جمهرة الأمثال

العسكري، أبو هلال

بسم الله الرحمن الرحيم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَحْمد الله حمد الشَّاكِرِينَ وَأشْهد بوحدانيته شَهَادَة العارفين وَأقر بإحسانه فِي إِيضَاح السَّبِيل وَإِقَامَة الدَّلِيل وتوكيد الْحجَّة وتبيين المحجة إِقْرَار الخاضعين وأثني عَلَيْهِ بسالف نعْمَته وفارط منته فِي مثل ضربه وَمِثَال نَصبه لينتهى إِلَيْهِ الْعَارِف فيرشد ويهتدى بهديه فيتسدد ثَنَاء المخلصين وَدلّ على فَضِيلَة ذَلِك فِي مُحكم بَيَانه ومنزل فرقانه فَقَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ {يَا أَيهَا النَّاس ضرب مثل فَاسْتَمعُوا لَهُ} وَقَالَ {وَضرب الله مثلا قَرْيَة كَانَت آمِنَة مطمئنة} وَقَالَ {وَيضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس لَعَلَّهُم يتذكرون} وَقَالَ {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا} وَقَالَ {إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا} وَقَالَ {وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم} إِلَى غير ذَلِك مِمَّا أَشَارَ بِهِ إِلَى مَنَافِع الْأَمْثَال فِي متصرفاتها وَحسن مواقعها فِي جهاتها وَنحن نسْأَل الله أَن ينفعنا بهَا كَمَا وقفنا عَلَيْهَا ويقيض لنا عائدتها كَمَا رزقنا مَعْرفَتهَا وَأَن يُصَلِّي على رَسُوله الَّذِي جعله وَاسِطَة بَينه وبيننا فِيهَا وَفِيمَا يهدينا وَيَأْخُذ بِأَيْدِينَا مِنْهَا ثمَّ من سَائِر آيَاته المحكمات وحججه

البالغات وعَلى آله الطاهرين وعترته المنتجبين وَأَصْحَابه المختارين وَيسلم تَسْلِيمًا ثمَّ إِنِّي مَا رَأَيْت حَاجَة الشريف إِلَى شَيْء من أدب اللِّسَان بعد سَلَامَته من اللّحن كحاجته إِلَى الشَّاهِد والمثل والشذرة والكلمة السائرة فَإِن ذَلِك يزِيد الْمنطق تفخيما ويكسبه قبولاً وَيجْعَل لَهُ قدرا فِي النُّفُوس وحلاوةً فِي الصُّدُور وَيَدْعُو الْقُلُوب إِلَى وعيه ويبعثها على حفظه ويأخذها باستعداده لأوقات المذاكرة والاستظهار بِهِ أَوَان المجاولة فِي ميادين المجادلة والمصاولة فِي حلبات المقاولة وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْكَلَام كالتفصيل فِي العقد والتنوير فِي الرَّوْض والتسهيم فِي الْبرد فَيَنْبَغِي أَن يستكثر من أَنْوَاعه لَان الإقلال مِنْهَا كاسمه إقلال وَالتَّقْصِير فِي التماسه قُصُور وَمَا كَانَ مِنْهُ مثلا سائراً فمعرفته ألزم لَان منفعَته أَعم وَالْجهل بِهِ أقبح وَلما عرفت الْعَرَب أَن الْأَمْثَال تتصرف فِي أَكثر وُجُوه الْكَلَام وَتدْخل فِي جلّ أساليب القَوْل أخرجوها فِي أقواها من الْأَلْفَاظ ليخف اسْتِعْمَالهَا ويسهل تداولها فَهِيَ من أجل الْكَلَام وأنبله وأشرفه وأفضله لقلَّة

ألفاظها وَكَثْرَة مَعَانِيهَا ويسير مئونتها على الْمُتَكَلّم مَعَ كَبِير عنايتها وجسيم عائدتها وَمن عجائبها أَنَّهَا مَعَ إيجازها تعْمل عمل الإطناب وَلها روعة إِذا برزت فِي أثْنَاء الْخطاب وَالْحِفْظ مُوكل بِمَا رَاع من اللَّفْظ وندر من الْمَعْنى والأمثال أَيْضا نوع من الْعلم منفدر بِنَفسِهِ لَا يقدر على التَّصَرُّف فِيهِ إِلَّا من اجْتهد فِي طلبه حَتَّى أحكمه وَبَالغ فِي التماسه حَتَّى أتقنه وَلَيْسَ من حفظ صَدرا من الْغَرِيب فَقَامَ بتفسير قصيدة وكشف أغراض رِسَالَة أَو خطْبَة قَادِرًا على أَن يقوم بشرح الْأَمْثَال والإبانة عَن مَعَانِيهَا وَالْأَخْبَار عَن الْمَقَاصِد فِيهَا وَإِنَّمَا يحْتَاج الرجل فِي مَعْرفَتهَا مَعَ الْعلم بالغريب إِلَى الْوُقُوف على أُصُولهَا والإحاطة بأحاديثها ويكمل لذَلِك من اجْتهد فِي الرِّوَايَة وَتقدم فِي الدِّرَايَة فَأَما من قصر وَعذر فقد قصر وَتَأَخر وأنى يسوغ الأديب لنَفسِهِ وَقد علم أَن كل من لم يعن بهَا من الأدباء عنايةً تبلغه أقْصَى غاياتها وَأبْعد نهاياتها كَانَ مَنْقُوص الْأَدَب غير تَامّ الْآلَة فِيهِ وَلَا موفور الْحَظ مِنْهُ

وَلما رَأَيْت الْحَاجة إِلَيْهَا هَذِه الْحَاجة عزمت على تقريب سبلها وتلخيص مشكلها وَذكر أُصُولهَا وأخبارها ليفهمها الغبي فضلا عَن اللقين الذكي فَعمِلت كتابي هَذَا مُشْتَمِلًا مِنْهَا على مَا لم يشْتَمل عَلَيْهِ كتاب أعرفهُ وضمنته إِيَّاهَا ملخصةً لَا يشينها الاهذار وَلَا يزري بهَا الْإِكْثَار وَلَا يعيبها التَّقْصِير والإفلال منظومةً على نسق حُرُوف المعجم ليدنو مجتناها ويسهل مبتغاها وميزت مَا أورد حَمْزَة الاصبهاني من الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة وَهِي الْأَمْثَال على أفعل من كَذَا فأوردت مِنْهَا مَا كَانَ عَرَبيا صَحِيحا ونفيت المولد السقيم ليتبرأ كتابي من الْعَيْب الَّذِي لزم كتاب حَمْزَة فِي اشتماله على كل غث من أَمْثَال المولدين وحشوة الحضريين فَصَارَت الْعلمَاء تلغيه وتسقطه وتنفيه وَيجْرِي فِي خلال مَا فسرت مِنْهَا وَمن غَيرهَا حكايات وأشعار تصلح أَن تكون أَمْثَالًا وكتبت بإزائها من الْحَاشِيَة ميماً لتتميز مِمَّا يجاورها فتؤخذ وتستعمل فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تصلح لَهَا وَمَا توفيقنا إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ نتوكل وَبِه نستعين وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل

نبدأ بِذكر اشتقاق الْمثل فَنَقُول أصل الْمثل التَّمَاثُل بَين الشَّيْئَيْنِ فِي الْكَلَام كَقَوْلِهِم (كَمَا تدين تدان) وَهُوَ من قَوْلك هَذَا مثل الشَّيْء وَمثله كَمَا تَقول شبهه وَشبهه ثمَّ جعل كل حِكْمَة سائرة مثل وَقد يَأْتِي الْقَائِل بِمَا يحسن أَن يتَمَثَّل بِهِ إِلَّا أَنه لَا يتَّفق أَن يسير فَلَا يكون مثلا وَضرب الْمثل جعله يسير فِي الْبِلَاد من قَوْلك ضرب فِي الأَرْض إِذا سَار فِيهَا وَمِنْه سمي الْمضَارب مضارباً وَيَقُولُونَ الْأَمْثَال تحكى يعنون بذلك أَنَّهَا تضرب على مَا جَاءَت عَن الْعَرَب وَلَا تغير صيغتها فَتَقول للرجل (الصَّيف ضيعت اللَّبن) فتكسر التَّاء لِأَنَّهَا حِكَايَة

فهرسته

الْبَاب الأول فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله ألف أَصْلِيَّة أَو مجتلبة فهرسته إِن من الْبَيَان لسحراً إِن مِمَّا ينْبت الرّبيع لما يقتل حَبطًا أَو يلم إيَّاكُمْ وخضراء الدمن أول العي الاحتلاط أفرط فأسقط أَسْوَأ القَوْل الإفراط أَحَق شَيْء بسجن لِسَان إِذا سَمِعت بسرى الْقَيْن فَإِنَّهُ مصبح أَسَاءَ سمعا فأساء جابة أشبه امْرأ بعض بزه إِلَيْك يساق الحَدِيث أبدى الصَّرِيح عَن الرغوة أفرخ الْقَوْم بيضتهم أَبى الْحَقَّيْنِ الْعذرَة أعن صبوح ترقق إياك أعنى فاسمعي يَا جَارة أنْجز حر مَا وعد أزمت شجعات بِمَا فِيهَا إِن كنت ريحًا فقد لَا قيت إعصاراً ألوى بعيد المستمر إِن يبغ عَلَيْك قَوْمك لَا يبغ الْقَمَر أمكراً وَأَنت فِي الْحَدِيد ابْن الْأَيَّام الْغَزْو أخرق إِنَّمَا يضن بالضنين أطري فَإنَّك ناعلة اكذب نَفسك إِذا حدثتها أودى العير إِلَّا ضرطاً أعييتني بأشر فَكيف بدردر أرنيها نمرةً أركها مطرة استنوق الْجمل أنصف القارة من راماها أضئ لي أقدح لَك اسْقِ رقاش إِنَّهَا سِقَايَة إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتى لَيْسَ الْجمل انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما إِن بني صبية صيفيون أَيْنَمَا أوجه ألق سَعْدا أشبه شرج شرجاً لَو أَن أسيمرا إِذا نزا بك الشَّرّ فَاقْعُدْ إِذا ارجحن شاصياً فارفع يدا إِذا عز أَخُوك فهن إِذا لم تغلب فاخلب إِلَّا حظية فَلَا ألية إِن فِي الشَّرّ خياراً إِلَى أمه يلهف

اللهفان إِنَّمَا يُعَاتب الْأَدِيم ذُو الْبشرَة أكلت يَوْم أكل الثور الْأسود أبْصر وسم قدحك إِن الشفيق بِسوء الظَّن مولع أَتَاك رَيَّان بلبنه استكرمت فاربط أطلب تظفر ألق دلوك فِي الدلاء احلب حَلبًا لَك شطره أَنا غريرك أتعلمني بضب أَنا حرشته أعْط الْقوس باريها أفواهها مجاسها أَرَاك بشر مَا أحار مشفر أنجد من رأى حضنا أَن ترد المَاء بِمَاء أَكيس اشْتَرِ لنَفسك وللسوق أَمر مبكياتك لَا أَمر مضحكاتك إِذا أردْت المحاجزة فَقبل المناجزة إِن الموصين بَنو سهوان أعندي أَنْت أم فِي العكم أعندي أَنْت أم فِي الربق أفرخ روعك أَخذنَا فِي الدوس احذر الصّبيان لَا تصبك بأعقائها أَعور عَيْنك وَالْحجر اتخذ اللَّيْل جملا أجر الْأُمُور على أذلالها ارْض من المركوب بالتعلق اصنعه صَنْعَة من طب لمن حب أتبع الْفرس لجامها أَو ردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل أَهْون السَّقْي التشريع إِلَّا ده فَلَا دة اسْقِ أَخَاك النمري أخلف رويعياً مظنه أسائر الْيَوْم وَقد زَالَ الظّهْر آخر الدَّاء الكي إِذا نَام ظالع الْكلاب أرسل حكيماً وَلَا توصه أرغوا لَهَا حوارها تقر أحشفاً وَسُوء كيلة أغدة كَغُدَّة الْبَعِير أغيرةً وجبنا إِذا ادعيت الْبَاطِل أنجح بك إِنَّك لَا تجنى من الشوك الْعِنَب اخبر تقله أَنا تئق وَأَنت مئق فَكيف نتفق إِنَّك لَا تَشْكُو إِلَى مصمت استنت الفصال حَتَّى القرعى إِن هلك عير فَعير فِي الرِّبَاط اخْتَلَط المرعي بالهمل اخْتَلَط الخاثر بالزباد أحشك وتروثني أجع كلبك يتبعك أَسَاءَ رعياً فسقى أجناؤها أبناؤها إِن ضج فزده وقرا إِن الجبان حتفه من فَوْقه أفلت وانحص الذَّنب أفلت بجريعة الذقن أوسعتهم سباً

وأودوا بِالْإِبِلِ ارق على ظلعك واقدر بذرعك إِذا جَاءَ الْحِين حَار الْعين أتتك بحائن رِجْلَاهُ إِن الشقي وَافد البراجم إِذا مَا القارظ العنرى آبا احس وذق أشئت عقيل إِلَى عقلك أَتَى أَبَد على لبد إِحْدَى لياليك فهيسي هيسي إِن الحمأة أولعت بالكنة اسع بجد أَو دع أضرطاً وَأَنت الْأَعْلَى آكل لحمى وَلَا أَدَعهُ لآكل استه أضيق آخر الْبَز على القلوص إيت فقد أَنى لَك إِن الشقي ترى لَهُ أعلاماً إِن الشَّقَاء على الاشقين مصبوب استي أخبثي است الْبَائِن أعلم أَصمّ عَمَّا سَاءَهُ سميع است الْمَرْأَة أَحَق بالمجمر أريها السهى وتريني الْقَمَر أرتعن أجلى أَنى شِئْت أرها أجلى أَنى شَاءَت أَبى أبي اللبأ إِذا حككت قرحَة أدميتها است لم تعود المجمر أنضج أَخُوك ثمَّ رمد استراح من لَا عقل لَهُ احفظي بَيْتك مِمَّن لَا تنشدين ألصق الْحس بالاس إِن أضاخاً منهل مورود أطرقي أم عَامر إِحْدَى حظيات لُقْمَان أضرطاً آخر الْيَوْم اقلب قلاب أم فرشت فأنامت إِنَّك من طير الله فطيري إِن وجدت لشفرة محزا أسمع جعجعةً وَلَا أرى طحناً إِذا قطعن علما بدا علم أسعد أم سعيد أسمحت قرونته أصيد الْقُنْفُذ أم لقطَة انْقَطع قوي من قاوية أبعد الوهي ترقعين وانت مبصرة أومرنا مَا أُخْرَى إِن تنفري فقد رَأَيْت نَفرا انْقَطع السلا فِي الْبَطن أعرض ثوب الملبس أَعرَضت القرفة أوهيت وهياً فارقعه اتَّسع الْخرق على الراقع أعذر من أنذر آثراً مَا أول صوك وبوك أعلم بهَا من غص بهَا إِن البها لَهَا أسرِي عَلَيْهِ بلَيْل أَمر دون عُبَيْدَة الو ذمّ أَنْكَحنَا الفرا فسنرى أنف فِي السَّمَاء واست فِي المَاء أودى درم أَحمَق بلغ أَخُوك أم الذِّئْب

أنكحيني وانظري إِذا رَأَيْت الرّيح عاصفاً فتطامن الاخذ سريط وَالْقَضَاء ضريط أَخذه أَخذ سَبْعَة أجن الله جباله الله أعلم مَا حطها من رَأس يسوم اطلع عَلَيْهِم ذُو عينين اضطره السَّيْل إِلَى الْعَطش أرخ يَديك واسترخ إِن الزِّنَاد من مرخ اترك الشَّرّ كَمَا يتركك ألْقى عَلَيْهِ بعاعه أخذت الارض زخاريها أرَاهُ عبر عَيْنَيْهِ أباد غضراءهم أَعْلَاهَا ذَا فَوق أرطي إِن خيرك فِي الرطيط أَرِنِي غياً أَزْد فِيهِ أوجر مَا أَنا من سملقة أرْضى من العشب بالخوصة الْبكْرِيّ أَخُوك وَلَا تأمنه الامور وصلات إِحْدَى بَنَات طبق إِنَّنِي لن أضيره إِنَّمَا أطوي مصيره إِن من ابْتِغَاء الْخَيْر اتقاء الشَّرّ أَخُوك من آساك أحبب حَبِيبك هونا مَا أساف حَتَّى مَا يشتكي السواف استقدمت رحالته أدْرك أَرْبَاب النعم إنباض بِغَيْر توتير أقصر لما أبْصر أول الحزم المشورة التقى حلقتا البطان أَي الرِّجَال الْمُهَذّب اطرقي وميشي استغنت التفة عَن الرفة إِن كنت بِي تشد أزرك فأرخه اسر وقمر لَك ابدأهم بالصراخ يَفروا احلب واشرب إمعة وإمرة أصبح ليل ألقِي على يَدَيْهِ الازلم الْجذع أعطَاهُ إِيَّاه بقوف رقبته أطرق كرى إِن النعام فِي الْقرى أَبى العَبْد أَن ينَام حَتَّى يحلم بربته أَنا من غزيَّة أهلك وَاللَّيْل الايناس قبل الابساس إِن البغاث بأرضنا يستنسر البس لكل حَالَة لبوسها أَخْطَأت استه الحفرة أَسَاءَ كَارِه مَا عمل إِحْدَى نواده الْبكر أصوص عَلَيْهَا صوص إِن سوادها قوم لي عنادها أدنى حماريك ازجري اخْتلفت رءوسها فرتعت إِن الْغَنِيّ لطويل الذيل مياس

فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في أوائل أوصولها الألف

فهرست الامثال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أوصولها الالف آمن من الارض آمن من حمام مَكَّة وآلف أَيْضا آلف من غراب عقدَة آبل من مَالك بن زيد مَنَاة آبل من حنيف الحناتم آكل من حوت أروى من حوت آكل من سوس آكل من الْفِيل وَمن النَّار آكل من ضرس آلف من كلب آلف من الْحمى

التفسير

التَّفْسِير 1 - قَوْلهم إِن من الْبَيَان لسحراً أول من لفظ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الْوَهَّاب ابْن أَحْمد الكاغدي عَن أبي بكر عبد الله بن حَمَّاد الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر أَحْمد بن الْحَارِث الخزاز عَن الْمَدَائِنِي عَن مسلمة بن محَارب عَن عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَمْرو بن الاهتم أخبرنَا عَن الزبْرِقَان فَقَالَ إِنَّه مُطَاع فِي أدنيه شَدِيد الْعَارِضَة مَانع لما وَرَاء ظَهره فَقَالَ الزبْرِقَان يَا رَسُول الله إِنَّه ليعلم مني أَكثر من ذَلِك وَلَكِن حسدني فَقَالَ عَمْرو وَالله يَا رَسُول الله إِنَّه لزمر الْمُرُوءَة ضيق العطن حَدِيث الْغنى أَحمَق الْوَالِد لئيم الْخَال وَمَا كذبت فِي الاولى وَلَقَد صدقت فِي الاخرى رضيت فَقلت بِأَحْسَن مَا علمت وسخطت فَقلت بِأَسْوَأ مَا علمت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن من الْبَيَان لسحراً) وَذَلِكَ أول مَا سمع وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد الْحسن بن عبد الله بن سعيد عَن أَبِيه عَن عسل

ابْن ذكْوَان قَالَ قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن أَذمّ الْبَيَان أم مدحه فَمَا أبان أحد بِشَيْء فَقَالَ ذمه لَان السحر تمويه فَقَالَ إِن من الْبَيَان مَا يموه الْبَاطِل حَتَّى يُشبههُ بِالْحَقِّ وَقَالَ غَيره بل مدحه لَان الْبَيَان من الْفَهم والذكاء قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله الصَّحِيح أَنه مدحه وتسميته إِيَّاه سحرًا إِنَّمَا هُوَ على جِهَة التَّعَجُّب مِنْهُ لانه لما ذمّ عَمْرو الزبْرِقَان ومدحه فِي حَال وَاحِدَة وَصدق فِي مدحه وذمه فِيمَا ذكر عجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك كَمَا يعجب من السحر فَسَماهُ سحرًا من هَذَا الْوَجْه وَقد أجمع أهل البلاغة على أَن تَصْوِير الْحق فِي صُورَة الْبَاطِل وَالْبَاطِل فِي صُورَة الْحق من ارْفَعْ دَرَجَات البلاغة وَقد أحكمنا ذَلِك فِي كتاب صَنْعَة الْكَلَام وَقد رُوِيَ هَذَا اللَّفْظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جِهَة أُخْرَى وَمَعَهُ زيادات توخيت من أجلهَا تكريره حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد قَالَ حَدثنَا معمر بن يحيى النَّيْسَابُورِي قَالَ حَدثنَا سعد الْجرْمِي قَالَ حَدثنَا يحيى بن وَاضح قَالَ حَدثنَا أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ عَن عبد الله بن ثَابت عَن صَخْر بن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن من الْبَيَان لسحراً وَإِن من الشّعْر لحكماً وَإِن من الْعلم جهلا وَإِن من القَوْل عيالا) قَوْله

(إِن من االعلم جهلا) يَعْنِي تكلّف الْعَالم القَوْل فِيمَا يجهله وَقَوله (إِن من القَوْل عيالا) يَعْنِي عرضك الْكَلَام على من لَيْسَ من شَأْنه وَالْحكم الْحِكْمَة كَقَوْلِك الْعذر والعذرة وَقيل يَعْنِي بقوله (إِن من الْبَيَان لسحراً) أَن البليغ يبلغ ببيانه مَا يبلغ السَّاحر بلطافة حيلته فِي سحره وَتكلم بَعضهم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز بِكَلَام حسن فَقَالَ عمر هَذَا السحر الْحَلَال فتصرف الشُّعَرَاء فِي هَذِه اللَّفْظَة فَقَالَ بَعضهم (وحديثها السحر الْحَلَال لَو أَنه ... لم يجن قتل الْمُسلم المتحرز) (إِن طَال لم يملل وَإِن هِيَ أوجزت ... ود الْمُحدث أَنَّهَا لم توجز) (شرك الْقُلُوب وفتنة مَا مثلهَا ... للمستهام وعقلة المستوفز) وَلَا نَعْرِف فِي الحَدِيث كلَاما أحسن من هَذَا وَقَالَ بعض المهالبة فِي الْمُعْتَمد (سَيبقى فِيك مَا يهدي لساني ... إِذا فنيت هَدَايَا المهرجان) (قصائد تملا الافاق مِمَّا ... أحل الله من سحر الْبَيَان) (بهَا ينفى الْكرَى السارون عَنْهُم ... وتلهي الشّرْب أوتار القيان) (بمعتمد على الله استجرنا ... فصرنا آمِنين من الزَّمَان)

2 - قَوْلهم إِن مِمَّا ينْبت الرّبيع لما يقتل حَبطًا أَو يلم أول من تكلم بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن يَعْقُوب الصفارقال حَدثنَا زِيَاد بن يحيى الحساني قَالَ حَدثنَا ابْن أبي عدي عَن هِشَام بن يحيى أبي كثير عَن هِلَال بن أبي مَيْمُونَة عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن مِمَّا أَخَاف عَلَيْكُم مَا يفتح لكم من زهرَة الدُّنْيَا وَزينتهَا) فَقَالَ رجل يَا نَبِي الله أَو يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ فأرينا أَنه ينزل عَلَيْهِ فَقَالَ (أَيْن السَّائِل) فَكَأَنَّهُ حَمده فَقَالَ (إِنَّه لايأتى الْخَيْر بِالشَّرِّ وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع لما يقتل حَبطًا أَو يلم) وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وأوجزه وأفصحه لفظا وألطفه معنى وَهُوَ مثل ضربه لمن أعطي من الدُّنْيَا حظاً فألهاه الِاشْتِغَال بِهِ والاستكثار مِنْهُ والحرص عَلَيْهِ ومجانبة الْقَصْد فِيهِ عَن إصْلَاح دينه فَيكون فِيهِ هَلَاكه كَمَا أَن الْمَاشِيَة إِذا لم تقتصد فِي مراعيها حبطت بطونها فَمَاتَتْ أَو كَادَت والحبط انتفاخ الْبَطن وَرَوَاهُ بَعضهم خبطاً بِالْخَاءِ وَهُوَ تَصْحِيف وَنَحْو الْمثل قَول النَّابِغَة (الْيَأْس عَمَّا فَاتَ يعقب رَاحَة ... ولرب مطعمة تعود ذباحا)

3 - قَوْلهم إيَّاكُمْ وخضراء الدمن هُوَ من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن سعيد بواسط قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن الْخَلِيل البرجلاني قَالَ حَدثنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ حَدثنَا يحيى بن سعيد بن حَيَّان عَن أبي وجزة يزِيد بن عبيد عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إيَّاكُمْ وخضراء الدمن) وَهُوَ النبت ينْبت على البعر فيروق ظَاهره وَلَيْسَ فِي بَاطِنه خير وضربه مثلا للْمَرْأَة الْحَسْنَاء فِي منبت السوء وَكره ذَلِك لَان عرق السوء ينْزع وَمثله قَول الْعَرَب إيَّاكُمْ وعقيلة الْملح يعنون الدرة وَهِي تكون فِي المَاء الْملح وَمَعْنَاهُ النَّهْي عَن نِكَاح الْحَسْنَاء فِي منصب السوء وَأنْشد بَعضهم قَول زفر بن الْحَارِث بعقب هَذَا الْخَبَر وَذكر أَنه مثله (وَقد ينْبت المرعى على دمن الثرى ... وتقى خزازات النُّفُوس كَمَا هيا) وَقَالَ غَيره لَيْسَ هُوَ مِنْهُ فِي شَيْء قَالَ وَمَعْنَاهُ أَن الدمنة هِيَ الْموضع الَّذِي تبرك فِيهِ الابل فتبول وتبعر فِيهِ فَلَا ينْبت شَيْئا فَإِذا أَصَابَته السَّمَاء وسفته الرِّيَاح أنبت فَيَقُول إِن ذَلِك الْموضع قد ينْبت بعد أَن لم يكن ينْبت فيتغير بالنبات وَتبقى حزازات النُّفُوس لَا تَتَغَيَّر

قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله وَهَذَا مثل قَول صَاحب كليلة لكل حريق مطفىء للنار المَاء وللسم الدَّوَاء وللعشق الْبَين ونار الْعَدَاوَة لَا تخمد أبدا بِشَيْء من الاشياء وَفِي نَحْو مَا تقدم قَول الشَّاعِر (فَلَا يغرنك أضغان مرملة ... قد يضْرب الدبر الدامي بأحلاس) وَتقول الْعَرَب عرق السوء ينجث وَلَو بعد حِين أَي يسْتَخْرج مِنْهُ مَا هُوَ كامن فِيهِ قَالَ أَكْثَم بن صَيْفِي لَا يغلبنكم الْجمال على صَرَاحَة النّسَب فَإِن المناكح الْكَرِيمَة مدرجة للشرف وَقَالَ الشَّاعِر (فأدركه خالاته فاختزلنه ... أَلا إِن عرق السوء لَا بُد مدرك) 4 - قَوْلهم أول العي الاحتلاط الاحتلاط الْغَضَب وَمَعْنَاهُ أَن الرجل إِذا عجز عَن دفع خَصمه بِحجَّة قَاطِعَة أظهر الْغَضَب ليجعله سَببا إِلَى التَّخَلُّص مِنْهُ وَلَو وَجه آخر وَهُوَ أَنه إِذا غضب عي عَن الْجَواب وَامْتنع عَلَيْهِ الْخطاب

وأحضر النَّاس جَوَابا من لم يغْضب قَالُوا وأحزم الْفَرِيقَيْنِ الركين وَالْعَاجِز عَن الْجَواب أَيْضا رُبمَا تعلل بالضحك وَفِي بعض الامثال من عجز عَن الْجَواب ضحك من غير عُجاب وَقَالَ عبد الْجَبَّار بن عدي قلت لعجوز من نَصَارَى لخم لَو تحنفت فَقَالَت لَو تنصرت قلت الحنيفية أقرب إِلَى الله قَالَت أقربها إِلَيْهِ أقدمها الَّذِي أرسل بِهِ رَسُولا وَأَعْطَاهُ الحكم صَبيا وأنطقه فِي المهد وليدا أثبت بِهِ الْحجَّة ووكد بِهِ الْهَدِيَّة وَلم يحوجه إِلَى نصر الْعَشِيرَة قَالَ فَضَحكت تَعَجبا من قَوْلهَا فَقَالَت من عجز عَن الْجَواب ضحك من غير عُجاب 5 - قَوْلهم أفرط فأسقط هُوَ مثل قَوْله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من كثر كَلَامه كثر سقطه) أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ حَدثنَا الْفضل بن عبد الْعَزِيز قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن خُلَيْد قَالَ حَدثنَا عَبدة بن شبْل الْحَنَفِيّ عَن ابْن عجلَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كثر كذبه وَمن كثر كذبه كثرت ذنُوبه وَمن كثرت ذنُوبه كَانَت النَّار أولى بِهِ) وَقَالَ بَعضهم الصَّحِيح

أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ ذَلِك وَرِوَايَته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرناابوبكر بن دُرَيْد قَالَ حَدثنَا الْحسن بن خضر قَالَ حَدثنَا الْحجَّاج بن نصير قَالَ حَدثنَا صَالح الْمزي عَن مَالك بن دِينَار عَن الاحنف قَالَ لي عمر يَا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته وَمن مزح استخف بِهِ وَمن أَكثر من شَيْء عرف بِهِ وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه قل حياؤه وَمن قل حياؤه قل ورعه وَمن قل ورعه مَاتَ قلبه وَمن أمثالهم فِي النَّهْي عَن مُفَارقَة التَّوَسُّط فِي القَوْل قَوْلهم أَسْوَأ القَوْل الافراط قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا قُلْتُمْ فاعدلوا} وَقَالَت الْحُكَمَاء لكل شَيْء طرفان ووسط فَفِي طرفه الاول شُعْبَة من التَّقْصِير وَمَعَ الاخير بعض الافراط وخيره وَسطه وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ سَمِعت أَبَا الْحسن الاخفش يَقُول سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى ثعلباً يَقُول لَا أعلم فِيمَا رُوِيَ فِي التَّوَسُّط أحسن من قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَلَيْكُم بالنمرقة الْوُسْطَى فإليها يرجع الغالي وَبهَا يلْحق التَّالِي وَقَالَ حَكِيم الشُّعَرَاء (عَلَيْك بِالْقَصْدِ فِيمَا أَنْت فَاعله ... إِن التخلق يَأْتِي دونه الْخلق)

وَقَالَ آخر (إِن بَين التَّفْرِيط والافراط ... مسلكاً منجياً من الايراط) قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله أَي من الهلكة والافراط مَذْمُوم فِي كل شَيْء فَمن أفرط فِي الْمَدْح نسب إِلَى الملق أَو فِي النَّصِيحَة لحقته التُّهْمَة وَقيل كثير النصح يهجم بك على كثير الظنة وَإِذا أفرط فِي سرعَة السّير قطع بِهِ وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَلا إِن هَذَا الدّين متين فأوغل فِيهِ بِرِفْق فَإِن المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى) وَالْعرب تَقول شَرّ السّير الْحَقْحَقَةُ وَهِي شدَّة السّير وَقَالَ المرار (نقطع بالنزول الارض عَنَّا ... وَطول الأَرْض يقطعهُ النُّزُول) وَإِذا أفرط فِي الاكل وَالشرب سقم وَإِذا أفرط فِي الزّهْد منع نَفسه مَا أحل لَهُ فعذ بهَا من حَيْثُ لَو نعمها لم يضرّهُ وَإِذا أفرط فِي الْبَذْل كَانَ مبذراً وأرجع الامر إِلَى الْفقر وَإِذا أفرط فِي الْمَنْع كَانَ بَخِيلًا يذم بِكُل لِسَان ويحتقره كل إِنْسَان وَيُشبه بالكلب فِي دناءة نَفسه وقصور همته وَلَا يدْخل الافراط شَيْئا إِلَّا أفْسدهُ أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أَحْمد بن أبي بكر قَالَ سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس الْمبرد يَقُول خلال الْخَيْر لَهَا مقادير فَإِذا خرجت عَنْهَا استحالت فالحياء

حسن فَإِذا جَاوز المقداركان عَجزا والشجاعة حَسَنَة فَإِذا جَاوَزت الْمِقْدَار كَانَ تهوراً والبذل حسن فَإِذا جَاوز الْمِقْدَار كَانَ تضييعا وَالْقَصْد حسن فَإذْ جَاوز الْمِقْدَار كَانَ بخلا وَالْكَلَام حسن فَإِذا جَاوز الْمِقْدَار كَانَ إهذاراً والصمت حسن فَإِذا جَاوز الْمِقْدَار كَانَ عياً وَقَالَ بعض الاعراب إِنَّمَا جعلت لَك أذنان ولسان وَاحِد ليَكُون استماعك ضعْفي كلامك وَمن أمثالهم فِي حفظ اللِّسَان قَوْلهم (أَحَق شَيْء بسجن لِسَان) وَمَعْنَاهُ أَحَق مَا يَنْبَغِي أَن يمْنَع من الانبعاث فِي الْبَاطِل للسان لَان زلته مهلكة وَمن حق مَا يهْلك إرْسَاله أَن يزم والسجن بِالْفَتْح مصدر سجنت سجنا والمحبس السجْن وقرىء السجْن أحب إِلَيّ بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَمن أول مَا روى فى حفظ اللِّسَان قَول امرىء الْقَيْس (إِذا الْمَرْء لم يخزن عَلَيْهِ لِسَانه ... فَلَيْسَ على شَيْء سواهُ بخزان) وَقَالَ الْمُحدث إِنَّمَا السَّالِم من ألْجم فَاه بلجام وَأخذ أَبُو الاسود لفظ الْمثل فَقَالَ (لعمرك مَا شَيْء عرفت مَكَانَهُ ... أَحَق بسجن من لِسَان مذلل) وَقَالُوا من عَلَامَات الْعَاقِل أَن يكون عَالما بِأَهْل زَمَانه حَافِظًا لِلِسَانِهِ مُقبلا على شانه

حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا أَبُو روق عَن الرياشي عَن عبد العزيزبن عمر الْحِمصِي عَن الْفَيْض بن عبد الحميد قَالَ كتب رجل إِلَى أَخِيه (وَمَا شَيْء أردْت بِهِ بَيَانا ... بأبلغ لَا أبالك من لِسَان) فَأَجَابَهُ (وَمَا شَيْء إِذا روأت فِيهِ ... أَحَق بطول سجن من لِسَان) 6 - قَوْلهم إِذا سَمِعت بسرى الْقَيْن فَإِنَّهُ مصبحٌ يضْرب مثلا للرجل يعرف بِالْكَذِبِ حَتَّى يرد صدقه وَأَصله أَن الْقَيْن وَهُوَ الْحداد إِذا كسد عمله أشاع بارتحاله وَهُوَ يُرِيد الاقامة وَإِنَّمَا يذكر الرحيل ليستعمله أهل المَاء ثمَّ إِذا صدق لم يصدق لَان من عرف بِالصّدقِ جَازَ كذبه وَمن عرف بِالْكَذِبِ لم يجز صدقه وَقَالَ نهشل بن حري (وعهد الغانيات كعهد قين ... ونت عَنهُ الجعائل مستذاق) (كبرق لَاحَ يعجب من رَآهُ ... وَلَا يُغني الحوائم من لماق) ونت عَنهُ الجعائل أَي قصرت فَلم تبلغه والجعائل هَاهُنَا أجور عمله والمستذاق قيل المجرب وَقيل المنظور مِنْهُ إِلَى مَا يفعل وَالصَّحِيح أَنه إِذا أَتَى قوما يحسن لَهُم الْعَمَل فِي أول أمره مَعَهم حَتَّى يَذُوقُوا ذَلِك مِنْهُ فيأتوه

ثمَّ يفْسد بعد ذَلِك فَيَقُول إنَّهُنَّ أول مَا يوصلن يتحببن ثمَّ يفسدن بعد ذَلِك ويغدرن وذقت الشَّيْء جربته قَالَ الشَّاعِر (وَإِن الله ذاق حلوم قيس ... فَلَمَّا رَاء خفتها قلاها) رَاء بِمَعْنى رأى وَيَقُولُونَ ذاق السَّيْف اذا جربه أصارم اَوْ كهام والسرى سير اللَّيْل مُؤَنّثَة فَأَما قَول لبيد (قَالَ هجدنا فقد طَال السرى ... ) فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لانه فعل قد تقدم وَلَيْسَ بتأنيث حَقِيقِيّ وَيُقَال مَا كَانَ قينا وَلَقَد قان يَقِين قيانةً وقان الحديدة يقينها أصلحها وقن إناءك وكل أمة قينة مغنيةً كَانَت اَوْ غير مغنية وَلَا يُقَال لعبد قين وَأنْشد ثَعْلَب (ولي كبد مجروحة قد بدا بهَا ... صدوع الْهوى لَو كَانَ قين يقينها) وتقينت تقيناً أَي تزينت وَأنْشد (وَهن مناخات تجللن زِينَة ... كَمَا اقتان بالبنت العهاد المجود)

7 - قَوْلهم أَسَاءَ سمعا فأساء جابة 8 - وَقَوْلهمْ أشبه امْرأ بعض بزه يضْرب الاول مثلا للرجل يخطىء السّمع فيسيء الاجابة والجابة اسْم مثل الطَّاعَة والطاقة والاجابة الْمصدر مثل الاطاعة والاطاقة قَالُوا والمثل لسهيل بن عَمْرو وَكَانَ لَهُ ابْن مضعوف فَرَآهُ إِنْسَان فَقَالَ لَهُ أَيْن أمك أَي قصدك فَظن أَنه يسْأَله عَن أمه فَقَالَ ذهبت تطحن فَقَالَ سُهَيْل (أَسَاءَ سمعا فأساء جابة) فَذَهَبت مثلا فَلَمَّا صَار إِلَى زَوجته أخْبرهَا بِمَا قَالَ ابْنهَا فَقَالَت إِنَّك تبْغضهُ فَقَالَ (أشبه امْرأ بعض بزه) فأرسلها مثلا وَالصَّحِيح أَن هَذَا الْمثل لذِي الاصبع العدواني وَسَيَجِيءُ خَبره فِي الْبَاب الْحَادِي عشر إِن شَاءَ الله وأنشدنا أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ بن أبي حَفْص فِي الجابة (وَمَا من تهتفين بِهِ لنصر ... بأسرع جابةً لَك من هديل) وقصة الهديل أكذوبة من أكاذيب الْعَرَب زَعَمُوا أَن الهديل فرخ

كَانَ على عهد نوح فصاده جارح فَمَا من حمامة إِلَّا وَهِي تبكيه وَتَدْعُوهُ فَلَا يجيبها فَيَقُول إِن دعاءك من تَدعُوهُ لنصرك لَا يُجَاب كدعاء الْحمام الهديل وَنَحْوه قَول الآخر (فَإِن تَكُ قيس قدمتك لنصرها ... فقد هَلَكت قيس وذل نصيرها) 9 - قَوْلهم إِلَيْك يساق الحَدِيث يضْرب مثلا للرجل يصلح لَهُ الامر وَهُوَ مستعجل يلْتَمس الْوُصُول إِلَيْهِ قبل أَوَانه وَأَصله أَن رجلا خطب امْرَأَة فَجعل يصف لَهَا نَفسه وَجعل ذكره يَتَحَرَّك حَتَّى يصفه ثَوْبه فَضَربهُ بِيَدِهِ وَقَالَ إِلَيْك يساق الحَدِيث وَمن أمثالهم فِي نَحْو هَذَا قَول أَوْس بن حجر (ومستعجب مِمَّا يرى من أناتنا ... وَلَو زبنته الْحَرْب لم يترمرم) وَلَا أعرف أحدا مدح العجلة إِلَّا أَبَا العيناء فَإِن رجلا رَآهُ يستعجل فِي أَمر فَقَالَ لَهُ ارْفُقْ فَإِن العجلة من عمل الشَّيْطَان فَقَالَ لَو كَانَ كَذَلِك

مَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {وعجلت إِلَيْك رب لترضى} وَهُوَ اللِّسَان يَضَعهُ البليغ حَيْثُ يُرِيد 10 - قَوْلهم أبدى الصَّرِيح عَن الرغوة يضْرب مثلا للامر ينْكَشف بعد استتاره والمثل لِعبيد الله بن زِيَاد قَالَه فِي هانىء بن عُرْوَة وَكَانَ مُسلم بن عقيل حِين بَعثه الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قد استخفى عِنْده فَبلغ عبيد الله مَكَانَهُ فأحضر هائنا وَسَأَلَهُ عَنهُ فكتمه فَلَمَّا تهدده أقرّ فَقَالَ عبيد الله (أبدى الصَّرِيح عَن الرغوة) فَذَهَبت مثلا أَي قد انْكَشَفَ المستور والرغوة مَا يَعْلُو اللَّبن من الزّبد يُقَال أرغى اللَّبن ورغى وَمثله قَوْلهم (صرح الْحق عَن محضه) وَقَوْلهمْ (برح الخفاء) أَي زَالَ الاستتار وَقَالُوا (أوضح الصُّبْح لذِي عينين) 11 - قَوْلهم أفرخ الْقَوْم بيضتهم يضْرب مثلا للامر ينْكَشف بعد خفائه أَيْضا وَأَصله خُرُوج الفرخ من الْبَيْضَة وظهوره مِنْهَا بعد كمونه فِيهَا وَمثله قَوْلهم (بدا نجيث الْقَوْم) أَي ظهر مَا أسروه وَقد نجث الامر إِذا أسر وَسميت الْبَيْضَة بَيْضَة لانها

تجمع مَا فِيهَا وبيضة الْقَوْم مجتمعهم وبيضة الْحَدِيد مشبهة ببيضة الْحَيَوَان 12 - قَوْلهم أَبى الْحَقَّيْنِ الْعذرَة يضْرب مثلا للرجل يعْتَذر وَلَيْسَ لَهُ عذر وَأَصله أَن قوما استسقوا رجلا لَبَنًا فَمَنعهُمْ إِيَّاه وَاعْتذر إِلَيْهِم من تعذره عَلَيْهِ فالتفتوا فَإِذا هم بِلَبن قد حقنه فِي وطب فَقَالُوا (أَبى الْحَقَّيْنِ الْعذرَة) والعذر والعذرة سَوَاء مثل القل والقلة وَالنَّخْل والنخلة وَهِي الْعَطِيَّة والقر والقرة أَي لَيْسَ لَك عذر فِي منع الْقرى وعندك لبن أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أبي عَن عسل عَن أبي الاسود عَن حُبَيْش بن إِبْرَاهِيم عَن عمر بن عبد الْوَهَّاب الريَاحي عَن عَامر بن صَالح عَن أبي بكر الْهُذلِيّ قَالَ قَالَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لسَعِيد بن يحيى الْمرَادِي كَيفَ أَنْت يَا أَبَا يحيى قَالَ أخْبرك عني فِي الْجَاهِلِيَّة إِنِّي لم أخم عَن تُهْمَة وَلم أنادم زميلةً وَكنت لَا أرى إِلَّا فِي نَادِي عشيرة أَو خيل مُغيرَة أَو حمل جريرة وَأما الاسلام فقد أَبى الْحَقَّيْنِ الْعذرَة مَعْنَاهُ أَن الَّذِي عِنْده لبن لَا يعْتَذر إِلَى الاضياف أَنه لَا قرى عِنْده قَالَ فذنوبي تأبى أَن أخْبرك عَن حَالي فِي الْإِسْلَام

وَمن أمثالهم فِي الْعذر (المعاذر مكاذب) وَقَالَ بَعضهم لَا يعْتَذر أحد الا كذب 13 - قَوْلهم أعن صبوح ترقق يضْرب مثلا للرجل يُرِيد الشَّيْء فَيعرض بِهِ وَلَا يُصَرح بِذكرِهِ وَأَصله أَن رجلا نزل بِقوم لَيْلًا فأضافوه فَلَمَّا فرغ قَالَ أَيْن أغدو إِذا صبحتموني أَي سقيتموني الصبوح فَقيل لَهُ (أعن صبوح ترقق) يَعْنِي عَن الْغذَاء وترقق مَعْنَاهُ ترقق كلامك وتحسنه وَمن ثمَّ قيل للشعر فِي الْغَزل الرَّقِيق 14 - قَوْلهم - إياك أَعنِي واسمعي يَا جَارة الْمثل لسيار بن مَالك الْفَزارِيّ قَالَه لاخت حَارِثَة بن لأم الطَّائِي وَذَلِكَ أَنه نزل بهَا فَنظر إِلَى بعض محاسنها فهويها واستحيا أَن يخبرها بذلك فَجعل يشبب بِامْرَأَة غَيرهَا فَلَمَّا طَال ذَلِك وضاق ذرعاً بِمَا يجد وقف لَهَا فَقَالَ (كَانَت لنا من غطفان جَاره ... حلالة ظعانة سياره) (كَأَنَّهَا من هَيْئَة وشاره ... والحلي حلي التبر والحجاره) (مدفع ميثاء إِلَى قراره ... إياك أَعنِي فاسمعي يَا جَاره)

والحازم الْعَاقِل قَادر أَن يكتم كل شَيْء يُرِيد كِتْمَانه إِلَّا الْهوى فَإِن كِتْمَانه مُمْتَنع وَقَالَ الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف (من ذَلِك كَانَ يزْعم أَن يواري فِي الْهوى ... حَتَّى يشكك فِيهِ فَهُوَ كذوب) (الْحبّ أغلب للفؤاد بقهره ... من أَن يرى للسر فِيهِ نصيب) (فَإِذا بدا سر اللبيب فَإِنَّهُ ... لم يبد إِلَّا أَنه مغلوب) (إِنِّي لابغض عَاشِقًا متستراً ... لم تتهمه أعين وَقُلُوب) 15 - قَوْلهم أنْجز حر مَا وعد 16 - قَوْلهم أزمت شجعات بِمَا فِيهَا يُقَال أنْجز حر الْوَعْد فنجز وَأَصله من السرعة يُقَال تناجز الْقَوْم فِي الْحَرْب إِذا تسافكوا دِمَاءَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَسْرعُوا فِيهَا وَأول من قَالَه الْحَارِث بن عَمْرو آكل المرار الْكِنْدِيّ وَكَانَ من حَدِيثه أَنه قَالَ لصخر بن نهشل بن دارم هَل أدلك على غنيمَة على أَن لي خمسها قَالَ نعم فدله على نَاس من أهل الْيمن فَأَغَارَ عَلَيْهِم بقَوْمه فغنموا وملئوا أَيْديهم فَلَمَّا انصرفوا قَالَ لَهُ الْحَارِث (أنْجز حر مَا وعد) فَأَرَادَ صَخْر أَن يَفِي لَهُ بوعده فَأبى قومه وَفِي طَرِيقه ثنية يُقَال لَهَا شجعات فَوقف صَخْر عَلَيْهَا

وَقَالَ (أزمت شجعات بِمَا فِيهَا) فَذَهَبت مثلا فَقَالَ عَمْرو بن ثَعْلَبَة بن يَرْبُوع وَالله لَا نُعْطِيه من غنيمتنا شَيْئا وَمضى فِي الثَّنية فَحمل عَلَيْهِ صَخْر فَقتله فَأجَاب الْجَيْش بإعطائه الْخمس فَقَالَ نهشل بن حري (وَنحن منعنَا الْجَيْش أَن يتأوبوا ... على شجعات والجياد بِنَا تجْرِي) (حنسناهم حَتَّى أقرُّوا بحكمنا ... وَأدّى أنفال الْخَمِيس إِلَى صَخْر) أزمت أَي ضَاقَتْ وأصل الازم العض وَمِنْه سنة أزوم أَي عضوض وَمِمَّا يجْرِي مَعَ ذَلِك قَوْلهم (الْخلف ثلث النِّفَاق) وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من عَلَامَات الْمُنَافِق أَن يكذب إِذا حدث ويخلف إِذا وعد ويخون إِذا اؤتمن) وَلَفظ قَوْلهم (أنْجز حر مَا وعد) لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ الامر أَي لينجز حر مَا وعد 17 - قَوْلهم إِن كنت ريحًا فقد لاقيت إعصاراً يضْرب مثلا للقوي يلقى أقوى مِنْهُ والاعصار الرّيح الشَّدِيدَة تثير الْغُبَار حَتَّى يتَصَعَّد فِي السَّمَاء وَالْجمع الاعاصير وَفِي الْقُرْآن {فأصابها إعصار فِيهِ نَار فاحترقت} وَنَحْو الْمثل أَن أَرْطَأَة بن سهية قَالَ لزمل بن أبير

(إِنِّي امْرُؤ تَجِد الرِّجَال عَدَاوَتِي ... وجد الركاب من الذُّبَاب الازرق) فَقَالَ لَهُ زمل (مثلي من الاقوام لَيْث خادر ... ورد وَمَا أَنا بالذباب الازرق) فغلبه وَنَحْوه (إِن كنت جلمود صَخْر لَا أؤبسه ... أوقد عَلَيْهِ أحميه فينصدع) 18 - قَوْلهم ألوى بعيد المستمر يضْرب مثلا للرجل الَّذِي لَا يُطَاق نَكَارَة وَأول من تكلم بِهِ النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَأَخذه طفيل الغنوي فَقَالَ أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن رِجَاله قَالَ لما التقى الْجَمْعَانِ بصفين حَتَّى كثرت الْقَتْلَى فجالت الْخَيل عَلَيْهَا فتحولوا إِلَى مَوضِع آخر فَاقْتَتلُوا حَتَّى جالت الْخَيل على الْقَتْلَى وحانت الصَّلَاة وهم يقتتلون فَنَادَى رجل يأيها النَّاس أكفرتم بعد

إيمَانكُمْ الصَّلَاة فَجمعُوا بَين الظّهْر وَالْعصر ثمَّ عَادوا لِلْقِتَالِ وَعمر بن الْعَاصِ يتَمَثَّل قَول طفيل (إِذا تخازرت ومابي من خزر ... ثمَّ كسرت الْعين من غير عور) (ألفيتني ألوى بعيد المستمر ... أحمل مَا حملت من خير وَشر) (كالحية الصماء فِي أصل الْحجر ... ذَا صولة فِي المصمئلات الْكبر) (أبذي إِذا بوذيت من كلب ذكر ... أكدر شغار يغذى فِي السحر) ثمَّ تقدم وَقَالَ (شدوا عَليّ سرتي لَا تنقلف ... يَوْمًا لهمدان وَيَوْما للصدف) (والربعيون لَهُم يَوْم عصف ... وَفِي سدوس نخوة لَا تنحرف) (نضربهم بِالسَّيْفِ حَتَّى تَنْصَرِف ... ولتميم مثلهَا أَو تعترف) والالوى المعوج وَهُوَ مثل للرجل المحجاج الصَّلِيب الرَّأْي الشَّديد الْخُصُومَة الَّذِي لَا تَدْفَعهُ عَن حجَّة إِلَّا تعلق بِأُخْرَى وَيَقُولُونَ هُوَ بعيد الْغَوْر إِذا كَانَ دَقِيق الاستنباط وبعيد النّظر وبعيد مطرح الْفِكر

19 - قَوْلهم إِن يبغ عَلَيْك قَوْمك لَا يبغ الْقَمَر يضْرب مثلا للرجل يَدعِي تلبيساً فِي الامر الْمَشْهُور وَأَصله أَن رجلَيْنِ تخاطرا على غرُوب الْقَمَر وطلوع الشَّمْس صَبِيحَة ثَلَاث عشرَة أَيهمَا يسْبق صَاحبه وَكَانَ بحضرتهما قوم مالوا إِلَى أَحدهمَا فَقَالَ الاخر تبغون عَليّ فَقيل لَهُ (إِن يبغ عَلَيْك قَوْمك لَا يبغ الْقَمَر) فَصَارَ مثلا أَي هُوَ يغيب لوقته لَا يحابي أحدا فَلَيْسَ لشكواك معنى 20 - قَوْلهم أمكراً وَأَنت فِي الْحَدِيد يضْرب للرجل يحتال وَهُوَ أَسِير مَمْنُوع والمثل لعبد الْملك بن مَرْوَان قَالَه لعَمْرو بن سعيد الاشدق وَكَانَ عمر خلعه وَأَرَادَ الامر لنَفسِهِ فَكتب إِلَيْهِ عبد الْملك رَحْمَتي إياك تصرفني عَن الْغَضَب عَلَيْك وَذَلِكَ لتمكن الخدع مِنْك وخذلان التَّوْفِيق لَك نهضت بِأَسْبَاب ووهمتك نَفسك أَن تستفيد بهَا عزا وَأَنت جدير أَلا تدفع بهَا ذلا وَمن رَحل عَنهُ سوء الظَّن واستعبدته الاماني ملك الْحِين تصريفه واستترت عَنهُ عواقب أُمُوره وَعَن قَلِيل يتَبَيَّن من سلك سَبِيلك بِمثل أسبابك أَنه صريع طمع وأسير خدع وَالرحم تعطف على الصفح عَنْك مَا لم تحل بك عواقب جهلك فانزجر قبل الايقاع بك وَإِن فعلت فَإنَّك فِي كنف وَستر وَالسَّلَام فَكتب إِلَيْهِ عَمْرو اسْتِدْرَاج النعم إياك أفادك الْبَغي وراحة الْقُدْرَة

أورثتك الْغَفْلَة وَلَو كَانَ ضعف الاسباب يوئس من شرِيف الطلاب مَا انْتقل سُلْطَان وَلَا ذل عز إِنْسَان وَعَن قَلِيل تتبين من صريع بغي وأسير عدوان وَالسَّلَام ثمَّ حمل عَمْرو إِلَى عبد الْملك أَسِيرًا فَقَالَ لَهُ طالما رحلت ثفال الغي وهجهجت بقعود الْبَاطِل أفظننت أَن الْحق لَا يلْحق باطلك وَالسيف لَا يقطع كاهلك وَأمر بقتْله وَكَانَ مكبلا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن رَأَيْت أَلا تفضحني بِأَن تخرجني إِلَى النَّاس فتقتلني بحضرتهم وَأَرَادَ عَمْرو أَن يُخَالِفهُ فيخرجه فيمنعه أَصْحَابه فَفطن عبد الْملك لذَلِك وَقَالَ (يَا أَبَا أُميَّة أمكراً وَأَنت فِي الْحَدِيد) ثمَّ أَمر فقطعوه فَكَانَ ذَلِك أول غدر فِي الاسلام 21 - قَوْلهم ابْن الايام وَمَا يجْرِي فِي بَابه يُقَال للرجل الْجلد المجرب ابْن الايام وَابْن الملمة وَهُوَ الَّذِي يقوم بهاوهو وَابْن جلا وَابْن أجلى وَابْن بيض المنجلي الامر المنكشفه وَقَالَ بَعضهم ابْن جلا وَابْن أجلى رجل بِعَيْنِه قَالَ الشَّاعِر (أَنا ابْن جلا وطلاع الثنايا ... ) يَعْنِي ثنايا الْجبَال وَمَعْنَاهُ انا الْمَشْهُور

وَابْن بيض رجل بِعَيْنِه أَيْضا وَهُوَ الَّذِي يُقَال فِيهِ سدا ابْن بيض الطَّرِيق وَابْن أحذار الحذر وَهُوَ رجل بِعَيْنِه أَيْضا وَابْن أَقْوَال المقتدر على الْكَلَام وَابْن خلاوة البرىء من الشَّيْء وَابْن حَبَّة الْخبز وَيُقَال لَهُ جَابر ابْن حَبَّة وَابْن يم الخليج من خلجان الْبَحْر وَابْن النعامة الطَّرِيق وَقيل هُوَ صدر الْقدَم وَقيل هُوَ الْخط فِي وسط الْقدَم من بَاطِن وَقيل هِيَ الْقدَم نَفسهَا وَأنْشد (وَابْن النعامة يَوْم ذَلِك مركبي ... )

وَابْن المخدش الْكَاهِل وَابْن آوى سبع مَعْرُوف وَكَذَلِكَ ابْن عرس وَابْن أنقد الْقُنْفُذ وَابْن مَخَاض وَابْن اللَّبُون من أَوْلَاد الابل معروفان وَابْن مَاء مَا يسكن المَاء من الطير وكني بِهِ عَن الشيب فِي قَول الشَّاعِر (وَكم فر الْغُرَاب من ابْن مَاء ... ) يَعْنِي الشَّبَاب والشيب وَابْن دأية الْغُرَاب وَذَلِكَ أَنه يَقع على دأية الْبَعِير وَالْجمع دأيات وَهِي عِظَام الصلب وَابْن تَمْرَة طَائِر وَابْن برِيح الْعَذَاب وَالْمَشَقَّة وَهُوَ الْغُرَاب أَيْضا لانه يبرح بالبعير إِذا وَقع على ظَهره وَابْن قترة ضرب من الافاعي وَابْن وردان مَعْرُوف وَابْن ثأداء وَابْن ثأداء وَالصَّحِيح ابْن ثأداء قَالَ بعض الشُّعَرَاء (وَمَا كُنَّا بني ثأداء حَتَّى ... شفينا بالأسنة كل وتر)

وَابْن ثأطاء وَابْن ثأطان ابْن الامة وَابْن فرتنى مثله وَقيل هُوَ ابْن الْفَاجِرَة وَابْن الطَّرِيق ولد الزِّنَا وَابْن السَّبِيل الْغَرِيب وَابْن درزة السفلة السَّاقِط قَالَ الشَّاعِر (أَوْلَاد درزة أسلموك وطاروا ... ) وَابْن غبراء الْفَقِير قَالَ طرفَة (رَأَيْت بني غبراء لَا ينكرونني ... ) وَابْن إِحْدَاهَا الْكَرِيم الاباء والامهات وَابْن مدينتها وَابْن بلدتها وَابْن بجدتها وَابْن بعثطها وَابْن سرسورها وَابْن سوبانها الْعَالم بالشَّيْء وبعثط الْوَادي سرته وَابْن عذرها الْمُبْدع للشَّيْء وَابْن الانس الصفي وَابْن البوح قَالُوا ولد الصلب وابنا ملاط العضدان والكتفان وابنا دُخان غنى وباهلة

وابنا عيان أَن يخط النَّاظر فِي أَمر بإصبعه فِي الارض ثمَّ يعليه بإصبع أُخْرَى وَيَقُول ابْني عيان أَسْرعَا الْبَيَان كَأَنَّهُ يَقُول أرياني مَا أُرِيد عيَانًا وَهُوَ معنى قَول ذِي الرمة (عَشِيَّة مَا لي حِيلَة غير أنني ... بلقط الْحَصَى والخط فِي الدَّار مولع) وَقيل البوح الذّكر من قَوْلك ابْنك ابْن بوحك وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلهم (ابْنك من دمى عقبيك) قالته امْرَأَة الطُّفَيْل بن جَعْفَر ابْن كلاب وَهِي من بلقين وَكَانَت ولدت لَهُ عقيل بن الطُّفَيْل فتبنته كَبْشَة بنت عُرْوَة بن جَعْفَر فعرم على أمه يَوْمًا فضربته فَجَاءَت كَبْشَة تمنعها وَتقول ابْني ابْني فَقَالَت (ابْنك من دمى عقبيك) أَي من نفست بِهِ وَقيل البوح النَّفس وروى (ولدك من دمى عقبيك) وَالْولد وَالْولد سَوَاء مثل الْعَجم والعجم وَالْعرب وَالْعرب وَفِي الْقُرْآن {مَاله وَولده إِلَّا خساراً} وَالْولد أَيْضا جمع الْوَلَد كَذَا قَالَ ابْن دُرَيْد وابنا شمام هضبتان فِي أصل جبل وابنا سمير وابنا جمير اللَّيْل وَالنَّهَار سميا ابْني سمير لانه يسمر فيهمَا وَابْني جمير للاجتماع فيهمَا يُقَال شعر مجمور إِذا ضفر وَجمع وَابْن جمير اللَّيْلَة الَّتِي لَا يرى فِيهَا الْقَمَر وَقيل السمير الدَّهْر وَقَالَ بَعضهم ابْنا سمير الْغَدَاة والعشي وَقيل ابْن جمير اللَّيْل المظلم وَأنْشد

(نهارهم ظمآن ضاح وليلهم ... وَإِن كَانَ بَدْرًا ظلمَة ابْن جمير) يَقُول إِذا طلبُوا حَقًا عموا عَنهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَقَالَ ابْن دُرَيْد ابْن جمير وَابْن سمير اللَّيْل المظلم وَابْن ثمير اللَّيْل المقمر وَيَقُولُونَ حلف بالسمر وَالْقَمَر السمر الظلمَة لانهم كَانُوا يسمرون فِيهَا وَقَوله تَعَالَى {سامراً تهجرون} أَي تهجرون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سمركم وَابْن مزنة الْهلَال قَالَ الشَّاعِر (كَأَن ابْن مزنته جانحاً ... فسيط لَدَى الافق من خنصر) والفسيط قلامة الظفر وَهُوَ أول من شبه الْهلَال بهَا إِلَّا أَنه جَاءَ بِهِ فِي غَايَة التَّكَلُّف وَأَخذه ابْن المعتز فحسنه فَقَالَ (ولاح ضوء هِلَال كَاد يَفْضَحهُ ... مثل القلامة قد قصت من الظفر) وَابْن ذكاء الصُّبْح وَابْن أوبر ضرب من الكمأة وَابْن طَابَ جنس من الرطب وَابْن الأَرْض نبت يخرج فِي رُءُوس الاكام لَهُ أصل يطول يُؤْكَل وَهُوَ سريع الْخُرُوج

وَبنت الارض بقلة من الرمث واحدتها مثل جمعهَا وَبنت الْجَبَل الصدى وَهُوَ الصَّوْت الَّذِي يرجع إِلَيْك من الْجَبَل وأنث على معنى الصَّيْحَة وَبنت الْجَبَل أَيْضا الْحَيَّة الَّتِي لَا تجيب الراقي وَبنت الشّفة الْكَلِمَة يُقَال مَا كلمني ببنت شفة وَبنت الْفِكر الرَّأْي وَبنت الْمَطَر دويبة حَمْرَاء ترى غب الْمَطَر يُقَال أَشد حمرَة من بنت الْمَطَر وَبنت دم نبت يضْرب إِلَى الْحمرَة وَتجمع بَنَات دم وَبنت الْمنية الْحمى وَبنت الْحَيَّة الافعى وَيُقَال (الْعَصَا من العصية والافعى بنت حَيَّة) وَبنت أدحية النعامة وَبنت قضاعة لعبة من جُلُود بيض وَبَنَات بحنة السِّيَاط وبالمدينة نَخْلَة طَوِيلَة السعف يُقَال لَهَا بجنه وَبَنَات بخر السَّحَاب وَبَنَات مخر سحائب تنشأ قبل الصَّيف وَبَنَات السَّحَاب الْبرد وَبَنَات الشَّمْس لُعَابهَا وَبَنَات رِبَاط الْخَيل وَبَنَات صعدة الْحمر الاهلية وَبَنَات الطَّرِيق الْمَسَاكِين

وَبَنَات قين مَوضِع ينْسب إِلَيْهِ يَوْم من أيامهم وَبَنَات نعش كواكب مَعْرُوفَة وَبَنَات مُسْند مَا يَأْتِي بِهِ الدَّهْر من حوادثه والمسند الدَّهْر وَبَنَات غير الْكَذِب وَالْبَاطِل وصحفه ابْن الاعرابي فَقَالَ بَنَات عين وَبَنَات برح وَبَنَات طمار وَبَنَات طبق الدَّوَاهِي وَبَنَات اللَّيْل الاحلام وَهِي أَيْضا أهواله وَبَنُو الْهم الصَّابِرُونَ عَلَيْهِ وَبَنُو الفلاة المداومون لسلوكها وبنوا الْحَرْب الصَّابِرُونَ فِيهَا أَيْضا المطيلون مراسها وَابْن فهلل وَابْن ثهلل الضلال وَابْن قل الْقَلِيل وَابْن بِي الذَّلِيل الْمَجْهُول وَكَذَلِكَ ابْن بَيَان وَكَذَلِكَ ابْن هِيَ وَابْن هيان وطامر ابْن طامر البرغوث والطمر الوثب وَابْن الحارض السَّاقِط يُقَال أحرض الرجل اذا جَاءَ بِولد لَا خير فِيهِ وَابْن وَاحِد الْمَعْرُوف الاب يُقَال هُوَ وَاحِد ابْن وَاحِد وَهُوَ ضد ضل ابْن ضل وَأكْثر هَذَا الْبَاب أَمْثَال

وَمِمَّا يجْرِي مَعَ ذَلِك المكنى أَبُو الْحَارِث الاسد أَبُو جعدة الذِّئْب أَبُو الْحصين الثَّعْلَب وَأَبُو زنة القرد وَأَبُو ضوطرى وَأَبُو جخادب سبّ يسب بِهِ الانسان وَقَالَ أَبُو عمر الْجرْمِي أَبُو جخادب كنية الحرباء أَو دَابَّة تشبهه والاول قَول جمَاعَة أهل اللُّغَة وَأَبُو حباحب كنية النَّار الَّتِي لَا ينْتَفع بهَا مثل النَّار الَّتِي تخرج من حوافر الْخَيل وَيُقَال لَهَا نَار حباحب أَيْضا وَقَالَ خَالِد بن كُلْثُوم أَبُو حباحب كَانَ كنية رجل من بخلاء الْعَرَب وَكَانَ يُوقد نَارا ضَعِيفَة ويخفيها مَخَافَة الاضياف فَجَعَلته الْعَرَب كنية لكل نَار ضَعِيفَة لَا تثبت وَلَا تحرق وَأَبُو قلمون ثِيَاب مَعْرُوفَة وأظنها مولدة ويستعار للرجل الْكثير التلون وَأَبُو براقش طَائِر يَتلون فِي الْيَوْم ألواناً مَأْخُوذ من البرقشة وَهِي النقش والفيروزج أَيْضا يَتلون فِي الْيَوْم لونين وَلم يتَمَثَّل بِهِ الْعَرَب وَلَكِن جَاءَ فِي أَمْثَال الْفرس وَأَبُو قبيس جبل مَكَّة وَأَبُو أدراس الْفرج مَأْخُوذ من الدَّرْس وَهُوَ الْحيض وَأَبُو أدراص وَأَبُو ليلى الرجل المحمق والدرص ولد الفأر فكأنهم قَالُوا هُوَ أَبُو فَأْرَة وَإِذا قَالُوا أَبُو ليلى فكأنهم قَالُوا هُوَ أَبُو امْرَأَة

وَأَبُو زيد الكبرقال الشَّاعِر (إِمَّا ترى شكتى شكتي رُمَيْح أبي ... زيد فقد أحمل السِّلَاح مَعًا) وَأَبُو مَالك وَأَبُو عمْرَة الْجُوع وَيُقَال فِي الْمثل (أبي أَبُو عمْرَة إِلَّا مَا أَتَاهُ) يَقُوله الرجل قد سلم للدهر وَقَالَ الشَّاعِر (إِن أَبَا عمْرَة حل حُجْرَتي ... وَصَارَ بَيت العنكبوت برمتي) وَأم حلْس كنية الاتان وَهِي أم الهنبر أَيْضا والهنبر الجحش وَيَقُولُونَ (أَحمَق من أم الهنبر) وَعند فَزَارَة أَن أم الهنبر الضبع وَأم الندامة العجلة وَأم رمال وَأم خنور وَأم رغم وَأم عَمْرو وَأم عَامر كل ذَلِك الضبع وَمن الْعَرَب من يَجْعَل أم خنور الداهية وَمِنْهُم من يَجْعَلهَا النَّعيم وَمِنْهُم من يَجْعَلهَا الدُّنْيَا وَأم فَرْوَة النعجة وَأم الْهَيْثَم وَأم الحوار الْعقَاب قَالَ الشَّاعِر (وَكَأَنَّهَا لما عدت سروية ... مسعورة بِاللَّحْمِ أم حوار) سروية أَي عِقَاب من عقبان السراة

وَأم ريَاح طَائِر وَأم عجلَان طَائِر وَأم حبين دويبة مَعْرُوفَة وَأم عَوْف الجرادة وَأم حمارس دَابَّة لَهَا قَوَائِم كَثِيرَة وَأم الهدير الشقشقة وَأم القردان وَأم القراد من الْخَيل والابل الْوَطْأَة الَّتِي من وَرَاء الْخُف والحافر دون الثنة وَأم الرمْح مَا يلف عَلَيْهِ إِذا جعل لِوَاء قَالَ الشَّاعِر (فسلبنا الرمْح فِيهِ أمه ... من يَد العَاصِي إِذا طَال الطول) وَأم سُوَيْد وَأم سكين وَأم عزمل وَأم عرم وَأم تسعين كل ذَلِك الاست وَأم الرَّأْس وَأم الدِّمَاغ الهامة وَأم الكبد بقلة من دق البقل لَهَا زهرَة غبراء فِي برعم مدور وَهِي شِفَاء من وجع الكبد وَمن الصفر إِذا عض الشَّرّ سَوف بزعمهم وَأم كلب شجيرة جبلية لَهَا نور أصفر فِي خلقَة ورق الْخلاف وَأم غيلَان شَجَرَة من العضاه وَهِي أَكْثَرهَا شوكا وَأم حنين الْخمر فِيمَا ذكر المنتجع بن نَبهَان وَأم ليلى الْخمر إِذا كَانَ لَوْنهَا أسود ذكر ذَلِك أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي

وَأم جَابر إياد وَقيل أَبُو أَسد وَجَابِر اسْم الْخبز وَأم أوعال هضبة مَعْرُوفَة وَأم المثوى وَأم الْمنزل الَّتِي تضيف يُقَال كَانَت فُلَانَة البارحة أم مثواي وَأم منزلي وَفُلَان أَبُو مثواى وَأَبُو منزلي أَي بنت ضَيفه وَأم الْعِيَال وَأم الْقَوْم من يقلدونه أُمُورهم وَأم الطِّفْل الْمَرْأَة الْمُرْضع وَأم الْقرى مَكَّة ثمَّ أم كل أَرض أعظم بلدانها وأكثرها أَهلا كمرو فَإِنَّهَا تسمى أم خُرَاسَان وَأم كفات الارض وَأم غياث السَّمَاء وَأم السَّمَاء المجرة وَيُقَال لَهَا أم النُّجُوم وَأم الظباء الفلاة وَأم رَاشد الْمَفَازَة وَأم معمر اللَّيْل حكى ذَلِك ثَعْلَب وَأم معمر الدّين وَأم شملة وَأم دفر وَأم الْعجب وَأم درزة الدُّنْيَا وَقيل أَبُو الْعجب الدَّهْر وَذكر الْمبرد يُقَال للأنذال أَوْلَاد درزة وَقَالَ الرياشي أَوْلَاد درزة خياطون خَرجُوا مَعَ زيد ابْن عَليّ بِالْكُوفَةِ وَأم الهبرزي وَأم ملدم وَأم ملذم بِالدَّال والذال الْحمى قَالَ الشَّاعِر

(فمنهن أم الهبرزي تتبعت ... عِظَامِي فَمِنْهَا ناحل وكسير) وَأم ملدم بِالدَّال هُوَ الاكثر مَأْخُوذ من اللدم وَهُوَ ضرب الْوَجْه حَتَّى يحمر وَأما اللذم فَمن قَوْلهم لذم بِهِ إِذا لزمَه وَأم جُنْدُب الغشم وَالظُّلم يُقَال وَقَعُوا فِي أم جُنْدُب وركبوا أم جُنْدُب وَأم جُنْدُب أَيْضا اسْم من أَسمَاء الداهية وَأم الْحَرْب الْحَرْب وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى ذهب الشَّاعِر فِي قَوْله (وَالْحَرب مُشْتَقَّة الْمَعْنى من الْحَرْب ... ) وَأم الدهيم وَأم اللهيم الْمنية وَأم الربيق الداهية يُقَال (جَاءَ الربيق على أريق) وَزعم الاصمعي أَنه من قَول رجل زعم أَنه رأى الغول على جمل أَوْرَق فَقَالَ (جَاءَ أم ربيق على أريق) وَأم قشعم وَأم خشاف وَأم كلواذ وَأم خشور وَأم نَاد وَأم خنشفير وَأم الرقوب وَأم قوب وَأم الرقم وَأم أريق وَأم البليل وَأم الربيس وَأم حبو كرى وَأم أدراص كل ذَلِك الداهية وَيُقَال داهية ربس وربيس وَيُقَال رمل حبو كرى إِذا كَانَ طَويلا وَيُقَال وَقع فِي أم أدراص مضللة فِي مَوضِع استحكام الهلكة لَان أم أدراص جحرة الْفَأْرَة وجحرتها تتنافذ فَيَقُول وَقع فِي أَمر مختلط لَا يعرف أَوله من آخِره وَقيل أم قشعم العنكبوت

وَقَالُوا أم الْمُؤمنِينَ وَأم الْكتاب فَهَذِهِ الكنى عَرَبِيَّة والكنى المولدة كَثِيرَة مِنْهَا أَبُو المضاء الْفرس وَأَبُو الْيَقظَان الديك وَأَبُو خِدَاش السنور 22 - قَوْلهم أول الْغَزْو أخرق يضْرب مثلا لقلَّة التجارب يُرَاد إِنَّمَا الْأَحْكَام بعد المعاودة والتجربة ردء الْعقل وَرَأى أَعْرَابِي رجلا ينَال من سُلْطَان فَقَالَ إِنَّك غفل لم تسمك التجارب وَكَأَنِّي بالضاحك إِلَيْك باك عَلَيْك وَالْعقل عقلان مَخْلُوق ومكتسب فالمخلوق مَا يَجعله الله لعَبْدِهِ ويكلفه من أَجله والمكتسب مَا يَنَالهُ العَبْد بالتجربة وَلَيْسَ يفضل رَأْي الشَّيْخ على رَأْي الْغُلَام إِلَّا لتجربة الشَّيْخ وغرارة الْغُلَام وَيُقَال لمن لَا تجربة لَهُ غر بَين الغرارة قَالَ الشَّاعِر (ابحث لتعلم مَا قد كنت تجهله ... فالعقل فنان مطبوع ومسموع) وَقيل لِابْنِ هُبَيْرَة أَي شَيْء أول الْعقل بعد الغريزي الْمَوْلُود والتالد الْمَوْجُود قَالَ تجربة الْأُمُور والتثبت فِيهَا والتقلب فِي الْبِلَاد وَالنَّظَر فِي عجائبها قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله على أَن التجربة لَا تَنْفَع إِلَّا الْعُقَلَاء وَأما الْجُهَّال فَلَيْسَ لَهُم فِيهَا مَنْفَعَة وَقد قيل إِنَّمَا تَنْفَع التجارب من كَانَ عَاقِلا وَقيل (وَقد ينفع الْمَرْء اللبيب تجاربه ... )

23 - قَوْلهم إِنَّمَا يضن بالضنين قَالَه الاغلب بن جعْشم وَمَعْنَاهُ تمسك بإخاء من يتَمَسَّك بإخائك وَشر النَّاس صُحْبَة وألامهم إخاء من يرى لنَفسِهِ من الْحق مَا لَا يرى عَلَيْهَا وَقيل (خل سَبِيل من وَهِي سقاؤه) وَقَالَ لبيد (فاقطع لبانة من تعرض وَصله ... ولخير وَاصل خلة صرامها) وَلَا أعرف فِي هَذَا الْمَعْنى أحسن من قَول المثقب (فَإِنِّي لَا تخالفني شمَالي ... خِلافك مَا وصلت بهَا يَمِيني) (إِذا لقطعتها ولقلت بيني ... كَذَلِك أجتوي من يجتويني) وَقلت (قد آذن الخليط بانطلاق ... فَخَل عَنْك شدَّة الاشفاق) (لَا تعترضك حمقة العشاق ... وداو من ملك بالفراق) (فَلَيْسَ للفارك كَالطَّلَاقِ ... ) وَمثله قَول أبي النَّضِير عمر بن عبد الْملك (رحلت أنيسَة بِالطَّلَاق ... ففككت من ضيق الخناق) (لَو لم أرح بِطَلَاقِهَا ... لارحت نَفسِي بالاباق) (ودواء مَا لَا تشتهيه ... النَّفس تَعْجِيل الْفِرَاق)

24 - قَوْلهم أطرى فَإنَّك ناعلة يضْرب مثلا للقوي على الامر وَأَصله أَن رجلا كَانَت لَهُ أمتان راعيتان إِحْدَاهمَا ناعلة والاخرى حافية فَقَالَ للناعلة أطرى أَي خذي طرر الْوَادي فَإنَّك ذَات نَعْلَيْنِ ودعي سرارته لصاحبتك فَإِنَّهَا حافية وطرر الشَّيْء نواحيه ويروى أظرى بالظاء أَي خذي فِي ظرر وَهُوَ الغليظ من الارض وَالْجمع ظران قَالَ أَبُو عُبَيْدَة لم يكن هُنَاكَ نعل وَإِنَّمَا أَرَادَ بالنعلين غلظ جلد قدميها وَمن هَذَا الْكَلَام أَخذ المتبنى قَوْله فِي كافور (ويعجبني رجلاك فِي النَّعْل إِنَّنِي ... رَأَيْتُك ذَا نعل إِذا كنت حافياً) وَفسّر على وَجه آخر أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر بن دُرَيْد عَن العكلي عَن أَبِيه قَالَ سَأَلت أَبَا عُبَيْدَة عَن قَول مِسْكين (أتطلبني بأطير الرِّجَال ... وكلفتني مَا يَقُول الْبشر) فَقَالَ الاطير الْكَلَام وَالشَّر يَأْتِيك من بعيد قَالَ فَسَأَلته عَن قَوْله (أطري فَإنَّك ناعلة) فَقَالَ يضْرب مثلا للرجل يكون لَهُ فضل قُوَّة فِي نَفسه وسلاحه فيتكلف مَا لَو تَركه لم يضرّهُ وَأَصله أَن أمتين كَانَتَا ترعيان إبِلا فَقَالَت إِحْدَاهمَا للاخرى اجمعي الابل من أطرارها وَلَيْسَ بهَا إِلَى ذَلِك حَاجَة فَقَالَت الاخرى (أطري فَإنَّك ناعلة) إِي افعلي ذَلِك فَأَنت أقدر عَلَيْهِ وَقيل (أصري فَإنَّك ناعلة) أَي أدلي فَإِن عَلَيْك نَعْلَيْنِ والاطرار الادلال

25 - اكذب نَفسك إِذا حدثتها يُقَال ذَلِك للرجل يهتم للامر الجسيم فتخوفه نَفسه الخيبة فِيهِ والسقوط دون غَايَته فَيُقَال أكذبها عِنْد ذَلِك وحدثها بالظفر لتعينك على مَا تبغيه مِنْهُ فَإِن الهائب لَا يلقى جسيماً وَأكْثر الْخَوْف باطله وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين (وكل هول على مِقْدَار هيبته ... وكل صَعب إِذا هونته هانا) وَقد قَالَ الشَّاعِر (تخوفني صروف الدَّهْر سلمى ... وَكم من خَائِف مَا لَا يكون) وَقَالَ غَيره (وَلَا أهات عَظِيما حِين يدهمني ... وَلست تغلب شَيْئا أَنْت هائبه) هَذَا إِذا كنت بِالْخِيَارِ فِي ركُوب الامر فَإِذا لم تَجِد بدا من ركُوبه فَلَا وَجه لتخوفه وَقد أحسن أَبُو النشناش فِي قَوْله (على أَي شَيْء يصعب الامر قد ترى ... بِعَيْنَيْك أَن لَا بُد أَنَّك رَاكِبه) وَلَيْسَ فِي وصف هَذَا الْبَيْت خير وَلَكِن مَعْنَاهُ جيد وَقلت (علام تستصعب الْأَمر ... مَا ترى مِنْهُ بدا) (بارز وخل الهوينى ... وجد حَتَّى تجدا) (فَلَنْ تلاقي جدا ... حَتَّى تلاقي كدا)

وَالْعرب تَقول لكل امرىء نفسان تنهاه إِحْدَاهمَا وتأمره الاخرى وَإِنَّمَا هما فكران يحدثان لَهُ من الْخَوْف والرجاء فَيتَأَخَّر عِنْد أَحدهمَا ويتقدم عِنْد الاخر وَقَالَ الشَّاعِر (يؤامر نفسيه وَفِي الْعَيْش فسحة ... أيسترتع الذؤبان أم لَا يطورها) (فَلَمَّا رأى أَن السَّمَاء سماؤهم ... رأى خطةً كَانَ الخضوع نكيرها) أَي لما رأى أَن أَرضهم معشبة وَالْعرب تسمي العشب سَمَاء لم يجد بدا من الخضوع لَهُم والمثل للبيد وَهُوَ قَوْله (واكذب النَّفس إِذا حدثتها ... إِن صدق النَّفس يزري بالامل) (غير أَلا تكذبنها فِي التقى ... واخزها بِالْبرِّ لله الاجل) اخزها أَي سسها خزوت الرجل إِذا سسته قَالَ الشَّاعِر (وَلَا أَنْت دياني فتخزوني ... ) وَيُقَال كذبت الرجل بِالتَّخْفِيفِ إِذا اخبرت بِالْكَذِبِ وكذبته إِذا أخْبرته أَنه كَاذِب

26 - قَوْلهم أودى العير إِلَّا ضرطاً يضْرب مثلا للشَّيْء يذهب إِلَّا أخسه وشبيه بِهَذَا قَول بَعضهم فِي البق (صَغِيرَة أعظمها أذاها ... ) وَمن هَذَا الْمثل أَخذ الشَّاعِر قَوْله (لَا تنكحن عَجُوز إِذا أتيت بهَا ... واخلع ثِيَابك مِنْهَا ممعناً هربا) (فَإِن أتوك فَقَالُوا إِنَّهَا نصف ... فَإِن أمثل نصفيها الَّذِي ذَهَبا) 27 - قَوْلهم أعييتني بأشر فَكيف بدردر يَقُول لم تقبلي الادب وَأَنت شَابة ذَات أشر والاشر التحزيز الَّذِي فِي أَسْنَان الاحداث وثغر مؤشر يَقُول فَكيف تكونين الان وَقد أسننت حَتَّى بَدَت درادرك وَهِي مغارز الاسنان وَمثله قَوْلهم (أعييتني من شب إِلَى دب) أَي من لدن شببت إِلَى أَن دببت هرما

وَأَصله أَن دغة ولدت غُلَاما فَكَانَ أَبوهُ يقبله وَيَقُول وَا بِأبي دردرك وَكَانَت حَسَنَة الثغر مؤشرته فطنت أَن الدردر أعجب اليه فحطمت أسنانها فَلَمَّا قَالَ وَا بِأبي دردركّ قَالَت يَا شيخ كلنا ذُو دردر فَقَالَ (أعييتني بأشر فَكيف بدردر) وَذهب لمثل بحمق دغة فَقيل (أَحمَق من دغة) 28 - قَوْلهم أرنيها نمرة أركها مطرة أيا أَرِنِي السحابة نمرة أركها ماطرة وَهِي أَن يكون فِيهَا سَواد وَبَيَاض كَذَا قَالَ ابْن دُرَيْد وَسمي النمر نمراً لما فِي جلده من نقط سَواد وَسميت الشملة الَّتِي فِيهَا سَواد وَبَيَاض نمرة يضْرب مثلا فِي صِحَة مخيلة الشَّيْء وَصِحَّة الدّلَالَة عَلَيْهِ 29 - قَوْلهم استنوق الْجمل يضْرب مثلا للرجل الواهن الرَّأْي المخلط فِي كَلَامه والمثل لطرفة بن العَبْد وَكَانَ بِحَضْرَة بعض الْمُلُوك والملتمس ينشد شعرًا فَقَالَ فِيهِ

(وَقد أتناسى الْهم عِنْد احتضاره ... بناج عَلَيْهِ الصيعرية مكدم) فَقَالَ بناج يَعْنِي جملا والصيعرية سمة من سمات النوق فَقَالَ طرفَة (استنوق الْجمل) أَي صَار الْجمل نَاقَة فَقَالَ المتلمس ويل لهَذَا من لِسَانه فَكَانَ هَلَاكه بِلِسَانِهِ هجا عَمْرو بن هِنْد فَقتله وَخرج بعض الْفرس فِي غلس وَمَعَهُ آلَة الصَّيْد فَنَطَقَ طَائِر فَرَمَاهُ وَقَالَ خفَّة اللِّسَان تهْلك حَتَّى الطير قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ اللِّسَان سبع اذا أطلقته أكلك 30 - قَوْلهم أنصف القارة من راماها يضْرب مثلا لمساواة الرجل صَاحبه فِيمَا يَدعُوهُ إِلَيْهِ والقارة قَبيلَة من الْهون بن خريمة وَسموا قارةً لِاجْتِمَاعِهِمْ والتفافهم والقارة الاكمة وَالْجمع قور وَكَانُوا رُمَاة الحدق وأصل الْمثل كَانَ فِي حَرْب وَقعت بَين قُرَيْش وَبكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة وَكَانَت القارة مَعَ قُرَيْش فَلَمَّا التقى الْفَرِيقَانِ رماهم الاخرون فَقيل قد أنصفوكم إِذْ قَاتَلُوكُمْ بِمَا تقاتلون بِهِ وَجعل الْمثل شعرًا فَقيل

(قد أنصف القارة من راماها ... إِنَّا إِذا مَا فِئَة نلقاها) (نرد أولاها على أخراها ... ) والقارة قوارة الْأَدِيم أَيْضا 31 - قَوْلهم أضىء لي أقدح لَك يضْرب مثلا للتكافؤ فِي الافعال وَمَعْنَاهُ كن لي مضيئاً أبْصر بك فأتمكن من الْقدح لَك 32 - قَوْلهم اسْقِ رقاش إِنَّهَا سِقَايَة أَي أحسن إِلَيْهَا كإحسانها إِلَيْك قَالُوا وسقاية اسْم مَوْضُوع وَلَيْسَت الْهَاء فِيهَا هَاء التَّأْنِيث فَأَما تَأْنِيث سقاء فسقاءة وَالْوَجْه أَن تكون الْهَاء فِيهَا هَاء التَّأْنِيث لَان رقاش اسْم من أَسمَاء النِّسَاء مثل قطام وحذام وَقَالَ سِقَايَة لَان أصل الْهَمْز فِيهَا يَاء أَلا ترى أَنَّك تَقول سقيت فَجعل سقاءة سِقَايَة ردا لَهُ على الأَصْل وَقَرِيب من هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر (يكن لَك فِي قومِي يَد يشكرونها ... وأيدي الندى فِي الصَّالِحين قروض)

33 - قَوْلهم إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتى لَيْسَ الْجمل الْمثل للبيد قَالَه فِي قصيدته الَّتِي أَولهَا (إِن تقوى رَبنَا خير نفل ... وبإذن الله ريثي وَعجل) إِلَى أَن قَالَ (أعمل العيس على علاتها ... إِنَّمَا ينجح أَصْحَاب الْعَمَل) (فاعقلي إِن كنت لما تعقلي ... وَلَقَد أَفْلح من كَانَ عقل) (وَإِذا جوزيت قرضا فاجزه ... إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتى لَيْسَ الْجمل) وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا يَجْزِي على الاحسان بالاحسان من هُوَ حر وكريم فَأَما من هُوَ بِمَنْزِلَة الْجمل فِي لؤمه وموقه فَإِنَّهُ لَا يُوصل إِلَى النَّفْع من جِهَته إِلَّا إِذا اقتسر وقهر وَأخذ ابْن الرُّومِي هَذَا الْمثل فَقَالَ يهجو بعض الرؤساء (يَا أَبَا أَيُّوب هذي كنية ... من كنى الانعام قدماً لم تزل) (وَلَقَد وفْق من كُنَّا كها ... وَأصَاب الْحق فِيهَا وَعدل) (أَنْت شبه للَّذي تكنى بِهِ ... ولبعض الْخلق من بعض مثل) (لست ألحاك على مَا سمتني ... من قَبِيح الرَّد أَو منع النَّفْل) (قد قضى قَول لبيد بَيْننَا ... إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتى لَيْسَ الْجمل) (كم وجدناك لترقى فِي الْعلَا ... وأبى الله فَلَا تعل هُبل)

34 - قَوْلهم انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما كَانَ مَذْهَب أهل الْجَاهِلِيَّة أَن ينصرُوا قرناءهم وجيرانهم وأصدقاءهم محقين كَانُوا أَو مبطلين وعَلى هَذَا الْمَذْهَب يَقُول الراجز (إِن أَخا الصدْق الَّذِي يسْعَى مَعَك ... وَمن يضر نَفسه لينفعك) (وَمن إِذا صرف زمَان صدعك ... شتت شَمل نَفسه ليجمعك) (وَإِن غَدَوْت ظَالِما غَدا مَعَك ... ) وَقد رُوِيَ هَذَا الْكَلَام عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن كَانَ صَحِيحا فَمَعْنَاه انصر أَخَاك مَظْلُوما وكفه عَن ظلمه إِن كَانَ ظَالِما فَتكون قد نصرته إِذا منعته من الاثم لَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَأْمر بنصرة الظَّالِم وَنَحْو هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر (وَإِن ابْن عَم الْمَرْء من شدّ أزره ... وَمن كَانَ يحمي عَنهُ من حَيْثُ لَا يدْرِي) وَقَالَ الاخر (لعمرك مَا أدّى امْرُؤ حق صَاحب ... إِذا كَانَ لَا يرعاه فِي الْحدثَان) وَقَالَ آخر (يغشى مضرته لنفع صديقه ... لاخير فِي ود إِذا لم ينفع) وَقَالَ آخر (لَا أَخا للمرء إِلَّا من نفع ... )

وَقلت (أَخُوك الَّذِي ترضيه لَا من توده ... أَلا رب ود لَا يُفِيد فتيلا) 35 - قَوْلهم إِن بني صبية صيفيون يَقُوله الرجل إِذا كبر وَولده صغَار والمثل لِسُلَيْمَان بن عبد الْملك تمثل بِهِ عِنْد مَوته وَكَانَ أَرَادَ أَن يَجْعَل الْخلَافَة لبَعض وَلَده فَلم يكن فيهم من بلغ إِلَّا من كَانَت أمه أمة وَكَانَت بَنو أُميَّة لَا يستخلفون أَوْلَاد الاماء وَهُوَ الَّذِي قصر بِمسلمَة بن عبد الْملك عَن ولَايَة الْعَهْد مَعَ رجاحته وَكَمَال آلَته وَاتبعُوا فِي ذَلِك سنة الاكاسرة ثمَّ أثر الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ أَهلهَا لَا يسودون أَوْلَاد الاماء ويسمونهم الهجناء الْوَاحِد هجين ويسمون أَوْلَاد المهيرات الصرحاء واحدهم صَرِيح وَلذَلِك قَالَ هِشَام بن عبد الْملك لزيد بن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام بَلغنِي أَنَّك تسمو بِنَفْسِك إِلَى الامامة وَهِي لَا تصلح لاولاد الاماء قَالَ زيد إِن الامهات لَا يَضعن من الابناء هَذِه هَاجر قد ولدت إِسْمَاعِيل فَمَا وَضعه ذَلِك وَصلح للنبوة وَكَانَ عِنْد ربه مرضيا والنبوة أكبر من الامامة وامتد بَاعه فِي الشّرف حَتَّى كَانَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَسْله فَلَمَّا خرج قَالَ هِشَام لاصحابه كُنْتُم تخبرونني أَن أهل هَذَا الْبَيْت قد درجوا وانقرضوا وَمَا درج قوم هَذَا غابرهم

وَمِمَّا رغب الْعَرَب فِي التَّسَرِّي أَن أَوْلَاد القرائب عِنْدهم ضاويون أَي نحاف مهزولون وَلذَلِك قَالُوا (اغتربوا لَا تضووا) أَي تزوجوا الغرائب لِئَلَّا تضوى أَوْلَادكُم وأضوى الرجل إِذا كَانَ لَهُ ولد ضاوي كَمَا يُقَال أهزل الرجل إِذا كَانَت لَهُ إبل هزلى قَالَ الشَّاعِر (فَتى لم تلده بنت عَم قريبَة ... فيضوى وَقد يضوى وليد القرائب) (هُوَ ابْن غريبات النِّسَاء وَإِنَّمَا ... ذَوُو الشَّأْن أَبنَاء النِّسَاء الغرائب) وضوي الْوَلَد يضوى وَهُوَ ضاوي على غير الاصل وَكَانَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك يَقُول وَهُوَ فِي الْمَوْت (إِن بني صبية صيفيون ... أَفْلح من كَانَ لَهُ ربعيون) فَيَقُول عمر بن عبد الْعَزِيز (قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ) يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وأصل ذَلِك فِي الابل وَهُوَ أَن ولد النَّاقة إِذا نتج فِي الرّبيع كَانَ أقوى مِنْهُ إِذا نتج فِي الصَّيف وَإِذا نتج فِي الصَّيف ضعف عَمَّا نتج فِي الرّبيع لعلتين إِحْدَاهمَا مَا يلْحقهُ من شدَّة الْحر فيضعفه والاخرى أَن مَا نتج فِي الرّبيع قد سبقه بشهرين فَهُوَ أقوى وَيُقَال للرجل إِذا ولد لَهُ فِي شبابه قد أَربع تَشْبِيها بربعية النِّتَاج وَولده ربعي وَإِذا ولد لَهُ فِي كبره قيل قد أصاف وَولده صَيْفِي تَشْبِيها بصيفي النِّتَاج

36 - قَوْلهم أَيْنَمَا أوجه ألق سَعْدا يضْرب مثلا لِاسْتِوَاء الْقَوْم فِي الشَّرّ وَالْمَكْرُوه والمثل للاضبط بن قريع السَّعْدِيّ وَكَانَ سيد قومه فَرَأى مِنْهُم تنقصاً لَهُ وتهاوناً بِهِ فَرَحل عَنْهُم وَنزل بِآخَرين فَرَآهُمْ يَفْعَلُونَ بأشرافهم فعل قومه بِهِ فقصد آخَرين فَرَآهُمْ على مثل حَالهم فَقَالَ (أَيْنَمَا أوجه ألق سَعْدا) ورحل إِلَى قومه وَرُوِيَ أَنه قَالَ (فِي كل وَاد بَنو سعد) وَمثل هَذَا الْمثل قَول طرفَة (كل خَلِيل كنت خاللته ... لَا ترك الله لَهُ واضحه) (كلهم أروغ من ثَعْلَب ... مَا أشبه اللَّيْلَة بالبارحه) وَقَالَ بَعضهم (سواسية كأسنان الْحمار ... ) وَقلت (كم حَاجَة أنزلتها ... بكريم قوم أَو لئيم) (فَإِذا الْكَرِيم من اللَّئِيم ... أَو اللَّئِيم من الْكَرِيم) (سُبْحَانَ رب قَادر ... قد الْبَريَّة من أَدِيم) (فشريفهم ووضيعهم ... سيان فِي سفه ولوم) (قد قل خير غنيهم ... فغنيهم مثل العديم)

(وَإِذا اختبرت حميدهم ... ألفيته دون الذميم) (لَا تند بنهم للصَّغِير ... من الامور وَلَا الْعَظِيم) (انْظُر إِلَى كبر الجسوم ... ولاتسل دفع الجسيم) وَمثل الْمثل سَوَاء قَول أبي تَمام (فَلَا تحسبن هنداً لَهَا الْغدر وَحدهَا ... سجية نفس كل غانية هِنْد) 37 - قَوْلهم أشبه شرج شرجاً لَو أَن أسيمرا يضْرب مثلا للتشابه من غير ذَوي الرَّحِم وشرج مَوضِع والاسيمر تَصْغِير أسمر وَهُوَ جمع سمر مخفف عَن سمر وَهِي شَجَرَة من العضاه كَمَا قيل عضد وعضد والمثل للقيم بن لُقْمَان وَكَانَ قد علا أَبَاهُ فِي خصاله فحسده أَبوهُ فَنزلَا شرجاً فَذهب لقيم ليعشي إبِله فحفر لَهُ لُقْمَان حفيرة وغطاها بسمر ليَقَع فِيهَا إِذا رَجَعَ من اللَّيْل فَلَمَّا عَاد لقيم أنكر الْمَكَان وارتاب بِإِزَالَة السمر عَن مَوْضِعه فَقَالَ (أشبه شرج شرجاً لَو أَن أسيمراً) أَي لَو أَن أسيمرا كنت أعهدها كَانَت على ماعهدتها وَتَنَحَّى عَن الْموضع فنجا وَذَهَبت الْكَلِمَة مثلا فِي التشابه من غير الْقرَابَات فَأَما مَا تشابه من الْقرَابَات فَمن أمثالهم فِيهِ قَول زُهَيْر (وَهل ينْبت الخطي إِلَّا وشيجه ... وتغرس إِلَّا فِي منابتها النّخل)

وَقَالَ أَبُو نخيلة (لعمرك مَا عين بأشبه مقلةً ... بِأُخْرَى من ابْني بِي وَلَا النَّعْل بالنعل) (أَقُول لنَفْسي ثمَّ نَفسِي تلومني ... أَلا هَل ترى مَا أشبه الشكل بالشكل) وَيَقُولُونَ (هُوَ أشبه بِهِ من المَاء بِالْمَاءِ وَاللَّيْلَة بالليلة وَالتَّمْرَة بالتمرة والقذة بالقذة والحرة بِالْحرَّةِ والغراب بالغراب) 38 - قَوْلهم إِذا نزا بك الشَّرّ فَاقْعُدْ أَي لَا تسارع إِلَى الشَّرّ وَإِن أحوجت إِلَى المسارعة إِلَيْهِ يحثه على مجانبة الْغَضَب وَلَا أعرف فِي الْحَث على مجانبة الشَّرّ أَجود من قَول مُعَاوِيَة (إِنِّي لاكرم نَفسِي أَن يكون ذَنْب أعظم من حلمي وَمَا غَضَبي على من أملك وَمَا غَضَبي على من لَا أملك) مَعْنَاهُ إِذا كنت مَالِكًا لَهُ فَإِنِّي قَادر على الانتقام مِنْهُ فَلم ألزم نَفسِي الْغَضَب وَإِن كنت لَا أملكهُ فَلَا يضرّهُ غَضَبي فَلم أَدخل الضَّرَر على نَفسِي بغضب لَا يضر عدوي وَقلت فِي هَذَا الْمَعْنى (وَمَا غضب الانسان من غير قدرَة ... سوى نهكة فِي جِسْمه وشحوب) وَقلت (خل يَد الشَّرّ وفر مِنْهُ ... وَإِن دعَاك فتصامم عَنهُ) (خَابَ أَخُو الشَّرّ فَلَا تكنه ... ) وَقيل إياك وَالشَّر فَإِن الشَّرّ للشر خلق

39 - قَوْلهم إِذا ارجحن شاصياً فارفع يدا أَي إِذا رَأَيْته قد خضع واستكان فَاكْفُفْ عَنهُ والشاصي الرافع رجله وارجحن مَال وكل ثقيل مائل مرجحن يَقُول إِذا استسلم فَاعْفُ عَنهُ وروى ثَعْلَب (إِذا ارْجِعْنَ شاصياً) وارجعن صرع يَقُول إِذا صرعته فَرفع رجلَيْهِ فَاكْفُفْ عَنهُ وَأنْشد (وَلما ارجعنوا واسترينا خيارهم ... وصاروا أُسَارَى فِي الْحَدِيد المكلد) وَهَذَا أصح عِنْدِي من الاول وَمن أحسن مَا قيل فِي الْعَفو قَول مجاشع بن ربعي لقوم رَآهُمْ يتآمرون فِي الانتقام من رجل هَل لكم فِي الْحق أَو فِيمَا هُوَ خير من الْحق قَالُوا قد عرفنَا الْحق فَمَا الَّذِي هُوَ خير مِنْهُ قَالَ الْعَفو فَإِن الْحق مر وَقَالَ صَالح المري اتْرُكُوا الْعقَاب لخالق الْعقَاب واستصلحوا النَّاس بالرغبة والرهبة وَقيل النِّعْمَة لَا تستدام بِمثل الانعام وَالْقُدْرَة لَا تستبقى بِمثل الْعَفو 40 - قَوْلهم اتَّخذت عِنْده يدا بَيْضَاء ويداً غراء أَي نعْمَة مَشْهُورَة ويعنى بالبياض والغرة الشُّهْرَة وَحكى ثَعْلَب اتَّخذت عِنْده يدا خضراء فَمَا نلْت مِنْهُ عرقاً) قَالَ يُرِيد ثَوابًا والعرق

الثَّوَاب وَفرس عَتيق عريق وَهُوَ الْمَحْض الَّذِي لم يشبه شَيْء وَأنْشد (إِنَّمَا الْعَيْش شربهَا معرقات ... ومناغاة صاحبات الْخُدُور) وَقَالَ غَيره المعرق الَّذِي مزج مزاجا يَسِيرا 41 - قَوْلهم إِذا عز أَخُوك فهن الْمثل لهذيل بن هُبَيْرَة التغلبي وَكَانَ أغار على بني ضبة فَأقبل بِمَا غنم فَقَالَ أَصْحَابه اقْسمْ بَينا غنيمتنا فَقَالَ أَخَاف الطّلب فَأَبَوا إِلَّا الْقسم فَقَالَ (إِذا عز أَخُوك فهن) وَقسم بَينهم وَمَعْنَاهُ إِذا صَعب أَخُوك فَلَنْ فَإنَّك إِن صعبت أَيْضا كَانَت الْفرْقَة يُقَال عز يعز عزة إِذا اشْتَدَّ وَعز عَليّ كَذَا أَي اشْتَدَّ واستعز الوجع بالمريض أَي اشْتَدَّ وَعز والارض العزاز الصلبة الشَّدِيدَة وعزني فِي الْخطاب اشْتَدَّ فِيهِ حَتَّى غلبني وَهن من قَوْلهم فلَان هَين لين إِذا كَانَ سهلا منقاداً وَلَيْسَ من الهوان وَرجل هَين لين وهين لين لُغَتَانِ قَالَ الشَّاعِر (هَينُونَ لَينُونَ أيسار ذَوُو يسر ... أَرْبَاب مكرمَة أَبنَاء أيسار) وَتقول الْفرس فِي معنى هَذَا الْمثل (إِذا مَا حمَار السوء لم يَأْتِ حمله ... نفاراً فأدن الْحمل مِنْهُ وَحمل) وَأخذ مُعَاوِيَة معنى هَذَا الْمثل فَقَالَ لَو أَن بيني وَبَين النَّاس شَعْرَة ممدودةً مَا انْقَطَعت لاني إِذا مدوا أرْسلت وَإِذا أرْسلُوا مددت وَقَالَ زِيَاد إيَّاكُمْ وَمُعَاوِيَة فَإِنَّهُ إِذا طَار النَّاس وَقع وَإِذا وَقَعُوا طَار

قَالَ الزّجاج قَوْله فهن بِضَم الْهَاء خطأ إِنَّمَا هُوَ فهن بِكَسْر الْهَاء قَالَ وَهن بِالضَّمِّ من الهوان وَلَيْسَ لَهُ هَا هُنَا مَوضِع وَلَيْسَ كَمَا قَالَ إِنَّمَا هُوَ من الْهون وَهُوَ الرِّفْق واللين وَفِي الْقُرْآن {على الارض هونا} 42 - قَوْلهم إِذا لم تغلب فاخلب مَعْنَاهُ إِذا لم تدْرك الْحَاجة بالغلبة والاستعلاء فاطلبها بالرفق والمداراة وأصل الخلابة الخداع وَمِنْه قيل برق خلب إِذا ومض من غير مطر كَأَنَّهُ يخدع الشائم وَبِه سميت الْمَرْأَة خلوباً وَله وَجه آخر وَهُوَ أَنه يُرِيد إِذا لم تغلب عَدوك بجلدك وقوتك فاخدعه وامكر بِهِ فَإِن المماكرة فِي الْحَرْب أبلغ من المكاثرة وَالْجَلد وَهُوَ على حسب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحَرْب خدعة) أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا ابْن أخي أبي زرْعَة قَالَ حَدثنَا عمر قَالَ حَدثنَا الحوضي قَالَ حَدثنَا الْحسن بن أبي جَعْفَر قَالَ حَدثنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك بن كَعْب قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَلما أَرَادَ سفرا أَو غزواً إِلَّا ورى بِغَيْرِهِ وَكَانَ يَقُول (الْحَرْب خدعة) أَو (خدعة) وَالْوَجْه (الخدعة) بِالْفَتْح وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء نَفاذ الرَّأْي فِي الْحَرْب أَنْفَع من الطعْن وَالضَّرْب

43 - قَوْلهم إِلَّا حظيةً فَلَا ألية وَهُوَ فِي الْمَعْنى الاول أَي إِن أَخْطَأتك الحظوة فِيمَا تلتمس فَلَا تأل أَن تتودد وَأَصله فِي الْمَرْأَة تصلف عِنْد زَوجهَا فتتحبب إِلَيْهِ مَا أمكنها لتنال الحظوة عِنْده بالتحبب إِلَيْهِ إِذا أخطأته الحظوة فِي الْمحبَّة مِنْهُ فالألية هَا هُنَا من قَوْلك أَلا الرجل يألو كَمَا يُقَال علا يَعْلُو إِذا قصر والالية أَيْضا الْيَمين آلى يولي إِيلَاء إِذا حلف وَمِنْه قَوْله عز وَجل {يؤلون من نِسَائِهِم} 44 - قَوْلهم إِن فِي الشَّرّ خياراً مَعْنَاهُ أَن بعض الشَّرّ أَهْون أَهْون من بعض وَهُوَ فِي مَذْهَب قَول طرفَة (أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا ... حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض) وَجَاء رجل إِلَى الْمبرد فَقَالَ لَهُ مَا القبعض فَقَالَ الْقطن قَالَ وَمَا الْحجَّة قَالَ قَول الشَّاعِر (كَأَن على مشافرها قبعضا ... ) وَسكت هنيهة ثمَّ قَالَ أَيْن السَّائِل عَن قبعض فَقَامَ الرجل فَقَالَ لَهُ هَذِه

كلمة أخذت من طرفِي كَلِمَتَيْنِ من بَيت طرفَة (فَاسْتَبق بَعْضنَا) فتعجب النَّاس من سرعَة جَوَابه وافتعاله المصراع حَتَّى رد الْخصم وأسكته ثمَّ من فطنته للموضع الَّذِي أخذت مِنْهُ الْكَلِمَة وَمثل ذَلِك مَا أَخْبرنِي بِهِ أَبُو الْقَاسِم الحاسب قَالَ قلت لبَعض المتعاصين للعربية مَا الْعمَّال وأخذته من طرفِي كَلِمَتَيْنِ (وَلم أعطكم فِي الطوع مَالِي) فَقَالَ لي الْعمَّال حَبل يشد بِهِ الْحمار وَأخرج مخرج نَظَائِره فَقَالُوا شكال للْفرس وعقال للبعير وعمال للحمار قَالَ فتعجبت من حذقه بافتعال الْخَطَأ وإخراجه إِيَّاه مخرج الصَّوَاب وَمن أمثالهم فِي الشَّرّ وَالْخَيْر قَول بَعضهم (لَيْسَ الْعَاقِل من يعرف الْخَيْر من الشَّرّ وَإِنَّمَا الْعَاقِل من يعرف خير الشرين) 45 - قَوْلهم إِلَى أمه يلهف اللهفان اللهفان الْمُضْطَر المتحسر على الْفَائِت لهف يلهف لهفاً وَهُوَ لهفان كَمَا يُقَال عَطش وَهُوَ عطشان وَيضْرب مثلا للرجل يستغيث بِأَهْل ثقته وَهُوَ على مَذْهَب قَول الْقطَامِي (وَإِذا أَصَابَك والحوادث جمة ... حدث حداك الى أَخِيك الأوثق)

46 - قَوْلهم إِنَّمَا يُعَاتب الاديم ذُو الْبشرَة مَعْنَاهُ إِنَّمَا يُرَاجع من تصلح مُرَاجعَته ويعاتب من الاخوان من لَا يحملهُ العتاب على اللجاج فِيمَا كره مِنْهُ وَعُوتِبَ من أَجله وَأَصله أَن الْجلد اذا لم تصلحه الدبغة الاولى أُعِيد فِي الدّباغ إِن كَانَ ذَا قُوَّة ومسكة وَترك إِن كَانَ ضَعِيفا لِئَلَّا يزِيد ضعفا وأصل الْبشرَة ظَاهر الْجلد والادمة بَاطِنه وعَلى حسب ذَلِك يَقُول الشَّاعِر (وَلَيْسَ عتاب النَّاس للمرء نَافِعًا ... إِذا لم يكن للمرء لب يعاتبه) وَقد مدح العتاب وذم فالمدح قَوْلهم (وَيبقى الود مَا بَقِي العتاب ... ) والذم قَوْلهم العتاب يبْعَث على التجني والتجني أَخُو المحاجة والمحاجة أُخْت الْعَدَاوَة والعداوة أم القطيعة وَقَالَ آخر العتاب رَسُول الْفرْقَة وداعي القلى وَسبب السلوان وباعث الهجران وَقَالَ بعض الاوائل سَبِيل من يَأْخُذ على أَيدي الاحداث أَلا يكدهم بالتوبيخ لِئَلَّا يضطروا إِلَى القحة وَقَالَ آخر العتاب دَاعِيَة الاجتناب فَإِذا انبسطت المعاتبة انقبضت المصاحبة

وَقَالَ غَيره حرك إخوانك بِبَعْض العتاب لِئَلَّا يستعذبوا أخلاقك واغض عَن بعض مَا تنكر لِئَلَّا يوحشهم إلحاحك وَهَذَا أقصد مَا قيل فِي هَذَا الْمَعْنى وكتبت إِلَى بعض الاخوان العتاب مُقَدّمَة القطيعة وطليعة الْفرْقَة فتجنبه قبل أَن يجنبك حظك من السرُور بِرُؤْيَة أحبائك وانتقل عَنهُ قبل أَن ينْتَقل بك عَن مقرّ غبطتك بمشاهدة أودائك وَإِن لم تَجِد مِنْهُ بدا فاقتصد فِيهِ وَلَا تكْثر مِنْهُ فَإِن الْكثير من المحبوب مملول فَكيف من الْمَكْرُوه والاقتصاد فِي الْمَحْمُود ممدوح فَكيف المذموم 47 - قَوْلهم أكلت يَوْم أكل الثور الاسود يضْرب مثلا للرجل فقد ناصره فَلحقه الضيم من عدوه وَهُوَ من أَمْثَال كليلة وتمثل بِهِ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام حِين اخْتلف عَلَيْهِ وعنى قتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَأَصله فِيمَا ذكر صَاحب كليلة أَن ثورين أسود وأبيض كَانَا فِي بعض المروج فَكَانَ الاسد إِذا قصدهما تعاونا عَلَيْهِ فرداه فَخَلا يَوْمًا بالابيض وَقَالَ لَهُ إِن خليتني فَأكلت الاسود خلا لَك مرعاك وَأُعْطِيك عهدا أَلا أطور بك فَخَلَّاهُ والاسود فَأَكله ثمَّ عطف عَلَيْهِ فافترسه فَقَالَ (إِنَّمَا أكلت يَوْم أكل الثور الاسود) وتخاذل الْقَوْم فِيمَا بَينهم من أَمَارَات شؤمهم وَدَلَائِل شقائهم

وَلما حضرت قيس بن عَاصِم الْوَفَاة أحضر بنيه فَقَالَ لَهُم ليأتني كل وَاحِد مِنْكُم بِعُود فَاجْتمع عِنْده عيدَان فجمعها وشدها وَقَالَ اكسروها فَلم يطيقوا ذَلِك ثمَّ فرقها فكسروها فَقَالَ هَذَا مثلكُمْ فِي اجتماعكم وتفرقكم ثمَّ أنشدهم لنَفسِهِ (بصلاح ذَات الْبَين طول بقائكم ... إِن مد فِي عمري وَإِن لم يمدد) (حَتَّى تلين جلودكم وقلوبكم ... لمسود مِنْكُم وَغير مسود) (إِن القداح إِذا جمعن فأمها ... بِالْكَسْرِ ذُو حنق وبطش أيد) (عزت فَلم تكسر وَإِن هِيَ بددت ... فالوهن والتكسير للمتبدد) 48 - قَوْلهم أبْصر وسم قدحك أَي تَأمل أَمرك والقدح مَا يستقسم بِهِ وَهُوَ الزلم ووسمه الْعَلامَة الَّتِي فِيهِ يَقُول تَأمل ذَلِك لتعرف مَا لَك وَعَلَيْك 49 - قَوْلهم إِن الشفيق بِسوء ظن مولع وَذَلِكَ أَن المعني بالشَّيْء لَا يكَاد يظنّ بِهِ إِلَّا الْمَكْرُوه وَمن أمثالهم فِي الشفيق قَول الْقطَامِي

(ومعصية الشفيق عَلَيْك مِمَّا ... يزيدك مرّة مِنْهُ استماعا) وَقَول وضاح الْيمن (قد كنت أشْفق مِمَّا قد فجعت بِهِ ... إِن كَانَ يدْفع عَن ذِي اللوعة الشَّفق) 50 - قَوْلهم أَخُوك من صدقك يعْنى بِهِ صدق الْمَوَدَّة والنصيحة وَله معنى آخر وَهُوَ أَن يصدقك عَن عيوبك لَان عُيُوب كل نفس تستتر عَنْهَا وَتظهر لغَيْرهَا وَقلت (عز الْكَمَال فَمَا يحظى بِهِ أحد ... فَكل خلق وَإِن لم يدر ذُو عَابَ) وعَلى حسب هَذَا قَالُوا الْمَرْء مرْآة أَخِيه وَأخذ بَعضهم هَذَا الْكَلَام فَقَالَ أَنا كالمرآة ألْقى كل وَجه بمثاله وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ صديق الْمَرْء من لَا يصدقهُ وَيجوز أَيْضا أَن يكون مَعْنَاهُ إِنَّه يصدقك عَمَّا تستخبره إِيَّاه وَلَا يكذبك فِيمَا تسأله عَنهُ 51 - قَوْلهم أَتَاك رَيَّان بلبنه يضْرب مثلا للرجل يعطيك لَا من جود وكرم وَلَكِن لِكَثْرَة مَا عِنْده وَقَالَ الشَّاعِر (مَا كل جود الْفَتى يدني من الْكَرم ... )

وَنَحْوه وَإِن لم يكن مِنْهُ قَول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس (لَا تحمدن ابْن سهل إِن وجدت لَهُ ... فعلا جميلا وَلَا تعذل إِذا زرما) (فَلَيْسَ يمْنَع إبْقَاء على نشب ... وَلَيْسَ يُعْطي الَّذِي يُعْطِيهِ معتزما) (لَكِنَّهَا خطرات من وساوسه ... يُعْطي وَيمْنَع لَا بخلا وَلَا كرما) 52 - قَوْلهم استكرمت فاربط 53 - أقولهم اشْدُد يَديك بغرزه يُقَال ذَلِك لمن أَفَادَ شَيْئا يغبط بِهِ وَأَصله فِي الْفرس الْكَرِيم يُصِيبهُ الانسان فيحتفظ بِهِ والغرز ركاب الرحل واغترز الرجل إِذا وضع رجله فِي الغرز وَفِي كَلَام لمعاوية اغترز فِي ركاب الْفِتْنَة حَتَّى اسْتَوَت على رجلهَا 54 - قَوْلهم اطلب تظفر 55 - وَقَوْلهمْ ألق دلوك فِي الدلاء يضْرب مثلا فِي الْحَث على الِاكْتِسَاب وَترك التواني فِي طلب الرزق وَهُوَ من قَول أبي الاسود الدؤَلِي

(وَمَا طلب الْمَعيشَة بالتمني ... وَلَكِن ألق دلوك فِي الدلاء) (تجئك بملئها يَوْمًا وَيَوْما ... تَجِيء بحمأة وَقَلِيل مَاء) وَقَالَ بَعضهم مَا أحب أَنِّي مكفي وَأَن لي مَا بَين شَرق إِلَى غرب قيل وَلم قَالَ كَرَاهَة عَادَة الْعَجز وَقلت (أَلا لَا يذم الدَّهْر من كَانَ عَاجِزا ... وَلَا يعذل الاقدار من كَانَ وانيا) (فَمن لم تبلغه الْمَعَالِي نَفسه ... فَغير جدير أَن ينَال المعاليا) 56 - قَوْلهم احلب حَلبًا لَك شطره يضْرب مثلا للرجل يعين صَاحبه على أَمر لَهُ فِيهِ نصيب والشطر وَكَذَلِكَ الشطير وَقَالَ فضَالة بن شريك (أنصف امرىء من نصف حَيّ يسبني ... لعمري لقد لَا قيت خطبا من الْخطب) نصف أَمْرِي يَعْنِي أَنه أَعور وَكَانَ من بني الشطير وهم من كلب وَمثل هَذَا بديع من مَعَاني القدماء وَأخذ ذُو الريا سِتِّينَ هَذَا فَكتب إِلَى ذِي اليمينين أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الصولي عَن أبي العيناء قَالَ سَمِعت الْحسن بن سهل يَقُول كتب إِلَى الْمَأْمُون أَن طَاهِر بن الْحُسَيْن قَالَ

(غضِبت على الدُّنْيَا فجفت ضروعها ... فَمَا النَّاس إِلَّا بَين راج وخائف) (قتلت أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا ... بقيت عناءً بعده للخلائف) (وَقد بقيت فِي أم رَأْسِي بَقِيَّة ... فإمَّا لحزم أَو لرأي مُخَالف) فَاغْتَمَّ الْمَأْمُون فَرَآهُ الْفضل بن سهل كاسفاً فَقَالَ مَا بَال أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن زأرك أَسد فاقذف بِي فِي لهواته فَعرفهُ الْخَبَر وأقرأه الشّعْر فَكتب الْفضل إِلَى طَاهِر قَرَأت كتابك يذكر عَنْك وساوس تكون عَلَيْك لَا لَك وَأما وَالله يَا نصف إِنْسَان لَئِن أفكرت لأهمن وَلَئِن هَمَمْت لافعلن وَلَئِن فعلت لأبرمن وَلَئِن أبرمت لاحكمن وَبعث إِلَيْهِ بِالْكتاب فَكتب طَاهِر مَا كل قَول حق وَمَا كل إبلاغ صدق وَإِنَّمَا أَنا عبد استنصح فنصح إِن أمسك عني استزدت وَإِن اعتمدت بِإِحْسَان شكرت فمنزلتي كمنزلة الامة السَّوْدَاء إِن حمل عَلَيْهَا دندنت وَإِن رفهت أَشرت وَإِن عوقبت فباستحقاق وان عوفيت فبإحسان 57 - قَوْلهم - أَنا غريرك من الامر يضْرب مثلا للمعرفة بالشَّيْء وَمَعْنَاهُ أَنا عَالم بالامر فسلني عَنهُ على غرَّة مني لمعرفته وعَلى غير استعداد مني لَهُ وَلَا روية فِيهِ وَأخرج الغرير مخرج خليط وعشير

58 - قَوْلهم أتعلمني بضب أَنا حرشته يضْرب مثلا لمعْرِفَة الشَّيْء من وجوهه وأصل الحرش الاثر بالشَّيْء وَهُوَ هَاهُنَا بِمَعْنى الاثارة وَهُوَ أَن تثير الضَّب من جُحْره فتستخرجه والمثل الْمَعْرُوف (هُوَ أجل من الحرش) وَأَصله فِي رموزهم أَن الضَّب كَانَ ينعَت الحرش لحسوله وَهِي أَوْلَاده الْوَاحِد حسل وَيَقُول لَهُنَّ إِذا أحسستن بالحرش فاصبرن وَلَا تخرجن من جحرتكن فصيد الضَّب ذَات يَوْم فَوضع رَأسه على حجر وشدخ بِحجر آخر فَقُلْنَ لَهُ أَهَذا الحرش فَقَالَ هَذَا أجل من الحرش هَذَا الْمَوْت 59 - قَوْلهم أعْط الْقوس باريها أَي اسْتَعِنْ على عَمَلك بِمن يُحسنهُ وَهُوَ من قَول الْقَائِل (يَا باري الْقوس برياً لست تحكمه ... لَا نظلم الْقوس أعْط الْقوس باريها) وظلمه لَهَا إفساده إِيَّاهَا وأصل الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (فَخَل مَكَانا لم تكن لتسده ... عَزِيزًا على عبس وذبيان ذائده)

وَقَالَ غَيره (الان حِين تعاطى الْقوس باريها ... ) وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اسْتَعِينُوا على كل صناعَة بِأَهْلِهَا) وَقَالَ بعض الْخُلَفَاء لرجل مَا أطيب النَّقْل فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اسْتَعِينُوا على كل صناعَة بِأَهْلِهَا) وَلَا يُؤْخَذ علم هَذَا إِلَّا عَن أبي نواس فَإِنَّهُ أعرف أَهله بِهِ وأنشده قَوْله (مَالِي فِي النَّاس كلهم مثل ... مائي خمر ونقلي الْقبل) (يومي حَتَّى إِذا الْعُيُون هدت ... وحان نومي فمرقدي كفل) وَقَرِيب من ذَلِك مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن الرياشي عَن ابْن سَلام قَالَ قَالَ بعض جلساء حَمَّاد الرِّوَايَة بَلغنِي أَن للحلقيين أرحاماً منكوسة فَقَالَ حَمَّاد لفتىً إِلَى جنبه اكْتُبْ هَذَا فَإِن أصح الحَدِيث مَا اخذ عَن اهله 60 - قَوْلهم أفواهها مجاسها 61 - وَقَوْلهمْ أَرَاك بشر مَا أحار مشفر يضْرب مثلا للامر يدل ظَاهره على بَاطِنه وَذَلِكَ أَن الابل إِذا أَحْسَنت الاكل اكْتفي بذلك فِي معرفَة صِحَّتهَا وصلاحها عَن جسها وَمثله مَا أنشدناه أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر بن دُرَيْد عَن الرياشي عَن الْأَصْمَعِي

(أطلس يخفي شخصه غباره ... فِي فَمه شفرته وناره) (هُوَ الْخَبيث عينه فراره ... ممشاه ممشى الْكَلْب وازدجاره) (بهم بني محَارب مزداره ... ) وَفِي الْمثل (إِن الْجواد عينه فراره) مَعْنَاهُ إِن معاينتك الْجواد تغنيك عَن فراره والفرار بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَقَوْلهمْ (أَرَاك بشر مَا أحار مشفر) أَي مَا أعتلفته الدَّوَابّ يتَبَيَّن فِي أجسامها وَمثل الْمثل سَوَاء مَا رُوِيَ أَن بَعضهم قَالَ لاعرابي رَآهُ جيد الكدنة أرى عَلَيْك قَمِيصًا صفيقاً من نسج ضرسك فَقَالَ ذَاك عنوان نعْمَة الله عِنْدِي 62 - قَوْلهم أنجد من رأى حضناً وَهُوَ فِي معنى الدّلَالَة على الشَّيْء وَمَعْنَاهُ أَن من رأى حضناً وَهُوَ جبل بِنَجْد فقد أَتَى نجداً وَلَيْسَ بِهِ حَاجَة إِلَى السُّؤَال عَنهُ وَيُقَال أنجد الرجل إِذا أَتَى نجداً وأتهم إِذا أَتَى تهَامَة وأعرق إِذا أَتَى الْعرَاق وأشأم إِذا أَتَى الشَّام وأعمن إِذا أَتَى عمان وأيمن إِذا أَتَى الْيمن وأمنى إِذا أَتَى منى وبصر وكوف من الْبَصْرَة والكوفة وأصل نجد الِارْتفَاع وَقيل للنجاد نجاد لانه يحشو الثِّيَاب حَتَّى ترْتَفع

63 - قَوْلهم أَن ترد المَاء بِمَاء أَكيس 64 - وَقَوْلهمْ اشْتَرِ لنَفسك وللسوق يضْرب مثلا للاخذ بالثقة وَالِاحْتِيَاط يَقُول الْكيس أَن ترد المنهل ومعك فضل مَاء تزودته من منهل قبله والكيس خلاف الْحمق وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ (إِمَّا تراني كيساً مكيسا ... بنيت بعد نَافِع مخيسا) (سَوْطًا شَدِيدا وأميراً كيسا ... ) وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ لمنصور بن الْمُعْتَمِر سل مَسْأَلَة الحمقى واحفظ حفظ الاكياس وَقَالَ زيد الْخَيل (أقَاتل حَتَّى لَا أرى لي مُقَاتِلًا ... وأنجو إِذا لم ينج إِلَّا المكيس) وَكَانَت تَمِيم يدعونَ الْغدر كيسَان قَالَ النمر بن تولب (إِذا مَا دعوا كيسَان كَانَت كهولهم ... إِلَى الْغدر أدنى من شبابهم المرد)

وَقَالَ بَعضهم أصل الْيَاء فِي الْكيس وَاو وَهُوَ مثل الطّيب يُقَال كوسى وطولى وَلَيْسَ كَذَلِك وَقَالَ بَعضهم (قد ورد المَاء بِمَاء قيس ... وَفِي بني أم الْبَنِينَ كيس) (على الْمَتَاع مَا غبا غبيس ... ) يُقَال (لَا أفعل ذَلِك مَا غبا غبيس) أَي لَا أَفعلهُ أبدا يُقَال غبا يغبو وغبي يغبا إِذا غَابَ عَنهُ الذِّهْن وَقَالَ غَيره (رزقت بالحمق فَالْزَمْ مَا رزقت بِهِ ... مَا يفعل الأحمق المرزوق بالكيس) وَقَالَ جران الْعود وَبِهَذَا الْبَيْت سمى جران الْعود (عَمَدت لعود فانتحيت جرانه ... وللكيس أدنى فِي الامور وأنجح) وَقَوْلهمْ (اشْتَرِ لنَفسك وللسوق) أَي اشْتَرِ مَا إِن أمسكته انتفعت بِهِ وَإِن لم ترده نفق عَنْك فِي البيع وروى عَن عمر إِنَّه قَالَ إِذا اشْتريت جملا فاشتره عَظِيما فَإِن أخطأك نَفعه لم يخطئك سوق

65 - قَوْلهم آخرهَا أقلهَا شرباً يحث بِهِ على التَّقَدُّم فِي الامر وَأَصله فِي سقِِي الابل وَذَلِكَ أَن الْمُتَأَخر عَن الْورْد رُبمَا جَاءَ وَقد مضى النَّاس بِعَفْو المَاء وصادف مِنْهُ نفاداً وَلَا يكون تَأْخِير الْورْد عِنْدهم إِلَّا من ذل أَو عجز وَمن ذَلِك قَول النَّجَاشِيّ (إِذا الله عادى أهل لؤم ودقة ... فعادى بني العجلان رَهْط ابْن مقبل) (قَبيلَة لَا يغدرون بِذِمَّة ... ولايظلمون النَّاس حَبَّة خَرْدَل) (ولايردون المَاء الا عَشِيَّة ... إِذا صدر الوراد عَن كل منهل) وَقَالَ آخر يصف إبِلا رأى أهل المَاء سماتها فعرفوا شرف أَرْبَابهَا فخلى الْورْد لَهَا (قد سقيت آبالهم بالنَّار ... وَالنَّار قد تشفي من الاوار) وَالنَّار السمة سميت بذلك لانها بالنَّار تكون سماتها وَقَالَ بعض اللُّصُوص وَقد سَاق إبِلا إِلَى سوق ليبيعها (تَسْأَلنِي الباعة أَيْن نارها ... اذا زعزعوها فَسَمت أبصارها) (كل نجار إبل نجارها ... وكل دَار لاناس دارها) (وكل نَار الْعَالمين نارها ... )

وَقَالَ الشَّاعِر فِي الْحَث على التَّقَدُّم فِي الامور (إِذا ضيعت أول كل أَمر ... أَبَت أعجازه إِلَّا التواء) (وَإِن سومت أَمرك كل وغد ... ضَعِيف كَانَ امركما سَوَاء) (وَإِن داويت دينا بالتناسي ... وبالليان أَخْطَأت الدَّوَاء) وَقلت (ركُوب لأعناق الْأُمُور وَلم يكن ... يدب على أعجازها متقفرا) (إِذا أدبر الْمَطْلُوب عَنْك فخله ... فَإِن عناء أَن تحاول مُدبرا) وَمِمَّا يجْرِي مَعَ ذَلِك قَول برج بن مسْهر ((مَتى كَانَ أَمر الْحَيّ يوسي بحندج ... وَقيس بن جُزْء شَرّ دهرك آخِره) وَجَاء فِي تَفْسِير هَذَا الْمثل قَول آخر قَالَ الْأَصْمَعِي يُرَاد بِهِ أَن أقل الْحَاجة مَا بَقِي وَأَصله أَن رجلا سقى لرجل إبِلا فَبَقيت مِنْهَا بَقِيَّة فخشى أَن يَتْرُكهَا وَلَا يسقيها فَقَالَ (آخرهَا أقلهَا شربا) أَي بَقِيَّة الْعَمَل أقل وَالشرب النَّصِيب من المَاء وَالشرب اسْم يُقَال مقَام الْمصدر 66 - قَوْلهم أَمر مبكياتك لَا أَمر مضحكاتك يَقُول اتبع أَمر من يخوفك عواقب إساءتك لتحذرها فتنجو وَلَا تتبع أَمر من يُؤمنك الْمخوف فيورطك وَمثل ذَلِك قَول الْحسن إِن من يخوفك حَتَّى تلقى الْأَمْن أشْفق عَلَيْك مِمَّن يُؤمنك حَتَّى تلقى الْخَوْف وَفِي خِلَافه قَول الاول

(تخوفني صروف الدَّهْر سلمى ... وَكم من خَائِف مَا لَا يكون) وَقَالَ غَيره أَكثر الْخَوْف باطله وَفِيمَا أوحى الله تَعَالَى إِلَى بعض الانبياء إِنِّي أخوفك لأقومك وَقلت فِي نَحوه (تؤدبه الايام فِيمَا يضرّهُ ... وَكم ضَرَر للمرء فِيهِ مَنَافِع) وَقلت (يَا نفس صبرا على مَا كَانَ من ضَرَر ... فَرب مَنْفَعَة تجنى من الضَّرَر) 67 - قَوْلهم إِذا أردْت المحاجزة فَقبل المناجزة 68 - وَقَوْلهمْ إِن الموصين بَنو سهوان يضْرب الاول مثلا فِي تَعْجِيل الْفِرَار مِمَّن لَا طَاقَة لَك بِهِ والمحاجزة من قَوْلهم حجزت بَين الشَّيْئَيْنِ والمناجزة سرعَة الْقِتَال والمثلان لدويد بن زيد بن نهد فِي وَصيته لِبَنِيهِ عِنْد مَوته قَالَ لَهُم يَا بني أوصيكم بِالنَّاسِ شرا لَا ترحموا لَهُم عِبْرَة وَلَا تقيلوا لَهُم عَثْرَة قصروا الاعنة وطولوا الاسنة واطعنوا شزراً واضربوا هبراً وَإِذا أردتم المحاجزة فَقبل المناجزة والمرء يعجز لَا المحالة بالجد لَا بالكد التجلد وَلَا التبلد الْمنية وَلَا الدنية لَا تأسوا على فَائت وَإِن عز فَقده وَلَا تحنوا إِلَى ظاعن وَإِن ألف

قربه وَلَا تطمعوا فتطبعوا وَلَا تهنوا فتخرعوا وَلَا يكن لكم مثل السوء (إِن الموصين بَنو سهوان) ثمَّ قَالَ (الْيَوْم يبْنى لدويد بَيته ... يارب نهب صَالح حويته) (وَرب قرن بَطل أرديته ... وَرب غيل حسن لويته) (ومعصم مخضب ثنيته ... لَو كَانَ للدهر بلَى أبليته) (أَو كَانَ قَرْني وَاحِدًا كفيته ... ) وَقَالَ (ألْقى على الدَّهْر رجلا ويدا ... والدهر مَا أصلح يَوْمًا أفسدا) (يفْسد مَا أصلحه الْيَوْم غَدا ... ) الطعْن الشزر على أحد الْجَانِبَيْنِ وَالنَّظَر الشزر بمؤخر الْعين والهبر من قَوْلهم هبرت اللَّحْم إِذا قطعته قطعا كبارًا وَسيف هَبَّار والمحالة الْحِيلَة وَالْجد الْحَظ والطبع الدنس وَأَصله الصدأ الَّذِي يركب الْحَدِيد والوهن الضعْف والخرع اللين وَقَوْلهمْ (إِن الموصين بنهو سهوان) الموصون جمع موصى وَهُوَ الَّذِي توصيه بالشَّيْء مرّة بعد أخري وَمَعْنَاهُ توصيهم بالشَّيْء وتؤكد عَلَيْهِم ثمَّ يسهون عَمَّا أوصوا ويتركونه ويحتجون بالسهو وَقيل يضْرب مثلا للرجل الموثوق بِهِ وَمَعْنَاهُ أَن الَّذين يَحْتَاجُونَ إِلَى

الوصاة لحوائج إخْوَانهمْ إِنَّمَا هم الَّذين يسهون عَنْهَا لقلَّة عنايتهم بهَا وَأَنت بحاجة أَخِيك معنى لَا تحْتَاج إِلَى وصاتك بهَا قَالَ الشَّاعِر (وَأكْثر نسياني لما لَا يهمني ... وَإِنِّي لما أَعنِي بِهِ لذكور) 69 - قَوْلهم أعندي أَنْت أم فِي العكم وأعندي أَنْت أم فِي الربق يضْرب مثلا للرجل الْقَلِيل الْفَهم والعكم الْحمل والعكم شده والربق جمع ربقة وَهِي حَبل تشد بِهِ الْبَهِيمَة وَأما قَوْلهم (أمعنا أَنْت أم فِي الْجَيْش) فَمَعْنَاه أعلينا انت ام لنا 70 - قَوْلهم أفرخ روعك أَي زَالَ مَا كنت تخَاف مِنْهُ وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي أول مَا قَالَه مُعَاوِيَة وَذَلِكَ خطا وَأول من قَالَه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن الْأَنْبَارِي عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ ولى مُعَاوِيَة زياداً الْبَصْرَة وَاسْتعْمل الْمُغيرَة بن شُعْبَة على الْكُوفَة فَلم يلبث أَن مَاتَ الْمُغيرَة فتخوف زِيَاد أَن يسْتَعْمل مَكَانَهُ عبد الله بن عَامر فَكتب إِلَيْهِ يُشِير عَلَيْهِ بِاسْتِعْمَال الضَّحَّاك بن قيس وَكتب إِلَيْهِ مُعَاوِيَة أفرخ روعك قد ضممناها إِلَيْك فَقَالَ زِيَاد (النبع يقرع بعضه بَعْضًا) فَذَهَبت كلمتاهما مثلين والروع الْفَزع وَهَذَا وهم على مَا ذَكرْنَاهُ وَالصَّحِيح مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن عِيسَى قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة الْأنمَاطِي قَالَ

حَدثنَا خلف بن خَليفَة عَن أبي يزِيد عَن الشّعبِيّ عَن عُرْوَة بن مُضرس قَالَ انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يجمع قبل أَن يُصَلِّي الْغَدَاة فَقلت يَا نَبِي الله قد طويت الجبلين وَلَقِيت شدَّة فَقَالَ (أفرخ روعك من أدْرك إفاضتنا هَذِه فقد أدْرك) يَعْنِي الْحَج أفرخ روعك أَي زَالَ مَا كنت ترتاع لَهُ وَتخَاف وَأَصله خُرُوج الفرخ من الْبَيْضَة وانكشاف الْغم عَنهُ قَالَ ذُو الرمة (جذلان قد أفرخت عَن روعة الكرب ... ) والروع فِي بَيت ذِي الرمة مضموم الرَّاء وَهُوَ الْخلد 71 - قَوْلهم أَخذنَا فِي الدوس قَالَ الْأَصْمَعِي يُرِيد تَسْوِيَة الخديعة وتزيينها من قَوْلك داس السَّيْف يدوسه إِذا صقله وَالْحجر الَّذِي بِهِ يصقل بِهِ مدوس وأخذنا فِي التزكين أَي التَّشْبِيه وزكن عَلَيْهِ وزكم إِذا شبه وَكَذَلِكَ الظَّن وَمَا يضمر الْإِنْسَان يجْرِي هَذَا المجرى وَقد زكن الرجل وزكن بِالتَّشْدِيدِ وَأنْشد (يَا أيهذا الكامش المزكن ... أعلن بِمَا تخفي فَإِنِّي معلن) وَقَالَ آخر (زكنت من أَمرهم مثل الَّذِي زكنوا ... )

72 - قَوْلهم احذر الصّبيان لَا تصبك بأعقائها يُقَال ذَلِك فِي التخدير من صُحْبَة من يعيبك من الوضعاء والأدنياء وصحبة الدنيء تضع الشّرف وتقصر الهمة وتخمد الذّكر وتفسد الجاه وَمثل الشريف يخالط الدنيء مثل الْمسك تخلطه بالرماد فَيَأْتِي على جَمِيع محاسنه وَيهْلك سَائِر مفاخره وَقلت فِي شرِيف خالط قوما أدنياء (أَرَاك تلفقت فِي جيفة ... فَلم يجد أَنَّك من عنبر) والأعقاء جمع عقي وَهُوَ الَّذِي يخرج من الصَّبِي سَاعَة يُولد والعقي بِالْفَتْح الْمصدر وَفِي هَذَا الْمَعْنى قَوْلهم صديق السوء كالقين إِن لم يحرقك بناره يؤذك بدخانه وَقَرِيب من هَذَا الْمَعْنى قَول بَعضهم لرجل لَا تشرب النَّبِيذ مَعَ من تفتضح بِهِ واشربه مَعَ من يفتضح بك 73 - قَوْلهم أَعور عَيْنك وَالْحجر يضْرب مثلا للتمادى فِي الْمَكْرُوه والمشفي مِنْهُ على الهلكة فَيُقَال لَهُ أبق على نَفسك من أَن يصيبك بتماديك مَا يُصِيب الْأَعْوَر إِذا فقئت عينه الصَّحِيحَة فَيبقى بِلَا بصر وكما أَن الْأَعْوَر أَحَق بالحذر على عينه فَإنَّك أَحَق بمراجعة الْحسنى لمقاربتك العطب

وَرُوِيَ أَن أَبَا سُفْيَان بن حَرْب ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ ثمَّ أصَاب الْأُخْرَى حجر فَقَالَ أمسينا وَأمسى الْملك لله وَقَالَ الْأَصْمَعِي أصل هَذَا الْمثل أَن غراباً وَقع على دبرة نَاقَة فكره صَاحبهَا أَن يرميه فتثور النَّاقة وَكره أَن يتْركهُ فيدمي الدبرة فَجعل يُشِير إِلَيْهِ بِالْحجرِ وَيَقُول (أَعور عَيْنك وَالْحجر) وَيُقَال للغراب الْأَعْوَر لحدة بَصَره كَمَا قيل للحبشي أَبُو الْبَيْضَاء وللأبيض أَبُو الجون وللملدوغ السَّلِيم ثمَّ اسْتعْمل الْمثل فِي الْمَعْنى الَّذِي تقدم وَالْحجر وَالْعين منصوبان على الإغراء 74 - قَوْلهم اتخذ اللَّيْل جملا يضْرب مثلا للرجل يجد فِي طلب الْحَاجة يُقَال شمر ذيلا وادرع لَيْلًا هَكَذَا قَالَ بَعضهم وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ ركب اللَّيْل فِي حَاجته وَلم ينم حَتَّى نالها وَهُوَ من أَمْثَال أَكْثَم بن صَيْفِي وَأَخذه أَبُو تَمام فَقَالَ (جعل الدجى جملا وودع رَاضِيا ... بالهون يتَّخذ الْقعُود قعُودا) وَقَالَ أَكثر أَيْضا (ادرعوا اللَّيْل فَإِن اللَّيْل أخْفى للويل) فَأَخذه الشَّاعِر فَقَالَ (لَا تلق إِلَّا بلَيْل من تواصله ... فالشمس نمامة وَاللَّيْل قواد)

وَقلت (وَإِنَّمَا النجح فِي ليل ترادفه ... إِذا تأوب أَو صبح تواكبه) (وساهر اللَّيْل فِي الْحَاجَات نائمه ... وواهب المَال عِنْد الْمجد كاسبه) وَقيل من كثر نَومه اشْتَدَّ فقره والصبحة مبخرة معْجزَة مجفرة والصبحة نوم الْغَدَاة وَقَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي (وَمَا طَالب الْحَاجَات فِي كل وجهة ... من النَّاس إِلَّا من أجد وشمرا) (فَلَا ترض من عَيْش بِدُونِ وَلَا تنم ... وَكَيف ينَام اللَّيْل من بَات مُعسرا) وَقَالَ رجل لبقراط كَيفَ جمعت هَذَا الْعلم الْكثير قَالَ إِنِّي أنفدت من الزَّيْت مِثْلَمَا شربت من المَاء المجفرة المصدة عَن النِّكَاح يُقَال جفر الْفَحْل إِذا انْصَرف عَن الْإِبِل وَلم يضْربهَا 75 - قَوْلهم أجر الْأُمُور على أذلالها يضْرب مثلا للرفق بِالْأَمر وَحسن التَّدْبِير لَهُ وَمَعْنَاهُ أجرهَا على وجوهها ومجاريها وَوَاحِد الأذلال ذل وَهُوَ ضد الصعوبة وَالْمعْنَى أَنَّك إِذا أجريت الْأَمر على وَجهه لم يصعب عَلَيْك اطراده وَنَحْوه قَول الله تَعَالَى {وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا} وَنَحْوه قَول قيس بن الخطيم (إِذا مَا أتيت الْعِزّ من غير بَابه ... ضللت وَإِن تقصد من الْبَاب تهتد)

76 - قَوْلهم ارْض من المركوب بالتعلق يضْرب مثلا للرضا بِدُونِ الْحَاجة أَي ارْض من الْأَمر بِدُونِ تَمَامه وَمن الْعَيْش بِدُونِ الكفاف يحثه على القناعة وَأَصله فِي الرّكُوب يُقَال للرجل تعلق بعقبة تركبها والعقبة أَن يركب قَلِيلا ثمَّ ينزل فيركب صَاحبه وَقد اعتقب الْقَوْم رواحلهم وَمن أَجود مَا جَاءَ فِي القناعة وَالرِّضَا بِدُونِ الْحَاجة قَول أبي الْعَتَاهِيَة (أَنْت مُحْتَاج فَقير أبدا ... دون أَن ترْضى بِأَدْنَى مَا لديك) وذم بَعضهم القناعة فَقَالَ هِيَ خلق الْبَهَائِم إِنَّهَا إِذا وجدت أكلت وَإِن لم تَجِد باتت على خسف وَأنْشد (وَلَا يُقيم على ضيم يسام بِهِ ... إِلَّا الأذلان عير الْحَيّ والوتد) (هَذَا على الْخَسْف مربوط برمتِهِ ... وَذَا يشج فَلَا يرثى لَهُ أحد) وَقلت فِي هَذَا النَّحْو (سأستعطف الْأَيَّام حَتَّى تردني ... إِلَى جَانب مِنْهَا يلين ويسهل) (وأقنع لَا أَن القناعة لي هوى ... وَلَكِن صون الْعرض بِالْحرِّ أجمل)

77 - قَوْلهم اصنعه صَنْعَة من طب لمن حب يُقَال ذَلِك لمن يلْتَمس مِنْهُ النيقة فِي الشَّيْء أَي اصنعه صَنْعَة حاذق لمن يُحِبهُ وطببت يارجل وطببت أَي حذقت وَحب مثل أحب وَجعلُوا الْفَاعِل من أحب فَقَالُوا هُوَ محب وَالْمَفْعُول بِهِ من حب فَقَالُوا هُوَ مَحْبُوب هَذَا هُوَ الْأَكْثَر وَرُبمَا قَالُوا محب كَمَا قَالَ عنترة (وَلَقَد نزلت فَلَا تظني غَيره ... منى بِمَنْزِلَة الْمُحب المكرم) وَقَالَ الفرزدق (وَقد علمُوا أَنِّي أطب وَأعرف ... ) وفحل طب إِذا كَانَ بَصيرًا بالضراب لَا يدع حَائِلا وَلَا يقرب لاقحاً والطب السحر والمطبوب المسحور والطب أَيْضا الدَّاء قَالَ الشَّاعِر (وَمَا إِن صبنا جبن وَلَكِن ... مناياناً ودولة آخرينا) وَأنْشد أَبُو تَمام (وَمَا إِن طبها إِلَّا اللغوب ... ) أَي مَا بهَا دَاء الا الإعياء

78 - قَوْلهم أتبع الْفرس لجامها يضْرب مثلا للرجل قضى الْحَاجة وَلم يُتمهَا يَقُول جدت بالفرس واللجام أيسر خطباًً وَلَا غناء بالفرس دونه فَإِذا منعته فكأنك لم تَجِد بالفرس والمثل لعمر بن ثَعْلَبَة من كلب وَكَانَ ضرار بن عَمْرو الضَّبِّيّ أغار على كلب فساق فِي الْغَنِيمَة سلمى بنت وَائِل وَكَانَت أمة لعَمْرو بن ثَعْلَبَة وَهِي أم النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَمَعَهَا أمهَا وأختاها فَسَأَلَهُ عَمْرو ردهن فردهن غير سلمى وَكَانَت أَعْجَبته فَقَالَ عَمْرو (أتبع الْفرس لجامها) فَردهَا فسارت الْكَلِمَة مثلا وَأَخذه البحتري فَقَالَ يصف فرسا (ترى أحجاله يصعدن فِيهِ ... صعُود الْبَرْق فِي الْغَيْم الجهام) (وَمَا حسن بِأَن تهديه فَذا ... سليب السرج منزوع اللجام) (فأتمم مَا مننت بِهِ وأنعم ... فَمَا الْمَعْرُوف إِلَّا بالتمام) وَقَالَ فِي مَوضِع آخر (والطرف أجلب زائر لمؤونة ... مالم تزره بسرجه ولجامه) وَأخذ هَذَا الْمَعْنى من أبي العيناء

79 - قَوْلهم أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل يضْرب مثلا لإدراك الْحَاجة بِلَا تَعب وَلَا مشقة يَعْنِي أَنه أورد إبِله شَرِيعَة المَاء فَشَرِبت واشتمل هُوَ بكسائه ونام وَلم يوردها بِئْرا فَيحْتَاج إِلَى الاستقاء لَهَا وَهُوَ مثل قَوْلهم (أَهْون السَّقْي التشريع) أَي إِ يُرَاد الْإِبِل الشَّرِيعَة هَكَذَا فسره بَعضهم وَالصَّحِيح أَنه يضْرب مثلا للرجل يقصر فِي الْأَمر ايثارا للراحة على الْمَشَقَّة وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله (مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل ... ) أَي مَا هَكَذَا يكون الْقيام فِي الْأُمُور والمثل لمَالِك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَرَأى أَخَاهُ سَعْدا أورد إبِله وَلم يحسن الْقيام عَلَيْهَا فَقَالَ ذَلِك وَكَانَ مَالك آبل أهل زَمَانه على حمقه وَسَنذكر قصَّته على التَّمام بعد إِن شَاءَ الله وَخرج قوم فِي خلَافَة عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام سفرا فَقتلُوا بَعضهم فَلَمَّا رجعُوا طالبهم عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَأمر شريحاً بِالنّظرِ فِي أَمرهم فَحكم بِإِقَامَة الْبَيِّنَة فَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام (أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل ... مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل) أَرَادَ أَنه قصر وَلم يستقص كتقصير صَاحب الْإِبِل فِي تَركهَا واشتماله ولومه ثمَّ فرق بَينهم وسألهم وَاحِدًا وَاحِدًا فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَلم يزل يبْحَث حَتَّى أقرُّوا فَقَتلهُمْ وَذَلِكَ أول مَا فرق بَين الْخُصُوم

80 - قَوْلهم إلاده فلاده فسر على وُجُوه فَقَالَ بَعضهم يضْرب مثلا للرجل يطْلب شَيْئا فَإِذا مَنعه طلب غَيره وَقَالَ الْأَصْمَعِي لَا أَدْرِي مَا أَصله وَقَالَ غَيره أَصله أَن بعض الْكُهَّان تنافر إِلَيْهِ رجلَانِ فامتحناه فَقَالَا لَهُ فِي أَي شَيْء جئْنَاك قَالَ فِي كَذَا قَالَا لَا فَأَعَادَ النّظر وَقَالَ إلاده فلاده أَي إِن لم يكن هَذَا فَلَيْسَ غَيره ثمَّ أخبرهما وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ إِن لم يكن ذَلِك الْآن لم يكن أبدا يغريه بِهِ وَأنْشد قَول رؤبة (وَقَول إلاده فلاده ... ) أَي إِن لم يكن هَذَا الْآن لم يكن بعد وَقَالَ الْخَلِيل يُقَال إِن قَول رؤبة (إلاده فلاده) فَارسي حكى صَوت ظئره وَكَانَت الْعَرَب تَقول إِذا رأى الرجل ثَأْره إِلَّا ده فَلَا ده أَي إِن لم تثأر فَلَا تثأر أبدا 81 - قَوْلهم اسْقِ أَخَاك النمري يضْرب مثلا لكل من طلب الشَّيْء مرَارًا وَأَصله أَن كَعْب بن مامة الْإِيَادِي خرج فِي ركب فِي حمارة القيظ فَلَمَّا كَانُوا بالدهناء عطشوا فَجعلُوا يقسمون المَاء على الْحَصَاة فَشرب الْقَوْم حصصهم فَلَمَّا بلغ الشّرْب كَعْبًا

نظر إِلَيْهِ شمر بن مَالك النمري فَقَالَ كَعْب للساقي (اسْقِ أَخَاك النمري) فَسَارُوا ثمَّ نزلُوا فاقتسموا المَاء فَلَمَّا بلغ الشّرْب كَعْبًا نظر إِلَيْهِ النمري فَأمر لَهُ بِنَصِيبِهِ فأدركه الْمَوْت فاستكن تَحت شَجَرَة وَقد قربوا من المَاء فَقيل لَهُ (رد كَعْب إِنَّك وَارِد) فَذَهَبت مثلا وَمَات فَقَالَ مامة أَبوهُ يرثيه (أوفى على المَاء كَعْب ثمَّ قيل لَهُ ... رد كَعْب إِنَّك وَارِد فَمَا وردا) (مَا كَانَ من سوقة أسْقى على ظمأ ... خمرًا بِمَاء إِذا ناجودها بردا) (من ابْن مامة كَعْب ثمَّ عي بِهِ ... زو الْمنية إِلَّا حرَّة وقدى) وَهَذَا أسخى النَّاس لِأَنَّهُ جاد بِمَا فِيهِ حَيَاته على حسب قَول مُسلم بن الْوَلِيد (يجود بِالنَّفسِ إِذْ ضن الْجواد بهَا ... والجود بِالنَّفسِ أقْصَى غَايَة الْجُود) وزو الْمنية قدرهَا وَكَانَ كَعْب إِذا جاوره رجل فَمَاتَ وداه وَإِذا مَاتَ لَهُ بعير أَو شَاة أخلف عَلَيْهِ وقدى فعلى من الْوقُود والحرة حرارة الْجوف من الْعَطش 82 - قَوْلهم أخلف رويعيا مظنه يضْرب مثلا فِي الْحَاجة تلتمس فيحول دونهَا حَائِل

وَأَصله أَن رَاعيا قد عرف مَكَانا معشباً فقصده فصادف عارضاً يمنعهُ من رعيه والرويعي تَصْغِير الرَّاعِي وَمثله قَوْلهم (قد علقت دلوك دلو أُخْرَى) أَي عرض فِي أَمرك عَارض وَنَحْوه قَول يزِيد بن مُعَاوِيَة (باعت على بيعك أم مِسْكين) وَله حَدِيث نذكرهُ وَمثله قَوْلهم (وَالْأَمر يحدث بعده الْأَمر) قَالَ الشَّاعِر فِي إخلاف الظَّن (ظَنَنْت بِهِ ظنا فقصر دونه ... فيا رب مظنون بِهِ الْخَيْر يخلف) (وَمَا النَّاس بِالنَّاسِ الَّذين عرفتهم ... وَمَا الدَّار بِالدَّار الَّتِي كنت تعرف) (وَمَا كل من تهواه يهواك قلبه ... وَمَا كل من أنصفته لَك ينصف) 83 - قَوْلهم أسائر الْيَوْم وَقد زَالَ الظّهْر يضْرب مثلا للْحَاجة يوءس مِنْهَا وَيرجع بالخيبة عَنْهَا أَي تطمع فِيهَا وَقد تبين لَك الْيَأْس من نيلها وَمَعْنَاهُ أسائر الْيَوْم يُقَال هَذَا ضَارب زيد غَدا بِمَعْنى ضَارب زيد غَدا وَفِي الْقُرْآن {كل نفس ذائقة الْمَوْت} بِمَعْنى (دائقة الْمَوْت) وَفِي خلاف هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر

(أجارتنا إِن القداح كواذب ... وَأكْثر أَسبَاب النجاح مَعَ الياس) وَمن أمثالهم فِي الْيَأْس قَول الشَّاعِر (وأجمعت يأساً لَا لبانة بعده ... ولليأس أدنى للعفاف من الطمع) وَقَول الحطيئة (وَلَا ترى طاردا للْحرّ كالياس ... ) 84 - قَوْلهم آخر الدَّاء الكي قَالَ أَبُو بكر الْمثل السائر (آخر الدَّاء الكي) ورد بعض أهل اللُّغَة هَذَا وَقَالَ إِنَّمَا هُوَ (آخر الدَّوَاء الكي) يضْرب مثلا لما يصلح بالشدة وَلَا ينجع فِيهِ اللين وَفِي مثل (من أبعد أدوائها تكوى الْإِبِل) 85 - قَوْلهم إِذا نَام ظالع الْكلاب يضْرب مثلا لتأخير الْحَاجة ثمَّ قَضَائهَا فِي غير وَقتهَا وَذَلِكَ أَن الظالع من الْكلاب لَا يقدر أَن يعاظل مَعَ صحاحها لضَعْفه فَهُوَ يُؤَخر ذَلِك وينتظر فرَاغ آخرهَا فَلَا ينَام حَتَّى إِذا سفد كلهَا سفد هُوَ

والظالع الغامز من شَيْء يُصِيب رجله وَأَصله فِي المائل لَان الغامز إِذا غمز مَال إِلَى جَانب وَقَالَ النَّابِغَة (وتترك خصما ظَالِما وَهُوَ ظالع ... ) أَي مائلا عَن الْحق 86 - قَوْلهم أرسل حكيماً وَلَا توصه الْمثل للزبير بن عبد الْمطلب فِي أَبْيَات لَهُ مَعْرُوفَة أَولهَا (إِذا كنت فِي حَاجَة مُرْسلا ... فَأرْسل حكيماً وَلَا توصه) (وَإِن بَاب أَمر عَلَيْك التوى ... فَشَاور لبيباً وَلَا تعصه) (وَلَا تنطق الدَّهْر فِي مجْلِس ... حَدِيثا إِذا أَنْت لم تحصه) (وَنَصّ الحَدِيث إِلَى أَهله ... فَإِن الْوَثِيقَة فِي نَصه) (وَذُو الْحق لَا تنتقص حَقه ... فَإِن القطيعة فِي نَقصه) فَهَذَا هُوَ قَول الزبير وَقَالَ غَيره إِذا أَرْسلتهُ وَلم توصه وَلم تعرفه مَا فِي نَفسك وَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ من حوائجك وكلفته أَن يبلغ مرادك فِيهَا فقد سمته علم الْغَيْب وَالصَّحِيح أَن يُقَال أرسل حكيماً وأوصه كَمَا قَالَ الشَّاعِر

(إِذا أرْسلت فِي أَمر رَسُولا ... فأفهمه وأرسله حكيما) وَقَالَت الْحُكَمَاء الرَّسُول دَلِيل على عقل مرسله وَمن أَجود مَا قيل فِي صفة الرَّسُول قَول عَمْرو بن أبي ربيعَة (فأتتها طبة عَالِمَة ... تخلط الْجد مرَارًا باللعب) (ترفع الصَّوْت إِذا لَا نت لَهَا ... وتراخى عِنْد سورات الْغَضَب) وَسمع ابْن أبي عَتيق هَذَا الشّعْر فَقَالَ نَحن مُنْذُ قتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فِي طلب من هَذَا صفته لنوليه الْخلَافَة ولسنا نجده وَقَالَ غَيره (ترفق فِي رَسُولك يَا أَمِيري ... فَإِنِّي من رَسُولك فِي غرور) (أحملهُ رسَالَاتي فينسى ... ويبلغك الْقَلِيل من الْكثير) (إِذا كَانَ الرَّسُول كَذَا بليداً ... تَكَسَّرَتْ الْحَوَائِج فِي الصُّدُور) (فَأرْسل من إِ ذَا لحظته عَيْني ... حكى لَك طرفه مَا فِي ضميرى) 87 - قَوْلهم أرغوا لَهَا حوارها تقر يضْرب مثلا لإغاثة الملهوف بِقَضَاء حَاجته ليسكن والناقة إِذا سَمِعت

رُغَاء حوارها سكنت ويروى هَذَا الْمثل على وَجه آخر وَهُوَ (حرك لَهَا حوارها تحن) وَمَعْنَاهُ أَن تذكر الرجل بعض أشجانه فيهتاج والمثل لمعاوية رَضِي الله عَنهُ أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن القعدي عَن أبي جَعْفَر عَن الْمَدَائِنِي قَالَ كتب مُعَاوِيَة إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ كتابا فِي تَسْلِيمه قتلة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ إِلَيْهِ ليبايعه على الْخلَافَة وأنفذه مَعَ أبي مُسلم الْخَولَانِيّ فَلَمَّا قَرَأَ عَليّ الْكتاب قَالَ من حوله كلنا قتلنَا عُثْمَان فَقَالَ أَبُو مُسلم أرى قوما لَيْسَ لَك مَعَهم أَمر وَلَو أردْت دفعهم إِلَيْنَا لمنعوك فورد على مُعَاوِيَة وَقَالَ إِن الْقَوْم قد أقرّوا بقتل ابْن عمك فاطلب بثأرك فَصَعدَ الْمِنْبَر ودعا بقميص عُثْمَان فنشره فَبكى النَّاس فَقَالَ مُعَاوِيَة (حرك لَهَا حوارها تحنّ) وَبَايَعَهُ الْقَوْم على الطّلب بِدَم عُثْمَان فَكتب إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) ثمَّ أدرج الْكتاب وَبعث بِهِ إِلَيْهِ مَعَ رجل من بني عبس وعنوانه (من مُعَاوِيَة إِلَى عَليّ) ففك عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام الْكتاب فَلم ير فِيهِ شَيْئا فَقَالَ للرجل هَل أَمرك بتبليغ رِسَالَة قَالَ لَا وَلَكِن أخْبرك أَنِّي خلّفت بِالشَّام خمسين ألفا قد اخضلت لحاهم تَحت قَمِيص عُثْمَان قد رَفَعُوهُ على الرماح وعاهدوا الله أَلا يكفّوا حَتَّى يموتوا أَو يقتلُوا قتلته يتواصون بذلك ليلهم ونهارهم وَتركُوا (تعس الشَّيْطَان) وَيَقُولُونَ (تعس قَاتل عُثْمَان) قَالَ يُرِيدُونَ مَاذَا قَالَ خيط رقبتك قَالَ تربت يداك فَقَالَ صلَة بن

زفر الْعَبْسِي أَو قبيصَة بن ضبيعة بئس وَالله الْوَافِد تخوفنا ببكاء أهل الشَّام على قَمِيص عُثْمَان فوَاللَّه مَا هُوَ بقميص يُوسُف وَلَا حزن يَعْقُوب وَلَئِن بكوا عَلَيْهِ بِالشَّام لقد خذلوه بالحجاز ثمَّ رَحل عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِلَى الشَّام فَكَانَت وقْعَة صفّين 88 - قَوْلهم أحشفا وَسُوء كيلة 89 - وَقَوْلهمْ أكسفاً وإمساكاً يضْرب مثلا لجمعك على الرجل ضَرْبَيْنِ من الخسران ونوعين من النُّقْصَان والكيلة ضرب من الْكَيْل مثل الْقعدَة والجلسة والحشف ردئ التَّمْر يَقُول تُعْطِي الحشف وتسيء الْكَيْل وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء (إِن كنت لَا تلطفيني فاقبلي لطفي ... لَا تجمعي لي سوء الْكَيْل والحشفا) والعامة تَقول حشفا وَسُوء كيل وَالصَّوَاب كيلة بِالْكَسْرِ لأَنهم أَنْكَرُوا نوعا من الْكَيْل سَيِّئًا والكيلة النَّوْع من الْكَيْل ونصبوا حشفاً بِفعل مُضْمر يُرِيدُونَ أتجمع حشفاً وعطفوا الكيلة عَلَيْهِ وَقَوْلهمْ (أكسفا وإمساكاً) أَصله أَن يلقاك بعبوس مَعَ بخل والبشر الْحسن إِحْدَى العطيتين وَقيل الْبشر علم من أَعْلَام النجح وَأول من مدح بالبشر عِنْد السُّؤَال زُهَيْر فِي قَوْله

(ترَاهُ إِذا مَا جِئْته متهللا ... كَأَنَّك تعطيه الَّذِي أَنْت سائله) وَقَالَ غَيره من الْمُحدثين (إِذا مَا أَتَاهُ السائلون توقدت ... عَلَيْهِم مصابيه الطلاوة والبشر) (لَهُ فِي بنى الْحَاجَات أيد كَأَنَّهَا ... مواقع مَاء المزن فِي الْبَلَد القفر) وَقلت (وَقد يُونُس الزوار مِنْك إِذا الْتَقَوْا ... سخاء عَلَيْهِ للطلاقة شَاهد) (بَدَائِع أَفعَال تناهى جمَالهَا ... فهن لأعناق اللَّيَالِي قلائد) (مشهرة فِي الْعَالمين كَأَنَّمَا ... على صفحات اللَّيْل مِنْهَا فراقد) ولبعضهم على خلاف شعر زُهَيْر قَالَ (ترَاهُ إِذا مَا جِئْته متعبسا ... كَأَنَّهُ بالمنقاش تنتف شَاربه) وَقَالَ مُحَمَّد بن حَازِم الْبَاهِلِيّ فِي خلاف ذَلِك (وَلَا يقنع الراجين أهل ومرحب ... ) وَنَحْوه قَول جحظة (قَائِل إِن شدوت أَحْسَنت زِدْنِي ... وبأحسنت لَا يُبَاع الدَّقِيق) 90 - قَوْلهم أغدة كَغُدَّة الْبَعِير وَمَوْت فِي بَيت سلوليه يضْرب مثلا لِاجْتِمَاع نَوْعَيْنِ من الشَّرّ وَهُوَ نَحْو الأول والمثل لعامر بن الطُّفَيْل وَقد وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ

أَرْبَد أَخُو لبيد فَقَالَ أسلم على أَن يكون لَك الْمدر ولى الْوَبر وَأَن تجْعَل لي الْأَمر بعْدك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا وَلَا وبرة) فَخرج وَقَالَ لأَمْلَأَنهَا عَلَيْك خيلا جردا ورجالا مردا فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِمَا فَأخذت أَرْبَد صَاعِقَة فَمَاتَ وَضربت عَامِرًا الغدة وَهِي طاعون الْإِبِل فَمَال إِلَى بَيت سلوليه وَجعل يَقُول (أغدة كَغُدَّة الْبَعِير وَمَوْت فِي بَيت سَلُولِيَّة) وسلول من أذلّ الْعَرَب وَالْمعْنَى أَنه جمع لَهُ ضَرْبَان من الذلة وَقَالَ الشَّاعِر يذكر ذلة سلول (إِلَى الله أَشْكُو أنني بت طَاهِرا ... فجَاء سلولي فَبَال على رجْلي) (فَقلت اقطعوها بَارك الله فِيكُم ... فَإِنِّي كريم غير مدخلها رحلي) 91 - قَوْلهم أغيرة وجبنا يضْرب مثلا للرجل يجْتَمع فِيهِ عيبان وَأَصله أَن رجلا تخلف على قتال عدوه وَترك الْحَيّ يُقَاتلُون ثمَّ رأى امْرَأَته تنظر إِلَى الْقِتَال فضربها فَقَالَت (أغيرة وجبناً) فذمت هَذِه الْمَرْأَة الْغيرَة وَهِي من أَحْمد أَخْلَاق الرِّجَال وَقَالَ جرير يمدح الْحجَّاج (أم من يغار على النِّسَاء حفيظة ... إِذْ لَا يثقن بغيرة الْأزْوَاج)

وَقَالَ أَبُو نواس (وَمن دون عورات النِّسَاء غيور ... ) قَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فِي المعتصم وَقد نَالَتْ الرّوم طرفا من أَطْرَاف الْمُسلمين (يَا غيرَة الله قد عَايَنت فانتقمي ... تِلْكَ النِّسَاء وَمَا مِنْهُنَّ يرتكب) (فَهَب الرِّجَال على أجرامها قتلت ... مَا بَال أطفالها بِالذبْحِ تنتحب) وَهُوَ أول من قَالَ (يَا غيرَة الله) فَخرج المعتصم من وقته إِلَى الرّوم فَكَانَ فتح عمورية وَرَأى رجل مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أقتلته قَالَ نعم قَالَ أَحْسَنت وَمن يعد فعد وَقَرِيب من معنى الْمثل قَول الشَّاعِر (جهلا علينا وجبناً عَن عَدوكُمْ ... لبئست الخلتان الْجَهْل والجبن) 92 - قَوْلهم إِذا ادعيت الْبَاطِل أنجح بك يضْرب مثلا للرجل يَدعِي الْبَاطِل فيدال مِنْهُ وَأَصله أَن امْرَأَة من الْعَرَب كَانَت تَحت شيخ فرأت شبَابًا ينتعلون من قيام فتمنت أَن تكون تَحت أحدهم فَقَالَت (حبذا المنتعلون من قيام) فَقَالَ زَوجهَا أَنا أنتعل قَائِما فَلَمَّا رام ذَلِك ضرط فَقَالَت الْمَرْأَة (إِذا ادعيت الْبَاطِل أنجح بك) أَي أنجح بك الْبَاطِل خصمك

93 - قَوْلهم إِنَّك لَا تجني من الشوك الْعِنَب الْمثل لأكثم بن صَيْفِي وَمَعْنَاهُ إِذا ظلمت فاحذر الِانْتِصَار وَإِذا أَسَأْت فثق بِسوء الْجَزَاء وَأَخذه الشَّاعِر فَقَالَ (إِذا وترت امْرأ فاحذر عداوته ... من يزرع الشوك لَا يحصد بِهِ عنباً) 94 - قَوْلهم اخبر تقله اخبر لَفظه لفظ الْأَمر وَمَعْنَاهُ الْخَبَر يَقُول إِذا خبرتهم قليتهم والمثل لأبي الدَّرْدَاء فِيمَا زعم بَعضهم وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْضا وَشَرحه ابْن الرُّومِي فَقَالَ (دعتني إِلَى فضل معروفكم ... وُجُوه مناظرها معجبه) (فأخلفتم مَا توسمته ... وَقل حميد على التجربة) (وَكنت حسبت فَلَمَّا حسبت ... عفى الْحساب على المحسبه) (ظلمتكم لَا تطيب الْعُرُوق ... إِلَّا وأعراقها طيبه) (فَهَل تعذروني كعذريكم ... بِأَن أصولكم المذنبه) وَالْهَاء فِي تقله مثلهَا فِي قَوْلهم يَا زيد امشه وَيَا امْرُؤ استوه وَتدْخل لبَيَان الْحَرَكَة والقلى البغض قليته أبغضته وَفِي الْقُرْآن {إِنِّي لعملكم من القالين}

وَقَالَ زُهَيْر (لعمرك والأمور مغيرات ... وَفِي طول المعاشرة التقالي) (لقد باليت مظعن أم أوفى ... وَلَكِن أم أوفى مَا تبالي) 95 - قَوْلهم أَنا تئق وصاحبي مئق فَكيف نتفق التئق السَّرِيع إِلَى الشَّرّ والمئق السَّرِيع الْبكاء يضْرب مثلا لسوء الْمُوَافقَة فِي الْأَخْلَاق وَقَالُوا التئق الممتلىء غَضبا يُقَال أتأقت الْإِنَاء إِذا ملأته والمئق الْقَلِيل الِاحْتِمَال الجزوع من أدنى مَكْرُوه وَأَصله أَن رجلَيْنِ كَانَا فِي سفر فَسَاءَتْ أخلاقهما فَقَالَ أَحدهمَا ذَلِك وَالسّفر يُورث ضيق الْأَخْلَاق وَقَالُوا لَا تعرف أَخَاك حَتَّى تغضبه أَو تُسَافِر مَعَه وَسمي السّفر سفرا لِأَنَّهُ يسفر عَن الْأَخْلَاق أَي يكْشف عَنْهَا وَسميت المكنسة مسفرة لِأَنَّهَا تسفر التُّرَاب عَن وَجه الأَرْض فتنكشف كَمَا تسفر الْمَرْأَة نقابها عَن وَجههَا وَقَالُوا الْحَرِيص وَالْمُسَافر مريضان لَا يعادان وَقَالَ بَعضهم يمدح رجلا (أَبْلَج بسام وَإِن طَال السّفر) وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ السّفر ميزَان الْقَوْم

96 - قَوْلهم أعطي العَبْد كُرَاعًا فَطلب ذِرَاعا يضْرب مثلا للرجل الشره يعْطى الشَّيْء فَيَأْخذهُ وَيطْلب أَكثر مِنْهُ والمثل لَام عَمْرو بن عدي جَارِيَة مَالك وَعقيل نَدْمَانِي جذيمة وَذَلِكَ أَن عَمْرو بن عدي ابْن أُخْت جذيمة فقد زَمَانا ثمَّ ظفر بِهِ مَالك وَعقيل فَقدما لَهُ طَعَاما فَأَكله واستزاد فَقَالَت أم عَمْرو (أعطي العَبْد كُرَاعًا فَطلب ذِرَاعا) ثمَّ جلس مَعَهُمَا على شراب فَجعلت تسقيهما وتدعه فَقَالَ عَمْرو (تصد الكأس عَنَّا أم عَمْرو ... وَكَانَ الكأس مجْراهَا اليمينا) (وَمَا شَرّ الثَّلَاثَة أم عَمْرو ... بصاحبك الَّذِي لَا تصبحيناً) ثمَّ عرفاه فقد مَا بِهِ على جذيمة فاستجلسهما فنادماه وَلم ينادمه أحد قبلهمَا وَكَانَ يزْعم أَنه لَيْسَ فِي الأَرْض من يصلح لمنادمته ذَهَابًا بِنَفسِهِ فَكَانَ ينادم الفرقدين يشرب قدحاً وَيصب لكل كَوْكَب مِنْهُمَا قدحاً حَتَّى نادمه مَالك وَعقيل فَقَالَ متمم بن نُوَيْرَة (وَكُنَّا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهرحتى قيل لن يتصدعا) (فَلَمَّا تفرقنا كَأَنِّي ومالكاً ... لطول اجْتِمَاع لم نبت لَيْلَة مَعًا) يَعْنِي كُنَّا كالفرقدين لَا نفترق وَقَالَ غَيره

(تَقول أرَاهُ بعد عُرْوَة لاهياً ... وَذَلِكَ رزء لَو علمت جليل) (فَلَا تحسبي أَنِّي تناسيت عَهده ... وَلَكِن صبري يَا أميم جميل) (ألم تعلمي أَن قد تفرق قبلنَا ... خَلِيلًا صفاء مَالك وَعقيل) 97 - قَوْلهم إِنَّك لَا تَشْكُو إِلَى مصمت يضْرب مثلا لقلَّة اهتمام الرجل بشأن صَاحبه وَأَصله قَول الشَّاعِر يُخَاطب جمله (ِإنك لَا تَشْكُو إِلَى مصمت ... فاصبر على الْحمل الثقيل أَو مت) وَنَحْوه قَول الراجز (يشكو إِلَى جملي طول السرى ... يَا جملي لَيْسَ إِلَيّ المشتكى) (الدرهمان كلفاني مَا ترى ... شدّ الجواليق وجذباً بالبرى) (صبرا قَلِيلا فكلانا مبتلى ... ) والمصمت المشكي المعتب وَأَصله من الصمت وَهُوَ أَنَّك إِذا شكوته أعتبك فتصمت عَن الشكاية 98 - قَوْلهم استنت الفصال حَتَّى القرعى يضْرب مثلا للرجل يفعل مَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْل وَأَصله أَن الفصال إِذا استنت

صحاحها نظرت إِلَيْهَا القرعى فاستنت مَعهَا فَسَقَطت من ضعفها والاستنان هَاهُنَا الْعَدو والقرع بثر يخرج بالفصال فتجر على السباخ فتبرأ يُقَال قرعت الفصيل إِذا فعلت بِهِ ذَلِك كَمَا يُقَال قردته إِذا نزعت عَنهُ القردان وَالْفرس تَقول فِي معنى هَذَا الْمثل رَأَتْ فَأْرَة خيلا تنعل فَرفعت رجلهَا وَمِمَّا هُوَ فِي معنى هَذَا الْمثل من الشّعْر قَول بشار (فيأيها الطَّالِب المبتغي ... نُجُوم السَّمَاء بسعي أُمَم) (سَمِعت بمكرمة ابْن الْعَلَاء ... فأنشأت تطلبها لست ثمَّ) وَقَول أبي تَمام (هَيْهَات مِنْك غُبَار ذَاك الموكب ... ) 99 - قَوْلهم إِن هلك عير فَعير فِي الرِّبَاط يضْرب مثلا للشَّيْء يقدر على الْعِوَض مِنْهُ فيستخف بفقده والرباط الْحَبل الَّذِي ترْبط بِهِ الدَّابَّة وَسميت الْخَيل رِبَاطًا لِأَنَّهَا ترْبط بِإِزَاءِ الْعَدو فِي الثغر ويربط الْعَدو بإزائها خيله يعد كل لصَاحبه وَفِي الْقُرْآن {وَمن رِبَاط الْخَيل} وَقلت فِي هَذَا الْمَعْنى (وَمن يَك ممدوحاً بنظم يصوغه ... فَإنَّك ممدوح بك النّظم والنثر) (فَإِن يَك بعض الأكرمين يعقني ... فَإنَّك مد الْبَحْر إِن أخلف الْقطر)

وَنَحْو الْمثل قَول كثير (هَل وصل عزة إِلَّا وصل غانية ... فِي وصل غانية من وَصلهَا بدل) 100 - قَوْلهم اخْتَلَط المرعى بالهمل 101 - وَاخْتَلَطَ الخائر بالزباد 102 - وَاخْتَلَطَ الحابل بالنابل كل ذَلِك يضْرب مثلا فِي اخْتِلَاط الْأَمر على الْقَوْم حَتَّى لَا يعرفوا وَجهه والهمل الْمُهْملَة الَّتِي لَا راعي مَعهَا و (اخْتَلَط الخاثر بالزباد) شَبيه بقَوْلهمْ (لَا يدْرِي أيخثر أم يذيب) وَأَصله الزّبد يذاب فَيفْسد وَلَا يدْرِي أيجعل سمناً وَيتْرك زبداً وَمِنْه قَول بشر (فكنتم كذات الْقدر لم تدر إِذْ غلت ... أتنزلها مذمومة أم تذيبها) والحابل صَاحب الحبالة وَهِي شبكة الصَّائِد والنابل صَاحب النبل وَذَلِكَ أَن يجْتَمع القناص فيختلط أَصْحَاب النبال بأصحاب الحبائل فَلَا يصاد شَيْء وَإِنَّمَا يصاد فِي الِانْفِرَاد 103 - قَوْلهم أحشك وتروثني يضْرب مثلا لسوء الْجَزَاء وَهُوَ لرجل يُخَاطب فرسه يَقُول أجز لَهُ

الْحَشِيش وأعلفه إِيَّاه وَهُوَ يروث عَلَيْهِ يُقَال حش الْفرس إِذا علفه الْحَشِيش وَحش النَّار إِذا طرح عَلَيْهَا الْحَشِيش لتشتعل وَحش الْوَلَد فِي الْبَطن إِذا يبس والحش الْبُسْتَان لُغَة مَدَنِيَّة ثمَّ سمى الكنيف حَشا لَان أهل الْمَدِينَة كَانُوا يقضون حوائجهم فِي الْبَسَاتِين والحشيش الْيَابِس من النَّبَات وَلَا يُقَال للرطب حشيش إِنَّمَا يُقَال لَهُ الرطب والكلأ والخلى مَقْصُور وَمن أمثالهم فِي سوء الْجَزَاء قَول عبد الرَّحْمَن بن الحكم (عَدوك يخْشَى صولتي إِن لَقيته ... وَأَنت عدوي لَيْسَ ذَاك بمستوى) وَقَالَ معبد بن مُسلم (لددتهم النَّصِيحَة كل لد ... فمجوا النصح ثمَّ ثنوا فقاءوا) (فَكيف بهم وَإِن أَحْسَنت قَالُوا ... أَسَأْت وَإِن غفرت لَهُم أساءوا) 104 - قَوْلهم أجع كلبك يتبعك يضْرب مثلا للئيم تذله فيطيعك وَمثله قَول الآخر (إكرامك الأحمق مِمَّا يُفْسِدهُ ... إدناؤك الأحمق مِمَّا يبعده) (وقربه أَهْون شَيْء تفقده ... ) وَقلت (داريتكم حينا فأبطرتكم ... وَلَيْسَ للعير سوى الضَّرْب) وَقَالَ البحتري (وَلَو أخفت لئيم الْقَوْم جنبني ... أذاته وصديق الْكَلْب ضاربه)

وَحبس الْمَنْصُور أرزاق الْجند وَقَالَ (أجع كلبك يتبعك) فَقيل لَهُ رُبمَا أجعته فتبع غَيْرك فوقر فِي نَفسه وَأخرج المَال وَأَعْطَاهُمْ 105 - قَوْلهم أَسَاءَ رعياً فسقى يضْرب مثلا للرجل يفْسد الْأَمر ثمَّ يُرِيد إِصْلَاحه فيزيده فَسَادًا وَأَصله أَن يسىء الرَّاعِي رعي الْإِبِل نَهَاره حَتَّى إِذا أَرَادَ إراحتها إِلَى أَهلهَا كره أَن يظْهر لَهُم سوء أَثَره عَلَيْهَا فيسقيها المَاء حَتَّى تمتلىء أجوافها فيزيدها ذَلِك ضَرَرا وَيَقُولُونَ (رعى فأقصب) وَذَاكَ أَنه إِذا أَسَاءَ رعيها وَلم يشبعها من الْكلأ لم تشرب وَإِنَّمَا الشّرْب على الْعلف يُقَال بعير قاصب إِذا امْتنع من الشّرْب وَصَاحبه مقصب وَقَالَ الْأَصْمَعِي (أَسَاءَ رعياً فسقى مقصباً) يضْرب مثلا للرجل لَا يحكم الْعَمَل لصعوبته عَلَيْهِ فيميل إِلَى مَا هُوَ اهون 106 - قَوْلهم أجناؤها أبناؤها يضْرب مثلا للرجل يعْمل الشَّيْء بِغَيْر رُؤْيَة وَلَا نظر فيتعنى فِيهِ ثمَّ يحْتَاج إِلَى نقضه والأجناء جمع جَان وَالْأَبْنَاء جمع بَان وَهَذَا جمع قَلِيل وَمثله شَاهد وأشهاد وَصَاحب وَأَصْحَاب وَيجوز أَن يكون الْأَصْحَاب جمع صحب يجمع الصاحب صحباً ثمَّ يجمع الصحب أصحاباً

وَأَصله أَن بِنْتا لبَعض مُلُوك الْيمن أَرَادَت إنْشَاء بِنَاء كرهه أَبوهَا فَنَهَاهَا عَنهُ ثمَّ خرج فِي وَجه فَأَشَارَ عَلَيْهَا قوم بإنشائه فأنشأته فَلَمَّا رَآهُ الْملك ألزمهم هَدمه وَقَالَ (أجناؤها أبناؤها) وجعلهم البناة لإشارتهم بِالْبِنَاءِ وَنَحْو الْمثل وَلَيْسَ مِنْهُ بِعَيْنِه (وَمن لَا يُمكن رجله مطمئنةً ... ليثبتها فِي مستوى الأَرْض يزلق) وَقَالَ بَعضهم دع الرَّأْي يغب فَإِن غبوبه يكْشف لكم عَن فصه 107 - قَوْلهم إِن ضج فزده وقرا يضْرب مثلا للشدة على الْبَخِيل ولإذلال الرجل وَالْحمل عَلَيْهِ إِذا دخله الإباء والعزة وَمثله (إِن أعيا فزده نوطاً وَإِن جرجر فزده ثقلا) يَقُول إِذا بخل فألحح عَلَيْهِ حَتَّى تستخرج مِنْهُ وَمثله (اعصبه عصب السلمة) والسلمة شَجَرَة مفترشة الأغصان فَإِذا أَرَادوا قطعهَا عصبوا أَغْصَانهَا أَي شدوها حَتَّى يصلوا إِلَى أَصْلهَا فيقطعوه وَقَالَ الْحجَّاج لأعصبنكم عصب السلمة والعصب الشد عصب رَأسه إِذا شده والعصابة للرأس خَاصَّة والعصاب لسَائِر الْجَسَد والجرجرة صَوت الْبَعِير إِذا ضجر والنوط كل مَا علق على الْبَعِير وَغَيره وَالْجمع الأنواط ونطته نوطاً إِذا علقته وَهُوَ مَنُوط ونوط إِذا سمي بِالْمَصْدَرِ وَيُقَال هُوَ منَاط الثريا أَي بِحَيْثُ لَا يدْرك والنوطة أَيْضا بوتقة الصَّائِغ

وَنَحْو الْمثل قَول طهْمَان (خليلي إِنِّي الْيَوْم شَاك إلَيْكُمَا ... وَهل ينفع الشكوى إِلَى من يزيدها) (وكائن ترى من ذِي هوى حيل دونه ... ومتبع إلْف نظرة لَا يُعِيدهَا) 108 - قَوْلهم إِن الجبان حتفه من فَوْقه الْمثل لعَمْرو بن مامة حِين أَرَادَ جعيد قَتله فَقَالَ (لقد عرفت الْمَوْت قبل ذوقه ... إِن الجبان حتفه من فَوْقه) (كل امرىءٍ مقاتلٌ عَن طوقه ... والثور يحمي جلده بروقه) يَقُول لَيْسَ يُنجي الجبان حذره من الْمنية وَنَحْوه قَول عنترة (بكرت تخوفني الحتوف كأنني ... أَصبَحت عَن عرض الحتوف بمعزل) (فأجبتها إِن الْمنية منهل ... لابد أَن أسْقى بِذَاكَ المنهل) وَقَالَ المتنبي (وَإِذا لم يكن من الْمَوْت بُد ... فَمن الْعَجز أَن تكون جَبَانًا) وَقلت (لَا تجبنن فكم جبان محجم ... قد مَاتَ موت الباسل المتوثب) (وليمنح الْأَعْدَاء صلبا صلبا ... وَلَيْسَ للجلى بقلب قلب) (وليغد فِي تَعب يرح فِي رَاحَة ... إِن الْأُمُور مريحها فِي المتعب)

