جمال القراء وكمال الإقراء ت عبد الحق

السخاوي ، علم الدين

الجزء الأول

الجزء الأول مقدّمة [المحقق] الحمد لله العزيز الوهاب، أنزل على عبده الكتاب، هدى وذكرى لأولى الألباب، والصلاة والسلام على سيد الأحباب، نبينا محمد- صلّى الله عليه وسلّم- النبي الأمي المبعوث بالحق والصواب، الشافع المشفع يوم الحساب، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب. أما بعد: فإن علوم القرآن الكريم أرفع العلوم قدرا، وأشرفها ذكرا، والاشتغال بها من أجلّ الأعمال وأفضل القربات، لأنها تتعلق بخدمة كتاب الله تعالى، وقد كان القرآن الكريم موضع عناية من النبي صلّى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام، ومن تبعهم من العلماء الأجلاء الذين عكفوا عليه يدرسونه ويستخرجون كنوزه، فأولوه عناية فائقة، فاعتنوا بتفسيره وبيان أساليبه وبلاغته، إلى غير ذلك، وتناولوا كثيرا من نواحيه بالبحث والتوضيح، وتنافسوا في هذا الميدان الفسيح، وأفنوا أعمارهم في تصنيف الكتب التي تخدم هذا القرآن العظيم، وهم بهذا يكونون قد أدوا واجبهم نحوه، كل بحسب ما أوتى من العلم، فخلفوا لنا تراثا علميا تزخر به المكتبات في أنحاء المعمورة، وكلها تدل على العناية بهذا الدستور الإلهي الرباني الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ... «1». ومعظم هذا التراث لا زال مخطوطا ينتظر من ينفض عنه الغبار، ويخرجه إخراجا سليما، بحيث يكون في متناول طلاب العلم والمعرفة، وبخاصة طلاب الدراسات العليا. ومن أجلّ هذه المخطوطات ما يسمى في اصطلاح المتأخرين ب «علوم القرآن»، واني أحمد الله سبحانه وتعالى الذي وفقني لتحقيق كتاب من خيرة الكتب التي صنفت في علوم

_ (1) سورة فصلت (42).

القرآن، ألا وهو «جمال القراء وكمال الإقراء» لموضوع بحثي، وهو لعلم الدين السخاوي المتوفي سنة 643 هـ، وقد كنت أحد خريجي كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، وكنت شغوفا في حبي لكتاب الله تعالى ومعرفة علومه، ومنّ الله عليّ بالالتحاق بشعبة التفسير وعلوم القرآن من قسم الدراسات العليا، وكان عملي في مرحلة الماجستير في موضوع «عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير» فأردت أن أجمع بين الحسنيين، الموضوع والتحقيق، فاخترت هذا الكتاب وهو كتاب مهم ومفيد، إذ تناول فيه مؤلفه أنواعا من العلوم المتصلة بالقرآن الكريم، كمعرفة المكي والمدني، والكلام على إعجاز القرآن وفضائله، وكيفية تأليفه، وتجزئته وعدد آياته وسوره، وذكر الشواذ، وناسخ القرآن ومنسوخه، وغير ذلك، وهي موضوعات مهمة، كلها تتعلق بالقرآن الكريم. فألفيته جديرا بالاهتمام والتحقيق، وبخاصة أن مؤلفه علم الدين السخاوي الذي أجمع المؤرخون له على جلالة قدره، فشد هذا من أزري وشجعني على اختيار هذا الموضوع، ولا شك أن العمل في مجال تحقيق التراث، مجال فيه مشقة وتعب، وفي الوقت نفسه فيه لذة وسعادة، وإن بعض من لم يمارس عمل التحقيق ويكابد مشقته، يظن أنه عمل سهل وميسور، ويظن أنه مجرد إزالة الغبار عن كتاب مغمور ونسخه وإخراجه، والواقع أن تحقيق كتب التراث يحتاج إلى وقت وجهد كبير، ويتمثل ذلك في التعليق على بعض المسائل المهمة، وإيضاح القضايا العلمية التي تحتاج إلى إيضاح، وعزو الآيات القرآنية وتخريج الأحاديث النبوية، وترجمة الأعلام .. إلى غير ذلك، مما يخدم النص، ويخرجه إلى طلاب العلم والمعرفة بثوب يليق به، وهذا ما حاولت أن أسلكه في تحقيق هذا الكتاب، وقد كانت مهمتي شاقة، إذ أن الكتاب يشتمل على عدة علوم، كل علم يكاد يكون علما مستقلا بذاته ويحتاج إلى متخصص، وحسبي أني اجتهدت وبذلت طاقتي فإن أصبت فالحمد لله الذي وفقني للصواب، وإن أخطأت، فكل بني آدم خطاء، والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط، وهو حسبي ونعم الوكيل.

تمهيد

تمهيد وقد ضمنته ما يأتي: أ) تعريف علوم القرآن. ب) أهم المصنفات في علوم القرآن منذ عصر التدوين حتى عصر علم الدين السخاوي. ج) أثر كتاب «جمال القراء فيمن جاء بعده من المؤلفين». وقبل الشروع في الحديث عن هذه القضايا أقول وبالله التوفيق: لقد كان الصحابة- رضي الله عنهم- عربا خلصا، يتذوقون الأساليب الرفيعة ويفهمون ما ينزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم من الآيات البينات. فإذا أشكل عليهم فهم شيء من القرآن، سألوا عنه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيبيّن لهم ما خفي عليهم، لأن الله آتاه الكتاب وعلّمه ما لم يكن يعلم، فلم تكن الحاجة ماسة إلى وضع تأليف في «علوم القرآن» في عهده صلّى الله عليه وسلّم «1». وظلت علوم القرآن تروى بالتلقين والمشافهة على عهده صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم على عهد الشيخين أبي بكر وعمر- رضي الله عنهما- وفي خلافة عثمان- رضي الله عنه- بدأ اختلاط العرب بالأعاجم، فأمر عثمان أن يجتمعوا على مصحف إمام، وأن تنسخ منه مصاحف للأمصار، وأن يحرق الناس كل ما عداها «2». وقد شكلت لجنة لهذا العمل الجليل برئاسة زيد بن ثابت- رضي الله عنه- فوضعت

_ (1) انظر مناهل العرفان 1/ 29، ومباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ص 119، والشيخ مناع القطان ص 9. (2) وسيأتي بيان هذا الموضوع- ان شاء الله- في هذا الكتاب عند كلام السخاوي على تأليف القرآن ص 308.

أ) تعريف علوم القرآن:

لها منهجا اتبعته في رسم الكلمات التي ورد فيها أكثر من قراءة صحيحة، وبهذا تكون هذه اللجنة قد وضعت الأساس لعلم رسم القرآن «1». و «علوم القرآن» كلمة شاملة تعم كل ما يتعلق بالقرآن الكريم. وهذا موضوع واسع، وبحر لا ساحل له. يقول الزركشي (ت: 794 هـ) (وعلوم القرآن لا تنحصر، ومعانيه لا تستقصى .. ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه، كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث «2») اهـ. إذن فلم تكن علوم القرآن قد اتخذت وضعا مستقلا في العصور الإسلامية الأولى وإنما وردت متفرقة في روايات المحدثين، وأقوال العلماء ومقدمات كتب التفسير (كالطبري والحوفي والزمخشري وابن عطية والقرطبي .. ) «3». وهناك بعض العلماء ألفوا كتبا في موضوعات مختلفة تتصل بالقرآن الكريم في جانب من جوانبه المتعددة، وكانت طريقتهم استقصاء جزئيات القرآن، ثم جمعت هذه المباحث تحت عنوان «علوم القرآن» «4». أ) تعريف علوم القرآن: هذا اللفظ مركب إضافي، وله جزءان، مضاف وهو «علوم»، ومضاف إليه وهو «قرآن». وله معنيان، معنى باعتباره مركبا اضافيا، ومعنى باعتباره «علما». أما المعنى الأول: فيراد بكلمة «علوم» - وهو المضاف-: كل علم يخدم القرآن الكريم، ويتصل به، ويستند إليه، وينتظم ذلك علم التفسير، وعلم أسباب النزول، وعلم إعجاز القرآن، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم إعراب القرآن وعلم القراءات، وعلم عد الآي وفواصلها، وعلم الرسم العثماني، وعلم الدين من فقه وتوحيد وغيرهما، وعلم العربية من نحو وبلاغة وسواهما.

_ (1) راجع مناهل العرفان 1/ 30، ومباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح ص 120، وفي رحاب القرآن 1/ 152. (2) البرهان 1/ 9. (3) انظر مقدمة الإتقان 1/ 7. (4) راجع لمحات في علوم القرآن ص 96.

ب) أهم المصنفات في علوم القرآن من بدء التدوين حتى عصر السخاوي:

ويراد بكلمة «القرآن» وهو المضاف إليه: الكتاب المقدس المنزل على سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم المتعبد بتلاوته «1». والمعنى الثاني: يراد به أن لفظ «علوم القرآن»: نقل من هذا المعنى الإضافي، وجعل «علما» على الفن المدون، وأصبح مدلوله «علما» غير مدلوله مركبا اضافيا «2». ويمكن تعريفه باعتباره «علما» بأنه المباحث المتعلقة بالقرآن من ناحية مبدأ نزوله، وكيفية هذا النزول، ومكانه ومدته، ومن ناحية جمعه وكتابته في العصر النبوي، وعهد أبي بكر وعثمان، ومن ناحية إعجازه وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وأقسامه وأمثاله، ومن ناحية ترتيب سوره وآياته وترتيله وأدائه إلى غير ذلك «3». وإنه لمن الصعب الجزم بتحديد أول من جمع هذه العلوم في كتاب واحد «4». إلّا أن الشيخ عبد العظيم الزرقاني يذكر أن أول من ألّف في علوم القرآن هو علي بن إبراهيم بن سعيد المشهور بالحوفي المتوفي سنة 430 هجرية. حيث صنف كتابه «البرهان في علوم القرآن» «5». هذا ما يراه الزرقاني- رحمه الله- ولكن بالاطلاع وجدت أن هناك من ألّف في علوم القرآن من قبل الحوفي كالواقدي المتوفي سنة 207 هـ حيث صنف كتابه «الرغيب في علم القرآن» وابن المرزبان المتوفي سنة 309 هـ الذي ألّف كتابه «الحاوي في علوم القرآن» وغيرهما ممن سيأتي ذكرهم في الفقرة التالية. ب) أهم المصنفات في علوم القرآن من بدء التدوين حتى عصر السخاوي: لقد تتبعت المصنفات التي تحمل هذا العنوان «علوم القرآن» أو كلمة نحوها منذ عصر التدوين إلى عصر السخاوي، ورجعت في ذلك إلى كثير من مصنفات علوم القرآن، والفهارس العامة والمخطوطات، وظفرت بالكتب التالية: وسأرتبها حسب وفيات مؤلفيها، مع الإشارة إلى المطبوع منها أو المخطوط، وما وجدت إلى ذلك سبيلا:

_ (1) انظر من علوم القرآن ص 5، 6، وفي رحاب القرآن 2/ 7، 8. (2) المصدران السابقان. (3) انظر مناهل العرفان 1/ 23، 27، ومباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ص 15، والتبيان في علوم القرآن للشيخ علي الصابوني ص 6. (4) لمحات في علوم القرآن ص 97. (5) مناهل العرفان 1/ 35.

[1] الرغيب في علم القرآن: لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي المتوفى سنة 207 هـ ذكره ابن النديم «1». وهو مخطوط «2». [2] الحاوي في علوم القرآن: لأبي بكر محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة 309 هـ قال ابن النديم: كبير، سبعة وعشرون جزءا «3». وكذلك قال إسماعيل باشا البغدادي «4». وذكره الزركلي «5»، والدكتور محمد سالم محيسن «6»، دون أن يذكرا عدد الأجزاء، وهو مخطوط «7». [3] عجائب علوم القرآن: لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هـ، تكلم فيه مؤلفه على فضائل القرآن، ونزوله على سبعة أحرف، وكتابة المصاحف، وعدد السور والآيات والكلمات «8». وهو مخطوط «9». وذكره الدكتور محمد سالم محيسن بعنوان «في علوم القرآن «10»». وتوجد منه نسخة في مجلد في مكتبة البلدية بالإسكندرية، مكتوبة بقلم نسخ واضح سنة 651 هـ بخط علي بن إبراهيم بن محمد (3599 ج) قال المفهرس: وقد أخذنا نسبة هذا الكتاب إلى ابن الأنباري من أوائل فصوله «11» اهـ. [4] الشافي في علم القرآن: تأليف يونس بن محمد بن إبراهيم الوفراوندي، ذكره ابن النديم «12» وهو مخطوط «13»، وذكره كذلك ياقوت الحموي «14».

_ (1) الفهرست ص 144. (2) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 402. (3) الفهرست ص 214. (4) هدية العارفين 2/ 26. (5) الأعلام 6/ 115. (6) في رحاب القرآن 2/ 12. (7) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 401. (8) انظر مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ص 122. (9) انظر الأعلام 6/ 334. (10) في رحاب القرآن 2/ 12. (11) فهرس مكتبة بلدية الاسكندرية علم تفسير القرآن ص 20. (12) الفهرست ص 128، وانظر طبقات المفسرين للداودي 2/ 385. (13) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 402. (14) معجم الأدباء 20/ 68.

[5] الشامل في علم القرآن: لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي المتوفى سنة 330 هـ. ذكره ابن النديم «1»، وهو مخطوط «2». [6] المختزن في علوم القرآن: لأبي الحسن الأشعري المتوفى سنة 334 هـ «3». وهو عظيم جدا «4». [7] إمام التنزيل في علم القرآن: تأليف الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي المتوفى سنة 360 هـ وهو مخطوط «5». [8] الأنوار في علم القرآن: لأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم المتوفي سنة 362 هـ ذكره ابن النديم «6»، والزركلي بعنوان «الأنوار في تفسير القرآن «7»». [9] الآمد في علوم القرآن: تأليف عبيد الله بن محمد بن جرو الأسدي المتوفى سنة 387 هـ وهو مخطوط «8». [10] الاستغناء في علوم القرآن: لأبي بكر محمد بن علي بن أحمد الأدفوي المتوفى سنة 388 هـ ذكره أبو شامة «9»، والدكتور صبحي الصالح «10»، وأستاذنا الدكتور محمد سالم محيسن «11». وهو مخطوط، قال الزركلي: يقع في مائة جزء، رأى منها صاحب «الطالع السعيد» «عشرين مجلدا» «12» هـ. [11] التنبيه على فضل علوم القرآن: لأبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري المتوفى سنة 406 هـ.

_ (1) الفهرست ص 215. (2) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 403. (3) هكذا نص ابن فرحون على أن وفاته كانت سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وفي بعض المصادر (324 هـ). (4) انظر الديباج المذهب في أعيان المذهب ص 195. (5) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 399. (6) الفهرست ص 49. (7) الأعلام 6/ 81. (8) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 399. (9) انظر المرشد الوجيز ص 118. (10) مباحث في علوم القرآن ص 122. (11) في رحاب القرآن 2/ 12. (12) الأعلام 6/ 274، وانظر معجم الدراسات القرآنية ص 399.

ذكره كل من الزركشي «1»، والسيوطي «2»، ونقلا عنه. [12] البرهان في علوم القرآن: لأبي الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة (430 هـ) يوجد من هذا الكتاب أجزاء كثيرة مخطوطة «3». وأفاد الزرقاني أنه ظفر في دار الكتب المصرية بهذا الكتاب، وهو يقع في ثلاثين مجلدا، والموجود منه خمسة عشر مجلدا، غير مرتبة ولا متعاقبة .. إلخ. قال: وقد رأيته يعرض الآية الكريمة بترتيب المصحف، ثم يتكلم عليها من علوم القرآن «4» .. إلخ. [13] البيان في علوم القرآن: لأبي عامر فضل بن إسماعيل الجرجاني المتوفى في حدود سنة 445 هـ، ذكره حاجي خليفة «5»، وإسماعيل باشا البغدادي «6». [14] البيان الجامع لعلوم القرآن: لأبي داود سليمان بن نجاح المقرئ المتوفى سنة 496 هـ ذكره الذهبي والزركلي، وقالا: يقع في ثمانمائة جزء «7». [15] رسالة في علوم القرآن: لأبي محمد جعفر بن أحمد بن السراج المتوفى سنة 500 هـ مخطوط في الظاهرية رقم 5987 ضمن مجموع «8». [16] جواهر القرآن: لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي المتوفى سنة 505 هـ ضمنها الكلام على أنواع علوم القرآن .. طبع عدة طبعات «9». [17] مقدمتان في علوم القرآن: مقدمة ابن عطية المتوفى سنة 542 هـ، ومقدمة المباني طبع في مصر- مكتبة الخانجي سنة 1392 هـ بتحقيق آرثر جعفري.

_ (1) انظر البرهان في علوم القرآن 1/ 192. (2) انظر الاتقان في علوم القرآن 1/ 22. (3) راجع فهرس معهد المخطوطات العربية ص 22 - 24، وفهرس علوم القرآن في مركز البحث العلمي- جامعة أم القرى 1/ 41 - 51، والأعلام للزركلي 4/ 250، ومعجم الدراسات القرآنية ص 399. (4) مناهل العرفان 1/ 34 - 35، وفي الطبعة التي بين يدي توفي الحوفي سنة 330 هـ وهو خطأ. (5) كشف الظنون 1/ 263. (6) هدية العارفين 1/ 819. (7) انظر: معرفة القراء الكبار 1/ 451، والأعلام للزركلي: 3/ 137. (8) انظر معجم الدراسات القرآنية ص: 402. (9) انظر فهرس المكتبة الأزهرية مجلد 1/ 174.

[18] فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن: ويسمى: فنون الأفنان في عيون علوم القرآن- لابن الجوزي طبع في المغرب- الدار البيضاء- سنة 1970 م بتحقيق أحمد الشرقاوي «1». [19] المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن: لابن الجوزي، له نسخ كثيرة في دار الكتب الخديوية ودار الكتب المصرية «2». [20] مختصر فنون الأفنان في علوم القرآن: لابن الجوزي، مخطوط، منه نسخ خطية في دار الكتب الخديوية، ودار الكتب المصرية، ومكتبة الغازي حسر وبك في يوغسلافيا «3». [21] المدهش في علوم القرآن والحديث: لابن الجوزي، نشره محمد السماوي- بغداد- مطبعة الآداب سنة 1348 هـ، وفي بيروت- المؤسسة العالمية سنة 1978 م «4». [22] المغني في علوم القرآن: لابن الجوزي «5». [23] نهاية التأميل في علوم التنزيل: لأبي حفص عمر بن الخطيب المتوفى سنة 600 هـ، مخطوط، الخزانة التيمورية رقم 471 «6». [24] رسالة في علوم القرآن: للسخاوي علي محمد المتوفى سنة 643 هـ «7». هذا بالإضافة إلى كتابه «جمال القراء وكمال الاقراء» الذي نحن بصدد الحديث عنه، ثم جاء بعد ذلك أبو شامة المتوفى سنة 665 هجرية- تلميذ السخاوي-، فوضع كتابا في علوم القرآن سماه «المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز». ثم جاء الزركشي المتوفى سنة 794 هـ، فألّف كتابه «البرهان في علوم القرآن»،

_ (1) وراجع لمحات في علوم القرآن ص 97 ومباحث في علوم القرآن للدكتور: صبحي الصالح ص 124، ومعجم الدراسات القرآنية ص 392، ومؤلفات ابن الجوزي ص 130، وفي رحاب القرآن: 2/ 13. وقد طبع في القاهرة عام 1407 هـ بتحقيق استاذنا الدكتور عبد الفتاح عاشور. كما طبع أيضا في البشائر الإسلامية بتحقيق الدكتور: حسن ضياء الدين العتر. (2) انظر مؤلفات ابن الجوزي ص 158، ومعجم الدراسات القرآنية ص 403 ومباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح ص 124. (3) انظر مؤلفات ابن الجوزي ص 162. (4) معجم الدراسات القرآنية ص 395، وانظر مؤلفات ابن الجوزي ص 142. (5) انظر مؤلفات ابن الجوزي ص 62، 171. (6) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 405. (7) سيأتي الكلام عنها- ان شاء الله- عند الحديث عن مؤلفات السخاوي.

ج) أثر كتاب (جمال القراء .. ) فيمن جاء بعده من المؤلفين:

وتبعه جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ فوضع كتابه «الإتقان في علوم القرآن» ثم تتابع العلماء بعد ذلك في وضع مصنفات، معظمها على هيئة مباحث متصلة بعلوم القرآن «1». ج) أثر كتاب (جمال القراء .. ) فيمن جاء بعده من المؤلفين: من يقرأ تاريخ العلماء يجد أن كثيرا منهم استفاد ممن سبقهم، وأفاد من جاء بعدهم، وهذا أمر مشاهد ومعروف، ومما لا شك فيه أن لشخصية المؤلف ومكانته العلمية دورا كبيرا في إفادة من جاء بعده. والإمام السخاوي شخصية علمية كبيرة اشتهر في البيئة التي نشأ فيها، وفي المجتمع الذي مكث يقرئ فيه نيفا وأربعين عاما، إذ كان الناس في إقبال شديد على تعلم أنواع العلوم، وبخاصة علوم القرآن الكريم، ثم إن كثيرا منهم ترك هذا الفن لصعوبة مسلكه وتشعب معلوماته، فظلت شخصية السخاوي محدودة لدى المتخصصين في علم القراءات، بل إن كثيرا من طلاب العلم عند ما يذكر له السخاوي، لا ينصرف ذهنه إلّا إلى شمس الدين محمد بن عبد الرحمن المحدث المؤرخ المتوفى سنة 902 هـ، وبناء على هذا ظلت مؤلفات إمامنا السخاوي مغمورة محبوسة في المكتبات تنتظر من ينفض الغبار عنها ويخرجها إلى طلاب العلم والمعرفة، وقد وجدت بعض العلماء كأبي شامة وابن الجزري والسيوطي وغيرهم من السابقين نقل عن (جمال القراء .. ) بعض الفوائد، كما وجدت أيضا بعض العلماء المعاصرين من أفاد من هذا الكتاب، مثل شيخنا عبد الفتاح القاضي- رحمه الله تعالى-. وأستاذنا الدكتور محمد سالم محيسن- حفظه الله تعالى-. ولا شك أن هذا النقل والإفادة من كتب السابقين يعتبر دليلا واضحا على أهميتها. وتتميما للفائدة سأشير إلى بعض العلماء الذين استفادوا من كتاب (جمال القراء .. ): [1] أفاد الشيخ أبو شامة من كتاب «جمال القراء .. » في أماكن متعددة من كتابه (المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز)، فقد أفاد منه عند كلامه على كيفية نزول القرآن، وتلاوته، وذكر حفاظه في ذلك الزمان. قال: قال الشيخ أبو الحسن في كتابه (جمال القراء .. ) في ذلك:- أي في إنزاله إلى سماء الدنيا- تكريم بني آدم .... «2» الخ.

_ (1) راجع مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ص 125، والشيخ مناع القطان ص 14. (2) المرشد الوجيز ص 27.

وكان أحيانا يتكلم على القضية، ثم يقول: وقد تكلم على ذلك شيخنا أبو الحسن- رحمه الله- ببعض ما ذكرناه «1». * وعند كلامه عن كتابة القرآن وجمعه، كان من كلامه: أن أبا بكر- رضي الله عنه- قال لعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت: «أقعدوا على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى فاكتباه» اهـ. ثم قال أبو شامة: قال الشيخ أبو الحسن في كتابه (جمال القراء .. ): ومعنى هذا الحديث- والله أعلم- «من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله الذي كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإلّا فقد كان زيد جامعا للقرآن «2» .. » اهـ. [2] كما نوه المحقق ابن الجزري بهذا الكتاب وأثنى عليه ونقل منه في كتابه النشر، وقد روا هـ بإسناده إلى المؤلف ضمن الكتب التي ذكر كيفية روايته لها «3». [3] واقتبس منه أحمد بن محمد القسطلاني عند كلامه عن حكم القراءة الشاذة، قال: وقد أجمع الأصوليون والفقهاء وغيرهم على أن الشاذ ليس بقرآن ... صرح بذلك الغزالي وابن الحاجب .. والسخاوي في (جمال القراء .. ) «4». [4] واقتبس منه البدر العيني عند شرحه لحديث بدء الوحي، قال: وقال السخاوي: ذهبت عائشة- رضي الله عنها- والأكثرون إلى أن أول ما نزل اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله: ما لَمْ يَعْلَمْ «5» «6» .. الخ. [5] والإمام السيوطي يعتبر من المكثرين من النقل عن السخاوي المتأثرين به تأثرا واضحا في كتابه (الإتقان في علوم القرآن)، حيث نقل عنه في أماكن كثيرة، وعزا ذلك إلى (جمال القراء .. ):- * فهو يعد (جمال القراء) من الكتب التي اعتمد عليها «7».

_ (1) المصدر السابق ص 26. (2) المصدر السابق ص 55، وراجع ص 172123، 208، 208. (3) انظر النشر 1/ 18، 97، 266. (4) لطائف الاشارات ص 72، 73. (5) سورة العلق (1 - 5). (6) عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 1/ 62. (7) الاتقان 1/ 18.

* وأفاد منه عند كلامه عن الآيات المستثناة من المكي والمدني. * وعند كلامه عن الحضري والسفري، وعن النهاري والليلي. * وعند كلامه عن (ما تكرر نزوله)، وعند كلامه عن كيفية إنزال القرآن الكريم. * وكذلك عند حديثه عن أسماء السور، وعن تقسيمات القرآن بحسب سوره. * وعند جمعه وترتيبه، وعدد سوره وآياته وكلماته وحروفه «1» .. الخ. وأفاد منه كل من: [6] الشيخ أحمد بن محمد الدمياطي «2». [7] والشيخ محمود بن عبد الله الآلوسي «3». [8] وشيخنا عبد الفتاح القاضي- رحمه الله «4» -. [9] وأستاذنا الدكتور محمد سالم محيسن «5».

_ (1) انظر الاتقان 1/ 55، 60، 61، 103، 119، 156، 163، 167، 186، 197. (2) اتحاف فضلاء البشر ص 19. (3) روح المعاني 10/ 41. (4) تاريخ المصحف الشريف ص 46، ومن علوم القرآن ص 44. (5) في رحاب القرآن 1/ 249، 261، والقراءات وأثرها في علوم العربية 1/ 27.

القسم الأول

القسم الأول الباب الأول حياة المؤلف «1» وقد ضمنته ما يأتي: أ) اسمه وكنيته ولقبه «2»: هو علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن غطاس «3»

_ (1) وردت ترجمة السخاوي في المراجع الآتية: * إشارة التعيين ص 231* الأعلام 4/ 332* انباه الرواة 2/ 311* بغية الوعاة ص 349* تذكرة الحفاظ 4/ 1432* تلخيص مجمع الآداب 1/ 604* حسن المحاضرة 1/ 412* خزانة الأدب 2/ 529* دول الإسلام 2/ 149* الذيل على الروضتين ص 177* الرسالة المستطرفة ص 62* روضات الجنات ص 470* سير أعلام النبلاء 23/ 122* شذرات الذهب 5/ 222* طبقات الشافعية للاسنوي 2/ 68* طبقات الشافعية للسبكي 8/ 297* طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 116* طبقات المفسرين للداودي 1/ 429* طبقات المفسرين للسيوطي ص 72* العبر في خبر من غبر: 5/ 178* غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 568* القاموس الإسلامي 3/ 280* القلائد الجوهرية ص 238* كشف الظنون 1/ 593* المختصر في أخبار البشر 3/ 174* مرآة الجنان 4/ 110* معجم الأدباء 15/ 65* معجم البلدان 3/ 196* معجم المؤلفين 7/ 209* معرفة القراء الكبار 2/ 631* النجوم الزاهرة 6/ 354* هدية العارفين 1/ 708* الوافي بالوفيات 22/ 64* وفيات الأعيان 3/ 340 (2) المراد بالكنية ما كان في أوله أب أو أم، وباللقب ما أشعر بمدح أو ذم. انظر شرح ابن عقيل 1/ 119. (3) بفتح الغين وتشديد الطاء المهملة، وبعد الألف سين مهملة، طبقات النجاة لابن قاضي شهبة 2/ 182.

نسبته:

الهمداني المصري السخاوي الشافعي. * كنيته: أبو الحسن باتفاق من ترجم له. وقد وردت آثار تحث على التكني، وترغب في إشاعتها، ولا سيما إذا كانت الكنية غريبة، ولا يكاد يشترك فيها أحد مع من تكنّى بها في عصره، فإنه يطير بها ذكره في الآفاق، وتتهادى أخباره الرفاق «1» .. * ولقبه: (علم الدين) باتفاق المترجمين له. واللقب إن دلّ على ما يكرهه المدعو به كان منهيا، وأما إذا كان حسنا فلا ينهى عنه، وما زالت الألقاب الحسنة في الأمم كلها من العرب والعجم، تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من غير نكير «2». * نسبته: نسبه بعض المترجمين إلى همدان «3»، وهمدان: قبيلة من اليمن «4» قال ابن حزم: وهمدان هو ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ «5» اهـ. وسبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان «6». وقد اشتهرت نسبته ب (السخاوي) بفتح السين المهملة والخاء المعجمة، وبعدها ألف، هذه النسبة إلى (سخا)، وهي بليدة بالغربية من أعمال مصر «7»، وقياسه (سخوي)، لكن الناس أطبقوا على النسبة الأولى «8». وهذا المكان يسمى الآن بكفر الشيخ «9». وكثيرا ما يلتبس صاحبنا علم الدين السخاوي المقرئ المجوّد المتوفى سنة 643 هـ

_ (1) البحر المحيط 8/ 113. (2) المصدر السابق 8/ 113. (3) بفتح الهاء وسكون الميم وفتح الدال المهملة وبعد الألف نون. انظر اللباب 3/ 391. (4) انظر الانساب للسمعاني 5/ 647. وينسب اليها كثير من العلماء منهم علم الدين السخاوي صاحب الترجمة تبصير المنتبه 4/ 1461. (5) جمهرة أنساب العرب ص 392. (6) المصدر نفسه ص 484. وراجع اللباب مع اختلاف يسير 3/ 391. (7) وهي من فتوح خارجة بن حذافة، بولاية عمرو بن العاص، حين فتح مصر ايام عمر- رضي الله عنه. معجم البلدان 3/ 196. (8) وفيات الأعيان: 3/ 341، وانظر الانساب للسمعاني 7/ 100. (9) القاموس الاسلامي 3/ 280.

بشمس الدين السخاوي المحدث المؤرخ المتوفى سنة 902 هـ لاشتهار كل منهما. وقد اشترك مع الإمام السخاوي في هذه النسبة جماعة من قبله ومن بعده، وهم: [1] زياد بن المعلى أبو أحمد «السخاوي» توفي ب «سخا» سنة 255 هـ «1». [2] أبو الفتح بن عبد الرحمن بن علوي بن المعلى «السخاوي» الحنفي فقيه أديب ناشر شاعر خطيب، له مصنفات في فروع الفقه، توفي بدمشق سنة 629 هـ «2». [3] علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن جبارة الكندي (السخاوي) المالكي شرف الدين، أبو الحسن، أديب نحوي شاعر، حفيد إبراهيم بن جبارة شيخ علم الدين السخاوي- الآتي ترجمته- إن شاء الله تعالى- توفي سنة 632 هـ «3». [4] نصر الله بن عبد الرحمن بن مكارم الأنصاري «السخاوي» الحنفي أبو الفتح فقيه، توفي بدمشق سنة 633 «4» هـ. [5] محمد بن أبي الكرم عز الدين الحنفي (السخاوي)، كان نائبا في الحكم زمن الجمال المصري قاضي القضاة إلى أن مات سنة 647 هـ «5». [6] علي بن عبد الحميد (السخاوي)، حافظ زمانه، وواحد أوانه، ولي القضاء بدمشق نيفا وسبعين يوما، وأدركه الأجل فمات سنة 756 هـ «6». [7] مساعد بن ساري بن مسعود المصري (السخاوي) الشافعي، فرضيّ، سكن دمشق، وتوفي بها سنة 819 هـ «7». [8] محمد بن الحسن بن علي (السخاوي)، فاضل، من آثاره (بضاعة المجود) كان حيا سنة 846 هـ «8».

_ (1) اللباب في تهذيب الانساب 2/ 109، ومعجم البلدان 3/ 196. (2) ايضاح المكنون 1/ 159، ومعجم المؤلفين 8/ 47. (3) بغية الوعاة ص 329، وهدية العارفين 1/ 707، ومعجم المؤلفين 7/ 34. (4) هدية العارفين 2/ 493، ومعجم المؤلفين 13/ 96. (5) الذيل على الروضتين ص 182. (6) درة الحجال في أسماء الرجال (3/ 247). (7) الضوء اللامع 10/ 155، وشذرات الذهب (7/ 143) ومعجم المؤلفين (12/ 223). (8) ذكره اسماعيل باشا البغدادي في ايضاح المكنون (1/ 185) ورضا كحالة في معجم المؤلفين (9/ 201).

ب) مولده:

[9] محمد بن محمد بن محمد الأنصاري (السخاوي) بدر الدين المصري الشافعي، له (شرح تنقيح اللباب) توفي سنة 869 هـ «1». [10] محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عثمان شمس الدين، أبو الخير (السخاوي) وهو أشهرهم في هذه النسبة كما قلت- فقيه محدث مؤرخ- توفي سنة 902 هـ «2». [11] محمد بن محمد (السخاوي) مؤلف (تخميس طي البردة وتلخيص نثر الوردة) «3». [12] عبد القادر بن علي (السخاوي) الشافعي، له (الرسالة العثمانية، او السخاوية في علم الحساب) «4». [13] عبد المعطي بن أحمد بن محمد (السخاوي) المدني، مفسر فقيه مؤرخ، من آثاره تفسير القرآن، وسمّاه (فتح المجيد) في ستة أسفار كان حيا حوالى سنة 960 هـ «5». ب) مولده: اختلف المترجمون في تاريخ مولده، فمنهم من قال: ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة «6». وقال ابن خلّكان: ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة «7». وقد تابع ابن خلكان كلّ من السيوطي «8»، وابن الغوطي «9»، والزركلي «10»، ورضا كحالة «11».

_ (1) هدية العارفين (2/ 204). (2) الضوء اللامع (8/ 2) وشذرات الذهب (8/ 15) والرسالة المستطرفة (ص 63) ومعجم المؤلفين (10/ 150). (3) انظر: القاموس الاسلامي 3/ 280. (4) معجم المطبوعات العربية 1/ 1014. (5) نيل الابتهاج بتطريز الديباج (ص 188) ومعجم المؤلفين (6/ 176). (6) ومن هؤلاء الذهبي في معرفة القراء الكبار 2/ 631، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 568، والداودي في طبقات المفسرين (1/ 430). (7) وفيات الأعيان (3/ 340). (8) طبقات المفسرين (ص 72). (9) تلخيص مجمع الآداب (1/ 604). (10) الاعلام (4/ 332). (11) معجم المؤلفين (7/ 209).

ج) أسرته:

ج) أسرته: لم تسعفنا المصادر بذكر شيء ذي بال عن أسرة الإمام السخاوي فلم نجد لها ذكرا في كتب التراجم والطبقات، إلّا ما ذكره أبو شامة- تلميذ السخاوي- إذ قال:- في حوادث سنة ثلاث وعشرين وستمائة- وفيها توفي شمس الدين محمد ابن شيخنا علم الدين السخاوي- رحمه الله- بدمشق، ودفن بالجبل «1» اهـ. وكذلك ذكر أبو شامة- عند ترجمته لأحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي- أحد تلاميذ السخاوي- أن أحمد هذا تزوج ابنة الشيخ علم الدين السخاوي، فولدت له، وماتت هي وولدها قديما. قال: ثم بقي عندنا مدة عمره، وخلف كتبا وثروة، ووقف داره على فقهاء المالكية «2» هذا كل ما وقفت عليه فيما يتعلق بأسرته. والله تعالى أعلم. د) شيوخه ومدى تأثره بهم: بدأ السخاوي طلب العلم في سن مبكرة في بلدة (سخا) «3» مسقط رأسه، فحفظ القرآن «4» وتلقى مبادئ الفقه المالكي، ثم رحل إلى الاسكندرية سنة 572 هـ، وبعد ذلك توجه إلى القاهرة وتلقى فيهما العلم على خيرة العلماء «5» ثم انتقل إلى دمشق «6»، وجلس إلى أئمتها الأعلام، فأخذ كثيرا من العلوم، وبرز في فنون شتى، وبخاصة علم القراءات وما يتعلق بها. وبناء على هذا يمكنني أن أصنف شيوخه الذين أخذ عنهم إلى ما يأتي: أولا: شيوخه في القراءات. ثانيا: شيوخه في الحديث. ثالثا: شيوخه الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي أخذها منهم.

_ (1) الذيل على الروضتين (ص 148). (2) المصدر نفسه (ص 235). (3) تقدم انها بليدة بالغربية من اعمال مصر. (4) اغفلت المصادر التي وقفت عليها ذكر شيخ السخاوي في حفظ القرآن الكريم. (5) انظر مقدمة سفر السعادة. (6) انظر معجم الأدباء (15/ 66).

أولا:

أولا: شيوخه في القراءات: [1]- داود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت، أبو البركات البغدادي، ولد سنة 542 هـ، روى القراءات سماعا عن أبي الكرم المبارك ابن الحسن الشهرزوري، روى القراءات عنه أبو الحسن السخاوي، ولد ببغداد ومات بدمشق، توفي سنة (616 هـ) «1». [2]- زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن، العلامة تاج الدين أبو اليمن الكندي البغدادي المولود سنة 520 هـ التاجر المقرئ النحوي الحنفي، شيخ القراء والنحاة بدمشق، قرأ القرآن تلقينا على أبي محمد سبط الخياط، وله نحو سبع سنين. قال الذهبي: وهذا نادر، وأندر منه أنه قرأ بالروايات وهو ابن عشر حجج، وما علمت هذا لأحد أصلا، قرأ على كثير من المشايخ، وتفقه على مذهب الإمام أحمد وكان حسن الاخلاق، متبحرا في عدة علوم. قرأ عليه القراءات علم الدين السخاوي وغيره، وسمع منه خلق لا يحصون، توفي سنة (613 هـ) «2». قال ابن كثير: قال السخاوي: كان عنده- يعني شيخه الكندي- من العلوم ما لا يوجد عند غيره .. إلى أن قال: وقد مدحه السخاوي بقصيدة حسنة اهـ «3». وقال ابن الجزري: قرأ السخاوي على أبي اليمن الكندي القراءات الكثيرة، وأخذ عنه النحو واللغة والأدب اهـ «4». وقال أبو شامة: قال السخاوي في شرح المفصل: لقيت جماعة من أهل العربية منهم الشيخ أبو اليمن الكندي رحمه الله وكان عنده في هذا الشأن ما لم يكن عند غيره، وأخذت عنه كتاب سيبويه، وقرأت عليه كتاب الإيضاح لأبي علي «5» مستشرحا، وأخذت عنه كتاب اللمع لأبي الفتح «6» وكان واسع الرواية، وافر الدراية اهـ «7».

_ (1) غاية النهاية (1/ 278). (2) معرفة القراء (2/ 586) وغاية النهاية (1/ 197) وانظر: شذرات الذهب (5/ 54). (3) البداية والنهاية (13/ 78). (4) غاية النهاية (1/ 569). (5) هو: أبو علي الفارسي، ستأتي ترجمته في هذا الكتاب ان شاء الله. (6) هو: أبو الفتح عثمان بن جنى المتوفى سنة 392 هـ. الاعلام (4/ 204). (7) الذيل على الروضتين (ص 95).

ثانيا: شيوخه في الحديث:

[3]- غياث بن فارس بن مكي، الأستاذ أبو الجود اللخمي المنذري المصري، المولود سنة 518 هـ الفرضي النحوي العروضي الضرير، شيخ القراء بديار مصر، كان ديّنا فاضلا بارعا في الأدب. قرأ عليه خلق كثير منهم علم الدين السخاوي، توفي سنة (605 هـ) «1». [4]- القاسم بن فيرة «2» بن خلف بن أحمد الإمام أبو محمد وأبو القاسم الرعيني الشاطبي الضرير، ولد سنة 538 هـ، أحد الأعلام، قرأ ببلده القراءات وأتقنها، ثم ارتحل إلى شاطبة، فعرض بها القراءات على مشايخها، وارتحل ليحج، فسمع من أبي طاهر السلفي وغيره، واستوطن مصر، واشتهر اسمه وبعد صيته، وقصده الطلبة من النواحي، وكان إماما علامة ذكيا، كثير الفنون منقطع النظير، رأسا في القراءات حافظا للحديث، بصيرا بالعربية، واسع العلم، وقد سارت الركبان بقصيدته «حرز الأماني» في القراءات، قرأ عليه بالروايات عدد كبير، منهم أبو الحسن علي بن محمد السخاوي، قال ابن الجزري: وهو من أجل أصحابه. اهـ، توفي سنة 590 هـ «3». ثانيا: شيوخه في الحديث: [1]- أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو طاهر السّلفي «4»، حافظ الإسلام، وأعلى أهل الأرض إسنادا في الحديث والقراءات، مع الدين والثقة والعلم، ولد سنة 472 هـ وقيل غير ذلك، وتوفي سنة 576 هـ، نص ابن الجوزي على أن السخاوي سمع من السلفي بمصر «5».

_ (1) معرفة القراء (2/ 589) وغاية النهاية (2/ 4) وسير أعلام النبلاء (21/ 473) وحسن المحاضرة (1/ 498). (2) ضبطه الداودي: بكسر الفاء وسكون الياء المثناة من تحت وتشديد الراء وضمها، وهو بلغة الرطانة من أعاجم الاندلس، ومعناه بالعربي الحديد. اهـ طبقات المفسرين (2/ 44) كما ضبطها كذلك معظم الذين ترجموا له. (3) معرفة القراء (2/ 573) وغاية النهاية (2/ 20) والديباج المذهب (ص 224) وسير أعلام النبلاء (21/ 261) ومرآة الجنان (3/ 467) والأعلام (5/ 180). (4) قال ابن خلكان: ونسبته الى جده (سلفه) بكسر السين المهملة وفتح اللام والفاء- وهو لفظ أعجمي، ومعناه بالعربي: ثلاث شفاه، لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة، فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية .. اهـ وفيات الأعيان (1/ 107). وانظر ترجمته في سير اعلام النبلاء (21/ 5) وغاية النهاية (1/ 102) وتذكرة الحفاظ (4/ 1298) وميزان الاعتدال (1/ 155) والرسالة المستطرفة (ص 61) والاعلام (1/ 215). (5) غاية النهاية (1/ 569).

وقد ذكره السخاوي عند كلامه على فضل سورة (يس). قال: حدثنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني رحمه الله ... الخ «1». كما ذكره أيضا عند كلامه عن آداب حملة القرآن وفضلهم، فقد ساق بالسند عن شيخه هذا إلى الطبراني إلى الحسين بن علي بن أبي طالب: (حملة القرآن عرفاء أهل الجنة) وسيأتي إن شاء الله في موضعه «2». [2]- إسماعيل بن صالح بن ياسين بن عمران أبو الطاهر المصري المسند الصالح العابد، حدث عنه السخاوي وابن الحاجب وغيرهما توفي سنة (596 هـ) «3». [3]- حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة الرصافي الحنبلي، روى مسند أحمد بالسند عن مصنفه، وخرج من بغداد، واستقدمه ملوك دمشق إليها، فسمع الناس بها عليه المسند، نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع منه، رجع إلى بغداد وتوفي بها سنة (604 هـ) «4». [4]- عبد الخالق بن فيروز الجوهري أبو المظفر الهمذاني الواعظ أكثر الترحال، حدث عنه السخاوي عند كلامه عن (منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم)، ذكر فاتحة الكتاب «5». قال: حدثنا أبو المظفر ... وساق السند الى الإمام النسائي، وكذلك عند كلامه على فضائل آية الكرسي، قال: حدثنا أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري بالسند المتقدم، وكلما أذكره عن النسائي فهو بهذا الإسناد .. الخ «6». قال الذهبي: لم يكن ثقة ولا مأمونا اه «7». [5]- القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ المحدث الفاضل بهاء الدين،

_ (1) انظر (ص 260) من هذا الكتاب. (2) انظر (ص 363) من هذا الكتاب. (3) له ترجمة في سير أعلام النبلاء (21/ 269) والتكملة لوفيات النقلة (2/ 242) وشذرات الذهب (4/ 323). (4) انظر: البداية والنهاية (13/ 55) وغاية النهاية (1/ 569) والعبر (5/ 10) وشذرات الذهب (5/ 12). (5) انظر (ص 225) من هذا الكتاب. (6) انظر (ص 235) من هذا الكتاب. (7) انظر ميزان الاعتدال (2/ 543) والعبر في خبر من غبر (4/ 282).

أبو محمد بن عساكر الدمشقي المولود سنة 527 هـ، مصنف (فضائل القدس) كان محدثا صدوقا، متوسط المعرفة، وأبوه أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر مؤلف (تاريخ دمشق) المشهور. ذكر السخاوي شيخه القاسم هذا في آخر كلامه على الناسخ والمنسوخ قال: سمعت كتاب «الناسخ والمنسوخ» لهبة الله بن سلامة من أبي محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ ... الخ «1»، كما نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع من القاسم هذا «2» توفي سنة (600 هـ). [6]- محمد بن أحمد بن حامد بن مفرح الأرتاحي أبو عبد الله ولد سنة 507 هـ، حدث عنه السخاوي أثناء كلامه عن فضل حامل القرآن ... إلخ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حامد بن مفرح الأرتاحي رحمه الله، وساق بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه «لقد أتى علينا حين ... الخ» وسيأتي- إن شاء الله- في موضعه (ص 358) وهو من بيت القرآن والحديث والصلاح، توفي سنة (601 هـ) «3». [7]- محمد بن يوسف بن علي الإمام شهاب الدين أبو الفضل الغزنوي المولود سنة 522 هـ المقرئ الفقيه الحنفي، نزيل القاهرة، قرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط، وحدّث ببغداد والشام ومصر وتصدر للإقراء، قرأ عليه الإمامان علم الدين السخاوي وجمال الدين بن الحاجب وغيرهما، توفي سنة (599 هـ) «4». ذكره السخاوي عند كلامه عن «نثر الدرر في ذكر الآيات والسور». قال: حدّثنا شيخنا أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي- رحمه الله- وساق بسنده إلى الترمذي إلى أنس بن مالك (ص 112). وذكره أيضا عند كلامه على فضائل القرآن (ذكر فاتحة الكتاب)، قال: وعن

_ (1) انظر (ص 903) من هذا الكتاب. (2) غاية النهاية (1/ 569). وانظر: ترجمته في تذكرة الحفاظ (4/ 1367) وسير أعلام النبلاء (21/ 405) والرسالة المستطرفة (ص 36). (3) راجع ترجمته في شذرات الذهب (5/ 6). (4) انظر: ترجمته في معرفة القراء الكبار (2/ 579) وغاية النهاية (2/ 286) وطبقات المفسرين للداودي (2/ 291) وشذرات الذهب (4/ 343) وحسن المحاضرة (1/ 498).

ثالثا: شيوخه الذين نص العلماء على سماعه منهم دون تعيين للمادة العلمية:

الترمذي بالإسناد المتقدم- وكلما أذكره عنه فهو بهذا الإسناد الذي ذكرته عن الغزنوي (ص 230). ثالثا: شيوخه الذين نص العلماء على سماعه منهم دون تعيين للمادة العلمية: [1]- إبراهيم بن جبارة السخاوي أبو إسحاق. قال ابن الشعار: قرأ:- أي علم الدين السخاوي- على أبي إسحاق السخاوي. اه «1» ولم يشتهر هذا الشيخ، اذ إنني لم أجد له ذكرا في كتب التراجم، والله أعلم. [2]- إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف، أبو طاهر الزهري العوفي الاسكندراني المالكي، المولود سنة 485 هـ، إمام عصره وفريد دهره، وعليه مدار الفتوى مع الورع والزهد وكثرة العبادة «2». سمع السخاوي منه في الاسكندرية «3» توفي سنة (581 هـ). [3]- عساكر بن علي بن إسماعيل أبو الجيوش المصري المقرئ النحوي الشافعي المولود سنة 490 هـ أخذ عنه علم الدين السخاوي وغيره توفي سنة 581 هـ «4». [4]- عمر بن محمد بن معمر بن يحيى المعروف بأبي حفص بن طبرزد «5» البغدادي، سمع الكثير وأسمع، قدم مع حنبل بن عبد الله دمشق، فسمع أهلها عليهما، نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع منه وعاد إلى بغداد وتوفي بها سنة (607 هـ) «6». [5]- هبة الله بن علي بن مسعود بن ثابت الخزرجي المعروف بالبوصيري «7» المولود سنة 506 هـ، أبو القاسم، كان أديبا كاتبا، له سماعات عالية، ولم يكن في آخر عصره

_ (1) انظر: ملحق وفيات الأعيان (7/ 322) وكذلك تلخيص مجمع الآداب (1/ 605). (2) انظر: تذكرة الحفاظ (4/ 1336) وسير أعلام النبلاء (21/ 122) وشذرات الذهب (4/ 268) ومرآة الجنان (3/ 419) وحسن المحاضرة (1/ 452). (3) غاية النهاية (1/ 569). (4) معرفة القراء (2/ 552) وانظر: غاية النهاية (1/ 512) وحسن المحاضرة (1/ 496). (5) قال الأصمعي: (طبرزد) وطبرزل وطبرزن: ثلاث لغات معربات، وهو السكر- بضم السين وفتح الكاف المشددة. اه مختار الصحاح (ص 387) (طبرزد) ووفيات الأعيان (3/ 453). (6) انظر: البداية والنهاية (13/ 66) وغاية النهاية (1/ 569) ووفيات الأعيان (3/ 452). (7) بضم الباء الموحدة وسكون الواو وكسر الصاد المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء- بليدة بأعمال البهنسا من صعيد مصر. اه، وفيات الأعيان (6/ 68).

مدى تأثره بشيوخه:

مثله، سمع الكثير، ورحلوا إليه من البلاد، نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع من البوصيري في مصر «1» وكان يسمّى (سيد الأهل) لكن هبة الله أشهر، توفي سنة 598 هـ «2». مدى تأثره بشيوخه: قد كان لشيوخ السخاوي الأثر الواضح في ثقافته، إذ انعكست ثقافتهم عليه انعكاسا واضحا، ومن خلال دراستي لحياة السخاوي العلمية، وجدته قد تأثر ببعض شيوخه تأثرا واضحا. وهذه أمثلة لذلك: أولا: تأثر السخاوي بشيخه «الشاطبي» في التصنيف، ودليل ذلك أنه أول من شرح قصيدته المعروفة بالشاطبية، كما قام بشرح منظومته المسماة ب «عقيلة أتراب القصائد» في رسم القرآن «3». ثانيا: تأثره ببعض شيوخه في الإقراء، إذ منهم من عكف للإقراء، كشيخه أبي اليمن الكندي وكذلك غياث بن فارس الذي كان شيخ الإقراء بديار مصر، فتبعهم السخاوي، ومكث نيفا وأربعين عاما يقرئ الناس وتخرج به عدد لا يحصيهم إلّا الله «4». ثالثا: من شيوخه من كان رأسا في العربية كشيخه أبي اليمن الكندي، الذي خلّف كثيرا من المؤلفات، منها مائة وثلاثة وأربعون مجلدا في اللغة «5» فلازمه السخاوي، وتلقى عنه كتاب سيبويه وغيره، ووجد عنده ما لم يجد عند غيره، فاقتدى به السخاوي وعمل شرحا للمفصل للزمخشري، وسمّاه «المفضل شرح المفصل» وألّف كتابين كذلك في اللغة، أحدهما سمّاه «سفر السعادة وسفير الإفادة» والآخر «منير الدياجي في شرح الأحاجي» «6». قال الصّفدي: وكان- يعني السخاوي- أقعد بالعربية من شيخه الكندي «7» اه.

_ (1) غاية النهاية (1/ 569). (2) وفيات الأعيان (6/ 67) وسير اعلام النبلاء (21/ 390) وانظر: مرآة الجنان (3/ 409). (3) وسيأتي- ان شاء الله- الكلام على هذا عند الحديث عن مؤلفاته. (4) كما سيأتي قريبا- ان شاء الله- عند الحديث عن تلاميذه. (5) كما سبق عند الحديث عن النهضة العلمية. (6) انظر: مؤلفات السخاوي فيما يأتي. (7) انظر الوافي بالوفيات (22/ 66).

هـ) تلاميذه ومدى تأثرهم به:

من هذا كله نخرج بصورة واضحة جلية عن مدى تأثر السخاوي بشيوخه، واقتفائه آثارهم في التصنيف والإقراء. هـ) تلاميذه ومدى تأثرهم به: تصدر الإمام السخاوي- رحمه الله- إلى تعليم القراءات القرآنية وغير ذلك من العلوم الشرعية، وقد أخذ عنه جمع غفير لا يمكن حصرهم، فقد ذكر بعض من ترجم له أنه مكث يقرئ الناس نيفا وأربعين سنة، فقرأ عليه خلق لا يحصيهم إلّا الله تعالى «1». وليس هذا غريبا، فإن السخاوي كان بحرا في علوم شتى، وقصده طلاب العلم ينهلون من علمه، ويأخذون منه القراءات والتفسير والحديث والفقه واللغة وغير ذلك، إلّا أن الذين ترجموا لهؤلاء التلاميذ كالذهبي وابن الجزري نصوا على من تلقى عنه القراءات، لأنه اشتهر بهذا، وهذا لا يمنع ان يكون هؤلاء التلاميذ أنفسهم الذين تلقوا عنه القراءات، تلقوا عنه- أيضا- علوما أخرى. وهناك عدد قليل من هؤلاء التلاميذ نص العلماء على أنهم رووا عنه الحديث، أو سمعوا منه دون تصريح بالعلوم التي سمعوها. وبناء على هذا فسأقوم بالترجمة الموجزة لمن وقفت على ترجمته في كتب التراجم والطبقات، مبتدئا بالذين تلقوا عنه القراءات لأنهم- كما قلت- هم الأكثرية الغالبة، ثم الذين تلقوا عنه الحديث، ثم الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي أخذوها عنه: أولا: تلاميذه في القراءات: [1]- إبراهيم بن أبي الحسن المخرّمي «2»، قرأ على السخاوي، وروى عنه «3»، قال ابن الجزري: قرأ عليه ختمة. اه «4». [2]- إبراهيم بن داود بن ظاهر بن ربيعة، الإمام أبو إسحاق الفاضلي العسقلاني، ثم الدمشقي إمام حاذق مشهور، ولد سنة 622 هـ قرأ على السخاوي، ولزمه ثماني

_ (1) انظر: العبر في خبر من غبر للذهبي (5/ 178) والبداية والنهاية (13/ 181). (2) لم أقف على تاريخ وفاته. (3) معرفة القراء الكبار (2/ 632). (4) غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 570).

سنين، نقل عنه كثيرا، قال الذهبي: جمع عليه سبع ختمات للسبعة، وحمل عنه الكثير من التفسير والأدب والحديث. اه توفي سنة 692 هـ «1». [3]- أحمد بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، الإمام شرف الدين أبو العباس الفزاري البدري، المقرئ النحوي الشافعي، خطيب جامع دمشق، ولد سنة 630 هـ. قال الذهبي: قرأ القرآن لنافع وابن كثير وأبي عمرو في عدة ختمات على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع عليه الكثير، وعلى غيره، توفي سنة (705 هـ) «2». قال ابن الجزري: وذكر الحافظ الذهبي أنه قرأ على السخاوي لأبي عمرو أيضا، ولم يذكر عاصما، والظاهر أنه وهم، فإني وقفت على إجازة من الفزاري، فلم أره أسند قراءة أبي عمرو عنه. اه «3». [4]- أحمد بن سليمان بن مروان، ابن البعلبكي، شهاب الدين العالم الأديب، أحد عدول القضاة الضعفاء. قرأ على السخاوي بثلاث روايات «4» وعرض عليه الشاطبية، ورواها مرات عدة، توفي سنة (712 هـ) «5». [5]- أحمد بن عبد الله بن الزبير الإمام شمس الدين أبو العباس الخابوري ثم الحلبي، المقرئ الشافعي، خطيب جامع حلب، قرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي وغيره، وتقدم في الفقه والعربية وتصدر للإقراء ببلده، اشتهر ذكره، وقرأ عليه جماعة، كان من كبار المقرئين توفي بحلب سنة (690 هـ) «6». [6]- أحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي الصقلي ثم الدمشقي المقرئ الأديب. قال الذهبي: لزم السخاوي مدة، واتقن القراءات وسمع من القاسم بن عساكر وطائفة، وقرأ الكثير على السخاوي وطبقته. اهـ «7».

_ (1) غاية النهاية (1/ 14) وانظر: معرفة القراء الكبار (2/ 703). (2) معرفة القراء (2/ 714). (3) غاية النهاية (1/ 33). (4) لم تبين المصادر الروايات التي قرأ بها. (5) معرفة القراء (2/ 732) وانظر: غاية النهاية (1/ 58). (6) معرفة القراء (2/ 705) وانظر: غاية النهاية (1/ 73) والعبر (5/ 366) وشذرات الذهب (5/ 411). (7) العبر (5/ 276) وانظر: شذرات الذهب (5/ 315).

ووصفه أبو شامة بقوله: رفيقنا في القراءة على شيخنا علم الدين السخاوي- رحمه الله- وكان تزوج ابنته، فولدت له وماتت هي وولدها قديما، ثم بقي عندنا مدة عمره وخلف كتبا كثيرة وثروة، ووقف داره على فقهاء المالكية، صليت عليه إماما سنة (663 هـ) اه «1». [7]- أحمد بن محمود القلانسي، قرأ على السخاوي وروى عنه «2». [8]- إسماعيل بن عثمان بن المعلم الرشيد أبو الفداء الحنفي، إمام عالم، قال الذهبي: وكان من كبار أئمة العصر، قرأ بالروايات على السخاوي، قال: ولو أراد لما عجز عن إقرائها، لكنه كان ضيق الخلق، فلم يقدر على الأخذ منه، واعتلّ بأنه تارك، وهو آخر من قرأ القراءات على السخاوي، توفي بالقاهرة سنة (714 هـ) «3». [9]- إسماعيل بن مكتوم صدر الدين الدمشقي، الشيخ المسند المعمر، قال الذهبي: ذكر لي أنه قرأ ختمة على السخاوي، وسمع من غيره، توفي سنة (710 هـ) «4». [10]- الياس بن علوان بن ممدود ركن الدين المقرئ الملقّن، قرأ على السخاوي، وتصدر للإقراء بجامع دمشق زمانا، يقال: ختم عليه أكثر من ألف نفس، توفي سنة (673 هـ) «5». [11]- أبو بكر بن أبي الدر المعروف بالرشيد- أو رشيد الدين- إمام حاذق مصدر ماهر، قرأ على السخاوي، ورحل إلى الاسكندرية، فقرأ على مشايخها، توفي سنة (673 هـ) وقد عاش نيف على التسعين «6». [12]- جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي الرّبعي المعروف بابن الدبوقا، أبو دبوقا الدمشقي الحرّاني المقرئ، ولد سنة 621 هـ. قدم إلى دمشق وقرأ بها القراءات على السخاوي، ثم أضر في أواخر عمره فجلس للاقراء عند قبر هود من الجامع الأموي.

_ (1) الذيل على الروضتين (ص 235). (2) معرفة القراء (2/ 632) وانظر: غاية النهاية (1/ 570) ولم أقف على سنة وفاته. (3) معرفة القراء (2/ 732) وغاية النهاية (1/ 166) وانظر: النشر في القراءات العشر (1/ 62). (4) معرفة القراء (2/ 733) وانظر: غاية النهاية (1/ 570). (5) معرفة القراء (2/ 686) وانظر: غاية النهاية (1/ 171) والوافي بالوفيات (9/ 373). (6) غاية النهاية (1/ 181) وانظر: معرفة القراء (2/ 676).

قال الذهبي: وروى الحديث عن السخاوي. اه، توفي سنة (691 هـ) «1». [13]- الحسن بن الخلال، سمع من السخاوي وقرأ عليه «2». [14]- الحسن بن أبي عبد الله بن صدقة بن أبي الفتوح أبو علي الأزدي الصقلي، إمام زاهد كبير القدر، قرأ على السخاوي القراءات، وهو من جلة أصحابه، وسمع الكثير، وأجاز له المؤيد الطوسي، وكان ورعا مخلصا متقللا من الدنيا، توفي بدمشق سنة (669 هـ) «3». [15]- خضر بن عبد الرحمن بن خضر، سديد الدين أبو القاسم الحموي المقرئ، قرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي، وتصدّر ببلده للإقراء، وعمر دهرا، وكان عارفا بالفن، توفي سنة (681 هـ) «4». [16]- دانيال بن منكلي بن صرفا القاضي ضياء الدين أبو الفضائل الشافعي المقرئ ولد سنة 617 هـ، قدم دمشق وقرأ القراءات على السخاوي، وكان فقيها مقرئا عالما مجموع الفضائل، قال الذهبي: وهو ممن أدركناه من أصحاب السخاوي، توفي سنة (696 هـ) «5». [17]- صالح بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم الملقب بالضياء، الأسعردي الأصل الفارقي المولد، الدمشقي الدار، المصري الوفاة، إمام جامع الحاكم بالقاهرة شيخ ماهر، قرأ السبع على السخاوي وابن الحاجب وروى «الشاطبية» عن السخاوي، وعن السديد عيسى، توفي بعد الثمانين وستمائة «6». [18]- عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس أبو محمد المالكي الزواوي، ولد سنة 589 هـ، شيخ مشايخ الإقراء بدمشق، إمام بارع، صالح محقق فقيه ثقة، قدم

_ (1) انظر: غاية النهاية (1/ 194) ومعرفة القراء (2/ 706) والعبر (5/ 372) وشذرات الذهب (5/ 418). (2) غاية النهاية (1/ 570) ولم أقف على سنة وفاته. (3) انظر: معرفة القراء (2/ 675) وغاية النهاية (1/ 219) والعبر في خبر من غبر (5/ 291) وشذرات الذهب (5/ 328) ومرآة الجنان (4/ 171). (4) معرفة القراء (2/ 687) وانظر: غاية النهاية (1/ 287). (5) معرفة القراء 2/ 713) وانظر: غاية النهاية (1/ 278) وشذرات الذهب (5/ 435). (6) غاية النهاية (1/ 332).

مصر وهو شاب فقرأ على مشايخها بالاسكندرية. ثم قدم دمشق سنة سبع عشرة وستمائة، فقرأ القراءات على شيخها أبي الحسن السخاوي، وباشر مشيخة الإقراء الكبرى بالتربة الصالحية، بعد أبي الفتح- أحد تلاميذ السخاوي-، مع وجود أبي شامة، فانتهت إليه رئاسة الإقراء بالشام، توفي سنة (681 هـ) «1». [19]- عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم أبو القاسم المقدسي ثم الدمشقي الشافعي، المعروف بأبي شامة- لأنه كان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة- الشيخ الإمام الحجة الحافظ ذو الفنون، قرأ القراءات على السخاوي سنة ست عشرة وستمائة، وكتب وألّف، وكان أوحد زمانه، صنّف الكثير في أنواع من العلوم، ومنها كتاب «الوجيز في علوم تتعلق بالكتاب العزيز» توفي سنة (665 هـ) «2». [20]- عبد الواحد بن كثير المصري ثم الدمشقي، جمال الدين المقرئ، قرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، وترك ونسى، توفي سنة (696 هـ) «3». [21]- عيسى بن علي بن كجا بن إسماعيل أبو الروح سيف الدين الحلبي ثم البعلبكي الحنفي المقرئ المجود الماهر، تلا بالسبع بحلب على الشيخ أبي علي الفاسي، وبدمشق على أبي الحسن السخاوي سنة ست وثلاثين وستمائة، وتولى بعلبك فأقرأ بها، وبقي إلى بعد التسعين وستمائة «4». [22]- أبو المحاسن بن الخرقي، ذكره ابن الجزري ضمن الذين قرءوا على السخاوي وسمعوا منه «5». [23]- محمد بن أحمد العقيلي القلانسي الكاتب، الرئيس العام زين الدين، قال الذهبي: قرأ القراءات على السخاوي، وعرض عليه «القصيد» سمعتها عليه، وكان حسن السمعة .. توفي سنة (698 هـ) «6».

_ (1) غاية النهاية (1/ 386) وانظر معرفة القراء (2/ 676) والعبر (5/ 336) ومرآة الجنان (4/ 197) والبداية والنهاية (13/ 318) وشذرات الذهب (5/ 374). (2) انظر: غاية النهاية (1/ 315) ومعرفة القراء (2/ 763) وشذرات الذهب (5/ 318) ومرآة الجنان (4/ 164). (3) معرفة القراء (2/ 730) وغاية النهاية (1/ 477) والبداية والنهاية (13/ 371). (4) غاية النهاية (1/ 612). (5) غاية النهاية (1/ 570) ولم أقف على سنة وفاته. (6) معرفة القراء (2/ 730) وانظر: غاية النهاية (2/ 94).

[24]- محمد بن الحسين بن رزين بن موسى أبو عبد الله العامري الحموي الشافعي، ولد سنة 603 هـ، قاضي القضاة، شيخ الإسلام تقي الدين .. أخذ الفقه عن ابن الصلاح والقراءات عن السخاوي .. والعربية عن ابن يعيش، تفقه به عدة أئمة، وانتفعوا بعلمه وهديه وسمعته وورعه رحمه الله، وتوفي سنة (680 هـ) «1». [25]- محمد بن عبد الخالق بن مزهر الإمام شهاب الدين أبو عبد الله الأنصاري الدمشقي، قرأ القراءات على السخاوي، وروى الحديث وكان عالما فاضلا، ذاكرا للروايات، حسن المعرفة، له مشاركة في الفقه والنحو، توفي سنة (690 هـ) «2». [26]- محمد بن عبد العزيز بن أبي عبد الله بن صدقة أبو عبد الله الدمشقي، المعروف بابن الدمياطي، مقرئ عارف ثقة، قرأ القراءات مفردا في عشر ختمات، وجامعا في ختمة على أبي الحسن السخاوي، واختص به وسمع منه ومن غيره، وكان حسن الأخلاق، جلس للاقراء احتسابا في جامع دمشق، تلا عليه أبو عبد الله الذهبي وغيره، ولد في حدود العشرين وستمائة، وتوفي سنة (693 هـ) «3». [27]- محمد بن عبد الكريم بن علي أبو عبد الله التبريزي، ثم الدمشقي الملقب بنظام الدين، مقرئ معمر مسند، حفظ القرآن، وسافر به والده إلى مصر، فقرأ على شيوخها، ثم قدم دمشق فتلا السبع على السخاوي سنة 635 هـ، وكان حسن الأخذ متواضعا، له حلقة إقراء بالجامع ثم انقطع، ووقع في الهرم- رحمه الله- ولد في حدود العشر وستمائة وتوفي سنة (704 هـ) «4». [28]- محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك أبو عبد الله الطائي الأندلسي الشافعي الإمام النحوي، ولد سنة 598 هـ، إمام زمانه في العربية، قدم دمشق فأخذ عن أبي الحسن علي بن محمد السخاوي، وسمع منه ومن غيره، قال ابن الجزري: وقد شاع عند كثير من منتحلي العربية ان ابن مالك لا يعرف له شيخ في العربية ولا في القراءات، وليس كذلك، بل قد أخذ العربية في بلده عن ثابت بن خيار .. وأخذ عن

_ (1) العبر (5/ 331) وشذرات الذهب (5/ 368). (2) معرفة القراء (2/ 706) وانظر: غاية النهاية (2/ 159) والعبر (5/ 370). (3) معرفة القراء (2/ 707) وغاية النهاية (2/ 173) وانظر: العبر (5/ 379) وشذرات الذهب (5/ 424). (4) معرفة القراء (2/ 696) وغاية النهاية (2/ 174).

ثانيا: تلاميذه في الحديث:

السخاوي العربية والقراءات ... وتوفي سنة (672 هـ) «1». [29]- محمد بن عثمان بن سليمان أبو عبد الله الزرزاري الإربلي الرهاوي، حافظ ثقة مقرئ خير، تلا بالسبع على السخاوي بدمشق، وعلى غيره بالقاهرة والاسكندرية، توفي سنة (688 هـ) «2». [30]- محمد بن علي بن موسى أبو الفتح شمس الدين الأنصاري، الدمشقي، شيخ القراء بعد السخاوي بالتربة الصالحية، وكان من أجلّ أصحابه، قرأ عليه القراءات السبع أفرادا وجمعا، توفي سنة (657 هـ) «3». [31]- محمد بن قيماز عتيق بشر الطحان الحاج أبو عبد الله الدمشقي، مقرئ، تلا بالسبع على الإمام السخاوي أفرادا، وكان معه إجازة، توفي سنة (702 هـ) «4». [32]- المهذب بن أبي الغنائم التنوخي، العدل الكبير، زين الدين، المولود سنة 618 هـ) «5». [33]- يعقوب بن بدران بن منصور، التقى أبو يوسف الدمشقي، ثم المصري، المعروف بالجرائدي، إمام مقرئ، كان شيخ وقته بالديار المصرية، أخذ القراءات على الإمام السخاوي وغيره، ولد بعد الستمائة بدمشق، وتوفي بالقاهرة سنة (688 هـ) «6». ثانيا: تلاميذه في الحديث: [1]- إبراهيم بن معضاد بن شداد الجعبري أبو إسحاق الزاهد الواعظ، روى عن السخاوي، وسكن القاهرة، وكان لكلامه وقع في القلوب لصدقه وإخلاصه، وصدعه

_ (1) غاية النهاية (2/ 180) وانظر العبر (5/ 300) والوافي بالوفيات (3/ 359) وله ترجمة في شذرات الذهب (5/ 339) والاعلام (6/ 233). (2) غاية النهاية (2/ 196). (3) غاية النهاية (2/ 211، 1/ 569) وانظر معرفة القراء (2/ 670) والذيل على الروضتين (ص 202). (4) معرفة القراء (2/ 731) وغاية النهاية (2/ 233). (5) العبر في خبر من غبر (5/ 360) وشذرات الذهب (5/ 407). (6) غاية النهاية (2/ 389) والعبر (5/ 360) وانظر: معرفة القراء الكبار (2/ 690) وشذرات الذهب (5/ 407) وحسن المحاضرة (1/ 504).

ثالثا: تلاميذه الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي أخذوها عنه:

بالحق، وكان شافعيا، سمع الحديث من أبي الحسن السخاوي، وقدم القاهرة، وحدث بها، فسمع منه أبو حيان وغيره، توفي سنة (687 هـ) «1». [2]- محمد بن يوسف بن البرزالي، الإمام العدل الكبير بهاء الدين قرأ بالروايات على جده علم الدين القاسم .. وحدث عن السخاوي وجماعة، توفي سنة (699 هـ) «2». ثالثا: تلاميذه الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي أخذوها عنه: [1]- إبراهيم بن علي بن النصير، قال الذهبي: وهو آخر من بقي من الذين سمعوا على السخاوي اه «3». [2]- أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد شرف الدين أبو العباس الشافعي، خطيب دمشق ومفتيها، وشيخ الشافعية بها، أجاز له أبو علي بن الجواليقي وطائفة، وسمع من السخاوي وابن الصلاح، وتفقّه على ابن عبد السلام وغيره، وبرع في الفقه والأصول والعربية، وكان متواضعا متنسكا، توفي سنة (694 هـ) «4». [3]- أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع، موفق الدين أبو العباس الكواشي- قلعة من بلاد الموصل- المولود سنة 590 هـ، الشافعي المقرئ المفسر الزاهد، بقية الأعلام، قرأ على والده، وقدم دمشق، وأخذ عن السخاوي وغيره، وتقدم في معرفة التفسير والقراءات والعربية، توفي سنة (680 هـ) «5». [4]- عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، ولد سنة 624 هـ، العلامة، الإمام المفتي، فقيه الشام، تاج الدين الفزاري البدري المصري الأصل الدمشقي الشافعي، سمع من السخاوي وغيره، وسمع منه ابن تيمية وغيره، وانتهت إليه رئاسة المذهب، ومحاسنه كثيرة، توفي سنة (690 هـ) «6».

_ (1) انظر: ترجمته في وفيات الأعيان (6/ 147) وشذرات الذهب (5/ 399). (2) معرفة القراء (2/ 738) وانظر: غاية النهاية (2/ 287). (3) معرفة القراء (2/ 632) وغاية النهاية (1/ 570) لم أقف على سنة وفاته. (4) انظر: العبر في خبر من غبر (5/ 381). (5) معرفة القراء (2/ 685) وانظر غاية النهاية (1/ 151) وشذرات الذهب (5/ 365) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 100)، والعبر في خبر من غبر (5/ 327). (6) فوات الوفيات (2/ 263) وشذرات الذهب (5/ 413) وانظر مرآة الجنان (4/ 218).

[5]- عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش أبو محمد البغدادي، شيخ القراء ببغداد، إمام عارف وأستاذ محقّق، زاهد ثقة ورع، قرأ القراءات على الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي ... وروى بالإجازة عن أبي الفرج بن الجوزي وأبي الحسن السخاوي، توفي سنة (676 هـ) «1». [6]- عبد الله بن يحيى أبو عبد الله الجمال الجرائدي، المحدث المتقن نزيل دمشق، روى عن أبي الخطاب بن دحية والسخاوي وخلق، وكتب الكثير، وصار من أعيان الطلبة، من العبادة والتواضع، توفي سنة (682 هـ) «2». [7]- محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر، الشيخ مجد الدين، أبو عبد الله بن الظهير الإربلي الحنفي الأديب، المولود سنة 602 هـ، سمع بدمشق من السخاوي وغيره، وروى عنه أبو شامة والدمياطي- تلميذا السخاوي- وغيرهما، ولد بإربل، وتوفي بدمشق سنة (677 هـ) «3». [8]- محمد بن الخيسي (العز) قال أبو شامة: شاب من المشتغلين بالعلم المحصلين له، المجتهدين فيه، من أصحاب شيخنا أبي الحسن السخاوي وأعزهم عليه- رحمه الله- شهدت الصلاة عليه وشيعته «4». اهـ. [9]- محمد بن علي بن منصور اليمني المعروف بابن الحجازي، قال أبو شامة: كان من فضلاء الشبان- هو وأبوه- من أصحاب شيخنا أبي الحسن- أي السخاوي- المختصين به، ودفن بجبل قاسيون سنة 643 هـ- رحمه الله. اهـ «5». [10]- المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي، زين الدين أبو البركات، ولد سنة 631 هـ، أحد من انتهت إليه رئاسة المذهب أصولا وفروعا، مع التبحر في العربية والنظر والبحث وكثرة الصيام والصلاة والوقار والجلالة، سمع من السخاوي وجماعة توفي سنة (695 هـ) «6».

_ (1) غاية النهاية (1/ 387) وانظر معرفة القراء (2/ 665) وشذرات الذهب (5/ 353). (2) العبر في خبر من غبر (5/ 338) وشذرات الذهب (5/ 376). (3) فوات الوفيات (3/ 301) والعبر (5/ 316) وشذرات الذهب (5/ 359). (4) الذيل على الروضتين (ص 176) ولم يذكر أبو شامة سنة وفاة محمد بن الخيسي هذا. (5) الذيل على الروضتين (ص 176). (6) شذرات الذهب (5/ 433).

مدى أثر السخاوي في تلاميذه:

[11]- موهوب بن عمر الجزري ثم المصري الشافعي صدر الدين ولد سنة 590 هـ، أخذ عن السخاوي وابن عبد السلام وغيرهما، وكان إماما علامة عابدا، وكان بارعا في المذهب، ومن فضلاء زمانه «1». قال أبو شامة: كان رفيقنا في الاجتماع عند الشيخ علم الدين السخاوي اهـ، توفي سنة (665 هـ) «2». [12]- يحيى بن فضل الله بن السيسي شرف الدين، إمام المدرسة الصالحية، قال أبو شامة: وكان من أصحاب شيخنا أبي الحسن السخاوي رحمه الله- بدمشق، وهو أول من أمّ بدار الحديث الأشرفية في زماننا، ثم أنتقل إلى القاهرة، فأقام بالمدرسة النجمية، وكان عنده تعصّب وكرم وله قراءة حسنة، توفي سنة (661 هـ) «3». مدى أثر السخاوي في تلاميذه: مما تقدم يتبيّن لنا جليا أنه قد تتلمذ على الإمام السخاوي عدد كثير من طلبة العلم وبخاصة في علم القراءات، وقد سلك كثير منهم مسلك شيخه واقتفى أثره في الإقراء والتأليف- فمنهم من صنّف في القراءات، تأثرا بشيخه مثل (أبي شامة) إذ شرح قصيدة الشاطبي المسماة «حرز الأماني» كذلك، وسمى شرحه «إبراز المعاني في حرز الأماني» «4» وكذلك قام بشرحها الشيخ يعقوب بن بدران تقي الدين الدمشقي، المعروف بابن الجرائدي، اقتصر فيه على حل مشكلاته، وسمّاه «كشف الرموز» «5». قال الذهبي: ونظم في القراءات أبياتا كثيرة، حل فيها رموز القراءات، وجعلها بدل الأبيات المرموزة في «الشاطبية» تسهيلا على الطلبة، اهـ «6». ومنهم من روى أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات، كالشيخ عبد الصمد ابن أحمد «7». - وكذلك قام ابن مالك باختصار «الشاطبية» سمّاه «حوز المعاني في اختصار حرز

_ (1) شذرات الذهب (5/ 320). (2) الذيل على الروضتين (ص 240). (3) الذيل على الروضتين (ص 228). (4) كشف الظنون (1/ 647) وانظر: معرفة القراء الكبار (2/ 673). (5) كشف الظنون (1/ 647). (6) معرفة القراء (2/ 690). (7) انظر معرفة القراء (2/ 667).

الأماني» «1» وصنّف أيضا في القراءات قصيدة مرموزة في قدر «الشاطبية» «2». - وهذا أبو عبد الله محمد بن القفّال الشاطبي- تلميذ السخاوي- عمل شرحا على «عقيلة أتراب القصائد» «3» التي شرحها شيخه كذلك وسمّى السخاوي شرحه «الوسيلة إلى شرح العقيلة» «4». - ومنهم من صنّف في علوم القرآن كالشيخ أبي شامة الذي ألّف كتابه القيم «المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز». وقد أفاد في مواطن كثيرة من كتاب «جمال القراء .. » لشيخه السخاوي «5»، وكذلك الشيخ عبد السلام الزواوي حيث صنّف في عدد الآي والوقف والابتداء «6». - ومنهم صنّف في التفسير كالشيخ أحمد بن يوسف الكواشي، سمّاه «التلخيص» ضمّنه القراءات أيضا «7». وهو بهذا متأثر بشيخه السخاوي إذ عمل تفسيرا للقرآن الكريم، وصل فيه إلى سورة الكهف، وتوفي قبل أن يتمّه، من وقف عليه عرف قدر الرجل «8». - ومنهم من قام بشرح بعض مصنّفات شيخه، كما فعل الشيخ أبو شامة أخصّ تلاميذ السخاوي إذ شرح «القصائد السبع النبوية» التي نظمها شيخه «9»، وسمّاه «كتاب شرح المدائح النبوية» ويعد هذا الشرح من أول مؤلفاته «10». - ومنهم من ألّف في النحو كالشيخ أبي شامة إذ ألّف كتاب «المقدمة» «11»، وكذلك

_ (1) كشف الظنون (1/ 649). (2) الوافي بالوفيات (3/ 359) وانظر: الحياة العقلية (ص 97). (3) كشف الظنون (2/ 1159). (4) كما سيأتي- ان شاء الله- عند الحديث عن مؤلفاته. (5) كما سبق عند الكلام عن اثر كتاب «جمال القراء». فيمن جاء بعده. (6) انظر معرفة القراء (2/ 677) والحياة العقلية (ص 173). (7) كشف الظنون (1/ 480). (8) وسيأتي- ان شاء الله- عند الحديث عن مؤلفاته. (9) معرفة القراء (2/ 673). (10) انظر (ص 56) من هذا البحث. (11) معرفة القراء (2/ 674).

و) مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

ابن مالك الذي تلقى عن السخاوي القراءات والنحو، وقد ألّف كتاب «الفوائد» في النحو، اختصر التسهيل منها «1». - كما تصدّر بعضهم للإقراء ببلده كالشيخ أحمد بن عبد الله الخابوري ثم الحلبي، والشيخ الياس بن علوان، حيث ختم عليه أكثر من ألف نفس- كما سبق- والشيخ جعفر بن القاسم، والشيخ خضر بن عبد الرحمن الحموي، والشيخ عبد السلام الزواوي الذي باشر مشيخة الإقراء الكبرى بالتربة الصالحية، وانتهت إليه رئاسة الإقراء- كشيخه السخاوي- والشيخ عيسى بن علي الحلبي الذي أقرأ في بعلبك، والشيخ محمد بن عبد العزيز الذي جلس للإقراء احتسابا في جامع دمشق، وكذلك الشيخ الدمياطي جلس طرفي النهار يقرئ الجماعة احتسابا «2»، وكذلك الشيخ محمد بن علي بن موسى أبو الفتح شيخ الإقراء بعد شيخه السخاوي بالتربة الصالحية وغيرهم، إلى غير ذلك مما قام به تلاميذ السخاوي من خدمة للعلم، إذ برعوا في أنواع من العلوم سوى ما تقدم كالحديث والفقه والتاريخ، ومن هذا يتبيّن مدى تأثرهم بشيخهم واقتفائهم أثره. و) مكانته العلمية وثناء العلماء عليه: عاصر الإمام السخاوي الكثيرين من علماء عصره، وتقدم عليهم في كثير من الميادين العلمية، واعترف له المؤرخون المعاصرون له واللاحقون بالصلاح والتقوى، ووصفوه بأنه كان مقرئا، مجودا، متكلما، مفسرا، محدثا، فقيها، أصوليا، أديبا، لغويا، نحويا، شاعرا ... وفيما يلي نماذج من ثناء العلماء عليه: أولا: ثناء المعاصرين له: [1]- فهذا ياقوت الحموي يترجم له في معجم الأدباء، ثم يقول: وكتبت هذه الترجمة سنة تسع عشرة وستمائة (619 هـ) وهو بدمشق كهل يحيا «3» ... وقال أيضا في كتابه معجم البلدان: .. وبدمشق رجل من أهل القرآن والأدب، وله فيهما تصانيف، اسمه علي بن محمد السخاوي، حي في أيامنا، وهو أديب فاضل ديّن، يرحل إليه للقراءة عليه ... اهـ «4».

_ (1) كشف الظنون (2/ 1301). (2) معرفة القراء (2/ 708). (3) معجم الأدباء (15/ 66). (4) معجم البلدان (3/ 196).

[2]- وقال ابن خلكان: ثم انتقل السخاوي إلى مدينة دمشق، وتقدّم بها على علماء فنونه واشتهر، وكان للناس فيه اعتقاد عظيم .. ورأيته بدمشق، والناس يزدحمون عليه في الجامع، لأجل القراءة، ولا تصح لواحد منهم نوبة إلّا بعد زمان، ورأيته مرارا يركب بهيمة، وهو يصعد إلى جبل الصالحية، وحوله اثنان «1» وثلاثة، وكل واحد يقرأ ميعاده في موضع غير الآخر، والكل في دفعة واحدة، وهو يرد على الجميع، ولم يزل مواظبا على وظيفته إلى أن توفي اه «2». [3]- وقال القفطي: واستوطن دمشق، وتصدّر بجامعها للإقراء والإفادة، فاستفاد الناس منه، وأخذوا عنه، وصنّف في علم القراءات، وشرح قصيدة شيخه في القراءات شرحا وافيا كافيا، ونقل عنه، وشرح المفصل للزمخشري شرحا حسنا، وطيء الألفاظ، أراد به وجه الله تعالى، فالنفوس تقبله، وهو مقيم على حالته في الإفادة بدمشق في زماننا هذا، وهي سنة اثنتين وثلاثين وستمائة (632 هـ) «3». [4]- كما وصفه تلميذه أبو شامة بقوله: « .. علامة زمانه وشيخ عصره وأوانه ... » اه «4». ثانيا: ثناء العلماء اللاحقين به: وهم كثيرون، أذكر كلام بعضهم على سبيل المثال، وفيه ما يكفي لأن معظم كلام غير هؤلاء إنما يعد تكرارا لما كتبه الأولون. [1]- ترجم له الذهبي فقال: كان السخاوي إماما علامة مقرئا محققا، ونحويا علامة، مع بصره بمذهب الشافعي- رضي الله عنه- ومعرفته بالأصول، واتقانه للغة، وبراعته في التفسير، وأحكامه لضروب الأدب، وفصاحته في الشعر، وطول باعه في النثر، مع الدين والمروءة، والتواضع واطّراح التكلّف، وحسن الأخلاق، ووفور الحرمة، وظهور الجلالة، وكثرة التصنيف .. إلى أن قال: وقد كان الشيخ علم الدين من أفراد العالم، ومن أذكياء بني آدم، حلو النادرة، مليح المحاورة ... اهـ «5». [2]- وقال السبكي: كان فقيها يفتي الناس، وإماما في النحو والقراءات

_ (1) هكذا ولعل الصواب: أو ثلاثة. (2) وفيات الأعيان (3/ 340). (3) انباه الرواة (2/ 311). (4) الذيل على الروضتين (ص 177) وسيأتي- ان شاء الله- بقية كلامه عند ذكر وفاة السخاوي. (5) معرفة القراء الكبار (2/ 632).

والتفسير، قصده الخلق من البلاد لأخذ القراءات عنه، وله المصنفات الكثيرة، والشعر الكثير، وكان من أذكياء بني آدم ... اه «1». [3]- وقال ابن كثير: شيخ القراء بدمشق، ختم عليه ألوف من الناس، وكان قد قرأ على الشاطبي المتوفى سنة 590 هـ وشرح قصيدته وله شرح المفصل، وله تفاسير وتصانيف كثيرة، ومدائح في رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكانت له حلقة بجامع دمشق، وولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح وبها كان مسكنه ... اه «2». [4]- ووصفه ابن الجزري بقوله: كان إماما علامة محققا مقرئا مجودا، بصيرا بالقراءات وعللها، إماما في النحو واللغة والتفسير والأدب أتقن هذه العلوم اتقانا بليغا، وليس في عصره من يلحقه فيها، وكان عالما بكثير من العلوم غير ذلك، مفتيا أصوليا مناظرا، وكان- مع ذلك- ديّنا خيرا متواضعا، مطرح التكلّف، حلو المحاضرة، حسن النادرة، حاد القريحة، من أذكياء بني آدم، وافر الحرمة، كبير القدر، محببا إلى الناس، ليس له شغل إلّا العلم والإفادة، أقرأ الناس نيفا وأربعين سنة بجامع دمشق .. ثم بتربة الصالح، ولأجله بنيت، وبسببه جعل شرطها على الشيخ أن يكون أعلم أهل البلد بالقراءات اه «3». [5]- ونعته السيوطي بقوله: طويل الباع في الادب، مع التواضع في الدين، والمودة وحسن الخلق، من أفراد العالم، وأذكياء بني آدم مليح المحاورة، حلو النادرة، حاد القريحة، مطرح التكلّف اهـ «4». ومن ينعم النظر فيما قاله هؤلاء العلماء في حق الإمام السخاوي يظهر له جليا: - أنه لم يكن مقرئا مجودا فحسب، بل كان إلى جانب ذلك مفسّرا، كما ذكر مترجموه أن له تفسيرا وصل فيه إلى سورة الكهف «5». وقد ذكره كل من السيوطي والداودي ضمن علماء التفسير في طبقاتهما. - وإلى جانب كونه مقرئا مجودا مفسرا، كذلك كان محدثا فقد روى الحديث عن

_ (1) طبقات الشافعية (8/ 297). (2) البداية والنهاية (13/ 181). (3) غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 569). (4) بغية الوعاة (ص 349). (5) وسيأتي- ان شاء الله- عند الكلام عن مؤلفاته.

ز) - استقلاله العلمي:

مجموعة من شيوخه، وكذلك روى عنه بعض تلامذته، إضافة إلى ذلك فقد جعله الإمام الذهبي من العلماء المحدثين «1». - كما كان- رحمه الله- لغويا نحويا بارعا، ومما يدل على ذلك أن القفطي ترجم له في كتابه «أنباه الرواة على أنباه النحاة» والسيوطي في «بغية الوعاة في أخبار النحاة»، كما ترجم له عبد الباقي اليمني في كتابه «إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين» «2». - كما كان السخاوي فقيها على مذهب الإمام الشافعي، نصّ على ذلك الذين ترجموا له، ومنهم الأسنوي والسبكي في طبقات الشافعية، وقد جعله السيوطي ضمن فقهاء الشافعية الذين كانوا بمصر «3». والخلاصة أن الإمام السخاوي كان علما لا يباريه أحد في علمه رحمه الله. ز) - استقلاله العلمي: إن الناظر في كتاب (جمال القراء .. ) وبخاصة كلام السخاوي فيه على الناسخ والمنسوخ، يتضح له جليا شخصيته الواضحة، حيث إنه- رغم اعتماده على مصادر عدة- لم يكن مجرد ناقل فحسب، بل إنه سلك مسلك النقد لكثير من الآراء التي نقلها عن العلماء، والدليل على ذلك ما يأتي: * فعند كلامه عن إنصاف الأحزاب قال: نصف التاسع والخمسين في المطففين: إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ [المطففين: 2] هكذا ذكروا، وهو غلط، بل النصف وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ «4» وقيل آخرها. * وقال: الموضع الحادي والعشرون: قوله عز وجل: فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً «5» [النساء: 71] قالوا: هو منسوخ بقوله عز وجل وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً [التوبة: 122] قال: وما أحسب هؤلاء فهموا كلام الله عزّ وجلّ اهـ. ثم أخذ يعلّل لذلك ويرد على قولهم. * وفي الموضع الثلاثين من سورة النساء عند قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ

_ (1) انظر: كتاب المعين في طبقات المحدثين (ص 202). (2) انظر المصدر المذكور (ص 231). (3) انظر حسن المحاضرة (1/ 412). (4) التكوير (4) انظر (ص 434). (5) النساء (71) انظر (ص 430).

الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء: 145] قال: زعموا أنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا .. «1» قال: متعجّبا من قولهم- فما أدري أي الأمرين أعجب، إدخال النسخ في الأخبار، أو جعل الاستثناء نسخا؟!. * وعند قوله سبحانه: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... إلى قوله: كُلَّ مَرْصَدٍ «2»، حكى قول القائلين بأن هذه الآية نسخت مائة وأربعا وعشرين آية، ثم نسخت بقوله عزّ وجلّ في آخرها: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ لم يرتض هذا القول، بل ردّه بقوله: ولا يقول مثل هذا ذو علم، إنما هو خبط جاهل في كتاب الله اهـ. * وعند قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «3»، يقول السخاوي: قال بعضهم: هذه الآية نصفها محكم، ونصفها منسوخ، قال: وهذا كأنه نوع من اللعب اهـ. * ومن هذا القبيل قوله: إن سورة مريم ليس فيها من المنسوخ شيء، قال: وقال قوم: إن قوله عزّ وجلّ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ «4»، نسخ بآية السيف، قال: وهذا من أعجب الجهل، أترى أنه لما نزلت آية السيف بطل إنذاره وتذكيره بيوم القيامة؟!. * وكذلك عند قوله سبحانه: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ «5» قال: قال ابن حبيب: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «6» ثم قال: وليس هذا بمنسوخ كما ذكر .. وكيف يظن من له تحصيل أن قوله عزّ وجلّ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ تفويض؟ وهذا قول مظلم كيف ما تدبرته ازداد ظلمة، ومما فيه أنه كان لنا أن نعمل ما شئنا من غير مشيئة الله تعالى ثم نسخ بأنّا لا نشاء شيئا إلّا أن يشاء الله، وهذا ضرب من الهذيان اهـ. * وكذلك فعل عند قوله تعالى: فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا «7» حيث نقل القول بنسخها بقوله تعالى بعدها وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نقله عن ابن سلامة، ثم

_ (1) النساء (146) انظر (ص 680). (2) التوبة (5) وانظر (ص 721). (3) الحجر (94) وانظر (ص 740). (4) مريم (39) وانظر (ص 756). (5) فصلت (40) وانظر (ص 813). (6) الانسان (30) وانظر (ص 893). (7) الانسان (29) انظر (ص 893).

ح) مذهبه:

قال: وهذا ضرب من الجهل عظيم، فإنه عزّ وجلّ لم يطلق المشيئة للعبيد، ثم حجزها عنهم ونسخها، وإنما أعلم أن العبد إذا شاء أمرا من صلاح أو ضلال، فلا يكون ذلك إلّا أن يشاء الله، وهذا وعيد وتهديد ... الخ. * وعند قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ «1» نجده ينقل عن الضحاك قوله بأنها منسوخة بالأمر بالإقبال عليهم وتبليغهم الرسالة ووعظهم اهـ. ولم يسلم بهذا القول، بل فنّده ودحضه بقوله: ويلزم من هذا أنه أمر في هذه الآية بترك التبليغ للرسالة، ثم أرسل بعد ذلك، فنسخ ما كان أمر به من ترك الرسالة والإنذار، وهذا لم يكن قط ... إلخ ثم ذكر وجهة نظره وما يراه صحيحا في معنى الآية. * وعند قوله تعالى: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ... «2» الآية. نجد السخاوي ينقل قول هبة الله بن سلامة بأنها منسوخة بما بعدها، وهو قوله تعالى: إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ، ثم يعقب على هذا بقوله: وهذا كلام ساقط وأخذ يعلل لذلك .. * وكان أحيانا ينقل بعض التفسيرات لبعض الأحاديث، ثم يقول: وكل هذه الأقوال غير مستقيمة، ثم يأخذ في التعليل لاعتراضه، مبيّنا وجهة نظره فيقول: أما قول أبي عبيد ... ، فتأويل لا دليل عليه. وأما قول الأصمعي ... ، فذلك خلاف ما جاء في الأخبار الصحاح. وأما قول من قال كذا ... ، فذلك أيضا غير صحيح. وأما قول من قال كذا ... ، فكلام لا معنى تحته «3». وهكذا كان- رحمه الله- يجول بفكره، ويرد على بعض الأقوال بأسلوب مهذب مقنع. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على كثرة علمه وقوة شخصيته ورجاحة عقله. ح) مذهبه: كان للبيئة التي نشأ فيها السخاوي وترعرع في أحضانها أثر في اتباع مذهب الإمام

_ (1) الذاريات (54) وانظر (ص 843). (2) الممتحنة (8) انظر (ص 867). (3) انظر (ص 289).

ط) مؤلفاته:

مالك- رضي الله عنه- إذ يظهر أن الشيوخ الذين تلقى عنهم مبادئه الأوليّة، كانوا يتبعون هذا المذهب، قال ابن الشعار: كان السخاوي مالكي المذهب، ثم انتقل إلى المذهب الشافعي «1». وقد سبق أثناء الكلام عن ثناء العلماء عليه، أن الأسنوي والسبكي قد أثنيا على الإمام السخاوي وعداه من أعيان المذهب الشافعي، وكان مما قاله الأسنوي: كان فقيها مفتيا على مذهب الإمام الشافعي «2». وقال الذهبي- أثناء ترجمته للسخاوي- كان بصيرا بمذهب الشافعي- رضي الله عنه- «3». وسبق كذلك أن السيوطي ترجم له ضمن فقهاء الشافعية الذين كانوا في مصر «4». ط) مؤلفاته: ذكرت لنا كتب التراجم والطبقات مؤلفات السخاوي في فنون القراءات العربية وغير ذلك، ومشاركته في كثير من العلوم بقسط يجعله في مقدمة علماء عصره المبرزين، قال الذهبي: وله تصانيف سائرة متقنة «5» اهـ. وقد ذكر الذين ترجموا للسخاوي جملة من كتبه، وتآليفه وأشادوا بها وأثنوا عليها ثناء عاطرا، وكان لها القبول الحسن، مما يكشف عن مكانة السخاوي العلمية وسعة اطلاعه وطول باعه، في كثير من الميادين التي خاض غمارها وأدلى بدلوه في معينها، وقد تعددت مؤلفاته، وتنوعت مضامينها، فمن كتب القراءات وعلوم القرآن والتفسير، إلى كتب الحديث والنحو واللغة إلى كتب السيرة والقصائد النبوية إلى غير ذلك. وقد حاولت- قدر المستطاع- جمع شتات تلك المؤلفات المتفرقة، ورتبتها ترتيبا موضوعيا، ثم رتبت كتب كل موضوع ترتيبا هجائيا، مبيّنا إن كانت مطبوعة أو مخطوطة وأماكن وجودها كلما تيسر لي ذلك.

_ (1) انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322) وراجع الحياة العقلية (ص 104). (2) طبقات الشافعية للاسنوي (2/ 68) وانظر الوافي بالوفيات (22/ 65). (3) معرفة القراء (2/ 632). (4) حسن المحاضرة (1/ 412). (5) العبر في خبر من غبر (5/ 178).

[1]- مؤلفاته في القراءات:

[1]- مؤلفاته في القراءات: * الإفصاح وغاية الانشراح في القراءات السبع «1». ذكره حاجي خليفة بهذا العنوان «2». وكذلك إسماعيل باشا البغدادي «3»، إلّا أنهما ذكرا بدل «الانشراح»: «الإشراح»، ولعله خطأ. وتوجد منه نسخة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا تحت رقم 166، نسخها محمد بن أحمد الدميري بتاريخ 747 هـ بخط معتاد، عدد الأوراق 187 عدد الأسطر 21 «4». * فتح الوصيد في شرح القصيد «5». نوه المؤلف بذكر هذا الكتاب في كتابه «علم الاهتداء في معرفة الوقف والابتداء» عند كلامه عن الياءات قال: وقد كنت نظمت هذه الياءات في «فتح الوصيد «6»، وذكره ابن الشعار «7»، والذهبي «8»، يقول أبو شامة- تلميذ السخاوي- في مقدمة كتابه «إبراز المعاني من حرز الأماني»: ... إنما شهر «حرز الأماني» بين الناس وشرحها وبيّن معانيها وأوضحها، ونبه على قدر ناظمها، وعرف بحال عالمها، شيخنا الإمام العلامة علم الدين بقية مشايخ المسلمين أبو الحسن علي بن محمد هذا الذي ختم به الله العلم ... إلخ «9». كما روى هذا الشرح «فتح الوصيد» ابن الجزري بسنده عن الإمام الرشيد إسماعيل بن عثمان بن المعلم الحنفي- تلميذ السخاوي- أخبرنا المؤلف سماعا وقراءة وتلاوة «10».

_ (1) في فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى: ( .. في القراءات العشر). (2) كشف الظنون (1/ 132). (3) هدية العارفين (1/ 708). (4) فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (2/ 25) ورقمه في المركز 553. (5) وهي القصيدة المسماة ب «حرز الأماني ووجه التهاني» في القراءات السبع، وهي المشهورة بالشاطبية، وأبياتها ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتا، أبدع فيها ناظمها كل الابداع، فصارت عمدة الفن، وعليها شروح كثيرة، ذكرها حاجي خليفة في كشف الظنون (1/ 646 - 649). «وقد سارت الركبان بهذه القصيدة، وحفظها خلق لا يحصون، وخضع لها فحول الشعراء، وكبار البلغاء، وحذاق القراء .. )، انظر معرفة القراء (2/ 574). (6) انظر الكتاب المذكور (ص 631) بتحقيق الدكتور علي حسين البواب ملحق بجمال القراء. (7) انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322). (8) معرفة القراء (2/ 632). (9) ابراز المعاني من حرز الأماني ص 7. (10) النشر في القراءات العشر (1/ 63).

* مراتب الأصول وغرائب الفصول:

وفي موضع آخر قال ابن الجزري: وله من الكتب شرح الشاطبية، وسماه «فتح الوصيد» فهو أول من شرحها، بل هو- والله أعلم- سبب شهرتها في الآفاق، وإليه أشار الشاطبي بقوله: «يقيض الله لها فتي يشرحها .... «1»» هـ. هذا وتوجد منه نسخة في المكتبة التيمورية بدار الكتب المصرية رقم 255، وأخرى في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة رقم 46، وثالثة في المكتبة الخالدية بالقدس الشريف رقم (1) «2» ورابعة في مكتبة شتسربتي تحت رقم 3926 «3». * مراتب الأصول وغرائب الفصول: ذكره حاجي خليفة، وقال: إنه في القراءة «4»، وإسماعيل باشا البغدادي «5». وقد تكلم المؤلف في هذا الكتاب عن فضل القراءة، وذكر الأحاديث في ذلك وتعرض لأسانيد القراءة، والطرق التي أخذ كل قارئ قراءته من خلالها، وتحدث عن طبقات القراء، مع التعريف، بأولئك القراء، وتعرض لتفنيد بعض الشبهات الواردة على بعض القراء أو القراءات .. الخ. والكتاب مطبوع بالآلة الكاتبة بالأردن، حققه الشيخ محمد عصام مفلح القضاة، أحد خريجي كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ونال به محققه درجة «الماجستير» من الجامعة الأردنية- قسم أصول الدين شعبة التفسير، كما طبع أيضا ملحقا بكتاب «جمال القراء» بتحقيق الدكتور علي حسين البواب. [2]- وله في التفسير:] * تفسير القرآن الكريم الى آخر سورة الكهف: في أربعة مجلدات، مات- رحمه الله- قبل إتمامه «6». قال ابن الجزري:- وهو يعدد مصنفات السخاوي- وكتاب التفسير وصل فيه إلى

_ (1) غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 570)، وانظر كشف الظنون: (1/ 647) والاعلام (4/ 332). (2) انظر فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (2/ 205، 206). (3) معجم الدراسات القرآنية (ص 438). (4) كشف الظنون (2/ 1650). (5) هدية العارفين (1/ 708). (6) انظر سير أعلام النبلاء (23/ 124) ومعرفة القراء (2/ 633) ومعجم الأدباء (15/ 66)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 68) وكشف الظنون (1/ 448) وهدية العارفين (1/ 708).

[3]- وله في إعجاز القرآن:]

الكهف، في أربعة أسفار، من وقف عليه (علم مقدار هذا الرجل، ففيه من النكت والدقائق واللطائف ما لم يكن في غيره ... «1») اهـ وقد أشار أبو شامة إلى هذا التفسير، وسماعه في حلقة شيخه السخاوي «2». [3]- وله في إعجاز القرآن:] * الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز: ذكر إسماعيل باشا البغدادي «3»، وهو جزء من «جمال القراء .. ». [4]- وله في عد آي القرآن:] * أقوى العدد في معرفة العدد: ذكره حاجي خليفة وقال: إنه في القراءة «4»، وليس كذلك، وذكره إسماعيل باشا البغدادي ضمن مؤلفات السخاوي «5»، وهو جزء من «جمال القراء .. ». [5]- وله في رسم المصحف:] * الوسيلة الى شرح العقيلة «6»: نوه بذكر هذا الكتاب أبو شامة، قال: أخبرنا شيخنا أبو الحسن في كتاب «الوسيلة» عن شيخه الشاطبي بإسناده الى ابن وهب، قال: سمعت مالكا يقول: (إنما ألّف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .. ) «7» اهـ. وذكره ابن الشعار «8»، وابن الجزري «9»، والسيوطي ضمن مراجعه التي اعتمد

_ (1) غاية النهاية (1/ 570). (2) انظر الذيل على الروضتين ص 175. (3) هدية العارفين (1/ 708). (4) كشف الظنون (1/ 140). (5) هدية العارفين (1/ 708). (6) وهي نظم المقنع للداني، منظومة رائية في رسم المصحف للامام الشاطبي، ولها شروح أخرى منها شرح لأبي عبد الله محمد بن القفال- تلميذ السخاوي- انظر كشف الظنون (2/ 1159) وقد سارت الركبان بهذه القصيدة المسماة (عقيلة أتراب القصائد)، وحفظها خلق لا يحصون وخضع لها فحول الشعراء، وكبار البلغاء، وحذاق القراء .. ). انظر معرفة القراء 2/ 574. (7) المرشد الوجيز ص 46. (8) انظر ملحق وفيات الاعيان 7/ 322. (9) غاية النهاية 1/ 570.

[6]- وله في متشابه القرآن:]

عليها في الاتقان «1»، وإسماعيل باشا البغدادي «2». أوله الحمد لله الذي بدأ الخلق .. ) «3». توجد منه عدة نسخ: في دار العلوم- ديوبند- بخط عبد الرحمن حبشاني، في 240 صفحة «4». ونسخة في مكتبة الأحمدي، تقع في 93 صفحة «5» وصوّرته الجامعة الإسلامية. ونسخة في دار الكتب المصرية رقم 66 قراءات «6». ونسخة في المكتبة المحموديّة- مكتبة الملك عبد العزيز، الرقم العام 50 والرقم الخاص 223، تقع في مجلد واحد، تاريخ الخط 1089 هـ 20* 14، عدد الصفحات 148، ومنه نسخة كذلك عليها تصحيحات وتعليقات في مكتبة عارف حكمت، رقم المجموعة 288 التصنيف 80 مجاميع. انتهى من نسخها محمد بن محمد القاري التبريزي الشهير بشيخي عام 928 هـ خط فارسي تقع في «112» صفحة 27 س 25* 18 م. [6]- وله في متشابه القرآن:] * هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب: وهي منظومة في متشابه كلمات القرآن، مرتبة على حروف المعجم، تقع في «425» بيتا كما بينها الناظم. يقول في مطلعها: قال السخاوي عليّ ناظما .. (كان له الله الرحيم راحما) اهـ، ذكرها الزركشي في البرهان، عند كلامه عن المتشابه، قال: (وقد صنّف فيه جماعة، ونظّمه السخاوي «7») اهـ. وذكرها كذلك حاجي خليفة «8»، وإسماعيل باشا البغدادي «9».

_ (1) انظر الاتقان 1/ 20. (2) هدية العارفين 1/ 709. (3) كشف الظنون 2/ 1159. (4) فهرس مخطوطات دار العلوم. (5) انظر فهرس مكتبات الوقفية- مكتبة الأحمدي (1/ 148). (6) فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي جامعة أم القرى (2/ 346). (7) البرهان في علوم القرآن (1/ 112). (8) كشف الظنون (2/ 2041) وفيه بدل «علم الدين» علاء الدين. خطأ. (9) هدية العارفين (1/ 709).

[7]- مؤلفاته في تجويد القرآن الكريم:]

توجد منه نسخة في دار الكتب بالقاهرة بخط مغربي، كتبها عبد الله سالم بن عبد الرحمن بن علي المشّاط الجنزوري، وفرغ من كتابتها في أواسط الحجّة سنة 1112 هـ، ومسطرتها 16 سطرا 17* 21 سم، ضمن مجموعة من ورقة (92 - 105) (25342 ب) «1». ومنه نسخة في مكتبة عارف حكمت الرقم العام (164) والخاص (80) عدد الرسائل (36) بخط محمد محنث ردة المؤذن، نسخة مذهبة بخط نسخ جميل (37 صفحة، 18* 11 م 13 س). وتوجد منه نسخة كذلك في مكتبة السود بحمص- سورية رقم (51) «2». وفي المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية صورتان منه (ميكروفلم) إحداهما عن مكتبة برلين بألمانيا الغربية رقم (1153) خطت بتاريخ (959 هـ) عدد الأوراق (12)، وعدد الأسطر (21)، والأخرى في برلين برقم (1149). والكتاب طبع في مصر طبعة حجرية سنة 1306 هـ «3». وقد قام بشرحها الأستاذان الفاضلان الدكتور/ محمد سالم محيسن والدكتور/ شعبان محمد إسماعيل، وسمّياه «التوضيحات الجلية شرح المنظومة السخاوية في متشابهات الآيات القرآنية»، ونشرته المكتبة المحموديّة التجاريّة- ميدان الأزهر بمصر، ط الأولى دون تاريخ. [7]- مؤلفاته في تجويد القرآن الكريم:] * التبصرة في صفات الحروف وأحكام المد: ذكره بروكلمن «4». * روضة الدرر والمرجان في تجويد القرآن: مخطوط في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، يقع في ثلاث ورقات ضمن مجموع (46 - 48)، مسطرتها 13، توجد منه نسخة ميكروفلم في المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية تحت رقم 397. * عمدة المفيد وعدة المجيد «5» في معرفة لفظ التجويد: نظّم في التجويد، عدد أوراقه ست ورقات «6».

_ (1) فهرس المخطوطات في دار الكتب (3/ 188). (2) فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (2/ 338). (3) انظر معجم المطبوعات العربية (1/ 1015) والأعلام (4/ 332). (4) تاريخ الأدب العربي ص 727 من الذيل. (5) هكذا سماه حاجي خليفة في كشف الظنون 2/ 1171. (6) انظر فهرس المجاميع في المكتبة الظاهرية، مكتوب بخط اليد، ومصور دون ترقيم للصفحات.

* منهاج التوفيق إلى معرفة التجويد والتحقيق:

وهي منظومة نونية، تقع في أربعة وستين بيتا، قدم لها الناظم بالحديث عن حقيقة التجويد، ثم انتقل إلى المقصد الأهم فيها وهو مخارج الحروف، وما يجب الاحتراز فيه .. وتحدث عن صفات الحروف، وختم الناظم قصيدته بالحديث عن وجوب الترتيل وتجنب اللحن «1». ذكر حاجي خليفة أن المصنف شرحها شرحا مختصرا. قال: وشرحها أيضا الإمام إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقاعي الحموي المتوفي سنة 670 هـ، وشمس الدين أحمد بن محمود الأديب الحكيم المقرئ، أوله: (الحمد لله الذي أنزل القرآن العظيم والذكر الحكيم .. ) «2» الخ. ومن هذا الشرح نسخة في التيمورية رقم 266. وله شرح آخر مخطوط أيضا في التيمورية رقم 243 لشارح مجهول «3». كما قام بشرح هذه المنظومة الحسن بن قاسم المرادي المتوفى سنة 749 هـ وسماه «المفيد في شرح عمدة المجيد». وقد طبع هذا الشرح في مكتبة المنار بالزرقاء- الأردن عام 1407 هـ (في جزء صغير). بتحقيق الدكتور/ على حسين البواب. وأخيرا قام أستاذنا الدكتور/ عبد العزيز القاري بشرح هذه القصيدة، مع قصيدة أبي مزاحم الخاقاني المتوفى سنة 325 هـ. وطبع هذا الشرح عام 1402 هـ في دار مصر للطباعة (في جزء صغير). * منهاج التوفيق الى معرفة التجويد والتحقيق: ذكره حاجي خليفة، وسماه «منهاج التوفيق في القراءة «4»»، وإسماعيل باشا البغدادي «5». أوله: التجويد: مصدر جوّد تجويدا، إذا أتى بالقراءة مجوّدة الألفاظ .. إلخ وآخره: ... وروى عن أبي حنيفة أنه (كان يقرأ القرآن في ركعة .. ).

_ (1) انظر مقدمة المفيد في شرح عمدة المجيد ص 10، بتحقيق الدكتور علي حسين البواب. (2) كشف الظنون 1/ 1172 وراجع 2/ 1984 من المصدر نفسه. (3) انظر معجم الدراسات القرآنية ص 510. (4) كشف الظنون 2/ 1871. (5) هدية العارفين 1/ 709.

[8]- وله في فضائل القرآن:]

توجد منه نسخة بمكتبة جامعة الملك سعود، الرقم العام 850/ 2 م (ص 115 - 133) يقع في عشر ورقات، عدد الأسطر 19، خط نسخ معتاد، لعله من القرن الثامن الهجري «1». وقد طبع الكتاب المذكور بتحقيق الدكتور علي حسين البواب ملحقا «بجمال القراء». [8]- وله في فضائل القرآن:] * منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم: ذكره إسماعيل باشا البغدادي ضمن مؤلفات السخاوي «2»، وهو جزء من «جمال القراء ... ». [9]- وله في النسخ:] * الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ: ذكره ضمن مؤلفات السخاوي، إسماعيل باشا البغدادي «3». وهو جزء من «جمال القراء .. ». [10]- وله في الوقف والابتداء:] * علم الاهتداء في معرفة الوقف والابتداء: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية، تقع في 55 صفحة ضمن مجموع (171 - 225)، وتحتفظ الجامعة الاسلامية- المكتبة المركزية بصورة منه ميكروفلم تحت رقم 2401 «4». [11]- وله في المكي والمدني:] * نثر الدرر في ذكر الآيات والسور: ذكره حاجي خليفة، قال: نثر الدّرر في القراءة للسخاوي «5». وليس هو في القراءة، كما ذكره إسماعيل باشا البغدادي ضمن مؤلفات السخاوي «6» وهو جزء من «جمال القراء .. ». [12]- وله في علوم القرآن:] * جمال القراء وكمال الإقراء: موضوع البحث، وسيأتي الكلام عنه مفصّلا- إن شاء الله تعالى-.

_ (1) انظر معجم مصنفات القرآن الكريم: 3/ 259. (2) هدية العارفين: 1/ 708. (3) المصدر السابق: 1/ 708. (4) وقد طبع ضمن كتابه «جمال القراء .. » ملحقا به بتحقيق الدكتور علي حسين البواب. (5) كشف الظنون: 2/ 1927. (6) هدية العارفين: 1/ 709.

* رسالة في علوم القرآن:

* رسالة في علوم القرآن: توجد منه نسخة بالمكتبة الظاهرية تحت رقم 7659 ضمن مجموع، رقم الفن 258 مجاميع/ تفسير وعلوم القرآن، بخط معتاد، غير معروف ناسخه، تقع في ثلاث ورقات، 18 سطرا «1». [13]- وله في الحديث:] * الجواهر المكللة في الأخبار المسلسلة: ذكره حاجي خليفة «2»، وإسماعيل باشا البغدادي «3». كما ذكره الكتاني ضمن الكتب التي ألّفت في الأحاديث المسلسلة، وهي التي تتابع رجال إسنادها على صفة أو حالة «4». * شرح مصابيح السنة للبغوي: ذكره إسماعيل باشا البغدادي «5». [14]- مؤلفاته في السيرة النبوية:] * أرجوزة في أسماء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. ذكره ياقوت الحموي «6»، وصلاح الدين المنجد «7». * أرجوزة في سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: ذكره ياقوت الحموي «8»، وصلاح الدين المنجد «9». * ذات الأصول في مدح الرسول- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: ذكره إسماعيل باشا البغدادي «10». * ذات الأصول والقبول في مفاخر الرسول- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: ذكره إسماعيل باشا البغدادي «11». وصلاح الدين المنجد «12». * ذات الدرر في معجزات سيد البشر: ذكره إسماعيل باشا البغدادي «13».

_ (1) فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى 1/ 92، وانظر معجم الدراسات القرآنية ص 402. (2) كشف الظنون: 1/ 617. (3) هدية العارفين 1/ 708. (4) الرسالة المستطرفة ص 62، وراجع مقدمة تحفة الأحوذي للمباركفوري 1/ 95. (5) هدية العارفين 1/ 708. (6) معجم الأدباء 15/ 66. (7) معجم ما ألّف عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ص 37. (8) معجم الأدباء 15/ 16. (9) معجم ما ألّف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ص 102. (10) هدية العارفين 1/ 708. (11) هدية العارفين 1/ 708. (12) معجم ما ألّف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ص 208. (13) هدية العارفين 1/ 708.

* شكوى الاشتياق إلى النبي الطاهر الأخلاق:

* شكوى الاشتياق إلى النبي الطاهر الأخلاق: ذكره إسماعيل باشا البغدادي «1»، وصلاح الدين المنجد «2». * القصائد السبع في المدائح النبوية: نص أبو شامة على شرحه لهذه القصائد النبوية- لشيخه السخاوي- وسماه «كتاب شرح المدائح النبوية» «3». ويعد هذا الشرح أول مؤلفاته، كما ذكر ذلك في كتابه «الذيل على الروضتين» «4». وقد نظم بعضهم مؤلفات أبي شامة في أبيات، ومنها هذا الكتاب: «شرح الصدور بشرحه لقصائد ... نبوية في قبضه أو بسطه». وهذا الشرح يقع في مجلد «5»، كما ذكر ذلك الذهبي «6»، وابن الجزري «7» وحاجي خليفة «8»، وأحمد بدوي «9». وكتاب «القصائد السبع» للسخاوي، ذكره أيضا إسماعيل باشا البغدادي «10». وبروكلمن «11». وصلاح الدين المنجد «12»، ورمز له الزركلي بأنه مخطوط «13». قال الصفدي: وللسخاوي مدائح في النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «14». [15]- وله في الفقه:] * أرجوزة في الفرائض: ذكره عبد الباقي اليمني في إشارة التعيين «15».

_ (1) المصدر السابق. (2) معجم ما ألّف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ص 331. (3) المرشد الوجيز ص 25. (4) المصدر المذكور ص 39. (5) الذيل على الروضتين ص 40. (6) معرفة القراء 2/ 673. (7) غاية النهاية 1/ 570. (8) كشف الظنون 2/ 1327. (9) الحياة العقلية ص 107. (10) هدية العارفين (1/ 708). (11) تاريخ الأدب العربي (الذيل ص (457). (12) معجم ما ألّف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ص 334. (13) الأعلام للزركلي (4/ 332). (14) الوافي بالوفيات (22/ 66). (15) المصدر المذكور ص 232.

* تحفة الناسك في معرفة المناسك (مناسك الحج).

* تحفة الناسك في معرفة المناسك (مناسك الحج). ذكره ابن الشعار «1»، وإسماعيل باشا البغدادي، وقال: إنه يقع في أربعة مجلدات «2». [16]- وله في العقيدة:] * القصيدة الناصرة لمذهب الأشاعرة (تائية). ذكرها الصفدي «3»، وإسماعيل باشا البغدادي «4». * الكوكب الوقاد في تصحيح الاعتقاد: (أرجوزة في أصول الدين). ذكره الصفدي «5»، وإسماعيل باشا البغدادي «6»، وحاجي خليفة. وقال: هي منظومة للشيخ علم الدين السخاوي .. شرحه السيوطي «7». كما ذكره الزركلي وقال إنه مخطوط «8». قال السيوطي: «وضعت عليه شرحا لطيفا «9»» اهـ. [17]- وله في الفقه:] * ذات الحلل ومهاة الكلل: ذكره ابن الشعار «10»، والصفدي «11». توجد منه نسخة ميكروفلم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نسخت بتاريخ 639 هـ- أي في أواخر عهد المصنف-، عدد الأوراق 38 «12». وهي قصيدة للمؤلف

_ (1) انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322). (2) هدية العارفين (1/ 708). (3) انظر الوافي بالوفيات (22/ 66). (4) هدية العارفين (1/ 708). (5) انظر الوافي بالوفيات (22/ 66). (6) هدية العارفين (1/ 708). (7) كشف الظنون (2/ 1523). (8) الأعلام (4/ 332). (9) بغية الوعاة ص 349. (10) انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322). (11) انظر الوافي بالوفيات (22/ 66). (12) سجل حصر الميكروفلم ص 9 رقم التسلسل 185 بخط اليد.

[18]- مؤلفاته في النحو:]

فيما اتفق لفظه واختلف معناه، وهي في الحقيقة جزء من كتاب «سفر السعادة وسفير الإفادة» وسيأتي الحديث عنه- إن شاء الله تعالى-، صدّر المصنف هذه القصيدة بقوله: وهذه ذات الحلل ومهاة الكلل، تغر بالألفاظ المؤتلفة، وتسر بالمعاني المختلفة .. الخ، وعدد أبياتها ثلاثة وأربعون بيتا ومائتا بيت (243)، يقول في مطلعها: بحمد الله ربّ العالمينا ... وربّ العرش أبدأ مستعينا ويقول في ختامها: وحسبي جود ربي والتجائي ... اليه لما أؤمل أن يكونا [18]- مؤلفاته في النحو:] * سفر السعادة وسفير الإفادة: معظم الذين ترجموا للسخاوي ذكروا هذا الكتاب ضمن مؤلفاته. قال الصفدي: وهو كتاب كثير الفوائد في اللغة العربية «1» اهـ. افتتحه المؤلف بقوله: هذا كتاب «سفر السعادة وسفير الإفادة»، يتحفك بالمعاني العجيبة، ويقفك على الأسرار الغامضة الغريبة ... شرحت فيه معاني الأمثلة ومبانيها المشكلة، وأودعته ما استخرجته من ذخائر القدماء وتناظر العلماء، وختمته بأغرب نظم وأسناه، فيما اتفق لفظه واختلف معناه «2». وأضفت إلى الأبنية ألفاظا مستطرفة، واقعة أحسن المواقع عند أهل المعرفة، ورتبت الأبنية على الحروف مستعينا بالله المنان الرءوف «3»» اهـ. وللكتاب عدة نسخ خطية استغنى عن ذكرها، حيث قد ذكر ذلك من قام بتحقيقه، فقد قام بتحقيقه أحمد بن عبد المجيد هريري، نال به درجة «الدكتوراة» من كلية الآداب، جامعة القاهرة عام 1978 م «4». كما قام بتحقيقه أيضا محمد أحمد الدالي، نال به درجة «الماجستير» من كلية الآداب بجامعة دمشق عام 1402 هـ «5».

_ (1) الوافي بالوفيات 22/ 66. (2) وهو الكتاب المسمى ب «ذات الحلل ومهاة الكلل» وقد سبق قريبا. (3) سفر السعادة ص 3، 4 بتحقيق الدالي. (4) انظر ذخائر التراث العربي الاسلامي ط الأولى عام 1401 هـ. (5) وطبع في مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1403 هـ في ثلاثة أجزاء الثالث فهارس.

* المفضل شرح المفصل:

* المفضل شرح المفصل «1»: ذكره الذهبي «2»، والصفدي «3»، وياقوت الحموي «4»، وأبو الفداء «5»، والأسنوي «6»، وابن الشعار «7». قال القفطي: شرحه- يعني المفصل- شرحا حسنا، وطيء الألفاظ أراد به وجه الله تعالى، فالنفوس تقبله، إذ لم يعتمد فيه القعقعة الأعجمية، ولا التقاسيم المنطقية «8» .. ) اهـ. وقال ابن الجزري: «وهو كتاب نفيس في أربعة أسفار «9» ... » اهـ. وقال حاجي خليفة:- أثناء تعداده للذين شرحوا كتاب «المفصل» للزمخشري، وشرحه علم الدين السخاوي أيضا في أربعة مجلدات «10» .. » اهـ. قال الزركلي: في أربعة أجزاء، منه نسخة كتبت سنة 632 هـ، عليها إجازة بخط المؤلف، مؤرخة سنة 638 هـ، في دار الكتب، تصويرا عن أحمد الثالث (3158) كما في المخطوطات المصورة 1/ 397 «11».

_ (1) المفصل في النحو للزمخشري، أوله: الله أحمد على أن جعلني من علماء العربية، ... إلخ جعله على أربعة أقسام: الأول في الأسماء، والثاني في الأفعال، والثالث في الحروف، والرابع في المشترك من أحوالها، ثم اختصره وسماه «الأنموذج». وقد شرحه كثير من العلماء، ممن عاصر السخاوي، ومن قبله ومن بعده. أنظر كشف الظنون 2/ 1774 - 1777. كما قام بنظمه العلامة أبو شامة- تلميذ السخاوي-. انظر الذيل على الروضتين ص 40، ومعرفة القراء 2/ 674، وطبقات الشافعية للسبكي 8/ 165. (2) سير أعلام النبلاء 23/ 124. (3) الوافي بالوفيات 22/ 66. (4) معجم الأدباء: 15/ 16. (5) المختصر في تاريخ البشر 3/ 174. (6) طبقات الشافعية 2/ 68. (7) ملحق وفيات الأعيان 7/ 322. (8) انباه الرواة 2/ 311. (9) غاية النهاية 1/ 570. (10) كشف الظنون: 2/ 1775، كذا أربع مجلدات. والصواب: أربعة مجلدات. (11) الأعلام للزركلي: 4/ 332.

* منير الدياجي في شرح الأحاجي:

* منير الدياجي في شرح الأحاجي «1»: ذكره المؤلف في كتابه «سفر السعادة» باب الكاف عند الكلام عن «كميت» .. قال: وقد ذكرناه في «تنوير الدياجي «2». وذكره كذلك ابن الشعار، بهذه التّسمية «3»، أي بالمعنى مختصرا، وذكره الذهبي «4»، وابن الجزري «5». وسمّاه السيوطي: «شرح أحاجي الزمخشري النحوية». قال: (وهو من أجلّ الكتب في موضوعه، والتزم أن يعقب كل أحجيتين بلغزين من نظمه «6» اهـ. أشار الزركلي إلى أنه مخطوط. قال: رأيته في خزانة محمد سرور الصبّان بجدة، وعلى النسخة خط المؤلف «7». وتوجد منه نسخة مصورة بالميكروفلم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية باسم «تنوير الدياجي في تفسير الأحاجي» «في القراءة»!! تاريخ النسخ 639 هـ- أي في أواخر عهد المصنف، تقع في 165 ورقة «8». * نظم الضوابط النحوية: ذكره بروكلمن «9». ومنه نسخة بدار الكتب رقم 1604 نحو «10». [19]- مؤلفاته في موضوعات متعددة:] * تنوير الظلم في الجود والكرم: ذكره حاجي خليفة «11»، وإسماعيل باشا البغدادي «12».

_ (1) الأحاجي: جمع «أحجية» كأضحية، كلمة مخالفة المعنى، وهو علم يبحث فيه عن الألفاظ المخالفة لقواعد العربية بحسب الظاهر وتطبيقها عليها، إذ لا يتيسر أدراجها بمجرد القواعد المشهورة .. ) اهـ كشف الظنون 1/ 13. قال حاجي خليفة: وللعلامة الزمخشري تأليف لطيف في هذا الفن سماه «المحاجات» وللشيخ علم الدين السخاوي شرح هذا المتن «اهـ المصدر نفسه. (2) سفر السعادة ص 450. (3) ملحق وفيات الأعيان 7/ 322. (4) سير أعلام النبلاء 23/ 124. ومعرفة القراء 2/ 633. (5) غاية النهاية 1/ 570. (6) بغية الوعاة ص 349، وانظر كشف الظنون 1/ 13. (7) الاعلام 4/ 332. (8) سجل حصر الميكروفلم رقم التسلسل 415 بخط اليد. (9) تاريخ الأدب العربي «الذيل ص 728. (10) انظر الحياة العقلية ص 107. (11) كشف الظنون 1/ 501. (12) هدية العارفين 1/ 708.

* عروس السمر في منازل القمر:

* عروس السمر في منازل القمر: (نونية). ذكره الصفدي «1»، وإسماعيل باشا البغدادي «2». وشرحه أبو شامة- تلميذ السخاوي «3». * كتاب تحفة الفرّاض وطرفة تهذيب المرتاض: ذكره الصفدي «4» ونقله عنه صاحب روضات الجنات، دون كلمة «تهذيب «5»» كما ذكره أيضا إسماعيل باشا البغدادي، دون كلمة «تهذيب «6»». * لواقح الفكر في اخبار من غبر: انفرد بذكره إسماعيل باشا البغدادي «7». * المشهور في أسماء الأيام والشهور: ذكره الحافظ ابن كثير عند تفسير قوله تعالى إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً .. [التوبة: 36] قال: «فصل» ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سمّاه: «المشهور في أسماء الأيام والشهور» أن المحرم سمّي بذلك لكونه شهرا محرما ... وهكذا أخذ ابن كثير في سرد أسماء الشهور والأيام مع التعليل لكل تسمية، معتمدا على هذا الكتاب للسخاوي «8». * المفاخرة بين دمشق والقاهرة: ذكره ابن الجزري «9»، وحاجي خليفة «10»، والزركلي «11»، وأحمد بدوي ثم قال: (وكم كان بودنا أن لو ظفرنا بهذا الكتاب، لنرى فيه صورة صادقة لهاتين المدينتين في ذلك العصر «12») اهـ.

_ (1) الوافي بالوفيات 22/ 66. (2) هدية العارفين 1/ 708. (3) الذيل على الروضتين ص 40. (4) الوافي بالوفيات 22/ 66. (5) المصدر المذكور ص 470. (6) هدية العارفين 1/ 708. (7) هدية العارفين 1/ 708. (8) تفسير ابن كثير 2/ 354. (9) غاية النهاية 1/ 570. (10) كشف الظنون 2/ 1758. (11) الاعلام 4/ 332. (12) الحياة العقلية ص 107.

ي) - أهم أعماله:

ي) - أهم أعماله: سبق أن قلت إن الإمام السخاوي بدأ طلب العلم في سن مبكرة منذ نعومة أظفاره، وأنه رحل إلى الاسكندرية سنة 572 هـ، أي وهو في سن الرابعة عشرة من عمره، ثم توجه إلى القاهرة. * وهناك سكن بمسجد ب (القرافة) «1» يؤم الناس فترة من الزمن «2». * كان يعلم أولاد الأمير ابن موسك «3»، وانتقل معه إلىّ دمشق «4». * وحج سنة 598 «5» هـ. * قال ابن الجزري: (أقرأ الناس نيفا وأربعين سنة بجامع دمشق «6») اهـ. ك) - وفاته: أجمعت المصادر التي وقفت عليها على أن وفاته كانت سنة (643 هـ) ثلاث وأربعين وستمائة. إلّا ما ذكره إليان سركيس من أن وفاته كانت سنة (653 هـ) وهو خطأ. قال أبو شامة في حوادث سنة 643 هـ: «- واصفا جنازة شيخه السخاوي، وما كان عليها من هيبة وجلالة وإخبات- وفي ليلة الأحد ثاني عشر جمادى الآخرة، توفي شيخنا علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي- رحمه الله- علامة زمانه، وشيخ عصره وأوانه،

_ (1) القرافة- بالفتح-: خطة بالفسطاط من مصر .. بها قبر الامام الشافعي- رحمه الله- وفيها مدرسة للفقهاء الشافعية، ينسب اليها قوم من المحدثين. معجم البلدان 4/ 317. (2) معجم الأدباء 15/ 66، وانظر الحياة العقلية ص 105. (3) أما الأمير ابن موسك، فهو عماد الدين بن موسك بن حسكو، كان من خيار الأمراء الأجواد، حج مع الملك المعظم ابن العادل سنة 611 هـ ثم سجن ومات متأثرا بجراحة- رحمه الله- سنة 644 هـ، انظر البداية والنهاية 13/ 73، 183. وأما موسك فهو الأمير عز الدين ابن خال السلطان صلاح الدين وهو من أكابر أقربائه، ومقدمي كتائبه، وكان للقرآن حافظا، وعلى الاحسان محافظا، ولقضاء الناس ملاحظا ... توفي بدمشق سنة 585 هـ. انظر الروضتين في أخبار الدولتين 2/ 150. (4) انظر معجم الأدباء 15/ 66. (5) انظر ملحق وفيات الأعيان 7/ 322، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 605. (6) غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 569.

بمنزله بالتربة الصالحية، وصلّي عليه بعد الظهر بجامع دمشق .. إلى أن قال: وفقد الناس بموته علما كثيرا، ومنه استفدت علوما جمة، كالقراءات والتفسير، وعلوم فنون العربية، وصحبته من شعبان سنة أربع عشرة- أي وستمائة- ... رحمه الله وجمع بيننا وبينه في جنته آمين «1»» اهـ.

_ (1) انظر الذيل على الروضتين ص 177.

الباب الثاني

الباب الثاني الفصل الأول «توثيق الكتاب» وقد ضمنته ما يأتي: أ) تحقيق عنوان الكتاب: من الأدلة الواضحة التي لا شك فيها أن مؤلفه سمّاه «جمال القراء وكمال الإقراء» وهو كذلك بهذا العنوان في كل النسخ التي حصلت عليها. ومعظم الذين ذكروا هذا الكتاب من المترجمين والمؤرخين، سمّوه بهذا الإسم إلّا أن بعض العلماء تصرفوا في هذه التسمية. أمثال الصفدي «1»، وابن قاضي شهبه «2»، فسمّاه (جمال القراء وتاج الإقراء). ب) صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه: لم يختلف العلماء في نسبة كتاب (جمال القراء .. ) إلى مصنفه علم الدين السخاوي، وقد سبق عند الكلام عن أثر هذا الكتاب في من جاء بعده من المؤلفين أن الشيخ أبا شامة- تلميذ السخاوي- والمحقق ابن الجزري والعلامة السيوطي قد نقلوا من هذا الكتاب في مواضع من كتبهم، مما لا يدع مجالا للشك في نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه. قال عنه ابن الجزري: .. وهو غريب في بابه، جمع أنواعا من الكتب .. إلخ ثم ذكر كيفية روايته لهذا الكتاب بإسناده إلى السخاوي «3». وقال عنه في موضع آخر: (فيه عدة مصنفات، وهو من أجلّ الكتب «4») اهـ.

_ (1) الوافي بالوفيات 22/ 66. (2) طبقات الشافعية 2/ 117. (3) النشر في القراءات العشر 1/ 97. (4) غاية النهاية: 1/ 570.

ج) وصف النسخ الخطية وبيان النسخة التي جعلتها أصلا:

ووصفه حاجي خليفة بقوله: وهو كتاب لطيف جامع في فنه، جمع فيه أنواعا من الكتب «1» .. إلخ. ومما يؤكد صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه: أن جميع العناوين التي وجدتها على النسخ الخطية التي حصلت عليها، تثبت نسبة الكتاب إلى المؤلف. ج) وصف النسخ الخطية وبيان النسخة التي جعلتها أصلا: اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على أربع نسخ:- النسخة الأولى: كانت هذه النسخة هي أول نسخة حصلت عليها في المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية، وتحمل رقم (4650) وهذا الرقم واضح في آخر النسخة، أما في أولها فلم يظهر الصفر لسوء التصوير. وهذه النسخة التي جعلتها أصلا مصورة عن الخزانة الملكية بالمغرب، عليها تعليقات وتصحيحات قيمة بخط الناسخ، تقع في 93 ورقة من الحجم الكبير، «النسخة عتيقة بخط مشرقي جميل شكّلت فيه بعض الكلمات، آخرها: ولا يثبت النّسخ باجتهاد مجتهد من صحابي ولا غيره، ولا بد في ذلك من النقل والله أعلم. وقع الفراغ من كتابتها في الثاني والعشرين من ذي القعدة عام (733 هـ) ولم يذكر فيها اسم الناسخ». وكتب على اليسار: «بلغ مقابلة بحسب الطاقة»، وفي الورقة الأولى من النسخة تقييد بخط أحمد بن علي الحسيني، يفيد قراءته للكتاب جميعه على أحد شيوخه. مقاسها 2، 24* 3، 18 سم وعدد الأسطر (25 سطرا) اهـ «2». - كتب على وجهها: ملك الفقير محمد بن قر الحنفي الدمشقي الأزهري، غفر الله له ولوالديه ... - وقد ذكر اسم الكتاب واسم مؤلفه: ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم: الله الموفق لما يشاء، اللهم وفقنا لما يرضيك عنا، الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه

_ (1) كشف الظنون 1/ 593. (2) أنظر فهارس الخزانة الحسنية بالقصر الملكي «بالرباط» المجلد السادس الفهرس الوصفي لعلوم القرآن الكريم، تصنيف محمد العربي الخطابي.

النسخة الثانية:

أجمعين، أما بعد، فقد قرأت جميع هذا الكتاب- وهو (جمال القراء وكمال الإقراء) تصنيف الإمام العلامة الأستاذ الحبر الشيخ علم الدين أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي، تغمده الله برحمته، وأسكنه بحبوحة جنته على سيدنا وشيخنا ... العالم شيخ الإقراء، العامل صاحب الفوائد، شيخ الأنام، مفتي الإسلام شيخ الإقراء بقية السلف الصالحين، قاضي القضاة، شرف الدين الكفري الحنفي، متع الله الإسلام والمسلمين بطول حياته، وأفاض علينا من بركته وبركة أسلافه. وأخبرني أنه قرأه من لفظه على الشيخ الإمام العالم شمس الدين محمد بن أحمد بن علي بن عبد الغني ... الحنفي. وأخبره أنه سمعه على الشيخ الإمام العالم شهاب الله أبي بكر بن محمد بن عبد الخالق بن عثمان بن مزهر الأنصاري، بقراءته على مصنفه الشيخ الإمام العلامة، علم الدين السخاوي، قدّس الله روحه ونوّر ضريحه. وأجاز لي أن أرويه عنه وجميع ما يجوز له روايته. وكتبه أحمد بن علي بن محمد بن إسرائيل بن أحمد الحسيني، حامدا الله ومصليا على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل. وكملت القراءة لهذا الكتاب في أواخر سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، (فلله الحمد والمنة) اهـ. وقد جعلت هذه النسخة أصلا في التحقيق ورمزت لها ب (ت). النسخة الثانية: مصورة عن دار الكتب الظاهرية بدمشق، وتحمل رقم (9035) (ف 23). وهي نسخة قديمة مقروءة ومصححة، فقد بعض أوراقها، وأصابتها الرطوبة، وأضرت بها، مما ترتب على ذلك تآكل أسافل بعض الأوراق. خطها نسخ قديم جيد مشكول، من خطوط القرن السابع أو الثامن الهجري، عناوين الموضوعات وأسماء السور مكتوب بخط كبير، وعليها بعض التصحيحات الجيدة، تقع في 113 ورقة، عدد الأسطر 19 سطرا مقاس 25* 17، في أوائلها قيد مطالعة بتاريخ 964 هـ كتبه أحمد بن يوسف العدوي «1». وعليها تملّكات أكثرها لا يقرأ. وقد حصل فيها خلط وتقديم وتأخير عند الكلام عن أرباع أجزاء ستين، وبيّنت ذلك في موضعه. وحصل فيها سقط كبير، حيث

_ (1) راجع فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (علوم القرآن) ص 353 وضع الدكتور عزت حسن. دمشق 1381 هـ.

- النسخة الثالثة:

سقطت الأوراق التي تشمل الكلام على الناسخ والمنسوخ من سورة الشورى إلى سورة المزمل، بالرغم من تسلسل أرقام الصفحات، وقد بيّنت ذلك أيضا في موضعه، والله الموفق، وقد رمزت إلى هذه النسخة ب (ظق) اختصارا لكلمة (ظاهرية قديمة) تمييزا لها عن النسخة الثانية الظاهرية المتأخرة عنها والتي سيأتي الحديث عنها. - النسخة الثالثة: من مصورات دار الكتب المصرية، رقم الميكروفلم 1916، تقع في 148 ورقة عدد الأسطر 23 سطرا. عدد الكلمات في كل سطر تتراوح بين 8 - 10 كلمات. وخطها عادي مقروء، شكّلت فيها بعض الكلمات، وقد يكون التشكيل أحيانا خطأ. لم تميز فيها العناوين وأسماء السور بخط بارز. كتبت بعض العناوين في الحاشية، وعليها تعليقات نادرة. كتب هذه النسخة محمد بن موسى بن عمران سنة 843 هـ، ثلاث وأربعون وثمانمائة. وقد قمت برحلة علمية إلى القاهرة، وصورت هذه النسخة في دار الكتب المصرية. وقد رمزت إلى هذه النسخة ب (د) اختصارا لكلمة (دار الكتب المصرية). - النسخة الرابعة: وهي مصورة عن المكتبة الظاهرية بدمشق وتحمل رقم 333 (44 قراءات) وقد تفضل الأستاذ سعيد عبد الله المحمّد الأستاذ بجامعة أم القرى بإعطائي صورة منها جزاه الله خيرا. وخطها عادي، كتبها علي بن محمد بن رمضان من قرية بيت تول سنة 973 هـ تقع في 122 ورقة عدد الأسطر 21، مقاسها 5، 21* 5، 15 سم. وكتبت العناوين وأسماء السور ورءوس الفقر بخط كبير «1». إلا أن بعض هذه العناوين أصيبت بالطمس أثناء التصوير. وقد سقطت منها ورقة (70) وتكررت فيها ورقة (73). وعليها بعض التعليقات الدّالة على المقابلة. كتب في وجهها ترجمة موجزة للمؤلف السخاوي، منقولة من وفيات الأعيان لابن خلكان. وقد رمزت إلى هذه النسخة ب (ظ) اختصارا لكلمة (ظاهرية).

_ (1) راجع فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (علوم القرآن) ص 352 وضع الدكتور عزت حسن دمشق 1381 هـ.

الفصل الثاني منهج المؤلف في تصنيف كتابه

الفصل الثاني منهج المؤلف في تصنيف كتابه وقد ضمنته ما يأتي: أ- المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في تصنيف كتابه: لا شك أن للمصادر دورا رئيسيا هاما بالنسبة لكل مؤلف، وقد تبيّن لي- بعد إمعان النظر في كتاب (جمال القراء .. ) - أن السخاوي- رحمه الله- قد اعتمد على مصادر عدة، استقى منها مادته العلمية، إضافة إلى ثقافته التي تلقاها مشافهة عن شيوخه، وبما أن السخاوي قد اعتمد في تصنيف كتابه هذا على قدر كبير من المصادر التي لها قيمتها العلمية، كما أنه تتلمذ على مجموعة كبيرة من خيرة العلماء، أمثال الإمام الشاطبي (ت 590 هـ) وغيره؛ أقول: لقد كان لهذا الأثر البارز في مصنفات السخاوي، وقد ظهر ذلك جليا في كتابه هذا (جمال القراء ... ) ومن يقرأ هذا الكتاب يتضح له صدق ما ذكرته، وقد كان السخاوي- رحمه الله- يصرح بأسماء العلماء الذين نقل عنهم وبمؤلفاتهم، كما أنه كان في بعض الأحيان يصرح باسم المؤلف دون أن يذكر اسم الكتاب الذي أفاد منه، وبناء على هذا فيمكنني أن أقسّم مصادره التي اعتمد عليها في تصنيف هذا الكتاب قسمين: مصنفات، ثم علماء: القسم الأول: المصنفات: لقد تتبعت منقولاته، وقيّدت تلك الكتب التي نقل منها، وصنفتها حسب موضوعاتها إلى سبعة أصناف، بدءا بكتب التفسير، فالقراءات، فالناسخ والمنسوخ، فالحديث- ويدخل فيه فضائل القرآن وأخلاق أهله- فالعدد والمصاحف، فكتب الفقه، ثم النحو وغريب الحديث.

أولا: كتب التفسير: وتتمثل فيما يأتي:

أولا: كتب التفسير: وتتمثل فيما يأتي: - مجاز القرآن: لأبي عبيدة معمر بن المثنى التميمي (110 - 209 هـ). أفاد منه السخاوي في مواضع من كتابه، فيما يتعلق بتفسير بعض الألفاظ، كتفسير كلمة (الفرقان) و (الكتاب) عند كلامه عن اسماء القرآن، وكتفسيره لكلمة (السّكر) بفتح السين والكاف «1». - جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (224 - 310 هـ) لم يصرح السخاوي بذكر اسم الكتاب الذي أفاد منه، وانما اكتفى بقوله: قال الطبري، أو واختاره الطبري، وبهذا يقول الطبري، ونحو ذلك من العبارات التي استعملها في افادته من هذا التفسير «2». وقد كان أحيانا يورد كلامه على سبيل الرد عليه، كما فعل عند حديثه عن الشواذ «3». - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (467 - 538 هـ). نقل عنه السخاوي في بعض المواضع، عند كلامه على الناسخ والمنسوخ، ولكنه لم يسلم له بما نقله عنه، بل كان يعترض على كلامه ويرده، ويعلل لذلك الرد، بما يراه مناسبا لمعنى الآية «4». ثانيا: كتب القراءات: وتتمثل فيما يأتي: - البيان في القراءات السبع: لأبي طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم (279 - 349 هـ) أفاد منه السخاوي عند كلامه عن الشواذ، حيث قال: قال عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا .. إلى أن قال: وأبو طاهر عبد الواحد هذا، إمام من أئمة القرآن، وهو صاحب ابن مجاهد اهـ «5». ثالثا: الناسخ والمنسوخ: - الناسخ والمنسوخ: لأبي القاسم هبة الله بن سلامة بن نصر الضرير البغدادي (المتوفى

_ (1) انظر: (ص 167، 169، 744). (2) انظر: (ص 602، 627، 637). (3) انظر: (ص 571). (4) انظر: (ص 631، 769). (5) انظر: (ص 575).

سنة 410 هـ) أفاد منه السخاوي عند كلامه على الناسخ والمنسوخ قائلا: قال أبو القاسم هبة الله بن سلامة كذا ... «1» ثم قال: وهبة الله هذا رجل صالح، وقد سمعت كتابه من أبي محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ- رحمه الله- وساق السند إلى المصنف «2». - الايضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ومعرفة أصوله واختلاف الناس فيه: لأبي محمد مكي بن أبي طالب، واسم أبي طالب (حمّوش) بن محمد (355 - 437 هـ) أفاد منه السخاوي عند كلامه على الناسخ والمنسوخ، بالتصريح أحيانا، وبغير ذلك أحيانا أخرى فنجده مثلا يقول: قال بعض مؤلفي الناسخ والمنسوخ: .. كذا ثم يختمه بقوله: وهذا سياق قول مكي بن أبي طالب في كتابه المسمى ب (الموضح «3» في الناسخ والمنسوخ). وعند قوله تعالى: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً [الفرقان: 63] نجد السخاوي يطيل النفس فيها فيذكر أقوال العلماء، ويختم كلامه بقوله: وقال مكي في هذه الآية: إنّ هذا- وإن كان خبرا- فهو من الخبر الذي يجوز نسخه ... الخ. وفي موضع آخر نجد السخاوي أثناء حديثه عن قوله تعالى: وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ [البقرة: 233] نجده يذكر الأقوال الواردة فيها، ثم يختم كلامه بقوله: وقيل الوارث: الصبي، لأنه وارث الأب، فعليه النفقة من ماله، قال ذلك الضحاك، واختاره الطبري، وقال مكي: وهو قول حسن ... اهـ. ولم يقبل السخاوي هذا الاستحسان، بل علق عليه بقوله: وما أراه كما قال: اهـ. وكان أحيانا ينقل عنه دون عزو، لكن يتصرف في بعض العبارات، ويلخص أو يزيد، وهذا كثير «4».

_ (1) انظر: (ص 831) وراجع كذلك (ص 899). (2) انظر: (ص 903). (3) هكذا ذكره بهذا الاسم، وقد أوضحت ذلك في مكانه. (4) راجع على سبيل المثال كلامه على قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ... الآية (219) من سورة البقرة، وقارنه بما في الايضاح (ص 167) وكذلك راجع الموضع (الثامن والعشرين) من سورة النساء، وكلام السخاوي في ذلك وقارنه بما في الايضاح (ص 232 - 245). والموضع العاشر من سورة الأنعام من هذا الكتاب وقارنه بالايضاح (ص 261 - 262) وهلم جرّا.

رابعا: مصادره في الحديث وفضائل القرآن وأخلاق أهله:

رابعا: مصادره في الحديث وفضائل القرآن وأخلاق أهله: وتتمثل فيما يأتي: - سنن الترمذي: لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (209 - 279 هـ) نقل منه السخاوي في مواضع من كتابه بسنده عن شيخه أبي الفضل الغزنوي، قال: حدثنا شيخنا أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي- رحمه الله- وساق السند إلى أبي عيسى الترمذي. ثم بعد ذلك كان السخاوي كلما أورد حديثا من سنن الترمذي، قال: حدثنا الغزنوي- رحمه الله- بإسناده المتقدم إلى أبي عيسى الترمذي- رحمه الله «1». - فضائل القرآن: لأبي عبيد القاسم بن سلام الأنصاري (157 - 224 اهـ) اعتمد عليه السخاوي اعتمادا كبيرا عند كلامه عن (منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم) ناقلا أحيانا ومقتبسا أحيانا أخرى، فيقول مثلا: وروى أبو عبيد القاسم- رحمه الله-، ثم اختصر هذه العبارة بقوله: أبو عبيد، حدثنا .. ويسوق السند إلى آخره، وأحيانا كان لا يذكر السند بل يكتفي بقوله: وروى أبو عبيد عن ابن مسعود مثلا وهذا كثير «2». وكان أحيانا لا يصرح بالنقل عن أبي عبيد، ولكن بالرجوع إلى فضائل القرآن: تبين لي ذلك. - فضائل القرآن: لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (215 - 303 هـ) أفاد منه السخاوي في مواضع من كتابه بسنده عن شيخه أبي المظفر الجوهري، قال: حدثنا أبو المظفر عبد الخالق ابن فيروز الجوهري- رحمه الله- وساق السند إلى النسائي .. ثم بعد ذلك اكتفى بهذه العبارة: وبالإسناد عن النسائي ... الخ قال: وكلما اذكره عن النسائي، فهو بهذا الإسناد «3». - أخلاق أهل القرآن: لأبي بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجرّي المتوفى سنة (360 هـ) لم يصرح السخاوي بالنقل من هذا الكتاب، وإنما اكتفى بقوله: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حامد بن مفرح الأرتاحي- رحمه الله- وساق السند إلى أبي بكر الآجري، بسنده إلى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه «4». ثم قال في موضع آخر بعد ذلك: وعن الآجرّي- رحمه الله- بإسنادنا المتقدم، قال محمد بن الحسين: ينبغي لمن علمه الله القرآن ... الخ.

_ (1) انظر: (ص 113، 237). (2) انظر: (ص 233، 244). (3) انظر: (ص 225، 235). (4) انظر: (ص 359).

خامسا: كتب العدد والمصاحف: وتتمثل فيما يأتي:

ونقل نصا طويلا في آداب حملة القرآن، وما ينبغي أن يكونوا عليه من الصفات الحميدة، والأخلاق الفاضلة «1». خامسا: كتب العدد والمصاحف: وتتمثل فيما يأتي: - المصاحف: لأبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان السجستاني (230 - 316 هـ) اعتمد السخاوي على هذا الكتاب اعتمادا كبيرا عند كلامه على (تأليف القرآن) بسنده عن شيخه أبي المظفر الجوهري، قال: حدثني أبو المظفر عبد الخالق الجوهري رحمه الله- وساق السند إلى المصنّف ... إلخ «2». ثم اقتصر السخاوي في كلامه على هذا الموضوع على قوله: قال عبد الله ... ويسوق السند إلى آخره «3». - البيان في عد آي القرآن: لأبي عمرو بن عثمان بن سعيد الداني (371 - 444 هـ) أفاد منه السخاوي عند كلامه على (تجزئة القرآن) فمن ذلك قوله: وأما أنصاف الأسباع، فحدثني أبو القاسم شيخنا- رحمه الله- يعني الشاطبي- قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن هذيل، ثنا أبو داود، ثنا أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني- رحمه الله- ... وذكرها «4» وكذلك عند كلامه عن أجزاء أربعة وعشرين، قال: قال أبو عمرو الداني- رحمه الله- وبها قرأت على شيخنا فارس بن أحمد- رحمه الله- ... وذكرها «5». أما عند الكلام على (أقوى العدد في معرفة العدد) فلم يصرح السخاوي بالنقل عن أبي عمرو الداني، بل لم يصرح بالنقل عن أحد من علماء أهل العدد، بالرغم من تقريره بأن الاختلاف في العدد شبيه بإختلاف القراءات، أي أن كلا منهما راجع إلى النقل والتوقيف. والذي ينعم النظر في كلامه عن (العدد) ويقارنه بما في كتاب (البيان) للداني يجد أنّه اعتمد عليه، وإن كان هناك خلاف يسير في بعض الأماكن، وبخاصة أنّ الكتاب بين يديه، وقد صرح بالنقل منه عند كلامه على (تجزئة القرآن) والله أعلم.

_ (1) انظر: (ص 368). (2) انظر: (ص 300). (3) انظر: (301). (4) انظر: (ص 405). (5) انظر: (ص 411).

سادسا: كتب الفقه: وتتمثل فيما يأتي:

سادسا: كتب الفقه: وتتمثل فيما يأتي: - الأم: لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (150 - 204 هـ) أفاد منه السخاوي عند كلامه على (أقوى العدد في معرفة العدد) دون تصريح بالنقل من كتاب «الأم» ولكن بالرجوع إليه تبيّن ذلك، وكانت إفادته من هذا الكتاب عند كلامه على سورة الفاتحة، وإختلاف أهل العدد في البسملة. قال: قال الشافعي- رضي الله عنه- حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز ... وساق السند إلى أنس بن مالك أنه قال: (صلى معاوية بالمدينة ... وذكره) «1». وأفاد منه كذلك أثناء كلامه على الناسخ والمنسوخ في سورة النور «2». - الوجيز في فقه الإمام الشافعي: لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي (450 - 505 هـ) لم يفد منه السخاوي إلّا في موضع واحد دون تصريح باسم الكتاب، وذلك أثناء كلامه على دعوى النسخ في قوله تعالى: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ حيث ذكر ما قاله الإمام مالك والشافعي في هذه الآية، معتمدا في ذلك على ما كتبه مكي بن أبي طالب في الإيضاح إلى أن قال: قال أبو حامد:- أي الغزالي- إذا قال: لاضربنك مائة خشبة، حصل البر بالضرب بشمراخ عليه مائة من القضبان ... إلى آخر ما قاله «3». سابعا: كتب النحو وغريب الحديث: وتتمثل فيما يأتي: - الكتاب: لأبي بشر عمرو بن عثمان الملقب ب (سيبويه) (148 - 180 هـ) أو نحو ذلك. الذي ظهر لي أنّ السخاوي قد أفاد من هذا المصدر إمّا بطريق مباشر، أو غير مباشر، ومما ترجح عندي أنّه نقله مباشرة من كتاب سيبويه، هو ما ذكره عند الحديث عن دعوى نسخ قوله تعالى: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً «4» حيث قال: وتكلم في ذلك سيبويه، ولم يتكلم في شيء من الناسخ والمنسوخ إلّا في هذه .. إلخ «5». ومما هو واضح أنّه نقله بطريق غير مباشر، هو عند كلامه على أسماء القرآن، حيث قال: ومن أسمائه (الكتاب) ... قال أبو علي:- أي الفارسي- الكتاب: مصدر (كتب). قال: ودليل ذلك:

_ (1) انظر: (ص 506). (2) انظر: (ص 766). (3) انظر: (ص 807). (4) الفرقان (63). (5) انظر: (ص 775).

- غريب الحديث:

انتصابه عمّا قبله في قوله تعالى: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ .. «1» قال: فمذهب سيبويه في هذا النحو أنّه لما قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... «2» دل هذا الكلام على كتب عليكم ... إلخ «3». - غريب الحديث: لأبي عبيد القاسم بن سلام الأنصاري (157 - 224 هـ) نقل عنه السخاوي في موضع واحد فقط، وهو تفسيره لمعنى الأوراد المنهي عنها ... إلخ «4» ولم يصرح باسم المصدر، ولكن بالرجوع إلى غريب الحديث وجدت الكلام بنصه. - المسائل الحلبيات: لأبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي (288 - 377 هـ) وجدت السخاوي يفيد منه عند كلامه عن أسماء القرآن واشتقاقها، دون تصريح باسم الكتاب الذي رجع إليه «5». وقد كان أحيانا يتعقب أبا علي الفارسي، ويرد على بعض آرائه كقوله مثلا: وهذا سهو من أبي علي، أو وهذا الذي رجحه أبو علي ليس براجح، مع التعليل لذلك، وكقوله: والقول بكذا أرجح من قول أبي علي .. «6». القسم الثاني: العلماء: قلت فيما سبق: إنّ السخاوي اعتمد في تصنيف كتابه- إضافة الى المصنفات السابق ذكرها- على بعض العلماء دون أن يذكر أسماء مؤلفاتهم التي أفاد منها، فيقول مثلا: قال فلان، كما فعل عند كلامه على (نثر الدرر في ذكر الآيات والسور)، إذ نقل عن أبي مسلم الخراساني ترتيب السور المكية والمدنية، والمختلف فيها، التي قيل: إنها مكية، وقيل: إنها مدنية، وما أدخل من المدني في المكي، وما أدخل من المكي في المدني ... وهكذا «7». ولعطاء الخراساني كتاب في التفسير، وكتاب في الناسخ والمنسوخ كلاهما مخطوط، توجد أوراق من التفسير، وجزء من الناسخ والمنسوخ في الظاهرية «8» فالله أعلم على أيهما اعتمد السخاوي- رحمه الله. وكذلك عند كلامه على (تجزئة القرآن).

_ (1) النساء (24). (2) النساء (23). (3) انظر: (ص 173). (4) انظر: (ص 319). (5) انظر: (ص 164، 166). (6) انظر: (ص 167، 175). (7) انظر: (ص 106 - 151). (8) كما ذكر ذلك الزركلي في الأعلام (4/ 235).

ب - مشتملات الكتاب:

قال السخاوي: قال ابن المنادي: وقد قسّم القرآن العزيز على مائة وخمسين جزءا، عمل ذلك بعض أهل البصرة ... اهـ «1». وبالرجوع إلى مؤلفات ابن المنادي نجد أن من مؤلفاته: كتاب إختلاف العدد «2» وفضائل القرآن، وأفواج القراء، وناسخ القرآن ومنسوخه، ولا يوجد من هذه الكتب إلّا أسماؤها مبثوثة في بطون المصنفات «3» فالله أعلم بمظان ذلك. وكما نقل- مثلا- عن القاضي إسماعيل بن إسحاق ما يقرب من صفحتين، وذلك عند كلامه عن نسخ قوله تعالى: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ «4». هذه هي المصادر التي اعتمد عليها السخاوي في كتابه (جمال القراء ... )، ومن هذا يتبين للقارئ أن السخاوي قد تنوعت مشاربه التي تضلع منها، واستقى من معينها مادته العلمية، إضافة إلى أنّه كان أحيانا يلخص ويقتبس ويتصرف في العبارات- كما قلت-. وأحيانا كان يعمم كلامه، ولا يخص أحدا بالذكر، فيقول: قال قوم: كذا ... ، قال بعض العلماء: كذا ... ونحو ذلك من العبارات التي تنبئ أنّه كان يقرأ ويحاول أن يلم بالموضوع، ثم يصوغه بأسلوبه الخاص- رحمه الله-. ب- مشتملات الكتاب: صدر السخاوي كتابه (جمال القراء .. ) بمقدمة مختصرة بيّن فيها أنّ كتاب الله عز وجلّ أجلّ الكتب حيث نطق بمصالح الأمّة في دينها ودنياها، قال: وفي هذا الكتاب- يعني (جمال القراء ... ) - من العلوم ما يشرح الألباب ويفرح الطلاب، وينيلهم المنى، ويفيدهم الغنى، ويريحهم من العناء، ويمنحهم ما دعت إليه الحاجة بأيسر الاعتناء، فهو كاسمه (جمال القراء وكمال الإقراء) اهـ.

_ (1) انظر (ص 453). (2) ذكره ابن النديم في الفهرست (58). (3) انظر مقدمة متشابه القرآن لابن المنادي تحقيق الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان (ص 15، 16). (4) الحشر (7) وانظر: (ص 861).

ثم قسمه- رحمه الله- إلى سبعة علوم رئيسة، كل علم يكاد يكون موضوعا مستقلا بذاته «1»، ويغلب على تصنيفه هذه العلوم أسلوب المتقدمين، مع قلة التفريعات والتقسيمات والتفصيلات. وهذه العلوم هي:

_ (1) بل إن بعض من ترجم للسخاوي كصاحب «هدية العارفين» عد هذه العلوم مؤلفات مستقلة، كما بينت ذلك أثناء الكلام عن مؤلفاته.

العلم الأول نثر الدرر في ذكر الآيات والسور

العلم الأول نثر الدرر في ذكر الآيات والسور تكلم في هذا العلم عن أول ما نزل، وآخر ما نزل، وقال: إنّ العلماء ذكروا بأنّه إنما نزل أولا صدر اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ... إلى قوله ... عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ «1». ثم ساق رواية عطاء الخراساني في ترتيب السور المكية والمدنية، حيث بلغت السور المكية خمسا وثمانين سورة (85) وبلغت السور المدنية ثمانيا وعشرين سورة، ذكر منها ستا وعشرين سورة سردا، ثم استطرد في الحديث عن سورة (الفتح) مبيّنا مكان نزولها، وبعد ذلك ذكر السورتين الباقيتين من السور المدنية، وهما سورتا المائدة والتوبة. ثم ذكر الخلاف الوارد في سورة الفاتحة هل هي مكية أو مدنية؟ ورجع مكيّتها، ثم انتقل إلى ذكر بعض السور المكية وما نزل منها بالمدينة والعكس بادئا بسورة الأعراف ومنتهيا بسورة الماعون. وتعرض كذلك لذكر السور المختلف فيها، والتي قيل: إنها مكية وقيل: إنها مدنية، مع الترجيح لما يراه راجحا بادئا بسورة الصف، ومنتهيا بالمعوذتين، قال: فهذا جميع المختلف في تنزيله ذكرته وما لم أذكره من السور فلا خلاف فيه «2» وقال أثناء كلامه على سورة الإخلاص وعطاء الخراساني يروي جميع ما ذكره عن ابن عباس ... اه.

_ (1) الآيات الخمس الاولى من سورة العلق. (2) ولعله يقصد ما ورد في رواية عطاء الخراساني، وإلّا فقد ورد خلاف في بعض السور التي لم يتعرض لذكرها، وقد نبهت على ذلك في موضعه.

- وتحدث عن كيفية إنزال القرآن، وأنه نزل كله جملة واحدة في رمضان إلى سماء الدنيا، وذكر بعض الحكم من إنزاله جملة إلى سماء الدنيا. وبهذه المناسبة تطرّق- رحمه الله- إلى الحديث عن الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن، وعن فضلها وفضل تحريها، ومتى ينبغي أن يتحراها المسلم كي ينال فضلها. - ثم انتقل إلى الحديث عن أسماء القرآن، فذكر له ثلاثا وعشرين اسما «1» معللا لبعضها بالآيات القرآنية وأشعار العرب، وكلام أهل اللّغة. - ثم تحدث عن أسماء السور وذكر لبعض السور أكثر من اسم، وأثناء ذلك تعرض لتقسيم القرآن بحسب سوره إلى السبع الطول والمثاني والمئين والمفصل. - وتعرض كذلك لذكر معنى الآية والسورة داعما أقواله بالأدلة والشواهد النحوية، ثم عاد إلى ذكر ألقاب سور القرآن سورة سورة إلى آخره.

_ (1) ومعظم هذه الاسماء التي ذكرها انما هي في الحقيقة أوصاف للقرآن الكريم، وقد ذكره ذلك في موضعه.

العلم الثاني في الجزء الاول الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز

العلم الثاني في الجزء الاول الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز تحدث تحت هذا العنوان عن قضية الإعجاز، وكيف أنّ القرآن الكريم نزل بلغة العرب، وهم أهل اللسان والبيان، وهم الفصحاء البلغاء فتحداهم أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة قصيرة، فعجزوا، بالرغم من وجود أسباب المعارضة، وكان عجزهم دليلا على أن القرآن من عند الله، وقد وقع التحدي لهم بنظمه ومعناه، وكذلك فإن أسلوب القرآن جاء مخالفا لمعهود كلام البشر سواء كان شعرا أو نثرا أو سجعا، فإن كلام البشر- وإن كان قد صدر من فصيح بليغ- فإنّه إذا طال يظهر فيه التفاوت والاختلاف والإخلال ... أما القرآن الكريم كله فإنّك لا تجد فيه ذلك التفاوت والاختلاف، ولما عجزوا عن معارضته لجأوا إلى القتال، وبذل الأموال والعتاد ثم أورد المؤلف تساؤلا وأجاب عليه، ومضمونه: فإن قيل: فأي فائدة في تكرير القصص والأنباء؟ ثم أجاب على هذا التساؤل، وذكر عدة فوائد في ذلك، وأقام الأدلة والبراهين على أن القرآن كلام الله غير مخلوق عند أهل الحق، وأمّا المعتزلة، فإنهم يقولون: إنّ القرآن مثل كلام المخلوقين .. فرد عليهم بأدلة نقلية وعقلية ..

العلم الثالث منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم

العلم الثالث منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم - ذكر تحت هذا العنوان ما ورد في فضائل القرآن الكريم جملة، ثم ما ورد في فضائل بعض السور، وكذلك ما ورد في فضائل الآيات كآية الكرسي والآيتين من آخر البقرة، وما ورد في أوائل سورة الكهف وآخرها ... الخ. - وتحدث عن فضل حملة القرآن، وعن المعاني التي نزل عليها القرآن. - وأردف ذلك بذكر الأحرف السبعة. - وانتقل إلى الحديث عن تأليف القرآن، أي ترتيب سوره وآياته، وكتابته في الصحف والمصاحف. - ثم تحدث عن فضل تلاوة القرآن الكريم وبيان كيفيتها .. وعن النهي عن قراءة القرآن منكوسا، وعن قراءته بالحان أهل الفسق وأهل الكتابين، واستطرد في ذكر قراءة القرآن بالحزن والبكاء وتزيين الصوت بالقراءة. - وتحدث عن جواز قراءة القرآن بغير وضوء ما لم يكن جنبا، وعن جواز قراءة القرآن بالسر والجهر. - ثم عقد بابا تحت عنوان (فضل حامل القرآن ومتعلمه ومعلمه وما يطالب به حملة القرآن، وكيف كان قراء السلف والصدر الأول) تحدث فيه عن فضل من حفظ القرآن فاستظهره وعمل به، وعن فضل من تعلم القرآن وعلّمه، وعن جواز تعليم أولاد أهل الذمة القرآن، وأورد الآثار التي تنهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو، وأن الله تعالى يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع آخرين، وأنه ينبغي لمن أعطي القرآن أن لا ينظر إلى

سواه، وأن لا يمدّ عينيه إلى ما أعطي غيره من حطام الدنيا، فإنّ ما عند الله خير وأبقى وأنه لا يجوز الاستخفاف بالقرآن بقراءة بعض الآيات على سبيل المزاح، وقيام حامل القرآن به، والنهي عن توسده والنوم عنه ... - ثم تكلم عن المدة التي يستحب لقارئ القرآن أن يختمه فيها، وذكر آثارا كثيرة في ذلك تدلّ على أنّ في الأمر سعة. - ثم ذكر آثارا فيها تهديد ووعيد لمن أوتي القرآن أو سورة منه أو آية فنسي ذلك، عن قصد أو تهاون، وأنه ينبغي لقارئ القرآن أن يسأل الله تعالى به، ولا يرائي بقراءته، وأن يقتدي بالسلف الصالح حيث كانوا يقرءون القرآن ولا يصعقون، ولا يغشى عليهم، وإنما كانوا يبكون وتلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله. - وتكلم عن آداب حملة القرآن، وأنّه لا ينبغي المراء فيه، وأن حملة القرآن هم عرفاء أهل الجنة، فينبغي إكرامهم. واختتم حديثه عن هذا الموضوع بذكر فضل ختم القرآن وفضل من حضر ختمه، وأورد بعض الآثار في ذلك عن السلف، وبيّن أنهم كانوا يحرصون على حضور ختم القرآن والدعاء عنده.

العلم الرابع في الجلد الاول تجزئة القرآن

العلم الرابع في الجلد الاول تجزئة القرآن تحدث فيه عن معنى (الحزب والورد) وذكر الأدلة على أن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والصحابة- رضوان الله عليهم- كانوا يحزبون القرآن ويجزئونه، ثم تكلم عن عدد حروف القرآن- وذكر أقوال العلماء في ذلك- وتكلم عن نصف القرآن وأثلاثه وأرباعه وأخماسه وأسداسه وأسباعه وأثمانه وأتساعه وأعشاره. - ثم انتقل إلى الحديث عن أنصاف الأسداس، وأنصاف الأسباع، قال: وأما أجزاء خمسة عشر فداخلة في أجزاء ثلاثين وأجزاء ستين، وسأذكرها- إن شاء الله تعالى- فتعرف منها أجزاء خمسة عشر. اه. - وتحدث عن أجزاء ستة عشر، وأجزاء أربعة وعشرين، ونقل عن أبي عمرو الداني قوله: وبها قرأت على شيخنا فارس بن أحمد- رحمه الله. - وذكر أجزاء سبعة وعشرين لصلاة القيام، ثم أجزاء ثمانية وعشرين، ثم أجزاء ستين، ونقل عن أبي عمرو الداني قوله: وهذه الأجزاء- أي أجزاء ستين- أخذتها عن غير واحد من شيوخنا، وقرأت عليهم بها. اه. ثم ذكر تلك الأجزاء عن أبي عمرو الداني، وإذا كان هناك من يخالفه ذكر قوله بعبارة: وقال غير أبي عمرو كذا، أو عبارة نحوها. قال: وأما أجزاء ثلاثين، فداخلة في هذه الأجزاء- أي أجزاء ستين- كل جزءين منها جزء من ثلاثين، وكذلك أجزاء خمسة عشر، كل أربعة أجزاء: جزء من خمسة عشر، وكذلك العشرة، كل ستة منها جزء من عشرة، قال: وانما ذكرت أجزاء عشرة فيما تقدم، لأن الذي ذكرته على عدد الحروف، وهذه الأجزاء على الكلمات، ولهذا يجيء بعضها أطول من بعض، وكذلك أجزاء عشرين، كل ثلاثة أجزاء من ستين، جزء من

عشرين، وكذلك أجزاء أربعين، كل حزب ونصف من الستين، جزء من أربعين. اه. - ثم انتقل إلى ذكر أنصاف الأحزاب من أجزاء الستين، وهي أجزاء مائة وعشرين. - ثم عقد بابا لذكر أرباع أجزاء الستين، وذكر في كل جزء من أجزاء الستين الربع الأول والربع الثالث فقط. قال: لأنّ الربعين الآخرين قد ذكرتهما، أمّا الربع الثاني فإنه نصف الحزب، وقد ذكرته، وأمّا الربع الرابع، فهو رأس الحزب، وقد ذكرته .. قال: وكان شيخنا أبو القاسم- يعني الشاطبي- رحمه الله يأخذ بذلك على من يجمع القراءات، فيقرأ عليه الجزء من الستين في أربعة أيام ... اه. قال: وقد قسّم القرآن الكريم إلى مائة وخمسين جزءا، ولم أراني أطوّل الكتاب بذكره، وكذلك قسم على ثلاثمائة وستين جزءا لمن يريد حفظ القرآن، فإذا حفظ كل يوم جزءا، حفظ القرآن في سنة، وقد حفظ القرآن بهذه التجزئة بعض العلماء، وحفّظوا بها أبناءهم، وهي تجزئة مباركة ... - ثم أخذ في سرد هذه الأجزاء من أوّل القرآن إلى آخره مبيّنا موضع كل جزء. - واختتم حديثه عن هذا الموضوع بفوائد تلك التجزئة- أي التجزئة إلى (360) جزءا.

العلم الخامس في الجلد الثاني أقوى العدد في معرفة العدد

العلم الخامس في الجلد الثاني أقوى العدد في معرفة العدد ذكر تحت هذا الموضوع أقسام عدد آي القرآن، ونسبة كل عدد إلى أهله، ومن روي عنه ذلك العدد من الصحابة- رضي الله عنهم- أو غيرهم ثم استعرض سورة القرآن سورة سورة، فإذا وجد خلاف بين علماء العدد ذكره وإذا لم يوجد قال: سورة كذا ليس فيها خلاف- أو عبارة نحوها- وهي كذا آية، وهكذا إلى آخر القرآن، وتوسع في كلامه على سورة «الفاتحة» وذكر الخلاف في البسملة هل هي آية منها أم لا؟ وبناء على ذلك الخلاف هل يجهر فيها في الصلاة أم لا؟ وأجاب على ذلك. وقد وقع منه سهو في بعض المواضع، نبهت عليه في موضعه، معتمدا على كلام العلماء السابقين له واللاحقين في هذا الشأن. ثم اختتم كلامه على هذا العلم بذكر العدد الإجمالي لآي القرآن عند أهل الكوفة والمدني الأخير والمدني الأول، وأهل البصرة وأهل الشام وعدد حروف القرآن وكلماته. ومما قاله: وقد عدوا كلمات كل سورة وحروفها، وما أعلم لذلك من فائدة، ولأن ذلك إن أفاد، فإنما يفيد في كتاب يمكن الزيادة والنقصان منه، والقرآن لا يمكن ذلك فيه. ثم أورد تساؤلا، وهو: ما الموجب لاختلافهم في عدد الآي؟ وأجاب عليه بقوله: النقل والتوقيف، ولو كان ذلك راجعا إلى الرأي لعدّ الكوفيون (الر) آية، كما عدوا (الم) ... الخ. وهذا شبيه باختلاف القراءات، وهو راجع إلى النقل، والله أعلم.

العلم السادس في الجلد الثانى ذكر الشواذ

العلم السادس في الجلد الثانى ذكر الشواذ ذكر فيه معنى (الشاذ) من حيث اللغة: قال: وكفى بهذه التسمية تنبيها على انفراد الشاذ وخروجه عما عليه الجمهور. اه. ثم استطرد في ذكر الآثار والنصوص عن بعض العلماء التي تنفر عن الأخذ بالشاذ، قال: وإذا كان القرآن هو المتواتر، فالشاذ ليس بقرآن لأنّه لم يتواتر. اه. ثم أورد شبهة وأجاب عليها، وهي أن الإمام الطبري قال: إنّ عثمان- رضي الله عنه- إنما كتب ما كتب من القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ... وأجاب على ذلك بقوله: إنّ هذا الذي ادعاه- من أنّ عثمان- رضي الله عنه- إنما كتب حرفا واحدا من الأحرف السبعة التي أنزلها الله عز وجلّ- لا يوافق عليه ولا يسلّم له، وما كان عثمان- رضي الله عنه- يستجيز ذلك ... إلى آخر ما قاله في رده على هذه الدعوى. ثم ذكر أن هناك من ظهر ببدعته وخالف جمهور المسلمين، وحاد عن الطريق الصحيح، فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية بحرف من القرآن يوافق خط المصحف ... إلخ فقراءته به جائزة في الصلاة وفي غيرها، فأخذ للتأديب والرجوع عن بدعته والإقلاع عنها. وحفظ الله كتابه من لفظ الزائفين وشبهات الملحدين، ولله الحمد والمنّة.

العلم السابع في الجلد الثانى الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ

العلم السابع في الجلد الثانى الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ هذا الموضوع يعد من أنفس الموضوعات التي تناولها السخاوي في هذا الكتاب إذ تناول فيه- بتوسع- كثيرا من قضايا النسخ، كتعريف الناسخ والمنسوخ، وحكمة النسخ، والفرق بينه وبين التخصيص والاستثناء وضابط المكي والمدني- لما يترتب على ذلك، حيث إنّ الناسخ لا يكون إلّا مدنيا، وأما نسخ المكي للمكي، فهو أمر مختلف فيه لم يحصل الاتفاق عليه-. وذكر أنّ النسخ لا يكون إلّا في الأحكام ولا يكون في الأخبار «1» لأن خبر الله حق، فلا يجوز ولا يصح أن يكون على خلاف ما هو عليه. - ثم شرع في ذكر بعض القضايا التي ادّعى غيره فيها النسخ، ويرى إنّه ما كان ينبغي ذكر تلك المواضع ضمن القضايا التي اختلف فيها العلماء. - ثم بدأ يستعرض القرآن سورة سورة، فيذكر ما في كل سورة من ناسخ ومنسوخ، وإذا لم يوجد في السورة ناسخ ولا منسوخ، قال: سورة كذا ليس فيها نسخ، أو عبارة نحوها، وهكذا إلى آخر القرآن، مرتبا السور والآيات حسب ترتيب المصحف إلّا في بعض المواضع كان يقدم موضعا على آخر في السورة نفسها، وقد بيّنت ذلك في مواضعه. - وحاول أن يسلك مسلك البسط والمناقشة لكثير من قضايا النسخ، فما رآه غير صالح للنسخ، رده على قائله، وفنده، وما رآه قد ورد فيه الخلاف المعتبر ذكر ذلك

_ (1) وهناك أمور أخرى أيضا لا يدخلها النسخ، وقد تعرض لها السخاوي وغيره، كالتهديد والوعيد والتخصيص والاستثناء وما كان عليه عمل أهل الجاهلية وغير ذلك مما سيأتي بيانه في موضعه- إن شاء الله.

أقسام سور القرآن فيما يتعلق بالنسخ وعدمه

الخلاف، ووقف موقفا محايدا، وما رآه معتمدا على الدليل والبرهان، وإنّه داخل في الناسخ والمنسوخ، وقف إلى جانبه مؤيدا إياه بالأدلّة، وقد يسوق في الآية عدة أقوال، ثم يقول: وقد سقت هذه الأقوال ليعلم أنّ القول بالنسخ ظن لا يقين. - وقد تبين لي من أسلوبه في إيراده لكثير من قضايا النسخ، أنّه كان يحكي أقوال العلماء مجرد حكاية، وليس راضيا عن كثير منها، ولذلك نجده عند ما وصل إلى سورتي الفتح والحجرات يقول: ولم يذكروا في (الفتح ولا الحجرات) شيئا من المنسوخ، فلتهنهما العافية!!. - وكان- رحمه الله- حريصا على استيفاء شروط النسخ، فما كان من قبيل الأخبار والوعد والوعيد والتنديد والتهديد، لم يقبل القول فيه بالنسخ بحال، وردّ على القائلين بذلك، ورماهم بعدم التحصيل والمعرفة «1». - وحاول أن يقتفي أثر السلف في كثير من قضايا النسخ، وأن يعتذر عما ورد عن بعضهم من إطلاق النسخ على بعض القضايا، وقال: إنهم يريدون بالنسخ غير ما نريده نحن- هذا إن صح ذلك عنهم- وأما القول بالنسخ على اصطلاح المتأخرين فلا يصح ولا يجوز بالظن والاجتهاد. أقسام سور القرآن فيما يتعلق بالنسخ وعدمه رأيت معظم من ألّف في الناسخ والمنسوخ، يعقدون بابا لأنواع سور القرآن من حيث اشتمال بعضها على الناسخ والمنسوخ، وبعضها على الناسخ فقط، وبعضها على المنسوخ، وخلوّ البعض الآخر من ذلك كله، ويعدون السور التي تندرج تحت كل نوع منها، ورأيت الامام السخاوي- رحمه الله- لم يفعل ذلك. ونظرا لأهمية هذه القضية وكثرة الخلاف حولها، فقد تتبعت كلامه، وتبيّن لي- بعد الاستقراء لكلامه حول النسخ- أنّ سور القرآن تنقسم إلى أربعة أقسام، سواء كان القول بالنسخ صحيحا وثابتا، أو ضعيفا ومردودا:

_ (1) وقد ذكرت بعض تلك العبارات عند الحديث عن قوة شخصيته (ص 44).

القسم الأول: سور فيها ناسخ ومنسوخ، وهي ثلاث عشرة سورة:

القسم الأول: سور فيها ناسخ ومنسوخ، وهي ثلاث عشرة سورة: 1 - البقرة 2 - آل عمران 3 - النساء 4 - النور 5 - المائدة 6 - الانفال 7 - التوبة 8 - النحل 9 - الاسراء 10 الاعراف 11 - المجادلة 12 - الممتحنة 13 - المزمل القسم الثاني: سور فيها منسوخ وليس فيها ناسخ، وهي ثمان سور: 1 - الانعام 2 - يونس 3 - هود 4 - الجاثية 5 - الحشر 6 - القلم 7 - المعارج 8 - الطارق القسم الثالث: سور ادّعي في بعض آياتها النسخ، وليس الأمر كذلك، وهي سبع وأربعون (47) سورة: 1 - يوسف 2 - الرعد 3 - إبراهيم 4 - الحجر 5 - الكهف 6 - مريم 7 - طه 8 - الانبياء 9 - الحج 10 - المؤمنون 11 - الفرقان 12 - الشعراء 13 - النمل 14 - القصص 15 - العنكبوت 16 - الروم 17 - لقمان 18 - السجدة 19 - الأحزاب 20 - سبأ 21 - فاطر 22 - يس 23 - الصافات 24 - سورة ص 25 - الزمر 26 - غافر 27 - فصلت 28 - الشورى 29 - الزخرف 30 - الدخان 31 - الأحقاف 32 - محمد صلّى الله عليه وسلّم 33 - سورة ق 34 - الذاريات 35 - الطور 36 - النجم 37 - القمر 38 - الواقعة 39 - المدثر 40 - القيامة 41 - الإنسان 42 - عبس 43 - التكوير 44 - الغاشية 45 - التين 46 - العصر 47 - الكافرون

القسم الرابع سور ليس فيها ناسخ ولا منسوخ:

القسم الرابع سور ليس فيها ناسخ ولا منسوخ: هناك سور صرح السخاوي عند ما وصل إلى الحديث عنها بأنه ليس فيها نسخ، أو عبارة نحوها «1» وهذه السور هي: 1 - الفاتحة 2 - الفتح 3 - الحجرات 4 - الرحمن 5 - الحديد 6 - الصف 7 - الجمعة 8 - المنافقون 9 - التغابن 10 - الطلاق 11 - التحريم 12 - الملك 13 - الحاقة 14 - نوح 15 - الجن 16 - المرسلات 17 - النبأ 18 - النازعات 19 - الانفطار 20 - المطففين 21 - الانشقاق 22 - البروج 23 - الأعلى 24 - الفجر 25 - البلد 26 - الشمس 27 - الليل 28 - الضحى 29 - الشرح 30 - العلق 31 - القدر 32 - البينة 33 - الزلزلة 34 - العاديات 35 - القارعة 36 - الهاكم 37 - الهمزة 38 - الفيل 39 - قريش 40 - الماعون 41 - الكوثر 42 - النصر 43 - المسد 44 - الاخلاص 45 - الفلق 46 - الناس آية السيف ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أنّ «آية السيف» - وهي قوله تعالى: ... فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... «2» الآية- نقل المصنف الأقوال التي قيل: إنّ هذه الآية ناسخة لغيرها من الآيات، كآيات الصبر، والأمر بالإعراض عن المشركين وما شاكل ذلك، وقد كان السخاوي- رحمه الله- يشتد أحيانا في الرد على بعض العلماء

_ (1) سوى أنه ورد في ثنايا حديثه عن بعض مواضع من السور ذكر لبعض آيات من هذا القسم، فعلى سبيل المثال قال عند كلامه عن الموضع التاسع من سورة آل عمران: قوله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ الآية (102) قال قتادة: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ الآية (16) من سورة التغابن. (2) التوبة (5).

القائلين بالنسخ في كثير من الآيات وبخاصة ما يتعلق بآية السيف، التي جعلها بعضهم ناسخة لمائة وأربع وعشرين آية «1». وقد تتبعت الآيات التي حكاها السخاوي- نقلا عن العلماء- على أنها منسوخة بآية السيف، فوجدتها في ثمانية ومائة موضع (108)، وتتميما للفائدة فهذا بيان المواضع التي قيل: انها منسوخة بآية السيف: 1 - وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا ... [البقرة: 190]. 2 - وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ ... [البقرة: 191]. 3 - يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ... [البقرة: 217]. 4 - وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ ... [آل عمران: 20]. 5 - إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً [آل عمران: 28]. 6 - وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ... [آل عمران: 186]. 7 - فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً [النساء: 63]. 8 - وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً [النساء: 80]. 9 - فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ... [النساء: 81]. 10 - فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ... [النساء: 84]. 11 - إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ [النساء: 90]. 12 - سَتَجِدُونَ آخَرِينَ ... [النساء: 91]. 13 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ ... [المائدة: 2]. 14 - فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ [المائدة: 13]. 15 - ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ [المائدة: 99]. 16 - قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 66]. 17 - وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً [الأنعام: 70]. 18 - قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام: 91]. 19 - وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [الأنعام: 104]. 20 - وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 106]. 21 - وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 107].

_ (1) راجع كلام السخاوي في هذا (ص 721).

22 - وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: 108]. 23 - قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ [الأنعام: 135]. 24 - فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ* [الأنعام: 112، 137]. 25 - قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ [الأنعام: 158]. 26 - إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159]. 27 - وَأُمْلِي لَهُمْ ... [الأعراف: 183]. 28 - خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف: 199]. 29 - قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [الأنفال: 38]. 30 - وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [الأنفال: 61]. 31 - وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ... [الأنفال: 72]. 32 - فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ [التوبة: 2]. 33 - إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [التوبة: 7]. 34 - لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ ... [يونس: 20]. 35 - وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ [يونس: 41]. 36 - وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ [يونس: 46]. 37 - أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: 99]. 38 - فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها ... [يونس: 108]. 39 - وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ [يونس: 109]. 40 - إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ [هود: 12]. 41 - وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ ... [هود: 121]. 42 - فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرعد: 40]. 43 - ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا ... [الحجر: 3]. 44 - فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر: 85]. 45 - لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ* [الحجر: 88]. 46 - وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ [الحجر: 89]. 47 - فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النحل: 82].

48 - وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125]. 49 - وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل: 127]. 50 - وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا [الإسراء: 54]. 51 - وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ [مريم: 39]. 52 - فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا [مريم: 75]. 53 - فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ... [مريم: 84]. 54 - فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [طه: 130]. 55 - قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا [طه: 135]. 56 - وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ [الحج: 68]. 57 - فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ [المؤمنون: 54]. 58 - ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [المؤمنون: 96]. 59 - فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ [النور: 54]. 60 - وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً [الفرقان: 63]. 61 - وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ [النمل: 92]. 62 - وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ... [القصص: 55]. 63 - وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت: 46]. 64 - قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ [العنكبوت: 50]. 65 - فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [الروم: 60]. 66 - وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ [لقمان: 23]. 67 - فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ [السجدة: 30]. 68 - وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ [الأحزاب: 48]. 69 - قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا [سبأ: 25]. 70 - إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ [فاطر: 23]. 71 - فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ [يس: 76]. 72 - فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ... [الصافات: 174، 175، 178، 179]. 73 - اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ [ص: 17]. 74 - إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ [ص: 70].

75 - اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [الزمر: 39]. 76 - وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الزمر: 41]. 77 - فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ* [غافر: 55، 77]. 78 - ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت: 34]. 79 - وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الشورى: 6]. 80 - لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ [الشورى: 15]. 81 - وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشورى: 39]. 82 - وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ ... إلى فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى: 46 - 48]. 83 - فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [الزخرف: 83]. 84 - فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف: 89]. 85 - فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ [الدخان: 59]. 86 - فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الاحقاف: 35]. 87 - فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ... [محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم: 4]. 88 - فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ [ق: 39]. 89 - وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق: 45]. 90 - فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ [الذاريات: 54]. 91 - قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ ... [الطور: 31]. 92 - وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الطور: 48]. 93 - فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ [الطور: 45]. 94 - فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا [النجم: 29]. 95 - فَتَوَلَّ عَنْهُمْ [القمر: 6]. 96 - لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ [الممتحنة: 8]. 97 - سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [القلم: 44]. 98 - فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [القلم: 48]. 99 - فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا [المعارج: 5]. 100 - فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا ... [المعارج: 42]. 101 - وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا [المزمل: 10].

102 - وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ [المزمل: 11]. 103 - ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً [المدثر: 11]. 104 - فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الإنسان: 24]. 105 - فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق: 17]. 106 - لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22]. 107 - أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ [التين: 8]. 108 - لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: 6].

القسم الثاني التحقيق

القسم الثاني التحقيق وقد ضمنته أهم الأعمال التي قمت بها أثناء التحقيق وتتلخص فيما يأتي: - أخرجت النص المحقّق وفقا لما أراده مؤلفه. - قارنت بين النسخ، وذكرت الفروق بينها، مبينا الزيادة منها في الهامش. - عزوت جميع الآيات القرآنية إلى أماكنها بذكر اسم السورة ورقم الآية فيها. - إذا أورد المصنف آية فيها كلمة قرآنية مخالفة لقراءة حفص فإني أشير إلى ذلك، وأبيّن القراءات فيها. - خرّجت الأحاديث النبوية والآثار من كتب السّنة وغيرها كلما تيسّر لي ذلك. - قمت بالحكم على بعض الأحاديث والآثار صحة وضعفا، معتمدا في ذلك على كلام علماء هذا الشأن كالحافظ ابن كثير، وابن الجوزي، والذهبي وابن حجر وغيرهم. - خرّجت الأبيات الشعرية وعزوتها إلى قائليها ما استطعت إلى ذلك سبيلا. - شرحت بعض غريب الألفاظ، وعلّقت على مشكل العبارات معتمدا على أمهات كتب اللغة. - عرّفت ببعض البلدان التي تحتاج في نظري إلى تعريف. - ترجمت لكل الأعلام الواردة في المتن ما وجدت إلى ذلك سبيلا. - قمت بإتمام معظم نصوص الآيات التي اكتفى المؤلف بإيراد جزء منها وهي كثيرة جدا ليسهل على القارئ فهم المراد من النص القرآني. - ناقشت المؤلف في بعض القضايا التي أوردها مؤيدا له أو معترضا عليه، مسترشدا بآراء العلماء الأفاضل قدماء ومحدثين.

- رجعت في توثيق بعض النصوص إلى الكتب التي استقى منها المؤلف، وكذلك إلى الكتب التي اقتبس مؤلفوها شيئا من الكتاب المحقّق. - ترك المؤلف التنبيه على بعض المسائل العلمية- وهي نادرة- فقمت ببيان ذلك من خلال كلام العلماء في كل مسألة على حدة، وهذا لا ينقص من قدر المؤلف- رحمه الله-. - هناك الكثير من الموضوعات العلميّة التي عرضها المؤلف تتطلب تجليتها، وخدمة للنص كنت أقوم بتجلية هذه الموضوعات مبيّنا أهميتها واعتناء العلماء بها. - وثّقت أهم القضايا العلميّة التي اشتمل عليها الكتاب- وهي كثيرة ومتعددة- من المصادر المعنية في ذلك. - قمت بعمل فهارس عامة للكتاب، وتشمل ما يأتي: أ) فهرس الآيات القرآنية. ب) فهرس الأحاديث النبوية والآثار. ج) فهرس الأعلام. د) فهرس الأشعار. هـ-) فهرس البلدان والأماكن. و) فهرس المصادر والمراجع. ز) فهرس الموضوعات.

الوجه الأول من نسخة الأصل (ت).

الوجه الأول من نسخة (ظق).

الورقة الأخيرة من نسخة الأصل (ت).

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين «1» الحمد لله الذي استنارت صدور الصحف باسمه، وأشرقت سطور الكتب بوصفه فيها ورسمه، وكانت البداءة بحمده كافلة بالتمام، ضامنة بلوغ الغاية فيما يراد من الأمور ويرام، أحمده مستعينا به على تيسير ما أحاوله، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له الذي عم الأنام نائله «2»، وأشهد أن محمدا صلّى الله عليه وسلم عبده الذي بعثه رحمة لعباده، ورسوله الذي اتضحت السبل بهدايته وإرشاده، أيّده بكتابه المبين، الذي ظهرت معجزاته وبهرت «3» آياته، وقهرت ذوي العناد بيّناته، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين نصرت بهم ألوية الحق وراياته. هذا وإنّ أجلّ ما بأيدي هذه الأمة كتاب ربّها الناطق بمصالح «4» دينها ودنياها، الواصف «5» لها مراشد أولاها وعقباها، وإنّ أشرف العلوم ما كان منه بسبيل، وأجلّ الرسوم فنونه [الذي] «6» هي أعلى الدرجات في التقديم والتفضيل، وفي هذا الكتاب من علومه ما يشرح الألباب ويفرح الطلاب، وينيلهم المنى ويفيدهم الغنى، ويريحهم من

_ (1) في ظق: رب يسر، وفي «د» و «ظ»: اللهم يسر يا كريم. (2) يقال: نلته أنيله وأناله نيلا ونالا ونالة: أصبته، وأنلته اياه وأنلت له ونلته، والنّيل والنائل: ما نلته. القاموس المحيط: 4/ 63. (3) البهر:- بسكون الهاء-: الاضاءة، ومنه بهر القمر: أضاء حتى غلب ضوؤه ضوء الكواكب. القاموس المحيط: 1/ 392، ومختار الصحاح: 67. (4) في «د» و «ظ»: بمصابيح. (5) في «د» و «ظ»: الموضح. (6) في بقية النسخ: التي، وهو الصواب.

