جوامع السيرة ط المعارف

ابن حزم

ابن حزم المؤرخ والسيرة النبوية

مقدمة 1 - ابن حزم المؤرخ والسيرة النبوية (1) لسنا نبعد عن الحق حين نفترض أن ابن حزم، في كتابة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يرمي إلى وضع مختصر قريب المأخذ، سهل المتناول، في أيدي طلابه، كما فعل في كثير من رسائله التاريخية، مثل رسالة " نقط العروس "، ورسائله في رجال القراءات، والحديث، والفتوح، وتواريخ الخلفاء؛ وأنه كان في هذا المختصر يضع الأصول التي لا يستغني عن تذكيرها أو استظهارها كل من اشتغل بالسيرة النبوية من طلاب العلم. قد تكون هذه الغاية التعليمية باعثاً أكيداً، يحدو وعالماً مثل ابن حزم إلى كتابة السيرة النبوية، ولكنها ليست كل ما هنالك من بواعث. ومن يعرف قيمة النقل والاستكثار من السنن في مذهب أهل الظاهر عامةً، وعند ابن حزم خاصة والسيرة جزء هام من هذا النقل يجد أن تناول ابن حزم للسيرة بالنظر الجديد، والتحديد والتقييد، إنما هو جزء من مذهبه. فالنقل أساس من أسس المذهب الظاهري، بل ميزة يعدها ابن حزم للملة الإسلامية على سائر الملل؛ وعن طريق النقص في النقل، وضعف الثقة في الناقلين، هاجم

_ (1) انظر ترجمة ابن حزم في: كتاب جذوة المقتبس للحميدي رقم: 708، ومطمح الأنفس للفتح بن خاقان ص: 55، والذخيرة 1: 140، والمغرب رقم: 253، وتذكرة الحفاظ للذهبي 3: 341، ولسان الميزان 4: 198 - 202، وانظر أيضاً ما كتبه الأستالذ سعيد الأفغاني في مقدمة كتابه " ابن حزم الأندلسي ورسالته في المفاضلة بين الصحابة " وكتاب Asin Palacios. عن ابن حزم.

ابن حزم الملل الأخرى، ورآها أضعف من أن تثبت للنقد الصحيح. غير أن سيرة الرسول ليست جزءاً من النقل فحسب. بل هي صورة عليا من الكمال الإنساني، في نفس ابن حزم، ولذلك لا غرابة في أن يجعل منها موضوعه المحبب، وأن يحاول وضعها للناس وضعاً ميسراً قريباً واضحاً بين الحقائق. وإن الشخصاً يعتقد أن " من أراد خير الآخرة، وحكمة الدنيا، وعدل السيرة، والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها، واستحقاق الفضائل بأسرها، فليقتد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليعتمد أخلاقه وسيره ما أمكنه " (1) ... لا يسأل كثيراً عن البواعث التي تضاعف عنايته بالسيرة، وتحدوه إلى كتابتها من جديد. بل الأمر يزيد على كل ما تقدم قوة ورسوخاً، حين نعلم أن سيرة الرسول عند ابتن حزم، دليل من الأدلة الساطعة على ثبوت نبوته. حقاً إن المعجزة من أدلة النبوة، ولكن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم معجزة تزيد في قوتها ودلالتها على سائر المعجزات المادية. يقول ابن حزم: " إن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم لمن تدبرها تقتضي تصديقه ضرورةً، وتشهد له بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً، فلو لم تكن له معجزة غير سيرته صلى الله عليه وسلم لكفى " (2) . ويوضح أبو محمد رأيه هذا بالأمثلة، فيقول: " وذلك: أنه عليه السلام نشأ كما قلنا في بلاد الجهل، لا يقرأ ولا يكتب، ولا خرج عن تلك البلاد قط إلا خرجتين: إحداهما إلى الشام وهو صبي مع عمه إلى أول أرض الشام ورجع؛ والأخرى أيضاً إلى أول الشام، ولم يطل بها البقاء، ولا فارق قومه قط. ثم أوطأ الله تعالى رقاب العرب كلها، فلم تتغير نفسه، ولا حالت سيرته، إلى أن مات ودرعه مرهونة في شعيرٍ لقوت أهله أصواع ليست بالكثيرة ولم يبيت قط في ملكه دينار ولا درهم، وكان يأكل على الأرض

_ (1) من رسالته " مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق " - كبعة محمد أدهم الكتبي بمصر ص 13. (2) الفصل في الملل 2: 90.

ما وجد، ويخصف نعله بيده، ويرقع ثوبه، ويؤثر على نفسه؛ وقتل رجل من أفاضل أصحابه، مثل فقده يهد عسكراً قتل بين أظهر أعدائه من اليهود فلم يتسبب إلى أذى أعدائه بذلك، إذ لم يوجب الله تعالى ذلك، ولا توصل بذلك إلى دمائهم، ولا إلى دم واحد منهم، ولا إلى أموالهم، بلى فداه من عند نفسه بمائة ناقة، وهو في تلك الحال محتاج إلى بعير واحد يتقوى به.... " (1) . وبهذا الروح، بل بهذا الأسلوب نفسه، كتب ابن حزم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وميز بالعناية البالغة فصلين هامين منها، هما: أعلام الرسول، وخلقه وشمائله. وهذان هما الوضوعان اللذان سكررهما في كتاباته الأخرى (2) ، لأنهما شاهدا حق على نبوة الرسول، ولأن ثانيهما يمثل الجانب العملي في الكمال الخلقي. وقد ذكر ابن حزم كتابين من المصادر التي نقل عنهما، وهما: تاريخ أبي حسان الزيادي، وتاريخ خليفة بن خياط (3) ، وهما من الكتب التي فقدت، وبقيت منهما نقول مبثوثة في بعض الكتب التاريخية؛ ولا ندري أطلع عليهما ابن حزم، أم نقل عنهما نقلاً غير مباشر. أما الذي لا شك فيه فهو أن تاريخ خليفة قد وصل الأندلس في عهد مبكر، برواية بقي بن خلد (4) ، وبقى عند ابن حزم شيخ المفسرين والمحدثين. ويدلنا البناء العام لكتاب السيرة، على أن ابن حزم يتكئ كثيراً على سيرة ابن إسحق، وخاصةٍ حين أخذ في الحديث عن غزوات الرسول واحدة واحدة، وعد في كل غزوة أسماء من شهدها من المسلمين والمشركين، وأسماء من استشهد

_ (1) المصدر نفسه، وانظر جوامع السيرة: 41. (2) انظر مثلاً الفصل 2: 86. (3) راجع جوامع السيرة ص: 33، 35، 36، 39. (4) فهرست ابن خير ص: 230.

من المسلمين، حتى إن شدة اتباعه لرواية ابن إسحق في هذه المواطن لتطلعنا على ظاهرة عجيبة، فقد حافظ ابن حزم على النسب الكامل لأكثر من ذكرهم من الأشخاص، وليس هذا مما يستغرب منه وهو صاحب الجمهرة في الأنساب إنما الغريب حقاً أنه في السيرة اختار رواية ابن إسحق نفسه في النسب، بينا لم يأخذ بها في الجمهرة. فلعله ألف الكتابين في فترتين متباعدتين، أو لعل مصادره في الجمهرة كانت كتباً أخرى، ليست تحتوي على رواية ابن إسحق. ونحن على ما يشبه اليقين من أن ابن حزم، الواسع الاطلاع، المعنى بالسيرة النبوية أشد عناية وأبلغها، قد أطلع على كثير من الكتب المؤلفة في سيرة الرسول، ونخص بالذكر منها مغازي موسى بن عقبة، وكتاب السير لسعيد بن يحيى الأموي، وأعلام النبوة لأبي داود السجستاني، وأعلام النبوة لأبي جعفر أحمد بن قتيبة، فكل هذه الكتب، وغيرها، هاجر إلى بلاد الأندلس، وتداوله الأندلسيون روايةً ودراسةً (1) . وقد أفاد ابن حزم في كتابه السيرة، ما صنعه من قبله شيخه ومعاصره أبو عمر بن عبد البر، مؤلف كتاب " الدرر في اختصار المغازي والسير "، ونحن لا نملك من هذا الكتاب صورةً كاملة أو وافية، تدلنا إلى أي مدى اعتمد عليه ابن حزم، ولكن النقول القليلة التي احتفظ بها ابن سيد الناس من كتاب أبي عمر المذكور (2) ، تؤكد أن ابن حزم قد نقل عن شيخه نقولا متفرقة في شيء قليل من التصرف، إلا أن نفترض أن المؤلفين نعنى ابن عبد البر وابن حزم ينقلان عن مصدر ثالث لم يقع إلينا. على أن من الطريف أن لا تحيا سيرة ابن عبد البر عند من جاء بعده من المؤلفين باستثناء ابن سيد الناس وأن تصبح سيرة ابن حزم مرجعاً معتمداً

_ (1) فهرست ابن خير: 230 - 237. (2) انظر عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير 1: 110، والإشارة في جوامع السيرة تعليق رقم 1 ص: 52.

ينقل منه بعض من كتبوا في السيرة، بعد القرن السادس، نقلاً مباشراً أو غير مباشر فقد أفاد منها ابن كثير مرتين: مرةً في البداية والنهاية، ومرةً أخرى في كتابه " الفصول "، وهو مختصر لطيف في السيرة أيضاً. وأكثر المقريزي الاقتباس منها إكثاراً أربى على غيره، حتى لقد ورد في الجزء المطبوع من إمتاع الأسماع خمسة عشر نقلاً عن سيرة ابن حزم. ونقل صاحب المواهب اللدنية نصاً قصيراً مأخوذاً من السيرة، وردد الديار بكرى هذا النص نفسه في تاريخ الخميس. وتمتاظ هذه النقول بأنها تحمل الرأي الخاص بابن حزم في مسائل كثر حولها الاختلاف، وخاصةً تأريخ الأحداث وزمان وقوعها، وإن إيراد بعض الأمثلة المنقولة ليوضح جانباً من قيمة هذه السيرة، فمن ذلك: (أ) وفرضت الزكاة أيضاً رفقاً بالهاجرين في هذا التاريخ، كما ذكره أبو محمد بن حزم؛ وقال بعضهم إنه فرض الزكاة متى كان (1) . (ب) قال الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم: وفي مرجع الناس من غزوة بني المصطلق، قال أهل الإفك ما قالوا، وأنزل الله تعالى في ذلك من براءة عائشة، رضي الله عنها، ما أنزل، وقد روينا من طرق صحاح أن سعد بن معاذ كانت له في شيء من ذلك مراجعة مع سعد بن عبادة، وهذا عندنا وهم، لأن سعد بن معاذ مات إثر بني قريظة بلا شك وفتح بني قريظة في آخر ذي القعدة من السنة الرابعة من الهجرة، وغزوة بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة، بعد سنة وثمانية أشهر من موته، وكانت المقاولة بين الرجلين المذكورين بعد الرجوع من غزوة بني المصطلق بأزيد من خمسين ليلة (2) . (ح) وقال بعضهم: كانوا [أي المسلمين في عمرة الحديبية] سبعمائة، قال ابن حزم: وهذا وهم شديد ألبتة، والصحيح بلا شك ما بين ألف وثلاثمائة، إلى ألف وخمسمائة (3) .

_ (1) إمتاع الأسماع: 50، وجوامع السيرة: 97. (2) الإمتاع: 215، وجوامع السيرة: 206. (3) الإمتاع: 276، وجوامع السيرة: 207.

وبهذه الأمثلة، ومثلها كثير، تظهر لنا ميزة " جوامع السيرة "، وبم تنفرد عن غيرها من السير، وبم يتميز ابن حزم المؤرخ في طريقته التاريخية. فهذه الدقة البالغة في تحليل النص المنقول، واختيار الرواية الصائبة بعد الفحص والنظر والمقارنة، وتصحيح الأوهام التي تنجم عن سرعة أو قلة تدقيق ... هذه هي المميزات التي لا يستطيع أحد أن ينكرها على ابن حزم المؤرخ. وهي مميزات لا يستكثر معها تلك اللهجة التقريرية القاطعة التي تغلب على كتابته، ولا يستنكر إزاءها قوله دائماً، " لا شك " و " لا بد ". فإن الثقة القائمة على التحري المخلص، والنقل الثابت قطعاً، هي وحدها التي تملى على ابن حزم هذه الألفاظ القوية الحاسمة. ولقد عرف أبو محمد بين معاصريه بالضبط الدقيق في تقييد التواريخ، حتى إن تلميذه الحميدي لا يفتأ يقول كلما وجد رواية أستاذه تخالف رواية غيره: " وأبو محمد أعلم بالتواريخ "، أو كلاما ً بهذا المعنى (1) . ولذلك جاءت هذه السيرة تحمل رأياً قاطعاً لا تردد فيه، في تأريخ الأحداث لا لأن ابن حزم مؤرخ شديد الدقة والضبط فحسب، (بل لأنه ذو رأي مستقل في طريقه التأريخ الهجري. فهو يعتبر شهر ربيع الأول وهو الشهر الذي هاجر فيه الرسول إلى المدينة أول السنة الهجرية، محرراَ بذلك تأريخ وقائع السيرة، ينسبها إلى الوقت الذي وقعت فيه الهجرة فعلاً. لا يقصد بذلك مخالفة التاريخ الهجري الذي استقر عليه المسلمون جميعاً، منذ عهد عمر إلى الآن، وإلى ما شاء الله، وهو اعتبار شهر المحرم بدء السنة الهجرية.) فصنيعه هذا من الناحية التأريخية الصرفة أدق في التوقيت وأقرب إلى الواقع التاريخي. وخاصةً حين أصبح المؤرخون يقولون: إن هذه الحادثة أو تلك حدثت في السنة الثانية أو الثالثة، وانصرفوا عن مثل قول الواقدي إنها حدثت مثلاً - على رأس خمسة عشر أو ستة عشر شهراً من مقدم الرسول إلى المدينة، وواضح أن بين التعبيرين

_ (1) انظر مثلاً ص: 275 من جذوة المقتبس.

فرقاً يذهب بعدد من الأشهر، بعد إذ اعتبر المحرم رأس السنة الهجرية. نعم إن الخلافات في الناحية الزمنية كثيرة متشعبة، ورأى ابن حزم يزيدها رأياً جديداً، ولكن الاطمئنان الذي يضيفه ابن حزم على آرائه يجعلنا نركن إليها وتفضلها، فهو وحده الذي يلقانا مطمئناً إلى التأريخ الذي حدثت فيه الموقعة، أو فرضت فيه الزكاة. وليس هذا الاطمئنان مؤسساً على الغلو في الثقة بالنفس، والاعتداد بالرأي محض اعتداد، ولكنه قائم على الدقة والتمحيص. وقد رأينا كيف استطاع ابن حزم، من هذا كله، أن يصحح كثيراً من السهو في التاريخ، كنسبة المقاولة في حديث الإفك إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة؛ وهو بتفضيله الحديث الصحيح على كل رواية أخرى من روايات أصحاب المغازي قد اتخذ لنفسه منهجاً واضحاً في معالجة المسائل التاريخية حيث موضوعها وزمنها. وتمشت مع هذه الدقة الجازمة، والضبط الواثق، صفة أخرى استملاها أبو محمد من قوله بالظاهر. ولا شك أن طبيعة السيرة من حيث هي، ومن حيث بناؤها على الإيجاز لم تتح لأبي محمد أن ينطلق في انتزاع الأحكام من النصوص تأييداً لمذهبه، ولذلك لم تستعلن الظاهرية في تفسيره للأحداث، ولكنها حين تنفست في هذا المجال الضيق، جاءت طريفة تحمل الطابع الحازم الذي اشتهر ابن حزم، حين يطمئن إلى النص في مواجهة خصومه. ومن ابرز الأمثلة على ذلك ما ذكره في غزوة بني قريظة، حين أمر الرسول أن لا يصلى أحد العصر إلا في بني قريظة، ونهض المسلمون، فوافاهم وقت العصر في الطريق، فقال بعض المسلمين: نصلي ولم نؤمر بتأخيرها عن وقتها؛ وقال آخرون منهم: لا نصليها إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصليها، فذكر أن بعضهم لم يصلوا العصر إلا ليلاً، فبلغ ذلك رسول الله

صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف من الطائفتين أحداًُ، قال ابن حزم بعد ذلك: " أما التعنيف فإنما يقع على العاصي المعتمد المعصية وهو يعلم أنها معصية، وأما من تأول قصداً للخير، فهو وإن لم يصادف الحق غير معتنف. وعلم الله تعالى أننا لو كنا هناك ما صلينا العصر في ذلك اليوم إلا في بني قريظة ولو بعد أيام، ولا فرق بين نقله صلى الله عليه وسلم صلاةً في ذلك اليوم إلى موضع بني قريظة، وبين نقله صلاة المغرب ليلة مزدلفة، وصلاة العصر من يوم عرفة إلى وقت الظهر. والطاعة في ذلك واجبة. " (1) وليس ابن حزم صاحب مذهب في التاريخ بهذا وحده، ولكنه يتمتع بصفات المؤرخ النزيه المنصف على ما فيه من حدة وعنف. والنزاهة ميزة عامة عنده، لا تخص الكتابة في السيرة، لأن كتابة السيرة نوع من النقل، ولكنها تظهر في سائر ما كتبه من مادة تاريخية. ومن المجانبة للإنصاف أن يتهم ابن حزم بأنه " كان متشيعاً في بني أمية منحرفاً عمن سواهم من قريش " كما يقول ابن حيان (2) - فإن مثل هذا الاتهام إساءة كبيرة إلى رجل عاش من طلاب الحق وعشاقه في القول والعمل. فإن كان ابن حيان يعني بني أمية بالأندلس، فابن حزم كان يعرف لهم قيامهم بأمر الإسلام وجهادهم في سبيله، ويثني عليهم من هذه الناحية، أما إذا كان يعني بني أمية بالمشرق، فليس فيما كتبه ابن حزم ما يشير إلى شيء من التعصب لهم. وإن رسالته في تواريخ الخلفاء لتدلنا على أنه كان يرى إمامة ابن الزبير، ويعد مروان بن الحكم خارجاً عليه، ولا يثبت له حقاً في الخلافة (3) ، حتى إنه لقيول فيه، في موطن آخر: " مروان ما نعلم له جرحةً

_ (1) انظر جوامع السيرة: 192، وتعليق ابن كثير على ذلك 4: 118. (2) المغرب لابن سعيد 1: 355 تحقيق الدكتور شوقي ضيف، وطبع دار المعارف. (3) رسالة ابن حزم في الخلفاء المهديين - ملحقات جوامع السيرة ص: 359 - 360.

قبل خروجه على أمير المؤمنين عبد الله ابن الزبير رضي الله عنهما " (1) . وإذا ذكر الحرة قال: " وهي أيضاً أكبر مصائب الإسلام وخرومه، لأن أفاضل المسلمين وبقية الصحابة وخيار المسلمين من جلة التابعين قتلوا جهراً ظلماً في الحرب وصبراً " (2) . ويقول أيضاً في مقتل عبد الله بن الزبير: " وقتله أحد مصائب الإسلام وخرومه، لأن المسلمين استضيموا بقتله ظلماً وعلانية وصلبه واستحلال الحرم " (3) . ومثل هذه الأقوال لا يرددها من يتعصب للأمويين، أو من يحاول أن يعتذر عن كل ما حدث في أيامهم. وقد غلبت على ابن حزم في التاريخ طريقة التلخيص، كما فعل في السيرة، فإنه جردها من الأشعار والقصص. وكان تناوله للفتوحات، وتواريخ الخلفاء في نقط العروس، وغير هذين، على هذا المنهج أيضاً. ويمتاز عمله في هذه الناحية بجمعه أشياء متفرقة متباعدة تحت موضوع واحد، كأن يعقد فصلاً يعدد فيه أمراء الرسول، وآخر يعدد فيه سراياه، وثالثاً يذكر أبناءه وأزواجه. وربما جمع المادة الواحدة تحت عنوان واحد، متوخياً في ذلك الاستطراف والجدة، مقل: تسمية من ولي الخلافة في حياة أبيه، من ولي وأخوه أسن منه حي، من كان له اسمان من الخلفاء، أقصر الخلفاء عمراً، من تسمى بالخلافة من غير قريش ... الخ (4) . ولاشك أن هذه الرسائل تعين طلاب العلم لما فيها من تركيز على تناول المادة المتفرقة دون عناء كبير. ويظهر من هذه الطريقة أن ابن حزم كان دائم التقييد أثناء مطالعته، وأن مثل هذه الرسائل مجموعات من تلك المقيدات. ولم يكن ابن حزم مبتكراً

_ (1) المحل لابن حزم 1: 236. (2) رسالته في الخلفاء - ملحقات جوامع السيرة: 360. (3) رسالة ابن حزم في الخلفاء - ملحقات جوامع السيرة: 360. (4) انظر صفحات متفرقة في نقط العروس لابن حزم.

لهذه الطريقة، فقد مهدها له من قبل أمثال ابن قتيبة في كتاب المعارف، وابن حبيب في كتاب المحبر. وأدل من هذه الطريقة التعليمية على ابن حزم المؤرخ، تلك النظرات الصائبة التي يرسلها بين الحين والحين، في عبارات قصيرة مركزة مكتنزة، فتجمع في نفسها صورةً لتاريخ طويل. كقوله في وصف الدولتين الأموية والعباسية: " وانقطعت دولة بني أمية، وكانت دولة عربية، لم يتخذوا قاعدة، إنما كان سكنى كل امرئ منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة، ولا أكثروا احتجان الأموال، ولا بناء القصور، ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل ولا التسويد، ويكاتبوهم بالعبودية والملك، ولا تقبيل الأرض، ولا رجل ولا يد، وإنما كان غرضهم الطاعة الصحيحة من التولية والعزل في أقاصي البلاد " ... إلى أن يقول في الدولة العباسية: " وكانت دولتهم أعجمية، سقطت فيها دواوين العرب، وغلب عجم خراسان على الأمر، وعاد الأمر ملكاً عضوضاً محققاً كسروياً، إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة، رضوان الله عليهم، بخلاف ما كان بنو أمية يستعملون من لعن عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، ولعن بنيه الطاهرين بني الزهراء، وكلهم كان على هذا حاشا عمر بن عبد العزيز، ويزيد بن الوليد، رحمهما الله تعالى، فإنهما لم يستجيزا ذلك. وافترقت في ولاية أبي العباس كلمة المسلمين، فخرج عنهم من منقطع الزابين دون إفريقية إلى البحر وبلاد السودان، فتغلب في هذه البلاد طوائف من الخوارج وجماعية وشيعة ومعتزلة ... " (1) ففي هذه الكلمات القليلة الدالة استطاع المؤرخ أن يصور الروح العام في حياة دولتين كبيرتين. ومهما حاولنا التحليل والبسط للحقائق التاريخية، فإن كل ما نذكره لن يتجاوز هذه الحقائق الكبرى التي أجملها ابن حزم في عبارات قصيرة.

_ (1) رسالة الخلفاء - ملحقات جوامع السيرة: 365 - 366.

هذه السيرة وعملنا في تحقيقها

2 - هذه السيرة وعملنا في تحقيقها ذكر الذهبي أن لا بن حزم كتاباً اسمه " السيرة النبوية " (1) ، وقال السخاوي في معرض الحديث عن كتب المغازي والسير: " وأفردها (أي السيرة) أبو محمد ابن حزم " (2) ، ولم يذكر اسم كتابه تصريحاً؛ وجاء مكتوباً على الورقة الأولى من نسختنا " كتاب السيرة النبوية لابن حزم "؛ ثم وجدنا في كتاب " التراتيب الإدارية " (3) أن من بين الكتب التي نقل عنها الخزاعي مؤلف كتاب التخريج: " كتاب جوامع السيرة لابن حزم " (4) . والخزاعي من رجال القرن الثامن (710 781) ، ولا شك أن وضعه للاسم على هذا الوجه لا يرمز إلى أنه تصرف فيه، فليس هناك من شيء يدعوه إلى اختراع اسم للكتاب إذا أمكنه أن يسميه " السيرة النبوية ". فهذا الاسم " جوامع السيرة " هو الأشبه بكتاب السيرة الذي بين أيدينا، وهو الأولى بمثله، لأن خير لفظة تعبر عن طريقة ابن حزم التي وصفناها آنفاً هي لفظة " جوامع "، أما تسميته بكتاب السيرة النبوية، فهو نوع من التساهل في إيراد الاسم، والتساهل قد يفعل مثل هذا في كثير من الأحيان، فنحن كثيراً ما نطلق على كتاب " الكامل في التاريخ "، اسم " تاريخ ابن الأثير "، ونقول " سيرة ابن سيد الناس " فيما يسمى أصلا " عيونه الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير ".

_ (1) تذكرة الحفاظ، ترجمة ابن حزم. (2) الإعلان بالتواريخ: 89. (3) مؤلف في جزئين للشيخ عبد الحي الكتاني طبع المطبعة الأهلية بالرباط 1346. (4) كتاب التراتيب الإدارية، المقدمة ص: 42.

ولما كان اسم " جوامع السيرة " هو المفضل من حيث الدلالة والأصالة، فقد اخترناه اسماً لهذا الكتاب، ورفضنا ما جاء على الورقة الأولى منت النسخة المصورة، وما ذكره الذهبي، لأن الذهبي قد يكون أطلع على هذه النسخة نفسها. فالأصل في هذه التسمية إذن واحد لا تعدد، واسم " جوامع السيرة "، في نظرنا، أرجح وأقرب إلى الصواب. أما هذه النسخة التي اتخذناها أصلاً ننشر عنه هذا النص، فقد جاء بها " معهد المخطوطات بالجامعة العربية " من المكتبة الحبيبية بالهند (1) ، وقد أثبت كاتب النسخة في آخرها أنه انتهى من نسخها سنة 1354هـ. فهي حديثة النسخ، والأصل الذي أخذت عنه موجود بمكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بالمدينة المنورة، وهو مكتوب في القرن الثامن من (سنة 776) ، أي بعد وفاة أبي حيان النحوي (745) ، بنحو ثلاثين سنة. وإذن فالنسخة الأصلية قام بكتابتها الرجل المجهول الذي انتهت إليه رواية السيرة عن أبي حيان أثير الدين. فإذا استثنينا هذا الراوي الذي لا نعرف شيئاً عن صلته بأبي حيان، تبقى لنا في سلسة الرواة الذين ذكرت أسماؤهم على الصفحة الثانية سن نسختنا عدد من الأعلام البارزين، وأكثرهم ورث السيرة، كما ورث معها مذهب أهل الظاهر. 1 - فأما أثير الدين محمد بن يوسف أبو حيان الجياني الغرناطي (2)

_ (1) ومن هذه السيرة نسخة خطية أخرى في المكتبة العمومية ببرلين رقم 9510 ب م 594، وانظر بروكلمن - الملحق الأول ص: 695. (2) ترجم له البلوى في رحلته تاج المفرق ورقة 52 من النسخة (رقم 1053 جغرافياً) بدار الكتب المصرية؛ والصفدي في أعيان العصر ح: 7 القسم الأول الورقة 67 من نسخة دار الكتب ورقمها 1091 تاريخ، وأعاد ترجمته في نكت الهميان: 280؛ ونقل صاحب النفح ما جاء في أعيان العصر 1: 825؛ وكذلك أورد له ابن حجر مسهبة في الدرر الكامنة رقم: 832. وانظر أيضاً بغية الوعاة: 121، ودرة الحجال رقم: 560، وشذوات الذهب 6: 145.

(654 745) صاحب البحر المحيط في التفسير، وذو المكانة المشهورة في النحو، فقد روى هذه السيرة أيام تنقله في البلاد الأندلسية طلباً للعلم. وأثناء تجواله لقي شيخين كبيرين من شيوخ الظاهرية، وهما: أبو العباس أحمد بن عليّ أبن خالص الإشبيلي الزاهد، وأبو الفضل محمد بن محمد بن سعدون الفهري الشنتمري. ولعله لقي أستاذه عبد الله بن محمد بن هارون في قرطبة، فأخذ عنه فما أخذ سيرة ابن حزم، ولما ارتحل أثير الدين إلى مصر (679) كان قد روى جميع كتب ابن حزم، فرواها بمصر لبعض تلامذته. وظل الشيخ محافظاً على صلته بمذهب أستاذه القديم، فاختصر كتاب " المحلى " في كتاب سماه " النور الأجلى في اختصار المحلى ". ويذهب الصفدي إلى أن أثير الدين تخلى عن الظاهرية، لما رأى الناس بمصر لا يميلون إليها، وتمذهب للشافعي. ولكن يبدو من تعلقه بالمحلى أنه بقي محافظاً على ظاهريته بمصر مدة غير قصيرة من الزمن، ويقول غير الصفدي: " بل لم يزل ظاهرياً ". وربما أيد هذا قول ابن حجر فيه: " كان أبو حيان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه " (1) . على أن فضل أبي حيان في البيئة المشرقية لم يقتصر على تعريف المشارقة بكتب ابن حزم، بل " هو الذي جسر الناس على مصنفات ابن مالك في النحو، ورغبهم في قراءتها، وشرح لهم غوامضها، وخاض بهم لججهان وفتح مقفلها ". وكان رسولا أميناً في التعريف بالثقافة المغربية ورجالها، وتقييد أسمائهم على ما يتلفظون به من إمالة وترقيق وتفخيم، لأنهم يجاورون بلاد الأفرنج، وأسماؤهم قريبة من لغاتهم، وألفاظهم كذلك (2) . 2 - وكان شيخه عبد الله بن محمد بن هارون بن عبد العزيز بن إسماعيل الطائي (603 702) (3) من مهاجرة الأندلسيين، غير أنه أختار تونس

_ (1) الدرر الكامنة 4: 304. (2) أعيان العصر. (3) انظر ترجمة ابن هارون الطائي في: أعيان العصر للصفدي ج 3 قسم 2 الورقة: 236، والدرر الكامنة رقم 2234، وردة الحجال رقم: 929، وشذرات الذهب 6: 7.

لتكون موطن إقامته. وهو ممن جمع نواحي كثيرة من ثقافات عصره في القراءات واللغة والحديث والنحو. ويتجلى في وسط هذه العلوم اهتمامه بالسيرة النبوية، فقد سمع " الروض الأنف " من قريب له اسمه الحافظ أبو زكريا الحميري، وسمع السيرة من أحمد بن علي الفحام النحوي، وسمع الشمائل من شيخ ثالث، وروى " سيرة ابن حزم " عن شيخه أبي القاسم بن بقي، كما أخذ عنه أيضاً " الموطأ " وقرأ عليه " الكامل " للمبرد، وكان الطائي هذا آخر من روى عن ابن بقي. وليس في المصادر ما يدل على أنه كان ظاهري المذهب، ولكن ليس هناك ما يمنع ذلك، وقد عرف عنه شيء من التشيع، وانحراف عن معاوية وابنه يزيد، وفي هذه الناحية يشبهه تلميذه أبو حيان الذي كان يميل إلى محبة علي والتجافي عن من قاتله (1) . 3 - وكان حسن (أو حسين) بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص المعروف بابن الناظر (603 679) (2) ، ممن تلمذ أيضاً لابن بقي حين لقيه بإشبيلية. وابن الناظر هذا بلنسي الأصل غرناطي النشأة، رحل إلى كثير من بلاد الأندلس، وقرأ على الشيوخ، حتى أصبح " متفنناً في جملة معارف.. حافظاً للحديث والتفسير، ذاكراً للأدب واللغة والتاريخ "، كما كان أيضاً من المعروفين بضبط الأسانيد والروايات. وقد تنقل بين التدريس والقضاء، حتى وافته منيته بغرناطة. وذكره أبو حيان في شيوخه إذ لقيه بمالقة، وقال فيه: " كان فيه بعض ترفع وتعتب على الدنيا، حيث قدمت من هو دونه ". 4 - أما أحمد بن يزيد بن بقي أبو القاسم الأموي القرطبي، قاضي القضاة

_ (1) الدرر الكامنة 4: 306. (2) انظر ترجمة حسن (أو حسين) بن عبد العزيز بن أبي الأحوص في: بغية الوعاة: 234، وتاريخ قضاة الأندلس للنباهي: 127، والإحاطة للسان الدين 1: 292. وانظر مسالك الأبصار ج 11 ص 471 (في من نقلهم العمري عن أبي حيان من كتاب النضار) ، وكذلك ترجم له ابن الزبير في صلة الصلة.

بالمغرب (537 625) (1) ، فقد كان من رجالات الأندلس جلالاً وكمالاً، ولا يعلم في الأندلس أعرق من بيته في العلم والنباهة، إلا بيت بني مغيث بقرطبة، وبيت بني الباجي بإشبيلية. وقد عرف عنه أخذه بمذهب الظاهر في أحكامه أيام توليه القضاء بمراكش، وببلده من بعد. ولما اعتزل القضاء تسابق الناس إلى الأخذ عنه. وقد سمع " الروض الأنف " من السهيلي، وأجاز له شريح بن محمد وهو ابن عام، فكانت سيرة ابن حزم داخلة ضمن هذه الإجازة، وكان ابن بقي لذلك آخر من روى بالإجازة عن شريح. 5 - فشريح إذن (وهو شريح بن محمد بن شريح الرعيني الأشبيلي 451 539) (2) وهو تلميذ ابن حزم مباشرة. غير أنه فيما يظهر أخذ عنه أيضاً بالإجازة في سن صغيرة، فقد كانت سنه يوم توفي ابن حزم لا تتجاوز خمساً. وعلى هذا فإنه من آخر من أجاز لهم ابن حزم. وكان شريح مقرئاً محدثاً حافظاً خطيباً بليغاً، لقيه ابن بشكوال صاحب " الصلة " فأجاز له، وتتصل روايته عن طريق ابن بقي بابن الأبار، ويعتمدها في كتاب " التكملة " إذا روى عن أبي محمد بن حزم (3) . 6 - أما عبد الباقي بن بربال الحجاري (416 502) (4) فهو أبو بكر عبد الباقي بن محمد بن سعيد بن بريال الحجاري، منسوب إلى بلد بالأندلس يسمى " وادي الحجارة ". وروى عن المنذر بن المنذر، وأبي الوليد هشام بن أحمد الكناني، وأبي القاسم بن الفتح، وأبي عمر الطلمنكي، وغيرهم، سكن

_ (1) انظر ترجمته في: التكملة لابن الأبار برقم: 292، وتاريخ قضاة الأندلس: 117، وشذرات الذهب 6: 116. وكذلك ترجم له ابن الزبير في صلة الصلة. (2) انظر الصلة لابن بشكوال رقم 531 في ترجمة الرعيني. (3) انظر مقدمة التكملة لابن الأبار. (4) راجع ترجمة عبد الباقي بن بريال في صلة ابن بشكوال رقم: 825، وفي بغية الملتمس للضبي رقم: 1125، ومعجم السلفي الورقة: 138، ومعجم البلدان لياقوت " وادي الحجارة "، والتاج (برل) ؛ وقد ذكر صاحب القاموس في جده أنه " برآل " بالضم، وعقب عليه صاحب التاج أن الصواب في جده " بريال " بالياء، كما ضبطه الحافظ وغيره.

في آخر عمره المرية، وتوفي بمدينة بلنسية بعد أن عمر عمراً طويلاً. هؤلاء هم الذين اتصلت روايتهم لكتب أبي محمد عامة، ولكتاب السيرة خاصة. وعن طريق آخرهم في السند، وصلت هذه الكتب إلى المشرق. وكلهم من ذوي العلم والفضل، ومن هنا كانت لروايتهم قيمة كبيرة، وكان السند عنهم عالياً في صحته. ولابد من أن نلحظ أن كاتب النسخة المروية عن أبي حيان كان يملك نسخة أخرى لعلها نسخة أستاذه وقد كتب على ظهرها " كتب إلى القاضي أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني من حمص الأندلس، قال: أنبأنا أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري الحافظ، قال: وقرأت علي أبي محمد بن عبد الله بن محمد بن مرزوق اليحصبي الأندلسي بمصر عن أبي بكر عبد الباقي بن محمد بن بريال الحجاري.. " وليس لهذه النسخة أو للأخرى المنقولة عنها وجود، وكلتا النسختين: هذه التي بين أيدينا، أو المحفوظة في مكتبة المدينة المنورة، متأخرتان من حيث الزمن، وقد قضت علينا ظروف غالبة، أن نكتفي بالنسخة المجلوبة من الهند، وأعجزتنا عن الحصول عل نسخة المدينة. وكان مما يطمئننا إلى النسخة التي نملكها أن ناسخها، وهو الشيخ أبو عبد الله السورتي، رجل مدقق محقق، وأنه بذلك جهداً كبيراً في ضبط ما نقله، مقابلاً نسخته على " سيرة ابن هشام " المطبوعة على هامش " الروض الأنف " للسهيلي، ومطلعاً بين حين وآخر على كتاب جمهرة انساب العرب لمؤلف السيرة نفسه. وقد كتب أبو عبد الله الأصل المغير على هامش النسخة، وأدخل تصحيحاته في السياق، وفي بعض الأحيان احتفظ بالنص الأصلي ووضع الصواب مقابلاً له على الهامش وميزه بعلامة (صح) ، وبذلك مضى محافظاً على أمانة النقل إلى أبعد الحدود. نعم إن شدة اتباعه لسيرة ابن إسحاق المطبوعة قد أوقعته في بعض الخطأ، ولكن رد ما غيره إلى أصله، أو العثور على الوجه الصحيح فيه، كان أمراً يسيراً، لأنه كان أميناً في ما يحدثه من تغيير. وقد أضاف الشيخ أبو عبد الله أيضاً بعض التعليقات على الهوامش

فما وجدناه منها صالحاً للإثبات أثبتناه، وأشرنا إلى أنه منقول من هامش النسخة. ويظهر أن نسخة المدينة، التي نقل عنها أبو عبد الله، كانت مضطربة في مواطن كثيرة، ناقصة في بعض المواطن، فأصلح منها ما استطاع، وزاد حيث تجب الزيادة، وصحح جوانب من السهو لا يمكن أن يقع فيها عالم مدقق مثل ابن حزم. ومع ذلك بقيت هناك مواطن أخرى في حاجة إلى إصلاح، فأصلحناها وميزنا ما زدناه على النص الأصلي بوضعه بين معكفين. وأثبتنا في فهرس الأعلام، في آخر الكتاب، تعليقات يسيرة، استدركنا فيها بعض ما فاتنا إثباته في صلب الكتاب. وقد كان لنا في تحقيق السيرة منهج محدد، وغاية مرسومة. ومن ثم أخذنا أنفسنا بمراجعة السيرة على ما كتب قبلها وما كتب بعدها من أمهات كتب السير، وبينا عند كب موضوع أين موقعه في هذه الكتب، لتكون هذه السيرة فهرستاً لأكثر كتب السيرة المشهورة، كسيرة ابن هشام، وابن سعد، والطبري، والبلاذري، وابن سيد الناس، وابن كثير، والمقريزي، وغيرهم. فذلك قد يعين الباحثين في السيرة على سرعة الوصول إلى الحقائق، ويساعد من يحب دراسة التأليف في السيرة على نحو زمني أو موضوعي. وقد صرفنا عناية كبيرة إلى ضبط الأنساب والأعلام، وكثيراً ما آثرنا كتابة الضبط بالحروف، لأننا نحس أن الفوضى في نطق الأعلام القديمة قد أصبحت شيئاً عاماً، وأن الشكل وحده لا يؤدي الغرض من الضبط والدقة. وكان كتاب " الجمهرة " نسخة ثانية نراجع عليها الأنساب، فإذا وجدنا ما في " الجمهرة " يخالف ما في نسختنا سارعنا إلى إثباته قبل أي خلاف آخر في أي كتاب آخر، لأن " الجمهرة " و " جوامع السيرة " من عمل مؤلف واحد. وقد أطلعتنا العناية بضبط الأنساب خاصة على أننا إزاء أربع روايات، تمثل أربعة تيارات في تاريخ النسب، وهي: رواية الواقدي، ورواية ابن عمارة الأنصاري (وخاصة في أنساب الأنصار) ، ورواية ابن إسحق، ورواية

ابن الكلبي. وقد احتفظ ابن سعد بكثير من صور الخلاف بين هذه الروايات، فكان خير معين لنا في تبينها واستقرائها وهذه حقيقة لابد أن يذكرها من يتصدون لتحقيق الأنساب وضبط الأسماء فيها ضبطاً دقيقاً. على أن هناك إلى جانب هذه الروايات الأربع وجهتين من وجهات النظر في قراءة بعض الأسماء: إحداهما تستطيع أن تسميها طريقة الأدباء في ضبط الاسم، والثانية يمكن أن نطلق عليها مذهب المحدثين؛ وإن كانت صورة الخلاف بين الفريقين لا تمتد إلى كثير من الأسماء. وألحقنا بالسيرة رسائل خمساً، كانت ملحقة بها في الأصل الذي صورنا عنه نسختنا، وهذه الرسائل هي: 1 - رسالة في القراءات المشهورة في الأمصار، الآتية مجيء التواتر. وقد اعتمدنا في ضبطها وتحقيقها على كتب القراءات؛ ولم نجد منها نقولاً في كتاب. 2 - رسالة في أسماء الصحابة رواة الحديث، وما لكل واحد من العدد: وقد قمنا بتحقيق هذه الرسالة على نسختين أخريين منها، وجدناهما في فن مصطلح الحديث بدار الكتب المصرية، إحداهما رقم 254، رمزنا لها بالحرف (ح) ، وهي رسالة ناقصة ورقة أو اثنتين، وخطها رديء، والأعلام فيها غير مضبوطة، ولذلك كان اعتمادنا عليها في عدد الأسماء أكثر منه في معرفة الوجه الصحيح للاسم المكتوب. أما الرسالة الثانية فهي من وضع أبي البقاء محمد بن علي بن خلف الأحمدي، مستخرجة من كتابه " البارع الفصيح في شرح الجامع الصحيح "، ومضمومة إلى مجموعة مقيدة برقم (521 مجاميع) ، وقد رمزنا لها بالحرف (د) ، وكتب في آخرها " انتهى ما خرجه الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد رحمه الله في مسنده عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ". فهي إذن أخت النسخة السابقة، وإنما اقتبسها أبو البقاء الأحمدي فيما يظهر عن ابن حزم وضمنها كتابه السابق الذكر. والفروق بين النسختين قائمة على الخطأ في النسخ، وفي عدد الأحاديث

أحيانا، وعلى إدراج الأعلام وتداخلها ومزجها، ووضع كلمة (ابن) بين علمين لا صلة بينهما، بحيث يصبحان علماً واحداً. وهذا هو أيضاً الغالب على نسختنا، فهي من هذه الناحية شديدة الاضطراب، بينة النقص. ولذلك فإننا، حين أصلحنا هذه الناحية فيها، أغفلنا الإشارة إليها كل حين في التعليقات، اكتفاء بهذه الإشارة العامة في المقدمة، وخاصة أننا، بعد مقابلة نسختنا بالنسختين المذكورتين، عرضنا الشكل النهائي على كتاب " تلقيح الفهوم " وهو الكتاب الذي رمزنا له بالحرف (ت) في التعليقات وفيه تخريج أسماء الصحابة الرواة، ثم لم نكتف بذلك بل عارضنا الأسماء بما يقابلها في الإصابة لابن حجر، لأن ابن حجر يشير كثيراً إلى ابن حزم وينقل عنه. حتى إذا تم تمييز الأعلام واحداً بعد واحد، أخذنا نعرضها على كتب الرجال، طلباً لضبطها نهائياً. وفي مسند بقي أسماء كثيرة مفردة لم تميز بنسبة، فلم يكن من السهل معرفتها على وجهها أو التعريف بها، وفيه نقص آخر لم يشر إليه ابن حزم، وإنما تنبه له ابن حجر، وهو: ابن بقي بن مخلد عد في الصحابة الرواة كثيراً من التابعين ومن غيرهم. قال ابن حجر (رقم 8526) " وقد وقع لبقي في مسنده أنظار ذلك يخرج الحديث من رواية التابعي، كبيراً كان أو صغيراً، وكذلك من رواية من لم يعد في التابعين ". ويظهر أن ابن حجر اطلع على نسخة من رجال الحديث بترتيب ابن حزم، غير النسخ من التي عثرنا عليها، إذ يقول في ترجمة محمد بن عمرو علقمة (وهو مكتوب كذلك في نسختنا ونسختي دار الكتب) : " ثم وجدت في بعض النسخ من جزء الصحابة الذين أخرج لهم بقي بن مخلد ترتيب ابن حزم: " محمد بن عمرو بن علبة " بعد اللام باء غير مضبوطة بدل القاف والميم، فالله أعلم ". وهذا يزيدنا يقينا بشدة الاضطراب والتفاوت بين النسخ، ويؤكد لنا أن عملنا في رجال الحديث على شدة المشقة فيه لن يكون نهائياً قاطعاً بحال. وقد وجدنا بالمقابلة بين النسخ أن النسخة التي نملكها ناقصة، فأكملنا

ما فيها من نقص؛ وحتى لا نكثر على القارئ بذكر هذه الأسماء المجردة، لم نضف إلى هذا العمل تلك الزيادات الكثيرة، التي أضافها البرقي وغيره، واحتواها كتاب " تلقيح الفهوم "، مع أن ابن حزم قد أذن بذلك في آخر نسخته، ولكن عدم الترتيب الهجائي في نسختنا أوقفنا عند حد الاكتفاء بضبط ما لدينا، دون إضافات مستفيضة. 3 - رسالة في تسمية من روى عنهم الفتيا من الصحابة ومن بعدهم، على مراتبهم في كثرة الفتيا: وهذه الرسالة تنمية لتلك الأصول الأولى التي وضعها ابن سعد في كتاب " الطبقات " عن الصحابة الذين كانوا يفتون في حياة الرسول. وقد أطلع على رسالة ابن حزم هذه، ونقل جزءاً منها في كتابه " إعلام الموقعين ". ولكن يبدو أن النسخة التي اطلع عليها تختلف عن نسختنا في ترتيبها، كما أن بعض الأسماء التي ذكرها ابن القيم غير موجودة في نسختنا، وبعض ما لدينا لم يذكره ابن القيم. 4 - جمل فتوح الإسلام: وهي رسالة طريفة موجزة، وتكاد تكون تلخيصاً لكتاب " فتوح البلدان " للبلاذري، ولا نعرف أحداً نقل عنها، ولذلك اكتفينا بضبطها على المراجع التاريخية. 5 - أسماء الخلفاء المهديين والأئمة أمراء المؤمنين: وحكم هذه الرسالة كالتي قبلها، وهي صورة أخرى لما جاء في " المحبر " لابن حبيب، و " المعارف " لابن قتيبة، ومثلها رسالة أخرى في كتاب " تلقيح الفهوم ". وبين هذه الكتب جميعاً اختلافات في التواريخ الزمنية، ولكن لم نثبت من هذه الخلافات إلا ما كان ضرورياً لازماً. ونعتقد أن هناك رسالة في ذكر تواريخ خلفاء الأندلس ذكرها الحميدي فلعلها تتمة لهذه الرسالة، أو لعلهما رسالتان منفصلتان. ومن المؤكد أن الرسالة الثانية التي نشير إليها ليست هي " نقط العروس "، لأن هذه ليست مقصورة على تواريخ الخلفاء بالأندلس. وبعد أن تم لهذا العمل كله ما تم، من الأسباب التي تقدم وصفها، تقدمنا

به إلى الأستاذ العلامة، محدث العصر، الشيخ أحمد محمد شاكر، فتفضل مشكوراً بمراجعته، وأضاف إلى التعليقات ما رآه لازماً، واستدرك ما فاتنا مما يجب التنبيه عليه. وبعد، فقد تحدثنا كثيراً عن أنفسنا في هذا العمل، وعن جهدنا في إخراجه. ولكنا نشعر في أعماقنا أن كل ما يتمتع به عملنا هذا من ضبط وإتقان، فإنما الفضل فيه إلى صديقنا العالم الأديب الأستاذ محمود محمد شاكر، الذي أخذ بيدنا في كل خطوة، وبصرنا بالطريق الذي نسير فيه، ووضع تحت أيدينا مكتبته القيمة، ووقته الثمين، وأفاض علينا من اطلاعه الواسع، وتواضعه الجم، ما جعلنا نستسهل كل ما يعترض طريقنا من صعوبات. فنحن مدينون له بخير ما جاء في هذا العمل. وأما ما كان فيه من خطأ فهو من عند أنفسنا، ومن قبل السهو الذي لا يسلم منه إنسان. ومن الله نسأل العفو عن كل زلل، ومنه وحده نستلم القوة على الخير، والتوفيق إلى الائتساء بسيرة رسوله الكريم، إنه سميع مجيب.

بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم أخبرني بتصانيف أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي الظاهري، شيخنا الإمام الأوحد الرحلة أبو حيان محمد بن يوسف بن علي ابن حيان الأندلسي الجياني رحمه الله تعالى، قال: أخبرني بتصانيف الإمام أبي محمد وجميع رواياته، الكاتب أبو محمد عبد الله بن محمد هارون الطائي القرطبي بمدينة تونس وغيره، قالوا: أخبرنا قاضي الجماعة على مذهب أهل الحديث، أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي (ح) (1) وأخبرنا الحافظ القاضي أبو علي الحسن بن عبد العزيز بن أبي الأحوص عن ابن بقي أيضاً، قال: أخبرنا القاضي الخطيب أبو الحسن شريح بن محمد [بن] شريح الرعيني، وهو آخر من حدث عنه، قال: أخبرنا أبو محمد علي بن سعيد بن حزم رحمة الله عليه. وكان في صدر الأصل الذي كتبت منه: " كتب إلى القاضي أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني من حمص الأندلس، قال: أنبأنا أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري الحافظ، قال: وقرأت على ابن أبي محمد بن عبد الله بن محمد ابن مرزوق اليحصبي بمصر، عن أبي بكر عبد الباقي بن محمد بن بريال الحجاري (2) ، قال رحمه الله تعالى ":

_ (1) " ح " اختصار كلمة " تحويل "، وهو اصطلاح للمحدثين يستخدمونه للإشارة إلى تحويل الإسناد من أوله. (2) في الأصل: ابن ريال الحجازي، وهو خطأ، وقد ترجمنا له في المقدمة.

باب نسب (1) رسول الله صلى الله

باب نسب (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب واسمه شيبة الحمد بن هاشم، - واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة ابن قصي - واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركه بن الياس بن مصر بن نزار بن معد بن عدنان. ههنا انتهى النسب الصحيح الذي لا شك فيه. وعدنان لا شك من ولد إسماعيل الذبيح رسول الله، بن إبراهيم خليل الله ورسوله، صلى الله على سيدنا محمد، وعليهما وعلى جميع رسله وأنبيائه. وفي عبد المطلب يجتمع معه عليه السلام: بنو علي، وجعفر، وعقيل بني أبي طالب -، وبنو العباس، وبنو الحارث، وبنو أبي لهب. وفي عبد مناف يجتمع معه: بنو أمية، وسائر بني عبد شمس، وبنو المطلب، وبنو نوفل. وفي قصي يجتمع معه: بنو عبد العزي، وبنو عبد الدار، الذين منهم حجبة الكعبة.

_ (1) انظر نسبه في: ابن هشام 1: 1، ابن سعد 1 / 1: 27، وطبري 2: 172، تهذيب ابن عساكر 1: 277، تلقيح الفهوم: 5، ابن سيد الناس 1: 21، ابن كثير 2: 252 زاد المعاد 1: 28، تهذيب النووى 1: 21، تاريخ الذهبي 1: 18.

وفي كلاب يجتمع معه: بنو زهرة، وأمه منهم، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة. وفي مرة يجتمع [معه] (1) : بنو تيم بن مرة، وبنو مخزوم بن يقظة ابن مرة. وفي كعب يجتمع معه: بنو عدي، وبنو جمح، وبنو سهم (2) . وفي لؤي يجتمع معه: بنو عامر بن لؤي. وفي غالب يجتمع معه: بنو تيم الأدرم. وفي فهر يجتمع معه: بنو الحارث، وبنو محارب. وفهر هذا: هو أبو قريش كلها، من لم يكن من ولده فلا نسب له في قريش، ومن كان من ولد فهر فهو قرشي. وفي كنانة يجتمع معه: كل من ينتمي إلى كنانة من بني عبد مناة، وملك (3) ، وملكان، وحدال (4) ، وعمرو بن كنانة. وفي خزيمة يجتمع معه: بنو أسد، والقارة، وهم بنو الهون بن خزيمة. وفي مدركة يجتمع معه: بنو هذيل. وفي اليأس يجتمع معه: بنو تميم وإخوتهم، وبنو ضبة، ومزينة،

_ (1) زيادة للسياق. (2) عدي: هو ابن كعب، أما جمح وسهم فهما: ابنا عمرو بن هصيص بن كعب (الجمهرة: 150) . (3) قال ابن حزم في الجمهرة: 10 " ليس في العرب ملك، بإسكان اللام، غير " ملك ابن كنانة " فقط، وسائرهم " مالك " بكسر اللام وقبلها ألف، ولا أعرف فيمن تأخر من اسمه " ملك " أيضاً إلا " ملك " والد بكر بن مالك صاحب فرغانة من كبار الدهاقين ". (4) في الأصل: حدان، والتصحيح عن الجمهرة: 17 ونسب قريش: 10 والطبري 2: 188.

والرباب، وخزاعة، وأسلم. فأما الرباب فهم: تيم، وعدي، وثور، وعكل. وفي مضر يجتمع معه: قبائل قيس كلها (1) : سليم، ومازن، وفزارة، وعبس، وأشجع، ومرة، وسائر بني ذبيان، وغطفان؛ وعقيل، وقشير، والحريش، وجعدة، والعجلان، وكلاب، والبكاء، وهلال، وسواءة، وبنو جشم، وبنو نصر، وثقيف، وسعد، وسائر هوازن، ومحارب، وعدوان، وفهم، وباهلة، وغنى، والطفاوة، وسائر قيس. وفي نزار يجتمع معه: قبائل ربيعة، كبكر، وتغلب، وعنز بني وائل، وعبد القيس وقبائلها (2) ، وعنزة، والنمر بن قاسط. وفي معد يجتمع معه: إياد، بلا شك. وفي عدنان يجتمع معه: بنو عك، وغافق (3) . وفي إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، يجتمع معه: بنو إسرائيل، ومن عرف نسبه من بني عيصاد (4) بن إسحاق أخي يعقوب، وذلك لا يوجد اليوم. وأما قضاعة وقبائل قحطان، وهم أهل اليمن، فالله أعلم بتشعبهم، إلا أنهم يجتمعون معه في نوح، بلا شك، وبالله تعالى التوفيق.

_ (1) انظر جمهرة الأنساب: 232 - 275، في أنساب قبائل قيس وشعبها. (2) انظر الجمهرة: 278 في عبد القيس وقبائلها. (3) يوهم كلام ابن حزم أن غافقاً غير عك. والصحيح أن بني غافق من عك. الجمهرة: 309. (4) سماه الطبري 1: 162 عيص أو عيصاً، وفي الجمهرة: 474: عيصاب، وهو عيسو الذي تذكره التوراة، ونسله هم الأدوميون، يؤيد هذا قول ابن حزم في الجمهرة: " وكان بنوه يسكنون جبال السراة التي بين الشام والحجاز، وقد بادوا جميعاً "، وهذا ينطبق على الأدوميين.

مولده ومبعثه وسنه ووفاته

مولده ومبعثه وسنه ووفاته (1) صلى الله عليه وسلم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وعاش يتيماً، إذ مات أبوه وهو عليه السلام لم يكمل له ثلاث سنين (2) ، وماتت أمه وهو لم يستكمل سبع سنين. وكفله جده عبد المطلب، ومات عبد المطلب ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين. ثم كفله عمه أبو طالب، وكان به رفيقاً، وقد خفف الله تعالى بذلك من عذابه، فهو أخف أهل النار عذاباً. وأتته عليه السلام النبوة من عند الله عز وجل، وهو في غار حراء، وهو عليه السلام ابن أربعين سنة، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، أسلم فيها رجال من أصحابه ونساء.

_ (1) راجع موله في ابن هشام 1: 167؛ ابن سعد 1 / 1: 62؛ الطبري 2: 172؛ تهذيب ابن عساكر 1: 280؛ تلقيح الفهوم: 4؛ ابن سيد الناس 1: 26؛ ابن كثير 2: 259 تاريخ الذهبي 1: 21، الإمتاع: 3. ومبعثه في: ابن هشام 1: 249؛ ابن سعد 1 / 1: 126؛ الطبري 2: 201؛ ابن سيد الناس 1: 80؛ ابن كثير 2: 306؛ زاد المعاد 1: 33؛ تاريخ الذهبي 1: 67؛ الإمتاع: 12. وسنه في: ابن سعد 2 / 2: 81؛ ابن كثير 5: 256، تاريخ الذهبي 1: 322، الإمتاع: 551. ووفاته في: ابن هشام 4: 298؛ ابن سعد 2 / 2: 47؛ الطبري 3: 188 تلقيح الفهوم: 38؛ ابن سيد الناس 2: 335؛ ابن كثير 5: 237، تاريخ الذهبي 1: 315؛ الإمتاع: 551. (2) في تقدير سن الرسول حين توفي أبوه خلاف بين أصحاب السير (انظر الإمتاع: 5) والجمهور على أن أباه توفي وهو صلى الله عليه وسلم حمل في بطن أمه.

ثم هاجر إلى المدينة، إذ أكرم الله الأنصار رضوان الله عليهم بذلك، فأقام بالمدينة عشر سنين. ومات عليه السلام بها، وقبره فيها، في المسجد، في بيته الذي كان بيت عائشة أم المؤمنين رضوان الله عليها، وفيه دفن صلى الله عليه وسلم. ابتدأه وجعه في بيت عائشة (1) ، واشتد أمره في بيت ميمونة أم المؤمنين رضوان الله عليها، فمرض في بيت عائشة بإذن نسائه، رضوان الله عليهن، بذلك. وصلى الناس عليه أفذاذاً (2) ، وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية (3) قطنية، ليس فيها قميص ولا سراويل (4) ولا عمامة؛ ولحد له في قبره، وهو الحفرة تحت جرف القبر. وتولى غسله علي والعباس عمه، والفضل، وقثم، ابنا العباس، وأسامة بن زيد مولاه، وشقران مولاه أيضاً، رضى الله عنهم. ودخل في قبره علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، والفضل، وقثم، وشقران، وقيل: أوس بن خولي الأنصاري. وقد قيل: إن المغيرة بن شعبة نزل في قبره بحيلة. وسجى ببرد حبرة، ووضعت في قبره قطيفة كان يتغطاها.

_ (1) ذكر ابن سعد 2 / 2: 10، 29 والمقريزي في الإمتاع: 542، 543 أن الوجع ابتدأه في بيت ميمونة وأنه اشتد به هناك أيضاً، فاستأذن نساءه في التحول إلى بيت عائشة فأذن له؛ وفي الإمتاع: 541: وقيل إن وجعه ابتدأه في بيت زينب بنت جحش. (2) أفذاذاً: لا يؤمهم أحد. (3) سحولية: نسبة إلى قرية سحول باليمن، يحمل منها ثياب قطن بيض. (4) لم نجد ذكراً للسراويل عند غير ابن حزم، وأشهر الروايات ما ورد عند ابن سعد: 2 / 2: 65، وقد جاء فيها: أن رسول الله كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قباء ولا قميص ولا عمامة.

أعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومات وله ثلاث وستون سنة ولد ليوم الاثنين، لثمان بقين من ربيع الأول، ونبئ يوم الاثنين لأيام خلت من ربيع الأول، وهاجر يوم الاثنين، لأيام خلت لربيع. ومات صلى الله عليعه وسلم يوم الاثنين لثمان خلون لربيع الأول؛ وقد قيل غير ذلك. ولم يختلف في أنه عليه السلام مات يوم الاثنين، ودفن ليلة الأربعاء، وقيل: يوم الثلاثاء. وكانت علته اثني عشر يوماً، وقيل: أربعة عشر يوماً، ابتدأ به صداع وتمادى به، وكان ينفث في علته شيئاً يشبه نفث آكل الزبيب. ومات بعد أن خيره الله عز وجل بين البقاء في الدنيا ولقاء ربه عز وجل، فاختار عليه السلام لقاء ربه تعالى. أعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) (1) منها القرآن، الذي دعا العرب وغيرهم مذ بعثه الله عز وجل قرناً إلى يومنا هذا، وإلى يوم القيامة إلى أن يأتوا بمثله إن شكوا في صدقه، فأعجز الله تعالى عن ذلك جميع البلغاء، ومنع الجن عن ذلك وغيرهم، قال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على

_ (1) عقد ابن سعد في الطبقات 1 / 1: 112 فصلاً لعلامات النبوة نزول الوحي على رسول الله؛ وأوردها ابن كثير 6: 74 مفصلة، واستخرج الأحاديث المتعلقة بها. وقد أفاض في ذكرها أبو نعيم في كتابه " دلائل النبوة " وخاصة في الفصلين الثاني والعشرين والتاسع والعشرين، وفيها كتب السيوطي كتاب الخصائص الكبرى. وتقصاها البيهقي في كتاب دلائل النبوة وهو مخطوط. والمواهب اللدنية 1: 453 وانظر أيضاً صحيح البخاري 4: 191 في باب علامات النبوة، وتاريخ الذهبي 1: 74، 240 وما بعدها.

عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} (البقرة: 22) . وقال تعالى {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} (يونس: 38) . (2) وشق الله تعالى له القمر بمكة، إذ سألته قريش آية، فأنزل الله تعالى في ذلك: {اقتربت الساعة وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر} (القمر: 1 2) . (3) وأطعم النفر الكثير في منزل جابر، وفي منزل أبي طلحة يوم الخندق: مرة ثمانين رجلاً من أربعة أمداد من شعير وعناق (1) . ومرة أكثر من ذلك، من أقراص من شعير، حملها أنس بن مالك في يده. ومرة أطعم جميع الجيش، وهم تسعمائة، من تمر يسير أتت به ابنة بشير بن سعد في يدها، فأكلوا منه حتى شبعوا، وفضلت منه فضلة. (4) ونبع الماء من بين أصابعه، فشرب منه العسكر كلهم وهم عطاش، وتوضأوا كلهم، كل ذلك من قدح صغير ضاق عن أن يبسط فيه صلى الله عليه وسلم يده المكرمة. وأهراق من وضوئه في عين تبوك، ولا ماء فيها، ومرة أخرى في بئر الحديبية، فجاشتا بالماء، فشرب من عين تبوك أهل الجيش، وهم

_ (1) أمداد: جمع مد، وهو مكيال، وهو ربع صاع، والصاع أربعة أمداد. قيل إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاماً. والعناق: الأنثى من أولاد المعز.

ألوف، حتى رووا كلهم، وفاضت إلى يوم القيامة. وشرب من بئر الحديبية ألف وأربعمائة، حتى رووا كلهم، ولم يكن فيها قبل ذلك ماء. (5) وأمر عليه السلام عمر بن الخطاب رضوان الله عليه أن يزود أربعمائة راكب من تمر كان في اجتماعه كربضة البعير، فزودهم كلهم منه، وبقى بجثته كما كان (1) . (6) ورمى الجيش بقبضة من تراب، فعميت عيونهم، ونزل بذلبك القرآن في قوله تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} (الأنفال: 17) (7) وأبطل عز وجل الكهانة بمبعثه، فانقطعت، وكانت ظاهرة موجودة. (8) وحن إليه الجذع الذي كان يخطب إليه، إذ عمل له المنبر، حتى سمع منه جميع الحاضرين مثل صوت الإبل، فضمه إليه، فسكن. وموضع الجذع معروف إلى اليوم، موقف عليه. (9) ودعا اليهود إلى تمنى الموت، وأخبرهم أنهم لا يتمنونه، فحيل بينهم وبين النطق بذلك، وهذا منصوص في القرآن (2) .

_ (1) الربضة (بضم الراء وكسرها) ، ويقال: " أتانا بتمر مثل الربضة الخروف " أي قدر جثة الخروف الرابض. في الأصل: " وبقى بجنسه كما كان "، وكأنها محرفة عن " بجثته "، وجثة الإنسان وغيره شخصه. قال ابن فارس إن أصل مادته (جث) تدل على تجمع الشيء. (2) هو أمر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين} (البقرة: 94 - 95) وأمره تعالى: {قل يأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين} (الجمعة: 6 - 7) .

(10) وأخبر بالغيوب. وأنذر بأن عماراً تقتله الفئة الباغية. وأن عثمان رضى الله عنه تصيبه بلوى [وله] الجنة (1) . وأن الحسن بن علي رضوان الله عليهما سيد يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، فكان كل ذلك. وأخبر عن رجل قاتل في سبيل الله عز وجل بأنه من أهل النار، فظهر ذلك، بأن ذلك الرجل قتل نفسه. وهذه الأشياء لا تعرف ألبتة بشيء من وجوه تقدمه المعرفة، لا بنجوم، ولا بكتف، ولا بخطٍ، ولا بزجرٍ. (11) وأتبعه سراقة بن مالك بن خعشم، فساخت قدماً فرسه في الأرض، ثم أخرجها وأتبعه دخان، حتى استعاذه سراقة، فدعا له، فانطلقت الفرس. (12) وأنذر بأن ستوضع في ذراعيه سوار كشرى، فكان كذلك (2) . (13) وأخبر بقتل الأسود العنسي الكذاب ليلة قتله، وهو بصنعاء اليمن، وأخبر بمن قتله.

_ (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، وما أثبتناه هو الصواب لحديث البخاري (5: 13 - 14) عن أبي موسى الأشعري قال: " ... ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هنيهة، ثم قال: أئذن له وبشره بالجنة، على بلوى ستصيبه، فإذا عثمان بن عفان ". (2) ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسراقة بن مالك: " كيف بك إذا لبست سواري كسرى " فلما فتحت الفتوح أتى عمر بسواري كسرى، فدعا سراقة وألبسه إياهما.

(14) وأنذر بموت النجاشي، وبينه وبينه البحر الملح، ومسيرة أيام في البر، وخرج هو وجميع أصحابه إلى البقيع، فصلوا عليه فوجد قد مات ذلك اليوم، إذ ورد الخبر بذلك. (15) وخرج من بيته على مائة من قريش ينتظرونه ليقتلوه بزعمهم، فوضع التراب على رؤوسهم، ولم يروه. (16) وشكا إليه البعير بحضرة أصحابه وتذلل له. (17) وقال لنفر من أصحابه: أحدكم في النار ضرسه مثل أحد، فماتوا كلهم على الإسلام وارتد منهم واحد: وهو الرحال الحنفي، فقتل مرتداً مع مسيلمة الكذاب، لعنها الله تعالى. (18) وقال لآخرين منهم: آخركم موتاً في النار، فسقط آخرهم موتاً في النار، فاحترق فمات. (19) ودعا شجرتين فأتتاه فاجتمعتا، ثم أمرهما فافترقتا. (20) وكان صلوات الله وسلامه عليه نحو الربعة، فإذا مشى مع الطوال طالهم (1) . (21) ودعا النصارى إلى المباهلة بالتلاعن (2) ، فامتنعوا، وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك هلكوا كلهم، فعلموا صحة قوله، فامتنعوا. (22) وأتاه عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة

_ (1) هكذا قال ابن حزم " نحو الربعة " والذي في ابن سعد وغيره " فوق الربعة ". (2) المباهلة: الملاعنة؛ وقد ذكرت مباهلة نصارى نجران في سورة آل عمران: 61، وانظر ابن هشام 2: 233، وابن سعد 1 / 2: 84 والإمتاع: 502.

ابن عامر بن صعصعة، وأربد بن قيس (1) بن جزء بن خالد بن جعفر ابن كلاب، وهما فارسا العرب وفاتكاهم، عازمين على قتله، فحال الله بينهما وبين ذلك؛ وضرب بين أربد وبينه، صلى الله عليه وسلم، مرة بعامر، ومرة بسور، ودعا عليهما، فهلك عامر في وجهه من منصرفه عنه عليه السلام، وأهلك أربد الصاعقة، أحرقته، لعنهما الله. (23) وأخبر أنه يقتل أبي بن خلف الجمحي، فخدشه يوم أحد خدشاً لطيفاً، فكانت منيته منها. (24) وأطعم السم، فمات من أكله معه لحينه، وعاش هو صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بأربع سنين؛ وكلمه ذراع الشاة المسمومة بأنه مسموم. (25) وأخبر أصحابه يوم بدر بمصارع صناديد قريش، ووقفهم على مصارعهم رجلاً رجلاً، فلم يتعد واحد منهم ذلك الموضع. (26) وأنذر بأن طوائف من أمته يغزون في البحر، وقال لأم حرام بنت ملحان: أنت منهم؛ فكانت منهم؛ وصح غزو طائفة من أمته في البحر. (27) وزويت له الأرض، فأرى مشارقها ومغاربها (2) ، وأنذر ببلوغ ملك أمته ما زوى له منها، فكان ذلك؛ وبلغ ملكهم من

_ (1) هكذا جاء نسبه أيضاً في الجمهرة: 268 وابن هشام 4: 213 والطبري 3: 165 وابن سيد الناس 2: 232 والإمتاع: 508 والأغاني 15: 130. وفي ابن سعد 1 / 2: 51: هو أربد بن ربيعة بن مالك بن جعفر، وهذا خطأ لا ندري كيف وقع في كتاب ابن سعد، ولو كان خطأ من ابن سعد لاستدركه عليه علماء الأمة الذين نقلوا عنه، أو لنقلوا خلافة لإجماع النسابين. ولعل ناسخ هذه النسخة من كتابه رأى ابن سعد يقول " وأربد أخو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر " فسها وخلط نسباً في نسب. وأربد بن قيس، أخو لبيد بن ربيعة لأمه بلا شك. (2) زويت: طويت وجمعت.

أول المشرق إلى بلاد السند والترك إلى ىخر المغرب من سواحل البحر المحيط بالأندلس وبلاد البربر، ولم يتسعوا في الجنوب والشمال كل الاتساع، أعنى مثل اتساعهم شرقاً وغرباً، فكان كما أخبر سواء بسواء. (28) وأخبر فاطمة ابنته رضوان الله عليها أنها أول أهله لحاقاً به، فكان كذلك. (29) وأخبر نساءه رضوان الله عليهن بأن أطوالهن يداً أسرعهن لحاقاً به، فكانت زينب بنت جحش الأسدية أطولهن يداً بالصدقة، وأولهن موتاً بعده. (30) ومسح ضرع شاة فدرت، فكان ذلك سبب إسلام عبد الله ابن مسعود. ومرةً أخرى في أخرى في خيمتي أم معبد الخزاعية. (31) وندرت عين بعض أصحابه، وهو قتادة، فسقطت، فردها (1) ، فكانت أصح عينيه وأحسنهما. (32) وتفل في عيني علي رضوان الله عليه، وهو أرمد، يوم خيبر، فصح من حينه، ولم يرمد بعدها، وبعثه بالراية وقد قال: لا ينصرف حتى يفتح الله عليه، فكان كما قال، لم ينصرف كرم الله وجهه، إلا بالفتح. (33) وكانوا يسمعون تسبيح الطعام بين يديه. (34) وأصيبت رجل بعض أصحابه، فمسحها فبرئت من حينها. (35) وقل زاد جيشٍ كان فيه، فدعا بجميع ما بقي مكن الزاد،،

_ (1) هو قتادة بن النعمان، وقد أصيبت عينه يوم أحد. انظر ابن هشام 3: 87؛ وندر الشيء: خرج من موضعه وسقط.

فاجتمع منه شيء يسير جداً، فدعا عليه بالبركة، ثم أمرهم فأخذوا، فلم يبق وعاء في العسكر إلا ملئ. (36) وحكى الحكم بن أبي العاصي (1) مشيته مستهزئاً، فقال له: كذلك فكن، فلم يزل يرتعش إلى أن مات. (37) وخطب أمامة بنت الحارث بن عوف (2) بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذيبان، وكان أبوها أعرابيا جافياً، سيد قومه، فقال: إن بها بياضاً، وكانت العرب تكنى بهذا عن البرص، فقال له صلوات الله وسلامه عليه: لتكن كذلك؛ فبرصت من وقتها، وانصرف أبوها، فرأى ما حدث بها، فتزوجها ابن عمها، يزيد بن جمرة بن عوف بن أبي حارثة، فولدت له الشاعر شبيب بن يزيد وهو المعروف بابن البرصاء (3) . إلى غير ذلك من آياته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم؛ وإنما أتينا بالمشهور المنقول نقل التواتر. بالله التوفيق.

_ (1) لم يعده ابن حبيب في المستهزئين، بل ذكره فيمن كانوا يؤذون رسول الله (المحبر ص 157) ، وليس في ترجمة الحكم كما وردت في الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة ما يشير إلى شيء مما ذكره ابن حزم هنا؛ غير أن البلاذري ذكره في أنساب الأشراف (5: 27) وقال: كان مغموصاً عليه في دينه، فكان يمر خلف رسول الله فيغمز به ويحكيه ويخلج بأنفه وفمه، وإذا صلى قام خلفه، فأشارا بأصابعه، فبقى على تخليجه وأصابته خبلة. (2) في الأصل: " الحارث بن أبي عوف " وصوابه من الجمهرة: 241، وطبقات ابن سلام: 566، وابن هشام 3: 226. والحارث المذكور هو قائد بني مرة يوم الأحزاب. وانظر الخبر في ترجمته في الإصابة. (3) في الأغاني (11: 89) أن أمه اسمها قرصافة، وأنها سميت البرصاء لبياضها لا لبرص فيها؛ وقال ابن الأنباري في شرح المفضليات (ص: 336) إن قرصافة أم أمه، أما أمه فهي جمرة وقيل جبرة.

حجة صلى الله عليه وسلم وكم اعتمر في الإسلام

حجة صلى الله عليه وسلم وكم اعتمر في الإسلام (1) حج صلى الله عليه وسلم واعتمر قبل النبوة وبعدها قبل الهجرة، حججاً وعمراً لا يعرف عددها. ولم يحج بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع، سنة عشر. واعتمر بعد أن هاجر إلى المدينة عمرتين مفردتين، قصد لهما وأتمهما: إحداهما: عمرة القضية، قصد لها من المدينة سنة سبع، فأتمها في ذي القعدة؛ والأخرى: عمرته من الجعرانة (2) ، عام ثمان، إثر وقعة حنين في ذي القعدة أيضاً. واعتمر عمرةً ثالثة، قرنها مع حجته التي ذكرنا، قصد لهما من المدينة، أهل بهما في ذي القعدة، وأتمهما في ذي الحجة. وكان خرج ليعتمر من المدينة، فصده المشركون وقد بلغ الحديبية، فحل عليه السلام بها ونحر الهدى، ورجع هو وأصحابه، رضوان الله عليهم أجمعين.

_ (1) انظر في حجات الرسول وعمراته: ابن سيد الناس 2: 280، وزاد المعاد 1: 357، 364، وابن كثير 5: 215. وقد اعتبر ابن سيد الناس عمراته أربعاً، فعد فيها العمرة التي صده عنها المشركون من الحديبية وكذلك فعل ابن كثير. (2) الجعرانة: بكسر أوله إجماعاً، وأصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه، وأهل الأدب يخطئون ويسكنون العين، ويخففون الراء - والجعرانة: ماء بين مكة والطائف.

غزواته صلى الله عليه وسلم

غزواته صلى الله عليه وسلم (1) غزا صلوات الله وسلامه عليه خمساً وعشرين غزوة، وهي على ترتيبها: أولها غزوة ودان وهي الأبواء، ثم غزوة بواطٍ وهي من ناحية رضوى، ثم غزوة العشيرة من بطن ينبع، ثم غزوة بدر الأولى يطلب كرز بن جابر، ثم بدر الثانية، وهي البطشة التي أعز الله تعالى فيها الإسلام، وأهلك رؤوس الكفرة، ثم غزوة بني سليم حتى بلغ قرقرة الكدر، ثم غزوة السويق يطلب أبا سفيان بن حرب، ثم غزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر، ثم غزوة نجران، ثم غزوة أحد، ثم غزوة حمراء الأسد، ثم غزوة ذات الرقاع من نخل، ثم بدر الآخرة، ثم دومة الجندل، ثم غزوة الخندق، وهي آخرة غزوة غراها أهل الكفر إليه، ثم غزوة بني قريظة، ثم غزوة بني لحيان من هذيل، ثم غزوة ذي قرد، ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة، ثم غزوة الحديبية، ثم غزوة خيبر، ثم غزوة الفتح فتح مكة ثم غزوة حنين إلى هوزان، ثن الطائف، ثم تبوك. قاتل منها في تسعٍ: وهي بدر المعظمة، وهي بدر القتال، وهي بدر البطشة، وقاتل صلى الله عليه وسلم في أحد والخندق وقريظة والمصطلق وخيبر والفتح وحنين والطائف.

_ (1) أوردها في ثبت مستقل كل من الواقدي: 2 - 8 وابن حبيب: 110 - 125، وابن الجوزي في تلقيح الفهوم: 22 - 36، وابن القيم في زاد المعاد 1: 66، وأبي نعيم (دلائل النبوة: 173) ؛ وابن كثير 5: 216، وأوردتها على التفصيل سائر كتب السير. وفي ترتيب هذه الغزوات، كما في ترتيب البعوث بعدها، اختلاف كبير؛ وابن هشام أقرب أهل السير إلى ما اختاره ابن حزم، إلا أن ابن هشام جعل غزوة العشيرة رابعة وجعلها ابن حزم - مثلما فعل ابن حبيب - ثالثة؛ وعد ابن هشام الغزوات سبعاً وعشرين، بينما عدها ابن حزم خمساً وعشرين غزوة.

بعوثه صلى الله عليه وسلم

وقيل: إنه عليه الصلاة والسلام قاتل في وادي القرى والغابة، ولم يكن في سائرها أصلاً، وبالله التوفيق. بعوثه صلى الله عليه وسلم (1) (1) بعث صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث بن المطلب أسفل ثنية المرة (2) . (2) وبعث حمزة بن عبد المطلب إلى ساحل البحر من ناحية العيص. وكان هذان البعثان متقاربين جداً أو معاً، فلذلك أختلف في ايهما كان قبل، وهما أول بعوثه، وأول رايه عقدها. (3) وبعث سعد بن أبي وقاص إلى الخرار. (4) وبعث عبد الله بن جحش إلى نخلة (3) . (5) وبعث زيد بن حارثة مولاه إلى القردة. (6) وبعث محمد بن مسلمة الأنصاري إلى قتل كعب بن الأشرف. (7) وبعث مرثد بن أبي مرثد الغنوي إلى الرجيع. (8) وبعث المنذر بن عمرو الأنصاري إلى بئر معونة.

_ (1) انظر: الواقدي: 2 - 8؛ والمحبر: 116؛ وأنساب الأشراف. ج 1 ورقة 179 - 186؛ وتلقيح الفهوم: 22 - 36 وزاد المعاد 1: 66. (2) " ثنية المرة ": قال ياقوت (3: 25) : " بفتح الميم وتخفيف الراء، كأنه تخفيف المرأة النساء، نحو تخفيفهم " المسئلة " " مسلة ". نقلوا حركة الهمزة إلى الحرف قبله، ليدل على المحذوف ". (3) قال ابن سعد (2 / 1: 24) : القردة من أرض نجد بين الربذة والغمرة، ناحية ذات عرق.

(9) وبعث عبد الله بن عتيك إلى قتل سلام بن أبي الحقيق، بخيبر. (10) وبعث أبا عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة (1) ، من طريق العراق. (11) وبعث عمر بن الخطاب إلى تربة، من أرض بني عامر. (12) وبعث عليّ بن أبي طالب إلى اليمن. (13) وبعث غالب بن عبد الله الليثي إلى الكديد، إلى بني الملوح من بني كنانة. (14) وبعث عليّ بن أبي طالب إلى بني عبد الله بن سعد، من أهل فدك. (15) وبعث ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم. (16) وبعث عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمرة (2) . (17) وبعث أبام سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن (3) ، ماء لبني أسد بناحية نجد. (18) وبعث محمد بن مسلمة الأنصاري من بني حارثة بن الأوس، إلى القرطاء، من هوزان (4) . (19) وبعث بشير بن سعد الأنصاري، من بني الحارث بن الخزرج، إلى ناحية خيبر. (20) وبعث زيد بن حارثة إلى الجموم (5) ، من أرض بني سليم.

_ (1) ذو القصة: موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلاً (ابن سعد 2 / 1: 61؛ والإمتاع ص 264) . (2) الغمرة: بتاء في آخرها كما ذكر ابن هشام وياقوت وابن الفقيه؛ وهي من أعمال المدينة على طريق نجد؛ وأسقط المقريزي منها التاء (ص 264) ؛ وفي ترجمة عكاشة بن محصن في طبقات ابن سعد (2 / 1: 61) أنه بعث به إلى الغمر، غمر مرزوق. والغمر: ماء لبني أسد على ليلتين من فيد. (3) قطن: جبل بناحية فيد، به ماء لبني أسد بن خزيمة، بنجد. (4) في ابن هشام 4: 260، والإمتاع: 256: القرطاء من بني بكر بن كلاب. (5) في الأصل: الحموم (بالحاء المهملة) ، والتصحيح عن ابن هشام 4: 260، والواقدي ص 5، وابن سعد 2 / 1: 62 وياقوت.

