جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر

ابن المِبْرَد

كِتَابُ جَمْعُ الْجُيُوشِ وَالدَّسَاكِرِ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ جَمْعُ يُوسُفَ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهُوَ حَسْبِي الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَوْضَحَ الطَّرِيقَ لأَوْلِيَائِهِ، وَأَظْلَمَ السُّبُلَ عَلَى مُعَانِدِيهِ وَأَعْدَائِهِ، أَحْمَدُهُ عَلَى جَزِيلِ نَعْمَائِهِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى كَثِيرِ عَطَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى نَيْلِ رِضَائِهِ، وَأُحَقِّقُ بِهَا عَظِيمَ آلائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ أَصْفِيَائِهِ، وَإِمَامُ أَوْلِيَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَبْنَائِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا. أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ كُنْتُ رَأَيْتُ ثَلْبَ الأَشْعَرِيَّ فِي عِدَّةٍ مِنَ الْكُتُبِ مِنْهَا كِتَابُ الأَهْوَازِيِّ، وَشَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ عَلَى كِتَابِ الأَهْوَازِيِّ أَنَّ غَالِبَ مَا فِيهِ درادم قَدْ رَدَّهَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ، وَكُنْتُ حِينَ جَمَعْتُ الْكِتَابَ الَّذِي وَسَمْتُهُ بِكَشْفِ الْغِطَاءِ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَنَّهُ وَقَعَ لِي فَرَأَيْتُهُ كِتَابا قَدْ أَبْدَعَ فِي وَضْعِهِ، وَأَجَادَ فِي تَصْنِيفِهِ فَهُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ وَضْعٌ جَيِّدٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَدِّثِينَ، بِحَيْثُ إِذَا رَآهُ الْمَرْءُ أَوْقَعَهُ فِي أَعْظَمِ شُبْهَةٍ، غَيْرَ أَنَّها أَمُورٌ مُدَلَّسَةٌ، وَدَرَاهِمُ مُزَيَّفَةٌ، إِذَا تَحَقَّقَهَا الْبَصِيرُ وَتَأَمَّلَهَا الْخَبِيرُ عَلِمَ أَنَّهَا ظَاهِرَةُ الْجَوْدَةِ، وَبَاطِنَةُ الْفَسَادِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَيِّنَ ذَلِكَ وَأُوَضِّحَهُ وَأُشْهِدَهُ وَأَفْضَحَهُ، وَسَمَّيْتُهُ جَمْعَ الْجُيُوشِ وَالدَّسَاكِرِ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، حَيْثُ بَالَ وَخَرِيَ وَتَعَصَّبَ لِلأَشْعَرِيِّ، وَرَدَّ عَلَى الصَّحِيحِ النَّبَوِيِّ، وَزَعَمَ لأَنَّهُ كَذَّابٌ مُفْتَرِي، وَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

فصل فيما ورد في ذم البدع والكلام ومن تعصب لبدعة أو مبتدع، أو قام معه ومدح في رد ذلك

فصل فِيمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْبِدَعِ وَالْكَلامِ وَمَنْ تَعَصَّبَ لِبِدْعَةٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ، أَوْ قَامَ مَعَهُ وَمَدَحَ فِي رَدِّ ذَلِكَ

1 - أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا، أَنَا ابْنُ الدُّعْبُوبِ، أَنَا الْحَجَّارُ، أَنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَنَا شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْمَرْوَزِيُّ. قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ: وَأَخْبَرَنِيهِ غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو نَصْرٍ الرِّبَاطِيُّ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«إِيَّاكُمْ وَالرُّكُونَ إِلَى أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، فَإِنَّهُمْ بَطِرُوا النِّعْمَةَ، وَأَظْهَرُوا الْبِدْعَةَ، وَخَالَفُوا السُّنَّةَ، وَنَطَقُوا بِالشُّبْهَةِ، وَتَابَعُوا الشَّيْطَانَ، فَقَوْلُهُمُ الإِفْكَ وَأَكْلُهُمُ السُّحْتَ» . وَفِي رِوَايَةِ: «وَدِينُهُمُ النِّفَاقُ، وَإِلَيْهَا يَدْعُونَ»

2 - وَبِهِ إِلَى شَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا أَبُو الصَّلْتِ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ الْمَدَنِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ كِيدَ الإِسْلامُ وَأَهْلُهُ بِهَا وَلِيًّا يَذُبُّ عَنْهُ بِعَلامَاتِهِ» . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ» . قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ الأَنْصَارِيُّ: خُرِّجَتْ طُرُقُ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ مَنَاقِبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. قَالَ: فَنَأْتِي الآنَ بِأَقَاوِيلِ الْفُقَهَاءِ وَالْخِيَارِ مِنْ طَبَقَاتِ الأَئِمَّةِ فِي كَشْفِ عَوْرَاتِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الزَّائِغَةِ عَنِ النَّهْجِ النَّاكِبَةِ عَنْهُ، وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ الْجَهَلَةِ الَّذِينَ يَطْعَنُونَ فِي أَهْلِ السُّنَّةِ فِي قَدْحِهِمْ فِي رُءُوسِ أَهْلِ الضَّلالَةِ، وَيَنْسِبُونَ مَنْ تَعَلَّمَ فِيهِمْ مِنَ الأَئِمَّةِ إِلَى الاغْتِيَابِ

3 - وَبِهِ إِلَى شَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ، أَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّفَّاءُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ السُّكَّرِيُّ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ. ح قَالَ: وَثَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِسَائِيُّ، ثَنَا سَلَمَةُ. ح قَالَ: وَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْهَرَوِيُّ، وَقَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: ثَنَا الْجَارُودِيُّ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §" أَتَرْعَوْنَ، أَوْ قَالَ: أَتَرْغَبُونَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ، مَتَى يَعْرِفُهُ النَّاسُ؟ اذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَعْرِفُهُ النَّاسُ ". حَدِيثٌ حَسَنٌ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، وَقَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ غَيْرَ هَذِهِ، وَفِي لَفْظِهِ: «أَتَرْعُونَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ، اذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَحْذَرُهُ النَّاسُ»

4 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا مُطَيَّنٌ، ثَنَا جَعْدَبَةُ اللَّيْثِيُّ، ثَنَا الْعَلاءُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §«لَيْسَ لِفَاسِقٍ غِيبَةٌ»

5 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الإِسْفَرَاييِنِيُّ، ثَنَا ابْنُ نَاجِيَةَ، ثَنَا قَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا جَارُودُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مُصَارَمَةُ الْفَاجِرِ قُرْبَانٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»

6 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الأَصَمُّ، ثَنَا يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا الصَّلْتُ بْنُ طَرِيفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَاجِرٌ قَدْ عَلِمْتَ مِنْهُ فَذَكَرَ ذَلِكَ، هَلْ ذِكْرُهُ مِنْهُ أَغِيبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لا، وَلا كَرَامَةَ، مَا لِلْفَاجِرِ حُرْمَةٌ

7 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا أَبُو عِصْمَةَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ، يَقُولُ: لَيْسَ لأَهْلِ الْبِدَعِ غِيبَةٌ

8 - وَبِهِ إِلَى شَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، ثَنَا شُكْرٌ، ثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ، وَقُلْتُ لَهُ: أَتَرَى ذَلِكَ مِنَ الْغِيبَةِ، قَالَ: لا

9 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْخَرَّاجِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا أَبُو عِيسَى، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، سَأَلْتُ أَبِي، قَالَ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، وَمَالِكًا، عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِيهِ تُهْمَةٌ أَوْ ضَعْفٌ، أَسْكُتُ أَوْ أُبَيِّنُ؟ قَالُوا جَمِيعًا: بَيِّنْ أَمْرَهُ

10 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَيْسَ لأَهْلِ الْبِدَعِ غِيبَةٌ

11 - وَبِهِ إِلَى شَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَبُو يَعْقُوبَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا أَبُو زَيْدٍ الضَّرِيرُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: ثَلاثَةٌ لَا غَيْبَةَ فِيهِمْ إِمَامٌ جَائِرٌ، وَصَاحِبُ بِدْعَةٍ، وَفَاسِقٌ

12 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الأَصَمُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَذَّاءُ، قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: إِنَّ هَذَا يَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ أَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى، فَقَالَ: عَرِّفُوا النَّاسَ بِدْعَتَهُ، وَسَلُوا رَبَّكُمُ الْعَافِيَةَ

13 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الشِّيرَازِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الذُّهْلِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبَانٍ، ثَنَا أَسْوَدُ بْنُ حَاتِمٍ، أَخْبَرَنِي مِنْهَالٌ السَّرَّاجُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«أَتَرْعُونَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ , مَتَى تَعْرِفَهُ النَّاسُ؟ اذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَعْرِفُهُ النَّاسُ»

14 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّرَّامُ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، سَمِعَ عِيسَى بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: لَا تُجَالِسُوا الْجَهْمِيَّةَ، وَبَيِّنُوا لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ كَيْ يَعْرِفُوهُمْ فَيَحْذَرُوهُمْ

15 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَارُودِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَامِدٍ، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: §«يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ» . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَفِي كُلّ مَا يَنْفُونَ تَأْوِيل الْجَاهِلِينَ

16 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا ابْنُ عَقْلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: §«عَلَيْكُمْ بِالاسْتِقَامَةِ، وَالاتِّبَاعِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ»

17 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الأَصَمُّ، ثَنَا الصَّغَانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: §«مَنْ أَقَرَّ بِاسْمٍ مِنْ هَذِهِ الأَسْمَاءِ الْمُحْدَثَةِ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ»

18 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونٍ، ثَنَا الْفِرْيَانَانِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُمَيْطٍ، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ نجدةَ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ مَعْرِفَتُكَ بِرَبِّكَ لأَنَّ مَنْ قَبْلَنَا اخْتَلَفُوا عَلَيْنَا، فَقَالَ: §«إِنَّ مَنْ يَنْصِبُ دِينَهُ لِلْقِيَاسِ لَا يَزَالُ الدَّهْرَ فِي الْتِبَاسٍ، مَائِلا عَنِ الْمِنْهَاجِ، ظَاعِنًا فِي الاعْوِجَاجِ، أَعْرِفُهُ بِمَا عَرَّفَ بِهِ نَفْسَهُ، مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ أَصِفُهُ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ»

19 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثَنَا أَبُو الْيُمْنِ، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ، قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، قَالَ: §«أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ بِأَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلا تُعْرَفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ»

20 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى. قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ مَعًا، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْضُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَهْلُهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَتَى يَفْتَقِرُ إِلَى مَا عِنْدَهُ، وَإِنَّكُمْ تَجِدُونَ أَقْوَامًا يَقُولُونَ: أَنَّهُمْ يَدْعُونَكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعَمُّقَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ §"

21 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا الأَصَمُّ، ثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: قِيلَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ فِتْنَةً؟ قَالَ: «زَلَّةُ عَالِمٍ , إِذَا زَلَّ الْعَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ كَثِيرٌ»

22 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: §«مَنْ تَمَسَّكَ بِالسُّنَّةِ، وَثَبَتَ نَجَا، وَمَنْ أَفْرَطَ مَرَقَ، وَمَنْ خَالَفَ هَلَكَ»

23 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الأَصَمُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: مَا أَخَذَ رَجُلٌ بِبِدْعَةٍ فَيُرَاجَعُ سُنَّةً

24 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ طَاوُسٍ جَالِسًا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ، قَالَ: فَأَدْخَلَ ابْنُ طَاوُسٍ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذَنَيْهِ، وَقَالَ لابْنِهِ: أَيْ بُنَيَّ، أَدْخِلْ أُصْبُعَكَ فِي أُذُنَيْكَ، وَاشْدُدْ لا تَسْمَعْ مِنْ كَلامِهِ شَيْئًا، قَالَ مَعْمَرٌ: يَعْنِي أَنَّ الْقَلْبَ ضَعِيفٌ

25 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الأَصَمُّ، ثَنَا الصَّغَانِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ، ثَنَا الْمُبَارَكُ، قَالَ الصَّاغَانِيُّ: وَثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: مَا يَكَادُ اللَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لصِاحِبِ بِدْعَةٍ بِتَوْبَةٍ

26 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا الدَّغُولِيُّ، ثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: أَهْلُ الْبِدَعِ بِمِنْزِلَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

27 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، قَالَ: لأَنْ أَرَى فِي الْمَسْجِدِ نَارًا تَضْطَرِمُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى فِيهِ بِدْعَةً لا تُغَيَّرُ

28 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الدَّغُولِيَّ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْن يُونُسَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الْمُبْتَدِعَ فِي طَرِيقٍ فَخُذْ فِي غَيْرِهِ

29 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا لُقْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: أَنْبَا مَعْمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَزِيدَ الْقَطَّانُ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ، ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الأَعْوَرِ، قَالَ: لَمَّا كَثُرَتِ الْمَقَالاتُ بِالْكُوفَةِ أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عِمْرَانَ، مَا تَرَى مَا ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ مِنَ الْمقَالاتِ؟ فَقَالَ: أَوْهِ، دَقَّقُوا قَوْلا، وَاخْتَرَعُوا دِينًا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ، لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْحَقُّ، مَا خَالَفَهُ بَاطِلٌ، وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكُوا دِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُمْ

30 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْكَارِزِيُّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيَّ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ وَرْدَانَ الْبَصْرِيَّ، ثَنَا الأَصْمَعِيُّ، ثَنَا هَارُونُ الأَعْوَرُ، قَالَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِبَنِيهِ: تَعَلَّمُوا الأَدَبَ، فَإِنَّ إِيرَاثِي إِيَّاكُمُ الأَدَبَ أَحَبُّ مِنْ إِيرَاثِي إِيَّاكُمُ الْمَالَ، فَإِنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ، وَالأَدَبُ بَاقٍ، وَالْعِلْمُ زَيْنٌ، وَالْجَهْلُ شَيْنٌ، وَاذْكُرُوا مِنَ الْحَدِيثِ مَا كَانَ مُسْنَدًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَجْمَعُوا مِنْهُ بِجَمِيعِ حَاطِبِ اللَّيْلِ، فَتَشُكُّوا فِي الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ، وَالصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ، وَالرَّبِّ وَالْمَرْبُوبِ، وَلا تُجَالِسُوا السُّفَهَاءَ، وَلا تُمَازِحُوهُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَأَصْحَابَ الْكَلامِ، فَإِنَّ أَمْرَهُمْ لَا يَئُولُ إِلَى الرَّشَادِ، وَلا تَصْطَحِبُوا بِالنَّوْمِ فَإِنَّهُ شُؤْمٌ وَنَكَدٌ

31 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثَنَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ، قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَمَا الْبِدَعُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَكَلامِهِ، وَعِلْمِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَلا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ

32 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّائِغُ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَمْلِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمِيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ كَذَبَ

33 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ شُكْر، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْبَصْرِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، لَعَنَ اللَّهُ عَمْرًا، فَإِنَّهُ ابْتَدَعَ هَذِهِ الْبِدَعَ مِنَ الْكَلامِ، وَلَوْ كَانَ الْكَلامُ عِلْمًا لَتَكَلَّمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ، وَلَكِنَّهُ بَاطِلٌ يَدُلُّ عَلَى بَاطِلٍ

34 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَارُودِيُّ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ الْعَبْدَ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ بَعْدَ أَنْ لا يُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، ثُمَّ نَجَا مِنْ هَذِهِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، وَالتَّنَاوُلِ لأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي أَعْلَى دَرَجَةِ الْفِرْدَوْسِ، مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ كَبِيرَةٍ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ مِنْهُ عَلَى رَجَاءٍ، وَكُلُّ هَوًى لَيْسَ مِنْهُ عَلَى رَجَاءٍ، إِنَّمَا يَهْوِي بِصَاحِبِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، مَنْ مَاتَ عَلَى السُّنَّةِ فَلْيُبْشِرْ، مَنْ مَاتَ عَلَى السُّنَّةِ فَلْيُبْشِرْ، مَنْ مَاتَ عَلَى السُّنَّةِ فَلْيُبْشِرْ

35 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَمَانٍ، يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: الْبِدْعَةُ أَحَبُّ إِلَى إِبْلِيسَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ. زَادَ الأَشَجُّ: لأَنَّ الْمَعْصِيَةَ يُتَابُ مِنْهَا، وَالْبِدْعَةَ لا يُتَابُ مِنْهَا

36 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا الْقَاسِمُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: مَا ابْتَدَعَ قَوْمٌ فِي دِينِهِمْ بِدْعَةً إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِثْلَهَا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ لَا يَرُدُّهَا عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

37 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الأَصَمُّ، ثَنَا الصَّغَانِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ، ثَنَا بَقِيَّةُ، ثَنَا نُعَيْمُ بْنُ غَرِيبٍ، حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَلاعِيُّ، قَالَ: مَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا غَلَّ صَدْرُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاخْتُلِجَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ

38 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَزْهَرِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ كُلَيْبٍ، ثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ عَارَضَ الإِسْلامَ بِرَدٍّ

