَوْ أُخْرِقَ بِهِ وَمَنْ قَصَدَ إيقَاعَهُ دُونَ دَفْعِ الْإِكْرَاهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ مُعَيَّنَةٍ فَطَلَّقَ غَيْرَهَا أَوْ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَ أَكْثَرَ وَقَعَ طَلَاقُهُ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ وَلَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ مُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً أَوْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ، وَإِكْرَاهٌ عَلَى عِتْقٍ ويَمِينٍ، وَنَحْوِهِمَا كعَلَى طَلَاقٍ

_ قوله: (أو أخرق به) الإخراق بالخاء المعجمة، أي: أهين بقول موجع من سب، ونحوه. قوله: (أو طلقة فطلق أكثر) قال منصور البهوتي. فظاهره: أنه لو أكره على أن يطلق، فطلق ثلاثاً، لم تقع. انتهى. وكأن وجهه: أن المكره على أن يطلق، مكره فطلق ثلاثاً، لم تقع. انتهى. وكأن وجهه: أن المكره على أن يطلق، مكره على الماهية الصادقة بالواحدة والثلاث، فإذا طلق ثلاثاً، فهي مما أكره عليه فلم تقع، وهذا نظير ما ذكروه في المريض: أنه إذا طلبت زوجته أن يطلقها بعوضٍ، فطلقها ثلاثًا، لا يكون فاراً من الميراث، أي: لصدق سؤالها بالثلاث، والله أعلم. تنبيه: مثل ما إذا أكره على طلقةٍ، فطلق أكثر في وقوع الطلاق، لو أكره على صريح، فأتى بكناية، أو على تعليقه.

وَيَقَعُ بَائِنًا وَلَا يُسْتَحَقُّ عِوَضٌ سُئِلَ عَلَيْهِ فِي نِكَاحٍ قِيلَ: بِصِحَّتِهِ وَلَا يَرَاهَا مُطَلِّقٌ

_ تتمة: لو ادعى أنه طلق وهو زائلُ العقلِ، فكما لو أقرَّ، ثم ادعى أنه كان مجنونًا، وفيه أقوال: ثالثها: يقبل إن كان ممن غلب وقوعه منه. ذكره في "المبدع". قال ابن قندس في "حواشي المحرر": المقدَّم: عدم القبول إلا ببينة. قوله: (ويقع بائنا ... إلخ) أي: يقع الطلاق في النكاح الفاسد، حالة كونه بائناً، فمقتضى وقوع الطلاق: أنه لو نكحها بعد، كانت معه على بقية عددهِ، وأنه لو أوقع في الفاسد الثلاث، لو تحل، إلا بعد زوجٍ، كما ذكره ابن نصر الله. قوله: (ولا يراها مطلق) هذه الجملة حالٌ من الصحة، والتقدير: قيل بصحته، والحال أنها غير أنها غير مرئية للمطلق، أي: لا يعتقد المطلِّق في النكاح الفاسد صحَّة ذلك النكاح. كالنكاح بولاية فاسقٍ أو شهادته، أو نكاح أخت معتدَّته، أو نكاح الشِّغار، أو المحلِّل، أو بلا شهودٍ، أو بلا وليٍّ. قال في "شرحه": كما لو حكم به من يرى صحته، أي: فإنه يقع

وَلَا يَكُونُ بِدْعِيًّا فِي حَيْضٍ لَا خُلْعٌ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ وَلَا فِي بَاطِلٍ إجْمَاعًا

_ الطلاق بعد الحكم بلا إشكال، لا أنه يكون بائناً بلا عوض، كما يوهمه التشبيه؛ لأنه إذا حكم بالصحة من يراها كالصحيح المتفق عليه، كما صرح به في "الإقناع" و"شرحه"، فمقتضاه: حلُّ الزوجة في النكاح الفاسد للزوج الذي يعتقدُ الفساد، حيث حكم بصحته حاكمٌ يراها، لكن قال الشيخ تقي الدين: اختلفت الرواية عن أحمد، لو حكم الحاكم بما يرى المحكوم له تحريمه، فهل يباح بالحكم؟ على روايتين. قال: والتحقيق في هذا: أنه ليس للرجل أن يطلب من الإمام أن يحكم له بما يرى أنه حرام عليه؛ لأنه جمع بين طلب شيء، واعتقاد تحريمه، ومن فعل هذا، فقد فعل ما يعتقد تحريمه، وهذا لا يجوز، لكن لو كان الطالب غيره، أو ابتدأه الإمام بحكم، أو قسم ميراث مثلا، فهنا يتوجَّه القول بالحل؛ لأنه لم يصدر منه فعل محرم. انتهى بمعناه. قوله: (ولا يكون) أي: الطلاق في النكاح الفاسد قبل الحكم بصحته بدعياً في حيض؛ لأن استدامته غيرُ جائزة. قوله: (لا خلع) بالرَّفع، عطفا على فاعل (يقع) المستتر؛ لوجود الفاصل، أي: لايقع خلع في النكاح الفاسد

وَلَا فِي نِكَاحِ فُضُولِيٍّ قَبْلَ إجَازَتِهِ وَلَوْ نَفَذَ بِهَا وَكَذَا عِتْقٌ فِي شِرَاءِ فَاسِدٍ

_ قبل الحكم بصحته، أي: لا يصحُّ الخلع لما ذكره المصنف من خلوه من العوض، لكن حيث نوى به الطلاق كان طلاقاً، كما تقدم. قوله: (ولا في نكاح فضولي قبل إجازته ولو نفذ بها) ببناء نفذ للمجهول، أي: ولو قلنا ينفذ نكاح الفضولي بالإجازة، وحاصله: أن نكاح الفضولي، له ثلاث حالات: أحدهما: قبل الإجازة، فلا يقعُ فيها طلاق، كما في المجمع على بطلانه، كالخامسة. الثانيةُ: بعد الإجازة قبل الحكم بصحَّته، حيث لا يراها زوجٌ، فيقع الطلاق فيها بائناً كالفاسد. الثالثة: بعد الإجازة والحكم بالصحة، فكالصَّحيح المتَّفق عليه. قوله: (وكذا عتق في شراء فاسد) أي: فينفذ العتق، ويضمنه معتقه لبائعه بقيمته يوم عتقه، مع ضمان نقصه، وأجرتِه إلى حين العتق. هذا مقتضى تصريحهم: بأن المقبوض بعقدٍ فاسدٍ، ضمانه كالغصب، وإن لم يتعرَّضوا له هنا. فلو قال لمن اشتراها بعقد فاسد: أعتقتك، وجعلت عتقك صداقَك، فهل يصح العتق، ولا تباح له لحرمتها في الشراء الفاسد، فكذا في النكاح المرتب عليه بالأولى؛ ولئلا يتخذ ذريعةً إلى الوطء بشراءٍ فاسدٍ، أو لا يصح العتق أيضا؛ لعدم حصول ما اشترطه، وهو النكاح؟ فيه تأمل!

فصل ومن صح طلاقه صح تَوَكُّلُهُ وَلِوَكِيلٍ لَمْ يُحِدَّ لَهُ حَدًّا أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ لَا وَقْتَ بِدْعَةٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ لَهُ

_ قوله: (ومن صحَّ طلاقُه) أي: وهو العاقلُ المختارُ، ولو مميزا يعقله، كما تقدم. قوله: (ولوكيل لم يحد له حدًا) أي: لم يعين له الموكل وقتًا يطلق فيه، فإن عيَّن، كأن يقول: طلقها اليوم، لم يملكه في غيره، أي: فلا يقع؛ لأنه إذن أجنبيٌّ. قوله: (لا وقت بدعةٍ) أي: لا يجوز للوكيل أن يطلق وقت بدعة، كالموكل، فإن فعل لم يقع، كما ذكره في "شرحه". وفي "الإقناع": فإن فعل وقع كالموكل. فإن أراد حيث أذن له وقت البدعةِ، فظاهرٌ، وإلا فلا يتمُّ التشبيهُ. قوله: (ولا أكثر من واحدةٍ) أي: ليس للوكيل المطلِّق أن يطلق أكثر من تطليقة واحدةٍ؛ لأن الأمر المطلق يتناول أقلَّ ما يقع عليه الاسم، أي:

وَلَا يَمْلِكُ بِإِطْلَاقِ تَعْلِيقًا وَإِنْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ وُكِّلَا فِي ثَلَاثٍ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ وَقَعَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَكِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ مُتَرَاخِيًا كَوَكِيلِ وَيَبْطُلُ بِرُجُوعِ وَلَا تَمْلِكُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا إنْ جَعَلَهُ لَهَا

_ وما زاد مشكوك فيه، والأصل عدم الإذن، وعليه: فلا يقع أكثر من واحدةٍ، وإن تردَّدَ فيه بعضُهم. قوله: (إلا أن يجعله له) أي: بلفظه، أو نيَّته، ويقبل قوله فيها. قوله: (ولا يملك بإطلاق) أي: لا يملك الوكيل مع إطلاق الوكالة تعليقًا للطلاق على شرطٍ؛ لأنه لم يؤذن فيه لفظاً، ولا عُرفًا، فلا يقع الطلاق ولو وُجد المعلَّق عليه. قوله: (وقع ما اجتمعا عليه) فلو وكَّلهما في ثلاث، فطلق أحدهما واحدة، والآخر أكثر، فواحدة، أو طلق أحدهما ثنتين، والآخر ثلاثًا، فثنتان. قوله: (وإن قال: طلِّقي نفسك ... إلخ) هذا توكيلٌ لها في طلاقها، وهو صحيح. كما يصح توكيلها في طلاق غيرها.

وَتَمْلِكُ الثَّلَاثَ فِي طَلَاقُكِ بِيَدِكِ وفِي وَكَّلْتُكِ فِيهِ وَإِنْ خَيَّرَ وَكِيلَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ مِنْ ثَلَاثٍ مَلَكَا اثْنَتَيْنِ فَأَقَلَّ، وَوَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْيِيرُ نِسَائِهِ

_ قوله: (وتملك الثلاث في: طلاقك بيدك)، (طلاقُك): متبدأ مضاف، والكاف المكسورة مضافٌ إليه، و (بيدك): جار ومجرور خبرٌ، و (في): جارة لقول محذوف، والتقدير: وتملك الزوجة الطلاق الثلاث في قول زوجها لها: (طلاقك بيدك) وذلك لأنه مفرد مضاف فيعمُّ. قوله: (ووكلتك فيه) أي: في الطلاق، أي: فتملك الثلاث أيضًا، إذا قال لها: وكلتك في الطلاق؛ لأنه معرف بـ"اللام" الصالحة للاستغراق، فيعم. وفيه أنها تحتمل أن تكون للجنس، وكزوجة فيما تقدَّم كلِّه وكيل غيرها. قوله: (من ثلاث) أي: بأن قال لأحدهما: اختر ما شئت من ثلاث.

باب سنة الطلاق وبدعته

باب سنة الطلاق وبدعته السُّنَّةُ الْمُرِيدَةُ إيقَاعَ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ ثُمَّ يَدَعْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا إلَّا فِي طُهْرٍ مُتَعَقِّبٍ لِرَجْعَةٍ مِنْ طَلَاقٍ فِي حَيْضٍ فبِدْعَةٍ وَإِنْ طَلَّقَ مَدْخُولًا بِهَا فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَبِنْ حَمْلُهَا أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى أَكْلِهَا، وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعْلَمُ وُقُوعَهُ حَالَتَهُمَا فبِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ، وَيَقَعُ وَتُسَنُّ رَجْعَتُهَا

_ باب سنة الطلاق وبدعته أي: إيقاعُه على وجه مشروع، أو منهي عنه. قوله: (في طهرٍ) أي: من حيض، أو نفاس. قوله: (مدخولاً بها) أي: في نكاحٍ صحيحٍ. قوله: (في حيض) يعني: غير رجعية، أما فيها فلا بدعة؛ لعدم تأثيره في تطويل العدَّةِ؛ لأنها تبنى على ما مضى. قوله: (أو علَّقه على أكلها ... إلخ) علم منه: أنَّه لو علق طلاقها على شيء لا يعلم وقوعه وقت بدعة، كما لو علقه بقدوم زيدٍ، فقدم في زمن بدعةٍ، أنها تطلق للبدعةِ، ولا إثم. وصرح بمعناه في "الإقناع". إن قال لمدخول بها: أنت طالق للسنة، إذا قدم زيد، فقدم وهي في زمانها، طلقت، وإلا فحتى يأتي زمان السنة. ولغير مدخول بها، تطلق عند قدومه مطلقاً، وإن صارت مدخولا بها قبل قدومه، فكالمدخول بها على ما تقدم. "إقناع" بالمعنى. قوله: (وتسن رجعتها) فإذا راجعها في الحيض، وجب إمساكها حتى تطهر، فإذا

وَإِيقَاعُ ثَلَاثٍ وَلَوْ بِكَلِمَاتٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ فَأَكْثَرَ لَا بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ مُحَرَّمٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ مُطْلَقًا لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا وتَبَيَّنَ حَمْلُهَا، وصَغِيرَةٍ، وَآيِسَةٍ فَلَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ طَلَقَتْ فِي الْحَالِ ولِلسُّنَّةِ طَلْقَةً وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةً وَقَعَتَا وَيَدِينُ فِي غَيْرِ آيِسَةٍ إذَا قَالَ: أَرَدْت إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ وَيُقْبَلْ حُكْمًا

_ طهرت، سن أن يمسكها حتى تحيض، ثم تطهر. "إقناع". قوله: (فأكثر) أي: فأكثر من طهر. منصور البهوتي. قوله: (أو عقد، محرم) وإيقاع ثنتين مكروه، لا محرم. قوله: (مطلقا) أي: لا في زمن ولا عددٍ. قوله: (طلقت) هي تطلق من باب: قتل. وفي لغةٍ من باب: قرب. "مصباح". قوله: (ويقبل حكمًا) وإن قال لها في طهر وطيء فيه:

وَلِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ، وَبِدْعَةٌ إنْ قَالَهُ فَوَاحِدَةً تَقَعُ فِي الْحَالِ ولْأُخْرَى فِي ضِدِّ حَالِهَا إذَنْ ولِلسُّنَّةِ فَقَطْ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وفِي حَيْضٍ طَلَقَتْ إذَا طَهُرَتْ مِنْ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ولِلْبِدْعَةِ فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وفِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فإذَا حَاضَتْ أَوْ وَطِئَهَا وَيَنْزِعُ فِي الْحَالِ

_ أنت طالق للسنة، فيئست من المحيض، أو استبان حملُها لم تَطلُق. كذا في "الإقناع". قوله: (إذًا) ظرف للمضاف، وهو حال من قوله: (ضدَّ حالها) محمد الخلوتي. قوله: (إذا طهرت) يعني: ولو لم تغتسل. قوله: (إذا طهرت ... إلخ) عُلِم منه: أنها لو أيست من المحيض، أو استبان حملها لم تطلق. وصرح به في "الإقناع" كما نقلناه قبلُ. قوله: (أو طهرٍ وطيء فيه) أي: أو لم يطأ فيه، لكن تعقب رجعة من طلاق في حيض؛ لأنه

إنْ كَانَ ثَلَاثًا فَإِنْ بَقِيَ حُدَّ عَالِمٌ وَعُزِّرَ غَيْرُهُ وَلِلْعُذْرِ وأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ تَطْلُقُ الْأُولَى فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ والثَّانِيَةَ طَاهِرَةً بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقَدَ وَكَذَا الثَّالِثَةَ وطَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ، وَالْبِدْعَةِ نِصْفَيْنِ أَوْ لَمْ يَقُلْ نِصْفَيْنِ أَوْ قَالَ بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ، وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ ذَنْ ثِنْتَانِ والثَّالِثَةُ فِي ضِدِّ حَالِهَا إذَنْ فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ تَأَخُّرَ اثْنَتَيْنِ قُبِلَ حُكْمًا وَلَوْ قَالَ طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَوَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ أَوْ عَكَسَ فعَلَى مَا قَالَ وأَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قَرْءٍ

_ بدعة، وإن لم يكن محرمًا. قوله: (إن كان ثلاثاً) أي: أو كانت طلقة مكمِّلة لما يملكه من الطلاق؛ لبينونتها عقب ذلك. "شرح إقناع". قوله: (فلو قال ... إلخ) ولو متراخيا، كما يفهم من "الإقناع". قوله: (قبل حكمًا) إذ البعض حقيقة في القليل والكثير. قوله: (في كلِّ قرء) القرء: بفتح القاف، وحكي ضمها: الحيض والطُّهر، ومذهبنا الأول. والجمع أقرؤ، وأقراءٌ، وقروء.

طَلْقَةً، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ فَتَطْلُقَ فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً إلَّا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَبِينُ بِوَاحِدَةٍ فصل وأنت طالق أحسن طلاق أو أجمله أو أقربه أو أعدله أو أكمله أو أفضله أو أتمه أو أسنه أو طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ جَلِيلَةً كَلِلسُّنَّةِ وأَقْبَحَهُ أَوْ أَسْمَجَهُ أَوْ أَفْحَشَهُ أَوْ أَرْدَأَهُ أَوْ أَنْتَنَهُ

_ قوله: (لم يحضن) يعني: لصغرٍ، وأما قال ذلك لآيسةٍ، فلا تطلق، كما في "الإقناع"، أي: لعدم الشَّرط. قوله: (حتى تحيض) إذ القرء الحيضة، كما سيجيء. قوله: (في كلِّ حيضةٍ طلقة) وإن كانت حين التعليق في قرء، وقع بها واحدة في الحال، وطلقتان في قرأين آخرين، في أول كل قرء منهما. "إقناع". قوله: (فتبين بواحدةٍ) فإن تزوَّجها وقع بها طلقتان في قرأين. "إقناع". قوله: (ونحوه) كمليحة. قوله: (أو أسمجه) أسمجه: أفعلُ تفضيلٍ من سمجَ سماجةً، وهو ضد

ونحوه كلِلْبِدْعَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَحْسَنَ أَحْوَالِك أَوْ أَقْبَحَهَا أَنْ ... كُونِي مُطَلَّقَةً فَيَقَعَ فِي الْحَالِ وَلَوْ قَالَ نَوَيْت بأَحْسَنَهُ زَمَنَ بِدْعَةٍ شَبَّهَهُ بِخُلُقِهَا أَوْ بأَقْبَحَهُ وَنَحْوَهُ مِنْ سُنَّةٍ لِقُبْحِ عِشْرَتِهَا أَوْ عَنْ أَحْسَنِهِ وَنَحْوِهِ أَرَدْتُ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ أَوْ عَنْ أَقْبَحِهِ وَنَحْوِهِ أَرَدْتُ طَلَاقَ السُّنَّةِ دِينَ، وَقُبِلَ حُكْمًا فِي الْأَغْلَظِ فَقَطْ

_ حسن واعتدل. "مطلع". قوله: (أو نحوه) كأوحَشَه. قوله: (زمن سنَّة) وكذا زمن بدعةٍ، كلاهُما مفعولٌ به. وقوله في الأول: (شبهه)، وفي الثاني: (قبح) فمفعول له. قوله: (في الأغلظ) أي: دون الأخف. فلو قال: أنتِ طالقٌ أحسن الطلاق، وقال: أردت زمن البدعة الموجود إذن قُبل، وإلا فلا. وكذا لو قال: أقبحه، وقال: أردت زمن السنَّة، فإن كان الموجود إذن ما ادعى إرادته قبل، وإلا فلا. قوله: (فقط) أي: دون غيره بلا قرينةٍ، كما في "الإقناع".

وطالق طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً أَوْ طَالِقٌ فِي الْحَالِ لِلسُّنَّةِ، وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ فِي الْحَالِ لِلْبِدْعَةِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَيُبَاحُ خُلْعٌ، وَطَلَاقٌ بِسُؤَالِهَا على عوض زَمَنَ بِدْعَةٍ

_ قوله: (بسؤالها) أي: بعوض. تتمة: الذي يتلخَّصُ من كلامِه: أنَّ زمن البِدعةِ في حقِّ من لها بدعةٌ، هو زمنُ حيضٍ، ومثله نفاسٌ، لم تسأله طلاقاً فيهما على عوض، وزمن طهر وطيء فيه، أو تعقب لرجعةٍ من طلاق في حيض، وزمن طهرٍ في عدَّةٍ رجعية لم تسأله طلاقًا فيهن. ثم زمنُ البدعة هذا على قسمين: ما يحرمُ إيقاعُ الطلاقِ فيه، وهو: زمنُ الحيض، والنفاس، والطهر الذي وطيء فيه بشرطِه السابق. وما لا يحرم، وهو: ما بقي بشرطه أيضًا، والله أعلم. فليتأمل.

باب صريح الطلاق وكنايته

باب صريح الطلاق وكنايته الصَّرِيحُ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الصَّرِيحِ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ طَلَاقٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ غَيْرَ أَمْرٍ ومُضَارِعٍ ومُطَلِّقَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ فَيَقَعُ مِنْ مُصَرِّحٍ وَلَوْ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا أَوْ فَتَحَ تَاءَ أَنْتِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ وَإِنْ أَرَادَ طَاهِرًا أَوْ نَحْوَهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ طَالِقًا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ، وَادَّعَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ إنْ قُمْت ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ وَقَعَدْتِ أَوْ نَحْوَهُ فَتَرَكْتُهُ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا دِينَ

_ قوله: (فيقع من مصرح) أي: غير حاكٍ، ونحوه. قوله: (من وثاق) بفتح الواو وكسرها: ما يوثق به الشيء من حبلٍ ونحوِه. قال تعالى: (فشدوا الوثاق) [محمد: 4]. "مطلع". قوله: (وادعى ذلك) أي: إرادة ما ذكر. قوله: (دين) مبني للمفعول، ويجوز أن يكون من دين بمعنى: ملك، وأن يكون من ديَّنت الرجلَ تديينًا: إذا وكلته إلى دينه، فهو قد وكل في نيته إلى دينه. "مطلع".

وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا ومَنْ قِيلَ: لَهُ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ نَعَمْ، وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلَقَتْ وأَخَلَّيْتَهَا؟ ، وَنَحْوَهُ فَقَالَ: نَعَمْ فَكِنَايَةٌ وَكَذَا لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَا امْرَأَةَ لِي فَلَوْ قِيلَ: أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَا، ، وَأَرَادَ لْكَذِبَ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قِيلَ: لِعَالِمٍ بِالنَّحْوِ: أَلَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ بَلَى، طَلَقَتْ وَمَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بطَلَاقٍ ثَلَاثٍ ثُمَّ أُفْتِيَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ

_ قوله: (ولم يقبل حكمًا) فإن صرَّح في اللفظ بالوثاق، لم يقع. قوله: (ونحوه) أي: من الكنايات. قوله: (أو لا امرأة لي) أي: فهو كناية. قوله: (فقال) أي: العالم. وتطلق امرأة غير النحوي. قوله: (وإن قال: بلى) أي: العالم بالنحو، أو غيره. قوله: (ومن أُشهد) أي: أقرَّ أنه وقع عليه الطلاقُ الثلاث، وكان تقدم من يمين، توهم وقوعها عليه. وصورةُ ذلك: أن يحلف إنسانٌ بالطلاق الثلاث أن لا يُكلم زيدا، فيمر على جماعة، ويسلم عليهم، فتبين له أن زيداً معهم، فيتوهم وقوع الطلاق عليه، فيقرَّ عند بينةٍ بوقوع الطلاق عليه، ثم يستفتي، فيخبر بأنه لا طلاق عليه، فإذا رفعته زوجته إلى الحاكم، وأقامت البيِّنة على إقراره بالطلاق، فادعى أن سبب إقراره توهمه وقوع الطلاق عليه، وكان ممن يجهل ذلك،

لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ وَإِنْ أَخْرَجَ زَوْجَتَهُ مِنْ دَارِهَا أَوْ لَطَمَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا أَوْ أَسْقَاهَا أَوْ أَلْبَسَهَا أَوْ قَبَّلَهَا، وَنَحْوَهُ، وَقَالَ هَذَا طَلَاقُكِ طَلَقَتْ فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلٍ كَأَنْ نَوَى أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِكِ قُبِلَ حُكْمًا وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا قُلْت لِي شَيْئًا وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ أَنْتِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ مِثْلَهُ طَلَقَتْ وَلَوْ عَلَّقَهُ

_ فإنه يقبل قوله بغير يمينٍ على ما قدَّمه المصنف في "شرحه"، ومع اليمين على ما في "الإقناع"، ولا يقع عليه طلاقٌ في هذه الحال، وما أشبهها، والله أعلم. قوله: (ويقبلُ قوله) أي: بغير يمينٍ، وفي "الإقناع": بيمين. قوله: (وقال: هذا طلاقُك) أي: طلقتُك بسببِ هذا، فهو مول؛ لأن الفعل نفسه لا يكون طلاقاً. قوله: (كأن نوى أن هذا سبب طلاقك) أي: في زمنٍ بعد هذا.

وَلَوْ نَوَى فِي وَقْتِ كَذَا ... نَحْوِهِ تَخَصَّصَ بِهِ

_ قوله: (تخصَّص به) أي: فلا يقعُ عليه طلاقٌ حتى يوجد ما خصَّصه به. والفرق بين هذه المسألة، وهي: ما إذا قال لها مثل قولها المذكور، ونوى تعليقه بوقتٍ مثلا، وبين المسألة الأولى، وهي: ما إذا قال لها مثل قولها، متلفظاً بالتعليق، حيث أوقعنا عليه الطلاق في مسألة التلفظ بالتعليق، ولم نوقعه عليه فيما إذا لم يتلفظ بالتعليق، بل نواه فقط: أن في مسألة التلفظ بالتعليق لم يقل لها مثل قولها؛ لأن المعلَّق غير المنجَّز، فوقع عليه بالتعليق الأولِ، وهو قوله: (كلما قلت لي شيئا ... إلخ)، بخلاف ما إذا نوى تخصيصه فقط من غير أن يتلفظ بالتعليق، فإنه قد قال لها مثل قولها في اللفظ، وإن اختلفا في المعنى، ومنه يؤخذ صريحا أنَّ (كلما) في الصيغة المذكورة للفور؛ لأن "لم" في حيزها. والمعنى: كلما لم أقل لك شيئا إذا قلته لي، فإنت طالق، خلافاً لابن الجوزي: في أن له التمادي في الجواب إلى قبيل الموت، والله أعلم. قوله أيضاً على قوله: (تخصَّص به) لأن تخصيص اللفظ العام بالنية كثير، ومجرد النية لا يخرج لفظه عن مماثلة لفظها. قال منصور البهوتي: قلت: وكذا لو قال: أنت طالق. ونوى: من وثاق ونحوه. وإن كانت نيَّته، أو سبب اليمين يقتضي قولا غيرَ هذا، عمل به على قياس ما يأتي في جامع الأيمان. انتهى.

وَمَنْ طَلَّقَ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَةٍ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ لِضَرَّتِهَا شَرَكْتُكِ أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا أَوْ كَهِيَ فصَرِيحٌ فِيهِمَا، وَيَقَعُ أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءٌ أَوْ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَوْ لَا يَلْزَمُكِ أَوْ طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك أَوْ لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ لَا بِأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا وَمَنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِمَا يُبَيِّنُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ ; لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِيهِ فَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ إلَّا تَجْوِيدَ خَطِّي أَوْ إلَّا غَمَّ أَهْلِي أَوْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ، وَقَالَ: لَمْ أَقْصِدْ إلَّا الْقِرَاءَةَ قُبِلَ وَيَقَعُ بِإِشَارَةٍ مِنْ أَخْرَسَ فَقَطْ فَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا إلَّا بَعْضُ فكِنَايَةٌ،

_ قوله: (لا بأنت طالق) أي: لا يقع بقوله: أنت طالق، أو لا؟ لأنه اسفهام. قوله: (ومن كتب صريح طلاق) أي: وإن كتب كناية كذلك، فكناية. قوله: (بما يبين) أي: يظهر. قوله: (إلا القراءة) أي: الحكاية للمكتوب، وإلا فالإنشاء قراءةٌ. تاج الدين البهوتي.

وَتَأْوِيلُهُ مَعَ صَرِيحٍ كَمَعَ نُطْقٍ وَيَقَعُ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَصَرِيحِهِ بِلِسَانِ الْعَجَمِ بهشتم فَمَنْ قَالَهُ عَارِفًا مَعْنَاهُ وَقَعَ مَا نَوَاهُ فَإِنْ زَادَ بِسَيَّارٍ فَثَلَاثٌ وَإِنْ أَتَى بِهِ أَوْ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ وَلَوْ نَوَى مُوجِبَهُ

_ قوله: (مع صريح) أي: إشارةٍ مفهومةٍ. قوله: (كمع نطق) أي: بصريح طلاق. قوله: (عارفًا معناه) وهو عندهم: خليتك، التي لفراق الزوجة: بهشتم، من عرف معناها لا تفتقر إلى نيَّةٍ؛ لأنها لا تستعمل عندهم إلا للفراق، بخلاف خليتك. قوله: (ما نواه) فإن لم ينو شيئاً، فواحدة. قوله: (موجَبَه) موجبه بفتح الجيم، وهو اسم مفعولٍ من أوجب الشيء ألزمه، فموجبه: مقتضاه، ومطلوبُه، ومدلوله تشبيهًا بذلك. "مطلع".

فصل وكناياته نوعان فالظَّاهِرَةُ أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وبَرِيَّةٌ، وبَائِنٌ، وبَتَّةٌ، وبَتْلَةٌ، وأنت حُرَّةٌ،

_ قوله: (فالظاهرة ... إلخ) الظاهرةُ: ستَّ عشرة، ترك منها هنا واحدة، ذكرها فيما بعد؛ لطول الكلام عليها، وهي: أمرك بيدك، فالظاهرة: ما وضع للبينونة، والطلاق فيها أظهر. قوله: (خلية) هي في الأصل: الناقة تطلق من عقالها ويخلى عنها، ثم كني بها عن الطلاق. قوله: (وبرية) برية: أصله بريئة بالهمز؛ لأنه صفةٌ من برأ الشيء براءة فهو بريء، والأنثى بريئة، ثم خفِّف همزه، كما خفف برية في (خير البرية). [البينة: 7] فعلى هذا يجوز: أنت بريئة بالهمز، وبرية بغير همزٍ. "مطلع". قوله: (وبائن) منفصلة. قوله: (وبتة) أي: مقطوعةٌ. قوله: (وبتلة) أي: منقطعة، وسميت مريم: البتول؛ لانقطاعها عن الرجال. وفاطمةُ: البتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها، حسبا، وفضلا، وديناً. شهاب فتوحي. قوله: (وأنتِ حرَّةٌ) أي: من رقِّ النكاح، وفي الخبر: «اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم» أي: أسراء. فإذا أخبر الزوج بزوال الرق، وانصرف إلى المعهود، وهو رقُّ الزوجيَّة؛ إذ ليس له عليها غيره.

وَأَنْتِ الْحَرَجُ وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، ، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ، حَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا سَبِيلَ أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكِ، وَأَعْتَقْتُكِ، وَغَطِّي شَعْرَكِ وَتَقَنَّعِي، والْخَفِيَّةُ اُخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَخَلَّيْتُكِ، ، وَأَنْتِ مُخْلَاةٌ وَاحِدَةً وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي، وَاعْتَزِلِي، وَشِبْهُهُ، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيكِ،

_ قوله: (وأنت الحرج) أي: الحرام والإثم. قال في "المطلع": قولهم في الكناية: أنت الحرج، من باب الوصف بالمصدر مبالغةً، أو: على حذف المضاف. أي: ذاتُ الحرج. قوله: (على غاربك) هو مقدم السَّنام، وأي: مرسلةٌ مطلقة غير مشدودةٍ ولا ممسكةٍ بالنكاحِ. قوله: (أو لا سلطان) أي: لا ولاية لي عليك. قوله: (والخفيَّة) ما وضع لواحدةٍ. قوله: (مخلاة) أي: مطلقة. قوله: (واعتدِّي) يعني: وإن لم يدخل بها.

وَمَا بَقِيَ شَيْءٍ، وَأَغْنَاكِ اللَّهُ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَكِ، وَاَللَّهُ قَدْ أَرَاحَكِ مِنِّي، وَجَرَى الْقَلَمُ وَلَفْظُ فِرَاقٍ، وسَرَاحٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ لَفْظِ الصَّرِيحِ وَلَا يَقَعُ بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ

_ قوله: (وسراح) السَّراح بفتح السين: الارسال، تقول: سرَّحتُ الماشية، إذا أرسلتها، وتسريح المرأة: تطليقها. والاسم السَّراح، كالتبليغ والبلاغ. "مطلع". قوله: (من لفظ الصَّريح) وهو: الأمر، والمضارع، واسم الفاعل. قوله: (مقارنة للفظ) المذهب أنه يعتبر كونها مقارنة لجميع اللفظ، على ما يؤخذ من "الفروع" و "التنقيح". شهاب فتوحي. وفي "شرح" المصنف ما يخالفه من أنه يكفي اقترانها بأوَّله. وتابعه منصور البهوتي على ذلك، ثم هل لا بد من اقترانها بأوَّله، وأم يكفي أيَّ جزءٍ كان. ولا يضر عزوبها أو عدمها في البقية؟ جزم المصنف في "شرحه" بالأول،

وَلَا تُشْتَرَطُ حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقِهَا فَلَوْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ إذَنْ دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا، وَيَقَعُ بظَاهِرَةٍ ثَلَاثُ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً، وبِ خَفِيَّةٍ رَجْعِيَّةً فِي مَدْخُولٍ بِهَا فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ وَقَعَ، وَقَوْلُهُ أَنَا طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَرِيءٌ أَوْ زَادَ مِنْك لَغْوٌ وكُلِي، وَاشْرَبِي، وَاقْعُدِي، وَقَرِّبِي، وَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك، وَأَنْتِ مَلِيحَةٌ، وقَبِيحَةٌ، وَنَحْوَهُ لَغْوٌ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ

_ ومقتضى "الإنصاف": الثاني. قوله: (ولا تشترط ... إلخ) أي: ظاهرًا، وأما باطنًا، فلا بد منها؛ بقرينة قوله بعد: (فلو يرده) أي: الطلاق، (ديِّن ... إلخ). قوله: (ويقع بظاهرة) كان الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- يكره الفُتيا في الكنايات الظاهرةِ، مع ميله أنها ثلاث، وعنه: يقع بها ما نواه فقط. قوله: (وإن نوى واحدة) لأنها لفظ يقتضي البينونة بالطلاق فوقع ثلاثاً، وبه قال غير واحد من الصحابة. قوله: (واقرُبي) بضم الراء: أمر من قرب -بضم الراء- من الشيء قربًا: صار قريبًا منه، والله أعلم. "مطلع".

و: أَنْتِ أَوْ الْحِلُّ أَوْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى طَلَاقًا كَنِيَّتِهِ بأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِنْ قَالَهُ مُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ وَنَحْوِهِ، وَنَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِهِ فَلَغْوٌ ومَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ: الطَّلَاقَ يَقَعُ ثَلَاثًا وَأَعْنِي بِهِ: طَلَاقًا يَقَعُ وَاحِدَةٌ وأَنْتِ حَرَامٌ، وَنَوَى فِي حُرْمَتِك عَلَى غَيْرِهِ فَكَطَلَاقٍ وَلَوْ قَالَ: فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ، فإن نوى امرأته فظهار، وإن نوى فراشه، فيمين

_ قوله: (و: أنت، أو: الحل ... إلخ) وكذا قوله: علي الحرام، أو: يلزمني الحرام، أو الحرام لازم لي، بنية، ظهار، أو قرينةٍ. ظهار، وإلا فلغو. قوله: (أو: ما أحلَّ الله علي حرام) زاد في "الرعاية": أو حرمتك. قوله: (و: ما أحل الله علي حرام) وكذا قوله: أنت عليَّ حرام، أو: الحل علي حرام، أعني به الطلاق، أو طلاقًا. قوله: (فكطلاق) أي: فكنيَّته بذلك الطلاق، فيكون ظهارًا، كما تقدم. وصرح به في "شرحه".

وأَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ يَقَعُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلَاقٍ وظِهَارٍ ويَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فظِهَارٌ وَمَنْ قَالَ حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ، وَكَذَبَ دُيِّنَ وَلَزِمَهُ حُكْمًا فصل وامرك بيدك كناية ظاهرة تملك بها ثَلَاثًا واخْتَارِي نَفْسَك خَفِيَّةٌ وَلَا بطَلِّقِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

_ قوله: (كالميتة والدم) في "الفروع" و"المبدع": والخمر. قوله: (من طلاق) أي: واحدة أو أكثر على حسب ما نواه. قوله: (بيدك) أي: وكذا بيد فلانٍ. قوله: (تملك بها ثلاثاً) أفتى به الإمام مرارًا. ورواه البخاري في "تاريخه" عن عثمان رضي الله عنه. ولا يقبل قوله: أردت واحدة، ولا يدين. قوله: (أكثر من واحدةٍ) إلا أن يجعله لها بلفظه أو نيَّته؛ بأن ينوي بقوله: اختاري عددًا. فيقع ما نواه إذا أوقعته، وإن نقصت، وقع ما أوقعته فقط.

وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ مَا لَمْ يَحُدَّ لَهَا حَدًّا أَوْ يَفْسَخُ أَوْ يَطَؤُهَا أَوْ تَرُدُّ هِيَ إلَّا فِي اخْتَارِي نَفْسَك فَيَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ لَهَا بَعْدَهُ وبِجُعْلٍ وَيَقَعُ بِكِنَايَتِهَا مَعَ نِيَّتِهِ وَلَوْ جَعَلَهُ لَهَا بِصَرِيحِ وَكَذَا وَكِيلٌ وَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا اخْتَرْتُ بِنِيَّةِ حَتَّى تَقُولَ نَفْسِي أَوْ أَبَوَيَّ أَوْ الْأَزْوَاجَ

_ قوله: (ولها أن تطلِّق نفسَها) ولا يقع بقولها لزوجها: أنت طالق، أو طلقتك. قال في "الروضة": صفة طلاقها: طلقت نفسي، أو: أنا منك طالق، لا: أنا طالق. وحكم الوكيل في ذلك حكمها. قاله في "الإقناع" قوله: (فيختص بالمجلس) أي: إن لم يحد بمدة. قوله: (بقاطع) كشروع في صلاة لا إتمامها. قوله: (وبجعل) أي: منها أو غيرها. قوله: (بصريحٍ) كطلقي نفسك ونحوه، لا إذا اشترط الصريح عليها في تطليقها نفسها، كطلقي نفسك بصريحٍ، فلا يقع بكناية. تاج الدين البهوتي.

وَمَتَى اخْتَلَفَا فِي فَقَوْلٌ مُوقِعٌ وفِي رُجُوعٍ فقَوْلُ الزَّوْجِ وَلَوْ بَعْدَ إيقَاعِ وَنَصَّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بَعْدَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ ورَهْنٍ وَنَحْوِهِ ووَهَبْتُكَ لِأَهْلِك أَوْ لِنَفْسِك فَمَعَ قَبُولٍ تَقَعُ رَجْعِيَّةٌ وَإِلَّا فلَغْوٌ بِعْتُهَا وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ وَاهِبٍ ومَوْهُوبٍ وَيَقَعُ أَقَلَّهُمَا وَإِنْ نَوَى بِهِبَتِهِ الطَّلَاقُ وَقَعَ أَوْ أَمْرٍ أَوْ خِيَارٍ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَقَعَ وَمَنْ طَلَّقَ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ أَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَقَعَ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ بِخِلَافِ قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ ومُمَيِّزٌ ومُمَيِّزَةٌ كَبَالِغَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ،

_ قوله: (وهو أظهر) أي: وهو مقتضى ما تقدَّم في الوكالة. قوله: (كبعتها) أي: فلغو مطلقا، أي: نوى الطلاق به، أو لا. قوله: (في صلاة) فإنها لا تجزئه حيث لم يسمع نفسه.

باب ما يختلف به عدد الطلاق

باب ما يختلف به عدد الطلاق وَيُعْتَبَرُ بِالرِّجَالِ فَيَمْلِكُ حُرٌّ ومُبَعَّضٌ ثَلَاثًا وَلَوْ زَوْجَيْ أَمَةٍ، وعَبْدٌ وَلَوْ طَرَأَ رِقُّهُ أَوْ مَعَهُ حُرَّةٌ ثِنْتَيْنِ

_ قوله: (ويعتبر) أي: عدده. قوله: (بالرجال) يعني: حريَّة ورقًا، لا بالنساء. قوله: (ومبعَّض) قال في "شرحه": لأنه لا تمكنه قسمته في حقه؛ لاقتضاء الحال أن يكون له ثلاثةُ أرباع الطلاق، وليس له ثلاثة أرباع، فكمل في حقِّه. انتهى. ووجه ذلك: أنَّ الحال يقتضي أن يكون الرقيق على نصف الحر، فيملك طلقة ونصفًا، فإذا كان المبعَّض نصفه حر ونصفه رقيقٌ، كان له بنصفه الحر طلقة ونصف، وبنصفه الرقيق ثلاثة أرباع طلقة، وإذا جمعت ذلك، صارَ طلقتين وربعًا، وهي ثلاثة أرباع الثلاث. وبيان ذلك: أن تضرب الطلقتين في مخرج الربع، وتزيد على الحاصل بسط الربع وهو واحد من أربعة، فيجتمع تسعة، ثم تضرب الثلاث في أربعة، يحصل اثنا عشر، فإذا نسبت إليها التسعة وجدتها ثلاثة أرباعها، كما قال الشارح. قوله: (ولو طرأ رقه) كذمي تزوج ثم لحق بدار حرب، فاسترق قبل أن يطلِّق طلقتين، أما لو استرق بعدهما، ملك الثالثة. كما صرح به المصنف في الرجعة.

فَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ بِشَرْطٍ فَوَجَدَ بَعْدَ عِتْقِهِ وَقَعَتْ وَإِنْ عَلَّقَهَا بِعِتْقِهِ فَعَتَقَ لَغَتْ الثَّالِثَةُ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ مَلَكَ تَمَامَ الثَّلَاثِ وبَعْدَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ عَتَقَا مَعًا لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً، وَقَوْلُهُ أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي أَوْ عَلَيَّ وَنَحْوَهُ صَرِيحٌ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ وَيَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ فَمَنْ مَعَهُ عَدَدٌ، وَثَمَّ نِيَّةٌ أَوْ سَبَبٌ يَقْتَضِي تَعْمِيمًا أَوْ تَخْصِيصًا عَمِلَ بِهِ وَإِلَّا وَقَعَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ وأَنْتِ طَالِقٌ، وَنَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ كَنِيَّتِهَا بأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا وأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ وَاحِدَةً بَتَّةً فرَجْعِيَّةٌ فِي مَدْخُولٍ بِهَا، وَلَوْ نَوَى أَكْثَرَ

_ قوله: (لغت الثالثة) وملكها بعد. قوله: (أو محلوفا به) كأنت طالقة لأقومن. قوله: (أو تخصيصا) أي: لبعض نسائه.

و: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا وَاحِدَةً أَوْ طَالِقٌ بَائِنًا أَوْ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ بِلَا رَجْعَةٍ فَثَلَاثٌ وأَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَثَلَاثٌ وَإِنْ أَرَادَ الْمَقْبُوضَتَيْنِ، وَيَصْدُقُ فِي إرَادَتِهِمَا فَثِنْتَانِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا فَوَاحِدَةٌ، وَمَنْ أَوْقَعَ طَلْقَةً ثُمَّ قَالَ: جَعَلْتُهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ بَعْدَهَا فوَاحِدَةٌ وَإِنْ قَالَ: لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ هَذِهِثَلَاثًا طَلَقَتْ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتَا وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، وَهَذِهِ وَقَعَ بِالثَّلَاثَةِ وبِإِحْدَى الْأَوَّلَيْنِ كَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ

_ قوله: (ولم ينو استئناف طلاقٍ) وظاهرُه: إن أراد استئناف طلاق وهي رجعية، وقع تتمة الثلاث.

وإن قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَقَعَ بِالْأُولَى، وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ كَهَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وأَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْثَرَهُ أَوْ جَمِيعَهُ أَوْ مُنْتَهَاهُ أَوْ غَايَتَهُ أَوْ أَقْصَاهُ أَوْ عَدَدَ الْحَصَى أَوْ الْقَطْرِ أَوْ عَدَدَ الرَّمَلِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ التُّرَابِ، وَنَحْوَهُ أَوْ يَا مِائَةَ طَالِقٍ فَثَلَاثٌ وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً وَكَذَا كَأَلْفٍ وَنَحْوِهِ فَلَوْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا قِبَلَ حُكْمًا وأَشَدَّهُ أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ مِلْءَ الْبَيْتِ أَوْ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ عِظَمَهُ وَنَحْوِهِ فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ومِنْ طَلْقَةٍ إلَى ثَلَاثِ فثِنْتَانِ، وطَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ، وَنَوَى طَلْقَةً مَعَهُمَا فَثَلَاثُ وَإِنْ نَوَى مُوجِبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ، ويَعْرِفُهُ أَوْ لَا فَثِنْتَانِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَقَعَ مِنْ حَاسِبٍ طَلْقَتَانِ، ومِنْ غَيْرِهِ طَلْقَةً

_ قوله: (فثنتان) لأن ما بعد الغاية لا يدخل.

فصل وجزء طلقة كهي فأَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ أَوْ ثُلُثَ أَوْ سُدُسَ أَوْ ثُلُثَ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَيْهَا أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفُ أَوْ ثُلُثَ أَوْ سُدُسَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ رُبُعَ أَوْ ثُمُنَ طَلْقَتَيْنِ، وَنَحْوَهُ فَوَاحِدَةٌ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ ; لِأَنَّ ثَلَاثَةَ الْأَنْصَافِ طَلْقَةٌ، وَنِصْفٌ فَيُكْمَلُ أَوْ أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ أَوْ خَمْسَةِ أَرْبَاعِ وَنَحْوِهِ فَثِنْتَانِ وثَلَاثَةَ أَنْصَافِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ أَوْ خَمْسَةُ أَرْبَاعِ

_ قوله: (أو ثلث أو سدس طلقةٍ) أي: فيقع طلقة، وهذا على مذهب من يرى أن الأول مضاف إلى ما بعد الثاني مقحم بينهما مضاف إلى الضمير، والتقدير في المثال المذكور: ثلث طلقة وسدسها، وهو مذهب سيبويه والجمهور، لكنه عندهم مختص بالضرورة، ولا يجوز استعماله في سعة الكلام، وذهب ابن مالك وجماعة إلى أنه من الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، وأن الأول مضاف إلى محذوف مماثل للمذكورِ بعده، وأنه لا يخص بالضَّرورة وعليه فينبغي أن يقع طلقتان؛ لأن التقدير في المثال المذكور ثلث طلقةٍ وسدس طلقة. فتدبر.

طَلْقَتَيْنِ وَنَحْوُهُ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَثُلُثَ طَلْقَةٍ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ وَنَحْوَهُ فَثَلَاثٌ ولِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت بَيْنكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُ وَقَعَ بِكُلِّ طَلْقَةٌ وخَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا وَقَعَ بِكُلِّ ثِنْتَانِ وتِسْعًا فَأَكْثَرَ أَوْ طَلْقَةً، وَطَلْقَةً، وَطَلْقَةً وَقَعَ ثَلَاثُ كَطَلْقَتكُنَّ ثَلَاثًا ونِصْفُك، وَنَحْوُهُ أَوْ بَعْضُك أَوْ جُزْءٌ مِنْك أَوْ دَمُكِ أَوْ حَيَاتُكِ أَوْ يَدُكِ أَوْ أُصْبُعُكِ طَالِقٌ وَلَهَا يَدٌ وَأُصْبُعٌ طَلُقَتْ وشَعْرُكِ أَوْ ظُفْرُكِ أَوْ سِنُّكِ أَوْ رِيقُكِ أَوْ دَمْعُكِ أَوْ لَبَنُكِ أَوْ مَنِيُّكِ أَوْ رَوْحُكِ أَوْ حَمْلُكِ أَوْ سَمْعُكِ أَوْ بَصَرُكِ أَوْ سَوَادُكِ أَوْ بَيَاضُكِ أَوْ نَحْوُهَا أَوْ يَدُكِ وَلَا يَدَ لَهَا طَالِقٌ

_ قوله: (أو نصف طلقة وثلث طلقة ... إلخ) أي: فيقع ثلاثًا. واعلم: أن هذه الصورة مشتملة على ثلاثة قيودٍ: الإتيان بحرف العطف، والتصريحُ بالمضاف إليه في الكل، وكون المضاف إليه اسمًا ظاهرًا، ومحترزات القيود الثلاثة تقدمت في كلامه، وأنه يقع بها طلقة واحدة. فتدبر. قوله: (أو لم يقل: أوقعت) بل قال: بينكن. قوله: (وشعرك) مبتدأ، و (طالق) خبره. قوله: (أو يدك) يعني: أو أصبعك، ولا إصبع لها.

أَوْ إنْ قُمْت فَهِيَ طَالِقٌ فَقَامَتْ، وَقَدْ قُطِعَتْ لَمْ تَطْلُقْ وَعَتَقَ فِي ذَلِكَ كَطَلَاقٍ فصل فيما تخالف به المدخول بها غيرها تَطْلُقُ مَدْخُولٌ بِهَا بأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِتَكْرَارِهِ تَأْكِيدًا مُتَّصِلًا أَوْ إفْهَامًا وَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِثَالِثَةٍ لَمْ يُقْبَلْ وبِهِمَا أَوْ تَأْكِيدَ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ قُبِلَ

_ قوله: (فهي) أي: يدك. قوله: (تطلق مدخول بها) أي: بوطء أو خلوة في عقد صحيح. قوله: (ثنتين) نوى بالثانية الإيقاع، أو لا. اعلم. أن مدار الفرق بين المدخول بها، غير المدخول بها: أن الطلاق متى أوقعه الزوج في آنٍ واحد، استوتا، ومتى أوقعه في آنين فاكثر، اختلفتا، فتبين غير المدخول بها بما أوقعه أولاً، ولا يلحقها ما بعد، ويقع كله على المدخول بها فتدبر هذه القاعدة المهمة. قوله: (أو إفهامًا) أي: متصلا أيضا؛ لأنه نوع من التوكيد، كما استظهره في "الحاشية". وجزم به في "شرح الإقناع"، فما صنعه المصنف من قبيل الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه، فليحرر مرة أخرى.

وَإِنْ أَطْلَقَ التَّأْكِيدَ فَوَاحِدَةٌ وأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ فَثَلَاثُ مَعًا، وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدِ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ لَا أُولَى بِثَانِيَةٍ وَكَذَا الْفَاءُ وثُمَّ وَإِنْ غَايَرَ الْحُرُوفَ لَمْ يُقْبَلْ، وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدٌ فِي أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَنْتِ مُفَارَقَةٌ لَا مَعَ وَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ وَإِنْ أَتَى بِشَرْطٍ أَوْ سْتِثْنَاءٍ أَوْ صِفَةٍ عَقِبَ جُمْلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا

_ قوله: (وإن أطلق التاكيد) بأن أراد التاكيد، ولم يعين تأكيد أولى ولا ثانية. قوله: (معًا) أي: ولو غير مدخول بها. قوله: (بثالثةٍ) أي: لتطابقهما. قوله: (لا أولى بثانية) لاختلافهما بحرف العطف. قوله: (أنت مفارقة) لأنه تأكيد معنوي. قوله: (وإن أتى بشرط) كأنت طالق إن قمت أنت طالق. فتقع الثانية في الحال. والأولى بقيامها. ومثال الاستثناء: أنت طالق، أنت طالقٌ إلا واحدة. فتقع ثنتان؛ لأن الاستثناء راجع إلى الجملة الأخيرة، وقد استثنى الكل فبطل. ومثال الصفة: والمراد بها: اللغوية، أعني: المعنى القائم بالغير: أنت طالق صائمة أنت طالق، فتقع الثانية في الحال، والأولى إذا كانت صائمة،

بِخِلَافِ مَعْطُوفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَيْهِ وأَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ فَوَاحِدَةٌ وأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ أَوْ بَلْ طَالِقٌ أَوْ بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَةً أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٍ وَلَمْ يُرِدْ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِنْ زوْجٍ قُبِلَ ذَلِكَ، وَيُقْبَلُ حُكْمًا إنْ كَانَ، وُجِدَ أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٍ وَلَمْ يُرِدْ سَيُوقِعُهَا وَيُقْبَلُ حُكْمًا فَثِنْتَانِ لَا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَبِينُ بالْأُولَى وَلَا يَلْزَمُهَا مَا بَعْدَهَا وأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً فَوْقَهَا أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً تَحْتَهَا طَلْقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ أَوْ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ فَثِنْتَانِ

_ إن لم تكن حين قوله ذلك صائمةً. قوله: (ومعطوفٍ عليه) فيعود الشرط والصفة للكلِّ، وفي الاستثناء تفصيل يأتي. قوله: (قبل طلقةٍ) ولم يرد: سيوقعها. قوله: (ولم يرد في نكاح) يعني: لم يرد بقوله: (قبلها طلقةٌ). قوله: (ويقبل حكمًا) أي: إرادة ذلك. قوله: (أو بعد طلقة) ما لم يرد: في نكاح، أو من زوجٍ، قبل بشرطه، فتقع واحدة. قوله: (ولم يرد: سيوقعها) أي: ولم يرد بقوله: (بعد طلقةٍ) فلا يقع الآن شيء حتى يطلقها، فيقع ثنتان (أو بعدها طلقةٌ) فيقع الآن واحدة. قوله: (فثنتان) أي: ولو

وطَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ فوَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ وَمُعَلَّقٌ فِي هَذَا كَمُنَجَّزٍ فإنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ أَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ أَوْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِالْجَزَاءِ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَتَانِ أَوْ مَعَ طَلْقَتَيْنِ فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ وإنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ فَقَامَتْ فطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا فَثِنْتَانِ وَإِنْ قَصَدَ إفْهَامِهَا أَوْ تَأْكِيدًا فِي مُكَرَّرٍ مَعَ جَزَاءٍ فَوَاحِدَةٌ

_ غير مدخول بها. قوله: (أو أخر الشرط) كما لو قال: أنت طالق وطالق وطالق إن قمت، فقامت، طلقت ثلاثاً معًا. ويقبل حكما تأكيد ثانيةٍ بثالثة، لا أولى بثانية، كما تقدَّم. قوله: (أو كرره ثلاثا بالجزاء) فيقع الثلاث في نحو: إن قمت فأنت طالق، وإن قمت فأنتِ طالق، وإن قمت فأنت طالقٌ، فقامت، إذا أطلق أو نوى الاستئناف. قوله: (فثلاث) أي: معًا ولو غير مدخول بها.

باب الاستثناء في الطلاق

باب الاستثناء في الطلاق وَهُوَ إخْرَاجُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ بإلَّا أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا

_ باب الاستثناء في الطلاق من الثني، وهو: الرجوع، فكأن المستثني رجع في قوله إلى ما قبله. قوله: (وهو إخراج بعض الجملة ... إلخ) اعلم: أن قول القائل: فلانة طالق ثلاثاً إلا واحدة، أو لفلان عليَّ عشرة إلا واحدًا. تناقضٌ بحسب الظاهر؛ لاقتضاء أو له ثبوت المستثنى واقتضاء آخره نفيه. قال السيد في "شرح المفتاح": وقد افترقوا في التفصي عن هذا الإشكال فرقًا: فمنهم من زعم أن المستثنى، والمستثنى منه، وأداة الاستثناء بمنزلةِ كلمة واحدةٍ، حتى كأنَّ العربَ وضعته لمعنى واحدٍ، كمدلولِ التسعة مثلاً، عبارتان: إحداهما مختصرةٌ، وهي لفظُ تسعةٍ، والأخرى مطولة، كعشرةٍ إلا واحدًا، وضعفه ظاهر. ومنهم من اختار أنه أُريد بلفظِ عشرةٍ مثلا آحادها بأسرها، وأخرج بأداة الاستثناء بعضها عن تعلق النسبة الذي تقتضيه العبارة بظاهرها، ثم حكم بالثبوت أو الانتفاء، فعلى هذا لفظة عشرةٍ باقية على معناها الحقيقي، الذي تدل عليه حال إفرادها، وقد أخرج بعض آحادها عن الحكم، فلا تناقض أصلا.

_ ومنهم من ذهب إلى ما ذكره المصنف -يعني: السكاكي- من كون المستنثى منه مجازا فيما بقي بعد الاستثناء، فالعشرة مثلا مستعملة في التسعة، وقرينة المجاز قولك: إلا واحداً. فيكون من باب إطلاق الكل على الجزء. فإن قلت: إذا أريد بلفظ العشرة التسعة، لم يدخل الواحدُ فيها، فلم يكن إلا واحداً إخراجًا؛ إذ لا يتصور الإخراج إلا بعد الدخولِ، مع اتفاق الأدباء على أن الاستثناء المتصل: إخراج الشيء عما دخل فيه غيره. قلت: قد أجاب عنه -تعني: السكاكي- في فصل الاستثناء بأنَّ دخول الواحد في حكمِ العشرةِ ليس مقدراً من قبل المتكلم بحسب إرادته، وإلا ناقض آخر كلامه أوله، بل من قبل السامع؛ لتناول العشرة للواحد بحسب الوضع. فظهر أن تحقق كون المستثنى منه مجازا، مبني على لزومِ التناقض. انتهى المقصود. وذهب الكمال ابن الهمام في "التحرير" إلى عدم صحة إطلاق العشرة على التسعة مجازا، ووجهه شارحه ابن أمير حاج: بأنه لا نسبة بينهما معنويةً، سوى الكلية والجزئية. وشرط التجوز به كون الجزء مختصا بالكل، فيصح إطلاق الكل على الجزء اللازم المختص، وليس ما دون العشرة كذلك؛ إذ كما

مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ وَشُرِطَ فِيهِ اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ إمَّا لَفْظًا أَوْ حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ بِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ ووَكَذَا شَرْطٌ مُلْحَقٌ وعَطْفُ مُغَيِّرٍ وَيَصِحُّ فَأَقَلَّ مِنْ مُطَلَّقَاتٍ وطَلْقَاتٍ

_ يصلح جزءًا لها يصلح جزءا للعشرين وما فوقه. انتهى فحافظ عليه. قوله أيضًا على قوله: (إخراج) أي: لما هو داخلٌ لفظاً، غير مراد معنى. فليس الاستثناء رافعًا لواقع، بل مانعٌ من دخول المستثنى في المستثنى منه. قوله: (بعض الجملة) أي: بعض ما تناوله اللفظ لو لم يُذكر الاستثناء. قوله: (من متكلم واحد) فلا يصح استثناء غير موقع. قوله: (وشرط فيه اتصال) لأن غير المتصل يقتضي رفع ما وقع بالأول، وهو غير ممكنٍ، بخلاف المتصل؛ إذ الاتصال يجعل اللفظ جملة واحدة، فلا يقع الطلاق قبل تمامها، ولولا ذلك لما صحَّ التعليق. قوله: (لفظاً) أي: بأن يأتي به متواليًا. قوله: (ونحوه) كسعالٍ وعطاس. قال الطوفي: فلا يبطلُه الفصل اليسير عرفاً، ولا ما عرض من سعالٍ ونحوِه، ولا طول كلامٍ متصل بعضه ببعض. قوله: (ملحقٌ) أي: متأخرٌ. قوله: (وعطف مغير) لحكم المعطوف عليه، نحو: أنت طالقٌ أو لا.

فأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِرَفْعِهِ الثَّانِيَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً وإلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً أَوْإلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً وَإِلَّا وَاحِدَةً أَوْ وَثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً أَوْ أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ وأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا أَوْ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا جُزْءَ طَلْقَةٍ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا أَوْ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا أَوْ ثِنْتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفَ إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثُ كَعَطْفِهِ بِالْفَاءِ أَوْ ِثُمَّ

_ قوله: (إلا واحدة) أي: يقع ثلاث؛ لعود الاستثناء لما يليه، فهو كاستثناء الكلِّ. وإن أراد الاستثناء من المجموع في ذلك، دين وقبل حكمًا. قاله في "الإقناع". منصور البهوتي. قوله: (إلا طلقةً) يعني: فيقع ثلاث. قوله: (أو ثم) بأن قال: أنت طالق ثنتين فثنتين إلا ثنتين، أو: إلا واحدة.

وأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ الثَّلَاثُ ونِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ طَلُقْنَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعَ لَمْ تَطْلُقْ الْمُسْتَثْنَاةُ اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا وَإِنْ قَالَتْ نِسَائِي طَوَالِقُ. طَلُقَتْ مَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا وَفِي الْقَوَاعِدِ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ

_ أو أنت طالق ثنتين إلا ثنتين، أو إلا واحدة فيقع بذلك ثلاث. قوله: (ما لم يستثنها) يعني: فيقبل حكمًا، خلافًا لـ "الإقناع" قوله: (وفي "القواعد" أي: لابن اللحام، وخالفه صاحب "الإقناع" فقال: والاستثناء يرجع إلى ما تلفظ به، لا إلى ما يملكه. انتهى. قوله: (إلى ما يملكه) أي: فيفيده تارة تخفيفًا، كما إذا قال: أنتِ طالقٌ أربعًا إلا واحدة،

والْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدَةً وَقَالَهُ جَمْعٌ الْمُنَقِّحُ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ

_ فيقع ثنتان، وتارة تغليظًا، كما لو قال في المثال: إلا ثنتين، فيقع ثلاثا؛ لعدم صحة استثناء الثنتين من الثلاث. هذا على ما في "القواعد"، وتقدَّم خلافه، وأنه يقع في الأولى ثلاثاً، وفي الثانية اثنتين.

باب الطلاق في الماضي والمستقبل

باب الطلاق في الماضي والمستقبل إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَنَوَى وُقُوعَهُ إذَنْ وَقَعَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَلَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خُرِسَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ فَإِن قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّهِ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَقَعْ

_ باب الطلاق في الماضي والمستقبل أي: تقييد الطلاق بالزمن الماضي والمستقبل. قوله: (إذًا) أي: وقت القول، وقع. قوله: (وإلا) أي: بأن أطلق، أو نوى إيقاعه في الماضي، لم يقع، كما لو قال: أنت طالق قبل قدوم زيدٍ بيومين، فقدم اليوم. قوله: (أو خرس) خرس بكسر الراء: ذهب نطقُه. قوله: (قبلَ العلمِ بمراده) فلا يقع. منصور البهوتي. قوله: (فلها النفقة) أي: لم تسقط نفقتُها. قوله: (لم يقع) ويحرم وطؤها من حين عقد الصيغة إن كان الطلاق يبينها. "إقناع".

وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ تَطْلُقُ فِيهِ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ وأَنَّ وَطْأَهُ مُحَرَّمٌ وَلَهَا الْمَهْرُ فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمٍ وَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ وَعَكْسُهُمَا بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْخُلْعُ رَجَعَتْ بِعِوَضِهِ إلَّا الرَّجْعِيَّةَ فَيَصِحُّ خُلْعُهَا وَكَذَا حُكْمُ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَلَا إرْثَ لِبَائِنٍ عَدَمِ تُهْمَةٍ وإنْ مِتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَنَحْوَهُ لَمْ يَصِحَّ

_ قوله: (تطلقُ فيه) أي: يتَّسع لوقوع الطلاق. قوله: (محرم) يعني: إن كان الطلاق بائناً. قوله: (ولها المهر) بوطئِه المحرَّم؛ لأنها أجنبية. قوله: (بعد اليمين) أي: التعليق. قوله: (بيوم) مثلاً. قوله: (صحَّ الخلع) قلت: إن وقعَ الخلع حيلة لإسقاط يمين الطلاق، لم يصحَّ، كما تقدَّم. "شرح إقناع" قوله: (وبطلَ الطلاق) لأنه صادفها بائنًا. قوله: (وعكسهما) أي: فيبطلُ الخلع ويصح الطلاق. قوله: (وساعة) أي: بقدر ما يتسعُ؛ لوقوع الطلاق. قوله: (وإن لم يقع الخلع) أي: متى تبيَّن عدمُ صحَّة الخلع، رجعت ... إلخ. قوله: (قبلَه بشهر) أي: وكذا لو حذف (قبله بشهر). قوله: (ونحوه) أي: كيوم. قوله: (لم يصح) أي: لم يصحَّ التعليقُ؛ لأنه أوقع الطلاق بعد الموتِ، فلم يقع قبله؛ لمضيِّه. ومثله: إن قدم زيد فأنت طالق قبله بيومين، وإن

وَلَا تَطْلُقُ إنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَعَهُ وَإِنْ قَالَ يَوْمَ مَوْتِي طَلُقَتْ أَوَّلَهُ وقَبْلَ مَوْتِي يَقَعُ فِي الْحَالِ وَإِنْ قَالَ أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا يَقَعُ بِالْأُخْرَى

_ قال: قبل موت زيدٍ وعمرو بشهر، وقع بأولهما موتا. "إقناع". قوله: (وإن قال: يوم موتي ... إلخ) وقياس كلام أبي العباس: أنه يحرم وطؤها في كلِّ يوم من حين التعليق؛ لأن كلَّ يومٍ يحتمل أن يكون يوم الموت، كما في "شرح الإقناع". وهل إذا مات ليلاً يقع، أم لا؟ . قوله: (طلقت) إنما وقع الطلاق في هاتين الصورتين دون صورة الملك؛ لأن الموت، أو الشراء سببٌ لأمرين، وهما الملك، والطلاق، وهذان المسبَّبان يوجدان معًا بعد وجود سببهما المذكور، اعني: الموت أو الشراء. وأما فسخُ النكاح، فإنه يترتب على أحد المسببين، وهو الملكُ، فهو متأخر عنه، والمتأخرُ عن أحد المتساويين، متأخرٌ عن المساوي الآخر، فلهذا وقع الطلاق؛ لتقدُّمه على فسخ النكاح. وهذا بخلاف ما إذا قال: إن ملكتُك فأنتِ طالق؛ فإنَّ الملك في هذا الحال سببٌ لأمرين: الطلاق وفسخ النكاح، فلا يقعُ الطلاق؛ لعدم مصادفته لها في وقتٍ يمكنه طلاقُها فيه؛ لأنه يصادفها مملوكة، وهو لا يمكن إيقاع الطلاق عليها، والله اعلم. فتدبر.

وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ ثُمَّ قَالَ إذَا مَاتَ أَبِي أَوْ اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أَوْ اشْتَرَاهَا طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أَوْ اشْتَرَاهَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً فَمَاتَ أَبُوهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مَعًا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ فصل ويستعمل طلاق ونحوه اسْتِعْمَالَ الْقَسَمِ وَيُجْعَلُ جَوَابُ الْقَسَمِ جَوَابَهُ، فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ

_ قوله: (فمات أبوه) يعني: وقد قال لها: إن مات أبي طالق. قوله: (من الثلث) يعني: أو أجاز الورثةُ، وإلا طلقت وعتق منها بقدر الثلث. قوله: (ونحوه) كعتقٍ وظهار. منصور البهوتي. قوله: (في غير المستحيل) الظاهر: أنه غايةٌ لا قيدٌ، فكأنه قال: ويُستعملُ طلاقٌ ونحوه، كيمين بالله تعالى. ويجعل جوابُه جوابَه، ولو في غير المستحيل. فقوله: أنت طالق لأقومن، مثل: والله لأقومن، وقوله: أنت طالق لا أقوم، مثلُ: والله لا أقوم، هذا مثال غير المستحيل. وأما المستحيل، فقد ذكر المصنف أمثلته، وصرح بأن القسم مثله.

وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ مُسْتَحِيلٍ عَادَةً كأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ لَا صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ شَاءَ الْمَيِّتُ أَوْ الْبَهِيمَةُ أَوْ طِرْتِ أَوْ إنْ قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا أَوْ مُسْتَحِيلٍ لِذَاتِهِ كَإنْ رَدَدْتِ أَمْسِ. أَوْ جَمَعْتِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، أَوْ إنْ شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ، وَلَا مَاءَ فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى نَفْيِهِ كَأَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْهُ وَلَا مَاءَ فِيهِ، أَوْ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ. أَوْ إنْ لَمْ أَصْعَدْهَا. أَوْ لَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ. أَوْ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ عَلِمَهُ أَوْ لَا. أَوْ لَأَطِيرَنَّ. أَوْ إنْ لَمْ أَطِرْ وَنَحْوَهُ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ وَيَمِينٌ بِاَللَّهِ كَطَلَاقٍ وأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ لَغْوٌ وأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ يَقَعُ ثَلَاثٌ

_ قوله: (وإن علَّقَه) أي: وقوع الطلاق ونحوه بفعل، أي: بوجوده. قوله: (مستحيل عادة) وهو ما لا يتصور في العادة وجودُه، وإن وجد خارقا لها. قوله: (كحلفه بالله عليه) لأنه علقه بصفةٍ لم توجد، ولأن ما يقصد تبعيده يعلق بالمحال. قوله: (على نفيه) أي: عدمه. قوله: (علمه) أي: موتُه. قوله: (كطلاقٍ) أي: في ذلك التفصيل. قوله: (لغو) أي: فلا يقع طلاقٌ اليوم، ولا في غدٍ.

فصل في الطلاق في زمن المستقبل إذا قال أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا. أَوْ يَوْمَ كَذَا وَقَعَ بِأَوَّلِهِمَا وَلَا يَدِينُ وَلَا يُقْبَلُ حُكْمًا إنْ قَالَ أَرَدْت آخِرَهُمَا وفِي غَدٍ أَوْ فِي رَجَبٍ يَقَعُ بِأَوَّلِهِمَا وَلَهُ وَطْءُ قَبْلَ وُقُوعِ والْيَوْمَ أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ يَقَعُ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت فِي آخِرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ دُيِّنَ وَقُبِلَ حُكْمًا وأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا أَوْ قَالَ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ الْآتِي وَقَعَ فِي الْحَالِ وأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وغَدًا وبَعْدَ غَدٍ ....

_ قوله: (وقع بأولهما) أي: طلوع فجرهما. قوله: (وفي غد) الغدُ: اليوم الذي يلي يومك، أو ليلتَك، وقد يُرادُ به: ما قربَ من الزمان. فلو قال: والله لأفعلن هذا غداً، أو إن لم أفعل هذا غدًا، ففلانة طالق. وأراد به ما قرب من زمن حلفه، لم يحنث بفعله بعد الغد، قاله ابن نصر الله -رحمه الله تعالى- في "حواشي الفروع". قوله: (بأولهما) فيقع الطلاق بمجرد غروب شمس آخر الشهر قبله. قوله: (وأنت طالق اليوم) أي: في أحدِهما، وكذا ما بعدهما.

و ... فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِي بَعْدَهُ فوَاحِدَةٌ فِي الْأُولَى كَقَوْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ وثَلَاثٌ فِي الثَّانِيَةِ كَقَوْلِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ أَوْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ أَوْ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي يَوْمِهِ بِآخِرِهِ وأَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ يَقَعُ يَوْمَ قُدُومِهِ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ مَاتَا غَدْوَةً وَقَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهِمَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يَقَعُ إذَا قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا إلَّا بِنِيَّةِ وَلَا يَقَعُ إذَا قَدِمَ لَيْلًا مَعَ نِيَّتِهِ نَهَارًا وأَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ لَمْ تَطْلُقْ.

_ قوله: (فواحدةٌ) أي: فيقع واحدة. قوله: (في كلِّ يوم) أي: فيقع ثلاث في كل يوم طلقة، إن كانت مدخولا بها، وإلا بانت بالأولى. قوله: (من أوله) أي: يوم القدومِ، كأنت طالق يوم كذا. قوله: (ولو ماتا) أي: الزوجان. قوله: (مع نيَّته نهاراً) ومفهومه أنها تطلق مع الإطلاق، وصرَّح به في "التنقيح" و "الإقناع"، خلافاً لما جعله المذهب في "الإنصاف". قوله: (في غد) أي: أو يوم كذا مثلا. قوله: (لم تطلق) لأن "إذا" لما يستقبل

وَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ وَإِنْ نَوَى فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ بَعْضَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَعْضَهَا غَدًا فَثِنْتَانِ وَإِنْ نَوَى بَعْضَهَا الْيَوْمَ وَبَقِيَّتَهَا غَدًا فَوَاحِدَةٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ أَوْ حَوْلٍ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ الْحَوْلِ وَنَحْوَهُ يَقَعُ بِمُضِيِّهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وُقُوعَهُ إذَنْ فَيَقَعُ كَبَعْدَ مَكَّةَ أَوْ إلَيْهَا وَلَمْ يَنْوِ بُلُوغَهَا وأَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَبِدُخُولِهِ وفِي آخِرِهِ فَفِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ وفِي أَوَّلِ آخِرِهِ فَبِفَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ وفِي آخِرِ أَوَّلِهِ فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ وإذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ نَهَارًا وَقَعَ إذَا عَادَ النَّهَارُ إلَى مِثْلِ وَقْتِهِ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا،

_ من الزمان، فالمعنى: أنت طالق في غدٍ، أو نحوه وقت قدومِه، بخلاف مالو قال: أنتِ طالقُ يومَ كذا إن قدم زيدٌ، فإنها تطلق من أوله بقدومِه فيه، كما في "الإقناع". وفيه تأمل. قوله: (وبعضُها غدًا) أي: بعض طلقةٍ أخرى، لا بعض الأولى، وإلا فلا يقع إلا واحدةً، كما ذكره المصنف بعد. قوله: (آخر يوم منه) أي: ويحرم أن يَطأها في تاسع عشريه، إن كان الطلاق بائنًا. قوله: (فبفجر أول يوم منه) لأن أول الشهر الليلة الأولى منه، وآخرها طلوع الفجر، وفي "الإقناع": تطلق في آخر أول يوم منه.

فبِغُرُوبِ شَمْسِ الْغَدِ وإذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَيُكَمَّلُ مَا حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ وإذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَبِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ وإذَا مَضَى شَهْرٌ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وإذَا مَضَى الشَّهْرُ فَبِانْسِلَاخِهِ وأَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةٍ، وَكَانَ تَلَفُّظُهُ نَهَارًا وَقَعَ إذَنْ طَلْقَةٌ والثَّانِيَةُ بِفَجْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَكَذَا الثَّالِثَةُ وَإِنْ قَالَ فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. فَفِي أَوَّلِ الثَّالِثِ وأَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ تَقَعُ الْأُولَى فِي الْحَالِ والثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَكَذَا الثَّالِثَةُ إنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَلَوْ بَانَتْ حَتَّى مَضَتْ الثَّالِثَةُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَقَعَا وَلَوْ نَكَحَهَا فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ طَلُقَتْ عَقِبَهُ وَإِنْ قَالَ فِيهَا وَفِي إذَا مَضَتْ السَّنَةُ أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا وَإِنْ قَالَ أَرَدْت ابْتِدَاءً كَوْنَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا

_ قوله: (إن كانت في عصمته) أي: أو رجعيةً. قوله: (لم يقَعا) أي: الثانية والثالثة؛ لانقضاء زمنهما. قوله: (فيها) أي: مسألة كلِّ سنةٍ. قوله: (دين) أي: لأنها حقيقةٌ. قوله: (المحرم دُيِّن) لأنه أدرى. قوله: (ولم يقبل حكمًا) لأنه خلاف الظاهر.

باب تعليق الطلاق بالشروط

باب تعليق الطلاق بالشروط وَهُوَ تَرْتِيبُ شَيْءٍ غَيْرِ حَاصِلٍ عَلَى شَيْءٍ حَاصِلٍ

_ قوله: (وهو ترتيب ... إلخ) أي: ربط الجزاء بالشرط، فيوجد بوجودِه، ويعدم بعدمه من جهته، وهذا الربط يسمى: شرطًا أيضًا. والموضوع للربط "إن"، ثم إنه قد ضمِّن هذا المعنى جملةٌ من الأسماء، فربطت كربطها، فمنها: "إذا" و "متى"، وهما: ظرفان لما يُستقبل من الزمان غالبًا، متضمنين معنى الشرط غالبًا، فإذا قال: إذا قمت، أو متى قمت، فأنت طالقٌ، كان ذلك شائعًا في الزمن المستقبل، متى حصل قيامُها فيه، طلقت. ومنها "من" وهو: اسم متضمن معنى الشرط، موضوع لمن يعقل، شائع فيه، فإذا قال: من دَخَلت الدار، فهي طالق أو حرة، كان شائعًا في نسائه، وإمائه. ومنها "أي": وهي: اسم متضمن معنى الشرط، شائع فيما يضاف إليه، كائنا ما كان، كقوله: أي امرأة قامت، فهي طالق. أو: أي مكان جلست فيه، أو: أي زمان حللت فيه. وهذا معنى قول المصنف: و (من وأي ... إلخ). قوله أيضا على قوله: (وهو ترتيب) أي: من طلاق، وظهار، وعتق، ونذر، ونحوها.

أَوْ غَيْرِ حَاصِلٍ بإنْ أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَيَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ شَرْطٍ وتَأَخُّرِهِ بِصَرِيحٍ وَبِكِنَايَةٍ مَعَ قَصْدِ وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وحُكْمِهِ بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ قُمْتِ وَيَقْطَعُهُ سُكُوتُهُ وتَسْبِيحُهُ وَنَحْوُهُ وأَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةٌ رَفْعًا وَنَصْبًا يَقَعُ بِمَرَضِهَا وَمَنْ وَأَيٌّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ زَوْجٍ فإنْ تَزَوَّجْتُ أَوْ عَيَّنَ وَلَوْ عَتِيقَتَهُ فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ بِتَزَوُّجِهَا وَإِنْ قَالَ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ

_ قوله: (غير حاصل) أي: في الحال. قوله: (حاصل) أي: موجود في الحال. قوله: (أو إحدى أخواتها) من أدوات الشرط ولو غير جازمةٍ. قوله: (وحكمه) أي: جوابه. قوله: (سكوته) أي: سكوتاً يمكنه الكلام فيه، ولو قل. قوله: (وتسبيحه) أي: المعلق بين شرطٍ وجزائِهِ. قوله: (ونحوه) أي: كتهليله. قوله: (المضافة إلى الشخص) كأيتكن قامت أو أقمتها، فهي طالق. فيعم من قامت أو أقمتها، كما تقتضي "أي" المضافة إلى الوقت عمومه، كقوله: أي وقت قمت، أو أقمتك، فأنت طالق، فإنه يعم كل الأوقات.

فتزوجها ثم قامت لم يَقَعْ كَحَلِفِهِ لَا فَعَلْت كَذَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ زَوْجَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَفَعَلَ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ وَيَقَعُ مَا عَلَّقَ زَوْجٌ بِوُجُودِ شَرْطٍ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ عَجَلَتَهُ وَإِنْ قَالَ سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَلَمْ أُرِدْهُ وَقَعَ فصل وأدوات الشرط الْمُسْتَعْمَلَةُ

_ قوله: (ولو قال: عجَّلته) فإن أراد تعجيل طلاق غير المعلق، وقع، ثم إن وجد المعلق عليه، وهي يلحقها طلاقه، وقع أيضًا. قوله: (وأدوات الشرط ... إلخ) اعلم: أن الأدوات من جهة إفادة التكرار وعدمه، على قسمين: أحدهما: ما يفيده، وهو "كلما" فقط. والثاني: ما لا يفيده، وهو باقيها. ومن جهة التراخي والفورية، على قسمين أيضًا: أحدهما: ما يكون للتراخي بشرطين: عدم نية الفورية، وعدم قرينتها، ويكون للفورية بشرط واحد: نية الفورية، أو قرينتها، وهذا القسم هو "إن" فقط.

_ وثانيهما: ما يكون للتراخي بثلاث شروط: عدم "لم"، وعدم نية الفورية، وعدم قرينتها. ويكون للفورية بشرط واحد: وجود "لم"، أو نيَّة فور، أو قرينته، وهو باقي الأدوات. فائدة: سئل ابن الوردي بما لفظه: أدوات التعليق تخفى علينا ... هل لكم ضابطٌ لكشف غطاها؟ فأجاب بما نصه: كلما للتكرار وهي ومهما ... إن إذا أي من متى معناها للتراخي مع الثبوت إذا لم ... يك معها إن شئت أو أعطاها أو ضمان، والكل في جانب النفـ ... ـي لفور، لا إن فذا في سواها انتهى. وقوله: إذا لم يك معها، أي: مع "إن" خاصة، خلافًا لما يوهمه النظم من العموم؛ إذ غير "إن" مع الصيغ الثلاث الآتية باقية على التراخي. وقوله: إن شئت، أي: هذا. وقوله: أو أعطاها، أي: صيغة تقتضي التعليق على الإعطاء، كإن أعطيتني كذا، فأنت طالق. وقوله: أو ضمان، أي: صيغة تفيده؛ بأن يكون الطلاق معلقًا عليه، كإن ضمنت لي ما على زيد، فأنت طالق، كذا أفاده العلامة نور الدين علي الشبراملسي الشافعي. تقرير شيخنا محمد الخلوتي.

غَالِبًا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ سِتٌّ إنْ وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ وَأَيُّ وَكُلَّمَا وَهِيَ وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ وَكُلُّهَا وَمَهْمَا بِلَا لَمْ أَوْ نِيَّةٍ فَوْرًا وَقَرِينَتِهِ لِلتَّرَاخِي ومَعَ لَمْ لِلْفَوْرِ إلَّا إنْ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ فَوْرٍ أَوْ قَرِينَةِ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ مَهْمَا أَوْ مَنْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَطَالِقٌ وَقَعَ بِقِيَامِ وَلَا يَقَعُ بِتَكَرُّرِهِ إلَّا مَعَ كُلَّمَا وَلَوْ قُمْنَ أَوْ أَقَامَ الْأَرْبَعُ فِي أَيَّتُكُنَّ أَوْ مَنْ قَامَتْ أَوْ أَقَمْتُهَا طَلُقْنَ وَلَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ وَلَمْ يَطَأْ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ بِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَائِرِهَا وَهُنَّ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فَإِنْ وَطِئَ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ ثِنْتَانِ وَهُمَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَإِنْ وَطِئَ ثَلَاثًا

_ قوله: (غالبا) ومن غيره حيثما، ومهما، ولو، ونحوها. قوله: (ومع لم) أي: وكل الأدوات مع "لم" للفور، إلا مع نية تراخ، أو قرينة. قوله: (إلا إن ... إلخ) أي: فهي للتراخي، ولو مع "لم" قوله: (فثلاث) يعني: تقع على الموطوءة. قوله: (فثنتان ثنتان) أي: بالموطوءتين. قوله: (وهما) أي: الباقيتان.

وَقَعَ بِالْمَوْطُوءَةِ فَقَطْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَطْلَقَ

_ قوله: (فقط) أي: دون المتروكة. قوله: (وإن أطلق ... إلخ) قال المصنف في "شرحه"؛ بأن قال: أيتكن لم أطأ اليوم ولا بعده، أو: أيتكن لم أطأ أبدًا، فضراتها طوالق. انتهى. فمعنى الإطلاق هنا: أن لا يقيد عدم الوطء بزمن معين، بل يأتي بما يعم جميع المستقبل، وهذا ظاهر لا إشكال عليه؛ لأن ذلك قرينة على إرادة التراخي، فلا يرد أن "أيا" مع "لم" للفور؛ لما ذكرنا، وصور منصور البهوتي في "شرحه" الإطلاق بما إذا لم يذكر الوقت؛ بأن قال: أيتكن لم أطأ، فضراتها طوالق، وجعل القرينة على إرادة التراخي استحالة وطئهن معًا، وفيه نظر؛ إذ الفورية في كل شيء بحسبه، كما قالوا: يجب قضاء الفوائت فورًا، أي: واحدةً عقب واحدةٍ بلا فصلٍ يمكنه الصلاةُ فيه، فكذا هنا، وكما نصَّ عليه النحاة في إفادة الفاء التعقيب، في نحو: جاء زيد فعمروٌ، وتزوَّج زيد فولد له ولد، فإن الفاء فيهما للتعقيب، لكنه مختلف، ففي جاء زيد فعمرو، معناه: أنه لم تحصل مهلة بين المجيئين، بل جاء عمرو على عقب زيدٍ، وفي تزوج زيدٌ فولد له، معناه لم يمض بعد العقد إلا مدَّة الدخول والحمل، فتعين المصير إلى ما ذكره المصنف في "شرحه" كيف وصاحب البيت أدرى بالذي فيه؟ ، وحينئذٍ فتحمل عبارة "الإقناع" على ما فسره المصنف؛ لأنَّ العبارة واحدة، وأصلُها لصاحب

تَقَيَّدَ بِالْعُمْرِ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَثَلَاثٌ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ كُلَّمَا أَدَاةٌ غَيْرُهَا فَثِنْتَانِ وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى صِفَاتٍ فَاجْتَمَعْنَ فِي عَيْنٍ كَإنْ رَأَيْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وإنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمْ وَقَعَ إذَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الْمَيِّتِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِإِيقَاعِهِ وَلَا يَرِثُ بَائِنًا

_ "الرعاية". والظاهر: أنه إذا لم يتعرض للزمن أصلا؛ بأن قال: أيتكن لم أطأ، فضراتها طوالق. ومضى زمن يمكن فيه وطء إحداهنَّ، وقع بثلاث منهن، طلقة طلقة، وبمضي زمنٍ يمكن فيه وطء الثانية، يقع كذلك، وكذا الثالثة والرابعة، فيطلقن ثلاثا ثلاثا؛ لأن هذا زمن الفورية، وقد فات، بل هذا مقتضى ما تقدم. فتدبر، ولا تعجل، والله أعلم. قوله: (تقيَّد بالعمر) فإن مات ولم يطأ واحدة منهن، طلقن ثلاثا قبيل موته، وإن وطيء بعضهن، فعلى ما سبق. قوله: (ولو كان بدل كلَّما) أي: في نصف الرُّمانة لا مطلقًا. قوله: (فمات أحدهما) أي: القائل والمقول لها في الأول. قوله: (أو أحدهم) أي: القائل، والزوجتين في الثالثة.

وَتَرِثُهُ وَإِنْ نَوَى وَقْتًا أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرِ تَعَلُّقٍ بِهِ ومَتَى لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَيَّتُكُنَّ أَوْ مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْ طَلُقَتْ وكُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى مَا يُمْكِنُ إيقَاعُ ثَلَاثِ مُرَتَّبَةً فِيهِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا بَانَتْ بالْأُولَى شَرْطٌ كَنِيَّتِهِ

_ قوله: (وترثه) يعني: إن مات قبلها، كما لو أبانها عند موته بلا سؤالها، وكذا: إن لم أتزوج عليك، فأنت طالق ثلاثا. نصا. قوله: (وإن نوى وقتًا) أي: بقوله: إن لم أطلقك، ونحوه. قوله: (وإن قال عامي) اي: غير نحوي، وهو منسوب إلى العامة، الذين هم خلاف الخاصَّة؛ لأن العامة لا تعرف العلم، وإنما تعرفُه الخاصة، فكل واحد عامي بالنسبة إلى مالم يحصِّل علمه، وإن حصل علما سواه، قاله في "المطلع". قوله: (فشرط، كنيَّته) ولو من نحوي.

وَإِنْ قَالَهُ عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذْ قُمْت أَوْ وَإِنْ قُمْت أَوْ وَلَوْ قُمْت طَلُقَتْ فِي الْحَالِ وَكَذَا إنْ أَوْ لَوْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْجَزَاءَ أَوْ أَنَّ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَانِ لِشَيْءٍ ثُمَّ أَمْسَكْتُ دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا وأَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْتِ كَإنْ قُمْتِ وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُكِ، ....

_ قوله: (بمقتضاه) أي: التعليل. قوله: (أو قال) أي: رجل لامرأته. قوله: (في الحال) ظاهره: سواء وجد ما علل به في صورة التعليل، أو لا، وصرح في "الإقناع" بأنه لابد من كون العلة المذكورة موجودة، وإلا فلا يقع طلاق، وهو مقتضى ما تقدم فيمن أشهد على نفسه بطلاق زوجته، إلى آخر ما في صريح الطلاق وكنايته. فراجعه. قوله: (وكذا: إن ... إلخ) أي: وكذا لو قال لزوجته: إن قمت وأنت طالق، وقع في الحال، إلغاء للشرط هنا والواو؛ لأنها لا تصلح في الجواب، أو قال لها: لو قمت وأنت طالق، وقع في الحال أيضًا، لما تقدم. فتدبر. قوله: (لشيء آخر) أي: من عتق، أو طلاق، أو ظهار، أو نحوه. قوله: (كـ: ... إن قمت) أي: فلا تطلق حتى تقوم؛ لأن "لو" تستعمل شرطية، كـ "إن".

فَمَتَى دَخَلَتْ الْأُولَى طَلُقَتْ لَا الْأُخْرَى بِدُخُولِهَا وَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَعْلَ الثَّانِيَ شَرْطًا لِطَلَاقِهَا أَيْضًا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ شَرْطٌ لِطَلَاقِهَا فعَلَى مَا أَرَادَ وإنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِدُخُولِهِمَا وإنْ قُمْت فَقَعَدْت أَوْ ثُمَّ قَعَدْتِ أَوْ قَالَ إنْ قُمْتِ مَتَى قَعَدْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ إذَا قُمْتِ أَوْ مَتَى قُمْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ

_ قوله: (فمتى دخلتِ الأولى) وهي المخاطبة. قوله: (لطلاقها أيضًا) أي: لطلاق الأولى طلاقا ثانيًا، والحاصل: أنه أتى بالصيغة المذكورة فتارة يطلق، فيلغو الشرط الثاني، وتارة ينوي للثاني جوابا، هو طلاق الأولى، أو الثانية، فعلى ما أراد. فهذه الصور الثلاث مذكورةٌ في المتن، وبقيت صورة رابعة يحتملها المتن أيضا، وهي: ما إذا أراد جعل دخولها، ودخول ضرتها شرطاً للطلاق، فتصير نظيرة الصورة المذكورة بقوله: (وإن دخلت الدار، وإن دخلت هذه ... إلخ) فلا تطلق إلا بدخولهما، لا بدخول إحداهما، وعلى هذا، فلا حذف في الجواب فتدبر. قوله: (إلا بدخولهما) لأنه رتب الطلاق على مجموع الدخولين. قوله: (وإن قمت متى قعدت) فيه نظر، فإنه من اعتراض الشرط على الشرط، فيقتضي تأخير المتقدم، وعكسه، إلا أن يكون على حذف الفاء. قوله: (متى قمت) أي: أو قال: إن قعدت متى قمت ... إلخ.

إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ وَإِنْ عَكَسَ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت وَقَعَدْتِ أَوْ لَا قُمْت وَقَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا كَانَ أَوْ إنْ قُمْت وَإِنْ قَعَدْت أَوْ لَا قُمْتِ وَلَا قَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وإنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَسْأَلَهُ ثُمَّ يَعِدُهَا ثُمَّ يُعْطِيَهَا وكُلَّمَا أَجْنَبْتُ فَإِنْ اغْتَسَلْتُ مِنْ حَمَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثًا وَاغْتَسَلَ مَرَّةً فِيهِ فَطَلْقَة.

_ قوله: (ثم تقعد) لأنه من اعتراض الشرط على الشرط، فيقتضي تأخير المتقدم، وتقديم المتأخر. قوله: (بوجودهما) أي: لا بوجود أحدهما. قوله: (كيفما كان) لأن الواو لا تقتضي ترتيبًا. قوله: (أو إن قمت، وإن قعدت) أي: فتطلق بوجود أحدهما، وهذا مخالف لما تقدم في قوله: (وإن دخلت الدار، وإن دخلت هذه ... إلخ) فإنها لا تطلق إلا بدخولهما، فيطلب الفرق. قوله: (بوجود أحدهما) لأن مقتضى ذلك: تعليق الجزاء على أحد المذكورين. قوله: (فطلقة) لأن الطلاق معلق على أمرين، ولم يوجد مجموعها إلا مرَّة.

وَيَقَعُ ثَلَاثًا مَعَ فِعْلٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ مَعَ كُلِّ جَنَابَةٍ كَمَوْتِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ وَإِنْ أَسْقَطَ الْفَاءَ مِنْ جَزَاءِ مُتَأَخِّرٍ فكَبَقَائِهَا فصل في تعليقه بالحيض إذَا قَالَ إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقَعُ بِأَوَّلِهِ إنْ تَبَيَّنَ حَيْضًا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَيَقَعُ فِي إذَا حِضْت حَيْضَةً بِانْقِطَاعِهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ عُلِّقَ فِيهَا وكُلَّمَا حِضْت أَوْ زَادَ حَيْضَةً تَفْرُغُ عِدَّتُهَا بِآخِرِ

_ قوله: (لم يتردَّد) أي: يتكرر. قوله: (كموت) لقرينة الحال الدالةِ على عدم إرادة تكرر الثاني، فلو قال: كلما أجنبت ومات زيد، فأنت طالق، فأجنب ثلاثا، ثم مات زيد، طلقت ثلاثا. قوله: (فكبقائها) فلا تطلق حتى يوجد الجزاء، وإن قال: أردت الإيقاع في الحال، وقع. فصل في تعليقه بالحيض وجودا أو عدمًا. قوله: (إن تبين ... إلخ) انظر: ما فائدة قوله: (إن تبين حيضا)، مع الحكم عليه بأنه أول حيض؛ إذ أول الحيض، لا يكون إلا حيضًا؟ ! وقد يجاب بأنه أطلق الحيض، وأراد به العام، والمعنى: وقع بأوَّل الدم، إن تبين كون ذلك الدم حيضًا. محمد الخلوتي. قوله: (وإلا لم يقع) أي: وإلا؛ بأن نقص عن أقله، لم يقع. قوله: (بانقطاعه) أي: من حيضةٍ مستقبلة؛ لأن المرة تحمل على الكاملة، ويقع سنيًا. قوله: (علق فيها) لأنه لم يوجد منها بعد التعليق إلا بعض حيضةٍ، لا حيضة.

حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ وَطَلَاقُهُ فِي ثَانِيَةٍ غَيْرُ بِدْعِيٍّ وإذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا مَضَتْ حَيْضَةٌ تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ لِنِصْفِهَا وَمَتَى ادَّعَتْ حَيْضًا فَأَنْكَرَ فَقَوْلُهَا كَإنْ أَضْمَرْت بُغْضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَادَّعَتْهُ لَا فِي وِلَادَةٍ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ وَلَا فِي قِيَامٍ

_ قوله: (رابعة) لأن الرجعية إذا طلِّقت، بنت على عدة الطلاق الأول. قوله: (في ثانية) أي: وثالثة؛ لأنه لا أثر له في تطويل العدة؛ لأن كليهما يحسب منها، بخلاف الأولى، وأما من قال: كلما حضت حيضة، فكل طلاقه غير بدعي. قال منصور البهوتي: وهو مقتضى كلام المصنف في "شرحه". وأصل العبارة لـ "الفروع". قوله: (لنصفها) أي: عند مضي زمن نصفِ الحيضة المستقرة، وتبيَّن ذلك بطهرها دون خمسة عشر، أو بمضي سبعة أيامٍ ونصفٍ؛ لأنَّ نصف الحيضة لا يزيد على ذلك. فتدبر. قوله: (ومتى ادَّعت) أي: معلق طلاقها بحيضها. قوله: (فقولها) أي: بلا يمين، وفي "الإقناع" بيمين، وهو أولى في هذه الأزمنة. قوله: (لا في ولادة) علق عليها طلاقها؛ لأنها قد تُعلم من غيرها.

وَنَحْوِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ طَلُقَتْ وَلَوْ أَنْكَرَتْهُ وإذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ حَائِضٌ فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ وَإِلَّا فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وإنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَقَالَتْ: حِضْت فَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ وَحْدُهَا وإنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَادَّعَتَاهُ فَصَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا وَإِنْ أَكْذَبَهُمَا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَكْذَبَ إحْدَاهُمَا

_ قوله: (ونحوه) لأنَّ الأصل عدمه. قوله: (فإذا انقطع الدم) ظاهره: ولو قبل تمام عادتها؛ لأنها بحصول النقاء تثبت لها أحكام الطاهرات، من وجوب صلاةٍ، وصوم، وغيرهما، لكن لو عاد الدم بقية العادة، فهل نقول: تبينا عدم وقوعه؛ لأن الظاهر: أنه أراد طلاقها بعد حيضة كاملة؛ نظرًا للعرف، أو لا؛ نظرًا للطهر الشرعي؟ توقف فيه منصور البهوتي. والظاهر: الأول؛ لأن الطلاق من قبيل الأيمان، ومبناها على العرف. قوله: (فأنتما طالقتان) أي: لم يقع طلاق حتى تحيضا؛ لتعليقه طلاق كل منهما على حيضهما.

طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ قَالَهُ لِأَرْبَعٍ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ أَوْ أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ مِنْكُنَّ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ كَامِلًا وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ وَطَلَّقَ ضَرَائِرَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً والْمُكَذَّبَتَانِ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقْنَ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ والْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا وإنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً طَلُقَتَا بِشُرُوعِهِمَا فِي حَيْضَتَيْنِ

_ قوله: (طلقت) أي: المكذبة؛ لقبول قولها في حقها، وتصديق زوجها لضرتها. قوله: (طلقن كاملا) أي: ثلاثا ثلاثا. قوله: (لم تطلق) لأن طلاقها بحيض ضراتها، ولم يثبت. قوله: (طلقة طلقة) لأن لكل واحدة منهما ضرة مصدقة. قوله: (ثنتين ثنتين) لأن لكل منهما ضرتين مصدقتين. قوله: (طلقتا بشروعهما ... إلخ) أي: إلغاءً لقوله: (حيضةً) لأنَّ وجود حيضةٍ واحدةٍ منهما محال، وهذا ما جزم به في "التنقيح"، وتبعه المصنف وصاحب "الإقناع"، وهو قول القاضي وغيره. والوجه الثاني:

فصل في تعليقه بالحمل والولادة إذا قال إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ حَامِلًا زَمَنَ حَلِفِهِ. وَقَعَ مِنْهُ أَوْ وَطِئَ بَعْدَهُ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ أَوَّلِ وَطْئِهِ لَمْ تَطْلُقْ وإنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَبِالْعَكْسِ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ فِيهِمَا وقَبْلَ زَوَالِ رِيبَةٍ،

_ لا يطلقان إلا بحيضة من كل واحدة منهما، كأنه قال: إن حضتما كل واحدةٍ حيضة، فأنتما طالقتان. صححه في "الإنصاف"، قال: وهذه المسألة مبنية على قاعدة أصولية، وهي إذا لم ينتظم الكلام إلا بارتكابِ مجاز الزيادة، أو النقص، فالنقص أولى؛ لأن الحذف في كلام العرب أكثر من الزيادة. ذكره جماعة من الأصوليين. انتهى بمعناه. وقد ظهر أن ما في "التنقيح" وغيره، مبني على مجاز الزيادة، وما في "الإنصاف" على مجاز النقص. فتدبر، والله أعلم. قوله: (فبانت حاملا) أي: بأن تلد لدون ستة أشهر من حلفه، ويعيش، أو لدون أربع سنين، ولم توطأ بعد حلفٍ. قوله: (فبالعكسِ) فلا تطلق، إن بانت حاملا. قوله: (فيهما) أي: صورتي الإثبات والنفي. قوله: (وقبل زوال ريبة) أي: يحرم على الزوج، أن يطأ زوجته قبل زوال ما يشك معه

أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ بَائِنًا وَيَحْصُلُ بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ أَوْ مُسْتَقْبَلَةٍ أَوْ مَاضِيَةٍ لَمْ يَطَأْ وإنْ أَوْ إذَا لَمْ يَقَعْ إلَّا بمُتَجَدِّدٍ وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كَانَ وَطِئَ فِي طُهْرٍ حَلِفَهُ قَبْلَ حَيْضٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كُلَّ طُهْرٍ

_ في حملها، من انتفاخ بطن وحركته، فيما إذا قال: إن لم تكوني حاملا، فأنت طالق. فلا يطؤها مع الريبة؛ لاحتمال أن لا تكون حاملا، فتبين منه، ومفهومه: أنها بعد زوال الريبة؛ بأن تبين عدم الحمل، يحرم من باب أولى، فهو مفهوم موافقةٍ، وأنه بعد ظهور الحمل لا يحرم، فهو مفهوم مخالفةٍ. وأما في الصورة الأولى، وهي ما إذا قال: إن كنت حاملا، فأنت طالق، فيحرم قبل زوال الريبة؛ لاحتمال أن تكون حاملا، لا بعد زوال ريبة، بتبين أنها ليست بحاملٍ. والحاصل: أنه يحرم الوطء في الصورتين قبل الاستبراء، وزوال الريبة، وأنَّه يحرم قبل ظهوره في الثانية، لا بعده، بخلاف الأولى، فإنه يحرم بعده. فتدبر. ففي العبارة شيء. قوله: (أو ظهور حملٍ) أي: لا بعده في الثانيةِ، وهي إن لم تكوني حاملاً، وأما الأولى، فيحرم فيها الوطء حتى بعد ظهورِ حملٍ. قوله: (بعدها) أي: الماضية. قال الإمام أحمد: فإن تأخَّر حيضها أريت النساء من أهلِ المعرفة، فإن لم يوجد، أو خفي عليهن، انتظر عليها تسعةَ أشهرٍ، غالب مدة الحمل.

وإنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فطَلْقَةً وبِأُنْثَى فثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَطَلْقَةٌ وأُنْثَى مَعَ ذَكَرٍ فَأَكْثَرَ فَثَلَاثُ وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ أَسْقَطَ مَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَمَا عُلِّقَ عَلَى وِلَادَةٍ يَقَعُ بِإِلْقَاءِ مَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ وإنْ وَلَدْت ذَكَرًا فطَلْقَةً وأُنْثَى فثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ بِمَعِيَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْبِقُ أَحَدَهُمَا وَإِنْ سَبَقَ أَحَدَهُمَا بِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَعَ مَا عُلِّقَ بِهِ وَبَانَتْ بالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ وَكَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك وبِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَقَدْ وَطِئَ بَيْنَهُمَا فَثَلَاثُ

_ قوله: (فولدتهما) اي: الذكر والأنثى، لم تطلق؛ لأنه جعل كلا من الذكر والأنثى خبرًا عن الحمل، أو ما في البطنِ، فيقتضي حصره في أحدهما. قوله: (ولو أسقط "ما") أي: بأن قال: إن كان في بطنك ... إلخ. قوله: (ما تصير به أمة ... إلخ) وهو ما تبين فيه بعض خلق إنسانٍ، ولو خفيًا. قوله: (وقع) أي: لوجوب تعقب الوقوع للصفة. قوله: (وبانت بالثاني) أي: إن لم يرتجعها قبله. قوله: (بينهما) أي: الوضعين. قوله: (فثلاث) أي: لحصول الرجعة بالوطء بينهما، كما يعلم من "الإنصاف"، وعبارته: فإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر، فالثاني حمل مستأنف بلا خلاف بين الأمة، .... وفي الطلاق به الوجهان، إلا أن نقول: لا تنقضي به العدة، فتقع الثلاث، وكذا في أصح الوجهين، إن ألحقناه به؛

وَمَتَى أَشْكَلَ سَابِقٌ فَطَلْقَةٌ بِيَقِينٍ وَيَلْغُو مَا زَادَ لِلشَّكِّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْوَرَعُ أَنْ يَلْتَزِمَهَا لِاحْتِمَالِ مَا سَبَقَ الْأُنْثَى، فَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى فَقِيَاسُهُ يَقَعُ الْأَقَلُّ وَمَا زَادَ لِلشَّكِّ فِيهِ وَالْوَرَعُ الْتِزَامُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ تَلِدُهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وإنْ وَلَدْت ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ حَيَّيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا حِنْثَ بذَكَرٍ وَأُنْثَى أَحَدُهُمَا فَقَطْ حَيٌّ وكُلَّمَا وَلَدْت أَوْ زَادَ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ مَعًا فَثَلَاثُ ومُتَعَاقِبِينَ طَلُقَتْ بِأَوَّلٍ وَبِثَانٍ وَبَانَتْ بِثَالِثٍ وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ وزَادَ لِلسُّنَّةِ فَطَلْقَةٌ بِطُهْرٍ ثُمَّ أُخْرَى بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ

_ لثبوت وطئه، فتثبت الرجعة على أصح الروايتين فيها. انتهى المقصود منه. قوله: (ويلغو ما زاد) والورع التزامُ ثنتين، وقياسُه: لو ولدت خنثى. قوله: (أحدهما فقط حي) أي: لأن الصفة لم توجد. قوله: (وبثان) لعدم انقضاء العدة به. قوله: (وبانت بثالثٍ) أي: ولم تطلق. قوله: (فطلقة بطهر) أي: من نفاسِها.

فصل في تعليقه بِالطَّلَاقِ إذَا قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ،

_ فصل في تعليقه بالطلاق أي: بإيقاع الطلاق، أو بوقوعه، والفرق بينهما: أنَّ الإيقاع: الإتيان بلفظ يوجبه، إما بتنجيزٍ أو تعليق على صفةٍ متأخرين. أي: التعليق، والصفة. فالتنجيز، كقوله: أنت طالق، إيقاع، وكذلك قوله: إن دخلت الدار مثلا، فأنت طالق، فإن التعليق مع وجودِ الصفة، إيقاعٌ للطلاق، فحيث تأخر تعليقه بدخول الدار، عن تعليقه بالإيقاع، كان عند دخول الدار قد حصل الإيقاع المعلق عليه، فقد علمت: أنَّ الطلاق المعلق على الإيقاع يحصل بأحد أمرين: أحدهما: أن ينجِّز الطلاق بعد تعليقه بالإيقاع. والثاني: أن يعلِّق طلاقها على أمر، كدخول الدار، تعليقًا متأخرًا، عن التعليق بالإيقاع، فإنها إذا دخلت الدار مثلا، تطلق طلقتين، واحدة بالتعليق على دخولها الدار، وأخرى بالتعليق على الإيقاع، كما أنه في صورة التنجيز يقع بها طلقتان، واحدة بالتنجيزِ، وواحدة بالتعليق على الإيقاع، وأما الوقوع، فهو عبارة عن حصول الطلاق، وقيامه بها، وذلك بأحد ثلاثة أمور: أحدها: تنجيزه، فإنه يحصل به الإيقاع أولاً، ثم الوقوع ثانيا، كمن ألقى شخصا في بئر، فإن إيقاعه في البئر، وهو رميه يحصل أولا، ثم الوقوع ثانيًا، وهو حصوله في البئر، واستقراره فيها. والثاني: بتعليقه على أمرٍ تعليقا متأخراً عن التعليق بالوقوع. والثالث: بتعليقه على أمر تعليقا متقدما على تعليقه على الوقوع.

ثُمَّ أَوْقَعَهُ بَائِنًا لَمْ يَقَعْ مَا عُلِّقَ كَمُعَلَّقٌ عَلَى خُلْعٍ وَإِنْ أَوْقَعَهُ رَجْعِيًّا أَوْ عَلَّقَهُ بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِوُقُوعِ طَلَاقِهَا فَقَامَتْ. وَقَعَ ثِنْتَانِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِطَلَاقِهِ لَهَا أَوْ بِإِيقَاعِهِ فَقَامَتْ. فَوَاحِدَةٌ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ بِقِيَامِهَا فَقَامَتْ. فَثِنْتَانِ

_ والطلاق المعلق على الإيقاع، أو على الوقوع لا بد وأن يصادفها غير بائنةٍ؛ لتكون أهلا لوقوع الطلاق عليها. وإذا أحكمتَ ما قررناه، سهل عليك ما ذكره المصنف في هذا الفصل الصعب. واعلم: أن قوله: كلَّما طلقتك، أو إن طلقتك، تعليق على الإيقاع، فهو كما لو قال: كلما أوقعت. وأن قوله: كلَّما، أو إن طلقت أنت، تعليق على الوقوع، كما لو قال: إن وقع عليك. فتدبر. قوله: (ثم أوقعه بائناً) كعلى عوض، أو كانت غير مدخولٍ بها. قوله: (ثم بوقوع طلاقها) أي: بأن قال لها: إن قمتِ، فأنت طالقٌ، وإن وقع عليك طلاقي، فأنت طالق. قوله: (وإن علقه بطلاقها ثم بقيامها، فقامت، فثنتان) الفرق بين هذه المسألة، وبين قوله قبلها: (وإن علَّقه بقيامها ثم بطلاقه لها وإيقاعه، فقامت، فواحدةٌ) يعني: أنه إذا قال لها: إن طلقتك فأنت طالق، وإن قمت، فأنت طالق، فقامت، وقع عليها طلقتان: طلقة بالتعليق الثاني؛ لوجود صفته، وهو القيام، وطلقة بالتعليق الأول؛ لوجود

وإنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَجَّزَهُ. رَجْعِيًّا فَثَلَاثٌ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت إذَا طَلَّقْتُك طَلُقْتِ وَلَمْ أُرِدْ عَقْدَ صِفَةٍ دِينَ وَلَا يُقْبَلُ حُكْمًا وكُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ. فَثِنْتَانِ وكُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ وَقَعَ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ فَثَلَاثٌ إنْ وَقَعَتْ الْأُولَى والثَّانِيَة رَجْعِيَّتَيْنِ وَمَنْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ

_ صفته أيضًا، وهي التطليق؛ لأن تعليقَ الطلاق على صفةٍ حيث وُجدَت، تطليق وإيقاع، لا وقوعٌ فقط، لتأخير إنشائه عن التعليق الأول، وهذا بخلاف ما لو قال لها: إن قمت فأنت طالق، وإن طلقتك، أو أوقعت عليك طلاقي فأنت طالق. فقامت، فإنه لا يقع عليها إلا طلقةٌ بالقيام؛ لأنه لم يوجد بعد قوله لها: إن طلقتك، أو أوقعت عليك طلاقي، إنشاء طلاق، لا منجزٍ ولا معلقٍ، وإنما وجد وقوع طلاقٍ تقدَّم إنشاؤه على هذا التعليقِ. قوله: (طلقت) أي: بما أوقعته في المستقبل. فهو إخبارٌ عنه لا إنشاءٌ. قوله: (دين) أي: لأنه محتمل، ولم يقبل حكمًا؛ لأنه خلاف الظاهر. قوله: (بمباشرة) أي: تنجيز (أو سبب) أي: تعليق. قوله: (رجعيَّتين) أي: بأن كانت مدخولا بها، ولم تكن واحدة منهما بعوضٍ. قوله: (يملك فيه الرجعة) كإن قال: إن طلقتك طلاقا أملك فيه رجعتك، فأنت طالق ثلاثا.

ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً وَقَعَ الثَّلَاثُ أَوْ كُلَّمَا إنْ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَثَلَاثٌ طَلْقَةٌ بِالْمُنَجَّزِ وَتَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَهُ وَتُسَمَّى السُّرَيْجِيَّةُ وَيَقَعُ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ إنْ وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُبَاحًا أَوْ إنْ أَبَنْتُكِ أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك

_ قوله: (ثم طلق واحدة) أي: أو ثنتين، وهي مدخول بها في نكاح صحيح. قوله: (وقع الثلاث) "أل" فيه للعهد الذهني، لا الذكري. قوله: (بالمنجز) أي: لأنه طلاق من زوج مختار في نكاح صحيح، فوجب أن يقع كما لو لم يعقد هذه الصفقة، ولعموم النصوص، وكون الطلاق المعلق قبلا بعدا، محال، فلغا قوله: (قبله) ووقع من المعلق تتمةُ الثلاث. قوله: (وتسمى السُّريجية) وفيها قولان آخران لابن سريج الشافعي: أنها لا تطلق أبدًا، وهو أول من أفتى فيها، والآخر لابن عقيل: أنها تطلق بالمنجز، ويلغو المعلق؛ لأنه طلاق في زمن ماض. قوله: (أو إن أبنتك، أو فسحت نكاحك) المراد بقوله: (إن أبنتك أو فسخت نكاحك) أي: قلت لك هذا اللفظ، فإنها لا تبين به، فيقع الطلاق المعلق عليه، بخلاف قوله: إذا بنت، أو إذا انفسخ نكاحك، فأنت طالق قبله ثلاثاً، ثم بانت منه بخلع أو غيره، أو فسخت نكاحها لمقتضٍ، فإنها لا تطلق. هذا حاصل كلام المصنف في "شرحه".

أَوْ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْك أَوْ إنْ رَاجَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا. ثُمَّ وُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا عُلِّقَ عَلَيْهِ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَغَا قَوْلُهُ قَبْلَهُ وكُلَّمَا طَلَّقْتُ ضَرَّتَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ

_ قاله في "شرح الإقناع". قوله: (وكلما طلقت ضرتك فأنت طالق ... إلخ) اعلم: أنه إذا خاطب إحدي زوجتيه بقوله: كلما طلقت ضرتك فأنت طالق فقد علق طلاق المخاطبة على إيقاع الطلاق بضرتها، مع الإتيان بأداة تقتضي التكرار، ولم يوجد منه إذن تعليق لطلاق الضرة أصلا، ثم إذا قال بعد ذلك للضرة مثل ذلك؛ بأن قال: كلما طلقت ضرتك فأنت طالق. فقد علق طلاق الضرة على إيقاع الطلاق على المخاطبة أولا، ولم يحصل منه الآن تنجيز، ولم يقع إذن على واحدة منهما شيء غير أنه علق طلاق كل واحدةٍ منهما على طلاق الأخرى، والمعلق طلاقها أولا هي المخاطبة أولا، وأما الضرة - في كلام المصنف - فهي المعلق طلاقها آخرًا، فإذا قال بعد ذلك كله للمخاطبة أولا: أنت طالق، وهو معنى قول المصنف: (ثم طلق الأولى)، وقع على الضرة طلقة؛ لأنه علق طلاقها على إيقاع الطلاق بالأولى، وقد وجد بالتنجيز، ووقع على الأولى طلقتين: واحدة بالتنجيز، وواحدة بإيقاع الطلاق على الضرة؛ لأن تعليق الضرة ووجود صفتها، متأخران عن تعليق طلاق الأولى، ومجموعهما إيقاع، كما يفهم ذلك مما قررناه أول

ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً والْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَإِنْ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ فَقَطْ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَمِثْلُ ذَلِكَ إنْ طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ .....

_ الفصل، وهذا معنى قول المصنف رحمه الله: (طلقت الضرة طلقة، والأولى ثنتين). هذا كله فيما إذا طلق الأولى فقط، وأما إذا طلَّق الضرة فقط، كما قال المصنف؛ بأن قال للضَّرة وحدها: أنت طالق، فإنه يقع بالضرة طلقة بالتنجيز، وعلى الأولى طلقة؛ لأنه علَّق طلاقها على إيقاع الطلاق بضرتِها، وقد وُجد بالتنجيز، ولا يقع على الضرة أخرى؛ لأن تعليق الأولى متقدم على تعليق الضرة، فلم يُوجد بعد تعليقِ طلاق الضَّرة، إلا تنجيز لها ووقع بالأولى، لا إيقاع، ولذلك قال المصنف: (طلقتا طلقةً طلقةً) فلو طلقهما معًا؛ بأن قال: أنتما طالقتان، وقع بالأولى ثلاثٌ، وبالضَّرة طلقتان، وذلك لأنه وقع على كل منهما واحدة بالتنجيزِ، وقد وُجد بعد تعليق الأولى إيقاعان بالضَّرة: إيقاع بالتنجيز، وإيقاع بالتعليق المتأخر، "كلما" تقتضي التكرار، فيحصل بكل إيقاع طلقة، فيحصل لها ثلاث، وأما الضرة، فلم يحصل بعد تعليق طلاقها إلا إيقاع واحد، وهو التنجيز؛ لتقدم تعليق الأولى عليه. فتدبر ذلك، فإنه دقيق. قوله: (ثم طلق الأولى) أي: فقط على قياس التي بعدها، ومحترز القيدِ في الموضعَين: ما لو طلَّق الزوجتين معًا، فإنه يقع بالأولى ثلاث، وبالثانية ثنتان. قوله: (ومثل ذلك ... إلخ) اعلم: أن عمرة هنا بمنزلة الأولى، فقدرها على يمين الزوج مثلا، وحفصة بمنزلة الضرة، فاجعلها على يساره، ثم إنه خاطب عمرة بمثل ما خاطب به الأولى؛ بأن علَّق طلاقها على إيقاع

قَالَ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ كَالضَّرَّةِ فِيمَا قَبْلُ وَعَكْسُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ: إنْ طَلَّقْتُكِ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ. ثُمَّ لِحَفْصَةَ: إنْ طَلَّقْتُكِ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ

_ الطلاق بحفصة، وهو معنى قول المصنف: (إن أو كلما طلقت حفصة) أي: أوقعتُ عليها الطلاق، فعمرة طالق، ثم التفت إلى حفصة وعلَّق طلاقها على إيقاع الطلاق بعمرة، فاحكم هنا لعمرة بما حكمت به هناك للأولى، ولحفصة بما حكمت به للضرة، فمتى نجزه لعمرة فقط، وقع بها ثنتان، وبحفصة واحدة، ومتى نجزه لحفصة فقط، وقع بكلٍّ منهما طلقة، ومتى نجزه لهما وقع بعمرة ثلاث وبحفصة ثنتان، والله أعلم. قوله: (وعكس ذلك قوله لعمرة: إن طلقتك ... إلخ) اعلم: أنَّه إذا قال لعمرة التي جعلناها على يمينه: إن طلقتك، فحفصة طالق، فقد علق طلاق حفصة أولا على إيقاع الطلاق بعمرة، ولم يوجد منه تعليق لطلاق عمرة إذن، ثم إذا التفت إلى حفصة، فقال لها: إن طلَّقتك، فعمرة طالقٌ، فقد علق طلاق عمرة على إيقاع الطلاق بحفصة تعليقًا متأخرًا عن تعليق طلاقِ حفصةَ، فإذا قال بعد ذلك لحفصة: أنت طالق، وقع بها ثنتان، واحدة بالتنجيز، وواحدةٌ بالتعليق على إيقاع الطلاق بعمرة، وقد وجد الإيقاع

ولِأَرْبَعٍ أَيَّتُكُنَّ وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقِي فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ ثُمَّ أَوْقَعَهُ عَلَى إحْدَاهُنَّ طَلُقْنَ كَامِلًا وكُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً فَعَبْدٌ حُرٌّ وثِنْتَيْنِ فَاثْنَانِ وثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ وأَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَوْ مَعًا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا وَإِنْ أَتَى بَدَلَ كُلَّمَا بإنْ أَوْ نَحْوِهَا عَتَقَ عَشَرَةُ

_ بعمرة؛ لتأخر تعليقها عن تعليق حفصة، ولم يقع بعمرة إلا واحدة بتنجيز الطلاق لحفصة، ولا يقع بعمرة غيرها؛ لتقدم تعليق طلاق حفصة، وإذا قال لعمرة وحدها: أنت طالق، وقع بكل طلقة، وإذا نجزه لهما، وقع بحفصة ثلاث، وبعمرة ثنتان. وتوجيهه يعلم مما تقدَّم. وهذه الصورة عكس الشيء قبلها، كما قال المصنف؛ لأن عمرة في الأولى يقع عليها إما طلقة، أو طلقتان أو ثلاث على ما ذكرنا، وحفصة إما واحدة أو ثِنتانِ، وفي هذه الصورة بالعكس، أعني: أنه يقع فيها على حفصة واحدة أو ثنتان أو ثلاث، وعلى عمرة إما واحدة أو ثنتان، والله أعلم. قوله: (أيتكن وقع عليها ... إلخ) هذا تعليق على الوقوع، بخلاف ما لو علقه على الإيقاع، كما لو قال: أيَّتكن طلقتها، أو أوقعت عليها طلاقي، فضراتها طوالق، ثم أوقعه على إحداهنَّ، فإنه لا يقع بهنَّ إلا طلقة طلقة. قوله: (طَلَقن) أي: طلاقاً كاملاً، أي: ثلاثًا ثلاثًا.

وإنْ أَتَاكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا: إذَا أَتَاكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا كَامِلًا وَلَمْ يَنْمَحِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَثِنْتَانِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّكِ طَالِقٌ الْأَوَّلِ دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا مَنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عَلَيْهَا وَقَعَ إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً وَإِلَّا فَلَا فصل إذا قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق،

_ قوله: (وإلا فلا). أي: ولا يثبت الكتاب إلا بشاهدين، مثل كتاب القاضي إلى القاضي، وإذا شهدا عندها، كفى، لا إن شهدا أنَّ هذا خطه. "إقناع" ملخصا. فصل في تعليقه بالحلف أي: بالحلف بالطلاق لا بمطلق الحلف، فإنَّ حقيقة الحلف القسم، وأما الحلف بالطلاق، فليس حلفاً حقيقة، بل مجازًا؛ لمشاركته للقسم في المعنى المشهور، أي: المتعارف من الحثِّ والمنع، والتصديق والتكذيب، وإلا فحقيقة الحلف بالطلاق تعليقٌ؛ لأنه ترتيب للطلاق على المحلوف عليه، وذلك حقيقة التعليق، كما سبق، قال أبو يعلى الصغير: ولهذا،

ثُمَّ عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ حِنْثٌ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَصْدِيقُ خَبَرٍ أَوْ تَكْذِيبُهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لَا وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا أَوْ بِحَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوَهُ وإنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ أَوْ إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ مَرَّةً فَطَلْقَةٌ ومَرَّتَيْنِ فَثِنْتَانِ وثَلَاثًا

_ ولكون الحلف بالطلاق تعليقا حقيقة: لو حلف، فعلق طلاقها بشرطٍ أو صفةٍ لم يحنث. انتهى. وبخطه أيضا على قوله: (في تعليقه بالحلف) أي: الحلف بالطلاق. واعلم: أن الحلف بالطلاق تعليق في الحقيقة - ولهذا لو حلف: لا حلفت فعلَّق، لم يحنث - مجاز في الحلف الذي حقيقته القسم؛ لمشاركته له في المعنى المشهور من الحث والمنع، والتصديق والتكذيب، وأمثلتها على الترتيب: إن لم أدخل الدار، فأنت طالق، وإن دخلت الدار، فأنت طالقٌ، وأنت طالقٌ لقد قدم زيد أو لم يقدم، فإنه شبيه بقوله: والله لا أدخل أو لأدخلن ... إلخ. فأما التعليق على غير ذلك، كأنت طالق إذا طلعت الشمس، فشرطٌ لا حلف، فلا يقع به طلاق معلق على الحلف؛ لعدم مشاركته للحلف في ذلك المعنى المشهور. قوله: (بما فيه حث) كإن لم أدخل الدار، فأنت طالق. قوله: (أو منع) كإن دخلت الدار، فأنت طالق. قوله: (بمشيئتها) أي: أو غيرها قبل وجودها. قوله: (ونحوه) أي: كهبوب ريح قبل حصوله؛ لأنه ليس فيه معنى الحلف. قوله: (فطلقة) لأنه حلف وكلام. قوله: (فثنتان) واحدة بالتعليق الأول، وأخرى بالثاني؛ لوجودِهما دون الثالثِ.

فَثَلَاثُ مَا لَمْ يَقْصِدْ إفْهَامَهَا فِي إنْ حَلَفْتُ وَتَبِينُ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِطَلْقَةٍ وَلَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَة لَا الْكَلَامِ ولاإنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ وَقَعَ بِكُلٍّ طَلْقَةٌ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِإِحْدَاهُمَا فَأَعَادَهُ بَعْدُ فَلَا طَلَاقَ وَلَوْ نَكَحَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا طَلُقَتَا أَيْضًا طَلْقَةً طَلْقَةً وبِكُلَّمَا بَدَلَ

_ قوله: (فثلاث) أي: لوجودِ ما علِّقت عليه التعليقاتُ الثلاثةُ الأول. قوله: (في إن حلفت) أي: لا في: إن كلمتُك. وأخطأ بعض الأصحاب فيها، فجعلها كالأولى في عدم الوقوع عند قصدِ الإفهام، كما ذكره صاحب "الفروع"، رحمه الله تعالى. قوله: (ولم تنعقد) أي: في غير المدخول بها. قوله: (في مسألة الكلام) لأنها تبين بالشروع قبل الجواب، بخلاف مسألة الحلف فتنعقد الثانية؛ لأنها لا تبين إلا بعد انعقادها، ولا تنعقدُ الثالثة؛ للبينونة بفراغه من الثانية. قوله: (فأعاده بعد) أي: بعد وقع بكل طلقة. قوله: (فلا طلاق) لأن الحلف بطلاق البائن غير معتدٍّ به.

إنْ ثَلَاثًا طَلْقَةً عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ: إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ ثُمَّ إنْ قَالَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ثُمَّ إنْ قَالَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَفْصَةُ

_ قوله: (لم تطلُق واحدةٌ منهما) لأنه حلف بطلاق عمرة فقط. قوله: (ولو قال بعده) أي: بعدما ذكر من الإعادة، وأما لو قال ابتداء: إن حلفت بطلاقكما، فعمرة طالقٌ، ثم قال من غير إعادة: إن حلفت بطلاقكما، فحفصة طالقٌ، لم تطلق واحدة منهما، كما ذكر نظيره المصنف فيما بعد. قوله أيضًا على قوله: (ولو قال بعده) أي: بعد أن أعاده وفيه خفاء يدرك بالتأمل، كما أوضحناه. قوله: (لم تطلق واحدة منهما) لأنه لم يوجدْ بعد تعليق طلاق حفصة على الحلف بطلاقهما، إلا الحلفُ بطلاق عمرة، فلم توجد الصفة في حقِّ حفصة، وانحلت اليمين الأولى في حق عمرة بوقوع الطلاق عليها. فتدبر. قوله: (فحفصة طالقٌ) هذا بمنزلة إعادة الصفة في الصورة السابقة، غير

ولِمَدْخُولٍ بِهِمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ قَالَ فَهِيَ أَوْ فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ وَأَعَادَهُ فَطَلْقَةً طَلْقَةً وَإِنْ قَالَ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَطَلْقَةٌ بِإِحْدَاهُمَا تُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ ولِأَحَدِهِمَا إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِ ضَرَّتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَهُ لِلْأُخْرَى طَلُقَتْ الْأُولَى فَإِنْ أَعَادَهُ لِلْأُولَى طَلُقَتْ الْأُخْرَى فصل في تعليقه بالكلام والإذن والقربان إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقِي أَوْ زَجَرَهَا فَقَالَ: تَنَحِّي أَوْ اُسْكُتِي أَوْ مُرِّي وَنَحْوَهُ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ

_ أن الإعادة هناك لم يتخللها شيء، بل وقع بعدها الحلف بطلاق الأخرى، وهنا العكس، أعني: أنه وقع الحلف بطلاق الأخرى قبل الإعادة. فتأمل وتمهل. قوله: (فطلقة طلقة) أي: بكلٍّ منهما. قوله: (طلقت الأولى) لحلفِه بطلاق ضرَّتها. فصل في تعليقه بالكلام والإذن والقربان أي: بمعنى القربِ. قوله: (ونحوه) أي: اتصل بيمينه، أو لا، ما لم ينو كلامًا غير ذلك.