(21) وبعث زيداً أيضاً إلى جذام، من أرض حسمى (1) . (22) وبعث زيداً أيضاً إلى الطرف (2) ، من ناحية نخل من طريق العراق. (23) وبعث أبا بكر رضي الله عنه إلى فزارة. (24) وبعث أبا عامر الأشعري عم (3) أبي موسى إلى أوطاس. (25) وبعث زيداً أيضاً إلى فزارة، فقتل أم قرفة وغيرها. (26) وبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر. (27) وبعث مرة أخرى عبد الله بن عتيك إلى خيبر، لقتل أبي رافع بن أبي الحقيق. (28) وبعث عبد الله بن أنيس الجهني لقتل خالد بن سفيان الهذلي (4) ، فقتله عبد الله، بعثه عليه السلام لذلك وحده، وجعل له عليه السلام وحده، وجعل له عليه السلام آيةً عند لقائه أن تأخذ عبد الله رعدة، فكان كما قال عليه السلام. (29) وبعث الأمراء: عليهم زيد بن حارثة، فإن قتل فعليهم جعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعليهم عبد الله بن رواحة. فقتلوا كلهم رضوان الله عليهم بمؤتة في أول الشام، لقوا هنالك عساكر النصارى من الروم ومتنصرة العرب، وأخذ الراية خالد بن الوليد، فانحاز بالمسلمين. (30) وبعث كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح، من أرض الشام.

_ (1) حسمى: جبال وأرض لجذام بين ليلة وجانب تيه بني إسرائيل، وبين أرض بني عذرة. (2) في الأصل: الطرق؛ والتصحيح عن الواقدي: 5، وابن سعد 2: 63 وياقوت، بناحية نخل من طريق العراق. (3) في الإمتاع: 266. قال الواقدي: والطرف على ستة وثلاثين ميلاً من المدينة؛ وزاد المقريزي: وهي بناحية نخل من طريق العراق. (4) كذا ذكره هنا؛ وفي ابن هشام والواقدي والإمتاع أنه: سفيان بن خالد.

(31) وبعث عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري إلى بني العنبر من بني تميم. (32) وبعث [غالب بن] (1) عبد الله الليثي إلى أرض بني مرة، فأصابوا في الحرقات (2) من جيهنة. (33) وبعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من بني كنانة. (34) وبعث خالداً أيضاً إلى اليمن. (35) وبعث عمرو بن العاصي إلى ذات السلاسل من أرض بني عذرة، وأمده بجيش عليهم أبو عبيدة. (36) وبعث عبد الله بن أبي حدردٍ الأسلمي إلى بطن إضم (3) . (37) وبعث ابن أبي حدرد أيضاً إلى الغابة. (38) وبعث عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل. (39) وبعث أبا عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر (4) . (40) وبعث عمرو بن أمية الضمري (5) إلى قتل أبي سفيان صخر بن حرب ابن أمية، فلم يمكنه ذلك ولم تهيأ له.

_ (1) زيادة من ابن هشام 4: 271، وابن سعد 2: 91، والإمتاع: 334. (2) الحرقات من جهينة: هم بنو حميس بن عمرو بن ثعلبة بن مودعة (انظر الجمهرة ص: 417) . (3) في الأصل: واقم، والتصحيح عن ابن هشام 4: 275، وابن سعد 2 / 1: 96 والإمتاع ص 356. وهذه السرية سماها كل من ابن سعد، وابن سيد الناس 2: 161، والإمتاع: سرية أبي قتادة بن ربعي. ولا خلاف في أمر السرية نفسها، وإنما الخلاف في من كان صاحبها؛ وقد جعلها ابن هشام: سرية ابن أبي حدرد، وذكر أبا قتادة فيمن خرجوا فيها. (4) هي السرية التي تسمى في كتب السير: " غزوة الخبط " لأن المسلمين أكلوا فيها ورق الخبط، وهو نوع من الشجر؛ (انظر ابن سعد 2 / 1: 95، وابن سيد الناس 2: 158، والإمتاع: 354) . (5) أشار ابن هشام (4: 282) عند الكلام على بعث عمرو بن أمية، أنه ليس من البعوث التي ذكرها ابن إسحاق، وإنما هو مما زاده ابن هشام نفسه.

صفته وأسماؤه صلى الله عليه وسلم

(41) وبعث زيد بن حارثة إلى مدين. (42) وبعث سالم بن عمير إلى أبي عفك (1) ، من بني عمرو بن عوف، فقتله. (43) وبعث عمرو بن عدي الخطمي إلى عصماء بنت مروان، من بني أمية بن زيد، فقتلها. (44) وبعث [بعثاً] (2) أسر فيه ثمامة بن اثالث الحنفي. (45) وبعث علقمة بن مجزر المدلجي. (46) وبعث كرز بن جابر (3) خلف الذين قتلوا الرعاء وسملوا عيونهم. (47) وبعت أسامة بن زيد إلى الشام، وهو آخر بعوثه، مات صلى الله عليه وسلم قبل أن ينفذه، فأنفذه أبو بكر الصديق، رضوان الله عليهم ورحمته وبركاته، وبالله التوفيق. صفته وأسماؤه صلى الله عليه وسلم (4) كان صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض

_ (1) في الأصل: أبي عقيل، وهو خطأ. (2) زيادة يقتضيها السياق. (3) في الأصل: " جابر بن خلف ... " وهو خطأ، سقط من نسب كرز اسم أبيه على الأقل. (4) انظر صفة الرسول في: ابن سعد 1 / 2: 120، ومسند الإمام أحمد بن حنبل، بتحقيق أحمد محمد شاكر، في الأحاديث (684، 744، 798، 944، 946، 947، 1053، 1122، 1299، 1300) ، وكتاب الشمائل للترمذي (ج 1 ص 8 - 67 بشرح العلامة على القارئ) ، وتهذيب ابن عساكر 1: 314، وابن سيد الناس 2: 323، وتاريخ الذهبي 1: 243، وتهذيب النووي 1: 25، وبعض هذا الذي ذكره ابن حزم مأخوذ نصاً من حديث أنس (انظر ابن سعد 1 / 2: 123) ومن حديث علي بن أبي طالب، الذي أشرنا إلى أرقامه في المسند. وأما عن أسمائه فارجع إلى: ابن سعد 1 / 1: 64، والطبري 3: 185، وابن عساكر 1: 73، وتلقيح الفهوم ص 6؛ وزاد المعاد ص: 38؛ وتاريخ الذهبي 1: 24؛ وتاريخ الخميس 1: 206؛ وتهذيب النووى 1: 22؛ وقد زاد ابن سعد في أسمائه: الخاتم، ورسول الرحمة.

الأمهق، ولا الآدم (1) ، ولا بالجعد القطط، ولا السبط (2) ، رجل الشعر، أزهر اللون، مشرباً بحمرة في بياض ساطع، كأن وجهه القمر حسناً، ضخم الكراديس، أوطف الأشفار (3) ، أدعج العينين، في بياضهما عروق حمر رقاق، حسن الثغر، واسع الفم، حسن الأنف، إذا مشى كأنه يتكفأ (4) ، إذا التفت التفت بجميعه، كثير النظر إلى الارض، ضخم اليدين لينهما، قليل لحم العقبين، كث اللحية واسعها، أسود الشعر، ليس لرجليه أخمص، إذا طول شعره فإلى شحمة أذنيه ومع كتفه، وإذا قصره فإلى أنصاف أذنيه، لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرين شيبة (5) . وهو: محمد، صلى الله عليه وسلمن وأحمد، والملحى: يمحو الله به الكفر، والحاشر: يحشر الناس على عقبيه، والعاقب: ليس بعده نبي، والمقفى، ونبي التوبة، ونبي الملحمة، وسماه الله تعالى: رؤوفاً رحيما. وكان على نغض (6) كتفه الأيسر خاتم النبوة، كأنه بيضة حمام، لونه لون جسده، عليه خيلان (7) ، ومن فوقه شعرات.

_ (1) الأمهق: الشديد البياض الذي لا يخالط بياضه شيء من الحمرة. والآدم: الأسمر. (2) رجل قط الشعر وقططه: أي قصيره جعده. والسبط نقيضه. وشعر رجل: بين السبوطة والجعودة. (3) الكراديس: كل عظمين التقيا في مفصل. وأوطف الأشفار: أي كان في هدب أشفار عينيه طول. (4) التكفؤ: التمايل إلى قدام كما تتكفأ السفينة في جريها. (5) راجع ابن سعد 1 / 2: 135 حيث الكلام عن شيب الرسول. (6) النغض: بفتح النون وضمها: هو العظم الرقيق على طرف الكتف. (7) خيلان: جمع خيال: وهي الشامة في الجسد.

أمراؤه صلى الله عليه وسلم

أمراؤه صلى الله عليه وسلم (1) باذان الفارسي على اليمن كلها، وهو باذان بن ساسان بن بلاش، ابن الملك جاماساف، بن الملك فيروز بن يزدجر الملك، بن بهرام جور الملك، فلما مات باذان ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه شهر بن باذان صنعاء وأعمالها فقط. وولى المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة كندة والصدف. وولى زياد بن لبيد البياضي الأنصاري حضرموت (2) . وولى أبا موسى الأشعري زبيد وعدن ورمع والساحل. وولى معاذ بن جبل الجند. وولى عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس مكة وإقامة الموسم والحج بالمسلمين سنة ثمان، وهو دون العشرين سنة. وولى أبا سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس نجران (3) . وولى يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب على تيماء. وولى خالد بن سعيد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس على صنعاء بعد قتل شهر بن باذان، وقتل شهر بن باذان، رحمة الله عليه، الأسود العنسي الكذاب لعنه الله.

_ (1) اختلف ترتيب هذا الفصل عما في المحبر (ص 125) بعض اختلاف؛ وفي أماكن متفرقة من فتوح البلدان للبلاذري ذكر لأمراء الرسول؛ وفي أنساب الأشراف له 1: 255 - 256 فصل خاص بهم؛ وانظر أيضاً زاد المعاد 1: 64. (2) زاد في المحبر (126) أن زياداً كان والياً على صدقات حضر موت. (3) ولى أبو سفيان نجران بعد عمرو بن حزم (انظر فتوح البلدان ص 76) .

وولى أخاه عمرو بن سعيد على وادي القرى. وولى أخاهما الحكم بن سعيد على قرى عرينة (1) ، وهي فدك وغيرها. وولى أخاهم أبان بن سعيد على مدينة الخط بالبحرين (2) ، وهي التي تنسب إليها الرماح. وولى العلاء بن الحضرمي حليف بن سعيد بن العاص على القطيف بالبحرين. وولى عمرو بن العاص على عمان وأعمالها. وولى عثمان بن [أبي] (3) العاصي الثقفي على الطائف. وولى محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد (4) الزبيدي على الأخماس (5) التي بحضرته (6) ، صلى الله عليه وسلم، قيل: وهو حليف بني جمح. وولى علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، على الأخماس باليمن، والقضاء بها.

_ (1) انظر في قرى عرينة، كتاب الأموال رقم: 23. (2) رجح البلاذري (فتوح ص: 88) أن العلاء كان أولا والياً على البحرين ثم خلفه عليها أبان سعيد. (3) ساقطة في الأصل. (4) في الأصل: عرفج بن عمرو بن زيد، وهو خطأ، والتصحيح من ابن سعد وسواه. (5) ذكر ابن سعد (4 / 1: 146) أن محمية بن جزء استعمل على مقسم الخمس وسهمان المسلمين يوم المريسيع؛ وأورد رواية أخرى تؤيد أن أمر الأخماس عامة كان موكولاً إليه. (6) في الأصل: لحضرته، وهو خطأ من الناسخ، وقوله: " بحضرته ": أي التي كانت حاضرة عنده يوم المريسيع، كما سلف.

فصل

وولى معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي حليف بني أمية بن عبد شمس على خاتمه (1) صلى الله عليه وسلم. وولى عدي بن حاتم على صدقات بني أسد. وولى مالك بن نويرة اليربوعي على صدقات بني حنظلة بن زيد مناة بن تميم. وولى قيس بن عاصم المنقري، والزبرقان بن بدر على صدقات بني سعد ابن زيد مناة بن تميم. وولى عمر بن الخطاب على بعض من الصدقات أيضاً، وجماعة كثيرة على الصدقات أيضاً، لأنه كان على كل قبيلة وال يقبض صدقاتها. وولى أبا بكر الصديق على موسم سنة تسع، وخليفته على ولاية الأمور كلها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. فصل كان عمر بن عبسة السلمى صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية (2) . وكان عياض بن حمار (3) بن [ناجية بن] (4) عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع

_ (1) هكذا ذكر ابن حزم، وأما ابن حبيب فقد ذكر أن معيقيباً ولى على الغنائم. وانظر ترجمة معيقيب في ابن سعد (4 / 1: 86) . (2) لعمرو بن عبسة ترجمة في ابن سعد (4 / 1: 157) ، وفي الاستيعاب وأسد الغابة. وهو مذكور في مسند أحمد 4: 111 - 115، 385 - 388، وليس في المصادر المذكورة ما يدل على انه صديقاً لرسول الله في الجاهلية، ولكنه كان من أسبق الناس إلى الإسلام حتى كان يقول إنه ربع الإسلام. (3) في ابن سعد وأسد الغابة: عياض بن حماد؛ وفي اللسان والإصابة: حمار؛ قال ابن حجر في تعليقه على التسمية: وأبوه باسم الحيوان المشهور، وقد صحفه بعض المتنطعين من الفقهاء، لظنه أن أحداً لا يسمى بذلك. (4) ساقطة في الأصل.

كتابه صلى الله عليه وسلم

بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، حرمى (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، ويعني ذلك أن قريشاً كانت من الحمس، وكانت بنو مجاشع من الحلة، وعهما دينان من أديان العرب في الجاهلية، فكان الحل لا يطوف بالبيت إلا عرياناً إلا أن يعيره رجل من الحمس ثياباً يطوف بها؛ فكان عياض يطوف في ثياب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعياض هذا: ابن عم الأقرع بن حابس بن عقال لحا. وكان الضحاك بن سفيان الكلابي سيافه (2) ، صلى الله عليه وسلم؛ وبالله التوفيق. كتابه صلى الله عليه وسلم (3) علي بن أبي طالب، وعثمان، وعمر، وأبو بكر، وخالد بن سعيد بن العاصي، وأبي بن كعب الأنصاري، وحنظلة بن الربيع الأسيدي، ويزيد ابن أبي سفيان، وزيد بن ثابت الأنصاري من بني النجار، ومعاية بن أبي سفيان.

_ (1) النسب في الناس للحرم " حرمى " بكسر الحاء وسكون الراء، فإذا كان في غير الناس قيل " حرمى " بفتحهما. (2) ترجم له في الإصابة وقال: إنه كان يقوم على رأس الرسول متوشحاً بالسيف. وراجع تلقيح الفهوم (ص 38) وزاد المعاد 1: 63 في من كان يضرب الأعناق بين يديه. (3) انظر أسماء كتابه: في أنساب الأشراف 1: 256؛ وفتوح البلدان: 478؛ والجهشياري ص: 12 وتلقيح الفهوم: 37؛ وزاد المعاد 1: 59؛ وتهذيب النووي 1: 29؛ وابن سيد الناس 2: 315 وعددهم هناك كثير؛ وذكر صاحب التراتيب الإدارية (1: 114) نقلاً عن ابن عساكر أنه عدهم في تاريخ دمشق ثلاث وعشرين، وأوصلهم في بهجة المحافل إلى خمسة وعشرين. راجع كذلك الاستيعاب في ترجمة زيد بن ثابت.

فصل

وكان زيد بن ثابت من ألزم الناس لذلك، ثم تلاه معاوية بعد الفتح. فكانا ملازمين للكتابة بين يديه، صلى الله عليه وسلم، في الوحي وغير ذلك، لا عمل لهما غير ذلك. فصل (1) كان قيس بن سعد بن عبادة الساعدي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير. ووقف المغيرة بن شعبة الثقفي على رأسه بالسيف يوم الحديبية. وكان بلال بن رباح على نفقاته. وكانت أم أيمن دايته. وكان أنس بن مالك خادمه. وكان ذؤيب بن حلحلة بن عمرو الخزاعي، والد الفقيه قبيصة بن ذؤيب، صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أهدى، والناظر عليها. وقد أذن عليه رباح الأسود مولاه، وأبو موسى الأشعري. وكان ابن أم مكتوم الأعمى، وهو من بني عامر بن لؤي، واسمه عمرو ابن قيس بن زائدة [بن] (2) الأصم، واسمه جندب، بن هزم (3) بن رواحة بن حجر بن عبد (4) بن معيص بن عامر بن لؤي: مؤذنه مع بلال.

_ (1) راجع في هذت الفصل المتنوع فصولاً عن مؤذنيه وحرسه وشعرائه وخطبائه في زاد المعاد (1: 63 - 66) وتلقيح الفهوم: 38. (2) ساقطة من الأصل. (3) في أسد الغابة والإصابة: هرم؛ وفي الجمهرة (162) : هدم. (4) ما ورد هنا يتفق مع ما جاء في الجمهرة (ص 161) . وفي أسد الغابة: عدي.

وحجمه أبو طيبة (1) من الأنصار. وكان شعراؤه الذين يذبون عن إسلام بألسنتهم: كعب بن مالك الأسلمي، وعبد الله بن رواحة من بني الحارث بن الخزرج، وحسان بن ثابت من بني النجار، كلهم من الخزرج من الأنصار. وخطيبه ثابت بن قيس بن الشماس. وفارسه أبو قتادة الأنصاري. وضيفه أبو أيوب خالد بن زيد من بني النجار. واتخذ صلى الله عليه وسلم خاتم ذهب (2) ، ثم رماه وتبرأ منه؛ واتخذ خاتم فضة، فصه منه، نقشه: محمد، رسول، الله ثلاثة أسطر، كان يحبسه في خنصره المقدس في يساره، وربما في يمينه المقدسة، يجعل فصه إلى باطن كفه، ونهى أن ينقش أحد على نقشه، كما نهى أن يتكنى أحد بكنيته، فلا يحل شيء من ذلك. فلم يزل الخاتم في يده إلى أن مات، ثم في يد أبي بكر، ثم عمر، ثم في يد عثمان، فلما كان في السنة السادسة من خلافته سقط من يده في بئر أريس؛ فنزحت البئر، وأخرج منها أكوام من طين، فلم يوجد الخاتم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فإنه كان أثراً مباركاً فذهب.

_ (1) أبو طيبة: بفتح الطاء كما ضبطه النووي (1: 264) واسمه: نافع وقيل غير ذلك، وكان عبداً لبني بياضة؛ انظر ترجمته في أسد الغابة، وراجع عند ابن سعد (1 / 2: 143) فصلاً عن حجابة رسول الله. (2) انظر اتخاذ الرسول الخاتم في: طبقات ابن سعد 1 / 2: 161، وتاريخ الذهبي 1: 287.

رسله صلى الله عليه وسلم

رسله صلى الله عليه وسلم (1) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل الفتح وبعد الحديبية، رسله إلى الملوك: (1) فبعث دحية بن خليفة الكلبي، إلى قيصر ملك الروم، واسمه هرقل. (2) وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ابرويز بن هرمز، ملك الفرس. (3) وبعث عمرو بن أمية الضمري، إلى النجاشي ملك الحبشة. (4) وبعث حاطب بن [أبي] (2) بلتعة اللخمي، إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، ومصر. (5) وبعث عمرو بن العاصي؛ إلى جيفر وعياذ (3) ابني الجلندي الأزديين، ملكي عمان. (6) وبعث سليط بن عمرو [أحد بني] (4) عامر بن لؤي، إلى هوذة ابن علي، الملك على اليمامة، وإلى ثمامة بن أثال، الحنفيين. (7) وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين. (8) وبعث شجاع بن وهب الأسدي، من أسد خزيمة، إلى الحارث

_ (1) راجع رسله في: ابن هشام 4: 254، وابن سعد 1 / 2: 15، والمحبر ص: 75 وابن سيد الناس 2: 260 - 270، وابن كثير 4: 262، والإمتاع: 307 وتهذيب النووي 1: 30. (2) ساقطة في الأصل. (3) في ابن سعد 1 / 2: 18 وابن سيد الناس: إلى جيفر وعبد. (4) في الأصل: عمرو بن عامر، والتصحيح عن ابن هشام.

ابن أبي شمر الغساني، وابن عمه جبلة بن الأيهم، ملكي البلقاء من عمل دمشق. (9) وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي، إلى الحارث بن عبد الملك (1) الحميري، أحد مقاولة اليمن. (10) وبعث معاذ بن جبل إلى جملة اليمن، داعياً إلى الإسلام، فأسلم جميع ملوكهم، كذى الكلاع وذي ظليم وذي زرود وذي مران وغيرهم. وأسلم سائر الملوك الذين ذكرنا قبل أنهم أرسل إليهم عليه السلام، وأسلم قومهم، حاشا قيصر والقومقس وهذوة وكسرى والحارث بن أبي شمر والنجاشي، وهو غير الذي هاجر إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بموته، فنعاه إلى المسلمين، وخرج بهم إلى البقيع، وصف أصحابه صفوفاً، وصلى عليه، وكبر عليه أربعاً، وكان يكتم قومه إسلامه خوفاً منهم. وتأخر إسلام ثمامة بن أثال، ثم أسلم مختاراً بعد ذلك. وأما قيصر فهم بالإسلام، فغلبه قومه، فلم يسلم. وأما المقوقس فقارب، وهادى رسول الله صلى الله عليه وسلم [مأبوراً وهو عبد] (2) مجبوب، والبغلة الشهباء، التي كانت تسمى الدلدل، وجاريتين: إحداهما مارية أم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخرى أختها سيرين،

_ (1) في ابن هشام: عبد كلال الحميري. (2) بياض بالأصل، والزيادة من كتب الرجال. " مأبور "، ويقال: إن اسمه " هابو ": قبطي خصي قريب مارية، أهداه المقوقس للنبي صلى الله عليه وسلم. (الإصابة وأسد الغابة) .

نساؤه صلى الله عليه وسلم

وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت فولدت له ابنه عبد الرحمن، فهو ابن خالة إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما البغلة فكان يركبها إلى أن مات، ثم كانت عند علي بن أبي طالب إلى أن مات، قيل ثم صارت عند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وكان يجش (1) لها الشعير لطول عمرها، إلى نفقت أيام معاوية. وأما كسرى فكان أقبح القوم رداً، ومزق كتابه، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمزق الله ملكه أولاً، ثم ملك الفرس جملة. وكان صلوات الله وسلامه عليه له رسل كثير إلى قبائل العرب (2) . نساؤه صلى الله عليه وسلم (3) أول أزواجه صلى الله عليه وسلم: خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، تزوجها عليه الصلاة والسلام وهو ابن خمس وعشرين سنة، وماتت رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين (4) ، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت. وكانت قبله عند عتيق بن عابد (5) بن عبد الله

_ (1) جش الحب: دقه أو طحنه غليظاً جريشاً. (2) انظر تفصيل ذلك في ابن سعد 1 / 2: 15 - 38. (3) راجع هذا الفصل في كتاب السمط الثمين للمحب الطبري، وتراجم زوجات الرسول في الجزء الثامن من ابن سعد (ص 35 وما بعدها) ؛ وانظر أيضاً ابن هشام 4: 293؛ والمحبر ص 77؛ وابن عساكر 1: 292؛ وتلقيح الفهوم ص: 9؛ وزاد المعاد 1: 51؛ وتهذيب البنووي 1: 27؛ وابن سيد الناس: 2: 300؛ وابن كثير 5: 291. (4) في المواهب اللدنية (1: 75) أن خديجة توفيت قبل الهجرة بسنة وأن هذا قاله ابن حزم نفسه وادعى فيه الإجماع، وهذا مخالف لما أثبته هنا، ولعله مما استدركته على نفسه كعادته في أكثر ما كتب. (5) كذلك ورد في ابن سعد وابن هشام؛ أما في الجمهرة (133) ؛ ونسب قريش ص 22، والمحبر ص: 79، والإصابة، فهو: عائذ. وفرق أبو ذي الخشني بينهما تفريقاً دقيقاً فقال: كل ما كان من ولد عمر بن مخزوم فهو " عابد " بالباء والدال المهملة، وكل ما كان من ولد عمران بن مخزوم فهو " عائذ ".

ابن عمر بن مخزوم، فولدت له عبد الله، ثم خلف عليها أبو هالة (1) ، واسمه هند بن زرارة بن النباش (2) بن عدي بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جروة (3) بن أسيد بن عمرو بن تميم، فولدت له ابنين ذكرين، وهما: هند والحارث، وابنة اسمها زينب. فأما هند بن هند فشهد أحدا، وسكن البصرة، وروى عنه الحسن بن علي بن أبي طالب (4) . وأما الحارث فقلته أحد الكفار عند الركن اليماني. فلما ماتت خديجة تزوج عليه السلام سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود (5) بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وكانت قبله عند ابن عمها السكران بن عمرو بن عبد شمس، فمات عنها. ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر الصديق، واسمه عبد الله، بن أبي قحافة، واسمه عثمان، بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، لم

_ (1) بهذا قال ابن هشام أيضاً، أي بأن أبا هالة خلف عتيق بن عابد على خديجة، وذهب ابن عبد البر إلى أن أول أزواجها هو أبو هالة وخلفه عتيق، ونسب ابن عبد البر هذا القول للأكثر، وكذلك أورده ابن سعد وصاحب المحبر. (2) في الأصل: العباس، والتصحيح عن الجمهرة ص: 199 والإصابة (ترجمة خديجة) و (ترجمة هند بن أبي هالة 6: 293 - 294) . (3) في الأصل: صرد، والتصحيح عن الجمهرة (199) ، والمحبر (78) ، ومقاتل الطالبيين (48) ، والنقائض (438) . (4) ذكر ابن حزم في الجمهرة أن الحسن روى عن خاله هند صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وحديثه في ذلك رواه الترمذي في الشمائل (1: 38 وما بعدها من شرح على القاري) . ورواه أيضاً البغوي والطبراني وغيرهم، كما نص عليه الحافظ في الإصابة (6: 294) . (5) " ود " بضم الواو، ويجوز فتحها.

يتزوج بكراً غيرها. تزوجها بمكة وهي بنت ست سنين، وبنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر في شوال، وهي بنت تسع سنين، وبقيت معه تسع سنين وخمسة أشهر، وماتت سنة ثمان وخمسين. ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب بعد الهجرة بسنتين وأشهر. وكانت قبله تحت خنيس بن حذافة السهمي، فمات عنها، وتوفيت سنة خمس وأربعين، وصلى عليها مروان، وهو أمير المدينة. ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، وكانت قبله عند عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، قتل يوم بدر. وتوفيت زينب في حياته بعد ضمه لها بشرين، وقال الزهري: بل كانت عند عبد الله بن جحش الأسدي المستشهد يوم أحد. وتزوج أم سلمة، واسمها هند، بنت أبي أمية، واسمه حذيفة (1) ، ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي. وكانت قبله عند أبي سلمة، واسمه عبد الله، بن عبد الأسد المخزومي، فولدت له عمر، وسلمة، ودرة (2) ، وزينب؛ وهي آخر نسائه موتاً، ماتت سنة تسع وخمسين، وكذلك ذكر أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي (3) في تأريخه: أنها توفيت في سنة تسع وخمسين، وقال ابن أبي

_ (1) هذا هو الموافق لما ذكره المصعب الزبيري في نسب قريش (ص 300) . وفي ابن سعد (ج 8 ص 60) في ترجمة " أم سلمة " أن اسمه " سهيل ". وذكر الحافظ في الإصابة (8: 240) القولين. واتفقوا على أن أبا أمية هذا كان يلقب " زاد الركب ". (2) لم يذكر ابن هشام درة بل ذكر في مكانها رقية (انظر 4: 294) . (3) ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (رقم 3877) ، وذكر الطبري في حوادث سنة 241هـ أنه ولي قضاء الشرقية في خلافة المتوكل؛ وهو ممن سمعوا الواقدي، وله تاريخ حسن.

خيثمة (1) : قبل معاوية بسنة، وقال عطاء (2) : آخرهن موتاً صفية، وهذا وهم. وتزوج زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وكانت قبله صلى الله عليه وسلم عند زيد بن حارثة مولاه، وهي أول نسائه موتاً بعده، ماتت في أول (3) خلافة عمر، وهي التي زوجها الله تعالى منه، ولما فتحت البلاد وآتاها عمر ما فرض لها بكت وأعولت، ودعت إلى الله عز وجل أن لا يريها عاماً قابلاً حتى تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما فارقته من التقلل في الدنيا، فماتت قبل تمام العام. ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، واسمه حبيب، بن الحارث بن عابد (4) بن مالك بن جذيمة (5) ، وهو المصطلق، من خزاعة. وكانت قبله عند رجل من بني عمها، اسمه

_ (1) هو أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب بن شداد، كان ثقة عالماص متقناً حافظاً بصيراً بأيام الناس وأئمة الأدب. صنف التاريخ فجرده. قال الخطيب: ولا أعرف أغزر فوائد من تاريخه، وكان لا يحدث به إلا كاملاً. ولد سنة 205 وتوفي سنة 299. (2) لعله أبو محمد عطاء بن بي رباح فقيه الحجاز، انفرد بالفتوى بمكة هو ومجاهد، توفي سنة 114هـ. (انظر ابن سعد 5: 344) . (3) ذكر كل من ابن سعد (8: 81) وابن الأثير (أسد الغابة) أن زينب توفيت سنة عشرين، ومعنى هذا أن وفاتها كانت في أواخر خلافة عمر لا في أولها. ولكن لا خلاف في أن زينب كانت أول نساء الرسول موتاً بعده. (4) سبق أن أشرنا إلى اختلاف المصادر في صورة هذا الاسم بن عابد وعائذ (انظر ص: 31، هامش: 5) . (5) في الأصل: خزيمة؛ والتصحيح عن: الجمهرة (228) ونسب قريش (16) والإمتاع (195) .

عبد الله بن جحش الأسدي (1) ، وتوفيت سنة ست وخمسين في ربيع الأول، وصلى عليها مروان، قاله الواقدي (2) . ثم تزوج أم حبيبة، واسمها رملة، وقيل هند (3) ، بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، فيما بعد الحديبية، سيقت إليه من بلاد الحبشة (4) ، وكانت هنالك مهاجرة مسلمة، وكانت قبله تحت عبيد الله بن جحش الأسدي، فارتد إلى النصرانية، ثم مات إلى النار. قيل: إن النجاشي أصدقها أربعمائة دينار ذهباً، وماتت في خلافة أخيها معاوية، سنة أربع وأربعين، فيما قاله أبو حسن الزيادي، وقال أيضاً مثله الواقدي. وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب، من بني النضير، من ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم هرون بن عمران أخي موسى بن عمران عليهما السلام، وهو عمران بن قاهاث (5) بن لاوي بن رسول

_ (1) قول ابن حزم إن جويرية كانت عند عبد الله بن جحش يتفق وما جاء في ابن هشام (4: 296) ، وهي رواية أوردها صاحب السمط أيضاً (ص 117) ؛ وذكر ابن سعد وصاحب الإمتاع والمحب الطبري وابن سيد الناس أنها كانت عند رجل من بني عمها يقال له: ابن أبي ضرار بن حبيب، وفي رواية أخرى ذكرها ابن سعد أنه: صفوان بن مالك؛ وفي أسد الغابة وابن سيد الناس أنه: مسافع ابن صفوان. (2) ابن سعد 5: 85. (3) قال ابن حجر في الإصابة: وقيل بل اسمها هند؛ ورملة أصح. (4) يفهم من سياق نص ابن حزم أن الرسول تزوج أم حبيبة وهي في الحبشة، وفي رواية عن قتادة: أن الرسول إنما تزوجها بعد أن قدمت المدينة؛ قال ابن حجر في الإصابة: وفيما ذكر عن قتادة رد على دعوى ابن حزم؛ مع أن ابن حجر يقول بعد ذلك: والإجماع على أن النبي إنما تزوج أم حبيبة وهي بالحبشة. ورأى ابن حزم لم يشذ عن ذلك الإجماع فكيف يكون رأي قتادة رداً على دعوى ابن حزم (5) في الأصل: فاهاث، والتصحيح عن الطبري (1: 198) والجمهرة (496) ، وفي التوارة: قهات (3 / 17) .

الله صلى الله عليه وسلم يعقوب بن رسول الله صلى الله عليه وسلم اسحق ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم رسول الله وخليله. وكانت قبله تحت كنانة بن أبي الحقيق. قال الواقدي رحمه الله تعالى: وفي سنة خمسين (1) ماتت صفية بنت حيي، وقاله أيضاً أبو حسان الزيادي. ثم تزوج ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن هرم (2) بن رويبة ابن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله ابن عباس. وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ابن لؤي. وقال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب: بل كانت تحت حويطب بن عبد العزى أخى أبي رهم. وهي آخر من تزوج صلى الله عليه وسلم، تزوجها بمكة في عمرة القضاء بعد إحلاله، وبني بها بسرف (3) ، وبها ماتت أيام معاوية، وذلك سنة إحدى وخمسين، قاله خليفة (4) . وقبرها هناك معروف. وبعث في الجونية ليتزوجها، فدخل عليها ليخطبها، فاستعاذت بالله منه، فأعاذها، ولم يتزوجها، ووردها إلى أهلها.

_ (1) انظر رواية الواقدي هذه في ابن سعد 8: 92؛ وفي رواية أخرى أوردها ابن سعد أيضاً: أنها توفيت سنة اثنتين وخمسين. (2) كذا هو (بالراء) في الإصابة؛ و " هزم " في ابن سعد 8: 94 وأسد الغابة. (3) سرف: واد على عشرة أميال من مكة. (4) هو خليفة بن خياط الحافظ البصري الملقب بشباب، صاحب التاريخ والطبقات، توفي سنة 240هـ (انظر ترجمته في تهذيب التهذيب؛ وشذرات الذهب لابن العماد. وهذا الذي نقله ابن حزم عنه، نقله ابن عساكر أيضاً 1: 308.

ولم يصح عنه عليه السلام أنه طلق امرأة قط، إلا حفصة بنت عمر، ثم راجعها، بأمر الله بمراجعتها. وأراد صلى الله عليه وسلم طلاق سودة بنت زمعة، إذ أسنت، وتوقع أن لا يوفيها حقها؛ فرغبت أن يمسكها، ويجعل يومها لعائشة بنت أبي بكر، فأمسكها. ولم يبق ن نسائه أمهات المؤمنين امرأة إلا تخيرته، إذ أنزل الله تعالى آية التخيير (1) ، ومن ذكر غير هذا فقد ذكر الباطل المتيقن. وصح أن صدقاته (2) لنسائه كان لكل امرأة خمسمائة درهم، هذا الثابت في ذلك، إلا صفية، فإنه أعتقها وجعل عتقها صداقها، لا صداق لها غير ذلك ألبتة، فصارت سنةً بعده عليه السلام. وأولم على زينب بنت جحش بشاةٍ واحدة (3) فكفت الناس، قال أنس بن مالك: ولم نره أولم على امرأة من نسائه بأكثر من ذلك. وأولم على صفية وليمةً ليس فيها شحم ولا لحم، إنما كان السويق والتمر والسمن. وأولم على بعض نسائه، لم تسم لنا، بمدين من شعير (4) ، فكفى ذلك كل من حضر.

_ (1) هي قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردد الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكم سراحاً جميلا، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيما) (الأحزاب 29 - 30) . (2) الصدقات: جمع صدقة، بفتح الصاد وضم الدال، وهو مهر المرأة. (3) انظر صحيح البخاري 7: 24. (4) المصدر نفسه.

أولاده صلى الله عليه وسلم

وكان ينفق على نسائه كل سنة عشرين وسقاً من شعير، وثمانين وسقاً من تمر. هكذا رويناه من طريق في غاية الصحة، وروينا من طريق فيها ضعف: أن هذا العدد لكل واحدة منهن في العام، فالله أعلم، فقد كان لكل واحدة منهن الإماء والعبيد والعتقاء في حياته، صلى الله عليه وسلم ورضى عن جميعهن رضواناً يوجب لهن الجنة. أولاده صلى الله عليه وسلم (1) كل أولاده من ذكر وأنثى فمن خديجة بنت خويلد، حاشا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس، لم يولد له من غيرها. فالذكور من ولده: القاسم، وبه كان يكنى، وهو أكبر ولده، عاش أياماً يسيرة، ولد له قبل النبوة. وولدان آخران اختلف في اسم أحدهما، إلا أنه لا يخرج الرواية في ذلك عن " عبد الله: و " الطاهر " و " الطيب ". وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان له ولد اسمه عبد العزي قبل النبوة، وهذا بعيد، والخبر مرسل، ولا حجة في مرسل. وأما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين (2) ، ومات قبل

_ (1) انظر: ابن هشام 1: 202، وابن سعد 1 / 1: 85، وتهذيب ابن عساكر 1: 291، وتلقيح الفهوم ص: 15، وزاد المعاد 1: 49، وابن سيد الناس 2: 288، وابن كثير: 5: 306، وتاريخ الخميس 1: 272، وتهذيب النووى 1: 26، وانظر ما أورده صاحب المحبر (ص 52) والمحب في السمط الثمين (146 - 166) في ذكر بناته خاصة. (2) ذكر ابن سعد وابن سيد الناس أنه عاش ستة عشر شهراً.

موت أبيه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر، يوم كسوف الشمس. وبناته: وزينب، أكبر بناته، تزوجها أبو العاصي، اسمه القاسم، بن الربيع (1) ابن عبد العزي بن عبد مناف، وكانت خديجة أم المؤمنين خالة أبي العاصي. لم يكن لزينب زوج أبي العاصي، وماتت عنده سنة ثمان من الهجرة (2) ، قاله خليفة. ومات أبو العاصي في خلافة عمر. فولدت زينب لأبي العاصي: علياً، ومات مراهقاً، وأمامة، تزوجها علي بن أبي طالب بعد فاطمة فلم تلد له، ومات عنها، فتزوجها المغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب، فماتت عنده ولم تلد له. وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: رقية، تزوجها عثمان بن عفان، لم يكن لها زوج غيره، فولدت له ابناً اسمه: عبد الله، مات وله أربع سنين (3) ، ثم ماتت رقية بعد يوم بدر بثلاثة أيام. وكان له صلى الله عليه وسلم أيضاً: فاطمة رضوان الله عليها، وتزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله جوهه، فولدت له: الحي، فهو أكبر ولده والحسين، وزينب، وأم كلثوم، وابناً مات صغيراً اسمه

_ (1) في اسم أبي العاصي اختلاف كثير. فقد رجح البلاذري أن أسمه لقيط، وحكى ابن عبد البر أنه هشيم أو مهشم. وقال أبو نعيم إنه ياسر، قال ابن حجر وأظنه (أي ياسراً) محرفاً من قاسم. (2) انظر ابن عساكر (1: 296) ، حيث ينقل عن ابن حزم أن زينب توفيت في أول سنة ثمان من الهجرة، ولم يحدد ابن حزم هنا تاريخ الوفاة كما أنه ينقل عن خليفة؛ فلعل ابن عساكر نقل رأي ابن حزم من أحد كتبه الأخرى. (3) في السمط (ص 161) أنه مات وله ست سنين. ولعل ابن حزم سها هنا حين قرأ أن عبد الله مات سنة أربع.

أخلاقه صلى الله عليه وسلم

المحسن (1) . تزوج زينب بنت علي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فولدت له علي بن عبد الله، له عقب. وتزوج أم كلثوم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فولدت له زيداً، لا عقب له ولا لأمه. وماتت فاطمة بعد رسول صلى الله عليه وسلم أشهر، ولم يكن لها زوج غير عليّ. وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم، وهي أصغر بناته، كانت مملكةً بعتبة بن أبي لهب فلم يدخل بها فطلقها، فتزوجها عثمان ابن عفان، فماتت عنده في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سنة تسع من الهجرة، قاله خليفة بن خياط، ولم تلد له. أخلاقه صلى الله عليه وسلم (2) كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم على خلقٍ عظيم، كما وصفه ربه تعالى. وكان صلوات الله عليه وسلامه أحلم الناس، وأشجع الناس، وأعدل الناس، وأعف الناس، لم تمس قط يده امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرمٍ منه. وكان عليه الصلاة والسلام أسخى الناس، لا يثبت عنده دينار ولا درهم، فإن فضل، ولم يجد من يعطيه ويجنه الليل، لم يأو منزله حتى

_ (1) " المحسن ": بتشديد السين المهملة المكسورة. انظر الإصابة (6: 150 - 151) والمسند، وفي الحديثين (769، 953) . والاستدراكين (2287 - 2552) من استدراكات المسند، بتحقيق أحمد محمد شاكر. (2) ابن سعد: 1 / 2: 89 وما بعدها، وتهذيب ابن عساكر 1: 338، ودلائل النبوة ص: 56؛ وابن سيد الناس 2: 329، وتاريخ الخميس 1: 207، وتهذيب النووى 1: 31، وتاريخ الذهبي 1: 259 - 279.

يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه، لا يأخذ مما آتاه الله تعالى إلا قوت عامه فقط، من أيسر ما يجد من الشعير والتمر، ويضع سائر ذلك في سبيل الله تعالى. لا يسأل لله شيئاً إلا أعطاه، ثم يعود على قوت عامه فيؤثر منه حتى يحتاج قبل انقضاء العام. يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخدم في مهنة أهله، ويقطع اللحم معهن. أشد الناس حياء، لا يثبت بصره في وجه أحد. يجيب دعوة العبد والحر. ويقبل الهدايا ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب، ويكافئ عليها ويأكلها. ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها. تستعتبه الأمة والمسكين، فيتبعها حيث دعواه. ولا يغضب لنفسه، ويغضب لربه، وينفذ الحق وإن عاد ذلك بالضرر عليه وعلى أصحابه. عرض عليه الانتصار بالمشركين، وهو في قلة وحاجة إلى إنسان واحد يزيده في عدد من معه، فأبى وقال: إنا لا نستنصر بمشرك. ووجد أصحابه قتيلاً من خيارهم وفضلاء أصحابه، يهد البلاد العظيمة والعساكر الكثيرة فقد مثله منهم، فلم يحف (1) لهم من أجله على أعدائه من اليهود الذين وجده مقتولاً بينهم، بل وداه مائة ناقة من صدقات المسلمين، وإن بأصحابه لحاجة إلى بعير واحد يتقوون به.

_ (1) في الأصل: يجف. وحاف عليه: ظلمه وجار عليه.

وودى بني جذيمة، وهم غير موثوق بإيمانهم، إذ وجب بأمر الله تعالى ذلك. يعصب الحجر على بطنه من الجوع، ومرة يأكل ما وجد، لا يرد ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضر، ولا يتورع عن مطعم حلال، إن وجد تمراً دون خبز أكله، وإن وجد شواء أكله، وإن وجد خبز بر أكله، وإن وجد حلواء أو عسلاً أكله، وإن وجد لبناً دون خبز اكتفى به، وإن وجد بطيخاً أو رطباً أكله. لا يأكل متئكاً ولا على خوان، منديله باطن قدميه. لم يشبع من خبز بر ثلاثاً تباعاً حتى لقي الله تعالى، إيثاراً على نفسه، لا فقراً، ولا بخلاً. يجيب الوليمة، ويعود المرضى، ويشهد الجنائز. يمشي وحده بين يدي أعدائه بلا حارس. أشد الناس تواضعاً، وأشكتهم في غير كبر، وأبلغهم في غير تطويل، وأحسنهم بشراً. لا يهوله شيء من أمور الدنيا. ويلبس ما وجد، فمرة شملة، ومرة برد حبرة يمانياً، ومرة جبة صوف، ما وجد من المباح، لبس خاتم فضة، فصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن، وربما في الأيسر. يردف خلفه عبده أو غيره. يركب ما أمكنه، مرة فرساً، ومرة بعيراً، ومرة حماراً، ومرة بغلة شهباء، ومرة راجلاً حافياً بلا رداء ولا عمامة ولا قلنسوة.

يعود كذلك المرضة في أقصى المدينة. يحب الطيب، ويكره الريح الردية. يجالس الفقراء، ويواكل المساكين، ويلزم أهل (1) في أخلاقهم، ويستألف أهل الشرف بالبر لهم. يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم، لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر. يمزح ولا يقول إلا حقاً، يضحك في غير قهقة، ويرى اللعب المباح فلا ينكره. ويسابق أهله على الأقدام، ويرفع الأصوات عليه فيصبر. له لقاح (2) وغنم، يتقوت هو أهله من ألبانها. وله عبيد وإماء، لا يتفضل عليهم في مأكل ولا ملبس. ولا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لابد له من صلاح نفسه. يخرج إلى بساتين أصحابه، ويقبل البر اليسير، ويشرب النبيذ الحلو. ولا يحقر مسكيناً لفقره وزمانته، ولا يهاب ملكاً لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله تعالى مستوياً. أطعم السم، وسحر، فلم يقتل من سمه، ولا من سحره، إذ لم ير عليهما قتلاً، ولو وجب ذلك عليها لما تركهما. قد جمع الله له السيرة الفاضلة، والسياسة التامة. وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب، ونشأ في بلاد الجهل والصحارى، في بلد فقر، وذي رعية غنم.

_ (1) هكذا في الأصل، وأمام الجملة في النسخة الخطية علامة استفهام؛ وثمة كلمة ساقطة قبل قوله " في اخلاقهم " نحو كلمة " المروءة " (2) لقاح: إبل، جمع لقحة ولقوح، وهي، في الأصل: الحلوب.

جمل من التاريخ

ورباه الله تعالى محفوفاً باللطف، يتيماً لا أب له، ولا أم، فعلمه الله جميع محاسن الأخلاق، والطرق الحميدة. وأوحى إليه جل وعلا أخبار الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز في الآخرة، والغبطة والخلاص في الدنيا، ولزوم الواجب، وترك الفضول من كل شيء. وفقنا الله تعالى لطاعته عليه الصلاة والسلام في أمرعه، والتأسي به في فعله، إلا فيما يخص به، آمين، آمين. جمل من التاريخ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفرد متقرباً إلى الله عز وجل في غار معروف بغار حراء (1) ، حبب إليه عليه صلوات الله وسلامه ذلك، لم يأمره بذلك أحد من الناس، ولا رأى من يفعل ذلك فتأسى به، وإنما أراده الله تعالى لذلك، فكان يبقى فيه عليه الصلاة والسلام الأيام والليالي، ففيه أتاه الوحي. وأول ما أتاه جاءه الملك فقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ: فغطه حتى بلغ منه الجهد (2) ، ثم أرسله، فقال: اقرأ؛ فقال: ما أنا بقارئ؛ فغطه الثانية كذلك، ثم أرسله، فقال: اقرأ، مرتين أو ثلاثاً، فقال له: ماذا أقرأ فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق.

_ (1) انظر: ابن هشام 1: 251، وابن سعد 1 / 1: 129؛ وابن سيد الناس 1: 80، وابن كثير 2: 306، وتاريخ الذهبي 1: 67، والإمتاع ص: 12، وتاريخ الخميس 1: 280. (2) الغط: العصر الشديد والكبس، قيل: إنما غطه ليختبره هل يقول من تلقاء نفسه شيئاً.

اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم} . وهذا أول ما نزل من القرآن. فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم خديجة أم المؤمنين، فكانت أول من آمن. ثم آمن من الصبيان علي، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق [ابن أبي قحافة] (1) واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن [كعب بن] (2) لؤي بن غالب بن فهر. وقيل: أول من آمن بعد خديجة أم المؤمنين: أبو بكر (3) . ثم عليّ بن أبي طالب، واسم أبيه عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر. وزيد بن حارثة، وبلال. ثم أسم عمرو بن عبسة السلمي (4) ، وخالد بن سعيد بن العاصي بن أمية

_ (1) زيادة لازمة، لأن عثمان اسم أبيه. (2) ساقطة من الأصل. (3) في السابقين إلى الإسلام انظر: ابن هشام 1: 257، وابن سيد الناس 1: 91، وابن كثير 3: 37، والإمتاع ص: 15، وتاريخ الخميس 1: 286. (4) لم يذكر ابن حزم نسبه، ولذلك كتب الناسخ على هامش النسخة: ينبغي سياق نسبه وهو - كما ذكره المؤلف في الجمهرة: عمرو بن عبسة بن منقذ [بن عامر] بن خالد بن حذيفة بن عمرو بن خلف بن مازن بن مالك بن ثعلبة بن بهثة [بن سليم] بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وقد ذكره ابن حزم قبل هذا (ص: 25) وقال إنه كان صديقاً للرسول في الجاهلية. وهذا النسب الذي كتبه الناسخ بهامش الأصل مأخوذ من الجمهرة لابن حزم (ص 252) مع الرجوع إلى عمود النسب فيها (ص 248 - 252) . وأخطأ كاتب الهامش فكتب " منقل " بدل " منقذ "، وزاد في النسب [بن عامر] بعد منقذ، ونقص منه [بن سليم] بين " بهثة " و " منصور ". وفي نسبه أقوال أخر. انظر طبقات ابن سعد (4 / 1: 157 - 160) و (7 / 2: 125 - 126) ، والإصابة (5: 5 - 6) ، والمستدرك للحاكم (3: 616 - 617) .

ابن عبد شمس بن عبد مناف. وسعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص مالك بن وهيب (1) بن عبد مناف بن قصي بن كلاب. ثم عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب. والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب. وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ابن كلاب. وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة. وخالد بن سعيد (2) ، وعمرو بن عبسة، وسعد بن أبي وقاص: من أولهم إسلاماً، وكان سائر من ذكرنا بدعاء أبي بكر الصديق لهم إلى الإسلام. وقد قيل إن سعداً أيضاً أسلم بدعاء أبي بكر، غير خالد وعمرو، فإنهما أسلما سابقين بدعائه عليه السلام. ثم أسلك أبو عبيدة، واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال ابن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر. وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ابن يقظة بن مرة.

_ (1) في ابن هشام: أهيب. (2) عد ابن حزم خالد بن سعيد في الأوائل، أخذاً بالروايات التي تقول إنه كان ثالثاً أو رابعاً أو خامساً، وآخره ابن هشام (انظر 1: 277) .

وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. وإخوته قدامة، وعبد الله، [والسائب] (1) . وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط [ابن] (2) رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. وكان أبوه زيد قد رفض الأوثان في الجاهلية ووحد الله عز وجل، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده (3) . وأسماء بنت أبي بكر الصديق. وفاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى، أخت عمر بن الخطاب، زوجة سعيد بن زيد. وعمير بن أبي وقاص، أخو سعد بن أبي وقاص. وعبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار (4) بن مخزوم بن هاصلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركه، حليف بن زهرة، وكان يرعى غما لعقبة بن أبي معيط، وكان سبب إسلامه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلب من غنمه شاة حائلاً فدرت (5) .

_ (1) لم يذكر ابن هشام في المسلمين الأولين من إخوة عثمان بن مظعون إلا اثنين: هما قدامة وعبد الله، وقول ابن حزم " إخوته " - بصيغة الجمع، يقتضي عد السائب فيهم. وقد ذكر ابن حزم أربعتهم في الجمهرة (ص 152) وقال: مهاجرون بدريون من المهاجرين الأولين وأفاضل الصحابة، رضى الله عنهم. (2) ساقطة من الأصل. (3) انظر مسند الطيالسي (رقن 234) ، ومسند الإمام أحمد، بشرح أحمد محمد شاكر (رقم 1648) في حديث سعيد بن زيد، و (رقم 5369) في حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وترجمة " زيد بن عمرو بن نفيل " في الإصابة (3: 31 - 32) . (4) الأصل: قار، وهو بالفاء في الجمهرة: 186، والاستيعاب. (5) حائل: غير حامل.

ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن حمالة بن غالب ابن محلم بن عائذة بن يثيع (1) بن مليح بن الهون بن خزيمة بن مدركة، وهم القارة. وسليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر. وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة. وامرأته أسماء بنت مخربة التميمية. وخنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم (2) بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي، وهو زوج حفصة بنت [عمر بن] (3) الخطاب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعامر بن ربيعة العنزي، من عنز وائل، حليف آل الخطاب. وعبد الله بن جحش بن رئاب بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم ابن دودان بن أسد بن خزيمة، حليف بني أمية بن عبد شمس. وأخوه أبو أحمد بن جحش، وكان أعمى. وجعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب. وامرأته أسماء بنت عميس بن النعمان بن كعب بن مالك الخثعمي. وحاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب.

_ (1) في ابن هشام: سبيع، وفي الجمهرة: يثيع، كالذي أثبته هنا. (2) الجمهرة: 156: سعد بن سهم. (3) ما بين معكفين ساقط من الأصل.

وامرأته بنت (1) المجلل بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر. وأخوه حطاب (2) بن الحارث. وامرأته فكيهة بنت يسار. ومعمر بن الحارث بن عمرو بن حبيب بن [وهب بن] (3) حذافة ابن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. والسائب بن عثمان بن مظعون بن حبيب. والمطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. وامرأته رملة بنت أبي عوف بن صبرة بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. والنحام واسمه نعيم بن عبد الله بن [أسيد بن عبد مناف بن] (4) عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي. وعامر بن فهيرة أزدي، أمه فهيرة مولاة أبي بكر الصديق. وأمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن يثيع (5) بن

_ (1) في حاشية الأصل: اسمها فاطمة. (2) في الأصل: خطاب (بالخاء المعجمة) والتصويب عن الجمهرة والاستيعاب. (3) زيادة من الجمهرة: 152. (4) زيادة من الجمهرة: 148 ونسبه كما أورده المؤلف هنالك كالذي أورده هنا إلا أنه ذكر عبد مناف بدلا من عبد الله. وقد حافظنا على رواية المؤلف في هذا النسب وإن خالف فيها غيره. فقد جاء في الاستيعاب والسهيل: ابن عبد الله بن أسيد بن عبد عوف، وصححه الخشني (1: 80) . وانظر تحقيقاً وافياً في اسم " نعيم النحام " هذا، وفي شأن تسميته، في شرح الحديث (5720) من المسند، بشرح أحمد محمد شاكر. (5) في الأصل: سبيع؛ وقال الخشني: صوابه يثيع بياء مضمومة مثناة النقط وثاء مثلثة.

جعثمة (1) بن سعد بن مليح بن عمرو، من خزاعة، امرأة خالد بن سعيد بن أبي العاصي. وحاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود أخو سليط بن عمرو، المذكور قبل. وأبو حذيفة مهشم (2) بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، حليف بني عدي بن كعب. وخالد، وعاقل، وعامر، وإياس بنو البكير بن عبد ياليل بن ناشب

_ (1) في الأصل: خثعمة؛ قال الخشني: صوابه جعثمة، بجيم مكسور. (2) " مهشم ": بضم الميم وفتح الهاء وتشديد الشين المعجمة المكسورة، كما نص عليه في تاج العروس (9: 106) . وأبو حذيفة بن عتبة هذا، جزم ابن حزم هنا وفي الجمهرة (ص: 69) بأن اسمه " مهشم "، وكذلك جزم ابن هشام في السيرة (ص 165 طبعة أوروبة) ، وابن الأثير في أسد الغابة، (4: 425) في حرف الميم. واقتصر عليه الذهبي في تاريخ الإسلام (1: 364) ، فقال " قيل: اسمه مهشم ". وهو مشهور بكنيته. وهو صحابي قديم، هاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلها، بدراً فما بعدها. وقتل يوم اليمامة شهيداً سنة 12. وعقب السهيل (1: 167) ، والخشني (1: 80) ، كلاهما في شرح السيرة، على قول ابن هشام، فقال السهيلي: " وهو وهم عند أهل النسب، فإن مهشما إنما هو أبو حذيفة بن المغيرة، أخو هاشم وهشام ابني المغيرة بن عد الله بن عمر بن مخزوم، وأما أبو حذيفة ابن عتبة، فاسمه: قيس، فيما ذكروا ". وهذا صنيع غير جيد في مواطن الاختلاف. فقد سماه ابن سعد في الطبقات (3 / 1 / 59) " هشيما " وبذلك جزم الحاكم في المستدرك (3: 223) . والخلاف في اسمه قديم، قال ابن عبد البر في الاستيعاب (ص 653) : " يقال اسمه: مهشم، وقيل: هشيم، وقيل: هاشم ". وفي الإصابة (7: 42) : " اسمه: مهشم، وقيل: هاشم، وقيل: قيس ". وذكره الحافظ في الإصابة أيضاً، في اسم " مهشيم " (6: 146) ، وأحال على الموضع الآخر في الكنى. وأبو حذيفة بن عتبة هذا: هو الذي كان تبنى سالماً، الذي عرف باسم " سالم مولى أبي حذيفة "، والذي ورد شأنه الحديث المعروف في رضاع الكبير. انظر فتح الباري (7: 244، و 9: 113 - 114) ، وصحيح مسلم (1: 415) ، وسنن أبي داود (رقم 2061) . وأما " أبو حذيفة بن المغيرة المخزومي "، الذي أشار إليه السهيل والخشني، فاسمه " مهشم " أيضاً، وهو جاهل، وذكره ابن حزم في الجمهرة (ص 135، 137) ، وذكر أن ابنه " هشام بن أبي حذيفة " من مهاجرة الحبشة، وهو كما قال.

ابن غيرة بن سعد (1) بن ليث بن بكر (2) بن عبد مناة بن كنانة، حلفاء لبني عدي بن كعب. وعمار بن ياسر، عنسى من مذحج، مولى لبني مخزوم. وصهيب بن سنان من بني النمر بن قاسط، حليف آل جدعان من بني تيم بن مرة. والأرقم بن أبي الأرقم، واسمه عبد مناف، بن أبي جندب، واسمه أسد، بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. ثم عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط، وقيل: به أتم الله أربعين من الصحابة، ولعل ذلك كان وعمرو بن عبسة لم يكن بمكة، وعمير بن أبي وقاص كان صغيراً، ولعل أيضاً بينهم مثل هذا. وأول من أهراق دماً في سبيل الله فسعد بن أبي وقاص، وكان مع قوم من المسلمين يصلون، فاطلع عليهم قوم من المشركين، فقاتلومهم، فضرب سعد رجلاً منهم بلحى جمل فشجه (3) . ثم أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء إلى الله عز وجل، وجاهرته قريش بالعداوة والأذى، إلا أن أبا طالب عمه كان حدباً عليه، مانعاً له، وهو باق على دين قومه.

_ (1) في الأصل: غير من بني سعد. والتصحيح عن الجمهرة، والاستيعاب، وسيرة ابن هشام ط. جوتنجن. (2) في الأصل: بكير، والتصحيح عن الجمهرة: 170 وابن هشام، وغيرهما. (3) اللحى: عظم الفك الذي تنبت فيه الأسنان من الدابة والإنسان.

وكان المجاهرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالأذى والعداوة (1) ، أولهم وأشدهم من قومه: عمه أبو لهب، واسمه عبد العزى بن عبد المطلب، أحد المستهزئين. وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. ومن بني عبد شمس بن عبد مناف: عتبة، وشيبة، ابنا ربيعة بن عبد شمس. وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن ربيعة بن أمية بن عبد شمس، أحد المستهزئين. وأبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أحد المستهزئين. والحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، أحد المستهزئين. ومعاوية بن المغيرة بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس. ومن بني عبد الدار بن قصي: النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي. ومن بني عبد العزى بن قصي: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، أحد المستهزئين. وابنه: ربيعة بن الأسود. وأبو البختري العاصي بن هشام بن عبد العزى بن قصي

_ (1) انظر في أعداء رسول الله من قريش، وفي المستهزئين: ابن هشام 1: 380؛ وابن سعد 1 / 1 /: 133؛ والمحبر: 157، 158؛ وأنساب الأشراف 1: 53 - 70؛ ودلائل النبوة: 91؛ وابن سيد الناس 1: 110؛ والإمتاع: 22. وقد نقل ابن سيد الناس هذا الفصل عن أبي عمر بن عبد البر من كتابه: الدرر في اختصار المغازي والسير، وما أورده ابن حزم هنا يشبه كلام أبي عمر والترتيب الذي اختاره شبهاً كبيراً.

ومن بني زهرة بن كلاب: ابن خاله، وهو الأسد بن عبد يغوث ابن وهب بن عبد مناف بن زهرو بن كلاب. ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة: أبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأخوه: العاصي بن هشام. وعمهما: الوليد بن المغيرة، والد خالد بن الوليد. وابنه: أبو قيس بن الوليد. وابن عمه: قيس بن الفاكه بن المغيرة. وابن عمهم: زهير بن أبي أمية بن المغيرة، أخو أم سلمة أم المؤمنين (1) . والأسود بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وصيفي بن السائب، من بني عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. ومن سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي: العاصي بن وائل بن هاشم (2) بن سعيد بن سهم بن هصيص، والد عمرو. وابن عمه: الحارث بن عدي بن سعيد بن سهم بن هصيص. ومنبه، ونبيه، ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم ابن هصيص.

_ (1) زاد ابن سيد الناس في هذا الموضع: وأخوه عبد الله بن أبي أمية. (2) علق الناسخ في الهامش: صوابه هشام. وهو خطأ أوقعه فيه متابعته لنسخة السيرة المطبوعة على هامش السهيل، والصحيح هاشم كما ورد هنا، وكما في الجمهرة: 154، وسيرة ابن هشام 1: 167 طبع جوتنجن.

ومن بني جمح: أمية، وأبي، ابنا خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن هصيص بن كعب بن لؤي. وأنيس (1) بن [معير] (2) بن لوذان بن سعد بن جمح، أخو أبي محذورة. والحارث بن الطلاطلة الخزاعي. وعدي بن الحمراء الثقفي. فاشتد هؤلاء ورؤساء سائر قبائل قريش على من أسلم منهم، يعذبون من لا منعة عنده، ويؤذون من لا يقدرون على عذابه، والإسلام على هذا يفشو في الرجال والنساء. ولقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب أمراً عظيماً. ورزقهم الله تعالى على ذلك من الصبر أمراً عظيماً، لما ذخر الله عز وجل لهم في الآخرة من الكرامة، (3) فطعن الفاسق عدو الله أبو جهل سمية أم عمار بن ياسر بحربة في قبلها فقتلها، رضوان الله عليها. وكان سادات بلال من بني جمح يأخذونه ويبطحونه على الرمضاء في حر مكة، يلقون على بطنه الصخرة العظيمة، ثم يأخذونه ويلبسونه في ذلك الحر الشديد درع حديد، ويضعون في عنقه حبلاً، ويسلمونه إلى الصبيان يطوفون به، وهو في كل ذلك صابر محتسب، لا يبالي بما لقى في ذات الله تعالى، رضوان الله عليه.

_ (1) في الأصل: أنس، والتصحيح عن الجمهرة: 153 وابن سيد الناس، وأسد الغابة في ترجمة أبي محذورة، ولم يذكره ابن هشام في المؤذين والمستهزئين. (2) بياض بالأصل، والتكملة عن ابن سيد الناس وأسد الغابة والجمهرة: 153. (3) قابل هذه العبارة، من قوله " ولقي أصحاب رسول الله.. الكرامة ". بقول أبي عمر بن عبد البر كما نقله ابن سيد الناس 1: 111 " ولقي المسلمون من كفار قريش وحلفائهم من الأذى والعذاب والبلاء عظيماً ورزقهم الله من الصبر على ذلك عظيماً، ليدخر لهم ذلك في الآخرة ويرفع به درجاتهم في الجنة ".

وأسلم ياسر والد عمار. وأسلم سلمة بن الوليد. والوليد بن الوليد بن المغيرة وأبو حذيفة مهشم بن عتبة بن ربيعة، وغيرهم. وأعتق أبو بكر بلال بن رباح، وأمه حمامة، مولدة، وأعتق عامر بن فهيرة، وأعتق أم عبيس (1) ، وزنيرة، والنهدية وابنتها. وجارية لبني عدي بن كعب، كان عمر بن الخطاب يعذبها على الإسلام، وذلك قبل أن يسلم. وقيل إن أبا قحافة قال: يا بني أراك تعتق رقاباً ضعافاً فلو أعتقت قوماً جلداً يمنعونك؛ فقال أبو بكر: يا أبة إني أريد ما أريد. قيل: ففيه أنزل الله تعالى: {وسيجنبها الأتقى، الذي يؤتى ماله يتزكى} إلى آخر السورة. رضوان الله ورحمته وبركاته على الصديق. فلما كثر المسلمون واشتد العذاب والبلاء عليهم أذن الله تعالى لهم في الهجرة إلى أرض الحبشة (2) ، وهي في غربي مكة، وبين البلدين صحارى السودان، والبحر الآخذ (3) من اليمن [إلى] (4) القلزم (5) . فكان أول من خرج من المسلمين فاراً بدينه إلى أرض الحبشة: عثمان بن عفان مع زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ (1) في الأصل: أم عميس؛ والتصحيح عن ابن هشام 1: 340، وأسد الغابة. (2) انظر في الهجرة إلى الحبشة: ابن هشام 1: 344، وابن سعد 1 / 1: 136، وأنساب الأشراف 1: 89 وما بعدها، وتلقيح الفهوم: 209، وابن سيد الناس 1: 115، وتاريخ الذهبي 1: 106، وابن كثير 3: 70، والإمتاع: 20، وتاريخ الخميس 1: 288. (3) في الأصل الذي نقل عنه ناسخ نسختنا " الأحد "، فكتبها في الهامش، وأثبت مكانها في الصلب " البحر الأحمر ". وهي تسمية محدثة لم يعرفها القدماء. (4) زيادة يقتضيها السياق. (5) القلزم: علم على بحر ومدينة، والثانية هي المقصودة هنا، ومدينة القلزم على ساحل البحر الأحمر قرب أيلة والطور، وإليها ينسب البحر نفسه.

وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس مراغماً لأبيه، هارباً ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، مسلمة مراغمة لأبيها، فارة بدينها إلى الله تعالى، فولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة. ومن بني أسد بن عبد العزى: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ابن عبد العزى. ومن بني عبد الدار بن قصي: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار. ومن بني زهرة بن كلاب: عبد الرحمن بن عوف بن الحارث بن زهرة. ومن بني مخزوم: أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم. ومعه امرأته أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أم المؤمنين. ومن بني جمح: عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح. ومن بني عدي بن كعب: عامر بن ربيعة حليف [آل] (1) الخطاب. ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم بن عبد الله بن عوف بن عبيد ابن عويج بن عدي بن كعب. ومن بني عامر بن لؤي: أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. وامرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.

_ (1) زيادة من ابن هشام 1: 345.

وقد قيل: إن أول من هاجر إلى أرض الحبشة أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك. ومن بني الحارث بن فهر: سهيل ابن بيضاء، وهو سهيل بن وهب ابن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث. ثم خرج بعدهم جعفر بن أبي طالب، ومعه امرأته أسماء بنت عميس، فولدت هناك بنيه: محمداً، وعبد الله، وعوناً. وعمرو بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد الشمس. ومعه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرق (1) بن [خمل] (2) بن شق بن رقبة بن مخدج (3) الكناني. وأخوه خالد بن سعيد. معه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر ابن بياضة بن يثيع بن جعثمة (4) بن سعد بن مليح بن عمرو، من (5) خزاعة. فولدت له هناك سعيداً، وابنة حبة (6) ، وهي أم خالد التي تزوجها الزبير بعد ذلك. فولدت له خالد بن الزبير، وعمرو بن الزبير. ومن حلفائهم من بني أسد بن خزيمة: عبد الله بن جحش بن رئاب ابن يعمر بن صبرة. وأخوه عبيد الله، معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، فتنصر هنالك، ومات مرتدا.

_ (1) في ابن هشام: 346، وأسد الغابة: محرث. (2) زيادة من ابن سعد. (3) الجمهرة: 116: مخرج. (4) في الأصل: سبيع بن خثعمة. (5) في الأصل: " بن "، والتصحيح عن ابن هشام. (6) في أسد الغابة وابن هشام: أمة.

وقيس بن عبد الله، رجل منهم، معه امرأته بركة بنت يسار، مولاة أبي سفيان بن حرب بن أمية. ومعيقيب بن أبي فاطمة، عديد لبني العاصي بن أمية (1) ، وهو من دوس. وقد ذكر قوم (2) . فيمن هاجر إلى الحبشة أبا موسى الأشعري، وأنه كان حليف عتبة بن ربيعة، وليس كذلك، لكنه خرج في عصابة من قومه مهاجراً من بلاده بأرض اليمن يريد المدينة، فركب البحر، فرمتهم السفينة إلى أرض الحبشة، فأقام هنالك حتى أتى إلى المدينة مع جعفر بن أبي طالب. وكان أيضاً ممن هاجر إلى أرض الحبشة: عتبة بن غزوان (3) بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور، أخي سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر، حليف بني نوفل بن عبد مناف، وهو الذي بنى البصرة وأسسها أيام عمر. والأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد. ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن الأسد. وعمرو بن أمية بن الحارث بن أسد. وطليب بن عمير بن وهب بن أبي كثير (4) بن عبد بن قصي. وقد

_ (1) العديد: هو الذي يعد من القوم وليس منهم، كالحليف والجار. (2) ابن إسحاق أحد ذكروا أن أبا موسى هاجر إلى الحبشة (انظر السيرة 1: 347) . (3) راجع نسبه في الجمهرة: 248، وفيه اختلاف عما ذكر هنا. (4) كذا في الاستيعاب وبعض النسخ المطبوعة من سيرة ابن هشام، وقال الخشني 1: 107: أنه ابن أبي كبير، وأسقط وهباً من نسبه، لأن وهباً ليس بابن أبي كبير بل هو أخوه.

انقرض جميع بني عبد بن قصي. وسويبط بن سعد بن حريملة (1) بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار. وجهم، ويقال جهيم، بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود بن جذيمة بن أقيش (2) بن عامر بن بياضة بن يثيع بن جعثمة (3) بن سعد بن مليح بن عمرو، من (4) خزاعة، وابناه: عمرو بن جهم، وخزيمة ابن جهم. وأبو الروم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف ابن عبد الدار. وعامر بن أبي وقاص، أخو سعد بن أبي وقاص. والمطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد [بن] (5) الحارث بن زهرة؛ معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن صبيرة (6) بن سعيد، ولدت له هنالك عبد الله بن المطلب. وعبد الله بن مسعود، وأخوه عتبة بن مسعود.

_ (1) في الجمهرة: 117 والاستيعاب: حرملة. (2) في الأصل: قيس، والتصحيح عن ابن هشام 1: 347، وابن سعد 8: 209، والطبري. (3) في الأصل: سبيع بن خثعمة. (4) في أصل: بن. (5) زيادة من الجمهرة وابن سعد 8: 196. (6) في الأصل: صبرة. والتصحيح عن ابن سعد 8: 196، ونسب قريش: 406، والإصابة في ترجمة عبد الله بن أبي وداعة، والسهيلي 2: 79، وأسد الغابة.

والمقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود ابن عمرو بن سعد بن دهير بن لوى (1) بن ثعلبة بن مالك بن الشريد بن أبي أهون (2) بن فائش (3) بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وهو المقداد بن الأسود حليف بني زهرة. والحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة؛ معه امرأته ربطة بنت الحارث بن جبيلة بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، فولدت له هنالك: موسى، وزينب، وعائشة، وفاطمة (4) . وعمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، عم طلحة بن عبيد الله. وشماس بن عثمان (5) بن الشريد بن هرمي (6) بن عامر بن مخزوم ابن يقظة بن مرة؛ واسم شماس هذا: عثمان، وهو ابن أخت ربيعة. وهبار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأخوه عبد الله بن سفيان.

_ (1) في الأصل: زهير بن ثور، وصوابه ما أثبتناه من الجمهرة: 412، والخشني 1: 99، وابن سعد 3 / 1: 114. (2) في الأصل: هزل، وتصويبه من الجمهرة: 412، وابن سعد 3 / 1: 114. (3) ابن فائش: ويقال أيضاً ابن أبي فائش (انظر ابن هشام) أو فاس، أو قاس (انظر الجمهرة: 412) . (4) لم يرد لفاطمة ذكر في نسب قريش: 294، وابن سعد 8: 186، وأسد الغابة والإصابة؛ وذكرها ابن هشام 1: 349. (5) في الأصل: عبد، والتصحيح عن الجمهرة: 132، ونسب قريش: 342. (6) في الأصل: الشريد بن سويد مما كان يزيده ابن إسحق في نسب شماس، أما ابن الكلبي والواقدي فكانا يقولان: الشريد بن هرمي، ولا يذكران سويداً، وهو ما اختاره ابن حزم في الجمهرة: 132 فصححناه هنا اعتماداً على ما اختاره هناك. ويرى غير ابن إسحق أن سويداً هذا أخو الشريد لا والده (راجع نسب قريش: 342، وابن سعد 3 / 1: 174.

وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم (1) . وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو، من (2) خزاعة، وهو معتب بن حمراء حليف بني المخزوم. والسائب بن عثمان بن مظعون، وعماه: قدامة وعبد الله ابنا مظعون. وحاطب وحطاب (3) ابنا الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، ومع حاطب زوجته بنت المجلل بن عبد الله (4) بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي؛ وابناه منها: محمد والحارث ابنا حاطب؛ ومع حطاب زوجته فكيهة بنت يسار. وسفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، ومعه ابناه: جابر وجنادة ابنا سفيان، وأمهما حسنة، وأخوهما لأمهما شرحبيل ابن حسنة؛ وهو شرحبيل بن عبد الله بن [عمرو بن] (5) المطاع الكندي، وقيل (6) إنه من بني الغوث (7) بن مر أخي تميم بن مر. وعثمان بن ربيعة بن أهبان (8) بن وهب بن حذافة بن جمح.

_ (1) زاد ابن هشام 1: 350 بعد هذا: سلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. (2) في الأصل: بن. (3) في الأصل: خطاب، بالخاء المعجمة، والتصحيح عن ابن هشام 1: 350. (4) في ابن سعد: عبد. (5) زيادة من الجمهرة: 152. (6) هذا من التعليقات التي اضافها ابن هشام إلى السيرة 1: 350. (7) في الأصل: الغيث، والتصحيح عن الجمهرة: 195، وابن هشام 1: 350، وأسد الغابة. (8) الجمهرة (150) : وهبان.

وخنيس بن حذافة بن قيس. وقيس وعبد الله ابنا حذافة. ورجل من بني تميم اسمه سعيد بن عمرو (1) ، وكان أخاً بشر بن الحارث بن قيس لأمه. وهشام بن العاصي بن وائل، أخو عمرو بن العاصي. وعمير بن رئاب بن حذيفة بن مهشم بن سعيد بن سهم. وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم (2) . وإخوته: الحارث بن الحارث، ومعمر بن الحارث، وبشر بن الحارث. ومحميه بن جزء الزبيدي، حليف لهم. ومعمر بن عبد الله بن نضلة بن عبد العزي بن حرثان بن عوف (3) بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب. وعدي بن نضلة بن عبد العزي بن حرثان. وابنه النعمان بن عدي. ومالك بن زمعة (4) بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. ومعه امرأته عمرة بنت السعدي بن

_ (1) سعيد بن عمرو ممن لم يذكره ابن إسحاق في مهاجرة الحبشة، وذكر مكانه: بشر بن الحارث، انظر نسب قريش: 401، والإصابة. (2) ورد نسب أبي قيس بن الحارث في كتب التراجم كما جاء هنا، غير أن نسبه المذكور في الجمهرة: 156 قد سقط منه: قيس، وورد سعد مكان سعيد. (3) هذه رواية ابن إسحق في نسب معمر بن عبد الله، وهي تختلف عما جاء في نسب قريش: 336 والجمهرة: 149 فقد ورد نسبه فيهما: معمر بن عبد الله بن نضلة بتن عوف ... (4) في الأصل الذي نقله عنه ناسخ نسختنا: زمعة؛ فكتبها في الهامش، وأثبت مكانها في الصلب: ربيعة، آخذاً بما رآه في نسخة السيرة المطبوعة على هامش السهيلي وقد أخطأ؛ وصوابه ما أثبتناه. انظر الجمهرة: 157، ونسب قريش: 422، والاستيعاب؛ وأورد ابن الأثير: ربيعة مكان زمعة في ترجمة عمرة بنت السعدي.

وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ابن لؤي. وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزي بن أبي قيس بن عبد ود. وسعد بن خولة من أهل اليمن، حليف لبني عامر بن لؤي. وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود. وعماه: سليط بن عمرو، والسكران بن عمرو. ومعه: امرأته أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد ود. وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب (1) بن ضبة ابن الحارث بن فهر. وعياض بن غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك ابن ضبة بن الحارث بن فهر. وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد. وعثمان بن عبد غنم بن زهير بن أبي شداد (2) . وسعد بن عبد سقيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث ابن فهر. ثم إن قريشاً بعثت إلى النجاشي عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاصي، ليردا هؤلاء القوم إليهم، فعصم الله تعالى النجاشي من ذلك، وكان قد أسلم ولم يقدر على إظهار ذلك خوف الحبشة، فمنعهم منهما، وانصرفا خائبين.

_ (1) في الأصل: وهب، والتصحيح عن الجمهرة: 166، وابن هشام 1: 352. (2) اختلف في اسم هذا الصحابي، فهو عثمان أو عامر. وكان هشام بن محمد يقول: هو عامر ابن عبد غنم، وفي بعض النسخ المطبوعة من سيرة ابن هشام أنه: عمرو، ولم نجده في كتب الرجال بهذا الاسم، فلعل عمراً هذه تحريف. راجع الإصابة.

ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعز الإسلام به، وبعمر، وكان قد أسلم خباب بن الأرت. وجعل الإسلام يزيد ويفشو؛ فلما رأت ذلك كفار قريش أجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني عبد المطل ابني عبد مناف: أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم، ففعلوا ذلك وكتبوا فيه صحيفة (1) ، وانحاز بنو هاشم وبنو المطلب كلهم: كافرهم ومؤمنهم، فصاروا في شعب أبي طالب محصورين، حاشا أبا لهب وولده، فإنهم صاروا مع قريش على قومهم، فبقوا كذلك ثلاث سنين، إلى أن تألف قوم من قريش على نقضها، فكان أحسنهم في ذلك أثراً هشام بن عمرو [بن ربيعة] (2) بن الحارث بن حبيب بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، فإنه لقى زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي، فعيره بإسلامه أخواله، وكانت أم زهير عاتكة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأجابه زهير إلى نقض الصحيفة، ثم مشى هشام إلى مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، فذكره أرحام بني هاشم والمطلب ابني عبد مناف، فأجابه مطعم إلى نقضها. ثم مشى إلى أبي البختري بن هشام (3) بن الحارث بن أسد بن عبد العزي بن قصي، فذكره أيضاً بذلك، فأجابه ثم مشى إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي، فذكره

_ (1) انظر خبر الصحيفة في: ابن هشام 1: 375، وابن سعد 1 / 1: 139، والطبري 2: 225، وابن سيد الناس 1: 126، وتاريخ الذهبي 1: 131، وابن كثير 3: 84، والإمتاع: 25. (2) زيادة من ابن هشام 4: 138 وأسد الغابة الإصابة. (3) كذا ورد اسمه في ابن هشام وابن سيد الناس والإمتاع، وسمى هاشماً في المحبر: 162، ونسب قريش: 212، والجمهرة 108.

بذلك، فأجابه. فقام هؤلاء في نقض الصحيفة، وأوحى (1) إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لجماعتهم: إن الله تعالى قد أرسل على تلك الصحيفة، وكانت معلقة في الكعبة، فأكلت الأرضة كل ما فيها، حاشا ما كان فيها من اسم الله تعالى، فإنها لم تأكله. فقاموا بأجمعهم راجين أن يجدوها بخلاف ما قال لهم، فلما فتحوها وجدوها كما قال صلى الله عليه وسلم سواءً سواءً فخزوا، وقوى القوم المذكورون، فنقضوا حكم تلك الصحيفة. وأراد أبو بكر أن يهاجر فلقيه ابن الدغنة (2) فرده. ثم اتصل بمن كان في أرض الحبشة من المهجرين أن قريشاً قد أسلمت، وكان هذا الخبر كذباً، فانصرف منهم قوم: منهم عثمان بن عفان، وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وامرأته سهلة بنت سهيل، وعبد الله بن جحش، وعتبة بن غزوان، والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وسويبط بن سعد بن حرملة، وطليب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، والمقداد بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته أم سلمة أم المؤمنين، وشماس

_ (1) في الأصل: وأوصى وهو تحريف. وأوحى الرجل إذا بعث برسول ثقة إلى عبد من عبيده ثقة. (2) ابن الدغنة: بضم المهملة والمعجمة وتشديد النون عند أهل اللغة، وبفتح أوله وكسر ثانيه وتخفيف النون عند الرواة، وعلى الوجه الثاني ضبطه القسطلاني (المواهب 1: 71) ، وعلى الوجه الأول جاء مضبوطاً في التاج. واختلف في اسمه: فعند البلاذري أنه الحارث، وعند السهيلي أنه مالك، وفي بعض شروح السيرة أنه ربيع، وهو وهم لأن ربيع بن الدغنة آخر، وهو سلمى، والمذكور هنا من القارة، والسلمى هو قاتل دريد بن الصمة: وفي الصحابة أيضاً رجل ثالث يسمى ابن الدغنة (انظر فتح الباري 7: 180) .