وَقَالَ أَكْثَم بن صَيْفِي لَا ينفع مِمَّا هُوَ وَاقع التوقي وَنَحْو هَذَا قَول المتنبي (يَمُوت راعي الضَّأْن فِي جَهله ... موتَة جالينوس فِي طبه) وَسَيَجِيءُ خبر عَمْرو بن مامة على التَّمام فِي الْبَاب الثَّالِث وَالْعِشْرين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحده 109 - قَوْلهم أفلت وانحص الذَّنب 110 - وأفلت بجريعة الذقن يضْرب مثلا للرجل ينجو من الهلكة بعد الإشفاء عَلَيْهَا والمثل لمعاوية ابْن أبي سُفْيَان وَذَلِكَ أَنه أرسل رجلا من غَسَّان إِلَى الرّوم وَجعل لَهُ ثَلَاث ديات على أَن يُنَادي بِالْأَذَانِ عِنْد بَاب ملكهم فَفعل فَوَثَبَ عَلَيْهِ البطارقة ليقتلوه فَمَنعهُمْ الْملك وَقَالَ إِنَّمَا أَرَادَ مرسله أَن نَقْتُلهُ فَيقْتل كل مستأمن منا عِنْده ويهدم كل بيعَة لنا قبله ثمَّ أكْرمه وجهزه فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَة قَالَ (أفلت وانحص الذَّنب) فَقَالَ كلا إِنَّه لبهلبه ثمَّ حَدثهُ الحَدِيث فَقَالَ لقد أصَاب مَا أردْت وَغير بَعضهم لفظ هَذَا الْمثل فَقَالَ (حَتَّى نجوت وَمَا عَلَيْك قَمِيص ... ) وَفِي مثل آخر (أفلت وَله حصاص) والحصاص الْعَدو الشَّديد

وَقيل هُوَ الضراط والهلب شعر الذَّنب وَغَيره والانحصاص سُقُوط الشّعْر حَتَّى ينجرد مَوْضِعه وَقَوْلهمْ (أفلت بجريعة الذقن) أَي أفلت من الهلكة بعد أَن قرب مِنْهَا كقرب الجرعة من الذقن وَقيل مَعْنَاهُ أفلت وَنَفسه فِي شدقة وَلَا يُقَال انفلت عِنْد الْبَصرِيين وَالصَّوَاب عِنْدهم أفلت كَمَا يُقَال أقلع السَّحَاب وأقشع قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (وأفلتهن علْبَاء جريضا ... وَلَو أدركنه صفر الوطاب) 111 - قَوْلهم أوسعتهم سباً وأودوا بِالْإِبِلِ يضْرب مثلا للرجل يتهدد عدوه وَلَيْسَ على عدوه مِنْهُ ضَرَر والمثل لكعب بن زُهَيْر قَالَه لِأَبِيهِ زُهَيْر وَكَانَ الْحَارِث بن وَرْقَاء الصَّيْدَاوِيُّ من بني أسيد أغار على إبل زُهَيْر فَذهب بهَا وبراعيها يسَار فَجعل زُهَيْر يهجوه ويتهدده فِي مثل قَوْله (يَا حَار لَا أرمين مِنْكُم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي وَلَا ملك) (ارْدُدْ يسارا وَلَا تعنف عَليّ وَلَا ... تمعك بعرضك إِن الغادر المعك) (تعلمنها لعمر الله ذَا قسما ... واقدر بذرعك وَانْظُر أَيْن تنسلك) (لَئِن حللت بجو من بني أَسد ... فِي دين عَمْرو وحالت بَيْننَا فدك)

(ليأتنك مني منطق قذع ... بَاقٍ كَمَا دنس الْقبْطِيَّة الودك) فَلَمَّا أَكثر من هجائهم وهم لَا يكترثون قَالَ لَهُ ابْنه كَعْب (أوسعهتم سباً وأودوا بِالْإِبِلِ) أَي لَيْسَ عَلَيْهِم من هجائك إيَّاهُم كَبِير ضَرَر عِنْد أنفسهم وَقد أودوا بإبلك فأضروا بك 112 - قَوْلهم ارق على ظلعك واقدر بذرعك يُقَال للرجل يُجَاوز طوره فِي الْأَمر وَمَعْنَاهُ ارْفُقْ بِنَفْسِك فَإنَّك ظالع لَا تحملهَا على مَا لَا تطِيق وَذَلِكَ أَن الظالع لَا يُكَلف مَا يكلفه الصَّحِيح وَا (ارق) من قَوْلهم رقيت فِي السّلم والدرجة والجبل والظالع إِذا رقى تمهل وَلم يستعجل وَقَوْلهمْ (اقدر بذرعك) أَي تكلّف مَا تطِيق والذرع من قَوْلهم ضَاقَ بِهِ ذرعى وَأَصله من قَوْلك ذرعت الشَّيْء إِذا قدرته بذراعك ذرعاً وَهُوَ فِي مَذْهَب قَول الْفرس مد رجلك حَيْثُ تنَال ثَوْبك وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (فاعمد لما تعلو فَمَا فِي الَّذِي ... لَا تَسْتَطِيع من الْأُمُور يدان) وَقَالَ عَمْرو بن معدي كرب (إِذا لم تستطع شَيْئا فَدَعْهُ ... وجاوزه الى مَا تَسْتَطِيع)

113 - قَوْلهم إِذا جَاءَ الْحِين حَار الْعين الْحِين الْأَجَل وَيُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ هوش وحار تحير وَقَالَ ناظم كتاب كليلة (مَا لَقِي النَّاس من الْآجَال ... كَأَنَّهَا مصيدة الآمال) وَلم يَقُولُوا هَاهُنَا حارت الْعين لتقدم الْفِعْل الْفَاعِل ولان الِاسْم الْمُؤَنَّث الَّذِي لَا علم فِيهِ للتأنيث وَلَيْسَ تأنيثه حَقِيقِيًّا رُبمَا ذكر مثل الْعين وَالْأُذن وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَقد قَالَ الشَّاعِر (وَالْعين بالإثمد الحاري مَكْحُول ... ) وَلم يقل مكحولة وَيُقَال فِي هَذَا الْمَعْنى (إِذا جَاءَ الْقدر عشي الْبَصَر) وَقَالَ نَافِع بن الْأَزْرَق لِابْنِ عَبَّاس تَقول إِن الهدهد إِذا نقر الأَرْض عرف مَسَافَة مَا بَينه وَبَين المَاء فَكيف لَا يبصر شعيرَة الفخ حَتَّى يصاد فَقَالَ ابْن عَبَّاس إِذا جَاءَ الْقدر عشي الْبَصَر وَمثله قَول أَكْثَم بن صَيْفِي (من مأمنه يُؤْتى الحذر) وَقَالَ الآخر (وَكَيف توقي ظهر مَا أَنْت رَاكِبه ... ) أَي كَيفَ تنجو مِمَّا أَنْت حَاصِل فِيهِ

وَقَالَ أَوْس بن حَارِثَة لِابْنِهِ إِنَّمَا تعز من ترى ويعزك من لَا ترى وَقلت (وَقد يعرض الْمَحْذُور من حَيْثُ يرتجى ... ويمكنك المرجو من حَيْثُ يتقى) وَقيل لَا ينفع سهولة الْمطلب مَعَ وعورة الْقدر وَلَا يُغني الحذر إِذا حم الْقدر وَإِذا حم الْقدر دم الْبَصَر وَإِذا أبرم الْقدر حسن الظفر وَإِذا حَان الْقَضَاء ضَاقَ الْقَضَاء وَقَالَ الشَّاعِر (ذهب الفضاء بحيلة الْمُحْتَال ... ) وَمعنى قَوْله (دم الْبَصَر) أَي سد كَأَنَّهُ طلي بِشَيْء من قَوْلك دممت الْقدر إِذا طليتها بالطحال 114 - قَوْلهم أتتك بحائن رِجْلَاهُ يضْرب مثلا للرجل يسْعَى إِلَى الْمَكْرُوه حَتَّى يَقع فِيهِ والمثل لِلْحَارِثِ بن جبلة الغساني وَكَانَ المنذربن الْمُنْذر قَالَ لحرملة بن عسلة اهج الْحَارِث ابْن جبلة فَقَالَ إِن غَسَّان أخوالي وَلَا يحسن بِي هجاؤهم فتهدده فَقَالَ (ألم تَرَ أَنِّي بلغت المشيبا ... لَدَى دَار قومِي عَفا كسوبا) (وَأَن الْإِلَه تنصفته ... بألا أعق وَألا أحوبا)

(وَألا أكاثر ذَا نعْمَة ... وَألا أرد أمرأً مستثيبا) (وغسان قومِي هم مَا هم ... فَهَل ينسينهم ان اعيبا) (فوزع بهَا بعض من يعتريك ... فَإِن لَهَا من معد كليبا) فَانْتدبَ ابْن العيف فَقَالَ (لاهم إِن الْحَارِث بن جبله ... زنى على أَبِيه ثمَّ قَتله) (وَركب الشادخة المحجله ... فَأَي شَيْء سىء لَا فعله) قَوْله زنى على أَبِيه أَي ضيق عَلَيْهِ وَأَصله زنأ بِالْهَمْز فَترك همزه وَهِي لُغَة ثمَّ خرج ابْن العيف فِي جَيش الْمُنْذر لقِتَال الْحَارِث فَالْتَقوا بِعَين أباغ فَقتل الْمُنْذر وَأسر ابْن العيف فجيء بِهِ الْحَارِث فَقَالَ (أتتك بحائن رِجْلَاهُ) فأرسلها مثلا ثمَّ قَالَ لَهُ اختر إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن أطرحك من طمار وَهُوَ حصن دمشق وَإِمَّا أَن يَضْرِبك الدلامص سيافي ضَرْبَة بِالسَّيْفِ فَإِن نجوت نجوت وَإِن هَلَكت هَلَكت وَإِمَّا أَن أطرحك بَين يَدي الْأسد فَاخْتَارَ ضَرْبَة الدلامص فَضَربهُ فدق مَنْكِبه فعولج فبرىء وَصَارَ بِهِ خبل والخبل الاسترخاء والحائن الَّذِي حَان أَجله أَي دنا وَأتي الْحَارِث بحرملة فَحكمه فَاخْتَارَ قينتين كَانَتَا لَهُ فَأعْطَاهُ إيَّاهُمَا فَانْطَلق بهما وَنزل منزلا يشرب هُوَ وَرجل من النمر يُقَال لَهُ كَعْب فَلَمَّا سكر النمري قَالَ لَهُ قل لهَذِهِ الْحَمْرَاء تقبلني فَضَربهُ بِالسَّيْفِ وَقَالَ (يَا كَعْب إِنَّك لَو قصرت على ... حسن الندام وَقلة الجرم)

(وَسَمَاع مدجنة تعللنا ... حَتَّى نؤوب تناوم الْعَجم) (لوجدت فِينَا مَا تحاول من ... طيب الشَّرَاب وَلَذَّة الطّعْم) (وغدوت والنمري يحسبه ... عَم السماك وَصَاحب النَّجْم) (جَسَد بِهِ نضح الدِّمَاء كَمَا ... قنأت أنامل قاطف الْكَرم) (وَالْخمر لَيست من أَخِيك إِذا ... جعلت تخون بآمن الْحلم) وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (الْحِين مجلوب إِلَيْهِ الحائن ... ) وَقَول الآخر (أتيح لَهُ الْقُلُوب من بطن قرقرى ... وَقد يجلب الشَّرّ الْبعيد الجوالب) 115 - قَوْلهم إِن الشقي وَافد البراجم الْمثل لعَمْرو بن هِنْد وَكَانَ سُوَيْد بن ربيعَة التَّمِيمِي قتل أَخا لَهُ وهرب فَقتل عَمْرو تِسْعَة من وَلَده وَحلف ليقْتلن مائَة من قومه فَقتل ثَمَانِيَة وَتِسْعين رجلا مِنْهُم إحراقاً بالنَّار فَرَأى رجل من البراجم وهم من تَمِيم الدُّخان يرْتَفع فَقَالَ إِن الْملك يطعم النَّاس فقصده فَلَمَّا دنا قَالَ لَهُ عَمْرو مِمَّن أَنْت قَالَ من البراجم قَالَ (إِن الشقي وَافد البراجم) وَأمر بِهِ فألقي فِي النَّار ثمَّ

أُتِي بالحمراء بنت ضَمرَة فأحرقها وتحلل من يَمِينه فَلهَذَا ولقصة المشقر عيرت بَنو تَمِيم بحب الطَّعَام فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء (إِذا مَا مَاتَ ميت من تَمِيم ... فسرك أَن يعِيش فجيء بزاد) وَقَالَ آخر (أَلا أبلغ لديك بني تَمِيم ... بِآيَة مَا يحبونَ الطعاما) وَالْعرب تذم الشهوان الرغيب وَلِهَذَا قَالَ أعشى باهلة يمدح الْمُنْتَشِر بقلة الْأكل (تكفيه حزة فلذ إِن ألم بهَا ... من الشواء ويروي شربه الْغمر) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الرغب شُؤْم) يَعْنِي كَثْرَة الْأكل وَشدَّة النهم وَقَالَ الشَّاعِر (لاتحسبن كل موقد يقرى ... )

116 - قَوْلهم إِذا مَا القارظ الْعَنزي آباً يضْرب مثلا للْغَائِب لَا يُرْجَى إيابه والقارظ الَّذِي يجتني الْقرظ وهما قارظان الأول مِنْهُمَا يذكر بن عنزة وَكَانَ من حَدِيثه أَن خُزَيْمَة بن نهد عشق ابْنَته فَاطِمَة بنت يذكر فَقَالَ (إِذا الجوزاء أردفت الثريا ... ظَنَنْت بآل فَاطِمَة الظنونا) (ظَنَنْت بهَا وَظن الْمَرْء حوب ... وَإِن أوفى وَإِن سكن الحجونا) (وحالت دون ذَلِك من هموم ... هموم تخرج الدَّاء الدفينا) وَلم يعلم أَنه قَتله حَتَّى قَالَ يشبب بفاطمة (فتاة كَأَن رضاب الْعصير ... بفيها يعل بِهِ الزنجيل) (قتلت أَبَاهَا على حبها ... فتبخل إِن بخلت أَو تنيل) وَقَوله أردفت أَي ردفت يَقُول إِذا رَأَيْت الجوزاء والثريا استبهم على مَوضِع نزولهم فَظَنَنْت بهم الظنون لأَنهم يرتحلون من مَوضِع إِلَى مَوضِع لقلَّة مِيَاههمْ فِي الصَّيف فَمرَّة أَقُول إِنَّهُم بمَكَان كَذَا وَأُخْرَى أَقُول بل هم بِغَيْرِهِ وشبيه بِهَذَا قَول الآخر يذكر امْرَأَة فارقته (وزالت زَوَال الشَّمْس عَن مستقرها ... فَمن مخبري فِي أَي أَرض غُرُوبهَا)

فَذهب يذكر وَخُزَيْمَة يجتنيان الْقرظ فمرا ببئر فِيهَا نحل فدلى خُزَيْمَة يذكر فِيهَا بِحَبل ليشتار الْعَسَل ثمَّ رفع الْحَبل وَقَالَ لَا أخرجك حَتَّى تزَوجنِي ابْنَتك فَاطِمَة فَقَالَ أَعلَى هَذِه الْحَال وأبى أَن يفعل فَتَركه وَانْصَرف فَمَاتَ وَوَقع الشَّرّ بَين قضاعة وَرَبِيعَة وَالْآخر رهم بن عَامر الْعَنزي ذهب يطْلب الْقرظ فَلم يرجع وَلم يعرف لَهُ خبر وذكرهما أَبُو ذُؤَيْب فَقَالَ (وَحَتَّى يؤوب القارظان كِلَاهُمَا ... وينشر فِي الْقَتْلَى كُلَيْب لِوَائِل) وَقَالَ بشر (فرجى الْخَيْر وانتظري إيابي ... إِذا مَا القارظ الْعَنزي آبا) 117 - قَوْلهم احس وذق يضْرب مثلا للشماتة بالجاني وَمَعْنَاهُ أَنَّك قد جنيت الشَّرّ على نَفسك فالق مَا فِيهِ من البلية وَهُوَ من قَول الراجز (أيا يزِيد يَا بن عَمْرو بن الصَّعق ... قد كنت حذرتك آل المصطلق) (وَقلت يَا هَذَا أطعني وَانْطَلق ... إِنَّك إِن كلفتني مَا لم أطق) (ساءك مَا سرك مني من خلق ... دُونك مَا استحسنته فاحس وذق) وَمر أَبُو سُفْيَان على حَمْزَة صَرِيعًا يَوْم أحد فَقَالَ ذُقْ عُقُق مَعْنَاهُ يَا عُقُق وعقق يتَكَلَّم بِهِ فِي النداء وَلَا يُقَال رجل عُقُق وَهُوَ فعل من

العقوق وَنَحْوه قَالَ الله تَعَالَى {ليذوق وبال أمره} وَقَالَ ابْن المفرغ (فذق كَالَّذي قد ذاق مِنْك معاشر ... لعبت بهم إِذا أَنْت بِالنَّاسِ تلعب) وَقَالَ غَيره (فَذُوقُوا كَمَا ذقنا غَدَاة محجر ... من الغيظ فِي أكبادنا والتحوب) وَنَحْوه قَول ابْن الرُّومِي (أحوجه الله إِلَى مثله ... يَوْمًا لكَي يجزى بأفعاله) 118 - قَوْلهم أشئت عقيل إِلَى عقلك يضْرب مثلا للرجل ينْفَرد بِرَأْيهِ فَيَقَع فِي مَكْرُوه وَعقيل تَصْغِير عَاقل مرخماً وأشئت وأجئت وألجئت سَوَاء أشاءه يشيئه إِذا أَلْجَأَهُ وَأما شاءه يشاءه فَإِذا طر بِهِ قَالَ الشَّاعِر (مر الحمول فَمَا شأونك نقرة ... وَلَقَد أَرَاك تشَاء بالأظعان) وشآه يشآه إِذا سبقه والشأو السَّبق يُقَال لَا يدْرك شأوه أَي غَايَته فِي السَّبق وَقَالَ الشَّاعِر فِي الْمَعْنى الأول (وَإِنِّي قد يَشَاء إِلَيّ يَوْمًا ... فَلَا أنسى الْبلَاء وَلَا أضيع)

وَيُرَاد بِالْمثلِ الْحَث على الْمُشَاورَة ومجانبة الاستبداد وَلكُل شَيْء مَادَّة ومادة الْعقل التجربة والمشورة وَقد أحسن الشَّاعِر فِي قَوْله (خليلي لَيْسَ الرَّأْي فِي صدر وَاحِد ... أشيرا عَليّ الْيَوْم مَا تريان) وَقَالَت الرّوم نَحن لَا نملك من يستشير وَقَالَت الْفرس نَحن لَا نملك من لَا يستشير 119 - قَوْلهم أَتَى أَبَد على لبد والأبد الدَّهْر وَيُقَال لَا أفعل ذَاك أَبَد الأبيد والأبيد تبع لِلْأَبَد يضْرب مثلا للشىء الْقَدِيم ولبد النسْر السَّابِع من نسور لُقْمَان بن عَاد وَكَانَ يَأْخُذ النسْر صَغِيرا فِيمَا زَعَمُوا فيربيه حَتَّى يكبر فَإِذا مَاتَ أَخذ نسراً آخر حَتَّى اسْتكْمل عمر سَبْعَة أنسر وَكَانَ لبد سابعاً وَيُقَال إِن النسْر يعِيش أَرْبَعمِائَة سنة قَالُوا وَكَانَ لما ضعف بَصَره يُمَيّز بَين الذّكر والأ نثى من ولد الذَّر ويبصر أثر الذّرة السَّوْدَاء فِي اللَّيْلَة الْمظْلمَة على الصَّفَا وَهَذَا من أكاذيبهم قَالَ النَّابِغَة (أخنى عَلَيْهَا الَّذِي أخنى على لبد ... ) وَجمع الْأَبَد آباد وَشَيْء مؤبد دَائِم

وَقَالَ صَاحب الْمَقْصُورَة (أودى بلقمان وَقد نَالَ المنى ... فِي الْعُمر حَتَّى ذاق مِنْهُ مَا اشْتهى) (أعطي أَعمار نسور سَبْعَة ... يُفْضِي إِلَى نسر إِذا نسر خلا) أَي مضى والخالي الْمَاضِي وَكَانَ معَاذ بن مُسلم طعن فِي خمسين وَمِائَة سنة فصحب بني أُميَّة فِي بعض دولتهم ثمَّ صحب بني الْعَبَّاس فَقَالَ الشَّاعِر (إِن معَاذ بن سَالم رجل ... لَيْسَ لميقات عمره أمد) (قد شَاب رَأس الزَّمَان واكتهل الدَّهْر ... وأثواب عمره جدد) (قل لِمعَاذ إِذا مَرَرْت بِهِ ... قد ضج من طول عمرك الْأَبَد) (يَا بكر حَوَّاء كم تعيش وَكم ... تسحب ذيل الْحَيَاة يالبد) (قد أَصبَحت دَار أَدَم خربَتْ ... وَأَنت فِيهَا كَأَنَّك الوتد) (تسال غربانها إِذا حجلت ... كَيفَ يكون الصداع والرمد) (مصححاً كالظليم ترفل فِي ... برديك مثل السعير تتقد) (صاحبت نوحًا وَردت بغلة ذِي القرنين ... شَيخا لولدك الْوَلَد) (فارحل وَدعنَا فَإِن غايتك الْمَوْت ... وَإِن شدّ ركنك الْجلد)

120 - قَوْلهم إِحْدَى لياليك فهيسى هيسى وَبعده (لَا تطمعي عِنْدِي فِي التَّعْرِيس) يضْرب مثلا للرجل ينزل بِهِ الْأَمر الصعب فَيحْتَاج فِيهِ إِلَى التَّعَب والهيس هَاهُنَا الْجد فِي السّير هاس يهيس هيساً والتعريس النُّزُول فِي وَجه السحر يَقُول هَذَا وَقت جدك وانكماشك فجد وانكمش وَمثله قَول الآخر (هَذَا أَوَان الشد فاشتدي زيم) وَقَول الآخر (هَذَا أواني وَأَوَان المعلوب ... ) يَعْنِي سَيْفه 121 - قَوْلهم (إِن الحماة أولعت بالكنه ... وأولعت كنتها بالظنه) يضْرب مثلا للْقَوْم بَينهم مُعَاملَة وخلطة لَا غنى بهم عَنْهَا وَلَا تزَال المشارة تقع فِيمَا بَينهم والكنة امْرَأَة الْأَخ يُقَال لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ هم يبور وَهِي الحماة أَيْضا والظنة التُّهْمَة وَرجل ظنين مُتَّهم وَقَالَ عبد الحميد الْكَاتِب النَّاس أخياف مُخْتَلفُونَ وأطوار متباينون فَمنهمْ علق مضنة لَا يُبَاع وغل مَظَنَّة لَا يبْتَاع وظننت بِالرجلِ اتهمته

122 - قَوْلهم اسع بجد أَو دع يَقُول إِن طلبت فاطلب بجد وَإِلَّا فدع فَإِنَّهُ لَا يُغني عَنْك الكد مَعَ عدم الْجد وَالْجد الْحَظ من الْخَيْر يَجعله الله للْعَبد وَمِنْه قَول الشَّاعِر (تقلبت إِن كل التقلب نافعي ... وبالجد يسْعَى الْمَرْء لَا بالتقلب) وَنَحْوه قَول الْحَارِث بن حلزة (فعش بجد لَا يَضرك ... النوك مَا أَعْطَيْت جدا) (فضعي قناعك إِن رَأَيْت ... الدَّهْر قد أفنى معدا) أَي ضعي قناعك فقد ذهب من يستحي مِنْهُ وروى بَعضهم أَنه رأى العتابي على حمَار خير من مائَة دِينَار وَبِيَدِهِ جزرة يأكلها فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ إِذا ذهب من ترجوه فَالنَّاس أقل من النَّقْد وَقلت فِي نَحْو ذَلِك (غضبوا عَلَيْك فخلهم ... من لَا يعلك فَلَا يهلكا) وَقَالَ الآخر (عش بجد وَلَا يضرنك نوك ... إِنَّمَا عَيْش من ترى بالجدود) وَقلت (إِذا قُمْت فِي أَمر وَجدك قَاعد ... فلست لعمر الله فِيهِ بقائم)

123 - قَوْلهم أضرطاً وَأَنت الْأَعْلَى يضْرب مثلا للرجل يجْتَمع لَهُ أَسبَاب الْغَلَبَة والقهر وَهُوَ مغلوب مقهور والمثل لسليك بن سلكة التَّمِيمِي وَذَلِكَ أَنه افْتقر مرّة فَخرج على رجلَيْهِ رَجَاء أَن يُصِيب غرَّة إِنْسَان فَيذْهب بِمَالِه فَبينا هُوَ نَائِم فِي لَيْلَة مُقْمِرَة جثم عَلَيْهِ رجل وَقَالَ لَهُ استأسر فَقَالَ لَهُ سليك (اللَّيْل طَوِيل وَأَنت مقمر) فَذَهَبت مثلا ثمَّ ضمه سليك ضمة ضرط مِنْهَا وَهُوَ فَوْقه فَقَالَ (أضرطاً وَأَنت الْأَعْلَى) فَذَهَبت مثلا وَإِذا الرجل فِي مثل حَاله فاصطحبا وانضاف إِلَيْهِمَا آخر حَاله كحالهما فَمروا بالجوف وَهُوَ وَاد فرأوه ملآن من النعم فَأنى سليك الرعاء فَسَأَلَهُمْ عَن الْحَيّ فَإِذا هم خلوف بعيد مكانهم فَقَالَ أَلا أغنيكم قَالُوا بلَى فَرفع عقيرته وَقَالَ (يَا صَاحِبي أَلا لاحى فِي الْوَادي ... إِلَّا عبيد وآم بَين أذواد) (أتنظران قَلِيلا ريث غفلتهم ... أم تعدوان فَإِن الرّيح للعادي) وطردوا الْإِبِل فَذَهَبُوا بهَا وَالرِّيح الْقُوَّة وَالْغَلَبَة وَفِي الْقُرْآن {وَتذهب ريحكم} أَي قوتكم

124 - قَوْلهم آكل لحمي وَلَا أَدَعهُ لآكل يضْرب مثلا للرجل يُصِيب نَفسه وعشيرته بالمكروه ويأبى أَن يصيبهم بِهِ غَيره والمثل للعيار بن عبد الله الضَّبِّيّ وَكَانَ وَفد إِلَى النُّعْمَان بن الْمُنْذر فأنشده (لاأذبح النازي الشبوب وَلَا ... أسلخ يَوْم المقامة العنقا) (لَا آكل القت فِي الشتَاء وَلَا ... أخيط ثوبي إِذا هُوَ انخرقا) القت حب أسود من ثَمَر العشب تطبخه الْعَرَب وتأكله فِي الجدب فَقَالَ لَهُ ضرار بن عَمْرو بعد ذَلِك لَو ذبحت لنا هَذَا التيس لتيس عِنْدهم وسلخته لشكرناك فَفعل فَأخْبر ضرار النُّعْمَان بذلك فأحضرره وأنشدوا الْبَيْت فَضَحِك مِنْهُ وَكَانَ ضرار بن عَمْرو أعرج فَعمد الْعيار الى خلته فلبسها وَخرج يتعارج حَتَّى إِذا صَار إزاء النُّعْمَان قعد يتغوط فَغَضب النُّعْمَان على ضرار وَمنعه حُضُور طَعَامه حَتَّى حلف انه مَا فعل وَلَكِن الْعيار كاده فارتفع بَينهمَا الْكَلَام حَتَّى تشاتما ثمَّ وَقع بَين ضرار وَبَين أبي مرحب الْيَرْبُوعي

كَلَام فنال أَبُو مرحب من ضرار فَرد عَلَيْهِ الْعيار فَقَالَ لَهُ النُّعْمَان أتذب عَن ضرار وَقد فعل مَا فعل وَقلت فِيهِ مَا قلت فَقَالَ (آكل لحمي وَلَا أَدَعهُ لآكل) فأرسلها مثلا فَقَالَ لَهُ النُّعْمَان (لَا تعدم من ابْن عَم نصرا) وَقيل لرجل مَا تَقول فِي ابْن الْعم فَقَالَ عَدوك وعدو عَدوك وَنَحْو الْمثل قَول الممزق (فَإِن كنت مَأْكُولا فَكُن خير آكل ... وَإِلَّا فأدركني وَلما أمزق) 125 - قَوْلهم استه أضيق يُقَال ذَلِك للرجل يخبر عَنهُ بِالْأَمر الْجَلِيل لَا يبلغهُ قدره وَلَا يكون لَهُ عَلَيْهِ قدره والمثل لمهلهل قَالَه حِين اخبر ان جاساسا قتل كليباً وَكَانَ كُلَيْب سيد ربيعَة وأعز أهل زَمَانه فَكَانَ النَّاس لَا يسقون وَلَا يرعون الا مَا فضل عَن كُلَيْب وَكَانَ يَقُول أجرت وَحش أَرض كَذَا فَلَا يصاد فَقيل (أعز من كُلَيْب) فوردت نَاقَة لخالة جساس بن مرّة مَعَ إبل كُلَيْب وَكَانَت عطشى فأسرعت إِلَى المَاء فَرَمَاهَا كُلَيْب فِي ضرْعهَا فَركب جساس حَتَّى أَتَى كليباً وَقَتله ثمَّ رَجَعَ فَمر على مهلهل وَهَمَّام بن مرّة أخي جساس وهما يضربان بِالْقداحِ وَقيل يشربان فَقَالَ همام لقد جَاءَ جساس بسوءة وَالله مَا رَأَيْت فَخذه خَارِجَة قبل الْيَوْم قطّ فَلَمَّا دنا من همام أخبرهُ الْخَبَر فَتغير وَجهه فَقَالَ مهلهل

ماشأنك وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا يكاتم صَاحبه فَقَالَ إِنَّه ذكر أَنه قتل أَخَاك كليباً فَقَالَ (استه أضيق) ثمَّ عرف صِحَة الْخَبَر فَدَعَا قومه إِلَى الطّلب بدمه فنشبت الْحَرْب بَين بكر وتغلب واعتزلها الْحَارِث بن عباد حَتَّى قتل مهلهل ابْنه بجيرا وَقَالَ هَذَا بشسع كُلَيْب فَقَالَ الْحَارِث (قرباً مربط النعامة مني ... لقحت حَرْب وَائِل عَن حِيَال) (قرباً مربط النعامة مني ... إِن قتل الْكَرِيم بالشسع غالي) (قرباها فَإِن كفى رهن ... أَن تَزُول الْجبَال قبل الرِّجَال) (لم اكن من جناتها علم الله ... وَإِنِّي بحرها الْيَوْم صالي) فَقَاتلهُمْ وَأسر مهلهلاً والْحَارث بن عباد مَا يعرفهُ فَقَالَ وَالله لتدلني على مهلهل أَو لَأَضرِبَن عُنُقك فَقَالَ لَهُ فَإِذا دللتك عَلَيْهِ فَأَنا آمن قَالَ نعم فتوثق مِنْهُ ثمَّ قَالَ أَنا مهلهل فَقَالَ أولى لَك وخلاه وَقَالَ (لهف نَفسِي على عدي وَقد أشعر ... للحرب واحتوته اليدان) (فَارس يضْرب الكتيبة بِالسَّيْفِ ... وتسمو أَمَامه العينان) (لَيْت شعري هَل أظفرن بِأُخْرَى ... مثلهَا مرّة بِغَيْر أَمَان) وَكَانَت الْحَرْب بَينهم أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى قتل جساس وَأَخُوهُ همام بن مرّة قَتله نَاشِرَة وَكَانَ غُلَاما مَنْبُوذًا يذكر أَنه من بني تغلب فالتقطه همام فَلَمَّا الْتَقَوْا يَوْم القصيبات جعل همام يُقَاتل فَإِذا عَطش جَاءَ إِلَى قربَة يشرب مِنْهَا وَيَضَع عنزته فَوجدَ نَاشِرَة مِنْهُ غَفلَة فَشد عَلَيْهِ بالعنزة فَقتله فَقَالَ شَاعِرهمْ

(لقد عيل الْأَيْتَام طعنة ناشره ... أناشر لازالت يَمِينك آشره) أَي مأشورة مَقْطُوعَة بِالْمِنْشَارِ ثمَّ لحق مهلهل بِالْيمن فَهَلَك بهَا وَقبل بل رَجَعَ إِلَى الجزيرة ثمَّ هلك 126 - قَوْلهم آخر الْبَز على القلوص يُقَال ذَلِك عِنْد آخر الْعَهْد بالشَّيْء وَعند انْقِطَاع أَثَره وَذَهَاب أمره وَأَصله أَن كثيف بن زُهَيْر التغلبي أغار على بكر بن وَائِل فَأسرهُ مِنْهُم مَالك ابْن كومة وَعَمْرو بن زبان فتنازعا فِيهِ كل يدعى أسره ثمَّ حكموه فَقَالَ لَوْلَا مَالك ألفيت فِي أَهلِي وَلَوْلَا عَمْرو لم أوسر أَي كِلَاهُمَا أسرني فَغَضب عَمْرو فَلَطَمَهُ وَتَركه مَالك فِي يَده فَانْصَرف عَمْرو بِهِ وَأخذ مِنْهُ الْفِدْيَة وخلاه فَقَالَ كثيف اللَّهُمَّ إِن لم تصب بني زبان بقارعة قبل الْحول لم أصل لَك أبدا فَخرج بَنو زبان وهم سَبْعَة فِي طلب إبل لَهُم وَمَعَهُمْ رجل من غفيلة يُقَال لَو خوتعة فَلَمَّا وَقَعُوا قَرِيبا من أَرض بني تغلب انْطلق خوتعة إِلَى كثيف فَعرفهُ خبرهم فَخرج حَتَّى لحقهم فَقَالَ لَهُ عَمْرو إِن فِي وَجْهي وَفَاء من وَجهك فَخذ لطمتك مني وَلَا تشب الْحَرْب بَين بني أَبِيك وَقد أطفأها الله فَأبى وَضرب أَعْنَاقهم وَجعل رُءُوسهم فِي جوالق وعلقه فِي عنق نَاقَة لَهُم يُقَال لَهَا الدهيم فَلَمَّا رَآهَا أبوهم قَالَ اظن بني أَصَابُوا بِبَعْض نعام ثمَّ أَهْوى بِيَدِهِ فِي الجوالق فَإِذا رُءُوس بنيه فَقَالَ (آخر الْبَز على القلوص) أَي هم آخر

الْمَتَاع وَهَذَا آخر عَهدهم فَذَهَبت مثلا وَقَالَ النَّاس (أثقل من حمل الدهيم) و (أشأم من خوتعة) والبز مَتَاع الْبَيْت من الثِّيَاب خَاصَّة وَقَالَ الراجز (أحسن بَيت أهراً وبزاً ... ) يُقَال بَيت حسن الظهرة والأهرة إِذا كَانَ حسن الْهَيْئَة وَالْمَتَاع 127 - قَوْلهم إيت فقد أَنى لَك أَي قرب هلاكك أَنى يأني إِذا قرب وَأَصله أَن زبان جعل لله على نَفسه أَلا يحرم دم غفيلي أبدا حَتَّى يدلوه كَمَا دلوا عَلَيْهِ فَمَكثَ سِنِين فَبَيْنَمَا هُوَ جَالس بِفنَاء بَيته عشَاء إِذا هُوَ بِرَاكِب فَقَالَ من أَنْت فَقَالَ رجل من غفيلة فَقَالَ لَهُ (إبت فقد أَنى لَك) فَقَالَ لَهُ الغفيلي هَل لَك فِي أَرْبَعِينَ أهل بَيت من بني زُهَيْر منتدين فِي مَوضِع كَذَا فَنَادَى فِي أَوْلَاد ثَعْلَبَة فَاجْتمعُوا ثمَّ سَار حَتَّى إِذا كَانَ قَرِيبا مِنْهُم بعث مَالك بن كومة طَلِيعَة فَقَالَ مَالك فَنمت على فرسي فَمَا شَعرت حَتَّى عبت فرسي فِي مقراة بَين الْبيُوت فكبحتها فتأخرت على عقبيها فَسمِعت جَارِيَة تَقول لأَبِيهَا يَا أبه أتمشي الْخَيل على اعقابها قَالَ وماذاك يَا بنية قَالَت لقد رَأَيْت فرسا تمشي على أعقابها قَالَ نامي يَا بنية فَإِنِّي أبْغض الفتاة أَن تكون كلوء الْعين

بِاللَّيْلِ وَرجع مَالك إِلَى الزبان فَأَغَارَ عَلَيْهِم فَقتل مِنْهُم نيفاً وَأَرْبَعين رجلا وَأصَاب فيهم جيراناً لَهُم من بني يشْكر فَقَالَ مرقش أَخُو بني قيس بن ثَعْلَبَة (أَتَانِي لِسَان بني عَامر ... فَجلت أَحَادِيثهم عَن بصر) (فَلم يشْعر الْقَوْم حَتَّى رَأَوْا ... بريق القوانس فَوق الْغرَر) (ففرقنهم ثمَّ جمعنهم ... وأصدرنهم قبل حِين الصَّدْر) (فيارب شلو تخطرفنه ... كريم لَدَى مزحف أَو مكر) (وَآخر شاص ترى جلده ... كقشر القتادة غب الْمَطَر) (وكائن بجمران من مزعف ... وَمن خاضع خَدّه منعفر) وَقَالَ الزبان يعْتَذر إِلَى بني يشْكر من أَبْيَات (وَلم نقتلكم بِدَم وَلَكِن ... رماح الْقَوْم تخطىء اَوْ تصيب) 128 - قَوْلهم إِن الشقي ترى لَهُ أعلاماً جَاءَ بِهِ الْأَصْمَعِي فِي الْأَمْثَال وَمَعْنَاهُ أَن عَلَامَات شقاء الشقي بادية عَلَيْهِ وَالْفرس تَقول الديوث يعرف من بعيد وَمِمَّا بسبيل ذَلِك قَوْلهم (وعَلى الْمُرِيب شَوَاهِد لَا تدفع ... ) وَقَول الآخر (إِن الْأُمُور إِذا دنت لزوالها ... فعلامة الإدبار فِيهَا تظهر)

وَمن أمثالهم فِي الشَّقَاء قَوْلهم (إِن الشقي بِكُل حَبل يخنق ... ) وَقَوْلهمْ (إِن الشَّقَاء على الأشقين مصبوب ... ) وَقَوْلهمْ (وبالأشقين مَا حل الْعقَاب ... ) 129 - قَوْلهم استي أخبثي يضْرب مثلا لوضع الأحمق الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَأَصله أَن سعد بن زيد مَنَاة زوج أَخَاهُ مَالِكًا وَكَانَ يحمق النوار بنت جلّ بن عدي بن زيد مَنَاة فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة هدائها وقف بِهِ سعد على بَاب خبائها فَقَالَ لَهُ (لج مَال ولجت الرَّجْم) فَذَهَبت مثلا وَالرَّجم الْقَبْر فَدخل وَقعد حجرَة وَقَالَ لامْرَأَته لمن هَذَا الْبرد لبرد كَانَ عَلَيْهَا فَقَالَت هُوَ لَك بِمَا فِيهِ فَقَالَ أما مَا فِيهِ فَلَا أريده وَأما الْبرد فهاتيه ثمَّ قَالَت لَهُ ضع شملتك قَالَ ظَهْري أحفظ لَهَا فَقَالَت فضع الْعَصَا قَالَ يَدي أحرز لَهَا قَالَت فاخلع نعليك

قَالَ رجلاي أَحَق بهما فَقَامَتْ إِلَيْهِ فشم رَائِحَة الطّيب فَوَثَبَ عَلَيْهَا فنال مِنْهَا فَجَاءَتْهُ بِطيب ليعاودها فَجعله فِي استه فَقَالَت لَهُ طيب مفرقك فَقَالَ (استي أخبثي) فَبَاتَ عِنْدهَا ليلته فَلَمَّا أصبح حركه بَطْنه فأحدث عِنْدهَا وَقَالَ لَهَا (بقطيه بطبك) فَذَهَبت مثلا وسنفسره وَانْصَرف الى إبِله وَلم يعد إِلَيْهَا 130 - قَوْلهم است الْبَائِن أعلم يضْرب مثلا للرجل يفعل الْفِعْل على علم وَيَأْتِي الْأَمر على بَصِيرَة وَأَصله أَن إبِلا لأبي طماح عَمْرو بن قعين شَردت فَوَقَعت فِي بِلَاد بني عَوْف بن سعد فَركب منقذ بن الطماح فَأَنَاخَ إِلَى كسر بَيت عَظِيم وَفِيه شَاب جميل مضاجع لربة الْبَيْت قد غلبته عينه قَالَ فَلم ألبث أَن رَاح الشَّاء ثمَّ الْإِبِل وَمَعَهَا رجل على فرس فصهل الْفرس فارتاحت الْخَيل وَقَامَت العبيد فَعرفت أَنه رب الْبَيْت وَأَن الْفَتى الْمضَاجِع للْمَرْأَة لَيْسَ مِنْهَا فِي شَيْء فَدخلت الْبَيْت فاحتملت الْفَتى وأخرجته من وَرَاء الْبَيْت فَاسْتَيْقَظَ وَقَالَ قد أَنْعَمت عَليّ فَمن أَنْت قلت منقذ بن الطماح قَالَ فِي الْإِبِل جِئْت قلت نعم قَالَ أدْركْت فامكث ليلتك هَذِه عِنْد صَاحب رحلك فَإِذا أَصبَحت فَائت ذَلِك الْعلم الَّذِي ترى فقف عَلَيْهِ وناد يَا صَبَاحَاه فَإِذا اجْتمع النَّاس فَإِنِّي سآتيك على فرس ذنُوب بَين بردين مترجلاً فَأَعْرض لَك الْفرس فثب

خَلْفي وناد ياحار ياحار الْمَخَاض فَإِذا هُوَ الْحَارِث بن ظَالِم فَفعلت مَا قَالَ وحولت رحلي إِلَيْهِ فَمَكثت أَيَّامًا لَا يصنع شَيْئا ثمَّ قَالَ لي سبني تغْضب عشيرتي قلت لَا أفعل قَالَ فَقل قولا لَا يعذرني بِهِ قومِي فَمَكثت حَتَّى وَردت النعم وَجعلت أَسْقِي وأرتجز وَكَانَ فِي إبلي نَاقَة يُقَال لَهَا اللفاع فَقلت (إِنِّي سَمِعت رنة اللفاع ... فِي النعم الْمقسم الأوزاع) (لَا تؤكلي الْعَام وَلَا تضاعي ... ذَلِك راعيك وَنعم الرَّاعِي) (منتطقاً بصارم قطاع ... يشقى بِهِ مجامع الصداع) فاخترط الْحَارِث سَيْفه قَالَ (هَل يخْرجن ذودك ضرب تشذيب ... وَنسب فِي الْحَيّ غير مأشوب) (هَذَا أواني وَأَوَان المعلوب ... ) يَعْنِي سَيْفه ثمَّ نَادَى فِي الْحَيّ من كَانَ عِنْده من هَذِه الْإِبِل شَيْء فَلَا يصدره فَردَّتْ كلهَا إِلَّا اللفاع فَانْطَلق وَانْطَلَقت مَعَه نطوف عَلَيْهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ رجلَيْنِ يحتلبانها فَقَالَ الْحَارِث خليا عَنْهَا فَلَيْسَتْ لَكمَا فَقَالَ المستعلي بل هِيَ لنا فضرط الْبَائِن والبائن الَّذِي يحلب من الشق الْأَيْمن والمستعلي الَّذِي يحلب من الشق الْأَيْسَر فَقَالَ الْحَارِث (است الْبَائِن أعلم) فَأرْسلت مثلا وَردت إِلَى منقذ فَانْصَرف بهَا

131 - قَوْلهم أَصمّ عَمَّا سَاءَهُ سميع يضْرب مثلا للرجل يتغافل عَمَّا يكره وَمن أَجود مَا قيل فِي هَذَا الْمَعْنى قَول بشار (قل مَا بدا لَك من زور وَمن كذب ... حلمي أَصمّ وأذني غير صماء) وَقيل الْعَاقِل الفطن المتغافل وَقلت (تغافل فَلَيْسَ السرو إِلَّا التغافل ... وَلَيْسَ سُقُوط الْقدر إِلَّا التعاقل) (وَلَا تتجاهل إِن منيت بجاهل ... فَلَيْسَ فَسَاد الجاه إِلَّا التجاهل) (وَلَا تتطاول إِن تطاول أَحمَق ... فرأس حماقات الرِّجَال التطاول) وَقَالَ الْأَحْنَف وجدت الْحلم أنْصر لي من الرِّجَال وَقَالَ الْحجَّاج لِابْنِ الْقرْيَة مَا الْأَدَب قَالَ تجرع الغصة حَتَّى تنَال الفرصة وَقَالَ خَالِد بن صَفْوَان شهِدت عَمْرو بن عبيد وَرجل يشتمه فَقَالَ آجرك الله على مَا ذكرت من صَوَاب وَغفر لَك مَا ذكرت من خطأ فَمَا حسدت أحدا حسدي عمرا على هَاتين الْكَلِمَتَيْنِ وَقَالَ غَيره أَغضّ على القذى وَإِلَّا فَإنَّك لَا ترْضى أبدا وَقلت فِي مَعْنَاهُ (وَإنَّك إِن أذيت بِكُل سوء ... فَلَيْسَ بمنقض أبدا أذاكا)

132 - قَوْلهم است الْمَرْأَة أَحَق بالمحمر الْمثل للأحنف بن قيس أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الْوَهَّاب بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا الْعَقدي قَالَ حَدثنَا أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن الْحَارِث عَن الْمَدَائِنِي عَن مشيخة بني محَارب عَن عبد الرَّحْمَن بن سكن عَن أَبِيه أَن الْأَحْنَف لم تتَعَلَّق عَلَيْهِ إِلَّا سِتّ خِصَال قَوْله فِي أَمر الزبير لما أَتَاهُ الْحمانِي فَقَالَ هَذَا الزبير قد مر آنِفا فَقَالَ مَا أصنع بِهِ قد جمع بَين غارين فَقتل بَعضهم بَعْضًا ثمَّ يُرِيد أَن ينجو إِلَى أَهله فَتَبِعَهُ ابْن جرموز فَقتله فَقَالَ النَّاس قَتله الْأَحْنَف وَقَالَ حِين أَتَاهُ كتاب الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا يستنصره قد بلونا حسنا وَآل أبي حسن فَلم نجد لَهُم إيالةً فِي الْملك وَلَا صِيَانة لِلْمَالِ وَلَا مكيدةً فِي الْحَرْب وَلم يجبهُ وَقَوله أَيَّام أبي مَسْعُود للْمَرْأَة الَّتِي أَتَتْهُ بمجمرة فَقَالَت تجمر فَقَالَ (است الْمَرْأَة أَحَق بالمجمر) وَقَوله للمتات بن يزِيد اسْكُتْ يَا أويدر وَكَانَ آدر وَقَوله للقطري بن الْفُجَاءَة إِن أَبَا نعَامَة إِن أَشَارَ على الْقَوْم فَرَكبُوا البغال وحثوا الْخَيل وَأَصْبحُوا بِبَلَد وأمسوا بِغَيْرِهِ فأقمن أَن يطول أَمرهم فَأخذ قطري بن الْفُجَاءَة بقوله وَأَتَاهُ رجل فَلَطَمَهُ فَقَالَ وَلم لطمتني قَالَ جعل لي جعل على أَن ألطم سيد بني تَمِيم قَالَ فَإنَّك أَخْطَأت سيد بني تَمِيم سيد بني تَمِيم جَارِيَة بن قدامَة فلطم الرجل جَارِيَة فَقطع يَده فَقَالَ النَّاس إِنَّمَا قطع يَده الْأَحْنَف

أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا المبرمان قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن القتبي عَن القتبي قَالَ أول خَليفَة أَخذ الْجَار بالجار وَالْوَلِيّ بالولي سُلَيْمَان بن عبد الْملك قَالَ فَدخل عَلَيْهِ فَتى ظريف وعَلى رَأس سُلَيْمَان جَارِيَة حسناء قَائِمَة فَجعل الْفَتى يديم النّظر إِلَيْهَا فَقَالَ سُلَيْمَان هَات سَبْعَة أَمْثَال قيلت فِي الاست وَهِي لَك فَقَالَ الْفَتى (است لم تعود المجمر) قَالَ وَاحِد قَالَ (استي أخبثي) قَالَ اثْنَان قَالَ (است الْمَسْئُول أضيق) قَالَ ثَلَاثَة قَالَ (است الْبَائِن أعلم) قَالَ أَرْبَعَة قَالَ (من الله عَلَيْك واستك) قَالَ خَمْسَة قَالَ (الْحر يُعْطي وَالْعَبْد تيجع استه) قَالَ سِتَّة قَالَ (لَا ماءك أبقيت وَلَا حرك أنقيت) قَالَ لَيْسَ هَذَا من ذَاك قَالَ الْفَتى أخذت الْجَار بالجار كَمَا يفعل أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ خُذْهَا لابارك الله لَك فِيهَا 133 - قَوْلهم أريها السها وتريني الْقَمَر يضْرب مثلا لمن تخاطبه فيبعد فِي الْجَواب الْمثل لِابْنِ ألغز وَكَانَ عَظِيم الذّكر فَإِذا وَاقع امْرَأَة ذهب عقلهَا فأنكرت امْرَأَة ذَلِك وَقَالَت سأجرب فَلَمَّا وَاقعهَا قَالَ لَهَا أَيْن السها وَهُوَ كَوْكَب صَغِير فِي بَنَات نعش قَالَت هَا هُوَ ذَا وأشارت إِلَى الْقَمَر فَضَحِك وَقَالَ (أريها السها

وتريني الْقَمَر) فَلَمَّا كَانَ أَيَّام الْحجَّاج شكي إِلَيْهِ خراب السوَاد فَحرم لُحُوم الْبَقر ليكْثر الْحَرْث فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء (شَكَوْنَا إِلَيْهِ خراب السوَاد ... فَحرم فلينا لُحُوم الْبَقر) (فَكَانَ كَمَا قيل من قبلنَا ... أريها السها وتريني الْقَمَر) ويتمثل بِهِ فِي الْخَطَأ 143 - قَوْلهم أرتعن أجلى أَنى شِئْت يضْرب مثلا للرجل يحمد فِي أَحْوَاله كلهَا وللرجل أَنى جِئْته وجدت عندم مَا تريده والمثل لحنيف الحناتم وَكَانَ بَصيرًا بِالْإِبِلِ ومراعيها فَسئلَ أَي بِلَاد أفضل مرعىً قَالَ خياشيم الخزن والصمان قيل ثمَّ مَاذَا قَالَ (أرتعن أجلى أَنى شِئْت) أَي ارع بأجلى كَيفَ شِئْت وَأجلى مَوضِع مَعْرُوف وَيُقَال رتعت الْإِبِل أَي رعت وأرتعتها أَنا ويروى (أرها أجلى أَنى شَاءَت) وَفِي معنى الْمثل قَول زُهَيْر فِي هرم (إِلَى هرم صَارَت ثَلَاثًا من اللوى ... فَنعم مسير الواثق الْمُتَعَمد) (سَوَاء عَلَيْهِ أَي حِين أَتَيْته ... أساعة نحس ينقى ام بِأَسْعَد)

135 - قَوْلهم أَبى أَبى اللبأ يضْرب مثلا للَّذي يهار بِخَير وَلم يصل إِلَيْهِ ويهار يغبط قالته جَارِيَة كَانَ لَهَا أَب شيخ كَبِير وَأَخ وَهُوَ قيم الْحَيّ وَكَانَ أَخُوهَا يخلفها على أَبِيهَا لتغاره الطَّعَام وَتقوم عَلَيْهِ وَكَانَ قد فرض لَهُ من طَعَامه اللبأ فَكَانَت الْجَارِيَة تستأثر بِهِ على أَبِيهَا فتأكله وتجفوه فنحل جِسْمه فَلَمَّا رَآهُ ابْنه أنكر سوء حَاله فعاتب أُخْته وَقَالَ مَا بَال اللبأ ينْحل عَلَيْهِ الْجِسْم فَقَالَت (أَبى أبي اللبأ) وأمخطت فِي أذن الشَّيْخ فَقَالَ بني لَا أنطاه أَي لَا أعطَاهُ وأمخطت وَقعت 136 - قَوْلهم إِذا حككت قرحَة أدميتها يضْرب مثلا للرجل الْمُصِيب بالظنون فَإِذا ظن فَكَأَنَّهُ رأى والمثل لعَمْرو بن الْعَاصِ قَالَه حِين قتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ مِمَّن اعتزل الْفِتْنَة فِيهِ وَقَالَ إِنَّه سيقتل وَذَلِكَ حِين أَبى أَن يخلع نَفسه وأبى النَّاس أَن يَلِي عَلَيْهِم فَلَمَّا قتل قَالَ (إِذا حككت قرحَة أدميتها) أَي إِذا ظَنَنْت الظَّن أصبت كَأَنِّي بلغت مُنْتَهى الرَّأْي وَهُوَ على مَذْهَب قَول أَوْس بن حجر (الألمعي الَّذِي يظنّ بك الظَّن ... كَأَن قد رأى وَقد سمعا)

وَنَحْو قَول الآخر (ألمعي الظنون متقد الذِّهْن ... أعانته فطنة وذكاء) (مخلط مزيل معن مفن ... كل دَاء لَهُ لَدَيْهِ دَوَاء) وَقلت (بَصِير لَهُ دون العواقب فكرة ... تكشف عَن رَأْي وَرَاء العواقب) وَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِذا أَنا لم أعلم مالم أر فَلَا علمت مَا رَأَيْت وَقَالَ آخر (ألوت بإصبعها وَقَالَت إِنَّمَا ... يَكْفِيك مِمَّا لَا ترى مَا قد ترى) 137 - قَوْلهم است لم تعود المجمر يضْرب مثلا للرجل يَأْتِي مَا لَا يَلِيق بِهِ وَلَا يُبَالِي والمثل لحاتم الطَّائِي وَحَدِيثه أَن ماوية بنت عفزر كَانَت ملكةً لَا تتَزَوَّج إِلَّا من أَرَادَت فَبعثت غلماناً لَهَا ليأتوها بأوسم من يجدونه بِالْحيرَةِ فجاءوها بحاتم فَقَالَت لَهُ استقدم إِلَى الْفراش فَقَالَ لَا حَتَّى يحضر صاحبان لي قَالَت فاستدخل المجمر قَالَ (است لم تعود المجمر) فسقته خمرًا فَجعل يهريقها بِالْبَابِ وَهِي لَا ترَاهُ تَحت اللَّيْل فَلَمَّا أعياها أمره أَمرته أَن ينْطَلق فيأتيها بصاحبيه فَقَالَ لَهما أتكونان عَبْدَيْنِ لابنَة عفزر ترعيان لَهَا أحب إلَيْكُمَا أم تقتلكما

قَالَا كل هَذَا نَقصه وَبَعض الشَّرّ أَهْون من بعض أَي نتبع أَثَره إِن أَقَمْنَا بِالْحيرَةِ فَقَالَ النَّجَاء فَمَضَوْا وَقَالَ (أيا أخوينا من جديلة إِنَّمَا ... تسامان خسفاً مستبيناً فبكرا) (وَإِنِّي لمزجاء الْمطِي على الوجى ... وَمَا أَنا من خلانك ابْنة عفزرا) (رأتني كأشلاء اللجام وَلنْ ترى ... أَخا الْحَرْب إِلَّا ساهم الْوَجْه أغبرا) (أَخُو الْحَرْب إِن عضت بِهِ الْحَرْب عضها ... وَإِن شمرت عَن سَاقهَا الْحَرْب شمرا) ثمَّ اشتاقها فجَاء يخطبها هُوَ وَزيد الْخَيل وَأَوْس بن حَارِثَة بن لأم فَقَالَت لَهُم ليصف كل إِنْسَان مِنْكُم نَفسه فَقَالَ زيد انا زيد الْخَيل تَفْخَر بِي طىء على الْعَرَب ولي مرباع كل غنيمَة وغزوت ثَلَاثًا وَسبعين غَزْوَة وَلم تثكل فِيهَا طائية ولدا وَلم تفجع فِيهَا بحليل وَلم أخب فِي شَيْء مِنْهَا ثمَّ إِنِّي لم أرد سَائِلًا وَلم ألاج جَاهِلا وَلم أنطق بَاطِلا وَلم أَبَت على وغم فَقَالَ أَوْس أول مَا أخذت من لحيتي قَامَت سعدى فالتقطت كل شَعْرَة سَقَطت مِنْهَا فأعتقت بهَا نسمَة من معد فَقَالَ حَاتِم أنهبت مَالِي ثَلَاث عشرَة مرّة وَأحلت لي طىء أموالها آخذ مَا شِئْت وأدع مَا شِئْت قَالَت هاتوا بذلك شعرًا فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُم قصيدةً يمدح بهَا نَفسه فَقَالَت أما أَنْت يَا زيد فَرجل قد وترت الْعَرَب فمقام الْحرَّة مَعَك قَلِيل وَأما أَنْت يَا اوس فَرجل

ذُو ضرائر وَالدُّخُول عَلَيْهِنَّ شَدِيد وَأما أَنْت يَا حَاتِم فَرجل قريب المنتسب كريم المنصب وَقد تَزَوَّجتك ورضيتك فَتَزَوجهَا وَقيل إِن حاتماً جاءها وَعِنْدهَا النَّابِغَة الذبياني وَرجل من النبيت يخطبانها فَأَهْدَتْ إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم جزوراً فنحروها فَلبِست ثيابًا رثَّة وَجَاءَت تستطعمهم فَأَعْطَاهَا النَّابِغَة ذَنْب الْجَزُور والنبيتي عِظَام ظهرهَا وحاتم سنامها فَلَمَّا اجْتَمعُوا عِنْدهَا أمرت بِإِخْرَاج مَا أعطوها وَوَضَعته بَين أَيْديهم فَلَمَّا رأى النَّابِغَة والنبيتي ذَلِك خجلا وانصرفا فَتزوّجت حاتما 138 - قَوْلهم أنضج أَخُوك ثمَّ رمد يضْرب مثلا للرجل يصلح الْأَمر ثمَّ يُفْسِدهُ وَأَصله أَن ينضج الرجل اللَّحْم ثمَّ يطرحه فِي الرماد فيفسده وَنَحْوه قَول دُرَيْد (يفْسد مَا اصحله الْيَوْم غَدا ... ) 139 - قَوْلهم استراح من لَا عقل لَهُ والمثل لعَمْرو بن الْعَاصِ قَالَه لوَلَده فِي كَلَام يَقُول فِيهِ (وَال عَادل خير من مطر وابل وَأسد حطوم خير من وَال ظلوم ووال ظلوم خير من فتْنَة تدوم عَثْرَة الرجل عَظِيم يجْبر وعثرة اللِّسَان لَا تبقي وَلَا تذر) وَقَالَ (استراح من لَا عقل لَهُ) مَعْنَاهُ أَن الْعَاقِل كثير الهموم والتفكر فِي الْأُمُور

وَلَا يكَاد يتهنأ بِشَيْء والأحمق لَا يفكر فِي شَيْء فيهتم وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى ذهب الْقَائِل (الصعو يصفر آمنا ولأجله ... حبس الهزار لِأَنَّهُ يترنم) (لَو كنت أَجْهَل مَا علمت لسرني ... جهلي كَمَا قد سَاءَنِي مَا أعلم) وَقَالَ المتنبي (ذُو الْعقل يشقى فِي النَّعيم بعقله ... وأخو الْجَهَالَة فِي الشقاوة ينعم) وَقلت (أواصل الْهم فِي ضيق وَفِي سَعَة ... كَأَن بيني وَبَين الْهم أرحاما) (إِن الَّذِي عظمت فِي النَّاس همته ... رأى السرُور جوىً والوفر إعداما) وَقيل لِلْحسنِ مَا لنا نرَاك واجماً فَقَالَ غمي مكتسب من عَقْلِي وَلَو كنت جَاهِلا لَكُنْت فِي دعة من عيشي وَيَقُولُونَ هم الدُّنْيَا على الْعَاقِل وَقيل معنى الْمثل استراح الصَّبِي الَّذِي لَا عقل لَهُ فَهُوَ لَا يفكر فِي شَيْء من مُسْتَقْبل الْعَيْش وَرَأى الْحسن صبياناً يَلْعَبُونَ فَقَالَ مذ فارقناكم لم نر يَوْمًا طيبا وَقَالَ الشَّاعِر فِي معنى الأول (ألف الهموم وساده وتجنبت ... كسلان يصبح فِي الْمَنَام ثقيلا) وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس (وَهل يعمن إِلَّا سعيد مخلد ... قَلِيل الهموم مَا يبيت بأوجال)

قيل أَرَادَ الصَّبِي والمخلد المقرط والخلدة القرط وَفِي الْقُرْآن {ولدان مخلدون} قَالُوا مقرطون وَلَو أَرَادَ الخلود لم يخص الْولدَان وَقيل أَرَادَ الأحمق والمخلد الَّذِي شاخ وَبَقِي سَواد شعره يُقَال رجل مخلد إِذا كبر وَلم يشب وَجعله أسود الشّعْر لِأَنَّهُ لَا يهتم بالشَّيْء أصلا لِأَن الشيب مِمَّا يهم الأحمق والعاقل جَمِيعًا فَإِذا بَقِي سَواد شعره كَانَ أقل لهمه 140 - قَوْلهم احفظي بَيْتك مِمَّن لَا تنشدين أَي مِمَّن لَا تعرفينه فتنشدينه أَي تطلبينه والنشدان الطّلب والناشد الطَّالِب والمنشد الْمُعَرّف وَقَوْلهمْ أنْشدك الله أَي أحلفك بِاللَّه لتصدقني عَمَّا أطلبه مِنْك 141 - قَوْلهم ألصق الْحس بالأس وَمَعْنَاهُ ألصق الشَّرّ بأوصل الأعادي تذْهب فروعهم بذهاب الأَصْل والحس الْقَتْل المستأصل والأس الأَصْل وَهُوَ مثل الأس وَفِي الْقُرْآن {إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} أَي تقتلونهم وأحسست الشَّيْء أحسه إِذا وجدته وَفِي الْقُرْآن {هَل تحس مِنْهُم من أحد}

142 - قَوْلهم إِن أضاخاً منهل مورود يضْرب مثلا للرجل المغشي الْكثير الْخَيْر وأضاخ مَوضِع مَعْرُوف 143 - قَوْلهم أطرقي أم عَامر يضْرب مثلا للرجل يتَكَلَّم كثيرا وَلَا يجوز كَلَامه وَأم عَامر الضبع 144 - قَوْلهم إِحْدَى حظيات لُقْمَان 145 - وَقَوْلهمْ أضرطاً آخر الْيَوْم يُقَال الأول للشَّيْء يستهان بِهِ وَهُوَ مخوف والحظيات تَصْغِير الحظوات والحظوة سهم لَا نصل لَهُ وَأَصله أَن عَمْرو بن تقن طلق امْرَأَته فَتَزَوجهَا لُقْمَان بن عَاد فَسَمعَهَا تَقول مرّة بعد أُخْرَى لَا فَتى إِلَّا عَمْرو فَقَالَ لُقْمَان وَالله لأقتلن عمرا فتكمن لَهُ فِي أَعلَى شَجَرَة على مَاء فجَاء عَمْرو ليسقي إبِله فَرَمَاهُ لُقْمَان فِي ظَهره فَقَالَ حسن إِحْدَى حظيات لُقْمَان فانتزعها ثمَّ أنزلهُ من فَوق الشَّجَرَة وَأَرَادَ أَن يعرفهُ ضعفه وقصوره عَنهُ فَقَالَ لَهُ استق فَلَمَّا نَزغ دلواً ضرط فَقَالَ عَمْرو (أضرطاً آخر الْيَوْم) فَصَارَ مثلا للرجل يخْتم

أمره بشر عمله وَأَرَادَ عَمْرو قَتله فَضَحِك لُقْمَان وَقَالَ كَانَت فُلَانَة تحذرنيك فآبى قَالَ فَإِنِّي أهبك لَهَا فَلَا تعد فَدخل لُقْمَان عَلَيْهَا وهم يَقُول لَا فَتى إِلَّا عَمْرو فَقَالَت أَلقيته قَالَ نعم ووهبني لَك قَالَت أحسن إِذا أَسَأْت وَاحْذَرْ غب الْإِسَاءَة بعد الْإِحْسَان أَي احذر ان تسيء إِلَيْهِ بعْدهَا وَنَحْو الْمثل قَول وَعلة (وَالشَّيْء تحقره وَقد ينمى ... ) 146 - قَوْلهم اقلب قلاب يُقَال ذَلِك للشَّيْء يذكر أَنَّك أردته فَتَقول اقلبه فَإِنِّي أردْت خِلَافه وَهُوَ نَحْو قَول الْعَامَّة اقلبه حَتَّى يَسْتَوِي وَأَصله أَن زُهَيْر بن جناب وَفد على بعض الْمُلُوك وَمَعَهُ أَخُوهُ عدي بن جناب وَكَانَ عدي يحمق فَلَمَّا دخلا على الْملك شكا الْملك إِلَى زُهَيْر عِلّة نَالَتْ أمه فَقَالَ عدي اطلب لَهَا كمرة حارة فَغَضب الْملك وَأمر بقتْله فَقَالَ لَهُ زُهَيْر إِنَّمَا أَرَادَ الكمأة فَقَالَ (اقلب قلاب) أَي إِنَّمَا أردْت كمرة الرِّجَال فَعرف حمقه وَأَظنهُ خلى سَبيله وقلاب فعال من الْقلب مثل نزال

147 - قَوْلهم أم فرشت فأنامت يضْرب مثلا للرجل يُبَالغ فِي الْبر بالقوم والعطف عَلَيْهِم حَتَّى كَأَنَّهُ أم فرشت لابنها فَنَامَ وَسكن وَمِنْه قَول الشَّاعِر (وَكنت لَهُ عَمَّا لطيفاً ووالداً ... رءوفاً وَأما مهدت فأنامت) أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن أبي زيد عَن ابْن عَائِشَة قَالَ سَمِعت بعض أَصْحَابنَا يذكر أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لما تشاغل بِأَهْل الرِّدَّة واستبطأته الْأَنْصَار فَقَالَ كلفتموني أَخْلَاق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوَاللَّه مَا ذَلِك عِنْدِي وَلَا عِنْد أحد وَلَكِنِّي وَالله مَا أُوتى من مَوَدَّة لكم وَلَا حسن رَأْي فِيكُم وَكَيف لَا نحبكم فوَاللَّه مَا وجدت لنا وَلكم مثلا إِلَّا مَا قَالَ الطُّفَيْل الغنوي لبني جَعْفَر (جزى الله عَنَّا جَعْفَر حِين أشرفت ... بِنَا نعلنا فِي الواطئين فزلت) (همو خلطونا بالنفوس وألجئوا ... إِلَى حجرات أدفأت وأكنت) (أَبَوا أَن يملونا وَلَو أَن أمنا ... تلاقي الَّذِي يلقون منا لملت) (فذو المَال موفور وكل معصب ... إِلَى حجرات أدفأت وأظلت) 148 - قَوْلهم - إِنَّك من طير الله فانطقي يضْرب مثلا للرجل يدْخل فِي الْأَمر لَا يدْخل فِيهِ مثله وَأَصله فِيمَا زعم أَن الطير صاحت فصاحت الرخم فَقيل لَهَا ذَلِك يهزأ بهَا

149 - قَوْلهم إِن وجدت لشفرة محزا 150 - وَقَوْلهمْ إِن وجدت إِلَيْهِ فاكرش أَي إِن وجدت إِلَيْهِ سَبِيلا وَأَصله أَن قوما طبخوا شَاة فِي كرشها فَضَاقَ فَم الكرش عَن بعض عظامها فَقيل للطباخ أخرجهَا فَقَالَ إِن وجدت الى ذَلِك فاكرش أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا المبرمان عَن أبي جَعْفَر عَن القتبي قَالَ دخل النُّعْمَان بن زرْعَة على الْحجَّاج حن أَرَادَ النَّاس على الْكفْر فَقَالَ أَمن أهل الرس والرهمسة أم من أهل النَّجْوَى والشكوى أم من أهل المحاشد والمخاطب والمراتب قَالَ أصلح الله الْأَمِير بل من شَرّ من كُله فَقَالَ وَالله لَو وجدت إِلَى دمك فاكرش لشربت الْبَطْحَاء مِنْك والرس هَاهُنَا التَّعْرِيض بالشتم رس بالشتم إِذا أَتَى مِنْهُ بِالْبَعْضِ من غير إفصاح يُقَال بَلغنِي رس من خبر وذرء من خبر إِذا بلغك مِنْهُ طرف والرهمسة نَحْو ذَلِك أَرَادَ أَنَّك مِمَّن يَشْتمنِي ورائي أم من أهل النَّجْوَى أَي السرَار بِالتَّدْبِيرِ عَليّ والشكوى أَي مِمَّن يشكو أمرا ويقدح فِينَا وَنَحْوه قَول حُذَيْفَة إِن الْفِتْنَة تنْتج بالنجوى وتلقح بالشكوى وَمن أهل المحاشد أَي مِمَّن يحشد عَليّ أَي يجمع والمخاطب والمراتب أَي يخْطب فِي ذَلِك عِنْد من يطْلب عِنْده الْمرتبَة وَالْقدر وَقَالَ الأموى يُقَال لقِيت من فلَان فاكرش إِذا لقِيت مِنْهُ

الْمَكْرُوه كُله لِأَن الكرش إِذا فتحت خرج من فمها مَا فِيهَا وانشد ثَعْلَب (لَو رأى فاكرش لبلهصا ... ) أَي لَو وجد سَبِيلا الى الْهَرَب لهرب 151 - قَوْلهم أسمع جعجعةً وَلَا أرى طحناً مَعْنَاهُ أسمع جلبةً وَلَا أرى عملا والجعجعة هَاهُنَا الصَّوْت وَفِي مَوضِع آخر الإلجاء إِلَى الْمضيق يُقَال جعجع بِهِ إِذا أَلْجَأَهُ إِلَى الْمضيق قَالَ اَوْ قبيس بن الأسلت (من يذقْ الْحَرْب يجد طعمها ... مرا وتتركه بجعجاع) والطحن بِالْكَسْرِ الدَّقِيق وبالفتح الْمصدر من طحن طحنا 152 - قَوْلهم إِذا قطعن علما بدا علم مَعْنَاهُ إِذا فَرغْنَا من أَمر مُتْعب جَاءَ امرآخر مثله وَالْعلم هَاهُنَا الطربال الْمَنْصُوب فِي الطَّرِيق يهتدى بِهِ وَمن هَذَا سمي آيَات الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام أعلاماً للاستدلال بهَا وَالْعلم الْجَبَل أَيْضا وَفِي الْقُرْآن {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر كالأعلام} يَعْنِي الْجبَال قَالَت الخنساء

(كَأَنَّهُ علم فِي رَأسه نَار) وَمن الأول قَوْلهم هَذِه أَعْلَام الشَّيْء أَي دلائله وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَإنَّهُ لعلم للساعة} 153 - قَوْلهم أسعد أم سعيد أَي هُوَ مِمَّا يكره أَو مِمَّا يحب وَهُوَ مثل قَول الْعَامَّة آس أم حلفاء وَأَصله أَن سَعْدا وسعيداً بني ضبة خرجا فِي وَجه فَرجع سعد وفقد سعيد فَكَانَ ضبة إِذا رأى شَخْصَيْنِ من بعيد قَالَ (أسعد أم سعيد) وَسَنذكر حَدِيثه فِي الْبَاب السَّادِس 154 - قَوْلهم أبدح ودبيح يَقُولُونَ جَاءَ بأبدح ودبيح إِذا جَاءَ بِالْبَاطِلِ وَلم يعرف أَصله 155 - قَوْلهم أسمحت قرونته وقرينته أَي نَفسه وأسمحت أَي أطاعت وانقادت يَقُول تابعته نَفسه على الْأَمر وَقد يُقَال أصحبت قرونته بِمَعْنى أسمحت والإسماح الانقياد والسماح

والسماحة الْجُود وَقد سمح وَهُوَ سمح وَلَا يُقَال سامح وَهُوَ الأَصْل وأصحبت الرجل إِذا تَبعته منقاداً لَهُ وأصحبته إِذا حفظته وَفِي الْقُرْآن {وَلَا هم منا يصحبون} وَقَالَ الشَّاعِر (وصاحبي من دواعي الشَّرّ مصطحب ... ) أَي مَحْفُوظ 156 - قَوْلهم أصيد الْقُنْفُذ أم لقطَة يُقَال ذَلِك لِلْأَمْرِ لَا يدرى من أَي الصِّنْفَيْنِ هُوَ واللقطة مَا التقطته فَاحْتَجت إِلَى تَعْرِيفه وَمن أمثالهم فِي الْقُنْفُذ قَوْلهم (بَات بليلة أنقد) إِذا لم ينم ليلته وَبَات يسري والأنقد الْقُنْفُذ لِأَن الْقُنْفُذ لَا ينَام اللَّيْل قَالَ الشَّاعِر (كقنفذ الرمل لَا تخفى مدارجه ... خب إِذا نَام ليل النَّاس لم ينم) وَيُشبه بِهِ النمام لخبثه واضطرابه فِي ليله قَالَ عَبدة بن الطَّبِيب (قوم إِذا دمس الظلام عَلَيْهِم ... حدجوا قنافذ بالنميمة تمزع)

157 - قَوْلهم أبعد الوهي ترقعين وَأَنت مبصرة يضْرب مثلا للرجل يَأْتِي الْخَطَأ على بَصِيرَة وتمثل بِهِ عَليّ رَضِي الله عَنهُ أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن ابْن جَعْفَر عَن الْمَدَائِنِي عَن جمَاعَة ذكرهم قَالُوا قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ لمعاوية فِي بعض أَيَّام صفّين أَلا أَدْعُو عليا إِلَى المبارزة قَالَ لَا تفعل فَإِنَّهُ مَا بارزه أحد إِلَّا قَتله فبرز لَهُ رجل يُقَال لَهُ عُرْوَة من أهل دمشق فَقَالَ يَا أَبَا حسن قد كره مُعَاوِيَة وَعَمْرو مبارزتك فَهَلُمَّ فَقَالَ لقنبر دونكه فبرز لَهُ قنبر فَقتله فَقَالَ عَليّ أما إِنَّه لقد أصبح من النادمين وبارز عبد الرَّحْمَن بن مُحرز الْكِنْدِيّ رجلا من أهل الشَّام فَقتله عبد الرَّحْمَن وَنزل فسلبه وَإِذا الْمَقْتُول حبشِي فَقَالَ إِنَّا لله لمن عرضت نَفسِي وَحلف لَا يبارز أحدا حَتَّى يعرفهُ وَقتل قيس بن جلان الْكِنْدِيّ رجلا من عك فَقَالَ (لقد علمت عك بصفين أننا ... إِذا الْتَقت الخيلان قطعتها شزرا) (ونحمل رايات الْحُقُوق بِحَقِّهَا ... فنوردها بيضًا ونصدرها حمرا) فَقَالَ عنمة بن زُهَيْر الْأنْصَارِيّ لعَلي رَضِي الله عَنهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ سَمِعت عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول (أضربكم وَلَا أرى أَبَا حسن ... كفى بِهَذَا حزنا من الْحزن)

فَقَالَ عَليّ لقد ترك مَكَاني وَهُوَ يعرفهُ وَلكنه كَمَا قَالَ الأول (أبعد الوهي ترقعين وانت مبصرة) 158 - قَوْلهم أَو مرناً مَا أُخْرَى يُرَاد بِهِ أَو يكون الْأَمر على خلاف ذَلِك وَهُوَ مثل أَن يَقُول لَك الرجل لأغيظنك أَنا وَقد يُقَال أَو مرساً مَا أُخْرَى وَلَعَلَّه من قَوْلهم مرن على الشَّيْء إِذا اسْتمرّ عَلَيْهِ فَيكون مَعْنَاهُ أَو تستمر على أَمر آخر ومرن الثَّوْب إِذا لَان والمرن الْأَدِيم المدلوك الملين والمرس أَيْضا الرجل الشَّديد المراس والمرس الْحَبل 159 - قَوْلهم إِن تنفري فقد رَأَيْت نَفرا مَعْنَاهُ إِن تفزعي فقد رَأَيْت مَا يفزعك والنفر هَاهُنَا النفور يُقَال نفر عَن الشَّيْء نفاراً ونفوراً فَأَما النَّفر فَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي قَوْلهم نفر الْجرْح نَفرا إِذا ترامي إِلَى فَسَاد وَنَفر الرجل نَفرا إِذا خرج فِي وَجه وَفِي الْقُرْآن {مَا لكم إِذا قيل لكم انفروا فِي سَبِيل الله اثاقلتم إِلَى الأَرْض} ونافرة الرجل بَنو عَمه والنفر مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة

160 - قَوْلهم انْقَطع السلى فِي الْبَطن وَانْقطع قوي من قلوية يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يتَفَاوَت والسلى للحوار بِمَنْزِلَة المشيمة للصَّبِيّ وَإِذا انْقَطع فِي الْبَطن هَلَكت النَّاقة فَأَما الحولاء فجلدة فِيهَا مَاء أصفر يَبْرق كَأَنَّهَا مرْآة تسْقط مَعَ الْوَلَد فَإِذا وصف الأَرْض بِالْخصْبِ قيل كَأَنَّهَا حولاء وتركتهم فِي مثل حولاء أَي فِي خصب وسعة قَالَ الشَّاعِر (على حولاء يطفو السخد فِيهَا ... فراها الشيذمان عَن الْجَنِين) والسخد بَوْل الحوار فِي بطن أمه والشيذمان الْقيم على الشئ 161 - قَوْلهم اسمح يسمح لَك أَي سهل يسهل عَلَيْك 162 - قَوْلهم أعرض ثوب الملبس هَكَذَا قرأناه عَن الْأَصْمَعِي وقرأناه عَن أبي عُبَيْدَة عرض ثوب الملبس يضْرب مثلا للرجل يُقَال لَهُ مِمَّن أَنْت فَيَقُول من مُضر أَو ربيعَة وَمَا أشبه ذَلِك أَي عممت وَلم تخص وَذكرت مطلباً عريضا لَا يخاط بِهِ وَمثله قَوْلهم (أَعرَضت القرفة) وَهُوَ أَن يُقَال لَك من سرقك فَتَقول رجل من

أهل خُرَاسَان أَو من أهل الْعرَاق والقرفة من قَوْلهم قرفته بِكَذَا إِذا رميته بِهِ وقذفته وَأكْثر مَا يكون الْقَذْف فِي الزِّنَا والقرف فِي السّرقَة وَيُقَال فلَان قرفتي أَي الَّذِي أَتَّهِمهُ أَنه سرقني وقرفت الشَّيْء واقترفته أَيْضا إِذا كسبته وَفِي الْقُرْآن {بِمَا كَانُوا يقترفون} أَي يكتسبون وقرفت القرحة إِذا قشرت جلدهَا من وَجههَا وقرف كل شَيْء قشره 163 - قَوْلهم اوهيت وهيا فارقعه 164 - وَقَوْلهمْ اتَّسع الْخرق على الراقع يُقَال ذَلِك للرجل أفسد الشَّيْء فَيُؤْمَر بإصلاحه والوهي هَاهُنَا الْخرق فِي الشَّيْء وَهِي يهي إِذا انخرق وَأَصله الضعْف يُقَال وَهِي الشَّيْء وهوواه إِذا ضعف ورقعت الْخرق رقعاً وَأَنا راقع وَمن أمثالهم (اتَّسع الْخرق على الراقع) مَعْنَاهُ قد زَاد الْفساد حَتَّى فَاتَ التلافي وَهُوَ من قَول ابْن حمام الزدى (كَالثَّوْبِ إِن أنهج فِيهِ البلى ... أعيا على ذِي الْحِيلَة الصَّانِع) (كُنَّا نداريها وَقد مزقت ... واتسع الْخرق على الراقع)

165 - قَوْلهم أَهْون هَالك عَجُوز فِي عَام سنة 166 - وَقَوْلهمْ أَهْون مظلوم سقاء مروب يضْرب الأول مثلا للشَّيْء يستخف بفقده والأخير للشَّيْء لَا يحفل بضياعه وَقيل يضْرب للرجل الذَّلِيل المستضعف والترويب أَن تجْعَل الروبة فِي اللَّبن والروبة الخميرة ثمَّ يمخض وَقيل هُوَ أَن يلف السقاء حَتَّى يبلغ وظلمه إِذا شربه قبل إِدْرَاكه قَالَ الشَّاعِر (وقائلة ظلمت لكم سقائي ... وَهل يخفى على العكد الظليم) والعكدة أصل اللِّسَان وَقَالَ أَبُو زيد المروب قبل اسْتِخْرَاج الزّبد والرائب بعد استخراجه وَرُبمَا قَالُوا (أَهْون مظلوم عَجُوز معقومة) والمعقومة الَّتِي لَا تَلد وَهِي معقومة وعقيم وَقد عقمت وأصل الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَمِنْه قَوْله (ظلامون للجزر) أَي ينحرونها من غير عِلّة وَقيل يعقرونها وَإِنَّمَا حَقّهَا أَن تنحر وَيُقَال فلَان شَاعِر فَيُقَال وَمَا ظلمه أَي مَا مَنعه عَن ذَلِك

167 - قَوْلهم أعذر من أنذر أَي أَقَامَ الْعذر من خوف قبل الْفِعْل وَيُقَال أعذر الرجل إِذا بلغ أقْصَى الْعذر وَعذر إِذا قصر وَإِذا اعتذر وَلم يَأْتِ بِعُذْر وَفِي الْقُرْآن {وَجَاء المعذرون من الْأَعْرَاب} وَقَوْلهمْ من عذيري من فلَان أَي من يعذرني مِنْهُ والعذير مصدر بِمَنْزِلَة النكير فَأَما قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لن يهْلك النَّاس حَتَّى يعذروا) فَإِنَّهُ من قَوْلهم أعذر الرجل إِذا كثرت ذنُوبه وعيوبه وَقيل حَتَّى يعذروا من يعذبهم أَي يقيموا لَهُ عذرا وَأما قَوْلهم تعذر عَليّ الْأَمر فَمَعْنَاه ضَاقَ عَليّ وَسميت الْعَذْرَاء عذراء لضيقها وَيُقَال اعتذر الرجل إِذا أَتَى بِعُذْر وَاعْتذر إِذا لم يَأْتِ بِعُذْر وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {قل لَا تعتذروا لن نؤمن لكم} وَأما قَول لبيد (وَمن يبك حولا كَامِلا فقد اعتذر ... ) فَمَعْنَاه فقد اتى بِعُذْر

168 - قَوْلهم آثرا مَا 169 - وَقَوْلهمْ أول صوك وبوك يُقَال افْعَل ذَاك أول صوك وبوك أَي أول كل شَيْء وافعله آثراما وأثراً مَا وآثر ذِي أثير كل ذَلِك إِذا أَمر بِتَقْدِيم الْعَمَل على غَيره وأنشدوا (وَقَالُوا مَا تشَاء فَقلت ألهو ... إِلَى الإصباح آثر ذِي أثير) قَالَ الْمفضل افعله آثراً مَا أَي افعله مؤثراً لَهُ على غَيره وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَي افعله عَازِمًا عَلَيْهِ وَقيل افعله إيثاراً لَهُ على غَيره وَينصب على الْمصدر قَالَ أَبُو بكر يُقَال مَا بِهِ صوك وَلَا بوك أَي مَا بِهِ حَرَكَة فَكَأَن معنى قَوْلهم (افعله أول صوك وبوك) أَي قبل أَن يَتَحَرَّك غَيْرك لَهُ ويسبقك إِلَيْهِ 170 - قَوْلهم أعلم بهَا من غص بهَا أَي من ولي الْأَمر ومارسه كَانَ أعلم بِهِ مِمَّن بعد عَنهُ وفارقه وَالْفرس تَقول المائح أعلم بِمِقْدَار المَاء فِي الْبِئْر من الماتح والمائح الَّذِي ينزل الْبِئْر إِذا قل المَاء فَيمْلَأ الدَّلْو وَهُوَ أصل قَوْلهم ماحه إِذا أعطَاهُ واستماحه إِذا طلب مِنْهُ والماتح المستقي من رَأس الْبِئْر على بكرَة متح متحاً والنازع الَّذِي يَسْتَقِي من غير بكرَة وَقد نزع نزعا

171 - قَوْلهم إِن ألبها لَهَا مَعْنَاهُ أَن جد الْقَوْم وجماعتهم لَهُم لَا لَك وَهُوَ من قَوْلهم تألبوا عَلَيْهِ إِذا اجْتَمعُوا وَنَذْكُر أَصله فِي الْبَاب الثَّامِن وَالْعِشْرين إِن شَاءَ الله تَعَالَى 172 - قَوْلهم أسرِي عَلَيْهِ بلَيْل يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ قد تقدم فِيهِ وَسبق إِلَى إبرامه والعامة تَقول أَمر عمل بلَيْل وَمثله قَول عنترة (إِن كنت أزمعت الْفِرَاق فَإِنَّمَا ... زمت ركابكم بلَيْل مظلم) وَقَالَ آخر (زحرت بهَا لَيْلَة كلهَا ... فَجئْت بهَا مؤيداً خنفقيقا) والمؤيد والخنفقيق اسمان من أَسمَاء الداهية وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول} وكل أَمر تفكر فِيهِ لَيْلًا حَتَّى أبرم فقد بَيت وَإِنَّمَا خص اللَّيْل لِأَن البال بِاللَّيْلِ أخلى والفكر أجمع وَنَحْوه قَوْله تَعَالَى {إِن ناشئة اللَّيْل هِيَ أَشد وطأ وأقوم قيلاً} أَي هِيَ أبلغ فِي الْقيام للصَّلَاة وَأبين فِي الْقِرَاءَة وناشئة اللَّيْل ساعاته وكل مَا حدث فقد نَشأ

173 - قَوْلهم أَمر دون عُبَيْدَة الوذم وأوله (وَقد هَمَمْت بِذَاكَ إِذْ حبست ... وَأمر دون عُبَيْدَة الوذم) يضْرب مثلا للرجل يقطع الْأَمر دونه وَهُوَ مِمَّا يهجى بِهِ قَالَ جرير (وَيقْضى الْأَمر حِين تغيب تيم ... وَلَا يستأذنون وهم شُهُود) والوذم سيور تشد بهَا أَطْرَاف الْعِرَاقِيّ وَالْجمع الأوذام وذم دلوك توذيماً فَكل سير قددته مستطيلاً فَهُوَ وذم وَكَذَلِكَ اللَّحْم وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ لأنفضنكم نفض الجزار الوذام التربة فقلبه أَصْحَاب الحَدِيث فَقَالُوا التُّرَاب الوذمة 174 - قَوْلهم أَنْكَحنَا الفرا فسنرى يُرَاد فعلنَا الْفِعْل وَنَنْظُر عاقبته وَنَحْوه قَول الله تَعَالَى {عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ} أَي فَينْظر أولياءه كَمَا قَالَ {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله} مَعْنَاهُ يُؤْذونَ أولياءه فَإِن الله تَعَالَى لَا يلْحقهُ الْأَذَى والفرأ الْحمار الوحشي وَالْجمع فراء وَمِنْه قَوْلهم (كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا) وسنفسره

وتلخيص معنى الْمثل أَنا جَمعنَا بَين الْحمار والأتان نَنْظُر مَا ينْتج هَذَا الْجمع وَيضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يَجْتَمعُونَ على المشورة فِيهِ ثمَّ ينظر عَمَّا ذَا يصدرون مِنْهُ 175 - قَوْلهم أنف فِي السَّمَاء واست فِي المَاء يضْرب مثلا للمتكبر الصَّغِير الشَّأْن وَمِنْه قَول الزاجر وَهُوَ الْأَعْشَى (أنوفهم ملفخر فِي أسلوب ... وَشعر الأستاه بالجبوب) الأسلوب الطَّرِيقَة يُقَال أَخذ فِي أساليب من القَوْل أَي فِي طرق مِنْهُ والجبوب يَعْنِي الأَرْض وَخرجت خَارِجَة بخراسان فَقيل لقتيبة بن مُسلم لَو وجهت إِلَيْهِم وَكِيع بن أبي سود قَالَ وَكِيع رجل عَظِيم فِي أَنفه خنزوانة وَفِي رَأسه نعرة وَإِنَّمَا أَنفه فِي أسلوب وَمن عظم كبره اشْتَدَّ عجبه وَمن أعجب بِرَأْيهِ لم يشاور كفيئاً وَلم يؤامر نصيحاً وَمن تفرد بِالنّظرِ لم يكمل لَهُ الصَّوَاب وَمن تبجح بالانفراد وفخر بالاستبداد كَانَ من الصَّوَاب بَعيدا وَمن الخذلان قَرِيبا وَالْخَطَأ مَعَ الْجَمَاعَة خير من الصَّوَاب مَعَ الْفرْقَة وَإِن كَانَت الْجَمَاعَة تخطىء والفرقة تصيب وَمن تكبر على عدوه حقره وَإِذا حقره تهاون بأَمْره وَمن تهاون بخصمه ووثق بِفضل قوته قل احتراسه وَمن قل احتراسه كثر عثاره وَمَا رَأَيْت عَظِيم الْكبر صَاحب حَرْب إِلَّا كَانَ منكوبا وَلَا وَالله حَتَّى يكون عدوه عِنْده وخصمه فِيمَا يغلب عَلَيْهِ أسمع من

فرس وَأبْصر من عِقَاب وَأهْدى من قطاة وأخذر من عقعق وَأَشد إقداماً من الْأسد وأوثب من الفهد وأحقد من جمل وأروغ من ثَعْلَب وأعذر من ذِئْب وأسخى من لافظة وأشح من ظَبْي وَأجْمع من ذرة وأحرس من كلب وأصبر من ضَب فَإِن النَّفس تسمح من الْعِنَايَة على قدر الْحَاجة وتتحفظ على قدر الْخَوْف وتطلب على قدر الطمع وتطمع على قدر السَّبَب 176 - قَوْلهم أودى درم قَالَ أَبُو بكر يضْرب مثلا للرجل يقتل وَلَا يطْلب بثأره ودرم رجل من بني شَيبَان قتل وَلم يثأر بِهِ وَقَالَ غَيره يُرَاد بِهِ هلك الْأَمر وتفاوت ودرم رجل بعث رائداً ففقد وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ درم بن دب ابْن مرّة بن ذهل بن شَيبَان وَكَانَ النُّعْمَان يَطْلُبهُ فظفر بِهِ أَصْحَابه فأرادوا حمله إِلَيْهِ فَمَاتَ فِي أَيْديهم فَلَمَّا رَآهُمْ سَأَلَهُمْ عَنهُ فَقَالُوا (أودى درم) أَي هلك فَذَهَبت مثلا فِي كل شَيْء يهْلك وَيذْهب قَالَ الْأَعْشَى (وَلم يود من أَنْت تسْعَى لَهُ ... كَمَا قيل فِي الْحَرْب أودى درم) وَأَصله من قَوْلهم رجل أدرم وَامْرَأَة درماء إِذا لم يكن لعظامه حجم والدرمان تقَارب الخطو درم فَهُوَ دارم

177 - قَوْلهم أَحمَق بلغ يُقَال ذَلِك للرجل يدْرك حَاجته على حمقه وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (قد يرْزق الأحمق المأفون فِي دعة ... وَيحرم الأحوذي الأرحب الباع) (كَذَا السوام تصيب الأَرْض ممرعة ... والأسد منزلهَا فِي غير إمراع) وَقَالُوا قد يكل الحسام وَيقطع الكهام وَقد تنبوا الرقَاق وتكبو الْعتاق وَلَا تجْرِي الْأَقْسَام على قدر الأفهام وَلَا الأرزاق على مبلغ الْأَخْلَاق وَقيل فِي قريب من هَذَا الْمَعْنى رب حَظّ أدْركهُ غير طَالبه ودر أحرزه غير حالبه وَقيل فِي الْمَعْنى الأول الْعجب لما يجْرِي بِهِ الْقدر من التوسيع على العجزة والتضييق على الحزمة وَالسَّبَب الَّذِي يدْرك بِهِ الْعَاجِز طلبته هُوَ الَّذِي يحاول بَين الحازم وَحَاجته 178 - قَوْلهم أَخُوك أم الذِّئْب يُقَال ذَلِك للشَّيْء ترتاب بِهِ فِي ظلمَة وَلَا تستبينه تَقول أَتَانِي فلَان حِين تَقول أَخُوك أم الذِّئْب وَفِي مثل آخر هُوَ فِي معنى هَذَا الْمثل (أبك أم بالذئب) والمثل لتأبط شرا وَذَلِكَ أَنه خرج والشنفرى فِي ثَلَاثِينَ رجلا من فهم غازين حَتَّى وردوا بِلَاد بني أَسد فَسَمِعُوا صَوت يعر وَهُوَ أَن تَأْخُذ التيس فتربطه على شَجَرَة وتحفر دونه زبيةً فتغطيها فَيَصِيح فَيسمع الذِّئْب صياحه فَإِذا جَاءَ إِلَيْهِ وَقع فِي الزيبة فصبروا حَتَّى وَقع الذِّئْب

فِي الزبية وَجَاء غُلَام يرميه فَخَرجُوا عَلَيْهِ فاقتحم الزبية مَعَ الذِّئْب فَجعلُوا يرمونه بِالْحِجَارَةِ والنبل وَجعل تأبط شرا يَقُول أبك أم بالذئب حَتَّى قَتَلُوهُ وَإِذا هُوَ ابْن الْأَفْطَس فَهَرَبُوا وطلبهم الْأَفْطَس حَتَّى واقعهم فَلم يقدر مِنْهُم على شَيْء فَقَالَ الشنفرى (خرجنَا من الْوَادي الَّذِي عِنْد مشعل ... وَبَين الجبا هَيْهَات أنشأت سربتي) (أَمْشِي على الأَرْض الَّتِي لم تضرني ... لأنكي قوما أَو أصادف حمتي) (أَمْشِي على أَيْن الْغُزَاة وَبعدهَا ... يقربنِي مِنْهَا رواحى وغدوتي) 179 - قَوْلهم أنكحيني وانظري يضْرب مثلا للرجل يكون لَهُ منظر وَلَا مخبر لَهُ وَهُوَ كَقَوْلِهِم (ترى الفتيان كالنخل وَمَا يدْريك مَا الدخل) وَفِي هَذَا الْمَذْهَب قَول حسان (لابأس بالقوم من طول وَمن عرض ... جسم البغال وأحلام العصافير) فَأَخذه ابْن الرُّومِي فَقَالَ (طول وَعرض بِلَا عقل وَلَا أدب ... فَلَيْسَ يحسنإالا وَهُوَ مصلوب)

وَقَالَ (جمال أخي النهى كرم وَخير ... وَلَيْسَ جماله عرض وَطول) 180 - قَوْلهم إِذا رَأَيْت الرّيح عاصفاً فتطامن أَي إِذا رَأَيْت الْأَمر غَالِبا لَك فاخضع لَهُ وَقَالَ أَبُو الطمحان (بني إِذا مَا سامك الضيم قاهر ... مقيت فبعض الذل أوقى وأحرز) (وَلَا تحم من بعض الْأُمُور تعززاً ... فقد يُورث الذل الطَّوِيل التعزز) وَمثله قَول صَاحب كليلة لَا يرد الْعَدو الْقوي بِمثل الخضوع لَهُ وَمثله مثل الرّيح العاصف يسلم مِنْهَا العشب للينه لَهَا وانثنائه مَعهَا وتتقصف فِيهَا الشّجر الْعِظَام لانتصابه لَهَا وَقلت فِي هَذَا الْمَعْنى (إِن كنت تسلم من شغب الزَّمَان وَلَا ... أعْطى السَّلامَة مِنْهَا كلما شغبا) (فالعاصفات إِذا مرت على شجر ... حطمنه وتركن الليف والعشبا) 181 - قَوْلهم الْأَخْذ سريط وَالْقَضَاء ضريط يَقُول إِن الَّذِي يَأْخُذ بِالدّينِ يَأْخُذ بِسُرْعَة وسهولة وَإِذا جَاءَ صَاحب الدّين يَقْتَضِيهِ ضرط بِهِ وسخر مِنْهُ والسريط من السرط وَهُوَ سرعَة

البلع سرطت الشَّيْء إِذا بلعته وَمِنْه سمي الفالوذ صرطراطا لسرعة مروره فِي الْحلق وَمثله قَوْلهم (الْأَخْذ سلجان وَالْقَضَاء ليان) الليان المطل لواه يلويه لياً ولياناً إِذا مطله وَفِي الحَدِيث (لي الْوَاجِد ظلم) والواجد الْغَنِيّ والوجد الْغنى وَفِي الْقُرْآن {من وجدكم} وَقَالَ ذُو الرمة (تطيلين لياني وَأَنت مليئة ... وَأحسن ياذات الوشاح التقاضيا) والسلجان سرعَة الابتلاع أَيْضا سلج اللُّقْمَة سلجاً وسلجاناً إِذا بلعها بِسُرْعَة ويروى (الْأَخْذ سريطي وَالْقَضَاء ضريطي) 182 - قَوْلهم أَخذه أَخذ سَبْعَة قَالَ الْأَصْمَعِي يَعْنِي اللبؤة يُخَفف ويثقل يُقَال سبع وَسبع وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَرَادَ سَبْعَة من الْعدَد وَإِنَّمَا قيل سَبْعَة لِأَنَّهُ أَكثر مَا يستعملونه وَفِي كَلَامهم سبع سموات وَسبع أَرضين وَسَبْعَة أَيَّام 183 - قَوْلهم أجن الله جباله قَالَ الْأَصْمَعِي أجن الله جبلته أَي خلقته أَي سترهَا فِي الْقَبْر وَقيل يَعْنِي الْجبَال الَّتِي يسكنهَا أَي أَكثر فِيهَا الْجِنّ

184 - قَوْلهم الله أعلم مَا حطها من رَأس يسوم يُرَاد أَن الله أعلم بِالنِّيَّاتِ وَأَصله أَن رجلا نذر شَاة يذبحها وَيتَصَدَّق بلحمها فَمر بيسوم وَهُوَ جبل فَرَأى رَاعيا فَقَالَ لَهُ أتبيع شَاة من غنمك قَالَ نعم فاشتراها مِنْهُ وَأمره بذبحها عَنهُ وَولى فذبحها الرَّاعِي عَن نَفسه فَذكر ذَلِك للرجل فَقَالَ (الله أعلم مَا حطها من رَأس يسوم) وَذكر بَعضهم أَن الْألف فِي قَوْلنَا (الله) زِيَادَة وَمَجْرَاهُ مجْرى الْألف فِي قَوْلنَا الرجل وَالدَّار وَقَالَ غَيره هِيَ بدل من الْهمزَة فِي (الْإِلَه) وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقول النَّاس يَا ألله وَلَا يَقُولُونَ يَا الرجل وَيَا الدَّار وَقَالَ أَصْحَاب القَوْل الأول أَصله (لاه) وأنشدوا (كحلفة من أبي رَبَاح ... يسْمعهَا لاهه الْكِبَار) وَقَالُوا الْألف وَاللَّام فِيهِ للتعريف على معنى الِاسْتِحْقَاق وَالتَّسْلِيم كَمَا يُقَال فلَان الْخَطِيب وَفُلَان الشَّاعِر أَي هُوَ مُسْتَحقّ لهَذَا الِاسْم وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ الْألف وَاللَّام فِيهِ للتعريف بِمَنْزِلَة الْألف وَاللَّام فِي (النَّاس) وأصل النَّاس (أنَاس) لِأَن (النَّاس) قد يكون نكرَة فيفارقه الْألف واللا و (الله) لَا يجوز فِيهِ ذَلِك 185 - قَوْلهم اطلع عَلَيْهِم ذُو عينين هَكَذَا جَاءَ الْمثل وَمَعْنَاهُ أَنه اطلع عَلَيْهِم مطلع ورآهم رَاء

186 - قَوْلهم اضطره السَّيْل إِلَى الْعَطش يضْرب مثلا للرجل يضطره السعَة إِلَى الضّيق وَيَقُولُونَ فِي الدُّعَاء (رَمَاه الله بِالْحرَّةِ تَحت القرة) والحرة الْعَطش وَرجل حران أَي عطشان والقرة الْبرد 187 - قَوْلهم أرخ يَديك واسترخ إِن الزِّنَاد من مرخ أَي خفض عَلَيْك فِي الطّلب فَإِن صَاحبك كريم وَإِذا كَانَت الزِّنَاد من مرخ اكْتفي بِالْقَلِيلِ من الْقدح والمرخ شجر يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ سمن يكثر ناره وَمثله العفار وَفِي مثل (فِي كل شَجَرَة نَار واستمجد المرخ والعفار) أَي عظم نارهما وأصل الْمجد الْكبر والعظم 188 - قَوْلهم اترك الشَّرّ كَمَا يتركك يُرَاد إِنَّمَا يُصِيب الشَّرّ من يتَعَرَّض لَهُ والمثل للقمان بن عَاد قَالَ لِابْنِهِ اترك الشَّرّ كَمَا يتركك أَي كَيْمَا يتركك وكما لُغَة فِي كَيْمَا قَالَ الشَّاعِر (أنخ فاصطبغ قرصاً إِذا اعتادك الْهوى ... بِزَيْت كَمَا يَكْفِيك فقد الحبائب) أَي كَيْمَا يَكْفِيك

قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله وَقد يُصِيب الشَّرّ من يعتزله وَلَا يتَعَرَّض لَهُ قَالَ الشَّاعِر (فَإِن الْحَرْب يجنبها أنَاس ... وَيصلى حرهَا قوم برَاء) وَنَحْوه قَول الْحَارِث بن عباد (لم اكن من جناتها علم الله ... وَإِنِّي محرها الْيَوْم صالي) وَقد مر من قبل 189 - قَوْلهم ألْقى عَلَيْهِ بعاعه وَله موضعان يُقَال ألْقى عَلَيْهِ بعاعه أَي ألْقى عَلَيْهِ نَفسه من حبه وَألقى عَلَيْهِ بعاعه أَي ثقله والبعاع الْمَتَاع والثقل وبعاع السَّحَاب ثقله بالمطر قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (وَألقى بصحراء الغبيط بعاعه ... نزُول الْيَمَانِيّ ذِي العياب المخول) والمخول الَّذِي لَهُ خول وَمثله (ألْقى عَلَيْهِ شراشره) إِذا أحبه وَله موضعان أَيْضا يُقَال ألْقى عَلَيْهِ شراشره إِذا أحبه والشراشر الْبدن وَمَا تذبذب من الثِّيَاب يَقُول ألْقى عَلَيْهِ بدنه من حبه لَهُ والشراشر أَيْضا النَّفس وَألقى عَلَيْهِ شراشره أَي ثقله وَقَالَ بلعاء بن قيس

(وَقد يكره الانسان مافيه رشده ... وتلقى على غير الصَّوَاب شراشره) والشرشرة أَيْضا أَن تحك سكينا على حجر حَتَّى يخشن حَده 190 - قَوْلهم أخذت الأَرْض زخاريها يضْرب مثلا لكل شَيْء تمّ وكمل وزخاري الأَرْض نبتها حِين يزخر أَي يرْتَفع والزخور ارْتِفَاع النبت وَغَيره وَمِنْه قيل زخر الْبَحْر إِذا ارْتَفع موجه وبحر زاخر 191 - قَوْلهم أرَاهُ عبر عينه العبر والعبر سَوَاء أَي أرَاهُ مَا أسخن بِهِ عينه وَيَقُولُونَ فِي الدُّعَاء على الرجل لأمه العبر واستعبر الرجل إِذا بَكَى وَهِي الْعبْرَة أَي الْبكاء والعابر الثاكل قَالَ (يَقُول لي النَّهْدِيّ إِنَّك مردفي ... وَكَيف رداف الفل أمك عَابِر) وَيَقُولُونَ للباكي دَمًا لَا دمعاً وَلَا رقأت دمعته وَيُقَال أرقأ الله بِهِ الدَّم أَي سَاق إِلَى قومه جَيْشًا يطْلبُونَ بقتيل فَيقْتل فيرقأ بِهِ دم غَيره وَيَقُولُونَ فِي الدُّعَاء على الرجل أرانيه الله أغر محجلاً أَي محلوق الرَّأْس مُقَيّدا والحجل الْقَيْد وأطفأ الله ناره أَي أعمى عَيْنَيْهِ كَذَا قَالَ ثَعْلَب ورأيته حَامِلا جنبه أَي مجروحاً وَلَا ترك الله لَهُ شامتةً والشوامت القوائم وخلع الله نَعْلَيْه جعله مقْعدا

192 - قَوْلهم أباد غضراءهم أَي خَيرهمْ وغضارتهم وأصل الغضراء طين علك يُقَال أنبط بئره فِي عضراء طيبَة وَيُمكن أَن يُقَال إِن اشتقاق الغضارة من ذَلِك وَيجوز أَن يكون من غضارة الْعَيْش وَقيل أباد الله خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم وَالْعرب تسمي السوَاد خضرَة وَلِهَذَا قيل سَواد الْعرَاق للْمَاء وَالشَّجر فِيهَا وَذَلِكَ أَنه يرى من الْبعد أسود وَمن ثمَّ قيل كَتِيبَة خضراء لما يعلوها من صدأ الْحَدِيد وَقيل لجَماعَة النَّاس السوَاد والدهماء لِأَنَّهَا ترى من الْبعد سَوْدَاء 193 - قَوْلهم أَعْلَاهَا ذافوق 194 - وَقَوْلهمْ إِن شِئْت فَارْجِع فِي فَوق أَي هُوَ أَعلَى الْقَوْم سَهْما وأرفعهم أمرا وَذُو الفوق هُوَ السهْم وفوقه الْموضع الَّذِي يوضع فِي الْوتر أَي أَعْلَاهَا سَهْما أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر الْمَدَائِنِي عَن أبي جُزْء عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ قيل لعبد الله بن مَسْعُود وَهُوَ ينَال من عُثْمَان بايعتم رجلا ثمَّ أنشأتم تشتمونه قَالَ وَالله مَا ألونا أَن بَايعنَا أعلانا ذَا فَوق غير أَنه أهلكه شح النَّفس وبطانة السوء قَالَ أَفلا تغيرون

قَالَ مَا أُبَالِي أجبلاً راسياً زاولت أم ملكا مُؤَجّلا حاولت ولوددت أَنِّي وَعُثْمَان برمل عالج يحثي كل وَاحِد منا على صَاحبه حَتَّى يَمُوت الأعجل مَا ألونا أَي مَا قَصرنَا ونحثى أَي نسفي ونثير وَيَقُولُونَ (إِن شِئْت فَارْجِع فِي فَوق) أَي ارْجع إِلَى الْأَمر الأول من الْمُصَالحَة والمؤاخاة وَأنْشد ثَعْلَب (هَل أَنْت قائلة خيرا وتاركة ... شرا وراجعة إِن شِئْت فِي فَوق) 195 - قَوْلهم أرطي إِن خيرك فِي الرطيط أَي تذمري وطولي وصيحي إِن خيرك لَا يَأْتِي إِلَّا بذلك والرطيط التذمر 196 - قَوْلهم أَرِنِي غياً أَزْد فِيهِ مثل للرجل يَشْتَهِي الشَّرّ وَمن أمثالهم فِي الغي قَول الْقطَامِي (يطيعون الغواة وَكَانَ شرا ... لمؤتمر الغواية أَن يطاعا) وَقَول المرقش (فَمن يلق خيرا يحمد النَّاس أمره ... وَمن يغو لَا يعْدم على الغي لائما) وَقَول الْمُحدث (مَا المَاء منحدر من رَأس رابية ... يَوْمًا بأسرع من غاو إِلَى غاو)

197 - قَوْلهم أوجر مَا أَنا من سملقة أوجر أَي خَائِف و (مَا) صلَة يُقَال إِنِّي مِنْهُ لأوجل ولأوجر أَي وَجل وسملقة لقب رجل كَانَ يغْضب إِذا دعِي بِهِ فدعي بِهِ عِنْد بعض الْمُلُوك فَغَضب وَقَالَ (أوجر مَا أَنا من سملقة) أَي كنت أَخَاف أَن أدعى بذلك عِنْده فأهون عَلَيْهِ وَقد وَقعت فِيمَا خفت وَيضْرب مثلا للشَّيْء يخَاف ناحيته والسملق الفلاة الواسعة كَذَا وجدته عَن بعض الْعلمَاء وَقَالَ مؤرج السدُوسِي سملقة هُوَ قَتَادَة بن التوءم وَكَانَ عِنْد النُّعْمَان بن الْمُنْذر فَقَالَ نعْمَان بن سيحان أَبيت اللَّعْن إِنَّه يدعى سملقة فيغضب فَأمر النُّعْمَان فَنُوديَ يَا سملقة فَقَالَ لِابْنِ سيحان انت أخْبرته فَحلف إِنَّه لم يفعل فَأَنْشَأَ قَتَادَة يَقُول (جزى الله نعْمَان بن سيحان سَعْيه ... جَزَاء مغل بِاللِّسَانِ وباليد) (فقصرك مِنْهُ أَن ينوء بحلفة ... كَمَا قيل للمخنوق هَل انت مفتد) 198 - قَوْلهم ارْض من العشب بالخوصة أَي ارْض من الْأَمر بِالْقَلِيلِ وَهُوَ مثل فِي القناعة وَمن أمثالهم فِي ذَلِك (بؤسى لمن لم يرض بالكفاف)

199 - قَوْلهم إِن القنوع الْغَنِيّ لَا كَثْرَة المَال والقنوع يسْتَعْمل فِي مَوضِع القناعة وَلَيْسَ بالجيد فَإِنَّمَا القنوع السُّؤَال وَقَالَ آخر (والعيش لَا عَيْش إِلَّا مَا قنعت بِهِ ... قد يكثر المَال والانسان مفتقر) 200 - قَوْلهم الْبكْرِيّ أَخُوك فَلَا تأمنه يُرَاد بِهِ التحذير من الرجل الْقَرِيب 201 - قَوْلهم الْأُمُور وصلات أَي يستعان بِبَعْضِهَا على بعض وَلَيْسَ هَذَا من قَوْلهم (الْأَمر قد يغزى بِهِ الْأَمر) وَجعله بَعضهم مثله وَإِنَّمَا معنى هَذَا أَن الْأَمر رُبمَا بَعثك على الْأَمر فتفعله وَلم تكن تريده والمثل الآخر (وَالْأَمر قد يغزى بِهِ الْأَمر) أَي قد يفعل وَيُرَاد غَيره وَمن أمثالهم فِي الْأَمر قَوْلهم (الْأَمر يَبْدُو لَك فِي التدبر) و (الْأَمر يحدث بعده الْأَمر) و (الْأَمر تحقده وَقد ينمي) و (أَمر الله يطْرق كل لَيْلَة) و (الْأَمر يَأْتِيك لم يخْطر على بَال)

202 - قَوْلهم إِحْدَى بَنَات طبق يعْنى بِهِ الداهية وَأَصله الْحَيَّة والمثل للقمان بن عَاد أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر بن دُرَيْد قَالَ أخبرنَا السكن بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عباد عَن ابْن الْكَلْبِيّ عَن عوَانَة قَالَ كَانَ لُقْمَان بن عَاد بن عوص بن إرم بن سَام بن نوح لما أعطي مَا أعطي من الْعُمر وَهَلَكت العماليق فَخرج مَعَهم وهم ظاعنون حَتَّى أشرفوا على ثنية فَقَالَت امْرَأَة لزَوجهَا يافلان احْمِلْ لي هَذَا الكرز فَإِن فِيهِ مَتَاعا لي فَفعل فَلَمَّا توَسط الثَّنية وجد بللاً على عُنُقه فقذف بالكرز وَقَالَ يَا هنتاه عَلَيْك كرزك فَخرج رجل يسْعَى فِي عرض الْجَبَل فَقَالَ لَهُ لُقْمَان (إِحْدَى بَنَات طبق شرك على رَأسك) قَالَ أَبُو بكر سَأَلت أَبَا حَاتِم عَن بنت طبق فَقَالَ هِيَ السلحفاة بِضَم السِّين وَفتح اللَّام وَسُكُون الْحَاء وَتقول الْعَرَب إِنَّهَا تبيض بَيْضَة تنقف عَن اسود فَقَالَ يالقمان مَا جزاؤها قَالَ تدفن حَيَّة فِي كرزها فدفنت قَالَ أَبُو حَاتِم وأظن أصل رجم المحصنة من هَذَا وَالله أعلم وَمَعْنَاهُ أَن هَذِه الْمَرْأَة بِمَنْزِلَة الْحَيَّة 203 - قَوْلهم إِنَّنِي لن أضيره إِنَّمَا أطوي مصيره يضْرب مثلا للرجل يعْمل عملا عَظِيما وَهُوَ يرَاهُ يَسِيرا وَأَصله أَن غُلَاما من

الْعَرَب أَخذ نغراً فشق بَطْنه ثمَّ أخرج مصيره فَجعل يطويه فَقيل لَهُ مَا تصنع فَقَالَ (إِنِّي لن أضيره إِنَّمَا أطوي مصيره) والمصير المعى 204 - قَوْلهم إِن من ابْتِغَاء الْخَيْر اتقاء الشَّرّ الْمثل لِابْنِ شهَاب جَاءَهُ شَاعِر فمدحه فَأمر بإعطائه وَقَالَ (إِن من ابْتِغَاء الْخَيْر اتقاء الشَّرّ) وَمَعْنَاهُ ان لِسَان الشَّاعِر مِمَّا ينقى فَيَنْبَغِي أَن يفتدى شَره بِمَا يعْطى وَقَالَ حَكِيم إِعْطَاء الشَّاعِر من بر الْوَالِدين وَقَالَ الفرزدق (وَمَا حملت ام امرىء فِي ضلوعها ... أعق من الْجَانِي عَلَيْهَا هجائيا) وَقَالَ حَاتِم لِابْنِهِ إِذا رَأَيْت الشَّرّ يتركك فَاتْرُكْهُ وَقَالَ هدبة العذري (وَلَا أَتَمَنَّى الشَّرّ وَالشَّر تاركي ... وَلَكِن مَتى أحمل على الشَّرّ أركب) أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا الصولي قَالَ أخبرنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة عَن مُحَمَّد بن بكار عَن مُحَمَّد بن الْحسن بن الْهِلَالِي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ماوقى الرجل بِهِ عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وَمَا أنْفق الْمُؤمن نَفَقَة فعلى الله خلفهَا إِلَّا مَا كَانَ من نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة لله تَعَالَى) قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن الْهِلَالِي قلت لِابْنِ الْمُنْكَدر مَا معنى (وقى الرجل بِهِ عرضه) قَالَ أَن يُعْطي الشَّاعِر ذَا اللِّسَان

205 - قَوْلهم اخوك من آساك 206 - وَقَوْلهمْ أعْط أَخَاك من عقنقل الضَّب اللُّغَة الْعَالِيَة آساك وواساك قَليلَة وعقنقل الضَّب مصراته يَقُول آسه فِي الْقَلِيل فضلا عَن الْكثير وَقَالَ الأول (وَلَيْسَ يتم الْحلم للمرء رَاضِيا ... إِذا كَانَ عِنْد السخط لَا يتحلم) (كَمَا لَا يتم الْجُود للمرء مُوسِرًا ... إِذا كَانَ عِنْد الْعسر لَا يتكرم) وَقَالَ غَيره (لَيْسَ جود الْجواد من فضل مَال ... إِنَّمَا الْجُود للمقل المواسي) وَقلت (من لم يواسك فِي قَلِيل ... لم يواسك فِي الْكثير) (وَالْحق يلْزم فِي الْكثير ... وَلَيْسَ يسْقط فِي الْيَسِير) 207 - قَوْلهم التقى الثريان يضْرب مثلا لِاتِّفَاق الْأَخَوَيْنِ فِي التحاب وَالثَّرَى الندى وَذَلِكَ أَن الْمَطَر إِذا كثر رسخ فِي الأَرْض حَتَّى يلتقي نداه وندى بطن الأَرْض

فَشبه سرعَة اتِّفَاق المتفقين على الْمَوَدَّة بعد تباينهما بِالْمَاءِ ينزل من السَّمَاء فيلتقي مَعَ مَا تَحت الأَرْض وَقَرِيب من هَذَا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف) وَأخذ ذَلِك أَبُو نواس فَقَالَ (إِن الْقُلُوب لأجناد مجندة ... لله فِي الأَرْض بالأهواء تأتلف) (فَمَا تعارف مِنْهَا فَهُوَ معترف ... وَمَا تناكر مِنْهَا فَهُوَ مُخْتَلف) وَخَالف ذَلِك ابْن الرُّومِي فَقَالَ (قَالُوا الْقُلُوب تجازي قلت وَيحكم ... هَذَا الْمحَال فكفوا لَا تغروني) (على الْخَبِير سَقَطْتُمْ هَا أَنا رجل ... أَحْبَبْت فِي النَّاس قوما لم يحبوني) 208 - قَوْلهم أحبب حَبِيبك هونا مَا عَسى أَن يكون بَغِيضك يَوْمًا مَا الْمثل لأمير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام هونا أَي قصدا غير إفراط أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن عَمْرو بن فلَان وَعَن عبد الله بن عَمْرو عَن زيد بن أنيسَة عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه قَالَ

سَمِعت عليا عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول مرَارًا اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك من قتلة عُثْمَان وَإِنِّي أَرْجُو أَن يُصِيبنِي وَعُثْمَان قَول الله {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين} قَالَ وَرَأَيْت عليا فِي دَاره يَوْم أُصِيب عُثْمَان فَقَالَ مَا وَرَاءَك قلت شَرّ قتل عُثْمَان فَقَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ثمَّ قَالَ (أحبب حَبِيبك هونا مَا عَسى أَن يكون بَغِيضك يَوْمًا مَا وَأبْغض بَغِيضك هونا مَا عَسى أَن يكون حَبِيبك يَوْمًا مَا) وَقَالَ النمر بن تولب (وأحبب حَبِيبك حبا رويداً ... لِئَلَّا يعولك أَن تصرما) (وَأبْغض بَغِيضك بغضاً رويداً ... إِذا أَنْت حاولت أَن تحكما) وَمن جيد مَا قيل فِي هَذَا الْمَعْنى قَول بَعضهم لَا تكن مكثراً ثمَّ تكون مقلاً فَيعرف سرفك فِي الْإِكْثَار وجفاؤك فِي الإقلال وَمِنْه قَول عمر رَضِي الله عَنهُ لَا يكن حبك كلفا وَلَا بغضك تلفا 209 - قَوْلهم أساف حَتَّى مَا يشتكي السواف السواف ذهَاب المَال وهلاكه يُقَال ساف المَال إِذا هلك وأساف صَاحبه كَمَا يُقَال أجرب الرجل إِذا صَارَت إبِله جربى وَبِه سمي السَّيْف سَيْفا لِأَنَّهُ يهْلك النَّاس

وَقَالَ حَمْزَة الْأَصْفَهَانِي السَّيْف فَارسي مُعرب قَالَ وَهُوَ سيف وَكَيف يُقَال ذَلِك وَله أصل فِي الْعَرَبيَّة صَحِيح وَأَصله سيف فَخفف كَمَا قيل فِي ميت ميت وَمعنى الْمثل أَنه اعْتَادَ الْفقر والشدة حَتَّى لَا يُبَالِي بِهِ كَبِير مبالاة وهانت عَلَيْهِ وَطْأَة النوائب لِكَثْرَة مَا تعاورته وَمثله قَول الشَّاعِر (وَفَارَقت حَتَّى لَا أُبَالِي من انتوى ... وَلَو بَان جيران على كرام) وَقَول الآخر (روعت بالبين حَتَّى مَا أراع بِهِ ... ) وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة ويروى لغيره (تعودت مس الصر حَتَّى ألفته ... وأسلمني طول العزاء إِلَى الصَّبْر) (ووسع قلبِي للأذى كَثْرَة الْأَذَى ... وَإِن كَانَ أَحْيَانًا يضيق بِهِ صَدْرِي) (وصيرني يأسي من الله واثقاً ... بِحسن صَنِيع الله من حَيْثُ لَا أَدْرِي) 210 - قَوْلهم استقدمت رحالته يُقَال ذَلِك للرجل يعجل إِلَى صَاحبه بالشتم وَسُوء القَوْل والرحالة شَيْء من الْأدم مدور مبطن يَجعله الْفَارِس تَحْتَهُ وَكَانَت للْعَرَب بِمَنْزِلَة السرج وَكَانُوا لَا يعْرفُونَ السُّرُوج والسرج للْفرس وَإِنَّمَا هُوَ سرك قَالَ عنترة (إِذْ لَا أَزَال على رحالة سابح ... نهد تعاوره الكماة مُكَلم)

وَإِذا استقدمت رحالة الْفَارِس فسد ركُوبه فَجعل ذَلِك مثلا لمن فسد قَوْله ويروى (استقدمت رَاحِلَته) 211 - قَوْلهم أدْرك أَرْبَاب النعم وأصل الْمثل أَن نعما طردت لبَعض الْعَرَب فاعترضها قوم يُرِيدُونَ ردهَا فَقَاتلُوا عَلَيْهَا قتالاً ضَعِيفا ثمَّ جَاءَ أَرْبَابهَا فصدقوا الْقِتَال حَتَّى ردوهَا مَعْنَاهُ جَاءَ من لَهُ بِالْأَمر عناية وَلَا يَلِي الْأَمر حق ولَايَته إِلَّا المعني بِهِ وَمثله قَوْلهم (أهل الْقَتِيل يلونه) 212 - قَوْلهم إنباض بِغَيْر توتير يضْرب مثلا للرجل ينتحل الشَّيْء وَلَا يُحسنهُ أَو يَدعِيهِ وَلَيْسَ لَهُ يَقُول ينبض الْقوس من غير أَن يوترها والإنباض جذب الْقوس بالوتر لترن قَالَ الشماخ (إِذا أنبض الرامون عَنْهَا ترنمت ... ترنم ثَكْلَى أوجعتها الْجَنَائِز) وَهُوَ مثل قَوْلهم (كالحادي وَلَيْسَ لَهُ بعير) وَقَرِيب مِنْهُ قَول الشَّاعِر (وَهل ينْهض الْبَازِي بِغَيْر جنَاح ... ) وَمثله قَوْلهم (تجشأ لُقْمَان من غير شبع)

213 - قَوْلهم أقصر لما أبْصر يضْرب مثلا للراجع عَن الذَّنب والإقصار الْكَفّ عَن الشَّيْء مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ والقصور الْعَجز عَنهُ قصرت عَنهُ وَأَنا قَاصِر وَإِذا لم تقدر عَلَيْهِ وأقصرت عَنهُ إِذا تركته وَأَنت قَادر عَلَيْهِ والمثل لأكثم بن صَيْفِي فِي كَلَام طَوِيل لَهُ نودره فِيمَا بعد 214 - قَوْلهم أول الحزم المشورة وَهُوَ من جيد مَا قيل فِي المشورة وَقَالَ بَعضهم المستشير بَين خيرين صَوَاب يُصِيبهُ أَو خطأ يُشَارك فِيهِ وَهَذَا من أَجود مَا قيل فِيهَا أَيْضا والمشورة على وزن مثوبة ومشورة جَائِزَة وَلَيْسَ كل مَا جَازَ جاد وَأَصلهَا من قَوْلهم شرت الْعَسَل أشوره إِذا جنيته فَكَأَن المستشير يجني الرَّأْي من غَيره وأصل الْكَلِمَة الْإِظْهَار وَسميت الْعَوْرَة شوارا وَذَلِكَ أَن الْعَوْرَة تستر كَمَا قيل للزنجي أَبُو الْبَيْضَاء وَهَذَا ونظائره جَاءَ على الْقلب وَنَحْوه الْمَفَازَة والسليم وَيجوز أَن يكون المشورة مَأْخُوذَة من شرت الدَّابَّة إِذا أجريتها لتعرف أمرهَا والمشوار الْموضع الَّذِي تركبها فِيهِ لذَلِك وَفِي الْمثل (الْخطْبَة مشوار كثير العثار)

215 - قَوْلهم التقى حلقتا البطان والتقى البطان والحقب يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يبلغ الْغَايَة فِي الشدَّة والصعوبة وَأَصله أَن يحوج الْفَارِس إِلَى النَّجَاء مَخَافَة الْعَدو فينجو فيضطرب حزَام دَابَّته حَتَّى يمس الحقب وَلَا يُمكنهُ أَن ينزل فَيُصْلِحهُ والبطان حزَام الرحل وَأكْثر مَا يسْتَعْمل للقتب والحقب النسعة الَّتِي تشد فِي حقو الْبَعِير ويشد على حقيبته والحقيبة الرفادة تشد فِي مُؤخر القتب وكل شَيْء شددته فِي مُؤخر قتبك أَو رحلك فقد احتقبنه ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى قيل لمن اكْتسب خيرا اَوْ شرا قد احتقبه 216 - قَوْلهم اعلل تحظب مَعْنَاهُ كل مرّة بعد مرّة حَتَّى تسمن يضْرب مثلا للحريص يجمع وَلَا يشْبع يُقَال حظب الرجل حظوباً إِذا امْتَلَأَ ويروى (أعلل) وَهُوَ من الْعِلَل والعلل الشربة الثَّانِيَة 217 - قَوْلهم أَي الرِّجَال الْمُهَذّب يضْرب مثلا للرجل يعرف بالإصابة فِي الْأُمُور وَتَكون مِنْهُ السقطة وَأَصله من قَول النَّابِغَة

(وَلست بمستبق أَخا لَا تلمه ... على شعث أَي الرِّجَال الْمُهَذّب) وَقَرِيب مِنْهُ قَول معقل بن خويلد جاهلي (يرى الشَّاهِد الوادع المطمئن من ... الْأَمر مَالا يرى الْغَائِب) ثمَّ قَالَ (وَقَول عَدو وَأي امرىء ... من النَّاس لَيْسَ لَهُ عائب) وَقلت (وَأي حسام لَيْسَ ينبو وينثني ... وَأي جواد لَيْسَ يكبو ويظلع) 218 - قَوْلهم اطرقي وميشي يضْرب مثلا للرجل يخلط الْإِصَابَة بالْخَطَأ وَأَصله خلط الشّعْر بالصوف قَالَ رؤبة (عاذل قد أولعت بالترقيش ... إِلَيّ سرا فاطرقي وميشي) يُقَال مشت الْوَبر بالصوف إِذا خلطتهما ثمَّ ضربتهما بالمطرقة وَهُوَ الْعود الَّذِي يطْرق بِهِ والمصدر الطّرق

219 - قَوْلهم استغنت التفة عَن الرفة التفة السَّبع الَّذِي يُقَال لَهُ عنَاق الأَرْض بالتثقيل وَالتَّخْفِيف والرفة التِّبْن وَقيل دقاق التِّبْن بالتثقيل وَالتَّخْفِيف أَيْضا فَمن خفف قَالَ أَصله رفهة وَالْمعْنَى أَن التفة سبع يقتات اللَّحْم فَهِيَ مستغنية عَن التِّبْن يضْرب مثلا للرجل يَسْتَغْنِي عَن الشَّيْء فَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ أصلا 220 - قَوْلهم إِن كنت بِي تشد أزرك فأرخه مَعْنَاهُ إِن كنت تعتمد عَليّ فِي حَاجَتك حرمتهَا وَمثله قَول الراجز (مثل حماس وَأبي كوألل ... وَمن يَكُونَا حامليه يرجل) وَقَالَ غَيره (وَمن تكن أَنْت راعيه فقد هلكا ... ) وَيُقَال فلَان شدّ أزر فلَان إِذا أَعَانَهُ وَقواهُ وَفِي الْقُرْآن {اشْدُد بِهِ أزري} وَفِيه (فآزره) وَأَصله من الْإِزَار 221 - قَوْلهم اسر وقمر لَك يضْرب مثلا فِي اغتنام الفرصة يَقُول اغتننم ضوء الْقَمَر فسر فِيهِ قبل أَن يغيب فتخبط الظلمَة

222 - قَوْلهم ابدأهم بالصراخ يَفروا يضْرب مثلا للرجل يسيء إِلَى صَاحبه فيتخوف اللائمة من النَّاس فيبدؤهم بالشكاية والتجني ليكفوا عَن لومه والصراخ رفع الصَّوْت من الْجزع والصارخ المغيث والمستغيث وَذَلِكَ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يصْرخ بِصَاحِبِهِ هَذَا بِالدُّعَاءِ وَذَاكَ بالإجابة قَالَ سَلامَة بن جندل (إِنَّا إِذا مَا أَتَانَا صارخ فزع ... كَانَت إجَابَته قرع الظنابيب) يَعْنِي المستغيث وَيدل على ذَلِك قَوْله فزع وَقَالَ غَيره (وَكَانُوا مهلكي الْأَبْنَاء لَوْلَا ... تداركهم بصارخة شفيق) فَهَذَا هُوَ المغيث وَيُقَال استصرخت فلَانا فأصرخني أَي استغثته فأغاثني وَيُقَال سَمِعت الصرخة الأولى يَعْنِي الْأَذَان 223 - قَوْلهم احلب واشرب هَكَذَا رَوَاهُ بَعضهم قَالَ وَيضْرب مثلا للشَّيْء يمْنَع وَرُوِيَ (لَيْسَ كل أَوَان أحلب وأشرب) وَهُوَ الصَّحِيح وَيضْرب مثلا للْمَنْع يَقُول لست أجد كل أَوَان حلوبةً أَحْلَبَهَا وأشرب لَبنهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن أضيعها وَهُوَ مثل قَول الْمُحدث

(فَلَيْسَ فِي كل يَوْم ينجح الطّلب ... ) وَقَالَ الشَّاعِر (يَقُولُونَ إِن الْعَام أخلف نوءه ... وَمَا كل عَام رَوْضَة وغدير) 224 - قَوْلهم إمعة وإمرة يُقَال رجل إمعة وإمرة إِذا لم يكن لَهُ رَأْي يعْتَمد فَهُوَ يتبع كلا على رَأْيه وأصل الإمرة من ولد الضَّأْن يُقَال إِذا قل مَال الرجل (مَاله إمر وَلَا إمرة) وَإِنَّمَا شبه بهَا الرجل الَّذِي لَا رَأْي لَهُ المتبع لغيره فِي الرَّأْي لِأَنَّهَا تتبع مقدماتها فِي السَّعْي فَلَو سَقَطت إِحْدَاهُنَّ فِي جرف سَقَطت مَعهَا وَهَذَا معنى قَول الْأَعرَابِي (وَأمر مغويتهن يتبعن) وسنذكره بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى والإمر الرجل الضَّعِيف أَيْضا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس بن مَالك الْحِمْيَرِي (وَلست بِذِي رثية إمر ... إِذا قيد مستكرهاً أصحبا) أصحب إِذا أطَاع وَلم يمْتَنع هَذَا قَول بَعضهم وَقَالَ غَيره رجل إمع وَامْرَأَة إمعة إِذا لم يكن لَهُ رَأْي فَهُوَ يتبع النَّاس على رَأْيهمْ وَرجل إمر ضَعِيف وَقَالَ ابْن مَسْعُود لَا يكونن أحدكُم إمعة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْدِي 225 - قَوْلهم أصبح ليل يُقَال ذَلِك لليلة الشَّدِيدَة وَمِنْه قَول الشَّاعِر

(فَبَاتَ يَقُول أصبح ليل حَتَّى ... تجلى عَن صريمته الظلام) وَأَصله أَن امْرأ الْقَيْس بن حجر تزوج امْرَأَة ففركته وَكَانَ مفركاً تبْغضهُ النِّسَاء وَكَانَت أمه مَاتَت فِي صغره فأرضعه أَهله بِلَبن كلبة فَكَانَت رِيحه إِذا عرق ريح الْكَلْب هَكَذَا زَعَمُوا فَكرِهت امْرَأَته مَكَانَهُ من ليلته فَجعلت تَقول يَا خير الفتيان أَصبَحت فيرفع رَأسه فَيرى اللَّيْل على حَاله فينام فَتَقول الْمَرْأَة (أصبح ليل) فَلَمَّا أكثرت قَالَ مَا تكرهين مني قَالَت أكره مِنْك أَنَّك خَفِيف الْعَجز ثقيل الصَّدْر سريع الهراقة بطيء الْإِفَاقَة وَأَن رِيحك إِذا عرقت ريح كلب فَطلقهَا 226 - قَوْلهم ألْقى عَلَيْهِ يَدَيْهِ الأزلم الْجذع أَي هلك وَذهب أمره وَأنْشد (إِنِّي أرى لَك أكلا لَا يقوم بِهِ ... من الأكولة إِلَّا الأزلم الْجذع) والأزلم الْجذع الدَّهْر وَقَالَ ابْن الزبير (وَإِلَّا فأسلمهم إِلَيّ أدعهم ... على جذع من حَادث الدَّهْر أزلما) وَقَالَ آخر (إِنِّي أَخَاف عَلَيْهِ الأزلم الجذعا ... )

227 - قَوْلهم أعطَاهُ إِيَّاه بقوف رقبته قَالُوا أَي أعطَاهُ إِيَّاه وَلم يطْلب عوضا مِنْهُ وَأما قَوْلهم (أَخذ بقوف رقبته) فَمَعْنَاه أَخذ بقفاه وَقَالَ بَعضهم بطوف رقبته وَقَالَ بَعضهم القوف شعر الْقَفَا 228 - قَوْلهم أطرق كرا إِن النعام فِي الْقرى قَالَ الرستمي يضْرب مثلا للرجل يتَكَلَّم عِنْده فيظن أَنه المُرَاد بالْكلَام فَيَقُول الْمُتَكَلّم ذَلِك أَي اسْكُتْ فَإِنِّي أُرِيد من هُوَ أنبل مِنْك وَقَالَ غَيره يضْرب مثلا للرجل الحقير إِذا تكلم فِي الْموضع الْجَلِيل لَا يتَكَلَّم فِيهِ امثاله وَالْمعْنَى اسْكُتْ ياحقير حَتَّى يتَكَلَّم الأجلاء والكرى الكروان وَهُوَ طَائِر صَغِير فَشبه بِهِ الذَّلِيل وَشبه الأجلاء بالنعام وأطرق أَي أَغضّ من إطراق الْعين وَهُوَ خفض النّظر وَقيل كرىً وكروان كَمَا تَقول فَتى وفتيان وَقيل الكروان جمع الكروان كَمَا تَقول ورشان فِي جمع ورشان 229 - قَوْلهم أَبى العَبْد أَن ينَام حَتَّى يحلم بربته يضْرب مثلا لمن يطْلب مَالا يسْتَحق وَلَا يَنْبَغِي لَهُ وربته مالكته

230 - قَوْلهم أَنا من غزيَّة يَقُوله الرجل ينصح لمن لَا يقبل نصيحته وَأَصله قَول دُرَيْد بن الصمَّة أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن الصولي عَن مُحَمَّد بن الْحسن الغياني عَن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ أَشَارَ خَالِد بن صَفْوَان التَّمِيمِي على سُفْيَان بن مُعَاوِيَة المهلبي أَلا يحارب سلم بن قُتَيْبَة الْبَاهِلِيّ وَكَانَ أَمِير الْبَصْرَة من قبل مَرْوَان ابْن مُحَمَّد وَكَانَ أَبُو سَلمَة الْخلال قد كَاتب سُفْيَان بإمارة الْبَصْرَة فَقَالَ خَالِد لِسُفْيَان انْتظر فَإِن كَانَ الْأَمر لمروان فَمَا الرَّأْي لَك محاربة عَامله وَإِن كَانَ لأصحابك لَجأ سلم إِلَيْك فَلم يقبل مِنْهُ وحاربه فَهزمَ وَقتل ابْنه مُعَاوِيَة بن سُفْيَان فَقَالَ لَهُ خَالِد (أَنا من غزيَّة) قَالَ وَمَا معنى هَذَا قَالَ أردْت قَول دُرَيْد بن الصمَّة (أَمرتهم أَمْرِي بمنعرج اللوى ... فَلم يستبينوا الرشد إِلَّا ضحى الْغَد) (فَلَمَّا عصوني كنت مِنْهُم وَقد أرى ... غوايتهم وأنني غير مهتد) (وَمَا أَنا إِلَّا من غزيَّة إِن غوت ... غويت وَإِن ترشد غزيَّة أرشد) وغزية قَبيلَة وَكَانَ دُرَيْد أَشَارَ على أَخِيه عبد الله بالنجاء وَترك التلبث وَهُوَ منصرف عَن غَارة أغارها فَأبى فأدركه الطّلب فَقتل وشرحنا حَدِيثه فِي كتاب (ديوَان الْمعَانِي)

231 - قَوْلهم اهلك وَاللَّيْل أَي أدْرك أهلك مَعَ اللَّيْل وَهُوَ على مَذْهَب قَوْلهم (اسْتَوَى المَاء والخشبة) وَقَالَ الْجرْمِي بَادر أهلك قبل اللَّيْل وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه يُرِيد الْحق أهلك لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يَعْنِي (بَادر أهلك) إِنَّمَا يُبَادر اللَّيْل ويسابقه و (اللَّيْل) مَنْصُوب بِفعل آخر كَأَنَّهُ قَالَ وسابق اللَّيْل أَو احذر اللَّيْل فَأَما قَوْله قبل اللَّيْل فَهُوَ معنى الْكَلَام وَلَيْسَ تَقْدِير الْإِعْرَاب عَلَيْهِ وَلَو كَانَ التَّقْدِير عَلَيْهِ لَكَانَ (اللَّيْل) مجروراً وَلَكِن إِذا سابقت اللَّيْل وَلَحِقت أهلك فَمَعْنَاه أَنَّك لحقتهم قبل اللَّيْل فَإِن أظهرت هَذَا الْفِعْل الْمُضمر جَازَ وَكَذَلِكَ (رَأسك والجدار) أَي احفظ رَأسك وَاحْذَرْ الْجِدَار إِذا كنت تحذره فَإِن كنت تَأمره فَمَعْنَاه انطح رَأسك بالجدار 232 - قَوْلهم الإيناس قبل الإبساس مَعْنَاهُ يَنْبَغِي أَن يؤنس الرجل ويبسط ثمَّ يُكَلف وَيسْأل وَأَصله فِي النَّاقة تداريها وتمسحها وتبس بهَا لتفاج للحلب والإبساس أَن تَقول لَهَا (بس بس) لتسكن وَقد بس بهَا الرجل وأبس قَالَ الشَّاعِر (فلحى الله طَالب الصُّلْح منا ... مَا أهاب المبس بالدهماء) وناقة بسوس إِذا كَانَت تدر على الإبساس

233 - قَوْلهم إِن البغاث بأرضنا يستنسر نفسره فِي الْبَاب الثَّانِي إِن شَاءَ الله 234 - قَوْلهم البس لكل حَالَة لبوسها الْمثل لبيهس وَسَنذكر خَبره 235 - قَوْلهم أَخْطَأت استه الحفرة يضْرب مثلا للرجل يتوخى الصَّوَاب فَيَجِيء بالْخَطَأ وَقَرِيب مِنْهُ قَوْلهم (أصَاب الصَّوَاب فَأَخْطَأَ الْجَواب) وَأصَاب هَاهُنَا بِمَعْنى أَرَادَ وَفِي الْقُرْآن {رخاء حَيْثُ أصَاب} 236 - قَوْلهم أَسَاءَ كَارِه مَا عمل يضْرب مثلا للرجل يكره على الْأَمر فَلَا يُبَالغ فِيهِ وَالْفرس تَقول إِذا أكره الْكَلْب على الصَّيْد لم يسر الصاحب وَلَا الصاحبة 237 - قَوْلهم إِحْدَى نواده الْبكر أَي إِحْدَى النِّسَاء اللواتي يندهن الْبكر يضْرب مثلا للداهية النكر

238 - قَوْلهم أصوص عَلَيْهَا صوص هُوَ كَقَوْلِهِم المركوب خير من الرَّاكِب والأصوص الْحَائِل السمينة والصوص اللَّئِيم الَّذِي لَا خير فِيهِ 239 - قَوْلهم إِن سوادها قوم لي عنادها سَواد الشَّيْء لُزُومه أَي لَزِمته ورضته حَتَّى تقوم 240 - قَوْلهم أدنى حماريك ازجري أَي عَلَيْك بِأَدْنَى أَمرك ثمَّ تناولي الْأَبْعَد 241 - قَوْلهم اخْتلفت رءوسها فرتعت قَالَ ثَعْلَب يضْرب مثلا للْقَوْم يَخْتَلِفُونَ فِي الْأَمر وَلَا تَجْتَمِع آؤارهم فِيهِ على شَيْء 242 - قَوْلهم إِن الْغَنِيّ لطويل الذيل مياس أَي لَا يَسْتَطِيع صَاحب المَال ان يَكْتُمهُ

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها الألف

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الالف 243 - آمن من الارض من الْأَمَانَة لِأَنَّهَا تُؤدِّي مَا تودع وَيَقُولُونَ (أكتم من الأَرْض) و (أحفظ من الأَرْض) و (أحمل من الأَرْض) وَأخذ مُسلم بن الْوَلِيد معنى هَذَا الْمثل فَقَالَ مَا فِي الأَرْض نديم خير من حَائِط استودعه مَا شِئْت يؤده إِلَيْك وحدثه بِمَا شِئْت يَكْتُمهُ عَلَيْك وابصق فِي وَجهه من غير جرم لَا يشمئز مِنْك يرغب فِي الْوحدَة والانفراد من النَّاس 244 - آمن من حمام مَكَّة وآلف أَيْضا من الْأَمْن والإلف وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تثار وَلَا تصاد فَهِيَ تأمن وَيطول عهدها هُنَاكَ فَهِيَ تألف 245 - آلف من غراب عقدَة وعقدة أَرض كَثِيرَة الشّجر فَلَا يكَاد الْغُرَاب يفارقها لخصبها وَقيل كل أَرض مخصبة عقدَة والعقدة من الْكلأ مايكفي الْإِبِل سنة وعقدة الدّور من ذَلِك لِأَنَّهَا كِفَايَة أَصْحَابهَا

246 - قَوْلهم آبل من حنيف الحناتم وَهُوَ رجل من تيم اللات حاذق يرْعَى الْإِبِل يُقَال رجل آبل بَين الإبالة إِذا كَانَ بَصيرًا بِالْإِبِلِ ومعالجتها وَكَانَ يَقُول من قاظ الشّرف وتربع الْحزن وتشتى الصمان فقد اصاب المرعى قَالَ ابْن حبيب وَكَانَ ظم إبِله غبا بعد عشر وأظماء النَّاس غب وظاهرة وَالظَّاهِرَة أقصر الأظماء وَهُوَ أَن ترد الْإِبِل فِي كل يَوْم مرّة وَالْغِب أَن ترد يَوْمًا وتغب يَوْمًا وَالثلث أَن تغب يَوْمَيْنِ وَترد فِي الْيَوْم الثَّالِث وَكَذَلِكَ إِلَى الْعشْر تنقص يَوْمَيْنِ يَوْمَيْنِ والعريجاء أَن ترد كل يَوْم ثَلَاث مَرَّات والرغرغة والرفه أَن ترد مَتى شَاءَت وَمِنْه قيل رفاهية الْعَيْش لسعته 247 - آبل من مَالك بن زيد مَنَاة وَكَانَ آبل أهل زَمَانه على حمقه وَقد ذكرنَا قصَّته فِيمَا تقدم 248 - آكل من حوت لبلعه الْأَشْيَاء من غير مضغ وَإِنَّمَا يسْرع الشِّبَع مَعَ المضغ ويبطىء مَعَ البلع من غير مضغ فالماضغ يشبعه الْقَلِيل والبالع لَا يشبعه الْكثير هَكَذَا سَبِيل المَاء فِي الرشف والعب قَالَ صَاحب كتاب الْحَيَوَان الْقَدِيم الْحُوت

وَجَمِيع السّمك يَأْكُل وَلَا يشرب وَإِذا حصل المَاء فِي جَوف شَيْء مِنْهَا قَتله وأظن رؤبة سمع ذَلِك فَقَالَ (والحوت لَا يرويهِ شَيْء يلهمه ... يصبح ظمآن وَفِي الْبَحْر فَمه) وَقد يُقَال (أروى من حوت) وَإِن كَانَ لَا يشرب لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى الشّرْب كَمَا يُقَال (أروى من ضَب) وَهُوَ لَا يشرب أبدا 249 - آكل من سوس وَقيل لخَالِد بن صَفْوَان كم ترزق ابْنك قَالَ ثَلَاثِينَ فِي الشَّهْر وَإِنَّهَا لأسرع فِي مَالِي من السوس فِي الصُّوف فِي الصَّيف 250 - آكل من الْفِيل وَمن النَّار وَمن الفأر مَعْرُوف مَا يعْنى بِهِ 251 - آكل من لُقْمَان وَكَانُوا يَقُولُونَ إِنَّه كَانَ يتغدى جزوراً ويتعشى جزوراً وَهَذَا من أكاذيبهم على انهم رووا ان هِلَال بن الأسمر قتل رجلا من قومه ففر على رجلَيْهِ حَتَّى لَقِي صديقا لَهُ من بني يَرْبُوع فزوده وَحمله على بكره

فَلَمَّا أقفر جَاع فنحرها وأكلها إِلَّا بَقِيَّة حملهَا على ظَهره قَالَ فرحت وناقتي فِي بَطْني وعَلى ظَهْري وَذكروا أَنه أَو غَيره نحر جزوراً فَقعدَ على جَانب مِنْهَا وَامْرَأَته على جَانب فأكلاها ثمَّ أَرَادَ غشيانها فَلم يقدر عَلَيْهِ فَقَالَت امْرَأَته كَيفَ تَدْنُو مني وأدنو مِنْك وَفِيمَا بَيْننَا جزور 252 - آكل من ضرس مَعْرُوف 253 - آلف من كلب وَذَلِكَ أَن صَاحب الْمنزل إِذا رَحل عَنهُ لم يتبعهُ فرس وَلَا بغل وَلَا ديك وَلَا دجَاجَة وَلَا حمامة وَلَا هرة وَلَا شَاة وَلَا عُصْفُور وَلَا شَيْء مِمَّا يعايش النَّاس إِلَّا الْكَلْب فَإِنَّهُ يتبعهُ حَيْثُ يمْضِي ويحميه ويؤثره على وَطنه ومسقط رَأسه 254 - آلف من الْحمى وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا تمادت احتمى صَاحبهَا وتداوى فَإِذا ظن أَنَّهَا فارقته عَادَتْ إِلَيْهِ

فهرسته

الْبَاب الثَّانِي فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال المضروبة فِي أَوله بَاء فهرسته بدا بجيث الْقَوْم برح الخفاء بالرفاء والبنين الْبلَاء موكيل بالْمَنْطق بِهِ لَا بِظَبْيٍ بالصرائم أعفرا برق الخلب بَين حاذف وقاذف باليدين مَا أوردهَا زَائِدَة بِهِ دَاء الظبي بنت الْجَبَل بَيْتِي يبخل لَا أَنا بالساعد تبطش الْكَفّ بأذن السماع سميت بَين الْعَصَا ولحائها بق نعليك وابذل قَدَمَيْك بلغ من الْعلم أطوريه برد غَدَاة غر عبدا من ظمأ بِعْت جاري وَلم أبع دَاري برقي لمن لَا يعرفك بلغ السَّيْل الزبى بلغ مِنْهُ المخنق بَالَتْ بَينهم الثعالب بَينهم دَاء الضرائر بَين الحذيا وَالْخلْسَة بَين الْمُطِيع وَبَين الْمُدبر العَاصِي بِهِ تقرن الصعبة بئس مقَام الشَّيْخ أمرس أمرس بعد اللتيا وَالَّتِي بعد الهياط والمياط بَيْضَة الْعقر بَين سمع الأَرْض وبصرها بقطيه بطبك بصبصن بالأذناب إِذْ حدينا بيَدي لَا بيَدي عَمْرو بسالم كَانَت الْوَقْعَة باءت عرار بكحل بَطْني فعطري بعد خيرتها تحتفظ بلغ الله بك أكلأ الْعُمر بجنبه فلتكن الوجبة بدل أَعور البادي أظلم ببطنه يعدو الذّكر البغاث بأرضنا يستنسر بَيْضَة الْبَلَد ببقة صرم الْأَمر البضاعة تيَسّر الْحَاجة

فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها الباء

فهرست الامثال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْبَاء أبعد من النَّجْم أبْصر من فرس أبْصر من عِقَاب ابصر من نسر أبْصر من غراب أبْصر من الْكَلْب أبْصر من الزَّرْقَاء أبأى من حنيف الحناتم أبأى مِمَّن جَاءَ بِرَأْس خاقَان أبر من فلحس أبر من الذئبة أبر من الْهِرَّة أبكر من الْغُرَاب أبْغض من الطلياء أبرد من عضرس أبرد من عبقر وحبقر أبرد من جربياء أبخل من مادر أبخل من حباحب أبخل من صبي أبخل من ذِي معذرة أبلغ من سحبان أبين من قس أبلد من سلحفاة أبلد من ثَوْر أبذى من مُطلقَة أبكى من يَتِيم أَبيض من دجَاجَة أبخر من صقر أبخر من فَهد أبول من كلب أبين من وضح الصُّبْح أبقى من وَحي فِي حجر الْبِئْر أبقى من الرشاء أبقى من تفاريق الْعَصَا أبطش من دوسر

تفسير الباب الثاني

تَفْسِير الْبَاب الثَّانِي 255 - قَوْلهم بدا نجيث الْقَوْم أَي ظهر مَا كَانُوا يخفون والنجيث الْأَمر يسْتَخْرج فَيظْهر وَهُوَ نجيث ومنجوث وَقد نجث وَأَصله من قَوْلهم نجثت التُّرَاب أنجثه نجثاً إِذا استخرجته من بِئْر أَو حُفْرَة وَرجل نجاث بحاث عَن الْأُمُور وَالتُّرَاب نجيث ومنجوث والجنثي بِالضَّمِّ الْقَيْن والجنثي بِالْكَسْرِ اسْم من أَسمَاء السَّيْف قَالَ الشَّاعِر (بجنثية قد أحكمتها الصياقل ... ) 256 - قَوْلهم برح الخفاء مَعْنَاهُ زَالَ السّتْر وانكشف السِّرّ وَهُوَ من قَوْلهم برح الرجل من مَكَانَهُ إِذا زَالَ عَنهُ وَقَالَ ثَعْلَب مَعْنَاهُ صَار فِي براح من الأَرْض وَهُوَ مَا ظهر مِنْهَا فَأَما قَوْلهم مَا برح فلَان يفعل كَذَا فَمَعْنَاه مَا زَالَ يَفْعَله وَفِي الْقُرْآن {لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين} أَي لَا أَزَال أَسِير حَتَّى أبلغه وأبرح الرجل إِذا جَاءَ بالبرحاء وَهُوَ الْأَمر الجسيم قَالَ الشَّاعِر (أبرحت رَبًّا وأبرحت جارا ... )

وبرح بِهِ الْأَمر إِذا صَعب عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ وتباريح الشوق شدته 257 - قَوْلهم بالرفاء والبنين يُقَال ذَلِك للمتزوج والرفاء الْمُوَافقَة والملاءمة من قَوْلك رفأت الثَّوْب إِذا لأمت خرقه وَقد ذكرنَا أصل الْمثل وَقَالَ شَقِيق بن سليك لامْرَأَة فَارقهَا (وطوفي لتلتقطي مثلنَا ... وَأقسم بِاللَّه لَا تفعلينا) (وَلَكِن لَعَلَّك أَن تنكحي ... لئيم الْمركب خباً بطينا) (فإمَّا نكحت فَلَا بالرفاء ... إِذا مَا نكحت وَلَا بالبنينا) (إِذا مَا حملت إِلَى دَاره ... أعد لظهرك سَوْطًا متينا) (كَأَن المساويك فِي شدقه ... إِذا هن أكرهن يقلعن طينا) يَعْنِي انه أقلح فَأَما قَوْلهم رفوت بِغَيْر همز فَمَعْنَاه التسكين يُقَال رفوت الرجل إِذا سكنت فزعه قَالَ الْهُذلِيّ (رفوني وَقَالُوا يَا خويلد لَا ترع ... فَقلت وانكرت الْوُجُوه هم هم)

258 - قَوْلهم الْبلَاء مُوكل بالْمَنْطق قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا احْمَد ابْن زُهَيْر قَالَ حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى قَالَ حَدثنَا الْعَلَاء بن عبد الْملك ابْن هَارُون بن عنتر عَن أَبِيه عَن جده عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْبلَاء مُوكل بالْمَنْطق) وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن جَعْفَر الْجمال إجَازَة قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن مقَاتل قَالَ حَدثنَا نصر بن بَاب عَن أبي إِسْحَاق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْبلَاء مُوكل بالْقَوْل فَلَو أَن رجلا عير رجلا برضاع كلبة لرضعها) وأنشدنا قَالَ أنشدنا القَاضِي بن بهْلُول (لَا تمزحن بِمَا كرهت فَرُبمَا ... ضرب المزاح عَلَيْك بالتحقيق) وَقَالَ غَيره (لَا تنطقن بِمَا كرهت فَرُبمَا ... نطق اللِّسَان بحادث فَيكون) وَقَالَ آخر (احفظ لسَانك أَن تَقول فتبتلى ... إِن الْبلَاء مُوكل بالْمَنْطق) 259 - بِهِ لَا بِظَبْيٍ بالصرائم أعفرا الْمثل للفرزدق وَيضْرب للشماتة بِالرجلِ يَقُول نزل بِهِ الْمَكْرُوه

وَلَا نزل بِظَبْيٍ أَن عنايتي بالظبي أَشد من عنايتي بِهِ وَمن حَدِيثه أَن الفرزدق هجا بني نهشل فَقَالَ (إِذا تمّ أير النَّهْشَلِي لأمه ... ثَلَاثَة أشبار فقد طاح دينهَا) وَقَالَ (لعمري لَئِن قل الْحَصَى فِي عديدكم ... بني نهشل مالؤمكم بِقَلِيل) وَقَالَ (بِحَق امرىء كَانَت رميلة أمه ... يمِيل عَلَيْهِ اللؤم حَيْثُ يمِيل) (تقصر بَاعَ النَّهْشَلِي عَن الْعلَا ... وَلَكِن أير النَّهْشَلِي طَوِيل) ثمَّ خرج الْأَحْنَف بن قيس وَجَارِيَة بن قدامَة والختات بن يزِيد بن صعصعة والمجاشعي عَم الفرزدق إِلَى مُعَاوِيَة فوصلهم وَنقص حتاتاً فَعَاتَبَهُ الحتات فَقَالَ مُعَاوِيَة اشْتريت مِنْهُمَا دينهما ووفرت عَلَيْك دينك قَالَ فاشتر مني ديني أَيْضا فألحقه بهما فِي الصِّلَة فَأَقَامَ يتنجزها فطعن فَمَاتَ فَرجع مُعَاوِيَة فِيمَا أعطَاهُ فَقَالَ الفرزدق وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ أَبوك وَعمي يامعاوى أورثا ... تراثاً فَأولى بالتراث أَقَاربه) (فَمَا بَال مِيرَاث الحتات أَكلته ... وميراث حَرْب جامد لَك ذائبه) (فَلَو كَانَ هَذَا الْأَمر فِي جَاهِلِيَّة ... علمت من الْمولى الْقَلِيل حلائبه) (وَلَو كَانَ ذَا فِي غير دين مُحَمَّد ... لأديته أَو غص بِالْمَاءِ شَاربه)

(وَلَو كَانَ إِذْ كُنَّا وللكف بسطة ... لصمم عضب فِيك مَاض مضاربه) (فكم من أَب لي يَا معاوي لم يزل ... أغر يباري الرّيح أَزور جَانِبه) (وَكم من أَب لي يَا معاوي لم يكن ... أَبوك الَّذِي من عبد شمس يُقَارِبه) (نمته فروع المالكين ودارم ... وساد جَمِيع النَّاس مذ طر شَاربه) فَوجدَ النهشليون عَلَيْهِ سَبِيلا فسعوا بِهِ إِلَى زِيَاد وَقَالُوا قد هجا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ زِيَاد لعريف بني مجاشع أحضرني قَوْمك والفرزدق فيهم ليأخذوا عطاءهم فأحس الفرزدق بِالشَّرِّ فهرب وَقَالَ (دَعَاني زِيَاد للعطاء وَلم اكن ... لآتيه مانال ذُو حسب وفرا) (وَعند زِيَاد لَو يُرِيد عطاءهم ... رجال كثير قد أماتهم فقرا) فِي أَبْيَات قَالَهَا فَمَا زَالَ يطوف فِي أَحيَاء الْعَرَب حَتَّى اتى الْمَدِينَة عائذا بِسَعِيد ابْن الْعَاصِ وَقَالَ (إِلَيْك فَرَرْت مِنْك وَمن زِيَاد ... وَلم أَحسب دمي لَكمَا حَلَالا) (ترى العر الجحاجح من قُرَيْش ... إِذا مَا الْأَمر فِي الْحدثَان غالا) (قيَاما ينظرُونَ إِلَى سعيد ... كَأَنَّهُمْ يرَوْنَ بِهِ هلالا) (فَإِن يكن الهجاء أحل قَتْلِي ... فقد قُلْنَا لشاعركم وَقَالا) وَأخذ هَذَا الْمَعْنى نصيب فَقَالَ (أغر إِذا الرواق انجاب عَنهُ ... بدا مثل الْهلَال على مِثَال)

(تراءته الْعُيُون كَمَا تراءت ... عَشِيَّة فطرها وضح الْهلَال) وَأَخذه الْمُحدث وَقَالَ (كَأَنَّهُ والعيون ترمقه ... من كل وَجه هِلَال وشوال) فآمنه سعيد فَقَالَ (أَلا من مبلغ عني زياداً ... مغلغلةً يخب بهَا الْبَرِيد) (بِأَن قد فَرَرْت إِلَى سعيد ... وَمن يسطيع مَا يحمي سعيد) فَبلغ زياداً ذَلِك فَقَالَ وَالله لَا أرْضى عَنهُ حَتَّى ينتسب فِي بني فقيم فَقَالَ (أَلا من مبلغ عني زياداً ... بِأَنِّي قد فَرَرْت إِلَى سعيد) (فَإِن شِئْت انتسبت إِلَى النَّصَارَى ... وَإِن شِئْت انتسبت إِلَى الْيَهُود) (وَأَن شِئْت ادعيت إِلَى فقيم ... وَإِن شِئْت ادعيت إِلَى القرود) (وأبغضهم إِلَى بَنو فقيم ... لئام النَّاس فِي الزَّمن الحرود) فَذكر النَّصَارَى وَالْيَهُود والقرود ثمَّ قَالَ (وابغضهم إِلَى بَنو فقيم) فَبَالغ مُبَالغَة شَدِيدَة فَقَالَ لَهُ مَرْوَان لم ترض أَن نَكُون قعُودا نَنْظُر إِلَيْهِ حَتَّى جعلتنا قيَاما فَقَالَ لَهُ إِنَّك مِنْهُم يَا أَبَا عبد الله لصافن فحقدها عَلَيْهِ مَرْوَان فَلَمَّا عزل سعيد أحضرهُ مَرْوَان فَقَالَ أَنْت الْقَائِل (هما دلتاني من ثَمَانِينَ قامة ... كَمَا انقض باز أقتم الريش كاسره) (فَقلت ارفعا الأستار لَا يشعروا بِنَا ... وأدبرت فِي أعجاز ليل أبادره)

قَالَ نعم قَالَ أفتقول مثل هَذَا بَين أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْرُج عَن الْمَدِينَة فَاسْتَجَارَ عبد الله بن جَعْفَر فَلَمَّا مَاتَ زِيَاد بلغَة أَن مِسْكينا الدَّارمِيّ رثاه فَقَالَ (رَأَيْت زِيَادَة الْإِسْلَام ولت ... جهاراً حِين وَدعنَا زِيَاد) فَقَالَ الفرزدق وَلم يكن هجا زياداً حَتَّى مَاتَ (أمسكين أبكى الله عَيْنك إِنَّمَا ... جرى فِي ضلال دمعها فتحدرا) (بَكَيْت امْرأ من أهل ميسَان كَافِرًا ... ككسرى على عدانه أَو كقيصرا) (أَقُول لَهُ لما أَتَانِي نعيه ... بِهِ لَا بِظَبْيٍ بالصرائم أعفرا) وَقَالَ (كَيفَ تراني قالباً مجني ... أقلب أَمْرِي ظَهره لبطن) (قد قَاتل الله زياداً عني ... ) والصرائم جمع صريمة وَهِي قِطْعَة من الرمل والأعفر الَّذِي لَونه لون العفر وَهُوَ التُّرَاب 260 - قَوْلهم برق الخلب يجعلونه مثلا لكل شَيْء لَا حَقِيقَة لَهُ وَهُوَ الْبَرْق الَّذِي لَا مطر مَعَه وَأَصله من الخلابة وَهِي الخداع يُقَال برق خلب وبرق خلب وَقيل الخلب مَا كَانَ يخلف برقه قَالَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي

(لَا تهني بعد إِذْ أعززتني ... وشديد عَادَة منتزعة) (لَا يكن برقك برقاً خلباً ... إِن خير الْبَرْق مَا العيث مَعَه) وَقَالَ غَيره فِي هَذَا الْمَعْنى (قبح الْإِلَه عداتكم ... كالبرق لَيْسَ لَهُ بلَيْل) (أَنْت الْفَتى كل الْفَتى ... لَو كنت تفعل مَا تَقول) وَقَالَ آخر (مَا كل بارقة تجود بِمَائِهَا ... ) وَقلت فِي غير هَذَا الْمَعْنى (وَقد حسنت عِنْدِي كواذب وعده ... وياربما استحسنت بارق خلب) 261 - قَوْلهم بَين حاذف وقاذف يضْرب مثلا للرجل لَا ينْصَرف من مَكْرُوه إِلَّا إِلَى مثله وَأَصله فِي الأرنب وَذَلِكَ أَن كل شَيْء يطْمع فِيهَا حَتَّى الْغُرَاب وَقَالَ بَعضهم أول من تمثل بِهِ عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيثه أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ استقدمه من مصر وَهُوَ واليه عَلَيْهَا فَسَار سبعا إِلَى الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ عمر لقد سرت سير الصرورة المشتاق قَالَ إِنِّي لم تأبطني الْإِمَاء وَلم ينفض على سوادهن فَقَالَ عمر إِن الدَّجَاجَة رُبمَا فحصت فِي التُّرَاب

فباضت عَلَيْهِ من غير طروقة فَانْصَرف عَمْرو واجما فلقي رجلا من الْأَنْصَار فَشَكا عمر إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّك قد صقعت الْحَاجِب وأوضعت بالراكب فَقَالَ لَا أقع إِلَّا على حاذف أَو قَاذف الْقَاذِف بِالْحجرِ والحاذف بالعصا والطروقة الْفَحْل والصرورة الَّذِي لم يحجّ وَالَّذِي لم يتَزَوَّج أَيْضا 262 - قَوْلهم باليدين مَا أوردهَا زَائِدَة و (مَا) زَائِدَة يضْرب مثلا للرجل يزاول الْأَمر الْعَظِيم فَيَأْخذهُ بِقُوَّة وَأَصله فِي الْإِبِل الْجلاء يحْتَاج موردها إِلَى فضل قُوَّة وَالْيَد الْقُوَّة وَالْقُدْرَة وَرُبمَا قيل اليدان فِي معنى الْقُوَّة كَمَا قَالَ الشَّاعِر (فاعمد لما نعلو فَمَا لَك بِالَّذِي ... لَا تَسْتَطِيع من الْأُمُور يدان) وَأما قَوْله تَعَالَى {بل يَدَاهُ مبسوطتان} فَمَعْنَاه نعمتاه الظَّاهِرَة والباطنة فِي الدُّنْيَا وَالدّين وَقَوْلهمْ الضَّيْعَة فِي يَد فلَان أَي هِيَ فِي ملكه وَتَحْت قدرته وَهَذَا معنى القبضة أَيْضا قَالَ عُرْوَة بن حزَام (تكلفت من عفراء مَا لَيْسَ لي بِهِ ... وَلَا بالجبال الراسيات يدان) وزائدة اسْم رجل 263 - قَوْلهم بِهِ دَاء الظبي وَمَعْنَاهُ انه صَحِيح لاداء بِهِ وَلَا تَخْلُو الظباء من الأدواء كَسَائِر الْحَيَوَان

وَلَكِن لما رأتها الْعَرَب تفوت الطَّالِب وَلَا يقدر على لحقاها الْمُجْتَهد نسبوا ذَلِك إِلَى صِحَة أجسامها فَقَالُوا لاداء بهَا وَيَقُولُونَ (مابه قلبة) أَي مَا بِهِ دَاء وَأَصله فِي الدَّابَّة يكون فِي بَاطِن حافرها دَاء فيقلبه البيطار وَينظر إِلَيْهِ ويداويه قَالَ الراجز (وَلم يقلب أرْضهَا البيطار ... وَلَا لحبليه بهَا حبار) والحبار الْأَثر وَمِنْه سمي الحبر حبرًا لتأثيره فِي الْكتب وَأَرْض الدَّابَّة قَوَائِمهَا وَهِي هَاهُنَا حافرها قَالَ الشَّاعِر (وأحمر كالديباج أما سماؤه ... فرياً وَأما أرضه فمحول) سماؤه أَعْلَاهُ وأرضه أَسْفَله 264 - قَوْلهم بنت الْجَبَل يضْرب مثلا للرجل يتَكَلَّم مَعَ كل مُتَكَلم ويجيب كل قَائِل وَأَصله الصدى الَّذِي يُجيب الْمُتَكَلّم فِي الْجبَال وَمَا يجْرِي مجْراهَا وَأما من يتبع كلا على رَأْيه فَهُوَ إمعة وَقد تقدم ذكره وَقلت فِي رجل تمْتَام كثير الْكَلَام (اسْكُتْ لحاك الله من أخرس ... لَا يفهم النَّاس وَلَا يسكت) (يجْرِي مَعَ النطاق مثل الصدى ... لَا يحسن القَوْل وَلَا يصمت)

265 - قَوْلهم بَيْتِي يبخل لَا أَنا يَقُول لَيْسَ الْبُخْل من أخلاقي وَلَكِن لَيْسَ فِي بَيْتِي شَيْء أَجود بِهِ ووقفت امْرَأَة على بعض الأجواد فَقَالَت أَشْكُو إِلَيْك قلَّة الجرذان فَقَالَ مَا ألطف مَا سَأَلت وَأَعْطَاهَا حَتَّى أغناها وَقَرِيب من هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر (يرى الْمَرْء أَحْيَانًا إِذا قل مَاله ... من الْخَيْر أبواباً فَلَا يستطيعها) (وَمَا إِن بِهِ بخل وَلَكِن مَاله ... يقصر عَنْهَا والبخيل يضيعها) وَقَالَ أَبُو نواس (كفى حزنا أَن الْجواد مقتر ... عَلَيْهِ وَلَا مَعْرُوف عِنْد بخيل) وَقَالَ بَعضهم من جاد لم يجد وَمن وجد لم يجد 266 - قَوْلهم بالساعد تبطش الْكَفّ أَي إِنَّمَا أقوى على مَا اريده بِالسَّعَةِ والمقدرة وَلَيْسَ ذَلِك عِنْدِي وَيضْرب مثلا أَيْضا لقلَّة الأعوان وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (أُولَئِكَ إخْوَانِي الَّذين رزئتهم ... وَمَا الْكَفّ إِلَّا إِصْبَع ثمَّ إِصْبَع) وَنَحْوه قَول بشار (وَلَا تجْعَل الشورى عَلَيْك غَضَاضَة ... فَإِن الخوافي قُوَّة للقوادم) (وَمَا خير كف أمسك الغل أُخْتهَا ... وَمَا خير سيف لم يُؤَيّد بقائم)

267 - قَوْلهم بأذن السماع سميت أَي فعلك يصدق مَا تسمعه الآذان من قَوْلك يحثه أَن يكون فعله تَابعا لقَوْله وَأحسن الْأَشْيَاء أَن يقدم فعلك قَوْلك وَدون ذَلِك فِي الْحسن أَن تفعل إِذا قلت فَأَما أَن تَقول وَلَا تفعل فَهُوَ النكال وَقلت (يَقُولُونَ مَالا يَفْعَلُونَ وَإِنَّمَا ... يطيب نَثَا من لَا يَقُول وَيفْعل) 268 - قَوْلهم بَين الْعَصَا ولحائها يُقَال دخل بَين الْعَصَا ولحائها إِذا دخل مدخلًا خص فِيهِ بِمَا لم يخص بِهِ غَيره هَذَا قَول بَعضهم وَنحن إِذا نقُول إِذا دخل بَين القرينين وَالصديقين بِالشَّرِّ ونظمه شَاعِر فَقَالَ (لَا تدخلن تكلفاً ... بَين الْعَصَا ولحائها) واللحاء قشر الْعود لحوت الْعود إِذا قشرته ولحيت لرجل إِذا لمته وَجعل تأبط شرا اللوم خرقا للجلد فَقَالَ (يامن لعذالة خذالة أشب ... يخرق باللوم جلدي أَي تخراق)

269 - قَوْلهم بق نعليك وابذل قَدَمَيْك أَي ابذل نَفسك واستبق مَالك لِئَلَّا يخْتل أَمرك وَقَرِيب مِنْهُ قَول الشَّاعِر (واقذف بِنَفْسِك حَيْثُ يُرْجَى الدِّرْهَم ... ) وَقَالَ أحيحة بن الجلاح (استغن اومت وَلَا يغررك ذُو نشب ... من ابْن عَم وَلَا عَم وَلَا خَال) (إِنِّي أقِم على الزَّوْرَاء أعمرها ... إِن الْكَرِيم على الإخوان ذُو المَال) وَمن أَمْثَال كليلة الَّتِي نظمت (المَال فِيهِ الْعِزّ وَالْجمال ... والذل حَيْثُ لَا يكون مَال) وَقَالَ وَكِيع مَاتَ سُفْيَان الثَّوْريّ وَله مائَة وَخَمْسُونَ دِينَارا وَكَانَ الفاريابي يعاتبه فِي تقليب لدنانير فَيَقُول لَهُ دَعْنَا مِنْك لَوْلَا هَذِه لتمندل الْقَوْم بِنَا تمندلاً وَقَالَ سعيد بن الْمسيب لَا خير فِيمَن لَا يجمع المَال فَيَقْضِي بِهِ دينه ويصل بِهِ رَحمَه ويكف بِهِ وَجهه وَمَات وَخلف دَنَانِير وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي لم أجمعها إِلَّا لأصون بهَا وَجْهي وديني وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ رُبمَا تبلغ نفقتي فِي الْيَوْم أَرْبَعِينَ دِينَارا وَقَالَ ابْن عَبَّاس عِنْدِي نَفَقَة ثَمَانِينَ سنة لكل يَوْم ألف دِرْهَم وَفِي الحَدِيث أَن ابْن الصعبة يَعْنِي طَلْحَة ترك مائَة بهار فِي كل بهار ثَلَاثَة قناطير وَالْقِنْطَار مائَة

رَطْل قَالُوا وَمَات عبد الله بن مَسْعُود وَترك تسعين ألفا وَأوصى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف لمن بَقِي مِمَّن شهد بَدْرًا بأربعمائة دِينَار لكل وَاحِد فَأَخَذُوهَا وَأخذ عُثْمَان مَعَهم وَهُوَ خَليفَة وَأوصى بِأَلف فرس فِي سَبِيل الله وَقَالَ الشَّاعِر (يحيي النَّاس كل غَنِي قوم ... وَيبْخَل بِالسَّلَامِ على الْفَقِير) (ويوسع للغني إِذا رَأَوْهُ ... ويحبى بالتحية كالأمير) 270 - قَوْلهم بلغ من الْعلم أطوريه أَي بلغ أقصاه قَالَ أَبُو زيد بلغ أطوريه بِكَسْر الرَّاء وَقَالَ غَيره أطوريه بِفَتْحِهَا وَالْوَجْه الْفَتْح مَعْنَاهُ عرف مِنْهُ الْأُصُول وَالْفُرُوع وَهُوَ من قَوْلك طرت الدَّار إِذا طفت بهَا كلهَا والأطوار الْأَصْنَاف فِي قَول الله تَعَالَى {وَقد خَلقكُم أطواراً} أَي أصنافاً فِي ألوانكم وأخلاقكم وَقيل أحوالاً نطفاً ثمَّ علقاً ثمَّ مضغاً ثمَّ لَحْمًا وعظاماً وَالطور الْمرة أَيْضا يُقَال طوراً تزورني وطوراً تجنبني أَي مرّة وَمرَّة وَقيل حَالا وَحَالا 271 - قَوْلهم برد غَدَاة غر عبدا من ظمأ يضْرب مثلا لترك الِاحْتِيَاط فِي الْأُمُور ومفارقة الْأَخْذ بالثقة وَأَصله أَن رجلا خرج فِي برد غَدَاة وَلم يتزود المَاء فَلَمَّا حميت الشَّمْس عَلَيْهِ هلك عطشا

272 - قَوْلهم بِعْت جاري وَلم أبع دَاري يضْرب مثلا للرجل يتْرك دَاره لسوء مُعَاملَة جَاره وَفِي الْأَثر (الْجَار قبل الدَّار والرفيق قبل الطَّرِيق) وَقَالَ العطوي (يَقُولُونَ قبل الدَّار جَار مجاور ... وَقبل الطَّرِيق النهج أنس رَفِيق) (فَقلت وندمان الْفَتى قبل كأسه ... وَمَا حث كأس الْمَرْء مثل صديق) وساوم جَار لفيروز بن حُصَيْن فِي دَار لَهُ فَلَمَّا قَامُوا على الثّمن قَالَ هَذَا ثمن الدَّار فَأَيْنَ ثمن جوَار فَيْرُوز وَالله لَا أبيعه إِلَّا بضعفي ثمن الدَّار فَبلغ فَيْرُوز فَبعث إِلَيْهِ بضعفي ثمنهَا وَتركهَا لَهُ واخبرنا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر بن دُرَيْد عَن الرياشي عَن ابْن سَلام قَالَ مر طَلْحَة بن عَوْف أَخُو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بدار ابْن أذينة الشَّاعِر وَهُوَ يُنَادي عَلَيْهَا فَقَالَ إِن دَارا قعدنا فِيهَا وتحدثنا فِي ظلها لمحقوقة أَن تمنع من البيع وَبعث إِلَى ابْن أذينة بِثمنِهَا وأغناه عَن بيعهَا وَهَذَا خلاف مَا رُوِيَ عَن ابْن الزيات أَنه كَانَ يَقُول الْجوَار قرَابَة بَين الْحِيطَان وَالرَّحْمَة خور فِي الطبيعة وَضعف فِي الْقلب وَخَبره فِي ذَلِك مَعْرُوف 273 - قَوْلهم برقي لمن لَا يعرفك يضْرب مثلا للَّذي يتهدد ويوعد وَلَيْسَ عِنْده نَكِير وَقد يُقَال (برق) بالتكير وَنَحْوه قَول الشَّاعِر

(إِن الْوَعيد سلَاح الْعَاجِز الْوَرع ... ) وَقَالَ غَيره (وَكَثْرَة الصَّوْت والإيعاد من فشل ... ) وَقلت (وتخافني الْأَيَّام فَهِيَ تخيفني ... وللنكس تهديد إِذا ريع رائع) 274 - قَوْلهم بلغ السَّيْل الزبى 275 - وَقَوْلهمْ بلغ الحزام الطبيين 276 - وَقَوْلهمْ بلغ مِنْهُ المخنق يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يبلغ غَايَته فِي الشدَّة والصعوبة والزبية حفيرة تحفر فِي نشز من الأَرْض وتغطى وَيجْعَل عَلَيْهَا طعم فيراه السَّبع من بعيد فيأتيه فَإِذا اسْتَوَى عَلَيْهَا انقض غطاؤها فَيهْوِي فِيهَا فَإِذا بلغَهَا السَّيْل فقد بَالغ وَمثله (بلغ الحزام الطبيين) وَقد فسرناه قبل وَكتب عُثْمَان إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا أما بعد فقد بلغ السَّيْل الزبى وَجَاوَزَ الحزام الطبيين وطمع فِي من لَا يدْفع عَن نَفسه (فَإِن كنت مَأْكُولا فَكُن خير آكل ... وَإِلَّا فأدركني وَلما أمزق)

وَمثله قَوْلهم (بلغ مِنْهُ المخنق) أَي بلغ مِنْهُ غَايَة الْجهد والمخنق الْحلق وَأَصله فِي المَاء يبلغ حلق الغريق فَيكون فِي مجاورته مَوته 277 - قَوْلهم بَالَتْ بَينهم الثعالب يضْرب مثلا للْقَوْم يَقع بَينهم الْفساد وَفِي مَعْنَاهُ (خرئت بَينهم الضبع) و (فسا بَينهم الظربان) وَقَالَ الشَّاعِر فِي نَحوه (ألم تَرَ مَا بيني وَبَين ابْن عَامر ... من الود قد بَالَتْ عَلَيْهِ الثعالب) وَنَذْكُر هَذَا الْمَعْنى بأتم من هَذَا الشَّرْح بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى جده 278 - قَوْلهم بَينهم دَاء الضرائر يضْرب مثلا للْقَوْم بَينهم عَدَاوَة وَشر لَا يَنْقَطِع وحسد الضرائر وعداوة بَعضهنَّ لبَعض دائمة قَالَ الشَّاعِر (حسدوا الْفَتى إِذْ لم ينالوا شأوه ... فالقوم أَعدَاء لَهُ وخصوم) (كضرائر الْحَسْنَاء قُلْنَ لوجهها ... حسداً وبغياً إِنَّه لذميم) وجمعت الضرة على الضرائر والحرة على الْحَرَائِر وَهُوَ جمع قَلِيل وَيُقَال تزوج الرجل على ضرّ إِذا تزوج امْرَأَة على امْرَأَته الأولى وَهُوَ مُضر 279 - قَوْلهم بَين الحذيا وَالْخلْسَة يضْرب مثلا للرجل يَسْأَلك الشَّيْء فَإِن أَعْطيته إِيَّاه وَإِلَّا اختلسه والحذيا

الْعَطِيَّة حذوت الرجل أحذوه وأحذيته أحذيه إِذا أَعْطيته وَالِاسْم الحذيا وَأما الحذوة فالقطعة من اللَّحْم حذوت لَهُ حذوة وحذوة وحذوت النَّعْل بالنعل حذواً وحذاء والحذاء النَّعْل بِعَينهَا وحذوت الرجل وحاذيته سَوَاء وحذى النَّبِيذ اللِّسَان يحذيه إِذا قرصه 280 - قَوْلهم بَين الْمُطِيع وَبَين الْمُدبر العاضي يضْرب مثلا للرجل يكون بَين الطَّاعَة وَالْخلاف فَلَا يوثق مِنْهُ بِأَحَدِهِمَا وَلَيْسَ فِي الإخوان شَرّ مِمَّن هَذِه الْحَال حَاله لِأَنَّك لَا تعرف على أَي أمريه تعتمد وَإِذا بنيت أَمرك على حَالَة مِنْهُ نقضه بغَيْرهَا وَقَالَ المثقب (فإمَّا أَن تكون أخي بِحَق ... فأعرف مِنْك غثي من سميني) (وَإِلَّا فاطرحني واتخذني ... عدوا أتقيك وتتقيني) وَقَالَ رجل من عبد الْقَيْس لِابْنِهِ يَا بني لَا تؤاخ أحدا حَتَّى تعرف موارد أُمُوره ومصادرها فَإِذا استنبطت مِنْهُ الْخِبْرَة ورضيت مِنْهُ الْعشْرَة فاصحبه على إِقَالَة العثرة والمواساة فِي الْعسرَة 281 - قَوْلهم بِهِ تقرن الصعبة يُرَاد أَنه قوي على المستصعب من الْأُمُور إِذا قرن بِهِ ذلله

وَنَحْوه قَول بشار (فَقل للخليفة إِن جِئْته ... نصيحاً وَلَا خير فِي الْمُتَّهم) (إِذا أيقظتك جسام الْأُمُور ... فنبه لَهَا عمرا ثمَّ نم) 282 - قَوْلهم بئس مقَام الشَّيْخ أمرس أمرس يضْرب مثلا للرجل يكون فِي أَمر يكره لمثله أَن يكون فِيهِ وَمَعْنَاهُ بئس مقَام الشَّيْخ على رَأس بِئْر يَسْتَقِي فيزول رشاؤه عَن البكرة فَيُقَال لَهُ أمرس أمرس أَي رده إِلَيْهَا والمرس الْحَبل وَقد مرس عَن البكرة إِذا زَالَ عَنْهَا وأمرسه المستقي إِذا رده إِلَى مَكَانَهُ وَبعد هَذَا الْبَيْت قَوْله (إِمَّا على القعو وَإِمَّا اقعنسس ... ) والقعوان الحديدتان تجْرِي بَينهمَا البكرة وَقيل القعو البكرة بِعَينهَا 283 - قَوْلهم بعد اللتيا وَالَّتِي 284 - وَقَوْلهمْ بعد الهياط والمياط قَالُوا يُقَال ذَلِك فِي الْأَمر يكون بعد مَا يكَاد صَاحبه يهْلك وَقيل اللتيا وَالَّتِي من أَسمَاء الداهية واللتيا تَصْغِير (الَّتِي) وَالصَّحِيح فِي قَوْلهم (بعد

اللتيا وَالَّتِي) أَي وصلت إِلَيْهِ بعد أَن لقِيت صَغِير المكاره وكبيرها قَالَ الشَّاعِر (وكفيت جانيها اللتيا وَالَّتِي ... ) أَي كفيتها الصَّغِير وَالْكَبِير من الْأُمُور فَلم يحتاجوا إِلَى غَيْرِي وَقَوْلهمْ (بعد الهياط والمياط) قَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ بعد الإقبال والإدبار وَقَالَ أَبُو بكر ابْن دُرَيْد الْقَوْم فِي هيط وميط وهياط ومياط إِذا كَانُوا فِي تجاذب وقتال والميط الْجور أَيْضا مَاطَ يميط إِذا جَار وماط يميط إِذا تبَاعد وَقَالَ القتيبي الهياط الصياح والمياط الدّفع 285 - قَوْلهم بَيْضَة الْعقر يضْرب مثلا للفعلة تكون ثمَّ لَا يتبعهَا مثلهَا أبدا والعقر مصدر العاقر وَقيل يُرَاد ببيضة الْعقر بَيْضَة الديك والديك يبيض بَيْضَة وَاحِدَة لَا ثَانِيَة لَهَا وروى عَن الْخَلِيل أَنه قَالَ الْعقر اسْتِبْرَاء الْمَرْأَة لينْظر أبكر هِيَ أم ثيب وَلم يذكر هَذَا عَن غَيره والعقر الَّذِي يُؤْخَذ على نِكَاح الشُّبْهَة أَصله فِي الْبكر وَذَاكَ الْبكر تعقر عِنْد الافتضاض فَسُمي بالعقر عقراً 286 - قَوْلهم بَين سمع الأَرْض وبصرها يَقُولُونَ كَانَ فعل ذَلِك بَين سمع الأَرْض وبصرها أَي فِي مَوضِع خَال لَا أحد فِيهِ وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ بَين طول الأَرْض وعرضها وَلَيْسَ الطول