39 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، ثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الْمَرْوَزِيُّ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ، سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، يَقُولُ: مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى فُرْقَةِ الإِسْلامِ

40 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا الْبَرْقِيُّ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، يَقُولُ: «مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الإِسْلامِ» . وَرُوِيَ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ غَرِيبَةٍ مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبُهَا ضَعِيفٌ

41 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الطَّلْحِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ زِيَادٍ الْمِصِّيصِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخَشِنِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الإِسْلامِ»

42 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَزَّارِيُّ، ثَنَا الْبَاغَنْدِيُّ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مَنْ مَشَى إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ لِيُوَقِّرَهُ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الإِسْلامِ» . إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ مُرْسَلا، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرِهِمْ

43 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، يَقُولُ: مَنْ صَافَحَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الإِسْلامِ

44 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَلِيلِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَابيك، وَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بابيك، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ يَزِيدَ، سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ، وَأَخْرَجَ نُورَ الإِسْلامِ مِنْ قَلْبِهِ

45 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُقْرِئُ، ثَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خُبَيْقٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ، يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: مَنْ أَصْغَى إِلَى ذِي بِدْعَةٍ خَرَجَ مِنْ عِصْمَةِ اللَّهِ، وَقَالَ يُوسُفُ: مَنْ أَصْغَى بِسَمْعِهِ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ نُزِعَتْ مِنْهُ الْعِصْمَةُ، وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ

46 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مَنْ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ بُغْضًا لَهُ مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا، وَمَنِ انْتَهَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَمَّنَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَمَنْ أَعَانَ عَلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ رَفَعَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ، أَوْ لَقِيَهُ بِالْبِشْرِ، أَوِ اسْتَقْبَلَهُ بِمَا يَسُرُّهُ، فَقَدِ اسْتَخَفَّ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

47 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الصُّولِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ شَيْبَانَ بْنَ قَتَادَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، يَقُولُ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُبْغِضُ أَهْلَ الأَهْوَاءِ، وَيَنْهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ أَشَدَّ النَّهْيِ، وَكَانَ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالأَثَرِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَلامَ فِي ذَاتِ اللَّهِ

48 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَاجَهْ، يَقُولُ: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الْعَرَبِيَّةَ فَآخِرُهُ مُؤَدِّبٌ، وَمَنْ طَلَبَ الشِّعْرَ فَآخِرُهُ شَاعِرٌ يَهْجُو، وَيَمْدَحُ بِالْبَاطِلِ، وَمَنْ طَلَبَ الْكَلامَ فَآخِرُ أَمْرِهِ الزَّنْدَقَةُ، وَمَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ فَإِنْ قَامَ بِهِ كَانَ إِمَامًا، وَإِنْ فَرَّطَ فِيهِ ثُمَّ أَنَابَ يَوْمًا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَقَدْ عتقت وَجَادت

49 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عَدِيٍّ، ثَنَا الرَّمَادِيُّ، ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُزَوِّجَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ، وَلا صَاحِبَ شَرَابٍ، أَمَّا صَاحِبُ الْبِدْعَةِ فَيُدْخِلُ وَلَدَهُ النَّارَ، وَأَمَّا صَاحِبُ الشَّرَابِ فَذَكَرَ مِنْهُ أَشْيَاءَ بِعَدَدِهَا

50 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، ثَنَا يَعْلَى، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، فَإِنَّ لَهُمْ غِرَّةً كَغِرَّةِ الْحَرْبِ

51 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جِبْرِيلَ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْقَرابُ، ثَنَا أَبُو يَعْلَى، سَمِعْتُ مَرْدَوَيْهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، يَقُولُ: لا يَشُمُّ مُبْتَدِعٌ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، أَوْ يَتُوبَ

52 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خَطِّ أَبِي أَحْمَدَ، حَفِيدِ أَبِي سَعْدٍ، سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ زَكَرِيَّا، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: الذَّبُّ عَنِ السُّنَّةِ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: قُلْتُ لِيَحْيَى: الرَّجُلُ يُنْفِقُ مَالَهُ وَيُتْعِبُ نَفْسَهُ وَيُجَاهِدُ، فَهَذَا أَفْضَلُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ بِكَثِيرٍ

53 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا لُقْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالا: ثَنَا مَعْمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْحَكَمِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلأَسْوَدِ بْنِ سَالِمٍ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: بِشَرٍّ، وَقَعَتْ عَيْنِي الْيَوْمَ عَلَى مُبْتَدِعٍ

54 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الْقَاسِمِ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ، يَقُولُ: لَمْ نَحْفَظْ فِي دَهْرِ الشَّافِعِيِّ كُلِّهِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَهْوَاءِ، وَلا نُسِبَ إِلَيْهِ، وَلا عُرِفَ بِهِ مَعَ بُغْضِهِ لأَهْلِ الْكَلامِ وَالْبِدَعِ

55 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ، إِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ الْخَبَرُ قَلَّدَهُ، وَخَيْرُ خَصْلَةٍ كَانَتْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ يَشْتَهِي الْكَلامَ، إِنَّمَا هَمَّهُ الْفِقْهُ

56 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْجَارُودِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ الْكَرَابِيسِيَّ، قَالَ: شَهِدْتُ الشَّافِعِيَّ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ، فَقَالَ لِبِشْرٍ: أَخْبِرْنِي عَمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ، أَكِتَابٌ نَاطِقٌ، وَفَرْضٌ مُفْتَرَضٌ، وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وُجَدَتَ عَنِ السَّلَفِ الْبَحْثُ فِيهِ وَالسُّؤَالُ؟ فَقَالَ بِشْرٌ: لَا، إِلَّا أَنَّهُ لاَ يَسَعُنَا خِلافُهُ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَقْرَرْتَ بِنَفْسِكَ عَلَى الْخَطَأِ، فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الْكَلامِ فِي الْفِقْهِ وَالأَخْبَار، تُوَالِيكَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَتَتْرُكُ هَذَا، قَالَ: لَنَا نَهْمَةٌ فِيهِ، فَلَمَّا خَرَجَ بِشْرٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لا يُفْلِحُ

57 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سَيْفٍ، سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا أَحَدٌ أَرْتَدَى بِالْكَلامِ فَأَفْلَحَ. رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ

58 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، ثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيَّ، قَالَ: قَالَ الْمُزَنِيَّ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْكَلامِ، فَقَالَ: سَلْنِي عَنْ شَيْءٍ، إِذَا أَخْطَأْتُ فِيهِ قُلْتَ أَخْطَأْتَ، وَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إِذَا أَخْطَأْتُ قُلْتَ كَفَرْتَ

59 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الدَّغُولِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ زَكَرِيَّا بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، يَقُولُ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: يَا مُحَمَّدُ , إِنْ سَأَلَكَ رَجُلٌ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ فَلا تُجِبْهُ، فَإِنَّهُ إِنْ سَأَلَكَ عَنْ دِيَةٍ فَقُلْتَ: دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا، قَالَ لَكَ: أَخْطَأْتَ، وَإِنْ سَأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ فِي الْكَلامِ فَزَلَلْتَ، قَالَ لَكَ: كَفَرْتَ

60 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَبُو يَعْقُوبَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لِلرَّبِيعِ: يَا رَبِيعُ , اقْبَلْ مِنِّي ثَلاثَةً أَشْيَاء، لَا تَخُوضَنَّ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ خَصْمَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلا تَشْتَغِلْ بِالْكَلامِ، فَإِنِّي قَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ عَلَى التَّعْطِيلِ، وَلا تَشْتَغِلْ بِالنُّجُومِ، فَإِنَّهُ يَجُرُّ إِلَى التَّعْطِيلِ

61 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّوَّافُ، وَعِصَامٌ أَبُو الْفَضْلِ، قَالا: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ مَذْهَبَهُ الْكَرَاهَةَ فِي الْخَوْضِ فِي الْكَلامِ

62 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا الْجَارُودِيُّ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرَابِيسِيُّ، قَالَ: سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: سَلْ عَنْ هَذَا حَفْصَ الفرد وَأَصْحَابَهُ، أَخْزَاهُمُ اللَّهُ

63 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ الدَّغُولِيَّ، سَمِعْتُ زَكَرِيَّا بْنَ يَحْيَى، سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: لأَنْ يَلْقَى اللَّهَ الْعَبْدُ بِكُلِّ الذَّنْبِ مَا خَلا الشِّرْكَ بِاللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِشَيْءٍ مِنَ الأَهْوَاءِ

64 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَذْهَبِي فِي أَهْلِ الْكَلامِ تَقْنِيعُ رُءُوسِهِمْ بِالسِّيَاطِ، وَتَشْرِيدُهُمْ فِي الْبِلادِ. وَذَكَرَ عَنْهُ الْكَرَابِيسِيُّ، أَنَّهُ قَالَ: حُكْمِي فِيهِمْ حُكْمُ عُمَرَ فِي صُبَيْغٍ

65 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا الْجَارُودِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثَوْرٍ، وَالْحُسَيْنَ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَأَخْبَرَنِيهِ طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَنْمَاطِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعُمَرِيِّ، قَالا: ثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالُوا: سَمِعْنَا الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ، وَيُحْمَلُوا عَلَى الإِبِلِ، وَيُطَافَ بِهِمْ فِي الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ، وَيُنَادَى عَلَيْهِمْ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلامِ

66 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ السَّرَّاجِيُّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا كَلَّمْتُ رَجُلا فِي بِدْعَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا عَلِمْتُ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى بِدْعَةٍ

67 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، سَمِعْتُ الزَّعْفَرَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا فِي الْكَلامِ إِلَّا مَرَةً، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ

68 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، وَطَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ الاسْمَ غَيْرَ الْمُسَمَّى، وَالشَّيْءَ غَيْرَ الشَّيْءِ، فَاشْهَدْ عَلَيْهِ بِالزَّنْدَقَةِ

69 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، وَطَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: الْكَلامُ يَلْعَنُ أَهْلَ الْكَلامِ

70 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ، يَقُول: ثَنَا الرَّبِيعُ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَهُوَ نَازِلٌ مِنَ الدَّرَجَةِ، وَقَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْكَلامِ، فَصَاحَ بِهِمْ، وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تُجَاوِرُونَا بِخَيْرٍ، وَإِمَّا أَنْ تَقُومُوا عَنَّا

71 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا الْجَارُودِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا أَبُو ثَوْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: ضَعْ فِي الْكَلامِ شَيْئًا، فَقَالَ: مَن أَرْتَدَى بِالْكَلامِ لَمْ يُفْلِحْ، وَفِي رِوَايَةٍ: دَعْ هَذَا، فَكَأَنَّهُ ذَمَّ الْكَلامِ وَأَهْلَهُ

72 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، يَقُولُ: لَمَّا كَلَّمَ الشَّافِعِيَّ حَفْصٌ الْفَرْدُ، قَالَ حَفْصٌ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: كَفَرْتَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ

73 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، ثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَكْرَهُ الْكَلامَ، وَيَنْهَى عَنْهُ

74 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ الدَّغُولِيَّ، سَمِعْتُ زكار بْنَ يَحْيَى الْحلوار، سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَأَشْرَفَ عَلَيْنَا يَوْمًا، وَفِي الدَّارِ قَوْمٌ قَدْ أَخَذُوا فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ، إِمَّا أَنْ تُجَاوِرُونَا بِخَيْرٍ، وَإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفُوا عَنَّا

75 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمِصْرِيُّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَنْهَى عَنِ الْخَوْضِ فِي الْكَلامِ

76 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْجَوْهَرِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْكَلامِ وَالأَهْوَاءِ لَفَرُّوا مِنْهُ كَما يَفِرُّونَ مِنَ الأَسَدِ

77 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الْقَاسِمِ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا زكار، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: السَّخَاءُ وَالْكَرَمُ يُغَطِّيَانِ عُيُوبَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، بَعْدَ أَنْ لا يَلْحَقَ صَاحِبُهُ بِدْعَةً

78 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ الدَّغُولِيَّ، سَمِعْتُ زَكَّار، سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ هَذَا يَدْعُو إِلَى الْكَلامِ، وَنَحْنُ لا نُجِيبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ

79 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: أَتَيْتُ الشَّافِعِيَّ بَعْدَ مَا كَلَّمَ حَفْص الفرد، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى , لَقَدْ أُطْلِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ عَلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا تَوَهَّمْتُهُ قَطُّ، وَلَأَنْ يَبْتَلِيَ اللَّهُ الْمَرْءَ بِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ خَلَا الشِّرْكَ بِاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَهُ بِالْكَلامِ

80 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْن الْحُسَيْنِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، قَالَ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ عَلَى كُلِّ مُخَالِفٍ كِتَابًا كَبِيرًا لَفَعَلْتُ، وَلَكِنْ لَيْسَ الْكَلامُ مِنْ شَأْنِي، وَلا أُحِبُّ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ

81 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ كَبِيرَةٍ كَأَنَّهُ أَعْرَابِيٌّ، وَبِيَدِهِ هِرَاوَةٌ، وَكَانَ أَذْرَبَ النَّاسِ لِسَانًا، وَكَانَ إِذَا خِيضَ فِي مَجْلِسِهِ بِالْكَلامِ نَهَى عَنْهُ، وَقَالَ: لَسْنَا بِأَصْحَابِ كَلامٍ

82 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: حَضَرْتُ الشَّافِعِيَّ، وَكَلَّمَهُ رَجُلٌ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ فِي مَسْأَلَةٍ، فَطَالَتْ مُنَاظَرَتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ، فَقَالَ: دَعْ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْكَلامِ

83 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ، ثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ أَنْشَدَنَا الشَّافِعِيُّ فِي ذَمِّ الْكَلامِ: لَمْ يَبْرَحِ النَّاسُ حَتَّى أَحْدَثُوا بِدَعًا ... فِي الدِّينِ بِالرَّأْيِ لَمْ تُبْعَثْ بِهَا الرُّسُلُ حَتَّى اسْتَخَفَّ بِدِينِ اللَّهِ أَكْثَرُهُمْ ... وَفِي الَّذِي يَحْمِلُوا مِنْ حَقِّهِ شُغُلُ

84 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَبُو يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: كَتَبَ أَبِي إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ: لَسْتُ بِصَاحِبِ كَلامٍ، وَلا أَرَى الْكَلامَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا

85 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، ثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: الْمشبهة فَاحْذَرُوهُ، فَإِنَّهُ يَرَى رَأْيَ جَهْمٍ

86 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِصْمَةَ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رَامِشٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ، يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ بِشْرُ بْنُ الْحَرْبِ: لا تُخَالِفِ الأَئِمَّةَ، فَإِنَّهُ مَا أَفْلَحَ صَاحِبُ كَلامٍ قَطُّ

87 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُقَيْلٍ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْمُزَنِيِّ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ، فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ هَذَا بَلْ أَنْهَى عَنْهُ

88 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنْشَدَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، أَنْشَدَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ، أَنْشَدَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ، أَنْشَدَنَا الْقَبَلِيُّ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْكَلامِ: دَعْ مَنْ يَقُودُ الْكَلامَ نَاحِيَةً ... فَمَا يَقُودُ الْكَلامَ ذُو وَرَعِ كُلُّ فَرِيقٍ بَدْؤُهُمْ حَسَنٌ ... ثُمَّ يَصِيرُونَ بَعْدُ لِلشَّنَعِ أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنْ يُقَالَ لَهُ ... لَمْ يَكُ فِي قَوْلِهِ بِمُنْقَطِعِ

89 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنْشَدَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، أَنْشَدَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْشَدَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ، أَنْشَدَنَا الْقَبَلِيُّ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ: تَرَى الْمَرْءَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَقُولَ ... وَأَسْلَمُ لِلْمَرْءِ أَنْ لا يَقُولا فَأَمْسِكْ عَلَيْكَ فِي فُضُولَ الْكَلامِ ... فَإِنَّ لِكُلِّ كَلامٍ فُضُولا وَلا تَصْحَبَنَّ أَخَا بِدْعَةٍ ... وَلا تَسْمَعَنَّ لَهُ الدَّهْرَ قِيلا فَإِنَّ مَقَالَتَهُمْ كَالضَّلالِ ... يُوشِكُ أَفْيَاؤُهَا أَنْ تَزُولا وَقَدْ أَحْكَمَ اللَّهُ آيَاتِهِ ... وَكَانَ الرَّسُولُ عَلَيْهَا دَلِيلا وَأَوْضَحَ لِلْمُسْلِمِينَ السَّبِيلَ ... فَلا تَتْبَعَنَّ سِوَاهَا سَبِيلا

90 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْفَرْغَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: أَقَلُّ مَا فِي الْكَلامِ سُقُوطُ هَيْبَةِ الرَّبِّ مِنَ الْقَلْبِ، وَالْقَلْبُ إِذَا عَرِيَ مِنَ الْهَيْبَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَرِيَ مِنَ الإِيمَانِ