ابن عثمان، وسلمة بن هشام بن المغيرة، وعمار بن ياسر (1) ، وعثمان وقدامة وعبد الله بنو مظعون، والسائب بن مظعون، وخنيس ابن حذافة السهمي، وهشام بن العاصي بن وائل، وعامر بن ربيعة وامرأته ليلى بنت أبي حثمة، وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزي من بني عامر ابن لؤي، وعبد الله بن سهيل بن عمرو (2) ، والسكران بن عمرو، وامرأته سودة بنت زمعة، وسعد بن خولة، وأبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن الحارث بن زهير بن [أبي] (3) شداد، وسهيل بن وهب، وهو سهيل بن بيضاء، وعمرو بن أبي سرح. فوجدوا البلاء والأذى على المسلمين الذين بمكة. فبقوا صابرين على الأذى إلى أن هاجروا إلى المدينة. حاشا السكران بن عمرو، فإنه مات بمكة قبل أن يهاجر، فتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته سودة بنت زمعة؛ وحاشا سلمة بن هشام، فإنه حبسه حتى ذهبت بدر وأحد والخندق؛ وحاشا عياش بن أبي ربيعة، فإنه هاجر إلى المدينة، فاتبعه أبو جهل والحارث بن هشام، وهما ابنا عمه وأخواه لأمه، فذكراه سوء حال أمه، فرقت نفسه، فرجع، فثقفوه (4) إلى أن مضت بدر وأحد والخندق، فهاجر حينئذ هو وسلمة بن هشام، والوليد بن الوليد بن المغيرة؛

_ (1) ذكر ابن حزم هنا عمار بن ياسر في من عاد من الحبشة. ولم يذكره من قبل في من هاجر إليها، وهجرته إلى الحبشة غير مقطوع بها. فإما أن اسمه سقط من قبل وحقه أن يثبت، وإما أن الناسخ زاده هنا لما رآه مذكوراً في ابن هشام. (2) ذكر ابن هشام 2: 7 أبا سبرة بن أبي رهم في العائدين من الحبشة، بعد ذكره لعبد الله ابن سهيل، وقد أغفل ابن حزم ذكره في الهجرة والعودة. (3) ساقطة من الأصل. (4) ثقفوه: أخذوه وظفروا به.

وحاشا عبد الله بن سهيل بن عمرو (1) ، فإنه حبس إلى أن خرج مع الكفار يوم بدر، فهرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ووافق بعد نقض الصحيفة أن ماتت خديجة وأبو طالب (2) ، فأقدم عليه سفهاء قريش، فخرج إلى الطائف يدعو إلى الإسلام فلم يجيبوه (3) ، فانصرف إلى مكة في جوار المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وجعل يدعو إلى الله عز وجل. وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي (4) ، ودعا قومه، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية، فجعل الله تعالى في وجهه نوراً، فقال: يا رسول الله، إني أخشى أن يقولوا هذه مثله، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصار ذلك النور في سوطه، فهو المعروف بذي النور. وأسلم بعض قومه، وأقام الطفيل في بلاده إلى أن هاجر بعد الخندق فيما بين السبعين إلى الثمانين بيتاً من قومه، فوافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر.

_ (1) في الأصل: عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى، وأكبر الظن أنه وقع سعواً في مكان عبد الله بن سهيل، لأن الثاني هو الذي حبس ثم فر إلى الرسول يوم بدر كما ذكر ابن هشام 2: 7، وأسد الغابة، والإصابة؛ ولا علاقة لعبد الله بن مخرمة بتلك الحادثة. (2) انظر خبر موت خديجة وأبي طالب في: ابن هشام 2: 57، وابن سعد 1 / 1: 141، وابن سيد الناس 1: 129، وابن كثير 3: 122، وتاريخ الذهبي 1: 140، والإمتاع: 27. (3) انظر خبر خروجه إلى الطائف في: ابن هشام 2: 60، وابن سعد 1 / 1: 141، والطبري 2: 229، وابن سيد الناس 1: 134، وابن كثير 3: 135، وتاريخ الذهبي 1: 166، والإمتاع: 28. (4) انظر خبر إسلام الطفيل في: ابن هشام 2: 21، وابن سعد 4 / 1: 175، وابن سيد الناس 1: 139، وابن كثير 3: 99، والإمتاع: 28.

الإسراء

الإسراء (1) وأسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، بجسده، إلى بيت المقدس. المعراج الشريف وعرج به جبريل صلوات الله تعالى وسلامه عليهما إلى السموات، فمشى في السموات سماء سماء، ولقى من لقى فيهن من الأنبياء؛ ولقى آدم في سماء الدنيا، ورأى عنده نفوس أهل السعادة عن يمينه ونفوس أهل الشقاوة عن يساره، ورأى عيسى ويحيى في السماء الثانية، ورأى يوسف في الثالثة، ورأى إدريس في الرابعة، وهرون في الخامسة، ورأى في السادسة موسى، وقيل: إبراهيم، ورأى في السابعة أحدهما، ورأى الجنة وهي جنة المأوى، وسدرة المنتهى في السماء السادسة. وفي تلك الليلة فرضت الصلوات الخمس. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله تعالى، فلا يجد من قبائل العرب مجيباً (2) ، لما ذخر الله تعالى للأنصاري من الكرامة، إلى

_ (1) انظر: ابن هشام 2: 36، وابن سعد 1 / 1: 142، وأنساب الأشراف 1: 119، وتهذيب ابن عساكر 1: 379، وابن سيد الناس 1: 140، 144، وزاد المعاد 2: 125، وتاريخ الذهبي 1: 141، 148، وابن كثير 3: 108، والإمتاع: 29، وتاريخ الخميس 1: 306، وصحيح البخاري 5: 52. (2) انظر خبر عرض الرسول نفسه على قبائل العرب في: ابن هشام 2: 63، وابن سعد 1 / 1: 145، وابن سيد الناس 1: 152، وتاريخ الذهبي 1: 166، وابن كثير 3: 138، والإمتاع: 30.

قدوم الأنصار يطلبون الحلف من قريش

أن قدم سويد بن الصامت، أخو بني عمرو بن عوف [بن مالك] (1) ابن الأوس. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فلم يبعد ولم يجب، ثم انصرف إلى المدينة، فقتل في بعض حروبهم. قدوم الأنصار يطلبون الحلف من قريش (2) ولقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ودعاؤهم إلى الإسلام ثم قدم إلى مكة أبو الحيسر أنيس بن رافع في مائة من قومه من بني عبد الأشهل يلبون الحلف من قريش، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فقال إياس بن معاذ منهم وكان شاباً حدثاً: يا قوم، هذا والله خير مما جئنا له. فضربه أبو الحيسر وانتهره، فسكت، ثم لم يتم لهم الحلف، فانصرفوا إلى بلادهم بالمدينة، ومات إياس بن معاذ، فقيل إنه مات مسلماً. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى عند العقبة في الموسم ستة نفر من الأنصار، كلهم من الخزرج، وهم: أبو أمامة أسعد بن زرارة ابن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، واسم النجار: تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة. وعوف بن الحارث بن

_ (1) زيادة من كتب النسب. (2) انظر خبر قدوم الأنصار في: ابن هشام 2: 69، وابن سعد 1 / 1: 145، والطبري 2: 234، وابن سيد الناس 1: 155، وتاريخ الذهبي 1: 171، وابن كثير 3: 145، والإمتاع: 32، والمواهب اللدنية 1: 76؛ وبعض المصادر تعتبر قدوم الأنصار ولقاءهم للرسول أول مرة هو العقبة الأولى.

رفاعة [بن الحارث] (1) بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار، وهو ابن (2) عفراء. ورافع (3) بن مالك بن العجلام بن عمرو بن عامر بن زريف بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم ابن الخزرج. وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد [بن عليّ بن أسد بن] (4) ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج بن حارثة. وعقبة (5) بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن سلمة. وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة. فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فكان من صنع الله تعالى لهم أنهم كانوا جيران اليهود، فكانوا يسمعونهم يذكرون أن الله تعالى يبعث نبياً قد أظل زمانه، فقال بعضهم: هذا والله النبي الذي يتهددكم به اليهود، فلا يسبقونا إليه. فآمنوا وأسلموا، وقالوا: إنا قد تركنا قومنا وبينهم حروب فننصرف إليهم وندعوهم إلى ما دعوتنا إليه، فعسى الله يا يجمع كلمتهم بك، فإن اتبعوك فلا أحد أعز منك. فانصرفوا إلى المدينة، فدعوا إلى الإسلام، حتى فشا فيهم، ولم يبق دار من دور

_ (1) زيادة من الجمهرة: 329. (2) في الأصل: أبو. والتصحيح عن الجمهرة ونسب قريش. (3) كان نسبه في الأصل: رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق بن جشم ابن مالك بن غضب بن عامر بن زريق بن الخزرج؛ وفيه اضطراب شديد فأصلحناه اعتماداً على ما جاء في ابن سعد 3 / 2: 148، والجمهرة: 378، وابن هشام 2: 71. (4) زيادة من الجمهرة: 339، وابن هشام 2: 74. (5) ذكر ابن حزم في الجمهرة أن عامراً - والد عقبة - عقبي (أي ممن شهد العقبة) ، وفي ابن سعد 3 / 2: 110، أن عقبة هو الذي شهد العقبة الأولى، قال الواقدي: وهو الثبت عندنا.

العقبة الأولى

الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى إذا كان العام القادم قدم من الأنصار اثنا عشر رجلاً، منهم خمسة من الستة الذين ذكرنا، حاشا جابر بن عبد الله، فلم يحضرها منهم، وحضرها سبعة منهم. العقبة الأولى (1) والسبعة: معاذ بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار، وهو ابن عفراء أخو عوف المذكور قبل. وذكوان بن عبد قيس بن خلدة وقيل خالد بن مخلد بن عامر ابن زريق. وذكوان هذا رحل إلى مكة، فسكنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مهاجري أنصاري؛ قتل يوم أحد. وعبادة بن الصامت بن قيس بن الأصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم ابن عوف [بن عمرو بن عوف] (2) بن الخزرج بن حارثة. وابن عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة بن خزمة (3) بن أصرم بن عمرو ابن عمارة (4) ، من بني غصينة (5) ، ثم من بلي، حليف لهم.

_ (1) انظر خبر العقبة الأولى في ابن هشام 2: 73، وابن سعد 1 / 1: 147، والطبري 2: 235، وأنساب الأشراف 1: 111، وتلقيح الفهوم: 213، وابن سيد الناس 1: 155، وابن كثير 3: 150، وتاريخ الذهبي 1: 171، والإمتاع: 32، وتاريخ الخميس 1: 317. (2) زيادة من ابن سعد 3: 2: 93 وأسد الغابة والإصابة. (3) ضبطه ابن إسحاق وابن الكبي: بسكون الزاي، أما الدارقطني فضبطه بفتحها، وقال ابن عبد البر: ليس في الأنصار خزمة بالتحريك. (4) ضبط بتشديد الميم في أسد الغابة. (5) كتبت في أسد الغابة: غصينة، وفي معجم البكري: 28: غصينة بالصاد. وبنو غصينة هم: بنو سواد بن مري بن أراشة، وهم المجذر بن ذياد البدري.

والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم ابن سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج بن حارثة. فهؤلاء خمسة (1) من الخزرج. ومن الأوس بن حارثة رجلان، وهما: أبو الهيثم مالك بن تيهان (2) ، وهو من بني عبد الأشهل (3) بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو ابن مالك بن الأوس بن حارثة؛ وعويم بن ساعدة (4) ، من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة. فبايع هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة على بيعة النساء، ولم يكونوا أمروا بالقتال بعد، فلما حان انصرافهم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ابن أم مكتوم؛ ومصعب بن عمير، يعلم من أسلم منهم القرآن والشرائع، ويدعو من لم يسلم إلى الإسلام. فنزل بالمدينة على أبي أمامة أسعد بن زرارة؛ وكان مصعب بن عمير يؤمهم. فجمع بهم أول جمعة بالإسلام، في هزم حرة بني بياضة، في نقيع يقال له: نقيع الخضمات (5) ، وهم أربعون رجلاً.

_ (1) في الأصل: عشرة؛ وهو خطأ. (2) أهل الحجاز يخففون الياء من التيهان وغيرهم يشددها. انظر ابن سيد الناس 1: 157. (3) عد ابن حزم أبا الهيثم بن التيهان هنا من بني عبد الأشهل. وذكره في الجمهرة: 320 في بني زعوراء بن جشم. وهذا نفسه هو ما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة، وعقب عليه بقوله: وقيل إنه بلوي وحلفه في بني عبد الأشهل. (4) ذهب ابن إسحاق إلى أن عويم بن ساعدة من بلى، وأنه حليف لبني أمية بن زيد، ولم يذكر ذلك غيره؛ وانظر ص: 79، تعليق رقم 1 من هذا الكتاب. (5) نقل المقريزي (الإمتاع: 34 - 35) عن ابن حزم قوله " وكان مصعب بن عمير.. نقيع الخضمات " قال: وبهذا جزم ابن حزم، أي بان مصعباً جمع بالناس أول جمعة. وهو قول خالف به ابن حزم ما ذكره ابن إسحاق من أن أسعد بن زرارة هو الذي جمع بهم أول جمعة (انظر السيرة 2: 77) .

فسلم على يد مصعب بن عمير خلق كثير من الأنصار؛ فأسلم في جملتهم: سعد ما معاذ، وأسيد بن الحضير (1) ، وأسلم بإسلامهما جميع بني عبد الأشهل في يوم واحد، الرجال والنساء، ما نعلمه تأخر عن الإسلام أحد منهم، حاشا الأصيرم (2) ، وهو عمرو بن ثابت بن وقش (3) ، فإنه تأخر إسلامه إلى أحد، فأسلم فاستشهد، ولم يسجد لله تعالى قط سجدة، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة. ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة، كانوا كلهم مخلصين، رضوان الله عليهم. ولم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها مسلمون رجالاً ونساء، حاشا بني أمية بن زيد، وخطمة، وواقف (4) ، وهم بطون الأوس، وكانوا سكاناً في عوالي المدينة، فأسلم منهم قوم، كان سيدهم أبو قيس صيفي ابن الأسلت الشاعر، فتأخر إسلامه وتأخر إسلام قومه إلى أن مضت بدر وأحد والخندق، ثم أسلموا كلهم (5) ، والحمد لله رب العالمين. ثم رجع مصعب بن عمير إلى مكة، وخرج في الموسم جماعة كثيرة ممن أسلم من الأنصار، يريدون لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، في جملة قوم كفار منهم بعد على دين قومهم، ومن دين قومهم الحج على

_ (1) انظر خبر إسلام سعد وأسيد: في ابن هشام 2: 77، وابن سيد الناس 1: 159، وابن كثير 3: 152، والإمتاع: 34. (2) استثناء أيضاً أبو عمر (انظر ابن سيد الناس 1: 161) وتابعه المؤلف في ذلك، ولم يذكره ابن إسحاق (3) في الأصل: قيس. والتصحيح عن الجمهرة: 320، وابن سيد الناس 1: 161 والإمتاع: 34، والإصابة، ويقال أيضاً: أقيش. (4) زاد ابن هشام 2: 80 وائلا بعد واقف، فيمن استثناه من بطون الأوس. (5) هذه العبارة. من قوله " وكانوا سكاناً، إلى قوله: ثم أسلموا كلهم " منقولة بنصها في ابن سيد الناس 1: 161 عن أبي عمر بن عبد البر.

العقبة الثانية

ما كانت العرب عليه حالتئذ، فوافوا مكة، وكان في جملتهم البراء بن معرور، فرأى أن يستقبل الكعبة في الصلاة، وكانت القبلة إلى بيت المقدس، فصلى كذلك طول طريقه، فلما قدم مكة ندم، فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكر ذلك عليه، فراجع الحق رحمه الله تعالى. فواعدهم (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق. فلما كانت تلك الليلة دعا كعب بن مالك ورجال من بني سلمة عبد الله ابن عمرو بن حرام، وكان سيدا فيهم، إلى الإسلام، ولم يكن أسلم بعد، فأسلم تلك الليلة وبايع، وكان ذلك سراً ممن حضر من كفار قومهم، فخرجوا في ثلث الليل الأول متسللين من رحالهم إلى العقبة. العقبة الثانية (2) فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأزرهم (3) ، وأن يرحل هو إليهم وأصحابه، وحضر العقبة تلك الليلة العباس بن عبد المطلب متوثقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس على دين قومه بعد لم يسلم؛ وكان للبراء بن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في الإخلاص لله تعالى والتوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولحقه

_ (1) في الأصل: فواعد. (2) انظر ابن هشام 2: 81، وابن سعد 1 / 1: 148، والطبري 2: 235، وابن سيد الناس 1: 161، وتاريخ الذهبي 1: 177، وابن كثير 3: 158، والإمتاع: 35. وهذه العقبة تسمى أيضاً العقبة الثالثة في بعض السير. (3) الأزر: جمع إزار، وهو كناية عن المرأة والنفس، والثانية هي المقصودة هنا.

أبو الهيثم بن تيهان، والعباس بن عبادة بن نضلة. وكان المبايعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ثلاثة وسبعين وامرأتين. واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيباً، وهم: (1) أسعد بن زارة، وقد ذكرنا قبل من الستو ومن الاثني عشر. وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك (2) بن امرئ القيس ابن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج بن حارثة. ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق، وقد ذكرناه قبل في الستة والاثنى عشر. والبراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي ابن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن عليّ بن أسد بن ساردة بن تزيد ابن جشم بن الخزرج. وعبد الله بن عمرو بن حرام [بن ثعلبة بن حرام] (3) بن كعب بن غنم ابن سلمة بن سعد؛ والد جابر. وسعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة (4) بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج [بن ساعدة بن كعب بن الخزرج] (5) بن حارثة.

_ (1) انظر - ابن هشام 2: 86، ابن سعد 1 / 1: 148، المحبر: 268، وتاريخ الطبري 2: 235، أنساب الأشراف 1: 117، تلقيح الفهوم: 214، ابن سيد الناس 1: 157، تاريخ الذهبي 1: 181، تاريخ الخميس 1: 316. (2) في الأصل: ابن أبي مالك، والتصحيح عن الجمهرة: 344 وكتب الرجال والسير. (3) زيادة من الجمهرة: 339 وكتب السير والرجال. (4) في الأصل: خزيمة، وضبطه الخشني بالحاء المهملة المفتوحة والزاي المكسورة، وكذلك هو في ابن سعد 3 / 2: 142. (5) زيادة من الجمهرة: 346 وكتب الرجال.

والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة (1) بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة. وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصيرم بن فهر بن ثعلبة، وقد ذكرنا نسبه قبل في الاثني عشر. وعبد الله بن رواحة [بن ثعلبة] (2) بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك [الأغر] (3) بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. فهؤلاء تسعة من الخزرج، منهم واحد من بني عمرو بن الخزرج، وهو أسعد بن زرارة؛ وواحد من بني عوف بن الخزرج، وهو عبادة بن الصامت؛ واثنان من بني الحارث، وهما عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع؛ واثنان من بني كعب بن الخزرج، وهما سعد بن عبادة والمنذر ابن عمرو؛ وثلاثة من بني جشم بن الخزرج، وهم عبد الله بن عمرو والبراء بن معرور ورافع بن مالك. وثلاثة من الأوس وهم: أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك بن رافع (4) بن امرئ

_ (1) أسقط ابن حزم في الجمهرة، وابن سعد 3 / 2: 145 " حارثة " من نسب المنذر، وأثبتها ابن هشام وصاحب أسد الغابة والاستيعاب. فإثباتها رواية ابن إسحاق، وتابعه فيها أبو عمر؛ أما ابن الكلبي وابن مندة وأبو نعيم فقالوا: خنيس بن لوذان، وأسقطوا حارثة. (2) زيادة من ابن هشام، والجمهرة: 344، وابن سعد 3 / 2: 142. (3) زيادة في كتب الرجال والسير، جرى المؤلف على إغفالها في هذا الكتاب. (4) لم يرد في نسبه " رافع " في الجمهرة 319، وابن سعد 3 / 2: 135، والإصابة، وأثبتها ابن هشام 2: 87 والاستيعاب.

القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو ابن مالك بن الأوس. وسعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك [بن كعب] (1) بن النحاط (2) ابن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس بن حارثة، وقد انقرض جميعهم، آخر من بقي من بني السلم رجل مات أيام الرشيد، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد صح إنذار رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أن الناس يزيدون والأنصار لا يزيدون. ورفاعة بن عبد المنذر بن زنير (3) بن زيد (4) بن أمية [بن زيد] (5) ابن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة. وقد عد قوم أبا الهيثم بن تيهان مكان رفاعة، والله أعلم.

_ (1) زيادة من ابن سعد 3 / 2: 47، وابن هشام 2: 87، والجمهرة: 325، وأسد الغابة، والاستيعاب؛ وفي نسبه كما ساقه صاحب الإمتاع: 37 اختلاف عما جاء في المصادر المذكورة. قال ابن الأثير: ونسبه ابن إسحاق في بني عمرو بن عوف، ثم ساق نسبه كما هو مذكور هنا فلا أعلم وجهاً لقوله " ومن بني عمرو بن عوف "، وهذا الذي استشكله ابن الأثير غير وارد في سيرة ابن هشام. (2) كان الواقدي وابن عمارة الأنصاري ينسبان سعد بن خيثمة هذا النسب المذكور، وكان ابن الكلبي ينسبه أيضاً هذا النسب إلا أنه كان يخالفهما في النحاط فيقول الحناط بن كعب. (انظر ابن سعد 3 / 2: 47) . (3) رفاعة بن عبد المنذر هو المشهور بأبي لبابة، وفي اسمه اختلاف كثير، فهو: بشير أو رفاعة أو مروان. وفي لفظة " زنير " الواقعة في نسبه اختلافات أخرى، فهو: زنبر (في ابن سعد 3 / 2: 28 والإمتاع 37) ، وزر (في الجمهرة: 314 والإصابة) ، وزبير (في الاستيعاب) ، وفي هامش النسخة الخطية: زبير أيضاً مما يدل على أن الناسخ غيره فجعله زنيراً بالمقابلة على السيرة المطبوعة على هامش السهيلي، فيما يبدو. (4) في الأصل: يزيد. (5) زيادة من كتب السير والأنساب.

هذه تسمية من شهد العقبة من غير النقباء

هذه تسمية من شهد العقبة من غير النقباء (1) رضوان الله عليهم ورحمته منهم من الأوس من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس بن حارثة: سلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة (2) بن زعوراء بن عبد الأشهل. ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس: ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة. وأبو بردة بن نيار، واسمه هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم (3) بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلي بن عمرو (4) بن الحاف بن قضاعة، حليف لهم. ونهير بن الهيثم، من بني نابي بن مجدعة بن حارثة، ثم من آل البراق (5) بن قيس بن عامر بن نابي. ومن بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس: عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك، واسم البرك: امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو.

_ (1) انظر أسماء من شهد العقبة في: ابن هشام 2: 97، وتاريخ الذهبي 1: 183، وتلقيح الفهوم: 215، وابن سيد الناس 1: 167، وابن كثير 3: 166. (2) في الأصل: زعبة، والتصحيح عن ابن سعد 3 / 2: 16 والاستيعاب. (3) في الأصل: هبيل؛ وفي الاستيعاب: هشيم. (4) في الأصل: عمران بن حلوان، وقد انفقت كتب الرجال والسير على تسميته عمراً ولم تذكر (حلوان) في نسبه. (5) في ابن هشام 2: 99: السواف.

ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان بن ضبيعة، حليف لهم من بلي، استشهد يوم اليمامة. وعويم بن ساعدة، حليف لهم من بلي (1) . فجميع من شهدها من الأوس أحد عشر رجلاً. وشهدها من الخزرج ثم من بني النجار، وهم تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج: أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن [عبد بن] (2) عوف ابن غنم بن مالك بن النجار. ومعاذ ومعوذ وعوف، وهم بنو عفراء، وأبوهم الحارث بن رفاعة ابن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار. وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد [بن] (3) عوف ابن غنم بن مالك بن النجار، استشهد يوم اليمامة. ومن بني عمرو بن مبذول، واسم مبذول عامر بن مالك بن النجار: سهلب بن عتيك بن النعمان بن [عمرو بن عتيك] (4) بن عمرو بن عامر، وهو مبذول. ومن بني عمرو بن مالك بن النجار، وهم من بني حديلة (5) :

_ (1) انظر ص: 72 حيث عد عويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف وانظر التعليق رقم: 4 الصفحة نفسها. (2) زيادة من الجمهرة؛ 328، وابن هشام 2: 100، وابن سعد 3 / 2: 49. (3) زيادة من الجمهرة: 328. (4) زيادة من ابن هشام 2: 100، وابن سعد 3 / 2: 68، والاستيعاب والإصابة؛ وفي الجمهرة: 330 " النعمان بن عتيك ". (5) في الأصل: جديلة، والتصحيح عن الجمهرة: 327، وابن هشام 2: 100.

أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. وأبو طلحة، وهو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. ومن بني مازن بن النجار: قيس بن أبي صعصعة، واسم أبي صعصعة: عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو (1) بن غنم بن مازن، وكان على الساقة (2) يوم بدر. وعمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة (3) بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن؛ فجميعهم أحد عشر رجلاً. وشهدها من بلحارث (4) بن الخزرج: خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك [الأغر] بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. وبشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس (5) بن زيد بن [مالك الأغر بن] (6) ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، والد النعمان بن بشير.

_ (1) في الأصل: عامر، وصوابه ما أثبتناه. (2) الساقة: مؤخر الجيش. (3) هكذا ورد أيضاً في ابن هشام 2: 101، والاستيعاب، وأسد الغابة، والإصابة. وقال ابن هشام في تعليقاته إن صوابه: عطية، وهو كذلك في الجمهرة: 333. (4) في الأصل: من بني النجار، وبعدها بياض بقدر كلمتين؛ والتصويب من السياق بعده وابن هشام والجمهرة. (5) في الأصل: جلاس، بالجيم؛ وخطأه ابن هشام 2: 348 وصوابه بالخاء المعجمة، وقد ضبطه الدارقطني بفتح الخاء وتشديد اللام، وضبطه غيره بكسرها وتخفيف اللام (انظر ابن سيد الناس 1: 168) وقد ورد هذا الاسم بالخاء في ابن سعد 3 / 2: 83 وأسد الغابة والإصابة، وورد بالجيم في الجمهرة: 344. (6) سقطت من الأصل وهي مثبته فيما تقدم.

وعبد الله بن زيد بن ثعلبة (1) بن عبد ربه بن زيد بن الحارث بن الخزرج بن جشم بن الحارث بن الخزرج، وهو الذي أرى النداء (2) . وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو (3) بن حارثة بن امرئ القيس ابن مالك [الأغر] بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج. وعقبة بن عمرو بن ثعلبة بن يسيرة بن جدارة (4) بن عوف ابن حارث بن الخزرج، وهو أبو مسعود البدري، وهو أصغر من شهد العقبة سناً هو وجابر بن عبد الله. ومن بن جشم بن الحارث، ثم من بني بياضة بن عامر بن زريق ابن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج: زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية ابن بياضة.

_ (1) قال ابن عمارة الأنصاري: ليس في آبائه ثعلبة، لأن ثعلبة بن عبد ربه أخو زيد وعم عبد الله المذكور، فأدخلوه في نسبه خطأ. وذكر مثل هذا أب عمر، ونقله ابن الأثير في أسد الغابة، أما الذين يثبتون ثعلبة في نسبه فهم: ابن الكلبي وابن مندة وأبو نعيم انظر ابن سعد 3 / 2: 87) . (2) النداء: الأذان؛ وقد رأى عبد الله في نومه رجلا دله على صيغة الأذان، فلما أخبر الرسول برؤياه قال صلى الله عليه وسلم: إنها رؤيا حق، فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها (ابن هشام 2: 155) . (3) في الأصل: عامر، والتصويب عن الجمهرة: 344، وابن هشام 2: 102، وابن سعد 3 / 2: 82، والإمتاع: 250. (4) يسقط ابن إسحاق من نسبه: عطية، وهو في الجمهرة: 344 والاستيعاب: عقبة بن عمرو ابن ثعلبة بن يسيرة بن عسيرة بن عطية بن جدارة. وفي يسيرة خلاف، فهو عند ابن إسحاق 2: 102: أسيرة، وقال ابن سيد الناس إنها عند ابن إسحاق: يسيرة. وأما ابن عقبة فهو الذي يقول: أسيرة بفتح الهمزة. ونقل الدارقطني وأبو بكر بن الخطيب عن ابن إسحاق نفسه: نسير بالنون المضمومة، وهكذا تجيء عن ابن إسحاق ثلاث روايات مختلفة. وكذلك اختلفوا في تقييد عسيرة فمنهم من يفتح العين ويكسر السين، ومنهم من يفتح السين ويضم العين؛ وجدارة - بالجيم المكسورة كما قيدها الدارقطني، وبالجيم المضمومة كما قيدها غيره، وبعضهم يقول: خدارة، بالخاء المعجمة (انظر ابن سيد الناس 1: 168 - 169 والخشني 1: 122) .

وفروة بن عمرو بن ودفة (1) بن عبيد بن عامر بن أمية بن بياضة. وخالد بن قيس بن مالك بن عجلان بن عامر بن بياضة (2) . ومن بني زريق بن عامر أخي بياضة بن عامر: ذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق ابن عامر. ومن بني سلمة بن سعد بن عليّ بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج، ثم من بني عبيد بن [عدي بن] (3) غنم بن كعب بن سلمة: بشر بن البراء [بن] معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد. والطفيل بن مالك بن خنساء. ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة: الشاعر كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد ابن غنم. وسليم بن عمرو بن حديدة بن عمرو بن سواد بن غنم. وقطبة بن عامر بن حديدة. وأخوه يزيد بن عامر.

_ (1) في الأصل: ودنة؛ وفي ابن سعد 3 / 2: 132، وابن هشام 2: 102: وذفة بالذال المعجمة المفتوحة وبعدها فاء، قال ابن هشام: ويقال: ودفة بالدال، ويروى أيضاً ودقة - ضبطه الداني في كتاب أطراف الموطأ له بفتح الواو وسكون الدال المهملة بعدها قاف (انظر الإصابة) . (2) وردت كلمة " قطبة " في الأصل بين " عامر " و " بياضة "، والصواب حذفها اعتماداً على ابن هشام وابن سعد والجمهرة والاستيعاب. (3) زيادة من الجمهرة: 340، وابن هشام 2: 103، وابن سعد 3 / 2: 111، والاستيعاب.

وأبو يسر كعب بن [عمرو بن عباد بن] (1) عمرو بن سواد بن غنم. وابن عمه لحا صيفي بن سواد (2) بن عباد. وثعلبة بن عنمة (3) بن عدي بن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم. وأخوه عمرو بن عنمة (4) . وابن عمهما لحا عبس بن عامر بن عدي. وابن عمهم لحا خالد بن عمرو بن عدي. وعبد الله بن أنيس بن أسعد (5) بن حرام بن حبيب بن مالك [ابن غنم] (6) بن كعب بن تيم بن نفاثة بن إياس (7) بن يربوع بن البرك (8) ابن وبرة، حليف لهم قضاعي. ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن [ثعلبة بن حرام بن] (9) كعب ابن غنم، وكان من أحدثهم سناً.

_ (1) زيادة من الجمهرة: 341، وابن هشام 2: 105، وابن سعد 3 / 2: 118، والإمتاع: 316. (2) هكذا روى عن ابن إسحاق، ويرى ابن هشام 2: 105 أن صحته: أسود. (3) في الأصل: غنم، وهو كما ضبطه ابن حجر في الإصابة: عنمة، بفتح المهملة والنون، وانظر ابن سعد 3 / 2: 118. (4) في الأصل: غنم. (5) في الأصل: سعيد، وتصويبه عن الجمهرة: 423 والاستيعاب. (6) زيادة من الجمهرة. (7) في نسبه خلاف بعد تيم، فهو عند بعضهم: تيم بن بهثة بن ناشرة بن يربوع. وفي الجمهرة والاستيعاب ما أثبتناه، وكان في الأصل: تيم بن ثعلبة بن ثابت، ولم يثبته أحد على هذا الوجه. (8) في الأصل: اليرن، وهو تصحيف. (9) زيادة من الجمهرة: 339، وابن هشام 2: 106.

وثابت بن الجذع، واسم الجذع: ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام ابن كعب. وعمير بن الحارث بن لبدة بن ثعلبة بن الحارث بن حرام بن كعب (1) . وخديج (2) بن سلامة بن أوس بن عمرو بن الفرافر (3) ، حليف لهم من بلي. ومن إخوة بني سلمة، وهم بنو أدى بن سعد بن عليّ: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدى. فجميع من شهدها من بني سلمة وحلفائهم ثلاثون رجلاً؛ وقد زاد بعضهم فيهم أوس بن عباد بن عدي بن كعب بن عمرو. ومن بني عوف بن الخزرج: العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد (4) بن غنم بن سالم بن عوف، وهو مهاجري أنصاري، هاجر إلى مكة، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان معه بها، استشهد يوم أحد، رضي الله تعالى عنه. وأبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة بن خزمة (5) بن أصرم بن عمرو

_ (1) ذكر ابن حزم نسبه في الجمهرة وأسقط منه لبدة، وإثباتها هو رواية موسى بن عقبة؛ انظر ابن سعد 3 / 2: 111؛ وورد في الأصل " ثعلبة بن كعب " في مكان " ثعلبة بن الحارث " والتصحيح عن ابن سعد وابن هشام 2: 106. (2) خديج: بخاء منقوطة ودال مكسورة، انظر السهيلي 1: 283. (3) الفرافر: يروى بالفاء والقاف، قيده الدارقطني؛ انظر الخشني 1: 123. (4) في الأصل: يزيد؛ والتصويب عن ابن هشام 2: 107 وأسد الغابة والإصابة. (5) تقرأ بسكون الزاي وهي رواية ابن إسحاق وابن الكلبي، وفتحها الطبري (انظر ابن سيد الناس 1: 172 والإصابة) .

ابن عمارة (1) ، حليف لهم من بني غصينة من بلي. وعمرو بن الحارث بن لبدة بن عمرو بن ثعلبة، وهؤلاء هم القواقل. ومن بني الحبلى، واسمه سالم بن غنم بن عوف: رفاعة بن عمرو بن زيد [بن عمرو] (2) بن ثعلبة بن مالك بن سالم. وعقبة بن وهب بن كلدة بن الجعد بن الهلال بن الحارث بن عمرو ابن عدي بن جشم بن عوف بن بهثة بن عبد الله بن غطفان بن سعد ابن قيس عيلان بن مضر، حليف لهم، هاجر أيضاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛ فهم خمسة رجال. ومن بني كعب بن الخزرج النقيبان اللذان ذكرناهما قبل، وهما سعد ابن عبادة والمنذر بن عمرو، فقط. والمرأتان: نسيبة (3) بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن (4) بن النجار، وهي أم عمارة، قتل مسيلمة ابنها حبيب بن زيد بن عاصم بن كعب. والأخرى أسماء بنت عمرو بن عدي ابن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، وهي أم منيع. وكانت هذه البيعة سراً عن كفار قومهم، فلما تمت هذه البيعة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه من المسلمين (5) بالهجرة إلى

_ (1) في الأصل: عامر، وتصويبه عن أسد الغابة والإصابة. وعمارة: بفتح العين وتشديد الميم. انظر ابن سيد الناس 1: 172. (2) زيادة من الجمهرة: 336، وابن هشام 2: 108، وابن سعد 2 / 2: 92؛ وفي نسبه اختلاف ذكره ابن سعد. (3) ضبط في أسد الغابة والإصابة بفتح النون وكسر السين. (4) في الأصل: مالك، والتصحيح عن ابن هشام 2: 109، وابن سيد الناس 1: 170، والإصابة. (5) في الأصل: المهاجرين.

المدينة، فخرجوا أرسالا (1) . فقيل: أول من خرج أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وقيل: عن هاجر قبل بيعة العقبة بسنة، وحال بنو المغيرة بينه وبين امرأته، ابنة عمهم، وهي أم سلمة أم المؤمنين، فأمكست بمكة، نحو سنة، ثم أذن لها في اللحاق بزوجها، فانطلقت، وشيعها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الدار، وهو كافر، إلى المدينة، وكان أبو سلمة نازلاً في قباء. ثم هاجر عامر بن ربيعة حليف بن عدي بن كعب، معه امرأته ليلى بنت حثمة بن غانم. ثم عبد الله وأبو احمد (2) ابنا جحش الأسديان، وكان أبو أحمد مكفوفاً، وكانت تحته الفرعة (3) بنت أبي سفيان بن حرب، وكان شاعراً، وأمه أميمة بنت عبد المطلب؛ وهاجر جميع بني جحش بنسائهم، فعدا أبو سفيان [على دارهم] (4) فتمكلها إذ بقيت يبابا لا أحد بها، وهي دار أبان بن عثمان اليوم التي بالردم. فنزل هؤلاء الأربعة: أبو سلمة، وعامر، وعبد الله، وأبو أحمد، عليّ مبشر بن عبد المنذر بن زنبر (5) في بني عمرو بن عوف بقباء.

_ (1) انظر خبر الهجرة إلى المدينة في: ابن هشام 2: 111، وابن سعد 1 / 1: 152، وابن سيد الناس 1: 173، وتاريخ الذهبي 1: 190، وزاد المعاد 2: 136، وابن كثير 3: 168، والإمتاع: 37، وتاريخ الخميس: 322. (2) اسمه: " عبد " بغير إضافة، وكان أبو أحمد هذا شاعراً، ترجم له المرزباني في معجم الشعراء. (3) هكذا ورد هذا الاسم في الأصل وفي ابن هشام 2: 114، وهي الفارعة كما في القاموس وأسد الغابة والإصابة، ولم يثبتها أحد بغير هذا الوجه. فلعل الفرعة من صور التدليل، كما يقال في فاطمة فطمة، وفي عائشة: عيشة. (4) بياض في الأصل. وقد أكملت من ابن سيد الناس 1: 173، والنص من قوله " وهاجر جميع بني جحش ... " منقول عن أبي عمر بن عبد البر. (5) في الأصل: زنير؛ وفي الإصابة (ترجمة مبشر) : زنبر: بزاي ونون وموحدة، وزن. جعفر.

وقدم أيضاً عكاشة بن محصن، وعقبة وشجاع ابنا وهب، وأربد ابن حميرة (1) ، ومنقذ بن نباتة، وسعيد بن رقيش، وأخوه يزيد بن رقيش، ومحرز بن نضلة، وقيس بن جابر، وعمرو بن محصن، ومالك ابن عمرو، وصفوان بن عمرو، وربيعة بن أكثم، والزبير بن عبيدة، وتمام (2) بن عبيدة، وسخبرة بن عبيدة، ومحمد بن عبد الله بن جحش؛ وهؤلاء كلهم من بني أسد بن خزيمة، حلفاء بني أمية بن عبد شمس. ومن نسائهم: زينب بنت جحش، أم المؤمنين، وحمنة بنت جحش، وجذامة (3) بنت جندل، وأم قيس بنت محصن، وأم حبيبة بنت نباتة، وأمامة (4) بنت رقيش، وأم حبيبة (5) بنت جحش. ثم خرج عمر بن الخطاب، وعياش بن أبي ربيعة، في عشرين راكباً، فقدموا المدنية، فنزلوا (6) في العوالي في بني أمية بن زيد، وكان يصلي بهم سالم مولى أبي حذيفة؛ وكان هشام بن العاصي قد أسلم، وواعد عمر بأن يهاجر معه، وانعدا (7) عند التناضب من أضاة بني غفار فوق

_ (1) في اسمه اختلاف كثير، فهو في ابن هشام: حميرة بالحاء ويقال جميرة بالجيم، وعند ابن سعد: حمير مصغراً مثقلاً، وبهذا الأخير جزم ابن ماكولا، وفي التعليق على الصفحة (317) من السيرة طبعة جوتنجن أن ابن هشام قال في خميرة بالخاء. (2) في الأصل: هشام، والتصحيح عن ابن هشام 2: 116 وأسد الغابة والإصابة. (3) جذامة: بالذال المنقوطة، هكذا ذكر مسلم بن الحجاج، قال السهيلي: والمعروف " جدامة " بالدال، وقد يقال " جدامة " بالتشديد. ورجح السهيلي أن تكون جدامة بنت وهب بن محصن بنت أخي عكاشة بن محصن، قال: فأما جدامة بنت جندل فلا تعرف في آل جحش الأسديين. (4) سماها هنا أمامة، وورد اسمها في أكثر المصادر: أمينة، وقال الخشني: صوابه أميمة. (5) تسمى: أم حبيبة وأم حبيب، ونص ابن حجر على أنها أم حبيبة بزيادة هاء، وجوز أبو عمر الوجهين ثم قال: وأكثرهم يسقطون الهاء، وناقض ابن كثير هذا وقال: إن أم حبيبة أكثر. وانظر تحقيق ابن سيد الناس 1: 180. (6) في الأصل: فنزل. (7) في الأصل: اتعدوا.

سرف (1) ، فحبسه قومه من الهجرة. ثم إن أبا جهل والحارث بن هشام أتيا المدينة وكلما عياش بن أبي ربيعة، وكان أخاهما لأمهما وابن عمتهما، وأخبراه أن أمه قد نذرت أن لا تغسل رأسها، ولا تستظل حتى تراه، فرقت نفسه فرجع معهما، فكتفاه في الطريق وبلغاه مكة فحبساه بها مسجوناً، إلى أن تخلص بعد ذلك فهاجر إلى المدينة (2) . وكان من جملة القادمين مع عمر بن الخطاب أخوه زيد بن الخطاب، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وعمر وعبد الله ابنا سراقة بن المعتمر، وكلهم من بني عدي بن كعب؛ وواقد بن عبد الله التميمي، وخولى، ومالك بن أبي خولى من بني عجل بن لجيم، حلفاء لبني عدي، وخنيس بن حذافة السهمي، وكان متزوجاً بحفصة أم المؤمنين بنت عمر، رضي الله عنه، ونزلوا بقباء على رفاعة بن عبد المنذر بن زنبر (3) في بني عمرو بن عوف. ثم قدم بن عبيد الله، فنزل هو وصهيب بن سنان، على خبيب ابن إسافن في بني الحارث بن الخزرج بالسنح (4) ، ويقال: بل نزل

_ (1) التناضب: بضم الضاد، وقيده الوقشي بكسرها (انظر الخشني 1: 125) والأضاة: بفتح أوله - كما ضبطه البكري - يمد ويقصر، وهو لغة: الغدير يجمع من ماء المطر، وسرف: بفتح أوله وكسر ثانيه - كما ضبطه البكري - موضع بين مكة والمدينة على ستة أميال من مكة من طريق مر. (2) هذه الفقرة والتي قبلها مما نقله ابن سيد الناس عن أبي عمر بن عبد البر، وأوردها ابن حزم بتصرف يسير. (3) في الأصل: زنير، انظر التعليق رقم 5 ص: 86. (4) السنح: بالضم ثم السكون، وضبطه البكري بضم أوله وثانيه بعده هاء مهملة: أطم لجشم وزيد ابني الحارث، على ميل من المسجد النبوي، وكان فيه منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه. (انظر السمهودي 2: 325) .

طلحة على أبي أمامة، أسعد بن زرارة، وأخذت قريش كل ما كان اكتسبه صهيب منهم، وكان ذا مال، وكان حليف بني جدعان. ونزل حمزة بن المطلب، وحليفه أبو مرثد كناز بن حصين الغنوي، وزيد بن حارثة الكلبي، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم ابن الهدم، أخى بني عمرو بن عوف بقباء، ويقال: على سعد بن خيثمة، ويقال: بل نزل حمزة على أسعد بن زرارة. ونزل عبيدة والطفيل والحصين بنو الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، وابن عمهم مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف، وسويبط ابن سعد بن حريملة (1) ، أخو بني عبد الدار، وطليب بن عمير أخو بني عبد قصي، وخباب بن الأرت مولى عتبة بن غزوان - (2) على عبد الله بن سلمة أخي بني العجلان بقباء. ونزل عبد الرحمن بن عوف في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع في بني الحارث بن الخزرج. ونزل الزبير بن العوام، وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى على المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بالعصبة (3) ، دار بنتي جحجبي. ونزل مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار على سعد بن معاذ بن النعمان في بني عبد الأشهل. ونزل أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وسالم مولى أبي حذيفة، وعتبة

_ (1) انظر التعليق رقم: 1، ص: 59 من هذا الكتاب. (2) في الأصل: " نزل على.. " وهي زيادة من الناسخ فيما نرجح، فحذفناها. (3) العصبة: بإسكان الصاد المهملة، واختلف في أوله: فقيل بالضم، وقيل بالفتح، وضبطه بعضهم بفتح العين والصاد، وروى البخاري من طريق نافع عن ابن عمر قال: " لما قدم المهاجرون الأولون المعصب منزل بني جحجبي "؛ وهما واحد.

ابن غزوان المازني من بني مازن بن منصور، أخى سليم وهوازن ابني منصور على عباد بن بشر بن وقش أخى بني عبد الأشهل في دارهم. وسالم ليس مولى أبي حذيفة، ولكنه مولى ثبيتة بنت يعار بن زايد (1) بن عبيد ابن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو ن عوف بن مالك بن الأوس، سيبته وأعتقته، فانقطع إلى أبي حذيفة، فتبناه، فنسب إليه، وكانت ثبيته هذه، فيما ذكر، امرأة أبي حذيفة. ونزل عثمان بن عفان على أوس بن ثابت، أخى حسان بن ثابت، في بني النجار. ويقال: أنزل العزاب من المهاجرين على سعد بن خيثمة وكان عزباً. ولم يبق بمكة أحد من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر، أقاما بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا من حبس كرهاً. وأراغت (2) قريش قتل رسول الله صلى عليه وسلم، ورصده على باب منزله طول ليلهم. فأمر رسول الله صلى عليه وسلم عليّ بن أبي طالب رضي الله أن يضطجع على فراشه. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطمس الله تعالى على أبصارهم فلم يروه، ووضع على رؤوسهم تراباً ونهض، فلما أصبحوا خرج إليهم عليّ رضي الله عنه فعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم [قد فاتهم] (3) . وتواعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة مع أبي بكر الصديق (4) ،

_ (1) في الأصل: يعار بن يزيد، والتصحيح عن ابن هشام 2: 122 والإصابة؛ ويعار: بمثناة تحتانية بعدها مهملة خفيفة؛ وقال موسى بن عقبة: بالمثناة الفوقانية. انظر الاستيعاب والإصابة. (2) في الأصل: وأذاع؛ وأراغت: طلبت وأرادت. (3) ساقطة من الأصل. (4) انظر خبر هجرة الرسول في: ابن هشام 2: 123، وابن سعد 1 / 1: 153، والطبري ص 2: 245 وأنساب الأشراف 1: 120، وابن سيد الناس 1: 181، وابن كثير 3: 174، 3: 174، وزاد المعاد 2: 136، وتاريخ الذهبي 1: 190، وتاريخ الخميس 1: 322، والبخاري 5: 56.

فدفعا راحلتيهما إلى عبد الله بن أريقط (1) الديلي، رجل من بني بكر بن عبد مناة، كافر، حليف العاصي بن وائل السهمي والد عمرو بن العاصي، ولكنهما وثقا بأمانته، وكان دليلاً بالطرق، فاستأجراه ليدل بهما إلى المدينة، ويتنكب عن الطريق العظمى، وكانت أم أريقط سهمية. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خوخة في ظهر دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه، التي في بني جمح، ليلاً، فنهضا نحو الغار الذي (2) في الجبل، الذي اسمه ثور بسفل مكة، فدخلا فيه. وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع ما يقول الناس، وأمر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه، وأن يريحها عليهما ليلاً ليأخذا منها حاجتهما. وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام، ويأتيهما عبد الله بن أبي بكر بالأخبار، ثم يتلوهما عامر بالغنم، فيعفى أثرهما. فلما فقدته قريش أتبعته بقائف معروف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار، فقال: هنا انقطع الأثر، فنظروا، فإذا بالعنكبوت وقد نسج على فم الغار من وقته، فأيقنوا أنه لا أحد فيه، فرجعوا، وفتح الله تعالى في الوقت في جانب الغار باباً واسعاً خرجا منه، في صخرة صلد صماء لا تؤثر فيها المعاول، فأمالها الله عز وجل، وهي اليوم ظاهرة، لا يشك من رآها أنها لو ردت لسدت المكان، ولا يختلف أحد أن ذلك الباب لو كان هنالك حينئذ لرأته قريش جهاراً. وجعلوا في النبي صلى الله عليه وسلم مائة ناقة لمن رده عليهم، فلما مضت لبقائهما في الغار ثلاثة

_ (1) في ابن سعد 1 / 1: 159 والإمتاع: 39: أريقط، وفي ابن هشام 1: 129: أرقط. (2) في الأصل: التي.

أيام، أتاهما عبد الله بن أريقط براحلتيهما، وأتتهما أسماء بسفرتهما، وشقت نطاقها، وربطت به السفرة وعلقتها، فركبا الراحلتين، وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة؛ فلذلك سميت أسماء ذات النطاقين. وحمل أبو بكر مع نفسه جميع ماله وهو نحو ستة آلاف درهم. وخطروا (1) على سراقة بن مالك بن جعثم، فركب فرسه واتبعهم ليردهم، بزعمه. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليه، فساخت يدا فرسه في الأرض، ثم استقل، فأتبع يديه دخان، فعلم أنها آية، فناداهم: قفوا عليّ. وأمنهم من نفسه، فوقف له رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لحقه ورغب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتاباً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر أن يكتب له. وسلك بهم الدليل أسفل مكة إلى الساحل أسفل من عسفان إلى أسفل أمج، ثم اجتاز قديداً، ثم سلك الخرار، إلى ثنية المرة، إلى لقف، إلى مدلجة لقف، إلى مدلجة مجاج (2) ، إلى مرجح ذي الغضوين (3) ، إلى بطن ذي كشد (4) ، إلى جداجد، إلى الأجرد، إلى ذي سلم من بطن (5) تعهن بقرب السقيا، إلى العبابيد (6) ، إلى القاحة (7) إلى العرج (8) .

_ (1) هكذا استعمل ابن حزم هذا الحرف من اللغة بمعنى: مر، وكررها في مواضع أخر سوف تأتي. (2) قال ابن هشام: مجاج بجيمين وكسر الميم، وضبطهما بالضم، وقال ياقوت: مجاح بفتح الميم ثم جيم وآخره حاء مهملة. (3) يقال: ذو الغضوين بالغين والضاد المعجمتين، ويقال: ذو العصوين بالعين والصاد المهملتين؛ انظر معجم ياقوت. (4) ذو كشد: ضبطه البكري بكسر أوله وإسكان ثانيه بعده دال، وأما ياقوت فقال: ذو كشر. (5) في الأصل: ببان، وهو خطأ. (6) قال ابن هشام 2: 136: ويقال العباعيب؛ وقال ياقوت: ويقال العشيانة. (7) القاحة بالحاء المهملة - ويقال أيضاً: الفاجة - على ثلاث مراحل من المدينة قبل السقيا. انظر معجم ياقوت والسمهودي 2: 357. (8) العرج: بفتح أوله وسكون ثانيه وجيم، على ثمانية وسبعين ميلاً من المدينة.

فوقف بهم بعض ظهرهم (1) ، فحمل رجل من أسلم، يقال له: أوس بن حجر، (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم على جمل يقال له ابن الرداء، وبعث معه غلاماً له يقال له مسعود بنه هنيدة ليرده (3) إليه من المدينة، ثم أخذ بهم من العرج إلى ثنية العائر (4) عن يمين ركوبه، إلى بطن رثم، إلى قباء، حين اشتد الضحاء (5) يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت لربيع الأول، قرب استواء الشمس. وأول من رآه رجل يهودي من سطح أطمه، فصاح بأعلى صوته: " يا بني قيلة هذا جدكم " يريد: حظكم (6) - وقد كانت الأنصار انتظروه حتى قلصت الظلال، فدخلوا بيوتهم، فخرجوا فتلقوه مع أبي بكر في ظل نخلة، فذكر أنه عليه السلام نزل على كلثوم بن الهدم بقباء، وقيل على سعد بن خيثمة. وقيل: نزل أبو بكر السنح على خبيب بن إساف (7) أخى بني الحارث بن الخزرج. وأقام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة حتى أدى ودائع كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس، ثم لحق بالمدينة، فنزل مع النبي صلى الله عليه وسلم. فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أياماً وأسس مسجدها.

_ (1) الظهر: الإبل التي يحمل عليها ويركب، وتجمع على ظهران بالضم. (2) ضبطه الدارقطني بفتحتين؛ انظر السهيلي 2: 9 - 10. (3) في الأصل: ليبرده. (4) في الأصل: العليا، وصوابها: العائر أو الائر كما ذكر ابن هشام 2: 136 وياقوت. وفي الطبري 2: 246 وابن سعد 1 / 1: 157: الغابر. (5) الضحاء: ارتفاع الشمس الأعلى، قريباً من نصف النهار. (6) في الأصل: يرحظكم: وهو سهو من الناسخ. (7) في هامش النسخة: وقيل: نزل على خارجة بن زيد؛ وهو منقول من ابن هشام 2: 138.

ثم ركب ناهضاً كما أمره الله تعالى، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي، رانوناء (1) ؛ فرغب إليه العباس بن عبادة، وعتبان بن مالك، ورجال بني سالم، أن يقيم عندهم، فقال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، وكان عليه السلام على ناقته. فمشى الأنصار حواليه، حتى إذا [وازت] (2) دار بني بياضة، تلقاه زياد بن لبيد، وفروة بن عمرو، ورجال من بني بياضة، فدعوه إلى البقاء عندهم، فقال دعوها: فإنها مأمورة. فمشى إلى دار بني ساعدة، فتلقاه سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، ورجال من بني ساعدة، فدعوه إلى البقاء عندهم، فقال: دعوها فإنها مأمورة؛ فمشى حتى إذا وازت دار بني الحارث بن الخزرج تلقاه سعد بن الربيع، وخارجة ابن زيد، وعبد الله بن رواحة، فدعوه إلى البقاء عندهم، فقال: دعوها فإنها مأمورة؛ فمشى إلى بني عدي بن النجار، وهم أخوال عبد المطلب، فتلقاه سليط بن قيس، وأبو سليط أسيرة بن أبي خارجة، ورجال من بني عدي ابن النجار، فدعوه إلى البقاء، فقال دعوها فإنها مأمورة؛ فمشى، فلما أتى دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده، وهو يومئذ مربد لغلامين من بني مالك بن النجار (3) ، وهما: سهل وسهيل، وكانا في حجر معاذ بن عفراء، وكان فيه أيضاً خرب ونخل وقبور للمشركين؛ فبركت الناقة، فبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهرها لم ينزل، فقامت ومشت غير بعيد، ورسول الله

_ (1) نقل ياقوت نص ابن إسحاق الذي ذكرت فيه رانوناء وقال: وهذا لم أجده في غير كتاب ابن إسحاق الذي لخصه ابن هشام، وكل يقول صلى بهم في بطن الوادي في بني سالم. اه. وقال ابن زبالة: صلى في ذي صلب لا رانوناء؛ قال السمهودي: هما وإن افترقا في بعض الأماكن فينتهيان إلى مجتمع واحد؛ انظر معجم ياقوت والسمهودي 2: 214. (2) بياض بالأصل، وقد زدناها اعتماداً على ما يرد في النص بعد سطور قليلة. (3) المريد: الموضع الذي يجفف فيه التمر.

صلى الله عليه وسلم لا يثنيها، ثم التفت خلفها، فرجعت إلى مكانها الذي بركت فيه، فبركت فيه ثانية، واستقرت. وقد قيل إن جبار بن صخر من بني سلمة كان من صالح المؤمنين جعل ينخسها منافسة لبني النجار: أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده، فكان لأبي أيوب وعيد على ذلك (1) . فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الناقة، فحمل أبو أيوب رحله، فأدخله داره، ونزل عليه السلام دار أبي أيوب. وسأل عن المربد، فأخبر، فأراد شراءه للمسجد (2) ، فأبت بنو النجار من بيعه، وبذلوه لله عز وجل دون ثمن. وقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم أبى أن يأخذ إلا بالثمن، فالله أعلم. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد، فبنى من اللبن، وجعلت عضادتاه الحجارة، وسواريه (3) جذوع النخل، وسقفه الجريد، بعد أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبور فنبشت، وبالنخل فقطع، وبالخرب فسويت، وعمل (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل المسلمون فيه، حسبة لله تعالى. ثم وادع اليهود (5) ، فلم يبق إلا شهراً يسيراً حتى مات أبو أمامة أسعد

_ (1) يريد أن أبا أيوب توعد جباراً وقال له: يا جبار عن منزلي تنخسها! أما والذي بعثه بالحق لولا الإسلام لضربتك بالسيف. انظر السمهودي 1: 186. (2) انظر الخبر في بناء المسجد في ابن هشام 2: 140، وابن سعد 1 / 2: 1، والطبري 2: 256، وابن سيد الناس 1: 159، وابن كثير 3: 214، والإمتاع: 47، وتاريخ الخميس 1: 343. (3) عضادتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل وشماله. وسوارى المسجد: أعمدته، والواحدة: سارية. (4) في الأصل: وعمله. (5) انظر خبر موادعته لليهود في ابن هشام 2: 147، وابن سيد الناس 1: 197، وابن كثير 3: 224، والإمتاع: 49.

ابن زرارة بالذبحة، فلم يجعل عليه السلام نقيباً بعده. وآخى بين المهاجرين والأنصار (1) : فآخى (2) بين جعفر بن أبي طالب، وهو غائب بالحبشة، ومعاذ بن جبل؛ وآخى بين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وخارجة بن زيد بن الحارث؛ وآخى بين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك من بني سالم؛ وآخى بين أبي عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ أخى بني عبد الأشهل؛ وآخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع أخي بني الحارث بن الخزرج؛ وآخى بين الزبير بن العوام وبين سلمة بن سلامة ابن وقش، وقيل: بل كعب بن مالك الشاعر أخى بني سلمة، وقيل: بل بين طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك؛ وآخى بين عثمان بن عفان وأوس ابن ثابت أخى حسان بن ثابت؛ وآخى بين سعيد بن زيد بن عمرو وبين أبي بن كعب؛ وآخى بين مصعب بن عمير وبين أبي أيوب مضيفه (3) ؛ وآخى بين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة وبين عباد بن بشر بن وقش أخى بني عبد الأشهل؛ وآخى بين عمار بن ياسر وبين حذيفة بن اليمان العبسي حليف بني عبد الأشهل، ويقال: بل ثابت بن قيس بن شماس؛ وآخى بين أبي ذر الغفاري وبين المنذر بن عمرو المعنق ليموت (4) ، وهو نقيب من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج؛ وآخى بين

_ (1) انظر خبر المؤاخاة في ابن هشام 2: 150، وابن سعد 1 / 2: 1، وابن سيد الناس 1: 199، وابن كثير 3: 226، والإمتاع: 49، وتاريخ الخميس 1: 352، والبخاري 5: 69. (2) في الأصل: وآخى. (3) في الأصل: " ضيفه "، وليس في اللغة " ضيف " بمعنى " مضيف. (4) لقبه به رسول الله لما بلغه ما فعله في بئر معونة حين قتل أصحابه ولم يبق غيره، فأمنوه، فأبى أن يقبل، أمانهم وأبى إلا أن يأتي مصرع حرام بن ملحان قائدهم، فقاتلهم حتى قتل، فقال الرسول: أعنق ليموت، أي أسرع إلى منيته.

فرض الزكاة

حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى وبين عويم بن ساعدة أخى بني عمرو بن عوف؛ وآخى بين سلمان الفارسي وبين أبي الدرداء عويمر بن ثعلبة أخى بني الحارث بن الخزرج؛ وآخى بين بلال وبين أبي رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي. فرض الزكاة (1) ثم فرضت الزكاة بالمدنية حينئذ. وأسلم عبد الله بن سلام، وكفر جمهور اليهود، وظاهرهم قوم من الأوس والخزرج منافقون، يظهورن الإسلام مداراة لجمهور قومهم من الأنصار، ويسرون ما يسخطون الله تعالى به من الكفر. فممن ذكر منهمن من الأوس، ثم من بني لوذان بن عمرو بن عوف: زوى (2) بن الحارث. ومن بني حبيب بن عمرو بن عوف: الحارث بن سويد بن الصامت، قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم قودا (3) ؛ وكان أخوه خلاد بن سويد من فضلاء المسلمين، وكانت لأخيهما الخلاس بن سويد نزغة (4) ، ثم لم ير

_ (1) قال ابن كثير في كتابه " الفصول في اختصار سيرة الرسول: 26 " بعد ذكره للمؤاخاة: وفرض الله سبحانه وتعالى إذ ذاك الزكاة رفقاً بفقراء المهاجرين، كذا ذكر ابن حزم في هذا التاريخ، وقد قال بعض الحفاظ من علماء الحديث إنه أعياه فرض الزكاة متى كان ". وإلى رأي ابن حزم في تاريخ فرض الزكاة، أشار صاحب الإمتاع أيضاً ص: 50. (2) في الأصل: زرى. (3) القود: قتل القاتل بالقتيل. (4) نزغة: نخسة من الشيطان، وهي ما يسوله للإنسان من المعاصي، يعني: يلقى في قلبه ما يفسده على أصحابه. وذقد ذكر ابن حزم في الجمهرة: 318 الحارث بن سويد وذكر نفاقه، ثم قال: وقد قيل: إنه تبرأ عند القتل من النفاق. وعلق على هذا بقوله: وهذا لا يجوز غيره، لأنه شهد أحداً، ولم يشهد أحداً منافق.

منه إلا خير وصلاح وإسلام إلى أن مات؛ ونبتل بن الحارث (1) . ومن بني ضبيعة بن زد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: بجاد بن عثمان بن عامر، وأبو حبيبة بن الأزعر، وهو أحد أصحاب مسجد الضرار، وعباد بن حنيف وكان أخواه سهل وعثمان ابنا حنيف من خيار المسلمين. ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف: جارية بن عامر بن العطاف، وقد ذكر ابناه زيد ومجمع، ولم يصح عن مجمع إلا الخير والقرآن والإسلام، لكنه استضر بأبيه (2) ، وبأن قدمه وهو حدث وأصحابه (3) ، ليومهم في مسجد الضرار. ومن بني أمية بن زيد بن مالك: وديعة بن ثابت، وهو من أهل مسجد الضرار. [ومن بني عبيد بن زيد بن مالك] : [خالد بن حزام] (4) ، وبشر ورافع (5) ابنا زيد.

_ (1) في ابن إسحاق 2: 168 و4: 174 أن نبتل بن الحارث من بني لوذان ثم من بني ضبيعة ابن زيد. وانظر أيضاً ابن سيد الناس 1: 209. (2) استضر بأبيه: أي لحقه من نفاق أبيه ضرر. (3) في الأصل: وأصحابهم. (4) زيادة من الجمهرة: 314 وفي ابن هشام أنه خذام بن خالد. ويظهر أن هذه العبارة سقطت من الناسخ. (5) في الأصل: نافع، والتصويب عن الجمهرة: 315، وابن هشام 2: 17، وابن سيد الناس 1: 210.

ومن النبيت، ثم من بني حارثة: مربع بن قيظي، وأخوه أوس بن قيظي. ومن النبيت، ثم من بني ظفر: حاطب بن أمية بن رافع، وكان ابنه يزيد بن حاطب من الفضلاء؛ وقزمان حليف لهم، قاتل يوم أحد فأبلى، فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هو من أهل النار. فعجب الناس من ذلك، فلما اشتد به الألم قتل نفسه. ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة، إلا إن الضحاك ب ثابت، أحد بني كعب، كان يتهم بذلك. ومن الخزرج، ثم من بني النجار: رافع بن وديعة، وزيد بن عمرو، وعمرو بن قيس، وقيس بن عمرو بن سهل. ومن بني جشم بن الخزرج، ثم من بني سلمة: الجد بن قيس. ومن بني عوف بن الخزرج: عبد الله بن أبي بن سلول، كهف المنافقين ورأس أهل النفاق، وكان ابنه عبد الله بن عبد الله من صلحاء؛ ووديعة، وسويد، وداعس، ومالك بن أبي قوقل. وكان قوم من اليهود قد تعوذوا بالإسلام وهم يبطنون الكفرز منهم: سعد بن حنيف، وزيد بن اللصيت (1) ، ورافع بن حرملة، ورفاعة بن زيد بن التابوت، وسلسلة بن برهاغم، وكنانة بن صوريا.

_ (1) هكذا هو بالتاء في ابن هشام 2: 174، والإمتاع: 497، وسماه " اللصيب " في الإصابة، وضبطه بلام مهملة ومثناة وآخره موحدة، وقبل: أوله نون.

غزوة الأبواء

غزوة الأبواء (1) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة باقي ربيع الأول من مقدمه المدينة، وهو أول التأريخ، وربيع الآخر في العام كله إلى صفر سنة اثنتين من الهجرة، وهو آخر العام من مقدمه، لم يتحرك. ثم خرج غازياً في صفر المؤرخ، واستعمل على المدينة سعد بن عبادة، حتى بلغ ودان، فهي غزوة الأبواء، فوادع فيها بني ضمرة بن عبد مناة ابن كنانة، وعقد ذلك معه سيد بني ضمرة: مخشي بن عمرو؛ ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق حرباً. وهي أول غزاة غزاها بنفسه صلى الله عليه وسلم. بعث حمزة بن عبد المطلب بن هاشم (2) وبعث عبيدة بن الحارث فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من غزوة الأبواء، أقام بالمدينة بقية صفر، وربيع الأول، وصدر ربيع الآخر؛ ووجه في هذه الإقامة عبيدة بن الحارث في ستين راكباً من المهاجرين، أو ثمانين، ليس

_ (1) انظر خبر هذه الغزوة في: ابن هشام 2: 241، وابن سعد 2 / 1: 3، والطبري 2: 259، 261، وابن سيد الناس 1: 224، وابن كثير 3: 241، وزاد المعاد 2: 212، والإمتاع: 53، وتاريخ الخميس 1: 363. (2) انظر: ابن هشام 2: 245، 241، وابن سعد 2 / 1: 2، والطبري 2: 259، 260، وابن سيد الناس 1: 224، وابن كثير 3: 234، والإمتاع: 51، 52، وتاريخ الخميس 1: 356، 357، والمواهب اللدنية 1: 97.

فيهم من الأنصار أحد، فنهض حتى بلغ أحياء (1) ، وهو ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة، فلقى بها جمعاً عظيماً من قريش، قيل: إنه كان عليهم عكرمة ابن أبي جهل، وقيل: بل كان عليهم مكرز بن حفص بن الأخيف. فلم يكن بينهم قتال، إلا أن سعد بن أبي وقاص، وكان في ذلك البعث، رمى بسهم؛ فهو أول سهم رمى به في سبيل الله تعالى. وفر من الكفار يومئذ إلى المسلمين: المقداد بن عمرو، وعتبة بن غزوان، وهو الذي بنى البصرة بعد ذلك، وكانا قديمي الإسلام، إلا أنهما لم يجدا السبيل إلى اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً حمزة عمه حينئذ في ثلاثين راكباً من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، إلى سيف البحر من ناحية العيص، فلقى أبا جهل في ثلاثمائة راكب من كفار قريش، أهل مكة، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني، وكان موادعاً للفريقين، فلم يكن بينهم قتال. وكان بعث حمزة عبيدة متقاربين، واختلف في أيهما أسبق، قيل: إلا أنها أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين.

_ (1) في الأصل: أجناء، والتصويب عن ابن سعد، والإمتاع، وياقوت. وما نقله ياقوت عن ابن إسحاق في مادة " أحياء " غير موجود في السيرة.

وغزوة بواط

وغزوة بواط (1) ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الآخر المؤرخ، وهو صدر العام الثاني من مقدمه صلى الله عليه وسلم بالمدينة، واستعمل على المدينة السائب ابن مظعون، حتى بلغ بواط من ناحية رضوى، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق كيداً ولا حرباً. غزوة العشيرة (2) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية ربيع الآخر، وبعض جمادى الأولى، ثم خرج غازياً، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وأخذ على نقب بني دينار بن النجار، وأخذ [على] (3) فيفاء الخبار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر، فثم له مسجد، وموضع أثافي طعامه معلوم هنالك، وبها ماء يقال له: المشيرب (4) ، ثم ترك الخلائق (5) بيساره، وسلك شعب عبد الله إلى اليسار حتى هبط يليل، فنزل بمجتمع يليل

_ (1) انظر: ابن هشام 2: 248، وابن سعد 2 / 1: 3، والطبري 2: 260، 261، وأنساب الأشراف 1: 135، وابن سيد الناس 1: 226، وابن كثير 3: 246، وزاد المعاد 2: 212، والإمتاع: 54، وتاريخ الخميس 1: 363، والمواهب 1: 98. (2) انظر: ابن هشام 2: 248، وابن سعد 2 / 1: 4، والطبري 2: 260، 261، وأنساب الأشراف 1: 135، وابن سيد الناس 1: 226، وابن كثير 3: 246، والإمتاع: 54، والمواهب اللدنية: 98، وتاريخ الخميس 1: 363. (3) زيادة يقتضيها السياق. (4) في الأصل: المشترب، وكذلك هو في ابن هشام 2: 249، وجعلها ياقوت: المشيرب، وقال: وجدته في مغازي ابن إسحاق: المشترب. وهي المشيرب في الطبر 2: 260. (5) الخلائق: أرض بنواحي المدينة لعبد الله بن أبي أحمد بن جحش، ويقال فيها: الحلائق، بالحاء.

غزوة بدر الأولى

والضبوعة، ثم سلك فرش ملل (1) ، حتى لقي الطريق بصخرات اليمام (2) إلى العشيرة من بطن ينبع، فأقام هنالك باقي جمادى الأولى، وليالي [من] (3) جمادى الآخرة، ووادع فيها بني مدلج، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق حرباً. غزوة بدر الأولى (4) فلم يقم النبي صلى الله عليه وسلم بعد العشيرة إلا نحو عشر ليال (5) ، حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه، حتى بلغ وادياً يقال له: سفوان، في ناحية بدر، ففاته كرز، فرجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. بعث سعد بن أبي وقاص (6) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث في خلال هذه الغزوة سعد ابن أبي وقاص في ثمانية رهط من المهاجرين، فبلغ الخرار (7) ، ثم رجع إلى

_ (1) فرش ملل: على عشرين ميلاً من المدينة أو أكثر قليلاً. (2) في ياقوت: صخيرات اليمام، بالتصغير. وانظر ص: 108 من هذا الكتاب، حيث وردت: صخيرات، كذلك. وفي ابن هشام 2: 249، والطبري 2: 260: صحيرات اليمام. وانظر تاج العروس (صحر) . (3) زيادة من ابن هشام. (4) انظر خبر بدر الأولى في: ابن هشام 2: 251، وابن سعد 2 / 1: 4، وابن سيد الناس 1: 227، وابن كثير 3: 247، والإمتاع: 54، والمواهب 1: 98، وتاريخ الخميس 1: 365. (5) نقلت هذه العبارة عن ابن حزم في الإمتاع: 54، والمواهب 1: 98، وتاريخ الخميس 1: 365. (6) انظر: ابن هشام 2: 251، وابن سعد 2 / 1: 3، والطبري 2: 259، وابن سيد الناس 1: 225، والإمتاع: 53، وتاريخ الخميس 1: 359. (7) الخرار، بالفتح ثم التشديد: من أودية المدينة، وقيل: إنه آبار عن يسار المحجة قريبة من خم.

بعث عبد الله بن جحش

المدينة ولم يلق حرباً، وقيل: إنه إنما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب مرز بن جابر. بعث عبد الله بن جحش (1) ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر الأولى كما ركنا إلى المدينة، فأقام بها بقية جمادى الأخرى، ورجب، وشعبان. وبعث في رجب المذكور عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي، ومعه ثمانية رجال من المهاجرين، وهم: أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة. وعكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي. وعتبة بن غزوان بن جابر المازني. وسعد بن أبي وقاص. وعامر بن ربيعة العنزي. وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة ابن مالك ن زيد مناة بن تميم. وخالد بن البكير، أخو بني سعد ن ليث. وسهيل بن بيضاء الفهري. وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لعبد الله بن جحش، وهو أمير القوم، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه، ولا يكره أحداً من أصحابه.

_ (1) انظر الخبر عن بعث عبد الله بن جحش ف: ابن هشام 2: 252، وابن سعد 2 / 1: 5، وابن سيد الناس 1: 227، وابن كثير 3: 248، والإمتاع: 55 وتاريخ الخميس 1: 365.

ففعل ذلك عبد الله بن جحش، فلما فتح الكتاب وجد فيه: " إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشاً أو عيراً لقريش، وتعلم لنا من أخبارهم ". فلما قرأ عبد الله بن جحش الكتاب قال: سمعاً وطاعة. ثم أخبر أصحابه بذلك، وبأنه لا يستكرههم، وأما هو فناهض، ومن أحب الشاهدة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع. فمضوا كلهم معه، فسلك الحجاز، حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له: بحران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه، ونفذ عبد الله في سائرهم حتى ينزل بنخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيباً وأدماً وتجارة، فيها عمرو بن الحضرمي، واسم الحضرمي: عبد الله، وعثمان ابن عد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل بن عبد المخزوميان، والحكم ابن كيسان موى بني المغيرة. فتشاور المسلمون وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم. ثم اتفقوا على ملاقاتهم، فرمى عبد الله ن واقد التميمي عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الخ والحكم ن كيسان، وأفلت (1) نوفل بن عبد الله، ثم قدموا العير والأسيرين، قد أخرجوا الخمس من ذلك فعزلوه، فذكر أنها أول غنيمة خمست. فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلوا في الشهر الحرام، فسقط ف أيدي القوم، فأنزل الله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير} الآية، إلى قوله: {حتى يؤدوكم عن دينكم إن استطاعوا} ، فقبض النبي صلى الله

_ (1) في الأصل: افتلت.

صرف القبلة

عليه وسلم الخمس، وقسم الغنيمة، وقبل الفداء في الأسيرين؛ ورجع سعد وعتبة سالمين إلى المدينة. وهذه أول غنيمة غنمت في الإسلام، وأول أسيرين أسرا من المشركين، وأول قتيل قتل منهم. وأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استشهد يوم بئر معونة. وأما عثمان بن عبد الله فمات بمكة كافراً. صرف القبلة (1) وصرفت القبلة عن بيت المقدس حينئذ، على سبعة عشر شهراً من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدنة، وقد روى أن أول من صلى نحو الكعبة أبو سعيد بن المعلى الأنصاري، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم [يأمر] (2) بتحويل القبلة، فصلى ركعتين إلى الكعبة. وقيل: بل صرفت على ثمانية عشر شهراً، وقيل: على ستة عشر شهراً، لم يقل أحد أكثر ولا أقل.

_ (1) انظر خبر صرف القبلة في: ابن هشام 2: 257، وابن سعد 1 / 2: 3، والطبري 2: 265، وابن سيد الناس 1: 230 بتفصيل كثير، وابن كثير 3: 252، والإمتاع: 60، والمواهب 1: 99، وتاريخ الخميس 1: 367، والبخاري 1: 84. (2) زيادة يقتضيها السياق.

بدر الثانية

بدر الثانية (1) وهي أكرم المشاهد، وهي بدر البطشة، وهي بدر القتال. فأقام رسول صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا إلى رمضان من السنة الثانية، ثم اتصل به عليه صلوات الله تعالى وسلامه عيراً لقريش عظيمة فيها أموال كثيرة مقبلة من الشام إلى مكة، فيها ثلاثون رجلاً من قريش، عميدهم أبو سفيان بن حرب، أو قيل: أربعون رجلاً؛ من جملتهم: مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة، وعمرو بن العاصي؛ فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه العير، وأمر من كان ظهره حاضراً بالخروج، ولم يحتفل في الحشد، لأنه إنما قصد العير، ولم يقدر أنه يلقى حرباً ولا قتالاً، فاتصل بأبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج إليهم، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه إلى أهل مكة مستنفراً لهم إلى نصر عيرهم، فنهض إلى (2) مكة، واستنفر، فنفر أهل مكة، وأوعبوا إلا اليسير (3) ، وكان ممن تخلف أبو لهب، ونفر سائر أشرافهم. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لثمان خلون من رمضان، واستعمل على المدينة عمرو بن أم مكتوم من بني عامر بن لؤي على الصلاة بالمسلمين، ثم رد أبا لبابة من الروحاء

_ (1) انظر الواقدي: 11، وابن هشام 2: 257، وابن سعد 2 / 1: 6، والطبري 2: 267، وأنساب الأشراف 1: 135، وابن سيد الناس 1: 241، وابن كثير 3: 256، وزاد المعاد 2: 216، والإمتاع: 60 والمواهب 1: 101، وتاريخ الخميس 1: 368، والبخاري 5: 73. (2) في الأصل: أهل. (3) أوعب القوم: إذا خرجوا كلهم إلى الغزو.

واستعمله على المدينة، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير، ودفع الراية: الواحدة إلى عليّ بن أبي طالب، كرم الله وجهه، والثانية إلى رجل من الأنصار، وقيل: كانتا سوادوين؛ وكان مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يومئذ، سبعون بعيراَ يعتقبونها فقط، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، ومرثد بن أبي مرثد، يعتقبون بعيراً؛ وكان حمزة، وزيد بن حارثة، وأبو كبشة، وأنسة موالى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقبون بعيراً، وكان أبو بكر، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، يعتقبون بعيراً؛ وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة من بني النجار. وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ. فسلك صلى الله عليه وسلم على نقب المدينة إلى العقيق، إلى ذي الحليفة، إلى ذات الجيش، إلى تربان، وقيل: تربان (1) ، إلى ملل، إلى غميس الحمام من مر يين (2) ، إلى صخيرات اليمام (3) ، إلى السيالة، إلى فج الروحاء، إلى شنوكة، إلى عرق الظبية (4) . ونزل عليه السلام سجسج، وهو بئر بالروحاء، ثم رحل فترك طريق مكة عن يساره، وسلك ذات اليمن على النازية يريد بدراً، فسلك وادي

_ (1) هكذا في الأصل غير مضبوطة بالشكل؛ وليس في المراجع إلا وجه واحد لضبطها وهو ضم أولها. (2) يين: بيامين مفتوحة ثم ساكنة ثم نون. وليس في كلامهم ما فاؤه وعينه ياء غيره، وضبطه الغاني بفتح اليامين. قال نصر: بين واد به عين من أعراض المدينة على بريد منها، وهي منازل أسلم من خزاعة. ويضاف إليه مر فيقال: مر يين، كما يقال مر الظهران. وسيرد مفرداً من الإضافة في غزوة بني لحيان. ولم يضبطه ناشرو سيرة ابن هشام (طبع الحلبي 1936) ففي خبر بدر جاء " مريين " (كأنه تثنية مرى) وفي غزوة لحيان 2: 292 كتب: بين بالباء المكسورة نقلاً عن ياقوت، مع أن المكانين واحد. وانظر الكلام عن يين في التاج والسمهودي 2: 393. (3) انظر ص: 103 تعليق رقم: 2، من هذا الكتاب. (4) هكذا ضبطه كل من ياقوت والسمهودي، بضم الظاء.

رحقان (1) ، بين النازية ومضيق الصفراء، ثم إلى مضيق الصفراء، فلم قرب من الصفراء بعث بسبس بن عمرو الجهني، حليف بني ساعدة، وعدي ابن أبي الزغباء الجهني، حليف بني النجار إلى بدر، يتجسسان أخبار أبي سفيان وعيره. ثم رحل، فأخبر عن جبلي الصفراء، وان اسميهما: مسلح ومخرى، وأن سكانهما بنو النار وبنو حراق، بطنان من غفار، فكره النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأسماء، فترك الجبلين، وترك الصفراء على اليسار، وأخذ ذات اليمين على وادي ذفران؛ فلما خرج منه (2) نزل. وأتاه الخبر بخروج نفير قريش لنصر العير، فأخبر أصحابه، رضوان الله عليهم، واستشارهم فيما يعملون. فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا فتمادى في الاستشارة وهو يريد ما يقول الأنصار، فبادر سعد بن معاذ، وسارع في فنون القول الجميل، وكان فيما قال: لو استعرضت هذا البحر بنا لخضناه معك، فسر بنا يا رسول الله على بركة الله تعالى. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: سيروا وأبشروا، فإن الله عز وجل قد وعدني إحدى الطائفتين. ثم رحل من ذفران، فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر (3) إلى الدبة (4) ، ونزل الحنان (5) ، وهو كثيب عظيم كالجبل على ذات اليمين، ثم نزل قريباً

_ (1) في الأصل: وحقان. وقال السمهودي: رحقان بالضم ثم السكون والقاف وآخره نون. (2) في أكثر كتب السير: جزع فيه، أي قطعه واجتازه. (3) هي كذلك في السيرة 2: 267، واللسان، ومعجم ياقوت؛ وقال السمهودي: هي أضافر جمع ضفيرة، ومعناها لغة: الحقف من الرمل. (4) في الأصل: الدية، وصوابه: الدبة، بفتح أوله وتشديد ثانيه، وقد يخففها أهل الحديث، والأصوب التشديد. وفي القاموس: الدبة بالضم موضع قرب بدر؛ وانظر السمهودي ومعجم ياقوت. (5) الحنان: بالتشديد ويخفف أيضاً؛ انظر معجم ياقوت، والسمهودي.