العناء، ويمنحهم ما دعت اليه الحاجة لهم «1» بأيسر الاعتناء، فهو كاسمه «جمال القراء وكمال الإقراء» أعان الله عبده الضعيف على إنهائه، ومنّ عليه بإجابة دعائه، وصلى الله على سيد أصفيائه، وخاتم رسله وأنبيائه، وعلى آله وأصحابه المفضلين في أرضه وسمائه.

_ (1) كلمة (لهم) ليست في بقية النسخ.

نثر الدرر في ذكر الآيات والسور

نثر الدرر في ذكر الآيات والسور ذكر أول ما نزل «1» من القرآن أول ما نزل من القرآن في قول عائشة «2» - رضي الله عنها- ومجاهد «3» وعطاء بن

_ (1) لا شك ان نزول القرآن الكريم أحدث انقلابا عجيبا في البشرية حيث كان معجزة باهرة قاهرة سرت في الامم، وحولت مجراها، ففي هذا التعبير بالنزول: يعطي قوة فوق ما يتصوره البشر، فهو يصور الهبوط من أعلى إلى أسفل ويربط السماء بالأرض، وفي هذا عناية بهذا الانسان ورعاية له حتى يترعرع ويبلغ أشده، يقول الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني: ما ملخصه: ومن فوائد الإلمام بأول ما نزل وآخره: أ) تمييز الناسخ من المنسوخ. ب) معرفة تاريخ التشريع الإسلامي، ومراقبة سيره التدريجي .... ج) إظهار مدى العناية التي أحيط بها القرآن الكريم، حتى عرف فيه أول ما نزل وآخر ما نزل، كما عرف مكيّة ومدنيّه ... د) الوصول من خلال ذلك إلى حكمة الإسلام وسياسته في أخذه الناس بالهوادة والرفق .. الخ. مناهل العرفان: 1/ 92. وراجع في رحاب القرآن الكريم 1/ 52 للدكتور محمد سالم محيسن. (2) عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقا، وأفضل أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، إلّا خديجة ففيها خلاف شهير، ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح. التقريب 2/ 606، وانظر: الأعلام 3/ 240، وصفة الصفوة: 2/ 15، والفكر السامي: 1/ 246. (3) مجاهد بن جبر- بفتح الجيم وسكون الموحدة- يكنى أبا الحجاج، تابعي، مفسر من أهل مكة، أخذ التفسير عن ابن عباس، قرأه عليه ثلاث مرات (21 - 104 هـ) أنظر: صفة الصفوة 2/ 208، وميزان الاعتدال 3/ 439، والتقريب والأعلام 5/ 278، ومشاهير علماء الأمصار: 82.

يسار «1» وعبيد بن عمير «2»، وأبي رجاء العطاردي «3»: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] قالت عائشة- رضي الله عنها-: (أول ما ابتدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصادقة، كانت تجيء مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان بحرّاء «4» يتحنث «5» فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ثم يرجع إلى أهله فيتزود لمثلها حتى فجئه الحق «6» فقال: يا محمد أنت رسول الله، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «فجثوت لركبتي «7»، ثم تزحفت يرجف فؤادي فدخلت» - يريد على خديجة «8» - فقلت: زملوني، حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد أنت رسول الله، فلقد هممت أن أطرح نفسي من جبل، فتبدّى لي حين هممت بذلك فقال: يا محمد أنا جبريل وأنت رسول الله

_ (1) عطاء بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، مات سنة أربع وتسعين وقيل بعد ذلك. التقريب: 2/ 23 وراجع تاريخ الثقات للعجلي: 334، ومشاهير علماء الأمصار: 69 والميزان 3/ 77. (2) عبيد بن عمير بن قتادة الليثي (أبو عاصم) تابعي ثقة، وكان قاضي أهل مكة، ولد في عهد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ومات سنة ثمان وستين. راجع الكنى والأسماء للإمام مسلّم بن الحجاج: 1/ 606، ومشاهير علماء الأمصار: 82، والتقريب 1/ 544، وتاريخ الثقات 321 وصفة الصفوة 2/ 207. (3) أبو رجاء عمران بن تميم العطاردي، أدرك زمن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وتوفي سنة خمس عشرة ومائة، ويقال: عمران بن ملحان، وعمران بن عبد الله. أنظر: الكنى والأسماء للإمام مسلّم 1/ 315، والتقريب 2/ 85. (4) حراء: ككتاب يذكّر ويؤنث، فإن أنث لم يمنع: جبل بمكة فيه غار تحنث فيه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. القاموس 4/ 318، ومختار الصحاح: 133، وراجع عمدة القارئ: 1/ 48. (5) تحنث: تعبد واعتزل الأصنام، مثل تحنف/ مختار الصحاح: 159، والقاموس: 1/ 171، والمتحنث: النافض عن نفسه الحنث/ المفردات للراغب الأصفهاني: 133، وقد شرحها السخاوي في نهاية الحديث. (6) بكسر الجيم أي بغته، كما في فتح الباري 1/ 23، وعمدة القارئ 1/ 54. (7) في «د» و «ظ»: فجثوت بركبتيّ. وفي الطبري: فجثوت لركبتيّ وأنا قائم 30/ 251. قال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: 224) فجئثت منه فرقا، ويقال: جئثت، قال الكسائي ت 189 هـ: المجثوث والمجئوث: المرعوب الفزع اه. غريب الحديث 1/ 315، وأنظر اللسان 2/ 126، والمفردات للراغب: 88. (8) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي، من قريش زوجة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الأولى، وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة، ولدت بمكة في بيت شرف ويسار، وكانت ذات مال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام، ولما بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كانت أول من أسلّم من الرجال والنساء، توفيت رضي الله عنها في السنة الثالثة قبل الهجرة. صفة الصفوة 2/ 7، والأعلام: 2/ 302.

فقال: اقرأ فقلت ما أقرأ؟ فأخذني فغتني «1» ثلاث مرات حتى بلغ مني الجهد، فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فقرأت، فأتيت خديجة فقلت: لقد أشفقت علي نفسي، وأخبرتها «2» خبري، فقالت: أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتؤدي الأمانة وتحمل الكل «3»، وتقري الضيف، وتعين «4» على نوائب الحق، قال: ثم انطلقت «5» بي إلى ورقة بن نوفل بن أسد «6» فقالت «7»: اسمع من ابن أخيك، فسألني فأخبرته، فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى بن عمران، ليتني أكون فيها جذعا، ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك، قلت «8»: أمخرجيّ هم؟ قال: (نعم، إنه لم يجيء رجل قط بما جئت به إلّا عودي، ولئن أدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا) «9».

_ (1) سيشرحها السخاوي في نهاية هذا الحديث. (2) في ظق: فأخبرتها. (3) يقول النووي: الكل: بفتح الكاف، وأصله الثقل، ومنه قوله تعالى: وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ النحل: 76، ويدخل في حمل الكل الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك، وهو من الكلال، وهو الإعياء. شرح النووي 2/ 201، وأنظر عمدة القارئ 1/ 50. (4) في بقية النسخ: وتصبر. (5) في «د» و «ظ»: ثم انطلق. وهو خطأ. (6) ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي، من قريش حكيم جاهلي اعتزل الأوثان قبلى الإسلام، وامتنع من أكل ذبائحها وتنصّر، وقرأ كتب الأديان أدرك أوائل عصر النبوة ولم يدرك الدعوة. توفي سنة 12 قبل الهجرة او نحوها. أنظر: الإصابة 10/ 304 رقم 9132، والأعلام 8/ 114. (7) في «ظ»: فقلت. (8) في «د» و «ظ»: فقلت. (9) أنظر البخاري، كتاب بدء الوحي 1/ 3، وكتاب التعبير باب أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الوحي. الرؤيا الصادقة 8/ 67، ومسلما كتاب الايمان باب بدء الوحي الى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم 2/ 197. وهذا هو أحد الأقوال التي قيلت في أول ما نزل من القرآن وهو الراجح والصواب عند جمهور العلماء من السلف والخلف. أنظر شرح النووي على مسلّم 2/ 199، ولباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 7/ 143، دار الفكر- بيروت. وهذا القول ذكره الطبري بإسناده إلى عائشة ومن ذكر معها 30/ 252 وكذلك السيوطي في الاتقان 1/ 68. وفي الدر المنثور 8/ 562.

ومعنى «1» فغتني: من قولهم غتة في الماء إذا أغطه «2»، وغته بالأمر: اذا كدّه، ومعنى يتحنث: يتجنب الحنث كالأصنام ونحوها، والحنث: الذنب والاثم ومثل ذلك تأثم إذا تجنب الاثم. قالت: قال رسول الله «3» صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ثم كان أول ما نزل عليّ من القرآن بعد اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ حتى قرأ الى «4» فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ [القلم: آية 1، 5]، ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ [المدثر: 1، 2]، وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى «5» [الضحى: 1، 2]، والعلماء على أنه انما أنزل «6» عليه من اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ «7» ثم نزل باقيها بعد يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ويا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. وقال جابر بن عبد الله «8»: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ أول القرآن نزولا «9». والأكثر على ما

_ (1) من هنا إلى قوله: اذا تجنب الاثم. ساقط من «د» و «ظ». (2) ومعنى «غطني» - بالغين المعجمة والطاء المهملة-: عصرني وضمني، يقال: غطه وغته وضغطه وعصره وخنقه وغمزه، كله بمعنى واحد. أنظر: شرح مسلّم للنووي 2/ 199، وعمدة القاري 1/ 50، وراجع القاموس المحيط: 2/ 390، ومختار الصحاح: 476، والمصباح المنير 449. (3) في «د» و «ظق»: قال صلّى الله عليه وآله وسلّم. (4) (إلى) ليست في «د» و «ظ». (5) ذكر حديث عائشة بسنده اليها الطبري في تفسيره 30/ 251، وكذلك القرطبي نقل هذا القول عن عائشة 20/ 118. ويقول السيوطي: أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عائشة قالت: كان أول ما نزل عليه بعد اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ن وَالْقَلَمِ، ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، والضُّحى أنظر: الدر المنثور 8/ 562. (6) في بقية النسخ: انما نزل. (7) العلق: 1 - 5. وقد جاء تحديد ذلك بخمس آيات في رواية مسلّم 2/ 200، ووقع في صحيح البخاري 1/ 3، إلى قوله وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، وهو مختصر وفي رواية مسلّم زيادة، وهي من الثقة مقبولة كما يقول الزركشي. أنظر البرهان 1/ 206. قلت: وقد وقع في الرواية الاخرى من صحيح البخاري في كتاب التعبير حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ وبهذا تتفق مع رواية مسلم. (8) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري، أبو عبد الله صحابي من المكثرين في الرواية عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، غزا تسع عشرة غزوة وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي، يؤخذ عنه العلم، توفي سنة 78 هـ. أنظر: صفة الصفوة 1/ 648، والأعلام 2/ 104. (9) وهو القول الثاني من الأقوال التي قيلت في أول ما نزل وهو مرجوح كما ذكر ذلك جمهور العلماء، ولا

قدمته، وليس في قول جابر ما يناقضه، لأن المدثر من جملة ما نزل أول القرآن. وقال عطاء «1» بن أبي مسلم الخراساني «2»: 2 - «3» نزلت يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قبل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. 3 - بعد ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ. 4 - ثم نزلت يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. 5 - ثم تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ. 6 - ثم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. 7 - ثم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. 8 - ثم وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى. 9 - ثم وَالْفَجْرِ. 10 - ثم سورة الضحى. 11 - ثم أَلَمْ نَشْرَحْ. 12 - ثم الْعَصْرِ «4».

_ أحب أن أستطرد في ذكر الأدلة والجمع بينها، فمن رام ذلك فليرجع إلى شرح مسلم للنووي 2/ 199، 207، والبرهان للزركشي 1/ 206، والاتقان للسيوطي 1/ 69 وتفسير ابن كثير 4/ 440، عند تفسير سورة المدثر. (1) عطاء بن أبي مسلم الخراساني واسم أبيه عبد الله وقيل ميسرة، مفسر، له تفسير توجد أوراق منه، وله الناسخ والمنسوخ يوجد جزء منه، كلاهما في الظاهرية، كما أفاد ذلك الزركلي، أنظر: الأعلام 4/ 235 وفيه عطاء بن مسلم وهو مخالف لما ذكر المترجمون له، توفي سنة خمس وثلاثين ومائة. أنظر ترجمته في الكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 67، والميزان 3/ 73، والتقريب 2/ 23، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 385، والفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 1/ 409، والأعلام: 4/ 235. (2) يقول السيوطي في الإتقان 1/ 26: وقال ابن الضريس في فضائل القرآن حدثنا محمد بن عبد الله ابن أبي جعفر الرازي، أنبأنا عمرو بن هارون، حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه عن ابن عباس، قال: كانت إذا أنزلت فاتحة السورة بمكّة كتبت مكّيّة، ثم يزيد الله فيها ما شاء، وكان أول ما أنزل من القرآن: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم ن .. ثم ذكرها إلى آخرها، كما ذكرها السخاوي. (3) الرقم الأول: هو لسورة العلق المتقدم ذكرها. (4) في د: ثم سورة والعصر، وهذه العبارة ساقطة من ظ.

13 - ثم سورة العاديات. 14 - ثم الكوثر. 15 - ثم أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ. 16 - ثم أَرَأَيْتَ الَّذِي «1». 17 - ثم قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. 18 - ثم الفيل. 19 - ثم سورة الفلق. 20 - ثم سورة الناس. 21 - ثم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. 22 - ثم سورة النجم. 23 - ثم عَبَسَ وَتَوَلَّى. 24 - ثم إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. 25 - ثم وَالشَّمْسِ وَضُحاها. 26 - ثم وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ. 27 - ثم وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. 28 - ثم سورة قريش. 29 - ثم القارعة. 30 - ثم القيامة. 31 - ثم وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ. 32 - ثم والمرسلات. 33 - ثم ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ. 34 - ثم لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ. 35 - ثم الطارق. 36 - ثم الانشقاق «2». 37 - ثم ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ. 38 - ثم سورة الأعراف. 39 - ثم سورة الجن. 40 - ثم يس. 41 - ثم الفرقان. 42 - ثم الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. 43 - ثم سورة مريم- عليها السلام-. 44 - ثم سورة طه. 45 - ثم الواقعة. 46 - ثم الشعراء. 47 - ثم النمل. 48 - ثم القصص. 49 - ثم سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ.

_ (1) ساقط من كل النسخ، وقد ألحقتها في هذا الموضع اعتمادا على البرهان 1/ 193، والإتقان 1/ 27، 72، ولباب التأويل للخازن 1/ 10، وغيرها من المصادر وهي كثيرة. (2) ذكر السيوطي في الإتقان 1/ 157، أن لها اسمين «اقتربت»، و (القمر)، وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها تدعى في التوراة «المبيضة» وأنكره.

50 - ثم سورة يونس- عليه السلام-. 51 - ثم سورة هود- عليه السلام-. 52 - ثم سورة يوسف- عليه السلام-. 53 - ثم الحجر. 54 - ثم الانعام. 55 - ثم وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. 56 - ثم سورة لقمان. 57 - ثم سورة سبأ. 58 - ثم الزمر «1». 59 - ثم المؤمن «2». 60 - ثم حم السجدة. 61 - ثم الشورى. 62 - ثم الزخرف. 63 - ثم الدخان. 64 - ثم الجاثية. 65 - ثم الأحقاف. 66 - [] «3» وَالذَّارِياتِ ذَرْواً. 67 - ثم الغاشية. 68 - ثم الكهف. 69 - ثم النحل. 70 - ثم سورة نوح. 71 - ثم سورة إبراهيم. 72 - ثم سورة الأنبياء. 73 - ثم سورة «4» قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. 74 - ثم الم السجدة. 75 - ثم سورة الطور «5». 76 - ثم سورة الملك. 77 - ثم الحاقه. 78 - ثم المعارج. 79 - ثم النبأ. 80 - ثم «6» النازعات. 81 - ثم إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. 82 - ثم إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ. 83 - ثم الم غُلِبَتِ الرُّومُ «7». 84 - ثم العنكبوت.

_ (1) في د: ثم سورة الزمر. (2) في د: ثم سورة المؤمن. (3) هكذا في الأصل بدون (ثم) وهي موجودة في بقية النسخ. (4) كلمة (سورة) ليست في بقية النسخ. (5) في د، ظ: ثم سورة والطور. (6) في د، ظ: ثم والنازعات. (7) الى هنا انتهى ما في البرهان 1/ 193، ويظهر انه اعتمد على السخاوي في ذلك.

85 - ثم سورة المطففين «1». قال عطاء بن أبي مسلم: وكانوا إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت مكية، ويزيد الله عزّ وجلّ فيها ما شاء «2» بالمدينة «3». قال عطاء: ثم كان أول ما أنزل الله عزّ وجلّ بالمدينة: 1 - سورة البقرة. 2 - ثم الأنفال. 3 - ثم آل عمران. 4 - ثم الأحزاب. 5 - ثم الامتحان. 6 - ثم النساء. 7 - ثم إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها. 8 - ثم الحديد. 9 - ثم سورة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم. وقال غير عطاء: هي مكية، وهي بالمدني أشبه. 10 - ثم الرعد. 11 - ثم سورة الرحمن عزّ وجلّ.

_ ثم قال الزركشي: واختلفوا في آخر ما نزل بمكة، فقال ابن عباس: العنكبوت، وقال الضحاك، وعطاء: المؤمنون. وقال مجاهد: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، فهذا ترتيب ما نزل من القرآن بمكة، وعليه استقرت الرواية عن الثقات، وهي خمس وثمانون سورة اه. (1) قال محمد بن علي الأنماري: حدثنا محمد بن حاتم الجوزجاني وغيره قالوا: أخبرنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا عمر بن هارون عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: أول ما نزل بمكة وما أنزل منه بالمدينة الأول فالأول- وكانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت مكّية ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة-، فكان أول ما نزل: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم ذكرها الى آخرها وقال: فهذه ما أنزلت بمكة، وهي خمس وثمانون سورة. قال: ثم أنزل بالمدينة سورة البقرة، ثم سورة الأنفال وذكرها الى آخرها إلّا أن في هذا الجدول الذي ذكر في هذه الرواية لم تذكر سورة المائدة والتوبة والفتح والصف، وقد ذكر السور الثلاث في رواية أخرى إلّا سورة الصف فلم تذكر في الروايتين، ولعلها سقطت سهوا، لأنه قال:- أي أبو سهل الأنماري- فهذه الروايات كما ترى قد اتفقت على أن جميع سور القرآن مائة وثلاث عشرة سورة، ولم يذكر في شيء منها فاتحة الكتاب في العدد، ولا في أنها مكية أو مدنية ولا متى أنزلت ... » اه. مقدمتان في علوم القرآن ص 13. وسيأتي- إنّ شاء الله- كلام المصنّف عليها وأن الراجح أنها مكية، ويأتي كذلك كلام أبي سهل الأنماري أنها في رأيه أول سورة من القرآن نزلت بمكة. (2) في د، ظ: ما يشاء. (3) ذكره السيوطي في الدر المنثور: 8/ 240، والإتقان: 1/ 26 معزوا إلى ابن عباس، وراجع فتح القدير 5/ 266، عند أول تفسير سورة القلم.

12 - ثم هَلْ أَتى. 13 - ثم الطلاق. 14 - ثم لم يكن. 15 - ثم الحشر. 16 - ثم إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ. 17 - ثم النور. 18 - ثم الحج. قال عطاء بن أبي مسلم وغيره: إنّها مدنية. وقال بعضهم: فيها مدني ومكي وسفري. قال عطاء بن أبي مسلم: 19 - ثم المنافقون. 20 - ثم المجادلة. 21 - ثم الحجرات. 22 - ثم التحريم. 23 - ثم الجمعة. 24 - ثم التغابن. 25 - ثم الصف. 26 - ثم الفتح «1».

_ (1) هذه جملة ما ذكره السخاوي من السور المكّية والمدنيّة، مرتبة حسب نزولها وهي 85 مكية+ 26 مدنية 111 مائة وإحدى عشرة سورة ويبقى ثلاث سور هي الفاتحة والمائدة والتوبة. أما المائدة والتوبة فسيذكرهما عقب حديثه عن سورة الفتح، وأما الفاتحة فسيذكر الخلاف فيها بعد ذلك أيضا، مع ترجيحه أنها مكيّة. وأقول: إنّه لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم شيء في بيان المكي والمدني. لأن الرعيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا في حاجة الى بيان ذلك، لأنهم كانوا يعايشون الوحي ومن ينزل عليه، فعرفوا زمانه ومكانه، وليس بعد العيان بيان! فهم إذا المعول عليهم في معرفة المكي والمدني، وكذلك كبار التابعين. وهم لا شك متفاوتون في معرفة ذلك، فقد يبلغ هذا ما لا يبلغ ذاك. وبناء على ذلك لم تتفق الرواية عنهم في ترتيب السور المكية والمدنية. راجع في هذا: البرهان 1/ 191، والإتقان: 1/ 23، ومناهل العرفان: 1/ 196، وتاريخ المصحف 101. ومن هنا كان الاختلاف في عدد السور المكية والمدنية وترتيب نزولها فهذا الامام السخاوي- كما رأينا- يذكر لنا ما بلغه في ذلك عن عطاء الخراساني، وهو من الطبقة الصغرى من التابعين، اي من الخامسة، كما صنفهم ابن حجر في التقريب 1/ 5، وهو رواه عن ابن عباس كما تقدم قريبا. وهذان الإمامان الخازن في تفسيره 1/ 10، والزركشي في برهانه 1/ 193، يذكران ما بلغهما عن الثقات في ذلك دون تعيين لمن رويا عنهم. ومن بعدهما الإمام جلال الدين السيوطي في إتقانه 1/ 72 ينقل لنا ما رواه أبو بكر محمد بن الحارث بن أبيض في ذلك في جزئه المشهور بسنده إلى جابر بن زيد. ت 93 هـ.

قال عطاء بن أبي مسلم وغيره: إنها مدنية «1». وروي عن البراء بن عازب «2» أنها نزلت بالحديبية «3» «4». وقال الشعبي «5»:- أيضا- نزلت بالحديبية. وأصاب صلّى الله عليه وآله وسلّم في تلك الغزوة ما لم يصب في غيرها. أ- بويع «6» له بيعة الرضوان. ب- وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ج- وظهرت الروم على فارس، فسر «7» المؤمنون بتصديق كتاب الله.

_ وهي رواية اخرى غير الرواية التي تقدم ذكرها عن عطاء الخراساني عن ابن عباس، وهي الموافقة لما ذكره السخاوي. (1) قال القرطبي، بإجماع 19/ 259. (2) هو أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري، استصغره الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم بدر فرده، ثم غزا معه في خمس عشرة غزوة، وتوفي سنة 72 هـ. الكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 580، والتقريب لابن حجر 1/ 94. (3) الحديبية: كدويهية- وقد تشدد- قرية قرب مكة، سميت ببئر فيها. لسان العرب 1/ 302، والقاموس 1/ 55، وهي التي بايع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندها أصحابه تحت شجرة هناك على أن لا يفروا، وكانت في ذي القعدة سنة ست. راجع خبر هذه الغزوة في صحيح البخاري 5/ 61، وسيرة ابن هشام: 2/ 308، وزاد المعاد 3/ 286، والبداية والنهاية لابن كثير 4/ 166. (4) راجع صحيح البخاري 5/ 61، كتاب المغازي باب غزوة الحديبية، وتفسير الطبري 26/ 71. يقول الشوكاني: وهذا لا ينافي الإجماع على كونها مدنية، لأن المراد بالسور المدنية: النازلة بعد الهجرة من مكة 5/ 43. قلت: وهذا أحد الاقوال التي قيلت في تعريف المكي والمدني وهو أجمعها وأرجحها. الثاني: إنّ المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة. الثالث: إن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة. أنظر البرهان 1/ 187، والإتقان 1/ 23، وتاريخ المصحف 98، وفي رحاب القرآن الكريم 1/ 63. (5) أبو عمرو عامر بن شراحيل- بفتح المعجمة-، وقيل: عامر بن عبد الله بن شراحيل الحميري الكوفي تابعي جليل القدر وافر العلم. (21 - 105 هـ) مع خلاف شديد في سنة مولده ووفاته. أنظر التقريب: 1/ 387، وراجع مقدمة تحفة الأحوذي 1/ 456 - 459، والاعلام للزركلي 3/ 251. (6) في د، ظ: بأن بويع. (7) هكذا، وفي بعض كتب التفسير التي وقفت عليها (ففرح) والمعنى بينهما متقارب، فالفرح بمعنى

د- وأطعموا نخيل خيبر. هـ- وبلغ الهدى محله «1». ولما رجع صلّى الله عليه وآله وسلّم «2» من الحديبية بلغه عن رجل من أصحابه أنه قال: ما هذا بفتح! لقد صدّونا عن البيت، وصدّ «3» هدينا «4». فقال «5» النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «بئس الكلام هذا بل هو أعظم الفتوح، قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح «6»، ويسألوكم القضية «7»، ويرغبوا إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا» «8». وقيل: نزلت على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (انا فتحنا لك) مرجعه من الحديبية «9». حدثنا شيخنا أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي «10» - رحمه الله- نبا «11» عبد الملك بن أبي القاسم

_ السرور، وقد يطلق الفرح على البطر كقوله تعالى لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ القصص: (76) انظر، اللسان 2/ 542، ومختار الصحاح 495. والذي يظهر لي- والله أعلم- أن تعبير السخاوي ب (سر) أدق من (فرح) من حيث المعنى. (1) قال الطبري: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي ... وذكره 26/ 71 وراجع القرطبي 16/ 260، وقال ابن حجر في الفتح: 7/ 442 وروى سعيد بن منصور بسند صحيح عن الشعبي ... وذكره. وأنظر الدر المنثور: 7/ 509، والفتوحات الإلهية 4/ 106. (2) في د، ظ: ولما رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. (3) في د، ظ: وضل هدينا. (4) ذكره القرطبي في تفسيره 16/ 260، وذكره السيوطي في الدر المنثور 7/ 509. (5) في د، ظ: وقال، وهو خطأ. (6) راح منك معروفا، وأروح: وجد الفرحة بعد الكرب، اللسان 2/ 459. (7) يقال: قضى بينهم قضية وقضايا، والقضايا: الأحكام واحدتها قضية، والقضاء: يطلق على الحكم والفصل، وقد وقع ذلك بين النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وبين أهل مكة في الحديبية، أنظر لسان العرب: 15/ 186. (8) عزاه السيوطي إلى البيهقي عن عروة- رضي الله عنه-. الدر المنثور 7/ 509، وانظر تفسير القرطبي 16/ 260 والفتوحات الإلهية 4/ 156. (9) أنظر أسباب النزول للواحدي ص 216، وزاد المسير 7/ 418، وتفسير القرطبي 16/ 259، ولباب النقول في أسباب النزول ص 676. (10) بهاء الدين أبو الفضل محمد بن يوسف الحنفي المقرئ- أحد شيوخ السخاوي- (522 - 599 هـ) شذرات الذهب 4/ 343، ومعرفة القرّاء الكبار 2/ 579، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 291. (11) في د، ظ: قال: نبا عبد الملك.

الهروي «1» عن أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي «2» عن أبي محمد عبد الجبار ابن محمد الجراحي «3» عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي «4» عن أبي عيسى الترمذي «5» نبا عبد بن حميد «6» نبا عبد الرزاق «7» عن معمر «8» عن قتادة «9» عن

_ (1) عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سهل الهروي، حدث ب (جامع الترمذي) عن القاضي أبي عامر الأزدي وغيره (462 - 548 هـ) سير أعلام النبلاء 20/ 273. (2) أبو عامر محمود بن القاسم بن القاضي الهروي الشافعي، راوي (جامع الترمذي) عن الجراحي وكان عفيفا زاهدا (400 - 487 هـ) شذرات الذهب 3/ 382، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 327، وللأسنوي 1/ 94. (3) أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد الله الجراحي روى (جامع الترمذي) عن المحبوبي، وهو ثقة صالح- إن شاء الله- كما قال العماد الحنبلي، أنظر: شذرات الذهب 3/ 195. (4) أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي المروزي راوي (جامع الترمذي) عنه، وكانت رحلته إليه في خمس وستين ومائتين، وهو ابن ست عشرة سنة، وسماعه صحيح. توفي سنة 346 هـ، سير أعلام النبلاء 15/ 537. يقول ابن الأثير: 1/ 193، ومن طريقه روينا كتابه الجامع. اه ويقول صاحب تحفة الأحوذي: قال الحافظ أبو جعفر بن الزبير في برنامجه: روى هذا الكتاب عن الترمذي ستة رجال فيما علمته: أبو العباس محمد بن احمد محبوب. وذكر البقية 1/ 360، وأنظر البداية والنهاية 11/ 71. (5) هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة- بفتح السكون- .. الترمذي الحافظ المشهور، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في الحديث (200 - 279 هـ) التقريب 2/ 198، والميزان 3/ 678، وجامع الأصول 1/ 193، وفيه ولد سنة تسع ومائتين (كما في الأعلام ايضا 6/ 322). وراجع ترجمته بتوسع في البداية والنهاية لابن كثير 11/ 71، وفي مقدمة تحفة الأحوذي 1/ 337. (6) عبد بن حميد بن نصر الإمام الحافظ الثقة وقيل اسمه عبد الحميد (ت 249 هـ). التقريب: 1/ 529، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 374، والرسالة المستطرفة: 50. (7) عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني من حفاظ الحديث، الثقات (126 - 211 هـ). أنظر ترجمته في: ميزان الاعتدال 2/ 608، تاريخ الثقات: 302 والكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 126، وفيه الحميدي بدل الحميري والتقريب 1/ 505، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 302، والرسالة المستطرفة 31، والأعلام للزركلي 3/ 353. (8) معمر بن راشد بن أبي عمرو الأزدي، فقيه حافظ للحديث متقن من أهل البصرة ولد واشتهر فيها وسكن اليمن (95 - 153 هـ). الكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 625، والجرح والتعديل 8/ 255، والميزان 4/ 154، والتقريب 2/ 266، والأعلام: 7/ 272. (9) قتادة بن دعامة السدوسي البصري، أحد الاعلام الحفاظ، من صغار التابعين ومن كبار الفقهاء والمفسرين (ت: 117 اه).

أنس «1» قال: أنزلت «2» على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ مرجعه من الحديبية «3». قال أبو عيسى الترمذي: وحدثنا محمد بن بشار «4» نبا محمد بن خالد بن عثمة «5» نبا مالك بن أنس «6» عن زيد بن أسلم «7» عن أبيه «8» قال: سمعت عمر بن الخطاب «9»

_ ميزان الاعتدال، 3/ 385، والبداية والنهاية 9/ 325، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 47، والفكر السامي 1/ 300. (1) أنس بن مالك بن النضر النجاري الخزرجي الانصاري أبو ثمامة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وخادمه ت 93 هـ، وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. صفة الصفوة 1/ 710، والتقريب 1/ 84، والأعلام: 2/ 24. (2) في د، ظ: نزلت. (3) هكذا ذكره السخاوي مختصرا، وقد ذكره بطوله البخاري: 5/ 66، كتاب المغازي باب غزوة الحديبية، وفي كتاب التفسير، باب إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 6/ 44، ومسلم كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية 12/ 143، والترمذي في التفسير 9/ 148، باب ومن سورة الفتح. (4) محمد بن بشار بن عثمان بن داود العبدي البصري المعروف ب «بندار» من حفاظ الحديث الثقات (167 - 252 هـ). الجرح والتعديل 7/ 214، والميزان 3/ 490، والتقريب 2/ 147، والأعلام 6/ 52. (5) محمد بن خالد بن عثمة الحنفي البصري صدوق يخطئ كما يقول ابن حجر في التقريب 2/ 157 وانظر، الجرح والتعديل: 7/ 243. (6) هو الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السّنة مولده ووفاته في المدينة (93 - 179 هـ). أنظر ترجمته في: صفة الصفوة 2/ 177، والفهرست لابن النديم: 280، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم، 435 - 436، والبداية والنهاية لابن كثير 10/ 180 والديباج المذهب في أعيان المذهب: 18، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 294، والرسالة المستطرفة: 11، والأعلام: 5/ 257. (7) زيد بن أسلم العدوي العمري أبو أسامة، أو أبو عبد الله فقيه مفسر من أهل المدينة ت 136 هـ، الكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 104، وعلماء مشاهير الأمصار: 80، والتقريب 1/ 272، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 182، والأعلام للزركلي 3/ 56. (8) أسلم مولى عمر بن الخطاب مدني ثقة من كبار التابعين (ت 80 هـ) وقيل: بعد سنة ستين، تاريخ الثقات للعجلي: 63، والتقريب: 1/ 64. (9) عمر بن الخطاب بن نفيل- بنون وفاء-، مصغرا- العدوي أمير المؤمنين أشهر من أن يعرّف، ومناقبه كثيرة، استشهد- رضي الله عنه- في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وولي الخلافة عشر سنين ونصفا.

يقول: «كنا مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في بعض أسفاره فكلمت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فسكت، ثم كلمته فسكت، فحركت راحلتي، فتنحيت فقلت: ثكلتك «1» أمك يا ابن الخطّاب نزرت «2» رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاث مرات، كل ذلك لا يكلمك ما أخلقك أن ينزل فيك قرآن! فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ «3» فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: يا ابن الخطّاب لقد أنزل الله «4» عليّ هذه الليلة سورة ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً «5»». والحديثان صحيحان، ومعنى نزرت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لححت عليه، يقال: فلان لا يعطى حتى ينزر، اي يلح عليه «6». وقال المسور بن مخرمة «7»: نزلت بين مكة والمدينة «8».

_ راجع: الكنى والأسماء للإمام مسلم: 1/ 200، وصفة الصفوة: 1/ 268 وتاريخ الثقات للعجلي 356، والتقريب: 2/ 54، وقد كتب في سيرته ومناقبه مؤلفات أنظرها في: الأعلام للزركلي: 5/ 45. (1) الثكل: الموت والهلاك، ويستعمل في فقدان المرأة ولدها، اللسان: 11/ 88، وهي كلمة تقولها العرب للإنكار ولا تريد حقيقتها. الفتح: 7/ 446، 8/ 583. (2) نزرت- بفتح النون وبالزاي بعدها راء- بالتخفيف والتثقيل، والتخفيف أشهر، والنزر: الإلحاح في السؤال، وكأنه عليه الصلاة والسلام أدب عمر رضي الله عنه بالسكوت عن جوابه حينما ألحّ عليه. راجع اللسان 5/ 203، وفتح الباري 7/ 453، وتحفة الأحوذي: 9/ 148. (3) في الترمذي: يصرخ بي قال فجئت: 9/ 148. (4) لفظ الجلالة ليس في الترمذي، ولا في بقية النسخ. (5) أنظر: صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن 6/ 104، باب فضل سورة الفتح، و 5/ 67 كتاب المغازي باب غزوة الحديبية و 6/ 43 كتاب التفسير باب إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، وسنن الترمذي 9/ 147، في التفسير، باب ومن سورة الفتح، والموطأ كتاب الرقائق باب فضل إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ... 2/ 433. (6) راجع كذلك اللسان 5/ 203، والقاموس المحيط: 2/ 146. (7) المسور بن مخرمة بن نوفل .. الزهري، له ولأبيه صحبة، ت 64 هـ التقريب: 2/ 249، وصفة الصفوة: 1/ 772. (8) أنظر المستدرك للحاكم 2/ 459 كتاب التفسير، وسيرة ابن هشام: 2/ 320، والدر المنثور: 7/ 507.

قال عطاء بن أبي مسلم: ثم نزلت. 27 - سورة المائدة. 28 - ثم سورة التوبة «1». وعن ابن عباس «2» رحمه الله «3»: «أول شيء نزل من سورة التوبة لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ «4» ثم أنزلت السورة كلها بعد ذلك» «5». فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك «6»، وتلك آخر غزوة غزاها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: آخر ما أنزل عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ «7» «8».

_ (1) القول بأن آخر سورة نزلت سورة «براءة» ذكره البخاري 5/ 185، كتاب التفسير، باب يستفتونك، وباب قوله: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ 5/ 202 وذكره مسلم في كتاب الفرائض 11/ 58، كلاهما عن البراء بن عازب. وذكر الواحدي في كتابه أسباب النزول ص 7 بسنده: « ... آخر سورة نزلت في المدينة براءة، اه». والمراد- لا شك بعضها أو معظمها، لأن غالبها نزل في غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلّى الله عليه وآله وسلّم. أنظر فتح الباري 8/ 316، وفي البرهان للزركشي 1/ 194؛ ثم التوبة، ثم المائدة، ومنهم من يقدم المائدة على التوبة، وقرأ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المائدة في خطبة حجة الوداع وقال: «يا أيها الناس إنّ آخر القرآن نزولا سورة المائدة، فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها» اه. ذكره ابن كثير في تفسيره 2/ 2 موقوفا على عائشة رضي الله عنها، وكذلك السيوطي في الدر المنثور 3/ 3، وفي الاتقان 1/ 79. (2) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي أبو العباس، حبر الأمة الصحابي الجليل، ولد بمكة في السنة الثالثة قبل الهجرة، ونشأ في بدء عصر النبوة، فلازم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف وتوفي بها سنة 68 هـ. أنظر صفة الصفوة 1/ 746، ومعرفة القراء الكبار 1/ 45، والإصابة 6/ 130، والأعلام: 4/ 95. (3) في د، ظ: رضي الله عنهما، وهي أليق. وهكذا يقال في كل ما يماثله. (4) التوبة (25). (5) ذكره ابن الجوزي في تفسيره 3/ 388، وابن كثير 2/ 343، والسيوطي في الدر: 4/ 158، والإتقان 1/ 75، كلهم ذكروه موقوفا على تلميذ ابن عباس مجاهد. (6) كانت في شهر رجب سنة تسع، وكانت في زمن عسرة من الناس، وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، وكان عليه الصلاة والسلام قلّما يخرج في غزوة إلّا كنّى عنها، وورى بغيرها، إلّا ما كان من غزوة تبوك لبعد الشقة وشدة الزمان. راجع خبر هذه الغزوة في سيرة ابن هشام 2/ 515، والبداية والنهاية لابن كثير 5/ 3، المجلد الثالث، وزاد المعاد 3/ 526. (7) البقرة (281). (8) ذكره الطبري بأسانيده من عدة طرق عن ابن عباس 3/ 114، وذكره الواحدي بإسناده الى

سورة الفاتحة

فبقي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (بعدها) «1» تسعة أيام «2»، ثم قبض، ونزلت الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ «3» في يوم عرفة، في يوم جمعة «4»، وعاش النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعدها إحدى وثمانين ليلة «5». سورة الفاتحة «6» وقال أبو هريرة «7»، ومجاهد والزهري «8»، وعطاء بن يسار، وعبيد الله بن

_ ابن عباس كذلك 8، أسباب النزول، وراجع الأول التي قيلت في آخر ما نزل من القرآن، في البرهان: 1/ 206 النوع العاشر، والإتقان 1/ 77، النوع الثامن، وقد أوصلها الزرقاني إلى عشرة أقوال. أنظر المناهل 1/ 96. يقول ابن حجر في الفتح: 8/ 316، وأصح الأقوال في آخرية الآية قوله تعالى وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ اه. وراجع تاريخ المصحف: 96، وفي رحاب القرآن 51. (1) في بقية النسخ: فبقي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (بعدها) تسعة أيام. (2) راجع فتح الباري 8/ 205، كتاب التفسير باب وَاتَّقُوا يَوْماً .. * والدر المنثور 2/ 116، والإتقان: 1/ 78، ومناهل العرفان 1/ 103. (3) المائدة (3). (4) أنظر: صحيح البخاري 1/ 16، كتاب الإيمان باب زيادة الإيمان ونقصانه، ومسلم 18/ 153، أول كتاب التفسير، وسنن الترمذي: 8/ 407، كتاب التفسير، باب ومن سورة المائدة، وتفسير الطبري 6/ 79 - 84، والقرطبي: 6/ 61، وابن كثير 2/ 13، وفتح الباري 8/ 270، والدر المنثور 3/ 17، والإتقان: 1/ 52. (5) بعض المصادر المتقدم ذكرها نصّت على تحديد المدة التي عاشها عليه الصلاة والسلام بعد حجة الوداع التي نزلت فيها تلك الآية المشار إليها، وهي إحدى وثمانون ليلة، كالطبري والسيوطي في الدر. (6) هذه العناوين التي بين القوسين زيادة على الأصل، زدناها تيسيرا للقارئ والباحث. (7) أبو هريرة الدوسي الصحابي الجليل، أكثر الصحابة حفظا للحديث، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، والأكثر على أنه عبد الرحمن بن صخر ت 57 هـ، وقيل غير ذلك. الكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 889، وصفة الصفوة 1/ 685، ومعرفة القراء للذهبي 1/ 43، والتقريب: 2/ 484، والأعلام: 3/ 308. (8) محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، أول من دون الحديث وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء، تابعي مدني (58 - 124 هـ). الكنى والاسماء للإمام مسلم 1/ 114، وتاريخ الثقات: 412، وصفة الصفوة 2/ 136، والتقريب: 2/ 207، والأعلام 7/ 97.

عبد الله بن عمر «1»: (نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة) اه. والأكثر على خلاف ذلك «2». قال أبو العالية «3»: (لقد أنزلت وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي «4»، وما أنزل من

_ (1) عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب العدوي المدني، ثقة ت 106 هـ. الكنى والاسماء 1/ 135، وتاريخ الثقات 317، ومشاهير علماء الأمصار 65، والتقريب 1/ 535. وهو هكذا في النسخ، أما في المحرر الوجيز لابن عطية فهو: عبد الله بن عبيد بن عمير 1/ 99، وكذلك في البحر المحيط: 1/ 16، وترجمة هذا الأخير في صفة الصفوة 2/ 214، فليتأمل. (2) والصحيح أنها مكية، وقد قال بعض العلماء إن القول بأنها مدنية بعد هفوة من مجاهد رحمه الله. يقول ابن حجر في الفتح: 8/ 159، وأغرب بعض المتأخرين فنسب القول بذلك لأبي هريرة والزهري وعطاء بن يسار. اه. راجع هذه المسألة بتوسع في المحرر الوجيز لابن عطية 1/ 99، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1/ 115، وتفسير ابن كثير: 1/ 8 والبحر المحيط: 1/ 16، والدر المنثور 1/ 11، والإتقان في علوم القرآن 1/ 30، وروح المعاني للآلوسي 1/ 33، والجمل على الجلالين 4/ 614، وتاريخ المصحف للشيخ عبد الفتاح القاضي 107 وفي رحاب القرآن الكريم للدكتور محمد سالم محيسن 1/ 63. بل إن أبا سهل الأنماري مال إلى أنها أول سورة نزلت بمكة فقد ذكر قولين أحدهما يفيد أنها مكية والآخر يفيد أنها مدنية، ثم قال: وقد وقع عندي ما هو أوجب من هذه الأحاديث كلها، وأقرب إلى المعنى المحتمل أن أول ما نزل من القرآن فاتحة الكتاب ثم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، وهذا عندي أشبه بالمعنى لجهتين: إحداهما: أنها سميت أم الكتاب لأنها أقدم ما أنزل وأوله، كما سميت مكة أم القرى لأنها أقدمها، وسميت فاتحة الكتاب لأن الكتاب فتح بها. أي ابتدئ النزول بتلك السورة. والأخرى: أن بها تفتتح القراءة في الصلاة، وتثنى في كل ركعة وليس من السور سورة بتلك المنزلة، فيحتمل أن يكون تركهم ذكر نزولها وعدّها في عدد السور لشهرتها، ولأنها لا تخفى على أحد منزلتها بذلك على ما ذهبنا إليه .. اه. مقدمتان في علوم القرآن ص 13. (3) أبو العالية: رفيع- بالتصغير- ابن مهران الرياحي، ثقة بصري من كبار التابعين ت: 90 هـ، وقيل 93 هـ. الكنى والأسماء 1/ 621، والميزان 2/ 54، والتقريب: 1/ 252، وتاريخ الثقات: 503، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 178، ومعرفة القراء للذهبي 1/ 60. (4) الحجر (87).

الطول شيء) «1»، يريد أن سورة الحجر نزلت قبل البقرة وآل عمران والنساء والمائدة «2». وقال أبو ميسرة «3»: (أول ما أقرأ جبريل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فاتحة الكتاب إلى آخرها «4») اه.

_ (1) ذكره الطبري بإسناده إلى أبي العالية 14/ 55، وأنظر: روح المعاني 14/ 78. يقول ابن حجر: 8/ 158:- عند شرحه لحديث أبي سعيد بن المعلى (كنت أصلي في المسجد ... ) إلى أن قال: (ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟) قال: «الحمد لله رب العالمين» هي «السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» يقول ابن حجر: وفي هذا تصريح بأن المراد بقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي هي الفاتحة اه. ويقول عند تفسير هذه الآية: وقد روى الطبري بإسنادين جيدين عن عمر ثم عن علي قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب ... وبإسناد حسن عن ابن عباس كذلك، ومن طريق جماعة من التابعين اه. 8/ 382، وراجع الطبري 14/ 54. وهناك قول آخر مشهور أيضا عن ابن عباس بأن المراد بالسبع المثاني السبع الطول، روى ذلك عنه بإسناد قوي كما يقول ابن حجر 8/ 382، ولا مانع- كما يقول ابن كثير 2/ 557، من وصف غير الفاتحة بالسبع المثاني اه. يقول الألوسي- ما ملخصه؛ وقد لهج الناس بالاستدلال على مكيتها بآية الحجر، وهي مكية لنص العلماء والرواية عن ابن عباس، والأقوى: الاستدلال بالنقل عن الصحابة الذين شاهدوا الوحي والتنزيل، لأن ذلك موقوف أولا على تفسير السبع المثاني بالفاتحة،- وهو وإن كان صحيحا ثابتا في الأحاديث-، إلّا أنه قد صح أيضا عن ابن عباس وغيره تفسيرها بالسبع الطوال. ولا مانع أن يمنّ الله بالشيء قبل ايتائه، مع أن الله قد امتن عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم بأمور قبل ايتائه إياها .. روح المعاني 1/ 33، وراجع 14/ 78، من نفس المصدر، أما القرطبي فقد أجاب عن هذا بأن الله تعالى أنزله الى سماء الدنيا ثم أنزله نجوما أنظر تفسيره 10/ 55. (2) تفسير السخاوي لقول أبي العالية فيه اختصار، وإلّا فالسبع الطول تبدأ من (البقرة) وتنتهي الى آخر (الأعراف) ثم (براءة) وقيل (يونس) على خلاف في ذلك. راجع القرطبي 10/ 54، وابن كثير 2/ 557، وفتح الباري 8/ 382 والجمل على الجلالين 2/ 554. (3) أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي ثقة عابد، ت: 63 هـ الكنى والاسماء للإمام مسلم 2/ 824، والجرح والتعديل: 6/ 237 والتقريب 2/ 72، وصفة الصفوة 3/ 32. (4) هذا هو القول الثالث من الأقوال التي قيلت في أول ما نزل من القرآن وقد تقدم القول بأن أول ما نزل على الاطلاق صدر سورة العلق. يقول الزمخشري،- عند أول تفسيره للفاتحة، ولماذا قدم الاسم على الفعل في التسمية وأخر عند الأمر بالقراءة؟ يقول: هناك تقديم الفعل أوقع، لأنها أول سورة نزلت فكان الأمر بالقراءة أهم. اه 1/ 30.

سورة الأعراف

وقال ابن عباس: (نزلت بمكة بعد يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ثم نزلت تَبَّتْ يَدا «1» أَبِي لَهَبٍ «2») اه. سورة الأعراف وزعم مقاتل بن سليمان «3» أن الأعراف نزلت «4» منها بالمدينة قوله عزّ وجلّ: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ «5» إلى قوله سبحانه من ظهورهم ذرياتهم «6» «7» قال: وباقيها مكي «8».

_ وقال عند تفسير سورة العلق- اكثر المفسرين على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم. اه 4/ 270. وقد ردّ عليه ابن حجر في الفتح: 8/ 714، حيث قال: والذي ذهب أكثر الأئمة اليه هو الأول، وأما الذي نسبه إلى الأكثر فلم يقل به إلّا عدد أقل من القليل بالنسبة الى من قال بالأول. وراجع البرهان 1/ 207، والإتقان 1/ 70، والفتح: 8/ 678 عند تفسير سورة المدثر، و 719 عند تفسير سورة العلق. وروح المعاني 1/ 33 (في الهامش) حيث قال:- معلقا على كونها من أول ما نزل من القرآن- فقد روينا عن أبي ميسرة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان اذا برز سمع مناديا ... الحديث اه. وقد ذكر السيوطي بأن رجاله ثقات إلّا أنه مرسل 1/ 71 وقال الزركشي- نقلا عن كتاب الانتصار لأبي بكر الباقلاني- هذا الخبر منقطع 1/ 207، وأنظر أسباب النزول للواحدي: 10. وبناء على ذلك فإني أميل الى ما مال إليه ابن حجر وغيره بأن أول ما نزل على الاطلاق صدر سورة العلق. كما تقدم. (1) الى هنا ينتهي نص الآية في د، ظ. (2) وهي الرواية التي ذكرها السيوطي عن جابر بن زيد، وقد تقدم ذكرها عند الحديث عن السور المكّيّة والمدنيّة. (3) مقاتل بن سليمان بن كثير الأزدي الخراساني المفسر، من أعلام المفسرين ومن المتروكين في الحديث، ت 150 هـ. فهرست ابن النديم 253، والميزان 4/ 173، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 330، والتقريب 2/ 272، (وفيه توفي سنة خمس ومائة ولعله خطأ مطبعي) والأعلام 7/ 281. (4) في بقية النسخ؛ نزل منها. وهو الصواب. (5) الأعراف (163). (6) هي هكذا في النسخ بالجمع وهي قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب، وقراءة الباقين بالافراد وهم ابن كثير والكوفيون. النشر في القراءات العشر 2/ 273، والمهذب في القراءات العشر 1/ 258. (7) الأعراف (172). (8) اختلف المفسرون في عدد الآيات المدنيات في هذه السورة فقيل: آية وهي وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ .. وقيل ثلاث، وقيل خمس آيات، وقيل ثمان آيات.

سورة الأنفال

سورة الأنفال وكذلك قال في الأنفال وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا «1» نزلت بمكة، وباقيها مدني «2». سورة يونس وقال «3»: يونس مكية إلّا آيتين فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ ... «4» والتي تليها نزلتا «5» بالمدينة «6».

_ انظر: معالم التنزيل للبغوي 2/ 172، والجامع للقرطبي 7/ 160، والكشاف 2/ 65، والخازن: 2/ 172، وتفسير أبي السعود 3/ 209 وفتح القدير للشوكاني 2/ 187، والبحر المحيط 4/ 265، والدر المنثور 3/ 412، والبرهان 1/ 200، والإتقان 1/ 39، ومناهل العرفان 1/ 199. (1) الأنفال (30). (2) ذكره ابن جرير 9/ 230 بسنده إلى عكرمة، ثم قال: قال ابن جريج قال مجاهد: هي مكية اه، وانظر الدر المنثور 4/ 3، 52. قال القرطبي: 7/ 360 مدنية بدرية في قول الحسن وعكرمة وجابر وعطاء. وقال ابن عباس: هي مدنية إلّا سبع آيات، من قوله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا الى آخر السبع آيات. اه. وقد ذكر أبو حيان 4/ 455، قول ابن عباس هذا، ثم قال: وقال مقاتل: غير آية واحدة، وهي وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا الآية نزلت في قصة وقعت بمكّة، ويمكن أن تنزل الآية بالمدينة في ذلك. اه وهذا ما يفهم من كلام الزمخشري 2/ 154، أن الآية مدنية، فإنه لما فتح الله عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم: ذكره مكر قريش به حين كان بمكة ليشكر نعمة الله عزّ وجلّ في نجاته من مكرههم، واستيلائه عليهم، وما أتاح الله له من حسن العاقبة. اه. وراجع مفاتيح الغيب للفخر الرازي 15/ 155، ومعالم التنزيل للبغوي 3/ 2، على هامش تفسير الخازن. وأقول: ان تعبير السخاوي بقوله: زعم مقاتل، يظهر منه عدم الموافقة وبخاصة في قوله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا حيث إن كثيرا من المفسرين صرحوا بأن الأنفال كلها مدنية لم يستثن منها شيء. ثم أن الزركشي في البرهان 1/ 202، لم يستثن هذه الآية عند حديثه عن الآيات المكية في السور المدنية. أما السيوطي فإننا نجده يردّ على مقاتل زعمه ذلك. انظر الإتقان 1/ 39، وأسباب النزول له 378، على هامش الجلالين وعلى هذا فإني أرجح أنها كلها مدنية دون استثناء لما تقدم والله أعلم. (3) أي مقاتل بن سليمان. (4) يونس (94 - 95). (5) في ظ؛ نزلت. وهو خطأ. (6) قاله القرطبي 8/ 304، وعزاه إلى مقاتل، وهو موافق لما ذكره السخاوي، وانظر فتح القدير 2/ 421.

سورة هود

وقال الكلبي «1»: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ «2». نزلت بالمدينة في قوم من اليهود، وباقيها مكي «3». وقيل: نزل من أولها إلى أربعين آية بمكة، وباقيها نزل بالمدينة «4». وقال ابن عباس وعبد الله بن الزبير «5»: نزلت بمكة «6». سورة هود وقال مقاتل: في سورة هود ثلاث آيات نزلت بالمدينة، وباقيها مكي «7»: الأولى فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ «8» ... «9».

_ (1) محمد بن السائب الكلبي الكوفي، النسابة المفسر، متهم بالكذب ارتضوا أقواله في التفسير، أما الحديث فعنده مناكير، بل كذبوه. ت 146 هـ، انظر: الفهرست: 139، والميزان 3/ 556، وطبقات الداودي 2/ 149، والأعلام 6/ 133. (2) يونس (40). (3) ذكر هذا القرطبي وعزاه الى الكلبي 8/ 304، وذكره الفخر 17/ 2، ولم يعزه، والخازن وعزاه إلى ابن عباس، ولم ينص على أنها نزلت في اليهود. لباب التأويل 3/ 141. (4) ذكره القرطبي 8/ 304. وقد نقل السيوطي في الإتقان 1/ 40 هذه الأقوال الثلاثة وعزاها إلى «جمال القراء» للسخاوي، وهذا يعتبر تأكيدا لما ذكره السخاوي. ثم أن الألوسي 11/ 58 نقل عن السخاوي القول الأخير، والذي ترجح لي وملت اليه أنه استثنى منها ثلاث آيات فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ .. إلى آخرهن وذلك لكثرة الرواية في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر مفاتيح الغيب للفخر الرازي 17/ 2، والجامع للقرطبي 8/ 304 والبحر المحيط: 5/ 121، وتفسير الخازن 3/ 141، وعلى هامشه معالم التنزيل للبغوي، وفتح القدير للشوكاني 2/ 421. (5) عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي، فارس قريش في زمنه، وأول مولود في المدينة بعد الهجرة، بويع له بالخلافة سنة 64 هـ، ت 73 هـ انظر: صفة الصفوة 1/ 764، والاصابة 6/ 83، والجرح والتعديل 5/ 56، والكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 113، والتقريب 1/ 415، والأعلام للزركلي 4/ 87. (6) أي دون استثناء كما حكى ذلك القرطبي 8/ 304 عن الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وانظر: فتح القدير 2/ 421، وروح المعاني 11/ 58 هذا ولم يستثن منها الزركشي شيئا. راجع البرهان 1/ 200. (7) نقل قول مقاتل: أبو حيان في البحر 5/ 200، والخازن في تفسيره 3/ 176. وذكره السيوطي في الإتقان دون عزو 1/ 40، وقال: دليل الآية الثالثة ما صح من عدة طرق أنها نزلت بالمدينة في حق أبي اليسر. اه وسيأتي قريبا أن هذا هو الراجح. (8) كلمة (بعض) ليست في بقية النسخ. (9) هود (12). فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ ... الآية.

والثانية أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ .. «1» نزلت في عبد الله بن سلام «2» وأصحابه، وقوله إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ «3» ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ «4» نزلت «5» في نبهان التمار «6».

_ (1) هود (17) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً .... (2) عبد الله بن سلام بن الحارث الاسرائيلي صحابي، قيل: انه من نسل يوسف بن يعقوب- عليهما السلام- أسلم عند قدوم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة، ت 43 هـ. صفة الصفوة 1/ 718، والإصابة 6/ 108، والاستيعاب 6/ 228، على هامش الإصابة، والاعلام 4/ 90. (3) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (4) هود: 114. (5) كلمة (نزلت) ساقطة من د. (6) لم أجد من ترجم لنبهان التمار حسب اطلاعي، وقد ذكره ابن حجر في الاصابة 10/ 140، وذكر قصته وضعفها- كما سيأتي قريبا-. هذا وقد جاءت أحاديث كثيرة وبألفاظ مختلفة بالنسبة لسبب نزول هذه الآية. وخلاصتها: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فذكر ذلك له، كأنه يسأله عن كفارتها، فأنزل الله عليه وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذه؟ قال: «هي لمن عمل بها من أمتي» اه انظر: صحيح البخاري 5/ 214، كتاب التفسير باب قوله وَأَقِمِ الصَّلاةَ .. *، وراجع جامع الاصول 2/ 196. وفي معظم الأحاديث التي وردت في ذلك لم تعين اسم الرجل الذي نزلت بسببه الآية. والذين ذكروا اسمه اختلفوا فيه: فقال ابن كثير: 2/ 443، وعن ابن عباس: انه عمرو بن غزية الأنصاري التمار. وقال مقاتل: هو أبو نفيل عامر بن قيس الأنصاري، وذكر الخطيب البغدادي: أنه أبو اليسر كعب بن عمرو. اه. ويقول ابن حجر في الفتح: 8/ 356، وقد جاء أن اسمه كعب بن عمرو وهو أبو اليسر- بفتح التحتانية والمهملة- الأنصاري ... وذكر بعض الشراح في اسم هذا الرجل: نبهان التمار، وقيل: عمرو بن غزية. وقيل: أبو عمرو زيد بن عمرو بن غزية. وقيل عامر بن قيس. وقيل: عباد. إلى أن قال: وأقوى الجميع أنه أبو اليسر والله أعلم. اه. وقد ذكر الترمذي 8/ 538 في إحدى روايات الحديث انه أبو اليسر وسمّاه كعب بن عمرو، وزاد صاحب تحفة الأحوذي: ابن عباد السلمي الانصاري، صحابي بدرى جليل. اه.

سورة إبراهيم

سورة إبراهيم وقال في «1» إبراهيم أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً .. «2» هذه الآية مدنية «3».

_ وكذلك الطبري 12/ 137 ذكر القصة بسنده الى أبي اليسر، ونقلها عنه ابن كثير. وقد جاء في معالم التنزيل للبغوي 3/ 210، على هامش لباب التأويل للخازن أن اسم أبي اليسر عمرو بن غزية الأنصاري. وكذلك في الكشاف للزمخشري 2/ 297، ولم يذكرا غيره. وهذا القول وهم كما يقول ابن حجر في الفتح 8/ 356. وأما قصة نبهان التمار التي ذكرها السخاوي عن مقاتل في نزول الآية فقد ذكر هذا القول أبو حيان في البحر 5/ 200، واقتصر عليه في ذكر سبب نزول الآية. ومما تقدم يتبين للقارئ أن هذا القول مرجوح، وأيضا فإن ابن كثير ذكر عن مقاتل أنه قال: هو أبو نفيل عامر بن قيس الانصاري، وهذا خلاف ما ذكر عنه السخاوي وأبو حيان. وإذا ما انتقلنا الى ابن حجر في كتابه الاصابة 10/ 140، فإننا نجده يدحض هذا القول ويردّه قائلا: ذكر مقاتل بن سليمان في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ الآية، آل عمران 135 هو نبهان التمار، أتته امرأة ... إلى أن قال: وهكذا أخرجه عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مطولا، ومقاتل متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس وعبد الغني وموسى هالكان ... اه. وقد أورد ابن حجر في الفتح 8/ 356 نحو هذا ثم قال: وهذا- وإن ثبت- حمل على واقعة أخرى، لما في السياقين من المغايرة. اه والله أعلم. (1) أي مقاتل بن سليمان. (2) إبراهيم (28). (3) ذكر هذا القول الطبري 13/ 222 بإسناده إلى عطاء بن يسار، واستثنى بعض العلماء آيتين أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا .. والتي بعدها. انظر: البرهان 1/ 200 دون عزو، والإتقان 1/ 40، وعزاه إلى قتادة، والدر المنثور 5/ 3، وعزاه إلى ابن عباس نقلا عن النحاس في تاريخه. وعزا هذا القول أيضا إلى ابن عباس: الشوكاني 3/ 92. واستثنى القرطبي 9/ 338، وأبو حيان 5/ 403، ثلاث آيات أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً .. إلى آخرهن، وعزوا هذا القول إلى ابن عباس وقتادة. ولعل هذا هو الصحيح، لأن الآيات الثلاث مرتبطة ببعضها لفظا ومعنى. والله أعلم.

سورة النحل

سورة النحل وقال الكلبي: النحل مكية، غير أربع آيات. ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا ... «1» «2». والثانية وَإِنْ عاقَبْتُمْ ... وما يليها إلى آخر السورة «3»، ووافقه مقاتل «4». وزاد خامسة وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً .. «5». سورة الإسراء وقال الكلبي: في سورة سُبْحانَ ... آيات مدنيات، قوله عزّ وجلّ: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ .. «6» نزلت حين جاءه

_ (1) النحل (110). (2) ومن الذين قالوا: إن هذه الآية مدنية الواحدي في أسباب النزول 162 والقرطبي 10/ 65، وأبو حيان 5/ 472، والثعالبي في الجواهر الحسان 2/ 324، والألوسي في روح المعاني 14/ 240. (3) النحل (126 - 128). (4) أورد السيوطي عدة روايات عن ابن عباس وأبي هريرة والشعبي تدل على أن الآيات الثلاث من آخر سورة النحل مدنية. راجع الإتقان 1/ 24 عند كلامه على معرفة المكي والمدني. و 1/ 41 عند كلامه على ما استثنى من المكي والمدني، و 1/ 54 عند كلامه عن الحضري والسفري. وانظر: الدر المنثور 5/ 107. ويعد هذا مؤيدا لكلام السخاوي القائل بأن الثلاث الآيات من آخر سورة النحل مدنية. وأما الآية الأولى من هذه الآيات الثلاث وهي وَإِنْ عاقَبْتُمْ ... فقد قال القرطبي 10/ 201، أطبق جمهور أهل التفسير إن هذه الآية مدنية، نزلت في شأن التمثيل بحمزة في يوم أحد، وكذلك قال الثعالبي في تفسيره 2/ 327. (5) النحل (112). وقد ذكر هذا القول عن مقاتل الخازن في تفسيره 4/ 65، وتابعه صاحب الفتوحات الإلهية 2/ 556، لكن أبا حيان 5/ 542 يرجح أنها مكيّة بدليل سياق الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ ... ومنشأ الخلاف في كونها مكية أو مدنية مبني على تحديد المراد بالقرية التي ضربها الله مثلا، هل هي مكة أم المدينة أم أي قرية دون تعيين. وحمل الآية على العموم أظهر لأنه يعم جميع متناولاتها، ومكة والمدينة يدخلان دخولا أوليا. راجع في هذا التفسير الطبري 14/ 186. والقرطبي 10/ 194، والبحر المحيط: 5/ 542، والجواهر الحسان 2/ 324، وفتح القدير 3/ 199. (6) الإسراء (76) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ....

وفد ثقيف، وحين قالت اليهود: ليست هذه بأرض الأنبياء «1». وقوله وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ .. «2». وزاد مقاتل: وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ .. «3». وقُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا «4» إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ .. «5».

_ (1) هذه الآيات التي ذكرها السخاوي وقال: انها مستثناة من سورة الإسراء، ذكرها الإمام القرطبي بتمامها 10/ 203. وكذلك الشوكاني 3/ 205. وقال القرطبي عند تفسير قوله تعالى وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ .. .. هذه الآية مدنية ... وذكر مقالة اليهود معزوة الى ابن عباس .. وقيل: أنها مكية. قال مجاهد وقتادة: نزلت في همّ أهل مكة بإخراجه .. وهذا أصح، لأن السورة مكية، ولأن ما قبلها خبر عن أهل مكة، ولم يجر لليهود ذكر. اه وراجع تفسير الطبري 15/ 132، وابن كثير 3/ 53 وراجع كذلك أسباب النزول للسيوطي ص 476. ومن هذا يظهر ان الآية مكية، خصوصا وأن أبا حيان 6/ 3، والألوسي 15/ 2 حكيا الاجماع بالقول بمكية السورة كلها، وإن كانا قد ذكرا الآيات التي قيل انها استثنيت ومنها الآيات التي ذكرها السخاوي. (2) الإسراء (80). روى الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بمكة، ثم أمر بالهجرة، فنزلت وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ ... الآية اه. سنن الترمذي 8/ 574 يقول السيوطي في أسباب النزول: 480، بعد ذكره الحديث الترمذي وهذا صريح في أن الآية مكية. وأخرجه ابن مردويه بلفظ أصرح منه. اه. (3) الإسراء (60). وممن قال: أن الآية مدنية اصحاب المصنفات الآتية: القرطبي في تفسيره 10/ 203، وأبو حيان 6/ 3، والشوكاني 3/ 205 والألوسي 15/ 2، والخازن 4/ 104، والسيوطي في الاتقان 1/ 41. (4) حرفت في «د» الى «يؤمنوا». (5) الاسراء (107). وانظر المصادر السابقة.

سورة الكهف

سورة الكهف وقال بعضهم في الكهف: مدنية «1» قوله عزّ وجلّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ [عَلى] «2» عَبْدِهِ الْكِتابَ .. إلى قوله وَلا لِآبائِهِمْ ... «3» وقوله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا «4». وقال ابن عباس: «نزلت الكهف بمكة بين هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ «5»

_ (1) هكذا في الأصل. وفي بقية النسخ: مدني. وهو الصواب. (2) ساقطة من الاصل. (3) الكهف (1 - 5). وقد استثنى بعض المفسرين من أول السورة الى الآية الثامنة (صعيدا جرزا). يقول القرطبي: 10/ 246 ... روى عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة الى قوله (جرزا). وكذلك قال أبو حيان 6/ 95، والألوسي 5/ 199 وعزوا هذا القول إلى مقاتل، وذكره السيوطي في الاتقان 1/ 41 دون عزو. وهناك بعض المفسرين لم يستثن منها شيئا بل يرى أنها كلها مكية كالبغوي 4/ 155، وكذلك الخازن وأيضا الزمخشري 2/ 471. وقال القرطبي: هي مكية في قول جميع المفسرين، هذا هو الاصح اه. وكذلك قال الثعالبي 2/ 366 ونقله الشوكاني عن القرطبي: 3/ 268 واختار هذا أبو عمرو الداني كما نقله عنه الألوسي 5/ 199. وهذا هو الظاهر من سياق السورة وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. (4) الكهف (30). هكذا ذكر السخاوي الآية بتمامها. ولم أقف على من نصّ على استثناء هذه الآية. وقال أبو حيان: 6/ 95 السورة مكّيّة ... إلّا ما روى عن مقاتل أنه قال: هي مكّيّة، إلّا من أولها الى (جرزا) ومن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ .. الآيتين فمدني في اه بتصرف يسير وقد صرّح بعض العلماء بأن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إلى آخر السورة مدني 107 - 110. انظر الإتقان 1/ 42، وروح المعاني 15/ 199، وقد عزاه الألوسي الى مقاتل، وهذا مخالف لما ذكره السخاوي عن مقاتل في هذه الآية. وبما أن كلام أبي حيان الذي نقله عن مقاتل لا يفهم منه صراحة ان الآية المستثناة هي التي ذكرها السخاوي والتي بعدها. فإن الذي ظهر لي- والله أعلم- أن الآية المقصودة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ .. * هي التي في آخر السورة، وإن كان السخاوي قد أتمّ الآية التي ذكرها، فلعله سهو منه والله أعلم. (5) الغاشية (1).

سورة مريم

والنَّحْلِ «1»، وكذلك قال الحسن «2» وعكرمة «3». سورة مريم وقيل في مريم: هي مكيّة غير آية السجدة «4». سورة الحج وقال مقاتل: نزل من سورة الحج يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ... إلى قوله

_ (1) هكذا ذكرها السخاوي كما تقدم عند حديثه عن ترتيب السور المكية فانظرها رقم (68) بين الغاشية والنحل. (ص 108). وهي كذلك في البرهان 1/ 193، والإتقان 1/ 26 - 27، وقد ذكر السيوطي- في النوع السابع عند كلامه عن معرفة أول ما نزل- ذكر عن بعض العلماء رواية في ترتيب السور وقال: « ... ثم الغاشية ثم الكهف ثم الشورى، ثم تنزيل السجدة ثم الانبياء ثم النحل ... الخ. إلّا أنه لم يرتض هذا الترتيب وقال: هذا سياق غريب، وفي هذا الترتيب نظر. اه 1/ 73. (2) الحسن بن يسار البصري أبو سعيد تابعي فقيه فصيح شجاع له مواقف حميدة مع الولاة (21 - 110 هـ). انظر: صفة الصفوة: 3/ 233، والميزان 1/ 527، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 150، والأعلام 2/ 226. (3) عكرمة بن عبد الله البربري المدني أبو عبد الله، مولى ابن عباس عالم بالتفسير، توفي نحو سنة 105 هـ. انظر ميزان الاعتدال 3/ 93، والتقريب 2/ 30، طبقات المفسرين للداودي 1/ 386، والأعلام 4/ 244. (4) آية السجدة التي في سورة مريم هي قوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ... الآية (58). قال القرطبي: 11/ 72 سورة مريم مكية بإجماع. اه وقال الثعالبي: 3/ 2 هذه السورة مكية بإجماع، إلّا السجدة منها فقيل انها مكية وقيل مدنية. اه. وقد نقل أبو حيان عن مقاتل أن آية السجدة مدنية. وهو موافق لما ذكره السخاوي ومؤيد له، انظر: البحر 6/ 172. وممن قال: ان آية السجدة مدنية دون عزو: السيوطي في الإتقان 1/ 41 وصاحب الفتوحات الإلهية: 3/ 50، والصاوي في حاشيته على الجلالين 3/ 30.

وَلكِنَّ «1» عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ «2» نزل «3» في غزوة بني المصطلق «4» ليلا «5»، قال: ونزل بالمدينة منها أيضا مَنْ كانَ يَظُنُّ ... «6» الآية. وسَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ... «7» نزلت في عبد الله بن أنس بن خطل «8».

_ (1) في د، ظ: (إن عذاب الله شديد) خطأ. (2) الحج (1 - 2). (3) (نزل) ساقط من د، ظ. (4) غزوة بني المصطلق، وتسمى المريسيع، بلغ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن بني المصطلق يجمعون له، فلما سمع بهم خرج اليهم، حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع من ناحية قديد الى الساحل، وانتصر المسلمون عليهم نصرا مؤزرا وغنموا مغانم كثيرة. وكانت سنة خمس للهجرة على الصحيح. انظر: هذا في زاد المعاد 3/ 256 تحقيق شعيب وعبد القادر الأرناءوط. وراجع خبر هذه الغزوة في سيرة ابن هشام 2/ 289، والبداية والنهاية 4/ 157 وفتح الباري 7/ 428، ومرويات غزوة بن المصطلق للدكتور إبراهيم قريبي 89 فما بعدها. (5) جاء في سنن الترمذي 9/ 9 عن عمران بن حصين بسندين: ان أول السورة نزل على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو في سفر، ولم يعين الترمذي هذا السفر، وقد صرّح به السخاوي وأبو حيان 6/ 349 ونقله عنه صاحب الفتوحات الإلهية 3/ 151، بأنها نزلت ليلا في غزوة بني المصطلق وذكره الخازن في تفسيره 5/ 3، وكذلك السيوطي في الدر 6/ 6 عن ابن عباس. (6) الحج (15) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ. لم أجد من نص على أن هذه الآية مدنية، ولكن يفهم ذلك من سبب نزولها حيث ذكر بعض العلماء أنها نزلت في نفر من أسد وغطفان، قالوا نخاف أن الله لا ينصر محمدا فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا. راجع تفسير الطبري 17/ 128، والخازن: 5/ 6، والثعالبي 3/ 74 والألوسي 17/ 127 إلّا أن فيه ... وقيل: نزلت في اعراب من أسلم وغطفان. وقد نسب الفخر الرازي 23/ 16، القول بأنها نزلت في بني أسد وغطفان الى مقاتل، وهو يعزز ما ذكره السخاوي عن مقاتل. (7) الحج: (25). وتمامها وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، لأن هذا اللفظ من الآية هو المقصود بقوله نزلت في عبد الله بن خطل. (8) نسب هذا الى مقاتل الفخر الرازي 23/ 25. وعزاه السيوطي في أسباب النزول ص 515 على هامش الجلالين، وفي الدر المنثور 6/ 27، الى ابن عباس، وكذلك الشوكاني 3/ 449، وكلاهما سمّاه عبد الله بن أنيس. وفي السيرة لابن هشام 2/ 409، 410.

وأُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. «1» وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ .. «2»، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ... «3» نزلت في أهل التوراة «4». والَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .... والتي

_ قال ابن اسحاق:- اثناء ذكره للذين أمر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بقتلهم- وعبد الله بن خطل، رجل من بني تيم بن غالب .. الخ. ثم ذكر سبب قتله وخلاصته أنه قتل ثم ارتد عن الاسلام، وقد أمر صلّى الله عليه وآله وسلّم بقتله وإن وجد متعلقا بأستار الكعبة اه. وانظر صحيح البخاري 2/ 216 كتاب جزاء الصيد، باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام، وشرحه فتح الباري 4/ 60، وصحيح مسلم بشرح النووي 9/ 131، كتاب الحج باب جواز دخول مكة بغير إحرام وسنن أبي داود 3/ 135، كتاب الجهاد باب قتل الأسير .. إلخ وسنن الترمذي 5/ 341 أبواب الجهاد باب ما جاء في المغفر. هذا وقد اختلف في اسم ابن خطل فقيل، عبد العزى، وقيل: هلال وقيل، عبد الله، وهذا الأخير هو الصحيح، انظر: فتح الباري: 4/ 60، 61. (1) الحج (39) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا .. الآية. روى الترمذي 9/ 15 بسنده عن ابن عباس قال: لما أخرج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من مكة، قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، ليهلكن فأنزل الله تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ ... الآية. وراجع تفسير الطبري 17/ 172، وأسباب النزول للواحدي: 177، وللسيوطي 516 على هامش الجلالين، وراجع كذلك روح المعاني 17/ 161 بفتح القدير 3/ 457. يقول القرطبي: 12/ 68 وهي أول آية نزلت في القتال اه. (2) الحج (40) وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ ... وإذا تقرر أن قوله تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. نزل بالمدينة فصلة قوله سبحانه بعدها وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ .. واضحة لأن فيه تحريضا على القتال المأذون فيه، فكأنه لما قيل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. قيل: فليقاتل المؤمنون، فلولا القتال وتسليط الله تعالى المؤمنين على المشركين في كل عصر وزمان لهدمت متعبداتهم ولذهبوا شذر مذر، وهذا- أي شدة ارتباط الآيتين ببعضهما- يرجح كون الآية مدنية، والله أعلم، راجع في هذا روح المعاني للآلوسي 17/ 162. (3) الحج (54). وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ .. الآية. (4) يقول القرطبي: 12/ 87 وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ .. أي من المؤمنين، وقيل: أهل الكتاب اه. ولم أجد غير القرطبي من المفسّرين- حسب اطلاعي- من أشار إلى أنها نزلت في أهل التوراة، او نص على مدنيتها. وإنما بالاستقراء وجدت علماء أهل التفسير يذكرون هذه الآية ضمن آيات أربع مما استثنى من سورة الحج على انها مكية، تبدأ من قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ... الآيات 52 - 55. وقد نسب القرطبي 12/ 1 هذا القول إلى ابن عباس وقتادة والضحاك. ونسبه إلى قتادة أبو حيان 6/ 349، والسيوطي في الدر 6/ 3، والإتقان 1/ 32، وكذلك الألوسي في روح المعاني

سورة الفرقان

بعدها «1». وعن ابن عباس: كلها مكية «2»، إلّا السجدتين «3». وأُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. والتي بعدها «4». سورة الفرقان وقال ابن عباس وقتادة: الفرقان مكية إلّا قوله وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ

_ 17/ 110. وهذا كله مخالف لما ذكره السخاوي- رحمه الله- ومنه يتضح أن الآية فيها الخلاف، ويبدو أن الراجح كونها مكّيّة، نظرا لكثرة القائلين بذلك. والله تعالى أعلم. (1) الحج (58 - 59). ... ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً .. الآيتين. لم أقف على من نص على مدنيّة هذه الآية وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... ولكن بالرجوع إلى ما ذكره العلماء من سبب نزولها، يمكن أن يقال إنها مدنيّة، ويدل على ذلك ما يلي: يقول الإمام الطبري 17/ 194 «ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، اختلفوا في حكم من مات في سبيل الله، فقال بعضهم: (سواء المقتول منهم والميت) اه اي حتف أنفه-. ثم يقول الطبري: وقال آخرون: المقتول أفضل، فأنزل الله هذه الآية على نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم يعلمهم استواء أمر الميت في سبيله والمقتول فيها في الثواب عنده. اه. وانظر: تفسير الفخر الرازي 23/ 57، والقرطبي 12/ 88، وأبي حيان 6/ 383، والثعالبي 3/ 86، والسيوطي: 6/ 71 والألوسي 17/ 188. (2) أي سورة الحج. (3) السجدتان هما قوله تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ .. الآية 18 وقوله سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .. الآية 77 واستثناء السجدتين عن ابن عباس يعد رواية أخرى سوى ما تقدم عنه. وبعد الانتهاء من الكلام عن سورة الحج، يفهم مما تقدم أن هذه السورة وقع فيها خلاف شديد بين العلماء فمنهم من قال بأنها مكية إلّا بعض الآيات فهي مدنية. ومنهم من قال: بل هي مدنية إلّا بعض الآيات فهي مكيّة، وقد قال القرطبي: 12/ 1 هنا كلاما حسنا، وخلاصته ما يلي: قال الجمهور: السورة مختلطة، منها مكّي ومنها مدنيّ. وهذا هو الاصح، لأن الآيات تقتضي ذلك. وراجع الإتقان 1/ 32، والبحر المحيط: 6/ 349، وفتح القدير 3/ 434، وروح المعاني 17/ 110، والجمل على الجلالين 3/ 150 وحاشية الصاوي عليه 3/ 92. (4) تقدم الحديث عنهما قريبا.

سورة الشعراء

إِلهاً «1» ... إلى «2» آخر الثلاث «3». سورة الشعراء وقيل في الشعراء: هي مكيّة، إلّا قوله عزّ وجلّ وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ... «4» إلى آخرها «5». قال مقاتل: وإلا قوله: «أو لم تكن «6» لهم آية .. » الآية «7». سورة القصص وقال مقاتل في القصص الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ .. إلى قوله عزّ وجلّ

_ (1) كلمة (إلها) ليست في د. وظق. (2) (الى) ساقط من ظ. (3) الفرقان (68 - 70). ذكر هذا بنصه القرطبي 13/ 1 وأبو حيان 6/ 480، وذكرا عن الضحاك عكس ما روى عن ابن عباس وقتادة أي أنها مدنية إلّا الثلاث الآيات المذكورات. ونقل السيوطي في الإتقان 1/ 32 عن ابن الفرس إنها مكية في قول الجمهور، ومدنية في قول الضحاك، أي دون استثناء. وما روي عن الضحاك- لا شك- قول مرجوح. وفي تصوري أنه خطأ من النساخ، والله أعلم. (4) الشعراء (224 - 227) (5) ذكر هذه الآيات المستثناة البغوي في تفسيره 5/ 92 والزمخشري 3/ 104، والرازي 24/ 118 وأبو السعود 6/ 233، دون عزو وعزاه القرطبي 13/ 87 إلى ابن عباس وقتادة ومقاتل، وعزاه أبو حيان 7/ 5 إلى ابن عباس وقتادة وعطاء. وقال السيوطي في الإتقان 1/ 24، 42: «الشعراء مكيّة إلّا خمس آيات من قوله تعالى وَالشُّعَراءُ .. إلى آخر السورة اه. وبالرجوع إلى ما قرره أهل العدد وجدت أن هذه الآيات التي اعتبرها السيوطي خمسا هي أربع آيات، وهذا مما أثار الدهشة عندي، نظرا لأن السيوطي لا يخفى عليه مثل هذا الحكم ولا أدري من أين جاء هذا الخطأ هل هو من النساخ أو من دور الطباعة؟ وقد وافق السيوطي في هذا الشوكانيّ: 4/ 92، وسيأتي إن شاء الله مزيد لهذا في موضعه من «جمال القراء». (6) في لفظ (تكن) قراءتان سبعيتان، بتاء التأنيث لابن عامر الشامي مع رفع التاء في (آية)، وبياء التذكير ونصب (آية) للباقين. انظر التبصرة في القراءات السبع لمكي بن أبي طالب 448، والنشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/ 336. (7) الشعراء (197) ذكر هذا عن مقاتل القرطبي 13/ 87، وأبو حيان 7/ 5، وحكاه السيوطي في الإتقان 1/ 42 عن ابن الفرس، وذكره كذلك أبو السعود 6/ 233 دون عزو.

سورة العنكبوت

لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ «1» مدني «2». وقوله إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ .. «3» نزلت بالجحفة «4» قبل الهجرة «5». سورة العنكبوت وقال قتادة: من أول العنكبوت إلى قوله عزّ وجلّ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ «6» مدني، وباقيها مكّيّ «7».

_ (1) القصص: (52 - 55). (2) وقد وافق المؤلف كلّ من السيوطي في الإتقان 1/ 42. وكذلك البغوي 5/ 133، والخازن، ونسبه القرطبي 13/ 247، وأبو حيان 7/ 104، والثعالبي 3/ 170، والشوكاني 4/ 157، والألوسي 20/ 41، إلى مقاتل، وأما الزركشي في البرهان 1/ 201 فلم يستثن سوى الآية الأولى. ومما تقدم يتبيّن أن رأي المؤلف صحيح نظرا لموافقته لغيره من المؤلفين. (3) القصص: (85). (4) جحف الشيء يجحفه جحفا: قشره، والجحف والمجاحفة: أخذ الشيء واجترافه، وأجحف به أي ذهب به، والجحفة: موضع بين مكة، والمدينة على اثنين وثمانين ميلا من مكة، وكانت تسمى مهيعة، فنزل على أهلها سيل فأجحفهم، فسميت جحفة، وهي ميقات أهل الشام. لسان العرب: 9/ 21، والقاموس المحيط: 3/ 125. ومختار الصحاح: 93، والمصباح المنير: 91. (5) قال البغوي: 5/ 133، نزلت بين مكة والمدينة. اه وكذلك الخازن، ويقول السيوطي في الإتقان: 1/ 55 - عند حديثه عن الحضري والسفري- يقول: من السفري إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ .. نزلت بالجحفة في سفر الهجرة، كما أخرجه ابن ابي حاتم عن الضحاك. اه. ومن هذا نفهم أن هؤلاء العلماء المذكورين مؤيدون للمؤلف في رأيه بمدنيّة هذه الآية. والله أعلم. وراجع تفسير القرطبي 13/ 347، وأبي حيان 7/ 104، والثعالبي 3/ 170، والآلوسي 20/ 41، والبرهان 1/ 197. (6) العنكبوت: (1 - 11). (7) رواه ابن جرير 20/ 133 بسنده إلى قتادة ... أنه قال: وهذه الآيات العشر مدنيّة إلى هاهنا- أي من أول السورة إلى وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ- وسائرها مكي. اه. ونسب البغوي هذا القول إلى الشعبي. انظر تفسيره 5/ 157 على هامش الخازن وكذلك ذكره الخازن دون عزو، ونسبه القرطبي 13/ 323 إلى ابن عباس وقتادة في أحد قوليهما، كما نسبه القرطبي إلى يحيى بن سلام أنها مكية إلّا عشر آيات من أولها، فإنها نزلت بالمدينة في شأن من كان من المسلمين بمكة. اه. وقد حكى القرطبي عن ابن عباس وقتادة قولا آخر، وهو أن السورة كلها مدنيّة، وهذا لا يقوى على معارضة ما روي عنهما وعن غيرهما من أن السورة مكيّة سوى ما استثنى منها، وهذا هو الذي ترجح عندي والله تعالى أعلم.

سورة لقمان

سورة لقمان وقيل: إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا قدم المدينة أتاه اليهود، فقالوا: يا محمد بلغنا أنك تقول: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا «1». أفعنيتنا أم عنيت قومك؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «عنيت الجميع». فقالوا: يا محمد، أما تعلم أن الله عزّ وجلّ أنزل التوراة على موسى- عليه السلام- وخلفها موسى فينا؟ وفي التوراة أنباء كل شيء! فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «التوراة وما فيها من الأنباء قليل في علم الله تعالى» فأنزل الله عزّ وجلّ وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ .. إلى آخر الآيات الثلاث «2»، وباقيها مكيّ «3». سورة السجدة وفي السجدة ثلاث آيات نزلن بالمدينة لمّا قال الوليد بن عقبة «4» لعلي «5» - رضي الله

_ (1) الإسراء: (85). (2) لقمان: (27 - 29). (3) ذكره الطبري في تفسيره 21/ 81 بأسانيده إلى ابن عباس وعكرمة وعطاء بن يسار بألفاظ متقاربة، وعزاه ابن إسحاق إلى ابن عباس انظر: سيرة ابن هشام 1/ 308. كما ذكر نحو قول السخاوي: الواحدي في أسباب النزول: 198. وأيضا البغوي في تفسيره 5/ 181. يقول الخازن وعلى هذا، الآية مدنية. اه وهو تأييد لما ذكره السخاوي، وقد نسب السيوطي هذا القول إلى ابن عباس، انظر الإتقان 1/ 24، 43، وراجع الدر المنثور 6/ 526، وأسباب النزول له ص 560 على هامش الجلالين. (4) الوليد بن عقبة بن أبي معيط أبو وهب الأموي القرشي، أخو عثمان بن عفان لأمه، أسلم يوم فتح مكة ت 61 هـ. انظر: السيرة النبوية 2/ 296، والتقريب 2/ 334، والإصابة 10/ 311، رقم 9148، وجمهرة أنساب العرب، 115، والأعلام 8/ 122. (5) علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو الحسن أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد المبشرين بالجنة، وابن عم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وصهره، مناقبه أشهر من أن تذكر رضى الله عنه، استشهد سنة 40 هـ، قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي. انظر: صفة الصفوة 1/ 308، ومعرفة القراء الكبار 1/ 25، والإصابة 7/ 57، رقم 5682، والأعلام 4/ 295.

سورة سبأ

عنه-: أنا أذرب منك لسانا- يعني أحدّ لسانا- وأحدّ سنانا «1» وأردّ للكتيبة «2». فقال له عليّ- عليه السلام-: أسكت فإنك فاسق، فأنزل الله عزّ وجلّ أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً ... «3» الآيات «4». وقال آخرون: إلّا خمس آيات من قوله عزّ وجلّ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ «5» ..... إلى قوله ... الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ .. «6». سورة سبأ وقال مقاتل: قوله عزّ وجلّ في سبأ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ .. «7» هذه الآية منها مدني «8».

_ (1) السنان: سنان الرمح: وجمعه أسنّة، وسنان الرمح: حديدته وسننت السنان أسنّه فهو مسنون: إذا أحددته على المسن، وسننت فلانا بالرمح: إذا طعنته به. راجع اللسان 9/ 223، والقاموس 4/ 238، ومختار الصحاح 317. (2) رده عن الشيء يرده ردا وردة- بالكسر- أي صرفه. انظر: اللسان 3/ 172، والقاموس 1/ 304، ومختار الصحاح 239، فكأن الوليد يصف نفسه بقوة الشكيمة بحيث يقف أمام الكتيبة فيردّها على أعقابها. (3) السجدة (18 - 20) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ... (4) ذكره الطبري: 21/ 107 بسنده إلى عطاء بن يسار، قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط .. إلخ وذكره الواحدى 200 بسنده إلى ابن عباس، وعزاه البغوي 5/ 183 إلى عطاء وكذلك الخازن، وعزاه القرطبي 14/ 84، إلى مقاتل والكلبي، وقال القرطبي: 14/ 105 - عند تفسيره الآية- قال: ابن عباس وعطاء بن يسار: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد ابن عقبة بن أبي معيط ... وذكر نحو ما ذكره السخاوي، وعزاه ابو حيان، 7/ 196، إلى ابن عباس ومقاتل والكلبي، وعزاه السيوطي في الإتقان إلى ابن عباس 1/ 25، 43، وقد ذكر هذا صاحب فتح القدير 4/ 255 عن ابن عباس من عدة طرق وذكره عن عطاء بن يسار والسدي وعبد الرحمن بن أبي ليلى. ويتحصل من هذه الأقوال أن هذه الآيات مدنيات نزلت في علي والوليد قال بذلك ابن عباس ومقاتل والكلبي وعطاء بن يسار والسدي وعبد الرحمن بن أبي ليلى. (5) في د، ظ: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ .. (6) السجدة (16 - 20). وهذا الاستثناء يعد زيادة على ما تقرر في رواية ابن عباس وغيره ممن تقدم ذكرهم آنفا، وبهذا تكون الآيات المستثناة خمسا وهو يوافق ما ذكره السخاوي. راجع تفسير القرطبي 14/ 84 وأبي حيان 7/ 196، والإتقان للسيوطي 1/ 43. (7) سبأ (6). وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ .. الآية. (8) القول بمدنيّة هذه الآية المذكورة أو مكيّتها مترتب على المراد بالذين أوتوا العلم، هل هم الذين أسلموا

سورة الزمر

سورة الزمر وفي الزمر أربع آيات نزلت «1» فيما قيل بالمدينة. الأولى: يا عِبادِ «2» الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ .. «3». والثلاث الباقية نزلت «4» في وحشي «5» - فيما ذكروا-. يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ .. إلى قوله وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ «6».

_ من أهل الكتاب بعد الهجرة، أو هم الذين أوتوا العلم من أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ يقول الطبري: 22/ 62 عنى بالذين أوتوا العلم: مسلمة أهل الكتاب كعبد الله بن سلام ونظرائه. اه. وبناء عليه فتكون الآية مدنية. ثم ذكر القول الآخر ومن قال به، وبناء عليه فتكون الآية مكية، وقد أيد الطبري في ما ذهب إليه ابن عطية، كما نقله عنه أبو حيان في تفسيره 7/ 257. وراجع الجواهر الحسان للثعالبي 3/ 239. وقد حكى القرطبي القولين، وعزا القول بمدنيّتها إلى مقاتل، كما ذكره السخاوي، انظر الجامع لأحكام القرآن 14/ 258، وراجع فتح القدير 4/ 313 عند تفسير الآية الكريمة. (1) في بقية النسخ: نزلن. (2) في الأصل: يا عبادي. (3) الزمر (10). نقل هذا السيوطي في الإتقان 1/ 444 وعزاه إلى «جمال القراء» للسخاوي، وذكره أبو حبان 7/ 414 وعزاه إلى مقاتل، وكذلك الخازن 6/ 56 دون عزو. (4) في د وظ: نزلن. (5) وحشي بن حرب الحبشي أبو دسمة، من سودان مكة، قاتل حمزة عم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم أحد توفي نحو سنة 25 هـ. انظر قصة قتله لحمزة رضي الله تعالى عنه وقصة إسلامه في صحيح البخاري 5/ 36، كتاب المغازي باب قتل حمزة، وراجع فتح الباري 7/ 367، وراجع ترجمته في الإصابة 10/ 299 رقم 9110، والاستيعاب في معرفة الأصحاب 11/ 48 رقم 2739 على هامش الإصابة، والتقريب 2/ 330، والأعلام 8/ 111. (6) الزمر (53 - 55). قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ذكره الواحدي في أسباب النزول ص 213 الأقوال التي قيلت في سبب نزول هذه الآيات، ومن ضمن تلك الأقوال أن هذه الآيات نزلت في وحشي قاتل حمزة- رضي الله تعالى عنه- وراجع 193 من نفس المصدر عند الكلام عن سورة الفرقان، وانظر تفسير القرطبي 15/ 268 وأسباب النزول للسيوطي 614 على هامش

سورة غافر

سورة غافر وقال ابن عباس وقتادة في المؤمن: هي مكيّة غير آيتين نزلتا بالمدينة إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ .. «1» والتي تليها. سورة الشورى وكذلك قالا «2» في الشورى: آيات غير مكيّة. قال ابن عباس: لمّا نزل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «3» قال رجل من الأنصار: والله ما أنزل الله هذا في القرآن قط «4»، فأنزل الله عزّ وجلّ أَمْ

_ الجلالين، وقد نص البغوي في تفسيره 6/ 55 على مدنية قوله تعالى قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا .. وكذلك الخازن، إلّا أنه حكى قولا آخر أيضا، وهو استثناء هذه الآية والتي بعدها إلى قوله تعالى وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ وهو يوافق ما ذكره السخاوي، راجع البحر المحيط 7/ 414، والجامع لأحكام القرآن 15/ 232، والبرهان للزركشي 1/ 202، والإتقان 1/ 25، 43، وفتح القدير 4/ 447، والجواهر الحسان: 4/ 46، 60. (1) غافر (56، 57) .. فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ .. الآيتين. عزا هذا القول إلى ابن عباس وقتادة القرطبي 15/ 288، وكذلك الشوكاني 4/ 479 وهو موافق لما ذكره السخاوي. يقول السيوطي: أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية- رضي الله عنه- قال: إنّ اليهود أتوا النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: إن الدجّال يكون منا في آخر الزمان، ويكون من أمره، فعظموه ... فأنزل الله، وذكر الآية. انظر الدر المنثور 7/ 294، ونقله عنه الشوكاني 4/ 499، وراجع الإتقان 1/ 44، وأسباب النزول للسيوطي: 625. (2) أي ابن عباس وقتادة. (3) الشورى (23). (4) لم أجد- حسب اطلاعي- من ذكر مقالة هذا الرجل الأنصاري من المفسّرين كالطبري 15/ 22 - 29، وابن كثير 4/ 111، والسيوطي 7/ 346، والشوكاني 4/ 536 وغيرهم. وإنما وجدت الإمام البغوي في تفسيره 6/ 102 - وتابعه الخازن- قال: قال ابن عباس: لمّا نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وقع في قلوب قوم منها شيء، وقالوا: يريد أن يحثنا على أقاربه من بعده، فنزل جبريل، فأخبره أنهم اتهموه وأنزل هذه الآية، فقال القوم الذين اتهموه: يا رسول الله، نشهد إنّك صادق. فنزل وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ .. اه. وقد أخرج هذا السيوطي في الدر 7/ 348 عن سعيد بن جبير- بنحو ما ذكره البغوي- وضعفه، وكذلك في أسباب النزول له عن ابن عباس ص 642 على هامش الجلالين وذكر نحوه كذلك

سورة الجاثية

يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ .. «1» قال: ثم إن الأنصاري تاب وندم، فأنزل الله تعالى وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ .. إلى قوله ... لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ «2» فهذه الآيات على قوله مدنيّات «3». سورة الجاثية وقال قتادة- في الجاثية في قوله عزّ وجلّ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا ... «4»: هذه الآية وحدها مدنيّة «5».

_ الألوسي 15/ 38 عن سعيد بن جبير إلّا أنّه نسب هذه المقالة إلى المنافقين ثم تابوا بعد نزول الآية وندموا فأنزل الله وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ... (1) الشورى (24). (2) الشورى: (25 - 26). (3) اختلف العلماء في هذه الآيات التي استثناها السخاوي عن ابن عباس وقتادة- هل هي مكيّة- فتكون السورة كلها مكية دون استثناء-، أو مدنية؟ قال القرطبي: 16/ 1 السورة مكيّة في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ثم قال: وقال ابن عباس وقتادة: إلّا أربع آيات منها أنزلت بالمدينة وذكرها، وكذلك الشوكاني 4/ 524 عزا هذا الاستثناء إلى ابن عباس وقتادة وهو موافق لما ذكره السخاوي عنهما. وعزاه أبو حيان 7/ 507 والخازن 6/ 97 إلى ابن عباس، وهذا الاستثناء مبني على أن الآيات نزلت في الأنصار أو في المنافقين- كما تقدم. وهناك قول بمكية هذه السورة كلها، وهو متفق مع القرطبي في أحد قوليه، وفي هذا المعنى يقول ابن كثير 4/ 112 - بعد أن ساق الآثار الصحيحة عن ابن عباس في تفسيرها- يقول: وذكر نزول الآية: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ .. - في المدينة فيه نظر، لأن السورة مكية. اه وهذا ما رجحه ابن حجر في الفتح 8/ 546. ويقول الشوكاني: 4/ 536 - عند تفسير الآية- الأولى إنّ الآية مكيّة لا مدنيّة ومن قال إنّها مدنية، فإنّ أدلته التي تمسك بها لا تقوى على ما ثبت عن ابن عباس من عدة طرق من تفسيرها بما يفيد مكيّتها. انتهى بمعناه. وهذا هو الصحيح- إن شاء الله تعالى- وما عدا ذلك فهي أقوال مرجوحة، سيما وإنّ السيوطي ذكر في الدر 7/ 346 عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية بمكة، كان المشركون يؤذون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأنزل الله .. وذكر الآية. (4) الجائية (14) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ .. (5) أورد الواحدي في أسباب النزول ص 215 روايتين عن ابن عباس في سبب نزول هذه الآية، تدلّان على أن الآية مدنيّة، وأنها نزلت في عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وعبد الله بن أبي بسبب ما جرى بينهما في غزوة بني المصطلق. والرواية الثانية أنها نزلت في عمر وفنحاص اليهودي عند ما قال: احتاج ربّ محمد، فروى أنّ

سورة الأحقاف

سورة الأحقاف وفي الأحقاف: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ .. «1» الآية. نزلت في عبد الله بن سلام «2» «3». وقوله عزّ وجلّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ .. «4»،

_ عمر أراد أن يبطش بهما وأن يضرب عنقيهما فنزلت الآية. وراجع تفسير القرطبي 16/ 161 حيث ذكر هذا عن الواحدي والقشيري وكان قبل ذلك- عند بداية السورة- قد عزا القول بمدنية الآية إلى ابن عباس وقتادة. وكذلك أبو حيان 8/ 42. وقد حكى القرطبي وأبو حيان قولا آخر عن المهدوي والنحاس عن ابن عباس أنّ الآية نزلت في عمر شتمه رجل من المشركين بمكة قبل الهجرة فأراد أن يبطش به فنزلت. وعلى هذا فتكون السورة كلها مكيّة من غير خلاف. لكن ابن العربي المالكي لم يرتض هذا السبب- أي أنها نزلت في عمر والرجل المشرك- وقال: هذا لم يصح. انظر: أحكام القرآن له 4/ 1693. هذا وقد نقل كلام السخاوي كل من السيوطي في الإتقان 1/ 44، والألوسي في تفسيره 15/ 138 وعزواه الى «جمال القراء». وبناء على هذا فقد ترجح القول بمدنيّة هذه الآية والله أعلم. (1) الأحقاف (10). (2) تقدمت ترجمته عند الحديث عن سورة هود ص 123. (3) اختلف العلماء في هذه الآية الكريمة هل هي مكيّة أو مدنية؟ والذي ظهر لي من خلال قراءتي في كتب التفاسير وغيرها أنّها مدنيّة نزلت في عبد الله بن سلام عند ما أسلم بعد مقدم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة، وعلى هذا أكثر العلماء، وفي مقدمتهم الإمام الطبري حيث قال:- بعد كلام- غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأن ذلك عنى به عبد الله بن سلام. وعليه أكثر أهل التأويل وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به. اه انظر تفسيره 26/ 12. وراجع سنن الترمذي 9/ 137 مع تحفة الأحوذي، وتفسير القرطبي 16/ 188، وفتح الباري 7/ 130، كتاب مناقب الأنصار، وأسباب النزول للسيوطي 665، والإتقان له 1/ 45، وتفسير ابي حيان 8/ 54 والألوسي 16/ 3. وهناك قول آخر للطبري وغيره يفيد أن الآية مكيّة. هذا ولم يستثن الزركشي شيئا من الحواميم إلّا هذه الآية من سورة الأحقاف قال: نزلت في عبد الله بن سلام. اه انظر البرهان 1/ 202. (4) الأحقاف (35). قال القرطبي 16/ 221 ذكر مقاتل أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم أحد ... الخ. وقد استثنى هذه الآية فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ .. والآية التي سبق ذكرها قُلْ أَرَأَيْتُمْ .. استثناهما

سورة القتال

وباقيها مكي «1». سورة القتال وسورة القتال مدنيّة، وقد سبق القول فيها «2». وقيل: هي مدنية إلّا قوله عزّ وجلّ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ «3» قيل: إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لما توجّه مهاجرا الى المدينة وقف ونظر إلى مكة وبكى، فنزلت هذه الآية «4».

_ أبو حيان وعزاهما إلى ابن عباس وقتادة انظر تفسيره 8/ 54، واستثناهما الخازن دون عزو 6/ 130. قال السيوطي في الإتقان: 1/ 45 - بعد كلامه على قوله تعالى قُلْ أَرَأَيْتُمْ واستثنى بعضهم وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ .. الأربع الآيات 15 - 18، وقوله: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ .. الآية. ثم قال: حكاه في «جمال القراء» اه. قلت: وهذا خطأ في النقل، فإنّ السخاوي لم ينص على استثناء قوله تعالى وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ .. الآيات. وتابع السيوطي في ذلك الألوسي في تفسيره 16/ 4 فنسب هذا الاستثناء إلى «جمال القراء» فليتأمل. (1) في د: وباقيها مكية. (2) وذلك عند كلامه عن السّور التي نزلت في المدينة مرتبة حسب نزولها وهي تاسع سورة في الترتيب حسبما ذكره السخاوي عن ابن عباس في رواية عطاء الخراساني. وقد قال السخاوي هناك: وقال غير عطاء: هي مكيّة، وهي بالمدنيّ أشبه. قلت: وهو كما قال، وعليه أكثر العلماء، راجع تفسير القرطبي 16/ 223 وأبي حيان 8/ 72، والشوكاني 5/ 28، والألوسي 26/ 36. وقد ذكر هذه السورة ضمن السّور المدنيّة دون استثناء كل من الزركشي في البرهان 1/ 194، والسيوطي في الإتقان 1/ 27، 29. والخازن في مقدمة تفسيره: 1/ 10. وهناك قول للنسفيّ بأن السورة مكيّة. راجع تفسيره 4/ 148، واستغربه السيوطي في الإتقان 1/ 32، وحكاه كذلك أبو حبان 8/ 72 عن الضحاك وابن جبير والسدي، قال الشوكاني 5/ 28 وهو غلط من القول، فإنّ السورة مدنية كما لا يخفى. (3) محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم (13). (4) نقل هذا عن السخاوي السيوطي في الإتقان 1/ 55 عند الكلام عن معرفة الحضري والسفري. وعزا القول بمكيّة هذه الآية إلى ابن عباس وقتادة: القرطبي 16/ 223، وأبو حيان 8/ 72، والشوكاني 5/ 28. والألوسي 16/ 36 إلّا أنهم اختلفوا في وقت نزولها فقال القرطبي وأبو حيان

سورة ق

سورة ق وقال ابن عباس وقتادة: قوله عزّ وجلّ في «1» سورة ق وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ «2» نزلت هذه الآية بالمدينة «3» وباقي السورة بمكة. سورة النجم وقالا «4»: في سورة (والنجم) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ «5» وَالْفَواحِشَ .. «6» الآية نزلت بالمدينة «7» وباقيها مكّي.

_ والشوكاني: إنّها نزلت بعد حجّة الوداع، وهذا على قول من يقول: ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة المكي وقال السخاوي والسيوطي والألوسي: إنها نزلت لما خرج عليه الصلاة والسلام من مكة مهاجرا إلى المدينة. وفي هذا يقول السيوطي في الدر 7/ 463 أخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- (أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا خرج من مكّة إلى الغار التفت إلى مكة، وقال: أنت أحب بلاد الله إلى الله، وأنت أحب بلاد الله إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك لم اخرج منك ... فأنزل الله تعالى وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ .. الآية وراجع أسباب النزول له 672 وقد ذكر هذا القرطبي 16/ 235 عند تفسيره الآية وقال: وهو حديث صحيح. اه. وبناء عليه يفهم أن للقرطبي قولين: ومما تقدم يمكنني أن أقرر وأنا مطمئن بأن الآية نزلت عند الهجرة. لأن ملابسات النظر إلى مكّة والبكاء متحقق عند خروجه عليه الصلاة والسلام خفية تاركا وطنه وأهله وماله. أما بعد حجّة الوداع فإن مكّة أصبحت دار إسلام وأمان ولم يخرج منها أحد فرارا بدينه بعد ذلك. والله أعلم. (1) (في) ساقطة من د، ظ. (2) سورة ق (38). (3) نسب هذا القول إلى ابن عباس وقتادة: القرطبي 17/ 1، وأبو حيان 8/ 120، والشوكاني 5/ 70، والألوسي 26/ 170 بإسناده إلى قتادة أنها نزلت في اليهود، وذكره كذلك الواحدي في أسباب النزول 226 بإسناده إلى ابن عباس، ونسبه إلى الحسن وقتادة دون إسناده وعزاه القرطبي 17/ 24 إلى قتادة والكلبي. وعزاه كذلك ابن كثير إلى قتادة، راجع تفسيره 4/ 229، وانظر: الدر المنثور 7/ 609، والإتقان 1/ 45. (4) أي ابن عباس وقتادة. (5) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (6) النجم (32) .. وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ. (7) عزا هذا الاستثناء إلى ابن عباس وقتادة القرطبي في تفسيره 17/ 81. وعزاه الشوكاني إلى ابن عباس

سورة الرحمن

سورة الرحمن واختلف في تنزيل سورة الرحمن عزّ وجلّ. فقالت عائشة- رضي الله عنها- والحسن وعكرمة وعطاء بن يسار ومجاهد وسفيان بن عيينة «1» ومقاتل: هي مكيّة «2». وقال ابن عباس وقتادة: هي مكيّة إلّا آية واحدة يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ ... «3» فإنها نزلت بالمدينة «4» اه.

_ وعكرمة. انظر تفسيره 5/ 103 قال السيوطي في الإتقان 1/ 45 النجم استثنى منها الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ إلى اتَّقى آية (32). وقيل: أفرأيت الذي تولى .. الآيات التسع (33 - 41). وراجع تفسير الألوسي 27/ 44. (1) سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي أبو محمد محدث الحرم المكّي وكان واسع العلم كبير القدر (107 - 198 هـ) راجع ترجمته في صفة الصفوة 2/ 231، والفهرست لابن النديم 316، والميزان 2/ 170 والتقريب 1/ 312، وطبقات المفسّرين للداودي 1/ 196، والرسالة المستطرفة 31، والأعلام للزركلي 3/ 105. (2) قال القرطبي 17/ 151 مكّية كلها في قول الحسن وعروة بن الزبير وعكرمة، وعطاء وجابر، ثم قال القرطبي: وهذا هو الأصح، ثم ذكر الأدلة على ذلك، ونقل هذا عن القرطبي الشوكاني في تفسيره 5/ 130 وقد نسب القول بمكّيتها إلى الجمهور أبو حيان في البحر 8/ 187، والسيوطي في الإتقان 1/ 33 وقال: وهو الصواب، وساق الأدلة على ذلك ومنها قصة الجن، وراجع الدر المنثور 7/ 689، وتفسير الألوسي 17/ 96 والثعالبي 4/ 240، وتاريخ المصحف 108. (3) الرحمن (29). (4) عزا القرطبي هذا الاستثناء إلى ابن عباس. انظر تفسيره 17/ 151، وكذلك أبو حيان 8/ 187 ونقله عنه الألوسي 17/ 96، وعزاه السيوطي في الإتقان 1/ 45 إلى «جمال القراء» للسخاوي، يقول الألوسي 17/ 97 وحكى استثناء هذه الآية في «جمال القراء» عن بعضهم، ولم يعينه. اه. قلت: بل قد عينه السخاوي ونسبه إلى ابن عباس وقتادة، ولعل الألوسي- عفا الله عنه- اكتفى بالنقل من الإتقان، دون الرجوع إلى الأصل. وهنا ينشأ سؤال لماذا قيل إنّ هذه الآية مدنية استثنيت من سائر السورة؟ وبالرجوع إلى ما روي في سبب نزولها يتضح الجواب، قال البغوي في تفسيره: 7/ 5 قال مقاتل: نزلت في اليهود حين قالوا: إنّ الله لا يقضي يوم السبت شيئا. اه. وذكره كذلك عن مقاتل أبو حيان 7/ 193 وأيضا الألوسي 17/ 111 وذكره الخازن دون عزو بصيغة قيل، وكذلك أبو السعود 8/ 181، وعزاه الثعالبي في الجواهر الحسان في تفسير القرآن إلى النقاش 4/ 244.

سورة الواقعة

وقال عطاء بن أبي مسلم- عن ابن عباس- ونافع بن أبي نعيم «1» وكريب «2»: هي مدنية «3». سورة الواقعة قال «4» ابن عباس والكلبي وقتادة: الواقعة مكيّة، إلّا آية واحدة وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ «5» «6».

_ (1) نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي، أحد القراء السبعة المشهورين انتهت إليه رئاسة الإقراء في المدينة وأقرأ الناس فيها نيفا وسبعين سنة وتوفي بها سنة 169 هـ. معرفة القراء الكبار 1/ 107 وميزان الاعتدال 4/ 242، والتقريب: 2/ 295 ومشاهير علماء الأمصار: 141 والأعلام 8/ 5. (2) كريب- بضم ففتح كزبير- بن أبي مسلم، أبو رشدين، مولى ابن عباس ت 98 هـ. الجرح والتعديل 7/ 168، والكنى والأسماء للإمام مسلم: 1/ 323 ومشاهير علماء الأمصار: 72، والتقريب 2/ 134. (3) هذا القول عزاه القرطبي إلى ابن مسعود ومقاتل 17/ 151، وعزاه أبو حيان 8/ 187 إلى ابن مسعود فقط، ونقله عنه الألوسي في تفسيره 17/ 96. ثم قال أبو حيان: وعن ابن عباس القولان- أي انه روي عنه أنها مكيّة وروي عنه أنها مدنية- ونقله عنه الألوسي كذلك، وذكر القولين عن ابن عباس الخازن في تفسيره 7/ 2. وخلاصة ما قيل في هذه السورة:- أ- يرى الجمهور أنها مكيّة دون استثناء. ب- يرى بعض العلماء أنها مكيّة سوى آية واحدة كما ذكره السخاوي عن ابن عباس وقتادة، وأضيف إليها قوله تعالى عقبها فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ آية 30 بحكم اتصالها بها كما ذكر ذلك سليمان الجمل في الفتوحات الإلهية 4/ 252، والصاوي في حاشيته على الجلالين 4/ 152. ج- ويرى البعض الآخر انها مدنيّة كلها دونه استثناء كما ذكر ذلك أبو حيان عن ابن عباس في أحد أقواله وابن مسعود، وكما ذكره القرطبي عن مقاتل. د- حاول بعض العلماء كالشوكاني أن يجمع بين كونها مكيّة وكونها مدنيّة فقال: إنّه نزل بعضها بمكّة وبعضها بالمدينة، اه. قال أبو السعود 8/ 176 سورة الرحمن مكيّة أو مدنية أو متبعضة. اه وأقول: الراجح القول بمكيّتها كلها. لأن هذا قول جمهور العلماء والله أعلم. (4) في بقية النسخ: وقال. (5) الواقعة (82). (6) ذكر هذا الاستثناء القرطبي 17/ 194 والشوكاني 5/ 146، والألوسي 27/ 128، وقد عزاه الألوسي إلى ابن عباس وقتادة، وعزاه القرطبي والشوكاني إلى ابن عباس وقتادة والكلبي، إلّا أنهما ذكرا عن الكلبي استثناء أربع آيات هي قوله تعالى أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ* وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ

سورة المجادلة

سورة المجادلة وقيل في سورة المجادلة: هي مدنيّة إلّا قوله ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ «1» .. الآية. سورة الصف والجمعة والتغابن وقيل في الصف والجمعة: هما مدنيّتان «2»، وقيل: مكّيتان «3»، وكذلك التغابن «4».

_ تُكَذِّبُونَ، وقوله سبحانه ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (39 - 40). وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 8/ 29 وفي أسباب النزول: 719 وفي الإتقان 1/ 56 أنها نزلت في رجل من الأنصار في غزوة تبوك .. الخ ولعل ذلك هو الذي جعل ابن عباس وغيره يقولون بمدنيّة هذه الآية. (1) المجادلة (7). ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ .. الآية. عزاه القرطبي 17/ 269 وأبو حيان 8/ 232، إلى الكلبي ونقله الشوكاني عن القرطبي راجع فتح القدير 5/ 181. وكذلك سليمان الجمل في الفتوحات الإلهية 4/ 298، وانظر: روح المعاني للآلوسي 28/ 2 وحاشية الصاوي على الجلالين 4/ 178. وعزاه الثعالبي في الجواهر الحسان 4/ 275 إلى النقاش، وعزاه السيوطي في الإتقان 1/ 46 إلى ابن الفرس. ولعل سبب استثناء هذه الآية: ما ذكره أبو حيان عن ابن عباس قال: نزلت في ربيعة وحبيب- ابني عمرو- وصفوان بن أمية، تحدثوا، فقال أحدهم: أترى الله يعلم ما نقول؟ فقال الآخر: يعلم بعضا ولا يعلم بعضا، فقال الثالث: ان كان يعلم بعضا فهو يعلمه كله. اه انظر تفسيره 8/ 235، وراجع روح المعاني للآلوسي 28/ 24. وهناك قول آخر لأبي حيان والألوسي مفاده أنّ الآية نزلت في المنافقين وبناء عليه تكون السورة كلّها مدنية. والله أعلم. (2) وهو قول جمهور العلماء، راجع في هذا تفسير القرطبي 17/ 77، 91 وأبي حيان 8/ 261، 266، والثعالبي 4/ 295، 298، والشوكاني 5/ 218، 224، والخازن 7/ 70، 72، والألوسي 28/ 83، 92، والجمل على الجلالين 4/ 335، 340، وانظر الإتقان 1/ 33، 34، وتحفة الأحوذي 9/ 206. (3) انظر المصادر السابقة، وهو قول مرجوح. (4) أي اختلف في سورة التغابن بين كونها مدنيّة أو مكيّة، فذهب جمهور العلماء إلى أنها مدنيّة كما في تفسير

سورة القلم

سورة القلم وقال ابن عباس وقتادة: في سورة (نون) من أولها إلى قوله .. عَلَى الْخُرْطُومِ «1» مكيّ، ثم إلى قوله «2» .. أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «3» مدنيّ ثم إلى قوله .. فَهُمْ يَكْتُبُونَ «4» مكي، ثم إلى قوله .. مِنَ الصَّالِحِينَ «5» مدني، ثم إلى آخرها مكي «6». سورة المرسلات والمرسلات مكّيّة كلها «7»، وقد روي عن ابن مسعود «8»: أنّها نزلت على رسول

_ القرطبي 18/ 131، وأبي حيان 8/ 276، والخازن 7/ 86 والشوكاني 5/ 234، والألوسي: 28/ 119، والفتوحات الإلهية 4/ 349 وحاشية الصاوي على الجلالين 4/ 210، وراجع تحفة الأحوذي 9/ 223، وتاريخ المصحف ص 109. (1) القلم (1 - 16) إلى قوله تعالى سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ. (2) من هنا إلى قوله مِنَ الصَّالِحِينَ ساقط من د، ظ بانتقال النظر. (3) القلم (17 - 33) .. وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. (4) القلم (34 - 47) .. أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ. (5) القلم (48 - 50) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ. (6) قال هذا بنصه القرطبي 18/ 222، وعزاه إلى الماوردي، ونقله عنه سليمان الجمل 4/ 382. وعزاه السيوطي في الإتقان 1/ 46، إلى «جمال القراء» للسخاوي وذكر الشوكانى 5/ 266 أن من آية 17 إلى آية 50 مدني ومن أولها إلى آية 16 ثم من آية 51 إلى آخرها مكّي وعزاه إلى الماوردي. هذا ولم يستثن منها ابن عطية شيئا حيث قال: إنها كلّها مكيّة بلا خلاف من أهل التأويل. اه كما نقله عنه أبو حيان في تفسيره 8/ 307. كما وافق ابن عطية في رأيه الثعالبي 4/ 324 والألوسي: 29، 27 والذي ظهر لي أنّ السورة كلّها مكيّة دون استثناء حيث إنّ كثيرا من أهل التفسير لم يستثنوا منها شيئا إضافة إلى ابن عطية. كالزمخشري 4/ 140، والفخر الرازي 30/ 77، وأبي السعود 9/ 11 والنسفي 4/ 279، وابن كثير 4/ 400. والله أعلم. (7) قال القرطبي 19/ 153 مكيّة في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. اه وكذلك قال الشوكاني 5/ 355 وقال الثعالبي. 4/ 376 هي مكية في قول الجمهور وقيل: فيها من المدني وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ اه. آية: 48. (8) عبد الله بن مسعود الهذلي، أبو عبد الرحمن، صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، أول من جهر بالقرآن بمكّة، وكان خادم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وصاحب سره ورفيقه في حله وترحاله توفي بالمدينة سنة 32 هـ عن نحو ستين عاما. راجع صفة الصفوة 1/ 395، والإصابة 6/ 214 رقم 4945، ومعرفة القراء الكبار 1/ 32، والاستيعاب 7/ 20، والتقريب 1/ 450، والأعلام 4/ 137.

سورة المطففين

الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة الجن، قال: ونحن بحراء «1» اه. ويقال: إنّ فيها من المدني وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ «2». سورة المطففين واختلف في المطففين، فقيل: هي أول ما نزلت «3» بالمدينة «4». وعن ابن عباس: أنها مكيّة «5».

_ (1) اخرج البخاري 6/ 78 عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: بينما نحن مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في غار بمنى- إذ نزلت عليه وَالْمُرْسَلاتِ .. الحديث، كتاب التفسير، باب (هذا يوم لا ينطقون) وانظر فتح الباري 8/ 688، وتفسير ابن كثير 4/ 458، وقال القرطبي 19/ 153 قال ابن مسعود: نزلت وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة الجن ونحن معه نسير، حتى أوينا إلى غار بمنى فنزلت .. الحديث. (2) المرسلات (48). عزاه القرطبي إلى ابن عباس وقتادة، وكذلك الشوكاني. انظر المصدرين السابقين. وعزاه أبو حيان 8/ 403 إلى ابن عباس وقتادة ومقاتل، وكذلك الألوسي 29/ 213، واستثناها السيوطي في الإتقان 1/ 46. وقال: حكاه ابن الفرس وغيره. اه. وقد ذكر ابن حجر في الفتح 9/ 41 الآيات التي نزلت بعد الهجرة مما في السور المكيّة، مبتدئا من آية (الأعراف) ومنتهيا الى سورة الْمُرْسَلاتِ وهو قريب مما ذكره السخاوي. (3) هكذا في الأصل (نزلت) وفي بقية النسخ: نزل. وهو الصواب. (4) قال القراء في معاني القرآن: 3/ 245، نزلت سورة المطففين أول قدوم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة ... الخ. اه وقال السيوطي في الإتقان: 1/ 34 أخرج النسائي وغيره- بسند صحيح- عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فأنزل الله وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فأحسنوا الكيل. اه وقد ذكره هذا الحديث بإسناده إلى ابن عباس: البغوي في تفسيره: 7/ 182، والواحدي، في أسباب النزول: 253، وابن كثير في تفسيره 4/ 483، وراجع أسباب النزول للسيوطي 788 على هامش الجلالين. وفتح القدير للشوكاني 5/ 397، وروح المعاني للآلوسي: 30/ 85 وعلى هذا فتكون السورة مدنيّة. وقد عزا القول بمدنيّة هذه السورة القرطبي 19/ 250 إلى الحسن وعكرمة ومقاتل- في أحد قوليه-، وكذلك أبو حيان 8/ 439، ونقله الشوكاني عن القرطبي 5/ 397. وعزاه الثعالبي إلى ابن عباس- في أحد قوليه- راجع الجواهر الحسان 4/ 393. (5) سبق للسخاوي قوله بأن سورة المطففين آخر السور المكيّة، وذلك عند ذكره لرواية عطاء الخراساني عن ابن عباس في ترتيب السور المكية حسب نزولها قال الزركشي في البرهان: 1/ 194 قال مجاهد

سورة القدر

سورة القدر وسورة القدر: مدنية «1»، وقيل: مكّيّة «2»، نزلت بين عبس والشمس «3». سورة البينة وقال قتادة وكريب: وجدنا في كتاب ابن عباس لَمْ يَكُنِ مكّيّة «4»، وكذا روي عن مجاهد.

_ وعطاء: آخر ما نزل بمكّة وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ اه. وقال ابن جزي الكلبي في تفسيره: 4/ 183 سورة المطففين مكّيّة نزلت بعد العنكبوت، وهي آخر سورة نزلت بمكة. اه. وقد عزا القول بمكّيّة هذه السورة القرطبي 19/ 250، وأبو حيان 8/ 439 إلى ابن مسعود والضحاك ومقاتل- في أحد قوليه-. ونقل هذا الشوكاني عن القرطبي، راجع فتح القدير 5/ 397. وعلى هذا فتكون السورة مكية، كما ذكره السخاوي عن ابن عباس. وهناك قول ثالث ذكره القرطبي: وهو أنها نزلت بين مكّة والمدينة وعزاه إلى الكلبي وجابر بن زيد، وذكره أبو حيان دون عزو. وقال السيوطي كذلك في الإتقان 1/ 57 حكى النسفيّ وغيره أنها نزلت في سفر الهجرة، قبل دخول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة اه. وحكاه السيوطي كذلك في الإتقان 1/ 34 عن ابن الفرس. وهناك أيضا قول رابع: وهو أن بعض العلماء حاول الجمع بين تلك الأقوال، فقال: هي مكّيّة إلّا أمر التطفيف فإنه نزل بالمدينة وهو عندي قول حسن يزيل الإشكال. وهذا القول مروي عن ابن عباس وقتادة كما ذكره عنهما القرطبي وأبو حيان ونقله الشوكاني عن القرطبي. وحكاه السيوطي أيضا عن ابن الفرس- في أحد أقواله-. وعزاه الثعالبي إلى ابن عباس، انظر الجواهر الحسان 4/ 393. (1) راجع تفسير القرطبي 20/ 129، والبحر المحيط: 8/ 496، ولباب التأويل 7/ 226، وفتح القدير: 5/ 471. (2) انظر: المصادر السابقة، وتفسير ابن جزي الكلبي 4/ 210، وقد ذكر الثعالبي فيها القولين، ولم يرجح أحدهما على الآخر 4/ 430. وكذلك السيوطي ذكر فيها القولين، إلّا أنه رجح أنها مكّيّة، راجع الإتقان 1/ 36 والدر المنثور 8/ 567. والذي أميل إليه هو ما رجحه السيوطي في كونها مكّيّة لأن الذين سردوا السور المكّيّة حسب ترتيب نزولها، ذكروها ضمن السور المكّيّة كالسخاوي والزركشي والسيوطي والخازن. وأيضا ما تحمله السورة في طياتها من البشرى بنزول القرآن، وبيان فضل ليلة القدر يرجح كون السورة مكية. والله أعلم. (3) وقد وافق السخاوي في هذا كل من الزركشي 1/ 193، والسيوطي 1/ 27، 72، والخازن 1/ 10، وسبق للمؤلف أن ذكر ترتيبها بين عبس والشمس، وكانت تحمل رقم (24). (4) قال القرطبي 20/ 138 مكيّة في قول يحيى بن سلام- بتشديد اللام.

سورة الزلزلة

وقال ابن الزبير وعطاء بن يسار: هي مدنية «1». سورة الزلزلة وقال مجاهد «2» في إِذا زُلْزِلَتِ: هي مكّيّة «3»، وغيره يقول: مدنيّة «4».

_ وقال أبو حيان 8/ 498 مكيّة في قول الجمهور. ثم قال: وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكيّة. واختاره يحيى بن سلام. اه. ونقل السيوطي في الإتقان 1/ 36 والألوسي في تفسيره 30/ 256 عن ابن الفرس أنّ الأشهر أنها مكيّة. ورجح الثعالبي في تفسيره أنّها كذلك مكيّة، راجع الجواهر 4/ 432. (1) ذكره عنهما أبو حيان- نقلا عن ابن عطية- انظر البحر المحيط 8/ 498. ونسبه القرطبي الى الجمهور، انظر تفسيره 20/ 138. وقال الخازن: 7/ 230 هي مدنيّة في قول الجمهور، وفي رواية عن ابن عباس انها مكيّة. وكذا قال سليمان الجمل 4/ 568 والصاوي 4/ 341، وصاحب تحفة الأحوذي 9/ 284 وجزم ابن كثير بأنها مدنية، مستدلا بحديث رواه الإمام أحمد بسنده إلى أبي حبة البدري قال: لما نزلت لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إلى آخرها قال جبريل: يا رسول الله إنّ ربّك يأمرك أن تقرئها أبيا .. الحديث. راجع تفسير ابن كثير 4/ 536، وحديث قراءة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على أبيّ رواه البخاري في كتاب مناقب الأنصار. وفي كتاب التفسير، انظر فتح الباري 7/ 126، 8/ 725. ورواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبيّ بن كعب 16/ 19، بشرح النووي. والقولان- كما نرى أمامنا- قد ذكرهما جمهرة من العلماء، إلّا أنني أميل إلى أنها مدنية تبعا لما رجحه ابن كثير وغيره والله أعلم. (2) اسم مجاهد ساقط من ظ. (3) قال القرطبي: 20/ 146 مكّيّة في قول ابن مسعود وعطاء وجابر وكذا قال الشوكاني 5/ 478، ونقله عن القرطبي صاحب الفتوحات الإلهية 4/ 572. وقال أبو حيان: 8/ 500 مكّيّة في قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وكذا قال الآلوسي (30/ 266). وقال الثعالبي: 4/ 433 هي مكّيّة في قول ابن عباس وغيره. اه وحكى الخازن فيها القولين 7/ 233 دون عزو. وكذلك صاحب تحفة الأحوذي 9/ 285. (4) عزاه القرطبي إلى ابن عباس وقتادة وكذلك الشوكاني. انظر المصدرين السابقين، وراجع أيضا الدر المنثور 8/ 590، وعزاه أبو حيان إلى قتادة،

سورة العاديات

سورة العاديات وكذلك القول في العاديات «1». سورة الماعون وأَ رَأَيْتَ: مكّيّة «2»، وقال جويبر «3» عن الضحاك «4»، مدنية «5».

_ ومقاتل، وكذا الألوسي، والثعالبي قال السيوطي في الإتقان: 1/ 36 في سورة الزلزلة قولان: ويستدل لكونها مدنية بما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ .. الآية قلت: يا رسول الله، إني لراء عملي؟ ... الحديث،، وأبو سعيد لم يكن إلّا بالمدينة، ولم يبلغ إلّا بعد أحد. اه ونقله عنه الألوسي مطولا وذكر هذا الحديث بطوله ابن كثير في تفسيره 4/ 540 وكذا السيوطي في الدر 8/ 594، وقد ذكر هذه السورة السخاوي ضمن السّور المدنية عند حديثه عنها وهي هناك رقم 7 وذكرها كذلك الزركشي والسيوطي والخازن في عداد السور المدنية وأنّها نزلت بعد سورة النساء. وبناء على ما تقدم فإني أرجح أنها مدنيّة. والله أعلم. (1) قال القرطبي: 20/ 153، وأبو حيان 8/ 503، والشوكاني 5/ 481 والألوسي 30/ 274 هي مكّيّة في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء. ومدنيّة في قول ابن عباس وأنس بن مالك وقتادة. اه إلّا أنّ في تفسير القرطبي: ( .. وأنس ومالك) بدلا من أنس بن مالك وأرى أنّ الصواب هو أنس بن مالك. وبناء عليه يكون هناك خطأ مطبعي. وقال السيوطي في الإتقان: 1/ 36 فيها قولان، ويستدل لكونها مدنيّة بما أخرجه الحاكم وغيره عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خيلا، فلبثت شهرا لا يأتيه منها خبر، فنزلت وَالْعادِياتِ .. الحديث. اه. وراجع أسباب النزول للواحدي 259 وللسيوطي 810، والدر المنثور 8/ 599، وتفسير الشوكاني 5/ 484، والألوسي 30/ 274. ويظهر لي أنّ السورة مدنية بناء على ما استدل به السيوطي وغيره، وجو السورة أيضا ينبئ بذلك. والله أعلم. (2) عزّاه القرطبي إلى عطاء وجابر، وابن عباس في أحد قوليه. انظر الجامع لأحكام القرآن 20/ 210 وراجع فتح القدير 5/ 499، وعزاه أبو حيان إلى الجمهور، انظر تفسيره 8/ 516، وكذلك الألوسي 30/ 309. (3) جويبر بن سعيد الأزدي، نزيل الكوفة، راوي التفسير، صاحب الضحاك ضعيف جدا مات نحو 140 هـ. الميزان 1/ 427، والتقريب 1/ 136، وتاريخ بغداد 7/ 250. (4) الضحاك بن مزاحم، أبو القاسم- ويقال أبو محمد- الهلالي الخراساني المفسر كان يؤدب الأطفال، توفي بخراسان 105 هـ. الكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 687، والميزان 2/ 325، والتقريب 1/ 373، والأعلام 3/ 215. (5) عزاه القرطبي إلى قتادة وابن عباس في أحد قوليه. وراجع تفسير أبي حيان والشوكاني والألوسي، الصفحات السابقة.

سورة الإخلاص

وقال قوم: هي مكّيّة، إلّا قوله عزّ وجلّ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ .. «1» نزلت في المنافقين «2». سورة الإخلاص واختلف في سورة الإخلاص، وقد سبق قول عطاء بن أبي مسلم إنّها مكّيّة «3»، وهو يروي جميع ما ذكره عن ابن عباس، وكذلك قال كريب ونافع بن أبي نعيم «4». وقال مجاهد ومحمد بن كعب القرظي «5» وأبو العالية والربيع «6» وغيرهم: إنّها مدنية «7» وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.

_ (1) الماعون (4 - 7). فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ... (2) ذكر هذا القرطبي 20/ 212، وأبو حيان 8/ 516، والزركشي 1/ 203، والثعالبي 4/ 444، وابن جزى 4/ 219، والسيوطي في الإتقان 1/ 47. وعلى هذا فيكون بعض السورة نزل بمكّة والبعض الآخر نزل بالمدينة وهذا هو القول الذي اطمأنت إليه نفسي. والله أعلم. (3) أي عند ذكره للسور المكيّة مرتبة حسب نزولها، وهي هناك رقم 21، قال القرطبي: 20/ 244 سورة الإخلاص مكّيّة في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر، وذكر نحوه أبو حيان 8/ 527. وراجع فتح القدير 5/ 513 وروح المعاني 30/ 341. (4) تقدمت ترجمتهما. (5) محمد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي، أبو حمزة، تابعي، مدني ثقة عالم بالقرآن (40 - 119 هـ) أو نحوها. انظر الكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 243، وصفة الصفوة: 2/ 132، والتقريب 2/ 203، والطبقات الكبرى لابن سعد القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص 134. (6) هو الربيع بن أنس بن زياد البكري، سكن مرو، سمع أنس بن مالك، وكان راوية لأبي العالية (ت سنة 139 هـ). انظر مشاهير علماء الأمصار: 126 والتقريب 1/ 243، والجرح والتعديل 3/ 454. (7) وعزاه القرطبي إلى ابن عباس- في أحد قوليه- وقتادة والضحاك والسدي وكذلك عزاه الشوكاني. وعزاه أبو حيان إلى ابن عباس ومحمد بن كعب وأبي العالية والضحاك وتابعه الألوسي. انظر المصادر السابقة. وعزاه الثعالبي إلى ابن عباس 4/ 450. هذا وقد أورد الواحدي ص 262 والسيوطي في أسباب النزول سببين: أحدهما يدل على أنها مكيّة

المعوذتان

المعوذتان والفلق والناس: من المدني «1»، وقيل: من المكّيّ «2». فهذا جميع المختلف في تنزيله، ذكرته وما لم أذكره من السور فلا خلاف فيه «3». وهو على ما ذكره عطاء الخراساني في المكّي والمدنيّ.

_ والآخر يدل على أنها مدنيّة. ثم جمع بينهما السيوطي ورجح أنها مدنيّة، راجع أسباب النزول له ص 816 على هامش الجلالين، وقد ذكر هذا أيضا في الإتقان 1/ 37 ونقله عنه الألوسي 30/ 341. ومن هذا نفهم أن الراجح في سورة الإخلاص أنها مدنية. وهو ما صححه المؤلف رحمه الله تعالى. والله أعلم. (1) عزاه القرطبي 20/ 251، والشوكاني 5/ 518 إلى ابن عباس- في أحد قوليه- وقتادة، وانظر البحر المحيط 8/ 530. قال أبو حيان: «قيل: وهو الصحيح» أي أنّهما مدنيتان. وهذا ما اختاره السيوطي في الإتقان 1/ 37، وهو أيضا ما يفهم من صريح كلام المؤلف. وقال مكّيّ بن أبي طالب في التبصرة ص 564 «الإخلاص والمعوذتان مدنيات» اه. ومن أقوى المرجحات في كونهما مدنيتين ما قيل في سبب نزولهما، وهو قصة سحر لبيد بن الأعصم اليهودي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، كما ذكر ذلك الواحدي ص 263 من أسباب النزول وكذلك السيوطي ص 817 وغيرهما. وبناء عليه يترجح أنّهما مدنيّتان. والله أعلم. (2) قال القرطبي والشوكاني: وهو قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. وعزاه أبو حيان إلى هؤلاء المذكورين، وأضاف إليهم ابن عباس في رواية كريب عنه. المصادر السابقة. (3) هذا بالنسبة لما نقله المؤلف عن عطاء الخراساني، وإلّا فهناك سور أخرى ورد الخلاف فيها، ولم يتعرض لها، فعلى سبيل المثال: لم يتعرض للآيات المستثناة من سورة الأنعام. انظر تفسير البغوي والخازن 2/ 95، والقرطبي 20/ 382 وأبي حيان 4/ 66، والبرهان 1/ 199، والإتقان 1/ 38، والدر المنثور: 3/ 344، وفتح القدير 2/ 96، وتفسير المنار 7/ 284، ولم يتعرض للحديث عن سورتي الأعلى والتكاثر هل هما مكيتان أو مدنيتان؟ وقد ذكر بعض العلماء الخلاف فيهما. انظر تفسير القرطبي 20/ 13، 168، والشوكاني 5/ 422، 487 والألوسي 30/ 129، 285 وراجع الإتقان 1/ 34، وتاريخ المصحف 109، 110. وهنا يحسن أن أذكر ما قاله الإمام أبو عمرو الداني: اعلم أنّ جميع سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة، ينتهي نصف الجميع إلى سورة المجادلة- أي أنّ المجادلة من النصف الثاني-. وجملة السور المدنية التي لا خلاف فيها على ما رواه لنا أئمتنا عن سلفنا إحدى وعشرون سورة. وجملة السورة المكّيّة التي لا خلاف فيها أيضا على ذلك أربع وسبعون سورة وجملة المختلف فيه من

تنزلات القرآن

تنزلات القرآن قوله عزّ وجلّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» أنزلناه: يعني القرآن «2»، قال ابن عباس والشعبي وابن جبير «3»: «أنزل الله القرآن كله جملة واحدة في رمضان إلى سماء الدنيا، فإذا أراد الله عزّ وجلّ أن يحدث في الأرض شيئا أنزل منه حتى «4» جمعه «5»». وهي «6» الليلة المذكورة في سورة الدخان «7».

_ السور، فيقال: مكي ويقال مدني: «تسع عشرة سورة وجملة ما دخل من المدنيّ في المكّيّ على ما رويناه أيضا أربعون آية. وما دخل من المكيّ في المدنيّ خمس آيات ... » اه كتاب البيان في عد آي القرآن 29/ ب. (1) سورة القدر (1). (2) وهو قول الجمهور، انظر روح المعاني 30/ 241، وراجع تفسير القرطبي 20/ 129، والثعالبي 4/ 430، والشوكاني 5/ 471، وإعراب القرآن لأبي جعفر النحاس 3/ 741. (3) سعيد بن جبير الأسدي، تابعي جليل، كان من أعلمهم، وكان عابدا صالحا، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 95 هـ. راجع صفة الصفوة 3/ 77، والكنى والأسماء للإمام مسلم: 1/ 470، وتاريخ الثقات: 181، والأعلام للزركلي 3/ 93. (4) (حتى) ساقط من د، ظ. ثم فسرت في هامش ظ الأسفل بخط مغاير «أي بعض آيات أو جملة آيات تتعلم ... ». (5) قوله: حتى جمعه، يقال: جمع الشيء المتفرق فاجتمع، وبابه قطع، انظر: اللسان 8/ 53، ومختار الصحاح: 110. ومن هذا المعنى اللغوي نفهم أن الله سبحانه وتعالى أنزله نجوما مفرقا حتى جمعه في قلب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والله أعلم. وهذا الحديث أخرجه النسائي في فضائل القرآن بأسانيده إلى ابن عباس: 27، وكذلك الطبري في تفسيره 2/ 145، قال أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن: 3/ 742 وأما الحديث في تنزيل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر. فصحيح غير مدفوع عند أهل السنة .. اه. وقال ابن كثير في تفسيره: 1/ 216 هكذا روي من غير وجه عن ابن عباس. اه وقال الزركشي في البرهان: 1/ 228 .. وهذا هو الأشهر والأصح وإليه ذهب الأكثرون، ثم ذكر الأدلة على ذلك، وانظر تفسير القرطبي 2/ 297، وراجع الإتقان 1/ 116 والدر المنثور 1/ 457، 8/ 567، وتفسير الشوكاني 5/ 473، والفخر الرازي 5/ 87، ومناهل العرفان 1/ 44، وفي رحاب القرآن 1/ 21 - 23. (6) الضمير يعود إلى قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وأطال المؤلف الفاصل بين المفسر والمفسر- بكسر السين الأولى وفتح الثانية-. (7) وهي قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ .. الآية الثالثة.

فإن قيل: ما في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا «1»؟ قلت: في ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عزّ وجلّ بهم ورحمته لهم. ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لمّا أنزل سورة الأنعام أن تزفها «2» وزاد سبحانه في هذا المعنى:- بأن أمر جبريل- عليه السلام- بإملائه على السفرة

_ (1) ما في قوله ما في إنزاله .. إلخ اسم استفهام، وكأنه ساق هذا الاستفهام ليبين الحكم التي من اجلها أنزل الله تعالى القرآن إلى سماء الدنيا دفعة واحدة، ثم شرع يجيب على هذا التساؤل. (2) ذكره ابن كثير بأسانيد مختلفة إلى ابن عباس وغيره. انظر تفسيره 2/ 122، وراجع الدر المنثور 3/ 243 حيث نسب هذا القول- نقلا عن المفسرين- إلى ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وأبي بن كعب، وعطاء. وانظر فتح القدير 2/ 96 فقد أورد هذا إلى ابن عباس وغيره من عدة طرق. يقول الألوسي: 7/ 76 وخبر تشييع الملائكة لها رواه جمع من المحدثين إلّا أن منهم من روى أن المشيعين سبعون ألفا، ومنهم من روى أنهم كانوا أقل. ومنهم من روى أنهم كانوا أكثر. اه وبعد ذكر الألوسي الآثار الدالة على فضل هذه السورة قال: ولعل الأخبار بنزول هذه السورة جملة، إمّا ضعيف وإمّا موضوع .. إلى أن قال: ويؤيد ما أشرنا إليه من ضعف الأخبار بالنزول جملة: ما قاله ابن الصلاح في فتاويه: الحديث الوارد في أنها نزلت جملة رويناه من طريق أبي بن كعب، ولم نر له سندا صحيحا، وقد روى ما يخالفه اه وانظر: الإتقان 1/ 108. قلت: إلّا أن المحققين من أهل التفسير كابن كثير والسيوطي والشوكاني قد ساقوا- في بداية تفسيرهم لهذه السورة- الآثار الدالة على نزولها جملة يشيعها سبعون ألف ملك، ولم يذكروا في تلك الآثار مطعنا وابن كثير- كما نعلم- فارس هذا الميدان، وهو حافظ ناقد بصير بالروايات، وإضافة إلى هذا فقد ذكر أنها نزلت جملة واحدة ... كل من البغوي والخازن 2/ 95، والفخر الرازي: 12/ 141، والقرطبي 6/ 382، وغيرهم وأخيرا وقفت على تحقيق جيد نفيس للسيد محمد رشيد رضا في تفسيره المنار 7/ 285 فقد ناقش كلام ابن الصلاح الذي نقله عنه الألوسي وفنده.- أما بالنسبة لتشييع الملائكة لها فهو حملها وزفها إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومن معاني الزفزفة كما جاء في القاموس 3/ 153 شدّة الجري وهزيز الموكب. اه وإذا نظرنا إلى الروايات المتعددة التي ساقها ابن كثير والسيوطي نجد بعضها يفسر بعضا، ففي بعضها جاء بلفظ التشييع وفي بعضها لهم زجل، وفي البعض الآخر معها رجز من الملائكة، وفي بعضها قد سدّوا ما بين الخافقين، وقد سدّوا الأفق .. وهكذا. ولا شك ان جبريل عليه السلام هو أمين الوحي، وهو السفير بين الله وبين محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم. قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ الشعراء (193). وهو ملك كريم إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ التكوير (19). ولكن لا يمنع من ان الله تعالى يصطفي من الملائكة رسلا فينزلون مع جبريل احيانا، وهذا مما يزيد الموقف مهابة وإجلالا.

الكرام البررة- عليهم السلام- وإنساخهم إياه وتلاوتهم «1» له. - وفيه أيضا إعلام عباده من الملائكة وغيرهم أنه علّام الغيوب، لا يعزب عنه شيء، إذ كان في هذا الكتاب العزيز ذكر الاشياء قبل وقوعها. - وفيه أيضا التسوية بين نبينا صلّى الله عليه وآله وسلّم وبين موسى عليه السلام في إنزال كتابه جملة «2» والتفضيل لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم في إنزاله عليه منجما «3» ليحفظه «4»، قال الله عزّ وجلّ .. كَذلِكَ

_ (1) هذا أمر غيبي لا يعلم إلّا بالنص ممن لا ينطق عن الهوى. ولعل المؤلف- رحمه الله- اقتبس هذا من قوله تعالى فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ* مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ* بِأَيْدِي سَفَرَةٍ عبس (13 - 15). فقد ذكر المفسّرون هنا أن السفرة هم الكتبة من الملائكة- عليهم السلام- فانهم ينسخون الكتب من اللوح المحفوظ، ونسبوا ذلك إلى ابن عباس وتلميذه مجاهد وغيرهما. راجع في هذا تفسير الطبري 30/ 54 والزمخشري 4/ 218، والفخر الرازي 31/ 58، وأبي حيان 8/ 428، وابن كثير 4/ 471، والألوسي 30/ 53. وإضافة إلى ذلك فإني أسوق كلام السيوطي في الإتقان 1/ 127 وهو قريب من كلام المؤلف حيث يقول: وفي تفسير علي بن سهل النيسابوري: قال جماعة من العلماء: نزل القرآن جملة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت يقال له: بيت العزة، فحفظه جبريل، وغشي على أهل السموات من هيبة كلام الله، فمر بهم جبريل وقد أفاقوا، فقال: ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق- يعني القرآن- وهو معنى قوله حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ الآية 23 من سورة سبأ. فأتى به جبريل إلى بيت العزّة، فأملاه على السفرة الكتبة- يعني الملائكة- وهو معنى قوله تعالى بِأَيْدِي سَفَرَةٍ* كِرامٍ بَرَرَةٍ. اه. وراجع نحوه في الفتوحات الإلهية للجمل 4/ 488. (2) يقول السيوطي: ومن هذا يفهم أن سائر الكتب أنزلت جملة، وهو مشهور كلام العلماء وعلى ألسنتهم، حتى كاد يكون إجماعا .. اه. انظر الإتقان 1/ 122، وراجع مناهل العرفان 1/ 53. وعبارة المؤلف تفيد القصر على إنزال التوراة جملة، بينما الصحيح أن كل الكتب السابقة نزلت دفعة واحدة، وفي مقدمتها التوراة والإنجيل راجع الكشاف 1/ 411، ومفاتيح الغيب 8/ 157، والجامع لأحكام القرآن 4/ 5، وروح المعاني 3/ 76. (3) أي مفرقا بحسب الوقائع في مدة نبوّته صلّى الله عليه وآله وسلّم. قال ابن منظور: وجاء في التفسير أنّ النجم نزول القرآن نجما بعد نجم انظر: اللسان 12/ 569، 570. (4) نقل هذا عن السخاوي: السيوطي بنوع من الاختصار، انظر الإتقان 1/ 119. قال الزركشي في البرهان: 1/ 230 فإن قلت: ما السر في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا؟ قيل: فيه

لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ «1» وقال عزّ وجلّ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى «2»، وكان جبريل يلقى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في كل عام في رمضان يعرض عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم القرآن، وعرضه في العام الذي قبض فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مرتين «3» فأين هذا من أمر التوراة؟. - وفيه أيضا أنّ جناب العزّة عظيم، ففي إنزاله جملة واحدة، وإنزال الملائكة «4» له مفرقا بحسب الوقائع ما يوقع في النفوس تعظيم شأن الربوبيّة «5».

_ تفخيم لأمره وأمر من نزل عليه، وذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم. اه. وراجع الإتقان 1/ 119، ومناهل العرفان 1/ 46. (1) الفرقان (32). وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ ... (2) الأعلى (6). (3) راجع صحيح البخاري 6/ 101 كتاب فضائل القرآن، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، 4/ 183 كتاب المناقب باب علامات النبوّة، 4/ 81 كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم، وراجع صحيح مسلم 15/ 68، كتاب الفضائل باب جوده صلّى الله عليه وآله وسلّم، 16/ 6 كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة رضى الله عنها. (4) هذه العبارة تفيد أن القرآن كان ينزل به على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جمع من الملائكة ولم يفصح عنهم المؤلف، والواقع أن هذا الكلام مخالف للأدلة من الكتاب والسنة والتي تفيد بأن الذي كان ينزل بالوحي هو سيدنا جبريل عليه السلام، إلّا إن كان يقصد أنّ الملائكة كانت تنزل معه أحيانا كما تقدم في تشييعهم لسورة الأنعام. والله أعلم. (5) قال الفخر الرازي: 5/ 84 اعلم أنه تعالى لما خصّ هذا الشهر بهذه العبادة بيّن العلة لهذا التخصيص، وذلك هو أن الله سبحانه خصه بأعظم آيات الربوبية، وهو أنّه أنزل فيه القرآن ... الخ. اه. وعند تفسير قوله تعالى كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ .. الآية 32 الفرقان ذكر الفخر ثمانية وجوه تدل على الحكمة من نزول القرآن مفرقا منجما. ولا بأس هنا أن أذكرها ملخّصة للفائدة. 1 - أنّه عليه السلام لم يكن من أهل القراءة والكتابة .. 2 - أنّ من كان الكتاب عنده، فربما اعتمد على الكتاب وتساهل في الحفظ ... 3 - أنّه تعالى لو أنزل الكتاب جملة واحدة على الخلق لثقلت عليهم الشرائع ... 4 - أنّه عليه السلام إذا شاهد جبريل حالا بعد حال يقوى قلبه .. 5 - أنّه ثبت إعجازه مع كونه مفرقا، ولم يستطيعوا الإتيان بمثله .... 6 - كان القرآن ينزل بحسب الوقائع والإجابة على الاسئلة ... 7 - أنّه إذا ثبت عجزهم عن معارضة البعض فمن باب أولى عجزهم عن معارضة الكل وفي هذا مزيد تثبيت لفؤاد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنهم عاجزون لا محالة. 8 - أنّ في هذا النزول منصبا لجبريل عليه السلام في استمرار سفارته بين الله ورسله. انظر تفسير الفخر 24/ 79 وراجع البرهان 1/ 231، والإتقان 1/ 121 ومناهل العرفان 1/ 53، وفي رحاب القرآن 1/ 24.

فإن قيل: قوله عزّ وجلّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أخبار عن القرآن، أفما «1» هذه السورة مما أنزل في ليلة القدر؟. قلت: هي مما أنزل في تلك الليلة «2» كما أنزل فيها إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ .. [الحجر: 9] وإِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ [الدخان: 3]، وكما قال تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9]، وَهذا ذِكْرٌ «3» مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ [الأنبياء: 5]. حدّثنا الغزنوي بإسناده المتقدم «4» إلى أبي عيسى الترمذي رحمه الله نبأ ابن ابي (عمرو) «5» نبأ سفيان عن عبدة بن أبي لبابة «6» وعاصم «7» سمعا زر بن حبيش «8» يقول:

_ (1) في ظ (فما) بدون همز. (2) ذكر نحوه الزركشي في البرهان 1/ 230. وكذلك السيوطي في الإتقان 1/ 120 وعزاه إلى أبي شامة تلميذ السخاوي. (3) في كل النسخ: (وهذا كتاب مبارك ... ) ولا يوجد نص قرآني بهذا اللفظ والله أعلم. (4) هو شيخه أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي عن عبد الملك بن أبي القاسم الهروي عن أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي عن أبي محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي عن ابي عيسى الترمذي، وقد تقدمت ترجمتهم عند الحديث عن ترتيب السور المكّيّة حسب نزولها. (5) هكذا في الأصل ابن أبي عمرو، وفي بقية النسخ: ابن أبي عمر، وكذلك هو في سنن الترمذي وصحيح مسلم. واسمه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، نزيل مكة، كان ملازما لسفيان بن عيينة، وهو صدوق، لكن فيه غفلة، توفي سنة 243 هـ. انظر: الجرح والتعديل 8/ 124 والتقريب 2/ 218، والرسالة المستطرفة 50 والأعلام 7/ 135. (6) هو عبدة بن أبي لبابة الأسدي أبو القاسم، فقيه ثقة. انظر الكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 688، وتاريخ الثقات 315، وصفة الصفوة 3/ 110، ومشاهير علماء الأمصار 116، والتقريب 1/ 503. (7) عاصم بن أبي النّجود- بفتح النون المشددة- الكوفي الأسدي، واسم أبيه بهدلة على الصحيح. كما يقول الذهبي، وهو أحد القراء السبعة المشهورين، ومن التابعين الثقات في القراءة، ت سنة 127 هـ انظر معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 88، والميزان 2/ 357، ومشاهير علماء الأمصار ص 165، والتبصرة في القراءات السبع لمكي بن أبي طالب ص 11، والأعلام للزركلي 3/ 248. (8) زر بن حبيش بن حباشة بن أوس الأسدي التابعي أدرك الجاهلية والإسلام، ولم ير النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، كان عالما بالقرآن فاضلا سكن الكوفة، وعاش 120، توفي سنة 83 هـ. انظر الجرح والتعديل 3/ 622، وصفة الصفوة 3/ 31، والكنى والأسماء 2/ 769، والتقريب 1/ 259، والأعلام 3/ 43.

«قلت لأبي بن كعب «1»: إن أخاك عبد الله بن مسعود يقول: (من يقم الحول يصب ليلة القدر، فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان «2»، وأنها ليلة سبع وعشرين ولكنّه أراد أن لا يتكل الناس، ثم حلف لا يستثنى أنّها ليلة سبع وعشرين «3». قال: قلت له: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالآية «4» التي أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها «5» وهو حديث صحيح «6».

_ (1) هو أبي بن كعب بن قيس، أبو المنذر الأنصاري، أقرأ الأمة، عرض القرآن على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، اختلف في سنة وفاته فقيل 19 و 20، 22 هـ، كما في معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 28، وقيل سنة 30 هـ كما في صفة الصفوة لابن الجوزي 1/ 474، وانظر ترجمته ايضا في مشاهير علماء الأمصار 12، والإصابة 1/ 26، رقم 32، والاستيعاب 1/ 126، وكنز العمال 13/ 261 فما بعدها، والجرح والتعديل 2/ 290. (2) قال الترمذي: 3/ 505 «وأكثر الروايات عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر»، قال الشارح لسنن الترمذي: فالأرجح والأقوى أن كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره، لا في ليلة منه بعينها. اه ثم نقل عن الحافظ ابن حجر قوله: وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها ... الخ» اه. وراجع الفتح 4/ 260. وقد ذكر ابن حجر الأقوال التي قيلت في تحديد ليلة القدر وأوصلها إلى أكثر من أربعين قولا، ثم قال: «هذا آخر ما وقفت عليه من الأقوال وبعضها يمكن رده إلى بعض وان كان ظاهرها التغاير، وأرجحها كلها أنّها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب ... الخ. (3) يقول ابن حجر: 4/ 266، (وهو أرجاها عند الجمهور)، وكان قد ذكر الأدلة على ذلك عند ذكره للقول الحادي والعشرين، فلتنظر هناك 4/ 264، وراجع نيل الأوطار للشوكاني 4/ 271 - 275. (4) في سنن الترمذي 9/ 284 قال: بالآية التي أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أو بالعلامة ... الخ. اه. فيكون معنى الآية هنا: العلامة لأنّهما كلمتان مترادفتان في مثل هذا الموضع. وقد جاء في صحيح مسلم 8/ 65 قال: بالعلامة أو بالآية .. الخ. (5) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: قال أهل اللغة: هو ما يرى من ضوئها عند بروزها مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها ... وقال القاضي عياض: قيل معنى لا شعاع لها أنها علامة جعلها الله تعالى لها، قال: وقيل: بل لكثرة الملائكة في ليلتها ونزولها إلى الارض وصعودها بما تنزل به: سترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها والله أعلم. اه. وراجع تحفة الأحوذي 3/ 506، وانظر اللسان مادة (شعع) 8/ 181 والقاموس المحيط 3/ 46. (6) انظر: سنن الترمذي 9/ 283 كتاب التفسير باب ومن سورة القدر. وذكر الترمذي نحوه عن أبي بن

وروى عبد الله بن عمر «1» أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «من كان متحريها فليتحرها في ليلة سبع وعشرين» «2». ومن العجائب أنّ هذه السورة ثلاثون كلمة على عدد أيام الشهر، فعدّها ابن عباس فوافق قوله عزّ وجلّ (هي) فاستدلّ بذلك على أنها ليلة سبع وعشرين لأن (هي) من كلمات السورة السابعة بعد العشرين «3». وقيل: إنّها تختلف فتكون مرة ليلة سبع وعشرين ومرة في غيرها «4»، يدلّ على ذلك ما روى أبو سعيد «5» - رحمه الله- عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: « .. وقد رأيتني أسجد

_ كعب في كتاب الصوم 3/ 504، باب ما جاء في ليلة القدر. والحديث رواه مسلم 8/ 64 في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها. وأبو داود 2/ 106 كتاب الصلاة باب في ليلة القدر، وانظر الدر المنثور 8/ 575 وجامع الأصول 9/ 254. (1) عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي أبو عبد الرحمن، صحابي جليل، أفتى الناس في الإسلام ستين سنة، مولده ووفاته كانا في مكة، وهو آخر من توفي فيها من الصحابة، توفي سنة 73 هـ كما جزم به ابن عبد البر في الاستيعاب 6/ 308، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: الإصابة 6/ 167 رقم 4825 وصفة الصفوة 1/ 563 والتقريب 1/ 435، والأعلام 4/ 108. (2) قال الشوكاني في نيل الأوطار 4/ 271 رواه أحمد باسناد صحيح. اه وعزاه ابن حجر في الفتح 4/ 265 إلى ابن المنذر بلفظه وقد أخرج نحوه أبو داود في كتاب الصلاة 2/ 111، باب من قال: سبع وعشرون بسنده إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ليلة القدر: ليلة سبع وعشرين». وأخرج نحوه السيوطي في الدر المنثور عن ابن عمر وغيره 8/ 578. (3) راجع تفسير ابن كثير 4/ 533، والمغني لابن قدامة 3/ 180، وفتح الباري 4/ 265. قال ابن حجر: وانكر ابن حزم هذا، ونقله ابن عطية في تفسيره، وقال إنّه من ملح التفاسير وليس من متين العلم. انتهى كلام ابن حجر، وهو كما قال فان الله قد أغنانا عن ذلك بما جاء في كتابه وفي سنة نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم (4) تقدم كلام ابن حجر أنّ الراجح أنّها تنتقل كما يفهم من مجموع الأحاديث الواردة في ذلك. وسيأتي قريبا مزيد بيان في هذا. (5) سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري، صحابي جليل، كان من الملازمين للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، غزا اثنتي عشرة غزوة، وتوفي بالمدينة سنة 74 هـ، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في الكنى والأسماء 1/ 353، وصفة الصفوة 1/ 714، والاستيعاب 4/ 162، والتقريب 1/ 289، والأعلام: 3/ 87.

في «1» صبيحتها في ماء وطين». قال أبو سعيد: فأبصرت عيناي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين، وكان المسجد قد وكف «2» «3». وأمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعض أصحابه بالتماسها ليلة ثلاث وعشرين «4»، وعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «التمسوها في الخامسة والسابعة والتاسعة» «5»، وذلك لمّا علم صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّها تنتقل فيما أري والله أعلم «6». وعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «نزلت صحف إبراهيم- عليه السلام- أول ليلة من شهر رمضان، ونزلت التوراة على موسى- عليه السلام- في ست من شهر رمضان، ونزل

_ (1) في د، ظ: من. (2) وكف البيت بالمطر: أي نزل فيه بغزارة، فالإسناد مجازى من باب الإسناد إلى المحل. انظر: سنن أبي داود 2/ 109 هامش 2 وغريب الحديث لأبي عبيد الهروي 1/ 177، ولسان العرب مادة (وكف) 9/ 362، ومختار الصحاح 734، والمصباح المنير: 670. (3) أخرجه بنحوه كل من البخاري في صحيحه 2/ 253، كتاب صلاة التراويح، باب التماس ليلة القدر، وباب تحري ليلة القدر 2/ 254، ومسلم في كتاب الصيام 8/ 6 باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن قال: ليلة احدى وعشرين 2/ 109، ومالك في الموطأ 1/ 312 كتاب الصلاة باب استحباب اعتكاف العشر الأواخر ... الخ. والنسائي في كتاب السهو باب ترك مسح الجبهة بعد التسليم 3/ 79. (4) راجع جامع الأصول لابن الأثير 9/ 251. (5) المصدر السابق 9/ 256. (6) تقدم كلام ابن حجر أن الراجح أنّها تنتقل كما يفهم من مجموع أحاديث الباب الواردة في ذلك. وزيادة على ذلك أسوق كلام أبي عيسى الترمذي في هذا الصدد حيث يقول 3/ 505 روي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في ليلة القدر أنها ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين وآخر ليلة من رمضان. ثم قال الترمذي: قال الشافعي: كان هذا عندي- والله أعلم- أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يجيب نحو ما يسأل .. إلى أن قال الترمذي: ورأى أبو قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر. اه. وراجع نيل الأوطار 4/ 274. قال ابن قدامة في المغنى: 3/ 182 فعلى هذا كانت في السنة التي رأى أبو سعيد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يسجد في الماء والطين ليلة إحدى وعشرين، وفي السنة التي أمر عبد الله بن أنيس ليلة ثلاث وعشرين وفي السنة التي رأى أبي بن كعب علامتها ليلة سبع وعشرين، وقد ترى علامتها في غير هذه الليالي. اه.

الزبور على داود- عليه السلام- في اثنتي عشرة من شهر رمضان ونزل الإنجيل على عيسى- عليه السلام- في ثماني عشرة من شهر رمضان، وأنزل الله (الفرقان) على محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم في أربع وعشرين من شهر رمضان» «1». فهذا الإنزال يريد به صلّى الله عليه وآله وسلّم أول نزول القرآن عليه «2»، وقوله عزّ وجلّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يشمل الإنزالين «3»، ومعنى «4» لَيْلَةِ الْقَدْرِ ليلة الجلالة والعظمة، وقيل: القدر مصدر، من قولهم: قدر الشيء يقدّره قدرا، لأن الله تعالى يقدّر فيها ما يشاء من أمره، أو لأن (القرآن) أنزل فيها، وفيه تبيان كل شيء «5».

_ (1) رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، باب منازل القرآن .. ص 344، وذكر السيوطي في الدر المنثور 1/ 456 نحو ما ذكره السخاوي هنا من عدة طرق، مرفوعا وموقوفا. وبألفاظ مختلفة عما ذكره السخاوي تقديما وتأخيرا واختصارا. إلّا أنها بمثابة الشواهد على ما ذكره السخاوي. حيث قال السيوطي: أخرج أحمد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم، والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان والأصبهاني في الترغيب عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «أنزلت صحف إبراهيم .... وذكره». وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن جابر بن عبد الله .. وذكر نحوه وأخرج ابن الضريس عن أبي الجلد ... وذكر كذلك نحوه، وأخرج محمد بن نصر عن عائشة قالت: أنزلت الصحف الأولى في أول يوم من رمضان .. وذكر ايضا نحوه. وراجع تفسير الطبري 2/ 145 والبغوي 1/ 131، وكنز العمال 2/ 570، وابن كثير 1/ 216، والشوكاني 1/ 183، والألوسي 2/ 61، وانظر فتح الباري 4/ 264، عند ذكره للأقوال التي قيلت في تحديد ليلة القدر، حيث قال: القول الثامن عشر أنها ليلة أربع وعشرين ... وحجة أصحاب هذا القول: حديث واثلة أن القرآن نزل لأربع وعشرين من رمضان. اه. (2) أما الإنزال الأول فهو إلى بيت العزّة كما تقرر سابقا. (3) أي الإنزال الأول إلى بيت العزّة، والثاني على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهنا لا بد من حمل القرآن على بعض أجزائه وأقسامه، فيكون القرآن مما عبّر بكله عن بعضه، والمعنى: بدئ بانزاله، وذلك في الرابع والعشرين من رمضان .. كما سبق. راجع تفسير الفخر الرازي 5/ 84، وأبي حيان 2/ 39. (4) في د، ظ: ومعنى قوله. (5) راجع في هذا إعراب القرآن للنحاس 3/ 743، والكشاف: 4/ 273، والبحر المحيط 8/ 496، حيث ذكر أبو حيان ثمانية أقوال في معنى تسميتها بليلة القدر. وراجع كذلك فتح الباري 4/ 255 وتفسير الشوكاني 5/ 471.

أسماء القرآن

أسماء القرآن «1» 1 - القرآن: اسم من أسماء هذا الكتاب العزيز «2»، وهو منقول من المصدر،

_ (1) ذكر المؤلف ثلاثا وعشرين اسما للقرآن- كما سيأتي- مع ذكر اشتقاق بعضها. وقد صنف بعضهم فيها وأوصلها إلى نيّف وتسعين اسما كما في البرهان للزركشي 1/ 273. وأوصلها بعضهم إلى خمسة وخمسين اسما. انظر البرهان 1/ 273 والإتقان 1/ 143، وروح المعاني 1/ 8 وأوصلها الزمخشري إلى اثنين وثلاثين، انظر مقدمة تفسيره: 2/ 18 وقد ذكر كل من الزمخشري والزركشي والسيوطي وجوه تسميتها بتلك الأسماء، وأوصلها ابن تيمية إلى نحو خمسين اسما. انظر الفتاوى 14/ 1 يقول الألوسي: 1/ 8 «وعندي أنها كلها ترجع- بعد التأمل الصادق- إلى (القرآن) والفرقان رجوع أسماء الله إلى صفتي الجمال والجلال، فهما الأصل فيها». وقد ذكر الزرقاني نحوا من كلام الألوسي ثم قال: «ويلي هذين الاسمين في الشهرة: الكتاب والذكر والتنزيل» مناهل العرفان 1/ 15 وراجع المدخل لدراسة القرآن الكريم للدكتور أبي شهبه: 23. وفي رحاب القرآن للدكتور محمد سالم محيسن: 1/ 18، ومباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان: 21. وسبب إكثار بعض العلماء وإسرافهم في سرد مجموعة كبيرة من الأسماء للقرآن الكريم أنهم جعلوا كثيرا من صفاته اسماء له فعلى سبيل المثال استخرجوا اسمين من قوله تعالى إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ الواقعة: 77 فجعلوا وصفه كَرِيمٌ اسما له وقس على ذلك. راجع مناهل العرفان 1/ 15. ومهما يكن من شيء فإن كثرة الأسامي تدل على شرف المسمى وعلو منزلته، وكل اسم أو صفة للقرآن فهو يعطي معنى من تلك المعاني الرائعة التي انفرد بها القرآن عن سائر الكتب السماوية، وتحمل في طياتها عظمة قائلها ومنزّلها سبحانه وتعالى. هذا وقد تناول الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي كثيرا من هذه الاسماء بالحديث المستفيض على اسلوب الوعظ والتذكير من خلال تلك الأسماء في كتاب سمّاه (الهدى والبيان في اسماء القرآن). (2) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 1 «القرآن: اسم كتاب الله خاصة، ولا يسمّى به شيء من سائر الكتب».

ودخول اللام فيه كدخولها في «الفضل» ودخولها في «الفضل» كدخولها في «العباس» وإنما تدخل في العباس ونحوه لأنّها بمنزلة الصفات الغالبة نحو الصعق «1» كذا قال سيبويه «2» والخليل «3». وكأنه «4» أراد الذي يعبّس فلهذا المعنى دخلت اللام، ومن لم يرد هذا المعنى قال عباس وحارث «5»، ويدلّ على صحة مذهبهما أنّه «6» لم يدخلوا اللام في ثور وحجر «7» ونحو ذلك مما نقل إلى العلمية، وليس بصفة ولا مصدر «8»، وإنما دخلت اللام فيما نقل

_ وقال الفراء في معاني القرآن: 3/ 211 «القراءة والقرآن مصدران» وانظر تفسير الطبري 1/ 42، فهو إذا مصدر- نحو الغفران والرجحان مرادف للقراءة، ثم نقل من هذا المعنى المصدري وجعل اسما للكلام المعجز المنزّل على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم .. راجع المفردات للراغب (قرأ) 402 والبرهان 1/ 277، والإتقان 1/ 147 ومناهل العرفان 1/ 14، والمدخل لدراسة القرآن الكريم 17. (1) صعق الإنسان صعقا وصعقا، فهو صعق: غشي عليه وذهب عقله من صوت يسمعه، وقد يطلق على الموت، ويقال: فلان ابن الصعق والصعق: صفة تقع على كل من أصابه الصعق، ولكنه غلب عليه حتى صار بمنزلة زيد علما. والصعق: هو خويلد الكلابي أحد فرسان العرب، سمّي بذلك لأنّه أصابته صاعقة. اللسان (صعق) وراجع الكتاب لسيبويه 2/ 100. (2) عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب ب «سيبويه» - وهي بالفارسية: رائحة التفاح- أبو بشر، إمام النحاة، وأول من بسط علم النحو، توفي سنة 180 هـ وقيل غير ذلك. وفيات الأعيان 3/ 463، وبغية الوعاة 366، والبداية والنهاية 11/ 74 والأعلام 5/ 81. (3) الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي، أبو عبد الرحمن، من أئمة الأدب ولد ومات بالبصرة (100 - 170 هـ). وفيات الأعيان 2/ 244، وبغية الوعاة في طبقات النحاة 243، والأعلام للزركلي 2/ 314. (4) أي كأن الذي قال بهذا أراد كذا ... سواء كان سيبويه أو الخليل أو غيرهما. والله أعلم. (5) راجع الكتاب لسيبويه 2/ 101. (6) في د، ظ: أنهم، ويظهر أنها أليق بالسياق. (7) قال ابن سيدة: وقد سموا حجرا- بضم فسكون- وحجرا- بفتح فسكون-. وقال الجوهري: حجر- بفتحتين- اسم رجل، ومنه أوس بن حجر الشاعر، وحجر- بضم فسكون- اسم رجل وهو حجر الكندي .. وحجر ابن عدي، ويجوز: حجر مثل عسر وعسر- بسكون السين الأولى وضم الثانية .. ) راجع اللسان (حجر) 4/ 171. (8) قال ابن مالك: وبعض الأعلام عليه دخلا ... للمسح ما قد كان عنه نقلا كالفضل والحارث والنعمان ... فذكر ذا وحذفه سيان. اه انظر شرح ابن عقيل للبيتين 1/ 183، وهو نحو كلام السخاوي.

عن المصدر، لأن المصدر يوصف به فهو كالحارث وأيضا فإنّهم إذا قالوا: الفضل لحظوا فيها معنى الزيادة، كما لحظوا المعنى المقدم ذكره في الصفة «1». والقرآن معناه: الجمع من قولهم: قرأت الشيء أي جمعته، يدلّ على ذلك قوله عزّ وجلّ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القيامة: 18]. أي فإذا جمعناه فاتبع جمعه «2»، فإن قيل: فكيف يصح على ما ذكرت من أن معناه الجمع أن يقال: ان علينا جمعه وجمعه، وقد قال الله عزّ وجلّ: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ [القيامة: 17]. قلت: قال أبو علي «3»: الجمع أعم والقرآن أخص فحسن التكرير لذلك، كما يجوز أعلمت زيدا وأنذرته. لأن الإنذار أخصّ، لأنّ كل منذر معلم، وليس كل معلم منذرا، كذلك قرأت «4» وجمعت، وقرأت «5» أخصّ من جمعت، وإذا جاز استعمال المعنى الواحد بلفظين مختلفين نحو:

_ (1) فدخول الالف واللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما ... فاذا لمح الأصل جىء بالألف واللام، وان لم يلمح لم يؤت بهما. انظر شرح ابن عقيل 1/ 185. (2) في مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/ 1 «وانما سمّي قرآنا لأنه يجمع السور فيضمها، وتفسير ذلك في آية من القرآن قال جلّ ثناؤه: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ مجازه: تأليف بعضه إلى بعض، ثم قال: فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ مجازه: فاذا ألفنا منه شيئا فضممناه إليك فخذ به وأعمل به وضمه إليك. أه. وراجع مختار الصحاح 526 وغريب القرآن للسجستاني: 25 على هامش المصحف. والذي أميل إليه: ما ذكره ابن عطية في مقدمة تفسيره ورجحه من أن القرآن مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة. المحرر الوجيز 1/ 78. (3) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي (أبو علي)، أحد الأئمة في علم العربية، دخل بغداد سنة 307 هـ وتجوّل في كثير من البلدان، له مؤلفات في القراءات والعربية وغيرهما (288 - 377 هـ) وفيات الأعيان 2/ 80، وتاريخ بغداد 7/ 275، والأعلام 2/ 179 وراجع أبو علي الفارسي حياته وآثاره للاستاذ عبد الفتاح إسماعيل شلبي. (4) في د، ظ: كذلك قرآن، خطأ. (5) في ظ، ظق: بدون واو.

أقوى وأقفر «1» فإن يجوز فيما يختص «2» به إحدى الكلمتين بمعنى ليس للأخرى أولى «3» اه. وعن «4» ابن عباس قال «5»: «كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا ألقى إليه جبريل- عليهما السلام- القرآن يعجل لحرصه وخوفه أن ينساه، فيساوقه «6» في قراءته ويحرّك شفتيه، وحرّك ابن عباس شفتيه. فقيل له: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ [القيامة: 16، 17] لك وقرآنه «7» ووزن (قرآن) فعلان، وحقه ان لا ينصرف للعلمية والزيادة «8».

_ (1) قال ابن منظور: القفر والقفرة: الخلاء من الأرض، وجمعه قفار وقفور ويقال: أرض قفر، ومفازة قفر وقفرة ايضا: وأقفر الرجل: صار إلى القفر انظر: اللسان 5/ 110 (قفر). قال عنترة بن شداد: حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم انظر المعلّقات السبع ص 163 وهو صدر بيت في ديوان النابغة ص 32 وقول المؤلف: نحو أقوى وأقفر هو إشارة إلى قوله تعالى وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ الواقعة 73. قال الراغب: 419 وسمّيت المفازة قواء، وأقوى الرجل صار في قواء أي قفر. اه وراجع إعراب القرآن للنحاس 3/ 341، والكشاف 4/ 58 والجامع لأحكام القرآن 1/ 399. يقول الفراء في معاني القرآن: 1/ 37، وإنّ العرب تجمع بين الحرفين وإنّهما لواحد إذا اختلف لفظاهما ... كقولهم: بعدا وسحقا والبعد والسحق واحد. اه. باختصار. وراجع تفسير ابن كثير 1/ 91 - 92 عند قوله تعالى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ البقرة 53، وكتابي مشكل القرآن وغريبه لابن قتيبة 1/ 162. (2) في د، ظق: فيما يختص فيه، وفي (ظ) يخص فيه. (3) انظر المسائل الحلبيات ص 293. وراجع في هذه المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات ص 533 لأبي على الفارسي. والبرهان 1/ 277. (4) الواو ليست في د، ظ. (5) (قال) ليست في بقية النسخ. (6) قال صاحب القاموس 3/ 256، تساوقت الإبل: تتابعت وتقاودت. وانظر المصباح المنير 296، واللسان (سوق). (7) أصل الحديث في صحيح البخاري 6/ 76 كتاب التفسير باب سورة القيامة وفي سنن الترمذي 9/ 248 أبواب التفسير باب ومن سورة القيامة وفي سنن النسائي 2/ 149 كتاب الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن إلّا لفظة (فيساوقه) فلم أجدها بنصها ضمن الأحاديث التي رجعت إليها. (8) وإلى هذا أشار ابن مالك بقوله: عند كلامه على الاسم الذي لا ينصرف: كذاك حاوي زائدي فعلانا ... كعطفان وكأصبهانا

فأما قوله عزّ وجلّ وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ [الزمر: 27، 28] فقال أبو علي: (قرآنا) حال من القرآن في أول الآية «1»، قال: ولا يمتنع أن يتنكر ما جرى في كلامهم معرفة من نحو هذا. قال: ومن ثم اختار «2» الخليل (في) «3» قولهم: يا هند! هند بين خلب «4» وكبد. أن يكون المعنى: يا هند أنت هند بين خلب وكبد «5» فجعله نكرة لوصفه له بالظرف «6». قال «7»: ومثل ذلك قوله: علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم «8» ... وأما قوله عزّ وجلّ: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ [الإسراء: 106].

_ قال ابن عقيل: 2/ 330 «اي كذلك يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما، وفيه ألف ونون زائدتان للعلمية والزيادة» اه باختصار. وانظر الدر المصون للسمين 2/ 280 ت. د/ أحمد الخراط. وهنا ينشأ سؤال: إذا كان حقه أن لا ينصرف لانطباق الشرطين عليه فلماذا صرف؟. والظاهر أن استحضار المصدرية واغفال شأن العلمية اللاحقة كان السبب في صرفها، حيث انّ اللفظة مصدر (قرأ) ثم طرأ عليها العلمية. (1) انظر اعراب القرآن للنحاس 2/ 817، قال ابن جزي: 3/ 194، (قرآنا عربيا) نصب على الحال، أو بفعل مضمر على المدح. اه وراجع تفسير أبي حيان 7/ 424 وإملاء ما من به الرحمن للعكبري 4/ 265 على هامش الفتوحات الإلهية، والكشاف للزمخشري 3/ 396. (2) في ظق: أجاز، وكذلك في المسائل الحلبيات. وفي «د» اختار وتحتها بخط أصغر «أجاز». (3) في بقية النسخ: في قولهم. وهي أليق بالسياق. (4) الخلب- بكسر فسكون- لحيمة رقيقة تصل بين الأضلاع، أو حجاب ما بين القلب والكبد. انظر: اللسان (خلب) 1/ 364، والقاموس 1/ 65. (5) من قوله: أن يكون المعنى إلى هنا ساقط من د، ظ. (6) الشاهد فيه رفع (هند) الثانية على أنها خبر لمبتدإ محذوف، وتقديرها نكرة موصوفة بما بعدها، والتقدير: أنت هند مستقرة بين خلب وكبد. ويجوز ان تجعلها معرفة على أصلها مقطوعة ايضا عما قبلها كأنه قال: هند هذه المذكورة بين خلبي وكبدي مستقرة. انظر: الكتاب لسيبويه 2/ 239 بتحقيق عبد السلام هارون، والمسائل الحلبيات ص 298، وشرح أبيات سيبويه للسيرافي 1/ 519 رقم البيت 279. (7) أي أبو علي الفارسي في المسائل الحلبيات ص 298. (8) هذا شطر بيت، تمامه: ... بأبيض ماضي الشفرتين يماني وهو لرجل من طيء، ولم أقف على من نص على اسمه، والشاهد فيه: أن العلم قد يضاف إذا وقع فيه اشتراك لفظي، وهو قليل. انظر شرح جمل الزجاج 2/ 221 لابن عصفور، وخزانة الأدب للبغدادي 2/ 224، وشرح شواهد المغنى 165 رقم الشاهد 67. ويوم النقا: أي وقعة النقا، والنقا كما في اللسان (نقا) يقال للكثيب من الرمل المجتمع الأبيض الذي لا ينبت شيئا.

فقال أبو علي: يجوز أن يكون مفعولا، والتقدير وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ [الإسراء: 105] وأنزلنا قرآنا «1»، قال: ولا يجوز أن ينتصب على الحال من أجل حرف العطف. قال: ألا ترى أنك لا تقول: (جاءني زيد وراكبا) قال: ويجوز أن يعطف على ما يتصل به على حذف المضاف، أي وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً وذا قرآن «2». وكان ابن كثير «3» لا يهمّز (القرآن) «4»، ويقول: (القرآن) انما هو اسم مثل (التوراة) و (الإنجيل)، وجوز أن يكون من قرنت الشيء بالشيء. قال أبو علي: وهذا سهو ممن ظنه لأن لام الفعل من (قرأت) «5» همزة ومن (قرنت) نون، والنون في (قرآن) زائدة وفي (قرنت) أصل وهو «6» لام الفعل. قال: ونرى أن الإشكال وقع له من أجل تخفيف الهمزة من (قرآن) لمّا حذفت وألقيت حركتها، فصار لفظه كلفظة (فعال) من قرآن وليس مثله. قال: ولو سميت رجلا بقرآن مخفف الهمزة لم تصرفه في المعرفة، كما لا تصرف (عثمان) اسم رجل، ولو سميته بقرآن من (قرنت) لانصرف «7».

_ (1) فهو إذا منصوب بفعل مضمر، انظر إعراب القرآن للنحاس 2/ 263، وقد قدره المؤلف- نقلا عن أبي علي الفارسي- ب (أنزلنا) وقدره العكبري ب (آتيناك). انظر إملاء ما من به الرحمن ص 502. أو منصوب ب (فرقناه) المذكور بعده، أي: وفرقنا قرآنا فرقناه فهو من باب الاشتغال. انظر تفسير أبي حيان 6/ 87، والألوسي 15/ 187. (2) انظر المسائل الحلبيات ص 298 بنحوه. قال: ... وذا قرآن، وصاحب قرآن، فحذف المضاف، وأقيم المضاف مقامه. اه. (3) هو عبد الله بن كثير الداري المكّيّ، أبو معبد، أحد القراء السبعة المشهورين، وكانت حرفته العطارة، وكانوا يسمّون العطار (داريا) نسبة الى بلد بالهند فعرف بالداري وهو فارسي الأصل، مولده ووفاته بمكّة (45 - 120 هـ). انظر معرفة القراء الكبار 1/ 86 والتبصرة: 5، والجرح والتعديل 5/ 144، والتقريب 1/ 442، والأعلام 4/ 115. (4) انظر: الكشف عن وجوه القراءات 1/ 110، والنشر 1/ 414، واتحاف فضلاء البشر: 61 والإرشادات الجلية: 55، وراجع البرهان للزركشي 1/ 278. (5) في د، ظ: من قرآن خطأ. (6) في بقية النسخ: وهي. (7) انظر المسائل الحلبيات ص 297 بنحوه.

2 - ومن أسمائه: الفرقان:

وهذا سهو من أبي علي، وما كان مثل هذا يذهب على ابن كثير، وإنّما ذهب ابن كثير إلى أنه اسم من أسماء الكتاب العزيز، فيكون على قوله اسمان (قرآن) من (قرأت) و (قران) من (قرنت) وهذا واضح لا إشكال فيه «1». 2 - ومن أسمائه: الفرقان «2»: قال الله عزّ وجلّ: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ «3» وهو منقول من المصدر، وهو من المصادر التي جاءت على (فعلان) نحو الغفران والكفران «4». وقال أبو عبيدة «5»: «تقديره تقدير قولهم: رجل قنعان أي يرضى به الخصمان ويقنعان «6»» اه.

_ (1) يقول أبو حيان: 2/ 27 «ومن لم يهمّز فالأظهر أن يكون ذلك من باب النقل، أو تكون النون أصلية من قرنت الشيء إلى الشيء: ضممته لأن ما فيه من السور والآيات والحروف مقترن بعضها إلى بعض» اه وفي لسان العرب مادة (قرن) «وقرنت السماء وأقرنت: دام مطرها»، والقرآن من لم يهمزه جعله من هذا لاقتران آية. قال ابن سيدة: وعندي انه من تخفيف الهمز» اه. وبناء على هذا فأنا لست مع المؤلف في رأيه، والذي أراه أن مذهب أبي علي هو الصواب، لأنّ كلمة (قرآن) سواء كانت محققة الهمزة على قراءة الجمهور أو منقولة حركتها إلى ما قبلها على قراءة ابن كثير هي مشتقة من (قرأت). وراجع تفسير القرطبي 2/ 298. وابن عطية 1/ 79، ومناهل العرفان 1/ 14، والمدخل لدراسة القرآن الكريم: 17. (2) هذا هو الاسم الثاني من أسماء القرآن الكريم، وهذان الاسمان أعني: القرآن والفرقان، هما أشهر أسماء النظم الكريم، بل جعلهما بعض العلماء، مرجع جميع أسمائه، كما ترجع صفات الله على كثرتها إلى معنى الجلال والجمال. راجع روح المعاني 1/ 8، ومناهل العرفان 1/ 15، وقد سماه الله تعالى (فرقانا) لأنّه يفرق به بين الحق والباطل- كما سيأتي- وبين الهدى والضلال وبين الغي والرشاد وبين الحلال والحرام وبين الخير والشر وبين السعادة والشقاوة وبين المؤمن والكافر ... إلى آخر تلك المعاني التي تنضوي تحت كلمة (الفرقان). انظر الهدى والبيان في أسماء القرآن 2/ 37. (3) أول آية من سورة الفرقان. (4) انظر: المفردات للراغب 378، والمحرر الوجيز: 1/ 79، واللسان (فرق) 10/ 302. (5) معمر بن المثني التيمي بالولاء، أبو عبيدة، النحوي البصري من أئمة العلم بالأدب واللغة. مولده ووفاته بالبصرة (110 - 209 هـ). انظر الميزان 4/ 155، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 316، والتقريب 2/ 266، والأعلام 7/ 272. (6) مجاز القرآن 1/ 3 (بعبارة قريبة).

فهو على هذا منقول من الصفة، وإلى هذا القول ذهب أبو علي وإنما ذهب أبي علي في (القرآن) إلى أنّه مصدر في الأصل، وفي الفرقان إلى ما ذكرنا «1» قال لأن الدلالة قد قامت على أن (القرآن) لا يجوز أن يكون صفة كما قامت على جواز ذلك «2» كون (القرآن) «3» صفة، قال: وذلك أن الله عزّ وجلّ قال إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فلو كان صفة «4» لم تجز هذه الإضافة، لأن الصفة لا تضاف إلى الفاعل، لأن اسم الفاعل هو الفاعل في المعنى، والشيء لا يضاف إلى نفسه «5»، قال: فلو «6» كان (القرآن) صفة كما أن (الفرقان) صفة في قول أبي عبيدة لم تجز فيه هذه الإضافة فدلّ جوازها «7» على أنه «8» مصدر في الأصل، ولا يمتنع أن يضاف المصدر إلى الفاعل «9»، كما لا يمتنع إضافته إلى المفعول لأنه غير الفاعل، كما أنه غير المفعول. وأجاب «10» عن أنّه لو كان «11» صفة لجرى على موصوف، كما قيل: رجل قنعان فأجرى صفة على الموصوف، فقال: لا يمتنع أن يكون صفة وإن لم يجر على الموصوف، لأنّ كثيرا من الصفات استعمل استعمال الأسماء، من ذلك: هذا عبد ورأيت عبدا، وهو في الأصل صفة ولا يكادون يقولون: رجل عبد وكذلك صاحب ولذلك «12» لم يعمل أعمال

_ قال الراغب: (ص 378) والفرقان أبلغ من الفرق، لأنه يستعمل في الفرق بين الحق والباطل، وتقديره كتقدير (قنعان) يقنع به في الحكم، وهو اسم لا مصدر- فيما قيل- والفرق يستعمل في ذلك وفي غيره. اه. (1) أي أنه منقول من الصفة. (2) في بقية النسخ: على جواز كون .. الخ. (3) هكذا في الأصل. وفي بقية النسخ: الفرقان. وهو كذلك في المسائل الحلبيات ص 299. (4) أي فلو كان القرآن صفة .. (5) فلا يقال: ضارب الأب زيدا، على تقدير: يضرب الأب زيدا. (6) «فلو»: ساقط من د، ظ. (7) أي الاضافة. (8) أي القرآن. (9) لعل الشيخ توهم أن المصدر في الآية مضاف إلى الفاعل، بينما الإضافة فيها من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله، والفاعل محذوف والأصل: وقراءتك اياه. راجع روح المعاني 29/ 178 والفتوحات الالهية 4/ 448. (10) أي أبو علي الفارسي. (11) أي الفرقان. (12) في د: وكذلك. خطأ.

أسماء الفاعلين نحو (ضارب) و (آكل) وحسن لهذا ترخيمه في نحو. أصاح ترى بريقا هب وهنا «1» ... وإن لم يرخموا من هذا الضرب من الأسماء غيره، قال: وكذلك الأجرع «2» والأبطح «3» والأدهم «4» ولذلك كسروه «5»: أجارع وأباطح، وأبارق «6»، ولو لم يستعمل استعمال الأسماء لما تعدوا فيه (فعلا) و (فعلانا) كأحمر و (حمر) وحمران «7»، فإذا كثر في كلامهم هذا النحو من الصفات التي جرت مجرى الأسماء في أنها لم تجر على الموصوف، وفي أنها كسرت تكسير الأسماء لم يدل امتناعهم من اجراء «الفرقان» صفة على موصوفه، على أنه ليس بصفة، قال: (ويقوى كونه صفة مجيئه على وزن جاءت عليها «8» الصفات كعريان وخمصان) «9» اه. وقال أبو عبيدة في قوله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ «10» وفي قوله

_ (1) هذا نصف بيت لامرئ القيس. انظر شرح ديوانه 105 يقول الخطابي كان امرؤ القيس ينازع كل من قيل إنّه يقول شعرا فنازع الحارث بن التوأم فقال امرؤ القيس: أحار .... ويروى: أصاح. فقال الحارث: كنار مجوس تستعر استعارا وكذلك ذكر الجرجاني عنهما. انظر ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 59، 130، والشاهد فيه حذف الحرف الأخير للترخيم. وراجع نحو هذا الترخيم في جمهرة أشعار العرب 135، والخصائص 1/ 360، 3/ 302، واللسان 6/ 213 (مجس)، 11/ 354 (شعل). (2) الأجرع: في الأصل صفة بمعنى الصعوبة والخشونة، ثم أطلق على المكان الذي فيه خشونة. اللسان (جرع). (3) الأبطح: في الأصل صفة بمعنى الاتّساع، ثم أطلق على بطن الوادي. اللسان (بطح). (4) الأدهم: في الأصل صفة بمعنى السواد، ثم أطلق على القيد لسواده إذا كان من خشب. اللسان (دهم). (5) والصفات لا يتوسع في تكسيرها. (6) الأبارق: جمع أبرق، وهو في الأصل صفة للأرض الغليظة المختلطة بالحجارة والرمل، وللتيس الذي فيه سواد وبياض، ثم كسرت تكسير الأسماء لغلبتها. اللسان (برق). فهذه كلها صفات في الأصل، وإن استعملت استعمال الأسماء وكان من المناسب أن يقول: (وأداهم) لأنه لم يسبق ذكر (الأبرق). (7) في بقية النسخ: كأحمر وحمر وحمران. (8) في بقية النسخ: عليه. (9) انظر المسائل الحلبيات ص 299 - 301 مع تصرف يسير من السخاوي. (10) الأنبياء: (48)، ولم يذكر أبو عبيدة عندها شيئا اكتفاء بما ذكره في المقدمة 1/ 3 وسورة البقرة 1/ 40،

تعالى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ «1»، الفرقان: ما فرق بين الحق والباطل. اه. وقال مجاهد في قوله عزّ وجلّ: يَوْمَ الْفُرْقانِ «2»: يوم فرّق الله عزّ وجلّ بين الحق والباطل «3»، لأن المسلمين علت كلمتهم يوم بدر بالقهر والغلبة، كما نصروا في الفرقان بالحجة «4». وقيل: المعنى في قوله عزّ وجلّ: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ وآتيناكم الفرقان «5» كقوله: ...... متقلدا سيفا ورمحا «6»

_ وآية الأنبياء هي المبينة للمعنى المراد من (الفرقان) المذكور في آية البقرة كما ذكر ذلك علماء التفسير. راجع المفردات للراغب (فرق) 378 وتفسير القرطبي 2/ 399. قال أبو حيان: 1/ 202: «- عند قوله تعالى- وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ- الفرقان: هو التوراة، ومعناه أنه آتاه جامعا بين كونه كتابا وفرقانا بين الحق والباطل، ويكون من عطف الصفات لأن الكتاب في الحقيقة معناه: المكتوب .. ». وانظر تفسير الطبري 1/ 285، وروح المعاني 1/ 259، (1) البقرة (53). (2) الأنفال (41). (3) من قوله: وقال مجاهد .. إلى هنا سقط من المطبوع بانتقال النظر. قال النحاس: وأحسن ما قيل في هذا قول مجاهد اه. إعراب القرآن 1/ 175. (4) انظر تفسير الطبري 10/ 8، وابن كثير 2/ 313، وأبي حيان 4/ 499، والآلوسي 10/ 7، والثعالبي 2/ 99، (5) قال أبو حيان: 1/ 202 « ... أو القرآن على حذف مفعول التقدير ومحمدا الفرقان» ثم رد أبو حيان هذا القول لأنه لا دليل على ذلك المحذوف .. ، وراجع روح المعاني 1/ 259. (6) البيت لعبد الله بن الزّبعرى، وصدره: يا ليت زوجك قد غدا وهو في معاني القرآن للفراء 1/ 121 والمسائل الحلبيات ص 301، وفي إعراب القرآن للنحاس 2/ 68، 3/ 310، وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة 2/ 68، والخصائص 2/ 431 واللسان (قلد). والكشاف 3/ 422، وانظر شرح شواهد الكشاف 4/ 364، ويريد الشاعر: أي متقلدا سيفا وحاملا رمحا، ومثله قول الشاعر: علفتها تبنا وماء باردا ... أي: وسقيتها ماء باردا وعبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي، أبو سعد، شاعر قريش في الجاهلية، كان شديدا على المسلمين .. ثم أسلم بعد فتح مكة واعتذر، ومدح النبي صلّى الله عليه وسلم. توفي سنة «15 هـ» الإصابة 6/ 81 رقم 4670، وموسوعة الشعر والشعراء 5/ 201، والأعلام 4/ 87.

وقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ: يبطل هذا التأويل «1» ولكن يجوز في الآيتين جميعا أن يريد بالفرقان: البرهان الذي فرّق بين الحق والباطل، نحو انقلاب العصا وخروج اليد بيضاء من غير سوء، وغير ذلك من الآيات أو الشرع الفارق بين الحلال والحرام «2». وقيل (الفرقان): انفراق البحر «3»، ورد أبو علي على هذا القول لأن (الفرقان) قد استعمل في هذه الآيات في معان لا في أعيان ولأن مصدر فرقت قد جاء في القرآن (فرقا) «4» ولم يجيء (فرقانا) «5». قال «6»: وإن كان بعض أمثلة «7» المصادر قد جاء على مثال (فعلان) «8» اه. قال أبو عبيدة: «سمّي فرقانا لأنه فرّق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر» «9». وقال أبو عبيدة «10»: (الفرقان) عند النحويين: مصدر فرقت بين الشيء- أفرق فرقا وفرقانا «11» «12».

_ (1) وكذا رده النحاس في إعراب القرآن 1/ 175. (2) راجع تفسير الطبري 1/ 44، والزمخشري 1/ 281، وأبي حيان 1/ 202 والآلوسي 1/ 259. (3) انظر: زاد المسير 1/ 81، وتفسير القرطبي 1/ 399، والكشاف: 1/ 281 يقول أبو حيان 1/ 202 «وضعف هذا القول بسبق ذكر فرق البحر في قوله (وإذ فرقنا) [البقرة: 50] وبذكر ترجية الهداية عقيب الفرقان، ولا يليق إلّا بالكتاب» اه. (4) كما في قوله تعالى فَالْفارِقاتِ فَرْقاً [المرسلات: 4]. (5) وهذا على أن أبا علي الفارسي يرى أن (فرقانا) صفة كما مر. (6) ساقط من د، ظ والقائل هو أبو علي. (7) في د، ظ: أمثلة من المصادر. (8) انظر المسائل الحلبيات ص 302. (9) مجاز القرآن 1/ 3، 18، وانظر البرهان 1/ 280. (10) هكذا في الأصل «أبو عبيدة» وفي بقية النسخ: «أبو عبيد» ويظهر من السياق أن هذا هو الصواب. وهو القاسم بن سلام الهروي، أبو عبيد الخراساني البغدادي من كبار العلماء في الحديث والأدب والفقه (157 - 224 هـ). معرفة القراء الكبار 1/ 170، وصفة الصفوة 4/ 130، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 37 والاعلام 5/ 176. (11) من قوله: وقال أبو عبيد ... إلى هنا سقط من المطبوع. (12) انظر نحوه في تفسير الطبري 9/ 226 وأبي حيان 4/ 487.

3 - ومن أسمائه: الكتاب:

وعن ابن عباس (الفرقان): المخرج «1»، قال الله عزّ وجلّ: .. إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً «2» أي بيانا ومخرجا من الشبهة والضلال «3». وأنشدوا لمزرد «4»: بادر الليل أن يبيت فلما أظلم الليل لم يجد فرقانا «5» 3 - ومن أسمائه: الكتاب: سمّي بذلك لأن الكتب: الجمع، يقال: كتب إذا جمع الحروف بعضها إلى بعض، وتكتب بنو فلان: أي اجتمعوا «6»، فسمّي بذلك لما اجتمع فيه من المعاني،

_ (1) وكذا قال مجاهد وعكرمة والضحاك والسدي وابن قتيبة ومالك- فيما روي عن ابن وهب وابن القاسم وأشهب. انظر البحر المحيط 4/ 486. (2) الأنفال: (29). وأولها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ ... (3) انظر تفسير الطبري 9/ 225، وابن كثير 2/ 301. وقد سرد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان 2/ 349 الأقوال التي قيلت في معنى الفرقان- نقلا عن ابن كثير- ثم قال: «لكن الذي يدل عليه القرآن واللغة على صحته في تفسير الآية المذكورة هو قول ابن إسحاق (فرقانا) أي فصلا بين الحق والباطل». قال: «لأن الفرقان: مصدر، زيدت فيه الألف والنون وأريد به الوصف أي الفارق بين الحق والباطل ... » ثم ذكر الآيات الدّالة على ذلك. وهذا القول الذي اختاره الشنقيطي سبقه إليه ابن كثير حيث قال: «إنّه أعم من القول بأن معناه: المخرج أو النجاة أو النصر، فهو يستلزم ذلك كله» اه. المصدر السابق. (4) هو مزرد بن ضرار بن حرملة بن سنان الغطفاني، فارس شاعر، جاهلي أدرك الإسلام في كبره وأسلم، كان هجاء في الجاهلية، توفي سنة (10 هـ) ويقال: إن اسمه يزيد، و (مزرد) كمحدث لقب له. انظر ترجمته في: الإصابة 9/ 175 رقم 7913 والشعر والشعراء 199 والأعلام 7/ 211 وراجع اللسان مادة (زرد) 3/ 194، والقاموس 1/ 308. (5) في تفسير أبي حيان 4/ 486 «وقال مزرد بن ضرار: بادر الأفق أن يغيب فلما ... ....... إلخ وانظر المحرر الوجيز لابن عطية 8/ 47، والدر المصون للسمين 5/ 595. (6) انظر المفردات للراغب (كتب) 423 وتفسير القرطبي 1/ 158 والخازن 1/ 23، والبرهان 1/ 276، والإتقان 1/ 146، والفتوحات الإلهية 1/ 11. ويطلق الكتاب على عدة وجوه منها: القرآن، ومنها الفرض، ومنها الحجة والبرهان، ومنها الأجل انظر تفسير الفخر الرازي 2/ 14، وراجع المفردات للراغب فقد ساق المعاني والآيات الكثيرة التي تدل عليها مادة كتب فلتنظر 423 - :

كالأمر والنهي والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والحلال والحرام. ونبأ ما كان وما يكون، وما يحتاج إليه من أمر الدين، وتفصيل ما اختلف فيه من الأحكام، قال الله عزّ وجلّ: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ «1» وقال عزّ وجلّ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «2». وكذلك «3» سمّي (قرآنا) لأنه قد جمع فيه كل شيء «4». وقال أبو عبيدة: وسمّي «5» قرآنا لأنه جمع السور وضمّها «6» اه. وكذلك تسميته بالكتاب أيضا. وقال أبو علي: الكتاب مصدر كتب «7». قال: ودليل ذلك انتصابه عمّا قبله في قوله عزّ وجلّ .. كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ «8». وقوله وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا «9». قال: فمذهب سيبويه في هذا النحو أنه لما قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ دل هذا الكلام على (كَتَب عَلَيْكُمْ) «10» وكذلك «11» قوله عزّ وجلّ وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ

_ 425 وكذلك ابن قتيبة، انظر مشكل القرآن وغريبه 1/ 11 حيث قال: «أصل الكتاب ما كتبه الله في اللوح مما هو كائن، ثم يتفرع منه معان ترجع إلى هذا الأصل» اه. (1) الأنعام: (38). (2) يوسف: (111). (3) في بقية النسخ: ولذلك. (4) قال الراغب في مادة (قرأ): «قال بعض العلماء: تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب الله، لكونه جامعا لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم، كما أشار تعالى إليه بقوله وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ. وراجع البرهان 1/ 277، والإتقان 1/ 147. (5) في بقية النسخ: سمّي بدون واو. (6) في مجاز القرآن: 1/ 1 لأنّه يجمع السور فيضمها. وانظر 1/ 18 من المصدر نفسه. وهذا بناء على أن (قرأ) بمعنى (جمع) وليس بمعنى (تلا) كما تقدم عن أبي عبيدة. (7) انظر الحجة للقراءات السبعة لأبي علي الفارسي 2/ 456. (8) أول الآيات حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء: 23، 24]. (9) آل عمران: (145). (10) انظر إعراب القرآن للنحاس 1/ 406 ومعاني القرآن للفراء 1/ 260، وتفسير القرطبي 5/ 123، وإملاء ما من به الرحمن .. للعكبري: 2/ 128، 226 على هامش الفتوحات الإلهية، وقطر الندى لابن هشام 363 عند حديثه عن اسم الفعل. (11) في د، ظ: كذلك. بدون واو.

تَمُوتَ .. دل على كتب الله موته ومدة حياته، فانتصب ب (كتب) «1» الذي دل «2» عليه الفعل المظهر «3». قال: ومذهب غيره من أصحابه: أنه انتصب بالفعل الظاهر. وكيف كان الأمر فقد ثبت من ذلك أن (الكتاب) مصدر كالوعد والصنع من قوله عزّ وجلّ وَعْدَ اللَّهِ «4». وصُنْعَ اللَّهِ .. «5» في انتصابهما بما ذكر قبلهما من قوله عزّ وجلّ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ «6»، وقوله عزّ وجلّ .. وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ «7» ثم قال بعد ذلك وَعْدَ اللَّهِ .. «8». قال «9»: وسمّي به «10» التنزيل بدلالة قوله عزّ وجلّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ «11». ثم قال: والمراد بالمصدر الذي هو (الكتاب): المكتوب، كما يقال: الخلق ويراد به المخلوق لا الحدث، تقول: جاءني الخلق، وكلمت الخلق، والدرهم ضرب الأمير، والثوب نسج اليمن أي مضروبه ومنسوج اليمن «12». وقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «الراجع في هبته» «13» اي موهوبه، قال: فما تأولناه في قولنا في

_ (1) حرفت في ظ إلى: بكتبه. (2) كلمة (دل) ساقطة من ظ. (3) راجع الكشاف 1/ 468، 518، والحجة لأبي علي الفارسي 2/ 457. (4) الروم (6). وسيذكر المصنف ارتباطها بما قبلها. (5) النمل (88). ونص الآية وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ .... (6) قال النحاس: (صنع الله) منصوب عند الخليل وسيبويه- رحمهما الله- على أنه مصدر لأنه لما قال عز وجل وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ دل على أنه صنع ذلك صنعا ... اه. إعراب القرآن 2/ 537، وانظر إملاء ما من به الرحمن 4/ 142، وتفسير أبي حيان 7/ 100. (7) الروم (2 - 3). (8) المصادر السابقة 2/ 581، 4/ 172، 7/ 162، والفتوحات الإلهية 1/ 320. (9) أي أبو علي الفارسي. (10) الضمير يعود على الكتاب. (11) أول آية من سورة الكهف. (12) ذكر نحوه ابن مطرف الكناني انظر القرطين 11، وأبو علي الفارسي في الحجة للقراء السبعة 2/ 140. (13) رواه البخاري بلفظ (العائد في هبته كالعائد في قيئه) كتاب الهبة باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته

(الكتاب) المسمّى به (التنزيل) أنه يراد به المكتوب: أرجح عندي من قول من قال: إنّه سمّي «1» بذلك لما فرض فيه وأوجب العمل به. قال: ألا ترى أنّ جميع التنزيل مكتوب وليس كله مفروضا. قال: وإذا كان كذلك كان العامل «2» الشامل لجميع المسمّى أولى مما كان بخلاف هذا الوصف «3» اه. وهذا الذي رجحه أبو علي ليس براجح، لأن قولهم: هذا الدرهم ضرب الأمير قد علم المراد منه. وأن الضرب الذي هو الغرض الذي قد انقضى وذهب: لا يصح أن يكون موجودا ومشارا إليه. فتعين أن المراد بالضرب المضروب، وليس كذلك (الكتاب) لأنه اسم منقول «4» من المصدر كفضل، وإنما سمّي (القرآن) به «5» لأن معنى كتب الشيء: جمعه وضمّ بعضه إلى بعض وكذلك (القرآن). وقول من قال: إنما سمّي كتابا لأنه يقال: كتب الله كذا بمعنى أوجبه وفرضه كقوله عزّ وجلّ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ .. «6» فسمّي (القرآن) كتابا لما فيه من الواجبات التي كتبها: أرجح من قول أبي علي، لأن الشيء «7» يسمّى ببعض ما فيه. ثم إن قول أبي علي يوهم أن ليس الأصح هذا القول وقوله «8».

_ وصدقته 2/ 142، وانظر: فتح الباري 5/ 234. ورواه مسلم في كتاب الهبات باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض 11/ 64، وأبو داود 3/ 808 كتاب البيوع باب الرجوع في الهبة والترمذي 4/ 522 كتاب البيوع باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة. (1) في ظ: يسمى. (2) في المسائل الحلبيات: كان العام الشامل. (3) انظر المسائل الحلبيات بنحوه 303 - 305. (4) في د، ظ: رسمت الكلمة هكذا (مفعول). (5) في د، ظ: وإنما سمّي القرآن كتابا لأن .. الخ. (6) النساء (66) .. أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ... (7) حرفت في د، ظ: إلى (لأن المسمّى يسمّى). (8) هكذا هي في الأصل. وفي بقية النسخ: أن ليس إلّا هذا القول ... وهي واضحة، أما عبارة الأصل فهي قلقة.

4 - ومن أسمائه: الذكر.

وأوضح من القولين وأصح: قول من قال: هو منقول من المصدر الذي هو بمعنى الجمع والضم «1». 4 - ومن أسمائه: الذكر. قال «2» عزّ وجلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «3» وهو منقول من المصدر، والذكر: الموعظة، والذكر: الشرف «4». 5 - ومن أسمائه: الوحي. قال المؤمنون كلهم: القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله «5». وقال الله عزّ وجلّ: قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ «6» وهو من قولهم: وحي يحي وحيا «7».

_ (1) راجع ما ذكره السخاوي عند أول كلامه على (ومن أسمائه الكتاب) ثم إنّه في تصوري أنّ رأي أبي علي مبني على مقدمات ونتائج وتحليلات ما كان الأمر يستدعي هذا كله، فالكتاب يمكن حمله على المكتوب والمفروض والمضموم بعضه إلى بعض. (2) في بقية النسخ: قال الله عزّ وجل. (3) الحجر (9). (4) قال الزركشي في البرهان: 1/ 279 «وأما تسميته (ذكرا) فلما فيه من المواعظ والتحذير وأخبار الأمم الماضية. وهو مصدر ذكرت ذكرا، والذكر: الشرف، قال تعالى: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ الأنبياء (10) أي شرفكم». وانظر الإتقان 1/ 147، وتفسير ابن عطية 1/ 80 ويطلق الذكر على عدة معان، فانظرها إن شئت في المفردات للراغب الأصفهاني (ذكر) ص 179. (5) هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة- وهي التي ندين الله بها أن القرآن كلام الله، وأنه أنزله على رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحيا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا. انظر: فتاوى ابن تيمية 2/ 37 وشرح العقيدة الطحاوية: 179 والهدى والبيان في أسماء القرآن 1/ 193. (6) الأنبياء: (45). (7) يقال: وحي إليه الكلام يحيه وحيا، وأوحى أيضا، وهو أن يكلمه بكلام يخفيه، ويطلق الوحي في اللغة في عدة معان منها: الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك. انظر: اللسان مادة (وحي) ومختار الصحاح، وراجع مشكل القرآن وغريبه لابن قتيبة 2/ 112. والمفردات للراغب الأصفهاني (وحي) 515، والبرهان: 1/ 280، وفتح الباري 1/ 9، 1/ 14. ومعنى الوحي في لسان الشرع كما يقول الزرقاني: «أن يعلم الله تعالى من اصطفاه من عباده كل ما أراد اطلاعه عليه من ألوان الهداية والعلم ولكن بطريقة سرية خفية غير معتادة للبشر» مناهل العرفان: 1/ 63.

6 - ومن أسمائه: التنزيل:

قال الشاعر «1»: ....... * وحي «2» لها القرار فاستقرت «3» ويقال: أوحى يوحي إيحاء «4» ومعناه: الإفهام بإيماء أو إشارة «5». وقال بعض العلماء: الوحي: قذف في القلوب، وكأنه سمّي وحيا لأن الملك كان يفهمه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا يفهم عنه سواه، كما سمّوا ضرب الأمثال وحيا من جهة اللفظ، وذلك أن يضرب الرجل لصاحبه مثلا فيعرف به أمرا بينهما، ولا يفهمه سواه، وكل من أشار إلى معنى من غير إفصاح فبلغ بذلك المراد فقد أوحى. 6 - ومن أسمائه: التنزيل «6»: يقال: جاء في «التنزيل» كذا، كما يقال: جاء في (القرآن)، وهو منقول من المصدر، يقال: نزل تنزيلا «7»، قال الله عزّ وجلّ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ

_ (1) هو عبد الله بن رؤبة بن لبيد العجاج، أبو الشعثاء، من الشعراء، ولد في الجاهلية، وقال الشعر فيها ثم أسلم توفي سنة (90 هـ) الشعر والشعراء 397، والأعلام 4/ 86، ومقدمة ديوانه (1). (2) (وحي) ساقط من د، ظ. (3) انظر ديوان العجاج 408، ويروي: أوحى لها ... وبعده: وشدها بالراسيات الثبت* ........ والبيت من شواهد النحاس في إعراب القرآن 3/ 54، 520، وأبي حيان في البحر 8/ 501، وانظر اللسان (وحى)، وشرح شواهد الكشاف 4/ 353. (4) وهذه هي اللغة الفاشية في القرآن، أما في غير القرآن فالمشهور (وحى). راجع اللسان، وعمدة القارئ 1/ 14. (5) أومى يومي، وومى يمي مثل أوحى ووحى، والإيماء: الإشارة بالأعضاء كالرأس واليد، والعين والحاجب. اللسان (ومى). (6) قال الله عزّ وجلّ تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ الزمر: (1). (7) قال الزركشي: «وأما تسميته (تنزيلا) فلأنّه مصدر نزلته، لأنّه منزل من عند الله على لسان جبريل ... » اه البرهان 1/ 281. وفي اللسان: (نزل) وتنزله وأنزله ونزله بمعنى. إلّا أنّ الراغب ذكر فرقا دقيقا بين الإنزال والتنزيل حيث قال: «الفرق بين الإنزال والتنزيل- في وصف القرآن والملائكة- أنّ التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقا، ومرة بعد أخرى، والانزال: عام، فمما ذكر فيه التنزيل قوله تعالى وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا الإسراء (106). وإِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ الحجر (9). ومما ذكر فيه الإنزال قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وشَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ البقرة: (185).

7 - ومن أسمائه: القصص:

الْحَدِيثِ «1». 7 - ومن أسمائه: القصص «2»: قال «3» عزّ وجلّ إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ «4». والقصص في العربية: أتباع الأثر «5». قال الله عزّ وجلّ: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً «6». قال الله عزّ وجلّ: قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ «7» ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي «8». والقرآن «9»: قصصه الذي قصه «10»، أي اتبعه وألقاه إلى غيره. كما قفاه «11» واتبع فيه اثر الملك. 8 - ومن أسمائه: الروح: قال الله عزّ وجلّ: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ... «12».

_ يقول: (وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل: لما روى أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجما نجما) المفردات ص 489 (نزل). وهو كما قال، وقد تقدم أن القرآن نزل أولا إلى سماء الدنيا ثم نزل مفرقا في ثلاث وعشرين، وذلك عند الحديث عن تنزلات القرآن، فلينظر هناك. (1) الزمر (23). (2) رجعت إلى مادة (قصص) في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم فلم أجد كلمة تدل على تسمية القرآن بالقصص، والآية التي أوردها المؤلف- رحمه الله- إنما تشير إلى ما قصه الله على رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم من نبأ عيسى عليه السلام. راجع فتح القدير 1/ 347. (3) في ظ: قال الله تعالى عزّ وجلّ. (4) آل عمران (62). (5) انظر المفردات للراغب (قصص). واللسان، ومختار الصحاح. (6) الكهف (64). (7) هذا محل الشاهد من الآية الكريمة وهو الاتباع. (8) الاعراف (203). (9) هكذا في الأصل. وفي ظق: فالقرآن، وفي د، ظ: وأمر القرآن ولعل العبارة الصحيحة: وأثر القرآن. (10) قال الزركشي: «وأما تسميته (قصصا)، فلأن فيه قصص الأمم الماضية وأخبارهم» البرهان 1/ 280، وراجع الهدى والبيان في أسماء القرآن 1/ 274. (11) قفاه قفوا وقفوا واقتفاه وتقفاه: أي تبعه. اللسان (قفا) وراجع المفردات للراغب ص 409، ومختار الصحاح. (12) الشورى (52).

9 - ومن أسمائه: المثاني:

سمّي روحا لأنه تحيا به القلوب والدين «1»، قال الله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ «2». 9 - ومن أسمائه: المثاني «3»: قال الله عزّ وجلّ: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ .... «4» سمّي مثاني لأن القصص والأنباء ثنيت فيه، أي كررت، يقال: ثنيت الشيء إذا كررته «5». وسماه الله عزّ وجلّ: 10 - الهدى «6»، 11 - والبيان «7»، 12 - والتبيان «8»،

_ (1) قال القرطبي 16/ 55 وأبو حيان 7/ 527: «وسمّي ما أوحى إليه (روحا) لأن به الحياة من الجهل». زاد أبو حيان: وقال مالك بن دينار: «يا أهل القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع القلوب، كما أن العشب ربيع الأرض» وانظر الهدى والبيان في أسماء القرآن: 2/ 44 فإن فيه كلاما نفيسا حول هذا الموضوع. (2) الأنفال (24). (3) سبق أن ذكرت بأن كثيرا من العلماء أسرفوا في سرد مجموعة كبيرة من أوصاف القرآن وجعلها أسماء له. والذي ظهر لي أن ما ذكره السخاوي من هنا إلى آخر كلامه على الأسماء إنما هو من هذا القبيل، ويظهر هذا جليا لمن أمعن النظر في ذلك والله أعلم. (4) الزمر: (23). (5) كأن المؤلف قصر ذلك على تثنية القصص والأنباء، ويظهر لي من خلال كلام العلماء أن كلمة (مثاني) يمكن أن تشمل عدة معان إضافة إلى ما ذكره المؤلف، يقول الراغب: (ثني) ص 82. «وسميت سور القرآن مثاني لأنها تثني على مرور الأوقات وتكرر فلا تدرس ولا تنقطع دروس سائر الأشياء التي تضمحل وتبطل على مرور الأيام وعلى ذلك قوله تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ ولما يتجدد حالا فحالا من فوائده، ويصح أن يكون ذلك من الثناء تنبيها على أنه أبدا يظهر منه ما يدعو إلى الثناء عليه وعلى من يتلوه ويعلمه ويعمل به ... ». وراجع تفسير القرطبي 15/ 249، وأبي حيان 7/ 423، والبرهان 1/ 280، ومشكل القرآن وغريبه 2/ 103. (6) لأن فيه دلالة بينة إلى الحق، وتفريقا بينه وبين الباطل. البرهان 1/ 279. قال تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ البقرة (2). (7) من قوله تعالى هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ آل عمران (138). (8) من قوله تعالى وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ النحل (89).

13 - والموعظة «1»، 14 - والرحمة «2»، 15 - والبشير، 16 - والنذير «3»، 17 - والعزيز «4». الذي لا يرام «5» فلا يؤتى بمثله، ولا يستطاع إبطاله «6». 18 - والحكيم «7»: وهو إمّا بمعنى المحكم- بفتح لكاف- او المحكم- بكسرها-، من قولهم: حكمة الدابة، لأنها تردّها عن الجور، لأنّه يرد العباد إلى القصد «8». 19 - والمهيمن «9»:- وهو الشاهد-. 20 - والبلاغ: قيل: لأنه يكفي من غيره «10». 21 - والشفاء «11».

_ (1) من قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ يونس (57). (2) فمن فهمه وعقله كان رحمة له. البرهان 1/ 280. وأي رحمة فوق التخليص من الضلالات. مفاتيح الغيب 2/ 16. قال تعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الإسراء (82). (3) لأنه بشر بالجنة وأنذر من النار، قال تعالى كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* بَشِيراً وَنَذِيراً فصلت: (3، 4). البرهان 1/ 279، ومفاتيح الغيب 2/ 16. (4) أخذا من قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ فصلت (41). (5) رام الشيء يرومه روما ومراما: طلبه. اللسان (روم) فكأنّ من أراد أن يطلبه ليأتي بمثله لا يستطيع ذلك. (6) راجع البرهان 1/ 179 ومفاتيح الغيب 2/ 17، والإتقان: 1/ 148، وتفسير ابن كثير 4/ 102. (7) أخذا من قوله تعالى تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ يونس (1)، ولقمان (2). (8) قال أبو عبيدة في «مجاز القرآن: 1/ 272» والحكيم: مجازه المحكم المبين الموضح، والعرب قد تضع (فعيل) في معنى (مفعل). والقرآن تضمن المعنيين جميعا. راجع المفردات للراغب (حكم) 127 والبرهان 1/ 280، ومفاتيح الغيب 2/ 15 والاتقان 1/ 148، وروح المعاني 11/ 59. (9) فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، يقول تعالى وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ المائدة: (48) راجع تفسير ابن كثير 2/ 65، والبرهان 1/ 280، والقرطين لابن مطرف 1/ 141. (10) قال الراغب: (بلغ) ص 60 (البلاغ): التبليغ، نحو قوله عزّ وجلّ هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ إبراهيم: (52). والبلاغ: الكفاية، نحو قوله عزّ وجلّ إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ الأنبياء (106) اه وراجع الهدى والبيان في أسماء القرآن 2/ 49. (11) أخذا من قوله تعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ الإسراء (82) أي شفاء من الشبه

22 - والمجيد «1»: لشرفه على كل كلام «2». 23 - والنور: قال الله عزّ وجلّ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ «3».

_ والشكوك، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس. تفسير ابن كثير 2/ 421. (1) سقطت الواو من د، ظ. (2) أخذا من قوله تعالى ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ. انظر المفردات (مجد) والبرهان 1/ 280، وتفسير أبي حيان 8/ 120، والشوكاني 5/ 71. (3) المائدة (15). سمّي نورا لكشفه ظلمات الشرك والشك، أو لأنّه ظاهر الإعجاز. البحر 3/ 448، ولأنّه يدرك به غوامض الحلال والحرام. البرهان 1/ 179. وهذا على أن المقصود بالنور المذكور في الآية هو (القرآن).

"تعدد أسماء السور" أسماء الفاتحة

«تعدد أسماء السور» «1» أسماء الفاتحة وتسمّى فاتحة الكتاب: المثاني أيضا «2»، فهو اسم مشترك «3»، وتسمّى سورة

_ (1) الكلام على ألقاب سور القرآن سيأتي بعد الحديث عن أسماء الفاتحة وأقسام القرآن ومعنى السورة والآية، وقد قدم المؤلف الحديث عن أسماء الفاتحة لأن من أسمائها المثاني، وقد تقدم أنّ من أسماء القرآن كذلك: المثاني فللمجاورة قدم ذلك. وهنا ينشأ سؤال: من الواضع لأسماء السور؟ ذهب السيوطي إلى أن أسماء سور القرآن بتوقيف من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث قال: «وقد ثبت أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك» اه. الاتقان 1/ 150 وذكره الألوسي في تفسيره 1/ 34. ولعل السيوطي يقصد بذلك بعض الأسماء- وبخاصة الثابتة في المصاحف- وليس كل الأسماء التي ذكرت لبعض السور ورد فيها نص من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأكبر دليل على ذلك أن السيوطي نفسه قد سرد لسورة الفاتحة خمسا وعشرين اسما، ومعظمها لم يذكر فيها نصا يدل على التوقيف أو أثرا موقوفا على أحد الصحابة أو قولا معزوا إلى أحد التابعين وإنما هي أقوال معزوة إلى بعض العلماء المتأخرين، استنباطا مما تحمله السورة في طياتها من معاني سامية وآداب رفيعة، أو أخذا من مفهوم بعض الأحاديث وليس من منطوقها، ولذلك نجد السيوطي ينقل عن الزركشي قوله: «وينبغي البحث عن تعداد الأسامي، هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثاني فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسمائها، وهو بعيد» اه البرهان 1/ 270، والإتقان 1/ 159. ولكن الذي ظهر لي من صنيعهما- رحمهما الله تعالى- أنهما ذكرا النوعين، أي ما وردت به الآثار وما لم ترد، وسيأتي مزيد بيان على هذا عند الحديث عن «ألقاب سور القرآن» وكيف ان السخاوي وغيره من العلماء قد أكثروا من ذكر أسماء لسورة (التوبة) فقد أوصلها السخاوي إلى اثني عشر اسما، ونقل السيوطي عنه بعضها دون ذكر لمستند من حديث أو أثر، وإنما معظمها مأخوذ من الجو العام للسورة وملابساتها التي تنزلت فيها. (2) في بقية النسخ: أيضا المثاني. (3) أي أن كلمة (المثاني) تطلق على عدة معان: فتطلق على الفاتحة، وعلى سور القرآن الكريم كلها وعلى آياته، وغير ذلك. انظر: تفسير ابن كثير 2/ 557، والبرهان 1/ 145 وتفسير الشوكاني 3/ 142.

الحمد: أمّ الكتاب، وفاتحة الكتاب، سمّيت أمّ الكتاب لأن أمّ كل شيء أصله، ولما كانت مقدمة الكتاب العزيز، فكانت كأنها أصله «1». قيل لها: أمّ الكتاب وأمّ القرآن. وسميت الفاتحة «2»: لأنّ القرآن العزيز افتتح بها، ومن قال: إنّها أول ما نزل قال: سمّيت فاتحة الكتاب: لأن الوحي افتتح بها «3». وروى أبو هريرة وأبيّ بن كعب أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي فاتحة الكتاب» «4». وسمّيت السبع المثاني: لأنّها تثنى في كل ركعة، وقيل: لأنّها نزلت بمكّة، ثم ثنيت فنزلت بالمدينة «5». وقيل: لأن الله عزّ وجلّ استثناها لهذه الأمة وذخرها «6» لها ممّا أنزله على غيرها «7»، ومنع أنس وابن سيرين «8».

_ (1) في د، ظ: أصل. (2) اقتصر المؤلف على تسميتها بهذه الأسامي التي ذكرها، ومن قبله ابن عطية كذلك. انظر تفسيره 1/ 100، وذكر الخازن لها ستة أسامي. انظر تفسيره 1/ 14، وأوصلها كل من الزمخشري 1/ 175 والقرطبي 1/ 111، إلى اثني عشر اسما. قال الزركشي: «وذكر بعضهم لسورة الفاتحة بضعة وعشرين اسما» ثم سرد لها اثني عشر من تلك الأسماء. البرهان 1/ 269. وقال السيوطي: «قد وقفت لها على نيف وعشرين اسما، وذلك يدل على شرفها، فإن كثرة الأسماء دالة على شرف المسمى». ثم ذكرها جميعا مع التعليل لكل اسم. انظر: الإتقان 1/ 151. (3) وهو قول مرجوح كما تقدم تقرير ذلك عند الحديث عن أول ما نزل. (4) أخرجه الترمذي في سننه 8/ 552 كتاب التفسير، باب ومن سورة الحجر بنحوه، والطبري كذلك 14/ 59، وانظر جامع الأصول 8/ 467، وتفسير ابن كثير 1/ 9، وفتح الباري 8/ 381، والدر المنثور 1/ 12. (5) انظر تفسير البغوي 1/ 14، والقرطبي 1/ 116، وابن كثير 1/ 8، وأبي حيان 1/ 16، والخازن 1/ 14، والإتقان 1/ 31، 102، 153. (6) ذخر الشيء يذخره ذخرا، واذّخره اذّخارا: اختاره. اللسان 4/ 302 (ذخر). (7) راجع تفسير ابن عطية 1/ 100، والخازن 1/ 14، والإتقان 1/ 153 والقرطبي 1/ 112، ومفاتيح الغيب 1/ 175،- حيث ذكر الفخر الرازي ثمانية وجوه لسبب تسميتها ب (المثاني) -، وانظر 19/ 207، من نفس المصدر، وفتح الباري 8/ 158. (8) محمد بن سيرين البصري الأنصاري بالولاء، أبو بكر، تابعي، كان إماما في وقته في علوم الدين،

أن تسمى أم الكتاب وأم القرآن «1». قالا: لأن ذلك اسم اللوح المحفوظ، قال الله عزّ وجلّ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا «2» .. والحديث يرد ما قالا، وقد تكون الأسماء مشتركة «3». فإن قيل: فما فائدة نزولها مرة ثانية؟ قلت: يجوز أن تكون نزلت أول مرة على حرف واحد، ونزلت في الثانية ببقية وجوهها «4». نحو (مالك) و (مالك) و (السراط) و (السراط) «5» ونحو ذلك «6».

_ مولده ووفاته بالبصرة (33 - 110 هـ) مشاهير علماء الأمصار: 88، وصفة الصفوة 3/ 241، والتقريب 2/ 169 والأعلام 6/ 154. (1) نسبه الخطابي إلى ابن سيرين كما في الفتح 8/ 381. ونسبه السهيلي إلى الحسن وابن سيرين، وتعقب هذا القول بما ورد من الأحاديث التي تخالفه. انظر فتح الباري 8/ 156، والاتقان 1/ 152. (2) الزخرف (4). .. لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ. (3) بمعنى أنّ الإسم قد يطلق على عدة أشياء بحسب السياق. فمثلا قد تطلق كلمة (أم الكتاب) ويراد اللوح المحفوظ كما في الآية الكريمة التي استدل بها أنس وابن سيرين، وقد تطلق على فاتحة الكتاب كما مر معنا في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره. ومن هذا القبيل كلمة «المثاني» فقد جاءت الأحاديث تدل على أن المثاني: الفاتحة، كما مر معنا أيضا. وقد تطلق على القرآن كله. يقول الزركشي: « ... وقد تسمى سور القرآن مثاني، ومنه قوله تعالى كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ- الآية (23) من الزمر-. البرهان 1/ 245، وراجع تفسير ابن كثير 2/ 557، والشوكاني 3/ 142. وقد تطلق على السبع الطول، يقول ابن حجر: « .. وقول آخر مشهور بأن المثاني تطلق على السبع الطول، وقد أسنده النسائي والطبري والحاكم عن ابن عباس باسناد قوي». فتح الباري 8/ 382. (4) قال الزركشي في البرهان: 1/ 29 «وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه، وهذا كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين: مرة بمكة، وأخرى بالمدينة» ثم ذكر بعض النماذج على ذلك. وقال السيوطي في الإتقان 1/ 31 «نزلت الفاتحة مرتين مبالغة في تشريفها». وهذا عندي أوفق لأن كثيرا من السور نزلت بعدة أوجه، ولم يتكرر نزولها بسبب ذلك. والله تعالى أعلم. (5) قرأ عاصم والكسائي (مالك) وبقية السبعة (ملك)، وقرأ ابن كثير في رواية قنبل (السراط) بالسين على الأصل، وقرأ خلف عن حمزة بين الصاد والزاي أي بالإشمام، وقرأ الباقون بالصاد تبعا لخط المصحف. انظر التبصرة ص 80، والكشف 1/ 25، 34، والنشر 1/ 271، والمهذب 1/ 45. (6) نقل هذا التساؤل والإجابة عليه عن السخاوي: السيوطي في الإتقان 1/ 103.

"أقسام القرآن بحسب سوره"

«أقسام القرآن بحسب سوره» وفي القرآن العزيز: السبع الطّول «1»، البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، وقيل براءة «2». وقد ظنّ «3» عثمان «4» - رضي الله عنه- أن الأنفال وبراءة سورة واحدة، فلذلك وضعها في السبع الطّول ولم يكتب بينهما البسملة «5». وكانتا تدعيان في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم القرينتين «6». والطّول: جمع طولي، والطولي: تأنيث الأطول «7»، وعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «أعطاني ربي

_ (1) سيشرحها المؤلف بعد قليل. (2) ساق أبو عبيد عدة آثار تدل على أن يونس هي السابعة. انظر فضائل القرآن، باب فضائل السبع الطول 158، مطبوع بالآلة الكاتبة، وفي جامع الأصول لابن الأثير 2/ 151، ذكر أن براءة هي السابعة دون خلاف. وراجع الخلاف في ذلك في البرهان 1/ 244، والإتقان 1/ 179، وتحفة الأحوذي 8/ 480، ومناهل العرفان 1/ 352، وفي رحاب القرآن 1/ 115، ومباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان: 145. (3) في د، ظ: وقد توهم. (4) عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة من قريش، أمير المؤمنين ذو النورين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، من كبار الصحابة الذين أعزّ الله بهم الإسلام، ولد بمكّة وأسلم بعد البعثة بقليل ... استشهد في منزله بالمدينة رضي الله عنه سنة 35 هـ. انظر: معرفة القراء الكبار 1/ 24، وصفة الصفوة 1/ 294، والأعلام: 4/ 210. (5) هكذا ذكره المؤلف بمعناه مختصرا، وسيعيد ذكره بنصه كاملا عند الحديث عن تأليف القرآن وهو بطوله في سنن الترمذي 8/ 477، كتاب التفسير باب ومن سورة التوبة حيث ساق بسنده إلى ابن عباس قال: قلت: لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ووضعتموها في السبع الطول، ما حملكم على ذلك؟ إلى آخر الحديث. وأخرجه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب من جهر بالبسملة 1/ 498 وأبو عبيد في فضائل القرآن، باب الزوائد في الحروف ص 223، وانظر: تفسير الطبري 1/ 45، وكتاب المصاحف لابن أبي داود ص 39 والدر المنثور 4/ 119. (6) ذكر هذا النحاس في ناسخه عن عثمان بن عفان- رضي الله عنه-. انظر الدر المنثور 4/ 120، وذكره القرطبي 8/ 63. (7) راجع اللسان «طول» ومختار الصحاح.

مكان التوراة السبع الطّول «1»، ومكان الإنجيل المثاني» «2» وهي السورة «3» التي ثنيت فيها القصص «4». وفي القرآن «5» المئون: وهو ما بلغ مائة آية، أو ما قرب من ذلك «6». - وفي القرآن المفصل: وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل» «7». وسمّي المفصل بذلك لكثرة انفصال بعضه من بعض «8». ويسمّى المفصل- أيضا-: المحكم «9»، لأنّه لم ينسخ منه شيء «10».

_ (1) يقول الإمام الطبري: «وإنما سمّيت هذه السور السبع الطول: لطولها على سائر سور القرآن» مقدمة تفسيره 1/ 45. (2) سيأتي الحديث بتمامه قريبا مع تخريجه. والمراد بالمثاني هنا: ما ولى المئين. انظر البرهان 1/ 245، وتبتدئ من أول الأحزاب وتنتهي في آخر الحجرات. انظر في رحاب القرآن 1/ 116. (3) في ظق: وهي السور. وهي الصحيحة. وهي كذلك في الإتقان نقلا عن «جمال القراء» 1/ 179. (4) انظر تفسير الطبري 1/ 45، والبرهان 1/ 245، والإتقان 1/ 179 حيث نقل السيوطي عن السخاوي قوله: «وهي السور .. » ثم قال: «وقد تطلق على القرآن كله وعلى الفاتحة». وقد تقدم ذكر ذلك عند الحديث عن أسماء الفاتحة. (5) في ظق: وفي القرآن العزيز. (6) انظر المصادر السابقة ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1/ 6، وتبتدئ من انتهاء السبع الطول على الخلاف المتقدم وتنتهي في آخر سورة السجدة انظر في رحاب القرآن 1/ 116. (7) رواه أبو عبيد بسنده إلى واثلة بن الأسقع عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، انظر فضائل القرآن، باب فضائل السبع الطول 157. ونقله عنه ابن كثير في مقدمة تفسيره 1/ 34، والشوكاني 1/ 28، والزركشي في البرهان 1/ 244، النوع الرابع عشر وكلهم قالوا: إنّ الحديث غريب لأن في إسناده سعيد بن بشير، وراجع كلام العلماء في سعيد هذا في الميزان 2/ 128. هذا وقد أخرج الحديث ابن جرير الطبري في مقدمة تفسيره: 1/ 44 والدارمي في سننه بنحوه 2/ 453 كتاب فضائل القرآن، باب فضائل الأنعام والسور، وانظر الدر المنثور 7/ 587، وكنز العمال 1/ 572 رقم 2582. (8) اقتصر على هذا الطبري في تفسيره 1/ 46، وابن حجر في الفتح 2/ 259. (9) في مسند الإمام أحمد عن سعيد بن جبير: «ان الذي تدعونه المفصل هو المحكم» المصدر المذكور 1/ 253. (10) انظر البرهان 1/ 245، وفيه: « ... وقيل لقلة المنسوخ فيه». وكذلك في الإتقان 1/ 180،

وأول المفصل سورة الحجرات «1» وقيل سورة (ق) «2». وعن ابن عباس: المفصل أوله من سورة «3» الضُّحى «4» لأنه يفصل من تلك السورة بين كل سورتين بالتكبير «5».

_ ومناهل العرفان 1/ 352، والذي تبين لي أنّ عبارة الزركشي ومن تابعه أوفق من عبارة السخاوي التي تقول: إنّه لم ينسخ من المفصل شيء، وسيأتي في هذا الكتاب كلام السخاوي نفسه على الناسخ والمنسوخ وسنجد هناك أنه قد ذكر كثيرا من القضايا التي قيل إنّها منسوخة من سور المفصل، وإن كان قد رد على أكثرها، إلّا أنّه سلّم ببعضها كقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ... المجادلة (12). قال: إنها منسوخة بالآية التي بعدها أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ، فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ... وسيأتي الكلام على هذا في موضعه- ان شاء الله تعالى-. انظر ص 855 وراجع نواسخ القرآن لابن الجوزي 478، والإتقان 3/ 67 ومناهل العرفان 2/ 268، وقد تردد في بعض تلك القضايا ولم يجزم بنسخها أو عدمه كما سيأتي عند كلامه على الناسخ والمنسوخ من سورة المزمل، وليس غرضي هنا الكلام على ذلك، وإنما أردت أن أقرر ما ذكره السخاوي وغيره من بعض قضايا النسخ في المفصل ... (1) يقول ابن حجر في الفتح: 2/ 249 - بعد أن سرد الأقوال في ذلك وهي ما يقرب من اثني عشر قولا- قال: «والراجح الحجرات ذكره النووي» اه. وقال في موضع آخر: 9/ 43: «وبه جزم جماعة من الأئمة». هكذا قال- رحمه الله- إلّا أن الذي مال إليه واختاره هو القول الآخر انظر الهامش الآتي. (2) واختاره الحافظ ابن حجر، انظر الفتح 2/ 195، 249، 9/ 43، والزركشي في البرهان 1/ 246. وقد سرد السيوطي في الإتقان اثني عشر قولا، ولم يصرح بالترجيح 1/ 180 إلّا أنه في الدر المنثور 7/ 587 ساق الآثار في ذلك عند أول تفسيره لسورة (ق) وهذا يدل على الترجيح، وبه جزم ابن كثير في تفسيره 4/ 220. (3) في بقية النسخ: (والضحى). (4) حكاه الخطابي والماوردي كما في فتح الباري 2/ 249 دون ذكر لابن عباس. وقال الزركشي: «عزاه الماوردي لابن عباس، حكاه الخطابي في غريبه ووجهه بأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير، قال: وهو مذهب ابن عباس وقراء مكة» البرهان 1/ 246، وانظر الاتقان 1/ 180. (5) قال ابن الجزري: «اختلف في سبب ورود التكبير من المكان المعين فروى الحافظ أبو العلاء بإسناده عن أحمد بن فرح عن البزي: أن الأصل في ذلك أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم انقطع عنه الوحي، فقال المشركون: قلى محمدا ربّه، فنزلت سورة وَالضُّحى فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (الله أكبر)، وأمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يكبر إذا بلغ (والضحى) ... مع خاتمة كل سورة حتى يختم. قلت- ابن الجزري- وهذا قول الجمهور من أئمتنا كابي الحسن بن غليون وأبي عمرو الداني، وأبي

وعن زر بن حبيش: قرأت القرآن كلّه في المسجد (الجامع) بالكوفة على أمير المؤمنين

_ الحسن السخاوي، «وغيرهم من متقدم ومتأخر» النشر 2/ 405. وقال ابن كثير: «وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة (الضحى) أنّه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفتر تلك المدة ثم جاء الملك، فأوحى إليه وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى السورة بتمامها كبر فرحا وسرورا. ولم يرد ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف، فالله أعلم اه. تفسيره 4/ 521. ونقل بعض هذا عنه ابن الجزري وقال: يعني كون هذا سبب التكبير، وإلا فانقطاع الوحي مدة أو ابطاؤه مشهور .. اه. النشر 2/ 406. أما حكم التكبير فقد قال مكي بن أبي طالب: «أجمع القراء على ترك التكبير إلّا البزي فإنّه روى عن ابن كثير أنه يكبر من خاتمة (والضحى) إلى آخر القرآن. من خاتمة كل سورة .. » اه. التبصرة: 564 ... وساق الذهبي عند ترجمته للبزي- بإسناده إلى البزي- قال: «سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت (والضحى) قال: كبر عند خاتمة كل سورة فإني قرأت على عبد الله بن كثير فلما بلغت (والضحى) قال كبر حتى تختم وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبيّ بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبيّ- رضي الله عنه- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمره بذلك» اه. ثم قال الذهبي: قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجه البخاري ولا مسلم اه معرفة القراء الكبار 1/ 175 وكان الذهبي قد قال قبل ذلك: «روى البزي في التكبير خبرا غريبا، رواه عنه جماعة» وراجع الميزان في ترجمة البزي 1/ 144، ثم ساق الذهبي بسند أبي عمرو الداني إلى البزي نحو ما تقدم قال: وبه قال موسى بن هارون، قال لي ابن أبي بزة: حدثت محمد بن ادريس الشافعي، فقال لي: إن تركت التكبير، فقد تركت سنّة من سنن نبيك صلّى الله عليه وآله وسلّم اه وانظر النشر 2/ 415. وقال ابن كثير في تفسيره: 4/ 521 «روينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ قال: قرأت على عكرمة ... وذكره بالسند الذي ذكره الذهبي إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم قال ابن كثير: «فهذه سنّة تفرّد بها البزي، وكان إماما في القراءات، فأما في الحديث فقد ضعفه أبو حاتم الرازي وقال: لا أحدّث عنه، وكذلك أبو جعفر العقيلي قال: هو منكر الحديث، لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في شرح الشاطبية عن الشافعي أنّه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة، فقال: أحسنت وأصبت السنّة، وهذا يقتضي صحة هذا الحديث» اه. وقال ابن الجزري في النشر 2/ 414 «وقد تكلم بعض أهل الحديث في البزي، وأظن ذلك من قبل رفعه له» اه. - وأما كيفية التكبير، فقال مكي بن أبي طالب: «قال الحسن بن مخلد: سألت البزي عن التكبير، فقال: «لا إله إلّا الله والله أكبر» التبصرة: ص 565. وكذلك ذكره الذهبي عن الحسن بن الحباب بن مخلد .. إلخ معرفة القراء الكبار 1/ 178. ثم قال مكي: «والذي قرأنا به، وهو المأخوذ به في الأمصار (الله أكبر) انتهى.

علي بن أبي طالب- رضوان الله عليه- فلما بلغت (الحواميم) قال لي أمير المؤمنين: (يا زر، قد بلغت عرائس القرآن) «1». وقال بعض الأئمة من السلف «2» - رضي الله عنهم-: في القرآن ميادين وبساتين ومقاصير «3» وعرائس «4». وديابيج «5»، ورياض «6»، فميادين القرآن: ما

_ قال ابن الجزري: أما صيغته فلم يختلف عن أحد ممن أثبته أنّ لفظه (الله أكبر) ولكن اختلف في الزيادة عليه، ثم ذكر من قال بالزيادة، وهي لفظة التهليل. النشر 2/ 429. وحكى ابن كثير القولين دون عزو. انظر تفسيره 4/ 521. - وأما بالنسبة لابتدائه وانتهائه، فقال ابن الجزري: ما ملخصه- اختلف الراوون للتكبير في ابتدائه وانتهائه، بناء منهم على أن التكبير هو لأول السورة أو لآخرها، فروى جمهورهم التكبير من أول سورة أَلَمْ نَشْرَحْ أو من آخر سورة وَالضُّحى على خلاف بينهم في العبارة، ثم ذكر من قال بهذا ومن قال بذاك .. وكذلك ذكر الخلاف هل يقف التكبير عند أول الناس أو في آخرها ثم يقرأ الفاتحة وخمس آيات من البقرة على العدد الكوفي، قيل بهذا وقيل بذاك انظر: النشر 2/ 417. هذه نبذة مما قاله العلماء حول حكم التكبير وسبب وروده وكيفيته حسب المقام، ومن أراد المزيد من التفصيل فليرجع إلى النشر في القراءات العشر لابن الجزري فقد خصص بابا للتكبير في آخر الكتاب اشتمل على 35 صفحة. وكان من ضمن الذين نقل عنهم ما يتعلق بموضع التكبير وحكمه في الصلاة: الإمام علم الدين السخاوي في شرحه للشاطبية. راجع النشر 2/ 423 وراجع كذلك الكلام على التكبير في البرهان 1/ 472، والإتقان 1/ 311. (1) الذي يظهر أنّ وصف الحواميم بالعرائس موقوف على عليّ رضي الله عنه. وأما تسميتها بذلك فقد ذكرها الدارمي في سننه 2/ 458 ونقلها عنه القرطبي 15/ 288، وذكرها أبو عبيد في فضائل القرآن: 187، ونقلها عنه ابن كثير 4/ 69، وانظر الدر المنثور 7/ 269، ولباب التأويل 6/ 73 وعلى هامشه معالم التنزيل. (2) نقل هذا القول عن السخاوي: السيوطي في الإتقان 1/ 163 بتصرف يسير. وانظر البرهان 1/ 454. (3) مقاصير: جمع مقصورة، شبّهت بالدار إذا كانت واسعة محصّنة الحيطان فكل ناحية منها على حيالها مقصورة. اللسان (قصر). (4) كأنه شبه المسبحات فيما تحمله من معاني وآداب وتنزيه لله تعالى بالعروس ليلة زفافها. (5) ساق أبو عبيد في فضائل القرآن 187 بسنده إلى عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: «آل حم ديباج القرآن». وفي اللسان (دبج) الديباج ضرب من الثياب، والجمع ديابيج، وسمّى ابن مسعود الحواميم «ديباج القرآن». (6) الرياض: جمع روضة، وهي الأرض ذات الخضرة، والبستان الحسن اللسان (روض).

افتتح «1» ب (الم)، وبساتينه: المفتتح ب (الر) ومقاصيره: الحامدات «2»، وعرائسه المسبحات «3»، وديابيجه، (آل حم)، ورياضه: المفصل.

_ (1) في ظ: ما أفتح. (2) أي السور المبدوءة بالحمد كالأنعام والكهف. (3) أي السور المبدوءة بالفعل الماضي (سبح) وما اشتق منه، وكأنّ الحواميم توصف بأنها عرائس- كما تقدم- وبأنها ديابيج كما هنا.

معنى السورة والآية

معنى السورة والآية والسورة «1» في اللغة «2»: الرفعة والاعتلاء «3». قال النابغة «4»: ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كلّ ملك دونها يتذبذب «5» أي منزلة ومرتبة عالية لا ينالها ملك.

_ (1) من هنا حصل تقديم وتأخير في د، ظ. ويشمل الحديث عن السورة والآية، أي إلى قوله: «وقالوا: الطواسين والطواسيم ... » الآتي ذكره، هذا مؤخر. وفي نظري أن ما في د، ظ أولى لاتصال الموضوع ببعضه. (2) وفي الاصطلاح: حد السورة قرآن يشتمل على آي ذوات فاتحة وخاتمة وأقلها ثلاث آيات. البرهان 1/ 164، والإتقان 1/ 150، وراجع مناهل العرفان 350. (3) انظر المفردات للراغب (سور) ص 247 ومجاز القرآن 1/ 3، وتفسير الطبري 1/ 46، وتفسير ابن عطية 1/ 81، وابن كثير 1/ 7، واللسان (سور) والإتقان 1/ 150، ومناهل العرفان 1/ 350. (4) واسمه زياد بن معاوية الذبياني، أبو أمامة، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى من أهل الحجاز (توفي نحو 18 ق هـ) شرح شواهد المغنى 78، وموسوعة الشعر العربي 2/ 237، والشعر والشعراء: 87، والأعلام 3/ 54. (5) البيت في ديوان النابغة 46. وهو من شواهد أبي عبيدة والراغب والطبري وابن عطية وابن كثير وابن منظور المتقدم ذكرهم آنفا وغيرهم.

وقال عدي «1»: نما بي وأنمابي إلى السور العلى ... أب كان أبا الدنية بارعا «2». ويقال: ساوره أي واثبه، لأن كل واحد منهما يطلب أن يعلو الآخر. وسورة «3» الغضب من ذلك، لأن الغضبان يريد أن يرتفع ويعلو «4». قال أبو عبيدة «5»: «وقد تهمز السورة، قال: فمن همزها جعلها من أسأرت أي أبقيت بقية وفضلة». قال: «كأنها قطعة من القرآن على حدة «6»». قلت: بل يجوز أن تكون «السؤرة» بالهمز بمعنى «السورة» بغير همز، وإنما همزها من همز لمجاورة الواو الضمة «7»، كما قيل: (السؤق) في (السوق) فتكون السورة سميت بذلك لرفعتها وعلو شأنها، أو لأنها رفعة ومرتبة لمن أنزلت عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم. والآية في العربية: الدلالة على الشيء والعلامة «8». وسمّيت آيات القرآن بذلك لأنّها علامات وشواهد ودلالات على صدق النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعلى الحلال والحرام وسائر الأحكام. وقالوا للراية: آية لأنّها علامة يستدلون بها «9».

_ (1) هو عدي بن زيد بن حماد بن زيد التميمي، شاعر، من دهاة الجاهلين، كان فصيحا، يحسن العربية والفارسية. توفي نحو 35 قبل الهجرة. الأعلام 4/ 220، وانظر جمهرة أنساب العرب ص 214. (2) لم أقف على من ذكر هذا البيت. (3) بفتح السين وسكون الواو. (4) اللسان (سور)، ومختار الصحاح، والمصباح المنير، والبرهان 1/ 264. (5) في بقية النسخ: أبو عبيد. (6) مجاز القرآن 1/ 5 (بنحوه) وراجع المفردات للراغب (سور) 248 والبحر المحيط 1/ 101، واللسان (سأر) وتفسير الطبري 1/ 46 وابن عطية 1/ 81، والبرهان 1/ 263، والإتقان 1/ 150، والقرطين لابن مطرف 1/ 26. (7) ذكر نحوه القرطبي 1/ 66. (8) وفي الاصطلاح: هي طائفة ذات مطلع ومقطع مندرجة في سورة من القرآن. راجع البرهان 1/ 266، والإتقان 1/ 187، ومناهل القرآن 1/ 339. (9) اللسان (أيا) والبرهان 1/ 266.

وقال زهير «1»: أراني إذا ما شئت لاقيت آية تذكرني بعض الذي كنت ناسيا «2» أي علامة وأمارة. وقال النابغة: توهمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع «3» وقال الله «4» عزّ وجلّ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا «5» أي علامة ودلالة على صدق ما جاء به نبيكم صلّى الله عليه وآله وسلّم «6». وقال الله «7» عزّ وجلّ ... وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ «8». وأما قولهم: جاءوا بآيتهم، فقال أبو عمرو «9»: بجماعتهم إذا جاءوا ولم يدعوا وراءهم شيئا «10».

_ (1) زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، حكيم الشعراء في الجاهلية (توفي سنة 13 ق هـ). انظر ترجمته في الشعر والشعراء ص 73، وشرح شواهد المغني: 131 وجواهر الأدب 2/ 46، والأعلام 3/ 52. (2) انظر: ديوان زهير: 107. (3) انظر: ديوان النابغة 79. ومجاز القرآن 1/ 33، وتفسير القرطبي 1/ 66، وابن كثير: 1/ 7 وشرح أبيات سيبويه للسيرافي 1/ 446، والكتاب لسيبويه: 2/ 86، والشطر الأول منه في الحجة لأبي علي الفارسي 1/ 257. (4) لفظ الجلالة ليس في د، ظ. (5) آل عمران (13). (6) تفسير الطبري 3/ 193، وابن كثير 1/ 350. (7) لفظ الجلالة ليس في بقية النسخ. (8) آل عمران (49). (9) إسحاق بن مرار الشيباني أبو عمرو، لغوي أديب، جمع أشعار نيف وثمانين قبيلة من العرب ودونها، سكن بغداد ومات بها (94 - 206 هـ) وقيل سنة 210 هـ. انظر تاريخ بغداد 6/ 329، والميزان 4/ 557، والأعلام 1/ 296. (10) انظر مشكل القرآن وغريبه لابن قتيبة 1/ 26، وتفسير ابن عطية 1/ 81 والقرطبي 1/ 66، واللسان 14/ 62، مادة (أيا) ومختار الصحاح والبرهان 1/ 266.

وقيل: كان الأصل في قولهم جاءوا بآيتهم للراية، ثم كثر حتى قيل للجماعة (آية) «1» وإن لم يكن معهم راية. قال البرج بن مسهر «2»: خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآياتنا نزجي اللقاح المطافلا وقال بعضهم: سمّيت آيات القرآن بذلك لأنّها جماعة حروف أو كلمات «3»، و «4» أصل «آية» عند سيبويه: (أوية) تركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا «5» وإنما جعل سيبويه موضع العين واوا دون الياء، قال: لأنّ ما كان موضع العين منه «واو» واللام «ياء» أكثر مما موضع العين منه واللام «ياء».

_ (1) في بقية النسخ: سقطت من الأصل. (2) برج من مسهر بن جلاس الطائي شاعر جاهلي، معمر، اختار أبو تمام أبياتا من شعره (توفي نحو 30 ق هـ). انظر: ترجمته في شرح شواهد المغني: 280، وموسوعة الشعر العربي 4/ 95، والأعلام 2/ 47، والبيت في تفسير القرطبي 1/ 66، وابن كثير 1/ 8، واللسان (أيا) 14/ 62. ومعنى النقبين: تثنية (نقب) وهو الطريق بين الجبلين. اللسان 1/ 767 (نقب). نزجى اللقاح: ونزج بمعنى: رقص، واللقاح: مصدر قولك: لقحت الناقة تلقح إذا حملت. اللسان 2/ 579 (لقح) و (نزج) 2/ 376. والمطافل: جمع بغير الياء، وهي الناقة التي قرب عهدها بالنتائج. اللسان 11/ 402 (طفل). فكأنّ الشاعر يقول: خرجنا من طريق لا يماثلنا أحد من أهل الأحياء، خرجنا بجماعتنا وبعددنا وعدتنا وركابنا المتنوعة. (3) وهو نحو كلام أبي عمرو الشيباني المتقدم. (4) سقطت الواو من ظ. (5) راجع اللسان 14/ 63 (أيا) فقد نقل كلام الجوهري عن سيبويه ثم قال: «- أي صاحب اللسان- قال ابن بري: لم يذكر سيبويه أن عين (آية) واو كما ذكر الجوهري، وإنما قال: أصلها (أيّة) - بفتح الهمزة دون مد وتشديد الياء-، فأبدلت الياء الساكنة ألفا، وحكى عن الخليل أن وزنها فعلة». أي على وزن شجرة، فتصير على هذا «أويه» أو «أيية» وقد ذكر هذا عن سيبويه كل من ابن عطية في تفسيره 1/ 82 والقرطبي 1/ 66 وابن كثير 1/ 8 والزركشي 1/ 266، وكل هؤلاء نقلوا عن سيبويه أن أصلها (أيية) أي أن موضع العين (ياء). وراجع اللسان أيضا حيث أنشد الشطر الأول من البيت الآتي لأبي زيد: لم يبق هذا الدهر من آيائه ... ................ قال: فظهور العين في آيائه يدل على كون العين «ياء». إلّا أن ابن منظور كان قد قرر قبل هذا أن أصل آية أوية بفتح الواو، وموضع العين واو. والنسبة إليه أووى. انتهى وهو نفس ما ذكره السخاوي.

لأنّ مثل «شويت» أكثر من «حييت». والنسب إليها (أووي) «1». وقال الفراء «2»: «آية فاعلة، والأصل: (آيية) «3»، ولكنها خففت، فذهبت منها اللام». وجمع آية: آي وآيات آياي على أفعال «4»، وأنشد أبو زيد «5»: لم يبق هذا الدهر من آيائه ... غير أثافيه وأرمدائه «6» وآية الرجل: شخصه، يقال منه: تأييته «7» وتآييته مثل تفعلته، وتفاعلته «8» إذا قصدت آيته. وقالت امرأة لابنتها: الحصن أدنى لو تأييته ... من حثيك الترب على الراكب «9» ويروى: لو تآييته- بالمد-.

_ (1) قال ابن بري: فأما (أووي) «فلم يقله أحد علمته غير الجوهري» اه. اللسان 14/ 63 (أيا). (2) يحيى بن زياد الديلمي، إمام العربية توفي سنة 207 هـ. طبقات المفسرين للداودي (2/ 367). (3) مثل آمنة، نسب هذا القول ابن عطية في تفسيره 1/ 82، إلى الكسائي وكذلك القرطبي 1/ 66، وابن كثير 1/ 8، والزركشي في البرهان 1/ 266. وذكره الراغب دون عزو وضعفه، قال: لقولهم في تصغيرها: (أييّة) - مثل أمية- ولو كانت (فاعلة) لقيل: «أوية» مادة (أي) 33. وذكره صاحب اللسان (أيا) معزوا إلى الفراء، وانظر: المصباح المنير 1/ 32 (أوى). (4) انظر: اللسان 14/ 63 (أيا) ومختار الصحاح ص 37. (5) هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، أبو زيد. أحد أئمة الأدب واللغة، من أهل البصرة، وتوفي بها (119 - 215 هـ). انظر جمهرة أنساب العرب 373، وتاريخ بغداد 9/ 77، والأعلام 3/ 92. (6) البيت في تفسير القرطبي 1/ 66، واللسان (أيا) 14/ 61، 62 وأورده ابن منظور كذلك في مادة (رمد) 3/ 185 بلفظ: لم يبق هذا الدهر من ثريائه ... .............. والأثافي: جمع (الأثفية) بالضم وبالكسر- الحجر توضع عليه القدر. القاموس المحيط 4/ 310. والأرمداء: كالأربعاء: الرماد. القاموس المحيط 1/ 306. (7) في د، ظ: ياييته. (8) انظر اللسان (أيا) تجد هذا بنصه. وراجع القاموس 4/ 303 فقد ذكر نحو ما هنا دون ذكر البيت. (9) قال ابن منظور: «في مادة (حصن) وامرأة حصان- بفتح الحاء- عفيفة بيّنة الحصانة والحصن- بضم الحاء في الثانية- .. وقد حصنت المرأة تحصن حصنا وحصنا وحصنا- بكسر فضم ففتح- إذا عفت عن الريبة فهي حصان» ثم أنشد البيت المذكور .. اللسان 13/ 120 «حصن».

وقوارع «1» القرآن: الآيات التي يتعوذ بها ويتحصن. وسمّيت بذلك لأنها تقمع الشيطان وتقرعه، وتصرف كل مخوف وتدفعه، كآية الكرسي «2»، والمعوذتين ويس، وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ «3» ونحوها. وقالوا «4» «5»: الطواسين والطواسيم، وآل حم والحواميم «6». وأنشد أبو عبيدة: ................ ... ... وبالطواسيم التي قد ثلثت وبالحواميم التي «7» قد سبعت «8» ... .................

_ (1) في لسان العرب 8/ 268 «قرع»: قرع الشيء قرعا: سكّنه وقرعه: وقوارع القرآن منه: «الآيات التي يقرأها إذا فزع من الجن والإنس فيأمن، مثل آية الكرسي وآيات آخر سورة البقرة وياسين، لأنها تصرف الفزع عمن قرأها، كأنها تقرع الشيطان» ونحوه في القاموس المحيط 3/ 69 «قرع». وهذه التسمية لبعض سور القرآن وآياته ذكرها السخاوي ونقلها عنه السيوطي في الإتقان 1/ 163 ولم أقف على من سبقهما إلى هذه التسمية. والله أعلم. (2) هي قوله تعالى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ .. (255). من سورة البقرة. (3) الملك (1). (4) تقدم أن قلت بأنه حصل تقديم وتأخير في د، ظ فمن هنا إلى آخر الكلام على ألقاب سور القرآن مقدم فيهما على الحديث عن السورة والآية. (5) والقائلون هم علماء علوم القرآن واللغة العربية، قالوا: الطواسين والطواسيم لأنّ الميم والنون متقاربتان في المخرج. وراجع اللسان 12/ 363 (طسم). (6) قال أبو عبيد: «آل حم كما يقال: هؤلاء آل فلان كأنك أضفتهم إليه». فضائل القرآن: 188 وانظر البرهان 1/ 248 واللسان 12/ 150 (حمم). (7) في مجاز القرآن: اللواتي سبعت. (8) هذان الشطران هما ضمن ثلاثة أبيات قيلت في أسماء سور القرآن الكريم أو في أقسام سور القرآن، وقد ذكرها أبو عبيدة بتمامها في مجاز القرآن قال: قال سليمان في جمع أسمائها: حلفت بالسبع اللواتي طولت ... وبمئين بعدها قد أمئيت وبمثان تثنيت فكررت ... وبالطواسيم التي قد ثلثت وبالحواميم اللواتي سبعت ... وبالمفصل اللواتي فصلت اه 1/ 7 وذكرها الطبري في مقدمة تفسيره دون عزو 1/ 46، ونقلها ابن منظور عن أبي عبيدة، انظر اللسان 12/ 363 (طسم) أمّا أبو عبيدة فقد عزاها إلى سليمان، والظاهر أنه سليمان بن يزيد العدوي، فقد ذكره أبو عبيدة عند تفسيره لسورة الروم مستشهدا ببيت من شعره. المجاز 2/ 124.

ألقاب سور القرآن

ألقاب «1» سور القرآن «2» وألقاب سور القرآن «3»: البقرة، وآل عمران، والنساء، وتسمّى سورة العقود: ب (العقود) وب (المائدة) «4».

_ (1) ألقاب جمع: لقب، واللقب: اسم يسمّى به الإنسان سوى اسمه الأول ويراعى فيه المعنى. واللقب ضربان: ضرب على سبيل التشريف كألقاب السلاطين، وضرب على سبيل النبز، وإياه قصد بقوله تعالى وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ الحجرات (11) قاله الراغب في المفردات 452 (لقب) وراجع اللسان 1/ 743 (لقب). ولا شك أن العلم ينقسم إلى اسم وكنية ولقب، فالاسم مثل زيد، والكنية: ما صدرت بأب أو أم، واللقب: ما أشعر برفعة المسمّى أو وضعه. وهو غير الاسم. انظر قطر الندى لابن هشام 134. (2) هناك كلمات مبتورة على هامش «ت» فهمت منها هذا العنوان. (3) قال الزركشي في البرهان 1/ 269 عند حديثه عن تعداد أسماء السور- «قد يكون للسورة اسم، وهو كثير، وقد يكون لها اسمان ... وقد يكون لها ثلاثة أسماء ... وقد يكون لها أكثر من ذلك .. » اه. ثم تحدث عن بعض السور التي لها أكثر من اسم مع التعليل لذلك وقد ذكر السيوطي في الإتقان 1/ 155 فما بعدها ذكر أسماء للسور سورة سورة إلّا القليل منها لم يتعرض لها، وهو نحو كلام السخاوي مع التصريح أحيانا بالنقل عنه. (4) تقدم الكلام عن أسماء السور، وهل هي توقيفية؟ أم البعض توقيفي والبعض الآخر ليس كذلك، وذلك عند الحديث عن أسماء سورة الفاتحة، وأضيف هنا ما قاله الإمام السيوطي حتى يتضح الأمر جليا حيث قال في كتابه التحبير- فيما نقله عنه صاحب الفتوحات الإلهية- وكون أسماء السور توقيفية إنما هو بالنسبة للاسم الذي تذكر به السورة وتشتهر، وإلّا فقد سمّى جماعة من الصحابة والتابعين سورا بأسماء من عندهم، كما سمّى حذيفة التوبة بالفاضحة وسورة العذاب، وسمّى خالد بن

والأنعام، والأعراف، والأنفال، وبراءة، وكانوا يسمونهما (القرينتين) «1» وتسمّى براءة: سورة العذاب. قال حذيفة «2» - رحمه الله-: «إنّكم تسمّونها سورة التوبة وإنما هي سورة العذاب والله ما تركت أحدا إلّا نالت منه «3». وتسمّى المقشقشة، لأنّها تقشقش من النفاق أي تبرئ منه «4»، وتسمّى المبعثرة «5» لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين، والحافرة لأنها حفرت عن أسرارهم، والمخزية والفاضحة، والمنكلة، والمدمدمة، والمشردة، وسورة التوبة «6». لقوله عزّ وجلّ لَقَدْ

_ معدان البقرة فسطاط القرآن، وسمّى سفيان بن عيينة سورة الفاتحة الوافية ... الخ» اه. الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية: 1/ 8. (1) راجع الكلام على هذا عند الحديث عن السبع الطّول فيما سبق. (2) حذيفة بن حسل بن جابر العبسي أبو عبد الله صحابي جليل، كان صاحب سر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنافقين، لم يعلمهم أحد غيره توفي سنة 36 هـ. صفة الصفوة 1/ 610، والإصابة 2/ 223 رقم 1643، والتقريب 1/ 156 والأعلام 2/ 171. (3) ذكر هذا بسنده إلى حذيفة: أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن باب سورة براءة 173. والسيوطي في الدر المنثور 4/ 120، والشوكاني في تفسيره 2/ 332 وكأنّ حذيفة- رضي الله عنه- يرى أنّ تسميتها بسورة العذاب أليق من تسميتها بسورة التوبة لما اشتملت عليه من فضح المنافقين وهتك أستارهم ... إلى آخر تلك المعاني التي تحملها السورة في طياتها وهذا رأيه واجتهاده. ولعل ذلك كان قبل إجماع الصحابة على كتابة المصاحف. والله أعلم. (4) انظر: الكشاف للزمخشري 2/ 171 والدر المنثور 4/ 120، والإتقان 1/ 155. وهذا كما قيل لسورة الكافرون والاخلاص: المقشقشتان. قال أبو عبيدة: «ومعناه المبرئتان من الكفر والشك والنفاق كما يقشقش الهناء الجرب فيبرئه». مجاز القرآن 1/ 6 وانظر: اللسان «قشقش» 6/ 337. (5) قال السيوطي:- أثناء ذكره لأسماء براءة- وحكى ابن الفرس من أسمائها المبعثرة- وأظنه تصحيف المنقرة- فإن صح كملت الأسماء عشرة، ثم رأيته كذلك- يعني المبعثرة- بخط السخاوي في «جمال القراء» وقال: لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين وذكر فيه من أسمائها: المخزية والمنكلة والمشردة والمدمدمة». الإتقان 1/ 155 - 156. (6) قال الزمخشري: «لها عدة أسماء- ثم ذكرها، إلى أن قال: وهي تقشقش من النفاق: أي تبرئ منه، وتبعثر عن أسرار المنافقين تبحث عنها وتثيرها وتحفر عنها وتفضحهم وتنكلهم، وتشرد بهم وتخزيهم وتدمدم عليهم ... » الكشاف 2/ 171 ونقله عنه الفخر الرازي 15/ 215 وذكر لها ابن الجوزي تسعة أسماء مع عز وكل قول لقائله .. قال: والمشهور بين الناس: «التوبة وبراءة» زاد المسير 3/ 389.

تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ ... «1» إلى قصة كعب «2» بن مالك، ومرارة بن الربيع «3»، وهلال بن أمية «4» «5». وسورة يونس- عليه السلام-، وسورة هود- عليه السلام- وإنما سمّيت به دون من ذكر فيها من الأنبياء لخفة اسمه، ولم يقل سورة نوح، لأن السورة «6» الأخرى تسمّى سورة نوح، ولم يقل سورة لوط، لأن قصته لم ينفرد بها دون إبراهيم- عليه السلام «7» -. وسورة يوسف- عليه السلام- وسورة الرعد، وسورة إبراهيم «8»، وسورة الحجر، وسورة النحل، وتسمّى سورة النعم وسورة النعيم، وسبحان وتسمّى سورة الإسراء وسورة بني إسرائيل، وسورة الكهف، و (كهيعص)، وتسمّى سورة مريم- عليها السلام-، وطه، وتسمّى سورة الكليم «9»، وسورة اقترب «10» وتسمّى سورة الأنبياء-

_ (1) التوبة: (117). (2) كعب بن مالك بن عمرو الأنصاري، صحابي شاعر أحد الثلاثة الذين خلفوا «مات سنة 50 هـ» أو نحوها. مشاهير علماء الأمصار 18 والإصابة 8/ 304، رقم 4727 والتقريب 2/ 135 والأعلام 5/ 228. (3) هو مرارة بن الربيع العامري الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، شهد بدرا، وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك، وتاب الله عليهم ونزل القرآن في شأنهم. انظر الاستيعاب على هامش الإصابة 9/ 59، وفيه: «مرارة بن ربيعة، ويقال: ابن ربيع ... » وراجع البداية والنهاية 5/ 22 والإصابة 9/ 159 رقم 7859. (4) هلال بن أمية الواقفي، شهد بدرا، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا وهو الذي قذف زوجته بشريك بن سحماء. انظر الاستيعاب 10/ 402 والإصابة 10/ 252 رقم 8979. (5) انظر قصة هؤلاء الثلاثة في سيرة ابن هشام 2/ 519 531، وزاد المعاد 3/ 552، والبداية والنهاية 5/ 21. (6) في ظ: لأنّ سورة الأخرى. خطأ. (7) انظر نحو هذا التعليل في البرهان 1/ 271، والإتقان 1/ 160. ومما قاله الزركشي- معللا لتسميتها بهذا الإسم- قال: «تكررت هذه القصص في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء بأوعب مما وردت في غيرها ولم يتكرر في واحدة من هذه السّور الثلاث اسم هود- عليه السلام- كتكرره في هذه السورة، فإنّه تكرر فيها عند ذكر قصته في أربعة مواضع .. » اه من المصدر نفسه. (8) في د، ظ: وسورة إبراهيم- عليه السلام-. (9) يقول السيوطي في الإتقان 1/ 161: «رأيت في (جمال القراء)» للسخاوي أن سورة طه تسمّى «سورة الكليم»، وأعاد السيوطي نقل ذلك عن السخاوي 1/ 157 عند حديثه عن أسماء السور. (10) في د. وظ: وسورة اقتربت. غلط.

عليهم السلام-، وسورة الحج، و (قد أفلح) وتسمّى سورة المؤمنين «1»، وسورة النور، وسورة الفرقان، و (طسم) وتسمّى الشعراء، وطس، وتسمّى سورة النمل وسورة سليمان- عليه السلام-، و (طسم) وتسمّى سورة القصص، و (الم أحسب الناس) وتسمّى سورة العنكبوت، و (الم غلبت الروم) وتسمّى سورة الروم، والسورة التي بعدها «2» تسمّى سورة لقمان، وبعدها السجدة، وبعدها الأحزاب، وبعدها سورة سبأ، وبعدها فاطر، وتسمّى سورة الملائكة، وبعدها يس، وهي قلب القرآن. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «وقلب القرآن يس» «3» وبعدها الصافات، وسورة ص، وتسمّى سورة داود- عليه السلام-، وسورة الزمر وتسمّى سورة الغرف، وسورة غافر وتسمّى سورة المؤمن، و (حم) السجدة، وتسمّى فصلت، وتسمّى أيضا سورة المصابيح، «وحم عسق» وتسمّى الشورى، وتليها الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية وتسمّى الشريعة، ثم الأحقاف، ثم سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وتسمّى سورة القتال، ثم سورة الفتح، ثم الحجرات، ثم سورة ق، ويقال لها: سورة الباسقات، ثم الذاريات، ثم الطور، ثم النجم، ثم (اقتربت الساعة) وتسمّى سورة القمر، ثم سورة الرحمن عزّ وجلّ، ثم الواقعة، ثم الحديد، ثم المجادلة، ثم الحشر، ثم سورة الممتحنة- بفتح الحاء «4» -، والممتحنة: سبيعة بنت الحارث «5». وتسمّى أيضا سورة المودة وسورة الامتحان «6»، ثم

_ (1) هكذا بالجر على الإضافة ويجوز الرفع على الحكاية. (2) كلمة (بعدها) ساقطة من د، ظ. (3) أخرجه الدارمي في سننه 2/ 456 كتاب فضائل القرآن، والترمذي في سننه 8/ 196 أبواب فضائل القرآن، وراجع تفسير ابن كثير 3/ 562 والدر المنثور 7/ 37. قال العجلوني: والحديث فيه ضعف ولكنه يعمل به في فضائل الأعمال. كشف الخفاء 1/ 232 رقم 709. (4) يقول ابن حجر في الفتح: 8/ 633 «والمشهور في هذه التسمية: فتح الحاء، وقد تكسر وبه جزم السهيلي، فعلى الأول هي صفة المرأة التي نزلت السورة بسببها وعلى الثاني صفة للسورة كما قيل لبراءة: الفاضحة» اه. وراجع الإتقان 1/ 158. (5) سبيعة بنت الحارث الأسلمية. انظر أسباب النزول للواحدي: 241 وراجع ترجمتها في الاستيعاب 13/ 36، والإصابة 12/ 296 رقم 518، 521 والتقريب 2/ 601. وقد رجح القرطبي 18/ 49، 61، وابن حجر 8/ 633 والشوكاني 5/ 209 أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. وراجع لباب النقول للسيوطي 733 والدر المنثور 8/ 132. (6) نقل هاتين التسميتين عن المؤلف السيوطي في الإتقان 1/ 158.

سورة الصف، وتسمّى سورة الحواريين، ثم سورة الجمعة، ثم سورة المنافقين، ثم سورة التغابن، ثم سورة الطلاق، وتسمّى سورة النساء القصري، ثم سورة التحريم، وتسمّى أيضا سورة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم تبارك، وتسمّى سورة الملك والواقية والمنجية والمانعة «1» والمناعة «2»، ثم سورة (ن) وتسمّى سورة القلم، ثم الحاقة ثم (سأل سائل) ويقال لها: سورة الواقع وسورة المعارج، ثم سورة نوح- عليه السلام-، ثم (قل أوحي) وتسمّى سورة الجن وسورة الوحي، ثم سورة المزمل، ثم سورة المدثر، ثم سورة (لا أقسم) وتسمّى سورة القيامة، ثم (هل أتى) وتسمّى سورة الإنسان، ثم المرسلات، ثم (عم يتساءلون) وتسمّى سورة النبأ، وسورة التساؤل ثم النازعات، وتسمّى سورة الساهرة، وسورة الطامة ثم عبس وتسمّى سورة السفرة، ثم (إذا الشمس كورت) ويقال لها: سورة التكوير وتسمّى أيضا كورت، ثم (إذا السماء انفطرت) ويقال لها: سورة الانفطار. وتسمّى أيضا انفطرت، ثم سورة «3» المطففين، وتسمّى سورة التطفيف، ثم (إذا السماء انشقت) ويقال لها: سورة الانشقاق ويقال ايضا: انشقت، ثم سورة البروج، ثم سورة الطارق، ثم سورة الأعلى عزّ وجلّ، ثم سورة الغاشية ثم سورة (والفجر) ثم سورة البلد، ثم سورة (والشمس)، ثم سورة (والليل)، ثم سورة (والضحى)، ثم «4» (ألم نشرح)، ثم سورة (والتين)، ثم سورة (اقرأ)، وتسمّى سورة العلق، وسورة القلم ثم سورة القدر، ثم سورة (لم يكن) وتسمّى سورة البريّة والبينة والقيمة والانفكاك «5». ثم (إذا زلزلت) وتسمّى سورة الزلزلة والزلزال ويقال لها أيضا: زلزلت، ثم (والعاديات)، ثم (القارعة)، ثم (ألهاكم) وتسمّى سورة التكاثر، ثم (والعصر)، ثم (الهمزة)، ثم سورة الفيل، ثم سورة قريش، وهما سورتان «6».

_ (1) أخرج الترمذي بسنده إلى ابن عباس يرفعه أن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: « .. هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر» قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه اه. انظر السنن 8/ 300. (2) قال السيوطي: «وفي «جمال القراء»: تسمّى أيضا الواقية والمناعة» الإتقان 1/ 159. (3) كلمة (سورة) ليست في د، ظ. (4) في ظ: ثم سورة أَلَمْ نَشْرَحْ. (5) نقله السيوطي في الإتقان 1/ 159 عن السخاوي. (6) وهذا هو الصحيح، ومن قال: إنهما سورة واحدة نظرا لاتصال ألفاظهما ومعانيهما، فهو قول مرجوح، والكثير على خلافه. انظر مشكل القرآن وغريبه 2/ 218، وتفسير الطبري 30/ 306، والقرطبي 20/ 200، وأبي حيان 8/ 514، وابن كثير 4/ 553، والدر المنثور 8/ 634، والإتقان 1/ 186.

وعن جعفر الصادق «1» وأبي نهيك «2»: أن ذلك سورة واحدة من غير فصل «3»، ثم (أرأيت) وتسمّى سورة الدين وسورة الماعون، ثم «4» (إنّا أعطيناك) وتسمّى سورة الكوثر، ثم (قل يا أيّها الكافرون) ويقال لها: الكافرون، ويقال: سورة الكافرين، ويقال لها أيضا: سورة العبادة، ثم سورة النصر، وتسمّى سورة التوديع «5»، لما فيها من الإيماء إلى وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «6»، ثم سورة (تبت) وتسمّى سورة المسد، ثم (قل هو الله أحد) وتسمّى سورة الإخلاص وسورة الأساس لاشتمالها على توحيد الله تعالى الذي هو أساس الدين «7»، ثم سورة الفلق، ثم سورة الناس ويقال لهما: المعوذتان، والمشقشقتان «8»، من قولهم: شقشق البعير إذا هدر، وشقشق العصفور وخطيب مشقشق، وخطيب ذو شقشقة، والشقشقة: التي يخرجها البعير من فيه إذا هاج كالرئة شبه الخطيب بالفحل «9». وهاتان سورتان من القرآن بإجماع الأمة، ويروى عن ابن مسعود أنه كان يحكمهما من المصاحف، ويقول: «لا تزيدوا «10» في كتاب الله ما ليس منه» «11». فإن كان هذا

_ (1) جعفر بن محمد الباقر بن علي بن الحسين، الهاشمي القرشي أبو عبد الله الملقب ب «جعفر الصادق» سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، كان من أجلاء التابعين (80 - 148 هـ) صفة الصفوة 2/ 168 والتقريب: 1/ 132، والأعلام 2/ 126. (2) أبو نهيك- بفتح فكسر- وهناك كثير ممن يكنى بهذه الكنية. راجع الكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 849 وللدولابي 2/ 142، والاستيعاب 12/ 164، والتقريب 2/ 15، 482، ولم أستطع الجزم بالمقصود هنا، إلّا أنني أميل إلى أنّه القاسم بن محمد الأسدي، روى عنه الثوري وغيره. كما في الكنى للإمام مسلم والدولابي. والله أعلم. (3) ونقل هذا عن السخاوي: السيوطي في الإتقان 1/ 186. (4) في بقية النسخ: ثم سورة إِنَّا أَعْطَيْناكَ. (5) راجع فتح الباري 8/ 736، وتفسير القرطبي 20/ 229، 232. والإتقان 1/ 159. (6) وهذا ما فهمه ابن عباس رضي الله عنهما من هذه السورة فقد روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال: «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر ... إلى أن قال: هو أجل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أعلمه له، قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وذلك علامة أجلك- فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً، فقال عمر: ما أعلم منها إلّا ما تقول» فتح الباري 8/ 735. (7) في بقية النسخ: لاشتمالها على توحيد الله عزّ وجلّ وهو أساس .. إلخ. (8) انظر: تفسير القرطبي 20/ 251 والإتقان 1/ 159. (9) انظر اللسان 10/ 185 (شقق) والقاموس المحيط 3/ 259، وغريب الحديث لأبي عبيد 2/ 53. (10) في د، ظ: لا يزيدوا. تصحيف. (11) انظر مسند الإمام أحمد 5/ 129، 130، والمصنف لابن أبي شيبة 10/ 538، وتفسير ابن كثير 4/ 571، والدر المنثور 8/ 683.

صحيحا «1» عنه فسببه أنّه رأى رسول «2» الله صلّى الله عليه وسلّم يعوذ بهما سبطيه «3» فظنّ أنهما «4» عوذتان. والمسلمون كلهم على خلاف ذلك «5»، ومثل هذا ما حكي عن أبي أنه زاد في مصحفه سورتين: إحداهما تسمّى سورة الخلع «6» وهي: (اللهم إنّا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك، ونؤمن بك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يهجرك)، وتسمّى الثانية سورة الحفد «7» وهي: (اللهم إيّاك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعي ونحفد، نرجوا «8» رحمتك، ونخشى عذابك إنّ عذابك بالكفار ملحق) «9» فهذا أيضا مما أجمع المسلمون على خلافه.

_ (1) قال ابن حجر في الفتح: 8/ 743 - بعد أن نقل إنكار هذه الرواية عن ابن مسعود- «الطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل» اه. ثم أخذ يورد بعض التأويلات المحتملة لعمل ابن مسعود- رضي الله عنه- وراجع تفسير ابن كثير 4/ 571 والدر المنثور 8/ 683، وروح المعاني 30/ 357، ومناهل العرفان 1/ 275، وكلام الشيخ عبد القادر الأرناءوط في تعليقه على جامع الأصول 2/ 443. (2) في د، ظ: النبي صلّى الله عليه وسلّم. (3) أي الحسن والحسين- رضي الله عنهما-، لأنّ من معاني السبط ولد الولد، وهو أحد الأسباط، ويطلق على غير ذلك. انظر: اللسان «سبط» 7/ 310. (4) في د: فظنهما. ثم كتب في الحاشية: في الأصل: فظن أنهما. (5) راجع مشكل القرآن وغريبه لابن قتيبة 2/ 222، وتفسير القرطبي 20/ 251، والألوسي 30/ 357، والبرهان 1/ 251، وتفسير ابن عيينة 349، وإعجاز القرآن للباقلاني 292. (6) مأخوذ من قوله في الدعاء: (ونخلع ونترك من يهجرك). وفي المصباح المنير مادة (خلع) 178. وفي الدعاء: (ونخلع ونهجر من يكفرك) اه. قال ابن منظور: (خلع الشيء) يخلعه خلعا: جرده. اللسان (خلع) 8/ 76. (7) مأخوذ من قوله في الدعاء: (وإليك نسعى ونحفد). وفي المصباح المنير 141 (حفد) حفد حفدا، من باب ضرب أي أسرع، وفي الدعاء (وإليك نسعى ونحفد) أي نسرع إلى الطاعة وانظر: اللسان 3/ 153 (حفد) وغريب الحديث 2/ 96. (8) في ظ: ونرجوا. (9) راجع فضائل القرآن لأبي عبيد 284، والبرهان 1/ 251، والإتقان 1/ 184، 185، والدر المنثور 8/ 695 آخر التفسير، والمغني لابن قدامة 2/ 153، ومشكل القرآن 2/ 223، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل 2/ 164، 170.

_ والذي تبين لي مما أورده السيوطي في الدر والإتقان أن هذا الذي حكي عن أبي بن كعب نزل به جبريل- عليه السلام- على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو في الصلاة لما قنت يدعو على مضر، وهو- لا شك- دعاء من الأدعية المأثورة كتبها أبيّ أولا في مصحفه خشية نسيانها، خصوصا وأنّ المسلمين أجمعوا على عدم اعتبار ذلك قرآنا راجع مناهل العرفان 1/ 264، 271، وإعجاز القرآن للباقلاني 292، وأبيّ- رضي الله عنه- كان ممن جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر وعثمان- رضي الله عنهما-. راجع المصاحف لابن أبي داود: 15، 31، 33، 34، 38.

الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز

الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز «1» لا ريب في عجز البلغاء وقصور الفصحاء عن معارضة القرآن العظيم، وعن الإتيان بسورة من مثله في حديث الزمان والقديم، وذلك ظاهر مكشوف ومتيقن معروف، لا سيما القوم الذين تحداهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «2»، فإنّهم كانوا ذوي حرص على تكذيبه والردّ عليه، وحالهم معه معروفة، في معاداته ومعاندته وإظهار بغضه وأذاه، وقذفه بالجنون والشعر

_ (1) تناول العلماء الحديث عن إعجاز القرآن من قبل السخاوي ومن بعده، وبينوا أنّ العرب كانوا قبل مجيء الإسلام يتخبطون في ظلمات من الجهل بالدين سوى ما بقي من ملة إبراهيم- عليه السلام- وقد اختلط الحق بالباطل والصحيح بالزائف والدّين بالخرافة، ولكنهم لم يكونوا جهالا في معرفة أسرار البلاغة، وسحر البيان، بل كانوا يدركون ذلك دون إمعان نظر وكثرة تفكير .. ومن هنا كان المناسب لهم أن يخاطبوا بالقرآن الذي دخل عليهم من الباب الذي يجيدونه ويحسنونه والذي حازوا فيه قصب السبق، وهم أهل اللسان والبيان، حتى يتبين لهم أن هذا الكتاب حق وأنّ الذي جاء به صادق، فتلزمهم الحجة فيذعنون ويؤمنون عندئذ ويسعدون، إلّا من كتب الله عليهم الشقاوة، وذلك هو الخسران المبين وكما قلت بأن كثيرا من العلماء اعتنوا بهذا الجانب وبيّنوا كثيرا من وجوه إعجاز القرآن، فمن أراد الوقوف على ذلك فليرجع إلى إعجاز القرآن للباقلاني 8 - 47، وثلاث رسائل في إعجاز القرآن للرماني، والخطابي والجرجاني والشفا للقاضي عياض 1/ 258 - 279، والبداية والنهاية: 6/ 65، والبرهان 2/ 90، ومقدمتي تفسير ابن عطية 1/ 71، والقرطبي 1/ 79 والإتقان 4/ 3 ومناهل العرفان 2/ 331، والمعجزة الكبرى- القرآن الكريم- (66)، والنبأ العظيم ص 80 فما بعدها. (2) فإذا عجز أولئك الفصحاء البلغاء والذين نزل القرآن بلسانهم، فمن باب أولى غيرهم ممن يأتي بعدهم على مر العصور. راجع كلام أبي بكر الباقلاني في هذا في كتابه إعجاز القرآن: 250.

والسحر، فكيف يترك من هذه حاله معارضته، وهو قادر عليها ومماثلته وهو واصل إليها «1»؟! هذا وهو ينادي عليهم بقوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنس وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً «2». مع ما فيه من سبهم وسب آبائهم، ووصفهم بالجهل والعجز، وإيعادهم بالعذاب والنكال وسوء المنقلب، ورميهم بالكذب والافتراء، وتقبيح الأفعال، وتهجين ما هم عليه من الأحكام الفاسدة، وإطالة القول في ذلك، وفي شرح أحوالهم واستقباح أعمالهم، وفيما أعد لهم من الهوان والنكال في الدنيا والمآل «3». أليس هذا وشبهه ممّا يحملهم على المعارضة لو كانوا قادرين عليها «4»؟! ومما يجذبهم إلى المناظرة لو وجدوا سبيلا إليها «5»؟. وحالهم في الجدال معلومة، وأمورهم في تفاخرهم وطلبهم الترفّع مفهومة، وقد كانوا يجعلون أموالهم دون أعراضهم، ويهون عليهم كل مستصعب في بلوغ أغراضهم، فإذا هجاهم شاعر جدّوا في معارضته وإجابته، واستعانوا على ذلك بمن يحسنه ويظهر عليه في مقاولته ومحاورته «6»، فلا ريب إذا في أنهم راموا ذلك فما أطاقوه، وحاولوه فما استطاعوه، وأنّهم رأوا نظما عجيبا خارجا عن أساليب كلامهم، ورصفا بديعا مباينا لقوانين بلاغتهم ونظامهم، فأيقنوا بالقصور عن معارضته، واستشعروا العجز عن مقابلته. وهذا هو الوجه في إعجاز القرآن، كما قال بعضهم: القرآن لا يدركه عقل ولا يقصر عنه فهم.

_ (1) راجع المصدر السابق والشفا للقاضي عياض 1/ 267. (2) الإسراء (88). (3) راجع ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 21، وإعجاز القرآن للباقلاني: 20. (4) يقول الباقلاني: « .. ألا ترى أنّهم قد ينافر شعراؤهم بعضهم بعضا؟ ولهم في ذلك مواقف معروفة وأخبار مشهورة وآثار منقولة مذكورة، وكانوا يتنافسون على الفصاحة والخطابة .. ويتفاخرون بينهم، فلن يجوز- والحال هذه- أن يتغافلوا عن معارضته لو كانوا قادرين عليها». إعجاز القرآن: 23. (5) يقول عبد القاهر الجرجاني: «إنّهم لم يشكوا في عجزهم عن معارضته والإتيان بمثله ولم تحدثهم أنفسهم بأنّ لهم إلى ذلك سبيلا على وجه من الوجوه .. » إلى آخر ما ذكره من إبائهم ومحاولتهم الانتصار والظهور على منافسيهم في هذا المجال. انظر ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 119. (6) في ظ: ومجاوزته.

وأما ما تضمنه القرآن العزيز من الأخبار عن المغيّب: فليس ذلك ممّا تحدّاهم به «1» ولكنه دليل على صدق الرسول، وأنه كلام علّام الغيوب، وكذلك أيضا دلالة حال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في كونه أميا لا معرفة له ولا يحسن ان يقرأ «2» ولا وقف على شيء من أخبار الأمم السالفة، حتى إنّه لا يقول الشعر ولا ينظر في الكتب «3». ثم إنّه قد أتى بأخبار القرون الماضية والأمم الخالية، وبما كان من أول خلق الأرض والسماء إلى انقضاء الدنيا، وهم يعلمون ذلك من حاله ولا يشكون فيه فهذه الحال دليل قاطع بصدقه صلى الله عليه «4» وعلى آله «5». ولكن إعجاز القرآن من قبل أنه خارج في بديع نظمه وغرابة أساليبه عن معهود كلام البشر «6»، مختص بنمط غريب لا يشبه شيئا «7» من القول في الرصف «8» والترتيب لا هو من

_ (1) هو نوع من أنواع الإعجاز ولكنه غير منحصر في هذا النوع. انظر: الشفا للقاضي عياض 1/ 268. والبرهان 2/ 95، والإتقان 4/ 7، ومناهل العرفان 2/ 367، وثلاث رسائل في إعجاز القرآن 23، وإعجاز القرآن للباقلاني: 33 والبداية والنهاية لابن كثير: 6/ 71، وفضائل القرآن له في آخر تفسيره: 5. (2) قال الباقلاني: «الوجه الثاني من وجوه الإعجاز: أنّه كان معلوما من حال النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان أميا لا يكتب ولا يحسن أن يقرأ» إعجاز القرآن: 34. ولا يفهم من هذا أنّ الأمية تعد معجزة بذاتها، فإنّها صفة مشتركة ولكن بانضمامها إلى غيرها يمكن اعتبارها، وهذا هو ما قرره العلماء. (3) قال الخطابي: «وكانوا مرة- لجهلهم وحيرتهم- يقولون: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا الفرقان (5) مع علمهم أن صاحبهم أمي وليس بحضرته من يملي أو يكتب .. البيان ضمن ثلاث رسائل 28، وانظر البرهان 2/ 104، والإتقان 4/ 14. (4) في د، ظ: صلّى الله عليه وسلّم. (5) راجع المصدر السابق، والبداية والنهاية لابن كثير 6/ 72. (6) وهو نحو كلام الباقلاني في إعجاز القرآن 35 - 50. قال ابن عطية في مقدمة تفسيره: «والصحيح الذي عليه الجمهور أن التحدي إنّما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه» 1/ 71، ونقله عنه القرطبي 1/ 76 والزركشي 2/ 97، والسيوطي في الإتقان 4/ 8، وانظر الشفا 1/ 264، ومناهل العرفان 2/ 332. ويقول الزركشي:- بعد أن ساق الأقوال في وجوه الإعجاز- «أهل التحقيق على أنّ الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال، لا بكل واحد على انفراده فإنّه جمع ذلك كله، فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على الجميع ... » اه. البرهان 2/ 106. ونقله عنه السيوطي 4/ 15 وهو كما قالا. (7) في ظ: لا يشبهه شيئا. خطأ. (8) في ظ: في الوصف. والرصف: ضم الشيء بعضه إلى بعض ونظمه. اللسان 9/ 119 (رصف).

قبيل الشعر، ولا هو «1» من ضروب الخطب والسجع «2»، يعلم من تأمله أنه خارج عن المألوف، مباين للمعروف، متناسب في البلاغة، متشابه في البراعة، بريء من التكلف، منزّه عن التصنع والتعسف، وكلام البشر- وإن كان من فصيح بليغ- يظهر فيه- إذا طال- تفاوت واختلاف وإخلال «3». والقرآن «4» العزيز على ذوق واحد، إن بشّر أو أنذر أو وعظ أو حذّر «5» أو قصّ وأخبر، أو نهى أو أمر «6»، وليس ذلك لرؤساء الكلام وفحول النظام، فقد يجيد بعضهم المدح ويقصّر في ضده، وفي وصف الخيل وسير الليل دون وصف الحرب والجود والمطر والسيل. والقرآن العزيز كله- وإن أطال «7» في هذه المعاني التي ذكرتها أو أوجز على قريّ «8» واحد، [لا لتعثر] «9» فيه على اختلاف ولا لتقصير بواحد فلا يشك في صحة نزوله من عند الله عزّ وجلّ ذو بصيرة «10».

_ (1) (هو) ليست في بقية النسخ. (2) انظر جواب الباقلاني على من ادعى أنّ القرآن مشتمل على الشعر والسجع (53 - 57). (3) يقول الباقلاني: «ومتى تأملت شعر الشاعر البليغ: رأيت في شعره على حسب الأحوال التي يتصرف فيها، فيأتي بالغاية في البراعة في معنى فإذا جاء إلى غيره قصر عنه ووقف دونه، وبان الاختلاف على شعره، وهؤلاء لا خلاف في تقدمهم في صنعة الشعر، ولا شك في تبريزهم في مذهب النظم والخطب والرسائل ونحوها، وذكر مثل هؤلاء يغني عن ذكر غيرهم» اه. انظر إعجاز القرآن: 37 (باختصار يسير). (4) سقطت الواو من ظ. (5) في بقية النسخ: أو وعظ وحذر. (6) انظر نحو هذا في ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 27. وإعجاز القرآن للباقلاني: 36 والبرهان للزركشي: 2/ 103. (7) في د، ظ: وان طال. (8) القرو والقريّ: كل شيء على طريق واحد، يقال: ما زال على قرو واحد وقري واحد، ورأيت القوم على قرو واحد، أي على طريقة واحدة. اللسان 15/ 175 (قرا). (9) هكذا في الأصل: لا لتعثر فيه. ولا معنى لها. وفي د، ظ: لا تعتز وكذلك لا معنى لها. وفي ظق: لا تعثر. وهو الصواب. (10) يقول الخطابي: «ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الامور، والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قوى البشر، ولا تبلغه قدرتهم فانقطع الخلق دونه، وعجزوا عن معارضته بمثله .. » اه. ثلاث رسائل في اعجاز القرآن: 28. ونقله عنه الزركشي في البرهان 2/ 104، والسيوطي في الإتقان 4/ 13.

ولا قدرة لأحد من البشر على أن يأتي بمثله في أحكام معانيه «1» وانتظام ألفاظه وبديع مناهجه «2». ولقد عجزت العرب- مع قدرتها على التصرف في الكلام والفصاحة وفروع البلاغة- عن معارضته بسورة «3». ومن السور ما يقل عدده «4»، وقد أعلمهم أنهم لا يقدرون على ذلك «5»، فنطق لسان الحال بعجزهم، ووقوع إياسهم من الوصول الى شيء منه، وانحرفوا إلى القتال وبذل الأموال في المعاندة «6»، فالقرآن إذا لهذا السبب: أعظم آياته صلّى الله عليه وسلّم، وأوضح الأدلة على صحة نبوته «7». ولهذا قال الله عزّ وجلّ: .. لا رَيْبَ فِيهِ* «8» أي لا يرتاب فيه ذو لبّ فإن قيل: ما معنى قولكم: النظم الغريب والرصف العجيب؟ وهل ثم زائد على تعلق الكلام بعضه ببعض، وذلك: الإسم بالاسم والفعل بالاسم والحرف بهما، وهذا موجود في كلام العرب، فبأي شيء باين القرآن كلام العرب؟ قيل: ما كل ما يحيط به العلم تؤديه الصفة، ولكن ألست تفضل كلام البلغاء والخطباء على غيره؟!. وترى أيضا فلانا أبلغ من فلان وأخطب وأشعر وأفصح؟

_ (1) في د، ظ: في إحكام مكانته. (2) في بقية النسخ: منهاجه. (3) في: ظ: عن معارضة سوره. (4) كسورة الكوثر مثلا فإنّها أقصر سورة، وهي ثلاث آيات قصار. راجع إعجاز القرآن للباقلاني 254، ومناهل العرفان: 2/ 129. (5) والتحدي بسورة هي آخر المراحل التي تحداهم بها فعجزوا. قال تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ .. يونس (38). (6) راجع نحو هذا في إعجاز القرآن للباقلاني: 249. (7) يقول ابن كثير: «ومثل هذا التحدي إنما يصدر عن واثق بأنّ ما جاء به لا يمكن للبشر معارضته ولا الاتيان بمثله، ولو كان من منقول من عند نفسه لخاف أن يعارض فيفتضح، ويعود عليه نقيض ما قصده من متابعة الناس له، ومعلوم لكل ذي لب أن محمدا صلّى الله عليه وآله وسلّم من أعقل خلق الله تعالى بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق في نفس الأمر، فما كان ليقدم على هذا الأمر إلّا وهو عالم بأنّه لا يمكن معارضته وهكذا وقع ... » اه البداية والنهاية 6/ 68. (8) البقرة والسجدة (2).

فبأي شيء حصلت هذه التفرقة؟ «1». فكذلك عرفت العرب ومن يعلم البلاغة من غيرهم مباينة القرآن العزيز سائر الكلام، وذلك بصحة الذوق، وسلامة الطبع ولطف الحس، حتى أنّ منهم من يعرف شعر الشاعر، وإن دلّس بغيره، ويفصله ممّا «2» دلّس به ويقول «3»: هذا كلام فلان «4». ولقد رفع الى الخليفة «5» شعر صالح بن عبد القدوس «6» في شيء من الكفر فلما مثل بين يديه، أنكر أن يكون ذلك من قوله، فأنشده غير ذلك مما اعترف به، فقال: هذا من نسبة ذاك، فقتله. فانظر كيف عرف شعره وأسلوبه واتحاد طريقه حتى قضى بأنه كله شيء واحد، وإن لم يكن في الثاني شيء مما في الأول. وقد يكون كلام البشر فصيحا مليحا موصوفا بالجودة، وأنه مطابق للمعنى، سليم من التعمّق والتعسّف والتكلّف، بريء من النقصان والزيادة، حسن المجاورة، تتبع الكلمة الكلمة التي تناسبها وتكون بها أولى من غيرها، خفيف على السمع، حلو في النطق جار على المعتاد من كلام الفصحاء والبلغاء. ومع ذلك فلا يقارب القرآن في شيء من ذلك ولا يدانيه «7».

_ (1) انظر نحو هذا الكلام في إعجاز القرآن للباقلاني 113 - 116. (2) في د: ويفصله عمّا. (3) في ظ: وتقول. (4) يقول الباقلاني: « .. والعالم لا يشذ عنه شيء من ذلك، ولا تخفى عليه مراتب هؤلاء، ولا تذهب عليه أقدارهم، حتى إنّه إذا عرف طريقة شاعر في قصائد معدودة، فأنشد غيرها من شعره لم يشك أنّ ذلك من نسجه، ولم يرتب في أنّها من نظمه .. » اه إعجاز القرآن: 120. وهو مؤدي كلام السخاوي الذي ذكره عن الخليفة المهدي العباسي وصالح بن عبد القدوس الآتي. (5) هو محمد بن عبد الله المنصور العباسي، أبو عبد الله المهدي بالله، من خلفاء الدولة العباسية في العراق، كان محمود العهد والسيرة (127 - 169 هـ) تاريخ بغداد 5/ 391 والبداية والنهاية 10/ 155 الأعلام 6/ 221. (6) صالح بن عبد القدوس بن عبد الله الأزدي، أبو الفضل، شاعر حكيم اتهم عند المهدي العباسي بالزندقة فقتله ببغداد سنة (160 هـ) أو نحوها. ميزان الاعتدال 2/ 297، وتاريخ بغداد 9/ 303، والأعلام 3/ 192. (7) يقول الباقلاني: ما ملخصه: «ليس للعرب كلام مشتمل على فصاحة القرآن وغرابته، وتصرفه البديع، ومعانيه اللطيفة وفوائده الغزيرة، وحكمه الكثيرة، والتناسب في البلاغة والتشابه في

فإن قيل: فأي فائدة في تكرير القصص فيه والأنباء؟ قيل: لذلك فوائد «1»: أ) منها أن يقول المعاند والجاحد: كيف أعارض- مثلا- قصة موسى، وقد سردتها وأوردتها على أفصح القول وأحسنه، وسبقت إلى ذلك، فلم يبق لي طريق إلى المعارضة؟!. فيقال له: ها هي قد جاءت في القرآن العزيز على أنحاء ومباني، فأت بها أنت ولو على بناء واحد «2». ب) ومنها أنّهم لمّا عجزوا عن الإتيان بسورة مثله أتاهم بسور مماثلة في المعنى والنظم والقصة، وذلك أنكى «3» لقلوبهم. ج) ومنها أنّ كل أحد لا يقدر على كل سورة، فجاءت هذه السور فيها هذه القصص على قدر قوى البشر، فمن أطاق هذه حفظها، ومن لم يطق حفظ الأخرى، لينال الضعيف نحو ما نال القوي. د) ومنها أنّ [عادة] «4» هذه القصص المتحدة على الأنحاء المختلفة مع التماثل في حسن النظم: أبلغ في الفصاحة وأعظم في المعجزة «5»، فكانت تلك المعاني كعرائس تجلى في

_ البراعة، على هذا الطول وعلى هذا القدر، وانّما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة وألفاظ قليلة، وإلى شاعرهم قصائد محصورة، يقع فيها الاختلال ويعترضها الاختلاف، ويشملها التكلف والتجوز والتعسف .. » اه. اعجاز القرآن: 36 وراجع 247 من المصدر نفسه. (1) اذا أراد القارئ مزيدا من معرفة بعض الحكم والأسرار من تكرير القصص في القرآن فعليه أن يرجع إلى ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 52، وتأويل مشكل القرآن 232، والبرهان في علوم القرآن النوع السادس والأربعون 3/ 25، والإتقان النوع السادس والخمسون 3/ 204، والقصص القرآني لعبد الكريم الخطيب: 230، ومباحث في علوم القرآن لمناع القطان: 307. (2) قال الباقلاني: «فقد أتى بذكر القصة على ضروب ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك .. ليكون أبلغ في تعجيزهم وأظهر للحجة عليهم اه إعجاز القرآن: 189. (3) نكى العدوّ نكاية: أصاب منه، وأكثر فيه الجراح والقتل، فوهن لذلك، اللسان 15/ 341 (نكى). (4) هكذا في الأصل وظ، وفي ظق ود: إعادة. وهو الصواب. (5) وهنا يحسن أن أضيف ما قاله أبو بكر الباقلاني في كتابه: إعجاز القرآن: 61 «إنّ إعادة ذكر القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدا من الأمر الصعب الذي تظهر به الفصاحة، وتتبين به البلاغة». - وأعيد كثير من القصص في مواضع كثيرة مختلفة على ترتيبات متفاوتة، ونبهوا بذلك على عجزهم عن الاتيان بمثله مبتدأ به ومكررا.

ملابس مختلفة رائعة، إذا رأيت الواحدة منها «1» قلت: هذه، فإذا رأيت الأخرى قلت: بل هذه، فإذا جاءت الأخرى «2» قلت؛ لا بل هذه، حتى لا تفضل واحدة على الأخرى، ولا يقدر بليغ ولا ناقد في الفصاحة على ذلك أبدا. فإن قيل: فهل في إقامته البراهين وإيراد الدلائل على الوحدانية بذكر السموات والأرض وتصريف الرياح والسحاب، وبأنه (لو كان فيهما آلهة إلّا «3» الله لفسدتا) «4» وعلى البعث بإنزال الماء وإحياء الأرض بعد موتها، وبالنشأة الأولى الى غير ذلك: إعجاز؟. قلت: الإعجاز من جهة إيراد هذه الحجج في الأساليب العجيبة والبلاغة الفائقة، فهو راجع إلى ما قدّمناه من نظم القرآن وإعجازه «5» وأما كونها براهين قاطعة، فهو دليل على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنّه لم يكن من أهل هذا ولا قومه، ولا يعرف شيئا منه، فلا اكتراث بعد ذلك بما أظهره حاسد أو معاند أو جاهل من شك أو ارتياب يظهره لضعيف يكفّره. ومن آيات الله عزّ وجلّ وتمام حكمته أن تعاطى مسيلمة الكذاب «6» معارضته، فأتى بما جعله ضحكة للعالمين، ليظهر بذلك مضمون خبره الصادق، بأنّ المعارضة ممتنعة، وأن المماثلة مندفعة.

_ - «ولو كان فيهم تمكن من المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لهم تؤدي تلك المعاني ونحوها ... » اه. (1) (منها) ساقطة من د، ظ. (2) في د، ظ: فإذا جاءت رأيت الأخرى قلت. (3) كتبت الآية خطأ في كل النسخ ففي الأصل: إله إلّا الله لفسدتا وفي بقية النسخ: إله آخر لفسدتا. (4) اقتباس من آية (22) من سورة الأنبياء. (5) القرآن معجز بأسلوبه ونظمه وبلاغته، وما اشتمل عليه من المعارف الإلهية وبيان المبدأ والمعاد، والإخبار بالأمور الغيبية الماضية والحاضرة والمستقبلة، هذا هو القول الصحيح من أقوال العلماء. وقد تقدم أن ذكرت عن الزركشي قوله بأنّ الإعجاز واقع بكل هذا. يقول الخطابي: «واعلم أن القرآن إنّما صار معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمنا أصح المعاني، من توحيد له عزّت قدرته وتنزيه له في صفاته ودعاء إلى طاعته ... » اه. ثلاث رسائل: 27، ونقله عنه الزركشي: 2/ 103، والسيوطي 4/ 13. (6) مسيلمة بن ثمامة الحنفي، أبو ثمامة، متنبئ، أحد الذين ادعوا النبوة في زمن النبي- صلّى الله عليه وسلّم-، وقد أكثر من وضع أسجاع يضاهي بها القرآن الكريم، قتله المسلمون في خلافة أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-. سنة 12 هـ. انظر: البداية والنهاية 5/ 46 - 47. وسيرة ابن هشام: 2/ 72، والأعلام 7/ 226.

ولقد حكى عن عمرو بن العاص «1» - رحمه الله- أنه مرّ باليمامة، فأتى مسيلمة الكذاب ليختبر ما عنده، فقال له مسيلمة: ما الذي نزل على صاحبكم في هذه الأيام؟. فقال عمرو: نزل عليه وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ فقال مسيلمة: قد «2» نزل عليّ نحو من هذا. فقال له عمرو: وما ذلك؟ فقال يا وبر يا وبر «3»، أذنان وصدر، وسائرك حقر نقر «4»، كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب «5» «6». فقد خرج مسيلمة بهذا

_ (1) عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أبو عبد الله أسلم في هدنة الحديبية، وكان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام، وهو أحد دهاة العرب، فتح مصر وغيرها من البلدان. توفي سنة (43 هـ) - رضي الله تعالى عنه-. انظر: الاستيعاب 8/ 222، والإصابة 7/ 122، رقم 5877، والأعلام: 5/ 79. (2) في د، ظ: لقد. (3) قال ابن كثير: «والوبر دويبة تشبه الهرّ، أعظم شيء فيه: أذناه وصدره، وباقيه دميم» تفسيره 4/ 547، وراجع اللسان: 5/ 272، (وبر). (4) النقر والنقرة والنقير: النكتة في النواة، كأن ذلك الموضع نقر منها، فقوله: حقر نقر: على الاتباع، كما تقول: حقير نقير اللسان 5/ 228 (نقر). (5) في د: أنك لتكذب. (6) ذكر هذا ابن كثير في تفسيره 4/ 547، بصيغة: وذكروا .... إلخ وذكره كذلك في البداية والنهاية 6/ 331 بصيغة: وروينا ... إلخ وذكر نحوه الخطابي بسنده. انظر ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 56 إلّا أنّ ابن كثير يذكر هذا عن عمرو بن العاص وهو لا زال في الجاهلية والخطابي يقول: إنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعث عمرو بن العاص إلى البحرين ... فمر على مسيلمة .. الخ. والذي ترجح عندي وملت إليه أنّ مرور عمرو بن العاص بمسيلمة كان بعد إسلامه بدليل ما يأتي: أولا: قول الخطابي: إنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعث عمرو بن العاص إلى البحرين فمر على مسيلمة. ثانيا: أنّ ابن كثير يقول: والصحيح أن عمرو أسلم قبل الفتح بستة أشهر- أي في هدنة الحديبية- انظر البداية والنهاية: 8/ 27. وراجع 4/ 238، من المصدر نفسه وسيرة ابن هشام: 2/ 277. ثالثا: ذكر ابن حجر أنّ عمرو بن العاص قدم عمان- وهي قريبة من البحرين- من عند النبي صلّى الله عليه وسلّم .. وكان ذلك بعد خيبر.

الكلام عن كلام العقلاء، ودخل في تخليط المجانين «1». وأما من قال في قوله عزّ وجلّ: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ «2»: إن الهاء تعود على النبي صلّى الله عليه وسلّم، أي من مثل محمد صلّى الله عليه وسلّم في أميته، لا يعرف هو ولا قومه ما في القرآن من الأنباء، واستشهد على صحة ما ذهب إليه بقوله عزّ وجلّ: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا .. «3». فكلام من ركب «4» الخطر ولم ينعم «5» النظر «6» لأن كلامه يقتضي أنّ بعض الناس يقدر على الإتيان بمثله، وهم العلماء بالسير، والممارسون للكتب «7» وهذا يبطله قوله عزّ

_ ولعل ذلك كان بعد حنين فتصحفت .. اه. باختصار فتح الباري 8/ 96. رابعا: ذكر ابن كثير أنّ الوفود جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في العام التاسع، ومن بين هؤلاء الوفود: وفد بني حنيفة وكان مع وفد بني حنيفة مسيلمة الكذاب، وقد أعطاهم صلّى الله عليه وسلّم وأكرمهم، فأخبروه أنّ مسيلمة تأخر في رحالهم فأمر له بنصيبه وقال: «أما إنّه ليس بشركم مكانا» أي لحفظه شيعة أصحابه، وبعد عودته إلى اليمامة تفاقم أمره وادعى النبوة ... اه بتصرف البداية والنهاية 5/ 46. وراجع سيرة ابن هشام: 2/ 600، وفتح الباري: 8/ 89. (1) حيث أراد- كما يقول ابن كثير- أن يركّب من هذا الهذيان ما يعارض به القرآن انظر تفسيره 4/ 547، وراجع إعجاز القرآن للباقلاني 156 والبداية والنهاية 6/ 325، وثلاث رسائل في إعجاز القرآن 56، ومناهل العرفان: 2/ 334. (2) البقرة (23). (3) هود (49). (4) حرفت في د إلى (ربك). (5) في ظ: يمعن. وكلاهما صحيح. (6) القول بأنّ الضمير يعود على القرآن هو القول الراجح والأظهر. انظر تفسير ابن كثير 1/ 59، وابن عطية: 1/ 194، والقرطبي 1/ 232 وقد ذكر أبو حيان عدة أقوال ترجّح عود الضمير على القرآن منها: أ) أنّ الارتياب أولا إنّما جيء به منصبا على المنزّل، لا على المنزّل عليه، وإنّ كان الريب، في المنزّل ريبا في المنزّل عليه بالالتزام فكان عود الضمير عليه أولى. ب) أنّه قد جاء في نظير هذه الآية وهذا السياق قوله فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ البقرة: 23] فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ هود (13). عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ الإسراء (88). ج) اقتضاء ذلك كونهم عاجزين عن الإتيان سواء اجتمعوا أو انفردوا وسواء كانوا أميين أم كانوا غير أميين .. انظر تفسيره 1/ 104. (7) يقول ابن كثير: «والتحدي بما اشتمل عليه من المعاني الصحيحة الكاملة يعم جميع أهل الأرض من الملّتين أهل الكتاب وغيرهم من عقلاء اليونان والهند والفرس والقبط وغيرهم من أصناف بني آدم في سائر الأقطار والأمصار» اه البداية والنهاية 6/ 71.

وجلّ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً «1». والقرآن كلام رب العالمين، غير مخلوق عند أهل الحق، وعلى ذلك أئمة المسلمين «2». كسفيان الثورى «3»، ومالك بن أنس والشافعي «4»، وأحمد بن حنبل «5» وعامة الفقهاء والعلماء «6».

_ (1) الإسراء (88). (2) مسألة القول بخلق القرآن تعتبر من أخطر القضايا التي احتدم فيها النزاع بين أهل السنّة من جهة وبين المعتزلة من جهة أخرى، وقد تشعب فيها الكلام وتفاقم فيها الخلاف، ووقعت بسببها المحنة على أهل السنة، وضرب بسببها إمام من أئمتها ألا وهو أحمد بن حنبل- رحمه الله تعالى- الذي وقف كالجبل الشامخ ضد المعتزلة القائلين بخلق القرآن، مقررا أنّ القرآن كلام الله وصفة من صفاته تعالى الأزلية. يقول ابن تيمية- رحمه الله-: «مذهب سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين، كالأئمة الأربعة وغيرهم ما دلّ عليه الكتاب والسنّة، وهو الذي يوافق الأدلّة العقلية الصريحة أنّ القرآن كلام الله منزّل غير مخلوق ... » اه. الفتاوى 12/ 37، وراجع 12/ 164، 577، 578، 584 من المصدر نفسه. ويقول الطحاوي: «القرآن كلام الله، منه بدا بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، وليس بمخلوق ككلام البرية اه ... » شرح العقيدة الطحاوية: 179، وراجع 188 من المصدر نفسه. وراجع كذلك كلام الإمام أحمد بن حنبل وغيره في هذا في: الإبانة عن أصول الديانة الباب الخامس 103. (3) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله، أمير المؤمنين في الحديث، وكان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، ولد في الكوفة، وتوفي بالبصرة (97 - 161 هـ). تاريخ بغداد 9/ 151، وصفة الصفوة 3/ 147، والبداية والنهاية 10/ 137، والأعلام 3/ 104. (4) محمد بن إدريس بن العباس الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، أحد الأئمة الأربعة، وإليه تنسب الشافعية، كان ذكيا مفرطا، أفتى وهو ابن عشرين سنة، له تصانيف كثيرة، ولد بغزة من فلسطين، وتوفي بمصر (150 - 204 هـ). تاريخ بغداد 2/ 56، وصفة الصفوة 2/ 248، والبداية والنهاية 10/ 262، والأعلام 6/ 26. (5) أحمد بن حنبل، أبو عبد الله الشيباني، إمام المذهب الحنبلي، وأحد الأئمة الأربعة المشهورين، وفي أيامه دعا المأمون إلى القول بخلق القرآن، ومات قبل أن يناظر ابن حنبل، وتولّى المعتصم فسجن ابن حنبل ثمانية وعشرين شهرا لامتناعه عن القول بخلق القرآن ... (164 - 241 هـ). تاريخ بغداد 4/ 412، وصفة الصفوة 2/ 336، والأعلام 1/ 203 وراجع كتاب «مناقب الإمام أحمد» لابن الجوزي مطبوع متداول. (6) انظر الإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعري: 110، وراجع كذلك التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي 17 - 18.

وقال جميع المعتزلة: «إنّ كلام الله تعالى مثل كلام المخلوقين، وإنّ البشر يقدرون على الإتيان بمثله، وبما هو أفصح منه، وإنما منعوا من ذلك في بعض الأوقات» «1». والدليل على أن القرآن غير مخلوق قول الله عزّ وجلّ: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «2». فلو كان القرآن مخلوقا لكان مخلوقا بقول آخر وأدّى ذلك إلى أن لا يوجد منه سبحانه فعل أبدا. اذ لا بد أن يوجد «3» قبل ذلك الفعل أفعال هي أقوال ليس لها غاية، وذلك محال «4»، ثم إنّ المخلوقات قسمان: جسم وعرض، فلو كان القرآن مخلوقا: لكان «5» إمّا جسما وإمّا عرضا، والجسم يقوم بنفسه. فلو كان القرآن جسما: لكان قائما بنفسه، ويلزم من ذلك وجود كلام غير قائم بمتكلم. ولا يصح أيضا أن يكون عرضا مخلوقا، لأنّه لو كان كذلك: لم يخل أن يقوم بنفس

_ (1) في الملل والنحل للشهرستاني 1/ 56، «قال إبراهيم بن يسار النظام المتوفي سنة 231 هـ: إن إعجاز القرآن من حيث الأخبار عن الأمور الماضية والآتية ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة، ومنع العرب من الاهتمام به جبرا وتعجيزا، حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله بلاغة وفصاحة ونظما» اه. «وقال عيسى بن صبيح- أحد رؤساء المعتزلة- المتوفي حدود سنة 226 هـ إنّ الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ونظما وبلاغة وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن ... » اه. الملل والنّحل للشهرستاني 1/ 69. (2) النحل (40). (3) في ظق: أن يكون. (4) وهو نحو كلام أبي الحسن الأشعري حيث يقول: «ومما يدل من كتاب الله على أن كلامه غير مخلوق قوله عزّ وجلّ: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ النحل (40)، فلو كان القرآن مخلوقا لوجب أن يكون مقولا له: كُنْ فَيَكُونُ، ولو كان الله عزّ وجلّ قائلا للقول كُنْ لكان للقول قولا، وهذا يوجب أحد أمرين: أ) إما أن يؤول الأمر إلى أن قول الله غير مخلوق. ب) أو يكون كل قول واقع بقول لا إلى غاية، وذلك محال، وإذا استحال ذلك: صح وثبت أنّ لله عزّ وجلّ قولا غير مخلوق. الإبانة عن أصول الديانة: 86. وراجع 99، 54 من المصدر نفسه. (5) في د: كان.

الباري عزّ وجلّ [وبغيره] «1». أولا في محل «2»، والله سبحانه وتعالى «3» ليس بمحل للحوادث «4». فاستحال أن يخلقه في نفسه، وكذلك لا يصح أن يخلقه في غيره، لأنّه كان يكون كلاما للذي خلق فيه، وصفة له، كالعلم والإرادة المخلوقين في الأجسام. ألا ترى أنهما صفتان لمن قامتا به دون الخالق لهما «5»؟ وكذلك أيضا يستحيل أن يخلقه لا في شيء كما استحال فعل حركة ولون «6» لا في شيء. وأيضا فإنه لو كان عرضا لوجب أن يفنى في الثاني من حال حدوثه، ويلزم من ذلك أن لا يكون «7» الباري عزّ وجلّ في وقتنا هذا لا آمرا بشيء ولا ناهيا عنه، ولا مخبرا بشيء، وذلك خلاف ما عليه الأمة «8». وقال شيخ من رؤساء المعتزلة- يقال له: معمر «9» -: إنّ الله تعالى ليس له كلام،

_ (1) في بقية النسخ: أو بغيره. وهي الصواب. (2) راجع في هذا ما ذكره الشهرستاني في الملل والنحل عن أبي الحسن الأشعري 1/ 95. (3) في ظق: والله تعالى عزّ وجلّ. وفي د، ظ: والله تعالى وحّد. (4) انظر: شرح العقيدة الطحاوية 185 تجد نحو ما ذكره السخاوي. (5) انظر نحو هذا في الإبانة عن أصول الديانة 101، 102. (6) في ظ: وكون. (7) في د، ظ: أن يكون. (8) ذكر نحو هذا الشهرستاني عن معمر بن عبّاد السلمي المعتزلي- الآتي- ذكره- قال: «وهو من أعظم القدريّة فرية في دقيق القول بنفي الصفات» .. قال: إنّ الله تعالى لم يخلق شيئا غير الأجسام، فأمّا الأعراض فإنّها من اختراعات الأجسام، إما طبعا كالنار التي تحدث الإحراق، والشمس التي تحدث الحرارة، والقمر الذي يحدث التلوين وإما اختيارا كالحيوان يحدث الحركة والسكون، والاجتماع والافتراق. يقول الشهرستاني: ومن العجب أنّ حدوث الجسم وفناءه عنده: عرضان، فكيف يقول إنّهما من فعل الأجسام؟ وإذا لم يحدث الباري عرضا، فلم يحدث الجسم وفناءه؟ فإنّ الحدوث عرض .. فيلزمه أن لا يكون لله فعل أصلا ثم ألزم كلام الباري تعالى إما عرض أو جسم فإن قال هو عرض فقد أحدثه الباري، فإنّ المتكلم على أصله هو من فعل الكلام، أو يلزمه أنّ لا يكون لله تعالى كلام هو عرض، وإن قال: هو جسم، فقد أبطل قوله: إنّه أحدثه في محل، فإنّ الجسم بالجسم، فإذا لم يقل هو بالصفات الأزلية، ولا قال بخلق الأعراض فلا يكون لله كلام يتكلم به على مقتضى مذهبه، وإذا لم يكن له كلام، لم يكن آمرا ناهيا .. الملل والنحل 1/ 66، 67. (9) معمر بن عبّاد السلمي، معتزلي من الغلاة، من أهل البصرة، انفرد بمسائل، وله فضائح توفي (215 هـ) أنظر الملل والنحل 1/ 65 والأعلام 7/ 272.

وإنّ موسى إنّما سمع كلام الشجرة «1»، وإن الله- تعالى عن قوله- لم يأمر قط ولم ينه عن شيء، ولا تكلّم البتة نسأل الله العفو والعافية مما «2» صارت إليه هذه الفرقة وغيرها من فرق الضلال.

_ (1) يقول أبو الحسن الأشعري: «زعمت الجهمية أنّ كلام الله مخلوق حلّ في شجرة، وكانت الشجرة حاوية له، فلزمهم أن تكون الشجرة بذلك الكلام متكلمة، ووجب عليهم أنّ مخلوقا من المخلوقين كلّم موسى- صلّى الله عليه وآله وسلّم- وأنّ الشجرة قالت: يا موسى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي طه (14) ... «وكلام الله عزّ وجلّ من الله، لا يجوز أن يكون كلامه الذي هو منه مخلوقا في شجرة مخلوقة ... » اه الإبانة عن أصول الديانة: 89، ثم ذكر أمثلة أخرى مفحمة لمثل هؤلاء فلتنظر هناك. وراجع شرح الطحاوية 186، والفتاوي: 12/ 502. (2) في د، ظ: فيما.

منازل الاجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم

منازل «1» الاجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم «2»

_ (1) في ظ: فصل: منازل .. الخ. (2) اهتم كثير من العلماء بذكر فضائل القرآن الكريم، مستندين في ذلك لما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم والصحابة من الأحاديث والآثار فاهتموا بالترغيب في دراسته وتلاوته وتدبره، والترهيب من هجرانه ونسيانه، وصنفوا فيه التصانيف وبينوا الصحيح منه من السقيم كالبخاري ومن حذا حذوه كابن كثير وأبي عبيد الهروي والنسائي والقرطبي وغيرهم، وقد تعرضوا لبيان عظمة القرآن وحرمته وفضل قارئه، وكيفية تلاوته واستماعه، وحذروا من قراءته للرياء والسمعة- نسأل الله العافية من ذلك- وكشفوا عما أعد الله لأهل القرآن من النعيم المقيم في جنات النعيم، وما أعد كذلك من العذاب الأليم لمن أعرض عن كتابه الكريم، ووضعوا للمسلم زادا أمامه يتناول منه ما يريد، حتى يقرأ كتاب ربه على بصيرة ويدرسه دراسة نيرة بتدبر وخشوع، وعلى قدر ذلك يؤجّر المسلم ويثاب وينجو من عذاب الله يوم الحساب. هذا وقد احتذى حذوهم الإمام علم الدين السخاوي فعقد هذا الفصل لبيان بعض فضائل القرآن، فرحمه الله رحمة واسعة. وقبل الدخول فيما ذكره السخاوي من الأحاديث والآثار في فضائل القرآن على العموم وفضائل بعض السور والآيات على الخصوص، قبل ذلك أحب أن أقول: إن هناك سؤالا يفرض نفسه وهو ما المراد بالفضائل التي وردت في بعض السور والآيات؟. هل المراد اختصاص كل سورة من السور المتحدث عنها بمزية دون سواها أو أن الفضل يعود إلى الأجر الحاصل من تلاوتها والموعود بقراءتها لما تحمله في طياتها من معان عظيمة وآداب سامية كريمة. والذي ظهر لي من الأحاديث والآثار أن الأمر يشمل ذلك كله، فهو قدر مشترك وأن بعض السور والآيات قد تنفرد بمزايا لم تكن لغيرها، وقد تشترك مع غيرها في الأجر والثواب لتاليها، كسورة الفاتحة مثلا والإخلاص، والآيتين من آخر سورة البقرة، والآيات من أول سورة الكهف أو من آخرها- كما سيأتي- وهناك قضية أثارها العلماء وتحدثوا عنها وهي قضية تفضيل بعض سور القرآن أو

روي «1» عن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول الرب عزّ وجلّ: «من شغله القرآن وذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطى السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام: كفضل الله على خلقه «2»» اه.

_ آياته على بعض، وهي مسألة خلافية، لا يسمح المقام هنا بالحديث عنها والخوض فيما ذكره العلماء حولها، ولكني اكتفي بذكر ملخص لكلام القرطبي فيها: «واختلف أهل الحق في تفضيل بعض السور والآيات على بعض، فقال قوم: لا فضل لبعض على بعض لأن الكل كلام الله عز وجل، وتفضيل بعض القرآن على بعض خطأ، وان الأفضل يشعر بنقص المفضول. وقال قوم: بالتفضيل، وأن ما تضمنه قوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ البقرة (163)، وآية الكرسي وآخر سورة الحشر، وسورة الإخلاص، من الدلالات على وحدانية الله وصفاته، ومثل هذه المعاني: ليست موجودة في قوله تعالى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ إلى آخر السورة، وليس مدلول قوله سبحانه هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ الحديد (3) كمدلول: وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ الأنعام (143، 144)، وما كان مثل ذلك فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها، لا من حيث الصفة، وقد يقال: سورة خير من سورة وآية خير من آية: بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل، وهو الاحتراز مما يخشى، والاعتصام بالله تعالى مما يكره، وذلك كقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وخاتمة سورة البقرة ونحو ذلك ... » اه باختصار من التذكار في أفضل الأذكار ص 32. وراجع البرهان للزركشي 1/ 438، والإتقان 4/ 115 - 127. (1) كلمة «روى» ساقطة من د، ظ. (2) رواه الترمذي 8/ 244، أبواب فضائل القرآن، وقال: حديث حسن غريب، قال شارح سنن الترمذي: «وفي سنده محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، وهو ضعيف». ثم نقل عن الحافظ ابن حجر قوله: «قال الذهبي: حسّن الترمذي حديثه فلم يحسن». وراجع ترجمة محمد بن الحسن المذكور في ميزان الاعتدال 3/ 515، وكلام العلماء فيه، وقد ذكر الذهبي هناك هذا الحديث بسنده إلى أبي سعيد الخدري مرفوعا «يقول الله: من شغله القرآن ..... » ثم قال: «حسنه الترمذي فلم يحسن». والحديث أخرجه الدارمي في سننه 2/ 441 باب فضل كلام الله على سائر الكلام، وراجع التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي ص 39. يقول الشوكاني: «والحديث لولا أن فيه ضعفا لكان دليلا على أن الاشتغال بالتلاوة عن الذكر وعن الدعاء يكون لصاحبه هذا الأجر العظيم ... » تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين ص 262. وقوله في الحديث «وفضل كلام الله ... » الخ: «يحتمل أن تكون هذه الجملة من تتمة قول الله عز وجل، فحينئذ فيه التفات كما لا يخفى، ويحتمل أن تكون من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا أظهر لئلا يحتاج إلى ارتكاب الالتفات». تحفة الأحوذى 8/ 244. قال الشوكاني: «هذه الكلمة لعلها خارجة مخرج التعليل لما تقدمها من أنه يعطي المشتغل بالقرآن

وعن أبي أمامة «1» قال «2»: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «من قرأ ثلث القرآن فقد أوتي ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثي القرآن فقد أوتي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله فقد أوتي النبوة كلها» «3». وقال مالك بن عبادة الغافقي «4»: عهد إلينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حجة الوداع فقال: «عليكم بالقرآن، فإنّكم سترجعون إلى قوم يشتهون الحديث عني، فمن عقل شيئا فليحدّث به «5» ومن قال عليّ ما لم أقل (فليتبوّأ) «6» بيتا- أو قال: مقعدا «7» - من جهنم» قال: لا أدري أيّهما قال «8».

_ أفضل ما يعطي الله السائلين ... » تحفة الذاكرين: 262. والظاهر أن هذه الزيادة من كلام بعض التابعين. انظر فتح الباري 9/ 66. (1) صدي- بالتصغير- بن عجلان بن وهب الباهلي، صحابي جليل، سكن الشام وكان من المكثرين في الرواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو آخر من مات من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- بالشام سنة 86 هـ وقيل: 81 هـ، فعاش 106 سنين. الاستيعاب 11/ 131، وصفة الصفوة: 1/ 733، والإصابة 5/ 133، رقم 4054، والأعلام 3/ 203. (2) قال: ليست في بقية النسخ. (3) هذا الحديث ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 1/ 326 عند ترجمته لبشر بن نمير- أحد رجال السند- وقال: إن العلماء تركوا حديث بشر كيحيى القطان، وأحمد بن حنبل وغيرهما، ثم قال- بعد أن ذكر الحديث-: «ولبشر عن القاسم نسخة كبيرة ساقطة». «وقال الذهبي في موضع آخر: 4/ 398، عند ترجمته ليحيى بن العلاء البجلي الرازي- وبشر بن نمير هالك». والحديث ذكره القرطبي في التذكار في أفضل الاذكار ص 49، وانظر كنز العمال 1/ 524 رقم 2348، والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني ص 306، وتنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة 1/ 292. (4) مالك بن عبادة- ويقال بن عبد الله- الغافقي أبو موسى، مشهور بكنيته صحابي، قال ابن عبد البر: توفي سنة 58 هـ. انظر الاستيعاب 9/ 314، والإصابة 9/ 53، رقم 7635، والكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 765، ومشاهير علماء الأمصار: 56. (5) (به) ساقط من ظ. (6) هكذا في الأصل وفي بقية النسخ فليتبوأ. وهو الصواب. (7) في د، ظ: فليتبوأ بيتا ومقعدا. (8) أخرج الحديث أبو عبيد الهروي بلفظه باب فضل الحض على القرآن والإيصاء به وإيثاره على ما سواه ص 16، والحاكم بنحوه في المستدرك كتاب العلم 1/ 113.

وقال رجل لأبي الدرداء «1»: «إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرءونك السلام ويأمرونك أن توصيهم، فقال: أقرئهم السلام وأمرهم «2» أن يربطوا «3» القرآن بخزائمهم «4» «5»، فإنّه يحملهم على السهولة والقصد «6» ويجنّبهم الجور والحزونة» «7». وقال خباب بن الأرت «8»: «تقرب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لست تتقرّب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه» «9».

_ وقد ذكره بلفظ قريب مما هنا ابن عبد البر وابن حجر، ذكراه بمناسبة ترجمتهما للغافقي المذكور ولم يذكرا فيه مطعنا. انظر: الاستيعاب 12/ 160، والإصابة 12/ 35، رقم 1093، وأصل النهي عن الكذب على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: في صحيح البخاري، كتاب العلم باب اثم من كذب على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم 1/ 199، بشرح ابن حجر، وفي سنن الترمذي كتاب الفتن 6/ 533، باب 60 وأبواب التفسير باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه 8/ 278. وفي سنن الدارمي باب اتقاء الحديث عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم .. الخ 1/ 76. (1) عويمر بن زيد- وقيل بن عامر- شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مشاهد كثيرة، وولاه عمر بن الخطاب القضاء بدمشق، وتوفي بها سنة 32 هـ، وقيل غير ذلك. صفة الصفوة 1/ 627، ومعرفة القراء الكبار 1/ 40، والاستيعاب 9/ 55، 11/ 226، والإصابة 7/ 182 رقم 6112، والأعلام 5/ 98. (2) كلمة (وأمرهم) سقطت من ظق. وكأنّ الناسخ أضافها في الحاشية فلم تظهر. (3) في فضائل القرآن لأبي عبيد، وسنن الدارمي: فليعطوا القرآن. (4) في بقية النسخ: بحزائمهم. (5) جمع خزامة، والخزامة هي الحلقة التي تجعل في أنف البعير، غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 5، واللسان 12/ 174، (خزم) وفيه: أن يعطوا. والمراد: التشمير لهذا الأمر والعناية بالقرآن حفظا وتطبيقا وانقيادا. (6) في بقية النسخ: على القصد والسهولة. (7) رواه أبو عبيد بسنده إلى أبي الدرداء. انظر فضائل القرآن، باب فضل الحض على القرآن ص 20، ورواه الدارمي في سننه 2/ 434، كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن، وابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 527. (8) خباب- بتشديد الموحدة الأولى- بن الأرت بن جندلة، أبو عبد الله وقيل أبو يحيى، من السابقين إلى الإسلام، وكان مستضعفا في مكة، عذبه المشركون ليرجع عن دينه، هاجر إلى المدينة وتوفي بالكوفة سنة 37 هـ. رضي الله عنه. صفة الصفوة 1/ 427، والاستيعاب 3/ 180، والإصابة: 3/ 76، رقم 1486، والتقريب 1/ 221، والأعلام 2/ 301. (9) الأثر أخرجه أبو عبيد بسنده إلى فروة بن نوفل الأشجعي- مختلف في صحبته- قال: كان خباب بن

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «القرآن شافع مشفع، وماحل «1» مصدّق، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، ومن محل به القرآن يوم القيامة كبّه الله في النار على وجهه» «2» اه. وعن أبي قلابة «3» قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، «من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم «4» حين تقسم، ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا في سبيل الله» «5».

_ الأرت لي جارا، فقال لي يوما: يا هذا- أو كلمة نحوها- (تقرب إلى الله ... وذكره) وذكره البغوي في شرح السنة 4/ 437. وهذا الأثر له شاهد عند الترمذي بإسنادين، أحدهما في سنده رجل متكلم فيه، والآخر مرسل، فقد ساق بسنده إلى أبي أمامة قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: « ... وما تقرب العباد إلى الله عز وجل بمثل ما خرج منه»، قال أبو النضر: أحد رجال السند- يعني القرآن»، ثم ساق كذلك بسنده إلى جبير بن نفير، قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنكم لن ترجعوا إلى الله بأفضل مما خرج منه، يعني القرآن». سنن الترمذي 8/ 229، أبواب فضائل القرآن. والرجل الذي أرسل الحديث هو: جبير بن نفير- بنون وفاء مصغرا- ابن مالك الحمصي ثقة من الثانية لأبيه صحبة. التقريب: 1/ 126. (1) قال أبو عبيد: «جعله يمحل بصاحبه إذا لم يتّبع ما فيه، والماحل: الساعي» غريب الحديث 2/ 268. وقال ابن الأثير: «أي خصم مجادل مصدّق، وقيل: ساع مصدّق من قولهم: محل بفلان إذا سعى به إلى السلطان، يعني أن من اتبعه وعمل بما فيه فإنه شافع مقبول الشفاعة، ومصدق عليه فيما يرفع من مساويه إذا ترك العمل به» اللسان 11/ 619 (محل). (2) أخرجه بلفظه أبو عبيد في فضائل القرآن: 26. ونقله عنه السيوطي، انظر الإتقان 4/ 104، وانظر كنز العمال: 2/ 292 رقم 4037. وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله، أورده ابن حبان في صحيحه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «القرآن شافع مشفع وما حل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار». انظر تحفة الذاكرين للشوكاني 261، وراجع المصنف لعبد الرزاق: 3/ 373، ولابن أبي شيبة 10/ 498. وله شاهد كذلك في سنن الدارمي موقوف على ابن مسعود أنه كان يقول: «يجيء القرآن يوم القيامة، فيشفع لصاحبه، فيكون له قائدا إلى الجنة، ويشهد عليه، ويكون سائقا به إلى النار» سنن الدارمي، كتاب فضائل القرآن 2/ 433. (3) عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، عالم بالقضاء والأحكام، من أهل البصرة، ثقة في الحديث مات في الشام سنة 104 هـ. صفة الصفوة 3/ 238، والميزان 2/ 425، والتقريب: 1/ 417، والأعلام 4/ 88. (4) في ظ: الغنائم، وفي د: الغانم. (5) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى أبي قلابة يرفعه، انظر فضائل القرآن باب فضل القرآن ص 46،

_ وأخرجه الدارمي بنحوه، كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 468، والحديث في كنز العمال معزو إلى محمد بن نصر وابن الضريس عن أبي قلابة مرسلا. انظر كنز العمال 1/ 542 رقم 2430. والحديث ضعيف لأن في سنده صالح بن بشير المري، تكلم فيه العلماء وضعفوه. انظر الميزان 2/ 289، والتقريب 1/ 358.

ذكر فاتحة الكتاب

ذكر «1» فاتحة الكتاب حدثنا أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري «2» - رحمة الله- ثنا أبو الفضل محمد بن ناصر «3» ثنا أبو طاهر «4» محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري «5» ثنا أبو علي الحسين بن ميمون بن محمد بن عبد الغفار، ثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيّويه «6» ثنا الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي «7». أنبا محمد بن

_ (1) في حاشية د وظ: فصل. (2) الهمداني الواعظ، أكثر الترحال، قال الذهبي: لم يكن ثقة ولا مأمونا توفي سنة 590 هـ. العبر في خبر من غبر 4/ 282، وشذرات الذهب 4/ 301. (3) محمد بن ناصر بن محمد بن علي، أبو الفضل البغدادي الثقة الثبت محدث العراق، سمع أبا طاهر ابن أبي الصقر وغيره (467 - 550 هـ) العبر 4/ 140، وشذرات الذهب 4/ 155، والأعلام 7/ 121. (4) في ظ: أبو ظاهر. (5) الأنباري الخطيب، سمع بالحجاز والشام ومصر، توفي (476 هـ). العبر 3/ 285، وشذرات الذهب 3/ 354. (6) النيسابوري ثم المصري قاض من رجال الحديث الثقات، سمع من النسائي وغيره، توفي سنة 366 هـ. شذرات الذهب 3/ 57، والأعلام 6/ 225. (7) أحمد بن شعيب بن علي النسائي أبو عبد الرحمن، صاحب السنن القاضي الحافظ، أصله من خراسان، استوطن مصر ثم خرج منها (215 - 303 هـ). التقريب 1/ 16، والبداية والنهاية 11/ 131 والرسالة المستطرفة 9، والأعلام 1/ 171.

منصور «1» عن سفيان «2» عن الزهري عن محمود بن الربيع «3» عن عبادة بن الصامت «4» عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» «5». وبالإسناد عن النسائي أنبا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد «6» ومحمد بن جعفر «7»

_ (1) هناك اثنان يسميان محمد بن منصور، وكلاهما رويا عن سفيان بن عيينة وكلاهما أيضا روى عنهما النسائي ووثقهما. فلم أستطع الجزم بالمراد منهما: أحدهما: محمد بن منصور بن ثابت الخزاعي أبو عبد الله المكي. المتوفى سنة (252 هـ): والثاني: محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم الطوسي أبو جعفر المتوفي سنة (256 هـ). انظر تهذيب التهذيب 9/ 471 - 472، وراجع تحفة الأشراف 4/ 266. (2) حرفت في دالي (سفير). (3) محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الخزرجي أبو محمد المدني، صحابي صغير، وجلّ روايته عن الصحابة، توفي سنة 99 هـ رضي الله عنه، الاستيعاب 10/ 46، والإصابة 9/ 136، رقم 7812، والتقريب 2/ 233. (4) عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري، أبو الوليد، شهد بدرا والمشاهد بعدها، وكان أحد النقباء الذين بايعوا النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة العقبة، مات سنة 34 هـ وقيل غير ذلك. الاستيعاب 5/ 323، والإصابة 5/ 322 رقم 4490. (5) اخرجه النسائي- بالسند والمتن الذي ذكره المصنّف- في فضائل القرآن 38، ورواه كذلك في سننه 2/ 137، كتاب الافتتاح باب إيجاب قراءة فاتحة الكتاب، والحديث في صحيح البخاري، كتاب الأذان باب وجوب القراءة للإمام والمأموم 1/ 183، وفي صحيح مسلم 4/ 105، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وسنن الترمذي أبواب الصلاة باب ما جاء أنّه لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب 2/ 59، وسنن أبي داود، كتاب الصلاة باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب 1/ 514. (6) يحيى بن سعيد القطان التميمي، أبو سعيد، من حفاظ الحديث، ثقة حجة من أقران مالك، من أهل البصرة (120 - 198 هـ). تاريخ بغداد 14/ 101، ومشاهير علماء الأمصار 161، والأعلام 8/ 147. (7) محمد بن جعفر المعروف ب «غندر» أحد الأئمة الأثبات المتقنين ولا سيما في شعبة، توفي سنة 193 هـ. تاريخ الثقات 402 والميزان 3/ 502 وسير أعلام النبلاء 9/ 98.

قالا: ثنا شعبة «1» عن (حبيب) «2» بن عبد «3» الرحمن «4» عن حفص بن عاصم «5» عن أبي سعيد بن المعلى «6». قال: مرّ بي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا أصلي فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته، فقال لي: ما منعك ان تأتيني «7»؟ قلت: كنت أصلي، قال: ألم يقل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ... «8»؟ قال: ألا أعلّمك أعظم سورة في القرآن، قبل أن أخرج من المسجد؟، فذهب ليخرج فذكرته، فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته «9».

_ (1) شعبة بن الحجاج بن الودك العتكي ثم البصري أبو بسطام أمير المؤمنين في الحديث (82 - 160 هـ). تاريخ بغداد 9/ 255، والتقريب 1/ 351، والأعلام 3/ 164. (2) هكذا في الأصل: حبيب بالحاء المهملة. وفي بقية النسخ (خبيب) بالخاء المعجمة. وهو الصواب. (3) كلمة (عبد) سقطت من د، ظ. وهو سقط قبيح. (4) خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاري أبو الحارث المدني ثقة من الرابعة، توفي سنة 132 هـ، التقريب 1/ 222. (5) حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، تابعي ثقة من الثالثة. التقريب 1/ 186، وتاريخ الثقات: 124. (6) اختلف في اسمه على أقوال، قال ابن عبد البر: وأصحها: الحارث بن نفيع بن المعلى الأنصاري، توفي سنة 74 هـ. الاستيعاب 11/ 279، وراجع الإصابة 3/ 244، رقم 1821، 11/ 165 رقم 528، والتقريب 2/ 427 وفيه: أبو سعد. (7) قال الحافظ ابن حجر: قال الخطابي: فيه أن حكم لفظ العموم أن يجري على جميع مقتضاه، وأنّ الخاص والعام إذا تقابلا، كان العام منزلا على الخاص، لأن الشارع حرّم الكلام في الصلاة على العموم ثم استثنى منه إجابة دعاء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الصلاة. وفيه أنّ إجابة المصلي دعاء النبي لا تفسد الصلاة، هكذا صرح به جماعة من الشافعية وغيرهم. وفيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة مطلقا سواء كان المخاطب مصليا أو غير مصل، أما كونه يخرج بالإجابة من الصلاة فليس من الحديث ما يستلزمه، فيحتمل أن تجب الإجابة، ولو خرج المجيب من الصلاة، وإلى ذلك جنح بعض الشافعية. اه الفتح 8/ 158. (8) الأنفال (24). (9) أخرجه النسائي في كتاب فضائل القرآن 38 بالإسناد والمتن الذي ذكره المصنف، ورواه كذلك بسند آخر في سننه كتاب الافتتاح، باب تأويل قول الله عزّ وجلّ وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ 2/ 139، والآية 87 من سورة الحجر. والحديث في صحيح البخاري 6/ 103، كتاب فضائل القرآن باب فضل فاتحة الكتاب، وكتاب التفسير 5/ 146، 199، وراجع فتح الباري 8/ 157، وسنن الدارمي 2/ 445، كتاب فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب، وسنن أبي داود، كتاب الصلاة باب فاتحة الكتاب 2/ 150.

وأظن- والله أعلم- أن أبا سعيد بن المعلى ترك قراءة الفاتحة في صلاته، فلذلك دعاه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، لأنّ صلاته باطلة، فأعلمه بمكان الفاتحة وشأنها «1». وبالإسناد قال: أنبا عمرو بن منصور «2» ثنا الحسن بن الربيع «3»، ثنا أبو الأحوص «4» عن عمار بن رزيق «5» عن عبد الله بن عيسى «6» عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «بينا «7» جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ سمع نقيضا «8» من فوقه، فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء قد فتح اليوم لم يفتح قط، فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلّا اليوم، فسلم، فقال أبشر بنورين اثنين «9» أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة «10»». وحدّثني الغزنوي- رحمه الله-

_ (1) لم أقف على من ذكر هذا المعنى، وكأنّ السخاوي- رحمه الله- استبعد نداء الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لأبي سعيد بن المعلى وهو متلبس بعبادة، فكيف يطلب منه إبطالها، فاجتهد باستنتاج هذا المعنى، ولا أرى له وجها، لأنّ حديث أبيّ بن كعب الآتي أيضا قصته شبيهة بقصة سعيد بن المعلى فهل ترك أيضا أبيّ قراءة الفاتحة؟! والله أعلم. (2) عمرو بن منصور النسائي، أبو سعيد ثقة ثبت من شيوخ النسائي أبي عبد الرحمن صاحب السنن. الميزان 3/ 289، والتقريب 2/ 79. (3) الحسن بن الربيع البجلي الكوفي أبو علي سمع أبا الأحوص وغيره ثقة، مات سنة 221 هـ التقريب 1/ 166، والكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 557، والجرح والتعديل 3/ 13، والتهذيب: 2/ 277. (4) سلام بن سليم الحنفي أبو الأحوص الكوفي الحافظ الثقة، روى عن عمار بن رزيق وغيره، وروى عنه الحسن بن الربيع وغيره، توفي سنة 179 هـ تهذيب التهذيب 4/ 282. (5) عمار بن رزيق الكوفي، قال ابن حجر: لا بأس به، توفي سنة 159 هـ الميزان 3/ 164، والتهذيب 7/ 400. (6) عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، يروي عن سعيد بن جبير وغيره، ثقة فيه تشيع، توفي سنة 130 هـ. الميزان 2/ 470، والتقريب 1/ 439، وفيه: عبد الله بن أبي عيسى بن عبد الرحمن ... (7) في ظ: بينما. (8) قال النووي: «سمع نقيضا» هو بالقاف والضاد المعجمتين- «أي صوتا كصوت الباب إذا فتح» شرح صحيح مسلم 6/ 91. (9) لفظة (اثنين) ليست في سنن النسائي ولا في صحيح مسلم. (10) أخرجه النسائي في فضائل القرآن ص 41 وفي آخره: لن تقرأ بحرف منها إلّا أعطيته ورواه كذلك في سننه 2/ 138 كتاب الافتتاح باب فضل فاتحة الكتاب، والحديث في صحيح مسلم 6/ 91 مع تمامه الذي تركه السخاوي كتاب المسافرين باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة ...

بالسند المتقدم إلى الترمذي «1» ثنا قتيبة «2» ثنا عبد العزيز بن محمد «3» عن العلاء بن عبد الرحمن «4» عن أبيه «5» عن أبي هريرة «6» «أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج على أبيّ بن كعب فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا أبيّ- وهو يصلي- فالتفت أبيّ فلم يجبه، وصلى أبيّ فخفف، ثم انصرف إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: وعليك السلام، ما منعك يا أبيّ أن تجيبني إذ دعوتك؟ فقال: يا رسول الله إنّي كنت في الصلاة، قال: فلم «7» تجد فيما أوحي إليّ أن اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ «8»؟. قال: بلى، ولا أعود- إن شاء الله- قال: تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان «9» مثلها؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كيف تقرأ في الصلاة «10»؟ فقرأ أم القرآن فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنّه سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح «11».

_ (1) وذلك عند الحديث عن ترتيب السور المدنية حسب نزولها. (2) قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي، أبو رجاء، من أكابر رجال الحديث ولد في بلخ وسكن العراق (150 - 240 هـ). الجرح والتعديل 7/ 140، والتقريب 2/ 123، والأعلام: 5/ 179. (3) عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي المدني أبو محمد، محدّث روى عنه خلق كثير، وهو صدوق، إذا حدّث عن غيره يخطئ، توفي سنة 186 هـ أو نحوها. الميزان 2/ 633، والتقريب 1/ 512، والأعلام 4/ 25، وسنن الترمذي 1/ 19. (4) العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، تابعي مدني ثقة، توفي سنة 132 هـ تاريخ الثقات: 343، ومشاهير علماء الأمصار: 80، والتقريب 2/ 92 والجرح والتعديل 6/ 357، والميزان 3/ 102. (5) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني المتقن الثقة. مشاهير علماء الأمصار: 74، وتاريخ الثقات: 301، والتقريب 1/ 503. (6) في د وظ: عن أبي هريرة رضي الله عنه. (7) هكذا في النسخ، وفي سنن الترمذي: أفلم تجد. (8) الأنفال: (24). (9) كلمة (ولا في الفرقان) ساقطة من د وظ. (10) في بقية النسخ: كيف تقرأ في الصلاة؟ قال: فقرأ .... إلخ. (11) سنن الترمذي 8/ 178 أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب .. وانظر سنن

وفي الباب عن أنس بن مالك «1». وعن الترمذي بالإسناد المتقدم- وكلما أذكره عنه فهو بالسند الذي ذكرته عن الغزنوي- رحمه الله- ثنا هناد «2» ثنا أبو معاوية «3» عن الأعمش «4» عن جعفر بن إياس «5» عن أبي نضرة «6» عن أبي سعيد قال: «بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في سرية، فنزلنا بقوم، فسألناهم القرى «7» فلم يقرونا، فلدغ سيّدهم، فأتوا فقالوا: هل فيكم من يرقى من العقرب؟ قلت: نعم أنا، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما، فقالوا «8»: فإنّا نعطيكم ثلاثين شاة، فقبلنا، فقرأت عليه (الحمد) سبع مرات فبرأ، فقبضنا الغنم، قال «9»: فعرض في أنفسنا

_ النسائي 2/ 139، وروى شطره الأخير أبو عبيد بسندة إلى أبيّ بن كعب. فضائل القرآن: 152، باب فضل فاتحة الكتاب. يقول المنذري: «ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما والحاكم باختصار، وقال: صحيح على شرط مسلم. انظر الترغيب والترهيب 2/ 367، وتحفة الأحوذي 8/ 180. (1) أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، تحفة الأحوذي 8/ 180. (2) هناد بن السري بن مصعب أبو السري التميمي الدارمي الحافظ القدوة الزاهد (152 - 243 هـ). انظر سنن الترمذي 1/ 20، والتقريب 2/ 321، والرسالة المستطرفة 39، والأعلام 8/ 96. (3) محمد بن خازم الضرير أبو معاوية الكوفي، أحد الأئمة الأعلام الثقات (113 - 195 هـ) الكنى للإمام مسلم 2/ 759، وتاريخ بغداد 5/ 242، والميزان 3/ 533، والتقريب 2/ 157، والأعلام 6/ 112. (4) سليمان بن مهران الأعمش أبو محمد الكوفي تابعي مشهور، أحد الأئمة الأثبات، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض، توفي بالكوفة (61 - 148 هـ) تاريخ بغداد 9/ 3، والميزان 2/ 224، ومعرفة القراء الكبار 1/ 94، والأعلام 3/ 135. (5) جعفر بن إياس أبو بشر بن أبي وحشيّة- بفتح الواو وسكون المهملة وكسر المعجمة وتثقيل التحتانية- ثقة ثبت في سعيد بن جبير. توفي سنة 126 هـ. الكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 138، والتقريب: 1/ 129، وانظر تحفة الأحوذي 6/ 226. (6) المنذر بن مالك بن قطعة- بضم ففتح- أبو نضرة العبدي، بصري ثقة توفي سنة 109 هـ. انظر: تاريخ الثقات 439، والتقريب 2/ 275، وسنن الترمذي 6/ 229. (7) قرى الضيف يقريه قري بالكسر وقراء بالفتح والمد: أحسن إليه، والقرى أيضا ما قرى به الضيف. مختار الصحاح 533 (قرا). (8) في بقية النسخ: قالوا. (9) في د وظ: فقال.

سورة البقرة

منها شيء فقلنا: «لا تعجلوا حتى تأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا «1» قدمنا عليه، وذكرت له الذي صنعت، قال: وما علمت أنّها رقية «2»؟ اقبضوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم» قال: هذا حديث حسن صحيح «3». قال الترمذي: ورخص الشافعي- رحمه الله- للمعلم أن يأخذ على تعليم القرآن أجرا «4»، ويرى له أن يشترط «5»، واحتج بهذا الحديث «6». سورة البقرة عن الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تجعلوا بيوتكم (مقابرا) «7»، وإنّ البيت الذي تقرأ فيه البقرة: لا يدخله الشيطان». هذا حديث حسن صحيح «8».

_ (1) في سنن الترمذي: قال: فلما ... إلخ. (2) وفي رواية البخاري: وما يدريك أنها رقية، وأيضا في سنن الترمذي في رواية أخرى. (3) سنن الترمذي 6/ 226، ورواه أيضا الترمذي بسند آخر ولفظ قريب مما هنا 6/ 230 أبواب فضائل القرآن، والحديث في صحيح البخاري 6/ 103، كتاب فضائل القرآن، باب فاتحة الكتاب، وكتاب الإجارة 3/ 53، باب ما يعطي في الرقية .. ورواه مسلم 14/ 187، كتاب السلام باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار. وراجع فتح الباري 4/ 455. (4) قال النووي: «وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وآخرين من السلف ومن بعدهم، ومنعها- أي أخذ الأجرة- أبو حنيفة في تعليم القرآن وأجازها في الرقية». شرح النووي على صحيح مسلم 14/ 188، وراجع نيل الأوطار 5/ 288. «وقد أجاز المتأخرون من الحنفية أيضا أخذ الأجرة على تعليم القرآن» تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 6/ 229. والمصلحة أيضا تقتضي جواز ذلك، وبهذا انتشرت- بفضل الله- مدارس تحفيظ القرآن الكريم في زماننا هذا في كثير من المدارس والمعاهد والمساجد، وحفظه جمع غفير من أبناء المسلمين ولله الحمد والمنّة. (5) في بقية النسخ: أن يشترط على ذلك، واحتج ... إلخ. (6) في هامش «ت» كلمات لم أستطع قراءتها، يظهر أنها من الناسخ. (7) هكذا في الأصل: مقابرا. وفي بقية النسخ: مقابر. وهو الصواب. (8) سنن الترمذي 8/ 180، أبواب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي. والحديث في صحيح مسلم 6/ 68، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في البيت، ورواه النسائي في فضائل القرآن 42. ورواه الحاكم بنحوه في المستدرك، كتاب فضائل القرآن: 1/ 561، والدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن 2/ 447.

وبإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لكل شيء سنام «1»، وإنّ سنام القرآن سورة البقرة «2»». وبإسناده عن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعثا «3»، فاستقرأ كل رجل منهم- يعني ما معه من القرآن- فأتى على رجل من أحدثهم سنا، فقال: ما معك يا فلان؟ قال: معي كذا وكذا، وسورة البقرة. قال: أمعك سورة البقرة؟ قال: نعم، قال: اذهب فأنت أميرهم، فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلم البقرة إلّا خشية أن لا أقوم بها. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تعلّموا القرآن واقرءوه، فإنّ مثل القرآن لمن تعلمه وقام به كمثل جراب «4» محشو مسكا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه، فيرقد وهو في جوفه، كمثل من «5» أوكئ على مسك» «6».

_ (1) سنام البعير والناقة- بفتح السين- أعلى ظهرها، والجمع: أسنمة، وسنام كل شىء أعلاه. اللسان 12/ 306 (سنم). «ومنه سميت سورة البقرة سنام القرآن لطولها واحتوائها على أحكام كثيرة. ولما فيها من الأمر بالجهاد، وبه الرفعة الكبيرة». تحفة الأحوذي: 8/ 181. (2) وتمامه في سنن الترمذي: وفيها آية هي سيدة آي القرآن- آية الكرسي- قال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث حكيم بن جبير، وقد تكلم فيه شعبة وضعفه» 8/ 182. وراجع كلام العلماء في حكيم هذا وتضعيفهم له، في الميزان للذهبي: 1/ 583. قال ابن كثير: «وقد ضعفه أحمد ويحيى بن معين وغير واحد من الأئمة تفسيره 1/ 307. والحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه من هذا الوجه بهذا اللفظ كما في تحفة الأحوذي 8/ 182. وأخرجه الحاكم من هذه الطريق بلفظ قريب- وقال: صحيح الإسناد. المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 560، وراجع تحفة الذاكرين للشوكاني 265، والتذكار في أفضل الأذكار للقرطبي: 145. (3) في سنن الترمذي: « .. بعثا وهم ذو عدد فاستقرأ ... » إلخ. (4) الجراب بكسر الجيم- الوعاء، والعامة تفتحه، والجمع: أجربة وجرب- بضم الراء الأولى وسكون الثانية-. اللسان 1/ 261 (جرب). «وخص الجراب هنا بالذكر: احتراما لأنه من أوعية المسك، فصدر القارئ كجراب، والقرآن فيه كالمسك، فإنّه إذا قرأ وصلت بركته إلى تاليه وسامعيه، فتصل رائحته إلى كل مكان حوله، أمّا من تعلم القرآن ولم يقرأ فهو كالجراب الذي أوكئ- أي ربط بالوكاء- وهو الخيط الذي تشد به الأوعية فلم تصل بركته لا إلى نفسه ولا إلى غيره» اه. تحفة الأحوذي 8/ 187 باختصار. (5) هكذا في النسخ، والذي في الترمذي: كمثل جراب أوكئ ... إلخ. (6) قال الترمذي: «هذا حديث حسن، وقد روى هذا الحديث عن سعيد المقبري عن عطاء مولى أبي أحمد

وروى أبو عبيد القاسم «1» - رحمه الله- عن ابن أبي مريم «2» عن ابن لهيعة «3» عن يزيد بن أبي حبيب «4» عن سنان «5» عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه» «6».

_ عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مرسلا نحوه» سنن الترمذي 8/ 187. قال الذهبي: عطاء مولى أبي أحمد معدود في التابعين لا يعرف، روى سعيد المقبري عنه عن أبي هريرة حديثا في فضل القرآن الميزان 3/ 77. وقال ابن حجر: مقبول من الثالثة. التقريب 2/ 23، ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 362. قال السيوطي: وأخرجه النسائي وابن ماجة ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن حبان والحاكم وصححه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة ... »، الدر المنثور 1/ 52. (1) ابن سلام بتشديد اللام- الفقيه الأديب المشهور، صاحب التصانيف المتوفي سنة 224 هـ، طبقات المفسرين للداودي: 2/ 37. (2) سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي بالولاء، أبو محمد البصري، ثقة ثبت فقيه، روى عنه القاسم بن سلام، وغيره (144 - 224 هـ). الجرح والتعديل: 4/ 13، وتهذيب التهذيب: 4/ 17. (3) عبد الله بن لهيعة- بفتح اللام وكسر الهاء- بن عقبة الحضرمي أبو عبد الرحمن، قاضي مصر وعالمها، صدوق، خلط بعد احتراق كتبه توفي سنة 174 هـ. التهذيب 5/ 373، وراجع كلام العلماء حوله في الميزان 2/ 475. (4) يزيد بن أبي حبيب أبو رجاء واسم أبيه سويد، المصري ثقة فقيه وكان يرسل، مات سنة 128 هـ وقد قارب الثمانين. الجرح والتعديل 9/ 267، والكنى للإمام مسلم 1/ 316، والتقريب 2/ 363، والتقريب 2/ 363، والأعلام 8/ 183. (5) سنان بن سعد- ويقال- سعد بن سنان والأول أصح- الكندي المصري، يروي عن أنس بن مالك، وعنه يزيد بن أبي حبيب، قال ابن حجر: صدوق. التقريب 1/ 287، وانظر الميزان 2/ 121، 235. (6) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام- كما قال المصنف- في كتابه فضائل القرآن 159 فضل سورة البقرة وخواتيمها وآية الكرسي، ونقله السيوطي في الدر 1/ 50 عن أبي عبيد، وكذلك الشوكاني: 1/ 27 وله شاهد في سنن الدارمي فقد ساق بسنده إلى أبي الأحوص قال: قال عبد الله: «إنّ الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ في بيت خرج منه» سنن الدارمي 2/ 447، كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة. وسبق قريبا الحديث الذي رواه مسلم والترمذي وغيرهما «لا تجعلوا بيوتكم مقابر ... » الحديث. راجع أول حديث أورده السخاوي في فضل سورة البقرة ص (231).

ما جاء في آية الكرسي

وروي عن أبي أمامة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة» «1» وزاد غيره «ولا يستطيعها «2» البطلة» «3». ما جاء في آية الكرسي في الحديث: «أعظم سورة في القرآن البقرة، وأعظم أيها آية الكرسي» «4» وفيه: (آية الكرسي خمسون كلمة، في كل كلمة خمسون بركة) «5».

_ (1) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى أبي أمامة. فضائل القرآن: 159. والحديث في صحيح مسلم 6/ 90 بلفظ أطول مع الزيادة التي ذكرها السخاوي عن غير أبي عبيد، كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة. ورواه الديلمي بنحوه عن أبي سعيد. انظر كنز العمال 1/ 566 رقم 2552، وانظر المستدرك للحاكم كتاب فضائل القرآن 1/ 564، والدر المنثور 1/ 47. (2) في بقية النسخ: ولا تستطيعها. (3) قال الإمام مسلم: «قال معاوية- أحد رجال السند- بلغني أن البطلة: السحرة» اه. والبطلة- بفتح الباء والطاء واللام- يقال: «أبطل إذا جاء بالباطل، وقيل: هم الشجعان من أهل الباطل». قاله الشوكاني في تحفة الذاكرين 265، وانظر: اللسان 11/ 56 «بطل». (4) ذكر السيوطي نحوه قال: «أخرج وكيع والحارث بن أبي أسامة ومحمد بن نصر وابن الضريس بسند صحيح عن الحسن قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل القرآن سورة البقرة، وأعظم آية فيه آية الكرسي ... » الدر المنثور 1/ 51. وفي كنز العمال 1/ 561، رقم 2523 نحو هذا: وقال: عن الحسن مرسلا. قال ابن حجر: اسناده إلى الحسن صحيح. المطالب العالية 3/ 313. (5) في كنز العمال: رواه ابن عساكر بلفظ: قال علي: أين أنتم عن فضيلة آية الكرسي؟ أما أنّها خمسون ... وذكره. ورواه ضمن حديث طويل أبو عبد الله منصور بن أحمد الهروي في حديثه، والديلمي عن علي رضي الله عنه، وفي إسناده مجالد بن سعيد، قال أحمد: ليس بشيء، وقال غير واحد: ضعيف. اه كنز العمال 2/ 302، وراجع ترجمة مجالد هذا وتضعيف العلماء له في الميزان 3/ 438. قال القرطبي: «وهذه الآية تضمنت التوحيد والصفات العلا، وهي خمسون كلمة، وفي كل كلمة خمسون بركة ... » اه انظر تفسيره 3/ 170، وراجع التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي 150. ولعل القرطبي اعتمد في هذا على الأثر المذكور عن علي رضي الله عنه، والذي لم يصح كما عرفت. والله أعلم.

وروي أنّ جبريل قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: «1» «إنّ عفريتا من الجن يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي» «2». وعن علي- عليه السلام-: «ما أرى رجلا في الإسلام، أو أدرك عقله الإسلام يبيت أبدا حتى يقرأ هذه الآية اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ «3» ولو تعلمون ما هي، إنّما أعطيها نبيّكم من كنز تحت العرش ولم يعطها أحدا «4» قبل نبيّكم، وما بت ليلة قط حتى أقرأها ثلاث مرات «5»، أقرأها في الركعتين بعد عشاء «6» الآخرة، وفي وتري وحين آخذ مضجعي من فراشي» «7». وحدّثني أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري «8» عن النسائي بالسند المتقدم- وكلما أذكره عن النسائي فهو بهذا الإسناد- قال النسائي: أنبأ أحمد بن محمد بن عبد الله «9»

_ (1) في بقية النسخ: وروى أن جبريل قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ عفريتا .. » إلخ. ولا معنى لها. (2) قال السيوطي: «أخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان والدينوري في المجالسة عن الحسن أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إنّ جبريل أتاني» فقال: إنّ عفريتا من الجن .. وذكره. الدر المنثور 2/ 14. (3) البقرة (255). وزاد في (ظق) ( ... لا تأخذه). (4) في بقية النسخ: ولم يعطها أحد. وكلاهما صحيح. (5) عبارة (ثلاث مرات) ساقطة من ظق. (6) في بقية النسخ: بعد العشاء الآخرة. (7) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى أبي أمامة الباهلي عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة وخواتيمها، وآية الكرسي 161. قال القرطبي: وذكر أبو نصر الوائلي عن أبي أمامة الباهلي عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه كان يقول: «ما أرى رجلا ... وذكره» التذكار في أفضل الأذكار: 149. وقال السيوطي: أخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة والدارمي، ومحمد بن نصر وابن الضريس عن علي قال: «ما أرى رجلا ... » وذكره. انظر الدر المنثور 2/ 8، وراجع المصنف لابن أبي شيبة فقد أورده بسنده عن عبيد بن عمرو الحازمي عن علي- رضي الله عنه- مختصرا كتاب الدعاء باب ما قالوا في الرجل إذا أخذ مضجعه. 10/ 252، يقول السيوطي: وأخرجه الديلمي وشيخ شيوخنا الحافظ شمس الدين ابن الجزري في كتاب أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب مسلسلا، يقول كل راو من رواته: «ما تركت قراءتها كل ليلة منذ بلغني هذا الحديث وقال: صالح الإسناد» اه كنز العمال 2/ 301. رقم 459. (8) في بقية النسخ- رحمه الله-. (9) هكذا في النسخ، وفي فضائل القرآن للنسائي: .. بن عبيد الله وهو أحمد بن محمد بن عبيد الله،

ثنا شعيب بن حرب «1» ثنا إسماعيل بن مسلم «2» عن أبي المتوكل «3» عن أبي هريرة «أنه كان على تمر الصدقة فوجد أثر كف كأنّه قد أخذ منه، فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: أتريد أن تأخذه؟ قل: سبحان من سخرك لمحمد صلّى الله عليه وسلم، قال أبو هريرة: فقلت، فإذا جنّي قائم بين يدي، فأخذته لأذهب به إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: إنّما أخذته لأهل بيت فقراء من الجن، ولن أعود، قال «4»: فعاد، فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: تريد أن تأخذه؟ فقلت: نعم، فقال: قل، سبحان من سخّرك لمحمد، فقلت، فإذا أنا به، فأردت أن أذهب به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فعاهدني أن لا يعود، فتركته، ثم عاد فذكرت ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: تريد أن تأخذه؟ فقلت: نعم، قال: قل سبحان الذي «5» سخّرك لمحمد، فقلت، فإذا أنا به فقلت «6»: عاهدتني، وكذبت وعدت، لأذهبن بك إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: خل عني أعلمك كلمات إذا قلتهن لا يقربك ذكر ولا أنثى من الجن «7» قلت: وما هؤلاء الكلمات؟ قال: آية الكرسي، اقرأها عند كل صباح ومساء قال أبو هريرة: فخليت عنه، فذكرت ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لي: «أوما علمت أنه كذلك» «8».

_ أبو جعفر النجار، صدوق من الحادية عشرة، مات في حدود الخمسين ومائتين. تهذيب التهذيب 1/ 76، والتقريب 1/ 24. (1) شعيب بن حرب المدائني، أبو صالح، نزيل مكة ثقة عابد، من التاسعة مات سنة 197 هـ. تاريخ الثقات: 221، والميزان 2/ 276، والتقريب: 1/ 352. (2) إسماعيل بن مسلم العبدي أبو محمد البصري القاضي ثقة من السادسة، الميزان 1/ 250، والتقريب 1/ 74. (3) علي بن داود الناجي البصري أبو المتوكل، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة 108 اه وقيل قبل ذلك. الجرح والتعديل 6/ 184، والكنى للإمام مسلم 2/ 829، والتقريب: 2/ 36. (4) (قال) ساقط من ظ. (5) في بقية النسخ: سبحان من سخّرك. (6) في بقية النسخ: قال: فقلت. (7) (من الجن): ساقطة من د وظ. (8) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في كتاب فضائل القرآن: 43، وراجع تفسير ابن كثير 1/ 306، وسيأتي حديث الترمذي بعد هذا مباشرة بألفاظ مختلفة عما هنا عن أبي أيوب الأنصاري، وللحديث طريق أخرى كذلك بألفاظ مختلفة. رواه البخاري 4/ 486، كتاب الوكالة باب 10 بشرح ابن حجر، وله طريق عند النسائي أخرجها من طريق أبي المتوكل الناجي عن أبي هريرة. ثم قال ابن حجر: بعد أن شرح الحديث- «ووقع أيضا لأبيّ بن كعب عند النسائي وأبي أيوب

وحدّثني شيخي أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي- رحمه الله- بالسند الذي تقدم ذكره إلى أبي عيسى الترمذي، حدثنا محمد بن بشار «1» ثنا أبو أحمد «2» ثنا سفيان «3»، عن ابن أبي ليلى «4» عن أخيه «5» (عن) «6» عبد الرحمن بن أبي ليلى «7» عن أبي أيوب الأنصاري «8» (أنّه كان «9» له سهوة «10» فيها تمر فكانت تجيء الغول «11» فتأخذ منه، فشكا ذلك إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: اذهب فإذا رأيتها، فقل: بسم الله، أجيبي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتت فأخذها «12» فحلفت «13» أن لا تعود، فأرسلها، فجاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: ما فعل

_ عند الترمذي وأبي سعيد الأنصاري عند الطبراني وزيد بن ثابت عند ابن أبي الدنيا قصص في ذلك ... وهو محمول على التعدد» الفتح 4/ 489. (1) في بقية النسخ: قال: ثنا أبو أحمد ... الخ. (2) أبو أحمد: اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو الأسدي الزبيري الكوفي، ثقة ثبت إلّا أنه يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة مات سنة 203 هـ. التقريب 2/ 176، والميزان 3/ 595. (3) هو الثوري تقدمت ترجمته. (4) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي القاضي أبو عبد الرحمن، صدوق سيئ الحفظ جدا، من السابعة، مات سنة 148 هـ. التقريب 2/ 184، وانظر تحفة الأحوذي 8/ 183. (5) عيسى بن عبد الرحمن، ثقة من السابعة. التقريب 2/ 99. (6) ساقط من الأصل، وهو موجود في سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد: (7) عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي ثقة من الثانية، مات سنة 86 هـ. التقريب 1/ 496، والميزان 4/ 596، وانظر تحفة الأحوذي 8/ 183. (8) خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة أبو أيوب الأنصاري، صحابي شهد العقبة وغيرها من المشاهد، عاش إلى أيام بني أمية، وكان يسكن المدينة ورحل إلى الشام، ومات بالقسطنطينية سنة 52 هـ- رضي الله عنه- صفة الصفوة 1/ 468، والإصابة 3/ 56، رقم 1439، والأعلام: 2/ 295. (9) في بقية النسخ: كانت. (10) السهوة: بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع والخزانة، وقيل هو: كالصفة تكون بين يدي البيت، وقيل: شبيه بالرف أو الطابق يوضع فيه الشيء، تحفة الأحوذي 8/ 184، وراجع اللسان 14/ 407 (سها). (11) الغول: بضم الغين المعجمة- هو شيطان يأكل الناس، وقيل: هو من يتلون من الجن، والجمع: أغوال وغيلان، وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه من جن أو شيطان أو سبع فهو غول. اللسان 11/ 507 (غول). (12) في د وظ: قال: فأخذها. (13) في ظ، وسنن الترمذي قال فأخذها فحلفت، وفي ظق: مطموسة.

الآيتان في آخر سورة البقرة

أسيرك؟ قال «1»: حلفت أن لا تعود قال: كذبت، وهي معاودة للكذب، قال: فأخذها مرة أخرى فحلفت أن لا تعود فأرسلها، فجاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال «2» ما فعل أسيرك؟ قال: حلفت أن لا تعود، قال: كذبت، وهي معاودة للكذب فأخذها فقال: ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقالت: إني ذاكرة لك شيئا: (آية الكرسي) اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره. فجاء الى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل أسيرك؟ قال: فأخبره بما قالت، قال: «صدقت وهي كذوب». هذا حديث حسن غريب «3». الآيتان في آخر سورة البقرة أبو المظفر بإسناده عن النسائي أنبأ عبد الله بن محمد بن إسحاق «4» عن جرير «5» عن منصور «6» عن إبراهيم «7» عن عبد الرحمن بن يزيد «8» عن أبي مسعود «9» قال: قال رسول

_ (1) في د وظ: فقال. (2) في د وظ: قال. (3) أخرجه الترمذي في سننه 8/ 183 أبواب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي. قال الشارح: وذكره المنذري في ترغيبه، وذكر تحسين الترمذي وأقره وانظر الترغيب والترهيب 2/ 373. والحديث في مسند الإمام أحمد 5/ 423 وانظر الدر المنثور 2/ 11. (4) عبد الله بن محمد بن إسحاق الجزري، أبو عبد الرحمن الموصلي ثقة من العاشرة. التقريب 1/ 446. (5) جرير بن عبد الحميد الكوفي نزيل الري وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه، مات سنة 188 هـ. التقريب 1/ 127، والميزان 1/ 394. (6) منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة ثبت في الحديث توفي سنة 132 هـ. الكنى للإمام مسلم 1/ 650، وتاريخ الثقات: 440، والتقريب 2/ 276. (7) إبراهيم بن يزيد النخعي أبو عمران الكوفي الثقة مفتي الكوفة مات سنة 96 هـ، الكنى للإمام مسلم 1/ 595، وتاريخ الثقات: 56، والميزان 1/ 74. (8) عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي تابعي كوفي، ثقة مات سنة 83 هـ الكنى للإمام مسلم 1/ 114، وتاريخ الثقات: 301، والتقريب 1/ 502. (9) عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري البدري أبو مسعود صحابي شهد العقبة وأحدا وما بعدها ونزل الكوفة، توفي سنة 40 هـ، أو بعدها. الإصابة 7/ 24، رقم 5599، والأعلام 4/ 240.

الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» «1» «2». وحدّثني الغزنوي «3» بإسناده عن الترمذي، حدثنا أحمد بن منيع «4» ثنا «5» جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود الأنصاري مثله، وقال: هذا حديث حسن صحيح «6». النسائي «7»: وثنا «8» عمرو بن منصور ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني «9» ثنا أبو عوانة «10» ثنا أبو مالك الأشجعي «11» عن ربعي بن حراش «12» عن حذيفة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث:

_ (1) قال النووي: «كفتاه: قيل معناه من قيام الليل، وقيل من الشيطان وقيل من الآفات، ويحتمل من الجميع» اه شرح صحيح مسلم 6/ 91، وانظر فتح الباري 9/ 59، وتحفة الذاكرين 268، للشوكاني. (2) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده ومتنه 44، وأخرجه أيضا بسندين آخرين عن أبي مسعود، فضائل القرآن 35 باب سورة كذا وسورة كذا. ورواه الترمذي وسيأتي بعد هذا مباشرة. والحديث في صحيح البخاري 6/ 104، كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة، وفي صحيح مسلم 6/ 92، كتاب صلاة المسافرين باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة. (3) في بقية النسخ: رحمه الله. (4) أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي أبو جعفر نزيل بغداد، حافظ ثقة، كان يعد من أقران أحمد بن حنبل في العلم (160 - 244 هـ) تهذيب التهذيب 1/ 84، والأعلام 1/ 260. (5) في بقية النسخ: قال: ثنا جرير ... الخ. (6) سنن الترمذي 8/ 189، وراجع تخريجه في الحديث الذي قبله. (7) أي وبالإسناد المتقدم إلى النسائي. (8) الواو ليست في بقية النسخ. (9) آدم بن أبي أياس عبد الرحمن العسقلاني أبو الحسن، أصله من خراسان ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة 221 هـ. التقريب 1/ 30، وتاريخ الثقات: 58، وصفة الصفوة 4/ 308. (10) وضّاح- بتشديد المعجمة ثم مهملة- بن عبد الله اليشكري البزار، أبو عوانة مشهور بكنيته ثقة ثبت من السابعة، مات سنة 175 هـ أو نحوها التقريب 2/ 331، وتاريخ الثقات 464. (11) سعد بن طارق أبو مالك الأشجعي الكوفي الثقة من الرابعة مات في حدود أربعين ومائة. التقريب 1/ 287. (12) ربعي- بكسر الراء- بن حراش- بكسر المهملة وآخره معجمة- بن جحش أبو مريم العبسي الكوفي الثقة العابد من الثانية مات سنة 100 هـ، وقيل غير ذلك. التقريب 1/ 243، وصفة الصفوة 3/ 36، تاريخ الثقات 152.

سورة آل عمران

أ) جعلت الأرض كلها لنا مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا. ب) وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. ج) وأوتيت هؤلاء الكلمات «1»: آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعط منه أحد قبلي ولا يعطى منه أحد بعدي» «2». سورة آل عمران الترمذي حدثنا محمد بن إسماعيل «3» ثنا هشام بن إسماعيل أبو عبد الملك العطار «4» قال: حدثنا محمد بن شعيب «5» ثنا «6» إبراهيم بن سليمان «7» عن الوليد بن عبد الرحمن «8»

_ (1) في فضائل القرآن للنسائي هؤلاء الآيات. (2) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن 45، والحديث في صحيح مسلم 5/ 4، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، دون ذكر الخصلة الثالثة وهي موضع الشاهد، وقد نبّه عليها النووي وقال: إنّه ذكرها النسائي من رواية أبي مالك الراوي للحديث قال: وأوتيت هذه الآيات ... الخ، ورواه الإمام أحمد في مسنده 5/ 383. (3) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري أبو عبد الله، حبر الإسلام الحافظ لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، صاحب الجامع الصحيح المعروف ب «صحيح البخاري» وغيره من المؤلفات، ولد في بخاري ونشأ يتيما، وقام برحلة في طلب الحديث، سمع من نحو ألف شيخ وجمع نحو ستمائة ألف حديث، اختار منها في صحيحه ما وثق منها (194 هـ- 256 هـ) صفة الصفوة 4/ 168، وتاريخ بغداد 2/ 4 والبداية والنهاية 11/ 27، والتقريب 2/ 144، والأعلام 6/ 34. (4) هشام بن إسماعيل بن يحيى بن سليمان أبو عبد الملك العطار الدمشقي ثقة فقيه عابد من العاشرة مات سنة 216 هـ. التقريب: 2/ 317، وتاريخ الثقات: 456. (5) محمد بن شعيب بن شابور- بالمعجمة والموحدة- الأموي الدمشقي، صدوق صحيح الكتاب من كبار التاسعة، مات سنة 200 هـ. الميزان 3/ 580، والتقريب: 2/ 170. (6) في بقية النسخ: قال: ثنا إبراهيم. (7) إبراهيم بن سليمان الأفطس الدمشقي ثقة ثبت إلّا أنه يرسل، من الثامنة التقريب 1/ 36. (8) الوليد بن عبد الرحمن الجرشي- بضم الجيم وبالشين المعجمة- الحمصي، ثقة من الرابعة. التقريب 2/ 334.

أنّه حدثهم عن جبير بن نفير «1» عن نواس بن سمعان «2» عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «يأتي القرآن وأهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمهم «3» سورة البقرة وآل عمران «4»، قال نواس: وضرب لهما (مثلا) «5» رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: تأتيان كأنهما غيايتان «6» وبينهما شرق «7» أو كأنهما غمامتان سوداوان، أو كأنهما ظلتان «8»، من طير صواف «9» تجادلان «10» عن صاحبهما» «11».

_ (1) جبير بن نفير- بنون وفاء مصغرا- بن مالك بن عامر الحضرمي الحمصي ثقة جليل من الثانية، لأبيه صحبة مات سنة 80 هـ وقيل نحوها. تاريخ الثقات ص 95، والتقريب 1/ 126. (2) النواس بن سمعان بن خالد العامري الأنصاري له ولأبيه صحبة. الإصابة 10/ 192، ومشاهير علماء الأمصار 53، والتقريب: 2/ 308. (3) هكذا في النسخ، وفي سنن الترمذي وصحيح مسلم ومسند أحمد: تقدمه، وعلى كلا اللفظين يكون الضمير عائدا إلى القرآن أو إلى أهله. (4) قال الترمذي: «ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن .. » اه 8/ 192. وقال أبو عبيد: «يعني ثوابهما. قال أبو الحسن- لعلّه الأشعري- تكلّم أبو عبيد بهذا والسيف يومئذ يقطر» اه. فضائل القرآن 166. وقال النووي: «قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين» 6/ 90. وقال شارح سنن الترمذي: «وقيل: يصور الكل بحيث يراه الناس كما تصور الاعمال للوزن في الميزان، ومثل ذلك يجب اعتقاده إيمانا فإن العقل يعجز عن أمثاله» اه. قلت: وهذا الذي ذكره شارح سنن الترمذي هو الذي تميل إليه النفس وترتاح حتى لا نخوض في التأويل ونخرج النصوص عن ظاهرها والله أعلم. وهذا ما تشعر به عبارة أبي الحسن الأشعري التي قال فيها: إنّ أبا عبيد تأول ذلك والسيف يومئذ يقطر. (5) هكذا في الأصل: وضرب لهما مثلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث أمثال ... الخ. (6) قال النووي: «قال أهل اللغة: الغمامة والغياية: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما» اه 6/ 90 وانظر اللسان 15/ 144 «غيا». (7) شرق:- بفتح الشين المعجمة وسكون الراء بعدها قاف- أي ضياء ونور. شرح النووي وتحفة الأحوذي، وراجع اللسان 10/ 174، وفي بقية النسخ: شرف. (8) في سنن الترمذي: أو كأنهما ظلة. قال الشارح: والظلة: كل ما أظلك من شجر وغيره اه. (9) جمع صافة، أي باسطات أجنحتها في الطيران. المصدر نفسه. (10) في د وظ: يجادلان. (11) أي تحاجان، والمحاجة: المخاصمة، وإظهار الحجة .... وظاهر الحديث أنهما يتجسمان حتى

وفي الباب عن بريدة «1»، وأبي أمامة «2»، هذا حديث حسن غريب «3». أبو عبيد «4»: ثنا حجاج «5» عن حماد بن سلمة «6» عن عبد الملك بن عمير «7»، قال: قال حماد: أحسب له عن أبي منيب «8» عن عمه: (أن رجلا قرأ البقرة وآل عمران فلما قضى صلاته قال له كعب: قرأت البقرة وآل عمران؟ قال: نعم، قال: فو الذي نفسي بيده أن فيهما اسم الله الذي إذا «9» دعي به استجاب، قال: فأخبرني به، قال: لا والله لا أخبرك به «10»،

_ يكونا كأحد هذه الثلاثة التي شبهها بها صلّى الله عليه وسلم، ثم يقدرهما سبحانه وتعالى على النطق بالحجة، وذلك غير مستبعد من قدرة القادر القوي الذي يقول للشيء «كن فيكون». تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8/ 192. (1) عند الإمام أحمد في مسنده بلفظ أطول 5/ 352، 361، وسنن الدارمي 2/ 450. وبريدة هو: ابن الحصيب- بمهملتين مصغرا- بن عبد الله أبو سهل الأسلمي صحابي، أسلم قبل بدر، مات سنة 63 هـ. رضي الله عنه. الإصابة 1/ 241 رقم 629. (2) حديث أبي أمامة تقدم أنّ ذكر السخاوي شطرا منه، وهو في صحيح مسلم: عن أبي أمامة الباهلي قال: «اقرءوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة ... » الحديث 6/ 90 بشرح النووي. (3) سنن الترمذي 8/ 192 أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في آل عمران، وأخرجه مسلم 6/ 90 كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة. (4) أي قال أبو عبيد. (5) حجاج بن محمد الأعور أبو محمد، ترمذي الأصل سكن بغداد، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام كان ثقة صدوقا توفى سنة 206 هـ تهذيب الكمال 1/ 234، وتهذيبه 2/ 205، والميزان 1/ 464. (6) حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة، روى عن عبد الملك بن عمير وغيره ثقة عابد، توفى سنة 167 هـ، التهذيب 3/ 11، والتقريب 1/ 197. (7) عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي الكوفي، ثقة فقيه تغير حفظه وربما دلس، من الثالثة، روى عن حماد بن سلمة وغيره، مات سنة 136 هـ عن 103 سنوات. التهذيب 6/ 411، والتقريب 1/ 521، والميزان 2/ 660. (8) شك حماد بن سلمة هل روى عبد الملك بن عمير عن أبي منيب أو عن غيره، وبناء على ذلك فقد بذلت قصارى جهدي في التعرف على أبي منيب هذا فلم أستطع الجزم في تحديده، وقد سألت أهل الاختصاص عن ذلك فلم أجد الإجابة المقنعة، لأن هناك كثيرا ممن يكنى بأبي منيب، كما ذكر ذلك البخاري في كتابه التاريخ الكبير، وابن عبد البر في كتابه الاستغناء في معرفة الأسماء والكنى وغيرهما، والله أعلم. (9) (إذا) ساقط من د وظ. وفي ظ: دعا به. (10) جاء في الحديث عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ البقرة: (255) والم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ آل عمران: (1، 2): ان فيهما اسم الله الأعظم. نسبه ابن كثير إلى مسند الإمام أحمد وسنن أبي

سورة النساء

ولو أخبرتك لأوشك «1» أن تدعوا بدعوة «2» أهلك فيها أنا وأنت) «3». وروى أبو عبيد عن ابن مسعود- رحمه الله- (من قرأ آل عمران فهو غني) «4». وروى أيضا عن الشعبي عن عبد الله قال: «نعم كنز الصعلوك «5» سورة آل عمران يقوم به الرجل من آخر الليل «6»». سورة النساء روى أبو عبيد «7» عن عمر رضي الله عنه قال: «من قرأ البقرة «8» وآل عمران والنساء في ليلة: كتب من القانتين «9»».