طَلُقَتْ مَا لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ وإنْ بَدَأْتُكِ بِكَلَامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ إنْ بَدَأْتُكِ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ ثُمَّ إنْ بَدَأَتْهُ حَنِثَتْ وَإِنْ بَدَأَهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهَا وَإِنْ عَلَّقَهُ بِكَلَامِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِغَفْلَةِ أَوْ شُغْلِهِ وَنَحْوَهُ أَوْ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ أَوْ أَصَمُّ يَسْمَعُ لَوْلَا الْمَانِعُ أَوْ كَاتَبَتْهُ أَيْ رَاسَلَتْهُ وَلَمْ يَنْوِ مُشَافَهَتَهَا أَوْ كَلَّمَتْ غَيْرَهُ وَزَيْدٌ يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ حَنِثَ لَا إنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا

_ قوله: (طلقت) أي: طلقت بذلك، وإن لم تقم، ثم إن قامت، فالظاهر: أنها تطلق ثانية، إن لم تبن بالأولى. قوله: (إن لم تكن نيةٌ) بأن نوى أنه لا يبدؤها مرة أخرى. قوله: (أو سكران) أي: غير مصروعين. منصور البهوتي، أي: بحيث يعلم السكران أنها تكلمُه، وبحيث يسمع المجنون كلامها فيحنث، أما لو كان السكران والمجنون مصروعين، فكلمتهما فلا حنث، كما في "الإقناع". قوله: (ولم ينو مشافهتها) أي: أو سلمت عليه، لا تسليم صلاةٍ لم تقصده.

أَوْ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ أَوْ أَشَارَتْ إلَيْهِ وإنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا طَلُقَتَا لَا إنْ قَالَ إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَكَلَّمْتُمَا عَمْرًا فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا وإنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَهَاهَا وَخَالَفَتْهُ وَلَا نِيَّةَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُمَا وإنْ خَرَجْتِ أَوْ زَادَ مَرَّةً

_ قوله: (أو وهي مجنونة) وإن كلمته وهي سكرى، حنث. صرح به في "الإقناع". قوله: (أو أشارت إليه) أي: لأنها ليست كلامًا شرعا. قوله: (طلقتا) لأنه يشبه: «إن ركبتما دابتكما»، ونحوه. قوله: (وكلمتما عمرًا) فأنتما طالقتان. لم يحنث (حتى ... إلخ). قوله: (فخالفته) بخطه في "شرحه" أي: أن ينوي مطلق المخالفة، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «إن حبيبي أمرني أن لا أسال الناس شيئا». انتهى. تاج الدين البهوتي. قوله: (حقيقتهما) أي: الأمر والنهي. فحقيقة الأمر. طلب فعل الشيء، والنهي: طلب نفي الفعل، وقيل: إنَّه طلب الكف عنه الذي هو ضدُّه، وعليه: فيحنث بمخالفة النهي؛ لأنه أمرٌ بالكفِّ فإن نوى مطلق المخالفة، حنث، وقياسها لو قال: إن خالفتِ نهيي، فأنتِ طالقٌ، فخالفت أمره.

بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ ثُمَّ نَهَاهَا أَوْ أَذِنَ وَلَمْ تَعْلَمْ أَوْ وَعَلِمَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِلَا إذْنِهِ طَلُقَتْ لِخُرُوجِهَا لَا إنْ أَذِنَ فِيهِ كُلَّمَا شَاءَتْ أَوْ قَالَ إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ خَرَجَتْ

_ قوله: (ولم تعلم) أي: طلقت؛ لأن الإذن: الإعلام. قوله: (ثم خرجت) أي: بأن خَرجت مرة أخرى، بعد المرة التي أذن فيها، والحال: أنه كان قد قال لها إن خرجت بغير إذني، فأنت طالق، أو قال: إن خرجت مرة بغير إذني، فأنت طالق؛ لأن الخروج الثاني غير مأذون فيه، وهو محلوف عليه؛ لأن (خرجت) نكرة في سياق الشرط، فتعمُّ. قوله: (مرة) قيد في الخروج وهي صادقة بالمرة السابقة على الإذن والمأذون فيها، والمتأخرة عنه غير المأذون فيها، لا تؤثر؛ لأنها مستثناة فلو علَّق المرة بالإذن؛ بأن قال: إن خرجتِ بغير إذني مرةً، فأنت طالق، فأذن لها، فخرجت، ثم خرجت بعده بلا إذنه، لم تطلق؛ لأنه علق البر على وجود الإذن مرة، وقد وجد، فتنحل يمينه، وكذا لو لم يذكر مرة، بل قال: إن خرجت بغير إذني، فأنت طالق، ونوى: إلا إن أذنت لكِ مرةً، فإنه إذا أذن لها مرة، انحلَّت يمينه، فلا يحنث بخروجها بعد. كما صرح به في "الإقناع". قوله: (كلَّما شاءت) مالم ينهها بعد.

وإنْ خَرَجْتِ إلَى غَيْرِ حَمَّامٍ بِلَا إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ ثُمَّ بَدَا لَهَا غَيْرُهُ طَلُقَتْ وَمَتَى قَالَ كُنْتُ أَذِنْتُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وإنْ قَرُبْت دَارَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا وبِكَسْرِ رَاءِ قَرِبْت لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَدْخُلَهَا

_ قوله: (وإن قربت دار كذا) إلى قوله: (وبكسر راء قربت ... إلخ) في الصحاح: قرب الشيء، بالضَّم، يقرب قربا، أي: دنا، إلى أن قال: وقربته بالكسر أقربه قربانا، أي: دنوتُ منه. وقربت أقرب قرابة، مثل كتبت كتابة: إذا سرت إلى الماء وبينك وبينه ليلة. والاسم: القرب. انتهى المقصود. وعلى هذا فالفرق بين الأوليين بالاعتبار، فإذا قصدت قرب الشيء منك، قلت: قرب بالضم، وإن قصدت قربك منه، قلت: قربتُ بالكسر. وهو خلاف ما نقله الفقهاء عن أهل اللغة. قال ابن المقري: سمعت الشاشي يقول: إذا قيل: لا تقرب بفتح الراء، كان معناه: لا تتلبس بالفعل، وإذا كان بالضم، فمعناه: لاتدن منه. انتهى. وهذه الحاشية رأيتها في طيارة بخط شيخنا محمد الخلوتي موضوعة في نسخة شيخنا عثمان في هذا المحل.

فصل في تعليقه بالمشيئة إذا قال أنت طالق إن أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ أَنَّى أَوْ أَيْنَ أَوْ كَيْفَ أَوْ حَيْثُ أَوْ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتِ فَشَاءَتْ وَلَوْ كَارِهَةً أَوْ بَعْدَ تَرَاخٍ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَقَعَ لَا إنْ قَالَتْ شِئْتُ إنْ شِئْتَ أَوْ إنْ شَاءَ أَبِي وَلَوْ شَاءَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوك أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ وَلَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهَا أَوْ سَكْرَانَ أَوْ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِمَّنْ خَرِسَ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ وَقَعَ لَا إنْ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ جُنَّ قَبْلَهَا وَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فَمَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ أَبَاهَا وَقَعَ إذَنْ وَإِنْ خَرِسَ وَفُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَكَنُطْقِهِ وَإِنْ نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ طَلْقَةً إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ أَوْ زَيْدٌ ثَلَاثًا أَوْ

_ فصل في تعليقه بالمشيئة أي: الإرادة. قوله: (فشاءت) أي: لفظاً. قوله: (أو رجوعه) أي: عن التعليق. قوله: (فكنطقه) قلت: وكذا كتابته. منصور البهوتي.

ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تَشَائِي وَاحِدَةً أَوْ يَشَاءَ وَاحِدَةً فَشَاءَتْ أَوْ شَاءَ ثَلَاثًا فِي الْأُولَى وَقَعَتْ كَوَاحِدَةٍ فِي الثَّانِيَة وَإِنْ شَاءَتْ أَوْ شَاءَ ثِنْتَيْنِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشَاءَا وأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَلَا نِيَّةَ فَشَاءَهُمَا وَقَعَا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ويَا طَالِقُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَعَا وإنْ قُمْت أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لِأَمَتِهِ إنْ قُمْت أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ قُمْت

_ قوله: (ولا نيةَ) أي: للقائل تخالف ظاهر لفظه، كما في "شرحه" وحاصله: أنه لا بدَّ من مشيئة زيد لأمرين معا، فلو لم يشأ شيئًا منهما، أو شاء أحدهما، لم يقع شيء؛ عملا بظاهر لفظه، وليس هناك نيةٌ تخالفه، فلو نوى ما يخالفه؛ بأن قصد بقوله: إن شاء زيد، أنه إن شاء الطلاق وحده أو مع غيره وقع، وإن شاء العتق وحده أو مع غيره وقع، فإنه يعمل بتلك النية، فيقع ما شاءه منهما كيف كان، والله أعلم.

أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي أَوْ لَتَقُومِينَ أَوْ لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ بِهِ وَإِلَّا وَقَعَ

_ قوله: (إلى الفعل) أي: وهو القيام في نحو: إن لم تقومي، فأنتِ طالقٌ إن شاء الله، فلا تطلقُ، سواءً قامت أو لم تقم؛ لأنها إن قامت، فقد حصل ما علق عليه البرَّ، وهو القيامُ، وإن لم تقم لم يحنث أيضا؛ لأنه لم يشأه الله؛ إذ لو شاءه، لكان. وأما لو قال: إن قمت فأنتِ طالقٌ إن شاء الله، فالفعل عدمُ القيام، فلا تطلق أيضاً سواءٌ قامت أو لم تقم؛ لأنها إن لم تقم، فقد حصل ما علق عليه البر، وهو عدم القيام، وإن قامت، لم يحنث أيضاً؛ لتبين أن الله لم يشأ الفعل، أي: عدم القيام؛ إذ لو شاءه لم تقم. والحاصل: أن المشيئة هنا قيد في الحالة التي يحصل بها البر، فإذا لم توجد، علمنا أن الله لم يشأها، فلا يحنث، لأنه علق الحنث على المشيئة، ولم توجد فلا يوجد. وفي المقام دقة تحتاج إلى تأمل لطيفٍ. قوله: (وإلا: وقع) أي: وإلا، بأن لم ينو شيئاً، أو ردها للطلاق أو العتق، أو نوى ردها إلى الفعل والطلاق، أو العتق وقع. قال في "الشرح": وإن لم تعلم نيته، فالظاهر: رجوعه إلى الدخول، ويحتمل أن يرجع إلى الطلاق.

وَإنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ أَنْ لَا يَفْعَلَ وأَوْ لِمَشِيئَتِهِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِقِيَامِكِ وَنَحْوَهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ لِغَدٍ وَنَحْوَهُ فَإِنْ قَالَ فِيمَا ظَاهِرُهُ التَّعْلِيلُ أَرَدْتُ الشَّرْطَ قُبِلَ مِنْهُ حُكْمًا وإنْ رَضِيَ أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبَى ثُمَّ رَضِيَ وَقَعَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ أَوْ تُبْغِضِينَ الْجَنَّةَ أَوْ الْحَيَاةَ وَنَحْوِهِمَا فَقَالَتْ أُحِبُّ أَوْ أُبْغِضُ لَمْ تَطْلُقْ

_ قوله: (وإن حلف) أي: بطلاق أو غيره. قوله: (أن لا يفعله) لتعلق حلفه على ذلك. قوله: (في الحال) أي: لأنه إيقاعٌ معلل بعلةٍ. قوله: (أو لغدٍ) لأن اللام فيه للتأقيت. قوله: (قبل حكما) لأن لفظه يحتمله، فلو قالت: أريد أن تطلقني، فقال: إن كنت تريدين، فأنت طالقٌ، طلقت في الحال، على ما نصَّه ابن القيم في "إعلام الموقعين" نظرًا إلى دلالة الحال على أنه أراد إيقاعه للإرادة التي أخبرته بها، ومثله تكونين طالقا في حال غضب أو سؤال أو نحوه، وظاهر الكلام يقتضي: أن لا بد من إرادة مستقبلةٍ. قاله في "الفنون" فتدبر.

إنْ قَالَتْ كَذَبْت وَلَوْ قَالَ بِقَلْبِك وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِيهِ قرَضِيت طَلُقَتْ لَا إنْ قَالَ إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ كَطَلَاقٍ وَيَصِحُّ بِالْمَوْتِ فصل في مسائل متفرقة إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْتِ الْهِلَالَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَعَ إذَا رُؤي

_ قوله: (إن قالت: كذبت) لاستحالة ذلك عادةً، فإن لم تقل: كذبت، لم تطلق، إن كانت كاذبة، كما في "التقيح". وفي "الإنصاف": الأولى أنها لا تطلق، إذا كانت تعقله، أو كانت كاذبة، وهو المذهب. وإن كنت تحبين، أو تبغضين زيدا، فأنت طالق فادعته ولو كاذبة طلقت. قوله: (ويصح) أي: يصح تعليق عتقٍ لا طلاق بموت. - فصل في مسائل متفرقة باعتبار أن المعلق عليه هنا أنواع مختلفة، بخلاف ما قبل. قوله: (وقع إذا رؤي) لأن رؤيته شرعًا، ما يُعلم به دخول الشهر، بخلاف رؤية زيد؛ لأنه ليس لها عرف شرعي.

وَقَدْ غَرُبَتْ الشَّمْسُ أَوْ تَمَّتْ وَإِنْ نَوَى الْعِيَانَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَايَنَ أَيْ نَوَى مُعَايَنَةَ الْهِلَالِ أَوْ حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا قُبِلَ حُكْمًا وَهُوَ هِلَالٌ إلَى ثَالِثَةٍ ثُمَّ يُقْمِرُ وإنْ رَأَيْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْهُ لَا مُكْرَهَةً وَلَوْ مَيِّتًا أَوْ فِي مَاءٍ أَوْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ طَلُقَتْ إلَّا مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ

_ قوله: (أو تمت العدة) عطف على (رؤي) يعني: أنها تطلق في الصورتين بأحد أمرين: أحدهما: رؤية الهلال بعد الغروب، وثانيهما: تمام ثلاثين يومًا. قوله: (العيان) أي: المعاينة، وكلاهما مصدر عاينَ. قوله: (ثم يقمر) أي: يصير قمرًا بعد الثالثة. قوله: (أو في ماءٍ) أي: بأن كان زيد منغمسًا في الماء، أو رأته من وارء زجاجٍ لا يحجب ما وراءه؛ بدليل قوله بعد: (لا ... إن رأت خياله ... إلخ). قوله: (إلا مع نيةٍ) تخص الرؤية بحال، فلا تطلق إذا رأته في غيرها، أو منامًا إن كانت رؤية المنام للأجسام، والأشباح، لا للأرواح فقط. تاج الدين البهوتي.

وَلَا تَطْلُقُ إنْ رَأَتْ خَيَالَهُ فِي مَاءٍ أَوْ فِي مِرْآةٍ أَوْ جَالِسَةً عَمْيَاءَ ومَنْ بَشَّرَتْنِي أَوْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَهُ عَدَدُ مَعًا طَلُقْنَ وَإِلَّا فَسَابِقَةٌ صَدَقَتْ وَإِلَّا فَأَوَّلُ صَادِقَةٍ وَمَنْ حَلَفَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ فَعَلَهُ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا لَمْ يَحْنَثْ ونَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ يَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ ولَيَفْعَلَنَّهُ فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ وَمَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ وَقَصَدَ مَنْعَهُ كَهُوَ

_ قوله: (فأخبره عدد معا طلق) أي: ذلك العدد، قال في "المبدع": ويتوجَّه تحصل البشارة بالمكاتبة وإرسال رسول بها. "شرح إقناع". قوله: (صدقت) بالبناء للمفعول. قوله: (ومن يمتنع بيمينه) كزوجته، وولده، وغلامه، ونحوِهم. قوله: (وقصده منعه) أي: وقصد بيمينه منعه، فإن لم يقصد منعه؛ بأن قال: إن قدمت زوجتي بلد كذا، فهي طالق، ولم يقصد منعها، فهو تعليق محض يقع بقدومها كيف كان، كمن لا يمتنع بيمينه. "شرح إقناع".

ولَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ أَوْ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَوْ يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ فَدَخَلَ بَيْتًا هُوَ فِيهِ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ قَضَاهُ فُلَانٌ حَقَّهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أَوْ أَحَالَهُ بِهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ حَنِثَ إلَّا فِي السَّلَامِ والْكَلَامِ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي سَلَامٍ وَلَمْ يَنْوِهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ حَنِثَ ولَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ ولَا يَفْعَلُهُ أَوْ مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَلَا قَرِينَةَ فَفَعَلَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ

_ قوله: (أو سلَّم عليه) أي: ولم يعلم به. قوله: (إلا في السلام) أي: إلا في السلام عليه، أو على قوم هو فيهم، ولم يعلم به فيهما. قوله: (والكلام) أي: وإلا في الكلام، إذا حلف لا يملكه، فسلم عليه، أو على قوم هو فيهم، أو كلمهم ولم يعلم به. قوله: (أو من يمتنع بيمينه) أي: أو حلف على من يمتنع بيمينه، لا يفعل شيئاً. قوله: (ولا نية) أي: ولا نية تخالق ظاهر لفظه. قوله: (ففعل) أي: الحالف، أو المحلوف عليه.

فَمَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْسَكٍ مَأْكُولًا لَا آكُلُهُ وَلَا أَلْقَاهُ وَلَا أَمْسِكُهُ فَأَكَلَ بَعْضًا وَرَمَى الْبَاقِي أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ دَخَلَ طَاقَ بَابِهَا أَوْ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ أَوْ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ فَبَاعَ أَوْ وَهَبَ بَعْضَهُ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ شَيْئًا فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِسَبَبِ الْحَقِّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ نَحْوِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَا وَهُوَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ ولَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ أَوْ لَا يَلْبِسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ حَنِثَ

_ قوله: (ورمى الباقي) أي: أمسكه لم يحنث. قوله: (فشرب منه) ولا شربت من ماءِ الفرات، فشرب من نهرٍ يأخذ منه، حنث، ولا شربت من الفرات، فشرب من نهرٍ يأخذ منه، فوجهان. "إقناع".

وإنْ لَبِسْت ثَوْبًا أَوْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا قُبِلَ حُكْمًا سَوَاءٌ بِطَلَاقٍ أَمْ بِغَيْرِهِ ولَا يَلْبِسُ ثَوْبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ أَوْ نَسَجَهُ أَوْ طَبَخَهُ زَيْدٌ فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ أَوْ اشْتَرَيَاهُ أَيْ زَيْدٌ أَوْ أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ حَنِثَ وَإِنْ اشْتَرَى غَيْرُهُ شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ هُوَ فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى شَرِيكُهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا ولَا يَبِيتُ عِنْدَ زَيْدٍ حَنِثَ بأَكْثَرَ اللَّيْلِ إنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت عِنْدَهُ كُلَّ اللَّيْلِ أَوْ نَوَاهُ فَأَقَامَ عِنْدَهُ بَعْضَهُ وَلَا إنْ حَلَفَ لَا أَبَيْتُ أَوْ لَا آكُلُ بِبَلَدٍ فَبَاتَ أَوْ أَكَلَ خَارِجَ بُنْيَانِهِ

_ قوله: (فخلطه) أي: الحالف أو غيرُه. منصور البهوتي.

باب التأويل في الحلف

باب التأويل في الحلف وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ بِلَفْظٍ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ وَلَا يَنْفَعُ ظَالِمًا وَيُبَاحُ لِغَيْرِهِ

_ قوله: (ما) أي: معنى. قوله: (يخالف ظاهره) أي: اللفظ. قوله: (ولا ينفع) أي: التأويل (ظالماً). قوله: (لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إلخ) رواه مسلم وأبو دواد عن أبي هريرة، وفي لفظ لمسلم «اليمين على نية المستحلف». قوله: (ويباح لغيره) أي: لغير الظالم، مظلومًا كان أو لا، قال صلى الله عليه وسلم: «إن في المعاريض مندوحة عن الكذب» رواه الترمذي. قال محمد ابن سيرين: الكلام أوسع من أن يكذب ظريف، وخص الظريف بذلك، وهو الكيس الفطن؛ لأنه الذي يتفطن للتأويل، فلا حاجة به إلى الكذب.

فَلَوْ حَلَفَ آكِلٌ مَعَ غَيْرِهِ تَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى مَا أَكَلْت أَوْ لَتُخْبِرَن بِعَدَدِهِ فَأَفْرَدَ كُلَّ نَوَاةٍ أَوْ عَدَّ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولُ مَا أَكَلَ فِيهِ أَوْ لَيَطْبُخَنَّ قَدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ فِيهِ طَعْمَ الْمِلْحِ فَصَلَقَ بِهِ بَيْضًا وَأَكَلَهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا وَلْيَأْكُلُنَّ مِمَّا فِي هَذَا الْوِعَاءِ فَوَجَدَ بَيْضًا وَتُفَّاحًا فَعَمِلَ مِنْ الْبَيْضِ نَاطِفًا وَمِنْ التُّفَّاحِ شَرَابًا وَأَكَلَهُ أَوْ مَنْ عَلَى سُلَّمٍ لَا نَزَلْت إلَيْكَ وَلَا صَعِدْت إلَى هَذِهِ وَلَا أَقَمْت مَكَانِي سَاعَةً فَنَزَلَتْ الْعُلْيَا وَصَعِدَتْ السُّفْلَى وَطَلَعَ أَوْ نَزَلَ أَوْ لَا أَقَمْتُ عَلَيْهِ وَلَا نَزَلْت مِنْهُ وَلَا صَعِدْت فِيهِ فَانْتَقَلَ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ

_ قوله أيضا على قوله: (ويباح لغيره) أي: ويسن ويجب ويكره بحسبه. تاج الدين البهوتي. قوله: (ما أكلت) غير ناوٍ تمييزه وحده، ولا سبب يقتضيهِ. قوله: (أو لتخبرن بعدده) أي: غير قاصدٍ الإخبار بكميته بلا زيادةٍ ولا نقص ولا سبب يقتضيه. قولخ: (ناطفاً) نوع من الحلواء. قوله: (ساعةً) أي: طويلة، لتخرج ساعة طلوعها ونزولها اليسيرتان. تاج الدين البهوتي. قوله: (أو نزل ... إلخ) حاصل ما ذكره: أنه يبرُّ بثلاثة أعمالٍ: نزول العليا،

لَمْ يَحْنَثْ فِي الْكُلِّ إلَّا مَعَ حِيلَةٍ أَوْ قَصْدٍ أَوْ سَبَبٍ ولَيَقْعُدَنَّ عَلَى بَارِيَةِ بَيْتِهِ وَلَا بِدَاخِلِهِ بَارِيَةً فَأَدْخَلَهُ قَصَبًا وَنَسَجَ فِيهِ أَوْ نَسَجَ قَصَبًا كَانَ فِيهِ حَنِثَ ولَا أَقَمْتُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْتُ مِنْهُ وَهُوَ جَارٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِقَصْدٍ .....

_ وطلوع السفلى، وانتقاله عن مكانه. والظاهر: أن الثلاثة ليست بقيد، بل قد تنحلُّ يمينه بعملين فقط؛ بأن تنزل العليا، أو تطلع السفلى، ويفعل عكس ما فعلته إحداهما المذكورة؛ بأن ينزل إذا طلعت السفلى فقط، أو يصعد إذا نزلت العليا فقط، والله أعلم. قوله: (إلا مع حيلةٍ) كما لو نوى - فيما تقدم - الإخبار بكمية العدد من غير نقص، ولا زيادةٍ، أو أطلق في النية، فإنه لا يبرأ - بإفرادها أو عدِّها - ما يتحقق دخول ما أكله فيه. قوله: (علي باريَّةٍ) حصير خشن. قوله: (حنث) خلافا لـ «الإقناع» حيث قال: لا يحنث. قوله: (لم يحنث) وفي "الإقناع": لم يحنث إذا نوى ذلك الماء بعينه. قال في "شرحه". فعلى

أَوْ سَبَبٍ وَإِنْ كَانَ الماء رَاكِدًا حَنِثَ وَلَوْ حُمِلَ مِنْهُ مُكْرَهًا وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ مَا لِفُلَانٍ عِنْدَكَ وَدِيعَةٌ وَهِيَ عِنْدَهُ فعَنَى بِمَا الَّذِي أَوْ نَوَى غَيْرَهَا أَوْ غَيَّرَ مَكَانَهَا أَوْ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ فَلَا حِنْثَ وَكَذَا لَوْ اسْتَحْلَفَهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ أَوْ يَفْعَلَ مَا لَا يَجُوزُ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ فَحَلَفَ وَنَوَى بِقَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ عَمَلٍ أَوْ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ وَكَذَا إنْ قَالَ قُلْ زَوْجَتِي أَوْ كُلُّ زَوْجَةٍ لِي طَالِقٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَنَوَى زَوْجَتَهُ الْعَمْيَاءَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ أَوْ الْحَبَشِيَّةَ أَوْ نَحْوَهُ أَوْ نَوَى كُلَّ زَوْجَةٍ تَزَوَّجْتُهَا بِالصِّينِ وَنَحْوِهِ وَلَا زَوْجَةَ لِلْحَالِفِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِمَا نَوَاهُ

_ كلامه يحنث مع الإطلاق، وعلى كلام صاحب "المنتهى" لا يحنث. انتهى. قوله: (ولو حمل منه مكرهًا) لأنا إذا ألغينا فعل المكره، فهو مقيم، فيحنث.

وَكَذَا لَوْ نَوَى إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ كَذَا بِالصِّينِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهُ فِيهَا قُلْ نِسَائِي طَوَالِقُ إنْ كُنْتُ فَعَلْت كَذَا وَنَوَى بَنَاتِهِ أَوْ نَحْوَهُنَّ وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا أُحَلِّفُكَ بِهِ فَقُلْ نَعَمْ أَوْ الْيَمِينُ الَّتِي أُحَلِّفُكَ بِهَا لَازِمَةٌ لَك قُلْ نَعَمْ فَقَالَ: نَعَمْ وَنَوَى بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ وَكَذَا قُلْ الْيَمِينُ الَّذِي تُحَلِّفُنِي بِهَا أَوْ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي فَقَالَ وَنَوَى يَدَهُ أَوْ الْأَيْدِي الَّتِي تَنْبَسِطُ عِنْدَ الْبَيْعَةِ وَكَذَا قُلْ الْيَمِينُ يَمِينِي وَالنِّيَّةُ نِيَّتُكِ وَنَوَى بِيَمِينِهِ يَدَهُ وَبِالنِّيَّةِ الْبَضْعَةَ مِنْ اللَّحْمِ وَكَذَا لَوْ إنْ كُنْتُ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِالظَّهْرِ مَا يُرْكَبُ مِنْ خَيْلٍ وَنَحْوِهَا وَكَذَا لَوْ نَوَى بِمُظَاهِرٍ اُنْظُرْ أَيَّنَا أَشَدُّ ظَهْرًا وَكَذَا قُلْ وَإِلَّا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَنَوَى بِالْمَمْلُوكِ الدَّقِيقَ الْمَلْتُوتَ بِالزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ وَكَذَا لَوْ نَوَى بِالْحُرِّ الْفِعْلَ الْجَمِيلَ أَوْ الرَّمْلَ الَّذِي مَا وُطِئَ وبِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ أَوْ الرِّيحَ

_

وبِالْحُرَّةِ السَّحَابَةَ الْكَثِيرَةَ الْمَطَرِ أَوْ الْكَرِيمَةَ مِنْ النُّوقِ وبِالْأَحْرَارِ الْبَقْلَ وبِالْحَرَائِرِ الْأَيَّامَ وَمَنْ حَلَفَ مَا فُلَانٌ هُنَا وَعَيَّنَ مَوْضِعًا لَيْسَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ وعَلَى زَوْجَتِهِ لَا سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ سَبَبٍ

_

باب الشك في الطلاق

باب الشك في الطلاق وَهُوَ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَلَا يَلْزَمُ بِشَكٍّ فِيهِ أَوْ فِيمَا عُلِّقَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَدَمِيًّا وَسُنَّ تَرْكُ وَطْءٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ وَيُبَاحُ بَعْدَهَا وَتَمَامُ التَّوَرُّعِ قَطْعُ الشَّكِّ بِهَا أَوْ بِعَقْدٍ أَمْكَنُ وَإِلَّا فبِفُرْقَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُنْ طَلُقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ وَيُمْنَعُ حَالِفٌ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً وَنَحْوِهَا اشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَكْلِ وَاحِدَةٍ وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ بِذَلِكَ مِنْ الْوَطْءِ وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وأَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَجَهِلَ فَطَلْقَةٌ

_ باب الشك في الطلاق أي: في وقوعه أو عددِه، والشك عند أهل الأصول: التردد بين أمرين لا ترجح لأحدهما على الآخر. قوله: (ولو عدميًا) أي: ولو كان المعلق عليه عدميًا، كإن لم يقم فزوجته طالق. قوله: (ويمنع) لعله وجوبًا. قوله: (وإن لم نمنعه بذلك) أي: بأكله واحدة مما اشتبهت به. منصور البهوتي. قوله: (فطلقةٌ) كما لو لم يطلق زيدٌ بالكلية؛ لئلا يخلو لفظ إيقاع الطلاق عن وقوعه؛ حملاً لكلام المكلَّف على الصحة الممكنة؛ صوناً له عن اللغو. تاج الدين البهوتي.

ولِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَثَمَّ مَنْوِيَّةٌ طَلُقَتْ وَإِلَّا أُخْرِجَتْ بِقُرْعَةٍ كَمُعَيَّنَةٍ مَنْسِيَّةٍ وَكَقَوْلِهِ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَمْرَةُ وَجَهِلَ وَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ وَرَثَتُهُ وَلَا يَطَأُ قَبْلَهَا وَتَجِبُ النَّفَقَةُ وَمَتَى ظَهَرَ أَوْ ذُكِرَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ الْمُخْرَجَةِ رُدَّتْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ يُحْكَمْ بِالْقُرْعَةِ ولِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ غَدًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُمَا قَبْلَهُ وَقَعَ بِالْبَاقِيَةِ

_ قوله: (ومتى ظهر ... إلخ) أي: بأن أخبر المطلق بذلك، أو تذكر من وقع بها الطلاق، فلا ترد إليه إذا تزوجت، أو حكم حاكم بالقرعة؛ لأن قوله لا يُقبل على غيره، ولا يُنقضُ به حكم حاكم، فأمَّا لو أمكن إقامة البينة على ذلك، وشهدت أن المطلقة غير المخرجة، فقال الشيخ منصور البهوتي: ردَّت إليه. وإن تزوجت، أو حكم بالقرعة، أي: لأن حكم الحاكم لا يغير الشيء عن صفته باطناً. قوله: (أو زال ملكه) أي: بأن بانت منه إحدى زوجتيه، أو باع ونحوه إحدى أمتيه، فاستعمل الملك في حقيقته ومجازه.

وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ حُرِّمَ الْكُلُّ وَمَنْ قَالَ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَعَمْرَةُ وَجُهِلَ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا مِثْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمَا لَمْ تَطْلُقَا وَلَمْ تَعْتِقَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ إلَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ أَوْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ فَيُقْرِعَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مُوسِرَيْنِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَنَصِيبِي حُرٌّ عَتَقَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُمَيَّزُ بِقُرْعَةٍ ولِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ قَالَ سَلْمَى طَالِقٌ وَاسْمُهُمَا سَلْمَى طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْأَجْنَبِيَّةَ دِينَ

_ قوله: (فيقرع بينهما) فإن وقعت على المشتراة واعتقد المشتري خطأ البائع، فلا كلام، وإلا عتقا معا، إن حكم بالقرعة، وإلا تعين بلا قرعة عتق المشتراة بمجرد العقد، فلو علم فيما بعد خطأه هو ولم يحكم بالعتق بطل، وتعينت الأخرى. تاج الدين البهوتي.

وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَإِنْ نَادَى مِنْ امْرَأَتَيْهِ هِنْدًا فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ أَوْ لَمْ تُجِبْهُ وَهِيَ الْحَاضِرَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ طَلُقَتْ دُونَ عَمْرَةَ وَإِنْ عَلِمَهَا غَيْرَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا إنْ أَرَادَ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ وَإِلَّا طَلُقَتْ عَمْرَةُ فَقَطْ وَإِنْ قَالَ لِمَ نْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يُسَمِّهَا طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَكَذَا عَكْسُهَا وَمِثْلُهُ الْعِتْقُ وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ شَكَّ هَلْ ظَاهَرَ أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - لَزِمَهُ بِحِنْثٍ أَدْنَى كَفَّارَتَيْهَا

_ قوله: (وكذا عكسها) أي: فتطلق امرأته خلافًا لـ "الإقناع" حيث قال: لم تطلقْ امرأتُه.

كتاب الرجعة

كتاب الرجعة وهي: إعَادَةُ مُطَلَّقَةٍ غَيْرَ بَائِنٍ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عَقْدٍ إذَا طَلَّقَ حُرٌّ مَنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ عَبْدٌ وَاحِدَةً بِلَا عِوَضٍ فَلَهُ وَلِوَلِيِّ مَجْنُونٍ فِي عِدَّتِهَا رَجْعَتُهَا وَلَوْ كَرِهَتْ أَوْ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ أَوْ أَبَى سَيِّدُهَا أَوْ وَلِيٌّ بِلَفْظِ رَاجَعْتُهَا وَرَجَعْتُهَا وَارْتَجَعْتُهَا وَأَمْسَكْتُهَا وَرَدَدْتُهَا وَنَحْوَهُ وَلَوْ زَادَ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ لِلْإِهَانَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَجْعَتَهَا إلَى ذَلِكَ بِفِرَاقِهِ لَا نَكَحْتُهَا أَوْ تَزَوَّجْتُهَا وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْإِشْهَادُ وَعَنْهُ بَلَى فتَبْطُلُ إنْ أَوْصَى الشُّهُودَ بِكِتْمَانِهَا

_ كتاب الرجعة فعل المرتجع مرَّة. اعلم: أنَّ للرجعة أربعة شروط: أن يكون دخل أو خلا بها. وأن يكون النكاح صحيحًا. وأن يطلق دون ما يملكه. وأن يكون الطلاق بلا عوضٍ. وقد ذكرها المصنف على هذا الترتيب. قوله: (إلى ما) أي: النكاح الذي كانت عليه. قوله: (ونحوه) كأعدتها. منصور البهوتي. قوله: (إلى ذلك) المذكور من المحبة وغيرها.

وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فَيَصِحُّ أَنْ تُلَاعَن وتَطْلُقَ وَيَلْحَقُهَا ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَلَهَا أَنْ تُشْرِفَ لَهُ وتَتَزَيَّنَ وَلَهُ السَّفَرُ وَالْخَلْوَةُ بِهَا وَوَطْؤُهَا وَتَحْصُلُ بِهِ رَجْعَتُهَا وَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا لَا بِمُبَاشَرَةِ وبِنَظَرٍ لِفَرْجٍ وَكَذَا خَلْوَةٌ لِشَهْوَةٍ إلَّا عَلَى قَوْلٍ الْمُنَقِّحُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَتَصِحُّ بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ ثَالِثَةٍ وَلَمْ تَغْتَسِلْ وقَبْلَ وَضْعِ وَلَدٍ مُتَأَخِّرٍ لَا فِي رِدَّةٍ لَا تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ ككُلَّمَا طَلَّقْتُكِ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ وَلَوْ عَكَسَهُ صَحَّ وَطَلُقَتْ وَمَتَى اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا بَانَتْ وَلَمْ تَحِلَّ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَتَعُودُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا وَلَوْ بَعْدَ وَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ حَتَّى اعْتَدَّتْ وَنَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا رُدَّتْ إلَيْهِ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَعْتَدَّ وَكَذَا إنْ صَدَّقَاهُ

_ قوله: (وتحصل به رجعتها) وظاهره: ولو كان الوطء محرما، كفي حيض وإحرام. قوله: (إلا على قول) هذا هو الصحيح، واقتصر عليه في "الإقناع". قوله: (لا في ردةٍ) أي: من أحدهما. قوله: (بشرطٍ) كنكاح للشبه به، أي: في أن كلا منهما يُرادُ منه استباحة بضع، إلا بمشيئةِ الله تعالى. تاج الدين البهوتي. قوله: (ولم يرتجعها) أي: إلا بعد تمام الغسل المجزيء في إباحة الوطء، فلو راجعها في أثناء غسلها، صحت الرجعة. تاج الدين البهوتي.

وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ رَجْعَتُهُ وَأَنْكَرَاهُ رُدَّ قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْأَوَّلِ لَهُ لَكِنْ مَتَى بَانَتْ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ وَمَنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا وَأَمْكَنَ قُبِلَتْ لَا فِي شَهْرٍ بِحَيْضٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَأَقَلُّ مَا تَنْقَضِي عِدَّةُ حُرَّةٍ فِيهِ لِأَقْرَاءٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةً وأَمَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَةً

_ قوله: (بانت منه) أي: وعليه مهرُها إن دخل أو خلا بها، وإلا فنصفه، ولا تسلَّم إلى الثاني، بل القول قولها بغير يمينٍ. قوله: (له) أي: للأوَّل لاستقراره لها بالدخول. قوله: (من ادَّعت انقضاء عدتها) أي: بولادة أو غيرها. قوله: (لا في شهر) فلو ادعته في شهر ويوم مثلا، فالظاهر من كلامهم: أنه يقبل قولها، ولم أجد ذلك مصرحًا به. فتوحي على "المحرر". قوله: (ولحظة) اللحظة: المرة من لحظه: إذا نظر إليه بمؤخر عينه، والمراد بها: الزمن اليسير قدر لحظة على حذف مضافٍ. قوله: (وأمةٍ: خمسة عشر ولحظة) قال في "المحرر": ولو ولدت ثم طلِّقت، فأقل ما تنقضي به العدة ما ذكرناه مع زيادة أربعين يوما مدة النفاس. انتهى. قال الشِّهاب.

وَمَنْ قَالَتْ ابْتِدَاءً انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ وَأَنْكَرَتْهُ أَوْ تَدَاعَيَا مَعًا فقَوْلُهَا وَلَوْ صَدَّقَهُ سَيِّدُ أَمَةٍ وَمَتَى رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا قَبْلَ كَجَحْدِ أَحَدِهِمَا النِّكَاحَ ثُمَّ يَعْتَرِفُ بِهِ وَإِنْ سَبَقَ فَقَالَ ارْتَجَعْتُكِ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ فَقَوْلُهُ

_ الفتوحي: أي: وإن انقطع دمها قبل الأربعين؛ لأن أي دم رأته فيها، يكون نفاسًا، وإن لم تر فيها دمًا، فلا إشكال، لكن لو كمَّلت الأربعين ببعض عادتها، وكانت عادتُها يومًا وليلةً، فهل تكون بقية اليوم والليلة حيضة، تنقص من الأقراء، مع دخول بعضها في مدة النفاس، أم لا؟ ظاهر كلام المصنف: أنها لا تعد قرءًا لقوله: ما ذكرناه مع زيادة أربعين يوما؛ لأن الذي ذكره لا بد فيه أن تكون كل حيضةٍ يومًا وليلة، وهذه أقل من يومٍ وليلةٍ، لكنَّ قوله في باب النفاس: فإن جاوز الدَّمُ الأربعين، فهو استحاضة، إلا أن يصادف عادة الحيض، يبيِّن أن هذه البقيَّة ليست استحاضة، وليست نفاسًا قطعًا، ولم ينقل أنها مشكوك في كونها حيضًا، وإذا كانت حيضًا، فينبغي أن ينقص به عدد الأقراء، إذا قيل: القرء الحيض. انتهى. ومن خطه نقلت. قوله: (ابتداء) أي: قبل دعوى الزوج الرَّجعة. قوله: (فقوله) أي: أو اتفقا على وقت الحيض، أو الولادة. واختلفا هل كان الطلاق قبله، أم لا؟ فقوله أيضًا. تاج الدين البهوتي. وذكر أنه من خطِّ المصنف في "شرحه"، وأنه متن فيه. انتهى. وقوله في "الحاشية": فقوله كذا في "المحرر" قال الشهاب الفتوحي: في إطلاق قبول قوله مع إطلاق اختلافهما

فصل وإن طلقها حُرٌّ ثَلَاثًا أَوْ عَبْدٌ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ عَتَقَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ فِي قُبُلٍ مَعَ انْتِشَارٍ وَلَوْ مَجْبُوبًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ وَأَدْخَلَتْهُ فِيهِ أَوْ ذِمِّيًّا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ أَوْ يَبْلُغْ عَشْرًا أَوْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً وَيَكْفِي تَغَيُّبُ الْحَشَفَةِ وقَدْرِهَا مِنْ مَجْبُوبِ ووَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِمَرَضِ الزَّوْجَةِ ولِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَفِي مَسْجِدٍ ولِقَبْضِ مَهْرٍ وَنَحْوَهُ لَا لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ

_ نظر، فإن قوله: إنما إذا ادعى ما يوافق الأصل، أما لو ادعى مثلا أنه طلقها، فحاضت بعده ثلاث حيضٍ، وادعت هي: أنها لم تحض إلا حيضتين، فينبغي أن يكون القول قولها؛ لأنَّ دعوها موافقة للأصل، وله غرض صحيح في ذلك، وهو قطع علق الزوجية، من نفقةٍ وغيرها. قال في "المغني": إلا أن يدعي الزوج انقضاء عدتها، لتسقط نفقتها، مثل أن يقول: طلقتك في شوال، فتقول: في ذي الحجة، فالقول قولها؛ لأنه يدعي ما يُسقط النفقة، والأصل وجوبها، ولو ادعت ولم تكن لها نفقة قبل قولها؛ لأنها تقر على نفسها بما هو أغلظ. انتهى من خطِّه. قوله: (أو صوم فرضٍ) منهما، أو من أحدهما فيهما. تاج الدين البهوتي.

أَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ نِكَاحٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلَوْ طَلَّقَ عَبْدٌ طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ مَلَكَ تَتِمَّةَ ثَلَاثٍ كَكَافِرٍ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ رَقَّ وَمَنْ غَابَ عَنْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَضَرَ فَذَكَرَتْ أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَأَمْكَنَ فَلَهُ نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا لَا إنْ رَجَعَتْ قَبْلَ عَقْدٍ وَلَا يُقْبَلُ بَعْدَهُ فَلَوْ كَذَّبَهَا الثَّانِي فِي وَطْءٍ فَقَوْلُهُ فِي تَنْصِيفِ مَهْرٍ وَقَوْلُهَا فِي إبَاحَتِهَا لِلْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ حَاضِرًا وَفَارَقَهَا وَادَّعَتْ إصَابَتَهُ وَهُوَ مُنْكِرُهَا وَمِثْلُ الْأُولَى لَوْ جَاءَتْ حَاكِمًا وَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُعْرَفُ

_ قوله: (أو رِدَّةٍ) منها، أو من الثاني. قوله: (ملك تتمة ثلاث) وتقدَّمت هذه المسألة في باب ما يختلف به عدد الطلاق. قوله: (ومثل الأولة) أي: من غاب عن مطلقته ... إلخ.

كتاب الإيلاء

كتاب الإيلاء الإيلاء يُحْرَمُ كَظِهَارٍ وَكَانَ كُلٌّ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ

_ كتاب الإيلاء لغة: الحلف، قال الشاعر: قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن سبقت منه الأليَّة برت قوله: (يحرم) لأنه حلف على ترك واجبٍ. اعلم: أنه يشترط لصحَّة الإيلاء أربعة شروط، أشار إليها المصنف في التعريف: الأول: أن يكون من زوج يمكنه الوطء، بخلاف نحو عنين. الثاني: أن يحلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته، لا بنذرٍ، أو عتق، أو طلاق، أو ظهار، أو صدقة، أو حج، أو تحريم مباح. الثالث: أن يحلف على ترك الوطء في القُبلِ، لا في الدبر، أو ما دون الفرج. الرابع: أن يحلف على أكثر من أربعةِ أشهر صريحا، أو كنايةً. وقد ذكر هذه الشروط صاحب "الإقناع". ويمكن أن يؤخذ من التعريف شرط خامس وهو أن تكون الزوجة يمكن وطؤها بخلاف نحو رتقاء.

وَهُوَ حَلِفُ زَوْجٍ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَتِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمُمْكِنِ جِمَاعُهَا فِي قُبُلٍ أَبَدًا أَوْ يُطْلِقُ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ يَنْوِيَهَا وَيَتَرَتَّبُ حُكْمُهُ مَعَ خِصَاءِ وجَبٍّ بَعْضِ ذَكَرِ وعَارِضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ كَحَبْسٍ لَا عَكْسُهُ كَرَتْقٍ وَيُبْطِلُهُ جَبُّ كُلِّهِ وشَلَلُهُ

_ قوله: (وهو: حلف زوج) أي: لا سيد. قوله: (يمكنه الوطء) بخلاف كامل جب، أو شللٍ وعنِّين. قوله: (زوجته) أي: لا أمتِه، أو أجنبيةٍ. قوله: (الممكن جماعها) أي: لا نحو رتقاء. قوله: (في قبل): أي: لا في دبر. قوله: (أو ينويها) أي: المدة الزائدة على أربعة أشهر. قوله أيضا على قوله: (أو ينويها) أي: ينوي الفوقية على أربعة أشهرٍ، أو ينوي المدة المذكورة، وهي هي. تاج الدين البهوتي. قوله: (بعض ذكرٍ) أي: إن بقي ما يمكن الجماع به. قوله: (وعارض) أي: بأحدِهما. قوله: (لا عكسه) أي: ما لا يرجى زواله. قوله: (جب كله) أي: بعد الإيلاء. قوله: (وشلله) الشلل - بفتحتين - مصدر شللت بكسر اللام: فساد اليد، والمراد هنا: فساد الفرج، تقول: شل بفتح الشين لا بضمها، بل أشل بضم الهمزة. "مطلع".

ونَحْوُهُمَا بَعْدَهُ وَكَمُولٍ فِي الْحُكْمِ مَنْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضِرَارًا بِلَا عُذْرٍ أَوْ حَلِفٍ ومَنْ ظَاهَرَ وَلَمْ يُكَفِّرْ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِي دُبُرِهَا أَوْ دُونَ فَرْجٍ أَوْ لَا جَامَعَهَا إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ يُرِيدُ ضَعِيفًا لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ أَرَادَ فِي الدُّبُرِ أَوْ دُونَ الْفَرْجِ صَارَ مُولِيًا وَمَنْ عَرَفَ مَعْنَى مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَأَتَى بِهِ وَهُوَ لَا نِكْتُكِ أَوْ حَشَفَتِي فِي فَرْجِكِ ولِلْبِكْرِ خَاصَّةً لَا اقْتَضَضْتُكِ لَمْ يُدَيَّنْ مُطْلَقًا

_ قوله: (ونحوهما) كمرض لا يرجى برؤه. قوله: (ضرارا) ويحلف لدعواه ترك الإضرار، أو عدمه، قرينةٍ ظاهرةٍ. تاج الدين البهوتي. قوله: (لا افتضضتك) هو بالفاء قال في "المصباح". فضضت البكارة: أزلتها، على التشبيه بالختم. قال الفرزدق: فبتن بجانبي مصرعاتٍ ... وبت أفض أغلاق الختام وقيل: من فضضت اللؤلؤة: إذا خرقتها، وأيضا بالقاف فكذلك، واقتصر في "المطلع" على الأخير، فقال: بالقاف والتاء المثناة فوق، أي: أزلت بكارتها بالذكر. ومثله الافتراع بالفاء. قوله: (مطلقا) أي: لا

ولَا اغْتَسَلْتُ مِنْك أَوْ أَفْضَيْتُ إلَيْكِ أَوْ غَشَيْتُكِ أَوْ لَمَسْتُكِ أَوْ أَصَبْتُكِ أَوْ افْتَرَشْتُكِ أَوْ وَطِئْتُكِ أَوْ جَامَعْتُكِ أَوْ بَاضَعْتُكِ أَوْ بَاشَرْتُكِ أَوْ بَاعَلْتُك أَوْ قَرُبْتُكِ أَوْ مَسَسْتُكِ أَوْ أَتَيْتُك صَرِيحٌ حُكْمًا لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة وَيُدَيَّنُ مَعَ عَدَمِ قَرِينَةِ وَلَا كَفَّارَةَ بَاطِنًا ولَا ضَاجَعْتُكِ أَوْ دَخَلْتُ إلَيْكِ أَوْ بِتُّ عِنْدَكِ وَنَحْوَهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةِ

_ ظاهرًا ولا باطنًا بقرينة ما بعده، فإن الألفاظ التي يصح بها الإيلاء، ثلاثة أقسام: أولها: ما لا يحتاج إلى نيةٍ، ولا يقبل منه إرادة غيره مطلقًا. وثانيها: ما لا يحتاج إلى نيةٍ أيضًا، لكن يقبل منه إرادة غيره باطنًا، لا ظاهرا. وثالثها: ما يتوقف على النية، وقد ذكرها المصنف رحمه الله تعالى على هذا الترتيب. قوله: (أو باضعتك) أي: جامعتك. قوله: (أو باعلتك) من البعال: النكاح. قوله: (أو قربتك) بكسر الراءِ، أي: غشيتك. قاله في "المطلع". قوله: (أو مسستك) أي: لا وطئتك. قوله: (لا يحتاج إلى نية) أي: حيث عرف معناها. قوله: (ويدين مع عدم قرينةٍ) أي: يدين في: (لا اغتسلت منك) وما بعده، كقوله: أردت بالوطء وطء القدم. قوله: (باطنًا) أي: لأنه لم يحنث.

وَلَا إيلَاءَ بِحَلِفٍ بِنَذْرٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَا إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ وفَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ أَوْ هَذَا الشَّهْرِ أَوْ لَا وَطِئْتُكِ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ مَغْصُوبَةً أَوْ حَتَّى تَصُومِي نَفْلًا أَوْ تَقُومِي أَوْ يَأْذَنَ زَيْدٌ فَيَمُوتَ وإنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ ظَاهَرَ فَوَطِئَ عَتَقَ عَبْدُهُ عَنْ الظِّهَارِ وَإِلَّا فَوَطِئَ لَمْ يَعْتِقْ فصل وَإِنْ جَعَلَ غَايَتَهُ مَا لَا يُوجَدُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ غَالِبًا كَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى أَوْ يَخْرُجَ الدَّجَالُ

_ قوله: (حتى ينزل عيسى) أي: قاله قبل خروجِ الدجال لا بعده؛ لأن بينهما أربعين يومًا فقط، ولا يكون بذلك موليًا، قال بعض الشافعية: هذا صحيح إن قاله في اليومِ الثاني من أيام الدَّجال، فإن قاله في اليوم الأول، فينبغي أن يكون موليًا، إن كان بقي أكثر من أربعة أشهرٍ باعتبار الأيام المعهودة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن اليوم الأول من أيامه كسنة، والثاني كشهر، والثالث كجمعةٍ، وأما الباقي فكالأيام المعهودة لنا، فسئل عن اليوم

أَوْ حتى تَحْبَلَ وَهِيَ آيِسَةٌ أَوْ لَا وَلَمْ يَطَأْ أَوْ يَطَأُ وَنِيَّتُهُ حَبَلٌ مُتَجَدِّدٌ أَوْ مُحَرَّمًا حَتَّى تَشْرَبِي خَمْرًا أَوْ إسْقَاطَ مَالِهَا أَوْ هِبَتَهُ أَوْ إضَاعَتَهُ وَنَحْوَهُ فَمُولٍ كحَيَاتِي أَوْ حَيَاتُك أَوْ مَا عِشْتُ أَوْ عِشْتِ

_ الذي كسنة، هل تكفي فيه صلاة يوم؟ فقال: «لا ولكن اقدروا» رواه مسلم، فعلم: أن حكم سائر الأمور حكم أمر الصلاة. انتهى. تاج الدين البهوتي. لكنه سمى البعض من الشافعية، ولم أقدر على استخراج اسمه من خطه؛ لخرمٍ وقع فيه، والله أعلم. قوله: (أو حتي تحبلي ... إلخ) حاصله: أنه إذا قال الزوج لزوجته: والله لا وطئتك حتى تحبلي، أي: إلى أن تحملي، فإنه يصيرُ موليًا في ثلاث صور: الأولى: أن تكون آيسة مطلقًا، أي: سواء كان وطيء أو لا. الثانية: أن لا تكون آيسة، بأن تكون ممَّن يمكن حملُها، لكن قال ذلك في طهر لم يصبْها فيه. الثالثة: أن لا تكون آيسةً، ويقول ذلك لها في طهرٍ وطيء فيه، لكن يقصد أن تحمل من وطءٍ متجددٍ. وإنما كان موليًا في الصورِ الثلاثِ؛ لأنَّه

لَا إنْ غَيَّاهُ بِمَا لَا يُظَنُّ خُلُوُّ الْمُدَّةِ مِنْهُ وَلَوْ خَلَتْ كَحَتَّى يَرْكَبَ زَيْدٌ وَنَحْوَهُ أَوْ بِالْمُدَّةِ كَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ قَالَ إلَّا بِرِضَاك أَوْ اخْتِيَارِكِ أَوْ إلَّا أَنْ أَوْ تَشَائِي. وَلَوْ لَمْ تَشَأْ بِالْمَجْلِسِ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ مُدَّةً أَوْ لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِكِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَنْوِيَ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ كَإنْ وَطِئْتُكِ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ، أَوْ إنْ قُمْتُ أَوْ إنْ شِئْتُ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يُوجَدَ

_ قد جعلَ غايته شيئًا لا يوجدُ في أربعة أشهرٍ، كما أسلفه المصنف في صدر عبارته التي مثَّل لها بذلك، وغيره، والله أعلم. قوله أيضًا على قوله: (أو حتى تحبلي) فإن أراد بـ (حتى تحبلي) السببيةَ، أي: لا أطؤك لتحبلي من وطء، قُبِلَ منه، ولم يكن موليًا؛ لأنه ليس بحالفٍ على ترك الوطء، بل على تركِ قصدِ الحبل به؛ لأن "حتى" تُستعمل للتعليل. منصور البهوتي. قوله: (لا إن غيَّاه) أي: ترْك الوطءِ. قوله: (فوالله لا وطئتك أربعة أشهر) لكن إن ظهر منه قصدُ المضَارةِ، فكمولٍ كما سبق. منصور البهوتي.

وَمَتَى أَوْلَجَ زَائِدًا عَلَى الْحَشَفَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَلَا نِيَّةَ حَنِثَ ووَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ فِي السَّنَةِ أَوْ سَنَةً إلَّا يَوْمًا أَوْ مَرَّةً فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ وَقَدْ بَقِيَ فَوْقَ ثُلُثِهَا وَيَكُونُ مُولِيًا مِنْ أَرْبَعِ بوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ أَوْ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَيَحْنَثُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ فِي الصُّورَتَيْنِ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ إرَادَةُ مُعَيَّنَةٍ ومُبْهَمَةٍ وَتَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ ووَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكُنَّ أَوْ لَا وَطِئْتُكُنَّ لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا فَتَتَعَيَّنُ الْبَاقِيَةُ فَلَوْ عَدِمَتْ إحْدَاهُنَّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ وَإِنْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ وَقَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا لَمْ يَصِرْ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الظهار

_ قوله: (الأولة) وهي: (إن وطئتُك فو الله لا وطئتك). قوله: (حنث) فإن نوى وطأ كاملا على العادة، لم يحنث إلا بالمعتاد. منصور البهوتي. قوله: (لم يصر موليًا) أي: في الحال؛ لأنه يمكنُ وطء البعضِ بلا حنثٍ. قوله: (ما قبل) أي: قوله: (كلُّ واحدةٍ، أو واحدةٍ منكن)، فلا تنحل يمينه بموت إحداهُنَّ. قوله: (بخلاف الظهار) أي: والطلاق، فيصحُّ فيهما التشريكُ.

فصل ويصح مِنْ كَافِرٍ وَقِنٍّ وَمُمَيِّزٍ وغضبان وسكران ومريض مرجو برؤه ومن لم يَدْخُلْ لَا مِنْ مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وعَاجِزٍ عَنْ وَطْءٍ لِجَبٍّ كَامِلٍ أَوْ شَلَلٍ وَيُضْرَبُ لِمُولٍ وَلَوْ قِنًّا مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَمِينِهِ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ زَمَنُ عُذْرِهِ لَا عُذْرِهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَإِحْرَامٍ وَنِفَاسٍ بِخِلَافِ حَيْضِهَا وَإِنْ حَدَثَ عُذْرُهَا اُسْتُؤْنِفَتْ لِزَوَالِهِ وَلَا إنْ حَدَثَ عُذْرُهُ وَإِنْ ارْتَدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ دُخُولٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ كَمَنْ بَانَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَإِنْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا فِي الْمُدَّةِ لَمْ تَنْقَطِعْ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ وَطْأَهَا لَمْ تَمْلِكْ طَلَبَ الْفِيئَةِ

_ قوله: (ونفاس) أي: ولا تُضربُ زمن ذلك. قوله: (استُؤنِفت) أي: فلا تبنى على ما مضى. قوله: (وبها عذرٌ) يعني: أنه إذا انقضت مدةُ

وَإِنْ كَانَ بِهِ وَهُوَ مِمَّا يَعْجَزُ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ أُمِرَ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ فَيَقُولَ مَتَى قَدِرْتُ جَامَعْتُكِ ثُمَّ مَتَى قَدِرَ وَطِئَ أَوْ طَلَّقَ وَيُمْهَلُ مُولٍ لِصَلَاةِ فَرْضٍ وَتَغَدٍّ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَوْمٍ عَنْ نُعَاسٍ وَتَحَلُّلٍ مِنْ إحْرَامٍ وَنَحْوَهُ بِقَدْرِهِ ومُظَاهِرٍ لِطَلَبِ رَقَبَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا لِصَوْمٍ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِمُولٍ عُذْرٌ وَطَلَبَتْ وَلَوْ أَمَةً الْفِيئَةَ وَهِيَ الْجِمَاعُ لَزِمَ الْقَادِرُ مَعَ حِلِّ وَطْئِهَا وَتُطَالِبُ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ إذَا كُلِّفَتْ وَلَا مُطَالَبَةَ لِوَلِيِّ وسَيِّدِ

_ الإيلاء، والحال أنَّ بالزوجة عذرًا يمنع الجماع، لم تملك طلب الفيئة، ثم إن كان العذر غير قاطعٍ للمدةِ، كالحيض، فواضحٌ، سواءٌ كان وجد قبل انقضاء المدة، أو بعدها متصلاً بها، وإن كان قاطعًا، كالإحرام، والنفاس، فلا بدَّ من حدوثهِ بعد انقضاءِ المدة متصلاً بها. فتأمل. قوله: (بلسانِه) تخفيفًا للأذى، ولا كفارة ولا حِنثَ بفيئةِ اللسان. تاج الدين البهوتي. قوله: (لصلاة فرض) أي: ونفلٍ. قوله: (ونحوه) كفطر من صوم واجب. قوله: (ومظاهرٌ) أي: ويمهل مول مظاهر. "شرح"، كمولٍ فقط أو مظاهر فقط. تاج الدين البهوتي. قوله: (لا لصومٍ) أي: فيطلق عليه الحاكم إن استمهل له. قوله: (لزم القادر) أي لزم الجماع الزوج القادر عليه، بخلاف المعذورِ. فإن قلت: التقييد بالقادر لا حاجة إليه؛ لأنه يغني عنه قوله قبل ذلك: (فإن لم يبق عذرٌ)، فإن معناهك لم يبق للزوجِ المولي عذر

وَيُؤْمَرُ بِطَلَاقِ مَنْ عُلِّقَ الثَّلَاثُ بِوَطْئِهَا وَيَحْرُمُ وَمَتَى أَوْلَجَ وَتَمَّمَ

_ مانع من الوطء، ومن جملة ذلك، ما إذا كان مريضًا لا يقدر على الوطء. قلت: يمكن الجواب بحمل العذر في كلامه على نحو الحبس والإحرام، فإنهما يكونان مع عجز الزوجِ عن الوطءِ لمرضٍ، ومع صحته وقدرتهِ، فكأنَّه قال: فإن لم يبق لمولٍ عذر من نحو حبسٍ وإحرام، لزمه الجماع إن كان غير مريضٍ مرضًا يعجز به عنه، فيحنئذٍ يكون التقييدُ بالقادر في محلِّه. قوله أيضا على قوله: (لزم القادر) أي: الجماعُ. وفيه رعايةُ أقرب مذكورٍ. قوله: (ويؤمر بطلاقٍ) أي: أو خلعٍ بائنين. تاج الدين البهوتي. قوله: (من علَّق الثلاث) بخلاف من علق الواحدة، حتى لو علقها لغير مدخول بها؛ لأن الطلقة إنما تقع بعد الوطء، فتقع رجعية. قاله في "الإقناع". قال منصور البهوتي: وتحصل الرجعة بالنزعِ؛ لأنه جماع. انتهى. وفيه نظرٌ من وجهين: أحدهما: أنهم لم يجعلوا النزع جماعًا في جميع الصور؛ بدليل أنَّه في صورة الثلاث: إذا نزع في الحال لا مهر عليه ولا حدَّ، ولو كان جماعًا للزمه المهرُ؛ لأنه جماع أجنبيةٍ. والثاني: أن الرجعة إنما تحصل بما يدل على الرغبة، والنزع يدلُّ على الرهبة. فتدبر. قوله: (ويحرم) أي: الوطء. قوله: (ومتى أولج) أي: معلَّق الثلاث.

أَوْ لَبِثَ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ وَتَنْحَلُّ يَمِينٌ مَنْ جَامَعَ وَلَوْ مَعَ تَحْرِيمِهِ كفِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صِيَامِ فَرْضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُكَفِّرُ وَأَدْنَى مَا يَكْفِي تَغَيُّبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ مِنْ مُكْرَهٍ وَنَاسٍ وَجَاهِلٍ وَنَائِمٍ وَمَجْنُونٍ أَوْ أُدْخِلَ ذَكَرُ نَائِمٍ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِنَّ فِي الْقُبُلِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَيْئَةِ بِوَطْءٍ دُونَ فَرْجٍ أَوْ فِي دُبُرٍ وَإِنْ لَمْ يَفِ وَأَعَفَّتْهُ سَقَطَ حَقُّهَا كَعَفْوِهَا بَعْدَ زَمَنِ الْعُنَّةِ

_ قوله: (أو لبث) فلو نزع في الحال، فلا حدَّ ولا مهر؛ لأنه تارك، وإن نزع ثم أولجَ، فإن جهلا التحريمَ، فالمهرُ والنسب ولا حدَّ. وعكسه إن علما. ومع علمِه فقط مهر، وحدٌّ عليه، ولا نسب، أو علمت فقط، فالحد عليها، ولحقه النسبُ، ولا مهر، وكذا إن تزوجها في عدَّتها. وإن علق طلاق غيرِ مدخولٍ بها بوطئها، وقع رجعيَّاً. قال منصور البهوتي: وحصلت رجعتها بنزعه؛ إذ النزع جماع. قوله: (ولا حد) أي: عليهما للشبهة. قوله: (من جامع) أي: مولٍ. منصور البهوتي. قوله: (فيهنَّ) أي: لعدم حنثه، فلا تنحل يمينُه.

وَإِلَّا أُمِرَ أَنْ يُطَلِّقَ وَلَا تَبِينُ زَوْجَةُ برَجْعِيٍّ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ حَاكِمٌ عَلَيْهِ طَلْقَةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ فَسَخَ وَإِنْ قَالَ فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا فَهُوَ فَسْخٌ وَإِنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْمُدَّةِ أَوْ وَطْأَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ قُبِلَ وَإِنْ ادَّعَتْ بَكَارَةً فَشَهِدَ بِهَا ثِقَةٌ قُبِلَتْ وَإِلَّا قُبِلَ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ فِيهِنَّ

_ قوله: (برجعي) أي: منه، أو من حاكمٍ. قوله: (قبلت) أي: دعوى الزوجة بغير يمين حيث شهدت الثقة ببقاءِ بكارتِها، أما لو شهدت أنها كانت بكرًا فقط، فقول الزوج، كما هو مقتضى كلام "الإقناع" مع حاشيته.

صفحة فارغة

كتاب الظهار

كتاب الظهار وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ إلَى أَمَدٍ أَوْ بِعُضْوٍ مِنْهَا أَوْ بِذَكَرٍ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْحِلَّ مَجُوسِيٌّ نَحْوُ أَنْتِ أَوْ يَدُكِ أَوْ وَجْهُكِ أَوْ أُذُنُكِ كَظَهْرِ أَوْ بَطْنِ أَوْ رَأْسِ أُمِّي أَوْ كَعَيْنِ أُمِّي أَوْ عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي أَوْ حَمَاتِي أَوْ أُخْتِ زَوْجَتِي أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ زَيْدٍ أَوْ رَجُلٍ، وَلَا يُدَيَّنُ وأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ أَوْ عَكْسَهُ يَلْزَمَانِهِ وأَنْتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي وَأَطْلَقَ فظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى فِي الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا وأَنْتِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي لَيْسَ بِظِهَارٍ إلَّا مَعَ نِيَّةِ أَوْ قَرِينَةٍ

_ قوله: (أو اعتقد الحلَّ مجوسي) بأن قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أختي، معتقدًا حل أخته، فيثبت له حكم الظهار إذا أسلما، أو ترافعا إلينا. قوله: (ولا يديِّن) إن قال: أردت في الكرامة ونحوها. قوله: (أو عكسه) خلافا لـ"الإقناع" في كونه ليس ظهارًا إلا بالنية. قوله: (وأطلق) أي: فلم ينو ظهارًا ولا غيره. قوله: (أو مثل أمي) أي: ولم يقل: عليَّ، أو عندي،

وأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا أَوْ يَمِينًا إلَّا إنْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ سَبَقَ بِهَا وأَنَا مُظَاهِرٌ أَوْ عَلَيَّ أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ أَوْ الْحَرَامُ وَأَنَا عَلَيْكِ حَرَامٌ أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ مَعَ نِيَّةِ أَوْ قَرِينَةٍ ظِهَارٌ وَإِلَّا فَلَغْوٌ كأُمِّي أَوْ أُخْتِي امْرَأَتِي أَوْ مِثْلُهَا وَكَ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ وَوَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ وَكَالْإِضَافَةِ إلَى شَعْرٍ وَظُفُرٍ وَرِيقٍ وَلَبَنٍ وَدَمٍ وَرُوحٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَلَا ظِهَارَ إنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَوْ عَلَّقَتْ بِتَزْوِيجِهِ نَظِيرَ مَا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ وَعَلَيْهَا التَّمْكِينُ قَبْلَهُ إنْ تَزَوَّجْتُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَسَأَلَتْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا كَفَّارَةً وَرَوَى سَعِيدٌ وَيُكْرَهُ دُعَاءُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِمَا يَخْتَصُّ بِذِي رَحِمٍ كَأَبِي وَأُمِّي وَأَخِي وَأُخْتِي فصل ويَصِحُّ من كل من يصح طَلَاقُهُ

_ أو مني، أو معي. قوله: (أو سبق) أي: قدَّم المشيئة. قوله: (كأمي) امرأتي، أو مثلُها. قوله: (كظهر البهيمة) أي: فليس ظهارًا. قوله: (وكالإضافة) أي: إضافة التشبيه، أو التحريم، نحو: شعرك كظهرِ أمي أو أختي، أو أنت كشعر أمي ونحوه. قوله: (قبله) أي: ولا تجب عليها حتى يطأها مُطاوعةً. قوله: (من يصح طلاقُه) أي: من زوجٍ يصح طلاقه، وهو العاقل المميز، فما فوقه.

وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ بِمَالٍ ومِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ فَلَا مِنْ أَمَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ وَيُكَفِّرُ كَيَمِينِ يَحْنَثُ فِيهَا وَإِنْ نَجَّزَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ عَلَّقَهُ بِتَزْوِيجِهَا أَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى أَبَدًا صَحَّ ظِهَارًا لَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى إذَنْ وَيُقْبَلُ مِنْهُ وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُنَجَّزًا وَمُعَلَّقًا فَمَنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَحَنِثَ لَزِمَهُ ومُطْلَقًا ومُؤَقَّتًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرَ رَمَضَانَ إنْ وَطِئَ فِيهِ كَفَّرَ وَإِلَّا زَالَ «ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَصَابَهَا فِيهِ فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ تَقَيُّدَهُ» وَيَحْرُمُ عَلَى مُظَاهَرٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا وَطْءٌ وَدَوَاعِيهِ قَبْلَ تَكْفِيرٍ وَلَوْ كَانَ بِإِطْعَامٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ - رَحِمَكَ اللَّهُ - قَالَ: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا: فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ؟ قَالَ: فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ» بِخِلَافِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ

_ قوله: (بمال) أي: بعتق أو إطعام، لا بصومٍ. قوله: (ومن كلِّ زوجةٍ) أي: يصح أن يظاهر الزوج من كل زوجةٍ. والمتبادر من العبارة: أن الظهار صادرٌ من الزوجة؛ لأنَّ قوله: (ومن كلِّ زوجة) معطوف على قوله: (من كل من يصح طلاقُه) وليس كذلك، بل الظهار لا يصح صدوره إلا من الزوج، كما قدَّمه المصنف آنفا، وحيئنذ فيكون قوله: (ومن كل زوجة) معطوفًا على محذوف، تقديره: ويصح الظهار من كل زوج يصح طلاقه من أجنبية ومن كل زوجةٍ. فتدبر. قوله: (ويكفر) أي: سيد ظاهر، كفارة يمين. قوله: (لا إن أطلق) أي: فلم ينو أبدًا. قوله: (أو عتقٍ) وقدر عليه، وإلا فكفارة يمين في عتق صرح به في النذر والطلاق. تاج الدين البهوتي. قوله: (بخلاف كفارة يمين) أي: فله إخراجُها قبل حنثٍ وبعده.

وَتَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْوَطْءُ مِنْ مُكْرَهٍ وَيَأْثَمُ مُكَلَّفٌ ثُمَّ لَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَتُجْزِيهِ وَاحِدَةٌ {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] كَمُكَرِّرٍ ظِهَارًا مِنْ وَاحِدَةٍ قَبْلَ تَكْفِيرٍ وَلَوْ بِمَجَالِسَ أَوْ أَرَادَ اسْتِئْنَافًا وَكَذَا مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وبِكَلِمَاتٍ بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِكُلٍّ كَفَّارَةٌ وَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُ بِعَزْمٍ عَلَى وَطْءٍ «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ» وَيُجْزِئُ قَبْلَهُ وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ بَانَتْ زَوْجَةٌ مُظَاهَرٌ مِنْهَا قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ أَعَادَهَا مُطْلَقًا فَظِهَارُهُ بِحَالِهِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ سَقَطَتْ فصل وَكَفَّارَةُ وَطْءِ نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى التَّرْتِيبِ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكَذَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا إطْعَامٌ

_ قوله: (ثم لا يطأ) أي: ولو غير مكلف. تاج الدين البهوتي. قوله: (مطلقاً) أي: ارتدَّ، أو لا. قوله: (قَبلَه) اي: الوطءِ، لو ظنَّ أنه ظاهر منها فكفر، ثم تبين أنه ظاهر من غيرها، لم يجزئه. "عيون". تاج الدين البهوتي.

وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتَ وُجُوبِ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ وَإِمْكَانُ الْأَدَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى وَطْءٍ فَلَوْ أَعْسَرَ مُوسِرٌ قَبْلَ تَكْفِيرٍ لَمْ يُجْزِئْهُ صَوْمٌ وَلَوْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ وَيُجْزِيهِ وَلَا يَلْزَمُ عِتْقٌ إلَّا لِمَالِكِ رَقَبَةٍ وَلَوْ مُشْتَبِهَةً بِرِقَابِ غَيْرِهِ فَيُعْتِقُ رَقَبَةً ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَ الرِّقَابِ فَيُخْرِجُ مَنْ قُرِعَ أَوْ لِمَنْ يُمْكِنُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهَا أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ لَا يُحْجَفُ أَوْ نَسِيئَةً وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ أَوْ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَا بِهِبَةٍ وتَفْضُلَ عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ أَدْنَى مَسْكَنٍ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ وخَادِمٍ لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَا يَخْدِمُ نَفْسَهُ أَوْ عَجْزِهِ وعَنْ مَرْكُوبٍ وَعَرَضٍ بَذَلَهُ وكُتُبِ عِلْمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَثِيَابِ تَجَمُّلٍ وكِفَايَتِهِ ومَنْ يَمُونُهُ دَائِمًا وَوَفَاءِ دَيْنٍ

_ قوله: (مبني على زكاة) والمذهبُ: أنه شرطٌ للوجوب، لا للأداء، ووقت وجوبٍ هنا وقتُ عودٍ، وفي رمضان وقت وطء، وفي قتل زمن زهوقٍ، وفي يمين وقت حنثٍ. قوله: (فيعتق رقبةً) أي: ناويًا ما يملكه. قوله: (لا تجحف) ولو كثيرة، بخلاف ماء الوضوء؛ لتكرره. قوله: (وعرض بذلةٍ) أي: يحتاج إلى استعماله، كلباسه، وفراشه، وأوانيه، وآلة حرفته. قوله: (وثياب تجمل) أي: لا تزيد على ملبوس مثله. قوله: (لذلك) أي: لما يحتاجه وكفايتُه وعيالُه. قوله: (ووفاء دينٍ) لله تعالى، أو

وَمَنْ لَهُ فَوْقَ مَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهِ مِنْ خَادِمٍ وَنَحْوَهُ وَأَمْكَنَ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ ورَقَبَةٍ بِالْفَاضِلِ لَزِمَهُ فَلَوْ تَعَذَّرَ أَوْ كَانَ لَهُ سُرِّيَّةٌ يُمْكِنُ بَيْعُهَا وَشِرَاءُ سُرِّيَّةٍ وَرَقَبَةٍ بِثَمَنِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَشُرِطَ رَقَبَةٍ فِي كَفَّارَةٍ مُطْلَقًا ونَذْرٍ عِتْقُ مُطْلَقٍ إسْلَامٌ وسَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ مُضِرٍّ ضَرَرًا بَيِّنًا بِالْعَمَلِ كَعَمًى وشَلَلِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَطْعِ إحْدَاهُمَا أَوْ سَبَّابَةٍ أَوْ وُسْطَى أَوْ إبْهَامٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ

_ لآدمي، ولو مؤجلا. قوله: (في كفارة) أي: مطلقًا. قوله: (إسلام) أي: ولو عن ذمي، قوله: (من يد) أي: واحدةٍ؛ بدليل ما بعده. ومفهومُه: لو قطعت خنصره وبنصره معًا من رجلٍ، فإنه يجزيء، ويخالفه مفهوم قوله الآتي: (ويجزيء من قطعت بنصره من إحدى يديه، أو رجليه ... إلخ) فإنه يدل بمفهومه على أنهما لو قُطعتا من واحدةٍ، فإنها لا تجزيء، فقد تعارض مفهوما كلامه، وقضيَّة تسويته بين اليد والرجل في قطع إبهام وسبابةٍ، أو وسطى تبعًا "للتنقيح"، العمل بالمفهوم الثاني، وهو عدم الإجزاء، فيكون قوله هنا: (من يدٍ) أي: ورجلٍ، على حد: (تقيكم الحر). [النحل: 81] أي: والبرد، وكلام "الإقناع" صريحٌ في خلاف ذلك، فإنه صرَّح بأنه لو قُطعت كل أصابع

وَقَطْعِ أُنْمُلَةٍ مِنْ إبْهَامٍ أَوْ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ كُلِّهِ وَيُجْزِئُ مَنْ قُطِعَتْ بِنَصْرِهِ مِنْ إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ وخِنْصَرُهُ مِنْ الْأُخْرَى أَوْ جَدْعِ أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا أَوْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ ومُدَبَّرٌ وَصَغِيرٌ وَوَلَدُ زِنًا وَأَعْرَجُ يَسِيراً

_ رجلٍ، فإنه يجزيء بخلافِ اليدِ، وخالف "التنقيح" في ذلك تابعًا لما صرَّح به في "الرعاية"، وفهم من كلام "الفروع"، فإنه قال في "الفروع": وقيل: أي: لا يجزيء فيهن من يدٍ، ففهم صاحب "الإقناع" أن قوله: (من يدٍ) احترازٌ عن اليدين فالمقدَّم لا فرق، وأما الرجل فمسكوت عنها، اعتمد فيها كلام "الرعاية"، وأما صاحب "التقيح" ففهم أن قوله: (من يد) احترز به عن الرجل، فيكون المقدَّم عند صاحب "الفروع" التسوية بين اليد والرجل. وما فهم المنقح أولى بالتقديم؛ لأنَّه المحرر للمذهب والمنقح له. قال في "التنقيح": وإن وجدت فيه لفظًا أو حكمًا، مخالفًا لأصله، أو غيره، فاعتمده، فإنه وضع عن تحريرٍ. قوله: (ككلة) أي: كقطع الأصبع كلِّه. قوله: (أو جدع) هو بالدال المهملة. قال في "المصباح": جدعتُ الأنف جدعًا من باب نفع: قطعته، وكذلك الأذن واليد والشفةُ.

ومَجْبُوبٌ وَخَصِيٌّ وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ تُفْهَمُ إشَارَتُهُ وَأَعْوَرُ وَمَرْهُونٌ وَمُؤَجَّرٌ وَجَانٌّ وَأَحْمَقُ وَحَامِلٌ ومُكَاتَبٌ مَا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا لَا مِنْ أَدَّى شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ عِتْقٍ أَوْ يُعْتَقُ بِقَرَابَةٍ لَا مَرِيضٌ مَأْيُوسٌ مِنْهُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْعَمَلِ ومَغْصُوبٌ مِنْهُ وزَمِنٌ وَمُقْعَدٌ ونَحِيفٌ عَاجِزٌ عَنْ عَمَلٍ وأَخْرَسُ أَصَمُّ وَلَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَمَجْنُونٌ مُطْبَقٌ وَغَائِبٌ

_ قوله: (ومجبوب) أي: مقطوعُ الذكر من غير السيدِ. قوله: (وخصي) يعني: ولو مجبوبًا. منصور البهوتي. قوله: (وحامل) أي: ولو استثنى حملها. قوله: (لا من أدى) لعله مالم يعجز. قوله: (بشرط عتقٍ) ظاهره. ولو عن ذلك الواجبِ، أو تلك الكفارة بعينها. وفيه نظر، وفاقا للحجاوي في واجب معينٍ فقط. تاج الدين البهوتي. قوله: (بقرابةٍ) أي: فلا يجزيء. قوله: (مأيوس) لعدم تمكنِه من العمل، وهو مهموز على وزن مأكول: انقطع الأمل منه. قوله: (ومغصوبٌ) أي: لعدم تمكنه من منافعه. قوله: (وزمنٌ) الزمن: المبتلى. والمقعدُ: العاجز عن القيام. وعبارةُ "المصباح": زمن الشخص زمناً وزمانةً، فهو زمن، من باب: تعب، وهو: مرض يدوم طويلاً. قال: وأقعد بالبناء للمفعول: أصابَه داءٌ في جسده، فلا يستطيعُ

لَمْ تَتَبَيَّنْ حَيَاتُهُ ومُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا أَوْ أُمُّ وَلَدٍ وجَنِينٌ وَمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا ثُمَّ مَا بَقِيَ أَوْ نِصْفَ قِنَّيْنِ أَجْزَأَ لَا مَا سَرَى بِعِتْقِ جُزْءٍ وَمَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِظِهَارٍ ثُمَّ ظَاهَرَ عَتَقَ وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ كَمَا لَوْ نَجَزَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ ظَاهَرَ أَوْ عَلَّقَ ظِهَارَهُ بِشَرْطٍ

_ المشي، فهو مقعد، وهو الزمن أيضًا. انتهى. قوله: (لم تتبيَّن حياتُه) لأن وجوده غير محقق، فإن أعتَقَه، ثم تبيَّن بعد كونه حيًا، فإنه يجزئه قولاً واحدًا. قاله في "الإنصاف". قوله: (أبدًا) لعل مثله موصى بخدمته مدة لا يعيش لمثلها غالبا، كمئة سنةٍ، وهو ابن خمسين سنةً، مثلاً. قوله: (أو أم ولدٍ) لاستحقاق عتقها. قوله: (ومن أعتق جزءًا) أي: من مُشتركٍ، وهو موسِرٌ. قوله: (أو نصفَ قنَّينِ) أي: لأن الأشقاص كالأشخاص، وكذا هديٌ، وأضحيةٌ، وعقيقةٌ. قوله: (لا ما سرى يعتق جزءٍ) اعلم: أنه إذا أعتق جزءًا من عبدٍ، فإما أن يكون مالكًا لبقيته، أو لا، وعلى كل منهما، فإما أن ينوي كونه بتمامه عن كفارتِهِ، أو كون ذلك الجزء فقط. فهذه أربع صور: صورتان منها في المشترك بينه وبين غيرهِ، وصورتان في ملكه. وعلى كونه لغيره: إمَّا أن يكون موسرًا، أو معسرا، فتكون الصور ستَّا، يجزيء عتقه عن الكفارةِ

فَأَعْتَقَهُ قَبْلَهُ وَمَنْ أَعْتَقَ غَيْرَ مُجْزِئٍ ظَانًّا إجْزَاءَهُ نَفَذَ فصل فإن لم يجد صَامَ حُرًّا أَوْ قِنًّا شَهْرَيْنِ وَيَلْزَمُهُ تَثْبِيتُ النِّيَّةِ وتَعْيِينُهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ والتَّتَابُعُ لَا نِيَّتُهُ وَيَنْقَطِعُ بِوَطْءِ مُظَاهَرٍ مِنْهَا

_ في واحدةٍ منها، وهي: ما إذا كان ملكًا له، ونوى بعتق بعضه كونه بتمامه عن الكفارة، كما صرح به في "الإقناع"، ويحتملُه كلام المصنف. وأما بقية الصور، فلا يقع عن الكفارة إلا الجزءُ المملوك له الذي أعتقَهُ عن الكفارة، فيكملُ عليه. إذا علمت ذلك، فقول المصنف: (لا ما سرى ... إلخ) ظاهر في المشترك، والمعتق موسرٌ، وفي المملوك له بتمامه، إذا أعتق البعض، ولم ينو كونه بتمامه عن الكفَّارة، ولا يشمل ما إذا كان ملكًا له بتمامِه، وأعتقَ بعضَه، ونوى كون كله كفارة؛ لما علمت أن صاحب "الإقناع" صرح بإجزائها، فحملُه على ذلك حمل على صورةٍ غير صحيحة، فلا يصحُّ حمله عليها. فتأمل، وتمهل. قوله: (قبله) لأنَّه لا يجزيء التكفير قبل انعقاد سببه. قوله: (لا نيَّته) أي: فيكفي حصولُه.

وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ مَعَ عُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ أَوْ لَيْلًا لَا غَيْرَهَا فِي الثَّلَاثَةِ وبِصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَيَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ وبِفِطْرٍ بِلَا عُذْرٍ لَا رَمَضَانَ أَوْ فِطْرٍ وَاجِبٍ كعِيدٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَمَرَضٍ مَخُوفٍ وحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ لِعُذْرٍ يُبِيحُهُ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ وحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لِضَرَرِ وَلَدِهِمَا ومُكْرَهٍ وَمُخْطِئٍ وَنَاسٍ لَا جَاهِلٍ فصل فإن لم يستطع صوما لكبر أَوْ مرض ولو رجي برؤه ويُخَافُ زِيَادَتُهُ أَوْ تَطَاوُلُهُ أَوْ لِشَبَقٍ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ بِالصَّوْمِ قَالَتْ امْرَأَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ: فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» مُسْلِمًا حُرًّا وَلَوْ أُنْثَى وَلَا يَضُرُّ وَطْءُ مُظَاهَرٍ مِنْهَا أَثْنَاء إِطْعَامِ

_ قوله: (بلا عذر) ولو نسي وجوب التتابع، أو ظن أنه أتم. قوله: (ومخطيء) أي: كآكل يظنه ليلا، فبان نهاراً. قوله: (وناسٍ) أي: للصوم. قوله: (لا جاهلٍ) بوجوب التتابع. قوله: (ولا يضرُّ وطءُ مظاهرٍ منها) أي: ويحرم.

وَيُجْزِئُ دَفْعُهَا إلَى صَغِيرٍ مِنْ أَهْلِهَا وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ ومُكَاتَبٍ ومَنْ ظَنَّهُ مِسْكِينًا فَبَانَ غَنِيًّا وإلَى مِسْكِينٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ وَلَا إلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا تَرْدِيدُهَا عَلَى مِسْكِينٍ سِتِّينَ يَوْمًا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ وَلَوْ قَدَّمَ إلَى سِتِّينَ سِتِّينَ مُدًّا وَقَالَ هَذَا بَيْنَكُمْ فَقَبَلُوهُ، فَإِنْ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ كُلًّا أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَالْوَاجِبُ فِي الْكَفَّارَاتِ مَا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ مِنْ مُدَبَّرٍ مِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ وَسُنَّ إخْرَاجُ أُدْمٍ مَعَ مُجْزِئٍ وَلَا يُجْزِئُ خُبْزٌ وَلَا غَيْرُ مَا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ وَلَوْ كَانَ قُوتَ بَلَدِهِ وَلَا أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ أَوْ يُعَشِّيَهُمْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعَ مِنْ تَمْرٍ سِتَّةَ مَسَاكِينَ بِخِلَافِ نَذْرِ إطْعَامِهِمْ وَلَا الْقِيمَةُ

_ قوله: (لحاجةٍ) كفقير، ومسكين، وابن سبيلٍ، وغارمٍ لمصلحةِ نفسهِ. قوله: (من بر مدٌّ) وحب أفضل من دقيقٍ وسويقٍ، ويعتبران بوزن الحب. قوله: (بخلاف نذر إطعامهم) أي: فيجزيء أن يغديهم أو يعشيهم.

وَلَا عِتْقٌ وصَوْمٌ وإطْعَامٌ إلَّا بِنِيَّةٍ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعَيُّنُ سَبَبِهَا وَيَلْزَمُهُ مَعَ نِسْيَانِهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ غَلَطًا وَسَبَبُهَا مِنْ جِنْسٍ يَتَدَاخَلُ أَجْزَأَهُ عَنْ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَتْ أَسْبَابُهَا مِنْ جِنْسٍ لَا يَتَدَاخَلُ أَوْ أَجْنَاسٍ كَظِهَارٍ وَقَتْلٍ وصَوْمِ وَيَمِينٍ فَنَوَى إحْدَاهَا أَجْزَأَ عَنْ وَاحِدَةٍ وَلَا يَجِبُ تَعيينُ سَبَبِهَا

_ قوله: (فقط) أي: دون نية الكفارة. قوله: (لا يتداخل) كظهاره من نسائه بكلماتٍ، وتخرج بقرعةٍ.

صفحة فارغة

كتاب اللعان

كتاب اللعان وَهُوَ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِأَيْمَانٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَقْرُونَةٌ بِلَعْنٍ وَغَضَبٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ تَعْزِيرٍ فِي جَانِبِهِ وحَبْسٍ في جَانِبِهَا

_ كتاب اللعان مصدر لاعن من اللعن، وهو: الطردُ والإبعادُ. قال ابن عادل: قال بعض العلماء: وليس من الأيمان شيء متعدد في جانب المدَّعي ابتداءً سوى اللعان والقسامةِ. انتهى. قوله: (بلعنٍ) أي: من زوجٍ. قوله: (وغضبٍ) أي: من زوجة. قوله: (حد قذفٍ) يعني: إن كانت محصنةً. قوله: (أو تعزير) إن لم تكن كذلك. منصور البهوتي. وسمي اللِّعان؛ لقول الرجل: وعلي لعنة الله، واختير لفظ اللعان على الغضب، وإن كانا موجودين في لعانهما؛ لأن اللعنة متقدمة في الآية الكريمة، ولأن جانب الرجل فيه أقوى؛ لأنه قادر على الابتداءِ دونها، ولأنه قد ينفكُّ لعانه عن لعانها، ولا ينعكس. وقيل: سمي لعانًا من اللعن، وهو: الطردُ والإبعاد؛ لأن كلا منهما يبعد عن صاحبِه، ويحرم النكاح بينهما أبدًا، بخلاف المطلق وغيره. ابن عادل. قوله: (وحبسٍ في جانبها) أي: إن لم تقرَّ بالزنا، فتُحبس إلى أن تقرَّ، أو تلاعن، أو قائمة مقام حد زنًا إن أقرَّت، كما في "الإقناع". وظاهر كلام المصنف: أن اللعان في جانب الزوجة إنما يقوم مقام الحبس، سواء أقرَّت بالزنا أو لم تقرَّ،

مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِزِنًا وَلَوْ بِطُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ فَكَذَّبَتْهُ لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ وَيَسْقُطُ بِتَصْدِيقِهَا إيَّاهُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِلِعَانِهِ وَلَوْ وَحْدَهُ حَتَّى جَلْدَةً لَمْ يَبْقَ غَيْرُهَا

_ فأما إذا لم تقر، فظاهرٌ، وأما إذا أقرَّت بالزنا أربع مراتٍ، فإن الواجب عليها في هذا الحال الحدُّ، ولا يسقطه عنها إلا الرجوع عن إقرارها، سواء لاعنت، أو لا. واللعان إنما أفادها سقوط الحبس، فم سلكه المصنف هو التحقيق. فتأمله، فإنه دقيقٌ. قوله: (بقذف أجنبيةٍ) من الحد إن كانت محصنةً، والتعزير إن لم تكن كذلك. قوله: (ويسقط) أي: مالزمه. قوله: (بتصديقها) أو بإقامة البينة عليها به، كما لو كان المقذوفُ غيرها. منصور البهوتي. قوله: (وله إسقاطُه) أي: ما لزمه.

وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ لِعَانِهِ وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُولَ زَوْجٌ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَيُشِيرُ إلَيْهَا وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ تُسَمَّى أَوْ تُنْسَبَ إلَّا مَعَ غَيْبَتِهَا ثُمَّ يَزِيدَ فِي خَامِسَةٍ وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ

_ قوله: (ويثبت موجبها) أي: البيِّنة من حدِّ الزنا. منصور البهوتي. قوله: (ويشيرُ إليها) أي: مع حضورِها. قوله: (إلا مع غيبتها) مقتضاه، عدم اشتراط اجتماع الزوجين حال اللعان، وهو مبني على ما اختاره في "عيون المسائل"، والمفهوم مما قدمه في "الفروع"، وجعله في "الإنصاف" المذهب: أنه لا بدَّ من اجتماعهما، كما ذكروا ذلك في مسألة الخفرة، على ما سيأتي في كلام المصنف. فتدبر. قوله: (ثم يزيد في خامسة ... إلخ) المتبادر من لفظ الزيادة أنه يأتي في الخامسة بالشهادة، ويقول بعدها: (وأنَّ لعنة الله ... إلخ) وهو غير ظاهر؛ لأنها تكون حينئذٍ خمس شهاداتٍ، مع أن الآية الكريمة مصرِّحة بأنها أربعُ شهاداتٍ، ولذلك عبر غيره كـ "المحرر" بقوله: ثم يقول في خامسة ... إلخ، وهي أولي. فتدبر. قوله: (إن كان من الكاذِبين) أي: ولا يشترطُ أن يقول: فيما رماها به من الزنا.

ثُمَّ زَوْجُهُ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ تَزِيدُ فِي خَامِسَةٍ وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فَإِنْ نَقَصَ لَفْظٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ أَتَيَا بِالْأَكْثَرِ وَحُكِمَ حُكْمٌ أَوْ بَدَأَتْ بِهِ أَوْ قَدَّمَتْ الْغَضَبَ أَوْ أَبْدَلَتْهُ بِاللَّعْنَةِ أَوْ السَّخَطِ أَوْ قَدَّمَ اللَّعْنَةَ أَوْ أَبْدَلَهَا بِالْغَضَبِ أَوْ الْإِبْعَادِ أَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ أَشْهَدُ بأقسم أَوْ أَحْلِفْ أَوْ أَتَى بِهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِلَا حُضُورٍ حَاكِمٍ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَنْ يُحْسِنُهَا وَلَا يَلْزَمُهُ تَعَلُّمُهَا إنْ عَجَزَ عَنْهُ بِهَا أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ أَوْ عُدِمَتْ مُوَالَاةُ الْكَلِمَاتِ لَمْ يَصِحَّ وَيَصِحُّ مِنْ أَخْرَسَ وَمِمَّنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مِنْ نُطْقِهِ إقْرَارٌ

_ قوله: (فإن نقص لفظ من ذلك) أي: جملةٌ من الجمل الخمس، أو ما يختل به المعنى. منصور البهوتي. قوله: (وحكم حاكم) لم ينفذ؛ لمخالفته لنص القرآن الوارد على خلافِ القياس. قوله: (أو قدمت الغضب) أي: قبل الخامسةِ. قوله: (أو قدَّم اللعنة) اي: قبل الخامسة. قوله: (قبل إلقائه عليه) أي: أو قبل طلبها، إن لم يكن ولدٌ يريد نفيه. قوله: (أو نائبه) أي: أو من حكماه. شهاب فتوحي. أي: ممن يكون أهلا للقضاء. قوله: (لم يصح) جواب (فإن نقص ... إلخ).

بِزِنًا ولِعَانٌ بِكِتَابَةٍ وَإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ فَلَوْ نَطَقَ وَأَنْكَرَ لِعَانًا قُبِلَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ وَنَسَبٍ لَا فِيمَا لَهُ مِنْ عَوْدِ زَوْجَتِهِ وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لَهُمَا وَيُنْتَظَرُ مَرْجُوٌّ نُطْقُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسُنَّ تَلَاعُنُهُمَا قِيَامًا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ وأَنْ لَا يَنْقُصُوا عَنْ أَرْبَعَةِ وبِوَقْتٍ وَمَكَانٍ مُعَظَّمَيْنِ

_ قوله: (من حد) فيقام عليه الحدُّ بطلبها، ويلحقه النسبُ. قوله: (لا فيما له من عود زوجية) أي: فلا تحلُّ له. قوله: (وله) أي: لمن أنكر لعانه الإشارة بعد أن نطق. قوله: (أن يُلاعنَ لهما) أي: لإسقاط الحدِّ ونفي النسب. قوله: (وينتظر مرجو) بقول عدلين من أطباء المسلمين. قوله: (نطقه) أي: نطقُ من اعتُقل لسانُه بعد قذف زوجتِه. قوله: (ثلاثة أيامٍ) فإن نطقَ، وإلا فبالكتابةِ والإشارةِ. قوله: (قيامًا) لو قيل: قائمين كان أبين؛ لكونه حينئذٍ حالا، وأما قيامًا فإنه مصدر، فيحتاج إلى عاملٍ مقدَّر. شهاب فتوحي على "المحرر". قوله: (عن أربعةٍ) أي: اربعة رجالٍ؛ لاحتمال الإقرار. قوله: (بوقتٍ) كبعد عصر الجمعة. قوله: (ومكان) كبين الركن والمقام بمكة، وعند الصخرة بالمقدس، وعند منبر باقي المساجد.

وأَنْ يَأْمُرَ حَاكِمٌ مَنْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فَمِ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَيَبْعَثَ حَاكِمٌ إلَى خَفِرَةٍ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا وَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ

_ قوله: (من يضعُ يدَه) أي: من رجلٍ أو امرأةٍ من محارم الزوجِ، ومن امرأة رجل من محارم الزوجة. قوله: (إلى خفرةٍ) أي: شديدةِ الحياءِ، وهي ضد البررة، فالخفرة، هي: التي لا تخرج في حوائجها، والبرزةُ، هي: التي تبرز لحوائجها. فتوحي. قوله: (بينهما) كذا في "المحرر" قال الشهاب الفتوحي، فيما رأيتُه بخطهِ: يفهم منه أنه يشترط اجتماعُهما حالة التلاعن، وقد تقدَّم: أنها إن لم تكن حاضرةً، أسماها ونسبَها، وكذا وقع لغيره كالشيخ في "المقنع" و "المغني" وصاحب "المستوعب" و "الوجيز" و "الفروع" إلا أن صاحب "الفروع" عند ذكر مسألة الخفرة، نقل عن ابن شهاب في "عيون المسائل": أن للزوج أن يلاعن في غيبتها، ولها أن تلاعن في غيبته، فأفاد ذلك أنَّ المقدم عنده اشتراط اجتماعهما، كما فهم ذلك صاحب "الإنصاف" من كلامه حيث جعله

فصل وشروطه ثلاثة الأول: كَوْنُهُ بَيْنَ زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ وَلَوْ قِنَّيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ أَحَدُهُمَا فَيُحَدُّ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ بِزِنًا وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ أَوْ قَالَ لَهَا زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَنْكَحَكِ كَمَنْ أَنْكَرَ قَذْفَ زَوْجَتِهِ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَمَنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ

_ المذهب، ثم قابله بكلام "عيون المسائل"، وحيئنذٍ فيحملُ كلامهم في صفة اللعان، حيث قالوا: وإن كانت غائبةً أسماها ونسبَها، على ما نقله صاحب "الفروع" عن "عيون المسائل"؛ ليجمع به بين كلامهم. انتهى. قوله: (مكلَّفين) لأن قذف غير المكلَّف لا يوجب حدًا، واللعان إنما وجب لإسقاطه. قوله: (قبل أن أنكحك) فيحد للقذف، ولا لعان، ولو لنفي الولد، كما ذكره صاحب "الإقناع". قوله: (مع بيِّنة) أي: على قذفه، فيحد ولا لعان. قوله: (ومن ملك زوجته ... إلخ) يعني: أن الزوج إذا ملك زوجته بشراء أو غيره، فأتت بولد لدون ستة أشهر

لَا يُمْكِنُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ وَيُعَزَّرُ بِقَذْفِ زَوْجَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ وَلَا لِعَانَ وَيُلَاعِنُ مَنْ قَذَفَهَا ثُمَّ أَبَانَهَا أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا وَإِنْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُبَانَةً فِي النِّكَاحِ أَوْ الْعِدَّةِ

_ من الملك، سواء أقر بوطئها في الملك أو لا، فإن هذا الولد ملحق بالنكاح لا بالملك، فله نفيه باللعان، وإن أنت به لستة أشهر فأكثر من الملك وقبل مضيِّ أربع سنين من الملك أيضًا، ولم يكن أقر بوطئها في الملك، أو أقر به وأتت به لدون ستة أشهر من الوطء، فمُلحقٌ بالنكاح أيضًا، فله نفيه باللعان. وإن أتت به لستة أشهر فأكثر من وطئه في الملك، فأم ولد، إلا أن يدعي الاستبراء بعد الوطء، فينتفي عنه الولد، ولا لعان فيهما. فتدبر. قوله: (لا يمكن) أي: لا يمكن كونه من ملك اليمين، كأن أتت به لدون ستة أشهر منذ ملكها وعاش. قوله: (فله نفيه بلعانٍ) ويثبت به التحريم المؤبَّد في ظاهر كلامهم. قوله: (صغيرة) أي: لا يوطأ مثلها، كما في "الإقناع" فلو قذف بنت تسع فصاعدًا، حد، لكن بطلبها بعد بلوغها، ثم له إذن إسقاطُه باللعان. قوله: (في النكاح أو العدَّة) هو متعلق بقوله: (بزنا) والمعنى: أنه

أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَإِلَّا حد الثَّانِي: سَبْقُ قَذْفِهَا بِزِنًا وَلَوْ فِي دُبُرٍ كَزَنَيْتِ أَوْ يَا زَانِيَةُ أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ وَإِنْ قَالَ لَيْسَ وَلَدُكِ مِنِّي أَوْ قَالَ مَعَهُ وَلَمْ تَزْنِ أَوْ لَا أَقْذِفُكِ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ مَعَ إغْمَاءٍ أَوْ وَلَا لِعَانَ

_ إذا أبان زوجته بفسخ أو غيره، ثم قال لها: زنيت في النكاح، أو في العدة إذا كانت رجعية، ولكنه لم يقذفها إلا بعد انقضاء عدتِها، فإنَّه في الصورتين قد أضافَ الزنا إلى زمانِ العقدِ، أو ما هو في حكمه، فلاعن لنفي الولد، سواء كان النكاحُ الذي أضيف إليه الزنا صحيحًا أو فاسدًا، فليست (أل) في قوله: (في النكاح) للعهد السابق في قوله: (في نكاحٍ فاسدٍ) كما يُعلم من "الإقناع". قوله: (ولم تزنِ) كذا بضبطِ المصنف، وعليه فالتاءُ للتأنيث لا للخطاب، كما في هند لم ترم. قوله أيضًا على قوله: (ولم تزن) بحذف الياء، كما في بعض النسخ، وبإثباتها، كما في البعض الآخر، وكلاهما

وَمَنْ أَقَرَّ بِأَحَدِ تَوْأَمَيْنِ لَحِقَهُ الْآخَرُ وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَدِّ الثَّالِثُ أَنْ تُكَذِّبَهُ وَيَسْتَمِرُّ إلَى اسْتِيفَاءِ اللِّعَانِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ وَلَوْ مَرَّةً أَوْ عَفَتْ أَوْ سَكَتَتْ أَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا بأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ أَوْ قَذَفَ مَجْنُونَةً بِزِنَا قَبْلَهُ أَوْ مُحْصَنَةً فَجُنَّتْ أَوْ خَرْسَاءَ أَوْ نَاطِقَةً فَخَرِسَتْ وَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهَا أَوْ قَذَفَ صَمَّاءَ لَحِقَهُ النَّسَبُ

_ صواب، لكن تكون التاءُ للتأنيث على حذف الياء، والتقدير أن يقول لزوجته: ليس ولدك مني، وهي لم تزن على طريق الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، فجزمه على هذا بحذفِ الياء، كما في الأفعال المعتلة بالياء: هي لم ترم. وأمَّا على إثبات الياء فالتاء للخطاب، والأصل: تزنين، فيجزم بحذف النون، كما في الأفعال الخمسة. فتقول: أنت يا هند لم تزني. كما تقول: لم ترمي، ولم تقومي، ونحو ذلك. قوله: (لنفي الحد) أي: لا الولد. قوله: (أو عفت) أي: عن طلب حد القذف. قوله: (أو سكتَتْ) أي: فلم تقرَّ، ولم تنكر. قوله: (قبله) أي: قبل الجنون، ويؤخذ منه: أنه يُشترط في وجوب الحد إحصانها حالة الزنا المقذوفة به، كما يشترطُ إحصانها حالة القذف به. فتوحي على "المحرر" قوله: (لحقه) جواب الشرط، أعني: (فإن صدقته ... إلخ). قوله: (وثبت النسب) لأنَّ اللعان لم يوجَد.

وَلَا لِعَانَ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَتِمَّتِهِ تَوَارَثَا وَثَبَتَ النَّسَبُ وَلَا لِعَانَ وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَهُ لِعَانُهَا وَنَفْيُهُ وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ حُبِسَتْ حَتَّى تُقِرَّ أَرْبَعًا أَوْ تُلَاعِنَ فصل ويثبت بتمام تلاعنهما أربعة أحكام الأول: سقوط الحد أَوْ التَّعْزِيرُ حَتَّى لِمُعَيَّنٍ قَذَفَهَا بِهِ وَلَوْ أَغْفَلَهُ فِيهِ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ» - الْخَبَرُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ حُدَّ بَعْدَ اللِّعَانِ. الْحُكْمُ الثَّانِي الْفُرْقَةُ وَلَوْ بِلَا فِعْلِ حَاكِمٍ الثَّالِثُ: التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً

_ قوله: (ولا لعانَ) أي: لعدم تصوره من الميت. قال "في الإقناع": مالم تطالب في حياتها بالحدِّ، فوارثها طلبه، وللزوج إسقاطُه باللعان. قوله: (أو تلاعن) أي: أو يكذب الزوج نفسه. فتوحي. قوله: (سقوط الحد) أي: عنهما. قوله: (أو التعزير) أي: عنه. قوله: (الفرقة) بالضم: اسم بمعنى: الافتراق. قوله: (ولو بلا فعل حاكمٍ) أي: بأن يفرِّق بينهما الحاكم. قوله: (المؤبد) فمتى وقع اللعان بعد البينونة، أو في نكاح فاسد، فهل يفيد الحرمة المؤبدة؟ على وجهين، ذكره في "المحرر"، قال الشهاب الفتوحي: أصحهما: نعم؛ لعموم الأحاديث، والثاني: لا؛ لأنَّ

فَاشْتَرَاهَا بَعْدَهُ الرَّابِعُ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ وَيُعْتَبَرُ لَهُ ذِكْرُهُ صَرِيحًا كَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ زَنَتْ وَمَا هَذَا وَلَدِي وَتَعْكِسُ هِيَ أَوْ تَضَمُّنًا كَقَوْلِ مُدَّعٍ زِنَاهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ، وَأَنَّهُ اعْتَزَلَهَا حَتَّى وَلَدَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا ادَّعَيْتُ عَلَيْهَا أَوْ رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ زِنًا وَنَحْوِهِ وَلَوْ نَفَى عَدَدًا كَفَاهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ نَفَى حَمْلًا أَوْ اسْتَلْحَقَهُ، أَوْ لَاعَنَ عَلَيْهِ مَعَ ذِكْرِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيُلَاعِنُ لِدَرْءِ حَدٍّ، وَثَانِيًا بَعْدَ وَضْع ولد

_ الفرقَةَ لم تحصل باللعان، بل حصلت قبله، فلم يؤثر اللعان في الفرقة، فلم يتأبد؛ لمغايرتها لفرقةِ اللعان. انتهى. قوله: (فاشتراها) إذ هو أولى من مطلق ثلاثاً اشتراها. قوله: (ويعتبر له) أي: لانتفاء الولد. قوله: (وما هذا ولدِي) أي: ويتمُّ اللعان. قوله: (وتعكس هي) فتقول: أشهدُ بالله لقد كذبَ، وهذا الولدُ ولده، وتتمم. قوله: (ولو نفى عددًا) أي: من الأولاد. منصور البهوتي. قوله: (لم يصح) نفيه؛ لأنَّه لا تثبت له أحكام غير إرثٍ ووصيةٍ.

وَلَوْ نَفَى حَمْلَ أَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُحَدَّ كَتَعْلِيقِهِ قَذْفًا بِشَرْطٍ إلَّا أَنْتِ زَانِيَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا زَنَيْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَشُرِطَ لِنَفْيِ وَلَدٍ بِلِعَانٍ إنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إقْرَارٌ بِهِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْأَمِهِ أَوْ هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ رَجَاءَ مَوْتِهِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ أَوْ أَنَّ لِي نَفْيَهُ أَوْ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ قُبِلَ وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ كَحَبْسٍ وَمَرَضٍ وَغَيْبَةٍ وَحِفْظِ مَالٍ أَوْ ذَهَابِ لَيْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ حُدَّ مُحْصَنَةٍ وَعُزِّرَ لِغَيْرِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إلَى جِهَةِ الْأَبِ كَوَلَاءٍ وَتَوَارَثَا

_ قوله: (لم يحد) لأن نفيه مشروطٌ بوجوده، والقذف لا يصح تعليقه. قوله: (إن شاء الله) أي: فهو قذف. منصور البهوتي. قوله: (لا: زنيت إن شاء الله) أي: فليس قذفًا. منصور البهوتي. والفرق دلالة الاسمية على الثبوت فلا تقبلُ التعليق. قوله: (إلى جهة الأب) وعليه ما أنفقته الأم قبل استلحاقِه.

وَلَا يَلْحَقُهُ بِاسْتِلْحَاقِ وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ وَالتَّوْأَمَانِ الْمَنْفِيَّانِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ وَمَنْ نَفَى مَنْ لَا يَنْتَفِي وَقَالَ إنَّهُ مِنْ زِنًا حُدَّ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ فصل فيما يلحق من النسب مَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا وَلَوْ مَعَ غَيْبَةٍ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَا يَنْقَطِعُ الْإِمْكَانُ بِحَيْضٍ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا وَلَوْ ابْنَ عَشْرِ فِيهِمَا لَحِقَهُ نَسَبُهُ

_ قوله: (من لا ينتفي) كمن أقر به، أو هنيء فأمَّن أو سكت. فصل فيما يلحق من النسب والقاعدة في لحوق النسب: أنه متى ما ثبت الفراش لحق النسبُ بأدنى إمكان، ولم ينتف الولد إلا باللعان، وإن لم يثبتِ الفراش، جاز نفي الولد بأدنى إمكان. ابن عادل. قوله: (فوق أربع سنين) ولعلَّ المراد: ويخفى سيره. قاله في "الفروع" و "المبدع". قوله: (فيهما) أي: فيما إذا أتَتَ به لستة أشهرٍ منذ أمكن اجتماعه بها، أو لدونِ أربعِ سنين منذ أبانَها.

وَمَعَ هَذَا لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَلَا يَكْمُلُ بِهِ مَهْرٌ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ عِدَّةٌ وَلَا رَجْعَةٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَأَنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا وَعَاشَ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا أَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ

_ قوله: (ومع هذا) أي: لحوق الولد بابن عشر، لا يحكم ببلوغه، أي: إذا كان من ألحقنا به الولد، لم يثبت بلوغُه بغير ذلك، لم يحكم ببلوغه بلحوق الولد؛ لأنه إنما أُلحق به الولد مع الإمكان حفظًا للنسب واحتياطًا له، وأما البلوغ، فالحكم به موقوف على ثبوت سببه، ولم يوجد. وكذلك لا يستقر المهر على الزوج؛ لأنَّ المقرر للمهر لم يثبت؛ لعدم ثبوت الدخول وما يقوم مقامه، كالخلوة، ولذلك لا تثبت على المرأة العدة من هذا الزوج؛ لأن سبب العدة، وهو الدخول أو ما يقوم مقامه، لم يثبت. وكذلك إذا كان الزوج قد طلَّق قبل الدخول بائنًا؛ لأن الطلاق قبل الدخول بائن، فإذا بانت حاملاً بذلك الولد الذي يلحقُه لا يحكم بأنَّ الطلاق كان رجعيًا، وأن له رجعتها، وإن كنا ألحقنا به الولد، ولا يلزم من لحوق الولد الوطء؛ لأن الولد كما تقدم ألحقناه به حفظًا لنسبه، وأمَّا الوطء الذي تكون به المطلقة رجعية، فلم يثبت فتوحي على "المحرر". قوله: (وعاش) أي: لم يلحقه، فإن لم يعش، لحقه إن أمكن، كابن عشرٍ.

عِدَّتِهَا بِالْقُرُوءِ ثُمَّ وَلَدَتْ لِفَوْقِ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْهَا أَوْ فَارَقَهَا حَامِلًا فَوَضَعَتْ ثُمَّ آخَرَ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِمَحْضَرِ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَ بِالْمَجْلِسِ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتَ عَقْدٍ مَسَافَةٌ لَا يَقْطَعُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وَلَدَتْ فِيهَا أَوْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَكْمُلْ لَهُ عَشْرُ أَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ مَعَ أُنْثَيَيْهِ لَمْ يَلْحَقْهُ وَيَلْحَقُ عِنِّينًا وَمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فَقَطْ وَكَذَا مَنْ قُطِعَ أُنْثَيَاهُ فَقَطْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ لَا الْمُنَقِّحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ

_ قوله: (منها) أي: العدة، أو انقضائها. قوله: (لا يقطعُها في المدة) المذكورة، المراد بهذا: أن تكون مدة الحمل زائدة على مدة المسافة بأقلَّ من ستة أشهر، فإنه على هذا التقدير إذا أسقطنا لمدة الحمل ستة أشهر، لم يبق من المدة ما يمكن أن يقطع فيه تلك المسافة. قوله أيضًا على قوله: (لا يقطعها في المدة) المراد بهذه المدة التي ولدت فيها: أن تكون أقل من مدة الحمل، وأن تكون زائدة على مدة المسافة التي بينهما، فالمعنى أن يكون مجموع مدة المسافة مع مدة وضع الحمل أقلَّ من مجموع مدة المسافة مع مدة أقل الحمل، فإن كان مدة الوضع بقدر مدة المسافة مع مدة أقل الحمل، فإن كان مدة الوضع بقدر مدة المسافة أقل الحمل فصاعدًا، لحقه نسبه. فتوحي على "المحرر". قوله: (لم يلحقه) لاستحالة الإيلاج والإنزال منه. قوله: (وهو الصحيح) وجزم به في

وَإِنْ وَلَدَتْ رَجْعِيَّةٌ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ طَلَّقَهَا وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا

_ "الإقناع". وعبارة الشهاب الفتوحي على هامش "المحرر" بخطه: الصحيح عند مشايخ المذهب، أنه يلحقهُ نسبه بالخصاء فقط، أو بالحب فقط. انتهى. قوله: (وإن ولدت رجعيةٌ بعد أربع سنين منذ طلَّقَها، وقبل انقضاء عدتها) إلى قوله: (لحق نسبُه) أقول: دل منطوقُ هذه العبارة على مسألتين: فمثال الأولى: أن يطلِّق زيد زوجته هندًا طلاقا رجعيًا في رمضان سنة تمانين، وتنقضي عدتها في ذي القعدة من تلك السنةِ، ثم تأتي بولدٍ في شوالٍ سنة أربع وثمانين، فهذا يصدق عليه أنه بعد أربع سنين من حين الطلاق، وقيل: أربع سنين من حين انقضاء العدَّة، فيلحق به إذن زيدٌ المذكور؛ لأن الرجعية في حكم الزوجات في السكنى والنفقة، ووقوع الطلاق عليها. وأمَّا المسألة الثانية: فهي أن تأتي بولد قبل مضي أربع سنين من حين انقضاء العدة، مع قطع النظر عن زمن الطلاق. وهذا هو الفرق بين المسألتين، والله أعلم. ولو قال في العبارة: وإن وَلدت رجعيةٌ لأقلَّ من أربع سنين منذ انقضاء عدَّتها ولو بعدها منذ طلَّقها لحق نسبُه، لحصل المقصود باختصار. قوله: (وقبل انقضاء عدَّتها) حلَّ المصنف بما صورته: وقبل مضي أربع سنين منذ انقضاء عدتها. انتهى. فافهمه.

أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ انْقَضَتْ لَحِقَ نَسَبُهُ وَمَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِ زَوْجِهَا فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ لَحِقَ بِثَانٍ مَا وَلَدَتْهُ لِنِصْفِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ فصل ومن ثبت أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ فِي الْفَرْجِ أَوْ دُونَهُ فَوَلَدَتْ لِنِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَلَوْ قَالَ عَزَلْتُ أَوْ لَمْ أُنْزِلْ لَا إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَلِدُ لِنِصْفِ سَنَةٍ بَعْدَهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ وَمَنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا لَمْ يَلْحَقْهُ مَا بَعْدَهُ بِدُونِ إقْرَارٍ آخَرَ وَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ

_ قوله: (منذ انقضت) أي: سواءٌ أخبرت بانقضاء عدَّتها بالقروء، أو لا. ولا يعارضه ما تقدم؛ لأنه في البائنة لا في الرجعيةِ. قوله: (أو دونه) لأنه قد يسبق الماء إلى الفرج. قوله: (لا إن ادعى استبراءً) أي: بعد وطء بحيضةٍ. قوله: (بعده) فينتفي الولدُ. قوله: (ومن أعتق، أو باع ... إلخ) اعلم. أنه إذا ظهر بالأمةِ المبيعةِ حمل، لم تخل من خمسة أحوالٍ: أحدها: أن يكون البائعُ قد أقرَّ بوطئِها عند بيع أو قبله، وأتت بولدٍ

مَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَوَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ وَادَّعَى مُشْتَرٍ أَنَّهُ مِنْ بَائِعٍ

_ لدون ستةِ أشهر وعاش، أو لم يقر بالوطء، لكن ادعى الولد وصدقه مشتر، فلبائع، وهي أمُّ ولده. والبيع باطل الثاني: أن يستبرئها أحدهما، ثم تلد لستة أشهر من وطء مشتر، فالولد له، وهي أم ولده. الثالث: أن تلد لفوق ستة أشهرٍ من استبراءِ أحدِهما لها، ولدون ستة أشهرٍ من وطء مشترٍ، فليس ولد أحدهما، بل عبدٌ للمشتري، إلا إن ادَّعاه بائع وصدقه مشتر، (فيلحقه، ويبطل البيعُ). الرابع: أن تلد لستة أشهر من وطء مشتر، ولأقل من استبرائها، فيلحق بمشتر، إلا إن ادَّعاه بائع وصدقه مشتر، فيبطل البيع، وإن ادعى هنا كل منهما أنه ولد الآخر، عرض على القافة، فيلحق بمن ألحقته منهما، فإن ألحقته بهما، لحق، وينبغي أن يبطل البيع، وتكون أم ولد لبائع. الخامس: أن تلد لدون ستة أشهر من البيع، ولم يقر بائع بوطء، فالولد ملك للمشتري، إلا إن ادعاه بائع وصدقه مشتر فيلحقه، ويبطل البيع كما في الثالث. هذا ملخص ما في "الإقناع". قوله: (أو باع) أي: وهب ونحوه. قوله: (من أقر بوطئها) أي: أمةً أقرَّ بوطئها. مفهومه: أنه إذا لم يقر بالوطء، فيه تفصيل يأتي في قول المصنف: (أو فيما إذا باع ولم يقرَّ بوطء ... إلخ). قوله: (باطل) لأنها أم ولد، والعتق صحيح. قوله: (وكذا إن لم يستبرئها) يعني: قبل بيعها وقد أقر بوطئه. قوله: (من بائع) يعني: سواء ادعاه بائع، أو لا، حيث كان البائع قد أقرَّ بوطئها.

وَإِنْ ادَّعَاهُ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِوَطْئِهَا أُرِيَ الْقَافَةَ وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ لِفَوْقِ نِصْفِ سَنَةٍ أَوْ لَمْ تُسْتَبْرَأْ وَلَمْ يُقِرَّ مُشْتَرٍ لَهُ بِهِ لَمْ يَلْحَقْ بَائِعًا وَإِنْ ادَّعَاهُ وَصَدَّقَهُ مُشْتَرٍ فِي هَذِهِ أَوْ فِيمَا إذَا بَاعَ وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَا يَعْدُوهُمَا وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مُشْتَرٍ فَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَهُ فِيهِمَا وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ مَجْنُونٍ مَنْ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ لَمْ يَلْحَقْهُ

_ قوله: (وإن ادَّعاه مشتر) أي: في مسألة: (وكذا إن لم يستبرئها ... إلخ). قوله: (وإن استبرئت) أي: من أقر بائع بوطئها. قوله: (لفوق نصف سنة) أي: لم يلحق بائعًا. قوله: (به) أي: بالولد. قوله: (وإن ادَّعاه) أي: ادعى الولد بائع أقر بوطءٍ. قوله: (في هذه) وهي ما إذا لم تستبرأ، وأتت به لفوق ستة أشهرٍ. قوله: (أو فيما إذا باع ... إلخ) أي: ادَّعاه بائع وصدق مشترٍ. قوله: (لحقه) أي: البائع. قوله: (فيهما) أي: فيما إذا أتت به لفوق ستة أشهرٍ، ولم تستبرأ. أو لدونها، ولم يقر بائع بوطئه. قوله: (من) أي: امرأة. قوله: (عليها) أي: على رقبتها، أو منفعةِ بضعها.

وَمَنْ قَالَ عَنْ وَلَدٍ بِيَدِ سُرِّيَّتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ مَا هَذَا وَلَدِي وَلَا وَلَدْتُهُ فَإِنْ شَهِدَتْ مَرْضِيَّةٌ بِوِلَادَتِهَا لَهُ لَحِقَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا أَثَرَ لِشَبَهِ وَلَدٍ مَعَ فِرَاشٍ وَتَبَعِيَّةُ نَسَبٍ لِأَبٍ مَا لَمْ يَنْتَفِ كَابْنِ مُلَاعَنَةٍ وَتَبَعِيَّةُ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ لِأُمٍّ إلَّا مَعَ شَرْطِ أَوْ غُرُورٍ

_ قوله: (ولا ولدته) أي: بل التقطته. قال في "الإقناع": يلحق الولد بوطء شبهة ونكاح فاسدٍ كصحيحٍ، لا كملك. انتهى بالمعنى. أي: لأن الملك يتوقف لحوق النسب فيه على الإقرار بالوطءِ. وقال في "المبدع": إذا تحمَّلت ماء زوجها، لحقه نسب من ولدت منه. وفي العدة والمهر وجهان: فإن كان حرامًا أو ماء من ظنته زوجها، فلا نسب، ولا مهر، ولا عدة في الأصحِّ فيها. انتهى. وتقدم في الصداق قول المصنف: (ويثبت به نسب وعدة ومصاهرة ولو من أجنبي)، وذكر صاحب "الإقناع" في العدد: أن لا عدة بتحملها ماء الرجل. قوله: (لأب) لقوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم). [الأحزاب: 5]. قوله: (كابن ملاعنة) أي: وإلا ولد زنا. قوله: (أو حريةٍ) أي: فولد حرة حر، ولو من رقيقٍ، وولد أمه قن،

وَتَبَعِيَّةُ دِينٍ لِخَيْرِهِمَا وَتَبَعِيَّةُ نَجَاسَةٍ وَحُرْمَةِ أَكْلٍ لِأَخْبَثِهِمَا

_ ولو من حر، إلا مع شرط الزوج حرية ولده، أو مع غرور؛ بأن شرطها، أو ظنَّها حرة، فتبين أمةً، ولو كان الأبُ رقيقًا، فالولدُ حر، ويفديه كما تقدم. قوله: (لخيرهما) فولد مسلمٍ من كتابيةٍ مسلم، وولد كتابي من مجوسية كتابي، لكن لا تحل ذبيحتُهُ، ولا نكاحه لمسلم لو كان أنثى. قوله: (وتبعية نجاسة) فالبغل من الحمار الأهلي محرم نجس، وما تولَّد بين هر وشاة محرم.

كتاب العدد

كتاب العدد وَاحِدُهَا عِدَّةٌ وَهِيَ مِنْ الْعَدَدِ التَّرَبُّصُ الْمَحْدُودُ شَرْعًا وَلَا عِدَّةَ فِي فُرْقَةِ حَيٍّ قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ

_ كتاب العدد العدة على أربعة أقسام: معنى محض، وتعبد محض، ويجتمع الأمران والمعنى أغلب، ويجتمع الأمران والتعبُّد أغلب. فالأول: عدة الحامل. والثاني: عدة المتوفى عنها زوجها التي لم يدخل بها، وفي التي وقع الطلاق عليها بيقين براءة الرحم، وفي موطوءة الصبي الذي يقطع بأنَّه لا يولد لمثله، وفي الصغيرة التي لا تحبل قطعًا. والثالث: عدة الموطوءة التي يمكن حبلها ممن يولد لمثله، سواء كانت ذات أقراءٍ أو أشهرٍ، فإن معنى براءة الرحم أغلب من التعبُّد بالعدد المعتبر؛ لغلبة ظن البراءةِ. والرابع: كما في عدَّة الوفاة للمدخول بها التي يمكن حملها، وتمضي أقراؤها في أثناء الشهر، فإنَّ العدد الخاص أغلب من براءة الرحم بمضي تلك الأقراء. فتوحي. قوله: (ولا عدة في فرقة حي) أي: فراقا يقطع الإرث؛ ليخرج المفارقة في المرض لقصد حرمانها.

وَلَا لِقُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ وَشُرِطَ لِوَطْءٍ كَوْنُهَا يُوطَأُ مِثْلُهَا وَكَوْنُهُ يُلْحَقُ بِهِ وَلَدٌ ولِخَلْوَةٍ طَوَاعِيَتُهَا وعِلْمُهُ بِهَا وَلَوْ مَعَ مَانِعٍ كَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَجَبٍّ وَعُنَّةٍ وَرَتْقٍ وَتَلْزَمُ لِوَفَاةٍ مُطْلَقًا وَلَا فَرْقَ فِي عِدَّةٍ بَيْنَ نِكَاحٍ َفَاسِدٍ وصحيح

_ قوله: (ولا لقبلة ... إلخ) وأما التحمُّل للماء، فمقتضى كلام المصنف في الصداق وجوب العدة مطلقًا. ومقتضى كلام "الإقناع" هنا: لا عدة مطلقا. وفي "المبدع": إن كان من زوجٍ، وجبت العِدَّة. وإن كان حرامًا، أو ظنَّته ماء زوجها، فلا عدة. ويمكن أن يحمل كلام المصنف في الصداق، أعني: قوله: (ولو من أجنبي) على ما إذا ظنته ماء زوجها، فيكون قولاً رابعًا بالنسبة للثلاثة المذكورة، وهذا أقرب. فتدبر. قوله: (وعلمه بها) يحترزُ بذلك عن الخلوة بمن لا يعلم بها، كالأعمى، والطفل، فلا عدَّة عليها بالخلوة به. فتوحي "محرر". قوله: (وجبٍّ) أي: قطع الذكر؛ إذ لو كان مقطوع الذكر والخصيتين، لم يلحق به ولد، فلا تجب العدة. قوله: (مطلقا) كبيرا كان الزوج أو صغيرًا، خلا بها، أو لا، صغيرة أو كبيرة، يمكنه الوطء أو لا. قوله: (في عدة) أي: ولو بخلوة. قوله: (فاسدٍ) أي: مختلف فيه، كبلا ولي.

وَلَا عِدَّةَ فِي بَاطِلٍ إلَّا بِوَطْءٍ وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ الْحَامِلُ وَعِدَّتُهَا مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ إلَى وَضْعِ كُلِّ الْوَلَدِ أَوْ الْأَخِيرِ. مِنْ عَدَدٍ وَلَا تَنْقَضِي إلَّا بمَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ لِصِغَرِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ خَصِيًّا مَجْبُوبًا أَوْ لِوِلَادَتِهَا لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ نَكَحَهَا وَنَحْوَهُ وَيَعِيشُ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ

_ قوله: (ولا عدة في باطل) أي: لا عدة مطلقًا في باطلٍ، أي: مجمع على عدم صحته، كفي عدة. قوله: (وعدتها) أي: حرة، أو أمة مسلمة، أو كافرة. قوله: (من موتٍ) احتراز من قول ابن عباس: إن المتوفى عنها تعتد بأطول الأجلين من الوضع وعدة الوفاة. فتوحي. قوله: (وغيره) كطلاق وفسخٍ. قوله: (من عدد) ظاهره: ولو مات ببطنها، قلت: ولا نفقة لها، حيث تجب للحامل؛ لما يأتي: أن النفقة للحمل، والميت ليس محلاً لوجوبها. منصور البهوتي. قوله: (ونحوه) كالذي تأتي به لأكثر من أربع سنين من الإبانة.