من بدر، وركب مع رجل من أصحابه مستخبراً ثم انصرف، فلما أمسى بعث علياً والزبير وسعد بن أبي وقاص في نفر إلى بدر يلتمسون الخبر، فأصابوا راويةً (1) لقريش، فيها اسلم غلام بني الحجاج السهمين، وأبو يسار (2) غريض غلام بني العاصي بن سعيد الأمويين، فأتوا بهما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي. فسألوهما: لمن أنتما فقالا: نحن سقاة قريش. فكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخبر، وكانوا يرجون أن يكونا من العير، لعظم الغنيمة في العير وقلة المئونة فيها، ولأن الشوكة في نفر قريش شديدة. فجعلوا يضربونهما، ةفإذا آذاهما الضرب قالا: نحن من عير أبي سفيان. فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أخبراني أين قريش قالا: هم وراء هذا الكثيب. وأخبراه أنهم ينحرون يوماً عشراً من الإبل ويوماً تسعاً، فقال صلى الله عليه وسلم: " القوم بين التسعة إلى الألف ". وكان بسبس بن عمرو وعديّ بن أبي الزغباء اللذين بعثهما عليه السلام يتجسسان له الأخبار، مضياً حتى نزلا بدراً، فأناخا بقرب الماء، ثم استقيا في شن لهما، ومجديّ بن عمرو بقربهما، فسمع عدي وبسبس جاريتان من الحي وإحداهما تقول لصاحبتها: أعطيني ديْني؛ فقالت الأخرى: إنما تأتي العير غداً فأعمل لهم ثم أقضيك. فصدقها مجدي بن عمرو، ورجع عدي وبسبس بما سمعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ولما قرب أبو سفيان من بدر تقدم وحده حتى أتى ماء بدر، فقال

_ (1) الراوية: الدواب التي يستقى عليها الماء. (2) في الأصل: كيسان. والتصويب من كتب السيرة.

لمجدي: هل أحسست أحداً فقال: لا، إلا باثنين أناخا إلى هذا التل، واستقيا الماء ونهضا. فأتى أبو سفيان مناخهما، فأخذ من أبعار بعيرٍ ففته فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب. فرجع سريعاً، وقد حذر، فصرف العير عن طريقها، وأخذ طريق الساحل فنجا، وأوحى (1) إلى قريش يخبرهم بأنه قد نجا والعير، فارجعوا، فأبى أبو جهل وقال: والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر، ونقيم عليها ثلاثاً، فتهابنا العرب أبداً. ورجع الأخنس بن شريق الثقفي بجميع بني زهرة، فلم يشهد بدراً أحد منهم، وكان حليفهم ومطاعاً فيهم، فقال: إنما خرجتم تمنعون أموالكم وقد نجت. وكان قد نفر من جميع بطون قريش جماعة، حاشا بني عدي بن كعب فلم ينفر منهم أحد، فلم يحضر بدراً مع المشركين عدوى ولا زهرى أصلاً. وقد قيل إن ابنين لعبد الله الأصغر بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب شهدا بدراً مع المشركين، وقتلا يومئذ كافرين، وهما عما مسلم والد الفقيه محمد بن مسلم الزهري. فسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى ماء بدر، ومنع قريشاً من السبق إليه مطر عظيم أرسله الله تعالى مما يليهم، ولم يصب منه المسلمين إلا ما لبد لهم الأرض، يعني دهس الوادي (2) ، وأعانهم على السير. فنزل عليه السلام على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة، وأشار

_ (1) في الأصل: أوصى. راجع التعليق رقم 1، صفحة: 65 من هذا الكتاب. (2) الدهس: الأرض السهلة يثقل فيها المشي.

عليه الحباب بن المنذر بن عمرو بن الجموح بغير ذلك، وقال رول الله: أرأيت هذا المنزل، أمنزل أنزلك الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة فقال عليه السلام: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله، ونغور ما وراءه من القلب (1) ، ثم نبني عليه حوضاً فنملأه، ونشرب ولا يشربون. فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرأي وفعله؛ وبنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش يكون فيه، ومشى رسول الله صلى الله عليه وسلم على موضع الوقعة، فعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر من قريش مصرعاً مصرعاً، يقول: هذا مصرع فلان، ومصرع فلان، فما عدا واحد منهم مضجعه الذي حده رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما تراءت قريش فيما يليهم بعثوا عمير بن وهب الجمحي فحزر لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثلاثمائة وبعضة عشر رجلاً فقط، فيهم فارسان: الزبير والمقداد بن الأسود، ثم أنصرف. ورام حكم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش ولا يكون حرب، فأبى أبو جهل، وساعده المشركون على ذلك. وبدأت الحرب: فخرج عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد ابن عتبة بن ربيعة، يطلبون البراز، فخرج إليهم عبيدة بن الحارث، وحمزة ابن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، فقتل الله عتبة وشيبة والوليد، وسلم حمزة وعلي بن أبي طالب، وضرب عتبة عبيدة فقطع رجله، ومات

_ (1) القلب: جمع قليب، وهي البئر.

بالصفراء وكان قد برز إليهم عوف ومعوذ ابنا الحارث، وهما ابنا عفراء، وعبد الله بن رواحة الأنصاريون، فأبو إلا قومهم. وكانت وقعة بدر يوم الجمعة في اليوم السابع عشر من رمضان. وعدل عليه السلام الصفوف، ورجع إلى العريش ومعه أبو بكر وحده. وكان أول قتيل قتل من المسلمين، مهجع مولى عمر بن الخطاب، أصابه سهم فقتله. وسمع عمير بن الحمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يحض على الجهاد، فيرغب في الجنة، وفي يده تمرات يأكلهن، فقال: بخ بخ، أما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم رمى بهن وقاتل حتى قتل، رضي الله عنه، وقد فعل. ثم منح الله المسلمين النصر فهزم المشركون، وسعد بن معاذ وقوم من الأنصار وقوف على باب العريش يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانقطع يومئذ سيف عكاشة بن محصن، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جذلاً (1) من حطب، فقال: دونك هذا. فلما أخذه عكاشة وهزه عاد في يده سيفاً طويلاً شديداً أبيض، فلم يزل عنده يقاتل به حتى قتل، رضوان الله عليه، في الردة أيام أبي بكر. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى المشركين فسحبوا إلى القليب، فرموا به، وطم عليهم التراب. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الثقل (2) عبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو ابن غنم بن مازن بن النجار.

_ (1) الجذل: ما عظم من أصول الشجر المقطع؛ وقيل: هو من العيدان ما كان على مثال شماريخ النخل. (2) الثقل: المتاع، وفي ابن هشام 2: 287: النفل.

تسمية من شهد بدرا من المسلمين رضي الله عنهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نزل الصفراء قسم بها الغنائم كما أمر الله تعالى. وضرب عنق النضر بن الحارث بن كلدة من بني عبد الدار؛ ثم لما نزل عرق الظبية، ضرب عنق عقبة بن أبي معيط ابن عمرو بن أمية بن عبد شمس. تسمية من شهد بدراً من المسلمين رضي الله عنهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) من بني هاشم والمطلب ابن عبد مناف: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعمه حمزة بن عبد المطلب. وابن عمه عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب. ومن مواليه: زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس ابن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد الله بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة. وأنسة، وهو حبشي.

_ (1) انظر: الواقدي: 151، وابن هشام 2: 333، وابن سيد الناس 1: 272، وتاريخ الخميس 1: 396. وقد ذكر البخاري 5: 87 بعضهم مرتبين على حروف المعجم، وذكرهم ابن الجوزي في تلقيح الفهوم: 212، وابن كثير 3: 314 على هذا الترتيب أيضاً، وذكر صاحب المحبر من كان اسمه سعيداً أو عبد الله (انظر ص: 276 - 281) ومن شهدها من الموالي ص: 287، وخصص ابن سعد الجزء الثالث من طبقاته لتراجم البدريين.

وأبو كبشة، وهو فارسي. ومن حلفاء بني هاشم: أبو مرثد (1) كناز بن حصين بن يربوع بن عمرو بن عمير بن يربوع ابن خرشة بن سعد بن طريف بن جلان بن غنم بن غني بن يعصر ابن سعد بن قيس بن عيلان، حليف حمزة. وابنه مرثد بن أبي مرثد. وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف. وأخواه: الطفيل والحصين ابنا الحارث. ومسطح، واسمه: عوف بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف اثنا عشر رجلاً. ومن بني عبد شمس بن عبد مناف: عثمان بن عفان، تخلف على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة، فتوفيت، وجاءت البشرى بالفتح حين دفنت، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه من الغنيمة وبأجره من المشهد، فهو بدري. وأبو حذيفة، واسمه: قيس، وقيل: مهشم، بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. وسالم مولى أبي حذيفة، وهو حينئذ يدعى: ابن أبي حذيفة. ومن مواليهم: قيل: إن صبيحا مولى أبي العاصي بن أمية تجهز للخروج، فمرض، فحمل

_ (1) في نسبه خلاف. انظر الجمهرة: 236، وأسد الغابة.

على بعيره أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ثم شهد صبيح بعد ذلك المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن حلفائهم: عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير ابن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. وعكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كبير. وأخوه: سنان بن محصن (1) . وأخوه: أبو سنان بن محصن. وابنه: سنان بن أبي سنان. وشجاع بن وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كبير. وأخوه: عقبة بن وهب. ويزيد بن رقيش بن رئاب بن يعمر. ومحرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة بن كبير. وربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن بكير (2) بن عامر بن غنم ابن دودان بن أسد بن خزيمة. ومن حلفاء بني كبير بن عنم: ثقف (3) ، ومالك، ومدلج وقيل: ومدلاج وهم من بني سليم. وأبو مخشى سويد بن مخشى الطائي. ثمانية عشر رجلاً. ومن بني نوفل بن عبد مناف بن قصي:

_ (1) لم يذكره الواقدي وابن هشام وابن كثير، غير أن المؤلف ذكره في الجمهرة: 181. (2) كذلك هو في الجمهرة: 181 والاستيعاب، وهو " لكيز " في ابن هشام 2: 335، وابن كثير 3: 318، والإصابة. (3) ضبطه الفيروزبادي بفتح الثاء.

عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث ابن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، حليف بني نوفل. وخباب مولى عتبة بن غزوان، وهو غير خباب بن الأرت؛ رجلان. ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي: الزبير بن العوام ن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي. وحاطب بن أبي بلتعة اللخمي، حليف لهم. وسعد الكلبي، مولى حاطب. ثلاثة رجال. ومن بني عبد الدار بن قصي بن كلاب: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. وسويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة (1) بن السباق ابن عبد الدار. رجلان. ومن بني زهرة بن كلاب بن مرة: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن [عبد بن] (2) الحارث بن زهرة. وسعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف ابن زهرة. وأخوه عمير بن أبي وقاص. ومن حلفائهم: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن [مالك بن] (3) ربيعة بن ثمامة بن مطرود

_ (1) في الأصل: " عبيدة ". والتصحيح عن الجمهرة: 117، وابن هشام 2: 336، والواقدي: 154، والاستيعاب. (2) زيادة من السيرة 2: 336 والاستيعاب. (3) زيادة من الجمهرة: 412.

ابن [عمرو] (1) بن سعد بن دهير بن لؤي بن ثعلبة بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة (2) . وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة. ومسعود بن ربيعة (3) بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن محلم بن غالب ابن عائذة بن يثيع (4) بن الهون بن خزيمة بن مدركة، من القارة. وذو الشمالين [بن] عبد عمرو بن نضلة بن غبشان (5) بن سليم ابن ملكان بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن خزاعة. وهو غير ذي اليدين، ذلك يسمى بالخرباق، وهو من بني سليم بن منصور. قيل إن اسم ذي الشمالين: عمير بن عبد عمرو (6) ، وكان أعسر، وكان ذو اليدين طويل اليدين. وخباب بن الأرت، وهو تميمي، وقيل خزاعي، وله عقب بالكوفة. ثمانية رجال. ومن بني تيم بن مرة: أبو بكر الصديق، وهو عبد الله بن أبي قحافة رضي الله عنه، واسمه:

_ (1) زيادة من الجمهرة: 412، وابن هشام 2: 337. (2) في نسب المقداد اختصار كثير، انظر الجمهرة: 412، وقد كان في الأصل: ابن سعد ابن زهير بن ثقيف بن ثعلبة، وانظر ضبطه من قبل في الصفحة: 60 التعليق رقم 1 و 2 و 3. (3) في الأصل: زيد، والتصحيح عن الجمهرة: 179، وابن هشام 2: 337. (4) في الأصل: ابن حمالة بن سحيم بن عائذة بن سلبع؛ وقد صححناه على حسب ما جاء في الجمهرة: 179 وفيه اختلاف يسير عما ورد في ابن هشام. (5) بعد " غبشان " يختلف نسب ذي الشمالين عما هو في الجمهرة: 230. (6) في الأصل: عمير.

عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كلاب. وبلال بن رباح، حبشي مولى أبي بكر. وعامر بن فهيرة، أسود، مولى أبي بكر، من مولدي الأسد. وصهيب بن سنان، من النمر بن قاسط، حليف بن جدعان. وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة، كان بالشام في تجارة، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، فهو بدري. خمسة رجال. ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب: أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وشماس، واسمه: عثمان بن عثمان بن الشريد بن سويد (1) بن هرمي ابن عامر بن مخزوم. والأرقم بن أبي الأرقم عبد المناف بن أبي جندب، واسمه: أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وعمار بن ياسر العنسي، مولى فهر (2) . وعيهامة (3) ، واسمه: معتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف ابن كليب بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي، حليف لهم. خمسة رجال. ومن بني عدي بن كعب:

_ (1) انظر التعليق رقم 6 ص: 60. (2) الذي في كتب السير أنه مولى بني مخزوم؛ ومخزوم من قريش، وهو بنو فهر بن مالك. (3) العيهامة في اللغة: الطويل العنق.

عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي. وأخوه: زيد بن الخطاب. وعمرو بن سراقة. [وأخوه: عبد الله بن سراقة] (1) . وكان سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل غائباً بالشام، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، فهو بدري. ومهجع مولى عمر بن الخطاب. ومن حلفائهم: واقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة التميمي. وخولي، ومالك، ابنا أبي خولي العجليان. وعامر بن ربيعة العنزي. وعامر، وعاقل، وخالد، وإياس، بنو البكير بن عبد ياليل بن ناشب ابن غيرة بن سعد بن ليث. أربعة عشر رجلاً. ومن بني جمح [بن عمرو] (2) بن هصيص بن كعب: عثمان، وقدامة، وعبد الله، بنو مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح (3) .

_ (1) ذكره ابن إسحاق في البدريين، ولم يذكره موسى بن عقبة ولا الواقدي ولا ابن عائذ (انظر ابن كثير 3: 321) . وقد جعله الناسخ بين معكفين، وربما كان هذا إشارة منه إلى أنه زاده على الأصل. ولابد من إثباته ليتم عدد البدريين من بني عدي أربعة عشر. (2) زيادة من الجمهرة: 152، وابن هشام 3: 341. (3) يضيف ابن حزم في الجمرة إلى البدريين من أبناء مظعون اسم السائب بن مظعون، أخي عثمان، غير أن موسى بن عقبة وابن إسحاق لم يذكراه في البدريين (انظر ابن كثير 3: 319) .

والسائب بن عثمان بن مظعون (1) . ومعمر بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح. خمسة رجال. ومن بني سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي: خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد (2) بن سهم. رجل واحد. ومن بني عامر بن لؤي بن غالب بن فهر: أبو سبرة بن أبي أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل. وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود. وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. وخرج مع المشركين، فلما التقى الجمعان فر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ووهب (3) بن سعد بن أبي سرح. وحاطب بن عمرو. وعمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو.

_ (1) لم يذكره موسىبن عقبة فيمن شهد بدراً، وكان هشام الكلبي يقول: الذي شهد بدراً هو السائب بن مظعون (انظر التعليق رقم 3 في الصفحة السابقة) أخو عثمان بن مظعون لأبيه. قال ابن سعد: وذلك عندنا منه وهل، لأن أصحاب السيرة ومن يعلم المغازي يبتون السائب بن عثمان فيمن شهد بدراً (2) في الأصل: سعيد، والتصحيح عن الجمهرة: 156. (3) في الأصل: وهيب، وصححناه عن الواقدي: 156، وابن سعد 3 /1: 296، والاستيعاب؛ وهو ممن ذكرهم موسى بن عقبة في البدريين ولم يذكره ابن إسحاق. انظر تعليق ابن هشام 2: 342.

وسعد بن خؤلة، حليف من اليمن. سبعة رجال. ومن بني الحارث بن فهر: أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة ابن الحارث بن فهر. وعمرو بن الحارث بن ربيعة بن هلال بن أهيب، وهو ابن بيضاء. وأخوه: صفوان بن وهب. وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة. وعياض بن زهير (1) . ستة رجال. فجميع البدريين من المهاجرين رضوان الله عليهم ستة وثمانون رجلاً، منهم ثلاثة لم يشهدول ووجب لهم أجر من شهدها وسهم كمن شهدها، وهم: عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد؛ والباقون شهدوا بأنفسهم، منهم من صليبة قريش واحد وأربعون رجلاً: من هاشم ثلاثة؛ ومن بني المطلب أربعة؛ ومن بني عبد شمس واحد؛ ومن بني عبد العزى واحد؛ ومن بني عبد الدار اثنان؛ ومن بني زهرة ثلاثة؛ ومن بني تيم واحد؛ ومن بني مخزوم ثلاثة؛ ومن بني عدي أربعة؛ ومن بني جمح خمسة؛ ومن بني سهم واحد؛ ومن بني عامر خمسة؛ ومن بني الحارث ستة. والخمسة والأربعون موالي وحلفاء (2) ، منهم موالي أحد

_ (1) في الأصل: عياض بن أبي زهير؛ وقد رجعنا في تصحيحه إلى السهيل 2: 95، وابن سعد 3 / 1: 304، والاستيعاب، والإصابة. ونقل صاحب الإصابة عن خليفة بن خياط أن عياضاً ربما كان عياض بن غنم بن زهير، المعروف في فتوح الشام، ومال إلى هذا ابن عساكر. (2) إثبات الياء في مثل " قاضي " وطموالي " عربي صحيح فصيح. ثبت مثله في قراءات بعض القراء السبعة وغيرهم في الكتاب العزيز. وثبت عن كثير من الأئمة الحجة القدماء. والقرآن أقوى حجة.

عشر؛ وهم: زيد بن حارثة، وأنسة، وأبو كبشة، وخباب، وبلال، وعامر بن فهيرة، وسالم، ومهجع، وسعد الكلبي، وصهيب، وعمرو ابن عوف مولى سهيل؛ وإن عد عمار فهم اثنا عشر. ومنهم عرب: زيد، وسعدن وصهيب، وعمار؛ وباقيهم عجم. ومنهم ثلاثة وثلاثون حليفاً: منهم من أسد بن خزيمة واحد؛ ومن بني كنانة أربعة؛ ومن بني تميم اثنان، اختلف في أحدهما فقيل إنه خزاعي؛ ومن غنى اثنان؛ ومن سليم ثلاثة؛ ومن مازن أخي سليم واحد، ومن طيئ واحد؛ ومن عجل اثنان؛ ومن عنز واحد؛ ومن اليمن غير منسوب واحد. والبدريون من الأوس بن حارثة من الأنصار، ثم من بني عمرو بن مالك بن الأوس، ثم من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس: سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، وأخوه: عمرو بن معاذ. والحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان. والحارث بن أنس بن رافع بن امرئ القيس. وسعد بن زيد بن مالك بن عبيد بن كعب بن عبد الأشهل. وسلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة (1) بن زعورا بن عبد الأشهل. وابن عمه: عباد بن بشر بن وقش. وسلمة بن ثابت بن وقش. ورافع بن يزيد بن كرز بن كن بن زعورا.

_ (1) في الأصل زعبة. انظر التعليق رقم: 2 ص: 78، راجع ضبطها في القاموس والإصابة والاستيعاب.

ومن حلفائهم: الحارث بن خزمة بن عدي بن أبي بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج بن حارثة، خرج عن قومه وحالف بني زعورا. ومحمد بن مسلمة [بن سلمة (1) ] بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس، خرج عن قومه وحالف بني عمه: بني زعورا. وسلمة بن أسلم بن حريش بن عدي بن مجدعة بن حارثة، خرج أيضاً عن قومه وحالف بني عمه: بني زعورا. وأبو الهيثم بن التيهان. وعبيد بن التيهان (2) . وعبد الله بن سهل، وقيل: إن صليبة من بني زعورا؛ خمسة عشر رجلاً. ومن بني ظفر، واسمه كعب بن الخزرج بن عمرو بن مالك ابن الأوس: قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر. وعبيد بن أوس بن مالك بن سواد، وعبيد هذا هو مقرن، سمي بذلك لأنه أسر أربعة من المشركين فقرنهم كلهم وساقهم، وأحدهم عقيل بن أبي طالب.

_ (1) زيادة من ابن سعد 3 / 2: 18، والجمهرة: 322، والاستيعاب، والإصابة. (2) هكذا يسميه أيضاً ابن إسحاق والواقدي، أما موسى بن عقبة وأبو معشر فيقولان: هو عتيك بن التيهان. انظر ابن سعد 3 / 2: 23، وتعليق ابن هشام 2: 343.

ونصر بن الحارث بن عبد (1) بن عبيد بن ظفر. وعمه: معتب بن عبيد (2) . ومن حلفائهم: عبد الله بن طارق البلوي، خمسة رجال. [ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس: مسعود بن سعد بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة. وأبو عبس بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة بن حارثة ومن حلفائهم ثم من يلي: أبو بردة بن نيار، واسمه: هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هنى بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. ثلاثة نفر] (3) . ومن بني عوف بن مالك بن الأوس، ثم من بني ضبيعة بن زيد ابن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، واسم أبي الأقلح: قيس بن عصمة

_ (1) في الجمهرة: 223: الحارث بن عبد رزاح، وانظر أيضاً ابن سعد 3 / 2: 27. (2) في الأصل: وابن عمه معتب بن عبيد، وهو خطأ. والواقدي: 158 وتلميذه ابن سعد يعدان معتب بن عبيد بلوياً حليفاً لبني ظفر؛ ونسبه ابن عمارة الأنصاري إلى بني ظفر، وقال: إنه معتب ابن عبيد بن سواد بن الهيثم بن ظفر؛ وعلق على هذا بقوله: فمن لم يعرف نسبه في بني ظفر جعله في بلى لمكان أخيه عبد الله بن طارق. وقد ترجم له كل من أبي عمر وابن الأثير مرتين: مرة في معتب، ومرة أخرى في مغيث. وفي رواية عن ابن إسحاق أن اسمه: معتب بن عبدة. (3) ما بين معكفين زيادة من الناسخ نقلاً عن ابن هشام، وقد ذكرهم الواقدي: 158 وابن سعد 3 / 2: 23.

ابن النعمان (1) بن مالك بن أمية (2) بن ضبيعة. ومعتب بن قشير بن مليل بن زيد بن العطاف بن ضبيعة، وقد ذكر معتب بن قشير في المنافقين، وهذا باطل، لأن حضوره بدراً يبطل هذا الظن بلا شك. وأبو مليل بن الأزعر بن زيد بن العطاف بن ضبيعة. وعمير (3) بن معبد بن الأزعر بن زيد بن العطاف. وسهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن بحزج، وهو عمرو بن خنس أو خنيس، ويقال: خنساء [بن عوف] (4) بن عمرو بن عوف بن الأوس، حليف لهم. خمسة. ومن بني أمية بن زيد بن عوف: أبو لبابة بشير، ومبشر، ورفاعة، بنو عبد المنذر بن زيد بن زنبر (5) بن أمية بن زيد. وسعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية بن زيد. وعويم بن ساعدة بن عائش (6) بن قيس بن زيد بن أمية بن زيد. ورافع بن عنجدة، وهي أمه (7) .

_ (1) هكذا ورد نسبه في الجمهرة: 313، والاستيعاب، والإصابة. ولم يذكر النعمان في نسبه في ابن هشام 2: 344، وابن سعد 3 / 2: 33. (2) في ابن هشام وابن سعد: أمة، وفي الجمهرة والاستيعاب والإصابة كالذي أثبته هنا. (3) سماه ابن سعد 3 / 2: 34 عميراً، وقال: كان محمد بن إسحاق وحده يقول: عمرو بن معبد، غير أنه جاء في السيرة المطبوعة: " عمر ". (4) زيادة من ابن هشام 2: 345، وابن سعد 3 / 2: 35. (5) في الأصل: زنير؛ انظر الإصابة ترجمة " مبشر بن المنذر ". (6) في الأصل: عابس. والتصحيح عن ابن سعد 3 / 2: 30، وأسد الغابة. (7) يجوز فيه أيضاً " عنجدة " بضم العين والجيم؛ واسم أبيه عبد الحارث، وليس هو من بني أمية بن زيد، ولكنه حليف لهم من بلى. كذلك قال محمد بن إسحاق، وكان أبو معشر يسميه عامراً؛ انظر ابن سعد 3 / 2: 32.

وعبيد بن أبي عبيد (1) . وثعلبة بن حاطب. وزعموا أن أبا لبابة والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعا إلى المدينة، وأمر أبا لبابة عليها، وضرب لهما بسهمهما وأجرهما. وقد قال قوم: إن ثعلبة بن حاطب منع الزكاة فنزلت فيه: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن} الآيات، وهذا باطل، لأن شهوده بدراً يبطل ذلك بلا شك. ثمانية رجال. ومن بني عبيد بن زيد بن مالك بن عوف: أنيس بن قتادة بن ربيعة بن خالد بن الحارث بن عبيد بن زيد. ومن حلفائهم من بلى: معن بن عدي بن الجد بن العجلان. وثابت بن أقرم (2) بن ثعلبة بن عدي بن العجلان. وابن عمه لحا: زيد بن أسلم بن ثعلبة. وربعى بن رافع بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان. وخرج عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرده وضرب له بسهمه وأجره. ستة رجال.

_ (1) قال ابن سعد في ترجمته: من الناس من ينسبه وينسب رافع بن عنجدة (انظر التعليق السابق) في بني عمرو بن عوف، وقد طلبت ولادتهما ونسبهما في أنساب بني عمرو فلم أجده. (2) في الأصل: أرقم، والتصحيح عن ابن سعد 3 / 2: 36، والاستيعاب، والإصابة.

ومن بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: جبر بن عتيك بن الحارث (1) بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية ابن زيد بن معاوية. ومالك بن نميلة المزني، حليف لهم. والنعمان بن عصر (2) البلوي، حليف لهم. ثلاثة رجال. ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك: عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك (3) ، واسم البرك: امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف. وعاصم بن قيس بن ثابت بن النعمان بن أمية بن البرك. وأبو ضياح بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة. وأخوه: أبو حبة (4) بن ثابت. وسالم بن عمير بن ثابت بن النعمان بن أمية بن البرك. والحارث بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة.

_ (1) هكذا نسبه محمد بن إسحاق وأبو معشر. وخالفهما الواقدي وابن عمارة الأنصاري، وقالا: غلط ابن إسحاق وأبو معشر ومن روى عنهما في نسب جبر بن عتيك، فنسباه إلى عمه الحارث، وقد شهد الحارث معه بدراً. ولم يذكر ابن إسحاق عمه فيمن شهدها؛ انظر ابن سعد 3 / 2: 38. (2) بفتح أوله وثانيه، وهو رأي هشام الكلبي، أو بكسر أوله وإسكان ثانيه. وهو ما قال به ابن إسحاق وأبو معشر وموسى بن عقبة والواقدي. (3) ضبطه الخشني بفتح الباء وسكون الراء، ثم قال: ويروى أيضاً بضم الباء وفتح الراء. (4) في الأصل: " أبو حية "، وسماه كل من إسحاق وأبي معشر: أبا حبة، كما ذكر ابن سعد. وفي السيرة المطبوعة " حنة ". وقال الواقدي: ليس فيمن شهد بدراً أحد يكنى أبا حبة، وأما ابن عمارة فقال: الذي شهد هو أبو حنة. انظر ابن سعد 3 / 2: 45؛ وقال أبو عمر: وصوابه أبو حبة، بالباء، وعلى هذا جمهور أهل الحديث.

وخوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك. رده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب له بسهمه وأجره. سبعة رجال. المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبي ابن كلفة. ومن حلفائهم: أبو عقيل بن عبد الله بم ثعلبة بن بيجان (1) بن عامر [بن الحارث] ابن مالك بن عامر بن أنيف بن جشم بن عبد الله بن تيم بن إراش بن عامر بن عبيلة (2) بن قسميل بن فران بن بلىّ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. رجلان. ومن بني أمرئ القيس بن مالك بن الأوس، ثم من بني غنم بن السلم ابن امرئ القيس بن مالك بن الأوس: سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم. ومنذر بن قدامة بن عرفجة بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة، وقيل: مالك بن قدامة. وعمه: الحارث بن عرفجة. وتميم مولى سعد بن خيثمة. خمسة رجال. فجميع من شهد بدراً من الأوس بنفسه، ومن ضرب له بسهمه وأجره،

_ (1) في الأصل: تيحان، وصوابه من ابن سعد 3 / 2: 41. (2) هكذا وردت هنا وفي بعض كتب الرجال، و " لعبيلة بن قسميل " ذكر في القاموس (عبل) ، ولكنها في ابن هشام 2: 347 " عميلة " كذلك بعد قليل في نسب المجذر بن ذياد.

واحد وستون رجلاً (1) . وكان الأوس أقل عدداً من الخزرج، وتأخرت منهم مع ذلك قبائل عن الإسلام، ولكنهم كانوا أقوى وأنجد، وكانوا يسنكون العوالي على بعدٍ من المدينة، فلذلك قلّ عدد من حضر منهم المشاهد. والبديون من الخزرج بن حارثة من الأنصار، ثم من بني الحارث (2) ، ثم من بني امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث ابن الخزرج بن حارثة. خارجة بن زيد بن أبي زهير، وكانت ابنته تحت أبي بكر الصديق، فولدت له أم كلثوم. وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس. وعبد الله بن رواحة [بن ثعلبة] (3) بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك. وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس. أربعة رجال. ومن بني زيد بن مالك أخي امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة المذكور: بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك. وأخوه: سماك بن سعد. رجلان. ومن بني عديّ بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج:

_ (1) عددهم في رواية موسى بن عقبة ثلاثة وستون رجلاً، لأنه عد فيهم الحارث بن قيس بن هيشة والحارث بن عرفجة، وقد أغفلها ابن إسحاق. (2) في الأصل: ثم ابن الحارث. (3) زيادة من ابن هشام 2: 348 / وابن سعد 3 / 2: 79.

سبيع بن قيس بن عيشة (1) ، وقيل: عبسة، بن أمية بن مالك بن عامر ابن عدي. وأخوه: عباد (2) بن قيس. وعبد الله بن عبس. ثلاثة رجال. ومن بني أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج: يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر، وهو الذي يقال له: ابن فسخم (3) . واحد. ومن بني جشم وزيد ابني الحارث بن الخزرج؛ وهما التوأمان: خبيب بن إساف بن عتبة (4) بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم. وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد. وأخوه: حريث بن زيد بن ثعلبة. وسفيان بن بشر (5) بن عمرو بن الحارث بن كعب بن زيد. أربعة رجال. ومن بني جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج: تميم بن يعار بن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة. وعبد الله بن عمير.

_ (1) في الأصل: سبيع بن قيس بن ثعلبة بن عيشة؛ وقد ورد أسقطنا ثعلبة من نسبه لأنه لم يرد في ابن هشام وابن سعد الاستيعاب وأسد الغابة. (2) في ابن سعد 3 / 2: 84 " عبادة "؛ وذكر أبو عمر الوجهين، وترجم له مرتين. (3) قال ابن هشام 2: 349: فسحم أمه، وهي امرأة من القين بن جسر؛ قال ابن سعد: 3 / 2: 85: وإليها ينسب فيقال: يزيد فسحم. (4) ضبطه الخشني 1: 173 بالعين المكسورة والتاء المفتوحة اتباعاً للدارقطني، وصوبه. (5) قال محمد بن عمر: هو سفيان بن نسر، أما " بشر " فهو قول موسى بن عقبة وابن إسحاق وأبي معشر؛ قال ابن سعد 3 / 2: 86: فلعل رواتهم لم يضبطوا عنهم هذا الاسم، وذكره الخشني وقال: صوابه بالنون.

وزيد بن المرن بن قيس (1) بن عدي بن أمية بن جدارة، وقيل: هو زيد ابن المزين (2) . وعبد الله بن عرفطة (3) بن عدي بن أمية بن جدارة. أربعة رجال. ومن بني الأيجر، وهم بنو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج: عبد الله بن ربيع بن قيس بن عمرو بن عباد بن الأيجر، وهو خدرة واحد. ومن بني عوف بن الخزرج، ثم من (4) بني عبيد بن مالك بن سالم بن غنم ابن عوف بن الخزرج، يسمى سالم الحبلى لعظم بطنه: عبد الله بن عبد الله بن أبي سلول، وسلول امرأة، وهي أم أبي بن مالك ابن الحارث بن عبيد. وأوس بن خولي بن عبد الله بن الحارث بن عبيد. رجلان. ومن بني جزء (5) بن عدي بن مالك بن سالم، وبني ثعلبة بن مالك: زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزء. وعقبة بن وهب بن كلدة، حليف لهم من بني عبد الله بن غطفان. ورفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم. وعامر بن سلمة بن عامر، حليف لهم من اليمن، ويقال: عمرو بن سلمة، وهو من بلىّ.

_ (1) في الأصل: قعين. (2) ضبطه الدارقطني - كما ذكر صاحب الإصابة - بضم الميم وزار آخره نون مصغر، وزعم بعضهم أنه بكسر الميم، وحكى عن آخرين أنه " المرين " بكسر الميم " وراء ساكنة مهملة بعدها. (3) هو في ابن سعد 3 / 2: 89 حليف لبني الحارث بن الخزرج. (4) في الأصل: " وهم " مكان " ثم من ". (5) قال السبيل: إن أبا بحر قيده عن أبي الوليد: " جزء " بسكون الزاي، وأنه لم يجده عند غيره إلا بكسر الزاي، وفي الاستيعاب وابن سعد 3 / 2: 91 " جزى " غير مضبوط.

وأبو خميصة معبد بن عباد بن قشير بن المقدم بن سالم بن غنم (1) . وعامر بن البكير، حليف لهم، ويقال: هو عامر بن العليس. ستة رجال. ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، ثم من بني العجلان ابن زيد بن غنم بن سالم: نوفل بن عبد الله بن مالك بن العجلان. رجل. وقد صح أن عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان حضرها؛ فهم حالتئذ رجلان. ومن بني أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف، وقد قيل: إنه غنم بن عوف أخو سالم بن عوف بن الخزرج: عبادة بن الصامت. وأخوه: أوس بن الصامت. رجلان. ومن بني دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم: النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد، والنعمان هو قوقل. ومن بني قربوس (2) بن غنم بن أمية بن لوذان بن سالم، ويقال: قريوس بن غنم: ثابت بن هزال بن عمرو بن قربوس. رجل واحد. ومن بني مرضخة وعمرو، ابني غنم بن أمية بن لوذان:

_ (1) في كنيته وضبط نسبه خلاف كثير، فهو: تبو خميصة أو أبو حميضة، أو أبو عصيمة، معبد ابن عباد (أو ابن قيس أو ابن عبادة) بن قشعر (أو قشعر أو قشير) بن المقدم (أو القدم أو الفدم) - انظر ابن هشام 2: 350، والاستيعاب، وابن كثير 3: 324، والإصابة، وراجع الجمهرة: 336. (2) هكذا ورد في أكثر المصادر؛ وقال السبيل: وقع في أنساب البدريين: ابن قرويش، بكسر القاف والشين المنقوطة، وهو أصح.

مالك بن الدخشم بن مرضحة، ويقال: مالك بن الدخشم بن مالك ابن الدخشم بن مرضخة. والربيع بن إياس بن عمرو بن غنم بن أمية بن لوذان. وأخوه: ورقة (1) بن إياس. وعمرو بن إياس، حليف لهم من اليمن، ويقال: إنه أخو الربيع وورقة. ومن حلفائهم: المجذر بن ذباد بن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عمارة بن مالك بن غصينة بن عمرو بن منشوء بن قسر (2) بن تيم بن إراش بن عامر ابن عبيلة (3) بن قسميل بن فران بن بلى بن عمرو بن قضاعة. واسم المجذر: عبد الله. وعبادة (4) بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة. ونحاب بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة، وقيل: نحاث. وعبد الله بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم. وقد قيل أيضاً: إن عتبة بن ربيعة بن خالد بن معاوية (5) البهراني، حليفهم، شهد بدراً، وقد قيل: إن عتبة هذا من بهز، من بني (6) سليم.

_ (1) كذلك ورد في ابن هشام 2: 351، وهو " وذقة " في ابن سعد 3 / 2: 98، و " ورقة " في الاستيعاب، ونقل في أسد الغابة عن أبي عمر أنه جعله بالذال المعجمة والفاء وكتب فوقها دال غير معجمة. (2) هي كذلك في النسخة التي نقل عنها ناسخ نسختنا، غير أنه كتب في الصلب: قيس، وأثبت الأصل في الهامش. (3) في الأصل: " عميلة ". راجع ص: 129، هامش رقم: 2. (4) في الأصل: عباد، وغيرناه أخذاً برواية ابن إسحاق كما نص عليها ابن سعد، أما الواقدي وابن عمارة الأنصاري فكانا يقولان إنه عبدة بن الحسحاس (انظر: 3 / 2: 99) . (5) في الأصل: ربيعة، والتصويب عن ابن هشام 2: 352، وابن سعد 3 / 2: 100. (6) في الأصل: بهز بن سليم، وأثبتنا الصواب اعتماداً على ابن هشام، وابن سعد.

ومن بني كعب بن الخزرج، ثم من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، ثم من بني ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة: أبو دجانة: سماك بن خرشة، وقيل: سماك بن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة. والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد ابن ثعلبة. رجلان. ومن بني عمرو بن الخزرج بن ساعدة: أبو أسيد: مالك بن ربيعة بن البدن (1) بن عامر بن عوف بن حازم ابن عمرو بن الخزرج بن ساعدة. ومالك بن مسعود بن البدن (2) . رجلان. ومن بني طريف بن الخزرج بن ساعدة (3) : عبد ربه (4) بن حق بن أوس بن وقش بن ثعلبة بن طريف. ومن حلفائهم: كعب بن حمار (5) بن ثعلبة الجهني.

_ (1) في الأصل: البدي؛ وفي ابن سعد 3 / 2: 102 " اليدي "، وفي الاستيعاب والإصابة " البدن ". وقال أبو عمر: صح عن ابن إسحاق: البدن، بالباء والنون، وكذلك روى عن موسى بن عقبة بالنون، وراوه إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بالياء، فصحف. (2) في الأصل: " البدي ". انظر التعليقة السابقة. (3) وقعت كلمة " رجلان " في الأصل بعد كلمة " ساعدة " ولا معنى لها. (4) في ابن سعد 3 / 2: 103 " عبد رب ". وذكر ابن سعد أن ابن إسحاق وحده كان يسميه: عبد الله. (5) ويقال فيه أيضاً: ابن جماز؛ انظر ابن هشام 2: 353، وابن سعد 3 / 2: 104؛ وقد عده الواقدي وابن عمارة من غسان، ونسبه ابن إسحاق وأبو معشر إلى جهينة.

وضمرة، وزياد، وبسبس، بنو عمرو. وعبد الله بن عامر، من (1) بلى. ومن بني جشم بن الخزرج، ثم من بني سلمة بن سعد بن عليّ بن أسد ابن ساردة بن تزيد بن جشم: خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة (2) . والحباب بن المنذر بن الجموح. وعمير بن الحمام بن الجموح. وتميم مولى خراش بن الصمة. وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام. ومعاذ بن عمرو بن الجموح. ومعوذ بن عمرو. وخلاد بن عمرو بن الجموح. وعقبة بن عامر (3) بن نابي بن زيد بن حرام. وثابت بن الجذع، واسم الجذع: ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام. وعمير بن الحارث بن لبدة بن ثعلبة.

_ (1) في الأصل: " بن ". (2) ذكر بعد خراش أباه الصمة في البدريين، وهذا غير معقول إطلاقاً، ولعله أراد أن يعرف بأبيه وسقط ما قاله فيه؛ ولأبي خراش أخ يقال له: معاذ بن الصمة، وقد عده بعضهم من البدريين، غير أن الواقدي قال: ليس بثبت ولا مجمع عليه؛ انظر ابن سعد 3/ 2: 107. (3) وحبيب بن أسود، مولى لهم. في الأصل: عمرو، وتصحيحه من ابن هشام 2: 354، وابن سعد 3 / 2: 110، والاستيعاب، والإصابة.

وبشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة. والطفيل بن مالك بن خنساء. والطفيل بن النعمان بن خنساء. وسنان بن صيفي بن صخر بن خنساء. وعبد الله بن الجد بن قيس بن صخر بن خنساء. وعتبة بن عبد الله بن صخر بن خنساء. وجبار بن أمية بن صخر بن خنساء. وخارجة (1) بن حمير. وأخوه: عبد الله بن حمير، حليفان لهم من أشجع، من بني دهمان. وقد قيل: إن جبار بن صخر هو ابن أمية بن خناس. ويزيد بن المنذر بن سرح بن خناس. ومعقل بن المنذر بن سرح بن خناس. وعبد الله بن النعمان بن بلدمة. والضحاك بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عبيد بن عدي بن كعب. وسواد بن رزن بن زيد بن ثعلبة، وقيل: سواد بن زريق (2) ابن زيد بن ثعلبة. ومعبد بن قيس بن صخر بن حرام.

_ (1) في ابن سعد 3 / 2: 116: حمزة، وهو " خارجة " عند ابن إسحاق، " وحارثة " في قول موسى بن عقبة. وقال الخشني 1: 173: ويقال فيه ابن حمير بتخفيف الياء، وخمير بالخاء المعجمة. (2) سماه الواقدي: سواد بن رزن، وقال ابن ساحاق وأبو معشر: هو سواد بن زريق، ورجح ابن سعد أن يكون زريق تصحيفاً ممن رووا عنهما. انظر ابن سعد 3 / 2: 116.

وعبد الله بن قيس بن صخر بن حرام (1) . وعبد الله بن عبد مناف بن النعمان بن سنان. وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان، وليس هذا جابر بن عبد الله ابن عمرو بن حرام الذي طال عمره وكثرت عنه الرواية، ذلك لم يشهد بدراً ولا أحداً، وأول مشاهده غزوة حمراء الأسد، ثم ما بعدها متصلاً إلى الخندق. وخليدة بن قيس بن النعمان. والنعمان بن يسار (2) ، مولى لهم. وأبو المنذر: يزيد بن عامر بن حديدة. وقطبة بن عامر بن حديدة. وسليم عمرو بن حديدة. وعنترة مولاه، وقيل: إن عنترة هذا من بني سليم بني بن منصور، ثم من بني ذكوان. وعبس بن عامر بن عدي. وأبو اليسر: كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد بن غنم. وسهل بن قيس بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد. وعمرو بن طلق بن زيد بن أمية بن سنان بن كعب بن غنم. خمسة وثلاثون رجلاً. ومن بني أدى بن سعد، أخي سلمة بن سعد:

_ (1) لم يذكره موسى بن عقبة في البدريين. (2) في ابن سعد 3 / 2: 117: النعمان بن سنان، وهي رواية موسى بن عقبة، واختارها ابن عبد البر.

معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عدي بن أدى. وقد قيل في نسبه: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس ابن عباد بن عدي (1) بن كعب [بن عمرو] (2) بن أدى بن سعد، أخي سلمة بن سعد. رجل واحد. ومن بني زريق بن [عبد] حارثة بن غضب بن جشم بن الخزرج: قيس بن محصن بن خالد بن مخلد بن عامر بن زريق بن عبد حارثة. وأبو خالد: الحارث بن قيس بن خالد بن مخلد. وجبير بن إياس [بن] خالد بن مخلد. وأبو عبادة: سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد. وأخوه: عقبة بن عثمان. وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد. وعبادة (3) بن قيس بن عامر بن خالد بن عامر بن زريق بن عبد حارثة. وأسعد بن يزيد (4) بن الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر بن زريق بن عبد حارثة. والفاكه بن بشر (5) بن الفاكه بن زيد بن خلدة.

_ (1) في الأصل: ابن عدي بن عامر بن كعب؛ ولم يذكر " عامر " في نسبه في كتب الرجال والنسب، فأسقطناه. (2) زيادة من ابن هشام، وابن سعد، والجمهرة. (3) هو عباد بن قيس في ابن هشام 2: 357، وابن سعد 3 / 2: 128، والاستيعاب، والإصابة. (4) انفرد ابن إسحاق بتسميته سعد بن يزيد، انظر ابن سعد 3 / 2: 128. (5) انفرد الواقدي بتسميته: الفاكه بن نسر، وأنكر ذلك ابن عمارة الأنصاري وقال: ليس في الأنصار نسر إلا سفيان بن نسر في بني الحارث بن الخزرج (ابن سعد 3 / 2: 129) وقال ابن هشام: هو بسر بن الفاكه.

ومعاذ بن ماعص بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريقز وأخوه: عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريقز وعمهما: مسعود [بن سعد (1) ] بن قيس. ورفاعة بن رافع (2) بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق بن عبد حارثة. وأخوه: خلاد ن رافع. وعبيد بن زيد بن عامر بن العجلان. وزياد بن لبيد بن ثعلبة (3) بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية ابن بياضة. وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة. ورجيلة (4) بن ثعلبة بن خالد بن ثعلبة (5) بن عامر بن بياضة. وعطية بن نويرة بن عامر بن عطية بن عامر بن بياضة. وخليفة بن عدي بن عمرو بن مالك بن عامر بن فهيرة بن بياضة. ورافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن ثعلبة بن زيد مناة بن حبيب بن حارثة، أخي زريق بن حارثة. ومن بني عمرو بن الخزرج بن النجار، وهو: تيم الله بن ثعلبة بن عمرو ابن الخزرج:

_ (1) زيادة من ابن هشام 2: 358، وابن سعد 3 / 2: 130. (2) في الأصل: مالك، وصوبناه من ابن هشام 2: 358، وابن سعد، والجمهرة: 338. (3) ليس في نسبه الوارد في الجمهرة: 337 ذكر لثعلبة. (4) في ابن هشام: " رجيلة " أيضاً قال: ويقال " رخيلة " بالخاء، وبها قيده الدارقطني من قول ابن إسحاق نفسه، وذكر السهيل أنه رخيلة (بالخاء) في رواية موسى بن عقبة، وقيده أبو عمر بالحاء المهملة من رواية ابن هشام (انظر السيرة 2: 358، والسهيل 2: 100، والخشني 1: 174) . (5) زاد المؤلف في الجمهرة: 337 في نسبه لفظة " خالد " بين ثعلبة وعامر.

أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار. وثابت بن خالد بن النعمان بن خنساء بن عسيرة (1) بن عبد بن عوف ابن غنم بن مالك بن النجار. وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار. وسراقة بن كعب بن عبد العزى بن غزية بن عمرو بن عبد بن عوف ابن غنم بن مالك بن النجار. وسهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك ابن النجار. وعدي بن أبي الزغباء، حليف لهم من جيهنة. ومسعود بن أوس بن زيد [بن أصرم بن زيد] (2) بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار. وأبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم (3) بن زيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار. ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد. ومن بني سواد بن مالك بن غنم:

_ (1) هكذا ورد اسمه في ابن هشام 2: 359، وابن سعد 3 / 2: 50، قال ابن هشام: ويقال عشيرة. ولم يذكر عسيرة هذا في نسب ثابت بن خالد في الجمهرة: 328. (2) زيادة من الجمهرة: 329، وابن سعد 3 / 2: 53. (3) في الأصل: أصيرم. والتصويب من الجمهرة، وابن هشام.

عوف، ومعوذ، ومعاذ، بنو الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار، وهم بنو عفراء. والنعمان (1) بن عمرو بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك ابن النجار. وعبد الله بن قيس بن خالد بن خلدة بن الحارث بن سواد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وعصمة (2) ، حليف لهم من أشجع. ووديعة بن عمرو، حليف لهم من جهينة. وثابت بن عمرو بن زيد بن عدي بن سواد بن زيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار. وقد قيل: إن أبا الحمراء مولى الحارث بن رفاعة (3) شهد بدراً. وثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول، واسم مبذول: عامر بن مالك بن النجار. وسهل بن عتيك بن النعمان بن عمرو بن عتيك. والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك، كسر به بالروحاء (4) ، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه. عشرون رجلاً. ومن بني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، وهم بنو حديلة (5) :

_ (1) ويقال: لعيمان (ابن هشام 2: 360) وكذلك ورد في الجمهرة: 329 وهو الملقب بالضاحك. (2) اسمه: عصيمة في ابن هشام 2: 360، وابن سعد 3 / 2: 58، وجوز ابن حجر أن يقال في عصمة. (3) في الأصل: عفراء، وهو سهو، لأن عفراء زوجة الحارث لا أمه. (4) هكذا في الأصل: " كسر به "، وهي كذلك في ابن هشام 2: 360، وتاريخ الخميس: 401؛ وهو مما لم يقيده أصحاب اللغة، ونخشى أن يكون خطأ. وفي سائر كتب السير " كسر " بدون " به " أي أصابه كسر. (5) في الأصل: جديلة؛ والتصحيح عن ابن هشام، وابن سعد، والجمهرة.

أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار. وأنس بن معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو ابن مالك بن النجار. رجلان. ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهم بنو مغالة، وهي كنانية: أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. وأبو شيخ بن [أبي بن] (1) ثابت بن المنذر بن حرام، وقال بعضهم: هو أبو شيخ: أبي بن ثابت، أخو حسان بن ثابت وأوس بن ثابت. وأبو طلحة: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن [عمرو بن] مالك (2) بن النجار. ربعة رجال. ومن بني عدي بن النجار: حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. وعمرو بن ثعلبة بن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وهو أبو حكيم. وسليط بن قيس بن عمرو بن عتيك بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار.

_ (1) زيادة من الاستيعاب والإصابة، موافقة لما كان يقوله ابن إسحاق في نسبه، أما الواقدي اكلبي فقد قالا: إنه أبي بن ثابت وكنيته أبو شيخ، فعلى رأي ابن إسحاق يكون ابن أخي الشاعر حسان بن ثابت، وعلى الرأي الثاني يكون أخاه. (2) زاد بعد مالك في نسبه: ابن عدي بن مالك بن غنم بن عدي، فحذفناه لأنه مخالف لما في الجمهرة: 327، وابن سعد 3 / 2: 64، وابن هشام، والاستيعاب، وغيرها.

وأبو السليط: أسيرة بن عمرو، وهو أبو خارجة، بن قيس بن مالك بن عدي ابن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. وثابت بن خنساء بن عمرو بن مالك بن عدي بن عامر. وعامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس بن مالك بن عدي بن عامر [بن غنم] (1) بن عدي بن النجار. ومحرز بن عامر بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. وسواد بن غزية بن أهيب، حليف لهم من بلى. وأبو زيد: قيس بن سكن بن قيس بن زعورا بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. وأبو الأعور بن الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام. وسليم بن ملحان. وحرام بن ملحان، وهو مالك بن خالد بن زيد بن حرام. عشرة رجال. ومن بني مازن بن النجار: قيس بن أبي صعصعة، واسم أبي صعصعة: عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار. وعبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف (2) بن مبذول. وعصمة (3) ، حليف لهم من بني أسد بن خزيمة. وأبو داود: عمير بن عامر بن مالك بن خنساء بن مبذول.

_ (1) زيادة من الجمهرة: 331. (2) في الأصل: زيد؛ ولا وجود له في نسبه كما ذكر في كتب الرجال والنسب. (3) انظر التعليق رقم 1 ص 142 من هذا الكتاب.

وسارقة بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول. وقيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة بن مازن بن النجار. ستة رجال. ومن بني دينار بن النجار: النعمان بن عبد عمرو بن مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار ابن النجار. والضحاك بن عبد عمرو، أخوه. وسليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب [بن عبد الأشهل] (1) بنم حارثة ابن دينار بن النجار. وجابر بن خالد [بن مسعود] (2) بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار ابن النجار. وسعد بن سهيل بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار. ومن بني قيس بن كعب بن حارثة بن دينار بن النجار: كعب بن زيد بن قيس. وبجير بن أبي بجير، حليف لهم من بني جذيمة بن رواحة من بني عبس. فجميع من شهد بدراً من الخزرج مائة رجلٍ وسبعون رجلاً. وجميع أهل بدر ثلاثمائة رجل وتسعة عشر رجلاً. منهم من غاب عنها وضرب له بسهمه وأجره، ثمانية رجال، والباقون شهدوها بأنفسهم، وهم ثلاثمائة وأحد عشر رجلاً؛ رضوان الله عليهم أجمعين.

_ (1) زيادة نمن الجمهرة: 330، وابن سعد 3 / 2: 76، والاستيعاب. (2) زيادة من ابن سعد 3 / 2: 76، والاستيعاب، والإصابة.

ذكر شهداء بدر رضوان الله عليهم أجمعين

وقد ذكر فيمن شهد بدراً: عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج. وابن أخيه: عصمة بن الحصين بن وبرة. [وهلال بن] (1) المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن ثعلبة بن مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب ابن جشم بن الخزرج. ذكر شهداء بدر رضوان الله عليهم أجمعين (2) عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف. وعمير بن أبي وقاص، أخو سعد بن أبي وقاص، قتل يومئذ وله ستة عشر عاماً. وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي، حليف بني زهرة. وعاقل بن البكير الليثي، حليف بني عدي بن كعب. ومهجع، مولى عمر بن الخطاب. وصفوان بن بيضاء، من بني الحارث بن فهر فهؤلاء ستة من المهاجرين. ومن الأنصار، ثم من الأوس: سعد بن خثيمة بن عمرة بن عوف. ومبشر بن عبد المنذر بن زنبر فهم أيضاً رجلان.

_ (1) زيادة من ابن هشام، وابن سعد، والاستيعاب؛ وفي نسبه خلاف. (2) انظر الواقدي: 141، وابن هشام 2: 364، وتلقيح الفهوم: 224، وابن سيد الناس 1: 482، وابن كثير 3: 327، وتاريخ الخميس: 402.

ذكر من قتل من المشركين يوم بدر

ومن بني الحارث بن الخزرج: يزيد بن الحارث، وهو ابن فسحم بن الحارث بن الخزرج. ومن بني سلمة: عمير بن الحمام. ومن بني حبيب بن عبد حارثة: رافع بني النجار: حارثة بن سراقة. وعوف، ومعوذ، ابنا عفراء. فهم ستة من الخرزج. فالجميع أربعة عشر رجلاً. ذكر من قتل من المشركين يوم بدر (1) وقتل من كفار قريش ومن تبعهم سبعون رجلاً، فمن مشاهيرهم: حنظلة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، وكان من قتلته: زيد ابن حارثة. وعبيدة: بن سعيد بن العاصي، قتله الزبير. وأخوه: العاصي بن سعيد، قتلة عليّ رضي الله عنه. وعقبة بن أبي معيط، قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح صبراً، وقيل: قتله عليّ رضي الله عنه.

_ (1) انظر: الواقدي: 143، وابن هشام 2: 365، وابن سيد الناس: 285، وتاريخ الخميس 1: 403.

وعتبة بن ربيعة بن عبد شمس. وشيبة بن ربيعة. والوليد بن عتبة. والحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف. وابن عمه: طعيمة بن عدي، قتل صبراً. وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد. وابنه: الحارث بن زمعة. وأخوه: عقيل بن الأسود. وابن عمه: أبو البحتري العاصي بن هشام بن الحارث بن أسد. ونوفل بن خويلد بن أسد، قيل: قتله ابن أخيه الزبير، وقيل: عليّ. والنضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار، ضربت عنقه صبراً بالصفراء. وعمير بن عثمان، عم طلحة بن عبيد الله. وأبو جهل بن هشام، اشترك في قتله: معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعوذ ابن عفراء؛ ووجده عبد الله بن مسعود وبه رمق، فخز رأسه. وأخوه: العاصي بنم هشام. وابن عمهما: مسعود بن أبي أمية بن المغيرة، وأخو أم سلمة أم المؤمنين. وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة، أخو خالد بن الوليد. وابن عمه: أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة. والسائب بن أبي السائب بن عائذ بن عبد الله بن عمر (1) بن مخزوم،

_ (1) في الأصل: عمرو.

وقد اختلف فيه، فقيل: إنه لم يقتل يومئذ بل أسلم بعد ذلك. ومنبه بن الحجاج. وابنه: العاصي بن منبه بن الحجاج. وأخوه: نبيه. وأمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح. وابنه: عليّ بن أمية. وأسر مالك بن عبيد الله بن عثمان، أخو طلحة بن عبيد الله، فمات أسيراً. وحذيفة وهشام ابنا أبي حذيفة بن المغيرة. وذكر أنه قتل وأسر من بني مخزوم وحلفائهم من المشركين يوم بدر أربعة وعشرون رجلاً. ومن بني عبد شمس وحلفائهم اثنا عشر رجلاً. ومن مشاهيرهم ممن أسر يوم بدر، من بني هاشم: العباس بن عبد المطلب. وعقيل بن أبي طالب، أخو عليّ. ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب. ومن بني المطلب بن عبد مناف: السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. والنعمان بن عمرو بن علقمة بن المطلب. ومن بني عبد شمس: عمرو بن أبي سفيان بن حرب.

والحارث بن أبي وجزة (1) بن أبي عمرو بن أمية. وأبو العاص بن الربيع بن عبد العزي بن عبد شمس، صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوج ابنته زينب. وخالد بن أسيد بن أبي العيص. وأربعة حلفاء لهم. [ومن بني نوفل بن عبد مناف (2) : عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف. وعثمان بن عبد شمس بن جابر، ابن عم عتبة بن غزوان، لحا. [ومن بني عبد الدار] : أبو عزيز بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، أخو مصعب بن عمير. [ومن بني أسد بن عبد العزى] : السائب بن أبي حبيس بن المطلب بن أسد. والحارث بن عائذ بن عثمان بن أسد. [ومن بني مخزوم] : خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وصيفي بن أبي رفاعة بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وابن أخيه: عبد الله بن أبي المنذر بن أبي رفاعة.

_ (1) في الأصل: وجرة، وقال ابن إسحاق: وجزة، وقال ابن هشام: وحرة بالحاء المهملة مفتوحة والراء (الخشني 1: 175) . (2) ما بين معكفين زيادات لا بد منها، لأنهم ليسوا جميعاً من بني عبد شمس، وإنما هم من قبائل مختلة. يوضحها ما بين معكفين.

والمطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم. وخالد بن الأعلم الخزاعي، ويقال (1) : عقيلي، حليف لهم، وهو القائل: (2) ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما وهو أول من فر يوم بدر، فأدرك وأسر. وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة. والوليد بن الوليد، أخو خالد بن الوليد. وعثمان بن عبد الله بن المغيرة. وأبو عطاء: عبد الله بن أبي السائب بن عابد (3) بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. [ومن بني سهم] : أبو وداعة بن صبيرة بن سعيد [بن سعد] بن سهم، وهو أول أسير فدى. [ومن بني جمح] : عبد الله بن أبي بن خلف. وأخوه: عمرو بن أبي. وأبو عزة: عمرو بن عبد الله بن عمير (4) بن أهيب بن حذافة بن جمح.

_ (1) في الأصل: ويقال له. (2) كذلك وردت نسبة هذا البيت في ابن هشام 3: 5، والوقدي: 173، وابن سيد الناس 1: 286. والبيت في حماسة أبي تمام (شرح التبريزي 1: 102) للحصين بن الحمام المري. ولعل خالداً هذا تمثل به. (3) في الأصل: عائذ. وانظر التعليق رقم 5 ص: 31 من هذا الكتاب. (4) في الأصل: عثمان؛ وتصحيحه من نسب قريش: 386، والجمهرة: 153.

غزوة بني سليم

[ومن بني عامر] : سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود. [ومن بني أسد بن عبد العزى] : (1) عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ابن قصي. غزوة بني سليم (2) ولم يتم للنبي صلى الله عليه وسلم بعد منصرفه من بدر إلا سبعة أيام (3) ، ثم خرج بنفسه يريد بني سليم، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وقيل: ابن أم مكتوم. فبلغ ماء يقال له: الكدر، فأقام عليه ثلاثة أيام، ثم انصرف ولم يلق حرباً. غزوة السويق (4) ثم إن أبا سفيان، لما انصرف فل بدر، آلى أن يغزو رسول الله صلى

_ (1) مر ذكر بني أسد بن عبد العزى، وعبد الله بن حميد استدركه ابن هشام على ابن إسحق. (ابن هشام 3: 7) . (2) انظر: ابن هشام 3: 46، وابن سعد 2 / 1: 21، وزاد المعاد 2: 229، وابن سيد الناس 1: 294، وابن كثير 3: 344، والإمتاع: 107، وتاريخ الخميس 1: 407. (3) راجع الإمتاع: 107 حيث ينقل هذه العبارة عن ابن حزم. (4) انظر: الواقدي: 182، وابن هشام 3: 47، وابن سعد 2 / 1: 20، والطبري 2: 299، وأنساب الأشراف 1: 147، وابن سيد الناس 1: 344، وابن كثير 3: 344، والإمتاع: 106، وتاريخ الخميس 1: 410.

غزوة ذي أمر

الله عليه وسلم، فخرج في مائتي راكب، حتى أتى العريض في طرف المدينة، فحرق أصوار (1) من النخل، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له، وجدها في حرثٍ لهما، ثم كر راجعاً. فنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، واستعمل على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر. وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرقرة الكدر، وفاته أبو سفيان والمشركون، وقد طرح الكفار سويقاً كثيراً من أزوادهم، يتخففون بذلك، فأخذها المسلمون، فسميت غزوة السويق؛ وكان ذلك في السنة الثانية من ذي الحجة بعد بدرٍ بشهرين وكسر. غزوة ذي أمر (2) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة، ثم غزا نجداً يريد غطفان، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنجد صفراً كله، صم انصرف ولم يلق حرباً. غزوة بحران (3) فأقام عليه السلام بالمدينة ربيعاً الأول، ثم غزا قريشاً، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، فبلغ بجران، معدناً بالحجاز، ولم يلق حرباً،

_ (1) أصوار جمع صور، وهو قياس وإن لم تذكره المعاجم؛ والصور جمع لا واحد له من لفظه، وهو: النخل الصغار أو جماع النخل. (2) انظر: الواقدي: 192، وابن هشام 3: 49، وابن سعد 2 / 1: 23، وابن سيد الناس 1: 303، وابن كثير 4: 2، والإمتاع: 110، وتاريخ الخميس 1: 414. (3) انظر خبر بحران في: الواقدي: 195، وابن هشام 3: 50، وابن سعد 2 / 1: 24، وابن سيد الناس 1: 304، وابن كثير 4: 3، والإمتاع: 111، وتاريخ الخميس 1: 416.

غزوة بني قينقاع

فأقام هنالك ربيع الآخر وجمادى الأول من السنة الثالثة، ثم انصرف إلى المدينة. غزوة بني قينقاع (1) ونقض بنو قينقاع، من اليهود، عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نزلوا على حكمه، فشفع فيهم عبد الله بن أبي ابن سلول، وألح في الرغبة، حتى حقن له رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم. واستعمل على المدينة في حصاره لهم أبا لبابة بشير بن عبد المنذر، وحاصرهم خمس عشرة (2) ليلة. وهم قوم عبد الله بن سلام مخفف وكانوا في طرف المدينة، وكانوا سبعمائة مقاتل، فيهم ثلاثمائة مدرع، مدرعون بدروع الحديد، ولم يكن لهم زرع ولا نخل، وإنما كانوا تجاراً وصاغة، يعملون بأموالهم. البعث إلى كعب بن الأشرف (3) وكان كعب بن الأشرف من طيء، أمه من بني النضير، وكان عدواً لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فحض رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) انظر: الواقدي: 184، وابن هشام 3: 54، وابن سعد 2 / 1: 21، والطبري 3: 2، وابن سيد الناس 1: 298، وابن كثير 4: 5، والإمتاع: 107، وتاريخ الخميس 1: 412؛ وانظر في المحبر: 282 أسماء من اشتركوا في قتله. (2) في الأصل: خمسة عشر. (3) انظر: الواقدي: 184، وابن هشام 3: 54، وابن سعد 2 / 1: 21، والطبري 3: 2، وابن سيد الناس 1: 298، وابن كثير 4: 5، والإمتاع: 107، وتاريخ الخميس 1: 412؛ وانظر في المحبر: 282 أسماء من اشتركوا في قتله.

على قتله، فانتدب لذلك محمد بن مسلمة، وسلكان بن سلامة بن وقش أبو نائلة، أحد بني عبد الأشهل، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، وعباد بن بشر بن وقش، والحارث بن أوس بن معاذ، وهما من بني عبد الأشهل، وأبو عبس بن جبر، أخو بني حارثة. فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا غير ما يعتقدون، على سبيل جواز ذلك في الحرب. فقدموا إليه سلكان بن سلامة، فقصد له، وأظهر له موافقته على الانحراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه ضيق حالهم، وكلمه في أن يبيعه وأصحابه، فخرجوا، وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد في ليلة مقمرة. فأتوا كعباً، فخرج إليهم من حصنه، فتماشوا، فوضعوا عليه سيوفهم، ووضع محمد بن مسلمة مغولاً كان معه في ثنته فقتله (1) ، وصاح الفاسق صيحة شديدة، انذعر بها أهل الحصون حواليه، فأوقدوا النيران؛ وجرح الحارث بن أوس في رجله ببعض سيوف أصحابه أو في رأسه، فنزفه الدم، فتأخر ونجا أصحابه، فسلكوا على بني أمية بن زيد إلى بني قريظة، إلى بعاث، إلى حرة العريض، فانتظروا صاحبهم هنالك، فوافاهم، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الليل وهو يصلي، فأخبروه، وتفل على جرح الحارث بن أوس فبرأ، وأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على

_ (1) المغول، بالكسر: شبه سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه، وقيل: هو حديدة دقيقه لها حد ماض وقفا، وقيل: هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتل على وسطه ليغتال الناس. والثنة من الإنسان: ما دون السرة فوق العانة أسفل البطن.

غزوة أحد

قتل اليهود. وحينئذ أسلم حويصة بن مسعود، وقد كان أسلم قبله محيصة ابن مسعود، وهما من بني حارثة. غزوة أحد (1) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد قدومه من بحران، جمادى الآخرة، ورجباً، وشعبان، ورمضان، فغزته كفار قريش في شوال سنة ثلاثة، وقد استمدوا بحلفائهم والأحابيش (2) من بني كنانة وغيرهم، وخرجوا بنسائهم لئلا يفروا، فأتوا فنزلوا بموضع يقال له: عينين، وهو بقرب أحد على جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مقابلة المدينة. فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا، أن في سيفه ثلمة، وأن بقراً تذبح، وأنه أدخل يده في درع حصينة؛ فتأولها: أن نفراً من أصحابه يقتلون، وأن رجلاً من أهل بيته يصاب، وأول الدرع المدينة. فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يخرجوا إليهم، وأن يتحصنوا بالمدينة، فإن قدموا منها قاتلهم على أفواه الأزقة، ووافق رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الرأي عبد الله بن أبي ابن سلول، وألح قوم من

_ (1) انظر: الواقدي: 197، وابن هشام 3: 64، وابن سعد 2 / 1: 25، والطبري 3: 9، وأنساب الأشراف 1: 148، وابن سيد الناس 2: 2، وابن كثير 4: 9، وزاد المعاد 2: 231، والإمتاع: 114، والمواهب 1: 119، وتاريخ الخميس 1: 419، وصحيح البخاري 5: 93. (2) الأحابيش: أحياؤ من القارة انضموا إلى بني ليث في الحرب التي وقعت بينهم وبين قريش قبل الإسلام. وقيل: بل إن بني المصطلق وبني الهون بن خزيمة اجتمعوا عند جبل حبشي بأسفل مكة، وحالفوا عنده قريشاً، وتحالفوا بالله: إذا ليد على غيرنا ما سحبا ليل وضح نهار، وما أرسى حبشي مكانه، فسموا: أحابيش قريش، باسم الجبل.

فضلاء المسلمين، ممن أكرمه الله تعالى بالشهادة في ذلك اليوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخزرج إلى قتالهم، حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم فلبس لأمته وخرج، وذلك يوم الجمعة، فصلى على رجل من بني النجار مات، يقال له: مالك بن عمرو، وقيل: بل اسمه محرز ابن عامر؛ فندم الذين ألحوا عليه، وقالوا: يا رسول الله إن شئت فاقعد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم للصلاة بمن بقى بالمدينة من المسلمين. فلما صار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشؤط بين المدينة وأحد، انصرف عبد الله ابن أبي ابن سلول بثلث الناس مغاضباً إذ خولف رأيه، فاتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام، والد جابر، يذكرهم الله عز وجل والرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبوا عليه، ورجع عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر له قوم من الأنصار أن يستعينوا بحلفائهم من يهود فأبى [من] (1) ذلك، ومن أن يستعين بمشرك. فسلك [عليه السلام مع المسلمين] (2) حرة بني حارثة، وقال: من يخرج بنا (3) على القوم من كثب فقال أبو خيثمة، أحد بني حارثة: أنا يا رسول الله. فسلك به بين أموال بني حارثة، حتى سلك في مال

_ (1) في الأصل: فأبى ذلك من أن يستعين. وتصحيحه من الإمتاع: 120. (2) وقعت هذه الجملة في الأصل بعد قوله " ورجع عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ولا معنى لها هنالك، فيرددناها إلى موضعها الصحيح. (3) في الأصل: من بنا يخرج.

لمربع بن قيظي، وكان منافقاً ضرير البصر، فقام الفاسق يحثو التراب في وجوه المسلمين، ويقول: إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي، وزاد في القول، فابتدره القوم ليقتلوه، فقال: لا تقتلوه، فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر. وضربه سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل بقوسه، فشجه في رأسه. ونفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل (1) الشعب من أحد، في عدوة الوادي إلى الجبل (2) ، فجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم؛ وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع بالصمغة من قناة للمسلمين (3) ؛ وتعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال، وهو في سبعمائة؛ وقيل: إن المشركين كانوا في ثلاثة آلاف، فيهم مائتا فرس، وقيل: كان في المشركين يومئذ خمسون فارساً. وكان رماة المسلمين خمسين رجلاً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير، أخا بني عمرو بن عوف من (4) الأوس، وهو أخو خوات بن جبير، وعبد الله يومئذ [معلم] (5) بثياب بيض. فرتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلف الجيوش، فأمره أن ينصح المشركين بالنبل، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم. وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين (6) ، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير، أخي بني عبد الدار.

_ (1) في الأصل: ترك. (2) في هامش النسخة: هو جبل في أحد يسمى جبل الرمي. (3) الظهر: الإبل. والكراع: الخيل. (4) في الأصل: بن الأوس. (5) زيادة من ابن هشام 3: 70. (6) ظاهر بن درعين: ليس إحداهما فوق الأخرى.

وأجاز عليه السلام يومئذ سمرة بن جندب الفزاري، ورافع بن خديج من بني حارثة، ولهما خمسة عشر عاما؛ كان رافع رامياً. ورد أسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وعمرو ابن حزم، وهما من بني مالك بن النجار، والبراء بن عازب، وأسيد بن ظهير، وهما من بني حارثة، وعرابة بن أوس، وزيد بن أرقم، وأبا سعيد الخدري؛ ثم أجازهم عام الخندق، بعد ذلك بسنة. وكان لعبد الله ابن عمر يوم أحد أربعة عشر عاماً، وكان سائر من رد معه في هذه (1) السن أيضاً. فجعلت قريش على ميمنتهم في الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتهم في الخيل عكرمة بن أبي جهل. ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه بحقه (2) إلى أبي دجانة سماك بن خرشة أخي بني ساعدة، وكان شجاعاً بطلاً يختال عند الحرب. وكان أبو عامر عبد عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان أحد بني ضبيعة، وهو والد حنظلة غسيل الملائكة، وكان أبوه كما ذكرنا في الجاهلية قد ترهب وتنسك، فلما جاء الإسلام غلب عليه الشقاء، ففر مباعداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في جماعة من فتيان الأوس، فلحق بمكة، وشهد يوم أحد مع المشركين، وكان سيداً في الأوس، فوعد قريشاً بانحراف قومه إليه، وكان هو أول من لقي المسلمين يوم أحد في عبدان أهل مكة والأحابيش؛ فلما نادى قومه وعرفهم بنفسه، قالوا: لا أنعم الله بك

_ (1) في الأصل: هذا. (2) كان حقه أن يضرب به العدو حتى ينحني. انظر ابن هشام 3: 71.

عيناً يا فاسق. قال: لقد أصاب قومي بعدي شر. ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً. وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: أمت أمت. وأبلي يومئذ أبو دجانة، وطلحة، وحمزة، وعلي، وأبلى أنس بن النضر (1) بلاء شديداً عجز عن مثله كثير ممن سواه؛ وكذلك جماعة من الأنصار، أصيبوا يومئذ مقبلين غير مدبرين. وقاتل الناس، فاستمرت الهزيمة على قريش، فلما رأى ذلك الرماة قالوا: قد هزم الله أعداء الله. قالوا. فما لقعودنا هاهنا معنى، فذكر لهم أميرهم عبد الله بن جبير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بأن لا يزولوا، فقالوا: قد انهزموا؛ ولم يلتفتوا إلى قوله، فقاموا، ثم كر المشركون، فأكرم الله تعالى من أكرم من أكرم من المسلمين بالشهادة، ووصلوا (2) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قتل رضوان الله عليه؛ وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه المكرم، وكسرت رباعيته اليمنى والسفلى بحجر (3) ، وهشمت البيضة في رأسه المقدس (4) ، فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية لعلي بن أبي طالب بعد مقتل مصعب، وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راية الأنصار. وكان الذي نال مما ذكرنا من نحو النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن قميثة الليثي، وعتبة بن أبي وقاص.

_ (1) في الأصل: النضر بن أنس. (2) في الأصل: ووصل. (3) الرباعية: إحدى الأسنان الأربعة التي تلي الثنايا، بين الثنية والناب. (4) البيضة: الحوذة.

وشد حمظلة الغسيل بن أبي عامر علي أبي سفيان، فلما تمكن منه، حمل شداد بن الأسود الليثي، وهو ابن شعوب، على حنظلة فقتله؛ وكان حنظلة قتل جنباً كما قام من امرأته، فغسلته الملائكة، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان قد قتل أصحاب اللواء من المشركين حتى سقط، فرفعته عمرة بنت علقمة الحارثية للمشكرين، فاجتمعوا إليه. وقد قيل: إن عبد الله بن شهاب الزهري، عم الفقيه محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري، هو الذي شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جبهته، وألبت (1) الحجارة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سقط في حفرة، قد كان حفرها أبو عامر الأوسي مكيدة للمسلين. فخر النبي صلى الله عليه وسلم. ومص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ونشب حلقتان من حلق المغفر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح بثنينيه (2) ، وعض عليهما حتى ندرت ثنيتا أبي عبيدة، وكان الهتم يزينه. ولحق المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكر دونه نفر من المسلمين رضوان الله عليهم، كانوا سبعة، وقيل أكثر، حتى قتلوا كلهم، وكان آخرهم عمارة بن يزيد بن السكن. ثم قاتل طلحة بعد ذلك كقتال الجماعة، حتى أجهض المشركين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) .

_ (1) في الأصل: وأكبت. ولعل الصواب ما أثبتنا. وألب على الأمر: لزمه. (2) في الأصل: بثنيته. (3) أجهض: أزال ونحى.

وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية قتالاً شديداً، وضربت عمرو بن قميئة بالسيف ضربات، فوقعت درعان كانتا عليه، وضربها عمرو بالسيف فجرحها جرحاً عظيماً على عاتقها. وترس أبو دجانة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره، والنبل يقع فيه، وهو لا يتحرك، وحينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: ارم فداك أبي وأمي. فأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان الظفري، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعينه على وجنته، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فكانت أصح عينيه وأحسنهما. وانتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى جماعة من الصحابة، قد ألقوا بأيديهم، فقال لهم: ما يجلسكم قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لهم: ما تصنعون بالحاءة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم استقبل الناس، ولقى سعد بن معاذ، قال: يا سعد، إني والله لأجد ريح الجنة من قبل أحد. فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه، وجد به سبعون ضربة. وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف نحو عشرين جراحة، بعضها في رجله، فعرج منها. وأول من ميز رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بعد الحملة كعب بن مالك الشاعر من بني سلمة، فنادى بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اصمت. فلما عرفه لاثوا به، ونهضوا معه نحو الشعب، فيهم: أبو بكر

وعمر، وعلي، وطلحة، والزبير، والحارث بن الصمة الأنصاري، وغيرهم. فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في العب، أدركه أبي بن خلف الجمحي، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، ثم طعنه بها في عنقه، فكر أبي منهزماً، فقال له المشركون: والله ما بك من بأس. فقال: والله لو بصق علي لقتلني. وكان قد أوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل بمكة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أقتلك. فمات عدو الله بسرف، مرجعه إلى مكة. وملأ على درقته من المهراس (1) فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد له رائجة، فعافه، وغسل به وجهه، ونهض إلى صخرة من الجبل ليعلوها، وكان بدن (2) ، وظاهر بين درعين، فجلس طلحة بن عبيد الله، وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره، ثم استقل به طلحة حتى استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحانت الصلاة، فصلى صلى الله عليه وسلم قاعداً والمسلمون وراءه قعوداً. وانهزم قوم من المسلمين، فبلغ بعضهم إلى الجلعب (3) دون الأعوص (4) . منهم: عثمان بن عفان، وعثمان بن عبيد الأنصاري، غفر الله عز وجل ذلك لهم،

_ (1) المهراس: صخرة منقورة تسع كثيراً من الماء، وهو اسم بأقصى شعب أحد يجتمع من الماء في نقرة هناك. (2) بدن: أسن وضعف. (3) في الأصل: الجعب. وصوابه من تفسير الطبري 4: 96 عن ابن إسحق قال: " فر عثمان بن عفان، وعقبة بن عثمان، وسعد بن عثمان، رجلان من الأنصار، حتى بلغوا الجلعب - جبل بناحي المدينة مما يلي الأعوص، فأقاموا به ثلاثة ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: لقد ذهبتم فيها عريضة ". وفي ابن هشام 3: 92 أن بعض المنهزمين انتهى إلى المنقى دون الأعوص. وانظر: " الجعلب " في معجم ما استعجم وفي ياقوت. (4) الأعوص، بفتح أوله وبالصاد المهملة: موضع بشرق المدينة على بضعة عشر ميلاً منها.

ونزل القرآن بالعفو بقوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استنزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا، ولقد عفا الله عنهم} إلى آخر الآية. وكان الحسيل بن جابر، وهو اليمان والد حذيفة، وثابت بن وقش، شيخين كبيرين فاضلين، قد جعلا في الآطام مع النساء والصبيان والهرمى؛ فقال أحدهما لصاحبه: ما بقى من أعمارنا إلا ظمء حمار (1) ، فلو أخذنا سيوفنا فلحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله تعالى يرزقنا الشهادة. ففعلا ذلك، ودخلا في المسلمين؛ فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما الحسيل فظنه المسلمون من المشركين فقتلوه خطأ، وقيل: إن متولي قتله كان عتبة بن مسعود، أخا عبد الله بن مسعود، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين. وكان مخيريق أحد بني ثعلبة بن الفطيون من اليهود، فدعا اليهود مخيريق إلى نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لهم: والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم حق واجب. فقالوا له: إن اليوم السبت. فقال: لا سبت لكم. فأخذ سلاحه، ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل معه حتى قتل، وأوصى أن يكون ماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فيه ما يشاء، فيقال: إن بعض صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة من مال مخيريق. وكان الحارث بن سويد بن الصامت منافقاً، فخرج يوم أحد مع المسلمين، فلما التقى المسلمون عدا على المجذر بن ذياد البلوي، وعلى قيس بن زيد أحد بني ضبيعة، فقتلهما، وفر إلى الكفار، وكان المجذر في الجاهلية

_ (1) الظمء: ما بين الشربين والوردين. وقولهم: ما بقي من عمر إلا ظمء حمار، أي لم يبق من عمره إلا اليسير. يقال: إنه ليس شيء من الدواب أقصر ظمئاً من الحمار.