وَالْعرض من السّمع وَالْبَصَر فِي شَيْء وَقَالَ القتيبي فِي حَدِيث قبله لَا تخبرها فتتبع أَخا بكر بن وَائِل بَين سمع الأَرْض وبصرها مَعْنَاهُ فتتبعه بَين أسماع النَّاس وأبصارهم كَأَنَّهَا لَا تباليهم إِذا سمعُوا باتباعها إِيَّاه وأبصروا ذَلِك وَجعل السّمع وَالْبَصَر للْأَرْض يُرِيد ساكنيها كَمَا قَالَ تَعَالَى {واسأل الْقرْيَة} أَي أَهلهَا وكما قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأحد (هَذَا جبل يحبنا ونحبه) أَي يحبنا اهله ونحبهم وهم الْأَنْصَار 287 - قَوْلهم بقطيه بطبك يُقَال ذَلِك للرجل يُؤمر أَن يحكم الْعَمَل بِعِلْمِهِ وَفضل مَعْرفَته وَقد ذكرنَا أَصله فِي الْبَاب الأول وبقطيه فرقيه والبقط المتفرق قَالَ الشَّاعِر (رَأَيْت تميماً قد أضاعت امورها ... فهم بقظ فِي الأَرْض فرث طوائف) أَي منتشرون متفرقون 288 - قَوْلهم بصبصن بالأذناب إِذْ حدينا يضْرب مثلا للرجل إِذا غمز أذعن والبصبصة تَحْرِيك الأذناب فِي الظباء وَفِي الْإِبِل السّير الشَّديد وَيُقَال سرنا سيرا بصباصا وَقَالَ ابو دواد (وَلَقَد ذعرت بَنَات عَم ... المرشقات لَهَا بصابص)

يَعْنِي حمر الْوَحْش فَجَعلهَا بَنَات عَم الظباء والمرشقات الناظرات كَذَا قَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ الْمفضل المرشق الَّذِي مد عُنُقه وَقد أرشق يرشق إرشاقاً والبصابص جمع بصبصة وَهِي تَحْرِيك الذَّنب 289 - قَوْلهم بيَدي لَا بيد عَمْرو يَقُول الرجل ينزل بِنَفسِهِ الْمَكْرُوه مَخَافَة أَن ينزله بِهِ الْعَدو والمثل للزباء قالته لعَمْرو بن عدي وَنَذْكُر خَبره إِن شَاءَ الله وَحده 290 - قَوْلهم بسالم كَانَت الْوَقْعَة يَقُول بفلان كَانَ مُعظم الْأَمر وَلَا نَعْرِف سالما هَذَا 291 - قَوْلهم باءت عرار بكحل يُقَال ذَلِك لشيئين كل وَاحِد مِنْهُمَا يكون بَوَاء بِصَاحِبِهِ وعرار وكحل بقرتان باءت احدهما بِالْأُخْرَى والبواء السوَاء يُقَال فلَان بَوَاء لفُلَان مَعْنَاهُ انه إِذا قتل بِهِ رَضِي قومه وَمِنْه قَوْله (بؤ بشسع كُلَيْب) قَالَ الشَّاعِر (فَيقْتل جبرا بامرىء لم يكن لَهُ ... بَوَاء وَلَكِن لَا نكايل بِالدَّمِ)

292 - قَوْلهم بَطْني فعطري أَصله فِي امْرَأَة كَانَت تعطر رجلا وَلَا تطعم يَقُول أشبعي بَطْني وَلَا تحتاجين إِلَى تطييبي وَهُوَ مثل للرجل يضيع مَا يلْزمه وَينظر فِيمَا لَا يعنيه وَنَحْوه قَول جحظة (قلت اطبخوا لي جُبَّة وقميصا ... ) وَفِي بعض مَا عبثنا بِهِ ونستغفر الله مِنْهُ (مَا إِن وطئنا فنَاء زيد ... إِلَّا أتتنا الكئوس عجلى) (وَقَالَ تخْتَار صَوت ناي ... فَقلت أخْتَار صَوت مقلى) 293 - قَوْلهم بعد خيرتها يحْتَفظ يضْرب مثلا لخطأ التَّدْبِير فِي الْمَعيشَة وَحفظ المَال وَأَصله أَن يضيع الرَّاعِي خِيَار الْإِبِل وكرائمها حَتَّى إِذا ذهبت احتفظ بحواشيها وخساسها

294 - قَوْلهم بلغ الله بك أكلأ الْعُمر مَعْنَاهُ أشده تأخرا وَمِنْه الكالي بالكالي وَقد جَاءَ النَّهْي عَنهُ وَهُوَ أَن تَقول بِعْتُك هَذَا الشَّيْء بِأَلف دِرْهَم إِلَى شهر وبألف وَمِائَة إِلَى شَهْرَيْن والكلاءة الْحِفْظ كلأه إِذا حفظه وَيُقَال للنبات أول مَا ينْبت الرطب ثمَّ الْكلأ مَهْمُوز مَقْصُور ثمَّ الْحَشِيش إِذا جف وَلَا يُقَال للرطب الْحَشِيش 295 - بجنبه فلتكن الوجبة يضْرب مثلا فِي الشماتة بِالرجلِ وَمَعْنَاهُ ليحل بِهِ الْمَكْرُوه دون غَيره والوجبة الصرعة من قَوْلهم وَجب الْحَائِط إِذا سقط وجبة وَسمعت وجبة الشئ أَي هدته لِوَقْعَة وقعها وَوَجَبَت الشَّمْس إِذا سَقَطت للمغيب وَفِي الْقُرْآن {فَإِذا وَجَبت جنوبها} وَوَجَب الْحق وجوبا فِي كل ذَلِك وَفِي الْقلب وجيب وَوَجَب الْقلب وجيباً إِذا خَفق وَذكر جنبه وَأَرَادَ جملَته وَقَرِيب من ذَلِك قَول الله تبَارك وَتَعَالَى {يَا حسرتى على مَا فرطت فِي جنب الله} قَالُوا مَعْنَاهُ فِي ذَات الله وأنشدوا (أَلا تتقين الله فِي جنب عاشق ... لَهُ كبد حرى عَلَيْك تقطع)

وَقيل أَرَادَ مَا فرطت فِي أَمر الله وَفِي سلوك الطَّرِيق الَّذِي هُوَ طَرِيق الله أَي الطَّرِيق إِلَى مرضاته وَهُوَ الْإِيمَان والتفريط التَّقْصِير 296 - قَوْلهم بدل أَعور يضْرب للرجل المذموم يخلف الرجل الْمَحْمُود وَهُوَ من قَول نَهَار بن توسعة يهجو قُتَيْبَة بن مُسلم حِين ولي خُرَاسَان بعد يزِيد بن الْمُهلب فَأخْبرنَا أَبُو الْقَاسِم بن شيران رَحمَه الله قَالَ حَدثنَا المبرمان عَن أبي جَعْفَر بن القتبي عَن القتبي قَالَ كَانَ نَهَار بن توسعة هجا قُتَيْبَة بن مُسلم فَقَالَ (أقتيب قد قُلْنَا غَدَاة لقيتنا ... بدل لعمرك من يزِيد أَعور) وَقَالَ (كَانَت خُرَاسَان روضا إِذْ يزِيد بهَا ... وكل بَاب من الْخيرَات مَفْتُوح) (فبدلت بعده قرداً نطيف بِهِ ... كَأَنَّمَا وَجهه بالخل منضوح) فَبلغ ذَلِك قُتَيْبَة فَطَلَبه فهرب حَتَّى أَتَى أم قُتَيْبَة فَأخذ مِنْهَا كتابا بِالرِّضَا عَنهُ وَترك مؤاخذته بِمَا كَانَ مِنْهُ فَقَالَ نَهَار نَفسِي لَا تسكن حَتَّى تصلني فَإِنِّي أعلم أَنَّك إِذا اتَّخذت عِنْدِي مَعْرُوفا لم تكدره وَقَالَ

(وَمَا كَانَ فِيمَن كَانَ فِي النَّاس قبلنَا ... وَلَا هُوَ فِيمَن بَعدنَا كَابْن مُسلم) (أَشد على الْكفَّار قتلا بِسَيْفِهِ ... وَأكْثر فِينَا مقسمًا بعد مقسم) فَقَالَ لَهُ قُتَيْبَة أَلَسْت الْقَائِل (أَلا ذهب الْغَزْو المقرب للغنى ... وَمَات الندى والجود بعد الْمُهلب) فَقَالَ إِن الَّذِي أَنْت فِيهِ لَيْسَ بالغزو وَلكنه الْحَشْر وَأمر لَهُ بصلَة فأبطأت عَنهُ فَلَقِيَهُ فَقَالَ (وَلَقَد علمت وَأَنت تعلمه ... أَن الْعَطاء يشينه الْحَبْس) فَقَالَ عجلوا لَهُ الْجَائِزَة فعجلت لَهُ والمثل قديم وَإِنَّمَا تمثل بِهِ نَهَار 297 - قَوْلهم البادىء أظلم يَقُوله الرجل يجازي على الْإِسَاءَة بِمِثْلِهَا أَي الَّذِي ابْتَدَأَ الْإِسَاءَة أظلم وَله حَدِيث نذكرهُ فِي الْبَاب السَّادِس إِن شَاءَ الله وَحده

298 - قَوْلهم ببطنه يعدو الذّكر يضْرب مثلا فِيمَا بِهِ يحصل نظام الشَّيْء لِأَن الذّكر من الْخَيل يجيد الْعَدو إِذا شبع 299 - قَوْلهم البغاث بأرضنا يستنسر يضْرب مثلا للعزيز يعز بِهِ الذَّلِيل والبغاث صغَار الطير الْوَاحِدَة بغاثة يستنسر أَي يصير نسراً فَلَا يقدر على صَيْده قَالَ الشَّاعِر (بغاث الطير أَكْثَرهَا فراخاً ... وَأم الصَّقْر مقلاة نزور) يُرَاد بِهِ أَن النِّتَاج الْكَرِيم قَلِيل وَقَالَ أَيمن بن خريم فِي خلاف ذَلِك وَقد غلط وَإِنَّا قد رَأينَا أم بشر ... كَأُمّ الْأسد مكثاراً ولودا) فمدحها بِكَثْرَة الْأَوْلَاد وَذَلِكَ خلاف المحكي عَنْهُم وَكلهمْ حكى أَن نتاج الْحَيَوَانَات الْكَرِيمَة قَلِيل 300 - قَوْلهم بَيْضَة الْبَلَد يضْرب مثلا للرجل الفريد الوحيد الَّذِي لَا نَاصِر لَهُ يُقَال هُوَ بَيْضَة

الْبَلَد أَي هُوَ فِي وحدته وانفراده كبيضة فِي أَرض خَالِيَة من وجدهَا أَخذهَا وَلم يمنعهُ مَانع قَالَ الشَّاعِر (لَو كَانَ حَوْض حمَار مَا شربت بِهِ ... إِلَّا بِإِذن حمَار آخر الْأَبَد) (لكنه حَوْض من أودى بإخوته ... ريب الزَّمَان فأضحى بَيْضَة الْبَلَد) أَي لَو كَانَ حَوْضِي حَوْض حمَار من الْحمير لما شربت بِهِ إِلَّا بِإِذن الْحمار الآخر لقلتك وذلتك وَلَكِن وجدت حوضى حَوْض رجل مُنْفَرد أودى بإخوته الدَّهْر فاجترأت عَلَيْهِ هَذَا قَول الديمرتي وَهُوَ غلط وَالصَّحِيح أَن حمارا هَذَا رجل بِعَيْنِه وَيسْتَعْمل أَيْضا (بَيْضَة الْبَلَد) فِي الْمَدْح فَيُقَال فلَان بَيْضَة الْبَلَد أَي فَرد فِي شرفه وَلَا نَظِير لَهُ فِي سؤدده 301 - قَوْلهم ببقة صرم الْأَمر يضْرب مثلا للمكروه سبق بِهِ الْقَضَاء وَلَيْسَ لدفعه حِيلَة وصرم أَي قطع وَفرغ مِنْهُ والصريمة الْعَزِيمَة على الْفِعْل والمثل لقصير مولى جذيمة بن مَالك الأبرش وَكَانَ أبرص فكني عَنهُ فَقيل الأبرش والوضاح على أَن بعض الْعَرَب يتبرك بالبرص ويمدحه قَالَ ابْن حبناء

(لَا تحسبن بَيَاضًا فِي منقصةً ... إِن اللهاميم فِي أقرابها بلق) وَذكر أَن جذيمة كَانَ يفتخر بالبرص وَلَو كَانَ كَذَلِك مَا كني عَنهُ بالبرش والوضح وَقَالَ بَعضهم (يَا كأس لَا تستنكري نحولي ... ووضحاً أوفى على خصيلي) (فَإِن نعت الْفرس الرحيل ... يكمل بالغرة والتحجيل) وَقَالَ آخر (أبرص فياض الْيَدَيْنِ أكلف ... والبرص أندى باللهى وَأعرف) وَقَالَ غَيره (نفرت سَوْدَة عني أَن رَأَتْ ... صلع الرَّأْس وَفِي الْجلد وضح) (قلت يَا سَوْدَة هَذَا وَالَّذِي ... يكْشف الْكُرْبَة عَنَّا والترح) (هُوَ زين لي فِي الْوَجْه كَمَا ... زين الطّرف تحاسين الْقرح) وَزَعَمُوا أَن بلعاء بن قيس لما شاع فِي جلده البرص قيل لَهُ مَا هَذَا قَالَ سيف الله جلاه وَقَالَ آخر (لَيْسَ يضر الطّرف توليع البلق ... إِذا جرى فِي حلبة الْخَيل سبق) وَكَانَ جذيمة على ثغر الْعَرَب من قبل أردشير بن بابك فَخَطب الزباء

بنت عَمْرو بن طريف وَكَانَت على الشَّام والجزيرة من قبل الرّوم وَكَانَت بنت على شاطىء الْفُرَات قصوراً وَمَدَائِن لَا يسلكها سالك وَلَا يُدْرِكهَا طَالب وشققت فِي الْفُرَات أنفاقاً تفزع إِلَيْهَا إِذا خَافت فأجابت جذيمة فهم بالرحيل إِلَيْهَا واستخلف على ملكه ابْن أُخْته عَمْرو بن عدي فَنَهَاهُ قصير عَن ذَلِك فَعَصَاهُ وَسَار حَتَّى كَانَ بمَكَان يدعى (بقة) بَين هيت والأنبار فَقَالَ لَهُ قصير ارْجع ودمك فِي وَجهك فَأبى وَقَالَ (لَا يطاع لقصير أَمر) فَسَار مثلا وظعن جذيمة فَلَمَّا عاين الْكَتَائِب دونهَا هالته فَقَالَ لقصير مَا الرَّأْي فَقَالَ (تركت الرَّأْي بثني بقة) فَسَار مثلا قَالَ عَليّ ذَاك قَالَ إِن كَانَ الَّذِي تحب وَإِلَّا فَأَنا معرض لَك الْعَصَا وَهِي فرس كَانَت لجذيمة لَا تجارى فاركبها وانج فَلَمَّا أحاطوا بِهِ عرضهَا لَهُ فَلم ينتبه فَقَالَ قصير (ببقة صرم الْأَمر) فَسَار مثلا وركبها قصير فنجا فَالْتَفت جذيمة فَرَآهُ عَلَيْهَا يشْتَد فَقَالَ (يَا ضل مَا تجْرِي بِهِ الْعَصَا) فَسَار مثلا وَأدْخل جذيمة على الزباء فَكشفت لَهُ عَن عورتها فَقَالَت (أشوار عروس ترى) فأرسلتها مثلا وَإِذا هِيَ قد عقدت شعر عانتها من وَرَاء وركيها وَإِذا هِيَ لم تعذر فَقَالَ جذيمة بل شوار بظراء تفلة فَقَالَت وَالله ماذاك من عدم مواس وَلَا من قلَّة أواس وَلَكِن شِيمَة مَا أنَاس ثمَّ أمرت برواهشه وَهِي عروق الْيَد فَقطعت واستنزفته حَتَّى إِذا ضعف ضرب بِيَدِهِ فقطرت قَطْرَة من دَمه على دعامة رُخَام فَقَالَت لَا تضيعن من دمك شَيْئا فَإِنَّهُ شِفَاء من الخبل فَقَالَ (مَا يحزنك من دم

ضيعه أَهله) فَسَار مثلا وَورد قصير على عَمْرو بن عدي فَلَمَّا رَآهُ من بعيد قَالَ (خير مَا جَاءَت بِهِ الْعَصَا) فَسَار مثلا وَأخْبرهُ الْخَبَر وَقَالَ اطلب بثأرك قَالَ (كَيفَ وَهِي أمنع من عِقَاب الجو) فأرسلها مثلا فَقَالَ قصير أما إِذا أَبيت فَإِنِّي سأحتال (فَدَعْنِي وخلاك ذمّ) فأرسلها مثلا فَعمد إِلَى أَنفه فجدعه ثمَّ أَتَى الزباء وَقَالَ اتهمني عَمْرو فِي مشورتي على خَاله بإتيانك فجدعني فَلم تقر نَفسِي عِنْده ولي بالعراق مَال كثير فأرسليني بعلة التِّجَارَة حَتَّى آتِيك بطرائف الْعرَاق فَفعلت فأطرفها فسرت وَفعل ذَلِك مرَارًا وتلطف حَتَّى عرف مَوضِع الأنفاق ثمَّ أَتَى عمرا وَقَالَ احْمِلْ الرِّجَال فِي الصناديق على الْإِبِل فَلَمَّا داناها نظرت إِلَى العير تقبل فَقَالَت إِنَّهَا لتحمل صخراً وَتَطَأ فِي وَحل وأنشدت (أرى الْجمال مشيها وئيدا ... أجندلاً يحملن أم حديدا) (أم صرفاناً تارزاً شَدِيدا ... أم الرِّجَال جثماً قعُودا) فَلَمَّا توسطوا الْمَدِينَة خَرجُوا مستلئمين فشدوا عَلَيْهَا فهربت تُرِيدُ النفق فَاسْتَقْبلهَا قصير وَعَمْرو فقتلاها وَقيل بل كَانَ لَهَا خَاتم فِيهِ سم فمصته وَقَالَت (بيَدي لَا بيد عَمْرو) فَذَهَبت مثلا فَقَالَ المتلمس (وَمن حذر الأوتار مَا حز أَنفه ... قصير ورام الْمَوْت بِالسَّيْفِ بيهس) وَقَالَ نهشل بن حري (وَمولى عَصَانِي واستبد بِرَأْيهِ ... كَمَا لم يطع بالبقتين قصير)

(فَلَمَّا رأى ماغب أَمْرِي وَأمره ... وَوَلَّتْ بأعجاز الْأُمُور صُدُور) (تمنى نئيشاً أَن يكون أَطَاعَنِي ... وَقد حدثت بعد الْأُمُور امور) 302 - قَوْلهم البضاعة تيَسّر الْحَاجة يضْرب مثلا لِلْمَالِ يصانع بِهِ صَاحبه فينجح فِي طلبه وَمثله قَوْلهم (من صانع بِالْمَالِ لم يستحي من طلب الْحَاجة) وَأول من حث على ذَلِك زُهَيْر فِي قَوْله (وَمن لَا يصانع فِي أُمُور كَثِيرَة ... يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم) 303 - قَوْلهم بِعَين مَا أرينك مَعْنَاهُ اعجل وَهُوَ من الْكَلَام الَّذِي قد عرف مَعْنَاهُ سَمَاعا من غير أَن يدل عَلَيْهِ لَفظه وَهَذَا يدل على أَن لُغَة الْعَرَب لم ترد علينا بكمالها وَأَن فِيهَا أَشْيَاء لم تعرفها الْعلمَاء

304 - قَوْلهم بِمَا كنت لَا أخْشَى الذِّئْب وَأَصله أَنه قيل لشيخ من الْعَرَب انْطلق من هَذَا الْموضع فَإنَّا نخشى عَلَيْك الذِّئْب فَقَالَ (بِمَا كنت لَا أخْشَى الذِّئْب) أَي أداني حَال الشَّبَاب إِلَى هَذِه الْحَالة قَالَ الْأَعْشَى (على أَنَّهَا إِذا رأتني أقاد ... قَالَت بِمَا قد أرَاهُ بَصيرًا) وَكَانَت الْعَرَب تَسْتَحي أَن تَفِر من الذِّئْب وَنَحْوه من السبَاع وَقَالَ الرّبيع بن ضبع الْفَزارِيّ حِين كبر وَعجز (أَصبَحت لَا أحمل السِّلَاح وَلَا ... أملك رَأس الْبَعِير إِن نَفرا) (وَالذِّئْب أخشاه إِن مَرَرْت بِهِ ... وحدي وأخشى الرِّيَاح والمطرا)

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أصولها الباء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أُصُولهَا الْبَاء 305 - أبعد من النَّجْم والنجم اسْم للثريا 306 - أبعد من العيوق وَهُوَ كَوْكَب يطلع مَعهَا فَيُقَال لَهُ عيوق الثريا وتعرف بِهِ الْقبْلَة وَذَلِكَ أَنَّك إِذا جعلته خلف ظهرك فِي وَقت طلوعه فقد اسْتقْبلت قبْلَة الْعرَاق وَمعنى الْمثل مَأْخُوذ من قَول جرير أَو قَول جرير مَأْخُوذ مِنْهُ (فَإنَّك يَا بن الْقَيْن لن تدْرك العلى ... وَلَا الْمجد حَتَّى يدْرك النَّجْم طَالبه) 307 - أبعد من بيض الأنوق الأنوق ذكر الرخمة وَالْعرب تؤنثه وَإِن كَانَ اسْما للذّكر وَهُوَ من أبعد الطير وكراً فِي الْهَوَاء قَالَ الشَّاعِر

(كبيض الأنوق لَا تنَال لَهَا وكراً) وَقَالَ غَيره ((طلب الأبلق العقوق فَلَمَّا ... لم يجده أَرَادَ بيض الأنوق) يُقَال أعقت الْفرس إِذا حملت وَهِي عقوق فَهُوَ صفة للْأُنْثَى الأبلق صفة للذّكر يَقُول إِنَّه يطْلب الذّكر الْحَامِل وَهَذَا لَا يكون 308 - أبْصر من فرس وَالْعرب تَدعِي لَهُ حِدة الْبَصَر وَلَيْسَ لشَيْء مَا للْفرس يُقَال فرس كريم وعتيق وجواد وأسمع من فرس وَأبْصر من فرس 309 - أبْصر من عِقَاب وَرُبمَا قيل من عِقَاب ملاع وَهِي هضبة وَقيل هِيَ الصَّحرَاء وعقبان الصحارى أبْصر من عقبان الْجبَال وَيُقَال للْأَرْض الواسعة ميلع وَقيل الملاع من الملع وَهُوَ السرعة يُقَال نَاقَة ملوع سريعة 310 - أبْصر من نسر قَالُوا لَيْسَ فِي الدَّوَابّ أبْصر من فرس وَلَا فِي الطير أبْصر من نسر

فَلَو أجري الْفرس فِي الضباب الكثيف ثمَّ مد فِي طَرِيقه شَعْرَة لوقف عِنْدهَا قَالُوا والنسر يبصر الجيفة من أَرْبَعمِائَة فَرسَخ قَالُوا وَهُوَ أقوى الْحَيَوَان فَرُبمَا جر جيفة الْبَعِير إِلَى نَفسه 311 - أبْصر من غراب وَهُوَ من حِدة بَصَره يغمض إِحْدَى عَيْنَيْهِ فيسمى الْأَعْوَر وَقيل يُسمى الْأَعْوَر على طَرِيق التفاؤل 312 - أبْصر بِاللَّيْلِ من الوطواط وَهُوَ الخفاش وَقيل هُوَ من البصيرة أَي هُوَ أعرف بِاللَّيْلِ 313 - أبْصر من الْكَلْب وَجَمِيع السبَاع تبصر بِاللَّيْلِ كَمَا تبصر بِالنَّهَارِ وَلَا أعرف لم خص الْكَلْب وَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا خص بِهِ لقَوْل الشَّاعِر (فِي لَيْلَة من جُمَادَى ذَات أندية ... لَا يبصر الْكَلْب من ظلمائها الطنبا) فَلَو لم يكن عِنْده أبصرهَا لم يَخُصُّهُ

314 - أبْصر من الزَّرْقَاء وَاسْمهَا الْيَمَامَة وَبهَا سمي بَلَدهَا وَهِي من بَنَات لُقْمَان بن عَاد وَقيل هِيَ من جديس وقصدهم طسم فِي جَيش حسان بن تبع فَلَمَّا صَارُوا بالجو على مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام أبصرتهم وَقد حمل كل رجل مِنْهُم شَجَرَة يسْتَتر بهَا فَقَالَت (أقسم بِاللَّه لقد دب الشّجر ... أَو حمير قد أخذت شَيْئا تجر) فَلم يصدقها قَومهَا فَقَالَت أقسم بِاللَّه لقد أرى رجلا ينهش كَتفًا أَو يخصف نعلا فكذبوها وَلم يستعدوا فصبحهم حسان فاجتاحهم وَأَخذهَا فشق عينيها وَإِذا فِيهَا عروق من الإثمد ووصفها الْأَعْشَى فَقَالَ (قَالَت أرى رجلا فِي كَفه كتف ... أَو يخصف النَّعْل لهفي أَيَّة صنعا) (فكذبوها بِمَا قَالَت فصبحهم ... ذُو آل حسان يزجي الْمَوْت والشرعا) وَالله أعلم بِهَذِهِ الْأَخْبَار كَيفَ هِيَ 315 - أبأى من حنيف الحناتم أَي أَشد كبرا والبأو الْكبر وَإِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ لَا يبْدَأ أحدا بِالسَّلَامِ حَتَّى يبدأه (أتراك تسمح بالنوال ... وَأَنت تبخل بِالسَّلَامِ)

(قد ضل من لَا يَبْتَغِي ... ود الأكارم بالْكلَام) 316 - أبأى مِمَّن جَاءَ بِرَأْس خاقَان وخاقان ملك التّرْك قَتله سعيد بن عَمْرو الْحَرَشِي فِي أَيَّام هِشَام بن عبد الْملك فَعظم أمره وَكثر فخره وَكبره حَتَّى ضرب بِهِ الْمثل فِي الْكبر 317 - أبر من فلحس وَهُوَ رجل من بني شَيبَان كبر أَبوهُ وخرف فَكَانَ يحملهُ على عَاتِقه وَمثل ذَلِك سَوَاء قصَّة العملس وَقيل العملس الذِّئْب مَأْخُوذ من العملسة وَهِي السرعة وأعجب من هَذَا عِنْدِي مَا كَانَ يَفْعَله الْفضل بن يحيى من الْبر بِأَبِيهِ وَكَانَ لما حبسا منعا الْحَطب وَالزَّمَان شتاء وَكَانَ الْفضل يقوم حِين يَأْخُذ يحيى مضجعه من اللَّيْل فَيَأْخُذ قمقماً مملوءاً مَاء وَيَرْفَعهُ إِلَى الْقنْدِيل ويبيت ساهراً حَتَّى يصبح وَقد سخن المَاء فيتوضأ بِهِ يحيى هَذَا مَعَ ضعفه وَقلة صبره على الشَّقَاء وَمَا سمعنَا بِمثل هَذَا الْبر الْبَتَّةَ

318 - أبر من الذئبة وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا ولدت لَزِمت أَوْلَادهَا وَلم تبعد عَنْهَا مِقْدَارًا تغيب فِيهِ عَن عينهَا حَتَّى تكمل تربيتها 319 - أبر من الْهِرَّة قَالُوا لِأَنَّهَا تَأْكُل أَوْلَادهَا من الْمحبَّة وَيَقُولُونَ (أعق من الضَّب) لِأَنَّهُ يَأْكُل أَوْلَاده من الشَّهْوَة وَهَذِه دَعْوَى لَا يعرف حَقِيقَتهَا إِلَّا الله تَعَالَى وَيَقُولُونَ أَيْضا (أعق من الْهِرَّة) لِأَنَّهَا تَأْكُل أَوْلَادهَا وعَلى هَذَا الْمَذْهَب قَالَ ابْن المعتز (أما ترى الدُّنْيَا فدتك الورى ... كهرة تَأْكُل أَوْلَادهَا) 320 - أبكر من الْغُرَاب من البكور وَقيل (أبكر من الْخِنْزِير) وَقيل لبزر جمهر بِمَ بلغت مَا بلغت قَالَ ببكور كبكور الْغُرَاب وحرص كحرص الْخِنْزِير وصبر كصبر الْحمار قَالَ الجاحظ الْخَنَازِير تطلب الْعذرَة وَلَيْسَت كالجلالة لِأَنَّهَا تطلب أرطبها وأحرها وأنتنها وأقربها عهدا بِالْخرُوجِ فَهِيَ فِي الْقرى تتعرف أَوْقَات الصُّبْح وَالْفَجْر وقبيل ذَلِك وبعيده لبروز النَّاس للغائط وَيعرف

من كَانَ فِي بَيته فِي الأسحار وَمَعَ الصُّبْح أَنه قد أَسحر وَأصْبح بأصواتها ومرورها وَوَقع أرجلها إِلَى تِلْكَ الْغِيطَان وَتلك المتبرزات وَلذَلِك ضرب الْمثل ببكور الْخِنْزِير 321 - أبْغض من الطلياء قيل هِيَ النَّاقة الجرباء والجرب أبْغض شَيْء عِنْدهم لإعدائه وَقيل الطلياء خرقَة العارك وَقيل الطلياء الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ الجدي والعامة تسميه الطلوة 322 - أبْغض من قدح اللبلاب مثل مُحدث واللبلاب نبت كريه الطّعْم مَعْرُوف وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (يَا بغيضا زَاد فِي البغض ... على كل بغيض) (أَنْت عِنْدِي قدح اللبلاب ... فِي كف الْمَرِيض) 323 - أبْغض من الْقدح الأول مولد أَيْضا وَهُوَ من قَول الشَّاعِر

(وأثقل من حضن بادياً ... وَأبْغض من قدح الأول) وَقَالَ بَعضهم (وَلم أر صبرا على حَادث ... كصبر على الْقدح الأول) 324 - أبرد من الثَّلج مَعْرُوف 325 - أبرد من عضرس يَعْنِي المَاء الْبَارِد 326 - أبرد من عبقر وحبقر قيل هما الْبرد وَقيل إِنَّمَا هُوَ عب قر والعب الْبرد والقر الْبرد كَمَا قيل عب شمس وعب هَاهُنَا ضوء الصُّبْح وَقَالَ خلف الْأَحْمَر كَانَت الْعَرَب تستبرد لُغَة الْفرس وتستثقل أَوْلَادهم يُقَال لولد الدهْقَان عبقر سمي بذلك للينه شبه بالعبقر وَهُوَ اصول الْقصب أول مَا ينْبت والعبقرة الْمَرْأَة الجميلة والعبقرة تلألؤ السَّحَاب وَهَذَا تَصْحِيف وَذَلِكَ أَن أصل الْقصب يُقَال لَهُ (عنقر) بعد الْعين نون وَالْقَاف قبل الرَّاء مَفْتُوحَة

327 - أبرد من غب الْمَطَر 328 - وأبرد من جربياء وَهِي الشمَال وَقيل لأعرابي مَا أَشد الْبرد قَالَ ريح جربياء فِي ظلّ عماء فِي غب سَمَاء وغب كل شَيْء عاقبته وَالسَّمَاء الْمَطَر وَقيل مَا أطيب الْمِيَاه قَالَ نُطْفَة زرقاء من سَحَابَة غراء فِي صفاة زلقاء يَعْنِي الملساء قيل فَمَا أحسن المناظر قَالَ مَا يجْرِي إِلَى عمَارَة قيل فَمَا أطيب الروائح قَالَ بدن تحبه وَولد تربه 329 - أبخل من مادر سَيَجِيءُ حَدِيثه فِي الْبَاب السَّادِس عشر 330 - أبخل من أبي حباحب وَمن حباحب قَالُوا هُوَ رجل من الْعَرَب كَانَ لبخله يُوقد نَارا ضَعِيفَة فَإِذا أبصرهَا مستضيء أطفأها وَقيل يَعْنِي بهَا النَّار الَّتِي تنقدح من سنابك الْخَيل وَهِي نَار اليراعة وَهِي طَائِر مثل الذُّبَاب إِذا طَار بِاللَّيْلِ حسبته شرارة

331 - أبخل من صبي مَعْرُوف 332 - أبخل من كلب لِأَنَّهُ إِذا نَالَ شَيْئا لم يطْمع فِيهِ قَالَ الشَّاعِر (أَمن بَيت الْكلاب طلبت عظما ... لقد حدثت نَفسك بالمحال) وَقَالَ غَيره (وَمن طلب الْحَوَائِج من لئيم ... كمن طلب الْعِظَام من الْكلاب) وَنَحْوه قَول الآخر (فَإِن الَّذِي يَرْجُو نوالاً لمَالِك ... كمن ظن أَن الفقع فِي الأَرْض كَوْكَب) والفقع ضرب من الكمأة وَقَالَ غَيره (وَإِن الَّذِي يَرْجُو نوالاً لديكم ... كملتمس من فقحة الْكَلْب درهما) وَيَقُولُونَ فلَان يستثير الْكلاب من مرابضها أَي يقيمها عَن أمكنتها يطْلب تحتهَا شَيْئا يَأْكُلهُ وَهَذَا أبلغ مَا قيل فِي اللؤم والشره 333 - أبخل من ذِي معذرة من قَوْلهم المعذرة طرف من الْبُخْل

334 - أبخل من الضنين بِمَال غَيره من قَول مُسلم بن الْوَلِيد (يغار على المَال فعل الْجواد ... وتأبى خلائقه أَن يسودا) وَقَالَ أَبُو تَمام (وَإِن امْرأ ضنت يَدَاهُ على امرىء ... بنيل يَد من غَيره فَهُوَ باخل) 335 - أبلغ من سحبان وَهُوَ رجل من باهلة وَهُوَ سحبان بن زفر بن إِيَاس بن عبد شمس بن الأجب دخل على مُعَاوِيَة وَعِنْده خطباء الْقَبَائِل فَلَمَّا رَأَوْهُ خَرجُوا لعلمهم بقصورهم عَنهُ فَقَالَ (لقد علم الْحَيّ اليمانون أنني ... إِذا قلت أما بعد أَنِّي خطيبها) فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة اخْطُبْ فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى عَصا تقيم من أودى فَقَالُوا وَمَا تصنع بهَا وَأَنت بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ وَمَا كَانَ يصنع بهَا مُوسَى وَهُوَ يُخَاطب ربه فَأَخذهَا فَتكلم من الظّهْر إِلَى أَن فَاتَت صَلَاة الْعَصْر مَا تنحنح وَلَا سعل وَلَا توقف وَلَا ابْتَدَأَ فِي معنى فَخرج عَنهُ وَقد بقيت عَلَيْهِ بَقِيَّة فِيهِ وَلَا مَال عَن الْجِنْس الَّذِي يخْطب فِيهِ فَقَالَ مُعَاوِيَة الصَّلَاة فَقَالَ الصَّلَاة

أمامك أَلسنا فِي تحميد وتمجيد وعظة وتنبيه وتذكير ووعد ووعيد فَقَالَ مُعَاوِيَة أَنْت أَخطب الْعَرَب قَالَ أَو الْعَرَب وَحدهَا بل أَخطب الْجِنّ وَالْإِنْس قَالَ أَنْت كَذَلِك 336 - أبين من قس وَهُوَ قس بن سَاعِدَة الْإِيَادِي أول من خطب على عَصا وَأول من كتب من فلَان إِلَى فلَان وَمن كَلَامه إِن المعي تكفيه البقلة وترويه المذقة وَمن عيرك شَيْئا فَفِيهِ مثله وَمن ظلمك وجد من يَظْلمه وَإِن عدلت على نَفسك عدل عَلَيْك من فَوْقك وَإِذا نهيت عَن الشَّيْء فابدأ بِنَفْسِك وَلَا تجمع مَالا تَأْكُل وَلَا تَأْكُل مَا لَا تحْتَاج إِلَيْهِ فيؤنبك وَإِذا ادخرت فَلَا يكونن كَنْزك إِلَّا فعلك وَكن عف الْعيلَة مُشْتَرك الْغنى تسد قَوْمك وَلَا تشَاور مَشْغُولًا وَإِن كَانَ حازماً وَلَا جائعاً وَإِن كَانَ فهما وَلَا مذعوراً وَإِن كَانَ ناصحاً وَلَا تضع فِي عُنُقك طوقاً لَا يمكنك نَزعه وَإِذا خَاصَمت فاعدل وَإِذا قلت فاقصد وَلَا تستودعن سرك أحدا فَإنَّك إِن فعلت لم تزل وجلاً وَكَانَ بِالْخِيَارِ إِن جنى عَلَيْك كنت أَهلا لذَلِك وَإِن وفى لَك كَانَ الممدوح دُونك وَأخذ جرير قَوْله (وَكن عف الْفقر مُشْتَرك الْغنى) فَقَالَ (وَإِنِّي لعف الْفقر مُشْتَرك الْغنى ... سريع إِذا لم أَرض دَاري انتقاليا)

337 - أبلد من السلحفاة 338 - وأبلد من الثور من التبلد وَذَلِكَ أَن السلحفاة إِذا خرجت من مَكَانهَا لم تهتد إِلَيْهِ 339 - قَوْلهم أَبْطَأَ من فند وَهُوَ مخنث من أهل الْمَدِينَة مولى لعَائِشَة بنت سعد بن أبي وَقاص بعثته ليقتبس نَارا فَأتى مصر وَأقَام بهَا سنة ثمَّ جاءها بِنَار يعدو فتبدد الْجَمْر فَقَالَ تعست العجلة فَقَالَت عَائِشَة (بَعَثْتُك قابساً فَلَبثت حولا ... مَتى يَأْتِي غياثك من تغيث) ثمَّ قَالَ فِيهِ الشَّاعِر (مَا رَأينَا لغراب مثلا ... إِن بَعَثْنَاهُ لحمل المشمله) (غير فند أَرْسلُوهُ قابساً ... فثوى حولا وَسَب العجله) 340 - أبذى من مُطلقَة من الْبذاء وَهُوَ الْكَلَام الْقَبِيح

341 - أبكى من يَتِيم مَعْرُوف 342 - أَبيض من دجَاجَة مَعْرُوف 343 - أبخر من صقر 344 - أبخر من فَهد وهما موصوفان بالبخر قَالَ الشَّاعِر (وَله لحية تَيْس ... وَله منقار نسر) (وَله نكهة لَيْث ... خالطت نكهة صقر) وَلَيْسَ فِي السبَاع أطيب أفواهاً من الْكلاب وَذَلِكَ لِكَثْرَة رِيقهَا وَكَثْرَة الرِّيق سَبَب لطيب النكهة وتتغير النكهة فِي آخر اللَّيْل لقلَّة الرِّيق وَلذَلِك تَتَغَيَّر نكهة الصَّائِم والجائع وَلَيْسَ فِي النَّاس أطيب أفواهاً وَلَا أنقى بَيَاض أَسْنَان من الزنج

345 - أبول من كلب مَعْرُوف 346 - أبين من وضح الصُّبْح وَمن فلق الصُّبْح 347 - أبقى من حجر وَأبقى من وَحي فِي حجر وَكَانَ عرب الْيمن تكْتب الْحِكْمَة فِي الْحِجَارَة طلبا لبقائها وَالنَّاس يَقُولُونَ التَّأْدِيب فِي الصغر كالنقش على الْحجر 348 - أبقى من الدَّهْر مَعْرُوف وَقلت (مَنَاقِب مَا يكَاد الدَّهْر يَهْدِمهَا ... كَأَنَّهَا أصل للدهر أَو بكر) وَيَقُولُونَ (الْبِئْر أبقى من الرشاء) 349 - أبقى من تفاريق الْعَصَا وَالْمَشْهُور (خير من تفاريق الْعَصَا) وَذَلِكَ أَن الْعَصَا تكون ساجوراً

للكلب فينكسر فَيجْعَل أوتاداً وتفرق فتجعل أشظةً فَإِن جعلُوا رَأس الشظاظ كالفلكة صَار خشاشاً للجمل والشظاظ الْعود الَّذِي يدْخل فِي عُرْوَة الجوالق فَإِذا فرق الخشاش جعلت مِنْهُ توادي والتودية الْعود الَّذِي يَجْعَل فِي فَم الجدي لِئَلَّا يرضع أمه فَإِن كَانَت الْعَصَا قناةً كَانَ كل شقّ مِنْهَا قوساً فَإِن فرقت الشقة صَارَت سهاماً فَإِن فرقت السِّهَام صَارَت حظاءً والحظوة السهْم الصَّغِير يلْعَب بِهِ الصّبيان فَإِن فرقت صَارَت مغازل فَإِن فرقت شعب بهَا الأقداح والقصاع وَقَالَت امْرَأَة فِي ابْنهَا وَقد أَصَابَهُ قوم بخبول فَأخذت ديات كَثِيرَة (أقسم بالمروة حَقًا والصفا ... إِنَّك خير من تفاريق الْعَصَا) يُقَال بَنو فلَان يطالبون بني فلَان بخبول أَي بِقطع أيد وأرجل 350 - أبطش من دوسر وَهِي إِحْدَى كتائب النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَكَانَت لَهُ خمس كتائب الرهائن وَكَانَت خَمْسمِائَة رجل رهائن لقبائل الْعَرَب يُقِيمُونَ على بَابه سنة ثمَّ يذهبون وتجيء خَمْسمِائَة أُخْرَى وَكَانَ يَغْزُو بهم ويوجههم فِي اموره والصنائع وَهُوَ خَواص الْملك لَا يبرحون بَابه وهم بَنو تيم اللات وَبَنُو قيس والوضائع وَكَانُوا ألف رجل من الْفرس يضعهم ملك الْمُلُوك بِالْحيرَةِ قُوَّة لملك الْعَرَب والأشاهب وهم إخْوَة الْملك وقراباته سموا الأشاهب لأَنهم بيض الْوُجُوه

والشهبة أَصْلهَا بَيَاض يعلوه أدنى سَمُرَة وَمن ثمَّ قيل عنبر أَشهب ودوسر أَرْبَعَة آلَاف رجل لَهُم أيد وَقُوَّة وبطش يعدهم الْملك لأعدائه مَأْخُوذ من اسر يُقَال جمل دوسر إِذا كَانَ صلباً شَدِيدا وَقيل الدسر الدّفع وَبِه سمي الْجِمَاع دسراً والدسار مِسْمَار السَّفِينَة وَقَالَ الشَّاعِر (ضربت دوسر فيهم ضَرْبَة ... أَثْبَتَت أوتاد ملك فاستقر) وَهَاهُنَا أَمْثَال مولدة لم تثبت فِي التَّرْجَمَة لقبح ألفاظها وَهِي أبغى من إبرة وأبغى من فأس وأبغى من غلق وأبغى من شدق وَالْمعْنَى مَعْرُوف

فهرسته

الْبَاب الثَّالِث فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال المضروبة فِي أَوله التَّاء فهرسته تمرد مارد وَعز الأبلق تحسبها حمقاء وَهِي باخس تحقره وينتأ تَحت طَرِيقَته عنداوة تبلدي تصيدي تجنب روصة وأحال يعدو تمشي رويداً وَتَكون الأولا ترك ظى ظله تجوع الْحرَّة وَلَا تَأْكُل بثدييها تَسْأَلنِي برامتين سلجما تَمام الرّبيع الصَّيف التَّمْر فِي الْبِئْر تَركه على مثل مقلع الصمغة تَركه أنقى من الرَّاحَة تَركه على مثل لَيْلَة الصَّدْر تركته على مثل مشفر الْأسد تركته على مثل حد السَّيْف وحرف السَّيْف تركته على مثل حد الْفرس تسمع بالمعيدي لَا أَن ترَاهُ تطعم تطعم ترك الخداع من أجْرى من مائَة تقيس الْمَلَائِكَة إِلَى الحدادين تجشأ لُقْمَان من غير شبع تحفظ أخالا إِلَّا من نَفسه تَحت الرغوة الصَّرِيح ترى الفتيان كالنخل ومايدريك ماالدخل تَنْهَانَا أمنا عَن الْبَغي وتغدو فِيهِ التجلد وَلَا التبلد ترهات البساس تَكْذِيب المنى أَحَادِيث الضبع استها تِلْكَ بِتِلْكَ عَمْرو تقلدها طوق الْحَمَامَة تحلل غيل ترك الخداع من كشف القناع تقطع أَعْنَاق الرِّجَال المطامع التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ التجارب لَيست لَهَا نِهَايَة تنزو وتلين ... تجاوزت شبيثاً والأحص وماءهما تالله لَوْلَا عتقه لقد بلَى التَّغْرِير مِفْتَاح الْبُؤْس التواني ينْتج الهلكة تخلصت قابية من قوب

فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها التاء

فهرست الامثال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا التَّاء أتجر من عقرب وأتعب من رَاكب فصيل وأتبع من تولب أتلى من الشعرى أتوى من دين اتلف من سلف أتيم من المرقش أتيه من فقيد ثَقِيف وأتيه من أَحمَق ثَقِيف وأتب من أبي لَهب وَأتم من قمر التم وأتخم من فصيل وأتمك من سَنَام وأترف من ربيب نعْمَة وأتيس من تيوس تويت

تفسير الباب الثالث

تَفْسِير الْبَاب الثَّالِث 351 - قَوْلهم تمرد مارد وَعز الأبلق يضْرب مثلا للرجل الْعَزِيز المنيع الَّذِي لَا يقدر على اهتضامه والمثل للزباء الملكة ومارد حصن دومة الجندل والأبلق حصن تيماء وَكَانَت الزباء أَرَادَت هذَيْن الحصنين فامتنعا عَلَيْهَا فَقَالَت (تمرد مارد وَعز الأبلق) وَعز أَي امْتنع من الضيم وَسمي الله تَعَالَى عَزِيزًا لِأَن الضيم لَا يلْحقهُ وَقَالَ أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ (حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى فرَاش عزيزة ... سَوْدَاء رَوْثَة أنفها كالمخصف) يَعْنِي عقَابا ممتنعةً فِي أَعلَى جبل وَيجوز أَن يكون أصل (الْعَزِيز) من قَوْلهم (من عَزِيز) أَي من غلب سلب فَيكون الْعَزِيز الْغَالِب والعزيز أَيْضا الْقَلِيل يُقَال شَيْء عَزِيز وَقد عز إِذا قل وَقيل أصل الْعَزِيز من الأَرْض العزاز وَهِي الأَرْض الصلبة الَّتِي لَا تُؤثر فِيهَا الْأَقْدَام وَلَا تعْمل فِيهَا المناقير والعزيز الَّذِي لَا يُؤثر فِيهِ الضيم وَقَوْلها (تمرد) يُقَال تمرد الرجل إِذا تجرد من الْخَيْر وَأَصله من قَوْلهم شَجَرَة مرداء إِذا لم يكن عَلَيْهَا ورق وَغُلَام أَمْرَد لَا شعر على وَجهه وَكَانُوا يَقُولُونَ للأبلق الأبلق الْفَرد قَالَ الْأَعْشَى (بالأبلق الْفَرد من تيماء منزلَة ... حصن حُصَيْن وجار غير غدار)

352 - قَوْلهم تحسبها حمقاء وَهِي باخس 353 - وَقَوْلهمْ تحقره وينتأ 354 - وَقَوْلهمْ تَحت طَرِيقَته عندأوة يضْرب مثلا للرجل تزدريه لسكوته وَهُوَ يجاذبك وينقصك حَقك والبخس النُّقْصَان وَفِي الْقُرْآن {بِثمن بخس} أَي مبخوس و (تحقره وينتأ) أَي تحقره وَهُوَ يرْتَفع ليَأْخُذ مَا لَيْسَ لَهُ وَقَالَ الْأَصْمَعِي يضْرب مثلا للرجل تستصغره وَهُوَ يعظم وَلم نَعْرِف أَصله وَنَحْوه قَول وَعلة (وَالشَّيْء تحقره وَقد ينمي ... ) وَقَول الآخر (الشَّرّ يبدؤه فِي الأَصْل أصغره ... ) وَقَوله (الشَّرّ يبدؤه صغاره ... ) وَهَذَا قريب مَعْنَاهُ من معنى الْمثل وَلَيْسَ مِنْهُ والطريقة الضعْف وَرجل مطروق أَي ضَعِيف وَبِه طَريقَة وَمَاء مطروق قد خاضته الْإِبِل وبالت

فِيهِ وبعرت وطرق أَيْضا ونخلة طَرِيق أَي طَوِيلَة ملساء وَقيل هِيَ الَّتِي تتَنَاوَل بِالْيَدِ 355 - قَوْلهم تبلدي تصيدي يُقَال ذَلِك للَّذي يظْهر التبلد وَنِيَّته الوثبة والتبلد التحير والبلادة خلاف الذكاء وروى ثَعْلَب (اقصدي تصيدي) قَالَ يضْرب مثلا للرجل يعدل عَن الْحق أَي اطلب الْحق تنْتَفع بِهِ وَقيل أصل التبلد أَن يضْرب إِحْدَى راحتيه على الْأُخْرَى والبلدة الرَّاحَة وروى أَيْضا (تبلدي تصيدي) أَي التصقي بِالْأَرْضِ 356 - قَوْلهم تجنب رَوْضَة وأحال يعدو يضْرب مثلا للرجل تعرض عَلَيْهِ الْكَرَامَة فيأباها ويختار الهوان عَلَيْهَا وَمَعْنَاهُ ترك الخصب وَاخْتَارَ الشَّقَاء والجدب وَنَحْو هَذَا وَإِن لم يكن مِنْهُ قَول الشَّاعِر (أَقُول بِالْمِصْرِ لما كظني شبعي ... أَلا سَبِيل إِلَى أَرض بهَا الْجُوع) وَكَانَ هَذَا يحب الْجُوع فِي الوطن وَيكرهُ الشِّبَع فِي الغربة وَكَانَ الْجُوع عَادَة لأهل البدو وَالْمَكْرُوه إِذا اُعْتِيدَ سهل وَذكر بَعضهم لرجل بلاغة الْعَرَب

فَقَالَ لَوْلَا أَن الْعود أجوف لم يكن لَهُ صَوت قد منع الْقَوْم الطَّعَام وأعطوا الْكَلَام والديك أَشد مَا يكون صفاء صَوت وأبعده إِذا كَانَ جائعا 357 - قَوْلهم تمشى رويدا وَتَكون الأولا يُرَاد بِهِ أَنه يدْرك حَاجته فى تؤدة وَمثله يُرِيك الهونى والأمور تطير 358 - قَوْلهم ترك ظَبْي ظله قَالَ الْأَصْمَعِي يضْرب مثلا للرجل يخرج من مقَام خفض إِلَى شقاء وبؤس وَقَالَ غَيره يضْرب مثلا للرجل يتهدد صَاحبه بالهجران والقطيعة وَذَلِكَ أَن الظبي إِذا نفر من شَيْء لم يرجع إِلَيْهِ أبدا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة الشَّامي (وكاشح رقيت مِنْهُ صله ... بِالْعَفو عَن هفوته والزله) (حَتَّى سللت ضغنه وغله ... وطامح ذِي نخوة مذله) (حَملته على شباة أَله ... وَلم أمل الشَّرّ حَتَّى مله)

(وشنج الرَّاحَة مقفعله ... مَا إِن تبض كَفه ببله) (لما ذممت دفة وَجلة ... تركته ترك الظبي ظله) وَقَرِيب من هَذَا الْمثل قَوْلهم (هَذَا أَمر لَا تبرك عَلَيْهِ الْإِبِل) وَذَلِكَ أَن الْإِبِل إِذا أنْكرت الشَّيْء نفرت مِنْهُ فَذَهَبت فِي الأَرْض وَلَا يجمعها الرَّاعِي إِلَّا بتعب 359 - قَوْلهم تجوع الْحرَّة وَلَا تَأْكُل بثدييها يضْرب مثلا للرجل يصون نَفسه فِي الضراء وَلَا يدْخل فِيمَا يدنسه عِنْد سوء الْحَال وَمَعْنَاهُ أَن الْحرَّة تجوع وَلَا تكون ظِئْرًا لقوم على جعل تَأْخُذ مِنْهُم فيلحقها عيب وَكَانَ أهل بَيت زُرَارَة حضان الْمُلُوك فافتخر بذلك حَاجِب بن زُرَارَة فَقَالَ (حللنا بأثناء العذيب وَلم تكن ... تحل بأثناء العذيب الركائب) (لنكسب مَالا أَو نصيب غنيمَة ... وَعند ابتلاء النَّفس تحوى الرغائب) (حضنا ابْن مَاء المزن وَابْن محرق ... إِلَى أَن بَدَت مِنْهُم لحىً وشوارب) فعابه النَّاس وَقَالُوا مَا رَأينَا من يفتخر بالمعائب غَيره وَذَلِكَ أَن الظِّئْر خادمة والخدمة تضع وَلَا ترفع وَقيل (تجوع الْحرَّة وَلَا تَأْكُل بثدييها) أَي وَلَا تهتك نَفسهَا وتبدى مِنْهَا مَا لَا يَنْبَغِي أَن يبدى

والمثل لِلْحَارِثِ بن سليل الْأَسدي وَذَلِكَ أَنه زار عَلْقَمَة بن خصفة الطَّائِي وَكَانَ شَيخا كَبِيرا وَكَانَ حليفاً لَهُ فَنظر إِلَى ابْنَته الزباء وَكَانَت من أحسن أهل دهرها فأعجب بهَا فَقَالَ لَهُ أَتَيْتُك خاطباً وَقد ينْكح الْخَاطِب وَيدْرك الطَّالِب ويمنح الرَّاغِب فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَة أَنْت كُفْء كريم يُؤْخَذ مِنْك الْعَفو وَيقبل مِنْك الصفو فأقم تنظر فِي أَمرك ثمَّ انكفأ إِلَى أمهَا فَقَالَ إِن الْحَارِث بن سليل سيد قومه حسباً ومنصباً وبيتاً وَقد خطب إِلَيْنَا الزباء فَلَا ينصرفن إِلَّا بحاجته فَقَالَت امْرَأَته لابنته أَي الرِّجَال أحب إِلَيْك الكهل الجحجاح الْوَاصِل المياح أم الْفَتى الوضاح قَالَت لَا بل الْفَتى الوضاح قَالَت إِن الْفَتى يعيرك وَإِن الشَّيْخ يميرك وَلَيْسَ الكهل الْفَاضِل الْكثير النائل كالحدث السن الْكَبِير الْمَنّ قَالَت يَا أمتاه إِن الفتاة تحب الْفَتى كحب الرعاء أنيق الكلا قَالَت أَي بنية إِن الْفَتى شَدِيد الْحجاب كثير العتاب قَالَت إِن الشَّيْخ يبلي شَبَابِي ويدنس ثِيَابِي ويشمت بِي أترابي فَلم تزل بهَا أمهَا حَتَّى غلبتها على رأيها فَتَزَوجهَا الْحَارِث على خمسين وَمِائَة من الْإِبِل وخادم وَألف دِرْهَم فابتنى بهَا ثمَّ رَحل بهَا إِلَى قومه فَبينا هُوَ ذَات يَوْم جَالس بِفنَاء قُبَّته وَهِي إِلَى جَانِبه إِذْ أقبل شباب من بني أَسد يعتلجون فتنفست الصعداء ثمَّ أرخت عينيها بالبكاء فَقَالَ لَهَا مَا يبكيك قَالَت مَالِي وللشيوخ الناهضين كالفروخ فَقَالَ لَهَا ثكلتك أمك تجوع الْحرَّة وَلَا تَأْكُل بثدييها فَذَهَبت مثلا ثمَّ قَالَ لَهَا أما وَأَبِيك لرب غَارة شهدتها وسبية أردفتها وخمرة شربتها فالحقي بأهلك فَلَا حَاجَة لي فِيك وَقَالَ

(تهزأت أَن رأتني لابساً كبرا ... وَغَايَة النَّاس بَين الْمَوْت وَالْكبر) (فَإِن بقيت لقِيت الشيب راغمةً ... وَفِي التعرف مَا يمْضِي من العبر) (فَإِن يكن قد علا رَأْسِي وَغَيره ... صرف الزَّمَان وتغيير من الشّعْر) (فقد أروح للذات الْفَتى جذلاً ... وَقد أُصِيب بهَا عينا من الْبَقر) (عني إِلَيْك فَإِنِّي لَا يوافقني ... عور الْكَلَام وَلَا شرب على الكدر) وَمن أمثالهم فِي الْحر قَوْلهم (الْحر فِي كل زمَان حر) وَقَول ابْن المفرغ (العَبْد يقرع بالعصا ... وَالْحر تكفيه الملامه) وَقَالَ غَيره (العَبْد يقرع بالعصا ... وَالْحر تكفيه الْإِشَارَة) 360 - قَوْلهم تَسْأَلنِي برامتين سلجما يضْرب مثلا للملتمس مَا لَا يجد وَأَصله أَن امْرَأَة طلبت من زَوجهَا سلجماً فِي قفر من الأَرْض يُقَال لَهُ رامة وَضم إِلَيْهَا مَكَانا يقرب مِنْهَا فَثنى كَمَا يَقُولُونَ الْعمرَان والقمران والسلجم بِالسِّين أَصله شلجم فَارسي أعرب فَجعل شينه سيناً كَمَا قَالُوا فِي أشمويل إِسْمَاعِيل وَقَالُوا السوس لهَذَا الْبَلَد وَهُوَ شوش وَرُبمَا جعلُوا السِّين فِي التعريب شَيْئا كَمَا قَالُوا فِي سباط شباط وَفِي تسرين تشرين وَهُوَ هَذَا الشَّهْر الرُّومِي وَلَيْسَ للروم شين مُعْجمَة والمثل من جملَة أرجوزة أَولهَا

(تَسْأَلنِي برامتين سلجما ... إِنَّك إِن سَأَلت شَيْئا أمما) (جَاءَ بِهِ الْكرَى أَو تجشما ... ) وَقَرِيب من هَذَا الْمثل قَول الْأَغْلَب (وَشر مَا رام امْرُؤ مَا لم ينل ... ) 361 - قَوْلهم تَمام الرّبيع الصَّيف يضْرب مثلا فِي استنجاح تَمام الْحَاجة وَأَصله فِي الْمَطَر فالربيع أَوله والصيف آخِره 362 - قَوْلهم التَّمْر فِي الْبِئْر يُرَاد بِهِ من عمل عملا كَانَ لَهُ مرجوعه وَأَصله أَن منادياً كَانَ يقوم فِي الْجَاهِلِيَّة على أَطَم من آطام الْمَدِينَة حِين يدْرك الْبُسْر فينادي التَّمْر فِي الْبِئْر أَي أَكْثرُوا من سقِِي نخلكم فَإِن من سقى وجد عَاقِبَة سقيه فِي تمره وَهَذَا من مُخْتَصر الْكَلَام وَنَحْوه قَول الراجز

(جدى لكل عَامل ثَوَاب ... الرَّأْس والكرع والإهاب) وَقَوْلهمْ (رب شدّ فِي الكرز) وَقَول أبي تَمام (رب خفض تَحت السرى وغناء ... من عناء ونضرة من شحوب) 363 - قَوْلهم تَركه على مثل مقلع الصمغة 364 - وَقَوْلهمْ تَركه على مثل لَيْلَة الصَّدْر 365 - وَقَوْلهمْ تَركه أنقى من الرَّاحَة مَعْنَاهُ اجتح مَاله فَلم يتْرك لَهُ شَيْئا والصمغة إِذا قلعت بَقِي مَكَانهَا عَارِيا لَا شَيْء فِيهِ وَالْمعْنَى فِي لَيْلَة الصَّدْر ان النَّاس إِذْ صدرُوا عَن المَاء بَقِي خَالِيا لَا شَيْء فِيهِ وَمثله قَوْلهم (تَركه أنقى من الرَّاحَة) والراحة بطن الْكَفّ أَي لَا شَيْء لَهُ كَمَا ان الرَّاحَة لَا شعر فِيهَا 366 - قَوْلهم تركته على مثل مشفر الْأسد أَي تركته عرضة للمهالك و (تركته على مثل حد السَّيْف وحرف السَّيْف) كَذَلِك و (تركته على مثل شِرَاك النَّعْل) فِي الضّيق

حكى ثَعْلَب ذَلِك وَيَقُولُونَ (تركته على مثل خد الْفرس) أَي على طَرِيق وَاضح 367 - قَوْلهم تسمع بالمعيدي لَا أَن ترَاهُ هَكَذَا رَوَاهُ الْأَصْمَعِي وَرَوَاهُ غَيره (أَن تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ) والمثل لشقة بن ضَمرَة والمعيدي تَصْغِير معدي وَالدَّال يُخَفف ويثقل فِي هَذَا الْمثل وَالْأَصْل التثقيل وَقَالَ بَعضهم هُوَ مَنْسُوب إِلَى معيد وَهُوَ اسْم قَبيلَة وَأنْشد (سَيعْلَمُ مَا يُغني معيد ومعرض ... إِذا مَا تَمِيم غرقتك بحورها) والمثل للنعمان بن الْمُنْذر أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن سلم بن هَارُون قَالَ حَدثنَا الْقَاسِم بن يسَار قَالَ حَدثنَا عِكْرِمَة الضَّبِّيّ قَالَ كَانَ أصل قَوْلهم (تسمع بالمعيدي لَا أَن ترَاهُ) أَن رجلا من بني تَمِيم يُقَال لَهُ ضَمرَة كَانَ يُغير على مسالح النُّعْمَان بن الْمُنْذر حَتَّى إِذا عيل صَبر النُّعْمَان كتب إِلَيْهِ أَن ادخل فِي طَاعَتي وَلَك مائَة من الْإِبِل فقبلها وَأَتَاهُ فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ ازدراه وَكَانَ ضَمرَة دميماً فَقَالَ (تسمع بالمعيدي لَا أَن ترَاهُ) فَقَالَ ضَمرَة مهلا أَيهَا الْملك إِن الرِّجَال لَا يكالون بالصيعان وَإِنَّمَا الْمَرْء بأصغريه قلبه وَلسَانه

إِن قَاتل قَاتل بجنان وَإِن نطق نطق بِبَيَان قَالَ صدقت لله دَرك هَل لَك علم بالأمور وولوج فِيهَا قَالَ وَالله إِنِّي لأبرم مِنْهَا المسحول وأنقض مِنْهَا المفتول وأجيلها حَتَّى تجول ثمَّ أنظر إِلَى مَا تؤول وَلَيْسَ للأمور بِصَاحِب من لم ينظر فِي العواقب قَالَ صدقت لله دَرك فَأَخْبرنِي مَا الْعَجز الظَّاهِر والفقر الْحَاضِر والداء العياء والسوأة السوآء قَالَ ضَمرَة أما الْعَجز الظَّاهِر فَهُوَ الشَّاب الْقَلِيل الْحِيلَة اللُّزُوم للحليلة الَّذِي يحوم حولهَا وَيسمع قَوْلهَا إِن غضِبت ترضاها وَإِن رضيت تفداها وَأما الْفقر الْحَاضِر فالمرء لَا تشبع نَفسه وَإِن كَانَ من ذهب خلسه وَأما الدَّاء العياء فجار السوء إِن كَانَ فَوْقك قهرك وَإِن كَانَ دُونك همزك وَإِن أَعْطيته كفرك وَإِن منعته شتمك فَإِن كَانَ ذَاك جَارك فأخل لَهُ دَارك وَعجل مِنْهُ فرارك وَإِلَّا فأقم بذل وصغار وَكن ككلب هرار وَأما السوءة السوآء فالحليلة الصخابة الْخَفِيفَة الوثابة السليطة السبابَة الَّتِي تعجب من غير عجب وتغضب من غير غضب الظَّاهِر عيبها الْمخوف غيبها فَزَوجهَا لَا تصلح لَهُ حَال وَلَا ينعم لَهُ بَال إِن كَانَ غَنِيا لم يَنْفَعهُ غناهُ وَإِن كَانَ فَقِيرا أبدت لَهُ قلاه فأراح الله مِنْهَا بَعْلهَا وَلَا متع بهَا أَهلهَا فأعجب النُّعْمَان حسن كَلَامه وَحُضُور جَوَابه فَأحْسن جائزته واحتبسه قبله 368 - قَوْلهم تطعم تطعم يُرَاد بهه ادخل فِي الْأَمر تشتهه وَأَصله فِي الرجل لَا يَشْتَهِي الطَّعَام

فَإِذا ذاقه اشتهاه والصعب من الْأُمُور إِذا كنت بَعيدا عَنهُ تَجدهُ أصعب وَإِذا دخلت فِيهِ وجدته أسهل وَقيل توَسط الشَّرّ تأمنه وكل هول على مِقْدَار هيبته 369 - قَوْلهم ترك الخداع من أجْرى من مائَة الْمثل لقيس بن زُهَيْر وَنَذْكُر حَدِيثه فِي الْبَاب الْخَامِس إِن شَاءَ الله تَعَالَى 370 - قَوْلهم تقيس الْمَلَائِكَة إِلَى الحدادين الحدادون السجانون وكل مَانع عِنْد الْعَرَب حداد وَالْحَد الْمَنْع والمحدود الْمَمْنُوع من الرزق وأصل الْمثل أَنه لما أنزل الله تبَارك وَتَعَالَى {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر} قَالَ أَبُو جهل مَا تِسْعَة عشر الرجل منا بِالرجلِ مِنْهُم فَأنْزل الله عز وَجل {وَمَا جعلنَا أَصْحَاب النَّار إِلَّا مَلَائِكَة} أَي فَمن يُطيق الْمَلَائِكَة فَقَالَ لَهُ الْمُسلمُونَ (تقيس الْمَلَائِكَة بالحدادين) أَي السجانين من النَّاس فَجرى مثلا فِي الصَّغِير يُقَاس بالكبير

371 - قَوْلهم تجشأ لُقْمَان من غير شبع مقل للرجل يظْهر الْغنى وَهُوَ فَقير وَالْجَلد وَهُوَ ضَعِيف وَأَصله فِي الرجل يتجشأ على جوع أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن عَبْدَانِ عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمقدمِي عَن أَيُّوب بن سُوَيْد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لتشبع بِمَا لم يُعْط كلابس ثوبى زور) وَأخْبرنَا الصولي عَن أبي العيناء قَالَ قَالَ الْأَصْمَعِي يَوْمًا بِحَضْرَة أبي عُبَيْدَة كَانَ أبي يُسَايِر مُسلم بن قُتَيْبَة يَوْمًا على دَابَّة فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (المتشبع بِمَا لم يُعْط كلابس ثوبى زور) وَالله مَا ملك أَبوك دَابَّة قطّ إِلَّا فِي الزهادة و (ثوبا زور) يَعْنِي ثِيَاب أهل الزهادة يلبسهَا من لَيْسَ من اهلها 372 - قَوْلهم تحفظ أَخَاك إِلَّا من نَفسه مَعْنَاهُ انك تحفظه من النَّاس إِذا كادوه فَأَما إِذا كَاد هُوَ نَفسه وأساء إِلَيْهَا وَلم تقدر على حفظه مِنْهَا وَالْفرس تَقول لَيْسَ لجناية الْمَرْء على نَفسه دَوَاء وَإِذا كَانَ اللص من الْأَهْل لم يُمكن التحفظ مِنْهُ وَنَحْوه قَول الآخر أَنا أرفعك ونفسك تضعك وَأعلم أَن الْغَلَبَة لَك

373 - قَوْلهم تَحت الرغوة الصَّرِيح يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ تظهر حَقِيقَته بعد خفائها والمثل لعامر بن الظرب أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر بن دُرَيْد عَن عَمه عَن أَبِيه عَن ابْن الْكَلْبِيّ قَالَ كَانَ عَامر بن الظرب يدْفع بِالنَّاسِ فِي الْحَج فحج ملك من مُلُوك حمير فَرَآهُ فَقَالَ لَا أترك هَذَا المعدي حَتَّى أذله وأفسد عَلَيْهِ أمره فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَلَده وَصدر النَّاس أرسل إِلَيْهِ أَنِّي أحب أَن تزورني فأحبوك وأكرمك وأتخذك خلا وصديقاً فَأتى قومه فَقَالُوا انفذ وننفذ مَعَك فنتجه بجاهك فَخرج وَأخرج مَعَه نَفرا فَلَمَّا قدم بِلَاد الْملك تكشف لَهُ رَأْيه وَأبْصر سوء مَا صنع بِنَفسِهِ فَقَالَ أَلا ترَوْنَ أَن الْهوى يقظان وَأَن الْعقل نَائِم وَهُوَ أول من قَالَه فَمن هُنَاكَ يغلب الرَّأْي الْهوى وَمن لم يغلب الْهوى بِالرَّأْيِ نَدم عجلت حِين عجلتم وَلنْ أَعُود بعد مَا أعجل بِرَأْي إِنَّا قد تورطنا فِي بِلَاد هَذَا الْملك فَلَا تسبقوني بريث أَمر أقيم عَلَيْهِ وَلَا بعجلة رَأْي أخف مَعَه دَعونِي وحيلتي فَإِن رَأْيِي لي وَلكم فَلَمَّا قدم على الْملك ضرب عَلَيْهِ قبَّة وأكرمه وَأكْرم أَصْحَابه فَقَالُوا قد أكرمنا كَمَا ترى وَبعدهَا مَا هُوَ خير فَقَالَ لَا تعجلوا فَإِن لكل عَام طَعَاما وَلكُل رَاع مرعىً وَلكُل مراح مريحاً وَتَحْت الرغوة الصَّرِيح وَهُوَ أول من قَالَه فَمَكَثُوا أَيَّامًا ثمَّ بعث إِلَيْهِ الْملك فَتحدث

عِنْده وَقَالَ إِنِّي قد رَأَيْت أَن أجعلك النَّاظر فِي أُمُور قومِي فقد ارتضيت عقلك فافرغ لما أُرِيد قَالَ أَحسب أَن رغبتك فِي قربي بلغت بِي أَن تخلع لي ملكك وَقد تفضلت إِذا أهلتني لهَذِهِ الْمنزلَة ولي كنز علم لست أعمل إِلَّا بِهِ تركته فِي الْحَيّ مَدْفُونا وَإِن قومِي أضناء بِي فَاكْتُبْ لي سجلاً بجباية الطَّرِيق فَيرى قومِي طَمَعا تطيب أنفسهم بِهِ عني فأستخرج كنزي وأرجع إِلَيْك فَكتب لَهُ سجلاً بجباية الطَّرِيق وَجَاء أَصْحَابه فَقَالَ ارتحلوا حَتَّى إِذا برزوا قَالُوا لم نر كَالْيَوْمِ وَافد قوم أقل وَلَا أبعد من نوال مِنْك فَقَالَ لَهُم مهلا فَإِنَّهُ لَيْسَ على الرزق فَوت وغانم من نجا من الْمَوْت وَالْملك خوف وَالسيف حيف وَمن لم ير بَاطِنا يَعش واهناً فَلَمَّا قدم على قومه قَالَ (رب أَكلَة تمنع أكلات) وَهُوَ اول من قَالَه فَأَقَامَ وَلم يرجع 374 - قَوْلهم ترى الفتيان كالنخل وَمَا يدْريك مَا الدخل يضْرب مثلا للرجل لَهُ منظر وَلَا مخبر لَهُ والدخل مَا يبطن فِي الشَّيْء يُقَال شَيْء مَدْخُول إِذا كَانَ فَاسد الْجوف وَفِي الْأَثر هدنة على دخن وعَلى دخل أَي مصالحة على فَسَاد ضمائر وَقَرِيب مِنْهُ قَول الشَّاعِر (ويخلف ظَنك الرجل الطرير ... )

وَقَالَ عبد الله بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر (وأحمق تحسبه كيساً ... وَقد تعجب الْعين من شخصه) (وَآخر تحسبه جَاهِلا ... ويأتيك بِالْأَمر من فصه) وَنَحْو ذَلِك قَول الآخر (وينفع أَهله الرجل الْقَبِيح ... ) 375 - قَوْلهم تَنْهَانَا أمنا عَن الغي وتغدو فِيهِ يضْرب مثلا للرجل ينْهَى عَن الشَّيْء ويأتيه وَأَصله أَن امْرَأَة كَانَت تؤاجر نَفسهَا وَكَانَت لَهَا بَنَات تخَاف أَن يَأْخُذن أَخذهَا فَكَانَت إِذا غَدَتْ فِي شَأْنهَا تَقول لَهُنَّ احفظن أَنْفُسكُنَّ وإياكن أَن يقربكن أحد فَقَالَت إِحْدَاهُنَّ (تَنْهَانَا أمنا عَن الغي وتغدو فِيهِ) وَمن هَاهُنَا اخذ الشَّاعِر قَوْله (لاتنه عَن خلق وَتَأْتِي مثله ... عَار عَلَيْك إِذا فعلت عَظِيم) وَفِي كَلَام أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام لَا تكن مِمَّن يَرْجُو الْآخِرَة بِغَيْر عمل وَيُؤَخر التَّوْبَة بطول أمل يَقُول فِي الدُّنْيَا بقول الزاهدين وَيعْمل فِيهَا بِعَمَل الراغبين إِن أعطي لم يشْبع وَإِن منع لم يقنع يعجز عَن شكر مَا أُوتِيَ ويبتغي الزِّيَادَة فِيمَا بَقِي ينْهَى وَلَا يَنْتَهِي ويامر بِمَا لَا يَأْتِي يحب الطالحين وَلَا يعْمل بعملهم وَيبغض الصَّالِحين وَهُوَ مِنْهُم تغلبه نَفسه

على مَا يظنّ وَلَا يغلبها على مَا يستقين فَهُوَ يطاع ويعصي ويستوفي وَلَا يُوفي قَالَ الشَّاعِر (لَا تلم الْمَرْء على فعله ... وَأَنت مَنْسُوب إِلَى مثله) (من عَابَ شَيْئا وأتى مثله ... فَإِنَّمَا دلّ على جَهله) 376 - قَوْلهم التجلد وَلَا التبلد يَقُول يَنْبَغِي أَن يتجلد الرجل فِي الْأُمُور ويتيقظ وَلَا يتبلد أَي لَا يتحير وَقد ذكرت أَصله فِي الْبَاب الأول وَنَحْوه قَول الشَّاعِر وَهُوَ سعد ابْن ناشب (تؤنبني فِيمَا ترى من شراستي ... وَقُوَّة نَفسِي أم عَمْرو وَمَا تَدْرِي) (وَفِي اللين ضعف والشراسة هَيْبَة ... وَمن لَا يهب يحمل على مركب وعر) 377 - قَوْلهم ترهات البسابس الْوَاحِدَة ترهة قيل إِنَّهَا دويبات لَا يكون يرين سرعَة قَالَ الشَّاعِر (من ترهات وجندب ... )

وَيُقَال للكذب وَمَا اخذه إخذه ترهات البسابس أَي بَاطِل لَا يتَحَصَّل وَقَالَ الْأَصْمَعِي هِيَ الطّرق الصغار الَّتِي تتشعب من الطَّرِيق الْأَعْظَم والبسابس جمع بسبس وَهِي الصَّحرَاء الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا بسبس وسبسب سَوَاء فَإِذا جَاءَ الرجل بالأباطيل وَتكلم بالمحال قيل أَخذ فِي ترهات البسابس كَمَا يُقَال ركب بنيات الطَّرِيق أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر عَن عبد الرَّحْمَن عَن عَمه قَالَ كَانَ ابو الْهِنْدِيّ مستهترا بِالشرابِ فعذله قومه فَأَنْشَأَ يَقُول (إِذا صليت حمسا كل يَوْم ... فَإِن الله يغْفر لي فسوقي) (وَلم أشرك بِرَبّ النَّاس شَيْئا ... فقد أَمْسَكت بالحبل الوثيق) (فَهَذَا الدّين لَيْسَ بِهِ خَفَاء ... فَدَعْنِي من بنيات الطَّرِيق) قَالَ أَبُو بكر بنيات الطَّرِيق الطّرق الصغار تتشعب من الطَّرِيق الْأَعْظَم ثمَّ ترجع إِلَيْهِ 378 - قَوْلهم تَكْذِيب المنى أَحَادِيث الضبع استها يُقَال ذَلِك فِي ذمّ التَّمَنِّي والطمع الْكَاذِب وَقَالَ عنترة فِي قريب من ذَلِك (أَلا قَاتل الله الطلول البواليا ... وَقَاتل ذكراك السنين الخواليا) (وقولك للشَّيْء الَّذِي لَا تناله ... إِذا مَا هُوَ احلولى أَلا لَيْت ذاليا)

وَيُرِيد بالتكذيب هُنَا ان يكذبك المنى لَا ان تكذبها 379 - قَوْلهم تِلْكَ بِتِلْكَ عَمْرو يضْرب مثلا للرجل يجازي صَاحبه بِمثل فعله وَأَصله أَن عَمْرو بن حدير ابْن سلمى بن جندل بن نهشل كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة معجبة جميلَة وَكَانَ ابْن عَمه يزِيد بن الْمُنْذر بن سلمى بن جندل يهواها فَدخل عَمْرو عَلَيْهَا فصادفه عِنْدهَا فَطلقهَا ثمَّ أغير على الْحَيّ فَركب عَمْرو فَابْتَدَرَهُ فوارس فصرعوه فَحمل عَلَيْهِم يزِيد فاستنقذه وَقَالَ (تِلْكَ بِتِلْكَ عَمْرو) أَي إِن كنت أَسَأْت إِلَيْك فِي امْرَأَتك فقد أَحْسَنت إِلَيْك فِي تَخْلِيص مهجتك 380 - قَوْلهم تقلدها طوق الْحَمَامَة يُقَال ذَلِك للرذيلة يَأْتِيهَا الْإِنْسَان فَيلْزمهُ عارها وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (اذْهَبْ بهَا اذْهَبْ بهَا ... طوقتها طوق الحمامه) 381 - قَوْلهم تحلل غيل يضْرب مثلا للرجل يحلف على الشَّيْء لَيَكُونن فَيكون خِلَافه

وَأَصله أَن عبشمس بن سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَكَانَ يلقب مقروعاً عشق الهيجمانة بنت العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم فطرد عَنْهَا فجَاء الْحَارِث بن كَعْب بن زيد مَنَاة ليدفع عَنهُ فَضرب على رجله فَقطعت فَسُمي الْأَعْرَج وَسَار عبشمس فِي بني سعد إِلَى العنبر يطْلبُونَ حَقهم فِي رجل الْأَعْرَج فَأَبَوا عَلَيْهِم فِيهِ فَقَالَ عبشمس لأَصْحَابه إِن رَاح إِلَيْكُم مَازِن مترجلاً متزيناً فايأسوا من الْعقل وَإِن جَاءَكُم أَشْعَث خَبِيث النَّفس فارجوه فراح إِلَيْهِم فِي ثِيَاب وهيئة فَتحدث إِلَيْهِم فَلَمَّا انْصَرف سمع عبشمس رجلا من أَصْحَاب مَازِن يتَمَثَّل قَول غيلَان بن مَالك (لَا نعقل الرجل وَلَا نديها ... حَتَّى نرى داهيةً تنسيها) فَعلم عبشمس الشَّرّ فَلَمَّا أظلم رَحل وَترك قُبَّته قَائِمَة فَطَلَبه مَازِن فَلم يقدر عَلَيْهِ ثمَّ غزاهم عبشمس فَنزل بهم فِي لَيْلَة ذَات برق ورعد فلمعت برقة فرأت الهيجمانة ساقي عبشمس فَقَالَت لأَبِيهَا وَالله لقد رَأَيْت ساقي مقروع فَسَمعَهَا مَازِن فَقَالَ (حنت فَلَا تهنت) فأرسلها مثلا فَقَالَ لَهَا أَبوهَا (لَا أرى لمكذوب فاصدقيني) فأرسلها مثلا فَقَالَت ثكلتك إِن لم أكن رَأَيْت مقروعاً (فَانْجُ وَلَا إخالك ناجياً) فأرسلتها مثلا فنجا العنبر تَحت اللَّيْل وصبحتهم بَنو سعد فقتلت مِنْهُم نَاسا مِنْهُم غيلَان بن مَالك فَجعلت بَنو سعد تحثي عَلَيْهِ التُّرَاب وَتقول (تحلل غيل) وَهُوَ من تَحِلَّة الْيَمين وتحلة الْيَمين قَوْله إِن شَاءَ الله وَإِنَّمَا عنوا قَوْله (لَا نعقل الرجل

وَلَا نديها) وَكَانَ قد حلف على ذَلِك فَلَمَّا قتل جعلُوا يهزءون بِهِ وَيَقُولُونَ (تحلل) أَي قل إِن شَاءَ الله وغيل ترخيم غيلَان كَمَا تَقول فِي ترخيم عُثْمَان عثم وتبعوا العنبر فلحقوه على فرس يَسُوق إبِله فَيمْنَع مَا يتَقَدَّم مِنْهَا ويعقر مَا يتَأَخَّر فَدَنَا عبشمس مِنْهُ فَكشفت الهيجمانة وَجههَا واستوهبته إِيَّاه فوهبه لَهَا وَأخذ بَعضهم قَوْلهَا (انج وَلَا إخالك ناجياً) فَقَالَ (فَإِن تنج مِنْهَا تنج من ذِي عَظِيمَة ... وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إخالك ناجيا) 382 - قَوْلهم ترك الخداع من كشف القناع تذكر خَبره فِي الْبَاب الرَّابِع عشر 383 - قَوْلهم تقطع أَعْنَاق الرِّجَال المطامع وأوله (طمعت بليلى أَن تريع وَإِنَّمَا ... تقطع أَعْنَاق الرِّجَال المطامع) وَمن أمثالهم فِي ذَلِك قَول بَعضهم (ولليأس أدنى للعفاف من الطمع ... ) وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ الطمع الْكَاذِب فقر حَاضر وَقَالَ مَا الْخمر صرفهَا بأذهب لعقول الرِّجَال من الطمع وَفِي عجز بَيت النُّعْمَان

(لَيْسَ النجاح مَعَ الْحَرِيص الطامع ... ) وَقَالَ بَعضهم فِي الْمَعْنى الأول (رَأَيْت مخيلةً فطمعت فِيهَا ... وَفِي الطمع المذلة للرقاب) وَفِي بعض الأسجاع العَبْد حر إِذا قنع وَالْحر عبد إِذا طمع قَالَه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 384 - قَوْلهم التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ الْمثل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ والمستغفر من الذَّنب وَهُوَ مُقيم عَلَيْهِ كالمستهزىء بربه) 385 - قَوْلهم التجارب لَيست لَهَا نِهَايَة والمرء مِنْهَا فِي زِيَادَة وَأَصله قَول عمر رَضِي الله عَنهُ إِن الْغُلَام ليحتلم لأَرْبَع عشرَة وَيَنْتَهِي طوله لإحدى وَعشْرين وعقله لسبع وَعشْرين وَأما تجاربه فَإِنَّهَا لَا تَنْتَهِي مَعْنَاهُ كلما عَاشَ وجرب ازْدَادَ عقلا وَمن أمثالهم فِي التجارب قَوْلهم لَا تغز إِلَّا بِغُلَام قد عسا وَقد مَضَت نَظَائِر هَذَا فِيمَا تقدم

386 - قَوْلهم تنزو وتلين يضْرب مثلا للرجل يتعزز ثمَّ يذل وَأَصله فِي الجدي ينزو وَهُوَ صَغِير فَإِذا كبر لَان والنزو الوثب وَنَحْوه قَوْله (وَلَيْسَ كَمَا قد شئته واشتهيته ... وَلَكِن كَمَا شَاءَ الزَّمَان يكون) (إِذا لم أجد شَيْئا نفيسا أريده ... جزعت فَقَالَ الدَّهْر سَوف تلين) 387 - قَوْلهم تجاوزت شبيثاً والأحص وماءهما يضْرب مثلا للرجل يطْلب الشَّيْء وَقد فَاتَهُ والمثل لجساس بن مرّة وَذَلِكَ أَنه لما طعن كليباً فَسقط وَجعل يجود بِنَفسِهِ قَالَ لَهُ يَا جساس اسْقِنِي مَاء فَقَالَ لَهُ (تجاوزت شبيثاً والأحص وماءهما) أَي قد فاتك الِانْتِفَاع بِالْمَاءِ فَقَالَ نَابِغَة بني جعدة (كُلَيْب لعمري كَانَ أَكثر ناصراً ... وأيسر جرما مِنْك ضرج بِالدَّمِ) (فَقَالَ لجساس أَغِثْنِي بِشَربَة ... تمن بهَا فضلا عَليّ وأنعم) (فَقَالَ تجاوزت الأحص وماءه ... وبطن شبيث وَهُوَ ذُو مترسم)

388 - قَوْلهم تالله لَوْلَا عتقه لقد بلي يضْرب مثلا للثابت على الشَّيْء وَالْعِتْق الْكَرم 389 - قَوْلهم التَّغْرِير مِفْتَاح الْبُؤْس التَّغْرِير حمل النَّفس على الْغرَر والبؤس الشدَّة والمثل لأكثم بن صَيْفِي وسنذكره بعد إِن شَاءَ الله 390 - قَوْلهم التواني ينْتج الهلكة قد مر تَفْسِير نَظَائِره 391 - قَوْلهم تخلصت قابية من قوب روينَاهُ عَن أبي أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد (قابية) من قبا يقبو ورأينا فِي بعض النّسخ (قائبة) قَالَ أَبُو بكر أَي تخلصت بَيْضَة من فرخ وَالْوَجْه أَن يُقَال فرخ من بَيْضَة وقبوت الشَّيْء جمعته وَمِنْه قيل للقباء قبَاء لِأَنَّك تجمع أَطْرَافه يضْرب مثلا للرجل إِذا تخلص من ضيق وكرب

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها التاء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا التَّاء 392 - أتجر من عقرب وَهُوَ تَاجر من تجار الْمَدِينَة وَكَانَ أمطل النَّاس فعامله الْفضل بن الْعَبَّاس ابْن أبي لَهب وَكَانَ أَشد النَّاس اقْتِضَاء فَلَمَّا حل المَال قعد الْفضل بِبَاب عقرب يقْرَأ وعقرب على شاكلته فِي المطل غير مكترث بِهِ فَلَمَّا أعياه قَالَ يهجوه (قد تجرت فِي سوقنا عقرب ... لَا مرْحَبًا بالعقرب التاجره) (كل عَدو يتقى مُقبلا ... وعقرب تخشى من الدابره) (كل عَدو كَيده فِي استه ... فَغير مخشي وَلَا ضائره) (إِن عَادَتْ الْعَقْرَب عدنا لَهَا ... وَكَانَت النَّعْل لَهَا حاضره) 393 - أتعب من رائض مهر مَعْرُوف

394 - أتعب من رَاكب فصيل والفصيل ولد النَّاقة وَإِنَّمَا يتعب لِأَنَّهُ لم يرض 395 - أتبع من تولب والتولب ولد الْحمار وَولد الْفرس يتبع أمه وَكَذَلِكَ ولد الْبَقَرَة وَلَا أعرف لم خص التولب بذلك 396 - أتلى من الشعرى وَذَلِكَ أَنَّهَا تتلو الجوزاء وَسميت كلب الْجَبَّار كَأَنَّهَا كلب للموزاء والجبار الجوزاء 397 - أتوى من دين أَي أهلك والتوى الْهَلَاك وَقد توى إِذا هلك 398 - أتلف من سلف مَعْرُوف

399 - أتيم من المرقش وهما مرقشان الْأَصْغَر مِنْهُمَا ابْن اخي الْأَكْبَر والأكبر عَمْرو بن سعد ابْن مَالك بن عباد الضبعِي وَسمي مرقشا لقَوْله (كَمَا رقش فِي ظهر الْأَدِيم قلم ... ) وَهُوَ من العشاق وصاحبته أَسمَاء بنت عَوْف بن مَالك وَيَقُول فِيهَا وَفِي صواحبها (النشر مسك وَالْوُجُوه دَنَانِير ... واطراف الأكف عنم) وَفِي هَذِه القصيدة (لَيْسَ على طول الْحَيَاة نَدم ... وَمن وَرَاء الْمَرْء مَا يعلم) (يَأْتِي الشَّبَاب الأفودين وَلَا ... تغبط أَخَاك أَن يُقَال حكم) فَأَخذه الْكُمَيْت فَقَالَ (لَا تغبط الْمَرْء أَن يُقَال لَهُ ... أَمْسَى فلَان لأَهله حكما) (إِن سره طول عيشه فَلَقَد ... أضحى على الْوَجْه طول مَا سلما) والمرقش الْأَصْغَر عَمْرو بن مَالك وَيُقَال حَرْمَلَة بن سعد وَهُوَ من العشاق وصاحبته بنت عجلَان وَهِي أمة لبِنْت عَمْرو بن هِنْد وَلها يَقُول

(يَا بنت عجلَان مَا أصبرني ... على خطوب كنحت بالقدوم) وَاشْتَدَّ حبه لَهَا وهجرها لَهُ حَتَّى عض على سبابته فقطعها وَقَالَ (ألم تَرَ أَن الْمَرْء يجذم كَفه ... ويجشم من هول الْأُمُور المجاشما) وَفِي هَذِه القصيدة (فَمن يلق خيرا يحمد النَّاس أمره ... وَمن يغو لَا يعْدم على الغي لائما) 400 - أتيه من فقيد ثَقِيف وَهُوَ من التيه والتيه التحير وَهُوَ رجل من أهل الطَّائِف عشق امْرَأَة أَخِيه وهام بهَا حَتَّى مرض وَسَقَطت قوته فحضره الْحَارِث بن كلدة ليداويه من علته فَلم يجد بِهِ عِلّة فَسَقَاهُ خمرًا فَلَمَّا سكر غنى (ألما بِي على الأبيات ... بالخيف أزرهنه) (غزال ثمَّ يحتل ... بهَا داربني كنه) (غزال أحور الْعَينَيْنِ ... فِي مَنْطِقه غنه) فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْخمر فَقَالَ (أَيهَا الجيرة اسلموا ... وقفُوا كي تسلموا) (خرجت مزنة من الْبَحْر ... ريا تحمحم) (هِيَ مَا كنتي وتزعم ... أَنِّي لَهَا حم)

فَعرف أَخُوهُ مَا فِي نَفسه فَطلقهَا ليتزوجها فخاف الْعَار وهام على وَجهه ففقد 401 - أتيه من أَحمَق ثَقِيف وَهُوَ من التيه الَّذِي هُوَ الْكبر يعنون يُوسُف بن عمر وَكَانَ أَمِير الْعرَاق من قبل هِشَام وَكَانَ أَحمَق من أَمر وَنهى فِي الْإِسْلَام وَكَانَ قَصِيرا دميماً وَكَانَ خياطه إِذا أفضل من الثَّوْب الَّذِي يقطعهُ لَهُ شَيْئا ضربه مائَة سَوط وَإِذا ذكر أَنه يحْتَاج إِلَى شَيْء أجَازه وأكرمه وَكَانَ لَهُ نديم يُقَال لَهُ عَبْدَانِ وَكَانَ من أطول النَّاس قامة وَكَانَ يُوسُف مثل عقدَة رشاء فماشاه يَوْمًا فَقَالَ لَهُ يُوسُف أَيّنَا أطول قَالَ فَوَقَعت فِي محنة تحتهَا السَّيْف فَقلت اصلح الله الْأَمِير أَنْت أطول مني ظهرا وَأَنا أطول مِنْك ساقاً قَالَ فَضَحِك وَقَالَ أَحْسَنت 402 - أتب من أبي لَهب والتباب الخسران والمثل مَأْخُوذ من قَول الله تَعَالَى {تبت يدا أبي لَهب وَتب} وَالْأول دُعَاء وَالثَّانِي خبر

403 - أتم من قمر التم والتم هَاهُنَا بِمَعْنى التَّمام وَيُقَال بدر التَّمام بِالْكَسْرِ وَبلغ الشَّيْء تَمَامه بِالْفَتْح 404 - أتخم من فصيل وَذَلِكَ أَنه يشرب من اللَّبن فَوق مَا يحْتَاج إِلَيْهِ 405 - أتمك من سَنَام أَي أرفع وسنام تامك أَي مُرْتَفع 406 - اترف من ربيب نعْمَة والترفة النِّعْمَة 407 - أتيس من تيوس تويت قَالُوا هُوَ رجل

فهرسته

الْبَاب الرَّابِع فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله ثاء فهرسته ثأطة مدت بِمَاء ثار حابلهم على نابلهم الثور يضْرب لما عافت الْبَقر الثّيّب عجالة الرَّاكِب الثكل أرأمها ثل عَرْشه ثَبت لبده فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أُصُولهَا الثَّاء أثقل من ثهلان وَمن تضَاد وَمن عماية وَمن أحد وَمن حضن وَمن دمخ أثقل من حمل الدهيم أثقل من الزواقي أثقل من الزاووق أثقل من الزئبق أثقل من الكانون أثقل من النضار أثقل من رحى البزر وَمن نصف رحى بزر أثبت من قراد أثبت من الوشم أثبت فِي الدَّار من الْجِدَار أثقف من سنور أثأر من قصير

التفسير

التَّفْسِير 408 - قَوْلهم تأطة مدت بِمَاء يضْرب مثلا للأحمق الَّذِي كلما تخاطبه يزْدَاد حمقاً والثأطة الحمأة فَإِذا أَصَابَهَا المَاء ازدادت فَسَادًا وَقد وَافق هَذَا من أَمْثَال الْعَجم قَول صَاحب كليلة لَا يحب المذنب أَن يفحص عَن أمره لقبح مَا ينْكَشف مِنْهُ كالشيء المنتن كلما اثير ازْدَادَ نَتنًا 409 - قَوْلهم ثار حابلهم على نابلهم يضْرب مثل لفساد ذَات الْبَين وهيج الشَّرّ والحابل صَاحب الحبالة وَهِي الشبكة والنابل صَاحب النبل أَي قد اخْتَلَط الْقَوْم من شدَّة الشَّرّ فصغيرهم يثور على كَبِيرهمْ وَكَبِيرهمْ على صَغِيرهمْ 410 - قَوْلهم الثور يضْرب لما عافت الْبَقر هَكَذَا رَوَاهُ الْأَصْمَعِي وَهُوَ مثل الرجل يُؤْخَذ بذنب غَيره وَأَصله ان

الْبَقر ترد المَاء فتمتنع من الشّرْب فَيضْرب الثور لِيَتَقَدَّم حَتَّى تتبعه الْبَقر فَتَشرب قَالَ أَبُو هِلَال رَحمَه الله وَكَانَت الْعَرَب تزْعم أَن الْجِنّ تركب ظُهُور الثيران فتمتنع من الشّرْب وتمتنع الْبَقر مَعهَا فَتضْرب الثيران لتشرب فَتَشرب الْبَقر مَعهَا وَقَالَ الْأَعْشَى (لكا لثور والجني يركب ظَهره ... وَمَا ذَنبه إِن عافت المَاء مشرباً) (وَمَا ذَنبه أَن عافت المَاء باقر ... وَمَا إِن تعاف المَاء الا ليضربا) وَالْبَقر الباقر والباقور والبيقور سَوَاء 411 - قَوْلهم الثّيّب عجالة الرَّاكِب الثّيّب الَّتِي ثَابت إِلَى دَار أَبَوَيْهَا بعد التَّزْوِيج أَي رجعت وثاب الشَّيْء يثوب إِذا رَجَعَ وَمِنْه الثَّوَاب لِأَن الْعَامِل يرجع إِلَيْهِ ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى صَارَت الثّيّب خلاف الْبكر على أَي حَالَة كَانَت والعجالة مَا تتعجله من شَيْء وَالْمعْنَى أَنه لَا مؤونة على الْمُصِيب مِنْهَا لذهاب عذرتها وَيضْرب مثلا للشَّيْء تتعجله وتطيب نفسا بِهِ عَمَّا هُوَ أرفع مِنْهُ وَقد جَاءَ بِهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّرْغِيب فِي نِكَاح الْأَبْكَار فَقَالَ (عَلَيْكُم بالأبكار فَإِنَّهُنَّ أطيب أفواهاً وأنتق أرحاماً) قَالَ أَبُو بكر

النتق النفض نتقت الْوِعَاء إِذا نفضت مَا فِيهِ وَامْرَأَة ناتق كَثِيرَة الْوَلَد كَأَنَّهَا تنفض مَا فِي رَحمهَا نفضاً وَقَالُوا فِي قَول الله عز وَجل {وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم} أَي اقتلعناه فرفعناه 412 - قَوْلهم الثكل أرأمها يضْرب مثلا للرجل يحفظ خسيس مالديه بعد فقد النفيس والمثل لبهيس الْفَزارِيّ وَكَانَ يحمق وَأمه تبْغضهُ وَكَانَ لَهُ إخْوَة خَرجُوا فِي وَجه وَهُوَ مَعَهم فَقتلُوا الا هُوَ تخلص وَجَاء امهِ فَقَالَت أبحوت من بَينهم فَقَالَ (لَو خيرت لاخترت) فَلَمَّا رَأَتْ أَنه لَيْسَ لَهَا غَيره أحبته وعطفت عَلَيْهِ فَقَالَ (الثكل أرأمها) أَي عطفها والرئمان عطف النَّاقة على وَلَدهَا قَالَ سُوَيْد بن كرَاع (وَأَنت امْرُؤ لَا يقبل الصُّلْح طَائِعا ... وَلَكِن مَتى تظأر فَإنَّك رأتم) تظأر أَي تعطف كرها ظأرته على الْأَمر إِذا عطفته عَلَيْهِ وَمِنْه سميت الظِّئْر ظِئْرًا 413 - قَوْلهم ثل عَرْشه يُقَال ثل عرش فلَان وعرشه إِذا قتل والثلل الْهَلَاك قَالَ جرير

(إِن يثقفوكم يلحقوكم بالثلل ... ) وثل الْبَيْت هَدمه قَالَ الشَّاعِر (وَعبد يَغُوث تحجل الطير حوله ... فقد ثل عرشيه الحسام المهند) وَالْعرش هَاهُنَا مغرز الْعُنُق فِي الْكَاهِل وَالْعرش السرير وَفِي الْقُرْآن {نكروا لَهَا عرشها} وَيُقَال للرجل إِذا هلك وَولى أمره غَار نجمه وَذَهَبت رِيحه وطفئت جمرته فَإِذا انْقَطع الرَّجَاء مِنْهُ قيل أخلف نوءه فَإِذا ذهبت قوته قيل انْكَسَرت شوكته وكل حَده وَانْقطع بطانه وتضعضع رُكْنه وَضعف عقده وذلت عضده وفت فِي عضده ورق جَانِبه فَإِذا ذل قيل لانت عريكته وَإِذا هلك قيل تعس جده وَقَالَ ثَعْلَب يُقَال ثل ثلله وأثل الله ثلله أَي أذهب عزه 414 - قَوْلهم ثَبت لبده يُقَال للرجل إِذا وَقع فِي مَكْرُوه ثَبت لبده أَي ثَبت ذَلِك عَلَيْهِ وَلَا زَالَ عَنهُ

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في أوائل أصولها الثاء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الثَّاء 415 - أثقل من ثهلان 416 - وَمن نضاد 417 - وَمن عماية 418 - وَمن أحد 419 - وَمن حضن 420 - وَمن دمخ كل ذَلِك أَسمَاء جبال مَعْرُوفَة وكل قوم يتمثلون بِالْجَبَلِ الَّذِي يقرب مِنْهُم قَالَ الشَّاعِر (كفى حزنا أَنِّي تطاللت كي أرى ... ذراً علمي دمخ فَمَا يريان)

(كَأَنَّهُمَا والآل يجْرِي عَلَيْهِمَا ... من الْبعد عينا برقع خلقان) وَقَالَ الشَّاعِر فِي ثهلان (ثهلان ذُو الهضبات لَا يَتَحَلْحَل ... ) وَأَصله من الثهل وَهُوَ الانبساط وَقد أميت فَمَا يسْتَعْمل 421 - أثقل من حمل الدهيم وَقد مضى حَدِيثه فِي الْبَاب الأول 422 - أثقل من الزواقي وَهِي الديكة والزقاء صَوت الديك وَكَانَ الفتيان يسمرون بِاللَّيْلِ حَتَّى إِذا زقت الديكة انْصَرف كل إِلَى رَحْله فاستثقلوها لقطعها عَلَيْهِم سمرهم 423 - أثقل من الزاووق قيل هُوَ الزئبق وَيُقَال زوق كِتَابه وزوره إِذا حسنه وَقَومه

وزوق كَلَامه أَيْضا وزوق بَيته إِذا نقشه لِأَن الزئبق يَقع فِي الأصباغ الَّتِي ينقش بهَا الْبَيْت ثمَّ كثر حَتَّى قيل زوق كِتَابه وزوره إِذا حسنه وَقَومه 424 - أثقل من الطود 425 - أثقل من الزئبق بِكَسْر الْبَاء والهمز وَدِرْهَم مز أبق فِيهِ زئبق 426 - أثقل من كانون وَهُوَ الرجل الثقيل وتكونت علينا أَي ثقلت وَهُوَ فاعول من كننت الشَّيْء وَذَلِكَ أَنه إِذا دخل على الْقَوْم وهم فِي حَدِيث ستروه عَنهُ 427 - اثقل من النضار وَهُوَ الذَّهَب وَلَيْسَ فِي الْأَشْيَاء شَيْء أوزن مِنْهُ وَلذَلِك يرسب فِي الزئبق وَلَا يرسب فِيهِ غَيره وَالدَّابَّة الَّتِي تحمل خَمْسمِائَة منا من انواع الحمولة لَا تقدر ان تحمل من الذَّهَب قِطْعَة فِيهَا مائَة رَطْل وَذَلِكَ أَنَّهَا تكسر مَا تحتهَا من عظمها لاجتماعها وثقلها

428 - أثقل من رَحا البزر وَمن نصف رَحا بزر فَيكون أبلغ لِأَن النّصْف لَا يُمكن إدارته 429 - أثبت من قراد وَذَلِكَ انه إِذْ لزم موضعا من جَسَد الْبَعِير لَا يُفَارِقهُ وعسر نَزعه 430 - أثبت من الوشم وَهُوَ السوَاد الَّذِي تحشى بِهِ الْيَد وَغَيرهَا من أَعْضَاء الْبدن وَلعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الواشمة والموتشمة وروى (المستوشمة) فالواشمة الَّتِي تفعل والموتشمة الَّتِي يفعل بهَا 431 - أثبت فِي الدَّار من الْجِدَار من قَول بعض الرجاز فِي طفيلي أطفل من ليل على نَهَار ... أثبت فِي الدَّار من الْجِدَار) (كَأَنَّهُ فِي الدَّار رب الدَّار ... )

432 - أثقف من سنور وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا وَثَبت على الْفَأْرَة وَلم تخطئها وَلَفظ (السنور) مؤنث وَإِن أُرِيد بِهِ الذّكر وَمِنْه الثقاف 433 - أثأر من قصير قد مر حَدِيثه فِي الْبَاب الثَّانِي

فهرسته

الْبَاب الْخَامِس فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله الْجِيم فهرسته جرى المذكيات غلاب جاور بحراً أَو ملكا جدك لَا كدك جروا لَهُ الخطير مَا انجر جاحش عَن خيط رقبته جمع جراميزك الجحش لما بذك الأعيار جَزَاء سنمار جانيك من يجني عَلَيْك جدح جُوَيْن من سويق غَيره جلت الهاجن عَن الْوَلَد جَاوز الحزام الطبيين الْجواد يعثر جرى مِنْهُ مجْرى اللدود جَاءَ يفري ويقد جَاءَ يجر بقره جَاءَ وعَلى حَاجِبه صوفة جَاءَ بوركي خبر جَاءَ سَبَهْلَلا جَاءَ بالأربى جَاءَ يتهبى وَجَاء يترنس جَاءَ بالحظر الرطب جَاءَ بعائرة عين جَاءَ بالطم والرم جَاءُوا قضهم بقضيضهم وَمثله جَاءُوا جما غفيرا وَجَاءُوا جما غفيرة وَجَاءُوا بأزملهم وَجَاءُوا بحذافيرهم وَجَاءُوا فِي الحرشف والدخيس والعرمرم وَجَاءُوا على بكرَة أَبِيهِم جَاءَ تضب لثاته جعلته نصب عَيْني جَاءَ ينفض مذرويه جَاءَ صَكَّة عمي جذها جذ العير الصليانة جَاءَ وَقد لفظ لجامه جَاءَ بالهيل والهيلمان جَاءَ بالضح وَالرِّيح جلى محب نظره جرى الْوَادي فطم على القري جاري بَيت بَيت جبلت الْقُلُوب على حب من احسن اليها جبات فَلَا تعن آبراً الجرع أروى والرشف أشْرب

فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها الجيم

فهرست الامثال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي اوائل أُصُولهَا الْجِيم أجبن من المنروف ضرطاً وأجبن من صافر أجبن من صفرد وأجبن من كروان أجبن من الوطواط أجبن من ليل أجبن من ثرملة أجبن من الرباح وأجرأ من قسورة وَمن الهجرس وأجرأ من ذُبَاب وأجرأ من فَارس خضاف وأجرأ من خاصي خضاف وأجرأ من خاصي الْأسد وأجرأ من ذِي لبدة وَمن أُسَامَة وأجرأ من الْمَاشِي بترج وأجرأ من لَيْث بخفان وأجرأ من الأيهمين وأجرأ من اللَّيْل وأجرى من السَّيْل وأجول من قطرب وأجوع من كلبة حومل وأجوع من زرْعَة وأجوع من لعوة وأجوع من الذِّئْب وأجوع من قراد أجل من الحرش وأجور من سدوم وأجشع من أسرى الدُّخان أَجْهَل من فراشة أَجْهَل من حمَار أَجْهَل من عقرب أجمع من ذرة وَأجْمع من نملة وأجرد من صَخْرَة وأجرد من صَلْعَةٌ وأجرد من جَراد أجمل من ذِي الْعِمَامَة وأجود من الْجواد المبر وأجود من حَاتِم وأجود من كَعْب بن مامة وأجود من هرم وأجرأ من قَاتل عقبَة

تفسير الباب الخامس

تَفْسِير الْبَاب الْخَامِس 434 - قَوْلهم جري المذكيات غلاب أَرَادَ ان المسان تُؤْخَذ بالمغالبة وَالْقُوَّة وَالصغَار تدارى وَلَا تحمل على غلظ ومشقة وَرُوِيَ (غلاء) يُرَاد أَنَّهَا تتغالى فِي الجري أَي تتباعد والمذكي المسن وَقد ذكى وَالِاسْم الذكاء قَالَ الراجز (جري المذكي حسرت عَنهُ الْحمر ... ) حسر فَهُوَ حاسر وحسر للْجَمِيع إِذا سقط من الإعياء وَلَيْسَ ذَا مَوْضِعه وَفِي معنى الْمثل قَوْلهم (الشَّيْخ أقوى عَصا من الصَّبِي) والمثل لقيس بن زُهَيْر الْعَبْسِي وَذَلِكَ أَنه رَاهن حُذَيْفَة بن بدر الْفَزارِيّ على داحس والغبراء وهما فرسَان وراهنه حُذَيْفَة على الخطار والحنفاء والخطر بَينهمَا عشرُون من الْإِبِل والغاية من واردات إِلَى ذَات الإصاد وَهِي مائَة غلوة وَجعل السَّابِق أول من شرع فِي مَاء كَانَ هُنَاكَ فَلَمَّا أرْسلت

الحلبة قَالَ حُذَيْفَة خدعتك ياقيس قَالَ (ترك الخداع من أجْرى من مائَة) وَقد تقدم هَذَا الْمثل ثمَّ قَالَ سبقت وَالله ياقيس فَقَالَ (جري المذكيات غلاب) ثمَّ قَالَ لَهُ سبقت وَرب الْكَعْبَة فَقَالَ (رويد يعلون الجدد) وَكَانَت بَنو فَزَارَة جعلت كميناً فَلَمَّا طلع داحس سَابِقًا أمْسكهُ الكمين وَلم يعرف الغبراء وَهِي خلف داحس مصلية فوردت سَابِقَة فلطمتها بَنو فَزَارَة وحلثوها عَن المَاء وأبت أَن تقر لقيس بِالسَّبقِ ومنعوه الْخطر فَوَقع بَينهم الشَّرّ فَقَالَ بَعضهم يذكر ذَلِك (لطمن بِأَعْلَى ذِي الإصاد وجمعهم ... يرَوْنَ الْأَذَى من ذلة وهوان) فغزاهم قيس فلحق عَوْف بن بدر أَخا حُذَيْفَة فَقتله ثمَّ وداه مائَة نَاقَة متلية عشراء والعشراء الَّتِي قد أَتَى على حملهَا عشرَة أشهر والمتلية الَّتِي قد نتج بَعْضهَا وَالْبَاقِي يتلوها بالنتاج فالحامل متلية وَالَّتِي يتبعهَا وَلَدهَا أَيْضا متلية ثمَّ قتل حمل بن بدر الْفَزارِيّ مَالك بن زُهَيْر أَخا قيس فَأرْسل إِلَيْهِ أَن ارْدُدْ إِلَيْنَا إبلنا مَعَ أَوْلَادهَا وَكَانَت قد ولدت عِنْدهم فقد قتلتم بقتيلكم فَقَالَت بَنو فَزَارَة أنعطيها أَكثر مِمَّا أعطونا وأمسكوا أَوْلَادهَا وأبى قيس أَلا يَأْخُذهَا مَعَ أَوْلَادهَا ثمَّ قتل جنيدب بن خلف الْعَبْسِي مَالِكًا أَخا حُذَيْفَة فهاج الْحَرْب بَين بني عبس وفزارة نَحوا من أَرْبَعِينَ سنة فَقَالَ قيس

(وَلَكِن الْفَتى حمل بن بدر ... بغى وَالْبَغي مرتعه وخيم) (أَظن الْحلم دلّ عَليّ قومِي ... وَقد يستجهل الرجل الْحَلِيم) (ومارست الْأُمُور ومارستني ... فمعوج على مُسْتَقِيم) 435 - قَوْلهم جاور بحراً أَو ملكا مَعْنَاهُ اطلب الخصب وَقد اتّفقت الْعَرَب وَالْفرس فِي جَمِيع أَمْثَالهَا إِلَّا فِي هَذَا الْمثل فَإِن الْعَرَب قَالَت (جاور بحراً أَو ملكا) وَقَالَت الْفرس (نه شاه ونه روذ همذوره) وَالْمعْنَى لَا الْملك معرفَة وَلَا الْبَحْر جَار أَي لَا تتعرف إِلَى الْملك وَلَا تجاور الْبَحْر وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة على مَذْهَب الْفرس (إِن الْمُلُوك بلَاء حَيْثُمَا حلوا ... فَلَا يكن لَك فِي أَكْنَافهم ظلّ) (مَاذَا ترجي بِقوم إِن هم غضبوا ... جاروا عَلَيْك وَإِن أرضيتهم ملوا) (وَإِن نصحت لَهُم ظنوك تخذعهم ... واستثقلوك كَمَا يستثقل الْكل) (فاستغن بِاللَّه عَن أَبْوَابهم كرماً ... إِن الْوُقُوف على أَبْوَابهم ذل) وَأخذ كشاجم معنى الْمثل فَقَالَ يُخَاطب ابْن مقلة الخطاط (أَصبَحت جَارك فاكنفني بِرَأْيِك من ... دهر أرَاهُ لصدري مرْصدًا نبله) (إِنِّي لموْضِع أنس حِين تفرغ لي ... وَإِن شغلت فكاف تَرْتَضِي شغله) (وَقيل كن جَار بَحر أَو فَنًّا ملك ... وَأَنت جاري وساباطي على دجله)

(وَلَا أسومك إِلَّا الجاه تبذله ... فتستعيض بِهِ من مدحتي حلّه) 436 - قَوْلهم جدك لَا كدك الْجد قسم الله تَعَالَى العَبْد حَظه من الدُّنْيَا فَمن قسم لَهُ شيئأ ناله وَمن لم يقسم لَهُ حرمه وَإِن اجْتهد فِي طلبه يَقُول إِن كَانَ لَك جد فزت بِمَا تطلب وَإِن لم يكن لَك لم ينفعك الكد وَهُوَ من قَول الْحَارِث بن حلزة (عش بجد لايضرك ... النوك مالاقيت جدا) وَقيل (إِنَّمَا عَيْش من ترى بالجدود ... ) وَقَالَ بعض الْأَوَائِل إِذا لم يساعد الْجد فالحركة خذلان وَرب لَازم لعرصته قد فَازَ ببغيته بمفتاح عَزِيمَة الصَّبْر تعالج مغاليق الْأُمُور لَا يغرنك المرتقى السهل إِذا كَانَ المنحدر وعرا تَأمل مَوضِع قدمك تقلل فواحش زللك وَوَافَقَ هَذَا قَول زُهَيْر (وَمن لَا يُمكن رجله مطمئنةً ... ليثبتها فِي مستوى الأَرْض تزلق) وَقَالَ بعض الْعَرَب

(وَمَا لب اللبيب بِغَيْر حَظّ ... بأغنى فِي الْمَعيشَة من فتيل) (رَأَيْت الْحَظ يستر كل عيب ... وهيهات الجدود من الْعُقُول) وَقَالَ غَيره (لاجد لي فالجد لَيْسَ ينفع ... ) وَقَالَ غَيره (خلط الدَّهْر فِي الْقَضَاء علينا ... رب جهل أحظ من كل عقل) وَقَالَ بَعضهم طلب المعاش أذلّ عز الْعلمَاء وأحوج الأدباء إِلَى الجهلاء وَرب مُجْتَهد مكد وَذي حَظّ قَلِيل الْحِيلَة وحريص قد خَابَ ومقتصد قد فَازَ وَفِي حسن الظَّن بِاللَّه دَرك الدَّاريْنِ 437 - قَوْلهم جروا لَهُ الخطير مَا انجز الخطير زِمَام النَّاقة يَقُول اتَّبعُوهُ مَا صلح فَإِذا كَانَ اتِّبَاعه فَسَادًا فتوقوه والمثل لعمَّار بن يَاسر قَالَه فِي عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ حِين نقم عَلَيْهِ مَا نقم وَقَرِيب من هَذَا قَوْلهم (امش بدائك مَا حملك) وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (البس قَمِيصك مَا اهتديت لجيبه ... فَإِذا أضلك جيبه فتبدل)

438 - قَوْلهم جاحش عَن خيط رقبته يضْرب مثلا للرجل يحذر على نَفسه ويدافع عَنْهَا والمجاحشة المدافعة قَالَ الْأَعْشَى (أجاحش عَن أعراضكم وأعيرها ... لِسَانا كمقراض التهامي ملحبا) وخيط الرَّقَبَة النخاع وَمثله قَوْلهم (عَن ظهرهَا تحل وقرا) والوقر الثّقل أَي تخفف عَن نَفسهَا 439 - قَوْلهم جمع جراميزك يُقَال ذَلِك للرجل يُؤمر بالجد فِي الْأَمر وَالِاجْتِهَاد فِيهِ وَهُوَ مثل قَوْلهم (اشْدُد حيازيمك لِلْأَمْرِ) وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله أَنه عَنهُ قَالَ (حيازيمك للْمَوْت ... فَإِن الْمَوْت لاقيك) (وَلَا تجزع من الْمَوْت ... إِذا حل بواديك) فَحذف اشْدُد وأضمره فنصب حيازيمك على إضماره والجراميز هَاهُنَا الْأَطْرَاف وَمَا يتشعب مِنْهَا وأصل الجرموز الْحَوْض الصَّغِير يتَّخذ لِلْإِبِلِ وَبِه سمي الرحل والحيزوم والحزيم الصَّدْر وَمَا وَالَاهُ وَيُقَال

تجرمز اللَّيْل إِذا ذهب وَقَالَ الْأَصْمَعِي جمع زررك أَي اجْمَعْ شَأْنك وانقبض قَالَ وَلَا اعرف مَا الزرر 440 - قَوْلهم الجحش لما بذك الأعيار أَي اقتصد على صيد الجحش إِذا لم تقدر على العير وَالْمعْنَى خُذ الْقَلِيل إِذا فاتك الْكثير وبذ غلب فَذهب فَلم يلْحق وَهُوَ مثل قَول الْعَامَّة إِذا لم يكن مَا تُرِيدُ فأرد مَا يكون وَقَالَ نهشل بن حري أنشدنا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر (وَمولى رفدت النصح حَتَّى يردهُ ... عَليّ وَحَتَّى يعْذر الرَّأْي عاذره) (إِذا كَانَ لَا يرضى بِرَأْيِك صَدره ... وَلَا أَنْت إِن لم يرض رَأْيك قاسره) (فَصَبر جميل إِن فِي الْيَأْس رَاحَة ... إِذا الْغَيْث لم يمطر بلادك ماطره) قَالَ هَذَا مثل قَول النَّاس إِذا لم يكن مَا تُرِيدُ فأرد مَا يكون (إِن لم يكن مَا يُرِيد النَّاس من سَبَب ... فَوَاجِب أَن يُرِيد الْمَرْء مَا كَانَا) 441 - قَوْلهم جَزَاء سنمار يضْرب مثلا لسوء الْجَزَاء يُقَال جزاه جَزَاء سنمار وَكَانَ سنمار بِنَاء مجيداً من الرّوم فَبنى الخورنق للنعمان بن امرىء الْقَيْس فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ النُّعْمَان استحسنه وَكره أَن يعْمل مثله لغيره فَأَلْقَاهُ من أَعْلَاهُ فَخر مَيتا فَقَالَ الشَّاعِر

(جزتنا بَنو سعد لحسن فعالنا ... جَزَاء سنمار وَمَا كَانَ ذَا ذَنْب) وَقَالَ غَيره (جزاني جزاه الله شَرّ جَزَائِهِ ... جَزَاء سنمار بِمَا كَانَ قدما) وَالنَّاس يَقُولُونَ فِي هَذَا الْمَعْنى جازاه مجازاة التمساح ويحكون أَن التمساح يَأْكُل اللَّحْم فَيدْخل فِي خلال أَسْنَانه فَيفتح فَاه فَيَجِيء طَائِر فَيسْقط عَلَيْهَا فيخللها وَيَأْكُل اللَّحْم فَيكون طَعَاما للطائر وراحةً للتمساح فَرُبمَا ضم التمساح فَاه على الطَّائِر فيقتله وَرُوِيَ فِيهِ خرافة فتركتها وأعجب من هَذَا الطَّائِر طَائِر يطير فِي الْبَحْر ويتبعه طَائِر صَغِير لَا يُفَارِقهُ حَيْثُ يذهب فَإِذا أضجره ذرق فَلَا يخطىء فَمه فيبتلعه وينصرف ويتركه 442 - قَوْلهم جانيك من يجني عَلَيْك يُقَال ذَلِك للرجل يَأْخُذ البرىء بجرم المجرم وَيَقُولُونَ لَا تجني يَمِينك على شمالك وَالْمعْنَى أَن الْقَرِيب لَا يُؤْخَذ بذنب الْقَرِيب وَأما قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل وَابْنه (لَا يجني عَلَيْك وَلَا تجني عَلَيْهِ) فَالْمَعْنى أَن الرجل إِذا قتل رجلا خطأ لم يُؤْخَذ بِالدِّيَةِ وَلَا ابْنه وَلَا بَنو أَعْمَامه وَيَقُولُونَ (كل شَاة تناط برجليها)

والمثل من شعر لذؤيب بن كَعْب بن عَامر وَهُوَ (جَانِبك من يجني عَلَيْك وَقد ... تعدِي الصِّحَاح فتجرب الجرب) (وَالْحَرب قد تضطر جانيها إِلَى ... سوء الْمضيق ودونها الرحب) وَفِي خلاف ذَلِك يَقُول الشَّاعِر (جنى ابْن عمك ذَنبا فابتليت بِهِ ... إِن الْفَتى بِابْن عَم السوء مَأْخُوذ) 443 - قَوْلهم جدح جُوَيْن من سويق غَيره يضْرب مثلا للرجل يسمح بِمَال صَاحبه ويضن بِمَالِه والجدح شرب السويق جدح السويق إِذا شربه والمجدح مَا يجدح بِهِ نَحْو الملعقة والمجدح أَيْضا الدبران وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ (اسْتَسْقَيْت بِمَجَادِيح السَّمَاء) جمعه وَهُوَ وَاحِد كَمَا تجمع الشَّمْس على شموس وَإِنَّمَا تجمع على مطالعها فِي كل يَوْم وَنَحْو الْمثل قَول بَعضهم (يحب الْخمر من كيس الندامى ... ) 444 - قَوْلهم جلت الهاجن عَن الْوَلَد جلت هَاهُنَا بِمَعْنى صغرت والجلل الصَّغِير وَالْكَبِير يُقَال أَمر جلل أَي جليل كَبِير وَهَذَا فِي جنب ذَاك جلل أَي صَغِير حقير

والهاجن الصَّغِيرَة وَالْجمع هواجن وَمِنْه قيل اهتجنت الْجَارِيَة إِذا نكحت وَهِي صَغِيرَة وَرُبمَا سميت النَّخْلَة الَّتِي تحمل وَهِي صَغِيرَة مهتجنة وغنم هواجن تقرع قبل وَقتهَا يضْرب مثلا فِي إِنْزَال الصَّغِير منزلَة الْكَبِير 445 - قَوْلهم جَاوز الحزام الطبيين قد ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب الأول 446 - قَوْلهم الْجواد يعثر يضْرب مثلا للرجل الصَّالح يسْقط السقطة وَيَقُولُونَ (لكل حسام نبوة وَلكُل جواد كبوة وَلكُل حَلِيم هفوة وَلكُل كريم صبوة) سَمِعت يعَض الشُّيُوخ يَقُولُونَ أول من قَالَ (لكل جواد كبوة) ابْن الْقرْيَة وَلَا اعرف مَا صِحَة ذَلِك وَلَعَلَّه ألم بقول ابْن الْقرْيَة فَقَالَ ذَلِك وَهُوَ الَّذِي أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أبي عَن عسل بن ذكْوَان عَن رجل من قُرَيْش قَالَ دخل ابْن الْقرْيَة على الْحجَّاج فَقَالَ يَا عَدو الله خرجت عَليّ مَعَ ابْن الْأَشْعَث قَالَ أصلح الله الْأَمِير كَيفَ مقَالَة الْأَسير المقهور الضَّرِير المغلول حَده التعس جده لَيْسَ لَهُ من ظالمه نصير وَلَا فِي أمره

مشير وَلَا لَهُ ملْجأ وَلَا عشير إِنِّي لما وصفتك لَهُم بِالْعَلَاءِ وخصصتك بِالْحَمْد وَالثنَاء شددت بِالْوَثَاقِ وضيق عَليّ الخناق وتلألأت فَوقِي السيوف وتعرضت لي الحتوف فَإِن لم يجد الْأَمِير لي عذرا فليحل بِي عِقَابه وليبسط عَليّ عَذَابه فَقَالَ كذبت يَابْنَ اللخناء السفنج النوكاء بل كَانَ قَلْبك منافقاً وَلِسَانك مماذقاً وَأَرَدْت إخفاء مَا الله مظهره من غدرك وإسرار مَا الله معلنه من أَمرك ثمَّ قَالَ نعم السمير انت يَابْنَ الْقرْيَة لَوْلَا تصديرك الْكتب لعبد الرَّحْمَن بن الْأَشْعَث فصر إِلَى هِنْد فأبلغها عني طَلاقهَا الْكَلِمَتَيْنِ لَا تزد عَلَيْهِمَا وَقد أمرت لَك بِمِائَة ألف دِرْهَم فَصَارَ إِلَيْهَا فَقَالَ إِن الْأَمِير يَقُول لَك كنت فبنت فَقَالَت وَالله مَا فرحنا بِهِ إِذْ كَانَ وَلَا حزنا عَلَيْهِ إِذْ بَان قَالَ وَقد أَمر لَك بِمِائَة ألف دِرْهَم مَتَاعا قَالَت هِيَ لَك بشرى ثمَّ انْصَرف فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج أعد لي خطْبَة أَخطب بهَا فأعدها قَالَ وتقدمني إِلَى الْمَسْجِد لتنظر مَا يكون لي فِيهَا وَلما انْصَرف قَالَ كَيفَ رَأَيْتنِي قَالَ رَأَيْت الْأَمِير خَطِيبًا مصقعا قَالَ لتخبرني قَالَ رَأَيْت الْأَمِير يُشِير بِالْيَدِ وَيكثر بِالرَّدِّ ويستعين بأما بعد قَالَ ثمَّ دَعَا بالنطع فَقَالَ ابْن الْقرْيَة إِن رَأَيْت أَن تَأذن لي بِكَلِمَات أَتكَلّم بِهن يكن بعدِي مثلا قَالَ هتهن قَالَ أَيهَا الْأَمِير لكل جواد كبوة وَلكُل شُجَاع نبوة وَلكُل كريم هفوة ثمَّ أنشأ يَقُول (أَقلنِي أَقلنِي لَا عدمتك عثرتي ... فَكل جواد لَا محَالة يعثر)

(لعمري لقد حذرتني ونعيتني ... وبرتنى لَو أنني كنت أبْصر) (ليَالِي سهامي فِي الْيَدَيْنِ صَحِيحَة ... أَلا كل سهم مرّة يتكسر) (وَأحسن مَا يَأْتِي امْرُؤ من فعاله ... تجاوزه عَن مذنب حِين يقدر) قَالَ الْحجَّاج هَيْهَات يَابْنَ الْقرْيَة لَيْسَ ذَا بِحِين مزاح وَأَنْشَأَ يَقُول (لتركك تغرير وقتك رَاحَة ... وَمَالِي والتغرير وَالْقلب يعصر) (وتالله لاستعليت فِي الْقَوْم سادراً ... تحرض أَقْوَامًا عَليّ وتهمر) ويروى (أعدائي) وَهُوَ أَجود ثمَّ وضع الحربة فِي نَحره فأشخب أوداجه وَفِي معنى الْمثل قَول الشَّاعِر (فَإِن الْغَمَام الغر يخلف ودقه ... وَإِن الحسام العضب تنبو مضاربه) وَقَول غَيره (وَالسيف ينكل وَهُوَ بَادِي الرونق ... ) وَقَرِيب مِنْهُ قَوْلهم (من لَك بأخيك كُله) ونظمه أَبُو تَمام فَقَالَ (مَا غبن المغبون مثل عقله ... من لَك يَوْمًا بأخيك كُله) وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا أبي قَالَ حَدثنَا ابْن أبي طَاهِر قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن إِسْحَاق عَن أَبِيه عَن ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن ابي هَيْثَم عَن أبي سعيد

قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا حَلِيم إِلَّا ذُو أَنَاة وَلَا عليم إِلَّا ذُو عَثْرَة وَلَا حَكِيم إِلَّا ذُو تجربة) 447 - قَوْلهم جرى مِنْهُ مجْرى اللدود وَيُقَال ذَلِك لِلْخلقِ الَّذِي لَا يُفَارِقهُ الْإِنْسَان كَأَنَّهُ لدبه واللدود الدَّوَاء الَّذِي يلد بِهِ الْإِنْسَان وَهُوَ أَن يصب فِي شدق فَمه وَفِيه تَفْسِير آخر قيل مَعْنَاهُ أَنه بلغ مِنْهُ كل مبلغ وَأَصله من اللديدين وهما صفحتا الْعُنُق وَمن ثمَّ قيل فلَان يتلدد إِذا نظر يَمِينا وَشمَالًا من التحير والإناء الَّذِي يلد بِهِ الملدة 448 - قَوْلهم جَاءَ يفري ويقد وأرودت هَذَا وَمَا شاكله فِي بَاب الْجِيم لِأَنَّهُ جَاءَ عَن الْعلمَاء كَذَلِك وَإِن جَازَ أَن يُقَال (أَنى يفري ويقد) إِلَّا أَن لفظ الْمثل عَنْهُم كَذَلِك وَيُقَال هَذَا للرجل إِذا جَاءَ يعْمل عملا محكماً وَمثله قَوْلهم (جَاءَ يفري الفرى) أَي يفعل الْفِعْل الْعجب وَفِي الْقُرْآن {لقد جِئْت شَيْئا فرياً} أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم بن شيران قَالَ حَدثنَا الْجَوْهَرِي عَن أبي زيد عَن عِقَاب عَن

وهب عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن عبد الله فِي رُؤْيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْت النَّاس اجْتَمعُوا فَقَامَ أَبُو بكر فَنزع ذنوباً أَو ذنوبين وَفِي نَزعه ضعف وَالله يغْفر لَهُ ثمَّ قَامَ عمر بن الْخطاب فاستحالت غرباً فَمَا رَأَيْت عبقرياً من النَّاس يفري فريه حَتَّى ضرب النَّاس بِعَطَن فَمَا والغرب الدَّلْو الْكَبِيرَة والنزع الاستقاء بِالْيَدِ على غير بكرَة والمتح الاستقاء على البكرة 449 - قَوْلهم جَاءَ يجر بقره أَي جَاءَ وَمَعَهُ عِيَال كثير وَالْبَقر الْعِيَال عِنْد الْعَرَب 450 - قَوْلهم جَاءَ وعَلى حَاجِبه صوفة أَي جَاءَ مَغْلُوبًا قد فلج عَلَيْهِ وَلم يخرج لأصله 451 - قَوْلهم جَاءَ بوركي خبر يُرَاد جَاءَ بالْخبر بعد أَن عرف بعضه فكأنهم علمُوا بأوله فجَاء هَذَا بِآخِرهِ

452 - قَوْلهم جَاءَ سَبَهْلَلا يَقُولُونَ ذَلِك للرجل إِذا جَاءَ فَارغًا وَمِنْه (جَاءَ يضْرب أصدريه) أَي جَاءَ فَارغًا 453 - قَوْلهم جَاءَ بالأربى إِذا جَاءَ بالداهية قَالَ ابْن أَحْمَر (فَلَمَّا غسى ليلِي وأيقنت أَنَّهَا ... هِيَ الأربى جَاءَت بِأم حبو كرى) وَلَيْسَ فِي الْعَرَبيَّة فعلى إِلَّا ثَلَاث كَلِمَات الأربى وَهِي الداهية وشعبى وأدمى موضعان قَالَ الشَّاعِر (أعبد حل فِي شعبى غَرِيبا ... ألؤماً لَا أبالك واغترابا) 454 - قَوْلهم جَاءَ يتهبى 455 - وَجَاء يتبرسن إِذا جَاءَ ينفض يَدَيْهِ

456 - قَوْلهم جَاءَ بالحظر الرطب إِذا جَاءَ بِكَثْرَة الْكَذِب قَالَ الشَّاعِر (وَجَاءَت بَنو عجلَان بالحظر الرطب ... ) وَيُقَال ذَلِك للكذاب أَيْضا إِذا جَاءَ يكذب كذبا مستشنعاً وَيُقَال للنمام إِنَّه ليوقد فِي الْحَظْر الرطب قَالَ الشَّاعِر (من الْبيض لم تصطد على حَبل لَامة ... وَلم يمش بَين الْقَوْم بالحظر الرطب) أَي لم تُوجد على أَمر تلام عَلَيْهِ هَكَذَا قَالَ ابْن السّكيت 457 - قَوْلهم جَاءَ بعائرة عين إِذا جَاءَ بِالْمَالِ الْكثير يمْلَأ الْعين حَتَّى يكَاد يعورها يُقَال عرت عينه أعورها إِذا فقأتها وَقيل مَعْنَاهُ مَا كَانَت الْعَرَب تزْعم أَن الْإِبِل إِذا بلغت ألفا فعيرت عين فَحلهَا وقيت وحرست من الْعين وَإِن لم بِفعل بِهِ ذَلِك هَلَكت وفنيت وَمِنْه قَول الشَّاعِر (وَكَانَ شكر الْقَوْم عِنْد المنن ... كي الصحيحات وفقء الْأَعْين) أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر بن دُرَيْد عَن أبي عُثْمَان عَن التوزي عَن ابي عُبَيْدَة خرج رؤبة بن العجاج يَبْغِي ضَالَّة فورد مَاء لعكل فَوجدَ عَلَيْهِ شَابة ضناكاً فَقَالَ لَهَا هَل لَك أَن أتزوجك قَالَت

وَمن أَنْت قَالَ رؤبة بن العجاج قَالَت فَمَا مَالك قَالَ كَانَ غائرة عينين فحطم قَالَت كم أَتَى لَك قَالَ سِتُّونَ سنة فنادت بالعكل أقلة ذَات يَد وهرماً فَقَالَ رؤبة (لما ازدرت نقدي وَقلت إبلي ... تألقت واتصلت بعكل) (خطبى وهزت رَأسهَا تستبلي ... تَسْأَلنِي عَن السِّتين كم لي) (فَقلت لَو عمرت عمر حسل ... أَو عمر نوح زمن الفطحل) (والصخر مبتل كطين الوحل ... كنت رهين هرم أَو قتل) 458 - قَوْلهم جَاءَ بالطم والرم قَالُوا الطم الْبَحْر والرم الثرى وَمَعْنَاهُ جَاءَ بِالْكَثْرَةِ وَقَالَ الْأَصْمَعِي لَا أعرف أصل الطم والرم وَقَالَ الْمفضل أَي جَاءَ بالكثير والقليل والطم المَاء الْكثير وَغَيره والرم مَا كَانَ بَالِيًا مثل الْعظم وَمَا أشبهه مِمَّا يتَغَيَّر والواحدة رمة 459 - قَوْلهم جَاءُوا قضهم بقضيضهم إِذا جَاءُوا مُجْتَمعين لم ينتشروا وَلم يتَخَلَّف مِنْهُم أحد قَالَ الشماخ

(وَجَاءَت جحاش قضها بقضيضها ... تمسح حَولي بِالبَقِيعِ سبالها) وَقيل مَعْنَاهُ جَاءَ صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ قَالُوا وأصل القض الْحَصَى الصغار والقضيض كسارها وَهُوَ قض وقضض وقدأ قض الْمَكَان إِذا صَار فِيهِ قضض قَالَ أَبُو ذُؤَيْب (إِلَّا أقض عَلَيْك ذَاك المضجع ... ) وَمثله قَوْلهم (جَاءُوا جماً غفيراً وَجَاءُوا جماً غفيرة وَجَاءُوا بأزملهم وَجَاءُوا بحذافيرهم وَجَاءُوا فِي الحرشف والدخيس والعرمرم) كل ذَلِك إِذا جَاءُوا بِكَثْرَة و (جَاءُوا على بكرَة أَبِيهِم) إِذا جَاءُوا بأجمعهم لم يتَخَلَّف مِنْهُم أحد وَلَيْسَ ثمَّ بكرَة 460 - قَوْلهم جَاءَ تضب لثاته يضْرب مثلا للرجل يشْتَد حرصه على الْحَاجة يُقَال ضبت لثته وبضت أَي سَالَتْ للحرص والشهوة قَالَ بشر (خيل تضب لثاتها للمغنم ... )

وَقَالَ غَيره (أَبينَا أَبينَا أَن نضب لثاتكم ... على مرشقات كالظباء عواطيا) فَأَما ذبت شفته فَمَعْنَاه يَبِسَتْ من الْعَطش قَالَ الراجز (إِذا رأى عبد حبي ذبا ... ) أَي يبس فوه لما يلقى من شدَّة الْغيرَة 461 - قَوْلهم جعلته نصب عَيْني يَعْنِي بِهِ شدَّة الْعِنَايَة بالشَّيْء وَترك الْغَفْلَة عَنهُ وَالنِّسْيَان لَهُ وَذَلِكَ أَن الشَّيْء إِذا كَانَ بِحَيْثُ ترَاهُ لم تنسه وَقَرِيب مِنْهُ قَول امرىء الْقَيْس (وَبَات بعيني قَائِما غير مُرْسل ... ) وَمثله قَول الله تَعَالَى {تجْرِي بأعيننا} وَفِي خلاف ذَلِك (جعلته دبر أُذُنِي وَجَعَلته بظهري) وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {واتخذتموه وراءكم ظهريا}

462 - قَوْلهم جَاءَ ينفض مذرويه مَعْنَاهُ يتهدد من غير حَقِيقَة والمذروان فرعا الأليتين وَفِي كَلَام الْحسن مَا تشَاء أَن ترى أحدهم أَبيض بضاً يملخ فِي الْبَاطِل ملخاً ينفض مذرويه وَيضْرب أصدريه يَقُول هأنذا فاعرفوني البض الرُّخص والملخ التثني والتكسر وَقيل السرعة وَهَذَا أصح وَقَالَ الْأَصْمَعِي (جَاءَ يجر رجلَيْهِ) أَي جَاءَ مُثقلًا (وَجَاء يجر عطفيه) قَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَي جَاءَ متبخترا يجر ناحيتي ثَوْبه 463 - قَوْلهم جَاءَ صَكَّة عمى مَعْنَاهُ جَاءَ حِين قَامَ قَائِم الظهيرة وعمى رجل غزا قوما فِي قَائِم الظهيرة فصكهم صَكَّة شَدِيدَة فَصَارَ مثلا لكل من جَاءَ فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَنَّهُ كَانَ خَالف الْعَادة فِي الْغَارة لِأَن وَقتهَا الْغَدَاة كَمَا قَالَ الشَّاعِر (صبحناهم بِكُل أقب نهد ... ) وَقَالَ غَيره (فَلم أر مثل الْحَيّ حَيا مصبحاً ... وَلَا مثلنَا يَوْم الْتَقَيْنَا فوارساً) وَقيل عمى تَصْغِير أعمى وَهُوَ تَصْغِير التَّرْخِيم وَيَعْنِي بِهِ الظبي وَيُرَاد أَنه يسدر من حر الشَّمْس فِي الهواجر فَهُوَ يصطك بِمَا يستقبله

يضْرب مثلا فِي الْمَجِيء هاجرةً وَرُوِيَ (صَكَّة عمى) على فعل مثل حُبْلَى وهم اسْم رجل 464 - قَوْلهم جذها جذ العير الصليانة يُقَال ذَلِك فِي الْيَمين إِذا أمرهَا وَلم يتتعتع فِيهَا والصليانة ضرب من النَّبَات وخصوه أَنَّك إِذا جذبتها انقلعت بأصولها وَيُقَال يَمِين جذاء وَهِي الْيَمين الْمُنكرَة يقتطع بهَا الرجل حق صَاحبه قَالَ الشَّاعِر فِي الجرأة على مثلهَا (إِذا طلبُوا مني يَمِينا غَلِيظَة ... حَلَفت وَلم يعسر عَليّ علاجها) (منعت التلاد الرمك مِنْهَا بحلفة ... قَلِيل لَدَى بَاب الْأَمِير اعوجاجها) وَقَالَ غَيره (يَهْتَز حِين تمر حجَّة خَصمه ... خوف الهضيمة كاهتزاز الأشجع) (وَإِذا يذكر حلفةً أصغى لَهَا ... وَإِذا يذكر بالتقى لم يسمع) وَقَالَ ابْن الرُّومِي يعْذر الْمُعسر إِذا حلف كَاذِبًا (وَإِنِّي لذُو حلف حَاضر ... إِذا مَا اضطررت وَفِي المَال ضيق) (وَهل من جنَاح على مُعسر ... يدافع بِاللَّه مَا لَا يُطيق) وَنَحْوه قَول الآخر فِي مَعْنَاهُ

(مَاذَا على الْمَرْء أَن يمْضِي الْغمُوس إِذا ... مَا خَافَ ضيما ويلقى الله بالندم) 465 - قَوْلهم جَاءَ وَقد لفظ لجامه أَي جَاءَ مجهوداً من الإعياء والعطش وَمثله قَوْلهم (جَاءَ وَقد قرض رباطه) فَإِذا جَاءَ مستحيياً قيل (جَاءَ كخاصي العير) فَإِن جَاءَ وَقد مضى حَاجته قيل (جَاءَ ثَانِيًا من عنانه) فَإِن جَاءَ متكبراً قيل (جَاءَ ثَانِيًا عطفه) فَإِن جَاءَ فَارغًا قيل (جَاءَ يضْرب أصدريه) وَلَفظ لجامه أَي تَركه وَلم يمسِكهُ بِأَسْنَانِهِ وأصل اللَّفْظ أَن تخرج الشَّيْء من فِيك تَقول لفظت النواة إِذا ألقيتها من فِيك وَمِنْه سمي لفظ الْكَلَام وَفِي كَلَام بَعضهم لرجل يغتاب رجلا لقد تلمظت بمضغة ظَالِما لَفظهَا الْكِرَام وَقَالَ غَيره لرجل لفظني الْبلَاء إِلَيْك ودلني فضلك عَلَيْك والرباط الْحَبل وَثَانِيا من عنانه أَي قد ثناه على عنق الدَّابَّة مستريحا لَا يجاذبه 466 - قَوْلهم جَاءَ بالهيل والهيلمان إِذا جَاءَ بِالْكَثْرَةِ وَمثله قَوْلهم (جَاءَ بِمَا صاء وَمَا صمت) أَي بِمَا نطق من الدَّوَابّ وَالرَّقِيق وماصمت يَعْنِي الْعين وَالْوَرق وَأول من تكلم بِهِ الزباء حِين قدم عَلَيْهَا فصير من الْعرَاق بِمَا قدم من المَال وَهَذَا أصل قَوْلهم مَال

نَاطِق وَمَال صَامت وأصل الهيل من قَوْلهم هال التُّرَاب إِذا أرْسلهُ من يَده كَأَنَّهُ هال المَال هيلا والهيلمان اتِّبَاع وتوكيد 467 - قَوْلهم جَاءَ بالضح وَالرِّيح أَي جَاءَ بِكُل شَيْء قَالَ ابْن الاعرابي الضح ماضحى للشمس وَالرِّيح مانالته الرّيح وَقَالَ الْأَصْمَعِي الضح الشَّمْس نَفسهَا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة يُقَال ذَلِك فِي مَوضِع التكثير والضح البرَاز الظَّاهِر 468 - قَوْلهم جلى محب نظره مَعْنَاهُ أَن نظر الْمُحب إِلَى الحبيب يُؤذن بحبه لَهُ وَإِن لم يبح بِهِ قَالَ دُرَيْد ابْن الصمَّة (وَلَا تخفى الصنيعة حَيْثُ كَانَت ... وَلَا النّظر الصَّحِيح من السقيم) وَقَالَ رجل من ثَقِيف (وَلَا تكْثر عَليّ ذِي الضغن عتباً ... وَلَا ذكر التجنب والذنُوب) (مَتى تَكُ فِي صديق أَو عَدو ... تخبرك الْعُيُون عَن الْقُلُوب)

وَقَالَ ثَعْلَب مَعْنَاهُ أَنه نظر إِلَيْهِ نظر محب وَنظر إِلَيْهِ بِعَين جلية 469 - قَوْلهم جرى الْوَادي فطم على القري يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ الْعَظِيم يَجِيء فَيعم الصَّغِير وَالْكَبِير والوادي النَّهر الْكَبِير والقري مجْرى المَاء إِلَى الرَّوْضَة وَالْجمع قريان وأقرية وطم علا وقهر وَمِنْه سميت الْقِيَامَة الطامة وطما أَيْضا إِذا علا وَكثر وَرُوِيَ (على القليب) وَهُوَ تَحْرِيف وَالصَّحِيح (على الْقرى) 470 - قَوْلهم جاري بَيت بَيت أَي بَيته إِلَى جَانب بَيْتِي بِفَتْح التَّاء فيهمَا جَمِيعًا فَأَما كَيْت وَكَيْت فقد تكسر التَّاء فيهمَا جَمِيعًا وتفتح وَرُبمَا قيل ذيت وذيت وَيَقُولُونَ هُوَ جاري مكاسري أَي كسر بَيْتِي إِلَى كسر بَيته ومطانبي أَي طُنب بَيْتِي إِلَى طُنب بَيته 471 - قَوْلهم جبلت الْقُلُوب على حب من أحسن إِلَيْهَا هُوَ من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنِي أَحْمد بن أبي إِسْحَاق التمار قَالَ حَدثنَا زيد بن أَجْذم قَالَ حَدثنَا ابْن عَائِشَة

قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن رجل من قُرَيْش قَالَ كنت عِنْد الْأَعْمَش فَقيل إِن الْحسن بن عمَارَة ولى للمظالم فَقَالَ مَا للحائك بن الحائك والمظالم فَخرجت حَتَّى أتيت الْحسن بن عمَارَة وأجريته لَهُ فَقَالَ عَليّ بمنديل وأثواب فَوجه بهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ من الْغَد بكرت إِلَى الْأَعْمَش وَقلت أجري الحَدِيث قبل أَن يجْتَمع النَّاس فأجريته فَقَالَ بخ بخ هَذَا لحسن بن عمَارَة زَان الْعَمَل وَمَا زانه فَقلت بالْأَمْس قلت مَا قلت وَالْيَوْم تَقول هَذَا قَالَ دع هَذَا عَنْك حَدثنِي خَيْثَمَة عَن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (جبلت الْقُلُوب على حب من أحسن إِلَيْهَا وبغض من أَسَاءَ إِلَيْهَا) قَالَ أَبُو هِلَال رَحمَه الله جبلت أَي خلقت وطبعت والجبلة الْخلق وَفِي الْقُرْآن {والجبلة الْأَوَّلين} يَعْنِي الْخلق الأول 472 - قَوْلهم جبات فَلَا تعن آبراً يضْرب مثلا للرجل الْقَلِيل الْخَيْر أَي لَا تكَلمه فَإِنَّهُ لَا خير عِنْده والجباب جمار النّخل يَقُول جباب وَلَا طلع فِيهِ والآبر الملقح المصلح للنخل أبر النّخل يأبره أبراً إِذا أصلحه ولقحه والمؤتبر صَاحب النّخل الَّذِي يَأْمر بالإبار

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل اصولها الجيم

473 - قَوْلهم الجرع أروى والرشف أشْرب يضْرب مثلا للقصد فِي النَّفَقَة وَالْمرَاد أَن الجرع أجلب للري ورشف المَال أدوم لشربه تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي اوائل اصولها الْجِيم 474 - قَوْلهم أجبن من المنزوف ضرطاً وَهُوَ رجل كَانَ يتبجح بالشجاعة فَأَرَادَتْ النِّسَاء تجربته فأيقظنه ذَات غَدَاة وقلن هَذِه نواصي الْخَيل فَجعل يَقُول الْخَيل الْخَيل ويضرط حَتَّى مَاتَ وَقيل بل هُوَ رجل خرج مَعَ صَاحب لَهُ فِي فلاة فلاحت لَهما شَجَرَة فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه أرى قوما رصدونا فَقَالَ إِنَّهُم عشرَة فَجعل يَقُول وَمَا غناء اثْنَيْنِ بَين عشرَة ويضرط حَتَّى نزف روحه وَمَات وَقيل إِنَّه مولى للأحرن ضرب أَثَال بن لجيم على رجله فحنفها فَسُمي حنيفَة وَضرب حنيفَة الأحرن فجذمه فَسُمي جذيمة فَلَمَّا رأى مولى الأحرن ذَلِك جعل يضرط حَتَّى مَاتَ وَقيل إِن حَدِيث الْمثل مَا نذكرهُ فِي الْبَاب الرَّابِع عشر عِنْد قَوْلهم (الصَّيف ضيعت اللَّبن)

475 - وأجبن من صافر وَهُوَ كل مَا يصفر من الطير وَقيل هُوَ طَائِر يَأْخُذ غُصْن شَجَرَة برجليه ويتدلى منكوساً ويصفر طول اللَّيْل مَخَافَة أَن ينَام فَيُؤْخَذ وَقيل إِنَّهُم أَرَادوا المصفور بِهِ وَذَلِكَ أَنه إِذا صفر بِهِ هرب وَقيل الصافر الَّذِي يصفر بِالْمَرْأَةِ لريبة فَهُوَ يجبن وَيخَاف الظُّهُور على أمره وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة للكميت (أَرْجُو لكم أَن تَكُونُوا فِي مودتكم ... كَلْبا كورهاء تقلي كل صفار) (لما أجابت صفيراً كَانَ آيتها ... من قابس شيط الوجعاء بالنَّار) وَحَدِيث ذَلِك أَن رجلا كَانَ يعْتَاد امْرَأَة فيجيئها فيصفر فَتخرج عجزها من وَرَاء الْبَيْت وَهِي تحدث وَلَدهَا فَيَقْضِي حَاجته مِنْهَا فَعلم بذلك بعض وَلَدهَا فَغَاب عَنْهَا ثمَّ جَاءَ يصفر وَمَعَهُ مِسْمَار محمىً فَلَمَّا جَاءَت لعادتها كواها فجَاء خليلها فَقَالَت قد قلينا صفيركم 476 - وأجبن من صفرد 477 - وأجبن من كروان وهما طائران معروفان

478 - أجبن من الوطواط وَهُوَ الخفاش 479 - أجبن من ليل وَهُوَ فرخ الكروان 480 - وَمن النَّهَار وَهُوَ فرخ الْحُبَارَى 481 - أجبن من ثرملة وَهُوَ الثَّعْلَب 482 - أجبن من الرباح وَهُوَ ولد القرد 483 - وَمن الهجرس وَهُوَ القرد هَا هُنَا وَحكى أَن القرود إِذا كَانَ اللَّيْل أخذت فِي أيديها الحجار ووقف كل وَاحِد مِنْهَا إِلَى جنب الآخر فَرُبمَا نَام أَحدهَا فَيسْقط من يَده الْحجر فتفرغ جماعتها ويتأخر وتصبح من الْموضع

الَّذِي باتت فِيهِ على أَمْيَال وَذَلِكَ من خوف الذِّئْب وَقيل الهجرس الثَّعْلَب وَقيل ولد الثَّعْلَب 484 - أجرأ من ذُبَاب بِالْهَمْز لِأَنَّهُ يَقع على أنف الْملك وتاجه وعَلى أنف الْأسد وَيُزَاد فَيرجع قَالَ الشَّاعِر (ولأنت أجرأ حِين تَغْدُو سادرا ... رعش الْجنان من القدوح الأقداح) القدوح الذُّبَاب لِأَنَّهُ يحك ذراعه بذراعه كَأَنَّهُ يقْدَح والأقداح شبه بالفرس الأقداح للبياض الَّذِي بَين عَيْنَيْهِ وَأنْشد (هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... فعل المكب على الزِّنَاد الأجذم) 485 - أجرأ من فَارس خضاف وخضاف بالصَّاد مُعْجمَة وَهُوَ رجل من غَسَّان وَكَانَ من أجبن أهل زَمَانه يقف فِي آخر الصَّفّ وينهزم أول مُنْهَزِم فَبينا هُوَ ذَات يَوْم وَاقِف جَاءَ سهم فَوَقع بَين يَدَيْهِ فَرَآهُ يَهْتَز فَتَأَمّله فَإِذا هُوَ قد أصَاب يربوعاً فِي جُحر بَين يَدَيْهِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا اليربوع وَظن أَن السهْم لَا يُصِيبهُ وَهُوَ فِي جُحْره (لَا الْإِنْسَان فِي شَيْء وَلَا اليربوع) فأرسلها مثلا ثمَّ استقدم فَكَانَ من أَشد النَّاس وَقيل هُوَ سمير بن ربيعَة وَكَانَ من حَدِيثه أَن كسْرَى بعث

جَيْشًا عَلَيْهِم مرزبان يُقَال لَهُ قولي إِلَى قيس قاجتمع إِلَيْهِ قوم من الْيمن وَكَانُوا بالعقيق فَلَمَّا نظرُوا إِلَى المرازبة واليمن فِي الْحَدِيد قَالُوا لَا يَمُوت هَؤُلَاءِ أبدا فبرز رجل من المرازبة فأحمجت قيس كلهَا عَنهُ فتجاسر سمير فبرز إِلَيْهِ فطحنه فأذراه ذراه عَن فرسه وَقَالَ يَا قوم إِنَّكُم تموتون وَانْهَزَمَ الْفرس واليمن فَقَالَ سمير (فَككت الْإِمَارَة عَن عَامر ... وأعجلت قولى بِضَرْب خضم) (وَطعن كإبزاغ خور الْمَخَاض ... إِذا انتزع الرمْح مِنْهُ سجم) (إِذا هَاجَتْ الْحَرْب هجنا لَهَا ... بصرب دراك كخفق الضرم) (نفلق أقحاف ضم الشئون ... كبيض النعام إِذا مَا انحطم) فَقَالَ النَّاس (أجرأ من فَارس خضاف) لإقدامه حِين أحجم النَّاس 486 - وأجرأ من خاصى خصاف وَهُوَ فرس طلبه بعض الْمُلُوك فخصاه صَاحبه فتمثل بِهِ لاجترائه على الْملك 487 - وأجرأ من خاصي الْأسد مَعْرُوف

488 - وأجرأ من ذِي لبدة يَعْنِي الْأسد ولبدته وزبرته مَا تلبد على مَنْكِبه من الشّعْر 489 - وأجرأ من أُسَامَة وَهُوَ اسْم من أَسمَاء الْأسد غير مَصْرُوف 490 - وأجرأ من الْمَاشِي بترج وَهُوَ مأسدة مَعْرُوفَة 491 - وأجرأ من قسورة وَهُوَ الْأسد أَخذ من القسر وَهُوَ الْقَهْر 492 - وأجرأ من لَيْث بخفان خفان مَوضِع للأسود 493 - وأجرأ من الأيهمين قيل هما السَّيْل والحريق وَقيل السَّيْل والجمل الهائج قَالَ الشَّاعِر

(وَلما رَأَيْتُك تنسى الذمام ... وَلَا قدر عنْدك للمعدم) (وتجفو الشريف إِذا مَا أخل ... وتدني الدني على الدِّرْهَم) (وهبت إخاءك للأيهمين ... وللأعميين وَلم أظلم) ويروى (الأثرمين والأعميين) والأثرمان الدَّهْر وَالْمَوْت والأعميان السَّيْل وَالنَّار 494 - وأجرأ من اللَّيْل 495 - وأجرأ من السَّيْل مَهْمُوز من الجرأة وَغير مَهْمُوز من الجري وَيُقَال لَا أفعل ذَاك حَتَّى يرد وَجه السَّيْل 496 - وأجول من قطرب وَهِي دَابَّة تجول اللَّيْل كُله وَالنَّهَار كُله لَا تنام وَأخْبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر عَن الْمَدَائِنِي عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن نصر بن سيار قَالَ كَانَ عُظَمَاء التّرْك يَقُولُونَ يَنْبَغِي للقائد الْعَظِيم القيادة أَن تكون فِيهِ عشرَة

أَخْلَاق من أَخْلَاق الْبَهَائِم شجاعة الديك وتحرز الدَّجَاجَة وقلب الْأسد وَحَملَة الْخِنْزِير وروغان الثَّعْلَب وصبر الْكَلْب على الْجراح وحراسة الكركي وحذر الْغُرَاب وغارة الذِّئْب وَسمن يعرو وَهُوَ دَابَّة تسمن على الكد وجولان قطرب 497 - وأجوع من كلبة حومل وَهِي امْرَأَة من الْعَرَب جوعت كلبتها حَتَّى أكلت ذنبها قَالَ الشَّاعِر (كَمَا رضيت بخلا وَسُوء رِعَايَة ... لكلبتها فِي سالف الدَّهْر حومل) 498 - وأجوع من زرْعَة وَهِي كلبة لبني ربيعَة قَتلهَا الْجُوع وَلم يطعموها حَتَّى مَاتَت 499 - وأجوع من لعوة وَهِي الكلبة وَالْجمع لعى كَمَا تَقول بدرة وَبدر ودولة ودول

500 - وأجوع من الذِّئْب وَهُوَ دهره جَائِع وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَأْكُل إِلَّا مَا يصيد وَلَا يرجع إِلَى فريسته فَإِذا اشْتَدَّ جوعه اسْتقْبل النسيم حَتَّى يمتلىء جَوْفه مِنْهُ فيكتفي بِهِ وَيَقُولُونَ (رَمَاه الله بداء الذِّئْب) يعنون الْجُوع وَقيل هُوَ الْمَوْت وَذَلِكَ أَن الذِّئْب لَا تصيبه عِلّة إِلَّا عِلّة الْمَوْت 501 - واجوع من قراد لِأَنَّهُ يلصق ظَهره بِالْأَرْضِ سنة وَلَا يَأْكُل شَيْئا حَتَّى يجد إبِلا فَإِذا كَانَت الْإِبِل مِنْهُ على مَسَافَة بعيدَة تحرّك فَرُبمَا كَانَ الخراب وهم سراق الْإِبِل يستدلون بحركته على إقبالها فيتهيئون للذهاب بهَا حَتَّى إِذا قربت وَثبُوا عَلَيْهَا فالقراد أصدق الْحَيَوَان حسا 502 - أجل من الحرش تَقوله لمن يخَاف شَيْئا فيبتلى بأشد مِنْهُ والحرش صيد الضَّب وَهُوَ أَن يَأْتِي الرجل جُحْره فيضربه بِيَدِهِ فَيقدر الضَّب أَن حَيَّة أَتَتْهُ فَيخرج مذنباً ليقاتلها فَيَأْخذهُ وَرُبمَا فطن فخدع وَفَاتَ وَزَعَمت الْعَرَب أَن الضَّب كَانَ يحذر حسلة ذَلِك فَرَأى رجلا يهدم جُحْره فَقَالَ لَهُ أَهَذا الحرش

يَا أَبَت فَقَالَ هَذَا أجل من الحرش وحكيت فِيهِ حِكَايَة أُخْرَى مرت من قبل 503 - وأجور من سدوم من الْجور وسدوم رجل كَانَ فِي قديم الزَّمَان يتَمَثَّل بِهِ فِي الْجور وَذكر أَنه كَانَ على قنطرة يَأْخُذ من كل إِنْسَان يعبرها درهما فَقَالَ لَهُ رجل أَنا أعبر تحتهَا فَقَالَ إِذن تُعْطِي دِرْهَمَيْنِ فتمثل بِهِ فِي الْجور 504 - وأجشع من أسرى الدُّخان يذكر حَدِيثهمْ فِيمَا بعد 505 - وأجشع من كلب والجشع شدَّة الْحِرْص والشره وَذَلِكَ مَوْجُود فِي طباع كل سبع فتراه إِذا أكل أكل بِسُرْعَة كَأَنَّمَا يُبَادر شَيْئا يجاذبه

506 - أَجْهَل من فراشة لِأَنَّهَا تلقي نَفسهَا فِي النَّار 507 - أَجْهَل من حمَار من قَول النَّاس للجاهل هُوَ حمَار وَمن بديع مَا جَاءَ فِي هَذَا قَول الشَّاعِر (هَذَا الْحمار من الْحمير حمَار ... ) 508 - وأجهل من عقرب لِأَنَّهَا إِذا مرت بالصخرة ضربتها بإبرتها فَلَا تضرها وتضر إبرتها 509 - وأجهل من راعي ضان قَالُوا لِأَن بعده عَن النَّاس فَوق بعد راعي الْإِبِل 510 - أجمع من ذرة 511 - وَأجْمع من نملة والذرة النملة الصَّغِيرَة وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَان غير الْإِنْسَان شَيْء يدّخر من يَوْمه لغده كادخارها وَكَذَلِكَ النَّحْل يدّخر الْعَسَل لطعمه

512 - وأجرد من صَخْرَة وأصل الجرد القشر 513 - وأجرد من صَلْعَةٌ مَعْرُوف 514 - وأجرد من جَراد قيل هِيَ رَملَة لَا تنْبت شَيْئا وَيُقَال للرجل المشئوم الَّذِي يقتلع الْأُصُول بشؤمه إِنَّه أجرد من الْجَرَاد لِأَن الْجَرَاد إِذا وَقع فِي زرع جرده حَتَّى لم يبْق مِنْهُ شَيْئا 515 - أجمل من ذِي الْعِمَامَة وَهُوَ سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة وَكَانَ إِذا لبس الْعِمَامَة لم يلبسهَا قرشي وَقيل لم يلبس قرشي عِمَامَة على لَوْنهَا وَإِذا خرج لَا تبقى امْرَأَة إِلَّا برزت إِلَيْهِ للنَّظَر إِلَى جماله قَالَ الشَّاعِر (أَبُو أحيحة من يعتم عمته ... يضْرب وَإِن كَانَ ذَا مَال وَذَا ولد)

وَمن عادات الْمُلُوك أَلا تسوغ لرعاياها موافقتها فِي شَيْء من الْأُمُور وَقيل أُرِيد بالعمامة هَاهُنَا السِّيَادَة وَفُلَان معمم أَي سيد يعصب بِرَأْسِهِ كل جِنَايَة تجنيها عشيرته وعمم الرجل إِذا سود كَمَا يُقَال فِي الْعَجم قد توج وَمن ثمَّ قيل العمائم تيجان الْعَرَب 516 - وأجود من الْجواد المبر يُقَال أبر عَلَيْهِ إِذا زَاد عَلَيْهِ وَسُئِلَ رجل عَن الْجواد المبر فَقَالَ الَّذِي لهز لهز العير وأنف تأنيف السّير إِذا عدا السّير اسلهب وَإِذا انتصب اتلأب قيل فَمَا البطىء المقرف قَالَ هُوَ المدلوك الحجبة الضخم الأرنبة الغليظ الرَّقَبَة الْكثير الجلبة الَّذِي إِذا قلت أمْسكهُ قَالَ أَرْسلنِي وَإِذا قلت أرْسلهُ قَالَ أمسكني 517 - وأجود من حَاتِم وَهُوَ حَاتِم بن عبد الله الطَّائِي وَكَانَ ينْحَر كل يَوْم فَلَمَّا رأى أَبوهُ إهلاكه المَال وهب لَهُ فرسا وفلواً وَجَارِيَة وألحقه بمواشيه فَبينا هُوَ فِيهَا إِذْ

مر بِهِ ركب فِيهِ بشر بن أبي خازم والحطيئة يُريدَان النُّعْمَان بن الْمُنْذر فَقَالَا لَهُ هَل من قرى قَالَ أتسألان عَن الْقرى وأنتما تريان الْإِبِل وَالْغنم فأنزلهما وَنحر لكل وَاحِد مِنْهُمَا جزوراً فَقَالَا إِنَّمَا تكفينا شَاة قَالَ أردْت أَن يحدث كل وَاحِد مِنْكُمَا بِمَا رأى قَالَا من أَنْت قَالَ حَاتِم ابْن عبد الله بن سعد فَقَالَ بشر تالله مَا رَأَيْت غُلَاما قطّ أندى كفا وَلَا أقرب عطفا وَلَا أحضر عرفا مِنْك وَأَنْشَأَ يرتجز (مَا إِن رَأَيْت كَابْن سعد رجلا ... فِي النَّاس أندى رَاحَة وأكملا) (فَتى إِذا مَا قَالَ شَيْئا فعلا ... ) وَقَالَ الحطئية (مجداً يحوز حَاتِم وعقلا ... وَكلما مَا مثله وبذلا) فَقَالَ إِنَّمَا أردْت أَن أفضل عَلَيْكُمَا فَأَما إِذْ مدحتماني فقد أفضلتما عَليّ هِيَ بدن إِن لم تقتسماها فاقتسما الْإِبِل وَالْغنم وَبلغ أَبَاهُ الْخَبَر فَقَالَ أَيْن إبلي وغنمي فَقَالَ أَرَأَيْت إِن هَلَكت مَا كنت فَاعِلا قَالَ كنت أَصْبِر قَالَ فَالْآن فاصبر فارتحل عَنهُ أَبوهُ وَتَركه فِي الدَّار فَمر بِهِ ركب فَسَأَلُوهُ رَاحِلَة لصَاحب لَهُم فَقَالَ دونكم الْفرس فَربطت الْجَارِيَة الفلو بخمارها فَنزع إِلَى امهِ فأقلت وتبعته الْجَارِيَة فَقَالَ لَهُم حَاتِم لكم مَا تبعكم فَبلغ أَبَاهُ فَقَالَ إِن الَّذِي خلق الله مِنْهُ لحم حَاتِم وعظامه للجود وَقَالَ حَاتِم يذكر تحول أَبِيه عَنهُ

(وَإِنِّي لعف الْفقر مُشْتَرك الْغنى ... تروك لثكل لَا يُوَافقهُ شكلي) (ولي نيقة فِي الْجُود والبذل لم يكن ... تأنقها مِمَّا مضى أحد قبلي) (وَمَا ضرني أَن سَار سعد بأَهْله ... وخلفني فِي الدَّار لَيْسَ معي أهلى) (فَمَا من كريم عاله الدَّهْر مرّة ... فيذكرها إِلَّا تردد فِي الْبَذْل) (وَمَا من بخيل عاله الدَّهْر مرّة ... فيذكرها إِلَّا تردد فِي الْبُخْل) وَمر حَاتِم فِي أَرض عنزة فناداه أَسِير لَهُم يَا أَبَا سفانة أكلني الْقد وَالْقمل فَقَالَ أَسَأْت الي حِين توهمت باسمي وَمَا أَنا بِبِلَاد قومِي وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أفديك بِهِ ثمَّ اشْتَرَاهُ من العنزيين وخلاه وَأقَام فِي قده حَتَّى أَتَى بفدائه عَنهُ وَمَا رُوِيَ مثل هَذَا عَن أحد قبله وَلَا بعده 518 - وأجود من كَعْب بن مامة وَقد مر خَبره فِي الْبَاب الأول 519 - وأجود من هرم وَهُوَ هرم بن سِنَان وَكَانَ من أَجود النَّاس قَالَ أَبُو عُبَيْدَة بِمَ يضْرب لَهُ الْمثل وَقد سمعناه نَحن ومدحه زُهَيْر فَقَالَ (إِن الْبَخِيل ملوم حَيْثُ كَانَ وَلَكِن ... الْجواد على علاته هرم)

(هُوَ الْجواد الَّذِي يعطيك نائله ... عفوا وَيظْلم أَحْيَانًا فيظلم) وَقَالَ (إِن تلق يَوْمًا على علاته هرماً ... تلق السماحة مِنْهُ والندى خلقا) وَكَانَ قد جعل هرم على نَفسه أَلا يسلم عَلَيْهِ زُهَيْر إِلَّا أعطَاهُ فأشفق عَلَيْهِ زُهَيْر فَكَانَ يمر بالقوم وهرم فيهم فَيَقُول السَّلَام عَلَيْكُم دون هرم وَسمع عمر رَضِي الله عَنهُ أَصْحَابه يتذاكرون الشّعْر فَأقبل ابْن عَبَّاس فَقَالَ قد جَاءَكُم ابْن بجدتها وَقَالَ يَابْنَ عَبَّاس مَا أشعر بَيت قالته الْعَرَب قَالَ قَول زُهَيْر (قوم سِنَان أبوهم حِين تنسبهم ... طابوا فطاب من الْأَوْلَاد مَا ولدُوا) (لَو كَانَ يقْعد فَوق الشَّمْس من كرم ... قوم بآبائهم أَو مجدهم قعدوا) (محسدون على مَا كَانَ من نعم ... لَا ينْزع الله عَنْهُم مَاله حسدوا) (إنس إِذا أمنُوا جن إِذا فزعوا ... مزرءون بهاليل إِذا جهدوا) فَقَالَ عمر مَا أحد أولى بِهَذَا الشّعْر مِنْكُم يابني هائم فَقَالَ ابْن عَبَّاس فِينَا مَا هُوَ أكبر مِنْهُ كتاب الله والنبوة 520 - وأجرأ من قَاتل عقبَة وَهُوَ عقبَة بن مُسلم الهنائل وَكَانَ الْمَنْصُور أَرَادَ أَن يقطع الْحلف بَين ربيعَة

واليمن فقلد عقبَة الْيَمَامَة والبحرين وَالْبَصْرَة وقلد معن بن زَائِدَة الْيمن وَبسط أَيْدِيهِمَا فِي الْقَتْل وَأخذ الْأَمْوَال فأسرع كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي قوم صَاحبه وَصَارَت بَينهمَا الطوائل فَانْقَطع الْحلف وَكَانَ عقبَة ظَالِما مهيباً فَقتله رجل من ربيعَة فِي الْمَسْجِد الْجَامِع وَقتل مَكَانَهُ فَضرب بِهِ الْمثل فَقيل (أجرأ من قَاتل عقبَة) وَقتل معن بعده غيلَة قَتله قوم من الْخَوَارِج وَهُوَ يَلِي طبرستان وَكَانَ قد كتب معن إِلَى عقبَة كف حَتَّى أكف فَكتب إِلَيْهِ عقبَة لَا وَالله أَو تعلم أَيّنَا يسْبق زوامله إِلَى النَّار

فهرسته

الْبَاب السَّادِس فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله الْحَاء فهرسته حَسبك من شَرّ سَمَاعه الْحَدِيد بالحديد يفلح حلب الدَّهْر أشطره حلبتها بالساعد الأشد حور فِي محارة حمَار استأتن الْحمى أضرعتني لَك الحفائظ تحلل الأحقاد حميم الرجل أَصله الْحَلِيم مَطِيَّة الجهول الْحَمد مغنم حِيلَة من لَا حِيلَة لَهُ الصَّبْر الحزم حفظ مَا وليت وَترك مَا كفيت حلأت حالئة عَن كوعها حرَّة تَحت قُرَّة حبك الشَّيْء يعمي ويصم الْحَرِيص يصيدك لَا الْجواد الْحَرْب غشوم الْحر يُعْطي وَالْعَبْد يألم قلبه حَال الجريض دون القريض حَتَّى يجْتَمع معزى الفزر حَتَّى يؤوب المنخل حبقة حبقة ترق عين بقة حتفها تبحث ضَأْن بأظلافها الْحق أَبْلَج وَالْبَاطِل لجلج الْحق مغضبة حيب جَاءَ على فاقة حَيْثُ لَا يضع الراقي أَنفه حرك خشاشه الْحسن أَحْمَر حلبت حلبتها وأقلعت حر انتصر حلف بالسمر وَالْقَمَر الْحَاج والداج حَيَاء كحياء مارخة حن قدح لَيْسَ مِنْهَا حَتَّى يرجع السهْم على فَوْقه حياك من خلافوه حيل بَين العير والنزوان حرا أَخَاف على جاني الكمأة حبذا المنتعلون من قيام حَبل فلَان يفتل حكما مسمطا حبيب إِلَى عبد سوء محتده حبذا التراث التراث لَوْلَا الذلة الحَدِيث ذُو شجون

فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل اصولها الحاء

حدث حديثين امْرَأَة فَإِن لم تفهم فأربعه حدأ حدأ وَرَاءَك بندقة حَسبك من غنى شبع وري حنت فَلَا تهنت حَرَامًا يركب من لَا حَلَال لَهُ حسبتني مضللا حَذْو النَّعْل بالنعل والقذة بالقذة حمير الْحَاجَات حبلك على غاربك حب شَيْئا إِلَى الْإِنْسَان مَا منع حب الْمَدْح رَأس الضّيَاع حولهَا ندندن فهرست الامثال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْحَاء أَحمَق من هبنقة أَحمَق من شرنبث أَحمَق من بيهس أَحمَق من حذنة أَحمَق من حجينة أَحمَق من جحا أَحمَق من أبي غبشان أَحمَق من الممهورة من نعم أَبِيهَا أَحمَق من شيخ مهو أَحمَق من ربيعَة الْبكاء أَحمَق من عدي بن جناب أَحمَق من مَالك بن زيد مَنَاة أَحمَق من دغة أَحمَق من عجل بن لجيم أَحمَق من الممهورة إِحْدَى خدمتيها احمق من لاعق المَاء أَحمَق من الْقَابِض على المَاء أَحمَق من ماضغ المَاء أَحمَق من ماطخ المَاء أَحمَق من لاطم الأَرْض بخديه أَحمَق من الممتخطة بكوعها احمق من الدابغ على التحلىء أَحمَق من راعي ضَأْن ثَمَانِينَ أَحمَق من طَالب ضَأْن ثَمَانِينَ أَحمَق من الضبع أَحمَق من أم عَامر أَحمَق من أم طَرِيق أَحمَق من نعجة على حَوْض أَحمَق من الرخل أَحمَق من أم الهنبر أَحمَق من الجهيزة أَحمَق من حمامة أَحمَق من نعَامَة أَحمَق من

رخمة أَحمَق من عقعق أَحمَق من طَرِيق أَحمَق من ترب العقد أحذر من غراب أحذر من عقعق أحذر من قرلي أحذر من ذِئْب أحذر من ظليم أحذر من يَد فِي رحم أحير من يَد فِي رحم أحر من النَّار وَمن الْجَمْر وَمن الْمرجل أحر من القرع أحسن من الشَّمْس وَأحسن من الْقَمَر أحسن من النَّار أحسن من شنف الأنضر أحسن من الدمية أحسن من الزون وَأحسن من الزُّور أحسن من بَيْضَة فِي رَوْضَة أحسن من الدهم الموقفة أَشد حمرَة من النكعة أَشد حمرَة من بنت الْمَطَر أحير من الضَّب أحير من الورل أحير من اللَّيْل أَحْيَا من بكر أَحْيَا من كعاب أَحْيَا من هدي أَحْيَا من فتاة أَحْيَا من مخبأة أَحْيَا من مخدرة أَحْيَا من الضَّب أَحول من أبي براقش أَحول من الذِّئْب أحرص من ذِئْب أحرس من خِنْزِير أحرص من كلب أحطم من الْجَرَاد أحد من ضرس أحد من ليطة أحفظ من الأَرْض أحمل من الأَرْض أَحْقَر من التُّرَاب أحضر من التُّرَاب أحقد من جمل أحن من شَارف أحكى من قرد أحلى من الشهد أحلى من الْعَسَل أحلى من الجنى أحلى من الثَّمر الجني أحلى من مِيرَاث الْعمة الرقوب أحنى من الْوَالِد أحلى من الْوَلَد أحكم من لُقْمَان أحكم من الزَّرْقَاء أحلم من فرخ الطَّائِر أحلم من فرخ الْعقَاب أحزم من فرخ الْعقَاب أحلم مِمَّن قرعت لَهُ الْعَصَا أحلم من الْأَحْنَف أحزم من سِنَان أحلم من سِنَان أحزم من القرلي أحزم من الحرباء أحمى من است النمر أحمى من أنف الْأسد أحمى من مجير الْجَرَاد أحمى من مجير الظعن

تفسير الباب السادس

تَفْسِير الْبَاب السَّادِس 521 - قَوْلهم حَسبك من شَرّ سَمَاعه مَعْنَاهُ كَفاك يالقول عاراً وَإِن كَانَ بَاطِلا والمثل لفاطمة بنت الخرشب الأنمارية وَمن حَدِيثه أَن الرّبيع بن زِيَاد ساوم قيس بن زُهَيْر بدرع فَأَخذهَا مِنْهُ ووضعها بَين يَدَيْهِ وَهُوَ رَاكب ثمَّ ركض بهَا وَلم يردهَا على قيس فَعرض قيس لفاطمة بنت الخرشب الأنمارية أم الرّبيع وَهِي تسير فِي ظعائن من بني عبس فاقتاد جملها ليرتهنها بالدرع فَقَالَت لَهُ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قطّ فعل رجل أَيْن ضل حلمك أترجو أَن تصطلح أَنْت وَبَنُو زِيَاد وَقد أخذت أمّهم فَذَهَبت بهَا يَمِينا وَشمَالًا فَقَالَ النَّاس ماشاءوا وَإِن حَسبك من شَرّ سَمَاعه فأرسلتها مثلا فَعرف قيس صَوَاب قَوْلهَا وخلى سَبِيلهَا وطرد إبِلا لبني زِيَاد فَقدم بهَا مَكَّة وباعها من عبد الله بن جدعَان الْقرشِي وَقَالَ قيس بن زُهَيْر (ألم يَأْتِيك والأنباء تنمي ... بِمَا لاقت لبون بني زِيَاد) (ومحبسها على الْقرشِي تشرى ... بأدراع وأسياف حداد) (كَمَا لَا قيت من حمل بن بدر ... وَإِخْوَته على ذَات الإصاد) (هم فَخَروا عَليّ بِغَيْر فَخر ... وردوا دون غَايَته جوادي) (وَكنت إِذا منيت بخصم سوء ... دلفت لَهُ بداهية نآد)

(بداهية تدق الصلب مِنْهُ ... وتقصم أَو تجوب عَن الْفُؤَاد) (وَكنت إِذا أَتَانِي الدَّهْر يَوْمًا ... بداهية شددت لَهَا نجادي) (أَطُوف مَا أَطُوف ثمَّ آوي ... إِلَى جَار كجار أبي دواد) وجار أبي دواد الْحَارِث بن همام الشَّيْبَانِيّ وَكَانَ أَبُو دواد فِي جواره فَخرج صبيان الْحَيّ يَلْعَبُونَ فِي غَدِير فغمسوا ابْن أبي دواد فِيهِ فَقَتَلُوهُ فَخرج الْحَارِث فَقَالَ لَا يبْقى فِي الْحَيّ صبي إِلَّا غرق فِي الغدير فَأخذ أَبُو دَاوُد ديات كَثِيرَة 522 - قَوْلهم الْحَدِيد بالحديد يفلح يَقُول إِن الصعب لَا يلينه إِلَّا الصعب والفلح الشق فلحت الشَّيْء شققته وَيُقَال لزارع الْفَلاح لِأَنَّهُ يشق الأَرْض والأفلح المشقوق الشّفة الْعليا وَكَانَ عنترة يُسمى الفلحاء لشق كَانَ فِي شفته وَالِاسْم الفلح والفلح أَيْضا الْفَلاح وَهُوَ الْبَقَاء والفوز بِالْخَيرِ أَفْلح الرجل فَهُوَ مُفْلِح وَفِي الْقُرْآن {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} وَمثل هَذَا الْمثل قَول زِيَاد (النبع يقرع بعضه بَعْضًا) قَالَ الْأَصْمَعِي وَمثل هَذَا امثل قَوْلهم (إِن على أختك تطردين) قَالَ الشَّاعِر

(قوما بَعضهم يقتل بَعْضًا ... لَا يفل الْحَدِيد إِلَّا الْحَدِيد) 523 - قَوْلهم حلب الدَّهْر أشطره يضْرب مثلا للرجل الْعَالم بالدهر والأشطر جمع شطر وَأَصله فِي حلب النَّاقة لِأَنَّك تحلب شطراً ثمَّ تحلب الشّطْر الآخر وَالْمعْنَى أَنه جرب الدَّهْر فِي جَمِيع أَحْوَاله وَمن قَالَ حلب الدَّهْر شطريه فَإِنَّهُ أَرَادَ الْخَيْر وَالشَّر والنفع والضر قَالَ لَقِيط بن يعمر (مَا زَالَ يحلب هَذَا الدَّهْر أشطره ... يكون مُتبعا طوراً ومتبعا) وَمن هَذَا الْبَيْت أَخذ زِيَاد قَوْله إِنَّا سسنا وساسنا السائسون وجربنا وجربنا المجربون وألنا إيل علينا فَمَا وجدنَا خيرا من لين فِي غير ضعف وَشدَّة فِي غير عنف وَفِي هَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر (لن يدْرك الْمجد أَقوام وَإِن كرموا ... حَتَّى يذلوا وَإِن عزوا لأقوام) (ويشتموا فترى الألوان سافرة ... لاصفح ذل وَلَكِن صفح أَحْلَام) 524 - قَوْلهم حلبتها بالساعد الأشد يضْرب مثلا للرجل يَأْخُذ حَقه بالغلبة والساعد مُذَكّر والذراع

مؤنث وهما شَيْء وَاحِد وَمن الْأَمْثَال فِي التَّقْوَى والتشدد وركوب الهول قَول الأول (لم يبْق من طلب الْعلَا ... إِلَّا التَّعَرُّض للحتوف) (فلأقذفن بمهجتي ... بَين الأسنة وَالسُّيُوف) (ولأطلبن وَلَو رَأَيْت ... الْمَوْت يلمع فِي الصُّفُوف) (ولربما نفع الْفَتى ... نوش الاسنة وَالسُّيُوف) 525 - قَوْلهم حور فِي محارة قَالَ الْعلمَاء مَعْنَاهُ محير فِي مَوضِع يتحير فِيهِ وَقيل حور رجل فِي محارة أَي هُوَ كل يَوْم فِي نُقْصَان يُقَال حَار الشَّيْء إِذا نقص وَإِذا رَجَعَ وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نَعُوذ بِاللَّه من الْحور بعد الكور) قَالَ أَرَادَ النُّقْصَان بعد الزبادة وَقيل الانتقاض بعد الاسْتوَاء وَمن قَوْلهم كار الْعِمَامَة إِذا سواهَا على رَأسه فحارت أَي انْقَضتْ وَقيل (حور فِي محارة) هَالك فِي مَوضِع يهْلك فِيهِ والحور الْهَلَاك قَالَ العجاج (فِي بِئْر لَا حور سرى وَمَا شعر ... ) وَيُقَال رجل حور أَي هَالك كَمَا يُقَال رجل بور وَالْجمع وَالْوَاحد فِيهِ سَوَاء وَفِي الْقُرْآن {قوما بوراً} فَجمع وَقَالَ ابْن الزِّبَعْرَى

(يَا رَسُول الْإِلَه إِن لساني ... رانق مَا فتقت إِذا أنابور) فَوحد والحور أَيْضا جمع أحور وحوراء وَرُوِيَ (نَعُوذ بِاللَّه من الْحور بعد الْكَوْن) من قَول الْعَرَب حَار بعد مَا كَانَ أَي كَانَ على حَالَة جميلَة فحار عَنْهَا مَعْنَاهُ رَجَعَ وَيُقَال للعود الَّذِي تَدور عَلَيْهِ البكرة محور لِأَنَّهُ يرجع إِلَى حَالَته الأولى بعد الدوران وَقيل الكور الِاجْتِمَاع وَمَعْنَاهُ نَعُوذ بِاللَّه من الْخُرُوج عَن الْجَمَاعَة بعد الْحُصُول فِيهَا 526 - قَوْلهم حمَار استأتن يضْرب مثلا للرجل الْعَزِيز يصير ذليلاً أَي كَانَ حمارا فَصَارَ أَتَانَا وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (وَلَقَد اراني والأسيود تخافني ... فأخافني من بعد ذَاك الثَّعْلَب) 527 - قَوْلهم الْحمى أضرعتني لَك يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يضْطَر صَاحبه إِلَى الخضوع والمثل لعَمْرو بن معد يكرب قَالَه لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَخْبرنِي أَبُو أَحْمد عَن ابْن عَرَفَة عَن أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ حَدثنِي رجل من ولد سرحة الْغِفَارِيّ أَن عَمْرو بن معد يكرب قدم على عمر بن الْخطاب فَسَأَلَهُ عَن سعد