91 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَبَا نَصْرِ بْنَ السَّرَّاجِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: كَانَ مِمْشَاذُ الدِّينَوَرِيُّ كَثِيرًا مَا يَقُولُ: يَا أَصْحَابَنَا لا بُدَّ مِنْ إِحْدَى ثَلاثَةٍ: إِمَّا رُكُوبُ الأَحْوَالِ، وَمُبَاشَرَةُ الْحَقَائِقِ، وَإِمَّا الاشْتِغَالُ بِالأَوْرَادِ، وَإِمَّا تَعَلَّمُوا هَذَا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَكُمْ أَصْحَابُ الْكَلامِ، فَيُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِينِكُمْ

92 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مَا سَمِعَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَقُلْ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَألْقِيَتْ جِيفَتُهُ عَلَى مَزْبَلَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْبَلَدِ، حَتَّى لَا يَتَأَذَّى بِنَتْنِ رِيحِهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلا مِنَ الْمُعَاهِدِينَ

93 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الشِّيرَازِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْجَبَّارِ بْنَ شِيرَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، عَلَى الإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ، {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] ، قَالَ: الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ

94 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَعَلِيَّ بْنَ بُشْرَى، يَقُولُونَ: سَمِعْنَا أَبَا عَمْرِو بْنَ نُجَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: مَنْ أَمَّرَ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ قَوْلا وَفِعْلا، وَمَنْ أَمَّرَ الْبِدْعَةَ عَلَى نَفْسِهِ نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ، وَقَرَأَ: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]

95 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ مِقْسَمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمُرْتَعِشَ، يَقُولُ: وَسُئِلَ أَبُو حَفْصٍ، مَا الْبِدْعَةُ؟ قَالَ: التَّعَدِّي فِي الأَحْكَامِ، وَالتَّهَاوُنُ بِالسُّنَنِ، وَاتِّبَاعُ الآرَاءِ، وَالأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ الاقْتِدَاءِ وَالاتِّبَاعِ

96 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ أَبِي عَلِيٍّ الْجَوْزِجَانِيِّ، سَأَلَهُ: كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَصَحُ الطُّرُقِ وَأَعْمَرُهَا وَأَبْعَدُهَا مِنَ الشُّبَهِ اتِّبَاعُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَوْلا وَفِعْلا، وَعَزْمًا وَعَقْدًا وَنِيَّةً، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54] ، فَسَأَلَهُ: كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ؟ قَالَ: مُجَانَبَةُ الْبِدَعِ، وَاتِّبَاعُ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الصَّدْرُ الأَوَّلُ مِنْ عُلَمَاءِ الإِسْلامِ وَأَهْلِهِ، وَالتَّبَاعُدُ عَنِ مَجَالِسِ الْكَلامِ وَأَهْلِهِ، وَلُزُومُ طَرِيقَةِ الاقْتِدَاءِ وَالاتِّبَاعِ، بِذَلِكَ أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123]

97 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، أَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ يَقُولُ: إِنَّ مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلامِ ضَلَّ

98 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: رَأَيْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرِو بْنِ مَطَرٍ، يَقُولُ: سُئِلَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنِ الْكَلامِ فِي الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ ابْتَدَعُوهَا، وَلَمْ يَكُنْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَأَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ وَأَئِمَّةُ الدِّينِ مِثْلَ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي يُوسُفُ، يَتَكَلَّمُونَ فِي ذَلِكَ، وَيَنْهُونَ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ، وَيَدُلُّونَ أَصْحَابَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِيَّاكَ وَالْخَوْضَ فِيهِ، وَالنَّظَرَ فِي كُتُبِهِمْ بِحَالٍ

99 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدٍ الْمَعْدَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ بِسْطَامٍ، سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سَيَّارٍ عَنِ الْخَوْضِ فِي الْكَلامِ، فَنَهَانِي عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ، وَقَالَ: عَلَيْكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّدْرُ الأَوَّلُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ، فَإِنِّي رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ وَيُنْكِرُونَهُ، وَيَأْمُرُونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

100 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَيِّعُ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْمُقْرِئ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ: مَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِي الْمُصَنَّفَةِ فِي الْعِلْمِ، ظَهَرَ لَهُ وَبَانَ أَنَّ الْكِلابِيَّةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ كَذَبَةٌ فِيمَا يَحْكُونَ عَنِّي، مِمَّا هُوَ خِلافُ أَصْلِي وَدِيَانَتِي، قَدْ عَرَفَ أَهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أَنَّهُ لَمْ يُصَنِّفْ أَحَدٌ فِي التَّوْحِيدِ وَفِي أُصُولِ الْعِلْمِ مِثْلَ تَصْنِيفِي، فَالْحَاكِي عَنِّي خِلافَ مَا فِي كُتُبِي الْمُصَنَّفَةِ الَّتِي حُمِلَتْ إِلَى الآفَاقِ شَرْقًا وَغَرْبًا كَذَبَةٌ فَسَقَةٌ

101 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، أَنَا غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ فَنَاكِي، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ، يَقُولُ: عَلامَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْوَقِيعَةُ فِي أَهْلِ الأَثَرِ، وَعَلامَةُ الْجَهْمِيَّةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ مُشَبّهَةً

102 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ الْفَقِيهَ الْمَرْوَزِيَّ، يَقُولُ: أَتَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ الأَشْعَرِيَّ، بِالْبَصْرَةِ، فَأَخَذْتُ عَنْهُ شَيْئًا مِنَ الْكَلامِ، فَرَأَيْتُ مِنْ لَيْلَتِي فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي عَمِيتُ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى الْمُعَبِّرِ، فَقَالَ: إِنَّكَ تَأْخُذُ عِلْمًا تَضِلُّ بِهِ، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الأَشْعَرِيِّ، فَرَأَنِي بَعْدُ يَوْمًا فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا زَيْدٍ، أَمَا تَأْنَفُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى خُرَاسَانَ عَالِمًا بِالْفُرُوعِ جَاهِلا بِالأُصُولِ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا، فَقَالَ: اكْتُمْهَا عَلَيَّ هَاهُنَا

103 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوبَ الْفَارِسِيَّ مُفْتِي حَرَمِ مَكَّةَ، يَقُولُ: أَجَبْتُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الْكَلامِ، فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَمَا فِي قَلْبِي مِنْ كُلِّ مَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى قُمْتُ فَاغْتَسَلْتُ، وَسَجَدْتُ، وَتَضَرَّعْتُ، وَتُبْتُ، وَبَكَيْتُ حَتَّى رُدَّ عَلَيَّ

104 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ الثِّقَةَ، يَحْكِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ الصَّابُونِيِّ، لَمَّا حُمِلَ إِلَى بُخَارَى، حَضَرَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ الْقَفَّالُ لِيُكَلِّمَهُ، فَقَالَ: لا أُكَلِّمُهُ إِنَّهُ مُتَكَلِّمٌ

105 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، وَأَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ، يَقُولانِ: وَجَدْنَا أَبَا الْعَبَّاسِ النَّهَاوَنْدِيَّ عَلَى الإِنْكَارِ عَلَى أَهْلِ الْكَلامِ، وَتَكْفِيرِ الأَشْعَرِيَّةِ، وَذَكَرَ أَعْظَمَ شَأْنِهِ فِي الإِنْكَارِ عَلَى أَبِي الْفَوَارِسِ الْقرماسينِيِّ، وَهِجْرَانِهِ إِيَّاهُ لِحَرْفٍ وَاحِدٍ

106 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، يَقُولُ: لَمَّا اشْتَدَّ الْهِجْرَانُ بَيْنَ النَّهَاوَنْدِيِّ وَأَبِي الْفَوَارِسِ، سَأَلُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الدِّينَوَرِيَّ، فَقَالَ: لَقِيتُ أَلْفَ شَيْخٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ النَّهَاوَنْدِيُّ

107 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الْحُسَيْنِ الْمَالِينِيَّ، يَقُولُ: قِيلَ لأَبِي سَعْدٍ الزَّاهِدِ: إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ الدّينارِيَّ، نَاضَلَ عَنْكَ عِنْدَ سَبِّكَ. . . .، فَقَالَ: وَإِيَّاهُ فَلَعَنَ اللَّهُ؛ لأَنَّهُ كِلابِيٌّ

108 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْفَقِيهَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيَّ، يَقُولُ: أَقَلُّ مَا فِي الْكَلامِ مِنَ الْخَسَارِ سُقُوطُ هَيْبَةِ اللَّهِ مِنَ الْقَلْبِ

109 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: وَجَدْتُ أَبَا حَامِدٍ الأَسفراييني، وَأَبَا الطَّيِّبِ الصُّعْلُوكِيَّ، وَأَبَا بُكَيْرٍ الْقَفَّالَ، وَأَبَا مَنْصُورٍ الْحَاكِمَ عَلَى الإِنْكَارِ عَلَى الْكَلامِ وَأَهْلِهِ

110 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ عَدْنَانَ بْنَ عَبْدَةْ النُّمَيْرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ الْبسْطَامِيَّ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ أَوَّلا يَنْتَحِلُ الاعْتِزَالَ، ثُمَّ رَجَعَ فَكَتَمَ عَلَيْهِمْ، وإنما مَذْهَبه التَّعْطِيل، إِلَّا أَنَّهُ رَجَعَ مِنَ التَّصْرِيحِ إِلَى التَّمْوِيهِ

111 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، وَخَلْقًا , يَذْكُرُونَ شِدَّةَ أَبِي حَامِدٍ عَلِيٍّ الْبَاقِلَّانِيِّ، قَالَ: وَأَنَا بَلَّغْتُ رِسَالَةَ أَبِي سَعِيدٍ إِلَى ابْنِهِ سَالِمٍ بِبَغْدَادَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى هَرَاةَ فَلا تَقْرَبِ الْبَاقِلَّانِيَّ

112 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّبَّاسَ يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا مَنْصُورٍ الْحَاكِمَ ذُكِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْكَلامِ، فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ

113 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ، يَقُولُ: رَأَيْنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيَّ يَلْعَنُ الْكِلابِيَّةَ

114 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي أُسَامَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ الْكَلامَ إِلَى الْحَرَمِ، وَأَوَّلُ مَنْ بَثَّهُ فِي الْمَغَارِبَةِ

115 - سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنَ بْنَ شُعَيْبٍ، يَقُولُ لِيَحْيَى بْنِ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُول: مَنْ لَمْ يَقْرَأِ الْكَلامَ لَمْ يَدِنْ لِلَّهِ دِينَهُ، فَقُلْتُ: هَلْ وَرَثْتَ أَبَاكَ؟ يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا فورثه

116 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ أَبِي مَنْصُورٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُ الأَشْعَرِيَّةِ، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، وَلا بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَلا يُثَبِّتُونَ فِي الأَرْضِ كِتَابَ اللَّهِ

117 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ طَاهِرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: شَهِدْتُ الدّينَارِيَّ يَسْتَتِيبُهُ أَبُو سَعْدٍ الزَّاهِدُ، فَمَا رَأَيْتُ كَذَلِكَ الْيَوْمِ فِي الذُّلِّ، قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَهِدَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَجَاءَ سَالِمٌ يَتُوبُ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ لِلْحَاجِبِ: قُلْ لَهُ: يَأْتِينَا بِكُتُبِ الْكَلامِ نُحَرِّقُهَا بِالنَّارِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ

118 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، يَقُولُ: عُقِدَ لِوَاقِدٍ فِي طَبَرِسْتَانَ مَجْلِسٌ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ، فَأَنْكَرَهَا، فَضُرِبَ بِمِسْحَاةٍ فَقُتِلَ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: §«لَا تَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخَذُوا الْعِلْمَ عَنْ كِبَارِهِمْ، فَإِذَا أَخَذُوا عَنْ أَصَاغِرِهِمْ هَلَكُوا» . قَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا أَخَذُوا عَنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، وَلا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ فَعَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، وَلا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْءٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي، فَإِنَّ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنَ النَّاسِ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِ النَّاسِ شَيْءٌ، وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً لا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ إِثْمِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنَ النَّاسِ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِ النَّاسِ شَيْءٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، وَلا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ فَعَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، وَلا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْءٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنِ اسْتَنَّ خَيْرًا، وَمَنِ اسْتَنَّ شَرًّا» . وَفِي رِوَايَةٍ: أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ فَاتُّبِعَ، كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ". وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً» . قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ: فِتْنَةُ الْكَلامِ، أَوَّلُ مَنْ زَرَعَهَا الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ، وَجَهْمٌ سَمِعَهُ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ

119 - وَبِالسَّنَدِ إِلَى شَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ، أَبَا أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ الْبَزَّازَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى السِّجْزِيُّ، ثَنَا سَهْلٌ الْحَنَفِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ، قَالَ: كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّهْرِ؟ قُلْتُ: كَذَا فَرْسَخًا، قَالَ: هَلْ ظَهَرَ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: جَهْمٌ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: سَيَظْهَرُ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: جَهْمٌ , يُهْلِكُ خَلْقًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، يُدْخِلُهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمُ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ. فَأَمَّا الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ، فَضَحَّى بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَأَمَّا جَهْمٌ فَكَانَ بِمَرْوٍ، فَكَتَبَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى وَالِيهِ عَلَى خُرَاسَانَ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ، فَكَتَبَ إِلَى سَلْمِ بْنِ أَحْوَزَ وَكَانَ عَلَى مَرْوَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، ثُمَّ إِنَّ قِتْلَتْهُمَا انْتَشَرَتْ بَعْضَ الانْتِشَارِ، فَقَامَ بِهَا بَعْدَهُمَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَبِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ، فَمَلَأَ الدُّنْيَا مِحْنَةً وَالْقُلُوبَ فِتْنَةً دَهْرًا طَوِيلا، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَالِمًا مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ، أُوتِيَ صَبْرًا فِي قُوَّةِ الْيَقِينِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيَّ، فَشَدَّ الْمِئْزَرَ، وَأَبَى الفِتْنَةَ، وَجَادَ بِالدُّنْيَا، وَفَنَّنَ بِالدِّينِ، وَأَعْرَضَ عَنِ الْغَضَاضَةِ عَلَى طِيبِ الْعَيْشِ، وَلَمْ يُبَالِ فِي اللَّهِ حَقِّهِ الأقرانَ , وَنَسِيَ قِلَّةَ الأَعْوَانِ، حَتَّى هَدَّ مَا شَدُّوا، وَقَدَّ مَا مَدُّوا، ثُمَّ إِنَّ فِتْنَتَهُمْ هَمَدَتْ، وَبَدَأَتْ، ثُمَّ أَخْفَى مِنْهُمُ الأَشْعَرِيُّ مَا يَتَعَاظَمُ، وَظَهَرَ بِمَا يتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى ذَلِكَ بِالتَّمْوِيهِ، ثُمَّ لَمْ يَتِمُّ لَهُ، ثُمَّ إِنَّ الْفِتْنَةَ عَمَّتْ وَطَمَّتْ، حَتَّى ظَهَرَتْ وَانْتَشَرَتْ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي عِدَّةِ آثَارٍ: أَنَّ مَنْ سَاعَدَ مُبْتَدِعًا أَوْ أَخَذَ بِيَدِهِ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الإِسْلامِ. فَاللَّهَ اللَّهَ فِي كُلِّ أَعْمَى الرَّأْيِ

