جيش التوشيح

لسان الدين بن الخطيب

[المقدمة]

[المقدمة] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم الحمد لله الذي انفرد بالكمال المحض في ملأ السموات والأرض وصفا ونعتا، ولم يخص بالفضائل الذاتية والمواهب اللدنية بلدا ولا وقتا، مطلع شمس البلاغة والبيان تتجلى من اختلاف أغراض اللسان في مطالع شتى، وجاعل مراتب حاملي رايتها متباينات في التماس غايتها فواصلا ومنبتا. والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي حاز المجد صرفا والشرف بحتا، ونال من الكمال البشري غاية لا تحد بالي ولا حتى: خير من ركب ومشى وصاف وشتى: صلاة يجعلها اللسان هجيراه كيفما يمكن له أو يتأتى، والرضا عن آله وأصحابه الذين اهتدوا به هديا وسمتا، وسلكوا من اتباعه طريقا (لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) ما علل الغمام نبتا وتعاقبت الأيام أحدا وسبتا، وما وافق سعي بختا وأثارت أمهات القريحة من الآداب الصريحة بنتا. ورتبت هذا الكتاب ترتيبا لا يخفى أحكامه، وبوبته تبويبا يسهل فيه مرامه، كلما ذكرت حرفا قدمت أرباب الإكثار، وأولي الاشتهار من بعد الاختبار، والبراءة من عهدة النسبة اتهاما للأخبار، ثم أتيت بالمجهول منها على الآثار. حتى كمل على حسب الوسع والاقتدار، فأن وافق الإرادة فشكرا له وحمدا، وأن ظهر التقصير فحذيم استبعد جهدا، ومن الله أسأل أن يتغمد الزلل ويتدارك الخلل ويبلغ من مرضاته الأمل، فما خاب لديه من سأل.

الشيخ الأديب الأستاذ أبو بكر يحيى ابن محمد ابن بقي رحمه الله

الشيخ الأديب الأستاذ أبو بكر يحيى ابن محمد ابن بقي رحمه الله رب الصنعة ومالكها، وناهج الطريقة المثلى وسالكها، جاء على قدر، وأخذ نفسه بورد البدائع وصدر، فنظم درها أسلاكا وأدار نحو الإحسان أفلاكا، اكثر فأجاد. وتقلد ذلك الصارم المحلي والنجاد، بما اخترع فيه من الشعر وابتدع فما نكل عن عجز ولا ارتدع وكثرة توشيحه وإحسانه في تنميق الكلام وتوشيحه، دل على اتساع ذرعه في المحاسن وركوب جادته، وجودة تصوره للمعاني ووفور مادته وله شعر أجاد فيه التشبيه والتعريف والتنبيه، وهاك من توشيحه ما يطلع زهرا وينفح بروض الإحسان زهرا. فمن ذلك قوله: حيتك أربع هن العمر ... ظل وماء والمدام والوتر أجل جفونك في لألاء ... سنا الزجاجة بالصهباء ضدان من أعجب الأشياء ... لهيب نار في كأس ماء من الحباب عليها شرر ... لها جلاء في النفوس معتبر بمهجتي شادن تياه ... من نور شمس الضحى مراءه من ذكره تعذب الأفواه ... قد جردت للورى عيناه

سيفا كأن ضباه القدر ... أو القضاء لا يبقي ولا يذر يروق منه بصحن الخد ... خال يخال بنقط الند والمسك فوق احمرار الورد ... يفتر عن مبسم كالعقد فللأقاحي لماه العطر ... هو الشفاء أن ألم بي ضرر ما زال سحر العيون العين ... يزري بأهل التقي والدين فويل للعاشق المسكين ... من أهيف ساحر الجفون للريم منه الطلا والحور ... والانثناء للقضيب والزهر لما تطلع للأبصار ... كالبدر في فلك الأزرار قد ملك الحسن في مضمار ... شدوت والقلب في أوار كن كيف شئت فأنت القمر ... لك اللواء في الملاح يا عمر نبا مسمعي عن قال وقيل وذا الهوى كوى أضلعي من نار الغليل بما كوى يا نفس أقنعي بذكر الخليل على النوى ويا عاذلي ما ذكري له غي فغيان في الحي قلبي تلذذ بتذكاري

فوزي مقلتي بهذا السهاد وضعفه فأنت التي أدنيت الفؤاد لحتفه برء علتي لو علل صاد برشفه فويه حلي يثني ميت حي فأي مني أي لو كان يأخذ حي بيدي قلبي الثابت يرثي من وجيبي ويشفق بني ثابت غزا لكم بي يرمق دما خافت فعما قريب سيملق لي منكم رشي يقطعني حي فأعنو له كي يرضي فينفذ ما شاء علي يا قاطعتا ذاك التجني تعطفي هواك أتى ضيفي فهو خدني ومألفي أتدري متى طواني مضني هواك في ثوب السقم طي فصبري حتى عدت لا شي فقال لي قد نظرت إلي دعوت علي من أهوى وقلبي يقول لا فقلت إلي كم أبلى بحبي لمن سلا

أنا المبتلى أدعوك يا ربي يا ذا العلا أن تثني لدي سريعا بلا لي مناما لعيني من سهده شذا إلى ناظري إذا الليل جن أكاد لحزني به أجن وأثني الشجن والكربة عني ببنت دن وأسأل من عندي أن يغني على اللسن وجالس كرى من مرت لطرى عارف كل منى أتشدد بالله كفري بأبي ظبي حمى تكنفه أسد غيل مذهبي رشف لمى قرقفه السلسبيل يستبي قلبي بما يعطفه إذ يميل ذو اعتدال يعزي إلي ذي نعمة ثابت في ظلال تحت حلي قطر الدنى بائت بدرتم شمس ضحى غصن نقا مسك شم ما أتم ما أوضحا ما أورقا ما أنم لا جرم من لمحا قد عشقا قد حرم

فالخيال ما قد خلا من زمن فائت والوصال ما قد علا من نفس خافت ذو فتور ذو غنج ذو مرشف ألعس العبير في أرج والحسن في ملبس كم يثير وجد شج ذي دنف مكتس ذو اعتلال لو عللا أنطق عن صامت وغزال لو مقلا الحظ عن باهت كوثر برء الصدى أن يردوا ورده نير حد الهدى أن يجدوا وجده انظروا محمدا واتئدوا عنده فهلال أن يتجلى عز عن الناعت وزلال لو بذلا يرتقي القانت قاتلي أهن دما من قد غدا ملحدا وأصلي كنت فما عما بدا قد عدا سائلي مستفهما جيش الردا لم عدا

لا سؤال عن مبتلى ينحت في صامت لن ينال ما أملا والأمن الشامت كم يتيه وكم وكم يأبى الجوى أن يحول أرتضيه وأن حكم حكم الهوى في العقول قلت فيه والحسن لم يرض سوى ما أقول الجمال وقف على ظبي بني ثابت لزوال في الحب لا عن عهده الثابت ما لدي صبر يعين غير النجيب فسلوا عن اصطباري بدر الجيوب كيف لا يغدو لباسي ثوب السقام وطلا ظبي الكناس سر الغرام ما على مثلي من باس أن يستهام غير غي حب يزين ثوب الشحوب يحمل عن الأحرار من غير حوب

عذلوا بدر منير خلي وهل يجهل للبدر نور إذا كمل فاعدلوا فيه اوجوروا غير عدل لو إلي أمر يكون كان الذي بي ينقل لمن يماري على حبيب يا ضنين كم ذا أداري فيك السياق وتدين بنائي داري لا بالتلاق فليكون برء الأوار منك العناق أو خلي رشف يعين حر الوجيب سلسلوا من العقار منه بطيب بالمنى منها بقائي بدر اللوا ما دنا بالتنائي قلبي كوى فأنا رب اللواء في ذا الهوى بي رشي يثنيه لين مثل القضيب يرسل ثنى الأزرار عن كثيب بالكثيب والغصن اللدن قل يا ملول هل ينيب جميل ظني أني أقول والرقيب يغار مني ولا يزول

كظمي فليلول لين بدل كدل شيم طار شر الرقيب شردا عن جفن أرمد طعم الهجود أغيد رقيق الخصر ريا النهود الأرق لمستهام جثمانه لم يطق هزم السقام فرسانه تندفق مثل الغمام أجفانه قد غدا صبا مكمد أثر الصدود توقد منه في الصدر نار الوقود علني رشف الظلما من فيه عل وسنى وجد الما ويضمحل سامني بالهجر ظلما ولم يزل سرمدا أبكي وأنشد شدو عميد أحمد أطلت هجري والقلب مودي أحمد بدر أناره رب البشر يحسد بني عماره فيه القمر أسد يحمي ذماره إذا زأر في العدا يوما بمشهد وكم شهيد يوجد بعيد الشر في كل بيد

يا سكن قلبي المعنى قد أسكنا وحسن قلبي لينا إذا انثنى أن تكن يوسف حسنا فها أنا في مدى نظمي أوحد وكم شهد يشهد أني في الشعر فوق لبيد حبذا لو التثني مهما يميل أنفذا لأهل الحسن ضنك الخمول فلذا ظلت أغني كل جميل قد بدا حبي أحمد بدر السعود فأسجدوا ملاح العصر فوق الصعيد دعني أباكر ... راحا كمسفوح النجيع والروض زاهر ... نجومه ذات طلوع واي زاهر ... أجمل من زهر الربيع هلال وسلسال عذب زلال ... والروض حال ناهيك حال

والغزال فينا جمال ... مازال ذا جمال مهلا يا صد ... فقد تجاوزت المقدار ومن أود ... ملكته قلبي فجار ولاح الخد ... منه فأخجل الأقمار ونال بالآمال قاف ودال ... له اعتدال وبي اعتلال فهل يدال يا قوم وال ... قتال في اغتلال تجري الكرام ... على مدى أبي إسحاق وهو مرام ... صعب على السباق فز يا غلام ... من الكهول باللحاق إقبال واقتبال يثني الليال ... وهي لآل فلو ينال ذاك الهلال حد الكمال ... إذا نال ثم اختال تبريز مجدك ... يا من علي قد أثنى وأهل حمدك ... أن أقيموا فنحن منا في يمن سعدك ... نال الجميع ما تمنى لا زال في اتصال حتى يقال ... فات الرجال حسبي خلال حلو حلال ليث النزال ... صوال بالأبطال الحب سر ... لم تدره إلا العقول لا يستسر ... إلا ويبديه النحول ترى تسر ... عواذلي بما أقول

عذال يا عذال قلتم محال ... رمتم ضلال لست بسال عن ذا الغزال من شاء قال ... فالبال ذو بلبال قلبي شجي ليس يخلو حزنا ... طرفي مسهد ليس يألف الوسنا يا قوم كماذا جناه بصري ... يجازي بطول السهر فالذنب والله غير النظر ... أظنه ليس بالمغتفر فليس ينظر للصبح سنا ... والليل سرمد والنهار قد شجنا حال الغريب كما قد حكيا ... ذل فكيف إذا ما هويا يا ويلتاه أن هذين بيا ... أنا الذي بهما قد بليا أين الحبيب وأين الوطنا ... كلاهما أبعد فلا سكنا يا ساهيا عن حرقي ... ما الحظ لي منك غير الأرق أباطل ما ترى من شفق ... فسد عني باب الفلق فأن ودك لي قد أسنا ... فكيف أجحد قد بدا الذي بطنا يا قوم ليس عجيب أمري ... نحرت صبري بعيد النحر أما دموع جفوني تجري ... كأنهن عباب البحر فألبس الله هذا الزمنا ... قبحا وأبعد عيده فما حسنا

أفي المروءة أن تنتزحا ... عمن يحبك حتى افتضحا أشدو وقد حشر الناس ضحى ... والكل في عيده وقد فرحا للناس عيد وما عيدي أنا ... إلا محمد فهو جل كل منى ساعدونا مصبحينا نرتشفها قد ضمينا ... كنضار في لجين نعم أجر العاملينا قم بنا نجلو الكؤوسا ... تحت أظلال السحاب قهوة تعطي النفوسا ... عز أيام الشباب تغصب الليث العرينا ... ويرى كسرى قرينا حين يسقى باليدين ... جامها حينا فحينا يومنا يوم أنيق ... يوم شرب والتذاذ طرزت فيه البروق ... لابسا أثواب لاذ وسقى الغيم الرقيق ... ماء ورد برذاذ أظهر السحر المبينا ... حين رش الياسمينا وبكى من دون عين ... فضحكنا فاكهينا أيها الساقي المحيا ... برياحين التمني سحر عينيك الحميا ... فأصرف الصهباء عني لا تسلطها عليا ... فالهوى قد نال مني

قد نفثت السحر فينا ... فرضينا الحب دينا فمنائي دون مين ... أن نرى ذاك الجبينا لي حبيب يوسفي ... وصله في الحب منه وجهه صبح وضي ... قد تبدي في الدجنه دلني منه الأبي ... فأعاد النار جنه بذل الورد المصونا ... بعد ما كان ضنينا فكأني ذو رعين ... أو أمير المؤمنينا ساءنا لما اتصلنا ... كل مغتاب حسود وكذلك الوجه قلنا ... لا لتدنيس البرود لم نرد فيما امتثلنا ... غير إقلاق الحسود قد بلينا وابتلينا ... واش يقول الناس فينا قم بنا يا نور عيني ... نجعل الشك يقينا ما التعب احتياطا عندي ... ولا صاحب العتب مني أيا عاذلي جهلا دعني ... فما يقبل العذل ذهني دمعي زاده وبلا حزني ... وصبري قد ولى عني بقلبي أحاط وجدي ... فأجراه في سحب جفني

سباني بالتيه ظالم ... غصن في تثنيه ناعم يبدي الدر فيه باسم ... تتعب فيه يدا ناظم والدر ساقط يهدي ... وعن لفظه العذب أكني أودي الزمان الخافت وجدا ... حتى أشفق الشامت ودا يا ظبي بني ثابت صدا ... أوصل فأنا الثابت عهدا حسبي بارتباط عهدي ... شهيدا وهل حسبي يغني بدا فبدا الغصن يجني ... ورد ماء الحسن جفني فناديت يا عدن صلني ... فقال كذا تدن مني أن جزت صراط صدي ... تمتعت من قرب عدني محمد هل يأن حقا ... أن تبدل هجراني رفقا قد أضنيت جثماني عشقا ... ما ألقى من أشجاني ألقى حللت نياط كبدي ... فداؤك يا حب يضني فيا مسبيا حلمي يسأل ... عن هجري وعن ظلمي فأعدل ويا مسقما جسمي تجهل ... إذا مت من سقمي فأجعل في سم الخياط لحدي ... فيعرب في التراب دفني لما أعان معشوقي صد ... وزاد تشويقي بعد خرجت على السوق أعد ... فظلت لرفيقي أشد نشق السماط وحدي ... ونرى حبيب قلبي بيني

أبو العباس أحمد بن عبد الله ابن هريرة العبسي التطيلي الضرير الكائن بأشبيلية رحمه الله عليه

أبو العباس أحمد بن عبد الله ابن هريرة العبسي التطيلي الضرير الكائن بأشبيلية رحمه الله عليه أي آية أعجاز، وتطويل في البراعة وإيجاز، وألفاظ أرق من الهواء مقسم البدائع بالسواء، من اختراع الطرايق، والسبك الدبيع والمعنى الرائق، حتى صار توشيحه مثلا في سائر الناس، وشعره متقدم في شأو الإجادة سابق، ليس فيه لاحق، مع اختصاصه في أكثره لتواريخ الأمم، وتنبيهه على اكتساب المفاخر والهمم، وله أراجيز حبر أساليبها وأجرى في شأو الأعجاز أعاجيبها مع تقدم في سرعة الحفظ، يسبق به مسموع اللفظ، وهاك من توشيحه ما يرف نسيمه ويروقك ترصيعه وتقسيمه فمن ذلك قوله: ضاحك عن جمان سافر عن بدر ... ضاق عنه الزمان وحواه صدري آه مما أجد ... شفني ما أجد قام بي وقعد ... باطش متئد كلما قلت قد ... قال لي أين قد وأثنى خوط بان ذا مهز نضر ... عابثته يدان للصبا والقطر

ليس لي منك بد ... خذ فؤادي عن يد لم تدع لي جلد ... غير أني أجهد مكرع من شهد ... واشتياقي يشهد ما لبنت الدنان ولذلك الثغر ... أين محيا الزمان من حميا الخمر بي هوى مضمر ... ليت جهدي وفقه كلما يظهر ... ففؤادي أفقه ذلك المنظر ... لا يداوي عشقه بأبي كيف كان فلكي دري ... راق حتى استبان عذره وعذري هل إليك سبيل ... أو إلى أن أيئسا ذبت إلا قليل ... عبرة أو نفسا ما عسى أن أقول ... ساء ظني بعسى وأقتضي كل شأن وأنا أستشري ... خالعا من عنان جزعي أو صبري ما على من يلوم ... لو تناهي عني هل سوى حب ريم ... دينه التجني أنا فيه أهيم ... وهو بي يغني

قد رأيتك عيان ليس عليك ستدري ... سيطول الزمان وستنسى ذكري أما وجدي فقد عتا ... فلا ألقى ملاذا ولا آلف مسلي أحبب ... به إلي أحبب معجب ... يا له وهو أعجب يذهب ... بي في كل مذهب لما عنا وعنتا ... صديت فلاذا وأقبلت فولى تبا ... لنهي من نهاني لبا ... وجدي من الغواني غضبي ... تقول إذ تراني مهما عيناي أوجبتا ... بأن يعنو هذا لعزتي ذلا سلطان ... أحاظه جنوده بستان ... ألفاظه بروده ريان ... من نعمة تئوده

ألما فأن تلفتا ... ترى الناس جذاذا فسالمه وإلا أبدع ... بشادن رخيم يرتع ... في قلبي السليم يطلع ... مطالع النجوم يسمى عمدا لينعتا ... كلا الحائمين حاذى به ذاك المحلا حنت ... إلي وهي تجزع جنت ... لم تدر كيف تصنع غنت ... وأمها تسمع مما يعشقني ذا الفتى ... ولا ندري لماذا ولا نقل له لا أنا والجمال ... وهم وما اختاروا سل بنات قلبي ... هل تعزى وتقر لا أقول حسبي ... ما بكائي سر خذ إليك لبي ... ليس ينفع الحذر أين الاحتمال ... لا هو ولا دار

بي ولا أقول ... لتؤخذن بدمي خدك الأسيل ... ملء ناظري وفمي منظر جميل ... كلما أبيح حمي لي به مقال ... وعليه لي ثار قمري وشمسي ... كلما دجا زمني لو ملكت نفسي ... لم أهن ولم أهن دون ذاك أمسي ... وإليك فأمتهن حبذا دلال ... ليس عنك أقصار زين كل زين ... لا والذي وسمت به ضاع كل دين ... قمت دون مطلبه في يديك حيني ... فأقضه أو أقض به صرح الخيال ... ليس في الهوى عار لم أشب لسن ... يقتضي بي الكبرا أنت حلت مني ... ما رأى الصبا وترا ثم أن تغني ... كي تقربي الخبرا استمل مال ... طال علي خمار

حث الكؤوس رويه ... على رواء البساتين من قهوة بابليه ... أرق من دمع محزون بالله قم يا نديم ... وأنت خير نديم باكر بنات الكروم ... حياة كل كريم من كف ظبي رخيم ... وأي ظبي رخيم ذو غرة قمريه ... يرنو بالحاظ شاهين لما رأى الحسن زيه ... صبا إليه على الحين خلعت عزي وديني ... في أهيف القد لدنه يسطو بسيف المنون ... ما جفنه غير جفنه يا قسوة الحب ليني ... ولو برمان غصنه لم تبق مني بقيه ... ترجى دنيا ولا دين ما الحب إلا منيه ... وأرحمتنا للمحبين عبد المليك أحبك ... ولا سبيل إليك مولاي حسبي وحسبك ... قد ذبت وجدا عليك حتى م يضنى محبك ... وبرؤه في يديك

الله الله فيه ... جررت لي حرب صفين كم فيك من أمنيه ... أمسى بها الحتف مقرون الله بيني وبينك ... يا قاتلي بجفائه حملت قلبي بينك ... ولا دواء لدائه هل يقتضي الصب دينك ... والموت دون قضائه رفقا بنفس أبيه ... لولاك لم تدر ما الهون تدعوك وهي دريه ... كما دعا الله ذو النون لا أكتم الحب بعد ... قد ضقت ذرعا بكتمه لا رق لي من واد ... أن لم أصرح عن اسمه قل للرقيب سأشدو ... برده أو برغمه إذا دخلت الحنيه ... فأجنح إلى حورها العين وأخصص بأدنى تحيه ... عبد المليك ابن ذنين يا من كتمت غرامه ... حتى أضر بي الغرام وإلى العذول ملامه ... والصب يؤلمه الملام هلا رعيت ذمامه ... والحب أيسره ذمام

وجزيته بوداده ويبقى اللوم ... من دون بغيته ذميما ما كنت أجزع للظما ... لو كان ترويني الدموع حسبي بثغرك كلما ... أعيا مداي به اللموع . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . فعلى م يا برد الصدى ... منعت الحوم=وعادة لي أن أحوما غصن غدا ملء البرود ... سكر الشباب به يميل أعطيته ما لا يزيد ... من حبه وهو البخيل ما زلت أخضع للصدود ... حتى تكنفني الخمول فمتى ظفرت بوصلكم ... فذاك اليوم=أصبحت في الدنيا زعيما كم ذا تقطعني النوى ... شوقا إلى أم العلاء لم يبق لي حمل الهوى ... إلا بقايا من ذماء أبكيك ما شاء البكا ... وأنا خليق بالبكاء فلئن منعت مقلتي ... لذيذ النوم=فلقد نعمت فيك قديما حملت نفسي حتفها ... وأنا بموضعها ضنين فيمن يبين بطرفها ... أما دلال أو مجون باتت تخون طيفها ... وأنا وحقك لا أخون

نقض العهود وخانني ... علاش يا قوم=وأنا على عهده مقيما دمع سفوح وضلوع حرار ... ماء ونار=ما اجتمعا إلا لأمر كبار بئس لعمري ما أراد العذول ... عمر قصير وعناء طويل يا زفرات نطقت عن غليل ... ويا دموعا قد أصابت مسيل امتنع النوم وشط المزار ولا قرار طردت ... ولكن لم أصادف مطار يا كعبة حجت إليها القلوب ... بين هوى داع وشوق مجيب حننت - أواه - إليها منيب ... لبيك لا ألوي وقل للرقيب مرني بحج عندها واعتمار ... ولا اعتذار=قلبي هدي ودموعي جمار أهلا وأن عرض بي للمنون ... بمائس الأعطاف وسن الجفون يا قسوة يحسبها الصب لين ... علمتني كيف أسيء الظنون مذبان عن تلك الليالي القصار ... نومي غرار=كأنه بين جفوني عرار

حكمت مولى جار في حكمه ... أكني به لا مفصحا باسمه فأعجب لا نصافي على ظلمه ... وأسأله عن وصلي وعن صرمه ألوى بحظي عن هوى واختيار ... طوع النفار فكل=أنس بعده بالخيار لابد لي منه على كل حال ... مولى تجنى وجفا واستطال غادرني رهن أسى واعتلال ... ثم شدا بين الهوى والدلال ما والحبيب دمو صار ... فأدرشنار=بنفس آست كسا دمو عار إليك من النوى والصد ... أسعى وأحفد أن كنت منتفعا بجهدي ... فاليوم أجهد أنبيك عند معي المطلول ... وعن جوى قلبي المتبول=لبيك فمثلي وصول من مازح في الهوى مجد ... في كل مشهد

طوته عيناك طي البدر ... وأنت تشهد أما هواك فلا أنساه ... وأن تطاول في مداه=مر من العيش ما أحلاه وليت عني به ورشد ... ألحاظ أغيد لو أنها من سيوف الهند ... لم تتقلد مجد الوزير أبي الحسين ... ما شئت من أثر وعين=طلق الأسرة واليدين تلقاه في حلبات المجد ... أجرى وأجود كما بدا في رياض الورد ... خد مورد أبا الحسين دعاء يدعى ... أقمت حبك فيه شرعا=أوسعته طاعة وسمعا هيهات من شأو المحتد ... قول المفند أن كنت فيه نسيج وحدي ... فأنت أوحد من ذا يباريك في سلطانك ... أم من يوفيك كنه شأنك=حتى يغنيك عن إحسانك أبا الحسين لواء الحمد ... عليك يعقد=طلعت فوق نجوم السعد=وأنت أسعد

سطوة الحبيب ... أحلى من جني النحل وعلى اللبيب ... أن يخضع للذل أنا في حروب ... مع الأعين النجل ليس لي يدان ... باحور فتان=من رأى جفونه=فقد أفسدت دينه ينبغي التجني ... لمثلك في الأنس لو قبلت مني ... لتهت على الشمس يا منى التمني ... هلم إلى الأنس أنت مهرجاني وخدك بستاني ... غط يا سمينه أن الناس يجنونه خل كل مين ... أتى الحق منقادا من رأى بعين ... في ذا الخلق من سادا كأبي الحسين ... ويفديه أن جادا كل ذي امتنان لا بل كل هتان ... رام أن يكونه جودا فانثنى دونه خطط الوزير ... بخطة إيثار فانتهى السرور ... إلى غير مقدار ردت الأمور ... إلى أسد ضار

ثابت الجنان صفوح عن الجاني ... قد حمى عرينه=بالزرق المسنونه أظهر المقام ... في الغربة حرمانا فأنا ألام ... إسرارا وإعلانا قلت والكلام ... يصرح أحيانا فزت بالماني لو كان من أخواني ... صاحب المدينة=أعلى الله تمكينه جيش الظلام بالصبح مهزوم ... فقم يا نديم لابد لي على الورد من وردي ... فهاتها معصفرة البدر نارا من الزجاجة في زند ... كلما لثمتها لطمت خدي ولا كمثل خد ملطوم ... من بنت الكروم أركب على اسم ربك في الفلك ... إلى الخليج ناهيك من ملك والوشي صفا في الحبك ... والورق في مأتمها تبكي والروض سره غير مكتوم ... في صدر النسيم قل للأمير عين الحسن والحمد ... صافحت باليمن من الرفد فأسلم فأنت واسطة العقد ... السادة الكرام بني العبد مدائح تجيز التحكيم ... في مال الكريم وردت من المكارم في بحر ... أحلى من الوصل على الهجر