وَأَقَلُّ مُدَّةِ حَمْلٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَغَالِبُهَا تِسْعَةُ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ سِنِينَ وَأَقَلُّ مُدَّةِ تَبَيُّنِ خَلْقِ وَلَدٍ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا الثَّانِيَة الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِلَا حَمْلٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ اعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ بَعْدَ وَضْعِ وَلَوْ لَمْ يُولَدْ لِمِثْلِهِ أَوْ لَمْ يُوطَأْ مِثْلُهَا أَوْ قَبْلَ خَلْوَةٍ وَعِدَّةُ حُرَّةٍ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وأَمَةٍ نِصْفُهَا ومُنَصَّفَةٍ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةٍ مُرْتَدٌّ أَوْ زَوْجُ كَافِرَةٍ أَسْلَمَتْ أَوْ زَوْجُ رَجْعِيَّةٍ سَقَطَتْ وَابْتَدَأَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ مِنْ مَوْتِهِ وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةٍ مَنْ أَبَانَهَا فِي الصِّحَّةِ لَمْ تَنْتَقِلْ وَتَعْتَدُّ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْأَطْوَلِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَمِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ مَا لَمْ تَكُنْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً

_ قوله: (وإن كان من غيره) كأن وطئت بشبهة، فحملت، ثم مات زوجها، اعتدت بوضعه للشبهة، واعتدت ... إلخ. قوله: (لم تنتقل) لأنها أجنبية منه حتى في الإرث. قوله: (في مرض موتِهِ) أي: المخوف. قوله: (مالم تكن أمةً) أي: المبانةُ في المرض المخوف. قوله: (أو ذمية) أي: والزوج مسلم.

أَوْ مَنْ جَاءَتْ الْبَيْنُونَةُ مِنْها فلِطَلَاقٍ لَا غَيْرُ وَلَا تَعْتَدُّ لِمَوْتٍ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ وَلَوْ وَرِثَتْ وَمَنْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا أَوْ مُبْهَمَةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ قُرْعَةٍ اعْتَدَّ كُلُّ نِسَائِهِ سِوَى حَامِلٍ الْأَطْوَلِ مِنْهُمَا وَإِنْ ارْتَابَتْ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَمَنَ تَرَبُّصِهَا أَوْ بَعْدَهُ بِأَمَارَةِ حَمْلٍ كَحَرَكَةٍ وَانْتِفَاخِ بَطْنٍ أَوْ رَفْعِ حَيْضٍ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ وَإِنْ ظَهَرَتْ بَعْدَهُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا لَمْ يَفْسُدْ وَلَمْ يَحِلَّ

_ قوله: (منها) أي: بأن سألته الطلاق. قوله: (معينة) أي: طلاقا بائنًا، وإلا فالرجعية تنتقل إلى عدة الوفاة، كما تقدم. قوله: (اعتد كل نسائه) أي: وتخرج المطلقة البائن بقرعة بعد الاعتداد؛ لأجل الميراث، لكن الترتيب غيرُ معتبر. فتدبر. قوله: (أو انتفاخ) بالخاءِ المعجمة: ارتفاعه. قوله: (أو رفع حيض) أي: وكنزول اللبن من ثديها، فإنه من أمارات الحمل. فتوحي.

وَطْؤُهَا حَتَّى تَزُولَ وَمَتَى وَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْ عَقْدٍ تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ الثَّالِثَةُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ بِطَلْقَةٍ ثَالِثَةٍ فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ وَمُبَعَّضَةٌ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَهِيَ الْحَيْضُ وغَيْرُهُمَا بِقُرْأَيْنِ لَيْسَ الطُّهْرُ عِدَّةً وَلَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ طَلُقَتْ فِيهَا وَلَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ إذَا انْقَطَعَ دَمُ الْأَخِيرَةِ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ تَتَيَمَّمَ عِنْدَ التَّعَذُّرِ فِي قَوْلِ أَكَابِرِ وَتَنْقَطِعُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ بِانْقِطَاعِهِ وَلَا تُحْسَبُ مُدَّةُ نِفَاسٍ لِمُطَلَّقَةٍ بَعْدَ وَضْعٍ

_ قوله: (المفارقة) أي: لزوجها. قوله: (في الحياة) بعد دخول أوخلوة. قوله: (بثلاثة قروءٍ) أي: بلا خلاف. قوله: (وهي الحيض) على الأصح. قوله: (وغيرهما) أي: وتعتد غير الحرة والمبعَّضة من ذوات الأقراء، وهي الرقيقة. قوله: (ولا تحلُّ) أي: رجعيةٌ. قوله: (حتى تغتسل) أي: أو تتيمم. قوله: (ولا تحسب مدَّة نفاس) يعني: أن النفاس لا يكون كالحيضة في العدة، كما تقدَّم التنبيه عليه في باب الحيض.

الرَّابِعَةُ مَنْ لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ إيَاسٍ الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا وأَمَةٌ بِشَهْرَيْنِ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْضَتَانِ وَلَوْ لَمْ تَحِضْ كَانَ عِدَّتُهَا شَهْرَيْنِ ومُبَعَّضَةٌ بِالْحِسَابِ وَعِدَّةُ بَالِغَةٍ لَمْ تَرَ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا ومُسْتَحَاضَةٍ نَاسِيَةٍ لِوَقْتِ حَيْضِهَا أَوْ مُبْتَدَأَةٍ كَآيِسَةٍ وَمَنْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهَا حَيْضَةً فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مَثَلًا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ ذَلِكَ وَمَنْ لَهَا عَادَةٌ أَوْ تَمْيِيزٌ عَمِلَتْ بِهِ وَإِنْ حَاضَتْ صَغِيرَةٌ فِي عِدَّتِهَا اسْتَأْنَفَتْهَا بِالْقُرْءِ وَمَنْ يَئِسَتْ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ آيِسَةٍ وَإِنْ عَتَقَتْ مُعْتَدَّةٌ أَتَمَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ إلَّا الرَّجْعِيَّةَ فَتُتَمِّمُ عِدَّةَ حُرَّةٍ

_ قوله: (من وقتها) أي: الفرقة. قوله: (ومن لها) أي: المستحاضة التي لها ... إلخ. قوله: (ومن يئست) أي: بلغت سنَّهُ. فائدة: يتصور أن يمر على المرأة أكثر العدد، كما لو طلق زوجته الأمة طلاقا رجعيَّا، وكانت صغيرة لم تحض، فشرعت في العدة بالشهرين ثم حاضت، فتعتد بحيضتين، ثم إنها عُتقت، فتنتقل إلى تتمة الثلاث، كالحرة، ثم ارتفع حيضُها قبل الثالثة، ولم تدر سببهُ، فتعتد بسنةٍ، ثم مات، فتنتقل إلى عدة الوفاة. قوله: (عدة حرةٍ) لأنها في حكم الزوجة.

الْخَامِسَةُ: مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَدْرِ سَبَبَهُ فَتَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ عَلَى مَا فُصِّلَ وَلَا تَنْقَضِي بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَإِنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رِضَاعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَزَالُ حَتَّى يَعُودَ فَتَعْتَدُّ بِهِ أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدُّ عِدَّتَهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ زَوْجٍ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ وَقْتِ كَذَا

_ قوله: (بعد المدة) أي: مدَّة غالب الحمل والعدَّة. قوله: (ونحوه) كنفاسٍ. قوله: (فلا تزال) أي: فلا تزال في عدة، ولو طال الزمن. قوله: (فتعتد عدتها) وعنه: تنتظر زوال نحو المرض والرضاع، ثم إن حاضت، وإلا اعتدت بسنة. "إقناع"، وهو ظاهر "عيون المسائل" بل و"الكافي". قوله: (ويقبل قول زوجٍ) اختلف مع مطلقته في وقت طلاق، لا في إسقاط نفقةٍ، فقول الزوجة.

السَّادِسَةُ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ فَتَتَرَبَّصُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَا إلَى طَلَاقِ وَلِيِّ زَوْجِهَا بَعْدَ اعْتِدَادِهَا وَيَنْفُذُ حُكْمُ لَا يَمْنَعُ طَلَاقِ الْمَفْقُودِ وَتَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ بِتَفْرِيقِهِ أَوْ تَزْوِيجِهَا

_ قوله: (ما تقدم في ميراثِهِ) وهو تمام تسعين سنةٍ منذ ولد، إن كان ظاهر غيبته السلامة، وأربع سنين منذ فقد إن كان ظاهرها الهلاك، وساوت الأمة هنا الحرة؛ لأن التربص لعلم حال المفقودِ، وذلك لا يختلف بحال زوجته. قوله: (فقط) أي: لا باطنًا؛ لأن حكم الحاكم لا يغير الشيء عن صفته باطنًا؛ قوله: (بتفريقه) أي: الحاكم، أي: لا بضربه للمدَّة فقط، فلها النفقة ولو مع ضربه مدة التربص إلى أن تزوج، أو يفرق الحاكم بينهما. وفي "الإقناع": وإن ضرب لها حاكم مدة التربص، فلها فيها النفقة، لا في العدة. وهو وجهٌ. قوله: (أو تزويجها) إن لم يحكم بالفرقة، ولو بان حيَّاً.

ومَنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ مَا ذُكِرَ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَ أَوْ مَيِّتًا حِينَ التَّزْوِيجِ وَمَنْ تَزَوَّجَتْ بِشَرْطِهِ ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي رُدَّتْ إلَى قَادِمٍ وَيُخَيَّرُ إنْ وَطِئَ الثَّانِي

_ قوله: (قبل ما ذُكر) من التربص المذكور والاعتداد بعده، لم يصح، فليس لها أن تتزوج قبل ذلك مالم يتعذر الإنفاق عليها من ماله، فلها الفسخ بإذن حاكم، كما سيأتي، لا بتعذر الوطء مالم يقصد بغيبته الإضرار بتركه، وإلا فلها الفسخ إذا كان سفره أكثر من أربعة أشهر. قاله في "الإقناع". أي: وإن لم يقصد الإضرار، ولا تعذرت النفقة، بل غاب فوق نصف سنة في غير غزو، أو حج واجبين، أو طلب رزق يحتاجه، وطلبت قدومه ولم يقدم، فلها الفسخ، وإن لم يقصد المضارَّة. وأما قصد المضارَّة، فمفيد للفسخ بعد الأربعة، إذا طلبت الفيئة وأبى، كما تقدم في الإيلاء. قوله: (حين التزويج) أي: قبله. قوله: (بشرطه) أي: بعد التربص السابق والعدة. منصور البهوتي. قوله: (ردت إلى قادم) لأنا تبينا بقدومه بطلان نكاح الثاني، ولا مانع من الردِّ، ويرد على الثاني ما أعطاه من الصداق؛ لبطلان نكاحه. قوله: (ويخير) أي: يخير المفقود إن وطيء الثاني قبل قدومه.

بَيْنَ أَخْذِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْ الثَّانِي وَيَطَأْهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ عِدَّتِهِ وَبَيْنَ تَرْكِهَا مَعَهُ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ قَالَ الْمُنَقِّحُ: قُلْت الْأَصَحُّ بِعَقْدٍ انْتَهَى وَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ قَدْرَ الصَّدَاقِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ

_ قوله: (بالعقد الأول) يعني: لبقائه. قوله: (بلا تجديد عقدٍ) لصحته ظاهرًا. قوله: (المنقح: قلت: الأصح بعقدٍ. انتهى)، وفي "الرعاية": إن قلنا: يحتاج الثاني إلى عقدٍ جديدٍ، طلقها الأول لذلك. قلت: فعليه: لابد من العدة بعد طلاقه، وهو ظاهرٌ. منصور البهوتي. والمراد: حيث لزمت العدة من الأول، ولابدَّ أيضًا من اعتدادها من وطءِ الثاني، فلا يصح عقده عليها في زمن عدَّة الأول. قوله: (ويأخذ قدر الصَّداق الذي أعطاها من الثاني) لعل محله إذا قلنا: إنه عند تركها للثاني لا يحتاج الأول إلى طلاق، ولا يحتاج الثاني إلى تجديد عقدٍ بعد فراغ عدة الطلاق. وهو خلاف الأصح، وأما على ما صحَّحه المنقح، فالظاهر: أنه بعد طلاقِه باختياره، لا رجوع له. فليحرر. قوله: (ويرجع الثاني عليها بما) أي: بالمهر الذي أخذ منه؛ لأنها غرَّته.

وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ حَتَّى مَاتَ الثَّانِي وَرِثَتْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا وَمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ لِاسْتِفَاضَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَدِمَ فَكَمَفْقُودٍ وَتَضْمَنُ الْبَيِّنَةُ مَا تَلِفَ مِنْ مَالِهِ

_ قوله: (وإن لم يقدم حتى مات الثاني ورثته) أي: لأنها زوجته ظاهرًا. قال منصور البهوتي: وهذا مبني على الأول، وأما على ما اختاره الموفق - أي: وصحَّحه المنقح - من تجديد العقد إذا تركها الأول، فلا ينبغي أن ترث الثاني، ولا أن يرث منها؛ لبطلان نكاحِه بظهور حياة الأول. انتهى. قال في "الإقناع": وإن رجع الأول بعد موتها، لم يرثها؛ لأنها زوجةُ الثاني ظاهرًا. قوله: (بعد تزوُّجها) أي: فلا ترثه، وعلم منه: أنه لو مات الأول بعد تفريق الحاكم، فإنها ترثه؛ لبقاء الزوجية باطنًا، وحكم الحاكم لا الشيء عن حكمه باطناً، وإنما لم نورثها فيما إذا تزوجت، لإسقاطها حقها من إرثه يتزوجها بالثاني. قوله: (فكمفقودٍ) إذا عاد، فترد إليه إن لم يطأ الثاني، ويخير إن كان وطيء على ما تقدم. منصور البهوتي. وعلم منه: جواز الإقدام على تزويجها، إذا استفاض موته وانقضت العدة. قوله: (من ماله) قلت: إن تعذر تضمين المباشر، وإلا فالضمان عليه؛ لأنَّه

ومَهْرَ الثَّانِي وَمَتَى فُرِّقَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ لِمُوجِبٍ ثُمَّ ; بَانَ انْتِفَاؤُهُ فَكَمَفْقُودٍ وَمَنْ أَخْبَرَ بِطَلَاقِ غَائِبٍ وأَنَّهُ وَكِيلُ آخَرَ فِي نِكَاحِهِ بِهَا وَضَمِنَ الْمَهْرَ فَنَكَحَتْهُ ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ فَأَنْكَرَ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَلَهَا الْمَهْرُ

_ مقدم على التسبب، قاله منصور البهوتي. والذي يظهر: أنه لا حاجة إلى القيد الذي ذكره، بل له تضمين كل من المتسبب، والمباشر، كما صرح به في "الإقناع". وقرار الضمان على المباشر، كما صرحوا به في مواضع. قوله: (ومهر الثاني) أي: الذي أخذه منه الأول، أي: حيث اختار تركها مع الثاني، وأخذ منه قدر الصَّداق الذي أعطاها، فإن الثاني في هذا الحال لا يرجع على الزوجةِ، كما في المفقود، بل على البينة. قوله: (لموجب) أي: لمقتض، كإخوةٍ من رضاع، وتعذر نفقةٍ، وعنة. قوله: (فكمفقودٍ) أي: فترد لأول، قبل وطء الثاني، ويخير بعده. قوله: (ولها المهر) أي: على ما نكحته بوطئها، ولها الطلب على ضامنه، فإن لم يطأ، فلا مهر. وقوله قبله: (وضمن المهر) الظاهر: أنه ليس بقيدٍ، بل يكون ضامنًا للمهر، حيث ذكر أنه وكيل، سواء ضمنه أم لا، كالوكيل في الشراء يكون ضامنا للثمن.

وَإِنْ طَلَّقَ غَائِبٌ أَوْ مَاتَ اعْتَدَّتْ مُنْذُ الْفُرْقَةِ وَإِنْ لَمْ تَحِدَّ وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا مُطَلَّقَةٍ إلَّا أَمَةً غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ فَتُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى زَوْجِ زَمَنَ عِدَّةٍ غَيْرُ وَطْءٍ فِي فَرْجٍ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِزِنًا وَإِنْ أَمْسَكَهَا اسْتَبْرَأَهَا فصل وإن وطئت معتدة بشبهة أو نكاح فاسد أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ

_ قوله: (وإن طلق غائب) تقييده بذلك نظرًا للغالب، وإلا فالحاضر حكمه كذلك. فتوحي. قوله أيضًا على يقوله: (وإن طلق غائب) وإن أقر زوج أنه طلق من مدة تزيد على العدة، قبل إن كان عدلا غير متهم، كان غائبًا، فلما حضر أخبر بذلك، لا إن كان فاسقًا، أو مجهول الحال؛ لأن العدة حق لله تعالى. قاله في "الاختيارات". قوله: (وإن لم تحد) يجوز فيه أن يكون من الرباعي، وأن يكون من الثلاثي من باب: ضرب وقتل. قوله: (استبرأها) أي: بعدتها. قوله: (أو نكاح فاسد) يحتمل أن المراد بالفاسد هنا: الباطن، ويحتمل أن يراد به: ما اختلف في صحته، ويمثل بالواقع في عدَّة الزنا، أو بعد انقطاع الحيضة الثالثة قبل الغُسل. قاله في "الحاشية". وفي قوله: أو بعد انقطاع الحيضة ... إلخ نظرٌ؛ إذ العدة تنقضي بانقطاع الثالثة، وإن كانت

وَلَا يُحسَبُ مِنْهَا مُقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي وَلَهُ رَجْعَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي التَّتِمَّةِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِوَطْءِ الثَّانِي وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَيْنًا أَوْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ قَافَةٌ وَأَمْكَنَ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِنِصْفِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ بَيْنُونَةِ الْأَوَّلِ لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا لَحِقَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُمَا وَإِنْ أَشْكَلَ أَوْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ

_ الرجعية لا تحل لغير مطلقها، حتى تغتسل أو تتيمم. فتأمل. قوله: (عند الثاني) أي: بعد وطئِه، كما سيأتي. قوله: (ثم اعتدت لوطء الثاني) أي: ثم بعد تتميمها عدة الأول، تستأنف العدة لوطء الثاني، وأما في صورة ما إذا راجعها في التتمةِ، فتشرع في عدَّة الثاني عقب الرجعة؛ لزوال التتمة إذن. قوله: (عينًا) أي: بعينه؛ بأن تلده لدون ستة أشهر من وطء الثاني وعاش، فللأول، أو لأكثر من أربع سنين من إبانة الأول، فللثاني. قوله: (وإن ألحقَتهُ بهما) أي: وأمكن، كما في التي قبلها. قوله: (وإن أشكل) فأمَّا لو نفته عنهما، لم يُقبل لوجود الفراش، فيصير كما لو أشكل، وذلك بخلاف اللقيط إذا نفته عن المتداعيين، فإنه يقبل نفيها؛ لعدمِ الفراشِ.

وَنَحْوَهُ اعْتَدَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَإِنْ وَطِئَهَا مُبِينُهَا فِيهَا عَمْدًا فَكَأَجْنَبِيٍّ وبِشُبْهَةٍ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْوَطْءِ وَدَخَلَتْ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى وَمَنْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ لَهُ ثُمَّ تُتَمِّمُ لِلشُّبْهَةِ وَيَحْرُمُ وَطْءُ زَوْجٍ وَلَوْ مَعَ حَمْلٍ مِنْهُ قَبْلَ عِدَّةِ وَاطِئٍ وَمَنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا لَمْ تَنْقَطِعْ حَتَّى يَطَأَ

_ قوله: (ونحوه) أي: كاختلاف قائفين. قوله: (ويحرم وطء زوج ... إلخ) زوجة موطوءة بشبهة أو زنًا، هذا غير مكرر مع قوله قبل الفصل: (ولا يحرم على زوج ... إلخ) لعدم تعرُّضه فيما تقدَّم لحالة الحمل من الزوج، فرفع بكلامه هنا توهم جواز الوطء إذا كانت حاملا من الزوج؛ لعدم كونها في عدة الغير إذن، فنصَّ على تحريم الوطء حتى قبل الشروع في العِدَّة. فتدبر. قوله: (ولو مع حمل منه) أي: الزوج؛ لاحتمال أن تكون قد علقت من وطء الشبهة، فيترك الزوج وطأها حتى تضع الحمل، ثم يستبريء رحمها باعتدادها من وطء الشبهة. قوله: (ومن تزوَّجت في عدتها) أي: فنكاحها باطل، وتسقط نفقة رجعيةٍ لنشوزها.

ثُمَّ إذَا فَارَقَهَا بَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْهَا لِلثَّانِي وَلِلثَّانِي

_ قوله: (ثم إذا فارقها بنت على عدتها من الأول ... إلخ) ليس هذا أيضا مكررًا مع ما تقدم أول الفصل؛ لإفادتِه هنا وقت انقطاع عدة الأول، وأنها تنقطعُ بالوطء لا بالعقد، ووقتَ الشروع في التتمة، وأنها تشرع في التتمة وقت فراق الثاني، لا وقت تركه الوطء، وأنه يجوز للثاني أن ينكحها بعد العدتين، ولم تُعلم هذه الأمورُ مما تقدم. ثم اعلم: أن قوله: (وللثاني أن ينكحها بعد العدتين) دل بمنطوقه على أنه يجوز للواطيء الثاني بالنكاح في العدة أن يعقد عليها بعد فراغ عدته وعدة الأول، وهذا ظاهرٌ لا إشكال فيه، فإنها بعد فراغ العدتين، تحل لكل الأزواج، ومفهوم قوله: (بعد العدتين) أنه لا يجوز أن ينكحها قبل العدتين. فأما قبل انقضاء عدة الأول فظاهر؛ لأنه لو عقد عليها، لكان ناكحًا معتدَّة الغير، وهو لا يجوز. وأما بعد فراغ عدة الأول وقبل انقضاء عدة، فإن كان عالما ببطلان النكاح، فهو زان، وهي في عدة الزنا. وقد تقدم في محرمات النكاح: أن الزانية تحرم علي الزاني وغيره حتى تنقضي عدتها. وإن كان جاهلا ببطلان النكاح، فوطؤه وطء شبهةٍ، والنسب لا حق فيه، فهي كالمعتدة من نكاحه، بخلاف المعتدة من الزنا؛ لعدم لحوق النسب فيه، فالظاهر: جواز عقده عليها في عدة وطء الشبهة منه؛ لتصريحهم في محرمات النكاح بحل المعتدة منه إذا كان يلحقه نسبُ ولدها. ومفهوم قوله: (وللثاني): أنه يجوزُ للأول أن ينكحها قبل انقضاءِ العدتين، وهو ظاهر إن عقد عليها قبل انقضاء عدة نفسه، لا بعدها في عدة الثاني. فتدبر.

أَنْ يَنْكِحَهَا بَعْدَ الْعِدَّتَيْنِ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ لَا بِزِنًا وَكَذَا أَمَةٌ فِي اسْتِبْرَاءٍ وَمَنْ طَلُقَتْ طَلْقَةً فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى طَلُقَتْ أُخْرَى بَنَتْ

_ قوله: (بعد العدتين) لأنه قبل انقضاء عدة الأول يكون ناكحا في عدة غيره، وأما قبل انقضاء عدته؛ فلأنها عدة لم تثبت لحقِّه؛ لأن نكاحه لا أثر له، وإنما هي لحق الولد، فلم يجز له النكاح فيها، كعدة غيره. وللأول أن ينكحها قبل انقضاء العدتين، كما اقتضاه مفهوم كلامه؛ لأن وطء الثاني لا يمنع بقاءها في عصمته، فلا يمنع عودها إلى عصمته، لكن يحرم عليه وطؤُها قبل انقضاء عدة الثاني، كما لو كانت في العصمة. أما إذا زنى بالمعتدَّة منه، فإنها تحرم عليه حتى تنقضي عدتها من الزنا صرح به الزركشي في "شرح الوجيز" وعلل ذلك؛ بأن ولدها لا يلحق به، فيفضي نكاحه بها إلى اشتباه من لا يلحق نسبه بمن يلحق نسبه به، والله أعلم. فتوحي "محرر". قوله: (لا بزناً) خلافا لـ"الإقناع"حيث قال: تتعدد بتعدُّد زان. وما ذكره المصنف، قال في "شرحه": إنه الأصح، وفي "التنقيح": وهو أظهر. انتهى. والفرق لحوق النسب في الشبهة، لا في الزنا. فالقصد في الزنا العلم ببراءة الرحم فقط، وعليه فعدتها من آخر وطء.

وَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا اسْتَأْنَفَتْ كَفَسْخِهَا بَعْدَ رَجْعَةٍ لِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا بَنَتْ وَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ طَلَاقِهِ فَلَا عِدَّةَ لَهُ

_ قوله: (أو غيره) كعنَّة وإيلاء، فإنها تستأنف، فإن فسخت بلا رجعة بنت على ما مضى من عدتها. منصور البهوتي. فائدة: امرأة تنتقل في عدة واحدة من وطءٍ واحد خمس انتقالات، وصورة ذلك: أن تطلق الأمة الصغيرة، فعدتها بالأشهر، ففي أثنائها حاضت، فوجب استئناف العدة بالحيض ففي أثنائها عتقت، فوجب تكميلها عدة حرة، ففي أثنائها ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، فإنها تعتد سنة، فقبل تمامها مات زوجها، فإنها تستأنف عدة الوفاة. فقد مرت علي خمس عدد: عدد الأمة التي لا تحيض لصغر، وعدة الأمة التي تحيض، وعدة الحرة التي تيحض، وعدة من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، وعدة المتوفى عنها. فتوحي "محرر". قوله: (وإن انقضت ... إلخ) أي: حيث تزوج المبانة في العدَّة، ولم يدخل بها حتى انقضت عدتها، ثم طلَّقها قبل الدخول، فلا عدة لهذا الطلاق، وعلم منه: أنَّ نكاحه معتدته لا يقطع عدتها، فيكون هذا مما يساوي فيه النكاح الفاسد للصحيح، حيث لا تنقطع العدة فيهما بالعقد، بل بالوطء.

فصل يحرم إحداد فوق ثلاث عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ. وَيَجِبُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ زَمَنَ عِدَّتِهِ وَيَجُوزُ لِبَائِنٍ وَهُوَ تَرْكُ زِينَةٍ وطِيبٍ كَزَعْفَرَانٍ وَلَوْ كَانَ بِهَا سَقَمٌ ولُبْسِ حُلِيٍّ وَلَوْ خَاتَمًا ومُلَوَّنٍ مِنْ ثِيَابٍ لِزِينَةٍ كَأَحْمَرَ وَأَصْفَرَ وَأَخْضَرَ وَأَزْرَقَ صَافِيَيْنِ وَمَا صُبِغَ قَبْلَ نَسْجٍ وتَحْسِينٍ بِحِنَّاءٍ وَإِسْفِيدَاجٍ وتَكَحُّلٍ بأَسْوَدَ بِلَا حَاجَةٍ وادِّهَانٍ بمُطَيِّبٍ وتَحْمِيرِ

_ قوله: (فوق ثلاث) أي: ثلاث ليال بأيامها. قوله: (ولو كان بها سقم) السقم كفرح وقرب: طول المرض. والسقام بالفتح: اسم منه. قوله: (أو إسفيداج) معروفٌ، يعمل من رصاصٍ، إذا دهن به الوجه يربو ويبرق. قوله: (بأَسود) أي: ولو سوادًا، ويجوز بنحو تُوتِياء. قوله: (بلا حاجة) فتكتحلُ ليلا، وتمسحه نهارًا. قاله في "الإقناع".

وَجْهٍ وَحَفِّهِ وَنَحْوِهِ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ صَبْرٍ إلَّا فِي الْوَجْهِ وَلَا لُبْسِ أَبْيَضَ وَلَوْ حَسَنًا وَلَا مُلَوَّنٍ لِدَفْعِ وَسَخٍ كَكُحْلِيٍّ وَلَا مِنْ نِقَابٍ وأَخْذِ ظُفُرٍ وَنَحْوِهِ وَلَا مِنْ تَنْظِيفٍ وَغُسْلٍ وَيَحْرُمُ تَحَوُّلُهَا مِنْ مَسْكَنٍ وَجَبَتْ فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ لِخَوْفٍ وَلِحَقٍّ وَتَحْوِيلِ مَالِكِهِ لَهَا وطَلَبِهِ ؤفَوْقَ أُجْرَتِهِ أَوْ لَا تَجِدُ مَا تَكْتَرِي بِهِ إلَّا مِنْ مَالِهَا فَيَجُوزُ إلَى حَيْثُ شَاءَتْ. وَتُحَوَّلُ لِأَذَاهَا

_ قوله: (وحفِّه) يقال: حفت المرأة وجهها حفًا، من باب: قتل: زينته بأخذ شعره. قوله: (ونحوه) كنقشٍ. قوله: (من صبر) تطلي به جسدها. قوله: (ولو حسناً) كإبريسم. قوله: (ونحوه) كأخضر غير صاف. قوله: (ونحوه) كأخذ عانةٍ. قوله: (وجبت فيه) وهو المنزل الذي مات زوجها وهي به، سواء كان لزوجها، أوبإجارة، أو إعارة إذا تطوع به مالكُه. قوله: (كلخوفٍ) على نفسها أو مالها. قوله: (وتحول لأذاها) ومنه يؤخذ تحويل الجار السوء، ومن يؤذي غيره. منصور البهوتي.

لَا مَنْ حَوْلَهَا وَيَلْزَمُ مُنْتَقِلَةً بِلَا حَاجَةٍ الْعُودُ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ حَيْثُ كَانَتْ وَلَا تَخْرُجُ إلَّا نَهَارًا لِحَاجَتِهَا وَمَنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ مَعَهُ لِنُقْلَةٍ إلَى بَلَدٍ فَمَاتَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ أَوْ لِغَيْرِ النُّقْلَةِ وَلَوْ لِحَجٍّ وَلَمْ تُحْرِمْ قَبْلَ مَسَافَةِ قَصْرٍ اعْتَدَّتْ بِمَنْزِلِهِ وبَعْدَهُمَا تُخَيَّرُ

_ قوله: (ولا تخرج) أي: إذا كانت حرة، وأما الأمة فلسيدها استخدامها نهارا وإرسالها ليلا، كما في حياة زوجها، فلو أرسلها ليلا ونهارا، فكالحرة، كما في "الإقناع". قوله: (لحاجتها) أي: ولو وجدت من يقضيها. قوله: (بإذنه) أي: وإلا لزمها الرجوع مطلقًا، سواء فارقت البنيان أو لا، وأما إذا سافرت وحدها بإذنه، فكما لو سافرت معه، فقبل مفارقة البنيان ترجعُ. قوله: (وبعدهما) أي: بعد مفارقةِ البنيان إن كان سفرها لنقلةٍ، أو بعد مسافة القصر إن كان سفرها لغير نقلة. قوله: (تخير) أي: بين الرجوع والمضي.

وَإِنْ أَحْرَمَتْ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ وَإِلَّا قُدِّمَ حَجٌّ مِنْ بُعْدِهَا وَإِلَّا فَالْعِدَّةُ وَتَتَحَلَّلُ لِفَوْتِهِ بِعُمْرَةٍ وَتَعْتَدُّ بَائِنٌ بمَأْمُونٍ مِنْ الْبَلَدِ حَيْثُ شَاءَتْ «طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي» وَلَا تَبِيتُ إلَّا بِهِ وَلَا تُسَافِرُ

_ قوله: (عادت) أي: ولو بعدت المسافة، وصرح به في "الإقناع"، وهذا مخالف لما قيده المصنف به في "شرحه" من كونه قبيل المسافة. فتدبر. وما ذكره في "الإقناع" هو ظاهر كلام المصنف في المتن، قاله في "شرح الإقناع". قوله: (مع بعد) أي: عن بلدِها مسافة قصر. قوله: (بعمرة) حيث لزمها تقديم العدة؛ لأنه فات الحج باعتدادها بمنزلها وهي محرمة، كمن فاته الحج بغير ذلك. قال ابن نصر الله: ويتجه: أن تتحلل كمحصر. انتهى. قوله: (حيث شاءت) أي: لا بمنزل زوجها. قوله: (لا تسافر) أي: زمن عدة إلى غير بلدها. وظاهره: ولو لم تبت إلا ببلدِها.

وَإِنْ سكنت عُلُوًّا أَوْ سُفْلًا ومُبِينٌ فِي الْآخَرِ وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ أَوْ مَعَهَا مَحْرَمٌ وَإِنْ أَرَادَ إسْكَانَهَا بِمَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ لَهَا تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ لَزِمَهَا وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةٌ كَمُعْتَدَّةٍ لِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ لِعِتْقٍ وَرَجْعِيَّةٌ فِي لُزُومِ مَنْزِلِ كَمُتَوَفًّى عَنْهَا وَإِنْ امْتَنَعَ مَنْ لَزِمَتْهُ سُكْنَى أُجْبِرَ وَإِنْ غَابَ اكْتَرَى عَنْهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ أَوْ فَرَضَ أُجْرَتَهُ وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ،

_ قوله: (كمعتدة ... إلخ) أي: كما يلزم المعتدة لشبهةٍ، أو نكاح فاسد، والمستبرأة لعتق أن يسكنا في مكان صالح لهما بلا محذور، إذا طلب ذلك الواطيء، بالشبهة أو النكاح الفاسد، والسيد تحصينا لفراش من لزمت العدة لأجله، ولا يلزم السيد ولا الواطيء إسكانها، حيث لا حمل، كالبائن غير الحامل. قوله: (في لزوم منزل) أي: لا في إحدادٍ. قوله: (من لزمته) أي: من زوج رجعية أو مبين. قوله: (أو إذن حاكم) إن عجزت عن استئذانه. "شرح"

أَوْ بِدُونِهِمَا لعجز رَجَعَتْ وَلَوْ سَكَنَتْ فِي مِلْكِهَا فَلَهَا أُجْرَتُهُ وَلَوْ سَكَنَتْهُ أَوْ اكْتَرَتْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا

_ قوله: (أو بدونهما) أي: دون إذنه وإذن حاكم، ولو مع قدرة على استئذان حاكم. "شرح" منصور البهوتي. قوله: (لعجزٍ) أي: عن إذنهما، وأما مع القدرة على إذن الزوج، فلا رجوع لها، كما سيأتي قريبًا، وعلى إذن حاكم رجعت إن نوت الرجوع، كما في "الإقناع". قوله: (ولو سكنت ... إلخ) أي: مع غيبته أو منعه أو بإذنه. منصور البهوتي. قوله: (ولو سكنته) أي: بنية الرجوع. "شرح".

باب استبراء الإماء

باب استبراء الإماء وَهُوَ قَصْدٌ عِلْمُ بَرَاءَةِ رَحِمِ مِلْكِ يَمِينٍ حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا مِنْ حَمْلٍ غَالِبًا بِوَضْعِ حَمْلٍ أَوْ بِحَيْضَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ بِعَشَرَةِ وَيَجِبُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ أَحَدُهَا إذَا مَلَكَ ذَكَرٌ وَلَوْ طِفْلًا مَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا وَلَوْ مَسْبِيَّةً،

_ قوله: (وهو قصد ... إلخ) عبارةُ الرافعيِّ: الاستبراء عبارة عن التربص الواجب، بسبب ملك اليمين حدوثاً أو زوالاً، خص بهذا الاسم؛ لأنه مقدر بأقل ما يدل على براءة الرحم من غير تكررٍ، وخص التربص بسبب النكاح باسم العدة، اشتقاقاً من العدد؛ لما فيه من التعدد. قاله المتولي في "التتمة". كذا بخط ابن عادلٍ. قوله (حدوثا) أي: بشراء، أو هبة، أو إرث. قوله: (أو زوالاً) أي: بإرادةِ بيع، أو نحوه. قوله: (غالباً) وقد يكون تعبدا. "شرح". قوله: (أو عشرة) أي: عشرة أشهر. قوله: (إذا ملك) أي: بإرث أو غيره.

أَوْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى مِنْ طِفْلٍ وَأُنْثَى لَمْ يَحِلَّ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا وَلَوْ بِقُبْلَةٍ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا فَإِنْ عَتَقَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْكِحَهَا وَلَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَلَيْسَ لَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَائِعُهَا يَطَأُ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ الْمُنَقِّحُ وَهِيَ أَصَحُّ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَمَةً حَاضَتْ عِنْدَهُ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَمَتَهُ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ بِغَيْرِهِ حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ وَجَبَ

_ قوله: (أو لم تحض) أي: لصغر أو إيأسٍ. قوله: (وأنثى) أي: ومجبوبٍ، ومن رجل قد أستبرأها. قوله: (قبله) أي: الاستبراء. قوله: (غيره) أي: السيد. قوله: (إلا على رواية) أي: فلغير المشتري أن يتزوجها قبل استبراءِ المشتري لها فيما إذا كان البائع لا يطأ، وكذا إذا كان البائع يطأُ، لكنَّه استبرأها قبل البيع، ولا فرق في ذلك بين كون المشتري أعتقَها أو لا. وهذه الرواية هي الصحيحة. وجزم بها في "الإقناع". قوله: (من مكاتبه) أي: أو مكاتبته. قوله: (حاضت)، فإن لم تحض، فمن باب أولى. قوله: (بفسخ) أي: ولو قبل تفرق عن المجلس.

اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ لَا إنْ عَادَتْ مُكَاتَبَتُهُ أَوْ رَحِمُهَا الْمَحْرَمُ أَوْ رَحِمُ مُكَاتَبِهِ الْمَحْرَمُ بِعَجْزِ أَوْ فَكَّ أَمَتَهُ مِنْ رَهْنٍ أَوْ أَخَذَ مِنْ عَبْدِهِ التَّاجِرِ أَمَةً، وَقَدْ حَاضَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَسْلَمَتْ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ أَوْ مُرْتَدَّةٌ حَاضَتْ عِنْدَهُ أَوْ مَالِكٌ بَعْدَ رِدَّةٍ أَوْ مَلَكَ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا وَلَا يَجِبُ بِمِلْكِ أُنْثَى مِنْ أُنْثَى

_ قوله: (أو رحم مكاتبه المحرم) وأما غير الرحم المحرم، فلا بدَّ من استبراء السيد لها، ولو حاضت قبل العودِ. قوله: (أو فَكَّ أمته من رهن) أي: وقد حاضت قبل الفكِّ، كما ذكره المصنف، فتحلُّ له من غير استبراء. وفي "الإقناع": إذا فكَّ أمته من الرهن حلت له. انتهى. ولم يقيِّد ذلك بما إذا حاضت قبل الفكِّ، فبين كلاميهما تخالف بحسب الظاهر. والجواب: أن الصورة التي ذكرها المصنف، مخصوصةٌ بما إذا رهنها سيدها زمن استبرائها من الغير، فإنه إذا فك رهنها، وقد تم استبراؤها، حلت له، وإلا فلا. وأما الصورة المذكورة في "الإقناع" فمحلها إذا رهنها، لا في زمن استبراءٍ، فإنه متى فك رهنها، حلت له، سواء كانت حاضت قبل الفك، أو لا، والله أعلم. قوله: (قبل ذلك) أي: ذلك العودِ، أو الفكِّ، أو الأخذ، فلا استبراء.

وَسُنَّ لِمَنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ لِيَعْلَمَ وَقْتَ حَمْلِهَا وَمَتَى وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَأُمُّ وَلَدٍ وَلَوْ أَنْكَرَ الْوَلَدَ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا وَلَا لِأَقَلَّ وَلَا مَعَ دَعْوَى اسْتِبْرَاءٍ وَيُجْزِي اسْتِبْرَاءُ مَنْ مُلِكَتْ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وغَنِيمَةٍ

_ قوله: (ليعلم وقت حملِها) أي: إن كانت حاملا. قوله: (فأكثر) أي: منذ مَلَكها. قوله: (فأم ولد) يعني: للزوج المالك. قوله: (ولا مع دعوى استبراء) يعني أنها إذا أتت به لستةِ أشهرٍ فأكثر من وطئه في الملك، فادعى أنه استبرأها بعد الوطء فإنه ينتفي عنه الولد، ولا لعان، ولا تصير أم ولد، كما يعلم من "الإقناع" في كتاب اللِّعان. والحاصل: أنه إذا ملك زوجته بشراءٍ أو غيره، فأتت بولد لدون ستة أشهر من حين الملك، فإن الولد ملحقٌ بالنكاح، فلا تصير به أم ولد، وله نفيه باللعان، سواء أقرَّ بوطئها في الملك أو لا. وإن أتت به لستة أشهرٍ فأكثر من حين الملك، وقبل مضي أربع سنين من الملك أيضًا، ولم يقر بوطئها في الملك أو أقرَّ به، لكن أتت به لدون ستة أشهر فأكثر من وطئه، فكذلك. وإن أتت به لستةِ أشهرٍ فأكثر من وطئه في الملك فأم ولد، إلا أن يدَّعي الاستبراء بعد الوطء، فينتفي عنه الولدُ، ولا لعان. هذا تحرير الكلام في هذا المقام، وهو ملخص مما ذكره صاحب "الإقناع". قوله أيضا على قوله: (ولا مع دعوى استبراء) هذه

وغَيْرِهَا قَبْلَ قَبْضٍ ولِمُشْتَرٍ زَمَنَ خِيَارٍ وَيَدُ وَكِيلٍ كَيَدِ مُوَكِّلٍ وَمَنْ مَلَكَ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ، ثُمَّ طَلُقَتْ بَعْدَ دُخُولِهِ اكْتَفَى بِالْعِدَّةِ وَلَهُ وَطْءُ مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ فِيهَا وَإِنْ طَلُقَتْ مَنْ مُلِكَتْ مُزَوَّجَةً قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا الثَّانِي إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا أَوْ بَيْعَهَا حَرَامًا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا فَلَوْ خَالَفَ صَحَّ الْبَيْعُ دُونَ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ أُبِيحَا قَبْلَهُ الثَّالِثُ إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ سُرِّيَّتَهُ

_ عبارة "الفروع". قال ابن نصر الله: أي: إذا استبرأها بعد ملكه، ثم ولدت ولو لستةِ أشهر، ولم يقر بوطئها في ملكه، فليست أم ولد. انتهى. قوله: (وغيرها) أي: كالمأخوذة أجرة، أو جعالة، أو عوضًا عن خلع، ونحوه. قوله: (اكتفى بالعدة) لحصول العلم ببراءة رحمها بالعدة. قوله: (وله) أي: لزوج أمة ملكها. قوله: (منه) أي: بغير طلاق ثلاث. قوله: (حتى يستبرئها) فهم منه: أنه لو لم يطأ، أو كانت آيسة، لم يلزمه استبراؤها إذا أراد بيعها، لكن يُستحبُّ. قوله: (دون النكاح) كتزويج المعتدة. قوله: (أو سريَّته) أي: الأمة المتخذة للوطء من السر، وهو الجماع؛ لأنه لا يكون إلا سرًا وخصوا به الأمة؛ للفرق بينها وبين التي تنكح. قاله الأزهري.

أَوْ مَاتَ عَنْهَا لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا أَوْ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا أَوْ قَبْلَ بَيْعِهَا فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ أَوْ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا قَبْل وَطْئِهَا أَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ فَرَغَتْ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ وَإِنْ أَبَانَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ فَاعْتَدَّتْ

_ قوله: (أو مات عنها) أي: عن إحداهما. قوله: (لزمها استبراءُ نفسِها) لأنها كانت فراشًا للسيد، فلا تنتقل إلى فراش غيره قبله. قوله: (أو أراد تزويجها) أي: أراد بعد عتقِها تزويجَها؛ لأنها لم تنتقل إلى فراش غيره. قوله: (أو قبل بيعِها) أي: أو استبرأها قبل بيعها ... إلخ. قوله: (فأعتقها مشتر) يعني: فلا استبراء عليها. قوله: (أو أراد تزويجها) من غيره، أي: والحالُ أن بائعها قد استبرأها قبل بيعها، كما يعلم من عطفه على ما قبله، أو أن البائع لم يطأ أصلا، كما يفهم مما سيجيء. والفرق بين المشتري وغيره: أنَّا قد منعنا المشتري من وطئها بالملك، فكذا بالنكاح؛ لئلا يتخذ حيلة على إسقاط الاستبراء، ولا فرق في الغير بين ما إذا بقيت على رقها أو عتقت. قوله: (أو كانت) أي: أم الولد أو السُّرية عند عتقها. قوله: (أو مات) أي: زوجها.

ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ يَطَأْهَا كَمَنْ لَمْ يَطَأْهَا أَصْلًا وَمَنْ بِيعَتْ وَلَمْ تُسْتَبْرَأْ فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْءٍ واسْتِبْرَاءٍ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا أَوْ تَمَّمَتْ مَا وُجِدَ عِنْدَ مُشْتَرٍ وَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَكَانَ بَائِعُهَا يَطَؤُهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ أُمِّ وَلَدٍ وَسَيِّدُهَا وَجُهِلَ أَسْبَقُهُمَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَوْقَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ جَهِلَتْ الْمُدَّةَ لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ آخِرِهِمَا الْأَطْوَلُ مِنْ عِدَّةِ حُرَّةٍ لِوَفَاةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ وَلَا تَرِثُ مِنْ

_ قوله: (ثم مات سيدها) هذا خاص بأمِّ الولد، وأما السُّرية، فيلزم الوارث استبراؤها في الأصح؛ لتجدد ملكه. قاله ابن نصر الله. وهو مقتضى القواعد. قوله: (إن لم يطأ) أي: كأمةٍ أعتقها ولم يكن وطئها. قوله: (كمن لم يطأها أصلا) أي: فلا استبراء عليها. قوله: (استبرأت) إن أعتقها عَقِبَ الشراءِ. قوله: (عند مشترٍ) إن أعتقها في الأثناء. قوله: (لزمها ... إلخ) أي: لأنَّه يحتمل تأخر الزوج، فعليها عدة حرةٍ لوفاةٍ، ويحتمل تقدمه، وأنها انقضت عدتها، فعليها الاستبراء، لكن ينبغي حمله على ما إذا علمت أن آخرهما موتا أصابها وجهلته، وإلا فتقدم قريبًا أنه: إذا مات السيدُ بعد عدتها، لا استبراء عليها حيث لم يطأها السيدُ، أو يكون المصنف مشى هنا كـ"الإقناع" على قول الموفق ومتابعيه: إن

الزَّوْجِ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ كَحُرَّةٍ لِوَفَاةٍ فَقَطْ فصل واستبراء حامل بوضع ومَنْ تَحِيضُ بِحَيْضَةٍ لَا بَقِيَّتِهَا وَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ شَهْرٍ فبِحَيْضَةٍ وآيِسَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَبَالِغَةٍ لَمْ تَحِضْ بِشَهْرٍ وَإِنْ حَاضَتْ فِيهِ فبِحَيْضَةٍ ومُرْتَفِعٍ حَيْضُهَا وَلَمْ تَدْرِ مَا رَفَعَهُ فَبِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ عَلِمَتْ فَكَحُرَّةٍ وَيَحْرُمُ وَطْءٌ مِنْ زَمَنِ اسْتِبْرَاءٍ وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ

_ تجدد الفراش كتجدد الملك في إيجاب الاستبراء، وهو خلاف الصحيح، كما تقدم في كلام المصنف. قوله: (فقط) أي: لاحتمال تأخرِ الزوجِ. قوله: (ولو حاضت بعد شهرٍ) يعني: أن ذات الأقراءِ لا تعتد إلا بالقرء، ولو كان عادتها الحيض في كل شهرين مرةً. قوله: (وفيها) أي: وإن حملت في الحيضة. قوله: (فكذلك) يعني: تستبريء بوضعه، ولا يحل وطؤها حتى تضع، والمراد: أحبلها في حيضٍ لا يصلح أن تُستبرأَ به

فَإِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْحَيْضَةِ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ وفِيهَا وَقَدْ مَلَكَهَا حَائِضًا فَكَذَلِكَ وفِي حَيْضَةٍ ابْتَدَأَتْهَا عِنْدَهُ تَحِلُّ الْحَالِ لِجَعْلِ مَا مَضَى حَيْضَةً وَتُصَدَّقُ فِي حَيْضٍ فَلَوْ أَنْكَرَتْهُ فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي بِهِ صُدِّقَ وَإِنْ ادَّعَتْ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ بِوَطْءِ مُورِثِهِ أَوْ مُشْتَرَاةٌ أَنَّ لَهَا زَوْجًا صُدِّقَتْ

_ قوله: (وفي حيضةٍ) أي: وإن حملت في حيضة ... إلخ. قوله: (في الحال) وظاهرُه: ولو لم يَبلغ أقلَّ الحيضِ. قوله: (وتصدَّقُ في حيضٍ) أي: ادعته، فيحل له وطؤها بعد تطهرها. قوله: (فقال: أخبرتني به) أي: وقد مضى ما يمكن حيضها فيه. قوله: (مورثه) أي: كأبيهِ وابنِه. قال منصور البهوتي: ولعلَّه مالم تكن مكنته قبل.

كتاب الرضاع

كتاب الرضاع وَهُوَ شَرْعًا مَصُّ لَبَنٍ ثَابَ عَنْ حَمْلٍ مِنْ ثَدْي امْرَأَةٍ أَوْ شُرْبُهُ وَنَحْوَهُ وَيُحَرِّمُ كَنَسَبٍ فَمَنْ أَرْضَعَتْ وَلَوْ مُكْرَهَةً بِلَبَنِ حَمْلٍ لَاحِقٍ بِالْوَاطِئِ

_ كتاب الرضاع رضع الصغير رضعًا، كتعب: لغة نجدٍ، ومن باب: ضرب: لغة أهل تهامة، ومن باب: نفع: لغةٌ ثالثةٌ. رضاعًا ورضاعة -بفتح الراء- وهي مرضع ومرضعة. وقال الفرَّاء وجماعة: إن قصد الوصف بالرضاع حقيقة، فبغير هاء، أو مجازًا بمعنى: أنها محل الإرضاع فيما كان أو سيكون، فبالهاء، وعليه قوله تعالى: (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت). [الحج: 2]. قاله في "المصباح" ملخصًا. قوله: (وهو) أي: لغةً: مص لبن من ثديٍ وشربُهُ. قوله: (مص لبن) أي: في الحولين. قوله: (ثاب) أي: اجتمع. قوله: (ونحوه) كأكله مجبَّنًا. قوله: (لاحقٍ بالواطيء) يعني: يَلحق الواطيء نسبُ ذلك الحملِ، كأن يكون من وطءِ زوج، أو سيد، أو شبهةٍ. وهذا الاحتراز من جهة الواطيء وحده، دون المرضعة فيلحقها مطلقًا.

طِفْلًا صَارَا فِي تَحْرِيمِ نِكَاحٍ وثُبُوتِ مَحْرَمِيَّةٍ وإبَاحَةِ نَظَرٍ وخَلْوَةٍ أَبَوَيْهِ وهُوَ وَلَدَهُمَا وأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادَ وَلَدِهِمَا وأَوْلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ فَالذُّكُورُ مِنْهُمْ يَصِيرُونَ إخْوَتَهُ، وَالْبَنَاتُ أَخَوَاتِهِ. وآبَاؤُهُمَا أَجْدَادَهُ وجَدَّاتِهِ. وأَخَوَاتُهُمَا وَإِخْوَانِهِمَا أَعْمَامَهُ وَأَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ وَلَا تُنْشَرُ حُرْمَةُ إلَى مَنْ بِدَرَجَةِ مُرْتَضِعٍ أَوْ فَوْقَهُ مِنْ أَخٍ وَأُخْتٍ مِنْ نَسَبٍ وَأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ فَتَحِلُّ مُرْضِعَةٌ لِأَبِي مُرْتَضِعٍ وَأَخِيهِ مِنْ نَسَبٍ وأُمُّهُ وَأُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ كَمَا يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ مِنْ زِنًا أَوْ نَفْيٍ بِلِعَانٍ طِفْلًا صَارَ وَلَدًا لَهَا وَحَرُمَ عَلَى الْوَاطِئ تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ وَلَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهِ

_ قوله: (صارا) أي: الواطيء والمرضعةُ. قوله: (في تحريم) متعلق بـ (صارا) والألف: اسم صار، والخبر: (أبويه). فتدبر. قوله: (وخلوةٍ) أي: لا في نفقةٍ وارث، وعتق، وشهادةٍ. قوله: (وإن سفلوا) من باب: قعد، وفي لغة من باب: قرب. قوله: (في حقه) أي: لعدم النسب هنا.

وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا وَثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا أَوْ أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا لِمَوْلُودٍ فَالْمُرْتَضِعُ ابْنُهُمَا أَوْ ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا بِأَنْ مَاتَ مَوْلُودٌ قَبْلَهُ أَوْ فَقَدَتْ قَافَةٌ أَوْ نَفَتْهُ عَنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهِمَا وَإِنْ ثَابَ لَبَنٌ لِمَنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَوْ حَمَلَ مِثْلُهَا لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ كَلَبَنِ رَجُلٍ وَكَذَا لَبَنُ خُنْثَى مُشْكِلٍ. وبَهِيمَةٍ وَمَنْ تَزَوَّجَ أَوْ اشْتَرَى ذَاتَ لَبَنٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ قَبْلَهُ فَزَادَ بِوَطْئِهِ

_ قوله (في حقهما) أي: الواطئين، فإن كان أنثى، لم تحل لواحد منهما، ولا لأولادهما، أو آبائهما ونحوهم؛ تغليبًا للخطر، وإن كان ذكرًا، حرم عليه بناتهما، وأمهاتهما، وأخواتهما، ونحوهن لذلك. وظاهره: لا تثبت المحرمية، ولا إباحة النظر، والخلوة لأولادهما ونحوه. قاله منصور البهوتي. والظاهر: أنه لا مفهوم لقوله: لأولادهما، بل إنَّه لا تثبت المحرمية أيضًا للواطئين، فلا يحل لواحد منهما النظر إلى المرتضعة لو كانت أنثى، ولا الخلوة بها؛ تغليبًا لجانب الحظر، فلا يباح النظر والخلوة مع الشكِّ، كما لا يباح النكاحُ معه؛ عملا بالأحوط. فتدبر. قوله: (فزاد بوطئه) أي: فهو للأول.

أَوْ حَمَلَتْ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ زَادَ قَبْلَ أَوَانِهِ فلِلْأَوَّلِ وفِي أَوَانِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ ثُمَّ ثَابَ أَوْ وَلَدَتْ فَلَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ فلَهُمَا فَيَصِيرُ مُرْتَضِعُهُ ابْنًا لَهُمَا وَإِنْ زَادَ بَعْدَ وَضْعٍ فلِلثَّانِي وَحْدَهُ فصل وللحرمة شرطان أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْتَضِعَ فِي الْعَامَيْنِ، فَلَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ لَمْ تَثْبُتْ

_ قوله: (ولم يزد) أي: في أوانه. قوله: (أو زاد قبل أوانِه) الذي يثوب فيه لبن الحامل غالبًا. قوله: (وفي أوانِه) أي: بعد حملٍ، فلهما. قوله: (ثم ثاب) أي: ثاب قبل الوضع، فلهما. قوله: (وللحرمة شرطان) زاد في "الإقناع" ثالثا، وهو: أن يصل اللبن إلى جوفه من حلقه، بخلاف نحو الحقنة. قوله: (في العامين) أي: ولو كان قد فطم قبل الرَّضاع. قوله: (بلحظةٍ) أي: ولو قبل فِطامِه، أو ارتضع الخامسة كلها بعدهما، بخلاف ما لو شرع في الخامسة، فحال الحول قبل كمالها، فإنه يكتفى منها بما وُجد في الحولين. قاله في "شرح الإقناع".

الثَّانِي: أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَمَتَى امْتَصَّ ثُمَّ قَطَعَهُ وَلَوْ قَهْرًا أَوْ لِتَنَفُّسٍ أَوْ مُلْهٍ أَوْ لِانْتِقَالٍ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أَوْ مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فرَضْعَةٌ ثُمَّ إنْ عَادَ وَلَوْ قَرِيبًا ثِنْتَانِ وَسَعُوطٌ فِي أَنْفٍ وَوَجُورٌ فِي فَمٍ كَرَضَاعٍ وَيُحَرِّمُ مَا جَبَنَ أَوْ شِيبَ أَوْ حُلِبَ مِنْ مَيْتَةٍ وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَبَنًا لَا حُقْنَةُ وَلَا لِوَاصِلٍ جَوْفًا لَا يُغَذِّي كَمَثَانَةٍ وَذَكَرٍ وَمَنْ أُرْضِعَ خَمْسُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِلَبَنِ زَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى كُلُّ

_ قوله: (وسعوط) مصدرٌ، وبالفتح: المصبوب، وكذا الوجور. قوله: (وصفاتُهُ) أي: طعمه، ولونه، وريحه باقيةٌ، فلو غلب ما خلطه، لم يحرم. قوله: (ويحنث به) أي: بما ذكر من المشوب الباقي الصفات، ومن لبن الميتة. قوله: (لا يغذي) أي: بوصوله فيه. قوله: (كمثانةٍ) أي: وجائفة.

وَاحِدَةٍ رَضْعَةً حَرُمَتْ لِثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ وَلَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَاتُ بَنَاتِهِ أَوْ بَنَاتِ زَوْجَتِهِ فَلَا أُمُومَةَ وَلَا يَصِيرُ أَبُو الْمُرْضِعَاتِ جَدًّا وَلَا زَوْجَتُهُ جَدَّةً وَلَا إخْوَةُ الْمُرْضِعَاتِ أَخْوَالًا وَلَا أَخَوَاتُهُنَّ خَالَاتٍ وَمَنْ أَرْضَعَتْ أُمُّهُ وَبِنْتُهُ وَأُخْتُهُ وَزَوْجَتُهُ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ طِفْلَةً رَضْعَةً رَضْعَةً لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِهَا مِنْ زَوْجٍ طِفْلًا ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ انْقَطَعَ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ زَوْجٍ آخَرَ رَضْعَتَيْنِ ثَبَتَتْ الْأُمُومَةُ لَا الْأُبُوَّةُ وَلَا يَحِلُّ مُرْتَضِعٌ لَوْ كَانَ أُنْثَى لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَمَنْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ بِرَضِيعٍ حُرٍّ لَمْ يَصِحَّ

_ قوله: (حرمت) أي: الزوجةُ. قوله: (بناته) أي: بنات رجلٍ واحدٍ. قوله: (من الزوجين) لأنها بنت امرأةٍ دخل بها. قوله: (لم يصح) أي: لعدم خوف العنت، إلا إن احتاج لخدمةٍ، وعدم طول الحرة.

فَلَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى السَّيِّدِ فصل ومن تزوج ذات لبن ولم يدخل بها وصَغِيرَةً فَأَكْثَرَ فَأَرْضَعَتْ وَهِيَ زَوْجَةٌ أَوْ بَعْدَ إبَانَةِ صَغِيرَةً حُرِّمَتْ أَبَدًا وَبَقِيَ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَرْضَعَ ثَانِيَةً فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُهُمَا كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا وَإِنْ أَرْضَعَتْ ثَلَاثًا مُفْرَدَاتٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا وَالثَّالِثَةُ مُنْفَرِدَةً

_ قوله: (بلبنه) أي: لبن السيد لم تحرم على السيد؛ لأن الحر إذن ليس بزوج، بخلاف ما لو كان الحر الرضيع خائفًا عنت العزوبة؛ لحاجة الخدمة وعدم طول الحرة، أو كان الزوج الرضيع رقيقًا، فإنها إذا أرضعته بلبن السيد خمس رضعاتٍ، انفسخ النكاح، وحرمت عليهما على الأبد. أما الزوج؛ فلأنها أمه، وأما السيد؛ فلأنها حليلةُ ابنِه. قوله: (ومن تزوج ذات لبن) أي: من غيرِه. قوله: (ولم يدخل بها) فلو دخل بها، من باب أولى. قوله: (وبقي نكاح الصغيرة) لأنها ربيبةٌ لم يدخل بأمها. قوله: (فينفسخ نكاحهما) أي: لاجتماع أختين في نكاحه. قوله: (معًا) أي: في زمن واحد.

انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَيَيْنِ وَبَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ وَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ مَعًا بِأَنْ شَرِبْنَهُ مَحْلُوبًا مَعًا مِنْ أَوْعِيَةٍ إحْدَاهُنَّ مُنْفَرِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْأَصَاغِرِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكُبْرَى حُرِّمَ الْكُلُّ عَلَى الْأَبَدِ لَا الْأَصَاغِرُ إنْ ارْتَضَعْنَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ امْرَأَةٍ كَأُمِّهِ وَجَدَّتِهِ وَأُخْتِهِ وكَرَبِيبَتِهِ إذَا أَرْضَعَتْ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ أَبَدًا وَمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ رَجُلٍ كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَخِيهِ وَابْنِهِ إذَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ

_ قوله: (الجميع) أي: لاجتماع الأخوات في نكاحه. قوله: (من الأصاغر) أي: لأن تحريمهن تحريم جمع. قوله: (على الأبد) لأنهن ربائب دخل بأمهنَّ. قوله: (من أجنبية) لكن متى اجتمع أختان، فعلى ما تقدَّم قريبًا. قوله: (حرمتها عليه) لأنها صارت بنت تحرم بنته عليه. قوله: (إذا أرضعت زوجته) المراد بها: صاحبة لبنه، زوجة كانت، أو أم ولده، أو موطوءته بشبهةٍ، فهو من قبيل المجاز. قوله: (بلبنه) أي: أو لبن له فيه شرك.

وَيَنْفَسِخُ فِيهِمَا النِّكَاحُ إنْ كَانَتْ زَوْجَةً وَمَنْ لِامْرَأَتِهِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ مِنْ غَيْرِهِ فَأَرْضَعْنَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ لَهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً إرْضَاعًا كَامِلًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْكُبْرَى حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّغَارِ وَإِنْ أَرْضَعْنَ وَاحِدَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ حُرِّمَتْ الْكُبْرَى وَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْهُ فَتَزَوَّجَتْ بِصَبِيٍّ فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ إرْضَاعًا كَامِلًا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا وعَلَى الْأَوَّلِ أَبَدًا

_ قوله: (وينفسخ فيهما) أي: في الصورتين السابقتين وهما: إذا أرضعت امرأةٌ، تحرم بنتها على شخصٍ، زوجة ذلك الشخص. وإذا أرضعت زوجة رجلٍ، تحرمُ بنته على شخصٍ، زوجة ذلك الشخص، فينفسخ النكاحُ في الصورتين؛ لأنَّ الزوجة حينئذ صارت بنت من تحرم بنته. قوله: (من الصغار) لأنهنَّ ربائب لم يدخل بأمهن، وهن بنات خالاتٍ. قوله: (حرمت الكبرى) لأنها جدَّةُ امرأتِه في الأصحِّ. قاله في "شرحه" تبعًا لجمعٍ. ومقتضى ما تقدَّم: لا حرمةَ؛ لأن الجدُودَة فرع الأمومة، ولم تثبتْ. قوله: (بصبيٍّ) أي: لم يتمَّ له حولان. قوله: (وحرمت عليه) لأنها أمه، وعلى الأول؛ لأنها من حلائل أبنائه.

وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الصَّبِيَّ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَخْت نِكَاحَهُ لِمُقْتَضٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ الصَّبِيَّ أَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ أَمَتَهٌ بِعَبْدٍ لَهُ رَضِيعٍ ثُمَّ عَتَقَتْ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ أَوْلَدَهَا فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا فصل وكل امرأة أفسدت نكاح نفسها برضاع قبل الدخول فلا مهر لها وَإِنْ كَانَتْ طِفْلَةً بِأَنْ تَدِبَّ فَتَرْتَضِعَ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا وَلَا يَسْقُطُ بَعْدَهُ وَإِنْ أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا لَزِمَهُ قَبْلَ دُخُولٍ نِصْفُهُ وبَعْدَهُ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ فِيهِمَا عَلَى مُفْسِدٍ وَلَهَا الْأَخْذُ مِنْ الْمُفْسِدِ

_ قوله: (أولا) أي: قبل الرجل. قوله: (فأرضعت به الصبي) حرمت عليهما أبدًا؛ لأنها أم الصبي، وحليلة ابن الرجل. قوله: (فاختارت فراقه) أي: فراق زوجها العبدِ الرضيعِ. قوله: (فلا مهر لها) أي: لمجيء الفرقةِ من قبلها، كما لو ارتدَّت. قوله: (وإن طفلةً) لأنه لا فعلَ للزوجِ في ذلك، فلا مهر عليه. قوله: (لزمه) أي: الزوج.

ويوزع مَعَ تَعَدُّدِ مُفْسِدٍ عَلَى رَضَعَاتِهِنَّ الْمُحَرِّمَةِ لَا عَلَى رُءُوسِهِنَّ فَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكُبْرَى وَلَمْ يَسْقُطْ مَهْرُ الْكُبْرَى وَإِنْ كَانَتْ الصُّغْرَى دَبَّتْ فَارْتَضَعَتْ مِنْهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا مَهْرَ لِلصُّغْرَى وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْكُبْرَى إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ وَمَنْ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ مِنْهُ فَأَرْضَعْنَ لَهُ زَوْجَةً صُغْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَتَيْنِ لَمْ تَحْرُمْ الْمُرْضِعَاتُ حُرِّمَتْ الصُّغْرَى وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا خُمْسَاهُ عَلَى مَنْ أَرْضَعَتْ مَرَّتَيْنِ وَخُمْسُهُ عَلَى مَنْ أَرْضَعَتْ مَرَّةً

_ قوله: (ويوزع) أي: ما لزم زوجًا. قوله: (ولم يسقط مهر الكبرى) أي: لتقرره بالدخول. قوله: (فلا مهر للصغرى) لمجيء الفرقة من قبلها. قوله: (وإلا) أي: وإلا يدخل بالكبرى فبنصفه يرجع به على الصغرى، ولا تحرم الصغرى إذن حيث لم يكن اللبنُ له، وإلا حرمت أيضًا. قوله: (وحرمت الصغرى) أي: لأنها بنته. قوله: (على من أرضعت مرتين) اعلم: أن "من" هنا واقعة على مثنى المؤنث، وراعى في (أرضعت) لفظ: "من". والتقدير: على اللتين أرضعتا؛ وذلك لأنَّه صدر من الأولى والثانية كل واحدة رضعتين رضعتين. وقوله: (على من أرضعت مرة) "من" فيه واقعةٌ على الواحدة؛ لأن الثالثة لم يوجد منها محرمة إلا الأولى فقط.

فصل وإن شك في رضاع أَوْ عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ شَهِدَتْ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ ثَبَتَ وَمَنْ تَزَوَّجَ ثُمَّ قَالَ: هِيَ أُخْتِي فِي الرَّضَاعِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ حُكْمًا وفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ صَادِقًا وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَلَهَا الْمَهْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ مَا لَمْ تُطَاوِعْهُ عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ وَيَسْقُطُ قَبْلَهُ إنْ صَدَّقَتْهُ وَإِنْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ وَأَكْذَبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا وَإِنْ قَالَ هِيَ ابْنَتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَهِيَ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ لِتَيَقُّنِ كَذِبِهِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ فَكَمَا لَوْ قَالَ هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ خَطَأً لَمْ يُقْبَلْ كَقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ

_ قوله: (وإن شهدت به ... إلخ) أي: سواء شهدت على فعل نفسها، أو على فعل غيرِها، والرجل في ذلك أولى، كما في "الإقناع". قوله: (بعد الدخول) أي: بما نال منها. قوله: (قبله) اي: قبل الدخولِ. قوله: (إن صدَّقته) وهي حرة.

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ ظَاهِرًا وَمَنْ ادَّعَى أُخُوَّةَ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بُنُوَّتَهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَّبَتْهُ قُبِلَتْ شَهَادَةُ أُمِّهَا وبِنْتِهَا مِنْ نَسَبٍ بِذَلِكَ لَا أُمِّهِ وَلَا بِنْتِهِ وَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ هِيَ وَكَذَّبَهَا فَبِالْعَكْسِ وَلَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ بَعْدَ وَطْئِهِ لَمْ يُقْبَلْ وقَبْلَهُ يُقْبَلُ فِي تَحْرِيمِ وَطْءٍ لَا ثُبُوتِ عِتْقٍ وَكُرِهَ اسْتِرْضَاعُ فَاجِرَةٍ وَمُشْرِكَةٍ وَحَمْقَاءَ وَسَيِّئَةِ الْخُلُقِ وجَذْمَاءَ وَبَرْصَاءَ

_ قوله: (أجنبيةٍ) أي: غير زوجتِه. قوله: (بذلك) عليها إن كانت مرضية. قوله: (فبالعكس) فتقبل شهادة أمه عليه من نسبٍ، لا أمها وبنتها. قوله: (أخوة بعد وطءٍ) أي: أخوَّة سيدها بعد وطء مطاوعة. قوله: (فاجرة) لأن الرضاع يغيِّر الطباع، ويخشى تعدي الضرر، وفي "المجرد" يكره من بهيمةٍ. وفي "الإقناع": وزنجيةٍ.

صفحة فارغة

كتاب النفقات

كتاب النفقات: جمع نفقة وَهِيَ كِفَايَةُ مَنْ يَمُونُهُ خُبْزًا وَإِدَامًا وَكِسْوَةً وَسَكَنًا وَتَوَابِعَهَا وعَلَى زَوْجٍ مَا لَا غِنَى لِزَوْجَتِهِ عَنْهُ وَلَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ غَيْرَ مُطَاوِعَةٍ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى بِالْمَعْرُوفِ

_ قوله: (جمع نفقةٍ) وتجمع النفقةُ على نِفاقٍ، كثمرة وثمار، وهي لغة: الدراهم ونحوُها. قوله: (وكسوة) والمقصودُ هنا: بيان ما يجب على الإنسان من النفقة بالنكاح، والقرابة، والملك، وما يتعلق بذلك. قوله: (وتوابعها) كماء شربٍ، وطهارة، وإعفافٍ. قوله: (ما لا غناء) اعلم: أن هذا اللفظ يكسر أوله، فيقصر ويمد، ويفتح فيمد. فهذه ثلاثة أوجهٍ: أولها بالكسر والقصر: ضدُّ الفقر. وثانيها بالكسر والمد: الصوت. وثالثها بالفتح والمد: الكفايةُ. فتدبر. قوله: (ولو معتدَّة) أي: ولو كانت الزوجة معتدة. قوله: (من وطء شبهةٍ) لأن للزوج أن يستمتع منها بما دون الفرج، فإن طاوَعَت عالمة فلا نفقة. وعموم كلامه يتناول ما لو كانت حاملاً من وطء الشبهةِ. قال منصور البهوتي: وهو غير ظاهر؛ لأنه لم يعهد لنا وجوبُ نفقتين كاملتين لشخص واحد. فتدبر. وفي "المبدع":

وَيَعْتَبِرُ حَاكِمٌ ذَلِكَ إنْ تَنَازَعَا بِحَالِهِمَا

_ فإن وطئت زوجة فحملت، فالنفقة على الواطيء إن وجبت للحمل، ولها على الأصحِّ إن كانت مكرهةً أو نائمةً، وإن كانت مطاوعة تظنُّه زوجها فلا. انتهى. قوله: ولها على الأصح ... إلخ، الظاهر: أنَّ في العبارة نقصًا تقديره: ولها على الزوج النفقةُ أيضًا على الأصح ... إلخ. وعبارة "الإنصاف" بعد أن ذكر الخلافَ في الحامل من وطء الشبهة أو نكاحٍ فاسد، وتصريحه بأن المذهب تجب، نصَّ عليها. وقال في "الترغيب" و "البلغة": إذا حملت الموطوءة بشبهةٍ، فالنفقة على الواطيء، إذا قلنا: تجب لحمل المبتوتةِ. وهل لها على الزوج نفقة؟ ينظر، فإن كانت مكرهة أو نائمة، فنعم، وإن طاوعته تظنُّه زوجها، فلا نفقة. انتهى. والظاهر: أن ما ذكره في "المبدع" أخذه من "الترغيب" و "البلغة" وأنه المذهب؛ لانبنائه على المذهب. أعني: في قوله: إذا قلنا: تجبُ لحمل المبتوتةِ؛ ولهذا لم يتعقبه في "الإنصاف" بشيء، بل جعله في "المبدع" هو الأصحَّ. قوله: (إن تنازعا) أي: الزوجان في قدره وصفته. قوله: (بحالهما) أي: يسارًا وإعسارًا لهما، أو لأحدِهما.

فَيَفْرِضُ لِمُوسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ كِفَايَتَهَا خُبْزًا خَاصًّا بِأُدْمِهِ الْمُعْتَادِ لِمِثْلِهَا ولَحْمًا عَادَةَ الْمُوسِرِينَ بِمَحِلِّهِمَا وَتُنْقَلُ مُتَبَرِّمَةٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَاعُونِ الدَّارِ وَيَكْتَفِي بخَزَفٍ وَخَشَبٍ، وَالْعَدْلُ مَا يَلِيقُ بِهِمَا ومَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا مِنْ حَرِيرٍ وَخَزٍّ وَجَيِّدِ كَتَّانٍ وقُطْنٍ وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَطَرْحَةٌ وَمِقْنَعَةٌ وَمَدَاسٌ وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ ولِلنَّوْمِ فِرَاشٌ وَلِحَافٌ وَمِخَدَّةٌ ولِلْجُلُوسِ بِسَاطٌ وَرَفِيعُ الْحُصْرِ

_ قوله: (لمثلها) أي: الموسرة بذلك البلدِ. قوله: (ولحمًا) اي: وما يحتاجُ إليه في طبخِه من نحوِ ملحٍ وحطبٍ. قوله: (بخزفٍ) وهو آنية الطين قبل أن يطبخ، وهو الصلصال، فإذا شُويَ، فهو الفخار. قوله: (وأقلُّه) اي: أقل ما يفرض من الكسوة (قميصٌ ... إلخ).

ولِفَقِيرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ كِفَايَتَهَا خُبْزًا خُشْكَارًا بِأُدْمِهِ وَزَيْتَ مِصْبَاحٍ وَلَحْمَ الْعَادَةِ ومَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَيَنَامُ فِيهِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ ولِمُتَوَسِّطَةٍ مَعَ مُتَوَسِّطٍ وَمُوسِرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ وَعَكْسِهَا مَا بَيْنَ ذَلِكَ

_ قوله: (ما بين ذلك) لم يذكر المتوسطةَ تحت الفقير، ولا الفقيرة تحت المتوسط، أمَّا المتوسطة تحت الفقير، فينبغي أن تكون رتبتها أعلى من رتبة الفقيرة تحت الفقير، ودون رتبةِ الموسرة تحت الفقيرِ، وكذا الفقيرة تحت المتوسط. شهاب فتوحي على "المحرر". ولم يذكُرْ أيضًا الموسرة تحت المتوسط، وعكسه. أمَّا الموسرةُ تحت المتوسط فينبغي أن تكون رتبتها أعلى من رتبة المتوسطة تحت الوسط، ودون رتبةِ الموسرة تحت الموسر، وكذا عسكه. هذا قياس ما ذكره الشهاب رحمه الله تعالى. والحاصل: أن الصور الممكنة تسعٌ؛ لأن كل واحدٍ من الزوجين إمَّا موسر، أو متوسط، أو فقيرٌ، وثلاثةٌ في ثلاثةٍ بتسعةٍ. والمذكورُ منها في المتن خمسُ صور، وذكَرَ الشهابُ والد المصنِّفِ صورتَين، وذكرت صورتين وهما: ما إذا كان الزوج متوسطًا، والزوجة موسرةً، وعكسُه.

وَمُوسِرٌ نِصْفُهُ حُرٌّ كَمُتَوَسِّطَيْنِ وَمُعْسِرٍ كَذَلِكَ كَمُعْسِرَيْنِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ نَظَافَتِهَا مِنْ دُهْنٍ وَسِدْرٍ وَثَمَنِ مَاءٍ ومُشْطٍ وَأُجْرَةِ قَيِّمَةٍ وَنَحْوَهُ لَا دَوَاءٌ وأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَكَذَا لَا ثَمَنُ طِيبٍ وَحِنَّاءٍ وَخِضَابٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ أَرَادَ مِنْهَا تَزْيِينًا بِهِ أَوْ قَطْعَ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ وَأَتَى بِهِ لَزِمَهَا وَعَلَيْهَا تَرْكُ حِنَّاءٍ وَزِينَةٍ نَهَى عَنْهُمَا وَعَلَيْهِ لِمَنْ بِلَا خَادِمٍ وَيُخْدَمُ مِثْلُهَا وَلَوْ لِمَرَضٍ خَادِمٍ وَاحِدٍ وَيَجُوزَ كِتَابِيَّةً

_ قوله: (كذلك) أي: نصفُه حرٌّ. قوله: (وعليه مُؤنة ُنظافتها) أي: نظافة بدن، وثوبٍ، وبقعةٍ، على ماجرت به العادةُ. قوله: (وأجرة طبيبٍ) إن مرضت؛ لأنه ليس من حاجَتها الضروريةِ، بل لعارضٍ، فلا يلزمه. قوله: (وكذا ثمنُ) أي: وكذا لا يلزمه (ثمن طيب ... إلخ). قوله: (ونحوه) كما تحمر به الوجه. قوله: (لمن بلا خادِمٍ) أي: ذكر أو أنثى. قوله: (ولو لمرضٍ) أي: ولو كان احتياجُها إليه لمرضٍ. قوله: (خادم واحد) أي: لا أكثر. قوله: (ويجوز كتابيَّة) قلت: وكذا مجوسية، ووثنيةً، ونحوهما. منصور.

وَتُلْزَمُ بِقَبُولِهَا وَنَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ كَفَقِيرَيْنِ مَعَ خُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ لِحَاجَةِ خُرُوجٍ وَلَوْ أَنَّهُ لَهَا إلَّا فِي نَظَافَةٍ وَنَفَقَةُ مُكْرًى ومُعَارٍ عَلَى مُكْرٍ وَمُعِيرٍ وَتَعْيِينُ خَادِمٍ لَهَا إلَيْهِمَا وسِوَاهُ إلَيْهِ وَإِنْ قَالَتْ أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذُ مَا يَجِبُ لِخَادِمِي. أَوْ قَالَ أَنَا أَخْدُمُكِ بِنَفْسِي وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنِسَةٌ لِحَاجَةٍ لَا أُجْرَةُ مَنْ يُوَضِّئُ مَرِيضَةً بِخِلَافِ رَقِيقِهِ

_ قوله: (كفقيرين) أي: كنفقة فقيرة مع فقير. قوله: (إلا في نظافةٍ) أي: لأنها تراد للزينةِ، وهي لا تُراد منه. قوله: (على مكر) أي: لأن المكري ليس له إلا الأجرة. قوله: (ومعيرٍ) أي: لأن نفقة العين لا تسقط بإعارتها. قوله: (وسواه) أي: سوى ملكها. قوله: (لحاجة) أي: كخوف مكانها، والظاهر: أن القول قولها في احتياجها إلى مؤنسةٍ. شهاب فتوحي. قوله: (من يوضيء مريضة) أي: لأنه عارضٌ.

فصل والواجب دفع قوت لَا بَدَلِهِ وَلَا حَبٍّ وَيَكُونُ أَوَّلَ نَهَارِ كُلِّ يَوْمٍ وَيَجُوزُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ تَعْجِيلٍ وَتَأْخِيرٍ ودَفْعِ عِوَضٍ وَلَا يُجْبَرُ مَنْ أَبَى وَلَا يَمْلِكُ حَاكِمٌ فَرْضَ غَيْرِ الْوَاجِبِ كَدَرَاهِمَ مَثَلًا إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا وَفِي الْفُرُوعِ فَأَمَّا مَعَ الشِّقَاقِ وَالْحَاجَةِ كَالْغَائِبِ مَثَلًا فَيَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى وَلَا يُعْتَاضُ عَنْ الْمَاضِي بِرِبَوِيٍّ وكِسْوَةٍ وَغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَنَحْوِهِمَا أَوَّلَ كُلِّ عَامٍ مِنْ زَمَنِ وجُوبٍ

_ قوله: (والواجب) أي: على زوجٍ. قوله: (دفع قوتٍ) أي: من خبز وأدم ونحوه. قوله: (لا بدله) أي: من نقدٍ. قوله: (أول نهار كل يوم): عند طلوع شمسه. قوله: (بربويٍّ) كأن عوضها عن الخبز حنطة أو دقيقا، فلا يصح ولو تراضيا عليه. قوله: (ونحوهما) كستارةٍ يُحتاج إليها.

وَتَمْلِكُ ذَلِكَ بِقَبْضٍ فَلَا بَدَلَ لِمَا سُرِقَ أَوْ بَلِيَ والتَّصَرُّفَ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِهَا وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ عَادَةً أَوْ كَسَاهَا بِلَا إذْنٍ سَقَطَتْ وَمَتَى انْقَضَى الْعَامُ وَالْكِسْوَةُ بَاقِيَةٌ فَعَلَيْهِ كِسْوَةٌ لِالْجَدِيدِ وَإِنْ قَبَضَتْهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ مُضِيِّهِ رَجَعَ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ وَكَذَا نَفَقَةٌ تَعَجَّلَهَا لَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ يَوْمَ الْفُرْقَةِ

_ قوله: (وتملك ذلك) أي: واجب نفقة وكسوة. قوله: (بقبضٍ) منها إن كانت جائزة التصرف، أو من وليِّها إن لم تكن كذلك. قوله: (بلا إذن) اي: منها، أو من وليِّها. قوله: (سقطت) ظاهره: ولو بعد فرض نحو دراهم عن نفقتِها، فإن ادعت تبرعَه بذلك، حَلفَ. قوله: (والكسوة) باقيةٌ، وحكم الغطاء والوطاء ونحوهما حكم الكسوة فيما تقدَّم. قال في "الإنصاف" خلافاً ومذهبًا. واختار ابن نصر الله في "حواشيه" أنَّ ذلك يكون إمتاعًا لا تمليكًا. انتهى. قوله: (ونحوه) كمشطٍ.

إلَّا عَلَى نَاشِزٍ وَيُرْجَعُ بِبَقِيَّتِهَا مِنْ مَالِ غَائِبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِظُهُورِهِ وَمَنْ غَابَ وَلَمْ يُنْفِقْ لَزِمَهُ الْمَاضِي وَلَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا حَاكِمٍ فصل ورجعية وَبَائِنٌ حَامِلٌ كَزَوْجَةٍ وَتَجِبُ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ إلَى أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ بَعْدَ وَضْعِهِ وَمَنْ أَنْفَقَ يَظُنُّهَا حَامِلًا فَبَانَتْ حَائِلًا رَجَعَ

_ قوله: (ويرجع ببقيتها) أي: النفقة، يعني: لو أنفقت في غيبته من ماله، فبان ميتًا، رجع عليها الوارث بما أنفقتهُ بعد موتِه حيث لم تكن حاملاً. قوله: (بعد موته) أي: أو إبانته إيَّاها. قوله: (لزمه الماضي) ولو تركه لعذر. قوله: (ورجعيَّة ... كزوجةٍ) أي: فتسقط بنشوز ونحوه. شهاب. قوله: (لحمل ملاعنةٍ) أي: مدته، فلو زاد على أكثرها ولم تضعه، فالظاهر: سقوطُ النفقةِ؛ لعدم لحوقه به، أشبهَ حملَ الملاعنة. وقد أفتيتُ به سنة خمسٍ وثلاثين. قاله ابن نصر الله -رحمه الله-. قوله: (بعد وضعه) ثم إن استلحقه، لزمه ما مضى. قوله: (ومن أنفق ... إلخ) أي: على حاملٍ لأجلِ الحملِ.

وَمَنْ تَرَكَهُ يَظُنُّهَا حَائِلًا فَبَانَتْ حَامِلًا لَزِمَهُ وَمَنْ ادَّعَتْ حَمْلًا وَجَبَ إنْفَاقُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَبِنْ رَجَعَ بِخِلَافِ نَفَقَةٍ فِي نِكَاحٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ وعَلَى أَجْنَبِيَّةٍ وَالنَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ فَتَجِبُ ولِحَامِلٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ ومِلْكِ يَمِينٍ وَلَوْ أَعْتَقَهَا وعَلَى وَارِثِ زَوْجٍ مَيِّتٍ ومِنْ مَالِ

_ قوله: (لزمه ما مضى) وظاهره: ولو قلنا: النفقة للحمل، وإنها تسقُطُ بمضي الزمان، وهذه الصورة مستثناةٌ من سقوطِ نفقةِ القريب بمضي الزمان، ولا يُنافيها قولُه بعد في التفريع على كون النفقة للحمل: (وتسقط بمضي الزمان) لإخراج هذه منها، وبعضُهم جعل كلام المصنف في الموضعين على قولين. فتدبر. قوله: (ثلاثة أشهر) لقول الله تعالى: (ولا يحلُّ لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن). [البقرة: 228]. فلولا وجوب قبول قولهنَّ، لما حرَّم كتمانه، وأما كون ذلك إلى ثلاثة أشهر، فلأنها مدة يتبيَّن فيها الحمل. وهل ابتداء الثلاثة من حين دعواها، أو من حين طلاقها؟ ظاهرُ كلامهم: الأول، ومقتضى تعليلهم: الثاني: شهاب فتوحي على "المحرر". قوله أيضا على قوله: (ثلاثة أشهر) أي: من ابتداء زمنٍ ذكرت أنها حملت. قوله: (ولم يبن) أي: أو حاضت. قوله: (تبين فسادُه) لنحو رضاع أو عدةٍ. قوله: (وعلى أجنبيةٍ) لم يتقدمها خطبة.

حَمْلٍ مُوسِرٍ وَلَوْ تَلِفَتْ وَجَبَ بَدَلُهَا وَلَا فِطْرَةَ لَهَا لَا تَجِبُ وَلَا تَجِبُ عَلَى زَوْجٍ رَقِيقٍ أَوْ مُعْسِرٍ أَوْ غَائِبٍ وَلَا عَلَى وَارِثِ مَعَ عُسْرِ زَوْجٍ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ الْمُنَقِّحُ مَا لَمْ تَسْتَدِنْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ تُنْفِقْ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ انْتَهَى فَإِنْ وُطِئَتْ رَجْعِيَّةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْهُمَا فَنَفَقَتُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمَلَهَا، وَلَا تَرْجِعُ عَلَى زَوْجِهَا

_ قوله: (ولو تلفت) أي: لو تلفت نفقةُ حامل بلا تفريطٍ. قوله: (مع عسر) لعله مالم يكن من عمودَي النسبِ. قوله: (بنية رجوع) أي: إذا امتنع من الإنفاق من وجبَ عليه؛ لأنها قامت عنه بواجبٍ، وجزم به في "الإقناع". وهو مقتضى ما يأتي في نفقةِ الأقارِبِ. قوله: (منهما) أي: من المطلق والواطيء. قوله: (ولا ترجع على زوجها) هذا من المفرع على المذهب من الروايتين، أعني: كون النفقة للحمل، لا لها من أجله، وعلى الثانية: لا نفقة للرجعية الموطوءة بشبهةٍ، أو نكاح فاسد التي بان حملها على واحد منهما مدة الحمل حتى ينكشف الأب منهما، ترجع المرأة على الزوج بعد الوضع بنفقة أقصر المدتين من مدة الحمل، أو قدر ما بقي من

كَبَائِنٍ مُعْتَدَّةٍ وَمَتَى ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ

_ العدة بعد الوطء الفاسد، ثم إذا زال الإشكال، أو ألحقته القافة بأحدهما بعينه، فاعمل بمقتضى ذلك، فإن كان معها وفق حقها من النفقة، وإلا رجعت على الزوج بالفعل. هذا ما لخصه في "الإنصاف" عن "القواعد" ثم قال: ولو كان الطلاق بائناً، فالحكم كما تقدم في جميع ما ذكرنا، إلا في مسألة واحدةٍ، وهي: أنها لا ترجع بعد الوضع بشيء على الزوج، سواء قلنا: النفقة للحمل، أو لها من أجله. انتهى. قوله: (كبائن) أي: وطئت بشبهة، أو نكاح فاسد. قوله: (رجع على الآخر) ومنه يؤخذ أن الزوجة إذا حملت من وطء شبهةٍ، وجبت نفقتها على الواطيء دون زوجها، وفي "المبدع" ما يوافق ذلك، كما نقلناه سابقًا، وربما يفهم ذلك من عموم قوله كـ"الإقناع": إنها تجب لحامل من وطء شبهة، فإنه شامل لذات الزوج وغيرها.

وَلَا نَفَقَةَ لِبَائِنٍ غَيْرِ حَامِلٍ وَلَا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ لِأُمِّ وَلَدٍ وَلَا سُكْنَى وَلَا كِسْوَةَ وَلَوْ حَامِلًا كَزَانِيَةٍ فصل ومتى تسلم من يلزمه تسلمها أَوْ بَذَلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيٌّ وَلَوْ مَعَ صِغَرِ زَوْجٍ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ عُنَّتِهِ أَوْ جُبَّ ذَكَرُهُ أَوْ تَعَذُّرِ وَطْءٍ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ رَتَقٍ أَوْ قَرَنٍ أَوْ لِكَوْنِهَا نِضْوَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ حَدَثَ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا

_ قوله: (ولا من تركةٍ لمتوفى عنها) ولعلَّ مثلها: بائنٌ حامل توفي عنها. قوله: (أو لأم ولد) أي: فلا نفقة لها في تركة سيدها؛ لانقطاع نفقة الحمل بموت أبيه، بل ينفق عليها من مال حملٍ موسرٍ، وإلا فعلى وارثه. قوله: (من يلزمه تسلُّمها) وهي التي يوطأ مثلها، أي: بنت تسع فأكثر. قوله: (أو بذلت) أي: بذلاً تامًا؛ بأن لا تُسلَّم نفسها في مكان دون آخر، أو بلد دون آخر، بل بذلت نفسها حيث شاء، مما يليق بها. قوله: (وكسوتها) أي: ويجبر ولي زوج على بذل ما وجب عليه من مال الزوج، كوفاء دينه.

لَكِنْ لَوْ امْتَنَعَتْ ثُمَّ مَرِضَتْ فَبَذَلَتْهُ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَمَنْ بَذَلَتْهُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا حَتَّى يُرَاسِلَهُ حَاكِمٌ وَيَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ قُدُومُهُ فِي مِثْلِهِ وَمَنْ امْتَنَعَتْ أَوْ مَنَعَهَا غَيْرُهَا بَعْدَ دُخُولٍ وَلَوْ لِقَبْضِ صَدَاقِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَمَنْ سَلَّمَ أَمَتَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا فكَحُرَّةٍ وَلَوْ أَبَى زَوْجٌ ولَيْلًا فَقَطْ فَنَفَقَتُهَا نَهَارًا عَلَى سَيِّدٍ ولَيْلٍ كَعَشَاءٍ وَوِطَاءٍ وَغِطَاءٍ وَدُهْنِ مِصْبَاحٍ وَنَحْوِهِ عَلَى زَوْجٍ

_ قوله: (لو امتنعت) أي: من بذل نفسها وهي صحيحةٌ، (ثم مرضت ... إلخ). قوله: (أو منعها غيرها) يعني: سواء كان من أوليائها أو من غيرهم. قال في "تصحيح الفروع": فعلى هذا ينبغي أن تجب النفقة على مانعها؛ لئلا تسقط نفقتها من غير منعٍ منها، ولم أره، وهو قويٌّ. "حاشية". قوله: (بعد دخول) أمَّا قبله فلها النفقة. وصرح به في "الإقناع". قوله: (فكحرَّة) أي: وجوب نفقة الزمانين.

وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُهَا نَهَارًا فَقَطْ وَلَا نَفَقَةَ لِنَاشِزٍ وَلَوْ بِنِكَاحٍ فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ وَتُشْطَرُ لِنَاشِزٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ بَعْضَ أَحَدِهِمَا وَبِمُجَرَّدِ إسْلَامِ مُرْتَدَّةٍ ومُتَخَلِّفَةٍ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ زَوْجٍ تَلْزَمُهُ لَا إنْ أَطَاعَتْ نَاشِزٌ فِي غَيْبَتِهِ حَتَّى يَعْلَمَ وَيَمْضِي مَا يَقْدَمُ فِي مِثْلِهِ وَلَا نَفَقَةَ لِمَنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا أَوْ لِنُزْهَةٍ أَوْ لِزِيَارَةٍ وَلَوْ بِإِذْنِهِ

_ قوله: (ولا يصح تسليمها) أي: لا يُلزم الزوج بذلك، حيث كان معاشه بالنهار، وهو الأصح على ما بحثه منصور البهوتي. قوله (في عدة) أي: عدة رجعيةٍ، فتسقط نفقتها. منصور البهوتي. قوله: (ويشطر) بأن يجب لها شطر النفقةِ، وهو نصفُها حيث نشزت نصف الزمان، أو أقلَّه، لا أكثره. قوله: (مرتدةٍ) يعني: دخل بها. قوله: (ومتخلفة) عن زوجها؛ بأن أسلم قبلها. قوله: (لحاجتها) أي: ولو بإذنه.

أَوْ لِتَغْرِيبٍ أَوْ حُبِسَتْ وَلَوْ ظُلْمًا أَوْ صَامَتْ لِكَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَوَقْتُهُ مُتَّسِعٌ أَوْ صَامَتْ نَفْلًا أَوْ حَجَّتْ نَفْلًا أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا فِي وَقْتِهِ فِيهِمَا بِلَا إذْنِهِ وَلَوْ أَنَّ نَذْرَهُمَا بِإِذْنِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَتْ بِفَرِيضَةِ أَوْ مَكْتُوبَةِ فِي وَقْتِهَا بِسُنَنِهَا وَقَدْرُهَا فِي حَجِّ فَرْضٍ كَحَضَرٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا وَلَا بَيِّنَةَ فِي بَذْلِ تَسْلِيمِ حَلَفَ وفِي نُشُوزِ زَوْجَةٍ أَوْ أَخْذِ نَفَقَةٍ حَلَفَتْ أَوْ كِسْوَتِهِ أَوْ بِبَعْضِهِمَا أَوْ بِمَسْكَنِهِ أَوْ صَارَ لَا يَجِدُ النَّفَقَةَ إلَّا يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ خُيِّرَتْ دُونَ سَيِّدِهَا

_ قوله: (أو حبست) أي: ولو كان الحابسُ لها هو الزوج. قوله: (فيهما): أي الصوم والحجِّ. قوله: (كحضرٍ) أي: والزائد على الزوجة. قوله: (بنفقة معسر) أي: فلم يجد القوت. قوله: (خيِّرت) ولو سفيهة، أو صغيرة، أو أمة.

أَوْ وَلِيِّهَا بَيْنَ فَسْخِ فَوْرًا وَمُتَرَاخِيًا ومُقَامٍ مَعَ مَنْعِ نَفْسِهَا وَبِدُونِهِ وَلَا يَمْنَعُهَا تَكَسُّبًا وَلَا يَحْبِسُهَا وَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: رَضِيتُ عُسْرَتَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِهَا وَتَبْقَى نَفَقَةُ مُعْسِرٍ وَكِسْوَتُهُ وَمَسْكَنُهُ إنْ أَقَامَتْ وَلَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَمَنْ قَدَرَ يَكْتَسِبُ أُجْبِرَ وَمَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ كَسْبٌ أَوْ بَيْعٌ فِي بَعْضِ زَمَنِهِ أَوْ مَرِضَ أَوْ عَجَزَ عَنْ اقْتِرَاضٍ أَيَّامًا يَسِيرَةً أَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ بِنَفَقَةِ مُوسِرٍ أَوْ مُتَوَسِّطٍ أَوْ بِأُدْمٍ أَوْ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ فَلَا فَسْخَ وَتَبْقَى نَفَقَتُهُمْ والْأُدْمُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ

_ قوله: (ولها الفسخ بعده) أي: بعد رضاها بالمقام معه؛ لتجدد وجوب النفقة كل يوم. قوله: (عالمة بها) فإن لها الفسخ أيضا. قوله: (أجبر) أي: أجبر على الكسب، كمفلس لقضاء دينه. قوله: (وتبقى نفقتهم والأدم دينًا في ذمته ... إلخ) أي: تبقى نفقة الموسر والمتوسط والخادم ديناً في ذمته،

_ والمراد: يبقى ما زاد على نفقة المعسر من نفقة الموسر أو المتوسط. فإن قيل: هلا تسقط نفقة الموسر والمتوسط بالعجز عنهما، فلا تستحق حينئذ سوى نفقة المعسر، كما إذا كان موسرًا أو متوسطًا، ثم أعسر بنفقة المعسر، أو ببعضها، فإنَّه لا يبقى في ذمته إلا نفقة المعسر، كما تقدم في الفصل؟ قلنا: فرقٌ بين المسألتين، وذلك أنه إذا أعسر بنفقة المعسر، أو ببعضها ملكت الزوجةُ الفسخ، فإذا لم تفسخ، فقد رضيت بعسرته، فلا يجب لها في هذه الحالة سوى نفقة المعسر، وهي: نفقة الفقيرة تحت الفقير، ولو كانت موسرة أو متوسطة لإنحطاط قدرته عن المراتب الثلاث التي هي: القدرة على نفقة الموسر، أو المتوسط، أو الفقير، ففي إيجاب أكثر من ذلك إضرارٌ بالزوج، وفي إيجاب أقل منه وعدم ملكها بالفسخ إضرار بالزوجة، فقصدوا دفع الضرر عنهما حسب الإمكان؛ فإمَّا أن تفسخ، وإمَّا أن ترضى بأقل المراتب المعهودة شرعًا. وأما إذا كان موسرًا أو متوسطا، فأعسر بنفقتهما وقدر على نفقة الفقير، فإنها لا تملك الفسخ في هذه الحالة، فلا يزول الضرر عنها إلا بابقاء نفقة الموسر أو المتوسط دينا في ذمته؛ لأنه لا اختيار لها في المقام معه حتى يسقط عنه ما زاد على نفقة الفقير، والله أعلم. وبخطه: (وتبقى نفقتهم) أي: الموسر والمتوسط والخادم، والمراد ببقاء نفقة الموسر والمعسر: بقاء ما زاد على نفقة المعسر من نفقة موسر أو متوسط، لكن يخالف هذا ما أفهمه قوله السابق: (وتبقى نفقة

وَإِنْ مَنَعَ مُوسِرٌ نَفَقَةً أَوْ كِسْوَةً أَوْ بَعْضَهُمَا وَقَدَرَتْ عَلَى مَالِهِ أَخَذَتْ كِفَايَتَهَا وَكِفَايَةَ وَلَدِهَا وَنَحْوَهُ عُرْفًا بِلَا إذْنِهِ

_ معسر ... دينًا في ذمته)، وقول منصور البهوتي هناك: ويسقط ما زاد. اللهم إلا أن يحمل ما تقدَّم على ما إذا كانت الزوجة معسرةً، والزوج موسر أو متوسط، ثم أعسر، فإنه لا يبقى إذن في ذمته إلا نفقة المعسر، وما هنا على ما إذا كانت موسرةً أو متوسطة تحت موسر أو متوسط، فإنه إذا أعسر يبقى ما زاد على نفقة المعسر دينًا في ذمَّته. قوله: (وإن منع موسر ... إلخ) الظاهر: أنه لا مفهوم له، بل كذلك لو منع المتوسط أو الفقير ما وجب عليه أو بعضه، وقدرت له على مال، أخذت كفايتها وكفاية ولدها. فلو أسقط لفظة (موسر) لكان أشمل. والله سبحانه أعلم. ثم رأيت للشهاب الفتوحي ما يوافق ما ذكرتُه، وهو ما نصَّه عند قول "المحرر": وإذا منع موسرٌ: الظاهر: أن المراد به هنا: القادر على النفقة لا الذي في مقابلةِ الفقير. انتهى. قوله: (وقدرت على ماله) أي: ولو من غير جنس الواجب. "شرح". قوله: (ونحوه) أي: كخادِمِها.

وَلَا يُقْتَرضُ عَلَى أَبٍ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى صَغِيرٍ مِنْ مَالِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ أَوْ دَفَعَهَا مِنْهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ فَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ وَصَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ أَوْ غَابَ مُوسِرٌ وَتَعَذَّرَتْ نَفَقَتُهُ بِاسْتِدَانَةٍ وَغَيْرِهَا فَلَهَا الْفَسْخُ وَلَا يَصِحُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِلَا حَاكِمٍ فَيَفْسَخُ بطلبها، أو تفسخ بِأَمْرِهِ

_ قوله: (ولا يقترض على أبٍ ... إلخ) أي: لا يفترض غير الزوجة، وإلا فسيأتي: (لو غاب زوج فاستدانت لها ولأولادها الصغار، رجعت) هذا حاصل ما يفيده كلام الشيخ منصور. ويمكن أن يقال: المراد: أنه لا يفترض لنفقة الولد منفردًا عن الزوجة، سواء كان المقترض الزوجة أو غيرها، ولا يلزم من جواز اقتراضها لها ولأولادها اقتراضُها ولأولادِها فقط؛ إذ ربما يجوز الشيء تبعًا، ولا يجوز استقلالا، كما قالو في النيابة في ركعتي الطواف، حيث جازت النيابة فيهما تبعًا للطواف. قوله: (باستدانةٍ) أي: أو اقتراضٍ. قوله (وغيرها) أي: كبيع عقارٍ. قوله: (بلا حاكم) لتوقفه على ثبوت الإعسار ومنع النفقة، ولقطع الخلاف. شهاب فتوحي.

وَلَهُ بَيْعُ عَقَارٍ وَعَرَضٍ لِغَائِبٍ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ ثُمَّ إنْ بَانَ مَيِّتًا قَبْلَ إنْفَاقِهِ حُسِبَ عَلَيْهَا مَا أَنْفَقَتْهُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَمْرِ حَاكِمٍ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ، وَمَنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ دَيْنِهِ فمُوسِرٌ

_ قوله: (يومًا بيوم) أي: كما هو الواجب على الغائب. "شرح". وقوله: (بيوم) هو صفة لـ (يومًا) المنصوب على الظرفية على تقدير: بقدر نفقة يومٍ. فتأمل.

باب نفقة الأقارب والمماليك

باب نفقة الأقارب والمماليك وَتَجِبُ أَوْ إكْمَالُهَا لِأَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا وَوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ حَتَّى

_ باب نفقة الأقارب والمماليك من الآدميين والبهائم والعتيق قدَّم الأصحاب نفقة الزوجاتِ؛ لأنها معاوضة، وكذلك فعلوا في باب زكاة الفطر، إلا أنهم هناك جعلُوا بعدها العبدَ، وقدموا هنا الأقارب؛ لشرفهم. شهاب فتوحي. والمراد بالأقارب: من يرثه المنفق بفرض أو تعصيب، فيدخل فيهم العتيق. واعلم: أن شروط نفقة القريب ثلاثةٌ: - أن يكون المنفق عليه فقيرًا لا مال له ولا كسب. ــ وأن يكون منفق يجد ما يفضل عن نفقته، ونفقة زوجته، ورقيقه يومه وليلته. - وأن يكون المنفق وراثاً لمنفق عليه بفرض أو تعصيب إن كان من غير عمودي نسبه. أما هما فتجب ولو من ذوي الأرحام. وهذا الشرط، أعني: كون المنفق وراثا، يغني عن اتحاد الدين؛ لأنه حيث ثبت الإرث ثبت الإنفاق، ولو مع الاختلاف، كما في العتيق، لكن هذا كله على كون القريب شاملا للعتيق. فليحرر. وبخطه أيضًا: ذكر الزركشي لنفقة الأقارب أربعة شروط: أن يكونوا فقراءَ، وأن يكون له ما ينفقه عليهم، فاضلا نفقه نفسه،

ذِي الرَّحِمِ مِنْهُمْ حَجَبَهُ مُعْسِرٌ أَوْ لَا ولِكُلِّ مَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ لَا بِرَحِمٍ مِمَّنْ سِوَى عَمُودِيِّ نَسَبِهِ سَوَاءٌ وَرِثَهُ الْآخَرُ كَأَخٍ أَوْ لَا كَعَمَّةٍ وَعَتِيقٍ بِمَعْرُوفٍ مَعَ فَقْرِ مَنْ تَجِبُ لَهُ وَعَجْزِهِ عَنْ تَكَسُّبٍ وَلَا يُعْتَبَرُ نَقْصُهُ فَتَجِبُ لِصَحِيحٍ مُكَلَّفٍ لَا حِرْفَةَ لَهُ إذَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ وزَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى مِنْ حَاصِلٍ أَوْ مُتَحَصِّلٍ لَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ

_ وزوجته وأقاربه، وأن لايكون أحدهما رقيقا، وأن يتحد دينهما. على ما فيه من التفصيل والخلاف. قوله: (حجبه معسرٌ، أو لا) الظاهر: أنَّ هذا راجعٌ إلى عمودي نسبه الوراثين بفرضٍ أو تعصيبٍ، كجد موسر مع أب فقير، فتلزم الجد الموسر نفقة ابن ابنه مع حجبه بابنه المعسر. وأمَّا ذووا الأرحام منهم، فلا بد من كونهم وارثين. ويكفي إرث عمودي النسب بالرحم؛ بدليل قوله الآتي: (فلا تلزم أبا أم مع أم ... إلخ). قوله: (ولا يعتبر نقصه) في خلقةٍ، كزمنٍ، أو حكم، كصغيرٍ.

وثَمَنِ مِلْكٍ وآلَةِ عَمَلٍ وَمَنْ قَدَرَ يَكْتَسِبُ أُجْبِرَ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ لَا امْرَأَةٌ عَلَى نِكَاحٍ وَزَوْجَةُ مَنْ تَجِبُ لَهُ كَهُوَ وَمَنْ لَهُ لِلنَّفَقَةِ وَلَوْ حَمْلًا وَارِثٌ دُونَ أَبٍ فَنَفَقَتُهُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ وَالْأَبُ يَنْفَرِدُ بِهَا فجَدٌّ وَأَخٌ أَوْ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ وأُمٌّ وَجَدٌّ أَوْ ابْنٌ وَبِنْتٌ أَثْلَاثًا وأُمٌّ وَبِنْتٌ أَوْ جَدَّةٌ وَبِنْتٌ أَرْبَاعًا وجَدَّةٌ وَعَاصِبٌ غَيْرُ أَبٍ أَسْدَاسًا وَعَلَى هَذَا حِسَابُهَا فَلَا تَلْزَمُ أَبَا أُمٍّ مَعَ أُمٍّ وابْنَ بِنْتٍ مَعَهَا وَلَا أَخًا مَعَ ابْنٍ وتَلْزَمُ مُوسِرًا مَعَ فَقْرِ الْآخَرِ بِقَدْرِ إرْثِهِ وَتَلْزَمُ جَدًّا مُوسِرًا مَعَ فَقْرِ أَبٍ وجَدَّةً مُوسِرَةً مَعَ فَقْرِ أُمٍّ

_ قوله: (وابن بنتٍ) أي: لا تلزم النفقة ابن البنتِ مع وجود البنتِ؛ لأنَّ الابن محجوب بها. قوله: (مع فقر الآخر) يعني: إذا اجتمع وارثان فأكثر، وفيهم الموسر والمعسر، فإن الموسر يلزمه بقدر إرثه فقط، ويسقط باقيها.

وَمَنْ لَمْ يَكْفِ مَا فَضَلَ عَنْهُ جَمِيعَ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ بَدَأَ بِزَوْجَتِهِ فرَقِيقِهِ فأَقْرَبَ ثُمَّ الْعَصَبَةِ ثُمَّ التَّسَاوِي فَيُقَدَّمُ وَلَدٌ عَلَى أَبٍ وأَبٌ عَلَى أُمٍّ وأُمٌّ عَلَى وَلَدِ ابْنٍ ووَلَدُ ابْنٍ عَلَى جَدٍّ وجَدٌّ عَلَى أَخٍ وأَبُو أَبٍ عَلَى أَبِي أُمٍّ وَهُوَ مَعَ أَبِي أَبِي أَبٍ مُسْتَوِيَانِ وَلِمُسْتَحِقِّهَا الْأَخْذُ بِلَا إذْنِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ كَزَوْجَةٍ وَلَا نَفَقَةَ مَعَ اخْتِلَافِ دِينٍ إلَّا بِالْوَلَاءِ فصل ويجب إعفاف من تجب له مِنْ عَمُودِيِّ نَسَبِهِ وَغَيْرِهِمْ بِزَوْجَةٍ حُرَّةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ تُعِفُّهُ وَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَهَا مَعَ غَنَاءٍ ويُقَدَّمُ تَعْيِينُ قَرِيبٍ وَالْمَهْرُ سَوَاءٌ عَلَى زَوْجٍ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ تَائِقٌ بِلَا يَمِينٍ وَيُعْتَبَرُ عَجْزُهُ وَيَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ فَإِنْ مَاتَتْ أَعَفَّهُ ثَانِيًا لَا إنْ طَلَّقَ بِلَا عُذْرٍ

_ قوله: (حرةٍ) أي: لا أمة. قوله: (مع غناه) كفقير استغنى بعد أخذِه الزكاة. قوله: (ويعتبر عجزه) أي: يعتبر لوجوبِ إعفاف عجزه عن مهر حرة وثمن أمةٍ. قوله: (ثانياً) يعني: وثالثا وهكذا، فلا مفهومَ له.

وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ أُمٍّ كَأَبٍ وخَادِمٌ لِلْجَمِيعِ لِحَاجَةٍ كَالزَّوْجَةِ وَمَنْ تَرَكَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مُدَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ لِمَا مَضَى أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إلَّا بِفَرْضِ حَاكِمٍ وَزَادَ غَيْرُهُ أَوْ إذْنِهِ فِي اسْتِدَانَةٍ وَلَوْ غَابَ زَوْجٌ فَاسْتَدَانَتْ لَهَا وَلِأَوْلَادِهَا الصِّغَارِ رَجَعَتْ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا زَوْجٌ أَوْ قَرِيبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ مُنْفِقٌ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ وَعَلَى مَنْ

_ قوله: (ومن ترك ما وجب ... إلخ) يستثنى منه نفقة الطفل قبل عرضه على القافةِ حيث وجب، فإن النفقة عليهما، وإذا الحق بأحدِهما، رجع الآخر عليه بما أنفقه. شهاب فتوحي على "المحرر". وتقدَّم في كلام المصنف في فصل (ورجعيةٌ وبائن حامل كزوجةٍ) ما يوافقه، فراجعه. قوله: (وذكر بعضهم) أي: الموفق والشارح. قوله أيضاً على قوله: (وذكر بعضُهم) إلى قوله: (وزاد غيره) أقول: جزم بذلك كلِّه صاحب "الإقناع"، فقال: ومن ترك الإنفاق الواجبَ مدَّة، لم يلزمه عوضه، إلا إن فرضها حاكمٌ، أو استدان بإذنه. انتهى. وقد يُقال: إن ذلك مراد من أطلق. والله تعالى أعلم بالصواب. قوله: (وزاد غيره) أي: صاحب "المحرر".

تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ صَغِيرٍ نَفَقَةُ ظِئْرِهِ حَوْلَيْنِ وَلَا يُفْطَمُ قَبْلَهُمَا إلَّا بِرِضَا أَبَوَيْهِ أَوْ سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ وَلِأَبِيهِ مَنْعُ أُمِّهِ مِنْ خِدْمَتِهِ لَا وَهِيَ أَحَقُّ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا حَتَّى مَعَ مُتَبَرِّعَةٍ أَوْ زَوْجٍ ثَانٍ وَيَرْضَى وَيَلْزَمُ حُرَّةً مَعَ خَوْفِ تَلَفِهِ وأُمَّ وَلَدٍ مُطْلَقًا مَجَّانًا وَمَتَى عَتَقَتْ فَكَ بَائِنٍ وَلِزَوْجٍ ثَانٍ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الْأَوَّلِ إلَّا لِضَرُورَتِهِ أَوْ شَرْطِهَا

_ قوله: (ولا يفطم قبلهما) وفي "الرعاية" هنا: يحرم رضاعُه بعدها، ولو رضيا. وظاهر "عيون المسائل": إباحته مطلقًا، قاله في "المبدع". وفي "أحكام المولود"للعلامة ابن القيم: يجوز أن تستمرَّ الأم على إرضاعه إلى نصف الثالث أو أكثره. قوله: (بأجرة) فإن طلبت الأم أكثر من أجرة مثلها لم يلزم الأب، إلا إن لم يجد من يرضعه إلا بتلك الأجرة المطلوبة. قوله: (مطلقا) أي: خيف على الولد، أم لا، من سيد أو من غيره، فيلزمها إرضاع ولدها.

فصل وتلزمه وسكنى عرفا لِرَقِيقِهِ وَلَوْ آبِقًا أَوْ نَاشِزًا أَوْ ابْنَ أَمَتِهِ مِنْ حُرٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وكِسْوَتُهُ مُطْلَقًا وَلِمُبَعَّضٍ بِقَدْرِ رِقِّهِ وَبَقِيَّتُهَا عَلَيْهِ وَعَلَى حُرَّةٍ نَفَقَةُ وَلَدِهَا مِنْ عَبْدٍ وَكَذَا مُكَاتَبَةٌ وَلَوْ أَنَّهُ مِنْ مُكَاتَبٍ وَكَسْبُهُ لَهَا وَيُزَوَّجُ بِطَلَبِهِ غَيْرَ أَمَةٍ يَسْتَمْتِعُ بِهَا،

_ قوله: (ولو آبقًا) فمن ردَّه وأنفق عليه رجع بالنية، وكذا فيما يظهر إذا استدان الآبق ما أنفقه على نفسه زمن رجوعه إلى سيِّده، أو زمنًا لا يمكنه السير فيه إلى سيده، فله الرجوع. ولم أر من تعرَّض له. قوله: (مطلقًا) أي: غنيًا كان المالك، أو فقيرًا، أو متوسطًا. قوله: (وعلى حرة ... إلخ) أي: لا على العبد؛ لأن من شروط نفقة القريب أن لا يكون أحدهما رقيقًا. وليس المراد: أنها لا تجب إلا على الحرة مطلقًا، بل إذا وجد من يشاركها في الميراث شاركها في النفقة، كما في نظائره. فتدبر. قوله: (ويزوج) يعني: رقيق - ذكر أو أثنى - وجوبا (بطلب ... إلخ).

وَلَوْ مُكَاتَبَةً بِشَرْطِهِ وَتُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ وَمَنْ غَابَ عَنْ أَمَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ زَوَّجَهَا مَنْ يَلِي مَالَهُ وَكَذَا أَمَةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَإِنْ غَابَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ زُوِّجَتْ لِحَاجَةِ نَفَقَةٍ الْمُنَقِّحُ وَكَذَا وَطْءٍ وَيَجِبُ أَنْ لَا يُكَلَّفُوا مَشَقًّا كَثِيرًا وأَنْ يُرَاحُوا وَقْتَ قَيْلُولَةٍ ونَوْمٍ وصَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ ويُرْكِبَهُمْ عَقِبَهُ لِحَاجَةٍ وَمَنْ بُعِثَ مِنْهُمْ فِي حَاجَةٍ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ صَلَّى أَوَّلًا ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ فَلَوْ عُذِرَ أَخَّرَ وَقَضَاهَا

_ قوله: (بشرطه) أي: باشتراط وطئها. قوله: (منقطعة) أي: لا تقطع إلا بكلفة ومشقَّة. قوله: (من يلي ماله) وتقدم في النكاح: زوَّجها القاضي، وجزم به في "الإقناع" عن القاضي، وهو الصحيح. قوله: (ومجنون) أي: يزوجها وليه في ماله. قوله: (وإن غاب عن أم ولده ... إلخ) في أمِّ الولد ما في الأمةِ قبلها، أعني: أمة الغائب، خلافًا ومذهبًا. قوله: (عقبة) العقبة: النوبةُ، أي: إذا سافر به أركبَه تارة ومشاه أخرى. قوله: (أخر) أي: أخر الصلاة أول الوقت. قوله: (وقضاها) أي: الحاجة، ثم صلى في الوقتِ.

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَوَجَدَ مَسْجِدًا قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ صَلَّى فَلَوْ صَلَّى قَبْلَ فَلَا بَأْسَ وَسُنَّ مُدَاوَاتُهُمْ إنْ مَرِضُوا وإطْعَامُهُمْ مِنْ طَعَامِهِ وَمَنْ وَلِيَهُ فَمَعَهُ أَوْ مِنْهُ وَلَا يَأْكُلُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَهُ تَأْدِيبُ زَوْجَةٍ ووَلَدٍ وَلَوْ مُكَلَّفًا مُزَوَّجًا بِضَرْبٍ غَيْرِ مُبَرِّحٍ وتَأْدِيبُ رَقِيقٍ ويُقَيِّدَهُ إنْ خَافَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْتُمُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرِينَ وَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ مَعَ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ وَحَرُمَ أَنْ يَسْتَرْضِعَ أَمَةً لِغَيْرِ وَلَدِهَا إلَّا بَعْدَ رَيِّهِ وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا بِلَا إذْنِ زَوْجٍ زَمَنَ حَقِّهِ وَلَا جَبْرُ عَلَى مُخَارَجَةٍ وَهِيَ جَعْلُ سَيِّدٍ عَلَى رَقِيقٍ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ شَيْئًا مَعْلُومًا لَهُ وَتَجُوزُ بِاتِّفَاقِهِمَا إنْ كَانَتْ قَدْرَ كَسْبِهِ فَأَقَلَّ بَعْدَ نَفَقَتِهِ

_ قوله: (ولا يأكل) أي: لا يأكل رقيق من مال سيده (بلا إذنه ... إلخ). قوله: (زمن حقه) أي: الليل، وأما النهار الذي هو حق السيد، فله أن يؤجرها فيه.

وَلَا يَتَسَرَّى عَبْدٌ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ عَلَى مَرْجُوحٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ انْتَهَى لَا يَمْلِكُ سَيِّدُهُ رُجُوعًا بَعْدَ تَسَرٍّ

_ قوله: (مطلقا) أي: سواء قلنا: يملك بالتلميك، أم لا، أذن له أو لا. قوله: (في رواية الجماعة) حيث أطلق الجماعة، فالمراد بهم: عبد الله بن الإمام، وأخوه صالح، وحنبل ابن عم الإمام، وأبو بكر المروذي، وإبراهيم الحربي، وأبو طالب، والميموني - رحمة الله عليهم - قوله: (بعد تسر) وإذا باعه سيده، فهل تبقى على إباحتها له بناء على أنه ملكها، وتدخل في البيع، كثياب بذلةٍ أم لا؟ .

وَلِمُبَعَّضٍ وَطْءُ أَمَةٍ مَلَكَهَا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ بِلَا إذْنِ وعَلَى سَيِّدٍ امْتَنَعَ مِمَّا لِرَقِيقِهِ إزَالَةُ مُلْكِهِ بِطَلَبِهِ كَفُرْقَةِ زَوْجَةٍ فصل وعلى مالك بهيمة إطعامها وسَقْيُهَا وَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهَا أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ فَإِنْ أَبَى فَعَلَ حَاكِمٌ الْأَصْلَحَ أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ انْتِفَاعٌ بِهَا فِي غَيْرِ مَا خُلِقَتْ لَهُ كَبَقَرٍ لِحَمْلٍ وَرُكُوبٍ وإبِلٍ وَحُمُرٍ لِحَرْثٍ وَنَحْوِهِ وَجِيفَتُهَا لَهُ وَنَقْلُهَا عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ لَعْنُهَا «لَا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ» وتَحْمِيلُهَا مَشَقًّا وحَلْبُهَا مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا وذَبْحُ غَيْرِ مَأْكُولٍ لِإِرَاحَةٍ وضَرْبُ وَجْهٍ وَوَسْمٌ فِيهِ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَيُكْرَهُ خِصَاءٌ وجَزُّ مَعْرَفَةٍ ونَاصِيَةٍ وأَوْ وَتَرٍ ونَزْوُ حِمَارٍ عَلَى فَرَسٍ وَتُسْتَحَبُّ نَفَقَتُهُ عَلَى مَالِهِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ

_ قوله: (إطعامها) أي: بعلفها أو إقامة من يرعاها. قوله: (ويكره خصاء) أي: البهيمة، وحرمه القاضي وغيره، كالآدمي لغير قصاص. قوله: (معرفة) المعرفة: الشعر النابت على محدب رقبة الدابة. والناصية: مقدم الرأس.

باب الحضانة

باب الحضانة وَتَجِبُ وَهِيَ حِفْظُ صَغِيرٍ وَمَعْتُوهٍ وَهُوَ الْمُخْتَلُّ الْعَقْلِ وَمَجْنُونٍ عَمَّا يَضُرُّهُمْ وَتَرْبِيَتُهُمْ بِعَمَلِ مَصَالِحِهِمْ وَمُسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ عَصَبَةٌ وَامْرَأَةٌ وَارِثَةٌ كَأُمٍّ أَوْ مُدْلِيَةٌ بِوَارِثٍ كَخَالَةٍ وَبِنْتِ أُخْتٍ أَوْ بِعَصَبَةٍ كَعَمَّةٍ وَبِنْتِ أَخٍ وعَمٍّ وَذُو رَحِمٍ كَأَبِي أُمٍّ ثُمَّ حَاكِمٍ وَأُمُّ أَوْلَى وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا كَرَضَاعٍ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى ثُمَّ أَبٌ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ جَدٌّ كَذَلِكَ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ خَالَةٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ عَمَّةٌ كَذَلِكَ

_ باب الحضانة مشتقة من الحضن بكسر الحاء، وهو: الجنب؛ لضم المربي والكافل الطفل ونحوه إلى حضنه. قوله: (وتجب) أي: حفظاً لمحصون، وإنجاءً له من الهلكة. قوله: (مصالحهم) أي: من غسل بدن، وثوب ودهن، وتكحيل، وربط طفل بمهد، وتحريكه لينام، ونحوه. قوله: (عصبةٌ) كأب، وجد، وأخ، وعم. قوله: (أو مدلية بوارثٍ) أي: بفرضٍ. قوله: (كرضاع) أي: فتقدم بالأجرة ولو مع متبرعةٍ.

ثُمَّ خَالَةُ أُمٍّ ثُمَّ خَالَةُ أَبٍ ثُمَّ عَمَّتُهُ ثُمَّ بِنْتُ أَخٍ وأُخْتٍ ثُمَّ بِنْتُ عَمٍّ وعَمَّةٍ ثُمَّ بِنْتُ عَمِّ أَبٍ وَعَمَّتِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ لِبَاقِي الْعَصَبَةِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَشَرْطُ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا وَلَوْ بِرَضَاعٍ وَنَحْوِهِ لِأُنْثَى بَلَغَتْ سَبْعًا وَيُسَلِّمُهَا غَيْرُ مُحْرَمٍ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا أَوْ مَحْرَمِهِ وَكَذَا أُمٌّ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِوَلَدِهَا غَيْرُهَا ثُمَّ لِذِي رَحِمٍ ذَكَرًا وَأُنْثَى غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ وَأَوْلَاهُمْ أَبُو أُمٍّ فَأُمَّهَاتُهُ فَأَخٌ لِأُمٍّ فَخَالٌ ثُمَّ حَاكِمٌ وَتَنْتَقِلُ مَعَ امْتِنَاعِ مُسْتَحَقِّهَا أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ

_ قوله: (وشرط كونه) أي: العصبة. قوله: (ونحوه) أي: كمصاهرة. قوله: (لولدها غيرها) تسلم ولدها إلى ثقة تختاره أو محرمها. قوله: (من تقدم) من إناث ذوي الرحم، وأما ذكورهم فلم يتقدم منهم أحد. والمراد بذي الرحم: من بينه وبين المحضون قرابة من جهة النساء، فدخل فيه الأخ لأم مع كونه من ذوي الفروض.

وَحَضَانَةُ مُبَعَّضٍ لِقَرِيبٍ وَسَيِّدٍ بِمُهَايَأَةٍ وَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَا لِفَاسِقٍ وَلَا كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا مُزَوَّجَةٍ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَحْضُونٍ زَمَنَ عَقْدٍ وَلَوْ رَضِيَ زَوْجٌ وَبِمُجَرَّدِ زَوَالِ مَانِعٍ وَلَوْ بِطَلَاقِ رَجْعِيٍّ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا ورُجُوعِ مُمْتَنِعٍ يَعُودُ الْحَقُّ وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْنِ نَقْلَهُ إلَى بَلَدِ آمِنٍ وَطَرِيقُهُ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ لِيَسْكُنَهُ فَأَبٌ أَحَقُّ وإلَى قَرِيبٍ لِسُكْنَى فَأُمٌّ ولِحَاجَةٍ بَعْدَ أَوْ لَا فَمُقِيمٌ

_ قوله: (بمهايأة) تهايا القوم تهايؤا ومهايأة: جعلوا لكل واحدٍ هيئة معلومة، والمراد: النوبة، وقد تُبدل الهمزة ياء للتخفيف، فيقال: هاييته مهاياة. قوله: (لمن فيه رقٌّ) أي: ولو قل؛ لأنها ولاية. قوله: (ولا لفاسقٍ) أي: ظاهرٍ. قوله: (وطريقُه) الأولى نصبه على أنه مفعول معه، والتقدير: إلى بلدٍ آمن مع طريقه، فيفيد اشتراط أمن الطريق، ويصح رفعه على أنه معطوف على الضمير في آمن، والتقدير: إلى بلد آمن هو وطريقه، لكنه ضعيف؛ لعدم الفصل. وعلى هذين الوجهين فقوله: (مسافة) منصوب على الحال من الطريق، أي: حالة كون الطريق ذا مسافة قصر، وأما رفع (طريقه) على الابتداء ورفع (مسافة) على الخبر، والجملة حال من فاعل (آمن)، ففيه عدمُ التعرض لاشتراط أمن الطريق. والله وليُّ التوفيق. قوله (فمقيم) هذا كله إن لم يقصد المسافر به مضارة الآخر، وإلا فالمقيم أحق.

فصل وإن بلغ صبي سبع سنين عاقلا خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَإِنْ اخْتَارَ أَبَاهُ كَانَ عِنْدَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا يُمْنَعُ زِيَارَةَ أُمِّهِ وَلَا هِيَ تَمْرِيضَهُ وَإِنْ اخْتَارَهَا كَانَ عِنْدَهَا لَيْلًا وعِنْدَهُ نَهَارًا لِيُؤَدِّبَهُ وَيُعَلِّمَهُ وَإِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الْآخَرَ نُقِلَ إلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ رُدَّ إلَيْهِ وَيُقْرَعُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ أَوْ اخْتَارَهُمَا وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا كَانَ حَيْثُ شَاءَ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عَنْ أَبَوَيْهِ وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فَأَكْثَرَ فِيهَا أُقْرِعَ مَا لَمْ يَبْلُغْ مَحْضُونٌ سَبْعًا وَلَوْ أُنْثَى فَيُخَيَّرُ

_ قوله: (وإن بلغ صبي) أي: محضون. قوله: (ليلاً ونهارًا) ليحفظه ويعلمه ويؤدبه. قوله: (ولا يمنع زيارة أمه) فيزورها على العادة، كيوم في الأسبوع. قوله: (ليلاً) لأنه وقت انحياز الرجال إلى المساكن. قوله: (رد إليه) وهكذا أبدًا. قوله: (حيث شاء) أي: لزوال الولاية عنه، واستقلاله بنفسه، إلا أن يكون أمرد يخاف عليه الفتنة، فيمنع من مفارقتهما، كما في "الإقناع". قوله: (فيها) أي: الحضانة.