فصل

فصل وَقَدْ أَجْمَعَ غَالِبُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الأَشْعَرِيَّ كَانَ أَوَّلا عَلَى الاعْتِزَالِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَتْبَاعُهُ وَأَحْبَابُهُ، وَأَمَّا الْكَلامُ وَعِلْمُهُ فَلا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ بَلِ الاعْتِزَال، قَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَوْبَتَهُ مِنْهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: تَوْبَتُهُ صَادِقَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ: أَنَّهُ تَابَ، وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ شَيْخَنَا ابْنَ قَنْدَسَ يَقُولُ: إِنَّهُ تَابَ وَصَنَّفَ الإِبَانَةَ، وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَغَيْرِهِمْ: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةٌ مُتَّجِهَةٌ لِغَرَضٍ مِنَ الأَغْرَاضِ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كَشْفِ الْعَظَائِمِ، أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْبِدْعَةِ وَمِنْ جِهَةِ الدِّينِ، مِنْهُمْ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ صَاحِبُ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ الْمُعَظَّمُ عِنْدَ كُلِّ الطَّوَائِفِ، الْمُتَّفَقُ عَلَى عِلْمِهِ وَزُهْدِهِ وَدِينِهِ، وَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى كِتَابِهِ ذَمِّ الْكَلامِ. وَمِنْهُمُ ابْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ، وَهَذَا إِمَامٌ كَبِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السّيلِيُّ: أَنَّهُ صَنَّفَ فِيهِ مُصَنَّفًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَثَلَبَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ. وَمِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ الْمُقْرِئ، صَنَّفَ كِتَابًا فِي مَثَالِبِهِ، فَجَاءَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ تَصَدَّى لِهَذَا الرَّجُلِ فَقَطْ، وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ فِيهَا، وَقَصَدَ هَذَا الرَّجُلَ فَقَطْ بِالرَّدِّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِمَّا إِنَّهُ قَاصِرُ النَّظَرِ مَا اطَّلَعَ عَلَى كَلامِ أُولَئِكَ، وَإِمَّا إِنَّهُ رَأَى أَنَّ كَلامَهُ فِي أُولَئِكَ لا يَصْعَدُ مَعَهُ لِمَحَلِّهِمْ فِي الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِيهِ، وَشَقَاشِقَهُ، وَخَوَافِقَهُ الَّتِي يَخْفِقُ بِهَا فِي غَيْرِ مَحَلٍّ التَّخْفِيقِ، وَيُمَوِّهُ بِهَا فِي غَيْرِ بَابِ التَّمْوِيهِ، فَإِنَّهُ يَرِدُ الْكَلامَ بِأَمْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِهِ، وَلا يَرِدُ بِهِ وَيَذْهَبُ بِأَمْرٍ مَذْهَبًا غَيْرَ مَذْهَبِهِ، يَقْصِدُ بِهِ الاسْتِطْرَادَ وَالإِطَالَةَ لِيُكْثِرَ مَا رَدَّ بِهِ وَلَوْ قَصَدْتُ هَذَا الْمَقْصِدَ وَضَعْتُ هَذَا الْكِتَابَ عَشْرَ مُجَلَّدَاتٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالرَّدِّ رَدُّ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَكَأَنَّ ابْنَ عَسَاكِرَ جَهِلَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ خَبَّأَ لَهُ مَنْ يَرُدُّ كَلامَهُ، وَيُظْهِرُ أدْغَامَهُ، عَمِيَتْ بَصِيرَتُهُ حِينَ جَمَعَ تِلْكَ الْعَسَاكِرَ، أَنِّي لَا أَسِيرُ خَلْفَهُ بِهَذِهِ الدَّسَاكِرِ، وَهَا أَنَا أَقُولُ لَهُ كَمَا فِي الْمَثَلِ السَّائِرِ: روح جئتك، أَقُولُ تَرْجَمَة هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ، وَوَصَفَهُ بِالْجَهْلِ، وَقِلَّةِ الْعِلْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَإِنَّهُ عَامِّيٌّ جَاهِلٌ، رَأَيْتُ بِخَطِّ ابْنِ الْمُحِبِّ: الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزْدَادَ الْمُقْرِئ، نَزِيلُ دِمَشْقَ فَقَدْ وَصَفَهُ هَذَا الْحَافِظُ بِخَطِّهِ بِالْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ. وَرَأَيْتُ بِخَطِّ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعِرَاقِيِّ: الإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزْدَادَ الأَهْوَازِيُّ الْمُقْرِئ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ الْمُحَدِثُ مُقْرِئُ أَهْلِ الشَّامِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيفِ، وُلِدَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَعَنِيَ بِالْقِرَاءَاتِ، وَلَقِيَ فِيهَا الْكِبَارَ كَأَبِي الْفَرَجِ الشنبوذي، وَعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْغَضَائِرِيِّ، وَقَرَأَ بِالأَهْوَازِ لِقَالوُنَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ نَصْرٍ الْمَرْجِيِّ، وَالْمُعَافَى الْحَرِيرِيِّ، وَطَبَقَتِهِمَا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَدْ وَصَفَهُ الذَّهَبِيُّ بِالْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهُ مُقْرِئُ الشَّامِ، وَوَصَفَهُ بِالْحَدِيثِ، وَالتَّصَانِيفِ، وَكَذَلِكَ وَصَفَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ مُقْرِئُ الشَّامِ، وَقَدْ وَصَفَهُ آخَرُونَ بِالْفِقْهِ، وَالْحَدِيثِ , وَالْقِرَاءَاتِ، وَالنَّحْوِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَا للَّهِ الْعَجَب مِنْ هَذِهِ صِفَته وَتَرْجَمَته، كَيْفَ يَقُولُ فِيهِ ابْنُ عَسَاكِرَ: أَنَّهُ جَاهِلٌ عَامِّيٌّ، وَأَنَّ أَلْفَاظَهُ رَكِيكَةٌ، وَهَلْ فِي الأَلْفَاظِ شَيْءٌ مِنْهُ؟ إِنَّمَا ذَكَرَهَا رُوَاتُهُ، ونقلا عَلَى قَاعِدَةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى تَرْجَمَةِ هَذَا الإِمَامِ، فَذَلِكَ قُصُورٌ، وَقِلَّةُ اطِّلاعٍ، وَكَيْفَ يُوصَفُ بِأَنَّهُ حَافِظٌ؟ وَلا يَعْرِفُ الْمَشَاهِيرَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ تَرْجَمَتَهُ وَمَنْزِلَتُهُ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَهُ بِالإِمَامَة وَالْمَشْيَخَةِ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ لِلْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَعَمْرِي مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ وَالْجَهْلِ وَأَغْرَاضِ النُّفُوسِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ هَذَا بِالْجَهْلِ وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ وَأَنَّهُ عَامِّيٌّ لَا يَعْرِفُ مَا يَقُولُ، وَأَنَّ عِبَارَاتِهِ رَكِيكَةٌ بِحَيْثُ أَنَّ مَنْ رَأَى كَلامَهُ فِيهِ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لا يَعْرِفُ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مُؤَرِّخِي الإِسْلامِ بِالإِمَامَةِ، فَكَيْفَ يَسَعُ ابْنَ عَسَاكِرَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الرَّجُلِ بِالْجَهْلِ، مَعَ كَلامِ هَذِهِ الأُمَّةِ فِيهِ بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَإِمَّا أَنَّهُ مُقَصِّرٌ قَلِيلُ الاطِّلَاعِ، وَإِمَّا أَنَّهُ حَمَلَهُ الْهَوَى عَلَى الْقَوْلِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ، قَوْلُهُ فِي الْخُطْبَةِ: وَفُرِضَ عَلَى الأَنَامِ الاقْتِدَاءُ بِهُدَاهُمْ وَشِرْعَتِهِمْ إِلْزَامًا، يَعْنِي الأَنْبِيَاءَ، وَالاقْتِفَاءَ بِنَهْجِهِمْ فِيمَا نَهَجُوهُ لَهُمْ نَقْصًا وَإِبْرَامًا، هَلْ كَانَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ عِلْمُ الْكَلامِ أَوِ التَّأْوِيلِ؟ أَوْ كَانَ مِنْ هَدْيِهِمُ الإِقْرَارُ بِذَلِكَ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ؟ أَيْنَ الْمُنْصِفُ؟ أَيْنَ الْمُحَقِّقُ؟ هَلْ وَرَدَ عِلْمُ الْكَلامِ وَالتَّأْوِيلِ عَنْهُمْ أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْتَ: بَلَى، فَهُوَ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ قُلْتَ: لَا، فَلا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَا وَسِعَهُمْ، وَأَيْنَ الاقْتِفَاءُ بِنَهْجِهِمْ مَعَ التَّأْوِيلِ وَالنَّفْيِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْخُطْبَةِ: إِنَّ اللَّهَ أَتَمَّ الدِّينَ، وَنَصَبَ لَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَرْبَابِ الْبَصَائِرِ مَنِ انْتَدَبَ لِنَصْرِهِ حِينَ هَمَا سَحَابُ الْبَاطِلِ وَهَطَلَ، وَحَادَ أَهْلُ الاعْتِزَالِ عَنْ سُنَنِ الاعْتِدَالِ حِينَ نَفَوْا عَنِ الرَّبِّ مَا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ مِنَ الصِّفَاتِ، فَهُوَ كَلامٌ حَسَنٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِالأَشْعَرِيِّ الَّذِي أَرَادَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ نَفَى التَّشْبِيهَ، وَمَا عَنِى إِلَّا مَنْ رَدَّ عَلَى الأَشْعَرِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ، أَنَّهُ إِذَا رَأَى مَنْ يَذْكُرُ التَّشْبِيهَ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، فَإِنَّ مَنْ رَدَّ عَلَى الأَشْعَرِيِّ لا يَقُولُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: فَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ أَشَدَّهُمْ بِذَلِكَ اهْتِمَامًا لِمَنْ حَاوَلَ الإِلْحَادَ، أَوْ عَانَدَ السُّنَّةَ، وَإِنَّهُ لَمْ يُسْرِفْ فِي التَّعْطِيلِ، وَلَمْ يَغْل فِي التَّشْبِيهِ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي بَعْدَ ذَلِكَ قواما كَذَبَ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى الاعْتِدَالِ يَنْقُلُ الثِّقَاتِ إِلَى آخِرِ عُمْرِهِ، حَتَّى عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْعَدُ مَعَهُ فَمَوَّهَ بِمَذْهَبٍ وَسَطٍ. وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ أَلْهَمَهُ نُصْرةَ السُّنَّةِ، هَذَا أَمْرٌ لَا كَانَ، وَلَمْ يَرِدْ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلا أَنَّهُ قَامَ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِهَا، بَلْ كَانَ مُخْتَفِيًا. وَقَوْلُهُ: إِنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ , كَذِبٌ وَاللَّهِ، وَإِنَّهُ نَفَى مَا لَا يَلِيقُ بِجَلالِهِ مِنْ شَبَهِ خَلْقِهِ، إِنَّمَا أَتَى بِهَذَا التَّمْوِيهِ لأَجْلِ النَّفْيِ بِالْكُلِّيِّ، لأَنَّهُ لَا يَصْعَدُ مَعَهُ النَّفْيُ الْكُلِّيُّ فَمَوَّهَ، وَأَتَى بِالتَّأْوِيلِ الَّذِي تَوَصَّلَ بِهِ إِلَى النَّفْيِ، وَقَدْ قَالَ عِدَّةٌ مِنْ سَلَفِ الأُمَّةِ: إِنَّهُ لَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ، وَلا مَا وَصَفَهُ بِهِ نَبِيَّهُ تَشْبِيهٌ. وَقَوْلُهُ: وَائْتَمَّ بِهِ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لاتِّبَاعِ الْحَقِّ فِي التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ ائْتِمَامًا الإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ، فَأَيْنَ أَهْلُ الْكَلامِ؟ وَأَيْنَ أَهْلُ السُّنَّةِ؟ لَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا انْتَقَمَ مِنْ أَصْنَافِ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَإِنَّهُ بَيَّنَ عَلَيْهِمْ مَا ابْتَدَعُوهُ، يَا للَّهِ الْعَجَب، هَلِ التَّأْوِيلُ مُبْتَدَعٌ، أَوْ مَنْ يَقُولُ: عُدَّهَا كَمَا جَاءَتْ، وَنُؤْمِنُ بِهَا، أَيْ ذَلِكَ

500 - ثُمَّ ذُكِرَ بِسَنَدِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمُتَكَلِّمِ، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، يَقُولُ: إِنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ لَمَّا تَبَحَّرَ فِي كَلامِ الاعْتِزَالِ، وَبَلَغَ غَايَةً، كَانَ يُورِدُ الأَسْئِلَةَ عَلَى أُسْتَاذَيْهِ فِي الدَّرْسِ، وَلا يَجِدُ فِيهَا جَوَابًا شَافِيًا فَتَحَيَّرَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ صَلَّى وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَا إِلَيْهِ، «فَأَمَرَهُ بِالسُّنَّةِ» . فَانْتَبَهَ، وَعَارَضَ مَسَائِلَ الْكَلامِ بِمَا وَجَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالأَخْبَارِ فَأَثْبَتَهُ، وَنَبَذَ مَا سِوَاهُ، فَهَا هُوَ قَدْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا وَأَنَّهُ تَابَ

501 - وَذُكِرَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّرَابُلُسِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَزْرَةَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ، فَقُلْتُ لَهُ: قِيلَ لِي عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا، وَأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، أَبْقَى لِلْمُعْتَزِلَةِ نَكْثًا لَمْ يَنْقُضْهَا، فَقَالَ لِي: الأَشْعَرِيُّ شَيْخُنَا وَإِمَامُنَا، وَقَدْ عَلِمْتُهُ مُعْتَزِلِيًّا، أَقَامَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُمْ إِمَامًا، ثُمَّ غَابَ عَنِ النَّاسِ فِي بَيْتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَبَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَى الْجَامِعِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنِّي إِنَّمَا تَغَيَّبْتُ عَنْكُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأَنِّي نَظَرْتُ فَتَكَافَأَتْ عِنْدِي الأَدِلَّةُ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدِي حَقٌّ عَلَى بَاطِلٍ، وَلا بَاطِلٌ عَلَى حَقٍّ، فَاسْتَهْدَيْتُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَهَدَانِي إِلَى اعْتِقَادِ مَا أَوْدَعْتُهُ فِي كُتُبِي هَذِهِ، وَانْخَلَعْتُ مِنْ جَمِيعِ مَا كُنْتُ أَعْتَقِدُهُ كَمَا انْخَلَعْتُ مِنْ ثَوْبِي هَذَا، وَانْخَلَعَ مِنْ ثَوْبٍ كَانَ عَلَيْهِ، وَرَمَى بِهِ، وَدَفَعَ الْكُتُبَ إِلَى النَّاسِ فَمِنْهَا كِتَابُ اللُّمَعِ، وَكِتَابٌ أَظْهَرَ فِيهِ عَوَارَ الْمُعْتَزِلَةِ سَمَّاهُ بِكِتَابِ كَشْفِ الأَسْرَارِ، وَغَيْرُهُمَا، فَلَمَّا قَرَأَ تِلْكَ الْكُتُبَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَخَذُوا بِمَا فِيهَا وَانْتَحَلُوهُ، وَاعْتَقَدُوا تَقْدِمَتَهُ، وَاتَّخَذُوهُ إِمَامًا حَتَّى نُسِبَ مَذْهَبُهُمْ إِلَيْهِ، فَقَدْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالاعْتِزَالِ، وَأَنَّهُ كَانَ دَاعِيَةً فِيهِ، فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ، مَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ، حَتَّى يُتَّخَذَ مُبْتَدِعٌ تَابَ مِنْ بِدْعَتِهِ إِمَامًا، كَأَنَّ النَّاسَ مَاتُوا إِلَى هَذَا الْحَدِّ كُلِّهِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ حَتَّى يَتُوبَ مُبْتَدِعٌ مِنْ بِدْعَتِهِ، فَيَصِيرَ إِمَامَهُمْ، وَأَهْلُ الإِسْلامِ قَاطِبَةً تُقَدِّمُ مُتَكَلِّمًا عَلَى أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ جَمِيعِهِمْ فِي حَالِ كَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ، مَا هَذَا الْهَذَيَانُ؟