_ داود والترمذي، وابن ماجة. قال: قال الترمذي: حسن صحيح. انظر تفسير ابن كثير 1/ 307، وسنن الترمذي 9/ 445، 448، باب ما جاء في جامع الدعوات، وراجع كلام شارح سنن الترمذي في تحديد الاسم الأعظم. (1) في فضائل القرآن لأبي عبيد: لأوشكت. (2) هكذا في الأصل (تدعوا) وهو خطأ. (3) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله 166 باب فضل البقرة وآل عمران والنساء، ونقله عن أبي عبيد ابن كثير في تفسيره 1/ 34. قال السيوطي: أخرج أبو عبيد وابن الضريس عن أبي منيب عن عمه أن رجلا ... وذكره. الدر المنثور 1/ 48. ثم قال السيوطي: وأخرجه ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن عمير، دون ذكر أبي منيب وعمه. الدر 2/ 140، ولهذا الأثر شاهد في سنن الدارمي فقد ساق بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال: «قرأ رجل البقرة وآل عمران، فقال: قرأت سورتين فيهما اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سأل به أعطى» 2/ 451. (4) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى ابن مسعود بلفظ «من قرأ سورة آل عمران .. » ص 168. ورواه الدارمي بسنده إلى ابن مسعود، وزاد فيه: والنساء محبرة، قال أبو محمد- يعني نفسه- «محبرة: ميزنة» اه ومحبرة- بفتح الباء مخففة- أي مظنة للحبور والسرور. اللسان 4/ 158 (حبر). سنن الدارمي 2/ 452 كتاب فضائل القرآن باب فضل آل عمران. وراجع الدر المنثور 2/ 140، ومسند عبد الرزاق 3/ 375. (5) الصعلوك: الفقير الذي لا مال له، وقد تصعلك الرجل، إذا كان كذلك. اللسان 10/ 455 «صعلك». (6) أخرجه أبو عبيد في فضائله 169 بسنده إلى الشعبي عن عبد الله- هو ابن مسعود- باب فضل البقرة وآل عمران والنساء، وعبد الرزاق في المصنف 3/ 375. ورواه الدارمي في سننه 2/ 452، بسنده إلى ابن مسعود كذلك. وراجع الدر 2/ 140. (7) أي وروى أبو عبيد بسنده عن عمر رضي الله عنه. (8) كلمة (البقرة) ساقطة من د وظ. (9) أخرجه أبو عبيد في فضائله 168 بسنده إلى عمر بلفظ «من قرأ البقرة وآل عمران والنساء في ليله كان أو في نهاره، كتب من القانتين»، ونقله عنه ابن كثير في تفسيره 1/ 34 دون ذكر النساء، وقال: فيه

سورة المائدة

وروى أيضا عن حارثة بن (مصرّف) «1» قال: «كتب إلينا عمر رضي الله عنه أن تعلموا سورة النساء والنور والأحزاب «2». سورة المائدة «3» روى أبو عبيد «4» عن محمد بن كعب القرظي قال: «نزلت سورة المائدة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة، وهو على (ناقة القصوى) «5» فانصدع كتفها، فنزل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلم «6»». وروى أيضا عن ضمرة بن حبيب «7» وعطية بن قيس «8» قالا «9»: قال رسول

_ انقطاع ولكن ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قرأ بهما في ركعة واحدة اه. وزاد السيوطي نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في شعب الإيمان. الدر 1/ 49. (1) هكذا في النسخ: حارثة بن مصرف، والصحيح حارثة بن مضرّب، وهو حارثة بن مضرّب- بتشديد الراء المكسورة قبلها معجمة- العبدي الكوفي ثقة تابعي من الثانية. الميزان 3/ 446، وتاريخ الثقات 103، والتقريب 1/ 145. (2) أخرجه أبو عبيد في فضائله 169، ونقله عنه السيوطي في الدر المنثور 6/ 124، وفي الإتقان 4/ 108، وذكره الألوسي، دون عزو. انظر تفسيره 18/ 74. (3) الذي يمعن النظر في الآثار التي أوردها السخاوي في فضل سورة المائدة يجد أنها ليس فيها ما يدل على ذلك، والله أعلم. (4) أي وروى أبو عبيد. (5) هكذا في الأصل على ناقة القصوى. وفي بقية النسخ: وهو على ناقته فانصدع ... الخ وهو الصواب. (6) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل المائدة والأنعام 170، ونقله السيوطي في الدر 3/ 3، والشوكاني في تفسيره 2/ 3، وله شاهد ذكره الطبري في تفسيره 16/ 83، 84 عن شهر بن حوشب وأسماء بنت يزيد والربيع بن أنس، وله كذلك شاهد ذكره ابن كثير في تفسيره 2/ 2 والسيوطي في الدر 3/ 3، دون ذكر للزمان والمكان. (7) ضمرة- بسكون الميم- بن حبيب بن صهيب الحمصي، أبو عتبة، ثقة من الرابعة، مات سنة 130 هـ. تاريخ الثقات 232، ومشاهير علماء الأمصار 116، والتقريب 1/ 374. (8) عطية بن قيس الكلابيّ الشامي، أبو يحيى ثقة مقرئ من الثالثة، مات سنة 121 هـ وقد جاوز المائة. مشاهير علماء الأمصار 115، والميزان 2/ 330، والتقريب 2/ 25. (9) هكذا في النسخ وفي الدر المنثور عن أبي عبيد قالا بضمير التثنية، أما في فضائل القرآن لأبي عبيد فقد جاءت العبارة هكذا .. عن ضمرة بن حبيب عن عطية بن قيس قال .. - «بضمير الافراد» -.

سورة الأنعام

الله صلّى الله عليه وسلم: «المائدة من آخر القرآن نزولا «1»، فأحلوا حلالها وحرّموا حرامها» «2». وعن أبي ميسرة: «في المائدة إحدى عشرة فريضة» «3». وعنه أيضا: «ثماني عشرة فريضة، وليس فيها منسوخ» «4». سورة الأنعام روي أبو عبيد «5» عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: «الأنعام من نواجب «6» القرآن «7»».

_ (1) في بقية النسخ: تنزيلا. (2) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- 170 باب فضل المائدة والأنعام ونقله عنه السيوطي في الدر المنثور: 3/ 2. وله شاهد أخرجه أبو عبيد أيضا بسنده إلى جبير بن نفير- بنون وفاء مصغرا- قال: حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: يا جبير هل تقرأ المائدة؟ قلت: نعم، قالت: «أمّا أنّها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرّموه» فضائل القرآن 171. وقال السيوطي: أخرج أحمد، وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي وابن المنذر، والحاكم، وصحّحه، وابن مردويه والبيهقي في سننه عن جبير بن نفير قال: حججت ... وذكره. الدر المنثور: 3/ 3. (3) أخرجه أبو عبيد في فضائله عن أبي ميسرة: 171. (4) أخرجه- أيضا- أبو عبيد بسنده عن أبي ميسرة: 171. ونسبه السيوطي إلى الفريابي، وأبي عبيد، وعبد بن حميد، وابن المنذر وأبي الشيخ كلهم عن أبي ميسرة. الدر المنثور 3/ 4. ثم قال السيوطي: وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: «لم ينسخ من المائدة شيء» اه. وذكره البغوي وعزاه كذلك إلى أبي ميسرة 2/ 2 قال: «روى عن أبي ميسرة قال: أنزل الله تعالى في هذه السورة ثمانية عشر حكما لم ينزلها في غيرها» اه. وراجع تفسير القرطبي 6/ 30. وأما كونها ليس فيها منسوخ: فهو قول جماعة من العلماء وسيأتي الكلام عليه- إن شاء الله- في موضعه من هذا الكتاب. (5) أي وروى أبو عبيد. (6) نجب ينجب نجابة: إذا كان فاضلا نفيسا في نوعه. اللسان 1/ 748 (نجب). (7) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- بسنده عن عمر بن الخطاب باب فضل المائدة والأنعام 172. ونسبه السيوطي إلى أبي عبيد في فضائله والدارمي في سننه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة وأبي الشيخ كلهم عن عمر بن الخطاب. وكذلك عن محمد بن نصر عن ابن مسعود. الدر المنثور

فضل (سورة الأعراف)

قال أبو عبيد: ثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان «1» عن يوسف بن مهران «2» عن ابن عباس- رحمة الله عليه- قال: «نزلت سورة الأنعام بمكّة ليلا جملة، ونزل معها سبعون ألف ملك يجأرون «3» حولها «4» «5»». فضل (سورة الأعراف) هي من السبع الطول باتفاق، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل» «6». وروى عن ابن عباس أنه قال: «السبع المثاني: البقرة وآل عمران، والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس». وكذلك قال سعيد بن جبير ومجاهد «7». وعن عائشة- رضي

_ 3/ 245، وفيه بدل: نواجب «مواجب» ولعلّه تحريف، لأنّه مخالف لما في النسخ وفضائل القرآن لأبي عبيد وسنن الدارمي. انظر سنن الدارمي 2/ 453، كتاب فضائل القرآن باب فضل الأنعام والسور. وراجع فتح القدير للشوكاني 2/ 97. (1) علي بن زيد بن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان- بضم الجيم- البصري، من الرابعة، قال ابن حجر: ضعيف، مات سنة 131 هـ، أو قبلها. التقريب 2/ 37، وراجع ترجمته بتوسع في الميزان 3/ 127. (2) يوسف بن مهران البصري، لم يرو عنه غير ابن جدعان- المترجم قبل هذا- ويوسف هذا: لين الحديث من الرابعة. التقريب 2/ 382، والميزان 4/ 474. (3) جأر يجأر جأرا وجؤارا: رفع صوته بالدعاء والتضرع والاستغاثة. اللسان 4/ 112، والقاموس 1/ 398، ومعنى ذلك أنّ الملائكة يسبحون الله تعالى أثناء نزول هذه السورة الكريمة بأصوات مرتفعة. (4) أخرجه أبو عبيد بسنده الى ابن عباس ص 172 وذكره السيوطي بنحوه وعزاه إلى أبي عبيد وابن الضريس في فضائلهما وابن المنذر والطبراني وابن مردويه كلهم عن ابن عباس. الدر المنثور 3/ 243، وراجع فتح القدير 2/ 96. (5) في بقية النسخ: يجأرون حولها بالتسبيح. (6) تقدم تخريجه عند الكلام عن أقسام القرآن بحسب سوره ص 186. (7) هذا أحد الرأيين اللذين قيلا في تحديد السورة السابعة هل هي الأنفال مع التوبة أو سورة يونس. وقد تقدم الحديث عن هذا عند الكلام عن أقسام القرآن بحسب سورة وذكرت هناك أنّ أبا عبيد ساق آثارا عن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير تفيد أن السورة السابعة هي يونس، فلينظر هناك.

الله عنها-: «من أخذ السبع فهو حبر» «1» «2». وقال يحيى بن الحارث الذماري «3»: «وإن يونس تسمّى السابعة «4»، وليس بعد الأنفال ولا براءة من السبع الطّول» «5». وسأل سعيد بن جبير ابن عباس- رحمه (الله) «6» عن سورة الأنفال قال «7»: (نزلت في بدر) «8».

_ وراجع تفسير ابن كثير 1/ 35، وفضائل القرآن لأبي عبيد ص 158، وفتح القدير للشوكاني 1/ 28. وكان من المناسب الاكتفاء بذكر هذه الآثار في فصل تقسيم القرآن بحسب سوره، لأنه ليس فيها ما يدل على الفضيلة، إلّا إن نظرنا إلى أنّه يقصد أنّ هذه السور الموصوفة بالسبع الطول تعادل التوراة المنزلة على موسى- عليه السلام-. والله تعالى أعلم. (1) الحبر- بفتح المهملة وقد تكسر-: معناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه. اللسان 4/ 157 (حبر) وغريب الحديث لأبي عبيد 1/ 60، وليس المقصود أنّ مجرد الأخذ والحفظ يصيره حبرا، فإنّ كثيرا من الناس يحفظها ولا يفهمها ولا يعمل بها، وإنّما المقصود حفظها وفهمها وتطبيقها، والله أعلم. (2) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عائشة رضي الله عنها عن النبي صلّى الله عليه وسلم، باب فضل السبع الطّول ص 157، ورواه الحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي 1/ 564. وذكره ابن كثير والشوكاني نقلا عن أبي عبيد، قال ابن كثير: «هذا حديث غريب» اه. وعزواه أيضا إلى الإمام أحمد بن حنبل عن عائشة مرفوعا. انظر تفسير ابن كثير 1/ 35، والشوكاني 1/ 28، خلافا للسخاوي فقد أوقفه على عائشة رضي الله عنها. (3) يحيى بن الحارث الذماري- بكسر المعجمة وتخفيف الميم وقد تفتح الذال- أبو عمرو الشامي القارئ، الإمام الثقة، مات سنة 145 هـ وذمار: من قرى اليمن. معرفة القراء الكبار 1/ 105، والتقريب 2/ 344، وراجع اللسان 4/ 313، «ذمر» والقاموس 2/ 37. (4) أي سابعة السبع الطّول. (5) ذكره أبو عبيد في فضائله عن يحيى الذماري 158، باب فضل السبع الطّول. وراجع تفسير ابن كثير 1/ 35، والشوكاني 1/ 28. (6) سقطت من الأصل. (7) في بقية النسخ: فقال. (8) الأثر في صحيح البخاري 8/ 306، كتاب التفسير باب قوله «يسألونك عن الأنفال». وزاد السيوطي نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه كلهم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. الدر المنثور 4/ 3. وليس فيه ما يدل على فضيلة سورة الأنفال في نظري. والله تعالى أعلم.

براءة والنور

براءة والنور «1» أبو عبيد «2» بسنده عن أبي عطية «3»: (كتب «4» إلينا عمر بن الخطاب رضوان الله عليه ورحمته- تعلموا سورة التوبة، وعلّموا نساءكم سورة النور) «5».

_ (1) لعل سائلا يسأل فيقول: ما الحكمة من قرن سورة «براءة» مع «النور» وبينهما سور كثيرة وردت أحاديث وآثار في فضلها؟ فأقول: أما بالنسبة للعنوان فواضح من الأثر المتضمن للسورتين، وأما بالنسبة للأثر الذي رواه أبو عبيد عن أبي عطية، والذي فيه الأمر بتعلم سورة «التوبة» وتعليم النساء سورة «النور» فلعل من أهم ذلك ما يلي: أ) أن سورة «التوبة» عرضت للحديث عن العهود والمواثيق التي كانت بين أهل الكتاب والمشركين من جهة، وبين المسلمين من جهة أخرى، ومن المعلوم أن الذي يقوم بابرام ذلك ويتولاه هم الرجال .. ب) ثم إنّ سورة «براءة» تحدثت عن قتال المشركين الذين نقضوا العهد وأول من يقوم بذلك- لا شك- هم الرجال. ج) وأيضا فإنّ سورة «براءة» كشفت عن أسرار المنافقين وفضحتهم ولم تترك أحدا منهم إلّا نالت منه، وأظهرت للمسلمين خطرهم ومكرهم وكيدهم حتى يأخذوا حذرهم منهم، وحتى لا يقع ضعاف النفوس فيما وقع فيه أولئك فيفضحهم الله أمام الناس. وأمّا بالنسبة للأمر بتعليم نسائنا سورة النور فيمكن ذكر أهم الحكم فيما يلي: أ) تناولت السورة الحديث عن الأسرة التي تعد النواة الأولى لبناء المجتمع، وعملت سياجا محاطا بها للمحافظة على شرفها وصيانة عرضها. ب) تعرضت للحديث عن الزنى وبدأت بذكر الزانية قبل الزاني، بخلاف السرقة التي ذكرت في سورة (المائدة) فقد بدئ فيها بذكر السارق لأن الرجل فيه جرأة وقدرة على السرقة أكثر من المرأة، بخلاف الزنى فإن المرأة- عادة- إن لم تطاوع الرجل فلن يحصل الزنى إلّا بالقهر والتهديد. ج) وتحدثت السورة عن كثير من الآداب السامية والأخلاق الرفيعة ومنها حرمة اختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات، وبينت محارم المرأة التي لا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها لغيرهم، وتعرضت للقواعد منهن اللاتي لا يرجون نكاحا. إلى آخر تلك المعاني التي تحملها السورتان في طياتهما والتي يمكن للقارئ استخلاص الكثير منها، ولا يتسع المقام لذكر أكثر من هذا. والله أعلم. (2) أي وروى أبو عبيد، وهكذا كلما يأتي نحو هذا اللفظ كقوله: الترمذي ... وكقوله: النسائي ... إلخ. (3) مالك بن عامر أبو عطية الوادعي الهمداني تابعي ثقة من الثانية، مات في حدود السبعين. قال: جاءنا كتاب عمر.، هكذا قال ابن حجر انظر التهذيب 12/ 169، والتقريب 2/ 451، وتهذيب الكمال 1/ 298 وتاريخ الثقات 418، والاصابة 11/ 278 رقم 847. (4) في بقية النسخ: قال: كتب ... إلخ. (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- بسنده إلى أبي عطية ص 173 باب فضل سورة براءة.

سورة هود

سورة هود أبو عبيد بإسناده عن ابن شهاب قال: (قالوا: يا رسول الله، إنّا نرى في رأسك شيبا؟ فقال: كيف لا أشيب وأنا أقرأ سورة هود، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ «1»)؟! وروي (سعيد) «2» بن أبي وقاص «3» عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «شيّبتني «4» سورة هود والواقعة والمرسلات وعَمَّ يَتَساءَلُونَ وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ «5». وفيها من الفصاحة والبلاغة ما حير أولى الألباب ورؤساء البيان «6»».

_ قال السيوطي: «أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن أبي عطية الهمداني ... وذكره. الدر: 4/ 120 وراجع كنز العمال 2/ 314 رقم 4096. (1) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- بسنده إلى ابن شهاب- هو الزهري- باب فضائل سورة هود و .. ص 175. وله شاهد عند الترمذي 9/ 184 أبواب تفسير القرآن (سورة الواقعة) فقد ساق بسنده إلى ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله، قد شبت، قال: (شيبتني هود والواقعة والمرسلات) وعَمَّ يَتَساءَلُونَ وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب اه وفي الباب شواهد كثيرة ذكرها السيوطي في الدر المنثور 4/ 396، وانظر تفسير ابن كثير 2/ 435، والشوكاني 2/ 479، وكشف الخفاء 2/ 15. وله شاهد عند الحاكم بنحو ما رواه الترمذي، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، المستدرك، كتاب التفسير 2/ 343. (2) هكذا في الأصل ود وظ: سعيد بن أبي وقاص. وفي ظق: سعد بن أبي وقاص وهو الصواب. (3) سعد بن أبي وقاص مالك أبو إسحاق الصحابي الأمير الفاتح، أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، شهد بدرا وما بعدها، مات رضي الله عنه قرب المدينة سنة 55 هـ أو نحوها. صفة الصفوة 1/ 356، والإصابة 4/ 160، رقم 3187، والأعلام 3/ 87. (4) في د وظ: شيبني. (5) قال السيوطي: أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لقد شبت؟ قال: (شيبتني هود .. وذكره). الدر المنثور 4/ 197، وراجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة. (6) قال القرطبي: «لو فتش كلام العرب والعجم، ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها وبلاغة رصفها واشتمال المعاني فيها» اه تفسيره 9/ 40. وقد أطال النفس الإمام الألوسي في الكلام حول بلاغة هذه الآية الكريمة فانظره في تفسيره 12/ 63.

سورة يوسف

قال ابن دريد «1»: مرّ أعرابي برجل يقرأ «2» يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «3» فطأطأ رأسه، وقال: هذا كلام القادرين «4» اه. سورة يوسف روي أن أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم قالوا: «يا رسول الله، لو قصصت علينا فأنزل الله عزّ وجلّ هذه السورة» «5». وقال: «أحسن القصص» «6» لأنها على أعجب طريقة وأغرب هيئة، وقد جاءت هذه القصة في الكتب فلم تكن على نحو ما جاءت هذه السورة في الجزالة والإيجاز والحلاوة وحسن السياق.

_ (1) محمد بن الحسن بن دريد الأزدي أبو بكر، من أئمة اللغة والأدب، ولد بالبصرة وانتقل إلى عمان ثم رجع إلى البصرة، ورحل إلى فارس ثم عاد إلى بغداد، وله مؤلفات كثيرة (223 - 321 هـ). تاريخ بغداد 2/ 195، والبداية 11/ 188 وفيه: أحمد بن الحسن .. وهدية العارفين 2/ 32، والأعلام: 6/ 80. (2) في بقية النسخ: (وقيل يا أرض ... ). (3) هود (44). (4) قال أبو حيان: «روي أن إعرابيا سمع هذه الآية فقال: هذا كلام القادرين .. » اه البحر المحيط: 5/ 228. (5) أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: قالوا: يا رسول الله، لو قصصت علينا؟ قال: فنزلت نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ... الآية (3) يوسف. ثم ذكر مثله أو قريبا منه عن عمرو بن قيس وعون بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص. انظر تفسيره 12/ 150. وراجع تفسير ابن كثير 2/ 467، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 4/ 176، وأسباب النزول للواحدي 155. وقد ذكر السيوطي رواية ابن جرير عن ابن عباس التي تقدم ذكرها، ثم قال وأخرج إسحاق بن راهويه والبزار وأبو يعلى وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم، وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: أنزل على النبي صلّى الله عليه وسلم القرآن فتلا عليهم زمانا، فقالوا: يا رسول الله، لو قصصت علينا فأنزل الله الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ هذه السورة، ثم تلا عليهم زمانا، فأنزل الله أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ الحديد 16. أه الدر المنثور 4/ 496. قال ابن حجر في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «هذا: حديث حسن» اه. المطالب العالية 3/ 343، وانظر المستدرك للحاكم 2/ 345. (6) أي قوله تعالى نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ يوسف (3).

سورة بني اسرائيل

وكيف يشبه كلام رب العالمين كلام غيره «1»؟! سورة بني اسرائيل والكهف والزمر وروى الترمذي بإسناده عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلّى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ بني «2» اسرائيل والزمر» «3». وقال النسائي: أخبرنا «4» عمرو بن علي «5» أنبا محمد بن جعفر ثنا سعيد «6» عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد «7» عن معدان «8» عن «9» أبي الدرداء عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ عشر آيات من الكهف: عصم من فتنة الدجّال» «10».

_ (1) في د وظ: كلام غيره فيه. (2) في د وظ: سورة بني إسرائيل ... إلخ. (3) رواه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها مرفوعا وقال: «هذا حديث حسن غريب» اه كتاب فضائل القرآن قال الشارح لسنن الترمذي: «رواه أحمد والنسائي والحاكم» اه 8/ 238 باب 21، وانظر الدر المنثور 5/ 181. ورواه أيضا الترمذي بنفس السند والمتن في أبواب التفسير 9/ 351، ورواه ابن السنى في عمل اليوم والليلة 252 باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم والليلة. (4) في د وظ: أنبأ. (5) عمرو بن علي بن بحر أبو حفص الفلاس الصيرفي الباهلي البصري الثقة الحافظ، من العاشرة، مات سنة 249 هـ. التقريب 2/ 75، والجرح والتعديل 6/ 249، والكنى للإمام مسلم 1/ 211. (6) هكذا، وفي فضائل القرآن للنسائي: (شعبة). وكلاهما قد رويا عن قتادة، أعني سعيدا وشعبة، كما في الجرح والتعديل 7/ 133، وقد تقدمت ترجمة شعبة، وأما سعيد المذكور فهو: سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري، ثقة حافظ، له تصانيف، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة. من السادسة مات سنة 156 هـ أو نحوها، التقريب 1/ 302، والميزان: 2/ 151. (7) سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي ثقة وكان يرسل كثيرا من الثالثة مات سنة 97 هـ، وقيل غير ذلك. التقريب 1/ 279. (8) معدان بن أبي طلحة، ويقال: بن طلحة، شامي ثقة، من الثانية، التقريب 2/ 263. (9) في ظ: بن أبي الدرداء. خطأ. (10) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن (46):

وفي رواية أبي عبيد عن أبي الدرداء عن النبي صلّى الله عليه وسلم «من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف «1» «2»». وروى بإسناد آخر عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم الدجّال فقال: «من رآه منكم فليقرأ فواتح سورة الكهف» «3». وروى أبو عبيد بإسناده عن أبي سعيد الخدري: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة: أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق» «4» اه. قلت: يجوز في هذا الحديث أن تكون «5» الهاء عائدة على الكهف في قوله: (ما بينه) «6».

_ والحديث في صحيح مسلم 6/ 92 كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، وفيه: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ... إلخ وفي رواية من آخر الكهف. ورواه الترمذي في سننه 8/ 195، أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الكهف، وفيه: «من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف» ... إلخ وقال: «هذا حديث حسن صحيح» اه. قال النووي: «قيل سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات، فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال، وكذا في آخرها ... إلخ» اه (6/ 93). (1) أي عصم من فتنة الدجال، وحذف لدلالة الأول عليه. (2) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- عن أبي الدرداء، باب فضائل سورة هود وبني إسرائيل والكهف .. إلخ 176، وأخرجه بلفظ «من حفظ عشر آيات من أول الكهف ... ». وهو في صحيح مسلم كما سبق في الذي قبل هذا. (3) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن: 46. والحديث في صحيح مسلم مطولا 18/ 65، كتاب الفتن باب ذكر الدجال، وفي سنن الترمذي مطولا كذلك 6/ 499 أبواب الفتن باب ما جاء في فتنة الدجال، وقال: «هذا حديث غريب حسن صحيح» اه. (4) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله ص 175 عن أبي سعيد الخدري، والحديث في سنن الدارمي 2/ 454، كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة الكهف. قال السيوطي: أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والدارمي وابن الضريس والحاكم. والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال: من قرأ سورة الكهف ... وذكره. الدر المنثور 5/ 355. وراجع تفسير ابن كثير 3/ 70 وكشف الخفاء للعجلوني 2/ 271، وتحفة الذاكرين 269. (5) في د وظ: أن يكون. (6) قلت: بل الظاهر أنها عائدة على القارئ بدليل قوله: أضاء له من النور. والله أعلم. قال الشوكاني: «ومعنى إضاءة النور له فيما بينه وبين البيت العتيق: المبالغة في ثواب تلاوتها بما تعقله الأفهام، وتتصوره العقول» اه. تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين 269.

وروى أبو عبيد عن أبي الدرداء عن النبي صلّى الله عليه وسلم «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، ثم أدرك الدجّال: لم يضره، ومن حفظ خواتم سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة» «1». وقال زر بن حبيش: «من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من الليل قامها». و «2» قال عبدة بن أبي لبابة «3»: «فجربناه فوجدناه كذلك». قال «4» ابن كثير «5»: وجرّبناه «6» غير مرة، فأقوم في الساعة التي أريد «7».

_ (1) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده عن أبي الدرداء مرفوعا: 177. والشطر الأول من الحديث في صحيح مسلم 6/ 92 كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي. ورواه أبو داود في سننه 4/ 497، كتاب الملاحم باب خروج الدجال دون ذكر: «لم يضره، وكانت له نورا يوم القيامة». وذكره بلفظه السيوطي نقلا عن أبي عبيد، وزاد نسبته إلى ابن مردويه عن أبي الدرداء. انظر الدر المنثور 5/ 354. (2) الواو ليست في بقية النسخ. (3) عبدة بن أبي لبابة الأسدي مولاهم، ويقال مولى قريش، أبو القاسم البزار الكوفي، نزل دمشق، ثقة من الرابعة. التقريب 1/ 53، وتاريخ الثقات 315، وصفة الصفوة: 3/ 110. (4) في د وظ: وقال. (5) هو أحد رجال سند الحديث المذكور في فضائل القرآن لأبي عبيد وهو محمد بن كثير بن أبي العطاء المصيصي الصنعاني، أبو أيوب، يقال هو من صنعاء دمشق، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره. توفي سنة 216 هـ. تهذيب التهذيب 9/ 415. (6) في بقية النسخ: وجربناه أيضا غير ... إلخ. (7) قال أبو عبيد: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عبدة مولى- كذا- أبي لبابة قال: سمعت زر بن حبيش يقول: «من قرأ ... وذكره ص 177، وأخرج قول زر بن حبيش: الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب في فضل سورة الكهف 2/ 454 ونقله عنه القرطبي في التذكار: 167. قال الشيخ عبد الرحمن الثعالبي: «ومما جربته وصح من خواص هذه السورة، أنّ من أراد أن يستيقظ أي وقت شاء من الليل، فليقرأ عند نومه قوله تعالى: أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ الكهف 102 إلى آخر السورة، فإنه يستيقظ- بإذن الله- في الوقت الذي نواه ... اه الجواهر الحسان في تفسير القرآن: 2/ 299. هكذا ذكر هؤلاء الأئمة- رحمهم الله- ولا نستطيع الجزم برده وخاصة بعد تصريحهم بالتجربة

سورة الإسراء

قال: وابتدئ من قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا «1» إلى آخرها. اه. سورة الإسراء والكهف ومريم وقال عبد الله بن مسعود: «إن بني إسرائيل والكهف ومريم: من تلادى، وهو من «2» العتيق الأول» «3» «4». قال أبو عبيد: «قوله من تلادى: يعني من قديم ما أخذت من القرآن «5»، قال وذلك أنّ هذه «6» (السورة) «7» نزلت بمكّة» «8».

_ والتطبيق العملي لذلك. إلّا أنني أقول: إنه لم يرد هذا عن الصادق المصدوق صلّى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته الكرام، والذي ورد- كما سبق- أن من قرأ آخر هذه السورة عصم من فتنة الدجال، وبناء على هذا فلعل الشخص إذا نوى بعزم أنه يقوم في وقت ما لعبادة أو عمل أو ميعاد- مثلا- فإنه يستيقظ- عادة- في هذا الوقت- وهذا مجرب. وليس ذلك مقيدا بهذه الآيات، ولعل هؤلاء الأئمة كانوا يجمعون بين هذا وذاك فيستيقظون، والله أعلم. (1) الكهف (107). (2) في ظ: وهو من البيت العتيق الأول. (3) في صحيح البخاري: «إنهن من العتاق الأول» قال ابن حجر: والعتاق- بكسر المهملة وتخفيف المثناة- جمع عتيق وهو القديم، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة، وبه جزم جماعة في هذا الحديث، وبالأوّل جزم أبو الحسن بن فارس، وقوله: الأول: «بتخفيف الواو» اه فتح الباري 8/ 388. (4) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن عبد الله بن مسعود ص 177، والأثر في صحيح البخاري عن ابن مسعود، كتاب التفسير باب سورة بني إسرائيل 8/ 388 بشرح ابن حجر. وأخرجه ابن الضريس وابن مردويه كما يقول السيوطي في الدر المنثور 5/ 181. (5) قال ابن حجر: «ومراد ابن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن، وأنّ لهنّ فضلا لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم» اه الفتح 8/ 388. وقال ابن الأثير الجزري: أراد بالعتاق الأول: السور التي نزلت أولا بمكة، ولذلك قال: من تلادى، يعني من أول ما تعلمه، والتلاد والتالد: المال الموروث القديم والطريف المكتسب» اه. جامع الأصول 2/ 210. (6) في ظ: أن هذا خطأ. (7) هكذا في الأصل وظق وفضائل القرآن لأبي عبيد: «أنّ هذه السورة» والصواب (السور). (8) فضائل القرآن لأبي عبيد ص 178.

سورة طه ويس

سورة طه ويس وقال شهر بن حوشب «1»: (يرفع «2» القرآن عن أهل الجنة إلّا طه ويس «3»). وعن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من قرأ طه ويس كل شهر مرة، أضمن له الجنة، وطوبى لمن مات وهاتان السورتان في جوفه» «4». سورة الحج وعن عمر- رضي الله عنه- أنّه سجد في الحج سجدتين، وقال: «إنّ هذه السورة فضّلت على السور بسجدتين» «5». وعن نبيه بن صؤاب «5». صلّيت مع عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- بالجابية «7» صلاة الصبح، فقرأ بسورة الحج، فسجد فيها سجدتين، ثم قال: «إنّ هذه السورة فضّلت على السور بسجدتين» «8».

_ (1) شهر بن حوشب الأشعري، فقيه قارئ، من رجال الحديث، سكن العراق، وهو شامي الأصل، صدوق كثير الإرسال، والأوهام، من الثالثة، مات سنة 112 هـ. التقريب 1/ 355، والميزان 2/ 383، وفيه توفى سنة 100 هـ وقيل 111. والأعلام 3/ 178. (2) هكذا في الأصل. وهو موافق لما في فضائل القرآن لأبي عبيد ص 178 وجاءت العبارة في بقية النسخ: (يزيغ). (3) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن شهر بن حوشب ص 178، وباب فضل السجدة ويس ص 185. وذكر السيوطي نحوه قال: أخرج ابن مردويه عن أبي أمامة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «كل قرآن يوضع على أهل الجنة، فلا يقرءون منه شيئا، إلّا طه ويس، فإنهم يقرءون بهما في الجنة» اه. الدر المنثور 5/ 548. وأورده كذلك الشوكاني في فتح القدير 3/ 354 هكذا ورد هذا الأثر موقوفا ومرفوعا، وسكت عنه السيوطي والشوكاني فالله أعلم بصحته. فإن صح، فإنّ معناه- حسب فهمي-: أنّ القرآن الكريم كلام الله تعالى وصفة من صفاته، وقد قرأه المؤمنون في الدنيا ونالوا به الجنة، وحصل لهم مطلوبهم، بعد أن سهروا في تلاوته، وقاموا به آناء الليل وأطراف النهار، أمّا في الآخرة فليس هناك تكاليف، فلم يكلفوا بتلاوة شيء، بل رفع عنهم كما رفعت سائر العبادات. وبقيت هاتان السورتان على ألسنة المؤمنين يتلذذون بتلاوتهما. والله تعالى أعلم. (4) لم أستطع الحصول على هذا الحديث في مظانه. (5) ذكر هذه الآثار عن عمر بن الخطاب: ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 11، وأبو عبيد في فضائل القرآن باب فضل سورة الحج وسورة النور (179)، قال ابن كثير: قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: حدّثني ابن أبي داود وساق السند إلى أبي الجهم أنّ عمر سجد سجدتين في الحج وهو بالجابية، وقال: «إنّ هذه السورة فضلت بسجدتين» اه من تفسيره 3/ 211.- والمراد بالسجدتين هما الواردتان في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ .. إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ الحج (18)، والثانية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .. الآية (77) الحج-. وزاد السيوطي والشوكاني نسبته إلى سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي كلهم عن عمر بن الخطاب. راجع الدر 6/ 3، وفتح القدير 3/ 434. وأورد الإمام مالك أثرين عن عمر وابنه أنهما سجدا سجدتين في الحج. انظر الموطأ كتاب الصلاة باب الآيات التي يؤثر السجود فيها وإذا قرأها في الصلاة سجد فيها 1/ 235. وفي نصب الراية للزيلعي قال: بعد أن ذكر الأثر عن عمر في الموطأ- قال: «وأخرج الحاكم عن ابن عباس وعمر وابن عمر وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وأبي موسى وأبي الدرداء: أنّهم سجدوا في الحج سجدتين» اه 2/ 180. يقول الشوكاني: وقد روي عن كثير من الصحابة أن فيها سجدتين، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعضهم: «إنّ فيها سجدة واحدة، وهو قول سفيان الثوري، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عباس وإبراهيم النخعي» اه فتح القدير 3/ 434. وراجع أحكام القرآن للجصاص الحنفي 3/ 224، والجامع للقرطبي 12/ 1. (7) نبيه- بضم النون- بن صؤاب- بضم المهملة بعدها همزة- أبو عبد الرحمن الجهني ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/ 491، وقال: إنّه صلى مع عمر بالجابية ... وذكره. وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 10/ 290 وقال: قدم على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وسلم وشهد فتح مصر، وترجم له ابن حجر في الإصابة وذكر الأثر عنه عن عمر 10/ 143 رقم 8679. (8) الجابية: مدينة بدمشق، وباب الجابية باب من أبوابها. اللسان 14/ 131 (جبى) والقاموس 4/ 312.

وعن ابن عباس رضي الله عنه: «إنّ هذه السورة فضلت بسجدتين «1»» «2». وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فضّلت سورة الحج على غيرها بسجدتين» «3».

_ (1) قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنه «أنّ هذه السورة فضلت بسجدتين» ساقط من د وظ بانتقال النظر. (2) أخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي العالية عن ابن عباس. المصنف 2/ 11، وأخرجه أبو عبيد في فضائله كذلك من طريق أبي العالية ص 179، وأخرجه الحاكم عن ابن عباس بلفظ: في الحج سجدتان «كذا في نصب الراية 2/ 180». (3) أخرج أبو عبيد في فضائله بسنده إلى خالد بن معدان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فضلت» ... وذكره ص 180. وأخرجه أبو داود في المراسيل والبيهقي عن خالد بن معدان يرفعه. انظر تفسير ابن كثير 3/ 211، والدر المنثور 6/ 3، وفتح القدير للشوكاني 3/ 434، ونصب الراية للزيلعي 2/ 180، باب سجود التلاوة.

سورة النور

وعن عقبة بن عامر (قلت: يا رسول الله، أفي الحج سجدتان؟ قال: نعم، فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما) «1». وقال ابن عباس: «قد كان قوم يركعون ويسجدون في الآخرة «2» كما أمروا «3»» وقال ابن عمر: «لو كنت تاركا احداهما لتركت الأولى» «4». سورة النور «5» وعن أبي عطية: «كتب إلينا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أن علّموا نساءكم سورة النور» «6».

_ (1) رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب تفريع أبواب السجود 2/ 120، والترمذي أبواب السفر باب في السجدة في الحج. قال الترمذي: «هذا حديث ليس إسناده بالقوي» اه 3/ 178. وأبو عبيد بسنده عن عقبة بن عامر باب فضل سورة الحج وسورة النور ص 180، والحاكم في المستدرك كتاب الصلاة: 1/ 221، وانظر: 2/ 390 من المصدر نفسه. قال ابن كثير:- عقب ذكره لكلام الترمذي المتقدم- «وفي هذا نظر فإن ابن لهيعة- أحد رجال السند- قد صرح فيه بالسماع، وأكثر ما نقموا عليه تدليسه» اه تفسيره 3/ 211. ويقول شارح سنن الترمذي: «حديث الباب هذا ضعيف، لكنه معتضد بغيره وبآثار الصحابة رضي الله تعالى عنهم». فالقول الراجح المعول عليه: «أن في سورة الحج سجدتين، والله تعالى أعلم» اه باختصار، وراجع بقية كلامه هناك 3/ 179. والذي ظهر لي من كلام الترمذي وابن كثير وصاحب تحفة الأحوذي أنّ الحديث ضعيف، ولكن ثبوت السجدتين وارد من طرق أخرى عن عمر وغيره- كما مر- وكما سيأتي تقريره من أقوال الفقهاء. والله أعلم. (2) الآخرة: أي التي في آخر السورة، وهي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ... الحج (77) وتقدمت قريبا. (3) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: ويسجدون في الأخيرة ... إلخ. ص 181. يقول الجصاص: «والجمع بين الركوع والسجود مخصوص به الصلاة ... » اه. أحكام القرآن له 3/ 225. (4) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنهما ص 180، قال ابن الجوزي: «لم يختلف أهل العلم في السجدة الأولى من الحج واختلفوا في هذه السجدة الأخيرة» اه. زاد المسير في علم التفسير 5/ 454، وانظر أحكام القرآن للجصاص 3/ 224. يقول ابن كثير:- بعد أن ساق الأحاديث والآثار في ذلك- «فهذه شواهد يشد بعضها بعضا» اه تفسيره 3/ 212. (5) المتأمل في الأحاديث والآثار التي ساقها المؤلف في فضائل سورة النور يجدها لا تشتمل على ما يدل على فضيلتها صراحة. والله أعلم. (6) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي عطية ص 181.

وعن عائشة رضي الله عنها: أنّها ذكرت نساء الأنصار، فأثنت عليهن خيرا، وقالت لهن معروفا. وقالت: «لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجوز «1» «2» مناطقهن «3» فشققنها فجعلن منها خمرا «4»» «5». وعن أبي وائل «6»: «استعمل عليّ رضي الله عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنه على الموسم، فخطب خطبة لو سمعها الديلم «7» لأسلمت، ثم قرأ عليهم سورة النور «8»»

_ قال القرطبي: كتب عمر- رضي الله عنه- إلى أهل الكوفة: «علموا نساءكم سورة النور» اه تفسيره 12/ 158 وقال السيوطي: أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «علموا رجالكم سورة المائدة، وعلّموا نساءكم سورة النور» اه الدر المنثور 6/ 124. وراجع الكلام على هذا فيما سبق عند الحديث عن فضل سورة براءة والنور ص 357. (1) في د وظ: حجور. (2) جمع حجزه- بوزن حجرة-، وأصل الحجزة موضع شد الإزار، ثم قيل «للإزار حجزة للمجاورة» اه اللسان 5/ 332 «حجز». (3) جمع نطاق، ويقال: منطق ونطاق بمعنى واحد كما يقال: مئزر وازار، وهو أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشيء، وترفع وسط ثوبها، وترسله على الأسفل لئلا تعثر في ذيلها. اه. اللسان 10/ 355 «نطق». (4) قال القرطبي: الخمر- بضم المعجمة والميم- جمع خمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها، ومنه اختمرت المرأة وتخمرت، وهي حسنة الخمرة- بكسر المعجمة- تفسيره 12/ 230، وانظر اللسان 4/ 257 «خمر». (5) أخرجه أبو داود بسنده إلى عائشة- رضي الله عنها- كتاب اللباس باب في لباس النساء 4/ 356، وأبو عبيد في فضائله بسنده إلى عائشة ص 182، وورد حديث بنحوه في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «يرحم الله نساء المهاجرات- أي النساء المهاجرات نحو شجر الأراك- الأول، لما أنزل الله وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ النور (31) 8/ 489 وانظر المستدرك 2/ 397، والمروط: جمع مرط وهو الإزار، كما يقول ابن حجر. وقد زاد السيوطي نسبته إلى النسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه كلهم عن عائشة رضي الله عنها. الدر المنثور 6/ 180. (6) شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي، ثقة مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة. التقريب 1/ 354، والإصابة 5/ 107 رقم 3977. (7) الديلم: جيل من العجم، كانوا يسكنون نواحي أذربيجان. المعجم الوسيط 1/ 294، وراجع معجم البلدان 2/ 544 دار الكتاب العربي. (8) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده الى أبي وائل باب فضل سورة الحج والنور ص 183، والطبري في

سورة السجدة ويس

وروى الأعمش عن أبي وائل: «قرأ ابن عباس سورة النور، وجعل يفسرها فقال رجل: لو سمعت الديلم هذا لأسلمت» «1». سورة السجدة ويس أبو عبيد «2» ثنا يزيد «3» عن حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن المسيب بن رافع «4» قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تجيء «5» تنزيل السجدة يوم القيامة لها جناحان تظل صاحبها، تقول: لا سبيل عليك لا سبيل عليك» «6». وعن ابن عمر: «تنزيل السجدة وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ: فيهما فضل ستين درجة على غيرهما من سورة القرآن» «7».

_ تفسيره كذلك، وفيه « ... لو سمعها الترك والروم، لأسلموا ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها» اه 1/ 36. وأورده ابن حجر عند ترجمته لابن عباس رضي الله عنهما. الاصابة 6/ 137 رقم 4772. (1) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى الأعمش عن أبي وائل ص 183، وأخرجه الطبري كذلك وفيه: «قرأ ابن عباس البقرة ... » الخ. وفي الروايات الأخرى: فقرأ سورة النور .. الخ. وله شاهد عند الحاكم عن أبي وائل قال: (حججت أنا وصاحب لي، وابن عباس على الحج ... ) وذكره. الدر المنثور 6/ 124. وأورده ابن حجر في الاصابة عند ترجمته لابن عباس رضي الله عنهما 6/ 137 رقم 4772. (2) أي وروى أبو عبيد، كما تقدم. (3) يزيد بن هارون بن وادي، ويقال: زاذان بن ثابت السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي أحد الأعلام الحفاظ المشاهير قيل: أصله من بخارى روى عن حماد بن سلمة وغيره توفي (117 - 206 هـ) تهذيب الكمال 1/ 326، وتهذيب التهذيب 11/ 368، وتذكرة الحفاظ 1/ 317 وتاريخ بغداد 14/ 337. (4) المسيب بن رافع الأسدي أبو العلاء الكوفي الأعمى الثقة من الرابعة، مات سنة 105 هـ التقريب 2/ 250، وتاريخ الثقات: 429. (5) في فضائل القرآن لأبي عبيد: «تجيء الم السجدة ... ». (6) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل السجدة ويس بسنده إلى المسيب بن رافع ص 184. ونقله عنه السيوطي في الإتقان، وقال: (انه من مرسل المسيب بن رافع) انظر: الإتقان 4/ 110. ورواه الدارمي في سننه بنحوه عن خالد بن معدان كتاب فضائل القرآن باب في فضل سورة تنزيل السجدة وتبارك 2/ 454. وعزاه السيوطي في الدر إلى ابن الضريس عن المسيب بن رافع 60/ 535. (7) رواه الترمذي في سننه بسنده إلى طاوس، وفيه: تفضلان على كل سورة من القرآن بسبعين حسنة.

وعن ابن عباس: «كان «1» رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تَنْزِيلُ وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ» «2». وحدثنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي «3» الأصبهاني- رحمه الله- أنبأ أبو طاهر خالد بن عبد الواحد بن خالد التاجر «4» ثنا أبو الحسن سري بن عبد الله الدومي «5» القارئ ثنا أبو جعفر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي «6». ثنا علي بن طيفور «7»

_ أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الملك 8/ 202. ورواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عمر باب فضل تنزيل السجدة ويس ص 184. والدارمي في سننه بسنده إلى طاوس وفيه: قال: فضلتا على كل سورة في القرآن بستين حسنة 2/ 455. وابن السني في عمل اليوم والليلة باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم والليلة 251، وانظر الدر المنثور 6/ 535. (1) في بقية النسخ: قال: كان رسول الله ... الخ. (2) رواه مسلم كتاب الجمعة باب ما يقرأ في يوم الجمعة 6/ 167، والترمذي كتاب الجمعة باب ما جاء في ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة 3/ 55. قال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح اه. (3) السلفي- بكسر السين وفتح اللام- وإنما قيل له السلفي: نسبة لجده إبراهيم سلفة لأنه كان مشقوق إحدى الشفتين كان حافظا مكثرا، رحل في طلب العلم، توفي في الاسكندرية (478 - 576 هـ) شذرات الذهب: 4/ 255، وطبقات الشافعية للاسنوي 2/ 58، والبداية والنهاية 12/ 328 والأعلام 1/ 215. (4) لم أعثر له على ترجمة. (5) هكذا في النسخ: سري بن عبد الله الدومي ... الخ. وفي شذرات الذهب: بشري بن عبد الله الرومي القاضي، كان صالحا صدوقا توفي سنة 431 هـ 3/ 248. وفي البداية والنهاية: بشري بن مسيس من سبى الروم 12/ 51. (6) عالم بالحديث كان مسند العراق في عصره من أهل بغداد والقطيعي نسبة إلى «قطيعة الدقيق» فيها (273 - 368 هـ). لسان الميزان 1/ 145 والأعلام 1/ 107. (7) علي بن طيفور بن غالب أبو الحسن النسوي، سكن بغداد وحدث بها عن قتيبة بن سعيد، روى عنه ابن مالك القطيعي وغيره، وكان ثقة، توفي سنة 300 هـ تاريخ بغداد 11/ 442.

ثنا قتيبة «1» ثنا أحمد بن عبد الرحمن «2» عن الحسن بن صالح «3» عن هرمز بن محمد «4» عن مقاتل بن حيان «5» عن قتادة عن أنس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إنّ لكل شيء قلبا، وقلب القرآن يس، ومن قرأ يس: كتب الله له بقراءتها القرآن عشر مرات» «6». وروى أبو عبيد بإسناده عن معقل بن يسار «7» قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «اقرءوها على «8» موتاكم «9»».

_ (1) في سنن الترمذي 8/ 196: حدثنا قتيبة وسفيان بن وكيع قالا: أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس ... الخ ولعله وقع تحريف: حميد إلى أحمد، وهارون إلى هرمز وقد ظهر لي هذا بعد البحث والتقصي عن رجل يسمى أحمد بن عبد الرحمن روى عنه قتيبة وروى هو عن الحسن بن صالح وكذلك في هرمز. والله أعلم. (2) حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن أبو عوف الكوفي روى عنه قتيبة بن سعيد وغيره وكان إماما حافظا متقنا توفي سنة 190 هـ أو نحوها. تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 288. (3) الحسن بن صالح بن صالح الهمداني الثوري ثقة فقيه عابد رمي بالتشيع (100 - 169 هـ) التقريب 1/ 167، وفيه: «توفي سنة تسع وتسعين» تحريف لستين. والجرح والتعديل 3/ 18، وصفة الصفوة 3/ 152 والميزان 1/ 496، وتذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 216، وتهذيب الكمال 1/ 264. (4) في الكاشف للذهبي: هارون أبو محمد يروي عن مقاتل بن حيان وعنه الحسن بن صالح مجهول. الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة 3/ 216. وفي التاريخ الكبير للبخاري: هارون بن محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة 8/ 226، وفي سنن الترمذي: « ... وهارون أبو محمد شيخ مجهول». (5) مقاتل بن حيان النبطي أبو بسطام لم يلق أحدا من الصحابة، كان ممن عني بعلم القرآن صدوق فاضل من السادسة مات قبل الخمسين بأرض الهند. مشاهير علماء الأمصار 195، وتذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 174 والتهذيب 10/ 277. (6) تقدم تخريج هذا الحديث عند الكلام عن أسماء السور ص 200. وهو ضعيف. (7) معقل بن يسار المزني أبو علي صحابي ممن بايع تحت الشجرة. وهو الذي ينسب اليه نهر معقل بالبصرة مات بعد الستين. التقريب 2/ 265. (8) في حاشية ظق 19/ أعقب هذا الحديث كلمات مطموسة أولها: أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري بقراءة الحافظ أبي طاهر السلفي ... اه. (9) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى معقل بن يسار ص 185 ورواه أبو داود كتاب الجنائز باب القراءة عند الميت 3/ 489 والإمام أحمد في مسنده 5/ 26 والحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 565، وأحد رجال سند الحديث: أبو عثمان، قال الذهبي: أبو عثمان يقال: اسمه سعد عن أبيه عن معقل بن يسار بحديث: (اقرءوا يس على موتاكم) لا يعرف أبوه ولا هو ولا روى

الحواميم

الحواميم وروى أبو عبيد أيضا عن ابن عباس أنه قال: «انّ لكل شيء لبابا، وإنّ لباب القرآن آل حم، أو قال: الحواميم» «1». وروى أيضا عن المهلب بن أبي صفرة «2» أنه قال: حدثني من سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول «3»: «ان بيّتم «4» الليلة فقولوا: حم لا ينصرون» «5». قال أبو [عبيدة] «6»: هكذا يقول المحدّثون بالنون، وإعرابها: لا ينصروا. اه وأقول: إن قول المحدّثين صحيح، وله وجه ظاهر «7».

_ عنه سوى سليمان التيمي اه الميزان 4/ 550. وذكر الحديث العجلوني في كشف الخفاء، ولم يحكم عليه، وإنما اكتفى بعزوه إلى أبي داود والنسائي وابن حبان وأحمد 1/ 161. (1) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى ابن عباس ص 186، ونقله عنه كل من ابن كثير في تفسيره 4/ 69 والزركشي في البرهان 1/ 444 والسيوطي في الدر: 7/ 268، والإتقان 4/ 110. (2) واسمه ظالم بن سارق العتكي الأزدي أبو سعيد البصري، من ثقات الأمراء، وكان عارفا بالحرب، فكان أعداؤه يرمونه بالكذب، من الثانية. مات سنة 82 هـ على الصحيح. التقريب: 2/ 280، والأعلام: 7/ 315. (3) (يقول) ساقطة من بقية النسخ. (4) بالبناء للمجهول، وفي سنن الترمذي: إن بيتكم العدو، قال الشارح لسنن الترمذي: أي إن قصدكم- أي العدو- بالقتل ليلا واختلطتم معهم، وتبييت العدو: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم، فيؤخذ بغتة وهو البيات اه تحفة الأحوذي 5/ 330. وراجع المفردات للراغب الأصفهاني 65 «بيت» واللسان 2/ 16. (5) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى المهلب بن أبي صفرة ص 186، ورواه أبو داود كتاب الجهاد باب في الرجل ينادي بالشعار 3/ 74. والترمذي كتاب الجهاد باب ما جاء في الشعار 5/ 329. (6) هكذا في النسخ (أبو عبيدة) والصواب: أبو عبيد. (7) أي في العربية،، والدليل على ذلك قول الخطابي إن ابن كيسان سأل أبا العباس أحمد بن يحيى عنه فقال: معناه الخبر، ولو كان بمعنى الدعاء لكان مجزوما أي: لا ينصروا، وإنما هو إخبار كأنه قال: (والله لا ينصرون) اه. معالم السنن بحاشية سنن أبي داود 3/ 74، وراجع تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 5/ 330.

وروى أبو عبيد عن مجاهد قال: قال عبد الله: «آل حم ديباج «1» القرآن» «2». وروى عن عبد الله (ابن عباس) «3» أنه قال: «إذا وقعت في آل حم، وقعت في روضات دمثات «4» «5» أتأنق فيهن» «6». قال مسعر «7»: «بلغني أنهن كن يسمين العرائس» «8». قال أبو عبيد: آل حم، كما تقول «9»: آل فلان.

_ (1) الدبج: النقش والتزيين، فارسي معرب والديباج: ضرب من الثياب، والجمع: ديابيج ودبابيج، وروي عن إبراهيم النخعي أنه كان له طيلسان مدبج، قالوا: هو الذي زينت أطرافه بالديباج». اللسان 2/ 262 «دبج». فكأن «الحواميم» بمنزلة الزينة للقرآن. (2) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى مجاهد ص 187 عن عبد الله- هو ابن مسعود- ونقله عنه ابن كثير في تفسيره 4/ 69، وعزاه السيوطي إلى أبي عبيد وابن الضريس وابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان كلهم عن ابن مسعود. الدر المنثور 7/ 268. (3) هكذا في الأصل: عن عبد الله بن عباس. وهو خطأ لأن المصادر التي وقفت عليها نصت على أن القائل عبد الله بن مسعود. (4) في د وظ: كرمتات. ولا معنى لها. (5) دمثات: جمع دمثة، ودمث دمثا، فهو دمث: لأن وسهل، والدمث: المكان اللين ذو رمل. اللسان 2/ 149 «دمث» والمصباح المنير 199. (6) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى عبد الله بن مسعود باب فضل آل حم ص 187. وذكره البغوي في تفسيره 6/ 73، وابن كثير 4/ 69. وعزاه السيوطي إلى أبي عبيد ومحمد بن نصر وابن المنذر عن ابن مسعود. الدر المنثور 7/ 268. (7) مسعر- بكسر أوله وسكون ثانية- بن كدام- بكسر أوله وتخفيف ثانية- ابن ظهير الهلالي أبو سلمة الكوفي ثبت ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة 153 هـ. التقريب 2/ 243، وتاريخ الثقات 426 وصفة الصفوة: 3/ 188. (8) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده عن مسعر بن كدام ص 187. ورواه الدارميّ في سننه عن مسعر عن سعد بن إبراهيم كتاب فضائل القرآن باب فضل حم الدخان والحواميم والمسبحات 2/ 458. وذكره البغوي عن سعد بن إبراهيم، انظر معالم التنزيل 6/ 73، ورواه محمد بن نصر عن سعد بن إبراهيم كذلك كما في الدر المنثور 7/ 296 ويظهر أن هذه التسمية مروية عن بعض الصحابة بدليل قول مسعر وسعد بلغنا ذلك. والله أعلم. (9) في د وظ: كما يقول.

سورة الواقعة

الترمذي بإسنادنا «1» عنه، وبإسناده عن أبي سلمة «2» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك» «3». وروى أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة غفر له» «4». سورة الواقعة وروى أبو عبيد عن مسروق بن الأجدع «5» قال: (من أراد أن يعلم نبأ الأولين ونبأ الآخرين، ونبأ أهل الجنة ونبأ أهل النار، ونبأ أهل الدنيا «6» ونبأ أهل الآخرة، فليقرأ سورة الواقعة) «7».

_ (1) في د وظ: بإسناده عنه. خطأ. (2) أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد الله وقيل: إسماعيل ثقة مكثر من الثالثة مات سنة 94 هـ سمع أبا هريرة وغيره، وروى عنه يحيى بن أبي كثير وغيره. تاريخ الثقات 499، والكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 378، والتقريب 2/ 430. (3) أخرجه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في حم الدخان 8/ 198. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وعمر بن أبي خثعم- أحد رجال السند- يضعّف، قال محمد- البخاري- هو منكر الحديث اه ونقله عنه ابن كثير في تفسيره 4/ 137، قال الذهبي: ضعفوه، وبعد أن ذكر كلام العلماء فيه قال: روى عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا: من قرأ حم الدخان ... وذكره اه الميزان 2/ 193، وانظر الموضوعات لابن الجوزي 1/ 248. (4) سنن الترمذي، أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في حم الدخان 8/ 198، قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وهشام أبو المقدام- أحد رجال السند- يضعّف، ولم يسمع الحسن- أحد رجال السند- من أبي هريرة اه. فالحديث إذا ضعيف من وجهين كما يقول صاحب تحفة الأحوذي. وراجع كلام العلماء في هشام أبي المقدام المذكور في الميزان 4/ 298. (5) مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني، كناه ابن حجر بأبي عائشة وكناه العجلي بأبي يمانة، الكوفي الثقة الفقيه العابد، من الثانية مات سنة 63 هـ أو نحوها. التقريب 2/ 242، وتاريخ الثقات: 426، وصفة الصفوة 3/ 24. (6) (ونبأ أهل الدنيا) هذه العبارة سقطت من د وظ. (7) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى مسروق بن الأجدع باب فضل سورة الواقعة والمسبحات ص 189 وذكره القرطبي في التذكار في أفضل الأذكار وعزاه إلى مسروق ص 178.

سورة الملك

وروى عن عبد الله «1» بن مسعود قال: (إنّي «2» أمرت بناتي أن يقرأن سورة الواقعة كل ليلة، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة: لم تصبه فاقة» «3». سورة الملك وروى الترمذي عن ابن عباس قال: «ضرب بعض أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم خباءه «4» على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: يا رسول الله ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنّه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «هي المانعة، هي المنجية تنجيه من عذاب القبر» «5». وروى أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أن سورة من القرآن ثلاثين «6» آية شفعت

_ (1) في د: عبيد الله. خطأ. (2) في بقية النسخ: اني قد أمرت الخ. (3) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن مسعود ص 189، وابن السني في عمل اليوم والليلة باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم والليلة ص 252. ونسبه السيوطي إلى أبي عبيد وابن الضريس والحارث بن أسامة وأبي يعلى وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان كلهم عن ابن مسعود يرفعه. الدر المنثور 8/ 3، وانظر روح المعاني للآلوسي 27/ 128 والإتقان 4/ 142، وقد ذكر ابن كثير 4/ 281 والعجلوني في كشف الخفاء 1/ 458 هذا الحديث ولم يتعرضا له بتصحيح أو تضعيف. وفي سنده شجاع عن أبي ظبية عن ابن مسعود. قال الذهبي: قال أحمد بن حنبل: لا أعرفهما. ثم قال الذهبي: وهو صاحب حديث (من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة). الميزان 2/ 265. وقال الشوكاني في إسناده كذاب اه الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 311. (4) خباءه: بكسر الخاء المعجمة والمد- أي خيمته والخباء: أحد بيوت العرب من وبر وصوف، ولا يكون من شعر ويكون على عمودين أو ثلاثة. تحفة الأحوذي 8/ 199 وانظر اللسان 14/ 223 (خبأ). (5) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- باب ما جاء في سورة الملك 8/ 199 وقال: «هذا حديث غريب من هذا الوجه». قال صاحب تحفة الأحوذي: «في سنده يحيى بن عمرو بن مالك، وهو ضعيف» اه. وانظر التقريب 2/ 354 حيث ضعفه ابن حجر. وكذلك الذهبي في الميزان 4/ 399، ضعفه، بل نقل عن بعضهم تكذيبه وقال: ان له مناكيرا» اه. ثم قال الذهبي: يحيى بن عمرو بن مالك عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: (ضرب بعض الصحابة خباء على قبر ... ) الحديث. (6) هكذا في النسخ على أنه بدل من سورة. وفي سنن الترمذي: (ثلاثون) على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هي ثلاثون، والجملة صفة لاسم ان «تحفة الأحوذي».

فضائل سور متفرقة

لرجل حتى غفر له وهي «1» تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ «2» وروى (عن) «3» عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود- رحمه الله-: (من قرأ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ في كل ليلة منعه الله من عذاب القبر)، وكنا في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نسميها «المانعة» «4». فضائل سور متفرقة وعن النسائي بالإسناد المتقدم أنبأ علي بن حجر «5» أنبأ بقية بن الوليد «6» عن محمد بن سعد «7» عن خالد بن معدان «8» عن عبد الله بن أبي بلال «9» عن العرباض بن

_ (1) سقطت الواو من ظ. (2) أخرجه الترمذي في أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الملك وقال: هذا حديث حسن 8/ 200. ورواه أبو داود كتاب الصلاة باب عدد الآي 2/ 119. والحاكم كتاب التفسير 2/ 497 وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي وعزاه السيوطي أيضا إلى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة وابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان كلهم عن أبي هريرة مرفوعا. الدر المنثور 8/ 230. (3) هكذا في الأصل: وروى عن عاصم .. الخ وهي عبارة موهمة حيث يظن القارئ أن الراوي الترمذي الراوي للحديثين اللذين قبل هذا وليس كذلك. (4) أخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ أطول بسنده عن عبد الله بن مسعود كتاب التفسير، تفسير سورة الملك 2/ 498، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وأقره الذهبي. وأخرجه النسائي كما في الترغيب والترهيب للمنذري 2/ 378، 447 والإتقان للسيوطي 4/ 112، وتحفة الذاكرين للشوكاني: 272، وأخرجه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف بنحوه 3/ 380، وانظر مجمع الزوائد 7/ 127. (5) علي بن حجر- بضم المهملة وسكون الجيم- بن إياس السعدي المروزي نزيل بغداد ثم مرو، ثقة حافظ من صغار التاسعة. مات سنة 244 هـ وقد قارب المائة. التقريب 2/ 33. (6) بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الحميدي الكلاعي الحمصي الحافظ أحد الأعلام صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثامنة. (110 - 197 هـ) الميزان 1/ 331 والتقريب 1/ 105. (7) هكذا في النسخ. وفي كتب الحديث التي وقفت عليها وقع: « .. بقية بن الوليد عن بحير بن سعد، وهو بحير- بكسر المهملة- بن سعد أبو خالد الحمصي الثقة من السادسة. التقريب 1/ 93. وفيه: .. بن سعيد، ولعلّه خطأ من الناسخ أو الطابع- وتاريخ الثقات 77، والكنى للإمام مسلم 1/ 281، والجرح والتعديل 2/ 412. (8) خالد بن معدان الكلاعي الحمصي أبو عبد الله ثقة عابد، يرسل كثيرا من الثالثة، مات سنة 103 هـ، وقيل بعد ذلك. التقريب 1/ 218، وصفة الصفوة 4/ 415. (9) عبد الله بن أبي بلال الخزاعي الشامي، مقبول من الرابعة. التقريب 1/ 405، ولم يرو عنه سوى خالد بن معدان. الميزان 2/ 399.

سارية «1»: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات «2» قبل أن يرقد، ويقول: «إن فيهن آية «3» أفضل من ألف آية» «4»، وفي رواية أبي عبيد «5»: حتى يقرأ المسبحات، ويقول: ان فيها «6» آية كألف آية «7» وروى أبو عبيد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّي نسيت أفضل المسبحات» فقال أبيّ بن كعب: فلعلها سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؟ قال: نعم «8» ومعنى هذا الحديث: أنه صلّى الله عليه وسلم كان قد أعلم بأفضلها، ثم نسى فأذكره «9» أبيّ. وروى أبو الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «تعلّموا عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ تعلّموا ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ تعلّموا وَالنَّجْمِ إِذا هَوى

_ (1) عرباض: بكسر أوله وسكون الراء بعدها موحدة وآخره معجمة- بن سارية السلمي أبو نجيح، صحابي كان من أهل الصفة ونزل حمص ومات رضي الله عنه بعد السبعين. التقريب 2/ 17، والإصابة 6/ 410، رقم 5493. (2) المراد بالمسبحات: السور التي افتتحت بالفعل (سبح) وما اشتق منه، وقد تقدّم الكلام على هذا ص 190. (3) قال ابن كثير: الآية المشار اليها في الحديث هي- والله أعلم- قوله تعالى هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ الحديد 3 تفسيره 4/ 302. والذي أميل إليه هو عدم تحديدها، فإن ذلك أدعى للتنافس في قراءة تلك السور. (4) أخرجه النسائي- كما في المصنف- في فضائل القرآن بسنده إلى العرباض بن سارية ص 47، ورواه الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن باب 21 (8/ 238) وقال: هذا حديث حسن غريب اه. «وبقية بن الوليد فيه مقال وكثير التدليس، وروى هذا الحديث بالعنعنة» تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي. وراجع كلام العلماء في بقية هذا جرحا وتعديلا في الميزان 1/ 331، وقد أعاد الترمذي ذكر هذا الحديث في أبواب الدعوات باب 22 (9/ 351). والحديث رواه أبو داود في كتاب الأدب باب ما يقول عند النوم 5/ 304. (5) في ظ: وفي رواية أبي عبيد الله .. الخ. خطأ. (6) في ظ: فيهن. (7) أخرجه أبو عبيد في فضائله باب فضل الواقعة والمسبحات ص 190، والدارمي في سننه بلفظ: إن فيهن آية تعدل ألف آية 2/ 458، وابن السنى في عمل اليوم والليلة باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم والليلة ص 353. (8) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى النبي صلّى الله عليه وسلم باب فضل الواقعة والمسبحات ص 190، ونقله عنه السيوطي في الدر 8/ 480، والإتقان 4/ 112، وكذلك الآلوسي في تفسيره مختصرا 30/ 130. (9) كتب في حاشية الأصل: صوابه: فذكره. قلت: وكلاهما صحيح. انظر لسان العرب 4/ 308 (ذكر).

تعلّموا وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ فإنكم لو (علمتم) «1» ما فيهن، لعطلتم ما أنتم فيه وتعلّمتموهن، فإن الله يغفر بهن كل ذنب إلّا الشرك بالله» «2». وروت فاطمة «3» رضي الله عنها عن أبيها صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «قارئ الحديد والواقعة وسورة الرحمن يدعى «4» في ملكوت السموات ساكن الفردوس» «5». وعن ابن عمر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة رأى عين «6» فليقرأ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وإِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «7»». الترمذي: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ إِذا زُلْزِلَتِ عدلت له بنصف القرآن، ومن قرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ عدلت له بربع القرآن، ومن قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عدلت له بثلث القرآن» «8».

_ (1) هكذا في الاصل. وهي خطأ. وفي بقية النسخ: علمتم. وهو الصواب. (2) ذكره السيوطي مختصرا وعزاه إلى ابن مردويه عن أبي الدرداء مرفوعا. انظر الدر المنثور 7/ 588. وكذلك ذكره الآلوسي مختصرا وعزاه الى ابن مردويه عن أبي العلاء مرفوعا. انظر روح المعاني 26/ 171. ونسبه أبو الحسن الكتاني إلى الديلمي عن أبي الدرداء. وقال: إنّ فيه إسحاق بن بشر الكاهلي. انظر تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاخبار الشنيعة الموضوعة 1/ 197. قلت: وإسحاق بن بشر بن مقاتل الكاهلي الكوفي كذبه علماء الجرح والتعديل وتركوه وقالوا هو في عداد من يضع الحديث. قال الذهبي: «لا بارك الله فيه» اه الميزان 1/ 186. (3) فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أم الحسنين، وسيدة نساء هذه الأمة، تزوجها علي رضي الله عنه في السنة الثانية من الهجرة، وماتت بعد النبي صلّى الله عليه وسلم بستة أشهر، وقد جاوزت العشرين بقليل. التقريب 2/ 609، وانظر الاصابة 13/ 71 رقم 828. (4) في د: تدعى. خطأ. (5) أخرجه البيهقي وضعفه عن فاطمة رضي الله عنها عن أبيها صلّى الله عليه وسلم. انظر الدر المنثور 7/ 690. (6) في ظ: رأى العين. (7) رواه الترمذي في سننه بسنده إلى ابن عمر يرفعه، أبواب تفسير القرآن باب ومن سورة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 9/ 252. وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، كتاب التفسير باب تفسير سورة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 2/ 515. وانظر الدر المنثور 8/ 426، وتحفة الأحوذي 9/ 253. (8) رواه الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في إِذا زُلْزِلَتِ وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الشيخ الحسن بن مسلم 8/ 203.

النسائي: أخبرنا «1» عبيد الله بن فضالة «2» أنبأ عبد الله «3» ثنا (شعبة) «4» حدثني عياش بن عباس القتباني «5» عن عيسى بن هلال الصدفي «6» عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (أتى رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: أقرئني يا رسول الله، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقرأ ثلاثا من ذات الر* «7»»، فقال الرجل: كبرت سني واشتد قلبي وغلظ

_ قلت: والحسن بن مسلم بن صالح العجلي هذا، قال عنه الذهبي:- بعد أن أورد هذا الحديث- هذا منكر، والحسن لا يعرف اه. الميزان 1/ 523، 493. وقال ابن حجر: مجهول اه. التقريب 1/ 166. والحديث أخرجه أيضا ابن مردويه والبيهقي. الدر المنثور 8/ 591 وتحفة الأحوذي 8/ 204. وأقول: ان هذا الحديث مع ضعفه مخالف لما جاء من الأحاديث الصحاح الآتية في فضل سورة الإخلاص وأنها تعدل ثلث القرآن، وهذا الحديث يقتضي فضل سورة الزلزلة على سورة الإخلاص، وعلى فرض صحته «فيحتمل ... أن يقال: المقصود الأعظم بالذات من القرآن بيان المبدأ والمعاد وإِذا زُلْزِلَتِ مقصورة على ذكر المعاد، مستقلة ببيان أحواله فتعادل نصفه». وما جاء أنها ربع القرآن- كما سيأتي إن شاء الله- فتقريره أن يقال: القرآن مشتمل على تقرير التوحيد والنبوات وبيان أحكام المعاش وأحوال المعاد، وهذه السورة مشتملة على القسم الأخير من الأربع وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ محتوية على القسم الأول منها لأن البراءة عن الشرك إثبات التوحيد ليكون كل واحدة منها كأنها ربع القرآن اه من تحفة الأحوذي 8/ 203. (1) في د وظ: أنبأ. (2) عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم النسائي أبو قديد، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة 241 هـ. التقريب 1/ 538، والتهذيب 7/ 43. (3) عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن العدوي المقرئ الحافظ، كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة 213 هـ. تهذيب الكمال 2/ 757، وتهذيبه 6/ 83، والكاشف: 21/ 144. (4) هكذا في النسخ (شعبة) وفي النسائي وأبي داود وغيرهما (سعيد) وهو سعيد بن أبي أيوب الخزاعي مولاهم المصري أبو يحيى بن مقلاص ثقة ثبت من السابعة، مات سنة 160 هـ وقيل غير ذلك، وكان مولده سنة 100 هـ. التقريب 1/ 292، والكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 905، والتهذيب 4/ 7. (5) القتباني- بكسر القاف وسكون المثناة- المصري، ثقة، من السادسة، مات سنة 133 هـ، التقريب 2/ 95، وتاريخ الثقات 378، والكاشف 2/ 363، والتهذيب 8/ 197. (6) عيسى بن هلال الصدفي- بفتح الصاد- المصري، صدوق من الرابعة قال الذهبي: وثّق. الكاشف 2/ 372، والتقريب 2/ 103، والتهذيب 8/ 236. (7) المقصود بذات الرا: السور المفتتحة بهذا اللفظ وهي يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر.

لساني فقال: «اقرأ ثلاثا من (آل حم)»، فقال مثل مقالته الأولى، فقال: «اقرأ ثلاثا من (المسبحات)»، فقال مثل مقالته، ثم قال الرجل: ولكن أقرئني سورة جامعة، قال: «فاقرأ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها» فقرأ حتى فرغ منها فقال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها شيئا ابدا، ثم أدبر الرجل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أفلح الرويجل «1»، أفلح الرويجل، أفلح الرويجل «2»». والرويجل: تصغير رجل على غير قياس وكأنه تصغير (راجل)، يقال: رجل ورجيل ورويجل «3». وعن أبيّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «من قرأ سورة العصر «4» ختم الله له بالصبر، وكان مع أصحاب الحق يوم القيامة، ومن قرأ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ أعطى من الأجر بعدد من استهدى «5» بمحمد صلّى الله عليه وسلم، ومن قرأ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ عافاه الله أيام حياته في الدنيا، ومن قرأ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها، ومن قرأ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ غفر الله له إن كان مؤديا للزكاة» «6».

_ (1) هكذا في النسخ تكرّرت ثلاث مرات وفي النسائي وغيره مرتين فقط. (2) أخرجه النسائي في فضائل القرآن- كما قال المصنف- ص 48، ورواه أبو داود في كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن 2/ 119. وأبو عبيد في فضائل القرآن ص 193. والحاكم في المستدرك كتاب التفسير باب سورة الزلزلة وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي 2/ 532. وزاد السيوطي نسبته إلى الإمام أحمد وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان كلهم عن عبد الله ابن عمرو بن العاص. الدر المنثور 8/ 590 وانظر تفسير ابن كثير 4/ 538. (3) انظر جامع الأصول لابن الأثير 8/ 484، واللسان 11/ 265 (رجل). (4) في د وظق: والعصر، وفي ظ: غير واضحة. (5) في الكشاف للزمخشري ( ... بعدد من استهزأ بمحمد صلّى الله عليه وسلم وأصحابه). وهو أليق بما تحمله السورة من الهمز واللمز، وسيأتي أن الحديث موضوع من أصله. (6) الذي ظهر لي أن هذا الحديث الذي ذكره السخاوي في فضائل هذه السور هو قطعة من حديث أبيّ الطويل الذي وضع في فضائل سور القرآن سورة سورة. ومن الذين ضمنوا تفاسيرهم هذا الحديث الزمخشري في تفسيره حيث ذكر فضل كل سورة في آخر تفسيرها انظر آخر تفسيره لسورة العصر والهمزة والفيل وقريش والماعون 4/ 282 - 290 التي ذكرها السخاوي. يقول الزركشي: وأما حديث أبيّ بن كعب- رضي الله عنه- في فضيلة (سور القرآن) سورة سورة: فحديث موضوع، وقد أخطأ بعض المفسرين في إيداعه تفاسيرهم، واللوم يقع على من ذكره بالإسناد بخلاف من ذكره بلا إسناد وجزم به كالزمخشري فإن خطأه أشد اه. البرهان 1/ 432 باختصار.

وعن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ تعدل ربع القرآن وإِذا زُلْزِلَتِ تعدل ربع القرآن، وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ تعدل «1» ربع القرآن» «2». وعن جبير بن مطعم «3» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له: «يا جبير أتحب إذا خرجت سفرا أن تكون أفضل أصحابك وأكثرهم زادا؟ اقرأ هذه السور الخمس قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ «4».

_ ويقول القرطبي: «لا التفات لما وضعه الواضعون واختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة والأخبار الباطلة في فضل سور القرآن وغير ذلك من فضائل الأعمال، وقد ارتكبها جماعة كثيرة وضعوا الحديث حسبة كما زعموا .. ». إلى أن قال: قال ابن الصلاح في كتاب علوم الحديث: وهكذا الحديث الطويل الذي يروى عن أبيّ بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلم في فضل القرآن سورة سورة، وقد بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه، وإن أثر الوضع فيه لبين اه. التذكار في أفضل الأذكار: 141. وانظر مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث: 58. وراجع الموضوعات لابن الجوزي 1/ 239. والمنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن القيم 113. والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 296. وأقول: عفا الله عن الإمام السخاوي ما كان ينبغي له أن يضمن كتابه (جمال القراء) بما يخدش هذا الجمال بالأحاديث الموضوعة المختلقة وكان يكفيه ما ورد من الأحاديث الصحيحة والحسنة في فضائل القرآن الكريم على العموم وفي فضائل بعض السور والآيات على الخصوص ففيها غنية عن غيرها ولكن لكل جواد كبوة وقد سبقه إلى ذلك من سبقه. (1) من هنا حصل طمس في أطراف ثلاثة أسطر من «ظ». (2) رواه الترمذي بسنده إلى أنس بن مالك، أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في إِذا زُلْزِلَتِ وقال: هذا حديث حسن اه 8/ 204، ونسبه ابن حجر الى الترمذي وابن أبي شيبة وأبي الشيخ من طريق سلمة بن وردان عن أنس .. قال: وهو حديث ضعيف لضعف سلمة، وان حسنه الترمذي، فلعلّه تساهل فيه لكونه من فضائل الاعمال اه. فتح الباري كتاب فضائل القرآن باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 9/ 62 - 63، وراجع ترجمة سلمة بن وردان هذا في الميزان 2/ 193، والتقريب 1/ 319. (3) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي صحابي عارف بالأنساب مات سنة 58 هـ أو نحوها. التقريب 1/ 126، والإصابة 2/ 65 رقم 1087. (4) ذكره السيوطي في الدر المنثور وعزاه إلى أبي يعلى عن جبير بن مطعم 8/ 658. وذكره القرطبي عن جبير كذلك، انظر تفسيره 20/ 224.

وروى الترمذي بإسناده عن فروة بن نوفل «1»: (أنّه أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علّمني شيئا أقوله اذا أويت إلى فراشي، فقال: «اقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فإنّها براءة من الشرك») «2». وروى أيضا عن عبد الله بن خبيب «3» قال: (خرجنا في ليلة مطيرة، وظلمة شديدة نطلب رسول الله يصلي بنا فأدركته، فقال: قل، فلم أقل شيئا «4»، ثم قال: قل، فقلت: ما أقول؟ قال: «5» قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين ثلاث مرات حين تمسي وحين تصبح تكفيك من كل شيء) «6». وروى بإسناده عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان اذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، يقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث () «7»، قال: هذا حديث حسن

_ (1) فروة بن نوفل الأشجعي مختلف في صحبته، والصواب- كما يقول ابن حجر- أن الصحبة لأبيه، وهو من الثانية قتل في خلافة معاوية رضي الله عنه. التقريب 2/ 109 والإصابة 8/ 121، رقم 7033. (2) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- بسنده إلى فروة بن نوفل أبواب الدعوات باب 22 (9/ 348). ثم رواه كذلك بسند آخر عن فروة بن نوفل عن أبيه، قال: وهذا أصح ورواه أبو داود بسنده إلى فروة بن نوفل عن أبيه كتاب الأدب باب ما يقول عند النوم 5/ 303. (3) عبد الله بن خبيب- بضم المعجمة وفتح الموحدة الأولى وسكون الياء- الجهني المدني حليف الأنصار صحابي. التقريب 1/ 412، والإصابة 6/ 69 رقم 4640. (4) في بقية النسخ: فأدركته، فقال: قل. فلم أقل شيئا، ثم قال: قل فلم أقل شيئا .. الخ وكذلك العبارة في سنن الترمذي. (5) في سنن الترمذي وأبي داود: قال: قل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. (6) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- في سننه بسنده إلى معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه. أبواب الدعوات، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه 10/ 28. والنسائي في سننه كتاب الاستعاذة 8/ 250. ورواه أبو داود كتاب الأدب باب ما يقول إذا أصبح 5/ 321. وأورد الحديث ابن حجر في الإصابة عند ترجمته لعبد الله بن خبيب ورواه ابن السنى في عمل اليوم والليلة ص 41. وزاد السيوطي نسبته إلى ابن سعد وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والطبراني كلهم عن عبد الله بن خبيب، وفيه: ابن حبيب- بمهملة- 8/ 681. (7) ساقط من الأصل كلمة (مرات).

غريب صحيح). اه «1». وروى النسائي بإسناده عن مهاجر أبي الحسن «2» عن رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (كنت أمشي مع النبي صلّى الله عليه وسلم، فسمع رجلا يقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ حتى ختمها، قال: «قد برئ هذا من الشرك»، ثم سرنا فسمع آخر يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال: «أما هذا فقد غفر له») «3». وروى أيضا بإسناده عن قتادة بن النعمان «4» قال: (قام رجل من الليل يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .. السورة يردّدها لا يزيد عليها، فلما أصبحنا، قال رجل: يا رسول الله إن رجلا قام الليلة من السحر يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، لا يزيد عليها، كأنّ الرجل يتلقاها- فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن» «5». وروى أيضا بإسناده عن عقبة بن عامر «6» قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أنزل عليّ

_ (1) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- في سننه أبواب الدعوات باب ما جاء فيمن يقرأ من القرآن عند المنام 9/ 347. والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل المعوذات 6/ 105، وفي صحيح مسلم بنحوه كتاب السلام باب استحباب رقية المريض 14/ 181. وفي سنن أبي داود كذلك بنحوه كتاب الطب باب كيف الرقي؟ 4/ 224. (2) مهاجر أبو الحسن التيمي مولاهم الكوفي الصائغ ثقة من الرابعة. التقريب 2/ 279، والكنى للإمام مسلم 1/ 214، والجرح والتعديل 8/ 260. (3) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده إلى مهاجر أبي الحسن عن رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم ص 49. والدارمي في كتاب فضائل القرآن 2/ 458. وذكر السيوطي نحوه قال: أخرج أحمد وابن الضريس والبغوي وحميد بن زنجويه في ترغيبه عن شيخ أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (خرجت مع النبي صلّى الله عليه وسلم في سفر، فمر برجل يقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ... ) وذكره. الدر المنثور 8/ 656. (4) قتادة بن النعمان بن زيد الأنصاري أبو عبد الله صحابي، أخو أبي سعيد الخدري لأمه، شهد بدرا ومات سنة 23 هـ على الصحيح وصلّى عليه عمر بن الخطاب. التقريب 2/ 123، ومشاهير علماء الأمصار 27. (5) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده إلى قتادة بن النعمان ص 50. والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 6/ 105. وفي الموطأ للإمام مالك كتاب الرقائق باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 2/ 432. وفي سنن أبي داود كتاب الصلاة باب في سورة الصمد 2/ 152. (6) عقبة بن عامر بن عيسى الجهني صحابي مشهور، كنيته أبو حماد على الأصح، ولي أمرة مصر لمعاوية- رضي الله عنه- ثلاث سنين، وكان فقيها فاضلا مات قرب الستين. الاستيعاب 8/ 100 رقم 1824 والتقريب 2/ 27، والإصابة 7/ 21 رقم 5594.

آيات لم ير مثلهن قط» (المعوذتين) «1». وروى الترمذي بإسناده عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أيعجز أحدكم أن «2» يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ من قرأ (الله الواحد الصمد) «3» فقد قرأ ثلث القرآن» «4». وروى عن أبي هريرة رضي الله (عنه) «5» قال: «أقبلت مع النبي صلّى الله عليه وسلم، فسمع رجلا يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «وجبت»، قلت: وما وجبت؟ قال: «3» صلّى الله عليه وسلم «الجنة»، وصحح الحديث «7».

_ (1) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده عن عقبة بن عامر ص 51، وفي سننه كتاب الافتتاح باب الفضل في قراءة المعوذتين 2/ 158. والحديث في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة المعوذتين 6/ 96. وسنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في المعوذتين 8/ 214، وسنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب فضل المعوذتين 2/ 462. وفضائل القرآن لأبي عبيد ص 203 والمصنّف لعبد الرزاق 3/ 384. (2) في د: أن تقرأ. تصحيف. (3) يقول ابن حجر:- عند شرحه لهذه العبارة- عند الإسماعيلي من رواية أبي خالد الأحمر عن الأعمش: (فقال: يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فهي ثلث القرآن «فكأنّ رواية الباب بالمعنى») اه. فتح الباري: 9/ 60. علما بأن صاحب تحفة الأحوذي قال: وفي بعض النسخ من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ اه 8/ 206. (4) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص 8/ 206. والحديث في صحيح البخاري 6/ 105، كتاب فضائل القرآن باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. وفي صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 6/ 96. وفي سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن 2/ 460. (5) (عنه): ساقطة من الأصل. وليس في بقية النسخ عبارة (رضي الله عنه). (7) أخرجه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلّا من حديث مالك بن أنس 8/ 209. ورواه النسائي في سننه كتاب الافتتاح 2/ 171. والإمام مالك في الموطأ كتاب الرقائق باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 2/ 432 وفيه: فأردت أن أذهب إلى الرجل فأبشره .. الخ ورواه الحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن، باب ذكر سور وآي متفرقة، 1/ 566، وقال صحيح الإسناد وأقره الذهبي. وراجع جامع الأصول 8/ 489.

وروى أيضا بإسناده عن أنس بن مالك قال: (من قرأ كل يوم مائتي مرة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ محي عنه ذنوب خمسين سنة، إلّا أن يكون عليه دين)، قال: وبهذا الإسناد عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه، ثم قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مائة مرة، فإذا كان يوم القيامة، يقول له الرب: يا عبدي أدخل على يمينك الجنة» «1». وروى أيضا بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «احشدوا «2»، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن»، قال: فحشد من حشد ثم خرج نبي الله صلّى الله عليه وسلم فقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فإني «3» سأقرأ عليكم ثلث القرآن»، إني لأرى هذا خبر «4» جاءه من السماء. ثم خرج نبي الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «إني قلت: سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا وإنها تعدل بثلث «5» القرآن» هذا حديث حسن صحيح «6». وروى الترمذي أيضا عن أنس قال: (كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد

_ (1) أخرجه الترمذي بسنده عن أنس بن مالك مرفوعا أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص 8/ 210. وقال: هذا حديث غريب من حديث ثابت عن أنس، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضا عن ثابت اه. قال صاحب تحفة الأحوذي: في سنده حاتم بن ميمون وهو ضعيف اه قال الذهبي: قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. ثم أورد الذهبي الحديث الأول من هذين الحديثين بهذا اللفظ، وبلفظ « .. كتب الله له ألفا وخمسمائة حسنة» اه ميزان الاعتدال: 1/ 428. وأخرجه الدارمي بسنده عن أنس بن مالك وفيه « .. خمسين مرة». ولم يذكر الدين. (2/ 461) وراجع تفسير ابن كثير 4/ 568. والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 304 باب فضائل القرآن. (2) حشدوا وتحاشدوا إذا دعوا فأجابوا مسرعين. اللسان 3/ 150 «حشد». (3) في د وظ: إني. (4) في د وظ: خبرا. (5) في د وظ: ثلث القرآن. بدون الباء. (6) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- بإسناده عن أبي هريرة أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه اه 8/ 211، والحديث في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 6/ 94.

قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ لهم في الصلاة: افتتح ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة «1». فكلمه أصحابه، فقالوا: إنّك تقرأ بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة أخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتقرأ بسورة أخرى، قال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم «2» أؤمكم بها فعلت. وإن كرهتم تركتكم! وكانوا يرونه أفضلهم، فكرهوا أن يؤمهم غيره. فلما أتاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبروه الخبر، فقال: «يا فلان ما يمنعك مما يأمر به أصحابك؟ وما يحملك أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة؟» فقال: يا رسول الله، إنّي أحبها، فقال «3»: «إن حبكها «4» أدخلك الجنة» «5».

_ (1) الظاهر من هذه الرواية أنه كان يقرأ بعد الفاتحة ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثم يقرأ السورة بعدها، وهذا لا يعرف طبعا ولا يسمع إلّا في صلاة الصبح والركعتين الأوليين من صلاة المغرب والعشاء. والله أعلم. (2) في سنن الترمذي: أن أؤمكم ... الخ. (3) في سنن الترمذي: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. (4) في الترمذي: إن حبها، وفي البخاري: إن حبك إياها، وفي ظ: إن حبك لها. (5) أخرجه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن عمر عن ثابت البناني اه 8/ 212، وأخرجه البخاري معلقا قال: وقال عبيد الله عن ثابت عن أنس (كان رجل من الأنصار يؤمهم ... وذكره بلفظه إلى آخره). كتاب الأذان باب الجمع بين السورتين في الركعة 1/ 188. قال ابن حجر: وحديثه هذا وصله الترمذي والبزار عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، والبيهقي من رواية محرز بن سلمة كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي عنه بطوله اه الفتح 2/ 257. قال صاحب تحفة الأحوذي: تنبيه: روى الشيخان عن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فلمّا رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: سلوه، لأي شيء يصنع ذلك فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أخبروه أن الله يحبه». والظاهر أن قصة حديث عائشة هذا وقصة حديث أنس- رضي الله عنهما- المذكور في الباب، قصتان متغايرتان، لا أنها قصة واحدة، ويدل على تغايرهما أن في حديث الباب: أنه كان يبدأ ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وفي حديث عائشة أن أمير السرية كان يختم بها، وفي هذا أنه كان يصنع ذلك في كل ركعة، ولم يصرّح بذلك في قصة الآخر، وفي هذا أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم سأله، وفي حديث عائشة أنه صلّى الله عليه وسلّم أمرهم أن يسألوا أميرهم، وفي هذا أنه قال: أنه يحبها فبشره بالجنة، وأمير السرية قال: أنها صفة الرحمن فبشّره بأن الله يحبه. والله أعلم 8/ 213 - 214، وراجع فتح الباري 2/ 258.

وعن عقبة بن عامر قال: (أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة) «1». وعن أسماء ابنة «2» أبي بكر- رضي الله عنهما- (من صلّى الجمعة، ثم قرأ بعدها قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين: حفظ أو كفى من مجلسه ذلك الى مثله) «3». وعن ابن شهاب: (من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين بعد صلاة الجمعة حين يسلّم الإمام قبل أن يتكلم «4» سبعا سبعا: كان ضامنا) «5». قال أبو (عبد) «6»: أراه قال: (على الله هو وماله وولده من الجمعة إلى الجمعة).

_ (1) أخرجه الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في المعوذتين 8/ 215. وابن السنى في عمل اليوم والليلة ص 55. ورواه أبو داود بنحوه كتاب الصلاة باب في المعوذتين، دون ذكر الأمر بقراءتهما دبر كل صلاة. وكذلك النسائي كتاب الافتتاح باب الفضل في قراءة المعوذتين 2/ 158 وكتاب الاستعاذة. 8/ 251. وأورده الذهبي عند ترجمة يزيد بن عبد العزيز الرعيني. وقال: هذا حديث حسن غريب اه 4/ 433. (2) أسماء بنت أبي بكر الصديق المعروفة بذات النطاقين، القرشية الفاضلة أخت عائشة لأبيها، وأم عبد الله بن الزبير، توفيت سنة 73 هـ. انظر صفوة الصفوة 2/ 058، والأعلام 1/ 305. (3) أخرجه أبو عبيد في فضائله عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما باب فضل المعوذتين وما جاء فيهما ص 204. ورواه بنحوه ابن السنى في عمل اليوم والليلة بسنده إلى عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ص 145، ونقله عنه السيوطي في الدر المنثور 8/ 675. (4) في ظ: أن تتكم. خطأ. (5) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى ابن شهاب ص 205، وراجع فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوى 6/ 203، فقد ذكر آثارا حول هذا المعنى، ثم قال: وأخذ حجة الإسلام بقضية هذا الخبر وما بعده فجزم بندبه في بداية الهداية. فقال: إذا فرغت وسلمت من صلاة الجمعة، فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات والإخلاص سبعا والمعوذتين سبعا سبعا فذلك يعصمك من الجمعة إلى الجمعة ويكون لك حرزا من الشيطان اه. (6) هكذا في الأصل. وهو خطأ. والصواب أبو عبيد، كما في بقية النسخ.

باب فضل بعض الآيات

باب فضل بعض الآيات وعن ابن عباس «1» - في قوله تعالى مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ «2» هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ «3» قال: هن ثلاث آيات في سورة الأنعام: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ .. «4» إلى ثلاث آيات، والتي في بني اسرائيل: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «5» الى آخر الآيات «6».

_ (1) في د وظ: رضي الله عنهما. (2) قال القرطبي:- عند تفسير هذه الآية- اختلف في المحكمات والمتشابهات على أقوال عديدة: فقال جابر بن عبد الله:- وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري وغيرهما- المحكمات من آي القرآن: ما عرف تأويله وفهم معناه وتفسيره. والمتشابه: ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله تعالى بعلمه دون خلقه. قال بعضهم: وذلك مثل وقت قيام الساعة وخروج يأجوج والدجال وعيسى، ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور. قلت:- أي القرطبي-: هذا أحسن ما قيل في المتشابه اه 4/ 9. وبناء على هذا فيكون ما قاله ابن عباس مثالا أعطاه في المحكمات. قاله ابن عطية. انظر تفسير القرطبي 4/ 10. (3) آل عمران (7). (4) الأنعام (151 - 153) قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً .. الآيات. (5) الإسراء (23 - 25). (6) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عباس ص 206، وأخرجه ابن جرير بسنده إلى ابن عباس، انظر تفسيره 3/ 172. قال ابن كثير: ورواه ابن أبي حاتم وحكاه عن سعيد بن جبير به 1/ 345، وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه كلهم عن عبد الله بن قيس سمعت ابن عباس يقول في قوله مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ ... وذكره. الدر المنثور: 2/ 145. قال الحاكم: صحيح ووافقه الذهبي. انظر المستدرك 2/ 288.

وعن منذر الثوري «1» قال لي الربيع بن خثيم «2»: (أيسرّك أن تلقى صحيفة من محمد صلّى الله عليه وسلّم خاتمة «3»؟!). قلت: نعم، وأنا أرى أنه سيطرفني «4» - فما زادني على هؤلاء الآيات من سورة الأنعام: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ .. الى آخر الآيات «5». وقال عبد الله بن مسعود- رحمه الله-: (ما من آية أجمع لخير وشر من آية في سورة النحل إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ «6» .. إلى قوله لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ «7». وقال: (ما في القرآن آية أعظم (فرحا) «8» من آية في سورة الزمر قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا .. «9» إلى آخرها). وعنه أيضا: (ما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النساء القصرى «10»

_ (1) منذر بن يعلى الثوري أبو يعلى الكوفي الثقة من السادسة. التقريب 2/ 275، وتاريخ الثقات: 440، والكنى للإمام مسلم: 2/ 928. (2) الربيع بن خثيم- بضم المعجمة وفتح المثلثة- الثوري التميمي أبو يزيد من عبّاد أهل الكوفة وزهادهم والمواظبين منهم على الورع، مات بها سنة ثلاث وستين. مشاهير علماء الأمصار: 99، والتقريب 1/ 244، وصفة الصفوة 3/ 59. (3) في فضائل القرآن لأبي عبيد: عليها خاتمه. وفي الدر المنثور: بخاتم. (4) قال ابن منظور: أطرف الرجل، أعطاه ما لم يعط أحدا قبله، وأطرفت فلانا شيئا: أي أعطيته شيئا لم يملك مثله فأعجبه اه. اللسان 9/ 214 «طرف». (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله باب فضل آيات القرآن ص 207. وزاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم. الدر المنثور 3/ 381. وله شاهد عند الترمذي، فقد ساق بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال (من سرّه أن ينظر إلى الصحيفة التي عليها خاتم محمد صلّى الله عليه وسلّم: فليقرأ هؤلاء الآيات) ... وذكرها، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، أبواب التفسير باب ومن سورة الأنعام 8/ 446. (6) كتبت العبارة في ظ هكذا: إن الله يأمر بالعدل والأولى قوله .. الخ. (7) النحل (90). (8) هكذا في الأصل ود، ظ (فرحا) بالحاء المهملة. وفي ظق (فرجا) بالجيم وهي أصوب. (9) الزمر (53). وفي، وظ: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ .... (10) أي السورة القصيرة التي تحدثت عن أحكام النساء، احترازا عن السورة الطويلة التي تحدثت أيضا عن النساء ما لهن وما عليهن والمعروفة بسورة النساء.

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً «1» «2». وقال ابن عباس لعبد الله بن عمرو «3»: (أي آية في كتاب الله أرجى «4». قال عبد الله بن عمرو: قول الله عزّ وجلّ قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا .. «5» الآية. فقال ابن عباس: لكن قوله الله عزّ وجلّ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قالَ: بَلى، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي «6». قال ابن عباس: فرضي منه بقوله: (بلى) قال: فهذا لما يعترض في الصدر ما يوسوس به الشيطان) «7».

_ (1) الطلاق (3). (2) ذكر هذا أبو عبيد بسنده إلى ابن مسعود باب فضل آيات القرآن ص 208، وذكره الطبري 14/ 163، 24/ 15، 28/ 140. وزاد السيوطي نسبته إلى سعيد بن منصور والبخاري في الأدب ومحمد بن نصر في الصلاة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان كلهم عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه. الدر المنثور 5/ 160. وقد أخرج الحاكم في المستدرك كلام ابن مسعود في الآية التي في سورة النحل بنحوه وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه 2/ 356. (3) عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي، أحد السابقين المكثرين من الصحابة، وأحد المتعبّدين الفقهاء، مات بالطائف على الراجح سنة 65 هـ وقيل نحوها. التقريب 1/ 436، والإصابة 6/ 178، رقم 4838. (4) قال الزركشي: اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا، ثم سردها ومن ضمنها قول ابن عباس هذا. انظر البرهان 1/ 446. (5) الزمر (53). (6) البقرة (260). (7) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن المنكدر وصفوان بن سليم قالا: التقى ابن عباس وعبد الله بن عمرو ... فذكره ص 209. وأخرج نحوه الطبري بسنده إلى شعبة قال: سمعت زيد بن علي يحدث عن رجل عن سعيد بن المسيب قال: أتعد عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو أن يجتمعا ... فذكره. انظر تفسيره 3/ 49، والسند كما ترى فيه رجل مجهول. وأخرجه الحاكم في المستدرك كتاب الإيمان 1/ 60 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقّبه الذهبي بأن فيه انقطاعا. وزاد السيوطي نسبته إلى عبد الله بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم كلهم عن ابن عباس. الدر المنثور 2/ 34، وراجع تفسير ابن كثير 1/ 316.

وعن أبي الفرات «1» مولى صفية «2» أم المؤمنين- رضي الله عنها- أن عبد الله ابن مسعود قال: (في القرآن آيتان ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلّا غفر له)، قال: فسمع بذلك رجلان من أهل البصرة، فأتياه، فقال: ائتيا أبيّ بن كعب فإني لم أسمع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا إلّا قد سمعه أبيّ قال: فأتيا أبيّ بن كعب، فقال لهما: اقرإ القرآن فإنكما ستجدانهما، فقرءا حتى اذا بلغا من آل عمران وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ «3» ذَكَرُوا اللَّهَ .. «4» الآية، وقوله عزّ وجلّ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «5» فقالا: قد وجدناهما، فقال أبيّ: أين؟ فقالا: في آل عمران والنساء، فقال: هما هما «6». وقال عبد الله بن مسعود- رحمه [الله] «7» - (إنّ في النساء خمس آيات، ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها)، ولقد علمت أن العلماء إذا مرّوا «8» بها يعرفونها قوله عزّ وجلّ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً «9»، وقوله عزّ وجلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً «10»، وقوله عزّ وجلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ

_ (1) هناك من يسمى كنانة بن نبيه مولى صفية أم المؤمنين رضي الله عنها، مقبول ضعفه الأزدي بلا حجة من الثالثة. التقريب 2/ 137، وراجع طبقات ابن سعد 8/ 128، والإصابة 13/ 16 عند ترجمتهما لصفية، وميزان الاعتدال عند ترجمته لهاشم بن سعيد الراوي عن كنانة. (2) صفية بنت حييّ بن أخطب الإسرائيلية أم المؤمنين، تزوجها النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد خيبر، قال ابن حجر في الإصابة: وأقرب ما قيل في وفاتها سنة 50 هـ وقيل غير ذلك. الإصابة 13/ 14، وصفة الصفوة 2/ 51، والتقريب 2/ 603، وسير أعلام النبلاء 2/ 231. (3) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (4) آل عمران (135). (5) النساء (110). (6) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي الفرات مولى صفية أم المؤمنين عن عبد الله بن مسعود ص 209. وذكره السيوطي والشوكاني بنحوه دون ذكر أبيّ بن كعب قالا: أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي الدنيا وابن المنذر والبيهقي كلهم عن ابن مسعود قال: إن في كتاب الله لآيتين ... وذكراه. الدر 2/ 326، وفتح القدير 1/ 382. (7) سقط لفظ الجلالة من الأصل. وفي د وظ: رضي الله عنه. (8) في ظ: إذا أمروا ... الخ. (9) النساء (31). (10) النساء (40).

يَشاءُ «1»، وقوله عزّ وجلّ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً «2». وقوله عزّ وجلّ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «3» «4» اه. وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب «5»: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ في مجلس ومعه أعرابي جالس فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «6». فقال الأعرابي: يا رسول الله، مثقال ذرة؟! قال: نعم فقال الأعرابي: وا سوأتاه! مرارا، ثم قام وهو يقولها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد دخل قلب الاعرابي الايمان» «7». وعن حنش الصنعاني «8»: (أن رجلا مصابا مرّ به «9» على ابن مسعود، فقرأ في أذنه أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً .. «10» حتى ختم الآية فبرأ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ماذا قرأت في أذنه؟» فأخبره فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والذي نفسي بيده لو أن رجلا قرأ بها على جبل لزال» «11».

_ (1) النساء (48). (2) النساء (64). (3) النساء (110). (4) أخرجه أبو عبيد ص 210 وفي آخره: قال ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها. والحاكم في المستدرك كتاب التفسير 2/ 305. وأخرجه الطبري في تفسيره 5/ 44 بنحوه، وزاد السيوطي والشوكاني نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان كلهم عن ابن مسعود. الدر المنثور 2/ 498، وفتح القدير 1/ 459. (5) المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي، صدوق كثير الإرسال عن كبار الصحابة رضي الله عنهم كأبي موسى وعائشة، من الرابعة. ميزان الاعتدال 4/ 129، والتقريب 2/ 254. (6) الزلزلة (7، 8). (7) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن عبد الله ص 211. ونسبه السيوطي إلى سعيد بن منصور عن المطلب كذلك يرفعه. ونسبه أيضا بلفظ قريب إلى عبد الرزاق، وسعيد بن منصور وعبد بن حميد كلهم عن زيد بن أسلم يرفعه. الدر المنثور 8/ 595، وانظر تفسير القرطبي 20/ 152. (8) حنش بن عبد الله- ويقال بن علي- بن عمرو الصنعاني، نزيل إفريقيا ثقة من الثالثة، مات سنة 100 هـ، الميزان 1/ 620، والتقريب: 1/ 205، والإعلام 2/ 276. (9) مر به: بالبناء للمجهول. (10) المؤمنون (110). (11) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى حنش الصنعاني ص 211، وابن السنى في عمل اليوم والليلة باب ما يقرأ

وقال عامر بن عبد قيس «1» - رحمه الله-: (أربع آيات من كتاب الله عزّ وجلّ، إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وما أمسي): قوله عزّ وجلّ: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ «2». وقوله عزّ وجلّ: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ «3». وقوله عزّ وجلّ: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً «4». وقوله عزّ وجلّ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها «5» «6». وقال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: (إن كل مؤدب «7» يحب أن يؤتى أدبه

_ على من يعرض له في عقله ص 235 وفيه: لو أن رجلا موقنا قرأ بها ... الخ. وذكره ابن كثير نقلا عن ابن أبي حاتم بسنده كذلك إلى حنش الصنعاني انظر تفسيره 3/ 259 وفيه بدل حنش: حسن وهو تحريف. وزاد السيوطي نسبته إلى الحكيم الترمذي وأبي يعلى وأبي نعيم في الحلية وابن مردويه كلهم عن ابن مسعود. انظر الدر المنثور 6/ 22. «والحديث أخرجه العقيلي وفيه سلام بن رزين، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثت أبي هذا الحديث فقال: (موضوع هذا حديث الكذابين) اه وتعقب بأن له طريقا آخر أخرجه أبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح سوى ابن لهيعة وحنش الصنعاني وحديثهما حسن». تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة 1/ 294، وراجع اللئالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1/ 247. (1) عامر بن عبد الله بن قيس التميمي أبو عبد الله بصري تابعي ثقة، من كبار التابعين وعبّادهم توفي سنة 55 هـ أو نحوها. الكنى للإمام مسلم 1/ 468، وتاريخ الثقات 245، وصفة الصفوة 3/ 201، والأعلام 3/ 252. (2) فاطر (2). (3) يونس (107). (4) الطلاق (7). (5) هود (6). (6) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عامر بن عبد قيس ص 112 وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة عند ترجمته لعامر بن عبد قيس 3/ 207. ونسبه السيوطي إلى ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس عند أول تفسير سورة فاطر. الدر المنثور 7/ 5. ونسبه كذلك في موضع آخر إلى البيهقي في شعب الإيمان، وفيه: عن عامر بن قيس قال: ثلاث آيات في كتاب الله اكتفيت بهن عن جميع الخلائق ... وذكرها دون ذكر آية الطلاق. الدر المنثور 4/ 395. (7) قال أبو عبيد: يقال: مأدبة ومأدبة- بضم الدال وفتحها-، فمن قال: مأدبة، أراد به الصنيع

فضل حملة القرآن

وإنّ أدب الله عزّ وجلّ القرآن) «1». فضل حملة القرآن الترمذي «2»: عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة «3» ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو «4»، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة «5» ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة «6» ريحها مر وطعمها مر» وقال: هذا حديث حسن صحيح «7».

_ يصنعه الإنسان فيدعو إليه الناس، يقال منه: أدبت عليه القوم أدبا وهو رجل آدب مثال فاعل ... ومعنى الحديث: أنه مثل شبّه القرآن بصنيع صنعه الله للناس، لهم فيه خير ومنافع، ثم دعاهم اليه اه غريب الحديث 2/ 222. وراجع اللسان 1/ 206 (أدب) ومقدمة تفسير القرطبي 1/ 6. (1) أخرجه الدارمي في سننه بسنده إلى عبد الله بن مسعود بلفظ: ليس من مؤدب إلّا وهو يحب ... الخ كتاب فضائل القرآن 2/ 433. وأخرجه أبو عبيد بلفظ المصنف عن عبد الله بن مسعود ص 6. ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن سمرة بن جندب كما في الكنز 1/ 514 رقم 2286. وله شاهد عند أبي عبيد عن عبد الله بن مسعود يرفعه (إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلّموا من مأدبته ما استطعتم .. ) الحديث وسيأتي قريبا، ونقله ابن كثير عن أبي عبيد، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه اه. انظر فضائل القرآن لابن كثير ص 5 في آخر تفسيره. (2) أي وروى الترمذي بإسناده عن أبي موسى. (3) في سنن الترمذي: الأترنجة. قال ابن حجر: (الأترجة- بضم الهمزة والراء بينهما ساكنة وآخره جيم مثقلة، وقد تخفف ويزاد قبلها نون ساكنة .. ) اه فتح الباري 9/ 66، والأترج والأترجة والترنجة والترنج: معروف وهي أحسن الثمار الشجرية وأنفسها عند العرب. تحفة الأحوذي 8/ 165. وراجع القاموس المحيط 1/ 187 (ترج) وفتح الباري 9/ 66. (4) في ظ: طيب حلو. (5) كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم. تحفة الأحوذي 8/ 165. (6) الحنظل: نبت يمتد على الأرض كالبطيخ، وثمره يشبه ثمر البطيخ لكنه أصغر منه جدا، ويضرب المثل بمرارته. المصدر السابق 8/ 166. (7) رواه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب الأمثال باب في مثل المؤمن القارئ للقرآن وغير القارئ 8/ 164، والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل القرآن على سائر الكلام 6/ 106، وفي صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضيلة حافظ القرآن 6/ 3، وفي فضائل القرآن للنسائي باب مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ص 75، وفي سنن أبي داود بلفظ أطول مما هنا كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس 5/ 166.

وحدّثني الشيخ أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري- رحمه الله- بالإسناد المذكور إلى النسائي، حدّثنا عبيد الله بن سعيد «1» ثنا يحيى «2» عن شعبة «3» عن قتادة عن أنس عن أبي موسى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «4»: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر، وليس لها ريح» «5». وبالإسناد قال النسائي: ثنا عبيد الله بن سعيد عن عبد الرحمن «6» قال: حدّثني عبد الرحمن بن بديل بن ميسرة «7» عن أبيه «8» عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله أهلين من خلقه»، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» «9».

_ (1) عبيد الله بن سعيد بن يحيى اليشكري أبو قدامة، نزيل نيسابور ثقة مأمون سنى، من العاشرة مات سنة 241 هـ. التقريب 1/ 533، والكنى للإمام مسلم 2/ 693. (2) هو القطان تقدم. (3) هو شعبة بن الحجاج تقدم. (4) (قال) ليست في د وظ. (5) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ باب مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ص 75. وأخرجه النسائي كذلك بسند آخر في السنن (المجتبى) كتاب الإيمان باب مثل الذي يقرأ القرآن من مؤمن ومنافق 8/ 124. وراجع تخريج الحديث السابق الذي قبل هذا مباشرة. (6) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث من التاسعة مات سنة 198 هـ. التقريب 1/ 499، وتاريخ الثقات 299، وتاريخ بغداد 10/ 240، والكنى لمسلم 1/ 364. (7) العقيلي البصري لا بأس به من الثامنة. الميزان 2/ 549، والتقريب: 1/ 473، وتاريخ الثقات: 78. (8) بديل- مصغرا- بن ميسرة العقيلي- بضم العين- البصري ثقة من الخامسة مات سنة 125 هـ وقيل غير ذلك. التقريب 1/ 94. (9) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب أهل القرآن ص: 52. وأبو عبيد في فضائل القرآن باب فضل اتباع القرآن ص 30. وذكره الذهبي عند ترجمته لعبد الرحمن بن بديل بن ميسرة- بإسناده إلى عبد الرحمن بن مهدي وهو

وروى أبو عبيد هذا الحديث فقال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله أو عبد الرحمن بن بديل العقيلي عن أبيه بديل بن ميسرة عن أنس بن مالك «1». وروى أبو عبيد بإسناده «2» عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ هذا القرآن مأدبة «3» الله، فتعلّموا من مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن حبل الله عزّ وجلّ، وهو النور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسّك به ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوّم ولا يزيغ فيستعتب «4»، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة «5» الرد، فاتلوه، فإنّ الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أمّا إنّي لا أقول: (الم) حرف «6» ولكن (ألف) عشر و (لام) عشر و (ميم) عشر» «7».

_ الذي روى عنه عبيد الله بن سعيد عن عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ... وذكره وعزاه إلى النسائي وابن ماجة، وأحمد. انظر الميزان 2/ 549، وراجع الكنز 1/ 512، رقم 2277. وفضائل القرآن لابن كثير ص 54. قال الحاكم في المستدرك: «قد روى هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس هذا أمثلها» اه. وسكت عنه الذهبي، كتاب فضائل القرآن 1/ 556. (1) رواه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب فضل اتباع القرآن ص 30. (2) في بقية النسخ: بإسناد. (3) تقدم قريبا ذكر معناها، ص 283. (4) الاستعتاب: طلبك إلى المسيء الرجوع عن إساءته .. ويقال: فلان يستعتب من نفسه ويستقبل من نفسه ويستدرك من نفسه إذا أدرك بنفسه تغييرا عليها بحسن تقدير وتدبير. اللسان 1/ 577، 578 (عتب). (5) في ظق: على كثرة. وفي د وظ: عن كثرة. (6) كلمة (حرف) سقطت من ظق. (7) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل القرآن وتعلّمه وتعليمه للناس ص 5، وانظر سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن 2/ 431 قال القرطبي: وأسند أبو بكر بن الأنباري عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .. وذكره. التذكار في أفضل الأذكار ص 30. ونقله ابن كثير عن أبي عبيد، وقال: هذا غريب من هذا الوجه، ورواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري- بفتح الهاء والجيم- واسمه إبراهيم بن مسلم وهو أحد التابعين، ولكن تكلّموا فيه كثيرا، وقال أبو حاتم الرازي: ليّن ليس بالقوي، وقال أبو الفتح الأزدي: رفّاع كثير الوهم. قلت:- ابن كثير- فيحتمل والله أعلم أن يكون وهم في رفع هذا الحديث وإنّما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر والله أعلم اه. فضائل القرآن لابن كثير ص 5.

قال «1» أبو عبيد: ثنا حجاج (عن ابن المسعودي) «2» عن عون بن عبد الله بن عتبة «3» قال: ملّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ملة «4» فقالوا: يا رسول الله حدّثنا، فأنزل الله تبارك وتعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ «5» قال: ثم نعته فقال: كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ .. إلى آخر الآية. قال: ثم ملّوا ملّة أخرى (فقال) «6» يا رسول الله، حدّثنا شيئا فوق الحديث ودون القرآن، يعنون القصص، فأنزل الله تبارك وتعالى الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إلى قوله تعالى نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ «7».

_ وراجع كلام العلماء في إبراهيم الهجري هذا في الميزان 1/ 65، والتقريب 1/ 43. وقد ساق الذهبي حديث ابن مسعود هذا، وسكت عنه. وروى الترمذي شطره الأخير بألفاظ قريبة مما هنا بسنده عن محمد بن كعب عن ابن مسعود يرفعه. سنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في من قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر 8/ 226. وسيذكره المصنف عند كلامه عن فضل حامل القرآن ص 337. وأخرجه الحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 555، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بأن إبراهيم بن مسلم ضعيف، ونسبه في الكنز إلى ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر وابن الأنباري في كتاب المصاحف والبيهقي في شعب الإيمان .. كلهم عن ابن مسعود 1/ 526 رقم 2356. (1) في بقية النسخ: وقال. (2) هكذا في الأصل عن ابن المسعودي، وفي بقية النسخ وفضائل القرآن لأبي عبيد: عن المسعودي، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي الكوفي، صدوق، اختلط قبل موته، من السابعة مات سنة 160 هـ. التقريب 1/ 487 والميزان 2/ 574. (3) ابن مسعود الهذلي أبو عبد الله الكوفي، ثقة عابد، من الرابعة مات سنة 120 هـ. التقريب 2/ 90، وصفة الصفوة 3/ 100. (4) ملّ الشيء، ومل من الشيء يمل- بفتح الميم- مللا وملّة وملالة: أي سئمه وضجر منه. مختار الصحاح 634 (ملل) والمصباح المنير: 580، وانظر اللسان: 11/ 628. (5) الزمر (23). وكتبت الآية في الأصل خطأ هكذا (الله أنزل الحديث). (6) هكذا في الأصل: فقال، وهو خطأ واضح. وفي بقية النسخ: فقالوا وهو الصواب. (7) يوسف: (1 - 3).

فإن «1» أرادوا الحديث دلّهم على أحسن الحديث، وإن أرادوا القصص دلّهم على أحسن القصص (القرآن) «2» اه. وروى أيضا عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو كان القرآن في إهاب «3»، ثم ألقى في النار ما احترق» «4». قال أبو عبيد: (وجه هذا عندنا أن يكون أراد بالإهاب قلب المؤمن وجوفه الذي قد وعى القرآن «5») اه. وقال الأصمعي «6»: لو جعل القرآن في إنسان ثم ألقي في النار ما احترق، يقول:

_ (1) في بقية النسخ: قال: فإن أرادوا ... الخ. (2) أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل القرآن وتعلّمه وتعليمه ص 7. وأخرجه الحاكم في المستدرك بنحوه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقرّه الذهبي كتاب (التفسير) تفسير سورة يوسف عليه السلام 2/ 345. وأخرجه الطبري في تفسيره بسنده إلى المسعودي عن عون بن عبد الله 12/ 150. وأخرجه في موضع آخر بسنده إلى سعد بن أبي وقاص، المصدر السابق، وزاد السيوطي نسبته إلى إسحاق بن راهويه والبزار وأبي يعلى وابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن حبان، وأبي الشيخ، وابن مردويه كلهم عن سعد بن أبي وقاص وذكره بنحوه. الدر المنثور 4/ 496. (3) الإهاب: الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ، اللسان 1/ 217 (أهب). وراجع مختار الصحاح 31، والقاموس المحيط 1/ 39، والمصباح المنير 28. (4) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب فضل القرآن وتعلّمه وتعليمه ص 8، والدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن بلفظ (لو جعل القرآن ... ) الخ 2/ 430. وفي سنده مشرح بن هاعان المصري وابن لهيعة، وقد تقدم إنّ ابن لهيعة ضعيف، وأما مشرح فقد قال الذهبي: قال ابن حبان «يكنى أبو مصعب يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها ... » اه الميزان 4/ 117. وهذا الحديث ممّا رفعه ابن لهيعة في آخر عمره بعد أن اختلط. راجع الميزان 2/ 476. قال المناوي: «وفيه ابن لهيعة عن مشرح بن ماهان- هكذا- ولا يحتج بحديثهما عن عقبة، لكنه يتقوّى بتعدد طرقه .. » اه فيض القدير 5/ 324، وأخرجه أحمد وابن الضريس والحكيم الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان والطبراني في الكبير كلهم عن عقبة بن عامر إلّا الطبراني فعن سهل بن سعد. انظر الكنز 1/ 536 رقم 2402، 2403، 2404. (5) نقل هذا القرطبي عن أبي عبيد، ثم نقل أقوالا أخرى عن أبي جعفر الطحاوي. انظر التذكار ص 48، وقيل المعنى: من علّمه الله القرآن لم تحرقه نار الآخرة، فجعل جسم حافظ القرآن كالإهاب له. النهاية في غريب الحديث 1/ 83، وفيض القدير: 4/ 324. (6) عبد الملك بن قريب- بضم القاف- بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي، أحد الأئمة في

(إنّ من حفظ القرآن من المسلمين لا تحرقه النار يوم القيامة إن ألقي فيها بالذنوب) وقال غيره: كان هذا في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم علما «1» لنبوته ودليلا على أنّ القرآن كلام الله ومن عنده، ثم زال ذلك بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم «2». وقيل: أراد بقوله: «ما احترق» القرآن لا الإهاب، أي يحترق الإهاب ولا يحترق القرآن «3». وكل هذه الأقوال غير مستقيمة: أ) أما قول أبي عبيد: إنّه أراد الإهاب: قلب المؤمن وجوفه فتأويل لا دليل عليه لأن الإهاب: الجلد الذي لم يدبغ، فاستعماله في جوف المؤمن أو قلبه من غير دليل: لا يصح، وظاهر اللفظ أيضا يقتضي خلاف ذلك، لأنّ هذا الكلام إنّما يقال على وجه الفرض والتقدير «4»، أي لو قدر جعله في إهاب، ثم ألقي في النار ما احترق الإهاب، ولا يستغرب كون القرآن «5» في جوف المؤمن (ثم إنّ جوف المؤمن) «6» لا يلقى في النار دون جسده، ثم إن أراد نار الدنيا فإنّا «7» لا نشك في احتراق من يلقي فيها من حفظة القرآن، وقد وقع ذلك، وإن أراد نار الآخرة «8» فبعيد أن يقال: لو ألقي قلب المؤمن في النار ما احترق. ب) وأما قول الأصمعي: لو جعل القرآن في إنسان ثم ألقي في النار ما احترق أي أنّ من حفظ القرآن من المسلمين لم تحرقه النار يوم القيامة إن ألقي فيها: فذلك خلاف ما

_ اللغة والشعر والبلدان، مولده ووفاته بالبصرة (122 - 216 هـ) تاريخ بغداد 10/ 410. وجمهرة أنساب العرب 245، والبداية والنهاية 10/ 283، والأعلام: 4/ 162. (1) في د وظ: وعلما. (2) ذكر هذا البغوي في شرح السنة 4/ 437، وابن الأثير في النهاية في غريب الحديث 1/ 83، والمناوي في فيض القدير 4/ 324، وراجع اللسان 1/ 217 (أهب). (3) قال البغوي: حكي عن الإمام أحمد بن حنبل قال: معناه: «لو كان القرآن في إهاب يعني في جلد في قلب رجل، يرجى لمن القرآن محفوظ في قلبه أن لا تمسه النار» اه. شرح السنة 4/ 437. (4) في د: أضاف الناسخ في الحاشية جوابا من عنده استحسنه، بعض كلماته لا تقرأ، ومفاده: أنّ هناك أعمالا صالحة، من يعملها لا يدخل النار، بل يدخل الجنة بغير حساب ولا عقاب، فلا عجب من عدم إحراق النار من زاد على تلك الأعمال الصالحة حفظ القرآن، وأما قوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها ففي معناها أقوال مختلفة، فلا قطع بذلك، والله أعلم. (5) في ظ: في قلب جوف المؤمن. (6) سقطت هذه العبارة من الأصل. (7) في د وظ: فإنّك لا تشك. (8) في وظ: وإن أراد بالآخرة.

جاء في الأخبار الصحاح «1» أنّ المؤمنين يحرقون بتلك النار، ويخرجون حين يخرجون منها وقد صاروا حمما «2». ج) وأما قول من قال: كان ذلك في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم علما لنبوته، فذلك أيضا غير صحيح، لأنّ ذلك لم ينقل، ولو كان كذلك لفعله المسلمون غير مرة ليقيموا به الحجة على المشركين. د) وأما قول من قال: يحترق الإهاب ولا يحترق القرآن فكلام لا معنى تحته، لأنّ ذلك من المعلوم، لأنّ القرآن كلام الله، والكلام لا يحترق إنّما تحترق «3» الأجسام وكذلك أيضا كلام الخلق، لو كتب في كتاب وألقي في النار لاحترق الكتاب دون الكلام. وإنّما معنى الحديث عندي- والذي لا أعتقد سواه-: أنّ القرآن لو كتب في إهاب وألقي ذلك الإهاب في نار جهنم لم يحترق، ولم تعد عليه النار احتراما للقرآن إذ لم يجعل لها سلطانا على ما هو وعاء له «4». وأعلم الله عزّ وجلّ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بأنّ النار لا تعدو على ما كتب فيه القرآن ليكون ذلك بشرى لحملة القرآن وبسطا لرجائهم، كما قال عزّ وجلّ: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ «5» أعلمنا الله عزّ وجلّ بذلك وهو الحق ليكون

_ (1) قال القرطبي: «الأحاديث الثابتة ترد هذا القول على ما دلّت عليه من إدخال من قرأ القرآن النار من الموحدين الذين قرءوه وحفظوه ولم يعملوا به، ثم يخرجون بالشفاعة» اه، التذكار في أفضل الأذكار ص 48. (2) الحمم- بضم الحاء المهملة-: الفحم، واحدته حممة، والحمم كذلك الرماد والفحم وكل ما احترق من النار. اللسان 12/ 157. (3) في د: يحترق. (4) قال المناوي: «أي لو صوّر القرآن وجعل في إهاب وألقى في النار ما مسته، ولا أحرقته ببركته، فكيف بالمؤمن المواظب لقراءته وتلاوته .. » اه فيض القدير 5/ 324. ثم قال: قال الطيبي: وتحريره إنّ التمثيل وارد على المبالغة والفرض .. أي ينبغي ويحق أنّ القرآن لو كان في مثل هذا الشيء الحقير الذي لا يؤبه به، ويلقى في النار ما مسته فكيف بالمؤمن الذي هو أكرم خلق الله؟ وقد وعاه في صدره، وتفكر في معانيه وعمل بما فيه كيف تمسّه فضلا عن أن تحرقه؟» اه. المصدر نفسه. وأقول: إنّ هذا هو الذي تميل إليه النفس وتستريح، فليس كل من حفظ القرآن لا تمسّه النار، ولكن من حفظه وتفكر فيه وعمل بما يحمله في طياته من مناهج وتعليمات وآداب وأوامر ونواهي، فإنّ الله تعالى سيشفعه فيه ويدخله الجنة دون أنّ تمسّه النار كما جاء في النصوص النبوية والتي تقدم ذكر بعضها. (5) سورة الحشر: آية (21).

موعظة لبني آدم، وأن قلوبهم لا تتصدع ولا تخشع لما تخشع وتتصدع له الجبال، لما «1» ذكرناه من بسط الأمل. قال أبو أمامة: «احفظوا القرآن ولا (يغرنكم) «2» هذه المصاحف، فإنّ الله لا يعذب بالنار قلبا وعى القرآن» «3». اللهم إنّا نرجو ما رجاه أبو أمامة، فلا تخيّب رجاءنا برحمتك. وعن أنس بن مالك: قال «4» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «القرآن شافع مشفع، وماحل مصدّق، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، ومن محل به القرآن يوم القيامة أكبه «5» الله في النار على وجهه» «6». وعن عبد الله بن بريدة «7» عن أبيه «8» قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ القرآن يلقى

_ (1) في بقية النسخ: ولما. (2) هكذا في النسخ: لا يغرّنكم وفي ظق مطموسة. والمعنى: لا تغتروا بهذه المصاحف التي كتب فيها القرآن وتعتمدوا عليها وتتركوا حفظ القرآن في الصدور اعتمادا على أنّه محفوظ في السطور. (3) أخرجه الدارمي في سننه بسندين إلى أبي أمامة الباهلي كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن 2/ 432، وابن أبي شيبة في المصنف باب في الوصية بالقرآن 10/ 505. وذكره البغوي في شرح السنة 4/ 437. وهو في كنز العمال بلفظ (اقرءوا القرآن .. ) الحديث 1/ 512 رقم 2271، وبلفظ (لا تغرّنكم هذه المصاحف المعلقة، إنّ الله تعالى لا يعذب قلبا وعى القرآن) وعزاه إلى الحكيم الترمذي عن أبي أمامة 1/ 535 رقم 2400. وبلفظ (لا يعذب الله عبدا أوعى القرآن) وعزاه إلى الديلمي عن عقبة بن عامر، 1/ 536 رقم 2401. والأثر ضعيف كما أشار إلى ذلك السيوطي في القواعد العامة التي وضعها في مقدمة جمع الجوامع. انظر الكنز 1/ 10. (4) في د وظ: قال: قال رسول الله .. إلخ. (5) في د وظ: كبه. (6) تقدم تخريجه في أول الكلام على فضائل القرآن ص: 223. (7) عبد الله بن بريدة بن الحصيب- بمهملتين مصغرا- الأسلمي المروزي قاضيها ثقة من الثالثة مات سنة 105 هـ وقيل 115 هـ. التقريب 1/ 403 وتاريخ الثقات 250. (8) بريدة بن الحصيب، أبو سهل الأسلمي صحابي أسلم قبل بدر، مات سنة 63 هـ. التقريب 1/ 96، وتاريخ الثقات: 79، والإصابة 1/ 240، رقم 629.

صاحبه يوم القيامة كالرجل الشاحب «1»، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، إنّ كل تاجر من وراء تجارته، وإنّي اليوم من وراء كل تجارة، قال: فيعطى الملك بيمينه «2» والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه «3» حلّتين لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال لهما: بأخذ ولدكما القرآن ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، قال: فهو في صعود ما دام يقرأ هذا «4» كان أو ترتيلا» «5» «6». ولهذا الحديث قالت عائشة رضي الله عنها: «إنّ عدد درج الجنة بعدد آي القرآن «7»، فمن دخل الجنة ممن قرأ القرآن: فليس فوقه أحد» «8». وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الذي يقرأ القرآن وهو به

_ (1) الشاحب المتغير اللون لعارض من مرض أو سفر أو نحوهما. اللسان 1/ 485 (شحب). (2) قال البغوي: لم يرد به أن شيئا يوضع في يديه، وإنّما أراد به: يجعل له الملك والخلد، ومن جعل له شيء ملكا فقد جعل في يده، ويقال: «هو في يدك وكفك، أي استوليت عليه» اه. شرح السنة 4/ 455. (3) في د: والده. (4) في د: هزا. (5) يقال: هذّ يهذ هذا، أي أسرع في قراءته. المصباح المنير: 636. والترتيل هو: التمهل في القراءة. (6) رواه الدارمي في سننه بسنده إلى عبد الله بن بريدة عن أبيه، بلفظ أطول مما هنا كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة وآل عمران 2/ 450. ورواه الإمام أحمد في مسنده كذلك بلفظ أطول 5/ 348 وفي ص 352 بلفظ أخصر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن باب فضل اتباع القرآن ص: 28. ورواه ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر وابن الضريس كلهم عن بريدة. انظر: كنز العمال 1/ 552 رقم 2475 وراجع 1/ 571 من المصدر نفسه. قال البغوي: هذا حديث حسن غريب اه. شرح السنة 4/ 454. وقال الهيثمي: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح» اه. مجمع الزوائد 7/ 159. (7) عدد آي القرآن ستة آلاف ومائتا آية وكسر، وسيأتي إن شاء الله الحديث عنه. (8) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن بسنده إلى عمران بن حطاب قال: سمعت أم الدرداء تقول: سألت عائشة رضوان الله عليها عن من دخل الجنة ممن قرأ القرآن ما فضله على من لم يجمعه؟ فقالت: إنّ عدد .. وذكره، باب فضل اتباع القرآن ص 28، وأورده الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 50. ورواه ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها كما في الكنز 1/ 541 رقم 2424. وذكره القرطبي في مقدمة تفسيره بلفظ قريب، وعزاه إلى مكي بن أبي طالب عن عائشة (1/ 9).

ماهر «1» مع السفرة «2» الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يشتد عليه «3» فله أجران» «4».

_ (1) قال النووي: «الماهر الحاذق الكامل الحفظ، الذي لا يتوقف، ولا يشق عليه القراءة بجودة حفظه واتقانه» اه. شرح مسلم 6/ 84. (2) قال البغوي: السفرة هم الملائكة سمّوا سفرة لأنهم ينزلون بوحي الله وما يقع به الصلاح بين الناس، كالسفير الذي يصلح بين القوم، يقال: سفرت بين القوم أي أصلحت بينهم اه. شرح السنة 4/ 430. (3) وفي رواية لمسلم: ( .. ويتتعتع فيه وهو عليه شاق) اي يجد صعوبة ومشقة قال النووي: «وهو الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه .. » المصدر نفسه. (4) رواه البخاري بنحوه كتاب التفسير- تفسير سورة عبس- 6/ 80 رقم السورة 80 ومسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضيلة حافظ القرآن: 6/ 84، والترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل قارئ القرآن 8/ 216. وأبو داود كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن 2/ 148. والنسائي في فضائل القرآن بأسانيد متعددة ومتن متقارب ص 59. وأبو عبيد في فضائله باب فضل القرآن وتعلّمه ص 4، وباب فضل اتباع القرآن ص 30. والدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب فضل من يقرأ القرآن ويشتد عليه 2/ 444 كلهم عن عائشة رضي الله عنها.

ذكر معاني القرآن التي نزل عليها

ذكر معاني القرآن التي نزل عليها أبو عبيد بإسناده عن أبي سلمة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نزل القرآن على سبع: حلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وضرب الأمثال، وخبر ما كان قبلكم، وخبر ما هو كائن بعدكم» «1».

_ (1) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى سلمة بن أبي سلمة عن أبيه، باب فضل علم القرآن والسعي في طلبه ص 39، وأخرج ابن جرير نحوه عن ابن مسعود مرفوعا وموقوفا. انظر تفسيره 1/ 30، قال ابن كثير: «- بعد أن نقل هذا عن ابن جرير- والأشبه أنّه من كلام ابن مسعود- رضي الله عنه- والله أعلم» اه. انظر فضائل القرآن ص 19، وذكره الزركشي في البرهان دون عزو 1/ 454. وعزاه بنحوه في الكنز إلى الديلمي عن أبي هريرة وأبي سعيد، وإلى الحاكم وأبي نصر السجزي والفريابي عن ابن مسعود. انظر كنز العمال 1/ 529 رقم 2369، 2370، 2371. وأخرجه الحاكم بنحوه وبلفظ أطول وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» وأقره الذهبي. المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 553، قال ابن حجر في الفتح:- عند شرحه لحديث «أنزل القرآن على سبعة أحرف» - قال: وذهب قوم إلى أن السبعة الأحرف: سبعة أصناف من الكلام، واحتجوا بحديث ابن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم- وذكره ثم قال: أخرجه أبو عبيد وغيره. قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت، لأنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، ولم يلق ابن مسعود، وقد ردّه قوم من أهل النظر ... إلى أن قال: وقد صحّح الحديث المذكور ابن حبان والحاكم، وفي تصحيحه نظر لانقطاعه بين أبي سلمة، وابن مسعود، وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلا، وقال: «هذا مرسل جيد» اه الفتح 9/ 29.

وفي رواية «1» راشد بن سعد «2» عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «فأحلّوا حلاله وحرّموا حرامه، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، واعتبروا بأمثاله» «3».

_ (1) أي إضافة إلى رواية أبي سلمة، قال راشد بن سعد: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نزل القرآن على خمسة أحرف: حلال وحرام، ومحكم، ومتشابه، وضرب الأمثال، فأحلّوا حلاله ... » الخ. (2) راشد بن سعد المقرائي- بفتح الميم وسكون القاف وفتح الراء بعدها همزة ثم ياء النسب- الحمصي تابعي ثقة كثير الإرسال، من الثالثة مات سنة 108 هـ وقيل 113 هـ. التقريب 1/ 240، وتاريخ الثقات 151، والميزان: 2/ 35. (3) فضائل القرآن لأبي عبيد ص 39. وراجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة.

ذكر السبعة الأحرف

ذكر السبعة الأحرف «1»

_ (1) لم يتعرّض المصنف- رحمه الله- هنا لذكر معنى السبعة الأحرف التي أنزل عليها القرآن والتي جاءت بطرق صحيحة متواترة باختلاف أساليبها وألفاظها، واتحاد معانيها ومقاصدها، وهو التيسير على هذه الأمة حيث لم يكلفهم ما لا طاقة لهم به، وإنّما وسع عليهم في قراءة كتاب ربّهم على سبعة أحرف كلها شاف كاف، ويستعرض المصنف لذكر ما قيل في معنى الأحرف السبعة في آخر كلامه على الشواذ. يقول ابن قتيبة:- فيما نقله عنه ابن الجزري-: «ولو أراد كل فريق من هؤلاء أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلا وناشئا وكهلا، لاشتدّ ذلك عليه وعظمت المحنة فيه، ولم يمكنه إلّا بعد رياضة للنفس وتذليل للسان وقطع للعادة، فأراد الله برحمته ولطفه أن يجعل لهم متسعا في اللغات، ومتصرفا في الحركات كتيسيره عليهم في الدين» اه النشر 1/ 23. هذا وقد اختلف العلماء اختلافا كثيرا في المعنى المراد من الأحرف السبعة، وذهبوا فيه مذاهب شتى، حتى إنّ فارس هذا الميدان المحقق ابن الجزري يقول: «ولا زلت أستشكل هذا الحديث، وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة، حتى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صوابا- إن شاء الله- وذلك أنّي تتبعت القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها» اه. النشر في القراءات العشر: 1/ 26، ثم ذكر تلك الأوجه وهي بنحو الأوجه التي سيذكرها السخاوي أثناء كلامه على الشواذ وهي لا تخلو من الاعتراض من بعض العلماء ولا يتسع المقام لذكرها وذكر الاعتراضات عليها. وقال السيوطي: إنّ العلماء اختلفوا في معنى الحديث على نحو من أربعين قولا، ثم ذكر منها ستة عشر قولا، ولم يرجح شيئا منها فيما ظهر لي. انظر الإتقان 1/ 131، النوع السادس عشر. وكذلك الصفاقسي نجده يقول: واختلفوا في المراد بهذه الأحرف السبعة على نحو من أربعين قولا واضطربوا في ذلك اضطرابا ... إلى أن قال: فذهب معظمهم إلى أنها سبع لغات. انظر غيث النفع في القراءات السبع ص 10، «ويؤكد ذلك في ص 13 بأنه أبين الأقوال وأولاها بالصواب» اه.

أبو عبيد بإسناده عن عبد الرحمن بن عبد القاري «1» عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «سمعت هشام بن حكيم بن حزام «2» يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما أقرؤها وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقرأنيها، قال: فأخذت بثوبه، فذهبت به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت؛ إنّي سمعت هذا يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما أقرأتني قال: اقرأ، فقرأ القراءة التي سمعت منه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «هكذا أنزلت»، ثم قال لي: اقرأ، فقرأت، فقال: هكذا أنزلت، إنّ هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا منه ما تيسّر» «3».

_ (1) مدني تابعي، ثقة من التابعين، وقيل: له صحبة، مات سنة 88 هـ الكنى للإمام مسلم 2/ 727، وتاريخ الثقات 295، والإصابة 7/ 219 رقم 6219. (2) هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي صحابي ابن صحابي له ذكر في الصحيحين في حديث عمر. التقريب 2/ 318، وتاريخ الثقات 457، والإصابة 9/ 245 رقم 8964. (3) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه باب لغات القرآن وأي العرب نزل القرآن بلغته ص 301. والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب أنزل القرآن على سبعة أحرف 6/ 100، وفي كتاب الخصومات باب كلام الخصوم بعضهم في بعض 3/ 90. وفي صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب بيان أنّ القرآن على سبعة أحرف 6/ 98. وسنن أبي داود، كتاب الصلاة باب أنزل القرآن على سبعة أحرف 2/ 158، وسنن الترمذي أبواب القراءات باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف 8/ 265، ومسند أحمد 1/ 40، وفضائل القرآن للنسائي باب على كم نزل القرآن ص 23.

ذكر تأليف القرآن

ذكر تأليف القرآن «1» أبو عبيد عن عثمان رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا نزلت عليه سورة

_ (1) قال ابن كثير: المراد من التأليف هاهنا: ترتيب سوره اه. فضائل القرآن له ص 24. وهنا ينشأ سؤال فيما يتعلق بترتيب آيات القرآن وسوره ووضعها في مواضعها هل ذلك أمر توقيفي من النبي صلّى الله عليه وسلّم أو من فعل الصحابة أو بعضها توقيفي وبعضها باجتهاد الصحابة؟. يجيب الزركشي على هذه التساؤلات فيقول: «أما ما يتعلق بترتيب الآيات في كل سورة، ووضع البسملة أوائلها: فترتيبها توقيفي بلا شك، ولا خلاف فيه، ولهذا لا يجوز تعكيسها». قال مكّي وغيره: «ترتيب الآيات في السور هو من النبي صلّى الله عليه وسلّم ولمّا لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة». وقال القاضي أبو بكر: ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم، فقد كان جبريل يقول: «ضعوا آية كذا في موضع كذا» ... إلى أن قال الزركشي وأما ترتيب السور على ما هو عليه الآن: فمذهب جمهور العلماء منهم مالك، والقاضي أبو بكر بن الطيب- فيما اعتمده واستقر عليه رأيه من أحد قوليه-: «إلى أن ذلك من فعل الصحابة، وأنّه صلّى الله عليه وسلّم فوّض ذلك إلى أمته بعده». وذهبت طائفة إلى أن ذلك توقيفي من النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم قال «والخلاف يرجع إلى اللفظ، لأن القائل بالثاني- أي أنّه من فعل الصحابة- يقول: إنّه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواضع كلماته». (1) ولهذا قال الإمام مالك: إنّما ألّفوا (أي جمعوا) القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلّى الله عليه وسلّم مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه: هل ذلك بتوقيف قولي أم بمجرد استناد فعلي، وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر؟ .... ثم قال: والقول الثالث مال إليه القاضي أبو محمد بن عطية: «إنّ كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صلّى الله عليه وسلّم كالسبع الطول والحواميم والمفصل، وأشاروا إلى أن ما سوى ذلك يمكن أن يكون

قال: ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا» «1». (ويروى) «2» أيضا عن ابن عباس قال: قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى (الانفال) وهي من المثاني وإلى (براءة) وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ووضعتموها في السبع الطّول»؟ فقال عثمان:- رحمه الله- إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان فيما «3» يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا نزلت عليه سورة يدعو بعض من يكتب فيقول: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا»، وكانت (براءة) من آخر القرآن نزولا، وكانت (الأنفال) من أول ما نزل بالمدينة، وكانت قصتها (شبيه) «4» بقصتها وظننتها منها، وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يبيّن لنا أمرها، قال: «فلذلك قرنت بينهما ولم أجعل بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ووضعتها في السبع الطول» «5» ومعنى قوله: «وكانت قصتها شبيهة بقصتها»: لأنّ فيهما جميعا ذكر القتال. وروى أبو عبيد عن السدي «6» عن عبد،

_ فوّض الأمر فيه إلى الأمة بعده» اه كلام الزركشي 1/ 256 - 257. وراجع كلام العلماء في هذه المسألة في تفسير ابن عطية 1/ 66، والقرطبي 1/ 59 - 62، والإتقان 1/ 172 - 179، ومناهل العرفان 1/ 346. يقول الزرقاني: «وقد ذهب إلى هذا الرأي فطاحل العلماء، ولعلّه أمثل الآراء ... » اه مناهل العرفان 1/ 356. «وعلى كل حال فإنّه يجب احترام هذا الترتيب- كما يقول الزرقاني- سواء أكان ترتيب السور توقيفيا أم اجتهاديا، خصوصا في كتابه المصاحف لأنّه عن إجماع الصحابة، والإجماع حجة، ولأن خلافه يجر إلى الفتنة، ودرء الفتنة وسد ذرائع الفساد واجب» اه. المصدر نفسه. (1) هذا جزء من حديث سيأتي بعد هذا مباشرة، وهذا الجزء منه أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى عثمان رضي الله عنه. باب تأليف القرآن وجمعه .. ص 213. (2) في بقية النسخ: وروى. (3) في د وظ: مما. (4) هكذا في الأصل: شبيه. وهو خطأ واضح. وفي بقية النسخ: شبيهة وهو الصواب. (5) سبق أن ذكر المصنف جزءا من هذا الحديث عند كلامه عن أقسام القرآن بحسب سوره، وسبق تخريجه هناك ص 185. وأزيد هنا مما حضرني من مظانه: فضائل القرآن للنسائي باب السور التي يذكر فيها كذا ص 36 ومسند الإمام أحمد 1/ 57. (6) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي- بضم المهملة وتشديد الدال- وهو السدي الكبير ابو محمد الكوفي صدوق يهم، رمي بالتشيع من الرابعة، مات سنة 127 هـ. التقريب 1/ 71، وراجع الجرح والتعديل 2/ 184، والميزان 1/ 236.

خير «1» قال: «أول من جمع القرآن بين اللوحين أبو بكر «2» رضي الله عنه» «3». وعن علي عليه السلام: «رحم الله أبا بكر كان أول من جمع القرآن» «4». وحدّثني أبو المظفر عبد الخالق الجوهري- رحمه الله- أنبأ القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف «5» أنبأ أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد «6» بن عمر بن الحسن بن المسلمة «7» أنبأ أبو عمرو عثمان بن محمد بن القاسم البزار المعروف بالآدمي «8»، حدّثنا

_ (1) عبد خير بن يزيد الهمداني أبو عمارة الكوفي، مخضرم، ثقة من الثانية لم يصح له صحبة. التقريب 1/ 470، وتاريخ الثقات 286، والإصابة 7/ 252 رقم 6360. (2) عبد الله بن عثمان بن عامر أبو بكر بن قحافة الصديق الأكبر الخليفة الأول لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأول من آمن به من الرجال، مات في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وله ثلاث وستون سنة. رضي الله عنه التقريب 1/ 432، وصفة الصفوة 1/ 235، والإصابة 6/ 155 رقم 4808، والأعلام 4/ 102. (3) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى عبد خير موقوفا عليه، باب تأليف القرآن وجمعه ص 213. ورواه ابن أبي داود في المصاحف عن المطلب عن السدي عن عبد خير، باب جمع القرآن ص 12، وله شواهد ستأتي بعد هذا مباشرة، تدل على أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم انتقل إلى الرفيق الأعلى ولم يكن القرآن مجموعا في مكان واحد وإنّما كان مفرقا فجمعه زيد بن ثابت بأمر الخليفة أبي بكر رضي الله عنهما. قال ابن كثير: «وهذا من أحسن وأجلّ وأعظم ما فعله الصّديق رضي الله عنه فإنّه أقامه الله تعالى بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم مقاما لا ينبغي لأحد من بعده ... » اه. فضائل القرآن ص 8. (4) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف بعدة أسانيد وألفاظ متقاربة إلى علي رضي الله عنه باب جمع القرآن ص 11. ورواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى علي رضي الله عنه، باب تأليف القرآن وجمعه ص 217. وابن أبي شيبة في مصنفه كتاب فضائل القرآن باب أول من جمع القرآن 10/ 544. قال ابن كثير- «بعد أن ساق الروايات عن علي- وهذا إسناد صحيح» اه فضائل القرآن ص 8. (5) الأرموي- نسبة إلى أرمية وهي من بلاد أذربيجان- كما في فتح الباري: 9/ 17، الفقيه الشافعي ولد ببغداد وسمع أبا جعفر بن المسلمة وغيره وكان ثقة صالحا (459 - 547 هـ) شذرات الذهب 4/ 145. وسير أعلام النبلاء 20/ 183. (6) (ابن محمد): ساقط من ظ. (7) السلمي البغدادي كان ثقة نبيلا عالي الإسناد كثير السماع متين الديانة (375 - 465 هـ) شذرات الذهب 3/ 323، وسير أعلام النبلاء 18/ 213. (8) حدث عن ابن أبي داود وغيره وكان ثقة، له ترجمة في تاريخ بغداد 11/ 310.

أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني «1» ثنا عمر بن شبة «2» ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا سفيان «3» عن السدي عن عبد خير عن علي رضي الله عنه قال: «أعظم الناس أجرا في المصاحف: أبو بكر، فإنّه أوّل من جمع بين اللوحين» «4». قال عبد الله «5»؛ وثنا هارون بن إسحاق «6» ثنا عبدة «7» عن هشام «8» عن أبيه «9»: «أنّ أبا بكر هو الذي جمع القرآن بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: ختمه» «10».

_ (1) عبد الله بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني أبو بكر بن أبي داود من كبار حفاظ الحديث له تصانيف، كان إمام أهل العراق (230 - 316 هـ) تاريخ بغداد 9/ 464، والميزان: 2/ 433 والشذرات 2/ 273، ووفيات الأعيان 1/ 81، وغاية النهاية 1/ 420 والأعلام 4/ 91. (2) عمر بن شبة- بفتح المعجمة وتشديد الموحدة- بن عبيدة بن زيد النميري- بالنون مصغرا- البصري نزيل بغداد، صدوق، له تصانيف من كبار الحادية عشرة (173 - 262 هـ) التقريب 2/ 57، وهدية العارفين 1/ 780. (3) هو الثوري. (4) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف بسنده إلى عبد خير عن علي رضي الله عنه. باب جمع القرآن ص 11. ورواه كذلك بأسانيد أخرى إلى علي أيضا. انظر المصدر نفسه ص: 11 - 12، ونقله السيوطي عنه وحسنه. انظر الإتقان: 1/ 165. وراجع كنز العمال 2/ 572 رقم 4753. وقد سبق القول عن ابن كثير بأن هذا إسناد صحيح. فضائل القرآن ص 8. (5) أي ابن أبي داود السجستاني. (6) هارون بن إسحاق بن محمد بن مالك الهمداني- بالسكون- أبو القاسم الكوفي، صدوق من صغار العاشرة، مات سنة 258 هـ. التقريب 2/ 311، والجرح والتعديل 9/ 87، والكنى للإمام مسلم 2/ 690. (7) عبدة بن سليمان الكلابي أبو محمد الكوفي، يقال اسمه عبد الرحمن ثقة ثبت من صغار الثامنة، مات سنة 187 هـ وقيل بعدها. التقريب 1/ 530، والكنى للإمام مسلم 2/ 727، وتاريخ الثقات 315، والجرح والتعديل 6/ 89. (8) هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي ثقة فقيه، ربما دلّس من الخامسة، مات سنة 145 هـ أو نحوها. التقريب 2/ 319، وتاريخ الثقات 459، والجرح والتعديل 9/ 63. (9) عروة بن الزبير بن العوام الأسدي أبو عبد الله المدني ثقة فقيه مشهور من الثانية مات سنة 94 هـ على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عمر الفاروق رضي الله عنه. التقريب 2/ 19، وانظر الكنى للإمام مسلم 1/ 474، وتاريخ الثقات: 331. (10) أخرجه ابن أبي داود- كما قال المصنف- بسنده إلى أبي بكر رضي الله عنه باب جمع القرآن ص 12.

وقال عبد الله: ثنا أبو الطاهر «1» أنبأ ابن وهب «2» أخبرني ابن أبي الزناد «3» «4» عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما استحر «5» القتل بالقراء يومئذ فرق «6» أبو بكر على القرآن أن يضيع «7»، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد «8» بن ثابت: «اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله، فاكتباه» «9». ومعنى هذا الحديث:- والله أعلم- من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله الذي كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإلّا فقد كان زيد جامعا للقرآن «10».

_ ونقله عنه ابن كثير، وقال: «صحيح الإسناد». ص 8، فضائل القرآن ومعنى ختمه: أي حفظه بين اللوحين، فلا يزاد فيه ولا ينقص، فكأنه وضع الختم عليه بعد الانتهاء من جمعه. والله أعلم. (1) أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح- بمهملات- أبو الطاهر المصري ثقة من العاشرة، مات سنة 255 هـ. التقريب 1/ 23، والكنى للإمام مسلم 2/ 461. (2) عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه ثقة حافظ عابد من التاسعة مات سنة 197 هـ. التقريب 1/ 460، وصفة الصفوة 4/ 313، والكنى: 2/ 736، والجرح والتعديل 5/ 189. (3) في د: الزياد. (4) عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان المدني مولى قريش صدوق تغيّر حفظه لمّا قدم بغداد، وكان فقيها من السابعة. مات سنة 174 هـ. التقريب 1/ 479. (5) استحر. بين مهملة ساكنة ومثناة مفتوحة ثم راء ثقيلة- أي كثر واشتد. جامع الأصول 2/ 503 وتحفة الأحوذي: 8/ 512. (6) فرق من باب طرب: أي خاف. مختار الصحاح 500 (فرق). وفرق عليه: أي فزع وأشفق. اللسان 10/ 304. (7) في د: أن يضع. (8) زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري أبو سعيد وأبو خارجة صحابي مشهور، كتب الوحي وكان من الراسخين في العلم، مات في سنة 48 هـ أو نحوها رضي الله تعالى عنه. التقريب 1/ 272، والإصابة 4/ 41، رقم 2874، والكنى لمسلم 1/ 353. (9) أخرجه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف بسنده إلى عروة بن الزبير باب جمع القرآن ص 12. ونقله عنه السيوطي في الإتقان، وقال: «رجاله ثقات مع انقطاعه» 1/ 167. قلت: لأن عروة بن الزبير الراوي للحديث ولد في أوائل خلافة ابن الخطاب رضي الله عنه كما سبق عند ترجمته، والقصة كما ترى وقعت في عهد أبي بكر. (10) «وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا مع كون

ويجوز أن يكون معناه: «من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله، أي من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، ولم يزد على شيء مما يقرأ أصلا، ولم يعلم بوجه آخر» «1». وقال عبد الله: ثنا (عمر) «2» بن علي بن بحر ثنا أبو داود «3» ثنا إبراهيم بن سعيد «4» ثنا الزهري أخبرني عبيد بن السباق «5» أنّ زيد بن ثابت حدّثه قال: «أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة «6» وكان عنده عمر، فقال: إنّ هذا أتاني فقال: إن القتل قد استحرّ

_ زيد كان يحفظه، وكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط» اه من فتح الباري 9/ 14، والإتقان 1/ 167 وتحفة الأحوذي 8/ 514. (1) نقل هذا المعنى عن السخاوي تلميذه أبو شامة في كتابه «المرشد الوجيز» ص 55، والسيوطي بنحوه. انظر الإتقان 1/ 167، وراجع تاريخ المصحف ص 49. قال ابن حجر وكأن المراد بالشاهدين الحفظ والكتابة أو المراد أنهما يشهدان على أنّ ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن، وكان غرضهم أنّ لا يكتب إلّا من عين ما كتب بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم لا من مجرد الحفظ» اه فتح الباري 9/ 14 - 15. وهو نحو كلام السخاوي، وراجع تحفة الأحوذي 8/ 515. قال السيوطي: «أو المراد أنّهما يشهدان على أنّ ذلك مما عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم عام وفاته» اه الإتقان 1/ 167. ومعنى كلام ابن حجر أنّ المراد بالشاهدين: الحفظ والكتابة: أي أنّ من كان يحفظ شيئا في صدره فليأت به، ومن كان عنده شيء مكتوب فليأت به أيضا وليبرزه، وكذلك من توفر لديه الحفظ والكتابة فليأت بهما زيادة في التوثيق والحرص الدقيق. والله أعلم. (2) هكذا في الأصل (عمر) وفي بقية النسخ (عمرو) وهو الصواب. (3) سليمان بن داود بن الجارود أبو داود الطيالسي البصري ثقة حافظ، غلط في أحاديث من التاسعة، مات سنة 204 هـ. التقريب 1/ 323، والجرح والتعديل 4/ 111، وتاريخ الثقات 201 والميزان 2/ 203. (4) هكذا في النسخ، وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود: إبراهيم بن سعد، وكذا في صحيح البخاري 6/ 98، وسنن الترمذي 8/ 511، وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق مدني ثقة حجة، نزيل بغداد، تكلّم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة 185 هـ. التقريب 1/ 35، وراجع الجرح والتعديل 2/ 101، وتاريخ الثقات 52، والميزان 1/ 33. (5) عبيد بن السباق- بمهملة وموحدة شديدة- المدني الثقفي أبو سعيد ثقة من الثالثة. التقريب 1/ 543، وتاريخ الثقات: 321. (6) مقتل أهل اليمامة: هو مفعل من القتل، وهو ظرف زمان هاهنا، يعني: «أوان قتلهم، واليمامة: أراد الواقعة التي كانت باليمامة، في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهم أهل الردة» اه من جامع الأصول لابن الأثير 2/ 503 وراجع فتح الباري 9/ 12.

بالقراء، وإنّي أخشى ان يستحرّ القتل «1» بالقراء في سائر المواطن، فيذهب القرآن، وقد رأيت أن تجمعوه، فقلت لعمر: كيف تفعل «2» شيئا لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟. فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدره، ورأيت فيه الذي رآه. فقال أبو بكر: إنّك شاب أو رجل عاقل، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا نتهمك «3» فاكتبه. قال «4»: فو الله «5» لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل عليّ منه، فقلت لهما: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال أبو بكر وعمر: وهو والله خير، فلم يزل أبو بكر وعمر يراجعاني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح الله «6» له صدرهما، ورأيت فيه الذي رأيا، فتتبّعت القرآن أنسخه من الصحف «7» والعسب «8» واللخاف «9» وصدور الرجال حتى فقدت آية كنت أسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ بها لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ .. «10» فالتمستها

_ (1) كلمة (القتل) ساقطة من ظق. (2) في د وظ: كيف نفعل. (3) ذكر له أربع صفات مقتضية خصوصيته بذلك: أ) كونه شابا فيكون أنشط لما يطلب منه. ب) وكونه عاقلا فيكون أوعى له. ج) وكونه لا يتهم فتركن النفس إليه. د) وكونه كان يكتب الوحي فهو أكثر ممارسة له. وهذه الصفات التي اجتمعت له قد توجد في غيره لكن مفرقة، اه. تحفة الأحوذي 8/ 513، وراجع مناهل العرفان 1/ 250. (4) في د وظ: فقال. (5) في د وظ: والله. (6) لفظ الجلالة ليس في بقية النسخ. (7) يقول ابن حجر: «الفرق بين الصحف والمصحف: أنّ الصحف: الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر، وكانت سورا مفرقة كل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها أثر بعض. فلمّا نسخت ورتبت بعضها أثر بعض صارت مصحفا» اه. فتح الباري 9/ 18. (8) جمع عسيب وهو سعف النخل. جامع الأصول 2/ 503. (9) جمع لخفة وهي حجارة بيض رقاق. المصدر نفسه. (10) التوبة (128).

فوجدتها «1» عند خزيمة «2» بن ثابت «3». فأثبتها في سورتها» «4». واللخاف: الحجارة الرقاق. قال عبد الله: حدّثنا عبد الله بن محمد بن النعمان «5». قال: ثنا محمد «6»

_ (1) أي أنه لم يجدها مكتوبة مع غيره، لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة راجع الإتقان 1/ 167 ومناهل العرفان 1/ 252. (2) في صحيح البخاري: « ... حتى وجدت آخر سورة (التوبة) مع أبي خزيمة الأنصاري ... ». يقول ابن حجر عند شرحه لهذه العبارة: «وقع في رواية عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن سعد (مع خزيمة بن ثابت) أخرجه أحمد، والترمذي. ووقع في رواية شعيب عن الزهري (مع خزيمة الأنصاري) وقد أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» من طريق أبي اليمان عن شعيب فقال فيه: «خزيمة بن ثابت الأنصاري». وكذا أخرجه ابن أبي داود من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب، وقول من قال: عن إبراهيم بن سعد «مع أبي خزيمة» أصح. فالذي وجد معه آخر سورة التوبة غير الذي وجد معه الآية التي في الأحزاب مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ... الآية 23، فالأول اختلف الرواة فيه على الزهري، فمن قائل «مع خزيمة» ومن قائل «مع أبي خزيمة» ومن شاك فيه يقول: «خزيمة أو أبي خزيمة». والأرجح أن الذي وجد معه آخر سورة التوبة «أبو خزيمة» بالكنية، والذي وجد معه الآية من الأحزاب «خزيمة». وأبو خزيمة قيل: «هو ابن أوس بن يزيد بن أصرم، مشهور بكنيته دون اسمه، وقيل: هو الحارث، وأما خزيمة فهو ابن ثابت ذو الشهادتين» فتح الباري 9/ 15. (3) خزيمة بن ثابت بن الفاكهة بن ثعلبة الأنصاري أبو عمارة المدني ذو الشهادتين صحابي جليل شهد بدرا، وقتل مع عليّ في صفّين سنة 37 هـ رضي الله تعالى عنه. التقريب 1/ 223 والإصابة 3/ 93 رقم 1525. (4) أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع القرآن ص 12 - 13، والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن 6/ 98، وسنن الترمذي أبواب التفسير باب ومن سورة التوبة، قال الترمذي: حديث حسن صحيح اه 8/ 511، وفي فضائل القرآن لأبي عبيد ص 214 باب تأليف القرآن وجمعه .. (5) أبو محمد القاضي الأصبهاني المقرئ، قرأ على أبي الحسن الادمي عن المطرز، قرأ عليه عبد السيد بن عتاب. غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 454، وذكره الذهبي في العبر عرضا 2/ 277، 356. (6) هناك من يسمّى محمد بن عبد الله بن الزبير ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 6/ 180، والذهبي في الميزان 3/ 319، وقالا: إنه روى عن أبي جعفر الرازي، وقد تقدمت ترجمة محمد المذكور. هذا وفي تهذيب الكمال للمزي هناك اثنان كل منهما يسمّى محمدا كلاهما روى عن أبي جعفر

ثنا «1» أبو جعفر «2» عن ربيع «3» عن أبي العالية: «أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملي عليهم أبيّ بن كعب فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ «4» فظنوا أنّها آخر ما أنزل من القرآن فقال أبيّ إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقرأني بعدهن آيتين لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «5». فهذا «6» آخر ما نزل «7» من القرآن «8»، فختم الأمر بما فتح به «9»، بقول «10» الله جلّ ثناؤه وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ

_ الرازي: الأول محمد بن سليمان بن أبي داود المتوفى سنة 213 هـ. والثاني محمد بن سليمان بن الأصبهاني المتوفى سنة 181 هـ. وهما صدوقان كما قال ابن حجر في التقريب 2/ 166. (1) في بقية النسخ: قال: ثنا أبو جعفر. (2) أبو جعفر الرازي التميمي مولاهم مشهور بكنيته، واسمه عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان صدوق سيئ الحفظ خصوصا عن مغيرة من كبار السابعة، مات سنة 161 هـ. الاستغناء 1/ 503 والتقريب 2/ 406 وتهذيب التهذيب 12/ 56 والجرح والتعديل 6/ 280، والكاشف 3/ 322. (3) هكذا في النسخ (ربيع) وهو الربيع بن أنس تقدمت ترجمته. (4) التوبة (127). (5) التوبة (128 - 129). (6) في كتاب المصاحف: قال: فهذا. (7) في ظ: فهذا آخر ما أنزل .. الخ. (8) هذا أحد الأقوال التي قيلت في آخر ما نزل، وقد تقدم الحديث عن هذا في أوائل هذا الكتاب ص 116، وأن الراجح أن آخر ما نزل على الإطلاق قوله تعالى وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ... وأما القول بأن آخر ما نزل من القرآن خاتمة (براءة) فيمكن نقضه- كما يقول الزرقاني- بأنها آخر ما نزل من سورة (براءة) لا آخر مطلق ويؤيده ما قيل من أن هاتين الآيتين مكّيتان بخلاف سائر السورة، ولعلّ قوله سبحانه فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ .. يشير إلى ذلك من حيث عدم الأمر فيه بالجهاد عند تولي الأعداء وإعراضهم اه. مناهل العرفان 1/ 99. (9) لعلّ المعنى أن الأمر بدئ بالدعوة إلى التوحيد وهي وظيفة الرسل- عليهم السلام- من أولهم إلى خاتمهم نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم فما من نبي إلّا دعا قومه إلى عبادة الله تعالى وتوحيده فختم الأمر بما فتح به. والله أعلم. (10) في ظق وظ: يقول. وفي د: غير واضحة.

رسول إلّا يوحى «1» إليه أنّه لا إله إلّا أنا فاعبدون «2» «3». وأقول: إنّ أبيّا- رحمه الله- إنما كان يتتبع ما كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم في اللخاف والأكتاف «4» والعسب ونحو ذلك، لا «5» لأنّ القرآن العزيز كان معدوما «6». وأمّا قوله: (وصدور الرجال) «7» فإنّه كتب الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن «8» فكان «9» يتتبعها من صدور الرجال ليحيط بها علما ودليل ذلك أنّه كان عالما بالآيتين اللتين في آخر (براءة) ثم لم يقنع بذلك حتى طلبهما وسأل عنهما غيره، فوجدهما عند خزيمة «10»، وإنّما طلبهما من غيره مع علمه بهما ليقف على وجوه القراءة، والله أعلم «11». قال عبد الله: ثنا أبو الطاهر أنبا «12» ابن وهب أخبرني «13» مالك عن ابن شهاب عن

_ (1) هكذا بالياء في النسخ وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وشعبة وقرأ الباقون بالنون. انظر التبصرة لمكّي ص 447، والإرشادات الجليلة ص 304. (2) الأنبياء (25). (3) أخرجه ابن أبي داود بسنده إلى أبي العالية باب جمع القرآن ص 15. وراجع فتح الباري 19/ 16. وأخرجه كذلك ابن أبي داود بسنده إلى أبي العالية عن أبيّ بن كعب انظر كتاب المصاحف باب خبر قوله عزّ وجلّ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ ... الآية ص 38. (4) الأكتاف: جمع كتف وهو العظم الذي للبعير أو الشاة كانوا إذا جف كتبوا عليه. فتح الباري 9/ 14، والإتقان 1/ 168. (5) سقطت (لا) من د. وهو سقط يحيل المعنى. (6) أي غير محفوظ في الصدور. (7) قال ابن حجر: «وصدور الرجال» أي حيث لا يوجد ذلك مكتوبا، أو الواو بمعنى «مع» أي: «أكتبه من المكتوب الموافق للمحفوظ في الصدور» اه فتح الباري 9/ 15. (8) تقدم قريبا نحوه عن السخاوي ونقله السيوطي عن السخاوي في الإتقان: 1/ 167، وذكرت هناك كلام ابن حجر المؤيد لهذا، فانظره في فتح الباري 9/ 14، وكان الخط آن ذاك مجردا من النقط والشكل فكانت الكتابة تشمل جميع الأوجه السبعة التي نزل بها القرآن، مع الاعتماد في كل وجه من هذه الوجوه السبعة على المحفوظ في الصدور. (9) في د: فكانه. (10) تقدم قريبا الكلام فيه هل هو خزيمة أو أبو خزيمة فانظره ص 305. (11) انظر المرشد الوجيز لأبي شامة- تلميذ السخاوي- حيث نقل هذا التعليق ص 56. (12) في بقية النسخ: قال: أنبأ ابن وهب. (13) في بقية النسخ: قال: أخبرني مالك.

سالم «1» وخارجة «2» «أنّ أبا بكر الصديق كان «3» جمع القرآن في قراطيس «4»، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك فأبى حتى استعان عليه بعمر ففعل «5» فكانت تلك الكتب عند أبي بكر حتى توفي، ثم عند عمر حتى توفي، ثم عند حفصة «6» زوج النبي صلّى الله عليه وسلم، فأرسل إلى عثمان فأبى أن يدفعها إليه حتى عاهدها ليردنها إليها فبعثت بها إليه فنسخها عثمان «7» هذه المصاحف ثم ردها إليها، فلم تزل عندها، حتى أرسل مروان «8» فأخذها فحرقها اه. وفي الرواية عن أنس بن مالك: فلما كان مروان أمير المدينة «9» أرسل إلى حفصة يسألها عن الصحف ليحرقها، وخشى أن يخالف بعض الكتاب بعضا فمنعته إياها «10». قال ابن شهاب: فحدّثني سالم بن عبد الله، قال: فلما توفيت حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر بعزيمة ليرسلن «11» بها، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها عبد الله

_ (1) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي أبو عمر أو أبو عبد الله المدني الفقيه، كان ثبتا عابدا فاضلا من كبار الثالثة مات في آخر سنة 106 هـ على الصحيح. التقريب 1/ 280 وتاريخ الثقات: 174. (2) خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري أبو زيد المدني، ثقة فقيه، من الثالثة مات سنة 100 هـ وقيل قبلها. التقريب 1/ 210، وتاريخ الثقات: 140. (3) في بقية النسخ: كان قد جمع. (4) هذه الرواية تفيد أنّ أبا بكر هو الذي جمع القرآن، فلا يفهم منها تعارض مع الروايات الثابتة في الصحيح وغيره أن زيد بن ثابت هو الذي جمع القرآن في الصحف فقد جمعه زيد بأمر أبي بكر، والآمر بالشيء ينسب إليه فعله، ومثل هذا كثير وقد ذكر هذه الرواية ابن حجر والسيوطي، ولم يذكرا فيها مطعنا، كما سيأتي والله أعلم. (5) ذكر هذه الرواية ابن حجر والسيوطي إلى قوله: «ففعل»، وعزواها إلى موطأ ابن وهب عن مالك عن ابن شهاب .. الخ. فتح الباري 9/ 16، والإتقان 1/ 169. (6) حفصة بنت عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما- أم المؤمنين، تزوجها النبي صلّى الله عليه وسلم بعد خنيس بن حذافة، سنة ثلاث وماتت سنة 45 هـ. التقريب 2/ 594، والإصابة 12/ 197 رقم 293. (7) (في) ساقطة من النسخ ومن كتاب المصاحف لابن أبي داود، وقد أضافها الناشر لكتاب المصاحف. (8) مروان بن الحكم بن أبي العاص، أحد الخلفاء الأمويين، ولد بمكة وتوفي بالشام سنة 65 هـ. الأعلام: 7/ 207. (9) كان مروان أمير المدينة من قبل معاوية رضي الله عنه من سنة 42 إلى 49 هـ انظر الأعلام للزركلي 8/ 207، والبداية والنهاية لابن كثير 8/ 25. (10) أخرجه ابن أبي داود بلفظ: قال ابن شهاب: ثم أخبرني أنس بن مالك الأنصاري أنه اجتمع لغزوة أذربيجان ... إلى أن قال: فلمّا كان مروان أمير المدينة .. الحديث باب جمع عثمان رحمة الله عليه المصاحف ص 28، وأخرجه أبو عبيد في فضائله باب تأليف القرآن وجمعه ص 217. (11) في بقية النسخ: لترسلن.

ابن عمر إلى مروان فغسلها، وحرقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك اختلاف لما نسخ عثمان «1» رحمة الله عليه «2» اه. قال عبد الله: ثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعود «3» «4» ثنا يحيى «5» - يعني ابن يعلى ابن الحارث- ثنا أبي «6» ثنا غيلان «7» عن أبي إسحاق «8» عن مصعب بن سعيد «9».

_ (1) وكان هدف مروان بن الحكم: ما ذكره ابن أبي داود بإسناده إلى سالم بن عبد الله ... وفيها فقال مروان: إنّما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالصحف فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب اه كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة الله عليه المصاحف ص 32. (2) كتاب المصاحف لابن أبي داود ص 28. قال أبو عبيد عقب ذكره لهذه الرواية: لم يسمع شيء من الحديث أن مروان هو الذي مزّق الصحف إلّا في هذا الحديث اه. فضائل القرآن باب تأليف القرآن ص 218 لكن الحافظ ابن حجر تعقب قول أبي عبيد هذا بأنه ورد من طرق اخرى، ومنها رواية ابن أبي داود هذه- وهي التي ذكرها السخاوي-، انظر فتح الباري 9/ 20. (3) إسماعيل بن عبد الله بن مسعود العبدي الأصبهاني أبو بشر حافظ متقن من أهل أصبهان، رحل في طلب الحديث رحلة واسعة، توفي سنة 267 هـ. تذكرة الحفاظ 2/ 566، وطبقات الحفاظ: 243، والرسالة المستطرفة 71 والأعلام 1/ 318. (4) في بقية النسخ: قال: ثنا يحيى- يعني ابن يعلى بن الحارث- قال: ثنا أبي، قال: ثنا غيلان .. الخ. (5) يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي، الكوفي ثقة من صغار التاسعة مات سنة 216 هـ. التقريب 2/ 360، والميزان: 4/ 415، والجرح والتعديل 9/ 196. (6) يعلى بن الحارث بن حرب المحاربي، الكوفي، ثقة، من الثامنة مات سنة 168 هـ. التقريب 2/ 377، وانظر الجرح والتعديل 9/ 304. (7) غيلان بن جامع بن أشعث المحاربي أبو عبد الله قاضي الكوفة ثقة من السادسة، مات سنة 132 هـ. التقريب 2/ 106، وتهذيب الكمال 2/ 1091 والجرح والتعديل 7/ 53. (8) عمرو بن عبد الله الهمداني أبو إسحاق السبيعي- بفتح المهملة وكسر الموحدة- مكثر ثقة عابد من الثالثة، اختلط بآخره، مات سنة 129 هـ وقيل قبل ذلك. التقريب 2/ 73، وانظر التهذيب 8/ 63، وتذكرة الحفاظ 1/ 114. (9) هكذا في النسخ: مصعب بن سعيد، وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود وفتح الباري: مصعب بن سعد بن أبي وقاص. وهو مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري أبو زرارة المدني ثقة، من الثالثة، أرسل عن عكرمة بن أبي جهل مات سنة 103 هـ. التقريب 2/ 251، وتاريخ الثقات 429، وتهذيب الكمال 3/ 3132.

قال: (سمع عثمان قراءة أبيّ وعبد الله ومعاذ «1»، فخطب الناس، ثم قال: إنّما قبض نبيكم منذ خمس عشرة سنة «2»، وقد اختلفتم في القرآن، عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمّا «3» أتاني به، فجعل الرجل يأتيه باللوح والكتف والعسيب «4» فيه الكتاب، فمن أتاه بشيء قال: أنت سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟. ثم قال: «أيّ الناس أفصح؟ قالوا: سعيد بن العاص «5»، قال: فأيّ الناس أكتب؟ قالوا: زيد بن ثابت، قال: فليكتب زيد، وليمل سعيد، قال: فكتب مصاحف فقسمها في الأمصار فما رأيت أحدا عاب ذلك عليه») «6». ومن الأسباب الباعثة لعثمان- رضي الله عنه- على ما فعل في المصاحف: ما رآه حذيفة «7» من الاختلاف.

_ (1) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة، شهد بدرا وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن مات بالشام سنة 18 هـ. التقريب 2/ 255، والإصابة 9/ 219 رقم 8032. (2) قال ابن حجر: وكانت خلافة عثمان بعد قتل عمر، وكان قتل عمر في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم بثلاث عشرة سنة إلّا ثلاثة أشهر، فإن كان قوله: «خمس عشرة سنة» أي كاملة فيكون ذلك بعد مضي سنتين وثلاثة أشهر من خلافته، لكن وقع في رواية أخرى له (منذ ثلاث عشرة سنة) فيجمع بينهما بإلغاء الكسر في هذه وجبره في الأولى، فيكون ذلك بعد مضي سنة واحدة من خلافته فيكون ذلك في أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة خمس وعشرين، وهو الوقت الذي ذكر أهل التاريخ أن أرمينية فتحت فيه .. اه فتح الباري 9/ 17. (3) لما: هذه هي الاستثنائية، وتكون بمعنى «إلّا» نحو قوله تعالى إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ الطارق (4). معجم النحو ص 313. (4) في بقية النسخ والعسب. (5) سعيد بن العاص بن أمية الأموي، قتل أبوه ببدر، وكان لسعيد عند موت النبي صلّى الله عليه وسلم تسع سنين، وذكر في الصحابة وولى إمرة الكوفة لعثمان وإمرة المدينة لمعاوية مات سنة 58 هـ، وقيل غير ذلك. التقريب 1/ 299، وراجع الإصابة 4/ 192 رقم 3261. (6) أخرجه ابن أبي داود بسنده إلى مصعب بن سعد بن أبي وقاص كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة الله عليه المصاحف ص 31. ونقله عنه ابن حجر في الفتح 9/ 17 وهذه إحدى الروايات الباعثة لعثمان على جمع المصحف، وهناك روايات أخرى وردت بألفاظ مختلفة ذكر المصنف بعضا منها. (7) حذيفة بن اليمان تقدم.

قال عبد الله: ثنا محمد بن عوف «1» ثنا «2» أبو اليمان «3» أنا شعيب «4» عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك الأنصاري (أنّ حذيفة قدم على عثمان بن عفان في ولايته وكان يغزو مع أهل العراق قبل أرمينية «5»، ثم اجتمع أهل العراق وأهل الشام يتنازعون في القرآن، حتى سمع حذيفة من اختلافهم فيه ما ذعره، فركب حذيفة حتى قدم على عثمان، فقال: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في الكتب، ففزع لذلك عثمان، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إليّ بالصحف التي جمع فيها القرآن فأرسلت بها إليه حفصة، فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله ابن الزبير وعبد الرحمن «6» بن هشام «7» أن ينسخوها في المصاحف) «8». قال عبد الله: ثنا محمد بن بشار ثنا عبد الأعلى «9» ثنا هشام «10» عن محمد «11» قال:

_ (1) محمد بن عوف بن سفيان الطائي أبو جعفر الحمصي ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 272 هـ أو نحوها. التقريب 2/ 197، والجرح والتعديل 8/ 52، وتذكرة الحفاظ 2/ 581. (2) في بقية النسخ: قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب ... الخ. (3) أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي مشهور بكنيته ثقة ثبت من العاشرة مات سنة 222 هـ. التقريب 1/ 193، وتذكرة الحفاظ: 1/ 412. (4) شعيب بن أبي حمزة الأموي واسم أبيه دينار، أبو بشر الحمصي ثقة عابد من أثبت الناس في الزهري، من السابعة، مات سنة 162 هـ أو نحوها. التقريب 1/ 352. (5) إرمينية: بكسر الهمزة على الراجح وقد تفتح وبسكون الراء وكسر الميم بعدها تحتانية ساكنة ثم نون مكسورة ثم تحتانية مفتوحة خفيفة وقد تثقل والنسبة إليها أرمني- بفتح الهمزة- وهي مدينة عظيمة من بلاد الروم يضرب بحسنها وطيب هوائها وشجرها المثل. راجع القاموس المحيط 4/ 231، وفتح الباري 9/ 17. وقد تقدم أن غزوها كان في أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل خمس وعشرين. (6) ذكر في هذه الرواية أربعة أشخاص من الذين قاموا بنسخ المصاحف، وسيأتي قريبا ذكر غيرهم. (7) عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أبو محمد المدني له رؤية وكان من كبار التابعين، مات سنة 43 هـ، التقريب 1/ 476، وانظر الإصابة 7/ 211، رقم 6195. (8) أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة الله عليه المصاحف ص 26، والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن 9/ 11، بشرح ابن حجر، وفي سنن الترمذي أبواب التفسير باب ومن سورة التوبة 8/ 516. (9) عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري السامي- بالمهملة- أبو محمد ثقة من الثامنة، مات سنة 189 هـ. التقريب 1/ 465، والميزان 2/ 531، والجرح والتعديل 6/ 28 وفيه: الشامي بالمعجمة. (10) هشام بن حسان الأزدي أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في محمد بن سيرين من السابعة مات سنة 147 هـ أو نحوها. التقريب 2/ 318، والميزان 4/ 295، والجرح والتعديل: 9/ 54. (11) هو ابن سيرين تقدم.

«كان الرجل يقرأ حتى يقول الرجل لصاحبه: كفرت بما تقول، فرفع ذلك إلى عثمان بن عفان فتعاظم ذلك في نفسه فجمع اثني «1» عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت «2» فأرسل إلى الرّبعة «3» التي كانت في بيت عمر فيها القرآن ... » «4» اه. وقال عبد الرحمن بن مهدي: خصلتان لعثمان «5» ليستا لأبي بكر ولا لعمر، صبره نفسه حتى قتل مظلوما، وجمعه الناس على المصحف «6».

_ (1) في د، ظ: اثنا عشر. خطأ نحوي. (2) وقد سمّى ابن حجر بعض هؤلاء الاثني عشر منهم عبد الله بن عباس ومالك بن أبي عامر- جد مالك بن أنس- وكثير بن أفلح وأنس بن مالك وأبيّ بن كعب وهؤلاء يضافون إلى الأربعة الذين ذكروا في الحديث السابق. يقول ابن حجر: فهؤلاء تسعه عرفنا تسميتهم من الاثني عشر .. اه فتح الباري 9/ 19. (3) الربعة- بفتح الراء المشددة وتسكين الباء-: صندوق أجزاء المصحف. المعجم الوسيط 1/ 324 (ربع). (4) أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف. وذكر له عدة شواهد بأسانيده تدل على أن عثمان بن عفان رضي الله عنه جمع لكتابة المصحف اثني عشر رجلا فيهم أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت ص 33. (5) في بقية النسخ: لعثمان بن عفان. (6) أخرج كلام عبد الرحمن بن مهدي هذا ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصحف ص 19.

ذكر تلاوة القرآن وفضلها وصورتها

ذكر تلاوة القرآن وفضلها وصورتها التلاوة: الاتّباع، من قولهم: تلا الشيء الشيء اذا تبعه «1»، كأنّ قارئ القرآن يتّبع في قراءته ما أنزل «2» الله عزّ وجلّ، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلم يتبع ذلك اذا قرأه عليه جبريل- عليه السلام-. وقيل: كأنّ الذي يتلو كتاب الله: هو الذي يقرؤه ويعمل بما فيه فيكون تابعا له والقرآن يكون «3» سابقا له وقائدا، وهو معنى قوله عزّ وجلّ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ «4» أي يقرءونه ويعملون بما فيه. وعن ابن عباس (يتلونه حق تلاوته) «5» يتبعونه حق اتباعه. قال عكرمة: ألا ترى أنك تقول: فلان يتلو فلانا، أي يتبعه وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها «6». وقال غيره «7»: يكونون أتباعا للقرآن، والقرآن لهم بمنزلة إمام يقتدون به «8».

_ (1) انظر اللسان 14/ 104 (تلا). (2) في د وظ: ما أنزله الله عزّ وجلّ. (3) (يكون) ساقط من د. (4) البقرة (121). (5) من قوله: أي يقرءونه ... إلى هنا ساقط من د وظ: بانتقال النظر. (6) الشمس (1 - 2). (7) في د: وقال: يكونون تباعا. وفي ظ: قال يكونون تباعا. (8) انظر فضائل القرآن لأبي عبيد ص 68 وتفسير القرطبي 2/ 95، وأبي حيان 1/ 369، وما ذكره ابن عباس وغيره في معنى الآية متقارب، لأن الذي تلا القرآن وقرأه واتّبع ما فيه وأحلّ حلاله وحرّم

حدّثني «1» أبو المظفر الجوهري- رحمه الله- بالإسناد المتقدم إلى النسائي أخبرنا قتيبة بن سعيد حدّثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا حسد «2» إلّا في اثنتين، رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه «3» آناء الليل «4» وآناء النهار، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار» «5». وحدّثني الغزنوي- رحمه الله- بإسناده عن أبي عيسى الترمذي ثنا محمود بن غيلان «6» ثنا أبو أسامة «7» ثنا «8» الأعمش عن أبي صالح «9» عن أبي هريرة قال: قال رسول

_ حرامه وعمل بمحكمه وآمن بمتشابهه فإنه يكون تابعا للقرآن، ويكون القرآن سابقا وإماما له. قال القرطبي: وروى نصر بن عيسى بن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم في قوله تعالى يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ قال: (يتبعونه حق اتباعه). وفي إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكر الخطيب أبو بكر بن أحمد، إلّا أن معناه صحيح. اه من المصدر السابق. (1) في ظق: وحدّثني. (2) قال النووي: قال العلماء: الحسد قسمان، حقيقي ومجازي، فالحقيقي تمنّي زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة. وأما المجازي: فهو الغبطة، وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة. والمراد بالحديث: لا غبطة محبوبة إلّا في هاتين الخصلتين وفي معناهما شرح مسلم للنووي 6/ 97. وذكر صاحب المصباح المنير أن الحسد حقيقة في كلا المعنيين اللذين ذكرهما النووي. (حسد) 1/ 135. (3) في ظ: منفقه. (4) آناء الليل: أي ساعاته. اللسان 14/ 49 «أنى». (5) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب اغتباط صاحب القرآن ص 70، والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب اغتباط صاحب القرآن 6/ 108. وكتاب التوحيد 8/ 209، وفي صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل من يقوم بالقرآن ... الخ 6/ 97. وفي مسند الإمام أحمد 2/ 8 - 9. (6) محمود بن غيلان العدوي مولاهم أبو أحمد المروزي نزيل بغداد، ثقة من العاشرة مات سنة 239 هـ وقيل بعدها. التقريب 2/ 233، والكنى للإمام مسلم 1/ 79، والجرح والتعديل: 8/ 291. (7) حماد بن أسامة القرشي أبو أسامة مولاهم الكوفي مشهور بكنيته، ثقة ثبت ربما دلس وكان بآخره يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة مات سنة 201 هـ. التقريب 1/ 195. (8) في بقية النسخ: قال ثنا الأعمش. (9) أبو صالح السمان واسمه ذكوان مدني كوفي تابعي ثقة من الثالثة مات سنة 101 هـ، وكان يجلب الزيت الى الكوفة. التقريب 1/ 238، والكنى للإمام مسلم 1/ 434، وتاريخ الثقات 150.

الله صلّى الله عليه وسلم: «من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة، وما قعد قوم في مسجد يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلّا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه» «1». الترمذي «2»: حدّثنا نصر بن علي الجهضمي «3» ثنا الهيثم بن الربيع «4» قال: حدّثني صالح المرى «5» عن قتادة عن زرارة بن أوفى «6» عن ابن عباس قال: (قال رجل: يا رسول «7» الله، أي العمل أحب إلى الله عزّ وجلّ؟ قال صلّى الله عليه وسلم: الحال المرتحل) «8». وروى أبو عبيد

_ (1) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب القراءات باب رقم 3، الجزء 8/ 267. ورواه مختصرا في كتاب العلم باب فضل طلب العلم 7/ 405، وفي كتاب الحدود باب ما جاء في الستر على المسلم 4/ 690، وفي كتاب البر والصلة باب ما جاء في الستر على المسلمين 6/ 57، والحديث بطوله في صحيح مسلم كتاب البر باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر 17/ 21. (2) أي وروى الترمذي قال: حدّثنا نصر ... الخ. (3) نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي- بفتح الجيم وسكون الهاء وفتح المعجمة- ثبت طلب للقضاء فامتنع، من العاشرة مات سنة 250 هـ أو بعدها. التقريب 2/ 300، وراجع تحفة الأحوذي 2/ 123. (4) الهيثم بن الربيع العقيلي- بضم المهملة وفتح القاف- أبو المثنى البصري، ضعيف من السابعة. التقريب 2/ 327، والميزان 4/ 322. (5) صالح بن بشير بن وادع المرى- بضم الميم وتشديد الراء- أبو بشر البصري القاضي الزاهد، ضعيف، من السابعة، مات سنة 172 هـ وقيل بعدها. التقريب 1/ 358، والميزان 2/ 289. (6) زرارة- بضم أوله- بن أوفى العامري، أبو حاطب البصري قاضيها ثقة، عابد من الثالثة، مات فجأة في الصلاة سنة 93 هـ. التقريب 1/ 259، وصفة الصفوة 3/ 230، ومشاهير علماء الأمصار ص 95. (7) في بقية النسخ رسمت الكلمة (يرسول الله) وتكرّر هذا كثيرا. (8) أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب القراءات باب 4 ج 8/ 274 وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلّا من هذا الوجه اه ثم ذكر الترمذي أن الحديث روي بمعناه دون ذكر ابن عباس، يقول: وهذا عندي أصح اه. والحديث رواه الدارمي في سننه بسنده إلى زرارة بن أوفى أن النبي صلّى الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل؟ قال: الحال المرتحل، قيل: وما الحال المرتحل؟ قال: صاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره ومن آخره إلى أوله كلما حل ارتحل اه كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 469.

بإسناده عن سهل بن سعد الأنصاري «1» قال: (خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ونحن نقترئ، يقرئ «2» بعضنا بعضا فقال: الحمد لله، كتاب الله عزّ وجلّ واحد فيه الأحمر والأسود، اقرءوا القرآن، اقرءوا «3» قبل أن يجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح «4» لا يجاوز تراقيهم «5»، يتعجلون أجره ولا يتأجلونه) «6». وبإسناده عن عقبة بن عامر قال: (خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما ونحن في المسجد نتدارس القرآن، فقال: تعلّموا كتاب الله عزّ وجلّ واقتنوه- وحسبت أنه قال-: وتغنوا به «7»، فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل) «8» «9».

_ وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في تحفة الأحوذي 8/ 275 والحديث ضعيف لأن في سنده ضعيفين- وهما الهيثم بن الربيع وصالح المرى، كما عرفت. ومعنى الحال المرتحل: هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله، شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه، ثم يفتتح سيره أي يبتدئه ... انظر: اللسان 11/ 171، (حلّل) وتحفة الأحوذي 8/ 274. (1) سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي أبو العباس، له ولأبيه صحبه، مشهور مات سنة 88 هـ وقيل بعدها. التقريب 1/ 336، والإصابة 4/ 275 رقم 3526. (2) في ظ: نقرئ. (3) في د وظ: اقرءوا القرآن، اقرءوا القرآن قبل ... الخ. (4) القدح- بكسر القاف وسكون الدال- جمعه قداح، وهو السهم قبل أن ينصل ويراش. وقال أبو حنيفة: القدح: العود إذا بلغ فشذب عنه الغصن، وقطع على مقدار النبل الذي يراد من الطول والقصر اللسان 2/ 556 (قدح). (5) التراقي: جمع ترقوة- بفتح التاء- وهي عظم وصل بين ثغرة النحر والعاتق من الجانبين، فمعناه أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها فكأنها لم تجاوز حلوقهم، وقيل المعنى: لا يعملون بالقرآن ولا يثابون على قراءته ولا يحصل لهم غير القراءة اللسان 10/ 32 (ترق). (6) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى سهل بن سعد الأنصاري باب فضل الحض على القرآن والإيصاء به ص 17، والحديث في سنن أبي داود كتاب الصلاة باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة 1/ 520 والمصنّف لابن أبي شيبة 10/ 535. وفي مسند أحمد بنحوه 3/ 146، 397، 5/ 338، وانظر فضائل القرآن لابن كثير: 54، 55، والتبيان ص 29. (7) في مسند أحمد: قال قباث- أحد رجال السند- ولا أعلمه قال إلّا «وتغنوا به». (8) قال النووي: الأنعام التي تعقل هي الإبل خاصة، والعقل- بضم العين والقاف- ويجوز إسكان القاف وهو كنظائره، وهو جمع عقال ككتاب وكتب اه. شرح صحيح مسلم 6/ 77. (9) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب فضل الحض على القرآن والإيصاء به ص 18. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح 8/ 169.

قال أبو عبيد: ومعنى (تغنوا «1» به) «2»: اجعلوه غناكم من الفقر ولا تعدّوا الاقلال معه فقرا. ومعنى (اقتنوه): اجعلوه مالكم كما تقتنوا الأموال «3». وعن أبي سعيد الخدري- رحمه الله- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يقول الرب عزّ وجلّ: (من شغله القرآن وذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)» «4». فإن قيل: التلاوة أفضل أم الذكر؟. قلت: «إذا تلوت خاطبك الله عزّ وجلّ «5»، وإذا ذكرته فأنت تخاطبه، ولا مزيد على هذا» «6». وقيل لعبد الله بن مسعود- رحمه الله-: (إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا،

_ والحديث في مسند الإمام أحمد 4/ 146، 153. وفي سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب في تعاهد القرآن 2/ 439، وفي فضائل القرآن للنسائي باب الأمر بتعلم القرآن والعمل به ص 55، وأصل الأمر بتعاهد القرآن وعدم نسيانه في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الامر بتعاهد القرآن 6/ 75 - 78. (1) في د وظ: ومعنى (وتغنوا به). (2) وعند حديث «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» فسرّه أبو عبيد بقوله: قوله «من لم يتغن» من التغاني، والاستغناء: التعفف عن مسألة الناس واستئكالهم بالقرآن، وأن يكون في نفسه بحمله القرآن غنيا وإن كان من المال معدما اه فضائل القرآن باب القارئ يستأكل بالقرآن ... الخ ص 142. وهو كلام حسن في نفسه إلّا أن الحديث لا يدل على هذا المعنى، وسيأتي كلام الحافظ ابن كثير الذي يدل عليه الحديث. (3) نقل هذا ابن كثير عن أبي عبيد، ثم ساق بعض الآثار الدالة على الأمر بالتغني بالقرآن وتحسين الصوت به، ثم قال: فقد فهم من هذا أن السلف رضي الله عنهم إنّما فهموا من التغني بالقرآن إنّما هو تحسين الصوت به، كما قال الأئمة رحمهم الله اه فضائل القرآن لابن كثير 34، 35، وانظر التبيان للنووي فصل في استحباب تحسين الصوت بالقراءة ص 58، 59، والإتقان 1/ 302، والتذكار: 102. وأقول: يشترط في التغني بالقرآن أن يكون مع مراعاة أحكام التجويد فإن خرجت التلاوة عن هذا الإطار فإنها لا تجوز. (4) تقدم تخريج هذا الحديث في أول الكلام عن فضائل القرآن من هذا الكتاب ص 220. (5) ومعنى خاطبك الله: أن القرآن- وهو كلامه تعالى مشتمل على أوامر ونواهي وأحكام وآداب وغير ذلك .. إذا فالتالي للقرآن الكريم كأنه يردد أوامر الله تعالى ونواهيه. والله أعلم. (6) أي لست في حاجة إلى مزيد على هذا، وهو أنك حصلت على مطلوبك في تلاوتك لكتاب ربّك وهو لا شك أفضل الأذكار، وقد تقدم ذكر كثير من الآثار في هذا، أنه ما تقرّب العباد إلى ربّهم بأفضل من كلامه. يقول القرطبي: وإنّما كان القرآن أفضل الذكر- والله أعلم- لأنه مشتمل على جميع الذكر

فقال: ذلك منكوس القلب) «1». قال أبو عبيد: يتأول (منكوسا) كثير من الناس: أن يبتدئ من آخر السورة فيقرأها الى أولها، وهذا شيء ما أحسب أحدا يطيقه ولا كان «2» هذا في زمن عبد الله، ولا عرفه «3»، ولكن وجهه عندي: أن يبدأ من آخر القرآن من المعوذتين، ثم يرتفع إلى البقرة كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتّاب، لأنّ السنّة خلاف هذا، يعلم ذلك بالحديث الذي يحدثه عثمان- رحمه الله- عن النبي صلّى الله عليه وسلم (أنه كان اذا نزلت عليه السورة او الآية، قال: ضعوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا) «4». ألا ترى ان التأليف الآن في الحديث من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم كتب المصاحف على هذا، ومما يبيّن لك ذلك «5» أنه ضم (براءة) إلى (الانفال) فجعلها بعدها، وهي أطول، وإنما ذلك للتأليف «6»، فكان أول القرآن فاتحة الكتاب ثم البقرة «7»، فإذا بدأ من المعوذتين صارت فاتحة الكتاب آخر القرآن، فكيف تسمى فاتحته «8» وقد جعلت خاتمته؟!. قال: وقد روي عن الحسن وابن سيرين من الكراهة فيما هو دون هذا قال: حدثنا

_ من تهليل وتذكير وتحميد وتسبيح وتمجيد، وعلى الخوف والرجاء والدعاء والسؤال والأمر بالتفكر في آياته والاعتبار بمصنوعاته إلى غير ذلك مما شرح فيه من واجبات الأحكام وفرق فيه بين الحلال والحرام، ونص فيه من غيب الأخبار، وكرّر فيه من ضرب الأمثال والقصص والمواعظ .. الخ. فمن وقف على ذلك وتدبره فقد حصل أفضل العبادات، وأسنى الأعمال والقربات، ولم يبق عليه ما يطالب به بعد ذلك من شيء اه. التذكار في أفضل الاذكار الباب السابع ص 38. (1) ساق ابن أبي داود بسنده إلى الأعمش عن أبي وائل قال: أتي عبد الله بمصحف قد حلّى بذهب، فقال: إن أحسن ما زيّن به تلاوته في الحق، وجاء رجل إلى عبد الله، فقال: الرجل يقرأ القرآن منكوسا، قال: ذاك منكوس القلب اه كتاب المصاحف باب تحلية المصاحف بالذهب ص 169. وأخرجه أبو عبيد مختصرا باب ما يستحب لحامل القرآن من إكرام القرآن وتعظيمه وتنزيهه ص 57، وانظر المصنف لابن أبي شيبة 10/ 564، ومجمع الزوائد 7/ 168، ونقله النووي عن ابن أبي داود وصححه. انظر التبيان ص 52. (2) في غريب الحديث لأبي عبيد: لا كان، بدون واو. (3) في غريب الحديث لأبي عبيد: ولا أعرفه. (4) تقدم تخريجه ص 299. (5) في غريب الحديث: أيضا. (6) في غريب الحديث: التأليف. (7) وهكذا إلى آخر القرآن. (8) في الأصل: أضاف الناسخ كلمة «الكتاب» بعد كلمة (فاتحته) ولا محل لها حيث يوجد الضمير.