فأشرق بريقك يا دهري ... ما خابت الوسيلة من شعري أهديت دره وهو منظوم ... لعبد الرحيم ولا أعز من شهر شعبان ... شيعه بكاس وندمان وأترك نصح بعض خلان ... عن قول وائق بالرحمن أشرب إلى غد مع ذا الريم ... فالمولى كريم أدر لنا أكواب ... ينسى بها الوجد=وأستصحب الجلاس كما اقتضى العهد دن بالهوى شرعا ... ما عشت يا صاح ونزه السمعا ... عن منطق اللاحي فالحكم أن تسعى ... إليك بالراح أنامل العناب ونقلك الورد ... حفت بصدغي آس يلويهما الخد لله أيام ... دارت بها الخمر وصل وإلمام ... وأوجه زهر والروض بسام ... وقد بكى القطر

ونحن في أحباب قد ضمنا ... عقد فيا أبا العباس لا خانك السعد خليفة منك ... فينا أبو بكر ناب لنا عنك ... في النهي والأمر لم يبق لي ضنكا ... من نوب الدهر فأنتم أرباب ما شيد المجد ... وأن بلونا الناس فهم لكم ضد حليت الدنيا ... من بعد تعطيل وجاءنا يحي ... بين البهاليل أغر بالعليا ... من فوق تحجيل يختال في أثواب طرازها ... الحمد وافرط الإيناس فما له حد بينا أنا شارب ... للقهوة الصرف وبيننا تائب ... لكن على حرف إذ قال لي صاحب ... من حلبة الظرف نديمنا قد تاب ... غني له واشد وأعرض عليه الكاس ... لعل يرتد

صبرت والصبر شيمة العاني ... ولم أقل لمطيل هجراني أليس كفاني هل كان غيري يعتز بالذله ... عشقته ينتمي إلى الحله ملاله الناس عنده مله ... لم يحصر الشعر وصفه كله في كل يوم أراه في شأن ... أماتني هجره وأحياني باشنب سقاني شهادتي أن أموت عليه ... لما جنى الورد ملء كفيه تشوقت وردتان إليه ... فحلتا في رياض خديه وأسكرته مدام أجفاني ... فمر بي صاحيا كنشوان في ربرب غزلان هذا زمان الربيع يا يحي ... فاسقني من يمينك العليا مدامة ملكتني الدنيا ... أما ترى الأرض ألبست وشيا والزهر في فضة وعقيان ... والماء يحكي إنسياب ثعبان في مذنب بستان يا كوكبا لاح من بني القاسم ... أهلا وسهلا بسعدك الدائم أما الأيادي فما أنا قائم ... بشكرها ناثرا ولا ناظم أنسيتني معشري وأوطاني ... وجدت محلي بكل هتان منسبكا أرواني بمثل ما دانت المها دنها ... أنهى رسول الفتاة ما أنهى وقد بلغت حفيظة منها ... فأصبح الشوق منشدا عنها لابد نحضر من حيث يراني ... لعله بالسلام يبداني حبيب يكفاني

أعيا على العود ... رهين بالبال مؤرق أذله الحب ... لا ينكر الذله من يعشق من لي به يرنو ... بمقلتي ساحر إلى العباد ينأى به الحسن ... فينثني نافر صعب القياد (وتارة يدنو ... كما احتسى الطائر ماء الثماد) فجيده أغيد ... والخد بالخال منمق تكنفه الحجب ... فلي إلى الكله تشوق عطا بليتيه ... ومر كالظبي لبيده فدل عليه ... تكسر الحلي بجيده تفتير عينيه ... يسرع في بري عميده فأن أكن أقصد ... منه فأولى لي إذ يرمق هل يسلم القلب ... وأسهم المقله لا ترفق وددت من خلي ... ومثل نشر الكاس في ثغره لو جاد بالوصل ... جود أبي العباس بوفره ذي الجود والفضل ... وقل: أجل الناس في قدره

أيها الهمام أزورلا ... سن الكاعب ولا بدا الطراز الأخضر ... فوق الشارب يا نازحا يزار ... لو كان لي خيار ما غنت الديار بالله يا نسيم الأعطر ... بلغ الغائب تحية الوزير الجعفر ... أبن الحاسب وجنة الورد المحلى ... تغتدي السحر المبينا صبغت شفاه أحوى ... بدموع العاشقينا نزلوا إلى التلاقي ... منزلا رحب الجناب ومشوا إلى العناق ... في الدجى مشي الحباب وبكى خوف الفراق ... رشأ غض الشباب ملأ اللثام كحلا ... بعد كتم الدهر حينا والهوى ينشر شكوى ... ينظم الدر الثمينا يا أبا حفص أشاره ... مرة من اهتبالك بأبي أخفى عباره ... صرّحت عن بيت مالك وأللذ يقول الوزاره ... هو في استعجال ذلك

خلق الرماح أعلى ... عزّة إلاتلينا يا سماء كل جدوى ... أقطر المجد المعينا أسد قد لان لما ... أدرك الشبلان بأسه كلما بهم نظما ... شربا في الحب كأسه أي يوم قد أهما ... نكّس الجبان رأسه نهلا والبيض نصلا ... بأكف الضاربينا هزج السيوف أقوى ... من رؤوس الضاربينا ربّ عظيم ... صعبت بالانقباض ضمها ضم الغريم ... عنوة إلى التقاض أيما حبل كريم ... علقت عند المخاض عجبا من صبر حبلى ... تحمل الراد جنينا ومضت في الدهر تروى ... مثلا للسائرينا هجمت على افتتاح ... ظبية قيد العقول مزحت راحا براح ... من لمى كالسلسبيل وسطت على اللواحي ... باحتيالها النبيل لم نَبُس حِبّي وإلاّ ... يفتري الناس علينا إنما قبلت عضوا ... من أمير المؤمنينا

روضة وسيمة الأقحوان ... تجتنى بالأماني لست أنسى ذكر طيب الصبوح ... إذ من جنى الخمر راحا بروح وتغني فوق غصن صدوح أعجمي الصوت لكن شجاني ... عربي اللسان كيف لا أكرع في كل ورد ... وأبو خالدها أي زند قرع الأيام حدا بحد فأذل الدهر حتى سقاني ... من خطوب الزمان أسد في الحرب ماضي السلاح ... أي يوم للعوالي وقاح هلكت فيه صدوح الرماح فمضى يطلب ثار السنان ... بالحسام اليماني طرت للمجد فيما جئت آخر ... وتباري معشرا في مآثر وتعاطي الجود عين المخاطر ثم كان السبق يوم الرهان ... للوزير ابن هاني علقت منه نفوس المعالي ... وتحلى حليها غير حالي فغدت تنشد لا تبالي قلبي أنس مخلق في بان ... وتموت أنت في شان لله من أخفيه والشوق واري الزناد ... شق الأرمحية عطفا قليل السناد أحللته في ضلوعي ... لو أن شيئا يرضيه لا مرحبا بالدموع ... أن أقلعت أو ترويه فليس لي بالهجوع ... عهدا ولا أرتجيه

يا ظالما أتقيه بين الحشا والفؤاد ... تفديك عين أبيه أذللتها بالسهاد بين القنا والأقلام ... تنازع في العلاء يعري نفوس الكرام ... عجبا بحكم الآباء حكمت يوم الخصام ... عليهما بالجلاء قضيت بالحكم فيه على الوشيج المنآد ... من أين السمهريه أسنة من مداد للمشرف الحضرميّ ... في العز بيت قديم أين السها من نديّ ... لا ترتقيه النجوم لمّت بالمشرفيّ ... لله رهط قديم أسد المقام الكريه تلتذ حر الجلاد ... قد صمدوا للمنيّه تحت السيوف الحداد هل كان يكفيك مشهد ... والدهر ذل رجاه أنا الحسام المهند ... معطل من حلاه فأضرب بها يا محمد ... لعله وعساه ما ضر لو تنتضيه سيفا رهيب الجهاد ... تبكي له المشرفيه توجعا في الأغماد الله يرعى ابتهالي ... بحفظ هذي الوزراه فاجرر ذيول التعالي ... عجبا بدار الاماره حتى تغني الليالي ... لفظا بها أو إشاره يا دولة العز تيهي فحسبك اليوم ناد ... بالدولة الحضرمية على جميع البلاد

ما أنا من نخوه جر الجلابيب ... نازعته الأسماط تندى من الطيب لله مذعور ... ليلة إيناسه عشاه مهجور ... في طيب أنفاسه والقرط مأسور ... في قيد أخراسه فأن يكن هفوه للحلي تعذيب ... أدبت الأقراط أحسن تأديب كم لي من نيل ... يوم الندى المشهود بفارس الخيل ... وحضرمي الجود اجر من ذيل ... في ظله الممدود ففاز بالخطوة منه وتقريب ... أوى إلى فسطاط في العز مضروب يا كاتب الدنيا ... ومشرف الدهر أقلامك العليا ... تنفث في السحر وغاطس يحيا ... من نطف الحبر حالم بلا كسوه كالرمح مسلوب ... ناط العلا ما ناط في كل أنبوب لي ساعد عبل ... بقومك الشم أسد إذا حلوا ... في موطن الحزم والموت ينهل ... عن عارض جهم

غضبان ذو سطوه كالنار مشبوب ... شدوا على الأوساط بكل أشبوب وذات أشواق ... وجدي بها برح تسح آماقي ... ودمعها سحّ غنّت لمشتاق ... موعده الصبح أن جفيتني غدوه وصح مرغوب ... نعمل سلا ما ساط معك يا محبوب من سقى عينيك كأس المدام ... يا منى المستهام رشأ أسهرني وهو نائم ... رق لي والموت بين الحيازم عجبا مند معه وهو باسم خنث يمزح تحت اللثام ... عبرة بابتسام قلب دنياي تسقى رويد ... تحت إحسان الوزير ابن زيد فأنا أربع في خبر قيد بين برّ وعطايا جسام ... أخوات الغمام بائن الغور بعيد المسافة ... قد كفى قرطبة كل آفة كم يد أوليت دار الخلافة بك يا مشرف صحّ اليقين ... أنت صبح المشكاة المبين أي نصل سله ما. . . ملك شرفه في الأنام ... حمل ذاك الحمام شرف الملك به حين حاطه ... فشدت وجدا به غرناطة إذ توخى بسواها ارتباطه كل يوم أقريك يا حبيب سلام ... ونسيت أنت ذمام

صل يا متيم من راح ... مقصوص الجناح صاغ الجمال من كل لألاء ... خد أديمه من صهباء ذو جنة أرق من الماء كأنها شقيقة تفاح ... لم تلمس براح أعيا على المكارم والمجد ... ما في الزمان من قدم العهد ملك حوى السيادة في المهد ليث عليه بردة امتداح ... من نسج الرماح يا كوكب الزمان إذ لاح ... نادى الزمان باسمك فصاح فأهتز بيت مالك وأرتاح علمت هطفيه كيف يرتاح ... لصوت السماح لله وقفة لك بالأمس ... والحرب في غلائل كالورس عمياء لا ترى قرص الشمس جلوتها ووجهك وضاح ... عند الكفاح لما صدرت من موقف الزحف ... غازلت شادنا حائر الطرف وقلت تابعا سنة الظرف بحقك يا رشا من سقى الراح ... عينيك الملاح آه من ضنين في الفؤاد مكنون ... كيف بالخلاص وهو بين أنفاس بأبي نفور ... لا ينال بالختل بارع غرير ... يستريب من وصل بات يستشير ... رأيه على قتل

سيئ الظنون مطرق إلى حين ... صاده اقتناص بحبائل الكاس أين من غرامي ... نازع إلى البحر مائس القوام ... كالعلامة البكر عف في المدام ... وارتوى من الخمر نقلت جفون عزتي إلى الهون ... ما أنا بعاص حزني ووسواس يا أبا الحسين ... هب دمي الأنصار أنا بعد عين ... حافز على نار ليس كل دين ... مثل ديني أوثار يرتضي منون لا يخاف من دون ... حكمة القصاص أنصفت من النّاس كيف لا يهاب ... شادنا هو الليث كفه السحاب ... ونواله الغيث بطل يصاب ... حيث لابها حيث أسد العرين بات غير مأمون ... لابس الدلاص حذرا من الناس حفلت هواها ... فيه كل حسناء خضبت يداها ... بخضاب حنّاء ولقد تناهى ... فيه قول عذراء ليلة تحييني وأنا بتحيين ... هذيك النواص والظفير من راس

كاد غيرة بالخيلان وفي المنى تسيل ... فوق مرشف المرجان عنبر قليل ظبية يقطع أشواقي ... ليل هجرها فجرت دموعي لإشفاق ... فوق نحرها وترقرق الأثمد الباقي ... بين شعرها أيقنت بحكم الهجران أنني قتيل ... فمحت بدمع الأجفان طرفها الكحيل كيف لا يحل من الجاه ... موضع النجاد من أميره عبد الله ... بدر كل ناد وهو يوم غصة الأفواه ... ضيغم الجلاد قد أعد قبل الميدان رأيه الأصيل ... وانتضى لطعن الفرسان رأيه الصقيل أنت يا مناط الآمال ... خدن كل روع هيبة سرت بالآجال ... والقنا هجوع مزقت قلوب الأبطال ... داخل الضلوع وأشتد بصدر حران كله غليل ... لم تجد نفوس الشجعان للبقا سبيل

سما في رقاب الأعداء ... سيفك المطاع واقتدحت نار العلياء ... حرة الشعاع ربّ ليلة من ظلماء ... كلها قناع فأنارها للضيفان مجدك الأثيل ... ولنا بوجه الإحسان منظر جميل ساءني وعز عن المجد ... شادن وصول برجع يعاتب من وجد ... ألفه الملول هل سمعت مولاتي بعد ... التي تقول قد غدر حبيبي وخلاني ليس نطع خليل ... يا خليلي أين الإيمان الوفا قليل

الوزير أبو بكر بن عيسى الداني المعروف بابن اللبانه

الوزير أبو بكر بن عيسى الداني المعروف بابن اللبانه بهرت بدائعه، وظهرت روائعه، وطلع من جو الإحسان بدرا، وجل فيه قدرا، راقت ألفاظه ومعانيه،. . . كلامه ومبانيه، فجلا من التوشيح الرائق ما تلي سورا، واجتليت محاسنه صورا، وله شعر أجاده انتقاء وانتحالا، وأطلعه في وجه الزمان خالا، مع تآليف حبر تصنيفها، وأجاد تنظيمها وتكييفها، في أخبار بني عباد شهدت له بالوفاء، وقضت له من مراعاة الذمم بالاستقصاء والاستيفاء، وهاك من رائق توشيحه ما يشهد بسبقه، ويريك في جو الإبداع وميض برقه - فمن ذلك قوله: على عيون العين ... رعي الدراري من شغف بالحب وأستعذب العذاب ... والتذّ حاليْه من أسف وكرب نجل العيون سقت ... نفوسنا كأس الرحيق أحداقها احدقت ... بكل بستان أنيق ووجنة شُقّقت ... عن سوسن وعن شقيق

وتحت نور الجبين آس عذارِ ... ينعطف كي ينبي بان ماء الرضاب حام حواليه ... منصرف عن قربي لا كان يوم النوى ... من ملبسي ثوب الضنا ألوى غزال اللوى ... فيه بصبري إذ رنا وظن أن الهوى ... ذنبا فظنّ بالمنى فقد أثار الضنين ... نور اصطباري في سدف من نحبي والقلب خوف العتاب ... رجا حنانيه فأعترف بالذنب شرّد عني الكرى ... فبتّ أشكو ما أجد إلى جياد ترى ... متنها بي تطرد وما حمدت السرى ... حتى رأيت المعتمد في كل دنيا ودين ... به نباري من سلف فيُربي وكل من فيه عاب ... يلقى جنابيه في شرف من حب مؤيد نصره ... لدن القنا عضب الحسام يندى به دهره ... ندى الرياض بالغمام كأنما ذكره ... آيات ذكر في الأنام حالاه شدّ ولين ... فقل حذار أن وقف في حرب وقل بان السحاب ... لو شام كفيه لم يكف من رعب

وطير حسن نزل ... بمنزلي عند الغروب حول شباك الحيل ... يلقط حبات القلوب ما حل حتى رحل ... فكان من شدو الحبيب لو رأيتم مقلتين ... نزل بداري ووقف لجنبي لما رأى المحناب ... سوى جناحيه وانصرف بقلبي كذا يعتاد سنى الكوكب الوقاد ... إلى الجلاس مشعشعة الأكواس أقم عذري ... فقد آن أن أعكف على خمر ... يطوف بها أوطف كما تدري ... هظيم الحشا مخطف إذا ما ماد في مخضرة الأبراد ... رأيت الآس بأوراقه قد ماس من الأنس ... وأن زاد في النور على الشمس ... وبدر الديجور له نفسي ... وما نفس مهجور؟

غزال صاد ضرغامة الآساد ... بلحظ جاس خلال ديار الناس ألا دعني ... من الصد والهجر وخذ عني ... حديثين في الفخر وقل أني ... أحدث عن بحر سطا وجاد رشيد بني عباد ... فأنسى الناس رشيد بني العباس جلا الأحلاك ... فنور الدجى مرآه فما الأفلاك ... تدير سوى علياه كذا الأملاك ... عَبيد عُبَيد الله فمن أراد قياسك بالأمجاد ... فجهلا قاس سنا الفجر بالنبراس لك الفضلُ ... وأنك من آله رأى الكل ... بكم نيل آماله فما يخلو ... من ينشد في حاله بني عباد بكم نحن في أعياد ... وفي أعراس لا عدمتم للناس في نرجس الأحداق ... وسوسن الأجياد نبت الهوى مغروس ... بين القنا الميّاد

وفي نقا الكافور والمندل الرطب ... والهودج المزرور بالوشي والعصب قضب من البلور حمين بالقضب ... نادى بها المهجور من شدة الحب أذابت الأشواق ... روحي على الأجساد أعارها الطاووس ... من ريشه أبراد كواعب أتراب تشابهت قدا ... عضت على العُنّاب بالبرد الأَندى أوصت بني الأوصاب وأغرت الوجدا ... وأكثر الأحباب أعدى من الأعدا تفتّر عن أعلاق ... لآلئ أفراد فيه اللمى محروس ... بألسن الأغماد من جوهر الذكرى أعطى ... نحور الحور وقلد الدرا سلالة المنصور جاوز به البحرا وأخرق حجاب النور ... وقل له شعرا بفضلك المشهور جمعت في الآفاق ... تنافر الأضداد فأنت ليث الخيس ... وأنت بدر الناد خرجت محتالاً أبغي سنا الرزق ... أقطع أميالاً غرباً إلى شرق مؤمل حالا يكون من وفقي ... فقال من قالا وفاه بالصدق دع قطعك الآفاق ... يا أيها المرتاد وأقصد إلى باديس ... خير بني عباد

يا من رجا الطلاّ وأملّ التعريس ... أن شئت أن تحلى بطائل التأنيس لا تعتمد إلا على علا باديس ... من قومه أعلى قدراً من البرجيس مواطن الأرزاق ... أولائك الأنجاد فاحطط رحال العيس ... وانفض بقايا الزاد ما لاعتساف البيد ... إلا المهاري القود ذرها تخد يا ناقتي الكوما ... جوبي على اسم الله وأطو اليباب واستعملي العوما ... فليس من أمواه إلا السراب لا تطمعي نوما ... مادام من أهواه نائي القباب لمثلها صيخود ... ذخرت من قيفود لا تتئد من أسكن الظلفا ... حومانة الدراج في الرقمتين حتى انتضت حرفا ... يوحي به إلا دلاج عبل اليدين وعممت وصفا ... من جنح ليل داج غصن اللجين فأثمر الأملود ... منه على التوريد بدراً يقد

دع ذكرك الأيادي ... والمنزل الطاسم والفدفدا وأمدح بني عباد ... أعني أبا القاسم محمدا مؤيد الأجناد ... ملك على الحاكم معقدا حاز العلا والجود ... عن الجدود الصيد والمعتضد لا غرو أن بارى ... في الجود والأفضال هوج الرياح وأقتاد جرارا ... بجيشه إذ قال قف لا براح ليث إذا سارا ... في حومة الأبطال يوم الكفاح لم يغن ضرب الجيد ... ما حاكه داوود من الزرد قد أرخ الرخام ... من ذكر مولانا في المرمر ما حاكه النظام ... درا ومرجانا وجوهر يا حبذا الإلهام ... منه وأن كانا لم يشعر النصر والتأييد ... والمجد والتمهيد للمعتمد في الكأس والمبسم البرود ... أنس العميد باكر إلى البكر والدنان ... وأفضض ختامين في أواني واجن الأماني في أمان ... فقد وصلنا إلى زمان

ينظم فيه شمل السعود ... نظم العقود ملك تزين العلا حلاه ... وقيمة الشعر من نداه ولفتة الله من رضاه ... سالت فطابت لنا يداه فليس ينفك عن وجود ... بأس وجود يا شاسعا جسعه منيف ... وجنة كلها قطوف ونيرا ماله كسوف ... أوفى على عبدك المصيف فصار في ظلك المديد ... تحت برود طالعني كوكبا سعيدا ... وعاد دهري علي عيدا مذ لحظت عيني الرشيدا ... أتيته منشدا قصيدا فلم تخب عنده قصيد ... ولا قصود لما علوت الملوك شأنا ... وأتضح الأمر واستبانا وصحح الناضر العيانا ... شدوت لا التوى لسانا لم يمش على الصعيد ... مثل الرشيد هم بالخيال ... ودن بالوجد وحث الأدمع أثر الركاب ... فحال البعد حال التفجيع

ولتطو منك على شجوين ... قلب يعذب من وجهين بطول صد وطول بين ... ولتسق من عبرات العين عهد الوصال ... بمثل العهد ذوى فاينع صنع السحاب ... بروض الورد أبان يهمع أن كنت مغرى بمن تهواه ... فصل سراك إلى لقياه وقل له سائلا رحماه ... يا من تضوع من رياه شذا الغزال ... بمثل الند بالله متع من الإياب ... رهين الود بالوعد يقنع برد جوى الشوق من حوبائه ... فالنار تفعل في أحشائه فعل المؤيد في أعدائه ... وفعل كفيه في نعمائه بذل النوال ... وصون المجد فيه تجمع فكل صاب ... وكل شهد منه يجرع ملك له في العلا آثار ... هي الكواكب والأقمار جرت على حكمه الأقدار ... أدنى مواهبه الأعمار في كل حال ... سما عن ند وأن تطلع من السحاب ... لشمس السعد ظنه يوشع

وغادة أغرت الأشنافا ... بطير حسن هواها عافا فأمنته الذي خافا ... فكان من شدوها إذ وافى ميل دلال ... ومعك نهدى طيرا مروع وأرشف رضاب ... وقبل خدي إياك تجزع للدموع إذا تقطر في الخد أسطر ... تحفظ الهوى ظاهر منها النواظر سرّ لوعتي يبديه ... من حوت عبده ليس لي بما أفديه ... والقلب عنده لو شملت ريّافيه ... أوشمت خده كنت أنشق العنبر من ثغر جوهر ... وأرى سنا زاهر من الأزاهر غصن بانة هزه ... صبا ولين ينثني على عزه ... لها أهون لي بخده منزه ... ولي منون فإذا جلا منظر فالعيش أخضر ... وإذا رنا ناظر فالموت حاضر رشا من الأنس ... لا يستمال حل رتبة الشمس ... فما ينال زارني على يأسي ... منه الخيال

فلو أني أقدر لذلك أقدر ... لاستعرت للزائر جناح طائر أنا عبد عبد الله ... من آل رزق فضح الدجى مرآه ... بكل أفق وسما على الأشباه ... خلقا بخلق فهو ضيغم قسور والخيل تذعر ... وهو شادن جائر والكأس دائر وخضيبة الأنمل ... هيفاء رود أبصرته في جحفل ... بين البنود فشدته دون الكل ... شدو العميد الله زانك بالأسمر زين كل عسكر ... قد خرجت يا شاطر في الحرب ظافر سامروا من أرقا ... وارحموا من عشقا ليت شعري هل درى من نفى عني الكرى ... أنه لو أمرا لتوخت السرى أدّرعت الغسقا ... مثل نجم طرقا ليت دنياي تعير مثل أيام السرور ... وأرى الساقي يدير كأسه نارا ونور يا له كيف سقى ... بدر تّم شفقا من شج بالخرد مثل وجد المعتمد ... بالأيادي والصفد بيد تتبع يد قد أضأن الأفقا ... ومَلأن الطرقا ملك سام أغر ضيغم بادي الظفر ... غرس الناس شجر عارض هامي مطر

سح فيه ورقا ... فكساها ورقا رب لميا الشفتين عانقتني بعد بين ... فحكينا الفرقدين ودعونا مخلصين عاشقين اعتنقا ... رب لا تفترقا هلا عذولي قد خلعت العذار لا اعتذار ... عن ظبا الأنس وشرب العقار ما العيش إلا حب ظبي أنيس مهفهف أحوى وحث الكؤوس من قهوة تحكي شعاع الشموس كأنها في كأسها إذ تدار ... شعلة نار يقتلها الإبريق قبل السوار شيئان قلبي فيهما ذو غرام القول بالغيد وشرب المدام فلست أصغي فيهما للوام لا والذي توج تاج الفخار بحر البحار ... ببحر جدواه وحامي الديار الملك المأمون ذو المكرمات الواحد الفرد الجزيل الصفات كم مادح أحيا وكم قدامات