502 - ثُمَّ ذَكَرَ بِسَنَدِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَمْدَانِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: لَمْ نَشْعُرْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا بِالأَشْعَرِيِّ قَدْ طَلَعَ عَلَى مِنْبَرِ الْجَامِعِ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَمَعَهُ شَرِيطٌ قَدْ شَدَّهُ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ قَطَعَهُ، وَقَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلامِ، وَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ السَّاعَةَ، وَإِنِّي تَائِبٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ مِنَ الْقَوْلِ بِالاعْتِزَالِ، ثُمَّ نَزَلَ. ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدَانِيُّ مَجْهُولٌ. وَإِنَّمَا رَمَاهُ بِالْجَهْلِ لأَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ لا مَطْعَنَ فِيهِ، فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُهُ وَأَنْكَرَهُ لِهَوَاهُ، فَذَلِكَ وَصْمَةٌ فِيهِ، وَإِمَّا أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهِ حَقِيقَةً فَهُوَ قُصُورٌ، وَعَدَمُ اطِّلاعٍ، وَإِنَّمَا رَمَاهُ بِالْجَهَالَةِ لأَنَّ فِي تَمَامِ الْحِكَايَةِ أَمْرًا كَتَمَهُ وَأَخْفَاهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَمْدَانِيُّ: ثُمَّ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَمُتَابِعُوهُ وَمَنْ بَِهْوَاهُ: بَانَ لَهُ الْحَقُّ فَتَبِعَهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كَانَ قَدْ مَاتَ لَهُ قَرَابَةٌ، وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِالْبَصْرَةِ قَاضٍ يَغْلُو فِي السُّنَّةِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لا يَتَوَارَثَانِ، وَمَنَعَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ بِتَأْوِيلٍ يَتَأَوَّلُهُ عَلَيْهِ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ حَتَّى أَخَذَ الْمِيرَاثَ، وَقَالَ طَائِفَةٌ: كَانَ قَدِ اشْتَغَلَ بِالْكَلامِ، وَأَفْنَى فِيهِ عُمْرَهُ، وَبَلَغَ مِنْهُ أَقْصَى مَبْلَغٍ، وَلَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ رُتْبَةً عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَلا مَنْزِلَةً عِنْدَ الْخَاصَّةِ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ لِيُؤْخَذَ عَنْهُ، وَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَيُحَصِّلَ لَهُ مَنْزِلَةً، فَبَلَغَ بِذَلِكَ بَعْضَ مَا أَرَادَ. هَذَا آخِرُ كَلامِ الْحَمْدَانِيِّ، فَكَتَمَ هَذَا مِنْهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَخْفَى لِهَوَاهُ بِيَانَ حَالِ الْحَمْدَانِيِّ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَمْدَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ قَيِّمًا بِالنَّحْوِ وَالْعَرُوضِ وَالْغَرِيبِ وَالأَخْبَارِ وَالأَشْعَارِ، مُقَدَّمًا فِي ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَصَبِيَّةٌ فِي الدِّيَانَاتِ، وَلا مَيْلٌ إِلَى الْغُلُوِّ فِي ذَلِكَ، وَلا يَقُولُ فِي ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ، آخِر كَلامِهِ. وَقَدْ وَصَفَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْحَمْدَانِيَّ هَذَا بِالْمَعْرِفَةِ بِالنَّحْوِ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ، وَقَدْ نَقَلَ عَنِ الأَشْعَرِيِّ حِكَايَاتٍ عَدِيدَةً شَنِيعَةً، رَوَاهَا عَنْهُ الأَئِمَّةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْهَا فِي كِتَابِ كَشْفِ الْغِطَاءِ، مِنْهَا الْحِكَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْهُ حِينَ لَقَّنَ الْمَيِّتَ، فَقَالَ الدَّافِنُ: اللَّهُمَّ أَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، فَقَالَ الأَشْعَرِيُّ: وَأَلْعِقْهُ خَرَاهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا الْكَلامُ لَيْسَ مِنْ ذَا الْجَانِبِ، هَذَا مِنْ ذَاكَ الْجَانِبِ، فَقَالَ: وَأَنَا فِي ذَاكَ الْجَانِبِ وُلِدْتُ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَذَا مَذْهَبُ الإِلْحَادِيَّةِ، فَقَالَ: وَأَنَا وُلِدْتُ مُلْحِدًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، لَكِنِّي لَمْ أَرَ تَرْجَمَةَ هَذَا الرَّجُلِ فِي تَارِيخِ الذَّهَبِيِّ، فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ عَنْهُ الْخَبَرَ، قَدْ ذَكَرَ أَنَّ النَّاسَ فِي ذَلِكَ الآنَ اخْتَلَفُوا فِي تَوْبَتِهِ، هَلْ هِيَ صَادِقَةٌ أَمْ لا؟ وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ: إِنَّ النَّاسَ اتَّخَذُوهُ إِمَامًا، وَأَيْضًا قَدْ نَقَلَ الْحَمْدَانِيُّ هَذَا أَنَّ النَّاسَ لَمْ تَقْبَلْ تَوْبَتَهُ، وَلَمْ تَأْخُذْ بِكُتُبِهِ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ قَوْلَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا وَأَنَّهُ تَابَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَمْرًا آخَرَ كَذَلِكَ بِسَنَدٍ، وَأَنَّهُ تَابَ عَنِ الاعْتِزَالِ، ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا سَبَبُ رُجُوعِهِ عَنْ مَذَاهِبِ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَقَدْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَ عُمْرِهِ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا مُتَكَلِّمًا، وَأَنَّهُ تَابَ عَنِ الاعْتِزَالِ، وَلَمْ يَتُبْ عَنِ الْكَلامِ فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَبِهَذِهِ الْحَالَةِ، يُجْعَلُ إِمَامُ الإِسْلامِ، وَالْمُقْتَدَى بِهِ يُتْرَكُ مِثْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَلا يُقْتَدَى وَلا يُذْكَرُ إِلَّا هَذَا الَّذِي أَقَامَ عَلَى الْبِدْعَةِ عُمْرَهُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَوْبَتِهِ، هَلْ كَانَتْ حَقِيقَةً أَمْ لا؟ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَوْبَتَهُ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَبْرَأُ مِنَ الْبِدْعَةِ مَنْ كَانَ رَأْسًا فِيهَا، وَهَلْ يُثْبِتُ لِلَّهِ الصِّفَاتِ مَنْ كَانَ دَهْرَهُ يَنْفِيهَا؟ وَهَلْ رَأَيْتُمْ بِدْعِيًّا رَجَعَ عَنِ اعْتِقَادِ الْبِدْعَةِ، أَوْ حُكِمَ لِمَنْ أَظْهَرَ الرُّجُوعَ مِنْهَا بِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ تَوْبَةَ الْبِدْعِيِّ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَفَيْئَتَهُ إِلَى الْحَقِّ بَعْدَ الضَّلالِ لَيْسَتْ بِمَأْمُولَةٍ، وَهَبْ أَنَّا قُلْنَا بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ إِذَا أَظْهَرَهَا فَمَا يُنْقِصُ ذَاكَ مِنْ رُتْبَتِهِ عِنْدَ من خبرها، قَالَ: قُلْنَا هَذَا قَوْلُ عَرِيَ عَنِ الْبُرْهَانِ، وَقَائِلُهُ بَعِيدٌ مِنَ التَّحْقِيقِ عِنْدَ الامْتِحَانِ، بَلِ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ مِنْ كُلِّ مَنْ تَابَ، وَالْعَفْوُ مِنَ اللَّهِ مَأْمُولٌ عَنْ كُلِّ مَنْ أَنَابَ، وَالأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ غَيْرُ قَوِيَّةٍ عِنْدَ أَرْبَابِ النَّقْلِ، وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْعَقْلِ، فَإِنَّ الْبِدْعَةَ لَا تَكُونُ أَعْظَمَ مِنَ الشِّرْكِ، وَمَنِ ادَّعَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُقْبَلُ إِسْلَامُ الْكِتَابِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَالْكَافِرِ الأَصْلِيِّ، فَكَيْفَ يَسْتَحِيلُ عِنْدَكُمْ قَبُولُ تَوْبَةِ الْمُبْتَدِعِ الْمِلِّيِّ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ، قَالَ: وَالْبِدْعَةُ إِذَا كَشَفْتَ عَنْ حَقِيقَتِهَا وَجَدْتَهَا دُونَ الشِّرْكِ بِمَا هُنَالِكَ، فَإِذَا كَانَ يُقْبَلُ الرُّجُوعُ عَنِ الشِّرْكِ الَّذِي لا يَغْفِرُهُ، فَكَيْفَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ لَا يُشْرَكُ بِهِ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ عَلَى الْقَوْلِ بِقَبُولِ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ مَعَ مَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ اعْتِقَادُهُ الرَّدِيءُ مِنَ الْخُبْثِ، وَمَا يَعْتَقِدُهُ مِنْ جُحُودِ الصَّانِعِ وَإِنْكَارِ الْبَعْثِ، وَالْمُبْتَدِعُ لَا يَجْحَدُ الرُّبُوبِيَّةَ، وَلا يُنْكِرُ عَظَمَةَ الإِلَهِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ بَعْضَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَهُ لِشُبْهَةٍ وَقَعَتْ لَهُ يَنْكَبُّ بِهَا رُشْدُهُ، قَالَ: وَقَدْ سَمِعْنَا بِجَمَاعَةٍ مِنَ الأَئِمَّةِ كَانُوا عَلَى أَشْيَاءَ رَجَعُوا عَنْهَا وَتَرَكُوهَا بَعْدَ مَا سَلَكُوهَا وَتَبَرَّءُوا مِنْهَا فَلَمْ يُنْقِصُهُمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الابْتِدَاعِ لِمَا أَقْلَعُوا عَنْهُ وَرَجَعُوا إِلَى الاتِّبَاعِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ، كَانُوا عَلَى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، ثُمَّ صَارُوا سَادَةَ الإِسْلامِ، وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ تَوْبَتُهُ، وَالْجَوَابُ عَنْ كَلَامِهِ هَذَا مِنْ ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ: الأَوَّلُ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَعَنُوا فِي تَوْبَتِهِ، وَقَالُوا: إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ تَمْوِيهًا وَتَلْبِيسًا، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ: وَقَعْتُ إِلَى مَسْأَلَةٍ فِي الإِيمَانِ فَتَعَجَّبْتُ مِنْهَا، وَأَخَذْتُهَا وَانْحَدَرْتُ إِلَى بَغْدَادَ مِنْ أَجْلِهَا لَا غَيْرَ، وَجِئْتُ ابْنَ الْبَاقِلَّانِيِّ، فَأَرَيْتُهُ إِيَّاهَا، وَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ لِي: هَذَا صَحِيحٌ عَنْهُ قَدْ صَنَّفَهَا يَتَّقِي بِهَا الْحَنَابِلَةَ بِبَغْدَادَ، وَلا يَعْتَقِدُ بِهَا وَإِنَّمَا جَعَلَهَا وِقَايَةً مِنْ مُخَالِفِيهِ، قَالَ الأَهْوَازِيُّ: فَحَالُهُ فِي التَّوْبَةِ كَذَلِكَ أَظْهَرَ ذَلِكَ وِقَايَةً لَا اعْتِقَادًا وَمَذْهَبًا. الثَّانِي أَنَّ جَمَاعَةً قَدْ قَالُوا: إِنَّهُ إِنَّمَا تَابَ لأَنَّهُ كَانَ قَدْ مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ فَمَنَعَهُ بَعْضُ الْقُضَاةِ مِنْ إِرْثِهِ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ لِذَلِكَ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَابَ عَنِ الاعْتِزَالِ، وَلَمْ يَتُبْ عَنْ عِلْمِ الْكَلامِ وَالتَّأْوِيلِ، وَأَمَّا رَدُّهُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُبْتَدِعِ، فَهَذَا أَمْرٌ قَدْ وَرَدَ فِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ، أَحَدُهَا ذَكَرَهَا الأَهْوَازِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «التَّوْبَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ» . الثَّانِي ذَكَرَهُ الأَهْوَازِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَبَى أَنْ يَقْبَلَ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ تَوْبَةً» . وَالثَّالِثُ ذَكَرَهُ الأَهْوَازِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَجَزَ التَّوْبَةَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ» ، وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَأَخْبَرَنَا بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا.

120 - أَخْبَرَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْهَادِي، أَنَا الْحَجَّارُ، أَنَا ابْنُ اللَّتِيِّ، أَنَا السِّجْزِيُّ، أَنَا شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ السَّرْخَسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَهْرَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنا دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَبِيوَرْدِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: وَابْنُ زِيَادٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَثَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيٍّ الصَّابُونِيُّ، ثَنَا أَبُو ذَرٍّ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْوَسِيمِ، ثَنَا كَثِيرٌ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ وَمَنْ تَقَدَّمَ، ثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، ثَنَا ابْنُ نَاجِيَةَ، قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَثَنَا لُقْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن أَحْمَد، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، قَالَ: هُوَ وَابْنُ نَاجِيَةَ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْفَرْوِيُّ، ثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: §«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْجُبُ التَّوْبَةَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ» . وَالْحَدِيثُ قَدْ ذَكَرَهُ الأَهْوَازِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ كُلَّ ذَنْبٍ لَهُ تَوْبَةٌ إِلَّا صَاحِبَ بِدْعَةٍ مَا لَهُ تَوْبَةٌ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الصَغِيرِ مِنْ حَدِيثِ شُرَيْحٍ الْقَاضِي، عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «يَا عَائِشَةُ , إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا هُمْ أَصْحَابُ الْبِدَعِ، وَأَصْحَابُ الأَهْوَاءِ لَيْسَ لَهُمْ تَوْبَةٌ، أَنَا مِنْهُمْ بَرِيءٌ، وَهُمْ مِنِّي بُرَآءٌ» . حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُحِبِّ فِي كِتَابِ الصِّفَاتِ. وَالْحَدِيثُ قَدْ ذَكَرَهُ الأَهْوَازِيُّ، أَنَّ رَجُلا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَظْهَرَ بِدْعَةً ثُمَّ تَابَ مِنْهَا , فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ: قُلْ لِفُلانٍ تُبْتَ أَنْتَ مِنْ بِدْعَتِكَ، فَكَيْفَ بِمَنْ أَضْلَلْتَ؟

505 - وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ خَالِدٍ الرَّبَعِيِّ، قَالَ: كَانَ §فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ، وَكَانَ مَغْمُورًا فِي الْعِلْمِ، وَأَنَّهُ ابْتَدَعَ بِدْعَةً، فَدَعَا النَّاسَ فَاتُّبِعَ، وَإِنَّهُ ذكر ذات ليلة فقال: هَبْ هَؤُلاءِ النَّاسَ لا يَعْلَمُونَ مَا ابْتَدَعْتَ، أَلَيْسَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا ابْتَدَعْتَ؟ قَالَ: فَبَلَغَ مِنْ تَوْبَتِهِ أَنْ خَرَقَ تَرْقُوَتَهُ، وَجَعَلَ فِيهَا سِلْسِلَةً وَرَبَطَهَا بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: لا أَنْزِعُهَا حَتَّى يُتَابَ عَلَيَّ، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ لا يُسْتَنْكَرُ بِالْوَحْيِ: أَنْ قُلْ لِفُلانٍ: لَوْ أَنَّ ذَنْبَكَ كَانَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَغَفَرْتُ لَكَ، وَلَكِنْ كَيْفَ بِمَنْ أَضْلَلْتَ مِنْ عِبَادِي , فَدَخَلَ النَّارَ

121 - وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقَيْنِ: الأُوَّلُ: قَالَ: ثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا مَعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَحَدَّثَ عَنِ الرَّبَعِيِّ، أَنَّ رَجُلا كَانَ يُوطَأُ عَقِبَاهُ، قَالَ: ثُمَّ أَنَّهُ تُرِكَ فَأَحْدَثَ بِدْعَةً وَاتُّبِعَ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ انْتَبَهَ فَخَرَقَ تَرْقُوَتَهُ، فَجَعَلَ فِيهَا سِلْسِلَةً أَوْ قَالَ شَيْئًا، ثُمَّ أَنَاطَ نَفْسَهُ فِي بَيْتِهِ، قَالَ: تَوْبَةً لِمَا صَنَعَ، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ، أَنْ قُلْ لَهُ: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِمَنْ أَضْلَلْتَ مِنْ عِبَادِي؟» وَالثَّانِي: قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ثَابِتٍ الرَّبَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ شَابٌّ قَرَأَ الْكِتَابَ، وَعَلِمَ عِلْمًا، وَكَانَ مَغْمُوزًا، وَأَنَّهُ طَلَبَ بِعِلْمِهِ وَقِرَاءتِهِ الشَّرَف وَالْمَال وَأَنَّهُ ابْتَدَعَ بِدْعًا أَدْرَكَ الشَّرَفَ وَالْمَالِ فِي الدُّنْيَا وَلَبِثَ كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ، وَأَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ لَيْلَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ إِذْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ: هب هَؤُلاءِ النَّاس لَا يَعْلَمُونَ مَا ابْتَدَعْتُ ,أَلَيْسَ اللهُ قَدْ عَلِمَ مَا ابْتَدَعَتُُ , وَقَدِ اقْتَرَبَ الأَجَلُ، فَلَوْ أَنِّي تُبْتُ , فَبَلَغَ مِنَ اجْتِهَادِهِ فِي التَوْبَةِ أَنْ عَمَدَ فَخَرَقَ تَرْقُوَتَهُ وَجَعَلَ فِيهَا سِلْسِلَةً ثُمَّ أَوْثَقَهَا إِلَى آسِيَةٍ مِنْ أَوَاسِي الْمَسْجِدِ , وَقَالَ: لا أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى يُنَزِّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ تَوْبَةً أَوْ أَمُوتَ مَوْتَ الدُّنْيَا، قَالَ: وَكَانَ لا يُسْتَنْكَرُ الْوَحْيُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَوْحَى اللَّهُ فِي شَأْنِهِ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ: إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَصَبْتَ ذَنْبًا بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَتُبْتُ عَلَيْكَ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلَكِنْ كَيْفَ مَنْ أَضْلَلْتَ مِنْ عِبَادِي فَمَاتُوا فَأَدْخَلْتَهُمْ جَهَنَّمَ؟ فَلا أَتُوبُ عَلَيْكَ. قَالَ عَوْفٌ: وَحَسِبْتُهُ أَنَّهُ يُقَالُ: اسْمُهُ بَارسيا

فصل

فصل وَيَشْهَدُ لِهَذِهِ الأَحَادِيثِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْهَادِي، عَنِ الْحَجَّارِ، عَنِ ابْنِ اللَّتِيِّ، عَنِ السِّجْزِيِّ، عَنْ شَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ الدَّغُولِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: مَا يَكَادُ اللَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ بِتَوْبَةٍ. وَرَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّهُ مَا أَخَذَ رَجُلٌ بِبِدْعَةٍ فَيُرَاجَعُ سُنَّةً.