ابن أبي عدي «1» عن أشعث «2» عن الحسن وابن سيرين أنهما كانا يقرءان القرآن من أوله الى آخره، ويكرهان الأوراد «3». وقال ابن سيرين: تأليف الله خير من تأليفكم. قال أبو عبيد: وتأويل الأوراد: أنهم كانوا أحدثوا أن جعلوا القرآن أجزاء، كل جزء منها فيه سورة مختلفة من القرآن على غير التأليف، جعلوا السورة الطويلة مع أخرى دونها في الطول، ثم يزيدون كذلك حتى يتم الجزء ولا يكون فيه سورة منقطعة. فهذه الأوراد التي كرهها الحسن ومحمد، والنكس أكثر «4» من هذا وأشد، وإنّما جاءت الرخصة في تعلّم الصبي والعجمي من المفصل لصعوبة السور الطوال عليهما، فهذا عذر «5»، فأما من قد قرأ القرآن وحفظه، ثم يعمد «6» أن يقرأه من آخره إلى أوله، فهذا النكس المنهى عنه، فإذا كرهنا هذا، فنحن للنكس من آخر السورة إلى أولها أشد كراهة «7» - إن كان ذلك يكون «8» - اه. قال أبو عبيد: وحدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال: قيل لعبد الله: إنّك لتقل الصوم، قال: إنّه يضعفني عن قراءة القرآن، وقراءة القرآن أحب إليّ منه «9».

_ (1) محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وقد ينسب لجده، وقيل: هو إبراهيم أبو عمرو البصري ثقة من التاسعة مات سنة 194 هـ على الصحيح. التقريب 2/ 141، وذكره العجلي في تاريخ الثقات: 410، وانظر الجرح والتعديل 7/ 186. (2) أشعث بن عبد الملك الحمراني- بضم المهملة- البصري أبو هانئ ثقة فقيه من السادسة مات سنة 142 هـ أو نحوها. التقريب 1/ 80، وانظر الكنى للإمام مسلم 2/ 891، والجرح والتعديل 2/ 275، والميزان 1/ 266. (3) سينقل المصنّف معنى الأوراد قريبا عن أبي عبيد. (4) في د وظ: أكبر. وهي أليق. (5) يقول النووي: وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فممنوع منعا متأكدا فإنه يذهب بعض ضروب الإعجاز ويزيل حكمة الترتيب .. وأما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن ليس هذا من هذا الباب .. إلخ اه التبيان ص 52. (6) في ظق: ثم تعمد. (7) قال القرطبي: ومن حرمة القرآن أن لا يتلى منكوسا كفعل معلمي الصبيان يلتمس أحدهم أن يرى الحذق من نفسه والمهارة فإن تلك مخالفة اه مقدمة تفسيره 1/ 29. (8) نقل هذا السخاوي عن أبي عبيد من كتاب غريب الحديث 2/ 220. (9) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بالسند المذكور، فضائل القرآن باب فضل قراءة القرآن والاستماع إليه ص 12.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الذي يقرأ القرآن- وهو به ماهر- مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن- وهو يشتد عليه- فله أجران» «1». قال أبو عبيد: وثنا هشام بن اسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي، أن رجلا صحبهم في سفر، فحدّثنا حديثا- ما أعلمه إلّا رفعه- أن «2» رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا قرأ فحرّف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل» «3». قال أبو عبيد: وحدّثني نعيم بن حماد «4» عن بقية بن الوليد عن حصين بن مالك الفزاري «5» قال: سمعت شيخا يكنى أبا محمد، يحدث عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن بلحون «6» العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجّعون «7» بالقرآن ترجيع الغناء «8»

_ (1) تقدم تخريجه ص 293. (2) في د وظ: إلّا رفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. (3) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى الأوزاعي عن رجل مجهول باب فضل قراءة القرآن نظرا وقراءة الذي لا يقيم القرآن ص 45، والأثر كما هو واضح في سنده رجل مجهول، ومتنه يدل على عدم صحته، والله أعلم. وقد ذكره الهندي في كنز العمال عن مسند الفردوس للديلمي، قال السيوطي: وكل ما عزي إلى الديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف انظر: كنز العمال 1/ 10، 513. (4) نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي أبو عبد الله المروزي نزيل مصر، صدوق يخطئ كثيرا، فقيه عارف بالفرائض، من العاشرة، مات سنة 228 هـ على الصحيح، وقد تتبّع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال: باقي حديثه مستقيم اه. التقريب 2/ 305، وراجع الميزان 4/ 267، والرسالة المستطرفة ص 37. (5) حصين بن مالك الفزاري، ذكره الذهبي في الميزان 1/ 553، وابن حجر في لسان الميزان 1/ 319، وسيأتي ذكرهما للحديث وقولهما أنه منكر. (6) اللحون: جمع لحن، وهو التطريب وترجيع الصوت وتحسينه بالقراءة والشعر والغناء. مقدمة تفسير القرطبي 1/ 17. قال القرطبي: قال علماؤنا: ويشبه أن يكون هذا الذي يفعله قراء زماننا بين يدي الوعاظ وفي المجالس من اللحون الأعجمية التي يقرءون بها ما نهى عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم اه المصدر نفسه وراجع التذكار ص 105. (7) الترجيع في القراءة المنهي عنه: ترديد الحروف كقراءة النصارى، والترتيل في القراءة: هو التأني فيها والتمهل وتبيين الحروف والحركات .. اه التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي ص 106. (8) الأغنية والغناء: جمعه «أغاني» تقول منه: تغنى وغنى بمعنى، وهو الصوت بترنم. انظر مختار الصحاح 483 (غنى) والمصباح المنير 2/ 455، والمعجم الوسيط 2/ 664.

البكاء والدعاء عند قراءة القرآن

والرهبانية «1» «2» والنّوح «3»، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم» «4». البكاء والدعاء عند قراءة القرآن وعن عبد الملك بن عمير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّي قارئ عليكم سورة، فمن بكى فله الجنة»، فقرأها، فلم يبك أحد، ثم أعاد الثانية، ثم الثالثة، (فقالوا) «5» «ابكوا، فإن لم تبكوا «6» فتباكوا» «7». وروى مطرف بن عبد الله بن الشّخّير «8» عن أبيه «9» قال: (انتهيت إلى رسول

_ (1) في د وظ: والرهبابنة. (2) هو ترديد الحروف وتكرارها بطريقة خاصة بهم، لم أجد من نص على ذلك من المعاجم. (3) النّوح: مصدر ناح نوحا، النساء يجتمعن للحزن والنياحة على الميت، اللسان 2/ 627. (4) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بالسند المذكور باب ما يستحب للقارئ من تحسين القرآن وتزيينه بصوته ص 99، وعزاه القرطبي إلى الإمام الحافظ رزين وأبي عبد الله الترمذي الحكيم في نوادر الأصول. انظر مقدمة تفسير القرطبي 1/ 17، والتذكار ص 105، ونقله ابن كثير عن أبي عبيد الهروي ولم يتكلّم عنه سندا أو متنا. انظر فضائل القرآن لابن كثير ص 36. والحديث كما هو واضح فيه رجل مجهول وهو أبو محمد، وفي سنده أيضا بقية بن الوليد وقد سبقت ترجمته وهو كثير التدليس عن الضعفاء كما يقول ابن حجر في التقريب 1/ 105. والحديث أورده الإمام الذهبي مختصرا عند ترجمته لحصين بن مالك الفزاري وقال: ان هذا الخبر منكر اه. الميزان 1/ 553، وكذلك ابن حجر في لسان الميزان 1/ 319. (5) هكذا في الأصل. وفي بقية النسخ. فقال. وهو الصواب. (6) أي إن لم يحصل لكم البكاء فتكلفوا البكاء بإظهار الحزن والتباكي. راجع اللسان 14/ 82 (بكا). (7) رواه ابن ماجة في أبواب الزهد باب الحزن والبكاء مختصرا بسنده عن سعد بن أبي وقاص 2/ 425. وفي سنده إسماعيل بن رافع، يكنى أبا رافع. قال ابن حجر: ضعيف الحفظ اه التقريب 1/ 69، وراجع الميزان 1/ 227. ورواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عبد الملك بن عمير يرفعه، باب ما يستحب لقارئ القرآن من البكاء ... الخ ص 72. وذكر القرطبي والنووي شطره الأخير دون عزو. انظر التذكار ص 126 والتبيان ص 46. (8) بكسر الشين المعجمة وتشديد الخاء المعجمة المكسورة بعدها تحتانية ثم راء- العامري أبو عبد الله البصري ثقة عابد فاضل من الثانية مات سنة 95 هـ. التقريب 2/ 253، وصفة الصفوة: 3/ 222. (9) صحابي من مسلمة الفتح. التقريب 1/ 422، وله ترجمة في الإصابة 6/ 117 رقم 4734.

الله صلّى الله عليه وسلم وهو يصلّي ولجوفه أزيز «1» كأزيز المرجل «2» من البكاء) «3». قال أبو عبيد: قوله: (أزيز) يعني غليان جوفه من البكاء، وأصل الأزيز الالتهاب والحركة، وقوله عزّ وجلّ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا «4»: من هذا، أي تدفعهم وتسوقهم، وهو من التحريك «5». قال «6» حمران بن أعين «7»: (سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا يقرأ: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيماً وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً «8» فصعق رسول الله صلّى الله عليه وسلم) «9». وعن حذيفة: (صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات ليلة، فكان إذا مرّ بآية رحمة سأل، وإذا مرّ بآية عذاب تعوذ، وإذا مرّ بآية فيها تنزيه لله تعالى سبح) «10».

_ (1) صحفت العبارة في ظ إلى (أزير كازيز الرحل). (2) سينقل المصنف عن أبي عبيد معنى الأزيز. وأما المرجل- بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم- فهو القدر من الحجارة والنحاس يطبخ به. انظر اللسان 11/ 274 (رجل). (3) رواه أبو داود كتاب الصلاة باب البكاء في الصلاة 1/ 557. والنسائي في سننه كتاب السهو باب البكاء في الصلاة 3/ 13. والإمام أحمد في المسند 4/ 25، 26. وأبو عبيد في فضائله باب ما يستحب لقارئ القرآن من البكاء .. الخ ص 72. (4) مريم (83) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا. (5) ذكر هذا أبو عبيد في غريب الحديث 1/ 135 (أزز). (6) في بقية النسخ: وقال. (7) حمران- بضم أوله- بن أعين الكوفي، مولى بني شيبان ضعيف رمي بالرفض من الخامسة. التقريب 1/ 198، وانظر الميزان 1/ 604. (8) المزمل (12 - 13). (9) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى حمران بن أعين ص 73، وأخرجه ابن جرير في تفسيره 29/ 135. وزاد السيوطي نسبته إلى أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن أبي داود في الشريعة وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان كلهم من طريق حمران بن أعين عن أبي حرب الأسود أن النبي صلّى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ ... وذكره. الدر المنثور 8/ 319، وأبو حرب الذي روى عنه حمران بن أعين هو بصري ثقة، من الثالثة، مات سنة 108 هـ. التقريب 2/ 410. (10) رواه أبو داود بنحوه بسنده عن حذيفة كتاب الصلاة باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده 1/ 543. وأحمد في مسنده مختصرا 5/ 382، 384.

وعن أبي ذر قال: (قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد، فقال القوم «1»: أي آية هي؟ فقال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «2» «3». وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- (أنه قرأ في الصلاة أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى «4» فقال: سبحانه وبلى) «5». وقال أبو هريرة: (من قرأ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ فبلغ أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى فليقل: بلى وإذا قرأ وَالْمُرْسَلاتِ فانتهى إلى آخرها فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ «6» فليقل: آمنت بالله وما أنزل، ومن قرأ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فانتهى الى آخرها أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ «7» فليقل: بلى) «8».

_ والترمذي كذلك بنحوه بسنده عن حذيفة أبواب الصلاة باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود 2/ 121. والنسائي في كتاب الافتتاح باب تعوذ القارئ إذا مرّ بآية عذاب 2/ 176، وأبو عبيد بلفظه عن حذيفة رضي الله عنه ص 77. (1) في فضائل القرآن لأبي عبيد: فقال القوم لأبي ذر .... الخ. (2) المائدة (118). (3) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي ذر رضي الله عنه، باب ما يستحب لقارئ القرآن من تكرير الآية وتردادها ص 79. والنسائي في كتاب الافتتاح باب ترديد الآية 2/ 177. وعزاه السيوطي إلى الإمام أحمد وابن أبي شيبة وابن مردويه والبيهقي في سننه كلهم عن أبي ذر. الدر المنثور 3/ 240. قال ابن كثير: وهذه الآية لها شأن عظيم ونبأ عجيب، وقد ورد في الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلم قام بها ليلة حتى الصباح يرددها ... ثم ساق الآثار في ذلك. انظر تفسيره 2/ 121. (4) القيامة (40). (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عباس باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية والشهادة لها ص 84. والطبري في تفسيره بإسناده إلى قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا قرأها .. وذكره 29/ 102، وراجع الدر المنثور 8/ 363، وأخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التفسير بسنده عن أبي هريرة يرفعه، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي 2/ 510. وليس فيه ذكر الصلاة. (6) المرسلات (50). (7) التين (8). (8) رواه أبو داود كتاب الصلاة مقدار الركوع والسجود 1/ 550، والذي يظهر أن وضعه في الباب الذي

وعن ابن عمر («أنه قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال: (سبحان ربّي الأعلى) «1»»). وعن ابن عباس- رحمه الله- أنه قال مثل ذلك «2». وعن صلة بن أشيم «3» قال: (إذا أتيت على هذه الآية وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ «4» فقف عندها وسل الله الجليل «5»).

_ قبله- أي من سنن أبي داود- أليق وهو باب الدعاء في الصلاة. وأخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي هريرة باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب ... الخ ص 84. ورواه الترمذي مختصرا في أبواب التفسير باب ومن سورة التِّينِ. وقال: هذا حديث إنّما يروى بهذا الإسناد عن هذا الاعرابي عن أبي هريرة ولا يسمى اه 9/ 276. ورواه الحاكم بسنده إلى أبي هريرة يرفعه، دون ذكر المرسلات، وصححه وكذلك الذهبي. المستدرك 2/ 510. يقول ابن العربي: وهذه أخبار ضعيفة اه. أحكام القرآن 4/ 953، وكذلك ذكر صاحب تحفة الأحوذي والشوكاني في تفسيره 5/ 343، «والحديث يدل على أن من يقرأ هذه الآيات يستحب له أن يقول تلك الكلمات سواء كان في الصلاة أو خارجها، وأما قولها للمقتدى خلف الإمام فلم أقف على حديث يدل على ذلك» انتهى من تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 9/ 277. وأقول: نظرا لضعف الحديث عند بعض العلماء- كما عرفت- فلا يعمل به في الصلاة في حق الإمام والمنفرد كذلك وعلى فرض صحته فليس فيه ما يدل على أنه كان يقول ذلك في الصلاة. وبناء عليه فإني أرى عدم استحباب قول تلك الكلمات في الصلاة اعتمادا على حديث لم يبلغ درجة الصحة. والله أعلم. (1) ذكره أبو عبيد بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنهما ص 86، والطبري في تفسيره 30/ 151 بإسناده إلى ابن عمر وعلي رضي الله عنهم. والحاكم في المستدرك كتاب التفسير وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه 2/ 521. (2) وقال مثله أيضا علي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير وعمر بن الخطاب والضحاك وقتادة. راجع الدر المنثور 8/ 482. (3) صلة بن أشيم- بوزن أحمد- أبو الصهباء العبدي بصري تابعي ثقة، من كبار التابعين، رجل صالح. تاريخ الثقات 229، وانظر الإصابة 5/ 172 رقم 4127. (4) الرحمن (27). (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى صلة بن أشيم باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية ... الخ ص 87. وذكر السيوطي نحوه قال: أخرج ابن المنذر والبيهقي عن حميد بن هلال قال: قال رجل: يرحم

ذكر ترتيل القراءة وتزيين الصوت بها

ذكر ترتيل القراءة وتزيين الصوت بها وقرأ علقمة «1» على عبد الله فكأنه عجل، فقال عبد الله: (فداك أبي وأمي، رتل، فإنّه زين القرآن) «2» وكان علقمة حسن الصوت بالقرآن. (ونعتت أم سلمة «3» قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا) «4». وعن معاوية بن قرة «5» قال: سمعت عبد الله بن مغفل «6» يقول: (رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح على (ناقة) «7» - أو جمله- يسير وهو يقرأ سورة الفتح- أو قال من سورة الفتح.

_ الله رجلا أتى على هذه الآية وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ فسأل الله تعالى بذلك الوجه الكافي الكريم، ولفظ البيهقي: بذلك الوجه الباقي الجميل اه. الدر المنثور 7/ 699. (1) علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي- خال إبراهيم النخعي- الكوفي الثقة الثبت العابد، من الثانية، صاحب ابن مسعود، توفي سنة 62 هـ وقيل غير ذلك. معرفة القراء الكبار 1/ 51، وصفة الصفوة 3/ 27، والتقريب 2/ 31. (2) ذكره أبو عبيد بسنده إلى إبراهيم- هو النخعي خال علقمة كما سبق- باب ما يستحب لقارئ القرآن من الترتيل .. الخ ص 89. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب فضائل القرآن 10/ 524، وذكره الذهبي عند ترجمته لعلقمة. انظر معرفة القراء الكبار 1/ 52، وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة وابن نصر والبيهقي كلهم عن إبراهيم قال: قرأ علقمة .. وذكره مختصرا. الدر المنثور 8/ 314. (3) هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن المغيرة بن مخزوم المخزومية، أم سلمة، أم المؤمنين تزوجها النبي صلّى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة سنة أربع وقيل ثلاث وعاشت بعد ذلك 60 سنة، ماتت سنة 62 هـ أو نحو ذلك. التقريب 2/ 617، وراجع الإصابة 13/ 221 رقم 1304 هـ والإعلام 8/ 97. (4) رواه الترمذي مطولا في أبواب فضائل القرآن باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي صلّى الله عليه وسلم 8/ 240، وأبو داود في كتاب الصلاة 2/ 154، والنسائي في كتاب الافتتاح باب تزيين القرآن بالصوت 2/ 181، وأبو عبيد في فضائله باب ما يستحب لقارئ القرآن من الترتيل .. الخ ص 88، والإمام أحمد في مسنده 6/ 294. (5) معاوية بن قرة بن أياس بن هلال المزني أبو أياس البصري ثقة عالم من الثالثة مات سنة 113 هـ. التقريب 2/ 261، وتاريخ الثقات 432. (6) عبد الله بن مغفل- بمعجمة وفاء ثقيلة- ابن عبيد، أبو عبد الرحمن المزني صحابي بايع تحت الشجرة ونزل البصرة مات سنة 57 هـ، وقيل بعد ذلك. التقريب 1/ 453، وانظر الإصابة 6/ 223 رقم 4963. (7) هكذا في الأصل على ناقة. وفي بقية النسخ: على ناقته وهو الصواب.

ثم قرأ معاوية قراءة ليّنة فرجّع «1»، ثم قال: لولا إني أخشى أن يجتمع الناس لقرأت ذلك اللحن «2». وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أبا موسى قال: (ذكرنا ربّنا يا با «3» موسى فيقرأ عنده) قال أبو عثمان النهدي «4»: (كان أبو موسى يصلّي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج «5» ولا صوت بربط «6» أحسن من صوته) «7». قال أبو عبيد: ومعنى ذلك إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق، لا الألحان المطربة الملهية «8».

_ (1) أي ردد صوته بالقراءة، وقد ورد في رواية للبخاري: «كيف ترجيعه؟ قال: آ. آ. آثلاث مرات». قال القرطبي: «وهو محمول على إشباع المد في موضعه، ويحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة، كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هز المركوب، وإذا احتمل هذا فلا حجة فيه ... » اه انظر مقدمة تفسير القرطبي 1/ 16. وراجع فتح الباري 8/ 584 وفضائل القرآن لابن كثير ص 47، وشرح النووي لمسلم 6/ 80. (2) رواه البخاري في كتاب التفسير باب «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» 6/ 44، وفي كتاب التوحيد باب ذكر النبي صلّى الله عليه وسلم وروايته عن ربه 8/ 213، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن 6/ 81، وأبو عبيد في فضائله باب ما يستحب للقارئ من تحسين القرآن وتزيينه بصوته ص 92، وأبو داود في كتاب الصلاة باب استحباب الترتيل في القراءة 2/ 154 دون ذكر كلام معاوية بن قرة. (3) هكذا في الأصل وظق: يا با موسى. وفي بقية النسخ: يا أبا موسى وهو الصواب. (4) عبد الرحمن بن ملّ- بلام ثقيلة والميم مثلثة- أبو عثمان النهدي- بفتح النون وسكون الهاء- مشهور بكنيته، مخضرم من كبار الثانية، ثقة ثبت عابد، مات سنة 95 هـ وقيل بعدها. التقريب 1/ 499. وراجع الميزان 4/ 550، وصفة الصفوة 3/ 200، والكنى للإمام مسلم 1/ 542، والإصابة 7/ 256 رقم 6375. (5) الصنج: بفتح المهملة وسكون النون بعدها جيم- هو آلة تتخذ من نحاس كالطبقين يضرب أحدهما بالآخر فتح الباري 9/ 93 وراجع اللسان 2/ 311 (صنج). (6) البربط:- بالموحدتين بينهما راء ساكنة ثم طاء مهملة بوزن جعفر- هو آلة تشبه العود، فارسي معرب المصدر نفسه، وراجع اللسان 7/ 258 (بربط). (7) ذكر هذين الأثرين عن عمر وأبي عثمان النهدي: أبو عبيد في فضائله ص 96، 97 ونقلهما عنه ابن كثير في فضائل القرآن ص 35. وذكر أثر عمر- رضي الله عنه- الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن 2/ 472، 473. قال ابن حجر: وأخرج ابن أبي داود من طريق أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صنج .. وذكره قال: وسنده صحيح اه الفتح 9/ 93. (8) قال أبو عبيد: عند ذكره للأحاديث المرفوعة والموقوفة الدالة على استحباب تحسين الصوت بالقرآن-

وعن عابس الغفاري «1»: ورأى الناس يفرّون من الطاعون- فقال: (يا طاعون خذني، فقيل له: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «لا يتمنين أحدكم الموت .. » «2» فقال: أبا در «3» خصالا سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «4» «يتخوفهن على أمته: بيع الحكم «5» والاستخفاف بالدم وقطيعة الرحم، وقوما يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلّا ليغنيهم به غناء» «6». وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «زيّنوا القرآن «7» بأصواتكم» «8».

_ قال: وعلى هذا المعنى تحمل هذه الأحاديث التي ذكرناها في حسن الصوت، إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق .. فهذا وجهه لا الألحان المطربة الملهية .. فضائل القرآن ص 97، وراجع فضائل القرآن لابن كثير 36 - 38. (1) عابس بن عيسى الغفاري، ويقال له: عيسى بن عابس، قال البخاري له صحبة:. انظر الإصابة 5/ 265، رقم 4330، وراجع الجرح والتعديل 7/ 35. (2) رواه البخاري بلفظ أطول في كتاب المرضي باب تمني المريض الموت 7/ 10، ورواه مسلم كذلك كتاب الذكر باب كراهة تمني الموت لضر نزل به 17/ 7. (3) في د وظ: حرفت إلى (أبو ذر). (4) هكذا في النسخ يقول، وأرى أن الكلام بدونها أولى، والحديث في فضائل القرآن لأبي عبيد بدونها. (5) أي أن من الخصال التي كان عليه الصلاة والسلام يتخوفها على أمته: بيع الحكم، والمراد به: عام يشمل بيع الأوراق والوثائق التي تحمل الأحكام والصكوك والحقوق، وبهذا تضيع حقوق الناس بسبب التلاعب والتزوير في الأحكام، وكذلك ما يحدث من تولية من ليس أهلا لذلك في الحكم، وذلك بالتزوير في الانتخابات وشراء الأصوات- كما هو الحال في كثير من البلدان- والله أعلم. والمراد من الاستخفاف بالدم عدم المبالاة بحرمة دماء المسلمين، بل قد تسفك لأتفه الأسباب كما هو الواقع اليوم. (6) أخرجه أبو عبيد في فضائله ص 99، 100 والإمام أحمد في مسنده بنحوه 3/ 494، 6/ 22، والحاكم في المستدرك بنحوه كذلك وسكت عنه هو والذهبي، كتاب معرفة الصحابة 3/ 443. والحديث نقله ابن كثير في فضائل القرآن عن أبي عبيد، كما نقل غيره من الأحاديث ثم قال: وهذه طرق حسنة في باب الترهيب اه ص 36، وأورد الحديث مختصرا ابن حجر في الإصابة عند ترجمة عابس الغفاري وعزاه إلى ابن شاهين والبخاري في تاريخه. انظر الإصابة 5/ 265 - 266. (7) قال الخطابي: معناه زينوا أصواتكم بالقرآن، وهكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث، وزعموا أنه من باب المقلوب، كما قالوا «عرضت الناقة على الحوض، أي عرضت الحوض على الناقة ... » اه. معالم السنن بهامش سنن أبي داود 2/ 155. والمراد من المقلوب: أن يعرب كل واحد من الفاعل والمفعول إعراب الآخر لظهور المعنى، وللنحاة فيه مذاهب وشواهد كثيرة. انظر شرح جمل الزجاجي لابن عصفور 2/ 181، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 2/ 110. قلت: وحديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف بعد حديث البراء يؤيد ما ذهب إليه الخطابي من فهمه لحديث البراء. (8) بوب له البخاري بقوله: باب قول النبي صلّى الله عليه وسلم «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، وزينوا القرآن

القراءة بصوت متوسط مع عدم الخلط في الآيات، وجواز الكلام أثناء القراءة للفائدة

وقال أبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «زيّنوا بأصواتكم القرآن» «1» قال شعبة: نهاني أيوب «2» أن أحدّث بهذا الحديث «زيّنوا القرآن بأصواتكم» «3». قال أبو عبيد: إنما كره أيوب- فيما نرى- أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم في هذه الألحان المبتدعة «4» اه. القراءة بصوت متوسط مع عدم الخلط في الآيات، وجواز الكلام أثناء القراءة للفائدة وعن سعيد بن المسيب: (مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأبي بكر وهو يخافت، ومرّ بعمر وهو يجهر، ومرّ ببلال- رحمة الله عليهم- وهو يقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة فقال

_ بأصواتكم» كتاب التوحيد 8/ 214، والحديث في فضائل القرآن للنسائي باب تزيين الصوت بالقرآن ص 61، وفي سننه (المجتبى) كتاب الافتتاح باب تزيين القرآن بالصوت 2/ 179. ورواه أبو داود في كتاب الصلاة باب استحباب الترتيل في القراءة 2/ 155، قال ابن كثير: «وإسناده جيد» اه فضائل القرآن ص 35. ورواه الإمام أحمد في مسنده 4/ 283. والحاكم بأسانيد متعددة في المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 571. (1) ذكره أبو عبيد بسنده إلى أبي هريرة يرفعه ص 93. ورواه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك بسنده عن البراء بن عازب كتاب فضائل القرآن 1/ 571، 572. (2) أيوب بن أبي تميمة، كيسان السختياني- بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة، ثم تحتانية وبعد الألف نون- نسبة إلى جلد الماعز إذا دبغ معرب- أبو بكر البصري ثقة ثبت حجة من كبار فقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة 131 هـ. التقريب 1/ 89، وانظر الجرح والتعديل 2/ 255، والتهذيب 1/ 397 والقاموس المحيط 1/ 155 (سخت). (3) ذكره الخطابي بسنده عن شعبة قال: نهاني ... وذكره. معالم السنن بهامش سنن أبي داود 2/ 155. (4) ذكره أبو عبيد في فضائله ص 100 وتمامه: «فلهذا نهاه أن يحدث به» اه ونقله عنه ابن كثير وقال: «ثم ان شعبة- رحمه الله- روى الحديث متوكلا على الله كما روي له ولو ترك كلّ حديث يتأوله مبطل لترك من السنة شيء كثير ... » اه فضائل القرآن له ص 35، ثم قال ابن كثير: والمراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به، ثم ذكر أدلة على ذلك. وقد تقدم الشيء الكثير منها، والله الموفق بفضله.

لأبي بكر: مررت بك وأنت تخافت، فقال: إني أسمع من أناجي، فقال: ارفع شيئا، وقال لعمر: مررت بك وأنت تجهر، فقال: أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان «1» فقال: اخفض شيئا، وقال لبلال: مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة، فقال: أخلط الطيب بالطيب، فقال: اقرأ السورة على وجهها) «2». قال (أبو عبيدة) «3» وحدّثنا حجاج عن الليث بن سعد «4» عن عمر «5» مولى عفرة: (أن النبي صلّى الله عليه وسلم مرّ بأبي بكر وعمر وبلال، مثل ذلك، إلّا أنه قال لبلال: إذا قرأت السورة فأنفذها) «6». وكان ابن سيرين رحمه الله يكره أن يقرأ الرجل القرآن إلّا كما أنزل، ويكره أن يقرأ ثم يتكلم ثم يقرأ «7». وسئل عمن يقرأ من السورة آيتين ثم يدعها، ثم يقرأ من غيرها ثم يدعها «8»،

_ (1) الوسنان: أي النائم الذي ليس بمستغرق في نومه. اللسان 13/ 449 (وسن). (2) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى سعيد بن المسيب باب القارئ يقرأ آي القرآن في مواضع مختلفة ... الخ ص 121. وفي آخره بعد قوله: على وجهها: أو قال: على نحوها. قال الزركشي: وهي زيادة مليحة اه البرهان 1/ 469. والحديث في سنن أبي داود بألفاظ متقاربة عن أبي قتادة أن النبي صلّى الله عليه وسلم خرج ليلة فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلي ... وذكره. كتاب الصلاة باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل 2/ 82، وفي سنن الترمذي دون ذكر بلال، أبواب الصلاة باب ما جاء في القراءة بالليل 2/ 526. وفي المصنف لابن أبي شيبة ذكر بلال فقط 10/ 551، وراجع التذكار في أفضل الأذكار ص 112، وكنز العمال فقد عزاه الهندي إلى عبد الرزاق في المصنف، قال: وهو من مراسيل عطاء 2/ 325 رقم 4144. (3) هكذا في النسخ: أبو عبيدة، وهو خطأ. والصواب أبو عبيد. (4) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من السابعة، مات سنة 175 هـ. التقريب 2/ 138، تاريخ الثقات 399. (5) عمر بن عبد الله المدني مولى عفرة- بضم العين وسكون الفاء- ضعيف، وكان كثير الإرسال من الخامسة، مات سنة 145 هـ أو نحوها. التقريب 2/ 59، وانظر الميزان 3/ 210. (6) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف في فضائله ص 121، ونقل هذه الزيادة عن أبي عبيد الزركشي في البرهان 1/ 469، وراجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة. (7) ذكره أبو عبيد بسنده إلى ابن سيرين باب القارئ يقرأ آي القرآن في مواضيع مختلفة ... الخ ص 124. (8) قوله: ثم يقرأ من غيرها ثم يدعها سقط من د وظ بانتقال النظر.

ويأخذ في غيرها «1» فقال: ليتق أحدكم أن يأثم إثما كثيرا «2» وهو لا يشعر «3» قال نافع: قال نافع: (وكان ابن عمر إذا قرأ لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد أن يقرأ فدخلت يوما، فقال: أمسك عليّ سورة البقرة، فأمسكتها عليه فلمّا أتى على مكان منها «4» قال «5»: أتدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: في كذا وكذا «6» ثم مضى في قراءته) «7». قال أبو عبيد: إنما ترخص ابن عمر في هذا، لأن هذا الذي تكلّم به من تأويل القرآن و (سننه) «8» كالذي ذكر عن ابن مسعود أن أصحابه كانوا ينشرون المصحف فيقرئون ويفسّر لهم، ولو كان الكلام من أحاديث الناس وأخبارهم، كان عندي مكروها أن يقطع القراءة به «9» اه.

_ (1) وهذا ما يفعله بعض القراء في المحافل والمناسبات، يقرأ بعض الآيات من هنا وبعضها من هناك لتعلقها بموضوع واحد أو لغير ذلك من الأسباب، أما القراءة في الصلاة في الركعة من موضع وفي الثانية من موضع آخر. فهذا جائز لا حرج فيه. والله أعلم. (2) في ظق: إثما كبيرا. (3) رواه أبو عبيد في فضائله ص 122. وراجع المصنف لابن أبي شيبة فقد ذكر بعض الآثار التي تدل على كراهة قراءة آيات من السورة ثم تركها والأخذ في غيرها من سورة أخرى وكذلك قراءة بعض الآية- من باب أولى- وترك البعض الآخر. كتاب فضائل القرآن 10/ 552. (4) هو قوله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .. [البقرة: 223]. (5) في د وظ: فقال. (6) أي في إتيان النساء في أدبارهن، نسبه السيوطي إلى الدارقطني وغرائب مالك والطبراني وابن مردويه وأحمد بن أسامة التجيبي، كلهم عن نافع عن ابن عمر، ثم قال السيوطي: قال الدارقطني: هذا ثابت عن مالك. وقال ابن عبد البر: الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة عنه مشهورة اه الدر المنثور 1/ 636، ونحوه في فتح الباري 8/ 190. والراجح في هذه القضية ما صححه جمهور الصحابة والتابعين والفقهاء من عدم جواز إتيان الرجل زوجته في دبرها، ويفسرون قوله تعالى فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ أي كيفما شئتم بشرط أن يكون ذلك في صمام واحد، وهو موضع الحرث. راجع المسألة بأدلتها في تفسير ابن كثير 1/ 260 - 265، وفتح القدير 1/ 226 - 229، وفتح الباري 8/ 189 - 192، والدر المنثور 1/ 626 - 635. (7) ذكره أبو عبيد في فضائله بسنده إلى نافع باب القارئ يقرأ آي القرآن في مواضيع مختلفة .. الخ ص 124. وحديث ابن عمر «أنه كان إذا قرأ لم يتكلم .. الخ» في صحيح البخاري كتاب التفسير باب نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ .. الآية 8/ 189 بشرح ابن حجر. (8) هكذا في الأصل: وسننه وفي بقية النسخ: وسببه. (9) قاله أبو عبيد- كما قال المصنف- عقب ذكره لكلام نافع مع ابن عمر ص 124 وانظر البرهان 1/ 464.

جواز قراءة القرآن بغير وضوء

جواز قراءة القرآن بغير وضوء وعن علي- عليه السلام-: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقضي حاجته- يعني البول- ثم يخرج فيقرأ القرآن، ويأكل معنا اللحم، لا يحجزه عن القراءة شيء ليس الجنابة» «1». وعن ابن سيرين: «أن عمر بن الخطاب قرأ من القرآن بعد ما خرج من الغائط فقال له أبو مريم الحنفي «2» أتقرأ وقد أحدثت؟ فقال: أمسيلمة أفتاك بهذا «3»؟». وعن عبد الله بن مالك الغافقي «4» (أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لعمر بن الخطاب إذا توضأت وأنا جنب، أكلت وشربت، ولا أصلّي ولا أقرأ حتى أغتسل) «5». (وسئل علي- عليه السلام- عن الجنب أيقرأ القرآن؟ قال: لا، ولا حرفا) «6».

_ (1) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه باب القارئ يقرأ القرآن على غير وضوء أو يقرأه جنبا ص 125. ورواه أبو داود بسنده إلى عائشة رضي الله عنها مختصرا، كتاب الطهارة باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر 1/ 24. والترمذي كذلك كتاب الدعوات باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة 9/ 325. ورواه أيضا في أبواب الطهارة باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا، وقال: حديث عليّ هذا حديث حسن صحيح اه 1/ 453، وراجع نصب الراية لأحاديث الهداية 1/ 196. (2) أبو مريم الحنفي القاضي اسمه إياس بن صبيح مقبول، من الثانية، روى عن عمر وعثمان، وروى عنه ابن سيرين وابنه عبد الله. التقريب 2/ 472. والكنى للإمام مسلم 2/ 769، وللدولابي 2/ 110 والجرح والتعديل 2/ 280. (3) رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن سيرين ص 126. ورواه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الصلاة باب يجوز للمحدث أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب دون الجنب 1/ 92 دون التصريح باسم الرجل ورواه ابن أبي شيبة في المصنف باب في الرجل يقرأ القرآن وهو غير طاهر 1/ 103. ملحوظة: كان أبو مريم الحنفي هذا مع مسيلمة الكذاب قبل أن يسلم ذكر هذا الدولابي في الكنى والأسماء، ولذلك قال له عمر: أمسيلمة أفتاك بهذا؟. أي انكر عليه عمر رضي الله عنه هذا التساؤل. (4) أبو موسى، سكن مصر، قال ابن عبد البر: سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لعمر: (إذا توضأت وأنت جنب ... ) وذكره الاستيعاب في معرفة الأصحاب 7/ 10، وانظر الإصابة 6/ 205، رقم 4922. (5) رواه أبو عبيد في فضائله ص 129. قال ابن حجر:- عند ترجمته للغافقي-: أخرجه البغوي، والدارقطني والطبري والبيهقي، وابن منده .. المصدر السابق. (6) رواه الإمام أحمد مطولا ( ... رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال: هذا لمن

وسأل عبد الله بن أبي قيس «1» عائشة رضي الله عنها، (كيف كانت قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلم أيسرّ القراءة أم يجهر؟ فقالت: كل ذلك قد كان يفعله ربما أسرّ «2» وربما جهر) «3». وعن أم هانئ بنت أبي طالب «4»: (كنت أسمع قراءة رسول «5» الله صلّى الله عليه وسلم وأنا على عريشي «6» «7»). قال أبو عبيد: تعني بالليل. وحدّثني أبو المظفر بن فيروز قراءة «8» الرجل القرآن ماشيا أو «9» على الدابة بإسناده إلى النسائي، بإسناده عن عبد الله بن مغفل قال: (رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يسير على ناقته، فقرأ «10» إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً «11» او رجّع في قراءته) «12».

_ ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية) اه المسند 1/ 110 ورواه ابن أبي شيبة في المصنف 1/ 102 وأبو عبيد في فضائله ص 129 قال الدارقطني: هو صحيح عن عليّ اه. نصب الراية 1/ 196. (1) عبد الله بن أبي قيس، ويقال: ابن قيس، ويقال: ابن أبي موسى أبو الأسود النصري- بالنون- الحمصي، ثقة مخضرم من الثانية. التقريب 1/ 442، والكنى لمسلم 1/ 72، الجرح والتعديل 5/ 140. (2) في ظ: ربما سر. (3) رواه الترمذي بسنده إلى عبد الله بن أبي قيس، أبواب الصلاة باب ما جاء في القراءة بالليل 2/ 528 وقال: هذا حديث صحيح غريب ورواه مطولا في أبواب فضائل القرآن باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي صلّى الله عليه وسلم 8/ 240. ورواه أبو داود بنحوه مختصرا كتاب الصلاة باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل 2/ 81. وأبو عبيد في فضائله باب القارئ يمد صوته ليلا بالقرآن في الخلوة به ص 105. وراجع التذكار في أفضل الأذكار الباب السادس والعشرون ص 87. (4) الهاشمية اسمها فاختة: وقيل هند لها صحبة وأحاديث، ماتت في خلافة معاوية- رضي الله عنهما-. التقريب 2/ 625، وانظر الإصابة 13/ 65، 300 رقم 812، 1526. (5) في بقية النسخ: قراءة النبي صلّى الله عليه وسلم. (6) قال السندي في حاشيته على سنن النسائي: (وأنا على عريشي): العريش كل ما يستظل به، ويطلق على بيوت مكة لأنها كانت عيدانا تنصب ويظلل عليها. اه 2/ 178، وانظر مختار الصحاح: 424 (عرش). (7) رواه النسائي في كتاب الافتتاح باب رفع الصوت بالقرآن 2/ 187، وأحمد في المسند 6/ 342، وفي آخره: هذا وهو عند الكعبة، 6/ 424، وابن أبي شيبة في مصنفه باب ما قالوا في قراءة الليل كيف هي 1/ 365، وأبو عبيد في فضائله باب القارئ يمد صوته ليلا بالقرآن ص 105. (8) في بقية النسخ: في قراءة. (9) في بقية النسخ: وعلى الدابة. (10) في د وظ: يقرأ. (11) الفتح: (1). (12) تقدم الحديث بنحوه مع تخريجه قريبا ص 326 والكلام على معنى الترجيع.

وعن عقبة بن عامر قال: «كنت أمشي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا عقبة قل، قلت «1»:ماذا أقول؟ فسكت عني، ثم قال: يا عقبة، قل، قلت: ماذا أقول يا رسول الله؟ فسكت عني، فقلت: اللهم اردده عليّ، فقال: يا عقبة، قل، فقلت: ماذا أقول؟ فقال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فقرأتها حتى أتيت «2» على آخرها، ثم قال: قل، قلت «3»:ماذا أقول يا رسول الله؟ قال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فقرأتها، حتى أتيت على آخرها، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند ذلك: «ما سأل سائل بمثلها «4» ولا استعاذ مستعيذ بمثلها» «5» اه.

_ (1) في د وظ: قال: قلت. (2) حرفت في د إلى (أبيت) في الموضعين. (3) في ظ: فقلت. (4) في فضائل القرآن للنسائي: (بمثلهما) في الموضعين، وبناء عليه يكون هناك روايتان: بإفراد الضمير، أي بمثل هذه الاستعاذة، وبتثنيته ويكون المعنى: ولا استعاذ مستعيذ بمثل سورة الفلق والناس. (5) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب قراءة الماشي ص 66، وأخرجه كذلك في سننه (المجتبي) كتاب الاستعاذة بأسانيد متعددة وألفاظ متقاربة عن عقبة بن عامر 8/ 251. وأخرجه الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب في فضل المعوذتين 2/ 460، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده بنحوه مختصرا 4/ 144، 148، 149، وأخرج نحوه كذلك مختصرا الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن 8/ 214. وكذلك أبو داود في كتاب الصلاة باب في المعوذتين 2/ 152.

فضل حامل القرآن ومتعلمه ومعلمه وما يطالب به حملة القرآن وكيف كان قراء السلف والصدر الأول

فضل حامل القرآن ومتعلمه ومعلّمه وما يطالب به حملة القرآن وكيف كان قراء السلف والصدر الأول حدّثني الغزنوي بالإسناد المتقدم إلى أبي عيسى- رحمه الله- قال: ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود الطيالسي حدّثنا شعبة وهشام «1» عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام «2» عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن فاستظهره «3»، فأحلّ حلاله وحرّم حرامه أدخله الله «4» الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته، كلهم قد وجبت لهم «5» النار» «6». وحدّثني أبو المظفر الجوهري- رحمه الله- بإسناده إلى النسائي قال: أنبأنا محمد بن

_ (1) هشام بن أبي عبد الله سنبر- بمهملة ثم نون ثم موحدة وزن جعفر- أبو بكر الدّستوائي- بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح المثناة ثم مد- ثقة ثبت، وقد رمى بالقدر من كبار السابعة مات سنة 154 هـ التقريب 2/ 319، وتاريخ الثقات 458، وصفة الصفوة 3/ 348، والميزان 4/ 300. (2) سعد بن هشام بن عامر الانصاري المدني، ثقة من الثالثة، استشهد بأرض الهند. التقريب 1/ 289. (3) أي حفظه، تقول: قرأت القرآن عن ظهر قلبي: أي قرأته من حفظي. تحفة الأحوذي 8/ 217. (4) لفظ الجلالة ساقط من د وظ. (5) في د: له. (6) رواه الترمذي بسند آخر غير السند الذي ذكره السخاوي. قال الترمذي: حدّثنا علي بن حجر أخبرنا حفص بن سليمان عن كثير بن زاذان عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وذكر الحديث. ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه وليس له إسناد صحيح، وحفص بن سليمان أبو عمر بزاز كوفي يضعف في الحديث اه أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل قارئ القرآن 8/ 217. قال ابن حجر: حفص بن سليمان متروك الحديث مع إمامته في القراءة اه. التقريب 1/ 186، وانظر مجمع الزوائد 7/ 162، والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 309.

عبد الأعلى «1» ثنا خالد «2» عن شعبة أخبرني علقمة بن مرثد «3» قال: سمعت سعد بن عبيدة «4» عن أبي عبد الرحمن «5» عن عثمان عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «خيركم من علم «6» القرآن وتعلّمه» «7». وقال: ثنا (عبد) «8» الله بن سعيد ثنا يحيى «9» عن شعبة وسفيان، قالا: ثنا علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال «10»: «خيركم من تعلّم القرآن وعلمه». وقال سفيان: (أفضلكم من تعلّم القرآن وعلمه) «11».

_ قلت: أما السند الذي ساقه المصنف فهو لحديث: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به .. » وهو في الصحيحين وغيرهما كما سبق. (1) محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري ثقة من العاشرة مات سنة 245 هـ. التقريب 2/ 182، والجرح والتعديل 8/ 16. (2) خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم أبو عثمان، ثقة ثبت، من الثامنة مات سنة 186 هـ. التقريب 1/ 211، والكنى للإمام مسلم 1/ 548، والجرح والتعديل 3/ 325. (3) علقمة بن مرثد- بفتح الميم وسكون الراء بعدها مثلثة- الحضرمي أبو الحارث الكوفي ثقة من السادسة. التقريب 2/ 31، والجرح والتعديل 6/ 406، وتاريخ الثقات 341 وراجع الفتح 9/ 77. (4) سعد بن عبيدة السلمي أبو حمزة الكوفي ثقة من الثالثة مات في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. التقريب 1/ 288، وتاريخ الثقات: 180، والكنى للإمام مسلم 1/ 244. (5) عبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي المقرئ، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة ثقة ثبت من الثانية مات بعد السبعين. التقريب 1/ 408، والكنى للإمام مسلم 1/ 513. (6) في ظ: من تعلم. (7) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب فضل من علم القرآن ص 56، والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه 6/ 108، وسنن أبي داود كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن 2/ 147. وسنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في تعليم القرآن 8/ 222، وفي مسند الإمام أحمد 1/ 58. وسنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه 2/ 437. (8) في بقية النسخ: عبيد الله. وهو الصواب. (9) يحيى بن سعيد القطان تقدم. (10) في بقية النسخ: قال شعبة: خيركم ... الخ. (11) ذكر هذه الرواية عن سفيان الثوري: النسائي- كما قال المصنف- كما ذكرها أيضا البخاري والترمذي. انظر نفس الأجزاء والصفحات من هذه المصادر في تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة.

ومن طريق الغزنوي- رحمه الله- قال أبو عيسى: حدّثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود «1» أنبأ شعبة أخبرني «2» علقمة بن مرثد قال: سمعت سعد بن عبيدة يحدّث عن أبي عبد الرحمن عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلّم القرآن وعلمه» «3». قال أبو عبد الرحمن: فذاك الذي اقعدني مقعدي هذا. وعلّم القرآن في زمان عثمان حتى بلغ الحجاج بن يوسف «4»، هذا حديث حسن صحيح «5». حدّثنا محمود بن غيلان ثنا بشر «6» بن السرى «7» ثنا «8» سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان بن عفان: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «خيركم- أو أفضلكم «9» - من تعلّم القرآن وعلمه» هذا حديث حسن صحيح «10». قال أبو عيسى: قال محمد بن بشار: وأصحاب سفيان لا يذكرون فيه غير سفيان

_ (1) هو الطيالسي تقدم. (2) في بقية النسخ: قال: أخبرني علقمة. (3) راجع رواية النسائي المتقدمة قريبا عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد بن الحارث عن شعبة به. (4) الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي الأمير المشهور الظالم، وقع ذكره وكلامه في الصحيحين وغيرهما، وليس بأهل بأن يروى عنه، ولي امرة العراق عشرين سنة ومات سنة 95 هـ. التقريب 1/ 154، وانظر البداية والنهاية 9/ 123، والأعلام: 2/ 168. (5) انظر سنن الترمذي 8/ 222 - 223 وتقدم قريبا تخريجه. وجاء في رواية البخاري: قال: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: «وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا» اه صحيح البخاري 6/ 108. قال الحافظ ابن حجر: أي حتى ولي الحجاج على العراق. ثم قال: وبين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلّا ثلاثة أشهر، وبين آخر خلافة عثمان وأول ولاية الحجاج العراق ثمان وثلاثون سنة، ولم أقف على تعيين ابتداء إقراء أبي عبد الرحمن السلمي وآخره فالله أعلم بمقدار ذلك، ويعرف من الذي ذكرته أقصى المدة وأدناها، والقائل: (وأقرأ .. الخ هو سعد بن عبيدة) اه الفتح 9/ 76. (6) في ظ: بشير. خطأ. (7) بشر بن السري أبو عمرو الأفوه بصري سكن مكة وكان واعظا ثقة، من التاسعة، مات سنة 195 هـ أو نحوها. التقريب 1/ 99، وتاريخ الثقات: 80، والكنى للإمام مسلم 1/ 572. (8) في بقية النسخ: قال: ثنا سفيان. (9) شك من بعض الرواة، كما في تحفة الأحوذي 8/ 223. (10) سنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في تعليم القرآن 8/ 223.

عن سعد بن عبيدة، قال محمد بن بشار: «وهو أصح، و «1» قد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث سعد بن عبيدة، وكأنّ بحديث سفيان أشبه وأصح» «2». وبإسناده عن عبد الله بن مسعود، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن (ألف) حرف و (لام) حرف و (ميم) حرف». هذا حديث حسن صحيح «3». وروى عن الحسن (أنه أجاز أن يعلم المقرئ أولاد المشركين القرآن) «4». قال أبو عبيد: حدّثني يزيد «5» عن حماد بن سلمة عن حبيب المعلم «6» قال: سألت الحسن، قلت: (أعلم أولاد أهل «7» الذمة القرآن؟ قال: نعم، أو ليس يقرءون التوراة والإنجيل وهما من كتب «8» الله عز وجلّ «9»؟!).

_ (1) الواو ساقطة من ظ. (2) قال الحافظ ابن حجر: ورجح الحفاظ رواية الثوري وعدوا رواية شعبة من المزيد في متصل الاسانيد. ثم قال الحافظ: وأما البخاري فأخرج الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعا محفوظان، فيحمل على أن علقمة سمعه أولا من سعد ثم لقي أبا عبد الرحمن فحدثه به، أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن ... إلى أن قال: والصواب عن الثوري بدون ذكر سعد وعن شعبة بإثباته اه الفتح 9/ 75. (3) رواه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في من قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر 8/ 226، وانظر الدارمي 2/ 429، والحاكم 1/ 555. (4) انظر فضائل القرآن لأبي عبيد باب القارئ يعلم المشركين القرآن .. الخ ص 131. (5) يزيد بن هارون تقدم. (6) حبيب بن المعلم أبو محمد البصري، مولى معقل بن يسار، اختلف في اسم أبيه فقيل زائدة وقيل زيد، صدوق من السادسة مات سنة 130 هـ التقريب 1/ 152، وانظر الكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 726، والميزان 1/ 456. (7) كلمة (أهل) ساقطة من د وظ. (8) في بقية النسخ وفضائل القرآن لأبي عبيد: وهما من كتاب الله عزّ وجلّ. (9) فضائل القرآن لأبي عبيد ص 132. وقد بوّب البخاري في كتاب الجهاد لهذا، فقال: باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب، ثم ساق طرفا من كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى قيصر، وقد اشتمل على بعض الآيات، قال ابن حجر: وإرشادهم منه أي من الكتاب ظاهر، وأما تعليمهم الكتاب فكأنه استنبطه من كونه كتب إليهم بعض القرآن بالعربية، وكأنه سلّطهم على تعليمه إذ لا يقرءونه حتى يترجم لهم، ولا يترجم لهم حتى يعرف المترجم استخراجه، وهذه المسألة مما اختلف فيه السلف فمنع مالك من تعليم الكافر القرآن، ورخص أبو حنيفة، واختلف قول الشافعي، والذي يظهر أن الراجح التفصيل بين

وقال أبو عبيد: قال عباد «1»: سألت أبا حنيفة «2» عن ذلك، فقال: (لا بأس أن تعلمه القرآن صغيرا وكبيرا) «3». وقد روى نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تسافروا بالقرآن، فإني أخاف أن يناله العدو» «4». ففي هذا الحديث ما يمنع ما ذهب إليه «5» الحسن وغيره، لأن ذلك يؤدي إلى أن يمسه الكافر، وإذا كان المسلم لا يمس القرآن- وهو محدث- فكيف يجوز أن يعلمه المشرك، فيكتبه؟ وإذا كان المسلم الجنب لا يقرأه فكيف يجوز أن يقرأه الكافر «6»؟.

_ من يرجى منه الرغبة في الدين والدخول فيه على الأمن منه أن يتسلط بذلك الى الطعن فيه، وبين من يتحقق أن ذلك لا ينجع فيه، أو يظن أنه يتوصل بذلك إلى الطعن في الدين اه الفتح 6/ 07؟. قلت: وهو كما قال رحمه الله. وإلّا كيف نستطيع التوصل إلى قلوب من يرغبون الدخول في الإسلام إلّا بإسماعهم كلام الله وتعليمهم بعض آياته وسوره وحتى تقوم الحجة عليهم. والله يهدي من يشاء. (1) عباد بن العوام بن عمر الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي ثقة من الثامنة مات سنة 185 هـ. التقريب 1/ 393، وتاريخ الثقات: 247. (2) النعمان بن ثابت التيمي بالولاء الكوفي أبو حنيفة إمام الحنفية الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السّنة، ولد ونشأ بالكوفة (80 - 150 هـ). انظر التقريب 2/ 303، وتاريخ بغداد 13/ 323، والجرح والتعديل 8/ 449، والبداية والنهاية 10/ 110، والإعلام للزركلي 8/ 36. (3) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ يعلم المشركين القرآن ... الخ ص 131. (4) رواه البخاري في كتاب الجهاد باب كراهية السفر بالمصحف إلى أرض العدو 6/ 133، بشرح ابن حجر. ورواه مسلم في كتاب الإمارة باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار 13/ 13، وأبو داود كتاب الجهاد باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو 3/ 82، والنسائي في فضائل القرآن باب السفر بالقرآن إلى أرض العدو ص 64، وأبو عبيد في فضائل القرآن ص 131. قال النووي: «فيه النهي عن المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار للعلة المذكورة في الحديث، وهي خوف أن ينالوه فينتهكوا حرمته، فإن أمنت هذه العلة بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم فلا كراهة ولا منع منه حينئذ لعدم العلة، هذا هو الصحيح ... » اه شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 13 وراجع كلام ابن حجر في هذا أيضا في فتح الباري 6/ 134. (5) (اليه) ساقط من د وظ. (6) وهذا لا ينافي أن يعلم المسلم المشرك أو الكافر ما يعرف به الحق فيدخل فيه ولو بطريق التلقي والمشافهة ولا يلزم منه أن يمس المصحف والله أعلم. وقد ذكر ابن أبي داود آثارا تدل على جواز كتابة

قال أبو عبيد: وثنا عبد الله بن صالح «1» عن الهقل بن زياد «2» عن معاوية بن يحيى الصّدفي «3»، قال، حدّثني الزهري قال: حدّثني عامر بن واثلة «4» أن نافع بن عبد الحارث الخزاعي «5» تلقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعسفان «6»، وكان عمر استعمله على أهل مكة، فسلّم على عمر، فقال له: (من استخلفت على أهل الوادي؟ فقال نافع: استخلفت عليهم يا أمير المؤمنين ابن أبزى «7»، فقال عمر: وما ابن أبزى؟ فقال نافع: هو من موالينا يا أمير المؤمنين، فقال عمر: استخلفت عليهم مولى؟! فقال: يا أمير المؤمنين قارئ لكتاب الله تعالى «8»، عالم بالفرائض، فقال عمر: أما إن

_ النصراني للمصحف كما ذكر آثارا أخرى تدل على كراهة كتابة الجنب للقرآن الكريم. انظر كتاب المصاحف ص 148، 149. (1) عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني أبو صالح المصري كاتب الليث صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة من العاشرة مات سنة 222 هـ. التقريب 1/ 423. (2) هقل- بكسر أوله وسكون القاف ثم لام- ابن زياد السكسكي- بمهملتين مفتوحتين بينهما كاف ساكنة الدمشقي نزيل بيروت قيل: هو لقب واسمه محمد أو عبد الله وكان كاتب الأوزاعي ثقة من التاسعة مات سنة 179 هـ أو بعدها. التقريب: 2/ 321. (3) معاوية بن يحيى الصدفي- بفتح الصاد والدال- أبو روح الدمشقي سكن الري ضعيف، وما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري، من السابعة. التقريب 2/ 261 والميزان 4/ 138. (4) عامر بن واثلة بن عبد الله الليثي أبو الطفيل وربما سمي عمرا، ولد عام أحد ورأى النبي صلّى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر فمن بعده وعمر إلى أن مات سنة 110 هـ على الصحيح، وهو آخر من مات من الصحابة قاله مسلم وغيره. التقريب 1/ 389 والكنى للإمام مسلم 1/ 459 والإصابة 11/ 215 رقم 671. (5) نافع بن عبد الحارث بن خالد الخزاعي، صحابي أسلم عام الفتح أمّره عمر على مكة فأقام بها إلى أن مات. التقريب 2/ 295 والإصابة 10/ 131 رقم 8651 وفيه: نافع بن عبد الحارث بن حبالة. (6) عسفان: كعثمان موضع على مرحلتين من مكة إلى المدينة. القاموس المحيط 3/ 181 (عسف) ويقدر بنحو 90 كم من مكة إلى المدينة. (7) عبد الرحمن بن أبزى- بفتح الهمزة، وسكون الموحدة بعدها زاي مقصورا- الخزاعي مولاهم، صحابي صغير، وكان في عهد عمر رجلا وكان على خراسان لعليّ. التقريب 1/ 472، والإصابة 6/ 258 رقم 5066. (8) وفي هذا المعنى إمامة الصلاة. قال ابن حجر: «اسند ابن أبي داود بإسناد صحيح عن الأشعث بن قيس أنه قدم غلاما صغيرا، فعابوا عليه، فقال: ما قدمته، ولكن قدمه القرآن» اه الفتح 9/ 83.

نبيّكم صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله سبحانه وتعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين» «1». وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت: «كان خلق رسول الله القرآن، يرضى برضاه ويسخط بسخطه» «2». وقال عبد الله بن مسعود رحمه الله: (إن كل مؤدب يحب أن يؤتي أدبه، وإن أدب الله عزّ وجلّ «القرآن») «3». وعن محمد بن كعب القرظي قال: (كنا نعرف قارئ القرآن بصفرة اللون) «4». قال أبو عبيد: ولا أرى هذا إلّا للخلال التي تكون في قراء القرآن مما يروى (عن) «5» صفاتهم، عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو، يعني «6» قول عبد الله بن مسعود: (ينبغي لقارئ القرآن أن «7» يعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفطرون)،

_ (1) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب إعظام أهل القرآن وإكرامهم وتقديمهم ص 34. والحديث في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها 6/ 98. وفي سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب ان الله يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع آخرين 2/ 443. وأورده ابن حجر في الإصابة عند ترجمته لعبد الرحمن بن أبزى نقلا عن صحيح مسلم، ثم قال: وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر ... اه 6/ 258. (2) أخرجه بلفظه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي الدرداء قال: سألت عائشة عن خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم ... الخ باب حامل القرآن وما يجب عليه ص 49، ونسبه السيوطي إلى ابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في دلائل النبوة كلهم عن أبي الدرداء أنه سأل عائشة عن خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. الخ الدر المنثور: 8/ 243. وله شاهد ضمن حديث طويل أخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن سعد بن هشام بن عامر وفيه: (فقلت: أنبئيني عن خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فان خلق نبي الله صلّى الله عليه وسلم كان القرآن ... ) الحديث. كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب صلاة الليل .. الخ 6/ 26. وكذلك في سنن أبي داود كتاب الصلاة 2/ 87. وهذا الشاهد في سنن الدارمي كذلك كتاب الصلاة باب صفة صلاة النبي صلّى الله عليه وسلم 1/ 344. وفي المستدرك للحاكم كتاب التفسير باب تفسير سورة (المؤمنون) 2/ 392 وتفسير سورة القلم 2/ 499. (3) سبق تخريجه والكلام عليه عند الحديث عن فضل بعض الآيات ص 284. (4) أورده أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن كعب القرظي ص 51، ومعناه: أن صاحب القرآن يختلف عن غيره بالجد والاجتهاد والقيام به والسهر في قراءته وتخلقه بأخلاقه فيظهر ذلك على جوارحه والله أعلم .. (5) هكذا في الأصل. وفي بقية النسخ: (من) وهو الصواب. (6) في د وظ: نعني. (7) أن: ساقط من ظ ود.

وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون) «1» قال المسيب بن رافع: وأحسبه قال: وبحزنه إذا الناس يفرحون. وقول عبد الله بن عمرو «2»: (من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما، وقد استدرجت النبوة بين جنبيه، إلّا أنه لا يوحى إليه، ولا «3» ينبغي لحامل القرآن «4» أن يجدّ فيمن يجدّ «5» ولا أن يجهل فيمن يجهل، وفي جوفه كلام الله عزّ وجلّ «6»، وعنه: فقد اضطربت «7» النبوة بين جنبيه، فلا ينبغي أن يلعب مع من يلعب ولا يرفث مع من يرفث، ولا يتبطل مع من يتبطل، ولا يجهل مع من يجهل) «8». قوله: (أن يجدّ فيمن يجدّ) يريد- والله أعلم- ما يجد الناس فيه من أمور الدنيا، أو لا «9» يتعاظم.

_ (1) أورده أبو عبيد في فضائله بسنده إلى المسيب بن رافع عن ابن مسعود باب حامل القرآن وما يجب عليه .. الخ ص 51. والديلمي بنحوه عن ابن مسعود كما في الكنز 1/ 622، رقم 2877، والنووي في التبيان في آداب حملة القرآن الباب الخامس ص 28. والقرطبي في التذكار في أفضل الأذكار ص 55. (2) هذا الكلام معطوف على ما قبله وهو قوله: يعني قول عبد الله بن مسعود ... إلى أن قال: وقول عبد الله بن عمرو. (3) (لا) ساقطة من ظ. (4) في بقية النسخ: لصاحب القرآن. (5) هكذا في النسخ: أن يجدّ فيمن يجدّ. أي بالجيم المعجمة وفي فضائل القرآن لأبي عبيد: أن يحد فيمن يحد، أي بالحاء المهملة وهي كذلك في كنز العمال 1/ 524 رقم 2347 وأخلاق أهل القرآن ص 56، ولعلها أقرب إلى معنى الحديث، ومعناها: لا ينبغي لقارئ القرآن تعتريه شدة الطيش والغضب كما تعتري غيره. راجع اللسان 3/ 141 (حدد) وأما بالجيم فسيشرحها المصنف قريبا حسبما فهمه من اللفظ. (6) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عبد الله بن عمرو ص 51، والحاكم في المستدرك بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي كتاب فضائل القرآن 1/ 552. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه مختصرا، كتاب فضائل القرآن باب في فضل من قرأ القرآن 10/ 467، وكذلك الآجرّي في كتابه أخلاق أهل القرآن ص 56 وابن المبارك في كتاب الزهد باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 275 «وأخرجه الطبراني والبيهقي في الشعب، وقال: يحتمل أن يكون معناه: جمع في صدره ما أنزل على النبي صلّى الله عليه وسلم غير أنه لا يوحى إليه فيدعى لأجله نبيا» اه. انظر تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة 1/ 293. (7) أي تحركت وماجت. اللسان 1/ 544 (ضرب). (8) أورده أيضا أبو عبيد بسنده إلى عبد الله بن عمرو ص 52. (9) في د وظ: ولا يتعاظم.

وقال سفيان بن عيينة: (من أعطي القرآن، فمد عينيه إلى شيء مما صغر القرآن: فقد خالف القرآن، ألم تسمع قوله سبحانه وتعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ* لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ «1». وقوله تعالى «2»: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى «3». قال: يعني القرآن «4». قلت: يريد بقوله: (يعني القرآن) أي ما رزقك الله من القرآن خير وأبقى مما رزقهم من الدنيا. قال: وقوله تعالى وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى «5». قال: وقوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «6»، قال: هو القرآن «7». ومن ذلك: قول النبي صلّى الله عليه وسلم «ما أنفق عبد من نفقة أفضل من نفقة في قول» «8».

_ (1) الحجر: (87، 88). (2) يلاحظ أنه حدث خلط بين آيات سورة الحجر وطه فتصرفت- لتشابه النصين في تنسيقها وفصلها عن بعضها، وكل من آيات سورة الحجر وطه تتحدث عن متاع الحياة الدنيا وزينتها .. الخ. وكذلك وقع الخلط في الآيتين عند أبي عبيد في فضائل القرآن، وقد نقلها السخاوي عنه. (3) طه: (131). (4) انظر تفسير سفيان بن عيينة- تفسير سورة الحجر ص 282، والأثر في فضائل القرآن لأبي عبيد عن ابن عيينة ص 53، وفي تفسير الطبري عن ابن عيينة كذلك 4/ 60. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر عن سفيان بن عيينة. الدر المنثور 5/ 97. (5) طه: (132). (6) السجدة: (16). (7) ذكر هذا ابن عيينة في تفسيره بنحوه- تفسير سورة السجدة ص 307، ونقله أبو عبيد عنه، انظر فضائل القرآن ص 53. وعلى هذا يرى السخاوي- تبعا لابن عيينة وأبي عبيد- في أن المقصود من الإنفاق في هذه الآية والأثر هو تعليم القرآن للناس فكلّ ينفق مما أعطاه الله من أشياء مادية أو معنوية، فيكون المراد من القول في الحديث عام يشمل الكلمة الطيبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبث العلم بين الناس والجهاد في سبيل الله باللسان وغير ذلك. (8) ذكره أبو عبيد ضمن ذكره لكلام سفيان بن عيينة، ثم قال: «يذهب إلى أن القول نفقة» اه باب حامل القرآن وما يجب عليه أن يأخذ به من أدب القرآن ص 53.

وعن شريح «1» (أنه سمع رجلا يتكلم، فقال: أمسك عليك بعضك «2». قال أبو عبيد: (جلست الى معمّر بن سليمان النخعي «3» بالرقة «4»، وكان خير من رأيت، وكانت له حاجة إلى بعض الملوك، فقيل له: لو أتيته فكلّمته، فقال: قد أردت إتيانه، ثم ذكرت القرآن والعلم فأكرمتهما عن ذلك) «5» اه. قال أبو عبيد: وثنا هشيم «6» عن مغيرة «7» عن إبراهيم «8»: (كانوا يكرهون أن يتلوا الآية عند الشيء لعرض «9» من أمر «10» الدنيا) «11».

_ (1) شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي القاضي أبو أمية، مخضرم ثقة، وقيل: له صحبة، ومات قبل الثمانين أو بعدها، قال بعضهم: حكم 70 سنة. التقريب 1/ 349، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص 20 وتذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 59، وراجع الحلية لأبي نعيم 1/ 132. (2) هكذا في النسخ: بعضك، وفي فضائل القرآن لأبي عبيد ص: 53 نفقتك. (3) معمر- بالتشديد- بن سليمان النخعي الرقي أبو عبد الله الكوفي من التاسعة. التقريب 2/ 266. قال الذهبي: ثقة وقور صالح، مات سنة 191 هـ. الكاشف 3/ 165. (4) الرّقة- بفتح الراء المشددة وسكون القاف- كل أرض إلى جنب واد ينبسط الماء عليها أيام المد ثم ينضب، جمع رقاق وبلد على الفرات واسطة ديار ربيعة وآخر غربي بغداد اه. القاموس المحيط 3/ 245 «رقق». (5) ذكره أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب ما يستحب لحامل القرآن من إكرامه وتعظيمه وتنزيهه ص 61. (6) هشيم- بالتصغير- بن بشير- مكبر- بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية الواسطي ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي من السابعة، مات سنة 183 هـ. التقريب 2/ 320، والميزان 4/ 306، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 353. (7) مغيرة بن مقسم- بكسر الميم- الضبي مولاهم أبو هاشم الكوفي الأعمى ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم النخعي من السادسة، مات سنة 136 هـ على الصحيح. التقريب 2/ 270، والميزان 4/ 165. (8) إبراهيم بن يزيد النخعي تقدم. (9) هكذا في الأصل: لعرض. وفي بقية النسخ: يعرض. (10) كلمة (أمر) ساقطة من ظ. (11) ذكره أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله، باب ما يستحب لحامل القرآن ... الخ ص 62، وذكره النووي في التبيان في الباب السادس ص 66، والقرطبي بنحوه بلفظ أطول قال: ومنها- أي من آداب قراءة القرآن- أن لا يتأوله عند ما يعرض له من أمر الدنيا، وروى هشيم .. وذكره قال: ومن ذلك مثل قوله (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) هذا عند حضور الطعام وأشباه هذا اه. التذكار الباب الثالث والثلاثون ص 116.

ذكر فضل قيام حامل القرآن به

قال أبو عبيد: (وهذا كالرجل يريد لقاء صاحبه، أو يهم بالحاجة، فتأتيه «1» من غير طلب، فيقول:- كالمازح- جئت «2» على قدر يا موسى!، وهذا من الاستخفاف بالقرآن). ومنه قول ابن شهاب: (لا تناظر بكتاب الله ولا بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم) «3». قال أبو عبيد: يقول «4»: لا تجعل لهما نظيرا من القول ولا الفعل. ذكر فضل قيام حامل القرآن به وعن مخرمة بن شريح الحضرمي «5» قال: (ذكر رجل عند النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: ذاك لا يتوسد «6» القرآن) «7». قال: وعن الحسن (أنه سئل عمن جمع القرآن، أينام عنه؟ فقال: يتوسد القرآن؟! لعن الله ذلك) «8».

_ (1) في د وظ: فيأتيه. (2) في د: وجبت. وفي ظ: وجيت (3) ذكره أبو عبيد أيضا ص 62. (4) (يقول) ليست في د وظ. (5) ذكره خليفة بن خياط في تاريخه وقال: انه استشهد يوم اليمامة ص 111، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب 6/ 52، وابن حجر في الإصابة 9/ 145، 5/ 70. (6) قال ابن الأعرابي: (لقوله: لا يتوسد القرآن، وجهان: أحدهما: مدح والآخر ذم، فالذي هو مدح أنه لا ينام عن القرآن ولكن يتهجد به، ولا يكون القرآن متوسّدا معه بل هو يداوم قراءته ويحافظ عليها، وفي الحديث: (لا توسدوا القرآن واتلوه حق تلاوته). والذي هو ذم أنه لا يقرأ القرآن ولا يحفظه ولا يديم قراءته، وإذا نام لم يكن معه من القرآن شيء، فإن كان مدحه فالمعنى هو الأول وان كان ذمه فالمعنى هو الآخر. قال أبو منصور: وأشبههما أنه أثنى عليه وحمده اه. اللسان 3/ 460 «وسد». وراجع النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 5/ 182. (7) رواه الإمام أحمد في مسنده بسنده إلى الزهري عن السائب بن يزيد أن شريحا الحضرمي ذكر عند النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: وذكره، المسند 3/ 449، وبهذا يتبين أن الرجل الذي ذكر هو والد مخرمة راوي الحديث. ورواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى مخرمة بن شريح الحضرمي باب ما يؤمر به حامل القرآن من تلاوته و .. الخ ص 65. وأورده ابن حجر عند ترجمته لشريح الحضرمي وصححه. انظر الإصابة 5/ 70 رقم 3884. (8) قال أبو عبيد: وقد ذكرنا تفسير التوسد عن الحسن ... وذكره.

وقال الحسن: (قرّاء القرآن: ثلاثة أصناف: أ) فصنف اتخذوه بضاعة يأكلون به. ب) وصنف أقاموا حروفه وضيّعوا حدوده، واستطالوا «1» به على أهل بلادهم واستدرّوا «2» به الولاة، كثير هذا الضرب من حملة القرآن لا كثرهم الله. ج) وصنف عمدوا الى دواء القرآن فوضعوه على داء «3» قلوبهم، واستشعروا الخوف وارتدوا الحزن، فأولئك الذين يسقي الله بهم الغيث وينصر بهم على الأعداء. والله لهذا الضرب في حملة القرآن أعزّ من الكبريت «4» الأحمر) «5». وعن أبي الأحوص «6» قال: (إن كان الرجل ليطرق «7» الخباء «8» فيسمع فيه كدوي «9» النحل، فما لهؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون) «10»؟!.

_ (1) استطال على الناس إذا رفع رأسه، ورأى أن له عليهم فضلا في القدر. اللسان 11/ 412 (طول). (2) أي استجلبوهم وطلبوا درّهم وعطاياهم. انظر نحوه في المصدر نفسه 4/ 28 (درر). (3) قوله: .. القرآن فوضعوه على داء .. الخ هذه العبارة سقطت من ظق وأضيفت في الحاشية لكنها لم تظهر. (4) الكبريت: معروف، وهذا كقولهم: أعز من بيض الأنوق، ويقال: ذهب كبريت أي خالص. اللسان 5/ 130 (كبر). وكبرته: عالجته بالكبريت، وهو عنصر ذو شكلين بلورين وثالث غير بلوري نشيط كيميائيا، وينتشر في الطبيعة شديد الاشتعال اه. المعجم الوسيط 2/ 773. (5) ذكره أبو عبيد بسنده إلى الحسن ص 65 وفي سنده عمار بن سيف الضبي الكوفي، قال ابن حجر: «ضعيف الحديث وكان عابدا» اه التقريب 2/ 47. وله شاهدان لا يخلو كل واحد منهما من ضعف في سنده. انظر كنز العمال 1/ 622، 624 رقم 2880، 2882، وله شاهد كذلك ذكره بنحوه ابن المبارك في كتاب الزهد بسنده إلى الحسن باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 274. (6) عوف بن مالك بن نضلة- بفتح النون وسكون المعجمة- الجشمي- بضم الجيم وفتح المعجمة- أبو الأحوص الكوفي، مشهور بكنيته ثقة من الثالثة، من أصحاب عبد الله بن مسعود، روى عن علي بن الأقمر الوادعي وغيره. راجع التقريب 2/ 90، والجرح والتعديل 7/ 14، 6/ 174، والكنى للإمام مسلم 1/ 91. (7) الطروق: المجيء ليلا. انظر غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 233 ومختار الصحاح 391 (طرق). (8) تقدم معناه ص 265. (9) الدوي: الصوت، يقال: دوّى الصوت يدوي تدوية كدوي النحل وغيره. اللسان 14/ 281 (دوى). (10) ذكره أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي الأحوص ص 67. وذكره النووي في التبيان في الباب الخامس كذلك عن أبي الأحوص ص 34.

في كم يختم القارئ القرآن

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست «1» تقرؤه- أو فلا تقرأه» «2». وقال الحسن: (إن أولى الناس بهذا القرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه) «3». في كم يختم القارئ القرآن وسأل أبو صعصعة «4» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (في كم أقرأ القرآن؟ فقال: في كل خمس عشرة، فقال: إني أجدني أقوى من ذلك، فقال: ففي كل جمعة) «5». (وكان عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن في غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة ويقرؤه في رمضان في ثلاث). (وكذلك «6» تميم «7» والأعمش يختمان في كل سبع، وكان أبيّ يختمه في كل ثمان،

_ (1) في ظ: فليست. خطأ. (2) أخرجه أبو عبيد في فضائله باب ما يوصف به حامل القرآن من تلاوته بالاتباع والطاعة والعمل به ص 71. ثم ذكر له شواهد عن الحسن بن علي رضي الله عنهما. قال المناوي: «وسنده ضعيف» اه فيض القدير 2/ 61. (3) انظر تخريج الحديث السابق (اقرأ القرآن ما نهاك ... ). وهذا فيه زجر وتهديد لمن يقرأ القرآن ولم يعمل به، والحجة قائمة عليه أكثر من غيره، وقد يكون هناك إنسان لا صلة له بحفظ القرآن ولكن قلبه مملوء بالإيمان فإذا سمع آيات الله تتلى عليه انصاع لها وعمل بها فهذا لا شك خير ممن يجيد القرآن ولكنه مضيع لحدوده نسأل الله السلامة والعافية. (4) هكذا في النسخ (أبو صعصعة) وليس كذلك إنما السائل قيس بن أبي صعصعة واسم أبي صعصعة: عمرو بن زيد بن عوف الأنصاري شهد العقبة وبدرا. راجع ترجمته في الإصابة 8/ 193 رقم 7181. (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله باب القارئ يقرأ القرآن من سبع ليال إلى ثلاث ص 109. وعزاه الهندي في كنز العمال إلى ابن منده وابن عساكر 2/ 326 رقم 4147. وأورده ابن حجر عند ترجمته لقيس بن أبي صعصعة، قال: أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن ومحمد بن نصر المروزي في قيام الليل والطبراني وغيرهم من طريق حبّان بن واسع بن حبّان عن أبيه عن قيس بن أبي صعصعة أنه قال (يا رسول الله ... ) وذكره 8/ 193. (6) في بقية النسخ: وكذلك كان تميم ... الخ. وهو الصواب. (7) تميم بن أوس بن خارجة الداري أبو رقية- بقاف وتحتانية مصغرا- صحابي مشهور سكن بيت المقدس بعد مقتل عثمان قيل مات سنة 46 هـ. التقريب 1/ 113، والإصابة 1/ 304 رقم 833 وصفة الصفوة: 1/ 737.

وكان الأسود «1» يختمه في ست «2»، وكان علقمة يختمه في خمس) «3». وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يفقهه من قرأه في أقل من ثلاث» «4». وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: (كان «5» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يختم القرآن في أقل من ثلاث) «6». وحدّثني الغزنوي- رحمه الله- بإسناده إلى أبي عيسى- رحمه الله- ثنا عبيد بن

_ (1) الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن مخضرم ثقة مكثر فقيه من الثانية، مات سنة 54 هـ أو نحوها. التقريب 1/ 77، وانظر صفة الصفوة 3/ 23. (2) ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة عند ترجمته للاسود بن يزيد 3/ 23. (3) ذكر هذا عنهم أبو عبيد في فضائله بأسانيده إلى عبد الله بن مسعود وتميم الداري وإبراهيم النخعي- بدل الأعمش- وأبيّ بن كعب والأسود وعلقمة، باب القارئ يقرأ القرآن من سبع ليال إلى ثلاث ص 109، وكذلك ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب في القرآن في كم يختم 2/ 501. قلت: والناس يتفاوتون في هذا قوة وضعفا ونشاطا وكسلا وانشغالا سواء كان الانشغال بالعلم وأمور المسلمين أو غير ذلك، من أمور الدنيا وسيأتي عن بعض هؤلاء كتميم الداري وعلقمة وغيرهما أنهم كانوا يختمون القرآن في ليلة. وقد ذكر كل من النووي والقرطبي كلاما نفيسا حول هذا فانظره في التبيان في آداب حملة القرآن ص 30، والتذكار في أفضل الاذكار ص 64 فما بعدها. (4) رواه الترمذي في أبواب القراءات الباب الرابع بسنده إلى عبد الله بن عمرو بلفظ (لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث) 8/ 271 وص 276. وقال: حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود في كتاب الصلاة أبواب قراءة القرآن 2/ 113، وأبو عبيد في فضائله ص 111 والنسائي في فضائل القرآن باب في كم يقرأ القرآن ص 68. وفي الحديث دلالة على أنه من قرأه في أقل من ثلاث فقد لا يفهم معانيه ولا يتفكر ولا يتدبر. (5) في الأصل: قالت: قال رسول الله .. الخ ثم وضع الناسخ كلمة (كان) فوق (قال) ولم يطمسها. (6) رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عائشة رضي الله عنها ص 111. قال ابن كثير:- بعد أن نقل هذا الحديث عن أبي عبيد- «هذا حديث غريب جدا وفيه ضعف، فإن الطيب بن سليمان- أحد رجال السند- هذا بصري ضعفه الدارقطني وليس هو بذاك المشهور والله أعلم» اه فضائل القرآن ص 5. قلت: لكن متنه صحيح تشهد له أحاديث الباب التي ساقها السخاوي. يقول ابن حجر:- عند كلامه على هذا الحديث- وعند أبي داود، والترمذي مصححا من طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)، وشاهده عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن ابن مسعود (اقرءوا القرآن في سبع ولا تقرءوه في أقل من ثلاث) .. وهذا اختيار أحمد، وأبي عبيد، واسحاق بن راهويه وغيرهم وثبت عن كثير من السلف أنهم قرءوا القرآن دون ذلك) اه الفتح 9/ 96.

أسباط بن محمد القرشي «1» قال: حدّثني أبيّ «2» عن مطرف «3» عن أبي إسحاق «4» عن أبي بردة «5» عن عبد الله بن عمرو قال: (قلت: يا رسول الله، في كم أقرأ القرآن؟ قال: أختمه في شهر، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: أختمه في عشرين، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: اختمه في خمسة عشر، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: اختمه في عشر، قلت «6»: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: اختمه في خمس، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فما رخص لي) «7». هذا حديث حسن صحيح. قال: وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عبد الله بن عمرو «8». وروي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» «9».

_ (1) أبو محمد الكوفي: صدوق من الحادية عشرة مات سنة 250 هجرية التقريب 1/ 541، وانظر الجرح والتعديل 5/ 402. (2) أسباط بن محمد بن عبد الرحمن القرشي مولاهم أبو محمد ثقة ضعف في الثوري من التاسعة مات سنة 200 هـ. التقريب 1/ 53 وانظر الميزان 1/ 175. (3) مطرف- بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة- ابن طريف الكوفي أبو بكر أو أبو عبد الرحمن، ثقة فاضل من صغار السادسة مات سنة 141 هـ أو بعدها. التقريب 2/ 253 وانظر الجرح والتعديل 8/ 313. (4) أبو اسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله تقدم. (5) عامر بن عبد الله بن قيس أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقة من الثالثة، مات سنة 104 هـ وقيل غير ذلك. التقريب 1/ 388، 2/ 394، وتاريخ الثقات 491، والكنى للإمام مسلم 1/ 149. (6) في د وظ: قال اني أطيق ... الخ. (7) قال ابن حجر: وكأنّ النهي ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق .. اه. إلى أن قال: وأغرب بعض الظاهرية فقال: يحرم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وقال النووي: «أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص» اه. والله أعلم. فتح الباري 9/ 97، وراجع تحفة الأحوذي 8/ 271، 272. (8) رواه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 271، ورواه النسائي في فضائل القرآن باب في كم يقرأ القرآن ص 67 والدارمي في سننه بنحوه، كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن: 2/ 471، وعبد الرزاق في المصنف 3/ 355. وأصله في صحيح البخاري بألفاظ مختلفة. راجع فتح الباري 9/ 94. (9) تقدم تخريجه قريبا ص 347.

قال: وروى عن عبد الله بن عمرو- رحمه الله- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: «اقرأ القرآن في أربعين» «1». قال: وقال إسحاق بن إبراهيم «2»: (ولا نحب للرجل أن يأتي عليه أكثر من أربعين يوما ولم يقرأ القرآن) لهذا الحديث. قال: وقال بعض أهل العلم: لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، للحديث الذي روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «3». قال: ورخص فيه بعض أهل العلم «4». وروي عن عثمان بن عفان- رحمه الله- (أنه كان يقرأ القرآن في ركعة «5» يوتر بها) وروي عن سعيد بن جبير رحمه «6» الله أنه قرأ القرآن في ركعة في الكعبة «7» قال: (والترتيل

_ (1) سنن الترمذي أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 272 ثم وصله بسنده إلى عبد الله بن عمرو، ثم قال: «هذا حديث حسن غريب» اه ورواه النسائي بلفظ أطول مما هنا في فضائل القرآن باب في كم يقرأ القرآن ص 68، وكذلك أبو داود في كتاب الصلاة باب في تحزيب القرآن 2/ 116. وقد ذكر ابن حجر رواية أبي داود والترمذي والنسائي، ثم قال: «هذا- ان كان محفوظا- احتمل في الجمع بينه وبين الروايات الأخرى تعدد القصة، فلا مانع أن يتعدد قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن عمرو ذلك تأكيدا، ويؤيده الاختلاف الواقع في السياق وهو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال أو المآل .. » اه. الفتح 9/ 97 بتصرف يسير. (2) إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي أبو محمد ابن راهويه المروزي ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، تغير قبل موته بقليل، مات سنة 238 هـ. التقريب 1/ 54، والميزان 1/ 182. (3) وهو الحديث الذي تقدم قريبا عن عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره مرفوعا. قال ابن كثير: «وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقل من ثلاث كما هو مذهب أبي عبيد وإسحاق بن راهويه وغيرهما من الخلف أيضا» اه. ثم ذكر الأحاديث في ذلك عن معاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود، وصحح أسانيدها. فضائل القرآن ص 50. (4) سنن الترمذي أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 272 وراجع في هذا كلام القرطبي في التذكار الباب السابع عشر ص 64 فما بعدها. والنووي في التبيان الباب الخامس ص 30 فما بعدها. وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8/ 272. وقد تقدم كلام ابن حجر والنووي في هذا، وهو أن الناس يتفاوتون في هذا حسب ظروفهم وأحوالهم. (5) حرفت في د: إلى (ربعة). (6) في د وظ: رضي الله عنه. (7) وقد نقل شارح سنن الترمذي عن كثير من السلف أنه كان يختم في ليلة أو نحو ذلك، ثم قال: «وهكذا لو تتبعت تراجم أئمة الحديث لوجدت كثيرا منهم أنهم كانوا يقرءون القرآن في أقل من ثلاث، فالظاهر أن هؤلاء الأعلام لم يحملوا النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على التحريم» اه تحفة الأحوذي 8/ 273.

في القراءة أحب الى أهل العلم) «1» اه. وروى أبو عبيد- رحمه الله- عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي «2» قال: (قلت: لأغلبن الليلة على الحجر «3»،- يعني المقام- فقمت، فلما قمت فإذا أنا برجل متقنّع يزحمني، فنظرت، فإذا عثمان بن عفان- رحمة الله عليه وبركاته- فتأخرت عنه، فصلّى فإذا هو يسجد بسجود «4» القرآن حتى إذا قلت: هذي هوادي الفجر «5»، أوتر بركعة، لم يصل غيرها، ثم انطلق) «6». قال أبو عبيد: وحدّثنا هشيم، قال: أنبأ منصور عن ابن سيرين قال: قالت نائلة ابنة الفرافصة الكلبية «7» - رحمها الله- حيث دخلوا على عثمان رحمه الله ليقتلوه- (إن تقتلوه

_ (1) سنن الترمذي أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 272. «وهذا هو المختار، لأنه صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ القرآن بالترتيل وكانت قراءته مفسرة حرفا حرفا، واتباعه صلّى الله عليه وسلّم أحب وأولى» راجع تحفة الأحوذي 8/ 273، وهذا الذي أميل إليه وتطمئن النفس إليه. والله أعلم. «والدلائل عليه أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، فهو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب» اه التبيان في آداب القرآن ص 43. (2) عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله التيمي- بفتح التاء المشددة- ابن أخي طلحة، صحابي، قتل مع ابن الزبير بمكة سنة 73 هـ. التقريب 1/ 490، وانظر الاستيعاب 6/ 59، والإصابة 6/ 300 رقم 5151. (3) يظهر أنه الحجر- بفتح الحاء والجيم- وهو مقام إبراهيم- عليه السلام- وقد جاء في رواية ابن أبي شيبة: قال: «فقمت خلف المقام أصلي ... » والله أعلم. وقد ضبطت في بقية النسخ: بكسر الحاء وسكون الجيم، وكأنّهم يقصدون حجر إسماعيل- عليه السلام- والذي أراه أنه بفتح الحاء والجيم كما أثبته وهو المناسب للسياق. والله أعلم. (4) هكذا في الأصل ود وظق: بسجود القرآن، وفي ظ وفضائل القرآن لأبي عبيد: سجود. والمعنى أن سجوده كان مساويا لقراءته. والله أعلم. (5) الهادية من كل شيء: أوله وما تقدم منه، ولهذا قيل: أقبلت هوادي الخيل، إذا بدت أعناقها، وهوادي الليل: أوائله، وكذلك أوائل الفجر، لتقدمها كتقدم الأعناق اللسان 15/ 357 (هدى). (6) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى السائب بن يزيد أن رجلا سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبيد الله، فقال ان شئت أخبرتك عن صلاة عثمان، فقال: نعم، قال: قلت: لأغلبن ... وذكره، باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو ركعة ص 114، ونقله ابن كثير عن أبي عبيد، وقال: وهذا اسناد صحيح فضائل القرآن ص 50. وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب من رخص أن يقرأ القرآن في ليلة وقراءته في ركعة 2/ 502. (7) نائلة ابنة الفرافصة- بفتح الفاء الأولى- بن الأحوص، زوجة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، كانت خطيبة شاعرة من ذوات الرأي والشجاعة، وكانت ممن وقف يدافع عن عثمان عند ما أرادت تلك الفئة الباغية قتلة، وقطعت دونه، وبعد مقتل عثمان أبت الزواج بعده. راجع طبقات ابن

أو تدعوه «1»، فقد كان يحيي الليل في «2» ركعة يجمع فيها القرآن) «3». وعن ابن سيرين (أن تميما الداري قرأ القرآن في ركعة) «4». وعن إبراهيم عن علقمة: (أنه قرأ القرآن في ليلة، طاف بالبيت أسبوعا «5»، ثم قرأ بالطول، ثم طاف أسبوعا، ثم أتى المقام، فصلّى عنده، فقرأ بالمئين «6»، ثم طاف أسبوعا، ثم أتى المقام فقرأ بالمثاني، ثم طاف أسبوعا، ثم أتى المقام فصلّى عنده فقرأ بقية القرآن) «7». قال أبو عبيد: وثنا سعيد بن عفير «8» عن بكر بن مضر «9» (أن سليم بن عتر

_ سعد 8/ 483، والأعلام 7/ 343. يقول ابن منظور: والفرافصة: أبو نائلة امرأة عثمان رضي الله عنه ليس في العرب من يسمى بالفرافصة بالألف واللام غيره ... وكل ما في العرب فرافصة بضم الفاء- إلا فرافصة ابي نائلة امرأة عثمان، بفتح الفاء لا غير اه. اللسان 7/ 66 (فرفص). (1) في د وظ: إن يقتلوه أو يدعوه ... الخ. (2) في بقية النسخ: بركعة. (3) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى نائلة باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة ص 114. ونقله عنه ابن كثير، وقال: «وهذا حسن» اه فضائل القرآن ص 50، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب في الرجل يقرن السور في الركعة .. الخ 2/ 367. (4) ذكره أبو عبيد ص 114، ونقله عنه ابن كثير في فضائل القرآن وقال: «صحيح الإسناد» اه ص 50. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف بسنده عن ابن سيرين كتاب الصلاة: 2/ 502، وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة عند ترجمته لتميم الداري 1/ 738. (5) يقال: طفت بالبيت اسبوعا، والأسبوع من الطواف سبعة أطواف، ويجمع على أسبوعات. اللسان 8/ 146 (سبع). ومنه الحديث (من طاف بالبيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة ... الحديث)، رواه الترمذي والنسائي والحاكم وابن ماجة. راجع تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 3/ 604. (6) في د وظ: فصلى عنده بالمئين. إلا أن كلمة (بالمئين) حرفت في ظ إلى (التين). (7) رواه أبو عبيد بسنده إلى إبراهيم- هو النخعي- عن علقمة باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو ركعة ص 115 ونقله عنه ابن كثير وصحح إسناده فضائل القرآن له ص 50، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلوات مختصرا 2/ 503. (8) سعيد بن كثير بن عفير- بالمهملة والفاء مصغرا- الأنصاري مولاهم المصري، وقد ينسب إلى جده، صدوق عالم بالانساب وغيرها، من العاشرة مات سنة 226 هـ. التقريب 1/ 304، والميزان 2/ 155، والكنى للإمام مسلم 1/ 552 والجرح والتعديل 4/ 56. (9) بكر بن مضر بن محمد حكيم المصري أبو محمد أو أبو عبد الله، ثقة ثبت من الثامنة مات سنة 173 هـ أو نحوها. التقريب 1/ 107 وتاريخ الثقات ص 85، ومشاهير علماء الأمصار ص 191.

التجيبي «1» كان يختم القرآن في الليلة ثلاث مرات، ويجامع ثلاث مرات، قال: فلمّا مات، قالت امرأته: رحمك الله، إن كنت لترضي ربّك، وترضي أهلك، قالوا: وكيف ذاك؟ قالت: (كان يقوم من الليل فيختم القرآن، ثم يلم بأهله ويغتسل، ويعود فيقرأ حتى يختم، ثم يلم بأهله ثم يغتسل فيعود فيقرأ حتى يختم، ثم يلم بأهله ثم يغتسل فيخرج لصلاة الصبح) «2». قال أبو عبيد: الذي عليه أمر الناس، أن الجمع بين السور في الركعة حسن واسع غير مكروه، والذي فعله عثمان- رحمه الله- وتميم الداري وغيرهما هو من وراء كل جمع، ومما يقوي ذلك: حديث عبد الله (قد علمت النظائر «3» التي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرن بينهن) «4». قال: (إلا أن الذي اختار من ذلك أن لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث للأحاديث

_ (1) قال العجلي: تابعي ثقة. تاريخ الثقات ص 200، وقال ابن كثير: «كان من كبار التابعين، وكان ممن شهد خطبة عمر بن الخطاب بالجابية، وكان من الزهادة والعبادة على جانب عظيم، وكان يختم القرآن في كل ليلة ثلاث ختمات في الصلاة وغيرها»، البداية والنهاية 9/ 124. (2) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو ركعة ص 114، ونقله عنه ابن كثير، قال: ومن أغرب ما هاهنا ما رواه أبو عبيد رحمه الله حدثنا سعيد بن عفير ... وذكره. قلت:- ابن كثير- كان سليم بن عتر تابعيا جليلا ثقة نبيلا، وكان قاضيا بمصر أيام معاوية .. الخ. فضائل القرآن ص 50. وهذا الأثر أخرجه أيضا بنحوه العجلي في تاريخ الثقات عند ترجمته لسليم بن عتر، ص 200، وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة 4/ 309 مختصرا. (3) قال القرطبي: النظائر والقرائن: هي السور المتقاربة في المقدار .. «اه التذكار: 96، وقال ابن حجر: أي السور المتماثلة في المعاني كالموعظة والحكم والقصص لا المتماثلة في عدد الآي ... » اه. فتح الباري 2/ 259. وأقول: لا مانع من توفر المعنيين، فقد يلاحظ فيهما التقارب في عدد الآي والتناسب في المعنى. وقد جاء بيان السور التي كان عليه الصلاة والسلام يقرن بينهن في رواية أبي داود قال: ( .. النجم والرحمن في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ونون في ركعة وسأل والنازعات في ركعة، ووَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهَلْ أَتى ولا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ في ركعة وعَمَّ يَتَساءَلُونَ والمرسلات في ركعة، والدخان إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ في ركعة). ثم قال أبو داود: «هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله» اه. كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن 2/ 117، وراجع هذا الموضوع بتوسع في فتح الباري 2/ 259. (4) رواه البخاري بسنده قال: «جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذّا كهذّ الشعر لقد علمت .. » وذكره، كتاب الأذان باب الجمع بين السورتين في الركعة .. الخ 1/ 189. ورواه أبو داود في كتاب الصلاة من سننه بلفظ أطول باب تحزيب القرآن 2/ 117، والنسائي في سننه كتاب الافتتاح باب قراءة سورتين في ركعة 2/ 175.

ذكر الوعيد الشديد لمن نسي القرآن

التي ذكرناها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه) «1» اه. ذكر الوعيد الشديد لمن نسي القرآن وقال أبو عبيد: ثنا حجاج عن ابن جريح «2» قال: حدثت «3» عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عرضت عليّ أجور أمتي، حتى القذاة «4» والبعرة «5» يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت عليّ ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر «6» من آية أو سورة من كتاب الله أوتيها رجل فنسيها» «7». قال: وحدّثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد «8» عن عيسى بن فائد «9»

_ (1) قال النووي: « .. وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة ويدل عليه الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ... » وذكره. وقد تقدم. انظر التبيان ص 32. (2) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكي، ثقة فاضل وكان يدلس ويرسل، من السادسة، مات سنة 150 هـ أو بعدها. التقريب 1/ 520، والميزان 2/ 659، وتاريخ الثقات: 310. (3) حرفت في ظ إلى (حديث). (4) حتى القذاة: بفتح القاف، وهي ما يقع في العين من تراب أو وسخ، تحفة الأحوذي 8/ 233. (5) البعر، معروف، والسكون لغة، وهو من ذي ظلف وخف، والجمع: أبعار مثل سبب وأسباب .. المصباح المنير 53 (بعر). (6) (ولقائل أن يقول: هذا مناف لما ذكر في باب الكبائر، قيل له: ان سلّم أن أعظم وأكبر مترادفان، فالوعيد على النسيان لأجل أن مدار هذه الشريعة على القرآن، فنسيانه كالسعي في الاخلال بها، فإن قال: النسيان لا يؤاخذ به، قيل له: المراد تركها عمدا إلى أن يفضي إلى النسيان). وقيل المعنى: «أعظم من الذنوب الصغائر ان لم تكن عن استخفاف وقلة تعظيم» اه. من تحفة الأحوذي 8/ 233. (7) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- باب القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه وما في ذلك من التغليظ ص 133، وعبد الرزاق في المصنف 3/ 361، ورواه الترمذي في أبواب فضائل القرآن باب رقم 19 وقال: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به محمد بن إسماعيل- يعني البخاري- فلم يعرفه واستغربه .. اه 8 233. ورواه أبو داود في كتاب الصلاة باب في كنس المسجد 1/ 316. قال صاحب تحفة الأحوذي: «ورواه أبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه وسكت عنه أبو داود، وقال المنذر؛ وفي إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد الأزدي مولاهم المكي وثقة يحيى بن معين وتكلم فيه غير واحد» اه 8/ 234. وللحديث شاهدان ذكرهما الإمام أحمد في مسنده 5/ 178، 180. (8) يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم الكوفي، ضعيف، كبر فتغير وكان شيعيا، من الخامسة، مات سنة 136 هـ. التقريب 2/ 365، وراجع الميزان 4/ 423. (9) عيسى بن فائد- بالفاء- أمير الرقة، مجهول، من السادسة، وروايته عن الصحابة مرسلة. التقريب

عن من سمع سعد بن عبادة «1» يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أحد تعلّم القرآن (ثم نسي) «2» إلّا لقى الله عزّ وجلّ أجذم «3» «4». وقال أبو عبيد: حدّثنا عبد الله بن المبارك «5» عن عبد العزيز بن أبي رواد «6» قال: سمعت الضحاك بن مزاحم «7» يقول: (ما من أحد تعلّم القرآن، ثم نسيه إلّا بذنب يحدثه لأن الله تعالى يقول: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ «8»، وإن

_ 2/ 101، والجرح والتعديل 6/ 284. قال الذهبي: عيسى بن فائد لا يدري من هو اه الميزان 3/ 319. (1) سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، أحد النقباء، وأحد الأجواد وقع في صحيح مسلم أنه شهد بدرا، والمعروف عند أهل المغازي أنه تهيأ للخروج، فنهش فأقام، مات بأرض الشام سنة 15 هـ وقيل غير ذلك. التقريب 1/ 288، وراجع مشاهير علماء الأمصار ص 10، والإصابة 4/ 152 رقم 3167. (2) أضيفت في الأصل في الحاشية فلم تظهر. (3) قال أبو عبيد في غريب الحديث: قوله؛ (أجذم): «هو المقطوع اليد» اه 1/ 499. وقد نقل الخطابي عبارة أبي عبيد هذه، ثم قال: «وقال ابن قتيبة الأجذم هاهنا: المجذوم، وقال ابن الأعرابي: معناه أنه يلقى الله خالي اليدين عن الخير، كنى باليد عما تحويه اليد، وقال آخر: معناه: أنه يلقى الله لا حجة له» اه معالم السنن بهامش سنن أبي داود 2/ 158، وقال أبو عمر- ابن عبد البر-: يعني منقطع الحجة. انظر التذكار في أفضل الأذكار الباب الثامن والثلاثون ص 137. (4) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه ... الخ ص 133، وعبد الرزاق في المصنف 3/ 365. والدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب من تعلم القرآن ثم نسيه 2/ 437، وأبو داود في كتاب الصلاة باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه 2/ 158، وابن أبي شيبة في المصنف باب في نسيان القرآن 10/ 478. ورواه بلفظ أطول الإمام أحمد في مسنده 5/ 284. والحديث كما ترى- في سنده رجلان أحدهما مجهول والآخر ضعيف، وقد ساق الذهبي هذا الحديث عند ترجمته لعيسى بن فائد، وقال: «هذا منقطع، وعيسى يتأمل حاله» اه الميزان 3/ 319. (5) عبد الله بن المبارك المروزي مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة 181 هـ. التقريب 1/ 445، وصفة الصفوة: 4/ 134، وتاريخ الثقات 275. (6) عبد العزيز بن أبي رواد- بفتح الراء وتشديد الواو- صدوق عابد، ربما وهم، رمي بالارجاء، من السابعة، مات سنة 159 هـ. التقريب 1/ 509، والميزان 2/ 628، وصفة الصفوة 2/ 228. (7) الضحاك بن مزاحم الهلالي ابو القاسم الخراساني، صدوق كثير الإرسال من الخامسة، مات بعد المائة. التقريب: 1/ 373، طبقات المفسرين للداودي: 1/ 222. (8) الشورى (30).

نسيان القرآن من أعظم المصائب) «1». قال: وثنا إسماعيل بن إبراهيم «2» عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير «3» عن أبي راشد الحبراني «4» قال: قال عبد الرحمن بن شبل «5»: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به، ولا تستكبروا به- أو تستكثروا «6» به «7» -» شك أبو عبيد «8».

_ (1) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه وما في ذلك من التغليظ ص 134. وابن أبي شيبة في المصنف بسنده إلى الضحاك بن مزاحم، وفي آخره؛ ثم قال الضحاك: «وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن» اه كتاب فضائل القرآن باب في نسيان القرآن 10/ 478. (2) إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم- بكسر الميم وسكون القاف- الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بابن علية، ثقة حافظ من الثامنة مات سنة 193 هـ أو نحوها. التقريب 1/ 65 والجرح والتعديل 2/ 153، والميزان 1/ 216 وطبقات المفسرين للداودي 1/ 150. (3) يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نضر اليمامي ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل من الخامسة مات سنة 132 هـ، وقيل قبل ذلك التقريب 2/ 356. (4) أبو راشد الحبراني- بضم المهملة وسكون الموحدة- الشامي، قيل اسمه أخضر وقيل النعمان ثقة من الثالثة، قال العجلي: «لم يكن بدمشق في زمانه أفضل منه» اه. التقريب 2/ 421، وتاريخ الثقات 497. (5) عبد الرحمن بن شبل- بكسر المعجمة وسكون الموحدة- بن عمر بن زيد الأنصاري الأوسي، أحد النقباء المدني، نزيل حمص مات في أيام معاوية. التقريب 1/ 483، والإصابة 6/ 288، رقم 5131. (6) في د وظ: ولا تستكبروا به وتستكثروا به .. الخ. (7) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب القارئ يستأكل بالقرآن .. الخ ص 137، وهو في مسند الإمام أحمد 3/ 428، وانظر مجمع الزوائد 7/ 167. وأورده النووي في التبيان الباب الخامس ص 29، وابن حجر بمناسبة ترجمته لعبد الرحمن بن شبل. الإصابة (6/ 288). وعزاه الهندي في كنز العمال إلى الإمام أحمد والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان وأبي يعلى كلهم عن عبد الرحمن بن شبل 1/ 511 رقم 2270. (8) عند أحمد: ولا تستكثروا به دون شك.

ذكر سؤال الله تعالى بالقراءة وخشيته

ذكر سؤال الله تعالى بالقراءة وخشيته وعن أبي سعيد الخدري- رحمه الله- عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «تعلّموا القرآن واسألوا الله به قبل أن يتعلّمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلّمه ثلاثة نفر، رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأه لله» «1». وقال أبو عبيد، ثنا سعيد بن عبد الرحمن وقال أبو عبيد: ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي «2» قال: سمعت أبا حازم «3» يقول: («مرّ ابن عمر برجل من أهل العراق ساقط «4»، والناس حوله، فقال: ما هذا؟ فقالوا: إذا فقال ابن عمر: والله إنّا لنخشى الله تعالى وما نسقط «5»).

_ (1) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي سعيد الخدري يرفعه، باب القارئ يستأكل بالقرآن .. الخ ص 137. وعزاه في الكنز إلى محمد بن نصر في قيام الليل والبيهقي في شعب الإيمان كلاهما عن أبي سعيد الخدري 1/ 531 رقم 2379. قال القرطبي: وروي عنه صلّى الله عليه وسلم قال: «تعلموا القرآن ... الخ» وذكره دون عزو، التذكار في أفضل الأذكار، الباب الحادي والعشرون ص 76، وله شواهد عند ابن أبي شيبة في المصنف كتاب فضائل القرآن باب من كره أن يتأكل بالقرآن 10/ 479. (2) أبو عبد الله المدني، قاضي بغداد، صدوق له أوهام، من الثامنة أفرط ابن حبان في تضعيفه، مات سنة 176 هـ. التقريب 1/ 300، والميزان 2/ 148، والجرح والتعديل 4/ 41. (3) سلمة بن دينار التمار الأعرج أبو حازم الغفاري مولاهم، المدني القاضي مولى الأسود بن سفيان، ثقة عابد من الخامسة. التقريب 1/ 316، والكنى للإمام مسلم 1/ 238، وللدولابي 1/ 141 وصفة الصفوة 2/ 156. (4) هي هكذا في النسخ وكذلك في التذكار للقرطبي، أما في فضائل القرآن لأبي عبيد: ساقطا. (5) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن .. الخ ص 145.

قال: وثنا كثير بن هشام «1» عن جعفر بن برقان «2» عن عبد الكريم الجزري «3» عن عكرمة قال: (سئلت أسماء «4» هل كان أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ فقالت: لا، ولكنهم كانوا يبكون) «5». قال: وثنا محمد بن كثير عن مخلد بن حسين «6» عن هشام بن حسان، قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: إن قوما إذا سمعوا القرآن: صعقوا فقالت: («إن القرآن أكرم من أن تنزف «7» عنه عقول الرجال، ولكنه كما قال الله عزّ وجلّ: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ») «8» «9».

_ وأورده القرطبي دون ذكر لأبي حازم، قال: قال سعيد بن عبد الرحمن الجمحي: مر ابن عمر .. فذكره، وفي آخره: ثم قال- أي ابن عمر-: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم التذكار في أفضل الأذكار الباب السادس والثلاثون ص 133. (1) كثير بن هشام الكلابي أبو سهل، سكن بغداد، ثقة من السابعة، مات سنة 207 هـ. التقريب 2/ 134، والكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 400، وتاريخ الثقات 397. (2) جعفر بن برقان- بضم الموحدة وسكون الراء بعدها قاف- الكلابي: أبو عبد الله الرقي، صدوق يهم في حديث الزهري، من السابعة مات سنة 150 هـ وقيل بعدها. التقريب 1/ 129، والميزان 1/ 403 وتاريخ الثقات: 96. (3) عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد مولى بني أمية، ثقة، من السادسة مات سنة 127 هـ. التقريب 1/ 516، وتاريخ الثقات: 307. (4) أسماء بنت أبي بكر الصديق- زوج الزبير بن العوام- رضي الله عنهم، من كبار الصحابة عاشت مائة سنة، وماتت سنة 73 هـ أو نحوها. التقريب 2/ 589، وراجع الإصابة 12/ 114 رقم 46 كتاب النساء. (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عكرمة باب القارئ يصعق عند القراءة .. الخ ص 145. وذكره القرطبي بلفظ أطول، انظر التذكار الباب 36 ص 133 وذكره بنحوه السيوطي قال: أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء- رضي الله عنها-: كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا قرءوا القرآن/ قالت: كانوا كما نعتهم الله تعالى تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم، قلت: فإن ناسا هاهنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية، فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم اه. الدر المنثور 7/ 222. (6) مخلد- بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه- بن الحسن بن أبي زميل- مصغرا- نزيل بغداد، لا بأس به، من التاسعة. التقريب 2/ 234، وراجع الجرح والتعديل 8/ 349. (7) يقال: نزفه الدم والفرق: زال عقله. اللسان 9/ 326 (نزف). (8) الزمر (23). (9) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن .. الخ ص 145. وذكر ابن كثير عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة نحوه. انظر تفسيره 4/ 51.

وسئل أنس بن مالك- رحمه الله- عن القوم يقرأ عليهم القرآن فيصعقون، فقال: (ذلك فعل الخوارج) «1». قال: وثنا زيد بن الحباب «2» عن حمران بن عبد العزيز «3» وجرير بن حازم «4»، أنهما سمعا محمد بن سيرين، وسئل عن الرجل يقرأ عنده القرآن، فيصعق؟! فقال: (ميعاد ما بيننا وبينه أن يجلس على حائط، ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره، فإن وقع فهو كما قال) «5». حدّثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد «6» بن حامد بن مفرج الأرتاحي «7» - رحمه الله- أنبأنا أبو الحسين علي بن الحسين بن عمر الموصلي الفراء «8» أنبأ أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن «9» سعيد بن الشيخي «10».

_ (1) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى قتادة عن أنس، فضائل القرآن باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن ص 146. قال ابن كثير:- بعد أن ذكر الأحاديث في شأنهم- وهم الذين لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، ويحقر الواحد قراءته مع قراءتهم وصلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، ومع هذا جاء الأمر بقتلهم، لأنهم مراءون في أعمالهم في نفس الأمر، وان كان بعضهم قد لا يقصد ذلك، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح .. الخ اه. فضائل القرآن ص 52 في آخر تفسيره. (2) زيد بن الحباب- بضم المهملة وموحدتين- أبو الحسين، أصله من خراسان وكان بالكوفة، ورحل في طلب الحديث فأكثر منه، وهو صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة 203 هـ التقريب 1/ 273، والميزان 2/ 100. (3) حمران بن عبد العزيز من بني قيس، يكنى أبا محمد، ويقال: أبو عبد الله وأبو الحكم وهو شيخ ثقة .. الجرح والتعديل 3/ 266 والكنى للإمام مسلم 1/ 491، 2/ 730. (4) جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي أبو النصر البصري، ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه، وهو من السادسة مات سنة 170 هـ بعد ما اختلط، لكن لم يحدث بعد اختلاطه. التقريب 1/ 127، وراجع الميزان 2/ 392. (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن سيرين باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن ومن كره ذلك وعابه ص 146. قال القرطبي: (وقال عمر بن عبد العزيز: ذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن، قال: بيننا وبينهم ... ) وذكره بنحوه. التذكار ص 133. (6) في بقية النسخ: حمد. (7) أحد شيوخ السخاوي وهو من بيت القرآن والحديث والصلاح (507 - 601 هـ). راجع ترجمته في شذرات الذهب 5/ 6. (8) المصري العالم الثقة المحدث (433 - 519 هـ). العبر للذهبي 2/ 411، وسير أعلام النبلاء 19/ 500، وشذرات الذهب 4/ 59. (9) (بن) ليست في بقية النسخ. (10) لم أقف له على ترجمة.

ثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي المقرئ «1» عن أبي بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجرّي «2» ثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي «3» ثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي «4» ثنا بقية بن الوليد عن شعبة عن سعيد الجريري «5» عن أبي نضرة عن أبي فراس «6» عن عمر بن الخطاب رضي الله (عنه) «7» قال: «لقد أتى علينا حين، وما نرى أن أحدا يتعلم القرآن يريد به إلّا الله جلّ ثناؤه فلما كان هاهنا بآخرة خشيت أن رجالا يتعلمونه يريدون به الناس وما عندهم فأريدوا الله بقراءتكم وأعمالكم، فإنا كنّا نعرفكم إذ فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، فأمّا اليوم فقد مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وانقطع الوحي، وأنا أعرفكم بما أقول، من أعلن خيرا أحببناه عليه، وظننا خيرا، ومن أظهر شرا أبغضناه عليه وظننا به شرا، سرائركم فيما بينكم وبين ربّكم تعالى جده» «8» اه.

_ (1) قال الذهبي: مقرئ العراق ومسند الآفاق، ونقل عن الخطيب قوله: كان صدوقا دينا فاضلا، تفرد بأسانيد القراءات وعلوها. (328 - 417 هـ). معرفة القراء الكبار 1/ 376، وتاريخ بغداد 11/ 329، وسير أعلام النبلاء 17/ 402. (2) محمد بن الحسين بن عبد الله أبو بكر الآجرّي- بالمد وضم الجيم وكسر الراء المشددة- نسبة إلى آجر من قرى بغداد- فقيه مجتهد محدث حدث ببغداد، وانتقل إلى مكة، وتوفي فيها سنة 360 هـ. تاريخ بغداد 2/ 243، وصفة الصفوة 2/ 470، والبداية والنهاية 11/ 288، والرسالة المستطرفة: 32، والأعلام 6/ 97. (3) جعفر بن محمد بن الحسن أبو بكر الفريابي- بكسر الفاء وسكون الراء- قاض من علماء الحديث من أهل فرياب من ضواحي بلخ، حدث بمصر وبغداد (207 - 301 هـ). تاريخ بغداد 7/ 199، وهدية العارفين 1/ 252، والأعلام 2/ 127. (4) إبراهيم بن العلاء بن الضحاك بن المهاجر بن عبد الرحمن الزبيدي الحمصي، مستقيم الحديث، من العاشرة، مات سنة 235 هـ. التقريب 1/ 40، وراجع الجرح والتعديل 2/ 121. (5) سعيد بن أياس الجريري- بضم الجيم- أبو مسعود البصري، ثقة من الخامسة، اختلط قبل موته بثلاث سنين مات سنة 144 هـ. التقريب 1/ 291، وراجع الميزان 2/ 127، وكنى مسلم 2/ 778، وتذكرة الحفاظ 1/ 155. (6) أبو فراس: قال ابن أبي حاتم: أبو فراس قال: شهدت خطبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، روى عنه أبو نضرة .. الخ. الجرح والتعديل 9/ 423، وهو الربيع بن زياد الحارثي البصري مخضرم من الثانية التقريب 1/ 244، وراجع الميزان 4/ 561. (7) عنه: سقطت من الأصل. (8) رواه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 90. ورواه أحمد في مسنده بسنده إلى عمر بن الخطاب بلفظ قريب مطول 1/ 41، وابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ أخصر، كتاب فضائل القرآن

وبالإسناد: قال محمد بن الحسين: أنبأ (محمد بن عبد الله) «1» بن صالح البخاري «2» ثنا مخلد بن الحسين ثنا أبو المليح «3»، قال: كان ميمون بن مهران «4» يقول: (لو صلح أهل القرآن صلح الناس) «5». قال: وثنا جعفر الصندلي «6»، قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أبي الورد «7» يقول: كتب حذيفة المرعشي «8» إلى يوسف بن أسباط «9»، (بلغني أنك بعت دينك

_ باب من كره أن يتأكل بالقرآن 10/ 480. والحاكم في المستدرك بلفظ أطول مما هنا وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي 4/ 439، كتاب الفتن. وله شاهد في صحيح البخاري ... أن عبد الله بن عتبة قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وان قال: إن سريرته حسنة). اه صحيح البخاري، كتاب الشهادات باب الشهداء العدول 3/ 148. (1) هكذا في الأصل: أنبأ محمد بن عبد الله. وهو خطأ، والصواب أبو محمد .. الخ. (2) عبد الله بن صالح بن عبد الله بن الضحاك، أبو محمد البخاري أحد الثقات والصلاح والفهم لما يحدث به، توفي ببغداد سنة 305 هـ تاريخ بغداد 9/ 481. (3) الحسن بن عمر بن يحيى الفزاري مولاهم أبو المليح الرقي ثقة من الثامنة مات سنة 181 هـ. التقريب 1/ 169، وكنى مسلم 2/ 811، والجرح والتعديل 3/ 24. (4) ميمون بن مهران- بكسر الميم وسكون الهاء- الجزري أبو أيوب، أصله كوفي، نزل الرقة، ثقة فقيه، ولّي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز وكان يرسل، من الرابعة، مات سنة 117 هـ. التقريب 2/ 292، وراجع الحلية لأبي نعيم 4/ 82، وتاريخ الثقات 445، وصفة الصفوة 4/ 193، والبداية والنهاية 9/ 326. (5) أخرجه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 104، وأبو نعيم في الحلية بسنده إلى أبي المليح عن ميمون بن مهران عند ترجمته لميمون 4/ 82، وذكره ابن كثير عن ميمون بن مهران دون إسناد. انظر البداية والنهاية 9/ 327. (6) جعفر بن يعقوب أبو الفضل الصندلي، كان ثقة صالحا دينا، توفي سنة 318 هـ على الصحيح. تاريخ بغداد 7/ 211 والمنتظم 6/ 234. (7) محمد بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد، مولى سعيد بن العاص القرشي، يكنى أبا الحسن، ويعرف بابن أبي الورد، كان مشهورا بالورع والزهد والفضل والعبادة حتى فارق الدنيا سنة: 263 هـ. الحلية: 10/ 315، وصفة الصفوة 2/ 394، والمنتظم 5/ 42. (8) حذيفة بن قتادة المرعشي، صاحب سفيان الثوري وروى عنه، توفي سنة 207 هـ. سير أعلام النبلاء 9/ 283، وصفة الصفوة 4/ 268. (9) يوسف بن أسباط، كوفي ثقة،، صاحب سنة وخير، دفن كتبه توفي سنة 199 هـ، تاريخ الثقات 485، والحلية 8/ 237، وصفة الصفوة 4/ 261.

ذكر آداب حملة القرآن وفضلهم

بحبتين، وقفت على صاحب لبن، فقلت: بكم هذا؟ فقال: هو لك بسدس، فقلت: لا، بثمن، فقال: هو لك، وكان يعرفك، اكشف عن رأسك قناع الغافلين، وانتبه من رقدة الموتى، واعلم «1» أنه من قرأ القرآن، ثم آثر الدنيا، لم آمن أن يكون بآيات الله عزّ وجلّ من المستهزئين «2») اه. وعن الحسن قال: مررت أنا وعمران بن حصين «3» على رجل يقرأ سورة يوسف، فقام عمران يستمع لقراءته، فلمّا فرغ، سأل فاسترجع عمران، وقال: انطلق فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيأتي قوم يقرءون القرآن يسألون الناس به» «4» اه. ذكر آداب حملة القرآن وفضلهم وحدّثني أبو المظفر بالإسناد إلى النسائي، أنبأ (عمر) «5» بن علي «6» ثنا عبد الرحمن «7» ثنا سلام بن أبي مطيع «8» عن أبي عمران الجوني «9» عن جندب «10» قال: قال رسول

_ (1) في ظ: فاعلم. خطأ. (2) أخرجه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 103. وأورده ابن الجوزي بنحوه وبلفظ أطول عند ترجمته ليوسف بن أسباط، وفيه قال حذيفة المرعشي: كتب إليّ يوسف بن أسباط: أما بعد فإني أوصيك ... إلخ 4/ 263، ولعله حصل بينهما تبادل بالرسائل، وراجع حلية الأولياء لأبي نعيم 8/ 237 - 253. (3) عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، أسلم عام خيبر وصحب، وكان فاضلا، وقضى بالكوفة، مات بالبصرة سنة 52 هـ. التقريب 2/ 82، وراجع صفة الصفوة 1/ 681. (4) أخرجه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 106 وابن أبي شيبة في مصنفه بسنده إلى الحسن عن عمران بن حصين ... في كتاب فضائل القرآن باب من كره أن يتأكل بالقرآن 10/ 480. والإمام أحمد بسنده كذلك إلى عمران بن حصين 4/ 432، 436، 445، والترمذي في أبواب فضائل القرآن الباب رقم 20 بسنده إلى عمران بن حصين وقال: هذا حديث حسن اه 8/ 234. وراجع التذكار للقرطبي ص 75 باب 21. (5) هكذا في الأصل. وفي بقية النسخ: عمرو. وهو الصواب. (6) عمرو بن علي بن بحر تقدم. (7) عبد الرحمن بن مهدي تقدم. (8) سلام بن أبي مطيع أبو سعيد الخزاعي مولاهم البصري ثقة صاحب سنة، في روايته عن قتادة ضعف، من السابعة، مات سنة 164 هـ وقيل بعدها. التقريب 1/ 342، والميزان 2/ 181، والجرح والتعديل 4/ 258، والحلية 6/ 188. (9) عبد الملك بن حبيب الأزدي أو الكندي أبو عمران الجوني- نسبة إلى جون بطن في الأزد- مشهور بكنيته، ثقة من كبار الرابعة، مات سنة 128 هـ. التقريب (1/ 518). (10) جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي، أبو عبد الله، وربما نسب إلى جده، له صحبة، ومات بعد

الله صلّى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم «1» فقوموا عنه «2»». وبه: أخبرنا قتيبة بن سعيد ثنا أنس بن عياض «3» عن أبي حازم عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «أنزل القرآن على سبعة أحرف، المراء «4» في القرآن: كفر) «5» اه. وحدّثني الغزنوي- رحمه الله- بإسناده إلى أبي عيسى ثنا أحمد بن منيع ثنا جرير عن

_ الستين. التقريب 1/ 134، والجرح والتعديل 2/ 510، والإصابة 2/ 104 رقم 1220. (1) قال ابن حجر: قوله (فإذا اختلفتم): أي في فهم معانيه، (فقوموا عنه) أي تفرقوا لئلا يتمادى بكم الاختلاف إلى الشر اه. الفتح: 9/ 101، وذكره بنحوه ابن كثير في فضائل القرآن ص 53. (2) رواه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب ذكر الاختلاف بنفس السند المذكور وبأسانيد أخرى ص 83. والحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم 9/ 101 بشرح ابن حجر: وفي صحيح مسلم كتاب العلم 16/ 218، ورواه أحمد في مسنده 4/ 313، وأبو عبيد في فضائله ص 326 والدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب إذا اختلفتم في القرآن فقوموا 2/ 441 وابن أبي شيبة في المصنف 10/ 528. (3) أنس بن عياض بن ضمرة- بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم- الليثي أبو حمزة المدني ثقة من الثامنة، مات سنة 200 هـ. التقريب 1/ 84، والجرح والتعديل 2/ 289، وفيه: أنس بن عياض أبو ضمرة. (4) قال الخطابي: اختلف الناس في تأويله، فقال بعضهم: معنى المراء هنا: الشك فيه، كقوله تعالى فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ هود (17) (أي في شك). ويقال: بل المراء هو الجدال المشكك فيه. وتأوله بعضهم على المراء في قراءته دون تأويله ومعانيه مثل أن يقول قائل: هذا قرآن قد أنزله تبارك وتعالى، ويقول الآخر: لم ينزله الله هكذا، فيكفر به من أنكره، وقد أنزل سبحانه كتابه على سبعة أحرف كلها شاف كاف، فنهاهم صلّى الله عليه وسلم عن إنكار القراءة التي يسمع بعضهم بعضا يقرؤها، وتوعدهم بالكفر عليها لينتهوا عن المراء فيه والتكذيب به، إذ كان القرآن منزلا على سبعة أحرف، وكلها قرآن منزل يجوز قراءته ويجب الإيمان به. وقال بعضهم: إنما جاء هذا في الجدال بالقرآن في الآي التي فيها ذكر القدر والوعيد، وما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام والجدل، وعلى معنى ما يجري من الخوض بينهم فيها دون ما كان منها في الأحكام وأبواب التحليل والتحريم والحظر والإباحة فإن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد تنازعوها فيما بينهم وتحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام ولم يتحرجوا عن التناظر بها وفيها، وقد قال سبحانه: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ النساء (59)، فعلم أن النهي منصرف إلى غير هذا الوجه، والله أعلم. اه معالم السنن بحاشية سنن أبي داود 5/ 9. (5) أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب المراء بالقرآن ص 81، وروى شطره الأخير أبو داود في كتاب السنة باب النهي عن الجدال في القرآن 5/ 9، والحاكم في المستدرك كذلك وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه اه. كتاب التفسير 2/ 223، وابن أبي شيبة في المصنف 10/ 528. والإمام أحمد في المسند بلفظ أطول مما هنا 2/ 300.

قابوس «1» بن أبي ظبيان عن أبيه «2» عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» هذا حديث حسن صحيح «3». وأخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني- رحمه الله- أنبأ أبو العلاء محمد بن عبد الجبار بن محمد «4» بقراءتي عليه، قلت له: حدّثكم أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر بن عبد كويه الإمام «5» قال: أنبأ سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني «6» ثنا سعد «7» بن سعد العطار المكي ثنا إبراهيم بن المنذر «8»، ثنا إسحاق بن إبراهيم «9» - مولى

_ (1) قابوس بن أبي ظبيان الكوفي، فيه لين، من السادسة، التقريب: 2/ 115، وانظر الميزان 3/ 367. (2) حصين بن جندب بن الحارث أبو ظبيان- بفتح المعجمة وسكون الموحدة- الكوفي، ثقة من الثانية، مات سنة 90 هـ. وقيل غير ذلك. التقريب 1/ 182، وانظر الكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 463، وتاريخ الثقات: 122. (3) رواه الترمذي- كما قال المصنف- في أبواب فضائل القرآن الباب الثامن عشر 8/ 231. ورواه الدارمي في سننه أول كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن 2/ 429. والحاكم في المستدرك، كتاب فضائل القرآن وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اه. 1/ 554. (4) توفي سنة 496 هـ، كما في شذرات الذهب 3/ 404 والعبر للذهبي 2/ 373. (5) إمام جامع أصبهان المحدث الرحال الثقة، حج وسمع بأصبهان والعراق والحجاز، مولده سنة بضع وثلاثين وثلاثمائة، وتوفي سنة 422 هـ الشذرات 3/ 225، والعبر 2/ 248، وسير أعلام النبلاء 17/ 478. (6) سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الشامي الطبراني أصله من طبرية الشام وإليها نسبته من كبار المحدثين، رحل إلى الحجاز واليمن ومصر والعراق وفارس والجزيرة، وتوفي بأصبهان (260 - 360) البداية والنهاية 11/ 287، ومناقب الإمام أحمد ص 619، والأعلام 3/ 121. (7) هكذا وقع في النسخ سعد بن سعد العطار المكي، وقد قضيت وقتا طويلا في البحث عن سعد بن سعد، ثم تبين لي أخيرا أن الاسم الصحيح: (مسعدة بن سعد العطار المكي) أحد شيوخ الطبراني. قال الطبراني: حدثنا مسعدة بن سعد العطار المكي حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة ... الخ. انظر المعجم الصغير 2/ 117. وورد ذكره في كتاب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ضمن شيوخ الطبراني 7/ 179. وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ضمن الذين أخذوا عن إبراهيم بن المنذر 10/ 689. (8) إبراهيم بن المنذر عبد الله بن المنذر بن المغيرة الأسدي صدوق تكلم فيه الإمام أحمد، من العاشرة، مات سنة 236 هـ التقريب 1/ 44، والميزان 1/ 67، والجرح والتعديل 2/ 139، وسير أعلام النبلاء: 10/ 689، وشذرات الذهب 2/ 86، وطبقات الحفاظ: 204، وتهذيب التهذيب 1/ 166. (9) إسحاق بن إبراهيم بن سعيد الصواف المدني مولى مزينة، لين الحديث من الثامنة التقريب 1/ 54، والتهذيب 1/ 214، والجرح والتعديل 2/ 206، والمغني في الضعفاء 1/ 67.

جميع بن حارثة الأنصاري «1» حدّثني عبد الله بن ماهان الأزدي «2» حدثني فائد- مولى عبيد الله (بن عبيد الله) «3» بن أبي رافع «4» حدّثتني سكينة «5» بنت الحسين «6» بن علي «7» - رضي الله عنهم- عن أبيها قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة» «8».

_ (1) الذي ظهر لي بعد البحث أن الاسم حرّف وأن الصحيح: مجمع بن جارية كما في تهذيب الكمال للمزي حيث ذكر أن إسحاق بن إبراهيم مولى مجمع بن جارية الأنصاري 1/ 78. وهو مجمع بن جارية بن عامر الأنصاري، وكان هو وأبوه وأخوه من الذين بنوا مسجد الضرار. قال ابن إسحاق: كان مجمع بن جارية غلاما حدثا قد جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأبوه جارية ممن اتخذ مسجد الضرار، وكان مجمع يصلي بهم فيه، ثم إنه أحرق، فلما كان زمن عمر بن الخطاب كلّم في مجمع أن يؤم قومه، فقال: لا أوليس بإمام المنافقين في مسجد الضرار؟! فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما علمت شيئا من أمرهم، فزعموا أن عمر أذن له أن يصلي بهم، ويقال: إن عمر بعثه إلى الكوفة يعلمهم القرآن، وتوفي في آخر خلافة معاوية. راجع سيرة ابن هشام 2/ 530، والاستيعاب لابن عبد البر 10/ 9 والإصابة في معرفة الصحابة 9/ 95 رقم 7727. (2) لم أقف له على ترجمة. (3) هكذا في الأصل: فائد مولى عبيد الله بن عبيد الله بن أبي رافع وليس في بقية النسخ (بن عبيد الله). (4) عبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبي صلّى الله عليه وسلم، كان كاتب علي، وهو ثقة من الثالثة. التقريب 1/ 532، وتاريخ الثقات: 316. (5) سكينة بنت الحسين، نبيلة شاعرة كريمة، كانت سيدة نساء عصرها توفيت سنة 117 هـ الأعلام 3/ 106. (6) الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي أبو عبد الله بن فاطمة الزهراء ولد في المدينة ونشأ في بيت النبوة، استشهد في كربلاء بالعراق (4 - 61 هـ) صفة الصفوة 1/ 762، والبداية والنهاية 8/ 152، والأعلام 2/ 243. (7) في د وظ: .. بن علي بن أبي طالب .. الخ. (8) رواه الدارمي في سننه بسنده إلى عطاء بن يسار موقوفا عليه، كتاب فضائل القرآن 2/ 470، ورواه الطبراني في الكبير عن الحسين بن علي، وابن النجار عن أبي هريرة كما في كنز العمال 1/ 514 رقم 2288، ص 550 رقم والحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: هذا حديث لا يصح وفائد ليس بشيء، قال أحمد: هو متروك الحديث، وقال يحيى ليس بثقة، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به اه 1/ 253. كذا قال ابن الجوزي رحمه الله، وقد تقدم في ترجمة فائد أن يحيى بن معين وثقه وأن ابن أبي حاتم قال: لا بأس به، فليتأمل. وراجع الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني باب فضائل القرآن ص 307، وتنزيه الشريعة 1/ 293.

قال ابن عبد كويه: وحدّثني أبو بكر محمد بن أحمد المقرئ أنبأ محمد بن إبراهيم بن سفيان «1» ثنا محمد بن قدامة المصيصي «2» ثنا جرير بن عبد الحميد أنبأ الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال «3» رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة تعلّم القرآن وعلّمه الناس، ولا تزال «4» كذلك حتى يأتيك الموت، فإنه إن أتاك الموت «5» وأنت كذلك، حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج «6» المؤمنون إلى بيت الله الحرام» «7» اه. وروى أبو عبيد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله سبحانه وتعالى جوّاد يحب الجود، ويحب معالى الأخلاق، ويكره سفسافها «8»، وإن من تعظيم جلال الله تعالى، إكرام ثلاثة: الإمام المقسط، وذو الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه «9» ولا الجافي عنه «10»» «11».

_ (1) لم أعثر له على ترجمة، ولعله وقع في الإسم تحريف- كما سيأتي عند الكلام على الحديث قريبا. (2) محمد بن قدامة المصيصي- بفتح الميم وكسر الصاد الأولى المشددة- الهاشمي مولاهم، ثقة من العاشرة، مات سنة 250 هـ تقريبا. التقريب 2/ 201، وانظر الجرح والتعديل 8/ 66، والتهذيب: 3/ 1260. (3) في ظق ود: قال لي. (4) في د وظ: ولا يزال. تحريف. (5) كلمة (الموت) ساقطة من د وظ. (6) في ظق: كما تحج. (7) هذا الحديث ذكره ابن الجوزي بنحوه في كتاب الموضوعات، باب زيارة الملائكة قبور العلماء، وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه الحج إلى القبر 1/ 264. وذكره السيوطي في اللئالئ المصنوعة نقلا عن الخطيب البغدادي، وقال لا يصح ... ثم ذكر له طريقا آخر عن أبي نعيم بسنده إلى أبي هريرة وهو باللفظ الذي أورده السخاوي إلّا أنه زاد في آخره: وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين فلا تحدث في دين الله حدثا برأيك والله أعلم اه 1/ 222، وسكت عنه السيوطي. وهو في كنز العمال بنحوه معزوا إلى أبي نعيم عن علي رضي الله عنه (1/ 531). (8) السفساف: الردىء من الشيء، والأمر الحقير، وكل عمل دون إحكام: سفساف، وهو ضد المعالي والمكارم. اللسان 9/ 154 - 155، (سفف). (9) المغالاة في الشيء: مجاوزة الحد والإفراط فيه، ومن آداب القرآن التي جاء بها: القصد في الأمور، وخير الأمور أوساطها. اللسان 15/ 132 (غلا). (10) الجفاء: البعد عن الشيء، جفاه إذا بعد عنه، فالتارك لتلاوة القرآن قد جفاه وأهمله. راجع اللسان 14/ 148 (جفا). (11) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى طلحة بن عبيد الله بن كريز- بفتح أوله-

وعن خليد العصري «1» «2» قال: لمّا ورد علينا سلمان «3» - رحمه الله- أتيناه نستقرئه القرآن، فقال: (ان القرآن عربي فاستقرءوه رجلا عربيا، قال: فكان زيد بن صوحان «4» يقرئنا، ويأخذ عليه سلمان) «5» اه. وعن الآجري- رحمه الله- بالإسناد المتقدم: قال محمد بن الحسين: ينبغي لمن علّمه الله وفضله على غيره- ممن لم يحمله كتابه- وأحبّ أن يكون من أهل القرآن وأهل الله وخاصته، وممن وعده الله عزّ وجلّ الفضل العظيم، وممن قال الله عزّ وجلّ فيهم: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ «6». وممن قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الذي يقرأ القرآن وهو به ماهر مع السفرة الكرام البررة «7»، والذي يقرؤه «8» وهو عليه شاق له أجران» «9».

_ تابعي ثقة من الثالثة كما في التقريب 1/ 379 يرفعه عن النبي صلّى الله عليه وسلم باب إعظام أهل القرآن وتقديمهم وإكرامهم ص 31، وروى الحاكم شطره الأول بألفاظ متقاربة وبأسانيد مختلفة، وسكت عنها. انظر المستدرك كتاب الإيمان 1/ 48، وراجع كشف الخفاء: 1/ 145، وروى شطره الأخير أبو داود في سننه كتاب الأدب باب في تنزيل الناس منازلهم 5/ 174، وكذلك ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 551. (1) في د وظ: القصري بالقاف والصحيح بالعين. قال ابن الجوزي: وعصر: بطن من عبد قيس، وكذلك قال ابن منظور في اللسان 4/ 581. (2) خليد- بالتصغير- بن عبد الله العصري- بفتح المهملتين- أبو سليمان البصري مولى أبي الدرداء، صدوق يرسل، من الرابعة. التقريب 1/ 227، وانظر كنى مسلم 1/ 372، والحلية: 2/ 232 وصفة الصفوة 3/ 231. (3) سلمان الفارسي أبو عبد الله، ويقال له: سلمان الخير، أصله من أصبهان من أول مشاهده الخندق، مات رضي الله عنه سنة 34 هـ. التقريب 1/ 315، وراجع ترجمته بتوسع في صفة الصفوة 1/ 523 - 556 والإصابة 4/ 223 رقم 3350. (4) زيد بن صوحان العبدي من عبد قيس، أبو عائشة، ويقال: أبو سليمان روى عن سلمان الفارسي. الجرح والتعديل 3/ 565، وانظر كنى مسلم 1/ 642. (5) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى خليد العصري باب إعراب القرآن وما يستحب للقارئ من ذلك وما يؤمر به ص 321. وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب فضائل القرآن باب ما جاء في إعراب القرآن 10/ 460. (6) سورة البقرة آية (121). (7) في بقية النسخ: مع الكرام السفرة. (8) في ظق: والذي يقرأ القرآن. ثم كتب الناسخ فوق كلمة «القرآن» (يقرأه) بخط أصغر. (9) سبق تخريجه ص: 293.

وقال بشر بن الحارث «1»: سمعت عيسى بن يونس «2» يقول: (إذا ختم (القرآن العبد) «3»: قبل الملك بين عينيه) «4». قال: فينبغي له أن يجعل القرآن ربيعا لقلبه «5»، يعمّر به ما خرب من قلبه، فيتأدب بأدب القرآن، ويتخلّق بأخلاق شريفة، يتميز بها عن سائر الناس، ممن لا يقرأ القرآن، فأول ما ينبغي له: أن يستعمل تقوى الله تعالى في السر والعلانية باستعماله الورع في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه، وأن يكون بصيرا بزمانه وفساد أهله، فهو يحذرهم على دينه، مقبلا على شأنه مهموما بإصلاح ما فسد من أمره، حافظا للسانه، مميزا لكلامه، إن تكلم تكلم بعلم، إذا رأى الكلام صوابا، وإن سكت سكت بعلم، إذا كان السكوت صوابا، قليل الخوض فيما لا يعنيه، يخاف من لسانه أشد مما يخاف من عدوه، يحبس لسانه كحبسه لعدوه ليأمن «6» من شره وسوء عاقبته، قليل الضحك فيما يضحك منه الناس لسوء عاقبة الضحك، إن سر بشيء مما يوافق الحق تبسم، يكره المزاح خوفا من اللعب، فإن مزح قال حقا، باسط الوجه، طيب الكلام، لا يمدح نفسه بما فيه فكيف بما ليس فيه، يحذر من نفسه أن تغلبه على ما تهوى مما يسخط مولاه لا يغتاب أحدا، ولا يحقر أحدا، ولا يسب أحدا، ولا يشمت بمصيبة، ولا يبغي على أحد، ولا

_ (1) بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن المروزي، أبو مضر المعروف بالحافي، من كبار الصالحين، ومن ثقات رجال الحديث سكن بغداد وتوفي بها (150 - 227 هـ). تاريخ بغداد 7/ 67 وصفة الصفوة 2/ 325، والاعلام 2/ 54. (2) عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السّبيعي- بفتح المهملة وكسر الموحدة- كوفي نزل الشام، ثقة مأمون من الثامنة مات سنة 187 هـ وقيل 191 هـ التقريب 2/ 103، وصفة الصفوة 4/ 260. (3) هكذا في الأصل. والأظهر: إذا ختم العبد القرآن وهو كذلك في كتاب أخلاق أهل القرآن ولفظة (القرآن) ساقطة من بقية النسخ. ومعنى ذلك: أي قبل الملك خاتم القرآن بين عينيه. (4) روى سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة قال: (إذا ختم (العبد) القرآن قبل الملك بين عينيه)، حدث به أحمد بن حنبل فاستحسنه وقال: هذا من مخبآت سفيان. وقد روي ذلك عن سفيان من قوله، ثم قال القرطبي: وأيهما كان فمثله لا يقال من جهة الرأي فهو مرفوع اه التذكار ص 68. (5) الذي ظهر لي أن هذه العبارة هي جواب للكلام السابق من قوله: قال محمد بن الحسين: ينبغي لمن علمه الله ... فينبغي له أن يجعل ... الخ. (6) في: ظ: يأمن.

يحسده، ولا (يسوء) «1» الظن بأحد إلّا بمن يستحق، فحينئذ يظن بعلم، ويتكلم بما في الإنسان من عيب بعلم، ويسكت عن حقيقة ما فيه بعلم، قد جعل القرآن والسّنة والفقه دليله إلى كل خلق حسن جميل، حافظ لجميع «2» جوارحه عما نهى عنه، إن مشى مشى بعلم، وإن قعد قعد بعلم مجتهد «3» ليسلم الناس من لسانه ويده، لا «4» يجهل «5»، وإن جهل عليه حلم، لا يظلم، وإن ظلم عفا، لا يبغي، وإن بغي عليه صبر، يكظم غيظه ليرضي ربه ويغيظ عدوه، متواضع في نفسه، إذا قيل له الحق قبله من صغير أو كبير، يطلب الرفعة من الله عزّ وجلّ، لا من المخلوقين، ماقت للكبر، خائف على نفسه ودينه، لا يتأكل «6» بالقرآن ولا يحب أن تقضى له به الحوائج، ولا يسعى به إلى أبواب الملوك، ولا يجالس به الأغنياء ليكرموه، إن كسب الناس من الدنيا الكثير بلا فقه كسب هو القليل بفقه وعلم، إن لبس الناس اللين للتفاخر لبس هو من الحلال ما يستر عورته، إن وسّع عليه وسّع على نفسه، وإن أمسك عليه أمسك، يقنع بالقليل فيكفيه، ويحذر على نفسه من الدنيا ما يطغيه، يتبع واجبات القرآن والسّنة، يأكل بعلم ويشرب بعلم ( .. ويلبس بعلم، وينام بعلم، ويجامع أهله بعلم) «7» ويصحب الأخوان بعلم، ويزورهم بعلم، ويستأذن بعلم عليهم «8»، ويسلم عليهم بعلم، ويجاور جاره بعلم، ويلزم نفسه بر والديه، فيخفض لهما جناحه ويخفض لصوتهما صوته، ويبذل لهما ماله، وينظر اليهما بعين الوقار والرحمة ويدعو لهما بالبقاء، ويرفق بهما عند الكبر، لا يسخر «9» بهما، ولا يحقرهما، إن استعانا به على طاعة أعانهما، وإن استعانا على «10» معصية لم يعنهما عليها، ورفق بهما في معصيته إياهما بحسن الأدب، ليرجعا عن قبيح ما أرادا فيما لا يحسن

_ (1) هكذا في الأصل: ولا يسوء. وفي بقية النسخ: ولا يسيء وهو الصواب. (2) في د وظ: بجميع. (3) في ظق وظ: يجتهد. (4) في ظ: ولا يجهل. (5) جهلت الشيء جهلا وجهالة: خلاف علمته، وجهل على غيره: سفه وأخطأ، وجهل الحق: أضاعه اه المصباح المنير ص 113. (6) أي لا يقرؤه طلبا للأكل. انظر فتح الباري 9/ 100. (7) سقط هذا الكلام من الأصل: ( .. ويلبس بعلم، وينام بعلم، ويجامع أهله بعلم). (8) في بقية النسخ: ويستأذن عليهم بعلم. وهي أولى. (9) في ظق: لا يصخر، وفي د وظ: لا يضجر. (10) في د وظ: وإن استعانا به على معصية.

بهما فعله، يصل الرحم ويكره القطيعة، من قطعه لم يقطعه، من عصى الله فيه أطاع الله الكريم فيه، يصحب المؤمنين بعلم، ويجالسهم بعلم من صحبه نفعه، يحسن المجالسة لمن جالسه، إن علّم غيره رفق به، ولا يعنف من أخطأ ولا يخجله، رفيق في أموره، صبور على تعليم الخير، يأنس به المتعلم ويفرح به المجالس، مجالسته تفيد «1» خيرا، يؤدب من جالسه بأدب القرآن والسّنة، إن أصيب بمصيبة، فالقرآن والسّنة له مؤديان، يحزن بعلم، ويبكي بعلم، ويصبر بعلم، ويتطهر بعلم، ويصلّي بعلم، ويزكّي بعلم، ويتصدّق بعلم، ويصوم بعلم، ويحج بعلم، ويجاهد بعلم، ويكسب بعلم، وينفق بعلم وينبسط في الأمور بعلم، وينقبض فيها بعلم، يتصفح القرآن ليؤدب به نفسه، ولا يرضى من نفسه أن يؤدي ما فرض الله عزّ وجلّ عليه (بجهل) «2»، قد جعل القرآن والسّنة والفقه دليله إلى كل خير، إن درس القرآن فبحضور فهم وعقل، همّته إيقاع الفهم لما ألزمه الله عزّ وجلّ من اتباع ما أمر والانتهاء عما نهى، ليس همته متى أختم السورة؟! همته «3» متى أستغني بالله عن غيره؟ متى أكون من المتقين؟ متى أكون من المحسنين؟ متى أكون من المتوكلين؟ متى أكون من الخاشعين؟ متى أكون من الصابرين؟ متى أكون من الصادقين؟ متى أكون من الخائفين؟ متى أكون من الراجين؟ متى أزهد في الدنيا؟ متى أرغب في الآخرة؟ متى أتوب من الذنوب؟ متى أعرف النعم المتواترة؟ متى أشكره عليها؟ متى أعقل عن الله عزّ وجلّ الخطاب؟ متى أفقه ما أتلو؟ متى أغلب نفسي على ما تهوى؟ متى أجاهد في الله حق جهاده؟ متى أحفظ لساني؟ متى أغض طرفي؟ متى أحفظ فرجي؟ متى أستحي من الله حق الحياء؟ متى أشتغل بعيبي؟ متى أصلح ما فسد من أمري؟ متى أتزود ليوم معادي؟ متى أكون عن الله راضيا؟ متى أكون بالله واثقا؟ متى أكون بزجر القرآن متعظا؟ متى أكون بذكره عن ذكر غيره مشتغلا؟ متى أحب ما أحب؟ متى أبغض ما أبغض؟ متى أنصح لله؟ متى أخلص له عملي؟ متى أقصر أملي؟ متى أتأهب ليوم موتي وقد غيّب عني أجلي؟ متى أعمّر قبري؟ متى أفكر «4» في الموقف وشدته؟ متى أفكر في خلوتي مع ربي؟ متى أحذر ما حذرني ربي عزّ وجلّ من نار حرها شديد وقعرها بعيد،

_ (1) في ظ: يفيد. (2) سقط من النسخ كلمة (بجهل) وهو سقط يحيل المعنى، وهي موجودة في كتاب أخلاق أهل القرآن للآجري. (3) كلمة (همته) ساقطة من ظ. (4) في د وظ: متى أتفكر.

وعمقها طويل، لا يموت أهلها فيستريحوا ولا تقال عثرتهم «1» ولا ترحم عبرتهم «2»، طعامهم «3» الزقوم، وشرابهم الحميم، كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقوا العذاب «4»، ندموا حيث لا ينفعهم الندم، وعضوا على الأيدي أسفا على تقصيرهم في طاعته، وركوبهم لمعاصي الله عزّ وجلّ. فقال منهم قائل: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ «5» لِحَياتِي «6». وقال قائل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «7». وقال قائل: يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها «8». وقال قائل: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا «9». وقالت فرقة منهم- ووجوههم تتقلّب في أنواع من العذاب- يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول «10». فهذه النار يا معشر المسلمين، يا حملة القرآن، حذّرها الله عزّ وجلّ المؤمنين «11» في غير موضع من كتابه، رحمة منه لهم، فقال عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ «12».

_ (1) يقال: أقاله يقيله إقالة، وأقال الله عثرته: إذا رفعه من سقوطه، ومنه: الإقالة في البيع لأنها رفع العقد، المصباح المنير 521 (قيل). (2) عبر الرجل والمرأة والعين من باب طرب: أي جرى دمعه اه. مختار الصحاح ص 408 (عبر). (3) في ظ: وطعامهم. (4) اقتباس من آية (56) من سورة النساء. (5) كلمة (قدمت) سقطت من ظ. (6) الفجر (24). (7) المؤمنون (100). (8) الكهف (49). (9) الفرقان (28). (10) الأحزاب (66). وهي هكذا في النسخ: (الرسول) وقد قرأ البصريان وحمزة بحذف الألف وصلا ووقفا، وقرأ المدنيان والشامي وشعبة بإثبات الألف بعد النون، وصلا ووقفا، والباقون بحذفها وصلا وإثباتها وقفا. انظر: النشر في القراءات العشر 2/ 347، والبدور الزاهرة للشيخ عبد الفتاح القاضي ص 252، 256، والمهذب 2/ 142، 149. (11) في د وظ: للمؤمنين. (12) التحريم (6).

وقال عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ* وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «1»، فحذّر المؤمنين أن يغفلوا عما فرض عليهم وعهد إليهم أن لا يضيعوه، وأن يحفظوا ما استرعاهم من حدوده، ولا يكونوا كغيرهم ممن «2» فسق عن أمره، فعذبه بأنواع العذاب، ثم أعلم المؤمنين أنه لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ «3». قال محمد بن الحسين: فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن، استعرض القرآن فكان كالمرآة، يرى «4» بها ما حسن من فعله وما قبح منه، فما حذّره مولاه حذره، وما خوفه به من عقابه خافه، وما رغبه فيه مولاه رغب فيه ورجاه، فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة، فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، فكان «5» له القرآن شاهدا وشفيعا وأنيسا وحرزا «6». أسأل الله عزّ وجلّ- بكرمه- أن يجعل لي من هذه الأوصاف حظا أتخلّص به من تبعة القرآن. وقد كان شيخنا أبو القاسم الشاطبي- رحمه الله «7» - صاحب هذه الأوصاف «8» جميعها وربما زاد عليها. قال محمد بن الحسين: ثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان السجستاني، وحدّثني أبو المظفر الجوهري- رحمه الله- بإسناده إلى أبي بكر ثنا أبو الطاهر أحمد بن عمر وثنا

_ (1) الحشر (18 - 19). (2) في د: مما. (3) الحشر (20). (4) في ظ: يروى. (5) في د وظ: وكان. (6) ذكر هذا الآجري- كما قال المصنف- في كتابه أخلاق أهل القرآن ص 77 - 81 وقد تصرف المصنف في بعض العبارات. وقد عقد القرطبي بابا في كتابه التذكار في أفضل الأذكار وهو الباب الثالث عشر بين فيه الآداب التي ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه بها ... الخ ص 55. وكذلك النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن عقد بابا بعنوان: في آداب حامل القرآن. وهو الباب الخامس ص 28. (7) وقد سبقت ترجمته عند الكلام عن شيوخ السخاوي. (8) في بقية النسخ: الصفات.

ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب «1» عن (زياد) «2» بن فائد «3» عن سهل بن معاذ الجهني «4» عن أبيه «5» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة، ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنك بالذي عمل بهذا؟!» «6». قال محمد بن الحسين:- رحمه الله- ثنا محمد بن صاعد «7» ثنا الحسين بن الحسن المروزي «8» أنبأ ابن المبارك أنبأ همام «9» عن قتادة قال: لم يجالس هذا القرآن أحد إلّا قام

_ (1) يحيى بن أيوب الغافقي- بمعجمة وفاء وقاف- أبو العباس المصري صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة 168 هـ. التقريب 2/ 243، وانظر الجرح والتعديل 9/ 127 والميزان 4/ 362. (2) هكذا تحرفت في النسخ إلى (زياد) وبعد البحث تبين لي أنه زبان. (3) زبان بن فائد- بالفاء- البصري أبو جوين- بالجيم- المصري ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته، من السادسة، مات سنة 155 هـ. التقريب 1/ 257، وانظر الجرح والتعديل 3/ 616، والميزان 2/ 65. (4) سهل بن معاذ بن أنس الجهني، نزيل مصر لا بأس به، إلا في روايات زبان عنه، من الرابعة. التقريب 1/ 337، والميزان 2/ 241، وقال العجلي: مصري تابعي ثقة تاريخ الثقات ص 409. (5) معاذ بن أنس الجهني الأنصاري، صحابي، نزل مصر، وبقي إلى خلافة عبد الملك. التقريب 2/ 255، والإصابة 9/ 218، رقم 8031. (6) رواه الآجري في أخلاق أهل القرآن ص 81. ورواه أبو داود في كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن 2/ 148. وأحمد في مسنده 3/ 440، والحاكم في المستدرك، كتاب فضائل القرآن باب ذكر فضائل سور وآي متفرقة 1/ 567، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: زبان ليس بالقوي اه. (7) عفا الله عن المصنف، فقد مكثت أبحث عن رجل يسمى «محمد بن صاعد» فترة، ثم إني وقفت على النص الذي نقله المصنف من الآجري، وعرفت أن الآجري روى عن يحيى بن محمد بن صاعد ثم أن الذهبي صرح بأن الذي روى عن الحسين بن الحسن المروزي هو يحيى بن محمد بن صاعد وبناء عليه فقد اختصر المصنف الاسم فأوقعنا في الإيهام. راجع ترجمة يحيى هذا في البداية والنهاية 11/ 177. (8) الحسين بن الحسن المروزي، أبو عبد الله، نزيل مكة، صدوق، من العاشرة مات سنة 246 هـ. التقريب 1/ 175، وانظر الجرح والتعديل 3/ 49، وشذرات الذهب 2/ 111. (9) همام بن يحيى بن دينار أبو عبد الله أو أبو بكر البصري، ثقة ربما وهم، من السابعة مات سنة 164 هـ أو نحوها.

عنه بزيادة أو نقصان، قضى الله الذي قضى «1» شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً «2» «3». وقال قتادة:- في قول الله عزّ وجلّ-: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ «4»، قال (البلد الطيب): المؤمن سمع كتاب الله فوعاه، وأخذ به وانتفع به كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت وأمرعت «5»، وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً إلّا عسرا، وهذا مثل الكافر، سمع القرآن فلم يعقله ولم يأخذ به (ولم ينتفع «6» به) كمثل هذه الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئا ولم تمرع شيئا «7» اه. قال محمد بن الحسين: ينبغي لأهل القرآن أن يتأدبوا به ولا يغفلوا عنه، فإذا انصرفوا عن تلاوة القرآن اعتبروا نفوسهم بالمحاسبة لها، فإن تبيّن لهم «8» منها قبول ما ندبهم إليه مولاهم الكريم مما هو واجب عليهم من أداء فرائضه واجتناب محارمه، فحمدوه في ذلك وشكروا الله عزّ وجلّ على ما وفقهم له، وإن «9» علموا أن النفوس معرّضة عما ندبهم إليه مولاهم الكريم، قليلة الاكتراث به استغفروا الله عزّ وجلّ من تقصيرهم

_ التقريب 2/ 321، وانظر الجرح والتعديل 9/ 107، والميزان 4/ 309. (1) هكذا في الأصل: قضى الله الذي قضى، وفي ظق: قضا الله الذي قضا. وفي د وظ: قضاء الله الذي قضى. (2) الإسراء (82). (3) رواه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 155. وابن المبارك في كتاب الزهد بسنده إلى قتادة باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 272، وأخرجه ابن عساكر عن أويس القرني رضي الله عنه كما في الدر المنثور 5/ 330. (4) الأعراف (58). (5) المريع: الخصيب، وقد مرع الوادي من باب ظرف، وأمرع أيضا: أكلا فهو مريع وممرع. مختار الصحاح 622 (مرع). (6) أضافها ناسخ الأصل في الحاشية فلم تظهر. (7) رواه أبو بكر الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 106، وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة بلفظه. انظر الدر المنثور 3/ 478 ثم ذكر السيوطي آثارا بعضها في الصحيحين تؤيد تفسير قتادة للآية الكريمة. (8) في بقية النسخ: فإن تبينوا منها. (9) سقطت الواو من د وظ.

آداب التلاوة

وسألوه النقلة من هذه الحالة التي لا تحسن بأهل القرآن ولا يرضاها لهم مولاهم إلى حال يرضاها، فإنه لا يقطع من لجأ إليه، ومن كانت هذه حاله وجد منفعة تلاوة القرآن في جميع أموره، وعاد عليه من بركة القرآن كما يحب في الدنيا والآخرة «1» اه. آداب التلاوة قال محمد بن الحسين: حدّثنا أحمد بن يحيى الحلواني «2» ثنا محمد بن الصباح الدولابي «3» ثنا وكيع «4» ثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا نعس أحدكم فليرقد، فإن أحدكم يريد أن يستغفر الله عزّ وجلّ. فيسب نفسه» «5». وقال زر: قلت لعطاء: أقرأ فيخرج مني الريح! فقال: (تمسك عن القراءة حتى ينقضي «6» الريح «7»).

_ (1) ذكر هذا أبو بكر الآجري في كتابه أخلاق أهل القرآن ص 154. (2) أحمد بن يحيى بن إسحاق أبو جعفر البجلي الحلواني- بضم الحاء وسكون اللام- بلد بالعراق- كما في اللسان 14/ 194، سكن بغداد وحدث بها وهو ثقة زاهد محدث، توفي سنة 296 هـ. تاريخ بغداد 5/ 212، وشذرات الذهب 2/ 224. (3) محمد بن الصباح الدولابي أبو جعفر البغدادي، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة 227 هـ. التقريب 2/ 171، وانظر تاريخ الثقات 405، وكنى مسلم 1/ 178 والجرح والتعديل 7/ 289، والعبر 1/ 399، وسير أعلام النبلاء: 10/ 670 وشذرات الذهب 2/ 62، والرسالة المستطرفة: 27. (4) وكيع بن الجراح بن مليح أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد، من كبار التاسعة، مات سنة 196 هـ. التقريب 2/ 331، وانظر كنى مسلم 1/ 389، والميزان 4/ 335، والجرح والتعديل 9/ 37، وصفة الصفوة 3/ 170. (5) رواه الآجري- كما قال المصنف- في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 150، ورواه البخاري في كتاب الوضوء باب الوضوء من النوم .. الخ 1/ 60، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب أمر من نعس في صلاته أن يرقد 6/ 74، وأبو داود في كتاب الصلاة باب النعاس في الصلاة 2/ 74. والترمذي في أبواب الصلاة باب ما جاء في الصلاة عند النعاس 2/ 337. (6) في بقية النسخ: تنقضى. (7) أخرجه أبو بكر الآجري في كتاب أخلاق القرآن ص 149. قال النووي: كذا رواه ابن أبي داود

وعن مجاهد:- رحمه الله- (إذا تثاءبت وأنت تقرأ فأمسك حتى يذهب عنك) «1». وروى أبو عبيد- رحمه الله- عن أبي ميسرة (أن جبريل- عليه السلام- لقّن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند خاتمة القرآن- أو قال: عند خاتمة البقرة- آمين) «2». وكان معاذ بن جبل- رحمه الله- (إذا ختم سورة البقرة، قال: آمين) «3». وكان جبير بن نفير يقول: (آمين آمين حتى يركع، ويقول وهو راكع حتى يسجد) «4». ودخل عمر رضي الله عنه المسجد- وقد سبق ببعض الصلاة فنشب في الصف «5» وقد قرأ الإمام (وفي السماء رزقكم وما توعدون) «6»، فقال عمر رضي الله عنه (وأنا أشهد، رفع صوته حتى ملأ المسجد) «7».

_ وغيره عن عطاء، وهو أدب حسن التبيان ص 64 وقد بحثت عنه في كتاب المصاحف لابن أبي داود فلم أقف عليه، ولعله ذكره في كتاب آخر، وله شاهد عند ابن المبارك أن مجاهدا كان يقرأ ويصلي، فوجد ريحا فأمسك عن القراءة حتى ذهبت. انظر كتاب الزهد ص 275. (1) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن مجاهد باب ما يستحب لحامل القرآن من إكرامه .. الخ ص 56، وكذلك ذكر نحوه بسنده عن عكرمة. المصدر نفسه ص 57. وأخرجه الآجري بسنده إلى مجاهد كتاب أخلاق أهل القرآن ص 149، وذكره القرطبي عن مجاهد وقال: لأنه مخاطب ربه ومناج والتثاؤب من الشيطان اه. التذكار في أفضل الأذكار الباب الثالث والثلاثون ص 109. قال النووي: وهو حسن، ويدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل» رواه مسلم اه. التبيان ص 64. (2) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده عن أبي ميسرة، باب فضل سورة البقرة وخواتيمها ص 165. ونقله السيوطي عن أبي عبيد عن أبي ميسرة. الدر المنثور 2/ 137، وكذلك الشوكاني في تفسيره 1/ 309، وفيه عن ميسرة. (3) أخرجه أبو عبيد ص 165، والطبري في تفسيره بسنده إلى معاذ بن جبل 3/ 161، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر. انظر الدر المنثور 2/ 137. وكذلك الشوكاني في تفسيره 1/ 309. (4) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى جبير بن نفير ص 165. ونقله عنه السيوطي. انظر الدر المنثور 2/ 137، وكذلك الشوكاني في تفسيره 1/ 109، ولم يذكر كل من السيوطي ولا الشوكاني الركوع ولا السجود. (5) معنى نشب في الصف: أي دخل فيه. (6) الذاريات (22). (7) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عبد الله بن السائب قال: أخر عمر بن الخطاب العشاء

وسمع عمر رضي الله عنه رجلا يقرأ (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) فقال: (يا ليتها تمت) «1». وسمع ابن مسعود- رحمه الله- من قرأ هذه الآية، فقال: (أي وعزّتك فجعلته «2» سميعا بصيرا وحيا وميتا) «3». وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أنه تلا هذه الآية يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ «4» فقال: جهله) «5». وعن بعض أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه كان يقرأ فوق بيت له: أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى «6» فرفع صوته، فقال: «سبحانك اللهم وبلى»، فسئل عن ذلك، فقال: (سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقوله) «7» اه.

_ الآخرة، فصليت، ودخل، فكان في ظهري، فقرأت وَالذَّارِياتِ حتى أتيت ... وذكره. باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية والشهادة لها ص 82. (1) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عمر رضي الله عنه. راجع المصدر السابق. وعزاه القرطبي إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقال: أي ليت المدة التي أتت على آدم لم تكن شيئا مذكورا تمت على ذلك، فلا يلد ولا يبتلى أولاده اه. تفسيره 19/ 120. والأثر عزاه أيضا السيوطي إلى ابن المبارك وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر كلهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. الدر المنثور 8/ 366. (2) في د وظ: فجعله. (3) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عبد الله بن مسعود ص 83. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب الدر المنثور 8/ 367. (4) الانفطار (6). (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى صالح بن مسمار، قال: بلغنا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تلا هذه الآية ... وذكره، باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية والشهادة لها ص 83. وعزاه ابن كثير إلى ابن أبي حاتم بسندين موقوفين على عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ثم قال: وروى عن ابن عباس والربيع بن خيثم والحسن مثل ذلك اه. انظر تفسيره 4/ 481، وراجع الدر المنثور 8/ 439. (6) القيامة (40). (7) أخرجه أبو عبيد بسنده إلى موسى بن أبي عائشة عن رجل آخر عن آخر أنه كان يقرأ فوق بيت له .. وذكره باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب .. الخ ص 83. وقد تقدم تخريجه والكلام عليه قريبا، وراجع تفسير ابن كثير 4/ 452.

وعن ابن عباس رضي الله عنه: (أنه قرأ في الصلاة أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى فقال: «سبحانك اللهم وبلى). وعن أبي هريرة: (من قرأ ذلك فليقل: بلى، وكذلك في آخر وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، ومن قرأ آخر المرسلات فليقل: آمنت بالله وما أنزل) «1». وعن أبي أحمد الزبيري عن سفيان «2» عن عمر بن عطية «3» قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي «4» يقول: (إذا قرأت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقل أنت: الله أحد «5»، وإذا قرأت قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فقل أنت: أعوذ برب الفلق، وإذا قرأت قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فقل أنت: أعوذ برب الناس) «6» اه. وعن عبد خير قال: (سمعت عليا- عليه السلام- قرأ في الصلاة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال: «سبحان ربي الأعلى»). وكذلك روى عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي موسى وسعيد بن جبير «7». وقال صلة بن أشيم: (إذا أتيت على هذه الآية وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ «8» فقف عندها واسأل الله الجليل) «9».

_ (1) سبق تخريج هذه الآثار عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم ص 323. (2) هو الثوري وقد تقدم. (3) عمر بن عطية قال ابن أبي حاتم: روى عن أبي جعفر والمسيب بن رافع روى عنه الثوري وعبد الرحمن بن مهدي اه: الجرح والتعديل: 6/ 127. (4) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر ثقة فاضل من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومائة. التقريب 2/ 192، وراجع كنى مسلم 1/ 173، والدولابي 1/ 134 وتاريخ الثقات ص 410، وغاية النهاية 2/ 202، ومشاهير علماء الأمصار ص 62. (5) في فضائل القرآن لأبي عبيد: فقل أنت: الله أحد الله الصمد. (6) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن بسنده إلى أبي جعفر محمد بن علي باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية والشهادة لها ص 85. وأورده ابن الجزري في غاية النهاية عند ترجمته لمحمد بن علي بن الحسين، قال: وروينا عنه أنه قال: إذا قرأت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ... وذكره 2/ 202. (7) ذكر هذه الآثار أبو عبيد في فضائله باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية والشهادة لها ص 86، وقد تقدم الحديث عنها وتخريجها في هذا الفصل ص 323، 324. (8) الرحمن (27). (9) سبق تخريج هذا الأثر عن صلة بن أشيم في هذا الفصل ص 324.

وروى (أنه كان يستحب للقارئ إذا قرأ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ «1» أن يرفع صوته) «2».

_ (1) الأعراف: (97). (2) قال أبو عبيد: حدثنا يوسف بن الغرق بإسناد لا أحفظه، قال: كان يستحب ... وذكره ص 87. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ عن أبي نضرة. الدر المنثور 3/ 506، وفي الآية تخويف من الله تعالى بنزول العذاب على الكفار، وكأنّ القارئ عند ما يرفع صوته بها يوقظ هؤلاء النّوم الذين هم في سبات عميق من النوم والغفلة.

ذكر ختم القرآن

ذكر ختم القرآن «1» أبو عبيد «2» بإسناده عن أبي قلابة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم، ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا في سبيل الله» «3». وعن قتادة: (كان بالمدينة رجل يقرأ القرآن من أوله الى آخره على أصحاب له فكان ابن عباس يضع عليه الرقباء، فإذا كان عند الختم، جاء ابن عباس فشهده) «4». وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (من ختم القرآن: فله دعوة مستجابة، وكان إذا ختم القرآن جمع أهله، ثم دعا وأمنوا على دعائه) «5». (وكان أنس بن مالك يجمع أهله عند الختم) «6».

_ (1) في د: أضاف الناسخ عنوانا في الحاشية: (في فضل من شهد خاتمة القرآن وفاتحته). (2) أي: وروى أبو عبيد، وقد تقدم مثله مرارا. (3) تقدم تخريجه في أول فصل (منازل الإجلال والتعظيم .. ) الخ 223. (4) أخرجه أبو عبيد في فضائله عن قتادة باب فضل ختم القرآن ص 47. والدارمي في سننه بسنده إلى قتادة كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 468، وعزاه النووي إلى الدارمي وابن أبي داود. انظر التبيان ص 89، وذكره القرطبي عن قتادة. انظر التذكار في أفضل الأذكار ص 68. (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن ابن مسعود باب فضل ختم القرآن ص 47، وله شواهد ذكرها القرطبي عن ابن عباس وأنس بن مالك يرفعها. انظر التذكار في أفضل الأذكار الباب الثامن عشر ص 73. (6) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب فضائل القرآن باب في الرجل إذا ختم ما يصنع، وأبو عبيد في فضائله ص 47.

وقال إبراهيم التيمي «1»: (كان يقال إذا ختم الرجل القرآن في أول النهار: صلّت عليه الملائكة بقية يومه، وإذا ختمه أول الليل: صلّت عليه الملائكة بقية ليلته، قال: فكانوا يحبون أن يختموا في أول النهار وفي أول الليل) «2» اه. وقال محمد بن جحادة «3»: (كانوا يستحبون إذا ختموا من أول الليل أن يختموا في الركعتين بعد المغرب، وإذا ختموا من النهار «4» أن يختموا في الركعتين قبل صلاة الفجر) «5» اه.

_ والدارمي في سننه بسنده إلى أنس كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 468. وابن المبارك في كتاب الزهد باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 279. قال النووي: وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين عن قتادة التابعي الجليل صاحب أنس رضي الله عنه قال: «كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا) اه. التبيان ص 89، وراجع التذكار للقرطبي الباب الثامن عشر ص 68، وعزاه في الكنز إلى ابن النجار عن أنس يرفعه بلفظ: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا ختم القرآن جمع وأهله ودعا» اه. 2/ 349، رقم 4219. وقد وردت بعض الآثار المرفوعة والموقوفة تدل على استحباب الدعاء عند ختم القرآن وأنه مظان الإجابة. انظر سنن الدارمي 2/ 468، ومجمع الزوائد 7/ 172، وكنز العمال: 1/ 517، وتنزيه الشريعة 1/ 299، والتذكار ص 68. (1) إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي يكنى أبا اسماء الكوفي العابد ثقة. إلا أنه يرسل ويدلس، من الخامسة مات سنة 92 هـ. التقريب 1/ 45 وفيه: إبراهيم بن زيد .. وانظر الجرح والتعديل: 2/ 145، وصفة الصفوة 3/ 90، والميزان 1/ 74. (2) رواه الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 469، وأبو عبيد في فضائله بسنده إلى إبراهيم التيمي باب فضل ختم القرآن ص 48. قال القرطبي: ويستحب أن يختم أول النهار فإن إبراهيم التيمي (كذا) قال: كانوا يقولون: إذا ختم الرجل .. وذكره بنحوه. ثم قال القرطبي: وقد روى هذا مرفوعا عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح» اه. التذكار ص 69، وقد روى هذا الحديث الدارمي بسنده عن سعد بن أبي وقاص موقوفا عليه، قال الدارمي: هذا حسن من سعد اه فضائل القرآن باب ختم القرآن 2/ 470. (3) محمد بن جحادة- بضم الجيم وتخفيف المهملة- الأودي البصري، عابد من الخامسة مات سنة 131 هـ. التقريب 1/ 150 وتاريخ الثقات 402، وصفة الصفوة 3/ 110. (4) في د وظ: من أول النهار. (5) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن جحادة باب فضل ختم القرآن ص 48.

_ ورواه ابن المبارك في كتاب الزهد بسنده إلى محمد بن جحادة باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 279. وذكر نحوه النووي في التبيان دون عزو، قال: «وفي ركعتي الفجر أفضل» اه. ص 88. وكذلك القرطبي ذكر نحو هذا، وقال: قال عبد الله بن المبارك: إذا كان الشتاء فأختم القرآن في أول الليل وإذا كان الصيف فأختمه في أول النهار اه. التذكار ص 69.

تجزئة القرآن

تجزئة القرآن «1» يقال: أجزاء القرآن والأحزاب والأوراد: بمعنى واحد، وأظن الأحزاب مأخوذة

_ (1) جزأ العلماء القرآن تجزئات شتى، منها التجزئة إلى ثلاثين جزءا؛ فقد جزءوه إليها أولا وأطلقوا على كل واحد منها اسم الجزء، بحيث لا يخطر بالبال عند الإطلاق غيره. فإذا قال قائل: قرأت جزءا من القرآن تبادر للذهن أنه قرأ منه جزءا من الأجزاء الثلاثين. ثم جزءوا كل واحد من هذه الأجزاء الثلاثين إلى جزءين فصارت الأجزاء بذلك ستين- وسيأتي إن شاء الله بيان هذا كله بالتفصيل- وقد أطلقوا على كل واحد منها اسم الحزب. ثم جزءوا كل واحد من هذه الأحزاب الستين إلى ثمانية أجزاء فصارت بذلك أربعمائة وثمانين جزءا، فإذا حفظ من يريد حفظ القرآن في كل يوم من ذلك جزءا- أي ثمن حزب أتم حفظه في نحو سنة وأربعة أشهر. انظر كتاب التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 154) وسيأتي- بإذن الله- أن المنصور العباسي طلب من عمرو بن عبيد أن يجزئ له القرآن بحيث يحفظه في سنة، فجزأه له إلى ثلاثمائة وستين جزءا، وقال: إنه حفظ القرآن على هذه التجزئة وحفظ بها جماعة من الناس، فحفظ المنصور العباسي القرآن على تلك التجزئة وحفظ بها ولده المهدي العباسي ومن هذه التجزئة يمكن استخراج انصاف القرآن وأثلاثه وأرباعه وأخماسه وأسداسه وأعشاره، وسيذكرها المصنف بالتفصيل، مع ذكر الأسباع والأثمان والاتساع وأجزاء اثني عشر وخمسة عشر وستة عشر وأربع وعشرين وسبع عشرين ... الخ. وقد وقع خلاف يسير بين العلماء في هذه التجزئة- كما سيأتي إن شاء الله تعالى- وفي هذه التجزئة ما يبعث على حفز الهمم وتنشيط القارئ حتى يسير قدما في حفظ القرآن والإقبال عليه دون كلل أو ملل، والله الموفق. وهنا ينشأ سؤال وهو من أول من وضع التجزئة؟ وأترك الإجابة لأبي عمرو الداني حيث قال: روى شعبة عن أبي عوانة أنه قال: أول من جزأ القرآن بأسباعه وأعشاره على الآيات وجزأه على الكلمات أبيّ بن كعب، وبه أخذ أهل العراق، وجزأه على الحروف: معاذ بن جبل، وبه أخذ ابن

من قولهم: حزب فلان، أي جماعته، لأن الحزب طائفة من القرآن «1». والورد: أظنه من الورد الذي هو ضد الصّدر «2» لأن القرآن يروي ظمأ القلوب. اه «3». قال أبو عبيد: ثنا مروان بن معاوية «4» عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي «5» قال: حدّثني عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي «6» عن جده «7» (أنه كان في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بني مالك، فأنزلهم في قبة له في المسجد قال: فكان يأتينا فيحدّثنا بعد العشاء وهو قائم حتى يراوح «8» بين قدميه من طول القيام، وكان أكثر ما يحدّثنا شكايته قريشا، وما كان يلقى منهم، ثم قال: كنا مستضعفين، فلما قدمنا المدينة انتصفنا من القوم، وكانت سجال الحرب بيننا علينا ولنا، قال: فاحتبس عنا ليلة، فقلنا: يا رسول الله، لبثت عنا الليلة أكثر مما كنت تلبث؟ قال: نعم، طرأ عليّ حزبي من القرآن، فكرهت أن أخرج من المسجد حتى أقضيه) اه «9».

_ مسعود، رضي الله عنهم. اه كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (106/ أ). هذا وسيأتي- إن شاء الله- أن عمرو بن عبيد بعد أن جزأ القرآن إلى 360 جزءا وضع كل 12 جزء من تلك الأجزاء جزءا واحدا فصارت ثلاثين جزءا، وهو المعمول به اليوم في المصاحف، والله أعلم. (1) راجع اللسان (1/ 308) (حزب). (2) المصدر نفسه (3/ 457) (ورد)، والورد: ما يعتاده الإنسان من صلاة وقراءة وغير ذلك. راجع المصباح المنير (ص 133). (3) فكأنه شبه القرآن بالماء الذي يرد إليه كل عطشان، فيشرب حتى يروي ظمأه، فكذلك القرآن يروي ظمأ القلوب ويحييها بعد موتها ويجليها من صدئها. (4) مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري أبو عبد الله الكوفي، نزيل مكة ثم دمشق، ثقة حافظ، وكان يدلس أسماء الشيوخ من الثامنة مات سنة: 193 هـ. التقريب (2/ 239) والميزان (4/ 93). (5) ابن يعلى بن كعب أبو يعلى الثقفي، صدوق يخطئ ويهم، من السابعة. التقريب (1/ 429) والميزان (2/ 452). (6) الطائفي مقبول من الثالثة. التقريب (2/ 11) وانظر الجرح والتعديل (5/ 96) والميزان (3/ 42). (7) أوس بن أبي أوس، واسم أبي أوس حذيفة الثقفي، صحابي سكن دمشق. التقريب (1/ 85) وراجع الإصابة (1/ 132) رقم 325. (8) راوح الرجل بين رجليه: إذا قام على إحداهما مرة وعلى الأخرى مرة. اللسان (2/ 466) (روح) وجامع الأصول لابن الأثير (2/ 475). (9) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ يحافظ على حزبه وورده من القرآن بالليل والنهار في صلاة أو في غير صلاة (ص 117).

قال أبو عبيد: وحدّثني أبو نعيم «1» عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عثمان بن عبد الله بن أوس عن جده عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: مثل ذلك، وزاد في حديثه قال: فقلنا لأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنه قد حدّثنا أنه طرأ عليه حزبه من القرآن، فكيف تحزبون القرآن؟ فقالوا: نحزبه ثلاث سور وخمس (سورة) «2» وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة سورة وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل فيما بين قاف وأسفل اه «3». وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «طرأ عليّ حزبي من القرآن» هو من قولهم: طرأ علينا يطرأ طرءا وطروءا، إذا طلع عليهم من بلد آخر «4». فلمّا خطر بباله صلّى الله عليه وسلّم حزبه صار كأنه طرأ عليه. اه. وحدّثني أبو المظفر الجوهري- رحمه الله- بالسند المتقدم إلى أبي بكر عبد الله بن

_ ثم ذكر أبو عبيد عدة روايات تدل على تحزيب القرآن، وأنهم كانوا يحافظون على أورادهم التي اعتادوا على قراءتها، وستأتي بعض هذه الروايات، ورواه أبو داود بنحوه في كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن (2/ 114) وفي آخره: قال أوس: سألت أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كيف يحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل وحده. اه ورواه الإمام أحمد في مسنده (4/ 9، 343). وقد ذكر ابن كثير هذا الحديث وقال: وهذا إسناد حسن. اه. فضائل القرآن (ص 26)، وذكره أبو عمرو الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن ورقة (103/ أ) ميكروفيلم. قال القرطبي: وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ممن يقرؤه في سبع تيسيرا على الأمة، وكان يبتدئ فيجعله ثلاث سور حزب ... وذكر مثل الذي تقدم عن أبي داود، ثم قال: فذلك سبعة أحزاب. اه. التذكار (ص 67) وراجع ذلك بالتفصيل في البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/ 247). (1) الفضل بن دكين أبو نعيم الكوفي، واسم دكين: عمرو بن حماد بن زهير التيمي مولاهم الأحول مشهور بكنيته، ثقة ثبت من التاسعة، مات سنة 218 هـ أو نحوها. التقريب (2/ 110) وانظر الجرح والتعديل (7/ 61) وتاريخ بغداد (12/ 346) ومناقب الإمام أحمد (109، 481) وسير أعلام النبلاء (10/ 142) وتهذيب الكمال للمزي (2/ 1096). (2) هكذا في الأصل، وهو خطأ. (3) راجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة، وقد تقدم الكلام على معنى المفصل والقول الراجح في ابتدائه. (4) أو خرج عليهم من مكان بعيد فجاءة، أو أتاهم من غير أن يعلموا أو خرج عليهم من فجوة. اه اللسان (1/ 114) (طرأ) وراجع النهاية في غريب الحديث (1/ 376).

أبي داود ثنا محمود بن آدم المروزي «1» ثنا بشر بن السرى ثنا محمد بن مسلم «2» عن إبراهيم بن ميسرة «3» عن عثمان بن عبد الله بن أوس عن المغيرة بن شعبة «4» قال: (استأذن رجل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- وهو بين مكة والمدينة- فقال: إنه قد فاتني الليلة جزئي من القرآن، فإني لا أوثر عليه شيئا) «5». قال عبد الله: وحدّثنا يعقوب بن سفيان «6» ثنا «7» بن أبي مريم «8» أنبأ يحيى بن أيوب «9» حدّثني ابن الهاد «10» قال: سألني نافع بن جبير «11» فقال: (في كم تقرأ القرآن)؟ فقلت: ما أجزئه فقال نافع: لا تقل ما أجزئه، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «قرأت جزءا من القرآن» اه «12».

_ (1) محمود بن آدم المروزي، صدوق من العاشرة، مات سنة 258 هـ ذكره ابن عدي في شيوخ البخاري. التقريب (2/ 232)، والجرح والتعديل (8/ 290). (2) محمد بن مسلم الطائفي واسم جده موسى- وقيل غير ذلك- صدوق يخطئ من الثامنة، مات قبل التسعين. التقريب (2/ 207) والجرح والتعديل (8/ 77) والميزان (4/ 40). (3) إبراهيم بن ميسرة الطائفي، نزيل مكة، ثبت حافظ، من الخامسة مات سنة 132 هـ. التقريب (1/ 44) والجرح والتعديل (2/ 133) ومشاهير علماء الأمصار (ص 77). (4) المغيرة بن شعبة بن مسعود الثقفي صحابي مشهور، أسلم قبل الحديبية، وولي إمرة البصرة ثم الكوفة، مات سنة 50 هـ على الصحيح. التقريب (2/ 269) وراجع الإصابة في تمييز الصحابة (9/ 269) رقم 8173. (5) رواه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة القرآن (ص 131). (6) يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف الفسوي، ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 277 هـ. التقريب (2/ 375) وانظر الجرح والتعديل (9/ 208). (7) في بقية النسخ قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أنبأ يحيى بن أيوب، قال: حدثني ابن الهاد ... الخ. (8) سعيد بن الحكم تقدم. (9) يحيى بن أيوب الغافقي- بمعجمة وفاء وقاف- أبو العباس المصري عالمهم ومفتيهم، صدوق ربما أخطأ، من السابعة مات سنة 168 هـ. التقريب (2/ 343) والميزان (4/ 362) والجرح والتعديل (9/ 127) ومشاهير علماء الأمصار (ص 190). (10) شداد بن الهاد الليثي صحابي شهد الخندق وما بعدها. التقريب (1/ 348) وانظر الإصابة (5/ 56) رقم 3852. (11) نافع بن جبير بن مطعم النوفلي، أبو محمد أو أبو عبد الله المدني ثقة فاضل من الثالثة، مات سنة 99 هـ. التقريب (2/ 295) والجرح والتعديل (8/ 451). (12) رواه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 131) وفيه جاءت العبارة هكذا: ... يقول: قرأت جزء من القرآن، وهو خطأ نحوي واضح.

وقال عبد الله: ثنا هارون بن سليمان «1» ويحيى بن حكيم «2» قالا: حدّثنا عبد الله ابن بكر السهمي «3» قال: ثنا عمرو بن منخل السدوسي «4» عن مطهر بن خالد الربعي «5» عن سالم، وقال يحيى «6» بن سلام أبي محمد الحماني، قال (أبو بكر بن أبي) «7» داود: ليس هو سالم «8» ولا سلام «9» إنما هو راشد أبي محمد «10» الحمّاني «11» قال: (جمع الحجاج بن يوسف الحفاظ والقراء- وكنت فيهم- فقال: أخبروني عن القرآن كله، كم «12» هو من حرف؟

_ ورواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن (2/ 114) قال عبد القادر الأرناءوط في تحقيقه لجامع الأصول: ورجاله ثقات وإسناده قوي. اه (2/ 476). (1) لم أقف له على ترجمة. (2) يحيى بن حكيم المقوم- بتشديد الواو المكسورة- أبو سعيد البصري، ثقة حافظ عابد مصنف، من العاشرة مات سنة 256 هـ. التقريب (2/ 345) وانظر الجرح والتعديل (9/ 134) وسير أعلام النبلاء (12/ 298) وشذرات الذهب (2/ 136). (3) عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي الباهلي، أبو وهب البصري، نزيل بغداد، امتنع من القضاء، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة 208 هـ. التقريب (1/ 404) وتاريخ الثقات (251)، والجرح والتعديل (5/ 16) وتاريخ بغداد (9/ 421). (4) لم أقف على ترجمته. (5) مطهر بن خالد الربعي، قال ابن أبي حاتم: روى عن سلام أبي محمد صاحب القرآن زمن الحجاج، روى عنه عمرو بن منخل. اه الجرح والتعديل (8/ 395). (6) هكذا في الأصل: يحيى بن سلام خطأ، والصواب: وقال يحيى: سلام، كما في بقية النسخ. (7) غير واضحة في الأصل. (8) هكذا في النسخ وفي كتاب المصاحف، والظاهر أن الصحيح: ليس هو سالما ولا سلاما. (9) نص ابن أبي حاتم في موضعين من كتابه الجرح والتعديل على أن سلاما أبا محمد هو الذي كان ضمن الذين جمعهم الحجاج من الحفاظ والقراء لحصر عدد حروف القرآن. انظر المصدر المذكور (4/ 262، 8/ 395). وصرح به أيضا القرطبي في مقدمة تفسيره (1/ 64) والزركشي في البرهان (1/ 249) وسيأتي قريبا- بإذن الله- ذكر ذلك ولعل الاشتباه وقع في الاسمين لاشتراكهما في الكنية واللقب، والله أعلم. (10) هكذا في النسخ (أبي محمد) بالجر في الموضعين، وفي كتاب المصاحف الموضع الأول بالجر والثاني بالرفع، ويظهر أن الجر خطأ وليس له وجه يخرج عليه. (11) راشد بن نجيح الحماني- بكسر المهملة وتشديد الميم- أبو محمد البصري صدوق ربما أخطأ، من الخامسة. التقريب (1/ 240) والميزان (2/ 36) والجرح والتعديل (3/ 484). (12) «كم» ساقطة من ظ.

قال: فجعلنا نحسب حتى اجمعوا أن القرآن كله ثلاثمائة ألف حرف (وأربعين) «1» ألف حرف وسبعمائة حرف ونيف وأربعين «2» حرفا «3». قال: وأخبروني، إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن؟ فحسبوا وأجمعوا على «4» أنه ينتهي في الكهف وَلْيَتَلَطَّفْ «5» في الفاء «6». قال: فأخبروني بأسباعه على الحروف؟ فإذا أول سبع في النساء فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ «7» في الدال. والسبع الثاني في الأعراف: حَبِطَتْ في (الباء) «8».

_ (1) هكذا في الأصل: (وأربعين) في الموضعين، وهي كذلك في كتاب المصاحف لابن أبي داود، وفي بقية النسخ: وأربعون، وهو الصواب. (2) في ظق: «وأربعين» أي في الموضع الثاني فقط. (3) هناك أقوال أخرى في عدد الحروف والكلمات، ذكرها ابن النديم في فهرسته (ص 41) وأبو عمرو الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن ورقة (25/ ب، 103/ أ) ميكروفيلم، والقرطبي في مقدمة تفسيره (1/ 65) وسيأتي بعد قليل قول ليحيى بن آدم عن يزيد بن أسحم يخالف ما هاهنا، وراجع (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 250). قال السيوطي: وقد أخرج ابن الضريس من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: « ... جميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وأحد وسبعون حرفا ... قال: وفيه أقوال أخر، والاشتغال باستيعاب ذلك مما لا طائل تحته .. وكتابنا هذا موضوع للمهمات لا لمثل هذه البطالات، وقد قال السخاوي: لا أعلم لعدد الكلمات والحروف من فائدة، لأن ذلك أن أفاد فإنما يفيد في كتاب يمكن فيه الزيادة والنقصان، والقرآن لا يمكن فيه ذلك اه. الإتقان (1/ 189، 197) وسيأتي كلام السخاوي هذا عند الكلام عن أقوى العدد في معرفة العدد- إن شاء الله تعالى- ولعل السخاوي والسيوطي ومن نحا نحوهما يقصدون أن كثرة الانشغال بذلك لم يعد بكبير فائدة للمجتمع، وإن كانت وردت أحاديث في اعتبار الحروف وما يترتب على ذلك من الحسنات لمن قرأ حرفا من كتاب الله، ولكني أقول: أن الأجر حاصل سواء أحصينا نحن تلك الحروف أم لم نحصها، والله أعلم. (4) «على» ليست في بقية النسخ. (5) وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ ... إلى قوله: فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ ... الكهف (19). وهذه رواية الحماني. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246) وأما رواية حميد الأعرج فستأتي. (6) هناك بعض العناوين كتبت في حاشية كل من الأصل ود وظ مأخوذة من النص. (7) النساء (55) ولفظ (عنه) ليس في بقية النسخ. (8) هكذا في الأصل: في الباء. وفي بقية النسخ: في التاء وهو الصواب.

قلت: يعني قوله عزّ وجلّ وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ «1». والسبع الثالث في الرعد: أُكُلُها دائِمٌ «2» الألف آخر أكلها. والسبع الرابع في الحج: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً «3» في الألف. والسبع الخامس في الأحزاب: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ «4» في الهاء. والسبع السادس في الفتح: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ «5» في الواو. والسابع: ما بقي من القرآن «6». قال: فأخبروني عن «7» أثلاثه، قالوا: الثلث الأول: رأس مائة من براءة «8». والثلث الثاني: رأس إحدى ومائة من طسم الشعراء «9». والثلث الثالث: ما بقي من القرآن «10». قال الحماني: وسألنا عن أرباعه، فإذا أول ربع: خاتمة سورة الأنعام. والربع «11» الثاني: في الكهف وَلْيَتَلَطَّفْ. والربع الثالث: خاتمة الزمر. والربع (الرابع) «12»: ما بقي من القرآن «13».