ابْن أبي وَقاص فَقَالَ أَعْرَابِي فِي نمرته عاتق فِي حجلته أَسد فِي تامورته نبطي فِي جبايته قَالَ كَيفَ علمك بِالسِّلَاحِ قَالَ بَصِير قَالَ فَأَخْبرنِي عَن النبل قَالَ منايا تخطىء وتصيب قَالَ فَأَخْبرنِي عَن الرمْح قَالَ أَخُوك وَرُبمَا خانك قَالَ فَأَخْبرنِي عَن الترس قَالَ هُوَ الْمِجَن وَعَلِيهِ تَدور الدَّوَائِر قَالَ فَأَخْبرنِي عَن السَّيْف قَالَ عِنْده قارعت أمك الثكل قَالَ بل أمك قَالَ بل أُمِّي والحمى أضرعتني لَك قَالَ أَبُو هِلَال رَحمَه الله أَي الْإِسْلَام أذلني لَك وَلَو كَانَ فِي جَاهِلِيَّة لم تجسر أَن ترد عَليّ والنمرة كسَاء أسود تلبسه الْأَعْرَاب والعاتق الْجَارِيَة الشَّابَّة وَصفه بِالْحَيَاءِ والتامورة هَاهُنَا الأجمة وَقَوله نبطي فِي جبايته وَصفه بالاستقصاء فِي جباية الْخراج 528 - قَوْلهم الحفائظ تحلل الأحقاد يضْرب مثلا للرجل يغْضب لحميمه وقريبه وَإِن كَانَ مشاحناً لَهُ وَقيل لبَعْضهِم مَا تَقول فِي ابْن الْعم قَالَ عَدوك وعدو عَدوك والحفيظة الْغَضَب قَالَ الْقطَامِي (أَخُوك الَّذِي لَا تملك الْحس نَفسه ... وترفض عِنْد المحفظات الكتائف) يَقُول العدوات تتفرق فتذهب عِنْد الحفائظ والارفضاض التَّفَرُّق والكتائف العدوات الْوَاحِدَة كتيفة والمحفظات الْأُمُور الَّتِي تحفظ

النَّاس أَي تغضبهم والحس الرقة يُقَال حسست لَهُ أحس حسا وَقَالَ عويف القوافي (تخلت لَهُ نَفسِي النَّصِيحَة إِنَّه ... عِنْد الشدائد تذْهب الأحقاد) وَمن ذَلِك قَوْلهم (آكل لحمي وَلَا ادْعُه لآكل) وَفد مره ذكره 529 - قَوْلهم حميم الرجل أَصله يضْرب مثلا للرجل يعجب بأَهْله وَلِلْقَوْمِ يمدحون أَخَاهُم ويعجبون بِهِ وَمثله قَول الْعَامَّة من يمدح الْعَرُوس إِلَّا أَهلهَا وَمِنْه أَيْضا قَوْلهم (زين فِي عين وَالِد وَلَده) وَقَوْلهمْ (كل فتاة بأبيها معجبة) وَقيل لعمر بن عبد الْعَزِيز لَو بَايَعت لابنك عبد الْملك وَكَانَ فَاضلا فَقَالَ لَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن يُقَال زين فِي عين وَالِد وَلَده لفَعَلت وَقَالَ الشَّاعِر (زين فِي عين حاسديه كَمَا ... زين فِي عين وَالِد وَلَده) وَمن هَاهُنَا أَخذ أَبُو تَمام قَوْله (ويسيء بِالْإِحْسَانِ ظنا لَا كمن ... هُوَ بِابْنِهِ وبشعره مفتون) وَالْحَمِيم الْقَرِيب يُقَال فلَان أحم إِلَيّ من فلَان أَي أقرب ومجاز الْكَلَام حميم الرجل من هُوَ من أَصله يَعْنِي أَقَاربه

530 - قَوْلهم الْحَلِيم مَطِيَّة الجهول مَعْنَاهُ أَن الْحَلِيم يحْتَمل جهل الجهول وَلَا ينتصف مِنْهُ وَمِمَّا يجْرِي مَعَ ذَلِك وَإِن لم يكن مِنْهُ قَول النَّابِغَة (فَإِن مَطِيَّة الْجَهْل الشَّبَاب ... ) وَأَخذه أَبُو نواس فَقَالَ (كَانَ الشَّبَاب مَطِيَّة الْجَهْل ... ) وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (وَإِنَّمَا الْحلم ذل أَنْت عارفه ... والحلم عَن قدرَة ضرب من الْكَرم) وَقيل لبَعْضهِم مَا الْحلم قَالَ الذل تصبر عَلَيْهِ 531 - قَوْلهم الْحَمد مغنم يَقُولُونَ الْحَمد مغنم والمذمة مغرم مَعْنَاهُ أَنَّك إِذا أفدت فحمدت فقد اسْتَفَدْت وغنمت وَإِذا نلْت فذممت فقد غرمت وخسرت وَلم يذهب من مَالك مَا كسبك حمداً وجنبك ذماً وَقَالَ زُهَيْر فِي تَعْظِيم شَأْن الْحَمد

(فَلَو أَن حمد النَّاس يخلد لم تمت ... وَلَكِن حمد النَّاس لَيْسَ بمخلد) (وَلَكِن فِيهِ باقيات وراثة ... فزود بنيك بَعْضهَا وتزود) وَقَالَ غَيره (لَوْلَا الثَّنَاء كَأَنَّهُ لم يُولد ... ) وَقَالَ آخر (وَإِن قَلِيل الذَّم غير قَلِيل ... ) وَقَالَ ابْن دُرَيْد (وَإِنَّمَا الْمَرْء حَدِيث دهره ... فَكُن حَدِيثا حسنا لمن وعى) وَقيل ذكر الْفَتى عمره الثَّانِي وَقَالَ آخر (فَأَثْنوا علينا لَا أَبَا لأبيكم ... بأفعالنا إِن الثَّنَاء هُوَ الْخلد) وَقَالَ سعية الْيَهُودِيّ (ارْفَعْ ضعيفك لَا يحربك ضعفه ... يَوْمًا فَتُدْرِكهُ العواقب قد نمى) (يجْزِيك أَو يثني عَلَيْك وَإِن من ... أثنى عَلَيْك بِمَا فعلت فقد جزى) 532 - قلوهم حِيلَة من لَا حِيلَة لَهُ الصَّبْر مَعْنَاهُ أَن من لم يقدر أَن ينفع نَفسه بِدفع الْمَكْرُوه عَنْهَا قدر أَن يصبر

فيكسبها الْمَنْفَعَة فِي ثَوَاب الصَّبْر وَحسن الأحدوثة فِي ملك النَّفس وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء الْمُصِيبَة للصابر وَاحِدَة وللجازع اثْنَتَانِ وَإِن شرا من الْمُصِيبَة سوء الْخلف عَلَيْهَا يَعْنِي الْجزع وَقَالَ غَيره (وَهل جزع يجدي عَليّ فأجزع ... ) وَقَالَ آخر (صَبرنَا لَهَا حَتَّى تبوخ وَإِنَّمَا ... تفرج أَيَّام الكريهة بِالصبرِ) قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله قَالَ عَم ابى الصَّبْر شرية تثمر أرية والأرية الْعَسَل والشرية الحنظل وَقَالَ آخر الصَّبْر مَطِيَّة لَا تكبو وَإِن عنف عَلَيْهِ الزَّمَان وَفِي هَذَا الْمَعْنى قيل (أرى الصَّبْر مَحْمُودًا عَنهُ مَذَاهِب ... فَكيف إذاما لم يكن عَنهُ مَذْهَب) (هُوَ الْمَهْرَب المنجي لمن أحدقت بِهِ ... نَوَائِب دهر لَيْسَ عَنْهُن مهرب) وَقيل (فالوا صبرت وَمَا صبرت جلادةً ... لَكِن لقلَّة حيلتي أتصبر) (لَا تنهني عَنْهُم فتغريني بهم ... فلربما ينْهَى العذول فيأمر)

533 - قَوْلهم الحزم حفظ مَا وليت وَترك مَا كفيت الْمثل لأكم بن صَيْفِي يحث بِهِ على ترك مَالا يَعْنِي مَعَ الْمُحَافظَة على مَا يَعْنِي قَالَ أَبُو هِلَال رَحمَه الله وَلَا أعرف شَيْئا أَشد على الأحمق من تَركه مَالا يعنيه واشتغاله بِمَا يعنيه على أَن فِيمَا يَعْنِي شغلاً عَمَّا لَا يَعْنِي قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر بن دُرَيْد قَالَ حَدثنَا الرياشي قَالَ حَدثنَا عمر بن بكير قَالَ حَدثنَا الْهَيْثَم بن عدي عَن ابْن عَبَّاس عَن الشّعبِيّ قَالَ قدم علينا الْأَحْنَف بن قيس مَعَ مُصعب بن الزبير فَمَا رَأَيْت شَيْئا يستقبح إِلَّا وَقد رَأَيْت فِي وَجه الْأَحْنَف مِنْهُ شبها كَانَ أصعل الرَّأْس أحجن الْأنف أغضف الْأذن باخق الْعين ناتىء الوجنة مائل الشدق متراكب الْأَسْنَان خَفِيف العارضين أحنف الرجل وَلكنه إِذا تكلم جلى عَن نَفسه فَأقبل يفاخرنا ذَات يَوْم بِالْبَصْرَةِ ونفاخره بِالْكُوفَةِ فَقُلْنَا الْكُوفَة أَعلَى وأفسح فَقَالَ لَهُ رجل وَالله مَا أشبه الْكُوفَة إِلَّا بشابة صَبِيحَة الْوَجْه كَرِيمَة النّسَب لَا مَال لَهَا فَإِذا ذكرت أذكر حَاجَتهَا كف عَنْهَا وَمَا أشبه الْبَصْرَة إِلَّا بِعَجُوزٍ ذَات عوارض مؤشرة موسرة فَإِذا ذكرت فَذكر يسارها رغب فِيهَا فَقَالَ الْأَحْنَف أما الْبَصْرَة فأسفلها قصب وأوسطها خشب وأعلاها رطب نَحن أكثرعاجا وساجا وديباجا

وبرذوناً هملاجاً وَجَارِيَة مغناجاً وَالله مَا أَتَى الْبَصْرَة أحد إِلَّا طَائِعا وَلَا خرج مِنْهَا إِلَّا كَارِهًا يجر جراً فَقَامَ شَاب من بكر بن وَائِل فَقَالَ للأحنف يَا أَبَا بَحر بِمَ بلغت فِي النَّاس مَا بلغت فوَاللَّه مَا أَنْت بأجملهم وَلَا بأشرفهم وَلَا بأشجعهم قَالَ يَا بن أخي بِخِلَاف مَا أَنْت فِيهِ قَالَ وَمَا (مَا أَنا فِيهِ) قَالَ بتركي مَا لَا يعنيني من أَمرك اذا شغلت بِمَا لَا يَعْنِيك من أَمْرِي وَقَالَ الشَّاعِر (وَلَا نعترض لِلْأَمْرِ تكفى شئونه ... وَلَا تنصحن الا لمن هُوَ قابله) 534 - قَوْلهم حلأت حالئة عَن كوعها يضْرب مثلا فِي حذر الْإِنْسَان على نَفسه ومدافعته عَنْهَا أَي اتَّقى متق على نَفسه وَأَصله فِي الَّتِي تحلأ الْأَدِيم فتضعه على كوعها ثمَّ تسحاه بالسكين فَإِن أَخْطَأت قطعت كوعها والكوع طرف الزند الَّذِي يَلِي الْإِبْهَام والكرسوع طرفه الَّذِي يَلِي الْخِنْصر والحل قلع اللَّحْم عَن الْأَدِيم 535 - قَوْلهم حرَّة تَحت قُرَّة يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يظْهر وَتَحْته أَمر خَفِي والحرة الْعَطش والقرة

الْبرد وَيَقُولُونَ فِي الدُّعَاء رَمَاه الله بِالْحرَّةِ تَحت القرة يعنون الْعَطش مَعَ الْبرد وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (أرى خلل الرماد وميض جمر ... خليق ان يكون لَهُ ضرام) 536 - قَوْلهم حبك الشَّيْء يعمي ويصم قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا ابْن أبي دواد قَالَ حَدثنَا كثير بن عبيد قَالَ حَدثنَا بَقِيَّة وَأَبُو حَيْوَة وَمُحَمّد بن حَرْب عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن خلف بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ عَن بِلَال ابْن أبي الدَّرْدَاء عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (حبك الشَّيْء يعمى ويصم) أَرَادَ أَن حبك للشَّيْء يعميك عَن مساويه ويصمك عَن اسْتِمَاع العذل فِيهِ فَأَخذه الشَّاعِر فَقَالَ (وَعين الرِّضَا عَن كل عيب كليلة ... وَلَكِن عين السخط تبدي المساويا) وَقَالَ آخر (خرجت غَدَاة النَّحْر أعترض الدمى ... فَلم أر أحلى مِنْك فِي الْعين وَالْقلب) (فوَاللَّه مَا أَدْرِي أحسن رزقته ... أم الْحبّ يعمي مِثْلَمَا قيل فِي الْحبّ)

وَقَالَ عمر بن أبي ربيعَة (زعموها سَأَلت جاراتها ... وتعرت يَوْم حر تبترد) (أكما ينعتني تبصرنني ... عمركن الله أم لَا يقتصد) (فتضاحكن وَقد قُلْنَ لَهَا ... حسن فِي كل عين من تود) (حسد حملنه من حسنها ... وقديماً كَانَ فِي النَّاس الْحَسَد) وَقَالَ غَيره (يَا من يلوم عَلَيْهِ ... انْظُر بعيني إِلَيْهِ) (فلست تَبْرَح حَتَّى ... تصير ملك يَدَيْهِ) 537 - قَوْلهم الْحَرِيص يصيدك لَا الْجواد يَقُول إِن الَّذِي لَهُ هوى وحرص فِي حَاجَتك هُوَ الَّذِي يقوم بهَا لَك لَا الْقوي عَلَيْهَا من غير أَن يكون لَهُ حرص على قَضَائهَا وَهوى لنجح السَّعْي فِيهَا وَقَرِيب مِنْهُ قَوْلهم لَا يرحل رحلك من لَيْسَ مَعَك أَي لَيْسَ مَعَك هَوَاهُ وَلَا لَهُ بك عناية وَنَحْوه قَوْلهم (أَسَاءَ كَارِه مَا عمل) وَقد مر فِي الْبَاب الأول وَنَحْو الْمثل (وَلَا يبلغ الْحَاجَات إِلَّا المثابر ... ) ويصيدك أَي يصيد لَك مثل كَا ووزنه اي كال لَهُ وَوزن لَهُ

538 - قَوْلهم الْحَرْب غشوم وَذَلِكَ أَنَّهَا تنَال بالمكروه من لم يكن لَهُ فِيهَا جِنَايَة وَمثله قَول الشَّاعِر (فَإِن الْحَرْب يجنبها أنَاس ... وَيصلى حرهَا قوم برَاء) وَقَرِيب من هَذَا الْمَعْنى قَول النَّابِغَة الْجَعْدِي وَهُوَ أَجود مَا وصفت بِهِ الْحَرْب (ألم تعلمُوا مَا ترزأ الْحَرْب أَهلهَا ... وَعند ذَوي الأحلام مِنْهَا التجارب) (لَهَا السَّادة الْأَشْرَاف تأتى عَلَيْهِم ... فتهلكهم والسابحات النجائب) (ونستلب المَال الَّذِي كَانَ ربه ... ضنيناً بِهِ وَالْحَرب فِيهَا الحرائب) فَأَخذه أَبُو تَمام فَقَالَ (وَالْحَرب مُشْتَقَّة الْمَعْنى من الْحَرْب ... ) وَقَالَ معن بن أَوْس (دَعَاني يشب الْحَرْب بيني وَبَينه ... فَقلت لَهُ لَا بل هَلُمَّ الى السّلم) (وإباك وَالْحَرب الَّتِى لَا اديمها ... صَحِيح وَلَا تنفعك تَأتي على وغم) (فَلَمَّا أَبى خليت فضل عنانه ... إِلَيْهِ فَلم يرجع بحزم وَلَا عزم)

(فَكَانَ صريع الْخَيل أول وهلة ... فبعداً لَهُ مُخْتَار جهل على علم) 539 - قَوْلهم الْحر يُعْطي وَالْعَبْد يألم قلبه ويروى (وَالْعَبْد بيجع استه) وَمَعْنَاهُ أَن العَبْد لَا يجود ويشق عَلَيْهِ جود الْحر وَهَذَا أبعد غايات الْبُخْل 540 - قَوْلهم حَال الجريض دون القريض يضْرب مثلا للمعضلة تعرض فتشغل عَن غَيرهَا والمثل لِعبيد بن الأبرص وَكَانَ الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء جعل لنَفسِهِ يَوْم بؤس فِي كل سنة فَكَانَ يركب فِيهِ فَيقْتل كل من لقِيه فَاسْتَقْبلهُ عبيد بن الأبرص مرّة فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَا ترى يَا عبيد فَقَالَ (المنايا على الحوايا) فَذَهَبت مثلا فَقَالَ لَهُ أنشدنا من قريضك فَقَالَ (حَال الجريض دون القريض) ثمَّ قَالَ (أقفر من أَهله عبيد ... فاليوم لَا يُبْدِي وَلَا يُعِيد) ثمَّ قَالَ (فأبلغ بني وأعمامهم ... بِأَن المنايا هِيَ الوارده)

(فأقسم ان مت ماضرني ... وَإِن عِشْت مَا كنت بِي واجده) قَالَ لَهُ الْمُنْذر وَيلك أنشدنا فَقَالَ (هِيَ الْخمر تكنى الطلا ... كَمَا الذِّئْب يكنى أَبَا جعده) يَقُول إِن الذِّئْب وَإِن كَانَت كنيته حَسَنَة فَإِن فعله قَبِيح يضْرب مثلا للرجل يظْهر لَك اكراما هُوَ يُرِيد غائلتك ثمَّ أَمر بِهِ فذبح ويروى هَذَا الحَدِيث لَهُ مَعَ أبي كرب الغساني وَكَانَ لَهُ فِي كل سنة يَوْم بؤس فَعرض لَهُ عبيد فِي يَوْم بؤسه فَقَالَ لَهُ مَا تَقول يَا عبيد فَقَالَ (أتتك بحائن رِجْلَاهُ) قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ (من عز بز) قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ (لَا يرحل رحلك من لَيْسَ مَعَك) قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ (بلغ الحزام الطبيين) فَذَهَبت كَلِمَاته أمثلا وامر بِهِ فذبح 541 - قَوْلهم حَتَّى يجْتَمع معزى الفزر يضْرب مثلا للشَّيْء الذَّاهِب الَّذِي لَا يقدر على تلافيه ورده وَأَصله ان سعد بن زيد بن مَنَاة بن تَمِيم وَهُوَ الفزر قَالَ لِابْنِهِ هُبَيْرَة بن سعد سرح معزال وارعها قَالَ (وَالله لَا أرعاها سنّ الحسل) قَالَ يَا صعصعة اسرح فِيهَا قَالَ (لَا أسرح فِيهَا ألوة الْفَتى هُبَيْرَة) فَذَهَبت كلمتاهما مثلين فَغَضب سعد فَلَمَّا أصبح غَدا بالمعزى إِلَى عكاظ وَقَالَ إِن هَذِه معزاي لَا يحل لرجل أَن يدع أَخذ وَاحِدَة مِنْهَا وَلَا يحل لَهُ أَن يجمع بَين اثْنَتَيْنِ فانتهبها النَّاس وذهبوا بهَا فَقيل لما لَا يُرْجَى ارتجاعه (حَتَّى يجْتَمع معزى الفزر)

وَقَوله (ألوة الْفَتى هُبَيْرَة) أَي على يَمِين هُبَيْرَة لَا أسرح فِيهَا والألوة والألية الْيَمين وآلى الرجل يولي إِذا حلف وَفِي الْقُرْآن {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم} وَسَنذكر سنّ الحسل فِي الْبَاب الثَّامِن إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحده وَقَالَ شبيب بن البرصاء (وَمرَّة لَيْسُوا نافعيك وَلنْ ترى ... لَهُم مجمعا حَتَّى ترى غنم الفزر) 542 - قَوْلهم حَتَّى يؤوب المنخل يتَمَثَّل بِهِ فِي الْيَأْس عَن الشَّيْء وَقيل المنخل هُوَ القارظ الْعَنزي وَقد مر ذكره والمثل مَأْخُوذ من قَول النمر بن تولب (وَقَوْلِي إِذا مَا اطلقوه عَن بعيرهم ... تلاقونه حَتَّى يؤوب المنخل) يُرِيد أَنه قد كبر وَعجز عَن طلب الْأَشْيَاء فَإِذا غَابَ عَن عينه شَيْء خشِي عَلَيْهِ الْفَوْت لما يرى من عَجزه عَن الطّلب بِهِ وَكَانَ أهل الْبَصْرَة يَقُولُونَ (حَتَّى يرجع نشيط من مرو) ونشيط مولى لِعبيد الله بن زِيَاد بنى لَهُ دَارا فَلم يرضها وَأمر بهدمها فهرب نشيط إِلَى مرو وَأمر عبيد الله بِبِنَاء دَار أُخْرَى فَلَمَّا فرغ مِنْهَا أَمر فصور فِي دهليزه كلب وَأسد وكبش وَقَالَ أَسد كالح وكلب نابح وكبش ناطح وصور على بَابهَا رُءُوس أَسد مقطعَة فَمر بهَا أَعْرَابِي فَقَالَ إِن صَاحبهَا لايتم لَهُ سكناهَا لَيْلَة فَأخذ وَحمل إِلَى عبيد الله

فَقَالَ احْبِسُوهُ حَتَّى ننزلها ونقلته فِيهَا وَنقل إِلَيْهَا مَتَاعه فهر كلب فَضَحِك الْأَعرَابِي وَقَالَ وَالله لَا يسكنهَا أبدا فَمَا أَمْسَى النَّاس حَتَّى قدم رَسُول ابْن الزبير إِلَى قيس بن السكن ووجوه أهل الْبَصْرَة ودعاهم إِلَى طَاعَته فَأَجَابُوهُ وهرب عبيد الله ثمَّ دَعَا الْأَعرَابِي وَقَالَ لَهُ من أَيْن قلت مَا قلت قَالَ رَأَيْت رُءُوس أَسد قد قطعت فَقلت قوى ملك قد ذهبت وسلطان قد انْقَطع وَرَأَيْت الْكَلْب يهر على من يدخلهَا فَأَطْلقهُ وَأهل الْكُوفَة يَقُولُونَ (حَتَّى يرجع مصقلة من طبرستان) وَهُوَ مصقلة بن هُبَيْرَة وَكَانَ سَبَب هربه من الْكُوفَة أَنه كَانَ أردشير خره من قبل عَليّ رَضِي الله عَنهُ فجَاء معقل بن قيس بسبي بني نَاجِية وَكَانُوا قد ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فصاحوا إِلَى مصقلة يَا أَبَا الْفضل اُمْنُنْ علينا فاشتراهم بثلاثمائة ألف دِرْهَم وأعتقهم وَخرج إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَدفع إِلَيْهِ مِائَتي ألف دِرْهَم وهرب إِلَى مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ قبح الله مصقلة فعل فعل السَّيِّد وفر فرار العَبْد وَلَو أَقَامَ ورأيناه قد عجز لم نَأْخُذهُ بِشَيْء وَأَجَازَ عتق من أعتق ففتش عَليّ دَار مصقلة فَوجدَ فِيهَا سِلَاحا فَقَالَ (أرى حَربًا مفرقةً وسلماً ... وعهداً لَيْسَ بالعهد الوثيق) ثمَّ هدمها فَقَالَ يحيى بن مَنْصُور (قضى وطراً مِنْهَا عَليّ فَأَصْبَحت ... إمارته فِينَا أَحَادِيث كَاذِب) فبناها لَهُ مُعَاوِيَة بعد وَقَالَ مصقلة حِين لحق بِمُعَاوِيَة

(تركت نسَاء الْحَيّ بكر بن وَائِل ... وأعتقت سبيا من لؤَي بن غَالب) (وَفَارَقت خير النَّاس بعد مُحَمَّد ... لمَال قَلِيل لَا محَالة ذَاهِب) وَيَقُولُونَ (حَتَّى يَزُول عوارض) وَهُوَ جبل عَلَيْهِ قبر حَاتِم الطَّائِي و (حَتَّى يشيب الْغُرَاب) وَفِي الْقُرْآن (حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط) 543 - قَوْلهم حبقة حبقه ترق عين بقه يُقَال ذَلِك للرجل إِذا تكبر وأعجبته نَفسه والمثل لعَلي رَضِي الله عَنهُ قَالَه وَهُوَ يصعد الْمِنْبَر يَأْمر نَفسه بالتواضع وترق تفعل من الرقي أَي ترق يَا عين بقة يَعْنِي نَفسه يُرِيد تصغيرها إِلَيْهَا 544 - قَوْلهم حتفها تبحث ضَأْن بأظلافها وَهُوَ مثل قَوْلهم كالباحث عَن الشَّفْرَة يُرَاد بِهِ الرجل يبْحَث عَمَّا يكره فيستخرجه على نَفسه قَالُوا والمثل لحريث بن حسان الشَّيْبَانِيّ وَأَصله أَن رجلا غيب شفرةً لَهُ فِي الأَرْض ثمَّ طلبَهَا ليذبح بهَا كَبْشًا فَلم يجدهَا فَبينا الْكَبْش ينزو ضرب بِيَدِهِ فأثارها فذبحه بهَا الرجل والشفرة السكين العريض وَكَذَلِكَ المدية وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء

(وَكَانَ كعنز السوء قَامَت بظلفها ... إِلَى مدية تَحت التُّرَاب تثيرها) وَقَالَ غَيره (وَكَانَ كعنز يَوْم جَاءَت لحتفها ... إِلَى مدية مدفونة تستثيرها) 545 - قَوْلهم الْحق أَبْلَج وَالْبَاطِل لجلج يُرَاد بِهِ أَن الْحق منكشف وَالْبَاطِل ملتبس يُقَال انبلح الصُّبْح إِذا انْكَشَفَ وَمِنْه سمي الكشفة بَين الحاجبين بلجة واللجلج من قَوْلهم تلجلج فِي القَوْل إِذا تتعتع فِيهِ وَلم يسْتَوْف الْعبارَة عَن مَعْنَاهُ قَالَ الشَّاعِر (ألم تَرَ أَن الْحق تَلقاهُ أبلجا ... وَأَنَّك تلقى بَاطِل القَوْل لجلجا) وَيُقَال لجلج اللُّقْمَة فِي فِيهِ إِذا أدارها وَلم يسغها قَالَ الشَّاعِر (يلجلج مُضْغَة فِيهَا أنيض ... أصلت فَهِيَ تَحت الكشح دَاء) وَقَالَ بَعضهم الْحق أَبْلَج وَطَرِيق الصدْق مَنْهَج ومسلك الْبَاطِل اعوج وَقَالَ الشَّاعِر (فَإِن الْحق لَيْسَ بِهِ خَفَاء ... وَلَا تخفى الْخِيَانَة والخلاب)

546 - قَوْلهم الْحق مغضبة يُقَال ذَلِك للرجل تصدقه عَن الْأَمر فيغضب وَرُوِيَ عَن أبي ذَر أَنه قَالَ تركني الْحق وَمَالِي من صديق وَيَقُولُونَ الْحق مر وألزمته مر الْحق وَقلت (حُلْو حلاوة وصل عَاد فائته ... مر مرَارَة حق حل واجبه) 547 - قَوْلهم حبيب جَاءَ على فاقة يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يغشاك وَبِك إِلَيْهِ حَاجَة والفاقة إِلَى الشَّيْء الْحَاجة إِلَيْهِ وَفِي مَعْنَاهُ قَول الشَّاعِر (خَلِيل أَتَانِي نَفعه وَقت حَاجَتي ... إِلَيْهِ وَمَا كل الأخلاء ينفع) وَقيل خير السخاء مَا وَافق الْحَاجة وَخير الْعَفو مَا كَانَ مَعَ الْقُدْرَة 548 - قَوْلهم حَيْثُ لَا يضع الراقي أَنفه هَكَذَا رَوَاهُ الْأَصْمَعِي وَرَوَاهُ غَيره (جرحه حَيْثُ لَا يضع الراقي أَنفه) قَالَ وَيضْرب مثلا للشَّيْء لَا دَوَاء لَهُ وَمثله قَوْلهم (غادر وهيا لَا يرقع)

وَقَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ أَنه لَا يقرب وَلَا يدني مِنْهُ وَأَصله أَن ملسوعاً لسع فِي استه فَلم يقدر الراقي على الْقرب مِمَّا هُنَاكَ 549 - قَوْلهم حرك خشاشه مَعْنَاهُ ألحق بِهِ أذية وَأَصله فِي الْبَعِير تحرّك خشاشه فيألم والخشاش الْعود الَّذِي يدْخل فِي أنف الْبَعِير فَإِذا كَانَ ذَلِك من حَدِيد أَو صفر فَهُوَ برة وَالْجمع بَرى والبرة أَيْضا الخلخال وَالْجمع برين والخشاش أَيْضا الرجل الشجاع الْخَفِيف والخشاش الصَّغِير الرَّأْس كل ذَلِك بِكَسْر الْخَاء وَأما الخشاش بِالْفَتْح فالنذل من كل شَيْء مثل الرخم من الطير وَمَا لَا يصطاد مِنْهَا 550 - قَوْلهم الْحسن أَحْمَر مَعْنَاهُ أَن المَال الَّذِي فِيهِ الْجمال لَا يكْسب إِلَّا بِجهْد وَشدَّة يحمر مَعَه الْوَجْه فالأحمر كِنَايَة عَن الْجهد والشدة وَمِنْه قَوْلهم (موت أَحْمَر) أَي موت فِي شدَّة وَجهد قَالَ مُسلم (قوم إِذا أَحْمَر الهجير من الوغى ... جعلُوا الجماجم للسيوف مقيلآ) يَعْنِي إِذا أَحْمَر ألوان الْقَوْم فِي الهجير مِمَّا يلقون من الشدَّة والصعوبة فَأَما قَول الشَّاعِر

(هجان علتها حمرَة فِي بياضها ... تروق بِهِ الْعَينَيْنِ وَالْحسن أَحْمَر) فَإِنَّهُ يَعْنِي أَن الْحسن فِي حمرَة اللَّوْن مَعَ الْبيَاض دون الصُّفْرَة وَغَيرهَا من الألوان وَمِنْه قَول الآخر (فادخلي فِي الْحمر إِن الْحسن أَحْمَر ... ) 551 - قَوْلهم حلبت حلبتها وأقلعت قرأناه على أبي عَليّ بن أبي حَفْص عَن جَعْفَر عَن ابْن دُرَيْد عَن أبي حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي بِالْحَاء وَرَوَاهُ غَيره بِالْجِيم وَيضْرب مثلا للرجل يغْضب ويصخب ثمَّ يسكت من غير أَن يكون لَهُ تَغْيِير وَقَالَ ثَعْلَب يضْرب مثلا للرجل يَأْخُذ الشَّيْء وَيذْهب ويدعك وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عندنَا 552 - قَوْلهم حر انتصر يضْرب مثلا للرجل يظلم فينتقم وَأَصله رمز من رموز الْعَرَب قَالُوا

وجدت الضبع تَمْرَة فاختلسها الثَّعْلَب فلطمته فلطمها فتحاكما إِلَى الضَّب فَقَالَت يَا أَبَا الحسل قَالَ (سميعاً دَعَوْت) قَالَت جئْنَاك نحتكم إِلَيْك قَالَ (فِي بَيته يُؤْتى الحكم) فَقَالَت إِنِّي التقطت تَمْرَة قَالَ (حلواً جنيت) قَالَت إِن الثَّعْلَب أَخذهَا قَالَ (حَظّ نَفسه بغى) قَالَت لطمته قَالَ (أسفت والبادي أظلم) قَالَت فلطمني قَالَ (حر انتصر) قَالَت اقْضِ بَيْننَا قَالَ (حدث حديثين امْرَأَة فَإِن لم تفهم فَأَرْبَعَة) وَمثل هَذَا الْخَبَر مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن أبي زيد عَن أبي عبيد الله بن إِسْحَاق الْعَطَّار عَن مُعَاوِيَة بن حَفْص الْحِمصِي عَن الْأَعْمَش قَالَ لما قدم خَالِد بن الْوَلِيد تَلقاهُ ابْن بقيلة فَقَالَ لَهُ خَالِد من أَيْن أَقبلت وَيلك قَالَ من ورائي قَالَ فَأَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أَمَامِي قَالَ فَمن أَيْن خرجت قَالَ من بطن أُمِّي قَالَ فَمن أَيْن أقْصَى أثرك قَالَ من صلب أبي قَالَ فَفِيمَ أَنْت قَالَ فِي ثِيَابِي قَالَ فعلى أَي شَيْء انت قَالَ على الأَرْض قَالَ أبن كم انت قَالَ ابْن رجل وَاحِد قَالَ مَا أجبتني عَمَّا سَأَلت عَنهُ قَالَ مَا أَجَبْتُك إِلَّا عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ قَالَ كم أَنى عَلَيْك قَالَ سِتُّونَ وثلاثمائة سنة قَالَ أفتعقل قَالَ نعم وأقيد قَالَ فَأخْبرنَا عَن أعجب مَا أدْركْت قَالَ أدْركْت مَا بَين الْحيرَة إِلَى الشَّام قرى منظومة وَإِن الْمَرْأَة لتَضَع مكتلها على رَأسهَا وَفِي يَديهَا مغزلها فَمَا تمسه حَتَّى يمتلىء من الْفَوَاكِه ثمَّ أَدْرَكته خراباً يباباً وَهِي الدول بَين عباد الله وبلاده وَأدْركت الْبَحْر وَإِن سفنه لترفأ إِلَى نجفنا هَذَا ثمَّ أَدْرَكته يَابسا قَالَ

فَأَخْبرنِي بِأَفْضَل المَال قَالَ أَرض خوارة فِيهَا عين خرارة قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ فرس فِي بَطنهَا فرس يتبعهَا فرس قَالَ فَأَيْنَ أَنْت عَن الْإِبِل قَالَ حمال وسقاء قَالَ فَأَيْنَ أَنْت عَن الْغنم قَالَ لَيْسَ ذَاك بِشَيْء ذَاك طَعَام قَالَ فَأَيْنَ أَنْت عَن الذَّهَب وَالْفِضَّة قَالَ ذَاك الَّذِي إِن تركته لم يزدْ وَإِن أَقبلت عَلَيْهِ لم تدر مَا بَقَاؤُهُ عنْدك قَالَ فَمَا هَذِه الْحُصُون الَّتِى اراها قَالَ بنيناها للسفيه حَتَّى يَجِيء الْحَلِيم مثلك فينزلها قَالَ وَإِنَّمَا سمي بقيلة لِأَنَّهُ جَاءَ فِي ثَوْبَيْنِ أخضرين وَإِنَّمَا كَانَ اسْمه عَمْرو بن ثَعْلَبَة بن عبد الْمَسِيح الغساني وَمثله مَا رُوِيَ أَن عدي بن أَرْطَأَة أَتَى إِيَاس بن مُعَاوِيَة قَاضِي الْبَصْرَة وعدي أميرها فَقَالَ لَهُ يَا هَناه أَيْن أَنْت قَالَ بَيْنك وَبَين الْحَائِط قَالَ اسْمَع مني قَالَ للاستماع جَلَست قَالَ إِنِّي تزوجت امْرَأَة قَالَ (بالرفاء والبنين) قَالَ وشرطت لأَهْلهَا أَلا أخرجهَا من بَيتهمْ قَالَ أوف لَهُم بِالشّرطِ قَالَ وَأَنا الْآن أُرِيد الْخُرُوج قَالَ فِي حفظ الله قَالَ اقْضِ بَيْننَا قَالَ قد فعلت 553 - قَوْلهم حلف بالسمر وَالْقَمَر قَالَ الْأَصْمَعِي السمر الظلمَة وَسميت سمرا لأَنهم كَانُوا يَجْتَمعُونَ فِي الظلماء فيسمرون أَي يتحدثون ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى سمي الحَدِيث سمراً وَمَعْنَاهُ أَنه حلف بِرَبّ النُّور والظلمة

554 - قَوْلهم الْحَاج والداج الْحَاج الَّذِي يزور الْبَيْت والداج الَّذِي يخرج للتِّجَارَة يُقَال مَا حج وَلكنه دج وَقيل الداج الَّذين يدبون فِي أثر الْحَاج 555 - قَوْلهم حَيَاء كحياء مارخة يضْرب مثلا لمن يستحي مِمَّا لَا يستحى مِنْهُ وَأَصله أَن امْرَأَة يُقَال لَهَا مارخة نزلت بِقوم فقدموا لَهَا قرى فَقَالَت أستحي أَن أُصِيب مِنْهُ وَخرجت عَنْهُم فباتت لَيْلَتهَا جائعة تسرى 556 - قَوْلهم حن قدح لَيْسَ مِنْهَا يضْرب مثلا للرجل يدْخل نَفسه فِي الْقَوْم لَيْسَ مِنْهُم وَلما قَالَ عقبَة بن أبي معيط يَوْم بدر حِين أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتله أأقتل من بَين قُرَيْش قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ (حن قدح لَيْسَ مِنْهَا) فَمَا أَدْرِي أقاله مبتدئاً أَو تمثله والقدح وَاحِد القداح الَّتِي يستقسم بهَا الأزلام والقدح ايضا السهْم قبل ان يراش وينصل

557 - قَوْلهم حَتَّى يرجع السهْم على فَوْقه يُقَال لَا أفعل ذَاك حَتَّى يرجع السهْم على فَوْقه أَي لَا أَفعلهُ أبدا لِأَن السهْم إِذا رمي بِهِ مضى قدماً وَلم يرجع على فَوْقه وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (إِذا زَالَ عَنْكُم أسود الْعين كُنْتُم ... كراماً وَأَنْتُم مَا أَقَامَ ألائم) وأسود الْعين جبل يَقُول إِذا زَالَ هَذَا الْجَبَل عَن مَوْضِعه كرمتم وَمَعْنَاهُ أَنه لَا يَزُول الْجَبَل وَأَنْتُم لَا تكرمون أبدا وَمِنْه قَوْله عز وَجل {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} مَعْنَاهُ أَن الْجمل لَا يدْخل فِي سم الْخياط وَأَن هَؤُلَاءِ لَا يدْخلُونَ الْجنَّة 558 - قَوْلهم حياك من خلا فوه يضْرب مثلا للرجل تكَلمه وَهُوَ مشتغل عَنْك لَا يجيبك وَأَصله أَن رجلا سلم على رجل يَأْكُل فَلم يحيه فَلَمَّا أساغ الطَّعَام اعتذر إِلَيْهِ فَقَالَ (حياك من خلا فوه) أَي رد سلامك من لَيْسَ فِي فَمه لقْمَة تشغله 595 - قَوْلهم حيل بَين العير والنزوان يُقَال ذَلِك للرجل يُحَال بَينه وَبَين مُرَاده والمثل لصخر بن عَمْرو اخى

الخنساء أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا ابْن دُرَيْد عَن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة وحدثناه عَن غير هَؤُلَاءِ قَالَ غزا صَخْر بن عَمْرو بني أَسد بن خُزَيْمَة فاكتسح إبلهم فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخ فَرَكبُوا فَالْتَقوا بِذَات الأثل فطعن أَبُو ثَوْر الْأَسدي صخراً فِي جنبه وأفلت الْخَيل وَلم يقعص مَكَانَهُ فجوي مِنْهَا وَمرض حولا حَتَّى مله أَهله فَسمع امْرَأَة تَقول لامْرَأَته سلمى كَيفَ بعلك قَالَت لَا حَيّ فيرجى وَلَا ميت فينعى قد لَقينَا مِنْهُ الْأَمريْنِ وَمر بهَا رجل وَهِي قَائِمَة وَكَانَت ذَات خلق وأوراك فَقَالَ لَهَا أيباع الكفل قَالَت نعم عَمَّا قَلِيل فَسَمعَهَا صَخْر فَقَالَ أما وَالله لَئِن قدرت لأقدمنك قبلي وَقَالَ لَهَا ناوليني السَّيْف أنظر هَل تقله يَدي فناولته فَإِذا هُوَ لَا يقلهُ وَرُوِيَ أَيْضا أَن أم صَخْر سُئِلت عَنهُ فَقَالَت لَا نزال بِخَير مَا دَامَ فِينَا فَقَالَ (أرى أم صَخْر لَا تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني) (فَأَي امرىء سَاوَى بِأم حَلِيلَة ... فَلَا عَاشَ إِلَّا فِي شقاً وهوان) (أهم بِأَمْر الحزم لَو أستطيعه ... وَقد حيل بَين العير والنزوان) (وَمَا كنت أخْشَى أَن أكون جَنَازَة ... عَلَيْك وَمن يغتر بالحدثان) (فللموت خير من حَيَاة كَأَنَّهَا ... معرس يعسوب بِرَأْس سِنَان) ونتأت من جنبه قِطْعَة مثل كبد فقطعها فيئس من نَفسه فَقَالَ (أجارتنا إِن الخطوب تنوب ... على النَّاس كل المخطئين تصيب)

(أجارتنا إِن تسأليني فإنني ... مُقيم لعمري مَا أَقَامَ عسيب) (كَأَنِّي وَقد أدنوا لحز شفارهم ... من الصَّبْر دامي الصفحتين نكيب) يَعْنِي بَعِيرًا أوحمارا ثمَّ مَاتَ فَدفن إِلَى جنب العسيب وَهُوَ جبل بِقرب الْمَدِينَة فقبره هُنَاكَ معلم 560 - قَوْلهم حرا أَخَاف على جاني الكمأة يضْرب مثلا للرجل يخَاف أمرا وَغَيره أخوف عَلَيْهِ وَمن الْعَجَائِب أَنَّك تخَاف اللص على مَالك فتستظهر على حفظه بغلق الْأَبْوَاب وَإِقَامَة الْحجاب وَرفع الْحِيطَان وترصيص الْبُنيان وتنسى الدَّهْر الَّذِي يدْرك بِلَا طلب ويعلق بِلَا سَبَب قَالَ الشَّاعِر (فأخلف وأتلف إِنَّمَا المَال عارة ... فكله مَعَ الدَّهْر الَّذِي هُوَ آكله) وَقَالَ آخر (فَانْظُر إِلَى الدَّهْر هَل فَاتَتْهُ بغيته ... فِي مطمح اللسر أَو فِي مسبح النُّون) وَلآخر (ألم تدر ان الله فَوق المعاقل ... )

561 - قَوْلهم حبذا المنتعلون من قيام يُرَاد بِهِ حبذا الَّذين بهم بَقِيَّة من قُوَّة أَو شباب اَوْ إنقاذ عزم أَو ثقوب رَأْي وَأَصله أَن امْرَأَة شَابة كَانَت تَحت شيخ فرأت شبَابًا ينتعلون من قيام فَقَالَت (حبذا المنتعلون من قيام) فَقَالَ الشَّيْخ أَنا أنتعل قَائِما فَقَامَ لينتعل فضرط فَقَالَت (من ادّعى الْبَاطِل أنجح بِهِ) أَي انجح الْبَاطِل بِهِ خَصمه 562 - قَوْلهم حَبل فلَان يفتل مَعْنَاهُ أَن أمره مقبل وَفِي مَعْنَاهُ نجمه صاعد وَقد رفع علمه وَعلا امْرَهْ وسما طرفه وروى زنده وَصعد جده وطالت يَده واشتدت عضده وَأكْثر كَلَام الْعَرَب مَحْمُول على الِاسْتِعَارَة وأجوده أحْسنه اسْتِعَارَة وَبَيَان هَذَا مشروح فِي كتَابنَا الموسوم بصنعه الْكَلَام 563 - قَوْلهم حكمك مسمطاً يُرَاد بِهِ حكمك مُرْسلا أَي احتكم وَخذ حكمك قَالَ أَبُو بكر خُذ حَقك مسمطاً أَي سهلاً وأظن أَصله من قَوْلهم سمطت الجدي إِذا كشطت مَا عَلَيْهِ من الشّعْر فَيكون ذَلِك أسهل من السلخ وَيُقَال سمط الْفَارِس درعه عَلَيْهِ إِذا ألْقى طرفها على عجز فرسه اَوْ علقها سَرْجه وسماط الْقَوْم صفهم

564 - قَوْلهم حبيب إِلَى عبد سوء محقده هَكَذَا جَاءَ وَلَعَلَّ المحقد لُغَة فِي المحتد وروى عَن أبي لؤلؤة أَنه كَانَ يرى اسْتِخْدَام الْعَرَب الْعَجم فَيَقُول لقد فتت الْعَرَب كَبِدِي فتمادت بِهِ الْحَسْرَة والكمد وَالْغَضَب للعجم إِلَى أَن قتل عمر رَضِي الله عَنهُ وَقتل مَكَانَهُ 565 - قَوْلهم حبذا التراث لَوْلَا الذلة يضْرب مثلا للشَّيْء فِيهِ خصْلَة محمودة وخصال مذمومة وَذَلِكَ أَن الرجل إِذا مَاتَ أَقَاربه ورث أَمْوَالهم فاستغنى إِلَّا أَنه يبْقى فَردا بِلَا نَاصِر وعَلى حسب ذَلِك قَول الشَّاعِر (ذهب الْكِرَام فَسدتْ غير مسود ... وَمن الشَّقَاء تفردي بالسؤدد) أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا المفجع قَالَ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن ابْن الْكَلْبِيّ قَالَ كَانَ الْحَضْرَمِيّ بن عَامل بن موالة الْأَسدي عَاشر عشرَة من إخْوَته فماتوا جَمِيعًا فورثهم فَقَالَ جُزْء بن مَالك يَا حضرمي ورثت إخْوَتك فَأَصْبَحت نَاعِمًا جذلاً فَأَنْشَأَ الْحَضْرَمِيّ يَقُول (يزْعم جُزْء وَلم يقل جللا ... أَنى تزوجت نَاعِمًا جذلا) (إِن كنت أزننتني بهَا كذبا ... جُزْء فلاقيت مثلهَا عجلا)

(أفرح أَن أرزأ الْكِرَام وَأَن ... أورث ذوداً شصائصا نبْلًا) (كم كَانَ من إخوتي إِذا احْتضرَ الفرسان ... تَحت الْعَجَاجَة الأسلا) (من سيد ماجد أخي ثِقَة ... يُعْطي جزيلاً وَيضْرب البطلا) (إِن جِئْته خَائفًا امنت وَإِن ... قَالَ سأحبوك نائل فعلا) وَكَانَ لجزء تِسْعَة إخْوَة فجلسوا جَمِيعًا على رَأس بِئْر يصلحونها فانخسفت بإخوته فَبلغ ذَلِك الْحَضْرَمِيّ فَقَالَ إِنَّا لله كلمة واقفت قدرا واورثت حقدا وَنَحْو ذَلِك قَول بَعْص بني أَسد (ومحتضر الْمَنَافِع أريحي ... نبيل فِي معاوزه طوال) (عَزِيز عزة فِي غير فحش ... ذليل للذليل من الموَالِي) (جعلت وساده إِحْدَى يَدَيْهِ ... وَتَحْت جمائه خشبات ضال) (ورثت سلاحه وورثت ذوداً ... وحزناً دَائِما أُخْرَى اللَّيَالِي) الْجَمَّاء الشَّخْص والمعاوز الثِّيَاب الَّتِي يتبذل فِيهَا الْوَاحِد معوز والذود الْجَمَاعَة القليلة من إناث الْإِبِل والضال السدر الْبري وَفِي هَذَا الْمَعْنى قَول أبي دواد (لَا أعد الإقتار عدماً وَلَكِن ... فقد من قد رزثته الاعدام)

566 - قَوْلهم الحَدِيث ذُو شجون وَهُوَ على حسب مَا تَقول الْعَامَّة الحَدِيث يجر بعضه بَعْضًا والمثل لضبة ابْن أد أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم الكاغدي عَن الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ قَالَ الْمفضل كَانَ لضبة بن أد ابْنَانِ يُقَال لأَحَدهمَا سعد وَالْآخر سعيد فَخَرَجَا فِي طلب إبل لَهُ فلحقها سعد فَرجع بهَا وَلم يرجع سعيد وَكَانَ ضبة يَقُول إِذا رأى شخصا تَحت اللَّيْل مُقبلا (أسعد أم سعيد) فَذَهَبت مثلا فِي مثل قَوْلهم أنجح أم خيبة أخير أم شَرّ ثمَّ خرج ضبة يسير فِي الْأَشْهر الْحرم وَمَعَهُ الْحَارِث بن كَعْب فمرا على سرحة فَقَالَ الْحَارِث لقِيت بِهَذَا الْمَكَان شَابًّا من صفته كَذَا فَقتلته وَأخذت بردا كَانَ عَلَيْهِ وسيفاً فَقَالَ ضبة أَرِنِي السَّيْف فَأرَاهُ فَإِذا هُوَ سيف سعيد فَقَالَ ضبة (الحَدِيث ذُو شجون) مَعْنَاهُ أَن الحَدِيث لَهُ شعب وشجون الْوَادي شعبه وَيُقَال لي بمَكَان كَذَا شجن أَي حَاجَة وَهوى وَقيل (الحَدِيث ذُو شجون) يضْرب مثلا للرجل يكون فِي أَمر فَيَأْتِي أَمر آخر فيشتغله عَنهُ فَقتل ضبة الْحَارِث فلامه النَّاس وَقَالُوا قتلت فِي الشَّهْر الْحَرَام فَقَالَ (سبق السَّيْف العذل) فأرسلها مثلا وَمَعْنَاهُ قد فرط من الْفِعْل مَالا سَبِيل إِلَى رده قَالَ الفرزدق (أأسلمتني للْمَوْت أمك هابل ... وَأَنت دلنظى الْمَنْكِبَيْنِ بطين)

الدلنظى الغليظ يُقَال رجل دلنظىً ودلنظى ينون وَلَا ينون ودلاظ فِي مَعْنَاهُ وَقيل هُوَ شَدِيد الْمَنْكِبَيْنِ قَالَ (خميص من الود المقرب بَيْننَا ... من الشررا بِي القصريين سمين) (فَإِن كنت قد سالمت دوني فَلَا تقيم ... بدار بَيت الذَّلِيل يكون) (وَلَا تأمنن الْحَرْب إِن اشتغارها ... كضبة إِذا قَالَ الحَدِيث شجون) اشتغارها هيجها ومفاجأتها وإمكانها وَيُقَال شغر بِرجلِهِ إِذا أمكن يَقُول تفاجئك كَمَا فاجأت ضبة وَكَانَت بنت مُعَاوِيَة متزوجة بِابْن لزياد ففخرت عَلَيْهِ فَقَالَ زِيَاد مَا أقبح الْفَخر بعد الشغر يَعْنِي رفع الرجلَيْن عِنْد النِّكَاح وَقيل الحَدِيث ذُو شجون وشجونه أحسن مِنْهُ وَقيل فِي مثل آخر (الحَدِيث أنزى من الظبي) أَي يفتح بعضه بَعْضًا 567 - قَوْلهم حدث حديثين امْرَأَة فَإِن لم تفهم فأربعه يضْرب مثلا لسوء الْفَهم وَظَاهره خلاف بَاطِنه وَحَقِيقَته أَنَّهَا إِن لم تفهم حديثين كَانَت من أَلا تفهم أَرْبَعَة أقرب وَقَالَ بعض الْعلمَاء إِنَّمَا هُوَ إِن لم تفهم فاربع أَي أمسك وَذَلِكَ غلط وَحَدِيث الْمثل قد تقدم 568 - قَوْلهم حدأ حدأ وَرَاءَك بندقة يُقَال ذَلِك للرجل يفزع بعدوه وحدأ وبندقة قبيلتان من قبائل الْيمن

وَكَانَت بندقة أوقعت بحدأ وقْعَة اجتاحتها فَكَانَت تفزع بهَا ثمَّ صَار مثلا لكل شَيْء يفزع بِشَيْء 569 - قَوْلهم حسبتك من غنى شبع ورى الْمثل لامرىء الْقَيْس بن حجر وَهُوَ مِمَّا نقم عَلَيْهِ وَنسب فِيهِ إِلَى تنَاقض القَوْل وَذَلِكَ أَنه قَالَ (أَلا إِلَّا تكن إبل فمعزىً ... كَأَن قُرُون جلتها العصي) (فتملأ بيتنا أقطاً وَسمنًا ... وحسبك من غنى شبع وري) بعد أَن قَالَ (فَلَو أنني أسعى لأدنى معيشة ... كفاني وَلم أطلب قَلِيل من المَال) (ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وَقد يدْرك الْمجد المؤثل أمثالي) فَذكر مرّة أَنه لَا يقنع بِأَدْنَى معيشة حَتَّى ينَال الْملك وَالْمجد المؤثل وَهُوَ الَّذِي لَهُ أصل ثَابت وَذكر أُخْرَى أَن الشِّبَع والري يكفيانه وَفسّر على وَجه آخر وَذَلِكَ أَنه أَرَادَ الْجُود بِمَا فضل عَن الْحَاجة يَقُول جد بِمَا عنْدك واقنع بالشبع والري ففيهما كِفَايَة وَالْكَلَام على الْمَعْنى الأول أدل

570 - قَوْلهم حنت فَلَا تهنت يُقَال ذَلِك لمن حن إِلَى مَكْرُوه من الْأَمر يدعى عَلَيْهِ بألا يتهنأ بِهِ إِذا وجده وَقد ذكر أَصله فِي الْبَاب الثَّالِث 571 - قَوْلهم حَرَامًا يركب من لَا حَلَال لَهُ وَأَصله أَن جبيلة بن عبد الله القريعي أغار على إبل جرية بن أَوْس بن عَامر من بني الهجيم فاطردها غير نَاقَة حرَام كَانَت فِيهَا فركبها جرية فِي أثر الْإِبِل فَقيل لَهُ أتركبها وَهِي حرَام فَقَالَ (حَرَامًا يركب من لَا حَلَال لَهُ) فلحقها فبارزه جبيلة فطعنه جرية فَقتله وَذهب أَصْحَاب جبيلة بِالْإِبِلِ فَقَالَ جرية (إِن تَأْخُذُوا إبلي فَإِن جبيلكم ... عِنْد المزاحف ثَوْبه كالخيعل) (أنحى السنان على محَاسِن زوره ... إِذْ جَاءَ يزدلف ازدلاف المصطلي) (نرمي برمحينا خصَاصَة بيتنا ... زَالَت دعامة أَيّنَا لم ينزل) (إِذْ يَنْسلونَ بِذِي العراد وفاتني ... فرسي وَلَا يحزنك سعي مضلل)

572 - قَوْلهم حمير الْحَاجَات يَقُولُونَ اتخذوه حمير الْحَاجَات أَي امتهنوه فِي جليل أَمر ودقيقه وحمير تَصْغِير حمَار 573 - قَوْلهم حذوا النَّعْل بالنعل والقذة بالقذة يضْرب مثلا فِي تشابه الشَّيْئَيْنِ يُقَال جزاه حَذْو النَّعْل بالنعل والقذة بالقذة أَي بِمثل فعله وَهُوَ مثله حَذْو النَّعْل بالنعل والقذة بالقذة والقذة الريشة الَّتِي تركب على السهْم وَسَهْم أقذ لَا ريش عَلَيْهِ ومقذوذ مريش و (مَا أصبت مِنْهُ أقذ وَلَا مريشاً) أَي لم أصب مِنْهُ شَيْئا وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (النَّاس مثل زمانهم ... قد الْحذاء على مِثَاله) (وَرِجَال دهرك مثل دهرك ... فِي تصرفه وحاله) (فالبس اخاك على التصنع ... والتفاوت من فعاله) (فالطرف يكبو مرّة ... وَهُوَ الْجواد على اعتلاله)

574 - قَوْلهم حسبتني مضللاً كعامر يضْرب مثلا للرجل يُرِيد اختداعك وَقد خدع غَيْرك قبلك وَلَا نَعْرِف عَامِرًا هَذَا 575 - قَوْلهم حبلك على غاربك يُقَال ألقيت حبله على غاربه إِذا تركته يذهب حَيْثُ يُرِيد وَأَصله أَنهم إِذا أَرَادوا إرْسَال النَّاقة فِي الرَّعْي ألقوا جديلها على غاربها لِئَلَّا تبصره فيتنغص عَلَيْهَا مَا ترعاه وَالْغَارِب مقدم السنام ثمَّ صَار غارب كل شَيْء أَعْلَاهُ وَمثله قَوْلهم (خلة درج الصب) وَقَوْلهمْ للْمَرْأَة (اذهبي فَلَا أنده سربك) أَي لَا أرد إبلك والسرب إبل الْحَيّ أجمع

576 - قَوْلهم حب شَيْئا إِلَى الْإِنْسَان مَا منع حب الي بِكَذَا وَحب الي كَذَا أَي مَا احبه الي و (شَيْئا) نصب لِأَنَّهُ فِي معنى التَّعَجُّب وَقَالَ سَاعِدَة بن جؤية (هجرت غضوب وَحب من يتَجَنَّب ... ) يَقُول حب بهَا إِلَيّ متجنبةً والمثل من قَول عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بالقس أنشدنا أَبُو أَحْمد قَالَ أنشدنا ابْن الْأَنْبَارِي قَالَ أنشدنا عبد الله بن خلف قَالَ أنشدنا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنشدنا مُصعب الزبيرِي (يَا دين قَلْبك مِمَّن لست ذاكره ... إِلَّا ترقرق مَاء الْعين أَو همعا) (أَدْعُو إِلَى هجرها قلبِي فيتبعني ... حَتَّى إِذا قلت هَذَا صَادِق نزعا) (وَزَادَنِي كلفاً بالحب أَن منعت ... وَحب شَيْئا إِلَى الْإِنْسَان مَا منعا) (كم من دني لَهَا قد صرت أتبعه ... وَلَو صَحا الْقلب عَنْهَا كَانَ لي تبعا) وَفِي مَعْنَاهُ قَول الشَّاعِر (رَأَيْت النَّفس تكره مَا لَدَيْهَا ... وتطلب كل مُمْتَنع عَلَيْهَا)

577 - قَوْلهم حب الْمَدْح رَأس الضّيَاع قَالَه الأكثم بن صَيْفِي وَمَعْنَاهُ مَعْرُوف وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ فلدح الذبخ 578 - قَوْلهم حولهَا ندندن هُوَ من أَمْثَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ أَعْرَابِي (لَا أعرف مَا دندنتك ودندنة معَاذ أَنا أُرِيد الْجنَّة) أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (حولهَا ندندن) أَي إِيَّاهَا نطلب بِهَذِهِ الدندنة

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها الحاء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْحَاء 579 - أَحمَق من هبنقة واسْمه يزِيد بن ثروان أحد بني قيس بن ثَعْلَبَة وَمن حمقه أَنه جعل فِي عُنُقه قلادةً من ودع وَعِظَام وخزف وَقَالَ أخْشَى أَن أضلّ نَفسِي فَفعلت ذَلِك لأعرفها بِهِ فحولت القلادة من عُنُقه إِلَى عنق أَخِيه فَلَمَّا أصبح قَالَ يَا أخي أَنْت أَنا وَأَنا أَنْت وأضل بَعِيرًا فَجعل يُنَادي عَلَيْهِ من وجده فَهُوَ لَهُ فَقيل لَهُ فَلم تنشده قَالَ فَأَيْنَ حلاوة الوجدان واختصمت طفاوة وَبَنُو فِي رجل ادّعى كل فريق أَنه فِي عرافتهم فَقَالُوا تحكم علينا من طلع من هَذِه الْجِهَة وأشاروا إِلَى نَحْو جِهَة فطلع عَلَيْهِم هبنقة فحكموه فَقَالَ هبنقة حكمه أَن يلقى فِي المَاء فَإِن طفا فَهُوَ من طفاوة وَإِن رسب فَهُوَ من راسب فَقَالَ الرجل إِن كَانَ الحكم هَذَا فقد زهدت فِي الدِّيوَان وَكَانَ إِذا رعى غنما جعل مُخْتَار المراعي للسمان وينحي المهازيل وَيَقُول لَا أصلح مَا أفْسدهُ الله وشبيه بذلك مَا حكى الله تَعَالَى عَن بعض الْمُشْركين فِي قَوْله {أنطعم من لَو يَشَاء الله أطْعمهُ} وَقَالَ فِيهِ الشَّاعِر (عش بجد وَكن هبنقة الْقَيْسِي ... نوكاً أَو شيبَة بن الْوَلِيد)

(رب ذِي اربة مقل من المَال ... وَذي عنجهية مَحْدُود) وَقيل الهنبق والهنبك صفة الأحمق 580 - قَوْلهم أَحمَق من شرنبث وَقيل شرنبذ وحرنبذ ومرنبذ وَهُوَ رجل من بني سدوس جمع عبيد الله بن زِيَاد بَينه وَبَين هبنقة وَقَالَ تراميا فَرَمَاهُ الشرنبث وَقَالَ طيري عِقَاب وأصيبي الجراب حَتَّى يسيل اللعاب فَأصَاب بطن هبنقة فَانْهَزَمَ فَقيل أتنهزم من حجر وَاحِد فَقَالَ لَو أَنه قَالَ طيري عِقَاب وأصيبي الذُّبَاب فَذَهَبت عَيْني مَا كنت أصنع وذباب الْعين السوَاد الَّذِي فِي جَوف الحدقة وَذَهَبت كلمة الشرنبث مثلا فِي تهييج الرمى 581 - وأحمق من بيهس وَقد مر حَدِيثه 582 - وأحمق من حذنة قيل هُوَ رجل بِعَيْنِه وَقيل هُوَ الصَّغِير الْأذن الْخَفِيف الرَّأْس الْقَلِيل الدِّمَاغ وَذَاكَ يكون أَحمَق وَقيل حذته امْرَأَة كَانَت تتمخط بكوعها

583 - وأحمق من حجينة وَهُوَ رجل من بني الصيداء 584 - وأحمق من حجا وَكَانَ من فَزَارَة وَمن حمقه أَنه دفن دَرَاهِم فِي صحراء وَجعل علامتها سَحَابَة تظلها وَدخل على أبي مُسلم وَمَعَهُ يَقْطِين فَقَط فَقَالَ يَا يَقْطِين أيكما أَبُو مُسلم وَمَات أَبوهُ فَقيل لَهُ اذْهَبْ فاشتر الْكَفَن فَقَالَ أَخَاف أَن أشتغل بشرَاء الْكَفَن فتفوتني الصَّلَاة عَلَيْهِ وَرَآهُ رجل يعرج فَقَالَ لَهُ مَا شَأْنك فَقَالَ أَظن أَن غَدا تدخل فِي رجْلي شَوْكَة 585 - وأحمق من أبي غبشان وَهُوَ رجل من خُزَاعَة كَانَ يَلِي الْبَيْت الْحَرَام فَاجْتمع مَعَ قصي بن كلاب بِالطَّائِف على الشّرْب فَلَمَّا سكر اشْترى مِنْهُ قصي ولَايَة الْبَيْت بزق خمر وَأخذ مِنْهُ مفاتيحه وطار بهَا إِلَى مَكَّة وَقَالَ معاشر قُرَيْش هَذِه مَفَاتِيح بَيت أبيكم إِسْمَاعِيل ردهَا الله عَلَيْكُم من غير عذر وَلَا ظلم وأفاق أَبُو غيشان فندم فَقيل (أندم من أبي غبشان وأخسر من أبي غبشان وأحمق من أبي غبشان) فَقَالَ بَعضهم (باعت خُزَاعَة بَيت الله إِذْ سكرت ... بزق خمر فبئست صَفْقَة البادي)

(باعت سدانتها بِالْخمرِ وانقرضت ... عَن الْمقَام وظل الْبَيْت والنادي) ثمَّ جَاءَت خُزَاعَة فقاتلت قصياً فَغَلَبَهُمْ وَحَدِيثه مستقصىً فِي كتاب الْأَوَائِل 586 - وأحمق من شيخ مهو وَهُوَ عبد الله بن بيدرة ومهو قَبيلَة من عبد الْقَيْس وَمن حَدِيثه أَن إياداً كَانَت تعير بالفسو فَقَامَ رجل مِنْهُم بعكاظ وَمَعَهُ بردا حبرَة ونادى أَلا إِنِّي من إياد فَمن يَشْتَرِي مني عَار الفسو ببردي هذَيْن فَقَامَ عبد الله بن بيدرة فَقَالَ أَنا واتزر بِأَحَدِهِمَا وارتدى بِالْآخرِ وَأشْهد الْإِيَادِي عَلَيْهِ أهل الْقَبَائِل فَانْصَرف عبد الله الى قومه فَقَالَ جِئتُكُمْ بِعَارٍ الْأَبَد فَقَالَ فيهم الراجز (يال لكيز دَعْوَة نبديها ... نعلنها ثمت لَا نخفيها) (كروا الى الرِّجَال فافسوا فِيهَا ... ) فَقَالَت عبد الْقَيْس (إِن الفساة قبلنَا إياد ... وَنحن لَا نفسو وَلَا نكاد) فَلَزِمَ الْعَار بذلك عبد الْقَيْس فَقَالَ الشَّاعِر (وَعبد الْقَيْس مصفر لحاها ... كَأَن فساءها قطع الضباب)

وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء للمهلب وَهُوَ يُقَاتل الشراة (اجْعَل لكيزاً وَلَا تعدل بهم أحدا ... سفالة الرّيح حَتَّى يورق الشّجر) (إِن الرِّيَاح إِذا مرت بفسوهم ... لم تبْق فِيهَا فساطيط وَلَا حجر) وَقَالَ بَعضهم فِي ابْن بيدرة (يَا من رأى كصفقة ابْن بيدره ... من صَفْقَة خاسرة مخسره) (المُشْتَرِي الفسو ببردي حبره ... شلت يَمِين صافق مَا أخسره) 587 - وأحمق من ربيعَة الْبكاء وَهُوَ ربيعَة بن عَامر بن ربيعَة بن صعصعة دخل على أمه وَهِي تَحت زَوجهَا فَبكى وَصَاح إِنَّه يقتل أُمِّي فَقَالُوا (أَهْون مقتول أم تَحت زوج) فَذَهَبت مثلا ولقب الْبكاء 588 - أَحمَق من عدي بن جناب 589 - وأحمق من مَالك بن زيد مَنَاة 590 - وأحمق من دغة وَقد مر حَدِيثهمْ فِيمَا تقدم وَقيل دغة دويبة وَقيل هِيَ الفراشة لِأَنَّهَا تحرق نَفسهَا وَقد مر

591 - وأحمق من عجل ابْن لجيم بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل وَمن حمقه أَنه قيل لَهُ مَا سميت فرسك هَذَا فَقَامَ إِلَيْهِ وفقأ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَقَالَ سميته الْأَعْوَر فَقَالَ الْعَنزي (رمتني بَنو عجل بداء أَبِيهِم ... وَأي امرىء فِي النَّاس احمق من عجل) (أَلَيْسَ أبوهم عَار عين جَوَاده ... فَصَارَت بِهِ الْأَمْثَال تضرب فِي الْجَهْل) 592 - وأحمق من الممهورة إِحْدَى خدمتيها 593 - وأحمق من الممهورة من نعم أَبِيهَا وَقد مر حَدِيثهمَا فِي الْبَاب الثَّانِي 594 - وأحمق من لاعق المَاء 595 - وأحمق من الْقَابِض على المَاء 596 - وأحمق من ماضغ المَاء 597 - وأحمق من ماطخ المَاء وَفِي الْقُرْآن {إِلَّا كباسط كفيه إِلَى المَاء ليبلغ فَاه} وَقَالَ الشَّاعِر

(وأصبحت من ليلى الْغَدَاة كقابض ... على المَاء لم ترجع بِشَيْء أنامله) 598 - وأحمق من لاطم الأَرْض بخديه مَعْرُوف 599 - وأحمق من الممتخطة بكوعها والكوع طرف الزند وَقد مر ذكرهَا 600 - وأحمق من الدابغ على التحلي يُقَال تملأ الْجلد إِذا بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من اللَّحْم فَلم يصل إِلَيْهِ الدّباغ فَيفْسد فَإِذا قشر ثمَّ دبغ صلح 601 - وأحمق من راعي ضَأْن ثَمَانِينَ قَالَ ابْن حبيب قيل ذَلِك لِأَن الضَّأْن تتفرق فَيحْتَاج راعيها إِلَى جمعهَا وَلَا أعرف مَا هَذَا التَّفْسِير لِأَن تفرق الضَّأْن لَا يُوجب حمق راعيها وَلَا يدل عَلَيْهِ وَالصَّحِيح (أَشْقَى من راعي ضَأْن ثَمَانِينَ) وَلَا أعرف لم خصت بالثمانين هُنَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الجاحظ 602 - وأحمق من طَالب ضَأْن ثَمَانِينَ وَهُوَ أَعْرَابِي بشر كسْرَى ببشرى سر بهَا فَقَالَ سلني حَاجَتك فَقَالَ

أَسأَلك ضأناً ثَمَانِينَ وَيَقُول المشغول أَنا فِي رضَاع ضَأْن ثَمَانِينَ 603 - وأحمق من الضبع 604 - وأحمق من أم عَامر 605 - وأحمق من أم طَرِيق كل هَذَا سَوَاء وَيُرَاد بِهِ الضبع وَنَذْكُر أَصله فِي الْبَاب السَّابِع 606 - وأحمق من الرّبع وَهُوَ مَا ينْتج فِي الرّبيع من أَوْلَاد الْإِبِل والهبع مَا ينْتج فِي الصَّيف وَهُوَ مثل سَائِر إِلَّا أَن بعض الْأَعْرَاب قَالَ مَا حمق ربع وَالله إِنَّه ليتجنب الْعَدْوى وَيتبع أمه فِي المرعى ويراوح بَين الْأَطِبَّاء وَيعلم أَن حنينها لَهُ دُعَاء فَأَيْنَ حمقه 607 - وأحمق من الرخل وَهِي الْأُنْثَى من أَوْلَاد الضَّأْن وَالْجمع رخلان ورخال 608 - وأحمق من نعجة على حَوْض لِأَنَّهَا إِذا أَرَادَت المَاء انكبت عَلَيْهِ تشربه لَا تنثني عَنهُ حَتَّى تزجر

609 - وأحمق من أم الهنبر قيل الهنبر الجحش وَأمه الأتان وَقيل هِيَ الضبع وَيُقَال للضبعان وَهُوَ ذكر الضباع أَبُو الهنبر 610 - وأحمق من الجهيزة قيل هِيَ الذئبة وحمقها أَن تدع وَلَدهَا وترضع ولد الضبع قَالَ جذل الطعان (كمرضعة أَوْلَاد أُخْرَى وضيعت ... بنيها فَلم ترفع بذلك مرقعا) وَقيل الجيزة الدببة وجهيزة أم شبيب الْخَارِجِي وَمن حمقها أَنَّهَا حملت شبيباً فأثقلت فَقَالَت لأحمائها إِن فِي بَطْني شَيْئا يَتَحَرَّك فحمقت وَقيل الجهيزة الْحمار 611 - وأحمق من حمامة لِأَنَّهَا لَا تصلح عشها فَرُبمَا سقط بيضها فانكسر

612 - وأحمق من نعَامَة لِأَنَّهَا إِذا مرت ببيض غَيرهَا حضنته ونسيت بيض نَفسهَا كَمَا قَالَ ابْن هرمة (كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أُخْرَى جنَاحا) 613 - وأحمق من رخمة وَيَقُولُونَ أَيْضا (أَكيس من الرخمة) وكيسها أَنَّهَا تحضن بيضها وتحمي فرخها وتألف وَلَدهَا وَلَا تمكن من نَفسهَا غير زَوجهَا وتقطع فِي أَوَائِل القواطع وَترجع فِي أَوَائِل الرواجع لِأَن الصيادين يطْلبُونَ الطير بعد قطاعها فَهِيَ تقطع أَولا وَترجع أَولا فتنجو وَلَا تطير فِي التحسير وَلَا تغتر بالشكير أَي بصغار ريشها بل تنْتَظر حَتَّى تصير قصبا ثمَّ تطير والشكير أَيْضا مَا ينْبت من العشب تَحت مَا هُوَ أطول مِنْهُ وَهُوَ أَيْضا الشّعْر الَّذِي ينْبت خلال الشيب ضَعِيفا قَالَ (وَالرَّأْس قد صَار لَهُ شكير) وَلَا تسْقط على الجفير لعلمها أَن فِيهِ نبْلًا وَلَا ترب فِي الوكور أَي لَا تقيم من قَوْلهم أرب بِالْمَكَانِ وألب إِذا أَقَامَ بِهِ وَالْمعْنَى أَنَّهَا لَا ترْضى

من الوكور بِمَا يرضى بِهِ سَائِر الطير حَتَّى تذْهب إِلَى أَعلَى مَوضِع تقدر عَلَيْهِ فتقيم فِيهِ وتبيض 614 - وأحمق من عقعق لِأَنَّهُ يضيع بيضه وفراخه 615 - وأحمق من طَرِيق وَهُوَ الكروان وَذَلِكَ أَنه إِذا رأى إنْسَانا سقط على الأَرْض وأطرق فيطيفون بِهِ وَيَقُولُونَ (أطرق كرا إِن النعام فِي الْقرى وَأَنت لن ترى) ويلقون عَلَيْهِ ثوبا ويأخذونه بِغَيْر تكلفة 616 - وأحمق من رجلة وَهِي البقلة الحمقاء لِأَنَّهَا تنْبت فِي مجاري السُّيُول فتجترفها 617 - وأحمق من ترب العقد وَالْعقد مَا يتعقد من الرمل ويمحقونه لِأَنَّهُ ينهال وَلَا يثبت

618 - أحذر من غراب وَأَصله مَا حكوا فِي رموزهم أَن الْغُرَاب قَالَ لِابْنِهِ إِذا رميت فتلوص أَي تلو فَقَالَ يَا أَبَت أَنا أتلوص قبل أَن أرمى 619 - وَأحذر من عقعق مَعْرُوف 620 - وَأحذر من قرلي وَهُوَ طَائِر يغوص فِي المَاء فيستخرج السّمك فيأكله وَهُوَ اسْم أعجمي لِأَن أهل اللُّغَة قَالُوا لَيْسَ يلتقي الرَّاء مَعَ اللَّام فِي الْعَرَبيَّة إِلَّا فِي أَربع كَلِمَات أرل وَهُوَ اسْم جبل وورل وَهِي دَابَّة مَعْرُوفَة وجرل وَهُوَ ضرب من الْحِجَارَة والغرلة وَهِي القلفة 621 - وَأحذر من ذِئْب لِأَن الْأَعْرَاب يحكون أَنه يبلغ من حذره أَن يراوح بَين عَيْنَيْهِ إِذا نَام فَيجْعَل إِحْدَاهمَا مطبقة نَائِمَة وَالْأُخْرَى مَفْتُوحَة حارسة وَهُوَ خلاف الأرنب الَّتِي تنام مَفْتُوحَة الْعَينَيْنِ لَيْسَ من الاحتراس وَلَكِن خلقَة وَقَالَ حميد ابْن ثَوْر فِي نعت الذِّئْب

(ينَام بِإِحْدَى مقلتيه وَيَتَّقِي ... بِأُخْرَى المنايا فَهُوَ يقظان هاجع) وَهَذَا محَال لِأَن النّوم يَأْخُذ جملَة الْحَيّ 622 - وَأحذر من ظليم وَهُوَ ذكر النعام وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَان أنفر مِنْهُ وَذَلِكَ أَن الوحوش إِذا كَانَت فِي خلاء لَا عهد لَهَا بِرُؤْيَة النَّاس لم تنفر مِنْهُم أول مَا تراهم وَلذَلِك قَالَ ذُو الرمة (وكل أحم المقلتين كَأَنَّهُ ... أَخُو الْإِنْس من طول الْخَلَاء الْمُغَفَّل) وَلَا يُوجد النعام على الْأَحْوَال كلهَا إِلَّا نافراً وَلذَلِك ضرب بِهِ الْمثل فِي سرعَة انهزام الْقَوْم فَيُقَال (خفت نعامتهم وشالت نعامتهم) 623 - أحذر من يَد فِي رحم 624 - وأحير من يَد فِي رحم يذكر فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى 625 - وأحر من النَّار وَمن الْجَمْر وَمن الْمرجل معروفات

626 - أحر من القرع وَهُوَ بثر يخرج بصغار الْإِبِل فتقرع والتقريع أَن تجر على التُّرَاب الْحَار فتعافى قرعته إِذا داويته من القرع كَمَا يُقَال فَردته وَحَمَلته إِذا نزعت عَنهُ القردان والحلم وقذيت الْعين إِذا نزعت عَنْهَا القذى وَفِي الْمثل (عود يقلح) أَي ينْزع قلحه وَهُوَ صفرَة الْأَسْنَان 627 - وَأحسن من الشَّمْس 628 - وَأحسن من الْقَمَر معروفان 629 - وَأحسن من النَّار وَقَالَت أعرابية كنت أحسن من النَّار لَيْلَة القر وَهِي فِي لَيْلَة القر أحسن فِي الْعُيُون وَأحب إِلَى النُّفُوس وَقَالَ بَعضهم هُوَ أحسن من الصلاء فِي ليل الشتَاء 630 - وَأحسن من شنف الأنضر والشنف القرط الَّذِي يعلق فِي أَعلَى الْأذن والأنضر وَالنضْر والنضار الذَّهَب

631 - وَأحسن من الدمية وَهِي الصُّورَة وَالْجمع الدمى 632 - وَأحسن من الزون قيل الزون الصَّنَم وَقيل بَيت الْأَصْنَام وَقيل أحسن من الزُّور وَهُوَ الصَّنَم أَيْضا وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} يَعْنِي الصَّنَم 633 - وَأحسن من بَيْضَة فِي رَوْضَة مَعْرُوف 634 - وَأحسن من الدهم الموقفة يَعْنِي الْخَيل والتوقيف بَيَاض فِي أسافل الْيَدَيْنِ من الْفرس مَأْخُوذ من الْوَقْف وَهُوَ السوار 635 - أَشد من حمرَة من الصربة وَهِي الصمغة الْحَمْرَاء

636 - وَأَشد حمرَة من النكعة وَهِي ثَمَرَة الطرثوث 637 - أَشد حمرَة من بنت الْمَطَر وَهِي دويبة حَمْرَاء ترى غب الْمَطَر 638 - أحير من الضَّب 639 - أحير من الورل من الْحيرَة وهما إِذا خرجا من جحرهما لم يهتديا إِلَيْهِ 640 - وأحير من اللَّيْل من الْحيرَة أَيْضا وَاللَّيْل ولد الْحُبَارَى 641 - أَحْيَا من بكر 642 - وَأَحْيَا من كعاب والكعاب الَّتِي تكعب ثدياها أَي تفلكا فصارا مثلا الكعب من الْعِظَام صلابةً وتدويرا

643 - أَحْيَا من هدي وَهِي الْعَرُوس 644 - وَأَحْيَا من فتاة 645 - وَأَحْيَا من مخبأة 646 - وَأَحْيَا من مخدرة معروفات 647 - وَأَحْيَا من الضَّب هَذَا من الْحَيَاة أَي أطول عمرا والضب طَوِيل الْعُمر 648 - أَحول من أبي براقش من التَّحَوُّل وَهُوَ التنقل وَهُوَ طَائِر يتَحَوَّل فِي الْيَوْم ألواناً مُخْتَلفَة والبرقشة النقش وَأَصله ثلاثي وَهُوَ حَال يحول فَقيل أَحول مِنْهُ 649 - وأحول من الذِّئْب هَذَا من الْحِيلَة وَالْيَاء فِي الْحِيلَة وَاو جعلت يَاء لكسرة مَا قبلهَا تحول الرجل إِذا احتال

650 - أحرص من ذِئْب 651 - وأحرص من خِنْزِير 652 - وأحرص من كلب من الْحِرْص مَعْرُوف 653 - أحرس من كلب من الحراسة وَكَذَلِكَ أحرس من الْأَجَل 654 - أحطم من الْجَرَاد وأصل الحطم الْكسر 655 - وَأحد من ضرس 656 - وَأحد من ليطة وليطة كل شَيْء ظَاهر جلده وَكثر ذَلِك حَتَّى قَالُوا ليط الشَّمْس قَالَ الشَّاعِر

بمقورة الألياط شم الكواهل وَيُقَال للْإنْسَان إِذا كَانَ لين السخنة إِنَّه للين الليطة 657 - وأحفظ من الأَرْض 658 - وأحمل من الأَرْض وَقد ذكرا فِي الْبَاب الأول 659 - وأحقر من التُّرَاب 660 - وأحضر من التُّرَاب معروفان 661 - وأحقد من جمل من الحقد 662 - وأحن من شَارف وَهِي النَّاقة المسنة

663 - وأحكى من قرد لِأَنَّهُ يَحْكِي كل مَا رَآهُ 664 - وَأحلى من الشهد والشهد الْعَسَل قبل أَن يصفى 665 - وَأحلى من الْعَسَل 666 - وَأحلى من الجنى وَهُوَ مَا يجنى من الثَّمر 667 - وَأحلى من الثَّمر الجني والجني الْمَجْنِي وَهُوَ الْمَأْخُوذ من الشّجر 668 - وَأحلى من النشب وَهُوَ المَال 669 - وَأحلى من مِيرَاث الْعمة الرقوب وَهِي الَّتِي لَا ولد لَهَا فَهِيَ تترقب مَعُونَة النَّاس

670 - وأحنى من الْوَالِد من الحنو وَهُوَ الْعَطف وَالرَّحْمَة 671 - وَأحلى من الْوَلَد 672 - وَأحكم من لُقْمَان 673 - وَأحكم من الزَّرْقَاء من الْحِكْمَة وَهُوَ لُقْمَان بن عَاد والزرقاء زرقاء الْيَمَامَة وَقَالَ النَّابِغَة للنعمان (واحكم كَحكم فتاة الْحَيّ إِذْ نظرت ... إِلَى حمام سراع وَارِد الثمد) أَي كن حكيماً مثلهَا وَمن الْعَجَائِب أَن الْمُلُوك كَانُوا يخاطبون بِمثل هَذَا الْكَلَام وَكَانَت الزَّرْقَاء نظرت إِلَى حمام طَائِر عدده سِتّ وَسِتُّونَ وَعِنْدهَا حمامة وَاحِدَة فَقَالَت (لَيْت الْحمام ليه ... إِلَى حمامتيه) (وَنصفه قديه ... ثمَّ الْحمام مايه) فتعجب الْعَرَب من صدق نظرها وفطنتها

674 - وَأحكم من هرم من الحكم وَهُوَ هرم بن قُطْبَة وَكَانَ حكم الْعَرَب 675 - وأحلم من فرخ الطَّائِر 676 - وأحلم من فرخ الْعقَاب 677 - وأحزم من فرخ الْعقَاب وَذَلِكَ أَنه يخرج من الْبَيْضَة على رَأس نيق فَلَا يَتَحَرَّك حَتَّى ينْبت ريشه وَلَو تحرّك سقط فَهَلَك 678 - وأحلم مِمَّن قرعت لَهُ الْعَصَا أَي أعلم والحلم عِنْدهم الْعلم وَقيل هُوَ عَامر بن الظرب العدواني وَكَانَ قد أسن فَرُبمَا هفا فِي نَادِي الحكم فتقرع لَهُ الْعَصَا فيرتدع وَقيل هُوَ ربيعَة بن مخاشن التَّمِيمِي وَقيل هُوَ عَامر بن مَالك بن ضبيعة الْقَيْسِي وَقيل هُوَ عَمْرو بن جممة الدوسي وَقيل مَسْعُود بن خَالِد ذُو الجدين الشَّيْبَانِيّ قَالَ المتلمس (لذِي الْحلم قبل الْيَوْم مَا تقرع الْعَصَا ... وَمَا علم الْإِنْسَان إِلَّا ليعلما) وَقَالَ الْحَارِث بن وَعلة

(وَزَعَمت أَنا لَا حلوم لنا ... إِن الْعَصَا قرعت لذِي حلم) وَتَفْسِير هَذَا مستقصىً فِيمَا ذَكرْنَاهُ وشرحناه من كتاب الحماسة 679 - وأحلم من الْأَحْنَف والحلماء كثير يُقَال الأحلام عَاد كَمَا قَالَ الشَّاعِر (على امرىء هد عرش الْحَيّ مصرعه ... كَأَنَّهُ من ذَوي الأحلام من عَاد) وَقَالَ (أَحْلَام عَاد وأجساد مطهرة ... من المعقة والآفات وَالْإِثْم) وَذكر حلم لُقْمَان بن عَاد وحصن بن حُذَيْفَة وزرارة بن عدس وحاجب بن زُرَارَة وَغَيرهم وَلم يحظ أحد من ذكر الْحلم بِمَا حظي بِهِ الْأَحْنَف وَأَسْبَاب الْأُمُور عَجِيبَة وَكَانَ يَقُول لست بحليم وَلَكِنِّي صبور وَهَذَا من قَول بعض الْعَرَب وَقيل لَهُ مَا الْحلم فَقَالَ الذل تصبر عَلَيْهِ 680 - وأحزم من القرلي من قَول النَّاس هُوَ كالقرلي إِن رأى شرا تولى أَو رأى خيرا تدلى

681 - وأحزم من سِنَان 682 - وأحلم من سِنَان وَلم يجمع الحزم والحلم لأحد غَيره وَهُوَ سِنَان بن أبي حَارِثَة 683 - وأحزم من الحرباء لِأَنَّهَا لَا تخلي سَاق شَجَرَة حَتَّى تَأْخُذ بِأُخْرَى قَالَ الشَّاعِر (لَا يُرْسل السَّاق إِلَّا ممسكاً ساقا ... ) 684 - أحمى من است النمر 685 - وأحمى من أنف الْأسد لِأَن أحدا لَا يقدر أَن يقربهما فهما فِي حمى 686 - وأحمى من مجير الْجَرَاد وَهُوَ مُدْلِج بن سُوَيْد الطَّائِي وَمن حَدِيثه أَنه خلا فِي خيمة ذَات يَوْم

فَإِذا هُوَ بِقوم مَعَهم أوعية فَقَالَ مَا خطبكم قَالُوا غزونا جَارك قَالَ وَأي جيراني قَالُوا الْجَرَاد وَقد بفنائك فَقَالَ أما وسميتموه لي جاراً فَلَا سَبِيل إِلَيْهِ وَركب فرسه وَأخذ رمحه وَقَالَ لَا يتَعَرَّض لَهُ احدا إِلَّا قتلته فَمَا زَالَ يحميه حَتَّى حميت الشَّمْس عَلَيْهِ فطار 687 - وأحمى من مجير الظعن وَهُوَ ربيعَة بن مكدم وَمن حَدِيثه فِيمَا روى بعض الْعلمَاء ان نُبَيْشَة ابْن حبيب السّلمِيّ خرج غازياً فلقي ظعناً من كنَانَة بالكديد وارادها فمانعه ربتعة فِي فوارس فَشد عَلَيْهِ نُبَيْشَة فطعنه فِي عضده فَأتى أمه فَقَالَ (شدي عَليّ العصب ام سيار ... فقد زرئت فَارِسًا كالدينار) فَقَالَت لَهُ أمه (إِنَّا بني ربيعَة بن مَالك ... مزرأ أخيارنا كَذَلِك) (من بَين مقتول وَبَين هَالك ... ) ثمَّ عصبته فاستسقاها فَقَالَت اذْهَبْ فقاتل فَإِن المَاء لَا يفوتك فكر على الْقَوْم فكشفهم وَرجع إِلَى الظعن وَقَالَ إِنِّي سأحميكن ووقف بفرسه على الْعقبَة مُتكئا على رمحه فَمَاتَ وَمر الظعن فَلَمَّا رَآهُ نُبَيْشَة لَا يَزُول رموا فرسه فقمص وخر لوجهه فطلبوا الظعن فَلم يلحقوهن فَمر بِهِ حَفْص ابْن أحنف الكتاني فواراه وَقَالَ

(لَا يبعدن ربيعَة بن مكدم ... وَسَقَى الغوادي قبرة بذنوب) (نقرت قلوصي عَن حِجَارَة حرَّة ... بنيت على طلق الْيَدَيْنِ وهوب) (لَا تنقري ياناق مِنْهُ فَإِنَّهُ ... سباء خمر مسعر لحروب) (لَوْلَا السفار وَبعد حرق مهمة ... لتركتها تحبو على العرقوب) وَلم يعرف ميت حمى ظعائن غَيره هَكَذَا ذكره حَمْزَة وَالصَّحِيح أَن الَّذِي طعن ربيعَة أهبان بن كَعْب بن أُميَّة بن يقظة مُكَلم الذِّئْب فَقتله وَجَاء بفرسه وسلاحه فوهبه لنبيشة بن حبيب السّلمِيّ وَقَالَ (وَلَقَد طعنت ربيعَة بن مكدم ... يَوْم الكديد فَخر غير موسد) (وَلَقَد وهبت جَوَاده وسلاحه ... لأخي نُبَيْشَة قبل لوم الْحَسَد)

فهرسته

الْبَاب السَّابِع فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله خاء فهرسته خير مَا رد فِي أهل وَمَال خير الْعلم مَا حوضر بِهِ الْخَيل تجْرِي على مساويها خل سَبِيل من وَهِي سقاؤه وَمن هريق بالفلاة مَاؤُهُ خله درج الضَّب خرقاء عيابة خامري أم عَامر خلع الدرْع بيد الزَّوْج خرقاء ذَات نيقة الْخَيل أعرف بفرسانها خُذ الْأَمر بقوابله الْخَيل ميامين خير الْأُمُور أوساطها خالط راعيك بطراثيث خير قويس سَهْما خُذ ماطف لَك خُذ مَا قطع الْبَطْحَاء خُذ من جذع مَا أَعْطَاك خُذ من الرضفة مَا عَلَيْهَا خلا لَك الجو فبيضي واصفري خلاؤك أقنى لحيائك خير حالبيك تنطحين خرقاء وجدت صُوفًا الْخَلَاء بلَاء خَفِيف الشّفة الخروف يتقلب على الصُّوف

فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في أوائل أصولها الخاء

فهرست الامثال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْخَاء أخف من فراشة أخف من عقيب ملاع وأخف رَأْسا من الذِّئْب وأخف رَأْسا من الطَّائِر وأخف حلماً من العصفور وأخف حلماً من بعير وأخف من الجماح وأخف من يراعة وأخف من الهباء أخْفى من السحر أخْفى من المَاء تَحت الرفة أخرق من الْحَمَامَة أخرق من أمة وأخرق من ناكثة غزلها أخسر من حمالَة الْحَطب أخسر من أبي غبشان أخسر من شيخ مهو أخزى من ذَات النحيين أخيب من الْقَابِض على المَاء وأخيب من نتاج سقب من حَائِل أخسر من مغبون وأخجل من مقمور أخيب من حنين أخلف من عرقوب أخلف من شرب الكمون وأخلف من بَوْل الْجمل وأخلف من ثيل الْجمل وأخلف من ولد الْحمار وأخلف من نَار الحباحب وأخلف من الصَّقْر أخذل من يلمع أخلى من جَوف عير وَمن جَوف حمَار أخنث من هيت أخنث من طويس أخنث من دلال أخنث من مصفر استه أَخبث من ذِئْب الْخمر وَمن ذِئْب الغضا أختل من الذِّئْب أخون من الذِّئْب وأخب من الذِّئْب أخب من ضَب أخب وأختل من ثعالة وأخيل من غراب وأخيل من مذالة وأخيل من واشمة استها وأخيل من ثَعْلَب فِي استه عهنة وأخيل من ديك وأخدع من ضَب أَخطَأ من ذُبَاب أَخطَأ من فراشة أَخطَأ من صبي أخبط من حاصب ليل وأخبط من عشواء أخطف من عِقَاب وأخطف من برق أخشن من شوك أخطف من قرلي أخشن من شيهم وأخشن من الجذيل المحكك وأخطب من قيس

تفسير الباب السابع

تَفْسِير الْبَاب السَّابِع 688 - قَوْلهم خير مارد فِي أهل وَمَال يُقَال ذَلِك للرجل يقدم من سفر يُرَاد بِهِ أَن مجيئك بِنَفْسِك خير مَا رد فِي أهلك وَمَالك وَهُوَ على مَذْهَب الدُّعَاء مثل قَوْلهم (على أَيمن طَائِر) و (خير مَا رد) مَنْصُوب على ضمير فعل وَالْعرب تَقول لمن يخرج فِي سفر مصاحباً أَي تَوَجَّهت مصاحبا 689 - قَوْلهم خير الْعلم مَا حوضر بِهِ أَي خير الْعلم مَا حضرك عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ يَعْنِي بِهِ الفطنة لما تحفظه وإيراده فِي مَوْضِعه وَفِي كَلَام بَعضهم خير الْعلم مَا حاضرت بِهِ وَلَا يعتاص عِنْد مطلبه وَقَالَ بعض الفلاسفة خير الْعلم مَا إِذا غرقت سفينتك سبح مَعَك أَي مَا كَانَ حفظا فَأَما مَا جَاءَ فِي الْكتب فَإِنَّهُ بمظان الْآفَات على أَن النسْيَان آفَة الْحِفْظ أَيْضا وَكَانَ الْخَلِيل يَقُول اجْعَل مَا فِي كتبك رَأس مَالك وَمَا تحفظ لنفقتك وَمن أعجب مَا رُوِيَ فِي كَثْرَة الْحِفْظ أَن زرادشت صَاحب الْمَجُوس ادّعى النُّبُوَّة فَسَأَلَهُ النَّاس المعجزة فَنزل بِئْرا وَقَرَأَ عَلَيْهِم مَا كتبوه فِي مائَة ألف جلد زَعَمُوا مَعَ حيل عَملهَا لَهُم فآمنوا بِهِ

وَقلت (لقل غناء عَن جهول مغمر ... دفاتر تلقى فِي الظروف وترفع) (تروح وتغدو عِنْده فِي مضيعة ... وكائن رَأينَا من نَفِيس يضيع) 690 - قَوْلهم الْخَيل تجرى على مساويها يضْرب مثلا للرجل تنَال مِنْهُ الْحَاجة على ضعفه ونقصان آلَته وَمَعْنَاهُ أَن الْخَيل وَإِن كَانَت بهَا آفَات وأوصاب فَإِن كرمها يحملهَا على الجري وَقَرِيب مِنْهُ قَول الشَّاعِر (وَلَيْسَ الْجُود منتحلاً وَلَكِن ... على اعراقه يجْرِي الْجواد) 691 - قَوْلهم خل سَبِيل من وَهِي سقاؤه وَمن هريق بالفلاة مَاؤُهُ قَالَ الْأَصْمَعِي يُرَاد من لم يستقم أمره فَلَا تعانه يُقَال وهى الشَّيْء إِذا انخرق يهي وهياً وأوهيته أَنا خرقته وَقد مر ذَلِك وَنَحْوه قَول ابْن طَاهِر (ألم تَرَ أَن الْمَرْء تدوى يَمِينه ... فيقطعها عمدا ليسلم سائره) (وَكَيف ترَاهُ بعد يمناه فَاعِلا ... بِمن لَيْسَ مِنْهُ حِين تبدو سرائره)

692 - قَوْلهم خله درج الضَّب والدرج السَّبِيل قَالَ الشَّاعِر (أنصب للمنية تعتريهم ... رجالي أم هم درج السُّيُول) وَإِنَّمَا خص الضَّب لِأَنَّهُ إِذا ذهب فِي طَرِيق لم يهتد إِلَى الرُّجُوع فِيهِ وَمن ثمَّ قيل (أضلّ من ضَب) وَفِي الضَّب أَمْثَال يَقُولُونَ (أخدع من ضَب) و (أروى من ضَب) و (أضلّ من ضَب) و (فلَان خب ضَب) و (لَا آتِيك سنّ الحسل وَورد الحسل) وَيَقُولُونَ (فِي صَدره ضَب) أَي حقد كَمَا يَقُولُونَ للسّنة المجدبة الَّتِي تَأْكُل المَال ضبع لِأَن الضبع إِذا وَقعت فِي الْغنم كَانَت كَثِيرَة العيث والوحرة دويبة حَمْرَاء إِذا جثمت لصقت بِالْأَرْضِ فَيَقُولُونَ وحر صدر فلَان يذهبون إِلَى التصاق الْحق بصدره وَيَقُولُونَ سرت عقارب فلَان ودبت عقاربه إِذا خَفِي شَره 693 - قَوْلهم خرقاء عيابة يُقَال ذَلِك للرجل الأحمق يعيب النَّاس وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (لَك الْخَيْر لم نفسا عَلَيْك ذنوبها ... ودع لوم نفس مَا عَلَيْك تليم) (وَكَيف ترى فِي عين صَاحبك القذى ... وتغبى قذى عَيْنَيْك وَهُوَ عَظِيم)

وَقَول الآخر (وتعجب أَن حاولت مِنْك تنصفاً ... وأعجب مِنْهُ مَا تحاول من ظلم) (أَبَا حسن يَكْفِيك مَا فِيك شاتماً ... لعرضك من شتم الرِّجَال وَمن شتمى) 694 - قَوْلهم خامرى ام عَامر يضْرب مثلا للأحمق يجىء بِالْبَاطِلِ وَالْكذب الَّذِي لَا يخفى بُطْلَانه على أحد وَمعنى خامري اثبتي فِي خمرك يَعْنِي وجارها وَتقول الْعَرَب إِذا رَأَتْ مَا تنكره وَالله لَا يخفى هَذَا على الضبع وَرُوِيَ فِي حمق الضبع أَشْيَاء مِنْهَا قَوْلهم إِن الصَّائِد يدْخل يَده فِي وجارها والوجار الْجُحر إِذا كَانَ على وَجه الأَرْض فَإِذا كَانَ فِي جبل فَهُوَ مغار فَيَقُول أطرقي أم طَرِيق خامري أم عَامر فتتقبض فَيَقُول أم عَامر لَيست فِي وجارها فتمد يَديهَا ورجليها فَيَقُول أم عَامر أَبْشِرِي بكمر الرِّجَال وَذَلِكَ انها إِذا رَأَتْ الْقَتِيل قد انتفخ تجىء حَتَّى تركبه تُرِيدُ مِنْهُ الْفَاحِشَة أَبْشِرِي أم عَامر بشاء هزلى وجراد عظلى ويشد عراقيبها فَلَا تتحرك فَقَالَت الْعَرَب (أَحمَق من الضبع) وَذكرت فِي رموزها أَنَّهَا وجدت توديةً فِي غَدِير فَجعلت تشرب المَاء وَتقول حبذا طعم اللَّبن واضياحاه وتشرب حَتَّى انْشَقَّ بَطنهَا فَمَاتَتْ والتودية عود يشد على رَأس الْخلف لِئَلَّا يرضع الفصيل أمه والضياح اللَّبن المذيق إِذا أَكثر مَاؤُهُ وَفِي رموزهم أَن الضبع رَأَتْ

ظَبْيَة على حمَار فَقَالَت أردفيني فأردفتها فَقَالَت مَا أفره حِمَارك ثمَّ سَارَتْ يَسِيرا فَقَالَت مَا أفره حمارنا قَالَت الظبية انزلي قبل أَن تقولي مَا أفره حماري 695 - قَوْلهم خلع الدرْع بيد الزَّوْج يضْرب مثلا للرجل يلْتَمس الْخَطَأ فَيعرف وَجه الصَّوَاب وَأَصله أَن كَعْب بن مَالك بن تيم الله بن ثَعْلَبَة تزوج رقاش بنت عَمْرو ابْن غنم فَقَالَ لَهَا اخلعي درعك فَقَالَت (خلع الدرْع بيد الزَّوْج) قَالَ تجردي أنظر إِلَيْك قَالَت (التجرد لغير نِكَاح مثلَة) فَطلقهَا فَخَطَبَهَا ذهل بن شَيبَان وَهُوَ شيخ فَقَالَت لخادمتها انظري إِذا بَال أيبعثر أم يقعر فَقَالَت لَهَا يقعر فَتَزَوجهَا وَعِنْده امْرَأَة يشكرية فواثبتها فَغَلَبَتْهَا رقاش فَقَالَت اليشكرية (أياويح نَفسِي الْيَوْم أدركني الْكبر ... فأبكي على نَفسِي العيشة أَو أذر) (فوَاللَّه لَو أدْركْت فِي بَقِيَّة ... للاقيت مالاقت صواحبك الْأُخَر) وَمثل هَذَا مَا روى لنا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر عَن الْمَدَائِنِي عَن يحيى بن زَكَرِيَّا عَن أبي الْحُوَيْرِث عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ تزوج نائلة بنت الفرافصة وَكَانَت نَصْرَانِيَّة فتحنفت فَقَالَ لَهَا حِين دخلت عَلَيْهِ لَا تكرهي مَا تَرين من شيبي وصلعي

فَقَالَت إِنِّي من نسْوَة أحب الْأزْوَاج إلَيْهِنَّ الكهل السَّيِّد قَالَ إِنِّي جزت الكهولة قَالَت أذهبت شبابك فِي صُحْبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي خير مَا ذهبت فِيهِ الْأَعْمَار قَالَ أتقومين إِلَيّ أم أقوم إِلَيْك قَالَت مَا سرت عرض السماوة إِلَيْك وَأُرِيد أَن أكلفك عرض الْبَيْت فَقَامَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ ألقِي قناعك فألقته فَقَالَ اخلعي ثَوْبك قَالَت ذَاك بِيَدِك فنال مِنْهَا ثمَّ هم أَن يعود فَقَالَت أبق على نَفسك فإنني لست مِمَّن يعنيه هَذَا إِنَّمَا رضاي فِيمَا هُوَ أرْفق بك فَقتل عَنْهَا 696 - قَوْلهم خرقاء ذَات نيقة يضْرب مثلا للرجل الْجَاهِل بِالْأَمر يَدعِي الحذق فِيهِ والخرقاء خلاف الرفيقة وَهِي الَّتِي لَا تحكم الْعَمَل والنيقة التنوق وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا يُقَال تنوق إِنَّمَا يُقَال تأنق وَهَذَا هُوَ الْجيد 697 - قَوْلهم الْخَيل أعرف بفرسانها يضْرب مثلا فِي الْعلم بِالْأَمر وَالْمعْنَى أَن الْخَيل قد اختبرت فَعرفت أكفال الفرسان إِذا رَكبُوهَا من أكفال غَيرهم مِمَّن لَا يحسن الفروسية 698 - قَوْلهم خُذ الْأَمر بقوابله أَي خُذْهُ عِنْد استقباله قبل أَن يدبر فَإِنَّهُ إِذا أدبر أتعب طلابه وَفِي مَعْنَاهُ قَول الشَّاعِر

(أَلَيْسَ طلاب مَا قد فَاتَ جهلا ... وَذكر الْمَرْء مَا لَا يَسْتَطِيع) وَقَالَ غَيره (وَإِذا رَأَيْت بعيد امْر مُقبلا ... فقريت مَا استبدرت مِنْهُ أبعد) وَقَالَ آخر (فَخذ لين وَجه الْأَمر مَا دَامَ مُقبلا ... إِلَيْك وَلَا تكلّف بِهِ حِين يدبر) وَقَالَ الْقطَامِي (وَخير الْأَمر مَا اسْتقْبلت مِنْهُ ... وَلَيْسَ بِأَن تتبعه اتبَاعا) 699 - قَوْلهم الْخَيل ميامين يضْرب مثلا للشَّيْء تحمده من أَي جِهَة جِئْته وَأَصله أَن رجلا من بجيلة نافس الفرافصة بن الْأَحْوَص الْكَلْبِيّ فَأتي البخلي بفرس فَركب من وحشيه فَقَالَ الفرافصة (است لم تعود المجمر) فَقَالَ البَجلِيّ (الْخَيل ميامين) أَي من أَي جَانب جِئْتهَا فَهُوَ يَمِين 700 - قَوْلهم خير الْأُمُور أوساطها وَلَا نعلم فِيمَا رُوِيَ فِي التَّوَسُّط أحسن من قَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَلَيْكُم بالنمرقة الْوُسْطَى فإليها يرجع الغالي وَبهَا يلْحق التَّالِي وَقد مر من هَذَا الْمَعْنى فِي أول الْكتاب مَا فِيهِ كِفَايَة

701 - قَوْلهم خالط راعيك بطراثيث يَعْنِي الْإِمَاء يشبهن ثَمَر الطرثوث بِالذكر فيستعملنه هَكَذَا قَول الْأمَوِي 702 - قَوْلهم خير قويس سَهْما يُقَال صَار فلَان خير قويس سَهْما وَهُوَ من أرجوزة لخَالِد بن مُعَاوِيَة ابْن سِنَان بن جحوان وَذَلِكَ أَنه سَاب بني غنم وَهُوَ من بني جشم بن زيد مَنَاة بن تَمِيم عِنْد النُّعْمَان بن الْمُنْذر فَقَالَ (دوموا بني غنم وَلنْ تدوموا ... لنا وَلَا سيدكم مدحوم) (إِنَّا سراة وَسطنَا قروم ... قد علمت أحسابنا تَمِيم) (فِي الْحَرْب حِين حلم الْأَدِيم ... ) فَذهب قَوْله (حلم الْأَدِيم) مثلا ثمَّ قَالَ (إِن لنا يَا آل غنم علما ... أَفْوَاه أَفْرَاس أكلن هشما) (تَركتهم خير قويس سَهْما ... ) وقويس تَصْغِير قَوس وهس مُؤَنّثَة وَكَانَ الأَصْل أَن يُقَال قويسة فأسقط مِنْهَا الْهَاء كَمَا أسقط من حربب وَهُوَ تَصْغِير حَرْب وهما من الشذوذ

703 - قَوْلهم خُذ مَا طف لَك أَي مَا دنا وَقرب وَقيل مَا أطف وَمَا استطف وَسمي الطف طفاً لدنوه من الرِّيف وطفاف المكوك مَا قَارب ملأَهُ وأطففت الشَّيْء أدنيته قَالَ عدي بن زيد (أطف لأنفه الموسى قصير ... ) وروى ماذف واستطف وذف من قَوْلهم دففت على الجريح وذففت بِالدَّال والذال إِذا أجهزت عَلَيْهِ وَالْمعْنَى خُذ مَا سرع إِلَيْك 704 - قَوْلهم خُذ مَا قطع الْبَطْحَاء أَصله فِي الْمَاشِيَة يَقُول خُذ مِنْهَا مَا بِهِ قُوَّة وَفِيه بَقِيَّة تقدر على أَن تقطع مَعهَا الْبَطْحَاء والبطحاء بطن الْوَادي وَكَذَلِكَ الأبطح وَالْجمع بطاح واباطح 705 - قَوْلهم خُذ من جذع مَا أَعْطَاك يضْرب مثلا فِي اغتنام الْقَلِيل من الرجل الْبَخِيل وَأَصله أَن مُصدقا جَاءَ ثَعْلَبَة رجلا من أهل الْيمن فسامه أَكثر مِمَّا يلْزمه فَقَالَ هذاك جذع اخي فَاذْهَبْ اليه يعطيك مَا تسْأَل فَذهب إِلَيْهِ فسل جذع سَيْفه وضربه ضَرْبَة قَتله بهَا فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ ثَعْلَبَة (خُذ من جذع مَا أَعْطَاك) فَذَهَبت مثلا

706 - قَوْلهم خُذ من الرضفة مَا عَلَيْهَا والرضفة حِجَارَة محماة تلقى فِي اللَّبن فيلزق بهَا شَيْء مِنْهُ فَيُقَال خُذ مَا عَلَيْهَا فَإنَّك إِن تركته بَطل وَمَعْنَاهُ خُذ من الْبَخِيل الْقَلِيل وَمن المضياع فَإنَّك إِن تركته أفْسدهُ المضياع وَمنعه الْبَخِيل فَذهب الِانْتِفَاع بِهِ وأنشدني أَبُو أَحْمد لشاعر من أهل شيراز قَالَ (ألام على أخذي الْقَلِيل وَإِنَّمَا ... أعاشر أَقْوَامًا أقل من الذَّر) (فَإِن أَنا لم آخذ قَلِيلا حرمته ... وَلَا بُد من شَيْء يعين على الدَّهْر) 707 - قَوْلهم خلا لَك الجو فبيضي واصفري يضْرب مثلا للرجل يخلى بَينه وَبَين حَاجته وَهُوَ من شعر قديم ذكر أَنه أول شعر قَالَه طرفَة وَهُوَ (يَا لَك من قبرة بِمَعْمَر ... خلا لَك الجو فبيضي واصفري) (ونقري ماشئت أَن تنقري ... لَا بُد من صيدك يَوْمًا فاصبري) 708 - قَوْلهم خلاؤك أقنى لحيائك مَعْنَاهُ أَنَّك إِذا خلوت فِي مَنْزِلك وَتركت غيشان النَّاس فقد لَزِمت الْحيَاء وَقَالَ ابْن السّكيت مَعْنَاهُ أَنَّك إِذا خلوت فاستحي وَهُوَ على قَوْله خبر فِي معنى امْرَهْ وَمثله كثير وَنَحْوه فِي الْمَعْنى

(ويقنى الْحيَاء الْمَرْء وَالرمْح شاجره ... ) وَمثله (ألم تسألا ثهلان كَيفَ بلاؤه ... بتوضح لما شَاك بِالنَّبلِ صَاحبه) (ألم يرم أَو يضْرب وَقد يضْرب الْفَتى ... ويصبر إِن لَاقَى وَإِن زَالَ رَاكِبه) رَاكِبه رَأسه وقنى الْحيَاء لُزُومه يُقَال قني يقنى قنىً قَالَ عنترة (فاقنى حياءك لَا أبالك واعلمي ... أَنِّي امْرُؤ سأموت إِن لم أقتل) وَأَصله من قَوْلهم اقتنيت قنية حَسَنَة أَي جعلت لنَفْسي أصل مَال وَفِي الْقُرْآن (أغْنى وأقنى) أَي أعْطى مَا يقتنى مِنْهُ قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (أَلا إِن بعد الْعَدَم للمرء قنية ... وَبعد المشيب طول عمر وملبسا) 709 - قَوْلهم خير حالبيك تنطحين يضْرب مثلا للرجل يضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَأَصله أَن بقرة كَانَ لَهَا حالبان وَكَانَ أَحدهمَا أرْفق بهَا من الآخر وَكَانَت تنطحه وتؤذيه إِذا قرب مِنْهَا وَمثله (خير إنائيك تكفئين) تكفئين

تكبين كفأت الْإِنَاء إِذا كببته وينطح وينطح بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (وَمن النَّاس من يغشى الأباعد نَفعه ... وتشقى بِهِ حَتَّى الْمَمَات أَقَاربه) وَقَالَ هنىء بن أَحْمَر (أَمن السوية أَن إِذا استغنيتم ... وأمنتم فَأَنا الْبعيد الأخيب) (وَإِذا الشدائد بالشدائد مرّة ... أشجتكم فَأَنا الْمُحب الْأَقْرَب) (وَإِذا تكون كريهة أدعى لَهَا ... وَإِذا يحاس الحيس يدعى جُنْدُب) (ولجندب عذب الْمِيَاه ورحبها ... ولي الملاح وخبتهن المجدب) (هَذَا لعمركم الصفار يُعينهُ ... لَا أم لي إِن كَانَ ذَاك وَلَا اب) 710 - قَوْلهم خرقاء وجدت صُوفًا قَالُوا هِيَ امْرَأَة من قُرَيْش وجدت صُوفًا أَي ثلةً ومالاً فأفسدت فِيهِ وَهِي الَّتِي يُقَال لَهَا (أخسر من الناقضة غزلها) وَفِي الْقُرْآن {كَالَّتِي نقضت غزلها من بعد قُوَّة أنكاثا} 711 - قَوْلهم الْخَلَاء بلَاء الْمثل للقمان بن عَاد أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر بن دُرَيْد

عَن السكن بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عباد عَن ابْن الْكَلْبِيّ عَن عوَانَة قَالَ خرج لُقْمَان يطوف فَإِذا هُوَ بخباء فِي قفر من الأَرْض وَامْرَأَة جالسة فِي ظله وَمَعَهَا رجل تحدثه وَإِذا بو بالفناء وسقب نَاقَة وَصبي يبكي فِي كسر الخباء لَا يرفعان بِهِ رَأْسا فَوقف لُقْمَان فَحَيَّا فَلم يردا عَلَيْهِ فَقَالَ (شغلك بِنَفْسِك لَا شغلك بغيرك) فأرسلها مثلا ثمَّ سلم الثَّانِيَة فَردا والتفت فَلم ير حولهما أحدا فَقَالَ (الْخَلَاء بلَاء وَرب دَاعِيَة لواعية) فأرسلها مثلا فَقَالَت من أَنْت قَالَ من بعض هَذِه الْبِلَاد من وَاد إِلَى وَاد وَإِن مجلسكما لطريف غير تليد قَالَت وَمَا أَدْرَاك قَالَ الطريف خَفِيف والتليد بليد قَالَت مَا حَاجَتك قَالَ طفيف لَو وجدت من يضيف قَالَت مَا هُوَ قَالَ اسقوني قَالَت أَيهمَا أحب إِلَيْك اللَّبن أم المَاء قَالَ كلا قَالَت فَإِن اللَّبن وَرَاءَك وَالْمَاء أمامك قَالَ (الْمَنْع أوجز) فأرسلها مثلا قَالَ من هَذَا الَّذِي مَعَك قَالَت أخي قَالَ (رب أَخ لم تلده أمك) فأرسلها مثلا قَالَ فَأَيْنَ شبهه مِنْك قَالَت إِنَّك لكثير الْكَلَام قَالَ الْكَلَام يجر الْخِصَام قَالَت أغيران أَنْت لغيرك قَالَ من لَا يغْضب للنَّاس لَا يغضبون لَهُ قَالَت انْطلق لحَال بالك قَالَ ذَاك الْمَوْت وَلَيْسَ بِيَدِك قَالَت اذْهَبْ لشأنك قَالَ لَو قضيت أربا لرأيت مذهبا امالكم فِي صبيكم هَذَا حَاجَة قَالَت دع عَنْك مَا لَا يَعْنِيك قَالَ (رب مَالا يَعْنِيك سيعينك) فأرسلها مثلا فَقَالَ أكفلوني هَذَا الصَّبِي قَالَت ذَاك الى هانىء قَالَ (وهانىء من الْعدَد) فأرسلها مثلا والتفت

فَإِذا أثر يَد عسراء عِنْد الطنب فَعرف أَنه زَوجهَا فَقَالَ (ثكلت الأعسر أمه لَو علم لطال غمه) فأرسلها مثلا فَلَمَّا سَمِعت ذَلِك قَالَت انْزِلْ نُطْعِمك ونسقك قَالَ (منعت وَاحِدًا وجدت بِاثْنَيْنِ الْبَين الْبَين والعيش بالهين خير من الْأكل باليدين) فأرسلها مثلا فَقَالَت انْزِلْ فعندنا مَا تحب قَالَ الْمبيت على الطوى وطي الحشا حَتَّى أُصِيب المثوى أحب إِلَيّ من أَخذ مَا لَا أَهْوى ثمَّ مضى فَتلقى زَوجهَا فِي طرف الْأَصِيل وَهُوَ يطرد إبِله وَيَقُول (سيري إِلَى الْحَيّ ففيهم نَفسِي ... فعيشتي يَوْم أَزور عرسي) (حسانة المقلة ذَات أنس ... لن أشري الْيَوْم لَهَا بالْأَمْس) فَقَالَ لَهُ لُقْمَان ياهانىء قَالَ لبيْك وَمَا أعلمك اسْمِي وَأَنا أعرف بكنيتي فَقَالَ علمنيه البجاد ذُو الحلكة وَالزَّوْجَة الْمُشْتَركَة قَالَ نور نور وَلَا تبعثر قَالَ البعثرة تخرج الخبأة وَعلي التَّنْوِير وَعَلَيْك التَّغْيِير فرويداً إبلك لست لمن لَيْسَ لَك قَالَ مَا أَدْرَاك أَن الْإِبِل إبلي والأهل أَهلِي قَالَ رَأَيْت عفاء هَذِه الْإِبِل على الْبَاب وسقب هَذَا الناب وَأثر يدك فِي الْأَطْنَاب قَالَ نشدتك هَل رَأَيْت من رِيبَة قَالَ الرِّيبَة الْقَرِيبَة قَالَ هَل لامرأتك من أَخ لَا يشبهها قَالَ لَا والكعبة قَالَ احترس وَاضْرِبْ وأقم وَلَا تغب قَالَ (لَا بُد من غَفلَة والغفلة مَعهَا الهفوة ويسير الشَّرّ شوىً مَعَ كَثِيره) فأرسلها مثلا قَالَ أَفلا أبدؤها بكية تزيرها الْمنية قَالَ (اللحي أيسر من الوهى وَآخر الدَّوَاء الكي)

712 - قَوْلهم خَفِيف الشّفة يُقَال فلَان خَفِيف الشّفة إِذا كَانَ قَلِيل السُّؤَال للنَّاس وَيُقَال لَهُ فِي النَّاس شفة حَسَنَة أَي ثَنَاء حسن وَمَا كَلمته ببنت شفة أَي بِكَلِمَة وَرجل مشفوه إِذا كثر السُّؤَال عَلَيْهِ ومثمود إِذا ألح عَلَيْهِ بالسؤال ومثمود أَيْضا إِذا أَكثر غشيان النِّسَاء حَتَّى نزف مَاؤُهُ وَنحن نشفه عَلَيْك المرتع وَالْمَاء أَي نشغله عَلَيْك وَرجل محجوج وَقد حجه النَّاس إِذا أطالوا الِاخْتِلَاف إِلَيْهِ قَالَ المخبل (فهم أهلات نَحْو قيس بن عَاصِم ... يحجون سبّ الزبْرِقَان المزعفرا) والسب الْعِمَامَة وَسَب الْمَرْأَة خمارها والمزبرق المصفر 713 - قَوْلهم الخروف يتقلب على الصُّوف يُقَال ذَلِك للرجل المكفي والخروف من الْغنم دون الْجذع وَالْجمع خرفان

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في أوائل أصولها الخاء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْخَاء 714 - قَوْلهم أخف من فراشة خصت لِأَنَّهَا أكبر من الذُّبَاب جسماً وَأَقل مِنْهُ وزنا وَإِذا أخذت بِالْيَدِ ذهبت بَين الْأَصَابِع وَتصير مثل الدَّقِيق وَيجوز أَن يُقَال خفتها أَنَّهَا تطرح نَفسهَا فِي النَّار من قَوْلهم رجل خَفِيف إِذا ركب رَأسه فِيمَا يضرّهُ 715 - أخف من عقيب ملاع قد مر تَفْسِيره 716 - أخف رَأْسا من الذِّئْب لِأَنَّهُ لَا ينَام إِلَّا شَيْئا يَسِيرا من شدَّة حذره 717 - وأخف رَأْسا من الطَّائِر وَالطير والبهائم خَفِيفَة النّوم أَشد نومها مثل نعسة الانسان

718 - وأخف حلماً من العصفور وهم يشبهون الْخَفِيف الْحلم بالعصفور قَالَ حسان (لَا بَأْس بالقوم من طول وَمن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير) 719 - وأخف حلماً من بعير من قَول الشَّاعِر (ذَاهِب طولا وعرضاً ... وَهُوَ فِي عقل الْبَعِير) وَقَالَ الآخر (لقد عظم الْبَعِير بِغَيْر لب ... فَلم يسْتَغْن بالعظم الْبَعِير) (يصرفهُ الصَّبِي لكل وَجه ... ويحبسه على الْخَسْف الْجَرِير) (وتضربه الولائد بالهراوي ... فَلَا غير لَدَيْهِ وَلَا نَكِير) 720 - وأخف من الجماح وَهُوَ سهم صَغِير يَجْعَل فِي رَأسه مثل البندقة من الطين يلْعَب بِهِ الصّبيان قَالُوا والجمامح رُءُوس الحلى والصليان وَاحِدهَا جماح

721 - وأخف من يراعة وَهِي القصبة 722 - وأخف من ريشة 723 - وأخف من النسيم 724 - وأخف من الهباء والهباء مَا يرى فِي الشَّمْس إِذا وَقعت من كوَّة وَنَحْوهَا وَأَصله الْغُبَار وَهُوَ الهبوة والإهباءة الرّيح الَّتِي تَأتي بالغبار 725 - وأخفى من السحر مَعْرُوف 726 - وأخفى من المَاء تَحت الرفة والرفة التِّبْن 727 - وأخفى مِمَّا يخفي اللَّيْل 728 - وأخفى من الذّرة معروفان

729 - وأخرق من الْحَمَامَة لِأَنَّهَا لَا تحكم عشها 730 - وأخرق من أمة 731 - وأخرق من صبي معروفان 732 - وأخرق من ناكثة غزلها هِيَ أم ريطة من تيم قُرَيْش وَقد مر ذكرهَا آنِفا 733 - وأخسر من حمالَة الْحَطب وَهِي أم جميل أُخْت أبي سُفْيَان بن حَرْب امْرَأَة أبي لَهب الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن قَالَ الشَّاعِر (جمعت شَتَّى وَقد فرقتها جملا ... لأَنْت أخسر من حمالَة الْحَطب)

734 - وأخسر من أبي غبشان 735 - وأخسر من شيخ مهو وَقد مر حَدِيثهمَا 736 - وأخسر من مغبون 737 - وأخجل من مقمور معروفان 738 - أخزى من ذَات النحيين نذْكر حَدِيثهَا فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحده 739 - أخيب من الْقَابِض على المَاء وَقد مر 740 - وأخيب من نتاج سقب من حَائِل الْحَائِل خلاف الْحَامِل والسقب ولد النَّاقة

741 - وأخيب من حنين قَالَ شَرْقي بن القطامى كَانَ من قُرَيْش وَذَلِكَ أَن هَاشم بن عبد منَاف كَانَ كثير التقلب فِي أَحيَاء الْعَرَب للتجارات والوفادات وَكَانَ أوصى عشيرته أَن يقبلُوا كل مَوْلُود مَعَه علامته فَتزَوج هَاشم بِالْيمن فجَاء بمولود سَمَّاهُ حنيناً حمله جده إِلَى رَهْط هَاشم بِغَيْر عَلامَة فَردُّوهُ خائباً فتمثل بِهِ وَقيل (جَاءَ بخفي حنين) أَي بخفي نَفسه وَقيل حنين إسكاف من الْحيرَة ساومه أَعْرَابِي بخفين ثمَّ انْصَرف وَلم يشترهما فَألْقى حنين أَحدهمَا فِي أول طَرِيقه وَالْآخر فِي آخِره فَمر الْأَعرَابِي بِالْأولِ فَتَركه فَلَمَّا رأى الآخر أَنَاخَ رَاحِلَته وَرجع ليَأْخُذ الأول فركبها حنين وطار فَرجع الْأَعرَابِي إِلَى قومه بخفي حنين وَقيل حنين مغن دَعَاهُ قوم فأسكروه وسلبوه ثِيَابه وتركوه فِي خفيه 742 - أخلف من عرقوب وَهُوَ رجل من وعد رجلا بثمر نَخْلَة ومطله حَتَّى إِذا أدْركْت جَاهِلا لَيْلًا فضرمها وَأَخذهَا فَقيل (مواعيد عرقوب) أَي مواعيد فِيهَا خلف من قَوْلهم جَاءَ بِأَمْر فِيهِ عرقوب أَي التواء قَالَ الشَّاعِر (الْيَأْس أيسر من ميعاد عرقوب ... )

743 - أخلف من شرب الكمون لِأَن صَاحبه يرَاهُ أخضرا أبدا فيؤخر سقيه قَالَ الشَّاعِر (فَأَصْبَحت كالكمون مَاتَت عروقه ... وأوراقه مِمَّا يمنونه خضر) 744 - وأخلف من بَوْل الْجمل من الْخلاف وَذَلِكَ أَنه يَبُول إِلَى خلف 745 - أخلف من ثيل الْجمل والثيل وعَاء قضيبه وَذَلِكَ أَنه يُخَالف الْجِهَة الَّتِي إِلَيْهَا مبال الْحَيَوَان 746 - وأخلف من ولد الْحمار يعنون الْبَغْل لِأَنَّهُ لَا يشبه أَبَاهُ وَلَا أمه 747 - وأخلف من نَار الحباحب قد مر ذكره 748 - وأخلف من الصَّقْر من الخلوف وَهُوَ تغير الْفَم

749 - أخذل من يلمع وَهُوَ السراب 750 - أخلى من جَوف عير 751 - وأخلى من جَوف حمَار وَهُوَ رجل من عَاد والجوف وَاد عَامر كَانَ يحله فَخرج بنوه فَأَخَذتهم صَاعِقَة فَكفر فَأَهْلَكَهُ الله وأخرب واديه وَقيل بل يُرَاد الْحمار لِأَنَّهُ إِذا صيد لم ينْتَفع بِمَا فِي جَوْفه وَلَكِن يرْمى بِهِ 752 - أخنث من هيت مخنث وَكَانَ يدْخل على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ من حَدِيثه أَنه دخل على أم سَلمَة وَعِنْدهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لأَخِيهَا عيد الله بن أُميَّة إِن فتح الله عَلَيْكُم الطَّائِف فسل أَن تنفل بادنة بنت غيلَان ابْن سَلمَة فَإِنَّهَا مبنلة هيفاء شموع نجلاء تناصف وَجههَا فِي الْقسَامَة وتجزأ معتدلاً فِي الوسامة إِن قَامَت تثنت وَإِن قعدت تبنت وَإِن تَكَلَّمت تغنت أَعْلَاهَا قضيب وأسفلها كثيب إِذا أَقبلت بِأَرْبَع وَإِذا

أَدْبَرت أَدْبَرت بثمان مَعَ ثغر كالأقحوان وَشَيْء بَين فخذيها كالقعب المكفوء فَهِيَ كَمَا قَالَ قيس بن الخصيم (تغترق الطّرق وَهِي لاهية ... كَأَنَّمَا شف وَجههَا النزف) (بَين شكول النِّسَاء خلقتها ... قصد فَلَا جبلة وَلَا قضف) فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالك سباك الله كنت أحسبك من غير أولي الإربة من الرِّجَال فَلِذَا مَا كنت أحجبك عَن نسَائِي وَأمر بِهِ فسير إِلَى خَاخ التبني تبَاعد مَا بَين الفخذين وَقيل تبنت صَارَت كالبنيان تقبل بِأَرْبَع أَي بِأَرْبَع عُكَن وتدبر بثمان يَعْنِي أَطْرَاف العكن الْأَرْبَع فِي جنبيها لكل عكنة طرفان وَلم يقل ثَمَانِيَة لِأَنَّهَا من العكن فأنثها على تَأْنِيث العكن تغرق الطّرف أَي تذْهب بِهِ أجمع فتشغله عَن غَيرهَا وشف جهد تغترق الطّرف أَي تذْهب بِهِ أجمع فتشغله عَن غَيرهَا وشف جهد يُرِيد أَنَّهَا لَيست بكثيرة لحم الْوَجْه والنزف خُرُوج الدوم يَعْنِي أَنَّهَا تضرب إِلَى الصُّفْرَة وَذَلِكَ من النِّعْمَة والشكول الضروب والجبلة الغليظة الكزة 753 - وأخنث من طويس وَهُوَ مخنث من أهل الْمَدِينَة يكنى أَبَا عبد النَّعيم وَكَانَ أول من غنى الْغناء الْعَرَبِيّ سمع قوما من الْفرس يغنون فَأخذ طرائقهم وَكَانَ يَقُول

ولدت فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفطمت فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَبَلغت الْحلم فِي الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ عمر رَضِي الله عَنهُ وَتَزَوَّجت فِي الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَولد لي فِي الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَأَنا أشأم النَّاس 754 - وأخنث من دلال وَكَانَ مخنثاً من أهل الْمَدِينَة كَانَ يَرْمِي الْجمار بسكر سليماني مزعفر مبخر وَيَقُول لأبي مرّة عِنْدِي يَد فِي تحبيبه الى الأبنة فَأحب من أكافئه وَسمع سُلَيْمَان بن عبد الْملك سميراً يُغني (وغادة سَمِعت صوتي فأرقها ... من آخر اللَّيْل لما مَسهَا السهر) (فِي لَيْلَة الْبَدْر لَا يدْرِي معاينها ... أوجهها عِنْده أبهى أم الْقَمَر) (تدني على فَخذهَا من ذِي معصفرة ... والحلي دَان على لباتها خضر) (لم يحجب الصَّوْت أحراس وَلَا غلق ... فدمعها بأعالي الخد ينحدر) (لَو خليت لمشت نحوي على قدم ... تكَاد من رقة للمشي تنفطر) وبحضرة سُلَيْمَان جَارِيَة تخدمه فألهاها الإصغاء عَن بعض شَأْنهَا فَقَالَ سُلَيْمَان إِن الْفرس يصهل فتستودق الْحجر والفحل يخْطر فتضبع النَّاقة وَالرجل يُغني فتشبق الْمَرْأَة والتيس ينب فتستحرم العنز ودعا بسمير

فخصاه وَكتب إِلَى ابْن خزم عَامله على الْمَدِينَة أَن يخصي المخنثين فخصى طويساً فَقَالَ هَذَا الْخِتَان أُعِيد علينا وخصى دلالا فَقَالَ هَذَا الْخِتَان الْأَكْبَر وخصى نسيم السحر فَقَالَ صرت مخنثاً حَقًا وخصى نومَة الضمى فَقَالَ صرنا نسَاء حَقًا وخصى برد الْفُؤَاد فَقَالَ اسْتَرَحْنَا من حمل ميزاب الْبَوْل وخصى ظلّ الشّجر فَقَالَ مَا يصنع بسلاح لَا يسْتَعْمل 755 - وأخنث من مصفر استه قَالُوا يعْنى بِهِ أَبُو جهل وَكَانَ يردع عَجزه بالزعفران لبرص كَانَ بِهِ وَزَعَمت الْأَنْصَار أَنه كَانَ يطيبه للفاحشة وَذكر أَبُو بكر بن دُرَيْد أَنه كَانَ من المنبوذين بالأبنة وَأهل مَكَّة يَقُولُونَ إِن هَذَا نعت لأَصْحَاب الدعة وَالنعْمَة 756 - أَخبث من ذِئْب الْخمر وَمن ذِئْب الغضا وَالْخمر مَا يسْتَتر بِهِ من شجر والغضا شجر مَعْرُوف وَهَذَا كَقَوْلِهِم أرنب الْخلَّة وضب السحاء وظبي الخلب وقنفذ برقة وَشَيْطَان الحماطة وَهَذِه الْحَيَوَانَات تألف هَذِه الضروب من النَّبَات لخاصية لَهَا فِي طباعها

757 - أختل من الذِّئْب من الختل وَهُوَ الخدع 758 - أخون من الذِّئْب 759 - وأخب من الذِّئْب معروفان 760 - وأخب من ضَب وَقَالَ بَعضهم هُوَ أخب من ذِي ضَب أَي أغش من ذِي عَدَاوَة 761 - وأخب وأختل من ثعالة وَهُوَ اسْم للثعلب 762 - وأخيل من غراب 763 - وأخيل من ديك من الاختيال فِي المشية

764 - أخيل من مذالة يعنون الْأمة لِأَنَّهَا تهان وَهِي تتبختر 765 - وأخيل من واشمة استها قيل هِيَ دغة 766 - وأخيل من ثَعْلَب فِي استه عهنة رَوَاهُ ابْن حبيب وَلم يفسره 767 - أخدع من ضَب يعنون تواريه فِي حجره والتخدع التواري وَمن ثمَّ قيل المخدع لبيت يخبأ فِيهِ الشَّيْء وَقيل مَعْنَاهُ أَن جُحْره قَلما يَخْلُو من عقرب فَإِذا أَدخل المحترش يَده لدغته وأنشدوا (وأخدع من ضَب إِذا خَافَ حارشاً ... أعد لَهُ عِنْد الذبابة عقربا) 768 - أَخطَأ من ذُبَاب لِأَنَّهُ يَقع فِي الشَّيْء الْحَار فَيَمُوت

769 - وَأَخْطَأ من فراشة لِأَنَّهَا تقع فِي النَّار فتهلك 770 - وَأَخْطَأ من صبي لِأَنَّهُ لَا يتوقى المحاذر 771 - أخبط من حَاطِب ليل لِأَنَّهُ يجمع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَمَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ 772 - وأخبط من عشواء وَهِي النَّاقة الَّتِي لَا تبصر بِاللَّيْلِ فتخبط كل شَيْء تمر بِهِ والخبط أَن تطأه برجلها فتكسره 773 - أخطف من عِقَاب 774 - وأخطف من برق والخطف سرعَة الْأَخْذ وَفِي الْقُرْآن {يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم}

775 - أخشن من شوك مَعْرُوف 776 - أخطف من قرلي وَهُوَ طَائِر يصطاد السّمك وَقد مر ذكره 777 - وأخشن من شيهم وَهُوَ ذكر القنافذ 778 - وأخشن من الجذيل المحكك تَصْغِير جذل وَهُوَ خَشَبَة تغرز فِي الارض فتجىء الْإِبِل الجربى فتحتك بِهِ وجذل الشَّجَرَة سَاقهَا 779 - أَخطب من قس وَقد مر ذكره

فهرسته

الْبَاب الثَّامِن فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله دَال فهرسته دمث لنَفسك قبل النّوم مُضْطَجعا دردب لما عضه الثقاف دقوا بَينهم عطر منشم دَوَاء الشق حوصه دققت لَهُم شقوري ده درين سعد الْقَيْن دعاهم النقرى دون ذَا وَينْفق الْحمار داهية الغبر دَعْنِي من سَوْدَاء بَيْضَاء دهنت وأحففت دع عَنْك نهباً صِيحَ فِي حجراته دب لَهُ الضراء الدَّال على الْخَيْر كفاعله فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الدَّال أدق من الشّعْر وأدق من الهباء وأدق من خيط أدق من خيط بَاطِل أدق من الشخب أدق من الطحين أدق من الدَّقِيق أدق من حد السَّيْف أدق من حد الشَّفْرَة أدق من حد الجلم أدب من قراد أدب من عقرب أدب من ضيون أدنى من الشسع أدب من قرنبى أدب من الشَّمْس إِلَى الغسق أدنى من حَبل الوريد أدفأ من شَجَرَة أدل من حنيف الحناتم أدل من دعيمص الرمل أدهى من قيس بن زُهَيْر أدنف من المتمني

تفسير الباب الثامن

تَفْسِير الْبَاب الثَّامِن 780 - قَوْلهم دمث لنَفسك قبل النّوم مُضْطَجعا يضْرب مثلا فِي الاستعداد للنوائب قبل حلولها يَقُول هيئه قبل حَاجَتك إِلَيْهِ وسهله والتدميث التسهيل وَرجل دمث الْأَخْلَاق سهلها وَمثله (قبل الرماء تملأ الكنائن) وَقَوْلهمْ (عِنْد النطاح يغلب الْكَبْش الأجم) والأجم من الْبَهَائِم الَّذِي لَا قرن لَهُ وَمن الْقُصُور الَّذِي لَا شرف لَهُ وَمن الرِّجَال الَّذِي لَا رمح مَعَه والدماث السهولة من الأَرْض وَالِاسْم الدماثة والدمث 781 - قَوْلهم دردب لما عضه الثقاف يضْرب مثلا للرجل يخضع عِنْد الْخَوْف والدردبة الخضوع والذل والثقاف شَيْء يقوم بِهِ الرماح والتثقيف التَّقْوِيم 782 - قَوْلهم دقوا بَينهم عطر منشم رُوِيَ منشم ومنشم ومشأم قيل هُوَ الشَّرّ بِعَيْنِه وَقيل بل هُوَ

ثَمَرَة سَوْدَاء مُنْتِنَة وَقيل هُوَ قُرُون السنبل وقرون السنبل سم وَحي وَقيل هُوَ اسْم وَفعل جعلا اسْما وَاحِدًا وَأَصله من شم وَقيل أَصله من نَشُمُّ فِي الشَّيْء إِذا أَخذ فِيهِ وَلَا يُقَال إِلَّا فِي الشَّرّ ونشم اللَّحْم إِذا ابْتَدَأَ فِي الإرواح ومشأم مفعل من الشؤم وَقَالَ الْأَصْمَعِي هِيَ امْرَأَة كَانَت تبيع الْعطر وَكَانُوا إِذا قصدُوا الْحَرْب غمسوا أَيْديهم فِي طيبها وتحالفوا عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن السّكيت الْعَرَب تكني عَن الْحَرْب بِثَلَاثَة أَشْيَاء عطر منشم وثوب محَارب وَبرد فاخر وَحكى قَول الْأَصْمَعِي فِي عطر منشم قَالَ ومحارب رجل كَانَ يتَّخذ الدروع وَأنْشد قَول قيس (لبست مَعَ البردين ثوب محَارب) وفاخر رجل من تَمِيم كَانَ صَاحب حَرْب وَهُوَ أول من لبس الموشي فَكل من أَرَادَ حَربًا لبس مثل لِبَاسه وَقيل منشم امْرَأَة من خُزَاعَة كَانَت تبيع الحنوط فتشاءموا بهَا وعطرها حنوطها وَقيل كَانَت عطارة إِذا تعطر الْقَوْم بعطرها اخْتلفُوا وتقاتلوا فتشاءموا بهَا وَمن فتح الْمِيم والشين قَالَ هِيَ امْرَأَة من الْعَرَب أغار عَلَيْهَا قوم فَأخذُوا عطراً كَانَ مَعهَا فَأقبل قَومهَا فَمن وجدوا مِنْهُ ريح الْعطر قَتَلُوهُ وَقيل هِيَ حقوة أَخذ قوم عطرها فجَاء قَومهَا فَقَالُوا اقْتُلُوا من شم أَي من شم من الْعطر الْمَأْخُوذ مِنْهَا

وَقَالَ غَيره هِيَ امْرَأَة من جرهم كَانَت إِذا خرجت فتيانهم لقِتَال خُزَاعَة تطيبهم فيشتد قِتَالهمْ فَلَا يرجع أحد مِمَّن طيبته وَإِن رَجَعَ رَجَعَ جريحاً وَقيل هِيَ امْرَأَة أحدثت عطراً فطيبت بِهِ رجلا فشم زَوجهَا مِنْهُ رِيحه فَقتله واقتتل من أَجله حياهما حَتَّى تفانوا وَقيل سَار هَذَا الْمثل فِي يَوْم حليمة وَقد مر ذكره وَقيل هِيَ امْرَأَة نافرت زَوجهَا فأدماها فَقيل لَهَا بئس الْعطر عطرك زَوجك وَقيل كل مَا دق من الطّيب فَهُوَ منشم وَقيل منشم صَاحِبَة يسَار الكواعب وَكَانَ يسَار عبدا أسود دميماً إِذا رَأَتْهُ النِّسَاء ضحكن من قبحه فيظن أَنَّهُنَّ يضحكن من عجبهن بِهِ فَقَالَ الْأسود كَانَ مَعَه فِي الْإِبِل أَنا يسَار الكواعب مَا رأتني حرَّة إِلَّا أحبتني فَقَالَ يَا يسَار اشرب لبن العشار وكل لحم الحوار وَإِيَّاك وَبَنَات الْأَحْرَار فَأبى وراود مولاته عَن نَفسهَا فَقَالَت مَكَانك إِن للحرائر طيبا أشمك إِيَّاه وأتته بمُوسَى فَلَمَّا دنا لتشمه قطعت أَنفه فَخرج هَارِبا إِلَى الْأسود فَقَالَ ألم أقل لَك فَقَالَ جرير للفرزدق وَمَاتَتْ امْرَأَة الفرزدق فَأَرَادَ الْخطْبَة إِلَى آل بسطَام بن قيس (فَهَل أَنْت إِذْ مَاتَت أتانك راحل ... إِلَى آل بسطَام بن قيس بخاطب) (فنل مثلهَا من مثلهم ثمَّ لمهم ... على دارمي بَين ليلى وغالب) (وَإِنِّي لأخشى إِن رحلت إِلَيْهِم ... عَلَيْك الَّذِي لَاقَى يسَار الكواعب) وَقيل منشم امراة ريَاح بن الأشل الغنوي وعطارها هُوَ الَّذِي أَصَابُوهُ مَعَ شأش بن زُهَيْر فَقتله ريَاح وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لَيْسَ ثمَّ امْرَأَة وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِهِم (جَاءُوا على بكرَة ابيهم) وَلَيْسَ ثمَّ بكرَة

783 - قَوْلهم دَوَاء الشق حوصه الحوص الْخياطَة يَقُول لاتمهل الْأَمر الْيَسِير فيتفاقم فَيصير كَبِيرا وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (لَا تحقرن من الْأُمُور صغارها ... إِن النواة فراخها الْأَشْجَار) وَقَول الآخر (الشَّرّ يبدوه فِي الأَصْل أصغره ... وَلَيْسَ يصلى بَحر الْحَرْب جانيها) وَقَول وَعلة الْجرْمِي (وَالشَّر تحقره وَقد ينمي ... ) وَقَالَ بعض الْأَوَائِل من الطِّفْل الصَّغِير يكون الْجَبَّار العاتي وَمن لبنة لبنة يبْنى الْحصن الشاهق وَمن مرقاة مرقاة يصعد إِلَى السَّطْح السامق

وَمن صبابات النَّهر يكون الْبَحْر الزاخر وَمن شبْل حقير يكون اللَّيْث الهاصر وَمن دِرْهَم دِرْهَم تَجْتَمِع البدور فِي بيُوت الْأَمْوَال 784 - قَوْلهم دققت لَهُم شقوري هَكَذَا رَوَاهُ الْأَصْمَعِي وَرَوَاهُ غَيره أفضيت إِلَيْهِ بشقوري وَمَعْنَاهُ أطلعته على سر امري قَالَ العجاج (جاري لَا تستنكري عذيري ... سيري وإشفاقي على بَعِيري) (وَكَثْرَة الحَدِيث عَن شقوري ... وحذري مَا لَيْسَ بالمحذور) يَقُول أَسِير وأترك بَعِيري إشفاقاً عَلَيْهِ لقلَّة ذَات يَدي وأتحدث بِمَا يَنْبَغِي أَن يكتم يصف كبره وَفَقره والشقور بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَمثل هَذَا الْمثل قَوْلهم (أخْبرته بعجري وبجري) أَي بسر أَمْرِي وجهره والعجر الْعُرُوق المتعقدة فِي الظّهْر والبجر مَا يكون مِنْهَا فِي الْبَطن 785 - قَوْلهم دهدرين سعد الْقَيْن قَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال ذَلِك لمن يَأْتِي بِالْبَاطِلِ وَلَا نَعْرِف أَصله وَقَالَ غَيره مَوْضِعه من التمثل عِنْد رد خبر أَو فعل فَاعل يخطأ أَو حمق أَحمَق وَقَالَ أَبُو عَمْرو دهدر بن سعد الْقَيْن وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي دهدر بن سعد وَرَوَاهُ

أَبُو عُبَيْدَة دهدرين وَسعد الْقَيْن وَتركُوا تَنْوِين (سعد) اسْتِخْفَافًا ونصبوا (دهدرين) على ضمير فعل وَبَعْضهمْ يرويهِ (دهدري سعد الفين) وَرَوَاهُ ابو عُبَيْدَة (دهدرين سعد الْقَيْن) وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال للرجل يهزأ بِهِ دهدرين وطرطبين وَدخل قوم من الْفرس على الْحجَّاج متظلمين فَقَالَ الْحجَّاج دهدرين سعد الْقَيْن فَقَالُوا لَا نَعْرِف مَا يَقُول الْأَمِير فَقَالَ لِترْجُمَانِهِ فسره لَهُم فَقَالَ (أَمِير كفت دتامر واريد سعد اهنكر) فَضَحِك الْحجَّاج فَقَالَ الْقَوْم الْآن لم نفهم وَهِي كلمة لَا معنى لَهَا وَقَالَ بَعضهم أَصله أَن نَفرا غزوا فَعميَ خبرهم على قَومهمْ ثمَّ أَتَاهُم رجل كَانَ فيهم فَسَأَلُوهُ عَن وَاحِد وَاحِد مِنْهُم فَأخْبر بسلامتهم فأرادوا أَن يمنحنوا خَبره فَقَالَ لَهُ رجل من الْقَوْم كَيفَ تركت دهدرين قَالَ تركته سالما قَالَ وَكَيف تركت سعد الْقَيْن قَالَ تركته معافىً غانماً وَلم يكن فِي الْقَوْم من يُسمى دهدرين وَلَا من يدعى سعد الْقَيْن فعرفوا أَنه يكذب وَجَرت الكلمتان مثلا فِي الْكَذِب وَالْبَاطِل 786 - قَوْلهم دعاهم النقرى قَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ ينقرهم وَاحِدًا وَاحِدًا وَلم يدعهم جمَاعَة جمَاعَة ودعاهم الأجفلى والجفلى إِذا دعاهم جَمِيعًا فانجفلوا مَعَه وأصل الانجفال الْإِسْرَاع وَمِنْه يُقَال ظليم إجفيل إِذا أسْرع فِي عدوه من النفار

787 - قَوْلهم دون ذَا وَينْفق الْحمار يضْرب مثلا للرجل يكثر من مدح الشَّيْء فَيُقَال لَهُ اقتصد فبدون هَذَا الْمَدْح تبلغ حَاجَتك وَأَصله أَن رجلا أَرَادَ بيع حمَار فَجعل يمدحه فَقيل لَهُ أقلل فبدون ذَلِك يخرج حِمَارك فِي البيع وَهُوَ من أَمْثَال الْعَامَّة يَقُولُونَ دون هَذَا وَينْفق الْحمار وَالْوَجْه مَا قُلْنَاهُ وَالْعرب تَقول فِي مَعْنَاهُ (شاكه يَا فلَان) أَي قَارب فِي الْمَدْح وَأَصله أَن رجلا عرض فرسا فَقَالَ لَهُ رجل شاكه أَي قَارب فِي الْمَدْح وَلَا تفرط فِيهِ ومشاكه الشَّيْء الَّذِي يدنو من شبهه 788 - قَوْلهم داهية الغبر يُقَال ذَلِك للرجل الْمُنكر الْغَايَة فِي الدهاء وأصل الغبر من قَوْلهم غبر الْجرْح إِذا فسد أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن أبي عُثْمَان عَن التوزي عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ كَانَ كَذَّاب الْحر مازي يمدح فَيعْطى الشَّاة وَالْقعُود فَقَالَ دلوني على رجل جواد إِذا امتدحته زعب لي أَي أَكثر عطيتي فَدلَّ على الْمُنْذر بن الْجَارُود فَقَالَ (يَابْنَ الْمُعَلَّى أحجفت إِحْدَى الْكبر ... داهية الدَّهْر وصماء الغبر) (قد أزفت إِن لم تغير بِغَيْر ... إِن لم تداركها بإغلاء الْخطر) (أَنْت لَهَا مُنْذر من بَين الْبشر ... أَنْت لَهَا إِذْ عجزت عَنْهَا مُضر)

(إِن الْجِيَاد الظالعات فِي الْغدر ... إِلَيْك أَشْكُو حَاجَتي ومفتقر) (ومقعد السَّائِل مطروق النّظر ... ) فَقَالَ لَهُ الْمُنْذر أنالها (حكمك مسمطاً) فَقَالَ لَهُ مائَة قَالَ تَغْدُو عَلَيْهَا غَدا فَظن أَنه لَا يعلم أَنه يسْأَله مائَة نَاقَة فَقَالَ اجْعَلْهَا بيضًا فَقَالَ لَهُ الْمُنْذر تَبًّا لَك سَائِر الْيَوْم لَك مائَة وَمِائَة حَتَّى انْقَطع نَفسه فَقيل لَهُ كم عدلك قَالَ ثَلَاثمِائَة فضحكوا مِنْهُ فَقَالَ لعنكم الله لقد قترتم عَليّ حَتَّى ظَنَنْت أَنه لَا عدد أَكثر من ثَلَاثمِائَة 789 - قَوْلهم دَعْنِي من سَوْدَاء بَيْضَاء حَكَاهُ ثَعْلَب قَالَ وَمَعْنَاهُ بَين لي ذَات نَفسك وَلَا تدعني فِي حيرة لَا أهتدي لوجهة أَمْرِي وأمرك مَعهَا

790 - قَوْلهم دهنت وأحففت حَكَاهُ ثَعْلَب قَالَ وَيضْرب مثلا للرجل يلين لَك الْكَلَام ويحفر لَك من خَلفك 791 - قَوْلهم دع عَنْك نهباً صِيحَ فِي حجراته يضْرب مثلا للشَّيْء يهْلك من حَيْثُ يهْلك مثله ثمَّ يتبعهُ الشَّيْء الَّذِي لم يكن جَدِيرًا بِالْهَلَاكِ والمثل لامرىء الْقَيْس بن حجر وَأَصله أَنه نزل على خَالِد بن سدوس النبهاني فَأَغَارَ باعث بن حويص على الْخَبَر امْرأ الْقَيْس فَذكره خَالِد فَقَالَ خَالِد أَعْطِنِي رواحلك أطلب عَلَيْهَا الْقَوْم فركبها وَمضى فلحق الْقَوْم فَقَالَ لَهُم أَغَرْتُم على إبل جاري قَالُوا مَا هُوَ لَك بجار قَالَ بلَى وَالله وَهَذِه رواحله تحتي فأنزلوه عَنْهَا فَأَخَذُوهَا فَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس (دع عَنْك نهباً صِيحَ فِي حجراته ... وَلَكِن حَدِيثا مَا حَدِيث الرَّوَاحِل) يَقُول دع نهباً صَاح باعث فِي نواحيه فَغير مُنكر أَن يكون مثل ذَلِك وَلَكِن حَدثنِي حَدِيث الرَّوَاحِل الَّتِي كُنَّا نُرِيد أَن نستنقذه بهَا فَذَهَبت هِيَ ايضا

792 - قَوْلهم دب لَهُ الضراء يُرِيد أَنه خاتله وَلم يُصَرح لَهُ الْأَمر وَالضَّرَّاء مَا واراك من شجر وَغَيره وَمثله اوطأه عشوة 793 - قَوْلهم الدَّال على الْخَيْر كفاعله الْمثل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قَالَ أَبُو احْمَد وَالصَّحِيح انه لأكثم ابْن صَيْفِي وتمثل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وسيجىء فِيمَا بعد

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها الدال

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الدَّال 794 - أدق من الشّعْر 795 - وأدق من الهباء 796 - وأدق من خيط معروفات 797 - وأدق من خيط بَاطِل قيل هُوَ الهباء وَقيل بل الْخَيط الَّذِي يخرج من فَم العنكبوت وَسمي مَرْوَان بن الحكم خيط بَاطِل لطوله كَانَ واضطر بِهِ قَالَ الشَّاعِر (لحى الله قوما ملكوا خيط بَاطِل ... على النَّاس يُعْطي مَا يَشَاء وَيمْنَع) 798 - وأدق من الشخب وَهُوَ اللَّبن الْخَارِج من تَحت يَد الحالب

799 - وأدق من الطحين من قَول الشَّاعِر (تَركتهم أدق من الطحين ... ) 800 - وأدق من حد السَّيْف 801 - وأدق من حد الشَّفْرَة 802 - وأدق من حد الجلم 803 - وأدب من قراد 804 - وأدب من عقرب معروفات 805 - وأدب من ضيون وَهُوَ السنور قَالَ الشَّاعِر (أدب بِاللَّيْلِ إِلَى جَاره ... من ضيون دب إِلَى فرنب) والفرنب الْفَأْرَة

806 - وأدب من قرنبى وَهِي دويبة شَبيهَة بالخنفساء 708 - أدب من الشَّمْس إِلَى الغسق والغسق الظلمَة وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (أرى الشيب مذ جَاوَزت خمسين دائباً ... يدب دَبِيب الشَّمْس فِي غسق الظُّلم) 808 - أدنى من الشسع من الدناءة وَمن الدنو 809 - وَأدنى من حَبل الوريد من الدنو والوريدان عرقان يكتنفان الْعُنُق 810 - أدفأ من شَجَرَة جعلُوا كَثْرَة أوراقها وَأَغْصَانهَا دفئاً لَهَا والدفء مَا يتدفأ بِهِ 811 - أدل من حنيف الحناتم كَانَ دَلِيلا ماهراً وَقع فِي بِلَاد وبار فاستهوته الْجِنّ زَعَمُوا أَنه عمي

فَجعل يشم التُّرَاب يسْتَدلّ بِهِ حَتَّى تخلص وَهَذَا من أكاذيبهم 812 - أدل من دعيمص الرمل وَهُوَ رجل مُصِيب الدّلَالَة وَأَصله دويبة تدب على الرمل فتوثر فِيهِ أثرا يسْتَدلّ بِهِ على دبيبه 813 - أدهى من قيس بن زُهَيْر وَهُوَ سيد عبس وَمن دهائه أَنه مر بِبِلَاد غطفان فَرَأى ثروةً وعديداً فكره ذَلِك فَقَالَ لَهُ الرّبيع بن زِيَاد إِنَّه ليسوءك مَا يسر النَّاس فَقَالَ لَهُ إِنَّك لَا تَدْرِي أَن مَعَ الثورة وَالنعْمَة التحاسد والتباعد والتخاذل وَأَن مَعَ الْقلَّة التعاضد والتودد والتناصر وَكَانَ يَقُول إيَّاكُمْ وصرعات الْبَغي وفضحات الْغدر وفلتات المزح وَقَالَ أَرْبَعَة لَا يطاقون عبد ملك ونذل شبع وَأمة ورثت وقبيحة تزوجت وَقَالَ ثَمَرَة اللجاجة الْحيرَة وَثَمَرَة العجلة الندامة وَثَمَرَة الْعجب البغضة وَثَمَرَة التواني الذلة وَقَالَ العجلة نَدم والحسد غم والملالة لؤم وَالْكذب ذل وَالْعجب مقت والحرص حرمَان والمنطق مشهرة والصمت مسترة 814 - وأدنف من المتمني يَجِيء حَدِيثه فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحده

فهرسته

الْبَاب التَّاسِع فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله ذال فهرسته الذِّئْب يكنى أَبَا جعدة الذِّئْب خَالِيا أَشد ذل لَو أجد ناصراً ذهبت هيف لأديانها الذِّئْب يغبط بِذِي بَطْنه الذود إِلَى الذود إبل ذَكرتني الطعْن وَكنت نَاسِيا ذَكرنِي فوك حماري أَهلِي الذِّئْب يأدو للغزال ذل من بَالَتْ عَلَيْهِ الثعالب ذليل عاذ بقرملة الذلة مَعَ الْقلَّة ذكر وَلَا حساس ذهبت دِمَاؤُهُمْ درج الرِّيَاح ذهب بَين الصحوة والسكرة فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الذَّال أذلّ من وتد بقاع وأذل من حمَار مُقَيّد وأذل من عير وأذل من قراد بمنسم وأذل من فقع بقرقرة وأذل من حوار وأذل من اليعر وأذل من بعير السانية وأذل من النَّقْد وأذل من بذج وأذل من حمَار قبان وأذل من قرملة وأذل من قمع وأذل من النَّعْل وأذل من قيسي بحمص وأذل من بَيْضَة الْبَلَد

تفسير البابع التاسع

تَفْسِير البابع التَّاسِع 815 - قَوْلهم الذِّئْب يكنى أَبَا جعدة يضْرب مثلا للرجل يظْهر إكرامك وَهُوَ يُرِيد غائلتك والمثل لِعبيد ابْن الأبرص وَقد مر ذكره 816 - قَوْلهم الذِّئْب خَالِيا أَشد ويروى الذِّئْب خَالِيا أَسد يُرِيد أَنه إِذا خلا بالإنسان كَانَ أَشد عَلَيْهِ أَو كَانَ بِمَنْزِلَة الْأسد فِي الجرأة والإقدام وَقَالَ بَعضهم عَلَيْك بِالْجَمَاعَة فَإِن الذِّئْب إِنَّمَا يصيد قاصية الْغنم وَكَانَ لَا يُسَافر أقل من ثَلَاثَة وَهَذَا أصل قَوْلهم فِي أشعارهم خليلي وصاحبي واول مَا ذكره امْرُؤ الْقَيْس فِي قَوْله (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... ) وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لَا يُسَافر أقل من ثَلَاثَة فَإِن مَاتَ وَاحِد وليه إثنان

817 - قَوْلهم ذل لَو أجد ناصراً قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره يضْرب مثلا للشريف يَظْلمه الدنىء وَأول من قَالَه أنس بن الحجير قَالُوا والْحَارث بن أبي سمر الغساني سَأَلَهُ عَن شَيْء فَلم يحمد جَوَابه فَلَطَمَهُ فَقَالَ أنس (ذل لَو أجد ناصراً) فَلَطَمَهُ أُخْرَى فَقَالَ لَو نهي عَن الأولى لم يعد لِلْأُخْرَى فَأمر بضربه فَقَالَ أَيهَا الْملك ملكت فَأَسْجِحْ وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِيمَا تقدم اتم من هَذَا وأسجح أَي سهل والسجيح السهل وَمِنْه سميت الْمَرْأَة سجَاح وَقيل لبَعْضهِم مَا الْمُرُوءَة فَقَالَ الْخلق السجيح والكف عَن الْقَبِيح 818 - قَوْلهم ذهبت هيف لأديانها يضْرب مثلا لسوء نظر الرِّجَال لنَفسِهِ وركوبه رَأسه فِي شَهْوَته والهيف الرّيح الحارة قَالَ ذُو الرمة (هيف يَمَانِية فِي مرها نكب ... ) وَرجل مهياف سريع الْعَطش وَذَلِكَ أَن الْعَطش يسْرع إِلَى الْإِنْسَان عِنْد هبوب الهيف وَمن ثمَّ سموا ضمر الْبَطن وانضمامه هيفاً لِأَن الهيف تضمر الْأَشْيَاء وتجففها والأديان جمع دين وَهُوَ الْعَادة وَالْمعْنَى أَنه يجْرِي

على هَوَاهُ ويركب رَأسه فِي شَهْوَته وَلَا ينثني كالهيف تجفف كل شَيْء وتفسده وَلَا تبالى 819 - قَوْلهم الذِّئْب يغبط بِذِي بَطْنه يضْرب مثلا للرجل يظنّ بِهِ الْغنى وَهُوَ فَقير والشبع وَهُوَ جَائِع يَقُول إِن الذِّئْب يظنّ بِهِ البطنة لِكَثْرَة عدوه وَشدَّة جرأته وَرُبمَا كَانَ مجهوداً من الْجُوع وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (وَمن يسكن الْبَحْرين يعظم طحاله ... ويغبط بِمَا فِي بَطْنه وَهُوَ جَائِع) وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ أَنه لظلمه وجرأته لَا يظنّ بِهِ إِلَّا الشِّبَع وَهُوَ فِي أَكثر أَحْوَاله جَائِع وَإِنَّمَا يكثر جوعه لِأَنَّهُ لَا يَأْكُل إِلَّا مَا يصيد وَلَا يرجع إِلَى فريسة أكل مِنْهَا فَإِذا لم يجد شَيْئا اسْتقْبل النسيم حَتَّى امْتَلَأَ مِنْهُ جَوْفه وَلذَلِك قيل (أجوع من الذِّئْب) و (رَمَاه الله بداء الذِّئْب) وَقد مر تَفْسِيره وَقَالَ عويف القوافي (وَلكُل غرَّة معشر من قومه ... ذعر يقصر سَعْيه ويعيب) (لَوْلَا سواهُ لجررت أوصاله ... عرج الضباع وصدعنه الذيب) يَقُول لولاه لتركته جيفةً تجره الضباع وَلَا يقربهُ الذِّئْب لِأَنَّهُ لَا يَأْكُل الْميتَة والذعر هُنَا الردىء من الرِّجَال وَأَصله الْقدح الَّذِي لَا يوري نَارا

وَمن عجائب الذِّئْب وَالْكَلب أَن أجوافهما تذيب الْعظم وَلَا تذيب النَّوَى فتلقيه صَحِيحا وَإِذا رأى الذِّئْب بأنثاه دَمًا وثب عَلَيْهَا فَأكلهَا من شدَّة شَهْوَته للدم وَلذَلِك قَالَ الشَّاعِر (وَأَنت كذئب السوء لما رأى دَمًا ... بِصَاحِبِهِ يَوْمًا أحَال على الدَّم) وَمن ثمَّ قيل (أَخبث من الذِّئْب) و (أخون من الذِّئْب) واشتقاق اسْمه من تذاؤب الرّيح وَهُوَ ان تجىء من كل وَجه وَالذِّئْب إِذْ كففته من وَجه دخل عَلَيْك من وَجه آخر وَلِهَذَا قيل (أختل من الذِّئْب) وَذُو بَطْنه يَعْنِي مَا فِي بَطْنه 820 - قَوْلهم الذود إِلَى الذود إبل يُرَاد أَن الْقَلِيل إِذا جمع إِلَى الْقَلِيل كثر والذود مَا بَين الثَّلَاث إِلَى وَالْعشر من إناث الْإِبِل وَيجمع أذواداً وَقَالَ البحتري (اجْمَعْ النزر إِلَى النزر وَقد ... يدْرك الْحَبل إِذا الْحَبل وصل) (من لفى هَذَا إِلَى مخسوس ذَا ... وَمن الذود إِلَى الذود إبل) وَمن أمثالهم فِي هَذَا النَّحْو قَول الفرزدق (تصرم مني ود بكر بن وَائِل ... وَمَا كَانَ لَوْلَا ظلمهم ينصرم) (قوارص تَأتِينِي ويحقرونها ... وَقد يمْلَأ الْقطر الْإِنَاء فيفعم)

821 - قَوْلهم ذَكرتني الطعْن وَكنت نَاسِيا يضْرب مثلا للشَّيْء ينساه الْإِنْسَان وَهُوَ مُحْتَاج إِلَيْهِ قَالُوا وَأَصله أَن صَخْر بن عَمْرو بن الشريد لَقِي أَبَا ثَوْر ربيعَة بن حوط الفقعسي فِي غَزْوَة غَزَاهَا فِي بني فقعس وصخر فِي بني سليم فَانْكَشَفَتْ بَنو فقعس فَقَالَ صَخْر لأبي ثَوْر ألق الرمْح لَا أم لَك قَالَ أَو معي رمح وَأَنا وَلَا أَدْرِي ذَكرتني الطعْن وَكنت نَاسِيا وكر عَلَيْهِ فطعنه وهزمت بَنو سليم وَقيل صَاحب الرمْح يزِيد بن الصَّعق والمثل لَهُ وَمثله مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو الْقَاسِم عَن العقدى عَن أَبى جَعْفَر عَن الْمَدَائِنِي أَن ابْن زِيَادَة فِي فوارس لقوا رجلا فِي بعض بِلَاد الشّرك وَمَعَهُ جَارِيَة لم ير مثلهَا شبَابًا وجمالاً فصاحوا بِهِ أَن خل عَنْهَا وَمَعَهُ قَوس فَرمى بَعضهم فجرحه فهابوا الْإِقْدَام عَلَيْهِ ثمَّ عَاد ليرمي فَانْقَطع وتره فَأسلم الْجَارِيَة وَأسْندَ فِي جبل كَانَ قَرِيبا مِنْهُ فابتدروها وَفِي أذنها قرط فِيهِ درة فانتزعها بَعضهم فَقَالَت وَمَا قدر هَذِه لَو رَأَيْتُمْ درتين فِي قلنسوته فَاتَّبعُوهُ فَقَالُوا ألق مَا فِي قلنسوتك وفيهَا وتر للقوس كَانَ أعده ونسيه من الدهش فَلَمَّا رَآهُ عقده فِي قوسه فولى الْقَوْم لَيْسَ لَهُم إِلَّا أَن ينجوا بِأَنْفسِهِم وخلوا عَن الْجَارِيَة 822 - قَوْلهم ذَكرنِي فوك حماري أَهلِي يضْرب مثلا للرجل يبصر الشَّيْء فيذكر بِهِ حَاجَة كَانَ قد نَسِيَهَا وَأَصله أَن رجلا خرج يطْلب حِمَارَيْنِ لأَهله أضلهما فَمر على امراة جميلَة المنتقب

فَقعدَ يحادثها وَنسي حماريه لشغل قلبه بهَا ثمَّ سفرت فَإِذا لَهَا أَسْنَان مُنكرَة فَتذكر بهَا أَسْنَان الْحمار فَانْصَرف عَنْهَا وَقَالَ (ذَكرنِي فوك حماري أَهلِي) وَنَحْوه قَول الآخر (سفرت فَقلت لَهَا هج فتبرقعت ... فَذكرت حيت تبرقعت ضبارا) وضبار اسْم كلب وَهَذِه كَانَت قبيحة المسفر والمنتقب وَفِي خلاف ذَلِك مَا رُوِيَ أَن الفرزدق رأى امْرَأَة جميلَة المنتقب فَقَالَ أَظُنهُ قفلا على خربة فسفرت الْمَرْأَة فَرَأى جمالا رائعا فَقَالَ (قد كنت أَحسب أَن الشَّمْس وَاحِدَة ... حَتَّى رَأَيْت لَهَا شبها من الْبشر) وَفِي نَحْو الْمَعْنى الأول قَول بَعضهم (فَقلت لَهَا الساجور خير من الْكَلْب) 823 - قَوْلهم الذِّئْب يأدو للغزال يضْرب مثلا للرجل بخدع صَاحبه ويأدو لَهُ يخدعه قَالَ الشَّاعِر (أدوت لَهُ لآخذه ... فهيهات الْفَتى حذرا) وَأما آداه يُؤَدِّيه فَمَعْنَاه أَعَانَهُ وَمن أمثالهم فِي الذِّئْب قَول بَعضهم (مَتى أمكنت مِنْك الذِّئْب خَانا ... )

وَقَول ابْن الرُّومِي (عَدوك من صديقك مُسْتَفَاد ... فَلَا تستكثرن من الصحاب) (وَإنَّك قَلما استكثرت إِلَّا ... وَقعت على ذئاب فِي ثِيَاب) (فَإِن الدَّاء أَكثر مَا ترَاهُ ... يكون من الطَّعَام أَو الشَّرَاب) وَقَول الآخر (الذِّئْب لَا يُؤمن لكنه ... عَلَيْهِ فِي يُوسُف مَكْذُوب) والمثل لمن رمى بالسوء وَهُوَ أهل للسوء إِلَّا أَنه برىء مِمَّا رمي بِهِ وَقَول الآخر (أصاح مَتى رَأَيْت الذِّئْب ... مَأْمُونا على الْغنم) 824 - قَوْلهم ذل من بَالَتْ عَلَيْهِ الثعالب يضْرب مثلا للرجل المهين يظلم فَلَا ينتصر وَأَصله أَن أَعْرَابِيًا كَانَ ياتى صنما فِي بعض االصحارى فَيسْجد لَهُ فَأَتَاهُ يَوْمًا فَوجدَ ثعلباً يَبُول عَلَيْهِ فَقَالَ (أرب يَبُول الثعلبان بِرَأْسِهِ ... لقد ذل من بَالَتْ عَلَيْهِ الثعالب) وَترك غشيانه وَيكون أَيْضا مثلا للشَّيْء يدرس وَتذهب جدته وَحسنه قَالَ عَمْرو ابْن الْأَهْتَم

(ألم تَرَ مَا بيني وَبَين ابْن عَامر ... من الود قد بَالَتْ عَلَيْهِ الثعالب) (وَأصْبح بَاقِي الود بيني وَبَينه ... كَأَن لم يكن والدهر فِيهِ الْعَجَائِب) (فَقلت تعلم أَن صرمك جاهداً ... ووصلك عِنْدِي بَينه مُتَقَارب) (فَمَا أَنا بالباكي عَلَيْك صبَابَة ... وَلَا بِالَّذِي تَأْتِيك مِنْهُ المثالب) 825 - قَوْلهم ذليل عاذ بقرملة والقرملة شَجَرَة قَصِيرَة لَا ذرا لَهَا وَلَا ظلّ يضْرب مثلا الذَّلِيل يعوذ بأذل مِنْهُ 826 - قَوْلهم الذلة مَعَ الْقلَّة أَي الذل مَعَ الْفقر والذلة الذل والقلة الْفقر رجل مقل وَقد أقل إِذا قل مَاله يَقُول الذلة مَعَ الْفقر وَيجوز أَن تكون الْقلَّة هَاهُنَا قلَّة الْعدَد وَهِي مِمَّا يذم بهَا وَيُقَال ذلة وذل وعذرة وَعذر وَقلة وَقل قَالَ الشَّاعِر (وَقد يقصر القل الْفَتى دون همه ... وَقد كَانَ لَوْلَا القل طلاع أنجد)

827 - قَوْلهم ذكر وَلَا حساس يضْرب مثلا للَّذي يعد وَلَا ينجز 828 - قَوْلهم ذهبت دِمَاؤُهُمْ درج الرِّيَاح أَي أهدرت وطلت وَالْعرب تَقول (علم السَّيْل الدرج) أَي قد علم وجهته يضْرب مثل لمن يأتى الْأَمر على عمد 829 - قَوْلهم ذهب بَين الصحوة والسكرة قَالَ ثَعْلَب أَي بَين أَن يعقل وَألا يعقل

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل اصولها الذال

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الذَّال 830 - أذلّ من وتد بقاع لِأَنَّهُ يدق أبدا والقاع المستوي من الأَرْض 831 - وأذل من حمَار مُقَيّد قيل ذَلِك لقَوْل الشَّاعِر (وَلَا يُقيم على ضيم يُرَاد بِهِ ... إِلَّا الأذلان عير الْقَوْم والوتد) 832 - وأذل من عير وَهُوَ الْحمار الذّكر وذله فِي امتهان صَاحبه لَهُ 833 - وأذل من قراد بمنسم والمنسم للبعير بِمَنْزِلَة الظفر للْإنْسَان

834 - وأذل من فقع بقرقرة والفقع ضرب من الكمأة أَبيض يظْهر على وَجه الأَرْض فيوطأ والكمأة السَّوْدَاء تستتر فِي الأَرْض وَقيل حمام فقيع لبياضه وَيُقَال الَّذِي لَا أصل لَهُ فقع لِأَن الفقع لَا أصُول لَهُ أَي لَا عروق 835 - وأذل من حوار وَهُوَ ولد النَّاقة يذله أَهله لِأَنَّهُ لَا انْتِفَاع لَهُم بِهِ حَتَّى يكبر 836 - وأذل من اليعر وَهُوَ الجدي يمتهن بِأَن يشد على فَم الزبية وَقد مر تَفْسِير الزبية 837 - وأذل من بعير السانية وَهُوَ الْبَعِير الَّذِي يستقى عَلَيْهِ 838 - وأذل من النَّقْد وَهِي صغَار الْغنم

839 - وأذل من بذج وَهُوَ الْحمل فَارسي مُعرب 840 - وأذل من حمَار قبان وَهُوَ ضرب من الخنافس 841 - وأذل من قرملة وَقد ذَكرنَاهَا 842 - وأذل من قمع يَعْنِي بِهِ قمع الثَّمَرَة يرْمى بِهِ فيوطأ بالأرجل 843 - وأذل من الشسع وَمن النَّعْل من قَول البعيث (وكل كليبي صفيحة وَجهه ... أذلّ لأقدام الرِّجَال من النَّعْل) 844 - وأذل من الْحذاء وَهُوَ النَّعْل أَيْضا

845 - وأذل من الرِّدَاء مَعْرُوف 846 - وأذل من قيسي بحمص لِأَن حمص كلهَا لليمن لَيْسَ فِيهَا من قيس إِلَّا بَيت وَاحِد فهم أذلاء لقلتهم 847 - وأذل من بَيْضَة الْبَلَد وَقد ذَكرنَاهَا

فهرسته

الْبَاب الْعَاشِر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله رَاء فهرسته الرائد لَا يكذب أَهله رب سامع بخبري لم يسمع بعذري رب ملوم لَا ذَنْب لَهُ رمتني بدائها وانسلت رب قَول أَشد من صول رويد الشّعْر يغب الرثيئة تفثأ الْغَضَب رَمَاه بثالثة الأثافي رَمَاه بأقحاف رَأسه رَمَاه بسكاته وصماته رميته بأفوق ناصل رب ساع لقاعد رمي فلَان بحجره رب أَخ لم تلده أمك رب عجلة تهب ريثاً رويد الْغَزْو ينمرق الرشيف أشْرب رضيت من الْغَنِيمَة بالإياب رَجَعَ على قرواه رَجَعَ فِي حافرته الرغب شُؤْم رب صلف تَحت الراعدة رهباك خير من رغباك روغي جعار وانظري أَيْن المفر رَأس بِرَأْس وَزِيَادَة خَمْسمِائَة رويد يعلون الجدد رزق الله لَا كدك ركب المغمضة رُبمَا أعلم فأذر رب رمية من غير ارْمِ رب أَكلَة تمنع أكلات رعى فأقصب رضَا النَّاس غَايَة لَا تبلغ رضيت من الْوَفَاء باللفاء رمي مِنْهُ فِي الرَّأْس رب شدّ فِي الكرز رجلا مستعير أخف من رجلى مؤد

فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها الراء

فهرست الامثال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الرَّاء أرق من الْهَوَاء وأرق من المَاء وأرق من غرقىء الْبَيْضَة وأرق من سحاء القيض وأرق من رِدَاء الشجاع وأرق من ريق النَّحْل وأرق من دمع الْغَمَام وأرق من رقراق السراب أروى من نعَامَة أروى من ضَب أروى من حَيَّة أروى من الْحُوت أروى من بكر هبنقة أروى من معجل أسعد أروغ من ثعالة وأروغ من ثَعْلَب أرجل من خف أرجل من حافر أرسى من حِجَارَة أرزن من أبان أرزن من النضار أرمى من ابْن تقن أرمى من فطْرَة أرخص من التُّرَاب أرسح من ضفدع أرفع من السَّمَاء

تفسير الباب العاشر

تَفْسِير الْبَاب الْعَاشِر 848 - قَوْلهم الرائد لَا يكذب أَهله الرائد الَّذِي يتَقَدَّم الْقَوْم لطلب المَاء والكلأ لَهُم فَإِن كذبهمْ أفسد امرهم وامر نَفسه مَعَهم لِأَنَّهُ وَاحِد مِنْهُم يضْرب مثلا للنصيح غير الْمُتَّهم على من تنصح لَهُ وَأَصله فِي الْعَرَبيَّة من قَوْلهم راد برود إِذا جَاءَ وَذهب وَنظر يَمِينا وَشمَالًا وَمن ثمَّ قيل ارتاد الشَّيْء إِذا طلبه لِأَن الطَّالِب يتَرَدَّد فِي حَاجته حَتَّى ينالها 849 - قَوْلهم رب سامع بخبري لم يسمع بعذري 850 - وَقَوْلهمْ رب ملوم لَا ذَنْب لَهُ وَإِنَّمَا قيل ذَلِك لِأَن من الْعذر مَا لَا يُمكن إعلانه وَكَانَ مَالك بن أنس لَا يغشى أحدا لزيارة وَلَا تهنئة وَلَا تَعْزِيَة وَلَا عِيَادَة فَإِذا عوتب على ذَلِك قَالَ عذر لَا يمكنني إِظْهَاره وَلَيْسَ كل عذر يُمكن أَن يظْهر وَيَقُولُونَ (رب ملوم لَا ذَنْب لَهُ) وَفِي عجز بَيت (لَعَلَّ لَهُ عذرا وانت تلوم ... )

وَقَالُوا الْمَرْء أعلم بِشَأْنِهِ وَمن أَجود مَا جَاءَ فِي ذَلِك من الشّعْر قَول الْفَزارِيّ (رثمن الْمسك آنافاً حسانا ... وَدفن الزَّعْفَرَان على الْجُيُوب) (ذكرت بموقفي حمل بن بدر ... وَصَاحبه الألد لَدَى الخطوب) (فَقلت لَهُنَّ لَا عذر لدينا ... يكون من الْمُحب إِلَى الحبيب) (وَلَو صدق الْهوى أَو كنت حرا ... لمت مَعَ الندى يَوْم القليب) (وَقد طاعنت حَتَّى لَا طعان ... وزالت حِيلَة الرجل اللبيب) (وَكم من موقف حسن أحيلت ... محاسنه فعد من الذُّنُوب) وَنَحْوه قَول البحتري (إِذا محاسني اللائي أدل بهَا ... كَانَت ذُنُوبِي فَقل لي كَيفَ أعْتَذر) 851 - قَوْلهم رمتني بدائها وانسلت يُقَال رمي فلَان بِالسَّرقَةِ وَقذف بِالزِّنَا وَقد يُقَال رمي بِالزِّنَا أَيْضا وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} وَلَا يكادون يَقُولُونَ قذف بِالسَّرقَةِ وَحَدِيث الْمثل أَن رهم ابْنة الْخَزْرَج بن تيم الله بن رفيدة وَكَانَ لَهَا جمال تزوجت سعد بن مَالك بن زيد مَنَاة على ضرّ فَكَانَت ضرائرها

يرمينها بالعفل فَقَالَت لَهَا أمهَا إِذا سابينك فابدئيهن بهَا فَفعلت فَقيل لَهَا ذَلِك والانسلال الْخُرُوج من الْجَمَاعَة فولد سعد بن مَالك بن زيد وهم رَهْط العجاج يُقَال لَهُم بَنو العفيل قَالَ اللعين الْمنْقري يعرض بهم (مافي الدوابر من رجْلي من عقل ... يَوْم الرِّهَان وَلَا اكوى من العفل) 852 - قَوْلهم رب قَول أَشد من صول الصول الحملة والوثب عِنْد الْخُصُومَة وَالْحَرب قَالَ طرفَة فِي معنى الْمثل (وَترد عَنْك مخيلة الرجل العريض ... مُوضحَة عَن الْعظم) (بحسام سَيْفك أَو لسَانك ... والكلم الْأَصِيل كأرغب الْكَلم) وَقَالَ (رَأَيْت القوافي يتلجن موالجاً ... تضايق عَنْهَا أَن تولجها الإبر) وَقَالَ بعض حكماء الْهِنْد قَلما يمْتَنع الْقلب من القَوْل إِذا تردد عَلَيْهِ فَإِن المَاء أَلين من القَوْل وَالْحجر أَصْلَب من الْقلب وَإِذا انجرر عَلَيْهِ أثر فِيهِ وَقد يقطع الشّجر بالفئوس فينبت وَيقطع اللَّحْم بِالسُّيُوفِ فيندمل وَاللِّسَان

لَا يندمل جرحه والنصول تغيب فِي الْجوف فتنزع وَالْقَوْل إِذا وصل إِلَى الْقلب لَا ينْزع وَلكُل حريق مطفىء للنار المَاء وللسم الدَّوَاء وللحزن الصَّبْر وللعشق الْفرْقَة ونار الحقد لَا تخبو أبدا وَنَحْو ذَلِك قَول البحتري (وَمَا خرق السَّفِيه وَإِن تعدى ... بأبلغ فِيك من حقد الْحَلِيم) (مَتى أحرجت ذَا كرم تخطى ... إِلَيْك بِمثل أَفعَال اللَّئِيم) وَقَالَ الأخطل فِي معنى قَول طرفَة (حَتَّى أقرُّوا وهم مني على مضض ... وَالْقَوْل ينفذ مَا لَا تنفذ الإبر) 853 - قَوْلهم رويد الشّعْر يغب يضْرب مثلا للمكروه يتَبَيَّن أَثَره بعد وُقُوعه واستمراره أَي انْظُر كَيفَ عَاقِبَة الشّعْر فِي الْمَدْح والذم إِذا جرى على أَلْسِنَة الروَاة وسارت بِهِ الرفاق فِي كل وَاد وَنَحْوه قَوْلهم دع الرَّأْي يغب فَإِن غبوبه يكْشف للمرء عَن فصه 854 - قَوْلهم الرثيئة تفشأ الْغَضَب يضْرب مثلا لحسن موقع الْمَعْرُوف وَإِن كَانَ يَسِيرا وَأَصله أَن رجلا غضب على قوم فَأَتَاهُم للإيقاع بهم فسقوه رثيئةً فسكن غَضَبه وكف

والرثيئة لبن حامض يصب عَلَيْهِ حليب وتفثأ تسكن يُقَال فثأت الْقدر إِذا سكنت غليانها بِالْمَاءِ وَقد أحسن ابْن الرُّومِي فِي استدعاء النّيل الْيَسِير مَعَ تعذر الجزيل حَيْثُ يَقُول (رَأَيْت المطل ميداناً طَويلا ... يروض طباعه فِيهِ الْبَخِيل) (فَمَا هَذَا المطال فدتك نَفسِي ... وباعك فِي الندى بَاعَ طَوِيل) (أَظُنك حِين تقدر لي نوالاً ... يقل لديك لي مِنْهُ الجزيل) (ويعوزك الَّذِي ترْضى لمثلي ... وَإِن لم يعوز الرَّأْي الْجَمِيل) (وَفِيمَا بَين مطلك واختلالي ... يَمُوت بدائه الرجل الهزيل) (فَلَا تقدر بقدرك لي نوالاً ... وَلَا قدري فتحقر مَا تنيل) (وَأطلق مَا تهم بِهِ عساه ... كفافي أَيهَا الرجل النَّبِيل) (وَإِلَّا فالسلام عَلَيْك مني ... نبت دَار فأسرع بِي رحيل) (إِذا ضافت على أمل بِلَاد ... فَمَا سدت على عزم سَبِيل) 855 - قَوْلهم رَمَاه بثالثة الأثافي 856 - وَقَوْلهمْ رَمَاه بأقحاف رَأسه 857 - وَقَوْلهمْ رَمَاه بسكاته وصماته رَمَاه بثالثة الأثافي إِذا رَمَاه بداهية عَظِيمَة وثالثة الأثافي الْقطعَة من

الْجَبَل يَجْعَل إِلَى جنبها أثفيتان وتنصب الْقدر عَلَيْهَا وَمَعْنَاهُ أَنه رَمَاه بِأَمْر عَظِيم مثل قِطْعَة جبل قَالَ خفاف بن ندبة (فَلم يَك طبهم جبنا وَلَكِن ... رميناهم بثالثة الأثافي) ورماه بسكاته وصماته أَي بِأَمْر أسكته 858 - قَوْلهم رميته بأفوق ناصل أَي رَددته بِغَيْر حَظّ تَامّ والأفوق السهْم المنكسر الفوق والناصل السَّاقِط النصل 859 - قَوْلهم رب ساع لقاعد الْمثل ليزِيد بن مُعَاوِيَة أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن أبي زيد قَالَ كَانَت أم خَالِد بنت أبي هَاشم بن عتبَة عِنْد يزِيد بن مُعَاوِيَة وَكَانَ مؤثراً لَهَا فعتب عَلَيْهَا شَيْئا فَتزَوج فِي حجَّة حَجهَا أم مِسْكين بنت عَمْرو بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب وَقَالَ (أَرَاك أم خَالِد تضجين ... ) (باعت على بيعك أم مِسْكين ... ) (مَيْمُونَة من نسْوَة ميامين ... )

(زارتك من طيبَة فِي حوارين ... ) (ببلدة كنت بهَا تكونين ... ) (فالصبر أم خَالِد خير الدّين ... ) (إِن الَّذِي كنت بِهِ تدلين ... ) (لَيْسَ كَمَا كنت بِهِ تظنين ... ) وَقَالَ لَهَا (اسلمي أم خَالِد ... رب ساع لقاعد) (إِن هاتا الَّتِي تَرين ... سبتني بوارد) (تدخل الأير كُله ... فِي حر غير بَارِد) وَزيد على الْبَيْت الأول (رب مَال جمعته ... لامرىء غير حَامِد) والمثل مَأْخُوذ من قَول النَّابِغَة (أَتَى اهله مِنْهُ حباء ونعمة ... وَرب امرى يسْعَى لآخر قَاعد) 860 - قَوْلهم رمي فلَان بحجره مَعْنَاهُ رمي بقرنه الَّذِي يقاومه وَقَالَ الْأَحْنَف رَضِي الله عَنهُ لعَلي كرم الله وَجهه حِين بعث مُعَاوِيَة عمرا حكما إِنَّك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد رميت