122 - وَرَوَى ابْنُ نَصْرٍ، ثَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: §«كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ»

123 - وَرَوَى ابْنُ مَاجَه، ثَنَا ابْنُ سُوَيْدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ صَوْمًا، وَلا صَلاةً، وَلا صَدَقَةً، وَلا حَجًّا، وَلا عُمْرَةً، وَلا جِهَادًا، وَلا صَدَقَةً، وَلا عَدْلا، يَخْرُجُ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا تَخْرُجُ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ»

124 - أَخْبَرَنَا ابْنُ الشَرِيفَة إِجَازَةً، أَنَا ابْنُ الْبَالِسِيِّ، كَذَلِكَ، أَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ الْكَمَالِ، أَنَا أَبُو الْحَجَّاجِ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ الدِّمَشْقِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْعُكْبَرِيُّ، أَنَّ ابْنَ الزّاغُونِيِّ، أَنَا ابْنُ الْبُسْرِيِّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ , ثنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: صَاحِبُ كَلامٍ لا يُفْلِحُ

510 - وَبِهِ إِلَى ابْنِ بَطَّةَ، ثَنَا أَبُو حَفْصٍ، ثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ أَبِي عِصْمَةَ، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ الشّراكَ بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَدْ تَابَ وَرَجَعَ، قَالَ: كَذِبٌ لا يَتُوبُ هَؤُلاءِ، كَمَا قَالَ أَيُّوبُ: إِذَا مَرَقَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَعُدْ فِيهِ , أَوْ نَحْوَ هَذَا

511 - وَبِهِ إِلَى ابْنِ بَطَّةَ , حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا أَبُو الْحَارِثِ الصَّائِغُ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ أَصْحَابَ ابْنِ الثَّلَّاجِ نِلْنَا مِنْهُمْ، وَمِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَنَسْتَحِلُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لا , هَؤُلاءِ جَهْمِيَّةٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّونَ

512 - وَبِهِ إِلَى ابْنِ بَطَّةَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ، يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ بَلَّغْتُ نِسَاءَهُمْ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ، وَأَنَّهُنْ لا يَحْلُلْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ، وَلا يَعُودُوا مَرْضَاهُمْ، وَلا تَشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ، ثُمَّ تَلا: {طه {1} مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى {2} } [طه: 1-2] ، إِلَى قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وَهَلْ يَكُونُ الاسْتِوَاءُ إِلَّا الْجُلُوسُ

513 - وَبِهِ إِلَى ابْنِ بَطَّةَ، ثَنَا الْقَافلانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ السِّجِسْتَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ، يَقُولُ: هَؤُلاءِ الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، وَلا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ، قَالَ لِي زُهَيْرٌ: وَأَمَّا أَنَا يَا ابْنَ أَخِي، فَإِذَا تَيَقَّنْتَ أَنَّهُ جَهْمِيٌّ أَعَدْتَ الصَّلاةَ خَلْفَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

514 - وَبِهِ إِلَى ابْنِ بَطَّةَ، ثَنَا الْقَافلانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ، فَقَالَ: هُمْ وَاللَّهِ زَنَادِقَةٌ، عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ وَقَدْ ذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ، فَقَالَ: هُمْ كُفَّارٌ لا يَعْبُدُونَ شَيْئًا

515 - وَبِهِ إِلَى ابْنِ بَطَّةَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، مَوْلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ، يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ

516 - وَبِهِ إِلَى ابْنِ بَطَّةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ جَهْوَرٍ، سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ زَنَادِقَةٌ

فصل

فصل لَكِنَّ الْحَقَّ حَقٌّ يُتَّبَعُ، وَالَّذِي نُدِينُ اللَّهَ بِهِ أَنَّ تَوْبَتَهُ تُقْبَلُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ.

125 - وَأَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا، أَنَا ابْنُ الدُّعْبُوبِ، أَنَا الْحَجَّارُ، أَنَا ابْنُ اللَّتِيِّ، أَنَا السِّجْزِيُّ، أَنَا الأَنْصَارِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْيَمَانِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ»

520 - وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ» وَقَدْ وَرَدَتْ آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ مُطْلَقًا، وَالْكُفْرُ أَعْظَمُ مِنَ الْبِدْعَةِ وَتَقَبُّلُ تَوْبَةِ الْكَافِرِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ الْكُفْرُ بِأَعْظَمَ مِنَ الْبِدْعَةِ، لأَنَّ الْكَافِرَ ذَنْبُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ بِخِلافِ الْبِدْعَةِ، فَإِنَّهَا تَغْوِي غَيْرَهُ، وَلا يُمْكِنُ بَعْدَ إِظْهَارِهَا قَطْعُهَا , وَبَعْدَ أَنَّهُ تَابَ بِنَفْسِهِ، كَيْفَ بِمَنِ اتَّبَعَهُ عَلَيْهَا، وَمَنْ يَتَّبِعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، اللَّهَ اعْصِمْنَا مِنَ الْبِدَعِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. ثُمَّ قَالَ: بَابُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بِشَارَتِهِ بِقُدُومِ أَبِي مُوسَى وَأَهْلِ الْيَمَنِ، وَإِشَارَتِهِ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ عِلْمِ أَبِي الْحَسَنِ. أَمَّا بِشَارَتُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَبِي مُوسَى فَحَقٌّ لا نِزَاعَ فِيهِ، وَأَمَّا إِشَارَتُهُ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ عِلْمِ أَبِي الْحَسَنِ فَأَمْرٌ مَرْدُودٌ، أَيْنَ فِي الْحَدِيثِ ذَلِكَ؟ وَأَيُّ عِلْمٍ ظَهَرَ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالْحَلالِ وَالْحَرَامِ قَوْلٌ، وَلا يُعْلَمُ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْفُرُوعِ كَلامٌ، فَأَيُّ عِلْمٍ ظَهَرَ مِنْهُ؟ وَأَيُّ إِشَارَةٍ حصلتْ فِيهِ؟ وَإِذَا كَانَ مِثْلَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ، لَمْ تَرِدْ إِشَارَةٌ بِعِلْمِهِمْ، وَقَدْ مَلَأَ عِلْمُهُمُ الآفَاقَ، كَيْفَ تَرِدُ إِشَارَةٌ بِعِلْمِ مَنْ لا يُعْرَفُ لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلٌ؟ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّةِ، إِنَّمَا يُعْرَفُ كَلامُهُ وَعِلْمُهُ فِي عِلْمِ الْكَلامِ الْمَذْمُومِ، ثُمَّ سَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ الأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ أَقْوَامٌ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، فَقَدِمَ الأَشْعَرِيُّونَ» ، فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ مِنْ هَذَا، أَيُّ إِشَارَةٍ فِي هَذَا إِلَيْهِ؟ أَمَا اسْتَحْيَا ابْنُ عَسَاكِرَ حِينَ ذَكَرَ هَذَا التأويلَ وَهَذِهِ الأَحَادِيثَ؟ فَوَاللَّهِ لَيْسَ فِيهَا إِشَارَةٌ إِلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلا إِلَى عِلْمِهِ، وَلا عِلْمِ غَيْرِهِ، وَطَوَّلَ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ، وَسَاقَهَا مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، يَقْصِدُ الإِطَالَةَ وَالتَّحْقِيقِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الآخَرَ لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «هُمْ قَوْمُ هَذَا، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى ظَهْرِ أَبِي مُوسَى أَهْلُ الْيَمَنِ» ، وَسَاقَ ذَلِكَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، وَلَيْسَ فِيهَا إِشَارَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِذَا كَانَ أَعْيَانُ الْعُلَمَاءِ قَدْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي قُرَيْشٍ: «يَمْلَأُ عَالِمُهَا الأَرْضَ عِلْمًا، وَفِي الْمَدِينَةِ فَلا تُضْرَبُ أَكْبَادُ الإِبِلِ، فَلا يُوجَدُ أَعْلَمُ مِنْ عَالِمِهَا» . وَفِيهِمَا إِشَارَةٌ ظَاهِرَةً إِلَى مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، لَيْسَتْ فِيهَا إِشَارَةٌ إِلَيْهِمَا، كَيْفَ يَكُونُ فِي هَذَا الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ إِشَارَةٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ حَالَ بُرُوزِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ نِسْبَتَهُ إِلَى أَبِي مُوسَى إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى هَذَا التَّعَصُّبُ وَالْهَوَى. ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا جَعَلَ قَوْمَ أَبِي مُوسَى مِنْ قَوْمٍ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ وَيُحِبُّونَهُ، لِمَا عَلِمَ مِنْ صِحَّةِ دِينِهِمْ، وَعَرَفَ مِنْ قُوَّةِ يَقِينِهِمْ، فَمَنْ نَحَا فِي عِلْمِ الأُصُولِ نَحْوَهُمْ، وَتَبِعَ فِي نَفْيِ التَّشْبِيهِ مَعَ مُلَازَمَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَوْلَهُمْ جُعِلَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَعُدَّ مِنْ حِسَابِهِمْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَإِذْنِهِ، أَعَانَنَا اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِمَنِّهِ، وَخَتَمَ لَنَا بِالسَّعَادَةِ وَالشَّهَادَةِ بِجُودِهِ. قَالَ: وَلْنَعْلَمِ الْمُنْصِفُ مِنْ أَصْحَابِنَا، صَنَعَ اللَّهُ فِي تَقْدِيمِ هَذَا الأَصْلِ الشَّرِيفِ لِمَا ذَخَرَ لِعِبَادِهِ هَذَا الْفَرْعَ الْمُنِيفَ الَّذِي أَحْيَا بِهِ السُّنَّةَ، وَأَمَاتَ بِهِ الْبِدْعَةَ، وَجَعَلَهُ خَلَفَ حَقٍّ لِسَلَفِ صِدْقٍ، وَهَذَا الْكَلامُ عَيْنُ الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ زَمَنِ الأَشْعَرِيِّ غَيْرَ زَمَنِ الأَئِمَّةِ قَبْلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ أَنَّ الأَشْعَرِيَّ كَانَ عَلَى الْبِدْعَةِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ فَأَيُّ بِدْعَةٍ كَانَ غَيْرَهُ قَدِ ارْتَكَبَهَا وَأَمَاتَهَا هُوَ؟ أَبِدْعَةُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ؟ أَوْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ؟ أَوِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ؟ لِمَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْبِدْعَةُ؟ وَأَيُّ سُنَّةٍ كَانَتْ قَدْ مَاتَتْ فِي زَمَنِ هَؤُلاءِ، حَتَّى أَحْيَاهَا هُوَ؟ وَاللَّهِ هَذَا كَلامٌ لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» ، وَذَكَرَهُ مِنْ طُرُقٍ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ: أَنَّهُ كَانَ فِي الْمِائَةِ الأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَيَّ أَنَّ فِي الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ الأَشْعَرِيَّ، وَهَذَا عَيْنُ الْعِنَادِ، فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ قَامَ لِلدِّينِ بِمِحْنَةٍ وَلا قَائِمَةٍ، وَلا يُعْرَفُ لَهُ مَسْأَلَةٌ فِي الأَحْكَامِ وَالْفُرُوعِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنِ الإِسْمَاعِيلِيِّ، قَالَ: ذَكَرَ وَاحِدًا، وَالشَّكُّ مِنِّي، قَالَ: أَعَاذَ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ أَكْثَرهُ بِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي الْحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ الإِسْتَرَابَاذِيِّ، قُلْتُ: لَيْسَ فِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ ذِكْرٌ الأَشْعَرِيِّ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْمُسَلَّمِ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ بِجَامِعِ دِمَشْقَ: كَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ، وَعَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ الأَشْعَرِيُّ، وَعَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَعَلى رَأْسِ الْخَامِسَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَرْشِدُ، قَالَ: وَعِنْدِي إِنَّمَا كَانَ الْغَزَالِيُّ، وَهَذَا الَّذِي قَالَ لا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، لأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَتْبَاعِ الأَشْعَرِيِّ. وَمَنْ يَمْدَحُ الْعَرُوسَ غَيْرَ أُمِّهَا وَخَالَتِهَا، وَكَيْفَ يَكُونُ الأَشْعَرِيُّ الْمُجَدِّدَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَلا يَكُونُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ، وَلا الْبُخَارِيُّ، وَلا مُسْلِمٌ، وَلا الْمَرُّوذِيُّ، وَلا الْخَلَّالُ، وَنَحْوُ هَؤُلاءِ مِنَ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَقْوَالُهُمْ فِي الْعِلْمِ وَالْفُرُوعِ مَشْهُورَةٌ، وَكَيْفَ يَكُونُ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ الْمُتَكَلِّمَ فِي الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ، وَلا يَكُونُ ابْنُ حَامِدٍ، وَلا الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ، وَنَحْوُ هَؤُلاءِ مِنَ الأَئِمَّةِ، هَذَا عَيْنُ الْهَوَى وَالْعِنَادِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ حَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِ الثَّلاثِ مِائَةِ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَعَلَى رَأْسِ الأَرْبَعِ مِائَةٍ الصُّعْلُوكِيُّ، قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ الأَشْعَرِيُّ أَصْوَبُ، لأَنَّ قِيَامَهُ بِنَصْرِ السُّنَّةِ إِلَى تَجْدِيدِ الدِّينِ أَقْرَبُ، فَهُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَسَائِرِ أَصْنَافِ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُضَلِّلَةِ، وَحَالَتُهُ فِي ذَلِكَ مُشْتَهِرَةٌ، وَكُتُبُهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ مُنْتَشِرَةٌ، فَأَمَّا ابْنُ شُرَيْحٍ فَكَانَ فَقِيهًا مُطَّلِعًا يَعْلَمُ أُصُولَ الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ، قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ ابْنَ الْبَاقِلَّانِيِّ هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ أَوْلَى، كَذَبَ وَاللَّهِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَذْهَبِهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ أَهْلُ الْكَلامِ الَّذِينَ لا يُعْرَفُ لَهُمْ مَسْأَلَةٌ فِي الدِّينِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ هُمُ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ، هَذَا هُوَ الْعِنَادُ وَالْبُهْتَانُ، ثُمَّ ذَكَرَ وَفَاةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالأَشْعَرِيِّ. ثُمَّ قَالَ: بَابُ ذِكْرِ مَا رُزِقَ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ شَرَفِ الأَصْلِ، وَمَا وَرَدَ عَنْ تَلْبِيَةِ ذِي الْفَهْمِ عَلَى كِبَرِ مَحَلِّهِ فِي الْفَصْلِ. ثُمَّ ذَكَرَ فِي عِدَّةِ طُرُقٍ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ، «أَنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ» . وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الْحَيُّ الأَسْدُ وَالأَشْعَرِيُّونَ» ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ» . ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةً فِي فَضْلِ الأَشْعَرِيِّينَ وَمَنَاقِبِهِمْ وَهِجْرَتِهِمْ بِطُرُقٍ عَدِيدَةٍ، يَقْصِدُ بِهَا الإِطَالَةَ وَالتَّحْقِيقَ، وَلَيْسَ لَهَا بِذَلِكَ مَحَلٌّ وَلَا تَدُلُّ عَلَى أَمْرٍ لِهَذَا الرَّجُلِ، وَهَذَا عَيْنُ الْخِرَافِ وَالْجُنُونِ، وَلا يَدُلُّ فَضْلُ أُولَئِكَ عَلَى فَضْلِ أَوْلَادِهِمْ حَقِيقَة لَوْ كَانَ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ ذِك

باب ما ذكر في اجتهاد أبي الحسن في العبادة , ونقل عنه في التقلل والزهادة

بَابُ مَا ذُكِرَ فِي اجْتِهَادِ أَبِي الْحَسَنِ فِي الْعِبَادَةِ , وَنَقَلَ عَنْهُ فِي التَّقَلُّلِ وَالزَّهَادَةِ ثُمَّ ذَكَرَ بِسَنَدِهِ عَنِ الطَّبَرِيِّ الْمُتَكَلِّم: أَنَّهُ إِمَامٌ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، يُصَلِّي الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعَتَمَةِ، وَكَيْفَ هَذَا مَعَ حِكَايَةِ الْبيكره، اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ، ثُمَّ ذَكَرَ عِدَّةَ حِكَايَاتٍ فِي تَقَلُّلِهِ. ثُمَّ قَالَ:

باب ما يسر له في النعمة من كونه في خير قرون هذه الأمة

بَابُ مَا يُسِّرَ لَهُ فِي النِّعْمَةِ مِنْ كَوْنِهِ فِي خَيْرِ قُرُونِ هَذِهِ الأُمَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . وَلا أَدْرِي أَذَكَرَ الثَّالِثَةَ أَمْ لا؟ وَسَاقَ ذَلِكَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقَرْنَ مِائَةُ سَنَةٍ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ , فَيَكُونُ مِمَّنْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَرُدُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرْنِ النَّاسُ الَّذِينَ مَعَهُ ثُمَّ الَّذِينَ بَعْدَهُمْ لأَنَّ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ: الْقَرْنَ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ , وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الزَّمَنَ لَقَالَ: ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَلَكَانَ مَنْ وُجِدَ مِنَ التَّابِعِينَ فِي الْمِائَةِ الأُولَى فِي الْقَرْنِ الأَوَّلِ يُعَدُّ مَعَ الصَّحَابَةِ، وَيُعَدُّ التَّابِعِينَ مِمَّنْ وُجِدَ فِي الْقَرْنِ التَّالِي يُعَدُّ مِنَ التَّابِعِينَ، وَلا قَائِلَ بِذَلِكَ فَعَلِمَ أَنَّمَا الْمُرَادُ النَّاسُ لا الزَّمَنُ، وَالْمُرَادُ بِالْقَرْنِ الأَوَّلِ الصَّحَابَةُ، وَبِالثَّانِي التَّابِعِينَ، وَبِالثَّالِثِ مَنْ لَقِيَ التَّابِعِينَ مِثْلَ مَالِكٍ وَأَشْبَاهِهِ بِالرَّابِعَةِ عَلَى رِوَايَةِ الإِثْبَاتِ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ ثَلاثًا تَابِعَ تَابِعَ التَّابِعِينَ مِثْلَ الشَّافِعِيِّ وَسُفْيَانَ، فَيَا للَّهِ الْعَجَبُ مِنْهُ وَمِنْ كَوْنِهِ قَدِيرًا فِي الْحُفَّاظِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِ هَذَا الأَمْرُ الَّذِي لا يَخْفَى عَلَى الصِّبْيَانِ؟ فَهُوَ إِمَّا أَنَّهُ لا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَهَذَا عَيْنُ الْجَهْلِ، أَوْ عَلِمَهُ وَقَالَ خِلافَهُ لأَجْلِ الْهَوَى فَهُوَ عَيْنُ التَّعَصُّبِ وَنَصْرُ الْبَاطِلِ، وَأَيْنَ مَا شَنُعَ بِهِ عَلَى الأَهْوَازِيِّ مِنْ أَنَّهُ لا يَعْرِفُ الْقَرِينَةَ وَلا يُفَرِّقُ الْكُنْيَةَ مِنَ الْكِنَايَةِ، هَلا نَظَر هُوَ هُنَا أَيْضًا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . أَفِي الْوَقْتِ يُقَالُ ذَلِكَ؟ فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ كَيْفَ عَمِيَ عَنْ هَذَا؟ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْوَقْتَ لَقَالَ: ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَالْمَرْءُ يَرَى الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَالْجَذَعُ مُتَعَرِّضٌ فِي عَيْنِهِ لا يَرَاهُ، ثُمَّ أَخَذَ يَحْتَجُّ عَلَى أَنَّ الْقَرْنَ مِائَةُ سَنَةٍ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: «أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ» . وَفِي الْحَدِيثِ يُرِيدُ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْن، وَبِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ لَهُ: «الْقَرْنُ مِائَةُ سَنَةٍ» . وَبِحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ: «كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ، الْقَرْنُ مِائَةُ عَامٍ» ، وَكَأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَرْنَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى الْمِائَةِ سَنَةٍ، وَعَلَى مَنْ عَاصَرَ الإِنْسَانَ مِنَ النَّاسِ، وَقَرْنُ الْحَيَوَانِ مِثْلَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ مَوْضِعٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ النَّاسُ دُونَ الْوَقْتِ عِدَّةُ مَوَاضِعَ. ثُمَّ أَخَذَ يَذْكُرُ مَوْلِدَ الأَشْعَرِيِّ وَوَفَاتَهُ، مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِأُمُورٍ مُطَوَّلَةٍ لَا طَائِلَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ بَابَ مَا ذُكِرَ مِنْ مُجَانَبَتِهِ لأَهْلِ الْبِدَعِ وَاجْتِهَادِهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ نَصِيحَتِهِ لِلأُمَّةِ وَصِحَّةِ اعْتِقَادِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ زَاهِرِ بْنِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ حَضَرَ الأَشْعَرِيَّ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ يَلْعَنُ الْمُعْتَزِلَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ دَعَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ لَهُ: إِنِّي لا أُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ، لأَنَّ الْكُلَّ يُشِيرُونَ إِلَى مَعْبُودٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كُلُّهُ اخْتِلافُ الْعِبَارَاتِ، ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ هَذَا مَنْقَبَةٌ، وَأَرَاهُ مَذَمَّةً لأَنَّهُ مَيْلٌ إِلَى عَدَمِ تَكْفِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ اعْتِقَادَهُ وَأَنَّهُ سَلَكَ مَذْهَبًا وَسَطًا، وَأَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ وَالرَّافِضَةَ عَطَّلُوا، فَقَالُوا: لا قُدْرَةَ، وَلا سَمْعَ، وَلا بَصَرَ، وَلا حَيَاةَ، وَلا بَقَاءَ، وَالْمُجَسِّمَةُ شَبَّهُوا، وَأَنَّهُ سَلَكَ مَذْهَبًا بَيْنَهُمَا، قُلْتُ: بَلْ مَذْهَبُهُ التَّأْوِيلُ، وَرَدَّ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَالأَحَادِيثِ بِالتَّأْوِيلِ الْعَقْلِيِّ، فَالْمُعْتَزَلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ صَرَّحُوا بِالنَّفْيِ، وَهُوَ مَوَّهَ عَلَى النَّاسِ، وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِ النَّفْيُ , لأَنَّهُ أَثْبَتَ الصِّفَاتِ وَتَأَوَّلَهَا وَرَدَّ غَالِبَهَا إِلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنْهُ بِحُجَجِهِ الْعَقْلِيَّةِ، وَتَرَكَ الأُمُورَ النَّقْلِيَّةَ، وَمَحَلُّ الإِنْصَافِ أَنَّ مَا حَكَاهُ عَنْهُ فِي الاعْتِقَادِ فِيهِ الْخَطَأُ وَالصَّوَابُ وَفِيهِ الْحَسُن وَالرَّدِيءُ، ثُمَّ ذَكَرَ خُطْبَتَهُ فِي أَوَّلِ الإِبَانَةِ فِيهَا كَلامٌ جَيِّدٌ لِمَنْ قَرَأَ كَلامُهُ مِنْهَا أَنْ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَهْلِ الْقَدَرِ مَالَتْ بِهِمْ أَهْوَاؤُهُمْ إِلَى التَّقْلِيدِ لِرُؤَسَائِهِمْ، وَمَنْ مَضَى مِنْ أَسْلافِهِمْ فَتَأَوَّلُوا الْقُرْآنَ عَلَى آرَائِهِمْ تَأْوِيلا لَمْ يُنَزِّلِ اللَّهُ بِهِ سُلْطَانًا، وَلا أَوْضَحَ بِهِ بُرْهَانًا، وَلا نَقَلُوهُ عَنْ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلا عَنِ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَخَالَفُوا رِوَايَةَ الصَّحَابَةِ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ بِالإِبْصَارِ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي ذَلِكَ الرِّوَايَاتُ مِنَ الْجِهَاتِ الْمُخْتَلِفَاتِ، وَتَوَاتَرَتْ بِهِ الآثَارُ وَتَتَابَعَتْ بِهِ الأَخْبَارُ، وَأَنْكَرُوا شَفَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَرَدُّوا الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنِ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَجَحَدُوا عَذَابَ الْقَبْرِ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ فِي قُبُورِهِمْ يُعَذَّبُونَ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَدَانُوا بِخُلُقِ الْقُرْآنِ نَظِيرًا لِقَوْلِ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: قَالُوا: {إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 25] ، فَزَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ كَقَوْلِ الْبَشَرِ، وَأَثْبَتُوا أَنَّ الْعِبَادَ يَخْلُقُونَ الشَّرَّ، نَظِيرًا لِقَوْلِ الْمَجُوسِ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ خَالِقَيْنِ، أَحَدُهُمَا يَخْلُقُ الْخَيْرَ، وَالآخَرُ يَخْلُقُ الشَّرَّ، وَزَعَمَتِ الْقَدَرِيَّةُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ الْخَيْرَ، وَأَنَّ الشَّيْطَانَ يَخْلُقُ الشَّرَّ، وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَشَاءُ مَا لا يَكُونُ، وَيَكُونُ مَا لا يَشَاءُ، خِلافًا لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحُجَّةَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ يَتَفَرَّدُونَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ دُونَ رَبِّهِمْ، وَأَثْبَتُوا لأَنْفُسِهِمْ غِنًى عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَوَصَفُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْقُدْرَةِ عَلَى مَا لَمْ يَصِفُوا اللَّهَ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، كَمَا أَثْبَتَ الْمَجُوسُ لِلشَّيْطَانِ فِي الْقُدْرَةِ مِنَ الشَّرِّ مَا لَمْ يَنْسُبُوهُ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانُوا مَجُوسَ هَذِهِ الأُمَّةِ، إِذْ دَانُوا بِدِيَانَةِ الْمَجُوسِ، ثُمَّ قَالَ: وَحَكَمُوا عَلَى الْعُصَاةِ بِالنَّارِ وَالْخُلُودِ، خِلافًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] . قَالَ: وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ لا يَخْرُجُ مِنْهَا، خِلافًا لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَفَعُوا أَنْ يَكُونَ للَّهِ وَجْهٌ، مَعَ قَوْلِهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] ، وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ للَّهِ يَدَانِ، مَعَ قَوْلِهِ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] . وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ للَّهِ عَيْنَانِ مَعَ قَوْلِهِ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] . وَلِقَوْلِهِ: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] . وَنَفَوْا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا» . وَأَنَا أَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بَابًا بَابًا، قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ أَنْكَرْتُمْ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْحَرُورِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ وَالْمُرْجِئَةِ، فَعَرِّفُونَا قَوْلَكُمُ الَّذِي بِهِ تَقُولُونَ، وَدِيَانَتَكُمُ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ، قِيلَ لَهُ: قَوْلُنَا الَّذِي بِهِ نَقُولُ، وَدِيَانَتُنَا الَّتِي نَدِينُ بِهَا، التَّمَسُّكُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَنَحْنُ بِذَلِكَ مُعْتَصِمُونَ، وَبِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ـ نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَرَفَعَ دَرَجَتَهُ وَأَجْزَلَ مَثُوبَتَهُ ـ قَائِلُونَ، وَلِمَنْ خَالَفَ قَوْلَهُ مُجَانِبُونَ، لأَنَّهُ الإِمَامُ الْفَاضِلُ، وَالرَّئِيسُ الْكَامِلُ الَّذِي أَبَانَ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ عِنْدَ ظُهُورِ الضَّلالِ، وَأَوْضَحَ بِهِ الْمِنْهَاجَ، وَقَمَعَ بِهِ بِدَعَ الْمُبْتَدِعِينَ، وَزَيْغَ الزَّائِغِينَ، وَشَكَّ الشَّاكِّينَ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ إِمَامٍ مُقَدَّمٍ، وَكَبِيرٍ مُفْهِمٍ، وَعَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ وَأُمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كَلا

700 - فَقَدْ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا، أنا ابْنُ الدُّعْبُوبِ وَغَيْرُهُ، أنا الْحَجَّارُ، أنا ابْنُ اللَّتِّيِّ، أنا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الأَوَّلِ، أنا شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبِي، وَعَقَدْتُ مَجْلِسَ الْفِقْهِ، عَاوَدُونِي فِي مَجْلِسِ الْكَلامِ، وَقَالُوا: هُوَ مِنْ مَجَالِسِ أَبِيكَ فَلا تَقْطَعْهُ، فَمَا زَالُوا بِي حَتَّى حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْكَلامِ، فَخَبَّرَنِي مَسْأَلَةً ذَكَرَهَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَأَنَا أَسْتَحْيِي اللَّهَ مِنْ ذِكْرِهَا قَالَ: فَقُمْتُ وَفَتَحْتُ وَرَفَعْتُ السِّتْرَ، فَلَمْ أَحْضُرْ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُمْ مَجْلِسًا

701 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ حَدَّث عَبْدُ الْوَاحِدِ، بَعْدَمَا سُبِقَ يَقُولُ: رَأَيْتُ شَابَّيْنِ خُلِعَا مِنْ مَدْرَسَةِ أَبِي الطَّيِّبِ بِأَمْرِهِ مِنْ بَيْتِي شَابَّيْنِ حَفِيدا أَبَا بَكْر بْن فُورَكٍ

702 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَيْرٍ الْفَقِيهَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيَّ يَقُولُ: أَقَلُّ مَا فِي الْكَلامِ مِنَ الْخَسَارِ سُقُوطُ هَيْبَةِ اللَّهِ فِي الْقَلْبِ

532 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ الْعَبَّاسِ، يَقُولُ: مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ يَقُولُ: أَنْهَاكُمْ عَنِ الْكَلامِ وَتَعُودُونَ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ الْمُوعِدُ

703 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: وَجَدْتُ أَبَا حَامِدٍ الإِسْفَرَايِينِيَّ، وَأَبَا الطَّيِّبِ الصُّعْلُوكِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ الْقَفَّالَ، وَأَبَا مَنْصُورٍ الْحَاكِمَ عَلَى الإِنْكَارِ عَلَى الْكَلامِ وَأَهْلِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَهَذَا الْخَبَرُ الأَخِيرُ يَرُدُّ قَوْلَهُ فِي هَؤُلاءِ الأَرْبَعَةِ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ تَابَعُوهُ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَصْحَابَهُ أَبَا الْحَسَنِ الْمُقْرِئَ، وَسَاقَ تَرْجَمَتَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْبَاقِلانِيَّ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ لَهُ فِيهِ، وَقَدْ سَاقَ لَهُ تَرْجَمَةً طَوِيلَةً وَأَطْنَبَ فِيهِ غَايَةَ الإِطْنَابِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ وَتَرْجَمَتَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمَ بْنَ الْبَيِّعِ، وَقَدْ كَذَبَ وَافْتَرَى عَلَى هَذَا وَسَاقَ لَهُ تَرْجَمَةً طَوِيلَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَفَوْقَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذُكِرَ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيَّ الْجُرْجَانِيُّ، ثُمَّ ذُكِرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ وَهَذَا مُسَلَّمٌ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا سَعْدِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ الْخَرْكُوشِيُّ، لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبَا عُمَرَ الْبَسْطَامِيُّ، وَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا الْقَاسِمِ ابْنَ أَبِي عَمْرٍو الْبَغْدَادِيَّ، وَذَكَر مِنْهُمْ أَبَا الْحَسَنِ ابْنَ ماشاذة، وَذَكَرَ مِنْهُمُ الشَّرِيفَ أَبَا طَالِبِ بْنَ الْمُهْتَدِي، وَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لَهُ فِيهِ، وَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا مَعْمَرِ بْنَ أَبِي سَعْدٍ الْجُرْجَانِيِّ، وَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لَهُ فِيهِ، وَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا حَازِمٍ الْعَبْدُوِيَّ، وَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِينِيَّ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا عَلِيِّ بْنَ شَاذَانَ، وَهَذَا لَيْسَ مُسَلَّمٌ لَهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ مُحَدِّثٌ حَنْبَلِيٌّ كَبِيرٌ افْتُرِيَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا نُعَيْمٍ الْحَافِظَ، وَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لَهُ فِيهِ وَهُوَ اخْتِلافٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا حَامِدٍ الأُسْتَوَائِيَّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْحَسَنِ السَّعْدِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا مَنْصُورٍ الأَيُّوبِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْحَسَن النُّعَيْمِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا طَاهِرِ بْنَ خُرَاشَةَ الدِّمَشْقِيَّ الْمُقْرِئَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا مَنْصُورٍ النَّيْسَابُورِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا ذَرٍّ الْهَرَوِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيَّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا الْقَاسِمَ الْبَغْدَادِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيَّ قَاضِيَ الْمَوْصِلِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا حَاتِمٍ الطَّبَرِيَّ الْمَعْرُوفَ بِالْقَزْوِينِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْحَسَنِ رَشَأَ بْنَ نَظِيفٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيَّ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ اللَّبَّانِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا الْفَتْحِ الرَّازِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا الْفَتْحِ الْخَبَّازِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْفَضْلِ الْبَغْدَادِيَّ الْمَالِكِيَّ، ثُمَّ أَبَا الْفَضْلِ بْنَ عُمْرُوسٍ، وَأَبَا الْقَاسِمِ الإِسْفَرَايِينِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ الْبَيْهَقِيَّ، وَسَاقَ لَهُ تَرْجَمَةً مُطَوَّلَةً وَهُوَ رَجُلٌ فَضِيلٌ إِلا أَنَّهُ مُسَلَّمٌ لَهُ فَإِنَّهُ فِي جُمْلَةِ الْمُتَعَصِّبِينَ لِلأَشْعَرِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنَ الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ الْخَطِيبَ الْبَغْدَادِيَّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ وَقَدْ كَانَ الْخَطِيبُ كَثِيرَ الْعَصَبِيَّةِ عَلَى أَصْحَابِنَا حَتَّى إِنَّهُ تَكَلَّمَ فِي نَفْسِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ وَشَنَّعَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَجَرَّحَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ أَنْصَفَ فِيهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، فِي كِتَابِهِ السَّهْمِ الْمُصِيبِ فِي تَعْصِيبِ الْخَطِيبِ، وَكَأَنَّهُ ذَرَءَ اللَّوْمَ وَالضَّيْمَ وَغَيَّرَ ذَلِكَ بِمَا فِيهِ كِفَايِة، وَلا زَالَ الْخَطِيبُ مُتَعَصِّبًا عَلَى إِمَامِنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى أَصْحَابِهِمَا، وَأَمْرُهُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ حَتَّى إِنَّهُ تَكَلَّمَ فِي أَبِي حَنِيفَةَ بِأُمُورٍ لا يَحِلُّ ذِكْرُهَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيَّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا عَلِيِّ بْنَ أَبِي حَرِيصَةَ، وَأَبَا الْمُظَفَّرِ الإِسْفَرَايِينِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْفَتْحِ نَصْرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيَّ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنَ الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ، أَبَا الْمُظَفَّرِ الْخَوَافِيَّ، وَأَبَا الْحَسَنِ الطَّبَرِيَّ الْمَعْرُوفَ بالكِيَا، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْغَزَالِيَّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ، وَأَطْنَبَ فِيهِ وَسَاقَ فِيهِ تَرْجَمَةً طَوِيلَةً جِدًّا، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ الشَّاشِيَّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْقَاسِمِ الأَنْصَارِيَّ النَّيْسَابُورِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا نَصْرِ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيَّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الأَشْيَاءَ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ سَلْمَانَ الأَصْبَهَانِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا سَعِيدِ بْن أَبِي نَصْرٍ الْعُمَرِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ الشَّرِيفَ الْعُثْمَانِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيَّ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا سَعْدٍ الكِرْمَانِي، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْحَسَنِ السُّلَمِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا مَنْصُورٍ مَحْمُودَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ ماشاذة، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْفُتُوحِ الإِسْفَرَايِينِيَّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا الْفَتْحِ الْمِصِّيصِيَّ وَأَطَالَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْهُمْ: وَالْمَقْصُودُ مِنْ إِظْهَارِ فَضْلِهِ بِفَضْلِ أَصْحَابِهِ كَمَا أَشَرْتُ، قَالَ: وَلَوْلا خَوْفِي مِنَ الإِمْلالِ لِلإِسْهَابِ وَإِيثَارِي الاخْتِصَارَ لِهَذَا الْكِتَابِ، لَتَتَبَّعْتُ ذِكْرَ جَمِيعِ الأَصْحَابِ وَأَطْنَبْتُ فِي مَدْحِهِمْ غَايَةَ الإِطْنَابِ، وَكُنْتُ أَكُونُ بَعْدَ بَذْلِ الْجَهْدِ مُقَصِّرًا، وَمِنْ تَقْصِيرِي بِالإِخْلالِ بِذِكْرِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ مُعْتَذِرًا، فَكَمَا لا يُمْكِنُنِي إِحْصَاءُ نُجُومِ السَّمَاءِ كَذَلِكَ لا يُمْكِنُ اسْتِقْصَاءَ ذِكْرِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ، مَعَ تَقَادُمِ الأَعْصَارِ، وَكَثْرَةِ الْمُشْتَهِرِينَ فِي الْبُلْدَانِ وَالأَمْصَارِ، وَانْتِشَارِهِمْ فِي الأَقْطَارِ، فَاقْتَنِعُوا مِنْ ذِكْرِ حِزْبِهِ بِمَنْ سُمِّيَ وَوُصِفَ، وَاعْرِفُوا فَضْلَ مَنْ لَمْ يُسَمَّ لَكُمْ بِمَنْ سُمِّيَ وَعُرِفَ، وَلا تَسْأَمُوا إِنْ مُدِحَ الأَعْيَانُ وَقُرِضَ الأَئِمَّةُ؛ فَعِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ، يُرِيدُ التَّخْفِيفَ بِذَلِكَ وَالتَّقْبِيشَ فَإِنَّهُ مَا أَبْقَى أَحَدًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَبَذَلَ الْمَجْهُودَ فِي الذِّكْرِ وَأَطَالَ فِي التَّرَاجِمِ غَايَةَ الإِطَالَةِ، وَقَدْ أَدْخَلَ فِي ذِكْرِ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةً كَانُوا يَتَبَرُّونَ مِنْهُ وَيُجَانِبُونَهُ هُوَ وَأْصَحَابَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟ يَأْتِي بِالأَجَانِبِ يُدْخِلُهُمُ الْبَيْتَ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ الأَقَارِبِ هَذَا هُوَ الْمُحَالُ.