قتل سويداً والد الحارث المذكور في بعض حروب الأوس والخزرج. ولحق الحارث بنم سويد بمكة، فأقام هنالك، ثم إنه حينه الله تبارك وتعالى (1) ، فانصرف إلى قومه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء، فنهض عليه السلا إلى قباء في وقت لم يكن يأتيهم فيه، فخرج إليه الأنصار أهل قباء، في جملتهم الحارث بن سويد عليه ثوب مورس (2) ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عويم بن ساعدة بأن يضرب عنق الحارث بن سويد. فقال الحارث: فيم يا رسول الله فقال: في قتلك المجذر بن ذياد يوم أحد غيلة. فما راجعه الحارث بكلمة. وضرب عويم عنقه، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجلس. وقد روى أنه قال: يا رسول الله، والله ما قتلته شكاً في ديني، ولكني لما رأيته لم أملك نفسي، إذ ذكرت أنه قاتل أبي. ثم مد عنقه وقتل. وكان عمرو بن ثابت بن وقش، من بني عبد الأشهل، يعرف بالأصيرم يأبى الإسلام. فلما كان يوم أحد، قذف الله تعالى في قلبه الإسلام للذي أراد به من السعادة، فأسلم، وأخذ سيفه ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم. فقاتل، فأثبت بالجراح، ولم يعلم أحد بأمره؛ فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل في القتلى يلتمسون قتلاهم، فوجدوه وبه رمق يسير، فقال بعضهم لبعض: والله إن هذا الأصيرم. فأجابه: لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر. ثم سألوه: يا عمرو، ما الذي أتى بك أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام فقال: بل رغبة في الإسلام، آمن بالله ورسوله، ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ما ترون. فمات من

_ (1) حينه الله: أهلكه، من الحين (بفتح الحاء) : وهو الهلاك. (2) المورس: المصبوغ بالورس، وهو نبت أصفر.

وقته؛ ذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هو من أهل الجنة. قيل: وكان أبو هريرة إذا بلغه أمره يقول: ولم يصل لله قط. وكان في بني ظفر رجل أتى (1) لا يدرى ممن هو، يقال له قزمان، فأبلي يوم أحد بلا شديداً، وقتل سبعة من وجوه المشركين، وأثبت جرحاً، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره، فقال: هو من أهل النار. فقيل لقزمان: أبشر بالجنة. فقال: بماذا أبشر والله ما قتلت إلا عن أحساب قومي. ثم لما اشتد عليه الألم أخرج سهماً من كنانته، فقطع به بعض عروقه، فجرى دمه حتى مات. ومثل بقتلى المسلمين. وأخذ الناس ينقلون قتلاهم بعد انصراف قريش، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يدفنوا في مضاجعهم، وأن لا يغسلوا، ويدفنوا بدمائهم وثيابهم. فكان ممن استشهد من المسلمين يوم أحد (2) : حمزة، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتله وحشي، غلام بني نوفل ابن عبد مناف، وأعتق لذلك، رماه بحربة، فوقعت في ثنته. ثم إن وحشياً أسلم، وقتل بتلك الحربة نفسها مسيلمة الكذاب يوم اليمامة. وعبد الله بن جحش حليف أمية، وقيل: إنه دفن مع حمزة في قبر واحد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يحفروا ويعمقوا، وبدفنوا الرجلين والثلاثة في قبر واحد، ويقدموا أكثرهم قرآناً.

_ (1) الأتي: الرجل يكون في القوم ليس منهم. (2) انظر: الواقدي: 291، وابن هشام 3: 129، وابن سعد 2 / 1: 29، وتلقيح الفهوم: 224، وابن سد الناس 2: 27، وابن كثير 4: 20، 46، والإمتاع: 160، وتاريخ الخميس 1: 45.

وذكر سعد بن أبي وقاص قال: قعدت أنا وعبد الله بن جحش صبيحة يوم أحد نتمنى، فقلت: اللهم لقني من المشركين رجلاً عظيماً كفره، شديداً حرده (1) ، فيقاتلني فأقتله: قيل: فآخذ سلبه. فقال عبد الله بن جحش: اللهم لقني من المشركين رجلاً عظيماً كفره، شديداً [حرده] (2) ، فأقاتله فيقتلني، قيل: ويسلبني ثم يجدع انفي وأذني، فإذا لقيتك فقلت: يا عبد الله ابن جحش، فيم جدعت قلت: فيك يا ربي. قال سعد: فوالله لقد رأيته آخر ذلك النهار وقد قتل، وإن أنفه وأذنه لفي خيط واحد بيد رجل من المشركين؛ وكان سعد يقول: كان عبد الله بن جحش خيراً مني. ومصعب بن عمير، قتله ابن قميثة الليثي. وعثمان بن عثمان، وهو شماس بن عثمان المخزومي. ومن الأنصار، ثم من الأوس، ثم من بني عبد الأشهل: عمرو بن معاذ بن النعمان، أخو سعد بن معاذ. والحارث بن أنس بن رافع. وعمارة بن زياد بن السكن. وسلمة وعمرو، ابنا ثابت بن وقش. وأبوهما: ثابت بن وقش. وأخوه: رفاعة بن وقش. وصيفي بن قيظي. وحباب (3) بن قيظي.

_ (1) الحرد: الغيظ والغضب. (2) زيادة يقتضيها السياق. (3) في الأصل: خباب، والتصويب عن ابن هشام؛ وحكى الدارقطني أنه " جناب " بالجيم المفتوحة عن ابن إسحاق؛ قال الخشني 1: 236: والمحفوظ بالحاء.

وعباد بن سهل. والحارث بن أوس بن معاذ، ابن أخي سعد بن معاذ. واليمان، وهو الحسيل بن جابر، والد حذيفة حليف لهم. ومن أهل راتج (1) من بني عبد الأشهل أيضاً: إياس بن أوس بن عتيك بن عمرو (2) بن الأعلم بن زعورا بن جشم (3) . وعبيد بن التيهان. وحبيب بن زيد بن تيم (4) . ومن بني ظفر: يزيد، أو زيد (5) ، بن حاطب (6) بن أمية بن رافع. ومن بني عمرو بن عوف؛ ثم من بني ضبيعة بن زيد: أبو سفيان بن الحارث بن قيس بن زيد (7) .

_ (1) أطم سميت به الناحية، وكان أصحابه - كما ذكر ابن حزم أيضاً - هم بنو زعورا بن جشم (الجمهرة: 319 والسمهودي 2: 309) فقوله هنا: " أهل راتج من بني عبد الأشهل " خطأ وقع فيه ابن إسحاق، وتابعه ابن حزم في هذا الكتاب. غير أنه لم يتورط في هذا الخطأ في الجمهرة. وذلك لأن عبد الأشهل ابن جشم هو أخو زهوراء بن جشم، وأبوهما هو الحارث بن الخزرج. ولقد أفرد ابن إسحاق أهل راتج بكلام مستقل بعد أن ذكر بني عبد الأشهل، فدل بذلك على أن أهل راتج غير بني عبد الأشهل - انظر أسد الغابة حيث تجد تفصيل القول في هذا الاضطراب. (2) في الأصل: عبيد بن عمير، والتصحيح عن الجمهرة: 320، وابن هشام 3: 130. (3) في الأصل: زعورا بن جشم بن عبد الأشهل، وهذا خطأ من حيث النسب، ولذلك حذفنا ما بعد جشم. (4) ليس حبيب بن زيد من بني زعورا بن جشم صليبة، ولكنه حليف لهم من بني بياضة (انظر ابن سيد الناس 2: 28) . (5) في الأصل: يزيد بن زيد، وهو خطأ. (6) في الأصل: خاطب، والتصويب من الاستيعاب، وأسد الغابة، وابن سيد الناس، والإصابة. (7) في الأصل: يزيد، وتصويبه من ابن هشام.

وحنظلة الغسيل بن أبي عامر بن صيفي بن النعمان بن مالك (1) . ومن بني عبيد بن زيد: أنيس بن قتادة. ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف: أبو حبة بن عمرو بن ثابت، أخو سعد بن خيثمة لأمه. وعبد الله بن جبير بن النعمان، أمير الرماة. ومن بني السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس: خيثمة، والد سعد بن خيثمة. ومن حلفائهم من بني العجلان: عبد الله بن سلمة. ومن بني معاوية بن مالك: سبيع بن حاطب بن الحارث بن قيس بن هيشة. ومن بني خطمة: عمير بن عدي، ولم يكن في بني خطمة يومئذ مسلم غيره (2) . ومن بني النجار، ثم من بني سواد (3) : عمرو بن قيس.

_ (1) ذكر بعد " حنظلة " في الأصل: قيس بن زيد بن ضبيعة فيمن استشهدوا يوم أحد، وهو خطأ حتماً، ولعله أراد التعريف بقيس، لأنه ورد في نسب حفيده أبي سفيان بن الحارث فقال: قيس بن زيد هو ابن ضبيعة. (2) كذا ورد هنا، أما في ان هشام 3: 133، والاستيعاب، وأسد الغابة، والإصابة، فإن الذي قتل من بني خطمة يوم أحد هو الحارث بن عدي. وقال الواقدي وأهل المغازي: إن عمير بن عدي لم يحضر أحداً ولا الختندق، لضرر بصره. وقد ذكره ابن حزم هنا اتباعاً لأبي عمر في مغازيه. (3) في الأصل: ومن بني الخزرج ثم من بني النجار، والسياق يشير إلى خطئه.

وابنه: قيس بن عمرو بن قيس بن زيد بن سواد. وثابت بن عمرو بن زيد. وعامر بن مخلد. ومن بني مبذول [بن مالك بن النجار] (1) : أبو هبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مالك بن مبذول. وعمرو بن مطرف. [ومن بني عمرو بن مالك بن النجار] : أوس بن ثابت بن المنذر، أخو حسان بن ثابت (2) . [ومن بني عدي بن النجار] : أنس بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار (3) . وقيس بن مخلد، من بني مازن بن النجار. وكيسان، عبد لهم. ومن بني الحارث بن الخزرج: خارجة بن زيد بن أبي زهير. وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير دفنا في قبر واحد. وأوس بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب، وهو أخو زيد بن أرقم.

_ (1) زيادة توضح نسب بني مبذول. (2) ليس أوس وأخوه حسان من بني مبذول، ولكنهما من بني عمرو بن مالك بن النجار. (3) يرجع كل من أنس بن النضر، وقيس بن مخلد، إلى عدي بن النجار.

ومن بني الأبجر، وهم بنو خدرة: مالك بن سنان، والد أبي سعيد الخدري. وسعيد بن سويد بن قيس بن عامر بن عباد بن الأبجر. وعتبة بن ربيع (1) بن رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد ابن الأبجر. ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج: ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج ابن ساعدة. وثقف بن [فروة بن] البدن (2) . [ومن بني طريف رهط سعد بن عبادة] : عبد الله بن عمرو بن وهب بن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف. وضمرة، حليف لهم من جهينة. ومن بني عوف بن الخزرج، ثم من بني سالم، ثم من بني مالك بن العجلان بن يزيد بن غنم بن سالم: نوفل بن عبد الله. والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان. والنعمان بن مالك بن ثعلبة بن فهر بن غنم بن سالم. والمجذر بن ذياد البلوي، حليف لهم.

_ (1) في الأصل: ربيعة، والتصحيح عن ابن هشام والاستيعاب وأسد الغابة. (2) في الأصل: البدي، والمرجح أنه تصحيح من البدن، انظر التعليق رقم (1) ص: 135.

وعبادة بن الحسحاس دفن هؤلاء الثلاثة: النعمان والمجذر وعبادة في قبر واحد. ومن بني سلمة: عبد الله بن عمرو بن حرام، والد جابر بن عبد الله، اصطبح الخمر في صبيحة ذلك اليوم، ثم قتل من آخره شهيداً، وذلبك قبل أن تحرم الخمر. وعمر بن الجموح بن زيد بن حرام دفنا في قبر واحد، وكانا صديقين جداً. وابنه خلاد بن عمرو بن الجموح. وأبو أيمن، مولى عمرو بن الجموح. ومن بني سواد بن غنم: سليم بن عمرو بن حديدة. ومولاه عنترة. وسهل بن قيس بن أبي كعب. ومن بني زريق بن عامر: ذكوان بن عبد قيس. وعبيد بن المعلى بن لوذان فجميعهم خمسة وستون رجلاً. وقد ذكر أيضاً في شهداء أحد من الأوس: مالك بن نميلة، حليف بني معاوية بن مالك. ومن بني خطمة، واسم خطمة: عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس: الحارث بن عدي بن خرشة بن أمية بن عامر بن خطمة. ومن الخزرج، ثم من بني سواد بن مالك:

مالك بن إياس. ومن بني عمرو بن مالك بن النجار: إياس بن عدي. ومن بني سالم بن عوف: عمرو بن إياس. فتموا سبعين، رضوان الله عليهم؛ ولم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد حين دفنهم. وقتل من كفار قريش يومئذ اثنا وعشرون رجلاً: فيهم من بني عبد الدار: طلحة، وأبو سعيد (1) ، وعثمان، بنو أبي طلحة واسم أبي طلحة: عبد الله ابن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار. ومسافع، وجلاس، والحارث، وكلاب، بنو طلحة بن أبي طلحة المذكور. وأرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. وابن عمه: أبو يزيد [بن] (2) عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. وابن عمهما: القاسط بن شريح بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. وصؤاب مولى أبي طلحة. ومن بني أسد بن عبد العزى: عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد، قتله علي. ومن بني زهرة بن كلاب:

_ (1) في الأصل: أبو سعد، وصححناه من الجمهرة: 118، وابن هشام 3: 134. (2) ساقطة من الأصل.

أبو الحكم بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، حليف لهم، قتله علي. وسباع بن عبد العزى الخزاعي، حليف لهم. ومن بني مخزوم: هشام بن أبي أمية بن المغيرة، أخو أم سلمة أم المؤمنين. والوليد بن العاصي بن هشام بن المغيرة. وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة. وخالد بن الأعلم، حليف لهم. ومن بني جمح: أبو عزة الشاعر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره يوم بدر، ثم من عليه وأطلقه بغير فداء، وأخذ عليه أن لا يعين عليه، فنقض العهد، فأسر يوم أحد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه صبراً، وقال له: والله لا تمسح عارضيك بمكة وتقول: خدعت محمداً مرتين. وأبي بن خلف رجلان. ومن بني عامر بن لؤي: عبيدة بن جابر. وشيبة بن مالك بن المضرب رجلان.

غزوة حمراء الأسد

غزوة حمراء الأسد (1) وكانت وقعة أحد يوم السبت، النصف من شوال من السنة الثالثة من الهجرة، فلما كان من الغد يوم الأحد لست عشرة (2) ليلة خلت لشوال، أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطلب للعدو، وعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج معه أحد إلا من حضر المعركة يوم أحد، فاستأذنه جابر بن عبد الله أن يفسح له في الخروج معه، ففسح له في ذلك. فخرج المسلمون على ما بهم من الجهد والجراح، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرهباً للعدو ومتجلداً، فبلغ حمراء الأسد، وهي على ثمانية أميال من المدينة، فأقام بها الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة. ومر برسول الله صلى الله عليه وسلم معبد بن أبي معبد الخزاعي، ثم طواه (3) ، ولقي أبا سفيان وكفار قريش بالروحاء، فأخبرهم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم، ففت ذلك في أعضاد قريش، وقد كانوا أرادوا الرجوع إلى المدينة، فكسرهم خروجه عليه السلام، فتمادوا إلى مكة، فظفر رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه بمعاوية بن المغيرة بن العاص بن أمية، فأمر بضرب عنقه صبراً، وهو والد عائشة أم عبد الملك بن مروان.

_ (1) انظر خبر هذه الغزوة في: الواقدي: 325، وابن هشام 3: 107، وابن سعد 2 / 1: 34، والطبري 3: 29، وابن سيد الناس 2: 37، وابن كثير 4: 48، والإمتاع: 166، والمواهب 1: 128، وتاريخ الخميس 1: 447. (2) في الأصل: يوم أحد لستة عشر ليلة. (3) طواه: جازه. يقال: مر بنا فطوانا، أي جازنا.

بعث الرجيع

بعث الرجيع (1) وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصف صفر، في آخر تمام السنة الثالثة من الهجرة نفر من عضل والقارة، وهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة، أخي بني أسد بن خزيمة. فذكروا له صلى الله عليه وسلم أن فيهم إسلاماً، ورغبوا أن يبعث نفراً من المسلمين يفقهونهم في الدين، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ستة رجال من أصحابه (2) : مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وخالد بن البكير الليثي، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أحد بني عمرو بن عوف بن الأوس، وخبيب بن عدي أحد بني جحجبي بن كلفة بن عمرو بن عوف، وزيد بن الدقنة أحد بني بياضة بن عامر، وعبد الله بن طارق حليف بني ظفر. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مرثد بن أبي مرثد (3) ، ونهضوا مع القوم، حتى إذا صاروا بالرجيع (4) ، ماء لهذيل بناحية الحجاز بالهدأة، غدروا بهم، واستصرخوا عليهم هذيلاً، فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا الرجال

_ (1) انظر: الواقدي: 344، وابن هشام 3: 178، وابن سعد 2 / 1: 39، والطبري 3: 29، وابن سيد الناس 2: 40، وابن كثير 4: 62، والإمتاع: 174، والمواهب 1: 130، وتاريخ الخميس 1: 454، وصحيح البخاري 5: 103، والمسند: 7915 تحقيق أحمد محمد شاكر. (2) في الجامع الصحيح للبخاري أنهم كانوا عشرة، وكذلك قال ابن سيد الناس. وفي الواقدي أنهم كانوا سبعة، والصحيح أنهم عشرة، سبعة منهم معلومة أسماؤهم في كتب الأحاديث والسير، وثلاثة لم يكونوا من مشاهير القوم، والسابع الذي لم يذكره ابن حزم هنا هو معتب بن عبيد. (3) الصحيح: أنه أمر عليهم عاصم بن ثابت البخاري 5: 103) . (4) الرجيع: اسم ماء لهذيل، حكى البخاري أنه بين عسفان ومكة.

بأيديهم السيوف وقد غشوهم، فأخذ المسلمون سيوفهم لقاتلوهم، فأمنوهم، وخبروهم أنهم لا أرب لهم في قتلهم، وإنما يريدون أن يصيبوا بهم فداء من أهل مكة. فأما مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فأبوا، وقالوا: والله لا قبلنا لمشرك عهداً أبداً. فقاتلوهم حتى قتلوا؛ وكان عاصم يكنى أبا سليمان، وكان قد قتل يوم أحد فتيين من بني عبد الدار، ابنين لسلافة ابنة سعد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنها (1) أن تشرب الخمر في قحفة (2) ، فرأت بنو هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد ابن شهيد، فأرسل الله تعالى الدبر (3) فحمته، فقالت هذيل: إذا جاء الليل ذهب الدبر، فأرسل الله تعالى سيلاً لم يدر سببه، فحمله قبل أن يقطعوا رأسه، فلم يصلوا إليه، وكان قد نذر أن لا يمس مشركاً أبداً، فأبر الله تعالى قسمه بعد موته، رضوان الله عليه. وأما زيد الدثنة، وخبيب بن عدي، وعبد الله بن طارق فأعطوا بأيديهم (4) فأسروا، وخرجوا بهم إلى مكة، فلما صاروا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القران، ثم أخذ سيفه، واستأخر عنه القوم، ورموه بالحجارة حتى مات، رضوان الله عليه، فقبره بمر الظهران. وحملوا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، فباعوهما بمكة، فصلب

_ (1) هكذا في الأصل: ولعل صوابه: " ابنيها ". (2) القحف، بكسر القاف: ما انفق من الجمجمة. (3) الدبر: النحل والزنابير. (4) أعطوا بأيديهم: انقادوا.

بعث بئر معونة

خبيب بالتنعيم، رضوان الله عليهم؛ وهو القائل إذ قرب ليصلب (1) : ولست أبالي حين أقتل مسلماً ... على أي شق كان في الله مضجعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلوٍ ممزع وهو أول من سن الركعتين عند القتال. وابتاع زيد بن الدثنة صفوان بن أمية، فقتله بأبيه، رضوان الله على زيد. وقال أبو سفيان لخبيب أو لزيد: يسرك أن محمد مكانك يضرب عنقه وأنك في أهلك فقال: والله ما يسرني أني في أهلي وأن محمداً في مكانه الذي هو في يصيبه شوكة تؤذيه. بعث بئر معونة (2) وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بقية شوال، وذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، ثم بعث أصحاب بئر معونة في صفر، في آخر تمام السنة الثالثة من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد. وكان سبب ذلك أن أبا براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهو ملاعب الأسنة، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فلم يسلم ولم يبعد، وقال: يا محمد، لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل

_ (1) البيتان في البخاري 5: 104، وابن سيد الناس 2: 41 وغيرهما. (2) انظر الخبر عن بئر معونة في الواقدي: 337، 378، وابن هشام 3: 193، وابن سعد 2 / 1: 36، والطبري 3: 33، وابن سيد الناس 2: 46، وابم كثير 4: 71، وزاد المعاد 2: 272، والإمتاع: 170 والمواهب 1: 133، وتاريخ الخميس 1: 451.

نجد فدعوهم إلى أمرك، لرجوت أن يستجيبوا لك. فقال صلى الله عليه وسلم: إني أخشى عليهم أهل نجد. فقال أبو براء: أنا جارهم. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو، أحد بني ساعدة، وهو الذي يلقب: المعنق ليموت، في أربعين رجلاً من المسلمين، وقد قيل في سبعين من خيار المسلمين، منهم: الحارث بن الصمة، وحرام بن ملحان أخو أم سليم، وهو خال أنس بن مالك وعروة ابن أسماء بن الصلت السلمي، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق، وغيرهم؛ فنهضوا فنزلوا بئر معونة (1) ، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، ثم بعثوا منها حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، عامر بن الطفيل. فلما أتاه لم ينظر في كتابه، ثم عدا عليه فقتله، ثم استنهض إلى قتال الباقين بني عامر، فأبوا أن يجيبوه، لأن أبا براء أجارهم، فاستغاث عليهم بني سليم، فنهضت معه عصية ورعل وذكوان، وهم قبائل من بني سليم، فأحاطوا بهم، فقاتلوا فقتلوا كلهم رضوان الله عليهم، إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار، فإنه ترك في القتلى وفيه رمق، فارتث (2) من القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق رضوان الله عليه. وكان عمرو بن أمية في سرح المسلمين، ومعه المنذر بن محمد بن عقبة

_ (1) بئر معونة: ماء من مياه بني سليم، بين أرض بني عامر وأرض بني سليم، كلا البلدين منها قريب، وهي إلى حرة بني سليم أقرب. (2) ارتث: رفع وبه جراح.

ابن أحيحة بن الجلاح (1) ، فنظر إلى الطير تحوم على العسكر، فنهضا ناحية اصحابها، فإذا الطير تحوم على القتلى، والخيل التي أصابتهم لم تزل بعد؛ فقال المنذر بن محمد لعمرو بن أمية: فما ترى فقال: أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر. فقال الأنصاري: ما كنت لأرغب بنفسي عن موطب قتل في المنذر بن عمرو. فقاتل حتى قتل، وأخذ عمرو بن أمية أسيراً، فلما أخبرهم أنه من مضر، جز ناصيته عامر بن الطفيل، وأطلقه عن رقبة كانت على أمه. وذلك لعشرين بقين من صفر، مع الرجيع في شهر واحد. فرجع عمرو بن أمية، حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة، أقبل رجلان من بني كلاب، وقيل من بني سليم، حتى نزلا مع عمرو بن أمية في ظل كان فيه، وكان معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم به عمرو، فسألهما: من أنتما فانتسبا له، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه أصاب ثأراً من قتلة أصحابه. فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد قتلت قتيلين لأدينهما. وهذا سبب غزوة بني النضير.

_ (1) في الأصل: أحيحة بن عمرو بن الجلاح.

غزوة بني النظير

غزوة بني النظير (1) ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه إلى بني النضير، مستعيناً بهم في دية ذينك القتيلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية، فلما كملهم قالوا: نعم. فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر وعلي ونفر من أصحابه إلى جدار من جدرهم. فاجتمع بنو النضير، وقالوا: من رجل يصعد على ظهر البيت، فيلقي على محمد صخرة، فيقتله، فيريحنا منه فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب؛ فأوحى الله تعالى بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام لوم يشعر بذلك أحداً من أصحابه ممن معه، فلما استلبثه (2) أصحابه رضي الله عنهم قاموا فرجعوا إلى المدينة، وأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم بما أوحى الله تعالى إليه مما أرادته اليهود، وأمر أصحابه بالتهيؤ لحربهم، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم. ونهض إلى بني النضير في أول السنة الرابعة من الهجرة، فحاصرهم ست ليال، وحينئذ نزل تحريم الخمر (3) . فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل وإحراقها، ودس عبد الله بن أبي ابن سلول ومن معه من المنافقين إلى بني النضير: إنا معكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم

_ (1) انظر خبر بني النضير في: الواقدي: 353، وابن هشام 3: 199، وابن سعد 2 / 1: 40، والطبري 3: 36، وأنساب الأشراف 1: 163، وفتوح البلدان: 23، وابن سيد الناس 2: 48، وابن كثير 4: 74، وزاد المعاد 2: 185، والإمتاع: 178، والمواهب 1: 135، وتاريخ الخميس 1: 460، وصحيح البخاري 5: 88. (2) في الأصل: " استقبله " ولا معنى له هنا. واستلبثه: استبطأه. (3) انظر الإمتاع: 180 حيث ينقل عن ابن حزم.

غزوة ذات الرقاع

خرجنا معكم، فاغتروا بذلك. فلما جاءت الحقيقة خذلوهم وأسلموهم، فسألوا رسول اله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا لسلاح. فاحتملوا بذلك إلى خيبر، ومنهم من صار إلى الشام، وكان ممن سار معهم إلى خيبر أكابرهم: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق؛ فدانت لهم خيبر. فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني النضير بين المهاجرين الأولين خاصة، إلا أنه أعطي منها أبا دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، وكانا فقيرين. ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: يامين بن عمير بن كعب (1) بن عمرو بن جحاش، وأبو سعد بن وهب أسلما، فأحرزا أموالهما، وذكر أن يامين بن عمير جعل جعلا لمن قتل ابن عمه عمرو بن جحاش، لما هم به في رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي قصة بني النضير نزلت سورة الحشر. غزوة ذات الرقاع (2) ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بني النضير بالمدينة شهر ربيع الآخر، وبعض جمادى الأولى، في صدر السنة الرابعة بعد الهجرة. ثم غزا نجداً، يريد بني محارب وبني ثعلبة بن سعد بن غطفان، واستعمل على

_ (1) في تصحيحات الخشني 1: 286 أنه أبو كعب. (2) انظر ابن هشام 3: 213، وابن سعد 2 / 1: 43، والطبري 3: 39، وأنساب الأشراف 1: 163، وابن سيد الناس 2: 52، وابن كثير 4: 83، وزاد المعاد 2: 274، والإمتاع: 188، والمواهب 1: 137، وتاريخ الخميس 1: 463، والبخاري 5: 113.

المدينة أبا ذر الغفاري، أو عثمان بن عفان، ونهض حتى نزل نخلا (1) . وإنما سميت هذه الغزوة ذات الرقاع لأن أقدامهم رضي الله عنهم نقبت (2) ، وكانوا يلفون عليها الخرق، فلذلك سميت ذات الرقاع. فلقي صلى الله عليه وسلم بنخل جمعاً من غطفان، فتوافقوا، إلا أنه لم يكن حرب، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صلاة الخوف. وفي انصرافهم من تلك الغزوة أبطأ جمل جابر، فنخسه عليه السلام، فانطلق متقدماً للركاب، وابتاعه منه عليه السلام، ثم رده عليه ووهبه الثمن وزيادة قيراط، فلم يزل عند جابر متبركاً به، حتى أخذه أهل الشام في جملة ما انتهبوه بالمدينة يوم الحرة. وفي هذه الغزوة أيضاً أتى رجل من بني محارب بن خصفة، اسمه غورث ابن الحارث، فأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهزه، وقال: يا محمد من يمنعك مني قال: الله. فرد غورث السيف مكانه، فنزل في ذلك: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم} . وفي هذه الغزوة رمى رجل من المشركين رجلاً من الأنصار كان ربيئة (3) لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجرحه وهو يقرأ سورة من القرآن، فتمادى في القراءة ولم يقطعها لما أصابه.

_ (1) نخل: من منازل بني ثعلبة بنجد، على يمين من المدينة، بواد يقال له: شدخ (انظر السمهودي 2: 381) . وقال ابن سعد في التعريف بذات الرقاع: هو جبل فيه بقع: حمرة وسواد وبياض، قريب من النخيل، بين السعد والشقرة (ابن سعد 2 / 1: 43) . (2) نقبت الأقدام: رقت جلودها وتنفطت من المشي. (3) الربيئة: العين والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو، ولا يكون إلا على جبل أو شرف ينظر فيه.

غزوة بدر الثالثة

غزوة بدر الثالثة (1) وكان أبو سفيان يوم أحد نادى: موعدنا وإياكم بدر في عامنا المستقبل. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن يجيبه بنعم؛ فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من ذات الرقاع (2) بالمدينة، بقية جمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، ثم خرج في شعبان من السنة الرابعة، للميعاد المذكور. فاستعمل على المدينة [عبد الله بن] (3) عبد الله بن أبي ابن سلول، ونزل في بدر، فأقام هنالك ثمان ليال. وخرج أبو سفيان في أهل مكة، حتى نزل مجنة (4) من ناحية الظهران، وقيل: بلغ عسفان، ثم بدا لهم في الرجوع، واعتذر بأن العام عام جدب. غزوة دومة الجندل (5) وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأقام بها إلى أن انسلخ ذو الحجة من السنة الرابعة من الهجرة، ثم غزا عليه السلام إلى

_ (1) تسمى هذه الغزوة أيضاً بدراً الصغرى أو بدر الموعد. انظر خبرها في ابن هشام 3: 220، وابن سعد 2 / 42، والطبري 3: 41، وأنساب الأشراف 1: 163، وابن سيد الناس 2: 53، وابن كثير 4: 87، والإمتاع: 183، والمواهب 1: 139، وتاريخ الخميس 1: 456. (2) انظر الإمتاع: 186 حيث يورد رأي ابن حزم في أن بدراً الآخرة بعد ذات الرقاع ... (3) ساقطة من الأصل. وفي الإمتاع: 184، والمواهب 1: 140، وتاريخ الخميس 1: 465 أنه استعمل عليها عبد الله بن رواحة. (4) في الأصل: تحته. (5) انظر خبر هذه الغزوة في: ابن هشام 3: 224، وابن سعد 2 / 1: 44، والطبري 3: 43، وأنساب الأشراف 1: 164، وابن سيد الناس 2: 54، وابن كثير 4: 92، وزاد المعاد 2: 278، والإمتاع: 193، والمواهب 1: 140، وتاريخ الخميس: 1: 469.

غزوة الخندق

دومة الجندل في شهر ربيع الأول، ابتداء العام الخامس من الهجرة، واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة. وانصرف عليه السلام من طريقه قبل أن يبلغ دومة الجندل، ولم يلق حرباً. غزوة الخندق (1) ثم كانت غزوة الخندق في شوال من السنة الخامسة من الهجرة، هكذا قال أصحاب المغازي (2) ؛ والثابت أنها في الرابعة بلا شك، لحديث ابن عمر: " عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ". فصح أنه لم يكن بينهما إلا سنة واحدة فقط، وأنها قبل دومة الجندل بلا شك (3) . وسببها: أن نفراً من اليهود، منهم سلام بن أبي الحقيق، وكنانة

_ (1) انظر: الواقدي: 362، وابن هشام 3: 226، وابن سعد 2 / 1: 47 والطبري 3: 43، وأنساب الأشراف 1: 165، وابن سيد الناس 2: 54، وابن كثير 4: 92، وزاد المعاد 2: 288، والإمتاع: 215، والمواهب 1: 142، وتاريخ الخميس 1: 479، والبخاري 5: 107. (2) يستثنى منهم موسى بن عقبة، فقد قال إنها كانت سنة أربع، وتابعه على ذلك الإمام مالك، وارتضاه البخاري؛ وبه حزم في هذا الكتاب. (3) نقل ابن كثير في كتاب الفصول: 56 قول ابن حزم هذا واحتجاجه بحديث ابن عمر، وعلق عليه بقوله: هذا الحديث مخرج في الصحيحين وليس يدل على ما ادعاه [ابن حزم] لأن مناط إجازة الحرب كان عنده صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة، فكان لا يجيز من لم يبلغها، ومن بلغها أجازه. فلما كان ابن عمر يوم أحد ممن لم يبلغها لم يجزه، ولما كان قد بلغها يوم الخندق أجازه؛ وليس ينفي هذا أن يكون قد زاد عليها بسنة أو سنتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك، فكأنه قال: وعرضت عليه يوم الخندق وأنا بالغ أو من أبناء الحرب. وقد قيل إنه كان يوم أحد في أول الرابعة عشرة من عمره وفي يوم الخندق في آخر الخامسة؛ [فيكون بينهما ما يزيد على سنة، وارتضى هذا الرأي بعض الذين لم يأخذوا بقول موسى بن عقبة] .

ابن الربيع بن أبي الحقيق، وسلام بن مشكم النضريون، وهوذة بن قيس، وأبو عمار الوائليان (1) . وهم حزبوا الأحزاب: خرجوا فأتوا مكة داعين إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواعدين من أنفسهم بعون من انتدب إلى ذلك، فأجابهم أهل مكة إلى ذلك؛ ثم خرج اليهود المذكورون إلى غطفان، فدعوهم إلى مثل ذلك، فأجابوهم. فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري على بني فزارة، والحارث ابن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة، ومسعر بن رخيلة (2) بن نويرة ابن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من أشجع. فلما سمع [بهم] رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بحفر الخندق على المدينة، فعمل فيه صلى الله عليه وسلم بيده، فتم الخندق؛ وكانت فيه المعجزات، منها أن كدية صخر عرضت في الخندق كلت المعاول عنها (3) ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا ونضح عليها الماء، فانهالت كالكثيب؛ وأطعم النفر العظيم من تمر يسير، إلى غير ذلك. وقبلت الأحزاب حتى نزلت بمجتمع السيول من رومة (4) ، بين الجرف

_ (1) في الأصل: وهوذة بن ميش وأبو عامر البلويان والتصحيح عن ابن هشام والطبري وفي الإمتاع: 216 وتاريخ الخميس 1: 480 أن الثاني المذكور هنا هو أبو عامر الراهب. (2) في الأصل: رجيلة؛ وانظر نسبه في الجمهرة: 238 ففيه اختلاف بعيد عما هنا. وقد أثبت المقريزي هذا الخلاف في الإمتاع: 218 - 219. (3) الكدية: الصفاة العظيمة الشديدة. (4) في الأصل: دومة، وهي كذلك في الطبري 3: 46. والصواب ما أثبتناه، لأن الدومة بالعالية قرب بني قريظة، أما رومة، فإن العرصة الكبرى التي حولها تمتد حتى تختلط بالجرف، وكلاهما في آخر العقيق (راجع السمهودي، 2: 122، 280، 318) .

وزغابة (1) ، في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من كنانة وغيرهم. ونزلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، حتى نزلوا بذنب نقمى (2) ، إلى جانب [أحد] (3) . وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين (4) ، وقد قيل: في تسعمائة فقط، وهو الصحيح الذي لا شك فيه، والأول وهم؛ حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع، فنزلوا هنالك والخندق بينهم. واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في الآطام. وكان كعب بن أسد رئيس بني قريظة موادعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه حيي بن أخطب، فلم يزل به، وكعب يأبى عليه، حتى أثر فيه، ونقض كعب عهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومال مع حيي.

_ (1) الجرف، بالضم ثم السكون في ياقوت، وضبطه البكري بضم أوله وثانيه -: على ثلاثة أميال من المدينة من جهة الشام. وزغابة، على وزن صحابة: مجتمع السيول آخر العقيق، ضبطه السمهودي بإعجام الغين، وكذلك قال السهيل. أما البكري فقال: هو زغابة، بضم الزاي والعين المهملة. وقال الطبري: الرواي الجيدة " بين الجرف والغابة، لأن زغابة لا تعرف "، ورد عليه ياقوت. (انظر معجم البلدان، والسهيل 2: 189، والسمهودي: 318، 281، والطبري 3: 46) . (2) في الأصل: يعمر، وهو تصحيف. (3) زيادة من ابن هشام والطبري. (4) ذكر ابن إسحاق وابن سعد هذا العدد، ونقله كذلك ابن سيد الناس وصاحب المواهب وابن كثير، وذكره الديار بكري وزاد قوله: وقيل كان المسلمون ألفاً. وقال ابن كثير في الفصول: 58 " فتحصن بالخندق وهو في ثلاثة آلاف على الصحيح، وزعم ابن إسحاق أنه كان في سبعمائة وهذا غلط ". والذي ذكره ابن إسحاق أنهم كانوا في ثلاثة آلاف، ولم يرو غيره، ولم يشر أحد إلى أن المسلمين كانوا تسعمائة، حسب الرواية الثانية التي ارتضاها ابن حزم ورفض ما عداها.

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بلغه الأمر سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وهما سيد الأوس والخزرج، وخوات بن جبير أخا بني عمرو بن عوف، وعبد الله بن رواحة أخا بني الحارث بن الخزرج، ليعرفوا الأمر، فلما بلغوا بني قريظة وجدوهم مكاشفين بالغدر، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشاتمهم سعد بن معاذ، وانصرفوا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرهم إن وجدوا غدر بني قريظة حقاً أن يعرضوا له الخبر ولا يصرحوا، فأتوا فقالوا: عضل والقارة؛ تذكيراً بغدر القارة بأصحاب الرجيع. فعظم الأمر، وأحيط بالمسلمين من كل جهة؛ واستأذن بعض بني حارثة فقالوا: يا رسول الله، إن بيوتنا عورة وخارجة عن المدينة، فأذن لنا نرجع إلى ديارنا. وهم أيضاً بالفشل بنو سلمة، ثم ثبت الله كلتا الطائفتين، ورحم القبيلتين؛ وبقى المشركون محاصرين للمسلمين نحو شهر، ولم يكن بينهم حرب، إلى أن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن بن حذيفة، والحارث بن عوف ابن أبي حارثة، رئيسي غطفان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة، وجرت المراوضة في ذلك (1) ، ولم يتم الأمر، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فقالا: يا رسول الله، أشيء أمرك الله به فلا بد لنا منه أم شيء تحبه فنصنعه أم شيء تصنعه لنا قال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا أني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة. فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على

_ (1) المراوضة: المساومة والمجاذبة، والمراوضة في البيع: أن تواصف الرجل بالسلعة ليست عندك، ويسمى بيع المواصفة.

الشرك بالله وعبادة الأوثان (1) ، وهم لا يطيقون (2) أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعاً، فحين أكرمنا الله تعالى بالإسلام، وهدانا له، وأعزنا بك [و] به نعطيهم أموالنا والله لا نعطيهم إلا السيف. فصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه، وتمادوا على حالهم. ثم إن فوارس من قريش، منهم: عمرو بن عبد ود، أخو بني عامر بن لؤي، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان، وضرار بن الخطاب أخو بني محارب بن فهر، خرجوا على خيلهم، فلما وقفوا على الخندق، قالوا: هذه مكيدة والله ما كانت تعرفها العرب. وقد قيل: إن سلمان أشار به. ثم تيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق، فاقتحموه وجاوزوه، وجالت بهم خيلهم في السبخة بين الخندق وسلع، ودعوا إلى البراز، فبارز علي بن أبي طالب عمراً فقتله، وخرج الباقون من حيث دخلوا، فعادوا إلى قومهم. وكان شعار المسلمين يوم الخندق: " حم، لا ينصرون ". وكانت عائشة أم المؤمنين مع أم سعد بن معاذ في حصن بني حارثة، وكان من أحصن حصن بالمدينة. وكان صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في فارع، أطم حسان بن ثابت، وكان حسان بن ثابت فيه مع النساء والصبيان. ورمى في بعض تلك الأيام سعد بن معاذ بسهم قطع منه الأكحل،

_ (1) في الأصل: " قد كنا نحن بهؤلاء ... في عبادة الأوثان " والتصويب من ابن هشام. (2) في ابن هشام: يطعمون.

ورماه حبان بن قيس ابن العرقة (1) ، وقد قيل: بل رماه أبو أسامة الجشمي (2) حليف بني مخزوم، وقيل: إن سعداً دعا إذ أصيب رضوان الله عليه فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلى أن أجاهدهم (3) من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه، اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة. ولما اشتدت الحال وصعب الأمر أتى نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف ابن ثعلبة بن قنفذ بن هلال بن حلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة. فخرج نعيم فأتى بني قريظة، وكان ينادمهم في الجاهلية، فقال: يا بني قريظة، قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيننا وبينكم. قالوا: صدقت. فقال: إن قريشاً وغطفان ليسوا كذلك ولا مثلكم، إن رأوا ما يسرهم وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم؛ ولا طاقة لكم بمحمد إن تركتم معه، فلا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم رهناً. فقالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم نهض إلى قريش، فقال لأبي سفيان: قد عرفتم

_ (1) العرقة، بكسر الراء وقد تفتح: هي أم حبان بن قيس، واسمها: قلابة، لقبت بالعرقة لطيب ريحها. (2) في الأصل: أبو سلمة الخشني. والتصحيح من كتب السير. (3) في الأصل: أجاهد.

صداقتي لكم، وبلغني أمر لزمني أن أعرفكموه، فاكتموا عني. قالوا: وما هو قال: اعلموا أن اليهود قد ندموا على ما فسخوا من عهد محمد، وقد أرسلوا إليه أن يأخذوا منكم رهناً يدفعونه إلى محمد، ويرجعون معه عليكم. فشكرته قريش على ذلك. ثم نهض حتى أتى غطفن فقال لهم مثل ما قال لقريش. فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة أربع أرسل أبو سفيان وغطفان إلى بني قريظة: إنا لسنا بدار مقام، فاغدوا للقتال. فأرسل اليهود إليهم: إن اليوم يوم سبت، ومع ذلك لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهناً. فردوا إليهم الرسول: والله لا نعطيكم فاخرجوا معنا. فقال بنو قريظة: صدق والله نعيم، فلما رجع الرسل إليهم بذلك قالوا: صدقنا والله نعيم. فأبوا من القتال معهم، وأرسل الله تعالى عليهم ريحاً عظيمة كفأت قدورهم وآنيتهم. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم حذيفة بن اليمان عيناً، فأتاه بخبر رحيلهم، ورحلت قريش وغطفان. فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذهب الأحزاب، رجع عن الخندق إلى المدينة، ووضع المسلمون سلاحهم، فأتاه جبريل عن الله تعالى بالنهوض إلى بني قريظة (1) ، وذلك بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم. ورأى قوم من المسلمين يومئذ جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي على بغلة عليها قطيفة ديباج، ثم مر عليهم دحية بعد ذلك.

_ (1) راجع خبر غزوة بني قريظة في: الواقدي: 371، وابن هشام 3: 244، وابن سعد 2 / 1: 53، والطبري 3: 52، وأنساب الأشراف 1: 167ن وابن سيد الناس 2: 68، وابن كثير 4: 116، وزاد المعاد 2: 187، والإمتاع: 241، والمواهب 1: 149، وتاريخ الخميس 1: 492، والبخاري 5: 111.

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة. ونهض المسلمون، فوافاهم وقت العصر في الطريق، فقال بعضص المسلمين: نصلي، ولم نؤمر بتأخيرها عن وقتها. وقال آخرون: لا نصليها إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصليها. فذكر أن بعضهم لم يصلوا العصر إلا ليلاً؛ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعنف من الطائفين أحداً. أما التعنيف فإنما يقع على العاصي المتعمد المعصية وهو يعلم أنها معصية؛ وأما من تأويل قصداً للخير، فهو وإن لم يصادف الحق غير معنف؛ وعلم الله تعالى أننا لو كنا هناك ما صلينا العصر في ذلك اليوم إلا في بني قريظة ولو بعد أيام (1) ؛ ولا فرق بين نقله صلى الله عليه وسلم صلاةً في ذلك اليوم إلى موضع بني قريظة، وبين نقله صلاة المغرب ليلة مزدلفة، وصلاة العصر من يوم عرفة على قوت الظهر، والطاعة في ذلك واجبة. رجع الخبر: فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ونازل رسول الله صلى الله عليه وسلم حصونهم، فأسمعوا المسلمين سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له بأن لا يدنو منهم من أجل ما سمع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئاً. فلما رأوا النبي صلى الله

_ (1) نقل ابن كثير في البداية والنهاية 4: 118 قول ابن حزم هذا، ثم قال فقي التعليق عليه: " وهذا القول منه ماش على قاعدته الأصلية في الأخذ بالظاهر ". وقال السبيل 2: 195 " إن فهم هذا الأصل عسر على الظاهرية، لأنهم علقوا الأحكام بالنصوص، فاستحال عندهم أن يكون النص يأتي بحظر وإباحة معاً ".

عليه وسلم أمسكوا عما كانوا يقولون. فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بئر من آبارهم يقال لها " بئر أنا " (1) وقيل " بئر أني "، وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين [ليلة] (2) ، وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد ثلاث خصال، وهي: إما الأسلام؛ وإما قتل ذراريهم ونسائهم ثم القتال حتى يموتوا؛ وإما تبيت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة السبت ظنا منه أن المسلمين قد أمنوا منهم. وأبوا كل ذلك، وأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف، وكانوا حلفاء الأوس فأرسله صلى الله عليه وسلم إليهم، فلما أتاهم أجتمع إليه رجالهم والنساء والصبيان، فقالوا له: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمد قال: نعم. أشار إليهم أنه الذبح. ثم ندم أبو لبابة من وقته وعلم أنه قد أذنب، فانطلق على وجهه ولم يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكتف نفسه إلى عمود من أعمدة المسجد، وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله عز وجل عليّ. وعاهد الله تعالى أن لا يدخل أرض بني قريظة أبداً، ولا يكون بأرض خان الله ورسوله فيها. وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لو أتاني لا ستغفرت له، فأما إذ فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقعه من مكانه حتى يتوب الله عليه. فنزلت التوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر أبي لبابة، فتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إطلاقه بيده، وقيل: إنه رضوان الله تعالى عليه أقام مرتبطاً بالجذع ست ليالٍ لا يحل إلا للصلاة. (3) .

_ (1) بئر لنا: وزن هنا، أو حتى، أو بكسر النون المشددة. (2) زيادة موضحة. (3) في هامش النسخة: إلا لصلاة.

ونزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، إذ حكم فيهم بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأسلم ليلة نزولهم ثعلبة وأسيد ابنا سعية، وأسد بن عبيد، وهم نفر من هدل، من بني عم قريظة والنضير. وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدي القرظي، وكان قد أبى من الدخول معهم في نقض عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنجا، ولم يعلم أين وقع. فلما نزلت بنو قريظة على حكمه، صلى الله عليه وسلم، قالت الأوس: يا رسول الله، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا: بلى. قال: فذاك إلى سعد بن معاذ. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة في المسجد، تسكنها رفيدة الأسلمية وكانت امرأة صالحة تقوم على المرضى، وتداوي الجرحى ليعوده النبي صلى الله عليه وسلممن قريب. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد ليؤتي به فيكم في بني قريظة، فأتى به على حمار، وقد وطئ له بوسادة أدم، وأحاط به قومه، وهم يقولون: يا أبا عمرو، أحسن في مواليك. فقال لهم سعد: قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. فرجع بعض (1) من معه إلى ديار بني عبد الأشهل، فنعى إليهم رجال بني قريظة، فلما أظل سعد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال للمسلمين: قوموا إلى سيدكم. فقام المسلمون، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم. فقال: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن

_ (1) في الأصل: " يعني " وهو تصحيف.

الحكم فيهم لما حكمت قالوا: نعم. قال: وعلى من هاهنا في الناحيثة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قال سعد: إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبي الذراري والنساء. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة. (1) . فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع سوق المدينة اليوم، فخندق بها خنادق، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت أعناقهم في تلك الخنادق. وقتل يومئذ حيي بن أحطب والد أم المؤمنين صفية، وكعب بن أسد، وكانوا من الستمائة إلى السبعمائة. وقتل من نسائهم امرأة واحدة، وهي بنابة (2) امرأة الحكم القرظي، التي طرحت الرحى على خلاد ابن سويد بن الصامت فقتلته، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل كل من أنبت، وترك من لم ينبت. ووهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس ولد الزبير باطا، فاستحياهم، منهم عبد الرحمن بن الزبير، أسلم وله صحبة. ووهب أيضاً صلى الله عليه وسلم رفاعة بن شمويل القرظي لأم المنذر سلمى (3) بنت قيس من بني النجار، وكانت قد صلت القبلتين، فأسلم رفاعة وله صحبة، وكان ممن لم ينبت (4) .

_ (1) الأرقعة: جمع رقيع، وهو اسم للسماء، وقد جاءت مع العدد قبلها على التذكير، كأنه ذهب به إلى معنى السقف، وعنى سبع سموات، وكل سماء يقال لها: رقيع. (2) في الأصل: " نثاثة " والتصحيح عن الطبري 3: 59 والإمتاع. (3) في الأصل: " سلمة " وهو خطأ. (4) في ابن هشام: وكان رجلاً قد بلغ.

ذكر من استشهد يوم الخندق ويوم بني قريظة

واستحيا عطية القرظي، وله صحبة. وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني قريظة، فأسهم للفارس صلاصة أسهم، وللراجل سهماً، وكان الخيل يومئذ في المسلمين ستةً وثلاثين فرساً. ووقع للنبي صلى الله عليه وسلم من سبيهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة، إحدى (1) نساء بني عمرو بن قريظة، فلم تزل في ملكه حتى مات صلى الله عليه وسلم. فكان فتح بني قريظة في آخر ذي القعدة متصلاً بأول ذي الحجة في السنة الرابعة من الهجرة. فلما تم أمر بني قريظة أجيبت دعوة الرجل الصالح: سعد بن معاذ رضول الله عليه، فانفجر عرقه فمات. وهو الذي اهتز عرش الرحمن لموته، يعني سرور حملة العرش بروحه، رضى الله عنه. ذكر من استشهد يوم الخندق ويوم بني قريظة (2) ذكرناهما معاً لأنهما متصلان، لم يكن بينهما فصل. أصيب يوم الخندق: سعد بن معاذ من بني عبد الأشهل. وأنس بن أوس بن عتيك بن عمرو. وعبد الله (3) بن سهل كلاهما من بني عبد الأشهل.

_ (1) في الأصل: " أحد " وهو خطأ. (2) انظر ابن هشام 3: 262، والطبري 3: 58، وابن سيد الناس 2: 67، 76، والإمتاع: 241. (3) في الأصل: " ابن عمرو بن عبد الله " وصل الاسمين معاً، فادخل " عبد الله " في نسب " أنس "، وهو خطأ، إذ هما رجلان.

ومن بني سلمة بن الخزرج: الطفيل بن النعمان. وثعلبة بن عنمة (1) . ومن بني دينار بن النجار بن الخزرج: كعب بن زيد، أصابه سهم غرب فقتله (2) . وأصيب من المشركين يوم الخندق: [من بني عبد الدار] : منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار، أصابه سهم مات منه بمكة. وقيل: بل هو عثمان بن منبه بن السباق. ومن بني مخزوم [بن يقظة] : نوفل بن عبد الله بن المغيرة، اقتحم الخندق فقتل فيه. [ومن بني عامر بن لؤي] : عمرو بن عبدود. وابنه (3) : حسل بن عمرو، من بني عامر بن لؤي. واستشهد يوم بني قريظة من المسلمين: خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو، من بني الحارث بنم الخزرج، طرحت عليه امرأة من بني قريظة رحى فقتلته (4) .

_ (1) في الأصل: " غنمة " بالغين، وهو خطأ، وقد ضبط في الإصابة بقوله: بفتح المهملة والنون. (2) سهم غرب: (بإضافة وغير إضافة) : وهو الذي لا يعرف من أين جاء ولا من رمى به. (3) في الأصل: " واسمه "، وهو خطأ، وتصويبه من ابن هشام 3: 265. (4) هي " بنانة " امرأة الحكم القرظي. انظر ص: 195 من هذا الكتاب.

بعث عبد الله بن أبي عتيك إلى قتل سلام ابن أبي الحقيق، وهو أبو رافع

ومات في الحصار: أبو سنان بن محصن بن حرثان الأسدي، أخو عكاشة بن محصن، فدفنه النبي صلى الله عليه وسلم في مقبرة بني قريظة التي يتدافن فيها المسلمون السكان بها إلى اليوم. ولم يصب غير هذين. ولم يغز كفار قريش المسلمين بعد الخندق (1) ، والحمد لله رب العالمين. بعث عبد الله بن أبي عتيك إلى قتل سلام ابن أبي الحقيق، وهو أبو رافع (2) ولما فتح الله تعالى في الكافر كعب بن الأشرف على يدي رجال من الأوس (3) ، رغبت الخزرج في مثل ذلك تزيداً في الأجر والغناء في الإسلام؛ فتذاكروا أن سلام بن أبي الحقيق من العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على مثل حال كعب بن الأشرف، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله، فأذن لهم. فخرج إليه خنمسة نفر من الخزرج، كلهم من بني سلمة: وهم: عبد الله ابن عتيك، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة الحارث بن ربعي، ومسعود بن سنان، وخزاعي بن الأسود (4) ، حليف لهم من المسلمين. وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك، ونهاهم عن

_ (1) في الأصل: " المشركين " مكان " المسلمين " وهو خطأ ظاهر. (2) انظر: ابن هشام 3: 286، وبن سعد 2 / 1: 66، والطبري 3: 6، وابن سيد الناس 2: 80، وابن كثير 4: 137، وزاد المعاد 2: 293، والإمتاع: 186، والمواهب 1: 159، وتاريخ الخميس 2: 12. (3) الفتح: القضاء، ومنه قوله تعالى: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) أي أن تستقضوا فقد جاءكم القضاء. وفتح الله في الكافر: أي قضى فيه بأمره. وهو يتضمن معنى النصر أيضاً. (4) يسمى أيضاً: الأسود بن الخزاعي؛ انظر: الإمتاع وتاريخ الخميس.

قتل النساء والصبيان. فنهضوا حتى أتوا خيبر ليلاً، وكان سلام ساكناً في دار مع جماعة، وهو في علية منها، فتسوروا الدار، ولم يدعوا باباً من أبوابها إلا استوثقوا منه في خارج، ثم أتوا العلية التي هو فيها، فاستأذنوا عليه، فقالت امرأته: من أنتم فقالوا: أناس من العرب. فقالت: هذاكم صاحبكم فادخلوا. فلما دخلوا أغلقوا الباب على أنفسهم، فأيقنت بالشر وصاحت فهموا بقتلها، ثم ذكروا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء، فأمسكوا عنها؛ ثم تعاوروه بأسيافهم وهو راقد على فراشه، أبيض في سواد الليل كأنه قبطية (1) ، ووضع عبد الله بن عتيك سيفه في بطنه حتى أنفذه، وعدو الله يقول: قطني قطني (2) . ثم نزلوا. وكان عبد الله بن عتيك سيء البصر، فوقع فوثئت رجله وثئا شديداً (3) ، فحمله أصحابه حتى أتوا منهراً من مناهرهم (4) ، فدخلوا فيه استتروا. وخرج أهل الآطام، وأوقدوا النيران في كل وجه، فلما يئسوا رجعوا، فقال المسلمون: كيف لنا و [أن] نعلم أن عدو الله قد مات فرجع أحدهم، ودخل بين الناس، ثم رجع إلى أصحابه فذكر لهم أنه وقف مع الجماعة، وأنه سمع امرأته تقول: والله لقد سمعت صوت ابن عتيك، ثم [أكذبت نفسي] (5) وقلت: أني ابن عتيك بهذه البلاد! ثم إنها نظرت في وجهه فقالت: فاظ وإله يهود. قال: فسررت،

_ (1) الفقبطية: ثياب كتان بيض رقاق تعمل بصمر، وهي منسوبة إلى القبط على غير قياس. (2) قط: ساكنة الطاء: معناها الاكتفاء؛ وقال بعضهم: قطني، كلمة موضوعة لا زيادة فيها، كحسبي. (3) الوثء: شبه الفسخ في المفصل، أو هو أن يصيب العظم وصم لا يبلغ الكسر. (4) المنهر: خرق في الحصن نافذ يجري منه الماء. (5) في الأصل: " ثم قلت "، وهي عبادة غامضة، وأثبتنا نص ابن هشام في سيرته 3: 288، فإن هذا من حديث المرأة.

غزوة بني لحيان

وانصرف إلى أصحابه فأخبرهم بهلاكه، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، وتداعوا في قتله، فقال صلى الله عليه وسلم: هاتوا سيوفكم. فأروه إياها، فقال عن سيف عبد الله بن أنيس: هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام. غزوة بني لحيان (1) وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح قريظة بقية ذي الحجة، والمحرم، وصفراً، وربيعاً الأول، وربيعاً الآخر، وجمادي الأولى، ثم خرج وهو الشهر السادس من فتح بني قريظة، في الشهر الثالث من السنة السادسة من الهجرة، كذا قالوا، والصحيح: أنها السنة الخامسة قاصداً إلى بني لحيان، مطالباً بثأر عاصم بن ثابت وخبيب بن عديّ وأصحابهما، المقتولين بالرجيع، وذلك إثر رجوعه من دومة الجندل. فسلك صلى الله عليه وسلم على غراب، جبل بناحية على طريق الشام إلى مخيض (2) ، [ثم إلى] البتراء، ثم أخذ ذات اليسار فخرج على يين (3) ، ثم على صخيرات اليمام، ثم أخذ المحجة من طريق مكة، فأغذ السير حتى نزل غران (4) ،

_ (1) انظر: الواقدي: 374، وابن هشام 3: 297، وابن سعد 2: 56، والطبري 3: 59، وأنساب الأشراف 1: 167، وابن سيد الناس 2: 83، وابن كثير 4: 81، والإمتاع: 257، والمواهب 1: 154، وتاريخ الخميس 2: 3. (2) في الأصل: " محيض " وهو تصحيف، وصوابه من معجم البلدان (مخيض وغران) . وفي أصل معجم ما استعجم " مخيض " أيضاً وأثبت ناشره الخطأ وهجر الصواب، وكذلك هي في ابن سعد 2 / 1: 57، وفي الطبعة الأوربية من السيرة: 718؛ وما جاء في طبعة الحلبي خطأ، اعتمد على ياقوت مادة (محيص) وهو موضع آخر، كما بين ذلمك السمهودي في الوفاء 2: 369. (3) انظر التعليق رقم: 2 ص: 108 من هذا الكتاب. (4) في الأصل: " عران ". وغران، بضم المعجمة والتخفيف: اسم وادي الأزرق خلف أمج. وقال المجد: علم مرتجل لواد ضخم وراء وادي ساية، وفيه كانت منازل بني لحيان. انظر السمهودي 2: 353.

غزوة ذي قرد

واد بين أمج وعسفان، وهي منازل بني لحيان، إلى أرض يقال لها: ساية (1) ، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فاته غرتهم وتمنعوا في مائتي راكب من أصحابه، حتى نزل عسفان، وبعث عليه السلام رجلين من أصحابه فارسين، حتى بلغا كراع الغميم، ثم كرا، ورجع عليه السلام قافلا إلى المدينة. غزوة ذي قرد (2) وفي غزوة بني لحيان قالت الأنصار: إن المدينة خالية منا، وقد بعدنا عنها، ولا نأمن عدونا يخالفنا إليها، فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على كل نقب من أنقابها ملكا يحميها بأمر الله عز وجل. ثم قفل حينئذ، فما هو إلا أن نزل المسلمون المدينة وبقوا ليالي، وأغار عليهم عيينة ابن حصن في بني عبد الله بن غطفان، فاكتسحوا لقاحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها رجل من بني غفار وامرأة، فقتلوا الغفارى، وحملوا المرأة واللقاح. وكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، وكان ناهضا إلى الغابة (3) ، فلما علا ثنية الوداع نظر إلى خيل الكفار، فصاح، فأنذر المسلمين، ثم نهض في آثارهم، فأبلى بلاء عظيما، ورماهم بالنبل حتى استنقذ

_ (1) في الأصل: شاية. أما ساية: فإنها قرية أو واد من أعمال المدينة به أكثر من سبعين عينا؛ وأما شابة، بالشين معجمة والباء: فهو جبل في ديار هذيل، وليس بمقصود هنا. (2) انظر: ابن هشام 3: 293، وابن سعد 2 / 1: 58، والطبري 3: 60، وأنساب الأشراف 1: 167، وابن سيد الناس 2: 84، وابن كثير 4: 105، والإمتاع: 257، والمواهب 1: 155، وتاريخ الخميس 2: 5، والبخاري 5: 130. (3) الغابة: موضع قرب المدينة من ناحية الشام، فيه أموال لأهل المدينة.

ما كان بأيديهم. فلما وقعت الصيحة بالمدينة، فكان أول من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفرسان المقداد بن الأسود، ثم عباد بن بشر بن وقش من بني عبد الأشهل، وسعد بن زيد من بني عبد الأشهل، وأسيد ابن ظهير أخو بني الحارثة، وعكاشة بن محصن الأسدي، ومحرز بن نضلة الأسدي الأخرم (1) ، وأبو قتادة الحارثة بن ربعي أخو بني سلمة، وأبو عياش بن زيد بن الصامت أخو بني زريق. فلما اجتمعوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم سعد بن زيد، وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص، أو عائذ بن ماعص، وكان أحكم للفروسية من أبي عياش. وأول من لحق بهم: فمحرز بن نضلة الأخرم، فقتل رضي الله عنه، وكان على فرس لمحمود بن مسلمة من بني عبد الأشهل، أخذه إذ كان صاحبه غائباً، فلما قتل رجع الفرس إلى آريه (2) في بن عبد الأشهل؛ وقيل: قتله عبد الرحمن بن عيينة بن حصن، فركب فرسه، ثم قتل سلمة عبد الرحمن، واسترجع الفرس. وكان اسم فرس المقداد: سبحة، وقيل: بعزجة (3) ؛ وفرس معاذ بن وقش: لماع (4) ؛ وفرس عكاشة بن محصن: ذو اللمة؛ وفرس سعد ابن زيد: لاحق؛ وفرس أبي قتادة: جروة (5) ؛ وفرس أسيد بن

_ (1) الأخرم: لقب عرف به محرز بن فضلة. (2) الآرى: محبس الدابة. (3) انظر كتاب أسماء خيل العرب لابن الأعرابي (ص: 53 - 54) حيث أورد أسماء الخيل في يوم السرح، وهو اليوم الذي أغار فيه عيينة بن حصن على المدينة. (4) ذكر ابن الأعرابي: 54 أن لماعاً اسم فرس لعباد بن بشر، ولم يزد على ذلك. (5) انظر المصدر السابق ص: 54، وذكر ابن هشام 3: 296 أنه يسمى أيضاً حزمة أو حزورة.

غزوة بني المصطلق

ظهير: مسنون؛ وفرس أبي عياش؛ جلوة، والفرس الذي ركب الأخرم: الجناح (1) . وولى المشركون منهزمين، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء يقال له ذو القرد، ونحر ناقة من لقاحه المسترجعة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ويوماً، ثم رجع إلى المدينة. وأقبلت امرأة الغفاري على ناقة رسول الله صلة الله عليه وسلم، فلما أتت المدينة نذرت أن تنحرها، فأخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا نذر في معصية، ولا لأحد فيما لا يملك، وأخذ عليه السلام ناقته. غزوة بني المصطلق (2) ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعض جمادى الآخرة، ورجباً، وباقي العام، ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان من السنة السادسة من الهجرة، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، وقيل: بل نميله بن عبد الله الليثي، وأغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق، وعم غارون (3) ، على ماء يقال له: المريسيع (4) ، من ناحية

_ (1) الجناح في ابن الكلبي: 39 فرس محمد أخي محمود بن مسلمة، وهو أيضاً فرس لعكاشة بن محصن شهد عليه يوم السرح (ابن الأعرابي: 53) أما فرس الأخرم فاسمه: السرحان (ص: 54) . (2) انظر خبر هذه الغزوة في الواقدي: 380، وابن هشام 3: 302، وابن سعد 2 / 1: 45، 156، والإمتاع: 195، والمراهب 1: 140، وتاريخ الخميس 1: 470. (3) غارون: غافلون. (4) المريسيع، بضم الميم الراء وسكون التحتانيتين بينهما مهملة مكسورة، آخره عين مهملة: ماء لبني خزاعة، بينه وبين ايفرع يومان، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد.

قديد إلى الساحل، فقتل من قتل منهم، وسبى النساء والذرية. ومن ذلك السبى كانت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها، فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقها وتزوجها. وأصيب في هذه الغزوة هشام يبن صبابة الليثي، من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة ابن الصامت خطأ، وهو يظنه من العدو. وفي رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة قال عبد الله ابن أبي بن سلول: " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل "، وذلك لشرٍ وقع لبني جهجاه بن مسعود (1) الغفاري أجير عمر بن الخطاب، وبين سنان بن وبر الجهني، حليف بني عوف بن الخزرج، فنادى فنادى الغفاري؛ يا للمهاجرين. ونادى الجهني: يا للأنصار. وبلغ زيد بن أرقم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة عبد الله بن أبي. فنزل في ذلك من عند الله تعالى سورة المنافقين. وتبرأ عبد الله بن أبي من أبيه، وأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله، أنت والله الأعز وهو الأذل، والله إن شئت لتخرجنه يا رسول الله. ووقف لأبيه قرب المدينة، فقال: والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدخول فتدخل حينئذ.

_ (1) في الأصل: " ذر "؛ والتصحيح عن ابن هشام 3: 303، والاستيعاب؛ ويقال فيه أيضاً: ابن سعيد؛ انظر طبقات ابن سعد 2 / 1: 46 والاستيعاب.

وقال أيضاً عبد الله بن عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل أبي، وإني أخشى إن أمرت بذلك غيري لا تدعني نفسي أرى أبي قاتل أبي يمشي على الأرض، فأقتله به، فأدخل النار إذا قتلت مسلماً بكافر، وقد علمت الأنصار أبي من أبرها بأبيه، ولكن، يا رسول الله، إذا أردت قتله فمرني بذلك، فأنا والله أحمل إليك رأسه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً. وأخبره أنه لا يسيء إلى أبيه. وقدم من مكة مقيس بن صبابة، مظهراً الإسلام، وطالباً دية أخيه هشام بن صبابة، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فأخذها، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، وفر إلى مكة كافراً. وهو الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله يوم فتح مكة، في جملة من أمر بقتله. وكان شعار المسلمين يوم بنى المصطلق: أمت أمت. ولما علم المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية أعتقوا كل ما كان في أيديهم من بني المصطلق، كرامةً لمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أطلق بسببها أهل بيتٍ من قومها. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم بأزيد من عامين: الوليد بن عقبة بن أبي معيط مصدقاً (1) ، فخرجوا ليتلقوه، ففزع، فرجع وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم هموا بقتله، فتكلم الناس في غزوهم، ثم أتى وافدهم منكراً لرجوع مصدقهم، قبل أن يلقاهم، معرفين أنهم إنما خرجوا متلقين له مكرمين لوروده،

_ (1) المصدق: عامل الزكاة الذي يستوفيها من أربابها.

فنزلت في ذلك: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [سورة الحجرات، الآية: 6] وفي مرجع الناس من غزوة بني المصطلق قال أهل الإفك ما قالوا، وأنزل الله تعالى في ذلك براءة عائشة أم المؤمنين رضوان الله عليها ما أنزل (1) . وقد روينا من طرقٍ صحاح (2) : أن سعد بن معاذ كانت له في شيء من ذلك مراجعة مع سعد بن عبادة، وهذا عندنا وهم، لأن سعد بن معاذ مات إثر فتح قريظة، بلا شك، وفتح بني قريظة في آخر ذي القعدة من السنة الرابعة من الهجرة، وغزوة بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة، بعد سنةٍ وثمانية أشهر من موت سعد، وكانت المقالة بين الرجلين المذكورين بعد الرجوع من غزوة بني المصطلق بأزيد من خمسين ليلة (3) . وذكر ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد وغيره: أن المقاول لسعج بن عبادة إنما كان أسيد بن الحضير. وهذا هو الصحيح، والوهم لم يعر منه أحد من بني آدم، إلا من عصم الله تعالى (4) .

_ (1) راجع إمتاع الأسماع: 215 حيث نقل نص ابن حزم هذا في الإشارة إلى حديث الإفك. (2) رواه البخاري 5: 118 - 119. (3) انظر تحرير الخلاف في تاريخ غزوة بني المصطلق في إمتاع الأسماع: 214 - 215، وفتح الباري 7: 332، وعمدة القاري 17: 201 وما بعدها. (4) انظر الإشارة إلى رأي ابن حزم هذا في كتاب الفصول: 71.

غزوة الحديبية

غزوة الحديبية (1) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، بعد منصرفه من غزوة بني المصطلق، رمضان، وشوالاً، وخرج في السنة السادسة في ذي القعدة معتمراً، واستنفر الأعراب الذين حول المدينة، فأبطأ عنه أكثرهم، وخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن اتبعه من العرب، وساق الهدى، وأحرم بالعمرة من ذي الحليفة، ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب، وخرج في ألف رجل ونيف، المكثر يقول: ألف وخمسمائة لا تزيد أصلاً؛ والمقلل يقول: ألف وثلاثمائة؛ والمتوسط يقول: ألف وأربعمائة. وقد قال بعضهم: كانوا سبعمائة، وهذا وهم شديد ألبتة، والصحيح بلا شك بين الألف والثلاثمائة إلى ألف وخمسمائة (2) . فلما بلغ قريشاً ذلك خرج حمها (3) عازمين على صدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، أو قتاله دون ذلك. وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى كراع الغمم. فورد الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعسفان، فسلك طريقاً خرج منه في ظهورهم، كان دليلهم فيه رجل من أسلم، وذلك ذات اليمين [بين] ظهري الحمض، في طريقٍ أخرجه على ثنيه المرار، مهبط الحديبية من أسفل مكة، فلما بلغ ذلك قريشاً

_ (1) انظر: الوافدي: 383، وابن هشام: 3: 321، وابن سعد 2 / 1: 69، والطبري 3: 71، وأنساب الأشراف 1: 169، وابن سيد الناس 2: 113، وابن كثير 4: 164، وزاد المعاد 2: 301، والإمتاع: 274، وتاريخ الخميس 2: 16، والبخاري 5: 121. (2) راجع ما نقله المقريزي عن سيرة ابن حزم في الإمتاع: 276، وانظر كذلك كتاب الفصول: 71. (3) حم الشيء: معظمه، ومثله: الجم، باليجم وتشديد الميم، ونخشى أن يكون صوابها: خرج جمعها.

التي مع خالد، كرت إلى قريش، فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي ذكرنا بالحديبية، بركت ناقته، فقال الناس: خلأت (1) . وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها. ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك، فقيل له: يا رسول الله، ليس بالوادي ماء. فأخرج سهماً من كنانته، فغرزه في جوفه، فجاش بالرواء (2) ، حتى كفى جميع أهل الجيش. وقيل: إن الذي نزل بالسهم في القليب ناجية بن جندب ابن عمير بن يعمر بن دارم بن عمرو بن واثلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن أبي حارثة، وهو سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: بل نزل به البراء بن عازب. ثم جرت السفراء بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، وطال الخطب، إلى أن أتاه صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو، فقاضاه على أن ينصرف عامه ذلك، فإذا كان من قابلٍ أتى معتمراً، ودخل مكة وأصحابه بلا سلاح، حاشا السيوف في القرب فقط، فيقيم بها ثلاثاً ولا مزيد، على أن يكون بينهم صلح متصل عشرة أعوام، يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضاً، وعلى أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلماً من رجل أو امرأة رد إلى الكفار، ومن جاء من المسلمين إلى الكفار مرتدا لم يرد إلى المسلمين. فعظم ذلك على المسلمين، حتى

_ (1) الخلاء في الإبل: بمنزلة الحران في الدواب، وقيل: إن الخلاء خاص بالنوق. (2) الرواء، بفتح الراء والمد: الماء الكثير العذب.

كان لبعضهم فيه كلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما علمه ربه تعالى، وقد علم عليه السلام أن الله تعالى سيجعل للمسلمين فرجاً مضموناً من عند الله تعالى، وأنذر المسلمين بذلك، وعلم عليه السلام أن هذا الصلح قد جعله الله تعالى سبباً لظهور الإسلام. وأنس الناس بعد نفارهم، وكره سهيل بن عمرو أن يكتب صدر الصحيفة " محمد رسول الله " وأبى عليّ بن أبي طالب، وهو كاتب الصحيفة، أن يمحو بيده " رسول الله " صلى الله عليه وسلم (1) ، فمحا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصفة بيده، وأمر الكاتب أن يكتب " محمد بن عبد الله ". وأتى أبو جندل بن سهيل، يرسف في قيوده، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيه بعد أن أجاره مكرز بن حفص (2) ، فعظم ذلك على المسلمين، فأخبرهم عليه السلام أن الله سيجعل له فرجاً. وكان قد أتى قوم من عند قريش، قيل: ما بين الأربعين إلى الثلاثين، فأرادوا الإيقاع بالمسلمين، فأخذوا أخذاً، فأطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم العتقاء الذين ينتمون إليهم العتقيون. وكان عليه السلام قبل تمام هذا الصلح قد بعث عثمان بن عفان إلى مكة رسولا، وشاع أن المشركين قتلوه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المبايعة على الموت، وأن لا يفروا عن القتال، وهي بيعة الرضوان، التي كانت تحت الشجرة، التي أنثنى الله تعالى على أهلها، وأخبر عليه السلام أنهم لا يدخلون النار.

_ (1) لعل الصلاة على النبي هنا زيادة من الناسخين. (2) في الأصل بعد كلمة " أجاره " بياض يتلوه " بن جابر "؛ والتصويب من الإمتاع: 294.

وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيساره على يمينه، وقال: هذه عن عثمان. فلما تم الصلح المذكور أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحروا ويحلوا، ففعلوا بعد إباء كان منهم وتوقف أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وفقهم الله تعالى ففعلوا، وقيل: إن الذي حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعي. ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأتاه أبو بصير عتبة ابن أسيد بن جارية هارباً، وكان ممن حبس بمكة، وهو ثقفي حليف لبني زهرة، فبعث إليه الأزهر بن عبد عوف عم عبد الرحمن بن عوف، والأخنس بن شريق الثقفي، رجلاً من بني عامر بن لؤي ومولى لهم، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلمه إليهما، فاحتملاه، فلما صار بذي الحذيفة نزلوا، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: أرني هذا السيف. فلما صار بيده، ضرب به العامري فقتله، وفر المولى فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما وقع. وأظل أبو بصير، فقال: يا رسول الله وفت ذمتك، وأدى الله عنك، أسلمتني بيد القوم، وقد امتنعت بديني أن أفتتن فيه أو يعبث بي (1) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل أمه، مسعر حرب (2) ، لو كان له رجال. فعلم أبو بصير أنه سيرده، فخرج حتى أتى سيف البحر، موضعاً يقال له: العيص، من ناحية ذي المروة، على طريق قريش إلى الشام، فقطع على رفاقهم (3) ، فاستضاف إليه كل من فر عن قريش ممن أراد

_ (1) في الأصل: يبعث. (2) مسعر الحرب: موقدها. (3) الرفاق: جمع رفقة، وهم المسافرون، وأكثر ما تسمى " رفقة " إذا نهضوا طلب الميرة.

غزوة خيبر

الإسلام، فآذوا قريشاً، وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يضمهم إلى المدينة. وأنزل الله تعالى بفسخ الشرط المذكور في رد النساء، ومنع تعالى من ردعن. ثم نسخت براءة كل ذلك، والحمد لله رب العالمين. وهاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، فأتى أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة فيها، فمنع الله تعالى من رد النساء، وحرم الله تعالى حينئذ على [المؤمنين] (1) الإمساك يعضم الكوافر، فنفسخ نكاحهن من المسلمين؛ ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. غزوة خيبر (2) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة مرجعه من الحديبية، ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية من المحرم غازياً إلى خيبر، وذلك قرب آخر السنة السادسة من الهجرة (3) . واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم نميلة بن عبد الله الليثي،

_ (1) زيادة يقتضيها السياق. (2) انظر: الواقدي: 389، وابن هشام 3: 342، وابن سعد 2 / 1: 77، والطبري 3: 91، وأنساب الأشراف 1: 169، وفتوح البلدان: 29، وابن سيد الناس 2: 130، وابن كثير 4: 181، وزاد المعاد 2: 324، والإمتاع: 309، والمواهب 1: 173، وتاريخ الخميس 2: 42، والبخاري 5: 130. (3) نظر الإشارة إلى رأي ابن حزم في الامتاع: 310 فيما يتعلق بتاريخ غزوة خيبر؛ والجمهور على أن هذه الغزوة كانت سنة سبع. وقال ابن كثير في كتاب الفصول: 74، أما ابن حزم فعنه أنها في سنة ست بلا شك، وذلك بناء على اصطلاحه، فهو يرى أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً، ولكن لم يتابع عليه، إذ الجمهور على أن أول التاريخ من محرم تلك السنة.

ودفع الراية إلى علي بن أبي طالبن وقيل: إنها كانت بيضاء. وسلك على عصر (1) ، فبنى له بها مسجد (2) ، ثم على الصهباء، ثم نزل بواد يقال له: الرجيع، فنزل بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم وكانت غطفان قد أرادت إمداد يهود خيبر فلما خرجوا أسمعهم الله تعالى من ورائهم حساً راعهم، فانصرفوا، وبدا لهم فأقاموا في أماكنهم. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الآطام والحصون والأموال مالاً مالا. فأول حصونهم افتتح حصن اسمه: ناعم، وعنده قتل محمود بن مسلمة، ألقيت عليه رحى فقتلته؛ ثم القموص، حصن بني أبي الحقيق. وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا، منهن (3) : صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وبنتي (4) عم لها، فوهب عليه السلام صفية لدحية، ثم ابتاعها منه بتسعة أرؤس، وجعلها عند أم سليم، حتى اعتدت وأسلمت، ثم أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، لا صداق لها غيره، فصارت سنة مستحبة لكل من أراد أن يفعل ذلك إلى يوم القيامة. وفي غزوة خيبر حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، وأخبر أنها رجس، وأمر بالقدور فألقيت وهي تفور بلحومها، وأمر بغسل

_ (1) عصر: بالكسر ثم السكون، ويروى بفتحتين، والأول أشهر وأكثر، واختاره ياقوت: جبل بين المدينة ووادي الفرع. (2) في الأصل: " بنى " مكان " فبنى ". (3) في الأصل: منهم. (4) في الأصل: بنى؛ وقد وردت كلمة " بنتي " في أكثر كتب السير منصوبة على تقدير فعل محذوف أي: وأصاب بنتي عم لها؛ وفي ابن سعد 8: 86 والإمتاع: 321: سبى سفية وبنت عم لها.

القدور بعد، وأحل حينئذ لحوم الخيل وأطعمهم إياها. ثم فتح حصن الصعب بن معاذ، ولم يكن بخيبر حصن أكثر طعاماً من، ولا أوفر ودكاً منه (1) . وآخر ما افتتح عليه السلام من حصونهم: الوطيح والسلالم، حاصرهما بضع عشرة ليلة. وكان شعار المسلمين يوم خيبر أمت أمت. ووقف إلى بعض حصونهم أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما، فلم يفتحاه، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية إلى علي رضوان الله عليه، ففتحه، وكان أرمد، فتفل في عينيه، فبرئ. وكان فتح خيبر: الأرض كلها وبعض الحصون عنوة وهي الأكثر [وبعضها] (2) صلحاً على الجلاء، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عزل الخمس، وأقر اليهود على أن يعتملوها (3) بأموالهم وأنفسهم، ولهم النصف من كل ما يخرج منها من زرع أو ثمر، ويقرهم على ذلك ما بدا له. فبقوا على ذلك حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدة خلافة أبي بكر، وجمهور خلافة عمر؛ فلما كان في آخر خلافته، بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في مرضه الذي مات فيه أن لا يبقى في جزيرة العرب دينان. فأمر بإجلائهم عن خيبر وغيرها من بلاد العرب، وأخذ المسلمون ضياعهم من مقاسم خيبر، فتصرفوا فيها. وكان

_ (1) الودك: دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه. (2) زيادة لابد منها لاطراد السياق ووضوحه. (3) في الأصل: يعملوها؛ جاء في اللسان (مادة عمل) " وفي حديث خيبر: دفع إليهم أرضهم على أن يعتملوها من أموالهم؛ الاعتمال: افتعال من العمل، أي أنهم يقومون بما يحتاج إليه من عمارة وزراعة وتلقيح وحراسة ونحو ذلك ".