_ (1) أي قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ... الأعراف (147). (2) الرعد (35). (3) الحج (67). (4) الأحزاب (36). (5) الفتح (6). (6) انظر: (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 241). (7) في بقية النسخ: بأثلاثه. (8) وهي قوله تعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ... إلى ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ براءة (100). (9) وهي قوله تعالى: وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ الشعراء (101). (10) انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 236). (11) من هنا إلى قوله: والربع الرابع: أضيف في حاشية ظ فلم يظهر بعضه. (12) كلمة (الرابع) سقطت من الأصل، وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود: والرابع ما بقي ... الخ. (13) وهذا التقسيم المروي عن أبي محمد الحماني لنصف القرآن وأثلاثه وأرباعه وأسباعه: هو باعتبار عدد الحروف. وراجع: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237).

قال الحماني: عملناه في أربعة أشهر، وكان الحجاج يقرؤه في كل «1» ليلة «2» اه. وقال عبد الله: ثنا محمد بن عامر بن إبراهيم «3» عن أبيه «4» عن الفيض بن موسى «5» قال: ثنا عبد الواحد العطار «5» عن هلال الوراق «5» وعاصم الجحدري «8» «9» أنهما قالا: نصف القرآن: خاتمة الكهف «10» وخاتمة: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وثلث القرآن: خاتمة براءة، وخاتمة طسم القصص، وآخر القرآن، وربع القرآن: خاتمة الأنعام، وخاتمة الكهف، وخاتمة يس وآخر القرآن «11». وخمس القرآن: خاتمة المائدة، وخاتمة يوسف، وخاتمة الفرقان وخاتمة حم السجدة، وآخر القرآن. وسدس القرآن: خاتمة النساء، وخاتمة براءة، وخاتمة الكهف، وخاتمة طسم القصص، وخاتمة الدخان، وآخر القرآن «12».

_ (1) في مقدمة تفسير القرطبي (1/ 64): « .. في كل ليلة ربعا» وكذلك في البرهان للزركشي (1/ 250). (2) ذكر هذا ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 132 - 133) وذكره القرطبي في مقدمة تفسيره مع بعض التقديم والتأخير، قال: وأما عدد حروفه وأجزائه فروى سلام أبو محمد الحماني أن الحجاج بن يوسف جمع القراء .. وذكره. وقال في آخره: وفي هذه الجملة خلاف مذكور في كتاب البيان لأبي عمرو الداني، من أراد الوقوف عليه وجده هناك. اه (1/ 64) وانظر البيان للداني ورقة (103) ميكروفيلم. وراجع البرهان للزركشي فقد ذكر نحو قول القرطبي (1/ 249 - 250). (3) أخو إبراهيم بن عامر الأصبهاني، روى عن أبيه وغيره، وكان صدوقا. الجرح والتعديل (8/ 44). (4) عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال أبو داود الطيالسي: «اكتبوا عن عامر بن إبراهيم- مؤذن مسجد أصبهان- فإنه ثقة اه. الجرح والتعديل (6/ 319) قال ابن حجر: ثقة من التاسعة مات سنة إحدى أو اثنتين ومائتين اه. التقريب (1/ 386). (5) لم أقف لهم على ترجمة. (8) عاصم بن العجاج الجحدري البصري المقرئ، وهو عاصم بن أبي الصباح، أخذ عنه جماعة قراءة شاذة فيها ما ينكر. الميزان (2/ 354) وراجع الجرح والتعديل (6/ 349). (9) في د: الجحدي خطأ. (10) وهذا الرأي مخالف للمشهور وللإجماع الذي ذكره قبل هذا عن أبي محمد الحماني من أن نصف القرآن ينتهي عند قوله تعالى: .. وَلْيَتَلَطَّفْ في الفاء، وكذلك في الأثلاث والأرباع. (11) رواه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 133). ونحوه في مقدمة كتاب (المباني في نظم المعاني) انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237). (12) قال أبو بكر ابن أبي داود: حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم عن أبيه، وساق السند المتقدم إلى هلال

وسبع القرآن: يَصُدُّونَ «1» عَنْكَ «2» صُدُوداً «3» في النساء، وفي سورة الأعراف: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ «4» وفي سورة إبراهيم: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ «5» وفي المؤمنين: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ «6» وفي سبأ: فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «7» وخاتمة الفتح، وآخر القرآن «8». وثمن القرآن: البقرة وآل عمران، وخاتمة الأنعام، وخاتمة هود، وخاتمة الكهف، وخاتمة الشعراء، وخاتمة يس وخاتمة الذاريات «9» وآخر القرآن «10» ولم يحفظ التسع «11». وعشره: البقرة ومائة من آل عمران «12» وخاتمة المائدة، وخاتمة الأنفال، وخاتمة يوسف، وخاتمة الكهف، وخاتمة الفرقان، وخاتمة الأحزاب، وخاتمة حم السجدة، وخاتمة الواقعة وآخر القرآن.

_ الوراق وعاصم الجحدري إنهما قالا: وخمس القرآن: .... وذكره بلفظه كتاب المصاحف (ص 133 - 134). وهناك روايتان أخريان ذكرهما صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» عن حميد الأعرج وأبي محمد الحماني. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237 - 238). (1) حرفت في د إلى (يعدون). (2) حرفت في ظ إلى (عند). (3) النساء (61). (4) الأعراف (170). (5) إبراهيم (25). (6) المؤمنون (55). (7) سبأ: (20). (8) وهذه الأسباع التي ذكرت في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري موافقة للرواية الآتية عن يزيد بن أسحم عن حمزة الزيات، ومخالفة للرواية السابقة عن أبي محمد الحماني، إلّا في السبع الأول فقط فقد اتفقت الروايتان فيه. وراجع مقدمتان في علوم القرآن (ص 240). (9) في بقية النسخ: والذاريات. (10) وهناك روايتان قريبتان مما هنا ذكرهما صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» عن حميد الأعرج وإبراهيم التيمي. انظر: «مقدمتان في علوم القرآن» (ص 241، 242). (11) لعله يريد أن تقسيم القرآن إلى أتساع لم يحفظ في هذه الرواية، وإلا فإنه سيذكر في رواية حميد الأعرج الآتية قريبا تقسيم القرآن إلى اتساع. (12) هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ آل عمران (100).

والقرآن كله ستة آلاف آية ومائتان وأربع آيات «1». وهو مائة وأربع عشرة سورة مع فاتحة الكتاب «2». وقال عبد الله: ثنا شعيب بن أيوب «3» ثنا يحيى بن آدم «4» قال: أسباع القرآن: السبع الأول: خمسمائة وسبع وأربعون «5» آية. والسبع الثاني: خمسمائة وسبعون آية. والسبع الثالث: ستمائة وإحدى وخمسون آية. والسبع الرابع: تسعمائة وثلاث وخمسون آية. والسبع الخامس: ثمانمائة وثمان وستون آية. والسبع السادس: تسعمائة وست وثمانون آية. والسبع الآخر: ألف آية وستمائة وأربع وعشرون آية. فجميع آي القرآن: ستة آلاف ومائتا آية وتسع وعشرون آية «6» في الجملة نقصان ثلاثون آية خطأ في الحساب «7».

_ (1) وهذا في عدد البصريين كما ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره (1/ 65) وسيأتي- إن شاء الله- الحديث عن العدد في فصل مستقل. قال السيوطي نقلا عن أبي عمرو الداني: أجمعوا على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية، ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال: ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة، وقيل: وتسع عشرة، وقيل: وخمس وعشرون، وقيل: وست وثلاثون. اه الإتقان (1/ 189). (2) أورد هذا ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 133 - 134). قال الزركشي: واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة كما هي في المصحف العثماني، أولها الفاتحة وآخرها الناس اه. البرهان (1/ 251) وانظر الإتقان (1/ 184). (3) شعيب بن أيوب بن زريق الصيرفي القاضي، أصله من واسط، صدوق يدلس، من الحادية عشرة، مات سنة 261 هـ. التقريب (1/ 351) وانظر الميزان (2/ 275) وفيه: الصيرفيني المقري صاحب يحيى بن آدم اه. (4) يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، أبو زكريا مولى بني أمية، ثقة حافظ فاضل، من كبار التاسعة، مات سنة 203 هـ. التقريب (2/ 341). قال العجلي: كوفي ثقة، وكان جامعا للعلم عاقلا ثبتا في الحديث اه. تاريخ الثقات (ص 468). (5) في كتاب المصاحف لابن أبي داود: وأربعين. (6) ذكر القرطبي سبعة أقوال في عدد آي القرآن لم يكن هذا القول منها. مقدمة تفسيره (1/ 64). (7) أي إذا جمعنا هذه الأسباع حسب العدد المذكور فإن الناتج 6199 آية أي ينقصان (30) آية فإذا أضفنا

وجميع حروف القرآن: ثلاثمائة ألف حرف واحد وعشرون ألف حرف ومائتا حرف وخمسون حرفا «1». قال يحيى بن آدم: حدّثني يزيد بن أسحم «2» قال: أعطانيه حمزة الزيات «3» من كتابه «4» فيصير كل سبع من أسباع القرآن خمسة وأربعين «5» ألف حرف وثمانمائة حرف

_ الثلاثين إلى العدد 6199 فإنه يصير (6229) آية. قال صاحب كتاب (المباني في نظم المعاني): وعن حميد الأعرج قال: جميع آي القرآن ستة آلاف آية ومائتا آية واثنتا عشرة آية، ثم ذكر أنصاف القرآن بعدد الآيات وأثلاثه وأرباعه وأخماسه وأسداسه وأسباعه وأثمانه وأتساعه وأعشاره، والأسباع التي ذكرها هي قريبة من الرواية التي ذكرها المصنف عن يحيى بن آدم. فالسبع الأول مثلا خمسمائة وخمسون آية ... وهكذا. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 247). (1) وهذه رواية يحيى بن آدم عن يزيد بن أسحم- بضم الحاء- عن حمزة الزيات من كتابه كما سيأتي، وهي خلاف ما تقدم من إجماع من جمعهم الحجاج بن يوسف الثقفي حيث أجمعوا على أن القرآن كله ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألف حرف وسبعمائة حرف ونيف وأربعون حرفا. وهناك قولان آخران في عدد حروف القرآن ذكرهما القرطبي عن عطاء بن يسار ومجاهد. انظر مقدمة تفسيره (1/ 65). وراجع أيضا كتاب (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 248). قال الزركشي: وأعلم أن سبب اختلاف العلماء في عد الآي والكلم والحروف أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقف على رءوس الآي للتوقيف، فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة. اه البرهان (1/ 251 - 252) وراجع الإتقان (1/ 189)، وقد ذكر هذا أيضا الزرقاني بنحوه، وقال في آخره: فيظن بعض الناس أن ما وقف عليه النبي صلّى الله عليه وسلم فاصلة، فيصلها بما بعدها معتبرا أن الجميع آية واحدة، والبعض يعتبرها آية مستقلة فلا يصلها بما بعدها. والخطب في ذلك سهل، لأنه لا يترتب عليه في القرآن زيادة ولا نقص. اه. مناهل العرفان (1/ 344). إذا فلا سبيل إلى معرفة آيات القرآن إلا بتوقيف من الشارع، لأنه ليس للقياس والرأي مجال فيها، إنما هو محض تعليم وإرشاد ... وما ورد من الخلاف في ذلك فلا ينبغي أن يشتبه على القارئ، لأن كلا وقف عند حدود ما بلغه أو علمه. اه. المصدر نفسه (1/ 340). (2) في كتاب البيان لأبي عمرو الداني: يزيد بن سحيم. ولم أعثر على ترجمته. (3) حمزة بن حبيب الزيات القارئ- أحد القراء السبعة المشهورين- أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، صدوق زاهد، ربما وهم، من السابعة، مات سنة 156 هـ أو نحوها. التقريب (1/ 199) وانظر معرفة القراء الكبار (1/ 111)، ومشاهير علماء الأمصار (ص 168) والميزان (1/ 605) وصفة الصفوة (3/ 156) وغاية النهاية (1/ 261). (4) قال ابن النديم:- عند ترجمته لحمزة- وله من الكتب: (كتاب قراءة حمزة)، (كتاب الفرائض) اه الفهرست (ص 44). وذكره صاحب إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون (2/ 322). (5) في د وظ: وأربعون. خطأ

و (اثنان وتسعون) «1» حرفا، يبقى ستة أحرف. اه «2». قال أبو بكر بن أبي داود: القائل: حدثنيه يزيد بن أسحم: يحيى بن آدم. اه «3» وأسباع القرآن: السبع الأول: في النساء يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً. والثاني: في الأعراف إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ. والسبع الثالث: في إبراهيم كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ إلى قوله لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. والرابع: في المؤمنين قوله عزّ وجلّ: نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. والخامس: في سبأ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. والسادس: خاتمة الفتح. والسابع: بقية القرآن «4». وقال عبد الله بن أبي داود: ثنا يعقوب بن سفيان ثنا عبد الله بن الزبير الحميدي «5» ثنا أبو الوليد عبد الملك بن عبد الله بن مسعود «6» عن إسماعيل بن عبد الله بن

_ (1) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ: واثنين وتسعين حرفا. وهو الصواب. (2) أي بعد قسمة 321250 7 45892 يبقى (6) أحرف. (3) كتاب المصاحف (ص 135) وأقول: هي عبارة لا داعي لها لأنه قد تقدم قبل قليل: قال يحيى بن آدم: حدثنيه يزيد بن أسحم. (4) المصدر نفسه، وقد تقدم قريبا مثل هذا القول عن أسباع القرآن بنصه عن هلال الوراق وعاصم الجحدري فلا أدري لماذا أعاد المصنف ذكره؟ ولعله أعاد ذكر ذلك لأنه بصدد ذكر رواية يحيى بن آدم، والله أعلم. وتقدم أيضا عزو هذه الآيات المذكورة فلا حاجة لإعادته. قال صاحب كتاب المباني في نظم المعاني: وأما الأسباع المعروفة عندنا على تأليف أهل الكوفة ... وذكرها كما هنا. انظر مقدمتان في علوم القرآن (ص 240). (5) عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الحميدي المكي، أبو بكر، ثقة حافظ فقيه، من العاشرة، مات سنة 219 هـ وقيل بعدها. التقريب (1/ 415) وانظر: الجرح والتعديل (5/ 56) ومناقب الإمام أحمد (146). (6) لم أقف على ترجمته.

قسطنطين «1» عن حميد الأعرج «2» أنه حسب حروف القرآن فوجد النصف الأول من القرآن ينتهي إلى خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ «3» مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ... «4». وهو الربع الثاني والسدس الثالث والثمن الرابع والعشر الخامس، وصار مَعِيَ صَبْراً من النصف الأخير «5» إلى أن يختم القرآن، والثلث الأول: ينتهي إلى بعض إحدى وتسعين آية من براءة، عند قوله كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ «6» إلى الباء من (سيصيب) وهو السدس الثاني، والتسع «7» الثالث، وصارت الباء من (سيصيب) من الثلث الأوسط، والثلث الأوسط: ينتهي إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا «8» وهو السدس الرابع والتسع «9» السادس. وصارت الَّذِينَ ظَلَمُوا من الثلث الآخر. والثلث الأخير «10»: ينتهي إلى أن يختم القرآن.

_ (1) إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، أبو إسحاق المخزومي المكي المقرئ، قارئ أهل مكة في زمانه، أقرأ الناس دهرا. أحد الذين قرءوا على حميد الأعرج كما قال ابن أبي داود في كتاب المصاحف (ص 139) وقرأ عليه الإمام الشافعي وغيره كانت وفاته سنة 170 هـ. معرفة القراء الكبار (1/ 141) والجرح والتعديل (2/ 180). (2) حميد بن قيس المكي الأعرج، أبو صفوان القارئ، ليس به بأس من السادسة، مات سنة 130 هـ وقيل بعدها. انظر التقريب (1/ 203) وانظر معرفة القراء الكبار (1/ 97) والميزان (1/ 615) والجرح والتعديل (3/ 227). (3) في د وظ: (تعلمن) وقد أثبت الياء وصلا نافع وأبو عمرو وأبو جعفر، وفي الحالين ابن كثير ويعقوب وحذفها في الحالين سواهم. اتحاف فضلاء البشر (ص 292) والبدور الزاهرة (ص 192) والمهذب (1/ 405). (4) الكهف (66 - 67) ولعل القارئ يلحظ بعض الاختلاف في رقم بعض الآيات التي يذكرها المصنف والرقم الذي أضعه في الهامش والسبب في ذلك أني أثبت ما في المصحف الذي بين أيدينا المعتمد على العدد الكوفي، بينما المصنف يعتمد- أحيانا- على عدد آخر تبعا لابن أبي داود والداني وغيرهما، وسيأتي الكلام على العدد في فصل مستقل- بإذن الله تعالى- تحت عنوان (أقوى العدد في معرفة العدد). (5) في بقية النسخ: الآخر. (6) التوبة (90). (7) في د وظ حرفت إلى (السبع). (8) العنكبوت (46). (9) في د وظ: حرفت إلى (السبع). (10) في بقية النسخ: الآخر.

والربع الأول: ينتهي إلى أول آية من سورة الأعراف، إلى وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ «1» وهو الثمن الثاني، وصارت اتَّبِعُوا «2» من الربع الثاني. والربع الثاني: ينتهي إلى إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ حيث انتهى النصف. والربع الثالث: إلى بعض مائة وثمان وأربعين آية من سورة الصافات عند فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ «3» وهو الثمن السادس، وصارت إِلى حِينٍ من الربع الآخر. والربع الآخر: إلى أن يختم القرآن «4». والخمس الأول: ينتهي «5» إلى بعض اثنتين وثمانين آية من سورة المائدة، عند قوله أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ «6» وهو العشر الثاني، وصارت وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ من الخمس الثاني. والخمس الثاني: ينتهي إلى بعض ست وأربعين من سورة يوسف عند قوله لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ «7» وهو العشر الرابع، وصارت لَعَلَّهُمْ من الخمس الثالث. والخمس الثالث: ينتهي إلى بعض إحدى وعشرين آية من سورة الفرقان، عند قوله أَوْ نَرى رَبَّنا «8» وهو العشر السادس، وصارت لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا من الخمس الرابع.

_ (1) الأعراف (2) وما ذكره المصنف تبعا لابن أبي داود من عدم عد (المص) آية هو خلاف للعدد الكوفي والذي هو مثبت في المصحف. (2) أي قوله تعالى: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ... الأعراف الآية (3). (3) الصافات (148). (4) وهذه رواية حميد الأعرج، وهي تعد قولا ثالثا في تحديد نصف القرآن وأثلاثه وأرباعه. وقد ذكر هذه الرواية بنصها صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» بسنده عن حميد الأعرج، قال: فأما الأنصاف فإنه روى عن الحسين بن أحمد الزعفراني ... وذكر السند. انظر: «مقدمتان في علوم القرآن» (ص 235). (5) أي في رواية حميد الأعرج، وهناك رواية أخرى مروية عن الحماني ذكرها صاحب كتاب «المباني ... » انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 238). (6) المائدة (80). (7) يوسف (46). (8) الفرقان (21).

والخمس الرابع: ينتهي إلى بعض خمس وأربعين آية من سورة حم السجدة، عند قوله عزّ وجلّ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ «1» وهو العشر الثامن، وصارت أَساءَ فَعَلَيْها من الخمس الخامس. والخمس الخامس: ينتهي إلى أن يختم القرآن «2». والسدس الأول «3»: ينتهي إلى بعض إحدى وأربعين ومائة من سورة النساء عند قوله عزّ وجلّ ... إِلَى الصَّلاةِ قامُوا «4» وصارت كُسالى من السدس الثاني. والسدس الثاني: ينتهي إلى إحدى «5» وتسعين آية من سورة براءة في ... سَيُصِيبُ «6» إلى الباء، وهو الثلث الأول والتسع «7» الثالث، وصارت الباء من سَيُصِيبُ من السدس الثالث. والسدس الثالث: ينتهى إلى بعض خمس وستين آية، من سورة الكهف عند إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ «8» «9» وهو النصف الأول، والربع الثاني والثمن الرابع والعشر الخامس، وصار مَعِيَ صَبْراً من السدس الرابع.

_ (1) فصلت (46). (2) ولم يتقدم ذكر للأخماس في رواية أبي محمد الحماني ويزيد بن أسحم، وإنما تقدم ذكرها في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري، وهي مخالفة لرواية حميد الأعرج هذه. وقد ذكر هذه الرواية بنصها صاحب كتاب (المباني في نظم المعاني) عن حميد الأعرج. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237). (3) راجع مقدمتان في علوم القرآن (ص 238) مع ملاحظة أن السدس الثالث لم يذكر ولعله سقط عند النسخ أو الطبع. حيث قال: والسدس الثالث: وقفز إلى سورة العنكبوت. ثم ذكر رواية أخرى عن الحماني في الأسداس فانظرها. وقد تقدمت في رواية عاصم الجحدري وهلال الوراق. (4) النساء (142) وهي قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى .... (5) في ظ: أحد. (6) التوبة (90) وهي قوله تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (7) حرفت في د وظ إلى (السبع). (8) (معي) ليست في بقية النسخ. (9) الكهف (67).

والسدس الرابع: ينتهي إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله عزّ وجلّ .. بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا «1» وهو التسع «2» السادس، وصارت الَّذِينَ ظَلَمُوا من السدس الخامس. والسدس الخامس: ينتهي إلى بعض أربع وثلاثين آية من حم الجاثية عند قوله عزّ وجلّ: فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها «3» وصارت وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ من السدس الآخر. والسدس الآخر: ينتهي إلى أن يختم القرآن «4». والسبع لأول: ينتهي إلى بعض ست وخمسين آية من سورة النساء، عند قوله عزّ وجلّ: أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ «5» وصارت وَنُدْخِلُهُمْ «6» من السبع الثاني. والسبع الثاني: ينتهي إلى مائة وسبع وستين آية من الأعراف عند قوله عزّ وجلّ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ال «7» وصارت (عقاب) من السبع الثالث. والسبع الثالث: ينتهي إلى بعض أربع وعشرين آية من سورة إبراهيم عند قوله عزّ وجلّ ... وَما كانَ لِي علي «8» وصارت (كم) من السبع الرابع. والسبع الرابع: ينتهي إلى بعض سبع وأربعين آية من سورة المؤمنين عند قوله عزّ وجلّ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ «9» وصارت لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ* من السبع الخامس.

_ (1) العنكبوت (46). (2) حرفت في د وظ إلى (السبع). (3) الجاثية (35). (4) لم يسبق ذكر للأسداس في رواية أبي محمد الحماني ويزيد بن أسحم، وإنما ذكرت في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري، وهي مخالفة لرواية حميد الأعرج هذه. (5) النساء (57). (6) سقطت الواو من الأصل. (7) الأعراف (167). (8) إبراهيم: (22) وهي قوله تعالى: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ... الآية. (9) المؤمنون (49).

والسبع الخامس: ينتهي إلى بعض ثمان عشرة آية من سورة سبأ عند قُرىً ظاهِرَةً وَقدر ... «1» وصارت «2» (نا) من السبع السادس. والسبع السادس: ينتهي إلى آخر حرف من الآية الثانية من سورة الحجرات وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ «3» وصارت إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ «4» من السبع الآخر. والسبع الآخر: إلى أن يختم القرآن «5». والثمن الأول: ينتهي إلى بعض مائة وخمسة «6» وسبعين «7» آية من سورة آل عمران، عند قوله عزّ وجلّ: مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مأ ... «8» وصارت الواو والياء والهاء والميم التي في مَأْواهُمْ من الثمن الثاني. والثمن الثاني: ينتهي إلى أول آية من سورة الأعراف، عند وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ «9» وهو الربع الأول، وصارت اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من الثمن الثالث. والثمن الثالث: ينتهي إلى بعض سبع وثلاثين آية من سورة هود عند وَفارَ «10»

_ (1) سبأ (18) وهي قوله تعالى وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ الآية. (2) في بقية النسخ: وصار (نا). (3) الحجرات (2) أولها قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ. (4) الحجرات (3). (5) وهذه رواية حميد الأعرج، وهي خلاف الروايات السابقة في تحديد أسباع القرآن إلا أن الفروق ليست متباعدة بين هذه الروايات وبين رواية هلال وعاصم المتقدمة. وقد ذكر هذه الرواية عن حميد الأعرج صاحب كتاب «المباني .. » وذكر بسنده عن قتادة رواية أخرى. انظر: «مقدمتان في علوم القرآن» (ص 239). (6) هكذا في النسخ (خمسة) وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود: (خمس) وهو الصواب. (7) هكذا في النسخ (سبعين) وهو تحريف لكلمة (تسعين). (8) آل عمران (197). مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ. (9) الأعراف (2). (10) هود (40) وهي قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ ... الآية.

وصارت «1» التَّنُّورُ، من الثمن الرابع. والثمن الرابع: ينتهي إلى خمس وستين آية من سورة الكهف عند إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ «2» حيث انتهى النصف الأول، وهو الربع الثاني، والعشر الخامس، وصارت مَعِيَ صَبْراً من الثمن الخامس. والثمن الخامس: ينتهي إلى آخر سورة الشعراء أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ «3» الياء من يَنْقَلِبُونَ: من الثمن الخامس، والنون والقاف واللام والباء والواو والنون: من الثمن السادس. والثمن السادس: ينتهي إلى بعض مائة (وثمانية) «4» وأربعين آية من سورة الصافات «5» عند فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ «6» وهو الربع الثالث وصارت إِلى حِينٍ من الثمن السابع. والثمن السابع: ينتهي إلى أول عشر من سورة النجم إلى قوله عزّ وجلّ فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى «7» وصارت ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى «8» من الثمن الآخر. والثمن الآخر: إلى أن يختم القرآن «9». والتسع الأول: ينتهي إلى بعض مائة (وثلاثة) «10» وأربعين آية من سورة آل عمران عند قوله «11» فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأ ... «12» فالواو والألف آخر التسع الأول، والنون والتاء والميم من التسع الثاني.

_ (1) في بقية النسخ: وصار. (2) الكهف (67). (3) الشعراء (227). (4) هكذا في النسخ: وثمانية. (5) في بقية النسخ: والصافات. (6) الصافات (148). (7) النجم (10). (8) النجم (11) وكلمة (ما رأى) ليست في بقية النسخ. (9) لم يتقدم ذكر للأثمان إلا في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري وهي مخالفة لهذه الرواية عن حميد الأعرج. وانظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 241، 242). فقد ذكر هذه الرواية بنصها ثم ذكر رواية أخرى عن إبراهيم النخعي. (10) هكذا في النسخ: وثلاثة. وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود وثلاث. وهو الصواب. (11) كلمة (قوله) ليست في بقية النسخ. (12) آل عمران (143) وهي قوله تعالى: وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ

والتسع الثاني: ينتهي إلى بعض أربع وخمسين آية من سورة الأنعام عند ... لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا «1» وصارت أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ من التسع الثالث. والتسع الثالث: ينتهي إلى بعض إحدى «2» وتسعين آية من سورة براءة عند سَيُصِيبُ «3» الى الباء، وهو الثلث الأول والسدس الثاني وصارت (الباء) من سَيُصِيبُ من التسع الرابع. والتسع الرابع: ينتهي في بعض إحدى عشرة من سورة النحل وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي «4» وصارت ذلِكَ من التسع الخامس. والتسع الخامس: ينتهي في بعض ثمان وعشرين آية من سورة الحج، عند وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأ ... «5» وصارت النون والعين والألف والميم التي في الأنعام من التسع السادس. والتسع السادس: ينتهي في بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا ... «6» وهو الثلث الأوسط والسدس الرابع، وصارت الَّذِينَ ظَلَمُوا من التسع السابع. والتسع السابع: ينتهي إلى بعض تسع آيات من أول سورة المؤمن، عند يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أن ... «7» وصارت الفاء والسين والكاف والميم من أَنْفُسَكُمْ في التسع الثامن. والتسع الثامن: ينتهي في بعض سبع عشرة آية من أول سورة الواقعة عند وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ* عَلى ... «8» وصارت سُرُرٍ من التسع الآخر.

_ (1) الأنعام (53) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ ... الآية. (2) في ظ (أحد). (3) تقدمت قريبا. (4) النحل (11) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (5) الحج (30) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ ... الآية. (6) تقدمت مرارا. (7) غافر (10) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ... الآية. (8) الواقعة (14 - 15) وهذا على العدد الكوفي، وما ذكره فهو لغير الكوفي.

والتسع الآخر: الى آخر «1» القرآن «2». والعشر الأول «3»: ينتهي إلى بعض إحدى وتسعين آية من سورة آل عمران عند لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا ... «4» وصارت تُحِبُّونَ من العشر الثاني. والعشر الثاني: ينتهي إلى بعض اثنتين وثمانين آية من سورة المائدة عند لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ «5» وهو الخمس الأول وصارت وَفِي الْعَذابِ من العشر الثالث. والعشر الثالث: ينتهي إلى بعض اثنتين وثلاثين آية من سورة الأنفال عند فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا ... «6» وصارت بِعَذابٍ أَلِيمٍ من العشر الرابع. والعشر الرابع: ينتهي إلى بعض ست وأربعين آية من سورة يوسف عند قوله عزّ وجلّ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ «7» وهو الخمس الثاني، وصارت لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ من العشر الخامس. والعشر الخامس: ينتهي إلى خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله إِنَّكَ لَنْ

_ (1) في بقية النسخ: إلى أن يختم القرآن. (2) تقدم أن ذكر المصنف أن التسع لم يحفظ، والذي يبدو لي أن ذكره للاتساع هنا مناقض لما ذكره سابقا من أن الاتساع لم تحفظ، إلا إن كان يقصد أن التسع لم يحفظ في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري. ولكني أقول: كذلك أيضا لم يرد ذكر للاتساع في رواية أبي محمد الحماني ويزيد بن أسحم، أي لم يرد فيما ذكره المصنف، وإلّا فإن صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» قد ذكر رواية حميد الأعرج في الاتساع- وهي بنص ما ذكره المصنف- ثم ذكر رواية أخرى عن الحماني مخالفة لرواية حميد الأعرج فانظرها في: (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 243 244). (3) سبق ذكر للأعشار في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري فقط بصفة إجمالية مخالفة لهذه الرواية المذكورة عن حميد الأعرج، وهذه الأعشار على الحروف- كما لا يخفى- أما على الكلمات فسيذكرها المصنف بصفة إجمالية عند آخر كلامه عن تقسيم القرآن الكريم إلى ستين جزءا. (4) آل عمران (92). (5) المائدة (80). (6) الأنفال (32) وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ ... الآية. (7) يوسف (46).

تَسْتَطِيعَ «1» وهو النصف الأول، والربع الثاني والسدس الثالث والثمن الرابع، وصارت مَعِيَ صَبْراً من العشر السادس. والعشر السادس: ينتهي إلى بعض إحدى وعشرين «2» من سورة الفرقان عند لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا «3» وهو الخمس الثالث وصارت لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ من العشر السابع. والعشر السابع: ينتهي إلى بعض إحدى وثلاثين آية من سورة الأحزاب وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ «4» وصارت «5» صالِحاً من العشر الثامن. والعشر الثامن: ينتهي إلى بعض خمس وأربعين آية من سورة حم السجدة عند مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ... «6» وهو الخمس الرابع، وصارت أَساءَ فَعَلَيْها من العشر التاسع. والعشر التاسع: ينتهي إلى بعض خمس وعشرين آية من سورة الحديد عند وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ «7» وصارت فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ في العشر العاشر. والعشر العاشر: ينتهي إلى آخر القرآن «8».

_ (1) الكهف (67). (2) في بقية النسخ: وعشرين آية من سورة ... الخ. (3) الفرقان (21) وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ ... الآية. (4) الأحزاب (31). (5) (وصارت) ساقطة من ظ. (6) فصلت (46). (7) الحديد (26). (8) أورد هذا كله ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف بسنده إلى إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين- شيخ الشافعي- عن حميد الأعرج (ص 139 - 144) وانظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 244 245). فقد ذكر صاحب كتاب (المباني في نظم المعاني) الفصل العاشر ذكر هذه الأعشار بنصها وهي عن حميد الأعرج، ثم ذكر رواية أخرى عن الحماني فانظرها فيه.

ذكر أنصاف الأسداس

ذكر أنصاف الأسداس «1» وهي أجزاء اثني «2» عشر: «3» الأول من ذلك: خاتمة البقرة، وهذا قول المعلى بن عيسى الوراق «4» وقال محمد بن الجهم السّمّري «5»: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* «6» من آل عمران، وقيل: عند قوله عزّ وجلّ وَقِنا عَذابَ النَّارِ «7» منها.

_ (1) تكلم أبو عمرو الداني على أنصاف الأسداس، قال: وأخرجت هذه الأنصاف من أجزاء ستين، وهي التي قرأت بها على غير واحد من الشيوخ، ثم أخذ في ذكرها، وهي نحو ما هاهنا مع اختلاف يسير. ورقة (105). (2) في د وظ: أجزاء اثنا عشر. (3) أي تجزئة القرآن إلى اثني عشر جزءا. (4) معلى بن عيسى، ويقال: بن راشد البصري الوراق، روى عدد الآي والأجزاء عن عاصم الجحدري. قال الداني: وهو من أثبت الناس فيه، روى عنه العدد سليم بن عيسى وغيره. غاية النهاية (2/ 304). (5) محمد بن الجهم بن هارون السمري- بكسر السين المهملة وفتح الميم المشددة- أبو عبد الله الكاتب الإمام العلامة، البغدادي قال الدارقطني: ثقة، وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا على عائذ بن أبي عائذ صاحب حمزة الزيات، وسمع الحروف من خلف بن هشام وسليمان الهاشمي، أخذ عنه القراءة ابن مجاهد وجماعة، وكان من أئمة العربية العارفين بها، توفي سنة 277 هـ. انظر: تاريخ بغداد (2/ 261) وسير أعلام النبلاء (13/ 163) وغاية النهاية (2/ 113) والمنتظم (5/ 108). (6) آل عمران (6). (7) آل عمران (16).

والجزء الثاني: ينتهي إلى السدس الأول «1». والثالث: إلى الربع الأول «2». والرابع: إلى الثلث الأول «3». والخامس: إلى آخر الرعد، وقيل: إلى قوله عزّ وجلّ: وَبِئْسَ الْمِهادُ «4» منها. وآخر السادس: إلى انتهاء النصف الأول «5». والسابع: في النور وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ «6» وقيل: إلى قوله: وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «7». والثامن: آخر القصص، وقول الجماعة: هو آخر الثلث الثاني «8». والتاسع: هو الربع الثالث «9». والعاشر: هو السدس الخامس «10». والحادي عشر: آخر الامتحان، و «11» قيل: خاتمة الصف. والثاني عشر: خاتمة الناس.

_ (1) أي عند قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ... النساء (142) كما سبق في رواية حميد الأعرج. (2) أي إلى قوله تعالى: كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ الأعراف (2). (3) أي إلى قوله تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ التوبة (90). (4) الرعد (18). (5) أي عند قوله تعالى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً* قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً الكهف: (66 - 67). (6) النور (10). (7) النور (20). (8) آخر القصص هو آخر الثلث الثاني في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري كما سبق. (9) أي عند قوله تعالى: فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ الصافات (148). (10) أي عند قوله تعالى: فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ الجاثية (35). (11) سقطت الواو من د وظ.

وأما أنصاف الأسباع

وأما أنصاف الأسباع فحدثني أبو القاسم «1» - شيخنا رحمه الله- ثنا «2» أبو الحسن علي بن محمد بن هذيل «3» ثنا أبو داود «4» ثنا أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني «5» - رحمه الله «6» - قال: رواية الحلواني «7» عن ابن ذكوان «8»: نصف السبع الأول: من البقرة إلى مائتين وخمس وستين آية لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ* [البقرة: 266]. ونصف الثاني: عشرون آية من الأنعام فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 20]. ونصف «9» الثالث: ستون آية من سورة يونس وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ [يونس: 60].

_ (1) هو: الشاطبي تقدم عند الحديث عن شيوخ السخاوي. (2) في بقية النسخ: قال: ثنا. (3) علي بن محمد بن علي بن هذيل الإمام أبو الحسن البلنسي المقرئ الزاهد، لازم أبا داود سليمان بن أبي القاسم مدة، وقرأ عليه القراءات، وقرأ عليه أبو القاسم الشاطبي وغيره، كان ورعا ذا دين وزهد وتواضع اه. (470 - 564 هـ) معرفة القراء الكبار (2/ 517). (4) سليمان بن أبي القاسم نجاح أبو داود المقرئ، شيخ الإقراء مسند القراء وعمدة أهل الأداء، أخذ القراءات عن أبي عمرو الداني ولازمه مدة وأكثر عنه، قرأ عليه خلق كثير منهم أبو الحسن علي بن محمد بن هذيل، وكان عالما فاضلا دينا ثقة (413 - 496 هـ). معرفة القراء الكبار (1/ 450) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 213). (5) عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي مولاهم القرطبي الإمام العلم في علم القرآن، رواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه، وله في ذلك تواليف حسنة مفيدة، وله معرفة بالحديث وطرقه واسماء رجاله ونقلته، وكان ورعا فاضلا سنيا (371 - 444 هـ). معرفة القراء الكبار (1/ 406) وراجع الديباج المذهب (ص 188) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 379) وسير أعلام النبلاء (18/ 77) والرسالة المستطرفة (ص 104) والأعلام (4/ 206). (6) انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (105) ميكروفيلم. (7) أحمد بن يزيد الحلواني- بضم الحاء- اللام- أبو الحسن المقرئ، سئل عنه أبو حاتم فلم يرضه في الحديث،، وهو من كبار الحذاق الموجودين، توفي سنة 250 هـ. معرفة القراء الكبار (1/ 222) والميزان (1/ 164) والجرح والتعديل (2/ 82) وغاية النهاية (1/ 149) والنشر (1/ 113). (8) عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي أبو عمرو إمام الجامع، المقرئ، صدوق، متقدم في القراءة، من العاشرة، مات في دمشق سنة 242 هـ. التقريب (1/ 401) وانظر: معرفة القراء (1/ 198) والجرح والتعديل (5/ 5) وغاية النهاية (1/ 404) والأعلام (4/ 65). (9) كلمة (نصف) ساقطة من د وظ.

وأما أجزاء خمسة عشر

ونصف الرابع: عند اثنتين (وتسعين) «1» آية من الكهف لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً [الكهف: 74]. ونصف الخامس: عند أربعين آية من القصص فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص: 40]. وقيل: عند قوله نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 25] في رواية ابن المنادي «2» وليس مما رواه أبو عمرو الداني. ونصف السبع السادس: أربعون آية من المؤمن ... يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ [غافر: 40]. ونصف السبع السابع: آخر «3» التغابن «4». وقال ابن ذكوان: أخذت هذه الأجزاء عن أصحابنا ومشايخنا أهل الشام اه. وأما أجزاء خمسة عشر فداخلة في أجزاء ثلاثين وأجزاء ستين- وسأذكرها- إن شاء الله- فتعرف منها أجزاء خمسة عشر. وأما أجزاء ستة عشر، وهي: أنصاف الأثمان «5»: فنصف الثمن الأول: وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «6».

_ (1) هكذا في النسخ: عند اثنتين وتسعين (أي بالتاء قبل السين) وهو تحريف، وقد شاع وكثر بين النساخ تحريف السبع بالتسع والسبعين بالتسعين والعكس والحسن بالحسين والعكس، وفي كل ما يماثل هذا من الكلمات. (2) أحمد بن جعفر بن محمد أبو الحسين ابن المنادي عالم بالتفسير والحديث، من أهل بغداد، له مصنفات كثيرة في علوم القرآن، من وقف عليها علم فضل الرجل واطلاعه، من كتبه «اختلاف العدد» (256 - 336 هـ). انظر ترجمته في معرفة القراء (1/ 284) والفهرست لابن النديم (ص 58) وفيه وفاته سنة (334 هـ) وكذلك في هدية العارفين (1/ 61). وانظر ترجمته كذلك في طبقات المفسرين للداودي (1/ 34) والأعلام (1/ 107). (3) في بقية النسخ: إلى آخر التغابن. (4) البيان في عد آي القرآن للداني ورقة (102). (5) قال أبو عمرو الداني: وأخذت أنصاف الأثمان والاتساع والأعشار من كتاب بعض علمائنا، ونقلتها على حسب ما وجدتها فيه .. اه ورقة 106 من البيان. (6) البقرة (250) ... رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.

ذكر أجزاء أربعة وعشرين

ونصف الثمن الثاني: في العقود وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ «1». ونصف الثمن الثالث: في التوبة وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ «2». ونصف الثمن الرابع: آخر الحجر. ونصف الثمن الخامس: آخر الحج. ونصف الثمن السادس: آخر لقمان. ونصف الثمن السابع: آخر الشورى. ونصف الثمن الثامن: آخر المعارج اه «3». ذكر أجزاء أربعة وعشرين وهي القراريط «4» وهي أرباع الأسداس. قال أبو عمرو الداني «5» - رحمه الله- وبها قرأت على شيخنا فارس بن أحمد «6» - رحمه الله-. الأول: رأس إحدى «7» وستين ومائة من البقرة ... وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ «8». والثاني: آخر البقرة.

_ (1) المائدة (37) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ. (2) التوبة (10) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ. (3) انظر كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (105) ميكروفيلم، مع اختلاف في بعضها. (4) جمع قيراط، يقال: أصله (قرّاط) لكنه أبدل من أحد المضعفين (ياء) للتخفيف، كما في دينار ونحوه، ولهذا يرد في الجمع إلى أصله فيقال: قراريط، قال بعض الحساب: القيراط في لغة اليونان: حبة خرنوب، وهو نصف دانق، والدرهم عندهم اثنتا عشرة حبة، والحسّاب يقسمون الأشياء أربعة وعشرين قيراطا لأنه أول عدد له ثمن وربع ونصف وثلث صحيحات من غير كسر. اه. من المصباح المنير (قرط) (ص 498). (5) كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (106) ميكروفيلم. (6) فارس بن أحمد بن موسى بن عمران، أبو الفتح الحمصي المقرئ الضرير، أحد الحذاق في علم القراءات. قال أبو عمرو الداني: لم ألق مثله في حفظه وضبطه. اه (333 - 401 هـ). معرفة القراء الكبار (1/ 379) وانظر: هدية العارفين (1/ 813) وغاية النهاية (2/ 5). (7) في ظ: أحد. (8) البقرة (162) ... خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ وكتبت الآية في النسخ خطأ.

والثالث: آخر آل عمران. والرابع: رأس ست وأربعين ومائة من سورة «1» النساء شاكِراً عَلِيماً «2». والخامس: رأس عشر ومائة من المائدة وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «3». والسادس: أَوْ هُمْ قائِلُونَ «4» من الأعراف. والسابع: آخر الأعراف. والثامن: ... حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ «5» من التوبة. والتاسع: رأس أربع وأربعين من هود وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «6». والعاشر: آخر الرعد. والحادي عشر: رأس الثمانين من النحل وَمَتاعاً إِلى حِينٍ «7». والثاني عشر: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً «8» من الكهف. الثالث عشر: رأس إحدى «9» وستين آية من الأنبياء لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ «10». والرابع عشر: رأس عشر من النور وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ [النور: 10]. والخامس عشر: رأس عشرين (ومائة) «11» من الشعراء إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الشعراء: 220]. والسادس عشر: رأس خمس وأربعين من العنكبوت وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ «12».

_ (1) كلمة (سورة) ليست في بقية النسخ. (2) النساء (147) ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً. (3) المائدة (108). (4) الأعراف (4) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ. (5) التوبة (92) ... وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً .... (6) هود (44). (7) النحل (80) ... وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ. (8) الكهف (74). (9) في ظ: أحد. (10) الأنبياء: 61 قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ. (11) هكذا في النسخ: ( .. ومائة) وفي كتاب البيان للداني .. ( .. ومائتين) وهو الصواب. (12) العنكبوت (45) وكتبت في (د) بالياء بدل التاء. خطأ.

والسابع عشر: رأس (اثنتين وسبعين) من الأحزاب وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا «1». والثامن عشر: لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات: 144] وهو الربع الثالث. والتاسع عشر: رأس سبعين آية من المؤمن فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «2»، بعده إِذِ الْأَغْلالُ. والموفى عشرين: رأس إحدى «3» وثلاثين آية من الجاثية وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ «4». والحادي والعشرون: آخر الطور. والثاني والعشرون: آخر الامتحان. والثالث والعشرون: آخر المزمل. والرابع والعشرون: آخر القرآن. وهذه التجزئة على ما ذكره أبو عمرو الداني- رحمه الله- وقد خولف في مواضع. اه «5».

_ (1) قوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا هي آية ثلاث وعشرين وليست اثنتين وسبعين كما ذكر المصنف فليتأمل. وفي البيان للداني: رأس خمسين من الأحزاب وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً بعده تُرْجِي مَنْ تَشاءُ. (2) غافر (70) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. (3) في ظ: أحد. (4) الجاثية (32) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ. (5) انظر: كتاب البيان للداني ورقة (106) مع اختلاف في بعض المواضع.

ذكر أجزاء سبعة وعشرين لصلاة القيام

ذكر أجزاء سبعة وعشرين لصلاة القيام قال أبو عمرو: حدّثنا الخاقاني «1» وخلف بن إبراهيم بن محمد المقرئ «2» في الإجازة (قالا): «3» ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله المقرئ الأصبهاني «4» قال: هذه أجزاء سبعة وعشرين على عدد الحروف «5»:

_ (1) الذي تبين لي بعد الرجوع إلى كتاب البيان في عد آي القرآن أن الواو مقحمة وبناء عليه فإن الخاقاني هو خلف الآتي ترجمته. (2) خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن خاقان الخاقاني، أبو القاسم المصري المقرئ أحد الحذاق في قراءة ورش. قال تلميذه الداني: «كان ضابطا لقراءة ورش متقنا لها مجودا مشهورا بالفضل والنسك، واسع الرواية، صادق اللهجة .. » اه. مات بمصر سنة 400 هـ أو نحوها. غاية النهاية (1/ 271) ومعرفة القراء الكبار (1/ 363). (3) هكذا في الأصل ود وظ (قالا) وقد سبق التنبيه عليه. وفي ظق وكتاب البيان لأبي عمرو الداني: (قال). (4) محمد بن عبد الله بن أشتة أبو بكر الأصبهاني المقرئ النحوي، أحد الأئمة، صنف في القراءات. قال الداني: «ضابط مشهور، ثقة عالم بالعربية، بصير بالمعاني حسن التصنيف، صاحب سنة، روى عنه جماعة من شيوخنا ... » اه. توفي سنة 360 هـ غاية النهاية (2/ 184) ومعرفة القراء الكبار (1/ 321) وطبقات المفسرين للداودي (2/ 161) وهدية العارفين (2/ 47). (5) يبدو أنه حصل هنا خلط في النقل عن الداني وإليك أسوق كلامه من كتابه البيان في عد آي القرآن ورقة (107) ميكروفيلم. قال: «باب ذكر أجزاء سبعة وعشرين- وهي المرتبة لقيام شهر رمضان- أخبرني الخاقاني، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأصبهاني، قال: هذه أجزاء سبعة وعشرين على ذلك، أولها .. الخ» اه.

أولها: في البقرة فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة: 158] بعده إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ. الثاني: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [البقرة: 272]. الثالث: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 148] بعده يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا .... الرابع: في النساء لَوَجَدُوا «1» فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً «2». الخامس: في المائدة ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «3». السادس: في الأنعام وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ «4». السابع: في الاعراف وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [الأعراف: 53]. الثامن: في الأنفال ... خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «5». التاسع: في التوبة ... خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «6» بعده وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ «7». العاشر: في هود فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ «8». الحادي عشر: في يوسف إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 100]. الثاني عشر: في النحل فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ «9».

_ (1) في الأصل: (لو وجدوا) خطأ. (2) النساء (82) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً. (3) المائدة (36) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (4) الأنعام (62) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ. (5) الأنفال (25) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً .... (6) التوبة (100) وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ... وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً .... (7) قوله: بعده وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ هذا سقط من ظ. (8) هود (32) قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا .... (9) النحل (29) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ

الثالث عشر: في بني إسرائيل فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً [الإسراء: 99]. الرابع عشر: في طه إِلى أُمِّكَ ما يُوحى «1». الخامس عشر: في الحج سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2». السادس عشر: في النور وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور: 59] بعده وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ «3». السابع عشر: في النمل وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ «4». الثامن عشر: في العنكبوت ... وَكَفَرُوا بِاللَّهِ «5» أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «6». التاسع عشر: في الأحزاب وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً [الأحزاب: 52]. العشرون: في الصافات لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ «7». الحادي والعشرون: في المؤمن فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ «8». الثاني والعشرون: في الزخرف وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ «9». الثالث والعشرون: في الفتح وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [الفتح: 23]. الرابع والعشرون: في الواقعة إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ «10». الخامس والعشرون: في التغابن وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التغابن: 13].

_ (1) طه (38) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى وهذه الآية مرتبطة بما بعدها ارتباطا وثيقا، وهو قوله تعالى: أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ ... فكان الأولى الوقف قبلها بآيتين على قوله تعالى: قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى ثم يبتدئ بقوله تعالى: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى وليس بلازم التقيد بالحروف أو الكلمات. والله أعلم. (2) الحج (36) وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ ... كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ .... (3) ليست في بقية النسخ. (4) النمل (39) قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ .... (5) في د وظ (وكفروا بآيات الله أولئك ... ) خطأ. (6) العنكبوت (52) ... وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. (7) الصافات (35) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ. (8) غافر (21). (9) الزخرف (37) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ. (10) الواقعة (50) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ ....

السادس والعشرون: في الإنسان ... إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً «1». السابع والعشرون: إلى آخر القرآن. اه. قال «2»: وعدد كل جزء من ذلك على الحقيقة: اثنا عشر ألف حرف وسبعمائة وخمسة وخمسون حرفا، على زيادة حرفين في الجزء الأخير على سائر الأجزاء اه «3».

_ (1) الإنسان (3) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً. (2) أي محمد بن عبد الله المقرئ الأصبهاني المتقدم ترجمته قريبا. (3) انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (107) باب ذكر أجزاء سبعة وعشرين.

ذكر أجزاء ثمانية وعشرين (وهي أرباع الأسباع)

ذكر أجزاء ثمانية وعشرين «1» (وهي أرباع الأسباع) «2» الربع الأول: مائة وثلاث وخمسون من البقرة إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة: 153]. الثاني: ثلاثون ومائة من آل عمران لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «3». الثالث: اثنا عشر من المائدة فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «4». الرابع: ثلاث آيات من سورة الأعراف أَوْ هُمْ قائِلُونَ «5». الخامس: أربعون آية من التوبة وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40]. السادس: ثماني عشرة آية «6» من يوسف «7» وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ [يوسف: 18].

_ (1) بوّب الداني لهذا بقوله: باب (ذكر أرباع الأسباع وهي أجزاء ثمانية وعشرين). قال: أخبرني خلف بن إبراهيم المقرئ- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله المقرئ الأصبهاني قال: هذه أجزاء ثمانية وعشرين، وهي أرباع الأسباع على ما وجدناه، إذ عددنا حروف كل سورة آية آية، وضممنا بعضها إلى بعض عشرا عشرا، فأولها ينتهي في البقرة إلى قوله تعالى: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بعده كَما أَرْسَلْنا ... الخ اه. وما ذكره المصنف هنا هو مأخوذ من رواية ابن المنادي وليس من أبي عمرو الدانى كما سيأتي. (2) وهذا الورد يغني عنه ورد سبعة وعشرين لأنه قريب منه كما يقول السخاوي وسيأتي- إن شاء الله- عند آخر كلامه عن أرباع أجزاء ستين. (3) آل عمران (130) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (4) المائدة: 11 ... وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ. (5) الأعراف (4) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ. (6) (آية) ليست في د وظ. (7) في ظق من سورة يوسف.

السابع: مائة وعشرون من النحل وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «1». الثامن: إحدى عشرة من الأنبياء وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ [الأنبياء: 11]. التاسع: عشرون من سورة الشعراء فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ «2». العاشر: آيتان من لقمان في عدد أهل المدينة «3» وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ «4». الحادي عشر: مائة وأربع وأربعون من الصافات إِلى (يَوْمِ) «5» يُبْعَثُونَ «6». الثاني عشر: ستون من الزخرف مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ «7». الثالث عشر: إحدى وتسعون من الواقعة وَجَنَّةُ نَعِيمٍ «8». الرابع عشر: خاتمة الإنسان. فهذه الأجزاء هي أرباع الأسباع على ما ذكر ابن المنادي «9» - رحمه الله- فإذا «10» أردت أن يستكمل لك هذا الورد- يعني ورد- ثمانية وعشرين-: فاقصد باب الأسباع، وباب أنصافها، فألّف من أجزائها يستكمل لك ذلك- إن شاء الله تعالى-. قلت: وذلك أنه أراد بهذه التجزئة: أرباع الأسباع: فالجزء الأول: هو نصف نصف «11» السبع الأول. والجزء «12» الثاني: هو نصف نصفه الثاني. والجزء الثالث: هو نصف نصف السبع الثاني.

_ (1) النحل (120) إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. (2) الشعراء (20) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ. (3) أي أن أهل المدينة لا يعدون الم آية وكذلك غيرهم من المكيين والشاميين والبصريين، وإنما يعدها أهل الكوفة- كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله- في فصل (أقوى العدد في معرفة العدد) من هذا الكتاب. (4) لقمان (3) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ. (5) لفظ (يوم) سقط من الأصل. وفي ظ (تبعثون) بالتاء خطأ. (6) الصافات: (144) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. (7) الزخرف (60) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ. (8) الواقعة (89) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ. (9) أحمد بن جعفر تقدم. (10) في بقية النسخ: قال: فإذا أردت .. الخ. (11) في د وظ: هو نصف السبع الأول. خطأ. (12) سقطت الواو من د وظ.

والجزء الرابع: هو نصف نصفه الثاني. وكذلك إلى آخر الأجزاء، ويبقى أربعة عشر جزءا- وهي أنصاف الأسباع- فيكمل بذلك ثمانية وعشرون جزءا- اه.

ذكر أجزاء ستين

ذكر أجزاء ستين قال أبو عمرو الداني:- رحمه الله- وهذه الأجزاء أخذتها عن (غير) «1» واحد من شيوخنا وقرأت عليهم بها «2». الأول: في البقرة مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «3». وقال غير أبي عمرو: وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ «4». قال أبو عمرو: والثاني: رأس أربعين ومائة عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ «5». الثالث: رأس مائتي آية وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ [البقرة: 202]. وقال غيره: وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ «6». وقيل: لا يُحِبُّ الْفَسادَ «7».

_ (1) ساقطة من الأصل. (2) انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (106 - 110). (3) البقرة (75) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. (4) البقرة (79) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ... وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ. (5) البقرة (141) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ. (6) البقرة (200) .. فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. (7) البقرة (205) ... وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ.

وقيل: يا أُولِي الْأَلْبابِ «1». الرابع: رأس خمسين ومائتي آية وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [البقرة: 252]. الخامس: في آل عمران وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران: 14]. وقال غير أبي عمرو: وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ [آل عمران: 15]. وقيل: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «2». قال أبو عمرو- رحمه الله-: والسادس: وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. «3». وقيل: وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ «4». وقيل: وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «5». والسابع: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «6». وقال غير أبي عمرو: رأس مائة وخمس وستين. إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «7» وقيل: وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «8» قبل ذلك بآيتين. والثامن: في النساء إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء: 23] باتفاق. والتاسع: رأس خمس وثمانين منها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً [النساء: 86] لم يوافق على ذلك. قال غير أبي عمر: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً

_ (1) البقرة (197) ... وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ. (2) آل عمران (18) ... لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. (3) آل عمران (91) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ... أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. (4) آل عمران (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ. (5) آل عمران (95) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. (6) آل عمران (170) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. (7) آل عمران (165) وكتبت الآية خطأ في الأصل وظق ود. (8) آل عمران (163) وكتبت في الأصل وظ بالتاء: خطأ. حيث لا خلاف بين القراء فيها.

[النساء: 85]: وقيل لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً «1». والعاشر: رأس مائة وست وأربعين آية منها وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً [النساء: 147] باتفاق. الحادي عشر: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ [المائدة: 26] في المائدة، ولم يوافقه على ذلك أحد. وقال غيره: فَإِنَّا داخِلُونَ «2» وقيل: فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «3». والثاني عشر: وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ «4» ووافقه على ذلك بعضهم. وقيل: وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ «5» وقيل: فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ «6» وقيل: فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [المائدة: 92]. قال أبو عمرو: والثالث عشر: رأس أربع وثلاثين آية من الأنعام بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «7» قال أبو عمرو: وقيل: رأس ست وثلاثين منها فَلا تَكُونَنَّ «8» مِنَ الْجاهِلِينَ «9» ولم يقل «10» غيره غير ذلك، والأول بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ يروى عن خلف بن هشام البزار «11».

_ (1) النساء (82) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ .... (2) المائدة (22) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ. (3) المائدة (23) ... وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (4) المائدة (81) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ. (5) المائدة (82) .. ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. (6) المائدة (83) .. يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ. (7) الأنعام (33) .. وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ. (8) في د (فلا يكونن) خطأ. (9) الأنعام (35) وهو المعمول به في المصاحف التي بين أيدينا. (10) في د وظ (ونقل وغيره). (11) خلف بن هشام بن ثعلب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار أحد الأعلام، له اختيار في القراءة، وهو أحد القراء العشرة، كان عابدا فاضلا توفي سنة 229 هـ. معرفة القراء الكبار (1/ 208) وتاريخ بغداد (8/ 322) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 167) وسير أعلام النبلاء (10/ 576).

والرابع عشر: فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «1» باتفاق. والخامس عشر: أَوْ هُمْ قائِلُونَ «2» في الأعراف، وقيل: آخر الأنعام قلت: (وعلى هذا القول جميع الناس) «3» اه. والسادس عشر: وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ «4» ووافقه على ذلك بعضهم. وقال غيره: وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ «5». والسابع عشر: أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ «6» ولم يوافق عليه، وقيل: وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «7». والثامن عشر: وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الأنفال: 40] في الأنفال باتفاق. والتاسع عشر:- عند أبي عمرو- في التوبة وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «8» وقيل: وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ «9» وقيل: أَنَّى يُؤْفَكُونَ «10». العشرون: أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ «11» باتفاق، وهو الثلث. والحادي والعشرون: وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [يونس: 30]، ولم يوافق عليه، فقال قوم: وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس: 25] وذكره- أيضا- أبو عمرو فقال: وقيل: رأس خمس وعشرين إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وقال آخرون: قبل هذا بآية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «12».

_ (1) الأنعام (110) ... وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. (2) الأعراف (4) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ. (3) وهو المعمول به في المصاحف التي بين أيدينا. (4) الأعراف (87) ... وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ. (5) الأعراف: 89] ... رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ. (6) الأعراف (170) ... إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ. (7) الأعراف (164) ... قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. (8) التوبة (33) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. (9) التوبة (32) ... وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ. (10) التوبة (30) ... قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. (11) التوبة (92) ... تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ. (12) يونس (24) ... كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

وقال «1» بعضهم: وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ [يونس: 40]. والثاني والعشرون: إلى آخر السورة، ولم يوافق عليه. ثم «2» قال أبو عمرو:- بعد ذلك- وقيل: رأس خمس آيات من هود عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «3» وبهذا القول قال قوم، وقال آخرون: إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ «4». الثالث والعشرون: وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ «5». ثم قال: وقيل: الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ «6» وقيل: رَحِيمٌ وَدُودٌ «7» هذا كله قول أبي عمرو، ووافقه قوم على الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ فقط. وقال قوم مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ «8». الرابع والعشرون: كَيْدَ الْخائِنِينَ «9» في يوسف باتفاق، وهو الخمس الثاني في قول الجميع. والخامس والعشرون: وَبِئْسَ الْمِهادُ «10» في الرعد باتفاق «11» والسادس والعشرون: آخر إبراهيم باتفاق. والسابع والعشرون: وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ «12» في النحل في قول أبي عمرو وغيره. وقيل: أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ [النحل: 52] وعن خلف- صاحب

_ (1) سقطت الواو من د وظ. (2) في ظ (وقال ... الخ). (3) هود (5) .. إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ. (4) هود (10) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ. (5) هود (83) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ. (6) هود (87) ... إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ. (7) هود (90) ... إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ. (8) هود (82) وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. (9) يوسف (52) وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ. (10) الرعد (18) ... أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ. (11) كلمة (باتفاق) سقطت من ظق. (12) النحل (50) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.

حمزة رحمهما الله- وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «1» وقيل: أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «2». والثامن والعشرون: آخر السورة باتفاق. والتاسع والعشرون: في سبحان أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً [الإسراء: 98] وبعده أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ ولم يوافق عليه وقال قوم: إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً [الإسراء: 96] الآية «3» التي قبل ذلك بآية قبل «4» وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا «5». والثلاثون: موضع النصف في قول الجميع، وذلك في سورة الكهف «6». الحادي والثلاثون: آخر مريم، وقيل: وَيَأْتِينا فَرْداً «7» وهذان القولان لأبي عمرو- رحمه الله- ولم يوافق أحد «8» عليهما، وقال غيره: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ

_ (1) النحل (44) ... وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. (2) النحل (40) ... إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. (3) في د وظ (قبل الآية التي قبل ذلك بآية). (4) احتراز حتى لا يظن القارئ أن المقصود قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وهي آية (30) من السورة نفسها. (5) هذه الآية تحمل رقم (65) من السورة نفسها، وليست هي المقصودة قطعا وإنما المقصودة قوله تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً الآية (96) من الإسراء، وهي التي يدور الكلام حولها وليست التي ذكرت في الصلب والله أعلم. (6) لا أدري ماذا يقصد المصنف من قوله في قول الجميع، وقد أورد عدة روايات في تحديد النصف- فقد تقدم في قول أبي محمد الحماني أنهم أجمعوا على أن نصف القرآن ينتهي عند قوله تعالى: وَلْيَتَلَطَّفْ في الفاء، وهو الربع الثاني في رواية أبي محمد الحماني، وتقدم في رواية هلال الوراق وعاصم الجحدري أن النصف ينتهي آخر الكهف، وهو العشر الخامس في روايتهما. وتقدم في رواية حميد الأعرج أن النصف ينتهي إلى قوله تعالى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (65) الكهف، وهو الربع الثاني والسدس الثالث والثمن الرابع والعشر الخامس في روايته. وتقدم في رواية الحلواني عن ابن ذكوان أن النصف ينتهي إلى قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) الكهف وهو نصف السبع الرابع في روايته، ولعلّه يقصد بهذه العبارة اتفاقهم على أن نصف القرآن ينتهي عند قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً على تجزئة الكلمات وليس على الحروف، كما سيذكر ذلك المصنف عند آخر كلامه على تجزئة القرآن إلى ستين جزءا. (7) مريم (80) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً. (8) كلمة (أحد) ليست في بقية النسخ.

عَدًّا «1» وعن خلف بن هشام وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً [مريم: 92]. الثاني والثلاثون: آخر (طه) باتفاق. الثالث والثلاثون: آخر الأنبياء، ووافق أبا عمرو بعضهم. وقيل: إِلى «2» عَذابِ السَّعِيرِ «3» أربع آيات من الحج، وقيل: مائة وآية من الأنبياء. «4». الرابع والثلاثون: آخر الحج باتفاق. الخامس والثلاثون: وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [النور: 20] من النور، وقيل: تَوَّابٌ حَكِيمٌ «5» هذان القولان لأبي عمرو ولم يوافق على الثاني. وقال غيره: وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور: 21]. السادس والثلاثون: وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً [الفرقان: 20] في الفرقان، هذا قول أبي عمرو وغيره. وقيل: قبل ذلك بآية، وقيل: بعده بآية. السابع والثلاثون: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ [الشعراء: 110] في الشعراء، وبعده: قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ ووافق أبا عمرو على ذلك غيره. وقيل: فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: 118] بعد القول الأول بثماني آيات. وقال أبو عمرو:- أيضا- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء: 104] بعده كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ولم يوافق عليه، وهو قول حسن «6».

_ (1) مريم (84) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا. (2) (إلى) ليست في ظ. (3) الحج (4) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ. (4) قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. (5) النور (10) ... وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ. (6) نعم قول حسن جدا لأن بهذه الآية تنتهي قصة أصحاب النار، وتبتدئ قصة نوح- عليه السلام- مع قومه، فيا حبذا لو روعي هذا التقسيم في القراءة والتعليم والصلاة في جميع القرآن بغض النظر عن عدد الحروف والكلمات.

الثامن والثلاثون: في النمل بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ «1» باتفاق. التاسع والثلاثون: في القصص إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: 50] ووافق أبا عمرو على ذلك بعضهم، وقيل: نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «2» (عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) «3» وقيل: وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «4» وقيل: أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «5» وقيل: أَفَلا تَعْقِلُونَ «6». الأربعون: وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ [العنكبوت: 45]، وهو الثلث الثاني، وذلك باتفاق من الجميع. الحادي والأربعون: إِلى عَذابِ السَّعِيرِ «7» في لقمان. وقيل: فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «8» بعده وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ووافق أبا عمرو غيره «9» على الموضعين جميعا. الثاني والأربعون: وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً «10» في الأحزاب، وعلى ذلك مع أبي عمرو غيره. وقيل بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً «11» بعد ذلك بعشر آيات، بعده يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ.

_ (1) النمل (55) فعلى سبيل المثال على ما قلته، كان الأولى- في تصوري- أن ينتهي الجزء عند نهاية قصة صالح- عليه السلام- مع قومه وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (53) ثم يبتدئ الجزء بقصة لوط- عليه السلام- مع قومه وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ... الآية (54). وليس الفرق كبيرا- كما ترى- وإنما آيتان فقط، والله أعلم. (2) القصص (25) ... قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. (3) سقطت هذه العبارة من الأصل: وقيل: عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ اه. وهي آية (40) من السورة نفسها. (4) القصص (47) وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. (5) القصص (56) ... وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. (6) القصص (60) ... وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ. (7) لقمان (21) ... أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ. (8) لقمان (11) ... بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (9) في ظ (وغيره) خطأ. (10) الأحزاب (30) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. (11) الأحزاب (40) ... وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً.

الثالث والأربعون: قال أبو عمرو- رحمه الله-: رأس ثلاثين آية في سبأ وَلا تَسْتَقْدِمُونَ «1» قال: وقيل: رأس ثلاث وعشرين وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ: 23] وقال غيره: بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سبأ: 27]. وعن خلف: هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ: 33] رأس ثلاث وثلاثين منها. الرابع والأربعون: وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ [يس: 27]. وقال غيره: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ [يس: 26]. الخامس والأربعون: إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «2» من الصافات «3». السادس والأربعون: عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ «4» من الزمر باتفاق. السابع والأربعون: يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «5» عند أبي عمرو وغيره وقال قوم: إِلَّا فِي تَبابٍ «6». الثامن والأربعون: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت: 46] في (حم) السجدة. وقال غيره «7»: الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ «8» وقيل: عند مُرِيبٍ «9». التاسع والأربعون: قال أبو عمرو: كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ «10» في الزخرف، قال: وقيل: مُسْتَمْسِكُونَ «11» قال: وقيل: مُقْتَدُونَ «12» «13».

_ (1) سبأ (30) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ. (2) الصافات (144) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. (3) في بقية النسخ: من والصافات. (4) الزمر (31) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ. (5) غافر (40) ... فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ. (6) غافر (37) ... وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ. (7) (غيره) سقطت من د وظ. (8) فصلت (30) ... وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. (9) فصلت (45) ... وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ. (10) الزخرف (25) ... فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ. (11) الزخرف (21) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ. (12) في ظق ود مُقْتَدِرُونَ خطأ. (13) الزخرف (23) ... إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ.

الأقوال الثلاثة لأبي عمرو، وقال غيره: وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ «1». الخمسون: آخر الجاثية، وقال غير أبي عمرو: وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ «2». الحادي والخمسون: عَذاباً أَلِيماً «3» من الفتح، وقال غير أبي عمرو: آخر سورة القتال، وقيل: وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ «4» (منها) «5» وقال قوم: فسنؤتيه «6» أجرا عظيما «7» في الفتح، وقيل: صِراطاً مُسْتَقِيماً «8». الثاني والخمسون: إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ «9» في الذاريات باتفاق. الثالث والخمسون: آخر القمر، وقال غير أبي عمرو: يَخْرُجُ «10» مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ [الرحمن: 22]. وقال خلف: وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ [الرحمن: 11]. الرابع والخمسون: آخر الحديد باتفاق. الخامس والخمسون: آخر الصف، وقال غير أبي عمرو: أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ «11».

_ وقد جاء في كتاب البيان ورقة (110) وقيل: رأس إحدى وعشرين مُهْتَدُونَ اه أي قبل الآية التي ذكرها السخاوي بآية. (1) الزخرف (33) ... لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ. (2) الجاثية (32) ... قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ. (3) الفتح (17) ... وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً. (4) القتال (32) ... لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ. (5) سقطت من الأصل. (6) في ظق فَسَيُؤْتِيهِ بالياء، وهي قراءة أبي عمر والكوفيين ورويس عن يعقوب، وقرأ الباقون بالنون، النشر (2/ 375) والبدور الزاهرة (ص 297) والمهذب (2/ 243). (7) الفتح (10) ... وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. (8) الفتح (20) ... وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً وهناك آية تشابهها ... وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً الفتح (2) فالله أعلم أيهما أراد المصنف وكلاهما محتمل. (9) الذاريات (30) وكتبت الآية خطأ في الأصل. (10) في د وظ (ويخرج ... ) خطأ. (11) الصف (3) ... كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ.

وعن خلف: لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «1» منها. السادس والخمسون: آخر التحريم باتفاق. السابع والخمسون: آخر نوح باتفاق. الثامن والخمسون: آخر المرسلات، عند أبي عمرو وغيره، وقال آخرون خاتمة النبأ. التاسع والخمسون: آخر الطارق، عند أبي عمرو وحده، وقال خلف: خاتمة الأعلى، وقيل: خاتمة الغاشية. الستون: آخر القرآن «2». اه. وأما أجزاء ثلاثين فداخلة في هذه الأجزاء، كل جزءين منها جزء من ثلاثين، وكذلك (وأجزاء) «3» خمسة عشر كل أربعة أجزاء: جزء من خمسة عشر، وكذلك العشرة، كل ستة منها جزء من عشرة. وإنما ذكرت أجزاء عشرة فيما تقدم: لأن الذي ذكرته على عدد الحروف وهذه الأجزاء على الكلمات «4» ولهذا يجيء بعضها أطول من بعض. وكذلك أجزاء عشرين: كل ثلاثة أجزاء من ستين: جزء من عشرين، وكذلك أجزاء أربعين: كل حزب «5» ونصف من ستين «6» جزء من أربعين اه.

_ (1) الصف (5) ... وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ. (2) انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن للداني ورقة (109، 110). (3) هكذا في الأصل: وكذلك وأجزاء خطأ. وفي بقية النسخ: وكذلك أجزاء. (4) في ظق: على عدد الكلمات. (5) في د وظ: كل جزء. (6) في بقية النسخ: من الستين.

ذكر أنصاف الأحزاب

ذكر أنصاف الأحزاب «1» وأنا أذكر أنصاف الأحزاب من أجزاء الستين مستعينا بالله وهو خير معين: وهي أجزاء مائة وعشرين «2». فنصف الحزب الأول: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 38]. ونصف الحزب الثاني: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 106]. وقيل: بعده بآية. ونصف الحزب الثالث: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ «3». ونصف الحزب الرابع: فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ «4» بعده (فان طلقها). ونصف الحزب الخامس: هُمْ فِيها خالِدُونَ «5» بعده يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا.

_ (1) هذا العنوان من حاشية الأصل فقط. وفي حاشية د: الأحزاب. (2) ذكر أبو عمرو الداني هذه الأجزاء- وهي تختلف عما ذكره السخاوي هنا- ثم قال عقب ذكرها: وكل جزءين من هذه الاجزاء: جزء من ستين، وكل أربعة منها جزء من ثلاثين، وكل ثمانية أجزاء منها جزء من خمسة عشر، وقد قرأت على غير واحد من شيوخي القرآن كله بأجزاء ستين وبأجزاء ثلاثين ... اه. البيان في عد آي القرآن ورقة (108). (3) البقرة (175) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ. (4) البقرة (229) ... وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. (5) البقرة (275) ... وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

وقيل: قبل هذا بآية، وقيل: بآيتين. ونصف الحزب السادس: وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ «1». ونصف الحزب السابع: أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ «2». ونصف الحزب الثامن: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ [آل عمران: 198] وقيل: آخر السورة، وقيل: وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً [النساء: 6] من سورة النساء. ونصف الحزب التاسع: لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً «3». ونصف الحزب العاشر: وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [النساء: 113]. ونصف الحادي عشر: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ [المائدة: 1] وقيل: في رأس ست منها لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «4». ونصف الحزب الثاني عشر: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51]. ونصف الثالث عشر: وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ «5». ونصف الرابع عشر: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [الأنعام: 71] وقيل: مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ «6». ونصف الخامس عشر: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141. ونصف السادس عشر: وهو الحزب الأول من الربع الثاني- «7» أُورِثْتُمُوها «8» بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «9».

_ (1) آل عمران (52) ... قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. (2) آل عمران (128) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ. (3) النساء (53) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً. (4) المائدة (6) ... وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (5) المائدة (113) ... وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ. (6) الأنعام (67) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. (7) لأن الربع الثاني يبتدئ من أول الأعراف كما سبق. (8) في النسخ: الَّتِي أُورِثْتُمُوها ... خطأ. (9) الأعراف (43) ... وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

ونصف الحزب السابع عشر: ... وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ «1». ونصف الثامن عشر: آخر الأعراف. ونصف الحزب التاسع عشر: آخر الأنفال. ونصف الحزب الموفى عشرين: وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ «2». ونصف الحزب «3» الحادي والعشرين: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «4» بعده وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً. ونصف الحزب الثاني والعشرين: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [يونس: 67] في يونس بعده قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ [يونس: 68]. ونصف الحزب الثالث والعشرين: بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «5» بعده وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ. ونصف الحزب الرابع والعشرين: أربعة عشر «6» آية من يوسف. قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ [يوسف: 14] أو قبل ذلك بآية. ونصف الحزب الخامس والعشرين: يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ «7». ونصف الحزب السادس والعشرين: فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «8» في إبراهيم وقيل: بعد ذلك وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [إبراهيم: 12] وقيل: ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم: 18].

_ (1) الأعراف (137) ... وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ. (2) التوبة (58) وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ. (3) كلمة (الحزب) ليست في بقية النسخ. (4) التوبة (121) ... وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (5) هود (44) ... وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. (6) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ (أربع عشرة) وهو الصواب. (7) يوسف (105) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ. (8) إبراهيم (10) ... قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ.

ونصف الحزب السابع والعشرين: عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ «1» في سورة الحجر بعده فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ. الثامن والعشرون: نصفه فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ [النحل: 86] ونصف الحزب التاسع والعشرين: قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً [الإسراء: 65] رأس خمسين آية من بني إسرائيل، وقيل: عند قوله عز وجل وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [الإسراء: 50]. بعده رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي والأول هو الصحيح. ونصف الحزب الموفى ثلاثين: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً «2». ونصف الحزب الحادي (والثلاثون) «3»: وهو أول الربع الثالث «4» أعني هذا الحزب- «5» قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا «6». ونصف الحزب «7» الثاني والثلاثين: فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى «8» في طه، وقيل: وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى [طه: 73] وقيل: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى [طه: 67]. ونصف الحزب الثالث والثلاثين: من الأنبياء بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ «9». ونصف الرابع والثلاثين: من الحج وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «10». ونصف الخامس والثلاثين: من المؤمنين عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ «11» وقيل:

_ (1) الحجر (93) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ. (2) الكهف (28) وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (3) هكذا في الأصل: والثلاثون، وفي بقية النسخ: والثلاثين وهو الصواب. (4) أي عند قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) الكهف وذلك باعتبار الكلمات كما سبق. (5) حرفت في د إلى (الحزب). (6) مريم (24) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا. (7) كلمة (الحزب) ليست في بقية النسخ. (8) طه (75) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى. (9) الأنبياء (57) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ. (10) الحج (39) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. (11) المؤمنون (74) وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ.

لِلْحَقِّ كارِهُونَ «1». ونصف الحزب السادس والثلاثين: في النور بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ «2». ونصف السابع والثلاثين: ست آيات من الشعراء ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ «3». ونصف الحزب الثامن والثلاثين: وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ «4» في النمل بعده وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ [النمل: 6]. وقيل: ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ «5» وقيل آخر الشعراء. والحزب التاسع والثلاثون نصفه: في القصص وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ «6». ونصف الحزب الموفى أربعين: آخر القصص. والحادي والاربعون نصفه «7»: في الروم كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ [الروم: 26]. وقيل: ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم: 30]. وقيل: في لقمان فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [لقمان: 11]. ونصف الحزب الثاني (والأربعون «8»): في السجدة مَتى «9» هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «10».

_ (1) المؤمنون (70) بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ. (2) النور (50) أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. (3) الشعراء (6) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ. (4) النمل (5) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ. (5) النمل (14) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. (6) القصص (12) ... فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ. (7) عبارة (الحادي والأربعون نصفه) هي آخر عبارة في ورقة (44/ أ) من نسخة ظق، وجاءت الكلمة التي بعدها وهي قوله (في الروم .. ) في ورقة (45/ ب) أي بعدها بصفحتين وهو تقديم وتأخير من الناسخ كما سيأتي إن شاء الله تعالى. (8) هكذا في الأصل: والأربعون. وفي بقية النسخ: والأربعين وهو الصواب. (9) في د: في السجدة نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ آية (19)، ثم كتب في الحاشية: في أصل المصنف: ونصف الحزب الثاني والأربعين في السجدة وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يتلوه الثالث والأربعون اه صح. أما في نسخة ظ: فقد جاءت العبارة مضطربة وهذا نصّها: ونصف الحزب الثاني والأربعين في أصل المصنف ونصف الحزب الثاني والأربعين في السجدة وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يتلوه الثالث والأربعون نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، والثالث والأربعون نصفه في الأحزاب لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ... الخ، وهذا الخلط كله في الصلب!! فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. (10) السجدة (28) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

والثالث والأربعون نصفه: في الأحزاب لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً «1». والرابع والأربعون نصفه: في فاطر فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ «2». والخامس والأربعون: في الصافات نصفه قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ [الصافات: 18]. السادس والأربعون نصفه: في (ص) فَبِئْسَ الْقَرارُ «3» بعده قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا وقيل: نصفه أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ «4». والسابع والأربعون نصفه: في الزمر مَثْوَى «5» الْمُتَكَبِّرِينَ «6» وقيل: وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ «7» وقيل: آخرها. ونصف الثامن والأربعين «8»: آخر المؤمن. ونصف التاسع والأربعين: في الشورى إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ «9». ونصف الموفى خمسين: في الدخان قَوْمٌ مُجْرِمُونَ «10» بعده فَأَسْرِ بِعِبادِي وقيل: نصفه كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الدخان: 25] وقيل: نصفه وَما كانُوا مُنْظَرِينَ «11». والحزب الحادي والخمسون: نصفه خاتمة الأحقاف. وأقول: بل نصفه في سورة- محمد صلّى الله عليه وسلم

_ (1) الأحزاب (63) ... وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً. (2) فاطر (18) ... وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ. (3) ص (60) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ. (4) ص (45) وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ. (5) في ظ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ ولعلّه اشتبه عليه لفظ الآية رقم (60). (6) الزمر (72) ... فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ. (7) الزمر (70) ... وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ. (8) سقطت بعض الكلمات هنا من الأصل، وأضيفت في الحاشية، فظهر بعضها. (9) الشورى (29) ... وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ. (10) الدخان (22) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ. (11) الدخان (29) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ.

كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «1» بعده أَفَلَمْ يَسِيرُوا. والثاني والخمسون: نصفه فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ «2» في الحجرات. والثالث والخمسون: نصفه مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى «3» في النجم، وقيل: وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى [النجم: 30]. والرابع والخمسون: نصفه أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ «4» في الواقعة. والخامس والخمسون: نصفه «5» في الحشر فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «6». والسادس والخمسون: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «7» في التغابن، وقيل: وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن: 6] وقيل: خاتمتها. السابع والخمسون: نصفه في سورة الحاقة لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً [الحاقة: 12]. والثامن والخمسون: نصفه «8» وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ [القيامة: 15] في القيامة. والتاسع والخمسون: في المطففين إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ «9» هكذا ذكروا، وهو غلط، بل النصف وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ [التكوير: 4] وقيل: آخرها «10». ونصف الموفى ستين: خاتمة وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ اه.

_ (1) محمد صلّى الله عليه وسلم (9) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ. (2) الحجرات (11) ... وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. (3) النجم (23) ... وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى. (4) الواقعة (72) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ. (5) (نصفه) ساقطة من بقية النسخ. (6) الحشر (9) ... وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. (7) التغابن (10) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. (8) (نصفه) ساقطة من بقية النسخ. (9) المطففين (2) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. (10) أي آخر التكوير وهو أولى من القولين اللذين ذكرهما المصنف، وهو المثبت في المصحف.

ذكر أرباع أجزاء الستين

ذكر أرباع أجزاء الستين «1» وكان شيخنا أبو القاسم- رحمه الله- يأخذ بذلك على من يجمع القراءات فيقرأ عليه الجزء من الستين في أربعة أيام، والناس إلى اليوم يجتمعون بجامع مصر- بعد تسليم الإمام من صلاة الصبح- حول المصحف الكبير، ولذلك المصحف قارئ مجيد، يجلس على دكة «2» والمصحف بين يديه، وعنده شمعتان عن يمينه وشماله، ورجلان قائمان بين يديه، يفتح أحدهما المصحف ويصفح أوراقه للقارئ «3» ويقرأ هذا الجزء على الناس بصوت رفيع، ويدعو عقيب ذلك، ويتفرق الناس بفعل هذا في كل يوم على الدوام، ولهذا القارئ على هذه القراءة في كل شهر خمسة دنانير «4» مصرية.

_ (1) يلاحظ أنه حصل في نسخة (ظق) خلط وتقديم وتأخير، فهذا العنوان في السطر الاخير من ورقة (45/ ب) وفي الورقة نفسها (أ) عنوان الربع الثالث من القرآن العزيز، أي قبل العنوان الرئيسي بصفحة ونصف، ثم في وسط ورقة (44/ ب) عنوان ابتداء الربع الثاني من القرآن العزيز، أي قبل العنوان الرئيسي بورقة ونصف صفحة، أما ابتداء الربع الأول فهو في وسط ورقة (46/ أ) وابتداء الربع الرابع في الورقة نفسها (46/ ب). (2) الدكة:- بفتح الدال- المكان المرتفع يجلس عليه وهو المسطبة معرب، والجمع: دكك مثل قصعة وقصع. المصباح المنير (198) (دكك). (3) في بقية النسخ: ويصفح للقارئ أوراقه. (4) الدينار: أصله (دنّار) بالتضعيف، فأبدل حرف علة للتخفيف، ولهذا يرد في الجمع الى أصله فيقال: (دنانير) - كما سبق في القراريط-. والدينار: وزن احدى وسبعين شعيرة ونصف شعيرة تقريبا. والدينار: هو المثقال اه. المصباح المنير (200) (دنر) وراجع القاموس المحيط (2/ 31).

وأنا أذكر من كل جزء «1» من أجزاء الستين الربع الأول والربع الثالث: لأنّ الربعين الآخرين، قد ذكرتهما. أما الربع الثاني: فإنّه نصف الحزب وقد ذكرته. وأما الربع الرابع: فهو رأس الحزب وقد ذكرته.

_ (1) في الأصل: كتبت الكلمة باللفظين (من كل جزء) وفوق كلمة جزء (حزب). وفي د، وظ: من كل حزب.

ابتداء الربع الأول من القرآن العزيز

ابتداء الربع الأول من القرآن العزيز «1» الحزب «2» الأول: من أجزاء الستين: ربعه الأول: أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ «3». وربعه الثالث: رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ «4». الحزب الثاني: ربعه الأول: قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: 91]. والربع «5» الثالث منه: وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ «6». الحزب الثالث: الربع الأول: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 157].

_ (1) وضعت هذا العنوان من عندي تأسيا بالعناوين المماثلة الآتية. (2) في د وظ: وقد ذكرت الحزب الأول ... الخ وهو خطأ، لأن قوله: الحزب الأول من أجزاء الستين، كأنه عنوان جديد. (3) البقرة (25) ... وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ. (4) البقرة (59) ... فَأَنْزَلْنا عليهم رِجْزاً مِنَ السَّماءِ .... (5) في د وظ: وربعه الثالث. (6) البقرة (123) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.

والثالث: لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ «1». الحزب الرابع: ربعه الأول: يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2». والربع الثالث: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة: 237]. الحزب الخامس: الربع الأول: يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «3». الربع الثالث: وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة: 282]. الحزب السادس: الربع الأول: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ [آل عمران: 32]. والربع الثالث: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [آل عمران: 74]. الحزب السابع: الربع الأول: ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران: 112]. والربع الثالث: وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: 152]. الحزب الثامن: الربع الأول: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185]. الربع الثالث: في النساء فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [النساء: 11] بعده وَلَكُمْ نِصْفُ. الحزب التاسع: الربع الأول: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً [النساء: 36] وقيل: ذلك بآية.

_ (1) البقرة (188) وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. (2) البقرة (218) ... أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ .... (3) البقرة (260) ... ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ....

الربع الثالث: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً [النساء: 73]. الحزب العاشر: الربع الأول: دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [النساء: 96]. الربع الثالث: فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً [النساء: 134]. الحزب الحادي عشر: الربع الأول: سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً «1» بعده إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ. الربع الثالث: في المائدة وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [المائدة: 11]. بعده وَ «2» لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ. الحزب الثاني عشر: الربع الأول: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «3». الربع الثالث: وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ [المائدة: 66]. الحزب الثالث عشر: الربع الأول: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المائدة: 96]. الربع الثالث: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 12]. بعده وَلَهُ ما سَكَنَ. الحزب الرابع عشر: الربع الأول: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ [الأنعام: 58] بعده وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ. الربع الثالث: وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ «4».

_ (1) النساء (162) ... وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً. (2) سقطت الواو من الأصل. (3) المائدة (40) وختمت الآية في ظق ( ... وكان الله على كل شيء قدير) خطأ. (4) الأنعام (94) ... لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.

الحزب الخامس عشر: الربع الأول: وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 127]. والربع الثالث: وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام: 150].

ابتداء الربع الثاني من القرآن

ابتداء الربع الثاني من القرآن الحزب الأول: الربع الأول منه: أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 28]. الربع الثالث: ناصِحٌ أَمِينٌ «1». الحزب الثاني: الربع الأول منه: وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف: 116]. الربع الثالث: وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ [الأعراف: 155]. الحزب الثالث: الربع الأول منه: إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 188]. الربع الثالث: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ «2» إلى قوله شَدِيدُ الْعِقابِ «3». الحزب الرابع: الربع الأول: إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ «4».

_ (1) الأعراف (68) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ. (2) الأنفال (125) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. (3) وقد ذكرت الآية بكاملها في د وظ. (4) الأنفال (59) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ.

الربع الثالث: فَعَسى أُولئِكَ «1» أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة: 18] في التوبة. الحزب الخامس: الربع الأول: سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ «2». الربع الثالث: مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ «3» بعده وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ. الحزب السادس: الربع الأول «4» لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً «5». الربع الثالث: في يونس وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [يونس: 10]. الحزب السابع: الربع الأول: وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس: 44]. الربع الثالث: وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [يونس: 89]. الحزب الثامن: الربع الأول: ... وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «6». الربع الثالث: فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ [هود: 61] في قصة صالح عليه السلام.

_ (1) كلمة أُولئِكَ ساقطة من ظق. (2) التوبة (47) ... وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ .... (3) التوبة (74) ... وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ. (4) في ظق: الربع الأول: إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ثم كتب تحتها لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً. (5) التوبة (108) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ. (6) هود (23) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ ....

الحزب التاسع: الربع الأول: فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ «1» بعده وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا وقال قوم: غَيْرَ مَنْقُوصٍ «2». الربع الثالث: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ «3». الحزب العاشر: الربع الأول: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف: 76]. الربع الثالث: وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «4». الحزب الحادي عشر: الربع الأول: فَكَيْفَ كانَ عِقابِ «5» بعده أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ «6» وقيل: وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ [الرعد: 34]. الربع «7» الثالث: وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ [إبراهيم: 27]. الحزب الثاني عشر: الربع الأول: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ [الحجر: 46]. الربع الثالث: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ «8». الحزب الثالث عشر: الربع الأول: يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ «9».

_ (1) هود (107) ... إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. (2) هود (109) ... وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ. (3) يوسف (35) ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ. (4) الرعد (4) وفي ظ: ( ... لقوم يتفكرون) خطأ. (5) الرعد (32) ... فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ. (6) في ظق: أتم الآية إلى قوله: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ. (7) في د وظ: والربع. (8) النحل (27) ... قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ .... (9) النحل (70) ... لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ. وكتبت الآية خطأ في الأصل وظق.

الربع الثالث: ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «1». الحزب الرابع عشر: الربع الأوّل: لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا [الإسراء: 22]. الربع الثالث: وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا «2». الحزب «3» الخامس عشر: الربع الأول: وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً «4». وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً «5».

_ (1) النحل (110) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا .... (2) الإسراء (70) وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ إلى وَفَضَّلْناهُمْ .... (3) في بقية النسخ: الحزب الخامس عشر. (4) الكهف (16) فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ .... (5) سقط من الأصل بانتقال النظر قوله: الربع الثالث: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً اه الآية (49) من سورة الكهف.

الربع الثالث من القرآن العزيز

الربع الثالث من القرآن العزيز الحزب الأول: الربع الأول: فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً «1». الربع الثالث: وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [مريم: 57]. الحزب الثاني: الربع الأول: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه: 50]. الربع الثالث: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه: 114]. الحزب الثالث: الربع الأول: مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ «2». الربع الثالث: إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ «3». الحزب الرابع: الربع الأول: إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ [الحج: 18] السجدة «4». الربع الثالث: فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ «5» بعده وَالَّذِينَ هاجَرُوا.

_ (1) الكهف (101) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي .... (2) الأنبياء (29) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ .... (3) الأنبياء (81) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها .... (4) أي موضع السجود عند نهاية هذه الآية المذكورة. (5) الحج (57) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

الحزب الخامس «1»: الربع الأول: أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ «2». الربع الثالث: آخر السورة. الحزب السادس: الربع الأول: وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «3». الربع الثالث: فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور: 62]. الحزب السابع: الربع الأول: إِلَّا كُفُوراً «4» بعده وَ «5» لَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا. الربع الثالث: خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ «6». الحزب الثامن: الربع الأول: إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ «7» في قصة لوط عليه السلام. الربع الثالث: السجدة في النمل «8». الحزب التاسع: الربع الأول: فَهُمْ مُسْلِمُونَ «9» بعده وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ.

_ (1) هنا حصل تقديم وتأخير في ظق كما سبق، فكلمة (الحزب) هي آخر كلمة من ورقة (45/ أ) وكلمة (الخامس) هي أوّل كلمة من ورقة (46/ ب). (2) المؤمنون (35) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ .... (3) النور (34) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ .... (4) الفرقان (50) وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً. (5) سقطت الواو من ظ. (6) الشعراء (51) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ. (7) الشعراء (164) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ. (8) أي موضع السجود من سورة النمل، وهو قوله تعالى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26). (9) النمل (81) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ.

الربع الثالث: أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ «1». الحزب العاشر: الربع الأول: وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص: 70]. الربع الثالث: وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ «2». الحزب الحادي عشر: الربع الأول: آخر العنكبوت. الربع الثالث: مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ «3». الحزب الثاني عشر: الربع الأول: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ «4». الربع الثالث: وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ «5» إِلَّا قَلِيلًا «6». الحزب الثالث (عشر) «7»: الربع الأول: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً [الأحزاب 44]. الربع الثالث: إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ «8» الْحَمِيدِ «9» الآية السادسة من سبأ. الحزب الرابع عشر: الربع الأول: فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ [سبأ: 45]. الربع الثالث: بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً [فاطر: 40].

_ (1) القصص (31) ... يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ. (2) العنكبوت (21) يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ .... (3) الروم (49) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ. (4) السجدة (5) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ. (5) في بقية النسخ: لا يمتعون. (6) الأحزاب (16) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا. (7) ساقطة من الأصل. (8) كلمة (العزيز) ساقطة من بقية النسخ. (9) سبأ (6) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.

الحزب الخامس عشر: الربع الأول: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس: 59]. الربع الثالث: في وَالصَّافَّاتِ: ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ [الصافات: 82]. اه.

الربع الرابع من القرآن العزيز

الربع الرابع من القرآن العزيز الحزب الأول: الربع الأول: وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ «1». الربع الثالث: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «2». الحزب الثاني: الربع الأول: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ «3». وقيل: قبل هذا بآية. الربع الثالث: إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ «4» في المؤمن. الحزب الثالث: الربع الأول: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «5». الربع الثالث: مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ «6» بعده وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا.

_ (1) ص (20). (2) الزمر (9). (3) الزمر (53). (4) غافر (22). (5) غافر (65). (6) فصلت (25) ... وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ....

الحزب الرابع: الربع الأول: إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ «1» بعده شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ «2». الربع الثالث: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ «3». الحزب الخامس: الربع الأول: في الزخرف بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ «4». الربع الثالث: هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ «5». الحزب السادس: الربع الأول: وَ «6» بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ «7» بعده وَاذْكُرْ أَخا عادٍ. الربع الثالث: آخر السورة. «8»

_ (1) الشورى (12). (2) كلمة مِنَ الدِّينِ ليست في بقية النسخ. (3) الشورى (48). (4) الزخرف (48) وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (5) الجاثية (11). (6) سقطت الواو من د وظ. (7) الاحقاف (20) ... فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ. (8) تقدم أن الحزب الحادي والخمسين ينتهي نصفه في نهاية سورة الأحقاف، أو في الآية التاسعة من سورة القتال- وهذا هو المعمول به في المصاحف وهو اختيار المصنف كما مرّ- وهنا يتكلم المصنف عن الربع الأول والثالث من كل حزب. فإذا كان الربع الأول من هذا الحزب ينتهي عند قوله تعالى: ... فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ ... (20) السالف الذكر والثالث ينتهي في آخر السورة، فأين الربع الثاني اذا؟ والظاهر أنه حصل سهو من المصنف، فإن الربع الثالث ينتهي عند قوله تعالى: لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ الآية (32) من سورة القتال، والرابع عند قوله تعالى: ... وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً الآية (17) من سورة الفتح، وهذا هو المعمول به في المصاحف الموجودة بين أيدينا، بغض النظر عن الخلاف المتقدم في انتهاء الحزب الحادي والخمسين، والله أعلم.

الحزب السابع: الربع الأول: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً «1» بعده مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. الربع الثالث: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ «2». الحزب الثامن: الربع الأول: وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ «3». الربع الثالث: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ «4». الحزب التاسع: الربع الأول: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ «5» بعده وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ. الربع الثالث: هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «6» في الحديد. الحزب العاشر: الربع الأول: وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ «7» بعده أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً. الربع الثالث: رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «8» في الامتحان. الحزب الحادي عشر: الربع الأول: وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ «9»، الربع الثالث: آخر الطلاق. الحزب الثاني عشر: الربع الأول: آخر الملك.

_ (1) الفتح (28). (2) ق (22) ... فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ. (3) الطور (22). (4) القمر (10) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ. (5) الرحمن (61). (6) الحديد (15) ... مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. (7) المجادلة (13). (8) الممتحنة (5) ... وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. (9) المنافقون (7).

الربع الثالث: وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ «1». الحزب الثالث عشر: الربع الأول: وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا «2». الربع الثالث: رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً «3». الحزب الرابع عشر: الربع الأول: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى «4». الربع الثالث: فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ «5». الحزب الخامس عشر: الربع الأول: آخر الفجر. الربع الثالث: آخر وَ «6» الْعادِياتِ. وهذا الورد مبني على الذي قبله ومأخوذ منه «7» وكذلك الذي قبله مأخوذ من ورد ستين «8». قال أبو الحسين بن المنادى- رحمه الله-: وكان الأصل ورد الثلاثين، لأنه مقسوم على الحروف «9» ثم فرع الناس (فرد) «10» الستين على الكلمات، وكذلك ما فرعوه من ورد الستين.

_ (1) المعارج (14) ... يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ إلى قوله وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ. (2) المزمل (14) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا. (3) الإنسان (20) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً. (4) النازعات (17). (5) المطففين (26) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ* خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ. (6) في ظ: بدون واو. (7) أي مأخوذ من انصاف الأحزاب التي تقدم ذكرها. (8) أي ورد انصاف الأحزاب مأخوذ من أجزاء ستين وهي الأحزاب التي سبق الحديث عنها. (9) راجع التعليق في أول الحديث عن تجزئة القرآن. (10) هكذا في الأصل (فرد) خطأ. والصواب: (ورد) كما في بقية النسخ.

أجزاء القرآن لمن يريد حفظه في عام

والورد إذا قسّم على الكلام تباينت قسمته، لأن الكلمات متباينة ألا ترى أن منها ما هو عشرة أحرف، وذلك أَنُلْزِمُكُمُوها «1» ومنها ما هو حرفان نحو (ان) و (عن). قال «2» ابن المنادى: وقد قسّم القرآن العزيز على مائة وخمسين عمل ذلك بعض أهل البصرة، وكأنه أخذ ذلك من ورد الثلاثين، فجعل كل جزء من ثلاثين خمسة أجزاء. قال: وقد رأيت القرآن مكتوبا عليها، وذكر هذه الأجزاء جزءا جزءا، ولم أراني أطول الكتاب بذكره، لأن جزء المائة والعشرين يغني عنه، لأن جزء المائة والعشرين جعل (القراء) «3» المساجد، وهذا قريب منه، وكذلك ورد ثمانية وعشرين يغني عنه ورد سبعة وعشرين «4» لأنه قريب منه اه. أجزاء القرآن لمن يريد حفظه في عام «5» وقد قسّم القرآن العزيز على ثلاثمائة وستين جزءا لمن يريد حفظ القرآن، فإذا حفظ كل يوم جزءا، حفظ القرآن في سنة «6»، وهذه الأجزاء: هي أسداس الأحزاب، أعني أحزاب ستين «7»، ويقال: إن المنصور «8» قال لعمرو بن عبيد «9»: إني أريد أن أحفظ

_ (1) مأخوذة من قوله تعالى: ... فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ آية (28) من سورة هود. (2) في د وظ: وقال. (3) هكذا في الأصل وظ: القراء المساجد. خطأ، والصواب: لقراء المساجد. كما في ظق ود. (4) وقد سبق أن ذكر المصنف هذين الوردين (ص 410، 414). (5) عنوان من عندي يتطلبه الموضوع. (6) وقد سبق أن بعضهم قسّمه إلى أربعمائة وثمانين جزءا، لمن أراد حفظه في سنة وأربعة أشهر، أي إنه قسّم الحزب إلى ثمانية أجزاء. (7) بمعنى أنه قسّم الحزب من الستين إلى ستة أجزاء، فإذا أريد معرفة عدد تلك الأجزاء فيكون بحاصل ضرب 6* 60 360 جزءا. (8) المنصور العباسي: عبد الله بن محمد بن علي بن العباس، أبو جعفر، ثاني خلفاء بني العباس، وأول من عني بالعلوم من ملوك. العرب، كان عارفا بالفقه والأدب محبا للعلماء (95 - 158 هـ). تاريخ بغداد (10/ 53) والبداية والنهاية (10/ 63، 124) (4/ 117). (9) عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالولاء أبو عثمان البصري، شيخ المعتزلة في عصره، ومفتيها، وأحد

القرآن، ففي كم تقول إني أحفظه؟. فقال: إذا يسّر الله عزّ وجلّ ففي سنة. فقال: إني أحب أن أجزئ ذلك على نفسي أجزاء لا تزيد ولا تنقص أحفظ منها كل يوم جزءا، لا أخل به يوما واحدا. فقال عمرو: أتحب أن أصنع ذلك؟ قال: نعم، فقسّم القرآن على ذلك وكتبها مصاحف، وجعل كل اثني عشر من تلك الأجزاء جزءا واحدا، فصارت ثلاثين جزءا، وفصّل بين الأجزاء بخط من ذهب في آخر كل جزء اه. قال أبو العيناء «1»: بلغني أن المنصور حفظ بهذه الأجزاء القرآن، وعلم ابنه المهدي بها القرآن. قال أبو العيناء: وبها «2» حفظت القرآن، وعلمت بها جماعة من أهلي، فحفظوا بها القرآن، وهي مباركة. الجزء الأول منها: فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «3» رأس خمس عشرة آية من البقرة. الثاني: سبع وعشرون «4» منها أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «5». الثالث: أربعون منها وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ «6».

_ الزهاد المشهورين، اشتهر بعلمه، وأخباره مع المنصور العباسي وغيره، اتهمه جماعة بانه داعية بدعة. وفيه قال المنصور: كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد اه. (80 - 144 هـ). انظر الميزان (3/ 273) والتقريب (2/ 74) والبداية والنهاية (10/ 81) والأعلام (5/ 81). (1) محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي بالولاء، أبو العيناء قال ابن كثير: وإنما لقب بأبي العيناء لأنه سئل عن تصغير عيناء فقال: عييناء اه. وكنيته أبو عبد الله، أديب فصيح من ظرفاء العالم، اشتهر بنوادره ولطائفه، أما الحديث فليس منه إلّا القليل (191 - 283 هـ). البداية والنهاية (11/ 78) وتاريخ بغداد (3/ 170) وشذرات الذهب (2/ 180) وميزان الاعتدال (4/ 13) والأعلام (6/ 334). (2) في ظ: وبهذا. (3) البقرة (15) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. (4) في د وظ: وعشرين، خطأ. (5) البقرة (27). (6) البقرة (40).

الرابع: ست وخمسون منها لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «1». الخامس: ثلاث وستون «2» منها لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «3». السادس: خمس وسبعون منها وَهُمْ يَعْلَمُونَ «4». السابع: خمس وثمانون عَمَّا «5» تَعْمَلُونَ «6» بعده أُولئِكَ الَّذِينَ. الثامن: ثلاث وتسعون إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «7». التاسع: مائة وخمس آيات وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ «8». العاشر: ست عشرة كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ «9». الحادي عشر: ست وعشرون بعد المائة وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «10». الثاني عشر: احدى وأربعون بعد المائة عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ «11». الثالث عشر: خمسون بعد المائة وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «12». الرابع عشر: أربع وستون بعد المائة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «13».

_ (1) البقرة (56) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (2) في د، ظ ست وستون، خطأ. (3) البقرة (63) ... خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. (4) البقرة (75) ... وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. (5) في د وظ: عما يعملون وهي قراءة نافع وابن كثير وشعبة ويعقوب وخلف العاشر، وقرأ الباقون بتاء الخطاب. النشر (2/ 218) والبدور الزاهرة (ص 34) والمهذب (1/ 64). (6) البقرة (85) ... وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. (7) البقرة (93) ... قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (8) البقرة (105). (9) البقرة (116). (10) البقرة (126) ... قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. (11) البقرة (141) ... وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ. (12) البقرة (150) ... فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. (13) البقرة (164) ... وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

الخامس عشر: ست وسبعون بعد المائة لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ «1». السادس عشر: في الآية الرابعة- بعد مائة وثمانين- عند قوله عزّ وجلّ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ «2» هذا تحقيق القسمة، فإن كملت الآية فإلى قوله عزّ وجلّ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «3». السابع عشر: بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «4» في آية أربع وتسعين بعد المائة. الثامن عشر: ثلاث آيات بعد المائتين وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «5» أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ «6». العشرون: إحدى وعشرون بعد المائتين لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ «7». الحادي والعشرون: ثلاثون بعد المائتين وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «8». الثاني والعشرون: خمس وثلاثون بعد المائتين غَفُورٌ حَلِيمٌ «9». الثالث والعشرون: خمس وأربعون بعد المائتين وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «10». الرابع والعشرون: اثنتان وخمسون بعد المائتين وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «11».

_ (1) البقرة (176) ... وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ. (2) البقرة (184) ... فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .... (3) وهذا هو الأولى من تجزئة الآية بغض النظر عن القسمة- كما تقدم- وهكذا يقال في كل ما يماثل هذا. (4) البقرة (194) ... فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ .... (5) سقط من الاصل بانتقال النظر: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، التاسع عشر: أربع عشرة آية بعد المائتين، اه. ثم ألحقت العبارة التالية في الحاشية بخط مغاير: التاسع عشر: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ولعلّه اجتهاد من المصحح، والآية التي ذكرها هي رقم (216) من البقرة. (6) البقرة (214). (7) البقرة (221) ... وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وكتبت الآية خطأ في ظ. (8) البقرة (230). (9) البقرة (235) ... وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. (10) البقرة (245) وقوله: وَاللَّهُ يَقْبِضُ ... ليس في بقية النسخ. (11) البقرة (252).

الخامس والعشرون: مِائَةَ عامٍ «1» في تسع وخمسين بعد المائتين. السادس والعشرون: إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ «2» في آية ست وستين بعد المائتين. السابع والعشرون: خمس وسبعون بعد المائتين وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «3». الثامن والعشرون: فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ «4» في آية اثنتين وثمانين بعد المائتين، وهي آية الدين. التاسع والعشرون: ست آيات من آل عمران الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «5». الثلاثون: خمس «6» عشرة من آل عمران وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ «7». الحادي والثلاثون: ست وعشرون بِغَيْرِ حِسابٍ «8». الثاني والثلاثون: سبع وثلاثون وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ «9». الثالث والثلاثون: خمسون منها فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ «10» بعده إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ. الرابع والثلاثون: خمس وستون وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ «11». الخامس والثلاثون: بعض آية ثمان وسبعين لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ «12».

_ (1) البقرة (259) ... قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ ... والأولى إتمام الآية كما قلت سابقا. (2) البقرة (266) ... فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ ... والأولى إتمامها. (3) البقرة (275). (4) البقرة (282) ... وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ .... (5) آل عمران (6) ... لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. (6) في د وظ: خمسة عشر. (7) آل عمران (15). (8) آل عمران (27) ... وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ. (9) آل عمران (29) ... أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. (10) آل عمران (50). (11) آل عمران (65). (12) آل عمران (78) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ ....

السادس والثلاثون: تسعون منها وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ «1». السابع والثلاثون: مائة وآيتان «2» منها إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «3». الثامن والثلاثون: مائة واثنا عشر «4» وَكانُوا يَعْتَدُونَ «5». التاسع والثلاثون: مائة وأربع وعشرون مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ «6»، الأربعون: مائة وأربعون مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «7». الحادي والأربعون: مائة واثنان «8» وخمسون وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ «9». الثاني والأربعون: مائة وثلاث وستون هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «10». الثالث والأربعون: مائة وسبع وسبعون لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «11». الرابع والأربعون: ولا «12» يكتمونه «13» في آية سبع وثمانين بعد المائة. الخامس والأربعون: الثامنة والتسعون بعد المائة خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ «14».

_ (1) آل عمران (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ. (2) في د وظ واثنان منها. (3) آل عمران (102) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. (4) هكذا في النسخ: مائة واثنا عشر، وهو خطأ، والصواب: واثنتا عشرة. (5) آل عمران (112) ... ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ. (6) آل عمران (124) ... أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ. (7) آل عمران (140) ... وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. (8) هكذا في النسخ: واثنان، وهو خطأ، والصواب واثنتان. (9) آل عمران (152). (10) آل عمران (163). (11) آل عمران (177). (12) هكذا في النسخ بالياء، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وشعبة، وقرأ الباقون بتاء الخطاب. النشر (2/ 246) والبدور الزاهرة (ص 72) والمهذب في القراءات العشر (1/ 147). (13) آل عمران (187) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ. (14) آل عمران (198) ... وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ.

السادس والأربعون: سبع آيات من النساء نَصِيباً مَفْرُوضاً «1». السابع والأربعون: اثنا عشر «2» منها وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ «3» بعده تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ. الثامن والأربعون: ثلاث وعشرون منها إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً «4». التاسع والأربعون: عاقدت «5» أيمانكم «6» بعض آية ثلاث وثلاثين. الخمسون: بعض آية ثلاث وأربعين فَلَمْ تَجِدُوا ماءً «7». الحادي والخمسون: خمس وخمسون بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «8». الثاني والخمسون: أربع وستون لَوَجَدُوا «9» اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً «10». الثالث والخمسون: ست وسبعون إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً «11». الرابع والخمسون: خمس وثمانون عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً «12». الخامس والخمسون: اثنتان وتسعون تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً «13».

_ (1) النساء (7) لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً. (2) هكذا في النسخ: اثنا عشر، خطأ، والصواب: اثنتا عشرة. (3) النساء (12). (4) النساء (23). (5) قرأها غير الكوفيين بالألف- كما أوردها المصنف- والكوفيون بغير ألف. انظر: التبصرة في القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (ص 308) والنشر لابن الجزري (2/ 249). (6) النساء (33) وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ .... (7) النساء (43) ... وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً. (8) النساء (55) ... وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً. (9) في الأصل: (لو وجدوا ... ) خطأ. (10) النساء (64) وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً. (11) النساء (76). (12) النساء (85) ... وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً. (13) النساء (92) ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً.

السادس والخمسون «1»: الآية التي بعد المائة كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً «2». (السابع والخمسون) «3»: عشر بعد المائة يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «4». الثامن والخمسون: خمس وعشرون بعد المائة وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا «5». التاسع والخمسون: خمس وثلاثون بعد المائة فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً «6». الستون: سبع وأربعون بعد المائة شاكِراً عَلِيماً «7». الحادي والستون: احدى وستون «8» وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً «9». الثاني والستون: اثنتان وسبعون فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً «10». الثالث والستون: الثالثة من المائدة ... لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «11». الرابع والستون: عشر منها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «12». الخامس والستون: ست عشرة إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «13» بعده لَقَدْ كَفَرَ. السادس والستون: خمس وعشرون هاهُنا قاعِدُونَ «14». السابع والستون: خمس وثلاثون وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «15».

_ (1) قوله: (السادس والخمسون) كرّرها الناسخ في حاشية الاصل. (2) النساء (101) ... إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً. (3) سقطت من الاصل عبارة: (السابع والخمسون). (4) النساء (110) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً. (5) النساء (125). (6) النساء (135) ... وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً. (7) النساء (147) ... وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً. (8) أي بعد المائة. (9) النساء (161). (10) النساء (172) ... وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً. (11) المائدة (3) ... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (12) المائدة (10) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ. (13) المائدة (16) ... وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. (14) المائدة (24) ... فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ. (15) المائدة (35).

الثامن والستون: ثلاث وأربعون وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ «1». التاسع والستون: خمسون لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «2». السبعون: ستون أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ «3». الحادي والسبعون: تسع وستون وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «4». الثاني والسبعون: احدى وثمانون وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ «5». الثالث والسبعون: اثنتان وتسعون الْبَلاغُ الْمُبِينُ «6». الرابع والسبعون: ثلاث بعد المائة وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ «7». الخامس والسبعون: اثنتا عشرة بعد المائة اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «8». السادس والسبعون: الآية الثالثة «9» من الأنعام ما يَلْبِسُونَ. السابع والسبعون: ثماني عشرة منها وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ «10».

_ (1) المائدة (43). (2) المائدة (50) ... وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. (3) المائدة (60). (4) المائدة (96) ... مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. (5) المائدة (81) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ. (6) المائدة (92) ... فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ وكتبت الآية في النسخ ( ... إلا البلاغ المبين) خطأ. (7) المائدة (103) ... وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. (8) المائدة (112) ... قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (9) هكذا في النسخ: الآية الثالثة من الانعام ما يَلْبِسُونَ ولعلّه وقع خطأ لأن هذه الآية ... وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ هي الآية التاسعة وليست الثالثة. والذي يظهر لي أنه وقع تحريف في الكلمة القرآنية من الآية الثالثة ... يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ فحرفت كلمة ما تَكْسِبُونَ إلى كلمة ما يَلْبِسُونَ، ومما يدل على ذلك أن الحزب الذي بعده ينتهي في الآية الثامنة عشرة، أي في الصفحة نفسها التي فيها كلمة ما يَلْبِسُونَ وهذا لا يتناسب مع التجزئة التي بصددها المصنف، والله أعلم. (10) الأنعام (18).

الثامن والسبعون: ثلاث وثلاثون بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «1». التاسع والسبعون: ثمان وأربعون إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ «2». الثمانون: ستون بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «3». الحادي والثمانون: اثنتان وسبعون وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «4». الثاني والثمانون: سبع وثمانون وَهَدَيْناهُمْ «5» إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «6». الثالث والثمانون: ست وتسعون ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «7». الرابع والثمانون: عشر بعد المائة فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «8». الخامس والثمانون: إحدى وعشرون بعد المائة إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ «9». السادس والثمانون: الثلاثون بعد المائة أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ «10». السابع والثمانون: احدى وأربعون بعد المائة إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «11». الثامن والثمانون: تسع وأربعون بعد المائة لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ «12». التاسع والثمانون: سبع وخمسون «13» بِما كانُوا يَصْدِفُونَ «14».

_ (1) الأنعام (33) ... فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ. (2) الأنعام (47) ... هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ. (3) الأنعام (60) ... ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (4) الأنعام (72). (5) في د وظ وَهَدَيْناهُ ... خطأ. (6) الأنعام (87) وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. (7) الأنعام (96) ... وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. (8) الأنعام (110) ... وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. (9) الأنعام (121) ... وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ. (10) الأنعام (130) ... وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ. (11) الأنعام (141). (12) الأنعام (149) ... فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ. (13) أي بعد المائة. (14) الأنعام (157) ... سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ.

التسعون: الرابعة من سورة الأعراف أَوْ هُمْ قائِلُونَ «1». الحادي والتسعون: أربع وعشرون منها وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ «2». الثاني والتسعون: في بعض السابعة والثلاثين نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ «3». الثالث والتسعون: ثمان وأربعون وَما «4» كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ «5». الرابع والتسعون: ستون «6» إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «7». الخامس والتسعون: ثلاث وسبعون عَذابٌ أَلِيمٌ «8». السادس والتسعون: سبع وثمانون وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ «9». السابع والتسعون: رأس المائة وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ «10». الثامن والتسعون: أربع وعشرون بعد المائة ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ «11». التاسع والتسعون: سبع وثلاثون «12» وَما كانُوا يَعْرِشُونَ «13». المائة: ثمان وأربعون بعد المائة اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ «14». الواحدة «15» بعد المائة: ثمان وخمسون بعد المائة «16» لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «17».

_ (1) الأعراف (4) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ. (2) الأعراف (24) وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ. (3) الأعراف (37) ... أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ .... (4) في الأصل وظق: (وبما كنتم ... ) وفي د: (بما كنتم ... ) وكلاهما خطأ. (5) الأعراف (48) ... قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ. (6) (ستون) سقطت من ظ. (7) الأعراف (60) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (8) الأعراف (73) ... وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (9) الأعراف (87). (10) الأعراف (100). (11) الأعراف (124). (12) أي بعد المائة. (13) الأعراف (137) ... وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ. (14) الأعراف (148) ... أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ. (15) في ظق: الواحد. (16) من قوله: اتَّخَذُوهُ ... إلى هنا ساقط من د وظ بانتقال النظر. (17) الأعراف (158) ... وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.

الاثنان «1» بعد المائة: (مائة وسبع وستون وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «2». الثالث بعد المائة «3»): ست وسبعون بعد المائة لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «4». الرابع بعد المائة: تسع وثمانون «5» صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ «6». الخامس بعد المائة: آخر السورة. السادس بعد المائة: ثلاث عشرة من الأنفال فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «7». السابع بعد المائة: ست وعشرون منها لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «8». الثامن بعد المائة: أربعون منها وَنِعْمَ النَّصِيرُ «9». التاسع بعد المائة: خمسون منها عَذابَ الْحَرِيقِ «10». العاشر بعد المائة: خمس وستون منها مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ «11». الحادي عشر بعد المائة: آخر السورة. الثاني عشر بعد المائة: تسع من التوبة ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «12». الثالث عشر بعد المائة: عشرون هُمُ الْفائِزُونَ «13» الرابع عشر بعد المائة: احدى وثلاثون سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ «14».

_ (1) في د وظ: الثاني. (2) الأعراف (167). (3) ما بين القوسين مكرر في الأصل. (4) الأعراف (176) ... فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وكتبت الآية خطأ في ت ود وظق. (5) أي بعد المائة، حيث سقطت هذه العبارة من النسخ. (6) الأعراف (89) ... فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. (7) الأنفال (13) ... وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. (8) الأنفال (26) ... وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (9) الأنفال (40) ... فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ. (10) الأنفال (50) ... وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ. (11) الأنفال (65) ... وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ. (12) التوبة (9) ... إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (13) التوبة (20) ... وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ. (14) التوبة (31).

الخامس عشر بعد المائة: تسع وثلاثون عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «1». السادس عشر بعد المائة: تسع وأربعون لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ «2». السابع عشر بعد المائة: احدى وستون يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «3». الثامن عشر بعد المائة: سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «4» وهي احدى وسبعون. التاسع عشر بعد المائة: احدى وثمانون حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ «5». العشرون بعد المائة: ثلاث وتسعون فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ «6». الحادي والعشرون بعد المائة: مائة وثلاث وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «7» «8». الثاني والعشرون بعد المائة: مائة واثنتا عشرة «9» وبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ «10». الثالث والعشرون بعد المائة: مائة واثنتان وعشرون لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ «11». الرابع والعشرون بعد المائة: أربع آيات من يونس بِما كانُوا يَكْفُرُونَ «12». الخامس والعشرون بعد المائة: ست عشرة منها أَفَلا تَعْقِلُونَ «13». السادس والعشرون بعد المائة: إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «14».

_ (1) التوبة (39) ... وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (2) التوبة (49) ... وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ. (3) التوبة (61) ... وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (4) التوبة (71) ... أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (5) التوبة (81) ... قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ. (6) التوبة (93) ... رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ. (7) التوبة (103). (8) أضاف الناسخ في ظ قوله: بعده أَلَمْ يَعْلَمُوا .... (9) في د: عشر. خطأ. (10) التوبة (112). (11) التوبة (122) ... وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (12) يونس (4) ... وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ. (13) يونس (16) ... فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ. (14) يونس (25) وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

السابع والعشرون بعد المائة: سبع وثلاثون منها لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ «1». الثامن والعشرون بعد المائة: أربع وخمسون وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «2». التاسع والعشرون بعد المائة: ثمان وستون أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ «3». الثلاثون بعد المائة: ثلاث وثمانون منها فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ «4». الحادي والثلاثون بعد المائة: سبع وتسعون منها حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ «5» «6». الثاني والثلاثون بعد المائة: آخر السورة. الثالث والثلاثون بعد المائة: ست عشرة آية «7» من هود وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «8». الرابع والثلاثون بعد المائة: احدى وثلاثون منها إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ «9». الخامس والثلاثون بعد المائة: خمس وأربعون منها وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «10». السادس والثلاثون بعد المائة: ثمان وخمسون منها مِنْ «11» عَذابٍ غَلِيظٍ «12». السابع والثلاثون بعد المائة: احدى وستون «13» وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ «14». الثامن والثلاثون بعد المائة: سبع وثمانون إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ «15». التاسع والثلاثون بعد المائة: مائة وآيتان منها وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «16».

_ (1) يونس (37) ... وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. (2) يونس (54) ... وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ. (3) يونس (68). (4) يونس (83) ... وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ. (5) يونس (97) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ. (6) أضاف الناسخ في ظ قوله: بعده فَلَوْلا .... (7) «آية» ساقطة من د وظ. (8) هود (16) ... وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (9) هود (31) ... اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ. (10) هود (44). (11) مِنْ ليست في ظ. (12) هود (58) ... وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ. (13) هكذا في النسخ: احدى وستون، وهو خطأ. والصواب: احدى وسبعون. (14) هود (71) فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ. (15) هود (87). (16) هود (103) ... ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ.

الأربعون بعد المائة: عشرون ومائة وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ «1». الحادي والأربعون بعد المائة: ست عشرة من يوسف عِشاءً يَبْكُونَ «2». الثاني والأربعون بعد المائة: الثامنة «3» والعشرون منها إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ «4». الثالث والأربعون بعد المائة: رأس الأربعين وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ «5». الرابع والأربعون بعد المائة: اثنتان وخمسون لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ «6». الخامس والأربعون بعد المائة: سبع وستون فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ «7». السادس والأربعون بعد المائة: ثمانون وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ «8». السابع والأربعون بعد المائة: خمس وتسعون إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ «9». الثامن والأربعون بعد المائة «10»: مائة وتسع آيات ... اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ «11». التاسع والأربعون بعد المائة: ثمان آيات من الرعد عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ «12». الخمسون بعد المائة: سبع عشرة آية منها كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ «13». الحادي والخمسون بعد المائة: ثلاثون منها وَإِلَيْهِ مَتابِ «14». الثاني والخمسون بعد المائة: أربعون منها وَعَلَيْنَا الْحِسابُ «15».

_ (1) هود (120) ... وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ. (2) يوسف (16) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ. (3) حرفت في د إلى (الثانية). (4) يوسف (28). (5) يوسف (40) ... ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. (6) يوسف (52) ... وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ. (7) يوسف (67) ... وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ. (8) يوسف (80). (9) يوسف (95) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ. (10) قوله: الثامن والأربعون بعد المائة: سقط من ظ، ثم أضيف في الحاشية فلم يظهر. (11) يوسف (109) ... وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ. (12) الرعد (8) ... وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ. (13) الرعد (17). (14) الرعد (30) ... قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ. (15) الرعد (40) ... فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ.

الثالث والخمسون بعد المائة: تسع من إبراهيم تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ «1». الرابع والخمسون بعد المائة: عشرون «2» وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ «3». الخامس والخمسون بعد المائة: احدى وثلاثون لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ «4». السادس والخمسون بعد المائة: آخر السورة. السابع والخمسون بعد المائة: ثمان وعشرون من الحجر مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ «5». الثامن والخمسون بعد المائة: ثلاث وستون بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ «6». التاسع والخمسون بعد المائة: اثنتان وتسعون لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ «7». الستون بعد المائة: أربع عشرة من النحل وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «8». الحادي والستون بعد المائة: اثنتان وثلاثون ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «9». الثاني والستون بعد المائة: ثلاث وأربعون إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «10». الثالث والستون بعد المائة: اثنان «11» وستون وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ «12». الرابع والستون بعد المائة: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ «13» رأس خمس وسبعين. الخامس والستون بعد المائة: ست وثمانون إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ «14».

_ (1) إبراهيم (9) ... وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ. (2) في بقية النسخ: عشرون منها. (3) إبراهيم (20). (4) إبراهيم (31) ... مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ. (5) الحجر (28) ... وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. (6) الحجر (63) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ. (7) الحجر (92) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. (8) النحل (14) ... وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (9) النحل (32). (10) النحل (43) ... فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (11) هكذا في النسخ: اثنان، خطأ. والصواب: اثنتان. (12) النحل (62) ... لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ. (13) النحل (75). (14) النحل (86) ... فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ.

السادس والستون بعد المائة: ثمان وتسعون فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «1». السابع والستون بعد المائة: مائة وثلاث عشرة الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ «2». الثامن والستون بعد المائة: آخر السورة. التاسع والستون بعد المائة: خمس عشرة آية من سبحان حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا «3». السبعون بعد المائة: آيتان «4» وثلاثون منها وَساءَ سَبِيلًا «5». الحادي والسبعون بعد المائة: سبع وأربعون إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً «6». الثاني والسبعون بعد المائة: احدى وستون لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً «7». الثالث والسبعون بعد المائة: سبع وسبعون لا يلبثون خلفك «8» إلّا قليلا «9». الرابع والسبعون بعد المائة: خمس وتسعون مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا «10». الخامس والسبعون بعد المائة: آخر السورة. السادس والسبعون بعد المائة: سبع عشرة آية من الكهف وَلِيًّا مُرْشِداً «11». السابع والسبعون بعد المائة: ثمان وعشرون منها وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً «12». الثامن والسبعون بعد المائة: ثلاث وأربعون منها وَما كانَ مُنْتَصِراً «13».

_ (1) النحل (98) فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ. (2) النحل (113) ... فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ. (3) الإسراء (15) ... وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا. (4) في بقية النسخ: اثنتان. (5) الإسراء (32) وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا. (6) الإسراء (47) ... إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً. (7) الإسراء (61) ... فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً. (8) هكذا في النسخ، وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو وشعبة، وقرأ الباقون (خلافك) النشر (2/ 308) والبدور الزاهرة (ص 186) والمهذب (1/ 389). (9) الإسراء (76) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا. (10) الإسراء (95) ... لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا. (11) الكهف (17) ... وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً. (12) الكهف (28) ... وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (13) الكهف (43) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً.

التاسع والسبعون بعد المائة: ست وخمسون وَما أُنْذِرُوا هُزُواً «1». الثمانون ومائة: أربع وسبعون لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً «2». الحادي والثمانون بعد المائة: تسعون منها «3» دُونِها سِتْراً «4». الثاني والثمانون بعد المائة: آخر السورة. الثالث والثمانون بعد المائة: اثنتان وعشرون من مريم مَكاناً قَصِيًّا «5». الرابع والثمانون بعد المائة: أربعون منها وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً «6». الخامس والثمانون بعد المائة: احدى وستون منها إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا «7». السادس والثمانون بعد المائة: اثنتان وثمانون وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا «8». السابع والثمانون بعد المائة: خمس وعشرون «9» من طه بِما تَسْعى «10». الثامن والثمانون بعد المائة: سبع وأربعون وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى «11». التاسع والثمانون بعد المائة: سبعون بِرَبِّ «12» هارُونَ وَمُوسى «13». التسعون بعد المائة: ست وثمانون فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي «14». الحادي والتسعون بعد المائة: مائة وخمس عشرة وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً «15».

_ (1) الكهف (56) ... وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً. (2) الكهف (74) ... قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً. (3) في ظق: مِنْ دُونِها سِتْراً. (4) الكهف (90) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً. (5) مريم (22) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا. (6) مريم (42) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً. (7) مريم (61). (8) مريم (82) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا. (9) هكذا في الأصل وظق ود: خمس وعشرون، وفي ظ: خمس وعشرين، وكلاهما خطأ. لأن الآية المذكورة لا تحمل الرقم المذكور (25) وإنما رقمها (15) فليتأمل. (10) طه (15) ... لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى. (11) طه (47). (12) في الأصل (رب ... ) بدون الباء، خطأ. (13) طه (70) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى. (14) طه (86) أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي. (15) طه (115) وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً.

الثاني والتسعون بعد المائة: آخر السورة. الثالث والتسعون بعد المائة: سبع عشرة آية من الأنبياء إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ «1». الرابع والتسعون بعد المائة: ثلاث وثلاثون فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ «2». الخامس والتسعون بعد المائة: خمسون أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ «3». السادس والتسعون بعد المائة: أربع وسبعون كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ «4». السابع والتسعون بعد المائة: تسعون وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ «5». الثامن والتسعون بعد المائة: آخر السورة. التاسع والتسعون بعد المائة: احدى عشرة من الحج ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ «6». المائتان: ثلاث وعشرون منها وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ «7». الواحد بعد المائتين: ست وثلاثون منها سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «8». الثاني بعد المائتين: احدى وخمسون فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «9». الثالث بعد المائتين: ست وستون ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ «10» الرابع بعد المائتين: آخر السورة. الخامس بعد المائتين: أربع وعشرون من المؤمنين بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ «11».

_ (1) الأنبياء (17) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ. (2) الأنبياء (33) ... كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. (3) الأنبياء (50) وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ. (4) الأنبياء (74) ... إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ. (5) الأنبياء (91) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ. (6) الحج (11). (7) الحج (23). (8) الحج (36) ... كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (9) الحج (51) ... وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ. (10) الحج (66) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ. (11) المؤمنون (24) ... وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ.

السادس بعد المائتين: خمس وأربعون منها وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ «1». السابع بعد المائتين: ثلاث وسبعون وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «2». الثامن بعد المائتين: رأس المائة منها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «3». التاسع بعد المائتين: ثلاث آيات من النور وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ «4». العاشر بعد المائتين: عشرون منها وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «5». الحادي عشر بعد المائتين: بعض آية احدى وثلاثين أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ «6». الثاني عشر بعد المائتين: ثمان وثلاثون وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ «7». الثالث عشر بعد المائتين: خمسون منها بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ «8». الرابع عشر بعد المائتين: ستون منها خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «9». الخامس عشر بعد المائتين: خمس من سورة الفرقان تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا «10». السادس عشر بعد المائتين: عشرون منها وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً «11». السابع عشر بعد المائتين: أربعون منها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً «12». الثامن عشر بعد المائتين: ستون منها وَزادَهُمْ نُفُوراً «13».

_ (1) المؤمنون (45) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ. (2) المؤمنون (73). (3) المؤمنون (100). (4) النور (3) وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. (5) النور (20) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. (6) النور (31) ... وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ .... (7) النور (38). (8) النور (50). (9) النور (60) ... وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (10) الفرقان (5) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. (11) الفرقان (20). (12) الفرقان (40). (13) الفرقان (60) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً.

التاسع عشر بعد المائتين: آخر السورة. العشرون بعد المائتين: ثمان وعشرون من سورة الشعراء وَما «1» بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ «2». الحادي والعشرون بعد المائتين: اثنان «3» وستون إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ «4». الثاني والعشرون بعد المائتين: مائة آية و «5» آية مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ «6». الثالث والعشرون بعد المائتين: مائة وأربعون وخمس إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ «7» في قصة لوط «8». الرابع والعشرون بعد المائتين: مائة وثلاث وخمسون «9» مِنَ الْمُسَحَّرِينَ «10» في قصة شعيب. الخامس والعشرون بعد المائتين: آخر السورة. السادس والعشرون بعد المائتين: عشرون من النمل أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ «11». السابع والعشرون بعد المائتين: رأس أربعين إن رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ «12». الثامن والعشرون بعد المائتين «13»: خمس وخمسون بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ «14».

_ (1) في ظ: (ومما ... ) خطأ. (2) الشعراء (28) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. (3) هكذا في النسخ: اثنان، خطأ، والصواب: اثنتان. (4) الشعراء (62) قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ. (5) (وآية) ساقطة من ظ. (6) الشعراء (100، 101) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. (7) الشعراء (145) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ. (8) الآية التي تحمل هذا الرقم (145) هي في قصة صالح وليست في قصة لوط- عليهما السلام- وأما التي في قصة لوط فهي (164) فليتأمل، والله أعلم. (9) هكذا في النسخ: مائة وثلاث وخمسون (من المسحرين) في قصة شعيب، وهو خطأ واضح في رقم الآية فإن تلك في قصة صالح والصحيح خمس وثمانون، فليتأمل، والله أعلم. (10) الشعراء (185) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. (11) النمل (20) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ. (12) النمل (40). (13) قوله: بعد المائتين. مكرر في الأصل. (14) النمل (55).

التاسع والعشرون بعد المائتين: سبعون وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ «1». الثلاثون بعد المائتين: تسع وثمانون وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «2». الحادي والثلاثون بعد المائتين: اثنتا عشرة من القصص وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ «3». الثاني والثلاثون بعد المائتين: أربع وعشرون منها إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «4». الثالث والثلاثون بعد المائتين: خمس وثلاثون وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ «5». الرابع والثلاثون بعد المائتين: ثمان وأربعون وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ «6». الخامس والثلاثون بعد المائتين: (اثنان) «7» وستون الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ «8» بعده قالَ الَّذِينَ .... السادس والثلاثون بعد المائتين: سبع وسبعون إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ «9». السابع والثلاثون بعد المائتين: آخر السورة «10». الثامن والثلاثون بعد المائتين: ثمان عشرة آية من العنكبوت إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «11». التاسع والثلاثون بعد المائتين: ثلاث وثلاثون كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ «12» (بعده) «13» إِنَّا مُنْزِلُونَ. الأربعون بعد المائتين: خمس وأربعون وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ «14».

_ (1) النمل (70). (2) النمل (89). (3) القصص (12) فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ. (4) القصص (24) ... فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. (5) القصص (35) ... فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ. (6) القصص (48). (7) في د وظ: اثنتان، وهو الصواب. (8) القصص (62) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ. (9) القصص (77). (10) قوله: السابع والثلاثون بعد المائتين آخر السورة: ساقط من د وظ. (11) العنكبوت (18) ... وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ. (12) العنكبوت (33) ... إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ. (13) كلمة (بعده) ساقطة من الأصل. (14) العنكبوت (45).

الحادي والأربعون بعد المائتين: ثمان وخمسون نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ «1». الثاني والأربعين بعد المائتين: سبع من الروم بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ «2». الثالث والأربعون بعد المائتين: أربع وعشرون بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «3». الرابع والأربعون بعد المائتين: ثمان وثلاثون هُمُ الْمُفْلِحُونَ «4» بعده وَما آتَيْتُمْ. الخامس والأربعون بعد المائتين: اثنان «5» وخمسون إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ «6». السادس والأربعون بعد المائتين: اثنتا عشرة من لقمان غَنِيٌّ حَمِيدٌ «7». السابع والأربعون بعد المائتين: خمس وعشرون بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ «8». الثامن والأربعون بعد المائتين: ثلاث من السجدة لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ «9». التاسع والأربعون بعد المائتين: اثنتان وعشرون إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ «10». الخمسون بعد المائتين: ست من الأحزاب فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً «11». الحادي والخمسون بعد المائتين: ثماني عشرة وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا «12». الثاني والخمسون بعد المائتين: وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً «13».

_ (1) العنكبوت (58). (2) الروم (8) وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ وكتبت الآية خطأ في النسخ. (3) الروم (24) ... وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. (4) الروم (38) ... وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وفي الأصل: بعده (وما أنتم) وفي ظ (وما أوتيم) وكلاهما خطأ. (5) هكذا في النسخ: اثنان، خطأ. والصواب: اثنتان. (6) الروم (52) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ. (7) لقمان (12) وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. (8) لقمان (25). (9) السجدة (3) ... لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ. (10) السجدة (22). (11) الأحزاب (6) ... وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ... كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً. (12) الأحزاب (18). (13) الأحزاب (30).

الثالث والخمسون بعد المائتين «1»: (سبع) «2» وثلاثون وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً «3». الرابع والخمسون بعد المائتين: اثنتان وخمسون وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً «4». الخامس والخمسون بعد المائتين اثنتان وستون وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا «5». السادس والخمسون بعد المائتين ثلاث من سبأ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «6». السابع والخمسون بعد المائتين: بعد آية خمس عشرة عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ «7». الثامن والخمسون بعد المائتين: ثلاثون ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ «8». التاسع والخمسون بعد المائتين: ثلاث وأربعون إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ «9». الستون بعد المائتين: ست من فاطر إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ «10». الواحد والستون بعد المائتين: سبع عشرة وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ «11». الثاني والستون بعد المائتين: اثنان «12» وثلاثون ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ «13». الثالث والستون بعد المائتين: ثلاث وأربعون وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا «14» الرابع والستون بعد المائتين: ست وعشرون من يس يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ «15». الخامس والستون بعد المائتين: خمسون وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ «16».

_ (1) من قوله: وَكانَ ذلِكَ ... إلى هنا ساقط من د وظ. (2) هكذا في النسخ، ولعلّ الكلمة تحرّفت من تسع إلى سبع، لأن الآية المشار إليها هي (39) دون خلاف. (3) الأحزاب (39). (4) الأحزاب (52). (5) الأحزاب (62). (6) سبأ (3) ... لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ. (7) سبأ (15) ... جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ. (8) سبأ (30) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ. (9) سبأ (43) ... وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ. (10) فاطر (6). (11) فاطر (17). (12) هكذا في النسخ: اثنان خطأ. والصواب: اثنتان. (13) فاطر (32). (14) فاطر (43). (15) يس (26). (16) يس (50) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ.

السادس (والستون) «1» بعد المائتين: اثنتان وسبعون وَمِنْها يَأْكُلُونَ «2» «3». السابع والستون بعد المائتين: خمس عشرة من الصافات إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ «4». الثامن والستون بعد المائتين: خمسون يَتَساءَلُونَ «5» بعده قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ. التاسع والستون بعد المائتين: مائة وآية فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ «6». السبعون بعد المائتين: مائة وأربع وأربعون إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «7». الواحد والسبعون بعد المائتين: خمس من ص لَشَيْءٌ يُرادُ «8». الثاني والسبعون بعد المائتين: خمس وعشرون وَحُسْنَ مَآبٍ «9» بعده يا داوُدُ. الثالث والسبعون بعد المائتين: ست وأربعون بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ «10». الرابع والسبعون بعد المائتين: آخر السورة. الخامس «11» والسبعون بعد المائتين: خمس عشرة من الزمر ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ «12». السادس والسبعون بعد المائتين: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «13». السابع والسبعون بعد المائتين: خمس وأربعون مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ «14». الثامن والسبعون بعد المائتين: احدى وستون لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «15».

_ (1) كلمة (والستون) ساقطة من الأصل. (2) في د: تأكلون. (3) يس (72) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ. (4) الصافات (15) وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ. (5) الصافات (50) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ. (6) الصافات (101). (7) الصافات (144) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. (8) ص (6) ... إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ. (9) ص (25) ... وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ. (10) ص (46) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ. (11) في د وط: والخامس. (12) الزمر (15). (13) الزمر (30). (14) الزمر (45) .. وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. (15) الزمر (61).

التاسع والسبعون بعد المائتين: آخر السورة. الثمانون بعد المائتين: خمس عشرة من المؤمن لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ «1». الواحد والثمانون بعد المائتين: ثمان وعشرون مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ «2». الثاني والثمانون بعد المائتين: أربعون يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «3». الثالث والثمانون بعد المائتين: خمس وخمسون بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ «4». الرابع والثمانون بعد المائتين: تسع وستون أَنَّى يُصْرَفُونَ «5». الخامس والثمانون بعد المائتين: آخر السورة. السادس والثمانون بعد المائتين: سبع عشرة من السجدة بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «6». السابع والثمانون بعد المائتين: اثنتان وثلاثون نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ «7». الثامن والثمانون بعد المائتين: ست وأربعون بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «8». التاسع والثمانون بعد المائتين: سبع من عسق ... وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ «9». التسعون بعد المائتين: سبع عشرة منها لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ «10». الواحد والتسعون بعد المائتين: (سبع) «11» وعشرون إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ «12». الثاني والتسعون بعد المائتين: أربع وأربعون إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ «13».

_ (1) غافر (15). (2) غافر (28) ... إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ. (3) غافر (40) ... فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ. (4) غافر (55) ... وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ .. بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ. (5) غافر (69) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ. (6) فصلت (17) ... فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. (7) فصلت (32). (8) فصلت (46) ... وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ. (9) الشورى (7) ... فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. (10) الشورى (17) ... وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ. (11) هكذا في النسخ، ولعلّ التسعة حرفت إلى سبعة. (12) الشورى (29) ... وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ. (13) الشورى (44) ... يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ.

الثالث والتسعون بعد المائتين: احدى عشرة من الزخرف كَذلِكَ تُخْرَجُونَ «1». الرابع والتسعون بعد المائتين: ثلاثون وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ «2». الخامس والتسعون بعد المائتين: ثمان وأربعون لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ «3». السادس والتسعون بعد المائتين: سبعون أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ «4». السابع والتسعون بعد المائتين: اثنتا عشرة من الدخان إِنَّا مُؤْمِنُونَ «5». الثامن والتسعون بعد المائتين: اثنتان وخمسون فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ «6». التاسع والتسعون بعد المائتين: ست عشرة من الجاثية عَلَى الْعالَمِينَ «7». الموفى ثلاثمائة: اثنتان وثلاثون منها وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ «8». الواحد بعد الثلاثمائة «9»: احدى عشرة من الأحقاف إِفْكٌ قَدِيمٌ «10». الثاني بعد الثلاثمائة: اثنتان وعشرون منها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ «11». الثالث بعد الثلاثمائة: آخر السورة. الرابع بعد الثلاثمائة: خمس عشرة لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ «12» من سور محمد صلّى الله عليه وسلم «13».

_ (1) الزخرف (11). (2) الزخرف (30) وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ. (3) الزخرف (48) ... وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (4) الزخرف (70) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ. (5) الدخان (12) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ. (6) الدخان (52). (7) الجاثية (16) وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ. (8) الجاثية (32) ... قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ. (9) في د وظ: بعد ثلاثمائة، أي بدون (أل) وهكذا إلى آخر هذه التجزئة. (10) الأحقاف (11) ... وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ. (11) الأحقاف (22) ... فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. (12) محمد صلّى الله عليه وسلم (15) ... وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ. وليست رأس آية إلّا عند البصرى كما سيأتي (ص) 545. (13) في بقية النسخ: خمس عشرة من سورة محمد صلّى الله عليه وسلم لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ.

الخامس بعد الثلاثمائة: تسع وعشرون منها أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ «1». السادس بعد الثلاثمائة: سبع آيات من الفتح وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً «2». السابع بعد الثلاثمائة: تسع عشرة آية من الفتح عَزِيزاً حَكِيماً «3». الثامن بعد الثلاثمائة: في بعض التاسعة والعشرين رُحَماءُ بَيْنَهُمْ «4». التاسع بعد الثلاثمائة: إحدى عشرة من الحجرات فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ «5». العاشر بعد الثلاثمائة: إحدى عشرة «6» من ق كَذلِكَ الْخُرُوجُ «7». الحادي عشر بعد الثلاثمائة: ثمان وثلاثون منها وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ «8». الثاني عشر بعد الثلاثمائة: ثلاثون من الذاريات إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ «9». الثالث عشر بعد الثلاثمائة: خمس من الطور وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ «10». الرابع عشر بعد الثلاثمائة: ثمان وثلاثون منها بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «11». الخامس عشر بعد الثلاثمائة: ست وعشرون من النجم لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى «12». السادس عشر بعد الثلاثمائة: آخر السورة. السابع عشر بعد الثلاثمائة: اثنتان وثلاثون من القمر فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ «13» بعده كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ.

_ (1) محمّد صلّى الله عليه وسلم (29) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ. (2) الفتح (7). (3) الفتح (19) ... وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً. (4) الفتح (29) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ .... (5) الحجرات (11) ... وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. (6) من قوله: من الحجرات فَأُولئِكَ ... إلى هنا ساقط من د وظ بانتقال النظر. (7) ق (11) ... وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ. (8) ق (38) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ. (9) الذاريات (30). (10) الطور (5). (11) الطور (38) ... فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ. (12) النجم (26) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى. (13) القمر (32) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

الثامن عشر بعد الثلاثمائة: إحدى وعشرون من سورة الرحمن عزّ وجلّ لا يَبْغِيانِ «1». التاسع عشر بعد الثلاثمائة: اثنتان وستون منها وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ «2». العشرون بعد الثلاثمائة: تسع وأربعون من الواقعة قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ «3». الواحد والعشرون بعد الثلاثمائة: تسعون منها وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ «4». الثاني والعشرون بعد الثلاثمائة: احدى عشرة من الحديد وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ «5». الثالث والعشرون بعد الثلاثمائة: عشرون منها إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ «6». الرابع والعشرون بعد الثلاثمائة: آخر السورة. الخامس والعشرون بعد الثلاثمائة: عشر من المجادلة فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «7». السادس والعشرون بعد الثلاثمائة: إحدى وعشرون منها إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ «8». السابع والعشرون بعد الثلاثمائة ثمان «9» آيات من الحشر أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ «10». الثامن والعشرون بعد الثلاثمائة: إحدى وعشرون منها لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «11». التاسع والعشرون بعد الثلاثمائة: ست آيات من الامتحان هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ «12».

_ (1) الرحمن (20) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ. (2) الرحمن (62). (3) الواقعة (49) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ. (4) الواقعة (90) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. (5) الحديد (11) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ وكتبت الآية في النسخ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ خطأ. (6) الحديد (20) وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ. (7) المجادلة (10) ... وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ. (8) المجادلة (21). (9) في بقية النسخ: ثماني. (10) الحشر (8) ... وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. (11) الحشر (21) ... وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. (12) الممتحنة (6) ... وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.

الثلاثون بعد الثلاثمائة: خمس من الصافات وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «1». الواحد والثلاثون بعد الثلاثمائة: ثلاث من الجمعة وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «2». الثاني والثلاثون بعد الثلاثمائة: خمس من المنافقين وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ «3». الثالث والثلاثون بعد الثلاثمائة: ست من التغابن وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ «4». الرابع والثلاثون بعد الثلاثمائة: آيتان «5» من الطلاق يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً «6». الخامس والثلاثون بعد الثلاثمائة: الأولى من التحريم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «7». السادس والثلاثون بعد الثلاثمائة: آخر السورة. السابع والثلاثون بعد الثلاثمائة: اثنتان وعشرون من الملك صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «8». الثامن والثلاثون بعد الثلاثمائة: ثلاثون من ن عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ «9». التاسع والثلاثون بعد الثلاثمائة: سبع من الحاقة أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ «10». الأربعون بعد الثلاثمائة: خمس من المعارج صَبْراً جَمِيلًا «11». الواحد والأربعون بعد الثلاثمائة: ثلاث من نوح وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ «12».

_ (1) الصف (5). (2) الجمعة (3). (3) المنافقون (5) ... لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ. (4) التغابن (6). (5) في بقية النسخ: اثنتان. (6) الطلاق (2) ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. (7) والأولى أن ينتهي آخر الطلاق ثم يبتدأ بحفظ التحريم من أولها، فالآية الواحدة- كما هنا- لا تؤثر في حفظ الكمية التي يريد حفظها وقد سبق أن قلت مثل هذا، وهذا ما ينبغي أن يقال في كل ما يماثل هذا، والله أعلم. (8) الملك (22) ... أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. (9) القلم (30) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ. (10) الحاقة (7) ... فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ. (11) المعارج (5) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا. (12) نوح (3) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ.

الثاني والأربعون بعد الثلاثمائة: آخر السورة. الثالث والأربعون بعد الثلاثمائة: عشرون من سورة الوحي وَلا أُشْرِكُ «1» بِهِ أَحَداً «2». الرابع والأربعون بعد الثلاثمائة: آخر يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. الخامس والأربعون بعد الثلاثمائة: ثلاث وثلاثون من المدّثر وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ «3». السادس والأربعون بعد الثلاثمائة: احدى وثلاثون من القيامة وَلا صَلَّى «4». السابع والأربعون بعد الثلاثمائة: احدى وعشرون من الإنسان شَراباً طَهُوراً «5». الثامن والأربعون بعد الثلاثمائة: أربعون من المرسلات يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ «6» بعده إِنَّ الْمُتَّقِينَ. التاسع والأربعون بعد الثلاثمائة: آخر عَمَّ يَتَساءَلُونَ. الخمسون بعد الثلاثمائة: عشر «7» من عبس عَنْهُ «8» تَلَهَّى «9». الواحد والخمسون بعد الثلاثمائة: عشر من الانفطار وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ «10». الثاني والخمسون بعد الثلاثمائة: ثمان من الشفق حِساباً يَسِيراً «11». الثالث والخمسون بعد الثلاثمائة: عشر من البروج وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ «12». الرابع والخمسون بعد الثلاثمائة: آخر سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

_ (1) في د وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي ... خطأ. (2) الجن (20) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً. (3) المدثر (33) كَلَّا وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ. (4) القيامة (31) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى. (5) الإنسان (21) وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً. (6) المرسلات (40) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. (7) في د وظ: عشرون، وهو خطأ واضح. (8) في بقية النسخ عَنْهُ تَلَهَّى. (9) عبس (10) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى. (10) الانفطار (10). (11) الانشقاق (8) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، (12) البروج (10) ... فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ.

الخامس والخمسون بعد الثلاثمائة: عشرون من الفجر الْمالَ حُبًّا جَمًّا «1». السادس والخمسون بعد الثلاثمائة: خمس من الليل أَعْطى وَاتَّقى «2». السابع والخمسون بعد الثلاثمائة: آخر سورة العلق. الثامن والخمسون بعد الثلاثمائة: آخر إِذا زُلْزِلَتِ. التاسع والخمسون بعد الثلاثمائة: آخر الفيل. الستون بعد الثلاثمائة: آخر سورة الناس. وهذه التجزئة (مبادلة) «3» ولها فوائد: أ- منها أنك تعرف بها أثلاث الأحزاب، لأن كل جزءين منها ثلث حزب، وكل ثلاثة نصف حزب، وكل أربعة ثلثا حزب. ب- وكذلك تعرف بها نصف القرآن، لأن نصف (القرآن) «4» منها: مائة وثمانون، وثلث القرآن «5»: مائة وعشرون، والربع: وهو تسعون جزءا، والخمس: وهو اثنان وسبعون جزءا، والسدس: وهو ستون جزءا، والثمن: وهو خمس وأربعون جزءا، والتسع: وهو أربعون جزءا. ج: ومنها أنها «6» تعين على حفظ القرآن، لأنه لا يثقل على من يريد حفظه أن يحفظ منها كل يوم جزءا. ومما روي في الإعانة على حفظ القرآن (العزيز) «7» ما حدّثني به الإمام أبو الفضل الغزنوي- رحمه الله- بالسند المتقدم إلى أبي عيسى- رحمه الله- قال: حدّثنا أحمد بن

_ (1) الفجر (20) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا. (2) الليل (5) فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى. (3) هكذا: رسمت الكلمة في الأصل في موضعين (مبادلة) وفي بقية النسخ: مباركة. وهي الصواب. (4) غير واضحة في الأصل. (5) في بقية النسخ: (وهو مائة ... ). (6) في ظ: (أنه) خطأ. (7) في بقية النسخ: القرآن.

الحسن «1» ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي «2» ثنا الوليد بن مسلم «3» ثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح «4» وعكرمة- مولى ابن عباس- عن ابن عباس «5» أنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- فقال: بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري، فما أجدني أقدر عليه، فقال «6» رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أبا الحسن، أفلا أعلّمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع «7» بهن من علّمته، ويثبت ما تعلّمت في صدرك؟ قال: أجل يا رسول الله، فعلّمني، قال: إذا كان ليلة الجمعة، فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب، وقد قال أخي يعقوب لبنيه «8»: (سوف أستغفر لكم ربّي) «9» يقول: حتى تأتي «10» ليلة الجمعة، فإن لم تستطع فقم في وسطها، فإن لم تستطع فقم في أولها، فصلّ أربع ركعات، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم تَنْزِيلُ السجدة،

_ (1) أحمد بن الحسن بن جنيدب- بالجيم والنون مصغرا- الترمذي أبو الحسن، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 250 هـ تقريبا. التقريب (1/ 13) وراجع الجرح والتعديل (2/ 47). (2) سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى التميمي الدمشقي، أبو أيوب، صدوق، يخطئ، من العاشرة، مات سنة 233 هـ. التقريب (1/ 327) وراجع الميزان (2/ 212). (3) الوليد بن مسلم القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة، لكنه كان كثير التدليس، من الثامنة، مات سنة 194 هـ أو نحوها. التقريب (2/ 336) وراجع الميزان (4/ 347) والفهرست لابن النديم (159، 318). (4) عطاء بن أبي رباح- بفتح الراء الموحدة- واسم أبي رباح أسلم القرشي مولاهم المكي التابعي، ثقة فاضل، لكنه كثير الإرسال من الثالثة، مات سنة أربع عشرة على المشهور، وقيل: أنه تغير بآخره، ولم يكن ذلك منه. التقريب (2/ 22) وتاريخ الثقات (332). (5) (عن ابن عباس) ليست في د وظ. (6) في بقية النسخ: فقال له ... الخ. (7) في ظق: وتنفع. وهي أليق. (8) في ظ: للبنينه. خطأ. (9) يوسف (98). (10) في د وظ: حتى يأتي ... الخ.

وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل «1» وإذا فرغت من التشهد «2»، فاحمد الله وأحسن الثناء عليه «3» وصل على محمد «4» وأحسن، وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني أن اتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السموات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تعمل «5» به بدني «6» فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. يا أبا الحسن، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا، تجاب بإذن الله، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط. قال ابن عباس: فو الله ما لبث عليّ إلّا خمسا أو سبعا، حتى جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، فقال: يا رسول الله، إنّي كنت- فيما خلا- لا آخذ «7» إلّا أربع آيات ونحوهن فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن، وأنا أتعلّم اليوم أربعين آية ونحوها، فإذا قرأتهن على نفسي فكأنما كتاب الله بين عينيّ، ولقد كنت أسمع الحديث، فإذا ردّدته «8» تفلت، وأنا اليوم أسمع الأحاديث، فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا.

_ (1) وهي تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وهي من طوال المفصل وقد مرّ الكلام على المفصل. وقد قيّد في الحديث بقوله: (تبارك المفصل) لإخراج تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ وهو من المئين كما سبق بيانه، والله أعلم. (2) في د وظ: فإذا. (3) في بقية النسخ: على الله. (4) في بقية النسخ: وصلّ عليّ. (5) في حاشية د: تستعمل، تغسل. وطمس من الصلب كلمة (تعمل). (6) في سنن الترمذي: وأن تغسل به بدني، قال الشارح لسنن الترمذي: وفي بعض النسخ (تعمل) والظاهر أنه من الأعمال، يقال: أعمله غيره، أي جعله عاملا اه. تحفة الأحوذي (10/ 20). (7) في ظ: لآخذ. (8) في د: فإذا ردّدت. وفي ظ: فإذا أردت.

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم «1»: عند ذلك- مؤمن ورب الكعبة، يا أبا الحسن اه «2».

_ (1) ليست في د وظ. (2) رواه الترمذي- كما قال المصنف- في أبواب الدعوات باب في دعاء الحفظ، وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلّا من حديث الوليد بن مسلم (10/ 21). ورواه الحاكم في المستدرك كتاب صلاة التطوع، وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه اه. ولم يوافقه الذهبي بل تعقبه بقوله: هذا حديث منكر شاذ، أخاف لا يكون موضوعا، وقد حيّرني- والله- جودة سنده ... والله أعلم اه. المستدرك (1/ 317). وقد أورده الذهبي أيضا عند ترجمته لسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قال: وخرج له الترمذي عن الوليد حدّثنا ابن جريج عن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس ... وذكر شطره، ثم قال: وهو مع نظافة سنده حديث منكر جدا، في نفسي منه شيء، فالله أعلم. الميزان (2/ 213) وراجع (4/ 347) من المصدر نفسه. وعزاه الحافظ ابن كثير إلى الطبراني في المعجم الكبير والترمذي، والحاكم، ثم قال: ولا شك أن سنده من الوليد على شرط الشيخين حيث صرّح الوليد بالسماع من ابن جريج، والله أعلم، فإنه من البيّن غرابته، بل نكارته اه. فضائل القرآن (ص 57) قال الشيخ محمد رشيد رضا- رحمه الله- مؤيدا لكلام ابن كثير هذا: بل أسلوبه أسلوب الموضوعات، لا أسلوب أفصح البشر محمد صلّى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه ولا أسلوب عصرهما اه. من المصدر نفسه. وراجع تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة كتاب الصلاة (2/ 111) والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني، باب صلاة الجماعة النوع الخامس صلاة الحفظ (ص 41).

الجزء الثاني

الجزء الثاني أقوى العدد في معرفة العدد «1» عدد أي القرآن، ينقسم إلى المديني الأول والمدني الآخر، والمكّي، والكوفي،

_ (1) قال أبو عمرو الداني:- بعد أن ذكر السنن والآثار التي فيها ذكر آي السور- قال: ففي هذه السنن والآثار التي اجتلبناها في هذه الأبواب- مع كثرتها واشتهار نقلتها-: دليل واضح وشاهد قاطع على أن ما بين أيدينا مما نقله إلينا علماؤنا عن سلفنا، من عدد الآي، ورءوس الفواصل والخموس والعشور وعدد جمل آي السور على اختلاف ذلك واتفاقه، مسموع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومأخوذ عنه، وأن الصحابة رضوان الله عليهم هم الذين تلقوا منه كذلك تلقيا كتلقيهم منه حروف القرآن واختلاف القراءات سواء، ثم أداه التابعون- رحمة الله عليهم- على نحو ذلك إلى الخالفين أداء، فنقله عنهم أهل الأمصار، وأدوه إلى الأمة، وسلكوا في نقله وأدائه الطريق التي سلكوها في نقل الحروف وأدائها من التمسك بالسماع، دون الاستنباط والاختراع ... اه من كتاب البيان مخطوط (9/ ب) ميكروفيلم ومدار العدد على أحد عشر رجلا موزعين على خمسة أمصار، سيذكرهم المصنف، وراجع اتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر 118، 119. قال الفيروزآبادي: «وأما عدد الآيات فإن صدر الأمة وأئمة السلف من العلماء والقراء كانوا ذوي عناية شديدة في باب القرآن وعلمه، حتى لم يبق لفظ ومعنى إلا بحثوا عنه، حتى الآيات والكلمات والحروف، فإنهم حصروها وعدوها، وبين القراء في ذلك اختلاف لكنه لفظي لا حقيقي» اه بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (1/ 558). ثم أخذ الفيروزآبادي يذكر بعض الأمثلة على الاختلاف في عدد الآيات وهو كثير، إلى أن قال: «ومن هنا صار عند بعضهم آيات القرآن أكثر، وعند بعضهم أقل ... فإذا علمت هذه القاعدة في الآيات فكذلك الأمر في الكلمات- والحروف، فإن بعض القراء عد (في الأرض) مثلا كلمتين على أن (في) كلمة، و (الأرض) كلمة، وبعضهم عدها كلمة واحدة، فمن ذلك حصل الاختلاف. وكذلك الحروف فإن بعض القراء عد الحرف المشدد حرفين .. » اه من المصدر نفسه. هذا وقد ذكر العلماء كثيرا من الفوائد التي يترتب عليها معرفة عدد الآيات والفواصل، من هذه الفوائد:

والبصري، والشامي «1». فالمدني الأول: رواه نافع بن أبي نعيم- رحمه الله- عن أبي جعفر يزيد بن القعقاع «2» وشيبة بن نصاح «3» وبه أخذ القدماء من أصحاب نافع «4». والمدني الأخير، فهو الذي رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري «5» عن

_ أ- يحتاج لمعرفة الفواصل لصحة الصلاة، فقد قال الفقهاء فيمن لم يحفظ الفاتحة فإنه يأتي بدلها بسبع آيات ... ب- كون هذه المعرفة سببا لنيل الأجر الموعود به على عدد مخصوص من الآيات ... ج- الاحتياج إلى هذا العدد في معرفة ما يسن قراءته بعد الفاتحة في الصلاة حيث لا تحصل السنة إلا بقراءة ثلاث آيات قصار، أو آية طويلة ... د- اعتباره لصحة الخطبة فقد أوجبوا فيها قراءة آية تامة. هـ توقف معرفة الوقف المسنون على هذا العلم، فالوقف على رءوس الآي سنة. واعتبار ذلك في الإمالة، فإن من القراء من يوجب إمالة رءوس آي سور خاصة. راجع الإتقان (1/ 196) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 175) فما بعدها، ومناهل العرفان (1/ 344) ونفائس البيان (ص 2). (1) انظر: البيان للداني ورقة (22) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 170). (2) أبو جعفر القارئ المدني المشهور، المخزومي مولاهم أحد القراء العشرة اسمه يزيد بن القعقاع بن شبرمة وقيل: جندب بن صيرور، وقيل فيروز، ثقة من الرابعة. مات سنة 127 هـ وقيل غير ذلك. التقريب (2/ 604) ومعرفة القراء الكبار (1/ 72) ومشاهير علماء الأمصار (76) والميزان (4/ 511) وكنى مسلم (1/ 174) والجرح والتعديل (9/ 285) وتاريخ الثقات (480) وغاية النهاية (2/ 382). (3) بكسر النون بعدها مهملة وآخرها مهملة- ابن سرجس بن يعقوب القاري الإمام المدني القاضي ثقة أحد شيوخ نافع في القراءة، من الرابعة، مات سنة 130 هـ. التقريب (1/ 357)، ومعرفة القراء الكبار (1/ 79) وتاريخ الثقات (224) ومشاهير علماء الأمصار (130) وغاية النهاية (1/ 329). (4) وهذا هو ما يرويه أهل الكوفة عن أهل المدينة بدون تعيين أحد منهم، بمعنى أنه متى روى الكوفيون العدد عن أهل المدينة بدون نسبة أحد منهم فهو عدد المدني الأول، وهو المروي عن نافع عن شيخيه أبي جعفر وشيبة، وعدد آي القرآن عندهم 6217، وروى أهل البصرة عدد المدني الأول عن ورش عن نافع عن شيخيه، والحاصل أن المدني الأول هو ما رواه نافع عن شيخيه، لكن اختلف أهل الكوفة والبصرة في روايته عن المدنيّين، فأهل الكوفة رووه عن أهل المدينة بدون تعيين أحد منهم، ورواه أهل البصرة عن ورش عن نافع عن شيخيه، وعدد آي القرآن عندهم 6214 اه. نفائس البيان (ص 6) وراجع التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 170). (5) إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولاهم المدني المقرئ أبو إسحاق، نزل بغداد ونشر بها علمه، وأقرأ بها، وهو ثقة مأمون، توفي ببغداد سنة 180 هـ. معرفة القراء الكبار (1/ 144) وتاريخ بغداد (6/ 218) ومشاهير علماء الأمصار (141) والتقريب (1/ 68).

سليمان بن مسلم بن جماز «1» عن شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب- مولى أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم- وعن أبي جعفر يزيد بن القعقاع- مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي «2» -، وعليه الآخذون لقراءة نافع اليوم، وبه ترسم الأخماس والأعشار، وفواتح السور في مصاحف أهل المغرب «3» «4»./ 54/ وأما المكّي: فمنسوب إلى عبد الله بن كثير «5» - رحمه الله- وغيره (من أهل مكة) «6» وهم يروون ذلك عن أبيّ بن كعب- رحمه الله «7»./ 52/ وأما العدد الكوفي: فرواه حمزة بن حبيب الزيات «8» - رحمه الله بسنده عن أبي (عبد الله) «9» السلمي، وأبو عبد الرحمن يسند بعضه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه «10»./

_ (1) كان مقرئا جليلا ضابطا نبيلا مقصودا في قراءة أبي جعفر ونافع روى القراءة عرضا عنهما، وتوفي بعد السبعين ومائة. النشر في القراءات العشر (1/ 179) والجرح والتعديل (4/ 142). (2) ولد في الحبشة لما هاجر أبوه إليها ومات بالمدينة، قيل سنة 64 هـ وقيل غير ذلك. الإصابة (6/ 188) رقم (4867) ومعرفة القراء الكبار (1/ 57). (3) كلمة المغرب حرفت في د وظ إلى (العرب). (4) وعدد آى القرآن عندهم 6214. انظر مقدمة تفسير القرطبي (1/ 65) ونفائس البيان (ص 7) وفي تحديد ذلك خلاف كثير، انظره في بصائر ذوي التمييز (1/ 560). (5) عبد الله بن كثير بن المطلب الإمام أبو معبد الداري المكي، إمام المكيين في القراءة وأحد الأئمة السبعة المشهورين، كان فصيحا بليغا مفوها، عليه سكينة ووقار، وحديثه مخرج في الكتب الستة، توفي سنة 120 هـ. معرفة القراء الكبار (1/ 86) وانظر التقريب (1/ 442) والجرح والتعديل (5/ 144) والنشر (1/ 120). (6) في بقية النسخ: وغيره من أهل مكة، وهم يرون ... الخ. (7) وهذا العدد يرويه ابن كثير عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعدد الآى عندهم (6210) وقيل غير ذلك. انظر: التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 170) ونفائس البيان (ص 7) وذكر القرطبي أن عدد آي القرآن في العدد المكي 6219. انظر مقدمة تفسيره (1/ 65) وهناك أقوال أخرى ذكرها الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 560). (8) ساق الإمام الداني بسنده إلى أبي عبد الله محمد بن عيسى أنه قال: «عدد آى القرآن في قول الكوفي من عدد حمزة الزيات وعلي بن حمزة الكسائي» اه. البيان في عد آى القرآن (23/ أ). (9) هكذا في الأصل. وهو خطأ. وفي بقية النسخ: عن أبي عبد الرحمن السلمي. وهو الصحيح. (10) انظر: التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 171). يقول الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي: حدثني أبي: عبد الله، قال: قيل للكسائي: كيف عددت عدد أهل الكوفة وتركت أهل المدينة؟ قال: يرون حمزة يغلب رغم أنه عدّد على عليّ بن أبي

55/ وأما العدد البصري: فمنسوب إلى عاصم بن ميمون الجحدري «1» وأما العدد الشامي «2»: فعن يحيى بن الحارث الذماري- رحمه الله «3» -./

_ طالب- رضوان الله عليه- هو عدد كوفي، وأضعف العددين عدد البصريين» اه تاريخ الثقات (224) عند ترجمته لشيبة بن نصاح. ويقول الفيروزآبادي: اعلم أن عدد آيات القرآن عند أهل الكوفة 6236 آية. هكذا مسند المشايخ من طريق الكسائي إلى علي بن أبي طالب. وقال سليم عن حمزة قال: «هو عدد أبي عبد الرحمن السلمي، ولا شك فيه أنه عن علي إلا أني أجبن عنه» اه بصائر ذوي التمييز (1/ 559). وقال في موضع آخر: «وأعلى الروايات وأصحها العد الكوفي، فإن إسناده متصل بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه» اه (1/ 133) وراجع نحوه في مقدمة تفسير القرطبي (1/ 65). وأما شيخنا القاضي فإنه قال: هو ما يرويه حمزة وسفيان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بواسطة ثقات ذوي علم وخبرة، وهذا العدد هو الذي اشتهر بالعدد الكوفي، فيكون لأهل الكوفة عددان أحدهما مروي عن أهل المدينة، وهو المدني الأول- وقد سبق ذكره- وثانيهما ما يرويه حمزة وسفيان. فما روي عن أهل الكوفة موقوفا على أهل المدينة فهو المدني الأول وما روي عنهم موصولا إلى علي بن أبي طالب فهو المنسوب إليهم» اه نفائس البيان (ص 8). (1) وهو عاصم بن العجاج الجحدري، وقد تقدمت ترجمته، ولم أقف على من سماه بعاصم بن ميمون. قال القرطبي: وجميع عدد آي القرآن في عدد البصريين 6204 وهو العدد الذي مضى عليه سلفهم حتى الآن» اه مقدمة تفسيره (1/ 65). وهذا العدد منسوب إلى عطاء بن يسار وعاصم الجحدري، وهو ما ينسب بعد إلى أيوب بن المتوكل. انظر إتحاف فضلاء البشر (ص 119) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 171)، ونفائس البيان (ص 7). (2) وينقسم العدد الشامي إلى دمشقي، وهو ما يرويه يحيى الذماري عن عبد الله بن عامر اليحصبي عن أبي الدرداء، وينسب هذا العدد إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه وعدد الآي فيه 6227 وقيل 6226. والثاني: حمصي وهو ما أضيف إلى شريح بن يزيد الحمصي الحضرمي، وعدد الآى فيه 6232 نفائس البيان (ص 7) وذكر القرطبي رواية ثالثة في عدد يحيى الذماري وهو 6225 قال ابن ذكوان: فظننت أن يحيى لم يعد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. قال أبو عمرو الداني: فهذه الأعداد- هي- التي يتداولها الناس تأليفا، ويعدون بها في سائر الآفاق قديما وحديثا» اه من مقدمة تفسير القرطبي (1/ 65) وراجع نحو هذا في كتاب التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 171). (3) انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة 22 - 23 ميكروفيلم، والإتقان

_ . (1/ 179) والإتحاف (ص 118) ونفائس البيان (ص 6، 7). يقول الداني: بعد ما ذكر نحو ما هاهنا- وهذه الأعداد- وإن كانت موقوفة على هؤلاء الأئمة- فإن لها لا شك مادة تتصل وإن لم نعلمها من طريق الرواية والتوقيف، كعلمنا بمادة الحروف والاختلاف، إذ كان كل واحد منهم قد لقي غير واحد من الصحابة، وشاهده وأخذ عنه وسمع منه، أو لقي من لقي الصحابة مع أنهم لم يكونوا أهل رأي واختراع، بل كانوا أهل تمسك واتباع» اه. من المصدر المذكور.

فاتحة الكتاب

فاتحة الكتاب هي سبع آيات باتفاق «1» إلّا أنهم اختلفوا في الآية «2» السابعة فعد الكوفي والمكّي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية ولم يعدّوا «3» أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ «4» وبالعكس المدنيان

_ (1) قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ الحجر: (87). وقد تقدم القول بأن المراد من السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وذلك عند الحديث عن نثر الدرر في ذكر الآيات والسور (ص 167)، وبناء عليه فهي سبع آيات باتفاق، وراجع بصائر ذوي التمييز (1/ 128) وتفسير الخازن (1/ 13) وغيث النفع (ص 57). وهناك قولان آخران بالنسبة لعدد آيات الفاتحة أحدهما ما جاء عن حسين بن علي الجعفي إنها ست آيات لأنه لم يعد البسملة، وعد صِراطَ الَّذِينَ إلى آخر السورة آية. الثاني: ما جاء عن عمرو بن عبيد أنها ثمان آيات، لأنه عد البسملة وعد أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، وهذان قولان غريبان ولا التفات إليهما لأنهما مخالفان للإجماع المعتد به. انظر التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 166) وراجع بصائر ذوي التمييز (1/ 128). (2) «الآية» ليست في د وظ. (3) في د وظ: ولم يعد. (4) انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (1/ 23، 25) والتبيان لبعض المباحث (ص 186). قال الداني: وعدها آية في أول الحمد من أئمة الأمصار أهل مكة والكوفة، وكل من رأى قراءتها في صلاة الفرض من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الفقهاء فهي عنده آية» اه كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة 17/ ب وراجع 18/ أمن المصدر نفسه. وقال الشوكاني: وقد جزم قراء مكة والكوفة بأنها آية من الفاتحة ومن كل سورة، وخالفهم قراء المدينة والبصرة والشام فلم يجعلوها آية لا من الفاتحة ولا من غيرها من السور، قالوا: «وإنما كتبت للفصل والتبرك» اه فتح القدير (1/ 17). وقد نظم شيخنا عبد الفتاح القاضي رحمه الله هذا بقوله:

والبصري والشامي «1». وعد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من الفاتحة الشافعي «2» - رحمه الله- وأبو ثور «3» وأحمد وإسحاق وأبو عبيد، وأهل الكوفة، وأكثر أهل العراق، وابن شهاب الزهري، وعمرو بن دينار «4» وابن جريج، ومسلم بن خالد «5» وسائر أهل مكة، وهو مذهب ابن عمر، والصحيح عن ابن عباس «6» وبه يقول جماعة أصحاب ابن عباس: سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد وطاوس «7». 164/ وقد روي الجهر «8» بها في الصلاة عن أبي هريرة وعمار «9»

_ والكوف مع مكّ يعد البسملة ... سواهما أولى (عليهم) عدّ له اه. نفائس البيان (ص 8). هذا وسيأتي- بإذنه تعالى- مزيد بيان بالنسبة لما يتعلق بالبسملة اثباتا ونفيا وجهرا وإسرارا. (1) انظر: اتحاف فضلاء البشر (ص 118). (2) قال الإمام الشافعي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الآية السابعة فإن تركها أو بعضها لم تجزئة الركعة التي تركها فيها» اه الأم (1/ 107). (3) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، أبو ثور الفقيه، صاحب الشافعي، ثقة من العاشرة، مات سنة 240 هـ التقريب (1/ 35) والفهرست لابن النديم (ص 297) وتاريخ بغداد (6/ 65) وميزان الاعتدال (1/ 29) والأعلام (1/ 37). (4) عمرو بن دينار الجمحي بالولاء أبو محمد الأثرم، فقيه كان مفتى أهل مكة، فارسي الأصل، مولده بصنعاء ووفاته بمكة (46 - 126 هـ) انظر: التقريب (2/ 69) والميزان (3/ 260) والأعلام (5/ 77). (5) مسلم بن خالد المخزومي مولاهم المكي، فقيه، صدوق كثير الأوهام من الثامنة، مات سنة 179 هـ أو بعدها، التقريب (2/ 245) والميزان (4/ 102). (6) ذكر القرطبي نحوه، ثم قال: وهذا يدل على أن المسألة اجتهادية لا قطعية كما ظنه بعض الجهال من المتفقهة، الذي يلزم على قوله تكفير المسلمين، وليس كما ظن لوجود الاختلاف المذكور اه. الجامع لأحكام القرآن (1/ 96). (7) طاوس بن كيسان اليماني أبو عبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي يقال اسمه ذكوان،، وطاوس لقب، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة مات سنة 106 هـ وقيل بعد ذلك. التقريب (1/ 377) ومشاهير علماء الأمصار (122) وصفة الصفوة (2/ 284). (8) قد أفرد هذه المسألة بالتصنيف جماعة: منهم ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي وابن عبد البر وآخرون. وللقائلين بالجهر بها أحاديث، أجودها حديث نعيم المجمر قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ... وسيأتي قريبا- إن شاء الله-. انظر: نصب الراية (1/ 335). (9) عمار بن ياسر بن مالك أبو اليقظان مولى بني مخزوم، صحابي جليل مشهور، من السابقين الأولين. بدري قتل مع علي بصفين سنة 37 هـ. التقريب (2/ 48) وانظر: الإصابة (7/ 64) رقم 5699.

وابن الزبير «1» «2». واختلف في ذلك عن عمر وعلي «3» وكان أحمد وإسحاق وأبو عبيد «4» وسفيان وابن أبي ليلى والحسن بن حيي «5» وابن شبرمة «6» يخفونها في صلاة الجهر «7» وكذلك يقول إبراهيم

_ (1) هو: عبد الله بن الزبير وقد تقدم روى الخطيب البغدادي عنه الجهر، وروى ابن المنذر عنه ترك الجهر. انظر نصب الراية (1/ 357). (2) ذكر الزيلعي أن الكذب كثر على النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه في أحاديث الجهر، لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث. وكان أبو علي بن أبي هريرة- أحد أعيان أصحاب الشافعي- يرى ترك الجهر بها، ويقول: الجهر بها صار من شعار الروافض، وغالب أحاديث الجهر نجد في روايتها من هو منسوب إلى التشيع» اه. من نصب الراية (1/ 357). (3) روى عبد الرزاق بسنده إلى علي رضي الله عنه أنه كان لا يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. انظر: المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 88) هذا وقد ساق ابن أبي شيبة الآثار الدالة على الجهر بها وعدمه، وهو نحو ما ذكره المصنف. راجع كتاب المصنف (1/ 410 - 412) وراجع كذلك أحكام القرآن للجصاص (1/ 13، 14). (4) قال أبو عبيد: «السنة عندنا هو الإسرار بها في الصلاة» اه فضائل القرآن (ص 151). (5) الحسن بن صالح بن صالح بن حيي الهمداني- بسكون الميم- الثوري ثقة فقيه عابد رمي بالتشيع من السابعة، مات سنة 199 هـ وكان مولده سنة 100 هـ. التقريب (1/ 167) وانظر صفة الصفوة (3/ 152) وفيه مات سنة تسع وستين ومائة. (6) عبد الله بن شبرمة- بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء- ابن الطفيل، أبو شبرمة الكوفي القاضي ثقة فقيه من الخامسة مات سنة 144 هـ. التقريب (1/ 422) ومشاهير علماء الأمصار (ص 168). (7) وقد ذكر القرطبي أقوال العلماء في البسملة- وهو نحو كلام السخاوي- ثم قال: «والقول بالإسرار قول حسن، وعليه تتفق الآثار ... ويخرج به من الخلاف في قراءة البسملة» اه الجامع لأحكام القرآن (1/ 96). ويقول ابن كثير:- «بعد أن ذكر أقوال الطرفين- وهي قريبة لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسر ولله الحمد والمنة» اه من تفسيره (1/ 17). وأقول: إن هذا هو القول الوسط، وهو الذي تجتمع به الأدلة ولا تتعارض، ولا مانع من الجهر بها لدرء الفتنة عند مظنة وقوعها ما دام في الأمر سعة والله أعلم. وراجع زاد المعاد في هدى خير العباد لابن القيم (1/ 206).

النخعي «1». والحكم بن عتيبة «2» وحماد، وهو مذهب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة رضي الله عنه «3». وقال الكرخي «4» وغيره من أصحابه «5»: لم يحفظ عنه أنها من فاتحة الكتاب، أو ليست من «6» الفاتحة «7»./ 166/ قالوا «8»: ومذهبه يقتضي أنها ليست بآية منها، قالوا: لأنه يسر بها في صلاة الجهر «9» والإسرار بها: لا يدل على ما قولوه به، لأن جماعة من فقهاء الكوفة قد عدوها

_ (1) أخرج بن أبي شيبة عن إبراهيم قال: جهر الإمام ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* بدعة انظر: كتاب المصنف باب من كان لا يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (1/ 410). ونقله عنه السيوطي في الدر (1/ 29) وأخرجه الداني في كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة 18/ أميكروفيلم. (2) الحكم بن عتيبة- بالمثناة الفوقية ثم التحتية ثم الموحدة مصغرا- أبو محمد الكندي الكوفي، ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس، من الخامسة مات سنة 113 هـ أو بعدها. التقريب (1/ 192) وانظر تاريخ الثقات (126). (3) قال الزيلعي: نقلا عن الحازمي في الناسخ والمنسوخ- روي الجهر عن علي وعمر وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن الزبير وعطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير، وإليه ذهب الشافعي وأصحابه، وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم، وقالوا: يسر بها ولا يجهر، وروى ذلك عن أبي بكر وعمر- في إحدى الروايتين- وعثمان وابن مسعود وعمار بن ياسر والحكم وحماد، وبه قال أحمد وإسحاق وأصحاب الحديث. وقالت طائفة: لا يقرؤها سرا ولا جهرا، وبه قال مالك والأوزاعي. استدل القائلون بالإخفاء بالأحاديث الثابتة، وأكثرها نصوص لا تقبل التأويل، وهي- وان عارضها أحاديث أخرى- فأحاديث الإسرار أولى بالتقديم، لثبوتها وصحة سندها، ولا خفاء أن أحاديث الجهر لا توازيها في الصحة والثبوت ... وأما من ذهب إلى الجهر، فقال: لا سبيل إلى إنكار ورود الأحاديث في الجانبين، وكتب السنن والمسانيد ناطقة بذلك، ثم يشهد بصحة الجهر آثار الصحابة ومن بعدهم من التابعين وهلم جرّا، لكن أحاديث الإخفاء أمتن، وأحاديث الجهر- وإن كانت مأثورة عن جماعة من الصحابة- إلا أن أكثرها لم يسلم من شوائب الجرح، كما في الجانب الآخر، والاعتماد في الباب على رواية أنس بن مالك لأنها أصح وأشهر» اه باختصار من نصب الراية (1/ 361). (4) عبيد الله بن الحسين الكرخي أبو الحسن، فقيه، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق، مولده في الكرخ ووفاته ببغداد (260 - 340 هـ) البداية والنهاية (11/ 239) والأعلام (4/ 193). (5) أي من أصحاب أبي حنيفة. (6) في د وظ: أو ليست منها. (7) انظر كلام الكرخي في تفسير الفخر الرازي (1/ 194) وهو نحو ما ذكره السخاوي. (8) أي اصحاب أبي حنيفة. (9) قال الجصاص الحنفي: تلميذ أبي الحسن الكرخي- اختلف في أنها من فاتحة الكتاب أم لا، فعدها

منها، وهم يسرون بها اتباعا للسّنة في صلاة الجهر «1» واقتداء بالآثار الواردة في ذلك. / وقال داود «2»: هي آية مفردة في كل موضع كتبت فيه في المصحف، وليست بآية في شيء مما افتتح به «3» وإنما هي آية في قوله عزّ وجلّ: وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا غير اه «4».

_ قراء الكوفيين آية ولم يعدها قراء البصريين، وليس عن أصحابنا رواية منصوصة في أنها آية منها، إلا أن شيخنا أبا الحسن الكرخي حكى مذهبهم في ترك الجهر بها، وهذا يدل على أنها ليست منها عندهم، لأنها لو كانت آية منها عندهم لجهر بها كما جهر بسائر آى السور اه أحكام القرآن (1/ 8). وقال في موضع آخر: وما ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من اخفائها يدل على أنها ليست من الفاتحة، إذ لو كانت منها لجهر بها كجهره بسائرها اه (1/ 16). (1) وهذا يدل على ترك الجهر بها، ولا دلالة فيه على تركها رأسا اه المصدر نفسه (1/ 14). (2) داود بن علي بن خلف الأصبهاني أبو سليمان الملقب بالظاهري، أحد الأئمة المجتهدين في الإسلام، تنسب إليه الطائفة الظاهرية، وسميت بذلك لأخذها بظاهر الكتاب والسنة وإعراضها عن التأويل والرأي والقياس، وكان داود أول من جهر بهذا القول، مولده في الكوفة، ووفاته في بغداد (201 - 270 هـ). تاريخ بغداد (8/ 369) والميزان (2/ 14) والفهرست لابن النديم (ص 303) والأعلام (2/ 333). (3) وقد ذكر نحوه الجصاص في أحكام القرآن له (1/ 12) وراجع غيث النفع (58، 59). (4) هي بعض آية من سورة النمل، أولها إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ رقم (30). قال ابن العربي: اتفق الناس على أنها آية من كتاب الله تعالى في سورة النمل، واختلفوا في كونها في أول كل سورة، فقال مالك وأبو حنيفة: ليست في أوائل السور بآية، وإنما هي استفتاح ليعلم مبتدؤها. وقال الشافعي: هي آية في أول الفاتحة قولا واحدا، وهل تكون آية في أول كل سورة؟ اختلف قوله في ذلك ... » اه أحكام القرآن له (1/ 2). وقد ذكر القرطبي نحو كلام ابن العربي ثم قال: والصحيح من هذه الأقوال قول مالك، لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد، وإنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه، ثم نقل عبارة ابن العربي: ويكفيك أنها ليست من القرآن اختلاف الناس فيها، والقرآن لا يختلف فيه اه. ثم يقول القرطبي: والأخبار الصحاح التي لا مطعن فيها دالة على أن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها، إلا في النمل وحدها بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل، وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها، أو على السعة في ذلك» اه (1/ 93). والذي أراه عدم الإنكار على من جهر بها ومن أسر فكل له دليله الذي توصل إليه، وكل حاول التمسك بالسنة بغض النظر عن الصحيح والأصح من ذلك، والله أعلم. قال الشوكاني: وحكى القاضي أبو الطيب الطبري عن ابن أبي ليلى والحكم أن الجهر والإسرار

قال الرازي «1»: ومذهب أبي حنيفة يقتضي عندي ما قال داود «2» وكذلك قال مالك رضي الله عنه، إلّا أنه قال: إن الله عزّ وجلّ لم ينزلها في شيء من كتابه إلّا في وسط سورة النمل، ولا تقرأ في الفاتحة في الفريضة سرا ولا جهرا «3». وقال بجميع ذلك من قوله الأوزاعي «4» «5» وابن جرير «6» الطبري «7»، وعدوا كلهم «8» أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية. وحجة من عدها آية «9» ما روى الليث بن سعد- رحمه الله- (قال) «10»: حدّثني

_ سواء ... اه نيل الأوطار (2/ 201) وقد عزا هذا القول إلى ابن أبي ليلى: ابن عبد البر في التمهيد (2/ 231). (1) أحمد بن علي الرازي، أبو بكر الجصاص فاضل من أهل الري، سكن بغداد ومات فيها، انتهت إليه رئاسة الحنفية، له مصنفات منها: «أحكام القرآن» (305 - 370 هـ). تاريخ بغداد (4/ 314) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 56) والأعلام (1/ 171). (2) انظر نحوه في أحكام القرآن للرازي (1/ 12، 13). (3) راجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 96) والتمهيد لابن عبد البر (2/ 231). (4) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي- نسبة إلى الأوزاع قرية بدمشق خارج باب الفراديس- أبو عمرو، الفقيه، ثقة جليل، من السابعة، مات سنة 157 هـ. التقريب (1/ 493) وتاريخ الثقات (296) ومشاهير علماء الأمصار (180). قال الزيلعي: والأوزاعي إمام أهل الشام ومذهبه في ذلك مذهب مالك لا يقرأها سرا ولا جهرا اه نصب الراية (1/ 354). (5) ذكر هذا عن الأوزاعي وغيره: ابن المنذر. انظر المغنى لابن قدامة (1/ 478). (6) محمد بن جرير بن زيد الطبري أبو جعفر، الإمام الجليل المفسر صاحب التصانيف المشهورة، استوطن بغداد وأقام بها إلى حين وفاته، وكان قد رحل في طلب الحديث وسمع بالعراق والشام ومصر من خلق كثير، وحدث بأكثر مصنفاته (224 - 310 هـ). راجع ترجمته في طبقات المفسرين (2/ 110) والميزان (3/ 498) وتاريخ بغداد (2/ 162) ومعرفة القراء الكبار (1/ 264) والبداية والنهاية (11/ 156). (7) عزا هذا القول إلى مالك والطبري: ابن عبد البر في التمهيد (2/ 231). (8) الظاهر أن الضمير يرجع إلى الذين تقدم ذكرهم وأنهم لم يثبتوا البسملة في أول الفاتحة كالإمام مالك وبعض أصحاب أبي حنيفة وداود الظاهري والأوزاعي والطبري، فالآية السابعة عندهم ما ذكره المصنف والله أعلم. (9) بوّب الإمام الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن لهذا بقوله: باب ذكر من رأى التسمية في أوائل السور آية، وساق الآثار بأسانيدها في ذلك- وستأتي معظمها إن شاء الله- (16/ أ) ميكروفيلم. (10) في بقية النسخ: قال: حدثني ... الخ.

خالد بن يزيد «1» عن سعيد بن أبي هلال «2» عن نعيم المجمر «3» قال: صليت وراء أبي هرير فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ وَلَا الضَّالِّينَ فقال: آمين وقال الناس: آمين، وكان يقول: كلّما ركع وسجد، الله أكبر، وإذا قام من الجلوس قال: الله أكبر، ويقول إذا سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم اه «4». والليث بن سعد إمام قدوة، وخالد بن يزيد الإسكندري «5» وسعيد بن أبي هلال: من الثقات عند أهل الحديث. وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة (أن النبي صلّى الله عليه وسلّم) كان إذا افتتح الصلاة جهر بها «6» ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه «7».

_ (1) خالد بن يزيد الإسكندري، مولى بني جمح، من ثقات أهل مصر كان فقيها، من السادسة، مات سنة 139 هـ-. التقريب (1/ 220) ومشاهير علماء الأمصار (188) والجرح والتعديل (3/ 358). (2) سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم، أبو العلاء المصري. قال الذهبي: ثقة معروف، حديثه في الكتب الستة اه. الميزان (2/ 162). وقال ابن حجر: صدوق ضعفه ابن حزم، وحكى عن أحمد أنه اختلط، من السادسة، مات بعد الثلاثين ومائة وقيل غير ذلك. التقريب (1/ 307). (3) نعيم بن عبد الله المدني، مولى آل عمر، أبو عبد الله يعرف بالمجمر- بسكون الجيم وضم الميم الأولى وكسر الثانية- وكذا أبوه، ثقة من الثالثة، يقال أنه جالس أبا هريرة عشرين سنة. التقريب (2/ 305) والجرح والتعديل (8/ 460). (4) رواه النسائي في سننه (المجتبى) كتاب الافتتاح باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم (2/ 134) والحاكم في المستدرك كتاب الصلاة باب التأمين (1/ 232). والدارقطني في سننه (1/ 306) وبحاشيته التعليق المغني على الدارقطني. قال الدارقطني: حديث صحيح ورواته كلهم ثقات اه ورواه ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه وقال: إسناده صحيح وله شواهد ... اه. انظر نصب الراية (1/ 335). (5) هكذا في النسخ (الإسكندري) وفي الجرح والتعديل ومشاهير علماء الأمصار: الإسكندراني. (6) هكذا في النسخ ويظهر أن كلمة (بها) لا داعي لها، والكلام مستقيم بدونها. (7) رواه الدارقطني بسنده إلى أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا قرأ وهو يؤم الناس افتتح الصلاة ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه انظر: سنن الدارقطني (1/ 306) وبحاشيته التعليق المغني على الدارقطني. وقد عزاه الزيلعي إلى الخطيب وابن عدي في الكامل ثم قال: ولو ثبت هذا عن أبي أويس فهو غير محتج به، لأن أبا أويس لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا انفرد بشيء وخالفه فيه من هو أوثق منه، مع أنه متكلم فيه فوثقه جماعة وضعفه آخرون ... اه نصب الراية (1/ 341).

قالوا: ومما يدل على أنها آية من أول فاتحة الكتاب: أن أم سلمة وصفت قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقطع قراءته آية آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «1» فهذا دليل على أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأها كذلك ويجهر بها» اه وعن عبد الله بن عمر وابن عباس- رضي الله عنهما: (أنهما كانا إذا افتتحا الصلاة يقرءان بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «2» اه وكذلك روي عن عبد الله بن الزبير «3». وروي عن «4» سفيان الثوري- رحمه الله- عن عاصم «5» قال: (سمعت سعيد بن جبير يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في كل ركعة) «6» «7». وروى عن ابن جريج قال: أخبرني أبي «8» أن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس قال: في قول الله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي «9» قال: هي أم القرآن «10».