تنهل يمناه علينا بحار ... ثم اليسار تجلو دجى العسر ببذل اليسار في اسمه للنصر والفتح قال قد عم أهل الأرض طرا نوال أصبح في الجود بغير مثال أنجد ذكراه الكريم وغار ... في الأمصار حتى حدت فيه حداة القطار وغادة تشكو بعاد الخليل غدوها تبكي ويوم الرحيل بصفة البحر وظلت تقول أما الفرار ... وليش دمار طل النجيع وفل الأسر ... غرب مهند وكان من منتضاه الدهر وما تقلد صبرا على ما قضاه الله ... حط المؤيد من علياه وعطل الملك من مرآه ... أقول شوقا إلى لقياه آن الطلوع فلم يا بدر بالجو أربد ... وعد بشارقة يا فجر فالعود أحمد يا سائلي عن بني عباد ... حدا بهم في ذكرهم حاد فالبيت بيت بلا عماد ... وما لنا بعدهم من هاد فلي دموع عليهم حمر تنهل سرمد ... وطيّ ما ضمّ مني الصدر جمر توقّد

أين المؤيد قطب المجد ... أين المؤيد والمعتمد أين اللذان هما في اللحد ... أين القرابة زين العقد ولىّ الجميع ووليّ الصبر فليس يوجد ... من ذا وذلك إلاّ ذكر وجد تجدد أفديهم من أنجاد محض ... تفرقوا بعضهم عن بعض وصار ما أبرموه للنقض ... كانوا إذا ما مشوا في الأرض أحيا الربيع وجاء الزهر فيها منضد ... وسال فوق رباها بحر من دون عسجد جيش كريم محاه الدهر ... أبكيهم ما تراخى العمر قصر مشيد وروض نضر ... وربما قال فيه الشعر بكى الربيع وناح القصر على المؤيد ... ولم يبق سرور يأسر بعد محمد

الأديب الأستاذ أبو عبد الله محمد ابن رافع رأسه

الأديب الأستاذ أبو عبد الله محمد ابن رافع رأسه رفع في التوشيح رايته، وبلغ منه غايته، واستوفى أمره ونهايته، فجلا برائق مبانيه، أنوار معانيه، فجاءت ألفاظه يرف روتفها، ويشف تأتفها، أن مدح جاءت المدائح إليه تترى، أو تغزل رأيت جميلا بوادي القرى، جدد بني ماء السماء المتقدمين في التمييز وانضوى به إلى الملوك والتحييز، من سبقه في البلاغة موصوف. . . معروف، وهاك من بدائعه ما هو عذب زلال، وسحر حلال، فمن ذلك قوله: قد كنت في عدن فاختلت وألهفي ... كأن إبليس قد وشى إلى إلفي واصل إيحاشي ... من عهده أنس بدر بدا ماشي ... كي يكسف الشمس فإن وشى واشي ... يا حبيب النفس عودت من ظني بخليلك المصفي ... من نعمة بؤسا وسعيت في حتفي الخلف للوعد ... ناقض عرى الود فأذكر على العهد ... إذ بذلت للعبد ألفا من العد ... في مقبل الشهد

حاشاك يأخذني أن تدين بالخلف ... فبوسني بوسا وحده من الألف يا سائلا عنه ... الصباح والدجن استرقا منه ... الكثيب والغصن ليس له كنه ... غير أنه الحسن أحلى من الأمن ريقه لذي رشف ... بريقه يوسى من سحر بالطرف يا أشبه القوم ... بالفتى ابن راحيل قصر عن لومي ... مذ رآك عذولي هب لي من نومي ... كهبات بخيل أجل من الحسن قبل رجعة الطرف ... من عرش بلقيسا متعت بالنصف كم قلت للسقم ... إذ ضرّ بي فيه دونك ذا جسمي ... فدية لفاديه يا جائر الحكم ... هاأنا أفديه فكم شفا مني برضابه الصرف ... ما لن يكن عيسى يسطيع أن يشفي من علق القرطا في أذن الشعرى ... واكفف المرطا الغصن النضرا الحسن مرحوم ... عندي ومأثوم والطرف ظلوم ... والقلب مظلوم وبأبي ريم ... يعشقه الريم

لم يأكل الخمطا ولا رعى السدرا ... ولا درى الأبطا مذ سكن القصرا يا قوم بي تياه ... لماه معسول الهجر من هجراه ... والذنب محمول يدري الذي يهواه ... أنه مقتول أماتني غبطا وما اتّقى الوزرا ... لم أعرف الشرطا فكنت مغترا قد همت في وسنان ... أسد الشرى يسبي بلحظه الفتان ... في معرك الحب أعلى الظبا سلطان ... بقدرة الرب سبحان من أعطى جفونك النصرا ... والقبض والبسطا والنهي والامرا عليّ ما أعدى ... سيوف عينيك كم أنّب الأعدا ... بالعذل عليك والحسن قد أبدى ... عذري بخديك بأحرف خطأ لم تعرف الحبرا ... أودعها نقطا بالمسك كي تقرا ضن بإسعاد ... والشمس تحكيه من بعد ميعاد ... أبدى الرضا فيه فكان إنشادي ... خوف تجنيّه حيث قد أبطأ من أمسك البدرا ... عني لقد أخطأ وأشغل السرا

قل للذي رام بالعتب ... وبالعذل صرفي بالقول عن حبي ... وبالحيل خذ في الدعا إلى ربي ... ودع من بلي أي عميد بلا منّه على ذلك أي ... فكف عتبك يا عاتب فعتبك غي مالي وللحدق النجل ... وللمم عمد الجاهرين في قتلي ... وسفك دمي كم قد قتلن كذا قبلي ... من الأمم ويجلي مثله بلا سنه قضاه عليّ ... قد جدده القدر الغالب فلم ينج شيء بالحاجب الملك الأسنا ... أبي الحسن أرجو السلامة والأمنا ... من المحن نجل الذين هُم معنى ... بين الزمن عمروا ولم يظهروا منّه لدى كل حي ... حتى غدا شكرهم واجب على كل شي يهنيك يا صاحب الدنيا ... وناصرها قد فقت بالمجد وبالعليا ... (أكابرها) من بعد يحي الذي أحيا ... مآثرها فاهنأ فأن وردت جنه فأنت لؤي ... وأن لم يكن الطالب فحاتم طي

وربّ خود محيّاكا ... سبا عقلها فلو تفوز بلقياكا ... شفا خبلها أبدت تناشد في ذاكا ... لأُمِّ لها يامم شوليس الجنه الأشوى ... ترى خمريا من الحاجب عشير شرى الراح والرضاب ما فيهما حرج ... إلا لكل بدعي عن ديننا خرج طوبى لمن تروى ... من ذا وهذه مع من يميس زهوا ... في ثوب لاذه والقلب مني يهوى ... سر إلتذاذه مراشف عذاب من ثغر ذي فلج ... فيها دمي ودمعي هذا بذا مزج يا حسن كل حسن ... اليأس بي أسا يا جنتي وعدني ... صلني وقل عسى أن تلتقي بجفني ... وردا ونرجسا تحميهما عضاب سلت من الدعج ... وعقرب للسعي دبت من السبج قد حارت الرياض ... في روض خده أجفانه مراض ... بأمر أسده صعب فما يراض ... من طول صده

ما طاعت الصعاب إلا عصى ولج ... في عزة ومنع ليتلف المهج كم قلت والعذول ... لو كان يسمع حسبي أنا الملول ... أرضى وأمنع لكن أنا المحمول ... ما شاء يصنع أكفف كم ذا العتاب عاتبتني حِجج ... أن الهوى لشرع لي في الهوى حُجج ما يوسف ابن هود ... إلا كيوسفا في اليمن والسعود ... والحسن والوفا وكم وكم يجود ... لو جادكم شفا كأنه السحاب والروض والأرج ... من شامه بسمع وأبصر ابتهج أن الرضا لغالي ... ما للرضا ثمن من سيد الموالي ... وخير مؤتمن تزهو به المعالي ... والملك والزمن للرزق منه باب من أمّه ولج ... أو قال ضاق ذرعي لباه بالفرج لا أنس إذ تغنّت ... هيفاء في السمر بشدوها وحنّت ... لعزة الوتر تشكو لمن تشكت ... من هجر من هجر يامم شنت لاب ذا الوعد ذا الحجج ... دع هجر مم قطع فالقطع في سمج

أبدت البدر في دجى الوصف ربّة المعجر ... وأقامت مذهب الشنف عوض المشعر ذات قد تهتز أرماحا ... في ذرى قدها شرع الحسن منه تفاحا ... فهو في خدها وخفر الجمال قد لاحا ... عنه في بردها غرسته في متني الحقف راحة الأخضر ... ولوت منه موضع الردف لية المئزر لست أنساك والدجى يرنو ... نحونا قد سرى والربا قد أعارها الجون ... ملبسا أخضرا حين سلّمت أنت والحسن ... جائر بالكرى فتنسمت منك في العرف ناضح العنبر ... وتأملت منك في الرشف واضح الجوهر يا قضيبا حوته أفلاك ... بالهوى مثمرا قلد الجيد منه أسلاك ... نظمت جوهرا وكذا اللحظ منه سفاك ... قد سبا القسورا عجبي من محير الطرف فاتك النظر ... صاد عن قدرة وعن لطف أسد العسكر تم لي يا مساعدي سعدي ... بك أن تسعد من غدا راضيا عن الوجد ... وطوى الموعد زاد كتما فدمعه يبدى ... فهو كالمنشد

مقلتي أعلنت بما اخفي عنك في مضمر ... وبدا إعلانا من لهفي حين لم أشعر سمح الدهر منك بالقرب ... لم تكن منصفا حين عودته من الحب ... وبطول الجفا أنشدت كي تقول من عجب ... أن تلق مدنفا احتملها راية من خلف في الهوى وأصبر ... أن تكن عاشقا حلى طرف وسنا منظر عيناك فوّقا من جفنيك سهما لنحبي ... هذا جزا صبري عليك آه وأكربي ذو الجفون تهمي يا سهم كل سهم ... فقد عضبت جسمي فآه يا حمامات الأيك أي عضب ... قد عود المثنى عطفيك سن القضب يا منية القلوب ... وجنة الأريب وفتنة اللبيب لا أشكيك إلا إليك فما ذنبي ... إلا انسكاب دمعي عليك حبيبي حسبي يا صاحب المعالي ... وقمر الكمال وضيغم النزال البدر بعده من نعليك بعد الترب ... فَتِهْ فأنت حولي يوميك سر السرب الرزق من بنانك والسحر من بيانك ... والموت من سنانك والجود هاطل من كفيك عام الجدب ... والليث باسل في برديك يوم الحرب أقسمت بالمثاني ومنتهى الأماني ... ما للأجل ثاني السيف لا يقاس بحديك عام الجدب ... والسحب لا تباري كفيك عند السكب كم عروس خدر يا بدر كل بدر ... يشدوك دون شكر ماذا لقيت حبي عليك من الكرب ... بحق عقرب عارضيك أردد قلبي

بسيفك أم لحظك الفاتر ... سفكت دم الأسد ما لقتيل الحب مقتولا أظنك سيف الله مسلولا ... ليقضي الله أمرا كان مفعولا أمير له مقلتا ساحر ... يطاع بلا جند تعالوا انظروا ما صنع الله أمير الهوى سيفاه عيناه ... أقول وقد سالت عذاراه جرى الماء في خدك الزاهر ... فنّم على الورد أما وعلا الحاجب مولانا لقد عمنا جوادا وإحسانا ... وراح لنا راحا وريحانا فذقناه بالسمع والناظر ... ألذّ من الشهد فتى راح فتّ المسك من ذكره وهو نسيم الرياض من نثره ... وأنفق سوق الحمد من شكره فلم أر أربح من تاجر ... تجهز بالحمد كتمت الهوى في مضمر القلب ولكن جرى سكبا على سكب ... دموعي مثل اللؤلؤ الرطب فدل على باطني ظاهر ... وأن كنت لا أبدي خلعت عذري ... وبحت بالغزلان مذ بان صبري ... في الأوجه الزهر الحسان من كل بدر ... يلوح في غصن بان أوطف قد أدار لحظا يصيب ... حب القلوب بسهم أحورار

قضيب رند ... يميس في دعص رجراج وبدر سعد ... يريك تحت الليل داج رمان نهد ... أينع في لبات عاج يقطف بأفكار فوق قضيب ... لدن رطيب من ذوب البلار أودى بصبري ... لا ما عبير في شقيق خطا بالسحر ... في صفحتي خدٍّ أنيق وسمط ثغر ... قد نّم بالمسك الفتيق وصف بالنضار ألمى شنيب ... مثل الضريب يزري بالعقار حماني الظلما ... من لا يبالي ظلما أن راش سهما ... أصاب قلبي وأدمى رضيت السُقما ... في حبه حظا وقسما بملتف بمدرار ما للكئيب ... حين يصوب كالمزن أسرار ضاق ذرعي ... بالصد عني يوم زار يهفو عن روعي ... كطائر في الجو طار هم بوقع ... وخاف من أنس فحار رفرف ثم طار طير غريب ... حلو عجيب بالعهد غرار

سقيا لليالي الغر ... وعهد الشباب أيام قطعت عمري ... فبها بالتصابي مرت طيبات الذكر ... كمر السحاب أيام تّيمني العشق أيام يسيره ... وساعات صافي في الود ساعات منيره ألا هل لذاك الدهر ... إلينا ارتجاع وهل للنجوم الزهر ... علينا اطلاع فؤادي استعن بالصبر ... إلى كم تراع؟ أن جزعت من الشوق فاحمل بالضروره ... فجور الزمان عندي على الحر يسيره أبا جعفر مذ بنتا ... عني بان صبري أبا جعفر مذ غبتا ... عني غاب بدري أبا جعفر لا زلتا ... في عزّ وبرّ ولحت بذاك الأفق يا شمسا منيره ... فما لك غير السعد أفلاك مديره لئن نات الديار ... فثمّ وداد يجدده التذكار ... وعندي زناد فيه من هواك نار ... يذكيها البعاد فقل كيف لي بالعتق للنفس إلا سيره ... بطول النوى والبعد ولكن صبوره

قلت للخليل لما ... أجدّ الرحيلا أبث إليه الهما ... والوجد الطويلا فيا ليت أني لما ... عشقت خليلا يا من أمّ نحو الشرق وحثّ مسيره ... بلّغ ما ترى بي من وجد لأرض الجزيره للهوى في القلوب أسرار ... أوضحتها الدموع وبجسم المحب آثار ... كمنت بالولوع أرّقت مقلتي لها نار ... كمنت في الضلوع أي نار بحرها بتّ لم أرح مقلتيْ ... قلقا كلما تقلبت زاد في القلب كيْ بأبي من أنا به صب ... وهولا يشعر سنّة قد قضى بها الحب ... منه تؤثر حسب قلبي وما له حسب ... حيث لا يغرر ثم دار العاشقين حولت فقصدت حيْ ... وبها ضاع حين ضيعت كلما في يديْ حل نفسي فصحت وانفسي ... عله يرحم قمر لا ينال باللمس ... بل هو الأكرم جل عن أن يقاس بالشمس ... وهو الأعظم أن بدا قلت ما لذا نعْت حين لم أرض شيْ ... أورنا قلت صارماً صلت حين لم يبق حيْ

ما اقول؟ وقّلما يجدي ... في الهوى ما أقول ضاق ذرعي بالخلف للوعد ... بالجوى والنحول سوف أقضى أن تطع بعدي ... ما ادّعاه العذول وهو قد حاز ثم ما حزت ورأى الرشد غيْ ... ما أبالي إذا به متّ كان لي أم عليْ أنت حبي يا غاية الحسن ... فيما تستريب نم هنيئا لازلت في أمن ... أنت أنت الحبيب كم فتاة لأُمها تكني ... عند خوف الرقيب بعنايش لمحت أن لحت كم هلش من يدي ... بون بلاش متار أو لحت عمن عن كفري

أبو عبد الله محمد ابن الحسن البطليوسي المعروف بالكميت

أبو عبد الله محمد ابن الحسن البطليوسي المعروف بالكميت أحيا من الإحسان ميتا، وبنى في ساحة الأعجاز بيتا، فجاء بما أبدع، وأودع فيه من المعاني الرائقة ما أودع، ونظم دررها، واحتلب دررها، وأتى بالبديع ولاء، واستحقها نسبا وولاء، وهاك من بدائعه شهبا متفدة ودرا لا يخاف منتفدة فمن ذلك قوله: راحة الأديب سلافة كالنور ... يشعل الزجاجة بضوء مبين المدام راح ووصل الظبار روح واللمى اقتراح ... ووصف الصبوح فأعص كل لاح فالعذل كالريح ليس للكئيب ولا للمهجور ... بالسلو حاجة وذا العذل يغريني دنت بالحسان وبالخرد العين راضيا هواني ... وعزتي في الهون كيف بالأمان وليس بمأمون صولة الرقيب بسيف مهجور ... يألف اللجاجه بقتل محزون دون ما أريد من وصل الضنين ضعف ما يزيد ... علي حرب صفين وصله بعيد فمن أين يدنيني وهو كالحروب بوصل عسير ... مضرم هياجه بنار الشجون زار في الظلام وقد زال مصباح إذ شكى غلام ... ببعد الصباح وهو بالمدام يروم ارتياح قام كالقضيب من تحت ديجور ... جاعل سراجه من وجه. . . بأبي بخيله هي الشمس في الطلعه أقبلت بحيله ... وقولة بدعه دونما وسيله تسائل في الرجعه بأنه عند حبي شيباش مسطور ... طرهيره سماجه أش أد ونون

ما ضر من عاقبوا إذ قدروا ... لو غفروا قضوا على نظرات العين ... بطول صد وطول بين يا رب كن بينهم وبيني ... فما جنيت بغير العين فأي ذنب لقوم نظروا؟ ... فاعتبروا أن هز قداً وأبدى خدا ... رأيت غصنا وبدراً سعدا لو ارتضى بالنجوم جندا ... لعدّهم في يديه عدا وصيّرت بين يديه القمر ... ينتثر أتى بما ليس في العقول ... كأنه غير هذا الجيل خلّى الأنام بلا عقول ... فما استطاعوا على تأويل وكلهم بعد ذا ينتظر ... ما الخبر مذ ولي الملك في أبانه ... موطد البناء من أركانه فأنج بنفسك من سلطانه ... فما انتظارك من أجفانه لو مات من مقلتيه البشر ... ما انتظروا لما بدا وجهه البدري ... قلت له أي حسن أي فقال لي بشر أنسي ... فقلت ذا باطل منفي بالله ما أنت إلا القمر ... يا عمر

يا لائما جفا ملامي ... زاد في سقمي برّحت بي كفى سقامي ... وبري جسمي والفكر قد نفى منامي ... ومحا رسمي فها أنا لقى بيني قد كفاني اللوم ... والدمع أحرق جفوني وحماها النوم لو تألف الظبا كنت ... تعرف الحبّا أدنت بالصبا وظلت ... تعذل الصبّا ما كل من خبا ميت ... يحتوي لبّا من أين لي بقاء ديني قد يباه اليوم ... غصن على نقا مصون مفطر في الصوم أما بقى لمن نأى عن ... عينه حبّه فبات ذا شجن بفنن ... سره كربه حق يودّ مِن أسى أن ... ينقضي نحبه يقول لا بقى خديني قد نأى يا قوم ... هل ينفع الرقاد ودوني المنايا حوّم فككت للهوى سطورا ... لم تكن تقرا صليت للجوى سعيرا ... زادني جمرا بلوت بالنوى أمورا ... اقتضت بحرا فالجفن أغرق سفيني ما استطعت العوم ... من حيث تبقى منوني أن يسوم السوم

يا فرحتي وقد بدا لي ... وجه محبوبي فأذهب الكمد وحالي ... حال يعقوب فقلت والسهد يوالي ... جفن مكروب طيرا محلقا جئني أين غبت اليوم ... باتت مؤرقه جفوني لم تذق النوم من لي بمستهتر في الحب مستكبر ... أطعته ذله فتاه وأستكبر يا موفيا كيلا ... ملامه نصحا أسرفت لا ميلا ... في الحب أن تلحى أما ترى الليلا ... قد عمّم الصبحا من ذا الذي يصبر من بعد ما أبصر ... هذا السنا كله لا صبر لي فأعذر مولى به دنت ... على تجنّيه حتى لقد ذبت ... محبّة فيه إذا بدا قلت ... سبحان باريه أن الذي صور هذا لمستقدر ... أنظر بحق الله ما أحسن المنظر علقت يعفورا ... أتاح لي حتفا أحسن تصويرا ... فعزّ بي وصفا كأن تفتيرا ... مقلته الوطفا

في القلب إذ ينظر سيف أبي جعفر ... يوما إذا سلّه للضرب في العسكر ملك له فضل ... في الناس معلوم صفاته شكل ... في المجد معدوم لو علمت قبل ... بملكه الروم لم يتخذ قيصر تاجا ولم يذكر ... ولا ادعى الحله مُزيقيا حمير قل للذي أودى ... بيسره العسر حتى. . . جدا ... عن ملكه الوفر وجاوز الحدا ... في ظلمه الدهر أن شئت أن تظفر بالمكسب الأوفر ... يا من به قلّه أقصد أبا جعفر سرى طيف الخيال من أم جندب ... بتجديد الوصال والعهد الأول فطال ما منعت ... طيف خيالها وعزّ ما حرمت ... عطف وصالها حتى إذا خطرت ... يوما ببالها هبت ريح الشمال من نشر طيب ... بالمسك والغوالي وبالغر بذل

سلمتم لا عدمتم ... يا أهل مسلمه وليتم فأوليتم ... نعمى ومكرمه ومن هذا لبستم ... ثيابا معلمه من الطراز العالي من عهد يعرب ... فيها لطخ العوالي وعرف المندل في روضة وطيب ... وظل بارد رجعت للحبيب ... وقرب خالد والحاجب النجيب ... نجل الأماجد ولى الآن والي بلاد المغرب ... باليمن والكمال والسعد المقبل لما هزوا المواكب ... إلى المواكب في يوم ذي كواكب ... بلا كواكب نادى منادي الحاجب ... أمام الحاجب هزوا تلك المعالي صلوا على النبي ... لكم عطيت مالي وسرج الحلي

أقفزت مغاني الحمى من بعد ... فالربع خالي من أميمة ومن هند لهفي على زمن قد بانا تخاله بهجة بستانا ... قطعته ناعما جذلانا كمثل عيد زمان الورد كم بالوصال ... من يد له عندي أيام أمنح روض الحسن من خد خود نمت في عدن ... تبدو فأجعل طرفي في يجني زهرا تفتح وسط الخد من الهلال ... بتمامه السعد الحظ عندي منها برّح صحا الزمان ولما صبّح ... حدا بقلبي ما أن يصح إلا برشف لماك الشهد عذب زلال ... دونه شذى الند كم قد ظفرت بها في خلوه ... أمص منها الثنايا الحلوه حتى انتشيت صريع نشوه وهل على السكر لي من بد ... بين الدلال ورشاقة القد لما أطالت الجفا والعتبا ولم أجد لاطراحي ذنبا ... شدوت أسأل منها القربا يا مولتي بذمام الود رقي لحالي ... واذكري لي عهدي أوقد عقارك واطف السراج الأزهر ... وأملا كبارك وهات سرّا مضمر الليل ولىّ ... وابتلج الصباح فاسق وأملا ... قد نمت البطاح فليس إلا ... كؤوسنا اقتراح

خلّ اعتذارك عنها فليس تعذر ... وأترك وقارك فالكأس لا يوقر لا أرى عندي ... لتارك الصبوح في روض ورد ... مع شادن مليح كبدر سعد ... في حضن مروح فأخلع عدارك كما إشتهيت وأجهر ... أن إبتدارك أولى بها فبكر أغصن تبدي ... يتيه لين عطفه يرمي فيبري ... بلحظه وطرفه قصّر شعري ... عن كنهه ووصفه قل من أعارك لحظ الغزال الأحور ... هلا أزارك من بات فيك يسهر يا من أهيم ... به ولا يلين كم ذا أحوم ... عليك يا ضنين صل يا ظلوم ... من قلبه رهين قد استجارك ومن أسا فيغفر ... وبات جارك والجار ليس يهجر جرى عذاره ... في خده فسالا وجلّناره ... زها به جمالا لولا ازوراره ... غنيته ارتجالا ما أملح عذارك حبيبي يا الأسمر ... ترى أين دارك قلها ولا تفكر

لاح للروض على غر البطاح ... زهر زاهر وثنا جيدا منعم الأقاح ... نورْه الناضر زارني منه على وجه الصباح ... أرج عاطر نثر الطل عليها حين فاح أيما عقد ... حبذا البشر لي عند افتتاح وجنة الورد يضحك الروض مسايل السحاب ... ملء أجفانه ومشت فيه لآلئي الحباب ... فوق غدرانه فتراه كيف يكشف النقاب ... عند تهتانه ينتهي طول تناوح الرياح وسط الرعد ... وترى البرق كصارم مشاح سل من غمد رقصت وسط رياضها الغصون ... رقص نشوان وأرتنا من لطائف المجون ... كل إحسان فنسينا عند وشيه المصون ... وشي صنعان كنجوم أطلعت والجو صاح في ذرى سعد ... فسعى الناس بألسن فصاح نعم الحمد فأغتنم ما قد صفا من الزمان ... وأخلع العذرا وأشرب الراح على سمع القيان ... مزة صفرا واغتبقها من سلافة دنان ... عتّقت دهرا كأسها مبسم طفلة رداح ناعم القد ... تمزح الراح بريقها القراح شِيبَ بالشهد