متولي قسمتها بين أصحابها جبار بن صخر من بني سلمة، وزيد بن ثابت من بني النجار. وفي فتح خيبر أهدت يهودية تسمى زينب بنت الحارث، امرأة سلام ابن مشكم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية (1) ، قد جعلت فيها السم، وكان أحب اللحم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلاك منها مضغة، وكان معه عليه السلام بشر بن البراء بن معرور من بني سلمة، فأكل منه وازداد (2) لقمة، فقال عليه السلام: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم، ولفظ لقمةً، ثم دعا باليهودية فاعترفت، ومات بشر من أكلته تلك، رضوان الله عليه، ولم يقتل عليه السلام اليهودية (3) . وكان المسلمون يوم خيبر ألفاً وأربعمائة رجل ومائتي فارس. ووقع سهم زبير بن العوام بالخوع (4) من النطاة؛ ووقع أيضاً بالنطاة سهم بني بياضة وبني الحارث بن الخزرج؛ ووقع بنو عوف بن الخزرج ومزينة في ناعم من النطاة، ووقع سهم عاصم بن عدي أخي بني عجلان مع سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وسهم عبد الرحمن بن عوف، وسهام بني ساعدة، وبني النجار، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، وغفار، وأسلم، وعمر بن الخطاب، وبني سلمة، وبني حارثة، وجهينة، وثقيف من العرب -: في الشق.

_ (1) المصلية: المشوية. (2) في الأصل: ورد. (3) انظر في الإمتاع: 322 اختلاف الأخبار في قتل اليهودية التي سمت الرسول. (4) في الأصل: بالجوع. والخوع: اسم موضع بنطاة.

ذكر من استشهد يوم خيبر

وكان عبيد بن أوس من بني حارثة بن عوف، عرف يومئذ بعبيد السهام، لكثرة ما اشترى من سهام الناس يومئذ. واشترى عمر مائة سهم بخيبر، فهي صدقته الباقية إلى اليوم، وإلى يوم القيامة. ذكر من استشهد يوم خيبر (1) ربيعة بن أكثم بن سخبرة (2) بن عمرو بن لكيز (3) بن عامر بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. وثقف بن عمرو بن سميط بن ثعلبة بن عبد الله بن غنم بن دودان. ورفاعة بن مسروح وهؤلاء كلهم من بني أمية بن عبد شمس. ومسعود بن ربيعة، من القارة، حليف بني زهرة. وعبد الله بن الهبيب وقيل: [ابن الهبيب] (4) بن أهيب ابن سحيم بن غيرة، [من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة] (5) ، حليف بني أسد بن عبد العزى وابن أختهم. وبشر بن البراء بتن معرور، من بني سلمة، مات من السم الذي أكله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفضيل بن النعمان، من بني سلمة أيضاً.

_ (1) انظر: الواقدي: 390، وابن هشام 3: 357، وابن سيد الناس 2: 142، وابن كثير 4: 214، والإمتاع: 329، وتاريخ الخميس 2: 53. (2) في الأصل: صخيرة. (3) هكذا في الأصل، وكذلك في ابن سعد وفي الإصابة وفي أصول السيرة، وقد غيرها محققو السيرة إلى " بكير " متابعين في ذلك أبا عمر في الاستيعاب. (4) زيادة من ابن هشام 3: 358، والاستيعاب، والإصابة، وأسد الغابة. (5) ما بين معكفين جاء في الأصل قبل اسم عبد الله بن الهبيب.

ومسعود بن سعد بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق. ومحمود بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث ابن الأوس، حليف لبني عبد الأشهل. وابو ضياح ثابت (1) بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة بن عمرو ابن عوف، من أهل قباء. ومبشر بن عبد المنذر (2) بن دينار بن أمية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف. والحارث بن حاطب. وأوس بن قتادة. وعروة (3) بن مرة بن سراقة. وأوس بن القائد. وأنيف بن حبيب. وثابت بن أثلة (4) . وطلحة. والأسود الراعي، واسمه: أسلم (5) - كل هؤلاء من بني عمرو بن عوف. ومن بني غفار:

_ (1) في الأصل: ثابت بن ثابت؛ وقد ذكر الطبري أن أسعد " النعمان " وقال غيره: اسمه " عمير " (انظر السهيل 2: 244) . (2) في الأصل: " مبشر بن عبد الله بن المنذر ". والتصويب من كتب الرجال والسيرة. (3) في الأصل: عمرو. والتصحيح عن ابن هشام 3: 358، وابن سيد الناس 2: 143. (4) في الأصل: وثابت بن أثلة بن طلحة. وطلحة واحد من الذين استشهدوا بخيبر، ولكنه غر منسوب في كتب الرجال. وقال أبو ذر " هو طلحة بن يحيى بن مليل بن ضمرة ". (5) عدو ابن إسحاق من بني أسلم.

عمارة بن عقبة بن حارثة بن غفار بن مليل بن ضمرة، أصابه سهم. ومن أسلم: عامر بن الأكوع. وإثر فتح خيبر قدم من الحبشة (1) : جعفر بن أبي طالب، وامرأته: أسماء بنت عميس، وابناهما (2) : عبد الله ابن جعفر، ومحمد بن جعفر. وخالد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس، مع امرأته: أمينة بنت خلف. وابناهما: سعيد، وأمة. وعمرو بن سعيد بن العاصي (3) ، وكانت امرأته فاطمة بنت صفوان الكنانية قد ماتت بأرض الحبشة. ومعيقيب بن أبي فاطمة، وهو الذي ولي بيت المال لعمر، وهو حليف آل عتبة بن ربيعة. والأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى. وجهم بن قيس بن عبد شرحبيل، وابناه: عمرو بن جهم، وخزيمة بنت جهم. وهو من بني عبد الدار، وكانت امرأته: أحرملة بنت عبد الأسود، قد هلكت بأرض الحبشة.

_ (1) انظر الخبر عن قدوم جعفر وأصحابه من الحبشة في ابن هشام 4: 3، وابن كثير 4: 205، والإمتاع: 325. (2) في الأصل: وبنوهما. ولم يذكر ابن إسحاق محمد بن جعفر، وفي السهيلي 2: 250 أن جعفراً ولد له في الحبشة: عبد الله، ومحمد، وعون. (3) في الأصل: عمرو بن سعيد بن العاصي وأم خالد؛ أما أم خالد هذه فهي أمة بنت خالد ابن سعيد التي ذكرها قبل عمرو، وأكبر أن الناسخ سها فأخرها عن موضعها.

فتح فدك

والحارث بن خالد بن صخر، من بني تيم بن مرة، وكانت امرأته: ريطة بنت الحارث بن جبيلة، هلكت بأرض الحبشة. وعثمان بن ربيعة بن أهبان الجمحي. ومحمية بن جزء الزبيدي، حليف لبني سهم، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس. ومعمر بن عبد الله بن نضلة، من بني عدي بن كعب. وأبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس، من بني عامر بن لؤي. ومالك بن ربيعة بن قيس بن عبد شمس، من بني عامر بن لؤي، ومعه امرأته: عمرة بنت السعدي بن وقدان بن عبد شمس العامرية. وكان أتى سائر مهاجرة الحبشة قبل ذلك بسنتين، وكان هؤلاء المذكورون آخر من بقى بها (1) . فتح فدك (2) ولما اتصل بأهل فدك ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر، بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤمنهم، ويتركوا الأموال. فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، فكانت مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فلم تقسم لذلك، ووضعها عليه السلام حيث أمره ربه تعالى.

_ (1) زاد ابن إسحاق 4: 5 في العائدين مع جعفر اثنين آخرين، هما: عامر بن أبي وقاص الزهري، وعتبة بن مسعود، حليف لهم من هذيل. (2) انظر الخبر عن فتح فدك في: ابن هشام 3: 368، والطبري 3: 98، وفتوح البلدان: 36، والإمتاع: 331، وتاريخ الخميس 2: 58.

فتوح وادي القرى

فتوح وادي القرى (1) وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيبر إلى وادي القرى، فأصيب بها غلام اسمه: مدعم، أصابه سهم غرب فقتله (2) ، فقال الناس: هنيئاً له الجنة، فقال عليه السلام: كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم، تشتعل عليه الآن ناراً؛ أو كما قال عليه السلام، فافتتحها عنوة وقسمها. عمرة القضاء (3) فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، أقام بها شهري ربيع، وشهري جمادى، ورجباً، وشعبان، ورمضان، وشوالا، فبعث في خلال ذلك السرايا، ثم خرج في ذي القعدة في السنة السابعة من الهجرة، قاصداً للعمرة، على ما عاهد عليه قريشاً حين الحديبية، وخرج أكابر قريش عن مكة، عداوة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. فأتم عليه السلام عمرته، وتزوج هنالك بعد إحلاله ميمونة بنت الحارث، خالة ابن عباس وخالد بن الوليد؛ فلما تمت الثلاث أوجبت عليه قريش

_ (1) انظر: الطبري 3: 91، وفتوح البلدان: 41، وابن سيد الناس 2: 143، وابن كثير 4: 212، وزاد المعاد 2: 354ن والإمتاع: 332، والمواهب 1: 182، وتاريخ الخميس 2: 58. (2) يقال: اصابه سهم غرب، إذا أتاه من حيث لا يدري. (3) انظر الخبر عن عمرة القضاء في: الواقدي: 399، وابن هشام 4: 12، وابن سعد 2 / 1: 87، والطبري 3: 100، وأنساب الأشراف 1: 169، وابن سيد الناس 2: 148، وابن كثير 4: 226، وزاد المعاد 2: 366، والإمتاع: 336، وتاريخ الخميس 2: 62، والبخاري 5: 141.

غزوة مؤته

أن يخرج عن مكة، ولم يمهلوه حتى يبني بأم المؤمنين، فخرج فبنى بها بسرف (1) ، وهنالك ماتت أيام معاوية، وبها دفنت، وقبرها هنالك إلى اليوم مشهور. غزوة مؤته (2) فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء، أقام بالمدينة ذا الحجة، والمحرم، وصفراً، وربيعاً، ثم بعث في جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة بعث الأمراء إلى الشام. وقد كان أسلم قبل ذلك وبعد الحديبية وبعد خيبر: عمرو بن العاصي، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وهم من كبار قريش. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجيش زيد بن حارثة، فإن أصابه قدر فعلى الناس جعفر بن أبي طالب، فإن أصابه قدر فعلى الناس عبد الله بن رواحة. وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وودعهم، ثم انصرف ونهضوا. فلما بلغوا معان من أرض الشام، أتاهم الخبر: أن هرقل ملك الروم قد نزل أرض بني مآب، وهي أرض بني مآب المذكورين في كتب بني إسرائيل، وأنهم كانوا يغاورونهم في أيام دولتهم (3) ، وأنهم من بني لوط عليه السلام، وهي أرض البلقاء -: في مائة ألف من الروم،

_ (1) " سرف ": بفتح السين وكسر الراء، ويجوز صرفاً ومنعها من الصرف. (2) انظر غزوة مؤتة في: الواقدي: 401ن وابن هشام 4: 15، وابن سعد 2 / 1: 92، والطبري 3: 07، وابن سيد الناس 2: 153، وابن كثير 4: 241، وزاد المعاد 2: 374، والإمتاع: 344، وتاريخ الخميس 2: 70، والبخاري 5: 143. (3) في الأصل: يعاورونهم؛ وغاور القوم: أغار عليه مرة وأغاروا عليه مرة.

ومائة ألف أخرى من نصارى أهل الشام من لخم، وجذام، وقبائل قضاعة: من بهرام وبلى وبلقين، وعليهم رجل من بني إراشة من بلى، يقال له: مالك بن راقلة (1) . فأقام المسلمون في معان ليلتين، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا، فيأمرنا بأمره أو يمدنا. فقال (2) عبد الله بن رواحة: يا قوم، إن الذي تكرهون للتي خرجتم تطلبون يعني الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة، وما نقاتلهم إلا بهذا الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فهي إحدى الحسنيين (3) : إما ظهور، وإما شهادة. فوافقه الجيش على هذا الرأي، ونهضوا، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء، لقوا الجموع التي ذكرناها مع هرقل إلى جنب قرية يقال لها: مشارف، وصار المسلمون في قرية يقال لها: مؤتة، فجعل المسلمون على ميمنتهم قطبة بن قتادة العذرى، وعلى الميسرة عباية بن مالك الأنصاري، وقيل: عبادة. واقتتلوا، فقتل الأمير الأول: زيد بن حارثة، ملاقياً بصدره الرماح، والراية في يده؛ فأخذها جعفر بن أبي طالب، ونزل عن فرس شقراء، وقيل: إنه عقرها، فقاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بيسراه، فقطعت، فاحتضنها، فقتل كذلك، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. فأخذ عبد الله بن رواحة الراية، وتردد عن النزول بعض التردد، ثم صمم، فقاتل حتى قتل. فأخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان، وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم. فقالوا:

_ (1) هكذا في الأصل. وهي كذلك في بعض نسخ السيرة، وفي بعضها: رافلة، وزافلة: وفي الطبري: رافلة. (2) في الأصل: فقال له. (3) في الأصل: الحسنتين.

تسمية من استشهد يوم مؤتة

أنت؛ قال: لا. فأخذها خالد بن الوليد، وانحاز بالمسلمين، فأنذر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الأمراء المذكورين قبل ورود الخبر، في يوم قتلهم بعينه. تسمية من استشهد يوم مؤتة (1) زيد بن حارثة، الأمير الأول. وجعفر بن أبي طالب، الأمير الثاني بعده. وعبد الله بن رواحة، الأمير الثالث. ومسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة، من بني عدي بن كعب. ووهب بن سعد بن أبي سرح، من بني حسل، ثم من بني عامر ابن لؤي. وعباد بن قيس، وهو وعبد الله بن رواحة من بني الحارث بن الخزرج. والحارث بن النعمان بن إساف بن نضله بن عوف بن غنم بن مالك ابن النجار. وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول، من بني مازن ابن النجار. وابو كليب، وقيل: أبو كلاب. وأخوه: جابر ابنا عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول. وعمرو، وعامر، ابنا سعد بن الحارث بن عباد بن سعد بن عامر بن ثعلبة

_ (1) راجع ابن هشام 4: 30، وابن سيد الناس 2: 156، وابن كثير 4: 259، وتاريخ الخميس 2: 75.

غزوة فتح مكة

ابن مالك بن أفصى، من بني النجار. هؤلاء من ذكر منهم. وقيل: إن عدد المسلمين يوم مؤتة ثلاثة آلاف. غزوة فتح مكة (1) فأقام عليه السلام بعد مؤتة جمادى ورجباً. ثم حدث الأمر الذي أوجب نقض عهد قريش المعقود يوم الحديبية، وهو: أن خزاعة كانت في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم: مؤمنها وكافرها، وكانت كفار بني بكر بن عبد مناة بن كنانة في عقد قريش، فعدت بنو بكر بن عبد بن كنانة في عقد قريش، فعدت بنو بكر بن عبد مناة على قوم من خزاعة، على ماء يقال له: الوتير، بأسفل مكة. وكان سبب ذلك: أن رجلاً يقال له: مالك بن عباد الحضرمي، حليفاً لآل الأسود بن رزن، خرج تاجراً، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، وذلك قبل الإسلام بمدة، فعدت بنو بكر بن عبد مناة، رهط الأسود بن رزن، على رجل من بني خزاعة، فقتلوه بمالك بن عباد. فعدت خزاعة على سلمى وكلثوم وذؤيب، بني الأسود ابن رزن، فقتلوهم، وهؤلاء الإخوة أشراف بني كنانة، كانوا يودون في الجاهلية ديتين، ويؤدي سائر قومهم دية دية، وكل هذه المقاتل قبل الإسلام؛ فلما جاء الإسلام حجز ما بين من ذكرنا، واشتغل الناس به،

_ (1) انظر خبر الفتح في: الواقدي: 406، وابن هشام 4: 31، وابن سعد 2 / 1: 96، والطبري 3: 110، وأنساب الأشراف 1: 170، وابن سيد الناس 2: 163، وابن كثير 4: 278، وزاد المعاد 2: 384، والإمتاع: 357، والمواهب 1: 191، وتاريخ الخميس 2: 77، والبخاري 5: 145.

فلما كلنت الهدنة المنعقدة يوم الحديبية أمن الناس بعضهم بعضاً، فاغتنم بنو الديل من بني بكر بن عبد مناة تلك الفرصة، وغفلة خزاعة، وأرادوا إدراك ثأر بني الأسود بن رزن. فخرج نوفل بن معاوية الدبلى بمن أطاعه من بني بكر بن عبد مناة، وليس كلهم تابعه، جاء حتى بيت خزاعة، وهم على الوتير، فاقتتلوا، ورفدت قريش بني بكر بالسلاح، وأعانهم قوم من قريش بأنفسهم مستخفين، وانهزمت خزاعة إلى الحرم. فقال قوم نوفل بن معاوية: يا نوفل، الحرم، اتق الله إلهك. فقال الكافر: لا إله له اليوم، والله يا بني كنانة إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تدركون فيه ثأركم فقتلوا رجلاً من خزاعة يقال له: منبه، وانجحرت في دور مكة (1) ، فدخلوا دار بديل بن ورقاء الخزاعي، ودار (2) مولى لهم اسمه رافع، وكان هذا نقضاً للعهد الواقع يوم الحديبية. فخرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب، وبديل بن ورقاء، وقوم من خزاعة، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مستغيثين مما أصابهم به بنو بكر بن عبد مناة وقريش، فأجابهم. وأنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أبا سفيان سيأتي ليشد العقد ويزيد في المدة، وأنه سيرجع بغير حاجة. وندمت قريش على ما فعلت، فخرج أبو سفيان إلى المدينة ليشد العقد ويزيد في المدة، فلقى بديل بن ورقاء بعسفان، فكتمه بديل مسيره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره [أنه] (3)

_ (1) في الأصل: " انحجزت "، وهو تصحيف. وانجحر: دخل الجحر أو المكمن لاجئاً مضطراً. وفي ابن هشام 4: 33: " فلما دخلت خزاعة مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء. " وفي الإمتاع: 357 - 358 " حتى أدخلوهم دار بديل بن ورقاء.... ". (2) في الأصل: وكان. (3) زيادة يقتضيها السياق.

إنما سار خزاعة على الساحل؛ فنهض أبو سفيان حتى أتى المدينة، فدخل على ابنته أم حبيبة، أم المؤمنين، فذهب ليقعد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطوته دونه، فقال لها في ذلك. فقالت: هو من أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس عليه. فقال: لقد أصابك بعدي شر يا بنية. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فكلمه، فلم يجبه بكلمة. ثم ذهب أبو سفيان إلى أبي بكر الصديق، فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتى له، فأبى أبو بكر من ذلك، فلقي عمر فكلمه في ذلك، فقال عمر: أنا أفعل ذلك والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به. فدخل على علي بيته، فوجد عنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن وهو صبي، فكلمه فيما أتى له، فقال له علي: والله ما نستطيع أن نكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر قد عزم عليه. فالتفت إلى فاطمة فقال: يا بنت محمد، هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس فقالت: ما بلغ بني ذلك، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال علي: يا أبا سفيان، أنت سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس ثم ألحق بأرضك. فقال: أترى ذلك مغنياً عني شيئاً قال: ما أظن ذلك، ولكن لا أجد لك سواه. فقام أبو سفيان في المسجد فقال: يا أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس. ثم ركب فانطلق راجعاً إلى مكة حتى قدمها، وأخبر قريشاً بما فعل وبما لقي، فقالوا له: ما جئت بشيء، وما زاد علي بن أبي طالب على أن لعب بك. ثم أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سائر إلى مكة، فأمرهم

بالتجهز لذلك، ودعا الله تعالى أن يأخذ عن قريش بالأخبار (1) . فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتاباً يخبرهم فيه بقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، فدعا علي بن أبي طالب والزبير والمقداد، وهم فرسان، فقال لهم: انطلقوا إلى روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب لقريش. فانطلقوا، فلما أتوا المكان الذي وصف لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدوا المرأى فأناخوا بها، ففتشوا رحلها كله فلم يجدوا شيئاً، فقالوا: والله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال علي: والله لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب. فحلت قرون رأسها، فأخرجت الكتاب منها؛ فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قرئ عليه قال: ما هذا يا حاطب فقال حاطب: يا رسول الله، والله ما شككت في الإسلام، ولكني ملصق في قريش، فأردت أن أتخذ عندهم يداً يحفظونني بها في شأفتي (2) بمكة وولدي وأهلي. فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر، لعل الله تعالى قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف، واستخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري، وذلك لعشر خلون من رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، بين عسفان وأمج، فأفطر بعد صلاة

_ (1) نص الحديث: اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها. (2) في الأصل: ساقتي، وهو تصحيف. وشأفة الرجل: أهله وماله.

العصر، وشرب على راحلته علانية ليراه الناس، وأمر بالفطر، فبلغه صلى الله عليه وسلم أ، قوما تمادوا على الصيام فقال: أولئك العصاة. فكان هذا نسخا لما تقدم من إباحة الصيام في السفر. ولم يسافر صلى الله عليه وسلم بعدها في رمضان أصلا، فهذا الحكم في السفر ناسخ لما قبله، ولم يأت بعد شيء ينسخه، ولا حكم يرفعه. فلما نزل مر الظهران، ومعه من بني سليم ألف رجل، ومن مزينة ألف رجل وثلاثة (1) رجال، وقيل: من بني سليم سبعمائة، ومن غفار أربعمائة، ومن أسلم أربعمائة، وطوائف من قيس وأسد وتميم وغيرهم، ومن سائر القبائل أيضاً جموع. وقد أخفى الله تعالى عن قريش الخبر لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم وجسون خائفون؛ وقد خرج أبو سفيان، وبديل بن ورقاء، وحكم بن حزام، يتجسسون الأخبار. وقد كان العباس بن عبد المطلب هاجر في تلك الأيام، فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فبعث ثقله إلى المدينة، وانصرف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا. فالعباس من المهاجرين من قبل الفتح، وقيل: بل لقيه بالجحفة. وذكر أيضاً أن أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، أخا أم سلمة أم المؤمنين، لقياه بنيق العقاب مهاجرين؛ فاستأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يأذن لهما، فكلمته أم سلمة فأذن لهما، فأسلما.

_ (1) في الأصل: وثلاث.

فلما نزلوا بمر بمر الظهران أسفت نفس العباس على ذهاب قريش، إن فجئهم الجيش قبل أن يأخذوا (1) لأنفسهم فيستأمنوا (2) ، فركب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم ونهض، فلما أتى الأراك وهو يطمع أن يرى حطاباً أو صاحب لبن يأتي مكة فينذرهم؛ فبينما هو يمشي كذلك، إذ سمع صوت أبي سفيان وبديل بن ورقاء، وهما يتساءلان، وقد رأيا نيران عسكر النبي صلى الله عليه وسلم، وبديل يقول لأبي سفيان: هذه والله نيران خزاعة. فيقول له أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون لها هذه النيران. فلما سمع العباس كلامه ناداه: يا أبا حنظلة. فميز أبو سفيان صوته، فقال: أبو الفضل قال: نعم. فقال له أبو سفيان: ما الشأن فداك أبي وأمي. فقال له العباس: ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، وإصباح قريش! فقال له أبو سفيان: وما الحيلة فقال له العباس: والله إن ظفر بك ليقتلنك، فارتدف خلفي وانهض معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأردفه العباس، فأتى به العسكر، فلما مر على نار عمر، نظر عمر إلى أبي سفيان فميزه، فقال: أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد. ثم خرج يشتد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسابقه العباس، فسبقه العباس على البغلة، وكان عمر بطيئاً في الجري، فدخل العباس ودخل عمر على أثره، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بلا عقد، فأذن لي أضرب عنقه. فقال العباس: يا رسول الله، قد أجرته. فراده عمر الكلام، فقال العباس: مهلاً يا عمر، فلو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا،

_ (1) في الأصل: يأخذا. (2) في الأصل: " فيستامنون ".

ولكنه من بني عبد مناف. فقال عمر: مهلاً، فوالله لإسلامك، يوم أسلمت (1) ، كان أحب إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله إلى رحله، ويأتيه به صباحاً، ففعل العباس ذلك. فلما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم قال (2) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم يأن لك ألم تعلم أنه لا إله إلا الله فقال أبو سفيان: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أنه لو كان معه إله غيره لقد أغنى. ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك ألم تعلم أني رسول الله فقال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأصولك! أما هذه (3) والله فإن في نفسي منها شيئاً حتى الآن. فقال له العباس: ويحك، أسلم قبل أن تضرب عنقك. فأسلم، فقال العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئاً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. وهذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من كان لا يقاتل من أهل مكة، بنص جلي لا إشكال فيه، فمكة مؤمنة بلا شك، ومن ثم لم تؤخذ عنوة بوجه من الوجه، ولم أمن مسلم من أي من المسلمين

_ (1) في الأصل: لكان. (2) في الأصل: فقال. (3) في الأصل: أما والله هذه.....

قرية من دار الحرب على أن يغلقوا أبوابهم ولا يقاتلوا، على ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مكة، لكان أماناً صحيحاً، وللزم ذلك كل مسلم، ولحرمت دماؤهم وموالهم وديارهم، وللزمهم الإسلام أو الجلاء، إلا أن يكونوا كتابيين، فيباح لهم القرار، على الجزية والصغار، فكيف أمان رسول الله صلى الله عليه وسلم! فمن قال: إن مكة صلح على هذا المعنى، فقد صدق؛ ومن قال: إنها صلح على أنهم دافعوا وامتنعوا حتى صالحوا، فقد أخطأ؛ وأما من قال: عنوة، فقد أخطأ على كل حال. والصحيح اليقين: أنها مؤمنة على دمائهم وذراريهم وأموالهم ونسائهم، إلا من قاتل أو استثني فقط. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أن يوقف أبا سفيان بخطم الجبل أو الوادي (1) ليرى جيوش الله تعالى. ففعل ذلك العباس، وعرض عليه القبائل، قبيلةً قبيلة، إلى أن جاء موكب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، رضوان الله عليهم، خاصةً، كلهم في الدروع والبيض. فقال أبو سفيان: من هؤلاء قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، فقال: والله ما لأحد بهؤلاء من قبل، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيماً. فقال العباس: إنه النبوة يا أبا سفيان. قال: فهذا إذن. فقال العباس: يا أبا سفيان، النجاء إلى قومك. فأسرع أبو سفيان، فلما أتى مكة عرفهم بما أحاط بهم، وأخبرهم بتأمين رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من دخل داره، أو المسجد، أو دار أبي سفيان.

_ (1) أصل الخطم من كل طائر: منقاره، ومن الدابة: مقدم أنفها، وخطم الجبل: أنفه.

وتأبش (1) قوم ليقاتلوا، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رتب الجيش. وكان قد جعل الراية بيد سعد بن عبادة، ثم بلغه أنه قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع الراية إلى الزبير بن العوام، وقيل: إلى علي بن أبي طالب، وقيل: إلى قيس بن سعد بن عبادة، وكان الزبير على الميسرة، وخالد بن الوليد على الميمنة، وفيها أسلم وغفار ومزينة وجهينة، وكان أبو عبيدة بن الجراح على مقدمة موكب النبي صلى الله عليه وسلم، وسرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيوش من ذي طوى، وأمر الزبير بالدخول، من ذي كداء (2) ، في أعلى مكة، وأمر خالداً بالدخول من الليط، أسفل مكة، وأمرهم بقتال من قاتلهم. وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، قد جمعوا جمعاً بالخندمة ليقاتلوا، فناوشهم أصحاب خالد القتال. وأصيب من المسلمين رجلان، وهما: كرز بن جابر، من بني محارب بن فهر، وخنيس بن خالد ابن ربيعة بن أصرم الخزاعي، حليف بن منقذ، شذا عن جيش خالد فقتلا. وأصيب أيضاً من المسلمين سلمة بن الميلاء الجهني. وقتل من المشركين نحو ثلاثة عشر رجلاً، ثم انهزموا. وكان شعار المسلمين يوم الفتح وحنين والطائف: فشعار الأوس: يا بني

_ (1) في الأصل: تأبس؛ وتأبش القوم: تجيشوا وتجمعوا. (2) قال ابن حزم: كداء - المدودة - بأعلى مكة عند المحصب. وكدي، بضم الكاف وتنوين الدال، بأسفل مكة عند ذي طوى. وكدي، مصغراً، لمن خرج من مكة إلى اليمن - (انظر ياقوت - نقلا عن ابن حزم) .

عبيد الله؛ وشعار الخزرج: يا بني عبد الله؛ وشعار المهاجرين: يا بني عبد الرحمن. وأمن النبي صلى الله عليه وسلم الناس كما ذكرنا، حاشا عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد [بن] قصي (1) ، ومقيس بن صبابة، وقينتي ابن خطل، وهما: فرتنا وصاحبتها، وسارة مولاة لبني عبد المطلب. فأما ابن خطل وهو من بني تيم الأدرم بن غالب، كان قد أسلم وبعثه صلى الله عليه وسلم مصدقاً، وبعث معه رجلاً من المسلمين، فعدا عليه وقتله ولحق بالمشركين فوجد يوم الفتح وقد تعلق بأستار الكعبة، فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي. وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لحق بمكة فاختفى، وأتى به عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أخاه من الرضاعة، فاستأمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فسكت عليه السلام ساعةً، ثم آمنه وبايعه. فلما خرج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هلا قام إليه بعضكم فضرب عنقه فقال رجل من الأنصار: هلا أومأت إلينا فقال: ما كان لنبي أن يكون له خائنة الأعين. فعاش حتى استعمله عمر، ثم ولاه عثمان مصر. وهو الذي غزا إفريقية، ولم يظهر منه بعد إسلامه إلا خير وصلاح ودين. وأما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن، فاتبعته امرأته أم حكيم

_ (1) ساقطة من الأصل.

بنت الحارث بن هشام، فردته، فأسلم، وحسن إسلامه. وأما الحويرث بن نقيذ، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فقتله علي بن أبي طالب يوم الفتح. وأما مقيس بن صبابة، فكان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله لقتله أخاه خطأ، فقتله يوم الفتح نميلة ابن عبد الله الليثي، وهو ابن عمه. وأما قينتا ابن خطل، فقتلت إحداهما، واستؤمن للأخرى، فأمنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاشت إلى أن ماتت بعد ذلك بمدة، وكانتا تغنيان بهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما سارة، فاستؤمن لها أيضاً، فأمنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاشت إلى أن أوطأها رجل فرساً بالأبطح فماتت. واستتر رجلاً من بني مخزوم عن أم هانئ بنت أبي طالب، فأمنها، فأمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانها لهما، وكان علي رضوان الله عليه قد أراد قتلهما، وقيل: إنهما الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية أخو أم سلمة، فأسلما، وكانا من خيار المسلمين. وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة، ودعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة بعد أن مانعت أم عثمان دونه، ثم أسلمته. فدخل صلى الله عليه وسلم الكعبة، ومعه أسامة بن زيد، وبلال، وعثمان ابن طلخة، ولا أحد معهم، وأغلقوا الأبواب، وتموا (1) حيناً، وصلى صلى الله عليه وسلم في داخلها، ثم خرج وخرجوا، ورد المفتاح إلى عثمان بن طلحة،

_ (1) تموا: لعله أراد بقوا. ولا ندري هل تصح في اللغة. وفي الامتاع: 385 " فكوشفوا ".

وأبقى له حجابة البيت، فهي في ولده إلى اليوم، في ولد شيبة بن عثمان ابن طلحة. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسر الصور التي داخل الكعبة وخارجها، وتكسير الأصنام التي حول الكعبة وبمكة. وأذن له بلال على ظهر الكعبة. وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني يوم الفتح، فأخبر أنه قد وضع مآثر الجاهلية حاشا سدانة البيت، وسقاية الحاج. وأخبر أن مكة لم يحل القتال فيها لأحد قبله، ولا لأحد بعده، وأنها لم تحل لأحد غيره، ولم تحل له إلا ساعة من نهار، ثم عادت كحرمتها بالأمس، لا يسفك فيها دم. ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأصنام وهي مشدود بالرصاص، فأشار إليها بقضيب كان في يده وهو يقول: جاء الحق وزهق الباطل. فما أشار لصنم منها إلا خر لوجهه. وتوقعت الأنصار أن يبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأخبرهم أن المحيا محياهم، والممات مماتهم. ومر بفضالة بن عمير بن الملوح الليثي، وهو عازم على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما كنت تحدث به نفسك قال: لا شيء، كنت أذكر الله. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: استغفر الله. ووضع يده على صدره، فكان فضالة يقول: والذي بعثه بالحق، ما رفع يده عن صدري حتى ما أجد على ظهر الأرض أحب إليّ منه.

وهرب صفوان بن أمية إلى اليمن، فاتبعه عمير بن وهب الجمحي بتأمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه، فرجع، فأكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنظره أربعة أشهر. وكان ابن الزبعري السهمي الشاعر قد هرب إلى نجران، ثم رجع فأسلم. وهرب هبيرة بن أبي وهب المخزومي، زوج أم هانئ بنت أبي طالب، إلى اليمن، فمات كافراً هناك. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا حول مكة، يدعو إلى الإسلام، ويأمرهم بقتال من قاتل. وفي جملتهم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فقتل منهم وأخذ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وبعث علياً بمال إليهم، فودي لهم قتلاهم، ورد إليهم ما أخذ منهم. ثم بعث خالد بن الوليد إلى العزى، وكان بيتاً بنخلة تعظمه قريش وكنانة وجميع مضر، وكان سدنته بنو شيبان من سليم حلفاء بني هاشم، فهدمه (1) . وكان فتح مكة لعشر بقين من رمضان سنة ثمان.

_ (1) انظر فيما يتعلق ببعث خالد إلى بني جذيمة وإلى العزى: ابن هشام 4: 70، 79، وابن سعد 2: 105، 106 والطبري 3: 123، وابن سيد الناس 2: 184، 185، وابن كثير 4: 312 - 316، والإمتاع: 398، 399، والمواهب 1: 207، وتاريخ الخميس 2: 95، 97.

غزوة حنين

غزوة حنين (1) فلما بلغ فتح مكة هوازن، جمعهم مالك بن عوف النصري، واجتمع إليه ثقيف، وقومه بنو نصر بن معاوية، وبنو جشم، وبنو سعد بن بكر، ويسير من بني هلال بن عامر، ولم يسهد من [قيس عيلان] (2) غير هؤلاء، وغاب عن ذلك عقيل وبشر ابنا كعب بن ربيعة بن عامر، وبنو كلاب بن ربيعة بن عامر، وسائر إخوتهم، فلم يحضرها من كعب وكلاب أحد يذكر، وساق بنو جشم مع أنفسهم شيخهم وكبيرهم وسيدهم فيما خلا: دريد بن الصمة، وهو شيخ كبير لا ينتفع به، لكن يتيمن بمحضره ورأيه، وهو في هودج لضعف جسمه. وكان في ثقيف سيدان لهم، في الأحلاف: قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب، وفي بني مالك: ذو الخمار سبيع بن الحارث بن مالك، وأخوه: أحمر بن الحارث. والرياسة في الجميع إلى مالك النصري، فحشد من ذكرنا، وساق مع الكفار أموالهم وماشيتهم ونساءهم وأولادهم، ليحموا بذلك في القتال، فنزلوا بأوطاس. فقال لهم دريد: مالي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء (3) فقالوا: ساق مالك مع الناس أموالهم وعيالهم. فقال: أين مالك فقيل له: هو ذا. فسأله دريد: لم فعلت ذلك فقال

_ (1) انظر الخبر عن حنين في: الواقدي 417، وابن هشام 4: 80ن وابن سعد 2 / 1: 108، والطبري 3: 125، وابن سيد الناس 2: 187، وابن كثير 4: 322، وزاد المعاد 2: 438، والإمتاع: 401، والمواهب 1: 208، وتاريخ الخميس 2: 99، والبخاري 5: 153. (2) زيادة من ابن هشام 4: 80. (3) اليعار: صوت الغنم، وقيل: صوت المعزى.

مالك: ليكون مع الناس أهلهم وأموالهم فيقاتلوا عنهم. فقال دريد (1) : راعى ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسلاحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك. ثم قال: ما فعل كعب وكلاب قالوا: لم يشهدها منهم أحد. قال: غاب الجد والحد (2) ، لو كان يوم علاء ورفعة لم يغب عنه كعب وكلاب، ولوددت أنكم فعلتم كما فعلت كعب وكلاب. فمن شهدها من بني عامر قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر. قال: ذانك الجذعان: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر، لا ينفعان ولا يضران (3) ! يا مالك! إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً (4) ، ارفعهم إلى ممتنع ديارهم، وعلياء قومهم، ثم ألق الصباة على متون الخيل (5) ، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك. فأبى مالك ذلك، وخالفت هوازن دريداً واتبعوا مالك بن عوف، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده، ولم يغب عني: يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشاء، عبد الله بن أبي حدرد

_ (1) في الأصل: فقال له مالك. (2) الحد: النشاط والسرعة والمضاء في الأمور. (3) الجذعان: مثنى الجذع، وهو الصغير السن، ومن ثم فهو قليل التجربة. (4) بيضة القوم: أصلهم ومجتمعهم وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم. (5) في الأصل: " الصبا " والصباة: جمع صابئ، وهو من يخرج من دين إلى دين، وكان يقال للرجل إذا اسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: قد صبأ، وكانت العرب تسمي النبي: الصابئ، لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام. فالصباة - في كلمة دريد: هم المسلمون. انظر اللسان.

الأسلمي، فأتى بعد أن عرف مذاهبهم، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصدهم. واستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية ابن خلف دروعاً، قيل: مائة درعن وقيل: أربعمائة درع. وخرج في اثني عشر ألف مسلم، منهم عشرة آلاف صحبوه من المدينة، وألفان من مسلمة الفتح. واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، ومضى عليه السلام. وفي جملة من اتبعه: عباس بن مرداس في بني سليم، والضحاك بن سفيان الكلابي، وجموع من بني عبس وذبيان. وفي مخرجه هذا رأى جهال الأعراب شجرة خضراء، وكان لهم في الجاهلية شجرة معروفة في مكان معروف تسمى: ذات أنواط (1) ، يخرج إليه الكفار يوماً معروفاً في العام يعظمونها، فتصايح جهال الأعراب: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال: قلتم، والذي نفس محمد بيده، كما قال موسى: {اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون} (2) ، إنه السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم. ثم نهض، فلما أتى وادي حنين، وهو واد (3) حدور من أودية

_ (1) ذات أنواط: شجرة بعينها كان المشركون ينوطون بها سلاحهم: أي يعلقونه بها، ويعكفون حولها. (2) سورة الأعراف، الآية: 138. (3) في الأصل: وادي؛ وهو صحيح أيضاً، فقد كانوا يثبتون الياء في مثل هذا، أو يحذفونها؛ انظر التعليق رقم: 2 ص: 122 من هذا الكتاب. والجذور: المكان الذي ينحدر منه.

تهامة، وهوازن قد كمنت في جنبتي الوادي، وذلك في عماية الصبح (1) ؛ فحملوا على المسلمين حملة رجل واحد، فولى المنهزمون لا يلوي أحد على أحد، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرجعوا، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، وعمر، وعلي، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وجماعة من غيرهم؛ والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، واسمها: دلدلن والعباس آخذ بحكمتها (2) ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي: يا معشر الأنصار! يا معشر الأنصار! يا معشر أصحاب الشجرة (3) ! وكان العباس جهير الصوت جداً، وروينا أنه أمره أن ينادي: يا معشر المهاجرين، بعد ذلك. فلما نادى العباس بمن ذكرنا، وسمعوا الصوت، ذهبوا ليرجعوا، وكان الرجل منهم لا يستطيع أن يثني بعيره لكثرة المنهزمين، فيأخذ درعه فيلبسها، ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره، ويكر راجلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى إذا اجتمع حواليه منهم نحو المائة، استقبلوا هوازن، واشتدت الحرب بينهم، وقذف الله تعالى في قلوب هوازن حين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرعب، ولم يملكوا أنفسهم، ورماهم بقبضة حصى بيده، فما منهم أحد إلا أصابته، وفي ذلك يقول جل ثناؤه: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} . [سورة الأنفال، الآية: 17] .

_ (1) عماية الصبح: ظلامه قبل أن يتبين. (2) الحكة: اللجام، أو هي حديدة فيه تكون على أنفس الفرس، وكانت العرب أيضاً تتخذها من القد. (3) في ابن هشام: يا معشر أصحاب السمرة.

وقد ذكر عن بعض هوازن، ممن أسلم منهم بعد ذاك، أنه قال (1) : لقينا المسلمين فما لبثنا (2) أن هزمناهم وابتعناهم، حتى أتينا إلى رجل راكب بغلة شهباء، فلما رآنا زبرنا وانتهزنا (3) ، فما ملكنا أنفسنا أن رجعنا على أعقابنا، وما تراجع سائر من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأسرى هوازن بين يديه. وثبتت أم سليم في جملة من ثبت في أول الأمر، مخترمة ممسكة خطام جمل بي طلحة وفي يدها خنجر. وانهزمت هوازن، وملك الأموال والعيال، واستحر القتل في بني مالك من ثقيف. فقتل منهم خاصة يومئذ سبعون رجلاً، في جملتهم رئيساهم: ذو الخمار، وأخوه عثمان، ابنا عبد الله بن ربيعة بن الحارث، ولم يقتل من الحلاف إلا رجلان، لأن سيدهم قارب بن السود لما رأى أول الهزيمة أسند رايته إلى شجرة وفر بقومه. وهرب مالك بن عوف النصري مع جماعة منهم، فدخل الطائف مع ثقيف، وانحازت طوائف مع هوازن إلى أوطاس. وتوجه بنو غيرة من الأحلاف من ثقيف إلى نخلة، فاتبعت طائفة من خيل المسلمين من توجه نحو نخلة، وأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال بن عوف بن امرئ القيس من بني سليم -: دريد بن الصمة فقتله، وقيل: إن قاتل دريد هو عبد الله بن قنيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة. وفي هذه الغزوة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انقضائها: " من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه. ".

_ (1) راجع هذا النص في الطبري، وفي تاريخ الخميس 2: 105. (2) في الأصل: فما لبثناهم. (3) زبره: نهاه وانتهره.

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من اجتمع من هوازن بأوطاس، أبا عامر الأشعري، واسمه عبيد، وهو عم أبي موسى الأشعري، فقتل أبو عامر بسهم، رماه سلمة بن دريد، وأخذ أبو موسى الراية وشد على قاتل عمه فقتله. واستحر القتل في بني نصر بن معاوية (1) ؛ [وقيل: رمى أبا عامر أخوان] (2) ، وهما: العلاء وأوفى ابنا الحارث، أصاب أحدهما قلبه، والآخر ركبته، ثم قتلهما أبو موسى. وقيل: بل قتل تسعة إخوة من المشركين يدعو كل واحد منهم إلى الإسلام، ثم يحمل عليه فيقتله، ثم حمل عليه عاشرهم، فقتل عاشرهم أبا عامر، ثم أسلم ذلك العاشر بعد ذلك. واستشهد يوم حنين من المسلمين: أيمن بن عبيد، وهو ابن أم أيمن، أخو أسامة بن زيد لأمه. ويزيد بن زمعة (3) بن الأسود بن المطلب [بن أسد] بن عبد العزى، جمح به فرسه، ويقال له " الجناح " فقتل. وسراقة بن الحارث بن عدي بن العجلان، من الأنصار (4) . وأبو عامر الأشعري. وكانت وقعة هوازن، وهو يوم حنين، في أول شوال من السنة الثامنة من الهجرة.

_ (1) في ابن هشام 4: 97: نصر بن رئاب. (2) زيادة يقتضيها السياق، انظر ابن هشام 4: 97. (3) في الأصل: ربيعة. وزيادة " أسد " في نسبه عن الجمهرة: 109 - 110، والإصابة. (4) اسمه: سراقة بن الحارث، عند ابن إسحاق، وهو سراقة بن الحباب، في قول غيرهن ومن ثم ذكره ابن عبد البر في ترجمتين.

غزوة الطائف

وأما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوازن نساءهم وأبناءهم، وإعطاؤه صلى الله عليه وسلم من أعطى من أموالهم من سادات قريش، وأهل نجد، وغيرهم من رؤساء العرب -: فهو مذكور بعد غزوة الطائف. وكان منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين إلى الطائف، ولم يعرج صلى الله عليه وسلم على مكة. غزوة الطائف (1) قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله تعالى: لم يشهد عروة بن مسعود ولا غيلان بن سلمة الثقفيان يوم حنين، ولا حصار الطائف، كانا بجرش، يتعلمان صنعة المجانيق والدبابات. فسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه من الجعرانة إلى الطائف على نخلة اليمانية، ثم على قرن، ثم على المليح، ثم على بحرة الرغاء من لية (2) ، فابتنى بها صلى الله عليه وسلم مسجداً، فصلى فيه. وذكر أن رجلاً من بني هذيل ببحرة الرغاء حين نزلها طالب بدم، فأقاده صلى الله عليه وسلم. وكان بالمكان المذكور حصن لمالك بن عوف النصري، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدمه، فهدم.

_ (1) انظر الواقدي: 422، وابن هشام 4: 121، وابن سعد 2 / 1: 114، والطبري 3: 132، وابن سيد الناس 2: 200، وابن كثير 4: 345، وزاد المعاد 2: 461، والإمتاع: 415، والمواهب 1: 214، وتاريخ الخميس 2: 109، والبخاري 5: 156. (2) كل هذه الأمكنة من نواحي الطائف. فأما " قرن " بفتح الراء أو تسكينها: فإنها مخلاف من مخاليف الطائف، و " مليح ": واد هنالك. و " لية ": من نواحيها. و " بحرة ": قريبة منها، و " البحرة " بضم الباء وفتحها، لغة: منبت الثمام.

ثم سلك الطريق من بحرة الرغاء، فسأل عن اسمها، فقيل له: الضيقة، فقال: بل هي اليسرى، ثم نزل تحت سدرة يقال لها: الصادرة، بقرب مال رجل من ثقيف، فتمنع الرجل منه (1) في أطمه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدم ماله، فهدم وأخرب. ثم نزل بقرب الطائف، فتحصنت منه ثقيف، وحاربهم المسلمون، فأصيب من المسلمين رجال بالنبل، فزال عن ذلك المنزل إلى موضع المسجد المشهور اليوم، وكان وادياً يقال له: العقيق، فحاصرهم بضعاً وعشرين ليلة، ويقال: بل بضع عشرة ليلة، وهو صحيح بلا شك. وكان معه امرأتان من نسائه، إحداهما أم سلمة. فموضع المسجد اليوم بين منزلهما، في موضع مصلاه صلى الله عليه وسلم. وتولى بنيان ذلك المسجد عمرو بن أمية بن وهب بن مالك الثقفي. ورماهم صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق، ثم دخل نفر من المسلمين تحت دبابة ودنوا من سور الطائف، فصب عليهم أهل الطائف سكك الحديد المحماة، ورموا بالنبل، فأصابوا منهم قوماً. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب أهل الطائف، واسترحمه ابن مسعود في ماله، وكان بعيداً عن الطائف، فكف عن قطعه. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحل عن الطائف، وحينئذ نزل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسلم، وعبيد من أهل الطائف؛ قيل: إن الأزرق، والد نافع بن الأزرق صاحب الأزارقة، منهم. واستشهد على الطائف:

_ (1) في الأصل: من.

سعيد بن سعيد بن العاصي بن أمية. وعرفطة بن جناب (1) ، حليف لبني أمية من الأزد. وعبد الله بن أبي بكر الصديق، أصابه سهم، فاستمر منه مريضا حتى مات منه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة أبيه. وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي، أخو أم سلمة، أم المؤمنين. وعبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي (2) ، حليف بني عدب بن كعب. والسائب بن الحارث بن قيس بن عدي. وأخوه: عبد الله بن الحارث، السهميان. وجليجة بن عبد الله، من بني سعد بن ليث. وثابت بن الجذع، من بني سلمة من الأنصار. والحارث بن سهل بن أبي صعصعة، من بني مازن بن النجار. والمنذر بن عبد الله، من بني ساعدة. ومن الأوس: رقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان بن معاوية. وكان بجير بن زهير بن أبي سلمى، الشاعر ابن الشاعر، حسن الإسلام، ممن شهد حنيناً والطائف. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى الجعرانة، وأتاه هناك وفد هوازن مسلمين راغبين، فحيرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عيالهم وأبنائهم وبين أموالهم، فاختاروا عيالهم وأبناءهم، فأمر

_ (1) ابن جناب: كذلك سماه ابن إسحق. قال ابن هشام 4: 192 " ويقال: ابن حباب ". (2) في الأصل: " العرني "، وهو خطأ، وصوابه من الإصابة.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلموا المسلمين في ذلك، ففعلوان فقال صلى الله عليه وسلم: ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم. وقال المهاجرون والأنصار: أما ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وامتنع الأقرع بن حابس وعيينه بن حصن عن أن يردا عليهم ما وقع لهما (1) من الفئ، وساعدهما قومهما. وامتنع العباس بن مرداس السلمي، فطمع أن يساعده قومه بنو سليم، فأبوا: بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فرد عليهم صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم، وعوض من لم تطب نفسه بترك نصيبه أعواضاً رضوا بها. وكان عدد سبي هوازن ستة آلاف إنسان، منهم الشيماء أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وهي بنت الحارث بن عبد العزى، من بني سعد بن بكر بن هوازن، فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاها وأحسن إليها، ورجعت إلى بلادها مختارة لذلك. وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال بين المسلمين، ثم أعطى من نصيبه من الخمس (2) المؤلفة قلوبهم (3) ؛ وهم: أبو سفيان بن حرب ابن أمية، وابنه معاوية، وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، والحارث بن الحارث بن كلدة أخو بني عبد الدار، وقد قال بعضهم: الحارث بن الحارث هذا من مهاجرة الحبشة، فإن صح ذلك فقد أعاذه الله تعالى من أن يكون من المؤلفة قلوبهم الذين أعطوا في هذه السبيل، وهو

_ (1) في الأصل: لهم. (2) في الأصل: خمس الخمس. (3) انظر الخبر عن أموال هوازن وعطايا قلوبهم في: ابن هشام 4: 130، وابن سعد 2 / 1: 110، والطبري 3: 134، وابن سيد الناس 2: 193، وابن كثير 4: 352، والإمتاع: 423، والمواهب 1: 216، وتاريخ الخميس 2: 112.

أخو النضر بن الحارث الذي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنقه صبراً يوم بدر -، والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى بن أبي قيس، والعلاء بن جارية الثقفي، حليف بن زهرة، وصفوان بن أمية الجمحي، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، والأقرع بن حابس التميمي؛ أعطى كل واحد من هؤلاء مائة بعير. وأعطي عباس بن مرداس السلمي أقل من ذلك، فقال شعراً يخاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتم له المائة. ومالك بن عوف النصري، وقد كان فر عن الطائف ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم. فهؤلاء أصحاب المئين. وأعطى صلى الله عليه وسلم يومئذ عدي بن قيس بن حذافة السهمي خمسين من الإبل؛ وسعيد بن يربوع [بن] عنكثة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل؛ ولمخرمة بن نوفل الزهري، وعمرو بن وهب الجمحي، وهشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب أخي بني عامر ابن لؤي بأقل من مائة لكل واحد منهم. وممن أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً دون ذلك: طليق بن سفيان بن أمية بن عبد شمس، وخالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ابن عبد شمس، وشيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى وكان يذكر عن نفسه أنه أراد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فتغشاه أمر لا يقدر على وصفه، قال: فعلمت أنه ممنوع من عند الله -، وأبو النسابل بن بعكك بن حارثة بن عميلة بن السباق بن عبد الدار، وعكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وزهير بن أبي

أمية بن المغيرة، أخو أم سلمة أم المؤمنين، وخالد بن هشام بن المغيرة المخزومي، وهشام بن الوليد، أخو خالد بن الوليد، وسفيان بن عبد الأسد ابن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، والسائب بن ابي السائب بن عابد (1) بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ومطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة، أخو بني عديب بن كعب، وابو جهم بن حذيفة بن غانم العدوي، وأحيحة بن أمية الجمحي، ونوفل بن معاوية بن عروة بن صخر بن رزن بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل، من بني بكر بن عبد مناة ابن كنانة، وعلقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصة، وخالد بن هوذة بن خالد - الملقب بالحلس - ابن ربيعة بن عمرو، فارس الضحياء (2) ، بن عامر بن ربيعة ابن عامر بن صعصة، وأخوه: حرملة بن هوذة. فكان لشباب الأنصار في ذلك كلام لم يرض بن أشياخهم ولا خيارهم، فذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمة الله تعالى عليهم بالإسلام، وبه عليه الصلاة والسلام، وأنه إنما أعطى قوماً حديثي عهد بالإسلام وبمصيبة، يتألفهم على الإسلام، فرضوا، رضوان الله عليهم (3) . وذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم جعيل بن سراقة الضمري، وأنه لم يعطه شيئاً، فأخبر أنه خير من طلاع الأرض مثل عيينة (4) ،

_ (1) في الأصل: عائذ، انظر التعليق رقم: 5 ص: 31. (2) قال ابن الأعرابي: 74 إن فارس الضحياء هو عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، واستشهد بقول خداش بن زهير " أبي فارس الضحياء: عمرو بن عامر ". (3) في البخاري 5: 159: " إن قريشاً حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم ". (4) طلاع الأرض: ملؤها، أو ما يملؤها حتى يطلع عنها.

تألف عيينة، ووكل جعيل بن سراقة إلى إسلامه. وكان هذا القسم بالجعرانية؛ ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانية إلى مكة، ثم رجع إلى المدينة فدخلها لست بقين لذي القعدة. وكانت قصة الطائف في ذي القعدة من السنة الثامنة من الهجرة. وكانت مدة غيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم - مذ خرج من المدينة إلى مكة فافتتحها وأوقع بهوازن وحارب الطائف إلى أن رجع إلى المدينة -: شهرين وستة عشر يوماً. واستعمل صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف بن سعيد بن يربوع النصرى، وهو الذي كان رئيس الكفار يوم حنين، على من أسلم من قومه، ومن سلمة، وفهم، وثمالة. وأمره صلى الله عليه وسلم بمغاورة ثقيف ففعل، وضيق عليهم، وحسن إسلامه وإسلام من معه وإسلام جميع المؤلفة قلوبهم، حاشا عيينة بن حصن فلم يزل مغموزاً. وكان المؤلفة قلوبهم - مع حسن إسلامهم - متفاضلين في الإسلام، منهم الفاضل المجتهد: كالحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام؛ وفيهم خيار دون هؤلاء: كصفوان بن أمية، وعمرو بن وهب، ومطيع ابن الأسود، ومعاوية بن ابي سفيان؛ وسائرهم لا نظن بهم إلا الخير. وكان ممن أسلم، يوم الفتح وبعده، من الأشراف (1) نظراء من ذكرنا، ووثق رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة إيمانهم، وقوة نياتهم في الإسلام لله تعالى، فلم يدخلهم مدخل من أعطاه -: عكرمة بن ابي جهل، وعتاب بن أسيد بن ابي أمية، وجبير بن مطعم.

_ (1) في الأصل: الأعراب.

غزوة تبوك

واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد؛ وهو شاب، ابن نيف وعشرين سنة، وكان في غاية الورع والزهد، فأقام الحج بالمسلمين تلك السنة. وهو أول أمير أقام الحج في الإسلام، وحج المشركون على مشاعرهم. وأتى كعب بن زهير بن أبي سلمى تائباً مادحاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قبل ذلك يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل صلى الله عليه وسلم إسلامه ومدحه، وأثابه. غزوة تبوك (1) هذه آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وكان رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من عمرته بعد حصار الطائف كما ذكرنا في آخر ذي القعدة من سنة ثمان. فأقام بالمدينة ذا الحجة، والمحرم، وصفرا، وربيعا الأول، وربيعاً الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة. فلما كان في رجب من سنة تسع من الهجرة، أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزو الروم؛ وذلك في حر شديد حين طاب أول الثمر، وفي عام جدب. وكان صلى الله عليه وسلم لا يكاد يغزو إلى وجه إلا ورى بغيره، إلا غزوة تبوك، فإنه صلى الله عليه وسلم بينها للناس، لمشقة الحال فيها،

_ (1) انظر: الواقدي: 425، وابن هشام 4: 159، وابن سعد 2 / 1: 118، والطبري 3: 142، وابن سيد الناس 2: 215، وابن كثير 5: 2، وزاد المعاد 3: 3، والإمتاع: 445، والمواهب 1: 222، وتاريخ الخميس 2ك 122، والبخاري 6: 2.

وبعد الشقة، وقوة العدو المقصود. فتأخر الجد بن قيس أخو بني سلمة وكان متهماً، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقاء، وهو غنى قوى، فأذن له وأعرض عنه، ففيه نزلت: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني، ألا في الفتنة سقطوا} الآية [سورة التوبة، الآية: 49] . وكان نفر من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي، عند جاسوم (1) يثبطون الناس عن الغزو. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر، وأمرهم ن يحرقوا عليهم البيت، ففعل ذلك طلحة، فاقتحم الضحاك بن خليفة، وكان في البيت، فوقع فانكسرت رجله. وفر أيضاً ابن أبيرق، وكان معهم. وأنفق ناس كثير من المسلمين واحتسبوا. فأنفق عثمان رضي الله عنه نفقة عظيمة، روى أنه حمل في هذه الغزوة على تسعمائة بعير، ومائة فرس، وجهز ركابها، حتى لم يفقدوا عقالاً ولا شكالاً (2) . وروى أيضاً أنه أنفق فيها ألف دينار. وهذه الغزوة أتى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم البكاؤون، وهم سبعة: سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف، وعلبة بن زيد أخو بني حارثة، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار، وعمرو بن الحمام أخو بني سلمة، وعبد الله بن المغفل المزني، وقيل: هو عبد الله بن عمرو المزني، وهرمي بن عبد الله أخو بني واقف، وعرباض

_ (1) قال الخشني: هو اسم موضع. وقد روى أن النبي صلى في مسجد راتج وشرب من جاسوم، وهي بئر هنالك للهيثم بن التيهان. (انظر السمهودي 3: 62، 131) . (2) العقال: حبل يثني به وظيف الجمل مع ذراعه ويشدان جميعاً في وسط الذراع؛ والشكال: العقال أيضاً تشد به قوائم الدابة فتوثق بين اليد والرجل، أو هو خيط في الرجل نفسه.

ابن سارية الفزاري. فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجدوا عنده ما يحملهم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً أن لا يجدوا ما ينفقون. فذكر أن ابن يامين بن عمرو بن كعب النضري حمل أبا ليلى وعبد الله بن مغفل على ناضح له يعتقبانه وزودهما تمراً (1) . واعتذر المخلفون من الأعراب، فعذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) . ونهض عليه صلوات الله وسلامه، واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة، وقيل: بل سباع بن عرفطة، وقيل: بل علي بن أبي طالب. وضرب عبد الله بن أبي ابن سلول عسكره بناحية غازياً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان عسكره فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين؛ وهذا باطل، لأنه لم يتخلف معه إلا ما بين السبعين إلى الثمانين فقط، وإنما وقع هذا في يوم أحد، وفيه أيضاً نظر؛ وقد قيل: إنه لم يكن يومئذ من معه أقل العسكرين. والصحيح: أنه كان في دون ما معه صلى الله عليه وسلم يوم أحد. وأما من كان مع عبد الله بن أبي في غزوة تبوك، ممن تخلف معه بعد مسيره عليه السلام، فأهل النفاق وأصحاب الريب في العدة المذكورة. وخطر (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر بلاد ثمود، فأمرهم أن لا يتوضأ أحد من مائهم، ولا يعجنوا منه، وما عجنوا منه فليعلفوه الإبل، وأمرهم أن يستعملوا في كل ذلك من ماء بئر الناقة، وأمر أن لا يدخلوا عليهم بيوتهم إلا أن يدخلوها باكين.

_ (1) الناضح: البعير الذي يستقى عليه الماء. (2) في سائر السير: فلم يعذرهم الله. (3) انظر استعمال هذه اللفظة بمعنى: مر، فيما تقدم ص: 92، التعليق رقم (1) .

ونهاهم صلى الله عليه وسلم أن يخرج أحد منهم منفردا دون صاحبه، فخرج رجلان من بني ساعدة متفرقين، أحدهما للغائط، فخنث على مذهبه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له فشفى. والآخر خرج في طلب بعير له فرمته الريح في أحد جبلي طيء، فردته طيء بعد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعطش الناس في هذه الغزوة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه، فأرسل سبحانه سحابة فأمطرت. وأضل عليه السلام ناقته، فقال بعض المنافقين: محمد يدعي أنه يعلم خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فأتى الوحي بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع ناقته، فأخبر أصحابه بذلك، وابتدروا المكان الذي وصف، فوجدوها هنالك. قيل: إن قائل هذا القول زيد بن اللصيت القينقاعي، وكان منافقا، وقيل: إنه تاب بعد ذلك، وقيل: لم يتب. وفي هذه الغزوة ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقد رأى أبا ذر يتبع أثر الجيش قاصدا اللحاق به صلى الله عليه وسلم: " يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويعث وحده ". وكان كذلك كما قال صلى الله عليه وسلم. وفضح الله تعالى بالوحي قوما من المنافقين، فتوا في أعضاد المسلمين بالتخذيل لهم، فتاب منهم مخشن بن حمير، ودعا إلى الله تعالى أن يكفر عنه بشهادة يخفي بها مكانه، فقتل يوم اليمامة، ولم يوجد له أثر.

وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة صاحب أيلة على الجزية (1) . وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي، صاحب دومة، وأخبره أنه يجده يصيد البقر، فاتفق أن قرب خالد، من حصن أكيدر في الليل، وقد أرسل الله تعالى بقر الوحش، فباتت تحك القصر بقرونها، فنشط أكيدر ليصيدها، فخرج في الليل، فأخذه خالد، فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعفا عنه ورده وصالحه على الجزية. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين ليلة (2) ، ولم يتجاوزها. وكان في طريقه ماء قليل، فنهى أن يسبق أحد إلى الماء، فسبق رجلان فاستنفدا ماءه، فسبهما (3) صلى الله عليه وسلم، ثم وضع يده فيه وتوضأ بماء يبض منه، ثم صبه ودعا بالبركة، فجاشت بماء عظيم غزير، كفى الجيش كله. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك الموضع يصير جنانا، فكان كذلك. وفي منصرفه صلى الله عليه وسلم أمر بهدم مسجد الضرار. وأمر مالك ابن الدخشم أخا بني سالم، ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي أخا بني العجلان -: بهدم المسجد وحرقه. فدخل مالك بن الدخشم منزله فأخرج منه شعلة نار، فأحرقا المسجد وهدماه.

_ (1) في الأصل: الجزيرة. (2) في ابن هشام 4: 170: بضع عشرة ليلة؛ وقال ابن سعد 2: 121: عشرين ليلة. (3) لعنهما ودعا عليهما.

وكان الذين بنوه: خذام بن خالد، من بني عبيد بن زيد، أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الضرار. ومعتب بن قشير، من بني ضبيعة بن زيد. وأبو حبيبة بن الأزعر، من بني ضبيعة بن زيد. وعباد بن حنيف، من بني عمرو بن عوف. وجارية بن عامر، وابناه: مجمع بن جارية، وزيد بن جارية. ونبتل بن الحارث، من بني ضبيعة. وبخرج، من بني ضبيعة. وبجاد بن عثمانن من بني ضبيعة. ووديعة بن ثابت، من بني زيد. وقد ذكر بعضهم فيه: ثعلبة بن حاطب، وهذا خطأ، لأن ثعلبة بدري. ولرسول الله صلى الله عليه وسلم مساجد بين تبوك والمدينة مسماة (1) : مسجد تبوك، ومسجد بثينة مدران (2) ، ومسجد بذات الزراب، ومسحج بالأخضر، ومسجد بذات الخطمي، ومسجد بألاء (3) ، ومسجد بطرف البتراء من ذنب كواكب (4) ، ومسجد بشق تارا، ومسجد بذي

_ (1) انظر مساجد تبوك في السمهودي 2: 181. وعدتها عند بعضهم سنة عشر، أي بزيادة مسجدين على ما ذكره ابن إسحاق. (2) مدران: ضبط بفتح الميم وكسر الدال. (3) في الأصل: " بالآلاء ". وتصويبه من ابن هشام 4: 174، ومعجم ما استعجم. وفي السمهودي 2: 181 " بألى "، بالموحدة المفتوحة ثم همزة ولام مفتوحتين ". وقول السمهودي غريب. (4) قال البكري (بتراء) : إنما ببلاد بني الحارث بن كعب.

إسلام ثقيف

الجيفة (1) ، ومسجد بصدر حوضي، ومسجد بالحجر، ومسجد بالصعيد، ومسجد بوادي القرى، ومسجد بالرقعة (2) في شقة بني عذرة، ومسجد بذي المروة (3) ، ومسجد بالفيفاء، ومسجد بذي خشب (4) . وفي هذه الغزاة تخلف كعب بن مالك من بني سلمة، ومرارة بن الربيع من بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية الواقفي، وكانوا صالحين، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامهم مدة خمسين يوماً، ثم نزلت توبتهم. وكان المتخلفون لسوء نياتهم من أهل المدينة نيفاً وثمانين رجلاً. وكان رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك في رمضان سنة تسع. إسلام ثقيف (5) ولما كان في رمضان سنة تسع المؤرخ، منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، أتاه وفد ثقيف. وقد كان عروة بن مسعود الثقفي لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من حنين والطائف، قبل أن يدخل عليه السلام المدينة، فأسلم، وكان سيد ثقيف، فاستأذن رسول الله

_ (1) كذلك هو عند ابن هشام 4: 174، وقرئ في بعض النسخ بخاء معجمة. (2) قال البكري: أخشى أن يكون بالرقمة، وقال غيره: بالسقيا، والسقيا أيضاً: من بلاد عذره قريبة من وادي القرى. (3) مسجد ذي الرموة: على ثمانية برد من المدينة. (4) ذو خشب: على مرحلة من المدينة. (5) انظر ابن هشام 4: 182، وابن سعد 1 / 2: 52، والطبري 3: 140، وابن سيد الناس 2: 228، وابن كثير 5: 29، وزاد المعاد 3: 60، والإمتاع: 489 وتاريخ الخميس 2: 134.

صلى الله عليه وسلم في الرجوع إلى قومه ودعائهم إلى الإسلام، فخشى عليه منهم وحذره، فأبى ووثق بمكانه منهم، فانصرف ودعاهم إلى الإسلام فرموه بالنبل، فمات، فأوصى عند موته أن يدفن خارج الطائف مع الشهداء الذين أصيبوا إذ حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفن هناك، رضوان الله عليه. ثم إن ثقيفاً رأوا أنهم لا طاقة لهم بما هم فيه من مغاورة جميع العرب، وكان رئيسهم عمرو بن أمية أخا بني علاج وعبد ياليل بن عمرو بن عمير، وهو من الأحلاف من بني غيرة، وهم فخذ من ثقيف، فاتفقوا على أن يبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد ياليل بن عمرو ورجلين من الأحلاف، وهما: الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب، وشرحبيل بن غيلان، وثلاثة من بني مالك، وهم: عثمان بن أبي العاصي ابن بشر بن عبد دهمان أخو بني يسار، ونمير بن خرشة بنم ربيعة أخو بني الحارث، وأوس بن عوف؛ وقد قيل: إنه قاتل عروة بن مسعود؛ فخرجوا حتى قدموا المدينة. فأول من رآهم بقناة: ابن عمهم المغيرة بن شعبة، وكان يرعى في نوبته ركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فترك عندهم الركاب، ونهض مسرعاً ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم، فلقي أبا بكر، فاستخبره عن شأنه، فأخبره المغيرة بقدوم وفد قومه للإسلام، فأقسم عليه أبو بكر أن يؤثره بتبشير رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. فكان أبو بكر هو الذي بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر.

فرجع المغيرة ورجع معهم، وأخبرهم كيف يحيون (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفعلوا، وحيوه بتحية أهل الجاهلية، فضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبة في ناحية المسجد. وكان خالد بن سعيد بن العاصي هو الذي يختلف بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كتب لهم الكتاب، وكان الطعام يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يأكلونه حتى يأكل منه خالد. وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك لهم الطاغية (2) مدة ما، لا يهدمها؛ فأبى عليهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسألوا أيضاً أن يعفوا من (3) الصلاة، فأبى عليهم صلى الله عليه وسلم من ذلك. وسألوا أن لا يهدموا أوثانهم بأيديهم، فأجابهم إلى ذلك. وأمر عثمان بن أبي العاصي، وكان أحدثهم سناً، لأنه عليه السلام رآه أحرصهم على تعلم القرآن وشرائع الإسلام؛ فأسلموا، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاصي بتعليمهم شرائع الإسلام. ومما أمره به: أن يصلي بهم، وأن يقتدي بأضعفهم، أي لا يطول عليهم إلا على قدرة قوة أضعف من يصلي وراءه. وأمره أيضاً أن يتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً. ثم انصرفوا إلى بلادهم، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان ابن حرب، والمغيرة بن شعبة، لهدم الطاغية، وهي اللات. فأقام أبو سفيان

_ (1) في الأصل: تحيون. (2) يقال للصنم: طاغية وطاغوت. والمقصود هنا: اللات، وكانت ثقيف تعبدها، وبنت لها بيتاً، وجعلت له سدنة، وعظمته وطافت حوله، وكانوا يضاهئون به الكعبة. (3) في الأصل: عن.

حجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسورة " براءة " يقرؤها على الناس في الموسم

بماله بذي الهرم، وقال المغيرة: ادخل أنت على قومك. فدخل المغيرة وشرع في هدم الطاغية، وأقام قومه دونه: بنو معتب، خشية أن يرمي؛ وخرج نساء ثقيف حسراً يبكين اللات وينحن عليها. وهدمها المغيرة، وأخذ مالها وحليها. وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال الطاغية دين عروة بن مسعود؛ ورغب إليه قارب بن الأسود بن مسعود أن يقضي دينه الذي تحمل به عن أبيه، ففعل ذلك. وقد كان أبو مليح ابن عروة بن مسعود، وقارب بن الأسود، قد أسلما قبل إسلام ثقيف. حجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسورة " براءة " يقرؤها على الناس في الموسم (1) وحج الناس عام تسع في ذي الحجة أبو بكر الصديق، أميراً على الناس في الحج. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بسورة براءة، يقرؤه على الناس في الموسم، نابذاً إلى كل ذي عهد عهده، ومبطلاً كل عقد سلف، على ما نص في السورة من الأحكام. وبالله تعالى التوفيق.

_ (1) انظر ابن هشام 4: 182، وابن سعد 1 / 2: 52، والطبري 3: 140، وابن سيد الناس 2: 228، وابن كثير 5: 29، وزاد المعاد 3: 60، والإمتاع: 489 وتاريخ الخميس 2: 134.

فصل

فصل (1) ثم تواترت وفود العرب مذعنة بالإسلام، إلا من خذله الله تعالى: كعامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب، وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب، فإنهما وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبيا الإسلام، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما؛ فهلك عامر بالغدة، وهلك أربد بالصاعقة. ووفد من بني تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم: عطارد بن حاجب بن زرارة، والأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم المنقري، ومالك بن وقش بن عاصم، والحتات، وهو الذي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان، ونعيم بن يزيد، وقيس بن الحارث. وقد كان الأقرع بن حابس أسلم قبل ذلك. وقدم من بني سعد بن بكر: ضمام بن ثعلبة. وقدم الجارود العبدي، والأشج العصري (2) ، وغيرهما من وفود عبد القيس، وكانوا قد قدموا قبل فتح مكة فأسلموا حينئذ. وقدم وفد بني حنيفة، فيهم مسيلمة، فلما رجعوا تنبأ لعنه الله تعالى، وارتد معه من العرب من خذله الله تعالى من قومه. وثبت ثمامة بن أثال، رضوان الله عليه، على الإسلام.

_ (1) في الأصل: تحيون. (2) يقال للصنم: طاغية وطاغوت. والمقصود هنا: اللات، وكانت ثقيف تعبدها، وبنت لها بيتاً، وجعلت له سدنة، وعظمته وطافت حوله، وكانوا يضاهئون به الكعبة.

[حجة الوداع]

ووفد زيد الخيل الطائي، وافد طيئ. وقدم فروة بن مسيك المرادي، وافد قومه، فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مذحج كلها بجميع قبائلها. ووفد عمرو بن معد يكرب (1) ، وافد الأزد. وبعث صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن (2) . وأسلم فروة بن عمرو الجذامي، وهادى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذه صاحب ما يليه من بلاد الروم فصلبه (3) . وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب بنجران (4) ، فأسلموا. [حجة الوداع] (5) ثم حج عليه السلام حجة الوداع، خرج لها من المدينة بعد أن صلى الظهر يوم الخميس لست بقين لذي القعدة، وبات بذي الحليفة، وأهل منها قارناً بين الحج والعمرة (6) ، وكان معه الهدي: مائة من الإبل،

_ (1) في الأصل: عن. (2) انظر ابن هشام 4: 188، وابن سعد 2 / 1: 121، والطبري 3: 154، وابن سيد الناس 2: 231، وابن كثير 5: 36، وزاد المعاد 3: 52، والإمتاع: 498، والمواهب 1: 228، وتاريخ الخميس 2: 141. (3) انظر أخبار الوفود في ابن هشام 4: 205 - 246، وابن سعد 1 / 2: 38 - 86، والطبري 3: 150 - 155، وابن سيد الناس 2: 232 - 258، وابن كثير 5: 40 - 95، وزاد المعاد 3: 60 - 115، والإمتاع: 434 - 435، 495، 505 - 509؛ وتاريخ الخميس 2: 192 - 198. (4) اسمه: المنذر بن الحارث بن عائذ العصري، بفتح العين والصاد، نسبة إلى " عصر " وهو بطن من عبد القيس. (5) هو واد زبيد، وقدم معه عشرة منهم، نزلوا على سعد بن عبادة. (6) راجع ابن هشام 4: 237.

بعضها حملها صلى الله عليه وسلم مع نفسه، وبعضها، وهو نحو الثلث، أتى بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن. ودخل عليه الصلاة والسلام مكة من أعلاها (1) ، يوم الأحد لأربع خلون لذي الحجة سنة عشر. وأمر في طريقه من شاء أن يهل بحج فليفعل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليفعل، ومن شاء أن يقرن بينهما فليفعل. فلما قرب من مكة أمر من كان معه هدي أن يقرن بين عمرة وحجة (2) ، وأمر كل من لا هدي معه أن يفسخ حجه بعمرة (3) ولابد. وسئل عن تمتعهم تلك (4) ، ألعامهم ذلك أم للأبد فقال صلى الله عليه وسلم: بل لأبد أبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها إذ حاضت، وكانت قد أهلت بعمرة أن تضيف إليها حجة، وتعمل كل ما يعمل الحاج، حاشا الطواف بالبيت (5) . وطاف صلى الله عليه وسلم لعمرته وحجه طوافاً واحداً. وتطيب لإحرامه حين أحرم، ولإحلاله قبل أن يطوف بالبيت،

_ (1) المصدر السابق. (2) المصدر السابق 4: 239. (3) راجع حجة الوداع في الواقدي: 432، وابن هشام 4: 248، وابن سعد 2 / 1: 124، والطبري 3: 174، وابن سيد الناس 2: 272، وابن كثير 5: 109، والإمتاع: 510، والمواهب 1: 231، وتاريخ الخميس 2: 148. (4) هذا ما اختاره ابن حزم هنا، وتؤيده بعض الروايات عن مكحول وأبي طلحة؛ وهناك روايات أخرى عن عائشة وجابر: أن النبي أفرد الحج، والقول بأنه أهل بالحج مفرداً مذهب أهل المدينة؛ وفي رواية غيرهم أنه قرن مع حجه عمرة، وقال بعضهم: دخل مكة متمتعاً بعمرة، ثم أضاف إليها حجة. (5) أي دخلها من كداه.

وفاته صلى الله عليه وسلم

بطيب فيه مسك، بقي ظاهراً في رأسه المقدس أكثر من ثلاثة أيام بعد إحرامه (1) . وأمر بمحرم مات بعرفة أن يكفن في ثوبيه، ولا يمس بطيب، ولا يخمر وجهه ولا رأسه. وأمر الناس أن لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت، إلا الحائض التي طافت قبل حيضها بالبيت طواف الإفاضة. ثم رجع إلى المدينة من أسفل مكة قبل طلوع الشمس يوم الأربعاء الرابع عشر لذي الحجة. قال رحمه الله تعالى: وقد أفردنا لها جزءاً ضخماً استوعبنا فيه جميع خبرها (2) ، بحمد الله تعالى، وبه جل وعلا التوفيق. وفاته صلى الله عليه وسلم (3) ثم لما أسلم الناس علم صلى الله عليه وسلم أنه راحل إلى ربه تعالى، فخرج صلى الله عليه وسلم فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت بعد نحو عشرة أعوام (4) .

_ (1) انظر هذه الرواية عن جابر في ابن سعد 2 / 1: 126. (2) راجع في هذا: كتاب المحل لابن حزم 7: 108 - 109. (3) المتمع: هو من أهل بالعمرة في أحد أشهر الحج ثم حج في تلك الأشهر من سنته تلك (المحل 7: 164) . (4) قال ابن حزم في المحل 7: 105 إن عائشة رضي الله عنها لم تعتمر في عام حجة الوداع قبل الحج أصلاً، لأنها دخلت وهي حائض، حاضت بسرف، ولم تطف بالبيت إلا بعد أن طهرت يوم النحر - هذا أمر في شهرة الشمس - ولذلك رغبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمرها بعد الحج، فأعمرها من التنعيم، بعد انقضاء أيام التشريق.

ثم لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي مات فيه، كان في بيت ميمونة أم المؤمنين، ثم استأذن صلى الله عليه وسلم نساءه أن يمرض في بيت عائشة أم المؤمنين، فأذن له في ذلك (1) . وعرض عليه عند إغمائه أن يلدوه، فنهاهم عن ذلك، فتمادوا على أمرهم ولدوه. واللد: شيء كانت تصنعه العرب، وهو دواء في شقي الفم. فلما أفاق أمر بالاقتصاص منهم كلهم، فلدوا كلهم، حاشا عمه العباس، فإنه لم يحضر ذلك الفعل إذ لدوه. ولدت سودة أم المؤمنين وهي صائمة (2) . فلما كان يوم الخميس قبل موته صلى الله عليه وسلم بأربع ليال اجتمع عنده جمع من الصحابة، فقال عليه السلام: ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتاباً، لا تضلون (3) بعدي. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما أراد بها الخير، فكانت سبباً لامتناعه من ذلك الكتاب، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندنا كتاب الله، وحسبنا كتاب الله. وساعده قوم، حتى قالوا: أهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) وقال آخرون: أجيبوا بالكتف والدواة يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لا تضلون بعده. فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالخروج من عنده. فالرزية كل الرزية ما حال

_ (1) جاء في المحلى 7: 82: ونستحب للمرأة والرجل أن يتطيبا عند الإحرام بأطيب ما يجدانه من الغالية والبخور بالعنبر وغيره، ثم لا يزيلانه عن أنفسهما؛ وكره الطيب للمحرم قوم؛ وقد دافع ابن حزم عن التطيب وأنكر على من كرهوه للمحرم. (2) هو " كتاب حجة الوداع " ومنه نسخة خطية بمكتبة فيض الله بالآستانة، مصورة على ميكروفيلم في معهد إحياء المخطوطات العربية بجامعة الدول العربية. وسننشره إن شاء الله تعالى. (3) راجع ابن هشام 4: 291، 298 - 317، وابن سعد 2 / 2: 10 - 80، والطبري 3: 192 - 207، وابن سيد الناس 2: 335 - 242، وابن كثير 5: 223 - 244، والإمتاع: 540 - 551 والمواهب 2: 474 - 505، وتاريخ الخميس 2: 160 - 173، والبخاري 6: 9 - 16. (4) كتب في هامش النسخة: الصواب ثمانية إلا شيئاً، لأن أحداً كان على رأس الثالثة - كما تقدم -.

بينه وبين ذلك الكتاب. إلا أنه لا شك لو كان من واجبات الدين ولوازم الشريعة لم يثنه عنه كلام عمر ولا غيره. وكان في تلك المرضة قال لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك فأكتب كتاباً وأعهد عهداً، لئلا يتمنى متمن أو يقول قائل، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر. فلم يكن، والله أعلم، الكتاب الذي أراد صلى الله عليه وسلم أن يكتبه، فلا يضل بعده، إلا في استخلاف أبي بكر. وقد ظهرت مغبة ذلك، وكاد الناس يهلكون في الاختلاف فيمن يلي أمر المسلمين بعد، وفي الذي يلي من بعد من قام بعده، وإلى زمن علي، والأمر كذلك فيمن بعد علي. وبالجملة فالكتاب كان رافعاً لهذا النزاع، ولو لم يكن فيه إلا استراحة من سفك الدماء في أمر عثمان ومن بعده؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، فلقد هلكت في هذا طوائف، وتمادى ضلالهم إلى اليوم. وصلى عليه السلام أبي بكر في الصف صلاة تامة، وصلى أبو بكر بالناس تلك الأيام، بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك إليه. وخرج صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام وهو متوكئ على علي والعباس، وأبو بكر قد أخذ في الصلاة بالناس، فقعد عن يسار أبي بكر، وأبو بكر في موضع الإمام، وصار أبو بكر واقفاً عن يمينه في موضع المأموم، يسمع تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، يؤمهم قاعداً وهم خلفه. فصار ذلك مؤيداً لما سبق من صلاته صلى الله عليه وسلم بالناس جالساً. وكان هذا إجازة وقوف المذكر في مثل هذه الصلاة عن يمين الإمام.