_ (1) رواه أبو داود في سننه كتاب القراءات رقم 1 (4/ 294) والترمذي بنحوه في أبواب القراءات (8/ 246) والدارقطني في سننه كتاب الصلاة باب وجوب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* في الصلاة (1/ 307)، وفي سنده عمر بن هارون البلخي، قال فيه ابن مهدي وأحمد والنسائي: متروك الحديث وقال يحيى: كذاب خبيث، وقال أبو داود: غير ثقة ... اه من التعليق المغني على الدارقطني. (2) أخرجه عبد الرزاق بسنده إلى ابن عمر وابن عباس- رضي الله عنهما- باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* المصنف (2/ 93). وساق كذلك بسنده إلى ابن عباس أنه كان يستفتح الصلاة ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المصنف (2/ 90). قال الشافعي: بلغني أن ابن عباس- رضي الله عنهما- كان يقول «إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يفتتح القراءة ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» اه. الإمام للشافعي (1/ 107). (3) تقدم أنه روي عنه الجهر وتركه. (4) في بقية النسخ: وروى سفيان ... الخ ويظهر أنه الصواب. (5) عاصم بن سليمان البصري أبو عبد الرحمن من حفاظ الحديث، ثقة مصري، اشتهر بالزهد والعبادة، توفي سنة 142 هـ. الجرح والتعديل (6/ 343) وصفة الصفوة (3/ 301) والأعلام (3/ 248). (6) من قوله: وروى عن سفيان إلى هنا ساقط من ظ. (7) وهذه الرواية ذكرها ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده إلى سعيد بن جبير، كتاب الصلاة باب الرجل يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (1/ 412) وكذلك عبد الرزاق في مصنفه باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 91). (8) أي أبو عبد الملك بن جريج، وهو عبد العزيز بن جريج المكي، مولى قريش، لين، لم يسمع من عائشة، وأخطأ من صرح بسماعه، من الرابعة. التقريب (1/ 508) وانظر الميزان (2/ 624). (9) الحجر: 87. (10) تقدم الكلام على هذا عند الحديث عن نثر الدرر في ذكر الآيات والسور (ص 166) وانظر البيان في

قال عبد الرزاق: قرأها عليّ ابن جريج بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ* اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آية آية وقال: قرأها عليّ أبي كما قرأتها عليك وقال: قرأها عليّ ابن عباس كما قرأتها عليك. وقال ابن عباس: (قد أخرجها الله لكم- يعني فاتحة الكتاب- وما أخرجها الله «1» لأحد قبلكم) اه «2». وعن سعيد بن جبير: سألت ابن عباس- رضي الله عنه- عن قول الله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قال: هي أم القرآن، استثناها الله عزّ وجلّ لأمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأخّرها حتى أخرجها لهم، ولم يعطها أحدا قبل أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم. قال سعيد: ثم قرأها ابن عباس، فقرأ فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال ابن جريج: قلت لأبي: أخبرني «3» أخبرك سعيد بن جبير أن ابن عباس قال له: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من فاتحة الكتاب؟ قال: نعم اه «4». وعن عكرمة عن ابن عباس «أنه كان يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ويقول: هو شيء اختلسه الشيطان من عامة الناس» اه «5». وهذا هو الأكثر والأشهر عن ابن عباس، أنه كان يجهر بها، وأنها أول آية في فاتحة الكتاب، وعلى ذلك جميع أصحابه، ولا خلاف في ذلك عن ابن عمر وابن الزبير

_ عد آى القرآن لأبي عمرو الداني باب ذكر الآثار والسنن التي فيها ذكر جمل آى السور (8/ أ) ميكروفيلم. (1) هكذا في الأصل، وأرى أنه لا حاجة لتكرير لفظ الجلالة. (2) أخرجه عبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2/ 90) والشافعي في الأم بنحوه بسنده إلى سعيد بن جبير (1/ 107)، وراجع المستدرك (1/ 550 551). (3) كلمة (أخبرني) ليست في بقية النسخ. (4) أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن ابن جريج عن سعيد بن جبير عن ابن عباس باب فضل فاتحة الكتاب (ص 155) وانظر (ص 149) من نفس المصدر. ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره (14/ 57) وراجع المستدرك كتاب فضائل القرآن (1/ 550، 551). (5) عزاه السيوطي بنحوه إلى سعيد بن منصور وابن خزيمة والبيهقي وأبي عبيد وابن مردويه، كلهم عن ابن عباس: انظر الدر المنثور (1/ 20).

وشداد بن أوس «1» وعطاء ومجاهد وطاوس وسعيد بن جبير وعكرمة ومكحول وعمر بن عبد العزيز «2» وابن شهاب الزهري «3». وقال محمد بن كعب القرظي: «فاتحة الكتاب: سبع آيات ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» اه. وكان ابن شهاب يقول: من ترك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقد ترك آية من فاتحة الكتاب» اه «4». وعن أبي المقدام «5»: صلّيت خلف عمر بن عبد العزيز، فسمعته يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه «6».

_ (1) شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري، أبو يعلى، صحابي، مات بالشام قبل الستين أو بعدها، وهو ابن أخي حسان بن ثابت، روى له الجماعة. التقريب (1/ 347) والإصابة (5/ 52) رقم (3842) والاستيعاب على هامش الإصابة. (2) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ولي أمرة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولي الخلافة بعده، فعدّ من الخلفاء الراشدين، من الرابعة، مات سنة (101 هـ) وله أربعون سنة، ومدة خلافته سنة ونصف اه. التقريب (2/ 59) وتهذيب الكمال (2/ 1016) وانظر صفة الصفوة (2/ 113) والأعلام (5/ 50). (3) راجع نيل الأوطار فقد ذكر هؤلاء وكثيرا غيرهم من الصحابة والتابعين ممن قال بالجهر بالبسملة (2/ 200). (4) ذكر هذه الآثار أبو عبيد في فضائله باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (ص 149). ونقل السيوطي أثر محمد بن كعب القرظي عن أبي عبيد. انظر الدر المنثور (1/ 23). وكذلك أخرج الثعلبي عن علي موقوفا وطلحة بن عبيد الله مرفوعا: «من ترك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقد ترك آية من كتاب الله» اه الدر المنثور (1/ 23). وأخرج عبد الرزاق عن ابن شهاب الزهري نحوه. انظر المصنف (2/ 92). والداني في كتاب البيان في عد آى القرآن (16/ ب) عن ابن شهاب الزهري ومحمد بن كعب القرظي. (5) هشام بن زياد بن أبي يزيد القرشي، قال المزي: روى عن عمر بن عبد العزيز. تهذيب الكمال (3/ 1439)، ويقال له: هشام بن أبي الوليد المدني، وهو متروك كما في التقريب (2/ 318). (6) ذكر عبد الرزاق في مصنفه خلاف هذا، فقال: عن معمر، أخبرني من صلى وراء عمر بن عبد العزيز، فسمعته يستفتح القراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال معمر: وكان الحسن وقتادة يفتتحان ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اه باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2/ 89).

وقال أبو عبيد: أنا ابن أبي مريم «1» عن عبد الجبار بن عمر «2» أنه سمع كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ: (استفتحوا ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «3». وكان عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- يقتدي بعمل أهل المدينة، ويحمل عليه الناس «4». وقال الشافعي:- رضي الله عنه- حدّثنا عبد المجيد بن عبد العزيز «5» (قال) «6» أنبا ابن جريج: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم «7» أن أبا بكر بن حفص بن عمر بن سعيد «8» أخبره أن أنس بن مالك أخبره قال: (صلّى معاوية «9» بالمدينة صلاة يجهر فيها بالقراءة، فلم يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «10» ولم يكبّر في الخفض والرفع، فلمّا فرغ

_ (1) سعيد بن الحكم تقدم. (2) عبد الجبار بن عمر الأيلي- بفتح الهمزة وسكون التحتانية- الأموي مولاهم، أبو عمر، ضعيف، من السابعة، مات بعد 160 هـ التقريب (1/ 466) والميزان (2/ 534) والجرح والتعديل (6/ 31). (3) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بنحوه في فضائله باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (ص 150). (4) ذكر الزيلعي خلاف هذا، فقال: «ولا يحفظ عن أحد من أهل المدينة بإسناد صحيح أنه كان يجهر بها، إلا شيء يسير، وله محمل، وهذا عملهم يتوارثونه آخرهم عن أولهم ... وما روي عن عمر بن عبد العزيز من الجهر بها فباطل لا أصل له» اه نصب الراية (1/ 354). (5) عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد- بفتح الراء وتشديد الواو- أبو عبد الحميد صدوق يخطئ، وكان مرجئا، أفرط ابن حبان فقال: متروك من التاسعة، مات سنة 206 هـ. التقريب (1/ 517) وانظر الميزان (2/ 648) والجرح والتعديل (6/ 64). (6) في بقية النسخ قال: أنبا ابن جريج قال: أخبرني ... الخ. (7) عبد الله بن عثمان بن خثيم- بالمعجمة والمثلثة مصغرا- القارئ المكي، أبو عثمان، صدوق من الخامسة، مات سنة 132 هـ. التقريب (1/ 432) وانظر الميزان (2/ 459). (8) عبد الله بن حفص بن عمر بن سعيد بن أبي وقاص الزهري، أبو بكر المدني، مشهور بكنيته، ثقة من الخامسة. التقريب (1/ 409) وانظر تاريخ الثقات (492) وكنى مسلم (1/ 114). (9) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموي، أبو عبد الرحمن، الخليفة، صحابي، أسلم قبل الفتح، وكتب الوحي ومات في رجب سنة 60 هـ وقد قارب الثمانين. التقريب (2/ 259) وانظر الإصابة (9/ 232) رقم (8063) والاستيعاب (10/ 134). (10) بالرجوع إلى الأم للإمام الشافعي (1/ 108) وجدت أن الرواية التي ساقها المصنف بهذا السند هي ما

ناداه المهاجرون والأنصار، يا معاوية، نقصت الصلاة؟ أين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «1» وأين التكبير إذا خفضت ورفعت؟ فكان إذا صلّى بهم بعد ذلك قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وكبّر) «2». وهذا يدل على أن الجهر بها في أول الفاتحة في الصلاة من عمل أهل المدينة، وأنها آية منها، لقولهم: نقصت الصلاة؟ «3». وروى عكرمة عن ابن عباس (أنه كان يفتتح ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يجهر بها، وكان يقول: إنّما ذلك شيء سرقه الشيطان من الناس) «4» اه. وأما من لم يعدها آية من الفاتحة، وأسقطها منها، فإنه احتج بما رواه (قليس) «5» بن

_ يلي: صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها، حتى قضى تلك القراءة، ولم يكبر حين يهوي، حتى قضى تلك الصلاة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان، يا معاوية، أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* للسورة التي بعد أم القرآن ... اه. (1) جاء في ظ بعد البسملة: وكبر، وهذا يدل على أن الجهر، وهو تكرير لما سيأتي بعد سطر بانتقال النظر. (2) رواه الشافعي- كما قال المصنف- في كتاب الأم باب القراءة بعد التعوذ (1/ 108) وعبد الرزاق في المصنف باب (قراءة) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 92). والدارقطني بسنده إلى الشافعي بالسند المذكور، وفي آخره فلم يصل بعد ذلك إلا قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لأم القرآن وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجدا، رواته كلهم ثقات اه سنن الدارقطني (1/ 311) وعزاه السيوطي إلى الشافعي في الأم والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي. الدر المنثور (1/ 21). (3) قال أبو بكر الرازي الجصاص:- عقب ذكره لحديث الشافعي هذا عن معاوية- فمن احتج بهذا قيل له: لو كان ذلك لعرفه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن المغفل وابن عباس، ومن روينا عنهم الإخفاء دون الجهر، ولكان هؤلاء أولى بعلمه لقوله عليه السلام «ليليني منكم أولو الأحلام والنهى». وكان هؤلاء أقرب إليه في حال الصلاة من غيرهم من القوم المجهولين الذين ذكرت، وعلى أن ذلك ليس باستفاضة، لأن الذي ذكرت من قول المهاجرين والأنصار، إنما روايته من طريق الآحاد، ومع ذلك فليس فيه ذكر الجهر، وإنما فيه إنه لم يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ونحن ننكر ترك قراءتها، وإنما كلامنا في الجهر والإخفاء أيهما أولى، والله أعلم اه أحكام القرآن (1/ 17) وقد أفاض الزيلعي في الكلام عن هذا الحديث وتفنيده سندا ومتنا فانظره في نصب الراية (1/ 353). (4) تقدم نحوه قريبا. (5) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ: قيس. وهو الصحيح.

عباية «1» قال «2»: حدّثني ابن «3» عبد الله بن مغفل «4» عن أبيه، قال: سمعني «5» وأنا أقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فقال: يا بني، إيّاك والحدث، فإني صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومع أبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقرؤها، فإذا قرأت، فقل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اه «6». وقيس بن عباية الحنفي أبو نعامة ثقة عند أهل الحديث، إلّا أنه لم يرو هذا الحديث عن ابن عبد الله بن مغفل سواه، فابن عبد الله بن مغفل مجهول، لأن المجهول عندهم من لم يرو عنه إلّا رجل واحد «7» والمجهول لا تقوم به حجة «8».

_ (1) قيس بن عباية- بفتح العين المهملة والباء الموحدة- الحنفي، أبو نعامة، ثقة من الثالثة، مات بعد سنة عشر ومائة. التقريب (2/ 129) وكنى مسلم (2/ 848). قال الذهبي: صدوق، تكلم فيه بلا حجة ووثقه ابن معين اه الميزان (3/ 397). (2) في بقية النسخ قال: حدثني. (3) اسمه- كما في التقريب: يزيد بن عبد الله بن مغفل المزني (2/ 516) والجرح والتعديل (9/ 324). قال الذهبي: ابن عبد الله بن مغفل في أن الجهر محدث وعنه أبو نعامة اه الميزان (4/ 593). (4) مغفل- بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء- هكذا ضبطه النووي في التبيان الباب العاشر (ص 120). (5) في سنن الترمذي: سمعني أبي ... الخ. (6) رواه الترمذي في باب ما جاء في ترك الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 53) والنسائي (2/ 135) وابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب من كان لا يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (1/ 410) وعبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 88). قال الترمذي: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد واسحاق، لا يرون أن يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. قالوا: ويقولها في نفسه اه كلام الترمذي. وراجع نيل الأوطار للشوكاني فقد استوفى هذه المسألة وبسط أدلتها (2/ 199) فما بعدها. (7) المجهول: نوعان: الأول مجهول العين، وهو من لم يرو عنه إلا واحد وحكم روايته الرد إلا أن يوثق، ولو وثقه الراوي عنه إذا كان من أهل الجرح والتعديل. النوع الثاني: مجهول الحال ويسمى المستور، وهو من روى عنه أكثر من واحد من غير توثيق، وحكم روايته التوقف حتى تتبين حاله اه من أطيب المنح في علم المصطلح (ص 42)، وانظر نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (ص 24). (8) يقول الزيلعي: بعد نقل كلام الترمذي السالف الذكر.

وقد ذهب إلى هذا «1» من أسقطها، وذهب إليه- أيضا- من أسرّ بها لأنه قال: لم أسمع، أو ما سمعت أحدا منهم. واحتجوا أيضا بما رواه أبو الجوزاء، واسمه أوس بن عبد الله بن «2» ربيعة الأزد «3» عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ويختتمها بالتسليم» «4». قال أهل الحديث: هذا الحديث مرسل، لأن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة رضي الله عنها، وأيضا فإنه لا حجة فيه لمن أسقط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأن قولها: يفتتح الصلاة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لم ترد به نفي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ

_ قال النووي في الخلاصة: وقد ضعف الحفاظ هذا الحديث، وأنكروا على الترمذي تحسينه كابن خزيمة وابن عبد البر والخطيب وقالوا: إن مداره على ابن عبد الله بن مغفل، وهو مجهول اه ثم قال: ورواه أحمد في مسنده من حديث أبي نعامة عن بني عبد الله بن مغفل، قالوا: كان أبونا إذا سمع أحدا منا يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول: أي بني صليت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحدا منهم يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه واستمر قائلا: ورواه الطبراني في معجمه عن عبد الله بن بريدة عن ابن عبد الله بن مغفل عن أبيه مثله، ثم أخرجه عن أبي سفيان طريف بن شهاب عن يزيد بن عبد الله بن مغفل ... وذكره بنحوه، فهؤلاء ثلاثة رووا هذا الحديث عن ابن عبد الله بن مغفل عن أبيه ... فقد ارتفعت الجهالة عن ابن عبد الله برواية هؤلاء الثلاثة عنه ... وبالجملة فهذا حديث صريح في عدم الجهر بالتسمية، وهو وإن لم يكن من أقسام الصحيح فلا ينزل عن درجة الحسن ... والحسن يحتج به، وهذا الحديث مما يدل على أن ترك الجهر عندهم كان ميراثا عن نبيهم صلّى الله عليه وسلّم يتوارثونه خلفهم عن سلفهم، وهذا وحده كاف في المسألة ... اه من نصب الراية التقاطا (1/ 332، 333) وراجع تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ونيل الأوطار (2/ 205). (1) في بقية النسخ: وقد ذهب إلى هذا الحديث من اسقطها. (2) في بقية النسخ: من ربيعة الأرذ، ويظهر أنه الصواب. (3) قال ابن حجر: بصري يرسل كثيرا، ثقة من الثالثة، مات سنة 83 هـ أخرج له الجماعة. التقريب (1/ 86) وراجع الجرح والتعديل (2/ 304) وتاريخ الثقات (ص 84) وكنى مسلم (1/ 197) والميزان (1/ 278). قال الزيلعي: أوس ثقة كبير، لا ينكر سماعه من عائشة، وقد احتج به الجماعة اه نصب الراية (1/ 334). (4) رواه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به ويختم به (4/ 213) وأبو داود في سننه كتاب الصلاة باب من لم ير الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1/ 494) وعبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2/ 89).

الرَّحِيمِ وإنّما أرادت كان صلّى الله عليه وسلّم يفتتح الصلاة بهذه السورة ويختمها «1» بالتسليم، وهذا واضح «2» اه. واحتجوا أيضا بما روى مالك- رحمه الله- عن العلاء بن عبد الرحمن «3» عن أبي السائب «4» مولى هشام بن زهرة «5» أنه سمعه يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج «6» هي خداج غير تمام». قال: قلت: يا أبا هريرة، إني أحيانا أكون وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين «7» فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل».

_ قال الزيلعي: عقب إيراده حديث مسلم هذا- وهذا ظاهر في عدم الجهر بالبسملة اه. (1) في ظ: ويختم. (2) قال الإمام الشافعي: يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها- والله تعالى أعلم- لا يعني أنهم يتركون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هـ الأم باب افتتاح الصلاة (1/ 106) وقال النووي في شرحه لعبارة «والقراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ استدل به مالك وغيره ممن يقول أن البسملة ليست من الفاتحة، وجواب الشافعي- رحمه الله تعالى- والأكثرين القائلين بأنها من الفاتحة: أن معنى الحديث أنه يبتدئ القرآن بسورة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا بسورة أخرى، فالمراد بيان السورة التي يبتدأ بها، وقد قامت الأدلة على أن البسملة منها» اه شرح صحيح مسلم (4/ 214). (3) العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب المدني، سبقت ترجمته (ص 329). وسيأتي قريبا- بإذن الله- ذكر المصنف له وكلام العلماء حوله جرحا وتعديلا. (4) يقول النووي: أبو السائب هذا لا يعرفون له اسما وهو ثقة اه وذكره مسلم في الكنى ولم يذكر له اسما (1/ 406). قال ابن حجر: يقال اسمه عبد الله بن السائب، ثقة من الثالثة اه التقريب (2/ 426). (5) في كتاب البيان للداني: ابن زاهرة، ولعله خطأ من الناسخ ورقة (18/ أ) ميكروفيلم. (6) قال النووي: الخداج- بكسر الخاء المعجمة- قال الخليل بن أحمد والأصمعي وأبو حاتم السجستاني والهروي وآخرون: الخداج النقصان، يقال: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج وإن كان تام الخلق، وأخدجته، إذا ولدته ناقصا وإن كان لتمام الولادة اه. شرح النووي على مسلم (4/ 101) وراجع نيل الأوطار (2/ 207). وعلى هذا المعنى اللغوي فإنه يفهم منه أن من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته ناقصة غير تامة، وهل تفسد صلاته أم لا؟ هذا بحث ليس هذا مكانه، والله الموفق. (7) قال العلماء: المراد بالصلاة هنا: الفاتحة، سميت بذلك، لأنها لا تصح إلا بها كقوله صلّى الله عليه وسلّم (الحج عرفة) ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة، والمراد قسمتها من جهة المعنى ... اه شرح النووي

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرءوا، يقول العبد «1»: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يقول الله: حمدني عبدي، يقول العبد: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول الله: أثنى عليّ عبدي، يقول العبد: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يقول الله تعالى: مجّدني عبدي، يقول العبد: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فهذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، ويقول العبد: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فهؤلاء «2» لعبدي ولعبدي ما سأل» «3» اه. وليس لهم حديث في سقوط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من أول الفاتحة أقوى من هذا الحديث «4» لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرءوا، يقول العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

_ على مسلم (4/ 103)، وراجع نيل الأوطار (2/ 207). (1) في حاشية ظ: كتب بخط مغاير: ذكر آدم بن أبي إياس عن ابن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يقول الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل ... وذكر باقي الحديث، ثم قال: ذكره الحاكم النيسابوري في علوم الحديث، والله الموفق اه ورقة (57/ أ). (2) هي هكذا في الموطأ بالجمع، وفي صحيح مسلم: قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. يقول النووي وفي هذه الرواية دليل على أن (اهدنا) وما بعده إلى آخر السورة ثلاث آيات لا آيتان، وفي المسألة خلاف ... الخ شرح مسلم (4/ 104). (3) هذا الحديث رواه الإمام مالك بالإسناد المذكور، وهو بهذا النص الذي ذكره المصنف مركب من ثلاثة أحاديث: أ- الأول إلى قوله: غير تمام، رواه في الموطأ كتاب الصلاة باب تجب قراءة الفاتحة في كل ركعة (1/ 143). ب- والثاني من قوله: قال: قلت: يا أبا هريرة ... إلى (ولعبدي ما سأل) الأولى، رواه في كتاب الصلاة باب: اختلف السلف في القراءة خلف الإمام على أقوال ... الخ (1/ 145). ج- والثالث يبدأ من قوله: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اقرءوا، يقول العبد ... الخ هذا رواه كذلك في الموطأ كتاب الرقائق، باب فضل سورة الفاتحة (2/ 431). وهذه الأحاديث في صحيح مسلم بألفاظ متقاربة، إلا أنه ليس فيه تعيين القائل لأبي هريرة: إني أحيانا أكون وراء الإمام ... الخ، وإنما فيه: فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام ... الخ كتاب الصلاة باب قراءة الفاتحة في كل ركعة (4/ 101). وقد جاء تعيينه في الروايات الأخرى أنه أبو السائب. انظر نيل الأوطار (2/ 207) والحديث رواه كذلك النسائي في سننه كتاب الافتتاح (2/ 135). (4) قال النووي: واحتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بهذا الحديث، وهو من أوضح ما احتجوا به، قالوا: لأنها سبع آيات بالإجماع، فثلاث في أولها ثناء، أولها الْحَمْدُ لِلَّهِ* وثلاث دعاء، أولها اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ والسابعة متوسطة وهي إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.

قالوا: ولم يقل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثم قال:- بعد أن عد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ آية- يقول العبد الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فعدها آية، قالوا: ثم قال: يقول العبد: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فعدها آية، ثم قال: يقول العبد: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فعدها آية، فتمت أربعا، ثم قرأ إلى آخر السورة، فقال: هؤلاء لعبدي، فقال: هؤلاء ولم يقل: هاتان «1» فدلّ ذلك على ثلاث آيات لتتم سبع آيات، إذ أجمع المسلمون على أنها سبع آيات. قالوا: فدلّ هذا الحديث على أن أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية، وأن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ليست بآية» «2» «3» اه.

_ قالوا: ولأنه سبحانه وتعالى قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، فلم يذكر البسملة، ولو كانت منها لذكرها ... اه (4/ 103). وقال الزيلعي: وهذا الحديث ظاهر في أن البسملة ليست من الفاتحة، وإلا لابتدأ بها، لأن هذا محل بيان واستقصاء لآيات السورة، حتى أنه لم يخل منها بحرف، والحاجة إلى قراءة البسملة أمس ليرتفع الإشكال. قال ابن عبد البر: حديث العلاء هذا قاطع تعلق المتنازعين، وهو نص لا يحتمل التأويل، ولا أعلم في سقوط البسملة أبين منه اه نصب الراية (1/ 339) وراجع التمهيد لابن عبد البر (2/ 230). قال النووي: وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول: إن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة: أحدها: أن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة، هذا حقيقة اللفظ. والثاني: أن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة. والثالث: معناه فإذا انتهى العبد في قراءته إلى الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اه شرح مسلم (4/ 103). وأرى أن الجواب الأول مخالف لما تقدم أن ذكرته عنه قبل قليل من أن المراد من قوله: قسمت الصلاة: أي الفاتحة ... ثم أن الشوكاني قال عقب نقله لكلام النووي هذا:- ولا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع ومنها ما هو متعسف اه. نيل الأوطار (2/ 208). (1) سيأتي كلام المصنف على هذا قريبا. (2) في بقية النسخ: ليست آية. (3) يقول الإمام الداني: وحديث مالك وغيره عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي السائب مولى هشام بن زاهرة (هكذا) عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: يؤذن بأن الآية السادسة أيضا أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ويدل دلالة قطعية على أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ليست من أم القرآن ولا من غيرها من السور، وكل من لم ير قراءتها في الصلاة الفريضة فليست عنده آية اه البيان في عد القرآن ورقة (18/ أ) وراجع تفسير القرطبي (1/ 94).

وهذا حديث لا خلاف في صحته وثقة رواته، والكلام على هذا الحديث من وجهين: أ- قول الأئمة. ب- والمعنى. أما قول الأئمة، قال يحيى بن معين «1»: العلاء بن عبد الرحمن ليس حديثه بحجة «2»، وهو وسهيل «3» قريب من السواء. وقال أحمد بن حنبل:- رحمه الله- هو عندي أقوى من سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عمرو «4»، وقال ابن أبي خيثمة «5»: سمعت يحيى بن معين يقول: العلاء بن عبد الرحمن ليس بذاك «6» لم يزل الناس ينفون «7» حديثه. وقال أبو حاتم الرازي «8» روى عن العلاء الثقات، وأنا أنكر من حديثه أشياء «9»

_ (1) يحيى بن معين بن عون الغطفاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي ثقة حافظ مشهور، إمام الجرح والتعديل من العاشرة، مات بالمدينة المنورة سنة 233 هـ. التقريب (2/ 358) وانظر الميزان (4/ 410) والجرح والتعديل (9/ 192). (2) تقدمت ترجمة العلاء، وراجع ما قاله علماء الجرح والتعديل في حقه، في كتاب الجرح والتعديل (6/ 357) وميزان الاعتدال (2/ 102) وهو نحو كلام السخاوي هنا. (3) سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بآخره، روى له البخاري مقرونا وتعليقا، من السادسة مات في خلافة المنصور، وتوفي المنصور سنة 158 هـ كما سبق. انظر: التقريب (1/ 338) والميزان (2/ 243). (4) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني شيخ مشهور حسن الحديث، صدوق له أوهام من السادسة، مات سنة 145 هـ على الصحيح. التقريب (2/ 196) وراجع الجرح والتعديل (8/ 30) والميزان (3/ 673). (5) محمد بن زهير (أبي خيثمة) بن حرب بن شداد النسائي ثم البغدادي، أبو بكر مؤرخ ثقة حافظ للحديث، راوية للأدب، بصير بأيام الناس مولده ووفاته في بغداد (185 - 279 هـ) وقيل غير ذلك. انظر البداية والنهاية (11/ 71) والفهرست لابن النديم (ص 321) والأعلام (1/ 128). (6) في ظ: في ذلك. (7) هكذا في النسخ. وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: لم يزل الناس يتقون حديثه. (8) محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي، حافظ للحديث، من أقران البخاري ومسلم، من الحادية عشرة (195 - 277 هـ). التقريب (2/ 143) وتاريخ بغداد (2/ 73) والبداية والنهاية (11/ 63) والرسالة المستطرفة (104)، والأعلام (6/ 27). (9) انظر: الجرح والتعديل (6/ 358).

وقال [أبو عمرو] «1» بن عبد البر: «2» العلاء ليس بالمتين عندهم، وقد انفرد بهذا الحديث، وليس يوجد إلّا له، ولا تروى ألفاظه عن أحد سواه «3» والله أعلم اه. ب- وأما من جهة المعنى «4»، فأقول مستعينا بالله: أنه. ليس بحجة في إسقاط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من الفاتحة، لأنه إنما لم يذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأن المراد منها موجود في قوله في الآية الثالثة الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «5» فلو قال: اقرءوا يقول العبد: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول الله عزّ وجلّ: أثنى عليّ عبدي، ثم قال بعد

_ (1) هكذا في الأصل ود وظ. وفي ظق: أبو عمر، وهو الصواب. (2) يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي المالكي أبو عمر، من كبار حفاظ الحديث، مؤرخ أديب بحاثة، له مصنفات كثيرة، يقال له: حافظ المغرب، ولد بقرطبة وتوفي بشاطبة (368 - 463 هـ). انظر الديباج المذهب في أعيان المذهب (ص 357) وفيه: يوسف بن عمر بن عبد البر. والبداية والنهاية (12/ 111) وهدية العارفين (2/ 550) والأعلام (8/ 240). (3) في حاشية نسخة ظق: كتب بخط مغاير: قوله: قال يحيى بن معين: العلاء بن عبد الرحمن ليس حديثه بحجة ... إلى آخر ما قال: ينافيه قوله: وهذا حديث صحيح لا خلاف في صحته وثقة رواته، ولكن التعصب أعماه عنه ... لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ اه ورقة (57/ أ). وأقول: إن هذا الاعتراض في مكانه، إلا أن العبارة فيها نوع من الشدة والجفاء على الإمام السخاوي، فهو لا يعد من المحدثين المتخصصين وإنما من القراء المجودين، ولم يزد هنا على نقل عبارة رجال الجرح والتعديل، وإن كان صنيعه هذا ينبئ بشيء من التعصب إلى المذهب، ويكفي أن الإمام مسلم قد أودعه صحيحه كما سبق. يقول الزيلعي: وقد رواه عن العلاء الأئمة الثقات الأثبات، كمالك وسفيان بن عيينة وابن جريج وغيرهم، والعلاء نفسه صدوق اه نصب الراية (1/ 140). (4) في حاشية ظق: كتب بخط مغاير: قلت: لا طائل تحت هذا المعنى الذي تمعناه هذا القائل، وإنما هو كلام ظاهر البرودة، لأنه لو كانت العلة في إسقاط البسملة ما ذكر لكان إسقاط آية من وسط السورة أولى ... (الرحمن الرحيم). ثم هناك كلمات مطموسة فهمت منها أنه إن كان المقصود حذف إحداهما للتكرير فإسقاط الثانية أولى ليكون الابتداء بأول السورة بالبسملة أولى وأحق من الابتداء بالبعض، ولوجوه أخر ظاهرة للمتأمل. يقول: فنعوذ بالله من قول لا طائل له ومن التعصب اه ورقة (57/ ب). (5) رد على هذا الجصاص بقوله: فإن قال قائل: إنما لم يذكرها لأنه قد ذكر الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أضعاف السورة، قيل له: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أنه إذا كانت آية غيرها فلا بد من ذكرها، ولو جاز ما ذكرت لجاز الاقتصار بالقرآن على ما في السورة منها دونها، الثاني: أن قوله بِسْمِ اللَّهِ فيه ثناء على الله، وهو مع ذلك اسم مختص بالله تعالى لا يسمى به غيره فالواجب لا محالة أن يكون مذكورا في القسمة، إذ لم يتقدم ذكر فيما قسم من آى السورة ... اه أحكام القرآن له (1/ 9).

ذلك يقول العبد: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، لقال: يقول الله عزّ وجلّ: أثنى عليّ عبدي، فاستغنى بإحدى الآيتين عن الأخرى «1». وأما قوله: يقول الله عزّ وجلّ: هؤلاء لعبدي، فإنّما أراد هؤلاء الكلمات «2» ويعضد هذا الذي قلناه حديث نعيم المجمر «صلّيت وراء أبي هريرة ... » «3». والجمع بين الحديثين أولى من تعارضهما، والله أعلم اه. وابن أبي هلال الذي يرويه عن نعيم المجمر عن أبي هريرة ليس بدون العلاء بن عبد الرحمن عند أهل الحديث، ومما يشهد لصحته ما رواه أبو سعيد (المقرى) «4» «5» وصالح- مولى التّوأمة- «6» عن أبي هريرة أنه كان يفتتح الصلاة «7» ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «8». وأما إثباتها في أول كل سورة، فلم يذهب إليه أحد من أهل العدد «9».

_ (1) وهناك أجوبة أخرى ذكرها الفخر الرازي في تفسيره فانظرها (1/ 201). (2) قال النووي: وللأكثرين أن يقولوا: قوله (هؤلاء) - يعني في غير رواية مسلم- المراد به الكلمات لا الآيات، بدليل رواية مسلم: فهذا لعبدي، وهذا أحسن من الجواب بأن الجمع محمول على الاثنين، لأن هذا مجاز عند الأكثرين، فيحتاج إلى دليل على صرفه عن الحقيقة إلى المجاز، والله أعلم اه شرح مسلم (4/ 104) وهو مؤدى كلام السخاوي. (3) وقد تقدم في هذا الفصل. ص 722. (4) في بقية النسخ: المقبري. وهو الصواب. (5) هو كيسان بن سعيد المدني أبو سعيد المقبري- بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة-، ثقة ثبت من الثانية، مات سنة 100 هـ. قال ابن عبد البر: وكان منزله عند المقابر فقيل له: المقبري لذلك اه. انظر التقريب (2/ 137) وتاريخ الثقات (499) وكنى مسلم (1/ 355) ومشاهير علماء الأمصار (ص 71) وتجريد التمهيد (ص 57). (6) صالح بن نبهان المدني- مولى التوأمة- بفتح المثناة وسكون الواو بعدها همزة مفتوحة- وهي ابنة أمية بن خلف، صدوق، اختلط بآخره ... من الرابعة، مات سنة 125 هـ أو نحوها التقريب (1/ 163) وانظر الميزان (2/ 302). (7) كلمة «الصلاة» ليست في بقية النسخ. (8) أخرجه الشافعي بسنده إلى صالح مولى التّوأمة عن أبي هريرة. انظر: الأم (1/ 108) وأخرجه عبد الرزاق كذلك أنظر المصنف له باب قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم) (2/ 90). (9) انظر الكشف لمكي بن أبي طالب (1/ 23) ونيل الأوطار (2/ 209).

وقال ابن عباس:- رحمه الله- (من تركها فقد ترك مائة آية «1» وأربع عشرة آية» «2» اه. قال الشافعي:- رحمه الله- وأنا عبد المجيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر (أنه كان لا يدع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لأم القرآن والسورة التي بعدها) اه «3». وكذلك كان عطاء وأكثر أصحاب ابن عباس يقرءونها في فاتحة الكتاب وفي السورة التي يقرءون بعدها. وروى ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر «أنه كان يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* في أول فاتحة الكتاب، ويقرءوها كذلك في السورة التي يقرأ بعدها» «4» وكذلك روى نافع عنه «5». وروي عن ابن الزبير مثل ذلك. وعن سعيد بن جبير (أن المؤمنين في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم كانوا لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فإذا نزلت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*: علموا أن السورة قد انقضت ونزلت الأخرى «6» اه.

_ (1) «آية» ليست في د وظ. (2) وهذا بناء على ما روى عنه من أنها آية من أول كل سورة، وعليه فمذهبه الجهر بها في السورتين أي في الفاتحة وفي السورة التي تقرأ بعدها، ولم تسلم الآثار الواردة عنه في ذلك من مقال. انظر نيل الأوطار (2/ 202). قال مكي بن أبي طالب: وهو قول شاذ، لأنهم زادوا في القرآن مائة آية وثلاث عشرة آية، والقرآن لا تثبت فيه الزيادة إلا بالإجماع الذي يقطع على غيبه ولا إجماع في هذا، بل الإجماع قد سبق في الصدر الأول من الصحابة، وفي الصدر الثاني من التابعين على ترك القول بهذا اه. الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 15، 16، 22). (3) أخرجه الشافعي- كما قال المصنف- قال: أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج ... وذكره. الأم باب القراءة بعد التعوذ (1/ 108). قال الشافعي- عقب ذكره لهذا الأثر: «هذا أحب إلي، لأنه حينئذ مبتدئ قراءة القرآن» اه. والأثر أخرجه أبو عبيد في فضائله عن عبد الله بن عمر باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (ص 150). وعبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 90). (4) ذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور (1/ 20). (5) عزاه السيوطي بنحوه إلى الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي عن نافع عن ابن عمر يرفعه (1/ 22). (6) رواه أبو داود في سننه بنحوه عن ابن عباس كتاب الصلاة باب من جهر بالبسملة (1/ 499)

وكذلك روى سعيد بن جبير عن ابن عباس. وروى المختار بن فلفل «1» عن أنس بن مالك «2» قال: «بينا «3» النبي صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى «4» إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، قلنا: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: نزلت عليّ آنفا سورة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «5» إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ثم قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: نهر وعدنيه ربي في الجنة، آنيته أكثر من عدد الكواكب، ترد عليّ أمتي فيختلج «6» العبد منهم، فأقول: يا رب إنّه من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدث بعدك «7» اه./

_ والحاكم كذلك، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه اه قال الذهبي: أما هذا فثابت اه المستدرك كتاب الصلاة باب التأمين (1/ 231). ورواه أبو عبيد باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (ص 148). وعبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 92) قال الشوكاني: وقد رواه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن جبير، وقال: المرسل أصح. ونقل عن الهيثمي قوله: رواه البزار بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح اه. ثم قال الشوكاني: والحديث استدل به القائلون بأن البسملة من القرآن، وهو ينبني على تسليم أن مجرد تنزيل البسملة يستلزم قرآنيتها اه. نيل الأوطار (2/ 209). (1) المختار بن فلفل- بفاءين مضمومتين ولامين الأولى ساكنة- الكوفي مولى عمرو بن حريب، صدوق له أوهام من الخامسة. التقريب (2/ 234) وانظر الميزان (4/ 80) وتاريخ الثقات (ص 422). (2) في بقية النسخ: عن أنس قال ... الخ. (3) قال النووي: قال الجوهري: (بينا) فعل أشبعت الفتحة فصارت ألفا، ومن قال: (بينما) بمعناه زيدت فيه (ما)، يقول: بينا نحن نرقبه أتانا ... اه شرح مسلم (4/ 113) وانظر مختار الصحاح (ص 72) (بين). (4) أغفى: أي نام. مختار الصحاح (ص 477) (غ ف 1)، وانظر اللسان (15/ 131). (5) قال النووي: من فوائد هذا الحديث: أن البسملة في أوائل السور من القرآن، وهو مقصود مسلم بإدخال هذا الحديث هنا اه (4/ 112) وراجع نيل الأوطار (2/ 209). قلت: وكذلك مقصود السخاوي في الاستدلال بهذا الحديث على قراءة البسملة في أول كل سورة، والله أعلم. (6) فيختلج: أي ينتزع ويقطع اه. شرح مسلم (4/ 113). (7) رواه مسلم كتاب الصلاة باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة (4/ 112). وأبو داود في سننه كتاب السنة باب في الحوض (5/ 110). والنسائي في سننه كتاب الافتتاح باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 133).

سورة البقرة:

فمذهب ابن عباس، ومن ذكرناه، أنها آية في أول كل سورة من تلك السورة، وهو مذهب ابن عمر وابن الزبير وعطاء ومكحول وطاوس وابن المبارك والشافعي «1» وقد اختلف عنه، وتحصيل مذهبه ما ذكرته اه. سورة «1» «3» البقرة: 1 - الم عدها أهل الكوفة «4».

_ وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي كلهم عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. انظر: الدر المنثور (8/ 647). (1) وهنا أحب أن أعيد إلى ذهن القارئ ما قاله القرطبي- فيما سبق- أن هذه المسألة اجتهادية لا قطعية، أي مسألة إثبات البسملة، أو نفيها، ثم ما يترتب على ذلك من الجهر وعدمه،- وهذا طبعا عدا البسملة الواردة في سورة النمل- فإنه لا خلاف فيها بين المسلمين أنها من القرآن- كما سبق-. يقول الإمام الشوكاني:- بعد أن ذكر أقوال العلماء في البسملة هل هي آية من الفاتحة فقط أو من كل سورة أو ليست بآية- يقول: واعلم أن الأمة أجمعت أنه لا يكفر من أثبتها ولا من نفاها لاختلاف العلماء فيها بخلاف ما لو نفى حرفا مجمعا عليه، أو أثبت ما لم يقل به أحد فإنه يكفر بإجماع ... ولا خلاف في إثباتها خطأ في أوائل السور في المصحف إلا في أول سورة التوبة. وأما التلاوة فلا خلاف بين القراء السبعة في أول فاتحة الكتاب وفي أول كل سورة إذا ابتدأ بها القارئ ما خلا سورة التوبة ... اه نيل الأوطار (2/ 201). قال الزيلعي ما ملخصه: والمذاهب في كون البسملة من القرآن ثلاثة: طرفان ووسط. فالطرف الأول: قول من يقول: إنها ليست من القرآن، إلا في سورة النمل، كما سبق عن مالك وطائفة من الحنفية، وقاله بعض أصحاب أحمد مدعيا أنه مذهبه. والطرف الثاني: وهو المقابل لهذا القول: قول من يقول: إنها آية من كل سورة، أو بعض آية كما هو المشهور عن الشافعي، ومن وافقه. والقول الوسط: قول من يقول: إنها آية مفردة مستقلة بذاتها حيث كتبت من المصحف، كما تلاها النبي صلّى الله عليه وسلّم حين أنزلت عليه إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ والحديث رواه مسلم كما مر قريبا، وهذا قول ابن المبارك وداود وأتباعه، وهو المنصوص عن أحمد، وبه قال جماعة من الحنفية، وهو مقتضى مذهب أبي حنيفة- كما ذكر الرازي الحنفي وهو قول المحققين من أهل العلم، وفي هذا القول الجمع بين الأدلة، وكتابتها سطرا منفصلا عن السورة يؤيد ذلك .. اه ملخصا من نصب الراية (1/ 327). وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس وتستريح، والله أعلم. (3) يلاحظ أن كلمة (سورة) المضافة إلى اسم السورة قد ذكرت في بعض السور ولم تذكر في البعض الآخر، وهكذا في كل النسخ، ولذلك فإني سأسير على ذكرها في كل سورة، سواء اتفقت النسخ أم اختلفت في ذلك، ولا يترتب على ذلك محظور. (4) السور التي افتتحت بحروف التهجي يعد الكوفي تلك الحروف آية مستقلة، وذلك نحو الم* إلا ما

2 - وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «1» انفرد بها الشامي. 3 - مُصْلِحُونَ «2» أسقطها الشامي وحده. 4 - إِلَّا خائِفِينَ «3» أسقطها الجميع إلّا البصري. 5 - وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ «4» أسقطها المدني الأول «5». 6 - فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ «6» أسقطها المدني الأخير. 7 - وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ «7» عدها المدني الأول والمكّي. 8 - لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ «8» عدها الكوفي والشامي والمدني الأخير. 9 - قَوْلًا مَعْرُوفاً «9» للبصري وحده. 10 - الْحَيُّ الْقَيُّومُ «10» للمدني الأخير والبصري والمكّي.

_ كان على حرف واحد، فلا يعد الكوفي ولا غيره ذلك رأس آية، وذلك في ثلاث سور ص وق ون، وكذلك لا يعد أحد منهم طس أول النمل آية ولا يعدون الحروف التي افتتحت بها بعض السور إذا كانت مقترنة براء نحو الر* أول سورة (يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر والمر أول سورة الرعد. راجع البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (19)، والبرهان للزركشي (1/ 267) ومناهل العرفان (1/ 340). (1) البقرة (10). (2) البقرة 11 ... قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ. (3) البقرة (114) ... أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ. (4) البقرة (197). (5) والمكي أيضا، ولعلها سقطت من المصنف سهوا، حيث قد ذكر العلماء أن الذي أسقطها المدني الأول والمكي. انظر كتاب البيان للداني ورقة (47/ ب) وإتحاف فضلاء البشر (ص 125) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 186)، ونفائس البيان (ص 11). (6) البقرة (200) فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. (7) البقرة (219). (8) البقرة (219) ... كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. (9) البقرة (235) ... عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً. (10) البقرة (255) اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ....

سورة آل عمران:

11 - مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ «1» للمدني الأول. فالاختلاف في إحدى عشرة آية، فهي في الكوفي مائتان وثمانون وست آيات، وخمس آيات في المدنيين والمكّي والشامي، وسبع آيات في البصري «2». سورة آل عمران: 1 - الم الكوفي. 2 - وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ «3» أسقطها الشامي وحده. 3 - وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ «4» أسقطها الكوفي وحده. 4 - وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ «5» عدها الكوفي وحده. 5 - وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ «6» عدها البصري وحده «7».

_ (1) البقرة (257) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ. (2) انظر كتاب البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (47/ ب) وغيث النفع (ص 69) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 186) ونفائس البيان شرح الفرائد الحسان في عد آى القرآن (ص 12). وفي هذا يقول شيخنا عبد الفتاح القاضي- رحمه الله-: ما بدؤه حرف التهجي الكوف عد ... لا الوتر مع (طس) مع ذي الرّ اعتمد وأوّلا الشورى لحمصيّ يعد ... موافقا للكوف فيما قد ورد وعد شاميّ (ألم) أولا ... سواه (مصلحون) عنه نقلا و (خائفين) عدّ للبصريّ ... وثاني (الألباب) للشاميّ كالثاني والعراق ثم ثاني ... (خلاق) أتركنه للثاني و (ينفقون) الثاني عدّ المكّي ... واوّل أيضا بدون شك و (تتفكرون) في الأولى ورد ... للثاني والشامي وكوف في العدد (معروفا) البصري ومعه قد ولى ... ثان لدى (القيوم) مع مك جلى عدّ (إلى النور) المديني الأوّل ... وخلف مك في (شهيد) يهمل اه نفائس البيان (ص 9 - 12). (3) آل عمران (3). (4) آل عمران (4). (5) آل عمران (48). (6) آل عمران (49). (7) هناك عدد عند العلماء يسمى العدد الحمصي، وهو ما رواه أهل حمص عن خالد بن معدان، وهذا

6 - مِمَّا تُحِبُّونَ «1» أسقطها الكوفي والبصري «2». 7 - مَقامُ إِبْراهِيمَ «3» عدها أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، ووافقه الشامي «4» ولا نظير لها، فاختلافها سبع آيات، وهي مائتا آية في جميع العدد «5».

_ العدد اعتد به بعض العلماء ولم يعتد به البعض الآخر، ومؤلفنا السخاوي من الفريق الذي لم يعتبره لاندثاره وعدم الاعتداد به، ولذلك لم يذكر هنا أن الحمصي يشارك البصري في عد هذه الآية كما ذكر بعض العلماء، وبناء عليه فلن أشير إلى ذلك العدد في تعليقاتي، إلا ما جاء ضمنا في منظومة شيخنا القاضي عند الاستشهاد. قال أبو عمرو الداني: ولأهل حمص عدد سابع كانوا يعدون به قديما وافقوا في بعضه أهل دمشق، وخالفوهم في بعضه، وأوقفته جماعتهم على خالد بن معدان- رحمه الله- وهو من كبار تابعي الشاميين ... اه ثم ساق الأسانيد في ذلك. البيان (23/ أ) وراجع (24/ أ) من المصدر نفسه. (1) [آل عمران: 92 لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ. (2) وأبو جعفر القاري كما في كتاب البيان للداني، وكأنّ المصنف لم يعتد بالخلاف في هذا الموضع بين شيبة وأبي جعفر المدنيين. وفي التبيان: عده المكي والمدني الأول وشيبة من المدني الأخير والشامي اه (ص 187). وفي الإتحاف: حرمي ودمشقي غير أبي جعفر اه (ص 169). قال شيخنا القاضي: (مما تحبون) لمك أثبت ... وللدمشقي كذا مع شيبة قال: وهذا أول المواضع التي اختلف فيها شيبة بن نصاح وأبو جعفر وهي ست، هذا أولها،. الثاني: (مقام إبراهيم). الثالث: وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ في الصافات آية (167). الرابع: قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ في الملك آية (9). الخامس: (إلى طعامه) في سورة عبس آية (24). والسادس: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ [في التكوير آية (26). وقد عدها شيبة- أي تلك المواضع- إلا الثاني فتركه وترك عدها أبو جعفر إلا الموضع الثاني فعده اه. نفائس البيان (ص 14) وراجع البيان للداني (22/ ب). (3) آل عمران (97) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ. (4) قال الناظم: (مَقامُ إِبْراهِيمَ) للشامي ورد ... كذا أبو جعفر أيضا في العدد اه نفائس البيان (ص 14). (5) أي في جملتها، وقد حصل الخلاف تفصيلا في السبعة المواضع المتقدم ذكرها. انظر البيان (49/ ب) والتبيان (ص 187) وإتحاف فضلاء البشر (ص 169) ونفائس البيان (ص 14). يقول شيخنا رحمه الله: وغير الشام أول (الإنجيل) عد ... والثاني للكوفي به قد انفرد

سورة النساء:

سورة النساء: 1 - وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ «1» الكوفي والشامي. 2 - فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً «2» الشامي وحده، فهي مائة وست وسبعون آية عند الكوفي، وتنقص آية للمدنيين والبصري والمكي، وتزيد آية للشامي، واختلافها آيتان «3». سورة المائدة: 1 - أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «4» أسقطها الكوفي وحده. 2 - وكذلك قوله عزّ وجلّ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «5». 3 - فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ «6» للبصري وحده «7» اختلافها ثلاث آيات وهي في الكوفي مائة وعشرون، وفي المدني والمكّي والشامي تزيد اثنتين، وفي البصري تزيد «8» ثلاث آيات «9». سورة الأنعام: 1 - وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ «10» للمدنيين والمكّي.

_ وغيره (الفرقان)، (إسرائيلا) ... للبصر والحمصيّ عند الأولى (1) النساء (44). (2) النساء (173) ... وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً. (3) انظر كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (51/ أ) وانظر إتحاف فضلاء البشر (ص 185) ونفائس البيان (ص 14، 15) يقول شيخنا: لكوف (السبيل) والشامي يعد ... وذا (أليما) آخرا به انفرد. اه (4) المائدة (1) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. (5) المائدة (15). (6) المائدة (23) فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ. (7) كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (52/ ب) والتبيان (ص 188) والإتحاف (ص 197). يقول الناظم: و (بالعقود) (عن كثير) أهملا ... كوف و (غالبون) بصر نقلا. اه نفائس البيان (ص 15). (8) في د وظ: وتزيد ثلاث. (9) في التبيان: قال: وعشرون في عدد البصري، ولعله سهو. (10) الأنعام (1).

سورة الأعراف:

2 - لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ «1» الكوفي. 3 - وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ «2» أسقطها الكوفي وحده، وكذلك. 4 - إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «3» اختلافها أربع آيات، وهي مائة وستون وخمس آيات للكوفي، وست آيات للبصري والشامي، وسبع آيات للمدنيين والمكي «4». سورة الأعراف: 1 - المص للكوفي. 2 - مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «5» للبصري والشامي. 3 - كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ «6» للكوفي. 4 - ضِعْفاً مِنَ النَّارِ «7» للمدنيين والمكّي. 5 - الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ «8» مدنيين ومكّي، اختلافها خمس آيات وهي في الكوفي والمدنيين والمكّي «9» مائتان وست آيات، وفي البصري والشامي تنقص آية «10».

_ (1) الأنعام (66) قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ. (2) الأنعام (73). (3) الأنعام (161) قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. (4) البيان في عد آى القرآن (53/ ب) والتبيان (ص 188). (5) الأعراف (29) وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. (6) الأعراف (29). (7) الأعراف (38) فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ. (8) الأعراف (137) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ. (9) من قوله: والمكي الْحُسْنى ... إلى والمكي مائتان: سقط من ظ بانتقال النظر. (10) انظر البيان لأبي عمرو الداني (54/ ب) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 188) وإتحاف فضلاء البشر (ص 222). يقول شيخنا- فيما يتعلق بسورتي الأنعام والأعراف-: قد عدّ (والنور) لدى مكيهم ... والمدني الأول والثاني وسم و (بوكيل) أولا كوف يرى ... وغيره في (مستقيم) آخرا ك (فيكون) (الدين) شام بصري ... ثم (تعودون) لكوف يجري. وأعدد (من النار) و (إسرائيل) في ... ثالثها عن الحجازي اقتفى. اه نفائس البيان (ص 15، 16).

سورة الأنفال:

سورة الأنفال: 1 - ثُمَّ يُغْلَبُونَ «1» للبصري والشامي. 2 - لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا «2» للجميع إلّا الكوفي. 3 - بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ «3» للجميع إلّا البصري، اختلافها ثلاث آيات وهي في الكوفي سبعون وخمس آيات، وقال الشامي: وسبع آيات وقال الباقون: وست آيات «4» اه. سورة التوبة: 1 - أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «5» للبصري «6». 2 - إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً «7» للشامي. 3 - قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ «8» للمدنيين والمكّي. اختلافا ثلاث آيات «9» وهي مائة وتسع وعشرون في الكوفي، وثلاثون للباقين «10».

_ (1) الأنفال (36) ... فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ. (2) الأنفال (42). (3) الأنفال (62). هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. (4) انظر: البيان في عد آى القرآن (56/ أ) والتبيان (ص 189)، والإتحاف (ص 235). (5) التوبة (3) وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .... (6) ذكر أبو عمرو الخلاف عن البصري في عده هذه الآية وعدم عدها، ورجح أنها معدودة له. البيان (57/ أ). (7) التوبة (39). (8) التوبة (70) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ. (9) وكذا في البيان لأبي عمرو الداني (57/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 227). (10) انظر: كتاب البيان للداني (57/ أ) والتبيان (ص 189). قال القاضي:- فيما يتعلق بسورتي الأنفال والتوبة- في (يغلبون) الشام كالبصر اتّبع ... أوّل (مفعولا) عن الكوفي دع (بالمؤمنين) الكل لا البصريّ عد ... و (المشركين) الثاني للبصري ورد و (القيّم) الحمصيّ عدّا نقله ... وللدمشقيّ (أليما) أوّله (ثمود) عند المدنيّ الأول ... عدّ كذا للثاني والمكّي انقل. اه نفائس البيان (ص 18، 19).

سورة يونس: - عليه السلام -.

سورة يونس:- عليه السلام-. 1 - دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «1» للشامي وحده. 2 - لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ «2» أسقطها الشامي وحده. 3 - وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ «3» عدها الشامي وحده. وهي مائة وتسع آيات في جميع العدد، إلّا الشامي فإنّها فيه مائة وعشر «4». سورة هود:- عليه السلام-. 1 - أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ «5» الكوفي وحده. 2 - يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ «6» أسقطها البصري وحده. 3 - مِنْ سِجِّيلٍ «7» للمدني الأخير والمكّي. 4 - مَنْضُودٍ «8» أسقطها المدني الأخير والمكّي. 5 - خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «9» للمدنيين والمكّي «10».

_ (1) يونس (22) ... وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. (2) يونس (22) ... لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. (3) يونس (57) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ. (4) البيان للداني (58/ أ) والتبيان (ص 189) والاتحاف (ص 246). قال شيخنا رحمه الله: والشام لفظ (الدين) و (الصدور) عد ... و (الشاكرين) لسواه يعتمد ثم قال: ولا يخفى عليك أن الر* ليست معدودة لأحد، وكذا أول سورة هود ويوسف وإبراهيم والحجر، وأيضا المر أول الرعد، وقد سبق ذكره في أول البقرة اه نفائس البيان (ص 19). (5) هود (54) قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. (6) هود (74) وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ. (7) هود (83) وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ. (8) هود (83) وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. (9) هود (86) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (10) والحمصي كما في الإتحاف.

سورة يوسف: - عليه السلام -.

6 - وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ «1» للكوفي والبصري والشامي «2». 7 - إِنَّا عامِلُونَ «3» أسقطها المدني الأخير والمكّي. اختلافها سبع آيات، وهي في الكوفي مائة وعشرون وثلاث «4» آيات، وآيتان «5» في المدني الأول والشامي، وآية في المدني الأخير والبصري والمكّي «6». سورة يوسف:- عليه السلام-. ليس فيها اختلاف، وهي مائة وإحدى عشر «7» آية عند الجميع «8». سورة الرعد: 1 - لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ «9» أسقطها الكوفي. 2 - يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ «10» للشامي. 3 - تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ «11» أسقطها الكوفي.

_ (1) هود (118). (2) الذي يشارك الكوفي والبصري في عدها الدمشقي فقط كما في الإتحاف. (3) هود (121) وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ. (4) في بقية النسخ: وست آيات، وهو خطأ. (5) في ظ: واثنتان. (6) كتاب البيان للداني (59/ أ) والتبيان (ص 190) وإتحاف فضلاء البشر (ص 254). وفي هذا يقول شيخنا: للكوف والحمصيّ (تشركون) عد ... ثاني (لوط) عنه كالبصريّ رد (سجيل) المكّي مع الثاني انتمى ... وعدّ (منضود) لدى سواهما و (مؤمنين) الحمصي مع حجازهم ... (مختلفين) اعدده عن دمشقهم كذا العراقي و (عاملون) ا ... هم مع الأول ناقلونا اه نفائس البيان (ص 19، 20). (7) هكذا في الأصل: وإحدى عشر، وفي بقية النسخ: وإحدى عشرة وهو الصواب. (8) انظر البيان للداني ورقة (59/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 255) والتبيان (ص 190). (9) الرعد (5) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ. (10) الرعد (16) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. (11) الرعد (16) أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ.

سورة إبراهيم: - عليه السلام -.

4 - مِنْ كُلِّ بابٍ «1» للكوفي والبصري والشامي، اختلافها أربع «2» آيات وهي في الكوفي ثلاث وأربعون آية، وأربع وأربعون في المدنيين والمكّي، وخمس وأربعون في البصري، و (ست) «3» وأربعون في الشامي «4». سورة إبراهيم:- عليه السلام-. 1 - النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ «5» أسقطها الكوفي والبصري. 2 - و «6» كذلك قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ «7». 3 - وَعادٍ وَثَمُودَ «8» أسقطها الكوفي والشامي. 4 - وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ «9» للكوفي والمدني الأول والشامي. 5 - وَفَرْعُها فِي السَّماءِ «10» أسقطها المدني الأول.

_ (1) الرعد (23) وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. (2) في كتاب البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (60/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 261) وكذا في التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن: والآيات المختلف فيها خمس (جديد)، (والنور) (والبصير)، (سوء الحساب)، (من كل باب) اه. ومن هذا يتبين أن الموضع الخامس هو قوله تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ آية (18) عده الشامي وتركه غيره، ولعله سقط من المصنف سهوا، والله أعلم. وفي هذا كله يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي- رحمه الله- (جديد) (النور) سوى الكوفيّ عد ... وللدمشقيّ (البصير) يعتمد (سوء الحساب) عدّ شام أولا ... وقبله (الباطل) للحمصي انجلى (من كل باب) عدّه البصريّ ... وأيضا الشاميّ والكوفيّ اه نفائس البيان (ص 21). (3) هكذا في النسخ: وست وأربعون. وهذا مبني على عدم عده أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ كما سبق. (4) البيان للداني ورقة (60/ ب) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 190، 191). وفي هذين المصدرين وبصائر ذوي التمييز (1/ 261) والإتحاف: وسبع وأربعون عند الشامي. (5) إبراهيم (1) لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ. (6) الواو ساقطة من ظ. (7) إبراهيم (5) أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ. (8) إبراهيم (9) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ. (9) إبراهيم (19) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ. (10) إبراهيم (24) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ.

سورة الحجر:

6 - وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ «1» أسقطها المكّي والبصري «2». 7 - عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ «3» أسقطها الكل إلّا الشامي. اختلافها سبع، وهي خمسون وآيتان «4» في الكوفي، وآية في البصري، وأربع آيات في المدنيين والمكّي، وخمس آيات في الشامي «5». سورة الحجر: ليس فيها اختلاف، وهي تسعون وتسع آيات «6». سورة النحل: مائة وعشرون وثمان آيات، ليس فيها اختلاف «7». سورة بني إسرائيل: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً «8» للكوفي وحده، والباقون لا خلاف عندهم، عدها عطاء بن يسار وعاصم الجحدري ويحيى بن الحارث الذماري، وأبي بن كعب وأهل مكة: مائة وعشر آيات، وكذلك قال عكرمة وقتادة والحسن والكلبي، وهي في

_ (1) إبراهيم (33). (2) في كتاب البيان في عد آى القرآن (61/ أ) والتبيان ونثر المرجان (3/ 361): عده غير البصري، وعليه فإن المكي يكون ضمن العادين، ولعله وقع سهوا من المصنف، والله أعلم. (3) إبراهيم (42) وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ. (4) في د وظ: اثنان. (5) انظر البيان للداني (61/ أ) والتبيان (ص 191) والإتحاف (ص 271). يقول الناظم: عن العراقيّ كلا (النور) امنعا ... (ثمود) بصر مع حجازيّ وعى (جديد) الكوفي وشام نقلا ... مع أول و (في السماء) أوّلا دع عنه (والنهار) غير البصري ... و (الظالمون) عند شام يسري اه نفائس البيان (ص 22). (6) انظر كتاب البيان للداني (61/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 272) والتبيان (ص/ 191). (7) انظر كتاب البيان للداني (62/ ب) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 191). (8) الإسراء (107) إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً

سورة الكهف:

الكوفي مائة وإحدى عشرة آية، وعند المدنيين والبصري والمكّي والشامي مائة وعشر آيات «1». سورة الكهف: مائة وعشر آيات. (وكذلك قال عكرمة) «2» في الكوفي، وخمس في المدني «3» والمكّي وإحدى عشرة آية في البصري، وست آيات في الشامي، اختلافها عشر آيات «4». 1 - إِلَّا قَلِيلٌ «5» للمدني الأخير. 2 - فاعِلٌ ذلِكَ غَداً «6» للمدني الأول والكوفي والبصري والمكّي والشامي. 3 - وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً «7» أسقطها المدني الأول والمكّي. 4 - أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً «8» أسقطها المدني الأخير والشامي. 5 - وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً «9» أسقطها المدني الأول والكوفي «10». 6 - فَأَتْبَعَ سَبَباً «11» أثبتها الكوفي والبصري.

_ (1) انظر نحوه مختصرا في كتاب البيان للداني (63/ ب) والتبيان (ص 191) واتحاف فضلاء البشر (ص 281). (2) هكذا في الأصل: وكذلك قال عكرمة ... الخ فقول الناسخ: وكذلك قال عكرمة، إنما هو تكرير لما في سورة الإسراء، بانتقال النظر. (3) في بقية النسخ: في المدنيين. (4) بل خلافها إحدى عشرة آية، ولعل الموضع الأول سقط من المصنف سهوا حيث ذكر العلماء أن قوله تعالى وَزِدْناهُمْ هُدىً آية (13) أسقطها الشامي. انظر كتاب البيان للداني (64/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 297) والإتحاف (ص 287) ونفائس البيان كما سيأتي منظوما ونثر المرجان (74/ 107). (5) الكهف (22) قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ. (6) الكهف (23) وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً. (7) الكهف (32). (8) الكهف (35) قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً. (9) الكهف (84) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً. (10) كذا في النسخ، ولعله سهو، فإن الذي يسقط عدها المدني الأول والمكي، ويعدها الباقون، انظر البيان في عد آى القرآن (64/ ب) والإتحاف (ص 287) والتبيان (ص 192) ونثر المرجان في رسم القرآن (4/ 181) ونفائس البيان (ص 24) وسيأتي منظوما. (11) الكهف (85).

سورة مريم: - عليها السلام

7 - وكذلك ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً «1». 8 - وكذلك ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً «2» الثانية. 9 - وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً «3» أسقطها المدني الأخير والكوفي. 10 - بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا «4» أسقطها المدنيان والمكّي «5». سورة مريم:- عليها السلام - تسعون وثمان آيات في الكوفي والمدني الأول والبصري والشامي، وتسع في المدني الأخير والمكّي، اختلافها ثلاث آيات. 1 - كهيعص للكوفي. 2 - وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ «6» للمدني الأخير والمكّي. 3 - فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا «7» أثبتها الكل إلّا الكوفي «8». سورة طه: مائة وثلاثون وخمس آيات في الكوفي، وأربع آيات في المدنيين والمكّي

_ (1) الكهف (89). (2) الكهف (92). (3) الكهف (86). (4) الكهف (103) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا. (5) إتحاف فضلاء البشر (ص 287). يقول شيخنا القاضي:- فيما يتعلق بسورتي الإسراء والكهف- (سجّدا) الكوفي (هدى) للشام دع ... (قليل) الثاني (غدا) له امتنع (زرعا) نفى الأول مع مكّيّهم ... ك (أبدا) بعد لثان شامهم (سببا) الأولى ك (زرعا) في العدد ... وعدّ باقيها العراقيّ اعتمد و (قوما) أولى الكوف مع ثان فقد ... (أعمالا) الشامي مع العراق عد اه نفائس البيان (ص 23، 24). (6) مريم (41). (7) مريم (75). قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا. (8) كتاب البيان في عد آى القرآن للداني ورقة (65/ أ) والتبيان (ص 192) والإتحاف (ص 297). يقول شيخنا القاضي: أول (إبراهيم) للمكيّ مع ... ثان وأولى (مدا) الكوفي منع اه نفائس البيان (ص 24).

وآيتان في البصري ومائة (وأربعين) «1» آية في الشامي «2». اختلافها إحدى وعشرون «3» () «4». 1 - طه للكوفي. 2 - كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً «5» أسقطها البصري وحده. 3 - وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً «6» مثله. 4 - مَحَبَّةً مِنِّي «7» أسقطها الكوفي والبصري. 5 - وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً «8» عدها البصري والشامي. 6 - كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ «9» عدها الشامي وحده. 7 - فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ «10» عدها الشامي وحده. 8 - وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي «11» للكوفي والشامي. 9 - مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ «12» للكوفي وحده. 10 - فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ «13» للشامي وحده. 11 - وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى «14» للشامي وحده.

_ (1) في بقية النسخ: وأربعون وهو الصواب. (2) في غيث النفع (ص 287) والإتحاف (ص 301): وثمان وثلاثون حمصي وأربعون دمشقي. (3) انظر؛ كتاب البيان للداني (66/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 310) والتبيان (ص 193). (4) في بقية النسخ: إحدى وعشرون آية. (5) طه (33). (6) طه (34). (7) طه (39) وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي. (8) طه (40). (9) طه (40). (10) طه (40). (11) طه (41). (12) طه (78) فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ. (13) طه (47). (14) طه (77).

12 - غَضْبانَ أَسِفاً «1» للمدني الأول والمكّي. 13 - وَعْداً حَسَناً «2» للمدني الأخير. 14 - فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ «3» أسقطها «4» المدني الأخير وحده. 15 - وَإِلهُ مُوسى «5» عدها المدني الأول والمكّي. 16 - فَنَسِيَ «6» أسقطها المدني الأولى والمكّي «7». 17 - أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا «8» عدها المدني الأخير وحده. 18 - إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا «9» عدها الكوفي وحده. 19 - قاعاً صَفْصَفاً «10» عدها البصري والكوفي والشامي. 20 - مِنِّي هُدىً «11» أسقطها الكوفي وحده. 21 - وكذلك زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «12» «13».

_ (1) طه (86) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً. (2) طه (86) قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً. (3) طه (87). (4) من قوله أَسِفاً إلى هنا: ساقط من ظ. (5) طه (88) فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ. (6) الآية السابقة نفسها. (7) أي فمن عد وَإِلهُ مُوسى لا يعد فَنَسِيَ وبالعكس. (8) طه (89) أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا. (9) طه (92) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا. (10) طه (106) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. (11) طه (123) فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً. (12) طه (131) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا. (13) انظر البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني (66/ أ) والتبيان (ص 193، 194) والإتحاف (ص 301) ونفائس البيان (ص 25 - 28). وقد نظم ذلك شيخنا القاضي بقوله: معا (كثيرا) عند بصر أهملا ... (منّي) دمشقيّ حجازيّ تلا (في اليمّ) حمص (تحزن) (اسرائيل) مع ... (مدين) (موسى أن) لشامي تقع (فتونا) البصري وشام أتبعا ... كوف (لنفسي) معه شاميّ وعى

سورة الأنبياء: - عليهم السلام -

وأعلم أن من أهل العدد من يقول: اختلافها سبع عشرة «1» فلا يذكر أربع آيات انفرد بها الشامي: تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ، سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ، فَأَرْسِلْ مَعَنا «2» بَنِي إِسْرائِيلَ، وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى. سورة الأنبياء:- عليهم السلام- اختلافها آية ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ «3» عدها الكوفي وحده، فهي مائة واثنتا عشرة آية عنده وعند الباقي: وإحدى عشرة «4». سورة الحج: 1 - مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ «5» الكوفي وحده. 2 - ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ «6» كذلك. 3 - وَعادٌ وَثَمُودُ «7» عدها الكل إلّا الشامي. 4 - وَقَوْمُ لُوطٍ «8» أسقطها البصري والشامي. 5 - هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ «9» لم يعدها إلّا المكي «10» اختلافها خمس آيات وهي سبعون

_ (غشيهم) في الثاني كوف (أسفا) ... للمدني الأول والمكيّ اعرفا للثاني (ألقى السامريّ) فارددا ... و (حسنا) (قولا ولا) له اعددا (إله موسى) عند مكّ رويا ... مع أول ولهما اترك (نسيا) (رأيتهم ضلوا) لكوف اعددا ... و (صفصفا) عن الحجازي ارددا (مني هدى) وثاني (الدنيا) يرد ... كوف وحمصيّ (وضنكا) عنه عد. اه (1) ولعله خلاف ليس له حظ من النظر، ولذلك لم يتعرض له الداني ولا غيره ممن وقفت على كلامهم، والله أعلم. (2) في كل النسخ فَأَرْسِلْ مَعِيَ ... وهو خطأ والصحيح ما أثبته. (3) الأنبياء (66) قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ. (4) انظر البيان للداني (67/ أ) وغيث النفع (ص 293) والتبيان (ص 194) والإتحاف (ص 309). (5) الحج (19) فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ. (6) الحج (20) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ. (7) الحج (42) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ. (8) الحج (43) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ. (9) الحج (78). (10) في إحدى الروايتين عنه كما في التبيان (ص 194) والراجح ما ذكره المصنف من أن المكي يعدها. انظر البيان للداني (68/ أ) ونثر المرجان (4/ 517) ونفائس البيان (ص 29).

سورة المؤمنين:

وثمان آيات في الكوفي، وسبع آيات في المكي، وست آيات في المدنيين، وخمس آيات في البصري، وأربع في الشامي «1». سورة المؤمنين: اختلافها آية واحدة (وأخاه هارون) «2» أسقطها الكوفي وحده، وهي في الكوفي «3» مائة وثمان عشرة آية، وفي الباقين مائة وتسع عشرة آية «4». سورة النور: اختلافها آيتان «5». 1 - بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ «6» عدها الكوفي والبصري والشامي. 2 - وكذلك يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ «7». وهي ستون وأربع آيات عند هؤلاء، وعند المدنيين والمكّي: اثنتان وستون «8»، سورة الفرقان: هي سبعون وسبع آيات في العدد كله، لا اختلاف فيها «9». سورة الشعراء: اختلافها أربع آيات: 1 - طسم للكوفي. 2 - فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ «10» للكل إلّا الكوفي.

_ (1) انظر البيان (68/ أ) وغيث النفع (ص 295) والتبيان (ص 194)، والإتحاف (ص 313). يقول الشيخ القاضي: (يضركم) كوف مع (الحميم) مع ... ما بعده (ثمود) للشامي دع (لوط) لشاميّ مع البصري اترك ... و (المسلمين) الخلف للمكّي حكي. (2) المؤمنون (45) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ. (3) في ظ: وهي في المدني، ولعله خطأ من الناسخ. (4) انظر البيان للداني (68/ ب) والتبيان (ص 194). (5) في د وظ: اثنان. (6) النور (36) يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ. (7) النور (43) يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ. (8) انظر البيان في عد آى القرآن (69/ ب) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 194). يقول الشيخ القاضي:- فيما يتعلق بسورتي المؤمنين والنور- (هارون) للكوفي والحمصي يرد ... والشام كالعراق (والآصال) عد واعدد لهؤلاء (بالأبصار) ... ودع لحمص (لأولي الأبصار) اه (9) انظر غيث النفع (ص 305) والتبيان (ص 195) والإتحاف (ص 327). (10) الشعراء (49) إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.

سورة النمل:

3 - أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ «1» للكل إلّا البصري. 4 - وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ «2» للكل إلّا المدني الأخير والمكّي، وهي مائتان وسبع وعشرون في الكوفي والمدني الأول والشامي، وست وعشرون في المدني الأخير والبصري والمكّي «3». سورة النمل: اختلافها آيتان «4»: 1 - مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ «5» في الجميع إلّا الكوفي. 2 - [وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ «6» عدها المدنيان والمكي. وهي تسعون وثلاث آيات في الكوفي] «7» وأربع في البصري والشامي وخمس في المدنيين والمكّي «8». سورة القصص: وهي في جميع العدد ثمانون وثمان آيات «9». 1 - طسم عدها الكوفي. 2 - أُمَّةً «10» مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ «11» أسقطها الكوفي، اختلافها آيتان «12»

_ (1) الشعراء (92) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. (2) الشعراء (210). (3) انظر: والإتحاف (ص 331) والتبيان (ص 195). قال الشيخ القاضي: أول (تعلمون) كوف أهمله ... ثالث (تعبدون) بصر حظله (به الشياطين) اعددن لكلهم ... لا المدني الأخير مع مكّيّهم اه نفائس البيان (ص 30). (4) في د وظ: اثنان. (5) النمل (44) قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ. (6) النمل (33) قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ. (7) ما بين المعقوفتين: ألحق في حاشية (ت) إلحاقا وهي غير مقروءة. (8) انظر: البيان للداني ورقة (72/ أ) والتبيان (ص 195، 196)، والإتحاف (ص 335). (9) بالإجماع: انظر غيث النفع (ص 315) والتبيان (ص 196). (10) في د وظ: آية، وهو خطأ. (11) القصص (23) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ. (12) انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 353) وإتحاف فضلاء البشر (ص 341) والتبيان. يقول القاضي- ناظما ما يتعلق بسورتي النمل والقصص-

سورة العنكبوت:

سورة العنكبوت: وهي ستون وتسع آيات في جميع العدد «1» اختلافها ثلاث آيات: 1 - الم عدها الكوفي. 2 - وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ «2» أسقطها الكوفي والبصري والشامي «3». 3 - مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «4» عدها البصري والشامي «5». سورة الروم: ستون آية عند الكوفي والمدني الأول والبصري والشامي، وتسع وخمسون في المدني الأخير والمكّي «6». وكذلك قال أبي بن كعب، اختلافها أربع آيات. 1 - الم للكوفي. 2 - غُلِبَتِ الرُّومُ «7» للكوفي والمدني الأول والبصري والشامي. 3 - فِي بِضْعِ سِنِينَ «8» للبصري والمدني الأخير والمكّي والشامي. 4 - يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ «9» للمدني الأول وحده «10».

_ وللحجازيّ (شديد) اعددا ... وعند كوفيّ (قوارير) ارددا للكوف (يسقون) ارتكا (والطين) ... للحمص عدّ عكس (يقتلون). اه (1) بالاتفاق. انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 359) والتبيان (ص 196). (2) العنكبوت (29) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ. (3) انظر التبيان (ص 196). قال الشيخ القاضي: وأول (السبيل) للحمصي ... مع الحجازي (الدين) للبصريّ كذا الدمشقيّ و (يؤمنون) قد ... إلا عدّ لحمص آخر كما ورد». اه (ص 32). (4) العنكبوت (65) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. (5) انظر: التبيان (ص 196). (6) غيث النفع (ص 319) والإتحاف (ص 347) والتبيان (ص 196). (7) الروم (2). (8) الروم (4). (9) الروم (55) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ. (10) انظر البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني (74/ أ) والتبيان (ص 196). وقد ذكر صاحب والإتحاف موضعا خامسا هو قوله تعالى: ... وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ الآية (3).

سورة لقمان: - عليه السلام -.

سورة لقمان:- عليه السلام-. 1 - الم للكوفي. 2 - مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «1» للبصري والشامي. اختلافها: موضعان، وهي ثلاثون وأربع آيات في الكوفي والبصري والشامي وثلاث آيات في المدنيين والمكّي «2». سورة السجدة: ثلاثون آية في جميع العدد، إلّا البصري فإنها فيه تسع وعشرون «3» اختلافها: آيتان: 1 - الم للكوفي. 2 - أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ «4» أسقطها الكوفي او البصري «5». سورة الأحزاب: ليس فيها اختلاف، وهي سبعون وثلاث آيات عند الجميع «6». سورة سبأ: اختلافها آية واحدة عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ «7» عدها الشامي وحده فهي

_ قال: إنه ورد الخلف فيه عن المكي. لكن شيخنا القاضي- رحمه الله- قال: إن هذا الخلاف لا يعتبر ولا يعتد به، بل الصحيح أن المكي يعد هذا الموضع كما يعده سائر الأئمة، قال: ولذلك لم يتعرض الداني في كتابه (البيان) لهذا الخلاف، بل جزم بأن المكّي يعده كسائر علماء العدد اه. وقد نظم هذا قائلا: (الروم) للثاني وللمكي يرد ... وخلفه في (يغلبون) لا يعد (سنين) للأول والكوفي أهمل ... و (المجرمون) الثاني عدّ الأول. اه (ص 32). (1) لقمان: (32) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. (2) البيان للداني (75/ أ) والتبيان (ص 196) وغيث النفع (ص 322) وبصائر ذوي التمييز (1/ 370) وإتحاف فضلاء البشر (ص 349). (3) غيث النفع (ص 323) والتبيان وبصائر ذوي التمييز (1/ 373). (4) السجدة: (10) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ. (5) انظر البيان للداني (75) والإتحاف (ص 351) والتبيان. يقول القاضي ناظما ما يتعلق بسورتي لقمان والسجدة: و (الدين) للشاميّ والبصري ... (جديد) الحجاز مع شاميّ. اه نفائس البيان (ص 33). (6) انظر البيان للداني (75/ ب) وغيث النفع (ص 323) والتبيان (ص 197). (7) سبأ (15) لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ.

سورة فاطر:

خمسون وأربع آيات عند الجميع، إلّا الشامي فإنّها في عدده وخمس آيات «1». سورة فاطر «2»: اختلافها سبع آيات «3». 1 - لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ «4» للبصري والشامي. 2 - وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ «5» أسقطها البصري. 3 - وكذلك وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ «6» عدها الجميع إلّا البصري. 4 - بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ «7» أسقطها الشامي «8». 5 - بِخَلْقٍ «9» جَدِيدٍ «10» أسقطها البصري «11». 6 - لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا «12» أسقطها المدني الأول والمكّي والكوفي.

_ (1) البيان للداني (76/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 382) وغيث النفع (ص 326) والاتحاف (ص 357) والتبيان (ص 197). (2) في بقية النسخ: سورة الملائكة. (3) بصائر ذوي التمييز (1/ 386) والاتحاف (ص 361) والتبيان (ص 197). قال الشيخ القاضي- ناظما ما يتعلق بسورتي سبأ وفاطر:- شام (شمال) و (شديد) أوّلا ... ومعه بصريّ (شديد) نقلا و (تشكرون) عند حمص لا يعد ... (نذير) الأول عنه ما ورد والحمصي والبصري (جديد) أهملا ... وفي (البصير) (النور) بصر حظلا (من في القبور) للدمشقيّ أمتنع ... و (أن تزولا) عند بصريّ وقع (تبديلا) أعدده لدى البصريّ ... والمدني الآخر والشاميّ اه النفائس (ص 34). (4) فاطر (7) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ. (5) فاطر (19). (6) فاطر (20). (7) فاطر (22) وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ. (8) في الإتحاف ونفائس البيان: اسقطها الدمشقي. (9) في النسخ (لفي خلق جديد) خطأ. (10) فاطر (16) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ. (11) والحمصي كما في الإتحاف ونفائس البيان. (12) فاطر (43) فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا.

سورة يس:

7 - أَنْ تَزُولا «1» عدها البصري وحده، وهي في الكوفي والمدني الأول والبصري والمكّي: أربعون وخمس آيات، وفي المدني الأخير والشامي: ست وأربعون «2». سورة يس: اختلافها آية واحدة يس للكوفي وحده، وهي ثمانون وثلاث آيات في الكوفي وآيتان في سواه «3». سورة الصافات: اختلافها آيتان. 1 - وَما كانُوا يَعْبُدُونَ «4» أسقطها البصري. 2 - وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ «5» أسقطها أبو جعفر يزيد وحده، وعدها الباقون، وهي في الكوفي والمدنيين والمكّي والشامي: مائة وثمانون وآيتان، وفي البصري «6»: مائة وثمانون وآية «7». سورة ص: اختلافها ثلاث آيات «8»: 1 - ذِي الذِّكْرِ «9» عدها الكوفي.

_ (1) فاطر (41) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا. (2) انظر البيان للداني (76/ ب) والتبيان (ص 197). (3) انظر البيان في عد آى القرآن (77/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 390) وغيث النفع (ص 331) وإتحاف فضلاء البشر (ص 363) والتبيان (ص 198). (4) الصافات (22) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ. (5) الصافات (167). (6) وأيضا عند أبي جعفر يزيد بن القعقاع- كما ذكر المصنف نفسه، وكما في البيان للداني (77/ ب) والإتحاف (ص 367) وغيث النفع (ص 334) والتبيان (ص 198). وهذا هو الموضع الثالث من المواضع التي اختلف فيها أبو جعفر مع شيبة، وقد مر ذكر المواضع عند الكلام على سورة آل عمران من هذا الفصل. (7) انظر البيان للداني (77/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 393). (8) انظر: كتاب البيان للداني (79/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 399) والتبيان (ص 198). يقول شيخنا القاضي:- ناظما ما يتعلق بسورتي الصافات وص- وغير حمص (جانب) والعكس له ... في التّلو (يعبدون) بصر أهمله ثاني (يقولون) يزيد أهملا ... والكوف (ذي الذكر) له قد نقلا (غواص) أعددن لغير البصري ... وغير حمصيّ (عظيم) يجري (أقول) للكوفيّ والحمص أثبتا ... والخلف للبصريّ فيه قد أتى اه نفائس البيان (ص 36). (9) ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ.

سورة الزمر:

2 - كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ «1» أسقطها البصري. 3 - وَالْحَقَّ أَقُولُ «2» عدها الكوفي «3». وهي ثمانون وثمان آيات في الكوفي، وست آيات في المدنيين والمكّي والشامي، وخمس في البصري «4». سورة الزمر: اختلافها سبع «5». 1 - فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ «6» أسقطها الكوفي. 2 - مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ «7» عدها الكوفي والشامي «8». 3 - مُخْلِصاً لَهُ دِينِي «9» عدها الكوفي. 4 - فَبَشِّرْ عِبادِ «10» أسقطها المدني الأول والمكّي. 5 - فَما لَهُ مِنْ هادٍ «11» عدها الكوفي.

_ (1) ص (37) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. (2) ص (84) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ. (3) قال الشيخ القاضي: إن الخلف في هذا الموضع قد ورد وثبت، وذلك أن عاصما الجحدري من علماء البصرة لم يعد هذا الموضع ويعقوب الحضرمي وأيوب بن المتوكل العالمان البصريان يعدانه اه نفائس البيان شرح الفرائد الحسان (ص 36). (4) وهو عدد عاصم الجحدري- كما في البيان للداني (79/ أ) وهذا هو المفهوم من كلام المصنف لأن الكوفي ينفرد بعد آيتين والبصري يسقط عد ثلاث آيات وهذا فيه تجاوز من المصنف- رحمه الله- حيث لم يلتفت إلى الخلاف المتقدم ذكره بين عاصم الجحدري وبين يعقوب الحضرمي وأيوب بن المتوكل البصريّين، وقد اعتمد المصنف رواية عاصم الجحدري، وهي إسقاط عد قوله تعالى: فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ. هذا وفي التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن خلاف ما ذكره المصنف، أي أنه اعتمد رواية يعقوب الحضرمي وأيوب بن المتوكل في عد الآية المذكورة، ولذلك قال: هي في الكوفي ثمان وثمانون، وفي غيره ست وثمانون، لم يتعرض للخلاف المذكور (ص 198). (5) بصائر ذوي التمييز (1/ 403) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 198). (6) الزمر (3) إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. (7) الزمر (11) إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. (8) في الإتحاف: كوفي ودمشقي، وكذلك في نفائس البيان. (9) الزمر (14) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي. (10) الزمر (17). (11) الزمر (36) ... وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ.

سورة المؤمن:

6 - تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ «1» عدها المدني الأول والمكّي. 7 - فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ «2» عدها الكوفي «3». وهي سبعون وخمس آيات في الكوفي، وآيتان في المدنيين والبصري والمكّي، وثلاث في الشامي «4». سورة المؤمن: اختلافها تسع «5»: 1 - حم للكوفي. 2 - كاظِمِينَ «6» أسقطها الكوفي. 3 - يَوْمَ التَّلاقِ «7» أسقطها الشامي «8». 4 - يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ «9» عدها الشامي «10». 5 - وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ «11» أسقطها المدني الأخير والبصري.

_ (1) الزمر (20) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. (2) الزمر (39) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. (3) وهو كذلك في كتابي البيان والتبيان. قال القاضي- رحمه الله-: (يختلفون) أوّلا لا الكوف عد ... معه الدمشقي ثاني (الدين) أعتمد كوف (له ديني) و (هاد) ثانيا ... (فسوف تعلمون) عنه رويا (بشر عبادي) عند مكّ أرددا ... مع أوّل (الأنهار) عنهما أعددا اه (ص 37). (4) انظر: البيان للداني (79/ ب، 80/ أ) وغيث النفع (ص 338) والإتحاف (ص 374) والتبيان (ص 198). (5) في بقية النسخ: سبع، وهو تحريف. (6) غافر (18) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ. (7) غافر (15) لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ. (8) في الإتحاف: تركها دمشقي. (9) غافر (16) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ. (10) في الإتحاف: عدها الدمشقي. (11) غافر (53).

سورة السجدة:

6 - الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ «1» عدها المدني الأخير والشامي «2». 7 - وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ «3» عدها الكوفي والمدني الأخير والشامي «4». 8 - فِي الْحَمِيمِ «5» عدها المدني الأول والمكّي. 9 - أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ «6» عدها الكوفي والشامي «7» وهي ثمانون وست آيات في الشامي، وخمس آيات في الكوفي، وأربع في المدنيين والمكّي، وآيتان «8» في البصري «9». سورة السجدة «10»: اختلافها آيتان حم للكوفي. عادٍ وَثَمُودَ «11» للمدنيين والكوفي والمكّي. وهي خمسون وأربع آيات في الكوفي، وثلاث في المدنيين (والمكّي) «12» وآيتان «13» في البصري والشامي «14». سورة عسق: اختلافها ثلاث آيات «15».

_ (1) غافر (58) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. (2) في الإتحاف: عدها دمشقي ومدني أخير. (3) غافر (71) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ. (4) وهو كذلك في كتابي البيان والتبيان. (5) غافر (72) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ. (6) غافر (73) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ. (7) وهو كذلك في كتابي البيان والتبيان. (8) في د: واثنان. (9) انظر البيان للداني (80/ ب) وراجع بصائر ذوي التمييز (1/ 409) والإتحاف (ص 377) وغيث النفع (ص 340). (10) في كتاب البيان للداني: سورة (حم) السجدة. اه وهو قيد جيد لإخراج سورة السجدة التي بين لقمان والأحزاب والتي تسمى بذلك، ولا ينصرف الذهن عند الإطلاق إلا إليها. (11) فصلت (13) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. (12) ساقط من الأصل كلمة (والمكي). (13) في د: واثنان. (14) انظر البيان للداني (81/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 413) وغيث النفع (ص 342) والإتحاف (ص 380) والتبيان (ص 199، 200). (15) التبيان (ص 200) وانظر بصائر ذوي التمييز (1/ 418). وفي الاتحاف: خلافها أربع، وذكر

سورة الزخرف:

1 - حم للكوفي. 2 - عسق للكوفي. 3 - كَالْأَعْلامِ «1» للكوفي. فهي في الكوفي خمسون وثلاث آيات، وآية فيما سواه «2». سورة الزخرف: اختلافها آيتان: 1 - حم للكوفي. 2 - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ «3» أسقطها الكوفي والشامي «4». فهي في الشامي ثمانون وثمان آيات، وتسع آيات فيما سواه «5»./ سورة الدخان: اختلافها أربع آيات «6»:

_ المواضع الثلاثة التي ذكرها المصنف ثم قال: وقال أيوب: أبدل بعض البصريين فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ آية (30) ب (كالأعلام) (ص 382). قال الداني: ولا يصح ذلك عنه. اه البيان (81/ ب). هذا ولم يتعرض شيخنا القاضي لهذا الخلاف حيث قال- فيما يتعلق بسورة غافر وفصلت والشورى- (يوم التلاق) للدمشقي حظلا ... وعكس ذا في (بارزون) نقلا ودع لكوف (كاظمين) واترك ... للثان والبصر (الكتاب) قد حكي ثان دمشق (والبصير) عنهما ... و (يسحبون) الكوف عدّ معهما و (في الحميم) أوّل مكيّ ... و (تشركون) الكوف والشاميّ (ثمود إذ) للبصر دع والشامي ... والكوف والحمصيّ (كأعلام) اه نفائس البيان (ص 38). (1) الشورى: (32) (ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام). (2) المفهوم مما ذكره المصنف إنها في غير الكوفي خمسون آية فقط وليست خمسين وآية، وكذلك هي في كتاب البيان للداني (81/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 418). (3) الزخرف (27). (4) هكذا في النسخ. والذي تبين لي أنه سهو من المصنف- رحمه الله- فإن هذه الآية ليست موضع إختلاف بين أهل العدد وإنما الخلاف في قوله تعالى أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ آية (52) فقد عدها البصري والمكي والمدني وتركها غيرهم. انظر: البيان في عد آى القرآن (82/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 421) ونثر المرجان (6/ 435) وإتحاف فضلاء البشر (ص 384) ونفائس البيان (ص 40). (5) راجع المصادر السابقة. (6) البيان (82/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 424).

سورة الجاثية:

1 - حم للكوفي. 2 - إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ «1» للكوفي. 3 - إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ «2» أسقطها المدني الأخير والمكّي «3». 4 - فِي الْبُطُونِ «4» أسقطها المدني الأولى والمكي والشامي «5». (فهي خمسون وتسع آيات في الكوفي، وسبع في البصري، وست في المدنيين والمكّي والشامي) «6» «7». سورة الجاثية: اختلافها آية واحدة «8» حم للكوفي. فهي في الكوفي ثلاثون وسبع آيات، وست فيما سواه «9». سورة الأحقاف: اختلافها آية حم للكوفي. فهي في الكوفي ثلاثون وخمس آيات، وأربع فيما سواه «10». سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم: اختلافها آيتان «11».

_ (1) الدخان (34). (2) الدخان (43). (3) في الإتحاف: مكي وحمصي ومدني أخير» اه (ص 388). ومعنى هذا أن هؤلاء المذكورين يعدون هذا الموضع وهو خلاف ما ذكره المصنف ومن قبله الداني ووافقهما صاحب التبيان (ص 200). وقد حرر شيخنا القاضي هذه المسألة فقال: قوله تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ترك عدها المكي والمدني الثاني والحمصي، فيكون معدودا لغيرهم، إذا علمت ذلك فلا تغتر بما كتبه الحداد والبنا والقسطلاني، حيث صرحوا بأن هذا الموضع يعده المكي والمدني الثاني والحمصي، وما قلناه هو الصواب، وقد صرح بما قلناه الإمام الداني والشاطبي والجعبري وملا على القارئ، فاحرص على هذا والله يتولى هداك» اه مختصرا (ص 40). (4) الدخان (45) (كالمهل يغلي في البطون). (5) في كتاب البيان للداني لم يذكر المكي ضمن الذين لا يعدون هذه الآية، وكذلك في التبيان والإتحاف ونفائس البيان، والذي يظهر أن ذكر المصنف للمكي هنا سهو والله أعلم. (6) سقط هذا الكلام من الأصل: فهي خمسون وتسع آيات في الكوفي، وسبع في البصري وست في المدنيين والمكي والشامي اه. (7) انظر البيان للداني (82/ ب)، (83/ أ) والإتحاف (ص 388) وغيث النفع (ص 349) والتبيان (ص 200) (8) كلمة (واحدة) ليست في بقية النسخ. (9) البيان للداني (83/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 426) والإتحاف (ص 389) وغيث النفع (ص 350) والتبيان (ص 200). (10) انظر المصادر السابقة. (11) بصائر ذوي التمييز (1/ 430).

سورة الفتح:

1 - حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها «1» عدها الكل إلّا الكوفي «2». 2 - لِلشَّارِبِينَ «3» عدها البصري وحده «4» «5». وهي في الكوفي ثلاثون وثمان آيات، وتسع في المدنيين والمكّي، والشامي، وأربعون في البصري «6». سورة الفتح: وهي عشرون وتسع آيات، لا اختلاف فيها «7» نظيرها «8» إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. سورة الحجرات: ثماني عشرة في جميع العدد «9». سورة ق: أربعون وخمس آيات في جميع العدد «9». سورة الذاريات: ستون آية في جميع العدد «9». سورة الطور: اختلافها آيتان: 1 - وَالطُّورِ للكوفي والبصري والشامي. 2 - إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا «12» للكوفي والشامي «13» وهي أربعون وتسع آيات في الكوفي

_ (1) محمد صلّى الله عليه وسلّم (4). (2) والحمصي كما في الاتحاف (ص 393). (3) محمد صلّى الله عليه وسلّم (15) ( ... وأنهار من خمر لذة للشاربين). (4) ومعه الحمصي كما في الإتحاف. (5) قال الشيخ القاضي: (أوزارها) يسقطها الكوفي ... ثاني (بالهم) نفى الحمصيّ ومثله (أقدامكم) والبصري ... (للشاربين) مع حمص يجري. اه (ص 41). (6) انظر البيان (84/ أ) والتبيان (ص 201). (7) انظر البيان للداني (84/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 432)، والاتحاف (ص 395) وغيث النفع (ص 355) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 201). (8) إلا ما سيأتي- إن شاء الله- عند الكلام عن سورة التكوير من أن أبا جعفر لا يعد قوله تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ آية (26) خلافا لغيره من أئمة العدد. (9) انظر المصادر السابعة مع مراعاة فارق الصفحات، وهي متقاربة. (12) الطور (31) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا. (13) يقول شيخنا القاضي: (والطور) في عد الحجازي أهملا ... والشام (دعا) مع كوف نقلا. اه (ص 42).

سورة النجم:

والشامي، وثمان آيات في البصري، وسبع في المدنيين (والكوفي) «1». سورة النجم: اختلافها ثلاث آيات. 1 - فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى «2» للشامي «3». 2 - لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً «4» للكوفي. 3 - وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا «5» أسقطها الشامي وحده «6». فهي ستون وآيتان في الكوفي، وإحدى وستون فيما سواه «7». سورة القمر: ليس فيها اختلاف، وهي خمسون وخمس آيات في الجميع «8». سورة الرحمن عزّ وجلّ ؛ اختلافها أربع آيات «9». 1 - الرَّحْمنُ للكوفي والشامي. 2 - خَلَقَ الْإِنْسانَ «10» للكوفي والبصري والشامي «11».

_ (1) هكذا في النسخ: وسبع في المدنيين والكوفي، ويظهر أنه سهو من المصنف، حيث إن الكوفي قد تقدم ذكره مع الشامي، والعدد عندهما تسع وأربعون، وهو كذلك في المصحف الذي بين أيدينا، وبناء عليه يكون الصحيح: وسبع في المدنيين والمكي. راجع كتاب البيان في عد آى القرآن للداني (85/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 441) والإتحاف (ص 400) وغيث النفع (ص 358) والتبيان (ص 201). (2) النجم: (29). (3) (للشامي) ساقط من د. (4) النجم (28) وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً. (5) النجم (29) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ .... (6) هكذا في كتابي البيان والتبيان. (7) كتاب البيان (86/ أ) والتبيان (ص 202) وانظر الإتحاف وغيث النفع (ص 402، 359). يقول الشيخ القاضي: (عمن تولى) الشام (شيئا) آخرا ... كوف و (دنيا) للدمشقيّ أحظرا. اه (ص 42). (8) انظر البيان (86/ ب) والإتحاف (ص 404) وغيث النفع (ص 360) والتبيان (ص 202). (9) بل اختلافها خمس آيات، ولعل الموضع الخامس سقط سهوا من المصنف، وهو قوله تعالى: وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ آية: (10) تركها المكي وعدها الباقون. انظر كتاب: البيان للداني (87/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 447) والتبيان (ص 202) وإتحاف فضلاء البشر (ص 405) ونفائس البيان (ص 43). (10) الرحمن (3). (11) والمكي كذلك، ولعله سقط سهوا من المصنف. انظر المصادر السابقة.

سورة الواقعة:

3 - شُواظٌ مِنْ نارٍ «1» للمدنيين والمكّي. 4 - يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ «2» للجميع إلّا البصري. وهي سبعون وثماني آيات في الكوفي والشامي، وسبع في المدنيين والمكّي، وست في البصري «3». سورة الواقعة: اختلافها أربع عشرة آية «4». 1 - فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ «5» أسقطها (المكّي) والكوفي «6». 2 - وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ «7» أسقطها الكوفي وحده. 3 - مَوْضُونَةٍ «8» أسقطها البصري والشامي. 4 - وَأَبارِيقَ «9» عدها المدني الأخير والمكّي. 5 - وَحُورٌ عِينٌ «10» عدها المدني الأول والكوفي. 6 - وَلا تَأْثِيماً «11» أسقطها المدني الأول والمكّي. 7 - وَأَصْحابُ الْيَمِينِ «12» أسقطها المدني الأخير والكوفي.

_ (1) الرحمن: (35) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ. (2) الرحمن: (43) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ. (3) يقول شيخنا القاضي: لشام (الرحمن) مع كوف ورد ... ثم المديني أوّل (الإنسان) رد وأسقط المكيّ (للأنام) ... كثان (نار) للعراق الشامي و (المجرمون) ثانيا للكلّ ... إلا لبصريّ كما في النقل. اه (ص 43). (4) انظر: البيان للداني (87/ ب) وراجع بصائر ذوي التمييز (1/ 450) وإتحاف فضلاء البشر (ص 407). (5) آية (8) وكتبت في النسخ بالواو، وهو خطأ. (6) لعل كلمة (المكي) زيدت سهوا، حيث لم تذكر المصادر التي وقفت عليها أن المكي يشارك الكوفي في إسقاطها. (7) آية (9). (8) آية (15) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ. (9) آية (18) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ. (10) آية (22). (11) آية (25) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً. (12) آية (27).

8 - إِنْشاءً «1» أسقطها البصري. 9 - وَأَصْحابُ الشِّمالِ «2» أسقطها الكوفي. 10 - سَمُومٍ وَحَمِيمٍ «3» أسقطها المكّي. 11 - وَكانُوا يَقُولُونَ «4» عدها المكّي. 12 - الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ «5» عدها المدني والكوفي والبصري «6». 13 - لَمَجْمُوعُونَ «7» عدها المدني الأخير والشامي. 14 - فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ «8» عدها الشامي «9». وهي تسعون وست آيات في الكوفي، وتسع في المدنيين والمكّي، والشامي، وسبع في البصري «10».

_ (1) آية (35) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً. (2) آية (41). (3) آية (42) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ. (4) آية (47) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. (5) آية (49) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. (6) الصحيح أن الذي عدها المدني الأول والكوفي والبصري والمكي، كما في كتاب البيان للداني والإتحاف والتبيان ونفائس البيان، وبناء عليه فيظهر أنه سقطت كلمتان من النص وهما: (الأول والمكي) والله أعلم. (7) آية (50) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ. (8) آية (89) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ. (9) قال شيخنا القاضي فيما يتعلق بسورة الواقعة:- كوف وحمص أول (الميمنة) ... قد أسقطا كأول (المشأمة) (موضونة) للبصر والشامي اردد ... للثاني والمكي (أباريق) أعدد وأول والكوف (عين) رويا ... (تأثيما) أوّل ومكّ نفيا أولى (اليمين) الكوف معه الثاني رد ... وليس (إنشاء) لبصريّ يعد أولى (الشمال) يسقط الكوفيّ ... أولى (حميم) يترك المكيّ وأعدد (يقولون) لمكّ حمص ... و (الأولون) عنه دع بالنص (والآخرين) أعدده للمكيّ ... والكوف والأول والبصريّ عدّ (لمجموعون) ثان شامهم ... ثم الدمشقي (وريحان) وسم. اه (ص 44، د 4). (10) كتاب البيان للداني (87/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 450) والإتحاف (ص 407) والتبيان (ص 202).

سورة الحديد:

سورة الحديد: اختلافها آيتان: 1 - مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ «1» للكوفي. 2 - وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ «2» للبصري، وهي عشرون وتسع آيات في الكوفي والبصري، وثمان آيات في المدنيين والمكّي والشامي «3». سورة المجادلة: اختلافها آية فِي الْأَذَلِّينَ «4» أسقطها المدني الأخير والمكّي، وهي عشرون وآية في المكّي والمدني الأخير، وآيتان فيما سوى ذلك «5». سورة الحشر: أربع وعشرون آية، لا خلاف فيها «6». سورة الممتحنة: ثلاث عشرة آية في جميع العدد «6». سورة الصف: أربع عشرة آية بإجماع «6». سورة الجمعة: إحدى عشرة آية باتفاق «6». سورة المنافقون: مثل الجمعة في العدد والإجماع «6». سورة التغابن: ثماني عشرة آية بلا خلاف «6». سورة الطلاق: اختلافها ثلاث آيات «12».

_ (1) الحديد (13) لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ. (2) الحديد (27) وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ. (3) كتاب البيان (88/ ب) والإتحاف (ص 409) والتبيان (ص 203) وانظر بصائر ذوي التمييز (1/ 453) وغيث النفع (ص 364). (4) المجادلة (20) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ. (5) انظر المصادر السابقة مع فارق يسير في بعض الصفحات. قال الناظم- فيما يتعلق بسورتي الحديد والمجادلة- (قبله العذاب) عن كوفيّهم ... وعدد (الإنجيل) عن بصريّهم و (في الأذلين) المديني الثاني ... وأيضا المكيّ يهملاني. اه نفائس البيان (ص 46). (6) انظر البيان (90/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 458 - 467). والاتحاف (ص 413 - 417) وغيث النفع (ص 366 - 368). ولعل القارئ يلحظ من المصنف تنوع العبارة والنتيجة واحدة. فهو يقول: في جميع العدد بإجماع باتفاق، بلا خلاف! (12) كتاب البيان (90) وبصائر ذوي التمييز (1/ 469) والتبيان (ص 204) والإتحاف (ص 418).

سورة التحريم:

1 - يُؤْمِنُ «1» بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ «2» عدها الشامي. 2 - يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً «3» أسقطها المدني الأول والشامي والبصري. 3 - يا أُولِي الْأَلْبابِ «4» عدها المدني الأول. وهي إحدى عشرة آية في البصري، واثنتا عشرة فيما سوى ذلك. سورة التحريم: اثنتا عشرة آية بغير خلاف «5». سورة الملك: اختلافها آية قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ «6» عدها المدني الأخير والمكّي «7» وهي إحدى وثلاثون في المدني الأخير والمكّي، وهي ثلاثون فيما سوى ذلك «8». سورة ن: خمسون وآيتان «9» بإجماع «10». سورة الحاقة: اختلافها آيتان.

_ (1) في د وظ: (يؤمنون) وهو خطأ. (2) الطلاق (2) ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. (3) الطلاق (2) وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. (4) الطلاق (10) فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ. (5) البيان (90/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 471) والتبيان (ص 204) يقول شيخنا القاضي- ناظما ما يتعلق بسورتي الطلاق والتحريم. وللدمشقي عدد (الآخر) جا ... والثان مع مكّ وكوف (مخرجا) (لألباب) فاعدد للمديني الأول ... (قدير) (الأنهار) للحمصي انقل. اه نفائس البيان (ص 46). (6) آية: (9). (7) وعدها كذلك شيبة ولم يعدها أبو جعفر، كما في البيان لأبي عمرو الداني (90/ ب). (8) في الإتحاف: وآيها ثلاثون في جميع العدد سوى المكي وشيبة ونافع وإحدى وثلاثون عندهم، خلافها آية ... اه (ص 420). وكذلك في غيث النفع (ص 371) إلا أن (شيبة) تحرفت إلى (شعبة) يقول الشيخ القاضي: ثاني (نذير) للحجازيّين قد ... عدّ سوى يزيدهم فما اعتمد أي أن الحجازيين- المكي والمدني- قد عدوا هذا الموضع، إلا يزيد وهو أبو جعفر فلم يعتمد عده، فيكون هذا الموضع متروكا لأبي جعفر والبصري والكوفي والشامي، وهذا هو الموضع الرابع من جملة المواضع التي اختلف فيها شيبة وأبو جعفر، فشيبة مع العادين وأبو جعفر مع التاركين اه من نفائس البيان (ص 47). (9) في د: واثنان. (10) انظر كتاب البيان للداني (91/ أ) وغيث النفع (ص 371) والتبيان (ص 205).

سورة سأل سائل:

1 - الْحَاقَّةُ عدها الكوفي. 2 - كِتابَهُ بِشِمالِهِ «1» مدنيان ومكّي، وأما قوله تعالى مَا الْحَاقَّةُ، فإنها آية باتفاق، والسورة خمسون وآية في البصري والشامي، وآيتان فيما سوى ذلك «2». سورة سأل سائل: أربعون وأربع آيات في العدد كله إلّا الشامي (وآيتان) «3» فإنّها فيه أربعون وثلاث آيات، أسقط خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ «4» (وعد) «5» الباقون «6». سورة نوح:- عليه السلام- اختلافها أربع آيات: 1 - وَلا سُواعاً «7» أسقطها الكوفي. 2 - وكذلك فَأُدْخِلُوا ناراً «8». 3 - وَنَسْراً «9» عدها المدني الأخير والكوفي والمكّي «10».

_ (1) الحاقة (25) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ. (2) البيان للداني (91/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 478) والتبيان (ص 205). (3) هكذا في الأصل: إلا الشامي وآيتان فإنها ... الخ وهو خطأ من الناسخ. (4) المعارج (4) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. (5) هكذا في الأصل: وعد الباقون، وهو خطأ. وفي بقية النسخ: وعدها،، وهو الصواب. (6) انظر البيان في عد آى القرآن (92/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 480) والتبيان (ص 205) والإتحاف (ص 423) وغيث النفع (ص 373). قال الناظم: فيما يتعلق بسورتي الحاقة والمعارج. (الحاقة) الأولى روى الكوفيّ ... ثم (حسوما) عده الحمصيّ (شماله) عدّ حجازيّهم ... و (سنة) غير دمشقيّهم (7) نوح (23) وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً. (8) نوح (25) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً. (9) نوح (23) وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً. (10) في كتابي البيان والتبيان: عده المدني الأخير والكوفي اه وكذلك في نفائس البيان. وقد نظم شيخنا القاضي هذا بقوله: و (نورا) الحمصي (سواعا) أهملا ... له وللكوفي كما قد نقلا (نسرا) لثان حمص الكوفيّ ... (كثيرا) الأول مع مكيّ و (نارا) اعدده عن البصريّ ... وللحجازيّين والشامي. اه (ص 48، 49).

سورة الجن:

4 - وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً «1» عدها المدني الأول والمكّي، وهي عشرون وثماني آيات في الكوفي، وتسع في البصري والشامي، وثلاثون في المدنيين والمكّي «2». سورة الجن: اختلافها آيتان. 1 - لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ «3» عدها الشامي وحده. 2 - وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً «4» أسقطها الشامي وحده. فهي تسع وعشرون في الشامي وثمان وعشرون فيما سواه «5». سورة المزمل: اختلافها ثلاث آيات: 1 - يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ عدها المدني الأول والكوفي والشامي «6». 2 - إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا «7» عدها المكّي «8». 3 - الْوِلْدانَ شِيباً «9» أسقطها المدني الأخير، وهي تسع عشرة آية في البصري وثماني عشرة آية في المدني الأخير، وعشرون آية فيما سوى ذلك «10».

_ (1) نوح (24). (2) كتاب البيان للداني (92/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 482). (3) الجن (22). (4) الجن (22). (5) هنا قضيتان يجب التنبه لهما: الأولى: أن الخلاف المذكور في الآية الأولى والثانية إنما هو للمكي وليس للشامي، فالمكي يعد الأولى ويسقط الثانية. القضية الثانية: بناء على ما تقدم فإنه لا خلاف في العدد الإجمالي لآيات السورة، وهي أنها ثمان وعشرون آية عند الجميع، كما في كتاب البيان للداني (92/ ب) وغيث النفع (ص 374) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 205) وهذا ما يفهم من مقتضى العدّ والاسقاط للمكي، فإنه أسقط آية وعد أخرى فيتساوى مع الجميع في العدد، وهذا يعد سهوا من المصنف رحمه الله، والله أعلم. يقول الشيخ القاضي: و (أحدّ) ذو الرفع عدّه لدى ... مكيّهم وأترك له (ملتحدا) اه (ص 49). (6) وهو كذلك في كتابي البيان والتبيان. (7) المزمل (15). (8) في الاتحاف: مكي ونافع اه. (9) المزمل (17) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً. (10) الاتحاف (ص 426) والتبيان (ص 206).

سورة المدثر:

سورة المدثر: اختلافها آيتان: 1 - فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ «1» عدها الجميع إلّا المدني الأخير. 2 - عَنِ الْمُجْرِمِينَ «2» عدها أيضا الجميع، إلّا المكّي والشامي «3». وهي خمسون وست آيات في المدني الأول والكوفي والبصري، وخمس في المدني الأخير والمكّي والشامي «4». سورة القيامة: اختلافها آية لِتَعْجَلَ بِهِ «5» عدها الكوفي وحده. فهي فيه أربعون آية، وفيما سواه تسع وثلاثون آية «6». سورة الإنسان: إحدى وثلاثون آية باتفاق «7». سورة المرسلات: خمسون آية في الجميع «8». سورة النبأ: اختلافها آية عَذاباً قَرِيباً «9» عدها البصري وحده. فهي فيه إحدى وأربعون آية، وفيما سواه أربعون آية «10».

_ ملحوظة: قوله تعالى: ... كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا معدود للجميع، إلا ما ورد من الخلاف عن المكي، والصحيح أنه يعده كغيره من أئمة العدد، كما في كتاب البيان للداني (93/ أ). (1) المدثر (40). (2) المدثر (41). (3) وهو كذلك في كتابي البيان والتبيان وفي الإتحاف: تركها مكي ودمشقي ونافع اه. ولم يذكر شيخنا القاضي إلا المكي والدمشقي، قال رحمه الله: فيما يتعلق بسورتي المزمل والمدثر: وقبل (قم) كوف دمشق أوّل ... ثم (جحيما) غير حمص ينقل (رسولا) المكيّ وخلف الثاني ... له و (شيبا) كلهم لا الثاني ك (يتساءلون) والمكّي رد ... (المجرمين) مع دمشق في العدد. اه نفائس البيان (ص 50). (4) انظر: البيان للداني (93/ ب) والإتحاف (ص 427) والتبيان (206). (5) القيامة (16) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. (6) البيان للداني (94/ أ) وانظر بصائر ذوي التمييز (1/ 490) والإتحاف (ص 427) وغيث النفع (ص 376) والتبيان (ص 206). (7) انظر: المصادر السابقة. (8) انظر: المصادر السابقة. (9) النبأ: (40) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً. (10) وهو كذلك في كتاب البيان للداني (95/ أ) وجاء في بصائر ذوي التمييز (1/ 497) والإتحاف (ص 431) والتبيان (ص 207): وآيتها إحدى وأربعون في عد المكي والبصري، وأربعون في عد

سورة النازعات:

سورة النازعات: اختلافها آيتان: 1 - وَلِأَنْعامِكُمْ «1» لم يعدها البصري ولا الشامي، وعدها سواهما. 2 - فَأَمَّا مَنْ طَغى «2» عدها الكوفي والبصري والشامي، فهي في الكوفي أربعون وست، وخمس فيما سواه «3». سورة عبس: اختلافها آيتان «4». 1 - وَلِأَنْعامِكُمْ «5» أسقطها البصري والشامي. 2 - فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ «6» أسقطها الشامي وحده، فهي في الشامي أربعون وفي البصري أربعون وآية «7» وفيما سوى ذلك أربعون وآيتان «8».

_ الباقين وقد حكى شيخنا القاضي الخلاف عن المكي في هذا الموضع، ورجح عدم عده تبعا للإمام الداني، فقال: للكوف (تعجل به) مع حمصهم ... (قريبا) البصري وخلف مكّهم. اه نفائس البيان (ص 51). (1) النازعات (33) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ. (2) النازعات (37). (3) البيان للداني (95/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 499) والإتحاف (ص 432) وغيث النفع (ص 380) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 207). قال الناظم: (أنعامكم) معا لشام بصري ... دع والحجازي (من طغى) لا يجري اه (ص 51). (4) في كتابي البيان والإتحاف: خلافها ثلاث اه. والموضع الثالث هو قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ آية: (24) قالا: تركها أبو جعفر اه وكذلك في التبيان (ص 207) ونفائس البيان (ص 51) قال الناظم: (طعامه) الكل سوى يزيدهم ... و (الصاخة) أعدد لسوى دمشقهم اه. وهذا هو الموضع الخامس من المواضع التي اختلف فيها أبو جعفر وشيبة وقد سبق حصرها أثناء الحديث عن سورة آل عمران. (5) عبس (32) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ. (6) عبس (33). (7) وعند أبي جعفر بناء على ما تقدم. (8) البيان (95/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 501). وفي الإتحاف: وآيها أربعون دمشقي وآية بصري وحمصي وأبو جعفر وآيتان كوفي ومكي وشيبة اه (ص 433) وكذلك في غيث النفع (ص 380).

سورة كورت:

سورة كورت: هي عشرون وتسع آيات باتفاق «1». سورة الانفطار: تسع عشرة آية بإجماع «2». سورة المطففين: ست وثلاثون آية بغير خلاف «3». سورة انشقت: اختلافها آيتان: 1 - كِتابَهُ بِيَمِينِهِ «4» أسقطها البصري والشامي. 2 - وكذلك وَراءَ ظَهْرِهِ «5». وهي في البصري والشامي عشرون وثلاث آيات، وخمس فيما سوى ذلك «6». سورة البروج: عشرون وآيتان بلا خلاف «7». سورة الطارق: اختلافها آية يَكِيدُونَ كَيْداً «8» أسقطها المدني الأول وحده فهي فيه ست عشرة آية، وفيما سواه سبع عشرة «9».

_ (1) نظيرها سورة الفتح وقد تقدمت، إلا ما روى هنا عن أبي جعفر أنه يسقط عد قوله تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ آية: (26) وتقدمت الإشارة إليه وانظر كتاب البيان للداني (96/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 503) والإتحاف (ص 434) وغيث النفع (ص 381) والتبيان (ص 207)، وهذا هو الموضع الأخير من المواضع الستة المتقدم ذكرها. والتي يختلف فيها أبو جعفر مع شيبة. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) انظر: المصادر السابقة. (4) الانشقاق (7) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ. (5) الانشقاق (10) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ. (6) البيان للداني (97/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 508) والتبيان (ص 208). (7) البيان للداني (97/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 510) والإتحاف (ص 436) وغيث النفع (ص 382) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 208). (8) الطارق (15) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً. (9) هي هكذا في كتاب البيان (97/ ب) وإتحاف فضلاء البشر (ص 436)، وغيث النفع (ص 382) أما في بصائر ذوي التمييز: وآيها سبع عشرة في عد الجميع غير أبي جعفر، فإنها عنده ست عشرة، أسقط يَكِيدُونَ كَيْداً وعدها الباقون اه (1/ 512). ولم يتعرض شيخنا لهذا الخلاف، حيث قال- فيما يتعلق بسورة التكوير والانشقاق والطارق: و (تذهبون) عن سوى يزيدهم ... و (كادح) (كدحا) لدى حمصيّهم و (فملاقيه) له لم يسر ... ودع (يمينه) لشام بصري كذاك (ظهره) وعند أول ... (كيدا) يعدّ الكل غير الأوّل. اه نفائس البيان (ص 52).

سورة الأعلى عز وجل:

سورة الأعلى عزّ وجلّ: تسع عشرة آية في الجميع «1». سورة الغاشية: عشرون وست آيات بغير خلاف «2». سورة الفجر: اختلافها أربع آيات. 1 - وَنَعَّمَهُ «3» عدها المدنيان والمكّي. 2 - فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ «4» كذلك. 3 - بِجَهَنَّمَ «5» عدها المدنيان والمكّي والشامي. 4 - فَادْخُلِي فِي عِبادِي «6» عدها الكوفي وحده «7» فهي ثلاثون آية في الكوفي والشامي، وثلاثون وآيتان في المدنيين والمكّي، وتسع وعشرون في البصري «8». سورة البلد: عشرون لا خلاف فيها «9». سورة والشمس: اختلافها آية «10» فَعَقَرُوها «11» عدها المدني الأول وحده «12»، وهي فيه ست عشرة آية، وخمس عشرة آية فيما سواه «13».

_ (1) انظر المصادر السابقة. (2) المصادر نفسها. (3) الفجر (15) فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ. (4) الفجر (16) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ. (5) الفجر (23) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ. (6) الفجر (29). (7) قال الناظم: (أكرمني) للحمصي دع و (نعّمه) ... حمص مع الحجاز عدّا يممه حجاز (رزقه) ويتلوه في ... (جهنم) الشامي (عبادي) الكوفي اه (ص 53). (8) كتاب البيان للداني (98/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 518) والإتحاف (ص 438) وغيث النفع (ص 383) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 208، 209). (9) انظر المصادر السابقة. (10) أضاف الدمياطي موضعا ثانيا هو قوله تعالى: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها آية: (14) قال: عدها غير الحمصي (ص 440). (11) الشمس (14) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها. (12) قال الداني: عدها المدني الأول والمكي بخلاف عنه ولم يعدها الباقون اه (98/ ب). (13) في بصائر ذوي التمييز: وآياتها خمس عشرة عند القراء، وعند المكي ست عشرة اه (1/ 522) وهو

سورة والليل:

سورة والليل: إحدى وعشرون آية في جميع العدد «1». وليس مَنْ أَعْطى «2» رأس آية، وإنما رأس الآية وَاتَّقى بغير خلاف. سورة والضحى: إحدى عشرة آية بإجماع «3». سورة ألم نشرح: ثماني آيات باتفاق «3». سورة والتين: مثلها. سورة القلم «5»: اختلافها آيتان أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى «6» عدها الجميع إلّا الشامي، لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ «7» عدها المدنيان والمكّي. وهي ثماني عشرة في الشامي، وتسع عشرة في الكوفي والبصري، وعشرون في المدنيين والمكّي «8».

_ بهذا لم يتعرض للمدني الأول- الذي ذكره المصنف. وقال صاحب التبيان: عده المكي والمدني الأول اه (ص 209) وفي الاتحاف: وآياتها خمس عشرة في غير مدني أول، قيل: ومكي وست عشرة فيهما اه (ص 440) وكذلك في غيث النفع (ص 384) وقال الشيخ القاضي: إن الحمصي يعد هذا الموضع، وهو قوله تعالى فَعَقَرُوها بلا خلاف، وقال: إن الخلاف فيها ثبت للمكي والمدني الأول، فروى عنهما عدة، وروى عنهما تركه اه نفائس البيان (ص 54). وخلاصة أقوال العلماء في عد هذه الآية هي كما يلي: 1 - قال بعضهم: إن المدني الأول يعدها ومعه المكي بخلف عنه وهذا رأي الداني وتبعه الدمياطي والصفاقسي، إلا أن الدمياطي ضم الحمصي إلى المدني الأول في عدها قولا واحدا. (2) وقال بعضهم: عدها المدني الأول فقط، وهذا رأي السخاوي. (3) وقال البعض الآخر: عدها المكي فقط، وهذا رأي الفيروزآبادي. (4) وقال آخرون: عدها المكي والمدني الأول وهذا ما ذكره أبو طاهر الجزائري. (5) وحكى شيخنا القاضي عدها للحمصي- تبعا للدمياطي- قولا واحدا وذكر الخلاف فيها عن المدني الأول والمكي. هذه خلاصة ما ذكره العلماء في هذه الآية عدا أو إسقاطا والله أعلم. (1) انظر: المصادر السابقة. (2) الآية رقم (5) فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وليست أَعْطى رأس آية كما قال المصنف، وإنما يشبه فواصل السورة، وهي الألف. (3) انظر المصادر السابقة. (5) في د وظ: العلق. (6) العلق (9). (7) العلق (15) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ. (8) البيان (99/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 529) وراجع الإتحاف (ص 441).

سورة القدر:

سورة القدر: اختلافها آية لَيْلَةُ الْقَدْرِ «1» الثالثة «2» عدها الشامي والمكّي فهي فيهما ست آيات، وفيما سواهما خمس «3». سورة لم يكن: اختلافها آية مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «4» عدها البصري وحده «5» فهي فيه تسع آيات، وفي غيره ثماني آيات. (سورة إذا زلزلت) «6»، وفيما سواهما تسع آيات «7». سورة العاديات «8»: إحدى عشرة آية بغير خلاف «9». سورة القارعة : اختلافها ثلاث آيات: 1 - الْقارِعَةُ الأولى عدها الكوفي.

_ (1) [القدر: 3] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. (2) في ظ: الثلاثة، وهو خطأ من الناسخ. (3) انظر البيان للداني (99/ ب) والاتحاف (ص 442) وغيث النفع (ص 390) والتبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 210). يقول الشيخ القاضي:- فيما يتعلق بسورة الشمس والعلق والقدر- (فعقروها) الخلف للمكّي ... وأوّل وأعدده للحمصيّ سواه (سواها) (الذي ينهى) لدى ... غير الدمشقيّ رواه عددا (لم ينته) اعدده لدى حجازهم ... وثالث القدر) لمك شامهم اه (ص 53، 54). (4) البينة: (5) وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. (5) وكذلك ذكر الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 533) إلا أن كلمة (تسع) حرفت إلى (سبع). وفي البيان للداني: عدها البصري والشامي على خلاف عنه في ذلك اه (100/ أ). وذكر الدمياطي والصفاقسي أن الذي يعدها البصري والشامي دون أن يذكرا خلافا في ذلك عن الشامي، انظر الإتحاف (ص 442) وغيث النفع (ص 391). وكذلك قال أبو طاهر الجزائري في كتابه التبيان (ص 210) والشيخ القاضي في نفائس البيان (ص 54). (6) سقط هذا الكلام من الأصل (سورة إذا زلزلت) اختلافها آية (أشتاتا) أسقطها المدني الأول والكوفي، فهي فيهما ثماني آيات اه. ونص الآية يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً الزلزلة: (6). ومن قوله في هذه العبارة الساقطة: اسقطها المدني الأول ... الخ من هنا سقطت ورقة كاملة من ظ. (7) البيان (100/ أ) والإتحاف (ص 442) وغيث النفع (ص 391) والتبيان (ص 210). قال شيخنا القاضي:- فيما يتعلق بسورتي البينة والزلزلة- و (الدين) عن بصر وشام قد وقع ... للكوف (أشتاتا) مع الأول دع. اه (8) في د وظ: والعاديات. (9) انظر: المصادر السابقة.

سورة التكاثر:

2 - مَوازِينُهُ* «1» أسقطها البصري والشامي «2». فهي فيهما ثماني آيات، وهي عشر آيات في المدنيين والمكّي، وإحدى عشرة آية في الكوفي «3». سورة التكاثر: ثماني آيات بغير اختلاف «4». سورة العصر: لم يختلف في أنها ثلاث آيات «5» ولكن اختلفوا في رأس آيتين وَالْعَصْرِ، عدها الجميع إلّا المدني الأخير وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ أسقطها الجميع إلّا المدني الأخير «6». سورة الهمزة: تسع آيات بغير خلاف «7». سورة الفيل: خمس آيات بإجماع «8». سورة قريش: اختلافها آية مِنْ جُوعٍ «9» عدها المدنيان والمكّي. فهي فيهما خمس آيات، وهي فيما سواهما أربع آيات «10». سورة أرأيت: اختلافها آية يُراؤُنَ «11» عدها الكوفي والبصري. فهي فيهما سبع آيات، وست فيما سواهما «12».

_ (1) القارعة (6، 8) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ. (2) أي في الموضعين كما صرح بذلك الداني. (3) البيان (100/ ب) والإتحاف (ص 443) والتبيان (ص 210). قال الناظم: وعدّ كوف أولى (القارعة) ... كلا (موازينه) حجاز تبعه اه (ص 55). (4) البيان (100/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 540) والإتحاف (ص 443) وغيث النفع (ص 393) والتبيان (ص 210). (5) انظر المصادر السابقة. (6) انظر المصادر السابقة، ونفائس البيان (ص 55). (7) انظر المصادر السابقة. (8) المصادر السابقة. (9) قريش (4) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ. (10) البيان (101/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 545) وراجع الإتحاف (ص 444) وغيث النفع (ص 395). (11) الماعون (6) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ. (12) راجع المصادر السابقة.

سورة الكوثر:

سورة الكوثر: ثلاث آيات بغير خلاف «1». سورة الكافرون: ست آيات في الجميع بغير خلاف «1». سورة النصر: ثلاث آيات بغير خلاف «1». سورة تبت: خمس في جميع العدد «1». سورة الإخلاص: اختلافها آية لَمْ يَلِدْ عدها المكّي والشامي. فهي فيهما خمس آيات، وهي أربع آيات فيما سواهما «5». سورة الفلق: خمس آيات باتفاق «6». سورة الناس: اختلافها آية الْوَسْواسِ «7» عدها المكّي والشامي، فهي فيهما سبع آيات، وهي ست آيات فيما سواهما «8». 52/ وقال بعض من عنى بهذا الشأن: جملنا عدد آي القرآن مع آي «9» فاتحة الكتاب، كل ذلك في العدد الكوفي، فكان ذلك ستة آلاف آية ومائتي آية وستا وثلاثين آية «10»./

_ (1) البيان (101/ ب، 102/ أ) وبصائر ذوي التمييز (1/ 547 - 552) وغيث النفع (396 - 400) والتبيان (ص 211). (5) انظر المصادر السابقة. (6) انظر المصادر السابقة. (7) الناس (4) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ. (8) البيان (102/ ب) وبصائر ذوي التمييز (1/ 557) والإتحاف (ص 446) وغيث النفع (ص 401) والتبيان (ص 212). هذا وقد نظم شيخنا القاضي هذا كله- أي من سورة العصر إلى آخر الناس- فقال: (والعصر) دع للثان عكس (الحق) ... (جوع) نفى العراق والدمشقي و (هم يراءون) عراق حمصهم ... (يلد) مع (الوسواس) مكّ شامهم اه نفائس البيان (ص 55). ومن هذا يتبين لنا أن سور القرآن على ثلاثة أقسام بالنسبة لاختلاف العادين: أ- فقسم لم يختلف فيه لا في إجمال ولا في تفصيل وهو أربعون سورة. ب- وقسم اختلف فيه تفصيلا لا إجمالا، وهو أربع سور. ج- وقسم اختلف فيه تفصيلا، وهو سبعون سورة. راجع الإتقان لمعرفة سور كل قسم على حده (1/ 190، 191). وقد مر معنا كل ذلك في مكانه، والله الموفق. (9) (آى) ليست في د. (10) وينسب عددهم إلى أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد تقدم

53/ وجملتا ذلك كله للمدني الأخير- وهو عدد إسماعيل بن جعفر المدني، فكان ستة آلاف آية ومائتي آية وأربع عشرة آية «1». وكان في المدني الأول ستة آلاف «2» ومائتي آية وسبع عشرة آية «3»./ 55/ وحسبناه في عدد أهل البصرة، فكان ستة آلاف ومائتي آية وأربع آيات «4» / 56. وجمعناه على عدد أهل الشام فكان ستة آلاف ومائتي آية وسبعا وعشرين آية «5»،/ 57 (وجمعناه على عدد المكّي فكان ستة آلاف آية ومائتي آية وخمسا وعشرين آية) اه «6» وحسبنا حروف القرآن فكان ثلاثمائة ألف

_ وانظر كتاب البيان في عد آى القرآن (28/ أ) ومقدمتان في علوم القرآن (ص 246) وبصائر ذوي التمييز (1/ 559). (1) وقيل: وعشر آيات، وهذا مبني على الخلاف القائم بين أبي جعفر وشيبة. انظر البيان للداني (28/ أ). (2) جاءت العبارة في «د» هكذا: وكان في المدني الأول فكان ستة آلاف آية. (3) ذكر هذا الداني بسنده إلى محمد بن عيسى، وهو العدد الذي رواه أهل الكوفة دون تسمية. انظر البيان (28/ أ). ويروي هذا عن شيبة بن نصاح. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246) وبصائر ذوي التمييز (1/ 560). وفي رواية: وأربع عشرة، وهو العدد الذي رواه أهل الكوفة عن أهل المدينة كما ذكره الفيروزآبادي. وعن أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني: وعشر آيات. انظر المصدرين السابقين. (4) قال الداني: وهو العدد الذي عليه مصاحفهم حتى الآن اه البيان (28/ ب) وينسب هذا العدد إلى عاصم الجحدري، وبه قال أيوب بن المتوكل البصري. وفي رواية عن عاصم الجحدري أنه: خمس ومائتان وستة آلاف. وفي رواية عن البصريين أنهم قالوا: وتسع عشرة، وروى ذلك عن قتادة انظر مناهل العرفان (1/ 343). (5) في كتاب البيان للداني (25/ أ) ومقدمتان في علوم القرآن (ص 246). وبصائر ذوي التمييز (1/ 560) ومناهل العرفان (1/ 343): ستة آلاف ومائتان وست وعشرون اه. وهذا العدد ينسب إلى يحيى بن الحارث الذماري، فقد ساق الداني بسنده إلى سويد بن عبد العزيز قال: سألت يحيى بن الحارث الذماري عن عدد آي القرآن فأشار إليّ بيده اليمنى ... وذكره. (6) سقط هذا الكلام من الأصل وظق (وجمعناه على عدد المكي فكان ستة آلاف آية ومائتي آية وخمسا وعشرين آية) انتهى. قال الداني: وعدد آى القرآن في قول المكيين ستة آلاف ومائتان وتسع عشر آية، وفي قول أبيّ بن كعب: وعشر آيات اه البيان (28/ أ). وهذه رواية الزعفراني عن عكرمة بن سليمان، ومثله عن مجاهد وعن عبد الله بن كثير. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246).

وحسبنا حروف القرآن فكان ثلاثمائة ألف حرف، وإحدى وعشرون «1» ألف حرف «2» وقد عددنا الكلمات فكانت اثنتين وسبعين ألف كلمة «3». وقد عدوا كلمات كل سورة وحروفها «4» وما أعلم لذلك من فائدة، لأن ذلك إن أفاد فإنّما يفيد في كتاب يمكن الزيادة والنقصان منه، والقرآن لا يمكن ذلك فيه «5» [على إن لا يمكن أن لا يزاد فيه ولا ينقص منه فلا يفيد] «6» فيه حصر كلماته وحروفه، فقد تبدّل كلمة موضع أخرى، وحرف مكان آخر، والقرآن- بحمد الله- محفوظ من جميع ذلك. ثم إني رأيتهم قد اختلفوا في عدد الكلمات والحروف فلم يحصل من ذلك حقيقة يقطع بها «7».

_ زاد الفيروزآبادي: وفي بعض الروايات: وخمس وفي بعضها وأربع اه بصائر ذوي التمييز (1/ 560) وفي مناهل العرفان: «وفي العدد المكي عشرون» اه. (1) هكذا في الأصل. وفي ظق: واحدا وعشرين، وفي د: واحد وعشرين، أما في نسخة ظ: فالصفحة ساقطة والصواب: وواحدا وعشرين. (2) وهناك أقوال أخرى في عدد حروف القرآن، منها ما سبق أن ذكره المصنف عند كلامه عن تجزئة القرآن، حيث قال هناك: أن الذين جمعهم الحجاج أجمعوا على أن القرآن كله ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألف حرف وسبعمائة حرف ونيف وأربعون حرفا اه. وذكره أبو عمرو الداني في البيان (25/ ب). وإن أراد القارئ مزيدا من الأقوال في ذلك فليراجع: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246) وبصائر ذوي التمييز (1/ 561، 562). (3) وذكر الداني أن عدد كلام القرآن ستة وسبعون ألف كلمة وست مائة وإحدى وأربعون كلمة» اه. البيان (25/ ب). وهناك روايات أخرى في عدد كلمات القرآن ذكرها أيضا الداني (25/ ب) وصاحب كتاب المباني في نظم المعاني. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (276). (4) كأبي عمرو الداني في كتابه البيان والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز والخازن في تفسيره، بل ان بعضهم حصر عدد الألفات والباءات في القرآن وهكذا إلى آخر الحروف الهجائية. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 248 - 250). (5) تقدم عند الحديث عن تجزئة القرآن أن السيوطي نقل هذا الكلام عن السخاوي مستدلا به على أن كثرة الانشغال والاستيعاب والخوض في معرفة عدد الكلمات والحروف مما لا طائل تحته. (6) ما بين المعقوفتين هكذا في الأصل، وهو كلام مضطرب. وجاءت العبارة في بقية النسخ: على أن ما يمكن أن يزاد فيه أو ينقص منه لا يفيد ... الخ. (7) قال الداني:- ما ملخصه- وقد تناول بعض علمائنا من المتأخرين عد حروف القرآن مجملا ومفصلا، إذ رأى الآثار تضطرب في جملة عددها وعدد ما في السور منها، ولم يدر السبب الموجب لذلك وأن استقرارها في التلاوة تختلف عن حال صورتها في الكتابة ... وذلك من حيث كانت الكلمة قد تزيد

فإن قيل: فما الموجب لاختلافهم في عدد الآي؟ قلت: النقل والتوقيف، ولو كان ذلك راجعا الى الرأي لعد الكوفيون الر* آية، كما عدوا الم*، وكيف عدوا المص ولم يعدوا المر؟ وما لهم لم يعدوا طس وق ون كما عدوا طسم* وطه ويس؟ وكيف عدوا كهيعص آية واحدة، وعدوا حم* عسق آيتين؟ «1». ولما عد «2» الشامي غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «3» وأسقط إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ «4» ولما عد الجميع إلّا الشامي وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ «5» في أول آل عمران ولما أسقط الكوفي وحده وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ «6» وعدها غيره. ولما أسقط الجميع فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ «7» إلّا البصري. ولما عد الكوفي مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ «8» في

_ أحرفها في اللفظ على ما هي عليه في الرسم، فأتعب نفسه فيما تناوله وأجهد خاطره فيما قصده .. ألا ترى أن صورة (الم) في الكتابة ثلاثة أحرف ألف ولام وميم، وهي في التلاوة: تسعة أحرف، فلو كانت الكلمة إنما تعد حروفها على حال استقرارها في اللفظ دون الرسم لوجب أن يكون لقارئ (الم) تسعون حسنة، إذ هي في اللفظ تسعة أحرف،، وسبب إختلاف الروايات عن السلف في جملة عدد الكلم والحروف، هو من جهة مرسوم الكلم في المصاحف الموجه بها إلى الأمصار حيث تختلف زيادة ونقصا وحذفا وإتماما وقطعا ووصلا ألا ترى إلى قوله تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا وأَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ وما شاكلهما أنه جاء في بعضها مقطوعا وفي البعض الآخر موصولا، وهكذا فلهذا وقع الاختلاف وتفاوت العدد في جملة الكلم والحروف، والله أعلم. انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن ورقتي (26، 27) باختصار وتقدم الكلام أيضا في أول هذا الفصل عن سبب اختلافهم في الآيات والكلمات والحروف فانظره هناك، والله الموفق. (1) راجع ذلك في أول الكلام على سورة البقرة من هذا الفصل. (2) أي لو كان ذلك راجعا إلى الرأي لما عد الشامي ... الخ. (3) هذه الآية التي ذكرها المصنف هي رقم (7) من سورة البقرة، وقد كتبت خطأ في النسخ، ثم أن هذه الآية ليس فيها خلاف بين أئمة العدد، وإنما الخلاف هو في عد قوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ آية: (10) وقد تقدمت قريبا وأن الشامي انفرد بعدها دون غيره والله أعلم. (4) البقرة (11) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ. (5) آل عمران (3). (6) آل عمران (4). (7) المائدة (23). (8) طه (78) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.

طه وقد مرّ في السور من هذا كثير يدلّك على التوقف «1» «2». وقد صنّف عبيد الله بن محمد الناقط «3» كتابا اعتمد فيه على قياس رءوس الآي، فما «4» رآه موافقا للقياس عده وما كان مخالفا «5» لذلك اختار تركه، مثال ذلك أنه قال في سورة النساء في قوله عزّ وجلّ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ «6» عدها أهل الكوفة، قال: والقياس تركها، ونحن لا نعدها، قال: لأنها ليست متسقة على ما قبلها، ولا ما بعدها «7» والكتاب كله كذلك «8» ولو كان العدد بالأشباه «9» لما عدوا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «10» في القارعة ونحو ذلك، وكذلك وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ «11» وهو كثير.

_ (1) هكذا في الأصل: التوقف. وفي بقية النسخ: التوقيف وهو الصواب. (2) ومما يدل على التوقيف ما رواه الإمام أحمد في مسنده بسنده إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورة من الثلاثين من آل حم. قال: يعني الأحقاف، قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت (الثلاثين) ... » اه ما أردت نقله (1/ 419). ومن هذا نفهم أنه لا سبيل إلى معرفة آيات القرآن إلا بتوقيف من النبي صلّى الله عليه وسلّم،، فليس للقياس والرأي مجال فيها إنما هو محض تعليم وإرشاد. راجع مناهل العرفان (1/ 340). (3) لم أعثر له على ترجمة، وكذلك الكتاب الذي صنفه لم أجد له ذكرا في مظانه. (4) في د: فيما رآه. (5) في ظق ود: وما كان على خلاف ذلك. (6) النساء (44). (7) لأن قبلها وبعدها تنتهي الآية بالألف، والسورة كلها تنتهي بالألف ما عدا هذه الآية التي ذكرها المصنف فإنها تنتهي باللام وهناك أيضا آية تنتهي بالنون وهي رقم (14) وخمس آيات تنتهي بالميم المضمومة وهي الآيات التي تحمل الأرقام (12، 13، 25، 26، 176). راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 169). (8) أشار الزرقاني إلى هذا الرأي بقوله: وبعض العلماء يذهب إلى أن معرفة الآيات، منها ما هو سماعي توقيفي، ومنها ما هو قياسي، ومرجع ذلك إلى الفاصلة، وهي الكلمة التي تكون آخر الآية .. يقولون: فما ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقف عليه دائما تحققنا أنه فاصله، وما وصله دائمة تحققنا أنه ليس فاصلة، وما وقف عليه مرة ووصله أخرى أحتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة أو لتعريف الوقف التام أو للاستراحة، واحتمل الوصل أن يكون غير فاصلة، أو فاصلة وصلها لتقدّم تعريفها، وفي هذا مجال للقياس ... » اه. مناهل العرفان (1/ 341). (9) في ظق ود: ولو كان العدد بالاشتباه ... الخ. (10) القارعة (6) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ. (11) القارعة (8) وراجع الكلام على سورة القارعة من هذا الفصل (ص 559).

فإن قيل: فلو كان ذلك توقيفا لم يقع اختلاف. قلت: الأمر في ذلك على نحو من اختلاف القراءات، وكلها مع الاختلاف راجع إلى النقل، والله أعلم «1». ومما يؤيد ما ذكرته من أن عدد الآي راجع إلى التوقيف: ما روى عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «اختلفنا في سورة من القرآن، فقال بعضنا: ثلاثين، وقال بعضنا: اثنتين وثلاثين، فأتينا «2» النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأخبرناه، فتغير وجهه «3» فأسرّ إلى عليّ بن أبي طالب بشيء، فالتفت إلينا عليّ- رضوان الله عليه- فقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمركم أن تقرءوا القرآن كما علّمتموه» «4». ففي هذا دليل على أن العدد راجع إلى العلم، وفيه أيضا دليل على تصويب العددين لمن تأمل يفهم.

_ (1) أي أن كلا وقف عند حدود ما بلغه أو علمه- كما يقول الزرقاني- ولا شك أن الصحابة رضوان الله عليهم كان الواحد منهم يتعلم شيئا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم يخرج للجهاد أو غير ذلك، وقد لا يبلغه ما بلغ غيره فيتمسك بما علمه. (2) في د وظ: وآتينا. (3) في بقية النسخ: فتغير لونه. (4) رواه الإمام أحمد في مسنده بنحوه (1/ 106) والحاكم في المستدرك بسنده إلى عبد الله بن مسعود، قال الذهبي: صحيح اه كتاب التفسير (2/ 224). وأبو عبيد في فضائله باب إعراب القرآن ... الخ (ص 323) والطبري في مقدمة تفسيره بإسنادين وألفاظ متقاربة (1/ 12) وذكره الداني في كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (11/ ب).

ذكر الشواذ

ذكر الشواذ الشاذ: مأخوذ من قولهم: شذ الرجل يشذ ويشذ «1» شذوذا، اذا انفرد عن القوم واعتزل عن جماعتهم «2». وكفى بهذه التسمية تنبيها على انفراد الشاذ وخروجه عما عليه الجمهور والذي لم يزل عليه الأئمة الكبار القدوة في جميع الأمصار من الفقهاء والمحدثين وأئمة العربية: توقير القرآن واجتناب الشاذ، واتباع القراءة المشهورة، ولزوم الطرق المعروفة في الصلاة وغيرها «3».

_ (1) كلمة (ويشذ) ساقطة من ظ. (2) انظر: لسان العرب (3/ 494) (شذذ) والمعجم الوسيط (1/ 476). (3) نقل هذا الكلام بلفظه عن السخاوي تلميذه أبو شامة، قائلا: «قال شيخنا أبو الحسن رحمه/ الله ... » انظر المرشد الوجيز (ص 179). قال القسطلاني: «أجمع الأصوليون والفقهاء وغيرهم أن الشاذ ليس بقرآن، لعدم صدق حد القرآن عليه أو شرطه وهو التواتر، صرح بذلك الغزالي وابن الحاجب والقاضي عضد الدين والسخاوي في «جمال القراء» والجمهور على تحريم القراءة بالشواذ، وأنه ان قرأ بها غير معتقد أنه قرآن، ولا يوهم أحدا ذلك بل لما فيه من الأحكام الشرعية عند من يحتج بها، أو الأحكام الأدبية، فلا كلام في جواز قراءتها. وعلى هذا يحمل كل من قرأ بها من المتقدمين، وكذلك يجوز تدوينها في الكتب والتكلم على ما فيها، فإن قرأها معتقدا قرآنيته أو موهما ذلك حرم عليه ... » اه. ثم ذكر كلام النووي وابن عبد البر وابن الحاجب وغيرهم، والذي يدل على تحريم القراءة بالشواذ. انظر لطائف الإشارات (1/ 72) فما بعدها وراجع غيث النفع (ص 18). وسيأتي كلام السخاوي على هذا وأنه لا يجوز القراءة بشيء من هذه الشواذ، وأنه قد ظهر في زمانه قوم يطالعون كتب الشواذ ويقرءون بما فيها، وربما صحفوا ذلك فيزداد الأمر ظلمة وعمى.

قال ابن مهدي «1»: «لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم، ولا يكون إماما في العلم من روى عن كل أحد، ولا يكون إماما في العلم من روى كل ما سمع» «2». وقال الحارث بن يعقوب «3»: «الفقيه كل الفقيه من فقه في القرآن وعرف مكيدة الشيطان». وقال خلاد بن يزيد الباهلي «4»: قلت ليحيى بن عبد الله بن أبي مليكة «5»: «ان نافعا «6» حدّثني عن أبيك «7» عن عائشة رضي الله عنها (إنها كانت تقرأ (إذ تلقونه) «8» «9» وتقول: إنما هو ولق الكذب) «10».

_ (1) عبد الرحمن بن مهدي تقدم. (2) ذكر هذا عن ابن مهدي ابن الجوزي في صفة الصفوة (4/ 5)، ونقله عن السخاوي تلميذه أبو شامة في كتابه المرشد الوجيز (ص 179). (3) الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري، ثقة عابد، مات سنة 130 هـ. التقريب (1/ 145) والجرح والتعديل (3/ 93) والكاشف للذهبي (1/ 199). (4) خلاد بن يزيد الباهلي أبو الهيثم البصري المعروف بالأرقط، صدوق جليل، توفي سنة 220 هـ. ميزان الاعتدال (1/ 657) وغاية النهاية (1/ 275) والتقريب (1/ 230). (5) يحيى بن عبد الله بن أبي مليكة- بالتصغير- القرشي التميمي لين الحديث، من أفاضل أهل مكة مات سنة 173 هـ. انظر: التقريب (2/ 352) ومشاهير علماء الأمصار (ص 148)، والميزان (4/ 390). (6) نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجمحي الحافظ المكي، روى عن ابن أبي مليكة وغيره وعنه عبد الرحمن بن مهدي وغيره ثقة ثبت مات سنة 169 هـ. التقريب (2/ 296) والتهذيب (10/ 409) والكاشف (3/ 197) وتذكرة الحفاظ (1/ 231) وفيه توفي سنة 179 هـ. (7) عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله أبي مليكة، التميمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثقة فقيه، مات سنة 117 هـ. التقريب (1/ 431). وانظر: تاريخ الثقات (ص 268) وغاية النهاية (1/ 430). (8) أي بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف، وهي قراءة ليست سبعية ولا عشرية، قال القرطبي: «ومعنى هذه القراءة، من قول العرب: ولق الرجل يلق ولقا إذا كذب واستمر عليه، وقراءة الجمهور بحرف التاء الواحدة وإظهار الذال دون إدغام وهو من التلقي ... » اه تفسير القرطبي (12/ 204). وانظر تفسير أبي حيان (6/ 438) وفتح الباري (8/ 482)، قال ابن خالويه: «ففي هذا الحرف عشر قراءات ... » اه وذكرها انظر: مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه (ص 100). (9) النور (15) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ. (10) رواه البخاري بسنده إلى عائشة رضي الله عنها كتاب التفسير (6/ 10) وفي كتاب المغازي بلفظ:

فقال يحيى: ما يضرك ألا تكون سمعته من عائشة، نافع ثقة على أبي وأبي ثقة على عائشة، وما يسرني إني قرأتها هكذا، ولي كذا كذا. قلت «1»: ولم وأنت تزعم أنها قد قالت؟ «2». قال: لأنه غير قراءة الناس «3». ونحن لو وجدنا رجلا يقرأ بما ليس بين اللوحين، ما كان بيننا وبينه إلّا التوبة، أو تضرب «4» عنقه، نجيء به عن الأمة عن الأمة «5»، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عن جبريل عن الله عزّ وجلّ، وتقولون أنتم: حدّثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى، ما أدرى «6» ماذا أن ابن مسعود يقرأ غير ما في اللوحتين «7» إنّما هو- والله- ضرب العنق أو التوبة اه. وقال هارون «8»: ذكر ذلك لأبي عمرو «9» - يعني القراءة المعزوة إلى عائشة- فقال:

_ كانت تقرأ (إذ تلقونه بألسنتكم) وتقول الولق: الكذب. قال ابن أبي مليكة: «وكانت أعلم من غيرها بذلك لأنه نزل فيها» اه فتح الباري (7/ 439). (1) القائل: خلاد الباهلي. (2) في المرشد الوجيز نقلا عن المؤلف: قد قرأت. (3) قال النووي: «مذهبنا أن القراءة الشاذة لا يحتج بها، ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع، وإذا لم يثبت قرآنا لا يثبت خبرا، والمسألة مقررة في أصول الفقه ... » اه شرح النووي على مسلم (5/ 131) وقد أشار ابن تيمية- رحمه الله- إلى الخلاف بين العلماء بالاحتجاج بما لم يتواتر من القراءات التي صحت عن بعض الصحابة، مع كونها ليست في مصحف عثمان- رضي الله عنه- فإنها تضمنت عملا وعلما، وهي خبر واحد صحيح، فاحتجوا بها في إثبات العمل، ولم يثبتوها قرآنا، لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين» اه. انظر الفتاوي (20/ 260). (4) في د وظ: وتضرب عنقه. (5) في ت: كتب الناسخ الكلمتين ثم وضع خطأ على إحداهما ظنا منه أنها مكررة وليس كذلك، بل المقصود أن الأمة تروي عن الأمة ... الخ. (6) في د وظ: وما أدري. (7) هكذا العبارة في النسخ وهي مضطربة- كما ترى- وقد وجدتها بنقل أبي شامة عن شيخه السخاوي: «حدثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى أن ابن مسعود يقرأ ما بين اللوحين، ما أدري ماذا؟! إنما هو- والله- ضرب العنق أو التوبة» اه المرشد الوجيز (ص 180). ولعل كلمة (غير) سقطت، وهي موجودة في نص السخاوي وبها يتم المعنى، والله أعلم. (8) هو هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور العتكي البصري الأزدي مولاهم علامة صدوق، نبيل له قراءة معروفة، وكان من القراء، مات قبل المائتين تقريبا. انظر غاية النهاية (2/ 348) والتقريب (2/ 313). (9) أبو عمرو بن العلاء بن عمار العريان- واسمه زبان على الأصح- وقيل غير ذلك، المازني النحوي

قد سمعت هذا قبل أن تولد «1» ولكنا لا نأخذ به «2». وقال محمد بن صالح «3»: سمعت رجلا يقول لأبي عمرو: وكيف تقرأ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ «4»؟ قال: لا يُعَذِّبُ «5» عَذابَهُ أَحَدٌ، فقال له الرجل: كيف، وقد جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يُعَذِّبُ «6» عَذابَهُ أَحَدٌ «7»؟. فقال له أبو عمرو: لو سمعت الرجل الذي قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم ما أخذته عنه!. وتدري لم ذاك؟ لأني أتهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة اه «8». وقراءة الفتح ثابتة- أيضا- بالتواتر، وقد يتواتر الخبر عند قوم دون قوم «9» وإنما

_ القارئ، ثقة، من علماء العربية وأحد القراء السبعة المشهورين (68 - 154 هـ) وقيل غير ذلك. معرفة القراء الكبار (11/ 100) وغاية النهاية (1/ 288) والتقريب (2/ 454) ومشاهير علماء الأمصار (ص 153) وفيه توفي سنة 146 هـ. (1) في د وظ: قبل أن يولد. بالياء التحتانية. (2) انظر المرشد الوجيز (ص 180). (3) لم أستطع الجزم بالمراد بهذا الشخص حيث أن هناك الكثير ممن يسمى بهذا الاسم. (4) الفجر: 25، 26 فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ .... (5) أي بكسر الذال المشددة والثاء المثلثة المكسورة، وبها قرأ السبعة غير الكسائي، فإنه قرأ بفتح الذال والثاء على ما لم يسم فاعله. انظر الكشف عن وجوه القراءات (2/ 373) والتبصرة (ص 556)، كلاهما لمكي بن أبي طالب. (6) أي بفتح الذال، وهي قراء الكسائي كما سبق. (7) قال السيوطي: أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه وابن جرير والبغوي والحاكم وصححه وأبو نعيم عن أبي قلابة عمن اقرأه النبي صلّى الله عليه وسلّم. وفي رواية مالك بن الحويرث «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقرأه، وفي لفظ أقرأ إياه فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ منصوبة الذال والثاء» اه. الدر المنثور (8/ 513) قال الحاكم: «- عقب إيراده لهذا الحديث- هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، والصحابي الذي لم يسمه أبو قلابة قد سماه غيره مالك بن الحويرث» اه وأقره الذهبي. انظر المستدرك كتاب التفسير (2/ 255). (8) انظر: المرشد الوجيز (ص 181). (9) قال القسطلاني نقلا عن السخاوي: «ولا يقدح في تواتر القراءات السبع إذا استندت من طريق الآحاد، كما لو قلت: أخبرني فلان عن فلان أنه رأى مدينة سمرقند، وقد علم وجودها بطريق

أنكرها أبو عمرو: لأنها لم تبلغه على وجه التواتر «1». وعن أبي حاتم السجستاني «2» - رحمه الله- قال: أول من تتبع بالبصرة وجوه القرآن وألفها، وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده: هارون ابن موسى الأعور، وكان من العتيك مولى، وكان من القراء، فكره الناس ذلك، وقالوا: قد أساء حين ألفها، وذلك أن القراءة «3» إنّما يأخذها قرون وأمة عن أفواه أمة، ولا يلتفت منها إلى ما جاء من وراء وراء. وقال الأصمعي: عن هارون المذكور- كان ثقة مأمونا، وقال «4»: كنت أشتهي أن يضرب لمكان تأليفه الحروف «5» وكان الأصمعي لا يذكر أحدا بسوء إلا من عرفه ببدعة. قلت: وإذا كان القرآن هو المتواتر، فالشاذ ليس بقرآن لأنه لم يتواتر فإن قيل: لعلّه قد كان مشهورا متواترا، ثم ترك حتى صار شاذا. قلت: هذا كالمستحيل بما تحققناه من أحوال هذه الأمة وأتباعها لما جاء عن نبيها صلّى الله عليه وسلّم، وحرصها على امتثال أوامره. وقد قال لهم صلّى الله عليه وسلّم: «بلغوا عني ولو آية» «6». وأمرهم باتباع القرآن والحرص عليه، وحضّهم على تعلّمه وتعليمه، ووعدهم على ذلك الثواب الجزيل والمقام الجليل، فكيف استجازوا تركه، وهجروا القراءة به حتى صار شاذا بتضييعهم إياه وانحرافهم عنه؟ فإن قيل منعوا من القراءة به وحرقت مصاحفه. قلت: هذا من المحال، وليس في قدرة أحد من البشر أن يرفع ما أطبقت عليه الأمة

_ التواتر لم يقدح ذلك فيما سبق من العلم بها، فقراءة السبع كلها متواترة وقد اتفق على أن المكتوب في المصاحف متواتر الكلمات والحروف ... » اه لطائف الإشارات (1/ 78). (1) وقد روى أن أبا عمرو رجع إلى قراءة النبي صلّى الله عليه وسلّم. انظر: تفسير القرطبي (20/ 57). (2) هو سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد أبو حاتم السجستاني، إمام البصرة في النحو والقراءة واللغة والعروض، له مصنفات في القراءات، توفي سنة 255 هـ. الفهرست لابن النديم (ص 86) ومعرفة القراء الكبار (1/ 219) وغاية النهاية (1/ 320). (3) في د: أن القراء. (4) في بقية النسخ: قال. (5) كلام أبي حاتم السجستاني والأصمعي ذكره أبو شامة تلميذ السخاوي نقلا عن «جمال القراء» انظر المرشد الوجيز (ص 181) وراجع غاية النهاية (2/ 348). (6) رواه البخاري كتاب الأنبياء باب ذكر بني إسرائيل (4/ 145)، والترمذي في أبواب العلم باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل (7/ 431).

وأجمعت عليه الكافة، وأن يختم على أفواههم فلا تنطق به، ولا أن يمحوه من صدورهم بعد وعيه وحفظه «1» ولو تركوه في الملأ لم يتركوه في الخلوة، ولكان ذلك كالحامل لهم على إذاعته والجد في حراسته كي لا يذهب من هذه الأمة كتابها وأصل دينها. ولو أراد بعض ولاة الأمر في زماننا هذا أن ينزع القرآن- والعياذ بالله- من أيدي الأمة أو شيئا منه، ويعفى «2» أثره لم يستطع ذلك، فكيف يجوز ذلك في زمن الصحابة والتابعين؟ وهم هم ونحن نحن، على أنه قد روى أن عثمان- رضي الله عنه- قد قال لهم بعد ذلك- لما أنكروا عليه تحريق المصاحف وأمرهم بالقراءة بما كتب-: «اقرءوا كيف شئتم، إنّما فعلت ذلك لئلا تختلفوا» «3». فإن قيل: فقد قال الطبري: إن عثمان- رضي الله عنه- إنما كتب ما كتب من القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن. قال: وليس اختلاف القراء الآن هو الذي أراد النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة احرف» «4». واختلاف القراء عن هذا بمعزل، قال: لأن ما اختلف فيه القراء لا يخرج عن خط المصحف الذي كتب على حرف واحد، قال: والستة الأحرف قد سقطت، وذهب العمل بها بالإجماع على خط المصحف المكتوب على حرف واحد اه «5». فالجواب: ان هذا الذي ادعاه من ان عثمان- رضي الله عنه إنّما كتب حرفا واحدا

_ (1) في د وظ: بعد وعيد حفظه. (2) أي يمحوه ويطمسه، مأخوذ من قولهم: «عفت الرياح الآثار، إذا درستها ومحتها» اه. انظر: اللسان (15/ 72) (عفا). (3) رواه ابن أبي داود بنحوه ضمن حديث طويل، ذكر فيه أنه لما نزل أهل مصر الجحفة يعاتبون عثمان وينقمون عليه بعض الأمور التي فعلها، ومن ضمنها أنه محا كتاب الله عز وجل، فكان هذا من جوابه عليهم. انظر كتاب المصاحف باب اطلاق عثمان رضي الله عنه القراءة على غير مصحفه (ص 45، 46). وأقول: إنه لا يفهم من كلام عثمان- رضي الله عنه- هذا أنه أباح لهم القراءة بالشاذ، وإنما يفهم منه أنه جوز لهم القراءة بما هو ثابت وصحيح، فإذا ما رجعوا إلى الثابت الصحيح فإنهم بالطبع سيرجعون إلى المصحف الإمام الذي كتبه على ملأ من كبار الصحابة، فلعلهم أنكروا عليه صنيعه دون النظر في معرفة السبب ودون الرجوع إلى دستوره فيما كتبه رضي الله عنه. (4) سبق تخريجه أثناء الحديث عن ذكر الأحرف السبعة. (5) راجع مقدمة تفسير الطبري (1/ 28).

من الأحرف السبعة التي أنزلها الله عزّ وجلّ: لا يوافق عليه ولا يسلّم له، وما كان عثمان- رضي الله عنه- يستجيز ذلك ولا يستحل ما حرّم الله عزّ وجلّ من هجر كتابه وأبطاله وتركه «1». وإنما قصد سد باب القالة «2» وأن يدعى مدع شيئا ليس مما أنزل الله، فيجعله من كتاب الله عزّ وجلّ، أو يرى أن تغيير لفظ القرآن «3» بغيره مما هو بمعناه لا بأس به، فلما كتب هذه المصاحف وأمر بالقراءة بما فيها لم يمكن أحدا من أولئك أن يفعل ما كان يفعل، والذي فعل ذلك مخطئ، لأن عمر- رضي الله عنه- أنكر على هشام بن حكيم لفظا لم يسمعه عمر من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «4» وعمر- رضي الله عنه- يعلم أن ذلك جائز في العربية والدليل على أنه جائز في العربية أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «هكذا أنزلت» فلولا أن تغيير القرآن لا يجوز لما أنكر عمر- رضي الله عنه- ما أنكر، فأراد عثمان- رضي الله عنه- أن يجمع القرآن كله بجميع وجوهه السبعة التي أنزل عليها، سدا لباب الدعوى، وردا لرأي من يرى تبديل حرف منه بغيره «5».

_ (1) قال الطبري: ما ملخصه- «فإن قال بعض من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهم إياها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأمرهم بقراءتها؟ قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة، لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة واجبا عند من يقوم بنقله الحجة، وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، فإذا كان ذلك كذلك لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع تاركين ما وجب عليهم نقله ... » اه باختصار. انظر مقدمة جامع البيان (1/ 28). وأقول: أن هناك فرقا بين القول بأن المصاحف العثمانية كانت مشتملة ومتضمنة للأحرف السبعة، ولم يوجب علينا الشارع الإحاطة بجميعها، وإنما هي للتيسير والتسهيل، فكل يأخذ منها ما تيسر له فهذا كلام لا غبار عليه، فرق بين هذا وبين كون عثمان- رضي الله عنه- إنما كتب المصاحف على حرف واحد وترك ما سواها خشية الفرقة والاختلاف، فهذا هو الذي رفضه السخاوي ورد على الطبري القول به، وقد أصاب رحمه الله في ذلك. والإمام الطبري لم يحالفه الصواب في رأيه هذا، ولكل جواد كبوة والله أعلم. (2) جمع قائل، فالقول في الخير والشر، والقال والقيل في الشر ويقال: كثر القيل والقال، فحكاية أقوال الناس والبحث عما لا يجدي عليه خيرا ولا يعنيه أمره، من هذا القبيل، والقالة: القول الفاحش في الناس اه اللسان (11/ 573) (قول) التقاطا. (3) في بقية النسخ: لفظ الكتاب العزيز. (4) وقد تقدم ذكر حديث عمر مع هشام بن حكيم أثناء الكلام على الأحرف السبعة. (5) وأيضا فإن كثيرا من الصحابة- رضوان الله عليهم- قد تلقوا بعض تلك القراءات وانطلقوا دعاة إلى

ألا ترى أنه أحضر (المصحف) «1» التي كتبها الصديق- رضي الله عنه- وكانت بالأحرف السبعة، واستظهر مع ذلك بما كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الرقاع والأكتاف واللخاف «2» إرادة أن لا يبقى لقائل قول ولا لمدع دعوى. وأما قوله: إنه إنما كتب حرفا واحدا من تلك الأحرف السبعة: فغير صحيح، فقد كتب في بعض المصاحف وأوصى «3» وفي بعضها وَوَصَّى وكتب في بعضها وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ «4» وفي بعضها قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ* وكتب سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ «5» في موضع بغير واو، وفي مصحف وَسارِعُوا وكتب في المدني والشامي يَرْتَدِدْ «6» وفي غيرهما يَرْتَدَّ* بدال واحدة وتَجْرِي تَحْتَهَا «7» في سورة التوبة، وفي بعض المصاحف مِنْ تَحْتِهَا*

_ الله عز وجل ومجاهديه في سبيله وأخذوا يعلمون الناس ما تلقوه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم أنه نسخ ما نسخ في العرضة الأخيرة، ولم تثبت بعض تلك الأحرف التي نزلت للتيسير والتسهيل، فكان كل يقرأ على حسب ما تلقاه وعلمه، وبذلك حدثت الفتنة، وكانت السبب الداعي لعثمان- رضي الله عنه- أن يكتب تلك المصاحف مشتملة على ما استقر في العرضة الأخيرة، وأن يبعث بها إلى الأمصار، وأمر المسلمين الالتزام بها دون سواها، وأرسل مع كل مصحف إماما يقرئ الناس، وبهذا يكون قد قضى على تلك الفتنة قبل أن يستفحل شرها. (1) هكذا في الأصل: المصحف، وفي بقية النسخ: الصحف، وهو الصواب. (2) تقدم شرح هذه الألفاظ أثناء الكلام على الأحرف السبعة. (3) البقرة (132) وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ... وقد قرأ نافع وابن عامر بهمزة مخففا، وشدد الباقون من غير همز، الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (1/ 265)، والنشر (2/ 222). (4) البقرة (116) وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ... قرأ ابن عامر بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام، وقرأ الباقون (وقالوا) بالواو. الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 260) والنشر (2/ 220). (5) آل عمران (133) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قرأ نافع وابن عامر بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام وقرأ الباقون بالواو، الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 356) والنشر (2/ 242). (6) المائدة (54) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ... قرأ نافع وابن عامر (يرتدد) بدالين، الثانية ساكنة وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام، وقرأ الباقون بدال واحدة مفتوحة مشددة وكذلك هي في مصاحف أهل الكوفة والبصرة ومكة الكشف عن وجوه القراءات (1/ 412) والنشر (2/ 255). (7) التوبة (100) ... وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ ... قرأ ابن كثير بزيادة (من) وكذلك هي في مصحف أهل مكة وقرأ الباقون بغير (من) وكذلك هي في بقية المصاحف. الكشف (1/ 505) والنشر (2/ 280).

وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ «1» في آل عمران في المصحف الشامي، وفي غيره وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ إلى غير ذلك من المواضع «2» نحو شُرَكائِهِمْ* «3» وشُرَكاؤُهُمْ* «4» وفإن الله الغني «5» وفَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ* وكل وعد الله «6» وكُلًّا إلى غير ذلك مما تركت ذكره خشية الإطالة «7». وقد ذكرت أن الأمة لا ترضى لأحد من خلق الله بترك كتاب الله وما ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن أحدا لا يقدر على أن ينتزع من أيديها ما اشتهر بينها وتداولته النقلة، واستمرت على تلاوته الألسنة حتى يصير نسيا منسيا، لا يعرفه إلّا الشاذ منهم بعد أن كان يعرفه الكبير والصغير، والذكر والأنثى، هذا من المحال في مجرى العادة. والذي لا يشك فيه أن عثمان- رحمه الله- كتب جميع القرآن بجميع وجوهه، ولم يغادر منه شيئا، ولو ترك شيئا منه لم يوافق عليه، وقد جاء بعده علي- عليه السلام- ولم يزد على ما كتبه حرفا «8».

_ (1) آل عمران (184) ... جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ قرأ ابن عامر (وبالزبر) بالباء بعد الواو، وقرأ هشام (وبالكتاب) كذلك وهو كذلك في مصاحف أهل الشام، وقرأهما الباقون بغير الباء. الكشف (1/ 370) والنشر (2/ 245). (2) قال ابن الجزري:- بعد أن ذكر بعض الأمثلة على ما كان ثابتا في بعض المصاحف دون البعض الآخر- قال: «فلو لم يكن ذلك كذلك في شيء من المصاحف العثمانية لكانت القراءة بذلك شاذة لمخالفتها الرسم المجمع عليه» اه النشر (1/ 11). (3) الأنعام (137) وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ ... قرأ ابن عامر (زين) بضم الزاي على ما لم يسم فاعلة، (قتل) بالرفع على أنه مفعول لم يسم فاعله، (أولادهم) بالنصب، اعمل فيه القتل، (شركائهم) بالخفض على إضافة القتل إليهم لأنهم الفاعلون، فأضاف الفعل إلى فاعله ... وقرأ الباقون بفتح الزاي على ما يسمى فاعله ونصبوا (قتل) ب (زين) وخفضوا (الأولاد) لإضافة (قتل) إليهم، أضافوه إلى المفعول، ورفعوا الشركاء. انظر: الكشف لمكي بن أبي طالب (1/ 453، 454) والنشر (2/ 263). (4) سقطت الواو من ظق وكتبت الآية خطأ في الأصل. (5) الحديد (24) قرأ المدنيان وابن عامر بغير (هو) وكذلك هو في مصاحف المدينة وأهل الشام، وقرأ الباقون بزيادة (هو) وكذلك هو في مصاحفهم. انظر: النشر في القراءات العشر (2/ 384). (6) الحديد (10) وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى. قرأ ابن عامر بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب. الكشف (2/ 307) والنشر (2/ 384). (7) راجع فضائل القرآن لأبي عبيد (ص 294) فما بعدها، وكتاب المصاحف لابن أبي داود باب اختلاف مصاحف الأمصار التي نسخت من الإمام (ص 49) وكتاب الانتصار لنقل القرآن للباقلاني (ص 389) فما بعدها، والمرشد الوجيز (ص 138) فقد أوردوا كثيرا من الأمثلة على ذلك. (8) راجع الانتصار لنقل القرآن لأبي بكر الباقلاني (ص 359، 387) والمرشد الوجير (ص 143) والنشر

قال عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم «1»: وقد نبغ نابغ «2» في عصرنا هذا

_ في القراءات العشر (1/ 31 - 33). قال الشيخ الزرقاني: «- تحت عنوان دستور عثمان في كتابة المصاحف- ما ملخصه: ومما تواضع عليه هؤلاء الصحابة أنهم كانوا لا يكتبون في هذه المصاحف إلا ما تحققوا أنه قرآن وعلموا أنه قد استقر في العرضة الأخيرة، وما أيقنوا صحته عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مما لم ينسخ، وتركوا ما سوى ذلك، وكتبوا مصاحف متعددة، لأن عثمان قصد إرسال ما وقع الإجماع عليه إلى أقطار بلاد المسلمين المتعددة أيضا، وكتبوها متفاوتة من إثبات وحذف وغير ذلك، لأنه- رضي الله عنه- قصد اشتمالها على الأحرف السبعة، وجعلوها خالية من النقط والشكل تحقيقا لهذا الاحتمال أما الكلمات التي لا تدل على أكثر من قراءة عند خلوها من النقط والشكل مع أنها واردة بقراءة أخرى أيضا، فإنهم كانوا يرسمونها في بعض المصاحف برسم يدل على قراءة، وفي بعض آخر برسم آخر يدل على القراءة الثانية ... إلى أن قال: والذي دعا الصحابة إلى انتهاج هذه الخطة في رسم المصاحف وكتابتها أنهم تلقوا القرآن عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجميع وجوه قراءاته وبكافة حروفه التي نزل عليها، فكانت هذه الطريقة أدنى إلى الإحاطة بالقرآن على وجوهه كلها حتى لا يقال: إنهم أسقطوا شيئا من قراءاته، أو منعوا أحدا من القراءة بأي حرف شاء، على حين أنها كلها منقولة نقلا متواترا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ... » اه مناهل العرفان (1/ 257 - 259). (1) البزار أبو طاهر، من أهل بغداد، قرأ على أبي بكر بن مجاهد وغيره، وكان بارعا في الإلقاء والإقراء، توفي سنة 349 هـ وله سبعون سنة. تاريخ بغداد (11/ 7) والفهرست لابن النديم (ص 48) ومعرفة القراء الكبار (1/ 312) وغاية النهاية (1/ 475) وهدية العارفين (1/ 633). (2) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي العطار، أحد القراء بمدينة السلام، كان عالما باللغة والشعر، توفي سنة 362 هـ. تاريخ بغداد (2/ 206) وفيه: مولده سنة 265 ووفاته سنة 354 هـ. والفهرست لابن النديم (ص 49) ومعرفة القراء (1/ 306) وغاية النهاية (2/ 123). قال الخطيب البغدادي:- عند ترجمته لابن مقسم هذا- وقد ذكر حاله أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ- صاحب أبي بكر ابن مجاهد- في كتابه الذي سماه (البيان) فقال فيما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قال: أنبأنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم، قال: وقد نبغ نابغ ... الخ ما ذكره السخاوي عن ابن أبي هاشم. ومما ذكره الخطيب البغدادي عن ابن مقسم قوله: كان من أحفظ الناس لنحو الكوفيين وأعرفهم بالقراءات، وله في التفسير ومعاني القرآن كتاب جليل سماه «كتاب الأنوار» وله أيضا في القراءات وعلوم القرآن تصانيف عدة، ومما طعن عليه أنه عمد إلى حروف من القرآن فخالف الإجماع فيها، فقرأها وأقرأها على وجوه ذكر انها تجوز في اللغة العربية، وشاع ذلك عنه عند أهل العلم، فأنكروا عليه، وارتفع الأمر إلى السلطان، فأحضره واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء، فأذعن بالتوبة، وكتب محضر توبته وأثبت جماعة من حضر ذلك المجلس خطوطهم فيه بالشهادة عليه وقيل: إنه لم ينزع عن تلك الحروف، وكان يقرأ بها إلى حين وفاته» اه. تاريخ بغداد (2/ 207) وراجع غاية النهاية (2/ 124) ومعرفة القراء الكبار (2/ 308).

فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية بحرف من القرآن يوافق خط المصحف «1» فقراءته به «2» جائزة في الصلاة وفي غيرها، فابتدع بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل، وتورط في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله عزّ وجلّ من الباطل ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله- بسيئ رأيه «3» - طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخيّر القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض على أهل الاسلام قبوله، والأخذ به كابرا عن كابر، وخالفا عن سالف، وكان أبو بكر بن مجاهد «4» - رحمه الله- استتابه عن بدعته «5» وأحضره السلطان ليؤدبه، فاستوهب من السلطان تأديبه عند توبته وإظهاره الإقلاع عن بدعته، ثم عاد إلى ما كان عليه، واستغوى من أصاغر المسلمين وأهل الغفلة والغباوة جماعة ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إماما، ولن تعدو ضلالته مجلسه «6» لأن الله عزّ وجلّ قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لفظ الزائفين وشبهات الملحدين بقوله عزّ وجلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «7» وأبو طاهر عبد الواحد هذا إمام من أئمة القرآن، وهو صاحب ابن مجاهد، وفي هذه «8»

_ قال ابن الجزري: وظن أبو شامة بعد نقله هذا عن أبي طاهر في كتابه المرشد الوجيز أنه ابن شنبوذ» اه غاية النهاية (2/ 124). قلت: وما ذكرته عن الخطيب صريح بأنه ليس ابن شنبوذ وإنما هو ابن مقسم، ولكن يظهر من كلام أبي شامة وغيره أيضا أن ابن شنبوذ صارت له قضية شبيهة بقضية ابن مقسم، إلا أن ابن شنبوذ فاء إلى رشده ورجع إلى الحق وأعلن توبته ولم يذكر عنه أنه رجع إلى بدعته تلك، والله أعلم. (1) قال ابن الجزري: «وهذا القسم مردود، وهو ما وافق العربية والرسم ولم ينقل البتة، فهذا رده أحق ومنعه أشد، ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر. وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي إلى أن قال: ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق، وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه، ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه» اه النسر (1/ 17). (2) (به) ساقطة من د وظ. (3) في د وظ: يسيء قراءته. (4) أحمد بن موسى بن العباس المقرئ الأستاذ، مصنف كتاب (القراءات السبعة) كان واسع العلم، وفاق سائر نظائره من أهل صناعته (245 - 324 هـ). معرفة القراء (1/ 269) وغاية النهاية (1/ 139). (5) انظر: تاريخ الأدب العربي (4/ 3). (6) في ظق: مجالسه. (7) الحجر (9). (8) في ظ: وفي هذا.

الشواذ قطعة كبيرة من هذا الوجه الذي ذكره «1». قال الأصمعي: سمعت نافعا يقرأ يَقُصُّ الْحَقَّ «2» فقلت له: إن أبا عمرو يقرأ يقض الحق وقال: القضاء مع الفصل، فقال نافع: وي! يا أهل «3» العراق، تقيسون في القرآن؟!. قلت: معنى قول أبي عمرو: القضاء مع الفصل: أي إني اخترت هذه «4» القراءة (لهذا ولم يرد رد القراءة) «5» الأخرى، ومعنى قول نافع: يقيسون في القرآن: لم يرد به أن قراءتهم أخذوها بالقياس، وإنّما يريد أنهم اختاروا ذلك لذلك، والقراءتان ثابتتان عندهما، قال ابن أبي هاشم: قال يريد إياكم (أن) «6» تأخذوا القراءة على قياس العربية، إنا أخذنا «7» بالرواية «8». وقال بعض أصحاب سليم «9»: قلت لسليم:- في حرف من القرآن- من أي وجه «10» كان كذا وكذا؟ فرفع كمه وضربني به وغضب، وقال: اتّق الله لا تأخذن في

_ (1) راجع ما ذكره الخطيب حول شبهة ابن مقسم التي تذرع بها، وهي شبهة واهية. تاريخ بغداد (2/ 208). (2) أي قوله تعالى: ... إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ الأنعام (57). قرأ نافع وابن كثير وعاصم بالصاد مضمومة غير معجمة من القصص، وقرأ الباقون بالضاد المعجمة المكسورة من القضاء، ودل على ذلك أن بعده (خير الفاصلين) والفصل لا يكون إلا عن قضاء» اه ملخصا من الكشف (1/ 434) وانظر: النشر في القراءات العشر (2/ 258) والإتحاف (ص 209). (3) في ظق: يا هل. (4) في د: أخبرت هذه، وفي ظ: أخبرت بهذه، وهما عبارتان مضطربتان. (5) سقط هذا الكلام من الأصل: (لهذا ولم يرد رد القراءة) اه. (6) سقطت (أن) من الأصل ظق. (7) في بقية النسخ أنا أخذناها بالرواية. (8) قال ابن الجزري نقلا عن أبي عمرو الداني: «وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية، ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها» اه. النشر (1/ 10). (9) هو سليم بن عيسى بن سليم أبو عيسى، ويقال: أبو محمد الحنفي مولاهم الكوفي المقرئ صاحب حمزة الزيات وأخص تلامذته، وأحذقهم في القراءة، ولد سنة 130 هـ وقيل 119 هـ وتوفي سنة 188 هـ. معرفة القراء الكبار (1/ 138) وانظر الجرح والتعديل (4/ 215) والميزان (2/ 131). (10) في د: حرفت الكلمة إلى (وجد).

شيء من هذا، إنّما نقرأ القرآن على الثقات من الرجال الذين قرءوا على الثقات. وقال الكسائي «1»:- رحمه الله- لو قرأت على قياس العربية لقرأت كُبره «2» برفع الكاف «3» لأنه أراد عظمه، ولكني قرأت على الأثر. وقال يحيى بن آدم: ثنا أبو بكر بن عياش «4» بحروف «5» عاصم في القراءة، وقال: سألته عنها حرفا حرفا، فحدّثني بها، ثم قال: أقرأنيها عاصم كما حدثتك بها حرفا حرفا، تعلمتها منه تعلما اختلف إليه نحوا من ثلاث سنين كل غداة في البرد والأمطار، حتى أستحي من أهل مسجد بني كاهل في الصيف والشتاء، وأعملت نفسي فيها سنة بعد سنة، فلمّا قرأت عليه، قال لي: احمد الله، فإنّك قد جئت وما تحسن شيئا، قال: تعلمت القراءة من عاصم كما يتعلّم الغلام في الكتّاب، ما أحسن غير

_ (1) هو الإمام علي بن حمزة الكسائي أبو الحسن الأسدي مولاهم الكوفي المقرئ أحد القراء السبعة المشهورين، وأحد الأعلام في النحو والقرآن، ولد في حدود سنة 120 هـ وتوفي سنة 189 هـ على الصحيح. معرفة القراء (1/ 120 - 128) وانظر غاية النهاية (1/ 535) وتاريخ بغداد (11/ 403) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 404). (2) أي قوله تعالى: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ النور آية (11). قال ابن الجزري: قرأ يعقوب بضم الكاف، وهي قراءة أبي رجاء وحميد بن قيس وسفيان الثوري ويزيد بن قطيب وعمرة بنت عبد الرحمن وقرأ الباقون بكسرها، وهما مصدران لكبر الشيء، أي عظم، لكن المستعمل في السن الضم، أي تولي أعظمه. وقيل: «بالضم معظمه وبالكسر البداءة» اه النشر في القراءات العشر (2/ 331) وانظر إتحاف فضلاء البشر (ص 323). فقراءة ضم الكاف تعتبر قراءة عشرية نسبت إلى يعقوب الحضرمي أحد القراء الثلاثة المتممين للعشرة. فقول الكسائي: ولكني قرأت على الأثر، لعله يقصد الأثر الذي بلغه في ذلك، وقد سبق أنه قد يبلغ هذا ما لا يبلغ ذاك، والله أعلم. (3) قال القراء: وهو وجه جيد في النحو، لأن العرب تقول: فلان تولى عظم- بضم فسكون- كذا وكذا، يريدون أكثره اه. معاني القرآن (2/ 247). (4) قال الذهبي: اختلف في اسمه على عشرة أقوال، أصحها قولان، أن اسمه كنيته، والثاني شعبة، فهو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الإمام، أحد الأعلام قرأ القرآن ثلاث مرات على عاصم وكان سيدا إماما حجة كثير العلم والعمل، منقطع القرين، ولد سنة 95 هـ وتوفي سنة 193 هـ. كما ورخه يحيى بن آدم وأحمد بن حنبل. معرفة القراء الكبار (1/ 134 - 138). (5) في د وظ: بحرف.

قراءته «1» وقال أبو بكر بن عياش: قال عاصم: ما أقرأني أحد حرفا إلّا أبو (عبد الله) «2» السلمي، وكان (53/ أ) أبو عبد الرحمن قد قرأ على علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- «3». فإن قيل: فهل في هذه الشواذ شيء تجوز القراءة به؟ قلت: لا تجوز القراءة بشيء منها: أ- لخروجها عن إجماع المسلمين. ب- وعن الوجه الذي ثبت به القرآن، وهو التواتر، وإن كان موافقا، للعربية وخط المصحف، لأنه جاء من طريق الآحاد، وإن كانت نقلته ثقات، فتلك الطريق لا يثبت بها القرآن. ج- ومنها من نقله «4» من لا يعتد بنقله، ولا يوثق بخبره، (فهذه) «5» أيضا مردود، لا تجوز القراءة به ولا تقبل، وإن وافق العربية وخط المصحف «6» نحو

_ (1) ذكر هذا بنحوه مختصرا الذهبي عند ترجمته لأبي بكر بن عياش (1/ 137،، 138) وفي موضع آخر قال:- عند ترجمته ليحيى بن آدم- قال جماعة: حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا يحيى بن آدم، قال: سألت أبا بكر عن حروف عاصم التي في هذه الكراسة أربعين سنة، فحدثني بها كلها، وقرأها عليّ حرفا حرفا» اه. المصدر نفسه (1/ 168). (2) هكذا في الأصل: أبو عبد الله. وقد تكرر هذا الخطأ من قبل وفي بقية النسخ: أبو عبد الرحمن. وهو الصواب. (3) ذكر هذا الخبر الذهبي، وقال عقبة: وكنت أرجع من عنده فأعرض على زر، وكان قد قرأ على عبد الله رضي الله عنه، فقلت لعاصم: لقد استقوثقت. رواها يحيى بن آدم عنه اه. معرفة القراء (1/ 91). (4) في بقية النسخ: ما نقله. (5) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ: فهذا. وهو الصواب. (6) وفي هذا يقول مكي بن أبي طالب: ما ملخصه: فإن سأل سائل فقال: فما الذي يقبل من القرآن الآن فيقرأ به، وما الذي لا يقبل ولا يقرأ به وما الذي يقبل ولا يقرأ به؟ فالجواب أن جميع ما روى في القرآن على ثلاثة أقسام: أ- قسم يقرأ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه الشروط الثلاثة؛ نقله عن الثقات، وأن يكون له وجه في العربية التي نزل بها سائغا وأن يكون موافقا لخط المصحف ... ب- والقسم الثاني: ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف، فهذا يقبل ولا يقرأ به، لأنه لم يؤخذ بإجماع، فلا تجوز القراءة به ولا يكفر من جحده. ج- والقسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية، فهذا لا يقبل ... قال: ولكل صنف من هذه الأقسام تمثيل تركنا ذكره اختصارا اه. الإبانة (ص 51، 52). وقد

ملك «1» يوم الدين بالنصب «2» «3». ولقد نبع في هذا الزمان قوم يطالعون كتب الشواذ، ويقرءون بما فيها، وربما صحفوا ذلك، فيزداد الأمر ظلمة وعمى «4». فإن قيل: فقراءة الكسائي هل تستطيع ربّك «5» راجعة إلى ما روى عبادة بن نسيّ «6» عن عبد الرحمن بن غنم «7» قال: سألت معاذ بن جبل عن قول الحواريين هَلْ

_ نقل هذا عن مكي: ابن الجزري ومثل لكل قسم فانظر ذلك في النشر في القراءات العشر (1/ 14). (1) في بقية النسخ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. (2) نقل هذا التساؤل والجواب عنه الشيخ أبو شامة عن شيخه السخاوي وعزاه إلى «جمال القراء». انظر: المرشد الوجيز (ص 181، 182) قال مكي بن أبي طالب: «وقرأ علي بن أبي طالب ملك يوم الدين بنصب اللام والكاف ونصب يوم، جعله فعلا ماضيا» اه الإبانة (ص 121). وهي إحدى القراءات الكثيرة الشاذة التي أوردها مكي وغيره في هذا اللفظ (مالك) سوى القراءتين المشهورتين المتواترتين (مالك) بالألف لعاصم والكسائي و (ملك) بدون ألف للباقين من السبعة. انظر تلك القراءات الشاذة التي وردت في لفظ (مالك) في مختصر من شواذ القرآن لابن خالويه (ص 1) وأحكام القرآن للقرطبي (1/ 139) والبحر المحيط (1/ 20). (3) في المطبوع حصل هنا خلط بالتقديم والتأخير ما يقرب من عشرين سطرا، مما أفسد المعنى، فبعد كلمة (بالنصب) جاءت عبارة: و (فتبينوا) و (فتثبتوا) وجملة ذلك سبعة أوجه ... وبعد ذكر الوجه الخامس، عاد إلى الكلام: ولقد نبع في هذا الزمان ... وذكره إلى آخره، ثم عاد إلى ذكر الوجهين السادس والسابع!! ولعل هذا وقع أثناء الطبع. (4) انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة (ص 182). وقد تقدم في أول هذا الفصل نبذة من كلام الأئمة في المنع من القراءات بالشاذ. (5) المائدة (112) إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ ... وقد قرأها الكسائي بالتاء ونصب (ربك) وقرأ الباقون بالياء ورفع (ربك) وحجة من قرأ بالتاء أنه أجراه على مخاطبة الحواريين لعيسى، وفيه معنى التعظيم للرب جل ذكره على أن يستفهم عيسى عن استطاعته، إذ هو تعالى مستطيع لذلك، فإنما معناه هل تستطيع سؤال ربك في إنزال مائدة علينا، أي هل تفعل لنا ذلك؟ وحجة من قرأ بالياء أنه على معنى: هل يفعل ربك ذلك؟ لأنهم لم يشكوا في استطاعة الباري على ذلك، لأنهم كانوا مؤمنين، فإنما هو كقولك للرجل: «هل يستطيع فلان أن يأتي؟ وقد علمت أنه مستطيع» اه الكشف (1/ 422) وراجع تفسير القرطبي (6/ 364) والمهذب (1/ 199). (6) بضم النون وفتح المهملة الخفيفة الكندي، أبو عمر الشامي، ثقة فاضل، مات سنة 118 هـ. التقريب (1/ 395) وتاريخ الثقات (ص 247) ومشاهير علماء الأمصار (ص 180). (7) بفتح المعجمة وسكون النون- الأشعري مختلف في صحبته، وذكره العجلي في كبار التابعين، مات سنة 98 هـ. التقريب (1/ 494) وتاريخ الثقات (ص 297).

تستطيع ربك أو يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ؟ فقال: «أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هل تستطيع ربّك مرارا بالتاء والنصب» «1». وهذا حديث يرويه محمد بن سعيد الشامي «2» وهو مشهود على كذبه، ورداءة مذهبه، قلنا: ليس هذا الحديث هو أصل القراءة، ولا هي راجعة إليه، والقراءة ثابتة مقطوع بصحتها، وإذا علم ذلك من غير هذا الحديث، فلا يقدح ذلك فيه. ومن الشاذ ما هو لحن فلا يقبل لخروجه عن الشهرة والعربية، وكيف لا يخرج عن الشهرة وهو لحن؟ وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبيّ:- وهو يقرئ رجلا- (قوم لسانه، ثم علمه، فإنك مأجور، الذي أنزله لم يلحن فيه، ولا الذي نزل به، ولا الذي نزل به، ولا الذي نزل عليه، وأنه قرآن «3» عربي) «4». فإن قيل: فأين السبعة الأحرف التي أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن القرآن أنزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟. قلت: هي متفرقة في القرآن نحو يُسَيِّرُكُمْ «5» وينشركم و (نحو) «6» ويقض

_ (1) رواه الحاكم في المستدرك كتاب التفسير، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (2/ 238) ورواه الترمذي وضعفه، وليس فيه محمد بن سعيد الشامي. أبواب القراءات (8/ 250). ونسبه السيوطي إلى الحاكم والطبراني وابن مردويه عن عبد الرحمن ابن غنم، قال: سألت معاذ بن جبل ... وذكره. انظر الدر المنثور (3/ 231). (2) الأسدي المصلوب، كذبوه، وقتله المنصور على الزندقة وصلبه. التقريب (2/ 164). قال الذهبي: روى عن الزهري وعبادة بن نسي، وقد غيروا اسمه على وجوه سترا له، وتدليسا لضعفه، ثم ذكر تلك الأسماء. انظر ميزان الاعتدال (3/ 561). (3) في د وظ: لقرآن عربي. (4) لم أعثر عليه. (5) يونس (22) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ .... قرأ ابن عامر بالنون الساكنة بعد الياء وبالشين قبل الراء (ينشركم) من النشور، وقرأ الباقون بالياء والسين من التسيير والمشي انظر الكشف (1/ 516) والنشر (2/ 282). (6) هنا كلمة ساقطة من الأصل وهي (ونحو).

ويَقُصُّ «1» وتَحْتَهَا ومن تحتها «2» ونحو لَنُبَوِّئَنَّهُمْ* ولنثوينهم «3» وفَتَبَيَّنُوا* وفتثبتوا «4» وجملة ذلك سبعة أوجه: (الأول) «5»: كلمتان تقرأ «6» بكل واحدة في موضع أخرى نحو ما ذكرته. والثاني: أن تزاد كلمة في أحد الوجهين وتترك في الوجه الآخر. نحو تَحْتَهَا ومن تحتها ونحو فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ «7» وفإن الله الغني الحميد. والثالث: زيادة حرف ونقصانه نحو بما كَسَبَتْ «8» وفيما كسبت. والرابع: مجيء حرف في موضع حرف نحو نقول «9» ويَقُولُ

_ (1) تقدمت قريبا في هذا الفصل. (2) تقدمت أيضا قريبا. وانظر النشر في القراءات العشر (1/ 280). (3) العنكبوت (58) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً قرأ حمزة والكسائي (لنثوينهم) بالثاء المثلثة الساكنة بعد النون وإبدال الهمزة (ياء) من الثواء وهو الإقامة في الجنة. وقرأ الباقون بالباء الموحدة والهمزة من التبوء، وهو المنزل. انظر: الكشف (2/ 181) والنشر (2/ 344). (4) النساء (94) والحجرات (6) ونص آية النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ... قرأ حمزة والكسائي (فتثبتوا) في الموضعين من التثبت. وقرأ الباقون بالياء من التبيين. الكشف (1/ 394)، والنشر (2/ 251). (5) هنا كلمة ساقطة من الأصل وهي: (الأول). (6) في د وظ: يقرأ. (7) الحديد (24) قرأ نافع وابن عامر بغير (هو) وكذلك ثبت إسقاطها في مصاحف المدينة والشام، وقرأ الباقون بزيادة (هو) وكذلك هو في مصاحف أهل الكوفة والبصرة ومكة. انظر: الكشف (2/ 312) والنشر (2/ 384). (8) الشورى (30) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ... قرأ نافع وابن عامر بغير فاء وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام وتكون (ما) في قوله (وما أصابكم) بمعنى (الذي) في موضع رفع بالابتداء، فيكون قوله (بما كسبت) خبر الابتداء، فلا يحتاج إلى (فاء). وقرأ الباقون (فبما) بالفاء، وكذلك هي في جميع المصاحف، إلا مصاحف أهل الشام والمدينة، وتكون (ما) في قوله (وما أصابكم) للشرط، والفاء جواب الشرط. انظر: الكشف لمكي بن أبي طالب (2/ 251) والنشر في القراءات العشر (2/ 367). (9) العنكبوت (55) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا .... قرأ نافع والكوفيون بالياء على الأخبار عن الله تعالى أو عن الموكّل بعذابهم لهم، وقرأ الباقون بالنون على الإخبار من الله عن نفسه، لأن كل شيء لا يكون إلا بأمره. الكشف (2/ 180) وانظر النشر (2/ 343).