وفتاة فتنت بحسنها ... وتثنيها تشتكي طول جفاء خدنها ... حين يؤذيها وتغني برفيع لحنها ... ومغانيها ذبت والله أسى نطلق صياح قد كسر نهدي ... وعمل لي في شفيفاتي جراح ونثر عقدي لواحظ الغيد قد تيمت قلبي فمن مجيري من لوعة الحب ... حسبي غرامي أقضي به نحبي كأن قلبي جناح عصفور مُصمَى ... بأسهم فوّقت لمذعور حتما فهل علي في الحب من باس وقد فتنت بغضن مياس ... عذب الثنايا معطر الأنفاس لو نال ميت من تلك الثغور لمى ... لعاد حيا كالروض معطور بالما عقيلة بين خرد أتراب أبصرتها عند غفلة الرقاب ... شمس تنير في سندس الأثواب فخلتُها أقبلت من الحور لما ... نظرت بدرا من تحت ديجور تما أشكو إليها جفونها المرضى لعلها أن ترق أو ترضى ... فصرت كالمستجير بالرمضا من حرّ نار فهل للسعير يحمي ... يطفي لظاه رمان الصدور ظما خذي فؤادي رهين لديك لا تمطليني بلثم خديك ... فقلت والنوم حشو عينيك لا كان في بون أسى مرور بما ... ألوذ سم نون مومر زير يا أما رشق السهتم من ألعين العين ... تري الحمام أي قلب محزون ظبي أغر ... رعى قلب من يهواه يحكي القمر ... بما لاح من مرآه جيش الحور ... غزتني به عيناه

فيما للسهام بين الشد واللين ... منها يسام ردي حرب صفّين عيني تصوب ... دمعها دون ما عين قلبي يذوب ... من الهجر والبين ولي حبيب ... يقرّب لي حيني كولي الرئام عيناه تساقيني ... كأس الغرام فيقضي على الحين عبد الإله ... قد جل عن الذكر فما سواه ... للمجد والفخور أربت يداه ... على ديم القطر قطب الكرام غياث المساكين ... بدر التمام منير الدياجين منسبتهْ ... من الحسن طراز وبهجته ... له الوعد إنجاز يا بغيتهْ ... جلالك إعجاز أنت الهمام وزير السلاطين ... لكم دام في عز وتمكين لما لاح ... كالبدر إذ لاحا وكأس راح ... قد مدّ لها الراحا قلت تباح ... فغنيت إفصاحا رد السلام على البعد بكفين ... ففي السلام أجر غير ممنون

الوزير الكاتب أبو عبد الله ابن الوزير الحكيم ذي المعارف أبي الفضل ابن شرف رحمه الله

الوزير الكاتب أبو عبد الله ابن الوزير الحكيم ذي المعارف أبي الفضل ابن شرف رحمه الله أي حبر متفلسف. مهتد في طرق الدبيع غير متعسف، له حكم خوالد، وأمثال شوارد، بارع الشعر مفلق. طالع في أفق الإجادة متألق، وله فيه، مقدمة من أبيه، جرى على سنته وأستن سنته، وقد فضل على أبيه طبعا، قصد بشعره المتقدمين من الملوك، وقلد أجيادهم ماراق من تلك السلوك، فرفع راية الشعر وعلمه، واهتدى فيه إلى سواء أممه فجاء فيهم بما خلد على البعد، وأجاد فيه السبق واستولى على الأمد، وله في الطب امتدد باع، وفي التهدي إلى دقائقه كرم الطباع، وهو في التوشيح مقل، وعلى قدم الإحسان فيه مستقل، وهاك من توشيحه ما يشهد له بالإجادة، ويقلده صارم الطبع ونجاده فمن ذلك قوله: هاجني طيف طروق في الدياجي يطرق ... مخبري عن منزلي هند محقق مذ ربع ... شوقي بالربع وفرق إذ لمع ... برق من الأجرع والأبرق فأجتمع ... وتر إلى شفع من حرق فؤادي للبرق إذ حداها الأنيق ... بجناح هز الورد فيخفق

ما أخذ ... بموثق العهد من ضيعا إذ نبذ ... ودائع الود فذيعا ليت إذ ... جرى إلى الصد فأسرعا ورمى قلبي المشوق بسهام ترشق ... فأصابت غرض الكبد لو يرفق الوجيب ... هجرانه أجد في أضلعه هل يجيب ... بالحجة عن مصرعه فالكئيب ... يعوم في لجة من أدمعه خائضا بحرا فروق والمراد الأوفق ... لودنا من عصمة الرد لا يغرق عذّلي ... لو بدا العذر في قابل مقولي ... الجمه السحر من بابل كيف لي ... صبر وهل أصبر يا عاذل أن بدا غصن وريق ومصباح مشرق ... وظلام وسنا خد ورونق نظما ... من درر اللفظ سلك الثغور ورمى ... بأسهم اللحظ طي الصدور وحمى ... بقلبه الفظ روضا نضير فترى سلكا أنيق نظمه متسق ... غير أن اللفظ للعقد يتوق لا ملام ... قد لبس الزين من خده السقام ... والبرء والحين من جنده كم حسام ... أزرت به الحين من غمده

فالحسام لا يريق وهو عضب طلق ... وله جلو على العهد تألق ما أقال ... من جار في الحكم بحسه حين قال ... وزائر الغرام من نفسه والغزال ... قد مر كالسهم من قوسه الغزال شق الحريق والسلاق ترهق ... ما ضرني إلا حق. . . لم تلحق قضت خمر الثغور ... بسكر الصائمينا وصحو المفطرينا إلا بأبي شراب ... تطوف به كؤوس ثناياه الحباب ... لماه الخندريس وقد عبث الشباب ... بإعطاف تميس يعتقها الفتور ... فيشفق أن يكونا يقطعن لين لقد نشط الخليع ... إلى تلك الهنات وقد بسط الربيع ... درانكا من نبات وطرت الربوع ... فجاءت مذهبات رياض في غدير ... قد انفجرت عيونا تسر الناظرينا

فباكرها خمورا ... تدين بها ادلنان ولكن الأميرا ... له في المجد شان فقلدها أمورا ... يضيق بها الزمان ففي تلك الأمور ... هلاك المشركينا وأمن المؤمنينا إليها يا علي ... فأنت لها زعيم فليس لها ولي ... سواك ولا حميم فأنت. . . ... وذو الملك العظيم فكم دلىّ الغرور ... إليها آخرينا فجاءوا آخرينا تقر لك الإماره ... لأنك من ذويها وأنجاب الإداره ... تكون كمجتليها كان الملك داره ... وأنت البدر فيها بأعواد السرير ... طربن فينثنينا كما كانت غصونا أمرت على البرايا ... فكن كأبيك آمر وصرفت المنايا ... كتصريف القادر فنادتك السرايا ... وغنتك العساكر بالحرمة الأمير ... والحرمه عطينا وتم الله علينا

عقارب الأصداغ في سوسن غض ... تسبي تقي ممن لاذ بالفقه والوعظ من قبل أن تعدو عيناك لم أحسب ... أن تخضع الأسد لشادن ربرب ظني له خذ مفضض مذهب ... واغيد ورد في صدغه عقرب رقة زهر الباغ في جسمه البض ... وقسوة الفولاذ في قلبه الفظ قد كنت في أمن حتى سبى ديني ... بدر على غصن في كثب يبرين له الرضا مني وليس يرضيني ... يا معرضا عني أسرفت في هوني حتى متى يا باغ ترضى ولا ترضي ... يا قاسيا لواذ عهدك من حفظ مهفهف بدع أصبحت مغرى به ... قلبي له ربع قد دنت في حبه أصابني صدع مذ لجّ في عتبه ... السهد والدمع أعطيت من قربه فالعين لا ينساغ لهاجر الغمض ... والقلب ذو أغذاذ إذ ذاك من خض محمد جد لي بالبارد العذب ... تطفي لظى خبلي أصليته قلبي وترضي قتلي من غير ما ذنب ... تروغ عن وصلي منافرا قربي يا نافرا رواغ مذ كنت ما تفضي ... ما ضرك الإنفاذ وصلت في لفظ ألفته كيما ألحظ عينيه ... يفترّ عن ألمي يزهو بسمطيه واللحظ قد أدمى سوسن خديه ... فقلت إذ أصمى قلبي بسهميه محمد الصباغ يا قمر الأرض ... جسمك مثل الآذي يوسي من اللحظ

شمت بالزوراء برقا فهفا برق أدكار ... وأسال المزن ودقا فأستقل ادلمع جار آه من قلب يراع ... بلوامع البروق وجفون لا تراع ... لسوى البرق الخفوق من دمي لها انتجاع ... فهي خمر كالعقيق عجبا للجسم يبقى بين ماء وأوار ... مقل بالدمع غرقى وفؤاد فوق نار هكذا تطوى الضلوع ... فوق جمر بالبعاد وكذا تذرى الدموع ... هاطلات كالعهاد فصدود وخشوع ... والهوى للموت حاد ركب الوعر الأشقا عاشق نائي الديار ... حمل القلب الأرقا متلف الأسد الضوار ذو سفور عن لجين ... وإبتسام عن أقاح . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . تحسب الدهر الادقا بعض يوم من نهار ... وترى الأشهر طلقا غررا دون سرار لم أذق من بعد رشف ... ريقها ريا مثيرا لا ولا أبصر طرفي ... بعدها غصنا نضيرا مائسا من فوق حقف ... حاملا بدرا منيرا

كم سرت ليلي طرقا والدجى مرخي الإزار ... تخرق الظلما خرقا في لدات كالدرار كلّ ظلم يتناهى ... غير ظلم الرقباء خبروا الأمّ تراها ... حجبتها عن لقائي فشدت مما دهاها ... بين ذل وعناء هكذا يا أم نشقى والحبيب ساكن جواري ... إن أمت يا قوم عشقا فخذوا بثاري نم يا رذاذ ... هذى الربا والرياض من هواك أيقاظ طاب الصبوح ... في حدائق الزهر وهبّت ريح ... عنبرية النشر يا من يبوح ... قل لكاتم السر ما إلا لتذاذ ... وفي النفوس انقباض واللسان لظلاظ بي ريم راما ... فتنة محبيه ذر الملاما ... يا مؤنبي فيه عز تسامى ... والجمال يحميه زار لماما ... فشدوت أغنيه هل لي عياذ ... والجفون مراض والسهام ألحاظ

أما عليّ ... فعلي الوالي ندب أبّي ... مستحق إجلال بدر سنّي ... في سمائه عالي خلّ صفّي ... ثابت على حال لنا ملاذ والزمان درع فضفاض ... للعلوم حفاظ يا ابن الأكارم ... العلي الأسنى ثغرك الباسم ... الجنى لو يجنى لشفا هايم ... بالوصال قد جنّا قدك الناعم ... مذبل المضني فهو جذاذ ... وعذب شوقي فياض والزفير قياظ أقبل منادْ ... فوق مثنى عطفه نادى المنادْ ... إذ يقول لألفه رام البعادْ ... مذ نأى إلى عطفه غصن ميادْ ... يستقل في حقفه مه يا أستاذ ... لا يريك هذا الإعراض فالحبيب مغتاط بي كحيل لكن دون تكحيل ... يندى بخديه وردا

يبتهج زهوا من فتونة فالمهج ... تشكو من جفونه ذو سبج من فوق جبينه الصقيل من النور إكليل ... لو بدا في الليل لأهدى أنني شُغِفْتُ بإلف ينثني ... يعطف بعطف ليتني ألقاه وأشفي منه الغليل بضم وتقبيل ... فالصدى القلب تصدى لو قسم فؤادي ظالم وأبتسم ... عن لؤلؤ ناظم بدرتم في شهب عائم لا مثيل يحكيه بتمثيل ... مفردا نظم الحسن عقدا إن أكن ميت الحب عنوه فالشجن ... قد قضى منه عروه وهو من لي فيه أسوه وجميل مذ مات كما قيل ... الردى به والحب أودى حبذا غزال مليح من شذى ... رياه يفوح فلذا أشدو إذ يلوح تستميل قلبي يا من يميل ... مذ بدا مرآك المفدى يا ربة العقد متى تقلد ... بالأنجم الزهر ذاك المقلد من أطلع البدرا ... على جبينك وأودع السحرا ... بين جفونك وروّع السمرا ... بفرط لينك يا لك من قد مهما تأوّد ... أهدى إلى الزهر خدا مورّد قم فاقتدح زندا ... من العقار قد قلدت عقدا ... من الدرار وألبست بردا ... من النضار

وأشرب على ود عليا محمد ... ناهيك من سرّ وطيب مورد النصر يلتاح ... على علاه والزهر يرتاح ... إلى نداه ما الصبح وضاح ... لولا سناه فألبس من المجد بردا معضّد ... وأنظم من الفخر درّا منضّد لله ما أعلى ... في كل حال ملك قد استولى ... على الكمال مقلد نصلا ... من الجلال يهتز للحمد نصلا مهنّد ... يهبّ بالنصر في كل مشهد أنعم من الحسنى ... بكل حسن في الشرف الأسنى ... وظل أمن يا صدق من غنى ... وأنت يعني ما كوكب المجد إلا محمد ... فراية الأمر عليه تعقد قدك ما ينثني الوشاح أم غصن بان ... عله الصبا براح حتى سقاني

أفديك من ظبي مروع ... نضر الجمال أحللته بين الضلوع ... فبات سالي يا ما نعي عند الهجوع ... طيف الخيال طلت على هجري مباح خلو الجنان ... كالمهى يعشق المراح تحت العنان لا أنس لا رشف المدام ... فصل الربيع في روضة شقت كمام ... زهر مريع والنور في ظل الغمام ... غض الفروع قد كسيت منه البطاح بخسروان ... والنهر يخرق الأقاح كالأفعوان ولا لذكر القاسم ... كاس تدار أين من الكارم ... مجد أنار ملك لسان ناظم ... فيه يحار ذو غرة مثل الصباح ملء العيان ... وهمة تأتي السماح مثل السنان لح يا أبا الفضل إنما ... لك الأباء حزت من العلوم ما ... منه الثناء كان الزمان مظلما ... فهو ضياء فنور ما علمت لاح إلى الزمان ... وعنبر الثناء فاح على اللسان لما كساني الصبا ... ثوب التصابي وراقني من الظبا ... رود الشباب قلت ونفحة الصبا ... ترثي لما بي من يعجبو حب الملاح يحيى في شاني ... يعجبني يا قوم افتتاح ورد المرواني

مغنى الهوى حمام المجتاح ... فدعه يباح لا مثل ما أكابد من وجد ... شمرت فيه للبعد والصد فاليوم هو آخر ما عندي ... فيا سقام جاوزت بي حدى ويا غرام هذه الأرواح ... أثخنت الجراح لله أي بد تماميّ ... ينهل من سماح غماميّ أفاض ودقه غدق الريّ ... فقابلت عطاش الأماني تلقي دلاها ثم تمتاح ... من ذاك السماح ألفيت بالوزير أبي بكر ... أن الزمان أقدرني قدري وأي مستجار من الدهر ... خلافه في السر والجهر كالروض في أصائل تفاح ... والماء القراح يا من خلاله سور تتلى ... إهنا بذاك المنظر الأعلى وأبشر فمذ خلقت ما أولى ... ذكراك قط ولا وصفت إلاّ فاضت من المسرة أقداح ... وفازت قداح تطلع الأنام إلى العيد ... وغالطوا عيانا بتعميد فقمت منشدا ثاني الجيد ... وتلك عادة من أناشيدي عيدي الذي أنا فيه أرتاح ... وجه من أمتاح

أبو القاسم المنيشي

أبو القاسم المنيشي برز فسبق، وأصاب المفصل وطبق، ورمى إلى الغرض، فبين الجوهر من العرض اقتفى آثار أبي العباس فاهتدى، وائتم به فاقتدى، وأتبع غرضه واستقصاه، ولزمه مصاحبا حتى لقب بعصاه، فحذا حذوه، وكاد يدرك شأوه،. . .، وأتشح ببرد فقره، فجاء بنجوم تزهر، وآيات تبهر، ومعانيه إلى الأغراض سهام، تحار فيها الأوهام. وهاك من توشيحه ما نظم دره، وامترى دره، فمن ذلك قوله: يا من صال منه الجفن بسيف المنية ... أحبك حبا جمّا فاسمح بالتحيه إلى كم إدارة الهما ... وكم لا أبالي قد صير جسمي سقما ... طيف الخيال لو أني أطعت الكتما ... لم تعلم بحالي لولا بان مني الحزن فأبدى الطويه ... دمعي باعتلال نمّا ونفسي سخيه أما والعيون الدعج ... وورد الخدود ورشف الثنايا الفلج ... وعض النهود ولمس الخصور الدمج ... ولين القدود

لقد صح فيك الظن يا حلو السجيه ... وكم نلت منك الظّلما بود ونيه بذكر فتى النديّ ... ترتاح النفوس وفي وده المرضيّ ... يمرح العبوس وفي سره العليّ ... تلذ الكؤوس إحسان حواه حسن ونفس أبيه ... وعدل أزاح الظُّلما وعّم الرعيه تمكنت ابن عبد الله ... من نفس الأمير وحزت العلا بالجاه ... والحظ الخطير فما أنت بتّياه ... بأسنى وزير دنيا أنت فيها عدن فدم في البريه ... أستوف العلا والنعمى والحال السنيه ورب فتاة غنّت ... إذ جاءت لداره وتشكو له إذ حنّت ... لبعد دياره وتشدو لما أن غنت ... بقرب مزاره غريم أم يامم أكن يرتاب ذويّه ... مم ياى أصطار مما أسرى اللسيه الهوى إله معبود ... ديننا إليه التوحيد والجزع منا بعيد وإذا نظرت فكفار ولنا على الذنب أصرار ... فما نراعي الرب وناهيك من ذنب قام دون صبري قضيب ... أثمرت عليه القلوب وهناك معنى عجيب

لا تريم فيه الثمار وعيوننا فيه أنهار ... أن ثنى معطف العجب أحال على قلب هاأنا قد سلفت ديني ... صفحة من الياسمين تزد هي بورد مصون وجرى عليه العقار فيكاد ذاك النوار ... كلما فاح للسرب تنبّه للشرب شفّنى من الحب ما شفَّا ... من هو يخجل الوصفا=انثنى بمائسه عطفا هتكت من الحب ستار وبدت هناك أسرار ... هي ما هي في الحب ويا خجلة الصب حزت يا أبي حسن حسنا ... لم تكن لتحجبه عنا ولذلك يشدوك من غنى الحبيب حجب عني في دار ونريد نسأل عنو جار ... ونخاف رقيب الحب واش نعمل يا رب أنا وخدني ... والرقيب في غفله وذا التجني ... قائلا بلا مهله صلني وسلني ... عن تفصيل ذي الجمله يا كل حسن ... لو سمحت في قبله يا ظالمي ما أعد لك ومن جورك العدل ... أنا الذي أشتكي الظلما وفيه لك الفضل خذوا جفوني ... بالدموع والسهد وطالبوني ... بالغرام في خلد وحلفوني ... هل هويت من أحد هذى ديوني ... لا تنقضي مدى الأبد

هذا جزاء من نسك وأستفزه الحبل ... ما حال من فارق الحلما وأفضى به الجهل لكن عيسى ... كيف يرتضي حال علقا نفيسا ... هو أرفع آمال لم اخش بوسا ... مذ جرى على بال أن النحوسا ... أدبرت بإقبال فسل كواكب الفلك كيف الحال والأهل ... من حيث ليس له ثمّا قرار ولا شمل سمح أبيّ ... مثل صفحة الدبر حرّ وفيّ ... ليس يرتضي هجري علق سنيّ ... فوق الأنجم الزهر يزهو النديّ ... من سناه في الدهر هلا سألت عن ملك ذكره لم يزل يعلو ... من شاء فليصف التّما بما شاء فليغلو قل كيف يحمى ... الوصال عن مثلي وكنت قدما ... قد رغبت في وصلي لم تخش أمّا ... عنّقتك عن نيل فغنّ مهما ... هددتك بالقتل قل لي قبل نقتلك سروالك آش حلوّ ... الخليل الجديد أما كان القديم حلوّ

يا قمرا للعاشقين وهم تم ... يُعصى عليك النصيح ويُذم لله ما أُبدي ... وأعيد من لوعة تعدي ... وتزيد في رشا يُردي ... من يردي يحفظ فيه الحين ويعم ... يروق فيه المديح ويتم أذاع ما يدري ... من هواه مدامع تذري ... في رضاه فأنظر إلى صبري ... وجفاه قلبي عليه حزين مدلهم ... وأطليف منه شحيح لا يلم لا صبر في ملّه ... عنه أو يرد حبله ... منه ما يودّ يا من له ... كنه حامت عليك الظنون وأنت وَهَم ... يسرى إلى كل روح منك سهم كم من دم أهمى ... وأراقا ولو رعى كتما ... واتفاقا أوسعني لثما ... وعناقا حتى أرى دارين ما أشم ... والغصن المروح ما أضم

جرى بك السعد ... أنت أوحد والشمس إذ تبدو ... عنك توجد فكم أرى أشدو ... يا محمد العاشق المسكين طال همو ... ليلة الشتا والريح من يضمو يا عز ما أغرى وإنما العشق غرور ... صلني فأن اعتلاقك تجارة ليس تبور أفنيت قلبا عليلا ... بين الشجا والشجن داريت فيك العذولا ... بكل ما أمكنني بالله خفف قليلا ... حسب احتمالي أنني ألقى العذول ألف مره بينا أدارى وأدير ... يا أم أشدد وثاقك في كل حال بالأسير قم بالعلا والفخر ... بين السنا والشرف وألبس برود الكبر ... وأسحب ذيول الترف وأحمل عقود الدر ... مثل سطور الصحف ما نظمت الشعرا درّا على تلك النحور ... هل أبحت نطاقك بالوشح أيها الخصور يا أحسن الناس قامه ... وألطف الناس لين هذا الهوى والمدامه ... قد سارعا فيك الشجون هذا يروم السلامه ... وتلك تدعو للمنون

ثم رأيت الصبرا يجار طورا ويجور ... بالله أن فراقك على التعاطي لعسير قد كان ما كان مني ... وقد مضى ما قد مضى إليك عني وهبني ... ذنبا تولّى وإنقضى يكفيك أن التجنّي ... بغير ذنب أعرضا وذاك أن المرا ما صرّحت عنه أمور ... لأن عندي خلافك مستصعب القدر خطير يا ما ألذّ عناقك ... لولا استحالات الليالي أنا أقترحت فراقك ... والدهر حالا بعد حال فأن وجدت اشتياقك ... داويت نفسي بالمحال بالله عليك يا سمرا يا ست يا زين العشير ... ألوي قلبي عناقك فقم بنا إلى السرير كلني لأشجاني ... وما أقاسيه وخلّ عن شاني ... يا عاذلي فيه غصن من البان ... لو كنت أجنيه لين حيث الجنى والتجني ... قوامه لدن حيا الهوى وجها ... احله حله ألذّ وأشهى ... من المنى وصله يتيه أو يزهى ... وحاله كله زين هل تنكر النفس شيئا ... يأتي به الحسن

أهديت للربع ... سقيا هي العهد لهفي على جمعي ... أودى به البعد أسقيه من دمعي ... وأن نأى العهد عين يسقيه ماء الشباب ... أن اخلف المزن ما أقبح الهجرا ... وأحسن الوصلا أنا به أدري ... فليقضه العد لا يا حاملا يسرا ... حملتني ثقلا دين من غاب عنو حبيب ... وما سأل عنّو غرامي ما له كنه ... وأنت سالي فما تسألني عنه ... ولا تبالي لقد حملتني منه ... فوق احتمالي صبرا أقل ... والمر جل ألم يكف الهوى أني ... به قتيل فيستعين بالجفن ... ويستطيل فقل للقائل عني ... يا مستحيل يا مستحيل ... هل قتلت حل

غزالا كلما نظرا ... إليك سلا عليك الجفون مقتدرا ... للحين نصلا بها شيم وليس ترى ... في الخلق إلا دما يطل ... ساعة يسل ولما لاح كالبدر ... ملء النواظر أناب من بات ذا كبر ... إليه صاغر ينادي يا أبا بكر ... أو يا ابن عامر فيستقل ... أن يتلف الكل إلا أن الهوى أنحى ... على المبلى فأمسى مثل ما أضحى ... وقد ذلا يقول للذي يلحى ... عليه جهلا العز كل ... أن يحتمل الذل مرام بعيد ... صيد الظبا بين الأسود ألقيت السلاح ما شئت بالأسير فأصنع ... فسادي صلاح في ذلك الحال المبدع قم فأدع الملاح يأتوك طائعين خضع ... هل يرى الصباح من كل نير إذ يطلع

أو بدر السعود ... يرى النجوم إلاّ عبيد أجريت الدموع - إلى أن نرى رضاك - نيلا ... هل يغني الخضوع أسحبته لديك ذيلا بل أنت منوع ويل الحب منك ويلا ... زرني في الهجوع لا أبتغي سواه نيلا هل يبغي مزيد ... من صار في جنان الخلود حجاج متى علمت سيرة الحجاج ... هواك أتى من جوره على منهاج لولا روضتا خد تطرز بالديباج ... لقد أقنتا قلبي من الأمل المبهاج في تلك الخدود ... للحسن في كل حين توريد ما بدر التمام إلا لواحظ وطلى ... يذود المنام وأن خدعني قلى سلواني حرام وما وفّى محب سلا ... أسوء الملام أقلاع لوعتي، وعلى فؤادي العميد ... من الهوى رقيب عتيد مضناك الغريق تبكي لما به الحساد ... كم هذا العقوق لا رحمة ولا إسعاد لو أني أضيق صدودك الذي يزداد ... بحبيبي شفيق يكون بعده إنشاد قلبي من حديد ... في كل يوم صدود جديد حب الملاح فخر وسياده فأرغب - هديت - ... وأجهد في الزياده أن مت فيه مت على هذه الشهاده هذا اقتراح ... وأن لحاني فيه لاح لولا المدام مادام للناس سرور ... شمس تغيب فينا وفي الكاس تدور فأربح زمانك فأن العمر قصير