بِحجر الأَرْض وَمن كَاد الْإِسْلَام وَأَهله عصراً وَهُوَ سنّ قُرَيْش وداهية الْعَرَب وَقد رضيت بِأبي مُوسَى وَهُوَ رجل يمَان وَلَا أَدْرِي مَا قدر نصيحته فضم مَعَه رجلا من قُرَيْش أَو اجْعَلنِي ثَانِيًا فَلَيْسَ صَاحب عَمْرو إِلَّا من دنا حَتَّى يظنّ أَنه قد تَابعه وَهُوَ مِنْهُ بِمَنْزِلَة النَّجْم فَقَالَ وَالله مَا أردْت التَّحْكِيم وَلَا رضيت بِهِ وَقد أَبى النَّاس إِلَّا أَبَا مُوسَى وغلبوني وَبَعثه فَكَانَ من امْرَهْ مَا كَانَ 861 - قَوْلهم رب اخ لم تلده أمك وأصل هَذَا الْمثل هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي خبر لُقْمَان بن عَاد ثمَّ اسْتعْمل فِي إِعَانَة الرجل صَاحبه وانصبابه فِي هَوَاهُ وانخراطه فِي سلكه حَتَّى كَأَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأمه وَيَقُولُونَ إِن أَخَاك من آساك وَقيل لرجل مِمَّن أَنْت قَالَ مِمَّن برني وَهُوَ على حسب قَول الْأَعْشَى (فَإِن الْقَرِيب من يقرب نَفسه ... لعمر أَبِيك الْخَيْر لَا من تنسبا) وَقَالَ أبي بن حمام بن جَابر (أعاذلتي كم من أَخ لي أوده ... كريم عَليّ لم يلدني وَالِده) (إِذا مَا الْتَقَيْنَا لم تريني ألذه ... ولكنني مثن عَلَيْهِ وزائده) (وَآخر أُصَلِّي فِي التناسب أَصله ... يباعدني فِي رَأْيه وأباعده)

(يود لَو اني كنت أول فَاقِد ... وَأَيْضًا أود الود أَنِّي فاقده) 862 - قَوْلهم رب عجلة تهب ريثاً يضْرب مثلا للرجل يشْتَد حرصه على الْحَاجة فيخرق فِيهَا وَيُفَارق التؤدة فِي التماسها فتفوته وتسبقه وَأَصله فِي الرجل يغذ السّير ويواصله حَتَّى يعطب ظَهره فيقعد عَن حَاجته والريث الإبطاء راث يريث ريثاً إِذا أَبْطَأَ والعامة تَقول فِي معنى هَذَا الْمثل (تمشي وتدوم خير من أَن تعدو وَلَا تقوم) وَيَرْوِيه من لَا يعرف (تهب ريثاً) بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ خطأ إِنَّمَا هُوَ تهب من الْهِبَة وَمِنْه أَخذ الْقطَامِي قَوْله (قد يدْرك المتأني بعض حَاجته ... وَقد يكون مَعَ المستعجل الزلل) والمثل لمَالِك بن عَمْرو بن عَوْف بن محلم وَذَاكَ أَن أَخَاهُ لَيْث بن عَمْرو تزوج خماعة بنت فلَان فَتحمل للنجعة بهَا فَنَهَاهُ مَالك وَقَالَ إِنِّي أَخَاف عَلَيْك بعض مقانب الْعَرَب أَن يصيبك فَأبى وَسَار بأَهْله وَمَاله فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَ وَقد أَخذ أَهله وَمَاله فَقَالَ مَالك (رب عجلة تهب ريثاً وَرب فروقة يدعى ليثاً وَرب غيث لم يكن غيثاً) فَذَهَبت كَلِمَاته أَمْثَالًا وَنَحْوه قَول الشَّاعِر

(يَا طَالب الْحَاجَات يَرْجُو نَفعهَا ... لَيْسَ النجاح مَعَ الأخف الأعجل) 863 - قَوْلهم رويد الْغَزْو ينمرق رويداً أَي رفقا وَهُوَ تَصْغِير رَود وَلم يسْتَعْمل (رَود) إِلَّا فِي بَيت وَاحِد وَهُوَ قَول الشَّاعِر (كَأَنَّهَا مثل من يمشي على رَود ... ) وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي رويد تَصْغِير إرواد قَالَ أَبُو هِلَال رَحمَه الله وَإِذا قلت رويداً بِالتَّنْوِينِ فَهُوَ صفة لمصدر مَحْذُوف أَي إمهالاً رويداً وَمَا أشبه ذَلِك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فمهل الْكَافرين أمهلهم رويداً} أَي أمهلهم إمهالاً رويدا وَإِذا لم يُرِيدُوا ذَلِك قَالُوا رويد كَمَا قَالَ الشَّاعِر (رويد تصاهل بالعراق جيادنا ... كَأَنَّك بِالضحاكِ قد قَامَ نادبه) والمثل لرقاش امْرَأَة من طيىء كَانَت تغزو بهم وَكَانُوا يتيمنون بهَا فأغارت على إياد بن نزار فَغنِمت فَكَانَ فِيمَا أَصَابَت فَتى شَاب جميل فمكنته من نَفسهَا فَحملت مِنْهُ فَلم يلبث أَن دنا وَقت الْغَزْو فَقَالُوا لَهَا الْغَزْو فَقَالَت (رويد الْغَزْو ينمرق) فأرسلتها مثلا ثمَّ جَاءُوا لعادتهم فوجدوها نفسَاء قد ولدت غُلَاما فَقَالَ بعض شعراء طيىء

(نبئت أَن رقاش بعد شماسها ... حبلت وَقد ولدت غُلَاما أكحلا) (وَالله يحظيها وَيرْفَع بضعهَا ... وَالله يلْحقهَا كسافاً مُقبلا) (كَانَت رقاش تقود جَيْشًا جحفلاً ... فصبت وَحقّ لمن صبا أَن يحبلا) 864 - قَوْلهم الرشيف أشْرب وَيُقَال (الرشف أنقع) مَعْنَاهُ أَن الرِّفْق فِي طلب الْحَاجة أجلب لَهَا وأسهل للوصول إِلَيْهَا وَأَصله أَن الشَّرَاب إِذا رشف قَلِيلا قَلِيلا كَانَ أقطع للعطش وأجلب للري وَإِن كَانَ فِيهِ بطء وَقَوله (أنقع) أَي أروى يُقَال شرب حَتَّى نقع أَي رُوِيَ ونقعته أَنا وأنقعته وَمثله قَوْلهم (الجرع أروى) 865 - قَوْلهم رضيت من الْغَنِيمَة بالإياب يضْرب مثلا للرجل يشقى فِي طلب الْحَاجة حَتَّى يرضى بالخلوص سالما وَهُوَ من قَول امرىء الْقَيْس (لقد طوفت فِي الْآفَاق حَتَّى ... رضيت من الْغَنِيمَة بالإياب) وَمثله قَول غَيره (يَا لَيْت حظي من أبي ركب ... أَن سد عني خَيره خبله)

وَنَحْوه قَول بَعضهم (كفاني الله شرك ياابن عمي ... فَأَما الْخَيْر مِنْك فقد كفاني) وَقيل فِي بعض ليَالِي صفّين (اللَّيْل داج والكباش تنتطح ... نطاح أَسد مَا أَرَاهَا تصطلح) (فقائم ونائم ومنبطح ... فَمن نجا بِرَأْسِهِ فقد ربح) وَمن هَاهُنَا اخذ الْمَجْنُون قَوْله (فيارب إِن صيرت ليلى هِيَ المنى ... فزني بعينيها كَمَا زنتها ليا) (والا فسو الْحبّ يارب بَيْننَا ... يكون كفافا لاعلي وَلَا وليا) (وَإِلَّا فبغضها إِلَيّ وحبها ... فَإِنِّي بليلى قد لقِيت الدواهيا) 866 - قَوْلهم رَجَعَ على قرواه 867 - وَرجع فِي حافرته وَيُقَال على قروائه مَعْنَاهُ على أول أمره يضْرب مثلا للرجل يعْتَاد الشَّيْء فَكلما انْصَرف عَنهُ عَاد إِلَيْهِ وَفِي معنى الرُّجُوع إِلَى الْأَمر الأول قَوْلهم (رَجَعَ فِي حافرته) أَي الطَّرِيق الَّذِي جَاءَ فِيهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أئنا لمردودون فِي الحافرة} يَعْنِي إِلَى الْحَيَاة بعد الْمَوْت و (النَّقْد عِنْد الْحَافِر) يعْنى بِهِ النَّقْد الْحَاضِر قَالَ الشَّاعِر

(أحافرة على صلع وشيب ... معَاذ الله من سفه وعار) أَي أرجوعاً إِلَى الصِّبَا وَالْجهل بعد الشيب وسنشبع شرح هَذَا فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله 868 - قَوْلهم الرغب شُؤْم يعْنى بِهِ كَثْرَة الْأكل وَرجل رغيب شهوان كَبِير الْبَطن والمثل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْقطَّان قَالَ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى بن بكير قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن عبد الْغفار قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن أبي الرِّجَال عَن عمْرَة عَن عَائِشَة رضوَان الله عَلَيْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى غُلَاما نوبياً فَألْقى بَين يَدَيْهِ تمر فَأكْثر من الْأكل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الرغب من الشؤم) ورده حَدثنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن زُهَيْر عَن أبي زرْعَة عَن أبي ثَابت الْمدنِي عَن الدَّرَاورْدِي عَن إِسْمَاعِيل ابْن رَافع عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن وَاسع بن حبَان عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (استعيذوا بِاللَّه من الرغب) قيل للدراوردي مَا الرغب قَالَ كَثْرَة الْأكل وَالْعرب تمدح بقلة الْأكل قَالَ أعشى باهلة

(تكفيه حزة فلذ إِن ألم بهَا ... من الشواء ويروى شربه الْغمر) 869 - قَوْلهم رب صلف تَحت الراعدة يضْرب مثلا للبخيل الْوَاجِد والراعدة السحابة ذَات الرَّعْد والصلف قلَّة النزل وَالْخَيْر وَيَقُولُونَ الصلف فِي الرَّعْد والخلب فِي الْبَرْق وَالْمعْنَى أَنه منوع مَعَ كَثْرَة مَاله كالسحابة الْكَثِيرَة المَاء لَا تجود بغيث وَفِي مَعْنَاهُ (إِنَّه لنكد الحظيرة) قَالَ الْكُمَيْت (نزلت بِهِ أنف الرّبيع ... وزايلت نكد الحظائر) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة أرَاهُ سمى أَمْوَاله حظائر وَهِي جمع الحظيرة لِأَنَّهُ قد حظرها ومنعها والحظيرة بِمَعْنى المحظورة كَمَا يُقَال جنيبة بمعنة مجنوبة وربيطة بِمَعْنى مربوطة والنكد جمع أنكد والأنكاد جمع نكد وَهُوَ الْعسر وَقد أحسن ابْن الرُّومِي القَوْل فِي قلَّة الْخَيْر مَعَ كَثْرَة المَال حَيْثُ يَقُول (إِذا غمر المَاء الْحِجَارَة تصلب ... ) 870 - قَوْلهم رهباك خير من رغباك 871 - وَقَوْلهمْ رب فرق خير من حب يضْرب مثلا للبخيل يُعْطي على الرهبة يَقُول فزعه مِنْك خير لَك من

حبه لَك لِأَنَّهُ إِذا أحبك لم ينفعك وَإِذا رهبك نفعك وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (وانت كَمثل الْجَوْز يمْنَع دره ... صَحِيحا وَيُعْطِي دره حِين يكسر) 872 - قَوْلهم روغي جعار وانظري أَيْن المفر يضْرب مثلا للجبان يفزع فيستكين ويخضع وجعار مثل قطام وحذام وَهُوَ اسْم من أَسمَاء الضبع والروغان الْأَخْذ فِي غير استقامة وَمن أمثالهم فِي الْجُبْن قَوْلهم (أقشعرت شواته) و (اقشعرت ذوائبه) و (وقف شعره) وَنَحْوه قَوْلهم (كَاد يشرق بالريق) إِذا عجز عَن الْكَلَام هَيْبَة وَمن أمثالهم فِي ذمّ الهيبة قَوْلهم (الهيبة خيبة) والعامة تَقول (أم الجبان لَا تفرح وَلَا تحزن) قَالَ الشَّاعِر (لَا تكونن للأمور هيوباً ... فَإلَى خيبة يصير الهيوب) 873 - قَوْلهم رَأس بِرَأْس وَزِيَادَة خَمْسمِائَة يضْرب مثلا فِي الرِّضَا بالحاضر ونسيان الْغَائِب والمثل للفرزدق وَكَانَ فِي بعض الحروب فَقَالَ صَاحب الْجَيْش من جَاءَ بِرَأْس فَلهُ خَمْسمِائَة دِرْهَم فبرز رجل فَقتل رجلا من الْعَدو فَأعْطِي خَمْسمِائَة دِرْهَم ثمَّ برز الثَّانِيَة فَقتل فَبكى أَهله عَلَيْهِ فَقَالَ الفرزدق أما ترْضونَ أَن يكون رَأس بِرَأْس وَزِيَادَة

خَمْسمِائَة دِرْهَم وَمثله مثل لأهل الشَّام يَقُولُونَ (عير بعير وَزِيَادَة عشرَة) وَذَلِكَ أَن كل خَليفَة قَامَ فيهم بعد الآخر زادهم عشرَة فِي اعطياتهم وَالْعير بمعى السَّيِّد وسنشبع القَوْل فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحده 874 - قَوْلهم رويد يعلون الجدد رويد على الْوَعيد نصب بِغَيْر تَنْوِين قَالَ الشَّاعِر (رويد تصاهل بالعراق جيادنا ... كَأَنَّك بِالضحاكِ قد قَامَ نادبه) وَقد مر القَوْل فِي ذَلِك قبل وَقيل الرائد الطَّالِب على الأناة والمهل وَمِنْه قيل للريح الْجَارِيَة على سُكُون رويدانة ويروى (رويد يعدون الجدد) وَالْمعْنَى ارْفُقْ يمكني الْأَمر وَقد ذكرنَا أصل الْمثل فِيمَا تقدم ويعلون يرتفعن ويعدون يتجاوزن يَعْنِي الْخَيل وَيُقَال من رويد أرود 875 - قَوْلهم الرباح مَعَ السماح يُرَاد بِهِ أَن المسامح أَحْرَى أَن ينَال الرِّبْح من المماحك وَيَقُولُونَ (اسمح يسمح لَك) أَي سهل يسهل لَك

876 - قَوْلهم رزق الله لَا كدك يُقَال للرجل ينَال بمعاونته خير فيمتن بِهِ فَيُقَال لَهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك بِاللَّه وَلم يكن بك وَمثله قَول الشَّاعِر (الرزق عَن قدر لَا الضعْف ينقصهُ ... وَلَا يزيدك فِيهِ حول محتال) وَقَالَ غَيره (الرزق عَن قدر يجْرِي إِلَى أجل ... لَا ينْفد الرزق حَتَّى ينْفد الْعُمر) وَقَالَ غَيره (مَا كَانَ من رزقك لَا يفوتك ... حظك مِمَّا تحتويه قوتك) 877 - قَوْلهم ركب المغمضة يُقَال للرجل ذَلِك يركب الامر على غير بَيَان من قَوْلهم غمضت بَصرِي إِذا أطبقته 878 - قَوْلهم رُبمَا أعلم فأذر يضْرب مثلا للرجل يتْرك مَا يحب من غير جَهَالَة وَلَكِن لمسامحة وتكرم وأنشدنا أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن أبي حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي

(وَرب أُمُور قد بريت لحاءها ... وقومت من أصلابها ثمَّ رشتها) (أقيم بدار الحزم مالم أهن بهَا ... فَإِن خفت من دَار هواناً تركتهَا) (وَأصْلح جلّ المَال حَتَّى حسبتني ... بخبلا وَإِن حق عراني أهنتها) (وَلست بولاج الْبيُوت لفاقة ... وَلَكِن إِذا اسْتَغْنَيْت عَنْهَا ولجتها) (إِذا قصرت أَيدي الْكِرَام عَن العلى ... مددت لَهَا باعا طَويلا فنلتها) (وعوراء من قيل امرىء ذِي عَدَاوَة ... تصاممت عَنْهَا بعد أَن قد سَمعتهَا) (رَجَاء غَد أَن يعْطف الود بَيْننَا ... ومظلمة مِنْهُ بجنى عركتها) 879 - قَوْلهم رب رمية من غير رام يضْرب مثلا للمخطىء يُصِيب احيانا وَمثله قَوْلهم (مَعَ الخواطىء مِنْهُم صائب) والصائب الْمُصِيب يُقَال صاب وَأصَاب وَأَصله الْقَصْد يُقَال أصَاب إِذا قصد وَفِي الْقُرْآن (رخاءً حَيْثُ أصَاب) وَيَقُولُونَ (أصَاب الصَّوَاب فَأَخْطَأَ الْجَواب) أَي قصد والصوب وَقع الْمَطَر والصيب الْمَطَر وَهُوَ فيعل مثل سيد وميت 880 - قَوْلهم رب أَكلَة تمنع أكلات يضْرب مثلا للخصلة من الْخَيْر تنَال على غير وَجه الصَّوَاب فَتكون سَببا لمنع أَمْثَالهَا

وَأول من قَالَه عَامر بن الظرب وَأَصله أَن رجلا أكل طَعَاما كثيرا فبشم فَترك الطَّعَام أَيَّامًا ونظمه شَاعِر فَقَالَ (وربت أَكلَة منعت أخاها ... بلذة سَاعَة أكلات دهر) (وربت طَالب يسْعَى لشَيْء ... وَفِيه هَلَاكه لَو كَانَ يدْرِي) وَقَالَ ابْن العلاف (كم أَكلَة خالطت حَشا شَره ... فأخرجت روحه من الْجَسَد) وَقَالَ آخر (كم أَكلَة عرضت للهلك صَاحبهَا ... كحبة الفخ دقَّتْ عنق عُصْفُور) وَذكرنَا حَدِيثه فِي الْبَاب الثَّالِث وَمِنْه أَخذ النَّابِغَة قَوْله (واليأس عَمَّا فَاتَ يعقب رَاحَة ... ولرب مطعمة تعود ذباحا) 881 - قَوْلهم رعى فأقصب يُقَال ذَلِك لمن يسىء رِعَايَة الشَّيْء فيفسده وَأَصله فِي رعي الْإِبِل وَذَلِكَ ان يسىء رعيها وَلَا يشبعها فتقصب عَن المَاء أَي تمْتَنع عَن الشّرْب وبعيرقاصب مُمْتَنع من الْورْد وَصَاحبه مقصب

882 - قَوْلهم رضَا النَّاس غَايَة لَا تبلغ قَالَه الأكثم بن صَيْفِي وَمَعْنَاهُ أَن الرجل لَا يسلم من النَّاس على كل حَال فَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل مَا يصلحه وَلَا يلْتَفت إِلَى قَوْلهم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد الرَّازِيّ قَالَ حَدثنَا الْفضل بن مُحَمَّد الشعراني قَالَ حَدثنَا سنيد بن دَاوُد قَالَ حَدثنَا الْحجَّاج بن مُحَمَّد بن عقبَة بن شَيبَان الهدادي قَالَ كتب النُّعْمَان بن حميضة الْبَارِقي إِلَى أَكْثَم بن صَيْفِي مثل لنا مِثَالا نَأْخُذ بِهِ فَقَالَ قد حلبت الدَّهْر أشطره فَعرفت حلوه ومره عين عرفت فذرفت إِن أَمَامِي مَالا أسامي رب سامع بخبري لم يسمع بعذرى كل زمَان لمن فِيهِ فِي كل يَوْم مَا يكره كل ذِي نصْرَة سيخذل تباروا فَإِن الْبر ينمى عَلَيْهِ الْعدَد كفوا أَلْسِنَتكُم فَإِن مقتل الرجل بَين فَكَّيْهِ إِن قَول الْحق لم يدع لي صديقا لاينفع مَعَ الْجزع التبقي وَلَا ينفع مِمَّا هُوَ وَاقع التوقي ستساق الى مَا انت لَاق فِي طلب الْمَعَالِي يكون الْعِزّ الاقتصاد فِي السعى أبقى للجمام من لم يأس على مَا فَاتَهُ ودع بدنه من قنع بِمَا هُوَ فِيهِ قرت عينه أصبح عِنْد رَأس الْأَمر خير من أَن تصبح عِنْد ذَنبه لم يهْلك من مَالك ماوعظك ويل لعالم أَمر من جاهله الوحشة ذهَاب الْأَعْلَام البطر عِنْد الرخَاء حمق لَا تغضبوا عِنْد الْيَسِير

فَرُبمَا جنى الْكثير لَا تَضْحَكُوا مِمَّا لَا يضْحك مِنْهُ حِيلَة من لَا حِيلَة لَهُ الصَّبْر كونُوا جَمِيعًا فَإِن الْجمع غَالب تثبتوا وَلَا تسارعوا فَإِن أحزم الْفَرِيقَيْنِ الركين رب عجلة تهب ريثاً ادرعوا اللَّيْل واتخذوه جملا فَإِن اللَّيْل أخْفى للويل لَا جمَاعَة لمن اخْتلف قد أقرّ صَامت المكثار كحاطب اللَّيْل من أَكثر أسقط لَا تفَرقُوا فِي الْقَبَائِل فَإِن الْغَرِيب بِكُل مَكَان مظلوم عاقدوا الثروة وَإِيَّاكُم والوشائظ فَإِن الذلة مَعَ الْقلَّة لَو سُئِلت الْعَارِية لقالت أبغي لأهلي ذلاً الرَّسُول مبلغ غير ملوم من فَسدتْ بطانته كَانَ كمن غص بِالْمَاءِ أَسَاءَ سمعا فأساء جابة الدَّال على الْخَيْر كفاعله إِن المسالة من أَضْعَف المكسبة قد تجوع الْحرَّة وَلَا تَأْكُل بثدييها لم يجر سالك الْقَصْد وَلم يعم قَاصد الْحق من شدد نفر وَمن ترَاخى تألف السرو التغافل أوفى القَوْل أوجزه أصوب الْأُمُور ترك الفضول التَّغْرِير مِفْتَاح الْبُؤْس التواني وَالْعجز ينتجان الهلكة لكل شَيْء ضراوة أحْوج النَّاس إِلَى الْغَنِيّ من لَا يصلحه إِلَّا الْغنى وهم الْمُلُوك حب الْمَدْح رَأس الضّيَاع رضَا النَّاس غَايَة لَا تبلغ فَلَا تكره سخط من رِضَاهُ الْجور معالجة العفاف مشقة فتعوذ بِالصبرِ اقصر لسَانك على الْخَيْر وَأخر الْغَضَب فَإِن الْقُدْرَة من ورائك من قدر أزمع ألآم أَعمال المقتدرين الانتقام جَار بِالْحَسَنَة وَلَا تكافىء بِالسَّيِّئَةِ أغْنى النَّاس عَن الحقد من عظم عَن المجازاة من حسد من دونه قل عذره من جعل لحسن الظَّن نَصِيبا روح عَن قلبه عي الصمت أَحْمد من عي الْمنطق النَّاس رجلَانِ محترس ومحترس مِنْهُ

كثير النصح يهجم على كثير الظنة من ألح فِي الْمَسْأَلَة أبرم خير السخاء مَا وَافق الْحَاجة الْعلم مرشد وَترك ادعائه يَنْفِي الْحَسَد الصمت يكْسب الْمحبَّة لن يغلب الْكَذِب شَيْئا إِلَّا غلب عَلَيْهِ الصّديق من الصدْق الْقلب قد يتهم وَإِن صدق اللِّسَان الانقباض عَن النَّاس مكسبة للعداوة وتقريبهم مكسبة لقرين السوء فَكُن من النَّاس بَين الْقرب والبعد فَإِن خير الْأُمُور أوساطها فسولة الوزراء اضر من بعض الْأَعْدَاء خير القرناء الْمَرْأَة الصَّالِحَة عِنْد الْخَوْف حسن الْعَمَل من لم يكن لَهُ من نَفسه زاجر لم يكن لَهُ من غَيره واعظ وَتمكن مِنْهُ عدوه على أَسْوَأ عمله لن يهْلك امْرُؤ حَتَّى يملك النَّاس عتيد فعله ويشتد على قومه ويعجب بِمَا يظْهر من مروءته ويغتر بقوته وَالْأَمر يَأْتِيهِ من فَوْقه لَيْسَ للمختال فِي حسن الثَّنَاء نصيب لَا نَمَاء مَعَ الْعجب إِنَّه من أَتَى الْمَكْرُوه إِلَى أحد بَدَأَ بِنَفسِهِ العي أَن تَتَكَلَّم فَوق مَا تسد بِهِ حَاجَتك لَا يَنْبَغِي لعاقل أَن يَثِق بإخاء من لَا تضطره إِلَى إخائه حَاجَة أقل النَّاس رَاحَة الحقود من تعمد الذِّئْب فَلَا تحل رَحمته دون عُقُوبَته فَإِن الْأَدَب رفق والرفق يمن وَفِي معنى الْمثل مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن أبي حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَت على أحد نعْمَة إِلَّا كَانَ لَهُ حَاسِد وَلَو كَانَ الرجل أقوم من الْقدح لوجد غامزا 883 - قَوْلهم رضيت من الْوَفَاء باللقاء واللقاء الشَّيْء الْقَلِيل يَقُول رضيت بِالْقَلِيلِ من الْوَفَاء لِأَنِّي لَا أجد

كَثِيره عِنْد أحد وَمِنْه أَخذ جحظة قَوْله أنشدناه أَبُو أَحْمد (وليل فِي كواكبه حران ... ونوءهما أعز من الْوَفَاء) 884 - قَوْلهم رمى مِنْهُ فِي الرَّأْس إِذا سَاءَ رَأْيه فِيهِ وَرَأى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ على زِيَاد بن حدير هَيْئَة كرهها فَسلم عَلَيْهِ زِيَاد فَلم يرد عَلَيْهِ فَقَالَ زِيَاد رميت من أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الرَّأْس 885 - قَوْلهم رب شدّ فِي الكرز يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ الْخَفي يُرْجَى أَن يظْهر خَبره بعد وَأَصله أَن رجلا نتج فرسا عتيقاً مهْرا فَوَضعه فِي كرز وعدله بِتُرَاب وَمر على رجل فَقَالَ رب شدّ فِي الكرز والكرز شبه المخلاة أَي سيكبر هَذَا الْمهْر فَيصير فرسا يشد فِي عدوه 886 - قَوْلهم رجلا مستعير أخف من رجْلي مؤد هُوَ مثل قَوْلهم (الْأَخْذ سلجان وَالْقَضَاء ليان) وَقد مر

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها الراء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الرَّاء 887 - أرق من الْهَوَاء 888 - وأرق من المَاء معروفان 889 - وأرق من غرقىء الْبَيْضَة والغرقى القشرة الرقيقة الملتزقة بقشرة الْبَيْضَة من أَسْفَل 890 - وأرق من سحاء القيض والقيض القشر الرَّقِيق فِي أَعلَى الْبيض يُقَال تقيضت الْبَيْضَة إِذا انْكَسَرت وفاضها الطَّائِر وسحاؤه غرقئه أَيْضا 891 - وأرق من رِدَاء الشجاع يَعْنِي بِهِ سلخ الْحَيَّة والشجاع ضرب من الْحَيَّات وَالْجمع شجعان

892 - وأرق من ريق النَّحْل يَعْنِي الْعَسَل 893 - وأرق من دمع الْغَمَام مَعْرُوف 894 - وأرق من رقراق السراب يَعْنِي لمعانه 895 - وأروى من نعَامَة لِأَنَّهَا لَا تُرِيدُ المَاء فَإِن رَأَتْهُ شربته عَبَثا 896 - وأروى من ضَب لِأَنَّهُ لَا يشرب المَاء أصلا فَإِذا عَطش فتح فَاه واستقبل الرّيح فَذَلِك ريه

897 - وأروى من حَيَّة لِأَنَّهَا تكون فِي القفر لَا ترى المَاء وَلَا تشربه 898 - وأروى من الْحُوت قيل لِأَنَّهُ لَا يشرب المَاء وَقد مر القَوْل فِيهِ قبل 899 - وأروى من بكر هبنقة وَهُوَ الَّذِي يحمق وَكَانَ بكره يصدر عَن المَاء مَعَ الصَّادِر وَقد روى ثمَّ يرد مَعَ الْوَارِد قبل أَن يصل إِلَى الْكلأ 900 - وأروى من معجل أسعد وَهُوَ رجل وَقع فِي غَدِير فَجعل يُنَادي ابْن عَم لَهُ يُقَال لَهُ أسعد وَيَقُول وَيلك ناولني شَيْئا أشْرب بِهِ ويغوص حَتَّى غرق وَقيل (أروى من معجل أسعد) مشدد قيل والمعجل الَّذِي يحلب الْإِبِل حلبة ثمَّ يحدرها إِلَى أهل المَاء قبل أَن ترد و (أسعد) فِي هَذَا الْمثل قَبيلَة

901 - أروغ من ثعالة 902 - وأروغ من ثَعْلَب مَعْرُوف 903 - أرجل من خف يَعْنِي بِهِ خف الْبَعِير 904 - وأرجل من حافر 905 - وارسب من حِجَارَة معروفان 906 - أرزن من أبان وَهُوَ جبل وأرزن أثقل 907 - وأرزن من النضار وَهُوَ الذَّهَب

908 - أرمى من ابْن تقن وَقد مر حَدِيثه مَعَ لُقْمَان بن عَاد 909 - أرمى من فطْرَة رجل مَعْرُوف بالإصابة فِي الرَّمْي 910 - أرخص من التُّرَاب مَعْرُوف 911 - أرسح من ضفدع والرسح خفَّة الْعَجز 912 - أرفع من السَّمَاء مَعْرُوف

فهرسته

الْبَاب الْحَادِي عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله زَاي فهرسته زاحم بِعُود أودع زوج من عود خير من قعُود زرغبا تَزْدَدْ حبا فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الزَّاي أزنى من قرد أزنى من هجرس أزنى من هر أزنى من سجَاح أزهى من غراب أزكن من إِيَاس تَفْسِير الْبَاب الْحَادِي عشر 913 - قَوْلهم زاحم بِعُود اودع يضْرب مثل للرجل حنكته السن حَتَّى تثقف وتيقظ وَمَعْنَاهُ اسْتَعِنْ على أَمرك بِرَجُل لَهُ تجربة وحزم أودع الِاسْتِعَانَة وَالْعود أَصله من الْإِبِل وَهُوَ المسن مِنْهَا وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يَقُول (رأى الشَّيْخ أحب

إِلَى من مشْهد الْغُلَام) وَقيل لَا يتم الْعقل الْمَخْلُوق إِلَّا بِالْعقلِ المكتسب وَمن لم يكن لَهُ تجربة لم يصب تَدْبيره وَلم يكمل لفصل الْأُمُور 914 - قَوْلهم زوج من عود خير من قعُود الْمثل لبِنْت ذِي الإصبع العدواني وَكَانَ لَهُ أَربع بَنَات فَعرض عَلَيْهِنَّ التَّزْوِيج فَقُلْنَ خدمتك وقربك أحب إِلَيْنَا ثمَّ أشرف عَلَيْهِنَّ من حَيْثُ لَا يشعرن بِهِ فَسمع وَاحِدَة مِنْهُنَّ تَقول لتقل كل وَاحِدَة مِنْكُن مَا فِي نَفسهَا فَقَالَت الْكُبْرَى (أَلا هَل ترَاهَا مرّة وضجيعها ... أَشمّ كنصل السَّيْف غير حقلد) (بصبر بأدواء النِّسَاء وَأَصله ... إِذا مَا انْتَمَى من أهل بَيْتِي ومحتدي) فَقُلْنَ أَنْت تريدين ذَا قرَابَة قد عَرفته وَقَالَت الثَّانِيَة (أَلا لَيْت زَوجي من أنَاس أولي عدىً ... حَدِيث الشَّبَاب طيب الثَّوْب والعطر) (لصوق بأكباد النِّسَاء كَأَنَّهُ ... خَلِيقَة جَان لَا ينَام على هجر) فَقُلْنَ لَهَا أَنْت تريدين فَتى لَيْسَ من أهلك ثمَّ قَالَت الثَّالِثَة (أَلا ليته يكسو الْجمال نديه ... لَهُ جَفْنَة يشقى بهَا النيب والجزر) (لَهُ حكمات الدَّهْر من غير كبرة ... تشين فَلَا فان وَلَا ضرع غمر) فَقُلْنَ لَهَا أَنْت تريدين رجلا سيداً وقلن للرابعة قولي فَقَالَت

(زوج من عود خير من قعُود) فزوجهن وتركهن سنة ثمَّ أَتَى الْكُبْرَى فَقَالَ كَيفَ زَوجك فَقَالَت خير زوج يكرم الحليلة وَيُعْطِي الْوَسِيلَة قَالَ فَمَا مالكم قَالَت خير مَال الْإِبِل نشرب أَلْبَانهَا جرعاً وَنَأْكُل لحمانها مزعاً وتحملنا وضعفتنا مَعًا قَالَ زوج كريم وَمَال عميم ثمَّ أَتَى الثَّانِيَة فَقَالَ كَيفَ زَوجك قَالَت خير زوج يكرم عرسه وينسى فَضله قَالَ فَمَا مالكم قَالَت خير مَال الْبَقر تألف الفناء وتملأ الْإِنَاء وتودك السقاء وَنسَاء مَعَ نسَاء قَالَ حظيت ورضيت ثمَّ أَتَى الثَّالِثَة فَقَالَ كَيفَ زَوجك قَالَت لَا سمح بذر وَلَا بخيل حكر قَالَ فَمَا مالكم قَالَت المعزى لَو كُنَّا نولدها فطما ونسلخها أدماً لم نبغ بهَا نعما قَالَ جذوة مغنية ثمَّ اتى الصُّغْرَى فَقَالَ لَهَا كَيفَ زَوجك قَالَت شَرّ زوج يكرم نَفسه ويهين عرسه قَالَ فَمَا مالكم قَالَت شَرّ مَال الضَّأْن جَوف لَا يشبعن وهيم لَا ينقعن وصم لَا يسمعن وَأمر مغويتهن يتبعن فَقَالَ (أشبه امْرأ بعض بزه) أَي مَاله مثله الجرعة شَيْء يبْقى فِي الْإِنَاء والمزعة شَيْء يبْقى من الشَّحْم والحكر الممسك فلَان يحتكر الطَّعَام والعميم التَّام الْعَظِيم وَقَالَ أحيحة فِي نخل اشْتَرَاهُ فعذله قومه فَقَالَ (فَعم لعمكم نَافِع ... وطفل لطفلكم يؤمل) وَنسَاء مَعَ نسَاء أَي الْبَقر كَأَنَّهُ نسَاء مَعَ نسَاء من إلفها والفطم جمع فطم والأدم جمع إدام يَقُول لَو أَنا فطمناها عِنْد الْولادَة وسلخناها للإدام من

الْحَاجة لم نبغ بهَا إبِلا وينقعن يروين و (أَمر مغويتهن يتبعن) أَي إِذا وَقعت احداهن فِي هوة تبعنها فوقعن فِيهَا 915 - قَوْلهم زر غبا تَزْدَدْ حبا الْمثل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد المخرمي قَالَ حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد قَالَ حَدثنَا الْمُعْتَمِر عَن طَلْحَة عَن عَمْرو بن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (زر غبا تَزْدَدْ حبا) وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء (وَقد قَالَ النَّبِي وَكَانَ برا ... إِذا زرت الحبيب فزره غبا) وَأنْشد أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد (عَلَيْك بإغباب الزِّيَارَة إِنَّهَا ... تكون إِذا دَامَت إِلَى الهجر مسلكاً) (فَإِنِّي رَأَيْت الْغَيْث يسأم دائباً ... وَيسْأل بِالْأَيْدِي إِذا هُوَ أمسكا) وَقَالَ غَيره (أقلل زيارتك الحبيب ... تكون كَالثَّوْبِ استجده) (وأمل شَيْء لامرىء ... أَلا يزَال يراك عِنْده) وَالْغِب أَن تزور يَوْمًا وَتَدَع االزيارة يَوْمًا وَقد أغب الزِّيَارَة والغاب من اللَّحْم مَا قد بَات لَيْلَة وغب الشَّيْء ومغبته عاقبته وغب الْمَطَر أول أَوْقَات انْقِطَاعه

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل اصولها الزاي

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الزَّاي 916 - أزنى من قرد قيل هُوَ رجل من هُذَيْل 917 - أزنى من هجرس وَهُوَ القرد وَيُقَال الدب 918 - وأزنى من هر قيل هِيَ امراة يَهُودِيَّة من حَضرمَوْت شمتت بِمَوْت رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام فَقطع المُهَاجر بن أبي أُميَّة يَدهَا 919 - وأزنى من سجَاح وَهِي امْرَأَة من بني تَمِيم ادَّعَت النُّبُوَّة وسارت إِلَى مُسَيْلمَة لتناظره فَوهبت لَهُ نَفسهَا

920 - أزهى من غراب من الزهو أعنى الْكبر وَهُوَ أَنه إِذا مَشى يختال 921 - وأزهى من وعل وَهُوَ التيس الْجبلي واشتقاق اسْمه من الوعلة وَهُوَ الْمَكَان المنيع 922 - وازهى من واشمة استها قد تقدّمت قصَّتهَا 923 - ازكن من اياس وَهُوَ إِيَاس بن مُعَاوِيَة وَكَانَ تولى قَضَاء الْبَصْرَة لعمر بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ أزكن النَّاس رأى أثر اعتلاف بعير فَقَالَ هَذَا بعير أَعور فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ رَأَيْت أَثَره من جَانب وَسمع من بعد نباح كلاب فَقَالَ فِيهَا كلب مربوط على شَفير بِئْر فنظروا فَإِذا الْأَمر كَذَلِك فَسئلَ عَنهُ فَقَالَ سَمِعت لنباحه دوياً فِي مَكَان وَاحِد والزكن الظَّن وَقيل الْعلم وَقيل التَّشْبِيه يُقَال زكن علهم تزكيناً إِذا شبه عَلَيْهِم

فهرسته

الْبَاب الثَّانِي عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله سين فهرسته سبني واصدق سكت ألفا ونطق خلفا السِّرّ أَمَانَة سرك من دمك سبق السَّيْف العذل سَفِيه لم يجد مسافهاً ساواك عبد غَيْرك السعيد من وعظ بِغَيْرِهِ سامه سوم عَالَة سميت هانئاً لتهنأ سِيرِين فِي خرزة سقط الْعشَاء بِهِ على سرحان سرق السَّارِق فانتحر سَوَاء علينا قاتلاه وسالبه سبق درته غراره سبق سيله مطره سمنهم فِي أديمهم سيل بِهِ وَهُوَ لَا يدْرِي سَوَاء هُوَ والعدم سرعَان ذِي إهالة سد ابْن بيض الطَّرِيق السُّكُوت أَخُو الرِّضَا سيد الْقَوْم أشقاهم سَامِعًا دَعَوْت سكنت رِيحه سهم عَلَيْك وَسَهْم لَك سواسية كأسنان الْحمار سَوَاء كأسينان الْمشْط سلكى ومخلوجة سأكفيك مَا كَانَ قولا سمن كلبك يَأْكُلك سوء الاستمساك خير من حسن الصرعة سداد من عوز فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا السِّين أسْرع من عدوى الثوباء أسْرع من السم الْوَحْي اسرع من تلمظ الورل أسْرع من المهثهثة أسْرع من فريق الْخَيل أسْرع من الخدروف

تفسير الباب الثاني عشر

اسرع من غَضبى فاسية أسْرع من نِكَاح أم خَارِجَة اسرع من العير اسرع من لمع الْأَصَم أسْرع من حداجة أسمع من دُلْدُل اسْمَع من فرس أسمع من سمع اسْمَع من قراد أسمح من لافظة أسمح من مخة الرير أسأَل من فلحس أسأَل من قرثع أسرق من شظاظ أسرق من تاجة أسرق من ذُبَابَة أسلط من سلقة أسهل من جلذان أسلح من حبارى أسلح من دجَاجَة أسبح من النُّون أَسِير من الشّعْر أسرى من جَراد أسرى من أنقد أسعى من رجل أسهر من قطرب أسهر من جدجد أسمن من يعر تَفْسِير الْبَاب الثَّانِي عشر 924 - قَوْلهم سبنى واصدق يُقَال ذَلِك فِي الحض على الصدْق وَالنَّهْي عَن الْكَذِب يَقُول لَا أُبَالِي أَن تسبني بِمَا أعرفهُ من نَفسِي فجنبني الْكَذِب وَإِن كَانَ نَافِعًا وَعَلَيْك بِالصّدقِ وَإِن كَانَ ضاراً وَهَذَا خلاف مَا قَالَ الْأَحْنَف الصدْق فِي بعض الْمَوَاضِع عجز 925 - قَوْلهم سكت ألفا ونطق خلفا يضْرب مثلا للرجل يُطِيل الصمت ثمَّ يتَكَلَّم بالخطاً وَالْخلف الرَّدِيء

من القَوْل وَكَانَ للأحنف بن قيس جليس طَوِيل الصمت فاستنطقه يَوْمًا فَقَالَ أتقدر يَا أَبَا بَحر أَن تمشي على شرف الْمَسْجِد فَقَالَ الْأَحْنَف (سكت الْفَا ونطف خلفا) وَأَصله أَن أَعْرَابِيًا حبق بَين جمَاعَة فَأَشَارَ بإبهامه نَحْو استه وَقَالَ إِنَّهَا خلف نطقت خلفا 926 - قَوْلهم السِّرّ امانة 927 - وَقَوْلهمْ سرك من دمك الْمَعْنى أَنَّك رُبمَا أفشيت سرا فَكَانَ فِيهِ حتفك وَمِنْه أَخذ أَبُو محجن قَوْله (لَا نسْأَل النَّاس مامالي وكثرته ... وَسَائِل الْقَوْم عَن مجدي وَعَن خلقي) (قد يعلم الْقَوْم أَنِّي من سراتهم ... إِذا سما بصر الرعديدة الْفرق) (أعْطى السنان غَدَاة الروع نحلته ... وعامل الرمْح أرويه من العلق) (وأطعن الطعنة النجلاء عَن عرض ... تَنْفِي المسابير بالإزباد والفهق) (وأكشف المأزق المكروب غمته ... وأكتم السِّرّ فِيهِ ضَرْبَة الْعُنُق) وَقَالَ عَامر الخزرجي (إِذا أَنْت لم تجْعَل لسرك جنَّة ... تعرضت أَن تروي عَلَيْك الْعَجَائِب)

وَمن أمثالهم فِي ذَلِك قَول الآخر (وسرك مَا كَانَ عِنْد امرىء ... وسر الثَّلَاثَة غير الْخَفي) وَقَول سَابق الْبَرْبَرِي (أَلا كل سر جَاوز اثْنَيْنِ شَائِع ... ) وَقَول الآخر (وَلَا تفش سرك إِلَّا إِلَيْك ... فَإِن لكل نصيح نصيحاً) 928 - قَوْلهم سبق السَّيْف العذل قد مر تَفْسِيره وَحَدِيثه فِيمَا تقدم 929 - قَوْلهم سَيْفه لم يجد مسافهاً قيل الْمثل لِلْحسنِ بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَه لعَمْرو بن الزبير وَكَانَ عَمْرو بن الزبير ذَاهِبًا بِنَفسِهِ شامخاً بِأَنْفِهِ فَكَانَ إِذا شَتمه إِنْسَان أعرض عَنهُ إِعْرَاض من لَا يعبأ بالشتم فشتم عَمْرو يَوْمًا الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ (سَفِيه لم يجد مسافهاً) وَسكت فَقَالَ عَمْرو لم سكت قَالَ لما تسكت لَهُ يُرِيد أَن المتناهي فِي الشّرف لَيْسَ لَهُ من يسابه وَإِنَّمَا يتساب النظراء وَمِنْه قَول الشَّاعِر (لَا تسبنني فلست بسبي ... إِن سبي من الرِّجَال الْكَرِيم)

وَقَالَ الفرزدق (وَلَيْسَ بِنصْف أَن أسب مقاعساً ... بآبائي الشم الْكِرَام الخضارم) (وَلَكِن نصفا أَن سببت وسبني ... بَنو عبد شمس من منَاف وهَاشِم) (أُولَئِكَ قوم إِن هجوني هجوتهم ... وأعبد أَن أهجو كليباً بدارم) وَمن أمثالهم فِي السَّفه قَوْلهم (خَابَ قوم لَا سَفِيه لَهُم) وَقَوْلهمْ (إِن السَّفِيه إِذا لم ينْه مَأْمُور) وَنَحْو الْمثل قَول الشَّاعِر (وَكن ذَا تقى لله لَا شَيْء كالتقى ... وحلم أصيل واخلط الْحلم بِالْجَهْلِ) 930 - قَوْلهم ساواك عبد غَيْرك والعامة تَقول فِي مَعْنَاهُ عبد غَيْرك حر مثلك وَيُقَال فِي قريب من مَعْنَاهُ (من لَا يعلك فَلَا يهْلك) 931 - قَوْلهم السعيد من وعظ بِغَيْرِهِ من قَول الْحَارِث بن كلدة (إِن اختيارك لَا عَن خبْرَة سلفت ... الا الرَّجَاء وقدما يخطىء الْبَصَر) (كالمستغيث بِبَطن السَّيْل يحسبه ... حرْزا يبادره إِذا بله الْمَطَر) (فقد رَأَيْت بِعَبْد الله واعظةً ... تنْهى الْحَلِيم فَمَا أنساني الْغرَر)

(إِن السعيد لَهُ فِي غَيره عظة ... وَفِي الْحَوَادِث تحكيم ومعتبر) (لَا أعرفنك أَن أرْسلت قافيةً ... تلقى المعاذير إِن لم ينفع الْعذر) 932 - قَوْلهم سامه سوم عَالَة يُقَال ذَلِك للرجل يعرض عَلَيْك الشَّيْء عرضا غير مُحكم وَأَصله فِي الابل فد نهلت ثمَّ علت فَإِذا أردْت أَن تعرض عَلَيْهَا الْحَوْض عرضت عرضا غير مبالغ فِيهِ والنهل الشربة الأولى والعلل الشربة الثَّانِيَة يُقَال انهلتها ونهلت هِيَ وعللتها وعلت هِيَ 933 - قَوْلهم سميت هائنا لتهنأ الهانىء الْمُعْطِي هنأته أَعْطيته وَالِاسْم الهنء وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا قدمت وسودت لتفعل أَفعَال السَّادة الْمُتَقَدِّمين وأظن الشَّاعِر قد أَخذ قَوْله فَقَالَ (أتمنع سُؤال الْعَشِيرَة بعد مَا ... تسميت عمرا واكتنيت أَبَا بَحر) من هَذَا الْمثل وَقَالَ الْأَصْمَعِي يضْرب مثلا للرجل يُرَاد بِهِ أَن يكون مَا يخرج من بَين يَدَيْهِ هنياً أَي إِنَّمَا طلب إِلَيْك لتسهل والهانىء أَيْضا المصلح وَقد هنأت الْأَمر أصلحته وَقَالَ عدي بن زيد (نحسن الهنء إِذا استهنأتنا ... ودفاعا عَنْك بِالْأَيْدِي الْكِبَار)

934 - قَوْلهم سِيرِين فِي خرزة يضْرب مثلا فِي اغتنام الفرصة يَقُول إِن أمكنك أَن تجمع بَين حاجتين فِي حَاجَة فافعل قَالَ أَبُو هِلَال رَحمَه الله فافعل هَذَا إِذا كَانَ الْأَمر خلساً فَأَما من كَانَ فِي سَعَة من وقته وَإِمْكَان من أمره فَيَنْبَغِي أَن يفرغ من حَاجَة ثمَّ يبْدَأ بِأُخْرَى ليجري أمرهَا على النظام أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر قَالَ كَانَ دَاوُد بن عَليّ يتقلد الْكُوفَة وأعمالها فَدفع إِلَيْهِ طريح بن إِسْمَاعِيل رقْعَة فِي حَاجَة فَقَالَ نقضي حَاجَتك مَعَ حَاجَة فلَان فَقَالَ طريح يُرِيد دَاوُد بن عَليّ (تخل لحاجتي وَاشْدُدْ قواها ... فقد أضحت بِمَنْزِلَة الضّيَاع) (إِذا أرضعتها بلبان اخرى ... أضربها مُشَاركَة الرَّضَاع) (ودونك فاغتنم حمدي وشكري ... وأشفق من مكاشفة القناع) فَقضى حَاجته من وقته وَنصب (سِيرِين) على إِضْمَار فعل أَرَادَ اجْمَعْ بَين سِيرِين 935 - قَوْلهم سقط الْعشَاء بِهِ على سرحان يضْرب مثلا للْحَاجة تُؤدِّي صَاحبهَا إِلَى التّلف وَأَصله أَن رجلا خرج يتلمس الْعشَاء فَوَقع على سرحان وَهُوَ الذِّئْب وَالْجمع السراحين وروى

أَن يزِيد بن رُوَيْم قَالَ لِابْنِهِ وَقد أراح إبِله ذَات عَشِيَّة بئس مَا عشيتها ردهَا إِلَى مرعاها فَقَالَ الْغُلَام أَظن وَالله أَن سيبيت لَهَا رب غَيْرك ومعش غَيْرِي فنفض ثَوْبه فِي وَجههَا فَعَادَت إِلَى مرعاها فأتيح لَهَا سرحان بن أَرْطَأَة بن حَنش فساقها وَأَرْدَفَ الْغُلَام وَجعل يشد بِهِ فَأَنْشَأَ الْغُلَام يَقُول (يَا لهف أم لي عَليّ حزينة ... ذكرى لَهَا شجن من الأشجان) (إِن الَّذِي ترجين نفع إيابه ... سقطا الْعشَاء بِهِ على سرحان) (سقط الْعشَاء بِهِ على متقمر ... ماضي الْجنان معاود التطعان) والمتقمر الَّذِي يَأْخُذ الشَّيْء غصبا وَغَلَبَة 936 - قَوْلهم سرق السَّارِق فانتحر يضْرب مثلا للرجل ينتزع من يَده مَا لَيْسَ لَهُ فيجزع يُقَال سرقت الرجل وسرقت مِنْهُ كَمَا يُقَال وزنته ووزنت لَهُ والانتحار أَن ينْحَر الرجل نَفسه وَمعنى النَّحْر هَاهُنَا كَاد ينتحر وَيَقُولُونَ فلَان يقتل نَفسه من الغيظ اي كَاد يَقْتُلهَا 937 - قَوْلهم سَوَاء علينا قاتلاه وسالبه الْمثل فِي شعر الْوَلِيد بن عقبَة أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن

أبي زيد عَن عَليّ بن مُحَمَّد بن مخنف عَن خَالِد بن قطن عَن أَبِيه قَالَ لما قتل عُثْمَان أرسل عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام فَأخذ مَا كَانَ فِي دَاره من سلَاح وإبل من إبل الصَّدَقَة فَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة (بني هَاشم كَيفَ الهوادة بَيْننَا ... وَعند عَليّ سَيْفه ونجائبه) (قتلتم أخي كَيْمَا تَكُونُوا مَكَانَهُ ... كَمَا غدرت يَوْمًا بكسرى مرازبه) (ثَلَاثَة رَهْط قاتلان وسالب ... سَوَاء علينا قاتلاه وسالبه) وَزَاد غَيره (معاوي إِن الْملك قد جب غاربه ... وَأَنت بِمَا فِي كفك الْيَوْم صَاحبه) (أَتَاك كتاب من عَليّ بِخَطِّهِ ... هُوَ الْفَصْل فاختر سلمه أَو تحاربه) (وَلَا ترج عِنْد الواتريك هوادة ... وَلَا تأمن الْخصم الَّذِي أَنْت راهبة) (وألق الى الْحَيّ اليمانين خطةً ... تنَال بهَا الْأَمر الَّذِي أَنْت طَالبه) (تَقول أَمِير الْمُؤمنِينَ أَصَابَهُ ... عَدو أعانته عَلَيْهِ أَقَاربه) (أفانين مِنْهُم قَاتل ومحضض ... بِلَا ترة كَانَت وَآخر سالبه) (فأقلل وَأكْثر مَالهَا الْيَوْم صَاحب ... سواك فَصرحَ لست مِمَّن يواربه) 938 - قَوْلهم سبق درته غراره يضْرب مثلا فِي تَعْجِيل الشَّيْء قبل أَوَانه وَفِي الِابْتِدَاء بالإساءة قبل

الْإِحْسَان والغرار قلَّة اللَّبن ودرته كثرته يَقُول سبق قلته كثرته وَالْمعْنَى سبق شَره خَيره وَهَكَذَا قَوْلهم (سبق سيله مطره) وَنَحْوه قَول أبي تَمام (من النكبات الناكبات عَن الْهوى ... فمحبوبها يمشي ومكروهها يعدو) وَقَول بعض الْمُحدثين (وتعجبنا الرُّؤْيَا فجل حديثنا ... إِذا نَحن أَصْبَحْنَا الحَدِيث عَن الرُّؤْيَا) (فَإِن حسنت لم تأت عجلى وأبطأت ... وَإِن قبحت لم تحتبس وَأَتَتْ عجلى) 939 - قَوْلهم سمنهم فِي أديمهم يضْرب مثلا للرجل خَيره لَا يتجاوزه وَهُوَ نَحْو قَول الحطيئة (دع المكارم لَا ترحل لبغيتها ... واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي) وَقَالَ بَعضهم (ترحل فَمَا بغداذ دَار إِقَامَة ... وَلَا عِنْد من أَمْسَى ببغداذ طائل) (مَحل أنَاس سمنهم فِي أديمهم ... وَكلهمْ من حِيلَة الْمجد عاطل) (وَلَا غرو أَن شلت يَد الْمجد والعلى ... وَقل سماح من رجال ونائل) (إِذا غضغض الْبَحْر الغطامط مَاؤُهُ ... فَغير عَجِيب أَن تغيض الجداول)

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الْأَدِيم المأدوم من الطَّعَام أَي جعلُوا سمنهم فِيهِ وَلم يفضلوا بِهِ وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَصله فِي قوم سافروا وَمَعَهُمْ نحي من السّمن فانصب على أَدِيم كَانَ لَهُم فكرهوا ذَلِك فَقيل لَهُم مَا نقص من سمنكم زَاد فِي اديمكم 940 - قَوْلهم سيل بِهِ وَهُوَ لَا يدْرِي يضْرب مثلا للرجل يلْحقهُ الضَّرَر فِيمَا يَخُصُّهُ وَهُوَ غافل وَيُقَال سَالَ المَاء يسيل سيلاً ثمَّ كثر حَتَّى سمي المَاء السَّائِل سيلاً بِالْمَصْدَرِ وَقَالَ أَبُو نخيلة (أَنا ابْن حزن وَأَبُو نخيله ... ويل لمن ملت عَلَيْهِ ميله) (أَو سَالَ من يجْرِي عَلَيْهِ سيله ... أَقتلهُ بالهم تِلْكَ اللَّيْلَة) 941 - قَوْلهم سَوَاء هُوَ والعدم يضْرب مثلا للرجل سَوَاء تَجدهُ وَلَا تَجدهُ لِأَنَّك لَا تصيب عِنْده خيرا وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (سألناه الدفاع لنا فَكَانَت ... شَهَادَته وغيبته سَوَاء) وَقلت (يَا عليماً فِي ادِّعَاء ... وجهولاً فِي امتحان)

(وَفَقِيرًا وَهُوَ مثر ... وبعيداً وَهُوَ دَان) (ووضيعاً فِي فؤاد ... ورفيعاً فِي عيان) (أَنْت كالمصلوب يَعْلُو ... وَهُوَ منحط الْمَكَان) وَقلت (قل خير ابْن قَاسم ... فغناه كَعَدَمِهِ) (كَاد يعديك لؤمه ... لَو تسميت باسمه) 942 - قَوْلهم سرعَان ذِي إهالةً يُرَاد بِهِ مَا أسْرع مَا كَانَ هَذَا الْأَمر وَأَصله أَن رجلا الْتقط شَاة عجفاء فَألْقى بَين يَديهَا كلأً فرآها يسيل رغامها فَظن أَنه ودك فَقَالَ (سرعَان ذِي إهالةً) والإهالة الودك وَذي بِمَعْنى هَذِه وَقد يُقَال (وشكان) وَهُوَ مَبْنِيّ على الْفَتْح وَمَوْضِع ذِي رفع وإهالةً تَمْيِيز وَالْمعْنَى من إهالة 943 - قَوْلهم سد ابْن بيض الطَّرِيق يضْرب مثلا للْحَاجة يحول دونهَا حَائِل وَأَصله مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن أبي زيد قَالَ ابْن بيض رجل من العمالقة وَيُقَال من عَاد كَانَ لُقْمَان يجيره فِي تِجَارَته وَيُعْطِيه كل عَام ألفا وحلة وَجَارِيَة فَلَمَّا حضر ابْن بيض الْوَفَاة قَالَ لِابْنِ لَهُ لَا تجاورن لُقْمَان فِي أرضه فَإِنِّي أخافه على مَالك

واخرج بأهلك وَمَالك سرا مِنْهُ فَإِذا صرت إِلَى عقبَة كَذَا فضع حَقه عَلَيْهَا فَإِن اقْتصر عَلَيْهِ فحقه وَإِن تعداه إِلَى مَالك أَخذه الله فَفعل الرجل وَتَبعهُ لُقْمَان فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْعقبَة وجد حَقه فَأَخذه وَانْصَرف وَقَالَ (سد ابْن بيض الطَّرِيق) فَذَهَبت مثلا وَقَالَ عَمْرو بن الْأسود الطهوي (سددنا كَمَا سد ابْن بيض فَلم يكن ... سواهَا لَدَى أَحْلَام قومِي مَذْهَب) وَقَالَ المخبل (لقد سد السَّبِيل أَبُو حميد ... كَمَا سد المخاطبة ابْن بيض) وَأَبُو حميد بغيض بن شماس وَقَالَ عَوْف بن الْأَحْوَص (سددنا كَمَا سد ابْن بيض سَبيله ... فَلَمَّا يجد فَوق الثَّنية مطلعا) وَقَالَ بشامة (كَثوب ابْن بيض وقاهم بِهِ ... فسد على السالكين السبيلا) وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَصله أَن ابْن بيض عقر على ثنية نَاقَة فَمنع من سلوكها

944 - قَوْلهم السُّكُوت أَخُو الرِّضَا أَظن أَصله من قَول حسان بن ثَابت حِين قتل عُثْمَان قَالَ لبَعْضهِم تزْعم انك قتلته نعم مَا قتلته وَلَكِنَّك خذلته والخاذل أَخُو الْقَاتِل وَالسُّكُوت أَخُو الرِّضَا وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (بني تَمِيم أَلا فانهوا سفيهكم ... إِن السَّفِيه ان لم ينْه مامور) 945 - قَوْلهم سيد الْقَوْم اشقاهم لِأَنَّهُ يمارس الشدائد دون عشيرته فَيُقَاتل عَن الْعَاجِز وَيتَكَلَّم عَن العي وَيحمل عَن الْغَارِم ويتجافى عَن الْوَاجِب لَهُ ويتبرع بِمَا لَا يلْزمه وَقَالَ السموءل (وَلَا ألحى على الْحدثَان قومِي ... على الْحدثَان مَا تبنى الْبيُوت) أَي لَا ألوم قومِي على ان يجنوا عَليّ لأَنهم إِنَّمَا سودوني ليجنوا عَليّ فأحتمل وبيوت الشّرف تبنى على الْحدثَان وَالْقِيَام بِهِ 946 - قَوْلهم سَامِعًا دَعَوْت يُخَاطب بِهِ الرجل الرجل قد أمره بِشَيْء فَظن أَنه لم يفهمهُ وَقد مر خَبره

947 - قَوْلهم سكنت رِيحه وَإنَّهُ لساكن الرّيح أَي وادع مستريح (وَذَهَبت رِيحه) إِذا ولى أمره وَفِي الْقُرْآن {وَتذهب ريحكم} وَالرِّيح الْغَلَبَة 948 - قَوْلهم سهم عَلَيْك وَسَهْم لَك يذكر ذَلِك فِي الْبَاب الثَّالِث عشر إِن شَاءَ الله تَعَالَى 949 - قَوْلهم سواسية كأسنان الْحمار أَي مستوون فِي الشَّرّ فَلَا يُقَال سواسية إِلَّا فِي الشَّرّ قَالَ بَعضهم سواسية جمع سَوَاء على غير قِيَاس وَالصَّحِيح أَن سَوَاء لَا يجمع لِأَنَّهُ فِي مَذْهَب الْفِعْل فَإِن احتجت إِلَى جمعه جمعته على أسوية وَقَالَ الْأَصْمَعِي لَا نَعْرِف لسواسية وَاحِدًا وَإِنَّمَا هِيَ كلمة مَوْضُوعَة مَوضِع سَوَاء وَاسْتعْمل فِي الشَّرّ وَالْمَكْرُوه والمثل الْعَام فِي الْخَيْر وَالشَّر قَوْلهم (سَوَاء كأسنان الْمشْط) وَأول من تكلم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا إِسْحَاق بن أبي حسان قَالَ حَدثنَا احْمَد بن الْحوَاري قَالَ حَدثنَا بكار بن شُعَيْب عَن ابْن أبي حَازِم عَن أَبِيه

سهل بن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّمَا النَّاس كأسنان الْمشْط وَإِنَّمَا يتفاضلون بالعافية) قَالُوا الْعَافِيَة الرَّحْمَة وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وَقد وقف على أهل الْقُبُور فَقَالَ (السَّلَام عَلَيْكُم ديار قوم مُؤمنين أَنْتُم لنا سلف وَنحن لكم تبع أسأَل الله لنا وَلكم الْعَافِيَة) يَعْنِي الرَّحْمَة وَقَالَ الشَّاعِر (شبابهم وشيبهم سَوَاء ... وهم فِي اللؤم أَسْنَان الْحمار) وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلكُمْ بَنو آدم طف الصَّاع لَيْسَ لأحدكم على أحد فضل إِلَّا بالتقوى وَالنَّاس كإبل مائَة لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَة) وَتَأْويل هَذِه الْأَحَادِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث وَالنَّاس على عصبية العشائر وتحزب الْقَبَائِل وَالْفَخْر بالمآثر فَكَانُوا يَأْخُذُونَ دِيَة الْقَتِيل على قدر أسرته فَرُبمَا ودوا رجلا دِيَة رجلَيْنِ وَثَلَاثَة فِي الْخَطَأ وودوا اثْنَيْنِ دِيَة وَاحِد وَرُبمَا قتلوا بِالْوَاحِدِ عددا كثيرا فِي الْعمد وَرُبمَا اتّفق الْفَرِيقَانِ على ان تكون عِنْدهم فِي الْعمد الدِّيَة كقريظة وَالنضير فأعلمهم انه لَا فضل لأحد على اُحْدُ فِي أَحْكَام الدّين وَلَو حمل الحَدِيث على ظَاهره بَطل أَن يكون لأحد على أحد فضل فِي أُمُور الدُّنْيَا فَلَا يكون فِيهَا شرِيف وَلَا مشروف وَلَا سيد وَلَا مسود فَيبْطل معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(إِذا أَتَاكُم كريم قوم فأكرموه) وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقيس بن عَاصِم (هَذَا سيد أهل الْوَبر) وَقَوله (الْحسب المَال وَالْكَرم التَّقْوَى) إِلَى غير ذَلِك مِمَّن يجرى مجْرَاه 590 - قَوْلهم سلكى ومخلوجة السلكى المستوية والمخلوجة المعوجة وَأَصله فِي الطعْن قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (نطعنهم سلكى ومخلوجة ... لفتك لأمين على نابل) شبه اخْتِلَاف الطعنتين بسهمين تأخذهما فتنظر إِلَيْهِمَا ثمَّ تطرحهما من يدك فيقعان فِي الأَرْض مُخْتَلفين أَي نطعنهم كَيفَ أمكن فَمرَّة تستقيم الطعنة وَمرَّة تعوج واللفت الرَّد 951 - قَوْلهم سأكفيك مَا كَانَ قولا يَقُول سأكفيك أَي سأغنيك بالْقَوْل وَلَا أقدر على مَا فَوق ذَلِك من الْبَطْش وَالدَّفْع بالقهر والمثل لجمرة بنت نَوْفَل وَكَانَ النمر بن تولب يهواها فَرَاوَدَهَا بعض بني أَخِيه فشكته إِلَى النمر فَقَالَ لَهَا إِن عاودك فَقولِي لَهُ كَذَا فَقَالَت

(سأكفيك مَا كَانَ قولا) أَي لَا أقدر الا على القَوْل فَإِن أَجْزَأَ والا فالتعبير عَلَيْك 952 - قَوْلهم سمن كلبك يَأْكُلك يضْرب مثلا لسوء الْجَزَاء وَمثله قَول الشَّاعِر (هم سمنوا كَلْبا ليَأْكُل بَعضهم ... وَلَو عمِلُوا بالحزم مَا سمنوا الكلبا) وَقَول مجير الضبع ويكنى أم عَامر (وَمن يَجْعَل الْمَعْرُوف فِي غير أَهله ... يلاق الَّذِي لَاقَى مجير أم عَامر) (أعد لَهَا لما استجارت ببيته ... لتأمن ألبان اللقَاح الدرائر) (فأسمنها حَتَّى إِذا تمكنت ... فرته بأنياب لَهَا وأظافر) (فَقل لِذَوي الْمَعْرُوف هَذَا جَزَاء من ... يُوَجه مَعْرُوفا إِلَى غير شَاكر) 953 - قَوْلهم سوء الاستمساك خير من حسن الصرعة وَقَالَ بعض الْفرس لِأَن أدعى جَبَانًا وانجو خير من أَن أدعى شجاعاً وأقتل وَقَالَ بعض المعمرين لوَلَده اعْلَم يَا بني أَن الْحَيَاة خير من الْمَوْت فَلَا تموتن وَأَنت تَسْتَطِيع الا تحمل نَفسك على الهلكات

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل أصولها السين

954 - قَوْلهم سداد من عوز يضْرب مثلا للقليل يقنع بِهِ والسداد بِالْكَسْرِ الْبلْغَة والسداد بِالْفَتْح الْقَصْد والعوز الْحَاجة وأعوز الرجل إِذا احْتَاجَ وَهُوَ من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِذا تزوجت الْمَرْأَة لدينها وجمالها كَانَ فِيهَا سداد من عوز) أَي إِذا تزَوجهَا الرجل ليستعف بهَا أَعَانَهُ الله وَكَانَ فِيهَا سداد من عوز المَال وَالنِّكَاح واصله من سد الشَّيْء وكل مَا سددت بِهِ شَيْئا فَهُوَ سداد وسداد القارورة وصمامها وعفاصها سَوَاء وَقَالَ الشَّاعِر (أضاعوني وَأي فَتى أضاعوا ... ليَوْم كريهة وسداد ثغر) تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا السِّين نفسر من جُمْلَتهَا مَا يحْتَاج إِلَى التَّفْسِير ونترك الْمَشْهُور 955 - أسْرع من عدوى الثؤباء لِأَن من رأى آخر يتثاءب لم يلبث أَن يتثاءب

956 - وأسرع من السم الْوَحْي من الْوَحْي وَالْوَحي عِنْدهم السرعة وَأَصله الْإِشَارَة ووحى وَأوحى إِذا أَشَارَ 957 - وأسرع من تلمظ الورل والتلمظ أَن يخرج لِسَانه فيمسح بِهِ شفته وملامظ الْإِنْسَان مَا حول الشفتين ولمظ المَاء إِذا ذاقه بِطرف لِسَانه 958 - وأسرع من المهثهثة قَالُوا هِيَ النمامة عَن ابْن حبيب وَقَالَ غَيره قد صحفه وَإِنَّمَا هِيَ الْيَمَامَة وَهِي ضرب من الطير وَقَالَ الْخَلِيل هِيَ السحابة الَّتِي ينْحل مِنْهَا الْمَطَر بِسُرْعَة وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي هِيَ المهتهتة بِالتَّاءِ الَّتِي إِذا تَكَلَّمت قَالَت هت هت وَلَيْسَ هَذَا التَّفْسِير بِمَفْهُوم 959 - وأسرع من فريق الْخَيل يَعْنِي السَّابِق مِنْهَا لِأَنَّهُ يتفرد مِنْهَا فيفارقها

960 - وأسرع من الخدروف وَهِي الخرارة الَّتِي يلْعَب بهَا الصّبيان 961 - وأسرع غَضبا من فاسية يَعْنِي الخنفساء لِأَنَّهَا إِذا حركت فست 962 - وأسرع من العير يَعْنِي إِنْسَان الْعين وسمى عيرًا لنتوئه وكل ناتىء فِي شَيْء عير مثل عير الْقدَم وعير السَّيْف وَهُوَ الناتىء فِي وَسطه 963 - وأسرع من لمع الْأَصَم لِأَنَّهُ يَكْتَفِي من الْإِشَارَة باللمعة قَالَ بشر (أَشَارَ بهم لمع الْأَصَم فَأَقْبَلُوا ... عرانين لَا يَأْتِيهِ للنصر محلب) أَي هُوَ عَزِيز لَا يحْتَاج إِلَى نصر حلائبه وهم الْأَجَانِب الَّذين ينصرونه من غير قومه

964 - وأسرع من نِكَاح أم خَارِجَة وَهِي امْرَأَة من الْعَرَب اسْمهَا عمْرَة بنت سعد بن عبد اللات الأنمارية كَانَت تذوق الرِّجَال فَكل من قَالَ لَهَا خطب قَالَت لَهُ نكح فَرفع لَهَا يَوْمًا شخص فَقيل لَهَا هُوَ خَاطب فَقَالَت أتراه يعجلنا أَن نحل مَاله غل وأل أَي طعن بالآلة وَهِي الحربة وغل من الغليل وَهُوَ حرارة الْجوف من الْعَطش والحزن وَقيل وضع فِي عُنُقه الغل والخطب الْخَاطِب والمخطوبة وَكَانَت أم خَارِجَة هَذِه ومارية بنت جعيد العمرية وعاتكة بنت مرّة بن هِلَال السلمِيَّة وَفَاطِمَة بنت الخرشب الأنمارية والسواء العنزية وسلمى بنت عَمْرو بن زيد لبيد النجارية وَهِي أم عبد الْمطلب بن هَاشم إِذا تزوجت الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ رجلا فَأَصْبَحت عِنْده كَانَ أمرهَا إِلَيْهَا إِن شَاءَت أَقَامَت وَإِن شَاءَت ذهبت وَيكون عَلامَة رِضَاهَا للزَّوْج أَن تعالج لَهُ طَعَاما إِذا أَصبَحت 965 - وأسرع من حداجة وَهُوَ رجل من بني عبس كَانَ قد بَعثه العبسيون لما قتلوا عَمْرو بن عدس

إِلَى الرّبيع بن زِيَاد ومروان بن زنباع لينذرهما قيل أَن يتَّصل خبر قَتله ببني تَمِيم فيغتالوهما وَكَانَ من أسْرع النَّاس فَضرب بِهِ الْمثل 966 - أسمع من دُلْدُل وَهُوَ الْقُنْفُذ الضخم وَالْفرق مَا بَين الْقُنْفُذ والدلدل كافرق بَين الْفَأْرَة والجرذ وَالْبَقَرَة والجاموس 967 - وأسمع من فرس زَعَمُوا أَنه يسمع صَوت سُقُوط الشعرة تسْقط مِنْهُ وَلَا أعلم مَا هَذَا لِأَنَّهُ لَا صَوت لَهَا أصلا 968 - أسمع من سمع وَهُوَ ولد الذِّئْب من الضبع وَقيل هُوَ كالحية لايمرض وَلَا يَمُوت حتف أَنفه وَهُوَ أسْرع من الطير على مَا يُقَال قَالَ الشَّاعِر (ترَاهُ حَدِيد الطّرف أَبيض وَاضحا ... أغر طَوِيل الباع أسمع من سمع) والعثبار ولد الضبع من الذِّئْب والأسبور ولد الْكَلْب من الضبع والديسم ولد الذِّئْب من الكلبة وَيُقَال من الدب والدسمة غبرة

تضرب إِلَى السوَاد والديسم طَائِر أَيْضا متركب بَين الزنبور والنحل والزرافة متركبة بَين الذيخ والناقة وَذَلِكَ أَن بِأَرْض النّوبَة يعرض الذيخ للناقة من الحوش فتجىء بِولد فَإِن كَانَ أُنْثَى عرض لَهَا الثور الوحشي فيضربها فتجىء الزرافة وَإِن كَانَ ذكرا عرض للمهاة فألقحها الزرافة 969 - وأسمع من قراد قَالُوا لِأَنَّهُ يسمع صَوت أَخْفَاف الْإِبِل من مسيرَة يَوْم فيتحرك 970 - أسمح من لافظة قيل هِيَ العنز الَّتِي تشلى للحلب فتجىء لافظةً بدرتها شَهْوَة مِنْهَا للحلب وَقيل هِيَ الْحَمَامَة لِأَنَّهَا تخرج مافي بَطنهَا لفرخها وَقيل هِيَ الديك لِأَنَّهُ يَأْخُذ الْحبَّة بمنقاره فيلقيها إِلَى الدَّجَاجَة وَالْهَاء فِيهِ للْمُبَالَغَة قَالَ صَاحب الْمنطق من خاصية أَخْلَاق الديك السخاء والجود والتنبيه على طُلُوع الْفجْر بِصِحَّة حسه ولتفرقته بَين نسيم السحر ونسيم اللَّيْل ذكر بَعضهم أَن الديك لافظة فِي كل مَوضِع إِلَّا بمرو قَالَ فَيدل ذَلِك على ان يخل أهل مرو طباع وَقيل هِيَ الرحا لِأَنَّهَا تلقى مَا تطحنه وَقيل هِيَ الْبَحْر لِأَنَّهُ يلفظ بالدر

971 - وأسمح من مخة الرير والرير والرار المخ الرَّقِيق يخرج من الْعظم 972 - أسأَل من فلحس رجل من بني شَيبَان وَكَانَ سيداً عَزِيزًا يسْأَل سَهْما فِي الْجَيْش وَهُوَ فِي بَيته فيعطاه ثمَّ يسْأَل لامْرَأَته فيعطاه ثمَّ يسْأَل لبعيره وَقيل هُوَ الَّذِي يتحين طَعَام النَّاس يُقَال أَتَانَا فلَان يتفلحس كَمَا يُقَال يتطفل وَقَالَ ابْن دُرَيْد الفلحس الْحَرِيص وَبِه سمي الْكَلْب فلحساً 973 - وأسأل من قرثع رجل من بني أَوْس بن ثَعْلَبَة يَقُول فِيهِ أعشى بني تغلب (إِذا مَا القرثع الأوسي وافى ... عَطاء النَّاس أوسعهم سؤالا) وَقيل هِيَ الْمَرْأَة البلهاء فِي السُّؤَال وَلَا يُغني عِنْدهَا الْجَواب 974 - أسرق من شظاظ رجل من بني ضبة كَانَ يُصِيب الطَّرِيق مر بنميرية تعقل بَعِيرًا لَهَا

وتعوذ بِاللَّه من شَرّ شظاظ فشغلها شظاظ بالْكلَام فَلَمَّا غفلت اسْتَوَى عَلَيْهِ وَكَانَ على حَاشِيَة لَهُ فَتَركهَا لَهَا وَرفع عقيرته يَقُول (رب عَجُوز من نمير شهبره ... علمتها الإنقاض بعد القرقرة) والحاشية الصَّغِير من الْإِبِل والإنقاض صَوت صغَار الْإِبِل والقرقرة صَوت مسانها يَقُول عوضتها صَوت بَعِيري الصَّغِير من صَوت بَعِيرهَا الْكَبِير 975 - وأسرق من برجان وَكَانَ لصاً من أهل الْكُوفَة من موَالِي بني امرىء الْقَيْس صلبه مَالك بن الْمُنْذر فَسرق وَهُوَ مصلوب 976 - وأسرق من تاجة لم يذكر لَهُ خبر 977 - وأسرق من زبابة وَهُوَ ضرب من الفأر

978 - أسلط من سلقة يَعْنِي الذئبة 979 - أسهل من جلذان وَهُوَ حمى قريب من الطَّائِف سهل مستو وَفِي بعض الْأَمْثَال (قد صرحت بجلذان) يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ الْوَاضِح الَّذِي لَا يخفى لِأَن جلذان لَا خمر فِيهِ يتَوَارَى بِهِ 980 - أسلح من حبارى 981 - وأسلح من دجَاجَة لِأَن الْحُبَارَى تسلح سَاعَة الْخَوْف والدجاجة سَاعَة الْأَمْن وَسلَاح الْحُبَارَى الذرق فَإِذا قرب مِنْهُ الصَّقْر ذرق عَلَيْهِ فيتدبق ريشه وَيسْقط 982 - أسبح من نون وَهُوَ السّمك

983 - أَسِير من الشّعْر لحمل الروَاة لَهُ يَمِينا وَشمَالًا وَقيل الشّعْر قيد الْأَخْبَار وبريد الْأَمْثَال وَالشعرَاء أُمَرَاء الْكَلَام وزعماء الفخار وَلكُل شَيْء لِسَان ولسان الزَّمَان الشّعْر 984 - أسرى من جَراد قيل هُوَ من السرى وَهُوَ سير اللَّيْل وَقيل هُوَ من السرو وَهُوَ بيض الجرد وَمن ثمَّ قيل أَكثر بيضًا من الْجَرَاد 985 - وَأسرى من أنقد وَهُوَ الْقُنْفُذ والقنفذ لَا ينَام ليله أجمع وَيُشبه بِهِ النمام لخبثه وتقلبه فِي ليله 986 - أسعى من رجل يُرَاد رجل الْإِنْسَان أَو رجل الْجَرَاد

987 - أسهر من قطرب وَقد مر ذكره وَقيل هُوَ أسعى من قطرب لِأَنَّهُ يسير النَّهَار كُله وَلِهَذَا قَالَ عبد الله بن مَسْعُود لَا أَعرفن أحدكُم جيفة اللَّيْل وقطرب النَّهَار 988 - وأسهر من جدجد وَهُوَ صرار اللَّيْل 989 - أسمن من يعر دَابَّة وَقد مر ذكره

فهرسته

الْبَاب الثَّالِث عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله شين فهرسته شخب فِي الْإِنَاء وشخب فِي الأَرْض شَرّ يوميها وأغواه لَهَا شراب بأنقع الشجاع موقى شَتَّى تثوب الحلبة شنثنه أعرفهَا من أخزم الشَّرّ أَخبث مَا أوعيت من زَاد شغلت شعابي جدواي الشحيح أعذر من الظَّالِم شَرّ الرَّأْي الدبرِي شَرّ السّير الْحَقْحَقَةُ شدّ لَهُ حزيمه شمر ذيلاً وادرع لَيْلًا شَرّ مَا رام امْرُؤ مالم ينل الشُّرَّاح مَعَ النجاح شب عَمْرو عَن الطوق شَرّ الرعاء الحطمة شَرّ مَا أجاءك إِلَى مخة عرقوب شَرق مَا بَينهم بشر شَاهد البغض اللحظ شب شوبا لَك بعضه الشَّرّ يبدؤه صغاره شَيْئا مَا يُرِيد السَّوْط إِلَى الشقراء شبر فتشبر شَاركهُ شركَة عنان شفيت نَفسِي وجدعت أنفي شولان البروق شَاهد الثَّعْلَب ذَنبه شَرّ الشَّديد مَا يضْحك الشوط بطين فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الشين أشأم من البسوس أشأم من سراب أشأم من داحس أشأم من قاشر أشأم من الشقراء على نَفسهَا أشأم من خوتعة أشأم من منشم

أشأم من رغيف الحولاء أشأم من قدار أشأم من أَحْمَر عَاد أشأم من الزماج أشأم من طير العراقيب أشأم من الأخيل أشأم من غراب الْبَين أشأم من زرقاء أشأم من طويس أشأم من زحل أشأم من نعَامَة أَشمّ من هِقْل أَشمّ من ذِئْب أَشمّ من ذَر أشهر من الشَّمْس أشهر من الْقَمَر أشهر من فلق الصُّبْح أشهر من الْفرس الأبلق أشهر مِمَّن قاد الْجمل أشهر من الْعلم أشهر من راية البيطار أشهر من علائق الشّعْر أشبه من التمرة بالتمرة أشبه من الْبَيْضَة بالبيضة أشبه من المَاء بِالْمَاءِ أشبه من الْغُرَاب بالغراب أشبه من الذُّبَاب بالذباب أَشْجَع من أُسَامَة أَشْجَع من لَيْث عريسة أَشْجَع من لَيْث بخفان أَشْجَع من لَيْث عفرين أَشْجَع من ديك أَشْجَع من صبي أشح من صبي أشره من الْأسد أشهى من كلبة حومل أشبق من هرة أشبق من حبى أشرد من ظليم أشرد من خفيدد أشرد من ورل أشكر من كلب أشكر من بروقة أشجى من حمامة أشره من وَافد البراجم أَشْقَى من وَافد البراجم أَشْقَى من راعي ضَأْن ثَمَانِينَ أشغل من مرضع بهم ثَمَانِينَ أشغل من ذَات النحيين أَشْعَث من قَتَادَة أَشْعَث من وتد أَشد من نَاب جَائِع أَشد من وخز الأثافي أَشد من الْحجر أَشد من نقمان العادي أَشد من فيل أَشد من الْأسد أَشد من الْفرس أشأى من فرس أَشد قويس سَهْما أشْرب من الهيم أشْرب من الرمل أشْرب من عقد الرمل أشْرب من القمع أشهى من الْخمر أشمس من عروس أشْفق من أم على ولد

تفسير الباب الثالث عشر

تَفْسِير الْبَاب الثَّالِث عشر 990 - قَوْلهم شخب فِي الْإِنَاء وشخب فِي الأَرْض يضْرب مثلا للرجل يُصِيب فِي فعله ومنطقه مرّة ويخطىء مرّة وَأَصله فِي الحالب يحلب فيإنائه مرّة ويخطىء فيحلب فِي الأَرْض مرّة والشخب اللَّبن الْخَارِج من الْخلف ثمَّ كثر حَتَّى قيل أشخب دَمه إِذا أساله وَمثل ذَلِك قَوْلهم (سهم عَلَيْك وَسَهْم لَك) وَقَوْلهمْ (يشوب ويروب) فَإِذا ضرّ ونفع قبل (يشج ويأسو) والأسو المداواة وَلبن مروب نَقِيع قد اتت عَلَيْهِ سَاعَات ورائب خاثر 991 - قَوْلهم شَرّ يوميها وأغواه لَهَا يضْرب مثلا للرجل يظْهر لَهُ الْبر وَيرد غائلته وَأَصله أَن امْرَأَة من طسم أخذت سبية فَحملت فِي هودج وألطفت فَقَالَت (شَرّ يوميها وأغواه لَهَا ... ركبت عنز بحدج جملا) أَي شَرّ أَيَّامهَا يَوْم تكرم فِيهِ وَهِي سبية وَمثل ذَلِك مَا قيل فِي مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات وَقد خلع عَلَيْهِ المتَوَكل (رَاح الشفي بخلعة الْغدر ... كالهدى جلل لَيْلَة النَّحْر)

992 - قَوْلهم شراب بأنقع يُقَال ذَلِك للرجل المعاود للخير وَالشَّر والأنقع جمع نقع وَهُوَ الْموضع الَّذِي يستنقع فِيهِ المَاء وَأَصله أَن الطَّائِر إِذا كَانَ حذرا ورد المناقع فِي الفلوات حَيْثُ لَا تبلغ القناص وَلَا تنصب لَهُ الأشراك وَقيل هُوَ مثل الْمرجل المعاود للأمور الَّتِي تكره وَاحْتج فِي ذَلِك بقول الْحجَّاج يَا أهل الْعرَاق إِنَّكُم لشرابون عَليّ بأنقع أَي معاودون للأمور الشداد 993 - قَوْلهم الشجاع موقى مَعْنَاهُ أَن الَّذِي عرف بالشجاعة والإقدام يتحاماه النَّاس هَيْبَة لَهُ وَمِنْه قَول الزبْرِقَان بن بدر (تعدو الذئاب على من لَا كلاب لَهُ ... وتتقي مربض المستثفر الحامي) يُقَال استفر الْكَلْب إِذا أَدخل ذَنبه بَين رجلَيْهِ واستثفر الرجل إِذا اتزر ثمَّ رد طرف إزَاره من بَين رجلَيْهِ وغرزه فِي حجزته من خلف وَفِي خِلَافه قَوْلهم (إِن الجبان حتفه من فَوْقه) وَذَلِكَ أَنه إِذا عرف بالجبن قضد وَفِي قريب من الأول قَول المتلمس (من كَانَ ذَا عضد يدْرك ظلامته ... إِن الذَّلِيل الَّذِي لَيست لَهُ عضد) وَفِي خِلَافه قَول الآخر

(باتت تشجعني سلمى وَقد علمت ... أَن الشجَاعَة مقرون بهَا العطب) 994 - قَوْلهم شَتَّى تؤوب الحلبة مَعْنَاهُ أَن الْقَوْم يَجْتَمعُونَ ثمَّ يصير أَمرهم إِلَى تفرق كَمَا قَالَ جرير (لن يلبث القرناء أَن يتفرقوا ... ليل يكر عَلَيْهِم ونهار) وَأَصله أَن الرعاء يوردون إبلهم الشَّرِيعَة مُجْتَمعين ويصدرونها مُتَفَرّقين فيحلب كل امرىء مِنْهُم على حياله وَيضْرب مثلا لاخْتِلَاف النَّاس أَخْلَاقًا وشيماً كَمَا قَالَ الشَّاعِر (شيم تقسم فِي الرِّجَال وَإِنَّمَا ... شيم الرِّجَال كَهَيئَةِ الألوان) أَي اخْتلَافهمْ فِي الشيم على حسب اخْتلَافهمْ فِي الألوان وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول على حسب صورهم لِأَن صورهم أَشد اخْتِلَافا من ألوانهم لِأَنَّك ترى خلقا كثيرا لَهُم لون وَاحِد وَلَا ترى اثْنَيْنِ على صُورَة وَاحِدَة 995 - قَوْلهم شنشنة أعرفهَا من أخزم يضْرب مثلا للرجل يشبه أَبَاهُ والمثل لجد حَاتِم بن عبد الله بن الحشرج ابْن الأخزم وَكَانَ أخزم من أكْرم النَّاس وأجودهم فَلَمَّا نَشأ حَاتِم

وَفعل من أَفعَال الْكَرم مَا فعل قَالَ هِيَ شنشنة أعرفهَا من أخزم فَقَالَ عقيل بن عَلْقَمَة (إِن بني ضرجوني بِالدَّمِ ... شنشنة أعرفهَا من أخزم) (من يلق أبطال الرِّجَال يكلم ... ) وَإِنَّمَا تمثل بِهِ عقيل وَقيل الشنشنة الخليقة والطبيعة 996 - قَوْلهم الشَّرّ أَخبث مَا أوعيت من زَاد وأوله (الْخَيْر يبْقى وَإِن طَال الزَّمَان بِهِ ... ) وَمثله قَول الأفوه (وَالْخَيْر تزداد مِنْهُ مَا لقِيت بِهِ ... وَالشَّر يَكْفِيك مِنْهُ قل مَا زَاد) وَمثله قَول الحطيئة (الْخَيْر من يَأْته يحمد عواقبه ... لَا يذهب الْعرف بَين الله وَالنَّاس) وَقَالَ آخر على مَذْهَب الْمُبَالغَة (مَا ضَاعَ عرف وَإِن أوليته حجرا ... )

وَالْفرس تَقول من فعل الشَّرّ فقد أَقَامَ الْكَفِيل يعنون أَنه أَقَامَ كَفِيلا بِنَفسِهِ أَي لَيْسَ يفوت الْجَزَاء وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء الْغَالِب بِالشَّرِّ مغلوب وَمن أمثالهم فِي الْخَيْر وَالشَّر قَول الشَّاعِر (الْخَيْر لَا يَأْتِيك مُتَّصِلا ... وَالشَّر يبدر سيله مطره) وَقَوْلهمْ (الْخَيْر وَالشَّر مقرونان فِي قرن ... بِكُل ذَلِك يَأْتِيك الجديدان) وَقَول الآخر (وللخير وللشر ... بكف الله ميزَان) 997 - قَوْلهم شغلت شعابي جدواي يَقُول إِن شغلي بأَمْري يَمْنعنِي عَن الإفضال على النَّاس والشعاب النواحي هَاهُنَا الْوَاحِد شعب مَعْنَاهُ لَيْسَ يفضل عني شَيْء أصرفه إِلَى غَيْرِي وَمثل هَذَا الْمثل قَوْلهم (شغل الْحلِيّ أَهله أَن يعارا ... ) وَهُوَ من أَبْيَات أنشدناها أَبُو أَحْمد عَن ابْن الْأَنْبَارِي عَن ثَعْلَب (حَيّ طيفاً من الْأَحِبَّة زارا ... بعد مَا صرع الْكرَى السمارا) (مفشياً للسلام تَحت دجى اللَّيْل ... ضنيناً بِأَن يزور نَهَارا) (قلت مَا بالنا جفينا وَكُنَّا ... قبل ذَاك الأسماع والأبصارا) (قَالَ إِنَّا كَمَا عهِدت وَلَكِن ... شغل الْحلِيّ أَهله ان يعارا)

998 - قَوْلهم الشحيح أعذر من الظَّالِم قَالُوا لَا يتَمَثَّل هَذَا الْمثل إِلَّا بخيل يعْذر نَفسه فِي الْبُخْل يَقُول إِنَّمَا يلام الظَّالِم لغيره لَا الْحَافِظ لما لَهُ وَسمع أَعْرَابِي رجلا يَقُول الشحيح أعذر من الظَّالِم فَقَالَ لعن الله خَصْلَتَيْنِ خيرهما الشُّح وَقَالَ ابْن الرُّومِي يمدح الْبُخْل على مَذْهَب الْمثل (لَا تلم الْمَرْء على بخله ... ولمه يَا صَاح على بذله) (لَا عجب للبخل من ذِي حجىً ... يحفظ مَا يكرم من أَجله) وَكتب سهل بن هَارُون إِلَى الْمهْدي رِسَالَة يمدح فِيهَا الْبُخْل فَقَالَ لَهُ الْمهْدي بئس الشَّيْء مدحت وَقد اخذنا بِقَوْلِك فِيك فحرمناك 999 - قَوْلهم شَرّ الرَّأْي الدبرِي والدبري الَّذِي يجىء بعد مَا يفوت الْأَمر وَالْفرس تَقول الرَّأْي الدبرِي يستنجى بِهِ 1000 - قَوْلهم شَرّ السّير الْحَقْحَقَةُ والحقحقة أرفع السّير جَعَلُوهُ شَرّ السّير لِأَنَّهُ يتقطع بِصَاحِبِهِ دون بُلُوغ حَاجته وَهَذَا تَأْوِيل قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرناه أَبُو احْمَد

قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن الْجَارُود قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن حَفْص قَالَ حَدثنَا خَلاد بن يحيى قَالَ حَدثنَا أَبُو عقيل عَن مُحَمَّد بن سوقة عَن مُحَمَّد بن المنكرر عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَلا إِن هَذَا الدّين متين فأوغل فِيهِ بِرِفْق وَلَا تبغض عبَادَة الله إِلَى نَفسك فَإِن المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى) والإبغال شدَّة السّير أوغل إيقالا سَار سيرا شَدِيدا وَهُوَ هَا هُنَا بِمَعْنى الوغول والوغول الدُّخُول فِي الشَّيْء وغل يغل وغلاً ووغولاً إِذا دخل وَمثله قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من يشاد هَذَا الدّين يغلبه) 1001 - قَوْلهم شدّ لَهُ حزيمه يُقَال شدّ لِلْأَمْرِ حزيمه إِذا استعد لَهُ والحزيم والحيزوم مَا والى الصَّدْر قَالَت ليلى (إِن الخليع ورهطه من عَامر ... كالصدر ألبس جؤجؤا وحزيما) 1002 - قَوْلهم شمر ذيلاً وادرع لَيْلًا يستعملون التشمير فِي مَوضِع الْجد لِأَن الجاد يشمر ذيله وَرجل يشمر أَي شمير فِي الْأَمر منكمش فِيهِ قَالَ الشَّاعِر

(شمر فَإنَّك ماضي الْهم شمير ... ) وَرجل شمري بِالْفَتْح جاد نحرير والعامة تَقول شمري قَالَ الْفضل بن الْعَبَّاس بن عتبَة (ولين الشيمة شمري ... لَيْسَ بفحاش وَلَا بِذِي) وَقيل الشمري المنكمش فِي الشَّرّ خَاصَّة وَقيل هُوَ الرَّاكِب رَأسه فِي الْأَمر وَالْأول أصح وشمر شمر توكيد قَالَ الشَّاعِر (أَلا من يدْفع الشَّرّ الشمرا ... ) 1003 - قَوْلهم شَرّ مَا نَالَ امْرُؤ مالم ينل قيل الْمثل للأغلب الْعجلِيّ فِي بعض أراجيزه وَأَصله (شَرّ مَا نَالَ امْرُؤ مالم ينل ... ) وأظن بعده (وَالْمَوْت يحدوه ويلهيه الأمل ... ) وَقد يرْوى لغير الْأَغْلَب 1004 - قَوْلهم الشُّرَّاح من النجاح مَعْنَاهُ أَعْطِنِي أَو اشرح لي وَجه الْيَأْس فأنصرف قَالَ الشَّاعِر

(أتقضي حَاجَتي فأحط رحلي ... وَإِلَّا فالشراح من النجاح) ويروى (السراح) وَهُوَ أَن يسرحه وَلَا يحْبسهُ وَقَالَ أَعْرَابِي يمدح رجلا مَنعك مريح وعطاؤك سريح وَقَالَ حَاتِم (أماوي إِمَّا مَانع فمبين ... وَإِمَّا عَطاء لَا ينهنهه الزّجر) وَقلت (إِمَّا نوال سريح ... أَولا فَمنع مريح) (فالمطل بالغم يَغْدُو ... وبالعناء يروح) (وَالْبخل فِيهِ فضوح ... والمطل فِيهِ قبوح) (فأنجز الْوَعْد يحصل ... فَإِنَّمَا الْوَعْد ريح) 1005 - قَوْلهم شب عَمْرو عَن الطوق يضْرب مثلا فِي تَزْيِين الْكَبِير بزينة الصَّغِير والمثل الجذيمة فِي عَمْرو بن عدي وَكَانَ عدي ينادمه فعشقته رقاش اخث جذيمة فحبلت مِنْهُ فَلَمَّا خشيت الفضيحة قَالَت لعدي إِذا سكر الْملك فَاسْأَلْهُ أَن يزوجني مِنْك فَفعل فَدخل عَلَيْهَا من ليلته وَأصْبح هَارِبا من جذيمة فَلَمَّا استبان حملهَا قَالَ جذيمة (حدثيني رقاش لَا تكذبِينِي ... ألحر حملت م لهجين)

(أم لعبد فَأَنت أهل لعبد ... أم لدوّنَ فَأَنت اهل لدوّنَ) فَقَالَت حملت مِمَّن زَوْجَتي مِنْهُ فَولدت عمرا ففقد مُدَّة ثمَّ ظفر بِهِ مَالك وَعقيل القينيان فَأتيَا بِهِ جذيمة فحكمهما فَسَأَلَاهُ منادمته فأجابهما إِلَيْهَا وَأرْسل عمرا إِلَى أمه فزينته وألبسته طوقاً فَقَالَ جذيمة (شب عَمْرو عَن الطوق) فَلَمَّا كَانَ من أَمر جذيمة مَا كَانَ قَامَ عَمْرو مقَامه فَلم يزل هُوَ وَولده وهم آل الْمُنْذر على الْحيرَة من قبل الْفرس حَتَّى ملك قباذ بن فَيْرُوز بن يزدجرد بن بهْرَام جور فأزالهم وَملك الْحَارِث بن عَمْرو آكل المرار الْكِنْدِيّ فَلَمَّا ملك أنوشروان بن قياذ ملك على الْحيرَة الْمُنْذر ابْن مَاء السَّمَاء وهرب الْحَارِث واتبعته خيل الْمُنْذر فأدركوا ابْنه عمر فَقَتَلُوهُ وَفَاتَ هُوَ ثمَّ قتلته كلب بمسحلان 1006 - قَوْلهم شَرّ الرعاء الحطمة يتَمَثَّل بِهِ فِي سوء ولَايَة الْأَمر والعنف بِهِ والحطم الْكسر والحطام كسار الشّجر وَغَيره وَفِي الْقُرْآن {لينبذن فِي الحطمة} يَعْنِي النَّار وَسميت حطمة لِأَنَّهَا تحطم كل شَيْء وَقع فِيهَا وَيُقَال للرجل الأكول وَالسّنة الشَّدِيدَة الحطمة

1007 - شَرّ مَا أجاءك إِلَى مخة عرقوب يضْرب مثلا لكل مُضْطَر الى مَالا خير فِيهِ والعرقوب لَا مخ فِيهِ وَيُقَال أَلْجَأَهُ إِلَى كَذَا وأجاءه فِي مَعْنَاهُ وَفِي الْقُرْآن {فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة} وَهُوَ ملْجأ ومجاء اجاءة 1008 - قَوْلهم شَرق مَا بَينهم بشر وَذَلِكَ إِذا كَانَ شرا لَا يكَاد يَنْقَطِع وأصل الشرق فِي الشّرْب يُقَال شَرق بِالْمَاءِ كَمَا يُقَال غص بِالطَّعَامِ وأحمر شَرق مشبع حسن وشرقت الثَّمَرَة قطعتها من الشَّجَرَة وَأذن شرقاء من ذَلِك وَهِي الْمَقْطُوع من اعلاها شَيْء 1009 - قَوْلهم شَاهد البغض اللحظ واللحظ شَاهد الْحبّ أَيْضا وَمن هَاهُنَا أَخذ الشَّاعِر قَوْله (إِن للحب وللبغض ... على الْعين علامه) (وَجَوَاب الأحمق الصمت ... وَفِي الصمت السلامه) وَقَالَ آخر

(تخبرك العينان مَا الصَّدْر كاتم ... وَلَا جن بالبغضاء وَالنَّظَر الشزر) لَا جن بهَا أَي لَا ستر دونهَا وَقَالَ آخر (لسَانك لي شهد وقلبك علقم ... وعينك تبدي أَن قَلْبك لي دوِي) وَقَالَ آخر (مَتى تَكُ فِي صديق أَو عَدو ... تخبرك الْوُجُوه عَن الْقُلُوب) 1010 - شب شوباً لَك بعضه وَهُوَ مثل قَوْلهم (احلب حَلبًا لَك شطره) وَقد مر تَفْسِيره والشوب الْخَلْط شبته خلطته وَمِنْه سمي الشيب شيباً لِأَنَّهُ إِذا ظهر خلط بياضه بسواد الشَّبَاب وَإِنَّمَا قَالُوا (الشيب) بِالْيَاءِ وَالْأَصْل وَاو ليدل كل وَاحِد من اللَّفْظَيْنِ على مَعْنَاهُ من غير إِشْكَال 1011 - قَوْلهم الشَّرّ يبدؤه صغاره من قَول مِسْكين الدَّارمِيّ (وَلَقَد رَأَيْت الشَّرّ ... بَين الْحَيّ يبدؤه صغاره) وَقَالَ غَيره (الشَّرّ يبدؤه فِي الأَصْل أصغره ... وَلَيْسَ يصلى بجل الْحَرْب جانيها)

وَيَقُولُونَ الْيَسِير يجني الْكثير وَمَعْنَاهُ اصفح عَن الْقَلِيل كي لَا يخرج بك إِلَى أَكثر مِنْهُ وَقَالَ عدي بن زيد (شط وصل الَّذِي تريدين مني ... وصغير الْأُمُور يجني الكبيرا) وَقَالَ غَيره (فَإِن النَّار بالزندين تذكى ... وَإِن الْحَرْب يقدمهَا الْكَلَام) 1012 - قَوْلهم شَيْئا مَا يُرِيد السَّوْط إِلَى الشقراء قَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ إِنَّك لتبتغي شَيْئا و (مَا) هَا هُنَا زِيَادَة وَلم يذكر أَصله 1013 - قَوْلهم شبر فتشبر أَي أكْرم فتنفخ وَلم يذكر أصل لمثل وَيُقَال شبرت فلَانا بِكَذَا إِذا خصصته بِهِ والشبر الْعَطِيَّة قَالَ العجاج (الْحَمد لله الَّذِي أعْطى الشبر ... ) وكتبت فِي هَذَا الْمَعْنى وَقد زِدْت فِي إكرامك فجهلت قدرك وعدوت طورك وجزت غايتك وتخطيت نهايتك فَأرَانِي أفسدتك حِين أصلحتك وأدويتك حِين داويتك

(نَدِمت على مَا كَانَ مني ندامةً ... وَمن يتبع مَا تشْتَهي النَّفس ينْدَم) (وظننت أَن تعديك لمقدارك ... وخروجك من مضمارك يزيدك رقْعَة) وَلم تعلم أَنه يلزمك ضعةً ويلبسك ذلة ويكسبك قلَّة (أَنْت كلب فَلَا تغسل كثيرا ... ينجس الْكَلْب كَمَا يتغسل) 1014 - قَوْلهم شَاركهُ شركَة عنان يُقَال هُوَ الرجل يُشَارك الرجل فِي الْأَمر الْوَاحِد دون غَيره والعنان من قَوْلك عَن لي الشَّيْء إِذا عرض والعنن الِاعْتِرَاض قَالَ الراجز (معترض لعنن لم يعنه ... ) وَقيل عنن الدَّابَّة شوطها والعنن أول الْكَلَام وَقَالَ شِفَاء بن نصر الدَّارمِيّ (إِن لَهَا بعد الجراء والعنن ... سباً إِذا مَا ظهر السب بطن) 1015 - قَوْلهم شفيت نَفسِي وجدعت أنفي يَقُوله الرجل يبلغ مُرَاده من وَجه ويلقى مَا يكرههُ من وَجه

وَمِنْه مَا أنْشدهُ أَبُو تَمام لقيس (فَإِن أك قد بردت بهم غليلي ... فَلم أقطع بهم إِلَّا بناني) وَقَول الآخر (ونبكي حِين نقتلكم عَلَيْكُم ... ونقتلكم كأنا لَا نبالي) 1016 - قَوْلهم شولان البروق يضْرب مثلا للرجل يُوهم أَنه صَادِق وَلَيْسَ بِهِ والبروق والمبرق النَّاقة الَّتِي تشول بذنبها وتقطع بولها وتوهم انها لاقح وَلَيْسَت بلاقح فَشبه الرجل المصتنع الكذوب بهَا والمثل لنهشل بن دارم وَذَلِكَ أَنه حضر مَعَ أَخِيه مجاشع بن دارم مجْلِس بعض الْمُلُوك فأعجب الْملك جمالة وهيئتة وَأحب ان يسمع كَلَامه فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ مجاشع كلم الْملك فَقَالَ إنى وَالله لست من تكذابك وتأثامك وَإنَّك لتشول شولان البروق فَذَهَبت مثلا 1017 - قَوْلهم شَاهد الثَّعْلَب ذَنبه وَهُوَ مثل مبتذل فِي الْعَامَّة وَقد جَاءَ فِي الْكَلَام لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ خطب فَقَالَ أَيهَا النَّاس مَا هَذِه الرعة مَعَ كل قالة أَيْن كَانَت هَذِه الْأَمَانِي فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا من سمع فَلْيقل وَمن شهد فَلْيَتَكَلَّمْ

إِنَّمَا هُوَ ثعالة شَاهده ذَنبه مرب لكل فتْنَة هُوَ الَّذِي يَقُول كروها جَذَعَة بهد أَن هرمت يستعينون بالضعفة ويستنصرون النِّسَاء كَأُمّ طحال أحوط أَهلهَا إِلَيْهَا الْبَغي الأولق إِن شِئْت أَن أَقُول لَقلت وَلَو قلت لبحت وَإِنِّي سَاكِت مَا تركت 1018 - قَوْلهم شَرّ الشدائد مَا يضْحك يضْرب مثلا للشدة الَّتِي تَأتي فِي غير حينها وعَلى غير وَجههَا فيتعجب من موقعها فيضحك المبلو بهَا مثل مُحدث وجدته فِي شعر أبي دلف الْعجلِيّ وَهُوَ قَوْله (وَلما دنت عيسهم للنوى ... وظلت بأحداجها ترتك) (وكادت دموعي يفضحنني ... وخلت دمي عِنْدهَا يسفك) (ضحِكت من الْبَين مستعجباً ... وَشر الشدائد مَا يضْحك) وَنَحْوه مَا قلت (ضحِكت مِنْهُم على أَنِّي بَكَيْت لَهُم ... من فرط تيه بهم فِي فرط نُقْصَان) 1019 - قَوْلهم الشوط بطين مَعْنَاهُ أَن فِي الْأَمر سَعَة أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر عَن الْمَدَائِنِي عَن عوَانَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن عبيد

الله بن نَضْلَة الْخُزَاعِيّ عَن سُلَيْمَان بن صرد قَالَ أتيت عليا رَضِي الله عَنهُ يَوْم الْجمل وَعِنْده الْحسن رَضِي الله عَنهُ وَبَعض أَصْحَابه فَلَمَّا رَآنِي قَالَ يَا ابْن صرد تنأنأت وتزحزت وتأخرت وتربصت فَكيف رَأَيْت الله صنع قد أغْنى عَنْك قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الشوط بطين وَقد بَقِي من الْأُمُور مَا تعرف بِهِ صديقك من عَدوك وَكَانَ سُلَيْمَان بن صرد زوج أم سعيد بن الْعَاصِ 1020 - قَوْلهم شخب طمح يضْرب مثلا للرجل تكون مِنْهُ السقطة وطمح ارْتَفع وَلَيْسَ من شَأْن الشخب الِارْتفَاع إِنَّمَا هُوَ أبدا منحدر إِلَى المحلب وَالرجل الَّذِي لَيْسَ من شَأْنه الْإِسْقَاط ثمَّ أسقط قيل لَهُ ذَلِك 1021 - قَوْلهم الشفيق بِسوء ظن مولع يُرَاد أَن ذَا الشَّفَقَة يضع سوء الظَّن فِي غير موضه 1022 - قَوْلهم شحمتي فِي قلعي يضْرب مثلا لمن لَا يتجاوزه خَيره والقلع الْكَتف والقلع بِالتَّحْرِيكِ السَّحَاب قَالَ الشَّاعِر (وَنحن نحمل مَالا يحمل الْقلع ... )

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في أوائل أصولها الشين

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الشين 1023 - أشأم من البسوس 1024 - وأشأم من سراب 1025 - وأشأم من داحس قد مر حديثهن 1026 - وأشأم من قاشر وَهُوَ فَحل ضرب إبِلا فَمَاتَتْ كلهَا وَقيل هُوَ الْعَام المجدب يُقَال سنة قاشورة وَقيل القاشور الشؤم بِعَيْنِه 1027 - وأشأم من الشقراء على نَفسهَا وَكَانَت فرسا جموحاً يتشاءم بهَا فجمحت بصاحبها فَوَقَعت فِي جرف فَسلم هُوَ وَهَلَكت الْفرس فَأتى الْحَيّ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَقَالَ إِن الشقراء لم يعد شَرها سنابك رِجْلَيْهَا وَقَالَ بشر بن أبي خازم

(فَأصْبح كالشقراء لم يعد شَرها ... سنابك رِجْلَيْهَا وعرضك أوفر) 1028 - أشأم من خميرة وَهِي فرس شَيْطَان بن مُدْلِج الْجُشَمِي تبع بَنو أَسد آثارها حَتَّى وَقَعُوا على بني جشم فاجتاحوهم فتشاء موابها فَقَالَ شَيْطَان بن مُدْلِج (جَاءَت بِمَا تسري الدهيم لأَهْلهَا ... خميرة بل مسرى خميرة أشأم) 1029 - أشأم من خوتعة 1030 - وأشأم من منشم قد مر تفسيرهما وحديثهما 1031 - أشأم من رغيف الحولاء وَكَانَت خبازة فِي بني سعد أَخذ رجل مِنْهَا رغيفاً فَقَالَت وَالله مَا أردْت بِهَذَا إِلَّا إهانة فلَان لرجل كَانَت فِي جواره فثار الْقَوْم فَقتل مِنْهُم ألف إِنْسَان

1032 - أشأم من أَحْمَر عَاد وَهُوَ قدار بن سالف عقر نَاقَة صَالح فَنزل بأَهْله الْعَذَاب وَإِنَّمَا هُوَ أَحْمَر ثَمُود وَقَالَ بَعضهم قَالُوهُ على وَجه الْغَلَط وَقيل الْعَرَب تسمي ثَمُود عاداً الْأُخْرَى وَقوم هود هم عَاد الأولى وَلِهَذَا قَالَ الله عز وَجل {أهلك عاداً الأولى وَثَمُود فَمَا أبقى} 1033 - أشأم من الزماح طَائِر كَانَ يَقع على دور بني خطمة من الْأَوْس بِالْمَدِينَةِ ويصيب من تمرهم ثمَّ يطير فَلَا يعود إِلَى الْعَام الْمقبل فَرَمَاهُ رجل مِنْهُم بِسَهْم فَقتله وَقسم لَحْمه فحال الْحول وَلم يبْق مِمَّن أكل من لَحْمه ديار قَالَ قيس بن الخطيم (أَعلَى الْعَهْد أَصبَحت أم عَمْرو ... لَيْت شعري أم عاقها الزماح) 1034 - أشأم من طير العراقيب وكل طَائِر يتطير مِنْهُ لِلْإِبِلِ عرقوب لِأَنَّهُ عِنْدهم يعرقبها

1035 - أشأم من الأخيل وَهُوَ االشقراق وَذَلِكَ أَنه يَقع على ظهر الْبَعِير الدبر فيختزل ظَهره قَالَ الفرزدق (إِذا قطناً بلغتنيه ابْن مدرك ... فلاقيت من طير العراقيب أخيلا) وبعير مخيول وَقع على ظَهره الأخيل فَقَطعه ويسمونه مقطع الظُّهُور 1036 - أشأم من غراب الْبَين لزمَه هَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ إِذا بَان الْحَيّ للنجعة انتاب مَنَازِلهمْ يلْتَمس فِيهَا شَيْئا يَأْكُلهُ فتشاءموا بِهِ إِذْ كَانَ لَا يعتريها إِلَّا إِذا بانوا وَمن أجل تشاؤمهم بِهِ فِي هَذَا الْمَعْنى اشتقوا من اسْمه الغربة 1037 - أشأم من زرقاء قَالُوا يعنون النَّاقة تشرد فتذهب فِي الأَرْض وَلم يزِيدُوا على هَذَا التَّفْسِير 1038 - أشأم من زحل مثل مولد قَالَ الشَّاعِر

(وَأبين شؤماً فِي الْكَوَاكِب من زحل ... ) 1039 - أَشمّ من النعامة وَهِي لَا تسمع شَيْئا أصلا وَتصل إِلَى حَاجَتهَا بالشم قَالَ زُهَيْر (أَصمّ مصلم الْأُذُنَيْنِ أجنى ... لَهُ بالسي تنوم وآء) وَقد جَاءَ فِي أشعارهم مَا يدل على أَنَّهَا تسمع وَالله أعلم 1040 - وَأَشَمَّ من ذِئْب لِأَنَّهُ يستروح من ميل 1041 - وَأَشَمَّ من ذرة لِأَنَّهَا تشم ريح مَالا يكَاد يشم رِيحه مثل رجل الجرادة إِذْ تلقيها فِي مَكَان لَيْسَ فِيهِ ذَر فَمَا تلبث أَن ترى الذَّر إِلَيْهَا كالخيط الْمَمْدُود وَقَالَ صَاحب الْمنطق أنف الوحشي أصدق من أُذُنه وَأذنه أصدق من عينه فَهُوَ يسمع من مَسَافَة قريبَة ويشم من أَضْعَاف ذَلِك

1042 - أَشمّ من هِقْل يعنون الظليم 1043 - أشهر من فلق الصُّبْح 1044 - وَمن فرق الصُّبْح 1045 - وَمن فَارس الابلق 1046 - وأشبه من التمرة بالتمرة 1047 - وَمن المَاء بِالْمَاءِ 1049 - وَمن الْغُرَاب بالغراب 1049 - وَمن اللَّيْلَة بالليلة 1050 - وَمن الْبَيْضَة بالبيضة كل ذَلِك يُقَال وَالْمعْنَى فِيهِ مَعْرُوف

1051 - أَشْجَع من لَيْث عفرين وَقد مر ذكره 1052 - أشره من الْأسد لِأَنَّهُ يبتلع الْبضْعَة من اللَّحْم من غير مضع وَكَذَلِكَ الْحَيَّة لِأَنَّهُمَا واثقان بسهولة الْمدْخل وسعة المجرى 1053 - أشهى من كلبة حومل لِأَنَّهَا رَأَتْ الْقَمَر طالعاً فعوت إِلَيْهِ تظنه رغيفاً 1054 - أشبق من حبى امْرَأَة مَدَنِيَّة كَانَت مزواجاً فَتزوّجت على كبر سنّهَا فَتى من بني كلاب وَكَانَ لَهَا ابْن كهل فَمشى إِلَى مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ وَالِي الْمَدِينَة وَقَالَ إِن أُمِّي السفيهة على كبر سنّهَا وسني تزوجت شَابًّا فصيرتني ونفسها حَدِيثا فاستحضرها مَرْوَان فَحَضَرت فَقَالَ لابنها ياابن برذعة الْحمار أَرَأَيْت ذَلِك الشَّاب المقدود العنطنط وَالله ليصرعن أمك بَين الْبَاب والطاق فليشفين غليلها ولتخرجن نَفسهَا دونه فَقَالَ ابْن هرمة

(فَمَا وجدت وجدي بهَا أم وَاجِد ... وَلَا وجد حبى بِابْن أم كلاب) (رَأَتْهُ طَوِيل الساعدين عنطنطا ... كَمَا تشْتَهي من قُوَّة الشَّبَاب) 1055 - أشرد من خفيدد وَهُوَ الظليم 1056 - أشرد من ورل وَقد ذكر فِيمَا تقدم 1057 - أشكر من بروقة وَهِي شَجَرَة تخضر بالسحاب إِذا نَشأ قبل أَن يمطر 1058 - أشكر من كلب كَمَا قيل (أصح رِعَايَة من كلب) و (أحسن حفاظاً من كلب) قَالَ صَاحب الْمنطق من خِصَال الْكَلْب حبه لمن أحسن إِلَيْهِ وطاعته لَهُ وَحفظه إِيَّاه طبعا من غير تكلّف واقتفاؤه للآثار ومعرفته إِذا شم

الْبَوْل أَنه بَوْله أَو بَوْل غَيره وَمن طَاعَته الترضي والبصبصة والبشاشة إِلَى من عرفه وَرَأى مُحَمَّد بن حَرْب العتابي ينادم كَلْبا يشرب كأساً ويولغه كأساً فَقيل لَهُ فِي ذَلِك إِنَّه يكف عني أَذَاهُ ويمنعني أَذَى سواهُ ويستكثر قليلي ويحفظ مبيتي ومقيلي وَهُوَ من بَين الْحَيَوَان خليلي فَقَالَ ابْن حَرْب فتمنيت أَن أكون كَلْبا لَهُ لأحوز هَذَا النَّعْت مِنْهُ 1059 - أشره من وَافد البراجم 1060 - وأشقى من وَافد البراجم 1061 - وأشقى من راعي بهم ثَمَانِينَ 1062 - وأشغل من مرضع بهم ثَمَانِينَ قد مر تَفْسِير ذَلِك 1063 - أشغل من ذَات النحيين يعنون امْرَأَة مِنْهُم وَهِي فِي هَذَا الْمثل مفعولة لِأَنَّهَا شغلت وقلما يُقَال (أفعل من كَذَا) من فعل الْمَفْعُول إِنَّمَا أَكثر الْكَلَام أَن يُقَال ذَلِك

من فعل الْفَاعِل وَالْفَاعِل غير من هُوَ فِي شغل وَإِنَّمَا فعل الْمَفْعُول بالزوائد وَهُوَ على (افتعل) وَلَا يُقَال مِنْهُ (أفعل من ذَلِك) ويجىء تَفْسِيره فِي الْبَاب الْخَامِس وَالْعِشْرين 1064 - أَشْعَث من قَتَادَة شَجَرَة كَثِيرَة الشوك وأصل الشعث تفرق الشّعْر 1065 - أَشد من لُقْمَان العادي زَعَمُوا أَنه كَانَ يحقر لإبله حَيْثُمَا بداله 1066 - أَشد من الْفِيل مَعْرُوف 1067 - أَشد من الْفرس من الشدَّة وَقيل من الشد وَهُوَ الْعَدو

1068 - أشأى من فرس والشأو السَّبق 1069 - أَشد قويس سَهْما يُقَال فِي مَوضِع التَّفْضِيل وَقد مر ذكره 1070 - أشْرب من الهيم هِيَ الْإِبِل العطاش 1071 - أشْرب من الرمل مَعْرُوف 1072 - أشهى من الْخمر مَعْرُوف

فهرسته

الْبَاب الرَّابِع عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله صَاد فهرسته الصمت حكم وَقَلِيل فَاعله صرح الْمَحْض عَن الزبدة صري عزم من أبي سمال صدقني سنّ بكره صدرك أوسع لسرك الصَّيف ضيعت اللَّبن صيدك إِن لم تحرمه صَفْقَة لم يشهدها حَاطِب الصدْق ينبي عَنْك لَا الْوَعيد صمي ابْنة الْجَبَل صمي صمام صَار الرَّمْي إِلَى النزعة صكاً وردهماك لَك صرحت بجلذان فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الصَّاد أصنع من سرفة أصنع من تنوط أصنع من النَّحْل أصنع من دود القز أصدق من قطاة أصدق ظنا من الألمعي أصفى من الدمع أصفى من عين الْغُرَاب أصفى من عين الديك أصفى من المَاء أصفى من مَاء المفاصل أصفى من جنى النَّحْل أصفى من لعاب الجندب أصفى من لعاب الْجَرَاد أَصْلَب من الجندل أَصْلَب من الْحجر أَصْلَب من الْحَدِيد أَصْلَب من النضار أَصْلَب من عود النبع أصرد من جَرَادَة أصرد من

عين الحرباء أصرد من السهْم أصرد من خارق ورقة أصعب من رد الجموح أصعب من نقل الصخر أصعب من قضم قت أصعب من رد الشخب فِي الضَّرع أصعب من وقُوف على وتد أصفر من لَيْلَة الصَّدْر أصلف من جوز فِي غرارة أصفق من ظفر أصفق من وَجه أصُول من جمل أَصْغَر من قراد أَصْغَر من صؤابة أَصْغَر من حَبَّة أَصْغَر من بلبل أَصْغَر من صعوة أَصْغَر من وصعة أصيد من لَيْث عفرين أصيد من ضيون أَصْبِر من ضَب أَصْبِر من حمَار أَصْبِر من الأثافي على النَّار أَصْبِر من الأَرْض أَصْبِر من حجر أَصْبِر من عود بجنبيه جلب أَصْبِر من ذِي ضاغط أَصْبِر من جذل الطعان أصح من ظَبْي أصح من ظليم أصح من ذِئْب أصح من عير أصح من عير الفلاة أصح من عير أبي سيارة أصح من بيض الْغنم أصب من المتمنية

تفسير الباب الرابع عشر

تَفْسِير الْبَاب الرَّابِع عشر 1073 - قَوْلهم الصمت حكم وَقَلِيل فَاعله الْمثل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا أَبُو الرّبيع الْحَارِثِيّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحَرْب قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن التيلماني عَن أَبِيه عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الصمت حكم وَقَلِيل فَاعله) قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله الحكم وَالْحكمَة سَوَاء مثل الْعذر والعذرة والنحل والنحلة وَهِي الْعَطِيَّة وَجعل الصمت حِكْمَة لِأَنَّهُ يمْنَع صَاحبه من التورط فِي الْإِثْم والعنت وَغَيره وأصل الحكم الْمَنْع واحكمت الرجل منعته 1074 - قَوْلهم صرح الْمَحْض عَن الزبدة يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يظْهر مكنونه والمثل لامْرَأَة من أهل الْيمن يُقَال لَهَا عِصَام أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر عَن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة وَأبي الْيَقظَان وَأخْبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن بعض رِجَاله فَذكرت أَجود ألفاظهم قَالُوا بلغ الْحَارِث بن عَمْرو الْكِنْدِيّ عَن بنت عَوْف بن الْكِنْدِيّ وَهُوَ الَّذِي يُقَال فِيهِ لَا أحد يشبه عوفاً جمال فَبعث

إِلَى أمهَا أُمَامَة امْرَأَة يُقَال لَهَا عِصَام فَدخلت عَلَيْهَا فَإِذا هِيَ كَأَنَّهَا خاذل من الظباء وحولها بَنَات كَأَنَّهَا شوادن الغزلان فَقَالَت لابنتها إِن هَذِه خالتك أتتك لتنظر إِلَى بعض شَأْنك فَلَا تستتري عَنْهَا بِشَيْء وناطقيها فِيمَا استنطقتك فِيهِ فَدخلت عَلَيْهَا ثمَّ خرجت عَنْهَا وَهِي تَقول (ترك الخداع من كشف القناع) فأرسلتها مثلا فَلَمَّا جَاءَت الْحَارِث قَالَ (مَا وَرَاءَك يَا عِصَام) فَقَالَت أَيهَا الْملك (صرح الْمَحْض عَن الزبدة) فأرسلتها مثلا أَقُول حَقًا وَأخْبر صدقا لقد رَأَيْت وَجها كالمرآة الصينية يزينه حالك كأذناب الْخَيل المضفرة إِن أَرْسلتهُ خلته السلَاسِل وَإِن مشطته دلّت عناقيد كرم جلاها وابل لَهَا حاجبان كَأَنَّمَا خطا بقلم قد تقوساً على عَيْني الظبية العبهرة يفتنان المتوسم بَينهمَا أنف كَحَد السَّيْف المصقول لم يخنس بِهِ قصر وَلم يمعن بِهِ طول تحف بِهِ وجنتان كالأرجوان فِي بَيَاض مَحْض كَأَنَّهُ الجمان شقّ فِيهِ فَم لذيذ المبتسم يفتر عَن ثنايا غر وأسنان مثل الدّرّ ذَات أشر فِيهِ لِسَان ذُو فصاحة وَبَيَان يحركه عقل وافر وَجَوَاب حَاضر تلتقي دونه شفتان حماوان كانهما قادمتان نصب ذَلِك على عنق ابيض كَأَنَّهُ إبريق فضَّة وَصدر كفاثور اللجين قد نتأ فِيهِ ثديان يخرقان عَنْهَا ثِيَابهَا ويمنعانها من تقلد سخابها مكنت مِنْهُ عضدان مدمجتان

مكتنزتان شحماً يتَّصل بهما ذراعان مَا فيهمَا عظم يمس وَلَا عرق يجس وكفان دَقِيق قصبهما لين عصبهما بِأَسْفَل من ذَلِك بطن طوى كطي القباظى وكسي عكناً كالقراطيس المدرجة يُحِيط بسرة كمدهن العاج لَهَا ظهر فِيهِ كالجدول يَنْتَهِي إِلَى خضر لَوْلَا لطف رَبِّي لانبتر لَهَا كفل يقعدها إِذا نهضت وينهضها إِذا قعدت كَأَنَّهُ دعص من الرمل لبده سُقُوط الطل أَسْفَل من ذَلِك فخذان لفاوان كَأَنَّهُمَا نصبتا على نضد عقيان مُتَّصِل بهما ساقان بيضاوان خدلجتان قد وشيتا بِشعر أسود كَأَنَّهُ حلق الزرد يحمل ذَلِك كُله قدمان كحرف اللِّسَان تبَارك الله مَعَ لطافتهما كَيفَ يطيقان حمل مَا وفوقهما فَأَما مَا سوى ذَلِك فَإِنِّي تركت نَعته وَوَصفه لوقته إِلَّا أَنه كأكمل وَأحسن وأجمل مَا وصف فِي شعر وَقَول قَالَ فَبعث إِلَى أَبِيهَا فَخَطَبَهَا فَزَوجهُ إِيَّاهَا قَالَ فَبعث إِلَيْهَا من الصَدَاق بِمثل مُهُور نسَاء الْمُلُوك مائَة ألف دِرْهَم وألفاً من الْإِبِل فَلَمَّا حَان أَن تحمل إِلَيْهِ دخلت إِلَيْهَا أمهَا لتوصيها فَقَالَت يَا بنية إِن الْوَصِيَّة لَو تركت لعقل أَو أدب أَو مكرمَة وَحسب لتركت لَك وَلَكِن الْوَصِيَّة تذكره للعاقل ومنبهة للغافل يَا بنية إِنَّه لَو استغنت الْمَرْأَة بغنى أَبَوَيْهَا وَشدَّة حاجتهما إِلَيْهَا كنت أغْنى النَّاس عَن الزَّوْج وَلَكِن الرِّجَال خلقُوا للنِّسَاء كَمَا هن خُلِقْنَ للرِّجَال إِنَّك قد فَارَقت الحوي الَّذِي مِنْهُ خرجت والوكر الَّذِي

فِيهِ درجت إِلَى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفينه فكوني لَهُ أمة يكن لَك عبدا واحفظي مني عشر خِصَال تكن لَك ذكرا أما الأولى وَالثَّانيَِة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة فَلَا تقع عَيناهُ مِنْك على قَبِيح وَلَا يشم أَنفه مِنْك إِلَّا أطيب ريح واعلمي أَن المَاء أطيب الطّيب الْمَفْقُود وان الْكحل أحسن الْحسن الْمَوْجُود وَأما الْخَامِسَة وَالسَّادِسَة فالتعهد لوقت طَعَامه والهدوء عِنْد مَنَامه فَإِن حرارة الْجُوع ملهبة وتنغيص النّوم مغضبة وَأما السَّابِعَة وَالثَّامِنَة فاحتفاظك بِمَالِه فَإِنَّهُ من حسن التَّقْدِير ورعايتك على الحشم والعيال فَإِنَّهَا من حسن التَّدْبِير وَأما التَّاسِعَة والعاشرة فألا تفشي لَهُ سرا وَلَا تَعْصِي لَهُ أمرا فَإنَّك إِن أفشيت سره لم تأمني غدره وان عصيت أمره اوغرت صَدره واتقي الْفَرح لَدَيْهِ إِذا كَانَ ترحاً والاكتئاب عِنْده إِذا كَانَ فَرحا واعلمي أَنَّك لن تصلي إِلَى مرادك مِنْهُ حَتَّى تؤثري رِضَاهُ على رضاك وهواه على هَوَاك وَالله يُخَيّر لَهُ ويصنع برحمته لَك وَكَانَت فِي رِوَايَة ابي الْيَقظَان أَلْفَاظ ردئية مَرْدُودَة تركتهَا 1075 - قَوْلهم صري عزم من أبي سمال يضْرب مثلا للرجل يصدق عزمه على الشَّيْء فَلَا ينثني عَنهُ حَتَّى يَنَالهُ وَأَصله مَا أَخْبرنِي أَبُو أَحْمد عَن نفطويه عَن أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ كَانَ أَبُو سمال الْأَسدي مُتَّهمًا فِي دينه فضلت نَاقَته فَحلف

لَا يُصَلِّي أَو يردهَا الله فأصابها وَقد علق زمامها بشجرة فَقَالَ علم الله أَنَّهَا صري يَقُول أصررت على يَمِيني فَردهَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله فَضرب بِهِ الْمثل فَقَالَ أَبُو تَمام (تخذ الْفِرَار أَخا وأيقن أَنه ... صري عزم من أبي سمال) فَأخْبرنَا أبوأحمد عَن أبي الْحسن الْأَخْفَش عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن هِشَام الْكَلْبِيّ قَالَ مر النَّجَاشِيّ الشَّاعِر بِأبي سمال فِي يَوْم من أَيَّام شهر رَمَضَان فَقَالَ لَهُ مَا تَقول فِي رُءُوس ثنيان فِي كرش من أول اللَّيْل إِلَى آخِره وَقد أينعت وتهرأت قَالَ أَفِي شهر رَمَضَان قَالَ مَا رَمَضَان وَلَا شَوَّال إِلَّا وَاحِد قَالَ وَمَا تسقيني عَلَيْهَا قَالَ شرابًا كالورس يطيب النَّفس وَيجْرِي فِي الْعرق وَيكثر الطّرق ويشد الْعِظَام ويسهل للفدم الْكَلَام فَنزلَا وأكلا وشربا وسكرا ففخرا وعلت أصواتهما وَبلغ خبرهما عليا عَلَيْهِ السَّلَام فَبعث إِلَيْهِمَا فَأتي بالنجاشي فَقَالَ لَهُ وَيلك أولداننا صِيَام وَأَنت مفطر وشق أَبُو سمال خصاً بَينه وَبَين الجلنبين حَيّ من هَمدَان فنجا وأمهل النَّجَاشِيّ حَتَّى إِذا صَحا ضربه ثَمَانِينَ ثمَّ زَاده عشْرين فَقَالَ مَا هَذِه العلاوة يَا أَبَا الْحسن فَقَالَ لجرأتك على الله فضرط فِي وَقت الضَّرْب فَقَالَ عَليّ إِنَّهَا يَمَانِية وكارها شعر قَالَ فَطرح عَلَيْهِ حِين ضرب أَرْبَعُونَ مطرفاً وَكَانَ فِيمَن طرح عَلَيْهِ هِنْد بن عَاصِم السَّلُولي فَفِيهِ يَقُول (إِذا الله حَيا خلةً عَن خَلِيله ... فَحَيَّا مليك النَّاس هِنْد بن عَاصِم)

(فَكل سلولي إِذا مَا لَقيته ... سريع إِلَى بني الْعلَا والمكارم) (وَلَا يَأْكُل الْكَلْب السروق نعَالهمْ ... وَلنْ ينتقوا المخ الَّذِي فِي الجماجم) (هم بيض أَقْدَام وديباج أوجه ... كرام إِذا اسودت وُجُوه الآلائم) وَزَادَنِي غَيره قَالَ فَلَمَّا ضرب جعل أهل الْكُوفَة يَقُولُونَ من قدر الله فَقَالَ (ضربوني ثمَّ قَالُوا قدر ... قدر الله لَهُم شَرّ الْقدر) ثمَّ هرب إِلَى مُعَاوِيَة وَأَنْشَأَ يَقُول (إِذا سقى الله أَرضًا صوب غادية ... فَلَا سقى الله أهل الْكُوفَة المطرا) (السارقين إِذا مَا جن ليلهم ... والنائكين بشطي دجلة البقرا) فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة أحب يَا نجاشي أَن تَقول شَيْئا تفضلني فِيهِ على (عَليّ) فَقَالَ قصيدةً يَقُول فِيهَا (وَاعْلَم بِأَن عَليّ الْخَيْر من نفر ... شم العرانين مَا داناهم بشر) (نعم الْفَتى أَنْت إِلَّا أَن بَيْنكُمَا ... كَمَا تفاضل قرن الشَّمْس وَالْقَمَر)

1076 - قَوْلهم صدقني سنّ بكره يضْرب مثلا للرجل يكذب فِي الْأَمر يدل بعض أَحْوَاله على الصدْق فِيهِ وَأَصله أَن رجلا ساوم رجلا بِبَعِير وَسَأَلَ عَن سنه فَأخْبرهُ أَنه بكر ففر عَنهُ فَوَجَدَهُ هرماً فَقَالَ صدقني سنّ بكره وَكَذبَنِي هُوَ وَالْبكْر الفتي من الْإِبِل بِمَنْزِلَة الفتي من النَّاس وَالْجمع أبكار وَالْأُنْثَى بكرَة وَالْجمع بكرات 1077 - قَوْلهم صدرك أوسع لسرك مَعْنَاهُ لَا تفشه إِلَى أحد فَإنَّك أولى بترك إفشائه وَإِن ضَاقَ عَنهُ صدرك فصدر غَيْرك أضيق عَنهُ قَالَ الشَّاعِر (إِذا ضَاقَ صدر الْمَرْء عَن سر نَفسه ... فصدر الَّذِي يستودع السِّرّ أضيق) 1078 - قَوْلهم الصَّيف ضيعت اللَّبن (ضيعت) بِكَسْر التَّاء وَإِن خاطبت بِهِ مذكراً لِأَن الْأَمْثَال تحكى وَمعنى ذَلِك أَن الْمثل يتَمَثَّل بِهِ أول مرّة ثمَّ لَا يُغير عَن صيغته فِي سَائِر الْأَحْوَال

وَيضْرب هَذَا مثلا للرجل يضيع الْأَمر ثمَّ يُرِيد استدراكه وَأَصله أَن عَمْرو بن عَمْرو بن عدس تزوج بنت عَمه دختنوس بنة لَقِيط بن زُرَارَة بعد مَا أسن وَكَانَ أَكثر قومه مَالا ففركته فَطلقهَا فَتَزَوجهَا فَتى ذُو شباب وجمال من آل زُرَارَة ثمَّ غزتهم بكر بن وَائِل فنبهت زَوجهَا وَقَالَت الْغَارة فَجعل يَقُول الْغَارة ويضرط حَتَّى مَاتَ وأغاروا فَأَخَذُوهَا سبية فأدركهم الْحَيّ وَعَمْرو بن عَمْرو فِي السرعان فَقتل مِنْهُم ثَلَاثَة واستنقذها وَقَالَ (أَي حليليك وجدت خيرا ... أألعظيم فيشةً وأيرا) (أم الشَّديد للعداة ضيرا ... أم الَّذِي يَأْتِي الْعَدو سيرا) فَتزوّجت مِنْهُم شَابًّا مملقاً فمرت بهَا إبل عَمْرو كَأَنَّهَا اللَّيْل فَقَالَت لخادمها قولي لَهُ ليسقنا من اللَّبن فَأَتَتْهُ فَقَالَ قولي لَهَا (الصَّيف ضيعت اللَّبن) فَضربت يَدهَا على كتف زَوجهَا وَقَالَت (هَذَا ومذقة خير) فَذَهَبت كلمتاهما مثلين 1079 - قَوْلهم صيدك ان لم تحرمه و (صيدك لَا تحرمه) و (صيدك فَلَا تحرمه) كل ذَلِك رُوِيَ يضْرب مثلا للرجل يحض على انتهاز الْحَاجة عِنْد الْإِمْكَان

أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن أبي زيد عَن بعض رِجَاله قَالَ أورد مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبد الله الْأَعْجَم كتاب سُلَيْمَان بن عبد الْملك الى خَالِد ابْن عبد الله الْقَسرِي وَهُوَ أَمِير على مَكَّة أَن لَا سُلْطَان لَك على بني الْأَعْجَم فَلَمَّا رَآهُ خَالِد قَالَ لَهُ (صيدك إِن لم تحرمه) فَقَالَ إِن معي كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنه لَا سُلْطَان لَك علينا فجلده قيل أَن يقْرَأ الْكتاب مائَة سَوط فَعَاد إِلَى سُلَيْمَان فَشَكَاهُ وَكتب سُلَيْمَان إِلَى طَلْحَة بن دَاوُد الْحَضْرَمِيّ بِقطع يَد خَالِد فشفع فِيهِ يزِيد بن الْمُهلب فَكتب إِلَى طَلْحَة وَهُوَ قَاضِي مَكَّة إِن كَانَ خَالِد ضرب مُحَمَّدًا بعد مَا قَرَأَ كتابي فاقطع يَده وَإِن كَانَ ضربه قبل ان يقْرَأ فاضربة مائَة سَوط وصل بِالنَّاسِ فَشهد لَهُ دَاوُد بن عَليّ قبل أَن يقْرَأ الْكتاب فسلمه طَلْحَة إِلَى مُحَمَّد فَقطع ظَهره فَقَالَ الفرزدق (لعمري لقد صبَّتْ على ظهر خَالِد ... شآبيب مَا استهللن من سبل الْقطر) (وَلَوْلَا يزِيد بن الْمُهلب شمرت ... بكفك فتخاء الْجنَاح إِلَى وكر) وَمن جيد مَا قيل فِي معنى الْمثل قَول الْحَارِث بن جَابر الْعجلِيّ لِابْنِهِ يَا بني إياك والسآمة فِي طلب الْأُمُور فيقذفك الرِّجَال خلف أعقابها 1080 - قَوْلهم صَفْقَة لم يشهدها حَاطِب يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يغيب عَنهُ الْبَصِير بِهِ فَيجْرِي على غير وَجهه وَأَصله

أَن بعض أهل حَاطِب بن أبي بلتعة بَاعَ بيعَة غبن فِيهَا ففسخها حَاطِب أَو قيل لَو كَانَ حَاطِب حَاضرا لفسخها 1081 - قَوْلهم الصدْق ينبى عَنْك لَا الْوَعيد يضْرب مثلا للرجل يتهدد وَلَا يقدم يَقُول ان صدق اللِّقَاء ينبى عَنْك لَا الْمَكْر والتهدد أَي يبعد وَهُوَ من نبا ينبو غير مَهْمُوز 1082 - قَوْلهم صمى صمام 1083 - وَقَوْلهمْ صمي ابْنة الْجَبَل يضْرب مثلا للداهية تقع فتستفظع قَالُوا وَابْنَة الْجَبَل الصدى كَأَنَّهُمْ عنوا أَلا يسمع ذكرهَا وأظن أَصله أَن رجلا قَالَ لآخر إِن بني فلَان أَصَابَتْهُم داهية فَرده الصدى فَقَالَ (صمي ابْنة الْجَبَل) أَي لَا أسمع هَذَا الْخَبَر وَلَا كَانَت هَذِه الكائنة فأنث ابْنة الْجَبَل على معنى الصَّيْحَة وَقيل ابْنة الْجَبَل الْحَيَّة وَيُقَال لَهَا (صمي صمام) أَي لَا تجيبي الراقي وَلذَلِك قيل للداهية صماء تَشْبِيها بالحية الصماء وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة بنت الْجَبَل الْحَصَاة وَيَقُولُونَ (صمت حَصَاة بِدَم) وَذَلِكَ عِنْد كَثْرَة الْقِتَال

أَي قد كثر الدَّم حَتَّى لَو سَقَطت حَصَاة على الأَرْض وَلم يسمع لَهَا صَوت فَجعلُوا عدم صَوتهَا صمماً لَهَا وَأما قَوْلهم فِي الدُّعَاء على الرجل أَصمّ الله صداه فَهُوَ مَا تسمعه فِي الْجَبَل إِذا أَتَت صَوت فأجابك يُرِيدُونَ أهلكه الله لِأَن الصدى يُجيب الْحَيّ فَإِذا هلك الرجل صم صداه كَأَنَّهُ لَا يسمع شَيْئا فيجيب 1084 - قَوْلهم صَار الرَّمْي إِلَى النزعة أَي عَاد الْأَمر إِلَى أولي الْقُوَّة والنزعة واحدهم نَازع وَهُوَ هَا هُنَا الشَّديد النزع للوتر وَيَقُولُونَ صَار الْأَمر إِلَى الوزعة وَمَعْنَاهُ قَامَ بِالْأَمر أهل الأناة والحلم وأصل الوزع الْكَفّ وَفِي حَدِيث الْحسن (لابد للسُّلْطَان من وزعة) أَي كففة يمْنَعُونَ النَّاس عَنهُ 1085 - قَوْلهم صكاً ودرهماك لَك وَأَصله أَن امْرَأَة كَانَت تؤاجر نَفسهَا فاستأجرها رجل بِدِرْهَمَيْنِ فَلَمَّا وَاقعهَا أعجبها فَجعلت تَقول لَا أَفْلح من أعجلك صكاً ودرهماك لَك فَذَهَبت مثلا فِي الْقَبِيح يحرض عَلَيْهِ ويلتمس الإغراق فِيهِ 1086 - قَوْلهم صحيفَة المتلمس يضْرب مثلا للشَّيْء يغر وَمن حَدِيثه ان عَمْرو بن الْمُنْذر بن امرىء

الْقَيْس وَهُوَ عَم النُّعْمَان بن الْمُنْذر كَانَ يرشح قَابُوس بن الْمُنْذر وهما لهِنْد بنت الْحَارِث بن عَمْرو للْملك بعده فَقدم عَلَيْهِ المتلمس وطرفة فجعلهما فِي صحابة قَابُوس وَكَانَا يركبان مَعَه للصَّيْد فيركضان طول النَّهَار فيتعبان وَكَانَ يشرب من الْغَد فيقفان على بَابه فِي الْغُبَار فضجر طرفَة فَقَالَ (فليت لنا مَكَان الْملك عَمْرو ... رغوثاً حول قبتنا تخور) (من الزمرات أسبا قادماها ... فضرتها مركنة درور) (لعمرك إِن قَابُوس بن هِنْد ... ليخلط ملكه نوك كثير) (لنا يَوْم وللكروان يَوْم ... تطير البائسات وَمَا نطير) (فَأَما يومهن فَيوم سوء ... يطاردوهن بالحدب الصقور) (وَأما يَوْمنَا فنظل ركباً ... وقوفاً لَا نحل وَلَا نسير) فَدخل عَمْرو بن الْمُنْذر مَعَ عَمْرو بن بشر بن مرْثَد ابْن عَم طرفَة الْحمام فَرَآهُ سميناً بادناً فَقَالَ لَهُ صدق ابْن عمك طرفَة حَيْثُ يَقُول فِيك (وَلَا خير فِيهِ غير أَن لَهُ غنى ... وَأَن لَهُ كشحاً إِذا قَامَ أهضما) فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن بشر إِن مَا قَالَ فِيك شَرّ وأنشده (فليت لنا مَكَان الْملك عَمْرو ... ) فَقَالَ عَمْرو لَا أصدقك عَلَيْهِ وَقد صدقه وَلَكِن خَافَ أَن تُدْرِكهُ الرَّحِم فينذره فَمَكثَ غير كثير ثمَّ دَعَا بالمتلمس وطرفة وَخَافَ إِن قتل طرفَة أَن يهجوه المتلمس لِأَنَّهُمَا كَانَا خليلين فَقَالَ لعلكما اشتقتما الى اهليكما

قَالَا نعم فَكتب لَهما إِلَى أبي المناذر عَامله على الْبَحْرين أَن يقتلهما وَذكر أَنه أَمر بحبائهما فَلَمَّا وردا الْحيرَة قَالَ المتلمس تعلمن يَا طرفَة أَن ارتياح عَمْرو لي وَلَك لأمر مريب وَإِن انطلاقي بِصَحِيفَة لَا أَدْرِي مَا فِيهَا لغرور وَقيل إِنَّه رأى شَيخا متبرزاً يَأْكُل تَمرا ويقصع قملا فَقَالَ المتلمس مارأيت شَيخا أقذر مِنْك وَلَا أَجْهَل قَالَ وَمَا رَأَيْت من جهلي أَدخل طيبا وَأخرج خبيثاً وأقتل عدوا وأجهل مني من يحمل حتفه بِيَدِهِ فانتبه المتلمس وَدفع الصَّحِيفَة إِلَى غُلَام فقرأها فَقَالَ لَهُ أَنْت المتلمس قَالَ نعم قَالَ النَّجَاء فقد أَمر الْملك بقتلك فَألْقى الصَّحِيفَة فِي نهر الْحيرَة وَقَالَ (فألقيتها بالثني من جنب كَافِر ... كَذَلِك أقنو كل قطّ مضلل) (رميت بهَا فِي المَاء حَتَّى رَأَيْتهَا ... يجول بهَا التيار فِي كل جدول) وَكَافِر اسْم نهر الْحيرَة وَمضى إِلَى الشَّام وَقَالَ (أُمِّي شآمية إِذْ لَا عراق لنا ... قوما نودهم إِذْ قَومنَا شوس) (آلَيْت حب الْعرَاق الدَّهْر آكله ... وَالْحب يَأْكُلهُ فِي الْقرْيَة السوس) وأبى طرفَة أَن ينثني عَن وَجهه فَمضى وأوصل الصَّحِيفَة ففصد من الأكحلين فنزف حَتَّى مَاتَ فَقَالَ المتلمس (من مبلغ الشُّعَرَاء عَن أخويهم ... نبأ فتصدقهم بِذَاكَ الْأَنْفس)

(أودى الَّذِي علق الصَّحِيفَة مِنْهُمَا ... وَنَجَا حذار حبائه المتلمس) (ألْقى صَحِيفَته ونجى كوره ... وجناء مجمرة المناسم عرمس) وَقيل صَاحبهمَا النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَرووا أَن طرفَة قَالَ فِي ذَلِك (أَبَا مُنْذر كَانَت غرُورًا صحيفتي ... وَلم أعطكم فِي الطوع مَالِي وَلَا عرضي) (أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا ... حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض)

تفسير الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في اوائل اصولها الصاد

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الصَّاد 1087 - أصنع من سرفة وَهِي دويبة مثل العدسة تثقب شَجرا وتعمل فِيهِ بَيْتا من عيدَان مثل غزل العنكبوت مقوم الزوايا وَتدْخل أَطْرَاف العيدان بَعْضهَا فِي بعض وَتجْعَل فِيهَا بَابا مربعًا وَيُقَال إِن النَّاس أخذُوا عمل النواويس من ذَلِك وَيُقَال سرفت الشَّجَرَة إِذا أكلتها السرفة 1088 - أصنع من تنوط وَهُوَ طَائِر يعْمل بَين عودين عشاً كالقارورة يبيض فِيهِ 1089 - أصنع من نحل لما فِيهَا من النيقة فِي عمل الْعَسَل 1090 - أصنع من دود القز مَعْرُوف

1091 - أصدق من قطاة لِأَن صَوتهَا حِكَايَة اسْمهَا 1092 - أصدق ظنا من ألمعي وَهُوَ الَّذِي يظنّ الظَّن فَلَا يخطىء رأصله من لمعان النَّار وتوقدها واللوذعي من لذع النَّار والأحوزي الْجَامِع لما شَذَّ من الْأُمُور من قَوْلهم حَاز الشَّيْء والحوذى الْغَالِب للأمور من قَوْله تَعَالَى {استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان} 1093 - أصفى من مَاء المفاصل وَهِي الْفَصْل بَين الجبلين 1094 - أصفى من جنى النَّحْل يَعْنِي الْعَسَل

1095 - أصفى من لعاب الْجَرَاد من قَول الأخطل (عقارا كعين الديك صرفا كَأَنَّهُ ... لعاب جَراد فِي الفلاة يطير) 1096 - أصرد من جَرَادَة لِأَنَّهَا لَا ترى فِي الشتَاء لقلَّة صبرها على الْبرد 1097 - أصرد من عنز جرباء وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تدفأ لقلَّة شعرهَا والصرد الْبرد 1098 - أصرد من عين الحرباء قَالُوا هُوَ تَصْحِيف الْمثل الأول وَقيل الحرباء تسْتَقْبل الشَّمْس أبدا بِعَينهَا تستجلب الدفء 1099 - أصرد من السهْم والصرد هَاهُنَا النّفُوذ قَالَ الشَّاعِر

(فَمَا بقيا عَليّ تركتماني ... وَلَكِن خفتما صرد النبال) 1100 - أصرد من خازق ورقة والخازق النَّافِذ يُقَال ذَلِك للمتناهي الَّذِي يخزق الورقة من ثقافته وَضَبطه 1101 - أصعب من رد الشخب فِي الضَّرع من قَول الشَّاعِر (صَاح أَبْصرت أَو سَمِعت براع ... رد فِي الضَّرع مَا قرى فِي العلاب) 1102 - أصعب من وقُوف على وتد من قَول الشَّاعِر (ولي صاحبان على هامتي ... جلوسهما مثل حد الوتد) (ثقيلان لم يعرفا خفَّة ... فَهَذَا الصداع وَذَاكَ الرمد)

1103 - أصفر من لَيْلَة الصَّدْر قد مر تَفْسِيره 1104 - أصُول من جمل قَالُوا الصولة هَا هُنَا العض يُقَال صال الْجمل وعقر الْكَلْب 1105 - أَصْبِر من ذِي ضاغط يَعْنِي الْجمل يضغط مَوضِع إبطه وَهُوَ أصل كركرته وَهُوَ على ذَلِك يسير والمثل لسعد بن أبان بن عُيَيْنَة بن حصن وَقدم ليضْرب عُنُقه فَقيل لَهُ اصبر فَقَالَ (أَصْبِر من ذِي ضاغط معرك ... ألْقى بوان زوره للمبرك) 1106 - أَصْبِر من عود بجنبيه جلب الْعود المسن من الْإِبِل والجلبة الْجرْح يندمل أَعْلَاهُ وَفِي بَاطِنه

فَسَاد والمثل لحلحلة بن قيس بن أَشْيَم وَقد قدم ليضْرب عُنُقه فَقيل لَهُ اصبر فَقَالَ (أَصْبِر من عود بجنبيه جلب ... قد أثر البطان فِيهِ والحقب) 1107 - أَصْبِر من ضَب لما فِيهِ من القشف واليبس 1108 - أَصْبِر من حمَار لِأَنَّهُ يحمل الْحمل الثقيل على الدبر وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَان أَصْبِر من الْجمل وَالْحمار 1109 - أصح من عير أبي سيارة وَهُوَ رجل من عدوان كَانَ لَهُ حمَار أسود أجَاز النَّاس عَلَيْهِ من الْمزْدَلِفَة إِلَى منى أَرْبَعِينَ سنة وَهُوَ أول من سنّ الدِّيَة مائَة من الْإِبِل وَقد مر حَدِيثه فِي كتاب الْأَوَائِل 1110 - أصب من المتمنية وَهِي فريعة بنت همام أم الْحجَّاج بن يُوسُف عشقت نصر بن حجاج

فَتى من بني سليم وَهِي إِذْ ذَاك تَحت الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَمر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ذَات لَيْلَة فَسَمعَهَا تَقول (أَلا سَبِيل إِلَى خمر فأشربها ... أَو لَا سَبِيل إِلَى نصر بن حجاج) فسير عمر نصرا إِلَى الْبَصْرَة فَنزل على مجاشع بن مَسْعُود فعشق امْرَأَته شميلة وعشقته وَعرف مجاشع ذَلِك فَأخْرجهُ من منزله فَنزل على بعض السلميين فَمَرض من حبها مَرضا شَدِيدا فتمثل بِهِ أهل الْبَصْرَة فَقَالُوا (أدنف من المتمني) وَلم يزل يتَرَدَّد فِي مَرضه حَتَّى مَاتَ وَرُوِيَ فِي خَبره غير ذَلِك وَقد استقصيناه فِي كتاب الْأَوَائِل 1111 - أَصْغَر من وصعة وَهُوَ طَائِر صَغِير وَيجمع وصعاناً وَقد ذكرنَا تَفْسِير مَا يشكل تَفْسِيره وَتَركنَا الْمَشْهُور وَمَا مر ذكره قبل تَرَكْنَاهُ ايضا

فيما جاء من الأمثال في أوله ضاد

الْبَاب الْخَامِس عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله ضاد فهرسته ضرب أخماسٍ لأسداسٍ ضرب فِي جهازه ضرب عَلَيْهِ جروته ضح رويداً ضغثٌ على إبالةٍ ضل دريصٌ نفقه ضربه ضرب غَرِيبَة الْإِبِل الضجور تحلب العلبة ضرح الشموس ناجزاً بناجزٍ فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الضَّاد أضيق من ظلّ الرمْح أضيق من خرت الإبرة أضيق من سم الْخياط أضيق من زجٍ اضيق من تسعين أضيق من مبعج الضَّب أَضْعَف من بقةٍ أَضْعَف من بعوضةٍ أَضْعَف من فراشةٍ أَضْعَف من قارورةٍ أَضْعَف من يدٍ فِي رحمٍ أضيع من لحمٍ على وضمٍ أضيع من بَيْضَة الْبَلَد أضيع من غمدٍ بِغَيْر نصلٍ أضيع من تُرَاب فِي مهب ريح أضيع من وصيةٍ أضيع من موءودةٍ أضلّ من سنانٍ أضلّ من قارظ عنزةٍ أضلّ من ضبٍ أضلّ من ورلٍ أضلّ من ولد اليربوع أضلّ من يدٍ فِي رحمٍ أضرط من عير وَمن عنزٍ أضرط من غول أضبط

تفسير الباب الخامس عشر

من ذرةٍ أضبط من نملةٍ أضبط من أعمى اضبط من صبىٍ أضبط من عَائِشَة بن عثمٍ أَضْوَأ من صبحٍ أَضْوَأ من ابْن ذكاء أَضْوَأ من نَهَار تَفْسِير الْبَاب الْخَامِس عشر 1112 - قَوْلهم ضرب أخماسٍ لأسداسٍ يضْرب مثلا للمماكرة وَالْخداع وَأَصله فِي أوراد الْإِبِل وَهُوَ أَن يظْهر الرجل أَن ورده سدس وَإِنَّمَا يُرِيد الْخمس أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر بن دُرَيْد عَن عبد الرَّحْمَن عَن عَمه عَن أَبى عَمْرو بن الْعَلَاء قَالَ بلغنى أَن عتبَة بن أَبى سُفْيَان قَالَ لعبد الله بن عَبَّاس مَا منع عليا عَلَيْهِ السَّلَام أَن يَبْعَثك مَكَان أَبى مُوسَى فَقَالَ عبد الله مَنعه وَالله ذَاك حاجز الْقدر وَقصر الْمدَّة ومحنة الِابْتِلَاء أما وَالله لَو بعثنى لاعترضت فِي مدارج نفس مُعَاوِيَة ناقضاً لما أبرم ومبرماً لما نقض أَسف إِذا طَار وأطير إِذا أَسف وَلَكِن مضى قدرٌ وبقى أسفٌ وَالْآخِرَة خيرٌ لأمير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ خريم بن فاتك الأسدى (لَو كَانَ للْقَوْم رأىٌ يرشدون بِهِ ... أهل الْعرَاق رموكم بِابْن عَبَّاس) (لله در أَبِيه أَيّمَا رجلٍ ... مَا مثله لفصال القَوْل فِي النَّاس) (لَكِن رموكم بشيخٍ من ذَوي يمنٍ ... لم يدر مَا ضرب أخماسٍ لأسداسٍ)

أَي لم يعرف الْمَكْر وَلم يَك لَهُ دهاء فمكر بِهِ وَمن لم يعرف الشىء كَانَ جَدِيرًا بالوقوع فِيهِ وَأنْشد ثَعْلَب (إِذا أَرَادَ امْرُؤ مكراً جنى عللاً ... وظل يضْرب أَخْمَاسًا لأسداسٍ) قَالَ وَهَؤُلَاء قومٌ كَانُوا فِي إبلٍ لأبيهم عزاباً فَكَانُوا يَقُولُونَ للربع الْخمس وللخمس السُّدس فَقَالَ أبوهم إِنَّمَا تَقولُونَ هَذَا لترجعوا إِلَى أهليكم فَصَارَت مثلا فِي كل مكرٍ وَأنْشد ابْن الأعرابى (وَذَلِكَ ضرب أخماسٍ أريدت ... لأسداسٍ عَسى أَلا تَكُونَا) وَيُقَال للَّذي لَا يعرف الْمَكْر وَالْحِيلَة إِنَّه لَا يعرف ضرب أخماسٍ لأسداسٍ وَذَلِكَ إِذا لم يكن لَهُ دهاء وَمن لَا يعرف الْمَكْرُوه جديرٌ أَن يَقع فِيهِ 1113 - قَوْلهم ضرب فِي جهازه يُقَال ذَلِك للرجل ينفر من الْأَمر فَيذْهب عَنهُ ذهَاب من لَا يرجع أليه والجهاز بِفَتْح الْجِيم وَأَصله فِي الْبَعِير يسْقط عَن ظَهره القتب فَيَقَع بَين قوائمه فَيفزع فَيذْهب فِي الأَرْض وَقَالَ بَعضهم يُقَال ذَلِك للرجل

يخرج عَن الْمَوَدَّة ويطرحها وَالْأول اجود عندى وَفِي مَعْنَاهُ ضرب فِي قتبه قَالَ ثَعْلَب يُقَال ذَلِك للرجل يتباعد عَن الْقَوْم ويهجرهم 1114 - قَوْلهم ضرب عَلَيْهِ جروته يُقَال ضرب جروته على الْأَمر أَي وَطن نَفسه عَلَيْهِ وَلَا ينبغى لَهُ الانثناء عَنهُ والجروة اسْم من أَسمَاء النَّفس وَكَذَلِكَ الْقُرُون والقرونة والحوباء والقتال بِالتَّخْفِيفِ يُقَال أصحبت قرونته أَي أَطَاعَته نَفسه وانقادت لَهُ قَالَ الشَّاعِر (فَضربت جروتها وَقلت لَهَا اصبرى ... وشددت فِي ضيق الْمقَام إزارى) 1115 - قَوْلهم ضح رويدا مَعْنَاهُ ارْفُقْ بِالْأَمر وَقد مضى تَفْسِير رويداً وضح من الضحاء وَهُوَ ارْتِفَاع النَّهَار وَاصل الْمثل فِي رعى الْإِبِل ضحاء والضحاء لِلْإِبِلِ بِمَنْزِلَة الْغَدَاء للْإنْسَان 1116 - قَوْلهم ضغث على إبالةٍ يضْرب مثلا للرجل يحمل صَاحبه الْمَكْرُوه ثمَّ يزِيدهُ مِنْهُ والإبالة

الحزمة من الْحَطب والضغث الجرزة الَّتِي فَوْقهَا يَجْعَلهَا الْحطاب لنَفسِهِ والجرزة والحزمة وَاحِد قَالَ الشَّاعِر (لى كل يومٍ من ذؤاله ... ضغثٌ يزِيد على إبالةٍ) (فِي كل يومٍ صيقةٌ ... فوقى تفيأ كالظلاله) والذؤالة الذِّئْب واشتقاقه من الذألان وَهُوَ سرعَة المشى يَقُول لي مِنْهُ كل يَوْم شَرّ يزِيد على الشَّرّ وَكَانَ يَقع على غنمه والصيق الْغُبَار 1117 - قَوْلهم ضل دريص نفقه يضْرب مثلا للرجل يلتبس عَلَيْهِ القَوْل وتعتاص الْحجَّة عَلَيْهِ بعد أَن كَانَ قد هيأها فنسى وخلط والدريص تَصْغِير درص وَهُوَ ولد الْفَأْرَة وَهُوَ إِذا خرج من جُحْره لم يهتد إِلَيْهِ وَتقول ضللت الدَّار وكل شىء لم يزل عَن مَكَانَهُ تَقول فِيهِ ضللت وأضللت الدِّرْهَم وَالشَّاة

وَمَا اشبه ذَلِك وأصل الضلال الْهَلَاك وَفِي الْقُرْآن {أئذا ضللنا فِي الارض} أَي هلكنا وذهبنا 1118 - قَوْلهم ضربه ضرب غرائب الْإِبِل يضْرب مثلا لشدَّة الظُّلم وَغَيره من أَنْوَاع الْمَكْرُوه وَأَصله فِي الْإِبِل ترد الْحَوْض وَلَيْسَ لَهَا رب فيضربها أَرْبَاب الْإِبِل الْوَارِدَة ضربا شَدِيدا ويذودونها ذيادا عنيفا 1119 - قَوْلهم الضجور تحلب العلبة يضْرب مثلا للرجل المنوع إِذا نيل مِنْهُ الشىء بعد الشىء والضجور النَّاقة الَّتِي لَا تطيب نفسا بالحلب فهى ترغو إِذا حلبت يَقُول إِنَّهَا مَعَ الضجر والتمنع تحلب العلبة أَي ملْء العلبة والعلبة قدح لَهُم تكون من جلد وَنَحْوه قَوْلهم مَعَ الخواطئ سهم صائب 1120 - قَوْلهم ضرح الشموس ناجزا بناجز الضرح الرمْح ضرحه إِذا رمحه قَالَ الراجز (يضرح مَا يضرح مَالا يضرح ... )

يضْرب مثلا لسرعة المجازاة والناجز السَّرِيع وَمِنْه قيل أنْجز الْوَعْد وتناجز الْقَوْم فِي الْحَرْب إِذا تسافكوا دِمَاءَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَسْرعُوا فِيهَا 1121 - قَوْلهم الضبع تَأْكُل الْعِظَام وَلَا تعرف قدراستها يضْرب مثلا للرجل يعْمل الْعَمَل وَلَا يعرف مَا فِي عاقبته من الْمضرَّة وَذَلِكَ أَن الضبع إِذا أكلت الْعِظَام عسر عَلَيْهَا الخراءة وَنَحْو هَذَا قَول بَعضهم (فَلَا تحسد الْكَلْب أكل الْعِظَام ... فَعِنْدَ الخراءة مَا ترحمه)

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهى الواقع في أوائل أصولها الضاد

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الضَّاد وَأكْثر ذَلِك مَشْهُور وَقد مر قبل فَنَذْكُر الْمُشكل 1122 - أضيع من غمدٍ بِغَيْر نصلٍ من قَول مُسلم بن الْوَلِيد (وإنى وَإِسْمَاعِيل يَوْم فِرَاقه ... لكالغمد يَوْم الروع فَارقه النصل) 1123 - أضيع من دم سلاغٍ رجلٌ من عبد الْقَيْس قتل فطل دَمه وَقيل دم سلاغٍ جبارٌ والجبار الَّذِي لَا أرش فِيهِ وَمِنْه العجماء جبارٌ 1124 - أضلّ من موءودة وهى الْجَارِيَة تدفن حَيَّة واشنقاق ذَلِك من قَوْلهم آده إِذا أثقله

لِأَنَّهَا تثقل بِالتُّرَابِ وَفِي الْقُرْآن {وَلَا يؤوده حفظهما} والضلال هَاهُنَا من قَول الله تَعَالَى {أئذا ضللنا فِي الارض} وَهُوَ الْهَلَاك 1125 - وأضل من ورلٍ 1126 - وَمن ضبٍ 1127 - وَمن ولد اليربوع لِأَنَّهَا إِذا خرجت من جحرها لم تهتد للرُّجُوع أليه وَسُوء الْهِدَايَة فِي الضَّب والورل والديك 1128 - أضلّ من يدٍ فِي رحمٍ قيل هِيَ يَد الْجَنِين وَقيل يَد الناتج

112 - أضبط من ذرةٍ 1130 - وَمن نملةٍ لِأَنَّهُمَا يجران النواة وهى فِي الْوَزْن أضعافهما 1131 - أضبط من عَائِشَة بن عثمٍ وَهُوَ رجل من بنى عبشمس بن سعد وَكَانَ يسقى إبِله يَوْمًا فَأنْزل أَخَاهُ فِي الرَّكية ليميحه فازدحمت الْإِبِل فهوت بكرةٌ فِي الْبِئْر فَأخذ بذنبها فصاح بِهِ أَخُوهُ يَا أخى الْمَوْت فَقَالَ ذَلِك إِلَى ذَنْب البكرة ثمَّ اجتذبها فأخرجها 1132 - أَضْوَأ من ابْن ذكاء يعنون الصُّبْح وذكاء الشَّمْس غير مصروفة

فيما جاء من الأمثال في أوله طاء

الْبَاب السَّادِس عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله طاء فهرسته طويته على بلالته الطعْن يظأر طمح مرقمة طارت بِهِ العنقاء طَال الْأَبَد على لبد الطريف خفيفٌ فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الطَّاء أطول من ظلّ الرمْح أطول من طُنب الخرقاء أطول من الفلق أطول من السكاك أطول من اللَّوْح أطول من الدَّهْر أطول من السّنة الجدبة أطول من شهر الصَّوْم أطول من يَوْم الْفِرَاق أطول ذماءً من الأفعى أطول ذماءً من الْحَيَّة أطول ذماءً من الخنفساء أطول من فراسخ دير كعبٍ أطول صُحْبَة من الفرقدين أطول صُحْبَة من ابنى شمامٍ أطير من جرادةٍ أطيش من فراشةٍ أطول صُحْبَة من نخلتى حلوان أطير من عقابٍ أطير من حبارى أطيش من ذبابٍ أطفر من برغوث أطفس من عفر أطير نشراً من الرَّوْضَة أطيب نشراً من الصوار أطيب من الْحَيَاة أطيب من المَاء على الظمأ أطغى من السَّيْل أطغى من

تفسير الباب السادس عشر

اللَّيْل أطفل من ليلٍ على نهارٍ أطفل من شيبٍ على شبابً أطفل من طفيلٍ أطمع من قالب الصَّخْرَة أطمع من أشعب أطمع من طفيل أطمع من فلحسٍ أطمع من قرلى أطمع من مقمورٍ أطمع من ثوابٍ أطوع من فرسٍ أطوع من كلب أطب من ابْن حذيمٍ تَفْسِير الْبَاب السَّادِس عشر 1133 - قَوْلهم طويته على بلالته يُقَال طويته على بلالته وعَلى بلاله وبللاته مَعْنَاهُ احتملت أَذَاهُ وأغضيت عَن مكروهه وَأَصله أَن أَصْحَاب المواشى إِذا استغنوا عَن الأوطاب عِنْد ذهَاب الألبان طووها وَهِي مبتلةٌ وتركوها إِلَى وَقت الْحَاجة إِلَيْهَا فَيضْرب مثلا لاحتمالك أذية الرجل لبَقيَّة ودك عِنْده اَوْ لما تنْتَظر من مُرَاجعَته إِلَى حسن الْحَال بَيْنك وَبَينه وَيُقَال أَيْضا طويت الرجل إِذا تركت مودته وطويته إِذا مَرَرْت بِهِ وَلم تسلم عَلَيْهِ قَالَ الشَّاعِر (وإنى إِذا سَاءَ الْخَلِيل طويته ... كطى اليمانى ثمَّ قل لَهُ نشرى) 1134 - قَوْلهم الطعْن يظأر يضْرب مثلا للبخيل يعْطى على الرهبة يَقُول إِنَّه إِذا خافك أَن تطعنه عطفه ذَلِك عَلَيْك فجاد لَك بِمَالِه وَمثله قَول الشَّاعِر

(وَإِلَّا تصل رحم ابْن عَمْرو بن مرثدٍ ... يعلمك وصل الرَّحِم عضب مجرب) ويظأر يعْطف وَمِنْه سميت الداية ظِئْرًا 1135 - قَوْلهم طمح مرقمة قَالَ الأصمعى مرقمة رجل وطمح مَعْنَاهُ أفرط فِي الْأَمر وَجَاوَزَ فِيهِ الْحَد وَيُقَال أَيْضا طاح مرقمة وَيجْعَل مثلا فِي الرجل يهْلك وَيَنْقَطِع سَببه واصله أَن بنى هلالٍ وَبنى فَزَارَة تنافروا إِلَى أَسد بن مدرك الخثعمى فَقَالَ بَنو عَامر أكلْتُم يَا بنى فَزَارَة أير الْحمار قَالُوا أكلناه وَلم نعرفه وَحَدِيث ذَلِك أَن ثَلَاثَة نفرٍ اصطحبوا فزارى وتغلبى وكلابى فصادوا حمارا فَمضى الفزارى فِي حاجةٍ فطبخا وأكلا وخبآ للفزارى جردان الْحمار فَلَمَّا رَجَعَ قَالَا قد خبأنا لَك فَأقبل يَأْكُل وَلَا يكَاد يسيغ وَجعلا يضحكان فَفطن فَقَالَ أكل شواء العير جوفان وجوفان الْحمار جردانه ثمَّ أَخذ السَّيْف وَقَامَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ لتأكلانه أَو لأقتلنكما فَقَالَ لأَحَدهمَا وَكَانَ اسْمه مرقمة كل فَأبى فَضَربهُ فأبان رَأسه فَقَالَ الآخر طاح مرقمة فَقَالَ الفزارى وَأَنت إِن لم تلقمه أَرَادَ تلقمها فَلَمَّا ترك الْألف ألْقى الفتحة على الْمِيم كَمَا قيل ويلم الْحيرَة وَأي رجالٍ بِهِ أَي بهَا فعيرت فَزَارَة بِأَكْل الجردان فَقَالَ الْكُمَيْت بن ثَعْلَبَة وهم ثَلَاثَة هَذَا أقدمهم ثمَّ كميت بن مَعْرُوف ثمَّ كميت بن زيد وَكلهمْ من بنى أسدٍ

(نشدتك يَا فزار وَأَنت شيخٌ ... إِذا خيرت تخطئ فِي الْخِيَار) (أصيحانيةٌ أدمت بسمنٍ ... أحب إِلَيْك أم أير الْحمار) (بلَى أير الْحمار وخصيتاه ... أحب إِلَى فَزَارَة من فرار) والفرار من أَوْلَاد الضَّأْن فَقَالَ بَنو فَزَارَة لَكِن مِنْكُم يَا بنى هِلَال من قرى فِي حَوْضه فسقى إبِله فَلَمَّا رويت سلح فِيهِ ومدره بخلا بفضلة مَائه فَقَالَ فِيكُم الشَّاعِر (لقد جللت خزياً هِلَال بن عامرٍ ... بنى عامرٍ طرا بسلحة مادر) (فأفٍ لكم لَا تَذكرُوا الْفَخر بعْدهَا ... بنى عامرٍ أَنْتُم شرار المعاشر) فَقضى أَسد بن مدرك على الهلاليين 1136 - قَوْلهم طارت بهم العنقاء يُقَال ذَلِك للْقَوْم إِذا هَلَكُوا فَلم يبْق مِنْهُم أحدٌ والعنقاء اسْم لَا مُسَمّى لَهُ قَالَ أَبُو نواس (وَمَا خبزه إِلَّا كعنقاء مغربٍ ... تصور فِي بسط الْمُلُوك وَفِي الْمثل) وَقلت (أَلا إِنَّمَا آوى وعنقاء مغرب ... وعرس وإخوان الصفاء سَوَاء)

1137 - وَلَهُم طير الله لَا طيرك وَالطير التطير وَالطير أَيْضا الْقدر وَجمع طَائِر وَالْمعْنَى هَاهُنَا طير الله أوفق من طيرك أَي قدره أوفق من تقديرك لنَفسك قَالَ الشَّاعِر فِي نَحوه (تعلم أَنه لَا طير إِلَّا ... على متطيرٍ وَهُوَ الثبور) (بلَى شىء يُوَافق بعض شىء ... أحاييناً وباطله كثير) وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (فَمَا عاجلات الطير يدنين للفتى ... رشاداً وَلَا عَن ريثهن مُجيب) (وَرب امورٍ لَا تضيرك ضيرةً ... وللقلب فِي مخشاتهن وجيب) (وَلَا خير فِيمَن لَا يوطن نَفسه ... على نائبات الدَّهْر حِين تنوب) وَزعم أَبُو عُبَيْدَة وَحده أَن الطير وَاحِد وَجمع فَقَالَ طير بِمَعْنى طَائِر 1138 - قَوْلهم طَال الْأَبَد على لبد ويروى طَال الأمد والأمد الْغَايَة والأبد الدَّهْر وَقد ذكرنَا أصل هَذَا الْمثل فِيمَا تقدم

1139 - قَوْلهم الطريف خفيفٌ والتليد بليد والمثل للقمان بن عَاد وَقد ذكرنَا حَدِيثه فِيمَا تقدم وَمَعْنَاهُ أَن الَّذِي تستجده من الاشياء أحب إِلَيْك من الَّذِي طَال لبثه مَعَك وقريبٌ مِنْهُ قَول النَّاس لكل جديدٍ لذةٌ وَهُوَ من قَول الحطيئة (لكل جديدٍ لذةٌ غير أننى ... وجدت جَدِيد الْمَوْت غير لذيذ) وقريبٌ مِنْهُ قَول مُسلم بن الْوَلِيد (إنى كثرت عَلَيْهِ فِي زيارته ... والشىء مستثقلٌ جدا إِذا كثرا) (قد رابنى مِنْهُ أَنى لَا أَزَال أرى ... فِي عينه قصراً عَنى إِذا نظرا)

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهى الواقع فى أوائل أصولها الطاء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فى أَوَائِل أُصُولهَا الطَّاء نذْكر من ذَلِك مَا يشكل وَمَا لم يتَقَدَّم ذكره ونترك غَيره 1140 - أطول من ظلّ الرمْح من قَول ابْن الطثرية (ويومٍ كظل الرمْح قصر طوله ... دم الزق عَنَّا واصطفاق المزاهر) وَيُقَال للمفرط فِي الطول ظلّ نعامةٍ وللمنكر الضخم ظلّ الشَّيْطَان فَأَما لطيم الشَّيْطَان فالملقو 1141 - أطول من طُنب الخرقاء 1142 - وَمن حَبل الخرقاء لِأَن الخرقاء لَا تعرف مقادير الْأَطْنَاب فتطولها وَأما قَوْلهم إِذا طلع السماك ذهبت العكاك وَبرد مَاء الحمقاء فَمَعْنَاه أَن الحمقاء لَا تبرد المَاء فَإِذا طلع السماك برد مَاؤُهَا وَإِن لم تبرده

1143 - أطول من الفلق يعنون الصُّبْح 1144 - أطول من السكاك 1145 - وَمن اللَّوْح يعنون الْهَوَاء بَين السَّمَاء وَالْأَرْض 1146 - أطول ذماء من الضَّب والذماء مابين الذّبْح إِلَى خُرُوج النَّفس والضب يذبح فَيبقى ليلته مذبوحاً ثمَّ يطْرَح فِي النَّار فيتحرك 1147 - وأطول ذماءً من الأفعى لِأَنَّهَا تذبح فَتبقى اياماً تتحرك 1148 - وأطول ذماءً من الْحَيَّة لِأَنَّهُ رُبمَا قطع الثُّلُث مِنْهُ فيعيش إِن سلم من الذَّر

1149 - وأطول ذماءً من الخنفساء لِأَنَّهَا تشدخ فتمشى 1150 - وأطول من فراسخ دير كعبٍ من قَول الشَّاعِر (ذهبت تمادياً طولا وعرضاً ... كَأَنَّك من فراسخ دير كَعْب) 1151 - وأطول صُحْبَة من الفرقدين من قَول عَمْرو بن معد يكرب (وكل أخٍ مفارقه أَخُوهُ ... لعَمْرو أَبِيك إِلَّا الفرقدان) 1152 - وأطول صُحْبَة من انبي شمامٍ وهما هضبتان قَالَ الشَّاعِر (وكل أخٍ مفارقه أَخُوهُ ... لعَمْرو أَبِيك إلاابني شمام

1153 - وأطول صُحْبَة من نخلتى حلوان من قَول مُطِيع بن إياسٍ فِي جاريةٍ لَهُ بَاعهَا ثمَّ تتبعتها نَفسه فَقَالَ وَهُوَ بحلوان (أسعدانى يَا نخلتى حلوان ... وابكيا لى من ريب هَذَا الزَّمَان) (واعلما أَن ريبه لم يزل ... يفرق بَين الْحَيَاة وَالْحَيَوَان) (ولعمرى لَو ذقتما حرق الْفرْقَة ... أبكاكما الَّذِي أبكانى) (أسعدانى وأيقنا أَن نحساً ... سَوف يلقاكما فتفترقان) (كم رمتنى صروف هذى الليالى ... بِفِرَاق الأحباب والخلان) (غير أَنى لم تلق نَفسِي كَمَا لاقيت ... من فرقة ابْنة الدهْقَان) (وبرغمى أَصبَحت لَيْسَ ترَاهَا الْعين ... منى وأصبحت لَا ترانى) وَخرج المهدى متصيداً إِلَى حلوان ففتنته مغنية فَقَالَ (أيا نخلتى حلوان بِالشعبِ إِنَّمَا ... أشذ كَمَا عَن نخل جوخي شقاكما) (إِذا نَحن جاوزنا الثَّنية لم نزل ... على وجلٍ من سيرنا أَو نراكما) فهم بقطعهما فَقَالَت أُعِيذك بِاللَّه أَن تكون على النحس الَّذِي ذكره مطيعٌ وأنشدته (أسعدانى وأيقنا أَن نحساً ... سَوف يلقاكما فتفترقان) فَكف عَنْهُمَا ووكل بهما من يحفظهما وأنشدنا حسان بن اسحاق

(أَيهَا العاذلان لَا تعذلانى ... ودعانى من الملام دعانى) (وابكيا لى فإننى مستحقٌ ... مِنْكُمَا بالبكاء أَن تسعدانى) (إننى مِنْكُمَا بذلك أولى ... من مُطِيع بنخلتى حلوان) (فهما تجهلان مَا كَانَ يشكو ... من جواه وأنتما تعلمان) 1154 - أطير من عِقَاب لِأَنَّهَا تتغدى بالعراق وتتعشى بِالْيمن 1155 - أطير من حبارى لِأَنَّهَا تصاد بِظهْر الْبَصْرَة فتوجد فِي حواصلها الْحبَّة الخضراءغضة طريةً وَبَينهَا وَبَين ذَلِك بلادٌ وبلاد 1156 - أطيش من فراشة لِأَنَّهَا تلقي نَفسهَا فِي النَّار 1157 - أطيش من ذُبَاب من قَول الشَّاعِر

(ولأنت أطيش حِين تَغْدُو سادراً ... رعش الْجنان من القدوح الأقرح) يعْنى الذُّبَاب 1158 - أطفس من العفر وَهُوَ ذكر الْخَنَازِير 1159 - أطيب نشراً من الرَّوْضَة 1160 - وَأطيب نشراً من الصوار والنشر الرَّائِحَة والصوار الْمسك 1161 - أطمع من قالب الصَّخْرَة يذكر انها صَخْرَة كَانَت مَكْتُوبًا عَلَيْهَا اقلبنى أنفعك فقلبها إنسانٌ فَوجدَ عَلَيْهَا رب طمعٍ يهدى إِلَى طبعٍ فَمَا زَالَ يضْربهَا بهامته تأسفاً حَتَّى مَاتَ

1162 - أطمع من أشعب وَهُوَ اشعب بن جُبَير مولى عبد الله بن الزبير من أهل الْمَدِينَة يكنى أَبَا الْعَلَاء ولد يَوْم قتل عُثْمَان رضى الله عَنهُ وبقى إِلَى أَيَّام المهدى وَمن طمعه أَنه كَانَ يَقُول مَا تناجى اثْنَان إِلَّا وَقع فِي قلبى أَنَّهُمَا يأمران لى بشىء وَإِن كَانَ على جنازةٍ وَقع فِي قلبى أَن الْمَيِّت أوصى لي بشىء من مَاله وَقدم على يزِيد بن حاتمٍ بِمصْر فَرَآهُ يسَار بعض خدمه فانكب على يَده يقبلهَا فَقَالَ مَالك قَالَ رَأَيْتُك تسار غلامك فَعلمت أَنَّك تَأمر لي بشىء قَالَ مَا فعلت ولكنى أفعل وَأمر لَهُ بصلَة وَرَأى رجلا يعْمل طبقًا فَقَالَ أقِم حُرُوفه فَلَعَلَّ من يَشْتَرِيهِ يحمل لي فِيهِ شَيْئا وَقَالَ لدلَالَة اطلبى لي امْرَأَة إِن تجشأت عَلَيْهَا شبعت وَإِن أكلت رجل جرادةٍ اتخمت وَجعل لَهُ جعلٌ على أَن يغنى سَالم بن عبد الله قَالَ فَدخلت عَلَيْهِ فغنيته (دعون الْهوى ثمَّ ارتمين قُلُوبنَا ... بأسهم أَعدَاء وَهن صديق) فَقَالَ سَالم مهلا مهلا فَقَالَ لَا أسكت إِلَّا بذلك السندى فَقَالَ هُوَ لَك فاسكت فَأَخَذته وَخرجت وَقلت غنيته وطرب فأعطانى هَذَا السندى وَإِنَّمَا أعطانيه لأسكت وَأخذت مِنْهُم الْجعل

1163 - أطوع من ثوابٍ من قَول الشَّاعِر (وَكنت الدَّهْر لست أطيع أُنْثَى ... فصرت الْيَوْم أطوع من ثَوَاب) وَهُوَ اسْم كلب

فيما جاء من الأمثال في أوله ظاء

الْبَاب السَّابِع عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله ظاء فهرسته الظُّلم مرتعه وخيمٌ ظهر بحاجته ظمء حمارٍ فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي التناهي وَالْمُبَالغَة الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الظَّاء أظلم من حيةٍ أظلم من حَيَّة الوادى أظلم من أَفْعَى أظلم من ورلٍ أظلم من ذئبٍ أظلم من تمساحٍ أظلم من شيبٍ أظلم من حبارى أظلم من فلحس أظلم من صبىٍ أظلم من ليلٍ أظمأ من رملٍ أظمأ من حوتٍ أظمأ من حجرٍ أظل من حجرٍ

تفسير الباب السابع عشر

تَفْسِير الْبَاب السَّابِع عشر 1164 - قَوْلهم الظُّلم مرتعه وخيمٌ من قَول الشَّاعِر (البغى يصرع أَهله ... وَالظُّلم مرتعه وخيمٌ) وأصل الظُّلم وضع الشىء فِي غير مَوْضِعه وَمن ثمَّ قيل من أشبه أَبَاهُ فَمَا ظلم أَي مَا وضع الشىء فِي غير مَوْضِعه وَقَالَ ابْن مقبل (هرت الشقاشق ظلامون للجزر ... ) وظلمهم لَهَا عرقبتهم إِيَّاهَا وَإِنَّمَا حَقّهَا النَّحْر والوخيم والوخم الثقيل الموبئ وخم وخامةً وَمِنْه التُّخمَة وَالْأَصْل وخمة فقلبت الْوَاو تَاء كَمَا قيل تراث وَهُوَ من ورث وتهمة وَهِي من وهم 1165 - قَوْلهم ظهر بحاجته مَعْنَاهُ جعلهَا خلف ظَهره وَلم يلْتَفت إِلَيْهَا وَيَقُولُونَ لَا تجْعَل حاجتى

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الظاء

بظهرٍ وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {واتخذتموه وراءكم ظهرياً} وَيُقَال فِي خلاف هَذَا اتَّخذت بعيرى ظهرياً أَي استظهرت بِهِ ليَوْم حاجتى والظهير الْمعِين وظاهرته على الْأَمر أعنته وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيراً} أَي على أَوْلِيَاء ربه معينا 1166 - قَوْلهم ظمء حمارٍ يَقُولُونَ لمن ولى عمره وَلم يبْق مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل مَا بقى مِنْهُ إِلَّا ظمء حمَار واقصر الأظماء ظمء الْحمار لِأَنَّهُ يرد فِي كل يَوْم مرّة تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الظَّاء 1167 - أظلم من حيةٍ لِأَنَّهَا تجىء إِلَى جُحر غَيرهَا فتدخله وتغلب عَلَيْهِ