وَالْأَحَقُّ مِنْ عَصَبَةِ عِنْدَ عَدَمِ أَبٍ أَوْ أَهْلِيَّتِهِ كَأَبٍ فِي تَخْيِيرِ وإقَامَةٍ وَنُقْلَةٍ إنْ كَانَ مَحْرَمًا لِأُنْثَى وَسَائِرُ الْمُسْتَحَقَّاتِ لَهَا كَأُمٍّ فِي ذَلِكَ وَتَكُونُ بِنْتَ سَبْعِ عِنْدَ أَبٍ إلَى زِفَافٍ وُجُوبًا وَيَمْنَعُهَا ومَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَنْ تَنْفَرِدَ وَلَا تُمْنَعُ أُمُّ مِنْ زِيَارَتِهَا إنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهَا وَلَا تَمْرِيضِهَا بِبَيْتِهَا وَلَهَا زِيَارَةُ أُمِّهَا مَرِضَتْ وَالْمَعْتُوهُ وَلَوْ أُنْثَى عِنْدَ أُمِّهِ مُطْلَقًا وَلَا يُقَرُّ مَنْ يُحْضَنُ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ

_ قوله: (من عصبةٍ) لا مفهوم له، بل ذكورُ رحمه، كأبي أمِّه، وأخيه لأمه، وخاله كذلك، فالمراد: الأحق بالحضانة من الذكور مع الأم أو غيرها، كالأب عند عدمِه، أو نحو فسقه في تخيير، وغيره بشرطه. قوله: (إن كان محرمًا لأنثى) كعم وابن عم أخٍ من رضاع مثلاً. قوله: (في ذلك) أي: في ذلك التخيير والإقامة والنُّقلة. قوله: (إلى زفاف) وهو إهداؤها لزوجها. قوله: (من زيارتها) أي: على العادة، كما سبق. قوله: (ببيتها) أي: الأم. قوله: (عند أمه) ثم أمها على ما تقدَّم. قوله: (مطلقًا) أي: صغيرًا كان أو كبيرًا. قوله: (ولا يقر من يحضن ... إلخ) فينقل إلى من يليه، ولا حضانة ولا رضاعة لأم جذماء أو برصاء.

كتاب الجنايات

كتاب الجنايات: جمع جناية وَهِيَ التَّعَدِّي عَلَى الْبَدَنِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا أَوْ مَالًا وَالْقَتْلُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ وشِبْهُ عَمْدٍ وخَطَأٌ فَالْعَمْدُ أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا فَيَقْتُلَهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ وَلَهُ تِسْعُ صُوَرٍ أَحَدُهَا أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي الْبَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ كَسِكِّينٍ وَمِسَلَّةٍ أَوْ أَيْ الْحَدِيدِ وَلَوْ صَغِيرًا كَشَرْطِ حَجَّامٍ أَوْ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ بصَغِيرٍ كَغُرْزَةٍ بِإِبْرَةٍ

_ كتاب الجنايات وهي لغة: التعدي على نفس، أو مال، وشرعا ما ذكره المصنف. قوله: (قصاصا) أي: كما في العمد. قوله: (أو مالا) أي: كما في الخطأ. قوله: (والقتل ... إلخ) أي: فعل ما تزهق به النفس، أي: تفارق الروح البدن. قوله: (يختص القود) وهو قتل القاتل بمن قتله. قوله: (به) الباءُ داخلة على المقصور عليه. قوله: (موته به) فشروط العمد حينئذ أربعة: القصد، وعلم كونه آدمياً، وعلم كونه معصوماً، وكون الآلة مما يغلب على الظن موته به، أي: في الجملة، وإلا فالمحدد لا يعتبر فيه غلبة الظن، كما يعلم مما يأتي. قوله: (بما له نفوذ) أي: دخول. قوله: (ومسلة) أي: الإبرة الكبيرة. قوله: (بإبرة) كسدرة.

وَنَحْوِهَا فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ والْخُصْيَتَيْنِ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَفَخِذٍ وَيَدٍ فَتَطُولُ عِلَّتُهُ أَوْ يَصِيرُ ضَمِنًا وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ جُرْحَهُ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَالِ وَمَنْ قَطَعَ أَوْ بَطَّ سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ لَا وَلِيٌّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ لِمَصْلَحَةٍ الثَّانِيَةُ أَنْ يَضْرِبَهُ

_ قوله: (كالفؤاد) الفؤاد بالهمز: القلب، أو غشاؤه. قوله: (والخصيتين) هما الجلدتان اللتان فيهما البيضتان، تثنية خصية، والأفصح حذف التاء في التثنية على خلاف القياس، وفي لغةٍ بإثباتها على الأصل. قوله: (ضمناً) بفتح الضاد المعجمة، وكسر الميم: هو الذي به زمانة في جسده من بلاء، أو كسر وغيره، نقله في "المطلع" عن الجوهري، والمعنى: يبقى متألما إلى أن يموت. قوله: (لا ولي، من مجنون ... إلخ) وعلم منه: أنه لو فعل ذلك غير الولي بغير إذنه، فإنه يضمن. قال في "الإقناع" في الإجارة: وإن ختن صبياً بغير إذن وليه، أو قطع سلعة من مكلف بغير إذنه، أو من صبي بغير إذن وليه، فسرت جنايته، ضمن. انتهى.

بِمُثَقَّلٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَا كَهُوَ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ أَوْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ مِنْ كُوذَيْنِ، وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ، ولُتَّ وَسَنْدَانِ وَحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ فِي مَقْتَلٍ أَوْ حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَحْوِهِ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْ يُعِيدَهُ بِهِ أَوْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ سَقْفًا أَوْ نَحْوَهُمَا أَوْ يُلْقِيَهُ مِنْ شَاهِقٍ فَيَمُوتَ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ الثَّالِثَةُ أَنْ يُلْقِيَهُ بِزُبْيَةِ أَسَدٍ

_ قوله: (ولت) اللتُّ بضم اللام: نوع من أكبر السلاح، والسندان: الآلة المعروفة من الحديد، الثقيلة، يعمل عليها الحداد صناعته. قوله: (أو في مقتل) بفتح التاء: وهو الموضع الذي إذا أصيب قتله. قوله: (بدون ذلك) متعلق بعامل. قوله: (أو في مقتل، أو حال ضعف ... إلخ) أي: أو يضربه بدون ذلك في مقتل ... إلخ. قوله: (ونحوهما) كصخرة. قوله: (فيموت) أو يبقى متألماً حتى يموت، قياسا على ما قبلها. قوله: (بزبية) حفيرةٌ للأسد شبه البئر. قوله: (أسد) فيفعل به الأسد ونحوه فعلا يقتلُ مثله، وإلا فشبه عمد.

وَنَحْوِهَا أَوْ مَكْتُوفًا بفضاء بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ فِي مَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ أَوْ يَنْهَشُهُ كَلْبًا أَوْ حَيَّةً أَوْ يُلْسِعَهُ عَقْرَبًا مِنْ الْقَوَاتِلِ غَالِبًا فَيُقْتَلَ بِهِ الرَّابِعَةُ أَنْ يُلْقِيَهُ فِي مَاءٍ يُغْرِقُهُ أَوْ نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا فَيَمُوتَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِيهِمَا فهَدَرٌ الْخَامِسَةُ أَنْ يَخْنُقَهُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِسَدِّ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ يَعْصِرَ خُصْيَتَيْهِ زَمَنًا يَمُوتُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا فَيَمُوتَ السَّادِسَةُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَمْنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَيَمُوتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا لِزَمَنٍ يَمُوتُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا بِشَرْطِ تَعَذُّرِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا دِيَةَ كَتَرْكِهِ سَدَّ فَصْدِهِ السَّابِعَةُ أَنْ يَسْقِيَهُ سُمًّا لَا يَعْلَمُ بِهِ أَوْ يَخْلِطَهُ بِطَعَامٍ أَوْ يُطْعِمَهُ أَوْ بِطَعَامِ آكِلٍ فَيَأْكُلَهُ جَهْلًا فَيَمُوتَ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ آكِلٌ مُكَلَّفٌ أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِ

_ قوله: (بحضرة حية) وظاهره: ولو غير مكتوف. قوله: (ويمنعه الطعام والشراب) الواو: بمعنى "أو". قوله: (كتركه شد فصده) قاله في "الفروع"، قاله في "الإنصاف"، قال: وتقدم النقل في كلام صاحب "القواعد الأصولية" وما أشار إليه هو قوله: قال في "القواعد الأصولية": لو جرحه فترك مداواة الجرح، أو فصده، فترك شد فصاده لم يسقط الضمان. ذكره في "المغني"

نَفْسِهِ فَأَكَلَ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ فهَدَرٌ الثَّامِنَةُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا وَمَتَى ادَّعَى قَاتِلٌ بِسُمٍّ أَوْ سِحْرٍ عَدَمَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ أَوْ جَهْلَ مَرَضٍ لَمْ يُقْبَلْ التَّاسِعَةُ أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ عَلَى شَخْصٍ بِقَتْلٍ

_ محل وفاق، وذكر بعض المتأخرين: لا ضمان في ترك شد الفصادة. ذكره محل وفاق أيضاً، وذكر في ترك تداوي الجرح من قادر على التداوي وجهين، وصحح الضمان. انتهى. وأراد ببعض المتأخرين صاحب "الفروع". انتهى. فعلمت: أن فصده في كلام المصنف مصدر مضاف لمفعوله. وأن المعنى: كترك من فصد ظلما شد فصد الفاصد له، لا أنه مضاف للفاعل، حتى يكون المعنى: كترك الإنسان الفاصد لغيره شدَّ ذلك الفصد الذي صدر منه. وفي كلام الشيخ محمد الخلوتي أنه يمكن حمل الكلام عليه، وأن الشيخ منصور البهوتي كان يقرر ذلك قياساً على ما إذا حبسه ومنعه الطعام، أو الشراب. وأقول: إنما يتم القياس إذا منع الفاصد المفصود من الشد، أو كان في بريَّة، وليس عنده ما يشدُّه به. قوله: (بسحر) السحر: كعلم في اللغة، وهنا: عقد ورقى وكلام يتكلم به، أو يكتبه أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور، أو عقله.

عَمْدٍ أَوْ رِدَّةٍ حَيْثُ امْتَنَعَتْ تَوْبَتُهُ أَوْ أَرْبَعَةٌ بِزِنَا مُحْصَنٍ فَيُقْتَلَ ثُمَّ تَرْجِعَ الْبَيِّنَةُ وَتَقُولَ: عَمَدْتُ قَتْلَهُ أَوْ يَقُولَ الْحَاكِمُ أَوْ الْوَلِيُّ عَلِمْتُ كَذِبَهُمَا وَعَمَدْتُ قَتْلَهُ فَيُقَادَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَشِبْهِهِ بِشَرْطِهِ وَلَا قَوَدَ عَلَى بَيِّنَةٍ وَلَا حَاكِمٍ مَعَ مُبَاشَرَةِ وَلِيٍّ وَيَخْتَصُّ بِهِ مُبَاشِرٌ عَالِمٌ فَوَلِيٌّ فَبَيِّنَةٌ وَحَاكِمٌ وَمَتَى لَزِمَتْ حَاكِمًا وَبَيِّنَةً دِيَةٌ فعَلَى عَدَدِهِمْ وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ عَمَدْنَا قَتْلَهُ وآخَرُ أَخْطَأْنَا فَلَا قَوَدَ وَعَلَى مَنْ قَالَ عَمَدْنَا حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ والْآخَرِ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ ووَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ عَمَدْتُ وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْتُ لَزِمَ مُقِرًّا بِعَمْدٍ الْقَوَدُ وَالْآخَرُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ عَمَدْتُ وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ

_ وله حقيقة، فمنه: ما يقتل، وما يمرض، وما يأخذ الرجل على امرأته فيمنعه وطأها. قوله: (حيث امتنعت توبته) كمن سب الله تعالى. قوله: (وعمدت قتله) هو بفتح الميم، ولا يجوز غيره، أي: قصدت. قوله: (وشبهه) كما سيجيء فيمن أزال حجرا فوقه شخص، في عنقه خراطة. قوله: (عالم) أي: أقر بالعلم وتعمد القتل ظلماً. قوله: (فولي) أقر بعلمه بكذب الشهود. قوله: (وحاكم) علم كذبها. قوله: (فلا قود) أي: على المتعمد، لتمام النصاب بدونه؛ لأن من بقي من الثلاثة فأكثر، الذين أقر أحدهم بتعمد القتل اثنان فأكثر، فيسوغ قتل المشهود عليه بذلك من غير احتياج إلى شهادة.

وَلَوْ رَجَعَ وَلِيٌّ وَبَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ وَلِيٌّ وَمَنْ جَعَلَ فِي حَلْقٍ مِنْ تَحْتَهُ حَجَرٌ أَوْ نَحْوُهُ خِرَاطَةً وَشَدَّهَا بعَالٍ ثُمَّ أَزَالَ مَا تَحْتَهُ آخَرُ عَمْدًا فَمَاتَ فَإِنْ جَهِلَهَا مُزِيلٌ وَأَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا قُتِلَ بِهِ فصل وشبه العمد: أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا كَمَنْ ضَرَبَ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ أَوْ لَكَزَ أَوْ لَكَمَ غَيْرَهُ

_ هذا المتعمد، فشهادته ليست هي الموجبة لقتل المشهود عليه، بخلاف ما إذا شهد بالقتل اثنان، فقال أحدهما: تعمدت الكذب، فإنه يقتل، لأنه لم يجب قتل المشهود عليه إلا بشهادته مع الآخر، بحيث لو لم يشهد لما قتل المشهود عليه، فالفرق بين المسألتين ظاهر. وأما من أقر بالخطأ فلا قود عليه في الصورتين، بل عليه بحصته من الدية، كما قاله المصنف. قوله: (ولو رجع ولي ... إلخ) أي: بأن قالوا: أخطأنا لا تعمدنا، لئلا يتكرر مع ما تقدم، ولهذا قال هناك: (فيقاد)، وهنا: (ضمن). فتدبر. قوله: (وداه) أي: أدى دية القتيل. قوله: (كمن ضرب بسوط) أي: لا إن مسه بلا ضرب، فلا قصاص ولا دية. قوله: (أو لكز) أي: ضرب بجميع الكف.

فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ أَوْ صَاحَ بِعَاقِلٍ اغْتَفَلَهُ أَوْ بِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ عَلَى نَحْوِهِ سَطْحٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ فِي مَالِ جَانٍ والدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فصل والخطأ ضربان: ضرب في القصد وهو نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْدًا أَوْ مُبَاحَ الدَّمِ فَيَبِينَ آدَمِيًّا أَوْ مَعْصُومًا أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ فَيَقْتُلَ إنْسَانًا أَوْ يَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ صَغِيرٌ أَوْ يَتَعَمَّدَهُ مَجْنُونٌ فَفِي مَالِهِ الْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ

_ قوله: (أن يرمي ما) أي: شيئاً. قوله: (ماله فعله) كقطع لحم. علم منه: لو قصد مثلا رمي معصوم، أو بهيمة محترمةٍ، فقتل غير معصوم، أنه يكون عمدًا، وهو منصوص الإمام، كما في "الإنصاف". وقيل: إنه خطأ، وجزم به في "الإقناع". قوله: (ففي ماله) أي: القاتل خطأ في هذه الصور. قوله: (وعلى عاقلته الدية) فإن قلت: لا فرق حينئذ بين هذا النوع، وما قبله. أعني: شبه العمد، فهلا جعلا قسما واحدًا، تقليلاً للتقسيم، وتقريباً للتفهيم؟ قلت: النوعان وإن اشتركا في وجوب الكفارة في مال الجاني ووجوب الدية على العاقلة، لكن يفترقان في أن الدية مغلظة في

وَمَنْ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ قَتَلْت صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ الثَّانِي أَنْ يَقْتُلَ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ صَفِّ كُفَّارٍ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَيَبِينَ مُسْلِمًا أَوْ يَرْمِيَ وُجُوبًا كُفَّارًا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَيَجِبُ حَيْثُ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ نَرْمِهِمْ فَيَقْصِدَهُمْ دُونَهُ فَيَقْتُلَهُ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ الضَّرْبُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا أَوْ هَدَفًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ يَنْقَلِبَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ نَحْوُهُ عَلَى إنْسَانٍ فَيَمُوتَ فالْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّامِي ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ ضَمِنَ الْمَقْتُولَ فِي مَالِهِ

_ الأول كالعمد، مخففة في الأخير، وأن الفاعل آثم أيضاً في الأول، غير آثم في الأخير، والله أعلم. قوله: (ومن قال: كنتُ يوم قتلت صغيرا) أي: وكذا لو ثبت زوال عقله، وقال: كنت مجنوناً، وقال الولي: بل سكران، فإن لم يمكن ما ادَّعاه لم يقبل. قوله: (الثاني) أي: الثاني من الضرب الأول من ضربي الخطأ. قوله: (أو يرمي وجوباً) أي: حال كون الرمي واجباً، كما في "شرح" المصنف، وبينه بالجملة المعترضة بين المعطوف وهو (فيقتله)، والمعطوف عليه وهو (يرمي).قوله: (الضرب الثاني) أي: من ضربي الخطأ. قوله: (أو نحوه) أي: كمغمى عليه. قوله: (لكن لو كان الرامي ... إلخ) هذا استدراكٌ من قوله: (وعلى عاقلته الديةُ).

وَمَنْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَصْبِ سِكِّينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَعَدِّيًا إنْ قَصَدَ جِنَايَةً فشِبْهُ عَمْدٍ وَإِلَّا فخَطَأٌ وَإِمْسَاكُ الْحَيَّةِ مُحَرَّمٌ وَجِنَايَةٌ فَلَوْ قَتَلَتْ مُمْسِكَهَا مِنْ مُدَّعِي مَشْيَخَةٍ وَنَحْوِهِ فقَاتِلُ نَفْسِهِ وَمَعَ ظَنِّ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ شِبْهَ عَمْدٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ حَتَّى بَشِمَ وَمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا فَقَالَ شَخْصٌ أَنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا فَلَا قَوَدَ وَعَلَى مُقِرٍّ الدِّيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ

_ وصورة هذه المسألة أن يقصد الذميُّ رمي صيدٍ، أو هدف، فبعد إخراج الرمية أسلم قبل الإصابة، ثم أخطأ ما قصد رميه، فأصاب معصومًا، ففي هذه الصورة لا تلزم عاقلته الدية للمباينة في الدين. قال في قوله: (الرامي) للعهد، أي: الرامي الذي عهد رميه خطأ في الفعل. قوله: (في ماله) أي: لمباينة دين عاقلته بإسلامه، ولا يمكن ضياع الدية. قوله: (وجناية) أي: على نفسه، قلت: ونظير ذلك كل ما يقتل غالبًا من المشي في الهواء على الحبال، والجري في المواضع البعيدة، مما يفعله أرباب البطالة والشطارة، ويحرم أيضاً إعانتهم على ذلك، وإقرارهم عليه. "شرح إقناع". قوله: (قودًا) أي: ببينةٍ لا بإقرار. قوله: (فلا قود) أي: عليهما. قوله: (قتل الأول) أي: إن لم يصدق الولي الثاني، وإلا لم يقتل أيضاً.

فصل ويقتل العدد بواحد إنْ صَلُحَ فِعْلُ كُلٍّ لِلْقَتْلِ بِهِ وَإِلَّا وَلَا تَوَاطُؤَ فَلَا وَلَا يَجِبُ مَعَ عَفْوٍ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ وَإِنْ جَرَحَ وَاحِدٌ جُرْحًا وآخَرُ مِائَةً فسَوَاءٌ وَإِنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ كُوعٍ ثُمَّ آخَرُ مِنْ مِرْفَقٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَرِئَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْقَاتِلَ الثَّانِي وَإِلَّا فَهُمَا

_ قوله: (ويقتل العدد) أي: ما فوق الواحد، كما يعلم مما يأتي. قوله: (للقتل به) أي: لقتل القاتل بسببه. قوله: (ولا تواطؤ) أي: توافق على قتله على وجهٍ لا يصلح فعل كل للقتل به، ليسقط عنهم القصاص. قوله: (فسواء) أي: في القصاص، والديةِ. هذا بيان لعموم ما سبق من أنه إذا صلح فعل كل للقتل قتلوا، استوت أفعالهم، أو اختلفت. قوله: (وإلا فهما) وإن أوضحه ثالثٌ فمات، فلولي قتل الجميع، والعفو إلى الدية، فيأخذ من كل ثلثها، وله أن يقتل بعضاً، ويعفو عن بعضٍ، ويأخذ من المعفو عنه بقدره من الدية، وإن برئت جراحةُ أحدهم، ومات من الآخرين، فله أن يقتص ممن بريء جرحه بمثل جرحِهِ، وأن يعفو عنه، ويأخذ منه دية جرحه، ثم له أن يقتل الآخرين، أو يأخذ منهما دية كاملة، أو يقتل أحدهما، ويأخذ من الآخر نصف الدية. "إقناع" ملخصاً.

وَإِنْ فَعَلَ وَاحِدٌ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ كَقَطْعِ حِشْوَتِهِ أَوْ مَرِيئِهِ أَوْ وَدَجَيْهِ ثُمَّ ذَبَحَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَيُعَزَّرُ الثَّانِي كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَيِّتٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفَهُ فِيهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَإِنْ رَمَاهُ الْأَوَّلُ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ فَتَلَقَّاهُ الثَّانِي بِمُحَدَّدٍ فَقَدَّهُ أَوْ شَقَّ الْأَوَّلُ بَطْنَهُ أَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ الثَّانِي فَهُوَ الْقَاتِلُ وَعَنْ الْأَوَّلِ مُوجَبُ جِرَاحَتِهِ وَمَنْ رُمِيَ فِي لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ فَالْقَوَدُ عَلَى رَامِيهِ وَمَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ إنْ عَلِمَ بِالْحُوتِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا أَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ غَيْرِ مُسْبِعٍ فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ فَقَتَلَتْهُ. فَالدِّيَةُ وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى أَنْ يُكْرِهَ عَلَيْهِ ففَعَلَ فَعَلَى كُلٍّ الْقَوَدُ واُقْتُلْ

_ قوله: (حشوته) أي: أمعائه. قوله: (أو مريئه) أي: مجرى الطعام والشراب، قوله: (أو ودَجَيهِ) وهما عرقان بجانبي الرقبة. قوله: (ولا يصحُّ تصرف فيه) أي: بنحو بيع، لو كان قِنَّاً، لأنه كالميت. قوله: (موجب جراحته) أي: أرشها. قوله: (على راميه) أي: مع كثرة الماء - كما يعلم من اللجة - علم بالحوت، أو لا. قوله: (ومن أكره) أي: سواء كان المكره سلطانًا، أو غيره، كما في "الإقناع". قوله: (مكلَّفا) أي: يعلم تحريم القتل، كما يُفهم مما بعده. قوله: (فعلى كل القود) أي: فعلى كلٍّ من الاثنين، أو الثلاثةِ.

نَفْسَكَ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ إكْرَاهٌ وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَمَرَ بِهِ سُلْطَانٌ ظُلْمًا مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ فِيهِ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ عَلِمَ الْمُكَلَّفُ تَحْرِيمَهُ لَزِمَهُ وأُدِّبَ آمِرُهُ وَمَنْ دَفَعَ لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ آلَةَ قَتْلٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ فَقَتَلَ لَمْ يَلْزَمْ الدَّافِعَ شَيْءٌ وَمَنْ أَمَرَ قِنَّ غَيْرِهِ بِقَتْلِ قِنِّ نَفْسِهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ واُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ كَاُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ وَلَوْ قَالَهُ قِنٌّ ضَمِنَ لِسَيِّدِهِ بِقِيمَتِهِ

_ قوله: (من جهل ظلمه فيه) ظاهرُه: سواء علم المأمور بتحريم القتل من حيث هو، أم لا، حيث لم يعلم أنَّ القتل بغير حق، وهذا مقتضى كلام "الإقناع" أيضًا. ويظهر حينئذٍ الفرق بين السلطان وغيره في الأمر، ولذلك قال في "الإقناع": وإن كان الآمر غير السلطان، فالقصاص على القاتل بكل حال، أي: حيث علم تحريم القتل، بخلاف من نشأ في غير بلاد الإسلام، لكن ما قررناه يخالف ما في "شرح" المصنف وتابعه الشيخ منصور.

_ إذا علمت ذلك، فقوله بعد: (وإن عم المكلَّف تحريمه، لزمه) تصريح بمفهوم قوله: (ومن أمر بالقتل مكلفا يجهل تحريمه) ويمكن رجوعه إلى مفهومي العبارتين، أي: المذكورة وقوله: (أو أمر به سلطان، ظلمًا، من جهل ظلمه)، ويكون معنى (علم التحريم) في المسألة الأولى: أن يعلم: أن القتل من حيث هو محرم، وفي المسألة الثانية: أن القتل الذي أمر به السلطان بخصوص تلك الواقعة محرم، فيوافق ما قررناه والله أعلم. قوله أيضا على قوله: (أو أمر به سلطانٌ ظلما، من جهل ظلمه فيه ... إلخ) ظاهره: سواء علم المأمور تحريم القتل من حيث هو أم لا، حيث لم يعلم أنَّ القتل بغير حق، وهذا مقتضى عبارة "الإقناع" أيضا، ويظهر حينئذ الفرق في الأمر بين السلطان وغيره، ولذلك قال في "الإقناع": وإن كان الآمر غير السلطان، فالقصاص على القاتل بكل حال، أي: حيث علم بتحريم القتل، بخلاف من نشأ في غير بلاد الإسلام، لكن صرح المصنف في "شرحه": أن المأمور حيث علم التحريم، فالقصاص عليه، سواء كان الآمر سلطانا أو غيره، وتابعه الشيخ منصور رحمه الله تعالى على ذلك، وهو ظاهر إطلاق

فصل ومن أمسك إنسانا لآخر حَتَّى قَتَلَهُ أَوْ حَتَّى قَطَعَ طَرَفَهُ فَمَاتَ أَوْ فَتَحَ فَمَه حَتَّى سَقَاهُ سُمًّا قُتِلَ قَاتِلٌ وَحُبِسَ مُمْسِكٌ حَتَّى يَمُوتَ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ هَارِبٍ مِنْ قَتْلٍ فَحُبِسَ حَتَّى أَدْرَكَهُ قَاتِلُهُ أُقِيدَ مِنْهُ فِي طَرَفٍ وَهُوَ فِي النَّفْسِ كَمُمْسِكِ

_ المتن أيضًا، حيث قال: (وإن علم المكلف تحريمه، لزمه) وقد علمت: أنه مخالف لما تقدَّم في مسألة السلطانِ، ويمكن أن يجاب على المتن وشارحيه: بأن معنى علم المأمور التحريم مختلف، ففي مسألة غير السلطان، علمه بالتحريم: أن يعلم أن القتل من حيث هو محرم، وفي مسألة السلطان: أن يعلم أن قتل ذلك الشخص الذي أمر بقتله محرم، أي: بغير حق، والقرينة على هذا التأويل ما تقدم من قوله في جانب غير السلطان: (ومن أمر بالقتل مكلفًا يجهل تحريمه ... إلخ) وفي جانب السلطان: (أو أمر به سلطان ظلمًا من جهل ظلمه ... إلخ). فليتأمل ويحرَّر. قوله: (لآخر) أي: يعلم: أنه يقتُلُهُ. قوله: (وحبس ممسك حتى يموت) وبخط الشيخ موسى الحجاوي رحمه الله تعالى ما صورتُهُ: يحبس الممسكُ ويطعم ويُسقى، في ظاهر كلامِهِم. وفي "مبدع" ابن مفلح: لا يُطعمُ ولا

وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَتْلٍ لَا يُقَادُ بِهِ الْبَعْضُ لَوْ انْفَرَدَ كَحُرٍّ وَقِنٍّ فِي قَتْلِ قنٍّ وأَبٍ أَوْ وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ وَأَجْنَبِيٍّ وَكَخَاطِئٍ وَعَامِدٍ ومُكَلَّفٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ أَوْ وَسَبُعٍ أَوْ فَالْقَوَدُ عَلَى الْقِنِّ وعَلَى شَرِيكِ أَبٍ كَمُكْرِهٍ أَبًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ وَعَلَى شَرِيكِ قِنٍّ نِصْفُ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى شَرِيكِ غَيْرِهِمَا فِي قَتْلِ حُرٍّ نِصْفُ دِيَتِهِ وَفِي قِنٍّ

_ يُسقى. وهذا يجيءُ على قولِ أنَّ الممسك يقتل، ولأنَّ هذا من أنواع قتل العمد، كما تقدَّم أول الباب، ولعله توهم ذلك من "الشرح". انتهى ما رأيته بخطه. والله أعلم. قوله: (أو ولي مقتص ... إلخ) أي: كاشتراك ولي مقتص، أي: مستحق للقود على يدٍ زيد مثلا، فشارك الولي المذكور - في قتل زيد - من لا حقَّ له في الدَّم. قوله: (وعلى شريك قن ... إلخ) أي: في قتل قن. قد اجتمع في هذه الصورة ضمانُ النفس الواحدة بالقود والديةِ، أي: بعض الدية، فيعايا بها. قوله: (غيرهما) أي: غير الأبِ والقن. وهو شريك الولي، والخاطيء، وغير المكلف، والسبع، والمقتول، فلا قود على شريك أحد هؤلاء الخمسة، بل يلزمُهُ نصف دية الحرِّ، ونصف قيمة القنِّ، لأن القتل في الصور المذكورة ليس عمدًا عدوانًا محضًا مضمونًا، بل شريكُ الولي المعتق شاركَ في قتل مستحق جائز للولي. وشريك الخاطيء، بعض القتل عمدٌ، وبعضه خطأٌ، فليس عمدًا محضًا، وشريكُ المقتول شارك في قتل غير مضمون محضاً،

نِصْفُ قِيمَتِهِ وَمَنْ جُرِحَ عَمْدًا فَدَاوَاهُ بِسُمٍّ أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ أَوْ الْحَاكِمُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ لَكِنْ إنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ قِصَاصًا اسْتَوْفَى وَإِلَّا أَخَذَ أَرْشَهُ

_ لأن الشخص لا يجبُ له على نفسه شيء. والحاصلُ: أن القود إنما يكون في عمدٍ عدوان مضمون، أو في مشاركة ذلك، بخلاف الصور الخمس المذكورة. فتدبر. قوله: (فداواه) أي: الجرح بسُمٍّ قاتل في الحال، ليمنع سراية الجرح.

باب شروط القصاص

باب شروط الْقِصَاصِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ قَاتِلٍ ثَانِيهَا: عِصْمَةُ مَقْتُولٍ وَلَوْ مُسْتَحَقًّا دَمُهُ بِقَتْلٍ لِغَيْرِ قَاتِلِهِ فَالْقَاتِلُ لِحَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ قَبْلَ تَوْبَةٍ إنْ قُبِلَتْ ظَاهِرًا أَوْ لِزَانٍ مُحْصَنٍ، وَلَوْ قَبْلِ تَوْبَتِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّهُ مِثْلُهُ وَيُعَزَّرُ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ رَمَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ الْمَرْمِيُّ؟ فَمَاتَ فَهَدَرٌ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ مَا قُطِعَ فَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ

_ قوله: (وهي أربعة) أي: بالاستقراء. قوله: (تكليف قاتل) بأن يكون بالغا عاقلا قاصدا. قوله: (عصمة مقتول) بأن لا يكون مرتدًا، ولا حربيا، ولا زانيا [محصنا]. قوله: (قبل توبةٍ) أي: لا بعدها. قوله: (إن قُبلت) بخلاف من تكررت ردته. قوله: (ولو أنه مثله) في عدمِ العصمةِ. قوله: (ويعزرُ) أي: قاتل غير المعصوم. قوله: (فهدر) لأن القتل أثر جناية غير مضمونة. قوله: (فلا قود) أي: لعدم العصمةِ حال الزهوق، والظاهر: اعتبارها كحال الفعل، وأما المكافأة الآتية، فمعتبرة حال الفعل الذي عبر عنه المصنف بالجناية.

وَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ. وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ تَسْرِي فِيهِ الْجِنَايَةُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ فصل الثالث: مكافأة مقتول حَالَ جِنَايَةٍ بِأَنْ لَا يَفْضُلَهُ قَاتِلُهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ فَيُقْتَلُ مُسْلِمٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ وذِمِّيٌّ ومُسْتَأْمَنٌ حُرٌّ

_ قوله: (تسري فيه الجناية ... إلخ) وإن جرحه مسلما فارتد، أو عكسه، ثم جرحه جرحًا آخر ومات منهما، فلا قصاص، بل نصف الدية، تساوى الجرحان أو لا، وإن جرحه ذميَّاً فصار حربيا ومات، فلا شيء فيه. ذكره في "الإقناع". ووجهه: ما قدمناه من عدم العصمة حال الزهوق. والجناية معتبرة في القود والدية، وأما المكافأة، فمعتبرة حال الجناية للقود غير معتبرةٍ له، ولا للدية من بابٍ أولى حال الزهوق. فاحفظ ذلك، وحافظ عليه، فإنه مما يتعين الرجوع إليه، وذلك من مواهب الواهب العلي، عاملنا الله بفضله ولطفه الخفيِّ والجليِّ، بجاه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: (فكما لو لم يرتد) أي: فعلى قاتله القود. قوله: (حال جناية) لأنه وقت انعقاد السبب.

أَوْ عَبْدٌ بِمِثْلِهِ وكِتَابِيٌّ بِمَجُوسِيٍّ. وذِمِّيٌّ بِمُسْتَأْمَنٍ وَعَكْسُهُمَا وثُمَّ أَسْلَمَ بِمُسْلِمٍ ومُرْتَدٌّ ِذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَلَوْ تَابَ وَقُبِلَتْ وَلَيْسَتْ بَعْدَ جَرْحِهِ أَوْ بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ مَانِعَةً مِنْ قَوَدٍ وقِنٌّ بِحُرٍّ وَبِقِنٍّ وَلَوْ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهُ وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا مُكَاتَبًا أَوْ لِكَوْنِهِمَا لِوَاحِدٍ أَوْ كَوْنِ مَقْتُولٍ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ ومَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ بِمِثْلِهِ وَبِأَكْثَرَ حُرِّيَّةً ومُكَلَّفٌ بِغَيْرِ مُكَلَّفٍ وذَكَرٌ بِأُنْثَى وَبِخُنْثَىر وَعَكْسُهُمَا لَا مُسْلِمٌ وَلَوْ ارْتَدَّ بِكَافِرٍ،

_ قوله: (وعكسهما) أي: يُقتلُ المجوسي بالكتابي، والمستأمن بالذمي. قوله: (ومرتد بذمي مستأمنٍ) أي: لا عكسهما. قوله: (وقبلت) أي: اعتبارًا بحال الجناية لا عكسه. قوله: (بعد جرحٍ) أي: وقبل موت. قوله: (وبأكثر حرية) أي: لا بأقل حرية منه. منصور البهوتي. قوله: (وعكسهما) أي: تقتل الأنثى والخنثى بالذكر. منصور البهوتي. وكذا يقتل الخنثى بالأنثى وعكسه، كما في "الإقناع". فالصور ست.

وَلَا حُرٌّ بِقِنٍّ وَلَا بِمُبَعَّضٍ وَلَا مُكَاتَبٌ بِقِنِّهِ وَلَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدُ ذِمِّيٍّ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ فَقُتِلَ لِنَقْضِهِ وعَلَيْهِ

_ قوله: (ولو كان) أي: عبد المكاتب ذا رحم محرم، خلافاً لـ"الإقناع"، وتبعا لـ"الإنصاف"، و "تصحيح الفروع". فحكمة عدول المصنف رحمه الله عما في "التنقيح"، لتأخر "التصحيح" عنه. فتنبه لذلك. قوله: (قتل لنقضه، وعليه ... إلخ) ونسخة بخطه - أي المصنف - "فعليه". واعلم: أن نسخة الفاء أظهر؛ لعدم إشعارِها بتحتُّم القتل، بل ترتبه فقط، لأنه تقدَّم أن المنتقض عهده، يخير فيه الإمام بين قتله وغيره، على ما تقدم في أحكام الذمة، بخلاف نسخةِ إسقاط الفاء، فإنها قد توهم تحتم القتل، وليس كذلك، لكن العذر: أن المقصود هنا بيان أنه لا يقتل قصاصا، بل الواجب الدية. وأما تعين قتله للنقض أو عدمه، فمرجوع فيه إلى محله، كما هو العادة في نظائره، وكأنه إنما قتل حدا لا قصاصا، مع أن حق الآدمي يقدم، لأن مبناه على الشح، لأجل أن قتله حدًا، لا يوجب

دِيَةُ الْحُرِّ أَوْ قِيمَةُ الْقِنِّ وَإِنْ قَتَلَ أَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا أَوْ قِنٌّ قِنًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ مَجْرُوحٍ قُتِلَ بِهِ كَمَا لَوْ جُنَّ وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أَوْ حُرٌّ قِنًّا فَأَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ مَجْرُوحٌ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَيَسْتَحِقُّ دِيَةَ مَنْ أَسْلَمَ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ ومَنْ عَتَقَ سَيِّدُهُ كَقِيمَتِهِ لَوْ لَمْ يُعْتَقْ فَلَوْ جَاوَزَتْ دِيَةُ

_ ذهاب حق الآدمي بالكلية، بل يبقى له أحد الأمرين الواجب بالعمد وهو: الدية. قوله أيضًا على قوله: (وعليه دية الحرِّ) فإن قلت: إذا انتقض عهده فهو حربي، والحربي لا يلزمه للمسلم شيء. قلت: يمكن توجيه ذلك، بأنَّ كونه حربيا متأخر عن قتله المسلم، فأوجبنا عليه دية هذه الجناية الصادرة منه قبل كونه حربيا. وإيضاح ذلك: أن قتله المسلم سبب لأمرين: أحدهما: وجوب القود، أو الدية. وثانيهما: انتقاض العهد، وهذا الانتقاض سبب لعدم إلزامه بعد ذلك بشيءٍ للمسلم، ولم نوجب عليه بعد الانتقاض شيئا، بل أوجبنا عليه الدية مع الانتقاض، محافظة على عدم ذهاب دم المسلم بالكلية، ولم نقتله قصاصا، بل حدًا، مع أن حق الآدمي أشد إكتفاء بالدية. قوله: (كما لو جنَّ) قاتل، أو جارح.

أَرْشَ جِنَايَةٍ فَالزَّائِدُ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ وَجَبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ قَوَدٌ فَطَلَبُهُ لِوَرَثَتِهِ وَمَنْ جَرَحَ قِنَّ نَفْسِهِ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَبْدًا فَلَمْ تَقَعْ بِهِ الرَّمْيَةُ حَتَّى عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ فَمَاتَ مِنْهَا فَلَا قَوَدَ وَلِوَرَثَتِهِ عَلَى رَامٍ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَمَنْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ أَوْ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ قِنًّا أَوْ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ تَغَيُّرُ حَالِهِ

_ قوله: (أرش جناية) أي: قيمته رقيقا. منصور البهوتي. قوله: (لورثته) أي: ورثة السيد، أو غيره. قوله: (قود) بأن كان عمدًا من مكافيء، منصور البهوتي. قوله: (فعتق) أي: بالتمثيل أو إعتاقِهِ له. قوله: (لورثته) اعتبارا بوقت الزهوق، ويسقط منها قدر قيمته، كما في "الإقناع"، وأوضحته في "الحاشية". منصور البهوتي. وحاصل ما ذكره فيها: أن هذه المسألة كمسألة ما إذا جرح حر عبدًا، ثم عتق، ثم مات، أخذا من كلام المنقح، أي: فيسقط عن السيد أرش جنايته، لأنا إذا أوجبنا الدية في المسألة السابقة، يأخذ السيد منها أرش الجناية. قوله: (فلا قود) أي: اعتبارًا بحال الجناية، وهو وقت صدور الفعل من الجاني. قوله: (أو قاتل أبيه) أي: أو قتل من يظنُّه فقط.

أَوْ خِلَافُ ظَنِّهِ فعليه القود فصل الرابع: كون مقتول ليس بولد وإن سفل وَلَا بِوَلَدِ بِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ لِقَاتِلٍ فَيُقْتَلُ وَلَدٌ بِأَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ لَا أَحَدُهُمْ مِنْ نَسَبٍ بِهِ وَلَوْ أَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَالْقَاتِلُ كَافِرٌ وَقِنٌّ

_ قوله: (فعليه القود) لا يقال: إنه من صور الخطأ، لأن الإقدام على القتل غير جائز، فلم يظنه في شيء منها مباح الدم إباحة مطلقة. فتدبر. وفي "الإقناع": ومثله من قتل من يعرفه، أو يظنه مرتدا، فلم يكن كذلك. وانظر: هل هذا يخالف ما ذكروا: أن من صور الخطأ أن يرمي من يظنه صيدًا أو مباح الدم، فيتبين آدميًا، أو معصومًا، أي: فلا قود. فليحرر، ثم ظهر لي: أن الإقدام ثم جائز، بخلافه هنا، فلزم القود، لوجود شرطِهِ وعدم عذره. تنبيه: شروط القصاص الأربعة. علم مما تقدَّم: أن منها واحدًا في القاتل: وهو التكليف، والثلاثة الباقية في المقتول. وانظر: لما لم يدخلوا الأخير فيما قبله؟ بأن يقال مثلاً: بأن لا يفضله قاتله بإسلام، أو حرية، أو ملك، أو ولادةٍ. قوله: (به) أي: بالولد، أو ولد البنتِ. قوله: (ولو أنه) أي: الولد، أو ولد البنت.

وَيُؤْخَذُ حُرٌّ بِالدِّيَةِ وَمَتَى وَرِثَ قَاتِلٌ أَوْ وَلَدُهُ بَعْضَ دَمِهِ فَلَا قَوَدَ فَلَوْ قَتَلَ زَوْجَتَهُ فَوَرِثَهَا وَلَدُهُمَا أَوْ قَتَلَ أَخَاهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثَهَا الْقَاتِلُ أَوْ وَلَدُهُ سَقَطَ وَمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ فَوَرِثَهُ أَخَوَاهُ ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ وَهُوَ زَوْجٌ لِأُمِّهِ ثُمَّ قَتَلَ الْآخَرُ أُمَّهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ أَبِيهِ لِإِرْثِهِ ثَمَنَ أُمِّهِ وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ لِأَخِيهِ وَلَهُ قَتْلُهُ وَيَرِثُهُ وَعَلَيْهِمَا مَعَ عَدَمِ زَوْجِيَّةِ الْقَوَدُ وَمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُعْرَفُ أَوْ مَلْفُوفًا وَادَّعَى كُفْرَهُ أَوْ رِقَّهُ أَوْ ادَّعَى مَوْتَهُ وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ أَوْ شَخْصًا فِي دَارٍ وَادَّعَى أَنَّهُ دَخَلَ لِقَتْلِهِ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ أَوْ تَجَارَحَ اثْنَانِ

_ قوله: (ويؤخذ حر) أي: من أب، ونحوه. قوله: (ومتى ورث قاتل) أي: بوجود واسطةٍ بينه وبين المقتول ترث ثم تموتُ، وإلا فالقاتل لا يرث. قوله: (وعليهما ... إلخ) وأيهما قتل أخاه، فورثه، سقط عنه القصاص، لإرثه بعض دم نفسِه، وإلا لم يسقط. قوله: (القود) وهل يبدأ بقاتل الأب، أو يقرع؟ .

وَادَّعَى كُلٌّ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ وَيُصَدَّقُ مُنْكِرٌ بِيَمِينِهِ وَمَتَى صَدَّقَ الْوَلِيُّ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ اجْتَمَعَ قَوْمٌ بِمَحَلٍّ فَقَتَلَ أَوْ جَرَحَ بَعْضٌ مِنْهُمْ وَجُهِلَ الْحَالُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةُ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْشَ الْجِرَاحِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ مُورِثَهُ فَقَالَ: إنَّمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ فَصَدَقَ زَيْدٌ أَخَذَ بِهِ

_ قوله: (فالقود) أي: بشرطه، أو الدية، إن لم يجب قود، أو عفي عنه. قوله: (ويصدق منكر بيمينه) أي: وهو الولي في الصور السابقة، وكل من المتجارحين في الأخيرة. وقوله: (ومتى صدق الولي) الظاهر: رجوعه إلى الأخيرة فقط. فتدبر. قوله: (فعلى عاقلة المجروحين) ظاهره: أنه لو كان فيهم من ليس به جرح، فليس على عاقلته شيء. قال في "تصحيح الفروع": وهو ظاهر كلام جماعةٍ من الأصحاب. انتهى. وخالف في ذلك صاحب "الإقناع" حيث مشى على مشاركة عاقلة من ليس به جرح لعاقلة من به جرح، تبعا لما صوبه في "الإنصاف". فافهمه. قوله: (يسقط منها ... إلخ) فإن قلت: الأرش للجرحى، والدية على عاقلتهم، فكيف تتأتى المقاصة هنا مع عدم اجتماع الحقين في ذمة واحدةٍ؟ فالجواب: أن الدية إبتداء تجبُ على القاتل، فتعلقت بذمة الجرحى، ولهم الأرش، فحصلت المقاصَّة في قدر الأرش، وبقي على الجرحى بقية، تحمَّلتها العاقلة. فتدبر.

باب استيفاء القصاص

باب استيفاء القصاص وهو: فِعْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ بِجَانٍ مِثْلَ فِعْلِهِ أَوْ شِبْهِهِ وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ مُسْتَحِقِّهِ وَمَعَ صِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ يُحْبَسُ جَانٍ لِبُلُوغِ أَوْ إفَاقَةِ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا أَبٌ كَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ فَإِذَا احْتَاجَا لِنَفَقَةٍ فَلِوَلِيِّ مَجْنُونٍ لَا صَغِيرٍ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ مُورِثِهِمَا أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا سَقَطَ حَقُّهُمَا كَمَا لَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دَيْنَهُ

_ باب استيفاء القصاص في النفس وما دونها قوله: (عليه) أي: فيما دون النفس. قوله: (أو وليه) أي: إن كانت في النفس. قوله: (مثل فعله) أي: الجاني. قوله: (تكليفُ مستحق) لأن غير المكلف ليس أهلاً للاستيفاء، ولا تدخله النيابة لفوات التشفي. قوله: (ومع صغره) أي: المستحق. قوله: (لهما) أي: الصغير والمجنون. قوله: (فلولي مجنون ... إلخ) لأنه لا حد للجنون ينتهي إليه عادة، بخلاف الصغير، لكن تقدم في اللقيط: لوليه العفو أيضًا. قوله: (وإن قَتَلا) أي: الصغير والمجنون. قوله: (قهرًا) أي: بلا إذن جانٍ. قوله: (كما لو اقتصَّا) قهرا، أو لا. قوله: (لا تحمل العاقلة ديته) كالعبد.

الثَّانِي: اتِّفَاقُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ عَلَى اسْتِيفَائِهِ وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ غَائِبٍ وَبُلُوغُ صَغِيرٍ وَإِفَاقَةُ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُهُمْ كَدِيَةٍ وقِنٍّ مُشْتَرَكٍ بِخِلَافِ فِي مُحَارَبَةٍ لِتَحَتُّمِهِ وحَدِّ قَذْفٍ لِوُجُوبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا وَمَنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ كَهُوَ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَانْتَقَلَ إلَى وَارِثِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ. وَمَتَى انْفَرَدَ بِهِ مَنْ مُنِعَ عُزِّرَ فَقَطْ وَلِشَرِيكِ فِي تَرِكَةِ جَانٍ حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرْجِعُ وَارِثُ جَانٍ عَلَى

_ قوله: (بخلاف محاربة) أي: بخلاف قتل قاطع طريق قتل، فإنه لا يشترط في قتله اتفاق أولياء من قطع الطريق عليهم، وقتلهم. قوله: (وحد قذف ... إلخ) يعني: أنه إذا قذف شخص شخصا فمات المقذوف، وقد طالب بالحد، ثبت لورثته، فإن اتفقت الورثة على طلب الحد، فظاهر، وإن طلبه واحد منهم، حد له كاملا، وسقط حق البقية، وإن عفا بعضُهم، وطلبه البعض، حد كاملا، كما سيأتي. قوله: (لكل واحد) من الورثة إذا طلبه، ولو عفا شريكه. قوله: (من منع) أي: منع من الانفراد به. قوله: (فقط): أي: لا قصاص عليه. قوله: (ولشريك ... إلخ) يعني: أنه إذا انفرد به الورثة باستيفاء القصاص بلا إذن البقية، كان لمن لم يأذن من الورثة الرجوع بقدر نصيبه من دية مورثه في تركة الجاني الذي اقتص من البعض بلا إذن، ثم لوارث الجاني الرجوع على المقتص بما زاد على ما يستحقه من دم الجاني، سواء

مُقْتَصٍّ بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ وَلَوْ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً أَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى جَانٍ ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ عَافٍ قُتِلَ وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ أَوْ جَوَازَهُ وَكَذَا شَرِيكٌ عَالِمٌ بِالْعَفْوِ وسُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ وَإِلَّا أَدَّاهُ وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَارِثٍ الْقَوَدِ بِقَدْرِ إرْثِهِ مِنْ الْمَالِ وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَوَدِ مِنْ مُورِثِهِ إلَيْهِ وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَالْإِمَامُ وَلِيُّهُ وَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ إلَى مَالٍ لَا مَجَّانًا الثَّالِثُ أَنْ يُؤْمَنَ فِي اسْتِيفَاءِ تَعَدِّيهِ إلَى غَيْرِ جَانٍ

_ كانت دية الجاني مثل دية المقتول، أو لا، أو أقل، وقد مثل المصنف في "شرحه" بما تكون فيه دية الجاني أقل، وذلك كما إذا قتلت امرأة رجلا له ابنان، فقتلها أحدهما بلا إذن الآخر، فلمن لم يأذن نصف دية أبيه في تركة المرأة، ولوارثها الرجوع على المقتص بنصف ديتها، لا بما دفعه للابن الآخر. قوله: (ولمن لم يعف) أي: أصلا، أو عفا عن القود. قوله: (وسقوط القود به) فيقتل، حكم بالعفو، أو لا. قوله: (وإلا) أي: وإلا يعلم الأمرين، أدى ديته، لعدم العمد. قوله: (من مال) حتى الزوجين. قوله: (من مورثه) أي: المقتول (إليه) أي: الوارث. قوله: (لا مجانا) أي: ولا أقل من الدية، لأنه لا حظ للمسلمين فيه.

فَلَوْ لَزِمَ الْقَوَدُ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا فَحَمَلَتْ لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ وتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُهُ وَإِلَّا فحَتَّى تَفْطِمَهُ لِحَوْلَيْنِ وَكَذَا حَدٌّ بِرَجْمٍ وَتُقَادُ فِي طُرُقٍ وَتُحَدُّ بِجَلْدٍ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ وَمَتَى ادَّعَتْهُ وَأَمْكَنَ قُبِلَ وَحُبِسَتْ لِقَوَدٍ وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّ مَقْتُولٍ بِخِلَافِ حَبْسٍ فِي مَالِ غَائِبٍ لَا لِحَدٍّ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا وَمَنْ اقْتَصَّ مِنْ حَامِلٍ ضَمِنَ جَنِينَهَا

_ قوله: (وتسقيه اللبأ) قال في "المصباح"، اللبأ، مهموز، وزان عنب: أول اللبن عند الولادة، وقال أبو زيد: وأكثر ما يكون ثلاث حلبات، وأقله حلبة. انتهى. قوله: (تفطمه) أي: أي تفصله عن الرضاع، وبابه: ضرب. قوله: (وتقاد) أي: تقاد حامل في طرف بمجرد وضعٍ. قوله: (وأمكن) أي: بأن كانت في سن يمكن أن تحمل فيه، وإن لم تكن ذات زوج، أو سيد، قوله: (بخلاف حبس ... إلخ) وكأن الفرق تعلق القود بعينها، بخلاف المال، فإنه قد لا يتعذر بهربها. قوله: (لا لحد) أي: لا تحبس إن كان لله تعالى، كالزنا وشرب الخمر، فإن كان لآدمي، كحد قذفٍ، فقال المصنف: يتوجه حبسها، كما في القود. قوله: (يتبين أمرها) أي: من حملٍ، وعدمه. قوله: (ضمن جنينها) أي: ضمنه بالغرة إن ألقته ميتًا، أو حيا لوقت لا يعيش لمثله، وبقي متألما يسيرا، ثم مات، سواء علم الحمل وحده، أو مع السلطان.

فصل ويحرم استيفاء قود بلا حضرة سلطان أو نائبه وَلَهُ تَعْزِيرُ مُخَالِفٍ وَيَقَعُ الْمَوْقِعَ وَعَلَيْهِ تَفَقُّدُ آلَةِ اسْتِيفَاءِ لِيَمْنَعَ مِنْهُ بكَالَّةٍ وَيَنْظُرُ فِي الْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ وَيُحْسِنُهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ وَلَوْ فِي طَرَفٍ وَبَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِلَّا أُمِرَ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ احْتَاجَ لِأُجْرَةٍ فَمِنْ مَالِ جَانٍ حَدٍّ وَمَنْ لَهُ وَلِيَّيْنٍ فَأَكْثَرَ وَأَرَادَ كُلٌّ مُبَاشَرَتَهُ قُدِّمَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ وَوَكَّلَهُ مَنْ بَقِيَ

_ قوله: (مخالفٍ) أي: اقتصَّ في غيبته. قوله: (مكنه) لقوله تعالى: {فقد جعلنا لوليه سلطانا}. {الإسراء: 33}. وللخبر في ذلك. قوله: (ويخير) أي: ولي أحسنه. قوله: (وإلا) أي: وإلا يحسنه (أمر) أي: أمره السلطان (أن يوكل ... إلخ). قوله: (ووكله من بقي) فإن لم يتفقوا على التوكيل، منع الاستيفاء حتى يوكلوا، وقال ابن أبي موسى: إذا تشاحوا، أمر الإمام من شاء باستيفائه. "إقناع" و "شرحه".

وَيَجُوزُ اقْتِصَاصُ جَانٍ مِنْ نَفْسِهِ بِرِضَا وَلِيٍّ لَا قَطْعِ نَفْسِهِ فِي سَرِقَةٍ وَيَسْقُطُ بِخِلَافِ حَدِّ زِنًا أَوْ قَذْفٍ بِإِذْنِ وَلَهُ خَتْنَ نَفْسِهِ إنْ قَوِيَ وَأَحْسَنَهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يُسْتَوْفَى فِي نَفْسٍ إلَّا بِسَيْفٍ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بمُحَرَّمٍ فِي نَفْسِهِ كَلِوَاطٍ وَتَجْرِيعِ خَمْرٍ وفِي طَرَفٍ إلَّا بِسِكِّينٍ وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يَحِيفَ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ شَخْصٍ ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ دَخَلَ قَوَدُ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ وَكَفَى قَتْلُهُ وَمَنْ فَعَلَ بِهِ وَلِيُّ جِنَايَةٍ كَفِعْلِهِ يَضْمَنُهُ فَلَوْ عَفَا وَقَدْ قَطَعَ مَا فِيهِ

_ قوله: (لا قطع نفسه) أي: لا يجوز لولي أمر أن يأذن لسارق في قطع ... إلخ. قوله: (ويسقط) أي: قطع السرقة. قوله: (بإذن) أي: بإذن حاكم في زنا، ومقذوف في قذفٍ. قوله: (وله) أي: لمريد الختن (ختن نفسه ... إلخ). قوله: (ونحوها) من آلةٍ صغيرةٍ. قوله: (وكفى قتله) أي: عن قطع الطرف، لعدم استقرار الجناية عليه إذن، فلو قتله بعد برئه فللولي أن يفعل بجانٍ كما فعل، وله أخذ دية ما قطعه، وقتله. وإن اختلفا في برءٍ، فقول منكر إن لم تمض مدة يمكن فيها، وإلا فقول ولي بيمينه، وفي مضي مدةٍ، فقول جان بيمينه. وتقدم بينة ولي، إن أقاما بيِّنتين. قوله: (كفعِلهِ) وإن قلنا: لا يجوز. قوله: (فلو عفا) أي: عفا الوليُّ إلى الديةِ عن جانٍ، قطع ثم قتل.

دُونَ دِيَةٍ فَلَهُ تَمَامُهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ دِيَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَكْثَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ زَادَ أَوْ تَعَدَّى بِقَطْعِ طَرَفِهِ فَلَا قَوَدَ وَيَضْمَنُهُ بِدِيَتِهِ عَفَا عَنْهُ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَعَلَيْهِ دِيَةُ رِجْلِهِ وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمٍ أَنَّهُ اقْتَصَّ فِي النَّفْسِ فَلَمْ يَكُنْ وَدَاوَاهُ أَهْلُهُ حَتَّى بَرِئَ فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ وَقَتَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ فِي وَقْتٍ أَوْ أَكْثَرَ فَرَضِيَ أَوْلِيَاءُ كُلٍّ بِقَتْلِهِ أَوْ الْمَقْطُوعُونَ بِقَطْعِهِ اُكْتُفِيَ بِهِ وَإِنْ طَلَبَ كل وَلِيُّ قَتْلَهُ

_ قوله: (وإن كان فيه) أي: فيما قطعه الولي من الجاني دية كاملة، كما لو قطع ذكره، أو أنفه، فا شيءَ له، لأنه لم يبق له شيء. "شرح" المصنف. قوله: (فلا قود) أي: على ولي، وكذا لو زاد في استيفاء شجَّة، أو جرح، وعليه أرش الزيادة، إلا أن يكون سببها من جان، كاضطرابه، ويقبل قول مقتص بيمينه في ذلك إذا لم يكن بينة. قوله: (ويضمنه) أي: ما زاد أو تعدَّى فيه. قوله: (عفا عنه) أي: عن قتل الجاني بعد أن فعل الولي به مثل فعلِهِ أولا.

عَلَى الْكَمَالِ وَجِنَايَتُهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أُقْرِعَ وَإِلَّا أُقِيدَ لِالْأَوَّلِ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ وَكَمَا لَوْ بَادَرَ غَيْرُ وَلِيِّ الْأَوَّلِ وَاقْتَصَّ وَإِنْ رَضِيَ وَلِيُّ الْأَوَّلِ الدِّيَةَ أُعْطِيهَا وَقُتِلَ لِثَانٍ وَهَلُمَّ جَرًّا وَإِنْ قَتَلَ شَخْصًا وَقَطَعَ طَرَفَ آخَرَ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ انْدِمَالٍ وَلَوْ قَطَعَ يَدَ زَيْدٍ وإصْبَعَ عَمْرٍو مِنْ يَدٍ نَظِيرَتِهَا وزَيْدٍ أَسْبَقُ قُدِّمَ وَلِعَمْرٍو دِيَةُ إصْبَعِهِ وَمَعَ سَبْقِ عَمْرٍو يُقَادُ لِإِصْبَعِهِ ثُمَّ لِيَدِ زَيْدٍ بِلَا أَرْشٍ

_ قوله: (وقطع طرف آخر) أي: ولم يسر إلى نفس المقطوع، وإلا فهو قاتل لهما على ما تقدَّم. قوله: (بلا أرش) أي: لئلا يجمع في عضوٍ بين القصاص والدية، وهو ممتنعٌ، كالنفس.

باب العفو عن القصاص

باب العفو عن القصاص وَيَجِبُ بِعَمْدٍ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ فَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَهُمَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَعَفْوُهُ مَجَّانًا أَفْضَلُ ثُمَّ لَا تَعْزِيرَ عَلَى جَانٍ فَإِنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الْقَوَدَ أَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ فَقَطْ فَلَهُ أَخْذُهَا، وَالصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا وَإِنْ اخْتَارَهَا تَعَيَّنَتْ فَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ قُتِلَ بِهِ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ أَوْ عَنْ الْقَوَدِ مُطْلَقًا وَلَوْ عَنْ يَدِهِ فَلَهُ الدِّيَةُ وَلَوْ هَلَكَ جَانٍ تَعَيَّنَتْ فِي مَالِهِ كَتَعَذُّرِهِ فِي طَرَفِهِ

_ باب العفو عن القصاص وهو لغةً: المحو، والتجاوز، والإسقاط. وهنا: إسقاط ولي. قوله: (بعمدٍ) عدوان، أي: بلا حق. قوله: (فقط) أي: دون القود، بأن قال: عفوتُ عن الدية، فله القود وطلب الدية، بخلاف ما لو قال: عفوت عن الدية، والقود، . قوله: (مطلقا) أي: بأن قال: عفوت. ولم يقل: عن القَوَدِ، ولا عن الدية، فله الدية. قوله: (أو على غير مال) أي: كخمرٍ وخنزير. قوله: (أو عن القود مطلقا) بأن لم يقل: على مالٍ، أو بلا مالٍ. قوله: (في ماله) إن وجد المال، وإلا بأن لم يخلف تركة، ضاع حق المجني عليه. قوله: (في طرفه) يعني: لفقده، أو شلله.

وَمَنْ قَطَعَ طَرَفًا عَمْدًا كَإِصْبَعٍ فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ سَرَتْ إلَى عُضْوٍ آخَرَ كَبَقِيَّةِ الْيَدِ أَوْ إلَى النَّفْسِ، وَالْعَفْوُ عَلَى مَالٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ فلَهُ تَمَامُ دِيَةِ مَا سَرَتْ إلَيْهِ وَلَوْ مَعَ مَوْتِ جَانٍ وَإِنْ ادَّعَى عَفْوَهُ عَنْ قَوَدٍ وَمَالٍ أَوْ عَنْهَا وَعَنْ سِرَايَتِهَا فَقَالَ بَلْ إلَى مَالٍ أَوْ دُونَ سِرَايَتِهَا فَقَوْلُ عَافٍ بِيَمِينِهِ وَمَتَى قَتَلَهُ جَانٍ قَبْلَ بُرْءِ وَقَدْ عَفَا عَلَى مَالٍ فالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَمَنْ وُكِّلَ فِي قَوَدٍ ثُمَّ عَفَا وَلَمْ يَعْلَمْ وَكِيلُهُ حَتَّى اقْتَصَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا

_ قوله: (ما سرت إليه) أي: من يد، أو نفس. قوله: (أو عنها) أي: الجناية. قوله: (ومتى قتله) أي: العافي. قوله: (ولم يعلم) فإن علم الوكيل، فعليه القود. قوله: (فلا شيء عليهما) لعلَّ المراد: فلا قود عليهما، وأما الدية فينبغي أن تجب على الوكيل، لأنه داخل فيمن أخطأ معتقدا الإباحة، وهل يرجع بها على الموكل، لأنه السبب، أم لا، نظرا إلى أنه مباشر؟ ومحله أيضا فيما يظهر: إذا لم يتمكن الموكل من إعلامه. فليحرر. قوله أيضًا

وَإِنْ عَفَا مَجْرُوحٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَنْ قَوَدِ نَفْسِهِ أَوْ دِيَتِهَا صَحَّ كَوَارِثِهِ فَلَوْ قَالَ عَفَوْتُ عَنْ هَذَا الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبَةِ فَلَا شَيْءَ فِي سِرَايَتِهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا كَمَا لَوْ قَالَ عَفَوْتُ عَنْ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ عَفْوِهِ عَلَى مَالٍ أَوْ عَنْ الْقَوَدِ فَقَطْ وَيَصِحُّ قَوْلُ مَجْرُوحٍ أَبْرَأْتُكَ وأَحْلَلْتُكَ مِنْ دَمِي أَوْ قَتْلِي أَوْ وَهَبْتُكَ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ مُعَلَّقًا بِمَوْتِهِ فَلَوْ عُوفِيَ بَقِيَ حَقُّهُ بِخِلَافِ عَفَوْتُ عَنْكَ وَنَحْوَهُ وَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ قَوَدِ شَجَّةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا فَلِوَلِيِّهِ مَعَ سِرَايَتِهَا الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ وَكُلُّ عَفْوٍ صَحَّحْنَاهُ مِنْ مَجْرُوحٍ مَجَّانًا مِمَّا يُوجِبُ الْمَالَ

_ على قوله: (فلا شيء عليهما) هذا واضح إذا كان العفو مجانا، وأما إذا عفا إلى الدية، فهل له ذلك، أم لا؟ . قوله: (عن الجناية) أي: فلا شيء في سرايتها. قوله: (فقط) أي: فلا يبرأ في السراية. قوله: (معلقا) أي: لأنه وصية. قوله: (بخلاف: عفوت عنك) أي: فيسقط حقُّه، سواء مات، أو عاش، لعدم التعليق. قوله: (ونحوه) أي: كعفوت عن جنايتك. قوله: (ولا يصح) أي: لأنه عفو عما لم يجب. قوله: (لا قَودَ فيها) أي: كالمنقلة، والمأمومة. قوله: (أو الدية) لأنه لا يصح العفو عن قود ما لا قود فيه.

عَيْنًا فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَيُنْقَضُ الْعَفْوُ لِلدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ وَإِنْ أُوجِبَ قَوَدٌ أُنْفِذَ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ سِوَى دَمِهِ وَمِثْلُهُ الْعَفْوُ عَنْ قَوَدٍ بِلَا مَالٍ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ مَعَ دَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ وَمَنْ قَالَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ: عَفَوْتُ عَنْ جِنَايَتِكَ أَوْ عَنْكَ بَرِئَ مِنْ قَوَدٍ وَدِيَةٍ

_ قوله: (عينًا) أي: حال كون المال متعينًا، كما في الخطأ، وشبهِ العمد، ونحوِ الجائفة. قوله: (من الثُّلث) أي: فينفذ إن خرج من الثلث، وإلا فبقدرِهِ أشبه الوصية. قوله: (سوى دمِهِ) أي: لعدم تعين المال. قوله: (أو فَلَسٍ) خلافاً لـ"الإقناع" حيث قال: وإن أحبَّ، أي: المفلس العفو عنه إلى مالٍ، فله ذلك لا مجانا. قال: وكذا السفيه، ووارث المفلس، والمكاتب، وكذا المريض، فيما زاد على الثلث. انتهى. قال في "شرحه": والمذهب صحَّة العفوِ من هؤلاء مجاناً، لأن الدية لم تتعيَّن. انتهى. قوله: (ومن قال) أي: أي مستحق لقود قال. والمراد: حيث صح عفوه. قوله: (لمن) أي: لجانٍ. قوله: (له) أي: المستحق (عليه) أي: على الجاني (قود ... إلخ).

وَإِنْ أُبْرِئَ قَاتِلٌ مِنْ دِيَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ قِنٌّ مِنْ جِنَايَةٍ يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أُبْرِئَتْ عَاقِلَتُهُ أَوْ سَيِّدُهُ أَوْ قَالَ عَفَوْتُ عَنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُبَرَّأَ صَحَّ وَإِنْ وَجَبَ لِقِنٍّ قَوَدٌ أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ طَلَبُهُ وإسْقَاطُهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ

_ تتمة: لو رمى من له قتله قودًا، ثم عفا عنه، فأصابه السهم، فهدر. قاله في "الرعاية" قاله منصور البهوتي. قوله: (وإسقاطه) أي: لاختصاصه به وليس بمالٍ.

باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس مَنْ أُخِذَ بِغَيْرِهِ فِي نَفْسٍ أُخِذَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَمَنْ لَا فَلَا وَهُوَ فِي نَوْعَيْنِ أَطْرَافٌ وجُرُوحٌ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا: الْعَمْدُ الْمَحْضُ الثَّانِي إمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ بِأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ أَوْ يَنْتَهِي إلَى حَدٍّ كَمَارِنِ الْأَنْفِ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ فَلَا قِصَاصَ فِي جَائِفَةٍ وَلَا فِي كَسْرِ عَظْمٍ غَيْرِ سِنٍّ وَنَحْوَهُ وَلَا إنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ أَوْ بَعْضَ سَاعِدٍ أَوْ سَاقٍ أَوْ عَضُدٍ أَوْ وَرِكٍ وَأَمَّا الْأَمْنُ مِنْ الْحَيْفِ فَشَرْطٌ لِجَوَازِهِ

_ باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس من جرح أو طرف قوله: (أطرافٍ) الطرف الذي له مفصل، أو حدٌّ ينتهي إليه، كمارن الأنف، والجرح الذي ينتهي إلى عظم. شهاب فتوحي. قوله: (في جائفةٍ) أي: جرح واصل إلى باطن الجوف. "شرح". قوله: (ونحوه) كضرسٍ. قوله: (القَصَبةَ) أي: قصبة الأنف. قوله: (وأما الأمن من الحيف ... إلخ) النسبة بين إمكان الاستيفاء بلا حيف، والأمن من الحيف، العموم المطلق. فكلما وجد الأمن من الحيف، أمكن الاستيفاء بلا حيفٍ، وليس كلما أمكن الاستيفاء بلا حيفٍ، وجد الأمن من الحيف.

فَيَقْتَصُّ مِنْ مَنْكِبٍ مَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً فَإِنْ خِيفَ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ مِرْفَقِهِ وَمَنْ أَوْضَحَ أَوْ شَجَّ إنْسَانًا دُونَ مُوضِحَةٍ أَوْ لَطَمَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ أَوْ شَمُّهُ أَوْ سَمْعُهُ فُعِلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ فَإِنْ ذَهَبَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ عَلَى حَدَقَةٍ أَوْ أَنْفٍ أَوْ أُذُنٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِذَلِكَ سَقَطَ إلَى الدِّيَةِ وَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ مِرْفَقٍ فَأَرَادَ الْقَطْعَ مِنْ كُوعِ مُنِعَ

_ فالعام، وهو الإمكان، شرطٌ لوجوب القود. والخاص، وهو الأمن، شرط لجواز الاستيفاء. شهاب فتوحي. قوله: (فعل به كما فعل ... إلخ) هذا قولُ القاضي في اللطمة، وخالفه في "المبدع"، فقال: ولا يصح، أي: هذا القول، لأن اللطمة لا يقتصُّ منها منفردة، فكذا إذا سرت إلى العين، كالشجَّة دون الموضحة. انتهى. وجزم في "الإقناع" بما في "المبدع"، والمصنف تابع "التنقيح". فتدبر.

الثَّالِثُ: الْمُسَاوَاةُ فِي الِاسْمِ والْمَوْضِعِ فَيُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ أَنْفٍ وَذَكَرٌ مَخْتُونٌ أَوْ لَا وإصْبَعٍ وَكَفٍّ وَمِرْفَقٍ وَيَمِينٍ وَيَسَارٍ مِنْ عَيْنٍ وَأُذُنٍ مَثْقُوبَةٍ أَوْ لَا وَيَدٍ وَرِجْلٍ وَخُصْيَةٍ وَأَلْيَةٍ وَشُفْرِ أُبِينَ بِمِثْلِهِ وعُلْيَا وَسُفْلَى مِنْ شَفَةٍ وَيُمْنَى وَيُسْرَى وَعُلْيَا وَسُفْلَى مِنْ سِنٍّ مَرْبُوطَةٍ أَوْ لَا وجَفْنٌ بِمِثْلِهِ وَلَوْ قَطَعَ صَحِيحٌ أُنْمُلَةً عُلْيَا مِنْ شَخْصٍ ووُسْطَى مِنْ إصْبَعٍ نَظِيرَتِهَا مِنْ آخَرَ لَيْسَ لَهُ عُلْيَا خُيِّرَ رَبُّ الْوُسْطَى بَيْنَ أَخْذِ عَقْلِهَا الْآنَ وَلَا قِصَاصَ لَهُ بَعْدَ وصَبْرٍ حَتَّى تَذْهَبَ عُلْيَا قَاطِعٍ بِقَوَدٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَقْتَصُّ وَلَا أَرْشَ لَهُ الْآنَ بِخِلَافِ غَصْبِ مَالٍ

_ قوله: (في الاسم) أي: كالعين بالعين. قوله: (والموضع) كاليمين باليمين. قوله: (مثقوبةٍ) أي: بشرط كون الثقب في محلِّه، وإلا أو كانت مخرومة أخذت بالصحيحة، لا عكسه. قوله: (وشُفْرٍ) أي: أحد شفري المرأة، وهما: اللحمتان المحيطتان بالفرج، كإحاطة الشفتين بالفم. قوله: (تذهب عليا قاطعٍ بقودٍ، أو غيره) كمرض، أو قطع تعديَّاً. قوله: (بخلاف غصب مالٍ) أي: فإنَّه إذا تعذر ردُّه مع بقاء عينه، فلمالكه أخذ بدله، ثم إذا رده غاصب، استرجع البدل. والفرق أنه مال قام مقام مالٍ، بخلاف ما هنا.

وَيُؤْخَذُ زَائِدٍ بمِثْلِهِ مَوْضِعًا وَخِلْقَةً وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا لَا أَصْلِيٌّ عَكْسُهُ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَلَا شَيْءٌ بِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ فَعَلَا فَقَطَعَ يَسَارَ رَجُلٍ جَانٍ مَنْ لَهُ قَوَدٌ فِي يَمِينِهِ بِمَا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ قَالَ أَخْرِجْ يَمِينَكَ فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ عَمْدًا أَوْ غَلَطًا أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ

_ قوله: (بزائدٍ) فإن لم يكن للجاني زائد يؤخذ، فحكومة. "إقناع". قوله: (ولا شيء) أي: من الأعضاء. قوله: (بما) أي: عضو. قوله: (يخالفه) أي: ولو تراضَيا عليه، كالتي قبلها. قوله: (بتراضيهما) أجزأت، ولا ضمان. قوله: (أو قال: أخرج يمينك ... إلخ) عبارة "الإقناع": أو قال: أخرج يمينك، فأخرج يساره عمدًا، أو غلطاً، أو ظنا أنها تجزيء فقطعها، أجزأت على كل حالٍ، ولم يبق قَوَدٌ ولا ضمان، حتى ولو كان أحدهما مجنونا، لأنه لا يزيد على التعدي. انتهى. قال المحشي: هذا مقتضى قوله في "المقنع" أولا: أجزأت على كل حالٍ، وسقط القصاص. لكن قال بعد ذلك كـ"المغني" و "المحرر" و "الفروع" وغيرهم، بعد كلامٍ عزاه

وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا فَعَلَى الْمُقْتَصِّ الْقَوَدُ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَإِنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا والْجَانِي عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا الرَّابِعُ مُرَاعَاةُ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ فَلَا تُؤْخَذُ كَامِلَةَ أَصَابِعَ أَوْ أَظْفَارٍ بِنَاقِصَتِهَا رَضِيَ الْجَانِي أَوْ لَا بَلْ مَعَ أَظْفَارَ مَعِيبَةٍ وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بأَخْرَسَ

_ لابن حامد: وإن كان من عليه القصاص مجنوناً، فعلى القاطع القصاص إن كان عالماً بها وأنها لا تجزيء .... ، وإن كان المقتص مجنوناً والآخر عاقلا، ذهبت هدرًا. وتبعهم في ذلك في "المنتهى". و "التنقيح" اقتصر في ذلك على ما قدمه في "المقنع"، ولم يذكر هذا، ولا كلام ابن حامدٍ، وأسقط قوله: "المجنون" في "الإنصاف". فالظاهر: أنها من تَتمَّة كلام ابن حامد، وإلا لتناقض الكلام، وإذا كان على قول ابن حامدٍ، صار كلام "المنتهى" ملفقًا من الطريقين. انتهى، والله أعلم. قوله: (وإن كان مجنونًا) أي: حين القصاص، بأن جُنَّ بعد الجناية عاقلا. "شرح". قوله: (بل مع أظفارٍ) أي: كما يؤخذ صحيح بمريضٍ. قوله: (بقائمةٍ) أي: بياضها وسوادها صافيان غير أنها لا تُبصِرُ.

وَلَا صَحِيحٌ بأَشَلَّ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَذَكَرٍ وَلَوْ شُلَّ أَوْ بِبَعْضِهِ شَلَلٌ كَأُنْمُلَةِ يَدٍ وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ أَوْ عِنِّينٍ وَيُؤْخَذُ مَارِنُ الْأَنْفِ الْأَشَمِّ الصَّحِيحِ بِمَارِنِ الْأَخْشَمِ الَّذِي لَا يَجِدُ رَائِحَةَ شَيْءٍ والْمَخْرُومِ قُطِعَ وَتَرُ أَنْفِهِ والْمُسْتَحْشِفِ الرَّدِيءِ وأُذُنُ سَمِيعٍ بِأُذُنِ أَصَمَّ شَلَّاءَ ومَعِيبٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ أُمِنَ تَلَفٌ مِنْ قَطْعِ شَلَّاءَ وبِصَحِيحٍ بِلَا أَرْشٍ وَيُصَدَّقُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بِيَمِينِهِ فِي صِحَّةِ مَا جَنَى عَلَيْهِ

_ قوله: (ولو شُلَّ) أي: الصحيح من جان على أشل نظير صحيحه. والشلل: فساد العضو، وذهاب حركتِهِ. قوله: (الصحيح) بالرفع: صفةٌ للمارن. قوله: (والمخروم) بالجر: عطفا على مارن الأخشم، وكذا قوله: (والمستحشَفِ) والمعنى: أنَّ المارن الصحيح يؤخذ بكل واحدٍ من الثلاثة المذكورة: الأخشم، والمخروم، والمستحشف. قوله: (بلا أرش) يأخذه المقتص. قوله: (ما جني عليه) لأنه الظاهر.

فصل ومن أذهب بعض لسان أو مَارِنٍ أَوْ شَفَةٍ أَوْ حَشَفَةٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ سِنٍّ أُقِيدَ مِنْهُ مَعَ أَمْنٍ مِنْ قَلْعِ سِنِّهِ بِقَدْرِهِ بِنِسْبَةِ الْأَجْزَاءِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عَوْدُهُ فِي مُدَّةٍ تَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ مِنْ عَيْنٍ كَسِنٍّ وَنَحْوِهَا أَوْ مَنْفَعَةٍ كَعَدْوٍ وَنَحْوَهُ فَلَوْ مَاتَ فِيهَا تَعَيَّنَتْ دِيَةُ الذَّاهِبِ وَإِنْ ادَّعَى جَانٍ عَوْدَهُ حَلَفَ رَبُّ الْجِنَايَةِ وَمَتَى عَادَ بِحَالِهِ فَلَا أَرْشَ ونَاقِصًا فِي قَدْرٍ أَوْ صِفَةٍ فحُكُومَةٌ

_ قوله: (بقدره) أي: بقدر ما أذهبه الجاني. قوله: (الأجزاء) أي: لا بالمساحةِ. قوله: (ونحوها) أي: كضرسٍ. قوله: (عوده) أي: الذاهب، بأن قال: قد عاد، وأنكر مجنيٌّ عليه. قوله: (فحكومة) على جان، وفي "الإقناع": وإن عادت قصيرةً ضمن ما نقص بالحساب، ففي ثلثها ثلث ديتها. انتهى.

ثُمَّ إنْ كَانَ أَخَذَ دِيَةَ رَدَّهَا أَوْ اقْتَصَّ فَلِجَانٍ الدِّيَةُ وَيَرُدُّهَا إنْ عَادَ وَمَنْ قُلِعَ سِنُّهُ أَوْ ظُفْرُهُ أَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ كَمَارِنٍ وَأُذُنٍ وَنَحْوِهِمَا فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ وَإِنْ قَلَعَهُ قَالِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ وَمَنْ جَعَلَ مَكَانَ سِنٍّ قُلِعَتْ عَظْمًا أَوْ سِنًّا أُخْرَى وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ فَثَبَتَتْ لَمْ تَسْقُطْ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ وَعَلَى مُبِينِ مَا ثَبَتَ حُكُومَةً وَيُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيِّ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ عَوْدِهِ وَالْتِحَامِهِ وَلَوْ كَانَ الْتِحَامُهُ مِنْ جَانٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ أُقِيدَ ثَانِيًا

_ قوله: (ثم إن كان أخذ دية ... إلخ) أي: إذا أخذ دية ما رُجي عوده برضى جان، وإلا فتقدم أنَّه: لا قود، ولا دية لذلك في مدةٍ تقول أهل الخبرة بعوده فيها. قوله: (أو اقتص) أي: من جانٍ برضاه. قوله: (الديةُ) أي: دون القصاصِ، للشُّبهةِ. قوله: (ويردها) أي: يَرُد الجاني دية ما أخذه عما اقتص منه. قوله: (وإن قلعه قالع) أي: الأول، أو غيره. قوله: (فعليه ديته) أي: ولا قصاص فيه لنقصه. قوله: (المقلوعةِ) ظاهرُهُ: وسقط قودها. قوله: (قول ولي) أي: وارثه، أي: ولي مجنيٍّ عليه بعد موته.

فصل النوع الثاني: الْجُرُوحُ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ فِيهَا انْتِهَاؤُهَا إلَى عَظْمٍ كَجَرْحِ عَضُدٍ وَسَاعِدٍ وَفَخِذٍ وَسَاقٍ وَقَدَمٍ وَكَمُوضِحَةٍ وَلِمَجْرُوحٍ أَعْظَمَ مِنْهَا كَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَمَأْمُومَةٍ أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً وَيَأْخُذُ مَا بَيْنَ دِيَتِهَا وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ فَيُؤْخَذُ فِي هَاشِمَةٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وفِي مُنَقِّلَةٍ عَشْرٌ وَمَنْ خَالَفَ وَاقْتَصَّ مَعَ خَوْفِ مِنْ مَنْكِبٍ أَوْ شَلَّاءَ أَوْ مِنْ قَطْعِ نِصْفِ سَاعِدِهِ وَنَحْوِهِ أَوْ مِنْ مَأْمُومَةٍ أَوْ جَائِفَةٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَسِرِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ جُرْحٍ بِمَسَّاحَةٍ دُونَ كَثَافَةِ لَحْمٍ فَمَنْ أَوْضَحَ بَعْضَ رَأْسٍ، وَالْبَعْضُ كَرَأْسِهِ أَوْ أَكْبَرَ أَوْضَحَهُ

_ قوله: (كموضحةٍ) أي: في رأس، أو وجهٍ. قوله: (ونحوه) كمن قطع نصف ساقِهِ. قوله: (مثل ذلك) أي: الذي فعله الجاني بلا زيادةٍ.

فِي كُلِّهِ وَلَا أَرْشَ لِزَائِدٍ وَمَنْ أَوْضَحَهُ كُلَّهُ، وَرَأْسُهُ أَكْبَرُ أَوْضَحَهُ قَدْرَ شَجَّتِهِ مِنْ أَيْ جَانِبٍ شَاءَ الْمُقْتَصُّ وَلَوْ كَانَتْ بِقَدْرِ بَعْضِ الرَّأْسِ مِنْهُمَا وَلَمْ يَعْدِلْ عَنْ جَانِبِهَا إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَطْعِ طَرَفٍ أَوْ جُرْحٍ مُوجِبٍ لِقَوَدٍ وَلَوْ مُوضِحَةً وَلَمْ تَتَمَيَّزْ أَفْعَالُهُمْ كَأَنْ وَضَعُوا حَدِيدَةً عَلَى يَدٍ وَتَحَامَلُوا عَلَيْهَا حَتَّى بَانَتْ فَعَلَى كُلٍّ الْقَوَدُ وَمَعَ تَفَرُّقِ أَفْعَالِهِمْ أَوْ قَطْعِ كُلٍّ مِنْ جَانِبٍ لَا قَوَدَ عَلَى أَحَدٍ وَتُضْمَنُ سِرَايَةُ جِنَايَةٍ وَلَوْ انْدَمَلَ جُرْحٌ وَاقْتُصَّ ثُمَّ انْتَقَضَ فَسَرَى بِقَوَدٍ وَدِيَةٍ فِي نَفْسٍ وَدُونِهَا فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَآكَلَتْ أُخْرَى أَوْ الْيَدُ وَسَقَطَتْ مِنْ مِفْصَلٍ فَالْقَوَدُ وَفِيمَا شُلَّ الْأَرْشُ وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ هَدَرٌ فَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا قَوَدًا فَسَرَى إلَى النَّفْسِ فَلَا شَيْءَ عَلَى قَاطِعٍ لَكِنْ لَوْ قَطَعَهُ قَهْرًا مَعَ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ بِآلَةٍ كَالَّةٍ

_ قوله: (على أحد) ظاهره: ولو تواطؤوا. قوله: (واقتصَّ) أي: بعد الاندمال لا قبله، فإن سراية الجناية إذن هدر، كما يأتي. قوله: (ودية) الواو بمعنى "أو" كما علم مما تقدم.

أَوْ مَسْمُومَةٍ وَنَحْوَهُ لَزِمَهُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ وَيَحْرُمُ فِي طَرَفٍ حَتَّى يَبْرَأَ فَإِنْ اقْتَصَّ قَبْلَ فَسِرَايَتُهُمَا بَعْدَ هَدَرٌ

_ قوله: (فسرايتهما) أي: جرح الجاني، والمجني عليه. أما الأول؛ فلأن الحقَّ قتله. وأما الثاني، فلحديثٍ فيه، ولأنه رضي بترك ما يزيد عليه السِّراية، فبطل حقه منه. قوله: (هدر) فإن قيل: ما الفرق بين هذا وبين ما قبله، حيث ضمن السراية في الأول دون الثاني؟ فالجواب: أنه إنما منع من الاقتصاص في الطرف قبل برئِهِ، لمصلحة المجني عليه، إذ قد تسري الجناية إلى طرفٍ آخر، أو إلى النفسِ، بخلافِ منعِهِ من القصاص في الحر والبرد، فإنه لمصلحة الجاني، فلذلك ضمن السراية فيما إذا كانت مصلحةُ التأخير للجاني، ولم تُضمن إذا كانتِ المصلحة للمجني عليه، وهو ظاهرٌ.

كتاب الديات

كتاب الديات: جَمْعُ دِيَةٍ وَهِيَ الْمَالُ الْمُؤَدَّى إلَى مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ مَنْ أَتْلَفَ إنْسَانًا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ فَدِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وغَيْرِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا تُطْلَبُ دِيَةُ طَرَفٍ قَبْلَ بُرْئِهِ فَمَنْ أَلْقَى عَلَى آدَمِيٍّ أَفْعَى أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهَا فَقَتَلَتْهُ أَوْ طَلَبَهُ بِسَيْفٍ وَنَحْوِهِ مُجَرَّدٍ فَتَلِفَ فِي هَرَبَهِ وَلَوْ غَيْرَ ضَرِيرٍ أَوْ رَوَّعَهُ بِأَنْ شَهْرَهُ فِي وَجْهِهِ أَوْ دَلَّاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَمَاتَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا مُحَرَّمًا حَفْرُهُ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا أَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ أَوْ صَبَّ مَاءً بِفِنَائِهِ أَوْ بِطَرِيقٍ أَوْ بَالَتْ بِهَا دَابَّتُهُ وَيَدُهُ عَلَيْهَا،

_ كتاب الديات جمع دية، كعدة، من وديت، أي: أديت الدية. قوله: (أفعى) الأفعى، قال الزبيدي: هي حية رقشاء، دقيقة العنق، عريضةُ الرأس، وربما كانت ذات قرنين، وهي أفعلُ، تقول: هذه أفعى بالتنوين، وكذلك أروى، وتفعَّى الرجل: صار كالأفعى في الشر. ابن عادل.

كَرَاكِبٍ وَسَائِقٍ وَقَائِدٍ أَوْ رَمَى مِنْ مَنْزِلِهِ حَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ حَمَلَ بِيَدِهِ رُمْحًا جَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ لَا إنْ جَعَلَهُ قَائِمًا فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ يَمْشِي أَوْ وَقَعَ عَلَى نَائِمٍ بِفِنَاءٍ جِدَارٌ فَأَتْلَفَ إنْسَانًا أَوْ تَلِفَ بِهِ فَمَا مَعَ قَصْدِ شِبْهُ عَمْدٍ وبِدُونِهِ خَطَأٌ وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَمْسَكَ يَدَهُ فَمَاتَ وَنَحْوَهُ أَوْ تَلِفَ وَاقِعٌ عَلَى نَائِمٍ فَهَدَرٌ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ آخَرُ حَجَرًا أَوْ نَحْوَهُ كَكِيسٍ دَرَاهِمَ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ ضَمِنَ وَاضِعُ كَدَافِعٍ مَعَ حَافِرٍ إذَا تَعَدَّيَا وَإِلَّا فعَلَى مُتَعَدٍّ مِنْهُمَا وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا قَصِيرَةً فَعَمَّقَهَا آخَرُ فَضَمَانُ تَالِفٍ بَيْنَهُمَا

_ قوله: (من منزله) أي: أو غيره. قوله: (فأتلف) بذلك المذكور من قولِهِ (أو حفر بئراً ... إلخ). قوله: (ضمن) أي: ما تلف منه من حيوانٍ، أو غيره، والمال في ماله، والدية - للخبر - على العاقلة. قوله: (واضعٌ) أي: لا حافرٌ. قوله: (كدافع) أي: مع حافرٍ. فإن الضمان على الدافع. قوله: (إذا تعدَّيا) أي: واضع الحجر، والحافر. قوله: (منهما) وإلا فلا ضمان. قوله: (بينهما) ولو اختلفا في قدر الحفر، فبينهما نصفينِ.

وَإِنْ وَضَعَ ثَالِثٌ فِيهَا سِكِّينًا فأَثْلَاثًا وَإِنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ وَسَتَرَهَا لِيَقَعَ فِيهَا أَحَدٌ فَمَنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ وَتَلِفَ بِهَا فالْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا كمَكْشُوفَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ إذْنِهِ لَا فِي كَشْفِهَا وَإِنْ تَلِفَ أَجِيرٌ لِحَفْرِهَا بِهَا أَوْ دَعَا مَنْ يَحْفِرُ لَهُ بِدَارِهِ أَوْ بِمَعْدِنٍ فَمَاتَ بِهَدْمِ فَهَدَرٌ وَمَنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا وَغَلَّهُ،

_ قوله: (فيها) أي: المشتركُ في حفرِها. قوله: (وإلا) أي: وإلا يدخل بإذنِهِ، فلا ضمان. قوله: (يراها) الداخل البصير، بخلاف ما لو كان أعمى، أو كانت في ظلمةٍ. قوله: (لا في كشْفِها) يعني: إذا ادَّعى ولي التالف بها أنها مغطاةٌ، بل يقبل قول ولي التالف، لأنه الظاهر. قوله: (أجيرٌ) أي: مكلف. قوله: (بها) أي: وكان الحفر مباحًا، أو محرمًا علم به الأجير، وإلا ضمن. قوله: (بداره) أي: أو أرضِهِ. قوله: (أو بمعدنٍ) أي: يُستخرج منه. قوله: (بهدمٍ) أي: بهدم ذلك عليه بلا فعلِ أحدٍ، فهدر، لأنه لا فعل للمستأجر في قتله بمباشرة، ولا سبب. قوله: (ومن قيد حرًا ... إلخ) وأما القن فيضمنه غاصبه، تلف أو أتلف بلا تفصيلٍ، كما تقدَّم، فلذلك اقتصر على الحر. فتدبر. قوله: (وغله) الغل: هو الحديد الذي يجعل في الرقبة،

أَوْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ فَالدِّيَةُ لَا إنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً فصل وإن تجاذب حران مكلفان حبلا أو نحوه فَانْقَطَعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ دِيَةُ الْآخَرِ لَكِنْ نِصْفُ دِيَةِ الْمُنْكَبِّ مُغَلَّظَةً والْمُسْتَلْقِي مُخَفَّفَةً

_ ومقتضاه: أنه إذا قيَّدَهُ فقط، أو غلَّه فقط، لا ضمان، لأنه يمكنه الفرار، أشبه ما لو ألقاهُ فيما يمكنُهُ الخلاصُ منه. قوله: (أو غصب) أي: حبس. قوله: (فتلف) أي: تلف من ذكر من مكلَّفٍ، أو صغير بحية ... إلخ. قوله: (أو صاعقةٍ) أي: نازلةٍ من السماء فيها رعد شديد. قاله الجوهري. قوله: (أو نحوه) كثوبٍ. قوله: (كل دية الآخر) هذا هو المذهب، وقيل: بل نصفُها، لأنه هلك بفعل نفسه، وفعل صاحبه، فيُهدر فعل نفسه. قال في "الإقناع": وهذا هو العدل، وكالمنجنيقِ إذا رجع فقتل أحد الثلاثة، قال: وإن مات أحدُهما، فديته كلها، أو نصفها على عاقلة الآخر، على الخلاف، أي: في المسألة الأولى، ذكر ذلك في مسألة المتصادمين، وجعلها أصلاً لمسألةِ المتجاذِبين، عكس صنيعِ المصنفِ.

وَإِنْ اصْطَدَمَا وَلَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَمَاتَا فكَمُتَجَاذِبَيْنِ وَإِنْ اصْطَدَمَا عَمْدًا ويَقْتُلُ غَالِبًا فعَمْدٌ يُلْزِمُ كُلًّا مِنْهُمَا دِيَةَ الْآخَرِ فِي ذِمَّتِهِ فَيَتَقَاصَّانِ وَإِلَّا فشِبْهُ عَمْدٍ وَإِنْ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَمَا تَلِفَ مِنْ دَابَّتَيْهِمَا فَقِيمَتُهُ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَاقِفًا أَوْ قَاعِدًا فَضَمَانُ مَالِهِمَا عَلَى سَائِرٍ وَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَا بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ مَمْلُوكٍ لَهُمَا لَا إنْ كَانَا بضَيِّقٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَلَا يَضْمَنَانِ لِسَائِرٍ شَيْئًا وَإِنْ اصْطَدَمَ قِنَّانِ مَاشِيَانِ فَمَاتَا فهَدَرٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقِيمَتُهُ فِي رَقَبَةِ الْآخَرِ كَسَائِرِ جِنَايَاتِهِ وَإِنْ كَانَا حُرًّا وَقِنًّا وَمَاتَا فَقِيمَةُ قِنٍّ فِي تَرِكَةِ حُرٍّ وَتَجِبُ دِيَةُ الْحُرِّ كَامِلَةً فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ

_ قوله: (فيتقاصَّان) أي: فيتساقطان إن تساوت الديتان، وإلا سقط من الأكثر بقدر الأقلِّ. قوله: (وإن كان أحدهما) أي: المصطدمين. قوله: (أو قاعدا) أي: والآخر سائرًا. قوله: (مملوك) قصدهما السائر. قوله: (ولا يضمنان) أي بطريق ضيقٍ غير مملوك، لأنه لم يجن. قوله: (كسائر جناياته) أي: التي لم تكن بإذنِ سيِّدِه. قوله: (في تلك القيمةِ) فإن تساوتِ

وَمَنْ أَرْكَبَ صَغِيرَيْنِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاصْطَدَمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا وَمَا تَلِفَ لَهُمَا مِنْ مَالِهِ فَإِنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيُّ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ رَكِبَا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمَا فكَبَالِغَيْنِ مُخْطِئَيْنِ وَإِنْ اصْطَدَمَ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ فَمَاتَ الصَّغِيرُ ضَمِنَهُ الْكَبِيرُ وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ ضَمِنَهُ مُرَكِّبُ الصَّغِيرِ وَمَنْ قَرَّبَ صَغِيرًا مِنْ هَدَفٍ فَأُصِيبَ بِسَهْمٍ فَمَاتَ ضَمِنَهُ وَمَنْ أَرْسَلَهُ لِحَاجَةٍ فَأَتْلَفَ نَفْسًا أَوْ مَالًا فَجِنَايَتُهُ خَطَأٌ مِنْ مُرْسِلِهِ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إنْ تَعَذَّرَ تَضْمِينُ الْجَانِي وَإِنْ كَانَ قِنًّا فَكَغَصْبِهِ

_ الدية والقيمةُ تقاصا، وإن كانت القيمة أكثر، سقط منها بقدر الدية، وباقيها للسيد، وإن كانت الدية أكثر، فلا شيء عليه. "شرح إقناع". قوله: (ضمنه مركب الصغير) أي: المتعدي إن وجد. قوله: (من هدفٍ) الهدف: ما رفع وبني في الأرض، ويوضع فيه قرطاس ليرمى، وهو الغرض المنصوب في الهواء، ويسمى القرطاس: هدفًا، وغرضا على الاستعارة. ابن عادل. قوله: (ضمنه) ما لم يقصدْه الرامي. قوله: (خطأ) فعليه ضمان المال، وعلى عاقلته الدية. قوله: (ضمنه) أي: المرسل. قوله: (الجاني) أي: لأنه مباشر. قوله: (وإن كان) أي: المرسل قناً بلا إذن سيده. قوله: (فكغصبه) أي: يضمنه.

وَمَنْ أَلْقَى حَجَرًا أَوْ عَدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا فِيهَا

_ قوله: (ومن ألقى حجرا، أو عدلا ... إلخ) أفاد بعطف (العدل) أنه لا فرق بين أن يكون المرمي من جنس ما فيها، أو لا. قال في "تصحيح الفروع" قلت: هي شبيهة بما إذا حمل على الدابة زيادة على قدر المأجور، أو جاوز بها المكان الذي استأجرها إليه، [وتلفت]، أو زاد في الحد سوطا فقتله به، والصحيح من المذهب: أنه يضمنه جميعه. انتهى. وكتب عليه التاج محمد البهوتي تلميذ صاحب هذا الكتاب ما صورته: ضمانه لما في السفينة كله ظاهر بالحجر والعدل، لأن التغريق إنما حصل بهما، أو بأحدهما، فأما ضمان الجميع في الحد والإجارة، فهو مقيد بالتلف، من خصوص الزائد المتعدى فيه، بخلاف ما إذا تلف بالمجموع فيهما، فإن سراية الحد غير مضمونة، كالقود، وكذلك تلف العين المؤجرة بالاستعمال المؤجر له المشروع، فإن تلف بهما معا فيهما، ضمن بحصَّتِه، فإن جهل مقداره أخذ بالأقل، لأنه اليقين، ولا يتأتى ذلك في السفينة، لأن الغرق فيها مخصوص بالزائد، لأنها لا تتأذى بالأصلي، ومحل الضمان للكل فيها إن غرقت بالزائد، والمركب في الضمان كما فيها من نفسٍ ومالٍ، وتعمده فيه القود مع تغريق مثلها بمثله غالبًا. انتهى ما كتبه على "تصحيح الفروع".

وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقِ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا قَصَدُوهُ فَعَمْدٌ وَلَا فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ دِيَتُهُ أَثْلَاثًا وَإِنْ قَتَلَ أَحَدَهُمْ سَقَطَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا دِيَتِهِ وَإِنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ

_ قوله: (بمنجنيق) المنجنيق: مؤنثة فارسية معربة، والميم مفتوحة عند الأكثرين، قال الجواليقي: مفتوحة ومكسورة، وحكى الفراءُ: المنجنوق بالواو، وحكى غيره: منجليق باللام، وأصله بالفارسية: من جى نيك. ابن عادل. قوله: (فعمد) خلافا لـ"الإقناع" في أنه شبه عمدٍ. قوله: (حالة) تبع في هذا القيد لـ"الإقناع" "المقنع" تبعًا لـ"الخرقي". قال الزركشي: وقد يستشكل بأن الجاني إذا حمل دية شبه العمد كانت من ماله مؤجَّلة،

فِي أَمْوَالِهِمْ. وَلَا يَضْمَنُ مَنْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ كَمَنْ أَوْتَرَ وَقَرَّبَ السَّهْمَ.

_ كذلك ههنا قد يقال. انتهى. وأطلق صاحب "الفروع" كـ"المحرر"، قال الشهاب الفتوحي: ولم يقيد بذلك في "الكافي" أيضًا. فالظاهر: أن المذهب عند صاحب "الفروع" وغيره، أنها ليست حالة. فليحرر. انتهى. قوله: (في أموالهم) لأن العاقلة لا تحمل دون الثلث. قوله: (ولا يضمن وضع الحجر ... إلخ) أي: حيث رمى غيره، ومثله لو عمَّر شخص بندقية، وقرب النار آخر للبارود، فإن الضمان على الثاني، لأنه كرامي المنجنيق، والقوس. فتدبر. قوله: (كمن أوتر) أي: هيأ القوس للرمي، بأن مد وترها، وقرب السهم، أي: وضعه في القوس، كما في "الإقناع" ثم رماه آخر، ولو صاحب القوس، فإن الضمان على الرامي، دون الواضع الموتر. قوله: (وقرب السهم) أي: فيضمن رامٍ فقط.

فصل ومن أتلف نفسه أو طرفه خطأ فهدر كعمد وَمَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ حُفْرَةٍ ثُمَّ ثَانٍ ثُمَّ ثَالِثٌ ثُمَّ رَابِعٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَمَاتُوا أَوْ بَعْضُهُمْ فَدَمُ الرَّابِعِ هَدَرٌ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَيْهِمَا وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِمْ

_ قوله: (ومن وقع في بئر) أي: بلا جذب. تاج الدين البهوتي. قوله: (أو بعضهم) أي: من الواقع عليهم، لا من وقوع أنفسهم. تاج الدين البهوتي. قوله وبخطه على قوله: (أو بعضهم) أي: فمات كل منهم، أو بعضهم بوقوع من بعده عليه، كما صرح به في "المقنع". ويؤخذ من كلام "المحرر": وأما إن لم يمت كل واحد منهم، أو بعضهم إلا بسقوط من تلاه في السقوط فقط عليه، فإن التالي هو الذي تختص عاقلته بضمان من سبقه في السقوط، كما صرح به في "المقنع". شهاب فتوحي. قوله: (هدر) لموته بفعل نفسه. قوله: (عليه) أي: على عاقلة الرابع.

وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِي والثَّانِي الثَّالِثَ والثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ

_ قوله: (وإن جذب الأول الثاني ... ) إلى قوله: (والثاني على الأول والثالث) قد يتوقف في وجه هذا الكلام، فإن مقتضى الظاهر: أن تكون دية الثاني على الأول الجاذب له، وعلى الرابع، لوقوعِهِ من غير جذب الثاني، وأما الثالث فالجاذب له هو الثاني، فكان ينبغي أن يكون وقوعُهُ غير مضمونٍ، وقد يوجه ما ذكره المصنِّف، بأن السبب في وقوع الرابع هو الثالث الجاذب له، فضمن ما حصل بسببه، فلهذا صارت دية الثاني - كما قال المصنف - على الأول والثالث نصفين. أما الأول: فلجذبه الثاني، وأما الثالث: فهو وإن كان مجذوبا للثاني، لكنه جذب الرابع، فضمن ما لزم بسببه، ومن هنا يظهر وجه ما ذكره المصنف أيضًا من قوله: (ودية الأول على الثاني والثالث نصفين). فإنما أوجبنا على الثاني نصف الدية مع كونه مجذوبًا للأول، لكونه ضمن ما حصل بسبب الثالث، لجذب الثاني له، وأوجبنا على الثالث النصف الآخر مع كونه مجذوبًا، لكونه ضمن ما حصل بسبب الرابع المجذوب للثالث، فتدبر هذا. فلعلك لا تجده في كتاب، بل هو مما فتح به الكريم الوهاب. قوله بخطه على قوله: (والثاني الثالث) ولكن هل يضمن الجاذب والدافع ما لزم المجذوب، والمدفوع بسببهما، لأنه سبب حامل، وعلة باعثة، وهو الذي تقتضيه القواعد الصحيحة من المذهب أم لا؟ احتمالان: والضابط في الجذب مع عدم إمكان التحامل، ضمان كل من الأول لمجذوبه، فالأول ضامن فقط، والأخير مضمون فقط، والوسائط ضامنة مضمونة باعتبارين،

الرَّابِعِ عَلَى الثَّالِثِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي والثَّانِي عَلَى لْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ

_ وكل من لزمه شيء بسببِ غيره، فضمانه على الغير إلى الأول فعليه الكل، وإن حصل التلف من الجذب، ونفس الوقوع، فالوقوع مقدم على الجذب، لأنه فرعه، عكس الحجر والسكين، بحفرة حصل التلف بهما، أو بأحدهما، ومع إمكان التحامل يلغو الجذبُ والدفع، ويضمن الواقع القادر على التحامل معهما، فأما الدفع مع عدم التحامل، فهو عكس الجذب، فالأول مضمونٌ فقط، والدافع الأخير ضامنٌ فقط والوسائط ضامنة بالاعتبارين، لكن هنا لا يضمن الدافعُ مضمون مدفوعه، لعدم تسببه فيه، بل مدفوعه فقط، عكس الجذب، ، وإن اشترك الجذب والدفع في القتل، فعليهما، والوقوع تبعا لهما. فأما الدافع بنفسه، فكالدافع الأخير، فهو ضامنٌ لا مضمون، تاج الدين البهوتي. قوله: (على الثالث) أي: على عاقلته. قوله: (والثاني ... إلخ) قال الشهاب الفتوحي فيما كتبه على "المحرر" يعني: إن هلك من وقعته، ووقعة الثالث والرابع، أما إن هلك من وقعته فقط، فديتُه على الأوَّل، وإن كان من وقعته، ووقعة الثالث فقط، فعلى الأول نصفها على المذهب. انتهى. قوله: (على الأول ... إلخ) أي: إن مات من وقوع الثالث عليه بجذب الأول له، ولغي جذبه للثالث، لأنه معذورٌ، إن كان الثالث يقدر على تماسكه به، وإلا فلا شيء على الثالث، لعجزه لمرضٍ، وضعف بشرةٍ،

وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ هَلَكَ بِوَقْعَةِ الثَّالِثِ فَضَمَانُ نِصْفِهِ عَلَى الثَّانِي وَالْبَاقِي هَدَرٌ وَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ مَاتُوا بِسُقُوطِهِمْ أَوْ قَتَلَهُمْ أَسَدٌ فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ، وَلَمْ يَتَجَاذَبُوا فَدِمَاؤُهُمْ مُهْدَرَةٌ وَإِنْ تَجَاذَبُوا أَوْ تَدَافَعَ كَمَا وَصَفْنَا فَقَتَلَهُمْ أَسَدٌ أَوْ نَحْوُهُ فَدَمُ الْأَوَّلِ هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الثَّانِي وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ

_ وسهوه، ومكتوف، أو مقيد. تاج الدين البهوتي. قوله: (وديةُ الأول على الثاني) يعني إن هلك من وقعةِ الثاني والثالث والرابع، أما إن هلك من وقعة الثاني فقط، فدمُه هدر، وإن هلك من وقعة الثاني والثالث فقط، فعلى الثاني نصفُها على المذهب. شهاب فتوحي على "المحرر". قوله: (نصفين) القياس: بل وعلى الرابع أثلاثا إن مات بوقوعهم عليه وقدروا على تماسكهم به. تاج الدين البهوتي. قوله: (بل ماتوا بسقوطهم) أي: أو كان البئرُ عميقًا يموت الواقع فيه بنفس الوقوع، أو كان فيه ما يغرق الواقع فيقتله. قاله في "الإقناع". وكذا لو شك في ذلك.

وَمَنْ نَامَ عَلَى سَقْفٍ فَهَوَى بِهِ عَلَى قَوْمٍ لَزِمَهُ الْمُكْثُ وَيَضْمَنُ مَا تَلَفَ بِدَوَامِ مُكْثٍ أَوْ بِانْتِقَالِهِ لَا بِسُقُوطِهِ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ غَيْرِ مُضْطَرٍّ أَوْ شَرَابِهِ فَطَلَبَهُ فَمَنَعَهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ أَخَذَ طَعَامَ غَيْرِهِ أَوْ شَرَابَهُ هُوَ عَاجِزٌ فَتَلِفَ أَوْ دَابَّتُهُ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ بِهِ صَائِلًا عَلَيْهِ مِنْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَأَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ لَا مَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ نَفْسٍ مِنْ هَلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ وَمَنْ أَفْزَعَ أَوْ ضَرَبَ وَلَوْ صَغِيرًا فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ وَلَمْ يَدُمْ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ وَيَضْمَنُ جِنَايَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ

_ قوله: (ويضمن ما تلِفَ) أي: من نفسٍ ومال. قوله: (غير مضطر) أي: أو خائف الإضطرار، كما سيأتي في الأطعمة. قوله: (فطلبه) لا إن لم يطلبه، قوله: (حتى مات) أي: مات المضطر، ضمنه رب الطعام، أو الشراب. قوله: (وهو عاجزٌ) أي: عن دفع الآخذ. قوله: (ولم يدم) فإن دام فسيأتي في ديات الأعضاء أن فيه دية. قوله: (ويضمن أيضا) أي: يضمن من أفزع أو ضرب، جناية المفزع، أو المضروب عليه، أو على غيره، لإلجائه إليه، وتحمله العاقلة بشرطه.

فصل ومن أدب ولده أو زوجته في نشوز أَوْ مُعَلَّمٌ صَبِيَّهُ أَوْ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهُ وَلَمْ يُسْرِفْ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ أَسْرَفَ أَوْ زَادَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ أَوْ ضَرَبَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ضَمِنَ وَمَنْ أَسْقَطَتْ بطَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ تَهْدِيدِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَاتَتْ بوَضْعِهَا أَوْ فَزَعًا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهَا أَوْ اسْتَعْدَى إنْسَانٌ ضَمِنَ السُّلْطَانُ مَا كَانَ بِطَلَبِهِ ابْتِدَاءً والْمُسْتَعْدِي مَا كَانَ بِسَبَبِهِ كَإِسْقَاطِهَا بِتَأْدِيبٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدٌ فِيهِمَا أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ لِمَرَضٍ وَلَوْ مَاتَتْ حَامِلٌ أَوْ حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ إنْ عَلِمَ رَبُّهُ ذَلِكَ عَادَةً

_ قوله: (أو استعدى) بالشرطة (إنسان) حاكما على حامل. قوله: (ابتداء) أي: بلا استعداء أحد. قوله: (ما كان بسببه) أي: بسبب استعدائه. وظاهره: ولو كانت ظالمةً. قوله: (لمرضٍ) أي: فتضمن حملها. "شرح". قوله: (ونحوه) ككبريت. قوله: (ذلك) أي: أنها تموت، أو حملها. قوله: (عادةً) أي:

وَإِنْ سَلَّمَ بَالِغٌ عَاقِلٌ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ إلَى سَابِحٍ حَاذِقٍ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ أَوْ أَمَرَ مُكَلَّفًا يَنْزِلُ بِئْرًا أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِهِ لَمْ يَضْمَنُهُ وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ سُلْطَانٌ كَاسْتِئْجَارِهِ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا ضَمِنَهُ وَمَنْ وَضَعَ عَلَى سَطْحِهِ جَرَّةً أَوْ نَحْوُهَا وَلَوْ مُتَطَرِّفَةً فَسَقَطَتْ بِرِيحٍ أَوْ نَحْوِهَا

_ بحسب المعتاد، وعلم أيضًا: أن الحامل ثم، فيضمن هنا رب الطعام، وإن لم تطلب الحامل منه، بخلاف مسألة المضطر إلى طعام غير المضطر، فإنه لا يضمن إذا لم يطلب، ولعل الفرق: أن مسألة ريح الطعام، وجد من رب الطعام تعدٍّ وتسبب في موت الحامل، بخلاف من معه طعامٌ اضطر إليه الغير، فإنه م يتعدَّ، ولا تسبب، كما لا يخفى على مَن له أدنى تأمل. قوله: (ضمنه) قال في "المغني" و "الشرح": وإذا كان المأمورُ صغيرًا لا يميز، فعليه إن كان مميزًا لا ضمان. قال في "الفروع": ولعل مراد الشيخ: ما جرى به عرف وعادة، كقرابة، وصحبة، وتعليم، ونحوه، فهذا متجه، وإلا ضمنه، وقد كان ابن عباس يلعب مع الصبيان فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاوية. قال في "شرح مسلم": لا يقال هذا تصرف في منفعة الصبي، لأنه قدر يسير ورد في الشرع بالمسامحة به للحاجة، واطرد به العرف، وعمل المسلمين. انتهى. "شرح إقناع".

عَلَى آدَمِيٍّ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَمَنْ دَفَعَهَا حَالَ سُقُوطِهَا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ تَدَحْرَجَتْ فَدَفَعَهَا عَنْهُ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ

_ قوله: (على آدمي) أي: أو على غيره.

باب مقادير ديات النفس

باب مقادير ديات النفس دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ: مِائَة بَعِيرٍ أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفَا شَاةٍ أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَبًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ فَقَطْ أُصُولُهَا فَإِذَا أَحْضَرَ مَنْ عَلَيْهِ دِيَةٌ أَحَدَهَا لَزِمَ قَبُولُهُ وَيَجِبُ مِنْ إبِلٍ فِي عَمْدٍ وَشِبْهِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَتُغَلَّظُ فِي طَرَفٍ كَوَتَجِبُ فِي خَطَأٍ أَخْمَاسًا: عِشْرُونَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَتُؤْخَذُ فِي بَقَرٍ مُسِنَّاتٍ وَأَتْبِعَةٍ

_ باب مقادير ديات النفس جمع مقدار: بمعنى: القدر، والمبلغ. قوله: (فقط) أي: دون الحلل، لأنها لا تنضبط. "شرح". قوله: (وتغلظ) أي: دية عمد وشبهه. قوله: (لا في غير إبل) أي: لعدم وروده. قوله: (وأتبعة) أي: نصفين. "شرح".

وفِي غَنَمٍ ثَنَايَا وَأَجْذِعَةٍ نِصْفَيْنِ وَتُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ مِنْ عَيْبٍ لَا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا دِيَةَ نَقْدٍ وَدِيَةُ أُنْثَى بِصِفَتِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ وَيَسْتَوِيَانِ فِي مُوجِبٍ دُونَ ثُلُثِ دِيَةٍ وَدِيَةُ خُنْثَى مُشْكِلٍ بِالصِّفَةِ نِصْفُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا جِرَاحُهُ

_ قوله: (وفي غنم: ثنايا وأجذعة، نصفين) أي: فيجب أن يدفع ألفاً من الثنايا وألفاً من الأجذعة، فالثنايا يجوز كونها من الضأن، وكونها من المعز، وكونها منهما، والأجذعة يجب كونها من الضأن؛ لأنه يجب هنا ما يجب في الزكاة من الأسنان المقدرة قياسا على الإبل، وتقدم في الزكاة: (يؤخذ من معز ثني وله سنة، ومن ضأن جذع وله ستة أشهر). قوله: (بصفته) أي: بصفة الحر المسلم المذكور؛ بأن تكون حرَّة مسلمة. قوله: (دون ثلث دية) كأصبع، أو أصبعين، أو ثلاث، ففي كل أصبع منهما عشرٌ، وفي أربعها عشرون على النصف من الأربعين الواجبة في أربعةٍ؛ ولذا قال ربيعة: لما عظمت مصيبتها، قلَّ عقلها، فقال له شيخه ابن المسيب: هكذا السنة يا بن أخي. رضي الله تعالى عنهم، ونفعنا بهم. قوله: (بالصفة) أي: المذكورة في كل من الذكر والأنثى، وهي: الإسلام والحريَّة؛ بأن يكون الخنثى كذلك. قوله: (نصف دية كل منهما) وذلك ثلاثة أرباع دية الذكر، حيث كان الواجب في الذكر الثلث فما فوقه، وأما ما دون الثلث كثلاث أصابع، فالثلاثة فيه سواءٌ. قوله: (وكذا جراحه) أي: إذا بلغ

وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ حُرٍّ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَكَذَا جِرَاحُهُ وَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ حُرٍّ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ وحُرٍّ مِنْ عَابِدِ وَثَنٍ وَغَيْرِهِ مُسْتَأْمَنٍ أَوْ مُعَاهَدٍ بِدَارِنَا ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجِرَاحُهُ بِالنِّسْبَةِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ فَدِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ. فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ فَكَمَجُوسِيٍّ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ

_ الثلث فأكثر، وأما ما دون الثلث، فلا يختلف بهما. "شرح". قوله: (ودية كتابيٍّ) أي يهودي، أو نصراني، ومن تدين بالتوراة والإنجيل. قوله: (أو معاهد) أي: أو مهادنٍ. قوله: (نصف دية حر مسلم) أي: إن لم يكن عمداً من مسلمٍ، فإنها تساوِي دية المسلم، كما سيأتي. محمد الخلوتي. قوله: (أو مستأمنٍ) أي: بدارِنا أو غيرِها، كما صرح به في "الإقناع". قوله: (وغيره) أي: من المشرِكين. قوله: (بدارنا) أي: أو غيرها، كما هو ظاهر "الإقناع". "شرح". قوله: (وجراحُه) أي: من ذكر من المجوسي ومن معه، وكذا أطراف من ذكر. قوله: (ومن لم تبلغه الدعوة) أي: دعوة الإسلام. قوله: (وإلا) أي: وإلا يكن له أمانٌ، فلا شيء فيه؛ لعدم العصمة.

وَدِيَةُ أُنْثَاهُمْ كَنِصْفِ ذَكَرِهِمْ وَتُغَلَّظُ دِيَةُ قَتْلٍ خَطَأٍ فِي كُلٍّ مِنْ حَرَمِ مَكَّةَ، وَإِحْرَامٍ، وَشَهْرٍ حَرَامٍ بِثُلُثِ فَمَعَ اجْتِمَاعِ كُلِّهَا دِيَتَانِ وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا عَمْدًا أُضْعِفَتْ دِيَتُهُ فصل ودية قن قِيمَتُهُ وَلَوْ فَوْقَ دِيَةِ حُرٍّ وَفِي جِرَاحِهِ إنْ قُدِّرَ مِنْ حُرٍّ بِقِسْطِهِ مِنْ قِيمَتِهِ نَقَصَ

_ قوله: (أنثاهم) أي: الكفار المتقدِّمين. قوله: (دية قتلٍ) أي: لا قطع طرف. قوله: (خطأ) أي: شبه عمد، لا عمداً. وقال القاضي: قياس المذهب: أو عمداً. قوله: (مكة) أي: دون المدينة. قوله: (وشهر حرام) أي: لا لرحم محرمٍ. قوله: (وإن قتل) أي: لا إن جَرحَ. قوله: (مسلم كافراً) أي: ذميًا، أو معاهداً عمداً. قوله: (أضعفت) أي: لعدم القوَدِ. قوله: (ودية قن ... إلخ) مطلقًا، أي: ذكراً كان، أو أنثى، أو خنثى، صغيراً، أو كبيراً، ولو مدبراً، أو أمَّ ولدٍ، أو مكاتباً. قوله: (من قيمته) ففي

بِجِنَايَةٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ وَإِلَّا فمَا نَقَصَهُ فَلَوْ جَنَى عَلَى رَأْسِهِ أَوْ وَجْهِهِ دُونَ مُوضِحَةٍ ضَمِنَ بِمَا نَقَصَ وَلَوْ أَنَّهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ وَفِي مُنَصَّفٍ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَكَذَا جِرَاحُهُ وَلَيْسَتْ أَمَةٌ كَحُرَّةٍ فِي رَدِّ أَرْشِ جِرَاحٍ بَلَغَ ثُلُثَ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ إلَى نِصْفِهِ وَمَنْ قَطَعَ خُصْيَتَيْ عَبْدٍ أَوْ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَيْهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ ثُمَّ خَصَاهُ فقِيمَتُهُ لِقَطْعِ ذَكَرِهِ وقِيمَتُهُ مَقْطُوعَةً وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ

_ لسانه قيمةٌ كاملة، وفي يده نصفُها، وفي موضحة عشر قيمته. قوله: (وفي منصف) أي: نصفه حر، ونصفه رقيق. قوله: (إلى نصفه) لأن ضمانها ضمان مالٍ، بخلاف الحرة، فإنها للنص. قوله: (مقطوعه) أي: ناقصاً بقطع ذكره، فلو عكس بأن خصاه، ثم قطع ذكره، فقيمته كاملة؛ لقطع الخصيتين، وما نقص بقطع الذكرِ؛ لأنه ذكر خصي لا دية فيه، ولا مقدر، ولو قطعهما معاً، فعليهِ قيمته مرتين.

فصل ودية جنين حر مسلم ولو أنثى أَوْ مَا تَصِيرُ بِهِ قِنٍّ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ ثُمَّ خَصَاهُ فقِيمَتُهُ لِقَطْعِ ذَكَرِهِ وقِيمَتُهُ مَقْطُوعَةً وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ أَوْ مَا تَصِيرُ بِهِ قِنٍّ أُمَّ وَلَدٍ إنْ ظَهَرَ أَوْ بَعْضُهُ مَيِّتًا وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَسَقَطَ أَوْ بَقِيَتْ مُتَأَلِّمَةً حَتَّى سَقَطَ وَلَوْ بِفِعْلِهَا أَوْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً حَامِلًا مِنْ ذِمِّيٍّ وَمَاتَ وَيُرَدُّ قَوْلُهَا حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ الْجَنِينِ أَمَةً وَهُوَ حُرٌّ فَتُقَدَّرُ حُرَّةً غُرَّةٌ عَبْدًا أَوْ أَمَةً قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ،

_ قوله: (ودية جنين) أي: الولد الذي في البطن. قوله: (أو بعضه) ولو أسقطت رأسين أو أكثر، فغرة واحدة. قوله: (بجناية) أي: أو ما في معناها من إفزاع، ونحوه مما تقدم. قوله: (فسقط) أي: الجنين في الحال. قوله: (حتى سقط) أي: وإلا فلا شيء فيه. قوله: (من مسلم) أي: إن لم تكن زوجة له. قوله: (وهو حر) أي: بشرط، أو غرور، إو إعتاقه وحده. قوله: (أو أمة) بدل من: (غرة). وتتعدد الغرة بتعدد الجنين. وقوله: (قيمتها خمس من الإبل) صفة للبدل لا للمبدل منه؛ لئلا يلزم الفصل بين الصفة والموصوف بالبدل. وأنث الضمير؛ إما رعاية لأقرب مذكور، أو بتأويل النفس. فتدبر.

مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا فَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَاتِلٍ وَلَا لِكَامِلٍ رِقٍّ وَيَرِثُهَا عَصَبَةُ سَيِّدِ قَاتِلِ جَنِينِ أَمَتِهِ الْحُرِّ وَلَا يُقْبَلُ فِيهَا خَصِيٌّ وَنَحْوُهُ وَلَا مَعِيبٌ يُرَدُّ بِهِ فِي بَيْعٍ وَلَا مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ وَإِنْ أَعْوَزَتْ فالدِّيَةِ وَتُعْتَبَرُ سَلِيمَةً مَعَ سَلَامَتِهِ وَعَيْبُ الْأُمِّ وَجَنِينٌ مُبَعَّضٌ بِحِسَابِهِ وَفِي قِنٍّ وَلَوْ أُنْثَى عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ وتُقَدَّرُ الْحُرَّةُ أَمَةً وَيُؤْخَذُ عُشْرُ قِيمَتِهَا يَوْمَ جِنَايَةٍ نَقْدًا وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ فَعَتَقَ جَنِينُهَا ثُمَّ سَقَطَ أَوْ بَطْنَ مَيِّتَةٍ أَوْ

_ قوله: (كأنه سقط حياً) أي: ثم مات. قوله: (ونحوه) كخنثى. قوله: (ولا معيب) كأعور، ومكاتب. قوله: (مع سلامته) وهذا إنما يتضح في الجنين القن، وأما الحر فلا تختلف ديته باختلاف ذلك، كما سبق. "شرح". قوله: (بحسابه) أي: من ديةٍ، وقيمةٍ. قوله: (وتقدر الحرة أمة) أي: كما لو أعتقها سيِّدها، واستثناه. قوله: (فعتق جنينُها) أي: بأن أعتقه السيِّد وحده مثلاً.

عُضْوًا وَخَرَجَ مَيْتًا وشُوهِدَ بِالْجَوْفِ يَتَحَرَّكُ فَفِيهِ غُرَّةٌ وَفِي مَحْكُومٍ بِكُفْرِهِ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ أَشْرَفَ دِينًا كَمَجُوسِيَّةٍ تَحْتَ كِتَابِيٍّ، أَوْ كِتَابِيَّةٍ تَحْتَ مُسْلِمٍ فغُرَّةٌ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ لَوْ كَانَتْ عَلَى ذَلِكَ الدِّينِ وَإِنْ سَقَطَ حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ وَهُوَ نِصْفُ سَنَةٍ فَصَاعِدًا وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ فَفِيهِ مَا فِيهِ مَوْلُودًا وَإِلَّا فَكَمَيِّتٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي خُرُوجِهِ حَيًّا وَلَا بَيِّنَةَ فَقَوْلُ جَانٍ وَفِي جَنِينِ دَابَّةٍ مَا نَقَصَ أُمَّهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ أَوْ فَفِيهِ قَوَدٌ، وَاخْتِيرَ الْمَالُ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ بَيْعِهِ فِي الْجِنَايَةِ وَفِدَائِهِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ بِأَمْرِهِ أَوْ إذْنِهِ فَدَاهُ بِأَرْشِهَا كُلِّهِ وَإِلَّا وَلَوْ أَعْتَقَهُ وَلَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فبِالْأَقَلِّ مِنْهُ أَوْ مِنْ قِيمَتِهِ

_ قوله: (بالجوف) أي: جوف الميتة. قوله: (ففيه غرة) أي: اعتبارًا بحال السقوط. قوله: (على ذلك الدين) لتبعه الأشرف ديناً. قوله: (لا قوَدَ فيه) أي: كجائفةٍ. قوله: (أو من قيمتِه) هذا مما أولع به الفقهاء، وغيرهم. والصواب: العطف في مثله بالواو. قاله ابن هشام في "المغني".

وَإِنْ سَلَّمَهُ فَأَبَى وَلِيُّ قَبُولَهُ وَقَالَ بِعْهُ أَنْتَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَبِيعُهُ حَاكِمٌ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَوَارِثٍ فِي تَرِكَةِ وَإِنْ جَنَى عَمْدًا فَعَفَا وَلِيُّ قَوَدٍ عَلَى رَقَبَتِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ بِغَيْرِ رِضَا سَيِّدِهِ وَإِنْ جَنَى عَلَى عَدَدٍ خَطَأً زَاحَمَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ فَلَوْ عَفَا الْبَعْضُ أَوْ كَانَ وَاحِدًا فَمَاتَ وَعَفَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْبَاقِي بِجَمِيعِهِ وَشِرَاءُ وَلِيِّ قَوَدٍ لَهُ عَفْوٌ عَنْهُ وَإِنْ جَرَحَ حُرًّا فَعَفَا ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ وَاخْتَارَ سَيِّدُهُ فِدَاهُ فَإِنْ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لَوْ لَمْ يَعْفُ فَدَاهُ بِثُلُثَيْهَا وَإِنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ زِدْت نِصْفَهَا عَلَى قِيمَتِهِ فَيَفْدِيهِ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَبْلَغِ وَيَضْمَنُ مُعْتَقٌ مَا تَلِفَ بِبِئْرٍ حَفَرَهُ قِنًّا

_ قوله: (وله) أي: سيِّدُ الجاني. قوله: (في تركةٍ) ثم إن وفى وإلا رد التصرف، وتقدم: (ينفذ عتق). قوله: (له عفو عنه) قلت: ينبغي أن يكون دخوله في ملكه باختياره، كالبيع، بخلاف الإرث. "شرح إقناع". قوله: (من جراحته) أي: ولم تجز الورثة. قوله: (لو لم يعف) بأن كانت بلا أمره، ولا إذنه. قوله: (فيفديه) أي: من ديةِ الحرِّ. قوله: (حفره) أي: تعدياً، اعتبارًا بحال التلف.