ما أن تباح ... على غبوق واصطباح دعني تجول عيني في روضة خدك ... وتستطيل يدي في تفاحة نهدك ثم أحتكم كما شئت في مهجة عبدك بلا جناح ... إلا على هجري المتاح يا من يجور في حكمه هلا عدلت ... وإذ حكمت هلا إلى الوصال ملت=قتلي أردت لما فعلت ما فعلت داوي جراح ... بريقك العذب القراح لما عذلت في هتك سرى وانهمالي ... وقبل كنت في النسك فرد أفبدالي غنيت يا من لاح ولم يرث لحالي حب الملاح ... إذهب نسكي وصلاحي صممت عن العذل عجت عن السبل ... رضيت بذا الذل فلا تبديا خلي تعذالي فأن فؤادي ... في براثين أشبال علقت بميّاس كخطوط من الآس ... تعطر أنفاس فأبديت للناس إذلالي ... ولو كان في عزّ السلاطين بالمال رشأ صيغ من نور كلعبة كافور ... له طرف يعفور فيا قائد الحور جريالي ... رضابك من ماء الزراجين أحلال محمديا عيدي ويا قائد الغيد ... ويا ابن الصناديد وهبتك ترشيدي أولى لي ... ولحظك في كل الأحايين قتال سألت الرشأ قبله لأشفي بها غلّه ... ونفسي معتلّه بقدٍّ وقد ضله يا خال ... قبيله إذا متّ تحييني في الحال

الوزير أبو بكر يحيى الصيرفي

الوزير أبو بكر يحيى الصيرفي آية باهرة، ومعجزة ظاهرة، عرف إحسانه، وإصاب الغرض لسانه، بهرت أنوار أقسامه فاجتليت، وسطرت بدائع معانيه وتليت، مع تحقيق الآداب، واتساع في اللغات وحفظ الشعر والأنساب، مدح الدول والملوك، ونظم على أجيادهم تلك الدرر في السلوك، وله في الدولة اليوسفية مدائح لاختصاصه بأربابها وتعلقه بأسبابها، وهاك من توشيحه، أما تجتنيه، حين تجتليه، وتصطفيه، حين تقتفيه، فمن ذلك قوله: طلعت من مباسم الزهر ... نزهة الأعين وانثنت عن سلافة القطر ... أعطف الأغصن يا صبا نبتها مع الفجر ... نفحة السوسن بسلام الحبيب أقبلت فخذي مضمري ... ثم أن أي عليه سلّمت فاذكري واذكري هو قلبي عليه مصدوع ... يتمنى الدرى والذي من لماه ممنوع ... هو يروي الصدى كل وصل عليه مخلوع ... لو هجرت العدا كيف لي بالوصل سلمت صاحب المئزر ... نحوه من لعاطش النبت بالحيا الممطر

بأبي من محمد بدر ... ليس بالآفل وجفون ثوى بها سحر ... ليس من بابل قلت والهوى عذر ... لك يا عاذل فتكت بالأسود في الموت مقلة الجؤذر ... وسطت بالمهند الصلت حيث لم يشعر أنا في ذا الصدود مظلوم ... يا وصال انظري وانتهاء العجب معدوم ... ليس بالمقصر وشتيت الجمال منظوم ... لأبي جعفر غصن دعص ذابل لحت وضحى نير ... ودجى لا يحد بالنعت حمله الجوهر ملء عيني وحشو أضلاعي ... أدمع وجوى قد دعاني إلى الهوى داعي ... فأجبت الهوى أمَّن الله كل مرتاع ... من حلول النوى أنت يا مهجتي به همت فاحملي واصبري ... ثم يا عين أنت أبصرت فأدمعي واسهري أثغور أم عقيق بلآل تحدق ... وخدود أم جنى الورد ما يشرق ألبستني حلة السقم ... أيدي الهوى وشكا قلبي إلى جسمي ... حرّ الجوى تحت ليل غائر النجم ... وحف الصوى

أعربت فيه البروق عن فؤاد يخفق ... بجوى من ألسن الرعد ما تنطق بأبي بدر ولا إلاّ ... شمس الضحى بدا وانجلى فما أعلى ... وأوضحا وثنايا فيه ما أحلى ... وأفوحا مزجت فيه الرحيق بنمير يعبق ... فإذا حيّا على البعد يستنشق أنا مغلوب على صبري ... فما أنا وحِبيّ دائم الهجر ... لن يحسنا جملة من يانع الزهر ... لو تجتنى ياسمين في شقيق جلنار مشرق ... غصن من جنّة الخلد مستشرق يا قضيبا فوقه طل ... من أدمعي أخذت ألحاظك النجل ... ما تدّعي فلها قلبي وما تخلو ... من أضلعي ما جنت عيني تذوق غير أني مشفق ... لفؤادي من لظى الوجد يحرّق رشأ من ضاربي زيد ... مستأسد أخذ ما شاء عن أيد ... مستعبد أبداً يهيم بالصيد ... فيعبد الغزال شق الحريق والسلاق ترهق ... ما نرى الآن مرادي لم يلحق

جرر الذيل أيّما جر ... وصل السكر منك بالسكر وأخضب الزند منك باللهب ... من لجين تحف بالذهب تحت سلوك من لؤلؤ الحبب ... مع أحوى أغرّ ذي شنب أودعت كفه من الخمر ... جامد الماء ذائب الجمر ذاك ضوء الصباح قد لاحا ... ونسيم الرياض قد فاحا لاتقد في الظلام مصباحا ... خلّ عنه وشعشع الراحا حين تنهلّ أدمع القطر ... وترى الروض باسم الزهر نظمت جوهر العلا سلكا ... كف ملك يزيّن الملكا ما برا اله مثله ملكا ... لاح بدرا وفاح لي مسكا كالحيا كالأماني كالدهر ... كعليّ في الحرب أو عمرو أب بحر وأي ضرغام ... أي رمح وأي صمصام طاعن الصدر ضارب الهام ... بين كرّ وبين أقدام مخلف البيض بالحلي الحمر ... ومرويّ القناة في النحر حينما لاح وهو مبتسم ... كهلال تحفه الديم خافقا فوق رأسه علم ... غنت العرب فيه والعجم عقد الله راية النصر ... لأمير العلا أبي بكر

روضة زبرجديه ونسيم يتبختر ... في غلائل نديه أشربت مسكا وعنبر سحب من لازورد ... وبروق من نضار كلما أتت بوعد ... كحلت بمثل نار فبكت من ماء ورد ... في خدود من بهار أطلعتها في عشية لبة وعقد جوهر ... وأرت في النهرجية لهبوب الريح تذعر حبذا وجه وسيم ... نائب عن كل فخر وخلائق تقوم ... بمدامة وزهر يشتكى منه النسيم ... رقة وطيب نشر لزمت منه السجيه منظر وفاح مخبر ... وثنته الأريحيه خوط بأن يتعطر إنما الحرب الزبون ... روضة السد الحماة حيث للقنا غصون ... أثمرت بالباترات وألمير تاشفين ... في ظلال خافقات من رماح سمهريه تنظم الشكل وتنثر ... بسيوف مشرفيه كل هامات ومغفر بأبي بدر التمام ... لا يعفيه الجمال طالع تحت الغمام ... من لثامه هلال الحياة والحمام ... في يمينه سجال ذو خلال يوسفيه ورثت عن ملك حمير ... عدلت على الرعيه وحظت بتاج قيصر

أطلعت من الطراد ... خليه مع الأصيل مطلعات للهوادي ... تتهادى بالصهيل فانبرى الكل ينادي ... وصف مرآه الجميل يا حمى الملك عشيه وعلى الجواد الأشقر ... غرة الشمس المضيه تاشفين الله أكبر من لي بقد كغصن الرند تم فأطلع ... بين البهار وروض الورد خداً مرصّع أحبب بخدّ من النوار ... مفضض مذهب الأنوار كأنه علم من نار ... بدا الدجى منه في الأزهار وفي الثنايا مذاب الشهد والمسك أينع ... وذا وذا من جنى وورد يحمى ويمنع من لي بقد كغصن البان ... تحت الغلائل بالرمان لقد تذللت بالأشجان ... لعز ملك عظيم الشان بمقلتيه حسام الهند بالهجر يطبع ... وفي الغلائل رمح القد بالطعن يشرع وبأبي من بني زروال ... أهل السماحة والأفضال بدر على غصن ميال ... متوج بالمعالي عال مقلد بسلوك المجد أغرّ أروع ... كأن ذكراه عرف الند إذا تضوع ليث غزال هزبر غر ... له العلا والندى والفخر

أعوامه ستة وعشر ... والنهي في كفّه وألمر قد حلّ حبوته في المهد مازال يرضع ... ثدي المعالي ودرّ المجد حتى ترعرع لولاك يا عمرو لم تَشْدُ ... هيفاء طرّز منها الخد حسنا وقال ذاك النهد ... لما شجاها الضنى والبعد خبّل دلالي ومعك نهد طيرا مروع ... وأرشف رضابي وقبل خد إياك تجزع تفاح الخدود ... نقل لراح الثغور رمان النهود ... علاج حرّ الصدور وأغصان القدود ... مجني ثمار السرور سؤل التمني ضمّ يفيد اعتناقا ... وهتك الستور هوى ظباء الخدور من يهد سلامي ... إلى أمير الملاح أو يشك سقامي ... عساه يبقي صلاح فتحت اللثام ... روضي وروحي وراح يا جنة عدن رعاك طرفي استراقا ... فأصفح عن أسير جنى بوهم الضمير أخضع يا رسولي ... إذ أتيت الجلالا وأستسلم لسولي ... إذا علا واستطالا واكشف عن ذهولي ... إذا استهل خيالا

في أثواب حسن راع القلوب ... وراقا كالروض النضير معنبرا عن عبير قل عبدك يقضي ... وأنت سال عنه داركه بقرض ... عساك تسلم منه فالنظرة تقضي ... ما لم تعد أو تخنه لو قلت زدني صبابة ما أطاقا ... ذكرى في الضمير لديك غير يسير صدا واجتنابا ... وما أردت نزوعا أخذا واجتلابا ... وقد نويت الرجوعا قتلا واستلابا ... لما أتيت مطيعا وأغلب ظني أني أموت اشتياقا ... ما أبغي أميري جورا على المستجير يا سرب الظباء ... لجّ الغزال الربيب في سفك دمائي ... أما عليه ذنوب وعزّ شفائي ... وهو الضنى والطبيب وإذ غاب عني شدّ الغرام الوثاقا ... فهل من مجير في حبه أو عذير سأرمي بعزمي ... إذا الزمان نبا بي إلى ملك قرم ... رحب الذرى والجناب كالبحر الخضم ... إذا ارتمى بالعباب من ضرب وطعن يسقي المنايا دهاقا ... بالبيض الذكور لصون الثغور

أسقنيها على رياض وجنات من الملاح ... إنما العيش والسرور لثم خد وشرب راح قهوة تنتفي الهموم ... كلما شجها المزاج كلل الشمس بالنجوم ... في سماء من الزجاج اسقني بابنة الكروم ... كرم النفس بابتهاج ليس من شربها اعتياض ومن الهم يستراح ... ذي كؤوس بها تدور=في غبوق أو اصطباح بأبي من بخده ... مثل ما منه في الفم قمر عند سعده ... في قضيب منعّم ثغره مثل عقده ... أي ثغر ومبسم ذي جفون له مراض تمرض الأنفس الصحاح ... وهي بالضعف والفتور تقتل الأنفس الصحاح يا غزالا تحكما ... في حياتي بباطل أنت أبكيتني دما ... حيث ما كنت واصلي أنا أهواك كيفما ... كنت، لو كنت قاتلي فأقض فيّ ما أنت قاض لا تخف بي من جناح ... أنني للقضا صبور والذي شئته صلاح كيف ليّ يا نائيه ... منك بالوصل كيف لي لم تذرفيّ باقيه ... بالجفا والتذلل أعد الحكم ثانيه ... فعسى أن يرق لي لاحمرار على بياض وقراح على أقاح ... مشرق زهره بنور مثلما يشرق الصباح

أنا أشقى وينعم ... ذا الرشا القائد المليح ليس يقضي ويحكم ... في الهوى غير مستريح نافر العقل لا يراض مخفر مكثر الجماح ... أن للحظ من فتور مثلما تقبض الرياح بي أهيف القد كغصن الرند كاللهذم ... يختال في البرد ينثني على الورد كالأرخم قد ألّف الضدا ... من بدر ديجور وغيهب غصن نقا أبدى ... نورا على نور مذهب إذا بدا أبدى ... من صدر كافور مكثب تفاحتي نهد بطابعي ندّ ... وعندم أطرافها تبدي أسنّة تهدي سفاك دمي يا غصن ما أحلى ... جناك من صدر كالمرمر يثني النهى إلا ... أعنّة الصبر من جؤذر حلو اللمى حلى ... بنابع الخمر عن جوهر ذي مبسم برد بالمسك والشهد ... مختم مفضض النهد مورّد الخد منعّم ثوب الندى معلم ... يختال في طرز من عسجد لعابد المنعم ... ذي الجاه والعز والسؤدد تلك السجايا كم ... تتيه في عز مهند كالوابل الرعد كالصارم الهندي ... كالضيغم كالبدر في السعد قد حفّ في المجد بأنجم

من آل مروان ... نمته للفخر عليا هلال ماء لظمآن ... يحميه بالسمر أسد نزال كم بلّ من عان ... بجوده الغمر وبالنوال فجنة الخلد وملتظى وقد ... جهنم وصولة الأسد ومسبل العهد بالأنعم كم غادة غنّت ... في طرفها السحر من شعره تشكو وقد حنت ... إذ مسها الضرّ من هجره قالت وقد جنّت ... لما بدا الدّر من ثغره بكا له العقد لم ... ألم السهد. . . . . . مدا لحيا بسطا فالأرض لا تعرى ... حدائق سمطا تخترع الزهرا الروض مرتاب ... لما صفا وشيه والنهر نشاب ... حبابه حليه تراه ينساب ... منعطفا جريه كالحية الرقطا التهبت حرّا ... فحيث ما خطا عبابه مرا لله من هبّا ... وقربه مسعد تخاله قطبا ... في دارة الأسعد في ليلة شهبا ... سماؤها توقد

قد نظمت سمطا أنجمها الزهرا ... والبدر كالوسطى بلبة العذرا قد جنحت خيلي ... إلى أبي بكر فلا إلى النيل ... ولا إلى مصر أما ترى ليلي ... حيران لا يسرى كأنما خطّا من ذيله مجرى ... وكلما شطّا جرّ الدجى جرّا أنا بمن عندي ... أولى من الناس أقدح من زندي ... خبل ووسواس شرارة الوجد ... يا حرّ أنفاسي ربيتها سقطا حتى غدت جمرا ... خوف العدا خطّا بلحظه سطرا لهفي على موعد ... لم يقضه الدهر علَّ الذي أرصد ... قد عاقه عذر لذاك ما أنشد ... إذ عزني الصبر محبوبي قد أبطأ من غيب البدرا ... حتى لقد أخطا وأشغل السرّا

شق النسيم كمامه عن زاهر يتبسم ... فلا تصخ للملامه وأنصت إلى الزير والبمْ حاكت على النهر درعا ... ريح الصبا في الأصائل وأسبل القطرُ دمعا ... على شقيق الخمائل فأسمع من العود سجعا ... تشف منه الغلائل ما رنمته حمامه من فوق غصن منعّم ... ولا ادعته إمامه بنت الحسين بن مخدم حيِّ النسيم بمنزل ... وزهر ورد أنيق ونرجس الروض يخجل ... منه بهار الشقيق فقم إلى الدنّ وأقبل ... منه سوار الرحيق

وفض منه ختامه عن مثل مسك مختم ... تكاد منه المدامه للشّرب أن تتكلم سقى سلا كل غادِ ... يجود حيا فحيا قد سامحت بالأيادي ... فأنشئت مثل يحيى من فاز في كل نادي ... وصار في كل عليا قرم بدا كأمامه ربيعة ابن مكدّم ... نداه ينشي زمامه في عصره المتقدم لله يحيي فاني ... قد ما سمعت بذكره والود يشهد أني ... ممن سررت بفخره حتى رأيت التمني ... يختال في ثوب شكره

في حلة منه شامه بظاهر البشر ... معلم متوج بالكرامه وبالسماح مختّم قد جاءك المتنبي ... بديع هذا الزمان يختال في برد عجب ... بما حوته المعاني يشدو ارتياحا فيسبي ... كل الوجوه الحسان هذا المليح في العمامة لو أنه يتلثم ... لقلت هذي غمامه ظلت على قمر تم

أبو الوليد يونس بن عيسى المرسي الخباز

أبو الوليد يونس بن عيسى المرسي الخباز عذب سبكه، وراق ترصيعه وحبكه، مع طبع في نظم الكلام سيال، وإلى الإحسان ميال، لم يعرف له في القراءة إدمان ولا إشراف، ولا اشتهر له إلى التعليم اختلاف، وأقدمه على الابتداع وترك التقليد، ذكاء أرهف فؤاده، وأقام في البديهة منآده، وهاك من توشيحه ما تجتنبه بديعا، وتحتليه صريعا، فمن ذلك قوله: مطمعي بالوصال منه غدا ... أين مني غد عمري اليوم دونه نفدا ... كاد أن ينفد علم الله ما بسطت يدا ... وأنا لي يد جزعي قد أتى على صبري ... فحلا الموت لي ليتني مت أو فما عذري لِمَ لَمْ أَفعل همت والمجد أن يُرى مثلي ... هام في مثله أجري فيه ومنتهى خيلي ... كان من أجله ما على من صبا من العذل ... حين لم يسله

عاذلي لو دريت ما ادري ... منه لم تعذل ربما عنك قد خفي أمري طرفه فاسأل لا تصخ للملام يا قلبي ... في الجوى اللازم فعليّ الوفاء في الحب ... لا على اللائم ما أبالي أن انقضي نحبي ... في أبي القاسم هبه عزّ الوفاء بالعذر ذب أسى وأحمل ... واجعل الذنب فيه لدلهر مهما لم يعدل في ابن علي يأسر الحسن ... بالعلا والندى كل مجد لمجده يعنو ... غار أو أنجدا أي ركن إذا وهي ركن ... شاد ما شيّدا همة قد سمت على النسر لم تزل تعتلي ... ويد تستمد من بحر بالندى الأحفل هل درى من بحبه ذبت ... أنّ شوقي يطول حال بي وده وما كنت ... أتّقي أن يحول ليت أني به تمكنت ... ساعة فأقول حبلي حبل رقيق كما تدري ونخاف من يملي ... أيش ظهر لك يا حب في أمري إيش تريد قله لي يا من عدا وتعدى لو كنت أملك صبري ... كتمت عنك الذي بي فأنت تدري وتدري هيهات كتم الغرام ... صعب على من يرويه وهَبْك أن ملامي ... يديمه من يديمه ماذا على المستهام ... في الحب ممن يلومه

كفاه أن ذاب وجدا وأن أهيم بذكر ... ففي الهوى والشحوب للصب أوضح عذر آه من الوجد أها ... لو أن آه تريح بلّغت نفسي مناها ... والحين مما يريح ضرّ الأسى يتناهى ... فأن قلبي قريح وأنثر من الدمع عقدا ودع جفوني تجري ... فربما عن قريب أبدال عسر بيسر يا قاسي القلب مالي ... أطيل لهفي مالك هذي صروف الليالي ... قد نازعتني وصالك فمن يبيح الكرى لي ... حتى ألاقي خيالك السهد لاشك أعدى عليّ من كل هجر ... فأردد منام الكئيب عسى خيالك يسري يا منية المتمني ... شوقي إليك عظيم أذقت مرّ التجني ... من في هواك يهيم كم كيف شئت فأني ... على الوفاء مقيم أدنو وأن زدتَ بعدا وليس آيس عمري ... فالشمس بعد الغروب تجلو الدياجي بفجر لم تطعم العين نوما ... مذ أعلنوا بالفراق غداة أو ما من أو ما ... منهم إلى الانطلاق فقات عَلَّيَ يوما ... يقضي لنا بالتلاقي نذرت لله عهدا صيام شهر وعشر ... لما أراك حبيبي ما بين صدري ونحري

أي ظبي غرير حوى كمال البدور ... وانثناء القضيب ونظرة المذعور ما بين المعطفين ... الآن قلبي بلينه فاتر المقلتين ... والموت ملء جفونه سافر الوجنتين ... عن وِرد غير مصونه كم بذاك الفتور وحسن ذاك السفور ... من شجيٍّ في القلوب ولوعة في الصدور قد تعشقت ظالم ... افديه بالجائرينا ردّ فيه اللوائم ... بحجة العاشقينا خلّف القلب هائم ... وصار في الظاعنينا فقلت للنفس سيري وللنوى لا تجوري ... ثم للجسم ذوب وللجوانح طيري كيف فارقت عيسى ... وعشت بعد فراقه بعت علقا نفيسا ... بالبخس عند نفاقه فأدرها كؤوسا ... للصب من أشواقه كم أطعت غروري لكل آمال زور ... لا أطيق الذي بي يا منية القلب زوري آه مما ألاقي ... إذ عزّ ذاك اللقاء ليس بعد الفراق ... للعاشقين بقاء صبّ دمع المآقي ... فقد يريح البكاء

صب بغير نكير تلهني وزفيري ... ذاك شأن الغريب وعادة المهجور جدّ بالقلب وجد ... فقاده للحمام ونفى النوم سهد ... فلات حين منام ربّ حسناء تشدو ... غرامها كغرامي . . . . . . . . . ... فيا موضع الخرجة قدّما يا زائرا أتى ... قد أكثرت لواذا فأهلا بك اهلا دعني ... يا باعثا غرامي أجني ... جني اللثام إني ... كما علمت ظامي أظمأ إليك ويلتا ... ولو رأيت رذاذا لما استسقيت وبلا عقلي ... أضحى رهين خبلي من لي ... أم كيف بالتسلي خلي ... قد استحل قتلي ظلما فلو قد أنصتا ... سألناه لماذا أجاز القتل حلا

قلبي ... بما طوى مكمد حبيّ ... غرام لا يجدد من لي ... سواك يا محمد رحمى حتى إلى متى ... ترضى لي بهذا فقال الحسن لم لا أبدى ... ملء الجفون حسنا أردى ... به فؤادا مضنى أعدى ... علي منه جفنا همّا فهزّ مصلتا ... ولو شاء نفاذا لأضحى الكل قتلى بينا ... طمعت في وصاله أدنى ... ما شئت من نواله غنى ... مفهّما بحاله فيما يعشقني ذا الفتى ... ولا ندري لماذا ولا نقدر نقل لا برّح بي في الهوى اشتياقي فكم أذوب ... وهذه النفس في التراقي هل من طبيب الله يا من به أهيم ... فعندي المقعد المقيم من رام يسلو فلا أريم هذا غرامي عليك باقي عسى يثوب ... لا عذّب الله بالفراق غير الرقيب يا شدّ في الحب ما لقيت ... دهيت فيه بمن دهيت أن قلت الحاظه تميت

ففي الطلا منه والتراقي محيا القلوب ... لا شيء أشهى من العناق إلى الكئيب هندُ وإن شفَّ حبُّ هِند ... بدر غرامي وسرّ وجدي وأن عدا حبها ويعدي عسى خلال الذي ألاقي من الوجيب ... أن يسمح الدهر بالتّلاقي عمّا قريب بين رضاك وبين عتبك ... قد أمكن الشوق من محبك ما بي إلاّ علاقة بك فأن يكن ذنبي اعتلاقي فلا أتوب ... ولا لمن هام فيك واقي من الذنوب من غاب في العيد عن حبيبه ... وجاء في ثوبه وطيبه فشدوه يظهر الذي به ما العيد في حلّة وطاق وشمّ طيب ... وإنما العيد في التلاقي مع الحبيب حثّ خمرة الكواس فالنسيم قد رقّا ... حين انجلى الإصباح وتغنت الورقا وتبسم الزهر ... عن مباسم الدرّ وترنم الوتر ... وأتاك بالسحر وأديرت الخمر ... كسبائك التبر وتجدّد الإيناس للسرور كي يبقى ... واستمرت الأقداح وتلاحقت لحقا أنا بالظبا مفتون ... أنا بالظبا مغرى مثل قيسها المجنون ... لا أفيق لا أبرا وغرامي المضنون ... باح للورى سرا فالفؤاد في وسواس من عظيم ما يلقى ... لا يقرأ ويرتاح دعه بالضنى يشقى

وبمهجتي تيّاه ... من سلالة تكرم جائر على مضناه ... لا يرّق لا يرحم يا محمد بالله ... كم تجور كم تظلم خل عن قلوب الناس قد أذبتها عشقا ... وفتكت بالأرواح يا حبيبها رفقا حسن وجهك الأقمر ... قد سما على البدر ونسميك الأعطر ... جلّ عن شذى العطر وبخدك الأزهر ... روضة من الزهر سوسن عليه آس خطّ فأستبى الخلقا ... فإذا بدا أو لاح يسألونك الرفقا ربّ غادة حسنا ... شفّها تجنيّه وفؤادها مضني ... بغرامها فيه أبصرته إذ عنّا ... فشدت تغنيه أنت يا أمير الناس أنك السلطان حقا ... أن تعيبك النصّاح زدت في عيني عشقا نام عن لوعة الشجي ... طرف وسنان أدعج آه من وجد ساحر للنجوم الزواهر ... ليله دون آخر فاطلبوا ثأر ساهر عند خدّ مدّبج ... بنجيع مضرج كيف صبري وقاتلي دون حق وباطل ... مستلذ الشمائل جاء من أرض بابل