1168 - أظلم من أَفْعَى قَالَ الراجز (وَأَنت كالأفعى الَّتِي لَا تحتفر ... وتغتدى سادرة فتحتجر) 1169 - أظلم من ورلٍ وَذَلِكَ أَنه مثل الْحَيَّة إِذا قصد جحراً أخلاه لَهُ أَهله وهربوا مِنْهُ لخشونة بدنه 1170 - أظلم من الذِّئْب وَأَصله أَن أَعْرَابِيًا ربى ذئباً فَلَمَّا شب افترس سخلةً لَهُ فَقَالَ الأعرابى (فرست شويهتى وفجعت طفْلا ... ونسواناً وَأَنت لَهُم ربيب) (نشأت مَعَ السخال وَأَنت طفلٌ ... فَمَا أَدْرَاك أَن أَبَاك ذيب) (إِذا كَانَ الطباع طباع سوءٍ ... فَلَيْسَ بمصلحٍ طبعا أديب) وَقَالَ آخر (وَأَنت كذئب السوء لَيْسَ بآلفٍ ... أَبى الذِّئْب إِلَّا أَن يخون ويظلما) 1171 - أظلم من التمساح وَقد مر حَدِيثه

1172 - أظلم من الجلندى قَالُوا هُوَ الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن الْكَرِيم {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملكٌ يَأْخُذ كل سفينةٍ غصبا} 1173 - أظلم من فلحسٍ وَقد مر ذكره 1174 - أظلم من ليلٍ من الظلمَة وَالْمعْنَى أَشد ظلمَة وَبَعض النَّحْوِيين لَا يُجِيزهُ وَقد أجَازه بَعضهم 1175 - وأظلم من ليلٍ أَيْضا من الظُّلم 1176 - أظمأ من حوتٍ يَزْعمُونَ أَنه لَا يشرب المَاء أبدا وَقد ذَكرْنَاهُ ثمَّ يَقُولُونَ أروى من حوتٍ ويعنون أَنه لَا يُفَارق المَاء

فيما جاء من الأمثال في أوله عين

الْبَاب الثَّامِن عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله عين فهرسته عِنْد النَّوَى يكذبك الصَّادِق عيل مَا هُوَ عائله عرفتنى نسأها الله عير بجير بجره الْعوَان لَا تعلم الْخمْرَة عنزٌ استتيست عودٌ يقلح عودٌ يعلم العنج عبدٌ صريخه أمةٌ الْعَصَا من العصية العقوق ثكل من لم يثكل الْعود احْمَد عودت كِنْدَة عَادَة فاصبر لَهَا عَادَة الشَّرّ شرٌ من المغرم عِنْد الصَّباح يحمد الْقَوْم السرى عارك بجدٍ أَو دع عبدٌ ملك عبدا عِنْد جفينة الْخَبَر الْيَقِين على هَذَا دَار القمقم على الْخَبِير سَقَطت عاطٍ بِغَيْر أنواطٍ عش وَلَا تغتر عِنْد النطاح يغلب الْكَبْش الأجم عمك خرجك عرضٌ سابرىٌ عثرت على الْغَزل بأخرةٍ فَلم تدع بنجدٍ قردةً عَدوك إِذْ أَنْت ربعٌ عَاد لحافرته عَادَتْ لعترها لميس عرف حميق جمله الْعَزِيمَة حزمٌ والاحتلاط ضعفٌ عَسى الغوير أبؤساً عرض ثوب الملبس عَصا الجبان أطول على أَهلهَا دلّت براقش عيرٌ عاره وتده عش رجباً تَرَ عجبا عبدٌ وخلى فِي يَدَيْهِ عثيثةٌ تقرم جلدا أملساً عدا القارص فحزر العير أوقى لدمه عركته بجنبى العَبْد من لَا عبد لَهُ عَن ظهرهَا تحل وقرا عودى إِلَى مباركك العنوق بعد النوق علقت دلوك دلواً أُخْرَى عصبه عصب السلمة العاشية تهيج الآبية عنيته تشفى الجرب عقرى حلقى عقده بأنشوطةٍ عَوْف يزنأ فِي الْبَيْت علقت معالقها وصر الجندب عطرٌ وريح عَمْرو عره بفقره فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْعين أعز من بيض الأنوق أعز من الأبلق العقوق أعز من الْغُرَاب الأعصم أعز من ابْن الخصى أعز من مخ البعوض أعز من الكبريت الْأَحْمَر أعز من عنقاء مغربٍ أعز من الدرة الْيَتِيمَة أعز من الترياق أعز من قنوعٍ أعز من عِقَاب الجو أعز من است النمر أعز من أنف الْأسد أعز من كُلَيْب وائلٍ أعز من مَرْوَان الْقرظ أعزمن الزباء أعز من حليمة أعز من أم قرفة أعدى من فرسٍ أعدى من ظليمٍ أعدى من الجرب أعدى من الأيم أعدى من الذِّئْب أَعْتَى من الرّيح أعدى من الجرب أعدى من الثؤباء أعدى من الشنفرى أعدى من سليكٍ أعق من الضَّب أعق من ذئبة أعق من ثعالة أعطش من النقاقة أعطش من الْحُوت أعطش من النَّمْل أعطش من رملٍ أعذب من مَاء المفاصل أعذب من مَاء الحشرج أعرض من الدهناء أعجل من نعجةٍ إِلَى حوضٍ أعجل من معجل أسعد أعجل من كلب إِلَى ولوغه

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها العين

بعد النوق علقت دلوك دلواً أُخْرَى عصبه عصب السلمة العاشية تهيج الآبية عنيته تشفى الجرب عقرى حلقى عقده بأنشوطةٍ عَوْف يزنأ فِي الْبَيْت علقت معالقها وصر الجندب عطرٌ وريح عَمْرو عره بفقره فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْعين أعز من بيض الأنوق أعز من الأبلق العقوق أعز من الْغُرَاب الأعصم أعز من ابْن الخصى أعز من مخ البعوض أعز من الكبريت الْأَحْمَر أعز من عنقاء مغربٍ أعز من الدرة الْيَتِيمَة أعز من الترياق أعز من قنوعٍ أعز من عِقَاب الجو أعز من است النمر أعز من أنف الْأسد أعز من كُلَيْب وائلٍ أعز من مَرْوَان الْقرظ أعزمن الزباء أعز من حليمة أعز من أم قرفة أعدى من فرسٍ أعدى من ظليمٍ أعدى من الْحَيَّة أعدى من الأيم أعدى من الذِّئْب أَعْتَى من الرّيح أعدى من الجرب أعدى من الثؤباء أعدى من الشنفرى أعدى من سليكٍ أعق من الضَّب أعق من ذئبة أعق من ثعالة أعطش من النقاقة أعطش من الْحُوت أعطش من النَّمْل أعطش من رملٍ أعذب من مَاء المفاصل أعذب من مَاء الحشرج أعرض من الدهناء أعجل من نعجةٍ إِلَى حوضٍ أعجل من معجل أسعد أعجل من كلبٍ إِلَى ولوغه

أعبث من قردٍ أعيث من جعار أعيث من ذئبٍ أعيث من عثٍ أعيا من باقلٍ أعيا من يدٍ فِي رحمٍ أعرى من إصبعٍ أعرى من مغزلٍ أعرى من حيةٍ أعرى من أيمٍ أعلق من قرادٍ أعلق من الْحِنَّاء أعْطى من عقربٍ أعقم من بغلةٍ أعقد من ذَنْب الضَّب أعمق من الْبَحْر أعدل من الْمِيزَان أعظم فِي نَفسه من مزيقياء أعظم من نَفسه من فلحسٍ أَشد عصبية من الجحاف أعزب رَأيا من الحاقن أعزب عقلا من صاربً أعتق من الْبر أعمر من قرادٍ أعمر من ضبٍ أعمر من حيةٍ أعمر من لبدٍ أعمر من نسرٍ أعمر من نصرٍ أعمر من معاذٍ أعرب من ابْن الْحمرَة أعلم من دغفلٍ أعلم من ابْن تقنٍ أعلم من دعىٍ هُوَ أعلم بمنبت القصيص هُوَ أعلم من أَيْن يُؤْكَل الْكَتف هُوَ أعلم بضبٍ حرشه هُوَ أعلم بهَا أم من غص بهَا أعجز مِمَّن قتل الدُّخان أعجزمن هلباجةٍ أعجز من مستطعمٍ عنباً من الدفلى

تفسير الباب الثامن عشر

تَفْسِير الْبَاب الثَّامِن عشر 1177 - قَوْلهم عِنْد النَّوَى يكذبك الصَّادِق قَالُوا يضْرب مثلا للرجل يعرف بِالصّدقِ ثمَّ يحْتَاج إِلَى الْكَذِب وَأَصله أَن رجلا كَانَ عِنْده عبدٌ لم يكذب قطّ فَبَايعهُ رجلٌ ليكذبنه فبيت العَبْد عِنْده فأطعمه لحم حوارٍ وسقاه لَبَنًا حليباً فِي سقاءٍ حازرٍ فَلَمَّا أَصْبحُوا تحملوا وَقَالَ للْعَبد ألحق بأهلك فَلَمَّا توارى عَنْهُم نزلُوا فَأتى العَبْد سَيّده فَقَالَ أطعمونى لَحْمًا لَا غثاً وَلَا سميناً وسقونى لَبَنًا لَا مَحْضا وَلَا حقيناً وتركتهم قد ظعنوا فاستقلوا وَلم أدر سَارُوا بعد أَو حلوا وَعند النَّوَى يكذبك الصَّادِق فَأخذ مَوْلَاهُ الْخطر وَمثل هَذَا حَدِيث الغضبان بن القبعثرى وَذكر للحجاج أَنه لم يكذب قطّ فَأَخذه وحبسه ثمَّ دَعَا بِهِ يَوْمًا فَقَالَ وَالله ليكذبن الْيَوْم وَقَالَ لَهُ سمنت يَا غَضْبَان فَقَالَ الْقَيْد والرتعة والخفض والدعة وَقلة التعتعة وَمن يكن ضيف الْأَمِير يسمن قَالَ أتحبنى قَالَ أوفرقٌ خيرٌ من حب قَالَ لأحملنك على الأدهم قَالَ مثل الْأَمِير من حمل على الأدهم والكميت والأشقر قَالَ إِنَّه من حَدِيد قَالَ لِأَن يكون حديداً خيرٌ من أَن يكون بليداً النَّوَى وجهة الْقَوْم يُقَال نَوَيْت أَي قصدت والحازر من

اللَّبن الشَّديد الحموضة والنوى أَيْضا الدَّار وَمِنْه قَوْلهم نَوَت نَوَاه أَي بَعدت دَاره والنوى النِّيَّة والنوى الْبعد أَيْضا يذكر وَيُؤَنث 1178 - قَوْلهم عيلٌ مَا هُوَ عائله قَالَ أَبُو بكر بن دُرَيْد مَعْنَاهُ تعلت عَلَيْهِ أُمُوره وغلبته وَمِنْه قيل عيل صبره أَي غلب والعول فِي غير هَذَا الْموضع الْجور وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} والعول الثّقل أَيْضا عاله يعوله إِذا أثقله وَمِنْه قَوْلهم عول على فِي كَذَا أَي حملنى ثقله والعول الزِّيَادَة فِي قَوْلهم عالت الْفَرِيضَة عولاً والعول مصدر عَال عِيَاله عولاً وَأما الْعيلَة فالفقر عَال يعيل فَهُوَ عائل إِذا افْتقر وَفِي الْقُرْآن {ووجدك عائلاً فأغنى} وعال يعيل أَيْضا إِذا تبختر فِي مشيته قَالَ أوسٌ عِيَال بآصال وَعيلَ مَا هُوَ عائله تعجب وَمَجْرَاهُ مجْرى قَوْلهم قَاتله الله

مَا أفضحه وَمَا أشجعه أَرَادَ الدُّعَاء عَلَيْهِ فَدَعَا على الْفِعْل وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة عيل مَا عاله مَعْنَاهُ أهلك هَلَاكه 1179 - قَوْلهم عرفتنى نسأها الله يضْرب مثلا للرجل يرَاهُ الرجل وَهُوَ يكره رُؤْيَته إِيَّاه ونسأها الله أَخّرهَا وأبعدها قَالَ ابْن زغبة (إِذا انتسأوا فَوت الرماح أَتَتْهُم ... عوائر نبلٍ كالجراد تطيرها) مَعْنَاهُ إِذا تباعدوا وَيُقَال قعد منتسئا أَي متباعد وَقَوله نسأها الله دُعَاء عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَقَوْلِهِم نسأ الله فِي أَجلك وأنسأ الله أَجلك وَزَعَمُوا أَن الْمثل لبيهسٍ وَكَانَ يلقب نعَامَة لطول رجلَيْهِ فرأته امْرَأَة لَيْلًا فِي مَوضِع لم يشته بيهس أَن يعرف فِيهِ فَقَالَت نعَامَة فَقَالَ بيهسٌ عرفتنى نسأها الله وَقيل إِن أَصله أَن رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَت لَهُ فرسٌ تعجبه وَقد ألفته وألفها فَبَعثه قومه طَلِيعَة فَمر بروضةٍ أَعْجَبته فَنزل وخلع لجامها وخلى عَنْهَا ترعى فطلع عَلَيْهِ الْعَدو فَأَخَذُوهُ وطلبوا الْفرس فسبقتهم وَلم يقدروا عَلَيْهَا فتعجبوا من جودتها فَقَالُوا لَهُ ادعها حَتَّى نأخذها وَأَنت آمن فَدَعَاهَا فَجَاءَت فَقَالَ عرفتنى نسأها الله وَإِذا كَانَ أصل الْمثل هَذَا فَهُوَ دُعَاء لَهَا أَي أخر الله أجلهَا

1180 - قَوْلهم عير بجيرٌ بجره نسى بجير خَبره يضْرب مثلا للرجل يعير صَاحبه بِمَا هُوَ فِيهِ وبجير تَصْغِير أبجر مرخماً والأبجر الَّذِي نتأ بَطْنه وَقد بجر بجرا وبجرة وبجرة لقبٌ لرجل أبجر فَعَيَّرَهُ بجيرٌ نتوء بَطْنه فَقيل لَهُ ذَلِك وَمِنْه أَخذ المتَوَكل الليثى قَوْله (لَا تنه عَن خلق وَتَأْتِي مثله ... عارٌ عَلَيْك إِذا فعلت عَظِيم) مَعْنَاهُ لَا تجمع بَينهمَا كَمَا تَقول لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن قَالَ الشَّاعِر (فَإِن عبت قوما بِالَّذِي فِيك مثله ... فَكيف يعيب الصلع من هُوَ أصلع) وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ كَانَ عمر يَقُول كفى بك عَيْبا أَن يَبْدُو لَك من أَخِيك مَا يخفى عَلَيْك من نَفسك أَو تؤذى جَلِيسا بِمَا فِيك مثله 1181 - قَوْلهم الْعوَان لَا تعلم الْخمْرَة يضْرب مثلا للْعَالم بِالْأَمر المجرب لَهُ والعوان الثّيّب وَقيل الْعوَان

بنت الثَّلَاثِينَ وَقد عونت تعويناً والخمرة مثل الجلسة والقعدة أَي هِيَ عَالِمَة بالاختمار وَلَا حَاجَة بهَا إِلَى تعلمه 1182 - قَوْلهم عنز استتيست يضْرب مثلا للرجل المهين يصير نبيلاً أَي كَانَ عَنْزًا فَصَارَ تَيْسًا وَمثله قَول الشَّاعِر (أعجبت أَن ركب ابْن حزمٍ بغلة ... فركوبه ظهر المنابر أعجب) (جعل ابْن حزمٍ حاجبين لبابه ... سُبْحَانَ من جعل ابْن حزمٍ يحجب) وَقَول الآخر (أَتَذكر إِذْ قَمِيصك جلد تيسٍ ... وَإِذ نعلاك من جلد الْبَعِير) (فسبحان الَّذِي أَعْطَاك ملكا ... وعلمك الْجُلُوس على السرير) وأنشدنا أَبُو أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن بَرزَة عَن ابْن أَبى طاهرٍ عَن ابْن أَبى الْعَتَاهِيَة فِي الخلنجى القاضى (أبكى وأندب بهجة الْإِسْلَام ... إِذْ صرت تجْلِس مجْلِس الْحُكَّام) (إِن الْحَوَادِث مَا علمت كثيرةٌ ... وأراك بعض حوادث الْأَيَّام) 1183 - قَوْلهم عود يقلح 1184 - وَقَوْلهمْ عودٌ يعلم العنج يضْرب ذَلِك مثلا للمسن يُؤَدب والقلح صفرَة تركب الْأَسْنَان

يعْنى أَنه يحسن وينقى والتقليح نزع القلح من الْأَسْنَان قلحته إِذا نزعت قلحه كَمَا تَقول قردته إِذا نزعت القراد عَنهُ والعنج من قَوْلهم عنجت الْبَعِير أعنجه عنجاً إِذا رددت رَأسه إِلَيْك بالزمام لتعطفه وَالْعود النَّاقة المسنة وَقد عودت تعويداً وَفِي معنى الْمثل قَوْلهم (وتروض عرسك بعد مَا هرمت ... وَمن العناء رياضة الْهَرم) وَقَول الأعرابية (أنشا يمزق أثوابى يؤدبنى ... أبعد خمسين عندى تبتغي أدبا) 1185 - قَوْلهم عبدٌ صريخه أمةٌ يضْرب مثلا للذليل يَسْتَعِين بِمثلِهِ والصريخ المغيث والمستغيث جَمِيعًا والمستصرخ المستغيث والمصرخ المغيث يُقَال لَهُ صريخ أَي مغيث وَفِي الْقُرْآن {فَلَا صريخ لَهُم} أَي لَا مغيث لَهُم وَإِنَّمَا سمي كل وَاحِد مِنْهُمَا المغيث والمستغيث صريخا لِأَن كل وَاحِد مِنْهَا يصْرخ بِصَاحِبِهِ هَذَا بِالدُّعَاءِ وَذَلِكَ بالإجابة 1186 - قَوْلهم الْعَصَا من العصية يضْرب مثلا فِي تَشْبِيه الرجل بِأَبِيهِ وأصل الْمثل العصية من الْعَصَا

فَقلب إِلَّا أَن يُرَاد أَن الشىء الْجَلِيل يكون فِي بدئه صَغِيرا كَمَا قيل القرم من الأفيل وَالْقَرْمُ الْفَحْل من الْإِبِل والأفيل الصَّغِير مِنْهَا وَالْجمع الإفال وأصل الْمثل أَن فلحساً كَانَ سيداً عَزِيزًا يسْأَل سَهْما فِي الْجَيْش وَهُوَ فِي بَيته فيعطاه ثمَّ يسْأَل لبعيره على مَا ذَكرْنَاهُ قبل ثمَّ نَشأ لَهُ ابنٌ يُقَال لَهُ زاهرٌ سلك سَبيله فِي ذَلِك فَقيل لَهُ الْعَصَا من العصية أَي أَنْت من أَبِيك 1187 - قَوْلهم العقوق ثكل من لم يثكل وَذَلِكَ أَن الْوَالِد إِذا فقد بر الْوَلَد فَكَأَنَّهُ قد ثكله وَالْفرس تَقول سَوَاء الْمَوْت والغيبة وَقلت (إِذا مَا اسْتمرّ على هجره ... فَخَل التفكر فِي أمره) (هَب الْمَوْت عاجله بَغْتَة ... وغيبه الْقَبْر فِي قَعْره) (فسيان من غَابَ عَن أَهله ... وَمن سكن الترب فِي قَبره) (سَبِيل الْجَمِيع إِلَى فرقةٍ ... فَإِن أَنْت لم تدره فادره) (وحلو الْحَيَاة إِلَى مرها ... وصفو المعاش إِلَى كدره) 1188 - قَوْلهم الْعود أَحْمد وَهُوَ فِي أعجاز أَبْيَات لَا أعرف أَيهَا أسبق فَمِنْهَا قَول الشَّاعِر (فَإِن كَانَ منى مَا كرهت فإننى ... أَعُود لما تهوين وَالْعود أَحْمد)

وَقَول الآخر (جزينا بنى شَيبَان قدماً بفعلهم ... وعدنا بِمثل البدء وَالْعود أَحْمد) وَقَول الآخر (وَأحسن عمروٌ فِي الَّذِي كَانَ بَيْننَا ... فَإِن عَاد بِالْإِحْسَانِ فالعود أَحْمد) ثمَّ قَالَ ابْن المعتز (خليلى قد طَابَ الشَّرَاب الْمبرد ... وَقد عدت بعد النّسك وَالْعود أَحْمد) 1189 - قَوْلهم عِنْد الصَّباح يحمد الْقَوْم السرى وَهُوَ فِي شعرٍ للجميح يَقُول فِيهِ (تسألنى عَن بَعْلهَا أَي فَتى ... خبٌ جبانٌ فَإِذا جَاع بَكَى) (لَا حطب الْقَوْم وَلَا الْقَوْم سقى ... وَلَا ركاب الْقَوْم إِذْ ضَاعَت بغى) (وَلَا يوارى فرجه إِذا اصطلى ... وَيَأْكُل التَّمْر ولايلقى النَّوَى) (كَأَنَّهُ غرارةٌ ملأى حَتَّى ... لما رأى الرمل وقيزان الغضى) (بَكَى وَقَالَ هَل ترَوْنَ مَا أرى ... أَلَيْسَ للسير الطَّوِيل منقضى) (قلت أعزى صاحبى أَلا بلَى ... عِنْد الصَّباح يحمد الْقَوْم السرى) (وتنقضى عَنْهُم غيابات الْكرَى ... ) وَهُوَ مثل يضْرب لما ينَال بالمشقة ويوصل إِلَيْهِ بالتعب

1190 - قَوْلهم عودت كِنْدَة عَادَة فاصبر لَهَا 1191 - وَقَوْلهمْ عَادَة السوء شرٌ من المغرم وَبعد المصراع الأول (اغْفِر لجاهلها ورو سجالها ... ) يَقُول إِنَّك قد عودتها عَادَة من الْبر فاصبر لَهَا وأدمها فَإنَّك أَن نزعتها أفسدت مَا سلف مِنْهَا وَقد قيل (وشديدٌ عادةٌ منتزعه ... ) وَقَالَت الْأَوَائِل الْعَادة طبعٌ ثانٍ فإزالتها كإزالته وقريبٌ مِنْهُ قَول الشَّاعِر (وَلَقَد ضربنا فِي الْبِلَاد فَلم نجد ... خلقا سواك إِلَى المكارم ينْسب) (فاصبر لعادتنا الَّتِي عودتنا ... أَو لَا فأرشدنا إِلَى من نَذْهَب) وَقَالُوا عَادَة السوَاء شَرّ من المغرم وَمَعْنَاهُ أَنَّك إِذا عودت الرجل الشىء ثمَّ منعته إِيَّاه صَعب عَلَيْهِ ذَلِك كَمَا يصعب المغرم إِذا كثر 1192 - قَوْلهم عارك بجد أَو دع قد مضى الْكَلَام فِي هَذَا الْمثل فِي الْبَاب الأول وَغَيره 1193 - قَوْلهم عبد ملك عبدا يضْرب مثلا للشي يملكهُ من لَيْسَ لَهُ بأهلٍ فيعيث فِيهِ

1194 - قَوْلهم عِنْد جفينة الْخَبَر الْيَقِين يضْرب مثلا لمعْرِفَة الْخَبَر وَالسُّؤَال عَنهُ أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أَبى بكر بن دُرَيْد عَن أَبى حَاتِم عَن أَبى عُبَيْدَة قَالَ كَانَ أصل هَذَا الْمثل أَن بَطنا من قضاعة يُقَال لَهُم بَنو سلامان بن سعد بن زيد بن الحاف بن قضاعة كَانُوا حلفاء لبنى صرمة من بنى مرّة بن عَوْف وَكَانُوا نزولاً فيهم وَكَانَ بطنٌ من جُهَيْنَة آخر يُقَال لَهُم بَنو حميس بن عَامر وهم الحرقة حلفاء لبنى سهم ابْن مرّة وَكَانُوا نزولاً فيهم وَكَانَ فِي بنى صرمة يهودىٌ تاجرٌ من أهل تيماء يُقَال لَهُ جفينة بن أَبى حمل وَكَانَ فِي بنى سهم بن مرّة يهودىٌ آخر يُقَال لَهُ عُمَيْر بن حَنى وَكَانَا تاجرين فِي الْخمر وَكَانَ أهل بيتٍ من بنى عبد الله بن غطفان يُقَال لَهُم بَنو جوشنٍ جيراناً لبنى صرمة وَكَانَ يتشاءم بهم ففقد مِنْهُم رجلٌ يُقَال لَهُ حصينٌ وَكَانَ أَخُوهُ يسْأَل عَنهُ النَّاس فَشرب يَوْمًا فِي بَيت عُمَيْر بن حَنى فَقَالَ عُمَيْر (يسائل عَن حصينٍ كل ركبٍ ... وَعند جفينة الْخَبَر الْيَقِين) فحفظ أَخُوهُ ذَلِك فَأَتَاهُ من الْغَد فَقَالَ نشدتك بِدينِك هَل تعلم من أخى خَبرا فَقَالَ لَا ثمَّ قَالَ (لعمرك مَا ضلت ضلال ابْن جوشنٍ ... حصاةٌ بليلٍ ألقيت وسط جندل)

فَتَركه فَلَمَّا أَمْسَى جَاءَ فَقتله وَقَالَ (طعنت وَقد كَانَ الظلام يجننى ... عُمَيْر بن حَنى فِي جوَار بنى سهم) فَقيل لحصين بن حمام وَهُوَ من بنى سهم قد قتل جَارك فَقَالَ من قَتله قيل ابْن جوشن جارٌ لبنى صرمة قَالَ فَإِن لَهُم جاراً يَهُودِيّا فَاقْتُلُوهُ فَأتوا إِلَى أبي حملٍ فَقَتَلُوهُ فعمدت بَنو صرمة إِلَى ثَلَاثَة نفرٍ من بنى حميس بن عَامر فَقَتَلُوهُمْ فَقَالَ لَهُم حُصَيْن اقْتُلُوا ثَلَاثَة من جيرانهم السلاميين فَفَعَلُوا فَقَالَ لَهُم حُصَيْن قتلنَا من جِيرَانكُمْ مثل مَا قتلتم من جيراننا فَمروا جيراننا وجيرانكم فليرحلوا عَنَّا فَأَبَوا فَاقْتَتلُوا فأعانت ثَعْلَبَة بن سعدٍ بنى صرمة على بنى سهم وَكَانَت راية بنى فَزَارَة مَعَ بنى صرمة وَذَلِكَ يَوْم دارة موضوعٍ فَقَالَ الْحصين بن الْحمام فِي ذَلِك (أيا أخوينا من أَبينَا وَأمنا ... ذَروا موليينا من قضاعة يذهبا) 1195 - قَوْلهم على هَذَا دَار القمقم أَي إِلَى هَذَا صَار معنى الْخَبَر وَأَصله حيلةٌ كَانَ يعملها العرافون والكهان إِذا سرق شىء جَاءُوا بقمقمٍ واحتالوا لَهُ حَتَّى دَار وَهُوَ ضربٌ

من السحر لاحقيقة لَهُ وَنَحْوه قَول النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (حولهَا ندندن) 1196 - قَوْلهم على الْخَبِير سَقَطت يَقُول إِنَّك سَأَلت عَن الْأَمر الْخَبِير بِهِ والخبير الْعَالم وَالْخَبَر الْعلم والخبرة التجربة لِأَن الْعلم يَقع مَعهَا وَفِي الْقُرْآن {وَلَا ينبئك مثل خبيرٍ} وَقَوله تَعَالَى {فاسأل بِهِ خَبِيرا} والسقوط هَاهُنَا بِمَعْنى المصادفة وَمثله قَوْلهم سقط الْعشَاء بِهِ على سرحانٍ أَي صَادف بِهِ السرحان 1197 - قَوْلهم عاطٍ بِغَيْر أنواطٍ يضْرب مثلا لادعاء الرجل مَا لَا يُحسنهُ والعاطى المتناول عطوته أَعْطوهُ تناولته والأنواط المعاليق وأحدها نوطٌ يَقُول يتَنَاوَل وَلَيْسَ لَهُ مَا يتَنَاوَل بِهِ ونطت الشىء بالشىء علقته عَلَيْهِ 1198 - قَوْلهم عش وَلَا تغتر يضْرب مثلا للِاحْتِيَاط وَالْأَخْذ بالثقة فِي الْأُمُور وَأَصله أَن رجلا أَرَادَ

أَن يفوز بإبله عِنْد اللَّيْل وَهُوَ فِي عشبٍ فَترك أَن يعشيها مِنْهُ واتكل على عشب ظن أَنه يجده فِي طَرِيقه فَقيل لَهُ عشها من هَذَا الْحَاضِر وَلَا تغتر بالغائب فَلَعَلَّهُ يفوتك وَجَاء رجلٌ إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ كَمَا لَا تَنْفَع مَعَ الشّرك حسنةٌ فَكَذَلِك لَا يضر مَعَ الْإِيمَان ذنبٌ فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس عش وَلَا تغتر أَي لَا تغتر بِهَذِهِ الشُّبْهَة واعمل فَإِن الْإِيمَان قولٌ وعملٌ وَمن أمثالهم فِي الِاحْتِيَاط قَوْلهم حفظ مَا فِي الْوِعَاء شدّ الوكاء وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعقلها وتوكل والوكاء الْخَيط الَّذِي يشد بِهِ رَأس الْقرْبَة والجراب 1199 - قَوْلهم عِنْد النطاح يغلب الْكَبْش الأجم يضْرب مثلا للرجل يمارس الْأُمُور بِغَيْر عدةٍ فيخيب والأجم الَّذِي لَا قرن لَهُ وَقد ذَكرْنَاهُ 1200 - قَوْلهم عمك خرجك يُقَال ذَلِك للمتكل على غَيره وَأَصله أَن رجلا أَرَادَ السّفر مَعَ عَمه فَقَالَ لأَهله اتَّخذُوا لي طَعَاما واجعلوه فِي خرجٍ أُصِيب مِنْهُ إِذا احتجت إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ عمك خرجك أَي اتكل عَلَيْهِ فِي مطعمك وَجمع الخرج خرجَة كَمَا يُقَال دبٌ ودببة وأخراج كَمَا تَقول قفل وأقفال

1201 - قَوْلهم عرضٌ سابرىٌ أَي عرضٌ لَيْسَ بالمحكم والسابرى جنس من الثِّيَاب رَقِيق ينْسب إِلَى سَابُور يُرَاد أَنه يعرض عرضا ضَعِيفا لِأَن الرَّقِيق من الثِّيَاب لَيْسَ كصفيقها فِي الْقُوَّة 1202 - قَوْلهم افْعَل ذَلِك على مَا خيلت أَي على مَا أردْت وأوهمت والتأنيث على معنى الْخلَّة والخصلة أَو الْخَال وَأَصله فِي السَّحَاب يخيل أَنَّهَا ماطرةٌ وَالْخَال السَّحَاب إِذا كَانَ كَذَلِك وتخيلت فِيهِ خيرا وَغَيره توهمته 1203 - قَوْلهم عثرت على الْغَزل بأخرةٍ فَلم تدع بنجدٍ قردةً يضْرب مثلا فِي التَّفْرِيط مَعَ الْإِمْكَان ثمَّ الطّلب مَعَ الْفَوْت وَأَصله فِي الْمَرْأَة تدع الْغَزل وَهِي تَجِد مَا تغزله من قطنٍ وكتانٍ وَغَيره حَتَّى إِذا فاتها ذَلِك تتبعت القرد فِي القمامات فتلتقطه وتغزله والقرد مَا تمعط عَن الْإِبِل وَالْغنم من الصُّوف والوبر وَالشعر من غير جزٍ الْوَاحِدَة قردة وَالْخَاء من أخرةٍ مفتوحةٌ أَي أخيراً وبعته بأخرةٍ مَكْسُورَة الْخَاء أَي بِتَأْخِير وَهَذَا مثل قَول الْعَامَّة نَعُوذ بِاللَّه من الكسلان إِذا نشط

1204 - قَوْلهم عَدوك إِذْ أَنْت ربعٌ يضْرب مثلا للرجل يُؤمر بِالِاجْتِهَادِ فِي الْأَمر وَأَصله أَن رجلا سَابق بجمله فَقَالَ لَهُ عَدوك إِذْ أَنْت ربعٌ أَي اعد كَمَا كنت تعدو فِي شبابك وَنَحْوه قَول جرير (تكلفنى معيشة آل زيدٍ ... وَمن لي بالمرقق وَالصِّنَاب) (وَقَالَت لَا تضم كضم زيدٍ ... وَمَا ضمى وَلَيْسَ معى شبابى) وَالرّبع مَا ينْتج فِي الرّبيع وَقد ذَكرْنَاهُ هَكَذَا قَالُوا فِي معنى الْمثل وَالصَّحِيح أَن مَعْنَاهُ عد إِلَى مَا تعودته قَدِيما 1205 - قَوْلهم عَاد فِي حافرته وَقد ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب الْعَاشِر عِنْد قَوْلنَا رَجَعَ على قرواه 1206 - قَوْلهم عَادَتْ لعترها لميس يضْرب مثلا لمن يرجع إِلَى خلقٍ كَانَ قد تَركه والعتر الأَصْل

ولميس اسْم امْرَأَة وَقَالُوا العتر لُغَة فِي الْعطر والعتر أَيْضا العويد الَّذِي فِي نِصَاب المسحاة يعْتَمد عَلَيْهِ الْعَامِل بهَا وَمن ثمَّ سمى أقَارِب الرجل عترته لِأَن معتمده عَلَيْهِم والعتر أَيْضا ذبيحةٌ كَانُوا يذبحونها فِي الْجَاهِلِيَّة لأصنامهم والعتر بِالْفَتْح ذَبحهَا 1207 - قَوْلهم عرف حميقٌ جمله يضْرب مثلا للرجل يأنس بِالرجلِ حَتَّى يجترئ عَلَيْهِ وحميق اسْم رجل 1208 - قَوْلهم الْعَزِيمَة حزمٌ والعزم الْقطع على الْأَمر بعد الروية فِيهِ وَلِهَذَا لَا يُوصف الله عز وَجل بالعزم كَمَا لَا يُوصف بالروية يَقُول إِذا رَأَيْت صَوَابا فَلَا تَتَرَدَّد فِيهِ وَلَكِن امْضِ عَلَيْهِ فَإِن ذَلِك هُوَ الحزم قَالَ الشَّاعِر (إِذا كنت ذَا رأىٍ فَكُن ذَا عزيمةٍ ... فَإِن فَسَاد الرأى أَن تترددا) وَنَحْو هَذَا قَول زُهَيْر (وأراك تفرى مَا خلقت وَبَعض ... الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يفرى) 1209 - قَوْلهم عَسى الغوير أبؤساً قَالَ بَعضهم يضْرب مثلا للرجل يخبر بِالشَّرِّ فيتهم بِهِ والغوير تَصْغِير

غَار وَقيل عَسى فِي هَذَا الْموضع يعْمل عمل كَانَ وَالصَّحِيح أَنه على إِضْمَار أَن أَي عَسى الغوير أَن يكون أبؤساً وَأَصله أَن قوما حذروا عدوا لَهُم فاستكنوا مِنْهُ فِي غَار فَقَالَ بَعضهم عَسى الغوير أبؤساً يَقُول لَعَلَّ الْبلَاء يَجِيء من قبل الْغَار فَكَانَ كَذَلِك احتال الْعَدو حَتَّى دخل عَلَيْهِم من وهىٍ كَانَ فِي قفا الْغَار فأسروهم وَقَالَ آخَرُونَ الْمثل لعمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ وَأَصله أَن رجلا وجد غُلَاما مَنْبُوذًا فَقَالَ لَهُ عمر عَسى الغوير أبؤساً أَي عَسى أَنَّك صَاحبه فَشهد لَهُ بالصلاح والستر فَقَالَ ربه فَيكون وَلَاؤُه لَك والأبؤس جمع بَأْس مثل فلسٍ وأفلسٍ وكلبٍ وأكلبٍ وَالصَّحِيح أَن عمر تمثل بِهِ والمثل قديم 1210 - قَوْلهم عرض ثوب الملبس يضْرب مثلا للرجل يبعد فِي الانتساب وَهُوَ مثل قَوْلهم أَعرَضت القرفة وَقد ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب الأول 1211 - قَوْلهم عَصا الجبان أطول وَذَلِكَ أَن الجبان يرى أَن طول الْعَصَا أرهب لعَدوه وَأبْعد لَهُ من أَذَاهُ إِذا قاومه يضْرب مثلا لمن يرهب ويهدد وَلَيْسَ عِنْده نَكِير وَلما كَانَ يَوْم الْيَمَامَة رأى خَالِد بن الْوَلِيد أَهلهَا خَرجُوا إِلَى الْمُسلمين وَقد جردوا سيوفهم

قبل الدنو مِنْهُم فَقَالَ لأَصْحَابه أَبْشِرُوا فَإِن إبراز السِّلَاح قبل اللِّقَاء فشل فَسَمعَهَا مجاعَة بن مرَارَة الحنفى وَكَانَ موثقًا عِنْده فَقَالَ كلا أَيهَا الْأَمِير وَلكنهَا الهندوانية وَهَذِه غداةٌ باردةٌ فخشوا تحطمها فأبرزوها للشمس لتلين متونها فَلَمَّا تدانى الْقَوْم قَالُوا إِنَّا نعتذر إِلَيْك يَا خَالِد وَذكروا مثل كَلَام مجاعَة ثمَّ قَاتلُوا قتالا شَدِيدا لم ير مثله 1212 - قَوْلهم على أَهلهَا دلّت براقش يضْرب مثلا للرجل يرجع إِصْلَاحه بإفساد وبراقش اسْم كلبة نبحت جَيْشًا كَانُوا قصدُوا أَهلهَا فخفى عَلَيْهِم مكانهم فَلَمَّا نبحتهم عرفوهم فَعَطَفُوا عَلَيْهِم فاجتاحوهم فَقَالَت الْعَرَب أشأم من براقش وأصل هَذِه الْكَلِمَة من النقش يُقَال برقشت الثَّوْب إِذا نقشته وَأَبُو براقش طَائِر يَتلون فِي الْيَوْم ألوانا فَيُقَال للرجل الْكثير التلون أَبُو براقش قَالَ الشَّاعِر (إِن يغدروا أَو يفجروا ... أَو يبخلوا لم يحفلوا) (وغدوا عَلَيْك مرجلين ... كَأَنَّهُمْ لم يَفْعَلُوا) (كَأبي براقش كل يَوْم ... لَونه يتخيل) 1213 - قَوْلهم عير عاره وتده وَهُوَ فِي معنى الْمثل الأول يُقَال أهلكه وتده وَذهب بِهِ وَالْحمار إِذا

شدّ حبله فِي وتدٍ كَانَ أَحْرَى أَن يكون مَحْفُوظًا فَأتى هَذَا العير الإضاعة من قبل وتده وَلَا أعرف مَا قصَّته وَيُقَال مَا أدرى أَي الْجَرَاد عاره أَي أهلكه وَقلت فِي معنى الْمثل (وأوجه مثل مصابيح الدجى ... لَو شرب السم عَلَيْهَا مَا لفظ) (أَهْدَيْتهَا بعد النَّعيم للبلى ... فيالها موعظةً لَو اتعظ) (أضعتها حِين أردْت حفظهَا ... وَكم اضاع الْمَرْء من حَيْثُ حفظ) وَيضْرب مثلا للجانى على نَفسه بِبَعْض أَهله 1214 - عش رجباً تَرَ عجبا يضْرب مثلا فِي تحول الدَّهْر وتقلبه وإتيان كل يَوْم بِمَا يتعجب مِنْهُ وَمثله قَوْلهم يُرِيك يومٌ بِرَأْيهِ أَي يظْهر لَك مَا لم تره قبله وَفِي عجز بَيت (كل من عَاشَ يرى مَا لم يره ... ) وَقَالَ طفيل الغنوى (نبئت أَن أَبَا شتيمٍ يدعى ... مهما تعش تسمع بِمَا لم تسمع) ورخياً يجوز أَن يكون من التراخى وَهُوَ الْبعد أَي عش طَويلا

وَيجوز أَن يكون من رخاء الْعَيْش أَي عش فِي رخاء تتمكن مَعَه من تخبر الْأَخْبَار وتعرفها لِأَن الشقي شغله بِنَفسِهِ 1215 - قَوْلهم عبدٌ وخلىٌ فِي يَدَيْهِ يضْرب مثلا للرجل اللَّئِيم يُفَوض إِلَيْهِ الْأَمر فيعيث فِيهِ وَذكر أَن نَصِيبا مدح بعض الأمويين مدحاً أعجبه فَأمر بإدخاله بَيت المَال ليَأْخُذ مَا يُرِيد فَأدْخل فَأخذ شَيْئا قَلِيلا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ خشيت أَن يصدق فِي الْمثل فَيُقَال عبدٌ وخلىٌ فِي يَدَيْهِ فَزَاد إعجابه بِهِ وَأمر لَهُ بِمَال عَظِيم وخلى تَصْغِير خلى وَهُوَ فِي النَّبَات الرطب وَيَقُولُونَ فِي أمثالهم عبد أرسل فِي سومه وَعبد أرسل فِي يَدَيْهِ وَذَلِكَ إِذا وثقت بِهِ ففوضت إِلَيْهِ فأساء وافسد وروى وخلى فِي يَدَيْهِ وَالْأول رِوَايَة الْمبرد 1216 - قَوْلهم عثيثةٌ تقرم جلدا أملساً يضْرب مثلا للرجل المهين يَقع فِي الرجل الشريف وتمثل بِهِ الْأَحْنَف أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن الأنبارى عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابى قَالَ ذكر الْأَحْنَف بن قيسٍ عِنْد حَارِثَة بن بدر العدانى فطعن عَلَيْهِ فاتصل بالأحنف فَقَالَ عثيثةٌ تقرم جلدا أملساً قَالَ الشَّيْخ رَحْمَة الله عَلَيْهِ العثيثة

تَصْغِير عثة وَهِي دَابَّة صَغِيرَة تقع فِي الْجلد فتفسده وَالْقَرْمُ الحز وَمثله قَول على بن الجهم (بلَاء لَيْسَ يُشبههُ بلاءٌ ... عَدَاوَة غير ذِي حسبٍ وَدين) (يبيحك مِنْهُ عرضا لم يصنه ... ويرتع مِنْك فِي عرضٍ مصون) 1217 - قَوْلهم عدا القارص فحرز يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يشْتَد حَتَّى يبلغ أقْصَى الشدَّة وَهُوَ مثل قَوْلهم بلغ الحزام الطبيين والقارص من اللَّبن الَّذِي يحذى اللِّسَان والحازر المتناهي فِي الحموضة 1218 - قَوْلهم العير أوقى لدمه يُرَاد أَنه أَشد إبْقَاء على نَفسه من غَيره وَالْعير الْحمار الذّكر وَالْفرس تَقول فِي قريبٍ من هَذَا الْمثل الْمَجْنُون أعرف بشأن نَفسه من الْعَاقِل بشئون النَّاس وَقَرِيب من هَذَا قَول الشَّاعِر (وكل إمرئ فِي عيشه ثاقب الْعقل ... ) 1219 عركته بجنبى يُقَال عركت كَلَامه بجنبى إِذا تحملته وأغضيت عَلَيْهِ قَالَ الشَّاعِر ومظلمةٍ مِنْهُ بجنبى عركتها ... )

وَمثله طويت عَلَيْهِ كشحى وغمضت عَلَيْهِ عينى قَالَ كثير (وَمن لَا يغمض عينه عَن صديقه ... وَعَن بعض مَا فِيهِ يمت وَهُوَ عَاتب) (وَمن يتتبع جاهداً كل عثرةٍ ... يجدهَا وَلَا يسلم لَهُ الدَّهْر صَاحب) 1220 - العَبْد من لَا عبد لَهُ يُرَاد أَن من لم يكن لَهُ عبدٌ يَكْفِيهِ أُمُوره امتهن نَفسه والمهنة إِنَّمَا تكون للْعَبد 1221 - قَوْلهم عَن ظهرهَا تحل وقرا يضْرب مثلا للرجل يسْعَى فِي مصلحَة نَفسه والوقر الثّقل وَفِي الْقُرْآن {فَالْحَامِلَات وقرا} والوقر بِالْفَتْح الثّقل فِي الْأذن وَفِي الْقُرْآن الْعَظِيم {وَفِي آذانهم وقرا} 1222 - قَوْلهم العنوق بعد النوق قَالَ الأصمعى يُرَاد بِهِ الْأَمر الصَّغِير بعد الْعَظِيم قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَالصَّحِيح أَن مَعْنَاهُ أبعد الْحَال الجليلة صغر أَمركُم وَهُوَ مثل قَوْلهم الْحور

بعد الكور وَكَذَلِكَ يُقَال أبعد النوق العنوق فَإِذا أَرَادوا خلاف ذَلِك قَالُوا أبعد العنوق النوق 1223 - قَوْلهم عودى إِلَى مباركك يعْنى ارجعى إِلَى أَمرك الأول أخبرنَا أَبُو أَحْمد وَأَبُو الْقَاسِم بن شيران الْفَقِيه قَالَا حَدثنَا الجوهرى عَن ابى زيد عَن رجل عَن سَلمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ قَالَ أَبُو سُفْيَان لما بُويِعَ عُثْمَان رضى الله عَنهُ كَانَ هَذَا الْأَمر فِي تيمٍ وأتى لتيم هَذَا الْأَمر ثمَّ صَار إِلَى عدىٍ فأبعد وَأبْعد ثمَّ رجعت الْإِبِل إِلَى مباركها فاستقر الْأَمر قراره فتلقفوه تلقف الكرة 1224 - قَوْلهم عصبه عصب السلمة قد ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب الأول 1225 - العاشية تهيج الآبية والمثل ليزِيد بن رُوَيْم وَأَصله أَن سليك بن سلكة خرج للغارة فَمر بِبَيْت يزِيد بن رُوَيْم وَهُوَ منفردٌ عَن الحى فدخله من وَرَائه فَتمكن فِيهِ وأراح ابْن يزيدٍ إبِله فَقَالَ لَهُ يزِيد هلا عشيتها سَاعَة من اللَّيْل فَقَالَ

إِنَّهَا أَبَت الْعشَاء فَقَالَ يزِيد العاشية تهيج الآبية يعْنى أَن الَّتِى تأبى مِنْهَا الرعى إِذا رَأَتْ مَا ترعى رعت مَعَه وَهُوَ قريبٌ من قَوْلهم تطعم تطعم فنفض يزِيد ثَوْبه فِي وَجههَا فَرَجَعت إِلَى مرتعها وَمضى فِي أَثَرهَا وَتَبعهُ سليكٌ حَتَّى إِذا جلس بحذائها ضربه سليكٌ ضَرْبَة أبانت رَأسه واطردها وَقَالَ (وعاشية زج بطان ذعرتها ... بِصَوْت قتيلٍ وَسطهَا يتسيف) (كَأَن عَلَيْهِ لون بردٍ محبرٍ ... إِذا مَا أَتَاهُ صارخٌ متلهف) (فَبَاتَ لَهَا أهلٌ خلاءٌ فناؤهم ... وَمَرَّتْ بهم طيرٌ فَلم يتعيفوا) (وَبَاتُوا يظنون الظنون وصحبتى ... إِذا مَا علوا نشزاً أهلوا وأوجفوا) (وَمَا نلتها حَتَّى تصعلكت حقبةً ... وكدت لأسباب الْمنية أعرف) (وَحَتَّى رَأَيْت الْجُوع بالصيف ضرنى ... إِذا قُمْت يَغْشَانِي الظلام فأسدف) 1226 - قَوْلهم عنيته تشفى الجرب يضْرب مثلا للرجل يستشفى بِرَأْيهِ وعقله والعنية قظرانٌ وأخلاطٌ تجمع وَتَهْنَأ بهَا الْإِبِل الجربى فتشتفي بهَا 1227 - قَوْلهم عقراً حلقا ويروى عقرى حلقى الْألف فيهمَا ألف التَّأْنِيث وهما اسمان لداءين وَقيل بل عقراً مَعْنَاهُ أَصَابَهَا عقرٌ فِي يَديهَا وحلقاً أَصَابَهَا

وجع فِي حلقها من قَوْلهم حلقت الرجل إِذا أصبت حلقه فأوجعته كَأَنَّهُمْ أَرَادوا حلقت حلقا وعقرت عقراً على مَذْهَب الدُّعَاء عَلَيْهَا وَيُقَال عقراً وحلقاً عِنْد الْأَمر يتعجب مِنْهُ وَهُوَ على مَذْهَب قَوْلهم قَاتله الله مَا أعلمهُ ولعنه الله مَا أشجعه 1228 - قَوْلهم عقده بأنشوطةٍ أَي عقده عقدا غير مُحكم وَذَلِكَ أَن الأنشوطة يسهل حلهَا يُقَال نشطته تنشيطاً إِذا عقدته بأنشوطة وأنشطته إنشاطاً إِذا حللته فَإِذا عقده عقدا محكماً قيل أرب عقده وَهُوَ مؤرب وَمِنْه يُقَال استأرب غَضَبه إِذا إستحكم وإشتد 1229 - قَوْلهم عوفٌ يزنأ فِي الْبَيْت هُوَ عَوْف الْأَصَم ويزنأ يضيق عَلَيْهِ قَالَ الشَّاعِر (يَا رب أَن الْحَارِث بن جبله ... زنا على أَبِيه ثمَّ قَتله)

التزنية التَّضْيِيق وَالْحَبْس وَفِي الحَدِيث لَا يصل أحدكُم وَهُوَ زناءٌ أَي مضيق عَلَيْهِ من الْبَوْل مدافع لَهُ وَمن حَدِيثه أَن جَارِيَة من خثعم أَبْصرت بعكاظ جَارِيَة بن سليط بن الْحَارِث بن يَرْبُوع بن حَنْظَلَة ابْن مَالك فأعجبها حسنه وهيئته فتلطفت حَتَّى وَقع عَلَيْهَا ثمَّ قَالَت لَهُ إِنَّك أتيتنى على طهرٍ ولعلى أعلق مِنْك ولدا فموعدك فصاله تعنى فطامه فَوَافى عكاظ بعد ثَلَاث سِنِين فَوَجَدَهَا قد ولدت غُلَاما وَكَانَت أمهَا تلومها فِيمَا أَتَت من الزِّنَى فَلَمَّا رَأَتْهُ مَعهَا قَالَت بِمثل جَارِيَة فلتزن الزَّانِيَة سرا أَو عَلَانيَة وَدفعت الْغُلَام إِلَيْهِ فَسَماهُ عوفاً فَكبر وساد قومه ثمَّ صَار بَين بنى مَالك بن حَنْظَلَة وَبَين بنى يَرْبُوع مخاتلةٌ فَقَالُوا أدخلُوا عوفاً الْبَيْت لَا يفْسد عَلَيْكُم فظفر بَنو مَالك فَنَادَى منادٍ أَيْن عَوْف فَقَالَت امرأةٌ عوفٌ يزنأ فِي الْبَيْت فَسَمعَهَا عَوْف فَخرج وَضرب خطم فرس الرئيس بِالسَّيْفِ وَهِي مربوطةٌ فَقطع الرسن وجال فِي النَّاس فَجعلُوا يَقُولُونَ جه جوهٍ جه جوهٍ فَقَالَ متمم بن نُوَيْرَة (وَفِي يَوْم جه جوه حبسنا دماءنا ... بعقر الصفايا والجواد المربب) يُقَال هجهجت بالسبع وجهجهت بِهِ إِذا زجرته فَقلت هيج هيج قَالَ ذُو الرمة (تنجو إِذا قَالَ حاديها لَهَا هيج ... )

فَإِذا حكوا ضاعفوا فَقَالُوا هجهج كَمَا يَقُولُونَ ولولت الْمَرْأَة إِذا أكثرت من قَوْلهَا الويل وَأما الجهجهة من صياح الْأَبْطَال فِي الْحَرْب يُقَال جهجهوا فحملوا 1230 - قَوْلهم علقت معالقها وصر الجندب يضْرب مثلا للشىء يثبت ويتأكد أمره وللرجل يجب حَقه وَيلْزم ذمامه قَالُوا وَأَصله أَن رجلا من الْعَرَب خطب إِلَى قومٍ فتاةً لَهُم وَكَانَت سَوْدَاء دَمِيمَة فأجلسوا مَكَانهَا امْرَأَة جميلَة فَأَعْجَبتهُ فَتَزَوجهَا فَلَمَّا أدخلت عَلَيْهِ رأى قبحاً ودمامةً وسواداً فَقَالَ وَيلك من أَنْت قَالَت زَوجتك فُلَانَة بنت فلَان قَالَ مَا أَنْت بِالَّتِي رَأَيْت قَالَت علقت معالقها وصر الجندب قَالَ الحقى بأهلك فَأَنت طَالِق 1231 - قَوْلهم عطرٌ وريح عمروٍ يضْرب مثلا فِي اجْتِمَاع نَوْعَيْنِ من المحبوب فِي حالٍ لَا ينْتَفع مَعهَا بهما وَأَصله فِيمَا روى بعض الْعلمَاء أَن عمرا ذَا الْكَلْب الهذلى كَانَ عشيقاً لأم جليحة امرأةٍ من قيس فَأَتَاهَا لَيْلَة فَنَذر بِهِ قَومهَا فهرب واتبعوه فَمر حَتَّى رفعت لَهُ نارٌ فَأَتَاهَا فَوجدَ عِنْدهَا رجلا فَسَأَلَهُ طَعَاما فَدفع إِلَيْهِ ثمراتٍ

فَقَالَ ثَمَرَات تتبعها عبرات من نسَاء خفرات وَمضى فَدخل غاراً وَجَاء الْقَوْم يقصون أَثَره حَتَّى أَتَوا الْغَار فَقَالُوا أخرج إِلَيْنَا قَالَ فَلم دَخلته إِذن فَقَالُوا لغلامٍ لَهُم ادخل فاقتله وَأَنت حرٌ فَقَالَ عَمْرو للغلام وَيحك وَمَا ينفعك أَن تعْتق بعد أَن تَمُوت فَدخل فَقتله عمروٍ وَقَالَ معي أَرْبَعَة أسْهم كأنياب أم جليحة هِيَ لأربعة مِنْكُم فَقتل أَرْبَعَة مِنْهُم ثمَّ نقبوا عَلَيْهِ من وَرَاء الْغَار فَقَتَلُوهُ وَأتوا بثيابه أم جليحة فَوَقَعت عَلَيْهَا تصرخ وَتقول عطرٌ وريح عمروٍ ثمَّ قَالَت وَالله لَئِن قَتَلْتُمُوهُ لما وجدْتُم عانته وافيةً وَلَا حجزته جافيةً ولرب ضبٍ مِنْكُم قد أحترشه وثدي قد افترشته وَمَال قد إفترشته وأنشأت تَقول (كل إمرئ بطوال الْعَيْش مَكْذُوب ... وكل من غَالب الْأَيَّام مغلوب) (وكل حىٍ وَأَن طَالَتْ سلامتهم ... يَوْمًا طريقهم للشر دعبوب) (أبلغ هذيلاً وأبلغ من يبلغهَا ... عَنى رَسُولا وَبَعض القَوْل تَكْذِيب) (بِأَن ذَا الْكَلْب عمرا خَيرهمْ نسبا ... بِبَطن بطْنَان يعوى حوله الذيب) (التارك الْقرن تَحت النَّقْع منجدلاً ... كَأَنَّهُ من دم الأجواف مخضوب) (والطاعن الطعنة النجلاء يتبعهَا ... مثعنجرٌ من نجيع الْجوف أسكوب) (والمخرج الكاعب الْحَسْنَاء مذعنةً ... فِي السبى ينفح من أردانها الطّيب) (تمشى النسور إِلَيْهِ وَهِي لاهية ... مَشى العذارى عَلَيْهِنَّ الجلالبيب) (فَلَنْ تروا مثل عمروٍ مَا مشت قدمٌ ... وَمَا إستحنت إِلَى أعطانها النيب)

1232 - قَوْلهم عره بفقره قَالُوا يضْرب مثلا للرجل يشكو الْفقر إِلَى الْبَخِيل وأنشدوا فِي مَعْنَاهُ (مَتى ألق مثغوراً على سوء ثغره ... أَضَع فَوق مَا أبقى الرياحى مبردا) هَكَذَا قرأته على أَبى أَحْمد والمثغور المكسور الثغر وَرَوَاهُ غَيره عر فقره بِفِيهِ لَعَلَّه يلهيه يضْرب مثلا للْفَقِير الَّذِي ينْفق عَلَيْهِ وَهُوَ يتمادى فِي الشَّرّ 1233 - قَوْلهم عنزٌ بهَا كل داءٍ يضْرب مثلا للكثير الْعُيُوب 1234 - قَوْلهم علم السَّيْل الدرج يضْرب مثلا للَّذي يأتى الْأَمر على عهدٍ وَقد مر فِي بَاب الذَّال 1235 - قَوْلهم عذرت القردان فَمَا بَال الْحلم والحلم فِي هَذَا صغَار القردان وَاحِدهَا حلمة وَهُوَ فِي معنى قَوْلهم استنت الفصال حَتَّى القرعى وَقد مر فِيمَا تقدم

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها العين

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْعين 1236 - أعز من بيض الأنوق والأنوق الرخمة تبيض فِي أعالى الْجبَال فَلَا يُوصل إِلَى بيضها 1237 - أعز من الأبلق العقوق والعقوق الْفرس الْحَامِل والأبلق صفة للذّكر وَلَا يجوز أَن يكون حَامِلا فجعلوه لما لَا يكون مثلا للعز والعز هَاهُنَا بِمَعْنى الْقلَّة يُقَال شىء عَزِيز أَي قَلِيل وَهُوَ كَقَوْلِك أعز من الْفَحْل الْحَامِل وَمثله قَوْلهم وَقَعُوا فِي سلى جمل والسلى يكون للناقة وَزَعَمُوا أَن رجلا قَالَ لمعاوية افْرِضْ لي قَالَ نعم قَالَ ولولدى قَالَ لَا قَالَ ولعشيرتى فَقَالَ مُعَاوِيَة (طلب الأبلق العقوق فَلَمَّا ... لم ينله أَرَادَ بيض الأنوق) 1238 - أعز من الْغُرَاب الأعصم وَهَذَا أَيْضا لَا يكون وَذَلِكَ أَن العصم بَيَاض يكون فِي مُؤخر رجل الوعل والغراب لَا يكون كَذَلِك وَفِي الحَدِيث أَن عَائِشَة فِي النِّسَاء كالغراب الأعصم

1239 - أعز من قنوعٍ مثل مولد مَأْخُوذ من قَول أَبى تَمام (وَكنت أعز عزا من قنوعٍ ... ترفع عَن مُطَالبَة الملول) (فصرت أذلّ من معنى دقيقٍ ... بِهِ فقرٌ إِلَى ذهنٍ جليل) 1240 - أعز من كُلَيْب وائلٍ وَقد مضى ذكره 1241 - أعز من مَرْوَان الْقرظ هُوَ مَرْوَان بن زنباع العبسى كَانَ يحمى منابت الْقرظ فَلَا يجنيه أحد وَقيل كَانَ يَغْزُو الْيمن وَهِي منابت الْقرظ ووفد مَرْوَان هَذَا على الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء فَقَالَ لَهُ مَا تَقول فِي عبس قَالَ رمحٌ حديدٌ إِن لَا تطعن بِهِ يطعنك قَالَ فَمَا تَقول فِي فَزَارَة قَالَ وادٍ يحمى وَيمْنَع قَالَ فَمَا تَقول فِي مرّة قَالَ لَا حر بوادى عوفٍ قَالَ فَمَا تَقول فِي أَشْجَع قَالَ لَيْسُوا بداعيك وَلَا مجيبيك قَالَ فَمَا تَقول فِي عبد الله بن غطفان قَالَ صقورٌ لَا تصيد قَالَ فَمَا تَقول فِي ثَعْلَبَة بن سعد قَالَ أصواتٌ وَلَا أنيس

1242 - أعز من الزباء وَقد مضى ذكرهَا 1243 - أعز من حليمة وَقد مضى ذكرهَا 1244 - أعز من أم قرفة وَهِي امرأةٌ من بنى فَزَارَة وَكَانَت تَحت مَالك بن حُذَيْفَة بن بدر وَكَانَ يعلق فِي بَيتهَا خَمْسُونَ سَيْفا لخمسين رجلا كلهم لَهَا محرم 1245 - أعدى من ظليمٍ وَهُوَ ذكر النعام وَذَلِكَ أَنه إِذا عدا مد جناحيه فَصَارَ بَين الْعَدو والطيران 1246 - أعدى من الْحَيَّة من الْعدوان

1247 - أعدى من الذِّئْب كَذَلِك وَيكون من الْعَدَاوَة وَمن الْعَدو 1248 - أعدى من الْعَقْرَب من العداء وَمن الْعَدَاوَة 1249 - أعدى من الجرب 1250 - وأعدى من الثوباء من الْعَدْوى 1251 - أعدى من الشنفرى من الْعَدو وَمن حَدِيثه أَنه خرج مَعَ تأبط شرا وَعَمْرو بن براقٍ فَأَغَارُوا على بجيلة فوجدوا لَهُم رصداً على المَاء فَقَالَ تأبط شرا إنى لأسْمع وجيب قُلُوب الْقَوْم على المَاء فَقَالُوا إِن قَلْبك يجب فَقَالَ وَالله مَا يجب وَمَا كَانَ وجاباً فورد الشنفرى فَتَرَكُوهُ حَتَّى شرب وَرجع ثمَّ ذهب ابْن براق فَشرب وَرجع فَقَالَ تأبط شرا للشنفرى إِذا وَردت فَإِنَّهُم يأسروننى فاهرب فَكُن فِي أصل ذَلِك الْقرن فَإِذا سمعتنى أَقُول خُذُوا

خُذُوا فتعال فأطلقنى وَقَالَ لِابْنِ براق إنى آمُرك أَن تستأسر للْقَوْم فَلَا تنأ عَنْهُم وَلَا تمكنهم من نَفسك ثمَّ ورد فشدوا عَلَيْهِ وأخذوه فَقَالَ لَهُم هَل لكم أَن تياسرونا فِي الْفِدَاء ويستأسر لكم ابْن براق قَالُوا نعم فَقَالَ يَا ابْن براق تعرف مَا بَيْننَا وَبَين أهلك فاستأسر يياسرونا فِي الْفِدَاء قَالَ لَا وَالله حَتَّى أروض نفسى شوطاً أَو شوطين فَجعل يستن نَحْو الْجَبَل وَيرجع حَتَّى إِذا رَأَوْا أَنه قد أعيا اتَّبعُوهُ ونادى تأبط شرا خُذُوا خُذُوا فَخَالف الشنفرى إِلَى تأبط شرا فَقطع وثَاقه فَقَامَ وَقَالَ يَا معشر بجيلة وَالله لأعدون عدوا ينسيكم عَدو ابْن براق ثمَّ أحضر وَقَالَ (لَيْلَة صاحوا وَأغْروا بى كلابهم ... بالعيكتين لدي معدى ابْن براق) (كَأَنَّمَا حثحثوا حصا قوادمه ... أَو أم خشفٍ بِذِي شفٍ وطباق) (لَا شىء أسْرع منى غير ذِي عذرٍ ... وَذي جناحٍ بِجنب الريد خفاق) 1252 - أعدى من السليك من الْعَدو وَمن حَدِيثه أَن جَيْشًا أَرَادوا قومه فأرسلوا فارسين طَلِيعَة فلقيا سليكافها يجاه فَعدا يَوْمه وَلَيْلَته حَتَّى أَتَى قومه وَلم يقدروا عَلَيْهِ

فأنذرهم فَكَذبُوهُ لبعد الْغَايَة فَقَالَ (يكذبنى الْعمرَان عَمْرو بن جندبٍ ... وَعمر بن سعدٍ والمكذب أكذب) (ثكلتكما إِن لم أكن قد رَأَيْتهَا ... كراديس يهديها إِلَى الحى موكب) (فوارس فِيهَا الحوفزان وَحَوله ... كتائب من بكرٍ مَتى يدع يركبُوا) وَجَاءُوا حَتَّى أَغَارُوا 1253 - أعق من ضَب يُرِيدُونَ من ضبةٍ فأسقطوا الْهَاء لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وعقوقها أَنَّهَا تَأْكُل أَوْلَادهَا وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا باضت حرست بيضها وقاتلت كل من أرادها من حيةٍ أَو ورلٍ فَإِذا خرجت أَوْلَادهَا وتحركت ظنتها شَيْئا يُرِيد بيضها فَوَثَبت عَلَيْهَا فقتلتها فَلَا ينجو مِنْهَا إِلَّا الشريد 1254 - أعق من ذئبةٍ لِأَنَّهَا تكون مَعَ الذِّئْب يتعرضان للْإنْسَان فَإِذا أدْمى وَاحِد مِنْهُمَا وَثَبت الْأُخْرَى عَلَيْهِ وَتركت الْإِنْسَان لما فِيهَا من شَهْوَة الدَّم وأنشدوا (فَتى لَيْسَ لِابْنِ الْعم كالذئب إِن رأى ... بِصَاحِبِهِ يَوْمًا دَمًا فَهُوَ آكله)

وَقَالَ الآخر (وَكنت كذئب السوء لما رأى دَمًا ... بِصَاحِبِهِ يَوْمًا أحَال على الدَّم) وَلِهَذَا يُقَال ألأم من الذِّئْب وَيَقُولُونَ أكْرم من الْأسد لِأَنَّهُ يتجافى إِذا شبع عَمَّا يمر بِهِ 1255 - أعطش من ثعالة قيل هُوَ الثَّعْلَب وَقيل بل هُوَ رجلٌ من بنى مجاشع خرج هُوَ ونجيح بن عبد الله بن مجاشع فِي غزاةٍ فعطشا وَلم يجدا مَاء فلقم كل واحدٍ مِنْهُمَا فيشة صَاحبه وَشرب بَوْله فتضاعف الْعَطش عَلَيْهِمَا فماتا فَقَالَ جرير (مَا كَانَ يُنكر فِي ندى مجاشعٍ ... أكل الخزير وَلَا ارتضاع الفيشل) 1256 - أعطش من النقاقة وَهِي الضفدع لِأَنَّهَا إِذا فَارَقت المَاء مَاتَت 1257 - أعطش من حوتٍ من قَول رؤبة

(كالحوت لَا يرويهِ شىءٌ يلهمه ... يظل عطشان وَفِي الْبَحْر فَمه) وَقد مر 1258 - أعطش من النَّمْل لِأَنَّهُ يكون فِي القفر لَا يرى المَاء أبدا 1259 - أعذب من مَاء البارق وَهِي السحابة الَّتِي تبرق 1260 - وَمن مَاء الغادية والغادية السحابة الَّتِي تَأتي فِي الْغَدَاة وَمَاء المفاصل قد مر ذكره وَمَاء الحشرج مَاء الْحَصَى 1261 - أعرض من الدهناء وَهِي أرضٌ مَعْرُوفَة تقصر وتمد

1262 - أعجل من نعجةٍ إِلَى حوضٍ لِأَنَّهَا إِذا رَأَتْ المَاء لم تنثن تزجر حَتَّى ترده 1263 - أعجل من معجل أسعد وَقد مر ذكره 1264 - أعبث من قردٍ لِأَنَّهُ إِذا رأى إنْسَانا يعْمل شَيْئا عمل مثله 1265 - أعيث من جعار وهى الضبع وَذَلِكَ أَنَّهَا أذا وَقعت فِي الْغنم أكثرت الْإِفْسَاد والعيث الْفساد وجعار بِالْكَسْرِ معدولٌ من الجعر مثل قطام وحذام 1266 - أعيا من باقلٍ من العى خلاف الْبَيَان وَكَانَ رجلا من إياد اشْترى ظَبْيًا بِأحد عشر درهما فَسئلَ عَن ذَلِك فَمد يَدَيْهِ ودلع لِسَانه فشرد الظبى فَقَالَ حميد بن ثَوْر

(أَتَانَا وَلما يعد سحبان وائلٍ ... بَيَانا وعلماً بِالَّذِي هُوَ قَائِل) (فَمَا زَالَ مِنْهُ اللقم حَتَّى كَأَنَّهُ ... من العى لما أَن تكلم بَاقِل) 1267 - أعيا من يدٍ فِي رحمٍ لِأَن صَاحبهَا يتوقى أَن تصيب يَده شَيْئا 1268 - أعرى من أيمٍ وَهِي الْحَيَّة 1269 - أعْطى من عقربٍ يعْنى أَنَّهَا تضرب كل مَا مرت بِهِ

1270 - أعقد من ذَنْب الضَّب لِأَن فِيهِ عقدا كَثِيرَة 1271 - أعزب رَأيا من حاقنٍ وَهُوَ مُمْسك الْبَوْل والصارب مُمْسك الْغَائِط وَمِنْه قيل صرب الصبى ليسمن 1272 - أعمر من قرادٍ قَالُوا يعِيش سَبْعمِائة سنةٍ 1273 - أعمر من ضَب قَالُوا يعِيش الحسل مائَة سنةٍ ثمَّ يسْقط سنه فَحِينَئِذٍ يُسمى ضباً وَهَذَا من الأكاذيب 1274 - أعمر من حيةٍ لِأَنَّهَا لَا تَمُوت حَتَّى تقتل زَعَمُوا أَنَّهَا تكبر ثمَّ تصغر فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى تصاب وأنشدوا

(داهية قد صغرت من الْكبر ... ) ويروون قَول الآخر (أمالك عمرٌ إِنَّمَا أَنْت حيةٌ ... مَتى هِيَ لم تقتل تعش آخر الدَّهْر) وَالْفرس تَقول يعِيش العير مِائَتَيْنِ والنسر ثَلَاثمِائَة والحية لَا تَمُوت إِلَّا قتلا 1275 - أعمر من معَاذ قَالَت الْعَرَب يعِيش خَمْسمِائَة سنةٍ وَقد مضى ذكره قبل 1276 - أعمر من نسر وَهُوَ معَاذ بن مُسلم صحب بنى مَرْوَان وَقد مر ذكره وَالشعر مقولٌ فِيهِ 1277 - أَعقل من ابْن تقنٍ وَكَانَ من عقلاء عادٍ وَقد مر ذكره 1278 - هُوَ أعلم بمنبت القصيص والقصيص نبت يعرف بِهِ منابت الكمأة أَي هُوَ عالمٌ بِموضع حَاجته

1279 - هُوَ أعلم من أَيْن يُؤْكَل الْكَتف زعم الأصمعى أَنه يُقَال للضعيف الرأى إِنَّه لَا يحسن أكل لحم الْكَتف 1280 - أعجز من هلباجةٍ وَهُوَ النؤوم الكسلان وَقيل الثقيل الجافى 1281 - أعجز مِمَّن قتل الدُّخان وَقيل أَي فَتى قَتله الدُّخان وَأَصله أَن رجلا كَانَ يطْبخ قدرا فغشيه الدُّخان وَلم يَتَنَحَّ حَتَّى مَاتَ فبكته باكيةٌ وَقَالَت وَأي فَتى قَتله الدُّخان فَقَالَ لَهَا قَائِل لَو كَانَ ذَا حيلةٍ تحول أَي طلب الْحِيلَة لنَفسِهِ وَيجوز أَن يكون تحول تنقل 1282 - أعجز من الشَّيْء من الثَّعْلَب عَن العنقود من قَول الشَّاعِر (أَيهَا الْغَائِب سلمى ... أَنْت عندى كثعاله) (رام عنقوداً فَلَمَّا ... أبْصر العنقود طاله) (قَالَ هَذَا حامضٌ ... لما رأى أَلا يَنَالهُ)

1283 - أعجز من مستطعم الْعِنَب من الدفلى من قَول الشَّاعِر (هَيْهَات جِئْت إِلَى الدفلى تحركها ... مستطعماً عنباً حركت فالتقط) 1284 - أعجز من جانى الْعِنَب من الشوك من قَول الشَّاعِر (إِذا وترت امْرأ فاحذر عداوته ... من يزرع الشوك لايحصد بِهِ عنباً) وَهُوَ من قَول بعض حكماء الْعَرَب من يزرع خيرا يحصد بِهِ غِبْطَة وَمن يزرع شرا يحصد ندامةً وَلَا تجتنى من شوكةٍ عنبةً 1285 - أعجب من أم ماطلٍ سَمِعت عَم أَبى يَقُول لبَعض أَصْحَابه إِنَّك لأعجب من أم ماطلٍ فَقلت لَهُ مَا قصَّة أم ماطل فَقَالَ عَاتب عُثْمَان عَلَيْهِ السَّلَام عليا فِي شىء فَقَالَ لَهُ علىٌ عَلَيْهِ السَّلَام لَيْسَ لَك عندى إِلَّا الْحسن الْجَمِيل وَمَا جوابك إِلَّا الخشن الثقيل فَقَالَ لَهُ عُثْمَان إِن مثلك مثل أم ماطل فركت زَوجهَا فقتلت نَفسهَا

1286 - أعظم فِي نَفسه من مزيقياء وَهُوَ مزيقياء بن عَمْرو ملكٌ من مُلُوك الْعَرَب كَانَ يلبس كل يومٍ حلَّة ثمَّ يمزقها فَسمى مزيقياء

فيما جاء من الأمثال في أوله غين

الْبَاب التَّاسِع عشر فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله غين فهرسته غلبت جلتها حواشيها الغمرات ثمَّ ينجلين غثك خيرٌ من سمين غَيْرك غادر وهياً لَا يرقع غرثان فاربكوا لَهُ غشمشمٌ يغشى الشّجر الْغَيْث مصلحٌ مَا خبل غلٌ قملٌ الْغنى طَوِيل الذيل مياسٌ غل يدا مُطلقهَا فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْغَيْن أغْنى عَن الشىء من الاقرع عَن الْمشْط أغْنى عَنهُ من التفه عَن الرفة أغر من الدُّبَّاء أغر من السراب أغر من الأمانى أغر من ظبىٍ مقمر أغير من الْفَحْل أغير من جمل أغير من عير أغير من ديك أغرب من غراب أغوى من غوغاء الْجَرَاد أغوص من قرلى أغزل من عنكبوت أغزل من سرفة أغزل من إمرئ الْقَيْس أغنج من مفنقة أغْلظ من حَبل الجسر أغشم من السَّيْل أغدر من الذِّئْب أغدر من غَدِير أغدر من قيس بن عَاصِم أغدر من عتيبة بن الْحَارِث أغْلى فدَاء من حَاجِب بن زُرَارَة أغْلى فدَاء من بسطَام بن قيس أغلم من سجَاح أغلم من خَوات أغلم من تَيْس بنى حمان أغلم من هجرسٍ أغلم من ضيونٍ

تفسير الباب التاسع عشر

تَفْسِير الْبَاب التَّاسِع عشر 1287 - قَوْلهم غلبت جلتها حواشيها يضْرب مثلا للْقَوْم يصير عزبزهم ذليلاً والجلة المسان من الْإِبِل والحواشى صغارها ورذالها وَقَالَ الشَّاعِر فِي مَعْنَاهُ (إِذا كَانَ الزَّمَان زمَان عكلٍ ... وتيمٍ فالسلام على الزَّمَان) (زمانٌ صَار فِيهِ الْعِزّ ذلاً ... وَصَارَ الزج قُدَّام السنان) وَقَالَ آخر (يَا زَمَانا ألبس الْأَحْرَار ... ذلاً ومهانه) (لست عندى بزمانٍ ... إِنَّمَا أَنْت زَمَانه) 1288 - قَوْلهم الغمرات ثمَّ ينجلين الغمرات الشدائد يَقُول اصبر فِي الشدائد فَإِنَّهَا ستنجلى وَتذهب وَيبقى حسن أثرك فِي الصَّبْر عَلَيْهَا وَهُوَ من قَول الراجز (الغمرات ثمَّ ينجلين ... عَنَّا وينزلن بِآخَرين) (شَدَائِد يتبعهن لين ... ) وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (خفض الجأش واصبرن رويداً ... فالرزايا إِذا توالت تولت)

وَهَذَا من قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اشتدى أزمة تنفرجى) والأزمة الضّيق والشدة وَأَصله من العض سنة أزوم أَي عضوض وَقَالَ الشَّاعِر فِي الْمَعْنى الأول (لَا تيأسن من انفراج شديدةٍ ... قد تنجلى الغمرات وَهِي شَدَائِد) 1289 - قَوْلهم غثك خيرٌ من سمين غَيْرك يضْرب مثلا للقناعة بِالْقَلِيلِ من حظك يَقُول إِن قليلك إِذا قنعت بِهِ كَانَ خيرا لَك من كثير غَيْرك يطمح إِلَيْهِ طرفك فتذل وتهون وتتعب وتنصب وَمن أمثالهم فِي القناعة قَول مرار بن منقذ (وَإِن قرَاب الْبَطن يَكْفِيك ملؤه ... وَيَكْفِيك سوآت الْأُمُور اجتنابها) وَمثل الْمثل سَوَاء قَول بَعضهم (لعمرك مَا مَال الْفَتى بذخيرة ... وَلَكِن إخْوَان الصفاء الذَّخَائِر) (قليلك أجدى من كثيرٍ معاشر ... عَلَيْك إِذا مَا حالفتك المفاقر) 1290 - قَوْلهم غادر وهياً لَا يرقع يضْرب مثلا للجناية الَّتِي لَا حِيلَة فِيهَا أَي فتق فتقاً أعجز رتقه والوهى الْخرق وَقد ذَكرْنَاهُ وغادر وأغدر ترك

1291 - غرثان فاربكوا لَهُ يضْرب مثلا للرجل تكَلمه وَله شَأْن يشْغلهُ عَنْك والغرثان الجائع والغرث الْجُوع وَأَصله أَن رجلا قدم من سفر وَهُوَ جَائِع فَقيل لَهُ لِيَهنك الْفَارِس وَكَانَ قد ولد لَهُ غلامٌ فَقَالَ مَا أصنع بِهِ آكله أم أشربه فَقَالَت امْرَأَته غرثان فاربكوا لَهُ أَي اخلطوا لَهُ طَعَاما والربك الْخَلْط والربيكة ضربٌ من أطعمتهم فَلَمَّا أكل قَالَ كَيفَ الطلا وَأمه والطلا ولد الظبية فاستعاره لوَلَده 1292 - قَوْلهم غشمشمٌ يغشى الشّجر يضْرب مثلا للرجل يركب رَأسه وَلَا يبْقى شَيْئا والغشمشم الْكثير الغشم وَلأَجل هَذَا وصف بِهِ الْأسد وَيَقُولُونَ الدَّهْر غشومٌ لِأَنَّهُ يفْسد مَا يصلح ويأتى على كل شَيْء 1293 - قَوْلهم الْغَيْث مصلحٌ مَا خبل هَكَذَا رَوَاهُ الأصمعى وَيُقَال ذَلِك للرجل يكون فِيهِ من الصّلاح أَكثر مِمَّا فِيهِ من الْفساد فيراد أَن الْغَيْث يهدم وَيفْسد ويضر ثمَّ يُعْفَى على ذَلِك

مَا يجىء بِهِ من الْبركَة وَالْخصب والتخبيل الْإِفْسَاد وَرَوَاهُ غَيره عَاد غيث على ماأفسد وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (أخٌ لي كأيام الْحَيَاة وداده ... تلون ألواناً على خطوبها) (إِذا عبت مِنْهُ خلة فصرمته ... تعرض مِنْهُ خلة لاأعيبها) 1294 - قَوْلهم الْغنى طَوِيل الذيل مياسٌ يُرَاد بِهِ أَن المَال يظْهر وَلَا يخفى وَكَذَلِكَ الْفقر لَا يكَاد الْمَرْء يخفيه والمياس الميال مَاس فِي مشيته يميس إِذا تمايل 1295 - قَوْلهم غلٌ قملٌ يضْرب مثلا لكل مَا يبتلى بِهِ الْإِنْسَان وتلقى مِنْهُ شدَّة وَأَصله أَنهم كَانُوا يغلون الْأَسير بالقد فَكَانَ يقمل عِنْد طول الْعَهْد فَيلقى مِنْهُ الْأَسير جهدا 1296 - قَوْلهم غل يدا مُطلقهَا يضْرب مثلا للرجل ينعم على صَاحبه نعْمَة يرتهنه بهَا

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الغين

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْغَيْن 1297 - أغْنى عَن الشىء من الْأَقْرَع عَن الْمشْط من قَول سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن حسان (قد كنت أغْنى ذى غنى عَنْكُم كَمَا ... أغْنى الرِّجَال عَن المشاط الْأَقْرَع) (وَمِنْه قَول الآخر (فَإِذا زيادٌ فِي الديار كَأَنَّهُ ... مشطٌ يقلبه خصىٌ أصلع 1298 - أغْنى عَنهُ من التفة عَن الرفة وَقد مر ذكره 1299 - أغر من الدُّبَّاء والدباء القرع وَأَصله أَن رجلا رَآهُ مطبوخاً فحسبه شحماً 1300 - أغر من سرابٍ مَعْرُوف وَقيل كالسراب يغر من رَآهُ ويخلف من رجاه

1301 - أغر من الأمانى مَعْرُوف وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (إِن الأمانى غرر والدهر عرفٌ ونكر) (من سَابق الدَّهْر عثر ... ) وَقَول الآخر (إِن الأمانى والأحلام تضليل ... ) 1302 أغر من ظبىٍ مقمر لِأَن الظبى فِي القمراء أسْرع لِأَنَّهُ يعشى فِيهَا وَقيل لِأَن الخشف يغتر بالقمراء يَظُنهَا نَهَارا فَلَا يحْتَرز فتأكله السبَاع 1303 - أغوى من غوغاء الْجَرَاد والغوغاء الْجَرَاد نَفسه إِذا ماج بعضه فِي بعض قبل أَن تطير فهى تسْقط فِي الغدران والآبار فتهلك وَذَلِكَ غيها

1304 - أغزل من عنكبوتٍ 1305 - وَمن سرفةٍ من الْعَزْل مَعْرُوف 1306 - أغزل من فرعل من الْغَزل وَلَا أدرى مَا غزل الفرعل وَهُوَ ولد الضبع 1307 - أغدر من غَدِير قيل سمى الغدير غديراً لِأَنَّهُ يغدر بِصَاحِبِهِ أَي يجِف بعد قَلِيل وينضب مَاؤُهُ 1308 - أغدر من كناة الْغدر وهم بَنو سعد بن تَمِيم وَكَانُوا يسمون الْغدر كيسَان قَالَ النمر ابْن تولب (إِذا كنت فِي سعدٍ وأمك مِنْهُم ... غَرِيبا فَلَا يغررك خَالك من سعد)

(إِذا مَا دعوا كيسَان كَانَت كهولهم ... إِلَى الْغدر أدنى من شبابهم المرد) 1309 - أغدر من قيس بن عاصمٍ وَذَلِكَ أَن بعض التُّجَّار جاوره فَأخذ مَتَاعه وَشرب خمره وسكر وَجعل يَقُول (وتاجرٍ فاجرٍ جَاءَ الْإِلَه بِهِ ... كَأَن لحيته أَذْنَاب أجمال) وجبى صَدَقَة بني منقر للنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ بلغه مَوته فَقَسمهَا فِي قومه وَقَالَ (أَلا أبلغا عَنى قُريْشًا رِسَالَة ... إِذا مَا أَتَتْهُم مهديات الودائع) (حبوت بِمَا صدقت فِي الْعَام منقراً ... وأيأست مِنْهَا كل أطلس طامع) 1310 - أغدر من عتيبة بن الْحَارِث وَذَلِكَ أَن أنيس بن مرّة بن مرداس السلمى نزل بِهِ فِي صرمٍ من بنى سليم فَأخذ أموالها وربط رجالها حَتَّى افْتَدَوْا

فيما جاء من الأمثال في أوله فاء

1311 - أغْلى فدَاء من حَاجِب بن زُرَارَة 1312 - وَمن بسطَام بن قيسٍ وَكَانَ فدَاء كل وَاحِد مِنْهُمَا أَرْبَعمِائَة بعير 1313 - أغلم من سجَاح وَذَلِكَ أَنَّهَا جَاءَت مُسَيْلمَة لتناظره فِي النُّبُوَّة فزوجته نَفسهَا بِغَيْر مهر والغلمة شَهْوَة الْجِمَاع فِي الْإِنْسَان والضبعة فِي النَّاقة والحنو فِي النعجة وَالْحرَام فِي الماعزة والوداق فِي ذَوَات الْحَافِر 1314 - أغلم من تَيْس بنى حمان قَالُوا إِنَّه قفط سبعين عَنْزًا بَعْدَمَا فريت أوداجه وقفط وسفد سَوَاء 1315 - أغلم من ضيونٍ وَهُوَ السنور الْبَاب الْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله فَاء فهرسته فاها لفيك الْفَحْل يحمى شوله معقولا فَتى وَلَا كمالكٍ فِي كل شجرةٍ نَار واستمجد المرخ والعفار فِي وَجه المَال تعرف أَمرته الْفِرَار بقرابٍ أَكيس فِي رَأسه خطة فتل فِي الذرْوَة وَالْغَارِب فرق بَين معد تحاب فِي رَأسه نعرةٌ فِي بطن زهمان زَاده فَخر البغى بحدج ربتها فَاه إِلَى فِي فِي بَيته يُؤْتى الحكم فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْفَاء أفسد من الْجَرَاد أفسد من الْقمل أفسد من الأرضة أفسد من أرضة بلحبلى أفسد من السوس أفسد من الضبع أفسد من بَيْضَة الْبَلَد أفسى من ظربانٍ أفسى من خنفساء أفسى من نمسٍ أفسى من عدنىٍ أفحش من فالية الأفاعى أفحش من فاسية أفحش من كلب أفرغ من يَد تفت اليرمع أفزع من حجام ساباط أفرغ من فؤاد أم مُوسَى أفلس من ابْن المذلق أفقر من الْعُرْيَان أَفرس من سم الفرسان أَفرس من

فيما جاء من الأمثال في أوله فاء

الْبَاب الْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله فَاء فهرسته فاها لفيك الْفَحْل يحمى شوله معقولا فَتى وَلَا كمالكٍ فِي كل شجرةٍ نَار واستمجد المرخ والعفار فِي وَجه المَال تعرف أَمرته الْفِرَار بقرابٍ أَكيس فِي رَأسه خطة فتل فِي الذرْوَة وَالْغَارِب فرق بَين معد تحاب فِي رَأسه نعرةٌ فِي بطن زهمان زَاده فَخر البغى بحدج ربتها فَاه إِلَى فِي فِي بَيته يُؤْتى الحكم فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْفَاء أفسد من الْجَرَاد أفسد من الْقمل أفسد من الأرضة أفسد من أرضة بلحبلى أفسد من السوس أفسد من الضبع أفسد من بَيْضَة الْبَلَد أفسى من ظربانٍ أفسى من خنفساء أفسى من نمسٍ أفسى من عدنىٍ أفحش من فالية الأفاعى أفحش من فاسية أفحش من كلب أفرغ من يَد تفت اليرمع أفزع من حجام ساباط أفرغ من فؤاد أم مُوسَى أفلس من ابْن المذلق أفقر من الْعُرْيَان أَفرس من سم الفرسان أَفرس من

تفسير الباب العشرين

صياد الفوارس افرس من ملاعب الأسنة أَفرس من عَامر بن الطُّفَيْل أَفرس من بسطَام بن قيس أفتك من البراض أفتك من الجحاف أفتك من الْحَارِث بن ظَالِم أفتك من عَمْرو بن كُلْثُوم أفْصح من العضين أفيل من الرأى الدبرى تَفْسِير الْبَاب الْعشْرين 1316 - قَوْلهم فاها لفيك مَعْنَاهُ لَك الخيبة وَأَصله أَنه يُرِيد جعل الله لفيك الأَرْض فأضمر الأَرْض كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {مَا ترك على ظهرهَا من دابةٍ} قَالَ الشَّاعِر (فَقلت لَهُ فاها لفيك فَإِنَّهَا ... قلُوص امْرِئ قاريك مَا أَنْت حاذره)

قاريك من الْقرى يُرِيد أَنَّهَا مركب سوء تلقى مِنْهُ مَا تحذره وَلم يكن ثمَّ قلوصٌ وَلكنه كَقَوْلِهِم جَاءُوا على بكرَة أَبِيهِم وَنَحْوه قَوْلهم لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ مَعْنَاهُ كَبه الله لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ وَيَقُولُونَ للمنخرين أَي سقط للمنخرين 1317 - قَوْلهم الْفَحْل يحمى شوله معقولاً يضْرب مثلا للرجل الغيران الدَّافِع عَن حريمه وَمَعْنَاهُ أَن الْحر يحمي حريمه على علاتٍ تَمنعهُ والمعقول المشدود بالعقال والشول الْإِبِل الَّتِى قد شالت أَلْبَانهَا أَي ارْتَفَعت يُقَال شال الشىء إِذا ارْتَفع وأشلته أَي رفعته 1318 - قَوْلهم فَتى وَلَا كمالكٍ يضْرب مثلا للرجلين ذوى الْفضل إِلَّا أَن أَحدهمَا افضل وَهُوَ مثل قَوْلهم مَاء وَلَا كصداء والمثل لأكثم بن صيفىٍ ومالكٌ هُوَ مَالك ابْن نُوَيْرَة أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر عَن أبي عمر بن خَلاد عَن مُحَمَّد بن حَرْب قَالَ كَانَ من أَمر ريَاح بن ربيعَة ذى ذراريح التميمى أَنه أَخذ عبدا يُقَال لَهُ المجر وَأمة يُقَال لَهَا الضبعاء وإبلاً لِابْنِ أخٍ لأكثم بن صيفىٍ فَبعث إِلَيْهِ مَالك بن نُوَيْرَة وَهُوَ ختن ريَاح على ابْنَته فَدفع إِلَيْهِ

مَا كَانَ اخذ من ذَلِك فَبعث إِلَيْهِ أَكْثَم المكفف بن الْمَسِيح فَلَمَّا توجه من عِنْده قيل لَهُ انْطلق فَإِن مَالِكًا يأتيكم بِالْإِبِلِ وَالْعَبْد وَالْأمة فَبلغ أَكْثَم ذَلِك فَقَالَ فَتى وَلَا كمالك فَلم قدم عَلَيْهِ مالكٌ قَالَ صرح الْأَمر عَن محضه فَلَمَّا دفع إِلَيْهِ مَال ابْن أَخِيه قَالَ اقصر لما أبْصر وَهَذَا خبر إِن كَانَ لَهُ أثر وَفِي الجريرة تشترك الْعَشِيرَة وَرب قَول أنفذ من صول وَالْحر حر وَإِن مَسّه الضّر وَإِذا فزع الْفُؤَاد ذهب الرقاد هَل يهلكنى فقد مَالا يعود وَأَعُوذ بِاللَّه أَن يرمينى امرؤٌ بدائه رب كَلَام لَيْسَ فِيهِ اكتتام حَافظ على الصّديق وَلَو فِي الْحَرِيق لَيْسَ من الْعدْل سرعَة العذل لَيْسَ بيسيرٍ تَقْوِيم العسير إِذا أردْت النَّصِيحَة فتأهب للظنة مَتى تعالج مَال غَيْرك تسأم غثك خيرٌ من سمين غَيْرك لَا تنطح جماء ذَات قرن قد يبلغ الخضم بالقضم قد صدع الْفِرَاق بَين الرفاق استأنوا أَخَاكُم فَإِن مَعَ الْيَوْم غَدا قد غلب عَلَيْك من دَعَا إِلَيْك الْحر عروف أَي صبور لَا تطمع فِي كل مَا تسمع 1319 - قَوْلهم فِي كل شَجَرَة نَار واستمجد المرخ والعفار يضْرب مثلا فِي تَفْضِيل الرِّجَال بَعضهم على بعض أَي لكل واحدٍ من هَؤُلَاءِ فضل إِلَّا أَن فلَانا أفضل يُقَال أمجدت الدَّابَّة علفاً إِذا أكثرت

مِنْهُ والمرخ والعفار شجرتان تكْثر نارهما يُقَال إنَّهُمَا أخذا النَّار فأكثرا وَقَالَ الْعُمْرَى يضْرب يضْرب مثلا لمن يُنكر الْأَشْيَاء فَإِذا رأى مَا يعرف أقرّ بِهِ 1320 - قَوْلهم فِي وَجه المَال تعرف أَمرته قَالَ الأصمعى إِنَّك تعرف فِي وَجهه خَيره وَخيرا إِن كَانَ عِنْده وَهُوَ من قَوْلهم أَمر الشىء إِذا كثر وَهُوَ أمرٌ على مِثَال حذر أَي كثير وَالْمَال هَاهُنَا الْمَاشِيَة وَهُوَ كَقَوْلِهِم كم ظَاهر دلّ على بَاطِن 1321 - قَوْلهم الْفِرَار بقرابٍ أَكيس أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن العكلى عَن حَاتِم بن قبيصَة عَن الكلبى قَالَ تنكر عَمْرو بن هِنْد لبنى تَمِيم بعد يَوْم أوارة وضيق عَلَيْهِم ومنعهم الْميرَة فأضر ذَلِك بهم فَاجْتمع أولو الحجى فَقَالُوا إِن هَذَا الْأَمر إِن تَمَادى بِنَا بَعدت نجعتنا وتشعبت بيضتنا واختطفتنا ذؤبان الْعَرَب فَمن لهَذَا الْملك فأجمع رَأْيهمْ على معبد بن زُرَارَة وَكَانَ

حَدثا لوذعياً خراجاً ولاجاً فوفدوه على خطارٍ مِنْهُم بِهِ فَقدم معبدٌ الْحيرَة متنكراً فَنزل على رجل من بنى القليب بن عَمْرو بن تَمِيم وَكَانَ من صنائع الْملك وَقد أوطن الْحيرَة وتنأ بهَا فأطلعه طلع أمره فَقَالَ لَهُ القليبى إِنَّك قد هجمت على خطرٍ عَظِيم فتأن وقلب ظهر أَمرك لبطنه وَلَا تقدم إقدام المغرر فَإِن الْأُمُور يكْشف بَعْضهَا عَن بعض وَالْحَاجة تفتق الْحِيلَة وَمَعَ يَوْمك غدك وللملوك طيرةٌ تراشى وصبواتٌ تحذر وَإِنَّمَا هُوَ كالنار المشتعلة بمختلف الرّيح العاصف فَإِن لَا تتأن لَهَا يحرقك لهبها وَإنَّك من الْملك بَين نطرة رأفة أَو بطشة نقمة فَكُن كواطئ المزلة وَليكن لَك مطيتان الصَّبْر والحذر فَإِن الصَّبْر يبلغك والحذر ينجيك على أَن للمستشار حيرة فأمهل الرأى يغب فَبَاتَ معبدٌ ليلته عِنْده فَلَمَّا أصبح قَالَ لَهُ يَا معبد إِن وثقت من نَفسك بِلِسَان عضبٍ وجنان ندب فأقدم وَإِن خفت خذلان بيانك وانخزال جنانك فالفرار بقرابٍ أَكيس فَقَالَ معبد إنى لأرجو أَلا أبعل بمقال وَلَا ارْتَدَّ عَن مجَال والإقدام على المرهوب وَالظفر بالمطلوب فَقَالَ لَهُ القليبى إِن الْملك غادٍ إِلَى الصَّيْد فاعترضه كَأَنَّك قادمٌ من سفر وَلَا يعلمن بأنك دخلت الْحيرَة وَلَا لقِيت أحدا من أَهلهَا فالقه وَلَا تخضع خضوع الضارع وَلَا تقدمن

إقدام المقارع وَكن بَين الآيس والطامع فَخرج معبد حَتَّى اعْترض الصَّحرَاء فَابْتَدَرَهُ الفرسان حَتَّى أَتَوا بِهِ الْملك فَقَالَ لَهُ من أَيْن أَقبلت أَيهَا الرَّاكِب قَالَ من بلد سماؤه غبراء وأرضه قشراء وتربه مور وماؤه غور وَأَهله يتكنفون بالغثاث ويتقرمصون فِي البراث فالطفل مرموع واليافع مقصوع فَلَا مسكة لفقير وَلَا صمتة لصغير وَلَا حراك لكبير فَقَالَ الْملك وَأَبِيك إِنَّك لتصف جهداً فَأَيْنَ بلدك قَالَ بلدٌ ألْقى الشَّقَاء على أَهله جشمه وأثار الْبلَاء فيهم قتمه فَقَالَ الْملك لقد وصفت شرا شمراً وبلاءً مصرا فَمن أُولَئِكَ قَالَ قومٌ كفرُوا النِّعْمَة وانتهكوا الْحُرْمَة واستوجبوا النقمَة قَالَ الْملك أجل فَأَيهمْ أَنْت قَالَ بسطة الْملك قاهرةٌ وَيَده ظاهرةٌ وعقابه يخْشَى وعفوه

يُرْجَى فعلى أَي الناحيتين أميل قَالَ على المرجو فعول قَالَ أَنا معبد بن زُرَارَة فَقَالَ لَهُ الْملك يَا معبد قد أَتَى لَك ولقومك أَن تتبعوا الْقَصْد إِلَى الرشد ثمَّ أَعْطَاهُم كتاب أمانٍ وَأذن لَهُم فِي الامتيار وَقيل الْمثل لجَابِر بن عمر المازنى وَكَانَ يسير فِي طريقٍ وَمَعَهُ أوفى بن مطر وشهاب بن قيس فرآى أثار رجلَيْنِ مَعَهُمَا فرسَان وبعيران وَكَانَ قائفاً فَقَالَ أرى آثَار رجلَيْنِ شَدِيد كلبهما عَزِيز سلبهما إِلَّا أَن الْفِرَار بقراب أَكيس ثمَّ مضى وَذهب أوفى وشهابٌ فِي أثر الرجلَيْن وَكَانَ على أوفى يمينٌ أَلا يرْمى أَكثر من سَهْمَيْنِ وَلَا يستجيره رجل إِلَّا أجاره وَلَا يغتر رجلا حَتَّى يُؤذنهُ فمرا بِالرجلَيْنِ وهما فِي ظلّ شَجَرَة وَإِذا هما من بنى أَسد بن فقعس فَقَالَ أوفى لأَحَدهمَا استمسك فَإنَّك معدوٌ بك فَقَالَ الأسدى إِنَّمَا تعدو بأسدٍ مثلك يجد بالمصاع مثل وَجدك فَقَالَ أوفى ارْمِ ارْمِ يَا شهَاب فَإِن يَده فِي غمَّة فَقَالَ الأسدى (لَا تحسبن أَن يدى فِي غمه ... فِي قَعْر نحىٍ يستثير حمه) (أمسحها بخرقةٍ أَو ثمه ... )

والحمة ضربٌ من الرواضين والثمة طبق يعْمل من أَغْصَان الشّجر تَأْكُل عَلَيْهِ الْأَعْرَاب فَقَالَ أوفى (لَيْسَ لمخلوقٍ على إمه ... أَنا الَّذِي وصّى ببكلٍ أمه) (دع الرماء واقترب هلمه ... ) فَرمى الأسدى أوفى فجرحه وَرمى شهابٌ الأسدى الآخر فصرعه فَقَالَ الآخر جوارٌ يَا أوفى فَقَالَ على مَه فَقَالَ على أحد الفرسين وَأحد البعيرين وعَلى أَن نداوى صاحبينا فَأَيّهمَا مَاتَ قتلنَا بِهِ صَاحبه فتواثقا على ذَلِك وانطلقا وهما جريحان فَنزلَا على وشل بجيلة فعوفيا فَقَالَ أوفى يذكر فرار جَابر (فَمن مبلغٌ خلتى جَابِرا ... بِأَن خَلِيلك لم يقتل) (فليت سنانك صنارة ... وليت قناتك من مغزل) وَمعنى الْمثل أَن فرارنا وَنحن بقربٍ من السَّلامَة أَكيس من أَن نتورط فِي الْمَكْرُوه بثباتنا وقراب وَقَرِيب سَوَاء كَمَا تَقول جميل وجمال وكريم وكرام

1322 - قَوْلهم فِي رَأس فلَان خطة أَي فِي نَفسه حَاجَة يرومها وَله امرٌ يَطْلُبهُ وَالْجمع خطط والعامة تَقول خطْبَة وَرُبمَا قَالُوا خيط وَلَيْسَ ذَلِك بشىء والخطة الْخصْلَة وَيُقَال هَذِه خطة خسف وخطة صدق وخطة سوء تعنى الْخصْلَة 1323 - قَوْلهم فِي أستها مَالا ترى أَي لَهَا خبر وَإِن لم يكن لَهَا مرأى 1324 - قَوْلهم فتل فِي الذرْوَة وَالْغَارِب يُقَال ذَلِك للرجل لَا يزَال يخدع صَاحبه حَتَّى يظفر بِهِ وَفِي هَذَا الْمَعْنى قَوْلهم فلانٌ يقرد فلَانا وَأَصله أَن يجىء الرجل بالخطام إِلَى الْبَعِير الصعب وَقد ستره مِنْهُ لِئَلَّا يمْتَنع عَلَيْهِ فَيَأْخُذ فِي انتزاع قردانه حَتَّى يأنس بِهِ فَإِذا تمكن مِنْهُ رمى بالخطام فِي عُنُقه قَالَ الحطيئة (وَرَبك مَا قراد بنى كليبٍ ... إِذا نزع القراد بمستطاع) أَي لَا يخدعون وَيَقُولُونَ فَلم خلقت إِذا لم أخدع الرِّجَال يَعْنِي لحيته وذروة الْبَعِير أَعْلَاهُ وَكَذَلِكَ ذرْوَة كل شَيْء وَالْغَارِب مقدم السنام

1325 - قَوْلهم فرق مَا بَين معد تحاب يُرَاد بذلك أَن الْقَوْم إِذا تباعدوا تحَابوا وَمن هَاهُنَا أَخذ زهيرٌ قَوْله (وَفِي طول المعاشرة التقالى ... ) وَفَارق رجلٌ امْرَأَته فَقيل لَهُ أفارقتها بعد صُحْبَة ثَلَاثِينَ سنة فَقَالَ لَيْسَ لَهَا ذنبٌ عِنْدِي أعظم من صحبتهَا هَذِه الْمدَّة 1326 - قَوْلهم فِي رَأسه نعرةٌ يضْرب مثلا للرجل الطامح الرَّأْس لَا يسْتَقرّ وأصل النعرة ذبابٌ أَزْرَق يعَض وَأكْثر مَا يكون فِي الْحمير وَالْخَيْل وَالْجمع نعرٌ وحمارٌ نعرٌ قلقٌ من عض النعر قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (فظل يرنح فِي غيطلٍ ... كَمَا يستدير الْحمار النعر) وَيَقُولُونَ فِي أَنفه خنزوانة أَي بِهِ كبر وَجَبْرِيَّة وَأَنْفه فِي أسلوب قَالَ الراجز (أنوفهم ملفخر فِي أسلوب ... وَشعر الأستاه فِي الجبوب)

1327 - قَوْلهم فِي بطن زهمان زَاده يُرَاد بِهِ الرجل يكون أداته ومتاعه مَعَه بِحَيْثُ يجده موفوراً لَا يحْتَاج إِلَى معِين وزهمان اسْم كلب فِيمَا نحسب 1328 - قَوْلهم فَخر البغى بحدج ربتها وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (فَخر البغى بحدج ربتها ... إِذا مَا النَّاس شلوا) والبغى الْأمة وَالْجمع البغايا والبغى فِي غير هَذَا الْموضع الْمَرْأَة الْفَاجِرَة وَيضْرب مثلا للرجل يفخر بشىء لغيره خيرٌ مِنْهُ والحدج مركبٌ من مراكب النِّسَاء نَحْو الهودج وقريبٌ من هَذَا الْمَعْنى قَوْلهم قيل للبغل من أَبوك فَقَالَ خالى الْفرس

وَقَالَ الشَّاعِر (فَإنَّك والفخار بِأم عمروٍ ... كمن باهى بثوبٍ مستعار) (كذات الحدج تبهج أَن ترَاهُ ... وتمشى أَو تسير على حمَار) وَهُوَ حدج وحداجة وَالْجمع حدوج وحدائج وَالْفرس تَقول بلحية أَخِيه 1329 - قَوْلهم فَاه إِلَى فى يُقَال كلمنى فَاه إِلَى فى أَي من فِيهِ إِلَى فى فَلَمَّا نزع من نصب وَيذكر الْفَم هَاهُنَا تَأْكِيدًا كَقَوْل الله تَعَالَى {يَقُولُونَ بأفواههم} فَأَما قَوْلهم رَأَيْته بعينى فَإِنَّمَا ذكرت الْعين لِأَن الرُّؤْيَة قد تكون بِمَعْنى الْعلم وَمِنْه قيل للرأى رَأْي 1330 - قَوْلهم فِي بَيته يُؤْتى الحكم قد ذكرنَا أَصله فِي الْبَاب السَّادِس ونظمه شاعرٌ فَقَالَ (لما لقِيت معذبى ... ألفيته كالمحتشم) (وَطلبت مِنْهُ زورةً ... تشفى السقيم من السقم)

(فَأبى على وَقَالَ لى ... فِي بَيته يُؤْتى الحكم) وَأَخذه آخر فَقَالَ (قلت زورينى فَقَالَت عابثا ... أَنا وَالله إِذا قَاضِي منى) (إِذْ يصلى وَعَلِيهِ زيتهم ... أَنْت تهوانى وآتيك أَنا) 1331 - قَوْلهم فالجٌ بن خلاوة يُقَال أَنا من هَذَا الْأَمر فالج بن خلاوة أَي أَنا برِئ مِنْهُ وفالج من قَوْلهم فلج الرجل على خَصمه وَابْن خلاوة أَي قد تخليت مِنْهُ وبرئت وَيُقَال أَنا خلاء من كَذَا وبراء أَي بمعزل مِنْهُ وَفِي الْقُرْآن {إننى براءٌ مِمَّا تَعْبدُونَ} وَأما برَاء فَجمع برِئ وَرُبمَا قَالُوا بُرَآء 1332 - قَوْلهم الْفَائِت لَا يسْتَدرك مثل مُحدث وَأَصله قَول الشَّاعِر (نَدِمت على سبى الْعَشِيرَة بَعْدَمَا ... مضى واستتبت للرواة مذاهبه) (فَأَصْبَحت لَا أسطيع ردا لما مضى ... كَمَا لَا يرد الدّرّ فِي الضَّرع حالبه)

1333 - قَوْلهم فرخان فِي نقابٍ يضْرب مثلا فِي الشَّيْئَيْنِ يشتبهان والنقاب اللَّوْن قَالَ الأصمعى سمى نقاب الْمَرْأَة لِأَنَّهُ يسْتَتر لَوْنهَا فِيهِ وَقيل فلَان مَيْمُون النقيبة أَي الطلعة مأخوذٌ من النقاب وَهُوَ اللَّوْن وَقيل مَيْمُون النقيبة أَي المختبر وَقيل النقيبة هُنَا النَّفس

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الفاء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْفَاء 1334 - أفسد من الْجَرَاد لِأَنَّهُ يجرد الشّجر والنبات وَبِهَذَا سمى جَرَادًا وَقَالَ طَيئ لِبَنِيهِ إِنَّكُم نزلتم منزلا لَا تخرجُونَ مِنْهُ وَلَا يدْخل عَلَيْكُم فِيهِ فارعوا مرعى الضَّب الْأَعْوَر أبْصر جُحْره وَعرف قدره وَلَا تَكُونُوا كالجراد رعى وَاديا وانفق وَاديا أكل مَا وجد وَأكله مَا وجده أنقف وَاديا أَي وَأنْفق بيضه فِيهِ 1335 - أفسد من أرضةٍ وَرُبمَا قَالُوا من أرضة بلحبلى يعنون بنى الحبلى وهم حىٌ من الْأَنْصَار 1336 - أفسد من السوس مَعْرُوف 1337 - أفسد من الضبع لِأَنَّهَا إِذا وَقعت فِي الْغنم أكثرت الْإِفْسَاد وَلذَلِك قيل للسّنة المجدبة

الضبع يُقَال أكلتنا الضبع وَقيل معنى ذَلِك أَنهم إِذا أجدبوا ضعفوا عَن الِامْتِنَاع من الضباع فتفسد فيهم وأنشدوا (أَبَا خراشة إِمَّا أَنْت ذَا نفرٍ ... فَإِن قومى لم تأكلهم الضبع) أَي لَيْسُوا بضعافٍ تعيث فيهم الضبع وَقيل إِذا اجْتمع الذِّئْب والضبع فِي الْغنم سلمت الْغنم 1338 - أفسد من بَيْضَة الْبَلَد وَهِي بَيْضَة تتركها النعامة فِي الفلاة وَلَا ترجع إِلَيْهَا فتفسد 1339 - أفسى من ظربان وَهِي دَابَّة سلاحها الفسو تقصد جُحر الضَّب وَفِيه حسوله وبيضه فتفسو فِيهِ فيخر الضَّب مغشياً عَلَيْهِ فتأكله وتأكل حسوله وبيضه والضب إِنَّمَا يخدع فِي جُحْره حذرا من الظربان والظربان تطلبه فَيَقُولُونَ أخدع من ضَب وأندس من ظربانٍ والظربان يتوسط الهجمة من الْإِبِل فيفسو فتتفرق كتفرقها عَن مبركٍ فِيهِ قردانٌ فَلَا يردهَا الراعى إِلَّا بجهدٍ والظربان فِي فسوه كالحبارى فِي ذرقها وَقَالُوا للرجلين يتفاحشان إنَّهُمَا ليتجاذبان جلد الظربان وإنهما ليتماسان ظربانا

1340 - أفسى من خنفساء مَعْرُوف 1341 - أفسى من نمسٍ وَهِي دويبة فاسيةٌ أَيْضا وَقيل هِيَ ذكر الخنافس والنمس أَيْضا سبعٌ من أَخبث السبَاع 1342 - أفحش من فالية الأفاعى 1343 - وأفحش من فاسيةٍ وهما اسمان لدويبة شبيهةٍ بالخنفساء وَلَا تملك الفساء 1344 - أفحش من كلبٍ لِأَنَّهُ يهر على النَّاس قَالَ الشَّاعِر (خَالق النَّاس بأخلاقهم ... لَا تكن كَلْبا على النَّاس يهر)

1345 - أفرغ من يدٍ تفت اليرمع واليرمع الْحِجَارَة الرخوة وَذَلِكَ أَن الفارغ والمتفكر يولعان بِالْأَرْضِ والخط فِيهَا وفت مَا لَان من حجارتها 1346 - أفرغ من حجام ساباط قَالُوا كَانَ حجاماً ملازماً لساباط الْمَدَائِن يحجم الجندى نَسِيئَة بدانق وَرُبمَا تمر بِهِ الْأَيَّام لَا يدنو مِنْهُ أحد فِيهَا فَتخرج أمه فيحجمها ليرى النَّاس أَنه غير فارغ فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى نزفها فَمَاتَتْ قَالَ شاعرٌ مُحدث (دَار أَبى الْقَاسِم مفروشةٌ ... مَا شِئْت من بسطٍ وأنماط) (وَبعد مَا يَأْتِيك من خَيره ... كبعد بلخٍ من سميساط) (مطبخه قفرٌ وطباخه ... أفرغ من حجام ساباط) 1347 - أفلس من ابْن المذلق رجلٌ من عبد شمس بن سعد بن زيد مَنَاة وَكَانَ لايجد فِي أَكثر أوقاته فِي بَيته قوت لَيْلَة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ كَانَ أَبوهُ فَقَالَ الشَّاعِر فِي أَبِيه (فَإنَّك إِذْ ترجو تميماً ونفعها ... كراجى الندى وَالْعرْف عِنْد المذلق)

1348 - أفقر من الْعُرْيَان وَهُوَ ابْن شهلة الطائى الشَّاعِر قيل لم يزل يلْتَمس الْغنى فَلم يَزْدَدْ إِلَّا فقرا وصحفه بَعضهم فَقَالَ أقفر من الْعُرْيَان قَالَ وَهُوَ الرمل الَّذِي لَا ينْبت شَيْئا 1349 - أَفرس من سم الفرسان وَهُوَ عتيبة بن الْحَارِث بن شهَاب فَارس بنى تَمِيم وَهُوَ صياد الفوارس وَكَانُوا يَقُولُونَ لَو أَن الْقَمَر سقط من السَّمَاء مَا التقفه غير عتيبة لثقافته وَقَالَ الشَّاعِر (إِن يَقْتُلُوك فقد ثللت عروشهم ... بعتيبة بن الْحَارِث بن شهَاب) (بأشدهم بَأْسا على أعدائه ... وأعزهم فقداً على الْأَصْحَاب 1350 - أَفرس من ملاعب الأسنة وَهُوَ أَبُو برَاء عَامر بن مَالك بن جَعْفَر بن كلاب فَارس قيس

1351 - أَفرس من عَامر بن الطُّفَيْل وَهُوَ ابْن أخى عامرٍ ملاعب الأسنة وَكَانَ أَفرس أهل زَمَانه وأسودهم وَمر حبَان بن سلمى بقبره فَقَالَ ضيقتم على أَبى علىٍ ثمَّ قَالَ عَم صباحا أَبَا عَليّ فوَاللَّه لقد كنت تَشِنْ الْغَارة وتحمى الجارة سَرِيعا إِلَى الْمولى بوعدك بَعيدا عَنهُ بوعيدك فَكنت لَا تضل حَتَّى يضل النَّجْم وَلَا تهاب حَتَّى يهاب السَّيْل وَلَا تعطش حَتَّى يعطش الْبَعِير وَكنت وَالله خير مَا يكون حِين لَا تظن نفسٌ بنفسٍ خيرا ثمَّ قَالَ هلا جعلتم قبر أَبى على ميلًا فِي ميل وَمن هَاهُنَا أَخذ متمم بن نُوَيْرَة قَوْله (وَقَالُوا أتبكى كل قبرٍ رَأَيْته ... لقبرٍ ثوى بَين اللوى فالدكادك) (فَقلت لَهُم إِن الشجى يبْعَث الشجى ... دعونى فَهَذَا كُله قبر مَالك) 1352 - أَفرس من بسطَام بن قيس وَهُوَ بسطَام بن قيس الشيبانى فَارس بكر وَلم يكن فِي الْجَاهِلِيَّة أَفرس مِنْهُ وتعجب الجاحظ من ضرب النَّاس الْمثل فِي الشجَاعَة بِعَمْرو بن معد يكرب وَابْن الاطنابة وعنترة وتركهم ضرب الْمثل ببسطام بن قيس وَلم يكن فِي الْجَاهِلِيَّة أَفرس مِنْهُ وَلَا فِي الْإِسْلَام

1353 - أَفرس من الزبير بن الْعَوام وَهَذَا كَمثل ضَربهمْ الْمثل فِي البلاغة بِابْن الْقرْيَة وتركهم سحبان وَائِل وَهُوَ أبلغ الْعَرَب 1354 - أفتك من البراض وَهُوَ البراض بن قيس الكنانى خلعه قومه لِكَثْرَة جناياته فحالف حَرْب بن أُميَّة ثمَّ قدم على النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَسَأَلَهُ أَن يَجعله على لطيمةً يُرِيد أَن يبْعَث بهَا إِلَى عكاظ فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ النُّعْمَان وَجعل أمرهَا إِلَى عُرْوَة بن عتبَة بن جَعْفَر بن كلاب فَسَار مَعَه حَتَّى وجد عُرْوَة بن عتبَة خَالِيا فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَضَربهُ ضَرْبَة خمد مِنْهَا وَاسْتَاقَ العير وَكتب إِلَى أهل مَكَّة وهم بعكاظ (لَا شكّ تجنى على الْمولى فيحملها ... أَو كَانَ يجنى فَأَنت الْحَامِل الجانى) أما بعد فإنى قتلت عُرْوَة بن عتبَة الرّحال بأوارة يَوْم السبت حِين وضح الْهلَال من شهر ذِي الْحجَّة فروا رَأْيكُمْ وَمن أجزى مَا حضر فقد أجزى مَا عَلَيْهِ وَقَالَ (إِن غَدا حَيْثُ يثور الرّيح ... ينْكَشف الْأَمر لَك الْقَبِيح) وَهَذَا الشّعْر لمسافر بن عبد الْعُزَّى الضمرى فَقَالَ أهل مَكَّة لهوازن

قد وَقع بَين قَومنَا شَرّ وَلَا بُد لنا من الْمسير إِلَيْهِم لِئَلَّا يَتَفَاقَم الْأَمر ورحلوا على كل صعبٍ وَذَلُول ثمَّ اتَّصل الْخَبَر بهوازن فتبعوهم فَدَخَلُوا الْحرم فكفوا عَنْهُم فَقَالَ خِدَاش بن زُهَيْر (بأشده مَا شددنا غير كاذبةٍ ... على سخينة لَوْلَا اللَّيْل وَالْحرم) 1355 - أفتك من الجحاف وَهُوَ الجحاف بن حَكِيم السلمى وَذَلِكَ أَنه دخل على عبد الْملك لما وضعت الحروب بَين الزبيرية والمروانية أَوزَارهَا وَكَانَ قد قتل من بنى سليم فِيهَا خلقٌ كثير فَقَالَ الأخطل (أَلا سَائل الجحاف هَل هُوَ ثائرٌ ... بقتلى أُصِيبَت من سليمٍ وعامر) فتهدده الجحاف وَقَالَ (بلَى سَوف أبكيهم بِكُل مهندٍ ... وأبكى عُمَيْرًا بِالرِّمَاحِ الخواطر) فأرعد الأخطل فَقَالَ عبد الْملك لَا ترع فإنى جَارك مِنْهُ قَالَ هبك تجيرنى مِنْهُ فِي الْيَقَظَة فَكيف تجيرنى مِنْهُ فِي الْمَنَام فَأخذ الأشجع هَذَا فَقَالَ فِي الرشيد

(وعَلى عَدوك يَا ابْن عَم محمدٍ ... رصدان ضوء الصُّبْح والإظلام) (فَإِذا تنبه رعته وَإِذا هدا ... سلت عَلَيْهِ سيوفك الأحلام) فَقَامَ الجحاف وَسَار إِلَى بشرٍ وَهُوَ ماءٌ لبنى تغلب فصادف عَلَيْهِ مِنْهُم جمعا فَقتل خَمْسمِائَة رجل وَمن النِّسَاء والولدان جمعا كثيرا فَقَالَ الأخطل (لقد أوقع الجحاف بالبشر وقْعَة ... إِلَى الله فِيهَا المشتكى والمعول) 1356 - أفتك من الْحَارِث بن ظالمٍ وَمن حَدِيثه أَنه وثب بِخَالِد بن حعفر بن كلاب وَهُوَ فِي جوَار الاسود بن الْمُنْذر فَقتله وَطَلَبه الْأسود ففاته فَسَار إِلَى جاراتٍ لِلْحَارِثِ من بلي فاستاقهن وَقد مر حَدِيثه 1357 - أفتك من عَمْرو بن كلثومٍ وَذَلِكَ أَنه فتك بِعَمْرو بن هِنْد فِي دَار ملكه وانتهب رَحْله وارتحل موفوراً لم يصب بشىء

1358 - أفْصح من العضين وهما دَغْفَل وَزيد بن الْكيس اللَّذَان قَالَ الشَّاعِر فيهمَا (أَحَادِيث عَن أَبنَاء عادٍ وجرهم ... يثورها العضان زيدٌ ودغفل) والعض الرجل المتعرض للأمور وَهُوَ العريض أَيْضا وَيُقَال للداهية من الرِّجَال العض 1359 - أفيل من الرأى الدبرى وَهُوَ الرأى الَّذِي يأتى بعد فَوت الْأَمر قَالَ الشَّاعِر (تتبع الْأَمر بعد الْفَوْت تغرير ... وَتَركه مُقبلا عجزٌ وتقصير)

فيما جاء من الأمثال في أوله قاف

الْبَاب الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله قَاف فهرسته القَوْل مَا قَالَت حذام قد قيل مَا قيل إِن حَقًا وَإِن كذبا قبلك مَا جَاءَ الْخَبَر قتل أَرضًا عالمها قد لَا يُقَاد بى الْجمل القطوف تبلغ الوساع قلَّة مَا قرت بِهِ الْعين صَالح قدح ابْن مقبل قبل عيرٍ وَمَا جرى قبل الرمى يراش السهْم قرع لَهُ سَاقه قد يضرط العير والمكواة فِي النَّار قبل النّفاس كنت مصفرةً قبح الله معزى خَيرهَا خطةٌ قف الْحمار على الردهة وَلَا تقل لَهُ سأ قلب لَهُ ظهر الْمِجَن قد بَين الصُّبْح لذِي عينين قاسمه شقّ الأبلمة قرب الوساد وَطول السوَاد قرارةٌ تسفهت قراراً قد جد أشياعكم فجدوا قد تخرج الْخمر من الضنين قضى نحبه

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها القاف

فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْقَاف أقل من وَاحِد أقل من تبنة فِي لبنة أقل من لَا شَيْء فِي الْعدَد أقل فِي القَوْل من لَا أقصر من حبةٍ أقصر من نملةٍ أقصر من فتر الضَّب وَمن إِبْهَام الضَّب أقصر من إِبْهَام الْحُبَارَى أقصر من إِبْهَام القطاة أقصر من زب النملة أقصر من غب الْحمار أقصر من ظَاهِرَة الْفرس أقطف من نملةٍ أقطف من ذرة أقطف من فريخ الذَّر أقطف من حلمة الغول أقطف من أرنب أقبح من قردة أقبح من خِنْزِير أقبح من الغول أقبح من السحر أقبح من زَوَال النِّعْمَة أقبح آثاراً من الْحدثَان أقبح من قولٍ بِلَا عمل أقبح من منٍ على نيل أقبح من تيهٍ بِلَا فضل أقسى من صَخْرَة أقرب من البغت أقرب من حَبل الوريد أقرب من عَصا الْأَعْرَج أقصد من الْيَد إِلَى الْفَم أقصف من بروقةٍ اقضى من الدِّرْهَم أقطع من الْبَين أقطع من جلمٍ أقد من شفرة أقتل من السم أَقُود من مهر أَقُود من ظلمَة أَقُود من ليل أقذر من معبأة أقفط من تيوس البياع أقفط من تَيْس بنى حمان أقفر من أبرق العزاف أقفر من بَريَّة خساف أقدم من الْبر أقرش من المجبرين أقرى من زَاد الرَّاكِب أقرى من حاسى الذَّهَب أقرى من غيث الضريك أقرى من مطاعيم الرّيح أقرى من أرماق المقوين أقرى من آكل الْخبز

تفسير الباب الحادي والعشرين

تَفْسِير الْبَاب الْحَادِي وَالْعِشْرين 1360 - قَوْلهم القَوْل مَا قَالَت حذام يضْرب مثلا فِي تَصْدِيق الرجل صَاحبه وَأول من قَالَه اللجيم بن صَعب وَالِد حنيفَة وَعجل وَكَانَت حذام امْرَأَته فَقَالَ فِيهَا (إِذا قَالَت حذام فصدقوها ... فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام) فَصَارَ كل مصراع من هَذَا الْبَيْت مثلا فِي تَصْدِيق الرجل مخبره 1361 - قَوْلهم قشرت لَهُ الْعَصَا يضْرب مثلا عِنْد المكاشفة 1362 - قَوْلهم قد قيل ذَلِك إِن حَقًا وَإِن كذبا والمثل للنعمان بن الْمُنْذر وَمن حَدِيثه أَن عَامر بن مالكٍ ملاعب الأسنة وَفد على النُّعْمَان فِي رهطٍ من بنى جَعْفَر بن كلاب فيهم لبيد بن ربيعَة فطعن فيهم ربيع بن زِيَاد وَذكر معايرهم وَلم يزل بِهِ حَتَّى صده عَنْهُم فَرَجَعُوا إِلَى رحالهم يتشاورون فِي أمره فَقَالَ لبيد وَهُوَ غلامٌ يحفظ رحلهم

إِذا غَابُوا أَنا صَاحبه وَالله لَئِن جمعتم بيني وَبَينه لأفضحنه فَقَالُوا لَهُ اشتم هَذِه البقلة لبقلة قدامهم تدعى التربة فَقَالَ هَذِه التربة لَا تذكى نَارا وَلَا توهل دَارا وَلَا تسر جاراً عودهَا ضئيل وفرعها ذليل وَخَيرهَا قَلِيل أقبح الْبُقُول مرعىً واقصرها فرعا وأشدها قلعاً بَلَدهَا شاسع وآكلها جائعٌ والمقيم عَلَيْهَا قانعٌ يعْنى سَائل فَلَمَّا أَصْبحُوا غدوا بِهِ مَعَهم فوجدوا الرّبيع يَأْكُل مَعَ النُّعْمَان فَذكر الجعفريون حَاجتهم فَاعْترضَ فِيهَا الرّبيع فَقَالَ لبيدٌ (أكل يومٍ هامتى مقرعه ... يَا رب هيجا هِيَ خيرٌ من دَعه) (نَحن بَنو أم الْبَنِينَ الأربعه ... سيوف جنٍ وجفانٌ مترعه) (وَنحن خير عَامر بن صعصعه ... الضاربون الْهَام تَحت الخيضعه) (والمطعمون الْجَفْنَة المدعدعه ... مهلا أَبيت اللَّعْن لَا تَأْكُل مَعَه (إِن استه من برصٍ ملمعه ... وَإنَّهُ يولج فِيهَا إصبعه) (يولجها حَتَّى يوارى أشجعه ... كَأَنَّمَا يلمس شَيْئا ضيعه) فَقَالَ النُّعْمَان كَذَلِك أَنْت يَا ربيع ثمَّ قَالَ أفٍ لهَذَا طَعَاما وَأمر بِالربيعِ فصرف إِلَى أَهله فَكتب إِلَى النُّعْمَان (لَئِن رحلت جمالى إِن لي سَعَة ... مَا مثلهَا سعةٌ عرضا وَلَا طولا) (بِحَيْثُ لَو وزنت لخمٌ بأجمعها ... لم يعدلُوا ريشة من ريش سمويلا)

وسمويل طَائِر والخيضعة الْبَيْضَة قَالَ الأصمعى هِيَ الخضعة وَهِي الجلبة فَأَجَابَهُ النُّعْمَان (شرد برحلك عَنى حَيْثُ شِئْت وَلَا ... تكْثر على ودع عَنْك الأباطيلا) (قد قيل مَا قيل إِن حَقًا وَإِن كذبا ... فَمَا اعتذارك من شىءٍ إِذا قيلا) 1363 - قَوْلهم قبلك مَا جَاءَ الْخَبَر يُقَال ذَلِك لمن اطلع على سره قبل أَن يفشيه 1364 - قَوْلهم قد لَا يُقَاد بى الْجمل يضْرب مثلا للرجل يسن ويضعف فيتهاون بِهِ أَهله والمثل لسعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَذَلِكَ أَنه كبر وَضعف وَلم يطق الرّكُوب إِلَّا أَن يُقَاد بِهِ فَقَالَ يَوْمًا وَابْنه يَقُود بِهِ وَيقصر قد لَا يُقَاد بِي الْحمل مَعْنَاهُ قد صرت لَا يُقَاد بى الْجمل وَنَحْوه قَول البرجمى (أَلَيْسَ ورائى أَن أدب على الْعَصَا ... فيشمت أعدائى ويسأمنى أهلى) وَقَالَ القطرى (وَمَا للمرء خيرٌ فِي حياةٌ ... إِذا مَا عد من سقط الْمَتَاع)

1365 - قَوْلهم القطوف يبلغ الوساع يُقَال ذَلِك فِي النهى عَن العجلة يَقُول رُبمَا يلْحق المتأنى الْمُتَأَخر بالعجول السَّابِق لِأَن للعجول زللا يمنعهُ عَن الِاسْتِمْرَار على السّير كَمَا قَالَ الْقطَامِي (وَقد يكون مَعَ المستعجل الزلل ... ) والقطوف الدَّابَّة المتقاربة الخطو والوساع الواسعة الشحوة وَالْفرس تَقول فِي مَعْنَاهُ إِذا رَجَعَ القطيع تقدّمت العرجاء 1366 - قَوْلهم قلَّة مَا قرت بِهِ الْعين صَالح من قَول أخزر بن زيد بن صقر (وَعند ابْن منظورٍ قلوصٌ نجيبةٌ ... أَبَت مَاء حجرٍ فهى شوساء طامح) (إِذا نهلت مِنْهُ على اللَّوْح شربةً ... رأى أَنَّهَا إِن سامها الْعود طامح) (بكرهى مَا أمست بحجرٍ حزينةً ... لَدَى الْبَاب مَقْصُورا عَلَيْهَا المسارح) وَقَالَ فِيهَا (قليلٌ غناء الكثر فِي غير قلةٍ ... وَقلة مَا قرت بِهِ الْعين صَالح)

وَمثله قَول (إِذا وهدات أَرْضك كَانَ فِيهَا ... رضاك فَلَا تحن إِلَى رباها) 1367 - قَوْلهم قدح ابْن مقبل أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم بن شيران عَن عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر عَن الغلابى عَن ابْن عَائِشَة قَالَ لما هزم الْحجَّاج ابْن الْأَشْعَث كتب إِلَيْهِ عبد الْملك أما بعد فَمَا لَك عندى مثلٌ إِلَّا قدح ابْن مقبل فَكتب الْحجَّاج إِلَى قُتَيْبَة بن مُسلم الباهلى أَن ابْن مقبل من أهلك وَقد كتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ بَيْتا فعرفنى خبر قدحه فَكتب إِلَيْهِ قُتَيْبَة أَنه فَازَ تسعين مرّة لم يخب فِيهَا مرّة وَاحِدَة فَقَالَ ابْن مقبل فِيهِ (خروجٌ من الغمى إِذا صك صَكَّة ... بدا والعيون المستكفة تلمح) (مفدى مؤدى باليدين منعمٌ ... خليع قداحٍ فائزٌ متمنح) (إِذا امتحنته من معدٍ قبيلةٌ ... غَدا ربه قبل المفيضين يقْدَح) أَي قد وثق بفوزه فَهُوَ يقْدَح النَّار لعمل اللَّحْم وَقَالَ الْكُمَيْت حِين هرب من سجن خَالِد القسرى وَلبس ثِيَاب امرأةٍ كَانَت تدخل عَلَيْهِ بطعامه

(خرجت خُرُوج الْقدح قدح ابْن مقبلٍ ... إِلَيْك على تِلْكَ الهزاهز وَالْأَزَلُ) (على ثِيَاب الغانيات وتحتها ... عَزِيمَة رأى أشبهت سلة النصل) 1368 - قَوْلهم قتل أَرضًا عالمها مَعْنَاهُ ضبط الْأَمر من يُعلمهُ وحذق بِهِ وَقتلت أرضٌ جاهلها يُرَاد أَن الْأَمر يغلب من يجهله يُقَال قتلت الأَرْض إِذا قطعتها سيراً وَقتلت الشىء علما إِذا عَلمته من وجوهه وَقَالَ الشَّاعِر (وَمَا هداك إِلَى أرضٍ كعالمها ... وَمَا أعانك فِي غرمٍ كغرام) (وَلَا استعنت على قومٍ إِذا ظلمُوا ... مثل ابْن عمٍ أَبى الظُّلم ظلام 1369 - قَوْلهم قبل عيرٍ وَمَا جرى مَعْنَاهُ قبل عيرٍ وجريه وَيُرَاد بِهِ أَنه ابْتَدَأَ الْأَمر قبل أَن يجرى لَهُ معنى يُوجِبهُ وَهُوَ فِي معنى قَوْلهم (ويأتيك بالأخبار من لم تزَود ... )

وَأول من روى ذَلِك عَنهُ طرفَة وَقَالَ ابْن عَبَّاس هُوَ من كَلَام نبىٍ وَقَالَ الشماخ (وتعدو القبضي قبل عير وَمَا جرى ... وَمَا إِن درت مالى وَلم أدر مَالهَا) وَالْعير هَاهُنَا إِنْسَان الْعين سمى عيرًا لنتوئه مَعْنَاهُ قبل لَحْظَة الْعين قَالَ تأبط شرا (سوى تَحْلِيل راحلةٍ وعيرٍ ... أغالبه مَخَافَة أَن يناما) يعْنى إِنْسَان عينه وعير الْقدَم مَا نتأ فِي وَسطهَا وَالْعير الوتد لنتوئه وَالْعير عِنْدهم السَّيِّد سمى بذلك لِأَن كل مَا أشرف من عظم الرجل سمى عيرًا فَلَمَّا كَانَ السَّيِّد أشرف قومه سموهُ عيرًا وَقيل بل سمى السَّيِّد عيرًا تَشْبِيها بعير الأتن لِأَنَّهُ قيمها وقريعها وعير جبل وَفِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم مَا بَين عير إِلَى ثَوْر 1370 - قَوْلهم قبل الرَّمْي يراش السهْم 1371 - وَقَوْلهمْ قبل الرماء تملأ الكنائن يضْرب مثلا فِي الإستعداد لِلْأَمْرِ قبل حُلُوله والكنانة الجعبة

ويراش يركب عَلَيْهِ الريش يُقَال رشته أريشه ريشاً فَأَنا رائش والسهم مريشٌ يَقُول ينبغى أَن تصلح السهْم قبل وَقت الرَّمْي 1372 - قَوْلهم قرع لَهُ سَاقه مَعْنَاهُ قد جد فِيهِ قَالَ سَلامَة بن جندل (إِنَّا إِذا مَا أَتَانَا صارخٌ فزعٌ ... كَانَ الصُّرَاخ لَهُ قرع الظنابيب) والصارخ هَا هُنَا المستغيث وَهُوَ المغيث أَيْضا فِي مَوضِع آخر والظنبوب عظم السَّاق 1373 - قَوْلهم قد يضرط العير والمكواة فِي النَّار يضْرب مثلا للبخيل يعْطى على الْخَوْف وَأَصله أَن مُسَافر بن عَمْرو بن أُميَّة بن عبد شمسٍ أَرَادَ تزوج امْرَأَة وَكَانَ قد أملق فَخرج إِلَى النُّعْمَان بن الْمُنْذر يسْأَله مَعُونَة فَأكْرمه النُّعْمَان وأنزله فَقدم قادمٌ من مَكَّة فَأخْبرهُ أَن أَبَا سُفْيَان بن حَرْب تزَوجهَا فَمَرض واستشفى فدعى لَهُ بطبيب فَأَشَارَ عَلَيْهِ بالكى فَقَالَ لَهُ دُونك فَجعل يحمى مكاويه ويجعلها على بَطْنه وقريبٌ مِنْهُ رجلٌ ينظر إِلَيْهِ ويضرط من الْفَزع فَقَالَ مُسَافر قد يضرط العير والمكواة فِي النَّار

وَقَالَ العديل بن فرخ (أَصبَحت من حذر الْحجَّاج منتحباً ... كالعير يضرط والمكواة فِي النَّار) (قرم أغر إِذا نَالَتْ أظافره ... أهل الشناءة عاموا فِي الدَّم الْجَارِي) 1374 - قَوْلهم قبل النّفاس كنت مصفرة 1375 - وَقَوْلهمْ قبل الْبكاء كَانَ وَجهك عَابِسا يضْرب مثلا للبخيل يعتل بالإعسار فَيمْنَع وَهُوَ فِي الْيَسَار مَانع وَأَصله أَن الْمَرْأَة تكون مصفرة من خلقَة فَإِذا نفست تزْعم أَن صفرتها من النّفاس وَالرجل يكون عَابِسا من غريزةٍ فِيهِ فيزعم أَن عبوسه من الْبكاء 1376 - قَوْلهم قبح الله معزى خَيرهَا خطةٌ يضْرب مثلا للْقَوْم خَيرهمْ رجلٌ لَا خير فِيهِ وخطة عنزٌ مَعْرُوفَة غير مصروفة وقبح بِالتَّخْفِيفِ كسر والمقبوح المكسور وقبح بِالتَّشْدِيدِ شوه 1377 - قَوْلهم القراد يعِيش بظهره عَاما وببطنه عَاما يضْرب مثلا فِي توكيد الصَّبْر على الْأَمر وَزَعَمُوا أَن القراد يُوجد فَيدْخل

فِي طنية فَيضْرب بِهِ الْحَائِط فَيبقى فِيهَا سنة على بَطْنه ثمَّ يَنْقَلِب فَيبقى سنة على ظَهره 1378 - قَوْلهم قف الْحمار على الردهة وَلَا تقل لَهُ سأ مَعْنَاهُ إِذا أريت الرجل رشده فَلَا تكرههُ عَلَيْهِ فقد فعلت مَا وَجب عَلَيْك كالحمار إِذا وقفته على الردهة فَإِنَّهُ يشرب إِن كَانَت بِهِ حَاجَة إِلَى الشّرْب وَمن غير زجر وسأ زجرٌ مَعْرُوف والردهة نقرةٌ يجْتَمع فِيهَا مَاء السَّمَاء وَالْجمع رداه وروى وَلَا تقل لَهُ هت وهت وَهُوَ زجرٌ أَيْضا 1379 - قَوْلهم قلب لَهُ ظهر الْمِجَن أَي انْقَلب عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ من وده والمجن الترس قَالَ الشَّاعِر (بَيْنَمَا الْمَرْء رخى باله ... قلب الدَّهْر لَهُ ظهر الْمِجَن) وَمثله قَول الآخر (بَينا الْفَتى يسْعَى وَيسْعَى لَهُ ... تاح لَهُ من أمره تائح) وأنشدنا أَبُو أَحْمد عَن أَبى عَمْرو عَن ثَعْلَب (حَتَّى إِذا قملت بطونكم ... ورأيتم أبناءكم شبوا) (وقلبتم ظهر الْمِجَن لنا ... إِن اللَّئِيم الْعَاجِز الخب)

قملت بطونكم أَي حسنت أحوالكم وأقمل الزَّرْع إِذا حسن نَبَاته وَكثر وَيَقُولُونَ فِي الْغدر والحؤول عَن الْعَهْد ركب أصُول السخبر قَالَ الشَّاعِر (ألبست أَثوَاب الفتاة سراتكم ... من بعد مَا ركبُوا أصُول السخبر) أَي قَتلتهمْ فاحمرت أثوابهم بدمائهم فَكَأَنَّهَا معصفرةٌ كثياب الفتاة والفتاة الْجَارِيَة والسخبر نبت وخصوه بذلك لِأَنَّهُ إِذا طَال تنكس فشبهوا رُجُوع الرجل عَن مودته بانتكاس السخبر بعد طوله وانتصابه 1380 - قَوْلهم قد بَين الصُّبْح لذِي عينين يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ ينْكَشف وَيظْهر 1381 - قَوْلهم قاسمه شقّ الأبلمة أَي سوى الْقِسْمَة بَينه وَبَينه كَمَا تشق الأبلمة وَهِي خوصَة الْمقل 1382 - قَوْلهم قرب الوساد وَطول السوَاد يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يلقى صَاحبه فِي الْمَكْرُوه والمثل لبِنْت الخس

وَذكر أَنَّهَا زنت مَعَ عبدٍ لَهَا فَقيل لَهَا مَا حملك على الزِّنَا مَعَ عقلك ورأيك قَالَت قرب الوساد وَطول السوَاد أَي قرب مَضْجَع الرجل منى وَطول مسارته لي والسواد المسارة وساوده إِذا ساره وَأَصله من السوَاد وَهُوَ الشَّخْص وَذَلِكَ أَن المسار يدنى شخصه من شخص من يسَاره فَيُقَال ساوده أَي أدنى سوَاده من سوَاده 1383 - قَوْلهم قرارةٌ تسفهت قرارا يضْرب مثلا للشىء يتبع بعضه بَعْضًا والقرار الضَّأْن الْوَاحِدَة قرارة قَالَ عَلْقَمَة (وَالْمَال صوف قَرَار يَلْعَبُونَ بِهِ ... على نقادته وافٍ ومحلوم) وَذَلِكَ أَن الضائنة إِذا قصدت شَيْئا تَبعته إِلَيْهِ صواحبها وتسفهت استخفت والسفه الخفة وَمثله قَوْلهم جرى الْفِرَار استجهل الْفِرَار ويروى نزو الْفِرَار والفرار والفرير ولد الْبَقَرَة 1384 - قَوْلهم قد جد أشياعكم فجدوا يُقَال ذَلِك للرجل يُرَاد مِنْهُ الدُّخُول فِيمَا دخل فِيهِ أَصْحَابه والأشياع

الْأَصْحَاب والمعاونون وشيعت الرجل صحبته وشايعته عاونته وَقيل هَذَا الشّعْر فِي يَوْم ذِي قارٍ وَخَبره يطول 1385 - قد تخرج الْخمر من الضنين يضْرب مثلا للرجل يعْطى عِنْد السكر وَعند الْمَدْح وَغَيره مِمَّا يعرض لَهُ من سَبَب يسهل عَلَيْهِ مَعَه الْإِعْطَاء وَأَصله أَن زُهَيْر بن جناب الكلبى وقف عَاشر عشرةٍ من مُضر إِلَى امْرِئ الْقَيْس بن عَمْرو بن الْمُنْذر فَأعْطى كل رجلٍ مِنْهُم مائَة من الْإِبِل فَقَالَ زُهَيْر قد تخرج الْخمر من الضنين فَقَالَ أَو منى يَا زُهَيْر قَالَ ومنك فَغَضب وَأقسم لَا يعْطى رجلا مِنْهُم بَعِيرًا فلامه أَصْحَابه فَقَالَ حسدتكم أَن ترجعوا إِلَى هَذَا الحى من نزار بتسعمائة بعير وأرجع إِلَى قضاعة بِمِائَة بعير وَقَالَ عنترة فِي نَحْو ذَلِك (فَإِذا سكرت فإنني مستهلك ... وَمَالِي وعرضى وافرٌ لم يكلم) (وَإِذا صحوت فَمَا أقصر عَن ندىً ... وكما علمت شمائلى وتكرمى) وَزَاد البحترى عَلَيْهِ فِي قَوْله

(تكرمت من قبل الكؤوس عَلَيْهِم ... فَمَا اسطعن أَن يحدثن فِيك تكرما) 1386 - قَوْلهم قضى نحبه أَي قضى نَفسه وَمَعْنَاهُ أَنه مَاتَ والنحب أَيْضا الْخطر الْعَظِيم وأنشدوا (عَشِيَّة بسطامٍ جرين على نحب ... ) وَقضى نحبه أدّى نَذره وَفِي الْقُرْآن {فَمنهمْ من قضى نحبه} وأنشدوا (وأنى لساعٍ فِي رجالٍ كَمَا سعى ... ليلقى ثقل النحب عَنهُ المنحب) وَقضى نحبه أَي قضى هَوَاهُ وَقضى الْأَمر إِذا عمله وَفرغ مِنْهُ قَالَ الشَّاعِر (إِذا الْمَرْء أسرى لَيْلَة ظن أَنه ... قضى عملا والمرء مَا عَاشَ عَامل) وَهَذَا مثل قَوْله (تَمُوت مَعَ الْمَرْء حاجاته ... وَتبقى لَهُ حاجةٌ مَا بقى)

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها القاف

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْقَاف نذْكر مِنْهُ مَا أشكل وَمَا لم نذْكر مِنْهَا تقدم 1387 - أقصر من غب الْحمار 1388 - أقصر من ظَاهِرَة الْفرس لِأَن الْحمار لَا يصبر أَكثر من غب وَالْفرس لَا بُد لَهُ من أَن يسقى كل يَوْم مرّة وَالْغِب بعد الظَّاهِرَة وَالرّبع بعد الغب وَالْخمس بعده ثمَّ السُّدس ثمَّ السَّبع ثمَّ الثّمن ثمَّ التسع ثمَّ الْعشْر وَالْخمس عِنْد الْعَرَب أشأم الأظماء لأَنهم لَا يظمئون فِي القيظ أَكثر مِنْهُ وَالْإِبِل فِي القيظ لَا تقوى على أَكثر مِنْهُ 1389 - أقصف من بروقةٍ وَهِي شجيرة خوارة إِذا قصفتها انقصفت بِسُرْعَة 1390 - أقضى من الدِّرْهَم لِأَنَّهُ إِذا تقدم الْحَاجة قضيت وَقلت أَيْضا

(مَا بعث الْمَرْء فِي حَوَائِجه ... أنجح من درهمٍ ودينار) وَقلت (وأمضى على الهول من صارمٍ ... وأنجح سعياً من الدِّرْهَم) 1391 - أَقُود من مهرٍ لِأَن الْمهْر إِذا قيد عَارض قائده وَسَبقه هَكَذَا حكى الْمثل وَالْمعْنَى أَشد انقياداً من الْمهْر وأفعل من مفعول قَلِيل فِي الْكَلَام 1392 - أَقُود من ظلمَة من القيادة وَهِي امرأةٌ من هُذَيْل فجرت فِي شبابها حَتَّى إِذا عجزت قادت ثمَّ أقعدت فاتخذت تَيْسًا تطرقه النَّاس وَقيل لَهَا أَي النَّاس أنكح فَقَالَت الْأَعْمَى الْعَفِيف فَسَمعَهَا عوَانَة وَكَانَ مكفوفاً فتعجب من مَعْرفَتهَا بذلك وَقَالَ ابْن سيار (بليت بورهاء زنمردةٍ ... تكَاد تقطرها الغلمه) (تنم وتعضه جاراتها ... وأقود بِاللَّيْلِ من ظلمه) (وَمن كل ساعٍ لَهَا ركلةٌ ... وَمن كل جارٍ لَهَا لطمه)

1393 - أَقُود من ظلمةٍ 1394 - وأقود من ليلٍ من قَول الشَّاعِر (لَا تلق إِلَّا بليلٍ من تواصله ... فالشمس نمامةٌ وَاللَّيْل قواد) 1395 - أقذر من معبأة وَهِي خرقَة الْحَائِض 1396 - أقفر من بَريَّة خسافٍ هِيَ بَريَّة بَين السواجير وبالسٍ بِأَرْض الشَّام قَالَ أَبُو الندى وَقد سلكتها أَنا هِيَ سِتَّة فراسخ لَا يرى بهَا ماءٌ وَلَا أثرٌ إِلَّا خربة يُقَال لَهَا خربة بنى الْعَبَّاس الكلابيين

1397 - أقرش من المجبرين وهم هَاشم وَعبد شمس وَنَوْفَل وَالْمطلب بَنو عبد منَاف سادوا بعد أَبِيهِم فجبر الله بهم قُريْشًا والقرش الْجمع من التِّجَارَة 1398 - أقرى من زَاد الرَّاكِب قَالُوا هم ثَلَاثَة مسافربن أَبى عَمْرو وَأَبُو أُميَّة بن الْمُغيرَة وَالْأسود ابْن الْمطلب سموا أزواد الرَّاكِب لأَنهم كَانُوا إِذا سافروا مَعَ قوم لم يتزودوا مَعَهم 1399 - أقرى من حاسى الذَّهَب وَهُوَ عبد الله بن جدعَان كَانَ يشرب فِي إِنَاء الذَّهَب فَسمى بذلك والقرى إطْعَام الضَّيْف 1400 - أقرى من غيث الضريك وَهُوَ قَتَادَة بن مسلمة الحنفى وَكَانَ أَجود قومه والضريك الْفَقِير

1401 - أقرى من مطاعيم الرّيح قَالَ ابْن الأعرابى هم أَرْبَعَة أحدهم عَم أَبى محجن الثقفى وَلم يذكر البَاقِينَ 1402 - أقرى من أرماق المقوين قَالَ أَبُو الْيَقظَان هم كعبٌ وحاتمٌ وهرمٌ والمقوى الَّذِي صَار فِي القواء وَهُوَ القفر من الأَرْض وَفِي الْقُرْآن {ومتاعاً للمقوين} ثمَّ سمى الْفَقِير مقوياً وَقد أقوى إِذا افْتقر 1403 - أقرى من آكل الْخبز وَهُوَ عبد الله بن حبيب العنبرى وَكَانَ يَأْكُل الْخبز وَلَا يرغب فِي التَّمْر وَاللَّبن وَكَانَ سيد بنى العنبر فِي زَمَانه فهم إِذا فَخَروا قَالُوا منا آكل الْخبز وَمنا مجير الطير ومجير الطير ثوب بن سحمة العنبرى

فيما جاء من الأمثال في أوله كاف

الْبَاب الثانى وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله كَاف فهرسته كالممهورة من نعم أَبِيهَا كَأَنَّمَا أفرغ عَلَيْهِ ذنوبٌ كل شىء مهه مَا خلا النِّسَاء وذكرهن كل ذَات صدار خالةٌ كَانَ كُرَاعًا فَصَارَ ذِرَاعا كَيفَ بغلامٍ أعيانى أَبوهُ كل مجرٍ فِي الْخَلَاء يسر كل فتاةٍ بأبيها معجبةٌ كَأَن على رُءُوسهم الطير كفى حَربًا جانيها كن وسطا وامش جانبا كل امْرِئ فِي بَيته صبىٌ كَانَت وقرةً فِي حجر كَانَ جرحا فبرئ كل لائمٍ مليمٌ كلبٌ عس خيرٌ من أسدٍ ربض كِلَاهُمَا وَتَمْرًا كفى قوما بِصَاحِبِهِمْ خَبِيرا كالحادى وَلَيْسَ لَهُ بعير كالقابض على المَاء كلا جانبى هرشى لَهُنَّ طريقٌ كدمت غير مكدم كطالب الْقرن فجدعت أُذُنه كمبتغى الصَّيْد فِي عريسة الْأسد كفى برغائها منادياً كسيرٌ وعويرٌ كفتٌ على وئيةٍ كل شاةٍ تناط برجلها كمعلمة أمهَا البضاع كل أزب نفور كَيفَ توقى ظهر مَا أَنْت رَاكِبه كالنازى بَين القرينين كراغية الْبكر كل امْرِئ سيعود مريئاً كل ضبٍ عِنْده مرداته كل ذَات بعلٍ ستئيم كدابغةٍ وَقد حلم الْأَدِيم كحاطب اللَّيْل كَأَنَّمَا قد سيره الْآن كَيفَ الطلا

وَأمه كالمستغيث من الرمضاء بالنَّار كثير النصح يهجم على كثير الظنة كحاقن الإهالة كلا زعمت أَنه خصر كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا كفا مُطلقَة تفت اليرمع كَأَنَّهُمْ فِي كوفانٍ كل الْحذاء يحتذى الحافى الوقع كل جانٍ يَده إِلَى فِيهِ كَانَ بَين الأميلين محلٌ كمش ذلاذله الْكَلْب أحب أَهله إِلَيْهِ الظاعن كذب العير وَإِن كَانَ برح كَمَا تدين تدان كَيفَ ظَنك بجارك قَالَ كظنى بنفسى كالمهدر فِي الْعنَّة كبارح الأروى

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الكاف

فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْكَاف أكذب من يلمع أكذب من اليهير أكذب أحدوثةً من أَسِير أكذب من أَسِير السَّنَد أكذب من أخيذ الديلم أكذب من أخيذٍ أكذب من أخيذ الْجَيْش أكذب من الأخيذ الصبحان أكذب من الشَّيْخ الْغَرِيب أكذب من مجرب أكذب من السالئة أكذب من دب ودرج أكذب من برقٍ لَا سَحَاب أكذب من فاختةٍ أكذب من صنعٍ أكذب من صبىٍ أكذب من حجينة أكذب من الْمُهلب ابْن أَبى صفرَة أكذب من قيس بن عَاصِم أكذب من مُسَيْلمَة أكسب من ذَر أكسب من نمل أكسب من فأر أكسب من ذِئْب أكسب من فَهد أكسب من قشة أكمد من حبارى أكبر من لبدٍ أَكثر من الدُّبَّاء أَكثر من الغوغاء أَكثر من النَّمْل أَكثر من الرمل أَكثر من تفاريق الْعَصَا أكتم من الأَرْض أكسى من البصل أكفر من نَاشِرَة أكفر من حمَار أكْرم من الْأسد أكره من خصلتى الضبع أكْرم من العذيق المرجب

تفسير الباب الثاني والعشرين

تَفْسِير الْبَاب الثَّانِي وَالْعِشْرين 1404 - قَوْلهم كالممهورة من نعم أَبِيهَا يضْرب مثلا للرجل يمتن بصنيعةٍ كَانَت مَنْفَعَتهَا لَهُ وَأَصله أَن امْرَأَة طلبت من زَوجهَا مهرهَا فَأَشَارَ لَهَا إِلَى إبل أَبِيهَا وَقَالَ تخيرى وخذى فتخيرت قِطْعَة مِنْهَا فَقَالَ هِيَ لَك فرضيت وَمثله قَوْلهم كالممهورة إِحْدَى خدمتيها وهى امْرَأَة ٌراودها رجلٌ عَن نَفسهَا فامتنعت إِلَّا أَن يمهرها فَنزع خلخاليها وَأَعْطَاهَا إِيَّاه فرضيت وأمكنته فتمثلت الْعَرَب بهما فِي الْحمق والخدمة الخلخال 1405 - قَوْلهم كَأَنَّمَا أفرغ عَلَيْهِ ذنوبٌ يضْرب مثلا للرجل ترميه بحجةٍ تسكته والذنُوب الدَّلْو وَلَا تسمى ذنوباً حَتَّى تكون ملأى وَرُبمَا عَنى بِهِ النَّصِيب وَفِي الْقُرْآن {ذنوباً مثل ذنُوب أَصْحَابهم} وَقَالَ الراجز (إِنَّا إِذا شاربنا شريب ... لنا ذنوبٌ وَله ذنُوب) (وَإِن أَبى كَانَ لَهُ الطَّبِيب ... )

وَأخذ أَبُو تَمام معنى الْمثل فَقَالَ (كأننى حِين جردت الرَّجَاء لَهُ ... صرفا صببت بِهِ مَاء على الزَّمن) وَهُوَ بيتٌ مستهجن المعرض متكلف اللَّفْظ بعيد الِاسْتِعَارَة 1406 - قَوْلهم كل شىء مهه مَا خلا النِّسَاء وذكرهن مَعْنَاهُ أَن الْحر يحْتَمل كل شىء إِلَّا ذكر حرمته فَإِنَّهُ يمتعض مِنْهُ والمهه والمهاه الْيَسِير فَإِذا أردْت الْبَقَرَة قلت مهاةٌ بهاء ترجع تَاء فِي الأدراج وَهِي فِي الأَصْل البلورة فشبهت الْبَقَرَة بهَا لبياضها فَأَما قَول ابْن حطَّان (وَلَيْسَ لعيشنا هَذَا مهاهٌ ... وَلَيْسَت دَارنَا الدُّنْيَا بدار) فالمهاه هَاهُنَا النضارة والطراوة وَهِي بهاء خَالِصَة 1407 - قَوْلهم كل نجار إبل نجارها يضْرب مثلا لِأَشْيَاء مختلفةٍ يجمعها أصلٌ وَاحِد وَأَصله أَن خارباً أغار على إبلٍ من وُجُوه مُخْتَلفَة فجَاء بهَا إِلَى السُّوق فَسَأَلُوهُ عَن سمتها لتعرف أُصُولهَا فَأَنْشَأَ يَقُول

(تَسْأَلنِي الباعة أَيْن نارها ... إِذْ زعزعوها فَسَمت أبصارها) (كل نجار إبل نجارها ... وكل دَار لأناسٍ دارها) (وكل نَار الْعَالمين نارها ... ) وَالنَّار السمة 1408 - قَوْلهم كل ذَات صدار خالةٌ يضْرب مثلا للرجل يغار على كل امرأةٍ قريبَة كَانَت أَو بعيدَة وَأَصله أَن همام بن مرّة الشيبانى أغار على بنى أَسد وَكَانَت أمه أسديةً فَجعل يسبى النِّسَاء ويخبطهن فَقَالَت امرأةٌ مِنْهُنَّ أبخالاتك تفعل هَذَا يَا همام فَقَالَ كل ذَات صدارً خالةٌ يَقُول النِّسَاء سَوَاء ينبغى أَن يصن كُلهنَّ فَلَو تجنبتكن لتجنبت غيركن فَلم أغر أصلا وَذَلِكَ غير مُمكن ثمَّ صَار مثلا يضْرب للرجل يمْنَع عَن كل امْرَأَة والصدار قميصٌ تلبسه الْمَرْأَة وَقَالَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَي شىءً خيرٌ للنِّسَاء فَلم يجب أحد فَقَالَت فَاطِمَة رضى الله عَنْهَا أَلا يرين الرِّجَال وَلَا يروهن فَقَالَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا بضعَة مني)

1409 - قَوْلهم كَانَ كُرَاعًا فَصَارَ ذِرَاعا يضْرب مثلا للرجل الذَّلِيل يصير عَزِيزًا وَنَحْوه قَول أَبى تَمام (فرزنت سرعَة مَا أرى يَا بيدق ... ) وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (أَتَذكر إِذْ قَمِيصك جلد تيسٍ ... وَإِذ نعلاك من جلد الْبَعِير) (فسبحان الَّذِي أَعْطَاك ملكا ... وعلمك الْجُلُوس على السرير) 1410 - قَوْلهم كَانَ جواداً فخصى أَي كَانَ جلدا فقهر 1411 - قَوْلهم كَيفَ بغلامٍ أعيانى أَبوهُ يَقُول لم يستقم لي أَبوك فَكيف تستقيم أَنْت وَمثله قَوْلهم لَا تقتن من كلب سوءٍ جرواً وَقَالَ الشَّاعِر (ترجو الْوَلِيد وَقد أعياك وَالِده ... وَمَا رجاؤك بعد الْوَالِد الولدا) وَمثله قَول البعيث

(أترجو كليبٌ أَن يجىء حَدِيثهَا ... بخيرٍ وَقد أعيا كليباً قديمها) واقتناء الشىء أَن تحفظه لنَفسك وَهِي الْقنية وَهِي نَحْو الذَّخِيرَة والجرو ولد الْكَلْب وَنَحْوه من السبَاع 1412 - قَوْلهم كل مجرٍ فِي الْخَلَاء يسر يضْرب مثلا للرجل يعجب بالفضيلة تكون مِنْهُ من غير أَن يقيسها بفضائل غَيره فيسر بِمَا يرى من سرعته وَلَعَلَّه إِذا قرن بِغَيْرِهِ تبين نَقصه وَالْفرس تَقول من صَار إِلَى الْحَاكِم وَحده رَجَعَ منجحا وَلَفظه بِالْفَارِسِيَّةِ أفْصح 1413 - قَوْلهم كل فتاةٍ بأبيها معجبةٌ قيل هُوَ للأغلب العجلى فِي بعض شعره وَذَلِكَ غلط وَإِنَّمَا هُوَ للعجفاء بنت عَلْقَمَة السعدى اجْتمعت مَعَ ثَلَاث نسْوَة فتحدثن فَقُلْنَ أَي النِّسَاء أفضل فَقَالَت إِحْدَاهُنَّ الخريدة الْوَدُود الْوَلُود وَقَالَت الْأُخْرَى خيرهن ذَات الْغناء وَطيب الثَّنَاء وَحسن الْحيَاء وَقَالَت الْأُخْرَى خيرهن الجامعة لأَهْلهَا الواضعة الرافعة قُلْنَ فَأَي الرِّجَال أفضل قَالَت إِحْدَاهُنَّ

الحظى الرضى غير الخطل البطى وَقَالَت الْأُخْرَى الْغنى الْمُقِيم فَلَا يشخص والراضى فَلَا يسْخط وَقَالَت الْأُخْرَى هُوَ الوفى السنى الَّذِي يكرم الْحرَّة وَلَا يجمع الضرة فَقَالَت إِحْدَاهُنَّ وأبيكن إنكن فِي نعت أَبى فَقَالَت الْعَجْفَاء كل فتاةٍ بأبيها معجبةٌ فَذَهَبت مثلا فَقُلْنَ فأخبرينا عَن أَبِيك قَالَت كَانَ يكرم الْجَار ويعظم الخطار وَيحمل الْكِبَار ويأنف من الصغار فَقَالَت الْأُخْرَى أَبى وَالله عَظِيم الْخطر منيع الْوزر عَزِيز النَّفر فَقَالَت الأخرة أَبى وَالله صَدُوق اللِّسَان حَدِيد الْجنان رذوم الجفان شَدِيد الطعان فَقَالَت الْأُخْرَى أَبى وَالله كريم الفعال كثير النوال قَلِيل السُّؤَال منيف المعالى فتنافرن إِلَى كاهنةٍ فِي الحى فَقَالَت كل ماردة بأبيها واجدة ولنفسها حامدة وَلَكِن اسمعن خير النِّسَاء المبقية على أَهلهَا الْمَانِعَة المعطية وَخير الرِّجَال الْجواد البطل الْكثير النَّفْل وَلم تنفر وَاحِدَة مِنْهُنَّ 1414 - قَوْلهم كَأَن على رُءُوسهم الطير يضْرب مثلا فِي الرزانة والحلم والركانة وَقلة الطيش والعجلة حَتَّى كَأَن على الرُّءُوس طيراً يخَاف أَصْحَابهَا طيرانها فهم سكونٌ لَا يتحركون وَالطير جماعةٌ وَاحِدهَا طَائِر كَمَا يَقُولُونَ صَاحب وَصَحب وَجعل أَبُو عُبَيْدَة وَحده الطير وَاحِدًا وجمعاً وَمن جيد مَا قيل فِي الهيبة قَول بَعضهم

(يلقى الْكَلَام فَلَا يُرَاجع هَيْبَة ... والسائلون نواكس الأذقان) (عز الْوَقار وَخَوف سُلْطَان النهى ... وَهُوَ المهيب وَلَيْسَ ذَا سُلْطَان) 1415 - قَوْلهم كفى حَربًا جانيها قَالُوا يُرَاد أَن الجانى لَو أَرَادَ الْخَيْر لم يهيج الشَّرّ وَلَيْسَ يدل ظَاهر الْمثل على هَذَا الْمَعْنى وَلَكِن يدل على أَن من جنى الْحَرْب كفى مؤونتها وشرها 1416 - قَوْلهم كن وسطا وامش جانباً مَعْنَاهُ خالط النَّاس تعش فِي غمارهم وزايلهم بعملك وخلقك فَإِن أَخْلَاق الْجُمْهُور وأعمالهم رديئةٌ فِي كل زمَان وكل مَكَان فَجعل كَونه وسط النَّاس مثلا لمخالطتهم ومشيه جانباً مثلا لمزايلة أَعْمَالهم وأخلاقهم وَقَالَ صعصعة بن صوحان لِابْنِهِ إِذا لقِيت الْمُؤمن فخالصه وَإِذا لقِيت الْفَاجِر فخالقه وَدينك فَلَا تكَلمه وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (خَالق النَّاس بأخلاقهم ... لَا تكن كَلْبا على النَّاس يهر) وَقد مر هَذَا الْبَيْت قبل

1417 - قَوْلهم كل امْرِئ فِي بَيته صبىٌ يضْرب مثلا لحسن عشرَة الرجل لأَهله وَقَالَ مُعَاوِيَة إنَّهُنَّ يغلبن الْكِرَام ويغلبهن اللئام وَفِي الحَدِيث (خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله) وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء لَا ترج الْمَعْرُوف عِنْد من لَا يصطنع إِلَى أَقَاربه واللئيم من يحْتَاج أَهله إِلَى غَيره 1418 - قَوْلهم كَانَت وقرةً فِي حجرٍ يضْرب مثلا فِي حسن احْتِمَال الْمُصِيبَة والوقرة الهزمة تكون فِي الْحجر وَمَعْنَاهُ أَن الْمُصِيبَة لم تهدمه وَلم تهده كالهزمة فِي الْحجر لَا تذْهب بقوته الهزمة حفرٌ يكون فِي الْحجر وَغَيره وَمن عَجِيب مَا جَاءَ فِي الصَّبْر عِنْد الْمُصِيبَة أَن رجلا دفن ثَلَاثَة من وَلَده فِي يومٍ وَاحِد ثمَّ احتبى فِي نَادَى قومه وتحدث وَكَأن لم يفقد أحدا فلاموه فَقَالَ لَيْسُوا فِي الْمَوْت ببديع وَلَا أَنا فِي الْمُصِيبَة بأوحد وَلَا جدوى للجزع فعلام تَلُومُونَنِي 1419 - قَوْلهم كل لائمٍ مليمٌ يَقُول إِن كل من أَتَى أمرا حسنا فلسببٍ دَعَاهُ إِلَيْهِ أَو قبيحاً فلعذرٍ لَهُ فِيهِ فلائمه إِذا كَانَ كَذَلِك مليم والمليم المذنب الذى أَتَى مَا يلام عَلَيْهِ

وَفِي الْقُرْآن {فالتقمه الْحُوت وَهُوَ مليمٌ} وَقَالَ الشَّاعِر فِي معنى الْمثل (تَدْعُو الضرورات فِي الْأُمُور إِلَى ... سلوكٍ مَالا يَلِيق بالأدب) (وحيرة الْمَرْء فِي تطلبه ... تحمله أَن يلج فِي الطّلب) (مَا حاملٌ نَفسه على سببٍ ... إِلَّا لعذرٍ يكون فِي السَّبَب) وَنَحْوه قَول الآخر (لَعَلَّ لَهُ عذرا وَأَنت تلوم ... ) 1420 - قَوْلهم كلبٌ عس خيرٍ من أسدٍ ربض يَقُول الرجل الضَّعِيف المضطرب المحترف خيرٌ لنَفسِهِ ولأهله من الْقوي الكسلان وعس واعتس إِذا طوف وَالْتمس وَمِنْه سمى الطّواف بِاللَّيْلِ عسسا واحدهم عاس مثل خَادِم وخدم وَقلت (لَيْسَ الْفَتى بجماله ... لَكِن بنجدته وحزمه) (كسل الْفَتى فِي شَأْنه ... سببٌ لفاقته وَعَدَمه) وَقَالَ الشَّاعِر (حضر الهموم وساده وتجنبت ... كسلان يصبح فِي الْمَنَام ثقيلا)

1421 - قَوْلهم كِلَاهُمَا وَتَمْرًا أَي كِلَاهُمَا وَأُرِيد تَمرا أَو كِلَاهُمَا أريدهما وَأُرِيد تَمرا 1422 - قَوْلهم كفى قوما بِصَاحِبِهِمْ خَبِيرا أَي كل قومٍ أعلم بِصَاحِبِهِمْ من غَيرهم وَهُوَ من قَول جثامة بن قيس أخى بلعاء بن قيس (إِذا لاقيت قومى فاساليهم ... كفى قوما بِصَاحِبِهِمْ خَبِيرا) (بأنى لَا يُنَادى الحى ضيفى ... وَلَا ألحى على الْخَطَأ الأميرا) (وأعفو عَن أصُول الْحق مِنْهُم ... إِذا نشبت وأقتطع الصدورا) لَا يُنَادى الحى ضيفى فيحولوه إِلَيْهِم لِأَنَّهُ يجد عندى مَا يحب والأمير الَّذِي يؤامره أَي أسامح صاحبى فِي الخطا وأقتطع الصُّدُور أَي آخذ عَفوه وَلَا أستقصى عَلَيْهِ وَكَانَ الكسائى يَقُول كفى قومٌ وَقَالَ الْفراء هُوَ خطأ وَالصَّوَاب النصب وَمثله قَوْلهم لكل أنَاس فِي بعيرهم خبر 1423 - قَوْلهم كالحادى وَلَيْسَ لَهُ بعيرٌ يضْرب للرجل ينتحل مَا لَا يُحسنهُ والحدو السُّوق من وَرَاء الْإِبِل

والقود من قدامها وأظن الرجل الَّذِي ينتفخ بِمَا لَا يملك يضْرب لَهُ هَذَا الْمثل 1424 - قَوْلهم كقابض على المَاء يُقَال ذَلِك للرجل يطْلب مَا لَا يحصل لَهُ وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (فَأَصْبَحت من ليلى الْغَدَاة كالقابض ... على المَاء خانته فروج الْأَصَابِع) وَفِي الْقُرْآن {إِلَّا كباسط كفيه إِلَى المَاء ليبلغ فَاه} وَهَذَا خلاف الأول وَالَّذِي يبسط كفيه ليغترف فيهمَا المَاء لَا يحصل فِي كفيه مِنْهُ شىء وَكَذَلِكَ من يقبض على المَاء والمعنيان يتشابهان 1425 - قَوْلهم كلا جانبى هرشى لَهُنَّ طَرِيق قَالُوا يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يسهل من وَجْهَيْن وَقَالَ الأصمعى يضْرب مثلا للأمرين يستويان من أَي مأخذٍ أخذتهما وهرشى مَوضِع وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (خذا بطن هرشى أَو قفاها فَإِنَّهُ ... كلا جانبى هرشى لَهُنَّ طَرِيق) وَفِي سهولة الْأَمر قَوْلهم هُوَ على طرف الثمام لِأَن الثمام لَا يطول فَيشق على التَّنَاوُل وَقَوْلهمْ هُوَ على حَبل ذراعك أَي هُوَ سهل القياد لَا يخالفك 1426 - قَوْلهم كدمت غير مكدم يضْرب مثلا للْحَاجة فِي غير موضعهَا أَو من غير أَهلهَا وَالْكَلَام العض والعامة تَقول ضرب فِي حديدٍ باردٍ وَقَالَ الْأَغْلَب (قد نفخوا لَو ينفخون فِي فَحم ... ) وَقَالَ رجلٌ لرجل نزل ببخيل نزلت بوادٍ غير ممطورٍ ورجلٍ غير مسرور فأقم بندم أَو ارتحل بِعَدَمِ وقريبٌ مِنْهُ قَول الآخر (لَئِن قصرت فِي مدحك ... مَا قصرت فِي منعى) (لقد أرتعت أنعامى ... بوادٍ غير ذِي زرع) وَقَالَ الآخر (إنى وأتيي ابْن غلاف ليقريني ... كغابط الْكَلْب يبغى الطّرق فِي الذَّنب) غبطه إِذا حَبسه ينظر بِهِ طرقٌ أم لَا والطرق الشَّحْم وروى كعابط الْكَلْب أَي كذابحه

وَفِي سهولة الْأَمر قَوْلهم هُوَ على طرف الثمام لِأَن الثمام لَا يطول فَيشق على التَّنَاوُل وَقَوْلهمْ هُوَ على حَبل ذراعك أَي هُوَ سهل القياد لَا يخالفك 1426 - قَوْلهم كدمت غير مكدمٍ يضْرب مثلا للْحَاجة تطلب فِي غير موضعهَا أَو من غير أَهلهَا والكدم العض والعامة تَقول ضرب فِي حديدٍ باردٍ وَقَالَ الْأَغْلَب (قد نفخوا لَو ينفخون فِي فَحم ... ) وَقَالَ رجلٌ لرجل نزل ببخيل نزلت بوادٍ غير ممطورٍ ورجلٍ غير مسرور فأقم بندم أَو ارتحل بِعَدَمِ وقريبٌ مِنْهُ قَول الآخر (لَئِن قصرت فِي مدحك ... مَا قصرت فِي منعى) (لقد أرتعت أنعامى ... بوادٍ غير ذِي زرع) وَقَالَ الآخر (إنى وأتيي ابْن غلاف ليقريني ... كغابط الْكَلْب يبغى الطّرق فِي الذَّنب) غبطه إِذا جسه ينظر أبه طرقٌ أم لَا والطرق الشَّحْم وروى كعابط الْكَلْب أَي كذابحه

وَمثله قَول مُسلم بن الْوَلِيد (وإنى وإشرافى عَلَيْك بهمتي ... لكالمتبغي زبدة المَاء بالمخض) وَقَول أَبى الْعَتَاهِيَة (إِن الَّذِي بَات يرنجيك كمن ... كمن يحلب تَيْسًا من شَهْوَة اللَّبن 1427 - قَوْلهم كطالب الْقرن فجدعت أُذُنه يضْرب مثلا للرجل يطْلب ربحا فَيَقَع فِي الخسران وجدع قطع والجدع يكون فِي الْأنف وَالْأُذن وَهَذَا من أَمْثَال الْفرس ونظمه ناظمٌ فَقَالَ (طالبتها دينى فألوت بِهِ ... وعلقت قلبى مَعَ الدّين) (فصرت كالهيق غَدا يبتغى ... قرنا فَلم يرجع بأذنين) والهيق ذكرالنعام وألوى بالشىء ذهب بِهِ ولوى الدّين إِذا مطله والليان المطل 1428 - قَوْلهم كمبتغى الصَّيْد فِي عريسة الْأسد يضْرب مثلا للرجل يُخطئ فِي طلب الْحَاجة فِي غير موضعهَا فيطلبها حَيْثُ يغلب عَلَيْهَا وَهُوَ من قَول الشَّاعِر

(يَا ظبى السهل والأجبال مَوْعدكُمْ ... كمبتغى الصَّيْد فِي عريسة الْأسد) وعريسة الْأسد وعرينه مَوْضِعه 1429 - قَوْلهم كفى برغائها منادياً يضْرب مثلا للشىء تكتفى بمنظره عَن تعرف حَاله وَأَصله أَن ضيفاً أَنَاخَ بِفنَاء رجل فَجعلت رَاحِلَته ترغو فَقَالَ الرجل مَا هَذَا الرُّغَاء أضيفٌ أَنَاخَ بِنَا فَلم يعرفنا مَكَانَهُ فَقدم قراه فَقَالَ الضَّيْف كفى برغائها منادياً وَمثله قَوْلهم يُغْنِيك عَن مجهوله مرآته وَقَوْلهمْ هُوَ الْجواد عينه فراره وَأخذ المحدثون هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ بَعضهم شَهَادَات الفعال أعدل من شَهَادَات الرِّجَال وَقَالَ ابْن الرومى (حالى تنادى بِمَا أوليت معلنةً ... فَكل مَا تدعيه غير مَرْدُود) (كلى هجاءٌ وقتلى لَا يحل لكم ... فَمَا يداويكم منى سوى الْجُود) 1430 - قَوْلهم كسيرٌ وعويرٌ يضْرب مثلا فِي الخلتين المكروهتين وَالرّجلَيْنِ الرديئين فَيُقَال كسيروعوير وكلٌ غير خير وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلهم كحمارى الْعَبَّادِيّ

وَسُئِلَ عَن حِمَارَيْنِ لَهُ أَيهمَا شرٌ فَقَالَ ذَا ثمَّ ذَا وَرُبمَا قَالُوا ذَا ذَا فَإِذا أَرَادوا أَنه وَقع بَين شرين لَا ينجو من أَحدهمَا قَالُوا كالأشقر إِن تقدم نحر وَإِن تَأَخّر عقر وَيَقُولُونَ هما خطتا خسفٍ أَي خصلتا سوء وَمِنْه قَول الْأَعْشَى (فَقَالَ ثكلٌ وغدرٌ أَنْت بَينهمَا ... فاختر وَمَا فيهمَا حَظّ لمختار) 1431 - قَوْلهم كفتٌ إِلَى وئيةٍ الكفت الْقدر الصَّغِيرَة والوئية الْقدر الْكَبِيرَة وَيضْرب مثلا للرجل يحمل صَاحبه مَكْرُوها كَبِيرا ثمَّ يزِيدهُ آخر صَغِيرا كَذَا قَالَ بَعضهم وَقَالَ غَيره هُوَ مثلٌ للرجل الكسوب وَالْمَرْأَة الحفوظ وَجمع الوئية وئاء 1432 - قَوْلهم كل شاةٍ تناط برجلها مَعْنَاهُ لَا يُؤَاخذ الرجل بذنب غَيره وتناط تعلق وَفِي خلاف ذَلِك قَوْلهم (كذى العر يكوى غَيره وَهُوَ راتع ... )

والعر قرح يُصِيب الْإِبِل فِي مشافرها فتزعم الْعَرَب أَن الصَّحِيح مِنْهَا إِذا كوى برِئ السقيم الَّذِي بِهِ العر وَقَالَ الْكُمَيْت (وَلَا أكوى الصِّحَاح براتعات ... بِهن العر قبلى مَا كوينا) وَهُوَ من قَول النَّابِغَة (أحملتني ذَنْب امْرِئ وَتركته ... كذى العر يكوى غَيره وَهُوَ راتع) وَمثله قَول الْحَارِث بن حلزة (عنناً بَاطِلا وظلما كَمَا تعتر ... عَن حجرَة الربيض الظباء) وَكَانُوا يَقُولُونَ عِنْد الْمَكْرُوه يصيبهم لَئِن خلصوا مِنْهُ لَيَذْبَحَن فِي رَجَب ذَبَائِح من الْغنم وَالْإِبِل فَإِذا خلصوا مِنْهُ اصطادوا ظباء فذبحوها واستبقوا الْغنم والعتر الذّبْح وَالْعَتِيرَة الْمَذْبُوح والربيض الْغنم 1433 - قَوْلهم كمعلمة أمهَا البضاع يضْرب مثلا للرجل يعلم من هُوَ أعلم مِنْهُ والبضاع النِّكَاح وقريبٌ مِنْهُ قَوْلهم كمستبضعٍ تَمرا إِلَى أهل خَيْبَر والمستبضع الَّذِي يحمل بضاعته بِنَفسِهِ والمبضع الَّذِي يبْعَث بهَا مَعَ غَيره وَهُوَ من قَول حسان (فَإنَّا وَمن أهْدى القصائد نحونا ... كمستبضعٍ تَمرا إِلَى أهل خيبرا)

وَالْفرس تَقول فِي هَذَا الْمَعْنى كمن يهدى الْحِجَارَة إِلَى الْجَبَل 1434 - قَوْلهم كل أزب نفورٌ يضْرب مثلا للرجل ينفر من كل شىء والأزب من الْإِبِل الْكثير شعر الْوَجْه حَتَّى يشرف على عَيْنَيْهِ فَكلما رَآهُ نفر فَهُوَ دَائِم النفار والمثل لزهير بن جذيمة العبسى وَكَانَ خَالِد بن جَعْفَر بن كلاب يَطْلُبهُ بذحلٍ فَأقبل يَوْمًا وزهيرٌ يهنأ إبِله وَمَعَهُ أَسد بن جذيمة وَكَانَ أشعر فَأخْبر زهيراً بمجيئه فَقَالَ زُهَيْر كل أزب نفورٌ يعْنى أَنه لَيْسَ على مِنْهُ ضَرَر وَإِنَّمَا نفورك مِنْهُ كنفور الأزب من شعر عَيْنَيْهِ وَوَجهه وَقَالَ الشَّاعِر (كَمَا حاد الأزب عَن الظعان ... ) والظعان حَبل يشد بِهِ الهودج 1435 - قَوْلهم كَيفَ توقى ظهر مَا أَنْت رَاكِبه مَعْنَاهُ كَيفَ تنجو مِمَّا أَنْت داخلٌ فِيهِ وأوله (فإلا تجللها يعالوك فَوْقهَا ... وَكَيف توقى ظهر مَا أَنْت رَاكِبه)

وَنَحْوه قَول أَوْس بن حَارِثَة إِنَّمَا تعزى من ترى ويعزك من لَا ترى والعز هَاهُنَا الْغَلَبَة وَيَقُولُونَ مَا ينفع حذرٌ من قدر وَقَالَ أَكْثَم بن صيفى من مأمنه يُؤْتى الحذر وَقلت (وَقد يعرض الْمَحْذُور من حَيْثُ ترتجى ... ويمكنك المرجو من حَيْثُ تتقى) 1436 - قَوْلهم كالنازى بَين القرينين يضْرب مثلا للرجل يتَعَرَّض للمكروه حَتَّى يَقع فِيهِ وَأَصله الْبكر يكون مخلى فَيَأْخُذ فِي النزوان حَتَّى يُؤْخَذ فيوثق فِي الْقرَان وَهُوَ الْحَبل الَّذِي يقرن بِهِ البعيران أَو ينزو فَيدْخل بَين القرينين فيعلق بحبلهما والقرينان البعيران يشدان بِحَبل لِئَلَّا يشردا قَالَ ابْن مقبل (وَلَا تكونن كالنازى ببطنته ... بَين القرينين حَتَّى ظلّ مَقْرُونا) وَقَالَ جرير (قد جربت عركى فِي كل معتركٍ ... غلب الْأسود فَمَا بَال الضغابيس) (وَابْن اللَّبُون إِذا مالز فِي قرنٍ ... لم يسْتَطع صولة البزل القناعيس)

والضغابيس الضِّعَاف من كل شىء والقناعيس الفحول المختارة الْوَاحِد قنعاس وَرُبمَا سمى السَّيِّد قنعاسا 1437 - قَوْلهم كراغية الْبكر يُقَال كَانَت عَلَيْهِم كراغية الْبكر يعْنى بكر ثَمُود حِين رَمَاه قدار ابْن سالف فرغا فَأنْزل الله تَعَالَى بهم الْعَذَاب والراغية هَاهُنَا تجرى مجْرى الْمصدر كَمَا قيل الْعَافِيَة وَالْعَاقبَة قَالَ النَّابِغَة الجعدى (رَأَيْت الْبكر بكر بنى ثمودٍ ... وَأَنت كَذَاك بَين الأشعرينا) وَقَالَ زُهَيْر كأحمرٍ عادٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ ثَمُود وَصَارَ قدارٌ مثلا فِي الشؤم فَقيل أشأم من قدار ويروى بِالذَّالِ 1438 - قَوْلهم كل امْرِئ سيعود مريئاً أَي كل كَبِير الشَّأْن سيصير صَغِيرا بِالْغَيْر أَو بِالْمَوْتِ وقريبٌ من ذَلِك قَوْلهم من يجْتَمع تتقعقع عمده أَي سيصير إِلَى التَّفَرُّق وَنَحْوه قَول عُرْوَة بن الْورْد (أَلَيْسَ ورائى أَن أدب على الْعَصَا ... فيشمت أعدائى ويسأمنى أهلى)

(رهينة قَعْر الْبَيْت كل عشيةٍ ... يطوف بى الْولدَان أحدب كالرال) والرال ولد النعام 1439 - قَوْلهم كل ضَب عِنْده مرداته مَعْنَاهُ لَا تغتر بالسلامة فَإِن الْأَحْدَاث والآفات معدة والمرداة الْحجر الَّذِي يردى بِهِ الْحجر أَي يرْمى بِهِ فيكسره يُقَال رديت الرجل إِذا رميته بِحجر يعْنى أَن من أَرَادَ الضَّب فِي أَي مَوضِع رَآهُ وجد حجرا يرميه بِهِ وَقيل إِن الضَّب سيء الْهِدَايَة فَلَا يتَّخذ جُحْره عِنْد حجرٍ يَجعله عَلامَة لَهُ فَإِذا خرج أَخذ طَالبه الْحجر فَرَمَاهُ بِهِ 1440 - قَوْلهم كل ذَات بعلٍ ستئيم مَعْنَاهُ ستصير أَيّمَا لَا زوج لَهَا وَمِنْه قَول الشَّاعِر (أفاطم إِنِّي هَالك فتبيني ... وَلَا تجزعي كل النِّسَاء يئيم) وروى كل النِّسَاء يَتِيم وَهُوَ تَصْحِيف تَقول آمت الْمَرْأَة إِذا مَاتَ زَوجهَا وآم الرجل إِذا مَاتَت امْرَأَته وكل واحدٍ مِنْهُمَا أيم ودعا بَعضهم على رجل فَقَالَ مَاله آم وعام أَي مَاتَت امْرَأَته وَإِبِله فَصَارَ أَيّمَا عيمان والعيمان الَّذِي يشتهى اللَّبن وَالِاسْم العيمة