باب دية الأعضاء ومنافعها

باب دية الأعضاء ومنافعها مَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ وَاحِدٌ

_ باب دية الأعضاء ومنافعها جمع منفعةٍ، اسم مصدر، بمعنى: النفع. قال ابن العماد في "الذريعة": في الآدمي خمسة وأربعون عضواً. منها ما يذكر، ومنها ما يؤنث، ومنها ما يجوز فيه التذكير والتأنيث. فالذي يذكر ستة عشر: المنخر، والذقن، والناجذ، والناب، والثغر، والخد، والرأس، والجبين، والأنف، والشبر، والباع، والثدي، والبطن، والظهر، والمعاء، والفم. والذي يؤنث أحد وعشرون: اليمين، والشمال، والإصبع، والعضد، والضلع، والكراع، والعين، والأذن، والكبد، والسن، والرجل، والساق، والورك، والقدم، والقتب - بكسر القاف- واحد الأقتاب، وهي: الأمعاء، والعقب، والكرش، والعجز، واليد، والكف، والفخذ، والذي يجوز فيه التذكير والتأنيث ثمانية: الضرس، واللسان، والعاتق، والعنق، والإبط، والذراع، والمتن، والقفا. وقد نظمها الإمام البارزي -رحمه الله تعالى- في قوله: أنث يمينا شمالا إصبعا عضدا ... ضلعا كراعاً وعينا أذنا الكبدا سنا ورجلا وساقا وركها قدما ... قتباً وعقبا وكرشا عجزها ويدا كفا وفخذا وذكر منخرا ذقنا ... وناجذا ناب ثغر خده أبدا رأسا جبينا وأنفا شبر باعهم ... ثديا وبطنا معا ظهراً فما سردا هما بضرس لسان عاتق عنق ... إبط ذراع ومتن مع قفا وردا

كَأَنْفٍ وَلَوْ مَعَ عِوَجِهِ وذَكَرٍ وَلَوْ لِصَغِيرٍ أَوْ شَيْخٍ فَانٍ ولِسَانٍ يَنْطِقُ بِهِ كَبِيرٌ أَوْ يُحَرِّكُهُ صَغِيرٌ بِبُكَاءٍ فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ وَمَا فِيهِ مِنْهُ شَيْئَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا كَعَيْنَيْنِ وَلَوْ مَعَ حَوَلٍ أَوْ عَمَشٍ وَمَعَ بَيَاضٍ يُنْقِصُ الْبَصَرَ تَنْقُصُ بِقَدْرِهِ وأُذُنَيْنِ وَشَفَتَيْنِ ولَحْيَيْنِ وثَنْدُوَتَيْ رَجُلٍ وأُنْثَيَيْهِ وثَدْيَيْ أُنْثَى

_ قوله: (كأنف) قطع كله أو مارنه. قوله: (ببكاء) أي: مع بكاء. تاج الدين البهوتي. قوله: (ففيه دية نفسِهِ) أي: المقطوع منه ذلك. "شرح". قوله: (ولو مع حول) قال الأصمعي: الحول في العين: أن تكون كأنها تنظر إلى الحجاج بفتح المهملة بعدها جيمان، وهو العظم الذي ينبت عليه الحاجب. وفي العين أيضًا القبل: أن تكون كأنها تنظر إلى عرض الأنف، وكلاهما -بفتحتين- مصدر حولت عينه تحول حولا، وقبلت تقبل قبلا. انتهى. ملخصا من "شواهد" العيني. قوله: (ومع بياض) أي: بياض العينين، أو إحداهما. قوله: (وشفتين) أي: استوعبتا، وفي بعض بقسطه، وتقدَّر بالأجزاء. قوله: (ولحيين) هما: العظمان اللذان فيهما الأسنان. قوله: (وثندؤتي رجل) وهي: مغرز الثدي، والواحدة: ثندوة بفتح الثاء بلا همز، وبضمها مع الهمز. قاله في "الفروع" وهو موافق لما في "المطلع" وفي "حواشي" ابن نصر الله

وَإِسْكَتَيْهَا وَهُمَا شَفْرَاهَا ويَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ وَقَدَمُ أَعْرَجَ وَيَدُ أَعْسَمٍ وَهُوَ أَعْوَجُ الرُّسْغِ ومُرْتَعِشٌ كَصَحِيحٍ لِلتَّسَاوِي فِي الْبَطْشِ وَمَنْ لَهُ كَفَّانِ عَلَى ذِرَاعٍ أَوْ يَدَانِ وَذِرَاعَانِ عَلَى عَضُدٍ وَتَسَاوَتَا فِي غَيْرِ بَطْشٍ فَفِيهَا حُكُومَةٌ وفِي بَطْشٍ أَيْضًا فيَدٍ وَلِلزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ

_ على الكتاب: والثندوة بالضم ثم السكون ثم الضم خاص بالرجل، وإذا همز فتح أوله. انتهى. كذا بخط الشهاب الفتوحي على "المحرر". قوله: (وإسكتيها) الإسكتان، بكسر الهمزة وفتح الكاف، هما: حرفا شق فرجها. قال الأزهري: ويفترق الإسكتان والشفران؛ بأن الإسكتين، ناحيتا الفرج، والشفران، طرفا الناحيتين. ابن عادل. وكتبَ أيضًا: الشفر بضمِّ الشين لا غير - بخلاف شفر العين، ففيه الفتح أيضاً - طرف جانب الفرج، وشفر كل شيء حرفُه. ويقال أيضاً: شافر الفرج، وشفيرها. انتهى. قوله: (وهما شُفْراها) أي: حافتا فرجها، ولو رتقاء. قوله: (وهو أعوج الرسغ) أي: موصل الذراعِ. قوله: (في غير بطشٍ) أي: قوةٍ. تاج.

دِيَةِ يَدٍ وَحُكُومَةٌ، وَفِي أَصَابِعِ إحْدَاهُمَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ وَلَا يُقَادَانِ وَلَا تُقَادُ إحْدَاهُمَا بِيَدٍ وَكَذَا حُكْمُ رِجْلٍ وَفِي أَلْيَتَيْنِ وَهُمَا مَا عَلَا الظَّهْرَ، وَعَنْ اسْتِوَاءِ الْفَخِذَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْعَظْمِ الدِّيَةُ وَفِي مَنْخَرَيْنِ ثُلُثَاهَا وَفِي حَاجِزٍ ثُلُثُهَا وَفِي الْأَجْفَانِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا رُبْعُهَا وَفِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أُصْبُعِ عُشْرُهَا وَفِي الْأُنْمُلَةِ وَلَوْ مَعَ ظُفْرٍ مِنْ إبْهَامِ نِصْفُ عُشْرِ ومِنْ غَيْرِهِ ثُلُثُهُ وَفِي ظُفْرٍ لَمْ يَعُدْ أَوْ عَادَ أَسْوَدَ خُمْسُ دِيَةِ أُصْبُعٍ وَفِي سِنٍّ أَوْ نَابٍ أَوْ ضِرْسٍ قُلِعَ بِسِنْخِهِ أَوْ الظَّاهِرُ فَقَطْ

_ قوله: (خمسة أبعرةٍ) وقياس ما قبله: وحكومةٌ، وجزم به في "الإقناع" "شرح". قوله: (بسنخه) أي: أصله، وهو في اللثة. فائدة: الأسنان اثنان وثلاثون: أربعُ ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة

وَلَوْ مِنْ صَغِيرٍ وَلَمْ يَعُدْ أَوْ عَادَ أَسْوَدَ وَاسْتَمَرَّ أَوْ أَبْيَضَ ثُمَّ اسْوَدَّ بِلَا عِلَّةٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي سِنْخٍ وَحْدَهُ وسِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ عَادَ قَصِيرًا أَوْ مُتَغَيِّرًا أَوْ ابْيَضَّ ثُمَّ اسْوَدَّ لِعِلَّةٍ حُكُومَةٌ

_ أنياب، وعشرون ضرسًا، في كل جانب عشرة: خمسةٌ من فوق، وخمسة من أسفل، فيكون في جميعها مئة وستون بعيراً. "حاشية". وقد نظم ذلك السيد عبد الله الطبلاوي فقال: يرى في فم الإنسان ثنتان بعدها ... ثلاثون سنا نصفها ذكر فمنها الثنايا أربع ورباعيا ... تها أربع والناب أربعة مثل وأضراسه عشرون منها ضواحك ... للأربعة الأولى التي نابه تتلو وثنتان بعد العشر تدعى طواحنا ... والأربعة القصوى النواجذ قد قوله: (وفي سنخ) وهو ما في اللثة.

وَتَجِبُ دِيَةُ يَدٍ ورِجْلٍ بِقَطْعِ مِنْ كُوعٍ وكَعْبٍ وَلَا شَيْءَ فِي زَائِدٍ لَوْ قُطِعَا مِنْ فَوْقَ ذَلِكَ وَفِي مَارِنِ أَنْفٍ وَحَشَفَةِ ذَكَرٍ وَحَلَمَةِ ثَدْيٍ وتَسْوِيدِ سِنٍّ وَظُفْرٍ وأَنْفٍ شَلَلِ غَيْرِ أَنْفٍ وأُذُنٍ كَيَدٍ ومَثَانَةٍ أَوْ ذَهَابِ نَفْعِ عُضْوٍ دِيَتُهُ كَامِلَةً وَفِي شَفَتَيْنِ صَارَتَا لَا تَنْطَبِقَانِ عَلَى أَسْنَانٍ أَوْ اسْتَرْخَتَا فَلَمْ تَنْفَصِلَا عَنْهُمَا دِيَتُهُمَا وَفِي قَطْعِ أَشَلَّ وَمَخْرُومٍ مِنْ أُذُنٍ وَأَنْفٍ وأُذُنِ أَصَمَّ وَأَنْفٍ أَخْشَمَ دِيَتُهُ كَامِلَةٌ وَفِي نِصْفِ ذَكَرٍ بِالطُّولِ نِصْفُ دِيَتِهِ

_ قوله: (غير أنف) وأمَّا شلل الأنف والأذن، فسيأتي أنَّ فيه حكومةً. قوله: (ومثانةٍ) هي مجتمع البول. قوله: (وفي قطع أشلَّ) أي: من أذن، أو أنف. قوله: (أخشم) أي: لا يجدُ الرائحةَ. قوله: (بالطول) وقيل: تجبُ الدية كاملة، واختاره في "الإقناع". فإن ذهب نكاحُهُ، فالديةُ كاملةً.

وَفِي عَيْنٍ قَائِمَةٍ بِمَكَانِهَا صَحِيحَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ ذَهَبَ نَظَرُهَا وعُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ وَبَقِيَتْ صُورَتُهُ أَشَلَّ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَثَدْيٍ وَذَكَرٍ وَلِسَانِ أَخْرَسَ أَوْ طِفْلٍ أَنْ يُحَرِّكَهُ بِبُكَاءٍ أَوْ لَمْ يُحَرِّكْهُ أَوْ ذَكَرِ خَصِيٍّ وَعِنِّينٍ وَسِنٍّ سَوْدَاءَ وَثَدْيٍ بِلَا حَلَمَةٍ وَذَكَرٍ بِلَا حَشَفَةٍ وَقَصَبَةِ أَنْفٍ وَشَحْمَةِ أُذُنٍ وزَائِدٍ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَسِنٍّ وَشَلَلِ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَتَعْوِيجِهِمَا حُكُومَةٌ وَفِي ذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ قُطِعُوا مَعًا أَوْ هُوَ ثُمَّ هُمَا دِيَتَانِ وَإِنْ قُطِعَتَا ثُمَّ قُطِعَ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِيهِ حُكُومَةٌ وَمَنْ قَطَعَ أَنْفًا أَوْ قَطَعَ أُذُنَيْنِ فَذَهَبَ الشَّمُّ أَوْ السَّمْعُ فدِيَتَانِ وَتَنْدَرِجُ دِيَةُ نَفْعِ بَاقِي الْأَعْضَاءِ فِي دِيَتِهَا تَجِبُ كَامِلَةً فِي كُلِّ حَاسَّةٍ مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ

_ قوله: (ولسان أخرس) أي: لا ذوقَ له، وإلا ففيه دية، كما سيأتي. قوله: (قُطعوا معًا) أي: دفعة واحدة. قوله: (باقي الأعضاءِ) كلسانٍ، وعينين. قوله: (في كلِّ حاسة) أي: في إذهابٍ، وكذا ما بعده. قوله: (وذوق)

وفِي كَلَامٍ وعَقْلٍ وحَدَبٍ وصَعَرٍ بِأَنْ يُضْرَبَ فَيَصِيرُ وَجْهُهُ فِي جَانِبٍ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وفِي تَسْوِيدِهِ وَلَمْ يَزُلْ وصَيْرُورَتِهِ لَا يَسْتَمْسِكُ غَائِطًا أَوْ بَوْلًا

_ قال الجراعي: ولمس. تاج الدين البهوتي. وبخط والد المصنف على "المحرر": لم يذكروا اللمسَ مع كونِه من الحواسَّ التي أثبتها المتكلمون؛ لأنه لا يفقد مع حياةِ الإنسان، وأما إذا فقد في بعض الأعضاء، كما إذا شلَّت يده، فبطلت حاسة اللمس منها، فإنه تجب دية ذلك العضو. انتهى. وحاصله: أنهم اكتفوا بالشلل عن اللمس؛ لأن فيه تفصيلاً؛ إذ هو في الأنف، والأذن ليس فيه إلا حكومةٌ، وفي غيرهما، كاليد والرجل، دية ذلك العضو، كما تقدم، لكن تقدم لك أيضاً عن الجراعي، أنه ذكر اللمس مع الحواس، فقضيته أن فيه دية واحدة، وهو يخالف مُقتضى حكمهم عليه بحكم الشلل؛ إذ مقتضى ما ذكروا: أنه لو جنى عليه، فشلَّت يداه ورجلاه مثلا، وجب عليه ديتان. وعلى كلام الجراعي دية واحدة، فليحرر. قوله: (ولم يزل) وإن صار الوجه أحمر أو أصفر، فحكومةٌ، كما لو اسودَّ بعضُه؛ لأنه لم يُذهب الجمال على الكمال. "شرح". فإن كان أسود، قبل في الأوليين، فهل يعزَّر الفاعل من غير حكومةٍ؛ لعدم النقص، أم تجب الحكومة؟ الظاهر: الأول.

ومَنْفَعَةِ مَشْيٍ ونِكَاحٍ وأَكْلٍ وصَوْتٍ وبَطْشٍ وفِي بَعْضٍ يُعْلَمُ بِقَدْرِهِ كَأَنْ يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ آخَرَ. أَوْ يَذْهَبُ ضَوْءُ عَيْنٍ أَوْ شَمُّ مَنْخَرٍ أَوْ سَمْعُ أُذُنٍ أَوْ أَحَدُ الْمَذَاقِ الْخَمْسِ وَهِيَ: الْحَلَاوَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالْعُذُوبَةُ وَالْمُلُوحَةِ وَالْحُمُوضَةِ وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خُمْسُ الدِّيَةِ وفِي بَعْضِ الْكَلَامِ بِحِسَابِهِ وَيُقَسَّمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ كَنَقْصِ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشَمٍّ وَمَشْيٍ وَانْحِنَاءٍ قَلِيلًا أَوْ بِأَنْ صَارَ مَدْهُوشًا أَوْ فِي كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ عَجَلَةٌ أَوْ ثَقُلَ أَوْ أَوْ يَبْلَعُ رِيقَهُ إلَّا بِشِدَّةٍ أَوْ اسْوَدَّ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ أَوْ احْمَرَّ أَوْ تَقَلَّصَتْ شَفَتُهُ بَعْضَ التَّقَلُّصِ أَوْ تَحَرَّكَتْ سِنُّهُ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ أَوْ كَلَّتْ فحُكُومَةٌ

_ قوله: (أو كلت) أي: ذهبت حركتها؛ بأن لا يمكنه عضُّ شيءٍ بها.

وَمَنْ صَارَ أَلْثَغَ فَلَهُ دِيَةُ الْحَرْفِ الذَّاهِبِ وَلَوْ أَذْهَبَ كَلَامَ أَلْثَغَ فَإِنْ كَانَ مَأْيُوسًا مِنْ ذَهَابِ لُثْغَتِهِ فَفِيهِ بِقِسْطِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْحُرُوفِ وَإِلَّا كَصَغِيرٍ فالدِّيَةُ وَإِنْ قُطِعَ بَعْضُ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا فَعَلَى مَنْ قَطَعَ رُبْعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَى مَنْ قَطَعَ بَقِيَّتَهُ تَتِمَّتُهَا مَعَ حُكُومَةٍ لِرُبْعِ اللِّسَانِ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَهُ فَذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ ثُمَّ آخَرُ بَقِيَّتَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُهَا وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَمَنْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَذَهَبَ نُطْقُهُ وَذَوْقُهُ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فدِيَةٌ

_ قوله: (ومن صار ألثغ ... إلخ) هو داخل في قوله قبل: (وفي بعض الكلام بحسابه)، نبَّه عليه رفعًا لتوهُّم دخوله في قوله: (أو في كلامه تمتمة ... إلخ) قوله: (تتمَّتها مع حكومةٍ) لنصف الكلام المندرج فيه نصف اللسان، وأما بقيةُ اللسان، أعني: الربع، لأنه قطع بقية اللسان، أي: ثلاثة أرباعه، فحكومةٌ للربع، كما ذكره المصنف - رحمه الله تعالى - لأنه أشلُّ لا نفع فيه. قوله: (ثلاثة أرباعها) نظرًا لثلاثةِ أرباع الكلام. قوله: (أو كان أخرس) أي: أو كان المقطوعُ لسانه أخرسَ، لا ينطقُ به مع كونه ذا ذوقٍ،

وَإِنْ ذَهَبَا وَاللِّسَانُ بَاقٍ أَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ فَدِيَتَاهُ وَإِنْ ذَهَبَ مَاؤُهُ أَوْ إحْبَالُهُ فَالدِّيَةُ وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ جِنَايَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ فِي دِيَتِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ فِي نَقْصِ بَصَرِهِ وَسَمْعِهِ وفِي قَدْرِ مَا أَتْلَفَ كُلٌّ مِنْ جَانِبَيْنِ فَأَكْثَرَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ بَصَرِ أَرَى أَهْلَ الْخِبْرَةِ وَامْتُحِنَ بِتَقْرِيبِ شَيْءٍ إلَى عَيْنَيْهِ وَقْتَ غَفْلَتِهِ وفِي ذَهَابِ سَمْعٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ صِيحَ بِهِ فِي غَفْلَتِهِ وَأُتْبِعَ بِمُنْتِنٍ وَأُطْعِمَ الْمُرَّ فَإِنْ فَزَعَ مِنْ الصَّائِحِ أَوْ مِنْ مُقَرَّبٍ لِعَيْنَيْهِ أَوْ عَبَسَ لِلْمُنْتِنِ أَوْ الْمُرِّ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ وَأَلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَرُدُّ الدِّيَةَ آخِذٌ عُلِمَ كَذِبُهُ

_ فذهب ذوقه، فدية لإذهاب الذوق، ويندرج فيها حكومةُ اللسان، فلو كان الأخرس لا ذوق له، فلا دية، كما تقدَّم، فالذوق هو الفارق بين ما هنا، وما تقدم. فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (أو كان أخرس) ولا يعارضه ما تقدم من أنَّ لسان الأخرس فيه حكومة؛ لأنا نقول: الذوق يفرق بينهما. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (فديتان) لعدم التبعيَّة إذن. قوله: (في ديته) أي: لتغايرِهما.

فصل وفي كل من الشعور الأربعة الدية وَهِيَ شَعْرُ رَأْسٍ ولِحْيَةٍ وحَاجِبَيْنِ وأَهْدَابِ عَيْنَيْنِ وَفِي حَاجِبٍ نِصْفُ وَفِي هُدْبٍ رُبْعُ وَفِي بَعْضِ كُلٍّ بِقِسْطِهِ وَفِي شَارِبٍ حُكُومَةٌ وَمَا عَادَ سَقَطَ مَا فِيهِ وَمَنْ تَرَكَ مِنْ لِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فدِيَتُهُ كَامِلَةٌ وَإِنْ قَلَعَ جَفْنًا بِهُدْبِهِ فَدِيَةُ الْجَفْنِ فَقَطْ وَإِنْ قَطَعَ لَحْيَيْنِ بِأَسْنَانِهِمَا فدِيَةُ الْكُلِّ وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لَمْ تَجِبْ غَيْرُ دِيَةِ يَدٍ وَإِنْ كَانَ بِهِ

_ قوله: (فدية الكل) أي: كل من اللحيين، والأسنانِ؛ لأن الأسنان ليست متصلة باللحيين بل مغروزة فيهما. قوله: (دية يدٍ) واندرجت الكف في الأصابع؛ لدخول الكل في مسمى اليد.

بَعْضُهَا دَخَلَ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ مَا حَاذَاهَا وَعَلَيْهِ أَرْشُ بَقِيَّةُ الْكَفِّ وَفِي كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ وذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ وعَضُدٍ بِلَا ذِرَاعٍ ثُلُثُ دِيَتِهِ وَكَذَا تَفْصِيلِيُّ رِجْلٍ وَفِي عَيْنِ أَعْوَرَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ قَلَعَهَا صَحِيحُ أُقِيدَ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ مَعَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ مَا يُمَاثِلُ صَحِيحَتَهُ مِنْ صَحِيحِ عَمْدًا فدِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا قَوَدَ وخَطَأً فَنِصْفُهَا وَإِنْ قَلَعَ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ فَقَطْ

_ قوله: (وكذا تفصيل رجل) أي: خلافاً لـ"الإقناع" في قوله: بالحكومةِ. قوله: (دية كاملة) أي: ولو خطأ، تاج الدين البهوتي. قوله أيضًا على قوله: (دية كاملة) وهذا من الأماكن التي تغلَّظ فيه الغرامةُ بتضعيفها، وكذلك قتل المسلم الكافر عمداً، وكذلك التقاط الحيوان الممتنع من صغار السباع، إذا تلف في يدِهِ. ابن عادل، رحمه الله.

وفِي يَدِ أَقْطَعَ أَوْ رِجْلِهِ وَلَوْ عَمْدًا أَوْ مَعَ ذَهَابِ الْأُولَى هَدَرًا نِصْفُ دِيَتِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَلَوْ قَطَعَ يَدَ صَحِيحٍ أُقِيدَ بِشَرْطِهِ

_ قوله: (كبقية الأعضاء) يعني: فليست كالعينِ. قال والدُ المصنف: والفرقُ بينهما على المذهبِ: أنَّ يد الأقطعِ، أو رجله لا تقومُ مقامَ الثنتين، فكان فيها نصف الديةِ، كما لو قطع أذن مقطوع الأذن الأخرى بخلافِ عين الأعور، فإنها قائمة في الإدراك مقام الثنتين، فلذلك وجبَ فيها ديةٌ كاملة. انتهى بحروفهِ.

باب الشجاج وكسر العظام

باب الشجاج وكسر العظام الشَّجَّةُ: جُرْحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَهِيَ عَشْرٌ خَمْسٌ فِيهَا حُكُومَةٌ الْحَارِصَةُ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ، أَيْ: تَشُقُّهُ وَلَا تُدْمِيهِ ثُمَّ الْبَاذِلَةُ: الدَّامِيَةُ الدَّامِعَةُ الَّتِي تُدْمِيهِ ثُمَّ الْبَاضِعَةُ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ الْغَائِصَةُ فِيهِ

_ باب الشجاج وكسر العظام من الشجِّ: بمعنى القطع. أي: بيان ما يجبُ فيها. قوله: (جرح الرأس والوجهِ) أي: فقط، لا يد، ورجلٌ، وفي غيرهما الجرحُ فقط، فهو أعمُّ من الشجة، وهي أخص، ونظمها شيخنا العلامة محمد الخلوتي - نفع الله به - فقال: وشجة في الرأس أي جرحٌ به ... ومثله وجه فعي لحكمه أفرادها عشر لنصفها الفدا ... حكومة لا غير، كن مسترشدا حارصة باذلة وباضعه ... غايضة سمحاق فاشكر جامعه وخمسة قد قدِّرت أروشها ... موضحة نصفٌ لعشر أرشها هاشمة عشر أتى منقله ... عشر ونصفه فخذه واصغ له مأمومة دامغة كلاهما ... بثلثها قد أرشوا فليفهما قد قاله محمد بن أحمد ... الحنبلي وبالإلهِ يهتدي

ثُمَّ السِّمْحَاقُ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ وَخَمْسٌ فِيهَا مُقَدَّرٌ الْمُوضِحَةُ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ: تُبْرِزُهُ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ فَمِنْ حُرٍّ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ وَهِيَ إنْ عَمَّتْ رَأْسًا وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ مُوضِحَتَانِ وَإِنْ أَوْضَحَهُ ثِنْتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ فعَشَرَةُ وَإِنْ ذَهَبَ بِفِعْلِ جَانٍ أَوْ سِرَايَةٍ صَارَا وَاحِدَةً وَإِنْ خَرَقَهُ مَجْرُوحٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فثَلَاثِ مَوَاضِحَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا ثِنْتَانِ وَيُصَدَّقُ مَجْرُوحٌ بِيَمِينِهِ فِيمَنْ خَرَقَهُ عَلَى الْجَانِي لَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَمِثْلُهُ مَنْ قَطَعَ ثَلَاثَ أَصَابِعَ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُونَ بَعِيرًا إنْ لَمْ يَقْطَعْ غَيْرَهَا فَلَوْ قَطَعَ رَابِعَةً قَبْلَ بُرْءِ رُدَّتْ إلَى عِشْرِينَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي

_ قوله: (نصف عشرِ الدية، فمن حر) أو حرة (خمسة أبعرةٍ).

قَاطِعِهَا صُدِّقَتْ وَإِنْ خَرَقَ جَانٍ بَيْنَ مُوضِحَتَيْنِ بَاطِنًا أَوْ مَعَ ظَاهِرٍ فوَاحِدَةً وَإِنْ ظَاهِرًا فَقَطْ فثِنْتَانِ ثُمَّ الْهَاشِمَةُ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتُهَشِّمُهُ وَفِيهَا عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ الَّتِي تُوضِحُ وَتُهَشِّمُ وَتُنَقِّلُ الْعَظْمَ، وَفِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ الَّتِي تَصِلُ إلَى جِلْدَةِ الدَّمِ وَتُسَمَّى الْآمَّةَ وأُمَّ الدِّمَاغِ ثُمَّ الدَّامِغَةُ الَّتِي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَإِنْ شَجَّهُ شَجَّةً بَعْضُهَا هَاشِمَةٌ أَوْ مُوضِحَةٌ وَبَقِيَّتُهَا دُونَهَا فدِيَةُ هَاشِمَةٍ أَوْ مُوضِحَةٍ فَقَطْ وَإِنْ هَشَّمَهُ بِمُثَقِّلٍ وَلَمْ يُوضِحْهُ أَوْ طَعَنَهُ فِي خَدِّهِ فَوَصَلَ إلَى فَمِهِ

_ قوله: (منهما) أي: المأمومة والدامغة. قوله: (إلى فمه) أي: من غير كسرِ عظمٍ، بخلاف ما لو كسر العظم، ونفذ إلى الفم، فإنَّ فيه دية منقلة، خمسة عشر بعيرًا، فإن نقص أكثر من ذلك، أخذ للزائد حكومةٌ.

أَوْ نَفَذَ أَنْفًا أَوْ ذَكَرًا أَوْ جَفْنًا إلَى بَيْضَةِ الْعَيْنِ أَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فَرْجَ بِكْرٍ أَوْ دَاخِلَ عَظْمِ فَخِذٍ حُكُومَةٌ فصل وفي الجائفة ثلث دية وَهِيَ مَا يَصِلُ إلَى بَاطِنِ جَوْفٍ كَبَطْنٍ وَلَوْ لَمْ يَخْرِقْ مَعًا وظَهْرٍ وَصَدْرٍ وَحَلْقٍ وَمَثَانَةٍ وَبَيْنَ خُصْيَتَيْنِ ودُبُرٍ وَإِنْ جَرَحَ جَانِبًا فَخَرَجَ مِنْ آخَرَ فَجَائِفَتَانِ وَإِنْ جَرَحَ وَرِكَهُ فَوَصَلَ جَوْفَهُ أَوْ أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ قَفَاهُ فمَعَ دِيَةِ جَائِفَةٍ أَوْ مُوضِحَةٍ حُكُومَةٌ بِجَرْحِ قَفَاهُ أَوْ وَرِكِهِ وَمَنْ وَسَّعَ فَقَطْ جَائِفَةً بَاطِنًا وَظَاهِرًا أَوْ فَتَقَ جَائِفَةٍ مُنْدَمِلَةً أَوْ مُوضِحَةً نَبَتَ شَعْرُهَا فجَائِفَةٌ مُوضِحَةٌ وَإِلَّا حُكُومَةٌ

_ قوله: (باطن جوف) أي: ما لا يظهر منه للرائي. قوله: (وإلا) أي: وإلا يوسع الجائفة باطناً وظاهرًا، أو لم تندملِ الجائفة، أو لم ينبت شعرُ الموضحة، فحكومة ... إلخ.

ومَنْ وَطِئَ زَوْجَةً صَغِيرَةً أَوْ نَحِيفَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَخَرَقَ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ ومَنِيٍّ أَوْ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ فالدِّيَةُ إنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بَوْلٌ وَإِلَّا فجَائِفَةٍ 2 وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةً كَبِيرَةً مُطَاوِعَةً وَلَا شُبْهَةَ فَوَقَعَ ذَلِكَ فهَدَرٌ وَلَهَا مَعَ شُبْهَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ الْمَهْرُ والدِّيَةُ إنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بَوْلٌ وَإِلَّا ثُلُثُهَا وَيَجِبُ أَرْشُ بَكَارَةٍ مَعَ فَتْقٍ بِغَيْرِ وَطْءٍ وَإِنْ الْتَحَمَ مَا أَرْشُهُ مُقَدَّرٌ لَمْ يَسْقُطْ جُبِرَ مُسْتَقِيمًا بَعِيرٌ وَكَذَا تَرْقُوَةٌ وَإِلَّا فحُكُومَةٌ

_ قوله: (ويجب أرش بكارة) أي: حكومة. ٌ فصل قوله: (بعير) اعلم: أنه حيث وجبَ بعير، أو بعيران، فإنه يجوز دفع قدره من غيره من بقية الأصولِ، كما يؤخذ مما أفاده الظهيري - رحمه الله تعالى - قوله: (وكذا ترقوة) الترقوة: العظم المستدير حول العنق من ثغرة النحر إلى الكتف، ولكل ترقوتانِ.

وَفِي كَسْرِ كُلِّ مِنْ زَنْدٍ وعَضُدٍ وَفَخِذٍ وَسَاقٍ وَذِرَاعٍ وَهُوَ السَّاعِدُ الْجَامِعُ لِعَظْمَيْ الزَّنْدِ بَعِيرَانِ وَفِيمَا عَدَا مَا ذُكِرَ مِنْ جُرْحٍ وكَسْرِ عَظْمٍ كَخَرْزَةٍ صُلْبٍ وعُصْعُصٍ وعَانَةٍ حُكُومَةٌ وَهِيَ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قِنٌّ لَا جِنَايَةَ بِهِ ثُمَّ وَهِيَ بِهِ قَدْ بَرِئَتْ فَمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ فَلَهُ كَنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ ففِيمَنْ قُوِّمَ صَحِيحًا بِعِشْرِينَ ومَجْنِيًّا عَلَيْهِ بِتِسْعَةَ عَشَرَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ وَلَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةِ مَحَلٍّ لَهُ مُقَدَّرَهُ فَلَا يَبْلُغُ بِهَا أَرْشَ مُوضِحَةٍ فِي شَجَّةٍ دُونَهَا وَلَا دِيَةَ أُصْبُعٍ أَوْ أُنْمُلَةٍ فِيمَا دُونَهُمَا فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْهُ حَالَ بُرْءٍ قُوِّمَ حَالَ جَرَيَانِ دَمٍ فَإِنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْجِنَايَةُ أَوْ زَادَتْهُ حُسْنًا فَلَا شَيْءَ فِيهَا

_ قوله: (لعظمي الزند) وهما: الكوعُ والكرسوعُ. قوله: (فإن لم تنقصه) أي: كقطع سلعةٍ.

باب العاقلة وما تحمله

باب العاقلة وما تحمله وَهِيَ: مَنْ غَرِمَ ثُلُثَ دِيَةٍ فَأَكْثَرَ بِسَبَبِ جِنَايَةِ غَيْرِهِ وَعَاقِلَةُ جَانٍ ذُكُورُ عَصَبَتِهِ نَسَبًا وَوَلَاءً حَتَّى عَمُودَيْ نَسَبِهِ ومَنْ بَعُدَ لَكِنْ لَوْ عَرَفَ نَسَبَهُ مِنْ قَبِيلَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِهَا لَمْ يَعْقِلُوا عَنْهُ وَيَعْقِلُ هَرِمٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَغَائِبٍ كَضِدِّهِمْ لَا فَقِيرٌ وَلَوْ مُعْتَمِلًا وَلَا صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَوْ قِنٌّ أَوْ مُبَايِنٌ لِدِينٍ جَانٍ وَلَا تَعَاقُلَ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ وَيَتَعَاقَلُ أَهْلُ ذِمَّةٍ اتَّحَدَتْ مِلَلُهُمْ وَخَطَأُ إمَامٍ وحَاكِمٍ فِي حُكْمِهِمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَخَطَأِ وَكِيلٍ وَخَطَؤُهُمَا فِي غَيْرِ حُكْمٍ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا

_ قوله: (لا فقير) أي: لا يملك نصاباً زكويًا عند حلول الحلول، فاضلا عن حوائجه، كحج. قوله: (أو مباين ... إلخ) أي: لعدم النصرة فيشمل النسب والولاء، كما الظاهر، أو لعدم الإرث. فيختصُّ بالأول أعني: النسب. قوله: (كخطأ وكيل) يعني: أن الوكيل لا يضمنُ ما تلف بلا تعد منه ولا تفريط، بل يضيع على موكله، فكذا خطأ الإمام والحاكم؛ لأنهما

وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَعَجَزَتْ عَنْ الْجَمِيعِ فَالْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ تَتِمَّتُهُ مَعَ كُفْرِ جَانٍ عَلَيْهِ وَمَعَ إسْلَامِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَالًّا وَتَسْقُطُ بِتَعَذُّرِ أَخْذٍ مِنْهُ لِوُجُوبِهَا ابْتِدَاءً عَلَيْهَا وَمَنْ تَغَيَّرَ دِينُهُ فَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ دِينُ جَارِحٍ حَالَتَيْ جُرْحٍ وَزُهُوقِ حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ حَالَ جُرْحٍ وَإِنْ انْجَرَّ وَلَاءُ ابْنِ مُعْتَقَةٍ بَيْنَ جُرْحٍ أَوْ رَمْيٍ وَتَلَفٍ فَكَتَغَيُّرِ دِينٍ فِيهِمَا

_ وكيلان عن المسلمين، فلذا كانت ديةُ خطئهما من بيت مال المسلمين، ويحتمل أن يريد كوكيلٍ للإمام، وهو نائبُه، كالوزراء، فإن خطأهم في أحكامهم في بيت المال. قوله: (فالواجب) أي: كله عند عدم العاقلة، أوعدم قدرتها على شيء أصلا. قوله: (أو تتمته) أي: عند قدرتها على بعض الواجب فقط. قوله: (حالتي جرح) أي: بينهما. قوله: (حال جرحٍ) مسلمين كانوا، أو كفارًا. قوله: (فيهما) أي: ففي رامٍ الواجب ماله. وفي جارح على عاقلته من موالي الأم. فتدبر. خلافا لـ"الإقناع ". حيث سوَّى بينهما، فجعلها في ماله فيهما.

فصل ولا تحمل عمدا وَلَا صُلْحَ إنْكَارٍ وَلَا اعْتِرَافًا بِأَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ تُوجِبُ ثُلُثَ دِيَةٍ فَأَكْثَرَ وَتُنْكِرُ الْعَاقِلَةُ وَلَا قِيمَةَ دَابَّةٍ أَوْ قِنٍّ أَوْ قِيمَةَ طَرَفِهِ وَلَا جِنَايَتَهُ وَلَا مَا دُونَ ثُلُثِ دِيَةِ ذَكَرٍ مُسْلِمٍ إلَّا غُرَّةَ جَنِينٍ مَاتَ مَعَ أُمِّهِ أَوْ بَعْدَهَا بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ لَا قَبْلَهَا لِنَقْصِهِ عَنْ الثُّلُثِ وَتَحْمِلُ شِبْهَ عَمْدٍ مُؤَجَّلًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَوَاجِبٍ بِخَطَأٍ وَيَجْتَهِدُ حَاكِمٌ فِي تَحْمِيلِ فَيُحَمِّلُ كُلًّا مِنْهُمْ مَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ وَيَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ كَإِرْثِ لَكِنْ تُؤْخَذُ مِنْ بَعِيدٍ لِغَيْبَةِ قَرِيبٍ فَإِنْ تَسَاوَوْا وَكَثُرُوا وَزَّعَ الْوَاجِبَ بَيْنَهُمْ وَمَا أَوْجَبَ ثُلُثَ دِيَةٍ أُخِذَ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ وثُلُثَيْهِمَا فَأَقَلَّ أُخِذَ رَأْسِ الْحَوْلِ ثُلُثُ والتَّتِمَّةُ فِي رَأْسِ آخَرَ وَإِنْ زَادَ وَلَمْ يَبْلُغْ دِيَةً كَامِلَةً أَخَذَ رَأْسَ كُلِّ حَوْلٍ ثُلُثَ والتَّتِمَّةُ فِي رَأْسِ ثَالِثٌ

_ قوله: (ولا تحمل عمدًا) أي: فيه قودٌ، أو لا. قوله: (بجناية واحدة) فتحمل تبعًا للأم.

وَإِنْ أَوْجَبَ دِيَةً أَوْ أَكْثَرَ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةً كَضَرْبَةٍ أَذْهَبَتْ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَفِي كُلِّ حَوْلٍ ثُلُثُ وبِجِنَايَتَيْنِ أَوْ قَتَلَ اثْنَيْنِ فَدِيَتُهُمَا فِي ثَلَاثِ وَابْتِدَاءُ حَوْلِ قَتْلٍ حِينِ زُهُوقِ وجُرْحٍ مِنْ بُرْءٍ وَمَنْ صَارَ أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ لَزِمَهُ وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ فقِسْطُهُ وَإِلَّا سَقَطَ

_

باب كفارة القتل

باب كفارة القتل وَتَلْزَمُ كَامِلَةً فِي مَالِ قَاتِلٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ قِنًّا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ إمَامًا فِي خَطَأٍ يَحْمِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ مُشَارِكًا أَوْ بِسَبَبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ نَفْسًا مُحَرَّمَةً وَلَوْ نَفْسَهُ أَوْ قِنِّهِ أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ جَنِينًا غَيْرَ أَسِيرٍ حَرْبِيٍّ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ ونِسَاءِ حَرْبٍ وَذُرِّيَّتِهِمْ ومَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَا مُبَاحَةً كَبَاغٍ وَكَا لِقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَيُكَفِّرُ قِنٌّ بِصَوْمٍ ومِنْ مَالِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلِيُّهُ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ قَتْلٍ

_ باب كفارة القتل وهي: عتق رقبةٍ مؤمنةٍ، فمن لم يجد، فصيام شهرين متتابعين، ولا إطعام فيها، وتقدَّم. قوله: (لم يتعمَّد) أي: بأن قتل خطأ، أو شبه عمدٍ. قوله: (ولو كافرًا) أي: ولو كان القاتلُ كافرًا. قوله: (يحمله بيت المالِ) بأن أخطأ في حكمه. قوله: (أو مشاركًا) أي: فيجب على جماعةٍ اشتركوا في القتل خطأ، أو شبه عمد كفارات بعددهم؛ لأنها لا تتبعض كالقصاصِ. قوله: (غير أسيرٍ حربي) أي: فيحرم، ولا كفارة، وهو مستثنى من قوله (نفسًا محرمةً).

باب القسامة

باب القسامة وَهِيَ أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ فَلَا تَكُونُ فِي طَرَفٍ وَلَا جُرْحٍ وَشُرُوطُ صِحَّتِهَا ; عَشَرَةٌ اللَّوْثُ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ وُجِدَ مَعَهَا أَثَرُ قَتْلٍ أَوْ لَا وَلَوْ مَعَ سَيِّدِ مَقْتُولٍ نَحْوُ مَا كَانَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ، وَمَا بَيْنَ الْقَبَائِلِ الَّتِي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ وَلَيْسَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ ووُجُودِهِ عِنْدَ مَنْ مَعَهُ مُحَدَّدٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ،

_ باب القسامة اسم مصدر أقسم. قوله: (معصوم) أي: لا نحو مرتد، سواءٌ كان عمدًا، أو خطأ، أو شبه عمد. قاله في "الإقناع"، ويشعر به قولُ المصنف فيما يأتي: (ولا يشترط كونها بقتل عمدٍ). قوله: (اللوث) اللوث بفتح اللام وإسكان الواو، وهو: قرينة تقوِّي جانب المدعي وتغلب على الظن صدقه، مأخوذٌ من اللوث. وهو: القوة. ابن عادلٍ. قوله: (ولو مع سيِّدِ) أي: ولو كانت العداوة مع سيد رقيقٍ مقتولٍ. قوله: (ووجوده) أي: وكوجودِه.

وشَهَادَةِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِمْ قَتْلٌ بِلَوْثٍ كَقَوْلِ مَجْرُوحٍ: فُلَانٌ جَرَحَنِي وَمَتَى فُقِدَ وَلَيْسَتْ الدَّعْوَى بعَمْدٍ حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا يَمِينَ فِي عَمْدٍ فَيُخْلَى سَبِيلُهُ وَعَلَى رِوَايَةٍ فِيهَا قُوَّةٌ يَحْلِفُ، فَلَوْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الدِّيَةِ الثَّانِي تَكْلِيفُ قَاتِلِ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى الثَّالِثُ إمْكَانُ الْقَتْلِ مِنْهُ وَأَلَّا كَبَقِيَّةِ الدَّعَاوَى الرَّابِعُ وَصْفُ الْقَتْلِ فِي الدَّعْوَى فَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ حَاكِمٌ قَبْلَ تَفْصِيلِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ الْخَامِسُ: طَلَبُ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ

_ قوله: (وشهادة) أي: وكشهادة من لم يثبت بهم، كنساء، وفسَّاقٍ. قوله: (قاتل) أي: مدعى عليه القتل. قوله: (جميع الورثة) فلا يكفي طلب البعض؛ لعدم انفراده بالحقِّ، مالم يكن غير الطالب غائبًا، أو غير مكلف، فيكفي طلبُ الحاضر المكلف، كما سيجيء.

السَّادِسُ: اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الدَّعْوَى فَلَا يَكْفِي عَدَمُ تَكْذِيبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا السَّابِعُ: اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْقَتْلِ فَإِنْ أَنْكَرَ بَعْضُ فَلَا قَسَامَةَ الثَّامِنُ: اتِّفَاقُهُمْ عَلَى قَاتِلٍ فَلَوْ قَالَ بَعْضُ قَتَلَهُ زَيْدٌ وبَعْضُهُمْ قَتَلَهُ بَكْرٌ فَلَا قَسَامَةَ وَيَقْبَلُ تَعْيِينَ هُمْبَعْدَ قَوْلِهِمْ لَا نَعْرِفُهُ التَّاسِعُ: كَوْنُ فِيهِمْ ذُكُورٌ مُكَلَّفُونَ وَلَا يَقْدَحُ غَيْبَةُ بَعْضِهِمْ وعَدَمُ تَكْلِيفِهِ ونُكُولُهُ فَلِذَكَرٍ حَاضِرٍ مُكَلَّفٍ بِقِسْطِهِ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ وَلِمَنْ قَدِمَ أَوْ كُلِّفَ أَنْ يَحْلِفَ بِقِسْطِ نَصِيبِهِ وَيَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ: كَوْنُ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ فَلَوْ قَالُوا قَتَلَهُ هَذَا مَعَ آخَرَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا قَسَامَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بِقَتْلٍ عَمْدٍ وَيُقَادُ فِيهَا إذَا تَمَّتْ الشُّرُوطُ

_ قوله: (اتفاقهم) لعل المراد: اتفاقهم في الدعوى على صفة القتل. قوله: (كون فيهم ذكورٌ) أي: جنسهم، فيكفي واحدٌ مكلَّفٌ، لأن الأيمان تكون من الذكورِ، ولو واحدًا عصبةً، أو صاحب فرضٍ. قوله: (إذا تمت الشروط) أي: العشرةُ المذكورة هنا مع شروط القود.

فصل ويبدأ فيها بِأَيْمَانِ ذُكُورِ عَصَبَتِهِ الْوَارِثِينَ فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ وَيُكْمِلُ الْكَسْرَ كَابْنٍ وَزَوْجِ فَيَحْلِفُ الِابْنُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ والزَّوْجُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ حَلَفَ زَوْجٌ سَبْعَةَ عَشَرَ وابْنٌ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ يَمِينًا وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ بَنِينَ حَلَفَ كُلُّ سَبْعَةَ عَشَر.

_ قوله: (الوارثين) قال منصور البهوتي: بدلٌ من العصبةِ، أي: بذكور الوارثين. انتهى. وهو يشير إلى أنَّ الأيمان لا ينفرد بها ذكور العصبة كما توهمه العبارة، بل ذكور الوارثة، ولو ذوي فرضٍ، كما يعلم مما يأتي. فقوله: (ويبدأ فيها ... إلخ) أي: قبل أيمان المدعى عليه؛ لأن أيمان ورثة القتيل. بمنزلة البينة، وهي مقدمة على يمين المنكر.

وَإِنْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ حَلَفَهَا وَإِنْ جَاوَزُوا خَمْسِينَ حَلَفَ خَمْسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا وَسَيِّدٌ كَوَارِثٍ وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَقْتَ حَلِفٍ كَبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ لَا مُوَالَاةُ الْإِيمَانِ. وَلَا كَوْنُهَا فِي مَجْلِسٍ وَمَتَى حَلَفَ الذُّكُورُ فَالْحَقُّ حَتَّى فِي عَمْدٍ لِلْجَمِيعِ وَإِنْ نَكَلُوا الْقَسَامَةِ أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ خَنَاثَى أَوْ نِسَاءً حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ خَمْسِينَ وَبَرِئَ إنْ رَضُوا وَمَتَى نَكَلَ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي

_ وأقول: يمكن ان يكون المراد (ويبدأ فيها ... ): أنه إذا أراد ذكور العصبة الشروع في الأيمان على قدر ميراثِهم، فإن الذي يبدأ في الأيمان من الذكور من كان فيهم عصبة، كالابن والأخ والعم. ثم ذو الفرض، كالزوج والأخ من الأمِّ، فيكون قوله (الوارثين) صفةً لـ (ذكور عصبته)، ولا إيهام حينئذ في العبارة. فتدبر، والله أعلم.

إنْ رَدَّهَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنْ نَكَلُوا وَلَمْ يَرْضَوْا بِيَمِينِهِ فَدَى الْإِمَامُ الْقَتِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَيِّتٍ فِي زَحْمَةٍ كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ وَإِنْ كَانَ قَتِيلًا وَثَمَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ أَخَذَ بِهِ

_ قوله: (إن ردها) أي: الأيمان، أي: ردها المدعى عليه بعد توجهِها إليه. قوله: (عليه) أي: على المدَّعي. قوله: (أن يحلفَ) لسقوط حقه منها بنكوله أولا. قوله: (من بيت المالِ) أي: وخلي المدعى عليه. قوله: (أخذ به) أي: إذا تمت شروط القسامة.

صفحة فارغة

كتاب الحدود

كتاب الحدود وَهِيَ: جَمْعُ حَدٍّ وَهُوَ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ شَرْعًا فِي مَعْصِيَةٍ لِتَمْنَعَ مِنْ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِهَا وَلَا يَجِبُ مُلْتَزِمِ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ وَإِقَامَتُهُ لِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ مُطْلَقًا وَتَحْرُمُ شَفَاعَةٌ وقَبُولُهَا فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ الْإِمَامَ وَلِسَيِّدٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ عَالِمٍ بِهِ وَبِشُرُوطِهِ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ امْرَأَةً إقَامَتُهُ بِجَلْدٍ، وَإِقَامَةُ تَعْزِيرٍ عَلَى رَقِيقٍ كُلِّهِ لَهُ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَرْهُونًا

_ قوله: (مقدرة شرعًا ... إلخ) يشمل القصاص، وقتل البُغاةِ، والمرتدِّ، والأول ليس مرادًا، فتدبر. قوله: (مكلَّفٍ) أي: لا صغيرٍ، ومجنونٍ. قوله: (ملتزم) أي: لا حربي، ولا مستأمن، ومهادنٍ في حق الله فقط، وأما حدُّ الآدمي، فيستوفى منه. قوله: (عالم بالتحريم) أي: لا جاهلِه. قوله: (مطلقًا) أي: لله تعالى كحد زنا، أو لآدمي كحد قذف. قوله: (بعد أن يَبْلغ الإمام) أي: ثبت عنده. قوله: (ولسيدٍ حر) بخلاف مكاتبٍ. قوله: (كله) أي لا مبعضٍ. قوله: (ولومكاتبًا) ما ذكره في المكاتب، تبع فيه "التقيح " و "الفروع " ونقل في "تصحيح الفروع "عن أكثر الأصحاب: خلافه، لاستقلاله بمنافعه وكسبه. "شرح" منصور.

أَوْ مُسْتَأْجَرًا لَا مُزَوَّجَةٍ وَمَا ثَبَتَ يَعْلَمُهُ أَوْ إقْرَارِ كَبِبَيِّنَةٍ وَلَيْسَ لَهُ قَتْلٌ فِي رِدَّةٍ. وقَطْعٌ فِي سَرِقَةٍ وَتَجِبُ إقَامَةُ الْحَدِّ وَلَوْ َانَ مَنْ يُقِيمُهُ شَرِيكًا أَوْ عَوْنًا لِمَنْ يُقِيمُهُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْصِيَةِ وَتَحْرُمُ إقَامَتُهُ بِمَسْجِدٍ أَوْ أَنْ يُقِيمَهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ بِعِلْمِهِ أَوْ وَصِيٌّ عَلَى رَقِيقِ مُوَلِّيهِ كَأَجْنَبِيٍّ وَلَا يَضْمَنُ مَنْ لَيْسَ لَهُ إقَامَتُهُ فِيمَا حَدُّهُ الْإِتْلَافُ وَيَضْرِبُ الرَّجُلَ قَائِمًا بِسَوْطٍ لَا خَلَقٌ وَلَا جَدِيدٌ بِلَا مَدٍّ وَلَا رَبْطٍ، وَلَا تَجْرِيدٍ وَلَا يُبَالَغْ فِي ضَرْبٍ وَلَا يُبْدِي ضَارِبٌ إبْطَهُ فِي رَفْعِ يَدٍ وَسُنَّ تَفْرِيقُهُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَيَضْرِبُ مِنْ جَالِسٍ ظَهْرَهُ

_ قوله: (لا مزوجَّةٍ) لأن منفعتها مملوكةٌ لغيره، ملكًا غير مقيد بوقتٍ، أشبهت المشتركة. قوله: (بعلمِه) أي: السيد برؤيةٍ، أو سماع لقذف مثلا. قوله: (بعلمه) أي: بلا بيِّنةٍ. قوله: (الإتلاف) كقتل زانٍ محصنٍ، وقطع في سرقة، لكن يؤدب فاعل للافتيات. قوله: (لا خلق) أي: بال ومكسورٍ من غير جلد. قوله: (ولا تجريدٍ) أي: ويُنزع عنه نحوُ فروةٍ تمنع الإيلام.

وَمَا قَارَبَهُ وَيَجِبُ اتِّقَاءُ وَجْهٍ وفَرْجٍ ومَقْتَلٍ وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ. إلَّا أَنَّهَا تُضْرَبُ جَالِسَةً وَتُشَدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، وَتُمْسَكُ يَدَاهَا وَيُجْزِئُ بِسَوْطٍ مَغْصُوبٍ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةٌ لَا مُوَالَاةُ وَأَشَدُّهُ جَلْدُ زِنًا فقَذْفٍ فشُرْبِ فتَعْزِيرٍ وَإِنْ رَأَى إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ الضَّرْبَ فِي حَدِّ شُرْبِ بِجَرِيدٍ أَوْ نِعَالٍ وَقَالَ جَمْعٌ وَبِأَيْدٍ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُؤَخَّرُ اسْتِيفَاءُ حَدٍّ لِمَرَضٍ وَلَوْ رَجَى زَوَالُهُ وَلَا الْحَرُّ أَوْ بَرْدٌ أَوْ ضَعْفٌ فَإِنْ كَانَ جَلْدًا وَخِيفَ مِنْ السَّوْطِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَيُقَامُ بِطَرَفِ ثَوْبٍ وَعُثْكُولِ نَخْلٍ

_ قوله: (ومقتل) كفؤاد، وخصية. قوله: (وتعتبر نية) أي: لله تعالى، فلو حده للتشفي، أتم وبعيده. قوله: (فقذفٍ ... إلخ) المعطوفُ مجردٌ عن معنى الأشدِّية، والمعنى: فيليه في الشدة قذف ... إلخ، وهذا التأويل لا بدَّ منهُ، وإلا فلو تساويا في الأشدية، لم يتأت الترتيبُ. فتأمل. محمد الخلوتي.

وَيُؤَخَّرُ لِسُكْرٍ حَتَّى يَصْحُوَ فَلَوْ خَالَفَ سَقَطَ إنْ أَحَسَّ وَإِلَّا فَلَا وَيُؤَخَّرُ قَطْعٌ خَوْفَ تَلَفِ وَيَحْرُمُ بَعْدَ حَدٍّ حَبْسُ وَإِيذَاؤُهُ بِكَلَامٍ وَمَنْ مَاتَ فِي تَعْزِيرٍ أَوْ حَدٍّ بِقَطْعٍ أَوْ جَلْدٍ وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَأْخِيرُهُ فهَدَرٌ وَمَنْ زَادَ وَلَوْ جَلْدَةً أَوْ فِي السَّوْطِ أَوْ اعْتَمَدَ فِي ضَرْبِهِ أَوْ بِسَوْطٍ لَا يَحْتَمِلُهُ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ

_ قوله: (فلو خالف) أي: فجلده في سُكْرهِ. قوله: (إن أحسَّ) أي: أحس بألم الضربِ، وإلا يحس فلا يسقط. قوله: (ويؤخَّر قطعٌ) أي: في نحو سرقةٍ. قوله: (ولم يلزم ... إلخ) جملةٌ حاليةٌ، خرج بها ما لو كانت حاملاً، أو كان مريضًا، وجب عليه القطعُ، فاستوفاه فتلفَ، فإنه يضمن لعدوانه. وهل منه السكرانُ إذا حدَّ في سكرِه فمات؟ قوله: (ومن زاد) أي: عمدًا أو خطأً. "إقناع". قوله: (أو في السوط) أي: بأن ضرب بأكبر مما تقدَّم أنه يضرب به. "شرح إقناع ". قوله: (لا يحتمله) لمرض، أو نحوه. "شرح إقناع".

وَمَنْ أُمِرَ بِزِيَادَةٍ فَزَادَ جَهْلًا ضَمِنَهُ آمِرٌ وَإِلَّا فَضَارِبٌ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ الْعَادُّ فَقَطْ أَوْ أَخْطَأَ وَادَّعَى ضَارِبٌ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ الْعَادُّ وَتَعَمُّدُ إمَامٍ لِزِيَادَةِ شِبْهِ عَمْدٍ تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ وَلَا يُحْفَرُ لِرَجْمٍ وَلَوْ لِأُنْثَى وثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَيَجِبُ فِي حَدِّ زِنًا حُضُورُ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ وطَائِفَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ وَاحِدًا وَسُنَّ حُضُورُ مَنْ شَهِدَ أَوْ بُدَاءَتُهُمْ بِرَجْمٍ فَلَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ سُنَّ بُدَاءَةُ إمَامِ مَنْ يُقِيمُهُ وَمَتَى رَجَعَ مُقِرٌّ أَوْ بِسَرِقَةٍ أَوْ قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِهِ لَمْ يَقُمْ وَإِنْ رَجَعَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ هَرَبَ تُرِكَ فَإِنْ تُمِّمَ فَلَا قَوَدَ وَضَمِنَ رَاجِعٌ لَا هَارِبَ بِالدِّيَةِ وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْفِعْلِ فَهَرَبَ لَمْ يُتْرَكْ

_ قوله: (جهلا) أي: جهلا بالتحريم، أو العدد. قوله: (فقط) أي: دون الآمر، والضارب. قوله (الجهل) أي: بالزيادة، ويقبل قوله بيمينه في ذلك. قوله: (وثبت) هو من مدخول "لو". قوله: (أو نائبه) أي: أو من يقوم مقامه. قوله: (ولو واحدًا) أي: مع من يقيم الحدَّ. قوله: (به) أي: بزنا عن إقراره لم يقم. قوله: (قبله) أي: قبل أن يقام عليه الحدُّ.

وَمَنْ أَتَى حَدًّا سَتَرَ نَفْسَهُ لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُسَنَّ أَنْ يُقِرَّ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَمَنْ قَالَ الْحَاكِمُ أَصَبْت حَدًّا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَالْحَدُّ كَفَّارَةٌ لِذَلِكَ الذَّنْبِ فصل وإن اجتمعت حدود الله تعالى من جنس بِأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا تَدَاخَلَتْ فَلَا يُحَدُّ سِوَى مَرَّةٍ ومِنْ أَجْنَاسٍ وَفِيهَا قَتْلٌ اسْتَوْفَى وَحْدَهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُبْدَأَ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وَتُسْتَوْفَى حُقُوقُ آدَمِيٍّ كُلُّهَا وَيُبْدَأُ بِغَيْرِ قَتْلٍ الْأَخَفُّ فَالْأَخَفُّ وُجُوبًا وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُبْدَأُ بِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَوْ زَنَى

_ قوله: (ستر نفسه) أي: ندبًا. قوله: (أصبت حدًا) أي: فقط؛ بأن لم يبيِّن. قوله: (فالأخف) أي: فيجلد أولاً لشربٍ، ثم لزنًا، ثم يقطع لنحو سرقةٍ. قوله: (وجوبًا) فمن قذف وقطع عضوًا، وقتل مكافئا، حد أولا لقذف، ثم قطع، ثم قتلٍ. قوله: (مع حدودِ اللهِ) ثم إن كان فيها قتلٌ لآدمي، دخل فيه ما دونه من حدود الله تعالى، وأما لو كان القتل لله تعالى، فقد تقدم.

وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا قُطِعَ ثُمَّ حُدَّ الْقَذْفَ ثُمَّ لِشُرْبٍ ثُمَّ لِزِنًا لَكِنْ لَوْ قَتَلَ وَارْتَدَّ أَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَدًا قُتِلَ أَوْ قُطِعَ لَهُمَا وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حَتَّى يَبْرَأَ مَا قَبْلَهُ فصل ومن قتل أو أتى حدا خارج مكة ثُمَّ لَجَأَ أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ إلَيْهِ حَرُمَ أَنْ يُؤْخَذَ حَتَّى بِدُونِ قَتْلٍ فِيهِ لَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى وَلَا يُكَلَّمُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيُقَامَ عَلَيْهِ وَمَنْ فَعَلَهُ فِيهِ أُخِذَ بِهِ فِيهِ وَمَنْ قُوتِلَ فِيهِ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا تَعْصِمُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ وَإِذَا أَتَى غَازٍ حَدًّا أَوْ قَوَدًا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ

_ قوله: (قطع) أي: مع كون الحد للقذف أخفَّ منه؛ لأن القطع محض حق آدميٍّ، بخلاف القذف، فإنه مختلف فيه، وهذا أيضًا إنما هو حالةُ اجتماع حدود الله تعالى، وحدود الآ دمي، كما ذكره المصنف، وغيره.

باب حد الزنا

باب حد الزنا وَهُوَ فِعْلُ الْفَاحِشَةِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ إذَا زَنَى مُحْصَنٌ وَجَبَ رَجْمُهُ حَتَّى يَمُوتَ وَلَا يُجْلَدُ قَبْلَهُ وَلَا يُنْفَى وَالْمُحْصَنُ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً فِي قُبُلِهَا وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ إحْرَامٍ وَنَحْوِهِ وَهُمَا مُكَلَّفَانِ حُرَّانِ وَلَوْ ذِمِّيَّيْنِ أو مُسْتَأْمَنَيْنِ

_ قوله: (من وطيء زوجته) أي: لا سريته. قوله: (بنكاح) أي: لا بملك أو شبهة. قوله: (صحيح) أي: لا باطل أو فاسدٍ. قوله: (في قبلها) أي: لا في دبرها، أو دون الفرج. قوله: (ولو في حيضٍ) أي: أو نفاسٍ، أو ضيق وقت صلاةٍ. قوله: (ونحوه) كمسجد. قوله: (وهما) أي: الزوجان. قوله: (حران) فلا إحصان مع صغر أحدهما، أو جنونه، أو رقه. قوله: (أو مستأمنين) ولا يرجم المستأمن إذا زنى؛ لأنه غير ملتزم لحكمنا، خلافا لما في "شرحه" هنا، بل يكون محصنًا، فإذا زنى مسلمًا أو ذميًا اكتفي في إحصانه بالنكاح في أمانه السابق. منصور البهوتي.

وَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامٍ وَتَصِيرُ هِيَ أَيْضًا مُحْصَنَةً وَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ فَقْدِ شَيْء مِمَّا ذُكِرَ وَيَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَطِئْتهَا أَوْ جَامَعْتُهَا أَوْ دَخَلْت بِهَا وَلَا بِوَلَدِهِ مِنْهَا مَعَ إنْكَارِ وَطْئِهَا وَإِنْ زَنَى حُرٌّ غَيْرُ مُحْصَنٍ جُلِدَ مِائَةً وَغُرِّبَ عَامًا وَلَوْ أُنْثَى بِمَحْرَمٍ بَاذِلٍ وُجُوبًا وَعَلَيْهَا أُجْرَتُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مِنْهَا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ أَبَى أَوْ تَعَذَّرَ فَوَحْدَهَا إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ

_ قوله: (ولا يَسقط) أي: إحصان من أحصن كافرًا. "شرح". قوله: (محصنة) أي: حيث كانا بالصفات المتقدمةِ حالة الوطءِ. قوله: (مما ذكر) أي: من القيود السابقة. قوله: (ويثبت) أي: إحصان بقول الحر المكلف، وكذا قولها لما ذكر. قوله: (جامعتها) أي: أو باضعتها، أو باشرتها. قوله: (وإن زنى) عطف على (إذا). قوله: (باذل) أي: باذل نفسه معها. قوله: (وجوبًا) أي: يجب عليها أن لا تسافر إلا بمحرمها حيث أمكن ذلك. قوله: (فإن تعذَّرت منها) لعدمٍ، أو امتناعٍ. قوله: (أو تعذر) أي: بأن لم يكن لها محرم، أو كان غائبًا. قوله: (إلى مسافة قصرٍ) أي: يغرب الحر غير المحصن إلى مسافة قصرٍ، سواء كان رجلا أو امراة، وإن رأى الإمام الزيادة على المسافة، فله ذلك.

وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ ومُغَرَّبٌ إلَى غَيْرٍ وَطَنِهِمَا وَإِنْ زَنَى قِنٌّ جُلِدَ خَمْسِينَ وَلَا يُغَرَّبُ وَلَا يُعَيَّرُ وَيُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ مُبَعَّضٌ بِحِسَابِهِ وَإِنْ زَنَى مُحْصَنٌ بِبِكْرٍ فَلِكُلٍّ حَدُّهُ وَزَانٍ بِذَاتِ مَحْرَمٍ كَبِغَيْرِهَا وَلَوْ وَطِئَ فَاعِلٌ مَفْعُولًا بِهِ كَزَانٍ وَمَمْلُوكِهِ كَأَجْنَبِيٍّ وَدُبُرُ

_ قوله: (ومغرب) أي: ويغرب مغرب زنى، وتدخل بقية التغريب الأول في الثاني. قوله: (ولا يُعيَّر) أي: لا يعير زانٍ. قوله: (ويجلد) أي: يجلد مبعض، ويغرب، ويحسب زمن تغريبه من نصيبه الحر. قوله: (وإن زنى محصنٌ ببكرٍ) أي: أو عسكه. قوله: (ولوطي ... إلخ) في "شرح المنار" في أصول فقه الحنفية للشيخ زين مانصه: قوله: كالكفر، مثال لما قبح لعينه وضعا؛ لأن واضع اللغة وضعه لفعلٍ قبيح من غير توقف على ورود الشرع؛ لأن قبح كفران المنعم مركوزٌ في العقول، كما أنَّ شكر المنعم واجب عقلا، ومن هذا النوع: الظلم، والعبث، والكذب واللِّواط، كما ذكره القاآني، وهو صريح في أن اللواط قبيح عقلاً، كما هو قبيحٌ شرعًا

أَجْنَبِيَّةٍ كَلِوَاطٍ. وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً عُزِّرَ وَقُتِلَتْ لَكِنْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِهِ بِهَا وَيَكْفِي إقْرَارُهُ إنْ مَلَكَهَا وَيَحْرُمُ أَكْلُهَا فَيَضْمَنُهَا فصل وشروطه ثَلَاثَةٌ: تَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ وَلَوْ مِنْ خَصِيٍّ أَوْ قَدْرِهَا لِعَدَمٍ

_ وطبعًا، فلذا كان أقبح من الزنا؛ لعدم قبحه طبعًا. وحكم هذا النوع عدم الشرعية أصلاً. انتهى. كذا بخط شيخنا الغنيمي، كذا بخط شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (كلواط) ويعزر من أتى زوجته، أو سريته في دبرها "شرح "، وسيذكره المصنف صريحا، أنه لا يوجب الحد. فتأمل. قوله: (ومن أتى بهيمة) أي: ولو سمكة. قوله: (وقتلت) أي: مأكولة، أو لا. قوله: (على فعله) أي: إن لم يملكها، فلا يكفي إقراره. قوله: (فيضمنها) ولو غير مأكولة؛ لإتلافها بسببه. قوله: (أصلية) أي: تغييبًا يوجب الغُسل، فلا حد على من غيَّبه بحائل، كما في "شرح الإقناع".

فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ مِنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ وَلَوْ دُبُرًا الثَّانِي انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ فَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ دُبُرِ أَوْ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ الْمُزَوَّجَةَ أَوْ الْمُعْتَدَّةَ أَوْ الْمُرْتَدَّةَ أَوْ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ أَمَةً لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ فِيهَا شِرْكٌ أَوْ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ كَمُتْعَةٍ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ بِعَقْدِ فُضُولِيٍّ وَلَوْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ أَوْ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ فِي مَنْزِلِهِ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ أَوْ لِوَلَدِهِ فِيهَا شِرْكٌ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ

_ قوله: (من آدمي) أي: فاعلا، أو مفعولا به، كما قال في "الإقناع": ولو مكنت امرأة قردًا من نفسها حتى وطئها، فعليها ما على واطيء البهيمة. انتهى. أي: فتعزر، كما تقدم فيمن أتى بهيمة. قوله: (أو غيره) أي: كمصاهرة، كموطوءة أبيه، فلا يحدُّ، أما لو حرمت بنسبٍ. كأخته، فإنه يحد بوطئها، كما سيأتي. قوله: (بعد قبضه) أي: لا قبله، فيحد. قوله: (أو ظن أن له، أو لوالده فيها شرك) اسم (أن) ضمير الشأن، و (شرك): مبتدأ، و (له) وما عطف عليه هو الخبر. و (فيها) متعلق بـ (شرك) أو حال منه. والتقدير: أو ظن الوطيء للأمة أنه له، أو لولده فيها شرك.

أَوْ نُشوئه بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ تَحْرِيمَ نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ فَلَا حَدَّ ثُمَّ إنْ أَقَرَّتْ أَرْبَعًا بِأَنَّهُ زَنَى حُدَّتْ وَإِنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا مَعَ عِلْمِهِ كَنِكَاحِ مُزَوَّجَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ خَامِسَةٍ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ زَنَى بِحَرْبِيَّةٍ مُسْتَأْمَنَةٍ أَوْ بِمَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِمَنْ لَهُ عَلَيْهَا قَوَدٌ أَوْ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهَا فَسَكَتَتْ أَوْ جَحَدَتْ أَوْ بِمَجْنُونَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ يُوطَأُ مِثْلُهَا أَوْ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا بِوُجُوبِ الْعُقُوبَةِ حُدَّ

_ قوله: (ومثله يجهله) أي: ويقبل قوله فيه. قوله: (أو ادعى أنها ... إلخ) ويقال له: الزاني الظريف. قوله: (بأنه زاني) أي: وهي مطاوعة عالمة. قوله: (مع علمه) أي: مع علمه للبطلان والتحريم. قوله: (أو معتدةٍ) أي: من غير زنا. "شرح". قوله: (أو رضاع) أي: أو مصاهرة. قوله: (يوطأ مثلها) كبنت تسع، فأكثر، حد. قوله: (بنسبٍ) أي: كأخته، حد. قوله: (بوجوب العقوبة) على الزنا مع علم تحريمه.

وَإِنْ مَكَّنَتْ مُكَلَّفَةٌ مِنْ نَفْسِهَا مَجْنُونًا أَوْ مُمَيِّزًا أَوْ مَنْ يَجْهَلُهُ أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ حُدَّتْ لَا إنْ أُكْرِهَتْ أَوْ مَلُوطٌ بِهِ بِإِلْجَاءٍ أَوْ تَهْدِيدِ أَوْ مَنْعِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ مَعَ اضْطِرَارٍ وَنَحْوِهِ فِيهِمَا الثَّالِثُ ثُبُوتُهُ وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ مُكَلَّفٌ وَلَوْ قِنًّا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ حَتَّى وَلَوْ فِي مَجَالِسَ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يُصَرِّحَ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ وَلَا بِمَزْنِيٍّ بِهَا وأَنْ لَا يَرْجِعَ حَتَّى يَتِمَّ الْحَدُّ وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ أَرْبَعًا فَأَنْكَرَ أَوْ صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ شَهِدَ الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ

_ قوله: (بإلجاء) أي: بأن غلبهما الواطيء على أنفسهما. قوله: (أو تهديدٍ) أي: بنحو قتل، أو ضرب. قوله: (ونحوه) كالدفء في حر، أو برد. قوله: (فيهما) أي: في الزنا، واللواط. قوله: (حتي يتم الحد) فلو رجع أو هرب ترك، كما تقدم. قوله: (ولا على من شهد) لكمال النصاب. قوله: (الثانية: أن يشهد عليه ... إلخ) اعلم: أنه يشترط في ثبوته بالشهادة، خمسة شروط تضمنها كلام المصنف: أولها: أن يكونوا أربعة. الثاني: أن يكونوا رجالا كلهم. الثالث: أن يكونوا عدولا. الرابع أن يشهدوا في مجلس واحد، ولو جاؤوا واحداً بعد واحد، حيث لم يؤدُّوها إلا

فِي مَجْلِسٍ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عُدُولٍ وَلَوْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ أَوْ صَدَّقَهُمْ بِزِنًا وَاحِدٍ وَيَصِفُونَهُ فَإِنْ شَهِدُوا فِي مَجْلِسَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ أَوْ لَمْ يُكْمِلْهَا أَوْ كَانُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِيهِ لِعَمًى أَوْ فِسْقٍ أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمْ زَوْجًا حُدُّوا لِلْقَذْفِ كَمَا لَوْ بَانَ مَشْهُودٌ عَلَيْهِ مَجْبُوبًا أَوْ رَتْقَاءَ لَا زَوْجٌ لَاعَنَ أَوْ كَانُوا مَسْتُورِي الْحَالِ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ وَصْفِهِ أَوْ بَانَتْ عَذْرَاءَ وَإِنْ عَيَّنَ اثْنَانِ زَاوِيَةً مِنْ بَيْتٍ صَغِيرٍ عُرْفًا واثْنَانِ أُخْرَى مِنْهُ أَوْ قَالَ اثْنَانِ فِي قَمِيصٍ أَبْيَضَ أَوْ قَائِمَةً واثْنَانِ فِي أَحْمَرَ أَوْ نَائِمَةً كَمُلَتْ شَهَادَتُهُمْ

_ بعد كمالهم واجتماعهم. الخامس: أن يصفوا صورة الزنا. فيقولون: رأينا ذكره في فرجها. ولا تُشترط حريَّتهم، ولا إنكار المشهود عليه. قوله: (في مجلس) أي: واحدٍ من مجالس الحكم. قوله: (متفرقين) أي: والمجلس واحد. قوله: (في مجلسين) بأن قام الحاكم من ذلك المجلس، ثم شهد الباقون في مجلس آخر. قوله: (أو امتنع بعضهم) أي: امتنع من الشهادة، حد من شهد. قوله: (لا زوج لاعن) أي: لا يحد زوج شهد بزنا، لاعن، والإ حد. قوله: (قبل وصفه) أي: فلا تحدُّ الشهود، ولا هي والرجل. قوله: (أو بانت عذراء) فلا يحدون؛ لجواز عود البكارة، ولا هي؛ لجواز كونها أصليةً.

وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ كَبِيرًا أَوْ عَيَّنَ اثْنَانِ بَيْتًا أَوْ بَلَدًا أَوْ يَوْمًا واثْنَانِ آخَرُ فقَذَفَةٌ وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الزِّنَا وَاحِدٌ وَإِنْ قَالَ اثْنَانِ زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً وَقَالَ اثْنَانِ مُكْرَهَةً لَمْ تُكْمَلْ وَعَلَى شَاهِدَيْ الْمُطَاوَعَةِ حَدَّانِ وشَاهِدَيْ الْإِكْرَاهِ وَاحِدٌ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ وَإِنْ قَالَ اثْنَانِ وَهِيَ بَيْضَاءُ وَقَالَ اثْنَانِ غَيْرَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ قَبْلَ حَدٍّ وَلَوْ بَعْدَ حُكْمٍ حُدَّ الْجَمِيعُ وبَعْدَ حَدٍّ بِحَدِّ رَاجِعٍ فَقَطْ إنْ وَرِثَ حَدَّ قَذْفٍ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ بِفُلَانَةَ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ أَنَّ الشُّهُودَ هُمْ الزُّنَاةُ بِهَا حُدَّ الْأَوَّلُونَ فَقَطْ لِلْقَذْفِ وَلِلزِّنَا وَإِنْ حَمَلَتْ مَنْ لَا لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ لَمْ تُحَدَّ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ

_ قوله: (حد الجميع) أي: مَن رجع، ومن لم يرجع. قوله: (إن ورث حد) أي: بأن طالب به مقذوفٌ قبل موته، وإلا فلا. قوله: (الأولون) لقدح المتأخر في شهادتهم.

باب القذف

باب القذف وَهُوَ: الرَّمْيِ بِزِنًا أَوْ لِوَاطٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِأَحَدِهِمَا وَلَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ مَنْ قَذَفَ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ وَلَوْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مُحْصَنًا وَلَوْ مَجْبُوبًا أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ رَتْقَاءَ حُدَّ حُرٍّ ثَمَانِينَ وقِنٍّ وَلَوْ عَتَقَ عَقِبَ قَذْفٍ أَرْبَعِينَ ومُبَعَّضٍ بِحِسَابِهِ وَيَجِبُ بِقَذْفِ عَلَى وَجْهِ الْغَيْرَةِ لَا عَلَى أَبَوَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا لِوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ كَقَوَدٍ عَلَيْهِمَا وَإِنْ وَرِثَهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ وَحُدَّ لَهُ لِتَبَعُّضِهِ وَالْحَقُّ فِي حَدِّهِ لِلْآدَمِيِّ فَلَا يُقَامُ بِلَا طَلَبِهِ لَكِنْ لَا يَسْتَوْفِيهِ

_ قوله: (حد حر ... إلخ) هو جواب الشرط، أو خبر الموصول. قوله: (وحد له) أي: كاملا، كما لو طلبه بعض الورثة. قوله: (لتبعضه) بملك بعض الورثة الطلب به كاملا. قوله: (بلا طلبِه) وكذا لا يقام إن صدقه مقذوف، أو قامت بينةٌ بما قذفه به، أو لاعن زوج قذف.

بِنَفْسِهِ وَيَسْقُطُ بِعَفْوِهِ وَلَوْ بَعْدَ طَلَبِهِ بِهِ لَا عَنْ بَعْضِهِ وَمَنْ قَذَفَ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَلَوْ قِنَّهُ عُزِّرَ وَالْمُحْصَنُ هُنَا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا ظَاهِرًا وَلَوْ تَائِبًا مِنْهُ وَمُلَاعَنَةٌ وَوَلَدُهَا وَوَلَدُ زِنًا كَغَيْرِهِمْ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ مِثْلِهِ يَطَأُ أَوْ يُوطَأُ لَا بُلُوغُهُ وَلَا يُحَدُّ قَاذِفٌ غَيْرُ بَالِغٍ حَتَّى يَبْلُغَ وَكَذَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَبِهِ وبَعْدَهُ يُقَامُ وَمَنْ قَذَفَ غَائِبًا لَمْ يُحَدَّ حَتَّى يَثْبُتَ طَلَبُهُ فِي غَيْبَتِهِ بِشَرْطِهِ أَوْ يَحْضُرَ وَيَطْلُبَ وَمَنْ قَالَ لِمُحْصَنَةٍ زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِدُونِ تِسْعِ أَوْ قَالَهُ ل ذَكَرٍ وَفَسَّرَهُ بِدُونِ عَشْرِ عُزِّرَ وَإِلَّا حُدَّ وَإِنْ قَالَ وَأَنْتِ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا كَذَلِكَ حُدَّ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ وَادَّعَى رِقَّهَا فَأَنْكَرَتْهُ

_ قوله: (بنفسه) فإن فعل، لم يعتد به. قوله: (مثله) أي: مثل المقذوف. قوله: (وبعده يقام) أي: يقيمه الإمام. قوله: (بشرطه) أي: بأن يكون محصناً.

وَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُهَا كَذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ قَالَتْ أَرَدْت قَذْفِي فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَهَا وَيُصَدَّقُ قَاذِفٌ أَنَّ قَذْفَهُ حَالَ صِغَرِ مَقْذُوفٍ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَكَانَتَا مُطْلَقَتَيْنِ أَوْ مُؤَرَّخَتَيْنِ تَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَهُمَا قَذْفَانِ مُوجَبُ أَحَدِهِمَا الْحَدُّ والْآخَرِ التَّعْزِيرُ وَإِنْ أُرِّخَتَا تَأْرِيخًا وَاحِدًا وَقَالَتْ إحْدَاهُمَا وَهُوَ صَغِيرٌ ووَالْأُخْرَى وَهُوَ كَبِيرٌ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا وَكَذَا لَوْ كَانَ تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْمَقْذُوفِ قَبْلَ تَارِيخِ بَيِّنَةِ الْقَاذِفِ وَمَنْ قَالَ لِابْنِ عِشْرِينَ زَنَيْت مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَمْ يُحَدَّ وَلَا يَسْقُطُ بِرِدَّةِ مَقْذُوفٍ بَعْدَ طَلَبٍ أَوْ زَوَالِ إحْصَانٍ لَمْ يُحْكَمْ بِوُجُوبِهِ. فصل ويحرم إلا في موضعين: أحدهما: أن يرى زوجته تزني في طهر لم يطأ فيه، فيعتزلها ثم تلد ما يمكن كونه من الزاني، فيلزمه قذفها ونفيه

_ قوله: (أو زوال إحصانه) بزوال عقله أو عنة. قوله: (من الزاني) أي: بأن تأتي به لستةِ أشهرٍ، وقبل أربع سنين.

وَكَذَا إنْ وَطِئَهَا فِي طُهْرٍ زَنَتْ فِيهِ وَقَوِيَ فِي ظَنِّهِ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الزَّانِي لَشَبَهِهِ بِهِ وَنَحْوِهِ الثَّانِي أَنْ يَرَاهَا تَزْنِي وَلَمْ تَلِدْ مَا يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ أَوْ يَسْتَفِيضُ زِنَاهَا أَوْ يُخْبِرَ بِهِ ثِقَةٌ أَوْ يَرَى مَعْرُوفًا بِهِ عِنْدَهَا فَيُبَاحُ قَذْفُهَا بِهِ وَفِرَاقُهَا أَوْلَى وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهُمَا لَمْ يُبَحْ نَفْيُهُ بِذَلِكَ بِلَا قَرِينَةٍ صَرِيحُهُ: يَا مَنْيُوكَةُ، بِأَنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِفِعْلِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ يَا مَنْيُوكُ، يَا زَانِي، يَا عَاهِرُ. أَوْ قَدْ زَنَيْت، أَوْ زَنَى فَرْجُك وَنَحْوُهُ أَوْ يَا مَعْفُوجَ أَوْ يَا لُوطِيُّ

_ قوله: (ونحوه) أي: ككون الزوج عقيما. قوله: (ثقة) أي: لا عداوة بينه وبينها. قوله: (وفراقها أولى) أي: لأنه أستر. قوله: (لونهما) أي: الزوجين. قوله: (بلا قرينة) كما لو رأى عندها معروفًا به. قوله: (أو يا معفوج) من عفج، بمعنى: نكح، أي: منكوح، أي: موطوءٌ

فَإِنْ قَالَ أَرَدْت زَانِيَ الْعَيْنِ أَوْ عَاهِرَ الْيَدِ. وأَنَّك مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، أَوْ تَعْمَلُ عَمَلَهُمْ غَيْرَ إتْيَانِ الذُّكُورِ، لَمْ يُقْبَلْ ولَسْت لِأَبِيك. وبِوَلَدِ فُلَانٍ قَذْفٌ لِأُمِّهِ إلَّا مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ مُلَاعِنٌ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بِزِنَا أُمِّهِ وَكَذَا لَوْ نَفَاهُ عَنْ قَبِيلَتِهِ ومَا أَنْتَ ابْنَ فُلَانَةَ لَيْسَ بِقَذْفٍ مُطْلَقًا ولَسْت بِوَلَدِي كِنَايَةٌ فِي قَذْفِ أُمِّهِ وأَنْتِ أَزْنَى النَّاسِ أَوْ مِنْ فُلَانَةَ أَوْ قَالَ لَهُ يَا زَانِيَةُ أَوْ لَهَا يَا زَانٍ صَرِيحٌ فِي الْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ كَفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا لَهُمَا فِي زَنَيْت وَلَيْسَ بِقَاذِفٍ لِفُلَانَةَ وَمَنْ قَالَ عَنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا زَانٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا؟ فَقَالَ

_ في الدُّبر، وأصله الضرب. قوله: (قذف لأمه) وكأنهم لم ينظروا لاحتمال الشبهة؛ لبعده. قوله: (إلا منفيا بلعانٍ) أي: إلا إن كان المقول له ذلك منفيا ... إلخ. قوله: (عن قبيلته) أي: فهو قذف لأمِّه، إلا منفيًا بلعان، ولم يفسره بزنا أمه. قوله: (مطلقا) أي: سواء أراد قذفه به، أو لا. قوله: (كنايةٌ) أي: له حكم الكنايةِ الآتي. قوله: (لهما) أي: للذكر والأنثى. قوله: (وليس بقاذف لفلانة) لأن أفعل التفضيل في المنفرد بالفعل، كقولهم: العسلُ أحلى من الخل. "حاشية". قال شيخنا محمد الخلوتي في "حواشي" الفنري على "المطول ": إن هذا

لَا فقَذْفٌ لِلْآخَرِ وزَنَأْت مَهْمُوزًا صَرِيحٌ وَلَوْ زَادَ فِي الْجَبَلِ أَوْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ

_ الاستعمال في غير المقرون بـ"من" ويرد عليه هذا المثال، وما ارتكبه شيخ الإسلام زكريا في "شرح البخاري " من أنه مستعمل في مثله للنفي، والمعنى: الخل لا حلاوةَ فيه، قريب مما هنا. فتدبر. انتهى. وعبارة شيخ الإسلام عند الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم". قال صاحب "المثل السائر": إن أفعل يأتي في اللغة لنفي الشيئين، نحو: الشيطانُ خير من زيد، أي: لا خير فيهما. وكقوله تعالى: (أهم خيرا أم قوم تبع). [الدخان: 37]. انتهى. قال الزركشي: وهو أحسن ما يتخرج عليه هذا الحديث. انتهى. أي: قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم" وذلك على ما قيل: إنه مر به أعرابي، فقال له: يا خير البرية. فقال صلى الله عليه وسلم: "ذاك إبراهيم" فقال له الأعرابي: إبراهيم قد حصل منه شك؟ ! فقال صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم". انتهى. من خط شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ولو زاد: في الجبل) لكن لو قال: أردت الصعود في الجبل، قبل، كما لو قال: يا منيوكة، وفسره بفعل زوج، أو سيد.

فصل وكنايته والتعريض: زَنَتْ يَدَاك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك أَوْ بَدَنُك وَيَا خَنِيثُ بِالنُّونِ وَيَا نَظِيفُ يَا عَفِيفُ ويَا قَحْبَةُ يَا فَاجِرَةُ يَا خَبِيثَةُ، وَلِزَوْجَةِ شَخْصٍ قَدْ فَضَحْته وَغَطَّيْت أَوْ نَكَّسْت رَأْسَهُ وَجَعَلْت لَهُ قُرُونًا وَعَلَّقْت عَلَيْهِ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَفْسَدْت فِرَاشَهُ ولِعَرَبِيٍّ يَا نَبَطِيُّ يَا فَارِسِيُّ يَا رُومِيُّ ولِأَحَدِهِمْ يَا عَرَبِيُّ ولِمَنْ يُخَاصِمُهُ يَا حَلَالُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ مَا يَعْرِفُك النَّاسُ بِالزِّنَا، أَوْ مَا أَنَا بِزَانٍ مَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ، أَوْ يَسْمَعُ مَنْ يَقْذِفُ شَخْصًا فَيَقُولُ صَدَقْت أَوْ صَدَقْت فِيمَا قُلْت، أَوْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَوْ أَشْهَدَنِي أَنَّك زَنَيْت وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ

_ قوله: (ويا قحبة) المرأة البغي، جمعها: قحاب، ككلبةٍ وكلاب. قوله: (يانبطي) النبط: جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق، ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم، والجمع: أنباط، كسببٍ وأسبابٍ.

فَإِنْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلٍ غَيْرِ قَذْفٍ قُبِلَ وَعُزِّرَ قَوْلِهِ: يَا كَافِرُ يَا فَاسِقُ يَا فَاجِرُ يَا حِمَارُ يَا تَيْسُ يَا رَافِضِيُّ يَا خَبِيثَ الْبَطْنِ أَوْ الْفَرْجِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ يَا ظَالِمُ يَا كَذَّابُ يَا خَائِنُ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ يَا مُخَنَّثُ يَا قَرْنَانُ يَا قَوَّادُ وَنَحْوُهُمَا يَا دَيُّوثُ يَا كَشْخَانُ يَا قْرْطُبَانُ يَا عِلْقُ ومَأْبُونٍ كَمُخَنَّثٍ عُرْفًا وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلَدٍ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْهُمْ عَادَةً أَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْكَاذِبُ ابْنُ الزَّانِيَةِ عُزِّرَ وَلَا حَدَّ كَقَوْلِهِ:

_ قوله: (قبل) ظاهره: بلا يمينٍ. وفي "الإقناع ": بيمينٍ. قوله: (يا مخنث) بالكسر: اسمُ فاعلٍ، وبالفتح: اسم مفعول. يقال: خنِث خَنَثًا، من باب: تعب: إذا كان فيه لينٌ وتكسر، لا يشتهي النساء، وقال بعض الأئمة: خنث الرجل كلامه، بالتثقيل، إذا شبهه بكلام النساء لينًا ورخامة، فالرجل مخنث بالكسر. "مصباح ". قوله " (يا قرنان) القرنان والكشخان، كالديوث: من تدخل الرجال على امرأته. والقرطبان: من يرضى بدخولهم على امرأته. والقواد: السمسار في الزنا.

مَنْ رَمَانِي فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ وَمَنْ قَالَ لِمُكَلَّفٍ: اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَعُزِّرَ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ قَالَتْ: بِكِ زَنَيْت سَقَطَ حَقُّهَا بِتَصْدِيقِهَا وَلَمْ تَقْذِفْهُ وَيُحَدَّانِ فِي زَنَى بِك فُلَانٌ، قَالَتْ: بَلْ أَنْتَ زَنَى بِك أَوْ يَا زَانِيَةُ قَالَتْ بَلْ أَنْتَ زَانٍ وَلَيْسَ لِوَلَدٍ مُحْصَنٍ قُذِفَ مُطَالَبَةُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُطَالِبْ بِهِ سَقَطَ وَإِلَّا فَلَا

_ قوله: (من رماني) أي: بزنا، أو غيره. وظاهره: سواء عرف الرامي، أم لا. وفي "الإقناع": وإن كان يعرف الرامي، فقاذف. قوله: (ويحدان) أي: يحد كل واحد من المتخاطبين لصاحبه، وأمَّا: فلان، فينبغي أن يندرج حد كل واحدٍ منهما لقذفه في حد كل منهما لصاحبه. قال في "الإقناع": وإن قال لرجل: زنيت بفلانة. أو قال لها: زنى بك فلان، أو: يابن الزانيين، كان قاذفا لهما بكلمةٍ واحدةٍ، وإن قال: يا ناكح أمه، وهي حبة، فعليه حدان. نصًا.

وَهُوَ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ حُدَّ لِلْبَاقِي كَامِلًا وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ حُدَّ بِطَلَبِ وَارِثٍ مُحْصَنٍ خَاصَّةً وَمَنْ قَذَفَ نَبِيًّا أَوْ أُمَّهُ كَفَرَ وَقُتِلَ حَتَّى وَلَوْ تَابَ أَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ وَلَا يَكْفُرُ مَنْ قَذَفَ أَبَاهُ إلَى آدَمَ وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً يُتَصَوَّرُ زِنَاهُمْ عَادَةً بِكَلِمَةٍ فَطَالَبُوهُ أَوْ أَحَدُهُمْ فحَدٌّ وبِكَلِمَاتٍ فلِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ وَمَنْ حُدَّ لِقَذْفٍ ثُمَّ أَعَادَهُ أَوْ بَعْدَ لِعَانِهِ عُزِّرَ وَلَا لِعَانٌ وبِزِنًا آخَرَ حُدَّ مَعَ طُولِ الزَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ قَذَفَ مُقِرًّا بِزِنًا وَلَوْ دُونَ أَرْبَعِ عُزِّرَ

_ قوله: (وهو لجميع الورثةِ) بشرط إحصانهم، كما يفهم من "الإقناع". قوله: (ومن قذف ميتًا ... إلخ) ويعايَا بها، فيقال: شخصٌ قذف غير محصن وحدَّ؟ ! ، أو يقال: مقذوفٌ اشترط في قذفه إحصان غيره؟ ! قوله: (لا إن سبَّه) أي: بغير قذفٍ.

باب حد المسكر

باب حد المسكر كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِعَطَشٍ بِخِلَافِ مَا نَجَسَ إلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَخَافَ تَلَفًا وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ بَوْلٌ وعَلَيْهِمَا مَاءٌ نَجِسٌ فَإِذَا شَرِبَهُ أَوْ مَا خُلِطَ بِهِ وَلَمْ يُسْتَهْلَكْ فِيهِ أَوْ اسْتَعَطَ أَوْ احْتَقَنَ بِهِ أَوْ أَكَلَ عَجِينًا لُتَّ بِهِ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ، وَيَصْدُقُ إنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ مُخْتَارًا لِحِلِّهِ لِمُكْرَهٍ وَصَبْرُهُ عَلَى الْأَذَى أَفْضَلُ أَوْ وُجِدَ سَكْرَانَ أَوْ تَقَايَأَهُ حُدَّ حُرٌّ ثَمَانِينَ ورَقِيقٍ

_ باب حد المسكر من السكر أي: اختلاط العقل. قوله: (مطلقاً) أي: من أي شيءٍ كان، من عنب، أو شعير، أو غيرهما. قوله: (ولو لعطشٍ) أي: لأنَّه لا يحصل به ري، بل ما فيه من الحرارة يزيد العطش. قوله: (غيره) أي: غير المسكر، فيجوز. قوله: (وصبره على الأذى أفضل) أي: بغير القتلِ، وإلا تعيَّن. قوله: (أو وجد) أي: المسلم المكلف. قوله: (حد حر) أي: فعل ذلك، فهو من باب حذف الصفة، على حد: (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا). [الكهف: 105] أي: نافعا.

نِصْفُهَا وَلَوْ ادَّعَى جَهْلَ وُجُوبِ الْحَدِّ وَيُعَزَّرُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَتُهَا أَوْ حَضَرَ شُرْبَهَا لَا شَارِبُ جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْجَهْلِ مِمَّنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا حَدَّ عَلَى كَافِرٍ لِشُرْبِ وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ مَرَّةً كَقَذْفٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَقُولَا مُخْتَارًا عَالِمًا تَحْرِيمِهِ وَيَحْرُمُ عَصِيرُ غَلَى أَوْ أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ وَإِنْ طُبِخَ قَبْلَ تَحْرِيمٍ حَلَّ إنْ ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَوَضْعُ زَبِيبٍ فِي خَرْدَلٍ كَعَصِيرٍ وَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ خَلٌّ أُكِلَ وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ كَنَبِيذِ تَمْرٍ مَعَ زَبِيبٍ

_ قوله: (ولو ادعى جهل وجوب الحد) أي: خيث علم التحريم. قوله: (على كافر) أي: ولو ذميًا. قوله: (عدلين) على الفعل، أو الإقرار. قوله: (عصير) أي: عصير عنبٍ، أو غيره. قوله: (غلى) أي: ولو لم يسكر. قوله: (قبل تحريم) أي: وإن طبخ عصير قبل تحريم، أي: قبل الأمرين المذكورين. قوله: (وإن صب عليه) أي: على زبيب في خردل. قوله: (أكل) أي: ولو بعد ثلاثٍ.

وَكَذَا مُذَنِّبٌ وَحْدَهُ. لَا وَضْعُ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ نَحْوَهُمَا فِي مَاءٍ لِتَحْلِيَتِهِ مَا لَمْ يَشْتَدَّ أَوْ تَتِمَّ لَهُ ثَلَاثُ وَلَا فُقَاعٌ وَلَا انْتِبَاذٌ فِي دُبَّاءَ وحَنْتَمٍ ومُقَيَّرٍ ومُزَفَّتٍ وَإِنْ غَلَى عِنَبٌ وَهُوَ عِنَبٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِالشُّرَّابِ فِي مَجْلِسِهِ وَآنِيَتِهِ، وَحَاضَرَ مَنْ حَاضَرَهُ بِمَجَالِسِ الشُّرَّابِ، حَرُمَ وَعُزِّرَ قَالَهُ فِي "الرِّعَايَةِ"

_ قوله: (ولا فقاع) شراب يتخذ من الشعير، سمي بذلك، لمايعلوه من الزبد. قوله: (في دُبَّاء) أي: قرعةٍ. قوله: (وحنتمٍ) أي: جرر خضرٍ. قوله: (ونقير) أي: ما حُفِرَ من خشب. قوله: (وإن غلى عنبٌ) أي: أو بطيخ، ولم يستحل خمرًا. قوله: (ومن تشبه ... إلخ) هذا معنى ما أوضحه الغزالي في "الإحياء " في كتاب السماع، ونصه: لو اجتمع جماعة، ورتبوا مجلسًا، وأحضروا آلاتِ الشراب وأقداحه، وصبوا فيها السكنحبين، ونصبوا ساقياً يدور عليهم، ويسقيهم، فيأخذون من الساقي، ويشربون، ويجييء بعضهم بعضاً بكلماتهم المعتادة بينهم، حرم ذلك، وإن كان المشروب مباحًا في نفسه؛ لأن في ذلك تشبها بأهل الفساد. انتهى. نقله في "شرح الإقناع".

باب التعزير

باب التعزير وَهُوَ: التَّأْدِيبُ وَيَجِبُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ كَمُبَاشَرَةٍ دُونَ الْفَرْجِ وامْرَأَةٍ امْرَأَةً وَسَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا وَجِنَايَةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا وَكَقَذْفِ غَيْرِ وَلَدٍ بِغَيْرِ زِنًا وَكَلَعْنِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ لُعِنَ رَدُّهَا وَكَدُعَاءٍ عَلَيْهِ وَشَتْمِهِ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ وَكَذَا اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَيْك وَنَحْوُ ذَلِكَ خَصْمُك اللَّهُ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَوْ سَبَّهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى مُطَالَبَةٍ فَيُعَزَّرُ مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا وَلَوْ كَانَ لَهُ

_ قوله: (في كل معصية) من فعل محرم، أو ترك واجبٍ. قوله: (ولا كفارة) وإلا فلا تعزير، كزنا وسرقةٍ وظهارٍ. قوله ك (بغير فرية) أي: صريح قذف بزنا، أو لواطٍ. قوله: (وكذا: الله أكبر) أي: وكذا قوله لغير ولده. قوله: (ونحو ذلك) أي: كقوله: خصمك الله. هذه أمثله فعل المحرم. ومثال ترك الواجب. ترك صلاة، أو صوم، أو أمر بمعروف، أو نهيٍ عن منكر. قوله: (بعض أصحابنا) أي: القاضي، وغيره. قوله: (أو سبها) أي: فلا تعزير. قوله: (إلى مطالبة) ظاهره: حتى في تعزير ولدٍ لسبِّ والدِه، خلافا لما نقله في "الإقناع "من اعتبار الطلب في هذه فقط.

وَارِثٌ وَلَمْ يُطَالِبْ وَيُعَزَّرُ بِعِشْرِينَ سَوْطًا بِشُرْبِ مُسْكِرٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَعَ الْحَدِّ وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ حُدَّ مَا لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ فَيُجْلَدُ مِائَةً إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ فِيهِمَا وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ وَلَا يَسْقُطُ حَدٌّ بِإِبَاحَةٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَمَنْ وَطِئَ أَمَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ عُزِّرَ بِمِائَةٍ إلَّا سَوْطًا وَلَهُ نَقْصُهُ وَلَا يُزَادُ فِي تَعْزِيرٍ عَلَى عَشْرِ فِي غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ وَيُحَرَّمُ تَعْزِيرٌ بِحَلْقِ لِحْيَةٍ وَقَطْعِ طَرَفٍ وَجَرْحٍ وبِأَخْذِ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ لَا بِتَسْوِيدِ وَجْهٍ وَلَا بِأَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ وَيُطَافَ بِهِ مَعَ ضَرْبِهِ وَمَنْ قَالَ لِذِمِّيٍّ يَا حَاجُّ أَوْ لَعَنَهُ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ أُدِّبَ وَمَنْ عُرِفَ بِأَذَى النَّاسِ حَتَّى بِعَيْنِهِ حُبِسَ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ الْمُنَقِّحُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يَقْتُلَ الْعَائِنَ إذَا كَانَ يَقْتُلُ بِعَيْنِهِ غَالِبًا، وَأَمَّا مَا يُتْلِفُهُ فَيَغْرَمُهُ انْتَهَى وَمَنْ اسْتَمْنَى مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ حَرُمَ وَعُزِّرَ

_ قوله: (بعشرين سوطا) زائدةٍ على حدِّ المسكر. قوله: (فيهما) أي: في مسألتي الشرب والوطءِ. قوله: (وله) أي: الإمام نقصه عما سبق، لا زيادته. قوله: (على عشر) أي: عشر جلداتٍ.

وَإِنْ فَعَلَهُ خَوْفًا مِنْ الزِّنَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نِكَاحٍ وَلَوْ لِأَمَةٍ وَلَوْ اُضْطُرَّ إلَى جِمَاعٍ وَلَيْسَ مَنْ يُبَاحُ وَطْؤُهَا حُرِّمَ الْوَطْءُ

_ قوله: (وإن فعله خوفاً) أي: حالا أو مآلا. قوله: (من الزنا) أي: أو اللواط، أو إتيان البهيمة. قوله: (ولو لأمةٍ) ولو قيل: بوجوبه إذن، لكان متجهًا. ابن نصر الله.

باب القطع في السرقة

باب القطع في السرقة وَشُرُوطُهُ ثَمَانِيَةٌ أَحَدُهَا: السَّرِقَةُ وَهِيَ أَخَذُ مَالٍ مُحْتَرَمٍ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ مِنْ مَالِكِهِ أَوْ نَائِبِهِ فَيُقْطَعُ الطَّرَّارُ وَهُوَ مَنْ بَطَّ جَيْبًا أَوْ كُمًّا أَوْ غَيْرَهُمَا وَيَأْخُذُ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ سُقُوطِهِ نِصَابًا وَكَذَا جَاحِدُ عَارِيَّةٍ قِيمَتُهَا نِصَابٌ لَا وَدِيعَةٍ وَلَا مُنْتَهِبٌ ومُخْتَلِسٌ وغَاصِبٌ وخَائِنٌ الثَّانِي كَوْنُ سَارِقٍ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِمَسْرُوقٍ وَبِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ فَلَا قَطْعَ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ وَلَا بِسَرِقَةِ مِنْدِيلٍ بِطَرَفِهِ نِصَابٌ مَشْدُودٌ لَمْ يَعْلَمْهُ وَلَا بجَوْهَرٍ يَظُنُّ قِيمَتَهُ دُونَ نِصَابٍ وَلَا عَلَى جَاهِلِ تَحْرِيمِ

_ قوله: (أحدها: السرقة) أي: الشرعيَّة، والمشروط: السرقة اللغويةُ. قوله: (ولا منتهب) أي: آخذ على وجه الغنيمةِ. قوله: (ومختلسٌ) أي: نوع من النهب، لكن يختفي في ابتدائِه قوله: (ولا على جاهل) أي: مثله يجهله.

الثَّالِثُ: كَوْنُ مَسْرُوقٍ مَالًا مُحْتَرَمًا وَلَوْ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ وَلَيْسَ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ لَا مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَاصِبٍ مَا سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ وَثَمِينٌ كَجَوْهَرٍ وَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَفَاكِهَةٍ وَمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَمِلْحٍ وَتُرَابٍ وَحَجَرٍ وَلَبِنٍ وَكَلَإٍ وَشَوْكٍ وَثَلْجٍ وَصَيْدٍ كَغَيْرِهِ سِوَى مَاءٍ وسِرْجِينٍ نَجِسٍ وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ إنَاءِ نَقْدٍ أَوْ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ فِيهَا تَمَاثِيلُ وكُتُبِ عِلْمٍ وقِنٍّ نَائِمٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ وَلَوْ كَبِيرَيْنِ وصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ لَا مُكَاتَبٍ وأُمِّ وَلَدٍ وَلَا حُرٍّ وَلَوْ صَغِيرًا وَلَا مُصْحَفٍ

_ قوله: (مالا) أي: لا نحو خمر. قوله: (محترمًا) أي: لا نحو مال حربي. قوله: (وثمين) مبتدأ خبرُه مع ما عطف عليه، (كغيره). قوله: (إناء نقدٍ) أي: قيمتُه نصابٌ. قوله: (فيها تماثيل) أي: في الدراهم والدنانير، كما يعلم من "الإقناع "، ويكون جمع الضمير [فيها] باعتبار الأفراد. قوله: (ولا مكاتبٍ) لنقصِ ملك سيِّده عليه. قوله: (ولا مصحفٍ) لأن المقصود مما فيه كلام الله تعالى، ولا يؤخذ العوض عنه.

وَلَا بمَا عَلَيْهِمَا مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ وَلَا بكُتُبِ بِدَعٍ وتَصَاوِيرَ وَلَا بآلَةِ لَهْوٍ وَلَا بصَلِيبِ أَوْ صَنَمِ نَقْدٍ وَلَا بِآنِيَةٍ فِيهَا خَمْرٌ أَوْ مَاءٌ الرَّابِعُ كَوْنُهُ نِصَابًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ أَوْ تَخْلُصُ مِنْ مَغْشُوشَةٍ أَوْ رُبْعِ دِينَارٍ وَلَوْ لَمْ يُضْرَبَا وَيُكَمَّلُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ حَالَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَوْ نَقَصَتْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ قُطِعَ لَا إنْ أَتْلَفَهُ فِيهِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ نَقْصِهِ بِذَبْحٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَإِنْ مَلَكَهُ سَارِقٌ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لَمْ يَسْقُطْ الْقَطْعُ وَإِنْ سَرَقَ فَرْدَ خُفٍّ قِيمَةُ كُلِّ مُنْفَرِدًا دِرْهَمَانِ ومَعًا عَشَرَةُ لَمْ يُقْطَعْ وَعَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ وَنَقْصُ التَّفْرِقَةِ وَكَذَا جُزْءٌ مِنْ كِتَابٍ

_ قوله: (ولا بما عليهما) أي: الحر والمصحفِ. قوله: (ونحوِه) كثوبٍ وكيسٍ. قوله: (ويُكمَّل) أي: بالأجزاء، كما في "الإقناع". قوله: (أو غيره) كإحراقٍ. قوله: (أو غيره) كشقِّ الثوب. قوله: (وإن ملكه) أي: النصاب. قوله: (لم يسقط القطع) أي: بعد رفعه للحاكم. "شرح". وليس للمسروق منه العفو عنه.

وَيَضْمَنُ مَا فِي وَثِيقَةٍ أَتْلَفَهَا إنْ تَعَذَّرَ وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي نِصَابٍ قُطِعُوا حَتَّى مَنْ لَمْ يُخْرِجْ نِصَابًا وَلَوْ لَمْ يُقْطَعْ بَعْضُهُمْ لِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قُطِعَ الْبَاقِي وَيُقْطَعُ سَارِقُ نِصَابٍ لِجَمَاعَةٍ وَإِنْ هَتَكَ اثْنَانِ حِرْزًا وَدَخَلَاهُ فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فَقَرَّبَهُ الْمَسْرُوقَ مِنْ النَّقْبِ وَأَدْخَلَ الْآخَرَ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ أَوْ وَضَعَهُ وَسَطَ النَّقْبِ فَأَخَذَهُ الْخَارِجُ قُطِعَا وَإِنْ رَمَاهُ إلَى الْخَارِجِ أَوْ نَاوَلَهُ فَأَخَذَهُ أَوْ لَا أَوْ أَعَادَهُ فِيهِ

_ قوله: (ويضمن) أي: يضمن متعد ما في وثيقةٍ، من نحود دين. قوله: (لشبهةٍ) أي: ككون البعض والدًا أو زوجًا، فلا يمنع من قطع شريكٍ ليس كذلك، إن أخذ من يُقطع نصابًا. قوله: (أو غيرها) كصغرٍ وجنونٍ. قوله: (فأخرج أخذهما المال) أي: دون الآخر، قطعاً. قوله: (فأخرجه) قطعًا. قوله: (أو وضعه) أي: النصاب. قوله: (إلى الخارج) قطع الدخل. قوله: (أو ناوله) أي: الداخل؛ بأن مد به إلى الخارج، فأخذه الخارج بعد إخراج الداخل له من الحرز، أو لم يأخذه، قطع الداخل.

أَحَدُهُمَا قُطِعَ الدَّاخِلُ وَحْدَهُ وَإِنْ هَتَكَهُ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ فَأَخْرَجَ الْمَالَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ تَوَاطَآ وَمَنْ نَقَبَ وَدَخَلَ فَابْتَلَعَ جَوَاهِرَ أَوْ ذَهَبًا وَخَرَجَ بِهِ أَوْ تَرَكَ الْمَتَاعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَخَرَجَتْ بِهِ أَوْ فِي مَاءٍ جَارٍ أَوْ أَمَرَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ بِإِخْرَاجِهِ فَأَخْرَجَهُ أَوْ عَلَى جِدَارٍ فَأَخْرَجَهُ رِيحٌ أَوْ رَمَى بِهِ خَارِجًا أَوْ جَذَبَهُ بِشَيْءٍ أَوْ اسْتَتْبَعَ سَخْلَ شَاةٍ أَوْ تَطَيَّبَ فِيهِ ولَوْ اجْتَمَعَ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ هَتَكَ الْحِرْزَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَقْتًا آخَرَ أَوْ أَخَذَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَخَذَ بَقِيَّتَهُ وَقَرُبَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ

_ قوله: (أحدهما) أي: أحد الرجلين اللذين دخل أحدهما الحرز دون صاحبه، فإذا أعاده أحدهما في هذه الصورة، فلا عبرة بالمعيد، بل من دخل الحرز، وأخرج النصاب، يجبُ قطعُه. قوله: (أو جَذَبَه) أي: أو هتك الحرز ثم جذب النصاب بشيء، وهو خارج الحرز، قطع. قوله: (سخلٌ شاة) أي: بأن قرَّب إليه أمه، وهو في حرز مثله، فتبعها، وقيمتُه نصاب. قوله: (وقرب ما بينهما) أي: الهتك والأخذ، أو الأخذين، فإن

كِوَارَةٍ فَخَرَجَ الْعَسَلُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَوْ أَخْرَجَهُ إلَى سَاحَةِ دَارٍ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ بَابَهَا مُغْلَقٌ قُطِعَ وَلَوْ عَلَّمَ إنْسَانٌ قِرْدًا السَّرِقَةَ فالْغُرْمُ فَقَطْ الْخَامِسُ إخْرَاجُهُ مِنْ حِرْزٍ فَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ وَمَنْ أَخْرَجَ بَعْضَ ثَوْبٍ قِيمَتُهُ نِصَابٌ قُطِعَ بِهِ إنْ قَطَعَهُ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ وَحِرْزُ كُلِّ مَالٍ مَا حُفِظَ فِيهِ عَادَةً وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ وبَلَدٍ وعَدْلِ السُّلْطَانِ وَقُوَّتِهِ وَضِدِّهِمَا

_ بعد ما بينهما، مثل: إن كان في ليلتين، أو ليلةٍ واحدةٍ، وبينهما مدةٌ طويلةٌ، لم يقطع؛ لأن كل سرقةٍ منهما لا تبلغ نصابا. قاله في "الإقناع" و "شرحه". قوله: (منها) أي: الدار. قوله: (قردًا) مثلا. قوله: (قيمته) أي: بعض الثوب. "شرح ".

فَحِرْزُ جَوْهَرٍ وَنَقْدٍ وَقُمَاشٍ فِي الْعُمْرَانِ بِدَارٍ وَدُكَّانٍ وَرَاءَ غَلْقٍ وَثِيقٍ وَصُنْدُوقٌ بِسُوقٍ وَثَمَّ حَارِسٌ حِرْزٌ وَحِرْزُ بَقْلٍ وَقُدُورِ بَاقِلَّا وطَبِيخٍ وخَزَفٍ وَثَمَّ حَارِسٌ وَرَاءَ الشَّرَائِجِ وَحِرْزُ خَشَبٍ وَحَطَبٍ الْحَظَائِرُ ومَاشِيَةٍ الصَّيْرِ وفِي مَرْعًى بِرَاعٍ يَرَاهَا غَالِبًا وسُفُنٍ فِي شَطِّ بِرَبْطِهَا وإبِلٍ بَارِكَةٍ مَعْقُولَةٍ بِحَافِظٍ حَتَّى نَائِمٍ وحَمُولَتِهَا بِتَقْطِيرِهَا مَعَ قَائِدٍ يَرَاهَا وَمَعَ عَدَمِ تَقْطِيرِ سَائِقٌ يَرَاهَا وبُيُوتٍ فِي صَحْرَاءَ وفِي بَسَاتِينَ بِمُلَاحِظٍ فَإِنْ كَانَتْ مُغْلَقَةً فَبِنَائِمٍ وَكَذَا خَيْمَةٌ وَخَرْكَاةٌ وَنَحْوُهُمَا

_ قوله: (وراء غلق) أي: قفل خشب أو حديدٍ. قوله: (وراء الشرائج) جمع شريجة: شيء يعمل من قصبٍ، يضم بعضه إلى بعضٍ بنحو حبل. قوله: (وحمولتها) بفتح الحاء المهملة: الإبل المحمَّلة. قوله: (يراها غالبا) بحيث يكثر الالتفات إليها ويراعيها، وزمام الأوَّل منها بيده. "إقناع ". قوله: (بملاحظٍ) أي: يراها إن كانت مفتوحةً.

وَحِرْزُ ثِيَابٍ فِي حَمَّامٍ وأَعْدَالٍ وغَزْلٍ بِسُوقٍ أَوْ خَانٍ وَمَا كَانَ مُشْتَرَكًا فِي دُخُولٍ بِحَافِظٍ كَقُعُودِهِ عَلَى مَتَاعٍ وَإِنْ فَرَّطَ حَافِظٌ فَنَامَ أَوْ اشْتَغَلَ فَلَا قَطْعَ وَضَمِنَ الْمَسْرُوقَ حَافِظٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ وَحِرْزُ كَفَنٍ مَشْرُوعٍ يُقْبَرُ عَلَى مَيِّتٍ وَهُوَ مِلْكٌ لَهُ وَالْخَصْمُ فِيهِ الْوَرَثَةُ فَإِنْ عُدِمُوا فنَائِبُ الْإِمَامِ وَحِرْزُ بَابٍ تَرْكِيبُهُ بِمَوْضِعِهِ وحَلْقَتِهِ بِتَرْكِيبِهَا فِيهِ وَتَأْزِيرٌ وَجِدَارٌ وَسَقْفٌ كَبَابٍ وَنَوْمٌ عَلَى رِدَاءٍ أَوْ مَجْرِ فَرَسِهِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ وَنَعْلٌ بِرِجْلٍ حِرْزٌ فَمَنْ نَبَشَ قَبْرًا أَوْ أَخَذَ الْكَفَنَ أَوْ سَرَقَ رِتَاجَ الْكَعْبَةِ أَوْ بَابَ مَسْجِدٍ أَوْ سَقْفِهِ أَوْ تَأْزِيرِهِ أَوْ سَحَبَ رِدَاءَهُ أَوْ مَجْرَ فَرَسِهِ مِنْ

_ قوله: (بحافظٍ) أي: يراها. قوله: (وضمن حافظٌ) أي: معد للحفظ. قوله: (فنائب الإمام) فإن تبرَّع به أجنبي، فكذلك. قوله: (وتأزيرٌ) أي: ما يجعل في أسفل الحائطِ من نحو خشبٍ. قوله: (كبابٍ) أي: فحرزه وضعه بمحلِّه. قوله: (ورتاج الكعبة) بكسر الراء، أي: بابها العظيم. "شرح".

تَحْتِهِ أَوْ نَعْلًا مِنْ رِجْلِ وَبَلَغَ نِصَابًا قُطِعَ لَا سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ الْخَارِجَةِ وَلَوْ مُخَيَّطَةً عَلَيْهَا وَلَا بقَنَادِيلِ الْمَسْجِدِ وَحُصُرِهِ وَنَحْوِهِمَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَمَنْ سَرَقَ تَمْرًا أَوْ طَلْعًا أَوْ جُمَّارًا أَوْ مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ كَمِنْ شَجَرَةٍ وَلَوْ بِبُسْتَانٍ مُحَوَّطٍ فِيهِ حَافِظٌ فَلَا قَطْعَ وَضُعِّفَتْ قِيمَتُهُ وَلَا تُضَعَّفُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ

_ قوله: (ثمرا) هو كما في "المصباح ": الحمل الذي تخرجه الشجرة، سواء أكل، أم لا، فيقال: ثمر الآراك والعوسج. انتهى. قوله: (أو طلعا) الطلع بالفتح: ما يطلع من النخلة ثم يصير تمرًا إن كانت أنثى، وإن كانت ذكرًا، لم يصر تمرا، بل يؤكل طريا، ويترك على النخلة أيَّامًا معلومة، حتى يصير فيه شيء أبيض، مثل الدقيق، وله رائحة ذكيَّة، فيلقح به الأنثى. "مصباح ". قوله: (أو جمارًا) هو قلب النخلة، ومنه يخرج الثمر والسعف، وتموت بقطعه، ويرادفه الكثر، بفتحتين، كما في "المصباح ".

وَلَا قَطْعَ عَامِ مَجَاعَةٍ غِلَال لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ أَوْ يَشْتَرِي بِهِ السَّادِسُ انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةٍ مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَلَا مِنْ مَالٍ لَهُ شِرْكٌ فِيهِ أَوْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ ومِنْ غَنِيمَةٍ لِأَحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ فِيهَا حَقٌّ وَلَا مُسْلِمٍ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ إلَّا الْقِنَّ الْمُنَقِّحُ: وَالصَّحِيحُ لَا قَطْعَ انْتَهَى لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُقْطَعُ بِهِ سَيِّدُهُ وَلَا بِسَرِقَةِ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ مِنْ مَالِ الْآخَرِ وَلَوْ أُحْرِزَ عَنْهُ وَلَا بِسَرِقَةِ مَسْرُوقٍ مِنْهُ أَوْ مَغْصُوبٍ مِنْهُ مَالُ سَارِقٍ أَوْ غَاصِبٍ مِنْ الْحِرْزِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ أَوْ الْمَغْصُوبَةُ وَإِنْ سَرَقَهُ مِنْ حِرْزِ آخَرَ أَوْ مَالَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا بِقَدْرِهِ

_ قوله: (والصحيح) وجزم به في "الإقناع ". قوله: (من له عليه دين) أي: غير عاجز عن استيفائه.

لِعَجْزِهِ أَوْ عَيْنًا قُطِعَ بِهِ فِي سَرِقَةٍ أُخْرَى أَوْ أَجَّرَ أَوْ أَعَارَ دَارِهِ ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالُ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مِنْ قَرَابَةٍ غَيْرَ عَمُودَيْ نَسَبِهِ كَأَخِيهِ وَنَحْوِهِ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْهُ قُطِعَ وَمَنْ سَرَقَ عَيْنًا وَادَّعَى مِلْكَهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ الْإِذْنَ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَيَأْخُذُهَا مَسْرُوقٌ مِنْهُ بِيَمِينِهِ السَّابِعُ ثُبُوتُهَا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِصِفَاتِهَا وَلَا تُسْمَعُ قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بِإِقْرَارِ مَرَّتَيْنِ وَيَصِفَهَا وَلَا يَنْزِعُ حَتَّى يُقْطَعَ وَلَا بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ الْإِنْكَارَ الثَّامِنُ مُطَالَبَةُ مَسْرُوقٍ مِنْهُ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ

_ قوله: (لعجزِه) لإباحة بعض العلماءِ ذلك، فله شُبهة. قوله: (أو عينًا) أي: يقطع بسرقته. قوله: (أو أحدُهما) أي: الذمي، والمستأمِنُ. قوله: (منه) أي: المسلم. قوله: (بيمينه) محلُّه إذا ثبت السرقةُ، أو كان المدعى عليه ممن هو معروف بذلك، كما تقدم في اللقطة في قوله: (ومن ادعى ما بيد غاصبٍ أو ناهبٍ ... إلخ). قوله: (ولا ينزع) أي: يرجع. قوله: (أو وليه) أي: بالمال؛ ليزول احتمال الإباحة.

فَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مِنْ غَائِبٍ أَوْ قَامَتْ بِهَا بَيِّنَةٌ اُنْتُظِرَ حُضُورُهُ وَدَعْوَاهُ فَيُحْبَسُ وَتُعَادُ وَإِنْ كَذَّبَ مُدَّعٍ نَفْسَهُ سقط القطع فصل وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى مِنْ مِفْصَلِ كَفِّهِ وَحُسِمَتْ وُجُوبًا بِغَمْسِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ وَسُنَّ تَعْلِيقُهَا فِي عُنُقِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ رَآهُ الْإِمَامُ فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ بِتَرْكِ عَقِبِهِ وَحُسِمَتْ فَإِنْ عَادَ حُبِسَ حَتَّى يَتُوبَ وَيَحْرُمُ أَنْ يُقْطَعَ فَلَوْ سَرَقَ وَيَمِينُهُ أَوْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ذَاهِبَةٌ قُطِعَ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى لَمْ يُقْطَعْ لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ وَلَوْ كَانَ يَدَيْهِ

_ قوله: (وحسمت) أي: يده أي: حسم دمها، أي: قطع دمها، ومنع من السيلان، فهو على حذف مضافٍ. قوله: (ولو كان) أي: الذاهب (يديه) ... إلخ.

أَوْ يُسْرَاهُمَا لَمْ تُقْطَعْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَوْ كَانَ رِجْلَيْهِ أَوْ يُمْنَاهُمَا قُطِعَتْ يُمْنَى يَدَيْهِ ; لِأَنَّهَا الْآلَةُ وَمَحَلُّ النَّصِّ وَلَوْ ذَهَبَتْ بَعْدَ سَرِقَتِهِ يُمْنَى أَوْ يُسْرَى يَدَيْهِ أَوْ أَوْ إحْدَاهُمَا سَقَطَ الْقَطْعُ لَا إنْ كَانَ الذَّاهِبُ يُمْنَى رِجْلَيْهِ أَوْ يُسْرَى رِجْلَيْهِ أَوْ هُمَا وَالشَّلَا وَلَوْ أُمِنَ التَّلَفُ بِقَطْعِهَا وَمَا ذَهَبَ مُعْظَمُ نَفْعِهَا كَمَعْدُومَةٍ لَا مَا ذَهَبَ مِنْهَا خِنْصِرٌ وَبِنْصِرٌ أُصْبُعٌ سِوَاهُمَا وَلَوْ الْإِبْهَامَ وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ فَقَطَعَ قَاطِعٌ يُسْرَاهُ بِلَا إذْنِهِ عَمْدًا فالْقَوَدُ وَإِلَّا فالدِّيَةُ وَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى السَّارِقِ وَفِي التَّنْقِيحِ بَلَى

_ قوله: (أو يسراهما) أي: أو كانت يسرى يديه ذاهبةً. قوله: (لم تقطع) أما الأولى، فلما فيه إذهاب عضوينِ من شق واحد، وأما في الثانية، فلبقاء آلة السرقة ومحل النص، فلا تقطع رجله اليسرى لذلك، ولا يده اليمنى؛ لذهاب منفعة الجنس. قوله: (لأنها الآلة) أي: آلة السرقة. قوله: (يمنى السارق) أي: بعد قطع يُسراه. قوله: (وفي "التنقيح") أي:

وَيَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ فَيَرُدُّ مَا سَرَقَهُ لِمَالِكِهِ وَإِنْ تَلِفَ فمِثْلُ مِثْلَيْ قِيمَةِ غَيْرِهِ وَيُعِيدُ مَا خَرَّبَ مِنْ حِرْزٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ قَاطِعِ وثَمَنُ زَيْتِ حَسْمٍ

_ وهو ضعيفٌ. قوله: (ويعيد ما خرب) والقياس: يضمن أرش نقصه.

باب حد قطاع الطريق

باب حد قطاع الطريق وَهُمْ: الْمُكَلَّفُونَ الْمُلْتَزِمُونَ وَلَوْ أُنْثَى الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِسِلَاحٍ وَلَوْ عَصًا أَوْ حَجَرًا فِي صَحْرَاءَ أَوْ بُنْيَانٍ أَوْ بَحْرٍ فَيَغْصِبُونَ مَالًا مُحْتَرَمًا مُجَاهَرَةً وَيُعْتَبَرُ ثُبُوتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ والْحِرْزُ والنِّصَابُ فَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَتَلَ وَلَوْ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ كَوَلَدِهِ وَقِنٍّ وَذِمِّيٍّ لِقَصْدِ مَالِهِ وَأَخَذَ مَالًا قُتِلَ حَتْمًا ثُمَّ صُلِبَ قَاتِلُ مَنْ يُقَادُ بِهِ حَتَّى يُشْتَهَرَ وَلَا يُقْطَعُ مَعَ ذَلِكَ

_ قوله: (وهم المكلفون) أي: لا صغير ومجنون. قوله: (الملتزمون) أي: من المسلمين وأهل الذمة، وينتقض به عهدُهم. قوله: (للنَّاس) أي: لا للصيدِ. قوله: (أو بُنيانٍ) لعمومِ الآية. قوله: (مالاً) أي: لا نحو كلبٍ. قوله: (محترمًا) أي: لا مال حربي. قوله: (مجاهرةً) أي: لا خفية. قوله: (من يقادبه) لا قاتل نحو قنٍّ، فيقتل للمحاربةِ، ولا يُصلبُ. قوله: (حتى يشتهر) ثم ينزل، ويغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن، كما في "الإقناع".

وَلَوْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ قَبْلَ قَتْلِهِ لِلْمُحَارَبَةِ لَمْ يُصَلَّبْ وَلَا يَتَحَتَّمُ قَوَدٌ فِيمَا دُونَ نَفْسٍ وَرِدْءُ وَطَلِيعٍ كَمُبَاشِرٍ فَرِدْءٌ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَهُوَ وَلَوْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ ثَبَتَ حُكْمُ الْقَتْلِ فِي حَقِّ جَمِيعِهِمْ وَإِنْ قَتَلَ بَعْضٌ وَأَخَذَ الْمَالَ بَعْضٌ تَحَتَّمَ قَتْلُ الْجَمِيعِ وَصَلْبُهُمْ

_ قوله: (ولا يتحتم قود ... إلخ) ظاهره. سواءٌ كان قد قتل، أو لا، خلافًا لما توهمه عبارة "الإقناع" و "الإنصاف" من أنه إذا تحتم قتله، تحتَّم قوده فيما دون النفس أيضًا، أي: تبعًا. قوله: (فيما دون نفس) من مكافيء، بل له العفو إلى الدية. قوله: (وردءٌ) لمحاربٍ، أي: مساعده ومغيثه عند الحاجة، ومنه قوله تعالى (فأرسله معي ردءًا). [القصص: 34]. أي: معينًا. قوله: (وطليعٌ) أي: من يكشف للقطَّاع حال القافلة. قوله: (ولو قتل بعضهم) أي: ولم يأخذ مالاً. قوله: (ثبت حكمُ القتلِ) أي: ثبت للناس في حق جميع القُطاع، من قتل منهم ولم يقتلْ، وحكم قتلهم للناس: أنه يجب قتلهم مطلقًا، وصلبُهم إن كان المقتولُ مكافئاً، وأخذوا المال أيضًا. كما تقدم.