كمليك متوّج ... أتقيه وأرتجي ولعمري أبو الحسن وجه بدر على غصن ... أن قلبي لمرتهن أنا أفديه من محن ساحر الطرف أبهج ... عارض كالبنفسج قد حكى الدرّ ثغره والد ماليج خصره ... رشأ جلّ قدره قد سبى الخلق سحره كفتاة بهودج ... ذات عقد ودملج مرّ بي في ثيابه قمر في سحابه ... يزدري من شهابه فجعلت السرى به سيد صحب البنفسج ... جي لعمك حبيبي جي بين قلبي ولاعج الذكر ... خطرات مجالها صدري أن شوقي على عام ... لم أقف فيه موقف الندم وبنفسي وأن أراق دمي أهيف القد مخطف الخصر ... ماحي العذل فيه بالعذر بي لحظ للسكر عرض بي ... فشققت الفؤاد من طربي عجب وهو موضع العجب مقلة أسكرت بلا خمر ... أنها آية من السحر شفني الوجد والهوى سقما ... وهما يا أبا الحسين هما فإلى كم أشكو ببرح ظما شائما برق ذلك الثغر ... أرتجي ذوب جامد الخمر يا سمي الخليل خذ بيدي ... ليس لي في هواك من جلد آه من لوعتي ومن كمدي أين صبري هيهات لا ادري ... ضاع قلبي فضاع لي صبري بأبي وهي غاية المغرم ... سائلي وهو بالهوى أعلم قلت والحب فيه لا يكتم أنت في قلبي ثم دريت سرّي ... آش نقل لك حبيبي ما تدري

عنوان الهوى له دلائل ... منهن دموعي الهوامل طواني الهوى طيّ الوشاح ... فيمن وجهه بدر الصباح ومبسمه ثغر الأقاح ... تجول فيه سلاف راح أنا من هواه غير عاطل ... والسيف تزينه الحمائل أنا في هوى عمران تالف ... إذا ما جلا بيض السوالف وهزّ أثناءه المعاطف ... رشأ جلّ عن تحديد واصف للحسن بخده خمائل ... كانت قبل أن ترى مخائل سباني الرشا أبو الوليد ... بخدّ ومقلة وجيدِ ومبسمه العذب البرودِ ... فيا لوعة الغرام زيدي فيمن أن بدا فالبدر كامل ... ومهما انثنى فالغصن مائل أن كنت تحبه فدن له ... لو جاد لصبّه بقبله لم أر في الملاح مثله ... غزال إذا أدار مقله فأطرافها بيض المناصل ... وأهدابها سمر الذوابل أيا سائلي عن انتقال ... عن حب غزال كالهلال أي عاطل بالحسن حالي ... أن كنت تريد شرح حالي ليس نعشق أنا إلاّ مواصل ... بشرط أن يكون مليح وعاقل

من لي بظبي ربيب يسطو بأسد الغياض ... لوى بديني لمّا أملته للتقاضي جعلت حظي منه ... بين الرجا والتمني لم اظهر اليأس عنه ... لما أطال التجني بل قلت يا قلب صنه ... لديك عن سوء ظني وأنت يا نفس ذوبي ويا مطيل اعتراضي ... نفذّ بما شئت حكما أني بحكمك راضي ما حال قلب لديك ... لا تنقضي حسراته يشكو جواه إليك ... وليس تجدي شكاته مهلا ففي راحتيك ... حياته ومماته يا ممرضي وطبيبي بفيك برء المراض ... ومنك قد ذبت سقما فلتقض ما أنت قاض يا من ينافر ظلما ... من ليس عنه بصابر ما ضر إذ ذبت سقما ... لو لم تكن لي هاجر رفقا في منك ألمى ... وسنان ساجي النواظر رام بسهم مصيب من الصحاح المراض ... يرنو فيرسل سهما والقلب في الاعتراض من لي بتفتير طرفه ... وألوت من لحظاته أن مرّ ثاني عطفه ... فالحسن فيه بذاته أو رمت إدراك وصفه ... أعيتني بعض صفاته

يجول لحظ الكئيب من خدّه في رياض ... لكن عن القطف تحمى بمرهفات مواضي لله ظبية خدر ... قد روعت بالفراق بنت ثلاث وعشر ... تسيل دمع المآقي تقول في حال صغر ... لأنها في اشتياق يا مَمْ مرّ الحبيب يمشي يرتاض ... عنى كفري يا مّما=عما الماضي

أبو بكر يحيى السرقسطي الجزار الشاعر

أبو بكر يحيى السرقسطي الجزار الشاعر أفصح عن السحر في مقاله، واجتلى كالسيف غب صقاله، ولد واخترع، وفي كلتا الحالتين برع، وله شعر أعرب عن طبعه، بجودة صنعه، وربما نزل، عن الجد فهزل، وترك الرامح أعزل، مع طبع في كل ذلك فائق، بالمعنى المخترع واللفظ الرائق، حداه إلى ذلك، وعرفه بما هنالك، طبع منقاد، وذكاء وقاد، عشا عن العلم بطبعه، وقرع غرب نظرائه بنبعه، فزاد عليهم وشف، واستقصى الحقائق واستشف. وهاك من توشيحه ما تلمحه، فتستملحه، وتلحظه، فتحفظه، فمن ذلك قوله: ويح المستهام ... صار الجسم فيا بأيدي السقامْ لم يبق الهوى ... من جسمي سوى هباء هوا بطيف المنام ... فأعذر الشجيا وخلّ الملام وهم بافتضاح ... في الغيد الملاح وقم لاصطباح بكأس المدام ... ثم أشرب هنيا واسق الندام لنفسي التي ... قلبي صلّت فعن ضلتي لا أسلو الغرام ... ما لاح الثريا وغنّى الحمام فتاة كعاب ... نعيم الشباب عليها مذاب

كروض الغمام ... لها المسك ريّا والدر ابتسام فكيف السبيل ... أن يشفى الغليل إذ ظلّت تقول مّما شو الغلام ... لابد كلو ليّا=حلال وحرام الوجد وجدي مقيم العذل ... يا مذل قلبي جريح ودمعي جاري ... فلم تلوم بلا إقصار من ليس في اللوم بالمختار فؤاده بالهوى ... مشتغل يشتعل من لي بأزهر مثل البدر ... منعّم القد طاوي الخصر مغري بطول الجفا والهجر وصاله وجفاه ... الأمل والأجل وجه كأن سناه البدر ... ثغر كأن جناه الخمر تحميه من مقلتيه السمر ففي كلا الحالتين العسل ... والأسل وجدي بهجرانه نامي ... دمعي به مستهل هامي قلبي بسيف الجفون هامي مالي بحمل التجنّي ... قبل ما الحيل؟ يا تاركي في الهوى مملوكا ... كم تستطيل وكم أشدوكا=غناء غيداء هامت فيكا: أمي تنال أسمر ... خل أكان حل

بنفسي رشأ أهيف ... وسنان غرير غزال من الأنس ... محاسنه أنسي نفيس سبى نفسي ... إذا التاح للشمس فشمس الضحى تكسف ... له والبدور أطعت الهوى إذ لج ... بذي مبسم أفلج به المسك قد أرّج ... فهل ريقه يمزج بنشر شذى القرقف ... وريّا العبير سؤل الوامق المدنف ... هو الشادن الأوطف مملك الورى يوسف ... من جلّ أن يوصف فهل مشبه يعرف ... له أو نظير صغير لدى السن ... كبير لدى المن فكفاه من مزن ... ومرآه من حسن فقل فيه ما أشرف ... طباعا وخير ولما اعتلى سمكا ... وألبسه المُلكا أن لم يزل مَلكا ... شدا من غدا مِلكا قوموا بايعوا يوسف ... فنعم الأمير

عن التأنيب: ويك عرّج ... ما نهي الناهي لي بمزعج أنا عن حبي ... ليس لي انتقال أرضى في الحب ... أن أرى خيال كئيب القلب ... أرتجي منال وللكئيب حين ترتجي ... باب الإكراه غير مرتج غزال ساحر ... فتن البشر ذو حسن باهر ... قيّد البصر أوقعت الناظر ... منه إذ نظر على ترهيب لم يبهرج ... من خدّ زاهي بالتضرّج ثناء أحمد ... حامدا هواه عاطر يوجد ... ريحه شذاه وخيلان الند ... هن من حلاه فأي طيب متأرج ... يغني من أتاه عن بنفسج أراح الإنسا ... إذ تمنّعا تيّاه أنسى ... الصبر مولعا فنادى النفسا ... والحشا معا

يا نفس ذوبي يا حسن أبهج ... على تياه عذّب الشجي قلبي مع جسمه ... رهن راحتيه لكن مع ظلمه ... أشتكي إليه أدعو باسمه ... مقسما عليه أحمد محبوبي بالنبي تجي ... حبيبي بالله جيني حين جي سهم الفتور من الجفان ... رمى فأقصد أنا القتيل به والعاني أنا المسهّد أصاب سهم فتور الطرف ... قلبي على أنه ذو ضعفِ من شادن ذي جفون وطف ... جنى على غير عمد حتفي أنا أبرئ ذاك الجاني مما تعمّد ... وأن تيقنت أني فأني أدرجت اللحد أصبحت بالرشأ المخزومي ... وألفه المزدري بالريم حيران بين حشا مكلوم ... ومدمع سائل مسجوم فأن أقل أنا في طوفان فالدمع أزيد ... وأن أقل أنا في بركان فالوجد أوقد ظبيان ما فيهما من سن ... هما جميعا بأرض الحسن ففيم يسرح منهما جفني ... في الورد يعبق أم في الغصن

فقدّ ذا غصن من بان لدن تأوّد ... وخدّ ذا الورد في السوسان وقد تنضّد مصبّغ الوجنتين حمر ... كفضة سال فيها تبر وذاك بعض حلاه الثغر ... والشارب الرّيق المخضر فهل تجسد من ريحان أم من زبرجد ... على فم الدرّ والمرجان لّما تجسد سبحان مبديهما للحدق ... من حمرة في بياض يقق متوّجين بتاج الغسق ... في اللمتين وتاج الشفق فهل جرى ذائب العقيان فيها مع الندّ ... حتى اغتدت نقط الخيلان منها تولد أحسن بأغيد يهوى أغيد ... سيّان في القد أو قل في الخد ومن كعمرو ومن كأحمد ... لذاك أنشد من قد أنشد يأوي مليح ونعشق ثاني عشقا تأكد ... لا يستحيل مدى الأزمان بل يتجدد جاد بالمنى طيف الطارق ... وأتى على موعد صادق وما جنّب مرحبا وأن زادني وجدا ... بخيال من كرمت عهدا بعثته يستوصف الوردا سافرا عن المنطق الرائق ... فجلا من الدجى رونق سنا الكوكب أيها الرشأ الحور الألمى ... هبك أنّ لحظي قد أدمى صفحة جلا نورها الظلما لم صفحت عن لحظي الرامق ... وانتقمت من قلبي الخافق وما أذنب حبذا المدام من مسلى ... فأغتنم بها عيشك الأحلى في وداد سيدنا الأعلى

ملك بشأو العلا سابق ... لا يرى سواه بها لاحق. . . . . . لجلاله ينتهي الفخر ... وبفضله يشهد الدهر بارع له الشيم الغرّ بصفات تلك الخلائق ... تزدهي بهن المهارق إذ تكتب يا أبا سعيد جرى السعد ... بعلاك واستبشر المجد ولرب غانية تشدو خذ حديثي عن ضيفي الناطق ... هل يقول لك الفؤاد عاشق وليس يكذب أما والهوى أنني مدنف ... بحب رشا قلّما ينصف أطاوعه وهو لي مخلف ... فعمّا قليل به أتلف وواعدني السقم حتى انتُهِكْ ... فؤاد فيا ويحتا قد هلكْ غزال له مقلة ساحره ... وأنجمه أنجم زاهره ولمّته لمّة عاطره ... وكل العيون له ناظره وجسم أذاه لباس الفَنَكْ ... كمثل اللجين إذا ما أنسبكْ هو الشمس لكنه أجمل ... هو البدر لكنه أكمل هو الصبح ولكنه أفضل ... فليس على الأرض من يعدل هلال بدا من سكون الفلك ... يصيد القلوب بغير شركْ

تحيّر في نوره كل نور ... وذّلت له نيّرات البدور وحنّت لحسن سناه الخدور ... ففيه الأسى وفيه السرور فكم فتكة في الهوى قد فتك ... وكم من قتيل له قد تركْ أليس من الظلم أن يبعدا ... كئيب من الشوق قد أجهدا تعبده الحسن فاستبعدا ... وكلّفه الشوق ينشدا ملكت فكن خير من قد ملك ... يا مولى الملاح يا عبد الملكْ مقلتيْ هل الشؤون نار الوجيب ... تشعل أم من أواري يجري سكيب عاذلي كم ذا تلوم ... بادي الضنى قاتلي فيه أهيم ... وأن أنا ليس لي مما أروم ... إلاّ العنا أي شيءْ مثلي يكون غير وجيب ... ينزل وما شعاري إلاّ شحوب بي رشا ... ريا مثواه ما أعطرا والحشا ... أخفى هواه فأظهرا أن فشا ... فكم طواه أن ينشرا أيّ طي ولا معين ... إلاّ غروب تهمل ولا انتصاري إلاّ نحيب

والمنى طب العريك ... أن يشال . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ما عليْ هذي الشجون يا مستنيب ... تفعل فعل الشفار على الضريب منتهى عيني تمر ... من البهض علها يوما تقر ... أو تغتمض هب لها حينا تسر ... أولا فغض يا رشيْ تلك الجفون بالقلوب ... تفعل فعل الشفار لذي الحروب بئس ما رام الرقيب ... وما سعى كلما يدبو الحبيب ... بدا معا قلّما أشدو نجيب ... من ودّعا كذا أمي فلمولى البين ... أب كذل ميت طاري سرّ الرقيب في جرّ أذيال مختال ... علمت من يرمي بسهم لله متن ... لوحيا يشقى به الغصن ... ويعيى بوجهه الحسن ... ما أحيا

ريق كجريال لئال ... يفضّ باللثم عن ختم ألذ ما عندي ... غرامي رغبت في مهدي ... سلامي وكان من وعدي ... سقامي فقل لعذّالي حاشا لي ... إلاّ بقا جسمي بالسّقم جوانح الهائم ... تفديكا فيا أبا القاسم ... يكفيكا قد حلي الخاتم ... عن فيكا ضيّعت آمالي فما لي ... يعزى إلى حكم بالوهم أوحشت آماقي ... من قربك فأن إشفاقي ... من قلبك حكمّت أشواقي ... في حبّك ضمّنت أوجالي بإجمال ... وتدّعي ظلمي في الحكم أما على شكري ... من منّا إذا مال بالسكر ... وعنّا وجاء بالشعر ... وغنّى قبيله في الخال يا خالي ... فقال في فمّي يا عمّي

خدّت ذوارف دمعي خدي فالعين تسهر ... وفي الجوانح نار الوجد ظلت تسعر يا من يبيت خلي القلب ... أكفف فبي من ذوات الغلب هيفاء قد سلبت لي لبي ... وقطعت مهجتي بالعتب أهوى الوصال وتهوى صدّي ظلما وتنفر ... مني وتخلفني في الوعد فكيف أصبر كم ليلة بت من بلواتي ... أهيم تحت دجى الظلماء مراقبا أنجم الجوزاء ... يدي على كبد حراء ولم أكن لجوائي مبدي لولا تحدر ... لي ادمع مثل العقد إذا تنثر بمن حبالك بلين العطف ... منّي على دنف بالقطف كانت منيّته بالطرف ... ما ضرّ لو نال حلو الرشف سأروم ودون الورد للّحظ خنجر ... حتى استباح رياض الخد باللّثم محجر بالله يا منية العشاق ... وطلعة البدر في الإشراق جودي على دائم الأشواق ... برشف ذاك اللّمى الدرياق ريق يبرّد نار الوقد من ثغر جوهر ... الخمر فيه وعرف الند مازج سكر وظبية من ظباء الأنس ... حديثها جالب للأنس أعارت الحسن ضوء الشمس ... تدعو صبيّا لها أن يمسي أما تجي يا صبي عندي ذا اليوم تفطر ... نوفيك جمالي ونهديك نهدي ولا نقصر

الفاضل ذو الوزارتين أبو عيسى ابن لبون رحمه الله

الفاضل ذو الوزارتين أبو عيسى ابن لبون رحمه الله محتد شريف سما في ذراه، فأمل جنابه ودراه، نطق بالسحر وفاه، الجد فيه والسفاه، وتشيحه وكلامه سهل المرام، بديع النظام، يرف عليه رونق الماء وطبعه، وأن لم يكن باعتنائه. . .، فجاء بما بهر، وعرف فيه إحسانه واشتهر، مع عذب الجنى، باهر السنا، وهاك من توشيحه نورا ينفخ، ولجة بالبديع تطفح، منه ذلك قوله: ما بدا من حالي قد كفى عذّالي ... عاذلي لا تكثر في الهوى تعذالي عذلكم يغريني ... فانتهوا عن عذلي كلفني بالعين ... زائد في فضلي بعت فيهم ديني ... وأنا لم أغل قط ما بالغالي للجمال العالي ... لو شراه المبصر بالتقى والمال

بابي فتّان ... لذّ فيه عشقي صاغه الرحمن ... لامتحان الخلق رمّب الإحسان ... فيه حسن الخلق إيما هلال صار في كمال ... فوق غصن مثمر شغل كل بال أن جفاني دهري ... فعماد الدوله مالكي وفخري ... قد حباني طوله وتلافي أمري ... قد حصّلت حوله وكثير ذا لي من مليك عالي ... ينصر المسنتصر بالشبا العوالي فخر آل داوود ... دونما إنكارِ سادة هم بالجود ... والتقى للباري والوفا المعهود ... منه للأحرار رائع النزال قائد الأبطال ... ثم لا يستكثر كثرة الأهوال لا مني العذال ... في وداد منذر قلت يا جهّال ... ليس فيكم مبصر وقع الإخلال ... فيه فليستغفر بالكبار إملالي دعني من علالي ... في وداد منذر الرئيس الوالي

بمهجتي غصون رياحين ... تهتز فوق كثبان يبرين أحبب بمثلها من غصون ... ثمارها بدور وجون تلقيك في أسار املجون ولو غدوت في النسك والدين ... كهازم الصفوف في صفين ما العيش كله والصلاح ... إلاّ رنين عود وراح تديرها فتاة رداح يجول بخدها كلما حين ... روض يفوق البساتين لا شيء كالمليحة محيا ... إلا امتداح من هو أحيا رسم العفاف والمجد يحيى السيد الرئيس الميمون ... أعني الوزير حفيد المأمون القادر المؤيد بالله ... الماجد المقيد الأشباه من طيب ذكراه في الأفواه كالمندل كبنت الزراجين ... إذا تشاب بمسك دارين يا طيب وقت وطيب زمان ... قطعته بطيّب الأماني والبم منشدٌ والمثاني ودّعت فقالت بتحنين ... الله لك يا غريب يا مسكين لا شيء أحلى من الوصال ... لا سيما حلوة الدلال والرشف للبارد الزلال ... من ثغر مستظرف اللئالي وفاضح الغصن النضير ... بلا نظير

هويت حورية المعاني ... تذكّر الحور في الجنان فحسنها آفة الحسان ... وهي غني لي عن الغواني حظي بها حظ المير ... من السرور كيف يلوم العذول فيه ... والمسك والراح طعم فيه وهو عديم بلا شبيه ... مذ لحظ الشمس لحظ تيه وراش للظبي الغرير ... سهم الفتور كم صدّها عنّي الحسود ... فلم يكن صدّه يفيد أرادت الذي يريد ... فحبها حيث لا مزيد داني المحلّ من ضميري ... بلا نكير غبطها قرب من تجلّه ... في كلّ حين ولا تملّه بالمكث في موضع تحلّه ... فهي تغنّشي بما تدلّه أقرطبه كان سديري ... لي الأمير حب الحسان يا صاحبّي أضناني ... لا تعذلاني فيهم خلعت عناني الحب دين ... قد سنّ ترك الوقار به أدين ... وقد خلعت عذاري فما أهون ... فليس فيه من عار

ليس امتهاني على الهوى بنقصان ... ففي الغواني نفاق سوق الهوان ظبي إحِمّا ... تعنو إليه الأسود جفاك ظلما ... وليس عنه محيد رحماك رحمى ... إلى متى ذا الصدود فجد لعاني ولو ببعض الأماني ... فالموت داني أن دمت على هجراني أفنيتُ صبرا ... ولم يزل ذا اصطبار عبدت حرا ... مستعبد الأحرار باللحظ قسرا ... ولم يُقل باعتذار فمن رآني على انحطاط لشاني ... ففي إذعاني إليه أقوى برهان من لا أسمّي ... مخافة الافتضاح ردّ لجسمي ... روحي بتحريك الراح فنفى همّي ... بضرب ذي إفصاح بلا لسان أن حرّكته العيدان ... على القيان يقضي بسكر الغيدان فيا حياتي ... ومنيتي أسعديني بها وهاتي ... كاس الطلا وغنيني قول فتاة ... شدت لبعد الحزين ويحي جفاني مليح أسمر الأجفان ... عمداً براني بوصله وخلاّني

كم ذا يُعذل ... مغرى بهوى الغيد مجهد يا من عذلا ... إليك فعذلي من العنا لا أسلو ولا ... أستحسن ثوبا سوى الضنى أنا المبتلى ... عفى الله عن كل ما جنى ذليّ أجمل ... وخلعي للعذار أوكد علقت رشا ... من الغنج والهجر جنده هظيم الحشا ... قد أينع بالورد خده يزرني أن مشى ... بالحتف وبالغصن قده ما يُمثَّل ... جمالاً وما أن يُحَدَّد سلاب النفوس ... أمير قدير مسلط الدرّ النفيس ... من فيه إذا فاه يلقط قمر للجليس ... وورد بمسك منقط فما يُمثل ... إلا وترى السحر يسجد حسبي أنني ... هون عليه وأخلق ولا أنثني ... عنه كيما يشفّ ويشفى ولكنني ... في رأي هواه موفّق ليس يخذل ... من طاع الهوى بل يسدّد

وخدود لها ... ريق شنيب طيب المذاق إذا دلّها ... دنت من نجيّ ذي اشتياق تشدو خلها ... تدعوه للوصل والعناق سمارك حلو ... أنده من شاربا لعدد أمصباح نور بكفّ المدير ... أم ذائب عسجد أم سلاف يتوقد أهدى لك ريّا ... هبوب النسيم فحثّ الحميّا ... تجلّي الهموم تدار عليّا ... كمثل النجوم في روض نضير يزهو بغدير ... بالريح تزرّد تهزّ سيفا مجردّ رضيت الصَّغار ... في حب الصِّغار وبعت العَقار ... في شرب العُقار فأشربها جهار ... من دون استتار فسرُّ السرور في شرب الخمور ... ووصل أغيد ناره خد موّرد ألفت السقاما ... مذ نافر حِبّي هجرت المناما ... مذ واصل كربي فجفني سجاما ... منهلّ بسكب

في حب غرير كفيض البحور ... دمع ليس ينفد سال من نار توقّد يا بدر الكمال ... وغصن اعتدال جدْ لي بالوصال ... ولو في الخيال ولترث لحالي ... وأمنن يا غزالي بفكّ أسير بكم مستجير ... في الحب مقيّد لم يزل صبّا مسهّد أدر خند ريسا ... ولا تصغ للواشي وسلّ النفوسا ... فسري غدا فاشي وحثّ الكئوسا ... وداد ابن شواش صبّ بالكبير وأردف بالصغير ... وأشرب سرّ أحمد من غدا في الحسن أوحد عصيت الّلوم ... في شرب الحميّا ووصل الرئام فقل للعذول ... أقصر يا جهول عمّن لا يحول بغير الهيام ... ما يدوم حيّا وكذا الكرام سباني رشا ... هظيم الحشا يبدي إن مشى غصنا في ركام ... عليه محيّا كبدر التمام معشوق يتيه ... على عاشقيه كم قاسيت فيه لو يرعى الذمام ... ومنّ عليّا ولو بالسلام

كم ذا يهجرُ ... ولا يشعرُ متى أضمرُ فيه من غرام ... قد غزت اليّا أجناد الحمام لا أنسى زمن ... غنّى فيه من أولاني حسن ماشيت الغلام ... لابد كلّو ليَّا حلال أو حرام شكا جسمي بما أتلف السقمُ ... أنا أرضاه وأن أتلف الكل فيا لهفي ... أموت كذا عشقا ولا ألفي ... طبيبا لما ألقى فيا إلفي ... إذا شئت أن أبقى للّثم وما ضرّك اللّثم ... ومن ريّاه يصحّ المعتل سبى عقلي ... وأعدمني حسّي على نبلي ... غزال من الأنس يرى قتلي ... وتعشقه نفسي على الرغم كان حبّه حتم ... فيا ويلاه عزيز يذل أنا عبد ... لمن انا مولاه ولا ردّ ... لما يشاء الله رشا تعدو ... على الأسد عيناه

إذا يرمي فما يخطئ السهم ... وما قتلاه من الرمل أقل لاَبنُ أشرف ... على عذله خِلّي ولم ينصف ... ومال عن العذل فما أنصف ... وما كان في حلّ ففي الحكم بأن يعْذُب الظلم ... وأن ترضاه إذا رضي الخلّ وكم حَسنا ... مرضت ولم تدر زَرَتْ حُسنا ... على الشمس والبدر شدت حزنا ... لمّا علمت أمري عزيز مي كمد سيد يا قوم ... ترى بالله سم الاسم ندر لّو ما حال العميد ... بين الهوى وبين التفنيد مالي من مجير ... من أسهم العيون العين دلت بغرور ... قلب المتيّم المحزون وقامت تثير ... عليه حتفه في الحين فأين محيد ... لمن حتفه رقيب عتيد وبي أهيف ... لا يستطيع حمل الردفِ له مرهف ... لحظ موكل بالحتفِ به أكلف ... ولي على الهوى من وصفي