1441 - قَوْلهم كدابغةٍ وَقد حلم الْأَدِيم يضْرب مثلا للرجل يشرع فِي إصْلَاح مَا لَا يصلح وَهُوَ من شعرٍ للوليد ابْن عقبَة أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَن الْعَقدي عَن أبي جَعْفَر عَن المدائنى عَن عوَانَة وَيزِيد بن عِيَاض عَن الزُّهْرِيّ قَالَ ورد عَليّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكُوفَة بعد الْجمل فِي شهر رَمَضَان سنة ستٍ وَثَلَاثِينَ فعاتب قوما لم يشْهدُوا مَعَه الْجمل فَاعْتَذر بَعضهم بالغيبة وَبَعْضهمْ بِالْمرضِ ثمَّ اسْتعْمل عماله فَكتب إِلَى مُعَاوِيَة مَعَ ضَمرَة بن يزِيد الضمرى وَعَمْرو بن زُرَارَة النخعى يُريدهُ على الْبيعَة فَقَالَ لَهما مُعَاوِيَة إِن عليا آوى قتلة ابْن عمى وشرك فِي على دَمه فَإِن دفع إِلَى قتلته وأقرنى على عملى بايعته وَكتب بذلك مُعَاوِيَة إِلَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ علىٌ يشرط على مُعَاوِيَة الشُّرُوط فِي الْبيعَة وَيسْأل منى قتلة عُثْمَان وَالله مَا قتلته وَلَا مالأت على قَتله ويسألنى أَن أدفَع إِلَيْهِ قتلة عُثْمَان وَمَا مُعَاوِيَة والطلب بِدَم عُثْمَان وَإِنَّمَا هُوَ رجل من بنى أُميَّة وَبَنُو عُثْمَان أَحَق بِالطَّلَبِ بِدَم أَبِيهِم فَإِن زعم أَنه أقوى على ذَلِك مِنْهُم فليبا يعْنى وليحاكم إِلَى فَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة (أَلا أبلغ مُعَاوِيَة بن صخرٍ ... فَإنَّك من أخى ثقةٍ مليم) (قطعت الدَّهْر كالسدم الْمَعْنى ... تهدر فِي دمشق وَلَا تريم) (يمنيك الْإِمَارَة كل ركبٍ ... بأنقاض الْعرَاق لَهَا رسيم)

(فَإنَّك وَالْكتاب إِلَى علىٍ ... كدابغةٍ وَقد حلم الْأَدِيم) (لَك الْخيرَات فأحملنا عَلَيْهِم ... فَخير الطَّالِب الترة الغشوم) (وقومك بِالْمَدِينَةِ قد أصيبوا ... لَهُم صرعى كَأَنَّهُمْ الهشيم) (فَلَو كنت الْقَتِيل وَكَانَ حَيا ... لشمر لَا ألف وَلَا سؤوم) فتمثل مُعَاوِيَة قَول أَوْس بن حجر (ومستعجبٌ مِمَّا يرى من أناتنا ... وَلَو زبنته الْحَرْب لم يترمرم) 1442 - قَوْلهم كحاطب اللَّيْل يضْرب مثلا للرجل يجمع كل شَيْء وَلَا يُمَيّز الْجيد من الردئ والحاطب الَّذِي يجمع الْحَطب وصناعته الحطابة وَإِذا حطب بِاللَّيْلِ جمع فِي حبلة الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وَيُقَال فلَان يحطب فِي حَبل فلَان أَي يُعينهُ 1443 - قَوْلهم كَأَنَّمَا قد سيره الْآن يضْرب مثلا للرجل الْجَدِيد الشَّأْن لم يتَغَيَّر وَالْقد الْقطع طولا والقط الْقطع عرضا وَفِي حَدِيث علىٍ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ إِلَّا علا بِالسَّيْفِ قد وَإِذا اعْترض قطّ وَمِنْه يُقَال قطّ الْقَلَم

1444 - قَوْلهم كَيفَ الطلا وَأمه يضْرب مثلا للرجل يذهب همه ويخلو لشأنه وَقد ذكرنَا أَصله قبل 1445 - قَوْلهم كالمستغيث من الرمضاء بالنَّار يضْرب مثلا للرجل يفر من الْأَمر إِلَى مَا هُوَ شَرّ مِنْهُ قَالَ الشَّاعِر (المستغيث بعمروٍ عِنْد كربته ... كالمستغيث من الرمضاء بالنَّار) وَنَحْوه قَول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس (وإنى وإعدادى لدهرى مُحَمَّدًا ... كملتمسٍ إطفاء نارٍ بنافخ) والرمضاء التُّرَاب الْحَار وَقد رمض التُّرَاب إِذا حمى وَمِنْه قيل شهر رَمَضَان لأَنهم حِين سموا الشُّهُور وَافق شهر رَمَضَان وَقت شدَّة الْحر

كَمَا قيل جُمَادَى لِأَنَّهَا وَافَقت أذ ذَاك وَقت جمود المَاء وشهرا ربيع وافقا فصل الرّبيع فثبتت التَّسْمِيَة على ذَلِك قَالَ الشَّاعِر (فِي ليلةٍ من جُمَادَى ذَات أندية ... لَا يبصر الْكَلْب من ظلمائها الطنبا) والأندية هَاهُنَا جمع ندى وَالْأَصْل فِي جمع ماكان على هَذَا الْبناء أَفعَال مثل ندى وأنداء وَقفا وأقفاء وَلم يجىء فِي جمع هَذَا أفعلة إِلَّا هَاهُنَا 1446 - قَوْلهم كثير النصح يهجم على كثير الظنة الْمثل لأكثم بن صيفى وَمَعْنَاهُ أَنَّك إِذا بالغت فِي النصح لصاحبك ظن أَنَّك تُرِيدُ حظاً لنَفسك وَقَالَ أَكْثَم فِي مَوضِع آخر إِذا بالغت فِي النَّصِيحَة فتأهب للتُّهمَةِ وأنشدنا أَبُو أَحْمد عَن الصولى عَن أَبى ذكْوَان قَالَ أنشدنى عمَارَة بن عقيل (ألم تعلمُوا أَنى وَإِن قل شكركم ... لأعراضكم واقٍ أحوط وأمدح) (وَكم سقت فِي آثَاركُم من نصيحةٍ ... وَقد يَسْتَفِيد الظنة المتنصح) 1447 - قَوْلهم كل شىءٍ ينفع الْمكَاتب إِلَّا الخنق يُقَال هَذَا عِنْد النَّفْع الْقَلِيل المتبلغ بِهِ وَأَصله أَن مكَاتبا سَأَلَ امْرَأَة

فاعتذرت أَنَّهَا لَا تملك إِلَّا نَفسهَا فبذلتها لَهُ فَعِنْدَ ذَاك قيل هَذَا الْكَلَام والخنق بِكَسْر النُّون أفْصح 1448 - قَوْلهم كحاقن الإهالة يُقَال أَنا مِنْهُ كحاقن الإهالة يُرَاد أَنى عَالم بِهِ وحاقن الإهالة لَا يحقنها حَتَّى يروزها فَيدْخل أُصْبُعه فِيهَا فَإِن رَآهَا قد بردت حقنها لِئَلَّا يَحْتَرِق السقاء والإهالة الودك الْمُذَاب 1449 - قَوْلهم كلا زعمت أَنه خصرٌ يضْرب مثلا للرجل يظنّ أَنه ضَعِيف فيوجد قَوِيا وَأَصله أَن رجلَيْنِ أشرف لَهما فارسٌ فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر اسبقه فَقَالَ الآخر إِنَّه خصر أَي قد أَصَابَهُ الْبرد فَلَا يقدر على الطعْن فَشد الْفَارِس فطعن فَقَالَ كلا زعمت أَنه خصر والخصر الْبرد والخرص الْجُوع مَعَ الْبرد وكلا هَاهُنَا نفى وَقد يكون فِي مَوضِع آخر إِثْبَاتًا بِمَعْنى حَقًا وَقد جَاءَ فِي الْقُرْآن بالمعنيين جَمِيعًا 1450 - قَوْلهم كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا الْمثل قديم وَأَصله أَن قوما خَرجُوا للصَّيْد فصاد أحدهم ظَبْيًا وَآخر

أرنباً وَأخر فرا وَهُوَ الْحمار الوحشى فَقَالَ لأَصْحَابه كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا أَي جَمِيع مَا صدتموه يسيرٌ فِي جنب مَا صدته وتمثل بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن الأنبارى عَن إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق عَن على الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان عَن وَائِل بن دَاوُد عَن نصر بن عَاصِم قَالَ أخر أَبُو سُفْيَان فِي الْإِذْن فَقَالَ يارسول الله كدت تَأذن لحجارة الجلهمتين قبلى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّك وَذَلِكَ يَا أَبَا سُفْيَان كَمَا قَالَ الْقَائِل أَو كَمَا قَالَ الأول كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا أوفي جنب الفرا قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَلم يسمع بجلهمة إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث وَإِنَّمَا هُوَ جلهة الْوَادي يَعْنِي وَسطه 1451 - قَوْلهم كف مطلقةٍ تفت اليرمع يضْرب مثلا للرجل يغتم فيولع بِمَا لَيْسَ من حَاجته واليرمع حِجَارَة رخوة وَفِي مَعْنَاهُ قَول الْمَجْنُون أَو غَيره (عَشِيَّة مَالِي حيلةٌ غير أننى ... بلقط الْحَصَا والخط فِي الدَّار مولع) 1452 - قَوْلهم كل الْحذاء يحتذى الحافى الوقع يَقُول أَن المجهود يقنع بِأَدْنَى بلغَة والوقع أَن تغلظ الْحِجَارَة على

الرجل فَلَا يقدر أَن يمشى عَلَيْهَا يُقَال وَقع يُوقع وَقعا وَهُوَ من أرجوزة لبَعض الْأَعْرَاب (يَا لَيْت لي نَعْلَيْنِ من جلد الضبع ... وشركاً من استها لَا تَنْقَطِع) (كل الْحذاء يحتذى الحافى الوقع ... ) وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (وَمَا عَن رضى كَانَ الْحمار مطيتى ... وَلَكِن من يمشي سيرضى بماركب) وَقَول ابْن أبي عُيَيْنَة (مَا أَنْت كلحم ميت ... يَدْعُو إِلَى أكله اضطرار) 1453 - قَوْلهم كَانَ بَين الأميلين محلٌ يُرَاد بِهِ كَانَ فِي الْأَمر متسعٌ والأميلان جبلان من رمل بَينهمَا شقيقةٌ تكون ميلًا أَو ميلين والشقيقة جلد بَين رملتين 1454 - قَوْلهم كمش ذلاذله أَي رفع مَا استرخى من ثِيَابه وشمر فِي أمره والذلاذل أَطْرَاف الذيل وَاحِدهَا ذلذل

1455 - قَوْلهم الْكَلْب أحب أَهله إِلَيْهِ الظاعن يضْرب مثلا للرجل يحب الشخوص وَلَا يكَاد يسْتَقرّ وَالْكَلب إِذا خف أَهله هش وَتبع الظاعن مِنْهُم وَفِي التَّرْغِيب فِي السّفر قَوْلهم الرَّاحَة عقلة وَحب الهوينا يكْسب النصب وَقَالَ أَبُو تَمام (وَإِن مقَام الْمَرْء فِي الحى مخلقٌ ... لديباجتيه فاغترب تتجدد) وَقَالَ نهيك بن إساف (سيكفيك سعيى فِي الْبِلَاد وغربتى ... وبعل الَّتِى لم تحظ فِي الحى جَالس) وَقَالَ الآخر (أَبيض بسامٌ برودٌ مضجعه ... واللقمة الْفَرد مرَارًا تشبعه) أَي لَا ينَام عَلَيْهِ فَهُوَ بَارِد وَقيل من غلى دماغه فِي الصَّيف غلت قدره فِي الشتَاء وَقَالَ آخر (إِن تأتيانى فِي الشتَاء وتلمسا ... مَكَان فراشى فَهُوَ بِاللَّيْلِ بَارِد) وَقَالَ الحطيئة (دع المكارم لَا ترحل لبغيتها ... واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي)

1456 - قَوْلهم كذب العير وَإِن كَانَ برح يضْرب مثلا للرجل يُصِيبهُ الْمَكْرُوه مَعَ توقيه لَهُ والمثل لأبي دَاوُد الإيادى وَهُوَ قَوْله (قلت لما نصلا من قنةٍ ... كذب العير وَإِن كَانَ برح) أَي عَلَيْك بالعير وَإِن كَانَ قد أَخذ من يسارك إِلَى يَمِينك وَذَلِكَ أَن الطعْن على الْيَمين باليسار شَدِيد يُقَال كذب عَلَيْك الْغَزْو وَكذب عَلَيْك المَاء أَي عَلَيْك بذلك وَمِنْه قَول عمر رضى الله عَنهُ لعَمْرو بن معد يكرب وَقد شكا إِلَيْهِ المغص كذب عَلَيْك الْعَسَل أَي عَلَيْك بِهِ وَالْعَسَل ضربٌ من المشى فِيهِ سرعَة 1457 - قَوْلهم كَيفَ ظَنك بجارك قَالَ كظنى بنفسى وَذَلِكَ أَن كل أحد يظنّ بِالنَّاسِ مثل طَرِيقَته وَفعله وَقَالَ الْمَجْنُون (وتحسب ليلى أننى إِذْ هجرتهَا ... حذار الأعادى إِنَّمَا بِي هونها) (وَلَكِن ليلى لَا تفى بامانةٍ ... فتحسب ليلى أننى سأخونها) (وَبِي من هَواهَا مَا لَو أَنى أبثه ... جمَاعَة أعدائى بَكت لي عيونها) وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى أَشَارَ الشَّاعِر بقوله (وَيَأْخُذ عيب النَّاس من عيب نَفسه ... ) وَنَحْوه قَول الآخر وَلَيْسَ مِنْهُ بِعَيْنِه (وأجرأ من رَأَيْت بِظهْر غيب ... على عيب الرِّجَال ذَوُو الْعُيُوب) (1458 قَوْلهم كالمهدر فِي الْعنَّة يضْرب مثلا للرجل يتهدد وَلَا يضر وَأَصله يحبس عَن ألافه فِي الْعنَّة فيأسف ويهدر وَلَا يَنْفَعهُ ذَلِك شَيْئا والعنة حَظِيرَة تعْمل من الشّجر يحبس فِيهَا الْبَعِير وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة (قطعت الدَّهْر كالسدم الْمَعْنى ... تهدر فِي دمشق وَلَا تريم) وَالْمعْنَى يعْنى الْمَحْبُوس فِي الْعنَّة وَأَصله الْمَعْنى كَمَا قيل فِي المتظنن المتظنى وَنَحْو الْمثل قَول المثقب العبدى واسْمه عَائِذ بن مُحصن (أَلا من مبلغٍ عدوان عَنى ... وَمَا يُغني التوعد من بعيد) 1459 - قَوْلهم كالأرقم إِن يقتل ينقم وَإِن يتْرك يلقم يضْرب مثلا للرجل يتَوَقَّع شَره فِي كل حَال والأرقم الْحَيَّة وَرُبمَا وطئ الرجل الْحَيَّة وَهِي ميتةٌ فيسرى سمها فِيهِ فتقتله وَقد تقتل أَيْضا من شم رائحتها وَمن الْحَيَّات ماإذا قَتلهَا الْإِنْسَان مَاتَ لإجراء سم يتَمَيَّز إِلَيْهِ من جسده وَلِهَذَا نهى بعض الْأَوَائِل عَن قتل الْحَيَّات إِلَّا أَن تعرف أجناسها

1458 - قَوْلهم كالمهدر فِي الْعنَّة يضْرب مثلا للرجل يتهدد وَلَا يضر وَأَصله الْبَعِير يحبس عَن ألافه فِي الْعنَّة فيأسف ويهدر وَلَا يَنْفَعهُ ذَلِك شَيْئا والعنة حَظِيرَة تعْمل من الشّجر يحبس فِيهَا الْبَعِير وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة (قطعت الدَّهْر كالسدم الْمَعْنى ... تهدر فِي دمشق وَلَا تريم) وَالْمعْنَى يعْنى الْمَحْبُوس فِي الْعنَّة وَأَصله المعنن فَقَالَ الْمَعْنى كَمَا قيل فِي المتظنن المتظنى وَنَحْو الْمثل قَول المثقب العبدى واسْمه عَائِذ بن مُحصن (أَلا من مبلغٍ عدوان عني ... وَمَا يُغني التوعد من بعيد) 1459 - قَوْلهم كالأرقم إِن يقتل ينقم وَإِن يتْرك يلقم يضْرب مثلا للرجل يتَوَقَّع شَره فِي كل حَال والأرقم الْحَيَّة وَرُبمَا وطئ الرجل الْحَيَّة وَهِي ميتةٌ فيسرى سمها فِيهِ فتقتله وَقد تقتل أَيْضا من شم رائحتها وَمن الْحَيَّات ماإذا قَتلهَا الْإِنْسَان مَاتَ لإجراء سم يتَمَيَّز إِلَيْهِ من جسده وَلِهَذَا نهى بعض الْأَوَائِل عَن قتل الْحَيَّات إِلَّا أَن تعرف أجناسها

1460 - قَوْلهم كَمَا تدين تدان أَي كَمَا تفعل يفعل بك وَالدّين الْجَزَاء وَفِي الْقُرْآن {مَالك يَوْم الدّين} وَقيل الدّين هَاهُنَا الْحساب وأصل الدّين الانقياد يُقَال دانوا لملكهم إِذا انقادوا لَهُ والمثل ليزِيد بن الصَّعق أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن أبي حَاتِم عَن الأصمعى قَالَ كَانَ ملكٌ من مُلُوك غَسَّان يعْذر النِّسَاء لَا يبلغهُ عَن امرأةٍ جمالٌ إِلَّا أَخذهَا فَأخذ بنت يزِيد بن الصَّعق الكلابى وَكَانَ أَبوهَا غَائِبا فَلَمَّا قدم أخبر فوفد إِلَيْهِ فصادفه منتدياً وَكَانَ الْملك إِذا انتدى لَا يحجب عَنهُ أحدٌ فَوقف بَين يَدَيْهِ وَقَالَ (يَا أَيهَا الْملك المقيت أما ترى ... لَيْلًا وصبحاً كَيفَ يَخْتَلِفَانِ) (هَل تَسْتَطِيع الشَّمْس أَن تُؤْتى بهَا ... لَيْلًا وَهل لَك بالمليك يدان) (فَاعْلَم وأيقن أَن ملكك زائلٌ ... وَاعْلَم بِأَن كَمَا تدين تدان) فَأَجَابَهُ الْملك (إِن الَّتِى سلبت فُؤَادك خطةٌ ... مرفوضةٌ ملآن يَا ابْن كلاب) (فَارْجِع بحاجتك الَّتِي طالبتها ... وَالْحق بقومك فِي هضاب أباب)

ويروى إراب ثمَّ نَادَى أَن هَذِه السّنة مرفوضة فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة مَا أنْشد هَذَا الْبَيْت ملكٌ ظالمٌ إِلَّا كف من غربه قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله المقيت المقتدر وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {وَكَانَ الله على كل شىء مقيتاً} أَي مقتدراً وانتدى الرجل إِذا جلس فِي النادى وَهُوَ الْمجْلس وابتدى إِذا خرج إِلَى الْبَادِيَة 1461 - قَوْلهم كبارح الأروى يُقَال فلَان كبارح الأروى يُرَاد أَنه لَا يرى وَذَلِكَ أَن الأروى لَا بارح لَهَا لِأَن البارح يكون فِي الفضاء والأروي تسكن الْجبَال والأروى جمع أروية وَهِي العنز الجبلية وَيَقُولُونَ تجمع بَين الأروى والنعام يَجْعَل مثلا للشيئين لَا يَجْتَمِعَانِ وَذَلِكَ أَن الأروى لَا يكون إِلَّا فِي الْجَبَل والنعام لَا يكون إِلَّا فِي السهل فَلَا يكون بَينهمَا اجْتِمَاع أبدا 1462 - قَوْلهم الْكلاب على الْبَقر يضْرب مثلا للأمرين أَو للرجلين لَا يبالى أهلكا أَو سلما وَيُقَال الْكلاب وَالْكلاب على الْبَقر بِالرَّفْع وَالنّصب

1463 - قَوْلهم كل شىء أَخطَأ الْأنف جللٌ أَي كل مَا لم يكن مُوَاجهَة فَلَا تبال بِهِ والجلل هُوَ الصَّغِير هَاهُنَا وَهُوَ الْكَبِير فِي مَوضِع آخر وَيُقَال كل شىء مَا خلا الْمَوْت جللٌ أَي هَين 1464 - قَوْلهم كالسيل تَحت الدمن يضْرب مثلا لمن يخفى عداوته والدمن هَاهُنَا الغثاء الذى يركب السَّيْل وَأَصله البعر

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الكاف

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْكَاف 1465 - أكذب من يلمع وَهُوَ السراب وَقيل حجر يَبْرق من بعيد فيظن مَاء وَلَيْسَ بِهِ 1466 - أكذب من اليهير وَهُوَ السراب أَيْضا 1467 - أكذب أحدوثةً من أسيرٍ لِأَنَّهُ إِذا حصل فِي يَد الْأَعْدَاء غَرِيبا ادّعى لنَفسِهِ ولقومه مَا لَيْسَ لَهُم قَالَ الشَّاعِر (وأكذب احدوثةً من أسيرٍ ... وأروغ يَوْمًا من الثَّعْلَب) 1468 - أكذب من أَسِير السَّنَد لِأَن الخسيس مِنْهُم إِذا أَخذ ادّعى لنَفسِهِ أَنه ابْن الْملك

1469 - أكذب من أخيذٍ وَهُوَ الْأَسير يكذب لينجو 1470 - أكذب من أخيذ الْجَيْش وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذهُ أعداؤه فيستدلونه على قومه فيكذبهم 1471 - أكذب من الأخيذ الصبحان وَأَصله أَن رجلا خرج من حيه وَقد اصطبح فَلَقِيَهُ جيشٌ يُرِيدُونَ قومه فَسَأَلُوهُ عَنْهُم فَقَالَ لَا عهد لي بهم ثمَّ غَلبه الْبَوْل فَعَلمُوا أَنه مصطبح فطعنوه فِي بَطْنه فبدره اللَّبن فَعَلمُوا أَن الحى قريب فقصدوهم فظفروا بهم وَقد يُقَال أكذب من الْأَخْذ على وزن فعل وَالْأَخْذ دَاء يَأْخُذ الفصيل فيدنى من أمه وَهِي حافل فَيضْرب بِرَأْسِهِ ويعرض كَأَنَّهُ لَا يجد شَيْئا فَجعل مثلا للكاذب 1472 - أكذب من الشَّيْخ الْغَرِيب لِأَنَّهُ يتَزَوَّج فِي الغربة وَهُوَ ابْن سبعين فيزعم أَنه ابْن أَرْبَعِينَ

1473 - أكذب من مجربٍ وَهُوَ الَّذِي لَهُ إبلٌ جربى فيخاف أَن يطْلب من هنائه فَيَقُول أبدا لَيْسَ عندى هناء 1474 - أكذب من السالئة لِأَنَّهَا إِذا سلأت السّمن كذبت مَخَافَة الْعين فَتَقول قد ارتجن أَي احْتَرَقَ وَلم يخلص 1475 - أكذب من دب ودرج أَي أكذب الْكِبَار وَالصغَار دب لضعف الْكبر ودرج لضعف الصغر وَقيل بل مَعْنَاهُ أكذب الْأَحْيَاء والأموات والدبيب للحى والدروج للْمَيت يُقَال درج الْقَوْم إِذا انقرضوا 1476 - أكذب من فاختةٍ مثل مولد مَأْخُوذ من قَول الشَّاعِر (أكذب من فاختةٍ ... تَقول وسط الكرب) (والطلع لم يبدلها ... هَذَا أَوَان الرطب)

1477 - أكذب من صنع لِأَنَّهُ كل يومٍ يرجف بِالْخرُوجِ وَهُوَ مُقيم وَهُوَ مثل قَوْلهم إِذا سَمِعت بسرى الْقَيْن فَإِنَّهُ مصبحٌ 1478 - أكذب من صبىٍ لِأَنَّهُ لَا تَمْيِيز لَهُ فَكل مَا جرى على لسانٍ تحدث بِهِ 1479 - أكذب من حجينة رجل وَلم نسْمع لَهُ فِي الْكَذِب حَدِيثا 1480 - أكذب من الْمُهلب بن أَبى صفرَة لِأَنَّهُ كَانَ يجلس بالعشيات فيتحدث بأكاذيب يكيد بهَا الْأَعْدَاء 1481 - أكذب من قيس بن عاصمٍ من قَول زيد الْخَيل (فلست بفرارٍ إِذا الْخَيل أحجمت ... وَلست بكذابٍ كقيس بن عَاصِم)

1482 - أكسب من ذَر 1483 - أكسب من نمل 1484 - أكسب من فأرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَيَوَان أَكثر دءوباً فِي الْجمع من هَذِه الْأَصْنَاف 1485 - أكسب من ذئبٍ لِأَنَّهُ الدَّهْر يطْلب صيدا لَا يهدأ وَلَا ينَام 1486 - أكسب من فهدٍ لِأَن الفهود الهرمة العاجزة عَن الصَّيْد تَجْتَمِع على فهدٍ فتىٍ فيصيد لَهَا ويطعمها 1487 - أَكيس من قشةٍ وَهِي جرو القرد يَجْعَل مثلا للصغار خَاصَّة

1488 - أكمد من حبارى لِأَنَّهَا تلقى فِي التحسير عشْرين ريشةً فِي دفعةٍ وَاحِدَة فتقعد عَن الطيران وَإِذا رَأَتْ الطير تطير كمدت قَالَ الشَّاعِر (وزيدٌ ميتٌ كمد الْحُبَارَى ... إِذا بَانَتْ وجيهة أَو تلم) 1489 - أكبر من لبدٍ قد مر ذكره 1490 - أَكثر من تفاريق الْعَصَا قد مضى تَفْسِيره 1491 - أكفر من نَاشِرَة من كفر النِّعْمَة وَذَلِكَ أَن همام بن مرّة استنقذه من أمه وَهِي تُرِيدُ أَن تئده فرباه وَأحسن إِلَيْهِ فَلَمَّا ترعرع قتل هماماً وَقد مر حَدِيثه

1492 - أكفر من حمارٍ رجلٌ من عادٍ وَقد مر ذكره 1493 - أكْرم من العذيق المرجب وَهِي النَّخْلَة يكثر حملهَا فتميل فتدعم بدعامة فَيَقُولُونَ رجبتها وَاسم الدعامة الرجبة أَي هُوَ مثل هَذِه النَّخْلَة فِي كَثْرَة حملهَا 1494 - أكره من خصلتى الضبع يضْرب مثلا للأمرين لَيْسَ فيهمَا مَحْبُوب وَأَصله فِيمَا تزْعم الْعَرَب أَن الضبع صادت ثعلباً فَقَالَ الثَّعْلَب منى على أم عَامر فَقَالَت خيرتك بَين خَصْلَتَيْنِ إِمَّا أَن آكلك وَإِمَّا أَن أَقْتلك فَقَالَ الثَّعْلَب أما تذكرين أم عَامر يَوْم نكحتك بهوبٍ دابرٍ فَقَالَت الضبع مَتى ذَا فانفتح فوها فَأَفلَت الثَّعْلَب

فيما جاء من الأمثال في أوله لام

الْبَاب الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله لَام فهرسته لَيْسَ لمكذوبٍ رأىٌ اللَّيْل أخْفى للويل لقد كنت وَمَا أخْشَى بالذئب لَكِن بشعفين أَنْت جدودٌ لَكِن على بلدح قوم غجفى لَكِن بشرمة لحمٌ لَا يظلل لَو خيرت لاخترت لبست عَلَيْهِ اذنى لَوْلَا الوئام هلك اللئام لقوةٌ لاقت قبيساً لمثل ذَا كنت أحسيك الحسا لَيْسَ عبدٌ بأخٍ لَك لَيْسَ عَلَيْك نسجه فاسحب وجر لبث رويداً يلْحق الداريون لكل أناسٍ فِي بعيرهم خبرٌ اللَّيْل وأهضام الوادى لَيْسَ الهناء بالدس اللَّيْل طويلٌ وَأَنت مقمر لَيْسَ الرى عَن التشاف لم يحرم من فصد لَهُ اللقوح الربعية مالٌ وَطَعَام لَو لَك عويت لم أعو لَيْسَ من الْعدْل سرعَة العذل لَو ذَات سوارٍ لطمتنى لَو ترك القطا لنام لَيْسَ بعد الإسار إِلَّا الْقَتْل لَو نهيت عَن الأولى لانتهت عَن الْأُخْرَى لَيْسَ بعشك فادرجى لم يفت من لم يمت لَو كَانَ ذَا حيلةٍ تحول لقِيت مِنْهُ عرق الْقرْبَة لبست لَهُ جلد النمر لألحقن حواقنه بذواقنه لأطعنن فِي حوصه لأرينك لمحاً باصراً لتحلبنها مصرا لأمدن غضنه لم تبن

الْبيُوت على الْمحبَّة لَو تمنيت لقصرت لم أجد لشفرةٍ محزا لم يذهب من مَالك مَا وعظك لَيْسَ قطاً مثل قطىٍ لَو بِغَيْر المَاء غصصت لَيْسَ لقصيرٍ أمرٌ لج فحج لوى عَنهُ عذاره لَيْسَ أَخُوك الطبن من توقاه لألحقن قطوفها بالمعناق لَيْسَ أَوَان يكره الخلاط لم ولمه عصيت أمى الْكَلِمَة لبث قَلِيلا يدْرك الهيجا جمل لَيْسَ أَمِير الْقَوْم بالخب الخدع ليتنا فِي بردة أخماسٍ لكل ساقطةٍ لاقطةٍ ليتك بحضوضى لَيْسَ لَهَا رعاءٌ وَلَكِن حلبة لَقيته كفة كفة لَيْسَ لَهَا هاربٌ وَلَا قاربٌ لَك مَا أبكى وَلَا عِبْرَة بى لكل جوادٌ كبوةٌ لله دره لَو كنت منا حذوناك لعب بِهِ ذَنْب الكلبة

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها اللام

فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا اللَّام ألزق من برام ألزق من علٍ ألزق من ريشٍ على غراء ألزق من قارٍ ألزق من دبق ألزق من كشوث ألزق من حمى الرّبع ألزق من جعلٍ ألزق من قرنبى ألزم من شَعرَات القص ألزق من اللقب ألزم للمرء من ظله ألزم لَهُ من طباعه ألزم لَهُ من ذَنبه ألج من الخنفساء الج من الذُّبَاب ألج من الْكَلْب ألج من الْحمى أَلين من الزّبد أَلين من خمير أَلين من خرنق ألأم من ابْن قوصع ألأم من جدرة ألأم من ضبارة ألأم من مادر ألأم من راضع ألأم من الْبرم ألأم من سقبٍ رَيَّان ألأم من كلبٍ على عرق ألأم من ذِئْب ألأم من صبىٍ ألأم من الْجَوْز ألذ من غادية ألذ من مذاق الْخمر ألذ من الْغَنِيمَة الْبَارِدَة ألذ من المنى ألذ من نومَة الضُّحَى ألذ من إغْفَاءَة الْفجْر ألذ من قبلةٍ على عجل ألذ من زبدٍ بزب رباحٍ ألذ من زبدٍ بنرسيان ألص من شظاظ ألص من برحان ألص من فارةٍ ألص من عقعقٍ ألوط من دبٍ ألوط من راهبٍ ألوط من ثفرٍ ألهف من قضيب ألهف من أَبى غبشان ألهف من قالب الصَّخْرَة أَلحن من قينتى يزِيد الحن من الجرادتين

التفسير

التَّفْسِير 1495 - قَوْلهم لَيْسَ لمكذوبٍ رأىٌ قد مضى ذكر أَصله فِي الْبَاب السَّادِس والمكذوب الَّذِي تحدث بِالْكَذِبِ وَقد كَذبته إِذا حدثته بِحَدِيث كذب وكذبته إِذا أخْبرت بِخَبَر فَأخْبرت أَنه كذب 1496 - قَوْلهم اللَّيْل أخْفى للويل الْمثل لأكثم بن صيفىٍ يَقُول إِذا أردْت أَن تأتى بريبة فَأْتِهَا لَيْلًا فَإِنَّهُ أستر لَهَا وَكتب عبد الله بن طَاهِر إِلَى ابْنه وَقد بلغه عَنهُ إقبال على اللَّهْو (انصب نَهَارا فِي طلاب الْعلَا ... واصبر على حر فِرَاق الحبيب) (حَتَّى إِذا اللَّيْل بدا مُقبلا ... واستترت عَنْك عُيُون الرَّقِيب) (فبادر اللَّيْل بِمَا تشْتَهى ... فَإِنَّمَا اللَّيْل نَهَار الأديب) وَقلت فِي مَعْنَاهُ (بركوب المقبحات جهاراً ... يفْسد الجاه والمروءة تخرب) (فَاجْعَلْ الْجد بِالنَّهَارِ شعارا ... واله بِاللَّيْلِ مَا بدا لَك فالعب)

(كم تسربلت من رِدَاء ظلامٍ ... ضحك اللَّهْو فِيهِ إِذْ هُوَ قطب) (وَرَأَيْت الهموم بِاللَّيْلِ أذهى ... وكذاك السرُور بِاللَّيْلِ أعذب) وَقَالَ بعض الْعَرَب وأنشدني بالحجاز فَتى من هِلَال (فَلم أر مثل اللَّيْل جنَّة هاربٍ ... وَلَا مثل حد السَّيْف للمرء صاحبا) 1497 - قَوْلهم لقد كنت وَمَا أخْشَى بالذئب يَقُوله الرجل يذل بعد الْعِزّ وَأَصله فِي الرجل يخرف فَيصير بِمَنْزِلَة الصَّبِي فَيفزع بمجيء الذِّئْب 1498 - قَوْلهم لَكِن بشعفين أَنْت جدودٌ يضْرب مثلا للرجل يكون ذَا مهانةٍ ثمَّ ينْتَقل إِلَى عز وَأَصله أَن امْرَأَة أخصبت ففخرت بِكَثْرَة لَبنهَا فَقيل لَهَا لَكِن بشعفين أَنْت جدودٌ أَي إِن كنت بِهَذَا الْموضع مخصبة فَإنَّك كنت بشعفين جدوداً والجدود القليلة اللَّبن وَقَوله بشعفين سَاكِنة الْعين وَهُوَ اسْم مَوضِع

1499 - قَوْلهم لَكِن على بلدح قومٌ عجفى يَقُوله الرجل إِذا رأى قوما فِي نعمةٍ وسعةٍ وَمن يهتم بِشَأْنِهِ فِي فاقةٍ وعسر والمثل لبيهس الفزارى قَالَه لما رأى أعداءه يفرحون بِمَا غنموا من مَال أَهله فَقَالَ لَكِن أهلى عجفى من الْفقر والعيلة وبلدح مَكَان كَانُوا فِيهِ 1500 - قَوْلهم لَو خيرت لاخترت مَعْنَاهُ لَو كَانَ الِاخْتِيَار إِلَيْك لَكُنْت تختارين مَا تريدين فَأَما وَالْأَمر قد قطع دُونك فَلَيْسَ لَك إِلَّا التَّسْلِيم والمثل لبيهس وَسَنذكر أَصله إِن شَاءَ الله تَعَالَى 1501 - قَوْلهم لبست عَلَيْهِ أذنى مَعْنَاهُ سكت عَلَيْهِ كالغافل عَنهُ مُحْتملا للأذية فِيهِ وَهُوَ على حسب قَوْلهم أغضيت عَلَيْهِ وغمضت عَنهُ وَفِي مَعْنَاهُ قَول بشار (قل مَا بدا لَك من زور وَمن كذب ... حلمي أَصمّ وأذني غير صماء) وَهُوَ من قَول الأول وَكَلَام سيء قد وقرت أذنى عَنهُ وَمَا بى من صمم)

وَقَالَ الأموى يُقَال لبست لَك أذنى زَمَانا أَي تصاممت لَك وتغافلت عَنْك وَرَوَاهُ غير أَبى عبيد لبست عَلَيْهِ أذنى وَمن الْأَمْثَال فِي الْأذن ضرب الله على أُذُنه أَي سلبه السّمع وَالْمرَاد أَنه نَام وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {فضربنا على آذانهم} لَيْسَ يُرِيد أَنه أصمهم كَمَا أَن الضَّرْب على الْكتاب لَا يُبطلهُ وَيَقُولُونَ جعلته دبر أذنى أَي نَبَذته وَلم ألتفت إِلَيْهِ 1502 - قَوْلهم لَوْلَا الوئام هلك اللئام الوئام المشابهة وواءمه مثل ضارعه إِذا شابهه وَقيل الوئام المباهاة وَذَلِكَ أَن اللَّئِيم رُبمَا أَتَى بالجميل من الْأُمُور مباهاةٌ وتشبهاً بِأَهْل الْكَرم وَلَوْلَا ذَلِك هلك لؤماً ويروى لَوْلَا الوئام هلك الْأَنَام والوئام الْمُوَافقَة يَقُول لَوْلَا مُوَافقَة النَّاس بَعضهم لبَعض فِي الْعشْرَة وَغَيرهَا لهلكوا 1503 - قَوْلهم لقوةٌ لاقت قبيساً يَجْعَل مثلا لِاتِّفَاق الْأَخَوَيْنِ فِي التحاب واللقوة السريعة الْحمل

والقبيس السَّرِيع الإلقاح وَمثله التقى الثريان وَيُقَال فحلٌ قابسٌ إِذا كَانَ يلقح بقرعةٍ وَاحِدَة 1504 - قَوْلهم لمثل ذَا كنت أحسيك الحسا يَقُول لمثل هَذَا الْأَمر كنت أوثرك بِمَا أوثرك بِهِ وَأَصله فِي الرجل يغذو فرسه اللَّبن ثمَّ يحْتَاج إِلَيْهِ فِي طلبٍ أَو هربٍ فَيَقُول لَهُ لهَذَا كنت أفعل بك مَا كنت أَفعلهُ فجد فِيهِ وَلَا تضعف عَنهُ وَقَالَ الْأَغْلَب العجلى (كَأَن عرق أيره إِذا ودى ... حَبل عجوزٍ ضفرت سبع قوى) (وانشعبت فيشته ذَات شوى ... كَأَن فِي أجيادها سبع كلى) (مَا زَالَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ والمنى ... وَالْحلف السفساف يردى فِي الردى) (قلت أَلا ترينه قَالَت أرى ... قلت أَلا أشيمه قَالَت بلَى) (فَشَام فِيهَا مثل محراث الغضا ... تَقول لما غَابَ فِيهَا واستوى) (لمثل ذَا كنت أحسيك الحسا ... يبرى لَهُ كبناً كأطراف النَّوَى) (من طيب مصان الَّذِي كَانَ إشترى ... تنظف عَيناهُ بعلك المصطكى) 1505 - قَوْلهم لَيْسَ عبدٌ بأخٍ لَك يَقُول لَا تتكل على عَبدك فِي جلّ الْأُمُور فَإِنَّهُ لَا ينصح لَك

واصله أَن رجلا أَرَادَ أَن يختبر أخوانه فذبح شَاة ولفها فِي شىء وَزعم أَنه إِنْسَان قَتله وسألهم ستره فكلهم رده إِلَّا رجلا كَانَ أخسهم عِنْده فَقَالَ لَهُ هَل علم بِهِ أحد غيرى قَالَ عبدى هَذَا فَأخذ السَّيْف وَقَتله وَقَالَ لَيْسَ عبدٌ بأخٍ لَك أَي لَا تأمنه على جَمِيع أمورك 1506 - قَوْلهم لَيْسَ عَلَيْك نسجه فاسحب وجر يضْرب مثلا للرجل يضيع مَا لم يسع فِي تَحْصِيله أَي لم تتعن فِيهِ فَأَنت تفسده وَلَفظ الْأَمر هَاهُنَا بِمَعْنى الْإِنْكَار والنهى أَي لَا تفسده والسحب والجر سَوَاء وَإِنَّمَا كرر بِغَيْر اللَّفْظ للتوكيد كَمَا تَقول أقِم وَلَا تَبْرَح وَيجوز أَن يُقَال السحب للشىء هُوَ أَن يبسطه عِنْد الْجَرّ وَمِنْه قيل السَّحَاب لانبساطه فِي الْجَرّ مَعَ انجراره 1507 - قَوْلهم لبث رويداً يلْحق الداريون واحدهم دارىٌ والدارى رب النعم لِأَنَّهُ مقيمٌ فِي الدَّار وَغَيره يتَصَرَّف فِي رعيها وإصلاحها وَمَعْنَاهُ اصبر حَتَّى يلْحق من لَهُ الْعِنَايَة بِالْأَمر وَبعده (أهل الْجِيَاد الْبدن المكفيون ... سَوف ترى إِن لَحِقُوا مَا يبلون)

وَالْبدن الْمسنون وَسميت الْبَدنَة بَدَنَة لِأَنَّهَا بلغت فِي السن مَا تصلح مَعَه للنحر ورجلٌ بدن مسن 1508 - قَوْلهم لكل أناسٍ فِي بعيرهم خبرٌ يعْنى أَن كل قوم أعلم بأمرهم من غَيرهم وَهُوَ من شعر لعَمْرو ابْن شأسٍ (فأقسمت لَا أشرى زبيبا بِغَيْرِهِ ... لكل أنَاس فِي بعيرهم خبر) لَا أشري لاأبيع وَالزَّبِيب تَصْغِير أزب كَمَا تَقول فِي تَصْغِير أَحمَق حميق وَكَانَت لعَمْرو بن شاسٍ امرأةٌ تبغض ابْنه عراراً فَطلقهَا فندم فَقَالَ (تذكر ذكرى أم حسان فاقشعر ... على دبرٍ لما تبين مَا ائتمر) إِلَى أَن قَالَ (فآليت لَا أشرى زبيباً بِغَيْرِهِ فَجعل زبيباً مثلا لامْرَأَته الَّتِى فَارقهَا وَلم يعتض مِنْهَا عوضا يحمده يَقُول فأقسمت لَا أُفَارِق شَيْئا قد عرفت فَضله على غَيره وَلَا أبيعه طلب مَا هُوَ فَوْقه فَلَعَلَّ ذَلِك يخطئني

1509 - قَوْلهم اللَّيْل وأهضام الوادى يضْرب مثلا للأمرين يخافان جَمِيعًا وَأَصله أَن يسير الرجل لَيْلًا فِي بطُون الأودية فيجتمع عَلَيْهِ هول اللَّيْل ومخافة مَا يغتاله من لصٍ أَو سبع أَو حَنش وَوَاحِد الأهضام هضمٌ وَهُوَ المنخفض من الأَرْض وَمِنْه سمى النَّقْص هضماً يُقَال هضمته حَقه إِذا نقصته إِيَّاه وَذَلِكَ أَن الهضم نُقْصَان فِي الأَرْض وَإِلَيْهِ يرجع هضم الطَّعَام فَإِنَّهُ ينقص فيزول عَن رَأس الْمعدة 1510 - قَوْلهم لَيْسَ الهناء بالدس يضْرب مثلا للرجل يقصر فِي الْأَمر وَلَا يُبَالغ فِي إِصْلَاحه وَأَصله أَن يجرب الْبَعِير فِي أرفاغه فَإِذا هنئت أرفاغه بِأَعْيَانِهَا قيل قد دس دسا وَلَيْسَ ذَلِك بالمختار وَإِنَّمَا الْمُخْتَار أَن يهنأ جسده كُله لينحسم الدَّاء بأجمعه وَقد مدح دُرَيْد بن الصمَّة بِوَضْع الهناء مَوَاضِع الدَّاء وَهُوَ خلاف الْمثل فَقَالَ (مَا إِن رَأَيْت وَلَا سَمِعت بِهِ ... كَالْيَوْمِ هَانِئ أينقٍ جرب) (متبذلاً تبدو محاسنه ... يضع الهناء مَوَاضِع النقب)

والنقب مَوَاضِع الجرب وَهَذَا مثلٌ يضْرب لكل من يضع الشَّيْء مَوْضِعه 1511 - قَوْلهم اللَّيْل طويلٌ وَأَنت مقمرٌ يضْرب مثلا فِي التأنى وَالصَّبْر على الْحَاجة حَتَّى تمكن وَمَعْنَاهُ اصبر على حَاجَتك فَإنَّك تجدها فِي بَقِيَّة ليلتك فَإِنَّهَا طَوِيلَة وَأَنت مقمر أَي لَيْسَ فِيهَا ظلمَة تمنعك عَن قَصدهَا والمثل لسليك بن سلكة وَقد مر حَدِيثه وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن أبي حَاتِم عَن أَبى عُبَيْدَة قَالَ دخل عبد الله بن عَبَّاس على مُعَاوِيَة فِي وفادةٍ وفدها عَلَيْهِ فَوجدَ عِنْده زياداً فَمَا سلم حَتَّى قَالَ لَهُ زِيَاد مَا منع حسنا وَحسَيْنا أَن يزورا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَمَا زرته فَقَالَ ابْن عَبَّاس دعهما وأمير الْمُؤمنِينَ هم أعلم بعذرهما وتنح عَن منزلٍ لم تنزله فَقَالَ زِيَاد وَالله لَو وليتهما لخف ثقلهما وظعن مقيمهما فَقَالَ ابْن عَبَّاس اللَّيْل طَوِيل وَأَنت مقمر وعجلت فكم منادٍ بالرحيل غير مُطَاع وَلَو ترك القطا لنام فَقَالَ مُعَاوِيَة مهلا يَا زِيَاد فَإنَّك ترجو دُخُول حصنٍ لَا بَاب لَهُ وَالله لِأَن تنالهما صلتى أحب إِلَى من أَن يتناولا هامتى فَقَالَ ابْن عَبَّاس فَلَمَّا قُمْت قَامَ زِيَاد فأدركنى فَقَالَ يَا ابْن عَبَّاس مَا حملنى على مَا عاينتنى عَلَيْهِ إِلَّا مَجْلِسه وَالله لقد

رضيها وَأظْهر سخطها وَلَو لم أشغب بِمَا رَأَيْت لشغب بِي فَقَالَ ابْن عَبَّاس أَنا أعلم بِهِ مِنْك وأطول عشرَة لَهُ وَالله لَو أحبها لقَالَ فَلَا تعد بعْدهَا إِلَى أَمر تدفع عَنهُ 1512 - قَوْلهم لَيْسَ الرى عَن التشاف يضْرب مثلا للقناعة بِبَعْض الْحَاجة أَي لَيْسَ قَضَاء الْحَاجة أَن تدركها إِلَى أقصاها بل فِي معظمها مقنعٌ والتشاف تفَاعل من الشف وَهُوَ استقصاء الشّرْب حَتَّى لَا يبْقى فِي الْإِنَاء شىءٌ والشفافة بَقِيَّة الشَّرَاب فِي الْإِنَاء وَكَانُوا يتسابون فِي استقصاء الشّرْب وَقَالَ شَاعِرهمْ (وللأرض من سُؤْر الْكَرِيم نصيب ... ) وَأحسن الْأُمُور أَن تَأْخُذ وتترك وَتقول الْعَامَّة من أَرَادَ كُله فَاتَهُ كُله وَنَحْو ذَلِك مَا قلته وَلَيْسَ مِنْهُ بِعَيْنِه (فاتك الْحَظ وَلَكِن ... لم يفت إِلَّا ليدرك) (خُذْهُ فَاتْرُكْهُ فَقدما ... يُؤْخَذ الشَّيْء ليترك) 1513 - قَوْلهم اللقوح الربعية مالٌ وطعامٌ يضْرب مثلا لسرعة قَضَاء الْحَاجة واللقوح النَّاقة ذَات اللَّبن

والربعية النَّاقة الَّتِى تنْتج فِي الرّبيع وَهُوَ أول النِّتَاج أَرَادَ أَنَّهَا طعامٌ لسرعة النِّتَاج يعْنى الِانْتِفَاع بلبنها وَهِي فِي الأَصْل مَال وَهِي لقحةٌ ولقوح وَالْجمع لقاح قَالَ الراجز (إِذا رَأَيْت أنجماً من الْأسد ... جَبهته أَو الخراة والكتد) (بَال سهيلٌ فِي الفضيخ ففسد ... وطاب ألبان اللقَاح وَبرد) مَعْنَاهُ أَن الفضيخ يفْسد عِنْد طُلُوع سُهَيْل فَكَأَنَّهُ بَال فِيهِ والفضيخ رطبٌ يشدخ وينبذ وَقَالَ برد أَي وَبرد ذَلِك وَلم يقل وَبَردت لِأَنَّهُ لَا يردهَا إِلَى الألبان 1514 - قَوْلهم لَو لَك عويت لم أعو يَقُوله الرجل يطْلب الْخَيْر فَيَقَع فِي شَرّ قَالُوا وَأَصله أَن رجلا بقى فِي قفر فنبح لتجيبه الْكلاب إِن كن قَرِيبا فَيعرف مَوضِع الأنيس فَسمِعت صَوته الذئاب فأقبلن يردنه فَقَالَ لَو لَك عويت لم أعو وَيُقَال استنبح الرجل إِذا نبح لتجيبه الْكلاب يستنبحها أَي يطْلب نباحها وَمِنْه قَول الشَّاعِر

(ومستنبحٍ قَالَ الصدى مثل قَوْله ... ) وَقَالَ آخَرُونَ أَصله أَن بنى سعدٍ أغارت على باهلة وَرَئِيسهمْ الزبْرِقَان ابْن بدر والأهتم المنقرى فَلَمَّا دنا الْأَهْتَم من محلتهم مُتَقَدما لأَصْحَابه ليعلم علم الْقَوْم وَكَانَت لعَمْرو بن ميسمٍ الباهلى غنمٌ لَا يزَال الذِّئْب يعترضها فَبينا عَمْرو يفوق سَهْمه ينْتَظر الذِّئْب عوى الْأَهْتَم عواء الْكَلْب كَيْمَا تجيبه الْكلاب إِن كن قَرِيبا فَرَمَاهُ عمرٌو فَأصَاب بَطْنه فسلح وَقَالَ لَو لَك عويت لم أعو وَولى هَارِبا وَاتَّبَعتهمْ باهلة فَأخذُوا الْأَهْتَم وَقَالُوا مَا جَاءَ بك فَأخْبرهُم الْخَبَر وركبوا مَعَ الصُّبْح فهزموا بنى تَمِيم وأسروا الزبْرِقَان فَافْتدى الْأَهْتَم نَفسه ومنوا على الزبْرِقَان فَقَالَ عَمْرو بن ميسم (غزتنا بَنو سعدٍ فدسنا مقاعساً ... وأشحيت بِالرُّمْحِ الْأَصَم ملادساً) (قريناهم زرق الأسنة والظبا ... وَلم نقرهم كوماً جلاداً قناعسا) (عوى أهتمٌ ثمَّ انثنى فَأَصَابَهُ ... دريرٌ يثير الْبَطن رطبا ويابساً) وَهَذَا الْيَوْم يُسمى يَوْم العريض 1515 - قَوْلهم لَيْسَ من الْعدْل سرعَة العذل الْمثل لأكثم بن صيفى يَقُول لَا ينبغى لمن يبلغهُ عَن أَخِيه شىءٌ أَن

يسْرع إِلَيْهِ باللائمة فَلَعَلَّ لَهُ عذرا وَحجَّة يُقَال عذله عذلا والعذل بِالتَّحْرِيكِ الِاسْم 1516 - قَوْلهم لَو ذَات سوار لطمتنى يَقُوله الْكَرِيم إِذا ظلمه اللَّئِيم وَأَصله أَن امْرَأَة لطمت رجلا فَنظر إِلَيْهَا فَإِذا هِيَ رثَّة الْهَيْئَة عاطل فَقَالَ لَو ذَات سوارٍ لطمتنى أَي لَو كَانَت ذَات غنى وهيئةٍٍ لكَانَتْ بليتى أخف وَمِنْه أَخذ الْقَائِل قَوْله (فَلَو أَنى بليت بهاشمىٍ ... خؤولته بَنو عبد المدان) (صبرت على مقَالَته وَلَكِن ... تَعَالَى فانظري بِمن ابتلاني) 1517 - قَوْلهم لم يحرم من فصد لَهُ وَمِنْهُم من يَقُول من فزد لَهُ أَي لم يحرم من نَالَ بعض حَاجته وَأَصله أَن يمْلَأ الْمصير دَمًا من أوداج الْبَعِير أَو الْفرس ثمَّ يشوى فيؤكل قَالَ جرير (أكلُوا الفصيد فصيد أبر أَبِيهِم ... أَو حيض بَرزَة فالسيال دوَام) وَكَانَ حاتمٌ أَسِيرًا فِي عنزة فغزت رِجَالهمْ وَخلف مَعَ النِّسَاء فَقُلْنَ لَهُ أتحسن أَن تغير قَالَ إِذا لمع البشير وَإِنَّمَا أردن الْقَتْل وَأَرَادَ النهب

فناولنه حَدِيدَة وقلن لَهُ افصد لنا فَقَامَ إِلَى نَاقَة فعقرها فأوجعنه ضربا فَقَالَ هَذَا فزدى أَي فصدى وَأكْثر مَا سمعناه فصد لَهُ بِإِسْكَان الصَّاد كَمَا قَالَ الراجز (لَو عصر مِنْهُ الْمسك والبان انعصر ... ) 1518 - قَوْلهم لَو ترك القطا لنام يضْرب مثلا للرجل يستثار للظلم فيظلم وَأَصله أَن مُنْذر بن امْرِئ الْقَيْس تزوج هندا بنت عَمْرو بن جُحر آكل المرار وَقيل هنداً ابْنة الْحَارِث ابْن عَمْرو عمَّة امْرِئ الْقَيْس بن جُحر فَولدت لَهُ عَمْرو بن الْمُنْذر وَالْمُنْذر الْأَصْغَر ثمَّ طَلقهَا وَتزَوج أُمَامَة بنت سَلمَة بن الْحَارِث فَولدت لَهُ عمرا فَلَمَّا ملك عَمْرو بن هِنْد اسْتعْمل أَخَوَيْهِ لأمه وَقطع عَمْرو بن أُمَامَة فلحق بِملك الْيمن وَسَأَلَهُ أَن يبْعَث مَعَه جندايقاتل بهم أَخَاهُ عَن نصِيبه من ملك أَبِيه فَقَالَ اختر من شِئْت فَاخْتَارَ مُرَاد فسرحهم مَعَه وَأمر عَلَيْهِم هُبَيْرَة بن عَمْرو المكشوح فَنزل وَاديا يُقَال لَهُ قضيب فتلاومت مُرَاد وَقَالُوا تركنَا أَمْوَالنَا وديارنا وتبعنا هَذَا الأنكد فتمارض هُبَيْرَة وَشرب مَاء الرفة وَهِي التِّبْن فاصفر لَونه ثمَّ شرب الْمغرَة فَبعث إِلَيْهِ عمرٌو بطبيب فَرَآهُ يقىء الدَّم فكشحه أَي كواه على كشحه فَسمى

المكشوح وَرجع الطَّبِيب فَقَالَ هُوَ جد مَرِيض فَلَمَّا اطْمَأَن عمرٌو سَار إِلَيْهِ المكشوح وَكَانَ عَمْرو أعرس بِجَارِيَة من مُرَاد فأحاطوا بِهِ فَقَالَت أم وَلَده أتيت يَا عَمْرو وسال قضيبٌ بِمَاء أَو حَدِيد فَذَهَبت مثلا فَقَالَ لَهَا ليل غيرى وَقيل عِنْد غيرى نامى فَذَهَبت مثلا وَمر بِهِ قطيعٌ من القطا فَقَالَ عَمْرو مَا بَال القطا يسرى فَقَالَت أم وَلَده لَو ترك القطا لنام فَذَهَبت مثلا وثاروا إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَى سَيْفه يرتجز (لقد عرفت الْمَوْت قبل ذوقه ... إِن الجبان حتفه من فَوْقه) (كل امْرِئ مقَاتل عَن طوقه ... والثور يحمى جلده بروقه) ولقيه غلامٌ من مُرَاد وَكَانَ عمروٌ يَقُول إِذا رَآهُ نعم وصيف الْملك هَذَا فَقَالَ (أَي وصيف ملكٍ ترانى ... أما ترانى رابط الْجنان) (أفليه بِالسَّيْفِ إِذا استفلانى ... أُجِيبهُ لبيْك إِذْ دعانى) (رويت مِنْهُ علقاً سنانى ... ) ثمَّ ضربه فَقتله وَجَاء بولده ونسائه إِلَى عَمْرو بن هِنْد وَقَالَ لَهُ قتلت عَدوك وسترت عورتك فَأمر بِهِ عَمْرو أَن يقذف فِي النَّار فَقَالَ أَيهَا الْملك إنى كريمٌ فليطرحني كريمٌ فَأمر ابْنه وَابْن أَخِيه أَن يطرحاه

فَلَمَّا دنا من النَّار مسح شراكه فعجبا مِنْهُ فَقَالَ أردْت أَن تعرفا قُوَّة نفسى وصبرى ثمَّ قَالَ (الْخَيْر لَا يأتى بِهِ حبه ... وَالشَّر لَا ينفع مِنْهُ الْجزع) ثمَّ تعلق بهما واندفع إِلَى النَّار فاحترقوا جَمِيعًا وَقيل كَانَ ذَلِك سَبَب غضب عَمْرو بن هِنْد على طرفَة وَقَتله 1519 - قَوْلهم لَيْسَ بعد الإسار إِلَّا الْقَتْل يُقَال ذَلِك عِنْد الْإِسَاءَة يركبهَا الرجل من صَاحبه يسْتَدلّ بهَا على أَكثر مِنْهَا والمثل لبَعض بنى تَمِيم قَالَه يَوْم المشقر وَهُوَ حصنٌ بِنَاحِيَة الْبَحْرين وَكَانَت بَنو تَمِيم قطعُوا على لطيمة كسْرَى فَذَهَبُوا بهَا فَكتب كسْرَى إِلَى المكعبر وَهُوَ عَامله على الْبَحْرين بِأَن يظْهر استصلاحهم فيدعوهم إِلَى طعامٍ يزْعم أَنه يَتَّخِذهُ لَهُم ويوقد على المشقر نَارا يطمعهم فِيهِ فَإِذا تمكن مِنْهُم يقتل بَعضهم ويستخدم بَعْضًا فَفعل فَجَاءُوا ودخلوا الْحصن فَقتل مِنْهُم جمَاعَة عَظِيمَة ثمَّ فطن بَعضهم وَقَالَ أَرَاكُم تدخلون وَلَا تخرجُونَ وَلَيْسَ بعد الإسار إِلَّا الْقَتْل فَرجع مِنْهُم جماعةٌ كَانُوا على بَاب الْحصن وَقتل من البَاقِينَ جماعةٌ وجماعةٌ استعملوا فِي مهنة الْبناء وَغَيره فجَاء الْإِسْلَام وَقد بقيت

مِنْهُم بقيةٌ أخرجهم الْعَلَاء بن الحضرمى أَيَّام أَبى بكر رضى الله عَنهُ فَقَالَت الْعَرَب أَجْهَل من أسرى الدُّخان وأجشع من وَفد تَمِيم 1520 - قَوْلهم لَو نهيت عَن الأولى لم تعد لِلْأُخْرَى يضْرب مثلا للرجل يسيء فَيحْتَمل فيضرى على الْإِسَاءَة والمثل لأنس بن الحجير وَقد ذكرنَا أَصله فِي الْبَاب التَّاسِع 1521 - قَوْلهم لَيْسَ بعشك فادرجى أَي لَيْسَ مِمَّا ينبغى لَك فزل عَنهُ والعش مَا يكون فِي الشَّجَرَة وَالْجمع عششة وَقد عشش الطَّائِر والدرجان والدروج المضى فِي تقَارب خطو وَضعف مَشى والوكر مَا كَانَ فِي حَائِط أَو جبل والأدجى للنعام والأفحوص للقطاة وَكِلَاهُمَا على وَجه الأَرْض والعر زَالَ للحية والوجار للضبع والثعلب والمكو للضب والعرين والعريسة للأسد 1522 - قَوْلهم لَو كَانَ ذَا حيلةٍ تحول يُقَال للرجل يستسلم للنائبة فَيهْلك أَي لَو كَانَت لَهُ حيلةٌ فِي الْخَلَاص

مِنْهَا طلبَهَا يُقَال احتال الرجل وتحول وَهُوَ حولٌ وحولةٌ أَي كثير الْحِيلَة وَقد ذكرنَا أَصله قبل 1523 - قَوْلهم لم يفت من لم يمت يضْرب مثلا للرجل يفوتك بالوتر فِي عَاجل الْحَال فترجو أَن تصيبه مِنْهُ فِي آجلها والمثل لأكثم بن صَيْفِي وَقد ذَكرْنَاهُ فِيمَا تقدم 1524 - قَوْلهم لقِيت مِنْهُ عرق الْقرْبَة قَالُوا مَعْنَاهُ لقِيت مِنْهُ شدَّة وجهداً كَمَا أَن حَامِل الْقرْبَة يلقى شدَّة من حملهَا حَتَّى يعرق قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَالْوَجْه عندى أَن الْقرْبَة تَنْشَق أَو تكَاد فتدهن فتوضع فِي الشَّمْس فَإِذا تشربت الدّهن ثمَّ نديت بِهِ فقد صلحت فَجعلُوا وَضعهَا فِي الشَّمْس إِلَى أَن تندى بالدهن ثَانِيَة مثلا للجهد يلقاه الْإِنْسَان من الْأَمر قَالَ الشَّاعِر (عرق الْقرْبَة قد كلفنى ... كَيفَ آتى بجميلٍ قد ذهب) والجميل الشَّحْم الْمُذَاب تدهن بِهِ الْقرْبَة

1525 - قَوْلهم لبست لَهُ جلد النمر مَعْنَاهُ أظهرت لَهُ الْعَدَاوَة الشَّدِيدَة وَجعلُوا النمر مثلا فِي ذَلِك لِأَنَّهُ من أجرأ سبع وأشده وَأقله احْتِمَالا للضيم وَيَقُولُونَ تنمرت لَهُ أَي صرت لَهُ مثل النمر أوقع بِهِ وَلَا أحتمله قَالَ عَمْرو بن معد يكرب (قومٌ إِذا لبسوا الْحَدِيد ... تنمروا حلقا وقدا) 1526 - قَوْلهم لألحقن حواقنه بذواقنه 1527 - وَقَوْلهمْ لأمدن غضنه 1528 - وَقَوْلهمْ لأطعنن فِي حوصه 1529 - وَقَوْلهمْ لأرينه لمحاً باصراً كل ذَلِك أمثالٌ للتوعد والتهدد والحواقن مَا يحقن الطَّعَام فِي الْبَطن والذواقن الذقن وَمَا تَحْتَهُ والحوص الْخياطَة وَمَعْنَاهُ لأفسدن مَا أصلحت ولمحا باصراً أَي نظرا شَدِيدا بتحديق أخرج مخرج لابنٍ وتامرٍ وَفِي هَذَا قَوْلهم لتحلبنها مصرا أَي لأمنعنك مَا تطلب منى حَتَّى لَا تقدر على استخراجه والمصر الْحَلب بأطراف الْأَصَابِع مصر

النَّاقة مصرا ولأمدن غضنك أَي لأطيلن تعبك لِأَن الْعَامِل بيدَيْهِ تتمدد غُضُون جسده وَكَذَلِكَ السائر والماشى وَإِنَّمَا يتغضن جلد الْجَالِس والتغضن التكسر يكون فِي الْجلد 1530 - قَوْلهم لم تبن الْبيُوت على الْمحبَّة أَي رُبمَا اجْتمع الْقَوْم على غير رضَا بَعضهم بِبَعْض ومحبة بَعضهم لبَعض وَلَكِن حَاجَة كل واحدٍ مِنْهُم إِلَى الآخر تجمعهم مَعْنَاهُ اصبر على أذية صديقك وَأهْلك فَإِن حَال النَّاس مَعَ أهلهم وأصدقائهم مثل حالك وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (وهموم بَيْتك إِن نظرت أقلهَا ... ) 1531 - قَوْلهم لحسن مَا أرضعت إِن لم ترشفى أَي لم يذهب اللَّبن يُقَال ذَلِك للرجل إِذا ابْتَدَأَ بِإِحْسَان فخيف أَن يسيء 1532 - قَوْلهم لَو تمنيت أقصرت يضْرب مثلا لوجدان الرجل مَا يُحِبهُ من غير طلب وَنَحْوه قَول جميل

(وهما قَالَتَا لَو أَن جميلاً ... أعرض الْيَوْم نظرةً فرآنا) (بَيْنَمَا ذَاك مِنْهُمَا رأتانى ... أعمل النَّص سيرةً زفيانا) (نظرت نَحْو تربها ثمَّ قَالَت ... قد أَتَانَا وَمَا علمنَا منانا) والإعمال الإدآب عمل الْبَرْق إِذا دأب وَمِنْه سميت المطية يعملةً لدؤوبها فِي السّير وَقَالَ الشَّاعِر (الْعين تَأمل رؤياكم إِذا اختلجت ... والبرق يحدث شوقاً كلما عملا) وَقَالَ القطامى (إِن ترجعى من أَبى عُثْمَان منجحةً ... فقد يهون على المستنجح الْعَمَل) وَقَالَ آخر (وَقَالُوا قُم وَلَا تعجل ... وَإِن كُنَّا على عجل) (قليلٌ فِي هَوَاك الْيَوْم ... مَا نلقى من الْعَمَل) 1533 - قَوْلهم لأقيمن لَك الْأُمُور على عرارها أَي على حُدُودهَا وَيُقَال بُيُوتهم على عرار وَاحِد أَي على حد وَاحِد

1534 - قَوْلهم لأقيمن صعرك يُقَال ذَلِك للرجل المعوج المائل عَن الْحق والصعر ميل فِي الْوَجْه من كبر أَي لأردنك إِلَى الْحق بالقهر وَالْغَلَبَة 1535 - قَوْلهم لم أجد لشفرةٍ محزا أَي لم أجد فِي الْأَمر مساغاً والشفرة السكين العريض وَالْجمع شفار كَمَا تَقول جفنةٌ وجفان ونحوٌ مِنْهُ قَوْلهم لَو كَانَ فِي الْعَصَا سيرٌ قَالَ أَبُو تَمام (يالك من همةٍ وعزمٍ ... لَو أَنه فِي عصاك سير) أَي لَو أعنت بتوفيقٍ وتسديد وساعدك جد 1536 - قَوْلهم لم يذهب من مَالك مَا وعظك وَالْفرس تَقول فِي أَمْثَالهَا كل خسران كيس 1537 - قَوْلهم لَيْسَ قطاً مثل قطىٍ مَعْنَاهُ لَيْسَ الصَّغِير مثل الْكَبِير وَهُوَ من قَول ابْن الأسلت

(لَيْسَ قطا مثل قطي وَلَا المرعى ... فِي الأقوام كَالرَّاعِي) 1538 - قَوْلهم لَو بِغَيْر المَاء غصصت يَقُوله الرجل يُؤْتى من حَيْثُ يَأْمَن وَهُوَ من قَول عدى بن زيد (لَو بِغَيْر المَاء حلقى شرقٌ ... كنت كالغصان بِالْمَاءِ اعتصارى) أَي لَو شَرقَتْ بِغَيْر المَاء لَكَانَ التجائى إِلَى المَاء فَأَخذه بعض الْمُحدثين فأفسده فَقَالَ (إِلَى المَاء يعدو من يغص بلقمةٍ ... إِلَى أَيْن يعدو من يغص بِمَاء) وَقَالَ (وَكُنَّا نستطب إِذا مرضنا ... فَصَارَ سقامنا بيد الطَّبِيب) (وَكَيف نجيز غصتنا بِمَاء ... وَنحن نغص بِالْمَاءِ الشروب) 1539 - قَوْلهم لَيْسَ لقصيرٍ أمرٌ يضْرب مثلا للرجل يستشار فَإِذا أَشَارَ لم يقبل مِنْهُ وَقد ذكرنَا حَدِيثه فِي الْبَاب الثَّانِي

1540 - قَوْلهم لج فحج يضْرب مثلا للرجل المتمادى فِي الْأَمر وأجعله أَن رجلا لج فِي الْغَيْبَة عَن أَهله حَتَّى حج وَلم يكن الْحَج من شَأْنه وَنَحْوه قَول بعض الْمُحدثين (جماعةٌ إِن حج عِيسَى حجُّوا ... وَكلهمْ حجهم معوج) 1541 - قَوْلهم لوى عَنهُ عذاره أَي عَصَاهُ وَخَالف أمره وَلَيْسَ لَهُ عذارٌ يلويه وَإِنَّمَا العذار للْفرس وَمثله فِي الِاسْتِعَارَة قَوْلهم فلَان سَاكن الطَّائِر وغمر الرِّدَاء وبعيد الْغَوْر وَنَحْوه هُوَ شَدِيد الْوَطْأَة 1542 - قَوْلهم لَيْسَ أَخُو الطين من توقاه أَي لَيْسَ صَاحب هَذَا الْأَمر من هابه وَنَحْوه قَول بعض الْمُحدثين وَلَيْسَ مِنْهُ بِعَيْنِه (وكل أمرٍ على مِقْدَار هيبته ... وكل صَعب إِذا هونته هانا) وَقلت (وَلَا أهاب عَظِيما حِين يدهمنى ... وَلَيْسَ تغلب شَيْئا أَنْت هائبه)

وَفِي قريب من معنى الْمثل قَول الأول (وَمَا طَالب الْحَاجَات فِي كل وجهة ... من النَّاس إِلَّا من أجد وشمرا) 1543 - قَوْلهم لألحقن قطوفها بالمعناق يُرَاد بِهِ الشدَّة على من تلى أمره وَأَصله أَن تَسوق الْإِبِل سوقا عنيفا حَتَّى يلْحق بطيئها سريعها 1544 - قَوْلهم لم ولمه عصيت أمى الكلمه يَقُوله الرجل عِنْد مَعْصِيَته الشفيق نَادِما على مَعْصِيَته 1545 - قَوْلهم لَيْسَ أَوَان يكره الخلاط يَقُوله الرجل فِي الْأَمر الَّذِي لَا بُد لَهُ من ركُوبه على شدته وَمثله قَول أَبى النشناش (على أى شىء يصعب الْأَمر قد ترى ... بِعَيْنَيْك أَن لَا بُد أَنَّك رَاكِبه)

1546 - قَوْلهم لبث قَلِيلا يلْحق الهيجا حمل أَي انْتظر حَتَّى يتلاحق الشبَّان والهيجاء الْحَرْب تقصر وتمد وَحمل اسْم رجل 1547 - قَوْلهم لَيْسَ أَمِير الْقَوْم بالخب الخدع يُقَال رجل خبٌ بِالْفَتْح وَبِه خبٌ بِالْكَسْرِ كَمَا تَقول هُوَ طبٌ وَله طبٌ وَهُوَ أَن يكون غاشاً وَفُلَان خبٌ ضبٌ إِذا كَانَ مُنْكرا داهيةً وَمن هَذَا الْمثل أَخذ الْمقنع قَوْله (يعيرنى بِالدّينِ قومى وَإِنَّمَا ... تدينت فِي أَشْيَاء تكسبهم حمدا) (فَإِن يَأْكُلُوا لحمى وفرت لحومهم ... وَإِن هدموا مجدى بنيت لَهُم مجدا) (وَلَا أحمل الحقد الْقَدِيم عَلَيْهِم ... وَلَيْسَ رَئِيس الْقَوْم من يحمل الحقدا) 1548 - قَوْلهم ليتنا فِي بردة أخماسٍ يَقُول ليتنا قد جمع بَيْننَا فتقاربنا وبردة أخماسٍ يعْنى بردة

تكون خَمْسَة أشبار وَخلاف ذَلِك قَوْلهم ليتك بحضوضى وليتك بحوض الثَّعْلَب يُرَاد بِهِ الْبعد قَالُوا وحوض الثَّعْلَب وادٍ بعمان وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (قَالُوا جفاك فَقلت أَهْون جَاف ... أدنى خطاه أبرق العزاف) وَقَالَ غَيره (إِلَى حَيْثُ يعوى الذِّئْب من شدَّة الخوى ... وَحَيْثُ بَكَى فِيهِ الْغُرَاب من الْمحل) 1549 - قَوْلهم لكل ساقطةٍ لاقطةٌ أَي لكل كلمةٍ رديئةٍ دنيئةٍ متحفظٌ كَمَا تَقول فلَان رجلٌ سَاقِط إِذا كَانَ دنيا دوناً وَدخلت الْهَاء فِي لاقطة ليَصِح الازدواج كَمَا يُقَال أجيئه الغدايا والعشايا وَيَقُولُونَ أَيْنَمَا سقط فلانٌ لقط أَي أَيْنَمَا حل عَاشَ وَقلت (رَأَيْت الْفضل لَا يَعْلُو فيجنى ... لشقوته وَلَا يدنو فيلقط) (وَأَنت إِذا عَلَوْت فخنفساء ... قريب بَين مَا تعلو وَتسقط)

1550 - قَوْلهم لست من أحلاسها أَي لست من أَصْحَابهَا الَّذين يعرفونها ويقومون بهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلهم هم أحلاس الْخَيل مَعْنَاهُ أَنهم يقتنونها ويلزمون ظُهُورهَا وَدخل الضَّحَّاك بن قيسٍ على مُعَاوِيَة فَقَالَ مُعَاوِيَة (تطاولت للضحاك حَتَّى رَددته ... إِلَى حسبٍ فِي قومه متقاصر) فَقَالَ الضَّحَّاك قد علم قَومنَا أننا أحلاس الْخَيل فَقَالَ صدقت أَنْتُم أحلاسها وَنحن فرسانها أَنْتُم الساسة وَنحن القادة وأصل الحلس كساءٌ يوضع تَحت البرذعة على ظهر الْبَعِير وَيلْزمهُ فَشبه الَّذين يعْرفُونَ الشىء ويلزمونه بِهِ وَفِي الحَدِيث إِذا كَانَت فتنةٌ فَكُن حلْس بَيْتك أَي الزمه وَلَا تزايله والحلس أَيْضا الْفسْطَاط 1551 - قَوْلهم لَيْسَ لَهَا رعاءٌ وَلَكِن حلبةٌ يضْرب مثلا للرجل يُؤْكَل وَلَيْسَ لَهُ من يبْقى عَلَيْهِ وَأَصله فِي الْإِبِل يكون لَهَا من يحلبها وَلَيْسَ لَهَا من يرعاها

1552 - قَوْلهم لَقيته كفةً لكفةٍ أَي مُوَاجهَة وَلَا يُقَال كفة فِي شىء من الْكَلَام إِلَّا فِي هَذَا الْموضع وَفِي قَوْلهم كففته عَن الشىء كفةً وَاحِدَة فَأَما كفة الْمِيزَان فبالكسر وكفة الثَّوْب مَا يجمع ويخاط من أَطْرَافه وأصل الْكَلِمَة من الْإِحَاطَة وَفِي حَدِيث الْحسن أَن رجلا كَانَ بِهِ خراجٌ فَسَأَلَهُ كَيفَ يتَوَضَّأ فَقَالَ كَفه بخرقةٍ أَي اجْعَلْهَا حوله وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس (وكف بأجذال ... ) وكفة الرمل الْحَبل المستطيل مِنْهُ 1553 - قَوْلهم لَيْسَ لَهُ هاربٌ وَلَا قاربٌ أَي لَيْسَ هُوَ بمفزعٍ يهرب إِلَيْهِ أحدٌ وَلَيْسَ فِيهِ خير فيقربه أحد

1554 - قَوْلهم لَك مَا أبكى وَلَا عِبْرَة بى يَقُوله الرجل للرجل أَي إِنَّمَا أَحْزَن لَك فَأَما لشىء يخصنى فَلَا وَنَحْوه قَول الراجز (كَأَنَّهَا نائحة تفجع ... تبْكي بشجو وسواها الموجع) 1555 - قَوْلهم لله دره الأَصْل فِيهِ أَن الرجل إِذا كثر خَيره وعطاؤه قيل لله دره أَي لَهُ إحماد مَا ينيله كَمَا يَقُولُونَ لمن حمدوه لله هُوَ والدر عِنْدهم الْخَيْر وَأَصله اللَّبن ثمَّ كثر الْمثل حَتَّى قَالُوا لكل مَا تعجبوا مِنْهُ لله دره قَالَ الشَّاعِر (لله دَرك إِنِّي قد رميتهم ... لَوْلَا حددت وَلَا عذرى لمحدود) وَيَقُولُونَ عِنْد الْمَدْح در دَرك وَعند الذَّم لَا در دره قَالَ الهذلى (لَا در درى إِن أطعمت نازلكم ... قرف الحتى وعندى الْبر مكنوز) وَمعنى قَوْلهم لَا در دره أَي لَا كَانَ لَهُ خيرٌ يدر على النَّاس من

قَوْلهم درت الدرة إِذا انصبت والدرة اللَّبن يدر عِنْد الْحَلب وديمةٌ درورٌ منصبةٌ قَالَ الْفراء تَقول الْعَرَب در دره فِي معنى الْمَدْح وَأنْشد (در در الشَّبَاب وَالشعر الْأسود ... والضامرات تَحت الرِّجَال) 1556 - قَوْلهم لَو كنت منا حذوناك أَي أعطيناك والحذيا الْعَطِيَّة والمثل لمرة بن شَيبَان وأصابت الآكلة رجله فَأمر بنيه بقطعها فَأَبَوا ذَلِك فَقَالَ ابْنه همام وَكَانَ أخسهم فِي نَفسه أَلَيْسَ قطعهَا مِمَّا تؤثره وتريده قَالَ نعم قَالَ فَإِذا هَمَمْت بذلك فافعل وَتقدم فقطعها فَلَمَّا رَآهَا قد بَانَتْ قَالَ لَو كنت منا حذوناك فَذَهَبت مثلا يضْربهُ الرجل يحزن على أثر مَا فَارقه 1557 - قَوْلهم لعب بِهِ ذَنْب الكلبة يَجْعَل مثلا للرجل لَا يثبت على رأى وَلَا يثبت عزمه على شىء وَذَلِكَ أَن ذَنْب الكلبة يَتَحَرَّك أبدا وَلَيْسَ لَهُ سُكُون وثبات 1558 - قَوْلهم لكل جوادٍ كبوةٌ وَمِنْه قَول الراجز

(لَا بُد يَوْم بهلٍ من ربوه ... كَمَا تلاقى من جوادٍ كبوه) وَقد مضى أَصله فِي الْبَاب الْخَامِس 1559 - قَوْلهم لَكِن لحام بشرمة لَا تجن يضْرب مثلا فِي التحنن على الْأَقَارِب وَأَصله مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن ابْن دُرَيْد عَن الأشناندانى عَن التوزى عَن أَبى عُبَيْدَة فِي خبرٍ طَوِيل أوردت مِنْهُ هَاهُنَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ قَالَ كَانَ بيهسٌ القزارى يحمق وَله اخوة تِسْعَة هُوَ عاشرهم فَلَقِيَهُمْ بَنو مازنٌٍ فَقتلُوا إخْوَته وتركوه لحمقه وَقَالُوا إِن قَتَلْتُمُوهُ حسب عَلَيْكُم برجلٍ فَسَارُوا وَهُوَ مَعَهم يتَوَصَّل بهم حَتَّى نزلُوا منزلا فنحروا جزوراً وَأخذُوا يشوون ويطبخون ويأكلون فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِم الْحر قَالَ بَعضهم أظلوا اللَّحْم فَقَالَ بيهسٌ لَكِن لحامٌ بشرمة لَا تجن فَهموا بقتْله ثمَّ تجافوا عَنهُ وَقَالُوا لَا يعرف مَا يَقُول فَلَمَّا أَتَى بِهِ أمه قَالَت أجئتنى من بَين إخْوَتك فَقَالَ لَو خيرت لاخترت فَذَهَبت مثلا فَجعل يتجان وَهُوَ من الشَّيَاطِين وَمر عَلَيْهِ بعروسٍ فكشف عَن استه فَقيل مَا هَذَا فَقَالَ (ألبس لكل حالةٍ لبوسها ... إِمَّا نعيمها وَإِمَّا بوسها) وَكَانَ نسَاء إخْوَته يؤثرنه بِالطَّعَامِ فَقَالَ يَا حبذا التراث لَوْلَا

الذلة فأرسلها مثلا فَلم يزل يطْلب غرَّة بنى مَازِن حَتَّى سمع بِأَهْل بيتٍ مِنْهُم لَهُم عددٌ وثروةٌ فِي غارٍ فَانْطَلق إِلَى خالٍ لَهُ من أَشْجَع يكنى أَبَا جشرٍ فَقَالَ لَهُ إنى دللت على غنيمةٍ مَعَ رجلٍ لَيْسَ غَيره فَانْطَلق مَعَه حَتَّى أقحمه الْغَار فَقَالَ الْقَوْم إِنَّه لبطلٌ لإقدامه وَهُوَ واحدٌ على جمَاعَة فَقَالَ أَبُو جشر مكرهٌ أَخُوك لَا بَطل فأرسلها مثلا فَقتل أهل ذَلِك الْبَيْت هُوَ وخاله وَفِي ذَلِك يَقُول المتلمس (وَمن حذر الأوتار مَا حز أَنفه ... قصيرٌ ورام الْمَوْت بِالسَّيْفِ بيهس) وَانْصَرف وَهُوَ يَقُول (كَيفَ رَأَيْتُمْ طلبى وصبرى ... شفيت يَا مَازِن حر صدرى) (أدْركْت ثأرى ونفضت وَترى ... كلا زعمتم أننى لَا أفرى) (إِذا شالت الْحَرْب غَرِيم أمرى ... السَّيْف عزى والإله ظهرى) وَقَالَ فِي أَبْيَات أخر (الصَّبْر أبقى فِي الأساء وأودع ... مَا كل من حدثته مستمع) (مَا كل من يَرْجُو الإياب يرجع ... وَالْقدر المجلوب لَيْسَ يدْفع) (سَيذكرُ التَّفْرِيط من يضيع ... لَا تشبع النَّفس إِذا لَا تقنع) (لَا يشبه النافع من لَا ينفع ... غيرى لسرى إِن أضعت أضيع) (كل ترَاهُ فِي هَوَاهُ يقطع ... بَينا ترى الحى مَعًا تصدعوا)

(وكل حىٍ شَمله مستجمع ... لَهُ من الْفرْقَة يومٌ أشنع) (وكل دارٍ عمرت ومربع ... سَوف ترى وَهِي خلاءٌ بلقع) (حصاد كل زارعٍ مَا يزرع ... لكل جنبٍ علةٌ ومصرع) (لكل قومٍ سندٌ ومفزع ... قد تستعين بالأكف الأذرع) (إِن الْأَذَل للأعز يخضع ... بل أيهذا المستمر المترع) (اجْمَعْ فلست آكلا مَا تجمع ... ) 1560 - قَوْلهم لتجدنى بقرن الْكلأ أَي تجدنى حَيْثُ تطلبنى وَقرن الْكلأ مُنْتَهى الراعية 1561 - قَوْلهم لوى مغلٌ إصبعه الْمغل الْمُبْغض وَهُوَ الغل وَأنْشد ثعلبٌ (ألوت بأصبعها وَقَالَت إِنَّمَا ... يَكْفِيك مِمَّا لَا ترى مَا قد ترى) وَلم يُفَسر الْمثل 1562 - قَوْلهم لَقيته عين عنة أَي لَقيته خَاصَّة دون أَصْحَابه

1563 - قَوْلهم لم ترع حضاجر يضْرب مثلا للرجل الفروقة الَّذِي يهاب كل شىء وَقيل لم ترع حضاجر ضبارمٌ محَاضِر ترهبه القساور وحضاجر اسْم للضبع غير مَصْرُوف وَيُقَال للرجل الْمُفْسد عيثى حضاجر والضبع من أفسد شىء إِذا وَقعت فِي العنم وعيثي هُوَ من عاثه يعيثه إِذا رَمَاه ببصره أَي إِذا رَآهُ 1564 - قَوْلهم لألجمنك لجاماً معذباً كَمَا يُقَال لأفطمنك عَن هَذَا الْأَمر والمعذب الناهى عَن الشىء يُقَال أعذبوا عَن الآمال فَإِنَّهَا تورث الْغَفْلَة وَتعقب الْحَسْرَة وَيُقَال بَات فلَان عاذباً إِذا بَات مُمْتَنعا عَن الطَّعَام ساهرا 1565 - قَوْلهم لَو وجدت إِلَيْهِ فاكرش قد مضى ذكره فِي الْبَاب الأول

1566 - قَوْلهم لقد رَأَيْت رجلا سعى لَك مرجلاً حسبته ترجيلك رَوَاهُ ثَعْلَب وَمَعْنَاهُ أَنى رَأَيْت رجلا يشبهك 1567 - قَوْلهم لَو كَانَ فِي الْعَصَا سيرٌ يَقُوله الرجل يتَمَنَّى الْقُوَّة على الْأَمر وَأَصله فِي عَصا الْمُسَافِر إِذا لم يكن فِيهَا سيرٌ سَقَطت من يَده إِذا نعس قَالَ حبيبٌ (يالك من همةٍ وعزمٍ ... لَو أَنه فِي عصاك سير) أَي لَو كَانَ فِي الْأَمر تمامٌ أَو كَانَ جد ويقوله أَيْضا من يتَمَنَّى الْغنى وَنَحْوه

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها اللام

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا اللَّام 1568 - ألزق من برام 1569 - ألزق من عل وهما اسمان للقراد قَالَ الشَّاعِر (فصادفن ذَا قترةٍ لازقاً ... لزوق البرام يظنّ الظنونا) 1570 - ألزق من الكشوت مثل مولد مَعْرُوف 1571 - ألزق من جعلٍ 1572 - ألزق من قرنبى والقرنبى دويبة فَوق الخنفساء وَهِي والجعل يتبعان الَّذِي يُرِيد الْغَائِط وَلذَلِك قيل فِي مثل آخر سدك بِهِ جعلٌ قَالَ الشَّاعِر

(إِذا أتيت سليمى شب لي جعلٌ ... إِن الشقى الَّذِي يغرى بِهِ الْجعل) 1573 - ألزق من شَعرَات القص والقص الصَّدْر وَذَلِكَ أَنه كلما حلقت نَبتَت وَإِنَّمَا خصوا شعر الصَّدْر دون شعر الرَّأْس لأَنهم كَانُوا يوفرون شعر الرَّأْس ويحلقون شعر الصَّدْر 1574 - ألزم للمرء من ظله 1575 - وألزم لَهُ من ذَنبه معروفان 1576 - ألج من الْكَلْب لِأَنَّهُ يلج بالهرير على النَّاس 1577 - أَلين من خرنقٍٍ وَهُوَ ولد الأرنب

1578 - ألأم من ابْن قوضعٍ رجلٌ من أهل الْيمن مَعْرُوف باللؤم 1579 - ألأم من جدرة وَهُوَ رجلٌ من بنى الْحَارِث بن عدى بن حبيب بن العنبر 1580 - ألأم من ضبارة رجلٌ من الْعَرَب أَيْضا وَكَانَ ألأم النَّاس 1581 - ألأم من أسلم وَهُوَ أسلم بن زرْعَة ولى خُرَاسَان فَبَلغهُ أَن الْفرس كَانَت تضع فِي فَم كل من مَاتَ درهما فَأخذ ينبش النواويس فَقَالَ فِيهِ الجرمى (تعوذ بنجمٍ وَاجعَل الْقَبْر فِي صفا ... من الطود لَا ينبش عظامك اسْلَمْ) (هُوَ النابش الْمَوْتَى الْمُحِيل عظامهم ... لينْظر هَل تَحت السقائف دِرْهَم)

1582 - ألأم من راضعٍ وَهُوَ الَّذِي يرضع اللَّبن من حلمة شاته وَلَا يحلبها خشيَة أَن يسمع صَوت شخبه فياتيه سَائل وَقَالَ الْمفضل الراضع هُوَ الَّذِي يَأْخُذ الْخلال فيأكله شَرها ولؤماً وَقَالَ غَيره الراضع الَّذِي رضع اللؤم من ثدى أمه يعْنى الَّذِي يُولد فِي اللؤم 1583 - ألأم من الْبرم وَهُوَ الَّذِي لَا يدْخل مَعَ الأيسار فِي الميسر 1584 - ألأم من الْبرم الْقُرُون وَكَانَ رجلا من الأبرام استطعمت امْرَأَته النَّاس لَحْمًا فَجَاءَت بِهِ فَجعل يَأْكُل مِنْهُ قطعتين قطعتين فَقَالَت امْرَأَته أبرماً قروناً فسارت مثلا فِي الْبَخِيل الشره إِلَى مَا هُوَ فَوق حَقه 1585 - ألأم من سقبٍ رَيَّان لِأَنَّهُ إِذا أدنى إِلَى امهِ لم يدرها وَكَذَلِكَ قيل فِي مثل آخر شَرّ

مرغوبٍ إِلَيْهِ فصيلٌ رَيَّان وَمَعْنَاهُ أَن النَّاقة لَا تكَاد تدر إِلَّا على ولدٍ أَو بوٍ فَرُبمَا أَرَادوا أَن يحلبوا نَاقَة فأرسلوا تحتهَا فصيلها ليمريها بِلِسَانِهِ فَإِذا درت نَحوه حلبوها فَإِذا كَانَ الفصيل رَيَّان لم يمرها 1586 - ألذ من الْغَنِيمَة الْبَارِدَة وَهِي الْغَنِيمَة الَّتِي لم تتعب فِي تَحْصِيلهَا من قَوْلهم برد حقى على فلَان إِذا ثَبت وَحصل 1587 - ألذ من المنى من قَول الشَّاعِر (منى إِن تكن حَقًا تكن أحسن المنى ... وَإِلَّا فقد عِشْنَا بهَا زَمنا رغدا) وَقَالَ الآخر (إِذا ازدحمت همومى فِي فؤادى ... طلبت لَهَا المخارج بالتمنى) وَقيل لبِنْت الخس أَي شىء أطول أمتاعاً قَالَت المنى وَقَالَ ابْن

المقفع كَثْرَة المنى تخلق الْعقل وتطرد القناعة وتفسد الْحس 1588 - ألذ من إغْفَاءَة الْفجْر من قَول الشَّاعِر (فَلَو كنت مَاء كنت مَاء غمامةٍ ... وَلَو كنت درا كنت من درة بكر) (وَلَو كنت لهواً كنت تَعْلِيل ساعةٍ ... وَلَو كنت نوماً كنت إغْفَاءَة الْفجْر) 1589 - ألذ من زبدٍ بزب والزب تمرٌ من تمور الْبَصْرَة وَحكى أَن أَبَا الشمقمق دخل على الهادى وَسَعِيد بن سلمٍ عِنْده فأنشده (شفيعى إِلَى مُوسَى سماح يَمِينه ... وَحسب امْرِئ من شافعٍ بسماح) (وشعرى شعرٌ يشتهى النَّاس أكله ... كَمَا يشتهى زبدٌ بزب رَبَاح) فَقَالَ لَهُ الْهَادِي وَيلك مازب رَبَاح قَالَ تمرٌ عندنَا بِالْبَصْرَةِ إِذا أكله الْإِنْسَان وجد طعمه فِي كَعبه قَالَ وَمن يشْهد لَك قَالَ الْقَاعِد عَن يَمِينك قَالَ أكذا يَا سعيد قَالَ نعم فَأمر لَهُ بألفي دِرْهَم قَالَ سعيد فوَاللَّه لقد شهِدت لَهُ وَمَا أعرف صِحَة مَا قَالَ

1590 - ألوط من دبٍ كَانَ رجلا مَعْرُوفا باللواط 1591 - ألوط من راهبٍ وَذَلِكَ أَن اللواط عِنْد أَصْحَاب مانى حلالٌ فالرهبان يستعملونه 1592 - ألهف من قضيبٍ وَكَانَ تماراً بِالْبَحْرَيْنِ اجْتمع عِنْده حشفٌ كثير فَجعل فِيهِ كيساً فِيهِ ألف دِينَار ونسيه وَجَاء أعرابىٌ فَبَاعَهُ إِيَّاه فاحتمله وَذهب بِهِ ثمَّ تذكر الدَّنَانِير فَتَبِعَهُ واستخرجها من بعض جَلَاله وَكَانَ حمل مَعَه سكيناً وَأَرَادَ أَن يشق بَطْنه إِن لم يجدهَا فَتَنَاول الأعرابى السكين وشق بَطْنه 1593 - ألهف من أَبى غبشان قد مضى حَدِيثه

1594 - ألهف من قالب الصَّخْرَة قد مر ذكره 1595 - أَلحن من قينتى يزِيد يعنون لحن الْغناء والقينتان حبابة وسلامة جاريتا يزِيد بن عبد الْملك وكانتا من أحذق القيان فِي الْإِسْلَام 1596 - أَلحن من الجرادتين مثل قديم والجرادتان جاريتان لعبد الله بن جدعَان وَقيل إنَّهُمَا أول من غنى الْغناء العربى وَقد ذكرنَا حَدِيثهمَا فِي كتاب الْأَوَائِل وَقيل هما جاريتان كَانَتَا لمعاوية بن بكر العمليقى سيد العماليق وَالله أعلم

فيما جاء من الأمثال في أوله ميم

الْبَاب الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله مِيم فهرسته مقتل الرجل بَين فَكَّيْهِ المكثار كحاطب اللَّيْل من حب طب من حفنا أَو رفنا فليترك من لاحاك فقد عاداك من يَأْتِ الحكم وَحده يفلح المزاح لقاح الضغائن مَا يشق غباره مَا يَوْم حليمة بسرٍ من قل ذل وَمن أَمر فل مَا بللت مِنْهُ بأفوق ناصل مَا بالعير من قماص مَا تقرن بِهِ الصعبة مثقلٌ اسْتَعَانَ بذقنه المعزى تبهى وَلَا تبنى مَا يعوى وَلَا ينبح مَاله بذمٌ مرعًى وَلَا كالسعدان ماءٌ وَلَا كصداء مكرهٌ أَخُوك لَا بطلٌ مِنْك عيصك وَإِن كَانَ أشباً من أشبه أَبَاهُ فَمَا ظلم من عالج الشوق لم يستبعد الدَّار مَا أَخَاف إِلَّا من سيل تلعتى من سره بنوه ساءته نَفسه الْملك عقيم ماأشبه اللَّيْلَة بالبارحة ملكت فَأَسْجِحْ من يبغ فِي الدّين يصلف من لم يأس على مَا فَاتَهُ ودع نَفسه من حقر حرم مَا حللت بِبَطن تبَالَة لتحرم الأضياف مَا عقاله بأنشوطة الْمَرْء بخليله من حظك مَوضِع حَقك ملك ذَا أمرٍ أمره الْمنية وَلَا الدنية من يطلّ ذيله ينتطق بِهِ مرعىً وَلَا أكولةٌ مَا وَرَاءَك يَا عِصَام

محسنة فهيلى من سلك الجدد أَمن العثار من سمع سمع بِهِ مَا بِهِ قلبةٌ من يشترى سيفى وَهَذَا أَثَره الملسى لَا عُهْدَة لَهُ من ينْكح الْحَسْنَاء يُعْط مهرهَا من اشْترى اشتوى من يُعْط أَثمَان المحامد يحمد من لى بالسانح بعد البارح من عَال بعْدهَا فَلَا انجبر مَا هُوَ إِلَّا شرقٌ أَو غرقٌ مالى إِلَّا ذَنْب صحر مَا أباليه عبكة مَا أباليه بالة مَا أُبَالِي مَا نهئ من ضبك من يسمع يخل مذكية تقاس بالجذاع مَا يَجْعَل قدك إِلَى أديمك مَتى كَانَ حكم الله فِي كرب النّخل من استرعى الذِّئْب ظلم مَا عِنْده خمرٌ وَلَا خل مَاله سبد وَلَا لبدٌ مَاله هبعٌ وَلَا ربعٌ مَاله عافطة وَلَا نافطة من شَرّ مَا أَلْقَاك أهلك مَعَ الخواطئ سهمٌ صائبٌ مَاتَ عريض البطان من غَابَ غَابَ نصِيبه من مأمنه يُؤْتى الحذر مرّة عيشٌ وَمرَّة جيشٌ من ير يَوْمًا ير بِهِ من يجْتَمع تتقعقع عمده المنايا على الحوايا مر الصعاليك بأرسان الْجَبَل من يكن الْحذاء أَبَاهُ يجد نعلاه الْمَرْء يعجز لَا المحالة مَا يبض حجره من خَاصم الْبَاطِل أنجح بِهِ مَا بَال العلاوة بَين الفودين من سبك قَالَ من بلغك معاود السقى سقى صَبيا مَا الذُّبَاب وَمَا مرقته مَا يدرى أسعد الله أَكثر أم جذام من العناء رياضة الْهَرم مرا بلَى من بَاعَ بعرضه أنقق مخرنبق لينباع مالألأت الْفَوْر مَا أدرى أَي البرنساء هُوَ مَا أدرى أياً من أىٍ مبشرٌ مؤدمٌ من لَك بأخيك كُله مَعَ الْيَوْم غدٌ مَا ألْقى لَهُ بَالا مَتى عَهْدك بِأَسْفَل فِيك مَا كل سَوْدَاء تمرهٌ مَا كل بَيْضَاء شحمةٌ من عز بز محا السَّيْف مَا قَالَ ابْن دارة أجمعا من الذود إِلَى الذود إبلٌ

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الميم

فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْمِيم أمضى من الرّيح أمضى من السَّيْف أمضى من السهْم أمضى من النصل أمضى من سِنَان أمضى من الشَّفْرَة فِي الوتين أمضى من السَّيْل تَحت اللَّيْل أمضى من الْقدر المتاح أمضى من الْأَجَل أمضى من الدِّرْهَم أمضى من سليك المقانب أمض من ترحةٍ بعد فرحةٍ أمرق من سهم أمخط من سهم أمهن من ذُبَاب أَمر من العلقم أَمر من الحنظل أَمر من الدفلى أَمر من الْمقر أَمر من الصَّبْر أَمر من الألاء أمسخ من لحم الحوار أمسخ من لحم الحوار أمنع من صبىٍ أمنع من عِقَاب الجو أمنع من است النمر أمنع من أنف الْأسد أمنع من لهاة اللَّيْث أمنع من عتر أمطل من عقرب أمحل من تعقاد الرتم أمحل من بكاء على رسم منزل أمحل من تسليمٍ على طلل أمحل من حَدِيث خرافة أمحل من الترهات

تفسير الباب الرابع والعشرين

تَفْسِير الْبَاب الرَّابِع وَالْعِشْرين 1597 - قَوْلهم مقتل الرجل بَين فَكَّيْهِ الْمثل لأكثم بن صيفى يَقُول إِن الْإِنْسَان إِذا أطلق لِسَانه فِيمَا لَا ينبغى قَتله والأمثال فِي هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَة وَقد مر بَعْضهَا فِي أول الْكتاب وَمن أَجودهَا قَول الشَّاعِر (رَأَيْت اللِّسَان على أَهله ... إِذا ساسه الْجَهْل ليثاً مغيراً) قَوْله ساسه الْجَهْل اسْتِعَارَة حَسَنَة 1598 - قَوْلهم المكثار كحاطب اللَّيْل يَقُول إِن الَّذِي يكثر الْكَلَام يأتى بالْخَطَأ وَلَا يدرى كحاطب اللَّيْل رُبمَا نهش وَلم يعلم وَقد مر نَظَائِر هَذَا فِيمَا تقدم 1599 - قَوْلهم من حب طب مَعْنَاهُ من أحب فطن وحذق واحتال لما يحب والطب الحذق

والفطنة وَمن ثمَّ سمى الطَّبِيب طَبِيبا وَرجل طب وطبيب حاذق والطب السحر لِأَنَّهُ فطنةٌ وحذق وَحب وَأحب سَوَاء قَالَ بَعضهم لَا يُقَال فِي الماضى إِلَّا أحب وَرجل محبٌ ومحبوب والمستقبل يحب وَيُحب وَقُرِئَ {فَاتبعُوني يحببكم الله} وَلَيْسَ عندى بالمختار وَيَقُولُونَ رجل مَجْنُون وَلَا يُقَال جنه الله وَإِنَّمَا هُوَ أجنه الله وَقَالَ الكسائى وَالْفراء يُقَال حببته وأحببته وَأنْشد (فوَاللَّه لَوْلَا تمره مَا حببته ... وَلَا كَانَ أدنى من عبيدٍ ومشرق) وَفِي معنى الْمثل قَول بَعضهم (لَو صَحَّ مِنْك الْهوى أرشدت للحيل ... ) 1600 - قَوْلهم من حفنا أَو رفنا فليترك ويروى فليقتصد مَعْنَاهُ من يمدحنا ويزيننا فليقتصد والحف والرف التزيين وَقَالَ بَعضهم من أَرَادَ برنا والتفضل علينا فليمسك فقد استغنينا وَأَصله أَن جَارِيَة من الْأَعْرَاب عثرت على نعَامَة قد غصت بصمغة فاحتملتها وَقَالَت

(من حفنا أَو رفنا فليترك ... نعما غصت بصعرور) والصعرور الصمغ أَي فليمسك فَلَيْسَ بِنَا إِلَيْهِ حَاجَة مَعَ ظفرنا بِهِ 1601 - قَوْلهم مأربةٌ لَا حفاوةٌ قَالَ الأموى يضْرب مثلا للرجل إِذا كَانَ يتملقك أَي إِنَّمَا بك حَاجَتك إِلَيّ لَا حفاوة لَك بِي وَهِي المأربة والمأربة والإرب الْحَاجة والحفاوة الْمُبَالغَة فِي الْبر يُقَال هُوَ حفى بِهِ أَي بار مبالغ فِي الْبر وَمِنْه قَوْلهم أحفى شَاربه إِذا استقصى قصه وَفِي الْقُرْآن {إِنَّه كَانَ بِي حفياً} وَفِيه أَيْضا {كَأَنَّك حفىٌ عَنْهَا} أَي مبالغ فِي السُّؤَال عَنْهَا 1602 - قَوْلهم من لاحاك فقد عاداك الملاحاة الملاومة وَأَصله من قَوْلهم لحوت الْعود إِذا قشرته وَكَانُوا يشبهون اللوم بالقشر وتحريق الْجلد وَلذَلِك قَالَ تأبط شرا (يامن لعذالةٍ خذالةٍ أشبٍ ... حرق باللوم جلدى أَي تحراق)

وألحى الرجل وألام إِذا أَتَى مَا يلام عَلَيْهِ ويلحى من أَجله ثمَّ فرقوا بَين القشر واللوم يُقَال لحيت الرجل إِذا لمته ولحوت الْعود إِذا قشرته وَالْأَصْل وَاحِد وَيَقُولُونَ أثقل من العذول وَقلت (إِذا لم يرد خلٌ إِعَانَة خله ... أَتَاهُ إِذا نَاب الملم يوبخ) وَيَقُولُونَ اللوم يغرى كَمَا قَالَ أَبُو نواس (دع عَنْك لومى فَإِن اللوم إغراء ... ) 1603 - قَوْلهم المزاح لقاح الضغائن يَقُولُونَ رُبمَا مازحت الرجل فأحقدته والضغينة الْعَدَاوَة وَيُقَال مزاح ومزاحة وَيَقُولُونَ المزاحة تذْهب المهابة وَقيل سمى المزاح مزاحا لِأَنَّهُ أزيح عَن وجهة الصَّوَاب وَلَيْسَ ذَلِك بشىء وَقَالَ بَعضهم (أفى كل يومٍ أَنْت قَائِل سوأةٍ ... تسوء بهَا وجهى كَأَنَّك مازح) والعامة تَقول لَا يصدقك إِلَّا مازحٌ أَو سَكرَان

1604 - قَوْلهم مَا يشق غباره يضْرب مثلا للسابق المبرز على أَصْحَابه والمثل لقصير بن سعد قَالَه فِي وصف الْعَصَا فرس جذيمة وَقد مر ذكره وَأَخذه النَّابِغَة فَقَالَ (فَمَا شققت غبارى ... ) وَتَبعهُ أَبُو تَمام فَقَالَ (هَيْهَات مِنْك غُبَار ذَاك الموكب ... ) وَقَالَ غَيره (لست من خيل ذَلِك الميدان ... ) 1605 - قَوْلهم ملحه على رُكْبَتَيْهِ يُقَال ذَلِك للرجل السىء الْخلق الَّذِي يغْضب من كل شىء وَالْمرَاد أَن أدنى شىء يغضبه كَمَا أَن الْملح إِذا كَانَ فَوق الرّكْبَة بدده أدنى شىء قَالَ مِسْكين الدَّارمِيّ (لَا تلمها إِنَّهَا من نسوةٍ ... ملحها موضوعةٌ فَوق الركب) وَالْملح يذكر وَيُؤَنث والتأنيث أَكثر

1606 - قَوْلهم مَا يَوْم حليمة بسرٍ يضْرب مثلا لكل أَمر متعالمٍ مَشْهُور وحليمة بنت الْحَارِث بن جبلة وَقد مر ذكرهَا وَمثله قَوْلهم مَا يحجز فلانٌ فِي العكم أَي لَا يخفى مَكَانَهُ وَأَصله الْمَتَاع يغيب فِي الْوِعَاء يُقَال حجزته احجزه حجزاً وَمن أَجود مَا قيل فِي الشُّهْرَة والنباهة قَول بشار (أَنا المرعث لاأخفى على أحد ... ذرت بِي الشَّمْس للقاصي وللداني) وَهُوَ من قَول الْأَحْوَص الأنصارى (إنى إِذا خفى الرِّجَال وجدتنى ... كَالشَّمْسِ لَا تخفى بِكُل مَكَان) وَقلت (فَأصْبح مَشْهُور الْمَكَان كَأَنَّمَا ... سرى فِي جبينى إِذْ سرى اللَّيْل كَوْكَب) وَقَالَ آخر (أغر شهيرٌ فِي الْبِلَاد كَأَنَّهُ ... بِهِ الْبَدْر يَعْلُو أوسنا الصُّبْح يسطع)

1607 - قَوْلهم مايدرى أَي طَرفَيْهِ أطول قَالَ الْفراء مَا يدرى أَي وَالِديهِ أشرف فضلا وأطراف الرجل قراباته قَالَ الشَّاعِر (وَكَيف بأطرافى إِذا مَا شتمتنى ... وَمَا بعد شتم الْوَالِدين صلوح) 1608 - قَوْلهم مَا يَكْظِم على الجرة قَالَ الْمبرد مَعْنَاهُ مَا يحْتَمل قَالَ وَمثله مَا يخنق على جرة قَالَ وأصل ذَلِك فِي الْبَعِير يجتر فيفيض بجرة بعد جرة وَمِنْه كظم فلَان غيظه أَي كتمه وَيُقَال للمتلئ حزنا مكظوم وكظيم وكظمت السقاء أكظمه إِذا ملأته وشددت رَأسه والكظامة قناةٌ فِي بَاطِن الأَرْض يجرى فِيهَا المَاء وَقيل لَهَا ذَلِك لِأَن ماءها منغلٌ فِي الأَرْض وَقَالَ غَيره فلَان مَا يخنق على جرة إِذا كَانَ يُؤَاخذ بالذنب على استقصاء وَهُوَ تشبيهٌ بِمن يخنق الْبَعِير وَفِي حلقه جرة فَيكون أَشد لكربه وَهَذَا أصح عندنَا مِمَّا قَالَ الْمبرد

1609 - قَوْلهم من قل ذل وَمن أَمر فل أَمر أَي كثر وفل أَي غلب وَهزمَ وأصل الفل الْكسر وَكَثْرَة الْعدَد عِنْدهم محمودةٌ وقلته مذمومةٌ وَقَالَ الشَّاعِر (مَا تطلع الشَّمْس إِلَّا عِنْد أولنا ... وَلَا تغيب إِلَّا عِنْد أخرانا) وَقَالَ أَبُو جُنْدُب (فَلَو نزاد ألف ألفٍ لم نزد ... وَلَو نقصنا مثلهم لم نفتقد) والمثل لأوس بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو مزيقياء حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم بن شيران قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر قَالَ حَدثنَا الغلابى قَالَ حَدثنَا عبد الله بن الضَّحَّاك ومهدى بن سَابق قَالَا حَدثنَا هِشَام قَالَ حَدَّثَنى عبد الْمجِيد بن أَبى عبس عَن أَبِيه قَالَ عَاشَ أَوْس بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو مزيقياء بن عَمْرو دهراً طَويلا وَلَيْسَ لَهُ ولد إِلَّا مَالك وَكَانَ لِأَخِيهِ الْخَزْرَج خَمْسَة عَمْرو وعوفٌ وجشم والْحَارث وَكَعب فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالُوا قد كُنَّا نأمرك بالتزويح فِي شبابٍ مِنْك حَتَّى حضرك الْمَوْت قَالَ إِنَّه لم يهْلك هالكٌ ترك مثل مَالك وَإِن كَانَ الْخَزْرَج ذَا عددٍ وَلَيْسَ لمَالِك ولد فَلَعَلَّ الَّذِي استخرج العذق من الجذيمة

وَالنَّار من الوثيمة أَن يَجْعَل لمَالِك نَسْلًا رجَالًا بسلاً وكلٌ إِلَى موت التجلد وَلَا التبلد وَاعْلَم أَن الْقَبْر خيرٌ من الْفقر وَمن لم يُعْط قَاعِدا لم يُعْط قَائِما وَشر شاربٍ المشتف وأقبح طاعمٍ المقتف وَذَهَاب الْبَصَر خيرٌ من كثيرٍ من النّظر وَمن كرم الْكَرِيم الدّفع عَن الْحَرِيم وَمن قل ذل وَمن أَمر فل وَخير الْغنى القنوع وَشر الْفقر الخضوع والدهر يَوْمَانِ فيومٌ لَك وَيَوْم عَلَيْك فَإِذا كَانَ لَك فَلَا تبطر وَإِن كَانَ عَلَيْك فَلَا تضجر فكلاهما سيحسر وَإِنَّمَا تعز من ترى ويعزك من لَا ترى ويمينك المقيت خيرٌ من أَن يُقَال هبيت وَكَيف بالسلامة لمن لَيست لَهُ إِقَامَة حياك رَبك قَالَ فولد لمالكٍ خمسةٌ عوفٌ وعمرٌو وَهُوَ النبيت وجشم وَمرَّة وَهُوَ الْجَعْد والجعد الْقصير الملزز 1610 - قَوْلهم مَا بللت من فلانٍ بأفوق ناصلٍ مَعْنَاهُ لم تمن مِنْهُ بِرَجُل ضعيفٍ وَلَكِن بِرَجُل صَعب وبللت هَاهُنَا بِمَعْنى بليت ومنيت قَالَ الشَّاعِر (وبلى إِن بللت بأريحىٍ ... من الفتيان لَا يمسى بطيناً) والأفوق السهْم المكسور الفوق السَّاقِط النصل وَمثله قَوْلهم

مَا بللت مِنْهُ بأعزل والأعزل الَّذِي لَا سلَاح مَعَه وَمثله قَوْلهم مَا نقرن بِهِ الصعبة وَمَعْنَاهُ أَن الَّذِي يقرن بِهِ لَا يجده صعباً لِأَنَّهُ يذلله وَمثله لَا يقعقع لَهُ بالشنان والقعقعة صَوت الشىء الصلب على مثله والشنان جمع شنٍ وَهِي الْقرْبَة الْيَابِسَة مَعْنَاهُ لَيْسَ هُوَ مِمَّا تفزعه القعقعة وَمثله قَوْلهم لَا يصطلى بناره أَي هُوَ شَدِيد يتحامى وَلَا يقرب مِنْهُ لِشِدَّتِهِ وَقَالَ صَاحب الْمَقْصُورَة (لَا يصطلى بناره عِنْد الوغى ... ويصطلي بناره عِنْد الْقرى) 1611 - قَوْلهم مَا بالعير من قماصٍ هَكَذَا روى لنا وَالصَّحِيح أما بالعير من قماص يضْرب مثلا للذليل لَا يسْتَقرّ فِي مَوضِع ترَاهُ يقمص من مَكَانَهُ من غير صَبر وَيُقَال للقلق قد أَخذه القماص 1612 - قَوْلهم مَا يشْبع طَائِره وَذَلِكَ إِذا وصف بِشدَّة الهزال قَالَ الشَّاعِر (سناماً ونحضاً أنبت اللَّحْم فاكتست ... عِظَام امْرِئ مَا كَانَ يشْبع طَائِره)

يَقُول بلغ من هزاله مَا لَو وَقع عَلَيْهِ طائرٌ وَهُوَ ميت لم يشْبع مِنْهُ وَيُقَال مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم مَا يشْبع عصفورا 1613 - قَوْلهم منع الْجَمِيع أرْضى للْجَمِيع يُرَاد أَنَّك إِذا أَعْطَيْت إنْسَانا دون إِنْسَان شكاك من لم تعطه وَإِذا منعت الْجَمِيع كَانَ ذَلِك عذرا لَك 1614 - قَوْلهم مثقلٌ اسْتَعَانَ بذقنه يضْرب مثلا للذليل يَسْتَعِين بِمثلِهِ وَأَصله الْبَعِير يحمل عَلَيْهِ الْحمل الثقيل فَلَا يقدر على النهوض بِهِ فيعتمد بذقنه على الأَرْض وَذكر أَنه اسْتَعَانَ بدفيه أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى قَالَ حَدثنَا الْحسن ابْن الْحُسَيْن الأزدى قَالَ حَدثنَا أَبُو الْحُسَيْن الطوسى قَالَ كُنَّا عِنْد اللحيانى وَكَانَ عزم أَن يملى نوادره ضعف مَا أمْلى فَقَالَ يَوْمًا مثقلٌ اسْتَعَانَ بذقنه فَقَالَ لَهُ ابْن السّكيت وَهُوَ حدثٌ بدفيه فَوَجَمَ لذَلِك ثمَّ أمْلى يَوْمًا آخر فَقَالَ فلانٌ جارى مكاشرى فَقَامَ

ابْن السّكيت فَقَالَ مَا معنى مكاشرى فَقَالَ يكشر فِي وجهى وأكشر فِي وَجهه بشين مُعْجمَة فَقَالَ ابْن السّكيت إِنَّمَا هُوَ مكاسرى أَي كسر بيتى إِلَى كسر بَيته فَقطع الْمجْلس وَلم يمل من نوادره شَيْئا قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله وَالصَّحِيح فِي مكاسرى قَول ابْن السّكيت يُقَال هُوَ جارى مكاسرى ومطانبى من الْكسر والطنب وَقَول اللحيانى بذقنه أصح لِأَن الْبَعِير إِذا أَرَادَ النهوض بِالْحملِ الثقيل ضم عُنُقه ثمَّ مده ونهض وَذَلِكَ استعانته بِهِ فَلَيْسَ للدفين هُنَاكَ عمل 1615 - قَوْلهم مَاله بذم 1616 - وَقَوْلهمْ مَاله صيور 1617 - وَقَوْلهمْ مَا لَهُ أكلٌ أَي لَيْسَ لَهُ رأىٌ وَلَا قُوَّة وَيُقَال ثوبٌ لَهُ بذمٌ وَأكل إِذا كَانَ شبيعاً كثير الْغَزل وأصل الْأكل الْحَظ من الدُّنْيَا يُقَال استوفى فلَان

أكله وَبَنُو فلَان ذَوُو آكالٍ أَي ذَوُو حظوط وذوو صيور أَي مَا يُصَار إِلَيْهِ 1618 - قَوْلهم المعزى تبهى وَلَا تبنى يضْرب مثلا للرجل يضر وَلَا ينفع قَالَ أَبُو عُبَيْدَة أخبية الْعَرَب من الْوَبر وَالصُّوف وَلَا تكون من الشّعْر وَرُبمَا صعدت المعزى الأخبية فحرقتها فَذَلِك قَوْلهم تبهى يُقَال أبهيت الْبَيْت أبهيه إِذا خرقته وَقد بهَا هُوَ وأبهيت الْخَيل إذاعطلتها فَلم تغز عَلَيْهَا وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة قد رَأَيْت بيُوت الْأَعْرَاب فِي كثيرٍ من مواضعهم فَوجدت أَكْثَرهَا من الشّعْر قَالَ وَلَا أعرف مَا هَذَا التَّفْسِير وَأَحْسبهُ أَرَادَ أَنَّهَا تخرق الْبيُوت وَلَا تعين على الْبناء وَوَافَقَ الجاحظ أَبَا عُبَيْدَة فَقَالَ إِن الْعَرَب تبنى بيوتها من الصُّوف والوبر وَلَا تبنيها من الشّعْر قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال رَحمَه الله ولعلهم كَانُوا كَذَلِك فِي أول الزَّمَان ثمَّ انْتقل بَعضهم إِلَى الشّعْر فَبنى مِنْهُ بَيته والأشياء قد تَتَغَيَّر

1619 - قَوْلهم ماءٌ وَلَا كصداء يضْرب مثلا للرجلين لَهما فضل إِلَّا أَن أَحدهمَا أفضل وَيُقَال صداء وصدآء وصيداء وَهُوَ ماءٌ للْعَرَب لَيْسَ لَهُم أعذب مِنْهُ والمثل لقذور بنت قيس بن خَالِد ذِي الجدين الشيبانى وَكَانَ من حَدِيثهَا أَن زراة بن عدس رأى ابْنه لقيطاً يختال فَقَالَ لَهُ كَأَنَّك أصبت ابْنة قيس ابْن خَالِد وَمِائَة من هجائن الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء فَحلف لقيطٌ لَا يمس الطّيب وَلَا يشرب الْخمر حَتَّى يُصِيب ذَلِك فَسَار حَتَّى أَتَى قيس بن خَالِد وَهُوَ سيد ربيعَة وَكَانَت عَلَيْهِ يمينٌ لَا يخْطب إِلَيْهِ إنسانٌ عَلَانيَة إِلَّا أَصَابَهُ بِسوء فَخَطب إِلَيْهِ لقيطٌ فِي مَجْلِسه وَقَالَ عرفت أَنى إِن أعالنك لم أشنك وَإِن أناجك لم أخدعك فَزَوجهُ ابْنَته القذور وسَاق عَنهُ الْمهْر وهداها إِلَيْهِ من ليلته فَاحْتمل بهَا إِلَى الْمُنْذر فَأخْبرهُ بِمَا قَالَ أَبوهُ فَأعْطَاهُ مائَة من هجائنه فَرَحل إِلَى أَهله فَقَالَت ألْقى أَبى وأودعه فَلَمَّا جَاءَتْهُ قَالَ لَهَا يَا بنية كونى لَهُ أمة يكن لَك عبدا وَليكن أطيب طيبك المَاء وَإنَّهُ فَارس مُضر ويوشك أَن يقتل فَإِن كَانَ ذَلِك فَلَا تخمشى وَجها وَلَا تحلقى شعرًا فَقتل لقيطٌ فاحتملت إِلَى قَومهَا فَتَزَوجهَا بعده رجلٌ مِنْهُم فَجعلت تكْثر من ذكر لَقِيط فَقَالَ لَهَا أَي شىءٍ رَأَيْت مِنْهُ كَانَ أحسن فِي عَيْنَيْك قَالَت خرج فِي دجنٍ وَقد تطيب وَشرب فطرد الْبَقر وصرع مِنْهَا وأتانى وَبِه نضح الدَّم وَالطّيب فضممته ضمة وشممته شمة وددت أَنى كنت مت ثمَّة فَسكت عَنْهَا حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم دجن شرب وتطيب

وَركب وصرع من الْبَقر وأتى وَبِه نضحٌ من الدَّم وَالطّيب وَالشرَاب قضمها إِلَيْهِ وَقَالَ كَيفَ تريننى أَنا أحسن أم لَقِيط فَقَالَت مَاء وَلَا كصداء فَذَهَبت مثلا قَالَ ضرار بن عبيد السعدى (وإنى وتهيامى بِزَيْنَب كالذى ... يُطَالب من أحواض صداء مشربا) وَمثل هَذَا الْمثل سَوَاء قَوْلهم مرعىً وَلَا كالسعدان وَهُوَ لامْرَأَة من طَيئ تزَوجهَا امْرُؤ الْقَيْس بن حجر وَكَانَ مفركا فَجعلت الْمَرْأَة تعرض عَنهُ فَقَالَ لَهَا يَوْمًا أَيْن أَنا من زَوجك الأول فَقَالَت مرعى وَلَا كالسعدان أَي أَنْت رضَا وَلَا كَهُوَ والسعدان شوكٌ إِذا أَكلته الْإِبِل غزرت عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا تغزر على غَيره من المرعى 1620 - قَوْلهم مكرهٌ أَخُوك لَا بطلٌ الْمثل لأبى جشر خَال بيهس وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنا محمولٌ على الْقِتَال وَلست بِشُجَاعٍ والبطل الشجاع وَقد مر أَصله فِيمَا تقدم

1621 - قَوْلهم مِنْك عيصك وَإِن كَانَ أشبا يُقَال ذَلِك فِي استعطاف الرجل على قَرِيبه وَمثله قَوْلهم مِنْك أَنْفك وَإِن كَانَ أجدع وَأخذ أَبُو تَمام هَذَا الْمثل فَقَالَ (أرى الشيب مختطاً بفودى خطةً ... سَبِيل الردى مِنْهَا إِلَى النَّفس مهيع) (هُوَ الزُّور يجفى والمعاشر يجتوى ... وَذُو الإلف يقلى والجديد يرقع) (لَهُ منظرٌ فِي الْعين أَبيض ناصع ... وَلكنه فِي الْقلب أسود أسفع) (وَنحن نرجيه على الكره وَالرِّضَا ... وأنف الْفَتى من وَجهه وَهُوَ أجدع) والأشب الْمُخْتَلط والعيص الأجمة وَالْمعْنَى أَن أقاربك مِنْك وَإِن كَانُوا غير مرضيين فاحتملهم وَمثله قَوْلهم مِنْك ربضك وَإِن كَانَ سماراً والسمار اللَّبن الَّذِي قد أَكثر مَاؤُهُ والربض الأَصْل أَي أصلك مِنْك وَإِن كَانَ على غير مَا تشتهيه وروى مِنْك لبنك وَإِن كَانَ سماراً وَأما قَوْلهم مِنْك حيضك فاغسليه مَعْنَاهُ هُوَ ذَنْبك فاعتذرى مِنْهُ وادفعيه عَنْك وَقَالُوا يداك أوكتا وفوك نفخ وَأما قَوْلهم مِنْك حيضك وَلَا تملكينه يضْرب مثلا للرجل يعْتَذر من الذَّنب وَيُقَال لَهُ لَا ذَنْب لَك فِيهِ

1622 - قَوْلهم من أشبه أَبَاهُ فَمَا ظلم يضْرب مثلا فِي تقَارب الشّبَه وَمَعْنَاهُ من أشبه أَبَاهُ فقد وضع الشّبَه فِي مَوْضِعه وَالظُّلم وضع الشىء فِي غير مَوْضِعه والمثل قديمٌ وَحَكَاهُ كَعْب بن زُهَيْر فِي بعض شعره فَقَالَ (أَنا ابْن الَّذِي قد عَاشَ تسعين حجَّة ... فَلم يخز يَوْمًا فِي معدٍ وَلم يلم) (وأكرمه الْأَكفاء من كل معشرٍ ... كرام فَإِن كذبتنى فاسأل الْأُمَم) (وَأعْطى حَتَّى مَاتَ فضلا وَرَهْبَة ... وأورثنى إِذْ ودع الْمجد وَالْكَرم) (وأشبهته من بَين من وطئ الْحَصَا ... وَلم ينب عَنى شبه خالٍ وَلَا ابْن عَم) (فَقلت شبيهاتٍ بِمَا قَالَ عالمٌ ... بِهن وَمن يشبه أَبَاهُ فَمَا ظلم) وَنَحْوه قَول الآخر (وَإِن امْرأ فِي اللؤم أشبه جده ... ووالده الْأَدْنَى لغير ملوم) وَقَول حسان (أَبوك أَبُو سوءٍ وخالك مثله ... وَلست بخيرٍ من أَبِيك وخالكا) (وَإِن أَحَق النَّاس أَن لَا تلومه ... على اللؤم من ألفى أَبَاهُ كذلكا)

1623 - قَوْلهم من عالج الشوق لم يستبعد الدَّار مثل مُحدث قَالَ أَبُو نواس فِي بعض شعره (قَالَت فقد بعد المسرى فَقلت لَهَا ... من عالج الشوق لم يستبعد الدارا) وَقَالَ أحسن الْقَائِل فِي قَوْله (فَإِن الضَّعِيف الْأسر يقوى على المدى ... فَيرجع مِنْهُ الخطو وَهُوَ وساع) (وَإِن بعيدات الديار قريبةٌ ... إِذا مَا حدا شوق وحث نزاع) 1624 - قَوْلهم مَا أَخَاف إِلَّا من سيل تلعتى أَي مَا أَخَاف إِلَّا من أقاربى وَقَالَ برج بن مسهرٍ الطائى (فمنهن أَن لَا تجمع الدَّهْر تلعةٌ ... بُيُوتًا لنا يَا تلع سيلك غامض) أَي يجىء شرك فِي غموض وخفاء والتلعة مسيل المَاء إِلَى الوادى وَهُوَ هَاهُنَا مثل

1625 - قَوْلهم مَا بِالدَّار صافرٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة والأصمعى مَا بِالدَّار أحدٌ يصفر بِهِ فَاعل بِمَعْنى مفعول بِهِ كَمَا قَالُوا مَاء دافقٌ وسرٌ كاتمٌ وَقَالَ غَيرهمَا صافرٌ واحدٌ كَمَا يُقَال مَا بهَا ديار 1626 - قَوْلهم من سره بنوه ساءته نَفسه الْمثل لِضِرَار بن عَمْرو الضبى وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة عشر ولدا فَرَآهُمْ يَوْمًا يثبون على الْخَيل وَقد فزع الحى وَهُوَ قائمٌ يُعجبهُ مَا يرى مِنْهُم فَذهب ليثب على فرسه فثقل فَقَالَ ذَلِك ونظمه بَعضهم فَقَالَ (غَدا بنى وَرَاح مثلى ... يلبس مَا قد نزعت عَنى) (فسرنى مَا رَأَيْت مِنْهُ ... وساءنى مَا رَأَيْت منى) وقريبٌ من هَذَا الْمَعْنى قَول بَعضهم (إِذا الرِّجَال ولدت أَوْلَادهَا واضطربت من كبرٍ أعضادها) (وَجعلت أسقامها تعتادها ... فهى زروع قد دنا حصادها)

1627 - قَوْلهم الْملك عقيمٌ يُرَاد أَن الْملك لَو نازعه وَلَده ملكه لم يلبث أَن يهلكه فَيصير كَأَنَّهُ عقيم لم يُولد لَهُ يُقَال عقمت الْمَرْأَة فهى معقومة وعقيم إِذا لم يُولد لَهَا وَالْعرب تسمى الشمَال عقيماً لِأَنَّهُ لَا خير فِيهَا عِنْدهم وَالْخَيْر عِنْدهم فِي الْجنُوب لِأَنَّهَا تأتى بالسحاب وَالشمَال تجىء بالأعاصير ويسمون الشمَال محوةً لِأَنَّهَا تكشف السَّحَاب كَأَنَّهَا تمحوها عَن السَّمَاء وَالَّذِي يسْتَحبّ من الشمَال نسيمها وَقد قلت (نسيمى مِنْك حِين جرى شمالٌ ... وَقد تجرى جنوبا من نداكا) 1628 - قَوْلهم مَا أشبه اللَّيْلَة بالبارحه يضْرب مثلا فِي تشابه الشَّيْئَيْنِ من غير نسبٍ يُقَال هُوَ أشبه بِهِ من اللَّيْلَة بالليلة وَمن المَاء بِالْمَاءِ وَمن التمرة بالتمرة وَمن الْغُرَاب بالغراب والمثل لطرفة بن العَبْد من كَلمته الَّتِى يَقُول فِيهَا (أسلمنى قومى وَلم يغضبوا ... لسوأةٍ حلت بهم فادحة) (كل خليلٍ كنت خاللته ... لَا ترك الله لَهُ واضحه) (كلهم أروغ من ثعلبٍ ... مَا أشبه اللَّيْلَة بالبارحة) الْوَاضِحَة المَال وَقيل الْوَاضِحَة السن

1629 - قَوْلهم ملكت فَأَسْجِحْ مَعْنَاهُ قد ملكت فسهل والتسجيح التسهيل والمثل لأنس بن حُجَيْر وَقد ذكرنَا حَدِيثه وَلما ظفر على رضى الله عَنهُ بِأَهْل الْبَصْرَة أَتَى بعائشة رضى الله عَنْهَا فَقَالَت ملكت فَأَسْجِحْ فجهزها إِلَى الْحجاز مَعَ سبعين امْرَأَة وَيَقُولُونَ الْمقدرَة تذْهب الحفيظة وَقَالَ عبد يَغُوث بن وَقاص (أمعشر تيمٍ قد ملكتم فأسجحوا ... فَإِن أَخَاكُم لم يكن من بوائيا) 1630 - قَوْلهم من يبغ فِي الدّين يصلف مَعْنَاهُ من يطْلب الدُّنْيَا بِالدّينِ لم يحظ عِنْد النَّاس وَلم يرْزق مِنْهُم الْمحبَّة يُقَال صلفت الْمَرْأَة عِنْد زَوجهَا إِذا لم تحظ عِنْده والصلف من الرجل بِمَنْزِلَة الفرك من الْمَرْأَة

1631 - قَوْلهم من لم يأس على مَا فَاتَ ودع نَفسه ودع من الدعة وَهِي الرَّاحَة يَقُول أراح نَفسه وَقَالَ بَعضهم إِن حزنت على مَا فَاتَ فاحزن على مَا لم يَأْتِ وَقَالَ النَّابِغَة (واليأس عَمَّا فَاتَ يعقب رَاحَة ... ولرب مطعمةٍ تعود ذباحا) وَقَالَ غَيره (فَإِن تَكُ سلمى خلةً حيل دونهَا ... فقد يعرف الْيَأْس الْفَتى فيعيج) وَقَالَ غَيره (فَإِن أك عَن ليلى سلوت فَإِنَّمَا ... تسليت عَن يأسٍ وَلم أسل عَن صَبر) (فَإِن يَك عَن ليلى غنى وتجلدٌ ... فَرب غنى نفسٍ قريبٌ من الْفقر) وَقَالَ الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف فِي خلاف ذَلِك (تعبٌ يكون مَعَ الرَّجَاء لطالبٍ ... خير لَهُ من رَاحَة فِي الياس) 1632 - قَوْلهم من حقر حرم يَقُول من لم يُمكنهُ الإفضال بالكثير وأبى أَن يعْطى الْقَلِيل رد السَّائِل بالخيبة وَنَحْو هَذَا مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن الجوهرى عَن المنقرى

عَن الأصمعى عَن بعض العباسيين قَالَ كتب كُلْثُوم بن عَمْرو إِلَى رجلٍ فِي حَاجَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَطَالَ الله بَقَاءَك وَجعله يَمْتَد بك إِلَى رضوانه وجنته أما بعد فَإنَّك كنت رَوْضَة من رياض الْكَرم تبتهج النُّفُوس بهَا وتستريح الْقُلُوب إِلَيْهَا وَكُنَّا نعفيها من النجعة استتماماً لزهرتها وشفقةً على نضرتها وادخاراً لثمرتها حَتَّى مرت بهَا فِي سفرتنا هَذِه سنةٌ كَانَت قِطْعَة من سنى يُوسُف اشْتَدَّ علينا كلبها وأخلفتنا غيومها وكذبتنا بروقها وفقدنا صَالح الإخوان فِيهَا فانتجعتك وَأَنا بانتجاعى إياك شَدِيد الشَّفَقَة عَلَيْك مَعَ علمى بأنك نعم مَوضِع الزَّاد وَاعْلَم أَن الْكَرِيم إِذا استحيا من إِعْطَاء الْقَلِيل وَلم يحضرهُ السكثير لم يعرف جوده وَلم تظهر همته وَإِنَّمَا أَقُول فِي ذَلِك (ظلّ الْيَسَار على الْعَبَّاس مَمْدُود ... وَقَلبه أبدا بالبخل مَعْقُود) (إِن الْكَرِيم ليخفى عَنْك عسرته ... حَتَّى ترَاهُ غَنِيا وَهُوَ مجهود) (وللبخيل على أَمْوَاله عللٌ ... زرق الْعُيُون عَلَيْهَا أوجهٌ سود) (إِذا تكرمت أَن تُعْطى الْقَلِيل وَلم ... تقدر على سعةٍ لم يظْهر الْجُود) (بَث النوال وَلَا تمنعك قلته ... فَكل مَا سد فقرا فَهُوَ مَحْمُود) قَالَ فشاطره مَاله حَتَّى بعث إِلَيْهِ بِقِيمَة نصف خَاتمه وفرد نَعله

1633 - قَوْلهم مَا فِي الْحجر مبغى وَلَا عِنْد فلَان يضْرب مثلا عِنْد توكيد اللؤم وَقلة الْخَيْر والمبغى مفعل من بغيت أَي طلبت 1634 - قَوْلهم مَا حللت بِبَطن تبَالَة لتحرم الأضياف يضْرب مثلا للرجل لَا عِلّة تَمنعهُ عَن الْبَذْل وَلَا يبْذل وتبالة لَا تَخْلُو من خصبٍ مُقيم والنازل بهَا لَا يُمكنهُ الاعتلال بالجدب وَنَحْو هَذَا قَول الشَّاعِر (أتمنع سُؤال الْعَشِيرَة بَعْدَمَا ... تسميت فيضا واكتنيت أَبَا بَحر) 1635 - قَوْلهم الْمَرْء بخليله مَعْنَاهُ أَنَّك منسوبٌ إِلَى خَلِيلك فَانْظُر من تخال قَالَ عدى بن زيد

(عَن الْمَرْء لَا تسْأَل وَأبْصر قرينه ... فَإِن القرين بالمقارن يقْتَدى) وَقَالَ أَكْثَم بن صيفى من فَسدتْ بطانته كَانَ كمن غص بِالْمَاءِ وَله معنى آخر وَهُوَ أَن الْمَرْء يقوى بخليله على حسب مَا قَالَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْء كثيرٌ بأَخيه قَالَ الشَّاعِر (أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ ... كساع إِلَى الهيجا بِغَيْر سلَاح) 1636 - قَوْلهم من حظك موقع حَقك يُرَاد بِهِ أَن مِمَّا أَعْطَاك الله من الْحَظ أَن يكون حَقك عِنْد من لَا يجحدك وَلَا يتْلف قبله وَقَالَ بَعضهم لأبى الْأسود بلغنى أَنَّك لَا يضيع لَك حقٌ عِنْد أحد فمم ذَاك فَقَالَ لسوء ظنى بِالنَّاسِ ومجانبتى أهل الإفلاس وَقَالَ بعض عُلَمَاء الْمُلُوك لوزيره لَا تدفع مَالِي إِلَى من لَا أقدر على أَخذه مِنْهُ قَالَ وَمن الَّذِي لَا تقدر على ذَلِك من جِهَته قَالَ من لَيْسَ مَعَه شىء وَالْفرس تَقول كَيفَ تسلب الْعُرْيَان وقريبٌ مِنْهُ قَوْلهم من حَظّ الْمَرْء نفاق أيمه 1637 - قَوْلهم ملك ذَا أمرٍ أمره أَي ول الْأَمر صَاحبه فَإِنَّهُ أقوم بإصلاحه وَمثله قَوْلهم ول المَال ربه

1638 - قَوْلهم الْمنية وَلَا الدنية الْمثل لأوس بن حَارِثَة وَقد مر ذكره فِي الْبَاب الأول وَكَانُوا يَقُولُونَ النَّار وَلَا الْعَار وَقَالَ الشَّاعِر (ويركب حد السَّيْف من أَن تضيمه ... إِذا لم يكن عَن شفرة السَّيْف مرحل) 1639 - قَوْلهم من يطلّ ذيله ينتطق بِهِ يضْرب مثلا لمن يكثر مَاله وإنفاقه فِي غير وَجهه والعامة تَقول من كَانَ لَهُ دهنٌ طلى استه وَمثله قَوْلهم كل ذَات ذيل تختال وَمن أمثالهم فِي الْغنى قَوْلهم إِن الْغنى رب غفورٌ وَقَالَ الشَّاعِر (وَالْمَال فِيهِ تجلةٌ ومهابة ... والفقر فِيهِ مذلةٌ وفضوح) وَقَالَ الآخر (وَمَا الْمُرُوءَة إِلَّا كَثْرَة المَال ... ) وَفِي خلاف ذَلِك قَول بَعضهم

(لَا بَارك الله بعد الْعرض فِي المَال ... ) وَقَالَ الآخر (لَا يعدل المَال عندى صِحَة الْجَسَد ... ) وَأما قَول على كرم الله وَجهه من يطلّ أير أَبِيه ينتطق بِهِ فَإِنَّمَا أَرَادَ من كثر إخْوَته اشْتَدَّ ظَهره وَعز قَالَ الشَّاعِر (فَلَو شَاءَ ربى كَانَ أير أبيكم ... طَويلا كأير الْحَارِث بن سدوس) قَالَ الأصمعى كَانَ لِلْحَارِثِ بن سدوس أحد وَعِشْرُونَ ذكرا وَكَانَ ضرار بن عَمْرو يَقُول شَرّ حائلٍ أمٌ فزوجوا الْأُمَّهَات وَذكر أَنه صرع فَأَخَذته الأسنة فأشبل عَلَيْهِ إخْوَته من أمه حَتَّى أنقذوه وأشبلوا عطفوا 1640 - قَوْلهم مرعًى وَلَا أكولةٌ يضْرب مثلا للرجل لَهُ مالٌ كثير وَلَيْسَ لَهُ من يُنْفِقهُ عَلَيْهِ وَمثله قَوْلهم عشبٌ وَلَا بعيرٌ والأكولة الَّتِي تَأْكُل والأكيلة الَّتِي يأكلها السَّبع وَمن هَذَا الْمثل أَخذ أَبُو تَمام قَوْله (أرضٌ بهَا عشبٌ جرفٌ وَلَيْسَ بهَا ... مَاء وَأُخْرَى بهَا مَاء وَلَا عشب)

1641 - قَوْلهم مَا وَرَاءَك يَا عِصَام يضْرب مثلا فِي استعلام الْخَبَر وَقد مر حَدِيثه وَقَالَ بَعضهم هُوَ للنابغة الذبيانى وَكَانَ النُّعْمَان بن الْمُنْذر مَرِيضا تحمله الرِّجَال على سَرِير فِيمَا بَين الْغمر والحيرة ليتفرج بِالنّظرِ إِلَى قصوره وبساتينه ودوره فَبلغ النَّابِغَة ذَلِك فَجَاءَهُ عَائِدًا وَقَالَ (ألم أقسم عَلَيْك لتخبرنى ... أمحمولٌ على النعش الْهمام) (فإنى لَا ألومك فِي دخولٍ ... وَلَكِن مَا وَرَاءَك يَا عِصَام) (فَإِن يهْلك أَبُو قَابُوس يهْلك ... ربيع النَّاس والشهر الْحَرَام) (ونمسك بعده بذناب عيشٍ ... أجب الظّهْر لَيْسَ لَهُ سَنَام) وعصام حَاجِب النُّعْمَان يَقُول لست ألومك بمنعك إيَّايَ عَن الدُّخُول إِلَيْهِ وَلَكِن أعلمني حَقِيقَة خَبره 1642 - قَوْلهم محسنةٌ فهيلى يضْرب مثلا للرجل يعْمل عملا يكون فِيهِ مصيباً يَقُول دم عَلَيْهِ وَلَا تَدعه وَأَصله أَن رجلا نزل بامرأةٍ وَمَعَهُ جراب دَقِيق فاشتغل عَنْهَا فَجعلت تهيل من جرابه إِلَى جرابها فَنظر إِلَيْهَا فَأخذت ترد من جرابها إِلَى

جرابه فَقَالَ مَا تصنعين فَقَالَت أهيل فِيهِ قَالَ محسنةٌ فهيلى وَقيل هِيَ امْرَأَة من بنى سعد بن تَمِيم يُقَال لَهَا هيلة 1643 - قَوْلهم من سلك الجدد أَمن العثار 1644 - وَقَوْلهمْ من سمع سمع بِهِ يضْرب مثلا لطَالب الْعَافِيَة والجدد المستوى من الأَرْض والمثلان لأكثم بن صيفى أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أَبى بكر عَن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ قَالَ أَكْثَم بن صيفى يَا بنى تَمِيم لَا يفوتنكم وعظى إِن فاتكم الدَّهْر بنفسى إِن بَين حيزومى لبحراً من الْكَلم فتلقوها بأسماعٍ مصغية وَقُلُوب وَاعِيَة تحمدوا عواقبها إِن الْهوى يقظان وَالْعقل راكد والشهوات مُطلقَة والحزم مَعْقُول وَالنَّفس مُهْملَة والروية مُقَيّدَة وَمن جِهَة التوانى وَترك الروية يتْلف الحزم وَلنْ يعْدم المشاور مرشداً والمستبد بِرَأْيهِ موقوفٌ على مداحض الزلل وَمن سمع سمع بِهِ ومصارع الْأَلْبَاب تَحت ظلال الطمع وَلَو اعْتبرت مواقع المحن مَا وجدت إِلَّا فِي مقَاتل الْكِرَام وعَلى الِاعْتِبَار طَرِيق الرشاد وَمن سلك الجدد أَمن العثار وَلنْ يعْدم الحسود أَن يزعج قلبه ويشغل فكره وَيُورث غيظه وَلَا يُجَاوز ضره نَفسه يَا بنى تَمِيم الصَّبْر

على تجرع الْحلم أعذب من جنى ثَمَر النَّدَم وَمن جعل عرضه دون مَاله استهدف للذم وكلم اللِّسَان أنكأ من كلم الحسام والكلمة مربوبة مَا لم تنجم من الْفَم فَإِذا نجمت فهى سبعٌ محرب ونارٌ تلهب وَلكُل خافيةٍ مختفٍ وَرَأى الناصح اللبيب دليلٌ لَا يجور ونفاذ الرأى فِي الْحَرْب أنفذ من الطعْن وَالضَّرْب 1645 - قَوْلهم مَا بِهِ قلبة أَي مَا بِهِ دَاء وَأَصله عِنْد الأصمعى من القلاب وَهُوَ داءٌ يَأْخُذ الْإِبِل فِي رءوسها فيقلبها إِلَى فَوق والقلاب دَاء الْقلب وَقيل أَصله فِي الدَّوَابّ وَهُوَ أَن يُصِيب أَسْفَل الْحَافِر فيقلبه البيطار ليداويه قَالَ الراجز (وَلم يقلب أرْضهَا البيطار ... ) 1646 - قَوْلهم من يشترى سيفى وَهَذَا أَثَره قَالَ الأصمعى مَعْنَاهُ أخْبرك خَبرا هَذَا تبيانه وَقَالَ غَيره يضْرب مثلا للرجل يقدم على الْأَمر الَّذِي اختبر وجرب قَالَ وَهُوَ مثل قَول

الْعَامَّة من نهشته الْحَيَّة حذر الرسن وَالْوَجْه قَول الأصمعى وَأثر السَّيْف فرنده 1647 - قَوْلهم الملسى لَا عُهْدَة لَهُ يضْرب مثلا للرجل يخرج من الْأَمر سالما لَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ وَأَصله أَن الْعَرَب إِذا تبايعت بيعا بِنَقْد فأعطت واخذت وسلمت الْمَبِيع وتسلمت الثّمن قَالَت لَا حَاجَة لنا إِلَى كتب عهدةٍ وإشهاد شَاهد إِذْ قد تملس بَعْضنَا من بعض وتبرأ كل واحدٍ من الآخر وَحصل فِي يَد كل واحدٍ منا حَقه والملسى فعلى من التملس وَأَصله من قَوْلهم تملس الشىء من يدى إِذا وَقع وَلم تشعر بِهِ 1648 - قَوْلهم من ينْكح الْحَسْنَاء يُعْط مهرهَا 1649 - وَقَوْلهمْ من اشْترى اشتوى مَعْنَاهُ من أَرَادَ الشىء طابت نَفسه بالبذل فِيهِ وَفِي هَذَا النَّحْو قَول الآخر (وَالْحَمْد لَا يشترى إِلَّا بأثمان ... )

وَقَوْلهمْ (وَمن يُعْط أَثمَان المحامد يحمد ... ) وَمعنى قَوْلهم من اشْترى اشتوى أَي من يبْذل فِي الْحَاجة يظفر بهَا يُقَال شويت اللَّحْم واشتويته فَإِذا جعلت الْفِعْل للحم قلت انشوى 1650 - قَوْلهم من لى بالسانح بعد البارح يَقُوله الرجل يرى من صَاحبه مَا يكرههُ فَإِذا شكاه قيل لَهُ إِنَّه سيرجع إِلَى مَا تحب وَأَصله أَن رجلا مرت بِهِ ظباءٌ بارحةٌ فكرهها وَأَرَادَ أَن يرجع عَن حَاجته فَقيل لَهُ امْضِ فِي وَجهك فَإِنَّهَا ستمر بك سانحةً فَمضى وَجعل يَقُول من لى بالسانح بعد البارح وَقد مضى تَفْسِير البارح والسانح 1651 - قَوْلهم من يَأْتِ الحكم وَحده يفلح من قَوْلهم فلح على خَصمه فلحاً إِذا ظفر بِهِ

1652 - قَوْلهم من عَال بعْدهَا فَلَا انجبر يضْرب مثلا فِي اغتنام الفرصة والمثل لعَمْرو بن كُلْثُوم وَكَانَ أغار على بنى حنيفَة بِالْيَمَامَةِ فَسمع بِهِ أهل حجر فَجَاءَهُ بَنو لجيم بن حنيفَة عَلَيْهِم يزِيد بن عَمْرو بن شمر فَلَمَّا رَآهُمْ عَمْرو قَالَ (من عَال منا بعْدهَا فَلَا انجبر ... وَلَا سقى المَاء وَلَا رعى الشّجر) (بَنو لجيم وجعاسيس مُضر ... بِجَانِب الدو يدهدون العكر) فَانْتهى إِلَيْهِ يزِيد فطعنه فأذراه عَن فرسه وأسره وشده كتافاً وَقَالَ لَهُ أَنْت الَّذِي يَقُول (مَتى تعقد قرينتنا بحبلٍ ... تجذ الْحَبل أَو تقص القرينا) أما أَنى سأقرنك بناقتي هَذِه ثمَّ أطْرد كَمَا جَمِيعًا فَنَادَى عَمْرو يَا آل ربيعَة أَمْثِلَة فاجتمعت إِلَيْهِ بَنو لجيم فنهوه فورد بِهِ حجرا وَضرب عَلَيْهِ قبَّة وَحمله على نجيبةٍ وَنحر لَهُ وسقاه فَلَمَّا انتشى قَالَ (جزى الله الْأَغَر يزِيد خيرا ... ولقاه المسرة والجمالا) (فَمَا جبن ابْن كلثومٍ وَلَكِن ... يزِيد الْخَيْر صادقه النزالا)

1653 - قَوْلهم مَا هُوَ إِلَّا شرقٌ أَو غرقٌ يضْرب مثلا للَّذي يُعَاقب بخصلتى سوء لَا بُد من إِحْدَاهمَا 1654 - قَوْلهم مالى إِلَّا ذَنْب صحر يضْرب مثلا للَّذي يُعَاقب من غير ذَنْب وصحر بنت لُقْمَان بن عَاد وحديثها الَّذِي أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا ابْن الأنبارى قَالَ أخبرنَا أَبُو على العنزى قَالَ حَدثنَا على بن صباح قَالَ حَدثنَا أَبُو الْمُنْذر هِشَام بن مُحَمَّد قَالَ كَانَ لُقْمَان بن عَاد من بنى ضل بن عَاد بن عوص بن إرم ابْن سَام بن نوحٍ مَا يتَزَوَّج امْرَأَة إِلَّا فجرت فَتزَوج جَارِيَة صَغِيرَة لَا تدرى مَا الرِّجَال فَبنى لَهَا بِنَاء على جبل فرفعه ثمَّ جعل لَهُ حفافاً فَكَانَ ينزل بالسلاسل ويصعد بالسلاسل فَإِذا غَابَ رفعت السلَاسِل فرآها غلامٌ من عادٍ فعشقها فَقَالَ لِقَوْمِهِ وَالله لتجمعن بينى وَبَين امْرَأَة لُقْمَان أَو لأجلبن عَلَيْكُم حَربًا ترقص فِيهِ أشياخكم قَالُوا كَيفَ لنا بهَا قَالَ اجعلونى بَين السيوف ثمَّ أَتَوا لُقْمَان فاستودعوها إِيَّاه إِلَى أجلٍ سَمَّاهُ فَإِذا حل الْأَجَل فاستردونى فجعلوه بَين أسياف ثمَّ أَتَوا لُقْمَان فَقَالُوا إِنَّا نُرِيد أَن نسافر وَهَذِه سُيُوفنَا عنْدك وديعةٌ فَأَخذهَا مِنْهُم

ووضعها فِي بَيته فَلَمَّا ذهب لُقْمَان فِي حَاجته تحرّك فَحلت عَنهُ فَكَانَ يكون مَعهَا فَإِذا جَاءَ لُقْمَان رَجَعَ إِلَى مَكَانَهُ حَتَّى بلغ الْأَجَل فَأخذُوا أسيافهم مِنْهُ فَجَلَسَ لُقْمَان على سَرِيره وَهِي مَعَه فَنظر إِلَى نخامةٍ تنوس فِي السّقف فَقَالَ من تتخم هَذِه قَالَت أَنا قَالَ فتنخمى فَلم تصنع شَيْئا فَقَالَ يَا ويلتى السيوف دهتنى ثمَّ رمى بهَا من ذَلِك الحفاف فتقطعت فانحدر مغضباً فَنَظَرت إِلَيْهِ بنتٌ لَهُ يُقَال لَهَا صحرٌ فَقَالَت يَا أَبَت مالى أَرَاك مغضباً فَأخذ صَخْرَة فشدخ بهَا رَأسهَا وَقَالَ أَنْت أَيْضا مِنْهُنَّ فضربتها الْعَرَب مثلا فَقَالَ خفاف بن ندبة لعباس بن مرداس (وعباسٌ يدب لي المنايا ... وَمَا أذنبت إِلَّا ذَنْب صحر) 1655 - قَوْلهم مَا أباليه عبكةً يضْرب مثلا لاستهانة الرجل بِصَاحِبِهِ قَالُوا والعبكة والوذحة مَا يتَعَلَّق بأصواف الضَّأْن من أبعارها والعبكة اللُّقْمَة من الثَّرِيد وَيُقَال مَا أباليه بالةً يضْرب مثلا فِي غير النَّاس وَسُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْوضُوء بِاللَّبنِ فَقَالَ مَا أباليه بالةً وَيُقَال مَا أباليه بالية وَقد يَجِيء بعض المصادر على فاعلٍ وفاعلة مثل الْعَافِيَة {فأهلكوا بالطاغية} وَمثله الْخَاطِئَة وَيَقُولُونَ قُم قَائِما أَي قيَاما وَمثله قَوْلهم مَا أُبَالِي مَا نهئ من ضبك وَمَا نضج من ضبك أَي مَا أُبَالِي

كَيفَ كَانَ أَمرك ونهئ لم ينضج والنهوءة والنيوءة وَاحِد وَهُوَ مصدر النيئ من اللَّحْم 1656 - قَوْلهم من يسمع يخل يُقَال خلت الشىء إِذا ظننته وَالْمعْنَى أَن من يسمع الشىء رُبمَا ظن صِحَّته وَقيل مَعْنَاهُ أَن من يسمع أَخْبَار النَّاس ومعايبهم يَقع فِي نَفسه الْمَكْرُوه عَلَيْهِم وَالْمعْنَى أَن مجانبة النَّاس أسلم وَأَخذه البحترى فَقَالَ (سَمِعت أَن التصابى خرقٌ ... بعد خمسين وَمن يسمع يخل) والفارسى يَقُول فِي هَذَا الْمثل هركى شنوذ مُنْذُ 1657 - قَوْلهم مذكية تقاس بالجذاع 1658 - وَقَوْلهمْ مَا يَجْعَل قدك إِلَى أديمك يضْرب مثلا لخطأ النَّاس فِي التَّشْبِيه والمذكية المسنة والجذع من الْإِبِل الَّذِي قد طعن فِي الْخَامِسَة وَمن الْغنم ابْن سنةٍ مجرمة والضأن

والمعزى فِيهِ سَوَاء هَذَا قَول الأصمعى وَقَالَ غَيره الضائنة تجذع لسبعة أشهر إِلَى عشرَة أشهر وإجذاع الماعزة بعد ذَلِك وَالْقد الْجلد الصَّغِير مثل مسك السخلة وَالْجمع الأقد والقداد والأديم الْجلد الْكَبِير وَالْمعْنَى مَا يَجْعَل الصَّغِير مثل الْكَبِير 1659 - قَوْلهم مَتى كَانَ حكم الله فِي كرب النّخل يضْرب مثلا للرجل يقصر عَمَّا ينْزع إِلَيْهِ ويؤهل نَفسه لَهُ والمثل لجرير وَهُوَ قَوْله (اقول وَلم أملك سوابق عبرةٍ ... مَتى كَانَ حكم الله فِي كرب النّخل) قَالَه للصلتان العبدى وَكَانَ قد وَقع بَين جريرٍ والفرزدق فَقَالَ قصيدة فِيهَا (أرى الخظفي بذ الفرزدق شعره ... وَلَكِن خيرا من كليبٍ مجاشع) (جريرٌ أَشد الشاعرين شكيمةً ... وَلَكِن علته الباذخات الفوارع) فَأَما الفرزدق فرضى حِين شرف قومه على قوم جرير وَقَالَ الشّعْر مُرُوءَة من لَا مُرُوءَة لَهُ وَهُوَ أخس مُرُوءَة الشريف

وَأما جريرٌ فَغَضب وَقَالَ الْبَيْت الَّذِي تقدم فَقَالَ الصلتان أبياتاً مِنْهَا (أعيرتنا بِالنَّخْلِ مذ كَانَ مالنا ... وود أَبوك الْكَلْب لَو كَانَ ذَا نخل) (وَأي نَبِي كَانَ من غير قريةٍ ... وَمَا الحكم يَا ابْن الْكَلْب إِلَّا مَعَ الرُّسُل) 1660 - قَوْلهم من استرعى الذِّئْب ظلم أَي من استرعى الذِّئْب فقد وضع الْأَمَانَة فِي غير موضعهَا وَالظُّلم وضع الشىء فِي غير مَوْضِعه وَقَالُوا الذِّئْب اسْم رجلٍ وَهُوَ ابْن أخى أَكْثَم بن صيفى أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أَبى بكر عَن رِجَاله قَالُوا غزا أَكْثَم بن صيفى فَأسر الأقياس ونهيكا وَأخذ أَمْوَالهم ثمَّ بدا لَهُ وَأَرَادَ إِطْلَاقهم فَدَعَا بنى أَخِيه وهم ثَلَاثَة الْكَلْب وَالذِّئْب والسبع فَدفع الأقياس ونهيكاً وأهليهم إِلَى الْكَلْب وَوضع الْأَمْوَال على يدى الذِّئْب وَقَالَ إِذا أطلقتهم فادفع إِلَيْهِم أَمْوَالهم فَانْطَلق الْكَلْب إِلَى الذِّئْب فَأخْبرهُ أَنه لَا يُطْلِقهُمْ وَقبض الذِّئْب الْأَمْوَال فَبلغ ذَلِك أَكْثَم فَقَالَ نعم كلبٌ فِي بؤس أَهله وَمن استرعى الذِّئْب ظلم وَرُبمَا أعلم فأذر ومنك من أعتبك وحسبك من شَرّ سَمَاعه لَيْسَ الْحلم عَن قدمٍ وَكن كالسمن لَا يخم فَقَالَ الْكَلْب لَا أطلقهُم حَتَّى يمدحونى فمدحه قيس بن نَوْفَل وَنسبه إِلَى أمه فَقَالَ كفى بِالْمَرْءِ عاراً أَن ينْسب إِلَى أمه وأبى أَن

يُطْلِقهُمْ فَقَالَ أَكْثَم يَا عَاقد اذكر حلا حَسبك مَا يبلغك الْمحل وَرب أكلةٍ تمنع أكلات فَحلف السَّبع ليطلقنهم وليردن مَا لَهُم ثمَّ لَا يُقيم ببلدة يحْجر عَلَيْهِ فِيهَا فشخصا وَأقَام الذِّئْب 1661 - قَوْلهم مَا عِنْده خلٌ وَلَا خمرٌ أَي مَا عِنْده خيرٌ وَلَا شَرّ وَقَالَ النمر بن تولب (هلا سَأَلت بعادياء وبيته ... والخل وَالْخمر الَّذِي لم يمْنَع) وَيَقُولُونَ مَا عِنْده خيرٌ وَلَا ميرٌ والمير مصدر مارهم يميرهم إِذا حمل إِلَيْهِم الْميرَة وَمَعْنَاهُ لَيْسَ فِي دُورهمْ خير وَلَا يمتارونه من سوق وَقيل فِي قَوْله (والخل وَالْخمر الَّذِي لم يمْنَع ... ) الْخَيْر الَّذِي كَانَ أولياؤه ينالونه وَالشَّر مَا كَانَ أعداؤه يقاسونه

1662 - قَوْلهم مَاله سبدٌ وَلَا لبدٌ أَي مَاله شىء وَمثله مَا لَهُ هبع وَلَا ربع وَمَاله عافطة وَلَا نافطةٌ السبد الشّعْر واللبد الصُّوف وَقَالَ الْمفضل قَالَ أَبُو صَالح كل مالان من الصُّوف والوبر فَهُوَ لبد والسبد الشّعْر وَمَاله ثاغيةٌ وَلَا راغية فالثاغية النعجة والثغاء صَوتهَا والراغية النَّاقة والرغاء صَوتهَا وَمَاله دقيقةٌ وَلَا جليلة فالدقيقة الشَّاة والجليلة النَّاقة وَالرّبع مَا ينْتج من أَوْلَادهَا فِي زمن الرّبيع والهبع مَا نتج فِي الصَّيف وَمَاله دارٌ وَلَا عقارٌ قيل الْعقار النّخل وَقيل هُوَ مَتَاع الْبَيْت قَالَه الْمفضل بن سَلمَة 1663 - قَوْلهم من شرٍ مَا أَلْقَاك اهلك يضْرب مثلا للرجل وللشىء يتحامى وَلَا يقرب وَأَصله مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو الْقَاسِم عَن العقدى عَن أَبى جَعْفَر عَن المدائنى قَالَ كتب قُطْبَة ابْن قَتَادَة وَهُوَ أول من غَار على السوَاد من نَاحيَة الْبَصْرَة إِلَى عمر رضى الله عَنهُ أَنه لَو كَانَ مَعَه عددٌ ظفر بِمن فِي ناحيته من الْعَجم فَبعث عمر عتبَة بن

غَزوَان أحد بنى مَازِن بن مَنْصُور فِي ثَلَاثمِائَة وانضاف إِلَيْهِ فِي طَرِيقه نَحْو من مائتى رجلٍ فَنزل أقْصَى الْبر حَيْثُ سمع نقيق الضفادع وَكَانَ عمر قد تقدم إِلَيْهِ أَن ينزل فِي أقْصَى أَرض الْعَرَب وَأدنى أَرض الْعَجم فَكتب إِلَى عمر إِنَّا نزلنَا بأرضٍ فِيهَا حجارةٌ خشنٌ بيضٌ فَقَالَ عمر الزموها فَإِنَّهَا أرضٌ بصرةٌ فسميت بذلك ثمَّ سَار إِلَى الأبلة فَخرج إِلَيْهِم مرزبانها فِي خَمْسمِائَة أسوار فَهَزَمَهُمْ عتبَة وَدخل الأبلة فِي شعْبَان سنة أَربع عشرَة وَقَالُوا فِي رَجَب وَأصَاب الْمُسلمُونَ سِلَاحا ومتاعاً وَطَعَامًا فَكَانُوا يَأْكُلُون الْخبز وَيَنْظُرُونَ إِلَى أبدانهم هَل سمنوا وَأَصَابُوا برانى فِيهَا جوزٌ وظنوه حِجَارَة فَلَمَّا ذاقوه استطابوه ووجدوا صحناءةً فَقَالُوا مَا كُنَّا نظن أَن الْعَجم تدخر الْعذرَة وَأصَاب رجلٌ سَرَاوِيل فَلم يحسن لبسهَا فَرمى بهَا وَقَالَ أخزاك الله من ثوب فَمَا تَركك أهلك لخيرٍ فَجرى الْمثل ثمَّ قيل من شرٍ مَا أَلْقَاك أهلك وَأَصَابُوا أرزاً فِي قشره فَلم يُمكنهُم أكله وظنوه سما فَقَالَت بنت الْحَارِث بن كلدة إِن أَبى كَانَ يَقُول إِن النَّار إِذا أَصَابَت السم ذهبت غائلته فطبخوه فتفلق فَلم يُمكنهُم أكله فجَاء من نقاه لَهُم فَجعلُوا يَأْكُلُونَهُ ويقدرون أَعْنَاقهم وَيَقُولُونَ قد سمنا وَبعث عتبَة إِلَى عمر بالخمس مَعَ رَافع بن الْحَارِث ثمَّ قَاتل عتبَة أهل

دشت ميسَان فظفر بهم وَاسْتَأْذَنَ عمر فِي الْحَج فَأذن لَهُ فَلَمَّا حج رده إِلَى الْبَصْرَة حَتَّى إِذا كَانَ بالفرع وقصته نَاقَته فَمَاتَ وَولى عمر الْبَصْرَة الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَرمى بِالزِّنَا فَعَزله وَولى أَبَا مُوسَى 1664 - قَوْلهم مَعَ الخواطئ سهمٌ صائبٌ يضْرب مثلا للرجل الْفَاسِد القَوْل وَالْفِعْل يُصِيب فِي الْأَحَايِين مرّة والعامة تَقول رميةٌ من غير رام فَأَما مثل من لَا يُصِيب أبدا فَقَوْل الشَّاعِر (هملتك أمك هبك من بقر الفلا ... أَو لست تخطئ مرّة بصواب) 1665 - قَوْلهم مَاتَ عريض البطان أَي خرج من الدُّنْيَا سليما لم يثلم دينه وَقيل مَعْنَاهُ أَنه خرج مِنْهَا وَمَاله متوفر كثير لم يرزأ مِنْهُ شَيْئا

وَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ فلانٌ مَاتَ ببطنته لم يتغضغض والتغضغض النُّقْصَان والبطان حبلٌ يشد تَحت بطن الْبَعِير 1666 - قَوْلهم من غَابَ غَابَ نصِيبه وَذَلِكَ أَن أَكثر النَّاس ينسون الْغَائِب عَنْهُم ويرضون الْحَاضِر بَدَلا مِنْهُ وَقلت (من كَانَ عَنْك مغيباً ... أسلاك عَنهُ مغيبه) (وَإِذا تطاول هجره ... نسى اللِّقَاء وطيبه) (لَا يكذبن فَإِنَّهُ ... من غَابَ غَابَ نصِيبه) وَقَالَ ابْن الْأَحْنَف (وَاصل أحبتك الَّذين هجرتهم ... إِن المتيم قل مَا يتَجَنَّب) (إِن الْمُحب إِذا تطاول هجره ... دب السلو لَهُ فعز الْمطلب) وَقَالَ آخر من غَابَ عَن الْعين غَابَ عَن الْقلب وَنَحْوه قَول الآخر (وَقد يتناسى الشَّيْء وَهُوَ حبيب ... ) وَفِي خلاف الْمثل يَقُول بَعضهم (أقْصَى رفيقيه لَهُ كالأقرب ... )

1667 - قَوْلهم من مأمنه يُؤْتى الحذر وَهُوَ من أَمْثَال أَكْثَم بن صيفى يَقُول إِن الحذر لَا يدْفع الْمَقْدُور عَن صَاحبه وَقَالَ أعرابى (أرى الْبَين مَبْعُوثًا على من يحاذر ... ) وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (أرى النَّاس يبنون الْحُصُون وَإِنَّمَا ... بَقِيَّة آجال الرِّجَال حصونها) وَقلت (قد كنت أحذر مَا أَلْقَاهُ من نكدٍ ... لَو كَانَ ينفعنى فِي مثله الحذر) (يَا نفس صبرا على مَا كَانَ من ضررٍ ... فَرب منفعةٍ يأتى بهَا ضَرَر) وَفِي خلاف ذَلِك قَول الشَّاعِر (تخوفني صروف الدَّهْر سلمى ... وَكم من خَائِف مَالا يكون) وَنَحْوه قَول الآخر أَكثر الْخَوْف باطله

1668 - قَوْلهم مرّة عيشٌ وَمرَّة جيشٌ يَقُول أَحْيَانًا شدَّة وَأَحْيَانا رخاء وَمثله الْيَوْم خمر وَغدا أَمر وسنذكره فِي بَابه وَمن أظرف مَا جَاءَ فِي هَذَا الْمَعْنى قَول أَبى دلف (وَكن على الدَّهْر فَارِسًا بطلاً ... فَإِنَّمَا الدَّهْر فارسٌ بَطل) (لابد للخيل أَن تجول بِنَا ... وَالْخَيْل أرحامنا الَّتِى نصل) (فَمرَّة باللجين ننعلها ... وَمرَّة بالدماء تنتعل) (حَتَّى ترى الْمَوْت تَحت رايتنا ... تطفأ نيرانه وتشتعل) 1669 - قَوْلهم من ير يَوْمًا ير بِهِ مَعْنَاهُ من رأى يَوْمًا على عدوه رأى مثله على نَفسه وَقيل مَعْنَاهُ من أحل بِغَيْرِهِ مَكْرُوها حل بِهِ مثله وَفِي قريب من هَذَا الْمَعْنى يَقُول الْكُمَيْت (فَإنَّك إِن رَأَيْت وَإِن تعيشى ... ترى وَترى عجائب مَا رئينا) وَقَالَ غَيره (كل من عَاشَ يرى مالم يره ... )

وَقَالَ غَيره (وَمن ير يَوْمًا بامرئ يره بِهِ ... وَمن يَأْمَن الْأَحْدَاث والدهر يجهل) وَقَالَ الآخر (وَمن ير بالأقوام يَوْمًا يرَوا بِهِ ... معرة يَوْم لَا توارى كواكبه) 1670 - قَوْلهم من يجْتَمع تتقعقع عمده أَي مصير الْمُجْتَمع التَّفَرُّق والتقعقع الِاضْطِرَاب والعمد عمد الأخبية يتقعقع للرحلة وَمثله قَوْلهم انْقَطع قوىٌ من قاويةٍ وَقلت (إِن اجْتمع الْفَرِيق فلافتراق ... أَو افترق الْجَمِيع فلاجتماع) (على أَن الْجَمِيع إِلَى فنَاء ... فأهون باتصال وَانْقِطَاع) وَقَالَ الشَّاعِر (أجارتنا من يجْتَمع يتفرق ... وَمن يَك رهنا للحوادث يغلق) (فَلَا السَّالِم الباقى على الدَّهْر خالدٌ ... وَلَا الدَّهْر يستبقى حبيباً لمشفق) وَقَالَ غَيره (إنى رَأَيْت يَد الدُّنْيَا مفرقةً ... لَا تأمنن يَد الدُّنْيَا على أنسٍ) وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الجوهرى عَن أبي زيد قَالَ رأى مَرْوَان

والمنايا على الحوايا مثلٌ للْقَوْم قرب هلاكهم وَقد مر هَذَا الْمثل وَأَصله أَن قوما قتلوا وحملوا على الحوايا وَهِي مراكب النِّسَاء وَاحِدهَا حوية فَأَما قَوْله تَعَالَى {أَو الحوايا} فَمَعْنَاه الأمعاء وَاحِدهَا حاوية 1672 - قَوْلهم مر الصعاليك بأرسان الْخَيل يضْرب مثلا للشىء يتتابع ويسرع 1673 - قَوْلهم الْمَرْء يعجز لَا المحالة يَقُول الْمَرْء يضجر من طلب الْحَاجة وَيَتْرُكهَا وَلَو اسْتمرّ على طلبَهَا والاحتيال لَهَا أدْركهَا فَإِن الْحِيلَة واسعةٌ فهى ممكنةٌ غير معْجزَة والمحالة وَالْحِيلَة وَاحِد وَقَالَ الشَّاعِر (حاولت حِين صرمتنى ... والمرء يعجز لَا المحالة) (والدهر يلْعَب بالفتى ... والدهر أروغ من ثعالة)

(والمرء يكْسب مَاله ... بالشح يورثه الكلاله) (وَالْعَبْد يقرع بالعصا ... وَالْحر تكفيه المقاله) 1674 - قَوْلهم مَا يبض حجره أَي مَا يخرج مِنْهُ خيرٌ وَمثله قَوْلهم مَا يندى الرضفة والرضفة حجارةٌ محماة وَقد ذَكرنَاهَا وَأنْشد أَبُو أَحْمد عَن نفطويه عَن ابْن الأعرابى (فَذَاك نكسٌ لَا يبض حجره ... مخرق الْجلد جديدٌ ممطره) (فِي ليل كانون شَدِيد خصره ... عض بأطراف الزبانى قمره) يَقُول هُوَ أقلف إِلَّا مَا قلص مِنْهُ الْقَمَر وَشبه قلفته بالزبانى وَقيل مَعْنَاهُ أَنه ولد وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَب وَهُوَ نحس 1675 - قَوْلهم من خَاصم بِالْبَاطِلِ أنجح بِهِ مَعْنَاهُ أنجح الْبَاطِل خَصمه عَلَيْهِ

1676 - قَوْلهم مَا بَال العلاوة بَين الفودين يُقَال ذَلِك لِلْأَمْرِ تقرن بمعظمه وتستكثر زِيَادَة زيدت فِيهِ وَقد مر أَصله 1677 - قَوْلهم من سبك قَالَ من بلغك يُرِيد أَن الَّذِي واجهك بالقبيح هُوَ الَّذِي سبك وَمِنْه قَول لاشاعر (لعمرك مَا سبّ الْأَمِير عدوه ... ولكنما سبّ الْأَمِير الْمبلغ) وَقَالَ غَيره (من يُخْبِرك بشتمٍ عَن أخٍ ... فَهُوَ الشاتم لَا من شتمك) (ذَاك شىءٌ لم يواجهك بِهِ ... إِنَّمَا الذَّنب على من أعلمك) 1678 - قَوْلهم معاود السقى سقى صَبيا يضْرب مثلا للرجل حذق الشَّيْء

1679 - قَوْلهم مَا الذُّبَاب وَمَا مرقته يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ تحتقره وَمثله مَا أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن عَمْرو قَالَ حَدَّثَنى أَبُو حَامِد الخزاعى ابْن أُخْت دعبلٍ عَن خَاله دعبل قَالَ خرجنَا نُرِيد طَاهِر بن الْحُسَيْن أَنا والعتابى وَكَانَ أسن منى فَأذن لَهُ وَقَالَ أنْشد على أَنى أعلم أَنَّك لَا تفرغ من أنشادك حَتَّى يأتى مَا يشغلنى عَنْك فَبَيْنَمَا هُوَ ينشد سمع تَكْبِيرا فَقَالَ مَا هَذَا قيل ابْن جيلوبة أَخذ قَالَ فَسجدَ وَهُوَ لغير الْقبْلَة فَلَمَّا رفع رَأسه قَالَ إِن سَجْدَة الشُّكْر تكون حَيْثُ توجه العَبْد فَلَمَّا أَدخل إِلَيْهِ ابْن جيلوبة أقبل يشتمه ثمَّ رَجَعَ إِلَى نَفسه وَقَالَ ينبغى أَن يكون الشُّكْر عِنْد الظفر أحسن من هَذَا ثمَّ أَمر بِضَرْب عُنُقه فَقَالَ أصلحك الله أتأذن أَن أصلى بِرَكْعَتَيْنِ فتأبى قَالَ فتأمر لي بِأحد أَصْحَابك أوصى إِلَيْهِ فإنى أخلف مَالا وصبيةً صغَارًا قَالَ بل يُمِيت الله الآخر بحسرته قَالَ فأنشدك شعرًا قَالَ هَات فَإِنَّهُ من كَانَ آخر كَلَامه الشّعْر كَانَ مصيره إِلَى النَّار فأنشده (زَعَمُوا بِأَن الصَّقْر علق مرّة ... عُصْفُور بر سَاقه التَّغْرِير) (فَتكلم العصفور فِيمَا خبروا ... والصقر منكبٌ عَلَيْهِ يطير) (مَا كنت خاميراً لمثلك مرّة ... وَلَئِن شويت فإننى لحقير) (فَتَبَسَّمَ الصَّقْر المدل بِنَفسِهِ ... عجبا وأفلت ذَلِك العصفور) فطأطأ رَأسه ثمَّ قَالَ أَطْلقُوهُ

1680 - قَوْلهم من العناء رياضة الْهَرم أَي معالجتك الْكَبِير تريده على غير خلقه شديدةٌ وَقَالَ الشَّاعِر (وتروض عرسك بَعْدَمَا هرمت ... وَمن العناء رياضة الْهَرم) وَنَحْوه قَول الآخر (إِن الْغُلَام مطيعٌ من يؤدبه ... وَمَا يطيعك ذُو شيبٍ لتأديب) وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب (أنشا يمزق اثوابى يؤدبنى ... أبعد خمسين عندى يبتغى الأدبا) وَقَالَ صَالح بن عبد القدوس (وَإِن من أدبته فِي الصِّبَا ... كالعود يسقى المَاء فِي غرسه) (وَالشَّيْخ لَا يتْرك أحلاقه ... حَتَّى يوارى فِي ثرى رمسه) وَقَالَ غَيره (قد ينفع الْأَدَب الأخداث فِي مهلٍ ... وَلَيْسَ ينفع بعد الكبرة الْأَدَب)

(إِن الغصون إِذا قومتها اعتدلت ... وَلَا يلين إِذا قومته الْخشب) وَنَحْوه قَول المعلوط السعدى (وَلَيْسَ الْغنى والفقر من حِيلَة الْفَتى ... وَلَكِن أحاظٍ قسمت وجدود) (إِذا الْمَرْء أعيته الْمُرُوءَة ناشئا ... فعطلها كهلا عَلَيْهِ شَدِيد) 1681 - قَوْلهم مَا يدرى أسعد الله أَكثر أم جذام يُقَال ذَلِك للرجل لَا يعقل الْأَشْيَاء وَلَا يفرق بَين الْخَيْر وَالشَّر وَسعد وجذامٌ قبيلتان لإحداهما فضل على الْأُخْرَى 1682 - قَوْلهم مرا بلي يُقَال ذَلِك لِلْأَمْرِ الْمَاضِي المتتابع وبلي حَيّ من قضاعة

والفور الظباء لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا وَمثله قَوْلهم لَا أَفعلهُ مَا سمرابنا سمير يَعْنِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا اخْتلف العصران وهما الْغَدَاة والعشي وَمَا كرّ الجديدان والملوان وهما اللَّيْل وَالنَّهَار 1686 - قَوْلهم مَا غبا غبيس يُقَال لَا أفعل ذَلِك مَا غبا غبيسٌ غبا يغبو مثل غبا يغبى قَالَ ابْن الأعرابى يُرِيد غَابَ عَنْك الدَّهْر قَالَ الشَّاعِر (قد ورد المَاء بِمَاء قيس ... وَفِي بني أم الْبَنِينَ كيس) (على الْمَتَاع مَا غبا غبيس ... ) وغبيس تَصْغِير أغبس وَهُوَ اسمٌ وَمثل ذَلِك قَول الآخر (أَن ترد المَاء بِمَاء أَكيس ... ) 1687 - قَوْلهم مَا ذَر شارقٌ يُقَال لَا أفعل ذَلِك مَا ذَر شارقٌ يعنون الشَّمْس والشارق الطالع أشرق إِذا طلع وأشرق إِذا أَضَاء وَصفا وأشرق أَيْضا إِذا دخل فِي الشروق

قَول الشَّاعِر (خفت مأثور الحَدِيث غَدا ... وغدٌ أدنى لمنتظره) وَقَالَ النَّابِغَة الجعدى (وَإِن مَعَ الْيَوْم الَّذِي علمُوا غَدا ... وَإِن الْأُمُور بِالرِّجَالِ تقلب) وَقَالَ غَيره (فَإِن يَك صدر هَذَا الْيَوْم ولى ... فَإِن غَدا لناظره قريب) وَهَذَا مثل لمن حرم مُرَاده الْيَوْم فوعده فِي غده وَفِي خِلَافه قَول الراجز (يَا عجبا لقَولهم غدٍ غَد ... قولا كشحم الإرة المسرهد) (وَلَا يجىء دسمٌ على يَد ... ) وَلَا يكَاد الْأَعْرَاب ينشدونه إِلَّا غَد غَد بِالْكَسْرِ

وَقَول الآخر (وَخذ من أَخِيك الْعَفو وَلَا تجهدنه ... فَعِنْدَ بُلُوغ الكد رنق المشارب) 1691 - قَوْلهم مبشرٌ مؤدمٌ يُقَال إِنَّه لمبشرٌ مؤدمٌ إِذا كَانَ كَامِلا يصلح للخير وَالشَّر والنفع والضر وَمَعْنَاهُ أَن لَهُ لين الأدمة وخشونة الْبشرَة والبشرة ظَاهر الْجلد والأدمة بَاطِنه 1692 - قَوْلهم مَعَ الْيَوْم غدٌ يضْرب مثلا للنَّظَر فِي العواقب قَالَ الراجز (لَا تقلواها وادلواها دلوا ... إِن مَعَ الْيَوْم أَخَاهُ غدوا) والقلو السّير الحثيث والدلو السّير الرفيق يَقُول ارْفُقْ بهَا وَلَا تقتلها الْيَوْم بِشدَّة السّير فَإنَّك تحْتَاج إِلَيْهَا غَدا وَقَالَ غدوا وَأَرَادَ غَدا فَأَقَامَ الْفِعْل مقَام الِاسْم وَنَحْوه

قَول الشَّاعِر (خفت مأثور الحَدِيث غَدا ... وغدٌ أدنى لمنتظره) وَقَالَ النَّابِغَة الجعدى (وَإِن مَعَ الْيَوْم الَّذِي علمُوا غَدا ... وَإِن الْأُمُور بِالرِّجَالِ تقلب) وَقَالَ غَيره (فَإِن يَك صدر هَذَا الْيَوْم ولى ... فَإِن غَدا لناظره قريب) وَهَذَا مثل لمن حرم مُرَاده الْيَوْم فوعده فِي غده وَفِي خِلَافه قَول الراجز (يَا عجبا لقَولهم غدٍ غَد ... قولا كشحم الإرة المسرهد) (وَلَا يجىء دسمٌ على يَد ... ) وَلَا يكَاد الْأَعْرَاب ينشدونه إِلَّا غَد غَد بِالْكَسْرِ

1693 - قَوْلهم مَا يعرف قبيلاً من دبير قَالَ أَبُو عمر مَا يعرف الإقبال من الإدبار قَالَ والقبيل مَا أقبل بِهِ من الفتل على الصَّدْر والدبير مَا أدبر بِهِ قَالَ الأصمعى مَأْخُوذ من الْمُقَابلَة والمدابرة والمقابلة الَّتِي تشق أذنها إِلَى قُدَّام والمدابرة الَّتِي تشق أذنها إِلَى خلف 1694 - قَوْلهم مَا ألْقى لَهُ بَالا أَي مَا اسْتمع لَهُ وَلَا تحفظه والبال الْخلد يُقَال مَا خطر ذَلِك ببالى أَي فِي خلدى وَيُقَال ألق بالك أَي اسْتمع وتفهم وَفِي الْقُرْآن {أَو ألْقى السّمع وَهُوَ شَهِيد} وَالْعرب تَقول ألق سَمعك أَي اسْتمع والبال أَيْضا الْحَال يُقَال أحسن الله بالك أَي حالك

1695 - قَوْلهم مَتى عَهْدك بِأَسْفَل فِيك قَالَ الأصمعى يُقَال ذَلِك فِي الْأَمر يرى أَنه كَانَ قَدِيما وَمَعْنَاهُ مَتى أثغرت 1696 - قَوْلهم مَا كل سَوْدَاء تمرةٌ وَمثله قَوْلهم مَا كل بَيْضَاء شحمةٌ قَالَ زفر بن الْحَارِث (وَكُنَّا حَسبنَا كل سَوْدَاء تَمْرَة ... ليالى لاقينا جذام وحميرا) 1697 - قَوْلهم مَا الخوافى كالقلبة وَلَا الخناز كالثعبة القلبة جمع قلبة أعنى قلب النَّخْلَة والخوافى مَا دون القلبة من سعف النّخل ويسميها أهل نجد العواهن والخناز الوزغة والثعبة أغْلظ مِنْهَا وَأَشد غبرة تلسع لسعاً مُنْكرا وَرُبمَا قتلت يَقُول لَيْسَ الصَّغِير كالكبير

1698 - قَوْلهم من عز بز أَي من غلب سلب وَقيل إِن الْمثل لِعبيد بن الأبرص وَقد ذَكرْنَاهُ وَقيل هُوَ لجَابِر بن رألان وَذَلِكَ أَن الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء لقِيه فِي يَوْم بؤسه مَعَ صاحبين لَهُ فَقَالَ لَهُم اقترعوا فاقترعوا فقرعهما جَابر فخلى سَبيله وَأمر بقتل صَاحِبيهِ فَقَالَ جَابر من عز بز وَعز غلب وَفِي الْقُرْآن {وعزنى فِي الْخطاب} أَي غلبنى وَالْمعْنَى أَن الْغَنِيمَة لمن غلب 1699 - قَوْلهم محا السَّيْف مَا قَالَ ابْن دارة أجمعا يضْرب مثلا للرجل يجازى على الْمَكْرُوه بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَأَصله أَن سَالم ابْن دارة هجا ابنى فَزَارَة فَقَالَ (لَا تأمنن فزارياً خلوت بِهِ ... على قلوصك واكتبها بأسيار) (لَا تأمننه وَلَا تأمن بوائقه ... بعد الَّذِي امتل أير العير فِي النَّار) (أطعمْتُم الضَّيْف جوفاناً مخاتلةً ... فَلَا سقاكم إلهى الْخَالِق البارى)

ففتك بِهِ بعض بنى فَزَارَة فَقَالَ الْكُمَيْت (فَلَا تكثروا فِيهِ الضجاج فَإِنَّهُ ... محا السَّيْف مَا قَالَ ابْن دارة أجمعا) 1700 - قَوْلهم من الذود إِلَى الذود إبلٌ وَقد مضى تَفْسِيره 1701 - قَوْلهم من حفر مغواةً وَقع فِيهَا والمغواة الْبِئْر تحفر للسبع يوضع عَلَيْهَا طعم فَإِذا أَرَادَهُ وَقع فِيهَا قَالَ ثَعْلَب وَمثله قَوْلهم (وَمن عضةٍ مَا ينبتن شكيرها ... ) وَمثله تحمله عضةٍ جناها وَسَنذكر هَذَا فِي بَاب الْوَاو إِن شَاءَ الله تَعَالَى

1702 - قَوْلهم من أَيْن كَانَ عقبك أَي من أَيْن جِئْت 1703 - قَوْلهم مَا دونه محفى وَلَا مرمضٌ أَي مَا دونه مَا يحفينى وَمَا يرمضنى أَي مَا هُوَ الَّذِي يضر وينفع والإحفاء الْمُبَالغَة فِي الْبر أحفى يحفى وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى {إِنَّه كَانَ بِي حفيا} أَي مبالغاً فِي الْبر والارماض الاحراق 1704 - قَوْلهم مَا أبالى أناء ضبك أم نضج وَمَا أُبَالِي مَا نهئ من ضبك وَمَا نضج أَي مَا أبالى كَيفَ كَانَ أَمرك وناء اللَّحْم صَار نيئاً ونيئ ونهئ مثله الْهَاء مبدلة من الْهمزَة وأنأته وأنهأته