وَإِنْ قَتَلَ فَقَطْ لِقَصْدِ الْمَالِ قُتِلَ حَتْمًا وَلَمْ يُصَلَّبْ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَأَخَذَ نِصَابًا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ لَا مِنْ مُنْفَرِدٍ عَنْ قَافِلَةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ حَتْمًا وَحُسِمَتَا وَيُخْلَى فَلَوْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَفْقُودَةً أَوْ أَوْ مَقْطُوعَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً فِي قَوَدٍ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فَقَطْ وَإِنْ عَدِمَ يُمْنَى يَدَيْهِ لَمْ تُقْطَعْ يُمْنَى رِجْلَيْهِ وَإِنْ حَارَبَ ثَانِيَةً لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَتَتَعَيَّنُ دِيَةٌ لِقَوَدٍ لَزِمَ بَعْدَ مُحَارَبَتِهِ لِتَقْدِيمِهَا بِسَبْقِهَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ قَتْلِهِ لِلْمُحَارَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا نُفِيَ وَشُرِّدَ وَلَوْ قِنًّا فَلَا يُتْرَكُ يَأْوِي إلَى بَلَدٍ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَتُنْفَى الْجَمَاعَةُ مُتَفَرِّقَةً وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ مِنْ صَلْبٍ وَقَطْعِ وَنَفْيٍ وَتَحَتَّمَ قَتْلٌ وَكَذَا خَارِجِيٌّ وَبَاغٍ وَمُرْتَدٌّ وَمُحَارِبٌ

_ قوله: (فقط) أي: بلا أخذ مالٍ. قوله: (لا شبهة له فيه) أي: من حرزٍ، وهو ما بين جمع القافلةِ. قوله: (يمنى رجليه) أي: بل يسراهما فقط. قوله: (وشرد) أي: طرد. قوله: (وكذا خارجيٌّ) الخارجي: منسوب إلى الخوارج، وهم من كفر أهل الحق والصحابة، واستحل دماء المسلمين، وأموالهم بتأويلٍ، كما سيأتي، والصحيح: كفرهم. قوله: (محارب) قيد في الثلاثة، كما يؤخذ من "شرح الإقناع".

وَيُؤْخَذُ غَيْرُ حَرْبِيٍّ أَسْلَمَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ آدَمِيٍّ طَلَبَهُ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ سَرِقَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ شُرْبٍ فَتَابَ قَبْلَ ثُبُوتِهِ سَقَطَ بِمُجَرَّدِ تَوْبَتِهِ قَبْلَ إصْلَاحِ عَمَلٍ حَتَّى أَقَرَّ أَرْبَعًا فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَسْقُطْ بِالتَّوْبَةِ " لِحَدِيثِ «تَعَافَوْا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ كَبِمَوْتٍ فصل ومن أريدت نَفْسُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ أَوْ مَالِهِ وَلَوْ قَلَّ أَوْ لَمْ يُكَافِئْ الْمُرِيدَ فَلَهُ دَفْعُهُ بِأَسْهَلَ مَا يَظُنُّ انْدِفَاعَهُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَتْلٍ أُبِيحَ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِنْ قُتِلَ كَانَ شَهِيدًا وَمَعَ مَزْحٍ يُحَرَّمُ قَتْلٌ وَيُقَادُ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ بَهِيمَةً صَالَتْ عَلَيْهِ وَلَا وَمَنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ مُتَلَصِّصًا وَيَجِبُ عَنْ حُرْمَتِهِ وَكَذَا فِي غَيْرِ فِتْنَةٍ عَنْ نَفْسِهِ ونَفْسِ غَيْرِهِ لَا عَنْ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ عَنْ الضَّيَاعِ وَالْهَلَاكِ وَلَهُ بَذْلُهُ وَيَجِبُ عَنْ حُرْمَةِ غَيْرِهِ وَكَذَا مَالِهِ مَعَ ظَنِّ سَلَامَتِهِمَا وَإِلَّا حَرُمَ وَيَسْقُطُ بِإِيَاسِهِ لَا بِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ وَمَنْ عَضَّ يَدَ شَخْصٍ وَحَرُمَ فَانْتَزَعَهَا وَلَوْ بِعُنْفٍ فَسَقَطَتْ

_ قوله: (مع ظن سلامتهما) أي: الدافع والمدفوع، في مسألتي حرمة الغير، وماله. قوله: (وحرم) الجملة: حالٌ احترز به عمَّا لو كان العضُّ دفعاً عن العاض نفسه.

ثَنَايَاهُ فهَدَرٌ وَكَذَا مَا فِي مَعْنَى الْعَضِّ فَإِنْ عَجَزَ دَفَعَهُ كَصَائِلٍ وَمَنْ نَظَرَ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ مِنْ خَصَاصِ بَابٍ مُغْلَقٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ لَكِنْ ظَنَّهُ مُتَعَمِّدًا فَخَذَفَ عَيْنَهُ أَوْ نَحْوَهَا فهَدَرٌ وَلَا يَتْبَعُهُ بِخِلَافِ مُسْتَمِعٍ وَضَعَ أُذُنَهُ فِي خَصَاصِهِ قَبْلَ إنْذَارِهِ وناظر مِنْ مُنْفَتِحٍ

_ قوله: (فخذف عينه) أي: سواءٌ أصاب العين، أو غيرها، حتى ولو سرى إلى النفس، وعلم منه: أنه لو قصد غير العين، فأصاب العين، فإنه يضمن، كما نقله في "الحاشية " عن الظهيري.

باب قتال أهل البغي

باب قتال أهل البغي وَهُمْ: الْخَارِجُونَ عَلَى الْإِمَامِ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ وَلَهُمْ شَوْكَةٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُطَاعٌ وَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فقُطَّاعُ طَرِيقٍ وَنَصْبُ الْإِمَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَثْبُتُ بِإِجْمَاعِ وبِ واجْتِهَادٍ وقَهْرِ لِقُرَشِيٍّ حُرٍّ ذَكَرٍ عَدْلٍ عَالِمٍ كَافٍ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَيُجْبَرُ مُتَعَيَّنٌ لَهَا وَهُوَ وَكِيلُ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَهُمْ عَزْلُهُ إنْ سَأَلَهَا وَإِلَّا فَلَا وَيَحْرُمُ قِتَالُهُ وَإِنْ تَنَازَعَهَا مُتَكَافِئَانِ أَقُرِعَ

_ باب قتال أهل البغي الجور والظلم والعدول عن الحق قوله: (بإجماع ... إلخ) مثال الأول: خلافة الصديق، ومثال الثاني: خلافة الفاروق، ومثال الثالث: خلافة السيد عثمان بن عفان رضي الله عنهم، ومثال الرابع: ولاية عبد الملك بن مروان. قوله: (عالم) أي: بالأحكام الشرعية؛ لاحتياجه إلى مراعاتها في أمره ونهيهِ. وقوله: (كافٍ) أي: قائم بأمر الحرب والسياسة، وإقامة الحدود لا تلحقه رأفة في ذلك، والذب عن الأمة. قوله (إن سألها) أي: سأل العزلة، بمعنى: العزل، لا الإمامة. قوله: (فلا) أي: ولو سأل الإمامةَ. قوله: (ويحرم قتاله) أي: الإمام.

وَإِنْ بُويِعَا فَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ ومَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ بَطَلَ الْعَقْدُ وَتَلْزَمُهُ مُرَاسَلَةُ بُغَاةٍ وإزَالَةُ شُبَهِهِمْ ومَا يَدْعُونَهُ مِنْ مَظْلَمَةٌ فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا لَزِمَ قَادِرًا قِتَالُهُمْ وعَلَى رَعِيَّتِهِ مَعُونَتُهُ فَإِنْ اسْتَنْظَرُوهُ مُدَّةً وَرَجَا فَيْئَتَهُمْ أَنْظَرَهُمْ وَإِنْ خَافَ مَكِيدَةً فَلَا وَلَوْ أَعْطَوْهُ مَالًا أَوْ رَهْنًا وَيُحَرَّمُ قِتَالُهُمْ بِمَا يَعُمُّ إتْلَافُهُ كَمَنْجَنِيقِ وَنَارٍ واسْتِعَانَةٌ بِكَافِرٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَكَفِعْلِهِمْ إنْ لَمْ نَفْعَلْهُ وأَخْذُ مَالِهِمْ وذُرِّيَّتِهِمْ وَقَتْلُ مُدْبِر هِمْ وجَرِيحِهِمْ ومَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ وَلَا قَوَدَ فِيهِ وَيُضْمَنُ بِالدِّيَةِ وَيُكْرَهُ قَصْدُ رَحْمَةِ الْبَاغِي بِقَتْلٍ وَتُبَاحُ اسْتِعَانَةٌ عَلَيْهِمْ بِسِلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَخَيْلِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ لِضَرُورَةٍ فَقَطْ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ أُنْثَى حُبِسَ حَتَّى مَنْ لَا شَوْكَةَ لَهُ وَلَا حَرْبَ وَإِذَا انْقَضَتْ فَمَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ مَالَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ أَخَذَهُ

_ قوله: (وإن بويعا) أي: مرتين. قوله: (بطل العقد) وصفةُ العقد. أن يقول له كلٌّ من أهل الحل والعقد: قد بايعناك على إقامةِ العدل والإنصاف، والقيام بفروض الأمة. ولا يحتاج مع ذلك إلى صفقة اليدِ. قوله: (أنظرهم) أي: وجوبًا. قوله: (فمن وجد منهم) أي: البغاة.

وَلَا يَضْمَنُ بُغَاةٌ مَا أَتْلَفُوهُ حال حرب كَأَهْلُ عَدْلٍ وَيَضْمَنَانِ مَا أَتْلَفَا فِي غَيْرِ حَرْبٍ وَمَا أَخَذُوا حَالَ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ وَخَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ اُعْتُدَّ بِهِ وَيُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ دَعْوَى دَفْعِ زَكَاةٍ إلَيْهِمْ لَا خَرَاجٍ وَلَا جِزْيَةٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُمْ فِي شَهَادَتِهِمْ وإمْضَاءِ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ ذِمَّةٍ أَوْ أَهْلِ عَهْدٍ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ وَصَارُوا كُلُّهُمْ أَهْلَ حَرْبٍ إلَّا إنْ ادَّعَوْا شُبْهَةً كَوُجُوبِ إجَابَتِهِمْ وَيَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَأَمَّنُوهُمْ فكَعَدَمِهِ إلَّا أَنَّهُمْ فِي أَمَانٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى بُغَاةٍ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ

_ قوله: (لا إن ادَّعوا) أي: أهل الذمة والعهد. "شرح" قوله: (ويضمنون) أي: أهل الذمة والعهد.

لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ وَتَجْرِي الْأَحْكَامُ عَلَيْهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ وَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ إمَامٍ أَوْ عَدْلٍ أَوْ عَرَّضُوا بِهِ عُزِّرُوا وَمَنْ كَفَّرَ أَهْلَ الْحَقِّ وَالصَّحَابَةِ وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِتَأْوِيلٍ فخَوَارِجُ بُغَاةٌ فَسَقَةٌ وَعَنْهُ كُفَّارٌ الْمُنَقَّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِلْعَصَبِيَّةِ أَوْ رِئَاسَةٍ فظَالِمَتَانِ تَضْمَنُ كُلٌّ مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الْأُخْرَى وَضَمِنَتَا سَوَاءٌ مَا جُهِلَ مُتْلِفُهُ كَمَا لَوْ قُتِلَ دَاخِلٌ بَيْنَهُمَا لِصُلْحٍ وَجُهِلَ قَاتِلُهُ

_ قوله (بسبب إمام) لعله بغير القذف. قوله: (ما جهل متلفه) أي: من نفس ومالٍ.

باب حكم المرتد

باب حكم المرتد وَهُوَ: مَنْ كَفَرَ وَلَوْ مُمَيِّزًا طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَوْ كُرْهًا بِحَقٍّ فَمَنْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ أَوْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ سَبَّهُ أَوْ رَسُولًا لَهُ أَوْ مَلَكًا أَوْ جَحَدَ رُبُوبِيَّتَهُ أَوْ وَحْدَانِيَّتَهُ أَوْ صِفَةً أَوْ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا أَوْ مِلْكًا لَهُ أَوْ وُجُوبَ عِبَادَةٍ مِنْ الْخَمْسِ وَمِنْهَا الطَّهَارَةُ

_ باب حكم المرتد لغة: الراجع قوله: (ولو مميزًا) أي: لا طفلا. قوله: (طوعًا) أي: لا مكرهًا. قوله: (ولو كرها بحق) أي: كمن لا تقبل منه الجزية إذا قوتل على الإسلام، فأسلم، ثم ارتدَّ. قوله: (أو أشرك) أي: زعمَ أن الله تعالى شريكًا، فيكفر. قوله: (أو رسولا) أي: أو نبيًا. قوله: (من الخمس) المذكورة في حديث: "بني الإسلام على خمس". قوله: (ومنها الطهارة) أي: الطهارة ملحقة بالعبادات الخمس، المشار إليها في حديث: "بني الإسلام"؛ لكونها شرطاً مجمعًا عليه، لآكد الأركان بعد الشهادتين، وهو الصلاة.

أَوْ حُكْمًا ظَاهِرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا كَتَحْرِيمِ زِنًا أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ حِلِّ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ أَوْ شَكٍّ فِيهِ وَمِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ أَوْ يَجْهَلُهُ وَعَرَفَ وَأَصَرَّ أَوْ سَجَدَ لِكَوْكَبٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ أَتَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ صَرِيحٍ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ أَوْ امْتَهَنَ الْقُرْآنَ أَوْ ادَّعَى اخْتِلَافَهُ أَوْ الْقُدْرَةَ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ أَسْقَطَ حُرْمَتَهُ كَفَرَ وَلَا مَنْ حَكَى كُفْرًا سَمِعَهُ وَلَا يَعْتَقِدُهُ وَإِنْ تَرَكَ عِبَادَةً مِنْ الْخَمْسِ تَهَاوُنًا لَمْ يَكْفُرْ إلَّا بِالصَّلَاةِ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ لَهَا مُجْمَعٍ عَلَيْهِ إذَا اُدُّعِيَ إلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ وَامْتَنَعَ وَيُسْتَتَابُ كَمُرْتَدٍّ فَإِنْ وَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ بِشَرْطِهِ وَيُقْتَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ حَدًّا

_ قوله: (ظاهرًا) أي: بين المسلمين، بخلاف سدس بنت الابن مع البنت. قوله: (قطعيا) أي: لا سكوتيًا. قوله: (ونحوه) كلحم مذكاة بهيمة الأنعام والدجاج.

فَمَنْ ارْتَدَّ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا وَلَوْ أُنْثَى دُعِيَ وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وُجُوبًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَضِيقَ عَلَيْهِ وَيُحْبَسَ فَإِنْ تَابَ لَمْ يُعَزَّرْ وَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ بِالسَّيْفِ إلَّا رَسُولَ كُفَّارٍ بِدَلِيلِ رَسُولِ مُسَيْلِمَةَ وَلَا يَقْتُلُهُ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا بِلَا إذْنٍ أَسَاءَ وَعُزِّرَ وَلَا ضَمَانَ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ اسْتِتَابَتِهِ إلَّا أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فلِكُلِّ أَحَدٍ قَتْلُهُ وَأَخْذُ مَا مَعَهُ وَمَنْ أَطْلَقَ الشَّارِعُ كُفْرَهُ كَدَعْوَاهُ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَمَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَهُوَ تَشْدِيدٌ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَيَصِحُّ إسْلَامُ مُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ ورِدَّتُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ لَمْ أُرِدْ مَا قُلْته فَكَمَا لَوْ ارْتَدَّ وَلَا يُقْتَلُ هُوَ وسَكْرَانُ ارْتَدَّا حَتَّى يُسْتَتَابَا بَعْدَ بُلُوغِهِ وصَحْوِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ مَاتَ فِي سُكْرٍ أَوْ قَبْلَ بُلُوغٍ مَاتَ كَافِرًا وَلَا تُقْبَلُ فِي تَوْبَةُ زِنْدِيقٍ وَهُوَ الْمُنَافِقُ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ وَلَا مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ أَوْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولًا أَوْ مَلَكًا لَهُ صَرِيحًا أَوْ انْتَقَصَهُ وَلَا سَاحِرٍ مُكَفَّرٍ بِسِحْرِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ الْخَيْرَ وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ فكَزِنْدِيقٍ فِي تَوْبَتِهِ

_

فصل وتوبة مرتد وكُلِّ كَافِرٍ إتْيَانُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ إقْرَارِ جَاحِدٍ لِفَرْضٍ أَوْ تَحْلِيلِ أَوْ لِتَحْرِيمِ أَوْ نَبِيٍّ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى غَيْرِ الْعَرَبِ بِمَا جَحَدَهُ أَوْ قَوْلِهِ أَنَا مُسْلِمٌ فَهُوَ تَوْبَةٌ أَيْضًا لِلْمُرْتَدِّ وَلِكُلِّ كَافِرٍ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا تَضَمَّنَ الشَّهَادَتَيْنِ كَانَ مُخْبِرًا بِهِمَا وَلَا يُغْنِي قَوْلُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَلَوْ مِنْ مُقِرٍّ بِهِ

_ قوله: (إتيانه بالشهادتين) ظاهره: سواء كانا مرتبين متواليتين، أو لا. منصور البهوتي. ومقتضى قوله الآتي: (ولا يغني قوله: محمد رسول الله عن كلمة التوحيد، ولو من مقر به) أنه لا بد من التوالي. فليحرَّر. قوله: (إلي غير العرب) في سيرة شيخ مشايخنا، النور الحلبي ما نصه: العيسوية: طائفة من اليهود، أتباع عيسى الأصفهاني، يقولون: إنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث للعرب خاصة دون بني إسرائيل، وإنه صادقٌ. وهو فاسدٌ؛ لأنهم إذا سلموا أنه رسول الله، وأنه لا يكذب، لزمهم التناقض؛ لأنه ثبت بالتواتر عنه أنه رسول الله لكل الناس. انتهى. نقله عنه شيخنا محمد الخلوتي، حفظه الله تعالى، ونفعنا به. قوله: (أو قوله: أنا مسلم) أي: مع إقرار جاحدٍ لفرضٍ ... إلخ، ولو أخَّره ليشمل الصورتين، لكان أولى.

وَمَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِرِدَّةٍ وَلَوْ بِجَحْدِ فَأَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يُكْشَفْ عَنْ شَيْء فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهِمَا مِنْ مُسْلِمٍ وَمِنْهُ بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ مِنْ بِدْعَةٍ وَيَكْفِي جَحْدُهُ الرِّدَّةَ أَقَرَّ بِهَا لَا إنْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِهَا وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ كَفَرَ فَادَّعَى الْإِكْرَاهَ قُبِلَ مَعَ قَرِينَةٍ فَقَطْ وَلَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ فَادَّعَاهُ قُبِلَ مُطْلَقًا وَإِنْ أُكْرِهَ ذِمِّيٌّ عَلَى إقْرَارٍ بِإِسْلَامٍ لَمْ يَصِحَّ وَقَوْلُ مَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ أَوْ أَنَا مُسْلِمٌ تَوْبَةٌ وَإِنْ كَتَبَ كَافِرٌ الشَّهَادَتَيْنِ صَارَ مُسْلِمًا وَلَوْ قَالَ الْكَافِرُ أَسْلَمْت أَوْ أَنَا مُسْلِمٌ أَوْ أَنَا مُؤْمِنٌ صَارَ مُسْلِمًا فَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الْإِسْلَامَ أَوْ لَمْ أَعْتَقِدْهُ أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ قَدْ عُلِمَ مَا يُرَادُ مِنْهُ

_ قوله: (قد علم) أي: لأنه قد علم ... إلخ.

وَإِنْ قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ وَلَا أَنْطِقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وأَسْلِمْ وَخُذْ أَلْفًا وَنَحْوَهُ فَأَسْلَمَ فَلَمْ يُعْطِهِ فَأَبَى الْإِسْلَامَ قُتِلَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ وَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْخَمْسِ قُبِلَ مِنْهُ وَأُمِرَ بِالْخَمْسِ وَإِذَا مَاتَ مُرْتَدٌّ فَأَقَامَ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَهَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَبْطُلُ إحْصَانُ مُرْتَدٍّ وَلَا عِبَادَةٌ فَعَلَهَا قَبْلَ رِدَّتِهِ إذَا تَابَ وَيَمْلِكُ بِتَمَلُّكٍ وَيُمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَأُرُوشُ جِنَايَاتِهِ، وَلَوْ جَنَاهَا بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ فِي فِئَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ وَيُنْفَقُ مِنْهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا صَارَ فَيْئًا مِنْ حِينِ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ فَهُوَ وَمَا مَعَهُ كَحَرْبِيٍّ ومَا بِدَارِنَا مِنْ حِينِ مَوْتِهِ وَلَوْ ارْتَدَّ أَهْلُ بَلَدٍ وَجَرَى فِيهِ حُكْمُهُمْ فدَارِ حَرْبٍ يُغْنَمُ

_ قوله: (ويمنع التصرف في ماله) فإن إسلم، نفذ. قوله: (وجرى فيه حكمهم) أي: بأن نُفِّذت في البلدِ أحكامُه.

مَالُهُمْ ووَلَدٌ حَدَثَ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَيُؤْخَذُ مُرْتَدٌّ بِحَدٍّ أَتَاهُ فِي رِدَّتِهِ لَا بِقَضَاءِ مَا تَرَكَ فِيهَا مِنْ عِبَادَةٍ وَإِنْ لَحِقَ زَوْجَانِ مُرْتَدَّانِ بِدَارِ حَرْبٍ لَمْ يُسْتَرَقَّا وَلَا مِنْ وَلَدِهِمَا أَوْ حَمْلٌ قَبْلَ رِدَّةٍ وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ قُتِلَ وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْحَادِثِ فِيهَا ويُقَرَّ عَلَى كُفْرٍ بِجِزْيَةٍ وَسَاحِرٌ يَرْكَبُ الْمَكْنَسَةَ فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ كَافِرٌ كَمُعْتَقِدٍ حِلَّهُ لَا مَنْ سَحَرَ بِأَدْوِيَةٍ وَتَدْخِينٍ وَسَقْيٍ شَيْئًا يَضُرُّ وَيُعَزَّرُ بَلِيغًا وَلَا مَنْ يُعَزِّمُ عَلَى الْجِنِّ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَجْمَعُهَا وَتُطِيعُهُ وَلَا كَاهِنٌ وَلَا عَرَّافٌ وَلَا مُنَجِّمٌ وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرٌ كِتَابِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ

_ قوله: (وولد حدث) أي: حدث الحملُ به، وإلا فمسلمٌ. قوله: (ولا كاهن) الكاهن: هو من له مخبر من الجن. والعرَّاف: من يتخرص. والمنجم: المستدل بالنجوم على الحوادث.

وَمُشَعْبِذٌ وَقَائِلٍ بِزَجْرِ طَيْرٍ وَضَارِبٌ بِحَصًى أَوْ شَعِيرٍ وقِدَاحٍ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ إبَاحَتَهُ وأَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ الْأُمُورَ الْمُغَيَّبَةَ عُزِّرَ وَيُكَفُّ عَنْهُ وَإِلَّا كَفَرَ وَيَحْرُمُ طَلْسَمٌ ورُقْيَةٌ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ وَيَجُوزُ الْحَلُّ بِسِحْرٍ ضَرُورَةً وَالْكُفَّارُ وَأَطْفَالُهُمْ وَمَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ مَجْنُونًا مَعَهُمْ عَلَى النَّارِ وَمَنْ وُلِدَ أَعْمَى أَبْكَمَ أَصَمَّ فمَعَ أَبَوَيْهِ كَافِرَيْنِ أَوْ مُسْلِمَيْنِ وَلَوْ أَسْلَمَا بَعْدَ مَا بَلَغَ

_ قوله: (وقداح) جمع: قدح، بالكسر: السهم.

صفحة فارغة

كتاب الأطعمة

كتاب الأطعمة وَاحِدُهَا: طَعَامٌ، وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ وَأَصْلُهَا الْحِلُّ فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ حَتَّى الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ وَيَحْرُمُ نَجِسٌ كَدَمٍ وَمَيْتَةٍ ومُضِرٌّ كَسُمٍّ ومِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ حُمُرٌ أَهْلِيَّةٌ وَفِيلٍ ومَا يَفْتَرِسُ بِنَابِهِ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَفَهْدٍ وَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَدُبٍّ وَنِمْسٍ وَابْنِ آوَى وَابْنِ عِرْسٍ وَسِنَّوْرٍ مُطْلَقًا

_ قوله: (طاهر) أي: لا نجسٍ، أو متنجسٍ. قوله: (لا مضرة فيه) بخلاف نحو: سم. قوله: (ونحوه) أي: مما يؤكل، كقشر بيض، وقرن حيوان مذكى إذا دقَّ، ونحوه. قوله: (وما يفترس) أي: ينهش. قوله: (وابن آوى) ممنوع الصرف، وجمعه بنات آوى. "مطلع ". قوله: (مطلقًا) أي: أهليًا كان، أو وحشياً.

وَثَعْلَبٌ وَسِنْجَابٌ وَسَمُّورٌ وَفَنَكٌ سِوَى ضَبُعٍ ومِنْ طَيْرٍ مَا يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ كَعُقَابٍ وَبَازٍ وَصَقْرٍ وَبَاشِقٍ وَشَاهِينِ وَحِدَأَةٍ وَبُومَةٍ ومَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ كَنِسْرٍ وَرَخَمٍ وَلَقْلَقٍ وَعَقْعَقٍ وَهُوَ

_ قوله: (وسمور) حيوان ببلاد الروس، وراء بلاد الترك، شبه النمس، ومنه أسود لامع، وأشقر. وحكى لي بعض الناس: أن أهل تلك الناحية يصيدون منها، فيخصون الذكور منها، ويرسلونها ترعى، فإذا كان أيام الثلج. خرجوا للصيد، فما كان فحلا، لم يدركوه، وماكان مخصيا، استلقى على ظهره، فأدركوه وقد سمن، وخشن شعره. والجمع سمامير، مثل: تنور وتنانير. "مصباح". قوله: (وفنكٍ) نوعٌ من ولد الثعلب التركي. قوله: (سوى ضبعٍ) أي: لورودِ الرخصة فيه، لكن إن عرف بأكل الميتة، فكالجلالة. قوله: (بمخلبه) بكسر الميم، للطير والسباع، بمنزلة الظفر للإنسان. قوله: (وعقعق) كجعفر: طائر نحو الحمامة، طويل الذنب

الْقَاقُ وَغُرَابِ الْبَيْنِ وَالْأَبْقَعِ ومَا تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ ذَوُو الْيَسَارِ كَوَطْوَاطٍ وَيُسَمَّى خُفَّاشًا وَخُشَافًا وَفَأْرٍ وَزُنْبُورٍ وَنَحْلٍ وَذُبَابٍ وَنَحْوِهَا وَغُدَافٍ وَخُطَّافٍ وَقُنْفُذٍ وَحَيَّةٍ وَحَشَرَاتٍ وكُلُّ مَا أَمَرَ الشَّرْعُ بِقَتْلِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ ومَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَبَغْلٍ وسِمْعٍ وَلَدِ ضَبُعٍ مِنْ ذِئْبٍ وَعِسْبَارٍ وَلَدِ ذِئْبَةٍ مِنْ ضِبْعَانِ

_ فيه بياضُ وسواد، وهو نوع من الغربان. قوله: (والأبقع) أي: المختلف لونُه. قوله: (خفاشا) كتفاح. قوله: (وغداف) كغراب: غراب كبير، وهو غرابُ القيظِ. قوله: (وحشراتٍ) أي: صغار دواب الأرض. قوله: (من ضِبعانٍ) ذكر الضباع، ولو تميز.

وَمَا تَجْهَلُهُ الْعَرَبُ وَلَا ذُكِرَ فِي الشَّرْعِ يُرَدُّ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ وَلَوْ أَشْبَهَ مُبَاحًا مُحَرَّمًا غُلِّبَ التَّحْرِيمُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ طَاهِرٍ كَذُبَابِ بَاقِلَّا وَدُودِ خَلٍّ وَنَحْوِهِمَا يُؤْكَلُ تَبَعًا لَا أَصْلًا وَمَا أَحَدُ أَبَوَيْهِ الْمَأْكُولَيْنِ مَغْصُوبٌ فَكَأُمِّهِ فصل ويباح ما عدا هذا كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالْخَيْلِ وبَاقِي الْوَحْشِ كَزَرَافَةٍ وأَرْنَبٍ وَوَبْرٍ وَيَرْبُوعٍ وَبَقَرِ وَحْشٍ وَحُمُرِهِ وَضَبٍّ وَظِبَاءٍ وَبَاقِي الطَّيْرِ كَنَعَامٍ وَدَجَاجٍ وَطَاوُوسٍ وَبَبَّغَاءَ وَهِيَ الدُّرَّةُ

_ قوله: (شبهًا به) أي: بالمجهول في الحجاز. قوله: (غلب التحريم) احتياطا؛ لأن الأصل في الأشياء الحظر؛ لئلا يخالف ما أسلفه. محمد الخلوتي. قوله: (ونحوهما) كدود جبنٍ. قوله: (والخيل) أي كلها. قوله: (وظباء) وهي الغزلان. قوله: (ودجاج) في "مختار الصحاح": والدجاج معروف، وفتح الدال أفصح من كسرها، الواحدة دجاجة، ذكرًا كان أو أنثى، والهاء للإفراد، كحمامة وبطة، ألا ترى قول جرير:

وَزَاغٍ وَغُرَابِ زَرْعٍ وَيَحِلُّ كُلُّ حَيَوَانٍ بَحْرِيٍّ غَيْرَ ضُفْدَعٍ وحَيَّةٍ وتِمْسَاحٍ وَتَحْرُمُ الْجَلَّالَةُ الَّتِي أَكْثَرُ عَلَفِهَا نَجَاسَةٌ ولَبَنُهَا وَبَيْضُهَا حَتَّى تُحْبَسَ ثَلَاثًا وَتُطْعَمُ الطَّاهِرَ فَقَطْ وَيُكْرَهُ رُكُوبُهَا وَيُبَاحُ أَنْ يَعْلِفَ النَّجَاسَةَ مَا لَا يُذْبَحُ أَوْ يَحْلِبُ قَرِيبًا وَمَا سُقِيَ أَوْ سُمِّدَ بِنَجِسٍ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ مُحَرَّمٌ حَتَّى يُسْقَى بَعْدَهُ بطَاهِرٍ يَسْتَهْلِكُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ

_ لما تذكرت بالديرين أرقني ... صوت الدجاج وضرب بالنواقيس وإنما يعني: زقاء الديوك. انتهى. والذي يخلص من كلامه: أن الدجاجَ في داله الفتح، والكسر، وأن الفتح أفصح. ودجاجة داله الفتح، لا غير، أو أنه مثله، وسكت عن الضم فيهما. وفي "شرح الشذور" لابن هشام أنه مسموع في الدجاجة، لكنه ضعيف. شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (وزاغ) الزاغ: غرابٌ نحو الحمامة، أسود برأسه غبرة، وقيل: إلى البياض، ولا يأكل جيفة. "مصباح".

وَيُكْرَهُ أَكْلُ تُرَابٍ وَفَحْمٍ وَطِينٍ وغُدَّةٍ وَأُذُنِ قَلْبٍ وبَصَلٍ وَثُومٍ وَنَحْوِهِمَا مَا لَمْ يُنْضَجْ بِطَبْخٍ وحَبٍّ دِيسَ بِحُمُرٍ ومُدَاوَمَةُ أَكْلِ لَحْمٍ ومَاءُ بِئْرٍ بَيْنَ قُبُورٍ وَبَقْلُهَا وَشَوْكِهَا لَا لَحْمٌ نِيءٌ وَمُنْتِنٍ فصل ومن اضطر بأن خاف التلف أَكَلَ وُجُوبًا مِنْ غَيْرِ سُمٍّ وَنَحْوِهِ مِنْ مُحَرَّمٍ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي سَفَرٍ مُحَرَّمٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَلَمْ يَتُبْ فَلَا وَلَهُ التَّزَوُّدُ إنْ خَافَ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ السُّؤَالِ عَلَى أَكْلِهِ وَإِنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَطَعَامًا مَا يَجْهَلُ مَالِكَهُ أَوْ مَيْتَةً وَصَيْدًا حَيًّا أَوْ بَيْضَ صَيْدٍ سَلِيمًا وَهُوَ مُحَرَّمٌ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ وَيُقَدِّمُ عَلَيْهَا لَحْمَ صَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٍ وَيُقَدِّمُ عَلَى صَيْدٍ حَيٍّ طَعَامًا يَجْهَلُ مَالِكَهُ

_ قوله: (أكل) أي: تناول، فيشمل المشروب. قوله: (ونحوه) أي: مما يضر. قوله: (رمقه) الرمق كفرسٍ: بقية الروح، ويسد ... أي: يُمسك، كما يسد الشيء المنفتح."مطلع". قوله: (فقط) أي: لا يَزيد. قوله: (محرم) كقطع طريق، أو لواطٍ. قوله: (يجهل مالكه) أي: قدم الميتة.

وَيُقَدِّمُ مُضْطَرٌّ مُطْلَقًا مَيْتَةً مُخْتَلَفًا فِيهَا عَلَى مُجْمَعٍ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا مُبَاحَةٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَيَتَحَرَّى فِي مُذَكَّاةٍ اشْتَبَهَتْ بِمَيْتَةٍ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا طَعَامَ غَيْرِهِ فَرَبُّهُ الْمُضْطَرُّ أَوْ الْخَائِفُ أَنْ يُضْطَرَّ أَحَقُّ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ إيثَارُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ فَقَطْ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ فِي ذِمَّةِ مُعْسِرٍ فَإِنْ أَبَى أَخَذُهُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ ثُمَّ قَهْرًا وَيُعْطِيهِ عِوَضَهُ يَوْمَ أَخْذِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ فَلَهُ قِتَالُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ ضَمِنَهُ رَبُّ الطَّعَامِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ إلَّا بِمَا فَوْقَ الْقِيمَةِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِذَلِكَ كَرَاهَةَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا دَمٌ أَوْ عَجْزًا عَنْ قِتَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْقِيمَةُ وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْعَطْشَانِ وعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ولَهُ طَلَبُ ذَلِكَ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى نَفْعِ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَجَبَ بَذْلُهُ مَجَّانًا مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ

_ قوله: (مطلقا) أي: محرما كان، أو لا. قوله: (فيها) أي: كمتروك التسمية عمدًا. قوله: (إيثارُه) أي: الغير. قوله: (وإلا) يضطرَّ ولا يخف، لزمه بذل ما يسد ... إلخ. قوله: (مع بقاءِ عينِه) أي: كثوبٍ لدفع بردٍ.

وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ كَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ فَلَهُ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ لَا أَكْلُ مَعْصُومٍ مَيِّتٍ أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ نَفْسِهِ فصل ومن مر بثمرة بستان لا حائط عليه ولا ناظر فَلَهُ الأَكْلٌ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ مَجَّانًا لَا صُعُودُ شَجَرِهِ وَلَا ضَرْبُهُ أَوْ رَمْيُهُ بِشَيْءٍ وَلَا يَحْمِلُ وَلَا يَأْكُلُ مِنْ مُجْنًى مَجْمُوعٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَكَذَا زَرْعٌ قَائِمٌ وشُرْبُ لَبَنِ مَاشِيَةٍ وَأَلْحَقَ جَمَاعَةٌ بِذَلِكَ بَاقِلَّا وَحِمِّصًا

_ قوله: (ومن لم يجد) أي: مضطرٌّ. قوله: (وأكله) وكذا لو وجده ميتًا. قوله: (ميت) أي: ولو ذميًا، أو لم يجد غيره. قوله: (ولا ناظر) أي: حارس. قوله: (فله الأكل) أي: من تمرة ساقطة، أو بشجرتها. قوله: (لا صعود شجره) أي: الثمر. قوله. (إلا لضرورةٍ) بأن كان مضطرًا، كسائرِ أنواع الطعام. قوله: (وكذا زرع قائم) أي: لجري العادة بأكل الفريكِ. قوله: (وألحق جماعةٌ) الموفق ومن تابعه. قوله: (وحمصا) أي: وشبههُما مما يؤكل رطبًا. "شرح ".

أَخْضَرَيْنِ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ قَوِيٌّ وَيَلْزَمُ مُسْلِمًا ضِيَافَةُ مُسْلِمٍ مُسَافِرٍ فِي قَرْيَةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَدْرَ كِفَايَتِهِ مَعَ أُدْمٍ وإنْزَالُهُ بِبَيْتِهِ مَعَ عَدَمِ مَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ فَإِنْ أَبَى فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ وَتُسْتَحَبُّ ثَلَاثًا وَمَا زَادَ فصَدَقَةٌ وَلَيْسَ لِضِيفَانٍ قِسْمَةُ طَعَامٍ قُدِّمَ لَهُمْ وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فمُبْتَدِعٌ وَمَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ الْبِطِّيخِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِكَيْفِيَّةِ أَكْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَذِبٌ.

_ قوله: (وهو قويٌّ) الزركشي: وهو حسن، بخلاف نحو شعير مما لم تجر العادة بأكله. قوله. (مسلما) أي: لا ذميًا. قوله: (وغيرِه) كخانٍ، ورباطٍ. قوله: (به) أي: بما وجب له. قوله: (من ماله) أي: بقدرِ الواجبِ. قوله: (وتستحب ثلاثا) أي: بأيَّامها، والمراد: يومان مع اليوم الأول. "شرح". قوله: (قدم لهم) أي: لأنه إباحة، لا تمليك. قوله: (بلا سببٍ شرعي) أي: من شبهةٍ أو كلفة.

باب الذكاة

باب الذكاة وَهِيَ ذَبْحُ أَوْ نَحْرُ حَيَوَانٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ مُبَاحٌ أَكْلُهُ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ لَا جَرَادٌ وَنَحْوُهُ بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ أَوْ عَقْرُ مُمْتَنِعٍ وَيُبَاحُ جَرَادٌ وَنَحْوُهُ وسَمَكٌ وَمَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ بِدُونِهَا لَا مَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي بَرٍّ إلَّا بِهَا وَيَحْرُمُ بَلْعُ سَمَكٍ حَيًّا وَكُرِهَ شَيُّهُ حَيًّا لَا جَرَادٍ وَشُرُوطُ ذَكَاةٍ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا كَوْنُ فَاعِلٍ عَاقِلًا لِيَصِحَّ قَصْدُ التَّذْكِيَةِ وَلَوْ مُعْتَدِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُمَيِّزًا أَوْ قِنًّا أَوْ أُنْثَى أَوْ جُنُبًا أَوْ كِتَابِيًّا وَلَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ لَا مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرَ كِتَابِيٍّ وَلَا وَثَنِيٍّ

_ قوله: (ونحوه) كالدباء. قوله: (لا ما يعيش فيه) كسلحفاة، وكلب الماء. قوله: (كون فاعل) أي: للثلاثة. قوله: (ليصح ... إلخ) أي: ليتأتى، وعلى هذا فقصد التذكية هو الشرط في الحقيقة، والكون (عاقلا) شرط في وجوده. محمد الخلوتي.

وَلَا مَجُوسِيٍّ وَلَا زِنْدِيقٍ وَلَا مُرْتَدٍّ وَلَا سَكْرَانٍ فَلَوْ احْتَكَّ مَأْكُولٌ بِمُحَدَّدٍ بِيَدِهِ لَمْ يَحِلَّ لَا قَصْدُ الْأَكْلِ الثَّانِي الْآلَةُ فَتَحِلُّ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ حَتَّى حَجَرٍ وَقَصَبٍ وَخَشَبٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَعَظْمٍ غَيْرَ سِنٍّ وَظُفُرٍ وَلَوْ مَغْصُوبًا الثَّالِثُ قَطْعُ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ لَا شَيْءٍ غَيْرِهِمَا وَلَا إبَانَتُهُمَا وَلَا يَضُرُّ رَفْعُ يَدِهِ إنْ أَتَمَّ الذَّكَاةَ عَلَى الْفَوْرِ وَالسُّنَّةُ نَحْرُ إبِلٍ بِطَعْنٍ بِمُحَدَّدٍ فِي لَبَّتِهَا وذَبْحُ غَيْرِهَا وَمَنْ عَكَسَ أَجْزَأَهُ وَذَكَاةُ مَا عُجِزَ عَنْهُ كَوَاقِعٍ فِي بِئْرٍ وَمُتَوَحِّشٍ بِجَرْحِهِ حَيْثُ

_ قوله: (بيده) أي: السكران، أو من لم يقصد. قوله: (حلقوم) أي: مجرى النفس. قوله: (ومريء) والمريء، بالمد: مجرى الطعام والشراب. "شرح".

كَانَ فَإِنْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ كَكَوْنِ رَأْسِهِ بِمَاءٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَحِلَّ وَمَا ذُبِحَ مِنْ قَفَاهُ وَلَوْ عَمْدًا إنْ أَتَتْ الْآلَةُ عَلَى مَحَلِّ ذَبْحِهِ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَبَانَ رَأْسَهُ حَلَّ مُطْلَقًا ومُلْتَوٍ عُنُقُهُ كَمَعْجُوزٍ عَنْهُ وَمَا أَصَابَهُ سَبَبُ الْمَوْتِ مِنْ مُنْخَنِقَةٍ وَمَوْقُوذَةٍ وَمُتَرَدِّيَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَأَكِيلَةِ سَبُعٍ وَمَرِيضَةٍ وَمَا صِيدَ بِشَبَكَةٍ أَوْ شَرَكٍ أَوْ أُحْبُولَةٍ أَوْ فَخٍّ أَوْ أَنْقَذَهُ مِنْ مُهْلِكَةٍ فَذَكَّاهُ وَحَيَاتُهُ تُمْكِنُ زِيَادَتُهَا عَلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ وَالِاحْتِيَاطُ مَعَ تَحَرُّكِهِ وَلَوْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ طَرْفِ عَيْنٍ أَوْ مَصْعِ ذَنَبٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُقَارِبُ الْحَرَكَةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الذَّبْحِ الْمُعْتَادِ بَعْدَ ذَبْحِهِ دَلَّ عَلَى إمْكَانِ الزِّيَادَةِ قَبْلَهُ وَمَا قُطِعَ حُلْقُومُهُ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ وَنَحْوُهَا فَوُجُودُ حَيَاتِهِ كَعَدَمِهَا

_

الرَّابِعُ: قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ عِنْدَ حَرَكَةِ يَدِهِ بِذَبْحٍ وَيُجْزِي بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَلَوْ أَحْسَنَهَا وأَنْ يُشِيرَ أَخْرَسُ وَيُسَنُّ مَعَهُ التَّكْبِيرُ لَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَدَا لَهُ ذَبْحُ غَيْرِ مَا سَمَّى عَلَيْهِ أَعَادَ التَّسْمِيَةَ وَتَسْقُطُ سَهْوًا لَا جَهْلًا وَيَضْمَنُ أَجِيرٌ تَرَكَهَا إنْ حَرُمَتْ وَمَنْ ذَكَرَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى اسْمَ غَيْرِهِ حَرُمَ وَلَمْ تَحِلَّ خَرَجَ مَيِّتًا أَوْ مُتَحَرِّكًا كَمَذْبُوحٍ أَشْعَرَ أَوْ لَا بِتَذْكِيَةِ أُمِّهِ وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ ذَبْحَهُ وَلَمْ يُبَحْ مَعَ حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ إلَّا بِذَبْحِهِ لَا يُؤَثِّرُ مُحَرَّمُ كَسَبُعٍ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ

_ قوله: (قول: بسم الله) أي: من الذابح، كما قد يفهم من عبارة "الإقناع"، وغيره. قوله: (إن حرمت) بأن كان الترك عمدًا، أو جهلا، لمن يقول بوجوبها كالحنبلي. محمد الخلوتي. ويعلم من كلامه الآتي في غير موضع: أن العبرة في الحل وعدمه بالآكل المتناول، لا بالذابح، فذبيحة الشافعي التي ترك التسمية عليها عمدًا، لا تحلُّ للحنبلي. فليُتأمل.

وَمَنْ وَجَأَ بَطْنَ أُمِّ جَنِينٍ مُسَمِّيًا فَأَصَابَ مَذْبَحَهُ فَهُوَ مُذَكًّى وَالْأُمُّ مَيِّتَةٌ فصل ويكره الذبح بآلة كآلة وحَدُّهَا وَالْحَيَوَانُ يَرَاهُ وسَلْخُهُ أَوْ كَسْرُ عُنُقِهِ قَبْلَ زُهُوقِ نَفْسِهِ ونَفْخُ لَحْمٍ يُبَاعُ وَسُنَّ تَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَرِفْقٌ بِهِ وَحَمْلٌ عَلَى الْآلَةِ بِقُوَّةٍ وَإِسْرَاعٌ بِالشَّحْطِ وَمَا ذُبِحَ فَغَرِقَ أَوْ تَرَدَّى مِنْ عُلْوٍ أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَقْتُلُ مِثْلُهُ لَمْ يَحِلَّ وَإِنْ ذَبَحَ كِتَابِيٌّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ يَقِينًا كَذِي الظُّفُرِ أَوْ ظَنًّا

_ قوله: (لم يحل) وقال الأكثر: يحل، وليس هذا مكرر مع قوله: (فإن أعانه غيره ... إلخ) لأن ذاك المعين فيه مقارنٌ، وهنا متأخرٌ. فتأمَّل. قوله: (كذي الظفر) أي: مما ليس بمنفرج الأصابع من إبلٍ، ونعامةٍ.

فَكَانَ أَوْ لَا كَحَالِ الرِّئَةِ وَنَحْوِهِ أَوْ لِعِيدِهِ أَوْ لِيَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى شَيْءٍ يُعَظِّمُهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا إذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لَهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ وَهِيَ شَحْمُ الثَّرْبِ والْكُلْيَتَيْنِ كَذَبْحِ حَنَفِيٍّ حَيَوَانًا فَيَبِينُ حَامِلًا وَنَحْوِهِ وَيَحْرُمُ عَلَيْنَا إطْعَامُهُمْ شَحْمًا مِنْ ذَبِيحَتِنَا لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُنَا لَهُمْ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا وَيَحِلُّ مَذْبُوحٌ مَنْبُوذٌ بِمَحَلٍّ يَحِلُّ ذَبْحُ أَكْثَرَ أَهْلِهِ وَلَوْ جُهِلَتْ

_ قوله: (كحال الرئة) وهو أن اليهود إذا وجدوا رئة المذبوح لاصقة بالأضلاع امتنعوا من أكله، زاعمين التحريم، ويسمونها: اللازقة، وإن وجدوها غير لاصقة بالأضلاع، أكلوها. قوله: (وهو الثرب) كفلسٍ: شحم رقيق يغشي الكرش والأمعاء. قوله: (حاملا) أي: فيحل لنا جنينه، إذا لم يخرج حيا حياة مستقرة. قوله: (ونحوه): كذبح ما لكي فرسا مسميا، فتحل لنا، وإن اعتقد تحريمها. قوله: (ذبح) هو مضاف للفاعل، لا للمفعولِ.

تَسْمِيَةُ ذَابِحٍ وَيَحِلُّ مَا وُجِدَ بِبَطْنِ سَمَكٍ أَوْ مَأْكُولٍ مُذَكًّى أَوْ بِحَوْصَلَتِهِ أَوْ فِي رَوْثِهِ مِنْ سَمَكٍ وَجَرَادٍ وَحَبٍّ وَيَحْرُمُ بَوْلُ طَاهِرٍ كَرَوْثٍ

_

كتاب الصيد

كتاب الصيد وهو: اقْتِنَاصُ حَيَوَانٍ حَلَالٍ مُسْتَوْحَشٍ طَبْعًا غَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَصْيُودُ وَهُوَ حَيَوَانٌ مُقْتَنَصٌ حَلَالٌ إلَى آخِرِ الْحَدِّ وَيُبَاحُ لِقَاصِدِهِ وَيُكْرَهُ لَهْوًا وَهُوَ أَفْضَلُ مَأْكُولٍ وَالزِّرَاعَةُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ وَأَفْضَلُ التِّجَارَةِ التِّجَارَةُ فِي بَزٍّ وَعِطْرٍ وَزَرْعٍ وَغَرْسٍ وَمَاشِيَةٍ وَأَبْغَضُهَا فِي رَقِيقٍ وَصرف

_ قوله: (حلال) أي: لا نحو ذئبٍ. قوله: (متوحشٍ) أي: لا ما ند من إبل، وبقرٍ، وما تأهل من غزلان. قوله: (مقدور عليه) أي: لا مملوك. قوله: (أفضلُ مكتسب) أي: لأنها أقرب إلى التوكل. قوله: (في بز) أي: قماش. قال في "المصباح ". البز - بالفتح - قيل: نوع من الثياب، وقيل: الثياب خاصة من أمتعة البيت، وقيل: أمتعة التاجر من الثياب، قوله: (وصرفٍ) أي: لتمكن الشبهةِ فيهما.

وَأَفْضَلُ الصِّنَاعَةِ خِيَاطَةٌ وَنَصَّر إنَّ كُلَّ مَا نُصِحَ فِيهِ فحَسَنٌ وَأَرْدَؤُهَا حِيَاكَةٌ وَحِجَامَةٌ وَنَحْوُهُمَا وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً صَبْغٌ وَصِيَاغَةٌ وَحِدَادَةٌ وَنَحْوُهَا وَمَنْ أَدْرَكَ مَجْرُوحًا مُتَحَرِّكًا فَوْقَ حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ لَمْ يُبَحْ إلَّا بِهَا وَلَوْ خَشَى مَوْتَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ بِعَدْوِهِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ حَتَّى مَاتَ تَعَبًا فحَلَالٌ

_ قوله: (ونحوهما) كقمامةٍ، وزبالة، ودبغ. "شرح". قوله: (ونحوها) كجزارةٍ؛ لما يدخلها من الغش ومخالطة النجاسة. قوله: (فحلال) أي:

وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ لَهَا فَكَمَيِّتٍ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا كَوْنُ صَائِدٍ أَهْلًا لِذَكَاةٍ وَلَوْ أَعْمَى فَلَا يَحِلُّ صَيْدٌ شَارَكَ فِي قَتْلِهِ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ كَمَجُوسِيٍّ وَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ وَلَوْ بِجَارِحَةٍ حَتَّى وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ إرْسَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ مَقْتَلَهُ أَحَدُهُمَا عَمِلَ بِهِ وَلَوْ أَثْخَنَهُ كَلْبُ مُسْلِمٍ ثُمَّ قَتَلَهُ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَرُمَ وَيَضْمَنُهُ لَهُ وَإِنْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَادَ عَدْوُهُ أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ أَوْ ذَبَحَ مَا أَمْسَكَهُ لَهُ مَجُوسِيٌّ بِكَلْبِهِ وَقَدْ جَرَحَهُ

_ بشروطه الآتية، واختار ابن عقيلٍ: لا يحل. "شرح". قوله: (أهلا) أي: بأن يكون عاقلا مسلمًا، أو كتابيا أبواه كتابيان. قوله: (ولو بجارحه) أي: من لا تحل ذبيحته. قوله: (بعد إرساله) اعتبارًا بحال الإرسال. قوله: (ولو أثخنه) أي: أوهنه، وأضعفه. قوله: (فقتله) أي: كلب المسلم، حلَّ، كما لو أمسك مجوسيٌّ شاة، فذبحها مسلم. قوله: (وقد جَرحَه) أي: كلب مجوسي، حل.

غَيْرَ مُوحٍ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ مَاتَ بَيْنَ رَمْيِهِ وَإِصَابَتِهِ حَلَّ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ ثُمَّ رَمَاهُ أَوْ آخَرُ فَقَتَلَهُ أَوْ أَوْحَاهُ بَعْدَ إيحَاءِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحِلَّ وَلِمُثْبِتِهِ قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا حَتَّى وَلَوْ أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فَلَمْ يُذَكِّهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَ الْأَوَّلُ مَقْتَلَهُ أَوْ الثَّانِي مَذْبَحَهُ فَيَحِلُّ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ خَرْقِ جِلْدِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَرْمِيُّ قِنًّا أَوْ شَاةَ الْغَيْرِ وَلَمْ يُوحِيَاهُ وَسَرَيَا فَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَيُكَمِّلُهَا سَلِيمًا الْأَوَّلِ

_ قوله: (حل) أي: اعتبارًا فيهما بحال الرَّمي. قوله (فقتله) أي: من رماه ثانيا، لم يحل؛ لأنه صار مقدورًا عليه بإثباتِه، فلا بد من ذكاته. قوله: (مقتله) أي: ولو غير مذبحه. قوله: (جلده) أي: لو وجداه ميتاً، حل. قوله: (وسريا) أي الجنايتان، أو الجرحان. قوله: (الأول) أي: فيغرم الأول نصف قيمته سليمًا، وما بين نصفِ قيمتِه سليمًا، ونصفها مجروحًا.

وَصَيْدٌ قُتِلَ بِإِصَابَتِهِمَا مَعًا حَلَالٌ بَيْنَهُمَا كَذَبْحِهِ مُشْتَرِكَيْنِ وَكَذَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَوَجَدَاهُ مَيِّتًا وَجُهِلَ قَاتِلُهُ فَإِنْ قَالَ الْأَوَّلُ أَنَا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلْتَهُ أَنْتَ فَتَضْمَنُهُ فَقَالَ الْآخَرِ مِثْلَهُ لَمْ يَحِلَّ وَيَتَحَالَفَانِ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ قَالَ أَنَا قَتَلْتُهُ وَلَمْ تُثْبِتْهُ أَنْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَهُوَ لَهُ فصل الثاني: الْآلَةُ وَهِيَ نَوْعَانِ مُحَدَّدُ فَهُوَ كَآلَةِ ذَبْحٍ وَشَرْطُ جَرْحِهِ بِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ كَشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَعَصَا وَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ مَعَ شَدْخٍ أَوْ قَطْعِ حُلْقُومٍ

_ قوله: (معا) أي: في آنٍ واحدٍ. قوله: (كذبحه) أي: المأكول. قوله: (وكذا واحدٌ) أي: في الحلِّ بينهما. قوله: (لم يحلَّ) أي: لاتفاقهما على التحريم. قوله: (ويتحالفان) أي: يحلف كلٌّ منهما نفي ما ادعي عليه. قوله: (وهو له) أي: ويحرم على مدَّعي إثباته؛ لاعترافه بالتحريم. "شرح". قوله: (الثاني) أي: لحل صيدٍ وجد ميتاً، أو في حكمه. قوله: (ولو مع شدخ) قال في "المصباح". شدخت رأسه شدخاً: كسرته، وكلُّ عظمٍ

وَمَرِيءٍ أَوْ بِعَرْضِ مِعْرَاضٍ وَهُوَ خَشَبَةٌ مُحَدَّدَةُ الطَّرَفِ وَلَمْ يَجْرَحْهُ لَمْ يُبَحْ وَمَنْ نَصَبَ مِنْجَلًا أَوْ سِكِّينًا أَوْ نَحْوَهُمَا مُسَمِّيًا حَلَّ مَا قَتَلَهُ بِجُرْحٍ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ نَاصِبٍ أَوْ رِدَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَالْحَجَرُ إنْ كَانَ لَهُ حَدٌّ فَكَمِعْرَاضٍ وَإِلَّا فَكَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ خَرَقَ وَلَمْ يُبَحْ مَا قُتِلَ بِمُحَدَّدٍ فِيهِ سُمٌّ مَعَ احْتِمَالِ إعَانَتِهِ عَلَى قَتْلِهِ وَمَا رُمِيَ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ عُلْوٍ أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَكُلٌّ مِنْ ذَلِكَ يَقْتُلُ مِثْلُهُ لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ مَعَ إيحَاءِ جُرْحٍ

_ أجوف إذا كسرته، فقد شدخته. قوله: (معراض) كمفتاح: سهمٌ لا ريش له. "مصباح". قوله: (منجلا) هو بكسر الميم: الآلة التي يحصد بها الحشيشُ والزرع، وميمُه زائدة من النَّجل: وهو الرَّمي، وجمعه مناجل. قاله في "المطلع". قوله: (أو نحوهما) كخنجرٍ. قوله: (ما قتله) أي: المنصوب. قوله: (وإلا فلا) أي: وإن لم يقتله المنصوب بجرحه، أو لم يسم عند النصب، فلا يحل؛ لأنه وقيذٌ.

وَإِنْ رَمَاهُ بِالْهَوَاءِ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ حَائِطٍ فَسَقَطَ فَمَاتَ أَوْ غَابَ مَا عَقَرَ أَوْ أُصِيبَ يَقِينًا وَلَوْ لَيْلًا ثُمَّ وَجَدَ وَلَوْ بَعْدَ يَوْمِهِ مَيْتًا حَلَّ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِفَمِ جَارِحِهِ أَوْ وَهُوَ يَعْبَثُ بِهِ أَوْ فِيهِ سَهْمُهُ

_ قوله: (وإن رماه بالهواء ... إلخ) ما أحسن قول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: يا راميًا بسهام اللحظ مجتهدا ... أنت القتيل بما ترمي فلا تصب وباعث الطرف يرتاد الشفاء به ... توقه ربما يأتيك بالعطب قوله أيضًا على قوله: (وإن رماه بالهواء ... إلخ) الفرق بين هذا وما قدَّمه في قوله: (أو تردى من علوٍّ) حيث جزم بالتحريم فيما إذا تردى من علو، وبالإباحة فيما إذا رماه بالهواء، أو على نحو شجرةٍ: أن السقوط في صورتي الإباحة بسببِ الإصابة، كما ذكره في "شرحه "ومشى عليه في "الإقناع". وأيضًا فإن سقوطه في صورتي الإباحة من ضرورة المرمي،

وَلَا يَحِلُّ مَا وُجِدَ بِهِ أَثَرٌ آخَرَ يُحْتَمَلُ إعَانَتُهُ فِي قَتْلِهِ وَمَا غَابَ قَبْلَ عَقْرِهِ أَوْ عَلَيْهِ جَارِحُهُ حَلَّ فَلَوْ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ آخَرَ وَجَهِلَ هَلْ سَمَّى عَلَيْهِ أَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا أَوْ جَهِلَ حَالَ مُرْسِلِهِ هَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّيْدِ أَوْ لَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْ: قَتَلَهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ مَعًا أَوْ أَنَّ مَنْ جَهِلَ هُوَ الْقَاتِلُ لَمْ يُبَحْ وَإِنْ عَلِمَ وُجُودَ الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ حَلَّ ثُمَّ إنْ كَانَا قَتَلَاهُ مَعًا فبَيْنَ صَاحِبَيْهِمَا أَيْ: الْجَارِحَيْنِ وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فلِصَاحِبِهِ

_ بخلافه في صورة التردي من علو، فإنه ليس من ضرورةِ المرمي، كما لو رمى طيرًا فوق سطحٍ، ثم رجف الطير في السطح إلى أن وقع فإنَّ وقوعه ليس ضروريا للإصابة، بل بسبب رجفه، فلذلك حرم. قوله: (أثر آخر) أي: لغير جارحه أو سهمه، كأكل سبعٍ. قوله: (حل) كما لو غاب بعد عقره. قوله: (أو استرسل) أي: انطلق، فالسين ليست للطلب. وإلا لنافى قوله: (بنفسه). محمد الخلوتي. قوله: (أي قتله) أي: أي الجارحين قتله، لم يبح. قوله: (وإن علم ... إلخ) هذا ظاهرٌ، وكأنه إنما ذكره ليرتِّب عليه بعده. قوله: (المعتبرة) بأن يتبين أن مرسله من أهل الصيد، وأنه سمى عليه عند إرساله.

وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنْ وُجِدَا مُتَعَلِّقَيْنِ بِهِ فبَيْنَهُمَا وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقًا بِهِ فلِصَاحِبِهِ وَيَحْلِفُ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَإِنْ وُجِدَ نَاحِيَةً وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ وَاصْطَلَحَا عَلَى ثَمَنِهِ وَيَحْرُمُ عُضْوٌ أَبَانَهُ صَائِدٌ بِمُحَدَّدٍ مِمَّا بِهِ حَيَاةٌ مُعْتَبَرَةٌ لَا إنْ مَاتَ فِي الْحَالِ أَوْ كَانَ مِنْ حَوْتٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدِهِ حَلَّ بِحِلِّهِ النَّوْعُ الثَّانِي جَارِحٌ فَيُبَاحُ مَا قَتَلَ مُعَلَّمٌ غَيْرُ كَلْبٍ أَسْوَدَ بَهِيمٍ وَهُوَ مَا لَا بَيَاضَ فِيهِ فَيَحْرُمُ صَيْدُهُ واقْتِنَاؤُهُ وَيُبَاحُ قَتْلُهُ

_ قوله: (وإن جهل الحال) أي: فلم يعلم هل قتله الجارحان معا، أو أحدهما دون الآخر، أو علم أن أحدهما قتله وحدَه، وجهلت عينه. قوله: (بيع) أي: باعه الحاكم. قوله: (لا أن مات) أي: المبان منه. قوله: (الحال) أي: فيحلُّ المبانُ. قوله: (النوع الثاني) أي: من آلة الصيد. قوله: (معلم) أي: مما يصيد بنابه، كفهد وكلب، أو بمخلبه، كصقر وبازي. قوله: (وهو ما لا يباض فيه) أي: أو بين عيينه نكتتان، كما اقتضاه الحديث الصحيح. «إقناع».

وَيَجِبُ قَتْلُ عَقُورٍ لَا إنْ عَقَرَتْ كَلْبَةٌ مَنْ قَرُبَ مِنْ وَلَدِهَا أَوْ خَرَقَتْ ثَوْبَهُ بَلْ تُنْقَلُ وَلَا يُبَاحُ قَتْلُ غَيْرِهِمَا ثُمَّ تَعْلِيمُ مَا يَصِيدُ بِنَابِهِ كَفَهْدٍ وَكَلْبٍ،

_ قوله: (ويجب قتل عقور) العقور في اللغة: كلُّ ما يعقر، أي: يجرح من كلب، وفهد، وسبع، وغيره من الحيوانات، كما نص عليه الأزهري. لكن المراد هنا: الكلب، على ما في «الشرحين»، وانظر: هل بين ما هنا من الوجوب، وما تقدم في المحظورات من قول المنصف: (ويسن مطلقا قتل كل مؤذ غير آدمي) من الحكم بالاستحباب فقط، نوعُ تعارضٍ، أو ما هناك محمول على ما عدا العقور، بقرينة ما هنا من الحكم بوجوب قتله؟ فليحرر. محمد الخلوتي. أقول: يمكن أن يكون قوله فيما تقدم: (ويسن مطلقا .... إلخ) بمعنى يطلب ذلك، أعمَّ من أن يكون الطلب جازماً، وهو الواجب، أو غير جازم، وهو المسنون، من باب استعمال المقيد المطلق، فيكون مجازًا مرسلا صادقا بالواجب المسنون؛ إذ كل منهما مطلوب، فلا تعارض بين ما هنا وما تقدم، والله أعلم. قوله: (أو خرقت ثوبه) أي: فلا تقتل بذلك. قوله: (غيرهما) أي: البهيمِ والعقورِ. قوله: (ثم تعليم) أي: كونه معلَّما.

بأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إذَا زُجِرَ وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُلْ وَلَا تَكَرُّرُ ذَلِكَ فَلَوْ أَكَلَ بَعْدَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا لَمْ يَحْرُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَيْدٍ وَلَمْ يُبَحْ مَا أُكِلَ مِنْهُ وَلَوْ شَرِبَ دَمَهُ لَمْ يَحْرُمْ وَيَجِبُ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ فَمُ كَلْبٍ وَتَعْلِيمُ مَا يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ كَبَازٍ وَصَقْرٍ وَعُقَابٍ بأَنْ يُسْتَرْسَلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَرْجِعَ إذَا دُعِيَ لَا بِتَرْكِ الْأَكْلِ وَيُعْتَبَرُ جَرْحُهُ فَلَوْ قَتَلَهُ بِصَدْمٍ أَوْ خَنْقٍ لَمْ يُبَحْ

_ قوله: (بأن يسترسل ... إلخ) يقال: أرسلته فاسترسل، أي: بعثته، فانبعث. وقوله: (ينزجر إذا زجر) أي: ينتهي إذا نهاه، وهو من الأضداد. يقال: زجره: حثَّه، وزجرَه: كفَّه. انتهى من «المطلع». قوله: (إذا زجر) أي: إلا وقت رؤية الصيد، كما في «المغني». قوله: (لا تكرر ذلك) أي: ما ذكر من الثلاثة الأشياء. قوله: (ويعتبر) أي: في جارحٍ.

فصل الثالث: قصد الفعل وَهُوَ إرْسَالُ الْآلَةِ لِقَصْدِ صَيْدٍ فَلَوْ احْتَكَّ صَيْدٌ بِمُحَدَّدٍ أَوْ سَقَطَ فَعَقَرَهُ بِلَا قَصْدٍ أَوْ اسْتَرْسَلَ الْجَارِحُ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ زَجَرَهُ مَا لَمْ يَزِدْ فِي طَلَبِهِ بِزَجْرِهِ وَمَنْ رَمَى هَدَفًا أَوْ رَائِدًا صَيْدًا وَلَمْ يَرَهُ أَوْ حَجَرًا يَظُنُّهُ صَيْدًا أَوْ مَا عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ غَيْرَ صَيْدٍ فَقَتَلَ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ أَوْ وَاحِدًا فَأَصَابَ عَدَدًا حَلَّ الْكُلُّ وكذا جارح

_ قوله: (قصد الفعل) من إضافة الصفة لموصوفها، كجردِ قطيفةٍ، أي: الفعل المقصود. وقوله: (وهو إرسال ... إلخ) تفسير للفعل المقصود، لا للقصد نفسه، كما هو ظاهر. محمد الخلوتي. قوله: (بزجره) أي: بحثه، كما هو أحد معنيي الزجر، كما تقدم. قوله: (هدفا) مرتفعا من بناء، أو كثيب رملٍ، أو جبلٍ فقتل صيداً، لم يحلَّ. قوله: (ولم يره) أي: يعلمه؛ لحل صيد الأعمي إذا علمه بالحس. «شرح». قوله: (فأصاب غيره) حل. قوله: (وكذا جارح) أي: أرسل على صيدٍ، فقتلَ غيرَه، أو على واحد

وَمَنْ أَعَانَتْ رِيحُ مَا رَمَى بِهِ فَقَتَلَ وَلَوْلَاهَا مَا وَصَلَ أَوْ رَدَّهُ حَجَرٌ أَوْ نَحْوُهُ فَقَتَلَ لَمْ يَحْرُمْ وَتَحِلُّ طَرِيدَةٌ وَهِيَ الصَّيْدُ بَيْنَ قَوْمٍ يَأْخُذُونَهُ قَطْعًا وَمَا زَالَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ فِي مَغَازِيهمْ وَكَذَا النَّادِ وَمَنْ أَثْبَتَ صَيْدًا مَلَكَهُ وَيَرُدُّهُ آخِذُهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ فَدَخَلَ مَحَلَّ غَيْرِهِ فَأَخَذَهُ رَبُّ الْمَحَلِّ أَوْ وَثَبَ حُوتٌ فَوَقَعَ بِحِجْرِ شَخْصٍ وَلَوْ بِسَفِينَةٍ أَوْ دَخَلَ ظَبْيٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهَا وجَهِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ أَوْ فَرْخٌ فِي بُرْجِهِ طَائِرٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَفَرْخٌ مَمْلُوكَةٌ لِمَالِكِهَا أَوْ أَحْيَا أَرْضًا بِهَا كَنْزٌ مَلَكَهُ،

_ فقتل عددًا، فيحلُّ الجميع. نصًا. «شرح». قوله: (فقتل) أي: فقتل المرمي به. قوله: (ولولاها ما وصل) أي: المرمي به، لم يحرم. قوله: (وكذا النادُّ) ند البعير ندًا، من باب ضرب، وندادًا -بالكسر- ونديدًا: نفر علي وجهه شاردًا، فهو نادٌّ، والجمع نواد. «مصباح». قوله: (من أثبت صيدًا) أي: صيره غير ممتنع ممن يريد أخذه. قوله: (محل غيره) أي: غير رام لم يثبته. قوله: (شخص) أي: ملكه بذلك. قوله: (في برجه) أي: ولو مستعيرًا. قوله: (ملكه) قطع به في «التنقيح». وتقدم في غير موضع، أنه لا يملك بملك

كَنَصْبِ خَيْمَتِهِ وَفَتْحِ حِجْرِهِ لِذَلِكَ وَكَعَمَلِ بِرْكَةٍ لِسَمَكٍ وشَبَكَةٍ وَشَرَكٍ وَفَخٍّ ومِنْجَلٍ وَحَبْسِ جَارِحٍ لِصَيْدٍ وَبِإِلْجَائِهِ لِمَضِيقٍ لَا يَفْلِتُ مِنْهُ وَمَنْ وَقَعَ بِشَبَكَةِ صَيْدٍ فَذَهَبَ بِهَا فَصَادَهُ آخَرُ فلِلثَّانِي وَإِنْ وَقَعَتْ سَمَكَةٌ بِسَفِينَةٍ لَا بِحِجْرِ أَحَدٍ فلِرَبِّهَا وَمَنْ حَصَلَ أَوْ عَشَّشَ بِمِلْكِهِ صَيْدٌ أَوْ طَائِرٌ لَمْ يَمْلِكْهُ وَإِنْ سَقَطَ يَرْمِي بِهِ فَلَهُ

_ الأرض، والأولى حمله على المعدنِ الجامدِ. «شرح» منصور. قوله: (لا يفلت منه) فيملك بذلك. قوله: (بشبكته) أي: مثلاً. قوله: (فذهب بها) أي: غير ممتنعٍ. قوله: (فللثاني) ويرد الشبكة لربها. قوله: (أو عشش بملكه ... إلخ) أي: لأنه لم يعد لذلك، بخلاف البرج، فلا يع رض ما تقدم. قوله: (وإن سقط) أي: ما عشَّشَ بملكه (برمي به فله)، أي: لرب الملك، سواء كان الرامي من أهلِ الدارِ، أوغيرِهم. وفي «الإقناع»: هو لراميه؛ لأنه أثبته. «شرح». وفي بعض النسخ (برمي ربِّه) وهي واضحة.

وَيَحْرُمُ صَيْدُ سَمَكٍ وَغَيْرِهِ بِنَجَاسَةٍ وَيُكْرَهُ صَيْدُ بَشْبَاشٍ وَهُوَ طَائِرٌ تُخَيَّطُ عَيْنَاهُ وَيُرْبَطُ ومِنْ وَكْرِهِ لَا الْفَرْخِ وَلَا الصَّيْدُ لَيْلًا أَوْ بِمَا يُسْكِرُ وَيُبَاحُ بِشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَدِبْقٍ وَكُلِّ حِيلَةٍ لَا بِمَنْعِ مَاءٍ عَنْهُ وَمَنْ أَرْسَلَ صَيْدًا وَقَالَ أَعْتَقْتُك أَوْ لَمْ يَقُلْ لَمْ يُزَلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَكَانْفِلَاتِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ كِسْرَةٍ أَعْرَضَ عَنْهَا فيَمْلِكُهَا آخِذُهَا وَمَنْ وَجَدَ فِيمَا صَادَهُ عَلَامَةَ مِلْكٍ كَقِلَادَةٍ بِرَقَبَةٍ وحَلْقَةٍ بِأُذُنٍ وَقَصِّ جَنَاحِ طَائِرٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ الرابع: قول بسم الله عِنْدَ إرْسَالِ جَارِحَةٍ أَوْ رَمْيٍ،

_ قوله: (وهو طير) أي: كالبومةِ. قوله: (ودبق) شيء يلتصق كالغراء، ويصاد به. «مختار». قوله: (بسم الله) أي: لا من أخرس، فلا يعتبر منه القول؛ لتعذره. قال منصور البهوتي: والظاهر أنه لا بدَّ من إشارتِه بها، كما تقدم في الذكاة،

كَمَا فِي ذَكَاتِهِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ هُنَا سَهْوًا وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمٌ يَسِيرٌ وَكَذَا تَأْخِيرٌ كَثِيرٌ فِي جَارِحٍ إذَا زَجَرَهُ فَانْزَجَرَ وَلَوْ سَمَّى عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ غَيْرَهُ حَلَّ لَا إنْ سَمَّى عَلَى سَهْمٍ ثُمَّ أَلْقَاهُ وَرَمَى بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى عَلَى سِكِّينٍ ثُمَّ أَلْقَاهَا وَذَبَحَ بِغَيْرِهَا

_ والوضوء، وغيرهما، لقيام إشارته مقام نطقه. انتهى. وهو مقتضى قول المصف هنا: (كما في ذكاة). قوله: (ورمى بغيره) والفرق بين البابين: أن التسمية في الذكاة معتبرة على الذبيحة، وفي الصيد معتبرة على الآلة؛ لعدم حضور المصيود بين يديْه، بل قد لا يصاد، كما يؤخذ من شرحِ الشيخِ محمد الخلوتي.

كتاب الأيمان

أحدهما، قطع الداخل وحده. وإن هتكه أحدهما، ودخل الآخر، فأخرج المال، فلا قطع عليهما، ولو تواطآ. ومن نقب ودخل، فابتلع جوهراً أو ذهباً وخرج به، أو ترك المتاع على بهيمة، فخرجت به، أو في ماء جار، أو أمر غير مكلف بإخراجه، فأخرجه، أو على جدار فأخرجته ريح، أو رمى به خارجاً، أو جذبه بشيء، أو استتبع سخل شاة، أو تطيب فيه، ولو اجتمع بلغ نصاباً، أو هتك الحرز، وأخذ المال وقتاً آخر، أو أخذ بعضه، ثم أخذ بقيته، وقرب ما بينهما، أو فتح أسفل

_ قوله: (أحدهما) أي: أحد الرجلين اللذين دخل أحدهما الحرزَ دون صاحبِه، فإذا أعاده أحدهما في هذه الصورة، فلا عبرةَ بالمعيد، بل من دخل الحرز، وأخرجَ النصابَ، يجبُ قطعُه. قوله: (أو جَذَبَه) أي: أو هتك الحرز ثم جذب النصاب بشيءٍ، وهو خارج الحرز، قطع. قوله: (سخل شاة) أي: بأن قرب إليه أمه، وهو في حرز مثله، فتبعها، وقيمته نصاب. قوله: (وقرب ما بينهما) أي: الهتك والأخذ، أو الأخذين فإن

وَالْحَلِفُ عَلَى مَاضٍ إمَّا بَرٌّ وَهُوَ الصَّادِقُ أَوْ غَمُوسٌ وَهُوَ الْكَاذِبُ أَوْ لَغْوٌ وَهُوَ مَا لَا أَجْرَ فِيهِ وَلَا إثْمَ وَلَا كَفَّارَةَ وَالْيَمِينُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ بِشَرْطِ الْحِنْثِ هِيَ الَّتِي بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ كَوَاَللَّهِ الْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ وَالْأَوَّلِ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ وَالْآخِرِ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ وَخَالِقِ الْخَلْقِ وَرَازِقِ أَوْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْعَالِمِ بِكُلِّ شَيْءٌ وَالرَّحْمَنِ أَوْ يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ وَلَمْ يَنْوِ الْغَيْرَ كَالرَّحِيمِ وَالْعَظِيمِ وَالْقَادِرِ وَالرَّبِّ وَالْمَوْلَى وَالرَّازِقِ وَالْخَالِقِ وَنَحْوِهِ أَوْ بِصِفَةٍ لَهُ كَوَجْهِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَلَالِهِ وَعِزَّتِهِ وَعَهْدِهِ وَمِيثَاقِهِ وَحَقِّهِ وَأَمَانَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَلَوْ نَوَى مُرَادَهُ أَوْ مَقْدُورَهُ أَوْ مَعْلُومَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهَا لَمْ تَكُنْ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا صِفَتَهُ تَعَالَى وَأَمَّا مَا لَا يُعَدُّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ أَوْ لَا يَنْصَرِفُ إطْلَاقُهُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُهُ كَالْحَيِّ وَالْوَاحِدِ وَالْكَرِيمِ فَإِنْ نَوَى بِهِ اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ يَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا

_

وَقَوْلُهُ وَاَيْمُ اللَّهِ أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ يَمِينٌ لَاهًا اللَّهِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَأَقْسَمْتُ أَوْ أُقْسِمُ وَشَهِدْتُ وَآلَيْت أَوْ آلَى وَقَسَمًا وَحَلِفًا وَآلِيَّةً وَشَهَادَةً وَعَزِيمَةً بِاَللَّهِ يَمِينٌ وَإِنْ نَوَى خَبَرًا فِيمَا يَحْتَمِلُهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا كُلِّهَا وَلَمْ يَنْوِ يَمِينًا فَلَا وَالْحَلِفُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ أَوْ سُورَةٍ أَوْ بِآيَةٍ مِنْهُ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا بِالتَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّه تعالى

_ قوله: (أو آلي) القياس: أو أولي، كما في «الصحاح» وغيرِها. قوله: (وقسماً) ومنه قول الشافعيِّ رضي الله عنه. أقسم بالله لرضخ النوى ... وشرب ماء القلة المالحه أحسن بالإنسان من حرصه ... ومن سؤال الأوجه الكالحه

فصل وحروف القسم: بَاءٌ يَلِيهَا مُظْهَرٌ ومُضْمَرٌ ووَاوٌ يَلِيهَا مُظْهَرٌ وتَاءٌ يَلِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً وبِاَللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ يَمِينٌ وأَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ بِنِيَّةٍ فَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَيَصِحُّ قَسَمٌ بِغَيْرِ حَرْفِهِ كَاللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ جَرًّا وَنَصْبًا فَإِنْ نَصَبَهُ مَعَ وَاوِ أَوْ رَفَعَهُ مَعَهَا أَوْ دُونَهَا فيَمِينٌ إلَّا أَنْ لَا يَنْوِيَهَا عَرَبِيٌّ وَيُجَابُ قَسَمٌ فِي إيجَابٍ بِإِنْ خَفِيفَةٍ وثَقِيلَةٍ وَ"لَامٍ"

_ قوله: (فإن نَصبَه بواو) أي: مع الواو، كما بعض النسخ، وإلا فواو القسم ليست ناصبة. قوله: (خفيفة) نحو: (إن كل نفس لما عليها حافظ). [الطارق: 4] في قراءة من خفف «لما» قوله: (وثقيلة) نحو: (إن الإنسان لربه لكنود). [العاديات: 6]. قوله: (ولام) نحو: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم). [التين: 4].

وَنُونَيْ تَوْكِيدٍ وَقَدْ وَبِبَلْ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وفِي نَفْيٍ بِمَا وَبِإِنْ بِمَعْنَاهَا وَبِلَا وَتُحْذَفُ لَا كَنَحْوِ وَاَللَّهِ أَفْعَلُ وَيُكْرَهُ حَلِفٌ بِالْأَمَانَةِ كَبِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ

_ قوله: (ونوني توكيدٍ) نحو: (ليسحنن وليكوناً من الصاغرين). [يوسف: 32]. قوله: (وقد) نحو: (قد أفلح من زكاها). [الشمس: 9]. قوله: (عند الكوفيين) نحو: (ق والقرآن المجيد * بل عجبوا). [ق: 1 - 2]. وقال البصريون: الجواب محذوف، فقيل: التقدير إنه لمعجز، أو إنه لواجب العمل به، أو إن محمدًا لصادق، ذكره القاضي في سورة (ص)، وأحال عليه في سورة (ق). قوله: (وفي نفيٍ بما) نحو: (ماضل صاحبكم). [النجم: 2]. قوله: (بمعناها) نحو: (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى). [التوبة: 107]. قوله: (وبلا) أي: النافية، كقوله: فآليت لا أرثي لها من كلالة ... ولا من حفًا حتى تلاقي محمدًا قوله: (ويكره) أي: كراهة تحريم، كما في «الإقناع».

وَيَحْرُمُ بِذَاتِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَيْهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ وَمَخْلُوقُ اللَّهِ وَمَقْدُورُهُ وَمَعْلُومِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، أَوْ لَا ; كَقَوْلِهِ وَالْكَعْبَةِ وَأَبِي وَلَا كَفَّارَةَ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ إلَّا فِي بمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجِبُ الْحَلِفُ لِإِنْجَاءِ مَعْصُومٍ مِنْ هَلَكَةٍ وَلَوْ نَفْسَهُ وَبِنَدْبِ لِمَصْلَحَةٍ وَيُبَاحُ عَلَى فِعْلِ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكِهِ وَيُكْرَهُ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ وَيَحْرُمُ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ كَاذِبًا عَالِمًا وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ سُنَّ حِنْثُهُ وَكُرِهَ بَرُّهُ وعَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ كُرِهَ حِنْثُهُ وَسُنَّ بِرُّهُ وعَلَى فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ مُحَرَّمٍ حُرِّمَ حِنْثُهُ وَوَجَبَ بِرُّهُ وعَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ وَجَبَ حِنْثُهُ وَحُرِّمَ بِرُّهُ

_ قوله: (لمصلحة) أي: كإزالة حقد، وإصلاح. قوله: (مباح) كأكل سمكٍ. قوله: (فعل مكروه) أي: كأكل بصل. قوله: (مندوب) كصلاة الضحى. قوله: (فعل محرم) أي: كزناً. قوله: (وتركِ واجبٍ) كصلاةٍ مفروضةٍ.

وَيُخَيَّرُ فِي مُبَاحٍ وَحِفْظُهَا فِيهِ أَوْلَى كَافْتِدَاءِ مُحِقٍّ لِيَمِينٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَيُبَاحُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ إبْرَارُ قَسَمٍ كَإجَابَةُ سُؤَالٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيُسَنُّ لَا تَكْرَارُ حَلِفٍ فَإِنْ أُفْرِطَ كُرِهَ فصل ولوجوب الكفارة أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: قَصْدُ عَقْدِ الْيَمِينِ فَلَا تَنْعَقِدُ لَغْوًا بِأَنْ سَبَقَتْ عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصْدٍ كَقَوْلِهِ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ فِي عُرْضِ حَدِيثِهِ

_ قوله: (ويخير في مباحٍ) ومنه يعلم أن الحنث، والبر تعتريهما الأحكام الخمسة، كما أنَّ أصل اليمين كذلك. قوله: (ويباح عند غيره) أي: يباح الحلف لحق. قوله: (في عُرْضِ حديثه) أي: جانبِ، وهو بالضمِّ، وأما بالفتحِ، فخلافُ الطُّولِ، وتصحّ إرادتُه هنا، مجازًا.

وَلَا مِنْ نَائِمٍ وَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَنَحْوَهُ الثَّانِي كَوْنُهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ فَلَا تَنْعَقِدُ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا عَالِمًا بِهِ وَهِيَ الْغَمُوسُ لِغَمْسِهِ فِي الْإِثْمِ ثُمَّ فِي النَّارِ أَوْ ظَانًّا صِدْقَ نَفْسِهِ فَيَتَبَيَّنُ بِخِلَافِهِ وَلَا عَلَى وُجُودِ فِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ لِذَاتِهِ كَشُرْبِ مَاءِ لْكُوزِ ولَا مَاءَ فِيهِ

_ قوله: (وصغيرٍ) أي: لم يَبلغْ. قوله: (ونحوهم) أي: كمغمى عليه. قوله: (ممكن) لتأتي بره، وحنثه. قوله: (عالماً به) أي: بكذِبه. قوله: (لغمسه في الإثم) مصدر مضاف لمفعوله. قال في «المطلع»: هي اليمين الكاذبة الفاجرة، يقتطع بها الحالف مال غيره، وغموس للمبالغة. قوله: (أو ظانًا صدق نفسه ... إلخ) هو عطف على (كاذبا) أي: أو حلف على ماضٍ (ظانًا ... إلخ). وتقدم أنه يحنث في طلاقٍ وعتقٍ فقط. وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى: وكذا لا يحنث لو عقدها على زمنٍ مستقبلٍ ظانَّاً صدقَه، كمن حلف على غيره، يظن أنه يطيعه، أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف، ونحوه، كما نقله في «الإقناع». قوله: (ولا على وجود فعل ... إلخ) أي: لا تنعقد يمينٌ علق الحنث فيها (على ... إلخ). قوله: (ولا ماء فيه) قال في «الإقناع»: علم أن فيه ماء، أو لا، أو قال: والله

أَوْ غَيْرِهِ كَقَتْلِ الْمَيِّتِ أَوْ إحْيَائِهِ وَتَنْعَقِدُ عَلَى عَدَمِهِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَالِ وكُلُّ مُكَفَّرَةٍ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ الثَّالِثُ كَوْنُ حَالِفٍ مُخْتَارًا فَلَا تَنْعَقِدُ مِنْ مُكْرَهٍ عَلَيْهَا الرَّابِعُ الْحِنْثُ بِفِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ بِتَرْكِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ وَلَوْ كَانَ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَتَرَكَ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ مُحَرَّمَيْنِ لَا مُكْرَهًا

_ لأقتلن زيدًا، فإذا هو ميت، علمه أو لم يعلمه. انتهى. قوله: (أو غيره) أي: بأن يكون مستحيلاً عادةً. قوله: (وتنعقد بحلف ... إلخ) يعني: أن الحالفَ إذا علَّق حنثَه على عدم المستحيل نحو: والله لأطيرنَّ، أو: لأقتلن الميت، فإنه تنعقد يمينه، وتلزمه الكفارة في الحال؛ لأن عدم المستحيل ثابت مقرر، والمعلق على الحاصل حاصلٌ، فلذلك لزمته الكفارة في الحال؛ لتحقق حنثه، وهذا بخلاف ما إذا علَّق الحنث علي وجود المستحيل، نحو: والله لاطرت، أو: لا قتلتُ الميت، فإنه لا تنعقد فيه اليمين؛ لأن وجود المستحيل مستحيل. والحنث معلق على وجود المستحيل، فلذلك كان الحنث مستحيلا، فلم تنعقد اليمين؛ لأنه لا فائدة فيها. وقد تقدم بسط ذلك في الطلاق. قوله: (في الحال) لاستحالة البرِّ في المستحيل. «شرح». قوله: (ولو محرمين) أي: ولو كان الفعل والترك اللذان حنث بهما، محرمين، كشرب خمرٍ حلف على تركه، وتأخير صلاةٍ حلف على

أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَمَنْ اسْتَثْنَى فِيمَا يُكَفَّرُ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَنَذْرٍ وَظِهَارٍ وَنَحْوِهِ بإنْ شَاءَ أَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ ذَلِكَ وَاتَّصَلَ لَفْظًا أَوْ حُكْمًا كَقَطْعٍ بِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَحْنَثْ فَعَلَ أَوْ تَرَكَهُ وَيُعْتَبَرُ نُطْقُ غَيْرِ مَظْلُومٍ خَائِفٍ وقَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ وَمَنْ شَكَّ فِيهِ فَكَمَنْ لَمْ يَسْتَثْنِ

_ أدائها في وقتها، فتجب الكفارة في الصورتين. قوله: (أو جاهلا) أنه المحلوف عليه. قوله: (أو ناسيا) أي: ناسياً ليمينه. قوله: (فيما يكفر) أي: يدخله الكفارة. قوله: (ونحوه) كقوله: هو يهودي إن فعل كذا، ففعله. قوله: (وقصد ذلك) أي: تعليق الفعل، أو تركه على مشيئة الله تعالى، أو إرادته، بخلاف من قاله تبركًا، أو سبق به لسانُه بلا قصدٍ، فوجوده كعدمه. قوله: (واتصل) أي: استثناءؤه بيمينه. قوله: (ونحوه) كعطسٍ. قوله: (وقصد) إعاده؛ لبيان المحل. قوله: (قبل فراغه) أي: قبل فراغه من كلامه. قوله: (ومن شك) أي: شك هل استثنى، أم لا.

وَإِنْ حَلَفَ لِيَفْعَلَنَّ شَيْئًا وَعَيَّنَ وَقْتًا تَعَيَّنَ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ فِعْلِهِ بِتَلَفِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ أَوْ مَوْتِ حَالِفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فصل من حرم حلالا سوى زوجته من طعام أو أمة أو لباس أو غيره كَقَوْلِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَا زَوْجَةَ أَوْ نَحْوَهُ أَوْ طَعَامِي عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ كَإنْ أَكَلْته فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ لَمْ يَحْرُمْ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ فَعَلَهُ وَمَنْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ هُوَ يَعْبُدُ الصَّلِيبَ أَوْ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ أَوْ يَكْفُرُ بِاَللَّهِ أَوْ لَا يَرَاهُ فِي مَوْضِعٍ كَذَا أَوْ يَكْفُرُ بِاَللَّهِ أَوْ لَا يَرَاهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا

_ قوله: (وعين وقتا) أي: لفظا، وكذا لو عينه بقلبه فقط. قوله: (تعيَّن) فإن فعل فيه بَرَّ، وإلا حنث. قوله: (سوى زوجته) وأما تحريمها فظهار، كما تقدم. قوله: (أو غيره) كفراش. قوله: (ونحوه) كقوله: كسبي عليَّ حرام.

أَوْ يَسْتَحِلُّ الزِّنَا أَوْ الْخَمْرَ أَوْ أَكْلَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ تَرْكَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الزَّكَاةِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الطَّهَارَةِ مُنْجِزًا كَلَيَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ مُعَلِّقًا كَإِنْ فَعَلَ كَذَا فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ خَالَفَ وَإِنْ قَالَ عَصَيْت اللَّهَ أَوْ أَنَا أَعْصِي اللَّهَ فِي كُلِّ مَا أَمَرَنِي بِهِ أَوْ مَحَوْت الْمُصْحَفَ أَوْ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ أَوْ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أَوْ لَعَمْرُهُ لَيَفْعَلَنَّ أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ إنْ فَعَلَهُ فَعَبْدُ زَيْدٍ حُرٌّ أَوْ مَالُهُ صَدَقَةٌ وَنَحْوُهُ فلَغْوٌ وَيَلْزَمُ بِحَلِفٍ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ ظِهَارٌ وَطَلَاقٌ وَعِتَاقٌ وَنَذْرٌ وَيَمِينٌ بِاَللَّهِ مَعَ النِّيَّةِ وبِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ وَهِيَ أَيْمَانٌ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ تَتَضَمَّنُ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَصَدَقَةَ الْمَالِ مَا فِيهَا إنْ عَرَفَهَا وَنَوَاهَا وَإِلَّا فلَغْوٌ

_ قوله: (مع النية) وإلا فلغو. قوله: (بأيمان البيعة) البيعةُ: المبايعة. وأيمان البيعةِ يحلف بها عند المبايعة، أو الأمر المهم، وكانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بالمصافحة، فرتبها الحجاج أيماناً تشتمل على

وَمَنْ حَلَفَ بِإِحْدَاهَا فَقَالَ لَهُ آخَرُ يَمِينِي فِي يَمِينِك أَوْ عَلَيْهَا أَوْ مِثْلُهَا أَوْ أَنَا عَلَى مِثْلِ يَمِينِك أَوْ أَنَا مَعَكَ فِي يَمِينِك يُرِيدُ الْتِزَامَ مِثْلِهَا لَزِمَهُ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ يَمِينٌ فَقَطْ أَوْ لَيَّ نَذْرٌ أَوْ يَمِينٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَنَحْوَهُ وَفَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ مِيثَاقُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَنْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِحَلِفٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَكُنْ حَلَفَ فَكِذْبَةٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا

_ ما ذكر. «مطلع». قوله: (إلا في اليمين بالله تعالى) لأنها لا تنعقد بالكنايةِ. قلت: فيشكل لزومها في أيمان المسلمين وايمانِ البيعة. فليحرر الفرقُ. منصور البهوتي. أقول: يمكن الجواب بأنها لزمت في أيمان المسلمين، وأيمان البيعة بطريق التبعية، لما معها مما ينعقد بالكناية، بخلاف ما إذا لم يكن مع اليمين بالله تعالى غيرها، فإنها لا تنعقد بالكناية، وليس هناك ما ينعقد بها حتى تتبعها اليمين ورب شيء يصح تبعًا ولا يصح استقلالا. قوله: (فقط) أي: من غير أن يقول: إن فعلت كذا ونحوه، فعليه كفارة يمين. قوله: (أو يمين) أي: إن فعلت كذا. قوله: (فعليه كفارة يمين) ولو قال: مالي للمساكين إن فعلت كذا. وقصد اليمين، فكيمينٍ. ذكره في «المستوعب».

فصل في كفارة اليمين وتجمع تخييرا ثُمَّ تَرْتِيبًا فَيُخَيَّرُ مَنْ لَزِمَتْهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ جِنْسٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كِسْوَتُهُمْ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ فِيهِ وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ كَذَلِكَ أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَيُجْزِئُ مَا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ فَإِنْ عَجَزَ كَعَجْزٍ عَنْ فِطْرَةٍ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةً وُجُوبًا إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَيُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ بَعْضًا ويَكْسُوَ بَعْضًا لَا تَكْمِيلُ عِتْقٍ بِإِطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ ولَا الطَّعَامِ بِصَوْمٍ كَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ وَمَنْ مَالُهُ غَائِبٌ يَسْتَدِينُ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا صَامَ

_ قوله: (تخييرًا) أي: بين الإطعام والكسوة والعتق. (ثم ترتيباً) بين الثلاثة والصوم. قوله: (صلاته) أي: الفرض. قوله: (كذلك) أي: تجزئها صلاتها فيهما. قوله: (ويجزئ ... إلخ) أي: الجديد واللبيس. «شرح».

وَتَجِبُ كَفَّارَةٌ وَنَذْرٌ فَوْرًا بِحِنْثٍ وَإِخْرَاجُهَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وَلَا تُجْزِئ قَبْلَ حَلِفٍ وَمَنْ لَزِمَتْهُ أَيْمَانٌ مُوجِبُهَا وَاحِدٌ وَلَوْ عَلَى أَفْعَالٍ قَبْلَ تَكْفِيرٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا حَلَفَ بِنُذُورٍ مُكَرَّرَةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ مُوجِبُهَا كَظِهَارٍ وَيَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَزِمَتَاهُ وَلَمْ تَتَدَاخَلَا وَمَنْ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى أَجْنَاسٍ فكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ حَنِثَ فِي الْجَمِيعِ أَوْ فِي وَاحِدَةٍ وَتَنْحَلُّ فِي الْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ لِقِنٍّ أَنْ يُكَفِّرَ بِغَيْرِ صَوْمٍ وَلَا لِسَيِّدٍ مَنْعُهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ نَذْرٍ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَحُرٍّ وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ وَلَوْ مُرْتَدًّا بِغَيْرِ صَوْمٍ

_ قوله: (على أجناسٍ) كقوله: واللهِ لا ذهبت إلى فلانٍ، ولا كلَّمته، ولا أخذتُ منه. وفُهم من قوله: (يميناً) أنه لو حلف أيماناً على أجناس، كقوله: والله لا بعتُ كذا، والله لا كلَّمت زيدًا، فحنث في واحدةٍ وكفر، ثم حنث في أخرى، لزمته كفارة ثانية، ولهذا قال فيما تقدم: (ولو على أفعال قبل تكفير).

باب جامع الأيمان

باب جامع الأيمان يُرْجَعُ فِيهَا إلَى نِيَّةِ حَالِفٍ لَيْسَ بِهَا ظَالِمًا إذَا احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ كَنِيَّتِهِ بِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وبِالْفِرَاشِ والْبِسَاطِ الْأَرْضَ وبِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وبِنِسَائِي طَوَالِقُ أَقَارِبَهُ النِّسَاءَ وبِجِوَارِي أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَيُقْبَلُ حُكْمًا مَعَ قُرْبِ احْتِمَالِ مِنْ ظَاهِرِ وتَوَسُّطِهِ فَيُقَدِّمُ عَلَى عُمُومِ لَفْظِهِ وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ فِي مُخَاطَبَةِ لِغَيْرِ ظَالِمٍ بِلَا حَاجَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِلَى سَبَبِ يَمِينٍ وَمَا هَيَّجَهَا فَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا غَدًا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ إذْ قَصَدَ عَدَمَ تَجَاوُزِهِ أَوْ اقْتِضَاءَ السَّبَبِ وَكَذَا أَكْلِ شَيْءٍ وَبَيْعِهِ وَفِعْلِهِ غَدًا وَمَنْ حَلَفَ لَأَقْضِيَنه أَوْ لَأَقْضِيَنَّهُ غَدًا أَوْ قَصَدَ مَطْلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ حَنِثَ

_ باب جامع الأيمان أي: مسائل جامع الأيمان. قوله: (وما هيَّجها) أي: ما أثارها، فهو عطف تفسير. قوله: (أو اقتضاة السبب) مفرع على السبب. قوله: (قبله) أي: قبل الغد في الصورتين، وكذا لو قضاه الغد في الصورةِ الثانيةِ.

ولَا يَبِيعُهُ إلَّا بِمِائَةٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ ولَا يَبِيعُهُ بِهَا حَنِثَ بِهَا وَبِأَقَلَّ ولَا يَدْخُلُ دَارًا فَقَالَ نَوَيْت الْيَوْمَ قُبِلَ حُكْمًا فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي غَيْرِهِ وَمَنْ دُعِيَ لِغَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ بِغَدَاءِ غَيْرِهِ إنْ قَصَدَهُ ولَا يَشْرَبُ لَهُ الْمَاءَ مِنْ عَطَشٍ وَنِيَّتُهُ أَوْ السَّبَبُ قَطْعُ مِنَّتِهِ حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِهِ وَاسْتِعَارَةِ دَابَّتِهِ وَكُلِّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ وَلَا بِأَقَلَّ مِنْهُ كَقُعُودِهِ فِي ضَوْءِ نَارِهِ ولَا تَخْرُجُ لِلتَّعْزِيَةِ وَلَا لِلتَّهْنِئَةِ وَنَوَى أَنْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا فَخَرَجَتْ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا قَطْعًا لِلْمِنَّةِ فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا أَوْ انْتَفَعَ بِهِ حَنِثَ لَا إنْ انْتَفَعَ بِغَيْرِهِ وعَلَى شَيْءٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَانْتَفَعَ بِهِ هُوَ أَوْ وَاحِدٌ مِمَّنْ فِي كَنَفِهِ حَنِثَ

_ قوله: (ممن في كنفه) أي: حيازتِه، وتحت نفقته من زوجة، أو رقيق، أو ولد صغير.

ولَا يَأْوِي مَعَهَا بِدَارٍ سَمَّاهَا يَنْوِي جَفَاءَهَا وَلَا سَبَبَ غَيْرِهَا حَنِثَ وَأَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةٌ ولَا يَأْوِي مَعَهَا فِي هَذَا الْعِيدِ حَنِثَ بِدُخُولِهِ مَعَهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا بَعْدَهَا وَإِنْ قَالَ أَيَّامَ الْعِيدِ أُخِذَ بِالْعُرْفِ ولَا عُدْت رَأَيْتُك تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعَهَا فَدَخَلَتْهَا حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَرَهَا ولَا تَرَكْت هَذَا يَخْرُجُ فَأَفَلَتْ فَخَرَجَ أَوْ قَامَتْ تُصَلِّي أَوْ لِحَاجَةٍ فَخَرَجَ فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَخْرُجَ حَنِثَ وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا تَدَعَهُ يَخْرُجُ فَلَا

_ قوله: (ولا سبب) يخص الدار. قوله: (بالعرف) فيحنث بدخوله معها في يوم يعد من أيام العيد عرفًا، في كل بلدٍ بحسبه. قوله: (ولو لم يرها) أي: إلغاء لقوله: (رأيتك). قوله: (إن نوى أن لا يخرج) أي: أو كان السبب ذلك؛ لأنه كالنية، فإن عدما، فلا حنث. قاله منصور البهوتي. قوله: (حنث) إلغاءً لقوله (تركت).

فصل والعبرة بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا الظُّلْمُ فِيهَا فَزَالَ أَوْ حَلَفَ لِوَالٍ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَنَحْوِهِ فَعُزِلَ أَوْ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ عَلَى رَقِيقِهِ فَأَعْتَقَهُ وَنَحْوَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ بَعْدَ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ مَا دَامَ كَذَلِكَ وَالسَّبَبُ يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ فِي الْخُصُوصِ كَدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْعُمُومِ، وَلَوْ نَوَى الْخُصُوصَ لَاخْتَصَّتْ بِيَمِينِهِ. فَكَذَا إذَا وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا حَالَ وُجُودِ صِفَةٍ عَادَتْ فَلَوْ رَأَى الْمُنْكَرَ فِي وِلَايَتِهِ وَأَمْكَنَ رَفْعُهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ حَنِثَ بِعَزْلِهِ وَلَوْ رَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَا، لم يتعين

_ قوله: (فزال) ودخل بعد زواله، لم يحنث. قوله: (فطلَّقها) أي: بائناً. قوله: (إلا حال وجود صفة ... إلخ) أي: إلا إذا وجد محلوف على تركه، أو ترك محلوف على فعلِه حال وجودِ صفةٍ عادتْ، فيحنث. قوله: (وأمكن رفعُه) مفهومُه: أنه إذا لم يُمكن رفعُه إليه؛ لعدمِ مضيِّ زمن يسعه، لم يحنث. قوله: (وإن مات) أي: الوالي قبل إمكانِ رفعه، حنث. لعل المراد مضي زمنٍ يتسع للرفعِ، ولم يفعل لمرضٍ أو نحوِه؛ لئلا يخالف مفهوم ما قبله. فتدبر.

وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ عِلْمِ الْوَالِي فَاتَ الْبِرُّ وَلَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ ولِلِّصِّ لَا يُخْبِرُ بِهِ أَوْ يَغْمِزُ عَلَيْهِ فَسُئِلَ عَمَّنْ هُوَ مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ دُونَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَيْهِ حَنِثَ إنْ لَمْ يَنْوِ حَقِيقَةَ النُّطْقِ أَوْ الْغَمْزِ ولَيَتَزَوَّجَنَّ يَبَرُّ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ ولَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ يَبَرُّ بِدُخُولِهِ بنَظِيرَتِهَا أَوْ بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى بِهَا ولَيُطَلِّقَنَّ ضَرَّتَهَا فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بَرَّ ولَا يُكَلِّمُهَا هَجْرًا فَوَطِئَهَا حَنِثَ ولَا يَأْكُلُ تَمْرًا لِحَلَاوَتِهِ حَنِثَ بِكُلِّ حُلْوٍ بِخِلَافِ أَعْتَقْتُهُ أَوْ أَعْتِقْهُ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ

_ قوله: (وللص) اللصُّ: السارق، بتثليث اللام. قوله: (أو الغمز) الغمز: أن يفعل فعلا يعلم به أنه هو اللِّصُّ. «إقناع». قوله: (بر) أي: إن لم تكن نية، أو قرينة. قوله: (هجرًا) فلو قال: هجرا، بضم الهاء، لم يحنث إلا بمشافهتها بالفحش من الكلام.

وَإِنْ قَالَ إذَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ لِعِلَّةٍ فَقِسْ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ مَالِي وَجَدْت فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةَ ثُمَّ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدِي فُلَانًا ; لِأَنَّهُ أَسْوَدُ صَحَّ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّ عَبْدٍ لَهُ أَسْوَدَ ولَا يُعْطِي فُلَانًا إبْرَةٍ يُرِيدُ عَدَمَ تَعَدِّيهِ فَأَعْطَاهُ سِكِّينًا حَنِثَ ولَا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ فَكَلَّمَهُ وَقَدْ تَرَكَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يُقْبَلُ تَعْلِيلٌ بِكَذِبٍ فَمَنْ قَالَ لِقِنِّهِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ أَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّك ابْنِي وَنَحْوَهُ أَوْ لِامْرَأَتِهِ طَالِقٌ لِأَنَّك جَدَّتِي وَقَعَا فصل فإن عدم ذلك رَجَعَ إلَى التَّعَيُّنِ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَدَخَلَهَا وَقَدْ بَاعَهَا أَوْ وَهِيَ فَضَاءٌ أَوْ مَسْجِدٌ أَوْ حَمَّامٌ أَوْ لَا لَبِسْت هَذَا الْقَمِيصَ فَلَبِسَهُ وَهُوَ رِدَاءٌ أَوْ عِمَامَةٌ أَوْ سَرَاوِيلُ أَوْ لَا كَلَّمْت هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَوْ امْرَأَةَ فُلَانٍ هَذِهِ أَوْ عَبْدَ أَوْ صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَ

_ قوله: (عدم تعديه) أي: عدم إعانته على التعدي. محمد الخلوتي. قوله: (وقعا) أي: العتقُ والطلاقُ.

ذَلِكَ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ أَوْ لَا أَكَلْت لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا أَوْ هَذَا الرُّطَبَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ دِبْسًا أَوْ خَلًّا أَوْ هَذَا اللَّبَنَ فَصَارَ جُبْنًا وَنَحْوُهُ ثُمَّ أَكَلَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَلَا سَبَبَ حَنِثَ كَقَوْلِهِ دَارَ فُلَانٍ فَقَطْ أَوْ التَّمْرَ الْحَدِيثِ فَعَتُقَ أَوْ هَذَا الرَّجُلَ الصَّحِيحَ فَمَرِضَ: وَكَالسَّفِينَةِ فَتُنْقَضُ ثُمَّ تُعَادُ وَكَالْبَيْضَةِ فَتَصِيرُ فَرْخًا أَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَيْضَةِ أَوْ التُّفَّاحَةِ فَعَمِلَ مِنْهَا شَرَابًا أَوْ نَاطِفًا فَأَكَلَهُ بَرَّ وَكَهَاتَيْنِ نَحْوُهُمَا

_ قوله: (هذا الحمل) كفرسٍ: الصغيرُ من ولد الضأن. قوله: (كقوله ... إلخ) أي: كما يحنث في قوله ... إلخ، كما يعلم من «الإقناع». قوله: (نحوهما) فمن حلف ليدخلن دار فلان هذه، فعملت مسجدا، أو حماما، ودخلها، بر.

فصل فإن عدم رُجِعَ إلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَاهُ وَيُقَدَّمُ شَرْعِيٌّ فَعُرْفِيٌّ فَلُغَوِيٌّ ثُمَّ الشَّرْعِيُّ مَا لَهُ مَوْضُوعٌ شَرْعًا وَمَوْضُوعٌ لُغَةً كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ وَيَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ مِنْهُ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ أَوْ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي وَالشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ عَلَى مَالِ شِرَاءٍ فَعَقَدَ عَقْدًا فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ لَا إنْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَحَجَّ حَجًّا فَاسِدًا

_ قوله: (ويقدم شرعي ... إلخ) أي: عند الاختلاف، وأما إذا لم يكن له إلا مسمى واحد، كسماء، أو أرض، ورجل، انصرف إلى مسماه بلا خلاف. قوله: (شراء) أي: وبيعٌ، ولعل المراد بالصلح: صلح الإقرار؛ لأنه الذي في حكم البيع، كما تقدم.

وَلَوْ قَيَّدَ يَمِينَهُ بِمُمْتَنِعِ الصِّحَّةِ كَلَا يَبِيعُ الْخَمْرَ أَوْ الْخَمْرَ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا وَبِعْتنِيهِ أَوْ إنْ طَلَّقْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفَعَلَتْ أَوْ فَعَلَ حَنِثَ بِصُورَةِ ذَلِكَ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ أَوْ لَا يَعْتَمِرُ حَنِثَ بِإِحْرَامٍ بِهِ أَوْ بِهَا ولَا يَصُومُ بِشُرُوعٍ صَحِيحٍ ولَا يُصَلِّي بِالتَّكْبِيرِ

_ قوله: (وطلقت) بضم التاء، وهو عطف على (سرقت) بكسر التاء، والتقدير: أو قال لامرأتِه: إن طلَّقت أنا فلانة الأجنبية، فأنت طالقٌ، فأتى بصورة طلاقِ الأجنبية، طلقت امرأته. فتدبر. قوله: (بشروع صحيح ... إلخ) أي: إذا لم يكن متصفًا بذلك حال اليمين، وإلا حنث باستدامة ذلك، كما سيجيء خلافاً «للإقناع» في أنه لا يحنث بالاستدامة، وقوله: (بالتكبير) أي: مع النية، ولو أخر (بشروع صحيح) عنه لأغنى عنه. قوله أيضاً على قوله: (بشروع صحيح) أي: بشرط التمام فيه، يتبين الحنث من الشروع، حتى لو كان حلفه بالطلاق، وكانت حاملا، فولدت بين شروعٍ وإتمامٍ، انقضت عدتها بالوضع؛ لحصوله بعد الحنث، والحكم بوقوع الطلاق، ولو فسد ما شرع فيه، لم يقع شيء؛ لتبين أنه لم يكن الشروع صحيحًا، فلم يحنث إلا في الحج والعمرة؛ لأن فاسدهما، كصحيحهما، كما تقدم. قوله: (بالتكبير) أي: تكبيرة الإحرام.

وَلَوْ عَلَى جِنَازَةٍ لَا مَنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ صَوْمًا حَتَّى يَصُومَ يَوْمًا أَوْ لَا يُصَلِّي صَلَاةً حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُهَا كَلَيَفْعَلَنَّ ولَيَبِيعَنَّ كَذَا فَبَاعَهُ بِعَرْضٍ أَوْ نَسِيئَةٍ بَرَّ ولَا يَهَبُ أَوْ يُهْدِي أَوْ يُوصِي أَوْ يَتَصَدَّقُ أَوْ يُعِيرُ حَنِثَ بِفِعْلِهِ لَا إنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ يُؤَجِّرُ أَوْ يُزَوِّجُ فُلَانًا حَتَّى يَقْبَلَ فُلَانٌ ولَا يَهَبُ زَيْدًا فَأَهْدَى إلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ شَيْئًا وَحَابَاهُ أَوْ وَقَفَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ حَنِثَ لَا إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ ضَيَّفَهُ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ وَصَّى لَهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ فَأَطْعَمَ عِيَالَهُ

_ قوله: (ولو على جنازة) أي: بشرط الإتمام، كما في الصوم. قوله: (اسمها) أي: وهو ركعة، بخلاف ما يأتي في النذر. قوله: (بفعله) أي: إيجابه لذلك. «شرح». قوله: (ولا يهب زيدًا) حقه أن يقول: لا يهب لزيدٍ؛ لأنه يتعدى إلى المفعول الأول بحرف الجرِّ، وإلى الثاني بنفسه: كقوله تعالى: (فوهب لي ربي حكما). [الشعراء: 21]. (ووهبنا له إسحاق). [العنكبوت: 27]، (ووهبنا لداود سليمان) [ص: 30]. قاله في «المطلع». ونقل في «المصباح» عن جماعة: أنه يتعدى إلى الأول بنفسه، والفقهاء يقولونه.

وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَهَبُ لَهُ بَرَّ بِالْإِيجَابِ كَيَمِينِهِ فصل والعرفي ما اشتهر مجازه حتى غلب على حقيقته كَالرَّاوِيَةِ والظَّعِينَةِ والدَّابَّةِ والْغَائِطِ والْعَذِرَةِ وَنَحْوِهِ وَتَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِالْعُرْفِ دُونَ الْحَقِيقَةِ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عَيْشًا حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزٍ

_وقد يوجه بتضمين (وهب) معنى أعطى، فيتعدى بنفسه إلى مفعولين، لكن لم يسمع من كلام فصيح. انتهى بمعناه. قوله: (كيمينه) أي: كما لو حلف ليهبن. قوله: (كالراوية) حقيقة: في الجمل يستقى عليه، وعرفا: للمزادة. قوله: (والظعينة) حقيقة: الناقة يظعن عليها، وعرفاً: للمرأة في الهودج. (والدابة): حقيقة: ما دبَّ ودرج، وعرفاً: الخيل، والبغال، والحمير. (والغائط): حقيقة: المكان المطمئن من الأرض. (والعذرة): حقيقة: فناء الدار، وعرفا: الخارج المستقذر. قوله: (ونحوه) أي: كالعيش.

ولَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ حَنِثَ بِجِمَاعِهَا ولَا يَتَسَرَّى حَنِثَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ولَا يَطَأُ دَارًا وَلَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ حَنِثَ بِدُخُولِهَا رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَحَافِيًا وَمُنْتَعِلًا لَا بِدُخُولِ مَقْبَرَةٍ ولَا يَرْكَبُ أَوْ يَدْخُلُ بَيْتًا حَنِثَ بِرُكُوبِ سَفِينَةٍ ودُخُولِ مَسْجِدٍ وحَمَّامٍ وبَيْتِ شَعْرٍ وأُدُمٍ وَخَيْمَةٍ لَا بصِفَةِ دَارٍ وَدِهْلِيزِ ولَا يَضْرِبُ فُلَانَةَ فَخَنَقَهَا أَوْ نَتَفَ شَعْرَهَا أَوْ عَضَّهَا حَنِثَ ولَا يَشَمُّ الرَّيْحَانَ فَشَمَّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا أَوْ يَاسَمِينًا أَوْ لَا يَشَمُّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا فَشَمَّ دُهْنَهُمَا أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ أَوْ لَا يَشَمُّ طِيبًا فَشَمَّ نَبْتًا رِيحُهُ طَيِّبٌ أَوْ لَا يَذُوقُ شَيْئًا فَازْدَرْدَهُ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ مَذَاقَهُ حَنِثَ

_ قوله: (ولا يطأ) أي: دارًا. قوله: (بركوب) سفينة أي: حيث حلف لا يركب. قوله: (ودخول مسجد) أي: حيث حلف لا يدخل بيتاً. قوله: (وأدم) بفتحتين، وبضمتين، جمع أديم: الجلد المدبوع. قوله: (لا صُفَّةٍ ودهليز) أي: لأنهما مما ليس محلاً للبيتوتةِ. قوله: (أو ياسميناً) الياسمين: هو المشمُوم المعروفُ، وفيه لغتان: الإعراب بالحركات مع لزومِ الياء، وعليها جرى المنصف، والإعراب بالحروفِ، كمسلمين، والسين مكسورة فيهما. «مطلع».

فصل واللغوي ما لم يغلب مجازه فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ سَمَكٍ ولَحْمِ مُحَرَّمٍ لَا بِمَرَقِ لَحْمٍ وَلَا مُخٍّ وَكَبِدٍ وَكُلْيَةٍ وَشَحْمِهِمَا وَشَحْمِ تَرْبٍ وكَرِشٍ وَمُصْرَانٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَأَلْيَةٍ وَدِمَاغٍ وَقَانِصَةٍ وَشَحْمٍ وَكَارِعٍ وَلَحْمِ رَأْسٍ وَلِسَانٍ إلَّا بِنِيَّةِ اجْتِنَابِ الدَّسَمِ ولَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ أَوْ الْجَنْبِ أَوْ سَمِينَهُمَا أَوْ الْأَلْيَةِ أَوْ السَّنَامِ حَنِثَ لَا إنْ أَكَلَ لَحْمًا أَحْمَرَ

_ قوله: (ومصرانٍ) جمع مصير، وهو المعاء، كرغيفٍ ورغفان، بضم الراء، وأما المصارين فجمع الجمع. قاله في «المطلع». قوله: (وقانصة) هي للطير بمنزلة المصارين لغيرها. قوله: (أحمر) أي: لا أبيض، على ما صححه في «تصحيح الفروع». خلافا لما في «شرحه».

و: لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَأَكَلَهُ وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ أَوْ آدَمِيَّةٍ حَنِثَ لَا إنْ أَكَلَ زُبْدًا أَوْ سَمْنًا أَوْ كِشْكًا أَوْ مَصْلًا أَوْ جُبْنًا أَوْ أَقِطًا أَوْ نَحْوَهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ زُبْدًا أَوْ سَمْنًا فَأَكَلَ الْآخَرِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ طَعْمُهُ أَوْ لَا يَأْكُلُهُمَا فَأَكَلَ لَبَنًا وَلَا يَأْكُلُ رَأْسًا وَلَا بَيْضًا حَنِثَ بِأَكْلِ رَأْسِ طَيْرٍ وسَمَكٍ وجَرَادٍ وَبَيْضِ ذَلِكَ ولَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ لَا يَعُمُّ وَلَدًا ولَبَنًا ولَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ فَاسْتَفَّهُ أَوْ خَبَزَهُ وَأَكَلَهُ حَنِثَ ولَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً حَنِثَ بِأَكْلِ بِطِّيخٍ وكُلِّ ثَمَرِ شَجَرٍ غَيْرِ بَرِّيٍّ ويَابِسًا كَصَنَوْبَرٍ وَعُنَّابٍ وَجَوْزٍ وَلَوْز وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ

_ قوله: (حنث) قلت: ولو محرمًا، كما تقدم في اللحم. «شرح». قوله: (أو كشكا) كفلس: ما يعمل من الحنطة، وربما عمل من الشعير. قال المطرزيُّ: فارسي معرب. «مصباح». قوله: (أو مصلاً) المصل كفلس: عصارة الأقط، وهو ماؤه الذي يعتصر منه حين يطبخ. قاله ابن السكيت، «مصباح». قوله: (كصنوبر) مثال لغير البريِّ.

وَتَمْرٍ وَتُوتٍ وَزَبِيبٍ وَتِينٍ وَمِشْمِشٍ وَإِجَّاصٍ وَنَحْوِهَا لَا قِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وزَيْتُونٍ وبَلُّوطٍ وبُطْمٍ وزُعْرُورٍ أَحْمَرَ وآسٍ وَسَائِرِ ثَمَرِ شَجَرٍ بَرِّيٍّ لَا يُسْتَطَابُ وقَرْعٍ وَبَاذَنْجَان وَلَا مَا يَكُونُ بِالْأَرْضِ كَجَزَرٍ وَلِفْتٍ وَفُجْلٍ وَقُلْقَاسٍ وَنَحْوِهِ ولَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا فَأَكَلَ مُذَنِّبًا حَنِثَ لَا إنْ أَكَلَ تَمْرًا أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا فَأَكَلَ الْآخَرَ وَلَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا أَوْ دِبْسًا أَوْ نَاطِفًا

_ قوله: (وبلوط) كتنور: ثمر شجر، قد يؤكل، وربما دبغ بقشره. قوله: (وزعرور) بالضم، من ثمر الباديةِ، يشبه النبق في خلقه، وفي طعمه حموضة. قوله: (أحمر) أي: بخلاف الأبيض. قوله: (وباذنجان) بكسر الذال، وبعض العجم يفتحُها، فارسي معرب.

ولَا يَأْكُلُ أُدْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ بَيْضٍ وَشَوِيٍّ وَجُبْنٍ وَمِلْحٍ وَتَمْرٍ وزَيْتُونٍ وَلَبَنٍ وَخَلٍّ وَكُلِّ مُصْطَبَغٍ بِهِ ولَا يَأْكُلُ قُوتًا حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَتِينٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَكُلِّ مَا تَبْقَى مَعَهُ الْبِنْيَةُ ولَا يَأْكُلُ طَعَامًا مَا حَنِثَ بكُلِّ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ لَا ب مَاءٍ وَدَوَاءٍ ووَرَقِ شَجَرٍ وَتُرَابٍ وَنَحْوِهَا ولَا يَشْرَبُ مَاءً حَنِثَ بِمَاءِ مِلْحٍ ونَجِسٍ لَا جُلَّابٍ ولَا يَتَغَدَّى فَأَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ لَا يَتَعَشَّى فَأَكَلَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ لَا يَتَسَحَّرُ فَأَكَلَ قَبْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَمَنْ أَكَلَ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ مُسْتَهْلَكًا فِي غَيْرِهِ كَسَمْنٍ

_ قوله: (وشواء) بمعنى: مشوي، ككتابٍ، وبساطٍ، بمعنى: مكتوبٍ، ومبسوطٍ، وله نظائر. قوله: (مصطبغٍ) أي: ما يغمس فيه الخبز من الأدم، ويسمَّى ذلك المغموس فيه صبغًا، بكسر الصاد. «مطلع». قوله: (لا بجلاب) عصير قصب السكر.

فَأَكَلَهُ فِي خَبِيضٍ أَوْ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا فَأَكَلَهُ نَاطِفًا أَوْ لَا يَأْكُلُ شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا ظَهَرَ طَعْمُ شَيْءٍ مِنْ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ ولَا يَأْكُلُ سَوِيقًا أَوْ السَّوِيقَ فَشَرِبَهُ أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ حَنِثَ ولَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَصِّه لَا بِذَوْقِهِ ولَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُمَا لَمْ يَحْنَثْ بِمَصِّ قَصَبِ سُكَّرٍ ورُمَّانٍ وَلَا بِبَلْعِ ذَوْبِ سُكَّرٍ فِي فِيهِ بِحَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا ولَا يَأْكُلُ مَائِعًا فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ أَوْ لَا يَشْرَبُ مِنْ النَّهْرِ أَوْ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْبِئْرِ فَاغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ وَشَرِبَ حَنِثَ لَا إنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْكُوزِ فَصَبَّ مِنْهُ فِي إنَاءٍ وَشَرِبَهُ ولَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ حَنِثَ بِثَمَرَتِهَا وَلَوْ لَقَطَهَا مِنْ تَحْتِهَا

_

فصل ومن حلف لا يلبس شيئا فلبس ثوبا أو درعا أو جوشا أَوْ خُفًّا أَوْ نَعْلًا حَنِثَ ولَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ كَيْفَ لَبِسَهُ وَلَوْ تَعَمَّمَ بِهِ أَوْ ارْتَدَى بِسَرَاوِيلَ أَوْ اتَّزَرَ بِقَمِيصٍ لَا بِطَيِّهِ وَتَرْكِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَلَا بِنَوْمِهِ عَلَيْهِ أَوْ تَدَثُّرِهِ بِهِ وَلَا يَلْبَسُ قَمِيصًا فَارْتَدَى بِهِ لَا إنْ اتَّزَرَ بِهِ ولَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ حِلْيَةَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ جَوْهَرٍ أَوْ مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً أَوْ خَاتَمًا وَلَوْ فِي غَيْرِ خِنْصَرٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي مُرْسَلَةٍ حِنْثَ لَا عَقِيقًا أَوْ سَبْحًا أَوْ حَرِيرًا لَا إنْ حَلَفَ

_ قوله: (أو جوشنًا) قال الجوهري: الجوشن: الدرع. قال في «المطلع»: وكأنه درعٌ مخصوص. قوله: (بسراويل) حلف لا يلبسها. قوله: (بقميص) أي: حلف لا يلبسه. قوله: (أو تدثره) أي: التحافه. قوله: (في مرسلة) اسم مفعولٍ: وهي القلادة. «مطلع». قوله: (أو سبجًا) خرز معروف أسود،

لَا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً فَلَبِسَهَا فِي رِجْلِهِ ولَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ حَنِثَ بِمَا جَعَلَهُ لِعَبْدِهِ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لَا بِمَا اسْتَعَارَهُ ولَا يَدْخُلُ مَسْكَنَهُ حَنِثَ بِمُسْتَأْجَرٍ ومُسْتَعَارٍ وَبِمَغْصُوبٍ يَسْكُنُهُ لَا بمِلْكِهِ الَّذِي لَا يَسْكُنُهُ وَإِنْ قَالَ مِلْكَهُ لَمْ يَحْنَثْ بمُسْتَأْجَرٍ ولَا يَرْكَبُ دَابَّةَ عَبْدِ فُلَانٍ حَنِثَ مَا جُعِلَ بِرَسْمِهِ كَحَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ رَحْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَوْ لَا يَبِيعُهُ ولَا يَدْخُلُ حَنِثَ أَوْ لَا يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ لَا إنْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ أَوْ وَقَفَ عَلَى حَائِطِهَا ولَا يُكَلِّمُ إنْسَانًا حَنِثَ بِكَلَامِ كُلِّ إنْسَانٍ حَتَّى بتَنَحَّ أَوْ اُسْكُتْ لَا بِسَلَامٍ مِنْ صَلَاةٍ صَلَّاهَا إمَامًا

_ فارسي معرب. قوله: (بما جعله) فلان لعبده من دار، ودابَّة، قوله: (أو آجره) أي: آجره فلان من ذلك. قوله: (بمستأجر) بل بوقفٍ. قوله: (على حائطها) أي: بحيث لم يبق وراءه شيء. قوله: (كل إنسان) أي: من ذكر وأنثى، وصغير وكبير، وعاقل ومجنون. «إقناع».

و: لَا كَلَّمْت زَيْدًا فَكَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ حَنِثَ مَا لَمْ نْوِ مُشَافَهَتَهُ إلَّا إذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فِي صَلَاةٍ فَفَتَحَ عَلَيْهِ ولَا بَدَأْتَهُ بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا لَمْ يَحْنَثْ ولَا كَلَّمْته حَتَّى يُكَلِّمَنِي أَوْ يَبْدَأَنِي بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا حَنِثَ ولَا كَلَّمْته حِينًا أَوْ الزَّمَانَ وَلَا نِيَّةَ تَخُصُّ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْهُ فسِتَّةَ أَشْهُرٍ وزَمَنًا أَوْ أَمَدًا أَوْ دَهْرًا أَوْ بَعِيدًا أَوْ مَلِيًّا أَوْ عُمْرًا أَوْ طَوِيلًا أَوْ حُقُبًا أَوْ وَقْتًا فَأَقَلُّ زَمَانٍ والْعُمُرَ أَوْ الْأَبَدَ أَوْ الدَّهْرَ فكُلُّ الزَّمَانِ وأَشْهُرًا أَوْ شُهُورًا أَوْ أَيَّامًا فثَلَاثَةُ وإلَى الْحَصَادِ أَوْ الْجِذَاذِ فإلَى أَوَّلِ مُدَّتِهِ والْحَوْلَ فكَامِلٌ لَا تَتِمَّتُهُ ولَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ قَالَ لِمَنْ دَقَّ عَلَيْهِ الْبَابَ: {اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] بِقَصْدِ الْقُرْآنِ وَتَنْبِيهُهُ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْآنَ حَنِثَ وَحَقِيقَةُ الذِّكْرِ مَا نَطَقَ بِهِ

_ قوله: (أو حقبا) والحقبة بالكسر: المدة. قوله: (وإن لم يقصد به ... إلخ) ظاهره ولو أطلق.