ثلاث شهود ... سقمي وعبرتي والتسهيد أيا طاهري ... صبري لمقلتيك قد عيل وعن ناظري ... صيّرت مدحي فيك إنجيل في دفاتر ... عنوانها هو إسماعيل عن ذهن حديد ... لم يرض في هواه تقليد فتى لم تزل ... أمداحه تزيّن الشعرا له في الحمل ... شخص منعّل بالشعرى فأن لم أصل ... بوصله واصلت بالذكرى في مجد مشيد ... أحله مقام التمجيد ألقيت بيدي ... وحقَّ الهوى أن يخضع فخذ قودي ... من لحظ مقلتيك أودَعْ فوا كبدي ... أم لم أصل ولا فأقلع فاعمل ما تريد ... فأنت في الملاح أقليد من أطلع البدر في كمال ... غصن اعتدال بمهجتي شادن غرير ... يجوز حكماً ولا يجير وما سوى أدمعي نصير تفعل عيناه بالرجال ... فعل العوال علّقته أوطف كحيل ... يحسده الغصن إذ يميل تجول في ثغره شمول

يمجّ في نظمه لآل ... برد الزلال يا أيها العاذل الخليّ ... بي من بني الليثي بابلي قلبيّ به مغرم شجي عذلك عندي - إذ لست سال ... من المحال كم قلت لا أدّعي بحبه ... لطول إعراضه وعتبه حتى إذا لاح صبح قربه أبديت من غرة الجمال ... ذلّ السؤال ما زلت أشكو له ببعده ... حتى أرعوى حافظا لعهده كأنه ذا أتى لوعده يختال في ظلمة الدلال ... طيف الخيال لله يوما به نعمنا ... راق أصيلا فراق حسنا عاتبته مازحا فغنّى إياك يغرنك صرف رمال ... يا قد بدا لي

الوزير المشرف أبو بكر رحيم

الوزير المشرف أبو بكر رحيم شهاب نير الإشراق، وروض يانع الإيراق، سحر الألباب، ونظم من الكلام اللباب، مع كرم طباع، ومشى في طرق الجهود وامتداد الأيادي بأرحب باع، نظم الفقر، وبحث عن المعاني ومهر، وحسن أقسامه وكسا توشيحه رونقا ووسامة، رفع للطارقين مناره، وأوقد لهم باليفاع ناره، مع اصطناع الأحرار بالمنن، وقصد من الجود إلى أرفع سنن، وهاك من بدائع توشيحه ما يروق نشره، وينفح نوره وبشره، فمن ذلك قوله: من صبا كما أصبو ... فهو للصبا نهب وأعلم أيها القلب لو أذابك الحزن ما حييت لا أسلو ... أقض في الهوى عزمك لا يضرك العذل وسباهم الحسن برحوا به قبل ... أنني أرى كتمك للهوى هو الذّل قل لكوكب الحسن ... منتهى المُنى مَنّي بالوصال أو مُنّي فمتى ترى تحنو وطباعك المطل ... فهبني ولو حُلمك لا يكن به بخل يا شقيقة القمر ... أرفقي ولا تذري مهلا هكذا خبري فالمعاطف اللّدن واللواحظ النجل ... موت مغرم أملّك وحياته الوصل ربّ غادة هويت ... فدشت وقد شقيت بالذي به بليت الأسيمر أذن الخلّ مرقلو ... يا طوبى لمن ضمًَّك قد نال المنى كلو

يا نسيم الريح أن عجت على ربّة القرط أهدها مّني ريحان السلام على الشحط وأعتمد تذكارها بالعهد والود والشرط ثم يا غيث اسق داراً كنت أعهد بالسقط فوقها للمجد والعليا مجد وتعريش ... طالما أغلب به لا نالها منك تعطيش يا خليّ النفس لا تعذل فؤادا شجيّا هل ترى ما صنع الحب على عزّتي فِيّا صّيرت أيدي الضنى جسمي بلا رقّة فَيّا فاتركوا، لازال ثوب السقم وقفا عليّا أن عذل الصبّ أغراء لديه وتوريش ... ما عليكم أن متّ وجدا، هنيّا لكم عيش اسقني، لا عذر لي أن لم أمت خالع العذر في الملاح الخرّد العين الكعاب والخمر ما أرى يصرف عذلي بعض ما قد طوى صدري لا ولا أستطيع أن أسلُ ظبيا مدى عمري والضنى نمّ على جسمي وقلبي مدهوش ... كيف يسعى طائر يا قوم ليس له ريش بأبي عاطرة الأردان ساحرة الطرف كاعب مائلة الزّنار منعمة الردف

حملت من كل حسن ليس تدرك بالوصف بدر تمّ حفّه ليل من الشعر الوحف تحته وجه من السوسان بالمسك مرشوش ... أن الحسن تنميق وبشر وترقيش عاهدت بل حلفت ألاّ تقيم على العهد فشكت ذاك وقالت سألتك بالود فارتشفت الشهد من فيها وملت إلى النهد ثم عادت عطفت حنّت فزارت بلا وعد من عردس باصنت كان يعرد باس ... العلاله بحط ست أطوطد مبروس هزّ ارتياحي راح براحي ... مسكية الأنفاس سحب الوشاح ما لذّة الدنيا ... إلا كئوس سلافة تحيا ... بها النفوس تديرها سقيا ... لنا شموس في روض راح غضّ النواحي ... يهديك عرف الآس مع الرواح يا شادنا أحوى ... رفعت أمري إليك والشكوى ... عنوان صبري لا تخش أن أهوى ... سواك عمري

أنت اقتراحي من الملاح ... أغنى عن النبراس ضوء الصباح أهواك للفضل ... وللعلاء وذلك النبل ... مع السناء والمقل النجل ... وهن دائي مرضى صحاح تبري صراح ... لا تنسني يا ناس وَرِشْ جناحي صلني يا خل ... أخشى تلافي والموت في الوصل ... مع العفاف وليس من قبل ... ولا ارتشاف ثغر الأقاح على السماح ... لذي العلا من باس ولا جناح لا أنس ما عشت ... يوما شربت مع من به همت ... يوما فقلت حين تناشيت ... وقد طربت باله يا صاح در كأس راح ... ودع كلام الناس مع الرياح كم بالكثيب من غصن نضر يكاد في الوشاح ... ينقدّ إذ يميس على دعص مهفهف رداح غصن سقته أندية الحسن ... هامية الصَّبا هبّت على معاطفه اللّدن ... نواسم الصبَّا أحبب به وأن لم يكن يدني ... صبّا به صبا

كم بتّ فيه على ذعر أراقب الصباح ... ليل كعكسه حالك القُمص يقول لا براح العذل في الصبابة لا يجدي ... فليقصر العذول بالسيد الموشّح بالحمد ... قد أُوضِح السبيل ملك قد اقتفى سبل الرشد ... مُهْدٍ به دليل في السلم باسم واضح البشر ليث لدى الكفاح ... كم جحفل للقياه ذا حرص حماه مستباح أبو عليّ السيد الأسنى ... ذو المنظر الوسيم من جلّ في السادة أن يكنى ... عن مجده العظيم لله جوده فكم أغنى ... فلا يرى عديم ضاءت بنوره غرّةُ الدهر فقل ولا جناح ... فالفكر لا يحيط ولا يحصي آلاءه الفساح لله منه في بارقة الحرب ... أقدام ضيغم والنقع من سنا بارق القضب ... ينهلّ بالدم كشفت فيه ما عرا من خطب ... عن كل مسلم يختال بين ألوية النصر جذلان ذا ارتياح ... بدر حوى الكمال بلا تفص. . . مباح لله مهرجانك في الهند ... وحلبة السباق وسابق المضمّرة القود ... قد همّ باللحاق وقول غادة كاعب رود ... تشدو على وفاق ما هزّ للردينية السمر ولا انتضى السلاح ... مثل الأمير نجل أبي حفص الوارد السماح

نسيم الصبا أقبل من نجد لقد زادني وجدا على وجد يا ريح الصبا بالله داريني ... بعرف شذا مسك دارين ووصف رشا بالهجر يبريني ... وسل باللوى عن كثب يبرين هل استوحشت بالنأي والبعد وما صنعت بثينة بعدي لئن هجر الشادن أوطاني ... وصعب العزا في النأي أوطاني وضاقت بهجر الحب أعطاني ... وضّنت بما في الحب أعطاني فيا عاذلي عن عذلي عدّ فما حب ذا الحب قد يعدي حمام اللوى بالنوح أرشاني ... بقمرية ناحت بورشان تهيم به وهو لها شاني ... فقلت لها شأنك من شاني وسعدك يا ورقاء من سعدي وفي كل واد من بني سعد بنفسي الذي قد بزّ أشرافا ... وحازت به الأيام إشرافا أيا ابن سعيد سدت إيلافا ... بذلت لهم جودك آلافا

أجريت إذ سميت بالحمد وقمت من المهد إلى المجد حبيب بدا مذ بدا أنساني ... على أنه أسكن إنساني غزال عن التعنيق أغناني ... وأنصف إذ زار وغنّاني لأي قصّة وحدك وأنا وحدي كما بتّ عندك حتى تبيت عندي أسهم عينيك فللت غربي عقرب صدغيك أودعت قلبي جرحا نبا عن علاجه طبي فمن مجيري من لدغ صدغيك ... أو سهام عينيك أنا قنوع من المجبينا أرضى من الوصل في الهوى الدونا ليس مرادي ما لا تريدونا حسبي نيلا تقبيل كفيك ... والتماح خديك

بكل ما ترتضيه لي أرضى طوعا لتلك الملاحظ المرضى فأن تشا عند وطئك الأرضا جعلت خدي نعال رجليك ... قبل بساط نعليك دعوتني دعوة إلى أجلي بسحر تلك اللواحظ النجل وها أنا طائع لأمرك لي فأجرني مُنيتي حنانيك ... إذا جئت لبيك أجفاك عني فزاد في سقمى كل بغيض يحب سفك دمي فلو تسمعت ما عدا كلمي قد منعوني المجيء إليك ... وأحزني عليك أيا عبرتي جريا ويا كبدي وريا ... ويا قلب لا بقيا ومن عجب الدنيا قلوب منحلة ... مع الدهر منهله أيا غرة الشمس ويا منية النفس ... ويا ظبية الإنس وريحانة الأُنس أترضى الذي حله ... بثوب الضنا حله شكوت فلم تشك وقالت لما تبكي ... إذا كان ما تحكي ولم تك ذا أفك

ستعثر بالذله ... وتقنع بالقله فقلت سيكفيني أن أصبر للهون ... وأقنع بالدون ولو أن تمنيني مواعيد معتله ... أداري بها غله فقالت لكي تصبي وتقدح في قلبي ... تعرّض بالحب لمكتئب صب كن هو أنت الغله ... ترى ستري ذله من لقلبي بإدراك الوصال وهو من أوجاله في اتصال أي قلب بجوا الحب صال قلق مما به من وجيب ... مذيب للمشوق الكئيب والذي أهواه سالي الفؤاد ليس يدري بلذيذ الرقاد ما أقاسي من اليم السهاد أي ظبي ناظر كالمريب ... ربيب ليس بالمنيب ولمدحي في ابن عبد العزيز شرف عال بلفظ وجيز غاية المدرك حسب المجيز هاك خذها تحفة من أديب ... أريب المعاني مصيب

يا أبا الأصبغ مني إليكا مدحا مظهر حبي لديكا وثناي من قديم عليكا نعم للقول بلفظ غريب ... قريب للمعاني مصيب وفتاة ذات حسن بهي أعربت عن منطق أعجمي تتقي منع الجمال السني لمرني أو كدش دبيب ... حسب سم بغا درد مسيد أبي أن يجود بالسلام فكيف يجود بالوصال ... من كان تحية الوداع منه نظرة إلى الجمال أنا هو المتيم المعنى أناب إلي أو تجنى يروقك منظراً وحسنا كالغصن النضير في القوام ... كالبدر المنير في الجمال يروقك وهو ذو ارتياع ... كالليث الهصور كالغزال تذكر عهديَ يا ملول ... وقد أخذت منك الشمول فجاد بزورة بخيل أتى حين عب في المدام ... كالغصن أماله الشمال ينثني بين لين وإطلاع ... فمنه انثناء واعتدال

محمد عبدك المنيب ... يدعوك وأنت لا تجيب لقد شقيت فيك القلوب فسهل الهوى صعب المرام ... هي الشمس نيلها محال تلقى العيون بالشعاع ... لمنعها من أن تنال ألم يئن أن يلين قلبك ... ويلتذ بالكرى محبك فلو أنه ينام صبك ويجتمعان في المنام ... قنعت بذلك الخيال من بات بذلك الاجتماع ... على ثقة من النيال يفوق سهما كل حين ... بما شئت من يد وعين وينشد في القصتين خلقت مليحْ عملت رام ... فليس نبقى ساعة دون قتال ونعمل بذي العينين تاع ... ما تعمل يدي بالنبال يا مدير كأس العقار ... قد جلوت نور الأنوار للأبصار هم بها كؤوسا تدار فتكاد تغشي الأبصار وطلا بها الدن والقار عجبا لرامي الجمار ... كيف لا يخاف على القار من النار

ما عسى أخاف من اللائم كما تمثلت للنائم زارني خيال أبي القاسم مرحبا بطيفٍ زوار ... لم يزل يهيج أفكار وتذكار بأبي وأمي أفديه شادن تقول تثنيه للقضيب إذ مال يحكيه القلوب طاعة أشفار ... وتلوح شمس النهار من أزرار هذه دموعَي أسرابا اتخذت وجهك محرابا أخطأ الفتى أو أصابا ما عليّ في الحب من عار ... أن يكون خلع العذار من أعذار ورشا خضعت لسلطانه وشقيت دهراً بهجرانه قال لي بينه عن شانه لا يطول عليك انتظار ... أن أردت تدري أخبار فمن داري

الوزير الحكيم أبو عامر ابن ينق رحمه الله تعالى

الوزير الحكيم أبو عامر ابن ينق رحمه الله تعالى اشتمل على البدائع واحتوى، وركب على مهرة الإجادة واستوى، وشعره رائق المحيا والأقسام، مسفر والوجوه الوسام، إلا أنه قليل المادة في التوشيح، يسير السبك له والتوشيح، له في الطلب قدم سابقة، ويد فيه سائقة، وله في الرد على ابن غرسية رسالة أعجز فيها وأبدع، ونظم فيها البدع، مع ماله من رسائل تروق ترصيعا وتقسيما، وترف بروض الكلام نسيما، وقد أتيت من توشيحه ما يزدهيك سرورا وتجتليه نورا. فمن ذلك قوله: فتكت بالعميد إلحاظ تلك الغيد ... وانثنت كالصعاد تهتز يوم الطراد رحن بين الرباط ... مشي القطا المبهور كالعوالي السباط ... مهفهفات الخصور كالظباء العواطي ... أو المها المذعور يثنين وشي البرود على غصون القدود ... وهن ذات تهاد ثني القنا المنئاد صاح عج بالكثيب ... وحيّ فيه مواقف من عاطرات الجيوب ... تبض نبض الموالف واضحات غروب ... تزهي بحلو المراشف أيّ ريق برود لحر صب عميد ... ما يصد الغواد تُصَدُّ عنه صوادي

كم بباب الوراق ... من مهج سائلات بظبا الأحداق ... من ظبية ومهاة هن حج العشاق ... ومنك القينات كم قتيل شهيد هناك أو مصفود ... ما له من مفادي وسل بذاك فؤادي رحت يوما إليه ... وللهوى أسباب تتهادى لديه ... كواعب أتراب وعلى أجرعيه ... من الدمى أسراب كاعبات النهود مضرجات الخدود ... هن بين انقياد إلى الهوى وعناد وبسرب الظباء ... حوراء ذات دلال أختها في السماء ... تبدو وذي في الحجال أعرضت لعنائي ... وظلت أشدو بحالي سمره كم ذا الصدود بالحُرمه يا ست جودي ... سمره في وسط واد ثم سلبتني فؤادي هل الوجيب ... إلا كما أجد قلب يذوب ... ولوعة تقد ولي حبيب ... محله الكبد يدري الذي بي ويكتم الحال علما ... وما نصيبي منه سوى الهجر قسما

يا من أنادي ... من فرط بلواه هل أنت هادي ... من ضلّ مسراه رعت فؤادي ... لا راعك الله تذكي وجيبي وتتلف الجسم سقما ... من للكئيب أن لم يكن منك رحمى ما كل سؤدد ... إلا أبا بكر ليث ممجد ... مؤبد النصر إذا تشدد ... في راحه الظفر ناء قريب كالشمس نورا وعُظما ... خَطّ بطيب من ذكر علياه نمّا ملك لديه ... معاقد الأمر لاحت عليه ... مخائل النصر فأنظر إليه ... تنظر إلى البدر كذا الخطوب ضلت ولم تبد عزما ... سهم الوثوب كالدهر حربا وسلما يا أهل ودي ... شفني البعد ما مثل وجدي ... لعاشق وجد ولا كسهدي ... لغادة تشدو هجر حبيبي وزادني هما مَمّا ... آش كان ذنوبي فليس لو من هجر إثما يا حادي العيس بالرحال عج بالطلول ... وسل بها الأربع البوالي أين الخليل

حثت به البزل والعشار ... يوم النوى يا هل له بالعقيق دار ... أم باللوى أمّنه بالوابل القطار ... حيث ثوى وجاده الغيث بانهمال كل أصيل ... يحدوه من نفحة الشمال ريح أصيل كم شفني منه بالصدود ... ظبي ربيب يميس في معلم البرود ... مثل القضيب لو علّ من ريقه البرود ... قلب الكئيب شفا الذي بي من اعتلال ومن نحول ... كما شفت ريقه الغزال كالشمول أحبب به رائق المحيا ... حلو اللمى جيّش جيش الهوى اليّا ... عرمرما وصال من نخوة عليّا ... فأكلما بمقلة تزري بالعوال وبالنصول ... تراه في السلم والنزال بها يصول قد عطل السحر والنصالا ... بمقلتيه واطلع الشمس والهلالا ... في صفحتيه والسلسل الكوثر الزلالا ... من مرشفيه أبدعه الله ذا كمال لا يستحيل ... قد جل في الحسن عن مثال وعن عديل لما بدا السَفْر بالنياق ... وإحتملوا وأجهش الركب للفراق ... وارتحلوا شدوت والدمع بالآماق ... ينهمل يا حادي الركب بالجمال عرّس قليل ... عسى ترى مقلتي غزال قبل الرحيل

في ابنة الدوالي مع الخرد العين ... جملة المسره وعز بلا هون أشرب العقارا ... معطرة النشر وأخلع العذارا ... في ممشوقة الخصر وبع الوقارا ... وما أنت في خسر فهو الجمال فلست بمغبون ... قد تقال عثره بفتنة مفتون بأبي كَعُوب ... حورا من الحور تطلع الجيوب ... منها بدر ديجور قدها الرطيب ... ينقد الخيزور مال في اعتدال وهنا من اللين ... عطفه وجوره على كثب يبرين لذ من الزمان ... بالجود من الندب فهو ذو بيان ... مثل الغيث في الجدب غاية الأمان ... في معترك الحرب كعبة النوال فيها للمساكين ... حجة وعمره من عز وتمكين إنما عليُّ ... من محجة الفضل طاهر زكي ... في الفروع والأصل ما جد أبي ... ماضي العزم والنصل

ضيغم النزال له في الميادين ... حملة وكرّه ليث غير مأمون كم سطا وصالا ... في الحرب على الأسد ونداه سالا ... على القرب والبعد فالجميع قالا ... فيما حاز من مجد سيد المعالي للدنيا وللدين ... كاشف المضره علي بن حيون من لي بشكواك ... وكتمان حبي أضرّبي وأغراك أرضى لعيني جناية عيني أن يدنَ حيْنِي ... فما حان حِنِي برا بدني مخضوب اليدين كالبدر يغشاك ... بنور تهادته أنجم وأفلاك يا جيد ريم وعين مهاة روح النسيم ... بعرفك آت كم من سقيم يشكو شكاة سقته عيناك ... من خمرة ما أبت به ثناياك خذني بذكرك معمور الضلوع وما يسرك ... قلبي بالمبيع من لي بز هرك يا روض الربيع أن تجف مرآك ... فقد وصفت السن الرياح ريّاك يا من ودادي عليه مضمون أما تدري ... فليس يكون هذا فؤادي لديك رهين الله أعطاك ... ما شئت من القلب فالجمال ولاك تفديك نفسي وبالكل أفديك أبلى برمسي ... ولست أسميك ذكراك أنسي فكيف تناسيك وكيف ينساك ... من شخصك باق بقلبه وذكراك

بارق سرى فأومض مثل ما قدحت زندا ... ترك الظلام أبقع وحواشي الأفق وردا لم ينم حتى الصباح ... خافق خفوق قلبي والهوى صافي الجناح ... فوق غصن النبت رطب هاج من بعد ارتياح ... فسقيت الكأس صحبي وإذا الغرار أغمض رعته بالشرب قصدا ... ونسيم الفجر يرفع عنه ذيله المردى هاتها صفراء صرفا ... مثل لوني واعتقادي عطفت للساقي عطفا ... في وشاح أو نجاد كلما ثُقّل خفّا ... في معاطاة الوداد أخلص الهوى وأمحض وصفا وداً وعهدا ... فإذا حياك أطمع وإذا سقاك فدّى بأبي بكر فيه نوح ... قصرت عنه ألماني الهوى فيه طموح ... غصن حلو المجاني راح في عطفيه روح ... أنا أهوى مذ رماني فوقه القلب تنفض سوسنا غضا ووردا ... ثمر الغرام أينع لوعة فيه ووجدا راق خَلقا رقّ خُلقا ... فهو معدوم الشبيه ليتني لو كنت نطقا ... كارعا في عذب فيه فأرى الكوثر حقا ... وأنال الرّي فيه

جنة العشاق فرض مقلة وسنى وجيدا ... غير أن الخلد يمنع لا ينال الصب خلدا ألعس اللثات ألمى ... لو رشفت من نميره فك عن قلبي المعمى ... ودرى ما في ضميره قلت للرقيب لّما ... حثه لي مستديره يا رقيب نفسك تبغض وتريد أن تكسب أعدا ... لاش تكون بأني مُصرع ما تخله ساعة يهدا شِمْ ذائب العسجد ... في رقة الآل إذ يرمق شعاعها الشَرْب ... تخالها شعلهْ لا تحرق الورق في الأشجار ... في الروضة الغنّا صوادح غنت لنا أسحار ... والزمر والمثنى مطارح وغنت الأطيار ... فعاشق حنّا ونازح كأنها خرّد ... تشدو بآصال تشوّق أدوارحها حجب ... من باطن الكلهْ تستنطق وبأبي المى ... سكري بعينيه من الحور بنظرة تدمى ... أزهار خديه من الخفر ناديته لمّا ... سطا بجفنيه على البشر لحظك قد عربد ... من غير جريال تعتق دمي لها شرب ... وهل دم الفصله ترمق

جلّ الثنا وأكْسُ ... من حلل الأشعار زينَ الملوك ما أن له جنس ... في الحظ والمقدار أن شبهوك فإنك الشمس ... أن لحت للأقمار وأبصروك خرّت له سجّد ... بدور إجمال إذ تشرق وانقضت الشهب ... وقبلت نعله لا تسبق يا طالب الرزق ... هل لك في زوره تروي الصدى أقصد إلى الشرق ... ويمم الحضره الأمجدا مؤمن الطرف ... الواضح الغره السيدات والسيدا ولذ به تسعد ... بنيل آمال ويُحدقْ بربعك الخصب ... حتى ترى محله ماأروق الموت مرهوب ... في نصله الهندي من نصله والقرب مشروب ... قد شيب بالشهد في ظله والشاة والذيب ... يردن في ورد بعدله حتى الظبا الشرّد ... بقرب أشبال لا تفْرق والآل والسرب ... قد ألفوا حوله لن يفرق مرسيّة تجلى ... بالسيد الأعلى أبي علي قد بسط العدلا ... واليمن والأمنا منذ ولي فألهج الكلاّ ... من نظم المعنى نظم الحلي

أما ترى السيد ... في المرتقى العالي لا يلحق كأن له الغرب ... إذ حازه كله والمشرق كلني لوجد أثار ... في قلب صب مستهام تذكارا تأجت منه نار ... هبت بها ريح الجوا إعصارا حسب الهوى أنني ... راض بما يقضي به أقضي فلن ينثني ... بالبعد عن تقريبه لئن خلعت العذار ... فقد أقمت الملام أعذارا أبانها في عذار ... خطت بها أيدي الهوى أسطارا لله يوم الحمى ... إذ وصل سعدي مسعدي لا ورد إلا اللمى ... أحبب به من مورد يا بحر وجد طما ... بذكر ذاك المعهد حيث الليالي قصار ... تخالها عند التمام أسحارا شطت وشط المزار ... لما أجدوا للنوى تسيارا بانوا وأني على ... ما عهدوا مستوثق فليس مثلي سلا ... بالبعد عمن يعشق كأنهم بالقلى ... نجوم ليل تشرق

عهدي بهم والقطار ... تجري بهم تحت الظلام أقمارا ما أن لها من سرار ... نأوا فأدنوا للتوى إعمارا إليه منيَ الوفا ... لا أبتغي خلا سواه ولا أبيح الصفا ... إلا أبا عبد الإله سليل من بالصفا ... أجاب ربي دعاه فقل مفيض بحار ... كفيه لأجود الغمام إكثارا كم مستجير أجار ... أعطى فأفنى ما حوى إيثارا يا بطشة أطلعت ... أقمارها بالمغرب لله ما أبدعت ... من كل حسن مغرب سلالة جمعت ... فيها سجايا يعرب سبحان فيهم يحار ... أجروا ينابيع الكلام أسحارا فلليراع افتخارا ... بهم على سمر اللوا إكبارا يا نخبة الحاج لا ... عدمت ما أوليته كم منزل أمحلا ... بالجود قد أمرعته يا قاصدا أملا ... بلغت ما أملته عرج بسبته دار ... ضمّت على جيد الكرام أزرارا وأطلعت للفخار ... لمن بمثواها ثوى أنوارا