فصل

فَصْلٌ وَنَحْنُ نَذْكُرُ جَمَاعَةً مِمَّنْ وَرَدَ عَنْهُمْ مُجَانَبَةُ الأَشَاعِرَةِ، وَمُجَانَبَةُ الأَشْعَرِيِّ، وَأَصْحَابُهُ مِنْ زَمَنِهِ وَإِلَى الْيَوْمِ عَلَى طَرِيقِ الاخِتْصَارِ لا عَلَى بَابِ التَّطْوِيلِ فِي التَّرَاجِمِ كَمَا فَعَلَ، وَالاتِّسَاعِ وَلَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ لَوَضَعْتُ مُجَلَّدَاتٍ عَدِيدَةً فِي هَذَا الْبَابِ، مِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَرْبَهَارِيُّ، الْفَقِيهُ الْقُدْوَةُ شَيْخُ الْعِرَاقِ، قَالَ وَصَالَ وَكَانَ لَهُ صِيتٌ عَظِيمٌ، وَخِدْمَةٌ تَامَّةٌ، أَخَذَ عَنِ الْمَرْوَزِيِّ وَصَحِبَ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيَّ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيفَ، جَاءَ إِلَيْهِ الأَشَعْرِيُّ فَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: رَدَدْتَ عَلَى الْجُبَّائِيِّ، وَالْمُعْتَزِلَةِ وَفَعَلْتَ وَقُلْتَ، فَقَالَ لَهُ: لا نَعْرِفُ مِمَّا تَقُولُ قَلِيلا وَلا كَثِيرًا وَإِنَّمَا نَعْرِفُ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، كَانَ الْمُخَالِفُونَ يُغْلِظُونَ قَلْبَ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ فَقُبِضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاسْتَتَرَ هُوَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، ثُمَّ تَغَيَّرَتِ الدَّوْلَةُ وَزَادَتْ حُرْمَةُ الْبَرْبَهَارِيِّ ثُمَّ شَنَّعَتِ الْمُبْتَدِعَةُ بِهِ فَنُودِيَ بِأَمْرِ الرَّاضِي فِي بَغْدَادَ لا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ الْبَرْبَهَارِيِّ فَاخْتَفَى إِلَى أَنْ مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِمَامًا مُقَدَّمًا فِي سَائِرِ الْعُلُومِ، مُعَظِّمًا مُجَانِبًا لِلأَشْعَرِيِّ لا يَرَى شَيْئًا فِي كَلامِهِ، وَلا يَقْبَلُ لَهُ قَوْلا. وَمِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ قَدْ ذَكَرَهُ هُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ وَيَرُدُّ قَوْلَهُ فِيهِ

127 - مَا أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا، أنا ابْنُ الدُّعْبُوبِ، أنا الْحَجَّارُ، أنا ابْنُ اللَّتِّيِّ، أنا السِّجْزِيُّ، أنا الأَنْصَارِيُّ، سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِنَا مِنْهُمْ مَنْصُورُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَقِيهُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ، قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ وَلُقِّبَ بِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ الْفَقِيهَ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ الأَشْعَرِيَّ بِالْبَصْرَةِ فَأَخَذْتُ عَنْهُ شَيْئًا فِي الْكَلامِ، فَرَأَيْتُ مِنْ لَيْلَتِي فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي عُمِّيتُ , فَقَصَصْتُهَا عَلَى الْمُعَبِر، فَقَالَ: إِنَّكَ تَأْخُذُ عِلْمًا تَضِلُّ بِهِ , فَأَمْسَكْتُ عَنِ الأَشْعَرِيِّ، فَرَآنِي بَعْدُ يَوْمًا فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا زَيْدٍ مَا تُخَالِفُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى خُرَاسَانَ عَالِمًا بِالْفُرُوعِ جَاهِلا بِالأُصُولِ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ: اكْتُمْهَا عَلَيَّ هَهُنَا وَمِنْهُمْ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، كَانَ إِمَامًا مُقَدَّمًا، قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ إِمَامًا رَوَى عَنْهُ ثَلْبَ الأَشْعَرِيّ. وَمِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ الْحَرِيرِيُّ، كَانَ مِنَ الْمُقَدَّمِينَ الْمُبْرَزِينَ فِي الْعِلْمِ، رَوَى عَنْهُ مُجَانَبَةَ أَصْحَابِ الْكَلامِ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ، كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، رَوَى عَنْهُ مُجَانَبَتَهُمْ وَلَعْنَهُمْ. وَمِنْهُمْ أَبُو حَامِدٍ الشَّارِكِيُّ، كَانَ إِمَامًا مُحَدِّثًا مُتَّبِعًا لِلسُّنَّةِ، وَكَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو يَعْقُوبَ بْنُ زُورَانَ الْفَقِيهُ الْفَارِسِيُّ الْمُجَاوِرُ مُفْتِي الْحَرَمِ بِمَكَّةَ، كَانَ إِمَامًا عَالِمًا مُجَانِبًا لَهُمْ. وَمِنْهُمُ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الصَّابُونِيُّ، كَانَ إِمَامًا جَلِيلا لَمَّا حَلَّ إِلَى بُخَارَى أُحْضِرَ أَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ لِيُكَلِّمَهُ، فَقَالَ: لا أُكَلِّمُهُ إِنَّهُ مُتَكَلِّمٌ، وَمِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ، كَانَ إِمَامًا مُقَدَّمًا مُجَانِبًا لَهُمْ، قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ: رَأَيْتُهُ مَا لا أَحْصَي غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى مِنْبَرِهِ يَكْفُرُهُمْ، وَيَلْعَنُهُمْ، وَيَشْهَدُ عَلَى الأَشْعَرِيِّ بِالزَّنْدَقَةِ، وَمِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ، كَانَ إِمَامًا كَبِيرًا مُجَانِبًا لَهُمْ يَنْهَى النَّاسَ عَنْهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّهَاوَنْدِيُّ، كَانَ إِمَامًا جَلِيلا، ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، عِظَمَ شَأْنِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ مُنْكِرًا عَلَى أَهْلِ الْكَلامِ، وَتَكْفِيرِ الأَشْعَرِيَّةِ، وَهَجَرَ أَبَا الْفَوَارِسِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، قَالَ الدِّينَوَرِيُّ: لَقِيتُ أَلْفَ شَيْخٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ النُّهَاوَنْدِيُّ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، كَانَ إِمَامًا مُعَظَّمًا تَابِعًا لِلسُّنَّةِ مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدِّينَوَرِيُّ، كَانَ إِمَامًا مُعَظَّمًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ، كَانَ إِمَامًا مُحَدِّثًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الزَّاهِدُ الْهَرَوِيُّ، كَانَ إِمَامًا مُحَدِّثًا جَلِيلا مُعَظِّمًا لِلسُّنَّةِ، يَلْعَنُهُمْ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَالِينِيُّ: قِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ الدِّينَارِيَّ نَاضَلَ عَنْكَ، فَقَالَ: وَإيَّاهُ فَلَعَنَ اللَّهُ لأَنَّهُ كِلابِيٌّ. وَمِنْهُمْ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيُّ، خِلافًا لِمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْهُ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ عَنْهُ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ. وَمِنْهُمْ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ، ذَكَرَ عَنْهُ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ خِلافًا لِمَا ذَكَرَهُ، وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ، ذَكَرَ بَعْضُهُمْ ذَمَّهُ لِلْكَلامِ وَأَهْلِهِ، وَمِنْهُمْ أَبُو مَنْصُورٍ الْحَاكِمُ، ذَكَرَ الأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُ مُجَانَبَتَهُ لَهُمْ وَذَمَّهُ، قَالَ ابْنُ دَبَّاسٍ: ذُكِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْء مِنَ الْكَلامِ فَأْدَخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ. وَمِنْهُمْ أَبُو عُمَرَ الْبَسْطَامِيُّ، كَانَ ذَامًّا لَهُمْ مُشَنِّعًا عَلَيْهِمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو الْمُظَفَّرِ التِّرْمِذِيُّ حَبَّالُ بْنُ أَحْمَدَ، إِمَامُ أَهْلِ تِرْمِذَ، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِالزَّنْدَقَةِ، وَمِنْهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَاكِمِيُّ، كَانَ إِمَامًا مُحَدِّثًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، كَانَ إِمَامًا جَلِيلا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ هَيْضَمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَيْضَمٍ، كَانَ إِمَامًا مُحَدِّثًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّابُونِيِّ، كَانَ إِمَامًا جَلِيلا كَثِيرَ الْعُدَدِ، وَذُكِرَ عَنْهُ جَمَاعَةٍ مُجَانَبَتُهُ لَهُمْ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ: مَا صَلَّى أَبُو نَصْرٍ الصَّابُونِيُّ عَلَى أَبِيهِ لِلْمَذْهَبِ، وَمِنْهُمُ الْحَسَنُ بْن أَبِي أُسَامَةَ الْمَكِّيُّ، كَانَ إِمَامًا جَلِيلا، وَكَانَ يَلْعَنُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ الْكَلامَ إِلَى الْحَرَمِ وَبَثَّهُ فِي الْمَغَارِبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْصُورُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَقِيهُ كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، كَانَ إِمَامًا مُعَظَّمًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْمَالِينِيُّ، كَانَ إِمَامًا كَبِيرًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، كَانَ إِمَامًا، وَكَانَ يَشْهَدُ عَلَى الأَشْعَرِيِّ بِالزَّنْدَقَةِ، وَمِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الطَّالْقَانِيُّ، كَانَ إِمَامًا مُجَانِبًا لَهُمْ يَلْعَنَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو نَصْرٍ الزَّنَّادُ، كَانَ يَذُمُّهُمْ وَيُجَانِبُهُمْ، وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الخباموشي الْفَقِيهُ الرَّازِيُّ، كَانَ إِمَامًا مُحَدِّثًا مُجَانِبًا لَهُمْ يَلْعَنُهُمْ، وَيُطْرِي الْحَنَابِلَةَ، وَمِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَصَّابُ الأَيْلِيُّ، كَانَ إِمَامًا يَذُمُّهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهْ الْحَافِظُ، كَانَ إِمَامًا كَبِيرًا حَافِظًا مُجَانِبًا لَهُمْ رَادًّا عَلَيْهِمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي سَهْلٍ الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ، كَانَ إِمَامًا كَبِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقْرِئُ: كَانَ يَلْعَنُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ صَلاةِ الْغَدَاةِ فِي الْمِحْرَابِ فِي الْجُمَعِ وَهُمْ يُؤْمِنُونَ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَّانِيُّ، كَانَ إِمَامًا فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْقَرِينَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَانَ ذَامًّا لَهُمْ مُشَنِّعًا عَلَيْهِمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ خُزَيْمَةَ، الإِمَامُ الْمُحَدِّثُ كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ الشَّعْرَانِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، كَانَ إِمَامًا كَبِيرًا مُحَدِّثًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْعِرَاقِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيفِ وَالسُّنَنِ، وَكَانَ لَهُ حَلْقَتَانِ حَلْقَةُ الْفَتْوَى وَحَلْقَةُ الإِمْلاءِ، وَكَانَ رَأْسًا فِي الْفِقْهِ، رَأْسًا فِي الْحَدِيثِ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيُفْطِرُ عَلَى رَغِيفٍ، وَيَتْرُكُ مِنْ لُقَمِهِ فَإِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَكَلَ تِلْكَ اللُّقَمِ، وَتَصَدَّقَ بِالرَّغِيفِ كَانَ رَحِمَهُ اللَّهَ مُجَانِبًا لَهُمْ. وَمِنْهُمْ أَبُو عَلِيِّ بْنُ جَامِعٍ الْقَاضِي، مِنْ فُضَلاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَهُوَ إِمَامٌ كَبِيرٌ، لَهُ مَدْحٌ كَبِيرٌ كَانَ مُجَانِبًا لَهُ ذَامًّا لَهُ، وَمِنْهُمْ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ الْبَقَّالِ، كَانَ إِمَامًا مُحَدِّثًا، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ ذَامًّا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ الْعَدْلُ، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ ذَامًّا، وَمِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ الأَهْوَازِيُّ، وَكَانَ مِنَ الْمُخْلِصِينَ كَانَ ذَامًّا لَهُمْ مُجَانِبًا، وَمِنْهُمْ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، شَيْخُ السُّنَّةِ، كَانَ قَائِدًا مُتَعَفِّفًا مُجَانِبًا لَهُمْ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَمِنْهُمُ الْعَمِيدُ الْوَزِيرُ أَبُو الْفَضْلِ الْكَاتِبُ، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ بِلَعْنِهِمْ عَلَى الْمَنَابِرِ مَعَ حَمَلَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ الْبَغْدَادِيُّ، الْمُحَدِّثُ الإِمَامُ الْكَبِيرُ، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَارِكٍ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ مُفْتِي هَرَاةَ، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، تَلْمِيذُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيِّ، صَنَّفَ فِي الأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَكَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ، رَادًّا عَلَيْهِمْ كَشَيْخِهِ، وَمِنْهُمْ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عَامِرٍ الشَّافِعِيُّ، الإِمَامُ الْكَبِيرُ، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الْمُذَكِّي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، كَانَ إِمَامًا كَبِيرًا مُجَانِبًا لَهُمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ، صَاحِبُ الْخَلَّالِ وَشَيْخُ الْحَنَابِلَةِ، وَعَالِمُهُمُ الْمَشْهُورُ، كَانَ مُجَانِبًا لَهُمْ ذَامًّا، وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ

§1/1