و: لَا مِلْكَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِدَيْنٍ ولَا مَالَ لَهُ أَوْ لَا يَمْلِكُ مَالًا حَنِثَ بغَيْرِ زَكَوِيٍّ وَبِدَيْنٍ وَضَائِعٍ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ عَوْدِهِ وَبِمَغْصُوبٍ لَا بِمُسْتَأْجَرٍ ولِيَضْرِبَنَّهُ بِمِائَةٍ فَجَمَعَهَا وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً بَرَّ لَا إنْ حَلَفَ لِيَضْرِبَنَّهُ بِمِائَةٍ وَلَوْ آلَمَهُ فصل وإن حلف لا يلبس من غزلها وَعَلَيْهِ مِنْهُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ أَوْ لَا يُسَافِرُ أَوْ لَا يَطَأُ أَوْ لَا يُمْسِكُ أَوْ لَا يُشَارِكُ أَوْ لَا يَصُومُ أَوْ لَا يَحُجُّ أَوْ لَا يَطُوفُ

_ قوله: (وليضربنه بمئة ... إلخ) لعلَّ الفرق بينها وبين التي بعدها: أن ما دخلت عليه الباء صادق على الآلة، سواء فرقت أو جمعت، وما لم تدخل عليه الباء صادق على الفعلات، وهي لا تكون من شخص إلا مرتبة. قوله: (وعليه منه) أي: استدامه. قوله: (أو لا يحج) أي: حنث، خلافا لـ «الإقناع» في صورتي: الصوم والحج، حيث قال: ولو كان حلفه صائما أو حاجاً فاستدام، أو حلف على غيره لا يصلي، وهو في الصلاة، فاستدام، لم يحنث.

وَهُوَ كَذَلِكَ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَهُوَ دَاخِلُهَا أَوْ لَا يُضَاجِعُهَا عَلَى فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فُلَانٌ بَيْتًا فَدَخَلَ فُلَانٌ عَلَيْهِ فَأَقَامَ مَعَهُ حَنِثَ مَا لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ لَا إنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ يَتَطَهَّرُ أَوْ يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ ولَا يَسْكُنُ أَوْ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وَهُوَ سَاكِنٌأَوْ مُسَاكِنٌ فَأَقَامَ فَوْقَ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ فِيهِ عَادَةً نَهَارًا بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ وَلَوْ بَنَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ حَاجِزًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ حَنِثَ

_ قوله: (وهو كذلك) أي: متلبِّس بما حلف لا يفعله مما سبق، وأدام، حنث. قوله: (وهو داخلها) أي: ودام، حنث. قوله: (حنث) لأن الاستدامة كالابتداءِ. قوله: (مالم تكن نيةٌ) كأن نوى لا يلبس من غزلها غير ما هو لابسه، أو غير هذا اليوم، فيرجع إلى نيته، ثم السبب، كما تقدم. قوله: (فاستدام) لأنَّ اسم الفعل في هذه الثلاثة لا يطلق على مستديمها، فلا يقال: تزوجت، أو تطيبت، أو تطهرت شهرًا، بل منذ شهر؛ لأن فعلها انقضى. ولم تنزل في الشرع استدامة التزوج والتطيب منزلة ابتدائهما في الإحرام. قوله: (ولو بنى بينه ... إلخ) أي: لتساكنهما قبل انتهاء بناءِ الحاجزِ.

لَا إنْ أَوْدَعَ مَتَاعَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ مَلَّكَهُ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَسْكَنًا أَوْ مَا يَنْقُلُهُ بِهِ أَوْ أَبَتْ زَوْجَتُهُ الْخُرُوجَ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ إجْبَارُهَا وَلَا النُّقْلَةُ بِدُونِهَا مَعَ نِيَّةِ النُّقْلَةِ إذَا قَدَرَ أَوْ أَمْكَنَتْهُ بِدُونِهَا فَخَرَجَ وَحْدَهُ أَوْ كَانَ بِالدَّارِ حُجْرَتَانِ لِكُلِّ حُجْرَةٍ مِنْهُمَا بَابٌ وَمِرْفَقٌ فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَلَا إنْ حَلَفَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ لَا سَاكِنَتِهِ بِهَا وَهُمَا غَيْرُ مُتَسَاكِنَيْنِ فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا وَفَتَحَ كُلٌّ لِنَفْسِهِ بَابًا وَسَكَنَاهَا ولَيَخْرُجَنَّ أَوْ لَيَرْحَلَنَّ مِنْ حَائِطًا الدَّارِ أَوْ لَا يَأْوِي أَوْ لَا يَنْزِلُ فِيهَا كَلَا يَسْكُنُهَا وَكَذَا إلَّا أَنَّهُ يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ إذَا حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْهُ وَلَا يَحْنَثُ بِعَوْدِهِ إذَا حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ أَوْ لَيَرْحَلَنَّ مِنْ الدَّارِ أَوْ الْبَلَدِ وَخَرَجَ مَا لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ أَوْ سَبَبٌ وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ سَفَرٌ يَبَرُّ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ وَكَذَا النَّوْمُ الْيَسِيرُ

_ قوله: (لا إن أودع ... إلخ) أي: لا يحنث إن ودع ... إلخ. قوله: (منه) أي: البلد، بخلاف الدار. قوله: (من الدار) أي: لا إن حلف لا يسكنها.

ولَا يَسْكُنُ الدَّارَ فَدَخَلَهَا أَوْ كَانَ فِيهَا غَيْرَ سَاكِنٍ فَدَامَ جُلُوسُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَهَا وَأَمْكَنَهُ الِامْتِنَاعُ فَلَمْ يَمْتَنِعُ أَوْ لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا فَخَدَمَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ حَنِثَ فصل ومن حلف ليشربن هذا الماء أَوْ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ أَوْ أَطْلَقَ فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ الشُّرْبِ أَوْ الضَّرْبِ حَنِثَ حَالَ تَلَفِهِ لَا وَإِنْ جُنَّ حَالِفٌ قَبْلَ الْغَدِ حَتَّى خَرَجَ الْغَدُ

_ قوله: (هذا الماء) أي: غدًا، أو أطلق. قوله: (أو أطلق) أي: فلم يقل غدًا، ولا فيه، قوله: (أو فيه) أي: الغد، في مسألتي التقييد، وأما في مسألتي الإطلاق، فالظاهر: أنَّه يحنث بتلفه بعد مضيِّ زمن يتَّسع للفعل،

وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ خُرُوجِهِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ أَوْ لَا مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ لَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ أُكْرِهَ وَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ فَأَمْكَنَهُ فَتَلِفَ حَنِثَ عَقِبَهُ وَلَا يَبَرُّ بِضَرْبِهِ قَبْلَ وَقْتٍ عَيَّنَهُ لَا مَيِّتًا ولَابِضَرْبٍ لَا يُؤْلِمُ وَيَبَرُّ بِضَرْبِهِ مَجْنُونًا ولَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَأَبْرَأَهُ الْيَوْمَ أَوْ أَخَذَ عَنْهُ عَرَضًا أَوْ مُنِعَ مِنْهُ كَرْهًا أَوْ مَاتَ فَقَضَاهُ لِوَرَثَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ ولَيَقْضِيَنَّهُ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ أَوْ مَعَ أَوْ إلَى رَأْسِهِ. أَوْ اسْتِهْلَالِهِ. أَوْ عِنْدَ أَوْ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَمَحِلُّهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ وَيَحْنَثُ بَعْدَهُ وَلَا يَضُرُّ فَرَاغُ تَأَخُّرِ كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَعَدِّهِ وَذَرْعِهِ وإذَا حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّهُ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ وَنَحْوِهِ وَشَرَعَ فِيهِ إذَا تَأَخَّرَ لِكَثْرَتِهِ

_ قوله: (من أوَّل الغد) أي: ويحكم بالحنث. «شرح». ففي طلاقٍ وعتقٍ، يحكم بموجَبِهما من أوَّل الغدِ. قوله: (مجنونًا) حالٌ من المفعول.

وَلَا أَخَذْت حَقَّك مِنِّي فَأُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهِ أَوْ أَخَذَهُ حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ لِي غَرِيمُهُ فَأَخَذَهُ حَنِثَ كَلَا تَأْخُذْ حَقَّك عَلَيَّ لَا إنْ أُكْرِهَ قَابِضٌوَلَا إنْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ حَجْرِهِ إلَّا أَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُعْطِيكَهُ لِبَرَاءَتِهِ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَأُجْرَةٍ وَزَكَاةٍ ولَا فَارَقْتَنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَفَارَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرِ لَا كَرْهًا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ حَنِثَ ولَا افْتَرَقْنَا أَوْ لَا فَارَقْتُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْكَ فَهَرَبَ أَوْ فَلَّسَهُ حَاكِمٌ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِفِرَاقِهِ أَوْ لَا فَفَارَقَهُ لِعِلْمِهِ بِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ حَنِثَ وَكَذَا إنْ أَبْرَأَهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ أَوْ فَارَقَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لَا إذَا أُكْرِهَ أَوْ قَضَاهُ بِحَقِّهِ عَرَضًا وَفِعْلُ وَكِيلِهِ كَهُوَ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ زَيْدًا فَبَاعَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لَهُ وَلَوْ تَوَكَّلَ حَالِفٌ لَا يَبِيعُ وَنَحْوَهُ فِي بَيْعٍ لَمْ يَحْنَثْ أَضَافَهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ لَا ولَا فَارَقْتُك حَتَّى أُوَفِّيَك حَقَّك فَأُبْرِئَ مِنْهُ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى فِرَاقِهِ

_ قوله: (لا إن أكره) أي: لا يحنث إن أكره؛ لأنه لا ينسب إليه أخذٌ.

لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا فَوُهِبَتْ لَهُ وَقَبِلَ حَنِثَ لَا إنْ أَقْبَضَهَا قَبْلَ وَإِنْ كَانَ حَلَفَ لَا أُفَارِقُك، وَلَك قِبَلِي حَقٌّ فَأُبْرِئَ أَوْ وَهَبَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ مُطْلَقًا وَقَدْرُ الْفِرَاقِ مَا عُدَّ عُرْفًا كَبَيْعٍ ولَا يَكْفُلُ مَا لَا يُكْفَلُ بَدْنًا وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ لَمْ يَحْنَثْ

_ قوله: (له) أي: لمن هي تحت يدِه، وهو الغريمُ الحالف. قوله: (مطلقاً) أي: سواءٌ أقبضه العين قبل الهبة، أو لا. قوله: (وشرط البراءة ... إلخ) أي: شرط البراءةَ من المالِ إن عجزَ عن إحضارِه.

باب النذر

باب النذر وَهُوَ إلْزَامُ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ وَلَوْ كَافِرًا بِعِبَادَةٍ نَفْسَهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ شَيْئًا غَيْرَ لَازِمٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَلَا مُحَالَ فَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ َهُوَ مَكْرُوهٌ لَا يَرُدُّ قَضَاءً وَيَنْعَقِدُ فِي وَاجِبٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَنَحْوُهُ فَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يَصُمْهُ كَحَلِفِهِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ لَا كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُحَالِ وَأَنْوَاعُ مُنْعَقِدٍ سِتَّةٌ.

_ قوله: (وهو) أي: لغةً: الإيجاب، يقال: نذر دم فلانٍ، أوجب قتله. وشرعا: ما ذكره المصنف بقوله: (إلزام ... إلخ) قوله: (غير لازم بأصل الشرع) هذا على قول الأكثر، وأما على المذهب كما سيأتي: فالأولى حذفه، ويمكن أن يكون المراد: بيانه، باعتبار الغالب لا بخصوصه. قوله: (وعند الأكثر: لا) أي: لا ينعقد، والمذهب: ينعقد.

أَحَدُهَا الْمُطْلَقُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا وَلَا نِيَّةَ وَفَعَلَهُ فكَفَّارَةُ يَمِينٍ الثَّانِي نَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَهُوَ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنْ شَيْءٍ أَوْ الْحَمْلَ عَلَيْهِ كَإنْ كَلَّمْتُك أَوْ إنْ لَمْ أُخْبِرْك فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُلْزِمُ بِذَلِكَ أَوْ لَا أُقَلِّدُ مَنْ يَرَى الْكَفَّارَةَ وَنَحْوَهُ وَمَنْ عَلَّقَ صَدَقَةَ شَيْءٍ بِبَيْعِهِ وآخَرُ بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ كَفَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ كَفَّارَةَ يَمِينٍ الثَّالِثُ نَذْرُ مُبَاحٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي أَوْ أَرْكَبَ دَابَّتِي فَيُخَيَّرُ أَيْضًا

_ قوله: (المطلق) أي: عما يخصصه بشيء يجب بعينه. قوله: (المنع) إن كان الشرط مثبتاً. قوله: (أو الحمل عليه) أي: إن كان الشرط منفياً، قوله: (كفارة يمين) قال في «شرح الإقناع» قلت: وإن تصدَّق به المشتري خرج من العهدة. انتهى.

الرَّابِعُ نَذْرُ مَكْرُوهٍ كَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ فَيُسَنُّ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلُهُ الْخَامِسُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَحْرُمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَيُكَفِّرُ مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَيَقْضِي غَيْرَ يَوْمِ حَيْضٍ وَمَنْ نَذَرَ ذَبْحَ مَعْصُومٍ حَتَّى نَفْسِهِ فكَفَّارَةُ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ مَا لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا السَّادِسُ نَذْرُ تَقَرُّبٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَصَدَقَةٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ مُطْلَقًا بِشَرْطٍ أَوْ عُلِّقَ بِشَرْطِ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ كَإنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلِمَ مَالِي أَوْ حَلَفَ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ كَوَاَللَّهِ لَئِنْ سَلِمَ مَالِي لَأَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا، فَوُجِدَ شَرْطُهُ لَزِمَهُ وَيَجُوزُ خْرَاجُهُ قَبْلَهُ

_ قوله: (وتتعدد ... إلخ) أي: على من نذر دبح ولدِه؛ لأنه مفرد مضاف، فيعم والظاهر: تجزئه كفارة واحدة. قوله: (مطلقا) أي: غير معلَّق بشرطٍ. قوله: (فوُجدَ) متعلِّقٌ ومرتبط بقوله: (أو علَّق بشرط) وإنما جعل نائب الفاعل اسمًا ظاهرًا؛ للتذكار، ولو حذفه، واكتفى بضميره المستتر؛ لصحَّ. وأما قوله: (لزمه) فجواب شرط مقدَّرٍ، يدل عليه ما ذكر، والتقدير: فإن نذر ما ذكر على وجه الإطلاق، أو التقييد، ووُجدَ الشرط في النوع الثاني، لزمَه. محمدٌ الخلوتيُّ.

وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ مَنْ تُسَنُّ لَهُ بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِأَلْفٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ كُلُّ مَالِهِ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ أَجْزَأَهُ ثُلُثُهُ وبِبَعْضٍ مُسَمًّى لَزِمَهُ وَإِنْ نَوَى ثَمِينًا أَوْ مَالًا دُونَ مَالٍ أُخِذَ بِنِيَّتِهِ وَإِنْ نَذَرَهَا بِمَالٍ وَنِيَّتُهُ أَلْفٌ يُخْرِجُ مَا شَاءَ فَيَصْرِفُهُ لِلْمَسَاكِينِ كَصَدَقَةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَا يُجْزِيهِ إسْقَاطُ دَيْنٍ وَمَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ لَا رَدَدْت سَائِلًا فكَمَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَحَصَّلْ لَهُ إلَّا مَا يَحْتَاجُهُ فكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِثُلُثِ الزَّائِدِ

_ قوله: (من تسنُّ له) أي: بأن لا يضر ذلك بنفسِه، أو عيالِه، أو غريمه، ونحوه مما ذكر في صدقةِ التطوع. قوله: (بكلِّ ماله) يتنازعه كل من: الصدقة، وتسن، إن قلنا بجوازه في المصادر، وإلا فحذف من الأول لدلالة الثاني، وإن كان على خلافِ المشهورِ. قوله: (مسمى) كنصف ماله، أو ثلثيه، فلا يكفيه هنا الثلث؛ لأنه لا مانع منه. قوله: (يخرج ماشاء) أي: لا يلزمه ما نوى. وقله: (يمينٍ) لعدم فعل المنذور، أو المحلوف.

وَحَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا لَيْسَتْ سُؤَالَ السَّائِلِ وإنْ مَلَكْت مَالَ فُلَانٍ فَعَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِهِ فَمَا مَلَكَهُ فمَالِهِ وَمَنْ حَلَفَ فَقَالَ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَحَنِثَ فكَفَّارَةُ يَمِينٍ فصل ومن نذر صوم سنة معينة لم يدخل في نذره رَمَضَانَ وَيَوْمَا الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ إِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَصُمْهُ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فالْقَضَاءُ مُتَتَابِعًا وكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ صَامَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ أَفْطَرَ مِنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ شَهْرًا مِنْ يَوْمِ فِطْرِهِ وَكَفَّرَ ولِعُذْرٍ بَنَى وَقَضَى مَا أَفْطَرَهُ مُتَتَابِعًا مُتَّصِلًا بِتَمَامِهِ وَكَفَّرَ وَإِنْ جُنَّهْ كُلَّهُ لَمْ يَقْضِهِ

_ قوله: (وإن ملكت مال فلان) أي: كله، أو بعضه، على ما تقدَّم فيه. قوله: (فكماله) أي: فيجزئه ثلثه. قوله: (عليَّ عتقُ رقبة) أي: لا فعلت كذا. قوله: (وكفارة يمين) لفوات المحل. قوله: (من يومِ) لوجوب التتابع، والفورية. قوله: (ولعذر) كمرض، وسفر، وحيض. قوله: (وإن جنة) الضمير المستتر في محل الرفع، والبارز في محل النصب، عائد على الشهر، فنصبه نصب الظرف، لا المفعول به. محمد الخلوتي.

وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وَأَطْلَقَ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ وَإِنْ قَطَعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ وبَيْنَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ وَيُتِمُّ ثَلَاثِينَ وَيُكَفِّرُ وَكَذَا سَنَةٍ فِي تَتَابُعٍ وَيَصُومُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضَانَ وأَيَّامِ النَّهْيِ وَلَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ فَيَقْضِي وسَنَةٍ مِنْ الْآنَ أَوْ مِنْ وَقْتِ كَذَا فمُعَيَّنَةٍ وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ لَزِمَهُ فَإِنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ بِغَيْرِ صَوْمٍ وَلَا يَدْخُلُ رَمَضَانُ ويَوْمُ نَهْيٍ وَيَقْضِي فِطْرَهُ بِهِ وَيُصَامُ لِظِهَارٍ وَنَحْوِهِ مِنْهُ وَيُكَفِّرُ مَعَ صَوْمِ ظِهَارٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَنَحْوِهِ فَوَافَقَ عِيدًا أَوْ حَيْضًا أَوْ نِفَاسًا وَقَضَى وَكَفَّرَ

_ قوله: (فيقضي) أي: رمضان والخمسة أيام. قوله: (يقضي فطره) لعذر، أو لا، فيقضي ما أفطره من رمضان بعده، ويكفِّر بسبب النَّذرِ، إن أفطرَ بلا عذرٍ. قوله: (ونحوه) كوطء برمضان. قوله: (منه) أي: من الدهر المنذور. قوله: (ونحوه) كوطءٍ؛ لأنه سببه. قوله: (فقط) أي: بلا قضاء؛ لعدم إمكانه.

وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ زيد فَقَدِمَ لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ونَهَارًا وَهُوَ صَائِمٌ وَقَدْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لِخَبَرٍ سَمِعَهُ صَحَّ وَأَجْزَأَهُ وَإِلَّا أَوْ كَانَ مُفْطِرًا أَوْ وَافَقَ قُدُومَهُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ حَيْضِ قَضَى وَكَفَّرَ وَإِنْ وَافَقَ قُدُومَهُ وَهُوَ صَائِمٌ عَنْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ أَتَمَّهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ وَيَقْضِي نَذْرَ الْقُدُومِ كَصَائِمٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ مُطْلَقٍ وَإِنْ وَافَقَ يَوْمَ نَذْرِهِ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَلَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ وَنَذَرَ اعْتِكَافَهُ كَصَوْمِهِ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَلَوْ ثَلَاثِينَ لَمْ يَلْزَمْهُ تَتَابُعُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ ِنِيَّةِ

_ قوله: (وإلا) أي: وإلا يكن بيَّت النية لخبرٍ سمعَه. قوله: (أتمه) أي: أتم يوم القدوم. قوله: (قضاؤه) أي: يوم القدوم الذي صامه عن نذر معين، وألزمنا إتمامه. قوله: (ويقضي نذر ... إلخ) أي: ويكفر لفوات المحل. قوله: (وإن وافق يوم نذرِه) أي: صادفه ولقيه، أي: يوم القدوم، فـ (يوم نذره) إما فاعل، أو مغفعول؛ لأن من صادفك، فقد صادفته، وجملة: (وهو مجنون) حالٌ من الناذر. فتدبر. قوله: (كصومه) في الجملة على ما تقدَّم. محمد الخلوتي. قوله: (إلا بشرطٍ) بأن تقول: متتابعة.

وَمَنْ نَذَرَ صَوْمًا مُتَتَابِعًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ يَجِبُ مَعَهُ الْفِطْرُ أَوْ لِحَيْضٍ خُيِّرَ اسْتِئْنَافَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ وَيُكَفِّرُ وَإِنْ لِشَهْرٍ أَوْ مَا يُبِيحُ الْفِطْرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ ولِغَيْرِ عُذْرٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ بِلَا كَفَّارَةٍ وَمَنْ نَذَرَ صَوْمًا فَعَجَزَ عَنْهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ نَذَرَهُ حَالَ عَجْزِهِ أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَحْوَهَا وَعَجَزَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ وحَجًّا لَزِمَهُ فَإِنْ لَمْ يُطِقْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ حُجَّ عَنْهُ وَإِلَّا أَتَى بِمَا يُطِيقُهُ وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي وَمَعَ عَجْزِهِ عَنْ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ حَالَ نَذْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُمَا لَزِمَهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ لَزِمَهُ يَوْمٍ بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ وَنَذَرَ صَوْمَ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ وَكَذَا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمٍ

_ قوله: (لم ينقطع التتابع) الذي اختاره في «شرحه»: أن هذه الصورة كالتي قلبها، خلافاً لما في المتن. فليحرر ذلك. قوله: (وعجز) أي: عجزًا لا يرجى زواله. «حاشية». قوله: (بما يطيقه) من الحجَّاتِ.

أَتَى فِيهِ بِمُنَافٍ وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً فرَكْعَتَانِ قَائِمًا لِقَادِرٍ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُجْزِئ فِي فَرْضٍ وأَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ يُجْزِئُ بِتَسْلِيمَةٍ كَعَكْسِهِ وَلِمَنْ نَذَرَ صَلَاةً جَالِسًا أَنْ يُصَلِّيَهَا قَائِمًا وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ مَكَّةَ أَوْ حَرَمِهَا وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ غَيْرَ حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ مَكَانِهِ لَا إحْرَامٌ قَبْلَ مِيقَاتِهِ مَا لَمْ يَنْوِ مَكَانَا بِعَيْنِهِ أَوْ إتْيَانُهُ لَا حَقِيقَةَ الْمَشْيِ وَإِنْ رَكِبَ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ الْأَقْصَى لَزِمَهُ ذَلِكَ والصَّلَاةُ فِيهِ

_ قوله: (بعينه) للمشي، أو الإحرام فيلزمُه، قال منصور البهوتي: ومقتضى ما سبق من أنه يكره إحرام قبل ميقاته: أنه لا يفي به ويكفر، إلا أن يقال: أصل الإحرام مشروعٌ، وإنما المكروه تقديمه.

وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا فِي غَيْرِ حَرَمٍ لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ رَكْعَتَانِ وَإِنْ نَذَرَ رَقَبَةٍ فمَا يُجْزِي عَنْ وَاجِبٍ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهَا وَيُجْزِئُهُ مَا عَيَّنَهُ لَكِنْ لَوْ مَاتَ الْمَنْذُورُ أَوْ أَتْلَفَهُ نَاذِرٌ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا عِتْقٍ وَعَلَى مُتْلِفِ غَيْرِهِ قِيمَتُهُ لَهُ وإنْ مَلَكْت عَبْدَ زَيْدٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ أُلْزِمَ بِعِتْقِهِ إذَا مَلَكَهُ وَمَنْ نَذَرَ طَوَافًا أَوْ سَعْيًا فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ وعَلَى أَرْبَعٍ فطَوَافَانِ أَوْ سَعْيَانِ وَمَنْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَالصَّلَاةِ عُرْيَانًا أَوْ الْحَجِّ حَافِيًا حَاسِرًا وَنَحْوَهُ وَفَّى بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَتُلْغَى تِلْكَ الصِّفَةُ وَيُكَفِّرُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِوَعْدٍ

_ قوله: (في غير حرمٍ) أي: لم يتعين، فإن وصله لزمه ... إلخ. قوله: (بلا عتقٍ) أي: لا يلزمه مع كفارة اليمين عتق رقبةٍ. قوله: (له) أي: للناذر، فلا يلزمه صرفها في رقبةٍ يعتقها. قوله: (يقصد القرية) فإن كان في لجاج، خير كما تقدم. قوله: (بوعد) أي: ويحرم بلا استثناء. «شرح».

كتاب القضاء والفتيا

كتاب القضاء والفتيا وَهِيَ تَبَيَّنَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ وَلَا يَلْزَمُ جَوَابُ مَا لَمْ يَقَعْ لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ عُمَرَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَلَا مَا لَا يَحْتَمِلُهُ سَائِلٌ وَلَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَمَنْ عَدِمَ مُفْتِيًا فِي بَلَدِهِ وَغَيْرِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ الشَّرْعِ وَيَحْرُمُ تَسَاهُلُ مُفْتٍ وتَقْلِيدُ مَعْرُوفٍ بِهِ وَيُقَلَّدُ الْعَدْلُ وَلَوْ مَيْتًا وَيُفْتِي مُجْتَهِدٌ فَاسِقٌ نَفْسَهُ ويُقَلِّدَ عَامِّيٌّ مَنْ ظَنَّهُ عَالِمًا لَا إنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ وَلِمُفْتٍ رَدُّ الْفُتْيَا إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ عَالِمٌ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَقَوْلُ حَاكِمٍ لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَيْهِ امْضِ إلَى غَيْرِي وَيَحْرُمُ إطْلَاقُ الْفُتْيَا فِي اسْمٍ مُشْتَرَكٍ فَمَنْ سُئِلَ أَيُؤْكَلُ بِرَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي وَلَهُ تَخْيِيرُ مَنْ

_ قوله: (كقول حاكم) أي: كما لا يجوز قول حاكم ... إلخ، ولو كان بالبلد من يقدم مقامه. قوله: (مشتركٍ) إجماعًا.

اسْتَفْتَاهُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ وَيَتَخَيَّرُ وَإِنْ لَمْ يُخَيِّرْهُ وَلَا لِمَنْ يَنْتَسِبُ لِمَذْهَبِ إمَامٍ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مُفْتِيًا لَزِمَ أَخْذُهُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا مُلْتَزَمُ قَوْلِ مُفْتٍ وَثَمَّ غَيَّرَهُ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ مَفْضُولٍ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْقَضَاءُ تَبَيُّنُهُ وَالْإِلْزَامُ بِهِ وَفَصْلُ الْحُكُومَاتِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْإِمَامَةِ فعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصِبَ بِكُلِّ إقْلِيمٍ قَاضِيًا ويَخْتَارَ لِذَلِكَ أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُ عِلْمًا وَوَرَعًا وَيَأْمُرُهُ بِالتَّقْوَى وبِتَحَرِّي الْعَدْلِ وأَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي كُلِّ صُقْعٍ أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُهُمْ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ إذَا طُلِبَ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ إنْ لَمْ يَشْغَلْهُ عَمَّا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَمَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُجِيبَ وَكُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ إذَا وَيَحْرُمُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ وأَخْذُهُ وطَلَبُهُ وَفِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ وَتَصِحُّ تَوْلِيَةُ مَفْضُولٍ وحَرِيصٍ عَلَيْهَا وتَعْلِيقُ وِلَايَةِ قَضَاءٍ إمَارَةِ بِشَرْطٍ

_ قوله: (ويختارُ لذلك) أي: وجوباً. قوله: (صقع) أي: ناحية. قوله: (وإمارة بشرطٍ) أي: على شرطٍ.

وَشُرِطَ لِصِحَّتِهَا كَوْنُهَا مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ وَأَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْمُوَلَّى صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ وَتَعَيَّنَ مَا يُوَلِّيه الْحُكْمَ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ وَمُشَافَهَتُهُ بِهَا أَوْ مُكَاتَبَتُهُ وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِمَا أَوْ اسْتِفَاضَتُهَا إذَا كَانَ بَلَدُ الْإِمَامِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونُ لَا عَدَالَةُ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ وَأَلْفَاظُهَا الصَّرِيحَةُ سَبْعَةٌ: وَلَّيْتُك الْحُكْمَ وَقَلَّدْتُك وَفَوَّضْت وَرَدَدْت وَجَعَلْت إلَيْكَ الْحُكْمَ وَاسْتَخْلَفْتُك وَاسْتَنْبَتُك فِي الْحُكْمِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهَا وَقَبِلَ مُوَلًّى حَاضِرٌ بِالْمَجْلِسِ أَوْ غَائِبٌ بَعْدَهُ أَوْ شَرَعَ الْغَائِبُ فِي الْعَمَلِ انْعَقَدَتْ

_ قوله: (من عملٍ) أي: ما يجمع بلادًا وقرى متفرقة، كمصر ونواحيها. «شرح». قوله: (وبلدٍ) كمكة. قوله: (وإشهاد عدلين عليها) يعني: إن يعد ما ولي فيه عن بلدِ الإمامِ أكثرَ من خمسةِ أيامٍ.

وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ اعْتَمَدْت أَوْ عَوَّلْت عَلَيْك أَوْ وَكَّلْت أَوْ اسْتَنَدْت إلَيْكَ لَا تَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ بِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ نَحْوُ فَاحْكُمْ أَوْ فَتَوَلَّ مَا عَوَّلْت عَلَيْك فِيهِ وَإِنْ قَالَ مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ فِي بَلَدِ كَذَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَقَدْ وَلَّيْته لَمْ تَنْعَقِدْ لِمَنْ نَظَرَ لِجَهَالَتِهِ وَإِنْ قَالَ وَلَّيْت فُلَانًا وَفُلَانًا فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي انْعَقَدَتْ لَهُمَا وَيَتَعَيَّنُ مَنْ سَبَقَ. فصل وتفيد ولاية حكم عامة النَّظَرَ فِي أَشْيَاءَ وَالْإِلْزَامَ بِهَا فَصْلُ الْحُكُومَةِ وَأَخَذَ الْحَقِّ وَدَفْعُهُ لِرَبِّهِ وَالنَّظَرُ فِي مَالِ يَتِيمٍ ومَجْنُونٍ وسَفِيهٍ وغَائِبٍ وَالْحَجْرُ لِسَفَهٍ ولِفَلَسٍ وَالنَّظَرُ فِي وُقُوفِ عَمَلِهِ لِتَجْرِيَ عَلَى شَرْطِهَا وفِي مَصَالِحِ طُرُقِ عَمَلِهِ وَأَفْنِيَتِهِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا وَتَزْوِيجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا وَتَصَفُّحُ يُثْبِتُ جَرحه

_ قوله: (في وقوف) جمع وقف.

وَإِقَامَةَ حَدٍّ وإمَامَةِ جُمُعَةٍ وعِيدٍ مَا لَمْ يُخَصَّا بِإِمَامٍ وَجِبَايَةُ خَرَاجٍ وزَكَاةٍ مَا لَمْ يُخَصَّا بِعَامِلٍ لَا حُكْمِ الِاحْتِسَابِ عَلَى الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ وَإِلْزَامُهُمْ بِالشَّرْعِ وَلَهُ طَلَبُ رِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَحُلَفَائِهِ حَتَّى مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ شَيْءٌ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إلَّا بِجُعْلٍ جَازَ لَا مَنْ تَعَيَّنَ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كِفَايَةٌ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَأْخُذْ أُجْرَةً لِفُتْيَاهُ وَلَا لِخَطِّهِ فصل ويجوز أَنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ وأَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا

_ قوله: (فإن لم يجعل له شيء) أي: من بيتِ. قوله: (وليس له ما يَكفيه) أي: ويكفي عيالَه. قوله: (جازَ) أي: جاز أخذُ الجعل، لا الأجرة، وعلم منه أنَّه إن كان له ما يكفيه، ليس له أخذ الجعل أيضاً. «شرح».

فِي أَحَدِهَما أَوْ فِيهَا فَيُوَلِّيهِ عُمُومَ النَّظَرِ أَوْ خَاصًّا بِمَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي مُقِيمٍ بِهَا وطَارِئٍ إلَيْهَا فَقَطْ لَكِنْ لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا فَلَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ عَمَلِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ ثُمَّ دَخَلَتْ إلَى عَمَلِهِ وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ مَحَلُّ حُكْمِهِ وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ فِيهِ كَتَعْدِيلِهَا أَوْ يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فِي الْمَدِينَاتِ خَاصَّةً أَوْ فِي قَدْرٍ مِنْ الْمَالِ لَا يَتَجَاوَزُهُ أَوْ يَجْعَلُ إلَيْهِ عُقُودَ الْأَنْكِحَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ وقَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ وَإِنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا وَيُقَدَّمُ قَوْلُ طَالِبٍ وَلَوْ عِنْدَ نَائِبٍ فَإِنْ اسْتَوَيَا كَمُدَّعِيَيْنِ اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاقٍ فَأَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ عَزَلَ الْمُوَلَّى بِفَتْحِهَا مَعَ صَلَاحِيَتِهِ لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ لَا الْإِمَامُ

_ قوله: (وتجب إعادة الشهادة) أي: إذا سمعها بغير عملِه.

وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ قَاضِيًا فَعَزَلَ نُوَّابَهُ أَوْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ انْعَزَلُوا وَكَذَا وَالٍ وَمُحْتَسِبٌ وَأَمِير جِهَادٍ وَوَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ نُصِّبَ لِجِبَايَةِ مَالٍ وَصَرْفِهِ وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ فَارِضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ انْعَزَلَ لَا بِعَزْلٍ قَبْلَ عِلْمِهِ وَمَنْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ مُوَلًّى بِبَلَدٍ وَوَلَّى غَيْرَهُ فَبَانَ حَيًّا لَمْ يَنْعَزِلْ

_ قوله: (وصرفه) أي: فلا ينعزل من ولاه الإمام منهم بعزل الإمام ولا بموته. قوله: (فارض) من نفقة، وكسوة، وأجرة، وخراج، وجزية، وعطاء من ديوان لمصلحة، بموت فارض أو عزله، وليس لغيره تغييره، ما لم يتغير السبب. قوله: (ومن عزل نفسه) من إمامٍ، وقاض، ووالٍ، ونحوهم. قوله: (لا بعزل) أي: لا ينعزل قاض قبل علمه ... إلخ. قوله: (ومن أخبر بموت مولى ... إلخ) وكذا من أنهى شيئاً، فولي بسببه، ثم تبين بطلانه، لم تصح ولايته؛ لأنها كالمعلقة على صحَّة الإنهاء، ولم تَحصلْ.

فصل وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ قَاضٍ بَالِغًا عَاقِلًا ذَكَرًا «مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» حُرًّا مُسْلِمًا عَدْلًا وَلَوْ تَائِبًا مِنْ قَذْفٍ سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا مُجْتَهِدًا وَلَوْ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ لِلضَّرُورَةِ فَيُرَاعِي أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَمُتَأَخِّرَهَا وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِهِ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لَا كَوْنُهُ كَاتِبًا أَوْ وَرِعًا أَوْ زَاهِدًا أَوْ يَقِظًا أَوْ مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ أَوْ حَسَنَ الْخُلُقِ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ كَذَلِكَ وَمَا يَمْنَعُ التَّوْلِيَةَ ابْتِدَاءً يَمْنَعُهَا دَوَامًا إلَّا فَقْدَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ فَإِنَّ وِلَايَةَ حُكْمِهِ بَاقِيَةٌ فِيهِ وَيَتَعَيَّنُ عَزْلُهُ مَعَ مَرَضٍ يَمْنَعُهُ الْقَضَاءَ

_ قوله: (مجتهدًا) أي: أو مقلِّدًا على ما اختاره في «الإفصاح» و «الرعاية» وفي «الإنصاف» قلت: وعليه العمل من مدةٍ طويلةٍ، وإلا لتعطلت أحكام الناس. انتهى. قوله: (للضرورة) بأن لم يوجد مجتهد مطلق. قوله: (في ذلك) أي: كونه لفظ إمامه، وكونه المتأخر؛ لأنهم أدرى به. قوله: (أو مثبتاً) أي: قائلاً به. قوله: (ابتداءً) كالجنون، والفسق، والصممِ، والعمى.

وَيَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى عَبْدٌ إمَارَةَ سَرِيَّةٍ وَقَسْمَ صَدَقَةٍ وفَيْءٍ وَإِمَامَةَ صَلَاةٍ وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ والسُّنَّةِ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُبَيَّنَ وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ وَالْعَامَّ وَالْخَاصَّ وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ وَالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَحِيحَ السُّنَّةِ وَسَقِيمُهَا ومُتَوَاتِرَهَا وآحَادَهَا ومُسْنَدَهَا والْمُنْقَطِعَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ والْمُجْمَعَ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفَ فِيهِ والْقِيَاسَ وشُرُوطَهُ وكَيْفَ يَسْتَنْبِطُ والْعَرَبِيَّةَ الْمُتَدَاوَلَةَ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمَا يُوَالِيهِمْ فَمَنْ عَرَفَ أَكْثَرَ ذَلِكَ فَقَدْ صَلَحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ فصل وإن حكم اثْنَانِ بَيْنَهُمَا صَالِحًا لِلْقَضَاءِ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي كُلِّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ حُكْمُ مَنْ وَلَّاهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ لَكِنْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْحُكْمِ

_ قوله: (والعام) أي: اللفظ الدال على شيئين فصاعدًا مطلقاً معًا. (والخاص) يقابله. (والمطلق): الدالُّ على شيءٍ معين باعتبار حقيقته، شائع في جنسه، وهو النكرة.

باب أدب القاضي

باب أدب القاضي وَهُوَ أَخْلَاقُهُ الَّتِي يَنْبَغِي التَّخَلُّقُ بِهَا وَالْخُلُقُ صُورَتُهُ الْبَاطِنَةُ يُسَنُّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ حَلِيمًا مُتَأَنِّيًا مُتَفَطِّنًا عَفِيفًا بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ وسُؤَالُهُ إنْ وَلِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ عَنْ عُلَمَائِهِ وعُدُولِهِ وَإعْلَامُهُمْ يَوْمَ دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِتَلَقِّيهِ ودُخُولُهُ يَوْمَ اثْنَيْنِ أَوْ خَمِيسٍ أَوْ سَبْتٍ ضَحْوَةً لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ وَكَذَا أَصْحَابُهُ وَلَا يَتَطَيَّرُ وَإِنْ تَفَاءَلَ فَحَسَنٌ فَيَأْتِي الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلًا وَيَأْمُرُ بِعَهْدِهِ فَيُقْرَأُ عَلَى النَّاسِ ووَيُقِلُّ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَمْضِي إلَى مَنْزِلِهِ وَيُنْفِذُ لِيَتَسَلَّمَ دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ كَانَ قَاضِيًا قَبْلَهُ وَيَأْمُرُ كَاتِبًا ثِقَةً يُثْبِتُ مَا تَسَلَّمَهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الْوَعْدِ بِأَعْدَلِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ غَضْبَانَ وَلَا جَائِعٍ وَلَا حَاقِنٍ

_ قوله: (وينفذ) أي: يبعث.

وَلَا مَهْمُومٍ بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْفَهْمِ فَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَلَوْ صَبِيًّا ثُمَّ عَلَى مَنْ بِمَجْلِسِهِ وَيُصَلِّي إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ تَحِيَّتَهُ وَإِلَّا خُيِّرَ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَدْعُو بِالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ مُسْتَعِينًا مُتَوَكِّلًا وَيَدْعُو سِرًّا وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَأَذَّى فِيهِ بِشَيْءٍ فَسِيحًا كَجَامِعٍ وَيَصُونُهُ عَمَّا يُكْرَهُ فِيهِ وَكَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَسْطَ الْبَلَدِ إنْ أَمْكَنَ وَلَا يَتَّخِذُ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا بِلَا عُذْرٍ إلَّا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ شَاءَ وَيُعْرَضُ الْقَصَصُ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ سَابِقٍ لَا فِي أَكْثَرَ مِنْ حُكُومَةٍ وَيُقْرِعُ إنْ حَضَرُوا دَفْعَةً وَتَشَاحُّوا وعَلَيْهِ الْعَدْلُ بَيْنَ مُتَحَاكِمَيْنِ فِي لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَدُخُولٍ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَيَرُدُّ وَلَا يَنْتَظِرُ سَلَامَ الثَّانِي وَإِلَّا الْمُسْلِمُ مَعَ كَافِرٍ فَيُقَدَّمُ دُخُولًا وَيُرْفَعُ جُلُوسًا وَلَا يُكْرَهُ قِيَامُهُ لِلْخَصْمَيْنِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُسَارَّ أَحَدَهُمَا أَوْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةً أَوْ يُضَيِّفَهُ أَوْ يُعَلِّمَهُ كَيْفَ يَدَّعِي إلَّا أَنْ يَتْرُكَ مَا يَلْزَمُ

_ قوله: (ولا يتخذ حاجبًا) أي: في مجلس الحكم.

ذِكْرُهُ كَشَرْطِ عَقْدٍ وسبب ونَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَزِنَ ويَشْفَعَ لَهُ لِيَضَعَ عَنْ خَصْمِهِ شَيْئًا أَوْ لِيُنْظِرَهُ وأَنْ يُؤَدِّبَ خَصْمًا افْتَاتَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُثْبِتْهُ بِبَيِّنَةٍ وأَنْ يَنْتَهِرَهُ إذَا الْتَوَى وَيُسَنُّ أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءَ الْمَذَاهِبِ وَمُشَاوَرَتُهُمْ فِيمَا يَشْكُلُ فَإِنْ اتَّضَحَ وَإِلَّا أَخَّرَهُ فَلَوْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَصَابَ الْحَقَّ وَيَحْرُمُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ أَعْلَمَ والْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَان كَثِيرًا أَوْ حَاقِنٌ أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ مَلَلٍ أَوْ كَسَلٍ أَوْ نُعَاسٍ أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ وَإِنْ خَالَفَ فَأَصَابَ الْحَقَّ نَفَذَ وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضَاءُ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ غَلَطٌ يُقَرُّ عَلَيْهِ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا فِي حُكْمٍ وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً وَكَذَا هَدِيَّةٍ إلَّا مِمَّنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكُومَةٌ فَيُبَاحُ كَلِمُفْتٍ وَرَدُّهَا أَوْلَى فَإِنْ خَالَفَ

_

رُدَّتَا لِمُعْطٍ. وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ إلَّا بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَالٍ أَنْ يَتَّجِرَ وَتُسَنُّ لَهُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشَهَادَةُ الْجَنَائِزِ وَتَوْدِيعُ غَازٍ وَحَاجٍّ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ وَهُوَ فِي دَعَوَاتِ كَغَيْرِهِ وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ وَيُوصِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ بِبَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ وَقِلَّةِ الطَّمَعِ وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ وَيُبَاحُ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَيُسَنُّ كَوْنُهُ حَافِظًا عَالِمًا وَيَجْلِسُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ، وَهُوَ مَا يَجْمَعُ فِيهِ الْقَضَايَا مَخْتُومًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُسَنُّ حُكْمُهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ وَلَا يَصِحُّ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى عَدُوِّهِ بَلْ يُفْتِي عَلَى عَدُوِّهِ وَلَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ

_ قوله: (رُدَّتا لمعطٍ) أي: الرشوةُ والهديةُ.

وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُمْ كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِمْ بِشَهَادَتِهِمْ وعَلَيْهِمْ فصل ويسن أن يبدأ بالمحبوسين فَيُنْفِذَ ثِقَةً يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ ومَنْ حَبَسَهُمْ وَفِيمَ ذَلِكَ ثُمَّ يُنَادِي فِي الْبَلَدِ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمْ فَإِذَا جَلَسَ لمِوَعْدِهِ فَمَنْ حَضَرَ لَهُ خَصْمٌ نَظَرَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ حُبِسَ لِتُعَدَّلَ الْبَيِّنَةُ فَإِعَادَتُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَبْسِهِ فِي ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ خَصْمِهِ فِي أَنَّهُ حَبَسَهُ بَعْدَ تَكْمِيلِ بَيِّنَتِهِ وتَعْدِيلِهَا وَإِنْ ذَكَرَ حَبَسَهُ بِقِيمَةِ كَلْبٍ أَوْ خَمْرِ ذِمِّيٍّ وَصَدَّقَهُ غَرِيمٌ خَلَّي

_ قوله: (استخلافهم) أي: استنابة ولده، ووالدِه، ونحوِهما. قوله: (بالمحبوسين) أي: بالنظر في أمرهم؛ لأن الحبس عذاب. قوله: (فينقذ) أي: يمضي. قوله: (فمن حضر له خصم ... إلخ) أي: فينظر ابتداء في رقاع المحبوسين، فتخرجُ رقعةٌ منها، ويقال: هذه رقعة فلان، فمن خصمه؟ فيمن حضر له ... إلخ. قوله: (فإعادته) أي: فجواز إعادته إلى الحبس مبنية ... إلخ. قوله: (في ذلك) والأصح: حبسه إن كان في غير حد، فيعاد للحبس. «شرح». قوله: (قولُ خصمه) أي: خصمِه المحبوس. قوله: (بقيمة كلبٍ) أي: في اعتقاد المدعي، وإلا فالكلب لا قيمة له شرعًا. محمد الخلوتي.

وَإِنْ بَانَ حَبْسُهُ فِي تُهْمَةٍ أَوْ تَعْزِيرٍ كَافْتِيَاتٍ عَلَى الْقَاضِي قَبْلَهُ وَنَحْوَهُ خَلَّاهُ أَوْ أَبْقَاهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى فَإِطْلَاقُهُ وَإِذْنُهُ وَلَوْ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ ونَفَقَةٍ لِيَرْجِعَ ووَضْعِ مِيزَابٍ وبِنَاءٍ وفِي غَيْرِهِ وَأَمْرُهُ بِإِرَاقَةِ نَبِيذٍ وَقُرْعَتُهُ حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ إنْ كَانَ وَكَذَا نَوْعٌ مِنْ فِعْلِهِ كَتَزْوِيجِهِ يَتِيمَةً وَشِرَاءِ عَيْنٍ غَائِبَةٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَحُكْمُهُ بِشَيْءٍ حُكْمٌ بِلَازِمِهِ وَإِقْرَارُهُ غَيْرَهُ

_ قوله: (أو تعزيرٍ) هذا من ظرفية العام للخاص، فإن التعزير يكون بالحبس وغيره، فهو عامٌّ، والحبس خاص. محمد الخلوتي. قوله: (قبله) أي: الكائن، فـ (قبله) صفة. قوله: (ونحوِه) أي: ككونه غائبًا. قوله: (بقدر ما يرى) أي: لأن التعزير مفوض إلى رأيه. «شرح». ويؤخذ منه أن قوله (أو أبقاه) خاصٌّ بمسألة التعزير، لا أنَّه راجع أيضاً إلى التهمة. قوله: (ليرجع) أي: قاضي الدين. قوله: (وبناء) أي: من نحو جناح، وساباط، فيمنع الضمان. قوله: (غائبةٍ) أي: موصوفةٍ بما يكفي في سلم لقضاء دين نحو غائبٍ وممتنعٍ. قوله: (بلا ولي) أي: حيث رآه. «شرح». قوله: (وحكمه بشيء) أي: كبيع عبدٍ أعتقه من أحاط الدين بماله. قوله: (بلازمه) وهو بطلان العتق في المثال المذكور. قوله: (وإقراره) مكلَّفًا. «شرح».

عَلَى فِعْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَثُبُوتِ شَيْءٍ عِنْدَهُ لَيْسَ حُكْمًا بِهِ وَتَنْفِيذُ الْحُكْمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَمَلٌ بِالْحُكْمِ وَإِجَازَةٌ لَهُ وَإِمْضَاءٌ كَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةَ وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ قَطْعًا وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ حُكْمٌ بِمُوجَبِ الدَّعْوَى الثَّابِتَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالدَّعْوَى الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ لْمُدَّعَى بِهِ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْمُوجَبِ حُكْمٌ بِالصِّحَّةِ وغَيْرُ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْمُوجَبِ لَيْسَ حُكْمًا بِهَا.

_ قوله: (مختلف فيه) أي: في صحَّته أو حله، ليس حكمًا بصحته، أو حله. قوله: (وثبوت شيء) أي: كوقف، وبيعٍ، وإجارة. قوله: (ليس حكمًا به) بخلاف إثبات صفة، كعدالة وأهلية وصيَّة، فهو حكم كما يأتي. وكذا ثبوت سبب المطالبة، كفرضه مهر مثل، أو نفقة، أو أجرة كما تقدم. قوله: (المنفذ) قاله ابن نصر الله. قوله: (الملك) اي: للبائع. قوله: (أو غيرها) أي: كالإقرار والنكول. «شرح». قوله. قوله: (حكم بالصحة) أي: فيستلزم ثبوت الملك، أو الإذن للبائع، ونحوه.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَسْتَدْعِي صِحَّةَ الصِّيغَةِ وَأَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ وَيَزِيدُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ كَوْنُهُ تَصَرُّفُهُ فِي مَحَلِّهِ وَقَالَهُ أَيْضًا الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ هُوَ الْأَثَرُ الَّذِي يُوجِبُهُ اللَّفْظُ وبِالصِّحَّةِ كَوْنُ اللَّفْظِ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَثَرُ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ لِشُرُوطٍ وَالْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهِ كَالْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ لَا يَشْمَلُ الْفَسَادَ انْتَهَى الْمُنَقَّحُ: وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالُوا الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ خَصْمَهُ وَأَنْكَرَهُ نُودِيَ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ خَلَّفَهُ حَاكِمٌ وَخَلَّاهُ وَمَعَ غَيْبَةِ خَصْمِهِ يَبْعَثُ إلَيْهِ وَمَعَ جَهْلِهِ أَوْ تَأَخُّرِهِ بِلَا عُذْرٍ يُخَلَّى وَالْأَوْلَى بِكَفِيلٍ

_ قوله: (صحة الصيغة) أي: الإيجاب والقبول. قوله: (هو الأثر) أي: الحكم بالأثر. قوله: (بلا عذر) قال منصور البهوتي قلت: ولعله إن لم يعلم حبسه بدينٍ شرعيٍّ، وإلا لم يجز إطلاقه إلا إذا أدى أو ثبتَ إعسارُه. كما في باب الحجر.

فصل ثم فِي أَمْرِ أَيْتَامٍ وَمَجَانِينَ وَوُقُوفٍ وَوَصَايَا لَا وَلِيَّ لَهُمْ وَلَا نَاظِرَ فَلَوْ نَفَّذَ الْأَوَّلُ وَصِيَّةَ مُوصًى إلَيْهِ أَمْضَاهَا الثَّانِي فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ صِفَةً كَعَدَالَةِ وَجَرْحِ وَأَهْلِيَّةِ مُوصًى إلَيْهِ وَنَحْوَهُ حُكْمٌ يَقْبَلُهُ حَاكِمٌ وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَنَاءِ الْحَاكِمِ لِلْأَطْفَالِ أَوْ الْوَصَايَا الَّتِي لَا وَصِيَّ لَهَا وَنَحْوِهِ بِحَالِهِ أَقَرَّهُ وَمَنْ فَسَقَ عَزَلَهُ وَيُضَمُّ إلَى ضَعِيفٍ أَمِينًا وَلَهُ إبْدَالُهُ والنَّظَرُ فِي حَالِ قَاضٍ قَبْلَهُ وَلَا يَجِبُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَنْقُضَ مِنْ حُكْمِ صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ غَيْرَ مَا خَالَفَ نَصَّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ، أَوْ آحَادٍ كَبِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وجَعْلِ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ

_ قوله: (ثم في أمر أيتام) أي: إذا تم أمر المحبوسين، ينظر ... قوله: (لا ولي لهم) أي: الأيتام والمجانين. قوله: (ولا ناظر) أي: للوقف والوصية. قوله: (ونحوه) كأهلية ناظر وقفٍ وحضانة. قوله: (ونحوه) كالأوقاف التي لا شرط فيها. قوله: (ويحرم) والظاهر: لا يصحُّ.

أَوْ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا أَوْ مَا يَعْتَقِدُهُ فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمٌ بِتَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا وَلَا لِمُخَالَفَةِ قِيَاسٍ وَلَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا إنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةِ خَارِجٍ أَوْ دَاخِلٍ وَجَهِلَ عِلْمَهُ تُقَابِلُهَا وَمَا قُلْنَا إنَّهُ يُنْقَضُ فَالنَّاقِضُ لَهُ حَاكِمُهُ إنْ كَانَ فَيَثْبُتُ السَّبَبُ وَيَنْقُضُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ طَلَبُ رَبِّ الْحَقِّ وَيَنْقُضُهُ إنْ بَانَ مِمَّنْ شَهِدَ عِنْدَهُ مَا لَا يَرَى مَعَهُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ وَكَذَا كُلُّ مَا صَادَفَ مَا حَكَمَ بِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَتُنْقَضُ أَحْكَامُ مَنْ لَا يَصْلُحُ وَإِنْ وَافَقَتْ الصَّوَابَ فصل ومن استعداه عَلَى خَصْمِ بالْبَلَدِ بِمَا تَتْبَعُهُ التُّهْمَةُ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَلَوْ لَمْ يُحَرِّرْ الدَّعْوَى

_ قوله: (أو ما يعتقده) حيث كان مجهتدًا، وإلا فتقدم أن المقلد يتبع كبار مذهبه فيما يحكم به، ولو اعتقد خلافه. قوله: (وكذا كل ما) أي: شيء مختلف فيه مانعٍ من صحَّة ما حكم بصحَّته.

وَمَنْ طَلَبَهُ خَصْمُهُ أَوْ حَاكِمٌ حَيْثُ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ لَزِمَهُ الْحُضُورُ وَإِلَّا أَعْلَمَ الْوَلِيَّ بِهِ وَمَنْ حَضَرَ فَلَهُ تَأْدِيبُهُ بِمَا يَرَاهُ وَيُعْتَبَرُ تَحْرِيرُهَا عَلَى حَاكِمٍ مَعْزُولٍ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ ثُمَّ يُرَاسِلُهُ فَإِنَّ خَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ وَإِلَّا أَحْضَرَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ لِإِحْضَارِ مَنْ تَبْرُزُ لِحَوَائِجِهَا مَحْرَمٌ وَغَيْرُ الْبَرْزَةِ تُوَكِّلُ كَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ يَمِينٌ أَرْسَلَ مَنْ يُحَلِّفُهَا وَمَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ بِمُوَسَّعٍ لَا حَاكِمَ بِهِ بَعَثَإلَى مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ حَرَّرَ دَعْوَاهُ ثُمَّ أَحْضَرَهُ بِعَمَلِهِ وَمَنْ ادَّعَى قِبَلَ إنْسَانٍ شَهَادَةً لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْلِفْ وَمَنْ قَالَ لِحَاكِمٍ: حَكَمْتَ عَلَيَّ فَاسِقَيْنِ عَمْدًا فَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ

_

وَإِنْ قَالَ مَعْزُولٌ عَدْلٌ حَكَمْتُ فِي وِلَايَتِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ مِمَّنْ يَسُوغُ الْحُكْمُ لَهُ قُبِلَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ وَلَوْ أَنَّ الْعَادَةَ تَسْتَحِيلُ أَحْكَامَهُ وَضَبْطَهَا بِشُهُودٍ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى إبْطَالِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَحَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ فَإِنْ أَخْبَرَ حَاكِمٌ حَاكِمًا بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتٍ، وَلَوْؤ فِي غَيْرِ عَمَلِهِمَا قَبِلَ وَعَمِلَ بِهِ إذَا بَلَغَ عَمَلَهُ لَا مَعَ حُضُورِ الْمُخْبِرِ وَهُمَا بِعَمَلِهِمَا بِالثُّبُوتِ وَكَذَا إخْبَارُ أَمِيرِ جِهَادٍ وَأَمِينِ صَدَقَةٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ

_

باب طريق الحكم وصفته

باب طريق الحكم وصفته طَرِيقُ كُلِّ شَيْءٍ مَا تُوَصِّل بِهِ إلَيْهِ وَالْحُكْمُ الْفَصْلُ إذَا حَضَرَ إلَيْهِ خَصْمَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يُبْدَأَ وأَنْ يَقُولَ: أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى قَدَّمَهُ ثُمَّ مَنْ قُرِعَ فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ ادَّعَى الْآخَرُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ وَلَا حِسْبَةٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَعِبَادَةٍ وَحَدِّ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَنَحْوِهِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَبِعِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَ مَعْتُوقٌ وبِحَقٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ

_ قوله: (أيُّكما المدَّعي) أي: لأنَّه لا تخصيص فيه لأحدهما. قوله: (مقلوبةٌ) نحو: أدعي على هذا أنه لا حقَّ له عليَّ. سميت مقلوبة؛ لأن المدعي فيها يطلب أن يعطي المدعى عليه. والمدعى في غيرها يطلب أن يأخذ من المدعى عليه، فانقلب فيها القصد المعتاد. قوله: (وحد) أي: حد زنا أو شرب. قوله: (وبعتق) أي: وطلاق. قوله: (معتوق) كان الأولى معتق؛ لأن أعتقه أفصح من عتقه. قوله: (وبحق) أي: وتسمع بينةٌ بلا دعوى.

كَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى خَصْمٍ وبِوَكَالَةٍ إِسْنَادٍ بِوَصِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وبِحَقِّ مُعَيَّنٍ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ يَمِينُهُ إلَّا بَعْدَهَا وَبَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ إنْ كَانَ وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا سَمَاعَهَا لِحِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ بِلَا خَصْمٍ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخَصْمٍ مُسَخَّرٍ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَعَلَى أَصْلِنَا وأَصْلِ مَالِكٍ إمَّا أَنْ تَثْبُتَ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَإِمَّا أَنْ يَسْمَعَهَا وَيَحْكُمَ بِلَا خَصْمٍ وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، والشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ فِي مَوَاضِعَ ; لِأَنَّا نَسْمَعُهَا عَلَى غَائِبٍ وَمُمْتَنِعٍ نَحْوِهِ فمَعَ عَدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى

_ قوله: (على خصم) أي: في جهة ذلك. قوله: (حضور خصم) أي: ولو كان بالبلد. قوله: (ولا يمينه) أي: المدعي مع شاهده. قوله: (إن كان) أي: فيما يقبل فيه ذلك. قوله: (سماعمها) اي: الدعوى والبينة. قوله: (مسخر) أي: ينصب، لينازع صورة. قوله: (وعلى أصلنا) أي: قاعدتنا. قوله: (ونحوه) كميِّت.

فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ مَثَلًا قَبَضَ لْمَبِيعَ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ لَا يَدَّعِي وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ الْحُكْمُ لِخَوْفِ خَصْمٍ وَحَاجَةِ النَّاسِ خُصُوصًا فِيمَا فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ خِلَافٌ لِرَفْعِهِ الْمُقْنِعُ: وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوِيٌّ فصل وتصح بالقليل وَيُشْتَرَطُ تَحْرِيرُهَا «إنَّمَا أَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ» فَلَوْ كَانَتْ بِدَيْنٍ عَلَى مَيْتٍ ذَكَرَ مَوْتَهُ وَحَرَّرَ الدَّيْنَ والتَّرِكَةَ وَكَوْنُهَا مَعْلُومَةً إلَّا فِي وَصِيَّةٍ وإقْرَارٍ وخُلْعٍ عَلَى مَجْهُولٍ فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ عَنْ دَعْوَى بِوَرَقَةٍ ادَّعَى بِمَا فِيهَا

_ قوله: (لخوف خصمٍ) أي: مستقبلاً. قوله: (وهو قوي) قال منصور البهوتي: قلت: ولا ينقض الحكم كذلك، وإن كان الأصح خلافه؛ لما تقدم: أنه لا ينقض إلا ما خالف نصَّ كتابٍ، أو سنةٍ، أو إجماعًا. قوله: (وتصح بالقليل) أي: ولو لم تبعه الهمَّة، بخلاف الاستعداء للمشقة. قوله: (تحريرها) أي: تحرير العلم به - المدَّعي - ليكونَ الحكم على معلوم. قوله: (وحرَّر الدين) أي: بذكر جنسِه، ونوعه، وقدره. قوله: (والتركة) ويقبل قولُ وراثٍ في عدمِها بيمينِه، ويكفيه أن يحلف: أنه ما وصله من التركة شيء. قوله: (معلومة) أي: بشيء معلومٍ.

مُصَرَّحًا بِهَا، فَلَا يَكْفِي لِي عِنْدَهُ كَذَا حَتَّى يَقُولَ: وَأَنَا مُطَالِبٌ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِكَذَا، وَلَوْ مَجْهُولًا، حَتَّى يَقُولَ وَأُطَالِبُهُ بِهِ أَوْ بِمَا يُفَسِّرُهُ بِهِ مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِّ فَلَا تَصِحُّ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ وَتَصِحُّ بِتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَاسْتِيلَادٍ مُنْفَكَّةً عَمَّا يُكَذِّبُهَا، فَلَا تَصِحُّ بِأَنَّهُ قَتَلَ أَوْ سَرَقَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَسَنَةٌ دُونَهَا وَنَحْوُهُ لَا ذِكْرُ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ مُدَّعًى بِهِ بِالْمَجْلِسِ وإحْضَارُ عَيْنٍ بِالْبَلَدِ لِتُعَيَّنَ وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّ بِيَدِهِ مِثْلَهَا وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا بِيَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ، حُبِسَ حَتَّى يُحْضِرَهَا أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفَهَا فَيُصَدَّقَ لِلضَّرُورَةِ وَتَكْفِي الْقِيمَةُ

_ قوله: (واستيلاد) لأن نفس المدعى به حال، وإن تأخر أثره. قوله: (ويعتبر تعيين ... إلخ) كأن هذا من تتمة بيان الشرطِ الأوَّل، لا أنه زائد على ما تقدم. قوله: (أو نكول) أي: نكولٍ عن يمين: أن مثلها ليس بيده. قوله: (للضرورة) لأنَّه لا يعلم إلا من جهته. قوله: (القيمة) أي: بأن يقول

وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ أَوْ تَالِفَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ غَيْرَ مِثْلِيَّةٍ وَصَفَهَا كَسَلَمٍ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهَا أَيْضًا وَيَكْفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وقِيمَةِ جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ وشُهْرَةُ عَقَارٍ عِنْدَهُمَا وحَاكِمٍ عَنْ تَحْدِيدِهِ وَلَوْ قَالَ أُطَالِبُهُ بِثَوْبٍ غَصَبَنِيهِ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإلَّا فَقِيمَتُهُ أَوْ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَخَذَهُ مِنِّي لِيَبِيعَهُ بِعِشْرِينَ وَأَبَى رَدَّهُ وَإِعْطَاءَ ثَمَنِهِ فَيُعْطِينِيهَا إنْ كَانَ بَاعَهُ أَوْ الثَّوْبَ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ تَلِفَ صَحَّ ذَلِكَ اصْطِلَاحًا وَمَنْ ادَّعَى عَقْدًا، وَلَوْ غَيْرَ نِكَاحٍ ذَكَرَ شُرُوطَهُ لَا إنْ ادَّعَى سْتِدَامَةَ الزَّوْجِيَّةِ وَيَجْزِي عَنْ تَعْيِينِ الْمَرْأَةِ إنْ غَابَتْ ذِكْرُ اسْمِهَا وَنَسَبِهَا، وَإِنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَادَّعَتْ مَعَهُ نَفَقَةً أَوْ مَهْرًا وَنَحْوَهُمَا سُمِعَتْ دَعْوَاهَا وَإِلَّا فَلَا وَمَتَى جَحَدَ الزَّوْجِيَّةَ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، لَمْ تَطْلُقْ وَمَنْ ادَّعَى قَتْلَ مُوَرِّثِهِ ذَكَرَ الْمُدَّعِي الْقَتْلَ وَكَوْنُهُ عَمْدًا أَوْ شِبْهَهُ أَوْ خَطَأً

_ مدع: قيمتُها كذا حيثُ تلفتْ. قوله: (اصطلاحاً) من القضاةِ مع ترديد الدعوى للحاجة.

وَيَصِفُهُ وأَنَّ الْقَاتِلَ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ أَوْ لَا وَلَوْ قَالَ قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَكَانَ حَيًّا أَوْ أَنَّهُ ضَرَبَهُ وَهُوَ حَيٌّ صَحَّ وَإِنْ ادَّعَى إرْثًا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَإِنْ ادَّعَى مُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ قَوَّمَهُ بالْآخَرِ وبِهِمَا فَبِأَيِّهِمَا شَاءَ لِلْحَاجَةِ فصل وإذا حررها فَلِلْحَاكِمِ سُؤَالُ خَصْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ سُؤَالَهُ فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِسُؤَالِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ بِأَنْ قَالَ لِمُدَّعٍ قَرْضًا أَوْ ثَمَنًا: مَا أَقْرَضَنِي أَوْ مَا بَاعَنِي أَوْ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ أَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ صَحَّ الْجَوَابُ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِسَبَبِ الْحَقِّ وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمَرَضِهَا أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ فِي الصِّحَّةِ ولِي عَلَيْك مِائَةٌ فَقَالَ لَيْسَ لَك مِائَةٌ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا كَيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ عَمَّا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ إلَّا جُزْءًا

_

وَمَنْ أَجَابَ مُدَّعِيَ اسْتِحْقَاقِ مَبِيعٍ بِقَوْلِهِ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ رُجُوعَهُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ كَمَا لَوْ أَجَابَ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ أَوْ اُنْتُزِعَ مِنْ يَدِهِ بِبَيِّنَةِ مِلْكٍ سَابِقٍ أَوْ مُطْلَقٍ وَلَوْ قَالَ لِمُدَّعٍ دِينَارًا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَبَّةً صَحَّ الْجَوَابُ، وَيَعُمُّ الْحَبَّاتِ مَا لَمْ يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ حَبَّةٍ مِنْ بَابِ الْفَحْوَى وَلِمُدَّعٍ أَنْ يَقُولَ: لِي بَيِّنَةٌ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَلَك بَيِّنَةٌ؟ فَإِنْ قَالَ مُدَّعٍ نَعَمْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت فَأَحْضِرْهَا فَإِذَا أَحْضَرَهَا لَمْ يَسْأَلْهَا وَلَمْ يُلَقِّنْهَا فَإِذَا شُهِدَتْ سَمِعَهَا وَحَرُمَ تَرْدِيدُهَا، وَيُكْرَهُ تَعَنُّتُهَا وَانْتِهَارُهَا وَلَا قَوْلُهُ لِمُدَّعًى عَلَيْهِ أَلَك فِيهَا دَافِعٌ أَوْ مَطْعَنٌ؟

_ قوله: (ملكٍ سابقٍ) أي: سابق على شرائه. «شرح». قوله: (من باب الفحوى) أي: الظاهر من عرضِ الكلام. قوله: (تعنتها) قال في «المصباح»: تعنته: أدخل عليه الأذى. وقوله: (انتهارها) أي: زجرها، من النهر، وبابُه: نَفَع، والزجرُ: المنعُ، وبابه: قَتَل، قاله في «المصباح».

فَإِنْ اتَّضَحَ الْحُكْمُ وَكَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ وَسَأَلَهُ لَزِمَهُ وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ مَعَ عِلْمِهِ بِضِدِّهِ أَوْ مَعَ لَبْسٍ قَبْلَ الْبَيَانِ وَيَحْرُمُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُ حَكَمْت بِكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ وَلَهُ الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ غَيْرُهُ لَا بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَدٍّ إلَّا عَلَىر مَرْجُوحَةٍ الْمُنَقَّحُ: وَقَرِيبٌ مِنْهَا الْعَمَلُ بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ، بِأَنْ يُوَلِّيَ الشَّاهِدَ الْبَاقِي الْقَضَاءَ لِلْعُذْرِؤ وَقَدْ عَمِلَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ حُكَّامِنَا وَأَعْظَمُهُمْ الشَّارِحُ وَيَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَةِ بَيِّنَةٍ وَجَرْحِهَا وَمَنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ اسْتَشْهَدَهَا الْحَاكِمُ وَقَالَ زِدْنِي شُهُودًا

_ قوله: (ولم يذكر مستندَه) قال منصورٌ البهوتيُّ: ومثلُه الفتيا. محمد الخلوتي. قوله: (الشاهدُ الباقي) أي: بعد موت رفيقه. «شرح».

فصل ويعتبر في البينة العدالة ظاهرا وكذا باطنا لا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وفِي مُزَكُّونً مَعْرِفَةُ حَاكِمٍ خِبْرَتَهُمَا الْبَاطِنَةَ بِصُحْبَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا ومَعْرِفَتُهُمْ كَذَلِكَ لِمَنْ يُزَكُّونَ وَيَكْفِي أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ وَبَيِّنَةٌ بِجَرْحٍ مُقَدَّمَةٌ وَتَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ أَوْ تَصْدِيقُهُ لِلشَّاهِدِ تَعْدِيلٌ لَهُ وَلَا تَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِ مُزَكٍّ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ فِي شَهَادَتِهِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَقَطْ، وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْهَا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَمَتَى ارْتَابَ مِنْ عَدْلَيْنِ لَمْ يَخْتَبِرْ قُوَّةَ ضَبْطِهِمَا ودِينِهِمَا لَزِمَهُ الْبَحْثُ بِسُؤَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا عَنْ كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ وَمَتَى وَأَيْنَ وهَلْ تَحَمَّلَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صَاحِبِهِ؟ فَإِنْ اتَّفَقَا وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا فَإِنَّ ثَبَتَا حَكَمَ وَإِلَّا لَمْ يَقْبَلْهُمَا

_ قوله: (أنه عدل) أي: ويكفي في تزكية غلبة الظن، بخلاف جرح، فإنه لا يجرح إلا بما رآه، أو سمعه منه، أو استفاض عنه. قوله: (مع طول المدة) قال في «شرحه»: والظاهر: أن طول المدة هو ما يمكن أن يتغير فيها حال الإنسان عادة. انتهى. وذلك كسنةٍ فأكثر.

وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَسَأَلَ حَبْسَ خَصْمِهِ أَوْ كَفِيلًا بِهِ فِي غَيْرِ حَدٍّ أَوْ جَعْلَ مُدَّعًى بِهِ بِيَدِ عَدْلٍ حَتَّى تُزَكَّى أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمَالٍ وَسَأَلَ حَبْسَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْآخَرَ أُجِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا إنْ أَقَامَهُ بِغَيْرِ مَالٍ فَإِنْ جَرَحَهَا الْخَصْمُ أَوْ أَرَادَ جَرْحَهَا كُلِّفَ بِهِ بَيِّنَةً وَيُنْظَرُ لِجَرْحٍ وَإِرَادَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُلَازِمُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ أَتَى بِهَا وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ وَلَا يُسْمَعُ جَرْحٌ لَمْ يُبَيَّنْ سَبَبُهُ بِذِكْرِ قَادِحٍ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ اسْتِفَاضَةٍ وَيُعَرِّضُ جَارِحٌ بِزِنًا فَإِنْ صَرَّحَ وَلَمْ تَكْمُلْ بَيِّنَتُهُ حُدَّ وَإِنْ جَهِلَ حَاكِمٌ لِسَانَ خَصْمٍ تَرْجَمَ لَهُ مَنْ يَعْرِفُهُ وَلَا يُقْبَلُ فِي تَرْجَمَةٍ وجَرْحٍ وتَعْدِيلٍ ورِسَالَةٍ وتَعْرِيفٍ عِنْدَ حَاكِمٍ فِي زِنًا إلَّا أَرْبَعَةُ وفِي غَيْرِ مَالٍ إلَّا رَجُلَانِ وفِي مَالٍ إلَّا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ; وَذَلِكَ شَهَادَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَنْ رَتَّبَهُ حَاكِمٌ يَسْأَلُ

_ قوله: (ورسالةٍ) أي: بعث من يرسله الحاكم يبحث عن حال الشهود، أو بعث القاضي في تحليف نحو مريض أو مخدرة.

سِرًّا عَنْ الشُّهُودِ لِتَزْكِيَةٍ أَوْ جَرْحٍ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ وَتَجِبُ الْمُشَافَهَةُ وَمَنْ نُصِبَ لِلْحُكْمِ فِي جَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاكِمٌ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ أَخْبَرَ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ فصل وإن قال المدعي مالي بينة فقول منكر بيمينه إلا النبي صلى الله عليه وسلم إذا ادعى أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ فَيُعْلِمُهُ حَاكِمٌ بِذَلِكَ فَإِنْ سَأَلَ إحْلَافه وَلَوْ عُلِمَ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى حَقِّهِ، وَيُكْرَهُ أُحْلِفَ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ وخَلَّى وَتَحْرُمُ دَعْوَاهُ ثَانِيًا وَتَحْلِيفُهُ كَبَرِيءٍ

_ قوله: (وتجب المشافهة) أي: فلا يكفي الخطُّ. قوله: (قنع) أي: رضي، وأما بالفتح فمعناه: سأل. قوله: (عنده) أي: المنصوب لذلك. قوله: (بلا يمين) لعصمته. قوله: (فيعلمه) أي: يعلم الحاكم المدعي؛ بأن القول قول المنكر بيمينه. قوله: (عدم قدرته) أي: المنكر على أداء ما عليه. قوله: (على صفة جوابه) لا على صفة الدعوى.

وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينِ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ سُؤَالِ مُدَّعٍ طَوْعًا وَلَا يَصِلُهَا بِاسْتِثْنَاءٍ وَتَحْرُمُ تَوْرِيَةٌ وتَأْوِيلٌ إلَّا لِمَظْلُومٍ وحَلِفُ مُعْسِرٍ خَافَ حَبْسًا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ وَلَوْ نَوَى السَّاعَةَ ومَنْ عَلَيْهِ مُؤَجَّلٌ أَرَادَ غَرِيمُهُ مَنْعَهُ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يَحْلِفُ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ، لَا يَعْتَقِدُهُ نَصًّا وَحَمَلَهُ الْمُوَفَّقُ عَلَى الْوَرَعِ وَنُقِلَ عَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي وَتَوَقَّفَ فِيهَا فِيمَنْ عَامَلَ بِحِيلَةٍ كَعِينَةٍ

_ قوله: (وحلف معسر) أي: ويحرم حلف معسر ... إلخ. قوله: (خاف حبسًا) أي: أقرَّ بما عليه. قوله: (لا يعتقده ... إلخ) أي: لا يعتقده منكر حقًا، نحو: إن باعَ شافعيٌّ لحمَ متروك التسمية عمدًا لحنبلي بثمن في الذمة وطالبه به، فأنكر، مجيبًا بأنه: لا حقَّ لك عليَّ. قوله: (وحمله) أي: النص. قوله: (على الورع) أي: لا على التحريم. قوله: (وتوقَّف فيها) أي: في اليمين.

فلَوْ أُبْرِئَ مِنْهَا بَرِئَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، فَلَوْ جَدَّدَهَا وَطَلَبَ الْيَمِينَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَمَنْ فَلَمْ يَحْلِفْ قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: إنْ حَلَفْتَ وَإِلَّا قَضَيْتُ عَلَيْكَ بِالنُّكُولِ وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضَى عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ كَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ لَا كَإِقْرَارٍ وَلَا كَبَذْلٍ لَكِنْ لَا يُشَارِكُ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَى مَحْجُورٍ لِفَلَسٍ غُرَمَاءَهُ وَإِنْ قَالَ مُدَّعٍ لَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً ثُمَّ أَتَى بِهَا أَوْ قَالَ مُدَّعٍ عَدْلَانِ: نَحْنُ نَشْهَدُ لَك فَقَالَ: هَذِهِ بَيِّنَتِي سُمِعَتْ لَا إنْ قَالَ مَا لِي بَيِّنَةٌ ثُمَّ أَتَى بِهَا أَوْ قَالَ: كَذَبَ شُهُودِي أَوْ قَالَ كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ زُورٌ، وبَاطِلَةٌ أَوْ، فَلَا حَقَّ لِي فِيهَا وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ

_ قوله: (منها) أي: من اليمين في مطلق الدعوى، وليس راجعًا لخصوص ما اختلف فيه، ولعلَّه مفرَّع على ما فهم من قوله: (بسؤال مدَّع طوعاً) والله أعلم. قوله: (بشرطه) أي: بأن يسأله مدع الحكم. قوله: (ولا كبذل) أي: تبرعٍ، فلا يعتبر خروجه من الثلث. قوله: (ثم أتى بها) لأنَّه مكذب لها. قوله: (أو قال) أي: من قامت له بينةٌ. قوله: (بذلك) أي: لأنه لا يلزم من بطلان الدليل بطلان المدعى، فله تحليفُ المنكر، فإن نكل قضى

وَلَا تُرَدُّ بِذِكْرِ السَّبَبِ بَلْ بِذِكْرِ سَبَبٍ ذَكَرَ الْمُدَّعِي غَيْرَهُ وَمَعْنَى شَهِدَتْ بِغَيْرِ مُدَّعًى بِهِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لَهَا وَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا أَنَّهُ لَهُ الْآنَ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمْسِ أَوْ فِي يَدِهِ حَتَّى تُبَيِّنَ سَبَبَ يَدِ الثَّانِي نَحْوِ غَاصِبَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ كَانَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّ الْيَدِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَرَّ بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَالدَّعْوَى بِحَالِهَا وَإِنْ سَأَلَ إحْلَافَهُ وَلَا يُقِيمُهَا فَحَلَفَ كَانَ لَهُ إقَامَتُهَا وَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ يَمِينَهُ فَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً بِالْمَجْلِسِ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا إحْدَاهُمَا وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ

_ عليه، ولو قلنا ببطلان الدعوى، لم يكن له ذلك. قوله: (بذكر السبب) أي: الذي سكت عنه المدعي. قوله: (فهو مكذب لها) أي: ما لم يقل: أستحقُّ ماشهدتُ به وما ادعيته، وإنما ادعيت

وَإِنْ سَأَلَ مُلَازَمَتَهُ حَتَّى يُقِيمَهَا أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا فِيهِ صَرَفَهُ وَإِنْ سَأَلَهَا حَتَّى َفْرُغَ لَهُ الْحَاكِمُ مِنْ شُغْلِهِ مَعَ غَيْبَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ بُعْدِهَا أُجِيبَ وَإِنْ سَكَتَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ أَوْ لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ وَلَا بَيِّنَةَ قَالَ الْحَاكِمُ إنْ أَجَبْتَ وَإِلَّا جَعَلْتُكَ نَاكِلًا وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا بِرَهْنِ كَذَا لِي بِيَدِك أَجَبْتُكر أَوْ إنْ ادَّعَيْتَ هَذَا ثَمَنَ كَذَا بِعْتَنِيهِ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَنَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا حَقَّ عَلَيَّ

_ أحدهما، لأدعي الآخر وقتاً آخر، كما في «المستوعب». قوله: (في المجلس) أي: حيث أمكن إحضارها فيه. قوله: (وإن سكت ... إلخ) هذا عطف على قوله: (وإذا حرَّرها) فإن أقر، لم يحكم له إلا بسؤاله، وإن أنكر ... إلخ. والحاصل: أن للمدعى عليه أربعة أحوالٍ؛ لأنه إما: أن يقر، أو ينكر، أو يسكت، أو يقول: لا أقر، ولا أنكر، وما أشبه ذلك. فتدبر. قوله: (أجبت) أي: وإلا فلا حق عليَّ.

فَجَوَابٌ صَحِيحٌ لَا إنْ قَالَ لِي مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ وَإِنْ قَالَ لِي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ فِيهِ أَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّعْوَى بَيِّنَةُ قَضِيَّتِهِ أَوْ أَبْرَأَنِي وَلِي بَيِّنَةٌ بِهِ وَسَأَلَهُ الْإِنْظَارَ لَزِمَ إنْظَارُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ وَلَا يُنْظَرُ إنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ تَدْفَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ عَجَزَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ وَاسْتَحَقَّ فَإِنْ نَكِلَ حُكِمَ عَلَيْهِ وَصُرِفَ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَنْكَرَ سَبَبَ الْحَقِّ، فَأَمَّا إنْ أَنْكَرَهُ ثُمَّ ثَبَتَ فَادَّعَى قَضَاءً أَوْ إبْرَاءَ سَابِقًا عَلَى إنْكَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَإِنْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ كَانَتْ بِيَدِك أَوْ لَك أَمْسِ لَزِمَهُ إثْبَاتُ سَبَبِ زَوَالِ يَدِهِ

_ قوله: (به وسأل الإنظار) أنظر ثلاثة أيام، ويلازمه المدعي فيها به، أي: بما ادعاه من القضاء، أو الإبراء. قوله: (فإن عجز) مدعي نحو القضاء عن البينة مدة الإنظار. قوله: (وصُرِف. هذا: ) أي: المتقدم من الإنظار. قوله: (على إنكاره) لا متأخرًا عنه، فيُقبلُ بالبينة. قوله: (زوال يده) فإن عجز، خلف مدع على بقائه، وأخذها.

فصل ومن ادعى عليه عينا بيده فَأَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ مُكَلَّفٍ جُعِلَ الْخَصْمَ فِيهَا فَإِنْ نَكِلَ أُخِذَ مِنْهُ بَدَلُهَا ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَهُوَ كَأَحَدِ مُدَّعِيَيْنِ عَلَى ثَالِثٍ أَقَرَّ لَهُ الثَّالِثُ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنْ قَالَ لَيْسَتْ لِي، وَلَا أَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ أَوْ قَالَ: ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ، وَجُهِلَتْ لِمَنْ هِيَ سُلِّمَتْ لِمُدَّعٍ فَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ اقْتَرَعَا عَلَيْهَا وَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ الثَّالِثُ أَوْ عَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ وَلَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ

_ قوله: (على ما يأتي) أي: فيحلف المقر له، ويأخذها. «حاشية» قوله: (لمدع) وظاهره: بلا يمين. قوله: (اقترعا عليها) فمن قرع، حلف وأخذها. قوله: (ولو قبل ذلك) أي: قبل أن يَدَّعيها المقر لنفسه. «شرح».

وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِغَائِبٍ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَهِيَ لَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِمَنْ سَمَّاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا اُسْتُحْلِفَ فَإِنْ نَكِلَ غَرِمَ بَدَلَهَا لِمُدَّعٍ فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فبَدَلَانِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: عَرِّفْهُ وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا وَقَضَيْتُ عَلَيْك فَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَصْلٌ مَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ بِغَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ مُسْتَتِرٍ بِالْبَلَدِ

_ قوله: (على غائب) أي: عن البلدِ. قوله: (بغير عمله) وإلا أحضره؛ ليكون الحكم عليه مع حضوره. هكذا في «شرحه» وهو خلاف ما في «الإقناع» و «الاختيارات». قوله: (أو مستترٍ) المراد به: الممتنع عن الحضور.

أَوْ بدُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَحُكِمَ بِهَا لَا فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيُقْضَى فِي سَرِقَةٍ بِغُرْمٍ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ يَمِينٌ عَلَى بَقَاءِ حَقٍّ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ الْمُنَقَّحُ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ ا. هـ ثُمَّ إذَا كُلِّفَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَرَشَدَ أَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ ظَهَرَ الْمُسْتَتِرُ َ عَلَى حُجَّتِهِ فَإِنْ جَرَّحَ الْبَيِّنَةَ بِأَمْرٍ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا قُبِلَ وَالْغَائِبُ دُونَ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوًى وَلَا بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى

_ قاله في «الإنصاف». «حاشية». قوله: (وحكم بها) أي: بشرطهِ. قوله: (في سرقة) يعني: ثبتت على نحو غائب. قوله: (ولا يجب عليه) أي: على المحكوم له على نحو غائب. قوله: (ورشد) أي: بعد الحكم عليه، فعلى حجته. وإن حضر نحو غائب قبل الحكم، وقف على حضوره، ولا تجب إعادة البينة، بل يخبره الحاكم، ويمكنه من الجرح. قوله: (مطلقًا) أي: بأن جرحها، ولم يقل بعد أداء الشهادة ولا قبله. قوله: (دون ذلك) أي: المذكور من مسافة القصر.

يَحْضُرَ كَحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ فَيَسْمَعَهُمَا ثُمَّ إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَفَّاهُ مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي ; إنْ عَرَفْتَ لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي وَفَّيْتُك مِنْهُ وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ لَا يَصِحُّ إلَّا تَبَعًا كَمَنْ ادَّعَى مَوْتَ أَبِيهِ عَنْهُ وَعَنْ أَخٍ لَهُ غَائِبٍ أَوْ غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَهُ عِنْدَ فُلَانٍ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ فَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَخَذَ الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ والْحَاكِمُ نَصِيبَ الْآخَرَ وَكَالْحُكْمِ بِوَقْفٍ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ تَبَعًا وَكَإِثْبَاتِ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الْوَكَالَةَ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ فَتَثْبُتُ لَهُ تَبَعًا وَسُؤَالُ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ الْحَجْرَ كَالْكُلِّ فَالْقَضِيَّةُ الْوَاحِدَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى عَدَدٍ أَوْ أَعْيَانٍ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْمُشَرَّكَةِ الْحُكْمُ فِيهَا لِوَاحِدٍ أَوْ عَلَيْهِ يَعُمُّهُ وغَيْرَهُ وَحُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِالثَّانِيَةِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ وَاحِدًا ثُمَّ مَنْ أَبْدَى مَا يَجُوزُ

_ قوله: (على عدد) أي: محكوم لهم، أو بها عليهم، وقوله: (أو أعيان) أي: محكوم. قوله: (ثم من أبدى) أي: أظهر من أهل الطبقة الثانية فما بعدها (ما) أي: أمرًا. (يجوز) أي: يمكن أن يمنع بذلك الأمر.

أَنْ يَمْنَعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَهُ فَلِثَانٍ الدَّفْعُ بِهِ فصل ومن ادعى أن الحاكم حكم له بحق فصدقه قُبِلَ وَحْدَهُ كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً: حَكَمْت بِكَذَا

_ الأول فاعل (يمنع) أي: يمنع الأول الحاكم إذا ادعى عليه مدع بما يوجب انتزاع العين الموقوفة من يده، من الحكمِ عليه بذلك (لو علمه) أي: ذلك الأمر الذي يمكن الدفع به (فلثان) أي: المبدئ للأمر (الدفع به) كالأول. وصورةُ ذلك: أن يدَّعي زيد على عمرو باستحقاق عقارٍ بيده مثلاً، فيقيم بعض ولد عمرو بينة، تشهدُ بأن أبا عمرٍو قد وقف العقار -وهو في ملكه- على ولده عمرو، ثم على أولاده، ولم يعلم عمرو بتلك البيِّنة، فإن لولد عمرٍو المذكور رفع دعوي المدعي بالبينة المذكورة. وهذا قريبٌ مما تقدم في الوقفِ عند المصنف: (ويتلقاه كل بطن عن واقفه) حيث فرع عليه قوله: (فلو امتنع البطنُ الأول من اليمين مع شاهدٍ لثبوتِ الوقفِ، فلمن بعدَهم الحلف) فيتأمل. والله أعلم. قوله: (فصدَّقه) أي: صدَّقه الحاكم. قوله: (قبل) أي: قول الحاكم. قوله: (ابتداءً) أي: من غير أن يقدَّم من المدعي دعوى الحكم.

وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فَشَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ قَبِلَهُمَا وَأَمْضَاهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إمْضَائِهِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ شَهَادَتَهُ فَشَهِدَا عِنْدَهُ بِهَا وَكَذَا إنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَكَ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِحُكْمِهِ أَحَدٌ وَوَجَدَهُ وَلَوْ فِي قِمْطَرَةٍ تَحْتَ خَتْمِهِ أَوْ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ وَتَيَقَّنَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ كَخَطِّ أَبِيهِ بِحُكْمٍ أَوْ شَهَادَةٍ إلَّا عَلَى مَرْجُوحٍ الْمُنَقَّحُ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَمَنْ تَحَقَّقَ الْحَاكِمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ يَعْتَمِدُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْخَطِّ يَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَإِلَّا حَرُمَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالصِّفَةِ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا فَمَتَى عَلِمَهَا حَاكِمٌ كَاذِبَةً لَمْ يَنْفُذْ حَتَّى وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَفَسْخٍ

_ قوله: (فشهد به) أي: بحكمه. قوله: (ولا يجبُ) أي: على الشاهدِ. قوله: (بالصفة) هل ذكرَ ما شهدَ به، أو اعتمدَ علي الخط؟ قوله: (في عقد) خلافاً لأبي حنيفة، فعندَه حكمُ الحاكمِ بحل شيء، أو حرمته لسبب معين، يزيل الشيء عن صفتِه باطنًا، بخلاف ما لو ادعى رجلٌ ملك هذِه الجارية، ولم يبين سبب الملكِ من بيعٍ ونحوه، وأقام بيِّنة زورٍ بالملك المطلق، فحكم الحاكم له

فَمَنْ حَكَمَ لَهُ بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ فوَطِئَ مَعَ الْعِلْمِ فَكَزِنًا وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ وَإِنْ حَكَمَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِشُهُودِ زُورٍ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ بَاطِنًا وَيُكْرَهُ لَهُ اجْتِمَاعُهُ بِهَا ظَاهِرًا وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ بِالْحَالِ وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ أَوْ عَلَيْهِ بِمَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ عَمِلَ بَاطِنًا بِالْحُكْمِ وَإِنْ بَاعَ حَنْبَلِيٌّ لَحْمًا مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ نَفَذَ وَإِنْ رَدَّ حَاكِمٌ شَهَادَةَ وَاحِدٍ برَمَضَانَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَبِمِلْكٍ مُطْلَقٍ

_ بذلك، فإنها لا تحل له عنده، وأما عندنا فتحل مطلقا أي: سواء بين سبب الملك أو لا. فتدبر. والله أعلم. قوله: (برمضان) لكونه جاهلاً بعدَالته. قوله: (كملك مطلق) أي: لم يبين سببه من بيع، أو هبة، أو إرث. وصورة ذلك: أن يدَّعي زيد أن هذه الجارية ملكه الآن، وتشهد البيِّنة بذلك من غيرِ بيانِ سببِ الملكِ، فعندنا يَكفي ذلك. قوله أيضًا على قوله: (مطلقٍ) لكونه لا يراه، فإنَّه لا يؤثِّر في عدالةِ الشاهد. «حاشية».

وأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِحُكْمِهِ فِي عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَتْوَى فَلَا يُقَالُ: حُكِمَ بِكَذِبِهِ أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَلَوْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَكَذَا إنْ كَانَ نَفْسُ الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَتَزْوِيجِهِ يَتِيمَةً وَإِنْ رَفَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ وَأَقَرَّا بِأَنَّ نَافِذَ الْحُكْمِ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ فَلَهُ إلْزَامُهُمَا ذَلِكَ وَلَهُ رَدُّهُ وَالْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ وَمَنْ قَلَّدَ مُجْتَهِدًا فِي صِحَّةِ نِكَاحٍ لَمْ يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ كَحُكْمٍ بِخِلَافِ مُجْتَهِدٍ نَكَحَ ثُمَّ رَأَى بُطْلَانَهُ وَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُ

_ ولعل المراد بالإطلاق عن التاريخ يقرينة. قوله: (ووقت). قوله: (لزمه تنفيذه) أي: إذا ثبت عنده حكمُ الحاكم السابق ببينة -محمد الخلوتي- بقرينة ما بعده، أعني: قوله: (وإن رفع إليه خصمان ... إلخ) لئلا يتناقض كلامه. فتنبه. قوله: (ولا يلزم) أي:

الْمُقَلِّدِ بِتَغَيُّرِهِ. وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ فِي إتْلَافٍ بِمُخَالَفَةِ قَاطِعٍ أَوْ خَطَأُ مُفْتٍ لَيْسَ أَهْلًا ضَمِنَا فصل ومن غصبه إنسان مالا جهرا أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنُ مَالِهِ فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الْمَغْصُوبِ جَهْرًا وعَيْنَ مَالِهِ وَلَوْ قَهْرًا أَخَذَ قَدْرِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِ مَدِينٍ تَعَذَّرَ أَخْذُ دَيْنِهِ مِنْهُ بِحَاكِمٍ لِجَحْدٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ عَلَى ضَيْفٍ أَخْذَ حَقِّهِ بِحَاكِمٍ أَوْ مَنَعَ زَوْجٌ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ

_ المقلَّد، بفتح اللام. قوله: (خطؤه) أي: الحاكم في حكمه. قوله: (بمخالفة) دليل لا يحتمل التأويل. قوله: (ضمناً) كقتلٍ في شيء ظنَّاه ردَّة. قوله: (ولو قهرًا) أي: مالم يفض إلى فتنةٍ، كما في «الترغيب».

باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي

باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي وَيُقْبَلُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ حَتَّى مَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ كَقَوَدٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا لَا فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وشُرْبٍ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ فَلَا يَسُوغُ نَقْضُ حُكْمٍ مَكْتُوبٍ إلَيْهِ بِإِنْكَارِ الْكَاتِبِ وَلَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ يَمْنَعُ إنْكَارُهُ الْحُكْمَ كَمَا يَمْنَعُهُ رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ

_ قوله: (ونحوهِما) كنكاحٍ. قوله: (فيما إذا تغيَّرت حاله) أي: بفسق. قوله: (أنه أصل) أي: لمن شهد عليه. قوله: (بل يمنع إنكاره) أي: الكاتب الكتابة. قوله: (شهودِ الأصلِ) أي: قبل الحكم بشهادةِ الفرع.

فَدَلَّ أَنَّهُ فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وَأَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ أَصْلًا لِفَرْعٍ وَيُقْبَلُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنْفِذَهُ وَإِنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ لَا فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ وَلَا إذَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَجَعَلَ تَعْدِيلَهَا إلَى الْآخَرِ إلَّا فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ وَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى مُعَيَّنٍ وإلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى عَدْلَيْنِ وَيَعْتَبِرَ ضَبْطَهُمَا لِمَعْنَاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَقَطْ ثُمَّ يَقُولَ هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِمَا فَإِذَا وَصَلَا دَفَعَاهُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْكَ كَتَبَهُ بِعَمَلِهِ وَالِاحْتِيَاطُ خَتْمُهُ بَعْدَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ وَلَا قَوْلُهُمَا وَقُرِئَ عَلَيْنَا وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ وَلَا قَوْلُ كَاتِبٍ: اشْهَدَا عَلَيَّ وَإِنْ أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ مَدْرُوجًا مَخْتُومًا لَمْ يَصِحَّ

_ قوله: (لمن شهد عليه) أي: البينة الشاهدة علي كتابهِ عند القاضي الثاني. قوله: (ويُقبل ... إلخ) أي: كتاب القاضي. قوله: (لينفذه) أي: المكتوب إليه. قوله: (ليَحكمَ به) أي: إلا في مسافةِ قصرٍ. قوله: (مدروجًا)

وَكِتَابُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ وَيُقْبَلُ كِتَابُهُ فِي حَيَوَانٍ بِالصِّفَةِ اكْتِفَاءً بِهَا كَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ مُشَارَكَتُهُ لَهُ فِي صِفَتِهِ أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ بِكَفِيلٍ مَخْتُومًا عُنُقُهُ فَيَأْتِي بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَيَقْضِي لَهُ بِهِ وَيَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَاهُ فكَمَغْصُوبٍ وَلَا يَحْكُمُ عَلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ بِالصِّفَةِ حَتَّى يُسَمَّى أَوْ تَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ

_ قال في «المطلع»: يقال درج الكتاب، وأدرجه، أي: طواه. انتهى. وعليه فقولُ المصنف: (مدروجًا) من المجرد الذي هو درجته، لا من المزيد؛ لأن قياسه مدرج. فتأمل. قوله: (كخبره) فيقبلُ على ما تقدَّم. قوله: (بالصفةِ) أي: بأن قالا: نشهدُ على رجلٍ صفته كذا، أنه اقترض من هذا كذا.

وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ وَأَحْضَرَ الْخَصْمَ الْمَذْكُورَ فِيهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ فَقَالَ: مَا أَنَا بِالْمَذْكُورِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكِلَ قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَيْرِي لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ بِالْبَلَدِ آخَرَ كَذَلِكَ وَلَوْ مَيِّتًا يَقَعُ بِهِ إشْكَالٌ فَيَتَوَقَّفُ حَتَّى يُعْلَمَ الْخَصْمُ وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ لَمْ يَضُرَّ كَبَيِّنَةِ أَصْلٍ وَإِنْ فَسَقَ فبِقَدْحٍ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ خَاصَّةً وَيَلْزَمُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ تَغَيَّرَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ضَاعَ أَوْ انْمَحَى وَلَوْ شَهِدَا بِخِلَافِ مَا فِيهِ قُبِلَ اعْتِمَادًا عَلَى الْعِلْمِ وَمَتَى قَدِمَ الْخَصْمُ الْمُثْبَتُ عَلَيْهِ بَلَدَ الْكَاتِبِ فَلَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا جَرَى

_ قوله: (خاصة) أي: دونَ ما حكم به.

لِئَلَّا يَحْكُمَ عَلَيْهِ الْكَاتِبُ أَوْ مَنْ ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ كَمَنْ أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ أَوْ مَنْ ثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا جَرَى مِنْ بَرَاءَةٍ أَوْ ثُبُوتٍ مُجَرَّدٍ أَوْ مُتَصَلٍّ بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتٍ مُتَّصِلٍ بِحُكْمٍ وَتَنْفِيذٍ، أَوْ الْحُكْمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَجَابَهُ وَإِنْ سَأَلَهُ مَعَ الْإِشْهَادِ كِتَابَةً، وَأَتَاهُ بِوَرَقَةٍ لَزِمَهُ كَسَاعٍ بِأَخْذِ زَكَاةٍ وَمَا تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ يُسَمَّى سِجِلًّا وَغَيْرُهُ مَحْضَرًا وَالْأَوْلَى جَعْلُ السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ نُسْخَةٍ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ والْأُخْرَى عِنْدَهُ وَصِفَةُ الْمَحْضَرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَضَرَ الْقَاضِيَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامُ عَلَى كَذَا وَإِنْ كَانَ نَائِبًا كَتَبَ خَلِيفَةُ الْقَاضِي فُلَانِ قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا مُدَّعٍ ذَكَرَ أَنَّهُ أَتَى فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ أَوْ أَحْضَرَ مَعَهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْجَدُّ بِلَا حَاجَةٍ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ حِلْيَتِهِمَا وَإِنْ جَهِلَهُمَا فَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فَأَقَرَّ لَهُ أَوْ فَأَنْكَرَ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ قَالَ: نَعَمْ فَأَحْضَرَهَا وَسَأَلَهُ سَمَاعَهَا فَفَعَلَ أَوْ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَسَأَلَ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ وَإِنْ نَكِلَ ذَكَرَهُ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَسَأَلَهُ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ فَأَجَابَهُ فِي يَوْمِ

_

كَذَا مِنْ شَهْرِ مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَيُعْلِمُ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالْإِحْلَافِ جَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْبَيِّنَةِ شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَتَضَمَّنُ كُلَّ مَا هُوَ مِنْ مُقَدِّمَاتِهَا، وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارِ لَمْ يُحْتَجْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَأَمَّا السِّجِلُّ فلِإِنْفَاذِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَالْحُكْمِ بِهِ. وَصِفَتُهُ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانُ كَمَا تَقَدَّمَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقَدْ عَرَفَهُمَا بِمَا رَأَى مَعَهُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا بِمَحْضَرٍ مِنْ خَصْمَيْنِ، وَيَذْكُرُهُمَا إنْ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ وَإِلَّا فِي كِتَابٍ نَسَخْتُهُ كَذَا أَوْ يَنْسَخُ الْكِتَابَ الْمُثْبِتَ أَوْ الْمَحْضَرَ جَمِيعَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ، فَإِذَا فَرَغَ قَالَ: وَإِنَّ الْقَاضِيَ أَمْضَاهُ وَحَكَمَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي مِثْلِهِ

_ قوله: (وإقراره) يجوز نصبه، عطفًا على (المشهود)، ورفعه، عطفًا على (معرفة): فاعلُ (ثَبتَ).

بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ، والْإِشْهَادَ بِهِ الْخَصْمُ الْمُدَّعِي وَيَنْسُبُهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ خَصْمُهُ بِحُجَّةٍ، وَجَعَلَ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ، وَأَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى إنْفَاذِهِ وَحُكْمِهِ وَإِمْضَائِهِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فِي الْيَوْمِ الْمُؤَرَّخِ أَعْلَاهُ، وَأَمَرَ بِكَتْبِ هَذَا السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ نُسْخَةٍ تَكُونُ بِدِيوَانِ الْحُكْمِ وَنُسْخَةٍ يَأْخُذُهَا مَنْ كَتَبَهَا لَهُ لِيَكُونَ كُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ وَثِيقَةً بِمَا أَنْفَذَهُ، أَوْ يَكْتُبُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ جَازَ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَيَضُمُّ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْ مَحْضَرٍ وَسِجِلٍّ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ مَحَاضِرُ كَذَا مِنْ وَقْتِ كَذَا

_

باب القسمة

باب القسمة القسمة تَمْيِيزُ بَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ عَنْ بَعْضٍ وَإِفْرَازُهَا عَنْهَا وَهِيَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا قِسْمَةُ تَرَاضٍ وَتَحْرُمُ فِي مُشْتَرَكٍ لَا يَنْقَسِمُ إلَّا بِضَرَرٍ أَوْ بِرَدِّ عِوَضٍ كَحَمَّامٍ وَدُورٍ صِغَارٍ وشَجَرٍ مُفْرَدٍ وَأَرْضٍ بِبَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ وَلَا تَتَعَدَّلُ بِأَجْزَاءٍ وَلَا بِقِيمَةٍ إلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ وَحُكْمُ هَذِهِ كَبَيْعٍ يَجُوزُ فِيهَا مَا يَجُوزُ فِيهِ لِمَالِك وَوَلِيِّهِ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا آخُذُ الْأَدْنَى وَيَبْقَى لِي فِي الْأَعْلَى تَتِمَّةُ حِصَّتِي، فَلَا إجْبَارَ وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إلَى بَيْعٍ فِيهَا أُجْبِرَ فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا، وَقُسِمَ الثَّمَنُ وَكَذَا لَوْ طَلَبَ الْإِجَارَةَ وَلَوْ فِي وَقْفٍ وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنْ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ نَقْصُ الْقِيمَةِ بِهَا

_ باب القسمة بكسر الفاق: اسم مصدر. قسمت الشيء: جعلته أقسامًا. والقسم بكسر القاف: النصيب المقسوم، وبفتحها: مصدرٌ.

وَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالضَّرَرِ كَرَبِّ ثُلُثٍ مَعَ رَبِّ ثُلُثَيْنِ فكَمَا لَوْ تَضَرَّرُوا وَمَا تَلَاصَقَ مِنْ دُورٍ وعَضَائِدَ وَأَفْرِحَةٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ كَمُتَفَرِّقٍ فَيُعْتَبَرُ الضَّرَرُ فِي كُلِّ عَيْنٍ عَلَى انْفِرَادِهَا وَمِنْ بَيْنِهِمَا عَبِيدٌ أَوْ بَهَائِمُ أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوِهَا مِنْ جِنْسٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ إنْ تَسَاوَتْ الْقِيَمُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَآجُرٌّ وَلَبِنٌ مُتَسَاوِي الْقَوَالِبِ مِنْ قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ ومُتَفَاوِتُهَا مِنْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَمِنْ بَيْنِهِمَا حَائِطٌ أَوْ عَرْصَةُ حَائِطٍ وَهِيَ الَّتِي لَا بِنَاءَ فِيهَا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةً وَلَوْ طُولًا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ أَوْ الْعَرْصَةِ عَرْضًا وَلَوْ وَسِعَتْ حَائِطَيْنِ لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ كَمَنْ بَيْنَهُمَا دَارٌ لَهَا عُلُوٌّ وَسُفْلٌ طَلَبَ أَحَدُهُمَا جَعْلَ السُّفْلِ لِوَاحِدٍ والْعُلُوِّ لِآخَرَ أَوْ قَسْمَ سُفْلٍ لَا عُلُوٍّ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ

_

وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهُمَا مَعًا، وَلَا ضَرَرَ وَجَبَ وَعُدِّلَ بِالْقِيمَةِ لَا ذِرَاعُ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلُوٍّ وَلَا ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ وَلَا إجْبَارَ فِي قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ وَإِنْ اقْتَسَمَاهَا بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ صَحَّ جَائِزًا فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ غَرِمَ مَا انْفَرَدَ بِهِ وَنَفَقَةُ الْحَيَوَانِ مُدَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَمَنْ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مَزْرُوعَةٌ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا دُونَ زَرْعٍ قُسِمَتْ كَخَالِيَةٍ ومَعَهُ أَوْ الزَّرْعِ دُونَهَا لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَالزَّرْعُ قَصِيلٌ أَوْ قُطْنٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ بَذْرًا أَوْ سُنْبُلًا مُشْتَدَّ الْحَبِّ فَلَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَالنَّفَقَةُ لِحَاجَتِهِمَا بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا وَالْمَاءُ عَلَى قَدْرِ مَا شَرَطَاهُ عِنْدَ الِاسْتِخْرَاجِ

_ قوله: (أو مكان) أي: كسكنى هذا في بيتٍ، وهذا في بيتٍ. قوله: (أو قطنٌ) لم يصل إلى حالةٍ يكونُ فيه موزونًا. قوله: (عند الاستخراج) أي: إن كان موافقًا لقدرِ الملكِ؛ ليُوافق ما تقدم، فلو كان الملكُ والنفقةُ

وَلَهُمَا قِسْمَتُهُ بِمُهَايَأَةٍ بِزَمَنٍ أَوْ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ أَوْ حَجَرٍ مُسْتَوٍ فِي مُصْطَدَمِ الْمَاءِ فِيهِ ثُقْبَانِ بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا وَلِكُلٍّ سَقْيُ أَرْضٍ لَا شِرْبَ لَهَا مِنْهُ بِنَصِيبِهِ فصل الثاني: قِسْمَةُ إجْبَارٍ، وَهِيَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا وَلَا رَدَّ عِوَضٍ يُجْبِرُ شَرِيكَهُ أَوْ وَلِيَّهُ وَيَقْسِمُ حَاكِمٌ عَلَى غَائِبٍ مِنْهُمَا بِطَلَبِ شَرِيكٍ لِلْغَائِبِ أَوْ وَلِيِّهِ قَسْمَ مُشْتَرَكٍ مِنْ مَكِيلِ جِنْسٍ أَوْ مَوْزُونَةٍ مَسَّتْهُ النَّارُ كَدِبْسٍ وَخَلٍّ وَتَمْرٍ أَوْ لَا كَدُهْنٍ وَلَبَنٍ وَخَلِّ عِنَبٍ، وَمِنْ قَرْيَةٍ

_ بينهما نصفين، لم يصحَّ شرط التفاضل. وتقدم. قوله: (يجبر شريكه ... إلخ) أي: يكرهه الحاكم على ذلك، لكن بشروطٍ ثلاثةٍ: ثبوت ملك الشركاء، وثبوت عدم الضرر فيها، وثبوت إمكان التعديل بلا شيءٍ. قوله: (على غائب) جاز حكمه عليه. قوله: (من مكيل جنس) بالاضافةِ.

وَدَارٍ كَبِيرَةٍ، وَدُكَّانٍ وَأَرْضٍ وَاسِعَتَيْنِ وَبَسَاتِينَ، وَلَوْ لَمْ تَتَسَاوَ أَجْزَاؤُهُمَا إذَا أَمْكَنَ قَسْمُهُمَا بِالتَّعْدِيلِ بِأَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ مَعَهُمَا وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ فِي بُسْتَانٍ إلَى قَسْمِ شَجَرَةٍ فَقَطْ لَمْ يُجْبَرْ وَإِنْ دَعَا شَرِيكَهُ فِي بُسْتَانٍ إلَى قَسْمِ أَرْضٍ أُجْبِرَ وَدَخَلَ الشَّجَرُ تَبَعًا وَمَنْ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ فِي بَعْضِهَا نَخْلٌ وَفِي بَعْضِهَا شَجَرٌ غَيْرُهُ أَوْ يُشْرَبُ سَيْحًا وَبَعْضُهَا بَعْلًا قُدِّمَ مَنْ طَلَبَ قِسْمَةَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ إنْ أَمْكَنَتْ تَسْوِيَةٌ فِي جَيِّدِهِ وَرَدِيئِهِ وَإِلَّا قُسِمَتْ أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ إنْ أَمْكَنَ التَّعْدِيلُ بِالْقِيمَةِ إلَّا فَأَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يُجْبَرْ وَهَذَا النَّوْعُ إفْرَازُ فَيَصِحُّ قَسْمُ لَحْمِ هَدْيٍ وأَضَاحِيٍّ لَا رَطْبٍ مِنْ شَيْءٍ بِيَابِسِهِ وثَمَرٍ يُخْرَصُ خَرْصًا ومَا يُكَالُ وَزْنًا

_ قوله: (إفراز) أي: محضٌ. قوله: (وثمر يخرص) كتمرٍ، وزبيب، وعنب، ورطب.

وَعَكْسَهُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ بِالْمَجْلِسِ. ومَرْهُونٍ ومَوْقُوفٍ وَلَوْ عَلَى جِهَةٍ بِلَا رَدِّ ومَا بَعْضُهُ وَقْفٌ بِلَا رَدٍّ مِنْ رَبِّ الطِّلْقِ وَتَصِحُّ إنْ تَرَاضَيَا يُرَدُّ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَمَتَى ظَهَرَ فِيهَا غَبْنٌ فَاحِشٌ بَطَلَتْ وَلَا شُفْعَةَ فِي نَوْعَيْهَا وَيَتَفَاسَخَانِ بِعَيْبٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَقَاسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَأَنْ يَنْصِبَا قَاسِمًا وأَنْ يَسْأَلَا حَاكِمًا نَصْبَهُ وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ وعَدَالَتُهُ ومَعْرِفَتُهُ بِهَا وَيَكْفِي وَاحِدٌ لَا مَعَ تَقْوِيمٍ

_ قوله: (ولو على جهة) خلافاً للشيخ و «الإقناع». قوله: (وعدالته) إن نصبَه حاكمٌ، ولو عبدًا. قوله: (لا مع تقويمٍ) لأنه شهادة بالقيمة، فلا بدَّ من اثنينِ.

وَتُبَاحُ أُجْرَتُهُ وَتُسَمَّى الْقُسَامَةُ بِضَمِّ الْقَافِ وَهِيَ بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ وَلَوْ شُرِطَ خِلَافُهُ وَلَا يَنْفَرِدُ بَعْضُ بِاسْتِئْجَارِ وَكَقَاسِمٍ حَافِظٍ وَنَحْوُهُ وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّهُ لَهُمْ قَسَمَهُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ مِلْكَهُ فصل وتعدل سهام بِالْأَجْزَاءِ إنْ تَسَاوَتْ وبِالْقِيمَةِ إنْ اخْتَلَفَتْ وبِالرَّدِّ إنْ اقْتَصَّتْهُ ثُمَّ يُقْرَعُ وَكَيْفَ مَا أُقْرِعَ جَازَ وَالْأَحْوَطُ كِتَابَةُ اسْمِ كُلِّ شَرِيكٍ بِرُقْعَةٍ ثُمَّ تُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ مِنْ طِينٍ أَوْ شَمْعٍ مُتَسَاوِيَةً قَدْرًا وَوَزْنًا وَيُقَالُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ أَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى هَذَا السَّهْمِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فَهُوَ لَهُ

_ قوله: (وتباح أجرته) أي: أخذٌ أو إعطاءٌ. قوله: (ولو شرط خلافَه) خلافاً لـ «للإقناع». قوله: (ونحوه) ككاتبٍ. قوله: (وتعدَّل) أي: يعدِّلها القاسمُ. قوله: (إن تساوتِ) الأجزاء: كالمكيلات، والموزونات، والأرض التي ليس بعضها أجود من بعضٍ. قوله: (وبالردِّ) أي: بأن يجعل لمن يأخذ الرديء دراهم على من يأخذ الجيِّد.

ثُمَّ كَذَلِكَ الثَّانِي والْبَاقِي لِلثَّالِثِ إذَا اسْتَوَتْ سِهَامُهُمْ. وَكَانُوا ثَلَاثَةً وَإِنْ كَتَبَ كُلَّ سَهْمٍ بِرُقْعَةٍ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجْ بُنْدُقَةً لِفُلَانٍ وَبُنْدُقَةً لِفُلَانٍ إلَى أَنْ يَنْتَهُوا جَازَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ سِهَامُهُمْ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ جُزِّئَ مَقْسُومٌ بِحَسَبِ أَقَلِّهَا وَهُوَ هُنَا سِتَّةٌ وَلَزِمَ إخْرَاجُ الْأَسْمَاءِ عَلَى السِّهَامِ فَيَكْتُبُ بِاسْمِ رَبِّ النِّصْفِ ثَلَاثَ رِقَاعٍ، والثُّلُثِ والسُّدُسِ رُقْعَةً بِحَسْبِ التَّجْزِئَةِ ثُمَّ يُخْرِجُ بُنْدُقَةً عَلَى أَوَّلِ سَهْمٍ، فَإِنَّ خَرَجَ سَهْمُ رَبِّ النِّصْفِ أَخَذَهُ مَعَ ثَانٍ وَثَالِثٍ والثَّانِيَةَ عَلَى الرَّابِعِ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ رَبِّ الثُّلُثِ أَخَذَهُ مَعَ ثَانٍ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرِينَ كَذَلِكَ وَالْبَاقِي لِلثَّالِثِ وَتَلْزَمُ الْقِسْمَةَ قُرْعَةٍ وَلَوْ فِيمَا فِيهِ رَدُّ أَوْ ضَرَرٌ وَإِنْ خَيَّرَ أَحَدَهُمَا الْآخَرَ فبِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا

_ قوله: (ولو فيما فيه ردٌّ أو ضرر) تقدَّم أن قسمة التراضي فيها خيار المجلس. قال منصور البهوتي: فلعلَّه إذا لم يكن ثم قاسم بدليل قول: (وإن خيَّر ... إلخ).

فصل ومن ادعى غلطا فِيمَا تَقَاسَمَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا وَأَشْهَدَا عَلَى رِضَاهُمَا بِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَتُقْبَلُ فِيمَا قَسَمَهُ قَاسِمٌ حَاكِمٌ وَإِلَّا حَلَفَ مُنْكِرُ وَكَذَا قَاسِمٌ نَصَّبَاهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَهَا مُعَيَّنٌ مِنْ حِصَّتَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا بَقِيَ إلَّا أَنَّ كَوْنَ ضَرَرِ الْمُسْتَحَقِّ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ كَسَدِّ طَرِيقِهِ أَوْ مَجْرَى مَائِهِ أَوْ ضَوْئِهِ وَنَحْوِهِ فَتَبْطُلُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ شَائِعًا وَلَوْ فِيهِمَا وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ شَيْئًا أَنَّهُ مِنْ سَهْمِهِ تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ وَمَنْ كَانَ بَنَى أَوْ غَرَسَ فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَقُلِعَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فِي قِسْمَةِ تَرَاضٍ فَقَطْ

_ قوله: (لم يلتفت إليه) ولو ببينة، ولا يحلف غريمه. قوله: (وإلا) أي: وإلا تكن بينةٌ حلف ... إلخ. قوله: (تحالفا) أي: حلف كل على نفي ما ادعاه الآخر. قوله: (قيمته) أي: المقلوع. قوله: (في قسمة تراضٍ) لأنها بيعٌ.

وَلِمَنْ خَرَجَ فِي نَصِيبِهِ عَيْبٌ جَهِلَهُ إمْسَاكُ نَصِيبِهِ مَعَ أَخْذِ أَرْشِ كَفَسْخٍ وَلَا يَمْنَعُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ نَقْلَ تَرِكَتِهِ بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهَا مِنْ مُعَيَّنٍ مُوصًى بِهِ فَظُهُورُهُ بَعْدَ قِسْمَةِ لَا يُبْطِلُهَا وَيَصِحُّ بَيْعُهَا قَبْلَ قَضَائِهِ إنْ قَضَى فَالنَّمَاءُ لِوَارِثٍ كَنَمَاءِ جَانٍ وَيَصِحُّ عِتْقُهُ وَمَتَى اقْتَسَمَا فَحَصَلَتْ الطَّرِيقُ فِي حِصَّةِ وَاحِدٍ وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ وَأَيْ وَقَعَتْ ظُلَّةُ دَارٍ فِي نَصِيبِهِ فلَهُ

_ قوله: (موصى به) أي: لنحو فقراء مطلقًا، أو لمعين بعد قبوله بعد موت الموصي. قوله: (بطلت) أي: لعدم تمكن الداخل الذي حصل له ما وراء ما يلي باب الدار من الانتفاع. قوله: (ظله) أي: ما يستتر به من الحر.

باب الدعاوى والبينات

باب الدعاوى والبينات الدَّعْوَى: إضَافَةُ الْإِنْسَانِ إلَى نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ وَالْمُدَّعِي مَنْ يَطْلُبُ غَيْرَهُ بِحَقٍّ يَذْكُرُ اسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبُ وَالْبَيِّنَةُ الْعَلَامَةُ الْوَاضِحَةُ كَالشَّاهِدِ فَأَكْثَرُ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَكَذَا إنْكَارٌ سِوَى إنْكَارِ سَفِيهٍ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ إذَنْ وَبَعْدَ فَكِّ حَجْرٍ وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا لَمْ تَخْلُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ، أَحَدِهِمَا: أَنْ لَا تَكُونَ بِيَدِ أَحَدٍ وَلَا ثَمَّ ظَاهِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَتَنَاصَفَاهَا وَإِنْ وُجِدَ ظَاهِرٌ عُمِلَ بِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا عَرْصَةً بِهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءٌ لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا ولِأَحَدِهِمَا فلَهُ

_ قوله: (وبعد فكِّ حجر) كطلاقٍ، وحد قذفٍ. قوله: (تحالفا) أي: حلف كلٌّ أنه لا حق للآخر فيها. قوله: (وإن وجد ظاهر) أي: يرجحُ كونها لأحدهما ... إلخ.

وَإِنْ تَنَازَعَا مَسْنَاةً بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الْآخَرِ أَوْ جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا حَلَفَ كُلٌّ أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ وَيُقْرَعُ إنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِي مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ وَلَا يُقْدَحُ إنْ حَلَفَ أَنَّ كُلَّهُ لَهُ وَتَنَاصَفَاهُ كَمَعْقُودٍ بِبِنَائِهِمَا وَإِنْ كَانَ مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ عَادَةً أَوْ لَهُ عَلَيْهِ أَزَجٌ أَوْ سُتْرَةٌ فلَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا تَرْجِيحَ بِوَضْعِ خَشَبَةٍ وَلَا بِوُجُودِ آخَرَ وبِتَزْوِيقٍ وَتَجْصِيصٍ وَمَعَاقِدِ قِمْطٍ فِي خُصٍّ

_ قوله: (مسنَّاة) أي: مسدًا يردُّ ماء النهر من جانبه. «شرح». قوله: (ولا يقدح) أي: في حكمِ المسألةِ. قوله: (كمعقود) أي: كحائط معقود. قوله: (ولا يمكن إحداثه) أي: بخلاف ما يمكن إحداثه، كالبناء باللبن والآجر، فإنه

وَإِنْ تَنَازَعَ رَبُّ عُلُوٍّ وَرَبُّ سُفْلٍ فِي سَقْفٍ بَيْنَهُمَا تَنَاصَفَاهُ وفِي سُلَّمٍ مَنْصُوبٍ أَوْ دَرَجَةٍ فلِرَبِّ الْعُلُوِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَهَا مَسْكَنٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فيَتَنَاصَفَاهَا وَإِنْ تَنَازَعَا الصَّحْنَ والدَّرَجَةَ بِصَدْرِهِ فبَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَسَطِ فَمَا إلَيْهَا بَيْنَهُمَا وَمَا وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ وَكَذَا لَوْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ، وَدَرْبِ بَابٍ بِوَسْطَةٍ فِي الدَّرْبِ

_ يمكن أن ينزع من الحائط المبنيِّ نصف لبنة وآجرة، ويجعل مكانها لبنة صحيحة، أو آجرة صحيحة تعقد بين الحائطين، فلا يرجح به، وكذا لو كان غير متصلٍ؛ بأن كان الحائطُ محلولاً من بنائهما بينهما شق مستطيل يكون بين الحائطين اللَّذين ألصق أحدهما بالآخر بصدره، أي: آخره.

فصل الثاني: أن تكون بيد أحدهما فَهِيَ لَهُ وَيَحْلِفُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاكِمَ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ مِمَّا جَرَى إيجَابُهُ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ بَقَّى الْعَيْنَ بِيَدِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَرْفَعُهَا وَلَا يَثْبُتُ مِلْكٌ بِذَلِكَ كَمَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ فصل الثالث: أن تكون بيديهما كَطِفْلٍ كُلٌّ مُمْسِكٌ لِبَعْضِهِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ كَمَا مَرَّ فِيمَا يَنْتَصِفُ وَتَنَاصَفَاهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا نِصْفًا فَأَقَلُّ أَوْ الْآخَرُ الْجَمِيعَ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ فَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْأَقَلَّ وَيَأْخُذُهُ

_ قوله: (ويحلف) أي: ولو كان أحدهما هو العين المدعاة مثل: أن يدعي شخص بالغ عاقلٌ في يد إنسانٍ أنَّه حرٌّ، فيقول صاحب اليد: هو عبدي، فلا يكون القول قولَه هنا، بل قول مدَّعي الحرية. والظاهر: أنه لا تجب اليمين؛ لأنه منكر لأصل الرق. شهاب فتوحي. قوله: (فيما يتنصَّفُ) وهو الأول.

وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَقَالَ: إنِّي حُرٌّ خُلِّيَ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ فَإِنْ قَوِيَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا كَحَيَوَانٍ وَاحِدٌ سَائِقُهُ أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهِ وَآخَرُ رَاكِبُهُ أَوْ عَلَيْهِ حِمْلُهُ أَوْ وَاحِدٌ عَلَيْهِ حِمْلُهُ وَآخَرُ رَاكِبُهُ أَوْ قَمِيصٍ وَاحِدٌ آخِذٌ بِكُمِّهِ وَآخَرُ لَابِسُهُ فلِلثَّانِي بِيَمِينِهِ وَيُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ فِيمَا بِيَدَيْهِمَا مُشَاهَدَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ بِيَدِ وَاحِدٍ مُشَاهَدَةً والْآخَرِ حُكْمًا فَلَوْ نُوزِعَ رَبُّ دَابَّةٍ فِي رَحْلٍ عَلَيْهَا أَوْ رَبُّ قِدْرٍ وَنَحْوِهِ فِي شَيْءٍ فِيهِ فلَهُ وَلَوْ نَازَعَ رَبُّ دَارٍ خَيَّاطًا فِيهَا فِي إبْرَةٍ أَوْ مِقَصٍّ أَوْ قَرَّابًا فِي قِرْبَةٍ فلِلثَّانِي وَعَكْسُهُ الثَّوْبَ وَالْخَابِيَةَ وَإِنْ تَنَازَعَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ أَوْ مِصْرَاعٍ لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٍ فِي الدَّارِ فلِرَبِّهَا وَإِلَّا فبَيْنَهُمَا وَمَا جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي بَيْعِ فلِرَبِّهَا وَإِلَّا فلِمُكْتَرٍ

_ قوله: (ويعمل بالظاهر) أي: ظاهر الحال. قوله: (والخابية) أي: التي يصب فيها الماء. قوله: (مقلوعٍ) أي: له شكل في الدار.

وإن تَنَازَعَ زَوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ وَلَوْ مَعَ رِقِّ أَحَدِهِمَا فِي قُمَاشِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَمَا يَصْلُحُ لِرَجُلٍ فلَهُ ولَهَا فَلَهَا ولَهُمَا فلَهُمَا وَكَذَا صَانِعَانِ فِي آلَةِ دُكَّانِهِمَا، فَآلَةُ كُلِّ صَنْعَةٍ لِصَانِعِهَا وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا هُوَ لَهُ فبِيَمِينِهِ وَمَتَى كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَسَاوَتَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَنَاصَفَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا وَيُقْرَعُ فِيمَا لَيْسَ بِيَدِ أَحَدٍ أَوْ بِيَدِ ثَالِثٍ، وَلَمْ يُنَازِعْ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا حُكِمَ بِهِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الْخَارِجُ بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ وَهُوَ الدَّاخِلُ بَعْدَ رَفْعِ يَدِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ شَهِدَتْ لَهُ أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ قَطِيعَةٌ مِنْ إمَامٍ أَوْ لَا

_ قوله: (ويقرع فيما ليس بيدِ أحدٍ) هذا على ضعيف، والصحيح ما قدَّمه في الحال الأول من أنهما يتحالفان ويتناصفانها.

وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِادِّعَائِهِ الْمِلْكَ وَكَذَا مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ تَعَدِّيًا بِبَلَدٍ وَوَقْتٍ مُعَيَّنَيْنِ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَادَّعَى كَذِبَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ بِهِ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ مَعَ عَدَمِ بَيِّنَةِ خَارِجٍ وَمَعَ حُضُورِ الْبَيِّنَتَيْنِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ قَبْلَ بَيِّنَةِ خَارِجٍ وَتَعْدِيلِهَا وَتُسْمَعُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُنْكِرِ غَائِبَةً حِينَ رَفَعْنَا يَدَهُ فَجَاءَتْ وَقَدْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَهِيَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ فَإِنَّ ادَّعَاهُ مُسْتَنِدًا لِمَا قَبْلَ يَدِهِ فبَيِّنَةُ دَاخِلٍ وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الدَّاخِلِ وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَارِجِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ ; لِأَنَّهُ الْخَارِجُ مَعْنًى وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُهُ، والْآخَرُ بَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ أَوْ وَقَّفَهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهَا قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ وَلَمْ تُرْفَعْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ يَدَهُ

_ قوله: (مع عدم بينةِ) أي: لعدم حاجته إليها. قال منصور البهوتي. قلت: بل هو محتاج إليهَا؛ لدفع التهمة واليمين عنه.