سراج عدلك يزهر قد عمّ كل العباد ... ونور وجهك يبهر سناه للخلق باد أنت العزيز الأبي ... والملك ملك الأنام أنت السراج الوضي ... والبدر بدر التمام ليث إذا ما الكمي ... قد هاب روع الحمام لله ليث غضنفر تلقاه يوم الجلاد ... قد سلّ سيفا مشهر على رؤوس الأعادي تملك الكل رقا ... ملك كريم النجار ومدّ للخلق سبقا ... إلى أعالي الدراري وسربل الجود طرقا ... كما أرتدي بالفخار وما جد عنه قصرّ في الجود كعب الأيادي ... بناظر الحق أبصر إلى سبيل السواد أدر كؤوس الرحيق ... فالدهر راق جمالا من كل ضاف عتيق ... يسح ماء زلالا أرى رياض أنيق ... والغصن ماد ومالا والمزن سحت بأعطر سحا كفيض الغواد ... إراحة الملك تمطر إذا بليل الأيادي أيا سمي الخلال ... أني حثثت النياقا من عند ملك جليل ... إلى علا يتراقى إلى مليك أصيل ... يحلّ سبعا طباقا وما أرى عنه مصدر حللت منه بوادي ... منه نوال تفجر من كف ملك جواد

يا من تأوّد غصنا ... غذاه ماء النعيم حقا لَقَدْرُكَ أسنى ... من كل ملك زعيم قد فقت للبدر حسنا ... يا ذا المحيا القسيم يا حبذا منه منظر بالنور بادٍ وهادي ... كأنه الصبح أسفرْ على جميع البلاد . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . يا كبد كلها قروح ... ويحك ما تنقضي الشجون كم هاجها للنوى صدوح ... أنّ ولم يدر ما الأنين يا طائر البان كم تنوح ... ولم ترق عبرة الحزين أفديك من طائر مُدَنّي ... تهفو بأفنانه الرياح وافي على فرعه يغني ... والليل مغدودف الجناح لله بدر إذا تجلىّ ... نمّت عليه المحاسن سدّد من مقلتيه نصلا ... ما استودعته الكنائن يا عاذلي في الملاح مهلا ... فكل ما حان حائن عيني جنت لوعتي وحيني ... وما على العين من جناح دعيني لحيني أفديك دعني ... فأن حين الوفا مباح

يا مقلة الدهر ويك غضي ... عن بعض أيامنا الأول إذ ليّن الروض دون غمض ... كأنه شارب ثمل وينثني بعضه لبعض ... كأنه يعرف الغزل يا وجنة الروض لا تحني ... واستقبلي مبسم الأقاح هل كان إلاّ سُلاف مزن ... لا تحسبيه سلاف راح يا منية الصب أن تمنى ... هل لي إلى الوصل من سبيل الله يا ظالما تجني ... في مهجة شفها الغليل أبيت في حالتي معنّى ... أخفي ويلحاني العذول أسيء إلينا يا كل حسن ... أن لم يسوء فيك لاح أن نلت من وصلك التمني ... فليس لي غيرك اقتراح أسرفت في التيه يا بديعه ... وأنت في الحسن أبدع بعت رشادي وتلك بيعه ... لمثلها النفس تنزع فاستمعي أن وجدت ربيعه ... مني سأسمع إلى متى الحب يتّبعني ... أفنيت عمري على الملاح مر الهوى مر مر عني ... لعل نرقد ونستراح

الوزير الأجل الحفيد أبو بكر ابن زهر رحمه الله تعالى

الوزير الأجل الحفيد أبو بكر ابن زهر رحمه الله تعالى بدر أشرق منتماه. وراقت في المجد التليد سيماه. وتبوأ من السؤدد أجل محل وأسماه. وأبدع في التوشيح وأغرب. وسهل السنن إلى المعارف وقرب. فجاء توشيحه يرف رونقه ويشف ألقه مع سهم في الطلب وافر. وطبع فيه غير متنافر. لسلفه السابقة التي لا ينكر إبداعها وإعجازها. وجده أبو العلا اختص بالدولة اليوسفية وانفرد فيها بطب ملكها. حتى اشتهر لذلك بتملكها. فأعلت مجلسه وأدنته. وأقطعته ما شاء من الرفعة وأسنته. وكان طبيب الأندلس قاطبة وله في الطب نوادر مشهورة. وآيات بالإعجاز مذكورة. وهاك من توشيح حفيده المذكور. ما ترتاح له النفس. . . حسب الخليع ملجا روض على غدير ... وقهوة مداره أنفاسها عبير صفراء بنت دن ... بالنور تطّلعْ ينشق كل دجن ... عنها وينصدع إبريقها يغني ... والكأس يستمع

ولا تزال ترجى للحادث النكير ... للهم أن إثاره بين الحشا مثير هل الكؤوس راحه ... إلاّ لذي بلابل يا واحد الملاحه ... بعد ابن راحل هذي النوى مباحه ... فأحفظ وسائل ما للكئيب منجي إذ بات في سعير ... قلب يشب ناره في ادمع تفور قد ملت كل ميل ... لجانب الصبا ويل واي ويل ... لكل من صبا أعيا على ليلي ... شرقا ومغربا كواكب ترجى تزاحف الكسير ... فهن في استداره والليل كالأسير ملك له جنود ... من طرفه الكحيل ألحاظه ترود ... في هذه العقول من ريقه البرود ... وخده الأسيل راح تقل ثلجا كالدر في النحور ... ونور جلّناره في سوسن نضير لما نأيتَ عني ... وبت مكمدا عللت بالتنمي ... قلبا مفرّدا وإذ قربت مني ... غدوتُ منشدا بشّر في كل من جا بإقبال الوزير ... ويمضي من بشاره ما يعطي البشير

هل لقلبي قرار ... والأحبة ساروا رواحا يا فؤادي عزاء كان ما الله شاء ... هل ترد القضاء فلتوالي الدعاء أن يرد القطار ... فيعود المزار سراحا كتموا الارتحالا عن كئيب نكالا ... ثم زمّوا الجمالا وعلوها الجمالا حيث ساروا أناروا ... والليالي أصاروا صباحا إذ نأوا بارتحال وسروا بالهلال ... طالعا في كمال من ستور الحجال ليت أني جار ... لُهم ما النهار ألاحا تركوا بالمغاني هائم القلب عاني ... مغرما بالأماني نادبا للحسان مفرداً لا يُزار ... أوحشته الديار فناحا لا أسمي حبيبي خوف واش رقيب ... يا عليم الغيوب أنت تدري الذي بي قلبي المستطار ... خانه الاصطبار فباحا إن نأوا بفؤادي وتوخوا بعادي ... وأراحوا رقادي يا آله العباد لقهم حيث ساروا ... أنجدوا أم أغاروا نجاحا يا من تعاطينا الكؤوس على أذكاره وقضى على قلبي فلم يأخذ بثاره وأقرّ أحكام القصاص على اختياره

أن أقل حسبي ... فالجور تأباه الطباع علّقته ما شئت من حسن بديع أودي بقلبي واستقام إلى ضلوعي فأقامها عن موضع القلب الصديع شِيَمُ الحب ... تكليف مالا يستطاع سرّ الهوى شيء يؤول إلى افتضاح فالشمس ضاق بحملها طلع الضياح أخت السماك دعاك من غاظ اللواحي أن يهم قلبي ... فالحسن أمّار مطاع ما للحبيب أجدّ مرتحلا وسارا لا صبر لي عنه ولو رمث اصطبارا ملأ القلوب جوى وأنكاها أوارا سل عن الركب ... هل يستطاع له ارتجاع عقلي تحملْ أن ألمّ بي الرقيب أن المحب لمثلها لا يستريب ذُكِرَ الحبيب فقلت من هذا الحبيب يا ربّ يا ربّ ... هذا الحبيب اجمعني معو

حيِّ الوجوه الملاحا ... وحيِّ نُجْلَ العيون هل في الهوى من جُناحِ أو في نديم وراح رام النصوح صلاحي وكيف أرجو صلاحا ... بين الهوى والمجون أبكي عيون البواكي تذكارُ أختِ السماك حتى حمام الأراك بكى بشجوي وناحا ... علي فروع الغصون ألقى إليها زمامه صب يداري غرامه ولا يطيق اكتتامه

غدا بشوق وراحا ... ما بين شتى الظنون يا غائبا لا يغيب أنت البعيد القريب كم تشتكيك القلوب أثخنتهن جراحا ... فاسأل سهام الجفون يا راحلا لم يودع رحلت بالأنس أجمع والبحر يعطي ويمنع حوت عيناك الملاحا ... سحراً، وما ودعوني

أيها الساقي إليك المشتكى ... قد دعوناك وأن لم تسمع ونديم همت في غرّته وسقاني الراح من راحته فإذا ما صح من سكرته جذب الزق إليه واتكى ... وسقاني أربعا في أربع غصن بان مال من حيث استوى بات من يهواه من خوف النوى

قلق الأحشاء مهضوم القوى كلما فكّر في البين بكى ... ما له يبكي لما لم يقع ما لعيني غشيت بالنظر أنكرت بعدك ضوء القمر فإذا ما شئت فأسمع خبري شقيت عيني من طول البكا ... وبكى بعضي على بعضي معي ليس لي صبر ولا لي جلد يا لقومي عذلوا واجتهدوا أنكروا شكواي مما أجد

مثل حالي حقها أن تُشتكى ... كمدُ اليأس وذلُّ الطمع كبدي حرّى ودمعي يكف يعرف الذنب ولا يعترف أيها المغرور عما أصف قد نما حبك بقلبي وزكا ... وتقل أني في حبك مدّعي

يا صاحبي نداء مغتبط بصاحبْ لله ما ألقاه من فقد الحبائب قلب أحاط به الجوى من كل جانب أي قلب هائم ... لا يستريح إلى اللواحي يا من أعانقه بإحناء الضلوع وأقيمه بدلا من القلب الصديع أنا للغرام وأنت للحسن البديع وكلام اللائم ... شيء يمرّ مع الرياح أنحى على رشدي وأفقدني صلاحي ثغر ثنى الأبصار عن نَوْر الأقاح يسقي بمختلطين من مسك وراح كالحباب العائم ... في صفحة الماء القراح

من لي به صبحا تجلى بالظلام علقت من وجناته بدر التمام وعلقت من أعطافه لدن القوام كالقضيب الناعم ... لم يستطع حمل الوشاح حملتني في الحب ما لا يستطاع شوقا يراع لذكره من لا يراع بل أنت أظلم من له أمر مطاع ومع أنك ظالم ... أنت هو منائي واقتراحي

قلب مدله ... وفي الضلوع حريق يا له لاكان يذيب صبري ... ولا تزال تريق دمعها الأجفان أخت السماك ... شوقي إليك شديد آه من قلبي أما هواك ... فثابت ويزيد الهوى حسبي على نواك ... أني هناك شهيد معرك الحب يا من أضله ... عن الصواب فريق قولهم بهتان بل ليس تدري ... أن العذول حقيق منك بالهجران قلب قريح ... وفي الفؤاد كلوم أبداً تدمى ويا مشيح ... إلى متى تستديم جسدي سقما ويا نصوح ... أهدي إليك الملوم إذنا صمّا أطلت عذله ... وما أراك تطيق رده عن شان وأيّ نكر ... أن يلام مشوق عذره قد بان كذا أذوب ... ولا يزال الغليل جسدي يضني فرّ الطبيب من علتي ... ويقول أين هو مني ولي حبيب ... بسؤل الوصال بخيل سيئ الظن أن رمت وصله ... قال أنت صديق ضيّع الكتمان أن باح سرّى ... أني بذا لخليق وبدا إعلان

يا من لديه ... حسن الملاح حقير كلما تاه ومن عليه ... حرب المُوالي يسير حين يلقاه ومن إليه ... أشكو الهوى ويجور حسبي الله يا خير جمله ... فيك الجمال أنيق والصيبا ريّان أنا لعمري ... في مقلتيك أفوق في الهوى غيلان يا من يطيل ... من الصدود كفاكا استمع مني ويا عذول ... أليس تملك فاكا أنته عني ويا بخيل ... إليّ أبحت لماكا جود ممتنّ قبلني قبله ... ومرّ عني طريق ذا الرشا الوسنان يا ليت شعري ... وفي طريقي لحيق أملح الغزلان كلُّ له هواك يطيبْ ... أنا، عاذلي والرقيبْ أما أنا فحيث تشاء ... هجر ولوعة وعناء يا ويلتاه مما أساء قتلتني وأنت الطبيب ... فأنت عدو حبيب لله عيش ما أمرا ... لقد شقيت سراً وجهرا دمعا جرى فصادف مجرى واستبطن الضلوع لهيب ... ذابت بحرها وتذوب

مالي بمقلتيك حويل ... ولا إلى رضاك سبيل من يحول فيما يقول أشكو النوى وأنت قريب ... أمر كما تراه عجيب لم يدر عاذلي ورقيبي ... أن الهوى أخف ذنوبي وأنت يا عذاب القلوب كم تشتكي إليك القلوب ... وأنت معرض لا تجيب قالت عليّ أنت ملول ... فقلت ودّك المستحيل فأنشد النصوح يقول: من خان حبيبه الله حسيب ... الله يعاقبه ويثيب هل للعزا فيك سبيل يا هاجري ما أغدروك ... ذدت الكرى عن بصري اله طرف أبصرك طاوعت في أمري النوى ... ولم ترق لي شفقا وليس لي ذنب سوى ... أمر لحيني سبقا تجور أحكام الهوى ... ليت الهوى ما خلقا صيرني عبداً ذليل إذ كان مولى صيرك ... ولم يكن في القدر من حيلة أن احذرك يا طلعة الشمس أما ... أصلحت ذاك الخلقا جعلت قربي حرما ... هيجت جسمي حرقا ولم تعرج كلّما ... جئتك أشكو الأرقا وقام للوجد دليل بالسر مني أخبرك ... أخذت في قتل بري ولم تحقق نظرك

حكمت حبي زمنا ... عن علمكم منتزحا ولم أكن أبدي الضنى ... ولا كشفت البرحا حتى إذا الحين دنا ... أدركت مني لمحا وكان من رأي العذول إذ غشني أن أهجرك ... وأنت بالهجر حري لكن وجدي أظفرك برّد جوى في كبدي ... وأعطف لظمآن صدي يا من سباني رشدي ... وبزّ نفسي جلدي تالله ما في جسدي ... موضع لمس ليد إلا سقام ونحول لم يبق لي ولا ترك ... جاوزت حد البشر يا مهجتي ما أصبرك بعدك ما نمت ولا ... ألفت إلاّ السهرا في ليلة طالت بلا ... صبح ولا ضوء يرى فقلت والبدر على ... حين من الليل سرى يا ليل طل أو لا تطل لا بد لي أن أسهرك ... لو بات عندي قمري ما بت أرعى قمرك صادني ولم يدر ما صادا شادن سبى الليث فانقادا واستخفّ بالشمس أو كادا

يا له قمر ضمّ بالغصن أزراره ... والحقف زناره لو أجاز حكمي عليه لاقترحت تقبيل نعليه لا أقول ألثم خديه أنا من أعظم والله مقداره ... والتزم أكباره يا سِماكُ حسبك أو حسبي قد قضيت في حبكم نحي واحتسبت نفسي في الحب أنها نفس لذا الحب مختاره ... وبالسوء أماره عارض الفؤاد بأشجانه ومضى على حكم سلطانه تارة أقبل في الترب آثاره ... وأندبه تاره

أيها المدل بأجفانه قد وَفَيْتُ والغدر من شانه وأقول في بعض هجرانه عليش حبيبي قطعت الزياره ... وعينيك سحّاره

الوزير الكاتب أبو بكر أحمد ابن مالك السرقسطي رحمه الله

الوزير الكاتب أبو بكر أحمد ابن مالك السرقسطي رحمه الله أي منصب علاء، وإشراف على المعارف وإستيلاء، جذوة فهمه اتفقت ما شاءت من الكلام واتفدت، كلفت به الملوك استنجاحا وتيمنا وعلما بغنائه في الكتابة عنها وتيقنا، وأحضرته بساطها تجملا وتزينا، وتنافست في استعماله، رغبة منها في كماله، قرط في التوشيح وشنف، ونور في الإعجاز فيه وصنف، واخذ نفسه في توشيحه، بتوليد الكلام وتنقيحه، وشعره رائق الصفات. بديع الإشارة والالتفات، رحل إلى مصر فانجلت هناك أنواره وتأرجت به أنجاده ذلك القطر وأغواره وله نظر في العلم الفلسفي أربى فيه على مباريه ومجاريه وكان الوزير أبوه أبو الوليد قد انتقل من موطنه سرقسطة قاعدة الثغر الأعلى إلى مرسية وبلنسية فتقلد بهما رئاسة الشرف والوزارة وحمل أعباء الملك وأوزاره وأستدعي من مراكش حضرة ملكها وطلع بدرا في فلكها وهاك من توشيحه ماترتشفه لعسا وتتنماه بلعل وعسى. حُثّ كأس الطَلا على الزهر وأدرها كالأنجم الزهر أنسيم يفوح أم عطر ... وغصون أمالها القطر تنثني وما بها سكر

وطيور نطقن بالسحر ... حين هبّ النسيم في السحر أطرد الهمّ بابنة العنب وأمزج الراح من لمى الشنب إنما طيب عيش ذي أدب قطع أيام دهره الغر ... بسلاف وشادن غِرّ بمعالي أبي عليّ أهيم رقّ طبعا كالماء أو كالنسيم ذي جبين طلق ووجه وسيم ويمين تنهلّ بالتبر ... وسيوف هام العدا تبري ذو جلال سام وعز أثير طالب حافظ ذكي وزير زاد منا قربا بقرب الأمير وهو فوق السماك والنسر ... أن دجا ليلنا به نسري صل ثناء على ابن أبي زيد بطل في الحروب ذي كيد وعلى المارقين ذي أيد لم يهم بالحسان والسمر ... إنما هام بالقنا السمر

رب هيفاء شفّها بعدا عفّ عنها فلم تجد بدا من هواه فأنشدت وجدا ربّ قوِّفي ذا الهوى صبري ... أن هجر الحبيب كالصبر قم حُثّها مدامه ... والروض مشقوق الكمام نشره الأعطر كأنه مسك الختام ... شابه عنبر باكر إلى الرحيق ... فقد دنا الصبَاح مع شادن أنيق ... تصبو له الصِباح من خصره الدقيق ... قد علق الرداح مهما أقام قامه ... وهزها هزّ الحسام في نقا المئزر يكاد من لين القوام ... قدّه يهصر بدر بلا محاق ... تصبو له البدور فالحسن ذو ائتلاق ... في خدّه ينير والزهر ذو شقاق ... قد زانه الفتور

قد نمقته لامه ... زادت غراما للغرام كل من أبصر يحميهما رشق السهام ... من رشا أحور بالماجد بن يوسف ... زين المديح يعقوب جود الزمان أنصف ... فنيل كل مرغوب فتى غدا كيوسف ... في جنّة ابن يعقوب في كفّه غمامه ... أربت على صوب الغمام والحيا الممطر يا حبذاك القطر هامي ... ينثني جوهر عزّ له جلال ... وسؤدد ومجد كإنما الزلال ... قد شيب فيه شُهد في كفه نصال ... هام العدا يقدّ إذا انتضى حسامه ... يقضي عليهم بالحمام يا له قسور بلحظه أم بالحسام ... يهزم العسكر أمداحكم تسير ... تسري مع الدجون وعزّكم أثير ... في سعده المكين فغنّت الطيور ... على ذرى الغصون خُصّصت بالكرامه ... شُرّفت ما بين الأنام ذكركم أشهر من الدراري في الظلام ... عندما تُزهر

أذكت سلمى ... حرب البسوس مذ فتكت بالنفوس جرد نصلا ... محلا جراح لمّا سلا ... أمضى صفاح منها خلى ... على اقتراح دمي ظلما ... دم حبيس على الجوى والرسيس أن عذبتُ ... تيها وصدّا فكم بتُّ ... أضمّ نهدا ووسدتُ ... للخد خدا أجني الظَلْما ... للخندريس من ثغرها في الكؤوس ذُلُّ الحبِّ ... عند المحبِّ صبا قلبي ... لذات قلب فدع عتبي ... فتاك حسبي أن السقما ... خير لبوس فلا تدعني ببوس فلي جار ... حرز حريز الكرّار ... يوم البروز والجبار ... عبد العزيز ساما النجما ... أي جليس على مدار الشموس

له المجد ... على انفراد فلا ندّ ... من العباد له أشدو ... على السداد لقد تمّا ... مدح الرئيس بكلّ معنى نفيس ماذا حمّلوا ... فؤاد الشجيّ يوم ودعوا مالي بالنوى ... يد تستطاع ونار الجوى ... يذكيها الوداع وسر الهوى ... بالدمع يذاع فكم تهملُ ... عيون وتلتاع أضلع هل يرجى إياب ... لعهد الحبائب إذ غض الشباب ... مطلول الجوانب ووصل الكعاب ... مبذول المطالب فلا تبخل ... بالوصل ولا الصبّ يقنع لا أسلو ولا ... أصغي لّلواحي بل أصبو إلى ... هضيم الوشاح مجيل الطلا ... ما بين الأقاح

فلو يعدل ... ما بتّ أظما وتنقع كم ذا تهجع ... وجفني ساهر ظبي يطلع ... في الصبح لنافر له برقع ... من سود الظفائر إذا تسبلُ ... فشمس بليلٍ تقَنّع قدّ ذو اعتدال ... منه الغصن اللدْنُ معشوق الدلال ... بنا ثمّ يرنو بعيني غزال ... فأحذر حينَ يدنو لحظ يرسل ... سهاماً لها القلب موقع مني النفس كم ... تزهى بالتجني فيا بدر تم ... صل، بعض التمني لمن لم ينم ... وبات يغني أسيمر حلو ... بياض كل عاشق يبيت معو كم تصيد الحاظ المها الغيد ... من أسود بأحداقها السود هل يلام ... على فرط وجد مستهام ... بصفحة خد كالمدام ... أو صبغة ورد

والعميد لا يقبل تفنيد ... في خدود بها الحسن محدود عذل ... يثير غرامي أكحل ... رخيم الكلام يبخل ... حتى في المنام مستزيد من مطل المواعيد ... وعهود منها الخلف معهود دع صبا ... نجد وأنس ريّاه صف أبا ... إسحاق وعلياه مرحبا ... بمن جلّ مثواه يستفيد منه العيس والبيد ... ووجوده شخص الباس والجود لا همام ... إلا ابن هُمُشْك لا ينام ... عن تدبير ملك ذو حسام ... لِمحيْا وهُلْك! كم يبيد به من صناديد ... ويسود على الدهر محسود ذو منن ... تزري بالسحاب صدّ عن ... دواعي التصابي لا كمن ... يشدو للكعاب تريد نقبل في توريد ... الخدود وبابي مسدود

مالي وللخرد العين ... حوتها الخدور تغري بظلمي وتغريني ... بظَلْم الثغور ولا مجير فيعديني ... إذا ما يجور لم يبق لي في الهوى مُنّه تحمي من رشيْ ... منفّذ طرفه الأحور ما شاء عليّ حكمت من جار في الحكم ... ولا يستمال علقته البدر في التم ... وغصن اعتدال حلو اللمى ضن باللثم ... فليس يبال يبدو ويسفر عن وجنه ترى الرشد غيّ ... لو علّ من ريقه الأعطر ميتا عاد حيّ أقصر فما قمر السعد ... إلا ابن عبيد أعلته في موقف المجد ... أياد وأيد ذراه بالنيل والرفد ... للعافين قيد عم الورى فكم مِنّه أولى دون ليْ ... قد حوى آلاءه مفخر لم تدركه طيْ مثابر الطعن والضرب ... للهيجا طروب يجلو بمرهفه العضب ... ظلام الخطوب قد فاق في الشرق والغرب ... كماة الحروب إذا ثنت روعه القينة قوى الصبر في ... تراه كالليث إذ يزأر لا يثنيه شيّ

يسلو عن القصف واللهو ... ويهوى الكفاح والغيد تظهر عن زهو ... هواه اقتراح فكم تصرخ بالشدو ... غواني الملاح يا مَمْ أسد نعى للجنه ... التسمري بدري السر جعفر عسى شز من ذا يهيم ... بالخرد العين وبالراح فلا يصغي لنصّاح رضيت الذي بي من الأشواق في حور تثير على العشاق حروباً صوارمها الأحداق لها كلوم تردي على الحين ... والأرماح نواهد كالتفاح بنفسي وما عنه لي إقصار محيّا له ساطع الأنوار تجلى فحارت به الأبصار خد وسيم يبدو فيعشوني ... كما لاح سنا الكوكب الوضاح وليل أدارت به الكاسا صهباء تبعث إيناسا حكته رضابا وأنفاسا

لها شميم كمسك دارين ... كما فاح شذا العنبر النفّاح سقتني وواليت سقياها ولكن حثني للسكر عيناها فغنت تحرض مضناها . . . أشرب وغنيني ... بأقداح ترد الظلام صباح سقيا لدهر ... قد نلت فيه اقتراحي من رشا وسنان حلو التثني ... تخاله وهو صاح أنه نشوان لله قلبي ... يفنا بحر اشتياقي والهوى يُنمي وكل عتب ... أراه فيما ألاقي غاية الظلم ختمت حبي ... لكن يوم الفراق خانني كتمي أذاع سرّي ... مذ آذنوا بالرواح دمعي الهتان وأهتاج حزني ... فلم تشك اللواحي أنني غيلان يا من يلوم ... في حبه غيرواني=لم يذق بلوى دعني أهيم ... فالقلب لاشك فأني في الدهر أهوى ويا ظلوم ... أرضى بما أنت جاني ليس لي شكوى

أطلت هجري ... ولم تخف من جناح ذلك الهجران زدني التجني ... فمن طباع الملاح جفوة الهيمان كم ذا يجور ... خلّ أموت عليه وهو لا يدري ظبي غرير ... سطت ظبا مقلتيه بالقنا السمر ريم نفور ... يلوح من وجنتيه سنا البدر أباد صبري ... بوجنة كالأقاح حفّ بالنعمان انتهى بحمد الله وحسن عونه وتوفيقه الجميل.

§1/1