وهذه آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس. ثم إن الله تعالى توفى نبيه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، حين اشتد الضحى، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، عند تمام عشر سنين من الهجرة. وآخر ما رأوه رجال من أصحابه، في صلاتهم الصبح من يوم الاثنين المؤرخ. وانقطع الوحى بموته صلى الله عليه وسلم، واستقر الدين. وصلى الناس عليه أرسالاً، لم يؤمهم أحد. ودفن في بيت عائشة أم المؤمنين، نصف ليلة الأربعاء، بعد موته بيوم ونصف يوم ونصف ليلة. وغسله العباس، والفضل وقثم ابناه، وعلي بن أبي طالب، وأسامة ابن زيد، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوس بن خولي، أحد بني عوف بن الخزرج، من الأنصار بدري. فكان أسامة وشقران يصبان الماء. وكفن في ثلاثة أثواب قطن سحولية بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة ولا سراويل ولا درع. أدرج فيها عليه السلام فقط (1) . وحفر له أبو طلحة الأنصاري، ولحد له في جانب القبر، وجبل أسامة اللبن، ودلاه في قبره علي بن أبي طالب، والفضل وقثم ابنا العباس، وشقران وأوس بن خولي. وبسطت تحته قطيفة له كان يفرشها في حياته. وقد قيل: إن عبد الرحمن ابن الأسود الزهري أدخله معهم في قبره.

_ (1) انظر التعليق رقم: 1 ص: 6.

وكانت مدة مرضه عليه السلام اثني عشر يوماً، ابتدأه الصداع يوم الخميس، وقيل: بل أربعة عشر يوماً. وقالت عائشة أم المؤمنين: كان ينفث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه يشبه نفث آكل الزبيب. وخير عليه السلام عند موته، فاختار لقاء ربه تعالى، قالت عائشة: سمعته يقول ببحة شديدة: " بل الرفيق الأعلى ". ومات صلى الله عليه وسلم مستنداً إلى صدرها. نسأله الله تعالى، مستشفعين به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى جل ثناؤه، أن يجمع بيننا وبينه، وأن يحجبنا ببركة متابعته عن النار، وأن يصلي عليه، وأن يغفر لأمته أجمعين، وأن يجعلنا من أمته. آمين. تم كتاب جوامع السيرة ويليه رسائل أخرى لابن حزم

الرسالة الأولى القراءات المشهورة في الأمصار الآتية مجيء التواتر

الرسالة الأولى القراءات المشهورة في الأمصار الآتية مجيء التواتر

فراغ

القراءات المشهور في الأمصار الآتية مجيء التواتر

القراءات المشهور في الأمصار الآتية مجيء التواتر قال أبو محمد رحمه الله تعالى: لأهل مكة: القراءة المعروفة بعبد الله بن كثير الداري، مات سنة عشرين ومائة، قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي، [وقرأ عبد الله بن السائب] (1) على أبي بن كعب [صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم] (2) ، وقرأ أيضاً على مجاهد. وقرأ مجاهد على ابن عباس. وقرأ ابن عباس على أبي، وزيد بن ثابت، كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولأهل المدينة: القراءة المعروفة بنافع بن أبي نعيم، مات سنة تسع وستين ومائة. قرأ على يزيد (3) بن القعقاع،، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ومسلم بن جندب الهذلي، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نصاح. هؤلاء عن أبي هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي. هؤلاء كلهم عن أبي بن كعب. ولأهل الكوفة: القراءة المعروفة بعاصم بن أبي النجود، تابعي أدرك الحارث بن حسان، وافد بني بكر (4) على النبي صلى الله عليه وسلم؛ مات سنة ثمان أو سبع وعشرين ومائة. قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وعلى

_ (1) ما بين معكفين في الأصل، والزيادة يقتضيها السياق. (2) وقعت هذه العبارة في الأصل إثر البياض المتقدم، وقبل قوله " على أبي بن كعب " فردت إلى موضعها الصحيح. (3) في الأصل: زيد. (4) في الأصل: بكير.

زر بن حبيش. وقرأ أبو عبد الرحمن على عثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبي، وزيد. وقرأ زر على ابن مسعود. وهي خير القرآن (1) عندنا، من غير أن ننكر غيرها، ومعاذ الله من ذلك. ولهم القراءة المعروفة بحمزة بن حبيب، مات سنة ست وخمسين ومائة. قرأ على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وحمران بن أعين، وأبي إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، والمغيرة بن مقصم، وجعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضوان الله عليهم أجميعن. والأعمش؛ وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب، وقرأ يحيى على علقمة، والأسود، وعبيد (2) بن نضلة الخزاعي، وأبي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش. كل هؤلاء عن ابن مسعود. ولهم القراءات المعروفة بالكسائي، ومات سنة تسع وثمانين ومائة. قرأ على حمزة، وعيسى بن عمر، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم. ولأهل البصرة: القراءات المعروفة بأبي عمرو، ومات سنة أربع وخمسين مائة. قرأ على مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة بن خالد المخزومي، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن عبد الرحمن بن محيصن، وحميد بن قيس الأعرج، وكلهم مكي؛ وقرأ أيضاً على يزيد بن القعقاع، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نصاح، وكلهم مدني؛ وقرأ أيضاً على الحسن، ويحيى بن يعمر، وغيرهما من أهل البصرة. وأخذ هؤلاء عن الصحابة رضوان الله عليهم.

_ (1) أي: هي خير القراءات. (2) في الأصل: عبيدة.

ولهم القراءات المعروفة بيعقوب بن إسحق الحضرمي صاحب شعبة (1) ، وقرأ على أبي عمرو، وغيره. ولأهل الشام: القراءات المعروفة بعبد الله (2) بن عامر، مات سنة ثمان عشرة ومائة. قرأ على [أبي] (3) الدرداء، وقرأ أيضاً على المغيرة ابن أبي شهاب المخزومي، وقرأ المغيرة على عثمان رضي الله عنه. وها هنا قراءة غير هذه أيضاً (4) عن الأئمة المشهورة، مما لم يشتهر عنهم، فلا يحل أن يقرأ بها، بمعنى: أن تعلم، ولا يصلي بها، ولا تكتب في المصاحف أصلاً؛ وبالله التوفيق. تمت الرسالة الأولى

_ (1) توفي سنة 205، وأكثر البصريين على طريقته في القراءة بعد أبي عمرو بن العلاء. (2) في الأصل: لعبد الله. (3) ساقطة من الأصل. (4) في الأصل: " غير هذه مشهورة أيضاً " وكأن لفظ " مشهورة " زيادة من الناسخ.

فراغ

الرسالة الثانية أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد

الرسالة الثانية أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد

فراغ

[أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد]

[أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد] (1) قال أبو محمد رحمه الله تعالى: هذا باب من ذكر من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة، رضوان الله عليهم، حديثاً فما فوقه، ممن نقل الحديث عنهم، على مراتبهم في ذلك: أصحاب الألوف وما زاد (2) منهم، ثم أصحاب الألفين وما زاد، ثم أصحاب الألف وما زاد، ثم أصحاب المئين وشيء، ثم أصحاب المئتين وشيء (3) ، ثم أصحاب المائة وشيء ثم أصحاب العشرات وشيء، ثم أصحاب العشرين، ثم أصحاب التسعة عشر، ثم أصحاب الثمانية عشر، ثم أصحاب السبعة عشر، ثم كذلك نقص واحد واحد، إلى أصحاب الأفراد. (1) صاحب الألوف: أبو هريرة: خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثاً (4) . (2) أصحاب الألفين وما زاد عنها: عبد الله بن عمر بن الخطاب: ألفا حديث وستمائة وثلاثون حديثاً.

_ (1) عورضت هذه الرسالة على النسخة رقم 254 مصطلح الحديث بدار الكتب، وهي المرموز لها بالحرف (ج) ؛ والنسخة رقم 521 من الفن نفسه، ورمز لها بالحرف (د) ؛ وعلى ما جاء في تلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي، وهو المرموز له بالحرف (ت) . والعنوان ساقط من الأصل، وقد أثبتناه كما جاء في (ج) . (2) في الأصل: وما زاده. (3) في الأصل: " غير شيء "، وهو خطأ، مخالف الواقع الذي سيأتي. (4) في الأصل؛ خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربع وستون. والتصحيح من ج، د، ت.

أنس بن مالك: ألفا حديث [ومائتا حديث] (1) وستة وثمانون حديثاً. عائشة أم المؤمنين: ألفا حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث. (3) أصحاب الألف وما زاد عنها: عبد الله بن العباس: ألف حديث وستمائة حديث وستون حديثاً. جابر بن عبد الله: ألف حديث وخمسمائةحديث وأربعون حديثاً. أبو سعيد الخدري: ألف حديث ومائة حديث وسبعون حديثاً. (4) أصحاب المئين [وشيء] (2) : عبد الله بن مسعود: ثمانمائة حديث وثمانية وأربعون حديثاً. عبد الله بن عمرو بن العاصي: سبعمائة حديث. عمر بن الخطاب: خمسمائة حديث [وسبعة وثلاثون حديثاً] (3) . علي بن أبي طالب: خمسمائة حديث [وستة وثلاثون حديثاً] (4) . أم سلمة، أم المؤمنين: ثلاثمائة حديث وثمانية وسبعون حديثاً. أبو موسى الأشعري، واسمه عبد الله بن قيس: ثلاثمائة حديث وستون حديثاً. البراء بن عازب: ثلاثمائة حديث [وخمسة أحاديث] (5) .

_ (1) زياد من ج، د، ت؛ وقد وقع " أنس " في الأصل ثالثاً في الترتيب في أصحاب الألفين بعد " عائشة " فقدمناه. (2) زيادة يقتضيها البيان الأول. (3) زيادة من ج، د، ت؛ وقد وقع " عمر " بعد " علي " في الأصل. (4) زيادة من ج، د، ت. (5) زيادة من ج، د، ت.

(5) أصحاب المئتين وشيء: أبو ذر الغفاري: مائتا حديث وواحد وثمانون حديثاً (1) . سعد بن أبي وقاص: مائتا حديث وواحد وسبعون حديثاً. أبو أمامة الباهلي: مائتا حديث وسبعون حديثاً (2) . حذيفة بن اليمان: مائتا حديث وخمسة وعشرون حديثاً. (7) أصحاب المائة وشيء: سهل بن سعد: مائة وثمانية وثمانون حديثاً. عبادة بن الصامت: مائة حديث وأحد وثمانون حديثاً. عمران بن حصين: مائة وثمانون حديثاً. أبو الدرداء: مائة حديث وتسعة وسبعون حديثاً. أبو قتادة: مائة حديث وسبعون حديثاً. بريدة بن الحصيب الأسلمي: مائة حديث وسبعة وستون حديثاً. أبي بن كعب: مائة حديث وأربعة وستون حديثاً. معاوية بن أبي سفيان: مائة حديث وثلاثة وستون حديثاً. معاذ بن جبل: مائة حديث وسبعة وخمسون حديثاً. أبو أيوب الأنصاري: مائة حديث وخمسة وخمسون حديثاً. عثمان بن عفان: مائة حديث وستة وأربعون حديثاً. جابر بن سمرة الأنصاري: مائة حديث وستة وأربعون حديثاً.

_ (1) ذكر " أبو ذر الغفاري " بعد " حذيفة بن اليمان " في الأصل، تحت عنوان " صم أصحاب المائتين غير شيء " ولا معنى لهذا العنوان، كما أن عدد حديث أبي ذر ما أثبتناه هنا من ج، د؛ ت لا كما كان في الأصل " مائة حديث وواحد وثمانون حديثاً ". (2) هكذا ورد هنا، والذي من ج، د، ت: مائتا حديث وخمسون حديثاً.

أبو بكر الصديق: مائة حديث واثنان وأربعون حديثاً. المغيرة بن شعبة: مائة حديث وستة وثلاثون حديثاً. أبو بكرة: مائة حديث واثنان وثلاثون حديثاً. أسامة بن زيد: مائة حديث وثمانية وعشرون حديثاً. ثوبان، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: مائة حديث وثمانية (1) وعشرون حديثاً. النعمان بن بشير: مائة حديث وأربعة عشر حديثاً. أبو مسعود الأنصاري: مائة حديث وحديثان. جرير بن عبد الله البجلي: مائة حديث، ويغتفر لكونه لم يزد على المائة، وشرط الترجمة الزيادة. (8) أصحاب العشرات وشيء، والعشرات وغير شيء: عبد الله بن أبي أوفى: خمسة وتسعون حديثاً. زيد بن خالد: واحد وثمانون حديثاً. أسماء بنت زيد بن السكن: واحد وثمانون حديثاً. كعب بن مالك: ثمانون حديثاً. رافع بن خديج: ثمانية وسبعون حديثاً. سلمة بن الأكوع: سبعة وسبعون حديثاً. ميمونة، أم المؤمنين: ستة وسبعون حديثاً. وائل بن حجر: واحد وسبعون حديثاً.

_ (1) في الأصل: وثلاثة، والتصحيح عن ج، د، ت. وذكرت في ج: " سمرة بن جندب الفزاري "، وأن له مائة وثلاثة وعشرين حديثاً، بعد ذكر ثوبان.

زيد بن أرقم الأنصاري: سبعون حديثاً. أبو رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثمانية وستون حديثاً. عوف بن مالك: سبعة وستون حديثاً. [عدي بن حاتم: ستة وستون حديثاً] . (1) [أم حبيبة، أم المؤمنين: خمسة وستون حديثاً] . عبد الرحمن بن عوف: خمسة وستون حديثاً. [عمار بن ياسر: اثنان وستون حديثاً] . [سلمان الفارسي: ستون حديثاً] . [حفصة أم المؤمنين: ستون حديثاً] . أسماء بنت عميس: ستون حديثاً. جبير بن مطعم: ستون حديثاً. أسماء بنت أبي بكر: ثمانية وخمسون حديثاً. وائلة بن الأسقع: ستو وخمسون حديثاً. عقبة بن عامر الجهني: خمسة وخمسون حديثاً. [شداد بن أوس: خمسون حديثاً] (2) . فضالة بن عبيد: خمسون حديثاً (3) . عبد الله بن بشير: خمسون حديثاً. سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ثمانية وأربعون حديثاً.

_ (1) ما بين معكفين زيادة من ج، د، ت. وذكر في ت " عمرو بن عوف " وأن له اثنين وستين حديثاً، بعد ذكر " عمار وسقط في النسختين الأخيرتين. (2) ما بين معكفين زياد من ج، د، ت. (3) " فضالة ": بفتح الفاء لا غير. وزعم صاحب القاموس أنه " بضم "؛ وهو خطأ، لم يذكره أحد غيره.

[عبد الله بن زيد: ثمانية وأربعون حديثاً] (1) . المقدام بن معد يكرب (2) : سبعة وأربعون حديثاً. كعب بن عجزة: سبعة وأربعون حديثاً. [أم هانئ بنت أبي طالب: ستة وأربعون حديثاً] . أبو برزة (3) : ستة وأربعون حديثاً. أبو جحيفة: خمسة وأربعون حديثاً. بلال المؤذن: أربعة وأربعون حديثاً. جندب بن عبد الله بن سفيان: ثلاثة وأربعون حديثاً. عبد الله بن مغفل: ثلاثة وأربعون حديثاً. [المقداد: اثنان وأربعون حديثاً] . [معاوية بن حيدة: اثنان وأربعون حديثاً] . سهل بن حنيف: أربعون حديثاً. حكيم بن حزام: أربعون حديثاً. [أم ثعلبة الخشني: أربعون حديثاً] . [أم عطية: أربعون حديثاً] . عمرو بن العاصي: تسعة وثلاثون حديثاً. خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين: ثمانية وثلاثون حديثاً. [الزبير بن العوام: ثمانية وثلاثون حديثاً] .

_ (1) ما بين معكفين زياد من ج، د. (2) في ج، ت: " المقدم أبو كريمة ". وهي كنيته. (3) سيذكره في أصحاب العشرين، ولعل أحدهما هو أبو بردة الظفري، انظر مسند أحمد.

طلحة بن عبيد الله: ثمانية وثلاثون حديثاً. [عمرو بن عبسة: ثمانية وثلاثون حديثاً] (1) . العباس بن عبد المطلب: خمسة وثلاثون حديثاً. معقل: أربعة وثلاثون حديثاً. فاطمة بنت قيس: أربعة وثلاثون حديثاً. خباب بن الأرت: اثنان وثلاثون حديثاً. العرباض بن سارية: واحد وثلاثون حديثاً. معاذ بن أنس: ثلاثون حديثاً. عياض بن حمار المجاشعي: ثلاثون حديثاً. [صهيب: ثلاثون حديثاً] . أم الفضل بنت الحارث: ثلاثون حديثاً. عثمان بن أبي العاصي الثقفي: تسعة وعشرون حديثاً. يعلى بن أمية: ثمانية وعشرون حديثاً. عتبة بن عبد: ثمانية وعشرون حديثاً. أبو أسيد الساعدي: ثمانية وعشرون حديثاً. عبد الله مالك ابن بحينة: سبعة وعشرون حديثاً. أبو مالك الأشعري: سبعة وعشرون حديثاً. [أبو حميد الساعدي: ستة وعشرون حديثاً] . يعلى بن مرة: ستة وعشرون حديثاً.

_ (1) ما بين معكفين زيادة من ج وت.

[عبد الله بن جعفر: خمسة وعشرون حديثاً] (1) . أبو طلحة الأنصاري: خمسة وعشرون حديثاً. [عبد الله بن سلام: خمسة وعشرون حديثاً] (2) . سهل بن أبي حثمة: خمسة وعشرون حديثاً. أبو المليح الهذلي: خمسة وعشرون حديثاً. الفضل بن العباس: أربعة وعشرون حديثاً. أبو واقد الليثي: أربعة وعشرون حديثاً. رفاعة بن رافع: أربعة وعشرون حديثاً. [عبد الله بن أنيس: أربعة وعشرون حديثاً] . [أوس بن أوس: أربعة وعشرون حديثاً] . [الشريد: أربعة وعشرون حديثاً] . لقيط بن عامر: أربعة وعشرون حديثاً. أم قيس بنت محصن: أربعة وعشرون حديثاً. عامر بن ربيعة (3) : اثنان وعشرون حديثاً. قرة: اثنان وعشرون حديثاً. السائب: اثنان وعشرون حديثاً. سعد بن عبادة: واحد وعشرون حديثاً. الربيع بنت معوذ: واحد وعشرون حديثاً.

_ (1) ما بين معكفين زيادة من ج وت. (2) انظر " عبد الله بن سلام " في أصحاب الخمسة، وهو مذكور في هذا الموضع في ج ود وت. (3) في الأصل: بلتعة، وتصحيحه عن ج ود وت ومسند أحمد.

9 - أصحاب العشرشين: أبو برزة (1) : عشرون حديثاً. أبو شريح الكعبي: عشرون حديثاً. عبد الله بن جراد: عشرون حديثاً. المسور بن مخرمة: عشرون حديثاً. عمرو بن أمية الضمري: عشرون حديثاً. صفوان بن عسال: عشرون حديثاً. 10 -[أصحاب التسعة عشر: سراقة بن مالك. سبرة بن معبد الجهني] (2) . 11 - أصحاب الثمانية عشر: تميم الداري. خالد بن الوليد. عمرو بن حريث. أبو حوالة الأزدي (3) . أسيد بن الحضير. فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. 12 - أصحاب السبعة عشر: النواس بن سمعان الكلابي. عبد الله بن سرجس. عبد الله بن الحارث بن جزء. 13 - أصحاب الستة عشر: الصعب بن جثامة. قيس بن سعد بن عبادة. محمد بن مسلمة.

_ (1) ذكره في أصحاب الستة والأربعين حديثاً، ولعل أحدهما هو أبو بردة الظفري. انظر مسند أحمد. (2) ساقطة في الأصل، مذكورة في ج ود وت. (3) في ج وت: " ابن حوالة ". وهو عبد الله بن حوالة، وكنيته: أبو حوالة.

14 - أصحاب الخمسة عشر: مالك بن الحويرث الليثي. أبو لبابة بن عبد المنذر. سليمان بن صرد. خولة بنت حكيم. 15 - أصحاب الأربعة عشر: عبد الرحمن بن شبل. ثابت بن الضحاك. طلق بن علي. أبو عبيدة بن الجراح. طارق آخر (1) . الصنابحي. عبد الرحمن (2) بن سمرة. الحكم بن عمير. سفينة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. كعب بن مرة. أم سليم بنت ملحان. 16 - أصحاب الثلاثة عشر: أبو ليلى الأنصاري. معاوية بن الحكم. الحسن بن علي بن أبي طالب. حذيفة بن أسيد الغفاري. سلمان بن عامر. عروة البارقي. صفوان بن أمية بن خلف. 17 - أصحاب الاثني عشر: أبو بصرة الغفاري. عبد الرحمن بن أبزى. عبد الله بن عكيم. عمر بن أبي سلمة. عامر بن ربيعة (3) . ربيعة بن كعب.

_ (1) لم يذكر في ج، وسقطت كلمة " آخر " من ت. (2) في الأصل: عبد الله؛ والتصحيح من ج وت والإصابة. (3) في الأصل: ربيع.

سلمة بن المحبق الهذلي. الشفاء بنت عبد الله العدوية. سبيعة الأسلمية. 18 - أصحاب الأحد عشر: نبيشه. أبو كبشة الأنماري. عمرو بن الحمق. الهلب (1) . وابصة بن معبد الأسدي. أبو اليسر. زينب بنت جحش، أم المؤمنين. ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب. بسرة بنت صفوان. 19 - أصحاب العشرة: صفية أم المؤمنين. أم هشام بنت حارثة الأنصارية. أم مبشر. أم كلثوم. أم كرز. أم معقل الأسدية. عتبان بن مالك. [عروة بن مضرس. مجمع بن جارية. نعيم بن همار] (2) . أبو محذورة. خريم بن فاتك الأسدي. عدي بن عميرة. عمير مولى آبى اللحم.

_ (1) قال المجد في القاموس: " والهلب لقب أبي قبيصة يزيد بم قنافة الطائي. يضمه المحدثون، وصوابه ككتف ". والصحيح ما أثبته المحدثون علماء النقل. (2) زيادة من ج وت. وفي أصلها: " هناز " مكان " همار ". والصواب من الإصابة ومسند أحمد 5: 286. وفي ابن سعد 7 / 2: 135 " نعيم بن هبار ". وفي الإصابة " نعيم بن همار "، ويقال: ابن هبار، ويقال: ابن هدار، ويقال: ابن حمار؛ وهمار أصح.

20 - أصحاب التسعة: نوفل بن معاوية. أبو الطفيل. عمارة بن رويبة. حمزة بن عمرو الأسلمي. ابن الحنظلة. هشام بن عامر. المطلب بن أبي وداعة. بشير الخصاصية. أبياض بن حمال المأربي (1) . أبو ريحانة. الأشعث بن قيس الكندي. أبو صرمة. 21 - أصحاب الثمانية: أبو رمثة (2) . الحسين بن علي بن أبي طالب. أبو عتيك (3) . عبد المطلب بن ربيعة. الأسود بن سريع. جرهد الأسلمي. حبشي بن جنادة. أسامة بن شريك. عمرو بن خارجة. حنظلة الكاتب. رويفع بن ثابت. عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. بلال بن الحارث المزني. عائذ بن عمرو المزني. أم الحصين (4) . خولة بنت قيس.

_ (1) في الأصل: " الحارثي ". والصواب من الإصابة، وأبيض بن حمال مأربي سبتي. وفي ابن سعد 5: 382 " المازني " وفي التعليقات عليه " المأربي ". وفي تهذيب النووي 1: 107 " حمال: بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم، المأربي: بعد الميم همزة ساكنة يجوز تخفيفها بقلبها ألفاً ثم راء مكسورة وباء موحدة. ". (2) كذلك هو في مسند أحمد وج والإصابة؛ وفي ت: " أم رميثة ". (3) في الأصل: ابن عتيك. (4) في الأصل: أبو الحصين، والتصحيح عن ج ود وت، ومسند أحمد، والإصابة.

زينب امرأة ابن مسعود. الفريعة بنت مالك. خنساء بنت خدام. أميمة بنت رقيقة. 22 - أصحاب السبعة: عويثم بن ساعدة. أبو أمية. قطبة بن مالك. حبيب بن سلمة. عوف بن مالك بن نضلة. أبو جمعة. قتادة بن النعمان الظفري. عبد الله بن السائب. محمد بن عبد الله بن جحش. سلمة بن قيس الأشجعي. معيقيب. قيس بن طخفة. سلمة بن صخر البياضي. عقبة بن الحارث. الحارث بن يزيد البكري. الحارث بن أوس. عرفجة. علي بن شيبان. المسيب، وأراه: أبا سعيد. المستورد (1) بن شداد. عبد الله المزني. قيس بن [أبي] غرزة (2) . سويد بن النعمان. أم خالد، أراها: بنت خالد (3) . أم حرام بنت ملحان. زينب بنت أم سلمة أم المؤمنين. جويرية أم المؤمنين. سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ (1) في الأصل: المسور. وصوابه من ج وت، ومسند أحمد، والإصابة. (2) في الأصل: " قيس بن عززة " وصوابه من الإصابة قال: " قيس بن أبي غرزة: بفتح المعجمة والراء ثم الزاي المنقوطة ". (3) مشهورة بكنيتها، واسمها: أمة.

23 - أصحاب الستة: عاصم بن عدي. مخنف بن سليم. كرز (1) بن علقمة. عبد الله بن حنظلة. سلمة بن يزيد. الحجاج الأسلمي. الحارث الأشعري. رافع بن عرابة. نصر بن حزن. الفلتان (2) بن عاصم. ذو مخمر. أبو عياش الزرقي. النعمان بن مقرن. حارثة بن وهب الخزاعي. أبو وهب الجشمي (3) . مالك بن الحويرث. سويد بن مقرن مذكور في أصحاب الثلاثة (4) . المهاجر بن قنفذ. عويمر بن أشقر. هشام بن حكيم بن حزام. محمد بن صفوان. قبيصة بن المخارق. عقيل بن أبي طالب. أم جندب، وهي والدة سليم بن عمرو (5) . أم العلاء. بشر بن سحيم. أبو الحمراء.

_ (1) في الأصل: كنيف؛ والتصحيح عن ج ود وت والإصابة. (2) في الأصل: البلويان؛ والتصحيح عن ج ود وت وأسد الغابة والإصابة. (3) في الأصل: الخشني؛ وصوبناه من ج وت والإصابة. (4) لعل هذه العبارة زيادة من الناسخ. (5) هكذا في الأصل " والدة سليم بن عمرو "، وكذلك جاء في ابن سعد 8: 224 " سليم "، ولكنه ذكر في إسناده إلى أمه: " سليمان بن عمرو بن الأحوص " مكان " سليم ". وكذلك جاء اسمه " سليمان في الإصابة. وترجم له ابن حجر في التهذيب " سليمان بن عمرو بن الأحوص " وقال: " روى عن أبيه وأمه أم جندب ولهما صحبة. ".

24 - أصحاب الخمسة: خفاف بن إيماء. صحار العبدي. ربيعة بن عباد. أبو عريب. مالك بن صعصعة. مجاشع بن مسعود السلمي. قابوس بن أبي المخارق (1) . يزيد بن أبي الأسود. معن بن يزيد. عثمان بن طلحة. معقل بن سنان الأشجعي. سلمة بن نفيل السكوني. ثعلبة بن الحكم. معمر بن عبد الله بن نضلة العدوي. عمرو بن حزم. محجن بن الأدرع. أبو الجعد (2) . أبو عبس بن جبر (3) . سالم بن عبيد الله. السائب بن خلاد. لقيط بن صبرة. سفيان بن عبد الله. سفيان بن أبي زهير. خويلد بن (4) ثعلبة بن مالك. أم بجيد. أم الدرداء. سودة أم المؤمنين. صفية بنت شبيبة. أم أيمن. خالد بن الوليد. عبد الله بن سلام (5) .

_ (1) قال ابن حجر في افصابة " قابوس بن المخارق أو ابن أبي المخارق.... تابعي مشهور ... وقرأت بخط مغلاطي أن ابن حزم ذكره في ترتيب مسند بقي بن مخلد وأن له عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ستة أحاديث، قلت: وهي مراسيل. ". (2) في الأصل: أبو الجعيد، وتصحيحه من ج وت والإصابة، وهو أبو الجعد الضمري. (3) في الإصابة: أبو عيسى بن جبر. (4) في الأصل: خويلة بنت ثعلبة؛ والتصويب من ج والإصابة. (5) لم يذكر خالد وعبد الله بن سلام في ج ود وت، وذكر عبد الله في أصحاب الخمسة والعشرين.

25 - أصحاب الأربعة: عبد الله بن يزيد الأنصاري. أبي بن مالك. أبو حازم الأنصاري. معاذ بن عفراء. سعيد أبو عبد العزيز (1) . هانئ بن هانئ. ذؤيب، والدقبيصة بن ذؤيب. العلاء بن الحضرمي. أبو خزامة. وحشي بن حرب. قيس بن عاصم. مالك بن هبيرة. ركانة بن عبد يزيد بن الحارث. [الحارث بن عمرو] (2) . أبو زيد الأنصاري. سبرة (3) بن فاتك. عتبة بن غزوان. عثمان بن مظعون. الحارث بن مسلم. الحكم. أبو لبيبة (4) . فيروز الديلمي. الحارث بن قيس. خالد بن عرفطة. بسر بن أبي أرطاة. عمرو بن أمية، آخر (5) . عبد الرحمن بن صفوان. الحجاج بن عمرو الزبيدي. عبد الرحمن بن حسنة. محمد بن صيفي. جارية بن قدامة. طارق بن عبد الله المحاربي. سنان بن سنة. ديلم الحميري.

_ (1) في ج: سعيد بن عبد العزيز، وفي د: سعيد بن عبد العزى، وكلاهما خطأ، راجع الإصابة: رقم 3289، 721 في الكنى. (2) زيادة من ج ود وت. (3) في الأصل " سمرة ". وما ذكرنا هو الراجح الصحيح. (4) في الأصل: أبو لبينة؛ والتصويب عن ج ود وت والإصابة. (5) في الأصل: " عمرو بن أمية الضمري أخو عبد الرحمن بن صفوان ". وهو خطأ ظاهر.

زياد بن الحارث. معاوية بن حديج. هزال. عكاف (1) بن وداعة. عباس بن مرداس. الضحاك بن سفيان (2) . أبو رهم. أبو بشير الأنصاري. أبو جبيرة الأنصاري. زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن أبي عميرة. الجارود العبدي. أبو نجيح السلمي. أم ضبة (3) . بنت ليلى. أم المعذر. بنت كردم (4) . أم حبيبة بنت سهل (5) . 26 - أصحاب الثلاثة: يوسف بن عبد الله بن سلام. حرملة. بديل بن ورقاء. حكيم بن معاوية. غطيف بن الحارث. الحارث بن زياد. علي بن طلق. جنادة الأزدي. محرش الكعبي. العداء (6) بن خالد.

_ (1) في الأصل: " عطاف "، وصوابه من ج ود وت والإصابة. (2) في الأصل: " عثمان " مكان " سفيان " وصوابه من ج ود وت والإصابة. في ج وت: " أم ضبية "، وفي د: أم طيبة. (3) في الأصل " ابن كردم "، وفي ج وت " أم كردم ". وكلاهما خطأ، لا يوجد من هذه كنيتها. إنما هي " ميمونة " بنت كردم ". انظر ابن سعد 8: 222، والإصابة، والمسند 6: 366. (4) زاد في ت في أصحاب الأربعة: " وريبة، وطارق بن أشيم، وعبد الله بن أبي حدرد ". (5) في الأصل: " العذلل "؛ وصوابه من ج والإصابة. (6) في الأصل: " عامر " وصوابه من ج ود وت والإصابة.

عابس (1) التميمي. حنظلة بن حذيم. الأغر. دحية الكلبي. الأقرم. شريك بن طارق. أبو لبيد الأنصاري. أبو عزة. أبو حبة: عامر (2) بن ثابت، بدري. نبيط بن شريط (3) . أنس بن مالك الأشهلي. ذو الجوشن الضبابي. عبد الله بن السعدي، من بني مالك بن حسل (4) . أبو زيد. محيصة، ذكر أيضاً في أصحاب الاثنين. عبد الرحمن بن معمر. هبار بن صيفي (5) . سهل بن الحنظلية الأنصاري. عبد الله بن أبي حبيبة. ابن أم مكتوم. ابن مقرن. عبد الله بن أبي الجدعاء (6) . أبو بحينة الباهلي (7) . سعيد بن حريث. سهيل بن البيضاء. يزيد بن ثابت. فروة بن مسيك. أبو عبد الرحمن الجهني. جعدة أبو جزء.

_ (1) في الأصل: " عامر " وصوابه من ج ود وت والإصابة. (2) في الأصل: " عمر "؛ والتصويب عن الإصابة. (3) ورد في ت في أصحاب الاثنين برواية البرقي. (4) في الأصل: " حسيل "؛ والتصويب عن ج والإصابة. (5) في ت ود: " أهبان "، وفي الإصابة: " هبار بن صيفي " ذكر في الصحابة وفيه نظر، قاله أبو عمر. وانظر: أهبان بن صيفي في الإصابة أيضاً رقم 306. (6) في الأصل: " الجوعاء "، والتصويب عن ج ود وت والإصابة. (7) في ت والإصابة رقم 1006: " أبو مجيبة " وفي الإصابة أيضاً 111: " أبو بحينة "، قال ابن حجر " ذكره الذهبي في التجريد وعزاه لقي بن مخلد، وأنا أظن أنه ابن بحينة - وهو عبد الله ابن بحينة ".

حنظلة الأسيدي. عبد الله بن أبي ابن سلول. عطية السعدي. أبو سعيد الأنصاري. مالك بن عبد الله. سويد (1) بن هبيرة. خارجة بن حذافة (2) . خالد بن سعيد. عبد الله (3) بن قارب. أبو البداح (4) . أبو سهم. أبو عنبة. كردم بن كاس (5) . خالد بن علي (6) . كعب بن عاصم الأشقري. خالد الخزاعي. عبد الله بن حبيب. سلمة. سويد بن قيس. أبو هاشم بن عتبة بن أبي ربيعة. بصرة بن أبي بصرة (7) . عطية القرظي. حارثة بن وهب الخزاعي. عبيدة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أم أيوب. أم جميل، وهي أم محمد بن حاطب. أم فروة. الصماء بنت بشر.

_ (1) في الأصل: شريد؛ وهو خطأ. (2) في الأصل: حرام؛ وتصويبه من ج ود وت والإصابة. (3) في الأصل: عبيد الله؛ والتصويب عن ج وت والإصابة. (4) في الأصل: أبو البذاح؛ وصوابه من ح والإصابة، وفي ت: أبو الدراج. (5) كذا بالأصل. وفي ت لم يذكر اسم أبيه. ونرى أن " كاس " خطأ، لم نعرف له وجهاً. (6) وهذا اسم مغلوط يقيناً. وفي ت " خالد بن جلى ". وهو خطأ أيضاً. واسم " خالد " في الصحابة كثير، فلا ندري أيهم يريد. (7) في الأصل: بعرة؛ وصوابه من ج م د وت والإصابة.

فاطمة بنت أبي حبيش. أم سعد (1) . أنيسة. سلامة. درة بنت أبي لهب. ميمونة بنت سعد (2) . 27 - أصحاب الاثنين: عبد الله بن حنظلة الغسيل. الوليد بن عقبة. عبد الرحمن بن عائذ. سعد (3) مولى أبي بكر. سليم بن جابر الجهني (4) . أوس بن الصامت. المطلب بن عبد الله بن حنطب. عبد الرحمن بن أزهر. عبد الرحمن بن أبي عمرة. العرس بن عميرة (5) . سلمة بن سلامة بن وقش. محمد بن حاطب. أبو رافع الغفاري. أسيد بن ظهير. الحارث بن قيس. أبو سلامة. عبد الله بن أرقم. ثابت بن وديعة. مسعود. أبو إبراهيم. سعيد بن سعد. عتبة. أوس بن حذيفة. أبو الورد.

_ (1) في الأصل: سعدة؛ والتصويب من ح ود ت والإصابة. (2) زاد في ت في أصحاب الثلاثة: جارية بن ظفر؛ أبو غزان الحنفي، حبشي بن جنادة؛ سعيد بن يربوع بن عنكشة؛ سويد غير منسوب؛ عبد الله بن حذافة؛ عمارة بن حزم؛ عمرو بن مرة الجهني؛ مالك بن ربيعة ابو مريم؛ مالك بن عمرو القشيري؛ أبو فاطمة الأزدي. (3) في الأصل: سعيد؛ وصوابه من ح وت والإصابة. (4) في ج وت: " الهجيمي ". (5) في الأصل: المعرس بن أبي عميرة؛ وصوابه من ح ود وت والإصابة.

قتادة بن ملحان. حمل بن النابغة. حكيم بن سعد المزني. أبو السمح. عبد الله بن قريط. كعب بن عياض. سوادة بن الربيع (1) . عبد الله بن السائب. أبو نملة (2) . عبد الله بن عدي. أبو سلمى، راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو زهير النميري. عتبة (3) بن الحارث بن عامر. أبو عمرة. سلمة الهذلي. فرات بن حيان. معاوية بن جاهمة. الخشخاش (4) . حكيم بن جابر. معقل بن أبي معقل. صخر (5) الغامدي. إياس بن عبد الله المزني. أبو رفاعة. وهب بن حذبفة. أبو مجزأة، وهو زاهر (6) . يعلى الأشعري.

_ (1) في الإصابة: 3581 " ابن الربيع: بالتخفيف والتثقيل ". (2) في الأصل: أبو نميلة؛ وصوابه من ت والإصابة، واسمه: معاذ، كما في ت، أو عمار ابن معاذ، كما في الإصابة. (3) الإصابة: 6739 قال ابن حجر: استدركه الذهبي في التجريد، وعزاه لبقي بن مخلد، وأنه خرج له حديثين، وقد صفحه، وإنما هو عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل الصحابي المشهور. (4) في الأصل: " الحسحاس " بمهملات، وتصحيحه من ج وت، وفي ت، وفي ت: " الخشخاش العنبري "؛ وفي الإصابة 1708 " حسحاس ... قال أبو عمر: ذكره ابن حاتم في الحاء المهملة، وذكره في الخاء المعجمة، فإن كان كذلك فهو العنبري. " (5) في الأصل: صخرة. (6) في الأصل: أبو مجزأة بن زاهر؛ والتصويب عن الإصابة: 1005.

عمرو بن غيلان. رياح بن الربيع. عبد الله القرشي الفارسي (1) . عمرو بن الأحوص. سرق. سويد بن حنظلة. رفاعة الجهني. عبد الرحمن بن المرقع (2) . أبو الجعد. محصن. رافع بن عمرو المزني. أبو سليط. أشج بني عصر. نافع بن الحارث. عمرو بن تغلب. أبو غطيف. أبو بردة. ذو الأصابع. عقبة بن الحارث. أبو أمامة الحارثي. عتاب بن شمير (3) . محمد بن عبد الله بن سلام (4) . أبو مرثد الغنوي. ابن الرسيم (5) . عبادة. عدي بن عدي. ابن مخاشن (6) . أبو كليب (7) .

_ (1) في ح: الفراسي، وفي ت: " عبد الله القرشي " فقط. (2) في ح وت " عبد الله بن المرقع "، وذكر في الإصابة 4936 " عبد الله " وأحال على " عبد الرحمن " حيث ترجم له بهذا الاسم في رقم 5191. (3) في الأصل: شهر؛ وصوابه من الإصابة: فهو عتاب بن شمير؛، وقيل: نمير. (4) لم يرد ذكره في ح ود في أصحاب الإثنين؛ وذكر في ح ود ت في أصحاب الأفراد. (5) في ح: أبو الوسيم. (6) في الأصل: " أبو محيس "، " طارق بن مخاشن "، وفي الإصابة: " طارق بن كليب "، ذكره الذهبي في التجريد مستدركاً على من تقدمه ونسبه لبقي بن مخلد: قال: ويقال إنه ابن مخاشن. قلت ابن مخاشن تابعي من الطبقة الثانية ". (7) في الأصل: أبو كلب؛ وصوابه من ت والإصابة.

خالد بن اللجلاج (1) . أبي بن عمارة (2) . عياش (3) بن أبي ربيعة. ظهير. بريل السهالي (4) . الحارث بن البرصاء. مالك بن عبد الله الأزدي. ابن صعير (5) . مالك، هو أبو صفوان (6) . بسر بن حجاش (7) . ربيعة بن الهاد. ذو اليدين. عبد الله بن مالك. عقبة بن مالك. الزبيب (8) . زيد بن أبي أوفى. الحارث بن هشام. أبو ثابت. قدامة بن عبد الله. أبو الشعراء. أبو سيادة المتعي (9) . نعيم بن النحام. الأسلع. أم طارق (10) . خولة بنت إلياس. أم عمارة. سهلة بنت سهيل (11) . أم عبد الله بنت أوس.

_ (1) في الأصل: الجلاح، وفي ت: اللجلاج، وما أثبتناه من الإصابة. (2) في الأصل: " ابن أبي عمارة "؛ وتصحيحه من ج وت والإصابة: 29. (3) في الأصل: عياض؛ وصوابه من ت وج ود. (4) في الأصل: بذيل الشهابي؛ وفي ج: نزيل الشهالي، وما أثبتناه من الإصابة رقم 631، وانظر هناك الخلاف في اسمه، وكذلك رقم 8689. (5) هو ثعلبة ين صعير، ويقال: ابن أبي صعير. (6) كتب " أبو صفوان " في الأصل منفرداً. وانظر الإصابة: 7665. (7) في الأصل " أنيس بن جحاش ". وهو خطأ، صوابه في الإصابة 1: 153. (8) في ت " الزنيب "، وانظر الإصابة: 2778 ففيها: الزنيب أو الزبيب. (9) في الأصل: أبو سنان المعمى؛ وصوابه من د وت والإصابة. (10) من هنا حتى " سبرة بن أبي فاكه " سقط من النسخة ج. (11) في الأصل: سهل بن سهيل؛ وصوابه من د وت والإصابة.

أم الحكم. أم بشير بنت (1) البراء بن معرور. عائشة بنت قدامة. أم زياد. أنم ورقة. أم عبد الرحمن بن طارق. السوداء. ميمونة بنت سعد (2) . جذامة بنت وهب. أم معبد. ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم. مارية مولاته صلى الله عليه وسلم. [أبو] (3) سلامة. أميمة. سعد بن العلاء (4) [قال أبو محمد: ذكره في الواحد وله عندي حديثان] (5) . 28 - أصحاب الأفراد: مهران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. سانية (6) مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو سلمى مولاه. عبد الرحمن بن سبرة (7) . رافع بن أبي رافع. عبد الله بن السعدي (8) . الحارث بن خزمة. أبو العلاء الأنصاري.

_ (1) في ت: أم بشر، وجوز ابن حجر الوجهين. (2) في هامش المخطوطة: تقدمت في أصحاب الثلاثة. (3) زيادة من ت والإصابة. (4) زاد ابن الجوزي في أصحاب الاثنين وأكثره إخراج البرقي: تميم بن زيد - جعدة بن خالد - حارثة بن النعمان - حارثة أخو زيد - حمزة بن عبد المطلب - بنت ثامر - دهر بن الأخرم - سلمة بن الخزاعي - سندر بن شرحبيل ابن حسنة - شيبة بن عتبة - عبد الله بن ثعلبة - عبد الله بن ربيعة ابن الحاث - عبد الله بن أبي ربيعة - عبدة بن أبي ربيعة - عبدة بن حزن - عمرو بن كعب الياسي - عمير بن قتادة - معقل ابن مقرن - يسير أو أسير الدرمكي. (5) زيادة من د. (6) في الأصل " عسالة ". وهو تصحيف. صوابه من تاريخ ابن كثير 5: 328، والإصابة. (7) في الأصل: " بسرة " والصواب من ت والإصابة. (8) تقدم في أصحاب الثلاثة.

يزيد بن نعيم. قيس بن سهل. الفقيم. أبو هانئ. مرزوق الصيقل (1) شعيب. أبو داود، عمير بن عامر بن مالك (2) . زنكل (3) . بصرة (4) . قبيصة البجلي (5) . سليمان. ثابت بن أبي عاصم (6) . خرشة بن الحر (7) . مخمر (8) بنم معاوية. مالك بن أحيمر. سعد. عمر الخثعمي (9) . هلال. عمرو العجلاني. عبد الرحمن بن عائش الحضرمي (10) . الحارث بن الحارث.

_ (1) في الأصل: الصقيل؛ وتصحيحه من ت والإصابة. (2) كتب " أبو داود " في الأصل منفرداً، وهو كنية عمير كما في ت والإصابة. (3) في الأصل: زنجل؛ قال ابن حجر: " زنكل غير منسوب ذكره أبو محمد بن حزم في الوحدان من مسند بقى بن مخلد، واستدركه الذهبي في التجريد، وأنا أخشى أن يكون تصحيفاً من رجل فيكون مبهماً ". (4) في ت: نضرة، وفي د: نصرة، وانظر تحقيق اسمه في الإصابة 713. (5) سيأتي ذكر قبيصة بن المخارق وهو قبيصة البجلي نفسه كما ذكر في الإصابة. (6) في الأصل: سليمان بن ثابت بن أبي عاصم. وهما اثنان لا واحد. (7) في الأصل: " خرشة بن أبجر " وفي ت ود " ابن الحارث " وفي افصابة " خرشة ابن الحارث أو ابن الحر المحاربي ". (8) في الأصل: مجير؛ والتصويب عن د وت والإصابة. (9) في الأصل: سعد بن عمير الخشعمي؛ والصواب أنهما اثنان. وفي ت: عمر الجمعي، وقد ذكر الخشعمي والجمعي في الإصابة منفصلين. (10) في الأصل: " عبد الرحمن بن عياش الحضرمي " والصواب من الإصابة وت.

عمرو بن مرة الجهني. ابن زمل (1) . أبو قرصافة: جندرة (2) بن خيشنة. ابن السمط. أبو علي بن البحير (3) . عبد الربحمن بن عتبة. أبو شبيب (4) . عبد الله بن سعد. جبلة بن الأزرق. عبد الرحمن بن قتادة. الهاد (5) . هند بن أبي هالة. حرملة العنبري (6) . صعصعة بن ناجية. هبيب (7) بن مغفل. الزارع (8) . مجمع بن يزيد. سعيد (9) بن أبي راشد. جندب بن عبد الله. سلمة بن سلامة [بن] وقش. المسور بن يزيد. أبو الأرقم.

_ (1) في الأصل " ابن زميل ". وهو خطأ. صوابه في ت، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 320. في الإصابة: 4676 أنه " عبد الله بن زمل. (2) في الأصل: " حيدرة " والصواب من أسد الغابة ومن الإصابة - 1229 والكنى - 920. (3) في الأصل: " النحيز " والصواب من الإصابة (783) قال " أبو علي بن البحير أبو البحير ذكره في التجريد وعزاه لبقى بن مخلد ". وفي ت: " بحير ". وقال المجد في القاموس (بحر) : " وعلى ابن بحير: تابعي. " فلعل هذا أبوه. (4) في الأصل: " أبو سبيت "، وصوابه من الإصابة 603 كنى. (5) في الأصل: " الهادلة " وصوابه من الإصابة (9046) قال: " ذكره الذهبي في التجريد أن له في مسند بقي بن مخلد حديثاً، وهذا خطأ وإنما الحديث عن ابنه شداد بن الهاد الليثي. ". (6) في الأصل: " العنزي "، وصوابه من ت والإصابة. وهو حرملة بن عبد الله بن إياس. (7) في الأصل: " حبيب ". والصواب من الإصابة (8935) . (8) في الأصل: " الذراع " والصواب من ت والإصابة. (9) في الأصل: " معبد " والصواب من ت ود والإصابة.

سعيد بن العاصي (1) . سهل بن يوسف (2) . النمر (3) . أبو خراش. النابغة. ثابت بن قيس بن الشماس. ميسرة. عامر بن ربيعة. نصر بن دهر الأسلمي (4) . طارق بن عبد الله المحاربي. أبو خيثمة (5) . عمير بن سلمة الضمري. كدير الضبي (6) . رافع بن بشر (7) . أبو بشر (8) . بدرة أبو مالك (9) . أبو سهلة. السائب الأنصاري. عمرو بن أبي سليمان. عبد الله بن أبي سفيان.

_ (1) في الاصل: " سعيد بن ابي العاصي ". (2) في الإصابة (3803) " سهيل بن يوسف: ذكره الذهبي من مسند بقي، فوه، فإنه من أتباع التابعين ". (3) جاء " النمر " في الأصل متصلا بمن قبله هكذا: " سهل بن يوسف بن النمر ". وفي الإصابة (8802) : " نمر الخزاعي: له في مسند بقي حديث، واستدركه ابن فحون وعزاه لأبي جعفر الطبري، قلت: ولا أستبعد أن يكون هو نمير الخزاعي بالتصغير ". وسيأتي نمير الخزاعي في ص 307. (4) في الأصل: " نصر بن زاهر " والصواب من ت ود والإصابة (8698) . (5) في الأصل: " أبو حشمة " والصواب من ت ود والإصابة. (6) في الأصل: " كريز " والصواب من ت والإصابة. (7) قال ابن حجر في الإصابة (2739) : " رافع بن بشر السلمي: قلبه بعض الرواة، وإنما هو بشر بن رافع، وله حديث في الحشر، كذا قال أبو عمر. وذكر ابن شاهين أن الذي قبله عليّ بن ثابت. قلت: ومن طريقه أخرجه بقي بن مخلد ". (8) في الأصل: " أبو بسر " وفي الإصابة: " أبو بشر السلمي.. قال أبو موسى: لعله أبو اليسر بفتح التحتانية والمهملة ". (9) في الأصل: " ندرة أبو صلك " والصواب من ت ود والإصابة (603 - كنى) .

أبو سود (1) . فروة بن نوفل. خالد بن أبي جبل. علقمة بن رمثة البلوي. يزيد بن عامر السوائي. صهيب، آخر. أبو نجيح السلمي. عمرو البكالي. عمير. أبو خلاد الأنصاري. عطية الجشمي. يزيد العكلي. عبد الرحمن بن قتادة السلمي. علقمة بن الحويرث. بشير أبو جميلة (2) . عبد الله بن معقل بن مقرن. أبو موسى مالك بن عبادة الغافقي. أبو أبي الأنصاري. عبد بن عامر. يعقوب. مسلم بن رياح. ثمامة (3) بن أنس. عبد الرحمن بن سنة (4) . زياد بن حارثة. خولي. عمرو بن شأس. حارثة الخزاعي. أبو عائش. عروة. أبو أسيد بن ثابت. يزيد بن سلمة. نضلة.

_ (1) في الأصل: " أبو سردة " والصواب من الإصابة. (2) في الأصل: بشر أبو نحيلة؛ وانظر الإصابة 811 " بشير أبو جميلة من بني سليم، ذكره ابن مندة، وعزاه لابن سعد، وتعقبه أبو نعيم بأن الصواب: سنين أبو جميلة، وهو كما قال ". وانظر الإصابة في الكنى: 199، وفي الأسماء: 3511. (3) في الأصل: تمام؛ والتصحيح عن د وت والإصابة. (4) هو عبد الرحمن بن سنة الأسلمي، وسنة بفتح المهملة وتشديد النون وقيل بالمعجمة والموحدة (انظر الإصابة رقم: 5127) .

عمرو بن عامر [بن الطفيل] (1) . عبد الله بن سبرة (2) . عبد الله بن أبي بكر، آخر. طلق بن يزيد. قطبة بن قتادة. المسور بن يزيد (3) . حجر المدري (4) . أبو سفيان بن حرب. مروان (5) بن قيس. حمزة بن [أبي] (6) أسيد. المقنع (7) . عبد الله بن سهيل. مالك الأشعري. سابط. عبيد بن عمرو الكلابي. يزيد بن ثعلبة. سبرة بن أبي فاكه. عبد الرحمن بن مالك. أبو كاهل. قيس بن عمرو. أبو النسابل بن بعكك. شيبة بن عثمان. أبو بشر الخثعمي. السائب بن خباب. عمير العبدي. عبد الرحمن بن أزهر. طلحة بن مالك. خزيمة بن جزي. صعصعة (8) . الربيع الأنصاري.

_ (1) زيادة من ت ود والإصابة: 5880. (2) في الأصل: بسرة، والتصحيح من الإصابة (4692) نقلاً عن مسند بقي نفسه. (3) في الأصل وت " المسور بن ندبة ". وهو تصحيف قبيح. انظر المشتبه ص: 482. والإصابة: 7989. (4) حجر هذا: تابعي معروف، روى حديثاً مرسلاً. فوهم بقي بن مخلد، فظنه صحابياً. وتبعه ابن حزم وابن الجوزي في وهمه. وهو مترجم في التهذيب، والإصابة 2: 77. (5) في الأصل: فيروز، والتصحيح من د وت والإصابة. (6) زيادة من ت والإصابة. (7) هو المقنع بن الحصين التميمي، وقيل هو المنقع بتقديم النون على القاف (الإصابة: 8184) . (8) في الأصل: صعصعة بن الربيع الأنصاري؛ وهما رجلان كما أثبتنا.

ثابت بن يزيد. أبو حدرد. تميم المازني. الحكم بن حزن. ناجية الخزاعي. حجاج بن عبد الله. أبو لاس الخزاعي. عمرو بن أبي عقرب. حليس. جعدة بن هبيرة. نصر الأسلمي. أبو عقرب. سلمة (1) بن نعيم. يزيد بن شجرة (2) . عامر بن شهر. أبو حبيب. طارق بن شهاب. الحارث بن مالك. أبو عقبة. أبو سعيد الأنصاري. صفوان الزهري. عدي الجذامي. ابن بحينة (3) . عبد الله بن معبد. طلحة بن معاوية. عباد بن شرحبيل. كردم بن قيس. أبو أبي بن أمر حرام (4) . سويد الأنصاري. أبو منيب (5) . يونس بن شداد. عمرو بن سعد.

_ (1) في الأصل: مسلمة؛ والتصحيح عن ج وت والإصابة. (2) في الأصل: سخبرة. وصوابه من ج وت والإصابة. (3) في ت: أبو بحينة، وفي الإصابة 111 " أبو بحينة، ذكره الذهبي في التجريد، وعزاه لبقي بن مخلد، وأنا أظن أنه ابن بحينة، وهو عبد الله ". (4) في الأصل: " أبو أمى "، وفي ج " أبو أبي بن حرام "، وصوابه من الإصابة 6 و 7 كنى. (5) في الأصل: ابن منيب؛ وقد صححناه اتباعا لما جاء في الإصابة؛ وفي ت: أم منيب.

أبي بن عمارة (1) . عامر الرامي. الحجاج بن علاط السلمي (2) . يزيد بن شريح. عمرو بن معد يكرب. خالد. سعد بن إسحاق. أبو فروة. المغيرة. أبو خالد. جابر بن عمير. سويد بن جبلة. مالك بن عوف القشيري. قسامة بن زهير. حرام بن معاوية. محمود بن الربيع. نافع بن الحارث. الحارث بن نوفل. عبادة بن قرط (3) . المنهال. عسعس بن سلامة. غرفة (4) الكندي. يزيد بن السكن. مسلمة بن مخلد. أبو العلاء. أبو بعجة (5) . عبد الله بن عيسى (6) . أبو عبد الله الأنماري. أبو ثعلبة الأشجعي. قيس الجعدي (7) .

_ (1) انظر تحقيق اسمه في الإصابة 29. (2) في الأصل: " الفارسي " في مكان " السلمي " ولم يرد لهذه النسبة ذكر في ج وت والإصابة. (3) في الأصل: مرط، وصوابه من ح ود والإصابة. (4) في الأصل: عرقة، وفي ح: غزية، وتصويبه من ت والإصابة. (5) هكذا في الأصل وت. ولا ندري ما هو وفي الصحابة " بعجة بن زيد ". انظر الإصابة. (6) في الأصل: " أبو بعجة عبد الله " ثم " أبو عيسى " وهو خلط بين اسمين، والتصويب من ح ود وت والإصابة وقد ذكر ابن حجر عبد الله بن عيسى وأن له حديثا واحدا في مسند بقي، ثم قال: وأخشى أن يكون تابعيا أرسل. (7) قال ابن حجر 7359: أفرده الذهبي في التجريد بالذكر وعزاه لمسند بقي بن مخلد وهذا هو النابغة الجعدي.

عبد الله بن عامر بن أنيس (1) . أبو خلاد. عمارة بن زعكرة. أبو سلمة. عمرو بن الحارث. جعيل الأشجعي. زهير بن عثمان. أبو المنتفق (2) . أبو الدحداح. ثعلبة. أبو سعيد بن أبي فضالة (3) . يزيد بن خارجة. جبير الكندي. عبد الرحخمن بن عثمان التيمي. إياس بن عبد الله بن أبي ذباب (4) . عقبة بن أوس. قيس بن مخرمة. عروة بن عامر الجهني. سويد الأنصاري (5) . الحكم بن عمرو الغفاري. دغفل. عبد الله بن أبي بكر. جاهمة. حسان بن أبي بكر. جاهمة. حسان بن أبي جابر السلمي. عامر بن مسعود. بشير. شيبان. أبو السائب. عكرمة بن أبي جهل.

_ (1) في الأصل " عبد الله بن عامر " " أبو أنيس " - جعلهما اثنين. وهو خطأ. ولم يذكر في ت " أبو أنيس ". والصواب ما أثبتناه: " عبد الله بن عامر بن أنيس ". انظر الإصابة 4: 88. وقد ذكر الدولابي في الكنى 1: 16، في فصل الصحابة " أبو أنس ". وتعقبه الحافظ في الإصابة 7: 15 بأنه خطأ من بعض الرواة. (2) في الأصل: أبو المشقق؛ وتصويبه من ح وت والإصابة. (3) كتب " ابن أبي فضالة " في الأصل منفردا، وأضيفت الكنية " أبو سعيد " بعد " ثعلبة " الذي قبله، وصوابه ما أثبتناه من ت والإصابة؛ ويسمى أيضا أبا سعد بن أبي فضالة كما ورد في ت. (4) انظر التهذيب 1: 389. والإصابة رقم 380. (5) مر ذكره قبل قليل في أصحاب الأفراد أيضا.

زيد بن ثابت، آخر. جنادة بن مالك. أبو جميل (1) . أبو يزيد المحاربي. عمرو بن أبي عمرة. غالب. بسر بن محجن (2) . ثعلبة بن [أبي] (3) مالك. أبو فسيلة (4) . عبد الله بن عبد الرحمن. سعيد بن أبي ذباب (5) . حبيب بن فديك (6) بن حذافة. المستورد، آخر. أنيس بن أبي مرثد. علقمة بن نضلة. نمير الخزاعي. حنظلة السدوسي. عبد الله بن زمعة. حبة وسواء ابنا خالد لهما حديث واحد. أبو زهير، وقيس، وعبيد، [ومالك] (7) بنو الخشخاش، لهم حديث. أسماء بن خارجة. أبو منصور. جودان. عبد الله بن عتيك. [الجهجاه. المقعد. عمارة بن مدرك بن عبادة] (8) .

_ (1) في ج ود: أبو جهاد؛ وهو غير مذكور في ت، وفي الإصابة من اسمه أبو الجمل. (2) " بسر ": اختلف فيه، أهو بضم الباء مع السين المهملة، أم بكسرها مع الشين المعجمة والراجح الأول. انظر التهذيب. و " بسر " هذا تابعي، والصحابي أبوه " محجن بن أبي محجن الدئلي ". وحديثه عن أبيه ثابت في الموطأ، ص: 132. رواه أحمد والنسائي. (3) زيادة من د وت والإصابة. (4) في الإصابة: أبو خسلة؛ وتصحيحه من ت والإصابة. (5) في الأصل: حباب؛ وتصحيحه من د وت؛ وقال ابن حجر: سعيد بن أبي ذباب ذكره ابن حزم في الوحدان من مسند بقي بن مخلد والصواب سعد بإسكان العين. (6) في الإصابة: حبيب بن فويك، بفاء وواو مصغر ويقال بدل الواو دال ويقال راء. (7) زيادة من ح وت. (8) ما بين معكفين زيادة من ح ود. وفي الإصابة " جنادة " بدل " عبادة ".

حسان بن ثابت. سعد بن الأطول. الفجيع العامري. صخر بن العيلة. القعقاع بن أبي الحدرد. ثعلبة بن زهدم. حبان بن بح (1) . أبو سهل. نقادة الأسدي. أبو عبيدة. عبد الرحمن بن عقيل. ابن سيلان. الضحاك بن قيس. طارق بن سويد. طفيل بن سخبرة. عقبة بن مالك. ثابت بن رفيع (2) . عثمان بن حنيف. أبو عبد الرحمن الفهري. أبو عبد الله. أبو غادية (3) . [شكل بن حميد. أبو يزيد بن أبي مريم (4) . دكين بن سعيد. شمير (5) .

_ (1) في الأصل: حيان بن نح، والتصحيح عن الإصابة، وهو: حبان، بكسر أوله على المشهور وقيل بفتحها، وهو بالموحدة، وقيل بالتحانية، وابن بح بضم الموحدة بعدها مهملة ثقيلة. (2) في الأصل: منع؛ والتصويب من ح ود وت والإصابة، ويقال فيه أيضاً: رويفع. (3) كل الأسماء التي تذكر هنا بعد " أبي غادية " حتى ذكر " كندير " ساقطة من نسختنا وقد زدناها من ح ود وت. (4) استدركه الذهبي وذكر أن له في مسند بقي بن مخلد حديثاً وقد وهم في استدراكه فإن هذا هو أبو مريم السلولى وهو والد يزيد واسمه مالك بن ربيعة (الإصابة: 1257) . (5) في ح: شميل، وفي د: سمير، قال ابن حجر: شمير غير منسوب له حديث في مسند بقي ابن مخلد، قاله ابن حزم واستدركه الذهبي، وأنا أخشى أن يكون هو سمير بن عبد المدان الراوي عن أبيض بن جمال فلعله أرسل حديثاً ولم يسقطه لذلك صاحب المسند المذكور فقد وقع له من ذلك أشياء كثيرة (الإصابة: 3918) .

عمرو بن أبي عمرة (1) . عبد الله بن عدي. مالك بن التيهان. عبيد الله بن جبير الخزاعي. كلثوم. محمد بن عبد الله بن سلام (2) . عبد الله بن هلال الثقفي. عبد الرحمن بن أزهر (3) . شداد. أبو علقمة. آبي اللحم السعدي. أبو قتادة السدوسي. أبو الغيث. زرارة بن جزء. مرداس بن عروة. مسروق بن وائل. ابو سلام. شفيّ بن ماتع (4) . طلحة السلمي (5) . عبد الله بن كعب. عبد الحميد بن عمرو (6) . بلال بن سعد (7) . عبد الله بن عتبة. عبد الله بن أبي المطرف. مطيع. رافع بن مكيث. ذو الزوائد. ذو الغرة.

_ (1) في ت " عمرو بن أبي عمرو ". وفي ح ود " عمرو بن عمرة ". وصححنا من الإصابة. (2) تقدم ذكره في أصحاب الاثنين. (3) في ح: ابن أبي الأزهر. (4) قال ابن حجر في الإصابة: 412: أورد حديثه بقي بن مخلد في مسنده وهو مشهور في التابعين. (5) في ح ود " السحيمي ". وفي ت " السحمي ". وكلاهما خطأ، وصوابه من التاريخ الكبير للبخاري 2 / 2: 345، والإصابة 3: 294. (6) قال ابن حجر في الإصابة: 6666: ذكره الذهبي وأعلم له علامة منن له في مسند بقي حديث واحد. والصواب أنه عبد الحميد أبو عمرو (6665) . (7) جاء في الإصابة: 733: ذكره ابن حزم في الصحابة الذين أخرج لهم بقي بن مخلد، وينبغي أن ينظر في إسناده، فإني أخشى أن يكون هو بلال بن سعد التابعي الشامي.

عميرة الليثي. أبو بشر السلمى. هرم بن خنبش (1) . عياض بن يحيى. عبد الرحمن بن معاوية. عامر المزني. عبد الرحمن بن علقمة. ابن أبي شيخ. أذينة. عبد الله بن أبي أمية. عمار بن أوس (2) . أبو بردة بن قيس، أخو أبي موسى الأشعري. أبو عمرو بن حفص بن المغيرة. عبد الله بن رواحة. أبو عقيل. بشر ين عاصم. رافع بن عمرو المزني. أبو أبي (3) . حجير بن بيان. منقذ بن عمرو. يعلى بن سيابة. مالك بن عتاهية. الأدرع السلمى. حصين. محمد بن فضالة. سلمة بن قيس. الحارث بن غزية (4) . مهيد الغفاري (5) . يعمر، من بني الحارث بن سعد بن هذيم. هشام بن فديك (6) . السائب. قيس بن السكن.

_ (1) في ح: حبيش، وفي د: وقيل وهب بن حنبش، انظر الإصابة: 9159. (2) هكذا في الأصول الثلاثة. وجزم الحافظ في الإصابة 6803 بأنه تصحيف، صوابه " عمارة ". (3) قال في الإصابة: له حديثان في مسند بقي؛ انظر أصحاب الاثنين. (4) في ح: يزيد. (5) في ت: مهند، وفي ح: مهتد، وتصويبه من الإصابة. (6) في ح، صديق؛ وفي الإصابة 8974 " هشام بن فديك، له في مسند بقي بن مخلد حديث ذكره في التجريد ".

سهل بن حنيف. سعيد. عباد. أسمر بن مضرس. أبو صبرة (1) . هنيدة بن خالد الخزاعي. سواد بن عمرو. مالك بن فلان. عامر بن عائذ. مسعدة صاحب الجيوش. أبو القين. أبو حدرد. التلب (2) . عمرو بن مالك الرواسي. عبد الرحمن بن عديس. سفيان بن مجيب. زيد بن سعنة (3) . السليل الأشجعي. عبد الرحمن بن عمرو السلمي. عبد الله بن سعد. أبو حصين. هشام بن حبيش. أبو رفاعة. ابن الشباب (4) . عمرو بن أبي حبيبة. مالك بن مرارة. أبو الحجاج الثمالي. عبد الله بن شرحبيل (5) . قيس الجذمي (6) . عبد الله بن زمعة.

_ (1) في ح: أبو سبرة، وفي الإصابة 642 كنى: " أبو صبرة، ذكر في التجريد أن له في مسند بقي بن مخلد حديثاً ". (2) في ح ود: أبو التلب؛ وصوابه من ت والإصابة 826. (3) في د: سعنة، وفي الإصابة: " اختلف فيه قيل بالنون وقيل بالمثناة التحتانية ". وبالنون أصح. (4) في ت: ابن الشباب؛ ليس في الإصابة إلا أبو شباث، بالمعجمة المضمونة ثم الموحدة الخفيفة وآخره مثلة، انظر رقم 3823 و 602 كنى. (5) في ح: بن عبد شرحبيل. (6) في ح: الحداني؛ والصواب من ت والإصابة.

ثعلبة. أبو فروة (1) . عكراش بن ذؤيب. ابن كيسان] (2) . كندير (3) . محمد بن عمرو بن علقمة (4) . الحارث بن بدل (5) . عمار بن عبيد (6) . مطر بن عكامس. أبو قتيلة. الفاكه. أبو حازم مولى الأنصار. عمرو بن سعد (7) . عطية. ميسرة (8) . أبو بردة الظفري. عبيد الليثي. عدي بن زيد (9) . سعيد بن عامر (10) . ابن سندر (11) .

_ (1) في ح: فراوس؛ والصواب من ت والإصابة. (2) إلى هنا تنتهي الأسماء المزيدة من ح ود وت. (3) في الأصل: كندر؛ وصوابه من ح وت والإصابة. (4) في الإصابة 8526: " محمد بن عمرو بن علقمة، ذكر الذهبي في التجريد أن له في مسند بقي بن مخلد حديثاً، وهذا هو الليثي الذي يروى عن ابن سلمة بن عبد الرحمن وطبقته؛ ليس له صحبة ولا لوالده. وقد وقع لبقى في مسنده أنظار ذلك، يخرج الحديث من رواية التابعين كبيراً كان أو صغيراً، وكذلك من رواية من لم يعد في التابعين كمحمد بن عمرو هذا، ولا يبين ذلك، ثم وجدت في بعض النسخ من جزء الصحابة الذين أخرج لهم بقي بن مخلد ترتيب ابن حزم: محمد بن عمرو بن علبة (بعد اللام باء غير مضبوطة) بدل القاف والميم، فالله أعلم ". (5) حقق الحافظ في الإصابة 2025 أنه تابعي، ليس بصحابي. (6) رجح في الإصابة 5717 أنه " عمارة ". (7) تقدم ذكره قبل قليل في أصحاب الوحدان أيضاً. (8) تقدم ذكر ميسرة أيضاً قبل قليل في أصحاب الأفراد. (9) في الأصل: يزيد، وصوابه من ح ود وت والإصابة. (10) في الأصل: سعد، وصوابه من ح وت والإصابة، قال ابن حجر: " سعيد بن عامر اللخمي، ذكره ابن حزم في الوحدان من مسند بقي بن مخلد، وعزاه الذهبي لأبي يعلى، وقد صحف نسبه وإنما هو الجمحي ". انظر رقم 3757 ورقم 3263. (11) انظر الإصابة رقم 3510. والمسند رقم 6710، 7096.

أبو أمية. زياد بن الحارث. حوط بن عبد العزى. زهير بن عمرو. قبيصة بن المخارق، آخر، أو مشترك. مع زهير بن عمرو. شعبة بن التوأم (1) . ضرار بن الأزور الأسدي. خزيمة (2) بن معمر. عبد الرحمن بن معاذ. ابن مربع الأنصاري (3) . جعفر بن أبي الحكم السعدي. قيس بن عائذ. بشير (4) الأسلمي. مطيع. جميلة بنت أبي ابن سلول. خديجة أم المؤمنين. أم شريك. أم كبشة. أم مالك البهزبة. كبشة. بقيرة (5) امرأة القعقاع. جمرة بنت عبد الله اليربوعية. خولة بنت الصامت. أم عثمان بنت سفيان. أم نصر. الشموس بنت النعمان. سلامة بنت معقل (6) . سراء بنت نبهان.

_ (1) شعبة بن التوأم هذا: تابعي. مترجم في الكبير للبخاري 2 / 2: 244. وتعجيل ص 177 - 178، والإصابة رقم 4008. (2) في الأصل: جذيمة؛ وصوابه من ح ود وت والإصابة. (3) اسمه " زيد بن مربع ". وقيل: " يزيد " الإصابة رقم 2928. (4) في الأصل: بشر؛ وصوابه من ح ود وت والإصابة 702. (5) في الأصل: ففيرة، وصوابه من ت والإصابة. (6) في الأصول " بنت مفيد ". وفي ت " بن معقل ". وكلاهما خطأ. صوابه من الإصابة 8: 109 - 110.

ليلى بنت قانف (1) الثقفية. بروع بنت واشق. أم سنبلة. سلمى. بريرة مولاة عائشة أم المؤمنين. خيرة امرأة كعب بن مالك. [أم] (2) جميلة. أم إسحاق. ندبة (3) . حبيبة بنت أبي سيرة (4) . عزة بنت خابل (5) . أم سعد خالدة بنت أنس. أم سليمان بنت حكيم. طعمة (6) بنت جزء. قتيلة. أم مالك البهزية (7) . أم أنس. أم هلال (8) بنت بلال الأسلمية. أم خالد بنت الأسود. أم الحجاج، سرية أسامة. أم هانئ الأنصارية. أم رومان. أم حميد. أم الصهباء. قيل، أخرى. أم الطفيل، امرأة امرأة أبي بن كعب. أم فروة. حمنة بنت حجش.

_ (1) " قانف " بالقاف والنون وآخره فاء، كما ضبطه الحافظ في الإصابة. وفي الأصول " قائف " وهو تصحيف. (2) زيادة من ت ود. (3) انظر قيس الطبري، رقم 4240. (4) هذا الاسم خطأ لاشك فيه. فلم يذكر في ت، ولا في الإصابة. (5) في الأصل " بنت حائك ". وهو تصحيف صوابه في ت، والإصابة. (6) قال ابن حجر: طعمة بنت جر، استدركها في التجريد وهي طعيمة بالتصغير بنت جريح فسقط بعض اسم والدها. (7) في الأصل " الصهبة ". وهو تصحيف. صوابه في ت، والإصابة. (8) في الأصل " أم بلال ". وهو خطأ. تصويبه من ت، والإصابة.

أم عامر. رقيقة. حبيبة بنت أبي تجرأة (1) . بنت حمزة بن عبد المطلب. فهذا آخر من روى عنه عليه السلام حديثاً فيما ضبطناه من قبلنا الإمام الحافظ بقي بن مخلد الأندلسي وغيره من قبله، وبالله تعالى التوفيق. فصل: يتتبع العلماء والحفاظ ما ضبطناه، فمن وجد زيادة فليضعها حيث تليق، وبالله تعالى التوفيق. تمت الرسالة الثانية.

_ (1) في الأصل: بحراة. وتجرأة ضبطها الدارقطني بفتح المثناة من فوق. وحبيبة إما بفتح أوله وإما بالتصغير.

فراغ

الرسالة الثالثة أصحاب الفتيا من الصحابة ومن بعدهم على مراتبهم في كثرة الفتيا

الرسالة الثالثة أصحاب الفتيا من الصحابة ومن بعدهم على مراتبهم في كثرة الفتيا

فراغ

باب في تسمية من روى عنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراتبهم في كثرة الفتيا فقط، وفيمن بعدهم إلى زماننا على مراتبهم في كثرة الفتيا فقط، وكيف تيسر فيمن تقاربت فتياهم، رضوان الله عليهم

باب في تسمية من روى عنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراتبهم في كثرة الفتيا فقط، وفيمن بعدهم إلى زماننا على مراتبهم في كثرة الفتيا فقط، وكيف تيسر فيمن تقاربت فتياهم، رضوان الله عليهم (1) عائشة أم المؤمنين. عمر بن الخطاب. علي بن أبي طالب. ابن مسعود. ابن عمر. زيد بن ثابت. عبد الله بن عباس. عثمان بن عفان. سعد بن أبي وقاص. أبو بكر الصديق. أبو بكرة. جابر بن عبد الله. حذيفة بن اليمان. جرير بن عبد الله البجلي.

_ (1) راجع أسماء أهل الفتيا في إعلام الموقعين 1: 13 وما بعدها، نقلا عن ابن حزم؛ وانظر أيضاً كتاب الإحكام له 4: 176، وقد قسمهم ابن حزم أقساماً ثلاثة: المكثرين وهم السبعة الأول، والمتوسطين وهم: أبو بكر الصديق، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وأبو موسى الأشعري، وسعد بن أبي وقاص، وسامان الفارسي، وجابر بن عبد الله، ومعاذ بن جبل؛ فهؤلاء ثلاثة عشر يمكن أن يجمع من فتيا وكل واحد منهم جزء صغير جداً، ويضاف إليهم: طلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعمران بن حصين، وأبو بكرة، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان؛ والباقون منهم مقلون لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان والزيادة اليسيرة على ذلك، ويمكن أن يجمع من فتيا جميعهم جزء صغير فقط بعد التقصي والبحث. وهذا الترتيب الذي اعتمده المؤلف هنا يختلف عما أورده ابن القيم منقولاً عنه، مع أن كثرة الفتيا هي الأساس في الترتيب هنا وهنالك، وقد قدم المؤلف هنا مثلا ذكر عائشة على سائر الصحابة، وقدم هنالك ذكر عمر ابن الخطاب وجعل عائشة رابعة، ولكن يؤخذ مما ذكره بدر الدين الزركشي في كتاب " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ": 62 أن ابن حزم قدم ذكرها على سائر أصحاب الفتاوى من الصحابة؛ مما يشير إلى أن الزركشي اطلع على نسخة كالتي لدينا.

أبو موسى الأشعري. عبد الله بن الزبير. عثمان بن مظعون. جابر بن سمرة. عبد الله بن أنيس. عبد الله بن أبي أوفى. أم سلمة أم المؤمنين. عبد الله بن عمرو بن العاصي. أبو اليسر. غرفة بن الحارث (1) . أنس بن مالك. عبادة بن الصامت. معاوية بن أبي سفيان. الزبير. طلحة. عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. سمرة بن جندب. قدامة بن مظعون. محمد بن سلمة. خباب. عبد الرحمن بن عوف. أبو جحيفة. أبو عبيدة بن الجراح. الحسن. والحسين (ابنا علي بن أبي طالب) . معاذ بن جبل. النعمان بن بشير. أبو مسعود عقبة بن مالك البدري. سعيد بن زيد. أبيّ. أبو أيوب. أبو طلحة. أبو سعيد الخدري. أبو هريرة. أبو ذر. حفصة، أم المؤمنين. أم حبيبة، أم المؤمنين. عمران بن الحصين. عمرو بن العاصي. عبد الله بن جعفر.

_ (1) انظر الإصابة 6901، 6771. والمشتبه ص: 357.

أسامة بن زيد. العباس. عبد الرحمن بن سهل. خالد بن الوليد. مالك بن الحويرث. عوف بن مالك. بسر بن أبي أرطاة. عمار. ماعز الأسلمي (1) . سيار بن روح (2) بن سيار. ظهير بن رافع. رويفع بن ثابت. فضالة بن عبيد. رافع بن خديج. زيد بن أرقم. البراء بن عازب. فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاطنة بنت قيس. المقداد. عدي بن حاتم. سهل بن سعد. سويد بن مقرن. معاوية بن مقرن. عبد الله بن سلام. سلمان الفارسي. أبو الدرداء. عمرو بن عبسة. عتاب بن أسيد. أبو محمد عثمان بن أبي العاصي. هشام بن حكيم. الجارود العبدي. عبد الله بن سرجس. الغامدية. أبو محذورة.

_ (1) قال ابن القيم (ص 16) تعليقاً على ذكر ماعز والغامدية: ما أدري بأي طريق عد معهم أبو محمد الغامدية وماعزاً، ولعله تخيل أن إقدامهما على جواز الإقرار بالزنا من غير استئذان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك هو فتوى لأنفسهما بجواز الإقرار وقد أقرا عليهما، فإن كان تخيل هذا فما أبعده من خيال، أو لعله ظفر بفتوى في شيء من الأحكام. (2) هكذا في الأصل. وهو خطأ. لعل صوابه " سيار بن روح، أو روح بن سيار ". فقد اختلف في اسمه. وهو في الكبير للبخاري 2 / 2 / 160 - 161. كما ذكرنا. وهو في افصابة في حرفي الراء والسين.

أبو شريح الكعبي. أبو برزة. بريدة الأسلمي. طارق بن شهاب. أبو الغادية السلمي. المغيرة بن شعبة. أسماء بنت أبي بكر الصديق. أم شريك. الحولاء بنت تويت (1) . أبو قتادة السلمي. دحية بن خليفة. سهلة بنت سهيل. حسان بن ثابت. عبد الله بن رواحة. أسيد بن الحضير. أبو منيب. أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة. أبو السنابل بن بعكك. أبو سلمة بن عبد الأسد. الضحاك بن قيس. حبيب بن مسلمة (2) . سعد بن معاذ. قيس بن سعد (3) . عقيل بن أبي طالب. أبو أسيد. أبو سعيد بن المعلى. سلمة بن الأكوع. بلال المؤذن. ثمامة بن أثال. حكيم بن حزام. خبيب بن عدي. عبد الله بن معمر العدوي. شرحبيل بن السمط. ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. نافع أخو أبي بكرة. النعيمان.

_ (1) في الاصلك الجولاء بنت لويث؛ والتصحيح عن ابن سعد 8: 178، والإصابة: 313. (2) في الأصل: حبيب بن مسلم؛ والتصحيح عن الإصابة 1595، قال البحاري: له صحبة؛ وقال ابن معين: أهل الشام يثبتون صحبته وأهل المدينة ينكرونها. (3) في الأصل: قيس بن أمية؛ والتصويب عن إعلام الموقعين.