كَقَوْلِهِ: أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّيْنِ أَمَّا لَوْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ يَطُولُ وَمَتَى أُرِّخَتَا وَالْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا فِي شَهَادَةٍ بِمِلْكٍ أَوْ فِي شَهَادَةٍ بِيَدٍ أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْمُتَأَخِّرَةُ بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِزِيَادَةِ نِتَاجٍ أَوْ سَبَبِ مِلْكٍ أَوْ اشْتِهَارِ عَدَالَةٍ أَوْ كَثِيرِ عَدَدٍ وَلَا رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ وَيَمِينٍ وَمَتَى ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ والْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرو وَهِيَ مِلْكُهُ وَأَقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ والْأُخْرَى بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِأَبِي خَلَّفَهَا تَرِكَةً وَأَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ كَبَيِّنَةِ مِلْكٍ عَلَى بَيِّنَةِ يَدٍ

_ قوله: (بزيادة نتاج) أي: بزيادة ذكره. قوله: (تعارضتا) أي: إن لم تكن بيدِ أحدهما، ثم إن كانت ببديهما، تحالفا وتناصفاها، أو بيد ثالثٍ لم ينازع، أقرع، فمن قرع حلف وأخذها، أو بيد أحدِهما، فللخارج ببينته، أو بيد البائعين فادَّعاها، حلف، أو أقر لأحدهما، فالمقر له كداخل.

فصل الرابع: أن تكون بِيَدِ ثَالِثٍ، فَإِنْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا فَإِنْ نَكَلَ عَنْهُمَا أَخَذَاهَا مِنْهُ، وبَدَلَهَا وَاقْتَرَعَا عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا اقْتَسَمَاهَا وَحَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّصْفِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لِصَاحِبِهِ وَحَلَفَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ لِصَاحِبِهِ عَلَى النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَخَذَا مِنْهُ بَدَلَهَا وَاقْتَسَمَاهُ أَيْضًا ولِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ حَلَفَ وَأَخَذَهَا وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ

_ قوله: (واقترعا عليهما) وإن نكل عن أحدهما، وحلف للآخر، أخذ العين منه، وحلف من أخذ العين لصاحبه أيضاً. قوله: (المحكوم له به) فإن أقامَ أحدهما بينة أنها له بعد حلف صاحبه، فالظاهر: أنَّه يحكم له بها، ويرجع من انتزع منه النصف علي المقرِّ بذلك، على قياسِ ما يأتي. قوله: (واقتسماه أيضاً) ولا يمين حينئذ على واحدٍ منهما لصاحبه. قوله: (وأخذها) فإن نكل، فالظاهر: أنَّه يحكم عليه بالنكول، فتدفع العين لصاحبه، ولا رجوع له على المقرِّ؛ لأنه المفوت على نفسه.

فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا وَإِذَا أَخَذَهَا فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا مِنْهُ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُقِرِّ وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِهِمَا وَأَجْهَلُهُ فَصَدَّقَاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قُرِعَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا ثُمَّ إنْ بَيَّنَ قُبِلَ وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ الْقُرْعَةُ

_ قوله: (للمقرِّ له) وهو بعيد. قوله: (واحدةً) لأنه يحلف على نفي العلم، وهو شيءٌ واحد. قوله: (بينهما) أي: في حالتي التصديق والتكذيب قوله: (حلف) لأنَّ خروج القرعة له بمنزلة اليد. قوله: (ثم إن بينه، قبل) أي: فتسلم لمن أقر بها له، ويحلف للآخر، فإن نكل أخذ منه بدلها، هذا مقتضى قول الشارح، كتبيينه ابتداءً، والله أعلم. قوله: (بعد تحليفه الواجب ... رإلخ) وجوب التحليف في حالتين: إذا كذباه، أو كذبه أحدهما، أما إذا صدقاه، فلا يمين عليه. قوله: (فإن نكل قُدِّمت القرعة) قال والد المصنف: لاحتمال أن تخرج القرعةُ للمكذب، فسقط التحليف للآخر؛ لأنه صدَّقه على عدم العلم. انتهى.

وَيَحْلِفُ لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا وَلَمْ يُنَازِعْ أُقْرِعَ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْآخَرِ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ تَعَارَضَتَا سَوَاءٌ أَقَرَّ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، أَوْ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا فَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لَمْ تُرَجَّحْ بِذَلِكَ، وَحُكْمُ التَّعَارُضِ بِحَالِهِ وَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ إقَامَتِهِمَا فَالْمُقَرُّ لَهُ كَدَاخِلٍ وَالْآخَرُ كَخَارِجٍ

_ قوله: (وإن أنكرهما) فقال: ليست لهما ولا لأحدِهما. قوله: (ولم ينازع) هذا قسيم قولِه: (فإن ادَّعاها لنفسه). قوله أيضا على قوله: (وإن أنكرهما) لا يعارضه ما يأتي، فتنبه له. قوله: (أُقرع) بينهما. قوله: (مضى الحكم) نقله المروذي. قوله: (أو ليست بيد أحد) فيصيران كمن لا بينة لهما. قوله: (وإقراره صحيح) أي: فيحلف للآخر، فإن نكل، لزمه بدلها، وتسلَّم لمن أقرَّ له، فيأخذها، ويحلف كما لو لم يكن لهما بينة. قوله: (والآخر كخارج) أي: فتقدَّم بينته، فينتزع العين من المقرِّ له، وعلى قياس ما تقدَّم: أنه يلزم المقر إذن قيمتها للمقر له.

وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَهِيَ لِأَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُكَلَّفًا وَأَقَامَا بَيِّنَةً بِرِقِّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ تَعَارَضَتَا وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ حُرِّيَّةً فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا، فَهُوَ لَهُ ولَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَمَنْ ادَّعَى دَارًا وآخَرُ نِصْفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَالِثٍ فَإِنْ نَازَعَ فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفٌ والْآخَرُ لِرَبِّ الْيَدِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُنَازِعْ فَقَدْ ثَبَتَ أَخْذُ نِصْفِهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَيَقْتَرِعَانِ عَلَى الْبَاقِي

_ قوله: (وإن لم يدعها ... إلخ) ليست هذه العبارة مكررة مع قوله قبل: (وإن أنكرهما ولم ينازع) لأن من العين بيده هنا لم يُنكرهما، بل نفاها عن نفسه، وجهل لمن هي، بخلافه ثمَّ، فإنه نفاها عن نفسه وعنهما، وأن الحكم في الصورتين: أنها لأحدهما بقرعة حيث لا بيِّنة. قوله: (فهو لهما) وعلم منه صحة إقرار المكلف بالرق، وهذا في غير اللقيط لما تقدم. قوله: (وإن كانت بيدِ ثالثٍ) وأقاما بينتين، كما في «شرحه».

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفُهَا وَيَقْتَرِعَانِ فَمَنْ قُرِعَ فِي النِّصْفِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ نِصْفَهَا وَصَدَّقَ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ وَلَمْ يُنَازِعْ فَقِيلَ: يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَقِيلَ: يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ وَقِيلَ: يَبْقَى بِحَالِهِ فصل ومن بيده عبد ادعى أنه اشتراه من زيد وادعى العبد أن زيدًا أعتقه

_ قوله: (وإن لم تكن بينة) أي: وهي بيد ثالث لم ينازع. «شرح». قوله: (ومن قرع في النصف ... إلخ) قال في «شرحه»: كالعين الكاملة. انتهى. قوله: (فقيل: يُسلم إليه) وهو أقرب للقواعد، فراجع طريق الحكم حيث قال: (وإن قال: ليست لي ولا أعلم لمن هي، أو قال ذلك المقر له، وجهل لمن هي، سُلِّمت لمدعٍ) انتهى. وظاهره: بلا يمين. قوله: (بحاله) أي: بيدِ ثالثٍ. قوله: (أعتقه) أي: وأقام كل بينة، صحَّحْنا أسبق التصرفين، إن علم التاريخ، وإلا تساقطتا.

أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ زَيْدًا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَادَّعَى آخَرُ مِثْلَهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً صَحَّحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَإِلَّا تَسَاقَطَتَا وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ نَفْسِهِ وَلَوْ ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا سَقَطَتَا وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِمَّنْ الْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ بِكَذَا، وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَحَالَفَا وَتَنَاصَفَاهَا وَلِكُلٍّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى زَيْدٍ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وأَنْ يَفْسَخَ وَيَرْجِعَ بِكُلِّهِ وأَنْ يَأْخُذَهَا كُلَّهَا مَعَ فَسْخِ الْآخَرِ وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ وَلِلثَّانِي الثَّمَنُ وَإِنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا فِي مِلْكٍ إذَنْ لَا فِي شِرَاءٍ فَيُقْبَلُ مِنْ زَيْدٍ دَعْوَاهَا بِيَمِينٍ لَهُمَا

_ قوله: (بيدِ أحدِهما) أي: لأن اليد لا تثبت على الحرِّ. قوله: (سقطتا) ولا يقبل إقرارها لأحدِهما؛ لأنَّها متهمة، بخلاف ما لو كان المدعي واحدًا فصدقتْهُ، فإنها تقبل.

وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ ثَمَنَ عَيْنٍ بِيَدِ ثَالِثٍ كُلٌّ مِنْهُمَا إنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَمَنْ صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَسَاقَطَتَا وَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا عُمِلَ بِهِمَا وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: غَصَبَنِيهَا والْآخَرُ: مَلَّكَنِيهَا أَوْ أَقَرَّ لِي بِهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَغْرَمُ لِلْآخَرِ شَيْئًا وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ آجَرَهُ الْبَيْتَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ كُلَّ الدَّارِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا

_ قوله: (ولا يغرم للآخر) أي: ولا يغرم المدعى عليه. قوله: (ولا قسمة هنا) أي: ولا قسمة لمنافعِ الدَّار هنا. والظاهر: أن القول قول المؤجر بيمينه؛ لأنه ينكر إجارةَ غيرِ البيتِ. منصور البهوتي.

باب في تعارض البينتين

باب في تعارض البينتين وهو التعادل من كل وجه. مَنْ قَالَ مَتَى قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَى قِنِّهِ قَتْلَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَتُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ وَارِثٍ وَإِنْ مِتَّ فِي الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ وفِي صَفَرٍ فَغَانِمٌ حُرٌّ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً بِمُوجَبِ عِتْقِهِ تَسَاقَطَتَا وَرَقَّا كَمَا لَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَجُهِلَ وَقْتُهُ وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ فِي أَحَدِهِمَا أُقْرِعَ وإنْ مِتَّ فِي مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرٌّ. وَإِنْ بَرِئْتُ فَغَانِمٌ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَسَاقَطَتَا وَرَقَّا وَإِنْ جُهِلَ مِمَّا مَاتَ وَلَا بَيِّنَةَ أُقْرِعَ

_ قوله: (على بينة وراثٍ) أي: بأنه مات حتفَ أنفِه. قوله: (ورَقَّا) لأن كلا من البينتين ينفي ما شهدت به الأخرى. واختار في «الشرح الكبير». يعتق أحدهما بقرعة، وزيَّف ما ذكره الأصحاب. وما ذكره أقرب إلى القواعد. قوله: (ممَّ مات) أي: من أي شيء مات. قوله: (أقرع). لأنه يخلو: إما أن يكون برأ، أو لا.

وَكَذَا إن أَتَى بِمَنْ بَدَّلَ فِي فِي التَّعَارُضِ وَمَا فِي الْجَهْلِ فَيَعْتِقُ سَالِمٌ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى مَيِّتٍ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ وأُخْرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ وَارِثَةً فَاسِقَةً عَتَقَ سَالِمٌ وَيَعْتِقُ غَانِمٌ بِقُرْعَةٍ

_ قوله: (بـ «من» بدل «في») فقال: إن مت من مرضي. قوله: (في التعارض) أي: إذا أقام كل منهما بيِّنةً بموجب عتقه، فيسقطان، ويبقيان في الرق؛ لاحتمال موته في المرض بحادثٍ، كلسعٍ. قوله: (وأما في صورة الجهل) أي: عدم البيِّنة. قوله: (فيعتق سالم) لأنَّ الأصل دوامُ المرض وعدمُ البُرءِ، حيث عَلَّقَ عتقه على كونِ المرض سببًا للموت، وقد تحقق المرضُ، فالظاهر كونه سببًا، والظاهرُ دوامه، فلهذا عتق سالم. قوله: (عتق أحدُهما بقرعةٍ) القياس أن يعتق نصفاهما؛ لأن الوصيَّة يسوَّى بين متقدمها ومتأخرها، وأما إقراعه صلى الله عليه وسلم بينهما في المرض، فلأن العطية يبدأ فيها بالأوَّل فالأول، فلا يقاس عليها ما بعدَ الموت. قوله: (عتق سالم) لعدم معارضةِ بيِّنتهِ، وعتق غانم بقرعةٍ؛ للتعارض.

وَإِنْ كَانَتْ عَادِلَةً وَكَذَبَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ عُمِلَ بِشَهَادَتِهَا وَلَغَا تَكْذِيبُهَا فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ وَلَوْ كَانَتْ فَاسِقَةً، وَكَذَّبَتْ أَوْ شَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَا وَلَوْ شَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ وَلَا فِسْقَ وَلَا تَكْذِيبَ عَتَقَ غَانِمٌ وَلَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَغَانِمٍ سُدُسُ مَالِهِ عَتَقَا وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا وَخَبَرُ وَارِثَةٍ عَادِلَةٍ كَفَاسِقَةٍ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعِتْقِ سَالِمٍ فِي مَرَضِهِ وأُخْرَى بِعِتْقِ غَانِمٍ فِيهِ

_ قوله: (فينعكس الحكم) أي: فعيتقُ غانمٌ بلا قرعةٍ؛ لشهادتِها بعتقِه، وإقرارها أنَّه لم يعتق سواه، ويقف عتق سالمٍ عليها، كما لو شهد بذلك بينتان بلا تكذيبٍ. قوله: (ولا تكذيب) فلو كذبت والحالة هذه، فالظاهر: أن الحكم كما إذا لم يكن تكذيب، ولا شهادة برجوعٍ، وذلك لتناقضِها، فإن شهادتها بالرجوع، تصديقٌ لأصل الوصية، وتكذيبُها مناقضٌ له، فيعتقُ غانمٌ بلا قرعةٍ، وسالمٌ بها. فتأمل. قوله: (كفاسقة) أي: كشهادتِها؛ لأنَّه إقرارٌ.

عَتَقَ السَّابِقُ فَإِنَّ جُهِلَ فَأَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا وَارِثَةً فَإِنْ سَبَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ فَكَذَّبَتْهَا الْوَارِثَةُ أَوْ سَبَقَتْ الْوَارِثَةُ وَهِيَ فَاسِقَةٌ عَتَقَا وَإِنْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ وَإِنْ قَالَتْ الْوَارِثَةُ: مَا أَعْتَقَ إلَّا غَانِمًا عَتَقَ كُلُّهُ وَحُكْمُ سَالِمٍ إذَنْ كَحُكْمِهِ لَوْ لَمْ تَطْعَنْ فِي بَيِّنَةٍ فِي أَنَّهُ يَعْتِقُ إنْ تَقَدَّمَ عِتْقِهِ أَوْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْوَارِثَةُ فَاسِقَةً وَلَمْ تَطْعَنْ فِي بَيِّنَةِ سَالِمٍ عَتَقَ كُلُّهُ وَيُنْظَرُ فِي غَانِمٍ فَمَعَ سَبْقِ عِتْقٍ أَوْ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لَهُ يَعْتِقُ كُلُّهُ وَمَعَ تَأَخُّرِهِ أَوْ خُرُوجِهَا لِسَالِمٍ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَذَّبَتْ بَيِّنَةَ سَالِمٍ عَتَقَا وَتَدْبِيرُ مَعَ تَنْجِيزِ كَآخَرَ تَنْجِيزَيْنِ مَعَ أَسْبَقِهِمَا

_ قوله: (عتقا) سالم بالشهادة، وغانم بالإقرار. قوله: (مع تنجيزٍ) أي: بمرضِ الموتِ المخوفِ.

فصل ومن مات عن ابنين: مسلم وكافر فادعى كل أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ، فَإِنَّ عُرِفَ أَصْلُهُ قُبِلَ قَوْلُ مُدَّعِيهِ وَإِلَّا فَمِيرَاثُهُ لِلْكَافِرِ إنْ اعْتَرَفَ الْمُسْلِمُ بِأُخُوَّتِهِ أَوْ ثَبَتَتْ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فبَيْنَهُمَا وَإِنْ جُهِلَ أَصْلُ دِينِهِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ تَسَاقَطَتَا وَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ تَعْرِفُهُ مُسْلِمًا، وأُخْرَى تَعْرِفُهُ كَافِرًا وَلَمْ يُؤَرِّخَا وَجُهِلَ أَصْلُ دِينِهِ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِ وَتُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ إذَا عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فِيهِنَّ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وأُخْرَى أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ تَسَاقَطَتَا عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ أَوْ لَا وَكَذَا إنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَخًا

_ قوله: (تساقطتا) ويصير ميراثه للكافر، أو بينهما على ما تقدم. قوله: (وكذا إن خلَّف) أي: وكذا فيما تقدم تفصيله. قوله: (مسلمين ... إلخ) لأنه مع ثبوت دعواهم ورثةٌ، لا فرق بين دعواهم ودعوى الابنِ. قال شارح «المحرر»: وفيه نظرٌ؛ لأنهم قالوا فيما تقدَّم: إن المسلم إن كان معترفًا بأخوةِ

وَزَوْجَةً مُسْلِمَيْنِ وَابْنًا كَافِرًا وَمَتَى نَصَّفْنَا الْمَالَ فَنِصْفُهُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ونِصْفُهُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَخِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَمَنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ إسْلَامِهِ عَلَى مَوْتِ مُورِثِهِ الْمُسْلِمِ أَوْ عَلَى قَسْمِ تَرِكَتِهِ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ وَارِثٍ وَإِنْ قَالَ أَسْلَمْتُ فِي مُحَرَّمٍ وَمَاتَ فِي صَفَرٍ وَقَالَ الْوَارِثُ مَاتَ قَبْلَ مُحَرَّمٍ وَرِثَ وَلَوْ خَلَّفَ حُرٌّ ابْنًا حُرًّا وَابْنًا كَانَ قِنًّا فَادَّعَى أَنَّهُ عَتَقَ وَأَبُوهُ حَيٌّ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ صُدِّقَ أَخُوهُ فِي عَدَمِ ذَلِكَ

_ الكافرِ، حكم به للكافر، فلو اعترفتِ الزوجة والأخ المسلمان بكون الكافر ابناً للميت، لم يحكم له به؛ لأنَّ الكافر لا يقر على نكاح المسلمين، فبقاؤهما على النكاح يدلُّ على إسلامه، فوجب أن لا يحكم للكافر في هذه الصورة. انتهى. وأقول: يمكن يكون المراد تشبيههم لهذه الصورة بتلك الصورة: أنها مثلها في العمل في كل منهما بما يقتضيه الظاهرُ، وهو كونُ الميت كافرًا في الأولى، مسلماً في الثانية. فتدبر.

وَإِنْ ثَبَتَ عِتْقُهُ بِرَمَضَانَ فَقَالَ الْحُرُّ: مَاتَ أَبِي فِي شَعْبَانَ وَقَالَ الْعَتِيقُ: بَلْ فِي شَوَّالٍ صُدِّقَ الْعَتِيقُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّ مَعَ التَّعَارُضِ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلٍ فَشَهِدَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِهِ فَصَدَّقَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ حُكِمَ لَهُ بِهِمَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِ ثَوْبٍ وَقَالَتْ: قِيمَتُهُ عِشْرُونَ وأُخْرَى ثَلَاثُونَ ثَبَتَ الْأَقَلُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِكُلِّ قِيمَةٍ شَاهِدٌ والْقَائِمَةُ كَعَيْنِ الْيَتِيمِ يُرِيدُ الْوَصِيُّ بَيْعَهَا أَوْ إجَارَتَهَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهَا أَوْ أُجْرَةٍ مِثْلِهَا أُخِذَ بِمَنْ يُصَدِّقُهَا الْحِسُّ فَإِنَّ احْتَمَلَ مَا شَهِدَتْ بِهِ أَخَذَ بَيِّنَةَ الْأَكْثَرِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَجَّرَ حِصَّةَ مُوَلِّيهِ بِأُجْرَةٍ مِثْلِهَا، وبَيِّنَةٌ بِنِصْفِهَا

_ قوله: (حُكم بهما) أي: بشهادِة الأوَّلين. قوله: (وإلا) أي: بأن صَدَّقَ الجميعَ، أو صدَّق الأخيريْنِ فقط.

صفحة فارغة

كتاب الشهادات

كتاب الشهادات وَاحِدُهَا شَهَادَةٌ وَهِيَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ وَلَا تُوجِبُهُ فَهِيَ الْإِخْبَارُ بِمَا عَلِمَهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ تَحَمُّلُ الْمَشْهُودِ بِهِ فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَرْضُ كِفَايَةٍ وَتُطْلَقُ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّحَمُّلِ وَعَلَى الْأَدَاءِ وَيَجِبَانِ إذَا دُعِيَ أَهْلٌ لَهُمَا بِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ ضَرَرٍ َلْحَقُهُ فَلَوْ أَدَّى شَاهِدٌ وَأَبَى الْآخَرُ وَقَالَ احْلِفْ بِهِ لِي أَثِمَ وَلَا يُقِيمُهَا عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ وَمَتَى وَجَبَتْ وَجَبَتْ كتابتها

_ قوله: (تُظهر) أي: تبين. قوله: (الحق) أي: المدعى به. قوله: (بلفظٍ) كشهدتُ، أو: أشهدُ. وقوله: (كفاية) أي: على المكلف، ولو عبدًا لعدم. قوله: (إذا دعي) أي: وكان عدْلاً، كما يعلم مما يأتي. فالشروط خمسة. قوله: (وقدر) أي: ولو عند سلطان. قوله: (بلا ضرر) المراد: الضرر في النفس، أو المال، أو العرض. ابن عادلٍ. قوله: (ولا بقيمها على مسلم ... إلخ) أي: يحرم. قوله: (بقتل كافرٍ) أي: عند من يقتله به. قوله: (وجبت كتابتها) لئلا

وَإِنْ دُعِيَ فَاسِقٌ لِتَحَمُّلِهَا فَلَهُ الْحُضُورُ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَلَا يَحْرُمُ أَدَاؤُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِسْقُهُ ظَاهِرًا وَيَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ وجُعْلٍ عَلَيْهَا، وَلَوْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ تَأَذَّى بِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ مَرْكُوبٍ ولِمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ بِحَدٍّ لِلَّهِ إقَامَتُهَا وَتَرْكُهَا وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لَهُمْ بِالتَّوَقُّفِ عَنْهَا كَتَعْرِيضِهِ لِمُقِرٍّ لِيَرْجِعَ وَتُقْبَلُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ وَمَنْ قَالَ اُحْضُرَا لِتَسْمَعَا قَذْفَ زَيْدٍ لِي لَزِمَهُمَا وَمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لِآدَمِيٍّ يَعْلَمُهَا لَمْ يُقِمْهَا حَتَّى يَسْأَلَهُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ إعْلَامُهُ قَبْلَ إقَامَتِهَا

_ يَنساهَا. قوله: (ولا يحرم أداؤه) لأنه لا يمنع صدقَه. قوله: (ولو لم تتعينْ) لأنها فرضُ كفايةٍ. قوله: (فله أخذُ أجرة) قال في «الرعاية»: وكذا حكم مزك، ومعرف، ومترجم، ومفت، ومقيم حدٍّ، وحافظ بين المال، ومحتسبٍ، وخليفةٍ. قوله: (ولمن عنده ... إلخ) أي: يباحُ. واستحب جمع - منهم الشيخ - تركها. قوله: (لمقر) أي: بحد لله تعالى. قوله: (قديم) أي: وجد في زمانٍ ماضٍ بعد عهده، كخمسين سنة. قوله: (وإلا استحب ... إلخ) أي: وإن لم يعلم بها استحبَّ ... إلخ، وله إقامتها قبل

وَيَحْرُمُ كَتْمُهَا فَيُقِيمُهَا بِطَلَبِهِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَاكِمٌ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَشَهَادَةِ حِسْبَةً وَيَجِبُ إشْهَادُ عَلَى نِكَاحٍ وَيُسَنُّ فِي كُلِّ عَقْدٍ سِوَاهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ غَالِبًا لِجَوَازِهَا بِبَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ قَلِيلًا فَإِنَّ جَهِلَ حَاضِرًا جَازَ أَنْ يَشْهَدَ فِي حَضْرَتِهِ لِمَعْرِفَتِهِ عَيْنَهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فبِهِ مَنْ يَسْكُنُ إلَيْهِ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ

_ إعلامه، ويجب أدؤاها. قال في «الإنصاف»: وهذا مما لا شكَّ فيه. ولا يخالف ما في المتن؛ لأنَّ المستحب في المتن الإعلام، لا الإقامة. فتأمل. قوله: (ولا يقدح) أي: عدمُ طلبِ الحاكم إقامتها. قوله: (فيه) أي: في الأداء، وفاعل: (يقدح) ضميرٌ يعودُ على ما ذكر من إقامتها قبل سؤال من هي عليه، وقبل طلب الحاكم. قوله: (ببقيَّة الحواس) كالذوق واللّمس، كدعوى مشتر مأكولٍ عيبَه بنحوِ مرارَتِه. قوله: (من يسكن) أي: يطمئنُّ.

وَلَا تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ إلَى حَاضِرٍ مَعَ نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ بِحَقٍّ لَمْ يُعْتَبَرْ ذِكْرُ سَبَبِهِ كاسْتِحْقَاقِ مَالِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ طَوْعًا فِي صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَإِنْ شَهِدَ بِسَبَبٍ يُوجِبُ الْحَقَّ أَوْ اسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ ذِكْرُهُ وَالرُّؤْيَةُ تَخْتَصُّ بِالْفِعْلِ كَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَرَضَاعٍ وَوِلَادَةٍ وَالسَّمَاعُ ضَرْبَانِ. سَمَاعٌ مِنْ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَعَقْدٍ وَإِقْرَارٌ وَحُكْمُ حَاكِمٍ وَإِنْفَاذُهُ فَيَلْزَمُهُ الشَّهَادَةُ بِمَا سَمِعَ سَوَاءٌ وَقَّتَ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ،

_ قوله: (ووصفِه) أي: المميِّزين، وإلا أشار إليه. قوله: (سببه) أي: من بيعٍ، أو قرضٍ. قوله أيضا على قوله: (سببه) أي: الإقرار، أو الحق. قوله: (كاستحقاق) بأن يقول: وهو يستحقُّه. قوله: (يوجب الحق) كتفريط في أمانةٍ. قوله: (أو استحقاق غيرِه) أي: غير ما يوجبه السبب؛ بأن قال: إن هذا يستحقُّ في ذمة هذا كذا. «شرح إقناع». قوله: (الحكم)

أَوْ اسْتَشْهَدَهُ مَشْهُودٌ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الشَّاهِدُ مُسْتَخْفِيًا حِينَ تَحَمُّلِهِ أَوْ لَا وسَمَاعٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا يُتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِدُونِهَا كَنَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وعِتْقٍ ووَلَاءٍ وَوِلَايَةٍ وَعَزْلٍ ونِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَطَلَاقٍ ووَقْفٍ ومَصْرِفِهِ ويَشْهَدَ بِاسْتِفَاضَةٍ إلَّا عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ بِهِمْ الْعِلْمُ وَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لَمْ يُعْلَمْ تَلَقِّيهَا مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ، وَمَنْ قَالَ شَهِدْتُ بِهَا فَفَرْعٌ وَمَنْ سَمِعَ إنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أَبٍ أَوْ ابْنٍ وَنَحْوِهِمَا، فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ سَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهِ لَا إنْ كَذَّبَهُ

_ بأن قال: حكمتُ بذلك في وقت كذا. قوله: (بالاستضافة) بأن يشتهر المشهود به بين الناس، فيتسامعون بأخبارِ بعضهم بعضاً. قوله: (ونكاح) أي: عقدًا ودوامًا. قوله: (ووقف) أي: بأن يشهد؛ بأن هذا وقفُ زيدٍ، لا أنه وقفه. قوله: (إلا عن عددٍ) أي: إلا أن يسمع ما شهد به. قوله: (من الاستفاضة) أي: قولاً واحدًا.

وَإِنْ قَالَ الْمُتَحَاسِبَانِ لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي بَيْنَنَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الشَّهَادَةَ ولُزُومَ إقَامَتِهَا وَمَنْ رَأَى شَيْئًا بِيَدِ إنْسَانٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً تَصَرُّفِ كَمُعَايَنَةِ السَّبَبِ مِنْ بَيْعٍ وَإِرْثٍ وَإِلَّا فباليد والتصرف فصل ومن شهد بعقد اُعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِهِ فَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وفِي رَضَاعٍ عَدَدَ الرَّضْعَاتِ وَأَنَّهُ شَرِبَ مِنْ ثَدْيِهَا أَوْ مِنْ لَبَنٍ حُلِبَ مِنْهُ

_ قوله: (كمالك) أي: كتصرف مالكٍ في ملكه. قوله: (وبقية الشروط) كوقوعه بولي وشاهدي عدلٍ حال خلوها عن الموانع.

وفِي قَتْلٍ ذُكِرَ الْقَاتِلِ وَأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ أَوْ جَرَحَهُ فَقَتَلَهُ، أَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِك وَلَا يَكْفِي جَرَحَهُ فَمَاتَ وفِي زِنًى ذِكْرُ مَزْنِيٍّ بِهَا، وَأَيْنَ وَكَيْفَ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ وَأَنَّهُ رَأَى ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا وفِي سَرِقَةٍ ذِكْرُ مَسْرُوقٍ مِنْهُ. ونِصَابٍ وحِرْزٍ وصِفَتِهَا وفِي قَذْفٍ ذِكْرُ مَقْذُوفٍ وصِفَةِ قَذْفٍ وفِي إكْرَاهٍ أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَوْ هَدَّدَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ لَهُ بِهِ حَتَّى يَقُولَا فِي مِلْكِهِ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ، أَوْ الدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ، أَوْ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضَتِهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ

_ قوله: (فقتله) راجع لـ: (ضربه) و (جرحه)، وقوله: (أو مات) راجع لـ: (جرحه) لا غير، ففيه توشيعٌ.

لَا إنْ شَهِدَا أَنَّ هَذِهِ الْبَيْضَةَ مِنْ طَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ، أَوْ أَعْتَقَهُ حَتَّى يَقُولَا وَهُوَ فِي مِلْكِهِ وَمَنْ ادَّعَى إرْثَ مَيِّتٍ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمَانِ وَارِثًا غَيْرَهُ أَوْ قَالَا: فِي هَذَا الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ أَوْ لَا سُلِّمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ كَفِيلٍ وبِهِ إنْ كَانَ شَهِدَا بِإِرْثِهِ فَقَطْ ثُمَّ إنْ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَارِثُهُ شَارَكَ الْأَوَّلَ وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ عَلَى نَفْيٍ مَحْصُورٍ بِدَلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، والْإِعْسَارِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وآخَرَانِ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قُسِمَ الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا

_

فصل وإن شهدا أنه طلق أَوْ أَعْتَقَ أَوْ أَبْطَلَ مِنْ وَصَايَاهُ وَاحِدَةً وَنَسِيَا عَيْنَهَا لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِغَصْبِ ثَوْبٍ أَحْمَرَ والْآخَرُ بِغَصْبِ أَبْيَضَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ الْيَوْمَ والْآخَرُ أَنَّهُ أَمْسِ لَمْ تَكْمُلْ وَلِهَذَا كُلُّ شَهَادَةٍ عَلَى فِعْلٍ مُتَّحِدٍ فِي نَفْسِهِ كَقَتْلِ زَيْدٍ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا كَسَرِقَةٍ إذَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ صِفَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ كَلَوْنِهِ وَآلَةِ قَتْلٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَعَدُّدُهُ وَلَمْ يُشْهَدْ بِأَنَّهُ مُتَّحِدٌ فَبِكُلِّ شَيْءٍ شَاهِدٌ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَلَا تَنَافِيَ

_ قوله: (لم يقبل) لأنها بغيرِ معين فلم يمكن العمل بها. قوله: (لم تكمل) لأنه اختلاف يدل على تغاير الفعلين. قوله: (أو باتفاقهما) أي: المشهود له وعليه. قوله: (كسرقةٍ) اتفقا على أنها واحدة. قوله: (إذا اختلفا) أي: الشاهدان. قوله: (ولم يشهدا بأنه) أي: ولم يقل المشهود له أنه متَّحد.

وَلَوْ كَانَ بَدَلُهُ بَيِّنَةً ثَبَتَا هُنَا إنْ ادَّعَاهُمَا وَإِلَّا مَا ادَّعَاهُ وَتَسَاقَطَتَا فِي الْأُولَى وَكَفِعْلٍ مِنْ قَوْلِ نِكَاحٍ وَقَذْفٍ فَقَطْوَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارٍ بِفِعْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ نِكَاحًا أَوْ قَذْفًا أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْفِعْلِ، وآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ جُمِعَتْ لَا إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ قَتْلٍ خَطَأٍ، وآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ وَلِمُدَّعِي الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ وَمَتَى حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْفِعْلِ فعَلَى الْعَاقِلَةِ ومَعَ شَاهِدِ الْإِقْرَارِ ففِي مَالِ الْقَاتِلِ وَلَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِهِ وَزَادَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا ثَبَتَ الْقَتْلُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي صِفَتِهِ وَمَتَى جَمَعْنَا مَعَ اخْتِلَافِ وَقْتٍ فِي قَتْلٍ أَوْ طَلَاقٍ فَالْإِرْثُ وَالْعِدَّةُ يَلِيَانِ آخِرَ الْمُدَّتَيْنِ

_ قوله: (بدله) أي: بدل كل شاهد منهما. قوله: (في الأولى) أي: مسألة اتحاد الفعل في نفسِه، أو باتفاقِهما. قوله: (فقط) فلا يكملان. قوله: (بفعل) كغصب. قوله: (أو غيره) أي: كإقرار ببيع. قوله: (على إقراره) أي: بقتل الخطأِ، فلا تُجمعُ؛ لاختلاف محل الوجوب، فإنها على العاقلة في الأولى، وعلى المقر في الثانية.

وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ أَمْسِ، والْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْيَوْمَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ دَارِهِ أَمْسِ والْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا الْيَوْمَ كَمُلَتْ وَكَذَا كُلُّ شَهَادَةٍ عَلَى قَوْلٍ غَيْرِ نِكَاحٍ وَقَذْفٍ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ والْآخِرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفًا، والْآخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ كَمُلَتْ بِأَلْفٍ وَلَهُ رأَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْأَلْفِ الْآخَرِ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَوْ شَهِدَا بِمِائَةٍ وآخَرَانِ لَهُ بِعَدَدٍ أَقَلَّ دَخَلَ إلَّا مَعَ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ فَيَلْزَمَانِهِ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ كَمُلَتْ لَا إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ مِنْ قَرْضٍ، وآخَرُ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفًا وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ بَعْضَهُ بَطُلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ نِصْفَهُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِاقْتِضَاءِ الْحَقِّ أَوْ انْتِقَالِهِ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ.

_ قوله: (غير نكاح) أي: فعليهما، فلا تكملُ كالفعل. قوله: (التعدد) كقرضٍ، وثمن مبيعٍ، شهد بكلٍّ منهما بينةٌ. قوله: (شهادته) لأنَّه لم يشهد بمعلوم. قوله: (أو انتقاله) أي: بنحو حوالةٍ.

وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ صَغِيرٍ أَلْفًا وآخَرَانِ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الصَّغِيرِ أَلْفًا لَزِمَ وَلِيَّهُ مُطَالَبَتُهُمَا بِأَلْفَيْنِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَلْفٍ بِعَيْنِهَا فَيَطْلُبُهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ فَقَالَ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لِي بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَمْ يُولِ الْحُكْمَ فَوْقَهَا وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي مَحْفِلٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ عَلَى خَطِيبٍ أَنَّهُ قَالَ أَوْ فَعَلَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْخُطْبَةِ شَيْئًا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُمَا مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي سَمْعٍ وَبَصَرٍ قُبِلَا وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ إذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ فِيمَا تَتَوَقَّفُ الدَّوَاعِي عَلَى مَا نَقَلَهُ مَعَ مُشَارَكَةِ كَثِيرِينَ رُدَّ.

_ قوله: (بعينها) أي: بأن تشهدَ البيِّنتان؛ بأنَّ الألف الذي أخذه أحدُهما هو الذي أخذَه الآخرُ. قوله: (في سمعٍ) أي: اتصافٍ بسمعٍ. قوله: (الدواعي) أي: تدعو الحاجة إلى نقلِه.

باب شروط من تقبل شهادته

باب شروط من تقبل شهادته وهي سِتَّةٌ أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ صَغِيرٍ وَلَوْ فِي حَالِ أَهْلِ الْعَدَالَةِ مُطْلَقًا الثَّانِي: الْعَقْلُ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَالْعَاقِلُ مَنْ عَرَفَ الْوَاجِبَ عَقْلًا الضَّرُورِيَّ وَغَيْرَهُ، والْمُمْكِنَ وَالْمُمْتَنِعَ ومَا يَضُرُّهُ ويَنْفَعُهُ غَالِبًا فَلَا تُقْبَلُ مِنْ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ إلَّا مَنْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا إذَا شَهِدَ فِي إفَاقَتِهِ الثَّالِثُ: النُّطْقُ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ أَخْرَسَ إلَّا إذَا أَدَّاهَا بِخَطِّهِ الرَّابِعُ: الْحِفْظُ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُغَفَّلٍ ومَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ غَلَطٍ وسَهْوٍ

_ قوله: (مطلقاً) أي: سواءٌ شهد بعضهم على بعض، أو في جراحٍ، أو لا. قوله: (وغيره) أي: كوجود الباري تعالى، وكون الواحد أقل من الاثنين. (والممكن): كوجود العالم. (والممتنع): هو المستحيلُ، كاجتماعِ الضدَّين، وكون الجسم الواحد في مكانين.

الْخَامِسُ: الْإِسْلَامُ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ غَيْرِ رَجُلَيْنِ كِتَابِيَّيْنِ عِنْدَ عَدَمِ بِوَصِيَّةِ مَيِّتٍ بِسَفَرِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَيُحَلِّفُهُمَا حَاكِمٌ وُجُوبًا بَعْدَ الْعَصْرِ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا، وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَمَا خَانَا وَمَا حَرَّفَا وَأَنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إثْمًا فَآخَرَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِي فَحَلَفَا بِاللَّهِ تَعَالَى لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا وَيُقْضَى لَهُمْ السَّادِسُ: الْعَدَالَةُ وَهِيَ: اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ فِي دِينِهِ، وَاعْتِدَالُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ بِرَوَاتِبِهَا فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا واجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ

_ قوله: (بعد العصر) فيقولان: والله لا نشتري به، أي: الله تعالى، أو الحلف، أو تحريف الشهادة. قوله: (ولو كان ذا قربى) أي: ولو كان الموصي ... قوله: (العدالة) هي لغة: الاستقامة. قوله: (أداء الفرائض) أي: كل فريضة من صلاة، وحج، وصومٍ، وغيرها. قوله: (برواتِبها) أي: برواتبِ ما له راتبةٌ، كالصلاة. قوله: (على تركها) أي: الرواتبِ. قوله: (ولا يدمن) أي: يداومُ. وفي «الترغيب»: بأن لا يكثر منها، ولا يصرَّ على واحدةٍ منها. وقال الشيخ تقي الدين: يعتبر العدل في كل زمن بحسبه؛ لئلا

وَالْكَذِبُ صَغِيرَةٌ إلَّا فِي شَهَادَةِ زُورٍ وَالْكَذِبُ عَلَى نَبِيٍّ وزَمَنِ فِتَنٍ وَنَحْوِهِ فَكَبِيرَةٌ وَيَجِبُ لِتَخْلِيصِ مُسْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ وَيُبَاحُ لِإِصْلَاحٍ وَلِحَرْبٍ وَلِزَوْجَةٍ فَقَطْ وَالْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ بِفِعْلٍ كَزَانٍ وَدَيُّوثٍ أَوْ بِاعْتِقَادٍ كَمُقَلِّدٍ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ نَفْيِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الرَّفْضِ أَوْ التَّجَهُّمِ وَنَحْوِهِ وَيُكَفَّرُ مُجْتَهِدُهُمْ الدَّاعِيَةِ

_ تضيع الحقوق. قوله: (ونحوه) ككذب أحد الرعية عند حاكم ظالم. قوله: (في الدنيا) كزنا وشرب خمر. قوله: (في الآخرة) كأكلِ مالِ اليتيم، والربا، وشهادة الزور. قوله: (في خلق القرآن) كالجهمية. قوله: (أو نفي الرؤية) كالمعتزلة. قوله: (ونحوه) أي: كمقلد في التجسيم. فالرافضة: هم الذين يعتقدون كفر الصحابة، أو فسقهم بتقديم غير علي عليه في الخلافة. والجهمية: هم الذين يعتقدون أن الله تعالى ليس بمستو على عرشه، وأن القرآن المكتوب في المصاحف ليس بكلام الله تعالى، بل عبارة عنه. والمعتزلة: هم الذين يقولون: إن الله سبحانه وتعالى ليس بخالق للشر، وإن العبد يخرج من الإيمانِ بالمعصيةِ، وينكرون الشفاعة. مصنف.

وَلَا قَاذِفٍ حُدَّ أَوْ لَا حَتَّى يَتُوبَ وَتَوْبَتُهُ تَكْذِيبٌ لِنَفْسِهِ وَلَوْ صِدْقًا وَتَوْبَةُ غَيْرِهِ نَدَمٌ وَإِقْلَاعٌ وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ وَإِنْ كَانَ بِتَرْكِ وَاجِبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ وَيُسَارِعُ وَيُعْتَبَرُ رَدَّ مَظْلِمَةً أَوْ يَسْتَحِلُّهُ أَوْ يَسْتَمْهِلَهُ مُعْسِرٌ وَلَا تَصِحُّ مُعَلَّقَةً وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مِنْ قَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَحْوِهِمَا إعْلَامُهُ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ وَمَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ فَسَقَ وَمَنْ أَتَى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْبِنْتَهُ مِنْ زِنًا أَوْ شَرِبَ مِنْ نَبِيذٍ مَا لَا يُسْكِرُهُ، أَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ قَادِرًا إنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ رُدَّتْ وَإِنْ تَأَوَّلَ فَلَا

_ قوله: (ولا قاذفٍ حُدَّ) أي: لم يتحقق قذفه ببينة، أو إقرار مقذوف، أو لعان إن كان القاذف زوجاً، فإن حقَّقه، لم يتعلق بقذفه فسق، ولا حد، ولا رد شهادة. قوله: (ولو كان صادقاً) فيقول: كذبت فيما قلت. قوله: (ندم) أي: ندم بقلبه على ما فعل. قوله: (وإقلاع) أي: ترك. قوله: (أن لا يعود) إلى مثل فعله. قوله: (بترك واجب) كصلاة. قوله: (معلقة) أي: معلقة بشرط، لا في الحال، ولا عند وجوده. قوله: (ونحوهما) كنميمةٍ، وشتمٍ. قوله: (بالرخص) أي: تتبُّعها من المذاهب. قوله: (وإن تأوَّل) أي: فعل ذلك مستدلاً على حله باجتهادٍ، أو تقليد. ومنه يؤخد أنه

الثَّانِي: اسْتِعْمَالُ الْمُرُوءَةِ بِفِعْلِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ وَتَرْكِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ عَادَةً فَلَا شَهَادَةَ لِمُصَافَعٍ وَمُتَمَسْخَرٍ وَرَقَّاصٍ وَمُشَعْبِذٍ وَمُغَنٍّ وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ واسْتِمَاعُهُ وطُفَيْلِيٍّ وَمُتَزَيٍّ بِزِيٍّ يُسْخَرُ مِنْهُ وَلَا لِشَاعِرٍ يُفْرِطُ فِي مَدْحٍ بِإِعْطَاءٍ وفِي ذَمٍّ بِمَنْعٍ أَوْ يُشَبِّبُ بِمَدْحِ خَمْرٍ أَوْ بِأَمْرَدَ أَوْ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَيَفْسُقُ بِذَلِكَ وَلَا تَحْرُمُ رِوَايَتُهُ، وَلَا لِلَاعِبٍ بِشِطْرَنْجٍ غَيْرِ مُقَلِّدٍ كَبِعِوَضٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ إجْمَاعًا أَوْ بِنَرْدٍ. وَيَحْرُمَانِ وبِكُلِّ مَا فِيهِ دَنَاءَةٌ حَتَّى فِي أُرْجُوحَةٍ، أَوْ رَفْعِ ثَقِيلٍ، وَتَحْرُمُ مُخَاطَرَتُهُ بِنَفْسِهِ فِيهِ وفِي ثِقَافٍ أَوْ بِحَمَامٍ طَيَّارَةٍ وَلَا لِمُسْتَرْعِيهَا مِنْ الْمَزَارِعِ أَوْ مَنْ يَصِيدُ بِهَا حَمَامَ غَيْرِهِ، وَيُبَاحُ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهَا أَوْ اسْتِفْرَاخِهَا وحَمْلِ كُتُبٍ، وَيُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لِنَغْمَتِهِ

_ لا يصحُّ التقليد بعد الفعل، بل لا بد منه حال الفعل. قوله: (المروءة) المروءة: كيفية نفسانية تحمل المرء على ملازمة التقوى، وترك الرذائل. قوله: (ويكره حبس) أي: لأنه نوع تعذيب.

وَلَا لِمَنْ يَأْكُلُ بِالسُّوقِ لَا يَسِيرًا كَلُقْمَةٍ وَتُفَّاحَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَا لِمَنْ يَمُدُّ رِجْلَهُ بِمَجْمَعِ النَّاسِ أَوْ يَكْشِفُ مِنْ بَدَنِهِ مَا لِلْعَادَةِ تَغْطِيَتُهُ أَوْ يُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَةِ أَهْلِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ أَوْ يُخَاطِبُهُمَا بفَاحِشٍ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ، أَوْ يَنَامُ بَيْنَ جَالِسِينَ، أَوْ يَخْرُجُ عَنْ مُسْتَوَى الْجُلُوسِ بِلَا عُذْرٍ، أَوْ يَحْكِي الْمُضْحِكَاتِ وَنَحْوِهِ وَمَتَى وُجِدَ الشَّرْطُ بِأَنْ بَلَغَ صَغِيرٌ أَوْ عَقِلَ مَجْنُونٌ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ تَابَ فَاسِقٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فصل ولا تشترط الْحُرِّيَّةُ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ عَبْدٍ، وأَمَةٍ فِي كُلِّ مَا يُقْبَلُ فِيهِ حُرٌّ وَحُرَّةٌ وَمَتَى تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ حَرُمَ مَنْعُهُ وَلَا كَوْنُ الصِّنَاعَةِ غَيْرَ دَنِيئَةٍ عُرْفًا، فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ حَجَّامٍ وَحَدَّادٍ وَزَبَّالٍ وَقَمَّامٍ وَكَنَّاسٍ

_ قوله: (والعادة تغطيته) كصدرٍ، وظهرٍ. قوله: (بمباضعة أهله) أي: مجامعة زوجته. قوله: (وكناس) عطف تفسيرٍ، وهما: من يقمُّ المكان ويكنسه من زبل وغيره.

وَكَبَّاشٍ وَقَرَّادٍ وَدَبَّابٍ وَنَفَّاطٍ وَنَخَّالٍ وَصَبَّاغٍ وَدَبَّاغٍ وَجَمَّالٍ وَجَزَّارٍ وَكَسَّاحٍ وَحَائِكٍ وَحَارِسٍ وَصَائِغٍ وَمَكَّارٍ وَقَيِّمٍ وَكَذَا مَنْ لَبِسَ غَيْرَ زِيِّ بَلْدَةٍ يَسْكُنُهَا أَوْ زِيِّهِ الْمُعْتَادِ بِلَا عُذْرٍ، إذَا حَسُنْت طَرِيقَتُهُمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ زِنًا حَتَّى بِهِ وبِدَوِيٍّ عَلَى قَرَوِيٍّ وأَعْمَى بِمَا سَمِعَ إذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ وَبِالِاسْتِفَاضَةِ وبِمَرْئِيَّاتٍ تَحَمَّلَهَا قَبْلَ عَمَاهُ ولَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إلَّا بِعَيْنِهِ إذَا وَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ

_ قوله: (وكباش) يلعب ويناطح، وذلك من أفعالِ السفهاء والسفل. قوله: (وقراد) أي: يربي القرود، ويطوفُ بها للتكسب. قوله: (ونفَّاط) النفاط: اللاعب بالنفط، وهو حرقُ البارود. قوله: (وقيم) أي: خدَّام. قوله: (إذا حسنت طريقتهم) أي: بأن حافظوا على أداء الفرائض، واجتنابِ المعاصي والريب.

وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَتْ رُؤْيَةُ مَشْهُودٍ لَهُ أَوْ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ وَالْأَصَمُّ كَسَمِيعٍ فِيمَا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ قَبْلَ صَمَمِهِ وَإِنْ شَهِدَ بِحَقٍّ عِنْدَ حَاكِمٍ ثُمَّ عَمِيَ أَوْ خَرِسَ أَوْ صُمَّ أَوْ جُنَّ أَوْ مَاتَ لَمْ يَمْنَعْ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ مِنْ كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ تُهْمَةٍ قَبْلَ الْحُكْمِ مَنَعَهُ غَيْرُ عَدَاوَةٍ ابْتَدَأَهَا مَشْهُودٌ عَلَيْهِ بِأَنْ قَذَفَ الْبَيِّنَةَ أَوْ قَاوَلَهَا عِنْدَ الْحُكُومَةِ وبَعْدَهُ يُسْتَوْفَى مَالٌ لِأَحَدٍ مُطْلَقًا وَلَا قَوَدَ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّخْصِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ كَحَاكِمٍ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَقَاسِمٍ وَمُرْضِعَةٍ عَلَى قِسْمَتِهِ وَإِرْضَاعِهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ

_ قوله: (مشهود له) وما تقدم في كتاب القاضي: من أن المشهود له لا يكفي فيه الصفة، محمول على ما إذا لم تتقدمه دعوى. قوله: (فيما رآه) الأصم مطلقًا. قوله: (أو تهمة) كعدواةٍ، وعصبية. قوله: (منعه) لاحتمال وجود ذلك عند أداءِ الشهادةِ. وانتفاؤه حينها شرط للحكم بها. قوله: (عند الحكومة) أي: بدون عدواةٍ ظاهرةٍ سابقةٍ. قوله: (وبعده) أي: الحكم، وقبل الاستيفاء. قوله: (مطلقاً) لله تعالى، أو لآدمي. قوله: (نفسِه) لأنه شاهدٌ لغيره.

باب موانع الشهادة

باب موانع الشهادة وَهِيَ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا: كَوْنُ مَشْهُودٍ لَهُ يَمْلِكُهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ زَوْجًا وَلَوْ فِي الْمَاضِي أَوْ مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَلَوْ لَمْ يَجُرَّ نَفْعًا غَالِبًا كَبِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ قَذْفٍ وَتُقْبَلُ لِبَاقِي أَقَارِبِهِ كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ ولِوَلَدِهِ ووَالِدِهِ مِنْ زِنًا أَوْ رَضَاعٍ ولِصَدِيقِهِ وَعَتِيقِهِ وَمَوْلَاهُ وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ

_ باب موانع الشهادة جمع مانع، وهو: ما يحول بين الشيء ومقصوده، وهذه الموانع تحول بين الشهادةِ والمقصود منها، وهو: قبولها والحكم بها. قوله: (سبعة) بالاستقراء. قوله: (يملكه) أي: الشاهد. قوله: (ولو في الماضي) بأن شهد أحدهما للآخر بعد البينونة، فلا تقبل، ولو لم يتقدم ردها حال الزوجية، خلافاً لـ «الإقناع». قوله: (نسبه) أي: الشاهد، ولو من ذوي الأرحام، كولد بنت. قوله: (على أبيهما) أو على زوج أمهما الأجنبي، كما في

أُمِّهِمَا وَهِيَ تَحْتَهُ أَوْ طَلَاقِهَا قَبْلًا وَمَنْ ادَّعَى عَلَى مُعْتِقِ عَبْدَيْنِ أَنَّهُ غَصَبَهُمَا مِنْهُ فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِهِ لَمْ تُقْبَلْ لِعَوْدِهِمَا إلَى الرِّقِّ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ مُعْتَقَهُمَا كَانَ حِينَ الْعِتْقِ غَيْرَ بَالِغٍ وَنَحْوِهِ أَوْ جَرَّحَا شَاهِدَيْ حُرِّيَّتِهِمَا وَلَوْ عَتَقَا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَشَهِدَا بِدَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ فِي الرِّقِّ لَمْ تُقْبَلْ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ سَيِّدٍ الثَّانِي أَنْ يَجُرَّ بِهَا نَفْعًا لِنَفْسِهِ كَشَهَادَتِهِ لِرَقِيقِهِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ لِمُورِثِهِ بِجُرْحٍ قَبْلَ انْدِمَالِهِ أَوْ لِمُوصِيهِ ; أَوْ مُوَكِّلِهِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ

_ «شرح الإقناع». قوله: (قبلا) كما لو لم تكن أمُّهما تحته. «شرح إقناع». قوله: (فيما وكل فيه) أي: أو وصي فيه، وإنما لم يصرح به، اكتفاءً بقوله: (وكل فيه)؛ لأن الوصي وكيل، ولم يقل: وكلا فيه؛ لأن العطف بـ «أو»، وهو مجوز للإفراد. والمعنى: أنه لا تقبل شهادة أحدهما للموصي والموكل بملكهما فيما حصل التوكيل فيه؛ لأنهما يثبتان لهما

وَلَوْ بَعْدَ انْحِلَالِهِمَا أَوْ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ أَوْ لِمُسْتَأْجِرِهِ بِمَا اسْتَأْجَرَهُ فِيهِ أَوْ مَنْ فِي حِجْرِهِ أَوْ غَرِيمٍ بِمَالٍ لِمُفْلِسٍ بَعْدَ حَجْرٍ أَوْ أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ أَوْ مَنْ لَهُ كَلَامٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ وَإِنْ قَلَّ فِي رِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ لِمَصْلَحَةٍ لَهُمَا وَتُقْبَلُ لِمُورِثِهِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ وَإِنْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَدْفَعَ بِهَا ضَرَرًا عَنْ نَفْسِهِ كَالْعَاقِلَةِ بِجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ الْخَطَأِ وبِجَرْحِ شُهُودِ دَيْنٍ عَلَى مُفْلِسٍ وكُلِّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إذَا شَهِدَ بِجَرْحِ شَاهِدٍ عَلَيْهِ الرَّابِعُ الْعَدَاوَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْرُوثَةً أَوْ مُكْتَسَبَةً، كَفَرَحِهِ بِمُسَاءَتِهِ أَوْ غَمِّهِ بِفَرَحِهِ وَطَلَبِهِ لَهُ الشَّرَّ، فَلَا تُقْبَلُ عَلَى عَدُوِّهِ إلَّا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ فَتَلْغُوَ مِنْ مَقْذُوفٍ عَلَى قَاذِفِهِ، ومَقْطُوعٍ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ عَلَى قَاطِعِهِ

_ حقَّ التصرف. قوله: (في مرضه) لعدم استحقاقِه له إذن، كم يريد نكاح امرأةٍ. قوله: (لغير الله تعالى) احترز به عن شهادة المسلم على الكافر، والسني على البدعيِّ، فإنها تقبل.

ومِنْ زَوْجٍ فِي زِنًا بِخِلَافِ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ وَكُلُّ مَنْ لَا تُقْبَلُ لَهُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ عَلَيْهِ الْخَامِسُ الْحِرْصُ عَلَى أَدَائِهَا قَبْلَ اسْتِشْهَادِ مَنْ يَعْلَمُ بِهَا قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا إلَّا فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا السَّادِسُ الْعَصَبِيَّةُ. فَلَا شَهَادَةَ لِمَنْ عُرِفَ بِهَا، وَبِالْإِفْرَاطِ فِي الْحَمِيَّةِ السَّابِعُ أَنْ تُرَدَّ لِفِسْقِهِ ثُمَّ يَتُوبَ ثُمَّ يُعِيدَهَا، فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا تَابَ لِتُقْبَلَ شَهَادَتُهُ وَلِإِزَالَةِ الْعَارِ الَّذِي لَحِقَهُ بِرَدِّهَا ; وَلِأَنَّ رَدَّهُ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى تَابَ قُبِلَتْ وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَوْ أَخْرَسُ فَزَالَ وَأَعَادُوهَا قُبِلَتْ لَا إنْ شَهِدَ لِمُورِثِهِ بِجُرْحٍ قَبْلَ بُرْئِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ فِي شُفْعَةٍ عَنْهَا فَرُدَّتْ أَوْ رُدَّتْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ فَبَرِئَ مُورِثُهُ وَعَتَقَ مُكَاتَبُهُ وَعَفَا الشَّاهِدُ عَنْ

_ قوله: (بخلاف قتل) يشهد به عليها، فيقبل. قوله: (من يعلم بها) بخلاف من لا يعلم بها، فإنه لا يقدح. قوله: (ونحوهما) كظهارٍ؛ لعدم اشتراط تقدم الدعوى. قوله: (قبلت) لأن ردها لهذه الموانع لا غضاضة فيه، فلا تهمة، بخلاف ردها للفسق.

شُفْعَتِهِ وَزَالَ الْمَانِعُ ثُمَّ أَعَادُوهَا وَمَنْ شَهِدَ بِحَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَهُ وَأَجْنَبِيٍّ رُدَّتْ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي نَفْسِهَا

_ قوله: (ثم أعادوها)؛ لأن ردها كان باجتهاد الحاكم، فلا ينقض بالاجتهاد الثاني، ولأنها ردت للتهمةِ، كالردِّ للفسق، والوجه الثاني: يقبل. قال في «الإنصاف»: وهو المذهب. قوله: (له) كأبيه. قوله: (في نفسها) قلت: وقياسه لو حكم له ولأجنبي. منصور البهوتي.

باب أقسام المشهود به

باب أقسام المشهود به وَهِيَ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا: الزِّنَا وَمُوجِبُ حَدِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ يَشْهَدُونَ بِهِ أَوْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ أَرْبَعًا الثَّانِي: إذَا ادَّعَى مَنْ عُرِفَ بِغِنًى أَنَّهُ فَقِيرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ الثَّالِثُ الْقَوَدَ وَالْإِعْسَارَ، وَوَطْءٌ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ وَبَقِيَّةُ الْحُدُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ وَيَثْبُتُ قَوَدٌ بِإِقْرَارٍ مَرَّةً الرَّابِعُ: مَا لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا، كَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَخُلْعٍ وَنَسَبٍ وَوَلَاءٍ، وَكَذَا تَوْكِيلٌ وَإِيصَاءٌ فِي غَيْرِ مَالٍ فَكَاَلَّذِي قَبْلَهُ.

_ باب أقسام المشهود به من حيث عدد الشهود. قوله: (وهي سبعة) أي: بالاستقراء. قوله: (موجب حده) أي: اللواط. قوله: (وبقية الحدود) كحد قذفٍ، وشرب، وسرقة. قوله: (وخلع) أي: إذا ادَّعته الزوجة، أما إن ادعاه الزوج، فكالمال، كما سيأتي. قوله: (وطلاق) أي: بلا مالٍ ادعاه زوج.

الْخَامِسُ: الْمَالُ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ وَكَقَرْضٍ وَرَهْنٍ الْوَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ وَإِجَارَةٍ وَشَرِكَةٍ وَحَوَالَةٍ وَصُلْحٍ وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَمَهْرٍ وَتَسْمِيَتِهِ وَرِقٍّ مَجْهُولٍ وَعَارِيَّةٍ وَشُفْعَةٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ وَضَمَانَةٍ وَتَوْكِيلٍ وَإِيصَاءٍ فِيهِ وَوَصِيَّةٍ بِهِ لِعَيْنٍ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ وَبَيْعٍ وَأَجَلِهِ وَخِيَارٍ فِيهِ وَجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا يُوجِبُ قَوَدًا بِحَالٍ أَوْ تُوجِبُ مَالًا، وَفِي بَعْضِهَا قَوَدٌ كَمَأْمُومَةٍ وَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ لَهُ قَوَدُ مُوضِحَةٍ فِي ذَلِكَ وَكَ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ ودَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ، ودَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَنَحْوِهِ فَيَثْبُتُ الْمَالُ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وبِرَجُلٍ وَيَمِينٍ لَا امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ نَكَلَ عَنْهُ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْحَقُّ فَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ عَلَيْهِ

_ قوله: (بحال) كجائفة. قوله: (في ذلك) وأخذ تفاوت الدية. قوله: (لمنع رقه) أي: استرقاقه. قوله: (ونحوه) أي: مما يقصد به المال، كدعوى تقدُّم ملك؛ ليأخذ بالشفعة. قوله: (فيثبت المال) من مأمومة وهاشمة ومنقلةٍ، لا قود الموضحة. وكذا كلُّ ما يقصد به المال. قوله: (عليه) أي: اليمين. قوله: (وسقط) أي: سقطت المطالبة في تلك الدعوى، فلا ينافي أن له الدعوى ثانياً، ويحلف مع شاهده.

وَلَوْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ حَقٌّ بِشَاهِدٍ فَأَقَامُوهُ فَمَنْ حَلَفَ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ نَاكِلٍ السَّادِسُ دَاءُ دَابَّةٍ ومُوضِحَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَيُقْبَلُ قَوْلُ طَبِيبٍ وَبَيْطَارٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ غَيْرِهِ فِي مَعْرِفَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ اثْنَانِ وَإِنْ اخْتَلَفَا قُدِّمَ قَوْلُ مُثْبِتٍ عَلَى نَافٍ السَّابِعُ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ، الرَّضَاعِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا جِرَاحَةٌ وَغَيْرُهَا فِي حَمَّامٍ وَبُرْسٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَحْضُرُهُ الرِّجَالُ فَيَكْفِي فِيهِ امْرَأَةٌ عَدْلٌ وَالْأَحْوَطُ اثْنَانِ وَإِنْ شَهِدَ بِهِ رَجُلٌ فأَوْلَى لِكَمَالِهِ فصل ومن ادعت إقرار زوجها بإخوة رضاع فَأَنْكَرَ لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ

_ قوله: (ناكلٍ) أي: في حياته؛ لأنه لا حق له إذن، فإن مات، فلوارثه الدعوى وإقامةُ الشاهد، ويحلف معه ويأخذ. قوله: (ونحوه) كبرص بظهر امرأة أو بطنها، ورتق، ونحوه. قوله: (وغيرها) كعارية. قوله: (مما لا يحضره رجال) أي: غالباً. قوله: (إلا رجلان) لأنَّه من الرابع.

وَإِنْ شَهِدَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ وَإِنْ شَهِدُوا بِسَرِقَةٍ ثَبَتَ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ وَيُغَرِّمُهُ بِنِكْلٍ وَإِنْ ادَّعَى زَوْجٌ خُلْعًا قُبِلَ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ وَيَمِينُهُ فَيَثْبُتُ الْعِوَضُ وَتَبِينُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَإِنْ ادَّعَتْهُ لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ وَإِنْ أَقَامَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ بِتَزْوِيجِهَا بِمَهْرٍ ثَبَتَ الْمَهْرُ وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ مَا سَرَقَ أَوْ مَا غَصَبَ وَنَحْوَهُ فَثَبَتَ فِعْلُهُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ ثَبَتَ الْمَالُ وَلَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِرَجُلٍ أَوْ رَجُلٌ وَحَلَفَ مَعَهُ أَنَّ فُلَانَةَ أُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهَا مِنْهُ قُضِيَ لَهُ بِهَا أُمِّ وَلَدٍ وَلَا تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ وَلَدِهَا وَلَا نَسَبُهُ

_ قوله: (لم يثبت شيء) أي: لا قصاص ولا دية. قوله: (ويغرمه ناكل) لا بيِّنة عليه، ولا يقطع. قوله: (ثبت المهر) أي: دون النكاح؛ لأنه حق الزوج فلا تدَّعيه، ولا يثبت إلا برجلين. قوله: (أم ولد) لأنها مملوكته، له وطؤها، والملكُ ثبت بالبيِّنة، والاستيلاد بإقراره؛ لنفوذه في ملكه.

وَلَوْ وُجِدَ عَلَى دَابَّةٍ مَكْتُوبٌ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ عَلَى أُسْكُفَّةِ دَارٍ أَوْ حَائِطِهَا وَقْفٍ، أَوْ مَسْجِدٌ حُكِمَ بِهِ وَلَوْ وَجَدَهُ عَلَى كُتُبِ عِلْمٍ فِي خِزَانَةٍ مُدَّةً طَوِيلَةً فَكَذَلِكَ وَإِلَّا عُمِلَ بِالْقَرَائِنِ

_ قوله: (مكتوب) نائب فاعل (وجد). وقوله: (حبيس) بدل، أي: وجد هذا اللفظ. قوله: (أسكفة) الباب قال في «المصباح»: أسكفة بضم الهمزة: عتبته العليا. انتهى. فقول المصنف (أسكفة دار) على حذف مضاف، أي: أسكفة باب دارٍ. قوله: (ولو وجده) أي: وجد الحاكم مكتوبًا.

باب الشهادة على الشهادة والرجوع عنها وأدائها

باب الشهادة على الشهادة والرجوع عنها وأدائها لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَّا بِثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا: كَوْنُهَا فِي حَقٍّ يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ قَاضٍ إلَى قَاضٍ الثَّانِي: تَعَذُّرُ شُهُودِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ غَيْبَةِ مَسَافَةِ قَصْرٍ الثَّالِثُ: دَوَامُ تَعَذُّرِهِمْ لَى صُدُورِ الْحُكْمِ فَمَتَى أَمْكَنَتْ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَهُ وُقِفَ عَلَى سَمَاعِهَا الرَّابِعُ: دَوَامُ عَدَالَةِ أَصْلٍ وَفَرْعٍ إلَيْهِ فَمَتَى حَدَثَ قَبْلَهُ مِنْ أَحَدِهِمْ مَا يَمْنَعُ قَبُولَهُ وُقِفَ الْخَامِسُ: اسْتِرْعَاءُ الْأَصْلِ الْفَرْعِ أَوْغَيْرِهِ وَهُوَيَسْتَمِعُ فَيَقُولُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ وَقَدْ عَرَفْتَهُ أَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ أَوْ شَهِدْت عَلَيْهِ

_ باب الشهادة على الشهادة، والرجوع عنها، وأدائها أي: ألفاظ أدائها. قوله: (في حق) وهو حق الآدمي خاصة.

أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا وَإِلَّا لَمْ يَشْهَدْ إلَّا إنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ يَعْزُوهَا إلَى سَبَبٍ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ وَنَحْوِهِمَا السَّادِسُ: أَنْ يُؤَدِّيَهَا الْفَرْعُ بِصِفَةِ وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ بِفَرْعَيْنِ وَلَوْ عَلَى كُلِّ أَصْلٍ فَرْعٍ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ بفَرْعٍ مَعَ أَصْلٍ آخَرَ وَيَصِحُّ تَحَمُّلُ فَرْعٍ عَلَى فَرْعٍ وأَنْ يَشْهَدَ النِّسَاءُ فِي أَصْلٍ وَفَرْعٍ وَفَرْعٍ وَفَرْعٍ فَيُقْبَلُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى مِثْلِهِمْ أَوْ عَلَى رَجُلَيْنِ أَصْلَيْنِ أَوْ فَرَعَيْنَ وامْرَأَةٌ عَلَى امْرَأَةٍ فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ الْمَرْأَةُ السَّابِعُ: تَعْيِينُ شَاهِدَيْ فَرْعٍ لِأَصْلِهِ الثَّامِنُ: ثُبُوتُ عَدَالَةِ الْجَمِيعِ فَلَا يَجِبُ عَلَى فَرْعٍ تَعْدِيلُ أَصْلٍ تُقْبَلُ بِهِ وبِمَوْتِهِ وَنَحْوِهِ لَا تَعْدِيلُ شَاهِدٍ لِرَفِيقِهِ

_ قوله: (وإلا) أي: وإلا يسترعه ولا غيره مع سماعه. قوله: (لرقيقه) بعد شهادته، أصلا كان أو فرعا، فلو كان زكاة ثم شهد، قبلت شهادتُهما.

وَمَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدا فرُعٍ عَلَى أَصْلٍ وَتَعَذَّرَ وَالْآخَرُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ وَإِذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا وَيَضْمَنُ شُهُودُ الْفَرْعِ بِرُجُوعِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ مَا لَمْ يَقُولُوا: بَانَ لَنَا كَذِبُ الْأُصُولِ أَوْ غَلَطُهُمْ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ بَعْدَهُ لَمْ يَضْمَنُوا إلَّا إنْ قَالُوا: كَذَبْنَا أَوْ غَلِطْنَا وَإِنْ قَالَا بَعْدَهُ مَا أَشْهَدْنَاهُمَا بِشَيْءٍ لَمْ يَضْمَنْ الْفَرِيقَانِ شَيْئًا فصل ومن زاد في شهادته أَوْ نَقَصَ لَا بَعْدَ حُكْمِ أَوْ أَدَّى

_ قوله: (الفرع) أي: محكوماً به، كتلفه بمباشرتهم. قوله: (أو غلطهم)؛ لأنه ليس برجوع. قوله: (أو غلطنا) فليزمهما الضمان. قوله: (في شهادته) كمن شهد بمئةٍ، ثم قال: هي مئة وخمسون. قوله: (لا بعد حكمٍ) أي: قبل، وحكم بما شهد به أخيرًا.

بَعْدَ إنْكَارِهَا قُبِلَ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ ثُمَّ يَشْهَدُ فَإِنْ رَجَعَ لَغَتْ وَلَا حُكْمَ وَلَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِرُجُوعٍ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ أَعَادَهَا قُبِلَتْ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ حُكْمٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَيَضْمَنُونَ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُمْ مَشْهُودٌ لَهُ أَوْ تَكُنْ الشَّهَادَةُ لِاثْنَيْنِ فَبَرَأَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَا

_ قوله: (بعد إنكارها) بقوله: ليس لي عليه شهادة، ثم قال: كنت أنسيتها. قوله: (وإن رجع) شاهدٌ عن شهادته قبل الحكم بها. قوله: (ولا حكم) أي: جائزٌ ولو أدَّاها بعد. قوله: (ولم يضمن) راجع قبل الحكم. قوله: (ثم أعادها) وفي وجوب الإعادة احتمالان، الأولى عدمه. قاله في «الإنصاف». قوله: (ويضمنون) بدل ما شهدوا به من المال قبض، أو لا، قائماً كان أو تالفًا، وقيمة ما شهدوا بعتقِه. قوله: (مالم يصدقهم) على بطلانِ الشهادة. قوله: (بالمال) فلا ضمان، ويردُّ المشهودُ له ما قبضه أو بدله. قوله: (فيبرأ منه) مشهودٌ عليه بغير دفع.

وَلَوْ قَبَضَهُ مَشْهُودٌ لَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لِمَشْهُودٍ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَاهُ وَلَا يَغْرَمُ مُزَكٍّ بِرُجُوعِ مُزَكًّى وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ حُكْمِ شُهُودِ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ إلَّا قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ الْمُسَمَّى أَوْ بَدَلَهُ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقَرَابَةِ وَشُهُودُ الشِّرَاءِ فَالْغُرْمُ عَلَى شُهُودِ الْقَرَابَةِ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ بَعْدَ حُكْمٍ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ وَوَجَبَتْ دِيَةُ قَوَدٍ وَإِنْ اُسْتُوْفِيَ قَوَدٌ أَوْ حَدٌّ حُكِمَ بِهِ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ قَالُوا أَخْطَأْنَا غَرِمُوا دِيَةَ مَا تَلِفَ أَوْ أَرْشَ الضَّرْبِ وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ فِي مَالٍ غَرِمَ سُدُسًا وَهُنَّ الْبَقِيَّةَ وَكَذَا إرْضَاعٌ وَلَوْ شَهِدَ سِتَّةٌ بِزِنًا أَوْ أَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ بِإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا لَزِمَتْهُمْ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا وَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً بِزِنًا فَأَخْمَاسًا وَلَوْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ غَرِمَ بِقِسْطِهِ وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنًا واثْنَانِ مِنْهُمْ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا

_ قوله: (إلا قبل الدخول) بالمطلقة؛ لتقرر النصف بشهادتهم بالطلاق. قوله: (ما تلف) أي: من نفس أو دونها.

فَعَلَى مَنْ شَهِدَ بِالْإِحْصَانِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَعَلَى الْآخَرَيْنِ ثلثها وَإِنْ رَجَعَ زَائِدٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ اُسْتُوْفِيَ وَيُحَدُّ الرَّاجِعُ لِقَذْفِهِ وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ زِنًا أَوْ إحْصَانٍ غَرِمُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً وَرُجُوعُ شُهُودِ تَزْكِيَةٍ كَرُجُوعِ مَنْ زَكَّوْهُمْ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ كِتَابَةٍ غَرِمُوا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قِنًّا وَمُكَاتَبًا فَإِنْ عَتَقَ فمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَمَالُ كِتَابَةٍ وَكَذَا شُهُودٌ بِاسْتِيلَادٍ وَلَا ضَمَانَ بِرُجُوعِ شُهُودِ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ بَرَاءَةٍ مِنْهَا أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمِّ عَمْدٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ مَالًا وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلشَّهَادَةِ الْأُولَى فَكَرُجُوعٍ وَأَوْلَى وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ

_ قوله: (ومال كتابة) إن نقص عنها، وإلا فلا غرم. قوله: (باستيلادٍ) فيغرمون ما بين قيمتها قنا وأم ولد، وبعد عتق يغرمون كل قيمتها. قوله: (بعد الحكم بمناف) كأن شهد بقرض وحكم به، ثم شهد بأنه وفاه قبل.

وَإِنْ بان بَعْدَ حُكْمٍ كَفَرَ شَاهِدٌ بِهِ أَوْ فِسْقُهُمَا أَوْ أَنَّهُمَا مِنْ عَمُودَيْ نَسَبٍ مَحْكُومٍ لَهُ أَوْ عَدُّوا مَحْكُومٍ عَلَيْهِ نُقِضَ وَرَجَعَ بِمَالٍ أَوْ بِبَدَلِهِ وبِبَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى عَلَى مَحْكُومٍ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى بِإِتْلَافِ حَيٍّ أَوْ بِمَا يَسْرِي إلَيْهِ ضَمِنَهُ مُزَكُّونَ إنْ كَانُوا وَإِلَّا أَوْ كَانُوا فَسَقَةً فَحَاكِمٌ وَإِذَا عَلِمَ حَاكِمٌ بِشَاهِدِ زُورٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ يَقِينًا عَزَّرَهُ وَلَوْ تَابَ بِمَا يَرَاهُ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ مَعْنَاهُ وَطِيفَ بِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَشْتَهِرُ فِيهَا فَيُقَالُ: إنَّا وَجَدْنَاهُ شَاهِدَ زُورٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَلَا يُعَزَّرُ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُغَلِّطُهُ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ بِرُجُوعِهِ وَمَتَى ادَّعَى شُهُودُ قَوَدٍ خَطَأً عُزِّرُوا فصل وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا بأَشْهَدُ أَوْ شَهِدْتُ فَلَا يَكْفِي أَنَا شَاهِدٌ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أَعْلَمُ أَوْ أَحِقُّ وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْتُ بِهِ خَطِّي أَوْ مَنْ تَقَدَّمَهُ غَيْرُهُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوْ وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ أَوْ كَذَلِكَ أَشْهَدُ صَحَّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْ

_ ....

باب اليمين في الدعاوى

باب اليمين في الدعاوى وَهِيَ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ حَالًا وَلَا تُسْقِطُ حَقًّا وَيُسْتَحْلَفُ مُنْكِرٌ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ غَيْرَ نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ وَأَصْلُ رِقٍّ كَدَعْوَى رِقِّ لَقِيطٍ ووَلَاءٍ وَاسْتِيلَادِ وَنَسَبٍ وَقَذْفٍ وَقِصَاصٍ فِي غَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُقْضَى فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ بِنُكُولِهِ وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِي حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ وعِبَادَةٍ وصَدَقَةِ وكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَلَا شَاهِدٌ وحَاكِمٌ وَلَا وَصِيٌّ عَلَى نَفْيِ دَيْنٍ عَلَى مُوصِيهِ وَلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا كَلَّفَنِي أَنِّي مَا أُحَلِّفُهُ

_ باب اليمين في الدعاوى أي: صفتها وما يجب به، وما يتعلق بها. قوله: (ولا يستحلف) أي: منكر. قوله: (ولا شاهد) بالرفع عطفاً على الضمير في (ولا يستحلف) العائد على المنكر. شيخنا محمد الخلوتي.

وَلَا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَقَالَ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي وَإِنْ ادَّعَى وَصِيٌّ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حَلَفُوا فَإِنْ نَكَلُوا قَضَى عَلَيْهِمْ وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ

_ قوله: (ومن حلف على فعل غيره ... إلخ) هذه العبارة تشتمل على ثماني صور: الأولى: الحلف على فعل النفس إثباتاً، كأن يدعي شخص قضاء دين ونحوه، ويقيم شاهداً فيحلف معه. الثانية: الحلف على فعل النفس نفياً، كأن يدعى عليه نحو غصب، فينكر. الثالثة: الحلف في دعوى عليه إثباتاً، كما إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن، فإن المشتري مثلا مدع أنه اشتراها بتسعة لا بعشرة، فيحلف أنه لم يشترها بتسعة، وإنما اشتراها بعشرة. الرابعة: الحلف في دعوى عليه نفياً، كأن يدعى على شخص دين، فينكر. الخامسة: على فعل الغير إثباتاً، كأن يدعي على شخص نحو بيع أو إجارة، ويقيم شاهداً فيحلف معه على ذلك. السادسة: الحلف على فعل الغير نفياً، كأن يدعى عليه أن أباه غصب، ونحوه، فينكره.

أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ فِي إثْبَاتٍ أَوْ فِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ

_ السابعة: في دعوى على الغير إثباتاً، كأن يدعي على عمرو ديناً، ويقيم زيد شاهداً، فيحلف معه. الثامنة: في دعوى عليه نفيا، كأن يدعى على مورثه دين، فينكره. وملخص ذلك: أن ما يتعلق بنفسه مطلقاً، أو بغيره إثباتاً، فعلى البت، وعلى الغير نفياً، فعلى نفي العلم. وبخطه على قوله: (ومن حلف على فعل غيره) سواء ادعى: أن زيداً غصبه نحو ثوب، أو اشتراه منه ونحوه، فأنكر، وأقام المدعي شاهداً بدعواه. قوله: (أو دعوى عليه) أي: على غيره؛ بأن ادعى ديناً على زيد مثلا، فأنكر، وأقام المدعي شاهداً وأراد الحلف معه، حلف على البت. قوله: (في إثبات) راجع للصورتين. وقوله: (أو فعل نفسه) أي: نفياً، أو إثباتا، كحلفه أنه ما غصب، أو أنه وفى غريمه، وكذا قوله: (أو دعوى عليه) نفياً، كقوله: لا حق له علي. إو إثباتاً، كإن هذه العين التي بيدي ملكي. فهذه ست صور يحلف فيها على البت، أربع متعلقة بالحالف، وصورتان بغيره، وأما صورتا نفي غير الحالف، فعلى نفي العلم، كما ذكر ذلك كله المصنف. قوله: (أو فعل نفسه) كإن ادعى عليه إنسان: أنه غصبه -ونحوه- شيئا، فأنكر، وأراد المدعي يمينه، حلف على البت. قوله: (أو دعوى عليه) بأن ادعي عليه دين، فأنكره، ويطلب يمينه.

وَمَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ أَوْ نَفْيِ دَعْوَى عَلَيْهِ فعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَرَقِيقُهُ كَأَجْنَبِيٍّ فِي حَلِفِهِ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ وَأَمَّا بَهِيمَتُهُ فَمَا يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ أَوْ تَفْرِيطٍ فعَلَى الْبَتِّ وَإِلَّا فعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَلَفَ لِجَمَاعَةٍ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينَهَا مَا لَمْ يَرْضُوا بوَاحِدَةٍ فصل وتجزئ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ

_ قوله: (على نفي فعل غيره) نحو: أن يدعي عليه أن أباه اغتصبه كذا، وهو بيده، فأنكر، وأراد المدعي يمينه، حلف على نفي العلم. قوله: (أو نفي دعوى عليه) أي: على غيره، كإن ادعى على أبيه ديناً فأنكر الوارث، وطلب يمينه. قوله: (وتجزيء بالله تعالى وحده ... إلخ) هذه عبارة "المحرر". قال والد المصنف: ظاهر كلام المصنف - يعني: صاحب "المحرر" - وغيره من الأصحاب، أنه لا يجزيء الحلف بصفة من صفات الله، لكن الزركشي ذكر: أن حكم الحلف بصفات الله تعالى حكم الحف بالله، ولم أر من صرح بذلك غيره. انتهى.

وَلحاكْمِ تَغْلِيظِهَا فِيمَا فِيهِ خَطَرٌ كَجِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ قَوَدًا وَعِتْقًا وَنِصَابَ زَكَاةٍ بِلَفْظِ كَوَ اللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الضَّارِّ النَّافِعِ الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَيَقُولُ يَهُودِيٌّ وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ وَأَنْجَاهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ وَيَقُولُ نَصْرَانِيٌّ وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَجَعَلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيَقُولُ مَجُوسِيٌّ وَوَثَنِيٌّ وَاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَصَوَّرَنِي وَرَزَقَنِي وَيَحْلِفُ صَابِئٌ وَمَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِاَللَّهِ تَعَالَى وبَعْدِ الْعَصْرِ أَوْ بَيْنَ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وبِمَكَانِ فَبِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَبِالْقُدْسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَبَقِيَّةِ الْبِلَادِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَبِحَلِفِ ذِمِّيٍّ بِمَوْضِعٍ يُعَظِّمُهُ زَادَ بَعْضُهُمْ وبِهَيْئَةٍ كَتَحْلِيفِهِ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَمَنْ أَبَى تَغْلِيظًا لَمْ يَكُنْ نَاكِلًا وَإِنْ رَأَى حَاكِمٌ تَرْكَهُ فَتَرَكَهُ كَانَ مُصِيبًا

_ قوله: (صابيء) أي: يعظم النجوم.

كتاب الإقرار

كتاب الإقرار وَهُوَ إظْهَارُ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ مَا عَلَيْهِ بِلَفْظٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ أَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ فَيَصِحُّ وَلَوْ مَعَ إضَافَةِ الْمِلْكَ إلَيْهِ ومِنْ سَكْرَانَ أَوْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ قِنٍّ أُذِنَ لَهُمَا فِي تِجَارَةٍ فِي قَدْرِ مَا أَذِنَ لَهُمَا فِيهِ لَا مُكْرَهٍ عَلَيْهِ وَلَا بِإِشَارَةِ مُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ بِمُتَصَوَّرٍ مِنْ مُقِرٍّ الْتِزَامُهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ بِيَدِهِ وَوِلَايَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ لَا مَعْلُومًا وَتُقْبَلُ دَعْوَى إكْرَاهٍ بِقَرِينَةٍ كَتَوْكِيلٍ بِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ أَوْ تَهْدِيدِ قَادِرٍ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ إكْرَاهٍ عَلَى طَوَاعِيَةٍ وَلَوْ قَالَ مَنْ ظَاهِرُ الْإِكْرَاهِ عَلِمْتُ أَنِّي لَوْ لَمْ أُقِرَّ أَيْضًا أَطْلَقُونِي فَلَمْ أَكُنْ مُكْرَهًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ ظَنٌّ مِنْهُ فَلَا يُعَارَضُ بِيَقِينِ الْإِكْرَاهِ

_ قوله: (بما يمكن) أي: على وجه يمكن ... إلخ. محمد الخلوتي. قوله: (فيصح) ظاهر التفريع: أنه لو كان إنشاء، لم يصح مع إضافة الملك إليه، وفي وجهه خفاء. منصور البهوتي. قوله: (التزامه) بخلاف ما لو ادعى عليه جناية منذ عشرين سنة، وعمره دونها، فلا يصح إقراره بذلك.

وَمَنْ أُكْرِهَ لِيُقِرَّ بِدِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِدِينَارٍ أَوْ لِزَيْدٍ فَأَقَرَّ لِعَمْرٍو أَوْ عَلَى وَزْنِ مَالٍ فَبَاعَ دَارِهِ وَنَحْوَهَا فِي ذَلِكَ صَحَّ وَكُرِهَ الشِّرَاءُ مِنْهُ وَيَصِحُّ إقْرَارُ صَبِيٍّ أَنَّهُ بَلَغَ بِاحْتِلَامٍ إذَا بَلَغَ عَشْرًا وَلَا يُقْبَلُ بِسِنٍّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَقَالَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ أَكُنْ حِينَ إقْرَارِي بَالِغًا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ بُلُوغَهُ حَالَ الشَّكِّ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْبَتَ بِعِلَاجٍ أَوْ دَوَاءٍ لَا بِبُلُوغٍ لَمْ يُقْبَلْ وَمَنْ ادَّعَى جُنُونًا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْمَرِيضُ وَلَوْ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِوَارِثٍ وبِأَخْذِ دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ وَارِثِهِ وبِمَالٍ لَهُ وَلَا يُحَاصُّ مُقَرٌّ لَهُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِعَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ أَوْ عَكْسِهِ فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ بِهَا

_

وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ نَفَذَ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ وَلَمْ يُنْقَضَا بِإِقْرَارِهِ بَعْدُ وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِوَارِثٍ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا لَزِمَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا لَا مَهْرَ لَهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَخْذِهِ أَوْ إسْقَاطِهِ وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ دَيْنٍ ثَابِتٍ عَلَى وَارِثٍ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لَلْأَجْنَبِيِّ وَالِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ إقْرَارِهِ فَلَوْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ لَمْ يَلْزَمْ وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ لَزِمَ وَلَوْ صَارَ وَارِثًا فصل وإن أقر قن ولو آبقا بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ

_ قوله: (صح للأجنبي) أي: صحة غير متوقفة على شيء، ولم يصح للوارث إلا ببينة أو إجازة. محمد الخلوتي. قوله: (ونحوه) كموجب تعزير، أو كفارة. قوله: (صح) أي: صح إقراره.

وَأُخِذَ بِهِ فِي الْحَالِ مَا لَمْ يَكُنْ الْقَوَدُ فِي نَفْسٍ فبَعْدَ عِتْقٍ فَطَلَبَ جَوَابَ دَعْوَاهُ مِنْهُ وَمِنْ سَيِّدِهِ جَمِيعًا وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ مَا يُوجِبُ مَالًا فَقَطْ وَإِنْ أَقَرَّ قِنٌّ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ بِمَالٍ أَوْ بِمَا يُوجِبُهُ أَوْ مَأْذُونٌ لَهُ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ فَكَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَمَا صَحَّ إقْرَارُ قِنٍّ بِهِ فَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ وَإِلَّا فَسَيِّدُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِجِنَايَةٍ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ وقِنٌّ بِسَرِقَةِ مَالِ سَيِّدِهِ وَكَذَّبَهُ سَيِّدُهُ قُبِلَ فِي قَطْعِ دُونَ مَالٍ

_ قوله: (في الحال) أي: لا بعد العتق. قوله: (في نفس) ويكذبه سيده. قوله: (جواب دعواه) أي: القود في النفس. قوله: (جميعاً) لأنه لا يصح من أحدهما على الآخر. قوله: (فقط) كالعقوبة والطلاق، فإن أقر عليه بما يوجب مالاً، صح في مال المقر. قوله: (فكمحجور عليه) أي: لفلس. قوله: (وما صح إقرار قن به) كحد وقود وطلاق. قوله: (وإلا) أي: بأن أوجب مالا. قوله: (فسيده) والقود في النفس هما خصمان فيه، كما سبق. قوله: (بذلك) أي: بأنه جنى. قوله: (في قطع) فيقطع في الحال. قوله: (دون مال) لكن يتبع به بعد عتقه، كما تقدم. "شرح".

وَإِنْ أَقَرَّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ لِسَيِّدِهِ أَوْ سَيِّدُهُ لَهُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِأَلْفٍ عَتَقَ ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَالْإِقْرَارُ لِقِنِّ غَيْرِهِ إقْرَارٌ لِسَيِّدِهِ ولِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ يَصِحُّ وَلَوْ أَطْلَقَ وَلَا يَصِحُّ لِدَارٍ إلَّا مَعَ السَّبَبِ وَلَا لِبَهِيمَةٍ إلَّا إنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا بِسَبَبِهَا ولِمَالِكِهَا عَلَيَّ كَذَا بِسَبَبِ حَمْلِهَا فَانْفَصَلَ مَيِّتًا وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَيَصِحُّ لِحَمْلِ بِمَالٍ فَإِنْ وُضِعَ مَيِّتًا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ بَطَلَ وَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فلِلْحَيِّ وحَيَّيْنِ فلَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى

_ قوله: (إقرار لسيده) فيفصل فيه بين الوارث وغيره. قوله: (ونحوه) كثغرة، وقنطرة. قوله: (ولو أطلق) فلم يعين سبباً؛ لم يقل: من غلة وقف مثلاً. قوله: (إلا مع السبب) كغصبها، أو استئجارها. قوله: (بسبب حملها) أي: وهي حامل. قوله: (أنه) أي: المقر به. قوله: (بسببه) أي: الانفصال. قوله: (وإلا فلا) أي: وإلا ينفصل حملها ميتاً، أو لم تكن حاملاً، أو انفصل ميتاً ولم يدع أنه بسببه. قوله: (ويصح لحمل) أي: حمل آدمية. قوله: (بمال) أي: وإن لم يعزه إلى سبب. قوله: (فللحي) أي: فالمقر به جميعه للحي بلا نزاع.

مَا لَمْ يَعْزُهُ إلَى مَا يُوجِبُ تَفَاضُلًا كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ يَقْتَضِيَانِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ ولَهُ عَلَى أَلْفٍ جَعَلْتُهَا لَهُ وَنَحْوَهُ فوَعْدٌ ولِلْحَمْلِ عَلَى أَلْفٍ أَقْرِضْنِيهِ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ لَا أَقْرِضْنِي أَلْفًا وَمَنْ أَقَرَّ لِمُكَلَّفٍ بِمَالٍ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِرِقِّ نَفْسِهِ أَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ قِنًّا فَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَلَ وَيَقِرُّ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَلَا يُقْبَلُ عَوْدُ مُقَرٍّ لَهُ إلَى دَعْوَاهُ وَإِنْ عَادَ الْمُقِرُّ فَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِثَالِثٍ قُبِلَ فصل ومن تزوج من جهل نسبها فأقرت برق لم يقبل مطلقا وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَضُرَّ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ إلَّا بِقَرِينَةٍ

_ قوله: (ما لم يعزه) عزوته وعزيته: نسبته. "مصباح". قوله: (وله) أي: الحمل. قوله: (أو نحوه) كوهبته إياها. قوله: (ألفاً) لأن الحمل لا يتصور منه قرض، قوله: (ولو برق نفسه) مع جهل نسبه. قوله: (بطل) بالتكذيب. قوله: (قبل) لأنه في يده. قوله: (مطلقاً) أي: لا في حق نفسها، ولا في حق زوجها وأولادها. قوله: (إلا بقرينة) كأن ملكها صغيرة، ولم تخرج عن ملكه.

وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِأُبُوَّةِ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ بِأَبٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلًى أَعْتَقَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ وَلَوْ أَسْقَطَ بِهِ وَارِثًا مَعْرُوفًا إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُ وَلَمْ يَدْفَعْ بِهِ نَسَبًا لِغَيْرِهِ وَصَدَّقَهُ مُقَرٌّ بِهِ أَوْ كَانَ مَيِّتًا وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ وَلَدٍ مَعَ صِغَرِ أَوْ جُنُونِهِ وَلَوْ بَلَغَ وَعَقَلَ وَأَنْكَرَ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ وَيَكْفِي فِي تَصْدِيقِ وَالِدٍ بِوَلَدٍ وَعَكْسِهِ سُكُوتُهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ لَا يُعْتَبَرُ فِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا تَكْرَارُهُ وَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا بِدُونِهِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مَنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْوَرَثَةِ أَقَرُّوا بِمَنْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ مُوَرِّثُهُمْ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَمَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ فَجَاءَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِ مُقِرٍّ فَادَّعَتْ زَوْجِيَّتَهُ أَوْ أُخْتُهُ غَيْرَ تَوْأَمَتِهِ الْبُنُوَّةَ لَمْ تَثْبُتْ بِذَلِكَ وَمَنْ أَقَرَّ بِأَخٍ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ بِعَمٍّ فِي حَيَاةِ جَدِّهِ لَمْ يُقْبَلْ

_ قوله: (أو زوج) أي: أقرت امرأة بزوج. قوله: (أو مولى) أي: أو أقر مجهول النسب بسخص أعتقه. قوله: (معروفاً) كما لو أقر بابن أخ وله أخ. قوله: (ولم يدفع به نسباً) كأن يقر بابن له أب معروف. قوله: (وصدقه مقر به) أي: مكلف. قوله: (تصديق ولد) أي: ولد مقر به. قوله: (وأنكر) كونه ولد المقر. قوله: (وعكسه) أي: حيث اعتبر. قوله: (بدونه) أي: التكرار. قوله: (الأربعة) أي: الأب، والابن، والزوج، والمولى. قوله: (ثبت نسبه) كبنين أقروا بابن. قوله: (لم يقبل) لأنه يحمل عليه نسباً لا يقر به.

وبَعْدَ مَوْتِهِمَا وَمَعَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَلِلْمُقِرِّ لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ مَا فَضَلَ بِيَدِ مُقِرٍّ أَوْ كُلِّهِ إنْ أَسْقَطَهُ وَإِلَّا ثَبَتَ وَإِنْ أَقَرَّ مَجْهُولٌ نَسَبُهُ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِنَسَبِ وَارِثٍ حَتَّى أَخٍ وَعَمٍّ فَصَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ قُبِلَ لَا مَعَ وَلَاءٍ حَتَّى يُصَدِّقَهُ مَوْلَاهُ وَمَنْ عِنْده أَمَةٌ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ قُبِلَ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْأَوْلَادِ وَمَنْ أَقَرَّتْ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا لَوْ سَفِيهَةً أَوْ لِاثْنَيْنِ قُبِلَ فَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا فَإِنْ جُهِلَ فَقَوْلُ وَلِيٍّ فَإِنْ جَهِلَهُ فُسِخَا وَلَا تَرَجُّحَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَلِيُّهَا عَلَيْهَا وَهِيَ مُجْبَرَةٌ أَوْ مُقِرَّةٌ بِالْإِذْنِ قُبِلَ وَمَنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بِيَدِهِ فَسَخَهُ حَاكِمٌ ثُمَّ إنْ صَدَّقَتْهُ إذَا بَلَغَتْ قُبِلَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ

_ قوله: (فدل أن من ادعت ... إلخ) وقد سئل عنها الموفق، فلم يجب فيها بشيء.

وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَسَكَتَ أَوْ جَحَدَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ وَوَرِثَهُ لَا إنْ بَقِيَ عَلَى تَكْذِيبِهِ حَتَّى مَاتَ وَإِنْ أَقَرَّ وَرَثَةٌ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ قَضَوْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ بِلَا شَهَادَةٍ فبِقَدْرِ إرْثِهِ إنْ وَرِثَ النِّصْفَ فنِصْفُ الدَّيْنِ كَإِقْرَارِهِ بِوَصِيَّةٍ بِلَا شَهَادَةٍ وَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَحَلَفَ مَعَهُ ثَبَتَ وَيُقَدَّمُ ثَابِتٌ بِبَيِّنَةٍ فبِإِقْرَارِ مَيِّتٍ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَرَثَةٌ

_

باب ما يحصل به الإقرار وما يغيره

باب ما يحصل به الإقرار وما يغيره مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ أَجَلْ أَوْ صَدَقْتَ أَوْ إنِّي مُقِرٌّ بِهِ بِدَعْوَاكَ أَوْ مُقِرٌّ فَقَطْ أَوْ خُذْهَا أَوْ اتَّزِنْهَا أَوْ اقْبِضْهَا أَوْ اُحْرُزْهَا أَوْ هِيَ صِحَاحٌ أَوْ كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك أَوْ كَأَنِّي جَحَدْتُك حَقَّكَ فَقَدْ أَقَرَّ لَا إنْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ أَوْ لَا أُنْكِرُ أَوْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُحِقًّا أَوْ عَسَى أَوْ لَعَلَّ أَوْ أَظُنُّ أَوْ أَحْسِبُ أَوْ أُقْدِرُ أَوْ خُذْ أَوْ اتَّزِنْ أَوْ احْرُزْ أَوْ افْتَحْ كُمَّكَ وبَلْ فِي جَوَابِ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ كَذَا إقْرَارٌ وَلَا نَعَمْ إلَّا مِنْ عَامِّيٍّ وَإِنْ قَالَ اقْضِنِي دَيْنِي عَلَيْكَ أَلْفًا أَوْ اشْتَرِ أَوْ سَلِّمْ إلَيَّ ثَوْبِي هَذَا أَوْ فَرَسِي هَذِهِ أَوْ أَلْفًا مِنْ الَّذِي عَلَيْكَ أَوْ هَلْ لِي

_ باب ما يحصل به الإقرار وما يغيره أي: اللفظ الذي يحصل به ... إلخ. قوله: (وإن قال: اقضني ديني) فقال: نعم، فقد أقر.

أو ألي عَلَيْكَ أَلْفٌ؟ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ لَا تَلْزَمُنِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أَوْ عَلَيَّ إلَّا فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ أَوْ فِي عِلْمِي أَوْ عِلْمِ اللَّهِ أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ، لَا فِيمَا أَظُنُّ فَقَدْ أَقَرَّ وَإِنْ عَلَّقَ بِشَرْطٍ قُدِّمَ كَإنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ شَاءَ أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا أَوْ إنْ شَهِدَ بِهِ زَيْدٍ فَهُوَ صَادِقٌ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا وَكَذَا إنْ أَخَّرَ كَلَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ شَاءَ أَوْ شَهِدَ بِهِ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ قُمْتُ لَا إذَا قَالَ إذَا جَاءَ وَقْتُ كَذَا وَمَتَى فَسَّرَهُ بِأَجَلٍ أَوْ وَصِيَّةٍ قُبِلَ بِيَمِينِهِ كَمَنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ لِسَانِهِ وَقَالَ لَمْ أَدْرِ مَا قُلْت فقَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ مُقِرٌّ بِحَقِّ آدَمِيٍّ أَوْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَمْ يُقْبَلْ

_ قوله: (ومتى فسره) أي: قوله: إذا جاء وقت كذا. قوله: (أو وصية) الظاهر: أن المراد من تفسيره بالوصية، أنه فسره بأنه يوصي له إذا جاء الوقت المذكور، والله أعلم.

فصل فيما إذا وصل به مَا يُغَيِّرُهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْهُ ولَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ مُضَارَبَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ لَا تَلْزَمُنِي أَوْ قَبَضَهُ أَوْ اسْتَوْفَاهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَى ضَمَانِهَا أَوْ بِكَفَالَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ لَزِمَهُ ولَهُ أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَيَسْكُتُ إقْرَارٌ وَإِنْ وَصَلَهُ بِقَوْلِهِ أَبْرَأَنِي أَوْ بَرِئْتَ مِنْهُ أَوْ قَضَيْتُهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ قَالَ مُدَّعٍ لِي عَلَيْك مِائَةٌ فَقَالَ قَضَيْتُك مِنْهَا عَشَرَةً،

_ قوله: (أو قبضه، أو استوفاه ... إلخ) هذا قد يتبادر مخالفته لما سيجيء، من أنه يكون منكراً لا مقراً. ويمكن الفرق بإضافة الفعل هنا إلى المقر له، فلم يقبل، وإضافة الفعل إلى نفسه فيما سيجيء فقبل. قوله: (وله) أي: قوله (علي كذا ويسكت) إقرار. قوله: (وإن وصله) أي: قوله: (له أو كان له علي كذا) قوله: (بقوله: وبرئت منه) أي: فمنكر يقبل قوله بيمينه.

وَلَمْ يَعْزُهُ لِسَبَبٍ فمُنْكِرٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ فَيَلْزَمُهُ أَلْفٌ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا أَوْ إلَّا سِتِّمِائَةٍ وخَمْسَةٌ فِي لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ إلَّا عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ بِشَرْطٍأَنْ لَا يَسْكُتَ مَا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ وأَنْ يَكُونَ مِنْ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ

_ قوله: (ولم يعزه) عزوته وعزيته نسبته. "مصباح". فإن ذكر السبب كقوله: له، أو كان له علي كذا من قرض، أو ثمن مبيع، ونحوهما، فقد اعترف بما يوجب الحق، فلا يقبل قوله: إنه بريء منه ببينة. قوله: (فمنكر) خلافاً لأبي الخطاب في قوله: يكون مقراً مدعيا للقضاء، فلا يقبل إلا ببينة، فإن لم تكن، حلف مدع أنه لم يقبض، ولم يبريء، واستحق. قال ابن هبيرة: يجب العمل في هذه المسألة بقول أبي الخطاب؛ لأنه الأصل، وعليه جماهير العلماء. قوله: (فأقل) أي: لا أكثر. قال الزجاج: لم يأت الاستثناء إلا في القليل من الكثير.

فلَهُ عَلَيَّ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا فصَحِيحٌ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ تِسْعَةٍ فَإِنْ مَاتُوا أَوْ قُتِلُوا أَوْ غُصِبُوا إلَّا وَاحِدًا. فَقَالَ هُوَ الْمُسْتَثْنَى قُبِلَ بِيَمِينِهِ ولَهُ هَذِهِ الدَّارُ وَلِي نِصْفُهَا أَوْ إلَّا نِصْفُهَا أَوْ إلَّا هَذَا الْبَيْتُ أَوْ هَذِهِ الدَّارُ لَهُ وَهَذَا الْبَيْتُ لِي قُبِلَ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرُهَا لَا إنْ قَالَ إلَّا ثُلُثَيْهَا وَنَحْوَهُ ولَهُ دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ عَلَيَّ خَمْسَةُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ وفِي الثَّالِثَةِ دِرْهَمَانِ ولَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا أَوْ إلَّا دِينَارًا تَلْزَمُهُ الْمِائَةُ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فلَهُ عَلَيَّ سَبْعَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا. يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَكَذَا عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهَمًا

_ قوله: (وكذا عشرة ... إلخ) أي: يلزمه خمسة؛ لأن استثناء الثلاثة من الخمسة استثناء أكثر من النصف، فيبطل هو وما بعده. وفيها وجه آخر يلزمه سبعة، وهو الموافق لما تقدم في الطلاق فيما إذا قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين إلا واحدة، يقع ثنتان.

فصل إن قال له علي ألف مؤجلة إلى كذا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ حَتَّى لَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ وَإِنْ سَكَتَ مَا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ ثُمَّ قَالَ مُؤَجَّلَةٌ أَوْ زُيُوفٌ أَوْ صِغَارٌ لَزِمَتْهُ حَالَّةً جِيَادًا وَافِيَةً إلَّا مِنْ بَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ فَيَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِهَا ولَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَغْشُوشَةٍ لَا بِمَا لَا فِضَّةَ فِيهِ وَإِنْ قَالَ صِغَارٍ قُبِلَ بِنَاقِصَةٍ وَإِنْ قَالَ نَاقِصَةً فنَاقِصَةٌ وَإِنْ قَالَ وَازِنَةٍ لَزِمَهُ الْعَدُّ وَالْوَزْنُ وَإِنْ قَالَ عَدَدًا وَلَيْسَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا لَزِمَاهُ ولَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ أَوْ دُرَيْهِمٌ فدِرْهَمٌ إسْلَامِيٌّ وَازِنٌ وَلَهُ عِنْدِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ قُبِلَ فَلَوْ قَالَ قَبَضْتُهُ

_ قوله: (وفسره) أي: ولو متصلا. قوله: (قبل) فلو فسره بوديعة، ثم قال ... إلخ. "شرح". قوله: (قبل) أي: بيمينه؛ لثبوت أحكام الوديعة له بتفسيره.

أَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَنْتُهُ بَاقِيًا ثُمَّ عَلِمْت تَلَفَهُ قُبِلَ وَإِنْ قَالَ رَهْنٌ فَقَالَ الْمُدَّعِي وَدِيعَةٌ أَوْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ فَقَالَ بَلْ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِك فَقَوْلُ مُدَّعٍ ولَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ مُتَّصِلًا بِوَدِيعَةٍ قُبِلَ وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى تَلَفِهَا إلَّا إذَا انْفَصَلَتْ عَنْ تَفْسِيرِهِ وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَقَالَ هُوَ هَذَا وَدِيعَةٌ فَقَالَ مُقَرٌّ لَهُ: هَذَا وَدِيعَةٌ وَمَا أَقْرَرْت بِهِ دَيْنٌ صُدِّقَ ولَهُ فِي هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِإِنْشَاءِ هِبَةٍ وَكَذَا لَهُ فِي مِيرَاثٍ أَلْفٌ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ

_ قوله: (وإن قال) أي: من ادعى عليه بألف: هو رهن. قوله: (فقال المدعي): وديعة، فقول مدع. قوله: (قبل) لأن عليه حفظها وردها. قوله: (تلفها) أي: للتناقض. قوله: (عن تفسيره) أي: لعدم التناقض. قوله: (وإن أحضره) أي: أحضر الأول من قال: لزيد علي ألف. قوله: (صدق) أي: مقر له. قوله: (وكذا له في ميراث أبي ألف) فهو إقرار، لا إنشاء هبة.

وَيَصِحُّ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو كَلَهُ مِنْ مَالِي أَوْ أَوْ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ أَوْ نِصْفُهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ فِيهَا نِصْفُهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِحَقٍّ لَزِمَنِي فَإِنْ فَسَّرَهُ بِهِبَةٍ وَقَالَ: بَدَا لِي مِنْ تَقْبِيضِهِ قُبِلَ ولَهُ الدَّارُ ثُلُثَاهَا أَوْ عَارِيَّةً أَوْ هِبَةُ سُكْنَى أَوْ هِبَةٌ عَارِيَّةٌ عُمِلَ بِالْبَدَلِ ويُعْتَبَرُ شَرْطُ هِبَةٍ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ وَأَقْبَضَهُ أَوْ رَهَنَ وَأَقْبَضَهُ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ مَا قَبَضْت وَلَا قَبَضْت وَهُوَ غَيْرُ جَاحِدٍ لِإِقْرَارِهِ أَوْ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ تَلْجِئَةً وَنَحْوَهُ وَلَا بَيِّنَةَ وَسَأَلَهُ إحْلَافَ خَصْمِهِ لَزِمَهُ

_ قوله: (ويصح ديني ... إلخ) لأنه قد يكون وكيله. قوله: (لزمني) لجواز إضافة الإنسان إلى نفسه ملك غيره؛ لاختصاص له به، كما تقدم. قوله: (فإن فسره) أي: إقراره بذلك المذكور من قوله: (ديني الذي على زيد ... إلخ). قوله: (بدا) أي: هو أي: البداء المانع من تقبيضه. قوله: (شرط هبة) من علم بموهوب، وقدرة عليه، وغيرهما. قوله: (أنه) أي: الموهوب ونحوه. قوله: (أو غيره) كأجرة.

وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إقْبَاضِ ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَهُ وَأَنَّهُ أَقَرَّ يَظُنُّ الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ بِبُطْلَانِهِ وَمَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ عَتَقَ عَبْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ ويَغْرَمَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُوَإِنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدَ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا بِأَنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ قَالَ قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي وَنَحْوِهِ وَمَنْ قَالَ قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ ثَمَنَ مَبِيعٍ لَمْ تُقْبِضْنِيهِ لَمْ يَضْمَنْ وَيَضْمَنُ إنْ قَالَ غَصْبًا وَعَكْسُهُ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ: غَصْبًا

_ قوله: (فساده) أي: ما ذكر من البيع، والهبة، والإقباض. والفساد في الإقباض، كأن يقبض المكيل وزناً، وعكسه، ونحوه. محمد الخلوتي. قوله: (هو) أي: مدعي الفساد. قوله: (ببطلانه) أي: لأنه مدعى عليه الصحة. قوله: (لم يكن) أي: ما بعته، ونحوه. قوله: (ونحوه) كما لو قال: بعتك ملكي هذا. قوله: (فقال) أي: مقر له: قبضت مني ألفاً. قوله: (لم يضمن) لاتفاقهما على عدم ضمانه، ويحلف على ما أنكره قابض، ويبرأ. قوله: (وعكسه) أي: عكس (قبضت منه ألفاً وديعة) فيضمن هنا؛ لأنه أقر بفعل الدافع، فقبل قوله في صفته.

فصل ومن قال غصبت هذا العبد من زيد لا بل من عمرو أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْهُ وَغَصَبَهُ هُوَ مِنْ عَمْرٍو أَوْ هَذَا لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو أَوْ مِلْكٌ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ فَهُوَ لِزَيْدٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو وغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو فَهُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ تَعَيُّنُهُ وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ وَإِنْ قَالَ لَا أَعْلَمُهُ فَصَدَّقَاهُ انْتَزَعَ مِنْ يَدِهِ وَكَانَا خَصْمَيْنِ فِيهِ وَإِنْ كَذَّبَاهُ حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وأَخَذْتُهُ مِنْ زَيْدٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ لِاعْتِرَافِهِ بِالْيَدِ، ومَلَكْتُهُ أَوْ قَبَضْتُهُ أَوْ وَصَلَ إلَيَّ عَلَى يَدِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ لِزَيْدٍ قَوْلٌ وَمَنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ

_ قوله: (لا بل من عمرو) فهو لزيد، ويغرم قيمته لعمرو. قوله: (منه) أي: من زيد. قوله: (فهو لزيد) أي: لإقراره له باليد. قوله: (شيئا) لأنه إنما شهد له به. قوله: (واحدة) لأنه لا يعلمه، ثم إن كان لأحدهما بينة، وإلا، أقرع.

وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو أَوْ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو مِائَةُ دِينَارٍ فَهِيَ لِزَيْدٍ وَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو وَمَنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي وَقْتَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ كَسَبَبَيْنِ أَوْ أَجَلَيْنِ أَوْ سِكَّتَيْنِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ وَإِلَّا أَلْفٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْإِشْهَادُ وَإِنْ قَيَّدَ أَحَدَهُمَا بِشَيْءٍ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ دَارًا بِيَدِ غَيْرِهِمَا لِشَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا فالْمُقَرُّ بَيْنَهُمَا وَمَنْ قَالَ بِمَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ هَذَا الْأَلْفُ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ لَزِمَ الْوَرَثَةَ الصَّدَقَةُ بِجَمِيعِهِ وَلَوْ كَذَّبُوهُ وَمَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ وَهُوَ جَمِيعُ تَرِكَتِهِ فَصَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ

_ قوله: (وإلا فلعمرو) أي: وإلا يكن لزيد فلزيد، ولا شيء لعمرو؛ لأنه معلق. قوله: (بينهما) لأنها على الشيوع. قوله: (ولو كذبوه) لأن إقراره دل على عدم ملكه له، وهو إقرار لغير وارث.

ثُمَّ آخَرُ مثلَ ذَلِكَ فَصَدَّقُوهُ فِي مَجْلِسٍ فبَيْنَهُمَا وَإِلَّا فلِلْأَوَّلِ وَإِنْ أَقَرُّوا بِهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو فَهِيَ لِزَيْدٍ وَيَغْرَمُونَهَا لِعَمْرٍو وَإِنْ أَقَرُّوا بِهَا لَهُمَا مَعًا فبَيْنَهُمَا ولِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ وَيَحْلِفُونَ لِلْآخَرِ وَمَنْ خَلَفَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَادَّعَى شَخْصٌ مِائَةً دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ لَزِمَ الْمُقِرَّ نِصْفُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَيَشْهَدُ وَيَحْلِفُ مَعَهُ فَيَأْخُذُهَا وَتَكُونُ الْبَاقِيَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَإِنْ خَلَفَ ابْنَيْنِ وَقِنَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْ الْقِيمَةِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فَقَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَبِي أَعْتَقَ هَذَا بِمَرَضِ مَوْتِهِ فَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَا عَتَقَ مِنْ كُلٍّ ثُلُثُهُ وَصَارَ لِكُلِّ ابْنٍ سُدُسُ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ وَنِصْفُ الْآخِرِ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَبِي أَعْتَقَ هَذَا وَقَالَ الْآخَرُ أَبِي أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا وَأَجْهَلُهُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ أَحَدُهُمَا عَتَقَ ثُلُثَاهُ إنْ لَمْ يُجِيزَا بَاقِيهِ وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ فَكَمَا لَوْ عَيَّنَ الْآخَرُ الثَّانِي

_ قوله: (في مجلس ... إلخ) لأن حالة المجلس كحالة واحدة. قوله: (فللأول) أي: ولا يغرموه لعمرو. قوله: (بها) أي: التركة، ولا دين. قوله: (لزيد) لثبوت الملك بالإقرار، ولو بمجلس واحد. قوله: (معاً) أي: بلفظ واحد. قوله: (للآخر) أي: إن ادعاها ولا بينة. قوله: (عتق) هو جواب الشرط. قوله: (الآخر الثاني) أي: فيعتق من كل منهما ثلثه، ولكل ابن سدس من عينه، ونصف الآخر.

باب الإقرار بالمجمل

باب الإقرار بالمجمل وَهُوَ: مَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى السَّوَاءِ ضِدُّ الْمُفَسَّرِ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا أَوْ كَرَّرَ بِوَاوٍ أَوْ بِدُونِهَا قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَ وَيُقْبَلُ بِحَدِّ قَذْفٍ وبِحَقِّ شُفْعَةٍ وبِمَا يَجِبُ رَدُّهُ كَكَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ وبِأَقَلِّ مَالٍ لَا بِمَيْتَةٍ نَجِسَةٍ وَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ ورَدِّ سَلَامٍ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِغَيْرِ مُتَمَوَّلٍ كَقِشْرِ جَوْزَةٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ

_ قوله: (ضد المفسر) أي: المبين. قوله: (بواو) أي: فقال له: علي كذا وكذا، صح إقراره، وأمر بتفسيره. قوله: (أو بدونها) أي: الواو؛ بأن قال: له كذا كذا. قوله: (بحد قذف) يعني: عليه لمقر له. قوله: (ككلب) نحو كلب صيد. قوله: (وخمر) أي: لذمي غير مستترة، ولغير خلال؛ إذ ذاك يجب رده. ونبه عليه الشيخ منصور البهوتي في "حاشية الإقناع" حيث قيد الخمر بالتي لا يجوز إمساكها. محمد الخلوتي. قوله: (ونحوه) أي: كصلة رحم.

فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ لَمْ يُؤَاخَذْ وَارِثُهُ بِشَيْءٍ وَلَوْ خَلَفَ الْمُقِرُّ تَرِكَةً وَإِنْ قَالَ لَا عِلْمَ لِي بِمَا أَقْرَرْت بِهِ حَلَفَ وَلَزِمَهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ وغَصَبْت مِنْهُ أَوْ غَصَبْتُهُ شَيْئًا يُقْبَلُ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ وغَصَبْتُهُ فَقَطْ يُقْبَلُ بِحَبْسِهِ وَسِجْنِهِ وَلَهُ عَلَيَّ مَالٌ يُقْبَلُ أَوْ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ أَوْ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ أَوْ نْدِي يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بَأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وبِأُمِّ وَلَدٍ وَلَهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ يُقْبَلُ بِثَلَاثَةِ فَأَكْثَرَ لَا بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وَنَحْوِهِ وَلَهُ عَلَيَّ حَبَّةٌ أَوْ قَالَ جَوْزَةٌ أَوْ نَحْوُهَا فَيُصْرَفُ إلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا وَلَا يُقْبَلُ بِشَيْءٍ قَدْرَ جَوْزَةٍ

_ قوله: (ولو خلف تركة) لاحتمال أن يكون حد قذف. قوله: (ونحوه) كخنزير؛ لوقوع اسم الشيء عليه. قوله: (لا بنفسه) أي: نفس المقر له. قوله: (إلى الحقيقة) أي: حبة لها قيمة، كحبة خروب في بلد لها فيه قيمة.

وَلَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٌ أَوْ كَذَا وكَذَا أَوْ كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ أَوْ بِالنَّصْبِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَإِنْ قَالَ الْكُلُّ بِالْجَرِّ أَوْ وَقَفَ لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ وَحِينَئِذٍ يُفَسِّرُهُ وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِجِنْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ لَا بِنَحْوِ كِلَابٍ قُبِلَ وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفٌ وَدِينَارٌ أَوْ لَهُ أَلْفٌ وَثَوْبٌ أَوْ أَلْفٌ وَمُدَبَّرٌ أَوْ أَخَّرَ الْأَلْفَ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ لَمْ يَعْطِفْ أَوْ عَكَسَ

_ قوله: (بالرفع) الرفع على البدل، والتكرار بلا عطف تأكيد، ومعه فهما شيئان مجموعهما بحكم البدل. وأما النصب، فعلى التمييز والتفسير لـ (كذا) بصورها الثلاث. قوله: (وإن قال الكل) أي: الصور الثلاث: الإفراد، والتكرار بعطف، ودونه. قوله: (بالجر) أي: للدرهم. قوله: (أو وقف) أي: على الدراهم. قوله: (بجنس) كدراهم، وتفاح، وتمر. قوله: (بنحو كلاب) أي: ولو لصيد؛ لأنه خلاف الظاهر. قوله: (أو أخر الألف) فقال: له علي درهم وألف. قوله: (أو لم يعطف) أي: بأن قال:

فَالْمُبْهَمُ مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ وَمِثْلُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وأَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ إلَّا دِينَارًا وَلَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ بِدِينَارٍ لَزِمَهُ دَرَاهِمُ بِسِعْرِهِ وَلَهُ فِي هَذَا شِرْكٌ أَوْ هُوَ شَرِيكِي فِيهِ أَوْ شِرْكٌ بَيْنَنَا أَوْ لِي وَلَهُ أَوْ لَهُ فِيهِ سَهْمٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ حَقِّ الشَّرِيكِ وَإِنْ قَالَ لَهُ فِيهِ أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ قِيلَ لَهُ فَسِّرْ وَيُقْبَلُ بِجِنَايَةِ وبِقَوْلِهِ نَقَدَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ اشْتَرَى رُبْعَهُ بِهِ أَوْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ لَا بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ

_ له علي ألف، خمس مئة درهم، أو ألف، خمسون دينارًا. قوله: (من جنس ما ذكر معه) لأنَّ العرب تكتفي بتفسير إحدى الجملتين عن الأخرى. قوله: (بجناية) أي: جناية العبد على المقر له. قوله: (لا بأنه) أي: المقر له. قوله: (عنده) لأن حقَّه في الذمة.

وَلَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لِفُلَانٍ فَفَسَّرَهُ بِدُونِهِ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ لِحِلِّهِ وَنَحْوِهِ قُبِلَ وَلَهُ عَلَيَّ مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ ولِي عَلَيْك أَلْفُ فَقَالَ أَكْثَرُ لَزِمَهُ وَيُفَسِّرُهُ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَبْلَغًا فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك وَقَالَ أَرَدْت التَّهَزُّؤَ لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا يُفَسِّرُهُ فصل من قال له علي ما بين درهم وعشرة لزمه ثَمَانِيَةُ ومِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ وَإِنْ أَرَادَ مَجْمُوعَ الْأَعْدَادِ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ ولَهُ مِنْ عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ أَوْ ما بين عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ

_ قوله: (ونحوه) كبركته. قوله: (يفسِّره) أي: يرجع إليه في تفسير حق كل منهما. قوله: (وإن أراد) أي: بالواحد إلى عشرةٍ.

ولَهُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ لَمْ يَدْخُلَا ولَهُ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ أَوْ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ دِرْهَمٌ، أَوْ دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَكَذَا دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ فَلَوْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِالْوَاوِ أَوْ الْفَاءِ أَوْ ثُمَّ أَوْ قَالَ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بالثَّالِثَ تَأْكِيدَ الثَّانِي لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأُولَى وَقُبِلَ فِي الثَّانِيَةِ ولَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ وَبَعْدَهُ دِرْهَمٌ أَوْ هَذَا الدِّرْهَمُ،

_ قوله: (أو تحت درهمٍ) أي: يلزمه درهمان. قوله: (لم يُقبلْ) أي: لأن العطف يقضي المغايرة، ولذلك لا يعطف المؤكد. منصور البهوتي. وفيه أن محل المنع إذا لم يقترن المؤكد بعاطف، وإلا فما المانع مع التماثل. فتدبر. قوله: (في الأولى) أي: صورة العطفِ.

بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ لَزِمَتهُ الثَّلَاثَةُ ولَهُ قَفِيزُ حِنْطَةٍ بَلْ قَفِيزُ شَعِيرٍ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَاهُ ولَهُ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ وَأَرَادَ الْعَطْفَ أَوْ مَعْنَى مَعَ لَزِمَاهُ وَإِلَّا فدِرْهَمٌ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ بَاقٍ عِنْدَهُ فِي دِينَارٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ لَهُ حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ولَهُ دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ وَأَرَادَ الْعَطْفَ أَوْ مَعْنَى مَعَ لَزِمَاهُ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِرَأْسِ مَالٍ سَلَمٍ بَاقٍ عِنْدَهُ أَوْ قَالَ فِي ثَوْبٍ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ إلَى سَنَةٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَ وَإِنْ

_ قوله: (لزمته الثلاثةُ) لان الإضراب رجوع لا يصحُّ. قوله: (وإلا فدرهم) أي: وإلا يرد: معنى العطف، ولا معنى "مع". قوله: (باق عنده) أي: بأن قال: عقدت مع المقرِّ له على إسلام درهم باق عندي. قوله: (باق عنده) وكذبه المقر له، حلف وأخذ الدرهم.

صَدَّقَهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ. ولَهُ دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ مَا لَمْ يُخَالِفْهُ عُرْفُ فَيَلْزَمُهُ مُقْتَضَاهُ أَوْ يُرِدْ الْحِسَابَ وَلَوْ جَاهِلًا بِهِ فَيَلْزَمُهُ عَشَرَةُ أَوْ الْجَمِيعُ فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ وَلَهُ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سِكِّينٌ فِي قُرْبٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ أَوْ دَابَّةٌ مُسْرَجَةٌ أَوْ سَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ عِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ أَوْ دَارٌ

_ قوله: (بطل إقراره) لأن السلم يبطل بالتفرقة قبل القبض. قوله (ما لم يخالفه عرف) أي: عرف بلد المقرِّ. قوله: (وله تمر في جراب) ليس إقراراً بالثاني. قوله: (أو دابة مسرجةٌ) قال منصور البهوتي: هكذا في "التنقيح" ويخالفه كلام "الإنصاف" الآتي، وجزم بمعنى كلام "الإنصاف" في "الإقناع" وهو أظهر. انتهى. وكلام "الإنصاف" المشار إليه، نصُّه: لو

مَفْرُوشَةٌ أَوْ زَيْتٌ فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالثَّانِي كَجَنِينٌ فِي جَارِيَةٍ أَوْ دَابَّةٍ ودَابَّةٌ فِي بَيْتٍ كَالْمِائَةُ الدِّرْهَم الَّتِي فِي هَذَا الْكِيسِ وَيَلْزَمَانِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ وَكَذَا تَتِمَّتُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمِائَةَ لَزِمَتْهُ وتَتِمَّتُهَا ولَهُ خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ أَوْ سَيْفٌ بِقِرَابِهِ فإقْرَارٌ بِهِمَا وَإِقْرَارُهُ بِشَجَرٍ أَوْ شَجَرَةٍ لَيْسَ إقْرَارًا بِأَرْضِهَا فَلَا يَمْلِكُ غَرْسَ مَكَانَهَا لَوْ ذَهَبَتْ وَلَا أُجْرَةَ مَا بَقِيَتْ

_ قال له: عندي عبد بعمامةٍ، أو بعمامته، أو دابة بسرج، أو مسرجة ... إلى أن قال: لزمه ما ذكر بلا خلافٍ نعلمه. وأقول: عدوله عن ذلك في صورة دابة مسرجةٍ، الظاهر: أنه لاطلاعه على الخلاف عند تأليفه "التنقيح"، أو إن قوله في "الإنصاف": بلا خلاف نعلمه، أي: في المجموع لا في كل صورة، وإن كان بعيدًا. فتأمل. قوله: (أو دابةٍ) أي: أو جنين في دابة ... إلخ. قوله: (ويلزمانه) أي: الدابة، والمئة الدرهم. قوله: (وكذا تتمتها) أي: إن كان فيه بعضها. قوله: (لزمته) أيضًا، كالتعريف.

وبِأَمَةٍ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِحَمْلِهَا ولَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ ونحوه يلزِمُهُ أَحَدُهُمَا ويعينه. تم الكتاب، والحمد لله الواحد الوهاب، حمداً وافياً دائماً إلى يوم الحساب، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله الأنجاب. فرغ جامعه من تبييضه في سابع عشري شعبان المكرم، سنة 942. وكتبه محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي، الفتوحي الحنبلي. عفا الله عنه، وعن والديه وجميع المسلمين.

_ قوله: (ونحوه) أي: كعبدٍ، أو أمةٍ. تمت الحاشية المباركة بعون الملك الوهاب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، والحمد لله وحده، صلى الله على من لا نبي بعده، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار، وسلَّم تسليمًا.

كتبه - العبد الضعيف، المقر بذنبه، الراجي غفور ربه العلي - أحمد بن عوض ابن محمد المقدسي، الحنبلي. غفر الله له ولوالده ولمشايخه ولأحبائه. آمين. وكان الفراغ من كتابتها قبيل العصر، يوم الجمعة لست وعشرين مضين من شهر الله الأحبِّ رجب، سنة إحدى ومئةٍ بعد الألف. أحسن الله تعالى ختامها.

§1/1