1705 - قَوْلهم مَا رزأته زبالا وَلَا قبالاً والقبال الشسع والزبال مَا تحمله النملة بفيها يُقَال ازدبله وازدمله والرزء النُّقْصَان 1706 - قَوْلهم مَا تنهض رابضته قَالَ ثَعْلَب مَعْنَاهُ لَا يَأْخُذ شَيْئا إِلَّا قهرا

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الميم

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْمِيم نذْكر مِنْهُ مَا يشكل وَمَا لم يمر قبل 1707 - أمضى من سليك المقانب وَهُوَ سليك بن سلكة وَقد مر ذكره 1708 - أمرق من سهم 1709 - وأمخط من سهم ومروقه وإمخاطه خُرُوجه من الرَّمية 1710 - أَمر من الألاءة وَهِي شَجَرَة مرّة قَالَ الشَّاعِر (فَإِنَّكُم ومدحكم بخيراً ... أَبَا لَجأ كَمَا امتدح الألاء) (يرَاهُ النَّاس أَخْضَر من بعيد ... وتمنعه المرارة والإباء)

1711 - أمسخ من لحم الحوار 1712 - وأملخ من لحم الحوار والمسيخ والمليخ الَّذِي لَا طعم لَهُ 1713 - أمنع من صبى من الْمَنْع لِأَنَّهُ إِذا حصل فِي يَده شىءٌ من طعامٍ أَو غَيره مَنعه وَلم يسمح بِهِ 1714 - أمنع من عِقَاب الجو من المنعة 1715 - أمنع من لهاة اللَّيْث من قَول أَبى حَيَّة (فَأَصْبَحت كلهاة اللَّيْث فِي فَمه ... وَمن يحاول شَيْئا فِي فَم الْأسد)

1716 - أمنع من عتر وَهُوَ رجلٌ من عَاد كَانَ أَشد أهل زَمَانه مَنْعَة حَتَّى نَشأ لُقْمَان فغلبه قَالَ الشَّاعِر (قد كَانَ عتر بنى عادٍ وأسرته ... فِي النَّاس أمنع من يمشى على قدم) 1717 - أمطل من عقرب وَقد مر ذكره 1718 - أمحل من تعقاد الرتم وَكَانَ الرجل من الْعَرَب إِذا أَرَادَ سفرا عقد خيطاً بشجرة فَإِذا رَجَعَ ووجده معقوداً زعم أَن امْرَأَته لم تخنه وَإِن وجده محلولاً زعم أَنَّهَا خانته وَاسم ذَلِك الْخَيط الرتم قَالَ الشَّاعِر

(هَل ينفعنك الْيَوْم إِن هَمت بهم ... كَثْرَة مَا توصى وتعقاد الرتم) 1719 - أمحل من تَسْلِيم على طللٍ والطلل مَا شخص من آثَار الديار من اثافيها وحجارة نؤيها وَغير ذَلِك والرسم مَا لم يشخص من آثارها من رمادٍ أَو بعرٍ أَو نؤى 1720 - أمحل من حَدِيث خرافة وَهُوَ رجل من بنى عذرة زَعَمُوا أَن الْجِنّ استهوته فَلبث فيهم حينا ثمَّ رَجَعَ إِلَى قومه فَأخذ يُحَدِّثهُمْ بالأكاذيب وَزعم بَعضهم أَن خرافة اسمٌ مشتقٌ من اختراف السمر أَي استطرافه

فيما جاء من الأمثال في أوله نون

1721 - أمحل من الترهات وَقد مضى تَفْسِيرهَا هَكَذَا حَكَاهُ حَمْزَة وَغَيره وَالْحجّة فِيهِ أَنه أخرج على لفظ الْمحَال وَترك الأَصْل كَمَا قَالُوا تمسكن الرجل إِذا صَار مِسْكينا وأصل الْمِسْكِين من سكن وَالْمِيم زَائِدَة وَمثله تمنطق وَأَصله تنطق الْبَاب الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله نون فهرسته نعم عوفك النبع يقرع بعضه بَعْضًا النِّسَاء لحمٌ على وضمٍ النِّسَاء حبائل الشَّيْطَان النَّاس أخيافٌ النَّاس للنَّاس بِقدر الْحَاجة النَّاس عبيد الْإِحْسَان النَّاس أَعدَاء مَا جهلوا نَسِيج وَحده نزو الْفِرَار استجهل الْفِرَار نفخت لَو تنفخ فِي فحمٍ نعم كلبٍ فِي بؤس أَهله نفعٌ قَلِيل وفضحت نفسى نابٌ وَقد يقطع الدوية الناب نظرةٌ من ذِي علق نحت أثلته نجدته الْأُمُور نجى حمارا سمنه نفسى تعلم أَنى خاسرٌ نَار الحباحب النَّقْد عِنْد الحافرة نرَاك وَلست بِشَيْء نفس عِصَام سودت عصاما

فيما جاء من الأمثال في أوله نون

الْبَاب الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله نون فهرسته نعم عوفك النبع يقرع بعضه بَعْضًا النِّسَاء لحمٌ على وضمٍ النِّسَاء حبائل الشَّيْطَان النَّاس أخيافٌ النَّاس للنَّاس بِقدر الْحَاجة النَّاس عبيد الْإِحْسَان النَّاس أَعدَاء مَا جهلوا نَسِيج وَحده نزو الْفِرَار استجهل الْفِرَار نفخت لَو تنفخ فِي فحمٍ نعم كلبٍ فِي بؤس أَهله نفعٌ قَلِيل وفضحت نفسى نابٌ وَقد يقطع الدوية الناب نظرةٌ من ذِي علق نحت أثلته نجدته الْأُمُور نجى حمارا سمنه نفسى تعلم أَنى خاسرٌ نَار الحباحب النَّقْد عِنْد الحافرة نرَاك وَلست بشىء نفس عصامٍ سودت عصاماً

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها النون

فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا النُّون أنم من صبحٍ أنم من ذكاء أنم من التُّرَاب أنم من جلجل أنم من جرسٍ أنم من كأس على رَاح أنم من حوز فِي جوالق أنقى من الدمعة أنقى من الرَّاحَة أنقى من لَيْلَة الصَّدْر أنقى من مرْآة الغريبة أنقى من طست الْعَرُوس أنكد من كلبٍ أحص أنكد من تالى النَّجْم أنكد من أَحْمَر عادٍ أنتن من ظربان أنتن من ريح جوربٍ أنتن من مرقات الْغنم أنتن من الْعذرَة آنس من الطيف آنس من الْحمى أنحى من ديكٍ أنور من صبح أنور من وضح النَّهَار أَنْضَرُ من روضةٍ أندى من الْبَحْر أندى من الْقطر أندى من الربَاب أندى من اللَّيْلَة الماطرة أنفذ من سنانٍ أنفذ من خازقٍ أنفذ من خياطٍ أنفذ من إبرةٍ أنفذ نم الدِّرْهَم أنأى من الْكَوَاكِب أنشط من ذئبٍ أنشط من عير الفلاة أنشط من ظبىٍ مقمر أنفر من ظبىٍ أنفر من أزب أنفر من نعامةٍ أنبش من جيأل أنعس من كلبٍ أنوم من فهدٍ أنوم من ظربان أنوم من غزالٍ أنوم من عبود أنسب من كثير أنسب من

قطاة أنسب من دَغْفَل أنسب من ابْن لِسَان الْحمرَة أنطق من سحبان أنعم من خريمٌ أنعم من حَيَّان أنكح من ابْن ألغز أنكح من حوثرة أنكح من خواتٍ أنكح من أعمى أنزى من ضيونٍ أنزى من عصفورٍ أنزى من ظبىٍ أنزى من تيسٍ بنى حمان أنزى من جَراد أَنهم من كلب أنصح من شولة أندم من الكسعى أندم من أَبى غبشان أندم من شيخٍ مهوٍ أندم من قضيبٍ أَنْجَب من يراعةٍ أَنْجَب من مَارِيَة أَنْجَب من بنت الخرشب أَنْجَب من أم الْبَنِينَ أَنْجَب من خبيئة أَنْجَب من عَاتِكَة أنفس من قرطى مَارِيَة

التفسير

التَّفْسِير 1722 - قَوْلهم نعم عوفك مَعْنَاهُ نعم بالك وحالك وَقيل العوف الذّكر وأنشدوا (يَا ليتنى أدخلت فِيهَا عوفى ... ) 1723 - قَوْلهم النبع يقرع بعضه بَعْضًا يضْرب مثلا للرجل الشَّديد يلقى رجلا مثله فِي الشدَّة والمثل لزيادٍ قَالَه فِي نَفسه وَفِي مُعَاوِيَة أَرَادَ أَنه وإياه من شجرةٍ وَاحِدَة صلبة يضْرب بعض أَغْصَانهَا بَعْضًا فَيثبت كل وَاحِد مِنْهُمَا للْآخر وَلَا ينقصف وَقد ذكرنَا حَدِيثه والنبع شجرٌ تتَّخذ مِنْهُ القسى وَأَخذه زِيَاد من قَول زفر ابْن الْحَارِث (فَلَمَّا قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعضٍ أَبَت عيدانه أَن تكسرا)

1724 - قَوْلهم النِّسَاء لحمٌ على وضمٍ قَالَه عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ قَالَ مَا بَال رجالٍ لَا يزَال أحدهم كاسراً وساده عِنْد امرأةٍ مغزيةٍ يتحدث إِلَيْهَا وتتحدث إِلَيْهِ عَلَيْكُم بالجنبة فَإِنَّهَا عفافٌ وَإِنَّمَا النِّسَاء لحمٌ على وَضم إلاذب عَنهُ والمغزية الَّتِى غزا زَوجهَا والجنبة الْوحدَة والانفراد عَن النِّسَاء والوضم الخوان الَّذِي يوضع عَلَيْهِ اللَّحْم عِنْد الشواء وموضعه من الدّكان ميضمةٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُنَّ ضعافٌ لَا يمتنعن إِلَّا إِذا منعن والذب الْمَنْع شبههن بِاللَّحْمِ وَشبه الرِّجَال بالذبان يَقع عَلَيْهِ إِلَّا يَقع مَا ذب عَنهُ أَي طرد 1725 - قَوْلهم نقى نقيقك مَا أَنْت إِلَّا حبارى قَالَ ثَعْلَب يضْرب مثلا للرجل يَأْخُذ الْخَبيث بِحِسَاب الطّيب وَأَصله أَن رجلا اصطاد هَامة فنقت فِي يَده فَقَالَ هَذَا

1726 - قَوْلهم النِّسَاء حبائل الشَّيْطَان الحبائل الشباك الَّتِى تنصب للصَّيْد الْوَاحِدَة حبالة قَالُوا والمثل لعبد الله بن مَسْعُود ضربه للرِّجَال وَالنِّسَاء وَقَالَ عبَادَة بن الصَّامِت أَلا ترَوْنَ أَنى لاأقوم إِلَّا رفدا وَلَا آكل إِلَّا مَا لوق لى وَإِن صاحبى أَصمّ أعمى وَلَا يسرنى أَنى خلوت بامرأةٍ لَا أقوم إِلَّا رفدا أَي لَا أقوم إِلَّا بإعانه معينٍ لي ولوق أَي لين لي وصاحبي يعْنى ذكره وَقلت (لَا تخدعن بأثوابٍ مصبغةٍ ... نصبتهن شباكا للمدابير) 1727 - قَوْلهم النَّاس أخيافٌ أَي متفرقون فِي أحسابهم وأخلاقهم وَأَصله فِي الْفرس تكون إِحْدَى عَيْنَيْهِ زرقاء وَالْأُخْرَى كحلاء واسْمه الْخيف وَاخْتِلَاف النَّاس فِي أَخْلَاقهم وفعالهم هُوَ مِمَّا صنع لَهُم فِيهِ قَالُوا لَا يزَال النَّاس بخيرٍ مَا تباينوا فَإِذا اسْتَووا هَلَكُوا لِأَن الْغَالِب على النَّاس الشَّرّ فَإِذا اسْتَووا فَإِنَّمَا يستوون فِي الشَّرّ قَالَ الراجز

(النَّاس أخيافٌ وشتى فِي الشيم ... فكلهم يجمعهُمْ بَيت الْأدم) يُرَاد أَدِيم الأَرْض وَمَعْنَاهُ أَنهم يرجعُونَ إِلَى آدم من الأَرْض وَقيل بَيت الْأدم بَيت الإسكاف فِيهِ من كل جلد رقْعَة وَيَقُولُونَ هم كبيت الْأدم وكنعم الصَّدَقَة أَي هم مُخْتَلفُونَ وَيُقَال للشيئين إِذا اخْتلفَا خلفان وساقياهما أَي دلوان أَحدهمَا مصعدة وَالْأُخْرَى منحدرة وَمن أمثالهم فِي النَّاس قَوْلهم النَّاس للنَّاس بِقدر الْحَاجة وَقَوْلهمْ النَّاس عبيد الْإِحْسَان وَقَوْلهمْ النَّاس أَعدَاء مَا جهلوا 1728 - قَوْلهم نَسِيج وَحده يُقَال فلانٌ نَسِيج وَحده أَي لَا نَظِير لَهُ وَأَصله الثَّوْب النفيس لَا ينسج على منواله غَيره مَعَه بل ينسج وَحده وَقَالَت عَائِشَة فِي عمر رضى الله عَنْهُمَا كَانَ وَالله الأحوذى نَسِيج وَحده قد أعد للأمور أقرانها والأحوذى بِالذَّالِ المشمر الجاد العالى على أمره من قَوْلهم حاذ الْإِبِل يحوذها إِذا جمعهَا وساقها وغلبها قَالَ العجاج

(يحوذهن وَله حوذى ... ) وَمِنْه يُقَال استحوذ عَلَيْهِ الشَّيْطَان إِذا علاهُ وغلبه والأحوزى بالزاى من قَوْلهم حَاز الشىء يحوزه إِذا جمعه كَأَنَّهُ جمع الْجد والتشمير فِي أمره وَلم يجىء وَحده بِالْكَسْرِ إِلَّا فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع نَسِيج وَحده وجحيش وَحده وعيير تَصْغِير عير وَهُوَ الْحمار الذّكر وَأَصله أَنه لَا يكون فِي قطيعٍ عيران وجحيش تَصْغِير جحش وَذَلِكَ أَن أمه إِذا وَلدته سترته عَن العير وَرَاء أكمة لِأَنَّهُ إِذا علم أَنَّهَا ولدت ذكرا استل خصيتيه فَرُبمَا مَاتَ فَلَا يزَال مُنْفَردا حَتَّى يشْتَد فإمَّا أَن يقتل العير فيتفرد بالقطيع وَإِمَّا أَن يقْتله العير إِذا ظفر بِهِ فَجعل مثلا لكل متفرد بصناعة لَا شَبيه لَهُ فِيهَا وتصغير الجحيش والعيير بِمَعْنى التكثير وَقد استقصينا ذَلِك فِي شرح الفصيح 1729 - قَوْلهم النشيد مَعَ المسرة يضْرب مثلا للشىء يطْلب فِي غير حِينه والمثل للشنفرى وأسره بَنو سلامان وَأَرَادُوا قَتله فقالواله أنشدنا فَقَالَ النشيد مَعَ المسرة وَكَانَ حلف ليقْتلن مِنْهُم مائَة فَقتل تِسْعَة وَتِسْعين رجلا ثمَّ أسروه وقتلوه فَمر بِهِ رجلٌ مِنْهُم فَضرب هامته بِرجلِهِ فطارت مِنْهَا قطعةٌ فعقرت قدمه فَمَاتَ وَكَانَ تَتِمَّة الْمِائَة

فَقَالُوا لَهُ حِين أَرَادوا قَتله أَيْن نقبرك فَقَالَ (لَا تقبرونى إِن قبرى محرمٌ ... عَلَيْكُم وَلَكِن أبشرى أم عَامر) 1730 - قَوْلهم نزو الْفِرَار استجهل الْفِرَار يضْرب مثلا للرجل الردئ تكره مصاحبته حذرا من أَن يأتى صَاحبه مثل فعله لِأَن كل واحدٍ يفعل من الْفِعْل مَا يَفْعَله صَاحبه والفرار ولد الْبَقر الوحشى وَهُوَ إِذا شب وقوى أَخذ فِي النزوان فَمَتَى رَآهُ غَيره نزا مَعَه 1731 - قَوْلهم نفخت لَو تنفخ فِي فحمٍ يضْرب مثلا للْحَاجة تطلب فِي غير موضعهَا أَو مِمَّن لَا يرى لَك قضاءها قَالَ الراجز (قد نفخوا لَو ينفخون فِي فَحم ... ) والفحم بِالتَّحْرِيكِ ولايجوز إسكانه قَالَ النَّابِغَة

(كالهبرقي تنحى ينْفخ الفحما ... ) 1732 - قَوْلهم نعم كلب فِي بؤس أَهله يضْرب مثلا للرجل ينْتَفع بِضَرَر غَيره وَأَصله عِنْد بَعضهم مَا ذَكرْنَاهُ فِي خبر أَكْثَم وَقَالَ آخَرُونَ أَصله أَن بعض الْأَعْرَاب كَانَ لَهُ بعيرٌ يكريه فينتفع بِمَا يعود مِنْهُ وَله كلب يقصر عَن إطعامه وَهُوَ يتلق جوعا فَمَاتَ الْبَعِير فَدفع الرجل إِلَى سوء حَال وَالْكَلب إِلَى خصب وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب (إِن السعيد من يَمُوت جمله ... يَأْكُل لَحْمًا ويقل عمله) وَهَذَا خلاف الأول يَقُول إِنَّه إِذا رَآهُ يَمُوت نَحره فَأكل لَحْمه واستراح من الْعَمَل وَأخذ المتنبى معنى الْمثل فَقَالَ (مصائب قوم عِنْد قوم فَوَائِد ... ) 1733 - قَوْلهم نفس الْعَجُوز فِي الْقبَّة أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ الْقبَّة مَا يكون فِي الفحث وَهُوَ الَّذِي تستعمله

النِّسَاء لتسمن فَأَرَادَتْ الْعَرَب أَن الْمَرْأَة تميل إِلَى مَا يسمنها فَإِذا عجزت فهى إِلَى ذَلِك أميل يضْرب مثلا للشىء يهتم بِهِ الْإِنْسَان غَايَة الإهتمام 1734 - قَوْلهم نابٌ وَقد يقطع الدوية الناب يَقُول إِن المسن تبقى مِنْهُ الْبَقِيَّة ينْتَفع بهَا وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (وَالشَّيْخ أقوى عصباً من الصبى ... ) وقريبٌ مِنْهُ قَول الآخر (يَا مسد الخوص تعوذ منى ... إِن تَكُ لدنا لينًا فإنى) (مَا شِئْت من أشمط مقسئن ... تقمص كَفاهُ بِحَبل الشن) (مثل قماص الأحرد المستن ... ) والمقسئن الَّذِي قد اشْتَدَّ وَذهب لينه وَفِي قريب من معنى هَذَا الْمثل قَول بعض نسَاء الْأَعْرَاب (ألم تَرَ أَن الناب تحلب علبةً ... وَيتْرك ثلبٌ لَا ضرابٌ وَلَا ظهر)

والناقة فِي أول بزولها نابٌ وَالْجمع نيبٌ والثلب الْبَعِير المسن اسمٌ يخص بِهِ الذُّكُور دون الْإِنَاث وَمثل الْمثل قَول الراجز (قد يقطع الدوية الناب الْخلق ... ) 1735 - قَوْلهم نظرةٌ من ذِي علقٍٍ يضْرب مثلا للرجل يحب الشَّيْء فيجتزئ من مَعْرفَته بِالْقَلِيلِ والعلق الْحبّ علقه يعلقه إِذا أحبه علقاً وعلاقةً قَالَ الشَّاعِر (أعلاقةً أم الْوَلِيد بَعْدَمَا ... أفنان رَأسك كالثغام المخلس)

1736 - قَوْلهم نحت أثلته أَي أولع بشتمه وثلمه والوقيعة فِي أَصله والأثلة هَاهُنَا الأَصْل وَمِنْه قيل لَهُ مجدٌ مؤثلٌ ومالٌ مؤثلٌ أَي لَهُ أصل قَالَ الشَّاعِر (مهلا بنى عمنَا عَن نحت أثلتنا ... ) 1737 - قَوْلهم نجذته الْأُمُور وَأَصله من الناجذ وَهُوَ أقْصَى الْأَسْنَان وَيُقَال للرجل إِذا أسن وجرب الْأُمُور قد عض على ناجذه قَالَ سحيم بن وثيل (أَخُو خمسين مُجْتَمع أشدى ... ونجدني مداورة الشؤون) 1738 - قَوْلهم نجى حمارا سمنه لَفظه لفظ الْخَبَر وَالْمرَاد بِهِ الْأَمر أَي لينج الْحمار بسمنه يَقُوله الرجل للرجل يُرِيد أَن ينجو وَهُوَ موفور

1739 - قَوْلهم نفسى تعلم أَنِّي خاسرٌ أَي لَا تلمنى فَإِنِّي أعلم بجايتي 1740 - قَوْلهم نَار الحباحب وَقد ذَكرنَاهَا فِيمَا تقدم 1741 - قَوْلهم النَّقْد عِنْد الحافرة وَمَعْنَاهُ أَن النَّقْد عِنْد السَّبق وَذَلِكَ أَن الْفرس إِذا سبق أَخذ صَاحبه الرَّهْن والحافرة الأَرْض الَّتِى حفرهَا الْفرس بقوائمه فاعلة بِمَعْنى مفعولة كَمَا قيل ماءٌ دافقٌ وسر كاتمٌ وليل نائمٌ وَفِي الْقُرْآن {أئنا لمردودون فِي الحافرة} يعْنى الأَرْض وَقَالَ الْفراء سَمِعت الْعَرَب تَقول النَّقْد عِنْد الحافرة أَي عِنْد حافر الْفرس وأصل الْمثل فِي الْخَيل ثمَّ اسْتعْمل فِي غَيرهَا وَيُقَال التقى الْقَوْم فَاقْتَتلُوا عِنْد الحافرة أَي عِنْد أول كلمة وَرجع فلانٌ فِي حافرته أَي فِي أمره الأول يعْنى الْحَيَاة بعد الْمَوْت وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى {أئنا لمردودون فِي الحافرة} أَي فِي الْأَمر الأول

وَقَالَ الشَّاعِر (أحافرةً على صلعٍ وشيب ... معَاذ الله من سفهٍ وعار) أَي أرجع إِلَى أمرى الأول من الصِّبَا واللعب بعد الصلع والشيب وَقيل النَّقْد عِنْد الحافرة مَعْنَاهُ عِنْد التقليب وَالرِّضَا وَهُوَ مأخوذٌ من حفر الأَرْض وَذَلِكَ أَن الْحَافِر يحْفر الأَرْض لينْظر أطيبةٌ هِيَ أم لَا 1742 - قَوْلهم نرَاك وَلست بشىء يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ الَّذِي يخيل لَك فَإِذا طلبت حَقِيقَته لم تجدها وَأَصله فِيمَا زَعَمُوا أَن امْرَأَة كَانَ لَهَا صديقٌ يعجبها فَقَالَ لَهَا لَا أنْتَهى حَتَّى آتِيك وزوجك يراني فَعمِلت سرباً وسترته فَخرج زَوجهَا إِلَى فنَاء الدَّار يرْعَى غنما لَهُ فَوَثَبَ عَلَيْهَا صديقها فَأقبل زَوجهَا وَقد ذهب عقله فَطلب فَلم ير شَيْئا فَرجع إِلَى غنمه فَوَثَبَ عَلَيْهَا صديقها فَرجع زَوجهَا يطْلب فَلم ير شَيْئا فَقَالَ فِي الثَّالِثَة نرَاك وَلست بِشَيْء

1743 - قَوْلهم نفس عصامٍ سودت عصاماً هُوَ عِصَام بن شهبرٍ الجرمى وَكَانَ من أَشد النَّاس بَأْسا وأبينهم لِسَانا وأحزمهم رَأيا وَكَانَ على جلّ أَمر النُّعْمَان وَلم يكن فِي بَيت قومه أدنى مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رجلٌ كَيفَ نزلت هَذِه الْمنزلَة من الْملك وَأَنت دنئ الأَصْل فَقَالَ (نفس عصامٍ سودت عصاماً ... وعلمته الْكر والإقداما) (وَجَعَلته ملكا هماما ... ) وَالنَّاس يَقُولُونَ لمن يفتخر بِنَفسِهِ عصامىٌ وَلمن يفتخر بآبائه عظامىٌ وَأخْبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد بن مُوسَى قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن العلاف قَالَ حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن الْأَعْمَش عَن أَبى صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من أَبْطَأَ بِهِ عمله لم يسْرع بِهِ نسبه) وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة (هَل ينفع الْمَرْء فِي فهاهته ... من عقل جدٍ مضى وعقل أَب) (مَا الْمَرْء إِلَّا ابْن نَفسه فبها ... يعرف عِنْد التَّحْصِيل لَا النّسَب) (كن ابْن من شِئْت واكتسب أدباً ... يُغْنِيك محموده عَن النشب)

وَكتب أَبُو الْفضل ابْن العميد أَظُنك مِمَّن لَا يعلم أَن الْمُتَعَلّق بالأنساب متمسكٌ بأضعف الْأَسْبَاب وَأَنه لن يغنى عَنْك تالدٌ موروثٌ إِذا لم يشده من جهتك طارفٌ حَدِيث 1744 - قَوْلهم نقز أَتَاهُ خَصمه من علوٍ وَمن عل يضْرب مثلا للرجل الداهية يتَّفق لَهُ من يَظْلمه ويغلبه والنقز الداهية من الرِّجَال 1745 - قَوْلهم نجا مِنْهُ بأفوق ناصلٍ يضْرب مثلا للرجل ينجو من الرجل بعد مَا أَصَابَهُ بشر وَأنْشد (أَلا هَل أَتَى قصوى الْعَشِيرَة أننا ... رددنا بنى كعبٍ بأفوق ناصل) والأفوق من السِّهَام المكسور الفوق والناصل الَّذِي قد خرج نصله مِنْهُ فبقى بِلَا نصل

وَيَقُولُونَ نجا مِنْهُ عوذاً إِذا هدده أَي أَرَادَ ضربه فَلم يضْربهُ أَو ضربه وَأَرَادَ قَتله فَلم يقْتله 1746 - قَوْلهم النَّفس تعلم من أَخُوهَا النافع أَي الْإِنْسَان يعلم من يَنْفَعهُ ويضره

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها النون

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا النُّون 1747 - أنم من الصُّبْح لِأَنَّهُ يهتك كل شىء 1748 - أنم من التُّرَاب لِأَن الْأَثر يبْقى عَلَيْهِ 1749 - أنم من جلجلٍ من قَول أَوْس بن حجر (وإنكما يَا ابنى جنابٍ وجدتما ... كمن دب يستخفى وَفِي الْعُنُق جلجل)

1750 - أنقى من لَيْلَة الصَّدْر لِأَن أحدا لَا يبْقى فِيهَا على المَاء 1751 - أنقى من مرْآة الغريبة وهى الَّتِي تتَزَوَّج فِي غير قَومهَا فَهِيَ تجلو مرآتها أبدا لِئَلَّا يخفى عَلَيْهَا من وَجههَا شىءٌ قَالَ ذُو الرمة (لَهَا أذنٌ حشرٌ وذفرى أسيلةٌ ... وخدٌ كمرآة الغريبة أسجح) 1752 - أنكد من تالى النَّجْم والنجم الثريا وتاليه الدبران وَهُوَ نحسٌ قَالَ الاسود ابْن يعفر (نزلت بحادى النَّجْم يَحْدُو قرينه ... وبالقلب قلب الْعَقْرَب المتوقد)

1753 - أنتن من ريح الجورب من قَول الشَّاعِر (أثنى على بِمَا علمت فإننى ... مثنٍ عَلَيْك بِمثل ريح الجورب) 1754 - أنتن من مرقات الْغنم جمع مرقة وَهِي الصُّوف الَّذِي ينتف من الْجلد قبل أَن يدبع 1755 - أنشط من ظبىٍ مقمر لِأَن النشاط يَأْخُذهُ فِي القمراء فيلعب 1756 - أنفر من أزب قد مضى ذكره

1757 - أنبش من جيأل وَهِي الضبع تنبش الْقُبُور وتستخرج جيف الْمَوْتَى فتأكلها 1758 - أنعس من كلب من قَول رؤبة (لاقيت مطلا كنعاس الْكَلْب ... ) وَقد مر فِيمَا تقدم 1759 - أنوم من فَهد وَهُوَ أنوم الْحَيَوَان وَيُقَال فَهد الرجل إِذا أَكثر النّوم 1760 - أنوم من الظربان لِأَنَّهُ طَوِيل النّوم وَقَالَ بَعضهم ينَام نوم الظربان وينتبه انتباه الذِّئْب

1761 - أنوم من غزالٍ لِأَنَّهُ إِذا رضع أمه فروى امْتَلَأَ نوماً 1762 - أنوم من عبودٍ وَكَانَ عبدا حطابا وبقى فِي محتطبه أسبوعاً لم ينم ثمَّ انْصَرف وبقى اسبوعاً نَائِما 1763 - أنسب من كثيرٍ من النسيب 1764 - أنسب من قطاةٍ من النِّسْبَة وَذَلِكَ أَنَّهَا تصوت باسم نَفسهَا فَتَقول قطا قطا 1765 - أنعم من خريمٍ وَهُوَ خريم بن خَليفَة من ولد سِنَان بن حَارِثَة المرى وَكَانَ متنعما

فَسمى خريماً الناعم وَكَانَ لَا يلبس جَدِيدا فِي صيف وَلَا خلقا فِي شتاء وَكَانَ يَقُول النِّعْمَة الْأَمْن لِأَن الْخَائِف لَا ينْتَفع بعيش والشباب لِأَن الشَّيْخ لَا ينْتَفع بعيش وَالصِّحَّة والغنى فَإِن الْمَرِيض وَالْفَقِير لَا ينتفعان بعيش 1766 - أنعم من حَيَّان لِأَنَّهُ كَانَ رجلا منعماً قَالَ فِيهِ الْأَعْشَى (شتان مَا يومى على كورها ... وَيَوْم حَيَّان أخى جَابر) على كورها أَي على كور الرَّاحِلَة 1767 - أنكح من ابْن ألغز وَهُوَ عُرْوَة بن أَشْيَم الإيادى وَكَانَ أوفر النَّاس ذكرا وأشدهم نِكَاحا وَكَانَ إِذا أنعظ واستلقى جَاءَ الفصيل الأجرب فاحتك بِذكرِهِ يَظُنّهُ الجذل والجذل عودٌ ينصب فِي العطن تَحْتك بِهِ الْإِبِل الجربى وَأصَاب ذكره جنب عروس زفت إِلَيْهِ فَقَالَت أتهددنى بالركبة

1768 - أنكح من حوثرة وَهُوَ رجل من عبد الْقَيْس واسْمه ربيعَة بن عَمْرو حضرعكاظ فَأَرَادَ شِرَاء عسٍ من امْرَأَة فاستامت عَلَيْهِ سيمةً غَالِيَة فَقَالَ مَاذَا تغالين بِثمن إِنَاء أَنا أملؤه بحوثرتى ثمَّ كشف عَن كمرته فَمَلَأ بهَا عس الْمَرْأَة فنادت الْمَرْأَة يَا للفليقة والفليقة الداهية وَكَذَلِكَ الفلق فَسمى حوثرة والحوثرة الكمرة 1769 - انكح من خواتٍ وَهُوَ خَوات بن جُبَير الأنصارى وَمن حَدِيثه أَنه حضر سوق عكاظ فَانْتهى إِلَى امرأةٍ من هُذَيْل تبيع السّمن فَأخذ نحياً من أنحائها ففتحه وذاقه وَدفع فَم النحى إِلَيْهَا فَأَخَذته بِإِحْدَى يَديهَا وَفتح الآخر وذاقه وَدفع فَمه إِلَيْهَا فأمسكته بِيَدِهَا الآخرى ثمَّ غشيها وَهِي لَا تقدر على الدّفع عَن نَفسهَا لحفظها فَم النحيين فَلَمَّا قَامَ عَنْهَا قَالَت لَا هُنَاكَ فَرفع خواتٌ عقيرته يَقُول

(وَأم عِيَال واثقين بكسبها ... خلجت لَهَا جاراستها خلجات) (شغلت يَديهَا إِذْ أردْت خلاطها ... بنحيين من سمن ذوى عجرات) (وأخرجته رَيَّان ينطف رَأسه ... من الرامك الْمَخْلُوط بالمقرات) (فَكَانَ لَهَا الويلات من ترك نحيها ... وويلٌ لَهَا من شدَّة الطعنات) (فشدت على النحيين كفى شحيحة ... على سمنها والفتك من فعلات فعلاتى) فَضربت الْعَرَب بهما الْمثل فَقَالَت أنكح من خَوات وأغلم من خَوات وأشغل من ذَات النحيين وأشح من ذَات النحيين والرامك ضربٌ من الطّيب تتضايق بِهِ الْمَرْأَة كَمَا تتضايق بعجم الزَّبِيب وَدخل خواتٌ فِي الْإِسْلَام وَشهد بَدْرًا وَقَالَ لَهُ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا فعل بعيرك أيشرد عَلَيْك قَالَ أما مُنْذُ قَيده الْإِسْلَام فَلَا)

1770 - أنزى من ضيون وَهُوَ السنور قَالَ الشَّاعِر (يدب بِاللَّيْلِ لجاراته ... كضيونٍ دب إِلَى فرنب) والفرنب الفارة 1771 - أنزى من ظبى 1772 - وأنزى من جَراد من النزوان لَا من النزو 1773 - أنصح من شولة وَهِي خادمةٌ لبَعض أهل الْكُوفَة كَانَت ترسل فِي كل يومٍ لتشترى بدرهم سمناً فَبينا هِيَ ذَات يَوْم ذاهبةٌ إِلَى السُّوق وجدت درهما فأضافته إِلَى الدِّرْهَم الَّذِي كَانَ مَعهَا واشترت بهما سمناً فَلَمَّا أَتَت مواليها ضربوها وَقَالُوا كنت تسرقين كل يومٍ نصف السّمن أَو نصف ثمنه

1774 - أندم من الكسعى واسْمه محَارب بن قيس اتخذ قوساً من نبعةٍ وأتى قترةً على موارد الْحمر فَمر بِهِ قطيعٌ مِنْهَا فَرمى عيرًا فأمخطه السهْم أَي جازه وَأصَاب الْجَبَل فأورى نَارا فَظن أَنه أَخطَأ وَمر بِهِ قطيعٌ آخر فَصنعَ صَنِيعه الأول فَأَنْشَأَ يَقُول (لَا بَارك الرَّحْمَن فِي رمى القتر ... أعوذ بالخالق من سوء الْقدر) (أأمخط السهْم لإرهاق الضَّرَر ... أم ذَاك من سوء احتيال وَنظر) (أم لَيْسَ يغنى حذرٌ عِنْد قدر ... ) ثمَّ مر قطيعٌ آخر فَفعل فعله الأول حَتَّى رمى خمس مَرَّات كَذَلِك وَقَالَ (أبعد خمسٍ قد حفظت عدهَا ... أحمل قوسى وَأُرِيد ردهَا) (أخزى الْإِلَه لينها وشدها ... وَالله لَا تسلم عِنْدِي بعْدهَا) (ولاأرحى مَا حييت رفدها ... ) ثمَّ عمد بهَا فَكَسرهَا على حجر فَلَمَّا أصبح رأى الأعيار الْخَمْسَة مصرعة حوله فندم وَقَالَ

(نَدِمت ندامةً لَو أَن نفسى ... تطاوعنى بهَا لَقطعت خمسى) (تبين لي سفاه الرأى منى ... لعمر أَبِيك حِين كسرت قوسى) وَقَالَ الفرزدق (نَدِمت ندامة الكسعى لما ... غَدَتْ منى مُطلقَة نوار) 1775 - أَنْجَب من بنت الخرشب وَهِي فَاطِمَة الأنمارية ولدت لزياد العبسى الكملة ربيعاً الْكَامِل وَعمارَة الْوَهَّاب وَقيس الْحفاظ وَأنس الفوارس 1776 - أَنْجَب من أم الْبَنِينَ وَهِي بنت عَمْرو بن عَامر فَارس الضحياء ولدت لمَالِك بن جَعْفَر ابْن كلابٍ ملاعب الاسنة عَامِرًا وَفَارِس قرزلٍ طفيل الْخَيل وَالِد عَامر وربيع المقترين ربيعَة ونزال الْمضيق سلمى ومعود الْحُكَمَاء مُعَاوِيَة قَالَ لبيد

(نَحن بَنو أم الْبَنِينَ الْأَرْبَعَة ... ) وَقَالَ أَرْبَعَة لضَرُورَة الْوَزْن وَإِنَّمَا هم خمسةٌ 1777 - أَنْجَب من خبيئة وَهِي بنت ريَاح بن الأشل الغنوية ولدت من جَعْفَر بن كلاب خَالِدا الْأَصْبَغ ومالكاً الطيان وَرَبِيعَة الْأَحْوَص 1778 - أَنْجَب من عَاتِكَة وَهِي بنت هِلَال بن مرّة بن فالج بن ذكْوَان ولدت لعبد منَاف بن قصىٍ هاشماً وَعبد شمس وَالْمطلب 1779 - أنفس من قرطى مَارِيَة وَيُقَال فِي مثل آخر وَلَو بقرطى مَارِيَة وَقَالَ ابْن الكلبى هِيَ مَارِيَة بنت ظَالِم بن وهبٍ الكندى أم الْحَارِث الْأَعْرَج ابْن الْحَارِث الْأَكْبَر الغسانى ملك الشَّام وهى الَّتِي ذكرهَا حسان فَقَالَ

(قبرن ابْن مَارِيَة الْكَرِيم الْمفضل ... ) وَقَالَ الشَّاعِر يُخَاطب النُّعْمَان وَقد اتهمه (يأيها الْملك الَّذِي ... ملك الْأَنَام عَلَانيَة) (المَال آخذه سواى ... وَكنت عَنهُ ناحيه) (إنى أؤديه إِلَيْك ... وَلَو بقرطي ماريه)

فيما جاء من الأمثال في أوله واو

الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله وَاو فهرسته الْوحدَة خيرٌ من جليس السوء وَا بأبى وُجُوه الْيَتَامَى أدركنى وَلَو بأحدٍ المغروين وَقع فِي سنّ رَأسه وَمن عضةٍ مَا ينبتن شكيرها وجد تَمْرَة الْغُرَاب وَجه الْحجر وجهة مَاله وَقَعُوا فِي أم جُنْدُب ول حارها من تولى قارها وَحمى وَلَا حَبل وشكان ذِي إهالة ودق العير إِلَى المَاء وَقَعُوا فِي سلا جملٍ وَقعا عكمى غير وَافق شن طبقه ويل للشجى من الخلى وريت بك زنادى وَجه المحرش أقبح وَطئه وَطْأَة المتثاقل وَقع فِي حيص بيص وَلَو بقرطى مَارِيَة وَأهل عَمْرو قد أضلوه وفيت وتعليت

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الواو

فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْوَاو أوفى من السموءل أوفى من أَبى حنبلٍ أوفى من الْحَارِث ابْن ظَالِم أوفى من الْحَارِث بن عبادٍ أوفى من عَوْف بن محلم أوفى من خماعة أوفى من أم جميل أوفد من المجبرين أولم من الْأَشْعَث أوفى فدَاء من الْأَشْعَث أوحى من عُقُوبَة الْفُجَاءَة أوحى من صدى أوحى من طرف الموق أوغل من طفيل أوغل من ابْن فوضعٍ أولج من ريح أوقل من غفرٍ أوقل من وعلٍ أوثب من فهدٍ أولغ من كلبٍ أولع من قردٍ أوقح من ذئبٍ أوقى لدمه من عيرٍ أوضح من مرْآة الغريبة أوفر من الرمانة أوفى من كيل الزَّيْت أوجد من المَاء أوجد من التُّرَاب أوسع من الدهناء أوسع من اللَّوْح أوثق من الأَرْض أوطأ من الأَرْض أوطأ من الرِّيَاء أَوْهَى من بَيت العنكبوت أَوْهَى من الْأَعْرَج

التفسير

التَّفْسِير 1780 - قَوْلهم الْوحدَة خيرٌ من جليس السوء أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر بن دُرَيْد عَن أَبى حَاتِم عَن مُحَمَّد بن مُوسَى عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ سَمِعت الْأَحْنَف بن قيس يَقُول أتيت الْمَدِينَة فَبينا أَنا بهَا إِذْ رَأَيْت النَّاس يسرعون إِلَى رجل فمررت مَعَهم فَإِذا أَبُو ذرٍ فَجَلَست إِلَيْهِ فَقَالَ لي من أَنْت قلت الْأَحْنَف قَالَ أحنف الْعرَاق قلت نعم قَالَ لي يَا أحنف الْوحدَة خيرٌ من جليس السوء أَلَيْسَ كَذَلِك قلت نعم قَالَ والجليس الصَّالح خيرٌ من الْوحدَة أكذاك قلت نعم قَالَ وتكلمٌ بخيرٍ خيرٌ من أَن تسكت أَكَذَلِك قلت نعم قَالَ وَالسُّكُوت عَن الشَّرّ خيرٌ من التَّكَلُّم بِهِ أَكَذَلِك قلت نعم قَالَ خُذ هَذَا الْعَطاء مَا لم يكن ثمنا لدينك فَإِذا كَانَ ثمنا لدينك فإياك وإياه وَقَالَ الشَّاعِر (وحدة الْعَاقِل خيرٌ ... من جليس السوء عِنْده) (وجليس الصدْق خيرٌ ... من جُلُوس الْمَرْء وَحده) وَقيل جليس السوء كالقين الأصحر إِلَّا يحرقك بشرره يؤذك بدحانه

1781 - قَوْلهم وَا بِأبي وُجُوه الْيَتَامَى يضْرب مثلا للرجل يتحنن على أَقَاربه والمثل لسعد بن القرقرة رجلٌ من أهل هجر رضيعٌ للنعمان بن الْمُنْذر وَكَانَ النُّعْمَان يضْحك مِنْهُ فَدَعَا يَوْمًا بفرسه اليحموم وَقَالَ لَهُ اركبه واطلب عَلَيْهِ الْوَحْش فَقَالَ سعدٌ إِذن وَالله أصرع فَأبى النُّعْمَان إِلَّا أَن يركبه فَلَمَّا رَكبه نظر إِلَى وَلَده فَقَالَ وَا بِأبي وُجُوه الْيَتَامَى وأحضر بِهِ الْفرس فَتعلق بعرفه وَصَاح فَضَحِك النُّعْمَان وَأَجَازَهُ وَأَنْشَأَ يَقُول (نَحن بغرس الودى أعلمنَا ... منا بركض الْجِيَاد فِي السّلف) (يَا وَيْح نفسى وَكَيف أطعنه ... مستمسكاً وَالْيَدَانِ فِي الْعرف) (قد كنت أَدْرَكته فأدركنى ... للصَّيْد جد من معشر غلف) 1782 - قَوْلهم وَلَو بِأحد المغروين يَقُول افْعَل هَذَا وَلَو كَانَ فِيهِ الْمَوْت وَحَدِيثه قريبٌ من الحَدِيث الأول وَهُوَ أَن رجلا من أهل هجر ركب نَاقَة صعبةً فجالت بِهِ

فَقَالَ لِأَخِيهِ وَهُوَ قائمٌ ينظر إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ قوسٌ وسهمان أنزلنى عَنْهَا وَلَو بِأحد المغروين فَرَمَاهُ أَخُوهُ فصرعه فَمَاتَ والمغروان السهْمَان يُقَال غروت السهْم إِذا أصلحته بالغراء وَهُوَ مغروٌ 1783 - قَوْلهم وَمن عضةٍ مَا ينبتن شكيرها وَقد تقدم تَفْسِيره وَنَحْوه قَول عَلْقَمَة بن سيار قَالَه يَوْم ذِي قار (من فر مِنْكُم فر من حريمه ... أَو ذب عَنْكُم ذب عَن حميمه) (وجاره الْأَدْنَى وَعَن نديمه ... أَنا ابْن سيارٍ على شكيمه) (إِن الشرَاك قد من أديمه ... ) 1784 - قَوْلهم وَقع فِي سنّ رَأسه يعْنى فِي عدد شعره من الْخَيْر وَقَرِيب مِنْهُ

1785 - قَوْلهم وجدت الدَّابَّة ظلفها يضْرب مثلا للرجل يجد مَا يُوَافقهُ وَقَرِيب مِنْهُ 1786 - قَوْلهم وجدت تَمْرَة الْغُرَاب أَي وجد مَا طلب من الْخَيْر وَالسعَة وَذَلِكَ أَن الْغُرَاب ينتقى أَجود تَمْرَة ويأكلها 1787 - قَوْلهم وَجه الْحجر وجهة مَاله وَيُقَال وجهةٌ بِالرَّفْع أَي دبر الْأَمر على وَجهه الَّذِي ينبغى وَيضْرب مثلا فِي حسن التَّدْبِير وَقَالَ الأصمعى وجهة مَاله يُرَاد أَن لَهُ جِهَة على حالٍ من الْحَال وَأَنت تخطبها وَمَعْنَاهُ لكل أمرٍ وجهٌ نوجهه إِلَيْهِ إِلَّا أَن الْإِنْسَان رُبمَا عجز فَصَرفهُ عَن وجهته

1788 - قَوْلهم وَقَعُوا فِي أم جندبٍ إِذا وَقَعُوا فِي مَكْرُوه وَاسْتمرّ عَلَيْهِم ظلم وَكَأن أم جندبٍ اسمٌ من أَسمَاء الْإِسَاءَة وَالظُّلم وقريبٌ مِنْهُ 1789 - قَوْلهم وَقَعُوا فِي حيص بيص إِذا وَقَعُوا فِي أَمر ينشب بهم وَلم نَعْرِف تَفْسِير حيص بيص وَأنْشد لأمية بن أَبى عَائِذ الهذلى (قد كنت خراجاً ولوجاً صيرفاً ... لم تلتحصنى حيص بيص لحاص) 1790 - قَوْلهم ول حارها من تولى قارها أَي ول مَكْرُوه الْأَمر من تولى محبوبه والحار مذمومٌ عِنْدهم والبارد مَحْمُود

1791 - قَوْلهم وَحمى وَلَا حَبل يضْرب مثلا للطرف الشهوان لَا يذكر لَهُ شىءٌ إِلَّا اشتهاه والوحام شَهْوَة الحبلى خَاصَّة يَقُول بِهِ شَهْوَة الحبلى وَلَا حَبل بِهِ يُقَال وحمت الْمَرْأَة توحم وحماً وَهِي وَحمى ووحمةٌ قَالَ العجاج أزمان ليلى عَام ليلى وَحمى ... ) أَي أَيَّام كَانَت شهوتى وإرادتى وَلم يكن لي عَنْهَا صَبر كَمَا لَا يكون للحبلى صبرٌ عَن الشىء الَّذِي تشتهيه 1792 - قَوْلهم وشكان ذِي إهالةً قد مر القَوْل فِيهِ فِي الْبَاب الثَّانِي عشر 1793 - قَوْلهم ودق العير إِلَى المَاء يضْرب مثلا للجبان يفزع فيستكين

1794 - قَوْلهم وَقَعُوا فِي سلا جملٍ مثلٌ لِلْأَمْرِ الشَّديد الَّذِي لَا نَظِير لَهُ فِي الشدَّة والسلا إِنَّمَا يكون للناقة دون الْجمل وَهُوَ الَّذِي يلتف فِيهِ ولد النَّاقة وَأما قَوْلهم وَقَعُوا فِي مثل حولاء النَّاقة إِذا صَارُوا فِي خصب فَإِذا وصفت الأَرْض بِالْخصْبِ قَالُوا كَأَنَّهَا حولاء النَّاقة 1795 - قَوْلهم وَقعا عكمى عيرٍ يُقَال ذَلِك للشيئين المستويين والعكمان الحملان وَإِذا وَقعا عَن ظهرالدابة وصلا إِلَى الأَرْض مَعًا وَيَقُولُونَ فِي هَذَا الْمَعْنى وَقعا كركبتى الْبَعِير لِأَنَّهُمَا إِذا أَرَادَ البروك وقعتا مَعًا تَقول هما عكما عير أَي هما سَوَاء وَمَا وَقعا عكمى عير أَي ليسَا بِسَوَاء 1796 - قَوْلهم وَافق شنٌ طبقَة يضْرب مثلا للشيئين يتفقان قَالَ الأصمعى أَظن الشن وعَاء من أَدَم كَانَ قد تشنن أَي تقبض فَجعل لَهُ غطاءٌ فوافقه وَقَالَ آخَرُونَ

طبقَة قَبيلَة من إياد كَانَت لَا تطاق فأوقعت بهَا شنٌ وَهُوَ شن بن أفصى ابْن دعمى بن جديلة بن أَسد بن ربيعَة بن نزار فانتصفت مِنْهَا وأصابت فِيهَا فضربتا مثلا للمتفقين فِي الشدَّة وَغَيرهَا وَقَالَ الشرقى بن القطامى كَانَ شنٌ رجلا من دهاة الْعَرَب قَالَ وَالله لأطوفن حَتَّى أجد امْرَأَة مثلى فأتزوجها فَسَار حَتَّى لقى رجلا يُرِيد قَرْيَة يريدها شنٌ فصحبه فَلَمَّا انْطَلقَا قَالَ لَهُ شنٌ أتحملنى أم أحملك فَقَالَ الرجل يَا جَاهِل كَيفَ يحمل الرَّاكِب الرَّاكِب فسارا حَتَّى رَأيا زرعا قد استحصد فَقَالَ شنٌ أَتَرَى هَذَا الزَّرْع قد أكل أم لَا فَقَالَ يَا جَاهِل أما ترَاهُ قَائِما وسارا فاستقبلتهما جنازةٌ فَقَالَ شنٌ أَتَرَى صَاحبهَا حَيا أم مَيتا فَقَالَ مَا رَأَيْت أَجْهَل مِنْك أَترَاهُم حملُوا إِلَى الْقُبُور حَيا ثمَّ صَار بِهِ الرجل إِلَى منزله وَكَانَت لَهُ بنتٌ يُقَال لَهَا طبقَة فَقص عَلَيْهَا قصَّته فَقَالَت أما قَوْله أتحملنى أم أحملك فَإِنَّهُ أَرَادَ أتحدثنى أم أحَدثك حَتَّى نقطع طريقنا وَأما قَوْله أَتَرَى هَذَا الزَّرْع قد أكل أم لَا فَإِنَّهُ أَرَادَ أباعه أَهله فَأَكَلُوا ثمنه أم لَا وَأما قَوْله فِي الْمَيِّت فَإِنَّمَا أَرَادَ أترك عقباً يحيا بهم ذكره أم لَا فَخرج الرجل فحادثه ثمَّ أخبرهُ بقول ابْنَته فَخَطَبَهَا إِلَيْهَا فَزَوجهُ إِيَّاهَا فحملها إِلَى أَهله فَلَمَّا عرفُوا عقلهَا ودهاءها قَالُوا وَافق شن طبقَة

1797 - قَوْلهم ويل للشجى من الخلى يضْرب مثلا لسوء مُشَاركَة الرجل صَاحبه يَقُول إِن الخلى لَا يساعد الشجى على مَا بِهِ ويلومه والخلى الْخُلُو من الْهم وياؤه مُشَدّدَة والشجى خَفِيف الْيَاء شجى يشجى شجىً وَهُوَ شجٍ وَأَجَازَ بَعضهم تشديده وَجعله من قَوْلك شجاه يشجيه فَهُوَ مشجىٌ وشجىٌ فعيلٌ بِمَعْنى مفعول والمثل لأكثم بن صيفىٍ وَذَلِكَ أَنه سمع بِذكر النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكتب إِلَيْهِ مَعَ ابْنه حُبَيْش بِاسْمِك اللَّهُمَّ من العَبْد إِلَى العَبْد أما بعد فَبَلغنَا مَا بلغك الله فقد بلغنَا عَنْك خبر خير مَا أَصله إِن كنت أريت فأرنا وَإِن كنت علمت فَعلمنَا وأشركنا فِي خيرك وَالسَّلَام فَكتب إِلَيْهِ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من محمدٍ رَسُول الله إِلَى أَكْثَم بن صيفى أَحْمد الله إِلَيْك إِن الله أمرنى أَن أَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله أقولها وليقربها النَّاس والخلق خلق الله وَالْأَمر كُله لَهُ هُوَ خلقهمْ وأماتهم وَهُوَ ينشرهم وَإِلَيْهِ الْمصير بأنبيائه الْمُرْسلين ولتسألن عَن النبإ الْعَظِيم ولتعلمن نبأه بعد حِين) فَقَالَ لِابْنِهِ مَا رَأَيْت مِنْهُ فَقَالَ رَأَيْته يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق وَينْهى عَن ملائمها فَجمع أَكْثَم بن تَمِيم وَقَالَ لَا تحضرونى سَفِيها فَإِن من يسمع يخل وَإِن من يخل يظنّ وَإِن السَّفِيه واهى الرأى وَإِن كَانَ

قوى الْبدن وَلَا خير فِيمَن عجز عَن رَأْيه وَنقص عقله فَلَمَّا اجْتَمعُوا دعاهم إِلَى اتِّبَاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ مَالك بن نُوَيْرَة اليربوعى فِي نفرٍ من بنى يَرْبُوع فَقَالَ خرف شيخكم إِنَّه ليدعوكم إِلَى الفناء ويعرضكم للبلاء وَإِن تجيبوه تتفرق جماعتكم وَتظهر أضغانكم ويذلل عزكم فمهلاً مهلاًَ فَقَالَ أَكْثَم ويلٌ للشجى من الخلى يَا لهف نفسى على أمرٍ لم أدْركهُ وَلم يفتنى مَا آسى عَلَيْك بل على الْعَامَّة يَا مَالك إِنَّك هالكٌ وَإِن الْحق إِذا قَامَ دفع الْبَاطِل وصرع صرعى قيَاما فَتَبِعَهُ مائةٌ من عمرٍو وحَنْظَلَة وَخرج إِلَى النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق عمد حبيشٌ إِلَى رواخلهم فنحرها وشق مَا كَانَ مَعَهم من قربةٍ ومزادةٍ وهرب فجهد أَكْثَم الْعَطش فَمَاتَ وَأوصى من مَعَه بِاتِّبَاع النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأشهدهم أَنه أسلم فَأنْزل الله فِيهِ {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله} 1798 - قَوْلهم وجدان الرقين يغطى على أفن الأفين الرقين جمع رقةٍ مُخَفّفَة وَهِي الْفضة كَمَا تَقول فِي جمع برة برين

وَالْمعْنَى أَن المَال يغطى عُيُوب صَاحبه وَمثله قَول الشَّاعِر (وَكم من قَلِيل اللب يسحب ذيله ... نفى عَنهُ وجدان الرقين المخازيا) 1799 - قَوْلهم وريت بك زنادى أَي أنجح الله بك أمرى لَفظه لفظ الْخَبَر وَيُرَاد بِهِ الدُّعَاء يُقَال ورت النَّار ترى ورياً ووريت الزِّنَاد فَهِيَ واريةٌ وأورى القادح وَفِي الْقُرْآن {أَفَرَأَيْتُم النَّار الَّتِي تورون} 1800 - قَوْلهم وَجه المحرش أقبح يَقُول ذَلِك الرجل للرجل يُخبرهُ بِأَنَّهُ قد شتم أَي وَجهك إِذا لقيتنى أقبح من وَجه الَّذِي قَالَه وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (لعمرك مَا سبّ الْأَمِير عدوه ... ولكنما سبّ الْأَمِير الْمبلغ) وَمن عَجِيب مَا جَاءَ فِي هَذَا الْمَعْنى مَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن أبي بكر بن دُرَيْد عَن أَبى عُبَيْدَة قَالَ قَالَ رجلٌ لعَمْرو بن عبيد أَن الأسوارى

مَا زَالَ أمسٍ يذكرك فِي قصصه فَقَالَ عَمْرو يَا هَذَا مَا رعيت حق مجالسة الرجل حِين نقلت إِلَيْنَا حَدِيثه وَلَا أدّيت حقى حِين أبلغتنى عَن أخٍ أعلمهُ إِن الْمَوْت يعمنا والبعث يحشرنا وَالْقِيَامَة تضمنا وَالله يحكم بَيْننَا وَقَالَ الْمَسِيح لأَصْحَابه أَحْسنُوا الْمحْضر فَمروا بِهِ على جيفة كلب فَقَالُوا مَا أنتن رِيحهَا فَقَالَ مَا أَشد بَيَاض أسنانها ألم أقل لكم أَحْسنُوا الْمحْضر وأتى الْمَنْصُور برجلٍ جنى جِنَايَة وَكَانَ شَيخا كَبِيرا فتهدده الْمَنْصُور فَأَنْشد الشَّيْخ بصوتٍ ضعيفٍ حَزِين (وتروض عرسك بَعْدَمَا هرمت ... وَمن العناء رياضة الْهَرم) فَقَالَ الْمَنْصُور مَا يَقُول الشَّيْخ فَقَالَ الرّبيع يَقُول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ (العَبْد عبدكم وَالْمَال مالكم ... فَهَل عقابك عَنى الْيَوْم مَصْرُوف) فَقَالَ قد غفرت لَهُ فحلى سَبيله وَأحسن إِلَيْهِ والعامة تَقول من طَابَ مولده طَابَ محضره قَالَ النَّابِغَة (فَإِن تَكُ قد بلغت عَنى خِيَانَة ... لمبلغك الواشى أغش وأكذب)

وَمن هَاهُنَا أَخذ الشَّاعِر قَوْله (ولكنما سبّ الْأَمِير الْمبلغ) وَسمع قُتَيْبَة بن مُسلم رجلا يغتاب رجلا فَقَالَ لقد تلمظت بمضغة طَال مَا لَفظهَا الْكِرَام وَقَالَ الراعى (هجوت زهيراً ثمَّ إنى مدحته ... وَمَا زَالَت الْأَشْرَاف تهجى وتمدح) (وَلم أدر يمناه إِذا مَا مدحته ... أبالمال أم بالمشرفية أنفح) (وذى كلفةٍ أغراه بِي غير ناصحٍ ... فَقلت لَهُ وَجه المحرش أقبح) (وإنى وَإِن كنت المسىء فإننى ... على كل حالاتى لَهُ مِنْهُ أنصح) 1801 - قَوْلهم وفيت وتعليت يُقَال ذَلِك للرجل يفعل الْخَيْر وَيزِيد وَأَصله أَن رجلا كَانَت لَهُ صديقةٌ لَهَا زوج غَائِب وَكَانَ يَأْتِيهَا على طمأنينة فَقدم زَوجهَا وَلم يعلم بِهِ الرجل

فجَاء على عَادَته فَوَجَدَهُ نَائِما فحسبه الْمَرْأَة فَأخذ برجليه فَوَثَبَ إِلَى السَّيْف ليَقْتُلهُ وَكَانَ فِي جيران مُعَاوِيَة بن سيار بن جحوان فَنَادَى الْمَأْخُوذ يَا مُعَاوِيَة هَل وفيت يُوهم الزَّوْج أَنه جعل لَهُ على مَا فعل جعلٌ وَعلم مُعَاوِيَة أَنه مكروب فَقَالَ نعم وتعليت فَخَلَّاهُ الزَّوْج 1802 - قَوْلهم وَطئه وَطْأَة المتثاقل مثلٌ للمتحامل الشَّديد التحامل 1803 - قَوْلهم وَأهل عَمْرو قد أضلوه يَقُوله الرجل يصاب بمكروه فَيرى من أُصِيب بِمثلِهِ فيريد أَن يعرفهُ أَن حَاله مثل حَاله وَأَصله أَن عَمْرو بن الْأَحْوَص العامرى غزا بنى حَنْظَلَة فَقَالَ الْأَحْوَص وَهُوَ شيخ بنى عَامر يَوْمئِذٍ لِقَوْمِهِ إِن أَتَاكُم طفيل بن مالكٍ وعَوْف بن الْأَحْوَص يتحدثان إِلَى عَرصَة الحى فقد ظفر أصحابكم وَإِن

جَاءَا يتسايران إِلَى أدنى الْبيُوت ثمَّ تفَرقا فهى الفضيحة فجاءا إِلَى أدنى الحى ثمَّ تفَرقا فَعرف إِلَيْهِ أهلهما الشَّرّ فَأرْسل إِلَيْهِمَا الْأَحْوَص فَأَخْبَرَاهُ أَن عمرا قتل فَكَانَ أحب وَلَده إِلَيْهِ فبكاه حَتَّى هلك فَكَانَ كلما سمع باكية قَالَ وَأهل عَمْرو وَقد أضلوه أَي أُصِيب أهل عَمْرو بِمثل مَا أُصِيب بِهِ

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الواو

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْوَاو 1804 - أوفى من السموءل وَهُوَ سموءل بن عادياء اليهودى أودعهُ امْرُؤ الْقَيْس دروعاً وسيوفاً وَخرج إِلَى الرّوم فقصده ملكٌ من مُلُوك الشَّام فتحرز مِنْهُ السموءل فَأخذ الْملك ابْنا لَهُ كَانَ خَارِجا من الْحصن وَقَالَ إِن سلمت إِلَى الدروع وَالسُّيُوف وَإِلَّا ذبحت ابْنك فَقَالَ شَأْنك فإنى غير مخفرٍ ذمتى فذبحه وَانْصَرف بالخيبة فَقَالَ الْأَعْشَى (كن كالسموءل إِذْ طَاف الْهمام بِهِ ... فِي جحفل كسواد اللَّيْل جزار) (فَقَالَ تكلٌ وغدرٌ أَنْت بَينهمَا ... فاختر وَمَا فيهمَا حَظّ لمختار) (فَشك غسير طويلٍ ثمَّ قَالَ لَهُ ... اقْتُل أسيرك إنى مَانع جاري)

1805 - أوفى من أَبى حَنْبَل وَهُوَ أَبُو حَنْبَل الطائى وَقد مضى حَدِيثه فِيمَا قبل 1806 - أوفى من الْحَارِث بن ظالمٍ ويجىء حَدِيثه فِيمَا بعد 1807 - أوفى من عَوْف بن محلمٍ وَمن وفائه أَن رجلا من بكر بن وَائِل أسر مَرْوَان الْقرظ فَافْتدى نَفسه بِمِائَة بعير على أَن يُؤَدِّيه إِلَى خماعة بنت عَوْف بن محلم وَدفع إِلَيْهِ بِالْمِائَةِ عوداً فَمضى بِهِ إِلَى خماعة فَبعثت بِهِ خماعة إِلَى عَوْف فَطلب عَمْرو ابْن هندٍ إِلَى عَوْف أَن يسلم إِلَيْهِ مَرْوَان وَذكر أَنه حلف لَا يقْلع عَنهُ حَتَّى يضع يَده فِي يَده فَقَالَ عوفٌ تفعل ذَلِك على أَن تكون كفى بَين كَفه وكف الْملك عَمْرو فَأدْخلهُ إِلَيْهِ على هَذِه الشريطة فَعَفَا عمروٌ عَنهُ وَقَالَ لَا حر بوادى عَوْف

1808 - أوفى من فكيهة وَهِي بنت قَتَادَة بن مشنوء خَالَة طرفَة وَمن وفائها أَن سليك بن سلكة غزا بكر بن وَائِل فَرَأى الْقَوْم أثر قدمٍ على المَاء فرصدوه حَتَّى إِذا ورد وَشرب وَثبُوا عَلَيْهِ فَعدا فَأَثْقَله بَطْنه فولج قبَّة فكيهة فاستجارها فأدخلته تَحت درعها وَنَادَتْ إخوتها فَجَاءُوا ومنعوه فَقَالَ سليك (لعَمْرو أَبِيك والأنباء تنمى ... لنعم الْجَار أُخْت بنى عوارا) (عنيت بِهِ فكيهة حِين قَامَت ... بِنَزْع السَّيْف فانتزعوا الخمارا) (من الخفرات لم تفضح أخاها ... وَلم ترفع لوالدها شنارا) 1809 - أوفى من أم جميلٍ وَهِي من رَهْط أَبى هُرَيْرَة وَمن وفائها أَن هَاشم بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة قتل رجلا من أَزْد شنُوءَة فَلَمَّا بلغ قومه وَثبُوا على ضرار بن

الْخطاب ليقتلوه فاستعاذ بِأم جميل فعاذته وَنَادَتْ قَومهَا فمنعوه فَلَمَّا اسْتخْلف عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ ظنته أَخا ضرار فقصدته فَقَالَ لست بأَخيه وَأَعْطَاهَا على أَنَّهَا بنت سَبِيل 1810 - أوفد من المجبرين هم أَوْلَاد عبد منَاف بن قصىٍ وَكَانُوا أَكثر الْعَرَب وفادةً على الْمُلُوك وَقد ذكرنَا حَدِيثهمْ فِي كتاب الْأَوَائِل 1811 - أوفق للشىء من شنٍ لطبقة وَقد مر ذكره 1812 - أولم من الْأَشْعَث وَهُوَ أَشْعَث بن قيس الكندى ارْتَدَّ فِي جملَة أهل الرِّدَّة فَأتى بِهِ أَبُو بكرٍ رضى الله عَنهُ فَأَطْلقهُ وزوجه أُخْته أم فَرْوَة بنت أَبى قُحَافَة

فَخرج مخترطاً سَيْفه فَمَا مر بِذِي أَربع إِلَّا عرقبه وَقَالَ إنى رجلٌ غَرِيب وَقد أولمت بِمَا عرقبت فَليَأْكُل كل إنسانٍ مَا وجد مِنْهُ وثمنه فِي مالى وَقَالَ الشَّاعِر (لقد أولم الكندى يَوْم ملاكه ... وَلِيمَة حمالٍ لثقل العظائم) (لقد سل سَيْفا كَانَ مذ كَانَ مغمداً ... لَدَى الْحَرْب مِنْهُ فِي الطلا والجماجم) (فأغمده فِي كل بكرٍ وسابحٍ ... وعيرٍ وثورٍ فِي الحشا والقوائم) 1813 - أوفى فدَاء من الْأَشْعَث وَذَلِكَ أَن مذحجاً أسرته ففدى نَفسه بِثَلَاثَة آلَاف بعير 1814 - أوحى عُقُوبَة من الْفُجَاءَة وَهُوَ رجل من بنى سليم كَانَ يقطع الطَّرِيق فِي زمن أَبى بكر رضى الله

عَنهُ فَأتى بِهِ أَبُو بكر فأجج لَهُ نَارا وقذفه فِيهَا فَمَا مسته النَّار حَتَّى صَار فَحْمَة 1815 - أوغل من طفيل وَهُوَ طفيل بن دلال من بنى عبد الله بن غطفان وَكَانَ يأتى الولائم من غير أَن يدعى إِلَيْهَا فَصَارَ أصلا لكل من فعل ذَلِك فَيُقَال طفيلىٌ وَقَالَ الأصمعى الطفيلىٌ مشتقٌ من الطِّفْل وَهُوَ إقبال اللَّيْل على النَّهَار بظلمته حَتَّى يَغْشَاهُ 1816 - أوقل من غفر وَهُوَ ولد الأروية والتوقل الصعُود فِي الْجَبَل 1817 - أولغ من كلب بالغين مُعْجمَة

1818 - أولع من قرد بِالْعينِ غير مُعْجمَة 1819 - أوضح من مرْآة الغريبة وَقد مر ذكرهَا 1820 - أوطأ من الرِّيَاء قَالَ الْمبرد فِي تَفْسِيره إِن أهل كل صناعَة ومقالة هم أحذق بهَا مِمَّن سواهُم وَمن ذَلِك مَا يرْوى عَن مُحَمَّد بن وَاسع أَنه قَالَ الاتقاء على الْعَمَل أَشد من الْعَمَل يعْنى أَنه يتقى عَلَيْهِ أَن يشوبه حب الرِّيَاء والسمعة وَمن ذَلِك مَا يحْكى عَن أَبى قُرَّة الجائع أَنه قَالَ الحمية أشدٌ من الْعلَّة وَذَلِكَ أَن المحتمى يتعجل الْأَذَى فِي ترك الشَّهْوَة لما يَرْجُو من تعقب الْعَافِيَة

فيما جاء من الأمثال في أوله هاء

الْبَاب السَّابِع وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله هَاء فهرسته هنئت وَلَا تنكه هوت أمه وهبلت هُوَ قفا غادٍ شرٌ هتر أهتار هُوَ العَبْد زلمة هُوَ ملئ قؤبةٌ هَلُمَّ جرا هما كركبتى الْبَعِير هَل تنْتج النَّاقة إِلَّا لمن لحقت لَهُ هون عَلَيْك وَلَا تولع بإشفاق هَذَا جناى وخياره فِيهِ هُوَ على حَبل ذراعه هُوَ على طرف الثمام هَذِه بِتِلْكَ فَهَل جزيتك هَذِه بِتِلْكَ والبادى أظلم هان على الأملس مالاقى الدبر همك مَا أهمك هَذَا أَوَان الشد فاشتدى زيم هرق على جمرك هَذَا وَلما تردى تهَامَة هَل لَك فِي أمك مَهْزُولَة هجم عَلَيْهِ نقاباً هُوَ فِي ملْء رَأسه هينٌ لينٌ وأودت الْعين هما كندمانى جذيمة هَل تَعدونَ الْحِيلَة إِلَى نفسى هَل برملكم وشلٌ هُوَ السّمن لَا يخم

فهرست الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهي الواقع في أوائل أصولها الهاء

فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْهَاء أَهْون من ذُبَاب أَهْون من جعل أَهْون من نغلة أَهْون من صؤابةٍ أَهْون من جندح أَهْون من دحندح أَهْون من الشّعْر السَّاقِط أَهْون من قراضة الجلم أَهْون من حثالة الْقرظ أَهْون من ضراطة الْجمل أَهْون من ضرطة عيرٍ أَهْون من ثملةٍ أَهْون من طليةٍ أَهْون من ربذةٍ أَهْون من معبأةٍ أَهْون من لقعةٍ ببعرةٍ أَهْون من تبنة على لبنةٍ أَهْون من ذَنْب الْحمار على البيطار أَهْون من تبَالَة على الْحجَّاج أَهْون من قعيسٍ على عمته أَهْون من النباح على السَّحَاب أَهْون من ترهات البسابس أهلك من ترهات البسابس أهول من السَّيْل أهول من الْحَرِيق أهرم من لبد أهرم من قشعمٍ أهنأ من كنز النطف أهنأ من مِيرَاث الْعمة الرقوب أهْدى من الْيَد إِلَى الْفَم أهْدى من الْإِنْسَان إِلَى فِيهِ أهْدى من النَّجْم أهْدى من قطاة أهْدى من حمامةٍ أهْدى من جمل أهْدى من دعيميص الرمل

التفسير

التَّفْسِير 1821 - قَوْلهم هنئت وَلَا تنكه مَعْنَاهُ أصبت خيرا هنأكه الله وَلَا أصابتك نكايةٌ تسقطك وتهينك وَالْهَاء فِي تنكه مثلهَا فِي قَوْلهم لَا تمشه من المشى واسعه من السعى 1822 - قَوْلهم هوت أمه وهبلت أمه يُقَال فِي مَوضِع الْحَمد والمدح قَالَ كَعْب بن سعد الغنوى (هوت أمه مَا يبْعَث الصُّبْح غادياً ... وماذا يُؤدى اللَّيْل حِين يؤوب) وَهُوَ كَقَوْلِهِم قَاتله الله وأخزاه الله مَا أحسن مَا جَاءَ بِهِ وأصل قَوْلهم هوت أَي هوت من رَأس جبل فَهَلَكت والهبل الثكل والثكل والثكل مثل الْبُخْل وَالْبخل

1823 - قَوْلهم هَلُمَّ جرا مَعْنَاهُ سِيرُوا على هينَتكُمْ وَلَا تشقوا على أَنفسكُم وركابكم وأصل الْجَرّ أَن تتْرك الْإِبِل وَالْغنم ترعى وتسير قَالَ الراجز (قد طَال مَا جررتكن جرا ... حَتَّى نوى الأعجف واستمرا) (فاليوم لَا ألو الركاب شرا ... ) نوى سمن وجرا نصب على الْمصدر كَقَوْلِهِم أقبل ركضا 1824 - قَوْلهم هُوَ قفا غادر شرٌ يضْرب مثلا للرجل الدميم الزرى الَّذِي لَهُ خصالٌ محمودة ويروى هما ساقا غادرٍ شرٌ وَزعم الأصمعى أَن الْقَفَا مؤنثةٌ وروى هَذَا الْمثل هِيَ قفا غادرٍ وَرَوَاهُ غَيره هُوَ وَأَصله أَن امْرأ الْقَيْس بن حجر الكندى ورد على عَامر بن جُوَيْن الثعلى فأجاره فَقَالَت لَهُ ابْنَته إِنَّه مأكولٌ فكله فَأتى عامرٌ الريان

وَهُوَ جبل فصاح فِي أَصله إِن عَامر بن جُوَيْن قد غدر فَرد عَلَيْهِ الصدى فَقَالَ مَا أقبح هَذَا ثمَّ صَاح إِلَّا أَنه قد وفى ورده الصدى فَقَالَ مَا أحْسنه فوفى لَهُ ثمَّ ودعه امْرُؤ الْقَيْس وَخرج فشيعه عَامر وَرَأَتْ ابْنَته كَثْرَة مَال امْرِئ الْقَيْس وَنظرت إِلَى ساقى أَبِيهَا وكانتا دقيقتين وخشنتين فَقَالَت لم أر كَالْيَوْمِ ساقى وافٍ فَقَالَ هما ساقا غادرٍ شرٌ وَقيل إِنَّه نزل بأبى حنبلٍ جَارِيَة بن مرٍ الثعلى فَاسْتَشَارَ امرأتيه فَأَشَارَتْ إِحْدَاهمَا بِالْوَفَاءِ لَهُ وَالْأُخْرَى بالغدر بِهِ فَأمر بحلب جذعةٍ من غنمه وَشرب لَبنهَا فروى ثمَّ اسْتلْقى وَمسح بَطْنه وَقَالَ وَالله لَا أغدر مَا أجزأتنى جذعةٌ ثمَّ اطرَح ثَوْبه وَقَامَ وَمَشى وَكَانَ أَعور سناطاً قَصِيرا قَبِيح السَّاقَيْن فَقَالَت ابْنَته وَالله مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ ساقى وافٍ فَقَالَ هما ساقا غادرٍ شرٌ ثمَّ قَالَ (لقد آلَيْت أغدر فِي جداع ... وَإِن منيت أمات الرباع) (لِأَن الْغدر فِي الأقوام عارٌ ... وَإِن الْحر يجزأ بِالْكُرَاعِ) جداع سنةٌ شَدِيدَة تجدع كل شىء ويجزأ يكْتَفى وَقد جزأت الْإِبِل والظباء بالرطب عَن المَاء إِذا اكتفت

1825 - قَوْلهم هتر أهتارٍ وصل أصلالٍ يُقَال هُوَ هتر أهتارٍ وصل أصلال إِذا كَانَ داهية قَالَ النَّابِغَة فِي الْحَارِث بن كلدة (مَاذَا رزئنا بِهِ من حيةٍ ذكرٍ ... نضناضةٍ بالرزايا صل أصلال) والصل الْحَيَّة وَمثله قَوْلهم إِنَّه عضلةٌ من العضل وَهُوَ الَّذِي يعضل بِالنَّاسِ فيعيبهم 1826 - قَوْلهم هُوَ العَبْد زلمة 1827 - وَقَوْلهمْ هُوَ ملئ قوبةٌ يضْرب مثلا للئيم وَمَعْنَاهُ أَنه زلم تزليم العبيد أَي قد قدهم فَإِذا نظر إِلَيْهِ المتفرس عرف اللؤم فِيهِ وزلمة غير مصروفةٍ عَن الأصمعى وَهُوَ عِنْد غَيره نصب على التَّمْيِيز وَهُوَ ملئ قوبة أَي هُوَ ملئ لئيم فَخذ حَقك مِنْهُ والقوبة اللَّئِيم

1828 - قَوْلهم هما كركبتى الْبَعِير يضْرب مثلا للرجلين المتساويين فِي خيرٍ أَو شرٍ قَالُوا والمثل لهرم ابْن قُطْبَة الفزارى قَالَه لعلقمة بن علاثة وعامر بن الطُّفَيْل الجعفريين وَقد تنافرا إِلَيْهِ لينفر أشرافهما فَقَالَ لَهما أَنْتُمَا كركبتى الْبَعِير تقعان مَعًا وَالصَّحِيح أَنه خَافَ الشَّرّ فَلم يتَكَلَّم فيهمَا وَلَو قَالَ أَنْتُمَا كركبتى الْبَعِير لقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنا الْيُمْنَى فَكَانَ الشَّرّ حَاضرا وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن عمر رضى الله عَنهُ قَالَ لَهُ لمن كنت تحكم لَو حكمت قَالَ لَو قلت شَيْئا لعادت جَذَعَة فاسترجح عمر عقله وَقَالَ مثلك فَلْيَكُن حكما وَمثل هَذَا الْمثل قَوْلهم هما كفرسى رهانٍ وَيُقَال فِي لذم خَاصَّة هما زندان فِي وعَاء إِذا كَانَا متساويين فِي الخسة والدناءة 1829 - قَوْلهم هَل تنْتج النَّاقة إِلَّا لمن ألقحت لَهُ مَعْنَاهُ هَل يشبه الْقَرِيب إِلَّا الْقَرِيب

1830 - قَوْلهم هون عَلَيْك وَلَا تولع بإشفاق يضْرب مثلا فِي التأسى والتصبر عِنْد النائبة يَقُول هون عَلَيْك مَا لقِيت من الْمَكْرُوه فَإِنَّهُ لَا مخلص لَك مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ من شعرٍ ليزِيد بن خذاق أَوله (هَل للفتى من بَنَات الدَّهْر من واق ... أم هَل لَهُ من حمام الْمَوْت من راق) (قد زجلونى وَمَا زجلت من شعثٍ ... وألبسونى ثيابًا غير أَخْلَاق) (وقسموا المَال وارفضت غوايتهم ... وَقَالَ قَائِلهمْ مَاتَ ابْن خذاق) (هون عَلَيْك وَلَا تولع بإشفاق ... فَإِنَّمَا مالنا للْوَارِث الباقى) (كأننى قد رمانى الدَّهْر عَن عرض ... بنافذاتٍ بِلَا ريش وأفواق) وَهِي أول مرثية رثى بهَا شَاعِر نَفسه

1831 - قَوْلهم هَذَا جناى وخياره فِيهِ يضْرب مثلا لترك الاستئثار والمثل لعَمْرو بن عدى ابْن أُخْت جذيمة وَكَانَ جذيمة قد نزلا منزلا وَأمر أَصْحَابه باجتناء الكمأة وَكَانَ بَعضهم إِذا وجد شَيْئا يُعجبهُ اسْتَأْثر بِهِ وَكَانَ عَمْرو يَأْتِيهِ بجناه على وَجهه وَيَقُول (هَذَا جناى وخياره فِيهِ ... إِذْ كل جانٍ يَده إِلَى فِيهِ) 1832 - قَوْلهم هُوَ على حَبل ذراعه يضْرب مثلا للرجل يُطِيع أَخَاهُ فِي جَمِيع أُمُوره وللشىء الْحَاضِر الَّذِي لَا تمْتَنع حيازته وحبل الذِّرَاع عرقٌ فِيهَا 1833 - قَوْلهم هُوَ على طرف الثمام يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يسهل مطلبه وَالْحَاجة تنَال بِلَا مشقة والثمام نبت لايطول فَيشق على المتناول وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء

(نعم إِن قلتهَا فَمَعَ الثريا ... وعندك لَا على طرف الثمام) (وَمَالك نعمةٌ سلفت إِلَيْنَا ... فَكيف وَأَنت تبخل بِالسَّلَامِ) (سوى أَن قلت لي أَهلا وسهلاً ... فَكَانَت رميةً من غير رام) 1834 - قَوْلهم الهياط والمياط يُقَال وَقَعُوا فِي هياطٍ ومياط أَي فِي شدَّة واختلاط قَالَ الْفراء الهياط أَشد السُّوق فِي الْورْد والمياط أَشد السُّوق فِي الصَّدْر وَمعنى ذَلِك الذّهاب والمجئ وَقَالَ اللحيانى الهياط الإقبال والمياط الإدبار وَقَالَ غَيرهمَا الهياط اجْتِمَاع النَّاس للصلح والمياط التَّفَرُّق عَن ذَلِك 1835 - قَوْلهم هان على الأملس مَا لَاقَى الدبر يضْرب مثلا لقلَّة اهتمام الرجل بِصَاحِبِهِ والأملس الَّذِي لَا دبر بِهِ فَإِذا أَرَادَ المشكو إِلَيْهِ أَن يخبر أَنه فِي حَال الشاكى قَالَ إِن يدم أظلك فقد نقب خفى

والأظل لحم أَسْفَل الْخُف والنقب أَن تَأْكُل الأَرْض صلابة الْخُف حَتَّى يرق فَلَا يتَمَكَّن من الْوَطْء عَلَيْهِ إِلَّا بِشدَّة 1836 - قَوْلهم همك مَا همك يضْرب مثلا للرجل يهتم بِنَفسِهِ دون غَيره وَمَا زَائِدَة وَيُقَال همك مَا أهمك مَعْنَاهُ قد اهتممت بالشىء اهتماماً أذابك وأذهب لحمك يُقَال هَمَمْت الشَّحْم إِذا أذبته والهاموم الشَّحْم الْمُذَاب فَإِذا قيل همك مَا أهمك فَمَعْنَاه مثل معنى الأول 1837 - قَوْلهم هَذَا أَوَان الشد فاشتدى زيم يَقُول هَذَا أَوَان الْجد فجدى يَا زيم وزيم اسْم فرسٍ هَاهُنَا وَأَصله من قَوْلهم لحم زيمٍ أَي متفرق فِي بدنه لَيْسَ يجْتَمع فِي مَكَان فيندر وَهُوَ من شعرٍ لِابْنِ رميض (نَام الحداة وَابْن هِنْد لم ينم ... بَات يقاسيها غلامٌ كالزلم) (خَدلج السَّاقَيْن خفاق الْقدَم ... لَيْسَ براعى إبلٍ وَلَا غنم) (وَلَا بجزارٍ على ظهر وَضم ... هَذَا أَوَان الشد فاشتدى زيم)

1838 - قَوْلهم هرق على جمرك مَعْنَاهُ سكن من غضبك وكف من غربك أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الصولى عَن مُحَمَّد بن الْقَاسِم عَن أَبى زيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي لبَابَة راوية رؤبة قَالَ جاءنى رؤبة عِنْد قَائِم الظهيره فَقَالَ لي أعلمت أَن أَمِير بِلَالًا غضب على لشىءٍ بلغه عَنى فَقلت مَا تشَاء فَقَالَ تمشى معي حَتَّى أنْشدهُ شَيْئا حبزته فِيهِ قَالَ فمضينا فَدَخَلْنَا إِلَى بِلَال فأنشده (يَا أَيهَا الكاسر عين الأغضن ... وَقَائِل الْأَقْوَال مالم يلقنى) (هرق على جمرك أَو تبين ... بأى دلوٍ إِن غرقنا نستنى) (إنى وَقد تعنى أُمُور تعتنى ... على الطَّرِيق الْعذر إِن عذرتنى) (فَلَا وَرب الآمنات الْقطن ... يُعَمِّرْنَ أمنا بالحرام المأمن) (بمشعر الْهدى وَبَيت المسدن ... مَا آيب سرك إِلَّا سرنى) (إنى إِذا لم ترنى فإننى ... أَرَاك بِالْغَيْبِ وَإِن لم ترنى) (أَخُوك والراعى لما استرعيتنى ... من غش أَو ونى فإنى لَا أَنى) (عَن مدحكم يَوْمًا بِكُل موطن ... ) فرضى عَنهُ وَوَصله

1839 - قَوْلهم هَذَا وَلما تردى تهَامَة يضْرب مثلا للرجل يجزع قبل أَن يستحكم مَا يجزع مِنْهُ وَنَحْوه قَول الشَّاعِر (أشوقاً وَلما تمض بِي غير ليلةٍ ... فَكيف إِذا سَار المطى بِنَا عشرا) وَقَالَ الْمَجْنُون (أشوقاً وَلما تمض لي غير ليلةٍ ... رويد الْهوى حَتَّى تغب لياليا) 1840 - قَوْلهم هَل لَك فِي أمك مَهْزُولَة قَالَ إِن مَعهَا إحلابة قَالَ الأصمعى يضْرب مثلا للرجل يحض على الْحق من الْحُقُوق يلْزمه فيرصى عَنهُ بِالْأَمر المقارب وَلَا ينْزع عَنهُ كَمَا ينبغى أَن ينْزع عَنهُ والإحلابة سقاءٌ فِيهِ لبن 1841 - قَوْلهم هجم عَلَيْهِ نقاباً أَي هجم عَلَيْهِ بِنَفسِهِ فاهتدى إِلَيْهِ وَلم يجر عَنهُ

وَقَالَ الأصمعى ورد المَاء نقاباً إِذا لم يعلم بِهِ حَتَّى يقف عَلَيْهِ وفرخان فِي نقابٍ أَي فِي لون وَاحِد والنقاب جمع نقب وَهُوَ الطَّرِيق فِي الْموضع الغليظ 1842 - قَوْلهم هُوَ فِي ملْء رَأسه أَي فِيمَا يشْغلهُ 1843 - قَوْلهم هَذَا ومذقةٌ خير يَقُول إِن الَّذِي تهواه مَعَ قلَّة خيرٍ خيرٌ مِمَّا تسخطه مَعَ كَثْرَة خير وَقد ذكرنَا حَدِيثه 1844 - قَوْلهم هما كندمانى جذيمة قد مضى ذكره

1845 - قَوْلهم هينٌ لينٌ وأودت الْعين والمثل لدغة الحمقاء وَقيل إِنَّهَا بعد حمقها صلحت فَخرجت فِي سفر مَعَ ضرائرها فرأين نسوع قتبها حمراً تبرق وتئط فحسدنها فَقُلْنَ لَهَا إِنَّا نَخَاف أَن يمر بِنَا الرِّجَال فيسمعوا هَذَا الأطيط فيظنوا أَنا قد أحدثنا فَلَو دهنت أنساعك فَلَانَتْ وَذهب أطيطها كَانَ ذَلِك أمثل فأحست أَنَّهُنَّ حسدنها وخافت إِن دهنتها أَن تسود فدهنت طرف نسعة فَلَمَّا اسود تركته فَقُلْنَ كَيفَ رَأَيْت الدّهن للنسعة قَالَت هينٌ لينٌ وأودت الْعين أَي قد ذهبت عَنهُ حلاوة الْعين وروى أَنَّهَا دهنت الأنساع فاسودت ولانت فسألنها عَنْهَا فَقَالَت هينٌ لينٌ وأودت الْعين أَي لانت إِلَّا أَنَّهَا ذهب حسنها وَالْعين هَاهُنَا مَا يعاين من حسنها وأودى هلك وَهُوَ مود أَي هَالك 1846 - قَوْلهم هَل تَعدونَ الْحِيلَة إِلَى نفسى يَقُول هَل أملك إِلَّا نفسى وَهل يكون شىءٌ بعد الْمَوْت والمثل لِلْحَارِثِ بن ظَالِم وَأَصله أَن عِيَاض بن ديهث مر برعاء الْحَارِث

وهم يسقون فقصر رشاؤه فاستعارهم رشاء فوصل بِهِ رشاءه وأروى إبِله فَأَغَارَ عَلَيْهَا بعض حشم النُّعْمَان فصاح عِيَاض يَا حَار يَا جاراه فَقَالَ الْحَارِث مَتى كنت جارى فَقَالَ وصلت رشاءك برشائى فسقيت إبلى فأغير عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِالْمَاءِ فِي بطونها فَقَالَ جوارٌ وَرب الْكَعْبَة فَأتى النُّعْمَان فَسَأَلَهُ ردهَا فَقَالَ النُّعْمَان أَفلا تشد مَا وهى من أديمك يُرِيد قتل الْحَارِث خَالِد بن جَعْفَر بن كلاب فِي جوَار الْأسود ابْن الْمُنْذر أخى النُّعْمَان ابْن الْمُنْذر فَقَالَ الْحَارِث هَل تَعدونَ الْحِيلَة إِلَى نفسى فَتدبر النُّعْمَان كَلمته فَرد على عياضٍ إبِله وَحَدِيثه مَعَ الْأسود بن الْمُنْذر أَنه قتل خَالِد بن جَعْفَر بن كلاب وَهُوَ فِي جوَار الْأسود فَطَلَبه الْأسود فهرب فَدلَّ على جارات لَهُ من بلىٍ فَأَغَارَ عَلَيْهِنَّ فساقهن فَبلغ ذَلِك الْحَارِث فكر من وَجهه ذَلِك إِلَى مرعى إبلهن فَإِذا ناقةٌ يُقَال لَهَا اللفاع فَقَالَ (إِذا سَمِعت حنة اللفاع ... فَادع أَبَا ليلى فَنعم الراعى) (يجبك رحب الباع والذراع ... منصلتاً بصارمٍ قطاع) فَعرف الْبَائِن وَهُوَ الحالب كَلَامه فحبق فَقَالَ الْحَارِث است الْبَائِن أعلم فجمعها وردهَا إِلَى جاراته وَأخذ شَيْئا من رَحل أَبى حَارِثَة المرى فَأتى بِهِ أُخْته سلمى بنت ظَالِم وَكَانَت تبنت شرحيبل بن الْأسود فَقَالَ هَذِه عَلامَة بعلك فضعى ابْنك حَتَّى آتيه فَأَخذه وَقَتله وهرب فَضرب بِهِ الفرزدق الْمثل لِسُلَيْمَان بن عبد الْملك حِين وفى ليزِيد بن الْمُهلب

(لعمرى لقد أوفى فَزَاد وفاؤه ... على كل جارٍ جَار آل الْمُهلب) (كَمَا كَانَ يَدْعُو إِذْ يُنَادى ابْن ديهث ... وصرمته كالمغنم المتنهب) (فَقَامَ أَبُو ليلى إِلَيْهِ ابْن ظَالِم ... فَكَانَ مَتى مَا يسلل السَّيْف يضْرب) 1847 - قَوْلهم هَل برملكم وشلٌ يضْرب مثلا للأحمق الَّذِي لَا يعرف وُجُوه الْأُمُور وَذَلِكَ أَن الوشل لَا يكون فِي الرمل وَإِنَّمَا هُوَ مَاء قليلٌ ينحدر من الْجَبَل كَذَا قَالَ أَكثر أهل اللُّغَة وَقَالَ الأموى هُوَ المَاء الْكثير ينحدر من الْجَبَل والحسى ماينبع من الرمل وَأنْشد (ويلٌ لَهَا لقحة شيخٍ قد نحل ... أَي جواد دردق مثل الخجل) (بِالسَّيْفِ حسىٌ وَهُوَ فِي المشتى وشل ... عقلهَا مخدعٌ يبغى الْغَزل) الدردق الصغار والمخدع الرخو وَهُوَ الْمَضْرُوب بِالسَّيْفِ أَيْضا

وَقَالَ ثَعْلَب يضْرب مثلا لقلَّة الْخَيْر وَلَا يكون فِي الرمل أوشالٌ قَالَ وَيُقَال أَيْضا للَّذي لَا يوثق بِهِ وللبخيل الَّذِي لَا يجود 1848 - قَوْلهم هُوَ أَبُو عذرها يُقَال هُوَ أَبُو عذر هَذَا الْكَلَام وَغَيره أَي هُوَ أول من سبق إِلَيْهِ وَأَصله فِي عدر الْجَارِيَة وَيُقَال لمن سبق إِلَيْهَا هُوَ أَبُو عذرها وَقَالَ على عَلَيْهِ السَّلَام إِن الْمَرْأَة لَا تنسى أَبَا عذرها وَلَا قَاتل بكرها 1849 - قَوْلهم هما كفرسى رهانٍ يضْرب مثلا للرجلين يتسابقان فِيمَا يحمد 1850 - قَوْلهم هُوَ أَزْرَق الْعين يضْرب مثلا لِلْعَدو وَيَقُولُونَ فِي مَعْنَاهُ هُوَ أسود الكبد وهم صهب

السبال وهم سود الأكباد يعنون الْأَعْدَاء 1851 - قَوْلهم هَيْهَات طَار عرادتها بجرادتك يضْرب مثلا للشىء يغلب الشىء وَيذْهب وَهُوَ مثل قَوْلهم إِن كنت ريحًا فقد لاقيت إعصاراً

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهى الواقع في أوائل أصولها الهاء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْهَاء 1852 - أَهْون من نغلةٍ والنغل مَا يَقع فِي جُلُود الْمَاشِيَة وَفِي مثل لَهُم قَالَت النغلة لَا أكون وحدى وَذَلِكَ أَن الضائنة ينتف صوفها وَهِي حَيَّة فَإِذا دبغوا جلدهَا لم يصلحه الدّباغ فينغل مَا حواليه وَمعنى هَذَا الْمثل أَن الرجل إِذا ظَهرت فِيهِ خصْلَة سوء لَا تكون وَحدهَا بل تقترن بهَا خِصَال أخر من الشَّرّ 1853 - أَهْون من حندجٍ قَالُوا فِيهِ هِيَ القملة 1854 - أَهْون من دحندحٍ قيل هِيَ لعبةٌ من لعب الصّبيان

1855 - أَهْون من ضرطة عنز من قَول ابْن جرموز (فسيان عندى قتل الزبير ... وضرطة عنزٍ بِذِي الْجحْفَة) 1856 - أَهْون من الثملة 1857 - أَهْون من الطلية 1858 - أَهْون من الربذَة 1859 - أَهْون من معبأةٍ فَأَما الثملة والطلية والربذة فَهِيَ كلهَا أَسمَاء خرقَة تطلى بهَا الْإِبِل الجربى والمعبأة خرقَة الْحَائِض 1860 - أَهْون من لقعةٍ ببعرةٍ فاللقعة الرَّمية

1861 - أَهْون من تبَالَة على الْحجَّاج وتبالة بلدٌ كَانَ الْحجَّاج بن يُوسُف وَليهَا فَسَار إِلَيْهَا فَلَمَّا قرب مِنْهَا قَالَ للدليل أَيْن هِيَ قَالَ قد سترتها عَنْك الأكمة فَقَالَ أَهْون على بِعَمَل بَلْدَة تسترها عَنى أكمةٌ وَرجع عَنْهَا 1862 - أَهْون من قعيسٍ على عمته وقعيسٌ رجل من أهل الْكُوفَة دخل دَار عمته فَأَصَابَهُمْ مطرٌ وقرٌ وَكَانَ بَيتهَا ضيقا فأدخلت كلبها الْبَيْت وأخرجت قعيساً إِلَى الْمَطَر فَمَاتَ من الْبرد وَقيل هُوَ قعيس بن مقاعس بن عَمْرو من بنى تَمِيم مَاتَ أَبوهُ فرهنته عمته على طَعَام وَلم تفكه فاستعبده الحناط 1863 - أَهْون من النباح على السَّحَاب وَذَلِكَ أَن الْكَلْب بالبادية يبيت تَحت السَّمَاء فَإِذا ألح عَلَيْهِ الْمَطَر والجهد جعل ينبح الْغَيْم وكل غيمٍ رَآهُ نبحه وَرُبمَا نبح الْقَمَر لِأَن

الْقَمَر إِذا طلع من الشرق يكون مثل قِطْعَة غيم 1864 - أَهْون من ترهات البسابس وَقد مضى تَفْسِيره 1865 - أهلك من ترهات البسابس وَذَلِكَ أَنه يُقَال هَلَكت الشىء بِمَعْنى أهلكته 1866 - أهنأ من كنز النطف والنطف رجلٌ من بنى يَرْبُوع كَانَ يستقى المَاء على ظَهره فينظف مِنْهُ أَي يقطر فأغارت بَنو حَنْظَلَة على لطيمةٍ كَانَ قد بعث بهَا باذان من الْيمن إِلَى كسْرَى أبرويز فَوَقع النطف على كنزٍ كَانَ فِيهَا مشتملٍ على جَوَاهِر ودنانير فَقيل إِنَّه أعْطى مِنْهُ يَوْمًا حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فَضرب بِهِ الْمثل

1867 - أهْدى من دعيميص الرمل وَهُوَ رجل من عبد الْقَيْس وَكَانَ دَلِيلا خربتا وَيُقَال هُوَ دعموص هَذَا الْأَمر أَي الْعَالم بِهِ 1868 - أَهْون من صوفةٍ فِي بوهةٍ والبوهة مَا طيرته الرّيح من دَقِيق التُّرَاب والبوهة أَيْضا الرجل الَّذِي لَا خير فِيهِ

فيما جاء من الأمثال في أوله لا

الْبَاب الثَّامِن وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله لَا فهرسته لَا تهرف بِمَا لَا تعرف لَا تبل على أكمة لَا تعدم خرقاء عِلّة لَا يحسن التَّعْرِيض إِلَّا ثلباً لَا يعجز مسك السوء عَن عرف السوء لَا تقتن من كلب سوءٍ جرواً لَا يعْدم الحوار من أمه حنة لَا يذهب الْعرف بَين الله وَالنَّاس لَا جَدِيد لمن لَا خلق لَهُ لَا جد إِلَّا مَا أقعص عَنْك من تكره لَا تعظينى وتعظعظى لَا يلسع الْمُؤمن من جُحر مرتينٍ لَا يُرْسل السَّاق إِلَّا ممسكاً ساقاً لَا أطلب أثرا بعد عين لَا ذَنْب لي قد قلت للْقَوْم استقوا لَا ناقتى فِيهَا وَلَا جملى لَا يلتاط بصفرى لَا ينفعك من جَار سوءٍ توقيه لَا تجْعَل يَمِينك جردباناً لَا تبطر صَاحبك ذرعه لَا أَبوك نشر وَلَا التُّرَاب نفد لَا يطاع لقصيرٍ أمرٌ لَا تنقش الشَّوْكَة بِمِثْلِهَا لَا مخبأ لعطرٍ بعد عروسٍ لَا بقيا للحمية لَا تبْق إِلَّا على نَفسك لَا يرحلن رحلك من لَيْسَ

مَعَك لَا يعرف المكذوب كَيفَ يأتمر لايصطلى بناره لَا يعْدم شقىٌ مهْرا لَا تعدم الْحَسْنَاء ذاماً لَا فِي العير وَلَا فِي النفير لَا تسخر من شىءٍ فيحور بك لَا يعرف هرا من بر لاتدري بِمَا يولع هرمك لَا حريز مَعَ بيع لاتعدم من ابْن عمٍ نصرا لَا ينتطح فِيهَا عنزان لاإخالك باللئيم لَا حم وَلَا رم وَلَا توبس الثرى بينى وَبَيْنك لَا حر بوادى عَوْف لَا رأى لمن لَا يطاع لَا يُنَادى وليده لَا يهْلك امرؤٌ عرف قدره لاأفعله سنّ الحسل لَا يبلغ همك الصبحان لَا يقوم بِبَطن نَفسه لَا تنه عَن خلقٍ وتأتى مثله لَا تكن مرا فتعقى وَلَا حلوا فتزدرد لَا طامة إِلَّا وفوقها طامةٌ لَا يقعقع لَهُ بالشنان لَا قَرَار على زأر من الْأسد

التفسير

التَّفْسِير 1869 - قَوْلهم لَا تهرف بِمَا لَا تعرف يُقَال ذَلِك للرجل يكثر القَوْل فِي وَصفه الشىء والهرف الإطناب 1870 - قَوْلهم لَا تبل على أكمةٍ مَعْنَاهُ لَا تفعل شَيْئا يعود ضَرَره عَلَيْك وَأَصله أَن يَبُول الرجل على الأكمة فَيرد الرّيح بَوْله فينتضح عَلَيْهِ أَو ترده الأكمة لصلابتها والأكمة الجبيل الصَّغِير وَالْجمع أكمٌ وأكامٌ وآكامٌ والمثل لحصن ابْن حُذَيْفَة فِي وَصِيَّة لَهُ يَقُول فِيهَا من اسْتغنى كرم على أَهله ألزموا النِّسَاء المهنة نعم لَهو الْمَرْأَة المغزل حِيلَة من لَا حِيلَة لَهُ الصَّبْر ليتقرب بَعْضكُم من بعض فِي الْمَوَدَّة وَلَا تتكلوا على الْقَرَابَة فتتقاطعوا فَإِن الْقَرِيب من يقرب نَفسه الشّرف الظَّاهِر والرياش الفاخر لَا تبولوا على أكمة وَلَا تفشوا سرا إِلَى أمة بِطَلَب المعالى يكون الْعِزّ فِي كلامٍ أوردنا بعضه فِيمَا تقدم فتركناه هَاهُنَا

1871 - قَوْلهم لَا تعدم خرقاء عِلّة وَلَا تعدم صناعٌ ثلةً يَقُول إِن الْعِلَل مَوْجُودَة تحسنها الخرقاء فضلا عَن غَيرهَا وَأخذ هَذَا الْمثل بعض الْمُحدثين فَقَالَ لعن الله قَرْيَة لَيْسَ فِيهَا لفتىً يطْلب التعلل علةٌ والصناع الْمَرْأَة الَّتِي تعْمل الثِّيَاب وَغَيرهَا فالتي تعْمل الثِّيَاب لَا تعدم ثلةً أَي صُوفًا تغزل مِنْهُ يضْرب مثلا للحاذق بالشىء وأصل الثلَّة الْجَمَاعَة من الْغنم والثلة الْجَمَاعَة من النَّاس وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {ثلة من الْأَوَّلين} 1872 - قَوْلهم لَا يحسن التَّعْرِيض إِلَّا ثلباً يضْرب مثلا للسفيه المتنزع للشر يَقُول لَا يحسن أَن يعرض وَلكنه يُصَرح والثلب الطعْن فِي النّسَب ثمَّ جعل كل طعن ثلباً والمثلبة خلاف المنقبة وَقَرِيب مِنْهُ قَول الشَّاعِر (وَلَا يحسن الْكَلْب إِلَّا هريرا ... )

1873 - قَوْلهم لَا يعجز مسك السوء عَن عرف السوء يضْرب مثلا للرجل يكتم لؤمه وعيبه وَهُوَ يظْهر وَأَصله أَن الْجلد الردئ لَا يَخْلُو من الرّيح المنتنه والمسك الْجلد فارسىٌ مُعرب وَالْجمع مسوك وفارسيته مشك جعل الشين سيناً كَمَا قَالُوا فِي شوش سوس وَالْعرْف الرَّائِحَة 1874 - قَوْلهم لَا تقتن من كلب سوءٍ جرواً وَهَذَا مثل قَوْلهم كَيفَ بغلامٍ أعيانى أَبوهُ يعْنى إِذا لم يصلح الْوَالِد لم يصلح الْوَلَد وَيُقَال اقتنيت الشىء من الْقنية والقنوة والقنى وَهُوَ الَّذِي يقتنى وقريبٌ من هَذَا الْمَعْنى قَول سُوَيْد بن أَبى كَاهِل (رب من أنضجت غيظاً قلبه ... قد تمنى لي موتا لم يطع) (ويرانى كالشجى فِي حلقه ... عسراً مخرجه مَا ينتزع) (ويحيينى إِذا لاقيته ... وَإِذا يَخْلُو لَهُ لحمى رتع) (ورث الْبغضَاء عَن آبَائِهِ ... حَافظ الضغن لما كَانَ اسمتع) وقريبٌ مِنْهُ قَول الشَّاعِر (ينشو الصَّغِير على مَا كَانَ وَالِده ... إِن الْأُصُول عَلَيْهَا ينْبت الشّجر)

1875 - قَوْلهم لَا يعْدم الحوار من أمه حنة يُرَاد أَنه لَا يعْدم الرجل شبها من قَرِيبه وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ أَن الْقَرِيب لَا يعْدم محبَّة من قَرِيبه والحوار ولد النَّاقة وَالْجمع حيران 1876 - قَوْلهم لَا يذهب الْعرف بَين الله وَالنَّاس مثل فِي اصطناع الْمَعْرُوف وَالتَّرْغِيب فِيهِ وَهُوَ من قَول الحطيئة (من يفعل الْخَيْر لَا يعْدم جوازيه ... لَا يذهب الْعرف بَين الله وَالنَّاس) وَسُئِلَ بَعضهم عَن أصدق بيتٍ قيل فَقَالَ هَذَا الْبَيْت وَقَالَ غَيره بل أصدقه قَول ابْن الأسلت (كل امْرِئ فِي شَأْنه ساع ... ) وَقَرِيب من هَذَا قَول الشَّاعِر (سقى الله أَرضًا يعلم الضَّب أَنَّهَا ... كَثِيرَة خير النبت طيبَة البقل)

(بنى بَيته مِنْهَا على رَأس كديةٍ ... وكل امْرِئ فِي عيشه ثاقب الْعقل) وَقيل أصدق بَيت قَول الشَّاعِر (كَأَن مقلا حِين يَغْدُو لحاجةٍ ... إِلَى كل من يلقى من النَّاس مدنب) وَقيل بل قَول النَّابِغَة (وَلست بمستبقٍ أَخا لَا تلمه ... على شعث أَي الرِّجَال الْمُهَذّب) وَقيل بل قَول امْرِئ الْقَيْس (الله أنجح مَا طلبت بِهِ ... وَالْبر خير حقيبة الرحل) وَقَول لبيد (أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل ... وكل نعيمٍ لَا محَالة زائل) وَأخذ خَالِد بن عبد الله القنسري قَول الحطيئة (من يفعل الْخَيْر لَا يعْدم جوازيه ... ) فَقَالَ فِيمَا أخبرنَا بِهِ أَبُو أَحْمد عَن الصولي عَن الْحُسَيْن بن فهم عَن أَبى مُعَاوِيَة

والمدائنى قَالَا خطب النَّاس خَالِد القسرى على مِنْبَر الْكُوفَة فَقَالَ أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم باصطناع الْمَعْرُوف فَإِن فَاعله لَا يعْدم جوازيه وَمهما ضعف النَّاس عَن أَدَائِهِ قوى الله على جَزَائِهِ وَلَا يعدن أحدٌ مَعْرُوفا كَانَ مِنْهُ لم يُبدلهُ سَمحا سهلاً فَإِنَّكُم وَالله لَو رَأَيْتُمْ الْمَعْرُوف لرأيتموه حسنا جميلاً وَلَو رَأَيْتُمْ الْبُخْل لرأيتموه وحشاً قبيحاً أعاذنى الله وأياكم من الْبُخْل والجبن وحرمان الْمَعْرُوف وكفران النِّعْمَة الْمُوجبَة لحلول النقمَة 1877 - قَوْلهم لَا جَدِيد لمن لَا خلق لَهُ يَقُول صن خلقك وَلَا تضيعه ليَكُون وقايةً لجديدك وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب (ألبس قَمِيصك مَا اهتديت لجيبه ... فَإِذا أضلك جيبه فتبدل) وَكَانَ أحيحة بن الجلاح يَقُول التمرة إِلَى التمرة تمرٌ كَمَا قيل الذود إِلَى الذود إبلٌ وينشد (استغن أَو مت وَلَا يغررك ذُو نشب ... من ابْن عَم وَلَا عَم وَلَا خَال)

(إنى أكب على الزَّوْرَاء أعمرها ... إِن الْكَرِيم على الإخوان ذُو المَال) وَكَانَ عِنْد عَائِشَة رضى الله عَنْهَا طبق فِيهِ عِنَب فَجَاءَهَا سائلٌ فَدفعت إِلَيْهِ حَبَّة وَاحِدَة مِنْهُ فَضَحِك نساءكن عِنْدهَا فَقَالَت إِن فِيمَا تَرين مَثَاقِيل ذرٍ كَثِيرَة أَرَادَت قَول الله تَعَالَى {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرةٍ خيرا يره} ووهبت عَائِشَة رضوَان الله عَلَيْهَا مَالا ثمَّ أمرت بقميصها أَن يرقع فَقيل لَهَا فِي ذَلِك فَقَالَت لَا جَدِيد لمن لَا خلق لَهُ ونظمه شاعرٌ فَقَالَ (ألبس جديدك إنى لابسٌ خلقى ... وَلَا جَدِيد لمن لَا يلبس الخلقا) وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله لَا جَدِيد لمن لَا يلبس الْخلق مَعْنَاهُ من لم يقم على مَوَدَّة الصّديق الْقَدِيم لم يقم على مَوَدَّة الصّديق الْجَدِيد وَاحْتج بقول العرجى (سميتنى خلقا من خلةٍ قدمت ... وَلَا جَدِيد لمن لَا يلبس الخلقا)

1878 - قَوْلهم لَا جد إِلَّا مَا أقعص عَنْك من تكره يَقُول الْجد مَا قتل من تعاديه فاسترحت مِنْهُ والمثل لمعاوية رضى الله عَنهُ أخبرنَا أَبُو أَحْمد عَن الْجَوْهَرِي عَن أبي زيد عَن عبد الله ابْن مُحَمَّد بن حَكِيم عَن خَالِد بن سعيد عَن أَبِيه قَالَ لما أَرَادَ مُعَاوِيَة أَن يعْقد ليزِيد قَالَ لأهل الشَّام إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ قد كبر ودنا من أَجله فَمَا ترَوْنَ وَقد أردتم أَن أولى رجلا بعدى فَقَالُوا عَلَيْك عبد الرَّحْمَن بن خَالِد فأضمرها واشتكى عبد الرَّحْمَن فَأمر ابْن أثالٍ طَبِيبا كَانَ لَهُ من عُظَمَاء الرّوم فَسَقَاهُ شربةً فَمَاتَ فَبلغ مُعَاوِيَة فَقَالَ مَا الْجد إِلَّا مَا أقعص عَنْك من تكره وَبلغ حَدِيثه ابْن أَخِيه خَالِد بن المُهَاجر فورد دمشق مَعَ مولى لَهُ يُقَال لَهُ نافعٌ فَقعدَ لِابْنِ أثالٍ فَلَمَّا طلع منصرفاً من عِنْد مُعَاوِيَة شدّ عَلَيْهِ وضربه خالدٌ فطلبهما مُعَاوِيَة فوجدهما فَقَالَ مُعَاوِيَة قتلته لعنك الله قَالَ نعم قتل الْمَأْمُور وبقى الْآمِر وَلَو كُنَّا على سَوَاء مَا تَكَلَّمت بِهَذَا الْكَلَام وَقضى فِي ابْن أثالٍ بِالدِّيَةِ اثنى عشر ألف دِرْهَم وَأدْخل بَيت المَال مِنْهَا سِتَّة آلَاف وَكَانَ دِيَة الْمعَاهد حَتَّى قَامَ عمر بن عبد الْعَزِيز فَأبْطل الَّذِي كَانَ السُّلْطَان يَأْخُذهُ مِنْهَا وَقَالَ خالدٌ حِين رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة (قضى لِابْنِ سيف الله بِالْحَقِّ سَيْفه ... وعرى من حمل الذحول رواحله) (فَإِن كَانَ حَقًا فَهُوَ حقٌ أَصَابَهُ ... وَإِن كَانَ ظنا فَهُوَ بِالظَّنِّ فَاعله)

(سل ابْن أثالٍ هَل ثأرت ابْن خالدٍ ... وَهَذَا ابْن جرموزٍ فَهَل أَنْت قَاتله) يَقُوله لعروة بن الزبير وَقَالَ كَعْب بن جعيل (أَلا تبكى وَمَا ظلمت قريشٌ ... بإعوال الْبكاء على فتاها) (فَلَو سُئِلت دمشق وَأَرْض حمصٍ ... وَبصرى من أَبَاحَ لكم قراها) (فسيف الله أدخلها المنايا ... وَهدم حصنها وَحمى حماها) (وأسكنها مُعَاوِيَة بن حربٍ ... وَكَانَت أرضه أَرضًا سواهَا) والإقعاص الْقَتْل يُقَال ضربه فأقعصه إِذا قَتله مَكَانَهُ 1879 - قَوْلهم لَا تعظينى وتعظعظى كَذَا جَاءَ هَذَا الْمثل وَمَعْنَاهُ لَا توصيني وَأوصى نَفسك وتعظعظي قَالُوا مَعْنَاهُ اتعظى 1880 - قَوْلهم لَا يلسع الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ الْمثل للنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا عبد الله

ابْن أَحْمد بن مُوسَى قَالَ حَدثنَا هِشَام بن خَالِد قَالَ حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ حَدثنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز بِأَن هِشَام بن عبد الْملك قضى عَن الزهرى سَبْعَة آلَاف دِينَار وَقَالَ هِشَام للزهرى لَا تعد لمثلهَا فَقَالَ الزهرى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَدَّثَنى سعيد بن الْمسيب عَن أَبى هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا يلسع الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ) وَقَالَ ابْن سَلام كَانَ أَبُو عزة شَاعِرًا مملقا ذَا عِيَال فَأسر يَوْم بدر كَافِرًا فَقَالَ يَا رَسُول الله إنى ذُو عيالٍ وحاجة عرفتها فَامْنُنْ على فَقَالَ على أَلا تعين على يُرِيد يشْغلهُ فعاهده فَأَطْلقهُ فَقَالَ (أَلا أبلغا عَنى النبى مُحَمَّدًا ... فَإنَّك حقٌ والمليك حميد) (وَأَنت امرؤٌ تَدْعُو إِلَى الْحق وَالْهدى ... عَلَيْك من الله الْكَرِيم شَهِيد) (وَأَنت امرؤٌ بوئت فِينَا مباءةً ... لَهَا دَرَجَات سهلة وصعود) (وَإنَّك من حارتبه لمحاربٌ ... شقىٌ وَمن سالمته لسَعِيد) (وَلَكِن إِذا ذكرت بَدْرًا وَأَهْلهَا ... تأوب منى حسرةٌ وتعود) فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد دَعَاهُ صَفْوَان بن أُميَّة بن خلف الجمحى وَهُوَ سيدهم إِلَى الْخُرُوج فَقَالَ إِن مُحَمَّدًا قد من على وعاهدته أَلا أعين عَلَيْهِ فَلم يزل بِهِ وَكَانَ مُحْتَاجا فأطمعه والمحتاج يطْمع فَخرج فَسَار فِي بنى كنَانَة فحرضهم فَقَالَ (أيا بنى عبد منَاف الرزام ... أَنْتُم حماة وأبوكم حام)

(لَا تعدونى نصركم بعد الْعَام ... لَا تسلمونى لَا يحل إِسْلَام) (قَالَ فَأسر يَوْم أحد فَقَالَ يَا رَسُول الله من على فَقَالَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يلسع الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ لَا تمسح عَارِضَيْك بِمَكَّة وَتقول خدعت مُحَمَّدًا مرَّتَيْنِ) وَقَتله وَقيل إِنَّه أسره حِين خرج إِلَى حَمْرَاء الْأسد 1881 - قَوْلهم لَا يُرْسل السَّاق إِلَّا ممسكاً ساقا يضْرب مثلا للرجل الحازم لَا يتْرك شَيْئا إِلَّا إِذا تعلق بآخر وَهُوَ من شعر لأبى دَاوُد الإيادى يَقُول فِيهِ (زموا بليلٍ جمال الحى فانجذبوا ... لم ينْظرُوا بِاحْتِمَال الحى إشراقا) (يحثهم نطسٌ ذُو نجدةٍ شرسٌ ... أوصى ليزعجهم بالظعن سواقا) (أَنى أتيح لَهُ حرباء تنضبةٍ ... لَا يُرْسل السَّاق إِلَّا ممسكاً ساقا) يَقُول أَنى أتيح للظعن هَذَا النطس وَهُوَ الحاذق بالأمور والحرباء دَابَّة تعمد إِلَى شَجَرَة يُقَال لَهَا تنضبة فتتعلق بغصنين منا وتستقبل

الشَّمْس بوجهها فَإِذا دارت الشَّمْس من جهةٍ إِلَى أُخْرَى دارت مَعهَا وآخذت بغصنين آخَرين مِنْهَا فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى تغيب الشَّمْس فَإِذا غَابَتْ نزلت فرعت وَهِي فارسية معربة يُقَال لَهَا خربا أَي حَافظ الشَّمْس قَالَ ذُو الرمة (يظل بهَا الحرباء للشمس ماثلاً ... على الجذل إِلَّا أَنه لَا يكبر) وَقد أبدع ابْن الرومى فِي قَوْله يذكر مغنيةً ورقيبها (مَا بالها قد حسنت ورقيبها ... أبدا قَبِيح قبح الرقباء) (مَا ذَاك إِلَّا أَنَّهَا شمس الضُّحَى ... أبدا يكون رقيبها الحرباء) 1882 - قَوْلهم لاأطلب أثرا بعد عين الْعين المعاينة وَمَعْنَاهُ لَا أترك الشىء وَأَنا أعاينه ثمَّ أتتبع أَثَره حِين فاتنى وَقيل الْعين هَاهُنَا نفس الشىء يَقُول لَا أترك الشىء الَّذِي أطلبه ثمَّ أتتبعه إِذا فَاتَ وَهُوَ من قَوْلهم هُوَ درهمى بِعَيْنِه والمثل لمَالِك بن عَمْرو العاملى وَذَلِكَ أَن بعض مُلُوك غَسَّان طلب رجلا من عاملة ففاته فَأخذ مِنْهُم رجلَيْنِ وهما مَالك بن عَمْرو وَأَخُوهُ سماك بن عَمْرو فَقَالَ إنى قاتلٌ أَحَدكُمَا فَقَالَ كل واحدٍ مِنْهُمَا اقتلنى مَكَان

أخى فعزم على قتل سماكٍ فَقَالَ حِين قدم للْقَتْل (فأقسم لَو قتلوا مَالِكًا ... لَكُنْت لَهُم حَيَّة راصده) فَقتل وخلي مَالك فَانْصَرف إِلَى أَهله فَلبث زَمَانا ثمَّ إِن ركباً مروا وأحدهم يُغني (فأقسم لَو قتلوا مَالِكًا ... لَكُنْت لَهُم حَيَّة راصدة) فَسَمعته أم سماكٍ فَقَالَت يَا مَالك قبح الله الْحَيَاة بعد سماك اخْرُج فِي الطّلب بأخيك فَخرج فلقى قَاتل أَخِيه يسير فِي نفرٍ من قومه فَلَمَّا رَأَوْهُ عرفُوا الشَّرّ فِي وَجهه فَقَالُوا لَهُ لَك مائةٌ من الْإِبِل وكف فَقَالَ لَا أطلب أثرا بعد عين وَحمل عَلَيْهِ فَقتله أَي لاألتمس الْإِبِل وَهِي غائبةٌ عَنى وأترك ثأرى وَهُوَ نصب عينى وَقَالَ الطائى فِي معنى هَذَا الْمثل (قَالُوا أتبكى على رسمٍ فَقلت لَهُم ... من فَاتَهُ الْعين هدى شوقه الْأَثر) 1883 - قَوْلهم لَا ذَنْب لي قد قلت للْقَوْم استقوا يضْرب مثلا للتبرى من الْأَمر يَقُوله الرجل يعظ الْقَوْم فَلَا ينتهون

1884 - قَوْلهم لَا ناقتى فِيهَا وَلَا جملى والمثل لِلْحَارِثِ بن عباد قَالَه حِين قتل جساسٌ كليباً وَاعْتَزل الْفَرِيقَيْنِ حَتَّى قتل ابْنه بجيرٌ وَقد مضى حَدِيثه وَمِنْه قَول الراعى (وَمَا هجرتك حَتَّى قلت معلنةً ... لَا ناقةٌ لي فِي هَذَا وَلَا جمل) وَقَالَ أَبُو سعيد المخزومى (أدعبل بن على دع مفاخرتى ... فلست ذَا نَاقَة فِيهَا وَلَا جمل) 1885 - قَوْلهم لَا ينفعك من جَار سوء توقٍ أَي لَا تقدر على الاحتراس مِنْهُ لقُرْبه مِنْك وَقيل أعوذ بِاللَّه من جارٍ عينه ترانى وَقَلبه يرعانى إِن رأى حَسَنَة كتمها وَإِن رأى سَيِّئَة نشرها 1886 - قَوْلهم لَا يلتاط هَذَا بصفرى مَعْنَاهُ لَا يلصق بقلبى والالتياط اللصوق والصفر هَاهُنَا الْقلب

وَفِي مَوضِع آخر دابةٌ تكون فِي الْبَطن تعض على الشراسيف عِنْد الْجُوع وَهَكَذَا تزْعم الْعَرَب وَقَالَ الشَّاعِر (لَا يتأرى لما فِي الْقلب يرقبه ... وَلَا يعَض على شرسوفه الصفر) وَقَالَ ثَعْلَب مَعْنَاهُ أَنه لَا يوافقنى قَالَ والصفر داءٌ يكون فِي الْبَطن لَا ينفع مَعَه الطَّعَام وَمن أمثالهم فِي عدم الْمُوَافقَة قَوْلهم لَا يجمع السيفان فِي غمد وَهُوَ من قَول أَبى ذُؤَيْب (تريدين كَيْمَا تجمعينى وخالداً ... وَهل يجمع السيفان وَيحك فِي غمد) 1887 - قَوْلهم لَا تبطر صَاحبك ذرعه أَي لَا تحمله مَا لَا يُطيق 1888 - قَوْلهم لَا تجْعَل شمالك جردباناً وَهُوَ أَن يؤاكلك الرجل فيأكل بِيَمِينِهِ وَيسْرق بِشمَالِهِ يضْرب مثلا

للحريص الَّذِي يُرِيد الشىء كُله لنَفسِهِ قَالَ الشَّاعِر (إِذا مَا كنت فِي قومٍ شهاى ... فَلَا تجْعَل شمالك جردبانا) وَمن أمثالهم فِي نَحْو هذاالمثل قَوْلهم أَرَادَ أَن يَأْكُل بيدين 1889 - قَوْلهم لَا ماءك أبقيت وَلَا حرك أنقبت يضْرب مثلا لطَالب الشىء بإضاعة غَيره حَتَّى يفوتاه جَمِيعًا وَأَصله أَن أَن رجلا كَانَ فِي سفرٍ وَمَعَهُ امْرَأَته وَكَانَت عاركاً فَحَضَرَ طهرهَا وَمَعَهُ ماءٌ يسير فَقيل لَهَا أحري الِاغْتِسَال إِلَى وَقت وُرُود المَاء فَأَبت وَاغْتَسَلت بِالْمَاءِ الَّذِي كَانَ مَعهَا فَبَقيت هِيَ وَزوجهَا عطشانين من غير أَن تبلغ حَاجَتهَا من الطُّهْر وَقَرِيب مِنْهُ قَوْلهم 1890 - قَوْلهم لَا أَبوك نشر وَلَا التُّرَاب نفد وَأَصله أَن رجلا قَالَ لَو علمت أَيْن قتل أَبى لأخذت من تُرَاب مَوْضِعه فَجَعَلته على رأسى فَقيل لَهُ ذَلِك وَالْمعْنَى أَنَّك لم تدْرك بثأر أَبِيك وَلَو اقتصرت من الطّلب بثأره على وضع التُّرَاب على رَأسك وجدت التُّرَاب حَاضرا بِكُل مَكَان غير نافد والنافد الفانى يضْرب مثلا لتكلف الْإِنْسَان الشىء لَا جدوى لَهُ

1891 - قَوْلهم لَا يطاع لقصير أمرٌ يضْرب مثلا للَّذي يستشار ويعصى وللنصيح يتهم وَقد مر حَدِيثه 1892 - قَوْلهم لَا تنقش الشَّوْكَة بِمِثْلِهَا فَإِن ضلعها مَعهَا وإزالتها لَهَا يَقُول لَا تستعن فِي حَاجَتك بِمن هُوَ للمطلوب أنصح مِنْهُ لَك والضلع الْميل يَقُول إِن الشَّوْكَة إِذا نقشت بهَا شَوْكَة أُخْرَى لم تخرجها وانكسرت مَعهَا فَصَارَ أَمر الشَّوْكَة أَشد تفاقماً وَقد نقشت الشَّوْكَة إِذا استخرجتها وأصل النقش الِاسْتِقْصَاء وَذَلِكَ أَن الشَّوْكَة يستقصى عَلَيْهَا فِي الْكَشْف عَنْهَا حَتَّى تستخرج وَفِي الحَدِيث من نُوقِشَ فِي الْحساب عذب أَي من استقصى عَلَيْهِ فِيهِ قَالَ الشَّاعِر (لَا تنقشن بِرَجُل غَيْرك شَوْكَة ... فتقى برجلك رجل من قد شاكها) وَتقول شاكنى الشوك إِذا دخل فِيك وَشَكتْ الشوك إِذا أدخلت فِيهِ

1893 - قَوْلهم لَا مخبأ لعطر بعد عروسٍ يضْرب مثلا للشىء يستعجل عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ وَأَصله أَن رجلا تزوج امْرَأَة فهديت إِلَيْهِ فَوَجَدَهَا تفلةً فَقَالَ أَيْن الطّيب فَقَالَت خبأته فَقَالَ لَا مخبأ لعطر بعد عروس والعروس اسمٌ للرجل وَالْمَرْأَة فَإِذا كَانَ الرجل فَجَمعه عرسٌ وَإِذا كَانَت الْمَرْأَة فالجمع العرائس 1894 - قَوْلهم لَا بقيا للحمية بعد الحرائم قَالَه مُحكم الْيَمَامَة يَوْم مُسَيْلمَة وَجعل يَقُول الْآن تستخف الكرائم غير حظياتٍ وينكحن غير رضياتٍ فَمَا كَانَ عنْدكُمْ من حسبٍ فأخرجوه فَلَا بقيا للحمية بعد الحرائم وَمَعْنَاهُ أَن الْكَرِيم لَا يستبقى الحمية عِنْد انتهاك الْحُرْمَة 1895 - قَوْلهم لَا تبْق إِلَّا على نَفسك مَعْنَاهُ معنى قَوْلهم اجهد جهدك أَي ليكن بقياك عَلَيْك فَأَما على فَلَا

1896 - قَوْلهم لَا يرحلن رحلك من لَيْسَ مَعَك قَالَ الأصمعى مَعْنَاهُ لَا يدْخل فِي أَمرك من لَيْسَ ضَرَره ضررك ونفعه نفعك يُقَال رحلت الْبَعِير إِذا وضعت عَلَيْهِ الرحل فَهُوَ رَاحِلَة فاعلة بِمَعْنى مفعولة وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلهم لست لمن لَيْسَ لي وَقَالُوا من لم يكن كُله لَك كَانَ كُله عَلَيْك 1897 - قَوْلهم لَا يعرف المكذوب كَيفَ يأتمر مَعْنَاهُ أَن المكذوب يغطى عَلَيْهِ الشَّأْن فَلَا يدرى كَيفَ ينفذ فِيهِ ويدبره وَإِنَّمَا يكون تَدْبِير الْأَمر على قدر الْمعرفَة بوجوهه فَأَما من طوى عَنهُ فَلم يعرفهُ لم يقدر على تَدْبيره وَلذَلِك قيل لارأى لمكذوب أَي لَيْسَ لَهُ رأىٌ ينفع وَمن أمثالهم فِي الْكَذِب إِذا كنت كذوباً فَكُن ذُكُورا قَالَ الشَّاعِر (تكذب الكذبة جهلا ... ثمَّ تنساها قَرِيبا) (كن ذُكُورا للذى ... تحكى إِذا كنت كذوباً) وَيُقَال قد ائتمرت أمرى إِذا تدبرته وأنفذته

1898 - قَوْلهم لَا تحمد الْعَرُوس عَام هدائها يُرَاد أَن كل من اسْتَأْنف أمرا عمل لَهُ وَإِنَّمَا يتَبَيَّن صَلَاحه من فَسَاده لَهُ إِذا قضى حَاجته مِنْهُ وأدركته الملالة من صحبته فَإِن كل من طَالَتْ صحبته للشَّيْء مله 1899 - قَوْلهم لَا يصطلى بناره يُرَاد أَنه لَا يتَعَرَّض لشره وَمثله لَا يعوى وَلَا ينبح وَقَالَ صَاحب الْمَقْصُورَة (لَا يصطلى بناره عِنْد الوغى ... ويصطلى بناره عِنْد الْقرى) وَقَالَ الأصمعى لَا يغوى وَلَا ينبح مثلٌ للرجل الذَّلِيل المهين الَّذِي لَا يؤبه لَهُ وَلَا يعْتد بِهِ من ضعفه ومهانته 1900 - قَوْلهم لَا يعْدم شقىٌ مهْرا مَعْنَاهُ لَا يعْدم شقىٌ عناء وَذَلِكَ أَن صَنْعَة الْمهْر وَالْقِيَام عَلَيْهِ حَتَّى يكمل وَيتم عناءٌ وَنَحْوه قَوْلهم

(إِن الشَّقَاء على الأشقين مصبوب ... ) وَهُوَ من قَول امْرِئ الْقَيْس (وبالأشقين مَا كَانَ الْعقَاب ... ) 1901 - قَوْلهم لَا تعدم الْحَسْنَاء ذاماً مَعْنَاهُ لَا يَخْلُو أحدٌ من شىء يعاب بِهِ وَقلت (عز الْكَمَال فَمَا يحظى بِهِ أحد ... فَكل خلق وَإِن لم يدر ذُو عَابَ) وَيُمكن أَن يكون مَعْنَاهُ لَا يسلم أحدٌ من أَن يعاب وَإِن لم يكن ذَا عيب قَالَ الشَّاعِر (كضرائر الْحَسْنَاء قُلْنَ لوجهها ... حسداً وبغياً إِنَّه لدميم) ويروى بَيت الْأَعْشَى (وَقد قَالَت قتيلة إِذْ رأتنى ... وَقد لَا تعدم الْحَسْنَاء ذاما)

وَقلت (وَفِي كل شىء حِين تخبر أمره ... معايب حَتَّى الْبَدْر أكلف أسفع) وَقَالَ آخر (إِن الرِّجَال معادنٌ ولقلما ... تلقى الْمُهَذّب لَا يُفَارق ذاما) 1902 - قَوْلهم لَا تكن أدنى العيرين إِلَى السهْم مَعْنَاهُ لَا تعرض للشر من بَين أَصْحَابك فَتكون أقربهم إِلَى الْمَكْرُوه وَنَحْوه قَوْلهم لَا تكن كالباحث عَن الشَّفْرَة وَقد تقدم القَوْل فِيهِ 1903 - قَوْلهم لَا فِي العير وَلَا فِي النفير يضْرب مثلا للرجل يحتقر لقلَّة نَفعه وَالْعير الْإِبِل تحمل التِّجَارَة ويعنى بِهِ هَاهُنَا عير قُرَيْش الَّتِى خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأخذها وَوَقعت وقْعَة بدرٍ لأَجلهَا والنفير يعْنى بِهِ وقْعَة بدر وَذَلِكَ أَن كل من تخلف عَن العير وَعَن النفير لبدرٍ من أهل مَكَّة كَانَ مستصغراً حَقِيرًا فيهم ثمَّ جعل مثلا لكل من هَذِه صفته

1904 - قَوْلهم لَا تسخر من شَيْء فيحور بك 1905 - وَقَوْلهمْ لَا تسخر من قرنى وعلٍ أَن يحولا بك يَقُول لَا تسخر فتبتلى أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا الزينتي قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى قَالَ حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع قَالَ حَدثنَا عبد الله بن بكر المزنى عَن أَبِيه أَن أَبَا مُوسَى قَالَ رَأَيْت رجلا يرضع شاةٌ فسخرت مِنْهُ فَخَشِيت أَلا أَمُوت حَتَّى أَرْضعهَا وَقَوله أَن يحولا بك أَي لِئَلَّا يحولا بك يُقَال ضَربته أَن يعود أَي لِئَلَّا يعود وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {يبين الله لكم أَن تضلوا} أَي لِئَلَّا تضلوا وَمَعْنَاهُ أَن يتحولا إِلَى الآخر فَيصير ذَا قرنين كَذَا يَقُول قومٌ من النَّحْوِيين وأصل الْحول التَّغَيُّر من حالٍ إِلَى حَال وَبِه سميت المحالة الَّتِي يستقن عَلَيْهَا لِأَنَّهَا تَدور حَتَّى ترجع إِلَى ماكانت فِيهِ والحول من الرِّجَال من ذَلِك وَمِنْه قَوْلهم لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه العلى الْعَظِيم وَتقول فِي الدُّعَاء بك أَحول وَبِك أصُول

1906 - قَوْلهم لَا يعرف هراً من برٍ قَالَ الأصمعى مَعْنَاهُ لَا يعرف شَيْئا من شىء وَقيل مَعْنَاهُ لَا يعرف من يبره مِمَّن يكرههُ يُقَال هررت الشىء إِذا كرهته قَالَ عنترة (ونطعنهم حَتَّى يهروا العواليا ... ) وَقيل مَعْنَاهُ أَنه لَا يعرف السنور من الفأر والهر السنور قيل وَالْبر الْفَأْرَة وَلَا نَعْرِف صِحَة ذَلِك 1907 - قَوْلهم لَا تدرى بِمَا يولع هرمك يَقُول لَا تدرى مَا يكون فِي آخر أَمرك وَنَحْوه قَول زُهَيْر (وَأعلم مَا فِي الْيَوْم والأمس قبله ... ولكننى عَن علم مَا فِي غدٍ عَم) وَقَول الآخر (وَمَا تدرى وَإِن أزمعت أمرا ... بِأَيّ الأَرْض يدركك المقيل)

وَقَالَ المثقب (وَمَا أدرى إِذا يممت أَرضًا ... أُرِيد الْخَيْر أَيهمَا يلينى) (أألخير الذى أَنا أبتغيه ... أم الشَّرّ الَّذِي هُوَ يبتغيني) 1908 - قَوْلهم لَا حريز مَعَ بيعٍ يُرَاد لَا تأمن أَن تبيع مَا لَا تُرِيدُ بَيْعه وقريبٌ مِنْهُ قَول الشَّاعِر (وَقد تخرج الْحَاجَات يَا أم مالكٍ ... كرائم من ربٍ بِهن ضنين) وَمن أمثالهم فِي الابتياع قَوْلهم وَمَا كل مَا مبتاعٍ من النَّاس يربح وَقَوْلهمْ وَبَعض الغلاء فِي البضاعة أتجر وَفِي خلاف ذَلِك قَوْلهم (وغلا على طلابه ... والدر يتْرك من غلائه)

1909 - قَوْلهم لَا تعدم من ابْن عَم نصرا يَقُول إِنَّك تَجِد ابْن عمك ناصراً لَك على مَا فِيهِ من حسد وبغصاء وَقيل لبَعْضهِم مَا تَقول فِي ابْن الْعم فَقَالَ عَدوك وعدو عَدوك 1910 - قَوْلهم لَا ينتطح فِيهَا عنزان يضْرب مثلا لِلْأَمْرِ يبطل وَيذْهب فَلَا يكون لَهُ طالبٌ وَأول من قَالَه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد مولى بنى هَاشم قَالَ حَدثنَا بكر بن عبد الْوَهَّاب قَالَ حَدثنَا الواقدى قَالَ حَدثنَا عبد الله بن الْحَارِث بن فُضَيْل عَن أَبِيه قَالَ كَانَت عصماء بنت مَرْوَان من بنى أُميَّة بن زيد قَالَ وَزوجهَا يزِيد بن حصن الحطمى وَكَانَت تحرض على الْمُسلمين وتؤذيهم وَتقول الشّعْر فَجعل عُمَيْر بن عدى عَلَيْهِ ندراً لله لَئِن رد الله عزوجل رَسُوله سالما من بدر ليقتلنها قَالَ فَعدا عميرٌ فِي جَوف اللَّيْل فَقَتلهَا ثمَّ لحق بالنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى مَعَه الصُّبْح وَكَانَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتفحصهم إِذا قَامَ يدْخل منزله فَقَالَ لعمير بن عدىٍ أقتلت عصماء قَالَ نعم قَالَ فَقلت يَا نبى الله هَل على فِي قَتلهَا شىءٌٌ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينتطح فِيهَا عنزان قَالَ فهى أول مَا سَمِعت مِنْهُ

وَمثل ذَلِك قَوْلهم لَا تنفط فِيهَا عنَاق وتكفل رجلٌ بقومٍ فأخفروه فحضض عَلَيْهِم فَقَالَ (سيمنع عجلٌ سبيهَا فِي بيوتها ... ويحمى بجيراً وَابْن اِسْعَدْ بَارِد) (فَكيف وَلم تنفط عناقٌ وَلم ترع ... سوامٌ بِأَكْنَافِ الأحرة ماجد) أَي كثيرٌ ونفيط العناق شبيهٌ بالعطاس وَلما قتل عُثْمَان رضى الله عَنهُ قَالَ عدى بن حَاتِم لَا ينتطح فِيهَا عنزان فَقتل ابْنه وفقئت عينه بصفين فَقيل لَهُ انتطح فِيهَا عنزان قَالَ نعم والتيس الأصجم 000 وَيَقُولُونَ فِي سُكُون النَّاس لَا تنتطح جماء وَذَات قرنٍ 1911 - قَوْلهم لَا أكون كالضبع تسمع اللدم حَتَّى تصاد أَي أغفل عَمَّا يجب لَهُ التيقظ اللدم الضَّرْب بِالْيَدِ وَإِذا ضرب على وجار الضبع بِالْيَدِ لبدت بِالْأَرْضِ فتؤخذ

1912 - قَوْلهم لَا تراهن على الصعبة يضْرب مثلا فِي التحذير 1913 - قَوْلهم لَا أَخا لَك باللئيم يُرَاد بِهِ النهى عَن إكرام اللَّئِيم وَمَعْنَاهُ أَنَّك إِذا قلت للئيم يَا أخى جهل قدره وَرَأى أَنه فَوْقك وقريبٌ من هَذَا الْمَعْنى قَول صَالح بن عبد القدوس (إِذا وليت مَعْرُوفا لئيماً ... فعدك قد قتلت لَهُ قَتِيلا) (فَكُن من ذَاك معتذراً إِلَيْهِ ... وَقل إنى أَتَيْتُك مسقيلا) (فَإِن يغْفر فَلم يغْفر صَغِيرا ... وَإِن عَاقَبت لم تظلم فتيلا) وَقَالَ ابْن عَبَّاس رضى الله عَنهُ فِي خلاف ذَلِك إِن الْعَاقِل الْكَرِيم صديقٌ لكل أحد إِلَّا لمن ضره وَالْجَاهِل اللَّئِيم عدوٌ لكل أحد إِلَّا لمن نَفعه

1914 - قَوْلهم لَا حم ولارم مَعْنَاهُ لَا بُد من الْأَمر وَلَا حم مَعْنَاهُ لَا بُد ورم إتباع 1915 - قَوْلهم لَا توبس الثرى بينى وَبَيْنك أَي لَا تقطع الود الَّذِي بَيْننَا وَالثَّرَى هَاهُنَا مثل وَأَصله الندى وَقَالَ الشَّاعِر (وَلَا توبسوا بينى وَبَيْنكُم الثرى ... فَإِن الَّذِي بينى وَبَيْنكُم مثرى) 1916 - قَوْلهم لَا حر بوادى عوفٍ يُقَال ذَلِك للرجل يسود الْقَوْم فَلَا ينازعه أحدٌ مِنْهُم سيادته وَهُوَ عَوْف بن محلم وَقد مر حَدِيثه

1917 - قَوْلهم لَا يُنَادى وليده قَالَ أَبُو الْعَبَّاس مَعْنَاهُ أَنه أمرٌ عَظِيم لَا يدعى فِيهِ الصغار وَإِنَّمَا يدعى فِيهِ الْكِبَار وَقَالَ ابْن الأعرابى يعْنى أَنه أمرٌ كاملٌ قد بلغ وَمَا فِيهِ خلل وَلَا اضطرابٌ قد قَامَ بِهِ الْكِبَار فاستغنى بهم عَن الصغار وَقَالَ الْفراء هَذِه لفظةٌ تستعملها الْعَرَب إِذا أَرَادَت الْغَايَة وَأنْشد (لقد شرعت كفا يزِيد بن مزيدٍ ... شرائع جودٍ لَا يُنَادى وليدها) وَقَالَ الكلابى هَذَا مثلٌ يَقُوله الْقَوْم إِذا أخصبوا وَكَثُرت أَمْوَالهم فَإِذا أَوْمَأ الصَّغِير إِلَى شَيْء لم يصلح عَلَيْهِ وَلم ينْه عَنهُ جعل مثلا لكل كَثْرَة وسعة وَقَالَ الأصمعى أَصله فِي الشدَّة والجدب يُصِيب الْقَوْم حَتَّى يشغل الْأُم عَن وَلَدهَا فَلَا تناديه ثمَّ جعل مثلا لكل شدَّة وَأمر عَظِيم 1918 - قَوْلهم لَا يطار غرابه يَجْعَل مثلا فِي الْكَثْرَة حَتَّى إِن الْغُرَاب إِذا وَقع على شىء يَأْكُلهُ لم ينفر

1919 - قَوْلهم لَا دَريت وَلَا ائتليت قَالَ الْفراء ائتليت افتعلت من ألوت إِذا قصرت فَتَقول لَا دَريت وَلَا قصرت فِي الطّلب فَيكون أشفى لَك وَقَالَ الأصمعى ائتليت افتعلت من ألوت الشَّيْء إِذا استطعته تَقول لَا دَريت وَلَا اسْتَطَعْت أَن تدرى وَلَا تَلَوت أَي لَا أَحْسَنت أَن تتلو فقلبوا الْوَاو يَاء للازدواج وَهَذَا يجرى مجْرى الْمثل فأوردته هَاهُنَا 1920 - قَوْلهم لَا رأى لمن لايطاع أول من قَالَه عتبَة بن ربيعَة وتمثل بِهِ علىٌ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَهُ عتبَة حِين أَجمعت قُرَيْش الْمسير إِلَى بدرٍ وَهُوَ مأخوذٌ من قَول الشَّاعِر (أَمرتهم أمرى بمنعرج اللوى ... ولاأمر للمعصى إِلَّا مضيعا)

1921 - قَوْلهم لَا أَفعلهُ سنّ الحسل أَي لَا أَفعلهُ أبدا وَقد مر تَفْسِيره فِي الْبَاب الْخَامِس 1922 - قَوْلهم لَا يبلغ همك الصبحان يحث بِهِ على البكور فِي الْحَوَائِج وَمَعْنَاهُ أَنَّك إِذا تصبحت لم تدْرك مَا تهم بِهِ وَقيل للأعمش مَا لنا نرى حَدِيثك منقى قَالَ لما فاتنى من العصائد بالغدوات وَقيل لبزر جمهر بِمَ نلْت مَا نلْت من هَذَا الْعلم قَالَ ببكور كبكور الْغُرَاب وحرص كحرص الْخِنْزِير وصبر كصبر الْحمار 1923 - قَوْلهم لَا تبلم عَلَيْهِ مَعْنَاهُ لَا تقبح عَلَيْهِ فعله من قَوْلك أبلمت النَّاقة إِذْ ورم حياها من شدَّة الضبعة قَالَه الأصمعى وَقيل لَا تبلم عَلَيْهِ أَي لَا تجمع عَلَيْهِ أنواعاً من الْمَكْرُوه كجمع الأبلمة أَنْوَاع الْمقل

والأبلمة خوصَة الْمقل وَأما قَوْلهم لَا تجلح فَمَعْنَاه لَا تكاشف مأخوذٌ من الجلح وَهُوَ انحسار الشّعْر من مقدم الرَّأْس وَقَوْلهمْ لَا تبسق قَالَ الأصمعى مَعْنَاهُ لَا تطول من البسوق وَهُوَ الطول وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {وَالنَّخْل باسقات} 1924 - قَوْلهم لَا تبرقل علينا والبرقلة الْكَلَام بِلَا فعل مَأْخُوذ من الْبَرْق بِلَا مطر وَهُوَ مثل الحوقلة من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه والبسملة من قَوْلك بِسم الله وَحكى الْخَلِيل حيعل حيعل من قَول الْمُؤَذّن حى على الصَّلَاة 1925 - قَوْلهم لَا يقوم بطن نَفسه أَي بقوتها ومؤونتها وأصل الظَّن الْجِسْم وَيُقَال رجل عَظِيم الطن أَي عَظِيم الْجِسْم قَالَ الراجز (لما رأونى وَاقِفًا كأنى ... بدر تجلى من دجى الدجن)

(غَضْبَان أهذى بِكَلَام الْجِنّ ... فبعضه مِنْهُم وبعضٌ منى) (بجبهةٍ جبهاء كالمجن ... ضخم الذراعين عَظِيم الطن) وَقَالَ ثَعْلَب الطن التزوار الَّذِي بَين الجوالقين يَقُول لَا يقوم بِهَذَا الْمِقْدَار 1926 - قَوْلهم لَا شَحم وَلَا نفش وَقَالَ بَعضهم إِن لم يكن شحمٌ فنفشٌ وَقَالَ ابْن الأعرابى إِن لم يكن فعلٌ فرياءٌ والنفش الصُّوف والنفش أَن تبتعث الْمَاشِيَة بِاللَّيْلِ فترعى وَفِي الْقُرْآن {إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم} 1927 - قَوْلهم لَا تنه عَن خلقٍ وتأتى مثله أَي لَا تجمع بَين هذَيْن كَمَا تَقول لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن وَهُوَ من شعر المتَوَكل بن عبد الله الليثى أَوله

(للغانيات بذى الْمجَاز رسوم ... فببطن مَكَّة عهدهن قديم) (فالهم مالم تمضه لسبيله ... داءٌ تضمنه الضلوع مُقيم) (لَا تتبعن سبل السفاهة واقتصد ... إِن السَّفِيه مضعفٌ مَذْمُوم) (وأقم لمن صافيت وَجها وَاحِدًا ... إِن اللحاظ على الضَّمِير نموم) (لَا تنه عَن خلق وَتَأْتِي مثله ... عَار عَلَيْك إِذا فعلت عَظِيم) 1928 - قَوْلهم لَا يقعقع لَهُ بالشنان يضْرب مثلا للرجل الشهم لَا يفزع بالوعيد وقريبٌ مِنْهُ قَول بَعضهم الْبَغْل لَا تفزعه الجلاجل والشنان جمع شن وَهُوَ الْجلد الْيَابِس 1929 - قَوْلهم لَا قَرَار على زأرٍ من الْأسد يضْرب مثلا للمتوعد الْقَادِر على الانتقام وَقَول من قَول النَّابِغَة (نبئت أَن أَبَا قَابُوس أوعدنى ... وَلَا قَرَار على زأر من الْأسد)

1930 - قَوْلهم لَا قبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا قَالَ الأصمعى الصّرْف التَّطَوُّع وَالْعدْل الْفَرِيضَة وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الصّرْف الْحِيلَة وَالْعدْل الْفِدَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَإِن تعدل كل عدلٍ لَا يُؤْخَذ مِنْهَا} وَالصرْف أَيْضا الْكسْب يُقَال رجل مصطرف محترف 1931 - قَوْلهم لَا طامة إِلَّا وفوقها طامةٌ الْمثل لأبى بكر الصّديق رضى الله عَنهُ أخبرنَا أَبُو أَحْمد فِي خبرٍ طَوِيل نورده لحسنه وَكَثْرَة فَوَائده أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا صَالح بن أَحْمد بن أَبى مقَاتل البغدادى قَالَ حَدثنَا عبد الْجَبَّار بن كثير بن سيار التميمى أَبُو إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر بن عبد الرَّحْمَن الصنعانى قَالَ حَدثنَا أبان بن عبد الله البجلى عَن أبان بن ثَعْلَب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدثنَا على بن أَبى طَالب رضى الله عَنهُ قَالَ لما أَمر الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعرض نَفسه على قبائل الْعَرَب خرج وَأَنا مَعَه وَأَبُو بكر حَتَّى دفعنَا إِلَى مجْلِس من مجَالِس الْعَرَب فَتقدم أَبُو بكر فَسلم ووقفت أَنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ علىٌ عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ

أَبُو بكر مقدما فِي كل خير وَكَانَ رجلا نسابةً فَقَالَ مِمَّن الْقَوْم قَالُوا من ربيعَة قَالَ وأى ربيعَة أَنْتُم قَالُوا ذهلٌ الْأَكْبَر قَالَ أَبُو بكر من هامتها أم من لَهَا زمها قَالُوا بل من هامتها الْعُظْمَى قَالَ فمنكم عوفٌ الَّذِي يُقَال لَهُ لَا حر بوادى عَوْف قَالُوا لَا قَالَ فمنكم الحو فزان قَاتل الْمُلُوك وسالبها أَنْفسهَا قَالُوا لَا قَالَ فمنكم بسطَام بن قيسٍ أَبُو اللِّوَاء ومنتهى الْأَحْيَاء قَالُوا لَا قَالَ فمنكم جساس ابْن مرّة حامى الذمار ومانع الْجَار قَالُوا لَا قَالَ فمنكم الحوفزان قَاتل الْمُلُوك وسالبها أَنْفسهَا قَالُوا لَا قَالَ فمنكم أَبُو دلفٍ صَاحب الْعِمَامَة الفردة قَالُوا لَا قَالَ فمنكم أخوال الْمُلُوك من كِنْدَة قَالُوا لَا قَالَ فمنكم أَصْهَار الْمُلُوك من لخم قَالُوا لَا قَالَ فلستم ذهلاً الْأَكْبَر أَنْتُم ذهلٌ الْأَصْغَر فَقَامَ إِلَيْهِ غلامٌ من شَيبَان يُقَال لَهُ دغفلٌ حِين بقل وَجهه فَقَالَ (إِن على سائلنا أَن نَسْأَلهُ ... والعبء لَا تعرفه أَو تحمله) يَا هَذَا إِنَّك قد سألتنا فأخبرناك وَلم نكتمك شَيْئا فَمِمَّنْ الرجل فَقَالَ أَبُو بكر أَنا من قُرَيْش فَقَالَ الْفَتى بخٍ بخٍ أهل الشّرف والرياسة فَمن أَي قريشٍ أَنْت قَالَ من ولد تيم بن مرّة فَقَالَ الْفَتى أمكنت وَالله الرَّامِي من سَوَاء الثغرة فمنكم قصىٌ الَّذِي جمع الْقَبَائِل من فهرٍ وَكَانَ يدعى فِي قُرَيْش مجمعا الَّذِي قيل فِيهِ (أَبونَا قصىٌ كَانَ يدعى مجمعا ... بِهِ جمع الله الْقَبَائِل من فهر)

قَالَ لَا قَالَ فمنكم هَاشم الَّذِي هشم الثَّرِيد لِقَوْمِهِ فَقيل فِيهِ (عَمْرو الْعلَا هشم الثَّرِيد لِقَوْمِهِ ... وَرِجَال مَكَّة مسنتون عجاف) قَالَ لَا قَالَ فمنكم شيبَة الْحَمد مطمم طير السَّمَاء الَّذِي كَانَ وَجهه يضىء فِي اللَّيْلَة الظلماء قَالَ لَا قَالَ أَفَمَن أهل الندوة أَنْت قَالَ لَا قَالَ أَفَمَن أهل الحجابة أَنْت قَالَ لَا قَالَ أَفَمَن أهل السِّقَايَة أَنْت قَالَ لَا قَالَ أَفَمَن أهل الْإِفَاضَة بِالنَّاسِ أَنْت قَالَ لَا قَالَ فَأَنت إِذا من زمعات قُرَيْش قَالَ فاجتذب أَبُو بكر زِمَام نَاقَته وَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْغُلَام (صَادف دَرْء السَّيْل دَرأ يَدْفَعهُ ... يهيضه حينا وحيناً يصرعه) أما وَالله لَو تثبت لأعلمته أَنه من زمعات قُرَيْش قَالَ فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ علىٌ فَقلت يَا أَبَا بكر لقد وَقعت من الأعرابى على باقعةٍ طامةٍ قَالَ أجل يَا أَبَا الْحسن مَا من طامةٍ إِلَّا وفوقها طامةٌ وَالْبَلَاء مُوكل بالْمَنْطق قَالَ ثمَّ دفعنَا إِلَى مجْلِس عَلَيْهِم بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار فَتقدم أَبُو بكر

فَسلم ودنا فَقَالَ مِمَّن الْقَوْم قَالُوا من شَيبَان بن ثَعْلَبَة فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا وَرَاء هَؤُلَاءِ من قَومهمْ شىءٌ هَؤُلَاءِ غرر النَّاس وَفِيهِمْ مفروق ابْن عَمْرو وهانئ بن قبيصَة والمثنى بن حَارِثَة والنعمان بن شريك فَقَالَ أَبُو بكر كَيفَ الْعدَد فِيكُم فَقَالَ مفروقٌ يزِيد على ألف وَلنْ يغلب الْألف من قلَّة فَقَالَ أَبُو بكر فَكيف المنعة فِيكُم قَالَ علينا الْجهد وَلكُل قوم فَقَالَ كَيفَ الْحَرْب بَيْنكُم وَبَين عَدوكُمْ قَالَ إِنَّا لأشد مَا نَكُون غَضبا حِين نلقى وَأَشد مَا نَكُون لِقَاء حِين نغضب وَإِنَّا لنؤثر الْجِيَاد على الْأَوْلَاد وَالسِّلَاح على اللقَاح والنصر من الله يديلنا مرّة ويديل علينا مرّة أُخْرَى لَعَلَّك أَخُو قُرَيْش قَالَ أَبُو بكر وَقد بَلغَكُمْ أَنه رَسُول الله فها هُوَ ذَا فَقَالَ مفروقٌ قد بلغنَا أَنه يذكر ذَاك فإلام يَدْعُو قُريْشًا فَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ وَقَامَ أَبُو بكر يظله بِثَوْبِهِ فَقَالَ أدعوكم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وأنى رَسُول الله وَإِلَى أَن تؤوونى وتنصرونى فَإِن قُريْشًا قد تظاهرت على أَمر الله وكذبت رسله واستغنت بِالْبَاطِلِ عَن الْحق وَالله هُوَ الْغنى الحميد فَقَالَ مفروق وإلام تَدْعُو أَيْضا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} الْآيَة فَقَالَ مفروق وإلام تَدْعُو ايضا فوَاللَّه مَا سَمِعت كلَاما هُوَ أجمل من هَذَا وَلَو كَانَ من كَلَام أهل الأَرْض لفهمناه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان}

فَقَالَ مفروق دَعَوْت وَالله إِلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْأَعْمَال وَلَقَد أفك قومٌ كَذبُوك وظاهروا عَلَيْك وَهَذَا هَانِئ بن قبيصَة شَيخنَا وَصَاحب ديننَا فَقَالَ هَانِئ قد سَمِعت مَقَالَتك يَا أَخا قُرَيْش وإنى أرى أَن تركنَا ديننَا واتباعنا إياك على دينك لمجلسٍ جلسته إِلَيْنَا لَيْسَ لَهُ أولٌ وَلَا آخر زلةٌ فِي الرأى وَقلة نظرٍ فِي الْعَاقِبَة وَإِنَّمَا تكون الزلة مَعَ العجلة وَمن وَرَائِنَا قومٌ نكره أَن نعقد عَلَيْهِم وَلَكِن ترجع وَنَرْجِع وَتنظر وَنَنْظُر وَهَذَا الْمثنى بن حَارِثَة شَيخنَا وَصَاحب حربنا فَقَالَ الْمثنى قد سَمِعت مَقَالَتك قُرَيْش وَالْجَوَاب جَوَاب هَانِئ بن قبيصَة وَإِنَّمَا نزلنَا بَين الصريين الْيَمَامَة والسمامة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هَذَانِ الصريان قَالَ مياه الْعَرَب مَا كَانَ مِنْهَا يلى أَنهَار كسْرَى فذنب صَاحبه غير مغْفُور وعذره غير مَقْبُول وَأما مَا كَانَ يلى مياه الْعَرَب فذنب صَاحبه مغْفُور وعذره مَقْبُول وَإِنَّمَا نزلنَا على عهدٍ أَخذه كسْرَى علينا أَلا نُحدث حَدثا وَلَا نؤوى مُحدثا وَأَنا أرى أَن هَذَا الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ تكرههُ الْمُلُوك فَإِن شِئْت أَن نؤويك وننصرك مِمَّا يلى مياه الْعَرَب فعلنَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أسأتم الرَّد إِذْ أفصحتم بِالصّدقِ وَإِن دين الله لن ينصره إِلَّا من حاطه من جَمِيع جوانبه أَرَأَيْتُم إِن لم تلبثوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يورثكم الله أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ ويفرشكم نِسَاءَهُمْ أتسبحون لله وتقدسونه فَقَالَ النُّعْمَان بن شريك اللَّهُمَّ لَك ذَلِك ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجاً منيرا} ثمَّ نَهَضَ قَابِضا على يدى أَبى بكر يَقُول يَا أَبَا بكر أَيَّة أَخْلَاق للْعَرَب كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة مَا أشرفها بهَا يدْفع الله بَأْس بَعضهم عَن بعض

وَبهَا يتحاجزون فِيمَا بَينهم ثمَّ نهضنا إِلَى مجْلِس الْأَوْس والخزرج فَمَا برحنا حَتَّى بَايعُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا صدقا صبرا 1932 - قَوْلهم لَا ترْضى شانئة إِلَّا بجرزةٍ قَالَ الْمبرد تَأْوِيل ذَلِك أَن الشانئة لَا ترْضى فِيمَن أبغضته إِلَّا بالاستئصال وأصل ذَلِك أَن السَّيْف الجراز هُوَ الَّذِي لَا يبْقى من الضريبة شَيْئا والجروز هُوَ الَّذِي إِذا قعد على زادٍ أفناه وَمن هَذَا أَرض جرز وأرضون أجراز إِذا كَانَت لَا تنْبت شَيْئا وَتَأْويل ذَلِك أَنَّهَا تَأْكُل نبتها وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم {نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} وَجَمِيع ذَلِك يرجع إِلَى الاستئصال 1933 - قَوْلهم لَا تبل فِي قليبٍ شربت مِنْهُ حَكَاهُ ثَعْلَب قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا تذم من أسدى إِلَيْك مَعْرُوفا 1934 - قَوْلهم لَا ينَام وَلَا ينيم قَالَ الأصمعى ينيم يكون مِنْهُ مَا يرفع السهر فينام مَعَه فَكَأَنَّهُ أَتَى بِالنَّوْمِ وَقَالَ غَيره إِنَّه يأتى بسرور ينَام مَعَه

1935 - قَوْلهم لَا يعرف الى من الْحَيّ الحى الْكَلَام الظَّاهِر واللى الْكَلَام الخفى وَمثله لَا يعرف الوحى من السّفر الوحى الْإِشَارَة وَالسّفر الْكَشْف قَالَ الشَّاعِر (أَلا رب سرٍ عندنَا غير ضائعٍ ... لنا مَا ذَكرْنَاهُ بوحىٍ وَلَا سفر) أى لم نسفرفيضيع لمن سَمعه وَلم نبح بِهِ إِلَى من يكلمهُ وَلَا يعرف الحو من اللو الحو نعم واللو لَا وَقيل لَا يعرف مَا حوى مِمَّا لوى وَقيل الحى من اللى الحى الحوية وَهِي الكساء يخاط وَيجْعَل مركبا من مراكب النِّسَاء واللى لي الْحَبل وفتله قَالَ ابْن الأعرابى الحى الْحق واللى الْبَاطِل يُقَال ذَلِك للأحمق الَّذِي لايعرف شَيْئا

فيما جاء من الأمثال في أوله ياء

الْبَاب التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِيمَا جَاءَ من الْأَمْثَال فِي أَوله يَاء فهرسته يشوب ويروب يَا للعضيهة وَيَا للأفيكة يعلم من أَيْن يُؤْكَل الْكَتف يَا بعضى دع بَعْضًا يَا حرزى وأبتغى النوافلا يَا طَبِيب طب لنَفسك يرقم فِي المَاء يذهب يَوْم الْغَيْم وَلم يشْعر بِهِ يجرى بليق ويذم يحمل شنٌ ويفدى لكيزٌ يَا مهدى المَال كل مَا أهديت يُؤْتى على يدى الْحَرِيص يَا رب شدّ فِي الكرز يَا عَاقِلا اذكر حلا الْيَمين حنث ومندمة يداك أَو كتاوفوك نفخ يَأْكُل وسطا ويربض حجرَة الْيَوْم خمرٌ وَغدا أمرٌ يحف لَهُ ويرف يومٌ بِيَوْم الحفض المجور الْيَوْم ظلم يدب الضراء يسر حسواً فِي ارتغاءٍ يُرِيك بشرٌ مَا أحار مشفرٌ يُرِيك يومٌ بِرَأْيهِ يَأْكُل بيدين يعد لكَلْب السوء كلبٌ يعادله فهرست الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهى الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْيَاء أيقظ من ذئبٍ أيبس من صخرٍ أيأس من غريقٍ أيسر من لُقْمَان

التفسير

التَّفْسِير 1936 - قَوْلهم يشوب ويروب يضْرب مثلا للرجل يُصِيب مرّة ويخطئ مرّة أُخْرَى وَمثله قَوْلهم يشج ويأسو قَالُوا ويشوب مَعْنَاهُ يخلط ويروب يبخس والروب البخس وَيَقُولُونَ فِي البيع لَا شوب وَلَا روب الشوب الْخَلْط وَهُوَ أَن يخلط الرجل الْجد بِالْهَزْلِ ليخادعه والروب أَن يبخسه وَلبن مروب نقيعٌ قد أَتَت عَلَيْهِ ساعاتٌ والرويب الرجل الَّذِي نَام حَتَّى شبع وَالْجمع روبى كَمَا تَقول مَرِيض ومرضى قَالَ بشرٌ فألفاهم الْقَوْم روبى نياما وَرَوَاهُ الاصمعى يشوب وَلَا يروب قَالَ وَمَعْنَاهُ يخلط ويأسو يصلح وَأَصله فِي إصْلَاح الْجرْح 1937 - قَوْلهم يَا للعضيهة 1938 - قَوْلهم يَا للأفيكة إِذا فتحت اللَّام فَإنَّك تَدْعُو إِلَيْهَا كَأَنَّك تُرِيدُ يَا عضيهة مَا أعْجبك وَيَقُولُونَ يَا للْمَاء يُرِيدُونَ يَا مَاء مَا أكثرك

فَإِذا كسرت اللَّام فَإنَّك تُرِيدُ يأيها النَّاس تَعَالَوْا فَأُعْجِبُوا لهَذِهِ العضيهة والعضيهة الْكَلَام الْقَبِيح والأفيكة من الْإِفْك وَهُوَ الْكَذِب وَأَصله من صرف الشىء عَن وَجهه وَمِنْه أفكوا أَي صرفُوا عَن الْحق 1939 - قَوْلهم يعلم من أَيْن يُؤْكَل الْكَتف وَيجوز أَن يُورد فِي بَاب التَّاء وَبَاب الْألف أعلم وَتعلم وَلَكِن هَكَذَا قرأناه فِي كتب الْأَمْثَال قَالَ الأصمعى تَقول الْعَرَب للرجل الضَّعِيف الرأى إِنَّه لَا يحسن أكل لحم الْكَتف وَقَالَ الشَّاعِر (أَنى على مَا تَرين من كبرى ... أعلم من أَيْن يُؤْكَل الْكَتف) وَقيل إِن لحم الْكَتف إِذا نَزَعته من إِحْدَى جهاته انتزع جملَة وَإِذا نَزَعته من الْجِهَة الْأُخْرَى تفرق ويعنون بِالْمثلِ ذَلِك 1940 - قَوْلهم يركب الصعب من لَا ذَلُول لَهُ أَي يحمل نَفسه على الشدائد من لَا يجد مَا يَنَالهُ فِي سهولة والصعب من الْإِبِل الَّذِي لم يرض وَذَلِكَ أنشط لَهُ والذلول السهل والمصدر الذل بِكَسْر الذَّال وَأما الذل فالهوان

1941 - قَوْلهم يَا بعضى دع بَعْضًا يضْرب مثلا فِي التعاطف على الْأَرْحَام وتحنن بَعْضهَا على بعض والمثل لزرارة بن عدسٍ التميمى وَكَانَت ابْنَته تَحت سُوَيْد بن ربيعَة وَلها مِنْهُ تِسْعَة بَنِينَ فَقتل سويدٌ أَخا لعَمْرو بن هندٍ الْملك صَغِيرا وهرب فَلم يقدر عَلَيْهِ فَأرْسل عمروٌ إِلَى زُرَارَة أَن ائتنى بولده من ابْنَتك فَأَتَاهُ بهم فَأمر بِقَتْلِهِم فتعلقوا بجدهم زُرَارَة فَقَالَ يَا بعضى دع بَعْضًا فسارت مثلا فِي التحنن على الْأَقَارِب إِذا نزل بهم مَا لَا مدفع لَهُ 1942 - قَوْلهم يلدع ويصئ يضْرب مثلا للرجل يظلم ويشكو يُقَال صاء الفرخ يصئ صيأ وَكَذَلِكَ يُقَال للعقرب صأت تصأى واللدغ مَا يكون بإبرة والنهش بالفم 1943 - قَوْلهم يَا حرزى وأبتغى النوافلا يَقُول قد أحرزت مَا أريده وَأَنا أبتغى الزِّيَادَة 1944 - قَوْلهم يَا طَبِيب طب لنَفسك يضْرب مثلا للرجل يدعى الْعلم وَهُوَ جَاهِل أَو ينتحل الصّلاح وَهُوَ

مُفسد وأصل الطِّبّ الْعلم وَهُوَ السحر أَيْضا وطب نَفسك وطب وَقَالَت الْحُكَمَاء ثلاثةٌ من ثلاثةٍ أقبح مِنْهَا فِي غَيرهم الْبُخْل من ذوى الْأَمْوَال وَالْفُحْش من ذوى الْإِحْسَان وَالْعلَّة فِي الْأَطِبَّاء 1945 - قَوْلهم يرقم على المَاء يُقَال ذَلِك للرجل الحاذق أَي من حذقه يرقم حَيْثُ لَا يثبت الرقم وَيضْرب ذَلِك مثلا أَيْضا للشىء لَا يثبت وَلَا يُؤثر وَقَالَ ابْن الرومى (وَكم قارعٍ سمعى بوعظٍ يجيده ... وَلكنه فِي المَاء يرقم مَا رقم) أَي لَا يدْخل وعظه سمعى وَلَا يُؤثر فِي قلبِي 1946 - قَوْلهم يذهب يَوْم الْغَيْم وَلَا يشْعر بِهِ يضْرب مثلا للساهى عَن حَاجته حَتَّى تفوته وَلَا يعلم والشعور علم مَا يدق ويلطف واشتقاقه من الشّعْر وَمن ثمَّ قيل للشاعر شَاعِر لِأَنَّهُ يفْطن لدقيق الْمعَانى 1947 - قَوْلهم يجرى بليقٌ ويذم يضْرب مثلا للرجل يحسن ويلام وبليق اسْم فرس كَانَ يسْبق ويعاب

وَمثله الشّعير يُؤْكَل ويذم والعامة تَقول أكلا وذما وقريبٌ من ذَلِك قَول بَعضهم إِذا أرْسلت لتحمل البعر فَلَا تحمل التَّمْر فيؤكل التَّمْر وتعنف على الْخلاف وَقَالَ عبد الله بن جدعَان (ألام وَأعْطى واللئيم مجاورى ... لَهُ مثل مالى لَا يلام وَلَا يعْطى) 1948 - قَوْلهم (يَا عجبا لهَذِهِ الفليقه ... هَل تغلبن القوباء الريقه) قَالَ ثعلبٌ أَي هَل تغلب القوباء الريقة فتذهب بهَا وَهِي رقيقَة والقوباء غليظةٌ شَدِيدَة يُرِيد إِنَّكُم تستخفون بِهَذِهِ الداهية وَهِي الفليقة وتستصغرونها وَقد أشفيتم مِنْهَا على الْهَلَاك يحضهم على التَّحَرُّز وَقيل مَعْنَاهُ أَن الضَّعِيف يغلب القوى إِذا دَامَت ممارسته لَهُ والفليقة الداهية وأفلق الرجل إِذا جَاءَ بالداهية 1949 - قَوْلهم يحمل شنٌ ويفدى لكيزٌ يضْرب مثلا للرجلين يهان أَحدهمَا وَيكرم الآخر وشنٌ ولكيزٌ ابْنا قصى بن عبد الْقَيْس وَكَانَا مَعَ أمهما فِي سفر فنزلوا ذَا طوى فَقَالَت يَا لكيز قُم فديتك حَتَّى ترحل وَقَالَت لشنٍ تعال فاحملنى

فَقيل لَهَا يحمل شنٌ ويفدى لكيز وَمن هَاهُنَا أَخذ الشَّاعِر قَوْله (وَإِذا تكون كريهةٌ أدعى لَهَا ... وَإِذا يحاس الحيس يدعى جُنْدُب) والعامة تَقول فِي معنى هَذَا الْمثل يشرب عجلَان ويسكر ميسرَة 1950 - قَوْلهم يَا مهدى المَال كل مَا أهديت يضْرب مثلا للبخيل يمْنَع النَّاس ويوسع على نَفسه ويتبجح بذلك يَقُول إِنَّمَا تهدى إِلَى نَفسك فدع ذكره وَمثله قَوْلهم للممتن على نَفسك فَلْيَكُن الْمَنّ 1951 - قَوْلهم يُؤْتى على يدى الْحَرِيص يضْرب مثلا فِي هَلَاك الشىء على ضن صَاحبه بِهِ يَقُول إِن مَال الْحَرِيص لَا يبْقى على شدته وحذره وَحفظه لَهُ حَتَّى يُؤْتى على يَدَيْهِ أَي على مَا فِي يَدَيْهِ وَنَظِيره قَول الشَّاعِر (سيأتى على مَا عِنْده وَعَلِيهِ ... )

1952 - قَوْلهم يَا ويلتا رآنى ربيعَة يضْرب مثلا للشىء يشتهى أَن يعرف مَكَانَهُ وَهُوَ يخفى ذَلِك وَأَصله أَن امْرَأَة مر بهَا رجلٌ يُقَال لَهُ ربيعَة فأحبت أَن يَرَاهَا وَهُوَ مار لَا يلْتَفت إِلَيْهَا فَقَالَت يَا ويلتا رآنى ربيعَة فَالْتَفت فرآها وقريبٌ مِنْهُ قَوْلهم أعن صبوح ترقق 1953 - قَوْلهم يَا عَاقد اذكر حلا وَقد يُقَال يَا حَامِل اذكر حلا يضْرب مثلا للنَّظَر فِي العواقب وَأَصله أَن الرجل يشد حمله على بعيره فيسرف فِي الاستيثاق فَيضر ذَلِك بِهِ وببعيره عِنْد الْحُلُول وَأخذ الْمثل أَبُو نواس فَقَالَ (يَا عَاقد الْقلب منى ... هلا تذكرت حلا) (تركت منى قَلِيلا ... من الْقَلِيل أقلا) (يكَاد لَا يجتزى ... أقل فِي القَوْل من لَا) وَمن جيد مَا قيل فِي النّظر فِي العواقب قَول أَبى حَازِم النّظر فِي العواقب

تلقيح الْعُقُول وَقَالَ غَيره خير الْأُمُور أحمدها مغبةً وَقيل لَيْسَ للأمور بِصَاحِب من لم ينظر فِي العواقب 1954 - قَوْلهم يعود على الْمَرْء مَا ياتمر يضْرب مثلا للمخطئ فِي تَدْبيره 1955 - قَوْلهم يَا ضل مَا تجرى بِهِ الْعَصَا يضْرب مثلا للْجدّ لَا ينفع والعصا فرس جذيمة وَقد مر حَدِيثه 1956 - قَوْلهم يدال من الْبِقَاع كَمَا يدان من الرِّجَال يضْرب مثلا فِي اخْتِلَاف أَحْوَال الْبِقَاع وَغَيرهَا

1957 - قَوْلهم يَكْفِيك نصيبك شح الْقَوْم يضْرب مثلا فِي القناعة بِمَا تيَسّر 1958 - قَوْلهم يخبر عَن مجهوله مرآته يضْرب مثلا للشىء يدل ظَاهره على بَاطِنه 1959 - قَوْلهم يَا لَيْت لي نَعْلَيْنِ من جلد الضبع يضْرب مثلا للرضا بالخسيس وَبعده (وشركاً من استها لَا تَنْقَطِع ... كل الْحذاء يحتذى الحافى الوقع) والوقع الَّذِي احتك لحم قدمه من المشى وَقد وَقع يُوقع وَقعا

1960 - قَوْلهم الْيَمين حنثٌ أَو مندمةٌ قَالُوا مَعْنَاهُ أَنَّك إِذا حَلَفت حنثت أَو فعلت مَا لَا تشْتَهى كَرَاهَة الْحِنْث فندمت 1961 - قَوْلهم يداك أَو كتا وفوك نفخ يُقَال ذَلِك لمن يُوقع نَفسه فِي مَكْرُوه وَأَصله أَن رجلا أَرَادَ أَن يعبر نَهرا على سقاءٍ فَلم ينفخها وَلم يوكها على مَا ينبغى فَلَمَّا توَسط النَّهر انحل وكاؤها فصاح الْغَرق فَقيل لَهُ يداك أَو كتا وفوك نفخ أَي أَنَّك من قبل نَفسك أتيت والوكاء الْخَيط الَّذِي يشد بِهِ رَأس السقاء 1962 - قَوْلهم يَأْكُل وسطا ويربض حجرَة يضْرب مثلا لمشاركة الرجل أَخَاهُ فِي الرخَاء ومجانبته إِيَّاه عِنْد الْبلَاء وَمثله قَول الشَّاعِر (موالينا إِذا افتقروا إِلَيْنَا ... وَإِن أثروا فَلَيْسَ لنا موالى) وَالْموالى هَاهُنَا بَنو الْأَعْمَام ويربض حجرَة أَي نَاحيَة لَا يعين على عمل وحجرات الشَّيْء نواحيه

1963 - قَوْلهم الْيَوْم خمرٌ وَغدا أمرٌ مَعْنَاهُ الْيَوْم استرسالً وَلَهو وَغدا الْجد والتشمير والمثل لهمام ابْن مرّة وَقد ذكرنَا حَدِيثه فِي الْبَاب الأول وَقيل إِنَّه لامرئ الْقَيْس ابْن حجر قَالَه حِين أَرَادَ الْإِيقَاع ببنى أسدٍ لقتلهم أَبَاهُ وَمن حَدِيثه أَن قباذ ملك الْحَارِث بن عَمْرو بن حجر على الْعَرَب لَك ابْنه حجرا على بنى أَسد وكنانة وَملك ابْنه شرحبيلاً على بنى تَمِيم فَلَمَّا هلك قباذ وَولى أنو شرْوَان ملك عَلَيْهِم الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء فَلَمَّا أقبل الْمُنْذر هرب الْحَارِث وانبعته خيل الْمُنْذر ففاتهم وأدركوا ابْنه عمرا فَقَتَلُوهُ وَبلغ الْحَارِث مسحلان فَقتلته كلبٌ فتشتت وَلَده وَاخْتلفُوا فَتَنَكَّرت بَنو أسدٍ لحجرٍ فخافهم فَرَحل إِلَى قومه ثمَّ بدا لَهُ الرُّجُوع إِلَيْهِم فَأقبل نحوهم مدلابنفسه وبجنده فَلَمَّا قرب مِنْهُم تدامرت بَنو أَسد وَقَالُوا وَالله لَئِن تمكن مِنْكُم ليتحكمن عَلَيْكُم تحكم الصبى فَسَارُوا إِلَيْهِ فَاقْتَتلُوا وَكَانَ العلباء رئيسهم فَتقدم فطعن حجرا فَقتله وانهزمت كِنْدَة وهرب امْرُؤ الْقَيْس فَأَعْجَزَهُمْ فلحق بذى جدنٍ فاستمده فَبعث مَعَه جَيْشًا فَسَار إِلَى بنى أَسد فارتحلوا عَن منزلهم وبقى فيهم ناسٌ من بنى كِنْدَة لَا يعلمُونَ مسير امْرِئ الْقَيْس فجَاء حَتَّى أوقع بهم فَقَالُوا يَا لثارات الْهمام فَقَالُوا لسنا بثأرك فَكف بعد أَن قتل مِنْهُم فندم فَقَالَ (أَلا يَا لهف نفسى إِثْر قومٍ ... هم كَانُوا الشِّفَاء فَلم يصابوا) (وقاهم جدهم ببنى أَبِيهِم ... وبالأشقين مَا كَانَ الْعقَاب)

(وأفلتهن علْبَاء جريضا ... وَلَو أدركنه صفر الوطاب) ثمَّ اتبع بنى أَسد فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي يُغير فِي صبيحتها عَلَيْهِم نزل منزلا فريع القطا فَقَالَت بنت علْبَاء مَا رَأَيْت كالليلة قطّ قطاً فَقَالَ لَو ترك القطا لنام وَعرف أَن جَيْشًا قريبٌ مِنْهُ فارتحل بَنو أَسد إِلَّا بقايا مِنْهُم فصبحهم امْرُؤ الْقَيْس فَقَتلهُمْ قتلا ذريعاً وَقَالَ (يَا دَار ماوية بالحائل ... ) إِلَى أَن قَالَ (قد قرت العينان من مالكٍ ... وَمن بنى غنمٍ وَمن كَاهِل) (نطعنهم سلكى ومخلوجة ... لفتك لأمين على نابل) (حَتَّى تركناهم لَدَى معركٍ ... أَرجُلهم كالخشب الشائل) وَقَالَ بَعضهم لم يكن امْرُؤ الْقَيْس مَعَ أَبِيه حجر فَبَلغهُ خَبره وَهُوَ على الشَّرَاب فَقَالَ الْيَوْم خمر وَغدا أَمر 1964 - قَوْلهم يحف لَهُ ويرف أَي يقوم لَهُ وَيقْعد وَينْصَح ويشفق ويحف مَعْنَاهُ يسمع لَهُ حفيف ويرف من قَوْلهم رف الشّجر إِذا اهتز من النضارة ورف رفيفا وورف وريفا

1965 - قَوْلهم يومٌ بِيَوْم الحفض المجور يُرَاد أَن هَذَا الَّذِي فعلت بك هُوَ بِمَا فعلت بى قبل الْيَوْم وَأَصله أَن شَيخا من الْأَعْرَاب كَانَ لَهُ بَنو عمٍ فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وضربوه وهدموا خباءه فَلَمَّا كبر بنوه وَثبُوا على عمهم فهدموا خباءه فَشَكا ذَلِك إِلَى أَخِيه فَقَالَ يومٌ بِيَوْم الحفض المجور والحفض الْبَيْت من الشّعْر وَالصُّوف وَمَا حوى من أكسيته وعمده والمجور المقلوع من أَصله وَكثر استعمالهم للحفض حَتَّى سموا الْبَعِير الَّذِي يحمل عَلَيْهِ الْمَتَاع حفضا قَالَ رؤبة (يَا بن قروم لسن بالأحفاض ... ) 1966 - قَوْلهم الْيَوْم ظلم يُقَال ذَلِك للرجل يُؤمر أَن يفعل الشىء قد كَانَ يأباه وَمَعْنَاهُ الْيَوْم وضع الْأَمر فِي غير مَوْضِعه وَذَلِكَ أَن رجلا قدم فراطاً فَفرُّوا لَهُ فِي حوضٍ فَلَمَّا ورد بإبله وجد قوما قد سَبَقُوهُ إِلَى الْورْد فسقوا إبلهم ومنعوه فَقَالَ خل سَبِيل الْورْد وَالْيَوْم ظلم أَي أرْضى الْيَوْم بِمَا لم أكن أرْضى بِهِ فَصَارَ مثلا لكل من جرى عَلَيْهِ ظلم وَلم يكن لَهُ امْتنَاع

1967 - قَوْلهم يَأْكُل بيدين يضْرب مثلا للرجل تكون لَهُ أكلةٌ من وجهٍ فيشره لوجهٍ آخر فتذهب الأولى 1968 - قَوْلهم يُرِيك بشرٌ مَا أحار مشفرٌ يضْرب مثلا للرجل يحسن جِسْمه لشدَّة ضرسه وجودة أكله وَيُقَال أَيْضا للرجل يرى فِي حالٍ حسنةٍ فيستدل بهَا على خصبه وسعة عيشه وَقَالَ بَعضهم رَأَيْت أَعْرَابِيًا جيد الكدنة فَقلت لَهُ إنى لأرى عَلَيْك قَمِيصًا صفيقاً من نسج ضرسك قَالَ ذَاك عنوان نعْمَة الله عندى 1969 - قَوْلهم يُرِيك يومٌ بِرَأْيهِ يُرَاد بِهِ أَن كل يومٍ يظْهر لَك فِيهِ مَا ينبغى من الرأى

1970 - قَوْلهم يعد لكَلْب السوء كلبٌ يعادله يُقَال ذَلِك عِنْد الِاسْتِعَانَة بالسفيه ليدفع بِهِ شَرّ مثله وَهُوَ من شعرٍ لعَمْرو بن أَوْس وأوله (فرحت بخلفى يَوْم بركٍ وَرُبمَا ... يعد لكَلْب السوء كلبٌ يعادله) وَمثله قَول الآخر (إِذا أَنْت لم تستبق ود صحابةٍ ... على عنتٍ أكثرت بَث المعاتب) (وإنى لأستبقى امْرأ السوء عدَّة ... لعدوة عريضٍ من النَّاس عائب) (أَخَاف كلاب الأبعدين ونبحها ... إِذا لم تجاوبها كلاب الْأَقَارِب) 1971 - قَوْلهم يَا عماه هَل يتمطط لبنكم كَمَا يتمطط لبننا وَذَلِكَ أَنه فِي غنى وَعَمه فِي فقر وتمططه خثورته إِذا أَخَذته بِيَدِك سَالَ من بَين أصابعك كالخطمى الموخف

تفسير الأمثال المضروبة في المبالغة والتناهى الواقع في أوائل أصولها الياء

تَفْسِير الْأَمْثَال المضروبة فِي الْمُبَالغَة والتناهي الْوَاقِع فِي أَوَائِل أُصُولهَا الْيَاء 1972 - قَوْلهم أيسر من لُقْمَان يعْنى لُقْمَان بن عادٍ وَكَانَ أضْرب النَّاس بِالْقداحِ والأيسار الْقَوْم يَجْتَمعُونَ فيضربون بِالْقداحِ واحدهم يسرٌ وَالْعرب تَقول هم كأيسار لُقْمَان للْقَوْم يكون لَهُم شرفٌ قَالُوا وهم ثَمَانِيَة بيضٌ وحممة وطفيل وذفافة وفرزعة وَمَالك وثميل وعمار قَالَ طرفَة (وهم أيسار لُقْمَان إِذا ... أغلت الشتوة أبداء الجزر) تمّ مَا شرطنا إِيرَاده فِي أول الْكتاب وَنحن نسْأَل الله الِانْتِفَاع بِهِ وَللَّه الْحَمد وصلواته على نبيه مُحَمَّد وَآله أَجْمَعِينَ وَكتب فِي شهور سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وحسبنا الله وَحده وَنعم الْمعِين

§1/1