صهيب بن سنان. الضحاك بن خليفة. ضمرة بن العيص. عمير بن سعد. أم الدرداء الكبرى. ثابت بن قيس بن الشماس. حبيب بن عدي (1) . ثعلبة بن زهدم. عبد الله بن أبي بكر الصديق. زينب بنت أم سلمة أم المؤمنين. أم أيمن. أم يوسف. عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل. عبد الله بن عوف الزهري. وابصة بن معبد الأسدي. سرق (2) . أبو سعيد الخير، حديثه في المغازي. أبو عبد الله البصري، حديثه ضمن هؤلاء ثلاثة. جبير بن مطعم. أبو حية المصري. عبد الرحمن بن الأسود. معيقيب بن أبي فاطمة. فهم مائة واثنان وأربعون رجلاً وعشرون امرأة، فالجميع مائة واثنان وستون، منهم المكثرون سبعة، ذكرناهم أولاً على الولاء، ومنهم ثلاثة عشر متوسطون، والباقون مقلون جداً. وقد جاءت روايات بأبواب من الفقه مجملة، جاءت منقولة عن مائتين منهم، رضوان الله عليه، كالاشتراك في الهدى، والصلاة خلف الجالس، وتكبير المأموم قبل إمامه الثاني، والسجود في بعض القرآن، وما أشبه هذا.

_ (1) ليس في الصحابة حبيب بن عدي، وإنما هو خبيب بالخاء المعجمة، فربما كان الاسم الوارد هنا محرفاً، فإن كان المراد هنا خبيب بن عدي فهذا قد تقدم ذكره قبل قليل. (2) بضم أول وتشديد الراء بعدها قاف، وضبطه العسكري بتخفيف الراء، وزن: غدر وعمر، وأنكر على أصحاب الحديث تشديد الراء؛ ويقال اسم أبيه أسد؛ صحابي نزل مصر. (انظر الإصابة 3116) .

ومن أهل مكة بعد الصحابة رضي الله عنهم:

ومن أهل مكة بعد الصحابة رضي الله عنهم: عطاء بن أبي رباح. طاوس بن كيسان. مجاهد بن جبر. عبيد بن عمير الليثي. ابنه: عبد الله بن عبيد. عمرو بن دينار. عبد الله بن أبي مليكة. عمرو بن شعيب. محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي. عبد الله بن سابط. عكرمة مولى ابن عباس. أبو الزبير. عبد الله بن خالد بن أسيد. عبد الله بن طاوس. وبعدهم: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. سفيان بن عيينة. وبعدهما: مسلم بن خالد الزنجي (1) . سعيد بن سالم القداح (2) . وبعدهما: محمد بن إدريس الشافعي. وبعده: عبد الله بن الزبير الحميدي. موسى بن أبي الجارود. إبراهيم بن محمد الشافعي.

_ (1) ميزان الاعتدال: 1467 قال البخاري: منكر لحديث؛ توفي سنة 180. (2) ميزان الاعتدال: 3131 كان مرجئاً، قال ابن معين وغيره: ليس به بأس.

ومن أهل المدينة بعد الصحابة رضوان الله عليهم:

ومن أهل المدينة بعد الصحابة رضوان الله عليهم: سعيد بن المسيب. عروة بن الزبير. القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. عبيد بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. خارجة بن زيد بن ثابت. أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. سليمان بن يسار. أبان بن عثمان بن عفان. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. محمد بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) وهو ابن الحنفية. علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم. ابنه: محمد بن علي. سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم. نافع، مولى ابن عمر. أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة. عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة. أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. عيسى بن طلحة بن عبيد الله. عبد الرحمن ومجمع ابنا جارية. مروان بن الحكم. وبعدهم: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. ابناه: محمد وعبد الله. عبد الله بن عمرو بن عثمان. ابنه: محمد. عبد الله والحسن ابنا محمد ابن الحنفية. عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم.

مصعب بن محمد بن شرحبيل العبدري. محمد بن المنكدر التميمي. عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم. عبد الله بن الحسن بن علي. جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم. يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري. محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. أبو الزناد عبد الله بن ذكوان. يزيد بن هرمز. عمرو بن حسين. سعد بن إبراهيم الزهري. عباس بن عبد الله بن معبد. زيد بن أسلم. صفوان بن سليم الزرقي. عثمان بن عروة بن الزبير. ربيعة بن أبي عبد الرحمن. إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد ابن العاصي. عبد الله بن حرملة الأسدي. وبعدهم: محمد بن أبي ذئب القرشي العامري. مالك بن أنس. عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون. محمد بن إسحاق. وبعدهم: أصحاب مالك الذين نذكر، فإنهم وإن كانوا في أغلب فتياهم موافقين له لم يقلدوا في الكل، بل خالفوه في كثير، وهم: عبد العزيز بن أبي حازم. المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن عياش بن أبي ربيعة المخزومي. محمد بن إبراهيم بن دينار. عثمان بن عيسى بن كنانة.

ومن أهل البصرة بعد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:

محمد بن مسلمة المخزومي. عبد الله بن نافع الصائغ. عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون. مطرف بن عبد الله بن سليمان بن يسار. أبو المصعب الزهري، من ولد عبد الرحمن بن عوف، وهو: أحمد بن أبي بكر بن الحارث بن زرارة بن المصعب بن عبد الرحمن بن عوف. ومن أهل البصرة بعد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: عمرو بن سلمة الجرمي، وقد قيل إن له صحبة. مسلم بن يسار. الحسن بن أبي الحسن البصري. جابر بن يزيد. محمد بن سيرين. يحيى بن يعمر. أنس بن سيرين. أبو قلابة الجرمي، وهو صاحب ابن عباس، واسمه: عبد الله بن زيد. أبو العالية الرياحي. بكير بن عبد الله المزني. حميد بن عبد الرحمن. مطرف بن عبد الله الشخير. زرارة بن أوفى. أبو بردة بن أبي موسى الأشعري. معبد بن عبد الله بن عكيم الجهني. عائشة بنت طلحة بن عبيد الله. زياد بن مطر العدوى. ابنة: العلاء بن زياد. عبد الملك بن يعلى القاضي. وبعدهم: أيوب السختياني. عبد الله بن عوف. أشعث بن عبد الملك الحمراني. حفص بن سليمان المنقري.

خالد بن عمران. سليمان [بن] (1) طرخان التميمي. يونس بن عبيد. إياس بن معاوية القاضي. طلحة بن إياس القاضي. عثمان بن سليمان الليثي. عوف بن أبي جميلة، هو الأعرابي. بلال بن أبي بردة بن أبي موسى. أشعث بن جابر بن زيد. قتادة بن دعامة. وبعدهم: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي. سعيد بن أبي عروبة. حماد بن سلمة. حماد بن زيد. عبيد الله بن الحسن العنبري القاضي. عبد السلام بن عمير. إسماعيل بن علية (2) . بشر بن المفضل بن لاحق. معاذ بن معاذ العنبري. أبو عاصم الضحاك بن مخلد. معمر بن راشد. قريش بن أنس. عبد الله بن معاذ العنبري. كلثوم. يحيى بن أكثم القاضي. سليمان بن حرب الواشجي. عبد الوارث بن سعيد التنوري. إبراهيم بن علية. مهذب بن هلال. الزبير بن سليمان بن أحمد الزبيري. وكان شعبة بن الحجاج، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، وخالد بن الحارث، من الفقهاء، ولكن شغلهم الورع عن الاشتغال بالفتوى.

_ (1) زيادة من ابن سعد 7 / 2: 18 وفيه أنه " ليس بتيمى ولكنه مرى، ومنزله في لتيم فنسب إليهم ". (2) في الأصل: عملية، وهو خطأ صوابه من ابن سعد 6: 251 و 7 / 2: 21 وغيرها.

من أهل الكوفة بعد الصحابة رضوان الله عليهم أجميعن:

من أهل الكوفة بعد الصحابة رضوان الله عليهم أجميعن: علقمة بن قيس بن يزيد، وعماه: الأسود بن يزيد النخعي، وعبد الرحمن ابن يزيد. أبو ميسرة، وهو عمرو (1) بن شرحبيل الهمداني. مسروف بن الأجدع الهمداني. عبيدة السلماني. شريح بن الحارث الكندي القاضي. سلمان بن ربيعة الباهلي. سويد بن غفلة الجعفي. الحارث بن قيس الجعفي. عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس. عبد الله بن عتبة بن مسعود. خيثمة. أبو حذيفة. أبو عطية مالك بن عامر. أبو الأحوص سالم بن سليم. زر بن حبيش. عمرو بن ميمون الأودي. همام بن الحارث. نباتة الجعفي (2) . معضد الشيباني (3) . الحارث بن سويد بن يزيد بن معاوية النخعي. الربيع بن خيثم. شريح بن هانئ. عمرو بن عتبة بن فرقد السلمي. أبو عتبة. صلة بن فرقد العبسي. تميم بن حذلم. خداش بن عمرو.

_ (1) في الأصل " عامر ". وهو خطأ. (2) في الأصل " بن الجعفي ". وهو خطأ، انظر التهذيب. (3) كذا في الأصل. ولم نجد بهذا الرسم في التراجم إلا " معضد بن يزيد العجلي "، في الإصابة في المخضرمين 6: 178 - 179. والحلية 4: 159 - 160.

شريك بن حنبل. أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي. عبيد بن نضلة. عبد الرحمن بن أبي يعلى. أبو عبيدة وعبد الرحمن ابنا عبد الله بن مسعود. ميسرة. زاذان. الضحاك المشرقي (1) . ميمون بن أبي شبيب. وبعدهم: إبراهيم النخعي. عامر (2) الشعبي. سعيد بن جبير. جبلة بن سحيم. القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. أبو بكر بن أبي موسى الأشعري. محارب بن دثار. الحكم بن عتيبة. وبعدهم: حماد بن أبي سليمان. منصور بن المعتمر (3) السلمي. المغيرة بن مقسم الضبي. عبد الله بن أبي لبابة. سليمان بن مهران الأعمش. مسعر بن كدام الهلالي. محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري القاضي. عبد الله بن شبرمة القاضي الضبي. سعيد بن أشوع (4) القاضي. شريك القاضي. القاسم بن معن (5) . سفيان بن سعيد الثوري.

_ (1) هو الضحاك بن شراحيل، ويقال: ابن شرحبيل الهمداني المشرقي، نسبة إلى مشرق قبيلة من همدان (انظر تهذيب التهذيب) . (2) في الأصل: معمر، وصوابه من ابن سعد 6: 235، والتهذيب. (3) في الأصل: عامرة، وهو خطأ واضح. (4) في الأصل: أسوع (بالسين المهملة) ، وهو تصحيف. (5) في الأصل " بن معراء ". وهو تصحيف قبيح. وهو " القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود " قاضي الكوفة. مترجم في الكبير البخاري 4 / 1: 170، والتهذيب.

أبو حنيفة النعمان بن ثابت. الحسن بن صالح بن حي. الحجاج بن أرطاة. وبعدهم: حفص بن غياث النخعي. وكيع بن الجراح. يحيى بن آدم. حميد الرواسي. المعافي بن عمران الأشجعي. القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. عبد الله بن داود الخريبي. وبعدهم أصحاب أبي حنيفة، فإنهم وإن كانوا كثيراً ما يوافقونه فلم يقلدوه: كزفر بن الهذيل العنبري. وأبي يوسف القاضي. وحماد بن أبي حنيفة. والحسن بن زياد اللؤلؤي. ومحمد بن الحسن القاضي. @ومن أهل الشام بعد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: أبو إدريس الخولاني. وعدي بن عمير الكندي. عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي. قبيصة بن ذؤيب الخزاعي. جنادة بن أبي أمية الأزدي. سليمان بن حبيب المحاربي. الحارث بن عمير الدهماني (1) . خالد بن معدان. عبد الرحمن بن غنم الأشعري. عدي بن عدي الكندي.

_ (1) هكذا في الأصل. وبدله في إعلام الموقعين " الحارث بن عميرة الزبيدي ". ولم نعرف هذا ولا ذاك.

ومن أهل مصر بعد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين:

أم الدرداء. جبير بن نفير. وبعدهم: عبد الرحمن بن جبير بن نفير. مكحول. عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين. رجاء بن حيوة. وقد كان عبد الملك بن مروان يعد من الفقهاء قبل قيامه. ابن محمد القاضي (1) . حدير (2) بن كريب. وبعدهم: يحيى بن حمزة القاضي. أبو عمرو بن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي. إسماعيل بن أبي المهاجر. موسى بن عمرو. سعيد بن عبد العزيز التنوخي. سليمان بن موسى. أيوب بن موسى. عمرو بن سعيد. مخلد بن الحسين الأزدي. أبو إسحق الفزاري. الوليد بن مسلم، صاحب الأوزاعي. العباس بن يزيد، صاحب الأوزاعي. شعيب بن إسحق، صاحب أبي حنيفة. ومن أهل مصر بعد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: يزيد بن أبي حبيب. بكير بن عبد الله الأشج. وبهدهما: عمرو بن الحارث الأنصاري. والليث بن سعد. وعبيد الله بن جعفر.

_ (1) كذا في الأصل. ولا ندري ما هو. (2) في الأصل: جدير (بالجيم) .

ومن غير هذه الأمصار:

وبعدهم أصحاب مالك، فنهم وإن كانوا وافقوه في الأغلب فقد خالفوه: كعبد الله بن وهب. وأشهب. وعثمان بن أبي كنانة. وعبد الرحمن بن القاسم، على غلبة تقليد مالك عليه في الأكثر. ثم أصحاب الشافعي، وكانوا مجتهدين غير مقلدين: كأبي يعقوب البويطي. وإسماعيل بن يحيى المزني. ومن المائلين إلى قول مالك وإن كانوا لم يستهلكوا في التقليد: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. أصبغ بن الفرج. ومن المائلين إلى قول الشافعي كذلك: محمد بن عقيل الفريابي. محمد بن علي بن يوسف النسائي. ومن المائلين إلى قول أبي حنيفة كذلك: أحمد بن أبي عمران. أبو بكر بكار بن قتيبة القاضي. أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي. ومن غير هذه الأمصار: الحارث بن الجارود قاضي الموصل، روى عنه أبو عوانة. المعافى بن عمران (1) . عمرو بن حبيب. مطرف بن مازن، قاضي صنعاء. عبد الرزاق بن همام الصنعاني. هشام بن يوسف، وابنه: عبد الرحمن. محمد بن ثور. سماك بن الفضل يمانيون.

_ (1) تقدم ذكر المعافى بن عمران الأشجعي في جملة أهل الكوفة.

عبد الله بن المبارك الخراساني. يحيى بن يحيى التميمي. نعيم بن حماد الخراساني. إسحق بن راهويه النيسابوري، لأنه مات بها وسكنها وهو في أصله مروزي. أحمد بن حنبل الإمام الجليل رضي الله عنه. محمد بن اسلم الطوسي. أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي. الحسين بن علي الكرابيسي. سليمان بن داود بن علي الهاشمي. أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي اللغوي. أبو خيثمة زهير بن حرب. هشيم بن بشير الواسطي. إبراهيم بن علية (1) . داود بن علي بن خلف الأصبهاني الإمام لأهل الظاهر. محمد بن نصر المروزي. محمد بن إسماعيل البخاري. مسلم بن الحجاج النيسابوري. محمد بن جرير الطبري. أبو بكر محمد بن المنذر النيسابوري. أبو بكر محمد بن علي بن خلف الأصبهاني إمام أهل الظاهر. عبد الله بن أحمد ن المغلس. عبد الله بن محمد بقية (2) . رويم بن عبد الله بن محمد الوضيع. أبو بكر بن النجاد. محمد بن أحمد الأواني. الخلال أبو الطيب محمد بن أحمد الديباجي. أبو عبيد علي بن حرب قاضي مصر. أبو إسحاق محمد بن جعفر بن جابر قاضي حلب.

_ (1) تقدم ذكر إبراهيم بن علية في جملة أهل البصرة. (2) كذا بالأصل.

يحيى بن أبي ميسرة قاضي مكة. محمد بن شجاع الثلجي. سحنون بن سعيد الإفريقي. سعيد بن محمد بن الحداد، إفريقي. بقي بن مخلد، أندلسي. قاسم ن أصبغ، أندلسي. وممن أدركنا ممن جرى على سنن من تقدم ممن ذكرنا: مسعود بن سليمان بن تغلب أبو الخيار، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري. فهؤلاء أهل الاجتهاد من أهل العناية والتوفر على طلب علم أحكام القرآن، وفقه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع العلماء واختلافهم، والاحتياط لأنفسهم فيما يدينون به ربهم تعالى، وقلما فاتنا من أهل هذه الصفة أحد، والحمد لله رب العالمين. وأما من قلد دينه رجلاً، لا يعدو مذهبه، فليس من أهل العلم بالاجتهاد، ولا يذكر في جملتهم، وإنما يذكر في أهل التقليد، لا أهل الاجتهاد ممن ذكرنا، وحسبنا الله ونعم الوكيل. تمت الرسالة الثالثة.

فراغ

الرسالة الرابعة جمل فتوح الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

الرسالة الرابعة جمل فتوح الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

فراغ

جمل فتوح الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

جمل فتوح الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد أكثر العرب وثبت أهل البحرتين (1) من أهل مكة والطائف، وكثير ممن يكن اليمن فبعض كفر وارتد، وبعض قال أصلي ولا أؤدي الزكاة. فأذعن جمهور الصحابة إلى مسالمتهم، وأبى أبو بكر: فأنفذ بعث أسامة بن زيد، فبلغ قرب الشام، وأغار على قضاعة وانصرف. وبعث أبو بكر رضي الله عنه البعوث، حتى قهر المرتدين، وراجع الناس الإسلام. وكان قد تنبأ باليمن الأسود العنسي، فقتله فيروز الفارسي. وتنبأ طليحة الأسدي في أسد وغطفان، فحاربه خالد، فهرب طليحة ثم أسلم. وتنبأت سجاح اليربوعية، وتزوجها مسيلمة الكذاب، ثم أسلمت بعد قتل مسيلمة. وأصحاب الفتوح من الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي بن أبي طالب في قتل الخوارج، وكفى به فتحاً، ولقد لقي الناس ممن نحا ما نحوه من المخاوف والقتل والنهب

_ (1) في الأصل: البحرين، والبحرة البلدة، والعرب تسمى المدن والقرى: البحار، وقد فسر البحرتين بانهما مكة والطائف. وهذا يصدقه قول الطبري 3: 221 " لما فصل أسامة كفرت الأرض وتصرمت وارتدت من كل قبيلة عامة أو خاصة إلا قريشاً وثقيفاً ".

ما لا يجهل، وكيف هو فتح قد أنذره به، رضي الله عنه، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلم له أن منهم ذا الثدية (1) ، وقد وجده علي؛ ثم معاوية، ثم الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم أبو جعفر المنصور، ثم عبد الله المأمون، وكانت للمعتصم فتوح غير مبتدأه. فأما أبو بكر رضي الله عنه فكانت فتوجه اليمامة، وهي من أجل الفتوح، لأنه كان بها مسيلمة، لعنه الله تعالى، يدعى النبوة. ثم دوخ أبو بكر جميع بلاد العرب، فجعلها متملكة ينفذ فيها حكم الإسلام والولاية والعزل دون معترض، ولم يبق بها إلا مسلم طائع منقاد، أو ذمي مصغر كتابي. ثم فتح عمر وعثمان رضوان الله عليهما جميع الشام ومصر وإرمينية وأذربيجان والري وما دون النهر من خراسان. ثم فتح علي رضي الله عنه قتل الخوارج، وهو كما تقدم من أجل الفتوح، لأنهم كانوا لا يرون طاعة خليفة، ولا يرونها في قرشي، وكان ضررهم معلوماً. ثم فتح معاوية رضي الله عنه إفريقية وجميع بلاد البربر إلى بلاد السودان أسلم كل من ذكرنا؛ وحاصر القسطنطينية. وفتح الوليد الأندلس كلها، والسند كلها، وما وراء النهر، وغزا ملك الصين. ثم فتح سليمان جرجان، وحاصر القسطنطينية.

_ (1) هو حرقوس بن زهير أحد الخوارج يوم النهروان. وقال الفراء هو ذو اليدية، ولكن الأحاديث تتباعت بالثاء. وقيل إن علياً بعد أن قضى على الخوارج تفقد قتلاهم، فاستخرج من بينهم ذا الثدية، فرآه ناقص اليد، ليس فيها عظم، طرفها حلمة مثل الثدي، عليها خمس شعرات أو سبع، رؤوسها معقفة، ثم نظر إلى عضده فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدي المرأة (مروج الذهب 4: 416 طبع باريس؛ وانظر الإصابة 2442) .

ثم فتح المنصور طبرستان. ثم فتح المأمون صقلية وإقريطش. ثم غلب الكفر على آذربيجان وطبرستان ففتحهما المعتصم. اليمامة: وثب مسيلمة في بني حنيفة، فبعث إليه أبو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد، فقتل عدو الله، وأسلم أهل اليمامة. فتح الشام: ولما أتم الله تعالى على يدي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الردة، بعث أبا عبيدة عامر بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وشرحبيل بن حسنة وهو شرحبيل بن عبد الله بن عمرو بن المطاع الكندي ويزيد بن أبي سفيان، أمراء إلى الشام. وقد قيل مكان معاذ بن جبل: عمرو بن العاصي. فافتتح شرحبيل بن حسنة الأردن صلحاً، ثم نقضوا، ففتحها عمرو بن العاصي ثانية؛ وقيل: بل افتتحها شرحبيل بن حسنة ثانية. وافتتح دمشق خالد وأبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان. وبعث أبو عبيدة إلى حمص جموعاً فصالحوهم. وافتتح فلسطين كلها عمرو بن العاصي، حاشا بيت المقدس، فإن عمر رضي الله عنه شخص إليها من المدينة فصالحوه. وافتتح أبو عبيدة قنسرين. وعمر بعد ذلك معاوية ثغور الشام. وكان فتح اليمامة بعد ولاية أبي بكر بسبعة أشهر وستة أيام. وكان فتح بصري من أرض الشام بعد ولايته بعام وأربعة أشهر.

وكان فتح دمشق بعد موت أبي بكر الصديق، وبعد ولاية عمر، بنحو أحد عشر شهراً. وذلك في سنة أربع عشرة من الهجرة. وكان فتح حمص بعد دمشق بأربعة أشهر، من سنة أربع عشرة من الهجرة أيضاً. وكان فتح بيت المقدس صلحاً بعد فتح حمص بعامين، وذلك في سنة ست عشرة من الهجرة. وكان فتح الأردن وفلسطين بعد فتح دمشق. وكان فتح قنسرين بعد فتح حمص. وكانت في خلال ذلك وقائع عظيمة، منها في حياة أبي بكر: وقعة العربة (1) ثم وقعة الدائنة (2) ، وليست من كبار الوقائع؛ ثم وقعة بصرى، وأجنادين، وقتل [فيها] أبان بن سعيد بن العاصي وهشام بن العاصي أخو عمرو بن العاصي؛ وكان يوم أجنادين لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة قبل موت أبي بكر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأربعة وعشرين يوماً؛ [ثم وقعة مرج الصفر (3) ] وفيها قتل خالد بن سعيد بن العاصي. ثم وقعة فحل الأردن في خلافة عمر بعد خمسة أشهر (4) منها، وذلك في آخر ذي القعدة سنة ثلاث عشرة، وفيها قتل عمرو بن سعيد بن العاصي؛ ثم يوم

_ (1) في الأصل: العزية، وكانت وقعة العربة أول وقائع المسلمين في ناحية الشام، انظر فتوح البلدان (مصر) : 116. (2) في الأصل: الداية؛ وفي البلاذري (طبع مصر: 116) أنها الدبية أو الدابية، وفي الطبري 4: 39: الدائنة؛ ولعلها هي داثن نفسها. (3) زيادة يقتضيها السياق، فإن خالداً لم يقتل يوم أجنادين بل يوم مرج الصفر. انظر البلاذري: 124 - 125. (4) في الأصل: خمسة عشر؛ والتصويب في البلاذري: 121.

اليرموك في سنة خمس عشرة بعد خلافة عمر بسنة وتسعة أشهر، وكان اندفاع المسلمين من المدينة في خلافة أبي بكر إلى الشام في أربعة وعشرين ألفاً. فتح الجزيرة: افتتح أكثرها عياض بن غنم الفهري [في خلافة] (1) عمر [بعد وفاة] أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما. استخلفه (2) أبو عبيدة بعد موته سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس، ففتح الرها والرقة صلحاً ثم فتح حران ثم سروج. وقدم صفوان بن المعطل إلى أول أعمال إرمينية، وفتح أيضاً آمد وسائر تلك البلاد أيام عمر رضي الله عنه. فتح إرمينية: وجه عثمان رضي الله عنه في خلافته حبيب بن مسلمة الفهري من الشام إلى إرمينية، ثم كتب إلى الكوفة أن ينهض سلمان بن ربيعة الباهلي ممدا لحبيب، فافتتحا إرمينية. فتح آذربيجان: افتتحها حيفة بن اليمان رضي الله عنه سنة تسع عشرة [في خلافة عمر] (3) رضي الله عنه صلحاً. فتح مصر: افتتحها عمرو بن العاص عنوة سنة تسع عشرة في خلافة عمر رضي الله عنهما، وانتهى مفتتحا إلى برقة وزويلة فصالحهما (4) وبلغ أطرابلس.

_ (1) بياض بالأصل: والزيادة مما يقتضيه السياق، ومما يتفق والرواية التاريخية في فتح الجزيرة كما فصلها البلاذري والطبري. (2) في الأصل: استخلف. (3) زيادة لازمة، وقد جرى ابن حزم على ذكر الخليفة في تحديد تاريخ الفتوح. انظر مثلا فتح مصر فيما يلي. (4) في الأصل: فصالحها.

فتح إفريقية: أول من غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أيام عثمان فصالحهم، ثم انصرف عنهم، فلما كانت سنة خمسين من الهجرة، بعث إليها معاوية عقبة بن نافع الفهري، فاختط مدينة القيروان، وسكن المسلمون إفريقية، وافتتح أعمالها، وأسلم البربر، وكانوا نصارى، وفشا الإسلام إلى أن اتصل ببلاد السودان وبالبحر المحيط؛ وكان تمام ذلك أيام الوليد بن عبد الملك، على يدي موسى بن نصير. فتح الأندلس: ووقع فتحها في سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، دخلها طارق بن زياد، قيل إنه من الصدف، وقيل هو مولى موسى بن نصير، ثم اتبعه موسى بن نصير، ويذكر ولده أنهم من بكر بن وائل، وغيرهم يقول إنه مولى. واستوعب فتح جميع الجزيرة من البحر الشامي إلى ما يقابله من البحر المحيط عند المضيق؛ ثم غلب النصارى بعد ذلك على نحو نصف الجزيرة. فتح صقلية: افتتحها أسد بن الفرات القاضي الحنفي أيام ابن الأغلب، سنة اثنتي عشرة ومائتين. فتح أقريطش: فتحها أبو حفص عمر بن عيسى (1) بن نصير من بربر فحص البلوط من قرية ناطرة لونجه منها (2) ، تولد بها بنوه والمسلمون إلى أن غلب عليها الروم سنة خمسين وثلاثمائة؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.

_ (1) مختلف في اسمه، فهو عند ابن خلدون 4: 211 عمر بن شعيب البلوطي ويكنى بأبي الفيض، وبلده تسمى مطروح من عمل فحص البلوط، المجاور لقرطبة، وعند ياقوت أنه شعيب بن عمر بن عيسى من أهل قرية بطروح. (2) لم نوفق إلى تصويبه.

فتح النوبة والبجه: غزاهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح أيام عثمان وهم نصارى، فصالحهم على رقيق يؤدونه، وبني على باب مدينة ملكهم مسجداً، وشرط عليهم حفظه أبداً، ثم أسلمت البجة كلهم، وبقيت النوبة والحبشة خاصة دون سائر السودان منهم نصارى، وهم الأكثر؛ وما ارتفع عن بلادهم يعبدون الأصنام ويسمونها الدقرة، الواحد دقور. القسطنطينية: حاصرها المسلمون مرتين: مرة في أيام معاوية وعلى الجيش يزيد ابنه، وهنالك مات أبو أيوب الأنصاري صاحب رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبره هنالك محفوظ مشهور إلى اليوم؛ ومرة ثانية في أيام سليمان بن عبد الملك، وصاحب الجيش مسلمة بن عبد الملك، فأشرف على فتحها لولا موت سليمان، وإقفال عمر بن عبد العزيز إياه، وبني عليها مسجداً، وشرط عليهم حفظه، فهو محفوظ هنالك إلى اليوم. فتح مدائن كسرى والعراق: كانت وقعة القادسية التي أذل الله تعالى فيها الفرس سنة ست عشرة، وقائد المسلمين سعد بن أبي وقاص أيام عمر رضى الله عنه، ثم حاصر المدائن حتى فتحها، وبني عتبة بن غزوان البصرة سنة سبع عشرة. وكانت وقعة جلولاء سنة ثمان عشرة، وفتح في خلال ذلك السواد وأعمال العراق. فتح حلوان: فتح جرير بن عبد الله البجلي حلوان إثر وقعة جلولاء.

فتح الجبل: وفتح قرميسين جرير بن عبد الله بن حلوان؛ وكانت وقعة نهاوند العظيمة التي فل (1) الله جل ثناؤه فيها حد المجوس سنة عشرين. وفيها قتل أمير المسلمين النعمان بن مقرن المزني؛ وفتحت نهاوند؛ وافتتح أبو موسى الأشعري الدينور وماسبذان (2) ؛ وبعث صهره السائب بن الأقرع الأشعري [إلى] مهرجان قذق (3) ، ففتحها. وفتح جرير بن عبد الله أيضاً همذان، قيل في أيام عمر، وقيل في أول أيام عثمان، وقيل فتحها قرظة بن كعب الأنصاري ومسلمة بن قيس. وفتح أبو موسى قم، ووجه الأحنف إلى قاشان ففتحها. فتح إصبهان والري وقومس: ثم فتح إصبهان في آخر خلافة عمر وأول خلافة عثمان عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي. وفتح الري وقومس جيش بعثهم حذيفة بن اليمان، عليهم البراء ابن عازب، وقيل سلمة بن عمر الضبي أيام عمر. ثم نقضت الري، ففتحها قرظة بن كعب الأنصاري، بعثه أبو موسى الأشعري في أيام عثمان. فتح أبهر وقزوين وزنجان: فتح البراء بن عازب في ولاية حذيفة أيام عمر، أبهر وقزوين وزنجان.

_ (1) في الأصل: قتل. (2) في الأصل: وسبذان. (3) في الأصل: مهرجان مدي، من غير إعجام، ولم يعرفها الناسخ فوضع أمامها علامة استفهام؛ وقد جاء في ياقوت والطبري كما ضبطناها.

فتح شهرزور والصامغان: فتحها عقبة بن فرقد السلمي أيام عمر، رضى الله عنهما. فتح كور الأهواز: فتحها أبو موسى الأشعري أيام عمر، عنوة وصلحاً. فتح كور فارس وكرمان: ووجه عثمان بن أبي العاصي، وهو والي عمر، أخاه الحكم بن أبي العاصي، فقطع البحر إلى توج (1) من أردشير خرة، ففتحها وسكنها المسلمون، فغزاه شهرك (2) ، وهزم الفرس، وأمر عثمان بن أبي العاصي بالنهوض إلى فارس، فنهض نحوها، واستخلف على البحرين أخاه المغيرة بن أبي العاصي، وقيل بل أخاه حفص بن أبي العاصي. وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري وهو بالبصرة في إنجاد (3) عثمان بن أبي العاصي ففعل، ففتح عثمان كور سابور، وفتحا معاً أرجان وشيراز صلحاً وشيراز كورة من كورة أردشير خرة (4) - وصالح عثمان بن أبي العاصي نسا، ومدينة سابور، ثم نقص أهلها، ففتحت سنة ست وعشرين. ثم فتح عبد الله بن عامر إصطخر في ولايتخ البصرة لعثمان سنة ثمان وعشرين. ثم فتح جور وهي قاعدة أردشير خرة عنوة سنة تسع وعشرين، ويومئذ فني أكثر الأساورة وبيوتات فارس. وكانوا قد لجأوا إلى إصطخر؛ ووجه عبد الله بن عامر مجاشع بن مسعود السلمي في طلب يزدجر بن شهريار

_ (1) في الأصل: نوح، وصوابه من تاريخ الطبري (مصر) 5: 4 وياقوت (توج) . (2) في الأصل: سهرك (بالسين المهملة) ، وهو أحد قواد كسرى (انظر تاريخ الطبري - مصر 5: 3 - 4) . (3) في الأصل: اتحاد، وهو تصحيف واضح. (4) في الأصل: حرة.

ملك الفرس، فبلغ مجاشع كرمان، وولاه ابن عامر كرمان، وفتح السيرجان (1) قاعدة كرمان عنوة. ثم وجه أبو موسى إلى كرمان الربيع بن زياد الحارثي. ففتح قم غيرها. ثم فتح مجاشع جيرفت عنوة. فتح سجستان وكابل: وجه عبد الله بن عامر الربيع بن زياد الحارثي إلى سجستان ففتح زرنج، قاعدة سجستان، وكثيراً من أعمالها؛ تم أتبعه ابن عامر بعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب (2) بن عبد شمس، وله صحبة، ففتح أكثر سجستان. حتى بلغ الداور (3) من أعمال السند، وفتح بست وجابلستان (4) ، ثم تخبل (5) أمر سجستان، فبعث إليهم عبد الله بن عامر، أيام ولايته لمعاوية، عبد الرحمن بن سمرة أيضاً، ففتحها وفتح كابل. أمر خراسان: غزا عبد الله بن بديل بن ورقاء من قبل أبي موسى الأشعري في أيام عمر، فبلغ الطبسين، فخرج قوم من أهلها فأتوا عمر بن الخطاب فصالحوه. ثم غزا عبد الله بن عامر خراسان سنة ثلاثين أيام عثمان، فبعث الأحنف على جيش ففتح قوهستان، وهزم الهياطلة (6) ، ثم صالح ابن عامر نيسابور وأعمالها. وبث ابن عامر البعوث ففتح أبيورد وسرخس وطوس وهراة وبوشنج وباذغيس وطخارستان وبلخ ومرو الشاهجان،

_ (1) في الأصل: السرجان. (2) في الأصل: جندب، وصوابه من تاريخ الطبري. (3) في الأصل: الدوار، وصوابه من ياقوت، والداور: ولاية واسعة وإقليم خصيب وهو ثغر الغور من ناحية سجستان. (4) لم نجد جابلستان فيما بين أيدينا من مراجع، وفي الطبري وياقوت: زابلستان (بضم الباء وكسر اللام) . فلعله مما تتعاقبه الزاي والجيم، كقولهم: توج وتوز، ومنه: التوزي والتوجي. (5) في الأصل: تخيل؛ والخبل: الفساد. (6) في الأصل: الهياطة، وهو خطأ واضح.

ومرو الروذ، والجوزجان (1) والطالقان والفارياب وخوازم وجميع ما دون النهر. ثم جاز سعيد بن عثمان أيام معاوية النهر نهر جيحون، فدخل بخاري وصالح سمرقند وترمذ. ثم استوعب قتيبة بن مسلم أيام الوليد بن عبد الملك - (2) فتح ما وراء النهر. السند: كان عمر رضي الله عنه ولي عثمان بن أبي العاصي الثقفي البحرين وعمان ولم يعزله عن الطائف، وقال له: لا أعزلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم ولاك. فاستخلف عثمان على الطائف خالاً له من ثقيف، ثم بعث من البحرين أخاه الحكم بن أبي العاصي، كما ذكرنا آنفاً، إلى فارس. ثم نهض عثمان بنفسه إلى عمان، وبعث جيشاص إلى تانه (3) من أعمال السند، ثم لم تزل السند تغزي إلى زمان زياد بن أبيه الذي ألحقه معاوية بأبيه، فقيل بعد: زياد بن أبي سفيان، فإنه وجه إليها سنان بن سلمة ابن المحبق الهذلي. ففتح مكران عنوة وسكنها. ثم لم تزل تغزي إلى أن ولاها الحجاج بن يوسف محمد بن القاسم الثقفي، فاففتح باقي السند. ثم غلب الكفر على ممالك، منها سندان، وبقي بأيدي المسلمين المنصورة وأعمالها، والمولتان (4) وأعمالها، وهي بلاد واسعة جداً.

_ (1) في الأصل: الخورجان. (2) في الأصل: ثم فتح، و " زائدة "، و " فتح " مفعول به للفعل " استوعب ". (3) في الأصل غير منقوطة، وانظر فتوح البلدان: 438. (4) بسكون الواو واللام قال ياقوت: " يلتقي فيه ساكنان ... وأكثر ما يسمع فيه ملتان بغير واو، وأكثر ما يكتب كما ههنا ".

أمر الديلم: دخل إليهم الحسن بن علي بن عمر (1) بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، وهو المعروف بالأطروش، في حدود سنة ثلاثمائة، فأسلموا كلهم على يديه، فهم كلهم شيعة مسلمون (2) . قال أبو محمد رحمه الله تعالى: وقد كان أسلم بعضهم على يدي صاحب طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد ابن الحسن. أمر التتر والطيلسان وجبل القبق والترك: أسلم التتر والطيلسان والجبل كلهم، وفشا الإسلام في جبل القبق والترك قديماً وحديثاً، والحمد لله رب العالمين. ثم افتتح السلطان العادل محمود بن سبكتكين فتوحات متصلات إلى أن مات رحمه الله تعالى، بلاداً عظيمة في الهند، هي الآن مسكونة بالمسلمين، معمورة بطلاب الحديث والقرآن، والغالب عليها، والحمد لله رب العالمين، مذهب الظاهر (3) . بلاد السودان: بلغت في عام إحدى وثلاثين وأربعمائة أنه أسلم أهل سلا (4) وتكرور، وهما أمتان عظيمتان من بلاد السودان، أسلم ملوكهم وعامتهم، ولله تعالى الحمد كثيراً. تمت الرسالة الرابعة

_ (1) في الأصل: عمرو، والتصويب من جمهرة أنساب العرب: 48، ونسب قريش: 61، وذكر ابن حزم في الجمهرة أن الملقب بالأطروش هو " الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر ... " فاختصر هنا النسب فنسبه إلى جده الأعلى. (2) في هامش النسخة: هكذا قال المصنف ورحمه الله تعالى، وقد خفي عليه، وأكثرهم سنية. (3) في هامش النسخة: بل مذهب الحنفي. (4) في الأصل: " سل "، وسلا: هي التي قال عنها إنها " مدينة بأقصى المغرب ليس بعدها معمور ... ثم يأخذ البحر ذات الشمال وذات الجنوب وهو البحر المحيط فيما يزعمون وعلى ساحل جنوبيه وما سامته بلاد السودان. ".

الرسالة الخامسة أسماء الخلفاء والولاة وذكر مددهم

الرسالة الخامسة أسماء الخلفاء والولاة وذكر مددهم

فراغ

أسماء الخلفاء المهديين، والأئمة أمراء المؤمنين وأسماء الولاة من قريش ومن بني هاشم أمور المسلمين وذكر مددهم إلى زماننا وبالله التوفيق خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

أسماء الخلفاء المهديين، والأئمة أمراء المؤمنين وأسماء الولاة من قريش ومن بني هاشم أمور المسلمين وذكر مددهم إلى زماننا وبالله التوفيق خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه استخلف أبو بكر رضوان الله عليه وبركاته، يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مدته في الخلافة عامين وثلاثة أشهر وثمانية أيام. وتوفي في ثمان خلون (1) من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، وله ثلاث وستون سنة. وأمه: سلمى، تكنى بأم الخير، بنت صخر (2) بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، مسلمة، رحمها الله تعالى. وفي أيامه كانت وقعة اليمامة، ووقعة بصرى، ووقعة أجنادين، ووقعة مرج الصفر. خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكنى أبا حفص، ولي الخلافة في رجب (3) سنة ثلاث عشرة حين موت أبي كر. وقتل في آخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، قتله أبو لؤلؤة،

_ (1) في تلقيح الفهوم: لثمان بقين. (2) في الأصل:.... صخر بن عمرو بن عامر؛ وعمرو مقحمة هنا، انظر جمهرة أنساب العرب: 126، ونسب قريش: 275. (3) كذا قال، وقد ذكر قبل سطور أن أبا بكر توفي في ثمان خلون من جمادى الآخرة: وقد بويع عمر يوم وفاة أبي بكر.

خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه

واسمه فيروز، عبد المغيرة بن شعبة، مجوسي، طعنه حين كبر للصلاة، صلاة الصبح؛ فكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر ونصف شهر، قتل فيلة، وله ثلاث وستون سنة، وهو أول من سمي أمير المؤمنين. أمه: حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله ن عمر بن مخزوم. وفي أيامه كانت وقعة فحل واليرموك مع الروم، والقادسية وجلولاء ونهاوند على الفرس، وبنيت الكوفة والبصرة وفسطاط مصر. خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه يكنى أبا عمرو، وقيل أبا عبد الله، وولي الخلافة في ذي الحجة، بعد قتل عمر، رضي الله عنه، بثلاث ليال، وقيل: بل أول يوم من المحرم سنة أربع وعشرين، وقتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكانت ولايته اثني عشر عاماً كاملة غير عشرة أيام (1) . وقتله أول خرم دخل في الإسلام، فإن المسلمين استضيموا في قتله غيلة. واشترك في قتله جماعة، منهم: كنانة ابن بشر التجيبي، وقتيرة السكوني (2) ، وعبد الرحمن بن عديس البلوي، وكلهم من أهل مصر. واختلف في سنه ما بين ثلاث (3) وستين إلى تسعين سنة. وأمه: أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف. وفي أيامه كانت وقعة إفريقية.

_ (1) في تلقيح الفهوم: قال أبو معشر: اثنتي عشرة لا ثنتي عشرة ليلة. (2) في الأصل: قنيرة الشكوى. (3) في الأصل: ثلاثة.

خلاقة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه

خلاقة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه يكنى أبا الحسن، ولي الخلافة يوم قتل عثمان رضي الله عنهما بالمدينة، فرحل عن المدينة إلى الكوفة فاستقر بها، وكانت الخلافة قبل ذلك بالمدينة. وتأخر عن بيعته قوم من الصحابة بغير عذر شرعي (1) ، إذ لا شك في إمامته. وقتل رضي الله عنه بالكوفة غيلة، قتله عبد الرحمن ابن ملجم المرادي حين دخل المسجد، وذلك في رمضان لثلاث بقين منه لسنة أربعين من الهجرة، وله ثلاث وستون سنة. أمه: فاطمة بت أسد بن هاشم بن عبد مناف، مهاجرة، رضوان الله عليها. وفي أيامه كانت وقعة الجمل وصفين، وعلم الناس منه فيها كيف قتال أهل البغي، وحديثهما قد اعتنى به ثقات أهل التاريخ، كأبي جعفر ابن جرير وغيره. وقتل أهل النهروان من الخوارج، ونعم الفتح كان، أنذر به صلى الله عليه وسلم. وكانت خلافته رضي الله عنه أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام، واستضيم المسلمون في قتله غيلة، رضي الله عنه.

_ (1) في هامش النسخة: عذرهم الفتنة واختلاف الناس وعدم استقرار الأمر لعل وعدم الوصية أو الشورى، والله أعلم، قاله أبو عبد الله رحمه الله تعالى بدهل سنة 1355.

خلافة ابنه أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهما

خلافة ابنه أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهما يكنى أبا محمد، ولي الخلافة يوم مات أبوه علي، وكانت مدة خلافته ستة أشهر (1) . كره سفك الدماء، فتخلى عن حقه لمعاوية بن أبي سفيان، وانخلع (2) ، وبايع معاوية، وعاش رضي الله عنه متخلياً عن الدنيا إلى أن مات، سنة ثمان وأربعين. وأمه: فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولاية معاوية بن أبي سفيان ثم ولي الخلافة إذ تركها الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية ابن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى أبا عبد الرحمن. بويع لثلاثة أشهر خلت من سنة إحدى وأربعين، وكانت مدته عشرين سنة غير سبعة أشهر، ومات في نصف رجب سنة ستين، وسنة ثمان (3) وسبعون (4) سنة. وأمه: هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، مسلمة. رحمها الله تعالى.

_ (1) في تلقيح الفهوم: سبعة أشهر وأحد عشر يوماً، ويقال: أربعة أشهر. (2) في الأصل: تخلع؛ وقد استعمل ابن حزم " انخلع " في حديثه عن معاوية بن يزيد بعد قليل. (3) كلمة " ثمان " بياض في الأصل، وقد أثبتناها من ابن سعد 7 / 2: 128. (4) في الأصل: وسبعين.

ولاية يزيد ابنه

وفي أيامه حوصرت القسطنطينية؛ وقتل حجر بن عدي وأصحابه صبراً بظاهر دمشق أيضاً (1) من الوهن للإسلام أن يقتل من رأي النبي صلى الله عليه وسلم من غير ردة ولا زنى بعد إحصان ولعائشة في قتلهم كلام محفوظ (2) . وفي أيامه بنيت القيرون بإفريقية. ولاية يزيد ابنه وبويع يزيد بن معاوية، إذ مات أبوه؛ يكنى أبا خالد. وامتنع من بيعته الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير بن العوام. فأما الحسين عليه السلام والرحمة فنهض إلى الكوفة فقتل قبل دخولها. وهو ثالثة مصائب الإسلام بعد أمير المؤمنين عثمان، أو رابعها بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وخرومه، لأن المسلمين استضيموا في قتله ظلماً علانية. وأما عبد الله بن الزبير فاستجار بمكة، فبقى هنالك إلى أن أغزى يزيد الجيوش إلى المدينة، حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى مكة، حرم الله تعالى، فقتل بقايا المهاجرين والأنصار يوم الحرة. وهي أيضاً أكبر مصائب الإسلام وخرومه، لأن أفاضل المسلمين وبقية الصحابة وخيار المسلمين من جلة التابعين قتلوا جهراً ظلماً في الحرب وصبراً. وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت وبالت في الروضة بين القبر والمنبر، ولم تصل جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كان فيه أحد،

_ (1) زعموا أن ذلك لأنه كان من أصحاب علي وشيعته، وقد شهد الجمل وصفين. (2) هو قولها - حين عاتبت معاوية في قتل حجر وأصحابه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقتل بعدي أناس يغضب الله لهم وأهل السماء.

ولاية ابنه معاوية بن يزيد

حاشا سعيد بن المسيب فإنه لم يفارق المسجد؛ ولولا شهادة عمرو بن عثمان ابن عفان، ومروان بن الحكم عند مجرم بن عقبة المري بأنه مجنون لقتله. وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم عبيد له، إن شاء باع، وإن شاؤ أعتق؛ وذكر له بعضهم البيعة على حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بقتله فضرب عنقه صبراً. وهتك مسرف أو مجرم الإسلام هتكاً، وأنهب المدينة ثلاثاً، واستخف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدت الأيدي إليهم وانتهبت دورهم؛ وانتقل هؤلاء إلى مكة شرفها الله تعالى، فحوصرت، ورمي البيت بحجارة المنجنيق، تولى ذلك الحصين بن نمير السكوني في جيوش أهل الشام، وذلك لأن مجرم بن عقبة المري، مات بعد وقعة الحرة بثلاث ليال، وولى مكانه الحصين بن نمير. وأخذ الله تعالى يزيد أخذ عزيز مقتدر، فمات بعد الحرة بأقل من ثلاثة أشهر وأزيد من شهرين. وانصرفت الجيوش عن مكة. ومات يزيد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستين، وله نيف وثلاثون سنة. أمه: ميسون بنت بحدل الكلبية، وكانت مدته ثلاث سنين وثمانية أشهر وأياماً فقط. ولاية ابنه معاوية بن يزيد ثم بويع أبو ليلى معاوية بن يزيد بن معاوية، فبقى نحو أربعين يوماً، ثم رأى صعوبة الأمر، وكان رجلاً صالحاً، فتبرأ عن الأمر، وانخلع، ولزم

ولاية عبد الله بن الزبير بمكة

بيته، ومات رحمه الله، إلى أيام (1) ، نحو أربعين يوماً، وسنه عشرون سنة. أمه: أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. ولاية عبد الله بن الزبير بمكة بويع له بمكة سنة أربع وستين، بعد ثلاثة أشهر منها، وأجمع عليه المسلمون كلهم من إفريقية إلى خراسان، حاشا شرذمة ابن الأعرابية (2) بالأردن، فوجه إليهم رسوله مروان بن الحكم ليأخذ بيعتهم بعد أن بايعه مروان ابن الحكم. فلما ورد عليهم خلع الطاعة، وهو أول من شق عصا المسلمين بلا تأويل ولا شبهة، وبايعه أهل الأردن، وخرج على ابن الزبير، وقتل النعمان بن بشير، أول مولود في الإسلام من الأنصار، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحمص. وخرج بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، فقتل بالكوفة، وأدعى النبوة في جهالات توجب أنه كان يعلم من نفسه أنه ليس كما يظهر، وحاله مضبوطة عند علماء التاريخ. ومن جيد ما وقع منه أنه تتبع من (3) الذين شاركوا في أمر ابن الزهراء الحسين، فقتل منهم ما أقدره الله عليه، وفعل أفعالاً يعفى فيها على هذه

_ (1) من عبارات ابن حزم الغريبة، ولعله يقصد: ومات بعد انقضاء أيام من لزومه بيته، نحو أربعين يوماً. (2) هو حسان بن مالك بن بحدل الكلبي؛ وقد وصفه ثور بن معن السلمي " بالأعرابي " (الطبري مصر 7: 3) . (3) لعله يقصد: تتبع بعض الذي شاركوا ...

ولاية عبد الملك بن مروان بن الحكم

الحسنة، وقتل بالكوفة ممن توهم منه ما يوجب مباينة ما هو عليه، فهذا كان الغالب عليه. وتغلب مروان على مصر والشام، ثم مات بعد عشرة أشهر، فقام مقامه في الخلعان (1) لعبد الله بن الزبير، ابنه عبد الملك، وبقيت فتنته إلى أن قوى أمره، ووجه عامله الحجاج بن يوسف إلى مكة فحاصرها، ورمى البيت بحجارة المنجنيق، وقتل ابن الزبير في المسجد الحرام بمكة سنة ثلاث وسبعين في جمادى الآخرة مقبلاً غير مدبر، مدافعةً عن نفسه، مقاتلاً، فلذلك لم يعرف من قتله، وله ثلاث وسبعون سنة، وهو أول مولود ولد في الإسلام. [وقتله أحد مصائب الإسلام] (2) وخرومه، لأن المسلمين استضيموا بقتله ظلماص علانية، وصلبه، واستحلال الحرم. وكانت ولايته تسعة أعوام وشهرين ونصف شهر. أمه: أسماء بنت أبي بكر الصديق رضوان الله عليهم. ولاية عبد الملك بن مروان بن الحكم هو أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم بن [أبي] (3) العاصي ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى بأبي الوليد. ولي إذ قتل ابن

_ (1) لعله مصدر كالخلع، ولم نجده في المعاجم؛ وورد في نص أندلسي آخر هو قول أبي حفص الأصغر بن برد: " ولكنا علمنا أن كهولكم الخلوف عنكم، وذوي الأسنان العاصين لكم، ممن يهاب وسم الخلعان، ويخاف السلطان ". وهذا النص يدل على استعمال الخلعان في الأندلس عند غير ابن حزم. (2) بياض في الأصل، وهي زيادة يقتضيها سياق الكلام، وتتفق مع مألوف كلام ابن حزم، انظر قوله عن قتل الحرة في ولاية يزيد بن معاوية: " وهي أيضاً أكبر مصاب الإسلام وخرومه "؛ وقوله قبل ذلك عن مقتل عمر بن الخطاب ": " وقتله أول خرم دخل الإسلام ". (3) زيادة من جمهرة أنساب العرب: 79، ونسب قريش: 159.

ولاية الوليد بن عبد الملك

الزبير، وبقى إلى أن مات، يوم الخميس النصف من شوال سنة ست وثمانين بدمشق. وكانت ولايته ثلاثة عشر عاماً وشهرين ونصفاً. أمه: عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس، قتله (1) النبي صلى الله عليه وسلم صبراً. سنه إذ مات اثنتان وخمسون سنة. ولاية الوليد بن عبد الملك يكنى بأبي العباس؛ ولي إذ مات أبوه، وبقي والياً إلى أن مات يوم السبت في النصف من جمادى الأولى سنة خمس وتسعين، وكانت مدة ولايته تسع سنين وسبعة أشهر، ومات وله ست وأربعون سنة. أمه: ولاده بنت العباس بن جزء (2) بن الحارث بن زهير بن جذيمة العبسي. وفي أيامه فتحت الأندلس، وما وراء النهر بخراسان والسند. ولاية سليمان بن عبد الملك كنيته أبو أيوب، وسكناه بالرملة من فلسطين، وكانت سكنى أبيه وأخيه بدمشق. بويع إذ مات أخوه الوليد، وبقى والياً إلى أن مات يوم الجمعة لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين. فكانت ولايته عامين وتسعة أشهر وخمسة أيام. ومدة عمره، قيل: سبع وثلاثون سنة، وهو شقيق الوليد

_ (1) أي: معاوية بن المغيرة والد عائشة؛ انظر ما مضى في جوامع السيرة، ص: 175. (2) في الأصل: جرير، وصوابه من الجمهرة: 239، ونسب قريش: 162.

خلافة عمر بن عبد العزيز

أخيه؛ وفي أيامه حوصرت القسطنطينية، وحاصرها أخوه مسلمة، وسن مسلمة أربع وعشرون سنة. خلافة عمر بن عبد العزيز يكنى أبا حفص. وهو عمر بن عبد العزيز، ولي رحمه الله يوم مات سليمان، باستخلاف سليمان، وسكناه بخناصرة من عمل حمص. فأقام والياً إلى أن مات، رحمه الله، يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة. وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام، ومات وله تسع وثلاثون سنة، وقيل أربعون سنة كاملة، رضوان الله عليه، وهذا أصح لأن مولده ومولد الأعمش وهشام بن عروة كلهم ولدوا سنة إحدى وستين من الهجرة. وفضله أشهر من أن نتكلف ذكره هنا (1) ، لأن الكتاب بني على ما لا بد من ذكره من الضروري. أمه: أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان بويع إذ مات عمر بن عبد العزيز، باستخلاف سليمان له بعد عمر؛ يكنى أبا خالد. فبقى والياً إلى أن مات ليلة الجمعة لأربع بقين لشعبان سنة خمس ومائة. وكان سكناه بالبخراء (2) من عمل حمص، فكانت ولايته أربعة

_ (1) في الأصل: " وفضلة أشهر، أمن تتكلف ذكر هنا ". ولا معنى له. وقد صوبناه بما يتفق وسياق الكلام. (2) في الأصل: بالبحرا.

ولاية هشام بن عبد الملك

أعوام وشهراً واحداً. مات وله نحو أربعين سنة. وأمه: عاتكة بنت يزيد بن معاوية. ولاية هشام بن عبد الملك بويع إذ مات أخوه يزيد باستخلاف يزيد له، وكانت سكناه بالرصافة، على (1) يوم الرقة؛ يكنى أبا الوليد. فبقى والياً إلى أن مات لعشر خلون لربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة، فكانت ولايته تسع عشرة (2) سنة وسبعة أشهر غير أيام، ومات وله اثنتان (3) وخمسون سنة. أمه: أم هاشم (4) بنت [هشام بن] (5) إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. ولاية الوليد بن يزيد بن عبد الملك بويع إذ مات عمه هشام، باستخلاف يزيد له بعد عمه هشام. فلم يزل والياً إلى أن قتل يوم الخميس لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة. وكان يكنى أبا العباس، وسكناه في بعض أعمال حمص. وكان فاسقاً

_ (1) في الأصل: كل يوم، ولا معنى له. (2) في الأصل: تسعة عشر. (3) في الأصل: اثنان. (4) كذلك وردت أيضاً في الجمهرة: 139، وفي نسب قريش: 328: أم هشام. (5) زيادة من الجمهرة: 139 ونسب قريش: 328.

خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

خليعاً ماجناً، وكانت ولايته سنة واحدة وشهرين، وقتل وله اثنتان وأربعون سنة. أمه: بنت محمد بن يوسف، أخي الحجاج بن يوسف الثقفي. خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان أقام رحمه الله تعالى منكراً للمنكر، فقتل ابن عمه الوليد بن يزيد، بما صح من فسقه وكفره. وبويع يزيد فأقام والياً إلى أن مات في ذي الحجة سنة ست وعشرين ومائة؛ وكانت مدته ستة أشهر، ومات وله نحو خمس وثلاثين سنة، وكان فاضلاً؛ يكنى أبا خالد، وسكناه بدمشق. أمه: شاهفريد (1) بنت خسرو بن فيروز ملك الفرس بن يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز. ولاية إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بويع إذ مات أخوه. فأقام ثلاثة أشهر مضطرب الحال، مخالف الأمر، إلى أن انخلع لمروان بن محمد بن مروان بن الحكم. وبقى حيا إلى أن مات: قيل غرق يوم الزاب، وقيل مات قبل ذلك. يكنى أبا إسحاق. أمه أم ولد لا أعرف اسمها.

_ (1) في الأصل هفريد، والصواب من الجمهرة: 81، وفي الطبري (9: 46) : شاه آفريد.

ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم آخر الأمويين من الأعياص

ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم آخر الأمويين من الأعياص بويع مروان بن محمد بن مروان بالجزيرة في صفر سنة سبع وعشرين ومائة. فلم يستقر له حال؛ ولا ثبت في مكان واحد، واضطربت عليه الأمور بكثرة خروج بني عمه عليه وغيرهم. ويكنى أبا عبد الملك. فلم يزل كذلك إلى أن قتل ببوصير من أرض مصر، وهو يقاتل إلى أن سقط ميتاًن فلم يمكن من نفسه، يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وتولى قتله عامر بن إسماعيل المسلي (1) من أهل خراسان. فكانت ولايته خمس سنين وشهراً، وله ست وتسعون سنة. واختلف في أمه: فقيل أم ولد، وقيل من بني جعدة من بني عامر ابن صعصعة. وانقطعت دولة بني أمية، وكانت دولة عربية، لم يتخذوا قاعدة، إنما كان سكنى كل امرئ منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة، ولا أكثروا احتجان الأموال، ولا بناء القصور، ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل ولا التسويد (2) ، ويكاتبوهم بالعبودية والملك، ولا تقبيل الأرض ولا رجل ولا يد، وإنما كان غرضهم الطاعة الصحيحة من التولية

_ (1) في الأصل: المسل، وصوابه من تاريخ الطبري (انظر الفهرست) . ولعله منسوب إلى محلة بالكوفة سميت باسم القبيلة (انظر معجم البلدان: مسلية) . (2) يبدو أنه يقصد " بالتمويل " قولهم: " يا مولاي "، كما يقصد " بالتسويد " قولهم " ياسيدي ".

ولاية السفاح أبي العباس

والعزل في أقاصي البلاد، فكانوا يعزلون العمال، يولون الآخر، في الأندلس، وفي السند، وفي خراسان، وفي إرمينية، وفي اليمن، فما بين هذه البلاد. ولاية السفاح أبي العباس وانتقل الأمر إلى بني العباس بن عبد المطلب رضوان الله عليه. وكانت دولتهم أعجيمة، سقطت فيها دولوين العرب، وغلب عجم خراسان على المر، وعاد الأمر ملكاً عضوضاً محصصاً كسروياً، إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة، رضوان الله عليهم، بخلاف ما كان بنو أمية يستعملون من لعن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، ولعن بنيه الطاهرين بني الزهراء؛ وكلهم كان على هذا حاشا عمر بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد رحمهما الله تعالى، فإنهما لم يستجيزا ذلك. وافترقت في ولاية أبي العباس (1) كلمة المسلمين، فخرج عنهم من منقطع الزابين دون إفريقية إلى البحر وبلاد السودان، فتغلب في هذه البلاد طوائف من الخوارج وجماعية وشيعية وعتزلة من ولد إدريس وسليمان ابني (2) عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ظهورا في نواحي بلاد البربر، ومنهم من ولد معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، تغلبوا على الأندلس، وكثير من غيرهم. وأيضا في خلال هذه الأمور تغلب الكفرة على نصف الأندلس وعلى نحو نصف السند.

_ (1) لعلها " بني العباس " إذ أن ما يذكره بعد لم يحدث زمن أبي العباس السفاح وإنما حدث في زمن أبي جعفر المنصور ومن بعده. (2) في الأصل: بني.

ولاية المنصور أبي جعفر

فكانت ولاية أبي العباس السفاح، وهو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس في الكوفة في ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وسكن الأنبار والياً إلى أن مات في ذي الحجة سنة ست وثلاثين، ومات وله ثلاث وثلاثون سنة، فكانت ولايته أربع سنين وثمانية أشهر. وأمه: ريطة بنت عبيد [الله] (1) بن عبد الله بن عبد المدان الحارثية، من بني الحارث بن كعب، كانت قبله (2) تحت الحجاج بن عبد الملك بن مروان، فولدت له عبد العزيز بن الحجاج، وكان أخا بني العباس لأمه، ثم خلف عليها بعد أخوه عبد الله بن عبد الملك بن مروان، فولدت له ابنةً أدركت ولاية العباس وكان يكرمها. وفي ولاية أبي العباس استعرض (3) ابن أخيه إبراهيم (4) أهل الموصل في الجامع إلى أن كسروا المقصورة، وأخذوا العيدان، وصدموا الجند، فأخرجوهم (5) ، فنجوا؛ وكان منهم ابن زريق جد صدقة الأزدي. ولاية المنصور أبي جعفر وولي بعد السفاح أخوه: المنصور، وهو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس؛ بويع إذ مات أخوه، وهو بنى بغداد،

_ (1) زيادة من الجمهرة: 18، والطبري 9: 154. (2) أي قبل محمد بن علي والد أبي العباس السفاح. (3) استعرض الناس: قتلهم ولم يسأل عن حال أحد ولم يبال من قتل منهم. (4) هو إبراهيم بن يحيى بن محمد؛ ويحيى أخو أبي العباس السفاح، ولم يعقب إلا إبراهيم هذا. (5) في الجمهرة: 18 " فأفرجوا لهم " بدل " أخرجوهم "، والخبر في الجمهرة أوضح قال: "..... إبراهيم بن يحيى، هو الذي قتل أهل الموصل، واستعرضهم بالسيف يوم الجمعة؛ فلم ينج منهم إلا نحو أربعمائة رجل، صدموا الجند، فأفرجوا لهم، ثم أمر بأن لا يبقى بالموصل ديك إلا يذبح، ولا كلب إلا يعقر. "

ولاية المهدي

وجعلها قاعدة ملكهم، وبقى والياً إلى أن مات في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، فكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة، مات متوجهاً إلى الحج، ودفن ببئر ميمون بقرب مكة، وله ثلاث وستون سنة. أمه: أم ولد نفزية (1) ، وقيل صنهاجة. ولاية المهدي المهدي لقبه، واسمه محمد. وولي بعد المنصور ابنه: أبو عبد الله محمد ابن عبد الله، فلم يزل والياً إلى أن مات سنة تسع وستين ومائة، فكانت ولايته عشر سنين واشهراً (2) ، إذ مات وله ثلاث وأربعون سنة بعيساباد (3) . أمه: أم موسى بنت منصور الحميري، كانت من أهل قيروان إفريقية، فتزوجها هنالك فتى من ولد عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، كان خليعاً متخلعاً، فولدت له ابنةً، وكان لها زوج قبله خياط ولدت منه ولداً (4) ،

_ (1) في الأصل: بقرية، والتصويب من الجمهرة: 18، وسماها ابن حزم هناك: " سلامة ". (2) لعلها: " وشهراً " انظر مروج الذهب تحقيق محيي الدين) 3: 319. (3) بهامش الأصل اتلذي نقلت منه نسختنا: " لعله بموساباذ ". وفي الطبري 10: 12 أن المهدي توفي بقرية من قرى ما سبذان يقال لها: الرذ، وسماها المسعودي في المروج 3: 319: " ردين ". (4) ذكر ابن حزم هذا الخبر في الجمهرة: 19، وذكره هناك أوفى وأوضح، قال: " أم موسى الحميرية، تزوجها أبو جعفر بالقيروان في دولة بني أمية، وكانت قبله عند فتى خليع من ولد عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان قد وقع إلى إفريقية؛ فولدت له ابنة، ومات؛ فاتصل موته بقومه؛ فنهض أبو جعفر بنفسه لاجتلاب بقيته؛ فوجدها قد تزوجت رجلاً خياطاً، وولدت منه ابناً، ومات الخياط، فتزوجها أبو جعفر لجمالها، وسمى ابن الخياط طيفور.... " فنصنا في السيرة يوهم أنها تزوجت الخياط قبل ذلك الفتى الخليع من ولد عبيد الله بن العباس؛ ونص الجمهرة صريح في أنها تزوجته بعده. ثم إن النص في الجمهرة يوضح سبب نهوض أبي جعفر بنفسه إلى القيروان.

ولاية الهادي

وبلغ ذلك قومها، فنهض أبو جعفر المنصور بنفسه، وذلك في خلافة هشام ابن عبد الملك، فدخل القيروان ووجد الخياط قد مات أو طلقها، فتزوجها أبو جعفر وأتى بها، فلما صارت الخلافة إليه سموا ابن ذلك الخياط: طيفور، وقالوا: هو مولى المهدي، وإنما كان أخاه لأمه، وهو جد عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر مؤلف أخبار بغداد. ولاية الهادي وولي بعد المهدي ابنه: أبو محمد موسى بن محمد، فلم يزل والياً إلى أن مات بموساباد سنة سبعين ومائة؛ وكانت ولايته عاماً واحداً وشهرين، وله أربع وعشرون سنة واشهر. وأمه أم وله أربع وعشرون سنة وأشهر. وأمه أم ولد، اسمها: الخيزران. ولاية الرشيد وولي بعد الهادي أخوه: أبو جعفر هارون بن محمد، فلم يزل والياص إلى أن مات بطوس من خراسان، وهنالك قبره. وكان يحج عاماً ويغزو عاماً، وهو آخر خليفة حج في خلافته، وحج من بعده كثير من قبل ولايتهم. وقد سكن الرقة والحيرة، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة. وكانت مدى ولايته ثلاثاً وعشرين سنة وشهراً، ومات وله ست وأربعون سنة؛ وهو شقيق أخيه موسى.

ولاية الأمين

ولاية الأمين وولي بعد الرشيد ابنه: أبو عبد الله محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي، فأقام والياً إلى أن قتل سنة ثمان وتسعين ومائة، أمر أخوه المأمون طاهر بن الحسين قائده (1) حين وجهه إلى حربه بقتله، فقتل صبراً محمداً الأمين، وكانت ولايته أربع سنين وأشهراًن ومات وله سبع وعشرون سنة. وأمه: زبيدة، واسمها أم جعفر بنت جعفر الأكبر بن أبي جعفر المنصور. ولاية المأمون وولي بعد الأمين أخوه: أبو العباس عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي، فلم يزل والياً إلى أن مات غازياً بأرض الروم، وقبره بطرسوس، وكانت ولايته عشرين سنة وأشهراً، ومات وله ثمان وأربعون سنة، وكانت وفاته سنة ثماني عشرة ومائتين يوم الخميس، في نصف رجب، وكان يرى حب آل البيت، ولا يعطي من أعرض عنهم، أو عرضهم (2) ، رخصة، فقيل: كان يتشيع. أمه أم ولد، اسمها: مراجل، بادغيسية خراسانية تركية. وفي أيامه افتتح المسلمون صقلية وإقريطش.

_ (1) في الأصل: " فأقام قائده "؛ ولا معنى لها، فلعل لفظ " فأقام " من خطأ الناسخ. (2) عرضه يعرضه، واعترضه: وقع فيه وانتقصه وشتمه.

ولاية المعتصم

ولاية المعتصم وولي بعد المأمون أخوه: أبو إسحاق محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله، فرحل عن بغداد، واتخذ سر من رأى قاعدة، وأضعف أمور الخراسانية جند آبائه، واستظهر بالأتراك، فأتى بهم واتخذهم جنداً (1) ، فبطلت دولة الإسلام، وابتدأ ارتفاع عمود الفساد من حينئذ، وكانت له مع ذلك فتوحات عظيمة الغناء في الإسلام، منها: قتل بابك الخرمي، وقد ظهر بآذربيجان معلناً بدين المجوسيةن وبقى نحو عشرين عاماً يهزم الجيوش السلطانية، ويضع سيفه في الإسلام. ومنها قتل المازيار المجوسي صاحب جبال طبرستان، وفتح طبرستان. وكان هنال أيضاً معلناً بدين المجوسية. ومنها قتله المحمرة (2) بالجبل، وقد قاموا أيضاً بدين المجوسية. وهو آخر خليفة غزا أرض الكفر بنفسه. وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب. وكان يذهب مذهب الاعتزال. وكانت ولايته ثمانية أعوام وثمانية أشهر وثمانية أيام؛ ومات وله ثمان وأربعون سنة؛ وذلك سنة سبع وعشرين ومائتين في ربيع الأول. أمه أم ولدن اسمها: ماردة، كوفية، مولدة.

_ (1) في الأصل: " فأتاهم واتخذ جنداً " والتصويب مما يقتضيه السياق. (2) فرقة من الخرمية.

ولاية الواثق

ولاية الواثق وولى بعد المعتصم: أبو جعفر هارون بن محمد بن هارون بن عبد الله، فبقى والياً إلى أن مات في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وكانت ولايته خمس سنين وثمانية أشهر، وله إذ مات ست وثلاثون سنة وأشهر، وكان يذهب مذهب الاعتزال. أمه أم ولد، اسمها: قراطيس، رومية. ولاية المتوكل وولي بعد الواثق أخوه: أبو الفضل جعفر بن محمد بن هارون بن محمد، فقام والياً إلى أن قتل ليلة الأربعاء لأربع خلون لشوال سنة سبع (1) وأربعين ومائتين. تولى قتله باغر (2) ويجن التركيان (3) ، غدراً في مجلسه، بأمر ابنه المنتصر، فكانت ولايته خمسة عشر عاماً، غير شهرين، وقتل وهو ابن اثنين وأربعين. أمه أم ولد، اسمها: شجاع، تركية. ولاية المنتصر وولي بعد المتوكل ابنه: أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد، وهو الذي دس على قتل أبيه، فأقام والياً إلى أن مات لخمس

_ (1) في الأصل: " تسع "، وهو خطأ واضح، إذ أن ابنه - على ما يذكر بعد قليل - مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. (2) في الأصل: باعر. (3) في الطبري 11: 23: " واجن الأشروسني الصفدي ".

ولاية المستعين

خلون لربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائتين. وكانت ولايته ستة أشهر. وكانت مدة عمره خمساً وعشرين سنة، وكان يتشيع. أمه أم ولد، اسمها: حبشية، رومية. وقيل إنما قتل والده لما كان يراه منه ويسمعه من تنقص آل البيت، وما يسميه من جلسائه، كعلي بن الجهم ومن نحا نحوه. وقد كان الرشيد يميل إلى ما يميل إليه المتوكل لكن بغير إفراط، فقد مدح الرشيد وتنقص أهل البيت في أثناء مدحه بما لا يرضاه، فكان سبباً لحرمان ذلك الشاعر ولطرده، ولم يكن المتوكل يكره المبالغة في تنقص أهل البيت. ولاية المستعين وولي بعد المنتصر ابن عمه لحا: أبو العباس أحمد بن محمد المعتصم، فأقام والياص مخلوعاً إلى أن قتل في شوال من العام المؤرخ (1) . أمر بقتله المعتز، فقتل صبراً، وكان عمره ستاً وثلاثين سنة، وقيل اثنتين وثلاثين سنة. أمه: مخارق، قيل أم ولد، وقيل إنها بنت عبيد (2) من أهل دوسرة (3) قرية بالموصل.

_ (1) كذا في الأصل؛ وفي ابن الأثير 7: 58، 61 أنه خلع ثم قتل في سنة اثنتين وخمسين ومائتين. (2) في الجمهرة: 22 " وقيل هي بنت رجل من أهل الموصل ". (3) في معجم البلدان: " دوسر " بغير هاء.

ولاية المعتز

ولاية المعتز وولي بعد المستعين ابن عمه لحا: أبو عبد الله الزبير بن جعفر المتوكل، فأقام والياً، إلى أن قتل في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين. أدخل في حمام وسد عليه بابه حتى مات. أمر بذلك صالح بن وصيف التركي متولي خلعه. وفي أيامه ابتدأ ظهور المتغلبين في أطراف البلاد، فكانت مدته منذ خلع المستعين إلى أن خلع هو أربع سنين غير خمسة أشهر، وكان عمره خمساً وعشرين سنة غير شهر، ولم يحج قط. أمه أم ولد، اسمها: قبيحة، صقلية. خلافة المهتدي رضي الله عنه وولي بعد المعتز ابن عمه لحا: أبو عبد الله محمد بن هارون الواثق، وكان رحمه الله تعالى إمام عدل، فأقام والياً إلى قتل في نصف رجب سنة ست وخمسين ومائتين؛ فقام عليه موسى بن بغا، فحاربه، فأصابت المهتدي جراحات، ثم أخذ فقتل، فكانت مدته في الخلافة أحد عشر شهراً، وعمره سبع وثلاثون سنة. أمه أم ولد، اسمها: قرب.

ولاية المعتمد

ولاية المعتمد وولي بعد المهتدي ابن عمه لحا: أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل، فأقام والياً إلى أن مات، فكانت ولايته ثلاثاً وعشرين سنة، ومات لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين، وله خمسون سنة. أمه أم ولد، اسمها فتيان (1) . وفي أيامه قتل أخوه أبو أحمد الموفق صاحب الزنج القائم بهدم الإسلام. والمعتمد أول خليفة تغلب عليه، ولم ينفذ له أمر ولا نهي. ولم يكن بيده من أمر الخلافة إلا الاسم فقط. ولاية المعتضد وولي بعد المعتمد ابن أخيه: أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة بن المتوكل، فأقام والياً إلى أن مات لسبع بقين من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين، فكانت ولايته عشر سنين غير شهرين وأيام، ومات وله ست وأربعون سنة. وكانت يتشيع، ورجع إلى بغداد وسكنها، ولم يحج قط، لا هو ولا أحد بعده من الخلفاء إلى زماننا إلى أن نقطع عنده إن شاء الله تعالى التأليف عند آخرهم.

_ (1) في الأصل: قتبان، وصابها من الجمهرة 23، والمحبر لابن حبيب: 44.

ولاية المكتفي

أمه أم ولد، اسمها: ضرار. وفي أيامه ظهرت دعوة الكفر بقرامطة البحرين، وفي بلاد إفريقية وباليمن، وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولاية المكتفي وولي بعد المعتضد ابنه: أبو محمد علي بن أحمد؛ فأقام والياً إلى أن مات عشية يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت لذي القعدة سنة أربع وتسعين ومائتين. وكانت ولايته خمس سنين وسبعة أشهر وأياماً، ومات وله ثلاث وثلاثون سنة، وكان يتشيع. أمه أم ولد، اسمها: جيجك (1) . ولاية المقتدر وولي بعد المكتفي أخوه: أبو الفضل جعفر بن أحمد، وله أربع عشرة سنة، ولم يل إمرة المؤمنين أحد إلى يومنا هذا أصغر منه. وفي أيامه فسدت الخلافة، ورقت أمور الإسلام، وظهرت غالية الروافض الكفرةن فغلبوا على كثير من البلاد، وتسموا بإمرة المؤمنين، وسلك سبيلهم في ذلك من تغلب على الأندلس من ولد هشام بن عبد الملك بن مروان، وكانوا قبل ذلك يتوقفون عن التسمي بذلك، ولا يعتدون التسمي بالإمرة فقط، وسلك سبيلهم في ذلك في زماننا من تغلب على بعض

_ (1) في الأصل: " حنحوا "، والتصويب من الطبري 11: 404، وتاريخ الخلفاء للسيوطي (تحقيق محيي الدين سنة 1371) : 376.

ولاية القاهر

الجهات من ولد أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما، واختل النظام جملة. فلم يزل والياً إلى أن قتل في شوال سنة عشرين وثلاثمائة، يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال في حرب مؤنس الخادم، إذ قام عليه، وسنه ثمان وثلاثون سنة وأشهر. وكانت ولايته خمساً وعشرين سنة غير شهرين. أمه أم ولد، اسمها: شغب (1) . وفي أيامه ملك الروافض الغالية إفريقية كلها، وغلب القرامطة الكفرة على مكة، وقلعوا الحجر الأسود. وقتل الناس في الطواف، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ولاية القاهر وولي بعد المقتدر أخوه: أبو منصور محمد بن أحمد، فأقام والياً إلى أن خلع وسملت عيناه، يوم الأربعاء لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، فكانت ولايته عاماص واحداً وستة أشهر، ثم عاش خاملاً مضاعاً فقيراً، إلى أن مات سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وله ثمان وخمسون سنة. وأمه أم ولد، اسمها: قتول. ولاية الراضي وولي بعد القاهر ابن أخيه: أبو العباس محمد بن جعفر بن المقتدر، فأقام والياً إلى أن مات ليلة السبت النصف من ربيع الأول سنة تسع وعشرين

_ (1) في الأصل: شعب، وصوابه من الطبري 11: 404.

ولاية المتقي

وثلاثمائة، وكانت ولايته سبع سنين غير شهر واثنين وعشرين يوماً، وكانت سنه إذ مات إحدى وثلاثين سنة وشهوراً. أمه أم ولد، اسمها: ظلوم. وفي أيامه كثر المتعلبون، فتغلب على كل ناحية متغلب، وتغلب عليه وعلى من بعده من الخلفاء، وفسد الأمر إلى هلم جرا. ولاية المتقي وولي بعد الراضي أخوه: أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر، المتقي، فأقام والياً إلى أن انخلع، وسملت عيناه، لسبع بقين من صفر، سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، أمر بذلك توزون التركي إذ قام عليه، فكانت ولايته أربع سنين غير شهر. وكان رجلاً صالحاً إلا أنه لم يتمكن من ولاية الأمور، وعاش مخلوعاً إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة. وسنه إذ مات سبع وأربعون سنة. وأمه أم ولد، اسمها: خلوب. ولاية المستكفي وولي بعد المتقي ابن عمه لحا: أبو القاسم عبد الله بن علي المستكفي. فأقام والياً إلى أن خلع وسلمت عيناه في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، بأمر أحمد بن بوبه الديلمي الأقطع، إذ دخل بغداد وتغلب على الخلافة. وكانت ولايته سبعة عشر شهراً، وعاش مخلوعاً إلى أن مات

ولاية المطيع

سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وسنه إذ مات إحدى وخمسون سنة وشهور. أمه أم ولد، اسمها: غصن. ولاية المطيع وولي بعد المستكفي ابن عمه لحا: أبو القاسم بن جعفر المقتدر. فأقام والياً إلى أن فلج، وتخلى لابنه عن الأمر طائعاً غير مكره، يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلى خلت لذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. وكانت ولايته تسعاً وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفاً، وسنه إذ مات أربع وستون سنة، وعاش في ولايته مضطهداً ليس له من الأمر شيء إلا الاسم. وأمه أم ولد، اسمها: مشغلة. وفي أيامه ضعفت الخلافة ووهت، وغلبت الديالم على بغداد، وغالية الروافض في مصر والشام كلها ومكة والمدينة، وغلب الروم على إقريطش والثغور الشامية وبعض الجزيرة، وردت القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه من الكعبة. ولاية الطائع وولي بعد المطيع ابنه: أبو بكر عبد الكريم، وأقام والياص إلى أن خلع سنة ثمانين وثلثمائة. وكانت ولايته ستة عشر عاماً وأشهراً، وعاش بعد ذلك مخلوعاً مسمولاً إلى أن مات سنة أربعمائة (1) ، وتولى خلعه وسمله حسر مهر (2) بن فناخسرو بن الحسن بن بويه الديلمي.

_ (1) في سائر الكتب التاريخية: سنة 393. (2) هو بهاء الدولة، وقد ورد اسمه في الأصل كما أثبتناه، ولعله تصحيف. ولقبه: بهاء الدولة واسمه في سائر الكتب: أبو نصر فيروز.

ولاية القادر

ولاية القادر ثم تولى بعد الطائع ابن عمه لحا: أبو العباس أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر، فأقام والياً إلى أن مات سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، ولم يبلغ أحد من الخفاء في الإسلام مدته في إمرة المؤمنين، ولا طول عمره، لأن ولايته اتصلت ثلاثاً وأربعين سنة، ومات وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، لأن مولده كان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. ولاية القائم بالله عبد الله بن القادر بالله تولى بعد القادر بالله: أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله، فهو أمير المؤمنين اليوم. ونسأل الله تعالى بمنه أن يوزع المسلمين أميراً رشيداً يعز به وليهن ويذل به عدوهن ويعلي به كلمة الإسلام، ويسفل كلمة من ناوأه من سائر الأديان، ويظهر معه العدل، وحكم الكتاب والسنة، آمين، آمين. آمين رب العالمين.

قد أعان الله تعالى على استيفاء الغرض في كتابنا هذا، فله الحمد واصباً عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشهن ومداد كلماته. وهو المستغفر من الزلل، والمرجو للرحمة والقبول. لا إله إلا هو، رب كل شيء ومليكه، الأحد الأول الحق. وصلى الله على سيدنا محمد خيرة الله تعالى من خلقه، وعلى آله وصحبه وعترته، ورضى الله عن صحابته، وسلم تسليما. وكان الفراغ منه في العشر الأخير من شهر صفر سنة 776 ست وسبعين وسبعمائة.

§1/1