وتتلوا «1» وتَبْلُوا «2». الخامس: تغيير «3» حركات، اما بحركات أخر أو بسكون، نحو فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ «4» ونحو وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ «5». والسادس: التشديد والتخفيف نحو تُساقِطْ عَلَيْكِ «6» وتسّاقط عليك وبَلَدٍ مَيِّتٍ «7» وميْت ونحو ذلك. السابع: التقديم والتأخير «8» كقوله عز وجل: وَقاتَلُوا

_ (1) يونس (30) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ .... قرأ حمزة والكسائي (تتلو) بتاءين، من التلاوة، وقرأ الباقون (تبلو) بالباء من الابتلاء وهو الاختبار، أي هناك تختبر كل نفس ما أسلفت لها من عمل. الكشف (1/ 517)، وانظر النشر (2/ 383). (2) في ظ: (ونتلوا). (3) في ظ: تغير. (4) البقرة (37) قرأ ابن كثير بنصب (آدم) ورفع (كلمات) أي أن الكلمات استنقذت آدم بتوفيق الله له لقوله إياها وللدعاء بها، فتاب الله عليه، وقرأ الباقون برفع (آدم) ونصب (الكلمات) والتاء مكسورة في حال النصب، أي أن آدم هو الذي تلقى الكلمات، لأنه هو الذي قبلها ودعا بها وعمل بها فتاب الله عليه .... الكشف لمكي ابن أبي طالب (1/ 237) وانظر: النشر (2/ 211). (5) المائدة: 47 وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ... قرأ حمزة بكسر اللام على أنه جعلها لام كي فنصب الفعل بها، وقرأ الباقون باسكانهما على أنهم جعلوها لام الأمر. الكشف (1/ 410، 411) وانظر النشر (2/ 354). (6) مريم (25) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. قرأ حفص بضم التاء وكسر القاف مخففة، وفتحهما الباقون، وكلهم شدد السين إلا حمزة وحفصا. فمن قرأ بضم التاء جعله مستقبل (ساقطت) فعداه إلى الرطب فنصبه به، والفاعل النخلة، تضمر في (تساقط) أي تساقط النخلة رطبا جنيا عليك، ومن فتح التاء وخفف السين: أراد (تتساقط)، فحذف إحدى التاءين، ويكون الفعل مسندا إلى النخلة أيضا ويكون نصب (رطب) على الحال، وحجة من شدد أنه أدغم التاء الثانية في السين اه ملخصا من الكشف لمكي بن أبي طالب (2/ 87، 88). (7) أي قوله تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ ... الآية (9) من سورة فاطر. وما شاكله. قرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي بتشديد الياء، والباقون بالتخفيف انظر: غيث النفع (ص 329) والكشف (1/ 339) والنشر (2/ 224، 225). (8) نقل هذا الرأي في معنى الأحرف السبعة عن السخاوي: تلميذه أبو شامة المقدسي في كتابه «المرشد الوجيز» قائلا: وأخبرنا شيخنا أبو الحسن رحمه الله في كتابه «جمال القراء» قال: فإن قيل: فأين السبعة التي أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن القرآن أنزل عليها .. وذكرها. المرشد الوجيز (ص 123). وقد تقدم أن عقد السخاوي عنوانا (ذكر السبعة الأحرف) وذكر هناك حديث عمر بن الخطاب مع

وَقُتِلُوا «1» وقتلوا وقاتلوا. وقوله عز وجل ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ «2» يقرأ «3» على سبعة أوجه، وكذلك قوله عز وجل- فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ (53/ ب) أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ «4». وقوله عز وجل فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا «5» وكذلك «6» نظائره «7».

_ هشام بن حكيم رضي الله عنهما، ولم يذكر غير ذلك. وقد ذكرت هناك بعض ما قاله العلماء حول الأحرف السبعة بقدر ما يقتضيه المقام، وقد تعرض لهذا الموضوع كثير من مؤلفي كتب التفسير والقراءات وعلوم القرآن. (1) آل عمران (195) ... فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا ... الآية. قرأ الكسائي وحمزة بتقديم المفعول على الفاعل، على أن الواو لا تعطي ترتيبا، فسواء التقديم والتأخير، أو يحمل على التوزيع أي منهم من قتل ومنهم من قاتل، وقرأ الباقون ببناء الأول للفاعل والثاني للمفعول، لأن القتال قبل القتل. انظر: الكشف (1/ 373) والنشر (2/ 246) وإتحاف فضلاء البشر (ص 184). (2) المائدة (75) ... انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. (3) في د وظ: تقرأ. (4) الأنعام (35). (5) الأنعام (43). (6) في د وظ: ولذلك نظائر، وكذلك في المرشد الوجيز. (7) قال أبو شامة: عقب ذكره لكلام شيخه هذا- قلت: يعني في مجموع هذه الكلم من هذه الآيات سبعة أوجه لا في كل كلمة منها، وقد يأتي في غيرها أكثر من سبعة أوجه بوجوه كثيرة، إذا نظر إلى مجموع الكلم دون آحادها ... اه المرشد الوجيز (ص 126).

الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ

الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ «1» الناسخ هو: الخاطب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه

_ (1) لا شك أن موضوع النسخ في القرآن الكريم يعتبر من أهم العلوم المتعلقة به، ولقد اهتم به السلف والخلف وأولوه عناية فائقة وكل أدلى بدلوه في هذا الميدان الفسيح المترامي الأطراف المتشعب المسالك، والذي لا زال مثار بحث وتدبر من كثير من العلماء على مر الأزمان، وقد كثر المصنفون فيه فمن مسرف ومفرط فيه، ومن مقتصد بين ذلك، ومن منكر له بالكلية، وكان من الذين أدلوا بدلوهم في هذا الميدان علم الدين بالسخاوي، حيث ضمن كتابه الذي بين أيدينا هذا العنوان البارز (الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ) وهو في الحقيقة اسم على مسمى فهو كالجبل العظيم الراسي كمّا وكيفا. فقد شبه السخاوي هذا الموضوع بالجبل العظيم في ارتفاع قمته وضخامة منبته، لتشعب أطرافه من ناحية وخطورته من ناحية أخرى، لأن معرفة الناسخ والمنسوخ ليس بالأمر السهل، بل يجب على من يلج في خضم هذا الموضوع الخطير أن يكون لديه دراية بالقرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال الصحابة الذين عاصروا التنزيل وعرفوا التفسير والتأويل. فليس للعقل فيه مجال حتى يمكنه أن يجد ويجتهد ويستنبط بتفكيره ومهارته، وإنما هو أمر توقيفي ممن لا ينطق عن الهوى صلّى الله عليه وسلّم أو ممن شاهدوا الوحي وعرفوا الناسخ من المنسوخ، وليس عليه إلا أن يعمل فكره في معرفة صحيح ذلك من سقيمه، وأن يغوص في بطون كتب التفسير وعلوم القرآن ليقف على ما توصل إليه العلماء الجهابذة في هذا الشأن رحمة الله عليهم جميعا، وهذا ما فعله الإمام السخاوي في كلامه على الناسخ والمنسوخ، وسأترك هذا الفصل الضخم يتحدث عن نفسه وينبئ عما يحمله في طياته ولكن قبل أن أبدأ في تحقيقه أذكر بعض النقاط حول أهمية هذا الموضوع الخطير، ملخصا ذلك من كتاب مناهل العرفان:-- أن هذا الموضوع كثير التعاريج متشعب المسالك طويل الذيل. - أنه كان ولا يزال مثار جدال وخلاف شديد بين العلماء. - أن أعداء الإسلام كالملاحدة والمستشرقين والمبشرين قد اتخذوا من النسخ أسلحة مسمومة طعنوا بها

لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه «1». والمنسوخ هو: الحكم الزائل- بعد ثباته بخطاب متقدم- بخطاب واقع بعده متراخ عنه دال على ارتفاعه، على وجه لولاه لكان ثابتا «2». وأما النسخ: فإنه زوال شرع بشرع متأخر عنه «3». والنسخ في العربية. أ) النقل، تقول: نسخت الكتاب، إذا نقلته. ب) والإزالة، يقولون: نسخت الشمس الظل، أي أزالته وحلت محله وتقول أيضا، نسخت الريح الأثر، فهذه إزالته لا إلى بدل «4». ونسخ القرآن بمعنى الإزالة.

_ في صدر الإسلام الحنيف وزينوا للناس للنيل من قدسية القرآن الكريم فوقع في شراكهم بعض المغفلين، فأنكروا وقوع النسخ ظنا منهم أنهم ينزهون الله تعالى عن التغيير والتبديل. - أن إثبات النسخ يكشف النقاب عن سر التشريع الإسلامي، ويطلع الإنسان على حكمة الله تعالى في تربية الخلق وسياسته للبشر وابتلائه للناس بتجديد الأحكام، وهذا يدل على أن القرآن تنزيل من حكيم حميد. - أن معرفة الناسخ والمنسوخ يهدي الإنسان إلى صحيح الأحكام وينجو عن نسخ ما ليس بمنسوخ حين لا يجد التعارض بين الآيتين .. » اه. مناهل العرفان: (2/ 173 - 174). (1) انظر: تفسير ابن عطية (1/ 377). وراجع تفسير القرطبي (2/ 64) فقد تولى شرح هذا التعريف، حتى يكون سالما من الاعتراضات. وهناك تعريفات أخرى للنسخ ذكرت في كثير من كتب التفسير وعلوم القرآن وأصول الفقه. راجع الإيضاح لمكي ص 85 والناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 42، والأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (4/ 59)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 90، وشرح النووي على صحيح مسلم (1/ 35) وبصائر ذوي التمييز (1/ 120)، وتفسير النسفي (1/ 67)، وعلم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف (ص 262). (2) وهذا التعريف مبني على تعريف الناسخ الذي ذكره المصنف، وهو أجمع التعاريف- حسب فهمي- وأصحها. وقد عرفه الزركشي بقوله: اختلف العلماء، فقيل: المنسوخ ما رفع تلاوة تنزيله، كما رفع العمل به» اه البرهان في علوم القرآن (2/ 30). (3) وعرفه ابن جزي الكلبي بقوله: ومعنى النسخ في الشريعة: رفع الحكم الشرعي بعد ما نزل» اه كتاب التسهيل لعلوم التنزيل 1/ 10 الباب السابع من المقدمة الأولى. وعرفه ابن الجوزي فقال: رفع الحكم الذي ثبت تكليفه للعباد، إما بإسقاطه إلى غير بدل أو إلى بدل» اه. نواسخ القرآن ص 90. (4) انظر: الإيضاح ص: 47، فما بعدها وتفسير ان عطية (1/ 377) ونواسخ القرآن ص 90،

وقولنا: ناسخ ومنسوخ أمر يختص بالتلاوة. وأما المتلو فلا يجوز ذلك فيه «1»، وكذلك المجاز أمر يختص بالتلاوة «2». وكلام الله عزّ وجلّ «3»: قديم «4» لم يزل موجودا، وكان قبل إيجاد الخلق غير مكتوب ولا مقروء، ثم بالإنزال كان مقروءا ومكتوبا ومسموعا ولم ينتقل بذلك من حال إلى حال كما أن الباري عز وجل قبل خلق العباد لم يكن معبودا، وإنما عبد بعد إيجاد العباد ولم يوجب له ذلك تفسيرا سبحانه. وحكمة النسخ: اللطف بالعباد وحملهم على ما فيه إصلاح لهم «5». ولم يزل الباري عز وجل عالما بالأول والثاني، وبمدة الأول وابتداء مدة الثاني قبل إيجاد خلقه وتكليفهم ذلك ونقلهم عنه إلى غيره، وما زال عز وجل مريدا للأول إلى زمن نسخه مريدا (لازالته «6» وحكمه) إلى بدل أو إلى غير بدل «7»، وكلامه صفة له،

_ وتفسير القرطبي (2/ 62)، والبرهان للزركشي (2/ 29)، والإتقان للسيوطي (3/ 59) وقلائد المرجان ص 22 واللسان (3/ 61) (نسخ) والمصباح المنير ص: 603. (1) أي أن الناسخ قد يرفع حكم المنسوخ وتبقى ألفاظه. (2) لأن المجاز يتعلق بالألفاظ، والألفاظ أوعية للمعاني. (3) سبق في آخر فصل (الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز) من هذا الكتاب أن تعرض المصنف لقضية كلام الله تعالى وأنه كلام رب العالمين غير مخلوق قال: وعلى ذلك أئمة المسلمين، وفند آراء المعتزلة القائلين بخلق القرآن، وقد سقت بعضا من كلام العلماء في ذلك تأييدا لما ذكره السخاوي فانظره هناك. (4) ذكر شارح الطحاوية أن الناس افترقوا في مسألة الكلام إلى تسعة أقوال، ثم ذكرها ناسبا كل قول إلى قائله. وأنا أنقل هنا القول التاسع منها، وهو الموافق لما ذكره السخاوي تبعا لأهل الحديث وغيرهم من أئمة السلف. قال: والتاسع أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء، وهو يتكلم به بصوت يسمع، وأن نوع الكلام قديم، وأن لم يكن الصوت المعين قديما، وهذا هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة اه شرح العقيدة الطحاوية ص: 180. (5) انظر: الإيضاح ص: 56. وراجع بصائر ذوي التمييز فقد ذكر الفيروزآبادي ست حكم من حكم النسخ (1/ 121). قال الزرقاني: إن معرفة الحكمة تريح النفس وتزيل اللبس وتعصم من الوسوسة والدس، خصوصا في مثل هذا الموضوع الخطير (النسخ) الذي كثر منكروه وتصيدوا لإنكاره الشبهات من هنا وهناك ثم ذكر كثيرا من الحكم المتعلقة بالنسخ، وهي كلها تؤول إلى ما فيه صلاح البشرية واستقامة أمرها في معاشها ومعادها. انظر مناهل العرفان (2/ 194) فما بعدها. (6) هكذا في الأصل: لإزالته وحكمه. وفي بقية النسخ: لإزالة حكمه. وهو الصواب. (7) يشير السخاوي في هذا إلى الفرق بين النسخ والبداء- بفتح الباء والدال- وهو ظهور الشيء بعد

لا تغيير فيه ولا تبديل «1». وحقيقة التخصيص والاستثناء تخالف حقيقة النسخ «2»، لأن التخصيص: أن يجيء اللفظ عاما والمراد بعض متناولاته، فإذا أتى ما دل على أن المراد غير ظاهر اللفظ ظهر التخصيص. وقالوا في حده: إخراج بعض ما تناوله الخطاب «3». ولأن الاستثناء: صيغة دالة على أن المستثني غير داخل في الخطاب، فالتخصيص قريب من معنى الاستثناء، إلا أن الاستثناء لا يكون إلا بحرف دال على إخراج المستثنى، لهذا قالوا في حده: صيغة دالة. ودلالة التخصيص: أما بنص آخر أو إجماع أو قرينة «4».

_ خفائه، كقوله تعالى: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ الزمر: 48، أو نشأة رأى جديد لم يكن من قبل كقوله سبحانه ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ يوسف: 35 أي نشأ لهم في يوسف رأي جديد. فالسخاوي- رحمه الله- يقصد بهذا الرد على القائلين بالبداء، أي أن الله تعالى كان يأمر بالأمر، ثم يبدو له خلاف ذلك، فينسخه ويأتي بغيره، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. راجع ما ذكره النحاس في الفرق بين النسخ والبداء في الناسخ والمنسوخ له ص: 8، والأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (4/ 68) ومناهل العرفان للزرقاني (2/ 181). (1) وبنحو هذا الذي ذكره السخاوي ذكر غيره من العلماء. فقد قال مكي: «أعلم أن الله جل ذكره هو الآمر فوق كل أمر، قد علم ما سيكون قبل أن يكون وكيف يكون ... فهو تعالى قد علم ما يأمر به خلقه ويتعبدهم به، وما ينهاهم عنه قبل كل شيء، وعلم ما يقرهم عليه من أوامره ونواهيه وما ينقلهم عنه إلى ما أراد من عبادته، وعلم وقت ما يأمرهم وينهاهم، ووقت ينقلهم عن ذلك قبل أمره لهم ونهيه بلا أمد ... » اه. انظر بقية كلامه في الإيضاح ص 55 - 56. (2) قال مكي: «أعلم أن النسخ والتخصيص والاستثناء يجتمعن في معنى أنها كلّها لإزالة حكم متقدم قبلها، ويفترقن في معان أخر. فالنسخ: إزالة حكم المنسوخ كله بغير حرف متوسط ببدل حكم آخر أو بغير بدل في وقت معين، فهو بيان الأزمان التي انتهى إليها العمل بالفرض الأول، ومنها ابتدأ الفرض الثاني الناسخ للأول. والتخصيص: إزالة بعض الحكم بغير حرف متوسط، فهو بيان الأعيان الذين عمهم اللفظ، أي أن بعضهم غير داخل تحت ذلك اللفظ. والاستثناء: مثل التخصيص إلا أنه لا يكون إلا بحرف متوسط. ولا يكون إلا متصلا بالمستثنى منه ... » اه الإيضاح ص: 85. وراجع الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري: (4/ 66). (3) أو قصر العام على بعض أفراده. مناهل العرفان (2/ 184). وقد ذكر الزرقاني سبعة فروق بين النسخ والتخصيص فلتنظر. (4) انظر: الإيضاح ص 85 - 86.

1 - فالتخصيص نحو قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «1» بعد قوله عز وجل: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ «2» ولو كان هذا نسخا لكانت آية البقرة المراد بها: الكتابيات. وقد روى عن ابن عباس- رضي الله عنه أنه قال: (آية المائدة ناسخة لآية البقرة) «3». وقال قائلون: لا يصح هذا، إلا على أن تكون آية البقرة في المشركات من أهل الكتاب «4». وأقول: أن هذا «5» الذي قالوه غير مستقيم، فإن قولنا: نسخ وتخصيص واستثناء: اصطلاح وقع بعد ابن عباس، وكان ابن عباس يسمى ذلك نسخا «6».

_ (1) المائدة: آية 5. الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ .. إلى قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ... (2) البقرة: آية: 221. (3) ذكره السيوطي وعزاه إلى أبي داود في ناسخه عن ابن عباس. الدر المنثور (1/ 614). وقد ذكر الطبري رواية عن ابن عباس تدل على أن الله تعالى استثنى من عموم المشركات نساء أهل الكتاب، وذكر أقوال أهل التأويل في المعنى المراد من آية البقرة. ثم قال: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عني بقوله وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ: من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات، وأن الآية عام ظاهرها، خاص باطنها، لم ينسخ منها شيء، وأن نساء أهل الكتاب داخلات فيها. ثم أخذ يدلل على ذلك إلى أن قال: فقول القائل: هذه ناسخة، هذه دعوى لا برهان له عليها، والمدعي دعوى لا برهان له عليها متحكم، والتحكم لا يعجز عنه أحد» اه جامع البيان (2/ 377، 378). وراجع الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخة لمكي ص 88، وأضواء البيان للشنقيطي (1/ 204). (4) قال مكي:- عقب ذكره لرواية ابن عباس (ان آية المائدة ناسخة لآية البقرة) -. قال: وهذا إنما يجوز على أن تكون آية البقرة يراد بها الكتابيات خاصة، حرّمن إلى وقت، ثم نسخت بآية المائدة في وقت آخر ... فبيّن الأزمان بالنسخ، وذهب الحكم الأول بكليته. والاستثناء والتخصيص يزيلان بعض الحكم الأول، والنسخ يزيل الحكم كله فاعرفه، ويكون تحريم نكاح المشركات من غير أهل الكتاب بالسنة فكون آية المائدة مخصصة لآية البقرة أولى من كونها ناسخة لها، ليكون تحريم نكاح المشركات من غير أهل الكتاب بنص القرآن اه الإيضاح ص 88 - 89. وهذا هو الحق، وهو ما قرره الطبري ومكي وغيرهما، من أن هذا من باب التخصيص وليس من النسخ في شيء، والله أعلم. (5) (هذا): ساقط من د وظ. (6) ومما يدل على هذا أن في هذه الآية نفسها أي وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ذكر الطبري عن ابن عباس

ولو وقع الاصطلاح على تسمية جميع ذلك نسخا- ويكون النسخ على ثلاثة أضرب «1» - لم يمتنع لاجتماع المعاني الثلاثة في الإزالة للحكم المتقدم. والناسخ/ يكون مدنيا لا غير «2». (54/ أ) فأما أن ينسخ مكيا، أو ينسخ «3» مدنيا نزل قبله «4». وقد تقدم ذكر المدني والمكي «5»، ونزيد هنا فنقول:

_ والربيع أنه استثنى من ذلك نساء أهل الكتاب. وذكر ابن القيم بسندين وألفاظ متقاربة عن محمد بن سيرين عن حذيفة أنه قال: (إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: رجل يعلم ناسخ القرآن ومنسوخه ... ). قال ابن القيم: «ومراده ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة- وهو اصطلاح المتأخرين- ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة، أما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى انهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد. فالنسخ عندهم، وفي لسانهم: هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر» اه. إعلام الموقعين (1/ 35). (1) أي ويكون برفع الحكم وإزالته، أو باستثناء بعض أفراده، أو بتخصيص عمومه، فإن هذه المعاني الثلاثة تشترك في معنى الإزالة والله أعلم. (2) أما القول بنسخ المكي للمكي فهو أمر لم يتفق عليه بين العلماء، وهو قليل، وقد مثل له مكي بن أبي طالب بقوله تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا الآية 7 من سورة غافر؛ قال: قال ابن وهب: «هذا ناسخ لقوله في (عسق) وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ الآية 5 من سورة الشورى. قال: وهو من نسخ المكي للمكي، وهو قليل غير متفق عليه» اه الإيضاح ص 399. وهذا قول مرجوح لأن كليهما خبر. وقد نقل السيوطي هذا عن مكي، ثم قال: وأحسن من هذا نسخ قيام الليل في أول سورة المزمل بآخرها، أو بإيجاب الصلوات الخمس، وذلك بمكة اتفاقا» اه الإتقان (3/ 71). (3) في د وظ: وأما ينسخ. (4) قال مكي: وهذان الأصلان عليهما كل الناسخ والمنسوخ، ولا يجوز أن ينسخ المكيّ المدنيّ. قال: ويجوز أن ينسخ المكيّ المكيّ الذي نزل قبله، كما جاز أن ينسخ المدنيّ المدنيّ الذي نزل قبله .. » اه الإيضاح ص 113. (5) وذلك في أول هذا الكتاب تحت عنوان (نثر الدرر في ذكر الآيات والسور).

1 - كل سورة فيها (كلا) «1» فهي مكية. 2 - وكل سورة افتتحت بالحروف فهي مكية إلا البقرة وآل عمران، واختلف في الرعد. 3 - وكل سورة فيها قصة آدم- عليه السلام- وإبليس- لعنه الله- فهي مكية إلا البقرة. 4 - وما فيه «2» ذكر المنافقين فهو مدني «3». 5 - وقيل ما كان من السور فيه القصص والأنباء عن القرون فهي مكية «4». 6 - وما فيه فريضة أو حد فهو مدني. 7 - وقيل: ما فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* فهو مدني، وما فيه يا أَيُّهَا النَّاسُ* ولم يكن فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* فهو مكي «5».

_ (1) ذكر هذا اللفظ في القرآن الكريم ثلاثا وثلاثين مرة، في خمس عشرة سورة، كلها في النصف الأخير من القرآن الكريم. انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن ص 619، ومناهل العرفان (1/ 196)، وتاريخ المصحف (ص: 102). (2) في ظ: وما فيها. (3) سوى العنكبوت. انظر: البرهان (1/ 188)، والإتقان (1/ 48). وقد سبق أثناء الكلام على نثر الدرر في ذكر الآيات والسور من هذا الكتاب أن الآيات الإحدى عشرة الأولى من سورة العنكبوت مدنية والباقي مكية. وأضيف هنا قول الزرقاني: و «التحقيق أن سورة العنكبوت مكية ما عدا الآيات الإحدى عشرة الأولى منها فإنها مدنية، وهي التي ذكر فيها المنافقون» مناهل العرفان (1/ 198). (4) في بقية النسخ فهو مكي. (5) لمعرفة هذه الفروق راجع الإيضاح لمكي ص 114، والبرهان للزركشي (1/ 188)، والإتقان (1/ 48). وقلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن ص 37. وبالنسبة للعلامة الأخيرة التي ذكرها السخاوي فهي من العلامات التي وضعها العلماء لتمييز المكي من المدني. ولكن قال بعضهم: إن هذا ليس على إطلاقه وليست هذه العلامة مطردة، وإنما هي الأكثر والأغلب، حيث قد وجد بعض الآيات والسور مصدرة ب يا أَيُّهَا النَّاسُ* وهي مدنية كقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... الآية 21 من سورة البقرة، وهي مدنية، وكأول سورة النساء المبدوءة ب يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ... وهي أيضا مدنية. انظر البرهان (1/ 190)، والإتقان (1/ 47)، ومناهل العرفان (1/ 194) وتاريخ المصحف ص 103)، هذا وقد زاد بعضهم ضوابط وعلامات لمعرفة المكي والمدني غير هذه التي ذكرها السخاوي: 1 - منها كل سورة فيها سجدة فهي مكية. 2 - ذكر لفظ (بني آدم) في السورة فهي مكية.

وأما نسخ المكيّ «1» فلم يتفق عليه «2». وقال العلماء: أول «3» ما نسخ الصلاة إلى بيت المقدس «4». وهذا يدل على أن المكي ليس فيه منسوخ، لأن البقرة مدنية. والنسخ إنما يكون في الأحكام، ولا نسخ في الأخبار، لأن خبر الله عز وجل حق، لا يصح أن يكون على خلاف ما هو عليه «5». وليس في الفاتحة ناسخ ولا منسوخ. سورة البقرة: وقد عد قوم من المنسوخ آيات كثيرة ليس فيها أمر ولا نهي، وإنما هي أخبار، وذلك غلط.

_ - 3 عناية آى السورة بالدعوة إلى أصول الدين وإلى المقصد الأسمى منه كالإيمان بالله وتوحيده .. الخ فهي مكية. 4 - تحدث آى السورة عن مثالب المشركين البغيضة وعاداتهم المنكرة ... الخ فهي مكية. 5 - تضمن آيات السورة حث العرب على التحلي بأصول الفضائل وأمهات المكارم ... الخ فهي مكية. وهذه العلامات الثلاث الأخيرة: بحسب الغالب، إذ قد توجد بعض الآيات في سور مدنية مشتملة على ما اشتملت عليه الآيات المكية والعكس. 6 - ومن علامات المدني: طول أكثر سوره وآياته ... 7 - ومنها أيضا دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى إلا الانضواء تحت لواء الإسلام، وإقامة البراهين على فساد عقيدتهم ... 8 - اشتمال السورة على بيان قواعد التشريع التفصيلية والأحكام العملية في العبادات والمعاملات ... الخ. 9 - اشتمال السورة على الأذن بالجهاد وبيان أحكامه ... الخ. انظر: تاريخ المصحف (ص 102، 106) التقاطا. (1) كلمة (المكي) الثانية ساقطة من ظ. ظنّا منه أنه مكرر. (2) انظر: الإيضاح ص؛ 113، 399، وسبق قريبا التنويه عنه. (3) في ظ: أولها نسخ الصلاة. (4) سيأتي الكلام عليه قريبا- بإذن الله-. وقد قال الفيروزآبادي: وأما ترتيب المنسوخات فأولها الصلوات التي صارت من خمسين إلى خمس، ثم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ... الخ. بصائر ذوي التمييز (1/ 124). (5) لأن المخبر يصير بنسخ خبره كاذبا، وشذ قوم فأجازوا النسخ في الأخبار والصحيح أن لا نسخ في الأخبار، وما جاء أنه خبر فهو مقصود به الإنشاء. راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 122)، والإيضاح ص 66، وتفسير القرطبي (2/ 65)، والأحكام في أصول الأحكام لابن حزم (4/ 71) والإتقان (3/ 61) والمصفى ص 12.

2 «1» - نحو قوله تعالى: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «2» زعموا أنها منسوخة بإيجاب الزكاة «3». 3 - وعدوا أيضا من الأوامر والنواهي جملة فقالوا: هي منسوخة نحو قوله عز وجل وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «4». 4 - وقوله عز وجل: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ «5»، وذلك لا يصح، ومتى كان للخطاب طريق في الحكم بأنه محكم كان أولى من حمله على أنه منسوخ «6».

_ (1) الرقم الأول، أي نمرة واحد، تقدم عند قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ. ص 589. ورد السخاوي على من جعل ذلك من باب الناسخ والمنسوخ، وإنما هو من باب التخصيص، كما سبق. (2) البقرة: 3. (3) حكاه هبة الله بن سلامة ص 32. وقد رد ابن الجوزي القول بأنها منسوخة، وقال: «بل الصحيح أنها محكمة باقية على عمومها». انظر نواسخ القرآن ص 128، والمصفى بأكف أهل الرسوخ ص: 14، وكذلك فعل السيوطي، حيث قال: «إن هذا القسم ليس من النسخ في شيء،، ولا من التخصيص ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه، بل حكمها باق، وهي خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق، وذلك يصلح في الزكاة وفي غيرها» اه باختصار. الإتقان (3/ 63). (4) البقرة: 83 قال مكي: من قال: إن معنى الآية: سالموا الناس، وقابلوهم بالقول الحسن جعلها منسوخة بآية السيف، وهو قول قتادة. ومن قال: معناها: مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، قال: هي محكمة إذ لا يصلح نسخ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو قول عطاء» اه الإيضاح ص 124. وراجع الناسخ والمنسوخ لعبد القاهر البغدادي ص 170. وقد حكى الفيروزآبادي القولين، أي أنها منسوخة بآية السيف وقيل محكمة. البصائر (1/ 136). قال السيوطي: عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف، وقد غلطه ابن الحصار بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه، وقس على ذلك» اه الإتقان (3/ 64). وأقول: إن القول باحكامها هو الحق- إن شاء الله تعالى- فإن الآية سيقت لحكاية ما أخذ الله على بني إسرائيل من الميثاق بأن يقولوا للناس حسنا، وهو عام شامل لكل الناس، والله أعلم. (5) البقرة: 190 والصحيح أن الآية محكمة كسابقتها. انظر تفسير الطبري (2/ 190)) والإيضاح ص 156، ونواسخ القرآن ص: 181. وسيأتي مزيد بيان للكلام حولها- إن شاء الله تعالى- وذلك عند قوله تعالى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا ... الآية: 190، من سورة البقرة ص 609. (6) قال النووي:. «مهما أمكن حمل كلام الشارع على وجه يكون أعم للفائدة تعين المصير إليه .. » اه شرح مسلم (1/ 35).

5 - نحو قوله عز وجل: فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ «1»، فحمل هذا على أنه محكم أولى «2». 6 - وأما قول عطاء في قوله عز وجل: لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا «3» أنه ناسخ لما كانوا عليه من قولهم في الجاهلية والإسلام: راعنا سمعك، أي فرغه لنا، لما وجد اليهود بهذه الكلمة سبيلا إلى السب «4»، لأنها في كلامهم سب «5»، فليس ذلك بصحيح. ولو كان ذلك ناسخا لكان جميع ما أمرهم به من مكارم الأخلاق، ومما يستحسن في القول والفعل ناسخا لما كانوا عليه «6»، ولهذه الآية نظائر كثيرة. وكل ما «7» قيل في ذلك بأنه ناسخ لعادة جرت أو شريعة تقدمت، فهذه سبيله، فأعلم ذلك.

_ (1) البقرة: 109. (2) قال السيوطي: وهذا من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ، وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد، كقوله فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وغيرها من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ» اه الإتقان (3/ 64). وكان السيوطي قد نقل قبل ذلك قول مكي بن أبي طالب: ذكر جماعة أن ما ورد في الخطاب مشعر بالتوقيت والغاية مثل قوله فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا .. محكم غير منسوخ، لأنه مؤجّل بأجل، والمؤجّل بأجل لا نسخ فيه» اه المصدر نفسه (3/ 61). (3) البقرة: 104 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا ... الآية. (4) في ظ: السبب. (5) ذكره بنحوه مختصرا الطبري بسنده عن عطاء وغيره، إلا إنه لم يذكر في ذلك نسخا. انظر: تفسيره (2/ 470). وذكره الواحدي مطولا، قال: قال ابن عباس في رواية عطاء: وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلّى الله عليه وسلّم أعجبهم ذلك، وكان (راعنا) في كلام اليهود سبأ قبيحا، فقالوا: إنا كنا نسب محمدا سرا، فالآن أعلنوا السب لمحمد، فإنه من كلامه، فكانوا يأتون نبي الله صلّى الله عليه وسلّم، فيقولون: يا محمد (راعنا) ويضحكون، ففطن بها رجل من الأنصار، وهو سعد بن عبادة، وكان عارفا بلغة اليهود، وقال: يا أعداء الله، عليكم لعنة الله، والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه، فقالوا: ألستم تقولونها؟! فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا ... الآية اه. أسباب النزول ص 18 وراجع الدر المنثور (1/ 252). (6) قال مكي: «وقد كان حق هذا ألا يذكر في الناسخ، لأنه لم ينسخ قرآنا، إنما نسخ ما كانوا عليه، وأكثر القرآن على ذلك» اه الإيضاح ص 125، وراجع الإتقان (3/ 64). وسيأتي مزيد بيان حول هذا- إن شاء الله تعالى- عند قوله تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ الآية فانظره هناك ص 601 من هذا الفصل. (7) في ظ: وكلما.

- قوله عز وجل: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «1» الآية. قالوا: هي ناسخة للصلاة إلى بيت المقدس قالوا: والصلاة إلى بيت المقدس، أول ما نسخ «2». وهذا ليس بناسخ لقرآن، (لأن الصلاة التي للنبي) «3» صلّى الله عليه وسلّم لم تكن بقرآن أنزل عليه «4». وقال ابن عباس- رضي الله عنهما- (أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة قال الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) «5». فصلى النبي «6» صلّى الله عليه وسلّم نحو بيت المقدس ثم صرف إلى البيت «7» العتيق «8») فعلى هذا تكون الآية ناسخة لقوله سبحانه فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «9» لأنه سبحانه أباح له صلّى الله عليه وسلّم استقبال ما شاء من الجهات ثم نسخه بما ذكرنا «10».

_ (1) البقرة: 144. (2) انظر الإيضاح ص 126، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 15 وابن سلامة ص 41. (3) هكذا في الأصل: لأن الصلاة التي للنبي، وفي بقية النسخ: لأن صلاة النبي ... الخ وهو الصواب. (4) والصحيح أن الآية محكمة وليست منسوخة كما يقول ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 149، وابن حجر في الفتح (8/ 194)، والكرمي في قلائد المرجان ص 115، والزرقاني في المناهل (2/ 256). (5) البقرة: 115. (6) في د: فصلى الله، صلّى الله عليه وسلّم!. (7) من هنا حصل سقط في (ظق) بمقدار ورقة، تبدأ من كلمة (العتيق) وتنتهي عند عبارة (والذكر والأنثى، وقد مر الكلام .. الخ) الآتية. (8) رواه النسائي مختصرا في كتاب الطلاق باب ما استثنى من عدة الطلاق (6/ 187). وأخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص 146، والحاكم بلفظ أطول وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة»، ووافقه الذهبي (انظر المستدرك كتاب التفسير 2/ 267) وزاد السيوطي عزوه، إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه كلهم عن ابن عباس- رضي الله عنهما- الدر المنثور ((1/ 265). وذكره الواحدي في أسباب النزول ص 21، والقرطبي في تفسيره 2/ 83. (9) الآية 115 من سورة البقرة. (10) ويروي هذا عن قتادة ومجاهد انظر سنن الترمذي أبواب التفسير (8/ 294)، وانظر الناسخ والمنسوخ لقتادة ص: 32. قال الفخر الرازي: «أن فسرنا الآية بأنها تدل على تجويز التوجه إلى أي جهة أريد، فالآية منسوخة، وأن فسرناها بأنها تدل على نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة فالآية

وقال عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- (نزلت في صلاة التطوع،، يصلي حيثما توجهت به الراحلة) «1». وقيل: نزلت في قوم عمّيت عليهم القبلة، فصلوا باجتهادهم إلى جهات مختلفة- فأعلموا أن صلاتهم جائزة «2». وروى عامر بن ربيعة «3» عن أبيه «4» (كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر

_ ناسخة، وأن فسرناها بسائر الوجوه، فهي لا ناسخة ولا منسوخة» اه. ... وقال: إن قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ مشعر بالتخيير، والتخيير لا يثبت إلا في صورتين: أحدهما: في التطوع على الراحلة، وثانيهما: في السفر عند تعذر الاجتهاد للظلمة أو لغيرها، لأن في هذين الوجهين المصلي مخير، فأما على غير هذين الوجهين فلا تخيير ... اه 4/ 19. وسيذكر المصنف الأدلة على هاتين الصورتين- أعني التطوع على الراحلة حيثما توجهت به الراحلة، أو الصلاة المكتوبة عند تعذر معرفة القبلة. وقال ابن الجوزي: وأعلم أن قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ليس فيه أمر بالتوجه إلى بيت المقدس ولا إلى غيره، بل هو دال على أن الجهات كلها سواء في جواز التوجه إليها. ثم قال: فأما التوجه إلى بيت المقدس، فاختلف العلماء، هل كان برأي النبي صلّى الله عليه وسلّم واجتهاده أو كان عن وحي؟ فروى عن ابن عباس وابن جريج أنه كان عن أمر الله تعالى له. وقال الحسن وعكرمة وأبو العالية والربيع: بل كان برأيه واجتهاده ... ثم ذكر أدلة القولين. نواسخ القرآن ص 146، 148. والذي يظهر أنه يميل إلى أن ذلك كان باجتهاد منه صلّى الله عليه وسلّم واختياره، بدليل ذكره لخلاف العلماء في سبب اختياره بيت المقدس والله أعلم. (1) روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده إلى عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اه. ثم ذكر مسلم أحاديث تدل على أنه كان صلّى الله عليه وسلّم يصلي صلاة التطوع حيثما توجهت به الراحلة. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (5/ 209). ورواه الترمذي في أبواب التفسير باب ومن سورة البقرة (8/ 292)، وراجع أسباب النزول للواحدي ص 20، 21، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 141. (2) انظر حديث عامر بن ربيعة الآتي: (3) الذي روى عن أبيه هو عبد الله بن عامر بن ربيعة وليس عامر هو الذي روى عن أبيه، كما في صحيح؛ مسلم (5/ 212) وسنن الترمذي: (2/ 321) فهو عبد الله بن عامر بن ربيعة، حليف بني عدي، أبو محمد، ولد على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، مدني تابعي ثقة، من كبار التابعين، مات سنة بضع وثمانين. التقريب (1/ 425)، وتاريخ الثقات ص 263. (4) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك، حليف آل الخطاب، صحابي مشهور أسلم قديما وهاجر، وشهد

فتغيمت «1» السماء، وأشكلت علينا القبلة، فصلينا وعلّمنا «2»، فلما طلعت الشمس إذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة، فنزلت فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «3». 8 - ومن هذا: قول الحسن البصري في قوله عز وجل: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى «4» أنها نزلت في نسخ التراجع الذي كانوا يفعلونه إذا قتل الرجل امرأة كان أولياؤها بالخيار بين قتله مع تأدية نصف ديته، وبين أخذ دية الرجل أو تركه «5»، وأن كان قاتل الرجل امرأة، كان أولياء المقتول بالخيار بين قتل المرأة، وأخذ نصف دية الرجل، فإن «6» شاءوا أخذوا الدية كاملة، ولم يقتلوها. قال: فنسخت هذه الآية ما كانوا يفعلونه) «7» اه.

_ بدرا، مات سنة 33 هـ، وقيل غير ذلك. انظر التقريب (1/ 387)، ومشاهير علماء الأمصار ص 33، والإصابة (5/ 277) رقم 4374. (1) الغيم: السحاب، وقد غامت السماء وأغامت وأغيمت وتغيمت وغيمت، كله بمعنى واحد. اللسان (12/ 446) (غيم). (2) وعلمنا- بتشديد اللام المفتوحة- أي وضعنا أعلاما وخطوطا، تدل على الجهة التي صلينا إليها، حتى نعرف أصبنا أم أخطأنا. (3) رواه الترمذي بنحوه بسنده إلى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه. أبواب الصلاة باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم (2/ 321)، وقال: هذا حديث ليس إسناده بذاك. قال: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا، قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم استبان له بعد ما صلى أنه صلى لغير القبلة، فإن صلاته جائزة، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق اه. وهذا ما رجحه ابن الجوزي، فقد قال: وهذا الحكم باق عندنا وأن من اشتبهت عليه القبلة فصلى بالاجتهاد فصلاته صحيحة مجزية، وهو قول سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والشعبي والنخعي، وأبي حنيفة .. ) اه نواسخ القرآن ص 140، وقد أعاد الترمذي ذكره في أبواب التفسير باب ومن سورة البقرة: (8/ 292)، وقال فيه: حديث غريب) اه. (4) البقرة: (178). (5) في د وظ: وتركة. (6) في د وظ: وان شاءوا. (7) ذكره بنصه النحاس ومكي بن أبي طالب وأبو حيان. انظر الإيضاح ص 136، والناسخ والمنسوخ ص 20، والبحر المحيط 2/ 10، وذكره الطبري عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- لكن دون أن يذكر أنها نسخت التراجع الذي كانوا يفعلونه. انظر جامع البيان (2/ 105)، وعزاه القرطبي إلى علي بن أبي طالب أيضا والحسن بن أبي الحسن البصري، وقال: روى هذا الشعبي عن علي ولا يصح، لأن الشعبي لم يلق عليا اه تفسيره (2/ 248).

فإن كانت هذه الآية نزلت في ذلك فهي محكمة، ولا يقال: إنها ناسخة لفعلهم لأن فعلهم ذلك لم يكن بقرآن نزل ولا هو حكم من أحكام الله عز وجل «1». ولا يقال:- أيضا- لذلك الفعل الذي كانوا يفعلونه منسوخ. لأنه لم يكن حكما ثابتا بخطاب سابق لهذا الخطاب. وعن ابن عباس: (أن هذه الآية منسوخة بقوله عز وجل في المائدة: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ «2» فهذه أوجبت قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل والحر بالعبد والعبد بالحر) «3»، وليس هذا مما أصححه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- لأن هذه الآية إنّما هي «4» أخبار من الله عزّ وجلّ بما أنزل في «5» التوراة. فإن قيل: فقد قال: بعد ذلك-: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ «6»، قلت: أراد سبحانه أن اليهود خالفوا التوراة، ولم يحكموا بها، وقال بعد ذلك: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ

_ قال الفخر الرازي: وهو أيضا ضعيف عند النظر، لأنه قد ثبت أن الجماعة تقتل بالواحد ولا تراجع، فكذلك يقتل الذكر بالأنثى ولا تراجع، ولأن القود نهاية ما يجب في القتل فلا يجوز وجوب غيره معه اه. تفسيره (5/ 15). (1) انظر: تفسير أبي حيان (2/ 10). (2) المائدة: (45). (3) رواه النحاس في الناسخ عن ابن عباس ص 20، وفي سنده جويبر بن سعيد الأزدي صاحب الضحاك، ضعيف جدا، ليس بشيء، توفي نحو 140 هـ. التقريب (1/ 136) والميزان (1/ 427)، وأيضا فإن أبا عبيد يقول: إن ابن عباس يذهب إلى أن آية المائدة ليست بناسخة للتي في البقرة، ولكنها كالمفسرة لها، فهما محكمتان. انظر الناسخ والمنسوخ له ص 336. وقد ذكر كل من مكي، وابن الجوزي النسخ عن ابن عباس ورداه. قال مكي: وهذا لا يجوز عند جماعة من العلماء .. اه الإيضاح ص 134. وقال ابن الجوزي: وهذا القول ليس بشيء لوجهين: أحدهما: أنه إنما ذكر في آية المائدة ما كتبه على أهل التوراة، وذلك لا يلزمنا ... والثاني: أن دليل الخطاب عند الفقهاء حجة ما لم يعارضه دليل أقوى منه، وقد ثبت بلفظ الآية أن الحر يوازي الحر فلأن يوازي العبد أولى، ثم أن أول الآية يعم، وهو قوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ، وإنما نزلت فيمن كان يقتل حرا بعبد وذكرا بأنثى، فأمروا بالنظر بالتكافؤ اه نواسخ القرآن ص 156، 157، وانظر: زاد المسير (1/ 180). (4) (إنما هي): ساقطة من ظ: وكان الناسخ أضافها في الحاشية إلا أنها لم تظهر. (5) (في): ساقطة من ظ. (6) أي آخر الآية سالفة الذكر ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً «1». فأعلمنا سبحانه أن «2» لنا شرعة تخالف شرعتهم، ومنهاجا يخالف منهاجهم. وقال الشعبي وغيره: آية البقرة نزلت في قوم اقتتلوا، فقتل بينهم جماعة كثيرة، وكانت احدى الطائفتين تعاظمت على الاخرى، وأرادت أن تقتل بالعبد منها الحر من الاخرى، وبالأنثى الرجل، فنزلت «3». ثم هي لمن أراد مثل ما طلبوا «4». قال هؤلاء: فهي محكمة، وليس هذا بصحيح، فإن الرجل يقتل بالمرأة «5» عند عامة الفقهاء «6». إلّا ما ذكر عن «7» عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وعطاء وعكرمة «8»، إلّا أن يريدوا قتل الرجل الحر بالأمة، فيكون قول الله عزّ وجلّ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى أي الأنثى من الاماء بالأنثى منهن أي لا يقتل «9» بالأمة الرجل الحر، إنما «10» يقتل بها أنثى

_ (1) المائدة (48). (2) في ظ: فأعلمنا سبحانه وأن لنا شرعة ... الخ. حيث أقحمت الواو. (3) ذكر هذا الطبري بسنده إلى الشعبي وقتادة ومجاهد. انظر: جامع البيان (2/ 103)، وعزاه النحاس والواحدي إلى الشعبي. انظر الناسخ والمنسوخ ص 20، وأسباب النزول ص: 26. ونسبه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير. انظر: أسباب النزول له ص 65، والدر المنثور (1/ 418). (4) انظر الإيضاح ص 135. (5) في الأصل: حصل تداخل في بعض العبارات هنا، فاستدرك الناسخ ذلك في الحاشية، ولم يغير في الصلب. (6) انظر: تفسير الطبري (2/ 105)، والإيضاح ص 136 - 137 قال القرطبي: «وأجمع العلماء على قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل والجمهور لا يرون الرجوع» بشيء اه الجامع لأحكام القرآن (2/ 248)، قال الشوكاني: وهو الحق اه انظر: فتح القدير (1/ 175). وراجع المسألة مفصلة في تفسير القرطبي ونيل الأوطار (7/ 16). (7) في ظ: إلا ما ذكر عن ابن عبد العزيز، وكان الناسخ أضافها في الحاشية إلا أنها لم تظهر. (8) قال أبو حيان: وهذا خلاف شاذ. انظر: البحر المحيط: 2/ 11. وقد قال هؤلاء ومن نحا نحوهم: لا يقتل الرجل بالمرأة وإنما تجب الدية. راجع نيل الأوطار (7/ 16). (9) في ظ: لا تقتل. (10) في ظ: بما.

مثلها أو عبد مثلها، وفيه بعد، لأن قوله عزّ وجلّ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى يقتضي ألا تقتل الأنثى إلّا بأنثى «1» «2». وقيل: إنهم أرادوا قتل امرأتين بامرأة، وقتل رجلين برجل «3»، فعلى هذا يصح معنى الآية. وقال السدي وغيره: اقتتل فريقان على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم في ديات قتلاهم، ديات النساء بديات النساء، وديات الرجال بديات الرجال «4». قال هؤلاء: فهي في شيء بعينه، وهي على هذا الحكم باقية لمن أتى بعدهم، وهي محكمة «5». وعلى هذا الذي ذكروه يصح تأويل الآية ومعناها أيضا. وذهب سعيد بن المسيب والثوري، والنخعي، وقتادة، وأبو حنيفة، وأصحابه، إلى أن آية البقرة منسوخة بقوله عزّ وجلّ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ فأجروا القصاص بين الحر والعبد «6» والذكر والأنثى «7»، وقد مرّ الكلام على أنها غير

_ (1) في ظ: بالأنثى. (2) وتقتل الأنثى بالرجل من باب أولى كما سبق قريبا وهو قول الجمهور وقد نقل أبو حيان عن مالك قوله: أحسن ما سمعت في هذه الآية أنه يراد به الجنس الذكر والأنثى سواء فيه، وأعيد ذكر الأنثى توكيدا واهتماما بإذهاب أمر الجاهلية اه. البحر المحيط (2/ 11). (3) قال أبو حيان: وكانوا في الجاهلية يفعلون ذلك ويقتلون بالواحد الاثنين والثلاثة والعشرة اه البحر المحيط (2/ 15). (4) أخرجه ابن جرير بسنده إلى السدي. انظر: جامع البيان 2/ 104، وكان الطبري قد قال قبل ذكره لرواية السدي هذه- قال قوم: «نزلت هذه الآية في فريقين كان بينهم قتال على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقتل من كلا الفريقين جماعة من الرجال والنساء، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يصلح بينهم بأن يجعل ديات النساء من كل واحد من الفريقين قصاصا بديات النساء من الفريق الآخر، وديات الرجال بالرجال، وديات العبيد بالعبيد ... » اه وانظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 20. (5) راجع الإيضاح لمكي ص 136. (6) إلى هنا نهاية الورقة الساقطة من ظق. (7) قال الشوكاني: وقد استدل القائلون بأن الحر لا يقتل بالعبد بقوله تعالى الْحُرُّ بِالْحُرِّ ... وهم الجمهور، وذهب أبو حنيفة وأصحابه، والثوري وابن أبي ليلى وداود إلى أنه يقتل به. قال القرطبي: وروى ذلك عن علي وابن مسعود، وبه قال سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي، وقتادة والحكم بن عيينة، واستدلوا بقوله تعالى وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، وأجيب بأن آية البقرة مفسرة لآية المائدة، وآية المائدة أيضا حكاية عما شرعه الله لبني إسرائيل، ومن جملة ما

منسوخة، وأن آية المائدة لا تصلح أن تكون «1» ناسخة. 9 - ومما عدوه ناسخا وليس كما قالوا: قوله عزّ وجلّ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ «2». قالوا: هو ناسخ لما كان عليه بنوا إسرائيل، أباح الله به العفو عن القاتل، وأخذ الدية، ولم يكن ذلك لهم «3». والكلام في ذلك كما تقدم في قوله عزّ وجلّ ... لا تَقُولُوا راعِنا «4». 10 - وقوله عزّ وجلّ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ... «5» الآية، يجوز أن تكون منسوخة بآية الميراث «6» وأن تكون «7» محكمة «8».

_ استدل به الآخرون: قوله صلّى الله عليه وسلّم «المسلمون تتكافأ دماؤهم»، وأجيب عنه بأنه مجمل والآية بينته، ولكنه يقال: «ان آية البقرة إنما أفادت بمنطوقها أن الحر يقتل بالحر، والعبد يقتل بالعبد، وليس فيها ما يدل على أن الحر لا يقتل بالعبد إلا باعتبار المفهوم، فمن أخذ بمثل هذا المفهوم لزمه القول به هنا، ومن لم يأخذ بمثل هذا المفهوم لم يلزمه القول به هنا» اه باختصار فتح القدير 1/ 175. فالأولى التعويل على الأحاديث القاضية بأنه لا يقتل الحر بالعبد، وعلى ما ورد من الأحاديث القاضية بأنه يقتل الذكر بالأنثى. راجع نيل الأوطار 7/ 17. (1) في د: أن يكون. (2) أي آخر الآية التي سبق الحديث عنها وهي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ .... (3) روى نحوه ابن جرير عن قتادة. انظر: جامع البيان (2/ 111) وروى نحوه كذلك النحاس بسنده عن مجاهد عن ابن عباس. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 21. وذكره مكي بن أبي طالب، ثم قال: وقد كان يجب ألا يذكروا هذه الآية وشبهها في الناسخ والمنسوخ، لأنها كآي القرآن كلها التي نسخت شرائع الكفار وأهل الكتاب، ولو نسخت آية أخرى لوجب ذكرها اه الإيضاح ص 137 - 138. (4) أي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا الآية 104 من سورة البقرة: راجع الكلام عليها ص 594 من هذا البحث. (5) البقرة: 180. (6) آية الميراث يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... الآية 11 من سورة النساء. (7) في ظ: وأن تكن. (8) الذي تبين لي من كلام العلماء أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث حيث جعل الله لمن يرث نصيبا معلوما مفروضا، والحق بكل ذي حق حقه من الميراث، وليست لهم وصية، وتبقى الوصية مندوبة لمن لا يرث من قريب أو غيره، لأنه لا وصية لوارث، كما دلت على ذلك الأحاديث. انظر في هذا

وقالوا «1»: كانت الوصية للوالدين والأقربين، ثم نسخ ذلك. وقيل: معناها: أن يوصى للوالدين والأقربين بإمضاء ما فرضه الله لهم وسوّغه من مال الميت، وأن لا يتعدى حكم الله فيه «2»، فتكون «3» على هذا محكمة، قالوا: ومما يؤيد أنها منسوخة أنها نزلت قبل أن ينزل ما في النساء «4». وقال طاوس، والحسن وغيرهما: هي محكمة «5». وقيل: بعضها منسوخ، وهو قوله تعالى لِلْوالِدَيْنِ، وبعضها محكم وهو (قول) «6» الوصية للأقربين. وممن قال ذلك: الشعبي والنخعي واختاره الطبري، ويروى ذلك عن الحسن وعن قتادة والضحاك «7». وقال الضحاك: (من مات ولم يوص للأقربين فقد ختم عمله بمعصية) «8». وقال الحسن وطاوس: إذا أوصى بثلث ماله للأجنبي، فلقرابته من ذلك «9» الثلثان، وللأجنبي الثلث «10».

_ الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 35، وسنن الدارمي كتاب الوصايا باب الوصية للوارث: (2/ 419) والناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 25، وللبغدادي ص 237، والإيضاح لمكي ص 141، ونواسخ القرآن ص 159، وزاد المسير (1/ 182)، والدر المنثور 1/ 424 والتسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي (1/ 71) وتفسير ابن كثير 1/ 211، وقلائد المرجان ص 59، ومناهل العرفان (2/ 257). (1) في بقية النسخ: قالوا. بدون واو. (2) ذكره الفخر الرازي بنحوه، وقال: انه اختيار أبي مسلم الاصفهاني انظر: مفاتيح الغيب 5/ 61. (3) في د: فيكون. (4) قال مكي: قد أجمع المفسرون أن قوله «الوصية للوالدين» نزل قبل نزول آية المواريث اه الإيضاح ص 142. (5) انظر: قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن ص 59. (6) هكذا في الأصل: وهو قول الوصية للأقربين. وفي بقية النسخ بدون كلمة (قول) وهو الصواب. (7) انظر: الإيضاح لمكي ص 143، وراجع تفسير الفخر الرازي: 5/ 63. (8) أخرجه الطبري بسنده عن جويبر عن الضحاك. انظر: جامع البيان 2/ 116، وقد سبق قريبا عند الكلام على قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ ... أن جويبر هذا ضعيف جدا سيّئ الحفظ، فالأثر ضعيف من حيث السند، ثم إنه أيضا من ناحية المعنى فإنه يحكم على عمل بكونه معصية، وهذا لا يقال إلا من المشرع الذي لا ينطق عن الهوى ولا يقال بالاجتهاد والرأي. والله أعلم. (9) الإشارة تعود إلى الثلث، فلقرابته الثلثان من ذلك الثلث، وللأجنبي ثلث الثلث. (10) أخرجه ابن جرير عن الحسن وجابر بن زيد وعبد الملك بن يعلى. انظر تفسيره 2/ 117.

11 - وقال قوم:- في قوله عزّ وجلّ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ «1» أن الآية منسوخة «2»، وأن المسلمين كانوا يقتدون بفعل أهل الكتاب في

_ وذكره مكي في الإيضاح ص 144، وعزاه إلى الحسن وطاوس. وعزاه السيوطي إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن وطاوس الدر المنثور (1/ 423). تتمة: رأيت في ختام الكلام عن هذه الآية أن أنقل ما ذكره الإمام ابن كثير- رحمه الله تعالى- حولها ففيه ما يشفي ويكفي، وهو عبارة عن خلاصة ما ذكره المفسرون حول هذه الآية قال: «اشتملت هذه الآية الكريمة على الأمر بالوصية للوالدين والأقربين، وقد كان ذلك واجبا على أصح القولين قبل نزول آية المواريث، فلما نزلت آية الفرائض نسخت هذه وصارت المواريث المقدرة فريضة من الله يأخذها أهلوها حتما من غير وصية ولا تحمل منة الموصي، ولهذا جاء في الحديث الذي في السنن وغيرها عن عمرو بن خارجة، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخطب وهو يقول: ان الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث، ثم ساق الآثار عن ابن عباس وغيره، والتي تدل على أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، قال: ومن العلماء من يقول انها منسوخة فيمن يرث ثابتة فيمن لا يرث وهو مذهب ابن عباس والحسن ومسروق وطاوس والضحاك ومسلم بن يسار والعلاء بن زياد، وبه قال سعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان، ولكن على قول هؤلاء لا يسمى هذا نسخا في اصطلاحنا المتأخر، لأن آية المواريث إنما رفعت حكم بعض أفراد ما دل عليه عموم آية الوصاية، لأن الأقربين أعم ممن يرث ومن لا يرث، فرفع حكم من يرث بما عين له، وبقي الآخر على ما دلت عليه الآية الأولى، وهذا إنما يتأتى على قول بعضهم إن الوصاية في ابتداء الإسلام إنما كانت ندبا حتى نسخت، فأما من يقول إنها كانت واجبة- وهو الظاهر من سياق الآية- فيتعين أن تكون منسوخة بآية الميراث كما قاله أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء. فإن وجوب الوصية للوالدين والأقربين الوارثين منسوخ بالإجماع، بل منهى عنه للحديث المتقدم، فآية الميراث حكم مستقل، ووجوب من عند الله لأهل الفروض والعصبات، رفع بها حكم هذه بالكلية، بقي الأقارب الذين لا ميراث لهم، يستحب له أن يوصي لهم من الثلث استئناسا بآية الوصية وشمولها، ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما حق امرى مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده اه باختصار من تفسير ابن كثير 11/ 211 - 212. (1) البقرة: 183. (2) حكاه النحاس عن أبي العالية والسدي، انظر الناسخ والمنسوخ ص 25، وممن قال بنسخها ابن حزم، قال: نسخت بقوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ .. الآية 187 من سورة البقرة. وقال بنسخها ابن سلامة ص 55 - 62، وعبد القاهر البغدادي، بل ادّعى الاتفاق على نسخها، حيث أورد هذه الآية في باب ذكر الآيات التي اتفقوا على نسخها وناسخها من القرآن. وقال: ان الذي نسخها قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ الآية 185 من السورة نفسها. انظر الناسخ والمنسوخ ص 72. ويفهم من كلام مكي أنه كذلك يميل إلى القول بنسخها، حيث أورد الأقوال في كونها منسوخة أو ناسخة- أي لصوم يوم عاشوراء أو ثلاثة أيام من كل شهر.

صومهم، فكانوا إذا ناموا حرّم عليهم بعد نومهم أن يأكلوا أو يشربوا أو يقربوا النساء، وكذلك بعد صلاة العشاء الآخرة وإن لم يناموا. وليس هذا القول بشيء، وإنّما المعنى: فرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم، أي أوجبه الله تعالى عليكم كما أوجبه على الذين من قبلكم «1». قال علي- رضي الله عنه- (أولهم آدم، وجميع الأمم مفروض عليهم الصوم) «2»، وقال قوم: أراد بقوله أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، كتب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صيامها حين هاجر، ثم نسخ بشهر رمضان «3»، وهذا غير صحيح «4»، لأنه بين الأيام المعدودات بقوله عزّ وجلّ شَهْرُ رَمَضانَ.

_ إلى أن قال: وقوله عز وجل عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ .. الآية 187 من السورة نفسها، يدل على أن الله فرض علينا ما كان فرضه على من كان قبلنا من الصيام وترك الطعام والشراب والوطء بعد النوم، فهو منسوخ بما بعده، دليل ذلك أن الخيانة لا تلحق إلا من ترك ما أمر به وفعل ما نهى عنه ... اه الايضاح ص 147. وقال بنسخها كذلك ابن العربي وتابعه السيوطي. انظر: الإتقان 3/ 65. فهذه أقوال الذين قالوا بنسخها مع اختلافهم في الناسخ كما ترى، وهي أقوال مرجوحة، وإنما الصحيح أن الآية محكمة كما سيذكره المصنف وكما ذكره ابن الجوزي وغيره فيما يأتي. والله أعلم. (1) وهذا ما رجحه الإمام الطبري- أي أن الآية لا ناسخة ولا منسوخة- انظر: جامع البيان (2/ 131، 132). وقد ذكر مكي بن أبي طالب عن الشعبي ومجاهد والحسن أن الآية محكمة، غير ناسخة ولا منسوخة .. ) اه الإيضاح ص 148. وقد مال ابن الجوزي إلى أن الإشارة بقوله: كَما كُتِبَ ليست إلى صفة الصوم ولا إلى عدده، وإنما إلى نفس الصوم، والمعنى: كتب عليكم أن تصوموا كما كتب عليهم. قال: وأما صفة الصوم وعدده، فمعلوم من وجوه أخر، لا من نفس الآية، وهذا المعنى مروي عن ابن أبي ليلى، وقد أشار السدي والزجاج والقاضي أبو يعلى (إلى هذا)، وما رأيت مفسرا يميل إلى التحقيق إلا وقد أومى إليه، وهو الصحيح ... وعلى هذا البيان لا تكون الآية منسوخة أصلا اه نواسخ القرآن ص 170، وذكره كذلك بنحوه مختصرا في كتابه المصفى بأكف أهل الرسوخ ص 18. وممن نفى النسخ الشيخ الزرقاني. انظر مناهل العرفان (2/ 259). (2) لم أقف على من ذكره مسندا إلى علي- رضي الله عنه- وإنما ذكره أبو حيان عنه دون إسناد. انظر: البحر المحيط 22/ 29. (3) انظر: الإيضاح ص 146 - 147. (4) أي تفسير الأيام المعدودات بيوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر. وأنها نسخت بشهر رمضان،

12 - وأما قوله عزّ وجلّ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين «1» قيل: إنها منسوخة، وكانوا من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا عن كل يوم، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ «2».

_ فهذا غير صحيح، بل الصحيح الذي قاله العلماء المحققون أن المراد بالأيام المعدودات «شهر رمضان» كما بينه السخاوي- رحمه الله- وهو اختيار الطبري، فقد ساق الروايات في ذلك ثم قال: وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال: عني الله جل ثناؤه بقوله: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ أيام شهر رمضان. ورد على القائلين الذين قالوا: إن الله فرض على الأمة الإسلامية صياما غير صيام شهر رمضان وفند ذلك قائلا: فمن ادعى ذلك فعليه بالدليل والبرهان .. ) اه جامع البيان (2/ 131). وبناء على هذا فلا نسخ، وراجع أحكام القرآن لابن العربي (1/ 76). وتفسير الفخر الرازي (5/ 71) وزاد المسير (1/ 185)، وتفسير القرطبي (2/ 276)، والبحر المحيط (2/ 30)، ولباب التأويل (1/ 129) وروح المعاني (2/ 57). ويفهم من كلام المصنف أن صيام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر كان مكتوبا على رسول الله، وقد سمعنا ما قاله الإمام الطبري في الرد على هذا القول، ولكن بالنسبة لفرضية صوم يوم عاشوراء، فقد روى البخاري- رحمه الله- أحاديث تدل على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصومه وأنه أمر الناس بصيامه، حتى فرض رمضان فصار بالخيار فمن شاء صام ومن شاء أفطر .. قال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبا لثبوت الأمر بصومه ثم تأكد الأمر بذلك .. وذكر عدة مؤكدات، ومنها قول ابن مسعود الثابت في مسلم (لما فرض رمضان ترك عاشوراء) مع العلم بأنه ما ترك استحبابه، بل هو باق فدل على أن المتروك وجوبه اه فتح الباري (4/ 244، 247). وبالنسبة لصيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد روى النسائي بأسانيد مختلفة وألفاظ متقاربة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمرهم بصيامها وليس فيها ما يدل على أنها كانت فرضا مكتوبا عليه وعلى أمته ثم نسخت بشهر رمضان. انظر سنن النسائي (4/ 222)، من كتاب الصيام. (1) البقرة: 184. وهي هكذا في النسخ «فدية طعام مساكين» قرأ نافع وابن ذكوان، (فدية طعام) بالإضافة، وقرأ الباقون بالتنوين في «فدية»، وبرفع «الطعام»، وقرأ نافع وابن عامر «مساكين» بالجمع، وقرأ الباقون بالتوحيد منونا مخفوضا بالاضافة الكشف (1/ 282)، والتبصرة ص 266، والنشر: 2/ 226. (2) البقرة: 185. روى البخاري في صحيحه بسنده عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» كان من أراد أن يفطر ويفتدي فعل، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها كتاب التفسير (5/ 155). ورواه مسلم في كتاب الصيام باب بيان قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ 8/ 20، وانظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد 184 - 190، قال ابن حزم:- بعد أن ذكر نص الآية- هذه الآية نصفها منسوخ وناسخها قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ يعني فمن شهد منكم الشهر حيا بالغا حاضرا صحيحا عاقلا فليصمه اه. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 26، وراجع الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 37، ولابن سلامة ص 64.

وقيل: أنها محكمة «1». وقوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ يريد به من أفطر لمرض، ثم صح فأطاق القضاء فلم يقض حتى أدركه فرض الصوم لعام آخر. فإنه يصوم الذي أدركه، فإذا فرغ منه قضى الذي فاته، وأطعم عن كل يوم مدا «2». وأما من اتصل به المرض فلم يطق أن يقضي حتى جاء الصوم الآخر، فإنه يقضي بعد ذلك إذا أطاق «3»، ولا اطعام عليه. وهذا القول: قول زيد بن أسلم وابن شهاب ومالك- رحمه الله- في رواية ابن وهب عنه «4». ويجوز- والله أعلم- أن تكون «5» محكمة، ويكون المعنى قوله وَعَلَى الَّذِينَ

_ فالأشهر في هذه الآية والمعول عليه أنها منسوخة بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ كما قال مكي في الإيضاح ص 149 والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 26 - 29. واختار القول بنسخها ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 79) والجصاص (1/ 177)، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 177، 178، وفي المصفى بأكف أهل الرسوخ ص 18، قال: «وفي هذا مضمر تقديره: وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية ... » اه. وانظر تفسير النسفي 1/ 94، ومناهل العرفان (2/ 259). (1) حكاه النحاس، قال: من لم يجعلها منسوخة جعلها مجازا، قال: المعنى: يطيقونه على جهد، أو قال: كانوا يطيقونه، فأضمر (كان) وهو مستغن عن هذا. اه وحكى الأحكام مكي وابن الجوزي، والقرطبي، والزرقاني، انظر: المصادر السابقة، والجامع لأحكام القرآن (2/ 228). (2) انظر: الموطأ للإمام مالك كتاب الصيام باب إذا لم يقض حتى دخل رمضان أطعم وقضى 1/ 303. وهذا يعد خروجا عن معنى الآية وعما يقصده المصنف من النسخ وعدمه. (3) في بقية النسخ: فإنه يقضي إذا أطاق ذلك. (4) ذكر هذا بنحوه مكي. انظر الإيضاح ص 151. قال الجصاص: وقد اختلف الفقهاء فيمن أخر القضاء حتى حضر رمضان آخر، فقال أصحابنا جميعا: يصوم الثاني عن نفسه ثم يقضي الأول، ولا فدية عليه، وقال مالك والثوري والشافعي والحسن بن صالح: إن من فرط في قضاء الأول أطعم مع القضاء كل يوم مسكينا. وقال الثوري والحسن بن حيّ: لكل يوم نصف صاع بر، وقال مالك والشافعي: كل يوم مدا. وان لم يفرط بمرض أو سفر، فلا إطعام عليه .. ) اه أحكام القرآن: 1/ 210، وراجع المحرر الوجيز لابن عطية (1/ 513)، والإيضاح لمكي ص: 151. وشرح النووي على مسلم 8/ 21، 23، والمغني لابن قدامة (3/ 144)، ونيل الأوطار (4/ 234). (5) في د وظ: أن يكون.

يُطِيقُونَهُ: أي الذين يتعمدون الفطر من غير عذر، فإنهم يلزمهم إطعام ستين مسكينا، أو العتق، أو صوم شهرين. والسنة بينت الاطعام، وزادت العتق والصيام «1». وليس التأويل الأول: كانوا من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم، بمتفق عليه بين الصحابة، إنّما ذلك قول معاد بن جبل- رحمه الله «2» -، وقد خالفه

_ (1) لم يبين المصنف- رحمه الله تعالى- نوع الإفطار المتعمد هل كان بالجماع أم بغيره؟ فإن كان بالجماع فقد تولت السنة بيان الكفارة في ذلك، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: هلكت يا رسول الله قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا ... ) الحديث 7/ 225 بشرح النووي. ورواه البخاري في كتاب الصوم باب إذا جامع في رمضان (2/ 235). وإن كان الإفطار بغير الجماع فالصحيح من أقوال أهل العلم، أن الذي يفطر بأي أنواع المفطرات غير الجماع، فإنه يلزمه القضاء دون الكفارة، قال الإمام الشافعي: (فإن أكل أو شرب عامدا للأكل والشرب ذاكرا للصوم فعليه القضاء) اه. كتاب الأم باب ما يفطر الصائم 2/ 96. وقال ابن تيمية: ولا أعلم خلافا بين أهل العلم أن من استقاء عامدا فعليه القضاء، ولكن اختلفوا في الكفارة، فقال عامة أهل العلم ليس عليه غير القضاء. وقال عطاء: عليه القضاء والكفارة، وحكى عن الأوزاعي، وهو قول أبي ثور، قلت:- ابن تيمية- وهو مقتضى إحدى الروايتين عن أحمد في إيجابه الكفارة على المحتجم، فإنه إذا أوجبها على المحتجم، فعلى المستقيء أولى، لكن ظاهر مذهبه أن الكفارة لا تجب بغير الجماع كقول الشافعي الفتاوي 25/ 221، 222. وفي زاد المستقنع لشرف الدين الحنبلي: ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان اه ص 81، ولعل قائلا يقول: قد جاء في بعض روايات مسلم في الحديث السابق (أن رجلا أفطر في رمضان .. ) الحديث 7/ 226. قال الشوكاني: وبهذا استدلت المالكية على وجوب الكفارة على من أفطر في رمضان بجماع أو غيره؛ والجمهور حملوا المطلق على المقيد، وقالوا: «لا كفارة إلا في الجماع» نيل الأوطار 4/ 215. وهذا هو الصحيح حيث لم يرد نص في غير الجماع ولا يقاس غيره عليه. والله تعالى أعلم. (2) هو جزء من حديث طويل مروى عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب كيف الأذان (1/ 338)، وأحمد في مسنده (5/ 546) والحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. انظر المستدرك (2/ 274) وراجع الدر المنثور (1/ 427). ولم ينفرد معاذ- رضي الله عنه- بهذا القول كما يفهم من عبارة المصنف فقد ذكره ابن الجوزي عن معاذ وابن مسعود وابن عمر والحسن وعكرمة وقتادة والضحاك والنخعي والزهري رضي الله عنهم. انظر نواسخ القرآن ص 175.

ابن عباس وأبو بكر الصديق- رضي الله عنه- وقرءا وعلى الذين يطوّقونه- بضم الياء وفتح الطاء وتشديد الواو «1» -. وقال ابن عباس: رضي الله عنه (نزلت في الكبيرين الذين لا يقدران «2» على الصوم، والمريض أيضا «3») «4». وعلى هذه القراءة أيضا: عائشة- رضي الله عنها- وعطاء وابن جبير وعكرمة «5». وعن مجاهد: (يطّوّقونه) - بفتح الياء وتشديد الطاء والواو- أي يتكلفونه «6». ومعنى الأولى: يكلفونه على جهد وعسر. ولو كانوا في صدر الإسلام- على ما قيل من التأويل الأول- لمنع شهرة ذلك من وقوع هذا الخلاف. وأنا أذكر- بعون الله- الآيات التي قيل انها منسوخة، ولها وجه «7» تحمل عليه فتكون محكمة «8» من ذلك:

_ وراجع زاد المسير (1/ 186) والمحرر الوجيز لابن عطية (1/ 512) والبحر المحيط (2/ 36). وهو قول سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه- كما سبق قريبا في الحديث الذي رواه البخاري عنه. (1) وهي قراءة شاذة وسيذكر المصنف معناها. انظر مختصر شواذ القرآن لابن خالويه ص 11، وتفسير الطبري (2/ 132)، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 27، وزاد المسير (1/ 186)، ونواسخ القرآن ص 177. (2) في ظ: لا يقدرون. (3) كلمة (أيضا) ليست في بقية النسخ. (4) رواه الدارقطني في سننه كتاب الصوم، وقال: هذا إسناد صحيح (2/ 205)، وهذا يشمل جميع أهل الأعذار الذين يباح لهم الفطر. وانظر الدر المنثور (1/ 432) وتفسير القرطبي (2/ 288) ونواسخ القرآن ص 176. (5) انظر الإيضاح ص 151، وجامع البيان (2/ 137 - 138). (6) الإيضاح ص 152، وهي قراءة شاذة كسابقتها، ونسب ابن عطية والقرطبي هذه القراءة إلى ابن عباس، وعائشة وطاوس وعمرو بن دينار. انظر المحرر الوجيز (1/ 511)، وتفسير القرطبي: (2/ 287)، قال القرطبي: «وهي صواب في اللغة، لأن الأصل (يتطوقونه)، فأسكنت التاء وأدغمت في الطاء فصارت طاء مشددة، وليست من القرآن، خلافا لمن أثبتها قرآنا، وإنما هي قراءة على التفسير) اه وراجع البحر المحيط (2/ 35). (7) في د: ولها وجهة. (8) يفهم من كلام المصنف- رحمه الله- أنه شرع في ذكر الآيات التي قيل إنها منسوخة وقيل إنها محكمة وهذا مخالف لما سبق أن ذكره في بعض الآيات والتي حكى فيها القولين، وأكبر دليل على ذلك كلامه على الآية السابقة (وعلى الذين يطيقونه) حيث حكى القول بنسخها وبإحكامها فليتأمل.

1 - قوله عزّ وجلّ وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا «1» قيل: هي منسوخة «2»، نزلت في قتال من قاتل، ونسخها الأمر بقتال المشركين، وهي محكمة، على أن قوله سبحانه وَلا تَعْتَدُوا أي لا تعتدوا، فتقتلوا الصبيان والنسوان، ومن لا قدرة له على القتال، كالشيخ الفاني والراهب الذي «3» لا يقاتل «4». 2 - وقوله عزّ وجلّ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ «5» قال قتادة: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ «6». أي شرك، وبقوله: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً «7» «8». وقيل: إنها ناسخة لقوله عزّ وجلّ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ «9». ثم

_ (1) البقرة: 190. (2) حكى البغدادي نسخها عن ابن عباس. انظر الناسخ والمنسوخ ص 79 وذكره الطبري بسنده إلى الربيع وابن زيد، جامع البيان (2/ 189)، وممن قال بالنسخ هنا ورجحه مكي بن أبي طالب والقرطبي، انظر: الإيضاح ص 196، والجامع لأحكام القرآن (2/ 348). (3) (الذي) في ظ: مكررة. (4) أما بالنسبة لآخر الآية .. وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ فقد سبق أن ذكرها المصنف ضمن الآيات التي ادّعي فيها النسخ، والصحيح أنها محكمة لأنها جاءت في سياق الأوامر والنواهي، فالقول بنسخها لا يصح، لأنه متى كان للخطاب طريق في الحكم بأنه محكم، كان أولى من حمله على أنه منسوخ. انظر ص 593. وأما بالنسبة لأول الآية فقد حكي الطبري أحكامها عن ابن عباس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز. وقال: (بعد أن سرد الروايات في ذلك- وأولى هذين القولين بالصواب القول الذي قاله عمر بن عبد العزيز- أي لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني النساء والصبيان والرهبان- لأن دعوى المدعي نسخ آية يحتمل أن تكون غير منسوخة بغير دلالة على صحة دعواه تحكم، والتحكم لا يعجز عنه أحد) اه جامع البيان (2/ 190). وممن قال ان الآية محكمة: ابن حزم الأنصاري ص 27، والنحاس: ص 33. وراجع كلام العلماء بتوسع حول هذه الآية في نواسخ القرآن ص 178 فما بعدها. (5) البقرة (191). (6) البقرة (193). (7) التوبة (36). (8) انظر: كتاب الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 33. ونقل الطبري ومكي قول قتادة هذا. انظر: جامع البيان (2/ 192) والإيضاح ص 157، وراجع الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 27، وللبغدادي ص 185، والنحاس ص 34، وتفسير القرطبي (2/ 351)، والدر المنثور (1/ 495). (9) النساء (91).

نسخت بقوله عزّ وجلّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «1»، فصارت- أعني آية البقرة- ناسخة لآية النساء منسوخة بآية التوبة، وهذا معدوم النظير «2». وقيل: ليست آية البقرة بناسخة ولا منسوخة، وإنما هي مخصوصة بالنهي عن القتال في الحرم، ولا يحل القتال فيه، إلّا لمن قاتل، قال ذلك: مجاهد وطاوس «3». وأكثر العلماء على وجوب قتال المشركين أينما كانوا بآية التوبة، وآية التوبة نزلت بعد البقرة بمدة متطاولة «4». 3 - قوله عزّ وجلّ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ

_ (1) التوبة: 5 وهي التي تسمى بآية السيف. (2) ذكر هذا مكي في الإيضاح ص 157. وهذا ان سلم القول بالنسخ، وإلا فإن الراجح الأحكام كما سيأتي قريبا في الهامش الآتي والذي بعده. قال ابن الحزم الظاهري:- تحت عنوان هل يجوز نسخ الناسخ؟ - قال: (ولا فرق بين أن ينسخ الله تعالى حكما بغيره، وبين أن ينسخ ذلك الثاني بثالث وذلك الثالث برابع، وهكذا كل ما زاد، كل ذلك ممكن إذا وجد وقام برهان على صحته ... ) اه الأحكام في أصول الأحكام (4/ 80). (3) ذكره النحاس بنحوه عن مجاهد وطاوس ص 34. وهذا هو الذي عليه جمهرة العلماء، فقد قال القرطبي: قال مجاهد الآية محكمة، ولا يجوز قتال أحد في المسجد الحرام إلا بعد أن يقاتل وبه قال طاوس، وهو الذي يقتضيه نص الآية، وهو الصحيح من القولين وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه اه الجامع لأحكام القرآن (2/ 351)، وانظر أحكام القرآن للجصاص (1/ 259)، ولابن العربي (1/ 107 - 108) وزاد المسير (1/ 199)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 182، والبحر المحيط (2/ 67). (4) ذكره النحاس بنحوه عقيب ذكره لرواية قتادة التي تفيد أن الآية منسوخة- وقد سبق ذكرها- قال: وأكثر أهل النظر على هذا القول أي أن الآية منسوخة ص 53. وذكره كذلك مكي بن أبي طالب بنحو ما ذكره المصنف. انظر: الايضاح ص (157، 158). والذي ظهر لي- كما قلت آنفا- من خلال ما قاله العلماء كالقرطبي وابن الجوزي وغيرهما أن الآية محكمة وأنه لا يجوز قتال المشركين في الحرم إلا بعد قتالنا، عند ذلك يجوز لنا أن ندفع عن أنفسنا، بدليل الآية التي ذكرها المصنف وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ وتمامها، فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فهذا خاص، والأمر بقتال المشركين كافة عام، فيكون هذا من باب التخصيص لا من باب النسخ. والله أعلم. أما بالنسبة لنزول التوبة بعد نزول البقرة بمدة طويلة، فقد سبق الكلام عن ترتيب السور المكية والمدنية في أول هذا الكتاب، وذكر السخاوي هناك أن البقرة من أوائل السور نزولا بالمدينة وأن التوبة من أواخر ما نزل فيها على القول الراجح. وراجع الإتقان (1/ 72 - 73).

فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «1». قال مجاهد: هي محكمة، والمعنى: فمن اعتدى عليكم في الحرم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، فأباح (أن تقاتل) «2» في الحرم من قاتلك، ولا يحل أن تبدأه بالقتال فيه، وهو حكم ثابت الى الابد «3». وعن ابن عباس: أنها منسوخة، وقد نسخ اعتداء من اعتدي عليه برد أمره إلى السلطان، فلا يقتص بيده، إنما يقتص له السلطان «4». قالوا: قال ابن عباس نسخها قوله عزّ وجلّ فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً «5» ولا يصح ذلك عن ابن عباس «6»، لأن (سبحان) مكّية باتفاق، والمكّي لا ينسخ المدني. 4 - قوله عزّ وجلّ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ «7»، قيل: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ- بعد ذلك- فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ «8».

_ (1) البقرة: 194. (2) سقط من الأصل: قوله (أن تقاتل) وفي ظ (أن يقاتل). (3) أخرجه ابن جرير مختصرا، قال: وهو أشبه الأقوال بما دل عليه ظاهر الآية، لأن الآيات قبلها إنما هي أمر من الله للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة، وذلك قوله وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ، وقوله فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ: إنما هو في سياق الآيات التي فيها الأمر بالقتال والجهاد .. إذا فمعنى الآية: (فمن اعتدى عليكم في الحرم فقاتلكم، فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إياكم ... ) اه جامع البيان (2/ 199) وانظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 36، والإيضاح لمكي ص 159، وهذه الآية .. فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ .. نظير قوله تعالى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ، وقد سبق الحديث عنها قريبا وأن الراجح أنها محكمة. (4) أخرجه ابن جرير بنحوه دون تصريح بالنسخ. جامع البيان (2/ 199)، وزاد السيوطي نسبته إلى أبي داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه كلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما الدر المنثور: (1/ 498)، وانظر النحاس ص 36، والبغدادي ص 97 ومكي ص 158. (5) الإسراء: 33 ... وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً .... (6) الإشارة بعدم الصحة تعود إلى قول ابن عباس: ان الناسخ آية الإسراء، وقد قال بعدم ثبوت هذا عن ابن عباس: مكي في المصدر السابق. وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 186. والسلطان المراد به هنا: الحجة كما قال مكي، والرجوع إلى السلطان في القصاص إنما أخذ بالإجماع، والإجماع لا ينسخ القرآن لكنه يبينه كما تبينه الأخبار من السنن ... اه الإيضاح ص 158. (7) البقرة: 196. (8) جزء من الآية نفسها. قال ابن حزم الأنصاري: نسخت بالاستثناء بقوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ

قال كعب بن عجرة الأنصاري «1»: (لما نزلنا الحديبية مربي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أطبخ قدرا لي، والقمل يتهافت عن رأسي، فقال: يا كعب، لعلك تؤذيك هوام رأسك؟ فقلت: نعم، فقال: احلق رأسك «2». ونزل فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً ... «3» الآية. وقال قوم: الآية محكمة «4»، ولم يكن قوله عزّ وجلّ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ متناولا للمريض ولمن به أذى من رأسه «5». 5 - قوله عزّ وجلّ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ .. «6»، قال ابن عباس وقتادة والضحاك وابن المسيّب والأوزاعي: هي منسوخة بآية السيف، اذ أباحت قتالهم في كل «7» مكان وزمان «8».

_ مَرِيضاً ... الآية. انظر الناسخ والمنسوخ له ص 28. وقد رد كل من مكي وابن الجوزي القول بالنسخ، فقد قال مكي: والظاهر في هذا البيّن أنه ليس فيه نسخ، لأنه متصل بالأول غير منفصل منه، وإنما يكون الناسخ منفصلا من المنسوخ، فهي أحكام مختلفة في شروطها متصل بعضها ببعض لا ينسخ بعضها بعضا اه الايضاح ص 159، 160، وانظر نواسخ القرآن ص 190، 191. (1) كعب بن عجرة بن أمية الأنصاري المدني أبو محمد، صحابي مشهور مات بعد الخمسين وله نيف وسبعون سنة. التقريب (2/ 135)، والإصابة (8/ 294) رقم (3/ 74). (2) رواه البخاري بلفظ قريب مما هنا، كتاب التفسير باب (فمن كان منكم مريضا .. ) 6/ 158، وفي كتاب المحصر (2/ 208)، ومسلم، كتاب الحج باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى (8/ 119) والترمذي أبواب التفسير (8/ 313)، وانظر جامع البيان (2/ 229 - 234) وجامع الأصول (2/ 33). (3) قال الطبري: قد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن هذه الآية نزلت بسبب كعب بن عجرة، إذ شكا كثرة أذى برأسه من صئبانه، وذلك عام الحديبية» اه المصدر نفسه، وراجع ابن سلامة ص 67. (4) وهذا هو الصحيح كما سبق تقريره عن مكي، وابن الجوزي، وأما ابن حزم فقد سمي ذلك استثناء- كما سبق ذلك عنه، وصار معنى الآية- كما يقول ابن الجوزي-: ولا تحلقوا رءوسكم إلا أن يكون منكم مريض أو من يؤذيه هوامه، فلا ناسخ ولا منسوخ) اه نواسخ القرآن ص 191. (5) وإنما المراد به الإحلال من الإحرام بسبب الإحصار. راجع تفسير الطبري (2/ 220). (6) البقرة: 217. (7) (كل) ساقط من ظ. (8) انظر: الإيضاح ص 160، وقد مال الطبري إلى القول بنسخها. انظر جامع البيان (2/ 353)، وتابعه السيوطي في الإتقان (3/ 65)، وحكى النحاس إجماع العلماء ما عدا عطاء على القول بهذا النسخ. انظر الناسخ والمنسوخ ص 39، وكذلك ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 147)، والقرطبي (3/ 43)، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 197.

وقال مجاهد وعطاء: هي محكمة، ولا يجوز القتال في الأشهر الحرم «1»، والعلماء على خلاف ذلك. فإن قيل: فقد قال الله عزّ وجلّ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «2»، فهذا يؤيد قول عطاء ومجاهد. وكيف تكون هذه الآية ناسخة لآية البقرة، وإنما (أباحه) «3» قتل المشركين بعد انسلاخ الأشهر الحرم؟ (فالجواب أن الأشهر الحرم) «4» في براءة، ليست هي التي قال الله عزّ وجلّ فيها مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ «5»، إنما هي أربعة أشهر أخر، وهي أشهر السياحة، أمر المؤمنين بقتل المشركين بعد انسلاخها حيث وجدتموهم، وفي أي زمان لقوهم، وكان أولها بعد يوم النحر من ذلك العام «6». وأما الأشهر الحرم التي حرّم فيها القتال ثم نسخ (فهي) «7» محرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة بغير خلاف «8»، وإنما الخلاف في أنها من سنة أو من عامين، فأهل المدينة يجعلونها في عامين، يقولون: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب. وقال أهل العراق: أولها محرم، فتكون من عام واحد «9». 6 - وقوله عزّ وجلّ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما «10».

_ (1) انظر: الإيضاح ص 160، ونسب البغدادي هذا القول إلى جابر بن عبد الله ومجاهد، وابن جريج. انظر الناسخ والمنسوخ له ص 184 وسيذكر المصنف المراد بالأشهر الحرم هنا. (2) التوبة: 5. (3) هكذا في الأصل: أباحة. وفي بقية النسخ: أباحت. وهو الصواب. (4) سقط من الأصل قوله (فالجواب أن الأشهر الحرم). (5) التوبة: 36 إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ .... (6) انظر: الإيضاح ص 160، والناسخ والمنسوخ لقتادة ص 34، ولابن حزم ص 28، وتفسير ابن كثير (2/ 335)، والقرطبي (4/ 64، 72). (7) كلمة (فهي) ساقطة من الأصل. (8) انظر صحيح البخاري كتاب التفسير (5/ 204)، وأحكام القرآن لابن العربي (2/ 938)، وتفسير القرطبي (8/ 133)، وفتح الباري (8/ 325)، وتفسير ابن كثير (2/ 355). (9) انظر: الإيضاح ص 161، والنحاس ص 40، وتفسير الطبري (10/ 125) والدر المنثور (4/ 183). (10) البقرة: 219.

قال بعض مؤلفي الناسخ والمنسوخ «1»: أكثر العلماء «2» على أنها ناسخة لما كان مباحا من شرب الخمر، قال: لأن الله تعالى أخبرنا أن في الخمر إثما، وأخبرنا أن الإثم محرّم بقوله عزّ وجلّ قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ ... «3». قال: فنصّ على أن الإثم محرّم، وأخبر أن في شرب الخمر إثما، فهي محرّمة بالنص الظاهر الذي لا إشكال فيه «4»، قال: وما حرّم كثيره فقليله حرام كلحم الميتة والخنزير والدم. وسورة البقرة مدنية، فلا يعترض على ما فيها بما في الأنعام المكّيّة في قوله عزّ وجلّ قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً «5» عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ «6»، لأن هذه الآية والتحريم نزل بمكّة «7» والخمر نزل تحريمها بالمدينة، وزادنا الله في تأكيد تحريم الخمر بقوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ «8»؟ فهذا تهديد ووعيد، يدلان على تأكيد تحريم الخمر. وزاد ذلك بيانا قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «حرّمت الخمر لعينها والمسكر من غيرها» «9» وأكد الله تعالى ذلك وحققه بقوله فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «10» ولعلّ من

_ (1) اعتمد السخاوي في هذا على ما كتبه مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 166، وسيأتي تصريح السخاوي بالنقل عن مكي في هذا السياق ومناقشته له في كثير مما ذكره حول هذه الآية. (2) في ظ: وأكثر. (3) الأعراف: 33. (4) قال ابن عطية: وهذا ليس بجيد، لأن الإثم الذي فيهما هو الحرام، لا هي بعينها على ما قالوا) اه بتصرف. المحرر الوجيز (2/ 63). (5) إلى هنا ينتهي نص الآية في ظق وظ. (6) الأنعام: 145. (7) في ظ: لأن هذا التحريم نزلت بمكة. وفي د وظق: لأن هذا التحريم نزل بمكة. وهو الصواب. (8) المائدة: 91. إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. (9) رواه النسائي في سننه بأسانيد مختلفة وألفاظ متقاربة، كتاب الأشربة باب الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب المسكر (8/ 321). وأخرجه ابن مردويه عن ابن عباس بنحوه كما ذكره السيوطي. انظر الدر المنثور (3/ 162). (10) المائدة: 90 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ....

الله واجبة «1»، فضمن الفلاح مع اجتنابها، فنظيره الخسران مع مواقعتها، وكما أنه تعالى حرّم أكل الخنزير، وقليله ككثيره «2» بإجماع، كذلك يجب أن تكون الخمر والمسكر من غيرها، فقليلهما ككثيرهما «3» في التحريم، وزاد لذلك بيانا (ما أسكر كثيره فقليله حرام) «4». قال: وقال ابن جبير: (لما نزلت قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ كره قوم الخمر للإثم «5»، وشربها قوم للمنافع حتى نزل لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى «6»، فتركوها عند الصلاة، حتى نزل فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فحرمت بهذا) «7» اه. فهذا «8» يدل على أن «9» آية البقرة منسوخة بآية المائدة، والمائدة نزلت بعد البقرة بلا شك، وهذا سياق قول مكّي بن أبي طالب «10» في كتابه المسمى ب (الموضح في الناسخ والمنسوخ) «11».

_ (1) سيعقب المصنف على مكي قوله هذا بأن (لعل) من الله واجبة. (2) في ظ: وقليله كثيره. (3) في ظ: فقليلهما كثيرهما. (4) رواه الترمذي في سننه كتاب الأشربة باب ما أسكر كثيره فقليله حرام (5/ 605)، وأبو داود كتاب الأشربة باب النهي عن المسكر (4/ 87) والنسائي كتاب الأشربة باب تحريم كل شراب أسكر كثيره 8/ 300، وزاد صاحب تحفة الأحوذي نسبته إلى ابن ماجة وابن حبان وصححه قال ابن حجر: ورجاله ثقات اه. (5) في ظق وظ: كره الخمر قوم للاثم، وكذلك في الإيضاح. (6) النساء: 43. (7) أخرجه ابن جرير بسنده عن سعيد بن جبير (2/ 361)، وذكره ابن عطية في المحرر الوجيز (2/ 62)، وعزاه السيوطي بنحوه إلى ابن المنذر عن سعيد بن جبير. انظر: الدر المنثور (3/ 159). (8) أي كلام سعيد بن جبير. (9) (أن) ساقطة من ظق. (10) مكي بن أبي طالب حموش بن محمد القيسي، النحوي، المقرئ المتوفي سنة 437 هـ، طبقات المفسرين للداودي (2/ 337). (11) انظر الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ومعرفة أصوله واختلاف الناس فيه ص 166، 168، هكذا طبع بهذا العنوان، ولهل السخاوي تصرف في عبارة (الإيضاح). وراجع مقدمة كتاب الإيضاح التي كتبها الدكتور أحمد حسن فرحات محقق الكتاب ص 14.

وأقول مستعينا بالله- قوله أنها ناسخة لما كان مباحا من شرب الخمر يلزم منه أن الله عزّ وجلّ أنزل إباحتها، ثم نسخ ذلك. ومتى أحلّ الله عزّ وجلّ شرب الخمر؟! وإنما كانوا مسكوتا عنهم في شربها جارون على عادتهم «1»، ثم نزل التحريم، كما سكت عنهم في غيرها من المحرّمات إلى وقت التحريم. وهذه الآية، وما ذكر من الآيات: الكل في التحريم «2»، كما جاء تحريم الميتة في (غير) «3» آية «4». وقوله: إن الله عزّ وجلّ أخبرنا أن في الخمر إثما، وأخبرنا أن الإثم محرّم ... إلى قوله: فهي محرّمة بالنص الظاهر الذي لا إشكال فيه: كلام لا وجه له لأن الإثم هو الذنب، وإذا كان الذنب كبيرا أو كثيرا في ارتكاب شيء لم يجز ارتكابه، فكيف يسمعون قوله عزّ وجلّ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ثم يقدمون عليهما مع التصريح بالخسران، إذا كان الإثم أكبر من النفع؟، بل هذا «5» كاف في التحريم. وقوله: فأخبر أن في شرب الخمر إثما، ونص على أن الإثم محرّم بقوله: وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ: لا حاصل له، لأنه إن أراد أن الخمر هي الإثم، فكيف يقول: فنصّ على أن الإثم محرم، وأخبر أن في شرب الخمر إثما، فكيف يكون هي الإثم المحرّم على هذا؟! وإن أراد بالإثم: الذنب، لم يحتج إلى شيء آخر «6».

_ (1) وسبق تقرير هذا مرارا. انظر ص: 594. (2) أي وهكذا كل الآيات التي جاءت في شأن الخمر تدل على التحريم، وليس فيها ما يدل على التحليل حتى تنسخ بالتحريم بعد ذلك وسيأتي- بإذن الله- مزيد بيان لهذا قريبا. (3) ساقطة من الأصل كلمة (غير). (4) كقوله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ .. الآية 173 من سورة البقرة. وانظر: آية 3 من سورة المائدة وآية 145 من سورة الأنعام وآية 115 من النحل. (5) لفظ (هذا) مكرر في الأصل. (6) وأوضح، من هذا ما ذكره الإمام الطبري عند تأويل قوله تعالى وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما قال: يعني بذلك عز ذكره: والإثم بشرب الخمر هذه، والقمار هذا: أعظم وأكبر مضرة عليهم من النفع الذي يتناولون بهما، وإنما كان ذلك كذلك، لأنهم كانوا إذا سكروا وثب بعضهم على بعض، وقاتل بعضهم بعضا، وإذا ياسروا وقع بينهم فيه بسببه الشر، فأداهم ذلك إلى ما يأثمون به، ونزلت هذه الآية في الخمر قبل أن يصرح بتحريمها، فأضاف الإثم جل ثناؤه إليها وإنما الإثم بأسبابهما إذ كان عن

وإنما معنى آية الأعراف: إنما حرّم ربي الفواحش، وما فيه الإثم، وكلامه كله فاسد إلى آخره. وقوله: لَعَلَّ* من الله عزّ وجلّ واجبة: ليس بصحيح، فقد قال الله عزّ وجلّ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى «1»، وقد ألانا له القول فَكَذَّبَ وَعَصى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى * فَحَشَرَ فَنادى * فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى «2»، وإنما معنى قوله عزّ وجلّ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* فاجتنبوه راجين الفلاح «3»، أو فاجتنبوه وأنووا إرادة الفلاح «4». وأما قول ابن جبير: (كره الخمر قوم للإثم، وشربها قوم للمنفعة): وأي منفعة تبقى مع أن الإثم أكبر منها، فكيف يقدم مقدم على الانتفاع بشيء فيه وبال أكثر وأكبر من الانتفاع به «5»؟. وأطرف من هذا قوله: تركوها عند الصلاة «6»!، فاعلم أن الآية محكمة غير

_ سببهما يحدث، قال: وإنما اخترنا ما قلنا من التأويل لتواتر الأخبار وتظاهرها بأن هذه الآية نزلت قبل تحريم الخمر والميسر، فكان معلوما بذلك ان الإثم الذي ذكر الله في هذه الآية- فأضافه اليهما- إنما عني به الإثم الذي يحدث عن أسبابهما على ما وصفنا، لا الإثم بعد التحريم) اه جامع البيان (2/ 360). (1) طه: 44. (2) النازعات: 21 - 24. (3) في ظق: راجين فلاح. (4) قال الراغب الأصفهاني: (لعل) طمع واشفاق، وذكر بعض المفسرين أن (لعل) من الله واجب، وفسّر في كثير من المواضع ب (كي) وقالوا: ان الطمع والاشفاق لا يصح على الله تعالى و (لعل) وأن كان طمعا فإن ذلك يقتضي في كلامهم تارة طمع المخاطب .. فقوله تعالى فيما ذكر عن قوم فرعون: لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ فذلك طمع منهم، وقوله في فرعون لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى فإطماع لموسى- عليه السلام- مع هارون، ومعناه: فقولا له قولا لينا راجين أن يتذكر أو يخشى .. اه المفردات ص 451، وراجع قطر الندى لابن هشام ص 207. (5) لأن هذه الآية كانت ممهدة لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرحة بل معرضة، فأما الإثم فهو في الدين، وأما المنافع فكانت دنيوية بحتة كلذة شربها، وكذا بيعها والانتفاع بثمنها، وما كان يحصل لبعضهم من الميسر فينفقه على عياله، ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين فاثمهما أكبر من نفعهما. انظر تفسير ابن كثير (1/ 255). (6) يظهر من عبارة السخاوي- رحمه الله- التعجب والإنكار من هذا القول، وليس هناك ما يدعو إلى هذا، فقد ذكر الإمام الطبري آثارا كثيرة تدل على هذا المعنى، وأن بعض الصحابة كان يشربها قبل تحريمها، ثم أنه حصل منهم خلط في الصلاة، فنزلت الآية الكريمة في سورة النساء تنهاهم عن قرب

ناسخة ولا منسوخة، وهي مصرّحة بتحريم الخمر «1»، وأما «2» قول الله عزّ وجلّ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً «3»، فإن قلنا: ان السّكر الطعم «4»، كما قال: جعلت عيب الأكرمين سكرا «5»، فلا كلام، وإن قلنا: إن السكر: الخمر «6»، فليس فيه دليل على الإباحة، لأنه عزّ وجلّ امتنّ عليهم بما ذكره من ثمرات النخيل والأعناب، ثم قال: تتخذون من المذكور سكرا ورزقا حسنا فنبّه بقوله عزّ وجلّ وَرِزْقاً حَسَناً على أن السكر ليس كذلك، وأشار فيه إلى ذم الخمر، إن كان المراد بالسكر ( .. الخمر، وإن كان المراد بالسكر ... الخ) «7»: الطعم، فهو سكر «8» ورزق حسن، أي:

_ الصلاة وهم في حالة السكر، وقد تظاهرت الأخبار في هذا عن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. انظر: جامع البيان 5/ 96، وتفسير ابن كثير: (1/ 500)، والدر المنثور (2/ 545). (1) هي محكمة سواء سلمنا أن الآية دالة على تحريم الخمر تحريما قاطعا وآية المائدة مؤكدة لهذا التحريم، أم قلنا إنها دالة على ذم الخمر وهذا هو الصحيح، والذي قاله جمهرة العلماء. انظر الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 35، 36، وللبغدادي ص 80 وتفسير ابن عطية (2/ 63)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 198، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 60). (2) في ظ: بدون واو. (3) النحل: 67 وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً .... (4) وهو اختيار أبي عبيدة والطبري، انظر مجاز القرآن (1/ 363)، وجامع البيان (14/ 138). وبناء عليه فلا نسخ، وقد رد الطبري على دعوى النسخ في هذه الآية. وقال القرطبي: بعد أن نقل رأي أبي عبيدة والطبري- فالسكر- على هذا- ما يطعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب، وهو الرزق الحسن، فاللفظ مختلف والمعنى واحد، مثل إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ، وهذا أحسن ولا نسخ ... ) اه تفسيره (10/ 129). (5) الشطر ورد نصه هكذا في مجاز القرآن لأبي عبيدة (1/ 363)، وكذلك في تفسير الطبري (14/ 138) والقرطبي (10/ 129) وجاء في اللسان: (جعلت أعراض الكرام سكرا .. أي جعلت ذمهم طعما لك .. ) اه (4/ 374) (سكر). (6) ذكر ابن العربي أقوالا عدة في المراد بقوله (سكرا) ومنها عن ابن عباس أنه قال: إن السكر: الخمر، والرزق الحسن: ما أحله الله بعدها من هذه الثمرات، قال: وهذا أسد الأقوال، ويخرج ذلك على معنيين: أ) أما أن يكون ذلك قبل تحريم الخمر. ب) وأما أن يكون المعنى: أنعم الله عليكم بثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه ما حرم الله عليكم اعتداء منكم، وما أحل الله لكم اتفاقا وقصدا إلى منفعة أنفسكم، والصحيح أن ذلك كان قبل تحريم الخمر، فإن هذه الآية مكية باتفاق من العلماء، وتحريم الخمر مدني اه أحكام القرآن (3/ 1153). وراجع تفسير القرطبي (10/ 128)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 109). (7) سقط من الأصل. (8) في د وظ: فهو مسكر.

تتخذون منه طعاما «1» تأكلونه رطبا وَرِزْقاً حَسَناً يعني التمر والزبيب. وزعموا أن قوله عزّ وجلّ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ منسوخ بنسخ إباحة الخمر «2»، وهذا ما (أردى) «3» ما يقال فيه!. 7 - وقالوا:- في قوله عزّ وجلّ- قُلِ الْعَفْوَ «4» هي منسوخة بفرض الزكاة وحكوا ذلك عن ابن عباس «5». والعفو: القليل الذي لا يظهر في المال نقصه. وقال طاوس: هو اليسير من كل شيء «6». وقال الحسن وعطاء: العفو: (ما يكون) «7» إسرافا ولا اقتارا «8». وقال مجاهد: العفو: الصدقة عن ظهر غني «9». وقال الربيع: العفو: ما طاب من المال «10»، وكذلك قال قتادة «11».

_ (1) في بقية النسخ: طعما. (2) وهي عبارة مكي في الإيضاح ص 166. وذلك لأن إباحة الخمر لم يكن بخطاب سابق يحله لهم، ولكن كان مسكوتا عنه، فجاءت هذه الآية- آية البقرة- تذمه وتنفر منه، وتقرر بأن ضرره أكبر من نفعه، توطئة لتحريمه بآية المائدة، وهذا من حكمة التشريع الإلهي. وهو التدرج في تكليف العباد، وعدم أخذهم بالطفرة لما اعتادته نفوسهم حيث نشئوا وترعرعوا منذ نعومة أظفارهم على شربها والتلذذ بها، فجاء الإسلام يحرمها عليهم، ولكن تدريجيا، حتى قالوا: انتهينا، والله أعلم. (3) هكذا في الأصل: ما أردى- بتقديم الراء على الدال- وهو تحريف. (4) البقرة: 219. ... وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ... الآية. (5) أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس والسدي. انظر: جامع البيان (2/ 367)، ثم رجح خلافه- كما سيأتي-: وانظر الناسخ والمنسوخ لابن حزم الأنصاري ص 28، ولابن سلامة ص 84، 85، ونواسخ القرآن ص 200. (6) انظر: جامع البيان (2/ 364) والدر المنثور (1/ 608). (7) هكذا في الأصل (ما يكون) وهو خطأ يحيل المعنى. وفي بقية النسخ: ما لا يكون. (8) جامع البيان: (2/ 364، 365، 368). (9) المصدر نفسه (2/ 365). (10) المصدر نفسه. (11) وهذا سياق مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 168. قال ابن جرير: وأولى هذه الأقوال: قول من قال: معنى العفو: الفضل من مال الرجل عن نفسه وأهله في مؤنثهم وما لا بد لهم منه، وذلك هو الفضل الذي تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالإذن في الصدقة .. اه جامع البيان (2/ 365).

وقال قوم: كانوا قبل «1» فرض الزكاة قد فرض عليهم من كان له مال أن يمسك لنفسه منه ألف درهم، أو قيمة ذلك من الذهب، ويتصدّق بالباقي «2». وقال آخرون: فرض عليهم أن يمسكوا الثلث ويتصدقوا بالباقي، وإن كانوا من أهل الزراعة: أمسكوا ما يقيمهم حولا، وتصدّقوا بما بقى ومن لم يكن له إلّا العمل بيده: أمسك ما يقوته يومه وتصدق بما بقى، فشق ذلك عليهم، فأنزل الله عزّ وجلّ فرض الزكاة «3». قلت: فلتكن آية الزكاة إذا ناسخة لا منسوخة، لأنها موافقة لقوله عزّ وجلّ قُلِ الْعَفْوَ لأنها نقيض ما كانوا فيه من الجهد واستفراغ الوسع، وهذه حقيقة العفو، كما قالوا: العفو: الأرض «4» السهلة «5». والآية محكمة، فإن أريد بها الزكاة فذاك، وإن أريد بها «6» التطوع فذاك «7». 8 - قوله عزّ وجلّ وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ «8»، قيل: سبب نزولها أن مرثد بن أبي مرثد «9» بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى مكّة ليخرج ناسا من المسلمين، فقالت له عناق- وهي امرأة كان يخلو بها في الجاهلية- هل لك في الخلوة؟ فقال: حال بيننا الإسلام،

_ (1) في ظق: قيل. (2) في د: ويتصدق الباقي. (3) وهذا سياق هبة الله بن سلامة مع تصرف يسير من السخاوي. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 82، 83، وانظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 201، 202. (4) في ظق: للأرض. (5) وفي اللسان: والعفو: الأرض الغفل لم توطأ وليست بها آثار) اه اللسان (15/ 78) (عفا). (6) (بها) ليست في ظق ود. (7) وممن قال بأن الآية محكمة: ابن جرير الطبري (2/ 368) والنحاس ص 67. قال ابن جرير: والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن عباس على ما رواه عنه عطية من أن قوله (قل العفو) ليس بايجاب فرض فرض من الله حقا في ماله، ولكنه أعلام منه ما يرضيه من النفقة مما يسخطه جوابا منه لمن سأل نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم عما فيه له رضا فهو أدب من الله لجميع خلقه على ما أدبهم به في الصدقة غير المفروضات، ثابت الحكم غير ناسخ لحكم كان قبله بخلافه، ولا منسوخ بحكم حدث بعده .. ) اه وهو كلام في غاية الوضوح والبيان، وهو كاف في الرد على من ادعى النسخ في هذه الآية، والله الموفق للصواب. (8) البقرة: 221. (9) مرثد بن أبي مرثد الغنوي- بفتح المعجمة والنون- صحابي بدري استشهد في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة ثلاث أو أربع. التقريب (2/ 236)، والإصابة 9/ 162 رقم (7871).

قالت له: فتزوج بي، فقال: أرجع إلى رسوله الله صلّى الله عليه وسلّم، فأستأمره «1»، (فاستأمره) «2»، فنزلت هذه الآية «3». فالآية على هذا محكمة، لأن نكاح الكفار غير أهل الكتاب محرّم «4». وقيل: هي محكمة محرّمة لنكاح المشركات والكتابيات اللواتي في دار الحرب، ويروى ذلك عن ابن عباس، وقاله قتادة وابن جبير وأكثر العلماء «5». وعن ابن عمر أنها محكمة، عامة في كل مشركة، كتابية وغير كتابية، حربية وغير حربية «6». وقيل: إنه إنما كره ذلك، ولم يحرّمه، لأن آية المائدة أباحت الكتابيات كلهن الحربيات والذميات «7».

_ (1) الأول فعل مضارع والثاني فعل ماض، أي أستأذنه. (2) ساقط من د وظ: ظنا أنه تكرير. (3) انظر: أسباب النزول للواحدي ص 39، وللسيوطي ص 108 على هامش الجلالين، وزاد المسير (1/ 245). وعزاه السيوطي مختصرا إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر عن مقاتل بن حيان. الدر المنثور: (1/ 614). (4) وهذا هو الراجح، وقد تقدم الكلام حول هذه الآية مستوفي في هذا الفصل فانظره ص 850. (5) ذكر هذا مكي بن أبي طالب، وقال: لا يحل نكاح كتابية مقيمة في دار الحرب لأنها ليست من أهل ذمة المسلمين، وهو قول أكثر العلماء، فالآية محكمة- على هذا القول- غير عامة وغير منسوخة ولا مخصّصة) اه الإيضاح ص 169، وراجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 69). (6) روى البخاري بسنده عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه كان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الأشراك شيئا أكبر من أن تقول المرأة ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله) اه كتاب الطلاق باب قول الله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ (6/ 172). قال النحاس:- عقب ذكره لهذا الحديث عن ابن عمر- وهذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة، لأنه قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين جماعة ... وذكر عددا كبيرا منهم، إلى أن قال: وأيضا فيمتنع أن تكون هذه الآية من سورة البقرة ناسخة الآية التي في سورة المائدة، لأن البقرة من أول ما نزل بالمدينة، والمائدة من آخر ما نزل، وإنما الآخر ينسخ الأول. وأما حديث ابن عمر فلا حجة فيه، لأن ابن عمر كان رجلا متوقفا، فلما سمع الآيتين بواحدة التحليل، وفي الأخرى التحريم، ولم يبلغه النسخ توقف، ولم يوجد عنه ذكر النسخ وإنما تؤل عليه، وليس يوجد الناسخ والمنسوخ بالتأويل اه الناسخ والمنسوخ ص 70 وراجع تفسير القرطبي (3/ 68)، وفتح الباري (9/ 417). (7) ذكره مكي في الإيضاح ص 170، وانظر الدر المنثور (1/ 615).

وقيل: هي عامة في الكتابيات كلهن، وهي منسوخة بآية المائدة، وكره بعض العلماء نكاح الحربيات ولم يحرّمه، وروى مثل ذلك عن مالك، وحرّمه «1» جماعة منهم، (وخصوصا) «2» آية المائدة بالذميات، وآية المائدة: عن أكثر العلماء عامة في كل كتابية، وعلى ذلك أكثر الصحابة «3» والعلماء «4». 9 - وأدخلوا في هذا «5» الباب «6» قوله عزّ وجلّ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ «7» وقالوا: هي ناسخة لما كان عليه بنو إسرائيل من اجتناب الحائض على كل حال، من مؤاكلة ومضاجعة وغير ذلك، فنسخ بأنا لا تعتزلها إلّا في الوطء خاصة «8». قالوا: وإنما أدخلنا ذلك في باب الناسخ والمنسوخ لقوله عزّ وجلّ: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ «9». قالوا: فشريعتهم لازمة لنا حتى نؤمر بتركها. والصحيح أن مثل هذا لا يدخل في الناسخ والمنسوخ «10» لأنه لم ينسخ

_ (1) في ظ: بدون واو. (2) هكذا في الأصل: وخصوصا. خطأ. وفي بقية النسخ: وخصوا. (3) كلمة (الصحابة) ساقطة من ظق. (4) انظر: الايضاح ص 171. وقد تقدم كلام السخاوي على النسخ والتخصيص والاستثناء، وقد أورد آية المائدة هذه مستدلا بها على التخصيص لآية البقرة، وقال: انه لو كان من قبيل النسخ لكانت آية البقرة المراد بها الكتابيات، حتى يستقيم نسخها بآية المائدة، وليس الأمر كذلك، فآية المائدة إذا محكمة غير منسوخة، لكنها مخصّصة ومبينة لآية البقرة. وهذا هو الصحيح. والله أعلم. (5) في د: في هذه. (6) قال السخاوي فيما سبق: وأنا أذكر- بعون الله- الآيات التي قيل انها منسوخة ولها وجه تحمل عليه، فتكون محكمة، وأخذ يذكر الآيات في ذلك، ومنها هذه الآية. (7) البقرة: 222. (8) انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 773، ونواسخ القرآن ص 204. (9) الأنعام: 90 أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ. (10) وكذا قال مكي في الإيضاح ص 173. قال: لأن معنى (فبهداهم اقتده) يعني في التوحيد خاصة، لا في الشرائع، بدليل قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً المائدة: 48، ولأن شرائع من كان قبلنا مختلفة في الأحكام، ولا سبيل لنا إلى الجمع بين التحليل والتحريم في شيء واحد ولا إلى فعل شيء وتركه في عبادة واحدة، فقد كانت لحوم الإبل وألبانها وشحوم البقرة والغنم حلالا لمن كان قبل يعقوب من الأنبياء، ثم حرمت على يعقوب وعلى بني إسرائيل فلا سبيل إلى الجمع بين الشريعتين البتة ..

(57/ ب) قرآنا، ولأن الحاجة إلى معرفة الناسخ والمنسوخ، أن لا يظن «1» في منسوخ أنه محكم فيعمل به، وأما إذا لم تكن آية منسوخة تحتاج إلى بيان منسوخة فلا وجه لذلك «2» الناسخ لغير القرآن، ولا فائدة في ذكره، ولا يضرنا أن نجهل ما حرّم على من كان قبلنا أو أحل لهم، حتى يقال: نسخت هذه الآية ما كان عليه من قبلنا. 10 - ومن ذلك قولهم: كان الرجل يؤلى من امرأته السنة وأكثر من ذلك ولا تطلق «3» عليه، فنسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ «4» «5». 11 - ومن ذلك قولهم في قوله عزّ وجلّ الطَّلاقُ مَرَّتانِ «6»، قالوا: هي ناسخة لشيء كانوا عليه في أول الإسلام، كان الرجل يطلّق ثلاثا، وهي حبلى، ويكون أحق بارتجاعها ما دامت في العدة «7». وقيل: هي ناسخة لما كانوا «8» عليه في الجاهلية، ثم في صدر الإسلام، كان

_ فلم يجتمع الانبياء إلا على التوحيد والتصديق بالله ورسله وكتبه، واختلفوا في الشرائع، فليس علينا أن نقتدي من فعلهم إلا بما اجتمعوا عليه ... فعلى هذا كان يجب ألا تدخل هذه الآية في الناسخ والمنسوخ .. اه مختصرا، وكذلك رد ابن الجوزي دعوى النسخ في هذه الآية وفندها. انظر المصدر السابق. (1) في د وظ: لا يظن. وفي ت غير واضحة. (2) في بقية النسخ: لذكر. (3) في د وظ: ولا يطلق عليه. (4) البقرة: 226. (5) انظر الإيضاح ص 175. وراجع تفسير القرطبي (3/ 103، 108). قال السيوطي: أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي والخطيب في تالي التلخيص كلهم عن ابن عباس (كان ايلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، فوقت الله أربعة أشهر، فإن كان ايلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء اه الدر المنثور (1/ 647) قلت: ولا يفهم من كلام ابن عباس النسخ، وإنما يفهم منه أنهم كانوا يفعلون هذا، فلم يقرهم الإسلام، وغيّر ما كانوا عليه، وليس هذا من قبيل النسخ، وقد تقدم نظير هذا الكثير، ولذلك لم يذكرها كثير من مؤلفي الناسخ والمنسوخ ضمن الآيات التي قيل إن فيها نسخا. (6) البقرة: 229. (7) انظر الإيضاح ص 177، وابن حزم ص 29، وابن سلامة ص 89، 90 والصحيح أن هذه الآية لا تدخل في الناسخ والمنسوخ، كما سيأتي قريبا. (8) في ظ: لما كان.

أحدهم يطلّق امرأته ما شاء مرة بعد مرة، يطلّقها، فإذا كادت تخرج من العدة ارتجعها، يفعل ذلك ما شاء، فنسخ ذلك من فعلهم بهذه الآية «1» (لا تدخل) «2» هذه الآية في الناسخ لما ذكرته. وقيل: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ «3» «4»، والآيتان محكمتان لم تنسخ واحدة منهما الأخرى، التي في البقرة لبيان عدّة الطلاق، والتي في الطلاق فيها بيان وقت الطلاق «5». 12 - وقوله عزّ وجلّ وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ «6»، قالوا: هي عامة في كل مطلّقة، فنسخ منها غير المدخول بها، والتي يئست من المحيض والحامل، قال ذلك قتادة «7».

_ (1) انظر الإيضاح ص 177، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 81، وتفسير القرطبي (3/ 126). قال مكي: وقد كان يجب ألا تذكر هذه الآية في الناسخ والمنسوخ- على هذا القول- لأنها لم تنسخ قرآنا ... اه. قلت: وقد سبق تقرير مثل هذا، وهو أن هذا لا يعد من قبيل النسخ المصطلح عليه بين العلماء، وإنما هو إبطال لما كانوا عليه من أخلاق ذميمة وتصرفات سيئة، فجاء الإسلام واجتثها من جذورها، ووضع الأسس التي يقوم عليها بناء المجتمع المسلم. قال ابن الجوزي:- بعد أن ذكر القول بنسخها عن ابن عباس وقتادة- وهذا يجوز في الكلام، يريدون به تغيير تلك الحال، وإلا فالتحقيق أن هذا لا يقال فيه ناسخ ولا منسوخ، وإنما هو ابتداء شرع وإبطال لحكم العادة اه نواسخ القرآن ص 208. (2) هكذا في الأصل: بدون واو. وفي بقية النسخ: ولا تدخل، وهو الصواب. (3) الآية الأولى من سورة الطلاق. وكتبت الآية في ت ود وظ: بالواو بدل الفاء. (4) انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 82. (5) انظر: الإيضاح ص 178. قال ابن الجوزي: زعم قوم أن هذه الآية لما اقتضت إباحة الطلاق على الإطلاق من غير تعيين زمان، نزل قوله فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ، أي من قبل عدتهن، وذلك قول من لا يفهم الناسخ والمنسوخ، وإنما أطلق الطلاق في هذه الآية وبيّن في الأخرى كيف ينبغي أن يوقع، ثم إن الطلاق واقع، وإن طلقها في زمان الحيض، فعلم أنه تعليم أدب والصحيح أن الآية محكمة) اه. نواسخ القرآن ص 208. (6) البقرة: 228. (7) أخرجه عبد بن حميد عن قتادة. انظر الدر المنثور (1/ 657)، ونسبه بنحوه البغدادي إلى ابن عباس. انظر الناسخ والمنسوخ ص 90 وانظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 76، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 206، قال البغدادي: (ولولا إجماع المفسرين على هذا النسخ لكنا نراه تخصيصا لا نسخا) اه.

وليس كما ذكروا، وإنما أريد بالمطلّقات: المدخول بهن اللواتي يحضن الخاليات من الحمل، يدلّ على ذلك قوله عزّ وجلّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ. 13 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً «1». قال أبو عبيد: نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ «2» اه «3». وهذا ظاهر الفساد، وهذا استثناء وليس بنسخ. وقال قوم: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً «4». وليس كذلك، لأن آية البقرة في منع الزوج من ارتجاع ما أعطاه من غير رضى المرأة، والتي في النساء في إباحة ذلك إذا كان عن رضى، فليس بينهما نسخ «5». 14 - ومن ذلك، قولهم في قوله عزّ وجلّ وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ «6» إنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ

_ قلت: بل هذا هو الحق، أي أن الآية التي في البقرة عامة في كل مطلقة، ثم جاء في التخصيص من هذا العموم للحامل والآيسة والصغيرة في قوله عز وجل: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ .. الآية 4 من سورة الطلاق. والغير مدخول بها في قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها .. ) الآية 49 من سورة الأحزاب. وكلام السخاوي في هذا واضح لا أشكال فيه. وراجع الايضاح ص 176، ونواسخ القرآن ص 207، وتفسير القرطبي: (3/ 112). (1) البقرة: 229. (2) جزء من الآية نفسها. (3) الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 294. وقد ذكر كل من ابن حزم ص 29 وابن سلامة ص 91، 92 أنها منسوخة بالاستثناء، وقد رد كل من مكي في الإيضاح ص 178 وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 210 هذا وفنداه. قال ابن الجوزي: وهذا من أرذل الأقوال .. ) اه. وانظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 83. (4) النساء: 4. (5) انظر: الإيضاح ص 178. (6) البقرة: 233.

عَلَيْهِما «1»، وليس كذلك، فإنه تعالى قال لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ «2». 15 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ «3». اختلف في الوارث، فقيل: هو من يرث والد الرضيع، إذا مات قام ورثته مقامه، وكان عليهم للصبي ما كان على أبيه «4». وقيل: الوارث من يرث الصبي إذا مات «5». قال «6» ابن عباس: (على وارث الصبي من أجر الرضاع ما كان على أبيه إن لم يكن للصبي مال) «7». وقال زيد بن ثابت: (يلزم من يرث الصبي من الفقه على رضاعه بقدر حصته من ميراثه منه) «8». وروى سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار «9» (أن رجلا مات وترك ابنا مسترضعا، ولم يترك مالا، فقضى عمر- رضي الله عنه- أن رضاعه على ورثته،

_ (1) جزء من الآية نفسها. وممن ذكر النسخ هنا هبة الله بن سلامة ص 92، 93، وابن حزم ص 29، إلا أنه قال- أي ابن حزم- نسخت بالاستثناء بقوله فَإِنْ أَرادا فِصالًا .. فصارت هذه الإرادة باتفاق ناسخة لحولين كاملين) اه. (2) فالمقصود منه التخيير وليس الإلزام، فهو محكم. انظر: الإيضاح ص 179، ونواسخ القرآن ص 211. (3) جزء من الآية السابقة نفسها. (4) ذكره النحاس عن عمر بن الخطاب والحسن بن أبي الحسن. الناسخ والمنسوخ ص 85. قال ابن الجوزي: وروى هذا القول عن الحسن والسدي. انظر: زاد المسير (1/ 273). (5) أخرجه الطبري عن قتادة والسدي. انظر جامع البيان (2/ 500). وسيأتي ترجيحه لغير هذا القول. وزاد ابن الجوزي نسبة هذا القول إلى عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وابن أبي ليلى والحسن بن صالح ومقاتل في آخرين .. ) اه زاد المسير (1/ 272). (6) في ظق: وعن ابن عباس. (7) أخرجه بنحوه الطبري عن ابن عباس وقتادة. انظر جامع البيان (2/ 503) وانظر الإيضاح ص 182. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن عطاء وإبراهيم والشعبي. الدر المنثور (1/ 407). (8) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 85، وأحكام القرآن للجصاص الحنفي (1/ 407). وهذا هو القول الراجح كما سيأتي- ان شاء الله تعالى-. (9) سليمان بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة، مات بعد المائة وقيل قبلها. التقريب (1/ 331).

وقال: لو لم أجد له ورثة لجعلته على عاقلته) «1». وقال قتادة: (رضاع الصبي على جميع ورثته بالحصص) «2». وقيل: الوارث من يرث الولاية على الرضيع، ينفق من مال الصبي عليه مثل ما كان ينفق أبوه «3». وقيل: الإشارة في قوله عزّ وجلّ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ إلى ترك المضارة «4». وقيل: الوارث: الصبي، لأنه وارث الأب، فعليه النفقة في ماله أي أن نفقة الرضاعة على الصبي في ماله، قال ذلك «5»: الضحاك واختاره الطبري «6».

_ (1) انظر: أحكام القرآن للجصاص (1/ 407). (2) وبه قال أهل العراق كما قال مكي- فالآية محكمة عندهم. انظر: الإيضاح ص 182. (3) قال مكي: وهو الصواب- ان شاء الله- وهذا ان حملت الإشارة على النفقة، فإن حملتها على ترك المضارة، كان معناه: وعلى وارث ولاية المولود أن لا يضارّ بالأم، وكلا القولين على هذا المعنى حسن صواب اه الإيضاح ص 181. (4) وهذا ما رجحه ابن العربي ووافقه القرطبي، حيث قال ابن العربي: إن هذا هو الأصل- أي أن قوله تعالى وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ لا يرجع إلى جميع ما تقدم وإنما يرجع إلى تحريم الإضرار، والمعنى: وعلى الوارث من تحريم الإضرار بالأم ما على الأب، فمن ادعى أنه يرجع العطف فيه إلى جميع ما تقدم فعليه الدليل، وهو يدعي على اللغة العربية ما ليس منها، ولا يوجد له نظير) اه أحكام القرآن (1/ 205)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (3/ 170). وأما ابن الجوزي فقد مال إلى أن الإشارة ترجع إلى أجرة الرضاع والنفقة والنهي عن الضرار، قال: (ويشهد لهذا أنه معطوف على ما قبله، وقد ثبت أن على المولود له النفقة والكسوة وأن لا يضار، فيجب أن يكون قوله (مثل ذلك) مشيرا على جميع ما على المولود له) اه زاد المسير (1/ 273)، وانظر أحكام القرآن للجصاص: (1/ 406). (5) في ظق: قال بذلك. (6) ذكره الطبري عن بشر بن نصر المزني- وكان قاضيا في زمن عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- وعن قبيصة بن ذؤيب والضحاك. ثم قال: وتأويل ذلك على ما تأوله هؤلاء: وعلى الوارث المولود مثل ما كان على المولود له اه جامع البيان (2/ 502)، وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 168)، وقد ساق الطبري بقية الأقوال، ثم قال: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ: أن يكون المعنى بالوارث ما قاله قبيصة بن ذؤيب والضحاك بن مزاحم، ومن ذكرنا قوله آنفا، من أنه معنى بالوارث: المولود، وفي قوله مِثْلُ ذلِكَ أن يكون معنيا به مثل الذي كان على والده من رزق والدته وكسوتها بالمعروف ان كانت من أهل الحاجة، وهي ذات زمانه وعاهة، ومن لا احتراف فيها، ولا زوج لها تستغني به، وأن كانت من الغنى والصحة، فمثل الذي كان على والده لها من أجر الرضاعة ... ) اه المصدر نفسه (2/ 505).

وقال مكّي: وهو قول حسن «1» اه. وما أراه كما قال «2». وعن مالك- رحمه الله- ان الآية منسوخة «3»، قال: ولا يجب على الرجل نفقة أخ ولا ذي قرابة اه وليس الآية بمنسوخة، ولم يذكر مالك- رحمه الله- لها ناسخا «4». 16 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً «5». قالوا: نسخ منها الحوامل، بقوله عزّ وجلّ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «6» «7». وهذا ليس بنسخ، والآية ليست في الحوامل، يدل على ذلك قوله عزّ وجلّ: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ «8» أي في ابتغائهن الأزواج، والحامل ليس «9» لها ذلك.

_ (1) انظر: الإيضاح ص 182. (2) هكذا ساق الإمام السخاوي- رحمه الله- الأقوال ويظهر أنه لم يترجح عنده شيء منها حيث لم يبد رأيه وإنما اكتفى بذكرها وعدم التسليم بما اختاره الطبري واستحسنه مكي، والذي ترجح عندي وملت إليه أن المراد بالوارث: كل الورثة من الرجال والنساء- غير الأب والأم- على قدر نصيبهم من الإرث من مال الصبي إن هو مات، والله أعلم. وهذا ما ذكر آنفا عن ابن عباس وقتادة والسدي وزيد بن ثابت وعمر وغيرهم. وهو أيضا ما رجحه الجصاص الحنفي في أحكام القرآن (1/ 407). (3) ذكره النحاس ص 85، ومكي ص 180، وابن العربي (1/ 205)، وابن الجوزي ص 212، وقد رد هذا القول الجصاص وابن العربي، فقد قال ابن العربي: (وهذا كلام تشمئز منه قلوب العاقلين .. وكان العلماء المتقدمون من الفقهاء والمفسرين يسمون التخصيص نسخا) اه. (4) قال النحاس: بعد أن ذكر النسخ عن مالك ورده- والذي يشبه أن يكون الناسخ لها عنده- والله أعلم- أنه لما أوجب الله سبحانه للمتوفي عنها زوجها من مال المتوفي نفقة حول والسكنى، ثم نسخ ذلك ورفعه نسخ ذلك أيضا عن الوارث» اه الناسخ والمنسوخ ص 86. (5) البقرة: 234. (6) الطلاق: 4. (7) والصحيح أن هذا من باب التخصيص والبيان فهي محكمة خص منها الحوامل في آية الطلاق، وهذا هو مراد من قال بالنسخ في هذا وأمثاله. انظر الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 187، والإيضاح ص 184، وتفسير القرطبي (3/ 174). (8) جزء من آية البقرة السابقة 234. (9) سقط من ظ. كلمة (ليس).

17 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ «1». قال جماعة: هي منسوخة بالتي تقدمت، وهو قوله عزّ وجلّ: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً. قالوا: نسخت هذه الحول، ونسخت آية الميراث النفقة عليها إلى الحول «2». وقال الربيع: كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها أقامت- إن شاءت- حولا ولها السكنى والنفقة، فنسخ ذلك آية الميراث «3». وقال عبد الملك بن حبيب «4»: كانت الحرة المتوفى عنها زوجها، تخير بين أن تقيم في بيته وينفق عليها من ماله سنة، وبين أن تخرج فلا يكون لها شيء من ماله، فنسخ ذلك بآية الميراث «5». وليست هذه الآية بمنسوخة بالتي قبلها، لأن الناسخ متأخر «6» نزوله عن المنسوخ فكيف يكون نزولها متأخرا، ثم يوضع «7» في التأليف (قيل «8» ما نزل) بعده ناسخة له من غير فائدة في لفظ ولا معنى؟.

_ (1) البقرة: 240. (2) وممن قال بالنسخ ابن عباس وقتادة والضحاك وعطاء وابن زيد والربيع وعكرمة والحسن والنخعي. انظر جامع البيان (2/ 579 - 581) راجع الدر المنثور (1/ 738)، والناسخ والمنسوخ لقتادة ص 36، ولابن حزم الانصاري ص 29، والبغدادي ص 189، وابن سلامة ص 93، والإيضاح ص 182، وقلائد المرجان ص 73 وقد حكى ابن حزم الظاهري الاجماع في هذه القضية، وهي نسخ الآية المتأخرة في التلاوة بالآية المتقدمة، قال: ولا يضر كون الآية المنسوخة في ترتيب المصحف في الخط والتلاوة- متقدمة في أول السورة، أو في سورة متقدمة في الترتيب ... ) اه الأحكام في أصول الأحكام (4/ 93). وممن مال إلى القول بالنسخ القرطبي (3/ 174)، وابن حجر في الفتح (8/ 194)، والسيوطي في الإتقان (3/ 65)، والزرقاني في مناهل العرفان (2/ 261). أما السخاوي فلم يرتضى القول بنسخها، وسيأتي كلامه ورده لدعوى النسخ قريبا بإذن الله. (3) أخرجه ابن جرير بنحوه عن الربيع. جامع البيان (2/ 579). (4) عبد الملك بن حبيب بن سليمان القرطبي، أبو مروان، عالم الأندلس وفقيهها في عصره (174 - 238 هـ) الميزان (2/ 652)، والديباج ص 154 والأعلام (4/ 157). (5) ذكره مكي عن ابن حبيب. انظر الإيضاح ص 183. (6) في بقية النسخ: يتأخر. (7) في ظق: توضع. (8) هكذا في الأصل: قيل ما نزل. تحريف. وفي بقية النسخ: قبل ما نزل. وهو الصواب.

واحتجوا لذلك بأن المكّي قد يؤخر عن المدني في السور، وليس هذا مثل ذلك، وليس في تقديم السور وتأخيرها شيء من الإلباس، بخلاف الآيات «1». قال «2» الزمخشري «3»: فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟ قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة، وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ .. «4» مع قوله: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ «5» «6». والذي قال غير صحيح، بل التلاوة على ترتيب التنزيل، وقد تقدم (أنّ) «7» قوله عزّ وجلّ: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «8» نزل بعد قوله «9» ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها «10» أي: دم على ذلك، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ «11».

_ (1) قال مكي: وهذا مما تقدم الناسخ فيه على المنسوخ في رتبة التأليف للقرآن، وحق الناسخ في النظر أن يأتي بعد المنسوخ، لأن الناسخ ثان أبدا، والمنسوخ متقدم أبدا، وإنما استغرب هذا لأنه في سورة واحدة، ولو كان في سورتين لم ينكر أن يكون الناسخ في الترتيب قبل المنسوخ، فهو كثير في سورتين، لأن السور لم تؤلف في التقديم والتأخير على النزول ألا ترى أن كثيرا من المكي بعد المدني والمكي نزل أولا؟! وإنما حكم في هذا بأن الأول نسخ الثاني دون أن ينسخ الثاني الأول على رتبة الناسخ والمنسوخ بالإجماع على أن المتوفي عنها زوجها ليس عليها أن تعتد سنة، وأن عدتها أربعة أشهر وعشرا ... والنبي صلّى الله عليه وسلّم بين هذا، فعلم أن الأول ناسخ للثاني وعلم أن الأولى في التلاوة نزلت بعد الثانية ناسخة لها) اه الإيضاح: ص 183 - 184. (2) في بقية النسخ: وقال. (3) هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري، جار الله أبو القاسم من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والأدب، جاور بمكة، وتنقل في البلدان وكان من معتزلي المذهب. (467 - 538 هـ). طبقات المفسرين للداودي (2/ 314)، والبداية والنهاية: (12/ 235) والأعلام: (7/ 187). (4) البقرة: (142). (5) البقرة: (144). (6) الكشاف للزمخشري (1/ 377). (7) ساقط من الأصل حرف (أنّ). (8) جزء من الآية السابقة: (144). (9) في ظق ود وظ: بعد قولهم. (10) جزء من الآية السابقة: (142). (11) جزء من الآية السابقة: (144).

وقد قيل: أن أول ما نزل في ذلك قوله عزّ وجلّ: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «1»؛، قيل: أعلم الله عزّ وجلّ نبيه ما هم قائلون. فقال: إذا قالوا ذلك، فقل لهم: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. وقد تقدم أيضا قوله وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى «2»، فهذا يدل على ما قلناه من أن قوله عزّ وجلّ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، (58/ ب) أمر بالدوام على ما كان أمره به من اتخاذ المقام مصلى «3»، ثم أن هذه الآيات كلها في قصة واحدة بخلاف الناسخ والمنسوخ، ولم يقل أحد من المفسّرين أن قوله عزّ وجلّ: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ نزل بعد قوله عزّ وجلّ قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ .. وإنما وهم الزمخشري، فظن الأخبار بما يكون بعد الشيء قبل وقوعه هو الواقع بعده، وهذا غلط بين «4»، وإنما مثال هذا أن يقول الملك لمن يريد أن يوليه ناحية: سيطعن «5» السفهاء في ولايتك، ثم يقول (له) «6» بعد ذلك: تولّ ناحية كذا، كذلك قال «7» الله عزّ وجلّ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ .. الآية، أخبارا بما سيكون بعد التولية، ثم قال سبحانه بعد ذلك: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الآية. وهذا واضح جدا، وقد خفى عليه هذا، فصار إلى ما صار إليه من تقدم الآية في التلاوة، وتأخرها في الإنزال، وليس بهين أن يجعل كلام الله عزّ وجلّ بهذه المثابة. بل أقول: إن الآية غير منسوخة بالتي تقدمت «8»، بل معناها: أن المتوفى

_ (1) البقرة: (115). وقد سبق أن ذكر المصنف أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ على أحد الأقوال التي قيلت في ذلك. (2) البقرة: (125). (3) يريد السخاوي أن هذه الآية متقدمة في التلاوة وفي ترتيب آيات السورة، وجاءت قبل سَيَقُولُ السُّفَهاءُ ... وقبل قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ وغيرها من الآيات التي تتحدث عن القبلة، مما يدل على أن الله أمره صلّى الله عليه وسلّم بالدوام على ما كان عليه، إذا فليس هناك نسخ، والله أعلم. (4) في د: وهذا غلط منه. وفي ظ: وهم هذا غلط منه. (5) في د وظ: ستطعن السفهاء. (6) ساقط من الأصل (له). (7) في د: فقال الله. (8) وهذا قول مجاهد- وسيأتي- وقد تقدم أن الجمهور يقولون بالنسخ هنا.

عنها زوجها كانت لها متعة، كما أن للمطلّقة متعة، فكانت متعة المتوفى عنها زوجها أن تخير بعد انقضاء العدة بين أن تقيم إلى تمام الحول، ولها السكنى والنفقة، وبين أن تخرج، يدلّ على صحة ذلك قوله عزّ وجلّ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ، أي لا تخرج إذا لم ترد، ثم قال تعالى: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ، فأباح لها أن تخرج، ولو كانت العدة حولا لم يبح لها ذلك، ولم تكن مخيّرة فيه، ومن لم يفرّق بين هذا وبين قوله عزّ وجلّ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ ويميز «1» بين المكث الواجب كيف جاء بهذا اللفظ، وبين المكث الراجع الى الاختيار، كيف جاء باللفظ الآخر، فقد سلب آلة التمييز، بل الآية المتأخرة دالة على تقدم الأولى بقوله عزّ وجلّ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ. أي فإن اخترن الخروج بعد بلوغ الأجل المذكور في الآية المتقدمة فلا حرج. وقد قال مجاهد: إن الآية محكمة «2»، ولها السكنى والنفقة من مال زوجها- إن شاءت-. وإن قلنا: إن ذلك قد كان، ثم بطل بأنه لا وصية لوارث، فذاك موافق لما عليه الجمهور «3».

_ (1) في د: ويميزه. (2) روى البخاري في صحيحه عن مجاهد وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ... قال: كانت هذه العدة، تعتد عند أهل زوجها واجب، فأنزل الله وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ، فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ. قال: جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية، إن شاءت سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله تعالى: غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فالعدة كما هي واجب عليها، زعم ذلك عن مجاهد ... ). انظر: كتاب التفسير (8/ 193)، بشرح ابن حجر، وأخرجه الطبري أيضا في تفسيره (2/ 581). قال ابن حجر: والجمهور على خلافه، وهذا الموضع مما وقع فيه الناسخ مقدما في ترتيب التلاوة على المنسوخ اه. (3) أما الكلام بأنه لا وصية لوارث فقد سبق الحديث عنه عند قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ... (ص 601) من هذا الفصل فلينظر. وأما وجه إيراد السخاوي لهذا فإنه يخدم ما ذهب إليه من عدم النسخ فكأنه يقول لا تعارض بين هذه الآية وبين سابقتها، فالسابقة في التلاوة في بيان العدة والمدة التي يجب عليها أن تمكثها، والآية

وأما أن نقول «1»: أنها منسوخة بما تقدمها فلا. وهذا الموضع من أقبح ما ذكروه في كتاب الله عزّ وجلّ «2»، ثم ذكر بعد هذه المتعة، متعة الطلاق، فقال عزّ وجلّ- عقيب هذه الآية- وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «3». 18 - ومن ذلك: قول ابن زيد «4» في قوله عزّ وجلّ إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً «5» أنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ وَلا تَعْزِمُوا «6» عُقْدَةَ النِّكاحِ «7» «8» وليس كما قال، بل هي محكمة، والمراد بذلك التعريض بالنكاح. 19 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ «9». قال ابن المسيب «10»: وجبت المتعة لغير المدخول بها بهذه الآية، وبقوله عزّ وجلّ في الأحزاب فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ «11»، قال: ثم نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ

_ الثانية خاصة فيما إذا كان هناك وصية للزوجة بذلك، ولم تخرج ولم تتزوج، وهما مقامان مختلفان. وقد رد هذا الزرقاني ورجح القول بالنسخ وعزاه إلى الجمهور. انظر مناهل العرفان (2/ 261). (1) في د وظ: أن تقول. (2) الحقيقة أن تقبيح القول بالنسخ في هذا الموضع ليس سليما، سيما وقد قال به جمهرة من العلماء- كما سبق-. (3) سورة البقرة: (241). (4) عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم المدني، ضعيف، له التفسير والناسخ والمنسوخ، مات سنة 282، طبقات المفسرين للداودي (1/ 271). (5) البقرة (235) ... عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً. (6) في ظ: ولا تقربوا عقدة النكاح. وهو خطأ في الآية الكريمة. (7) جزء من الآية نفسها. (8) أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن زيد. جامع البيان (2/ 527)، وذكره مكي عن ابن زيد، وقال: أكثر العلماء أنه محكم ... اه الإيضاح ص 185. (9) البقرة (236) لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً .... (10) في د، ظ: ابن السكيت. خطأ. (11) الأحزاب: (49) وهي قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا.

وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ «1» «2». وهذا ليس بنسخ لذلك، لأن الأول في التي لم يفرض لها، والثاني في التي قد فرض لها. وقال ابن المسيب أيضا: كانت المتعة واجبة بقوله عزّ وجلّ في سورة الأحزاب فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ، ثم نسختها آية البقرة، وهو قوله عزّ وجلّ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ قال: ولم يقل: (حقا عليكم، ولا واجبا عليكم) «3» وهذا أيضا ليس كذلك، لأن قوله عزّ وجلّ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ وحَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ لا يعارض قوله عزّ وجلّ فَمَتِّعُوهُنَّ، ولذلك قال علي- رضي الله عنه-: (المتعة واجبة لكل مطلّقة)، وإليه ذهب الحسن البصري والضحاك وابن جبير «4». وقال شريح: (هي مندوب اليها، فمتّع، إن كنت تحب أن تكون من المحسنين، ألا تحب أن تكون من المتقين) «5»؟

_ (1) البقرة (237). (2) أخرجه الطبري بنحوه عن سعيد بن المسيب. جامع البيان (2/ 533) وذكره مكي عن ابن المسيب أيضا. انظر الإيضاح ص 186. (3) انظر: الإيضاح ص 186. (4) المصدر نفسه ص 187. وأخرجه الطبري عن الحسن وأبي العالية وسعيد بن جبير، وبعد أن ذكر الأقوال في ذلك رجح وجوب المتعة لكل مطلقة، وانتصر لهذا القول وفند ما سواه. انظر جامع البيان (2/ 535). وعزا القرطبي الوجوب إلى ابن عمر وعلي بن أبي طالب والحسن بن أبي الحسن وسعيد بن جبير، وأبي قلابة والزهري وقتادة والضحاك ابن مزاحم. قال: وتمسك هؤلاء، بمقتضى الأمر، قال: وهو أولى، لأن عمومات الأمر بالإمتاع في قوله مَتِّعُوهُنَّ وإضافة الإمتاع إليهن بلام التمليك في قوله وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ أظهر في الوجوب منه في الندب، وقوله حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ تأكيد لإيجابها، لأن كل واحد يجب عليه أن يتقي الله في الإشراك به ومعاصيه ... اه. الجامع لأحكام القرآن (3/ 200)، وراجع (3/ 203) من المصدر نفسه. (5) أخرجه ابن جرير بنحوه عن شريح. انظر جامع البيان (2/ 534)، وذكره مكي بن أبي طالب، وقال: وهذا هو المختار، وهو مذهب مالك. الإيضاح ص 187. قال القرطبي: وتمسك أصحاب هذا القول بقوله تعالى حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ وعَلَى الْمُتَّقِينَ، ولو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أَجْمَعِينَ* اه المصدر السابق.

وقال ابن عباس:- رضي الله عنهما- وغيره (هي واجبة للتي لم يفرض لها اذا طلّقت قبل الدخول، على الموسر خادم، ويمتّع المتوسط بالورق، ودون المتوسط بالكسوة والنفقة)، وكذلك قال قتادة «1». وليس الغرض إيراد المذاهب، وإنما الغرض أن الآية غير منسوخة ولا ناسخة «2». 20 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ «3». قال قوم: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ* «4»، والجمهور «5» على أنها محكمة «6».

_ وقد سبق أن ذكرت أن الطبري والقرطبي يرجحان الوجوب، وهذا الذي تطمئن إليه النفس وترتاح، وبه تسود المحبة في الأسرة، والمجتمع، وتجبر القلوب المكسورة بسبب الطلاق، والله الموفق للصواب. (1) ذكره مكّي بنحوه، قال: وبه قال العراقيون اه الإيضاح ص 189. وقد ساق الطبري بسنده إلى ابن عباس أنه قال: متعة الطلاق أعلاه الخادم، ودون ذلك الورق، ودون ذلك الكسوة اه. جامع البيان 2/ 530. وزاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس. الدر المنثور (1/ 697). والآية جاءت عامة غير مقدرة ولا محددة للمتعة (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) - فكل يمتع بقدر استطاعته، هذا بخادم وهذا بثوب وهذا بنفقة، هذا قول الحسن ومالك بن أنس. انظر: تفسير القرطبي (3/ 201). (2) لأن شرط النسخ غير موجود، والجمع ممكن، وقد قال فريق من العلماء، منهم الثوري: المتعة لكل مطلقة عموما، وهذه الآية إنما بينت أن المفروض لها تأخذ نصف ما فرض لها، ولم يعن بالآية إسقاط متعتها بل لها المتعة ونصف المفروض. انظر: الجامع لأحكام القرآن (3/ 204). وهذا هو الصواب- إن شاء الله تعالى-. (3) البقرة (256). (4) التوبة (73) التحريم: (9). (5) في ظ: والجمهور أنها محكمة. (6) انظر: الإيضاح ص 193، 194، والناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 572 وقد نسب ابن الجوزي القول بالنسخ إلى الضحاك والسدي وابن زيد ونسب القول بأحكامها إلى ابن عباس ومجاهد وقتادة. قال: وهو من العام المخصوص، وأنه خص منه أهل الكتاب، فإنهم لا يكرهون على الإسلام، بل يخيرون بينه وبين أداء الجزية اه نواسخ القرآن ص 219.

قال ابن عباس- رضي الله عنهما- (نزلت في أهل الكتاب، لا يكرهون إذا أدّوا الجزية) «1». 21 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ «2»، قالوا: هي ناسخة لما كانوا عليه من بيع المعسر فيما عليه من الدّين «3». وقد قدمت أن مثل هذا لا يجمل أن يذكر في الناسخ «4». لأنه نقل عن فعل كانوا عليه بغير قرآن نزل فيه، ولا أمر من الله عزّ وجلّ، ولو كان ذا ناسخا لكان القرآن كله ناسخا، لأنه نزل في تغيير ما كانوا عليه وإبطاله «5». 22 - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ «6» وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ «7» فأمر بالكتاب «8» والإشهاد، قالوا:

_ وقد رجح أحكام هذه الآية كل من الطبري والنحاس وابن العربي. انظر: جامع البيان (3/ 17)، والناسخ والمنسوخ ص 98، وأحكام القرآن (1/ 233). (1) أخرجه ابن جرير بنحوه عن ابن عباس رضى الله عنهما. جامع البيان (3/ 17). وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس كذلك. الدر المنثور (2/ 21). (2) البقرة: (280). (3) انظر: الإيضاح ص 194، وراجع تفسير القرطبي (3/ 371)، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 99. قال الطبري: الصواب من القول في هذه الآية أنه معنى به غرماء الذين كانوا أسلموا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولهم عليهم ديون، قد أربوا فيها في الجاهلية، فأدركهم الإسلام قبل أن يقبضوها منهم، فأمر الله بوضع ما بقى من الربا بعد ما أسلموا، وبقبض رءوس أموالهم ممن كان منهم من غرمائهم موسرا، وأنظار من كان منهم معسرا برءوس أموالهم إلى ميسرتهم ... اه جامع البيان (3/ 112). (4) ولذلك لم يتعرض لذكرها ضمن الناسخ والمنسوخ كل من قتادة وابن حزم وابن سلامة والبغدادي وابن الجوزي والكرمي والسيوطي الزرقاني. (5) سبق أن ذكر السخاوي نحو هذا عند قوله تعالى لا تَقُولُوا راعِنا ص 594. قال مكي: وقد كان يجب أن لا تذكر هذه الآية في الناسخ والمنسوخ، لأنها لم تنسخ قرآنا ولا سنة ثبتت، إنما نسخت فعلا كانوا عليه بغير أمر من الله، والقرآن كله أو أكثره على هذا، نقلهم حكمه عما كانوا عليه اه الإيضاح ص 195. (6) سقط من الأصل بانتقال النظر إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ إلى قوله عز وجل اه. اه. (7) البقرة: (282). (8) في د وظ: بالكتابة.

ثم نسخ ذلك بقوله سبحانه فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ «1»، وليس هذا بنسخ، وفيه بيان كون الأمر بالكتابة والإشهاد ليس «2» على الوجوب «3». وذهب ابن عمر وابن عباس وأبو موسى الأشعري وجابر بن زيد وابن سيرين والضحاك وأبو قلابة وعطاء والشعبي وداود إلى وجوب الكتاب «4» والإشهاد، وأوجبوا على رب الدّين أن يكتب وأن يشهد إذا قدر على ذلك. قالوا: وأما قوله عزّ وجلّ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، فإنما ذلك عند عدم القدرة على الكتابة والإشهاد، إذا عفا عن الرهن أو لم يجده «5». وقال الشعبي وعطاء: أشهد إذا بعت «6» واشتريت بدرهم أو بنصف درهم أو بثلث درهم «7»، وبهذا يقول الطبري، وعلى الجملة فالآية محكمة على كل حال «8». 23 - ومن ذلك قولهم في قوله عزّ وجلّ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ

_ (1) البقرة: (283). (2) في بقية النسخ: وليس. (3) وحمله على التخيير والإرشاد والندب هو قول أكثر أهل العلم. انظر الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 348، والإيضاح ص 196. (4) في د وظ: الكتابة. (5) انظر: الإيضاح ص 198، وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 101. (6) في بقية النسخ: أو اشتريت. (7) رواه أبو عبيد بنحوه عن عطاء وإبراهيم النخعي. انظر الناسخ والمنسوخ ص 344، 346، 347. وروى أبو عبيد أيضا عن الشعبي والحسن التخيير في ذلك. المصدر نفسه، وراجع الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ص 97، وقلائد المرجان ص 75. (8) وهذا هو الظاهر، لأنه لا تعارض بين الآيتين، فالآية الأولى تأمر بالكتابة والإشهاد عند التبايع- بغض النظر عن الخلاف في الوجوب وعدمه كما سبق- فإن كان ندبا فلا تعارض، ويكون الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن من باب الندب والإرشاد، فإذا أمن كل من البائع والمشتري الآخر، ولم يكتبا ولم يشهدا فليس عليهما حرج، وما جعل الله علينا في الدين من حرج، وأما إن كان على سبيل الإلزام والفرض فأيضا ليس هناك تعارض، فإن الآية تنص على الرخصة في عدم الكتابة عند عدم وجود الكاتب. وقد قال بعدم النسخ ابن جرير الطبري ووافقه النحاس وابن الجوزي غير أنهما يخالفانه في وجوب الكتابة والإشهاد، ويحملان ذلك على الندب، وهو ما صوبه مكي- كما سبق- وهو كذلك ما يفهم من كلام السخاوي المتقدم. يقول الإمام الطبري:- بعد أن ذكر قول الذين قالوا بالنسخ ورجح أن الأمر للوجوب- ولا وجه

اللَّهُ «1» (إنه) «2» منسوخ بقوله عزّ وجلّ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها «3». وليس في هذين ناسخ ولا منسوخ «4»، والنسخ لا يدخل في الأخبار، ففي هذه السورة ثلاثون موضعا أدخلت في الناسخ والمنسوخ «5»، لم يقع الاتفاق على شيء منها بل فيها ما لا يشك في أنه ليس بناسخ ولا منسوخ ومستند قولهم في ذلك الظن لا اليقين، ولا يثبت ناسخ القرآن ومنسوخه بالظن والاجتهاد.

_ لاعتلال من اعتل بأن الأمر بذلك منسوخ بقوله فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ ... الآية، لأن ذلك إنما أذن الله تعالى ذكره به حيث لا سبيل إلى الكتاب أو إلى الكاتب، فأما والكتاب والكاتب موجودان، فالفرض- إذا كان الدين إلى أجل مسمى- ما أمر الله تعالى ... ذكره به في قوله فَاكْتُبُوهُ ... وإنما يكون الناسخ ما لم يجز اجتماع حكمه وحكم المنسوخ في حال واحدة على السبيل التي قد بيناها فأما ما كان أحدهما غير ناف حكم الآخر فليس من الناسخ والمنسوخ في شيء اه. جامع البيان (3/ 120). (1) البقرة (284). (2) ساقط من الأصل كلمة (أنه). (3) البقرة (286). وقد ذكر الطبري النسخ بأسانيده عن ابن عباس وعائشة، وابن مسعود ومجاهد وقتادة والحسن والشعبي والسدي وغيرهم. انظر: جامع البيان (3/ 144 - 147)، وراجع الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 37، وابن حزم ص 30، وابن سلامة ص 98، والبغدادي: ص 92 والإيضاح لمكي ص 200، والإتقان 3/ 65. وسيأتي بإذن الله قريبا قول الذين قالوا بأحكامها، وأنه هو الراجح. (4) وهذا هو الصحيح- إن شاء الله تعالى- من أقوال أهل العلم، وهو ما أخرجه الطبري عن ابن عباس والربيع بن أنس والحسن البصري ومجاهد جامع البيان 3/ 147 فما بعدها. ومال إليه النحاس، ومكي وابن الجوزي والكرمي. انظر الناسخ والمنسوخ ص 105، والإيضاح ص 200، والمصفى بأكف أهل الرسوخ ص 21، وهو ما يفهم من كلام ابن الجوزي أيضا في كتابيه نواسخ القرآن ص 234، 235، وزاد المسير 1/ 344، وراجع كذلك قلائد المرجان للكرمي ص 77. (5) وقد تبع السخاوي في هذا العدد الإجمالي للآيات التي أدخلت في الناسخ والمنسوخ أبا جعفر النحاس ص 104، وهبة الله بن سلامة ص 32 ولكن على خلاف فيما بينهم في ذكر الآيات المدعي فيها النسخ. ومن الملاحظ أن السخاوي ذكر أكثر من هذا العدد، فقد ذكر ثلاثا وعشرين موضعا ابتداء من قوله: «وأنا أذكر بعون الله تعالى الآيات التي قيل إنها منسوخة ولها وجه تحمل عليه فتكون محكمة». وكان قد ذكر قبل ذلك اثني عشر موضعا ادّعى فيها النسخ. وأما ابن الجوزي فقد ذكر سبعا وثلاثين آية أدعى فيها النسخ. وذكر كل من ابن حزم والفيروزآبادي ستا وعشرين آية فقط. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 19، وبصائر ذوي التمييز 1/ 135.

سورة آل عمران

سورة آل عمران ذكروا فيها أربعة عشرة «1» موضعا «2»، ليس منها موضع متفق في صحته «3»: الأول: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ «4»، قالوا: نسخها قوله عزّ وجلّ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «5» وليس (هذا) «6» بنسخ، إذ يجوز أن يجمع بين الأمرين «7» «8». الثاني: وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ «9» «10».

_ (1) هكذا في الأصل: عشرة. وفي بقية النسخ: عشر. وهو الصواب. (2) ذكر قتادة والسيوطي موضعا واحدا فقط، انظر: الناسخ والمنسوخ: ص 38، والاتقان: 3/ 66، وذكر النحاس ص 105، وابن الجوزي في المصفى ص 22، والكرمي ص 89، ثلاث آيات. واقتصر ابن حزم الأنصاري ص 30، ومكي ص 201 - 205، والفيروزآبادي 1/ 160، على خمس آيات. وأما ابن سلامة ص 102، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 237 - 246، فقد ذكرا عشر آيات ادعيا فيها النسخ. (3) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ: ليس منها موضع متفق على صحة النسخ فيه. وهي أوضح. (4) آل عمران: (20). (5) النحل: (125). (6) سقط من الأصل كلمة (هذا). (7) في ظ: بين الاميرين. (8) انظر: الايضاح: ص 201 - 202. (9) آل عمران: 20. (10) انظر: ابن حزم الانصاري ص 30، وابن سلامة ص 103، وابن الجوزي في نواسخ القرآن

«قالوا: نسختها آية السيف وإنما المعنى: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ» «1» اه، وليس عليك الهداية، لأنه قال قبل ذلك فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا «2». الثالث: قوله عزّ وجلّ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ «3». قالوا: نسخ منها إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً «4» بآية السيف «5»، وليس كما قالوا، قال الحسن: إنما ذلك في الكفار إذا أكرهوا المؤمنين على الكفر، فيتكلمون بذلك وقلوبهم كارهة «6». وقال قتادة: التقيّة «7»: أن تصل رحمك من الكفار من غير أن تواليهم على المسلمين «8».

_ ص 237، والكرمى ص 79. قال ابن الجوزي: قد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الكلام اقتضى الاقتصار على التبليغ دون القتال ثم نسخ بآية السيف وقال بعضهم: لما كان صلّى الله عليه وسلّم حريصا على إيمانهم مزعجا نفسه في الاجتهاد في ذلك سكن جأشه بقوله إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ الآية 12 من هود وإنما عَلَيْكَ الْبَلاغُ والمعنى لا تقدر على سوق قلوبهم إلى الصلاح، فعلى هذا لا نسخ اه. قلت: وهو الصواب- إن شاء الله تعالى:- وعليه فلا نسخ، فإنما عليه صلّى الله عليه وسلّم هداية الدلالة والإرشاد، وعليه تعالى هداية التوفيق والصلاح. وراجع النسخ في القرآن 1/ 429. (1) سقط من الأصل. (2) جزء من الآية نفسها. (3) آل عمران (28) لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ... (4) جزء من الآية نفسها. (5) وكذا ذكر هبة الله بن سلامة ص 103، وابن البارزي ص 27، وقد أعرض عن ذكر دعوى النسخ في هذه الآية كثير ممن تكلموا في النسخ كقتادة والنحاس والبغدادي وابن حزم الأنصاري ومكي والسيوطي والكرمي وغيرهم. وأما ابن الجوزي فإنه حكى النسخ ورده. قال: قد نسب قوم إلى أن المراد بالآية اتقاء المشركين أن يوقعوا فتنة أو ما يوجب القتل والفرقة، ثم نسخ ذلك بآية السيف، وليس هذا بشيء، وإنما المراد من الآية جواز اتقائهم إذا أكرهوا المؤمن على الكفر بالقول الذي يعتقده، وهذا الحكم باق غير منسوخ اه نواسخ القرآن ص 238، والمصفى ص 22. (6) عزاه السيوطي بمعناه مختصرا إلى عبد بن حميد عن الحسن. قال: التقية جائزة إلى يوم القيامة اه الدر المنثور: 2/ 176. (7) التقية والتقاة والتقوى والاتقاء كله واحد. اللسان: 15/ 402 (وقى). (8) أخرجه الطبري بنحوه عن قتادة. انظر: جامع البيان: 3/ 229. وزاد السيوطي نسبته إلى

وقيل: نزلت في عمار بن ياسر- رضي الله عنه- لأنه خاف أن يقتله المشركون فتكلّم ببعض ما أحبوا «1». وفي حاطب بن أبي بلتعة «2» حين كتب بأخبار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الى كفار مكة ليرعوه في أهله وماله، وقلبه مطمئن بالإيمان «3». الرابع والخامس والسادس: من قوله عزّ وجلّ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ إلى قوله وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ «4». قالوا: نسخها قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا «5» وهذا ليس بناسخ ولا منسوخ «6».

_ عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم الدر المنثور: 2/ 176. (1) انظر: تفسير القرطبي: 4/ 58. وقد ذكر الواحدي قصة عمار ومن معه من المسلمين الذين عذبهم المشركون وفتنوهم عن دينهم، وذلك عند قوله تعالى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ الآية 106 من سورة النحل انظر: أسباب النزول ص 162. وكذلك ذكر السيوطي في أسباب النزول على هامش الجلالين ص: 468 وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس: ( ... فأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقيه ... ) اه. وانظر: الدر المنثور: 3/ 170. (2) بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها مثناة ثم مهملة مفتوحة- ابن عمرو بن عمير اللخمي صحابي، شهد بدرا والحديبية، مات سنة ثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه، وله خمس وستون سنة. الإصابة: 2/ 192 رقم 1534 والاستيعاب: 2/ 280. (3) انظر: زاد المسير: 1/ 371. وراجع قصة حاطب بن أبي بلتعة في أسباب النزول للواحدي ص: 240 وللسيوطي ص 730، وفي الدر المنثور 8/ 125 فما بعدها. (4) آل عمران الآيات: 86 - 88. (5) آل عمران (89). (6) قال ابن حزم: فهذه الآيات نزلت في ستة رهط، ارتدوا عن الإسلام بعد أن أظهروا الإيمان، ثم استثنى واحد من الستة وهو سويد بن الصامت فقال تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فهذه الآية ناسخة لها اه. الناسخ والمنسوخ ص 31، وانظر ابن سلامة ص 104. وممن قال بالنسخ ابن البارزي ص 28، والفيروزآبادي 1/ 160 هذا ولم يتعرض لدعوى النسخ هنا كل من النحاس والبغدادي ومكي، وأما ابن الجوزي فقد ذكر دعوى النسخ عن السدي ورده وفنده، وقال: إن هذا محكم لا وجه لدخول النسخ عليه ... اه وانظر بقية كلامه في نواسخ القرآن ص 241.

السابع: قوله عزّ وجلّ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً «1». قالوا: هو منسوخ بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صمت «2» يوما إلى الليل» «3»، وفساد هذا القول واضح «4». الثامن: قوله عزّ وجلّ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ «5». قال السدي: هو منسوخ بقوله سبحانه: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا «6»، وهذا أيضا باطل «7».

_ (1) آل عمران: (41). (2) العرب تقول: لا صمت يوما إلى الليل، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا صمت يوم إلى الليل، فمن نصب أراد: لا صمت يوما إلى الليل، ومن رفع أراد: لا يصمت يوم إلى الليل، ومن خفض فلا سؤال فيه، .. والصمت: السكوت. انظر: اللسان: 2/ 54 (صمت). (3) رواه أبو داود في سننه كتاب الوصايا باب ما جاء متى ينقطع اليتم: 3/ 294 بلفظ: (لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل). قال الخطابي: قوله (لا صمات يوم إلى الليل) كان أهل الجاهلية من نسكهم الصّمات، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت ولا ينطق فنهوا عن ذلك وأمروا بالذكر والنطق بالخير اه. المصدر نفسه. والحديث ذكره النحاس ص 106 ومكي ص 202، وابن عطية في المحرر الوجيز 1/ 411، والقرطبي في تفسيره: 4/ 81. (4) انظر: النحاس ومكي وابن عطية والقرطبي الصفحات السابقة. قال القرطبي: قال بعض من يجيز نسخ القرآن بالسنة: أن زكريا منع الكلام، وهو قادر عليه، وإنه منسوخ بقوله عليه السلام (لا صمت يوما إلى الليل)، وأكثر العلماء أنه ليس بمنسوخ، وأن زكريا إنما منع الكلام بآفة دخلت عليه منعته إياه، وتلك الآفة عدم القدرة على الكلام مع الصحة، كذلك قال المفسرون. وذهب كثير من العلماء إلى أنه (لا صمت يوما إلى الليل) إنما معناه عن ذكر الله، وأما عن الهذر وما لا فائدة فيه، فالصمت عن ذلك حسن. المصدر السابق. (5) آل عمران: (97). (6) جزء من الآية نفسها. (7) ذكر دعوى النسخ ابن سلامة وعزاه إلى السدي، قال: قال السدي: هذا على العموم ثم استثنى الله تعالى بعدها فصار ناسخا ... اه الناسخ والمنسوخ ص 105، وذكره ابن البارزي دون عزو ص 28. هذا وقد أعرض عن ذكر دعوى النسخ في هذه الآية معظم الذين تكلموا في النسخ، إلا أن ابن الجوزي ذكره عن السدي أيضا- كما ذكره ابن سلامة- وفنده وقبح القول به. نواسخ القرآن ص 241.

التاسع: قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «1»، قال قتادة: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «2» «3»، وقال السدي وابن زيد والربيع بن أنس وجماعة من العلماء: ليس هذا بنسخ «4»، والآيتان «5» معناهما واحد، والأمر بتقوى الله لا ينسخ «6». وقوله حَقَّ تُقاتِهِ أي ما أطقتم «7»، قيل: يا رسول (الله) «8»، ما حق تقاته؟ قال: «هو أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر» «9». وقال ابن عباس: (أن يجاهد في الله حق جهاده، ولا تأخذه فيه لومة لائم، وأن تقوم لله

_ (1) آل عمران: (102). (2) التغابن: (16). (3) حكي النسخ كل من قتادة ص 38، والنحاس ص 106، وابن حزم الأنصاري ص 31، وابن سلامة ص 106، والبغدادي ص 92 ومكي ص 203، وابن البارزي ص 28، والفيروزآبادي 1/ 160، والسيوطي 3/ 66، إلا أن النحاس ومكي ردا القول بالنسخ، وأما السيوطي فقد حكي فيها القولين، قال: وليس فيها- أي آل عمران- آية يصح فيها دعوى النسخ غير هذه الآية اه. (4) هكذا ذكر المصنف عن هؤلاء، وما ذكره مكي وابن الجوزي عنهم يخالف ما ذكره السخاوي، فقد حكيا عنهم القول بالنسخ. انظر: الإيضاح ص 203، وزاد المسير 1/ 432، وراجع جامع البيان للطبري 4/ 29. (5) في ظق: وإلا كان معناهما. (6) وهذا هو الصحيح، وهو ما رجحه النحاس ص 107، ومكي ص 203 والقرطبي في تفسيره 4/ 157، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 244، وفي المصفى ص 22، والزرقاني في مناهل العرفان 2/ 262. (7) قال القرطبي: وهذا أصوب، لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أولى اه 4/ 157. (8) لفظ الجلالة سقط من الأصل. (9) عزاه ابن كثير إلى ابن مردويه بسنده عن ابن مسعود يرفعه. انظر: تفسيره 1/ 387. وأخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ له ص 534، وابن جرير موقوفا على ابن مسعود، جامع البيان 4/ 28. كما أخرجه ابن جرير أيضا عن عمرو بن ميمون والربيع بن خيثم. ورواه الحاكم دون الجملة الثالثة، وقال: صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي. المستدرك 2/ 294. وراجع الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 92 والإيضاح ص 204، وتفسير ابن كثير 1/ 387.

بالقسط ولو على نفسك أو أبيك أو ابنك) «1» وهذا كله لا ينسخ. العاشر: قوله عزّ وجلّ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً «2»، قالوا: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ «3» «4» وهو أيضا فاسد. الحادي عشر: قوله عزّ وجلّ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ «5»، قالوا: هو ناسخ للقنوت الذي كان يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للدعاء على الكفار «6» وهذا ليس شرط الناسخ «7»، لأنه لم ينسخ قرآنا «8». الثاني عشر: قوله عزّ وجلّ وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها «9». قالوا «10»: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ «11»، وهذا ظاهر البطلان «12».

_ (1) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ باب التقوى وما فيها من النسخ ص 534، وابن جرير في تفسيره بسنده عن ابن عباس: 4/ 29. والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 107. وراجع تفسير القرطبي: 4/ 157، وابن كثير: 1/ 388، والدر المنثور: 2/ 283؛. (2) آل عمران (111). (3) التوبة: (29). (4) في بقية النسخ: وهذا. وممن حكي النسخ ابن سلامة ص 108، وابن البارزي ص: 27، وحكاه ابن الجوزي عن السدي ورده، قال: قال جمهور المفسرين معنى الكلام: لن يضروكم ضرا باقيا في جسد أو مال، إنما هو شيء يسير سريع الزوال، وتثابون عليه، وهذا لا ينافي الأمر بقتالهم، فالآية محكمة على هذا، ويؤكده أنهما خبر ... اه نواسخ القرآن ص 245. (5) آل عمران (128). (6) انظر: الحديث برواياته في صحيح البخاري، كتاب التفسير باب ليس لك من الأمر شيء 8/ 225 بشرح ابن حجر. وفي مسلم كتاب المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات: 5/ 176 فما بعدها. وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 108، وجامع الأصول: 2/ 70، وتفسير ابن كثير: 1/ 402، والدر المنثور 2/ 312. (7) في د: وليس هذا شرط الناسخ. (8) ولذلك لم يذكر دعوى النسخ في هذه الآية معظم الذين تكلموا في النسخ، والذين ذكروه، إنما ذكروه للرد عليه كالنحاس ص 108، ومكي في الإيضاح ص 204، والقرطبي في تفسيره: 4/ 200. (9) آل عمران (145. (10) في ظ: قال. (11) الإسراء (18). مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ... الآية. (12) حكي النسخ ابن سلامة ص 109 وابن البارزي (ص 28) وقد أعرض غيرهما عن ذكرها ضمن الآيات التي أدعي فيها النسخ، إلا أن ابن الجوزي ذكر النسخ وعزاه إلى السدي ورده، وقال:

الثالث عشر: قوله عزّ وجلّ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «1»، قالوا: هذا ناسخ لقرآن كان يقرأ، نزل في الذين قتلوا يوم بئر معونة «2» لأنهم لما أدخلوا الجنة، قالوا: يا ليت قومنا يعلمون بما أكرمنا ربّنا، فقال تعالى: أنا أعلمهم عنكم، فأنزل: (بلّغوا عنا قومنا أن قد لقينا ربّنا فرضى عنا ورضينا عنه) «3». روى مطرف عن مالك عن ابن شهاب عن أنس قال: فكان ذلك قرآنا قرأناه ثم نسخ بقوله وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً «4»، وليس هذا من شرط الناسخ والمنسوخ، لأن ذلك لم يثبت قرآنا فينسخه هذا، ولو كان أيضا قرآنا يتلى لم يكن منسوخا، ولم يكن هذا ناسخا له، لأن ذلك خبر «5». الرابع عشر: قوله عزّ وجلّ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ «6» قالوا: نسخها آية السيف «7»، وليس هذا مما ينسخ «8».

_ وليس هذا بقول من يفهم الناسخ والمنسوخ، فلا يعول عليه اه. نواسخ القرآن ص 246، وراجع زاد المسير: 1/ 470. (1) آل عمران (179) - (170). (2) بفتح الميم وضم العين، موضع في أرض بني سليم فيما بين مكة والمدينة. اه اللسان: 13/ 411 (معن) وراجع سيرة ابن هشام: 2/ 184. (3) أصل الحديث في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الرجيع 5/ 42. وفي مسلم كتاب المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات: 5/ 178، بشرح النووي. وأخرجه ابن جرير بنحوه دون ذكر النسخ. انظر: جامع البيان 4/ 173، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر مع ذكر النسخ. الدر المنثور: 2/ 372. وراجع جامع الأصول: 8/ 260. (4) ذكره مكي بسنده ولفظه. انظر الإيضاح ص 205. وأخرجه البغوي بسنده عن قتادة عن أنس. معالم التنزيل 1/ 376. (5) وقد تقدم مرارا ذكر هذا، أي أن الأخبار لا يدخلها النسخ، لذلك لم أقف على من ذكرها من علماء هذا الشأن ضمن الآيات التي أدعي فيها النسخ، إلا أن مكي بن أبي طالب ذكرها للرد على القول بنسخها، وتابعه السخاوي. انظر: الإيضاح ص 205. (6) آل عمران (186). (7) ذكر هذا هبة الله بن سلامة ص 109، ولم أقف على من ذكر ذلك غيره، إلا أن ابن الجوزي ذكره عن قوم، وقال: الجمهور على إحكام هذه الآية لأنها تضمنت الأمر بالصبر والتقوى، ولا بد للمؤمن من ذلك اه نواسخ القرآن ص 246. (8) فإنه لا تناقض بين الصبر والتقوى وبين قتال الأعداء، بل أن المؤمن مأمور بذلك في كل وقت وبخاصة عند لقاء العدو، ولا يخفى هذا على ذي لب.

سورة النساء

سورة النساء الكلام فيها في ثلاثين موضعا «1»: الأول: قوله عزّ وجلّ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ «2» إلى آخر الآية. قالوا: هي ناسخة لما كان في الجاهلية من نكاح ما شاءوا من النساء وهذا لا يسمى ناسخا، وقد تقدم القول فيه «3». الثاني: قوله عزّ وجلّ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «4». قالوا: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً «5» إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً «6».

_ (1) تفاوت العلماء في ذكر المواضع التي ذكر فيها الناسخ والمنسوخ في هذه السورة، فقد ذكر قتادة أربعة مواضع فقط، وتحدث النحاس عن عشر آيات، أما ابن حزم وابن سلامة والفيروزآبادى فذكروا أربعا وعشرين موضعا، وذكر ابن البارزي اثنين وعشرين، وذكر ابن الجوزي ستا وعشرين في نواسخ القرآن وأحد عشر موضعا في المصفى. وعند الكرمي عشرون آية، بينما اقتصر السيوطي والزرقاني على ذكر ثلاثة مواضع فقط ومن هذا يتبين أن هذه المواضع التي ذكرها السخاوي هي مؤلفة من مجموعة كتب فلم يعتمد فيها على كتاب واحد. (2) النساء: (3). (3) تقدم القول في هذا عند قوله تعالى لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا .. ص 594 وانظر الإيضاح ص 207، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 110، وتفسير القرطبي 5/ 12. (4) النساء: (6). (5) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (6) النساء: (10).

وقيل: نسخت «1» بقوله وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ «2». والجمهور على أنها محكمة «3»، واختلفوا في معناها، فقال سعيد بن المسيب وربيعة «4»: المعنى: ومن كان فقيرا من اليتامى فليأكل بالمعروف لئلا يذهب ماله ويبقى فقيرا «5». وقال الحسن وقتادة والنخعي وعطاء وابن زيد: معنى بالمعروف: أي للوصي سد جوعته إذا احتاج، وليس عليه رد ذلك «6».

_ ونسبه النحاس إلى ابن عباس ص 112، وزاد مكي نسبته إلى زيد بن أسلم، الإيضاح ص 208. ورواه ابن الجوزي عن ابن عباس أيضا والضحاك، قال: (وهذا مقتضى قول أبي حنيفة- أعني النسخ- لأن المشهور عنه أنه لا يجوز للوصي الأخذ من مال اليتيم عند الحاجة على وجه القرض وإن أخذ ضمن ... ) اه نواسخ القرآن ص 252. (1) (نسخت) ساقطة من د وظ. (2) البقرة (188) بهذا النص، وأما التي في سورة النساء فنصها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ .. الآية 29 ولعل المصنف يقصدها فزيدت الواو في أولها فصارت آية البقرة. والله أعلم. ثم إني وجدتها كذلك في الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 112، وزاد المسير: 2/ 17، وتفسير القرطبي 5/ 42 حيث نسب القرطبي القول بالنسخ إلى مجاهد. (3) قال ابن الجوزي: (وهو قول عمر وابن عباس والحسن والشعبي وأبي العالية ومجاهد وابن جبير والنخعي وقتادة في آخرين وحكمها عندهم أن الغني ليس له أن يأكل من مال اليتيم شيئا، فأما الفقير الذي لا يجد ما يكفيه وتشغله رعاية مال اليتيم عن تحصيل الكفاية، فله أن يأخذ قدر كفايته بالمعروف من غير إسراف ... ) اه زاد المسير: 2/ 17. (4) ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي، مولاهم أبو عثمان المدني المعروف ب (ربيعة الرأي) - كانوا يتقونه لموضع الرأي- ثقة فقيه مشهور، مات سنة 136 هـ. على الصحيح. التقريب: 1/ 247، وانظر تاريخ بغداد: 8/ 420، والجرح والتعديل: 3/ 475. (5) انظر الإيضاح ص 209 والدر المنثور: 2/ 438. وقد رد هذا القول القرطبي وابن حجر، حيث قال القرطبي: لأن اليتيم لا يخاطب بالتصرف في ماله لصغره ولسفهه، والله أعلم الجامع لأحكام القرآن: 5/ 41. وقال ابن حجر: وأعرب ربيعة فقال: (المراد خطاب الولي بما يصنع باليتيم إن كان غنيا وسع عليه وإن كان فقيرا أنفق بقدره وهذا أبعد الأقوال كلها) اه فتح الباري 8/ 241. (6) انظر: الإيضاح ص 109. قال القرطبي: وعليه الفقهاء قال الحسن هو طعمة من الله له وذلك أنه يأكل ما يسد جوعته، ويكتسي ما يستر عورته .. اه الجامع لأحكام القرآن 5/ 42. وهذا هو الصواب- إن شاء الله تعالى- في المراد بقوله تعالى: بِالْمَعْرُوفِ من بقية الأقوال.

وقيل: أبيح له (أكل) «1» التمر واللبن لقيامه عليه، فكأنه أجرة له «2». وقال أبو العالية: معنى (بالمعروف): أي من الغلة «3»، ولا يأكل من الناض «4» قرضا ولا غير قرض «5»، وقيل «6»: معنى قوله (بالمعروف): القرض إذا احتاج والرد إذا أيسر، ويدلّ على ذلك قوله عزّ وجلّ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ، أي ما اقترضتموه «7»، فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ قال ذلك عمر- رضي الله عنه- وابن عباس والشعبي وابن جبير «8»، فالآية على جميع هذه الأقوال محكمة، وإنما سقطت هذه الأقوال ليعلم «9» أن القول بالنسخ ظن لا يقين «10». الثالث: قوله عزّ وجلّ وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً «11».

_ (1) سقط من الأصل كلمة (أكل). (2) ذكره مكي أيضا المصدر السابق. فليس له أن يأخذ شيئا من الذهب والفضة إلا على وجه القرض. تفسير الطبري: 4/ 258. (3) الغلة: الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاج ونحو ذلك، وفلان يغلّ على عياله، أي يأتيهم بالغلة. اللسان: 11/ 504 (غلل). (4) الناض: الدرهم والدينار عند أهل الحجاز ويسمى ناضا إذا تحول نقدا بعد أن كان متاعا اه اللسان: 7/ 237 (نضض). القاموس: 2/ 358. (5) ذكره مكي عن أبي العالية. انظر الإيضاح ص 209. وذكره القرطبي عن أبي قلابة. انظر الجامع لأحكام القرآن: 5/ 43. (6) في د: بدون واو. (7) قال القرطبي: والصحيح أن اللفظ يعم هذا وسواه اه. تفسيره 5/ 45 أي يعم الاقتراض والإنفاق على اليتامى من أموالهم، حتى لو وقع خلاف بينهما أمكن إقامة البينة اه. المصدر نفسه. (8) ذكر هذا مكي بن أبي طالب واستحسنه. انظر: الإيضاح ص 208. وذكره القرطبي عن هؤلاء وأضاف إليهم عبيدة ومجاهدا وأبا العالية، قال: وهو قول الأوزاعي اه الجامع لأحكام القرآن: 5/ 41، وانظر الآثار المروية عن هؤلاء في تفسير الطبري 4/ 255 - 257، وقد مال الطبري إلى هذا، وقال: إنه أولى الأقوال بالصواب. (9) في ظق: لتعلم. (10) رد ابن العربي القول بالنسخ، وقال: إنه بعيد لا أرضاه، لأن الله تعالى يقول فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ وهو الجائز الحسن، وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً فكيف ينسخ الظلم المعروف؟ بل هو تأكيد له في التجويز لأنه خارج عنه مغاير له، وإذا كان المباح غير المحظور لم يصح دعوى نسخ فيه .. ) اه أحكام القرآن: 1/ 325. (11) النساء: (8).

قيل: هي منسوخة بآية الوصية والميراث «1»، قاله ابن المسيّب «2». وعن ابن عباس والضحاك والسدي وعكرمة: نسخها آية الميراث. وعن ابن عباس أيضا: أنها محكمة «3»، وكذلك قال ابن جبير ومجاهد وعطاء «4». والأمر على الندب لا على الايجاب. وعن ابن عباس أيضا: أن الخطاب للموصى، يقسم وصيته بيده، والأمر على الندب، وروى مجاهد أيضا والحسن والزهري، أنها محكمة فيما طابت به أنفس الورثة عند القسمة على الندب «5». الرابع: قالوا: أن الورثة المذكورين في هذه الآيات «6» كالآباء والأبناء والاخوة

_ (1) وهي قوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .. الآيتان 11، 12، من سورة النساء. (2) ذكره قتادة عن ابن المسيب ص 38، وصححه ابن حجر عنه. انظر: فتح الباري: 8/ 242، وراجع جامع البيان للطبري: 4/ 264 ونواسخ القرآن ص 255، فما بعدها. (3) روى البخاري في صحيحه بسنده عن عكرمة عن ابن عباس: قال: هي محكمة وليست بمنسوخة. تابعه سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقد ذكر ابن حجر أن القول بأحكامها عن ابن عباس هو المعتمد، وما عداها من الروايات عنه فهي ضعيفة اه فتح الباري: 8/ 242. (4) وذكره قتادة عن أبي موسى الأشعري. انظر الناسخ والمنسوخ ص 39 وكذلك البغدادي، إلا أنه قال عنه: إنها محكمة وواجب على الورثة إذا أرادوا قسمة الميراث أن يرضخوا شيئا منها لمن حضرها من أولي القربى واليتامى والمساكين اه ص 194. قال ابن الجوزي: والقول بأحكامها هو قول أبي موسى الأشعري وابن عباس والحسن وأبي العالية والشعبي وعطاء بن أبي رباح وسعيد ابن جبير ومجاهد والنخعي والزهري اه. انظر: زاد المسير: 2/ 18. وهذا هو الصواب من كلام العلماء ويكون الأمر للندب، وسيأتي بإذن الله. (5) قال النحاس:- بعد أن ذكر الأقوال في الآية والروايات في ذلك- أحسن ما قيل في الآية أن تكون على الندب والترغيب في فعل الخير والشكر لله جل ثناؤه، فأمر الله الذين فرض لهم الميراث إذا حضروا القسمة وحضر معهم من لا يرث من الأقرباء واليتامى والمساكين أن يرزقوهم منه شكرا لله على ما فرض لهم .. اه. الناسخ والمنسوخ ص 115. وراجع الإيضاح ص 211، وأحكام القرآن لابن العربي: 1/ 329، وتفسير القرطبي: 5/ 49، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 255، وزاد المسير: 2/ 21، وفتح الباري: 8/ 243، ومناهل العرفان للزرقاني: 2/ 263. (6) أي آيات الميراث المبدوءة بقوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ .. وسبق ذكرها قريبا.

والأزواج، كان ذكرهم عاما، ثم نسخت السنة من خالف دينه دين الميت «1». ونسخ الإجماع- من أكثر الأمة- من كان فيه بقية رق «2» فإنه لا يرث، وليس هذا بنسخ «3». الخامس: قوله عزّ وجلّ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً «4»، قالوا: تضمنت هذه الآية إمضاء الوصية على ما أمر الموصي، ثم نسخت بقوله عزّ وجلّ فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «5»، أي فلا حرج على الموصى إليه إذا خاف ذلك (أن) «6» يأمر الموصي بالعدل «7»، وهذا ليس بنسخ «8».

_ (1) وذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) رواه البخاري في كتاب الفرائض: 12/ 50 بشرح ابن حجر. ومسلم في أول كتاب الفرائض 11/ 51، وأبو داود في كتاب الفرائض باب هل يرث المسلم الكافر: 3/ 326. وراجع تفسير القرطبي 5/ 59، ونيل الأوطار: 6/ 73. (2) انظر: نيل الأوطار باب ميراث المعتق بعضه: 6/ 72. (3) لم أقف على من ذكر هذا النوع من النسخ، إلا مكي بن أبي طالب ورده، حيث قال عقيب ذكره، والذي عليه العمل- وهو قول أهل النظر- أن هذا كله ليس بنسخ، وإنما تخصيص وتبيين من النبي صلّى الله عليه وسلّم ومن الإجماع، بين النبي صلّى الله عليه وسلّم أن المراد بالآيات أهل الدّين الواحد، وبين الإجماع أن المراد الأحرار في ذلك كله، فهو مخصص مبيّن غير منسوخ .. اه الإيضاح ص 212. وكان مكي قد خصص قبل هذا بابا تحت عنوان (أقسام ما يخصّص القرآن) ومن تلك الأقسام: أن يخصّص القرآن بالإجماع بخلاف النسخ، ومثل له بقوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ .. انظر بقية كلامه في الإيضاح ص 102. وراجع فتح الباري: 12/ 52، وأحكام القرآن لابن العربي 1/ 352. (4) النساء: (9). (5) البقرة: (182). (6) سقطه من الأصل (أن). (7) ذكر هذا هبة الله بن سلامة ص 114، وذكره- مختصرا- ابن حزم ص 31 وابن البارزي ص 29، والفيروزآبادي 1/ 171، والكرمي في قلائد المرجان ص 84. (8) قال ابن الجوزي:- بعد أن ذكر الأقوال في معنى الآية- والنسخ منها بعيد، لأنه إذا أوصى بجور لم يجز أن يجري على ما أوصى اه. نواسخ القرآن ص 260. وقد أكثر المفسرون من ذكر الأقوال التي قيلت في معنى الآية. راجع تفسير الطبري 4/ 269، وابن العربي 1/ 230، والقرطبي 5/ 51، 52 وزاد المسير 2/ 22.

السادس: قوله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً «1»، قالوا: هو منسوخ بقوله وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «2». قالوا: والمعروف: القرض، فإن أيسر رد، وإن مات قبل أن يوسر فلا شيء عليه «3». وليس هذا- إن قيل «4» - بنسخ، لأن هذا ليس بظلم. السابع: قالوا: قال الله عزّ وجلّ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ* «5» في (أربع) «6» مواضع ولم نجد «7» للموصى في ماله حدا، ثم نسخ هذا بقوله- عليه السلام- (الثلث والثلث كثير) «8».

_ (1) النساء: (10) وتمامها ... إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً. (2) النساء: (6). (3) هكذا ذكر المصنف هنا، وقد مر في الموضع الثاني من هذه السورة العكس، أي أن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ... الآية كانت ناسخة لقوله سبحانه وَمَنْ كانَ فَقِيراً .. الآية. وانظر الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 597 ولابن حزم ص: 32، ولابن سلامة ص 115، وقلائد المرجان ص 85. قال أبو عبيد:- عقيب ذكره لهذا النوع من النسخ- والذي دار عليه المعنى من هذا أن الله عز وجل لما أوجب النار لأكل أموال اليتامى أحجم المسلمون عن كل شيء من أمرهم حتى مخالطتهم كراهية الحرج فيها، فنسخ الله عز وجل ذلك بالإذن في المخالطة والأذن في الإصابة من أموالهم بالمعروف، إذا كانت لوالي تلك الأموال الحاجة إليها .. المصدر السابق ص 500. وقد حكى ابن الجوزي دعوى النسخ هنا ورده، وقال: وهذا قبيح لأن الأكل بالمعروف ليس بظلم، فلا تنافي بين الآيتين اه نواسخ القرآن ص 262. وقد كان ابن الجوزي حكي قولا آخر في ناسخ هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ... قال: قد توهم قوم لم يرزقوا فهم التفسير وفقهه أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ... الآية 220 من سورة البقرة، وأثبتوا في ذلك في كتب الناسخ والمنسوخ المصدر نفسه ص 260. (4) في ظق وظ: إن قبل- بالباء الموحدة-. (5) أي في آيتي المواريث 11، 12 من سورة النساء. (6) هكذا في الأصل وظ: أربع. وفي ظق ود: أربعة وهو الصواب. (7) في ظق: ولم يحدّ. (8) انظر صحيح البخاري كتاب الوصايا 3/ 186، ومسلم أول كتاب الوصية 11/ 76، وسنن أبي داود كتاب الوصايا باب ما جاء في ما لا يجوز للموصي في ماله 3/ 284.

وهذا ليس بنسخ، إنما بيان، كما بين مقدار ما تجب فيه الزكاة، وعدد أركان الصلاة «1». الثامن: قوله عزّ وجلّ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ «2» الآية، والتي بعدها «3». هي منسوخة بالحدود «4»، وهذه الآية في النساء المحصّنات والأبكار، والتي بعدها في الرجال الثيب منهم والبكر «5»، ونسخ الجميع بالحدود. وقيل: إن الآية الأولى في المحصنين، والثانية في البكرين، وعليه جماعة «6»، والأول هو الصحيح، وهو قول ابن عباس. وقيل: ليس هذا بنسخ «7» لأنه سبحانه قال أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا لأنه قد كان

_ (1) قال مكي: وهو الصواب- إن شاء الله تعالى- الإيضاح ص 213، وراجع أحكام القرآن لابن العربي: 1/ 344. (2) النساء (15) وتمامها ... فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. (3) ونصها وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما ... الآية. (4) أي بآية الحدود وهي قوله تعالى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ... الآية الثانية من سورة النور. (5) واختار هذا النحاس، قال: وهو أصح الأقوال، ثم بين ذلك بالأدلة والحجج الواضحة. انظر الناسخ والمنسوخ ص 118، وراجع تفسير القرطبي 5/ 86. (6) قال مكي: وعليه أكثر الناس اه الإيضاح ص 214. وهو قول مرجوح وتخصيص بغير دلالة، وإن كان عليه الأكثر. انظر: زاد المسير: 2/ 35. (7) أما بالنسبة لقضية النسخ هنا فقد ذكرها جمع غفير من العلماء الذين تكلموا في الناسخ والمنسوخ وغيرهم من المفسرين، انظر: قتادة ص 39، وأبا عبيد ص 324، والطبري: 4/ 291 - 298 وابن حزم ص 32، والنحاس ص 117، والجصاص 2/ 105، وابن سلامة ص 119 ومكي ص 213، والبغدادي ص 99، وابن الجوزي في نواسخ القرآن: ص 262، وابن كثير: 1/ 462، والفيروزآبادي: 1/ 171، وابن البارزي ص 29، والكرمي ص 86، والسيوطي 3/ 66، والزرقاني 2/ 264. وأما بالنسبة للمعنى المراد من الآيتين فقد أكثر فيها العلماء من الأقوال والقول الراجح فيها- والذي اطمأنت إليه نفسي- هو ما ذكره الجصاص الحنفي وابن الجوزي من أن هذا كان حد الزواني في بدء الإسلام وهو حبسهن حتى الموت؛، أو يجعل الله لهن سبيلا، ولم يكن عليهن في ذلك الوقت شيء غير هذا، وليس في الآية فرق بين البكر والثيب فهذا يدل على أنه كان حكما عاما في البكر والثيب، وقوله تعالى وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما والمراد الرجل والمرأة فاقتضت الآيتان بمجموعهما أن حد

الحكم منتظرا «1». التاسع: قوله عزّ وجلّ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ «2». قالوا: هي منسوخة بالتي بعدها، وهي قوله عزّ وجلّ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ، قالوا: فقد احتجر التوبة في هذه الآية على أهل المعصية فقال عزّ وجلّ: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ «3» وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً قالوا: ثم نسخت في أهل الشرك، أي نسختها هذه الآية وبقيت محكمة في أهل الإيمان «4».

_ المرأة كان الحبس والأذى جميعا إلى أن تموت، وحد الرجل التعيير والضرب بالنعال، إذ كانت مخصوصة في الآية الأولى بالحبس ومذكورة مع الرجل في الآية الثانية بالأذى، فاجتمع لها الأمران جميعا، ولم يذكر للرجل إلا الأذى فحسب، ويحتمل أن تكون الآيتان نزلتا معا، فأفردت المرأة بالحبس وجمعا جميعا في الأذى، وتكون فائدة أفراد المرأة بالذكر أفرادها بالحبس إلى أن تموت، وذلك حكم لا يشاركها فيه الرجل، وجمعت مع الرجل في الأذى لاشتراكهما فيه ... اه أحكام القرآن للجصاص: 2/ 106، وانظر نواسخ القرآن ص 262. (1) قال ابن العربي: اجتمعت الأمة على أن هذه الآية ليست منسوخة، لأن النسخ إنما يكون في القولين المتعارضين من كل وجه؛، اللذين لا يمكن الجمع بينهما بحال، وأما إذا كان الحكم ممدودا إلى غاية ثم وقع بيان الغاية بعد ذلك فليس بنسخ لأنه كلام منتظم متصل لم يرد ما بعده ما قبله، ولا اعتراض عليه اه أحكام القرآن: 1/ 354 كذا قال ابن العربي، وقد ذكر مكي نحو هذا، ثم قال: وهذا لا يلزم لأنه لم يبين وقتا معلوما محدودا، وإنما كان يمتنع من النسخ لو قال: حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ (أو يبلغن وقت كذا أو كذا) اه. الإيضاح: ص 214. قلت: ولا أدري ماذا يقصد ابن العربي من قوله: أجمعت الأمة على عدم القول بالنسخ في هذه الآية، وقد رأينا الذين قالوا بالنسخ هنا وهم الكثرة الغالبة من العلماء!، هذا بالنسبة لما يتعلق بالآية الأولى وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ ... ، أما بالنسبة للآية التي بعدها وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ ... فإنه مع الجمهور القائلين بالنسخ، حيث قال في المسألة الرابعة: أن الجلد بالآية والرجم بالحديث نسخ هذا الإيذاء في الرجال، لأنه لم يكن محدودا إلى غاية، وقد حصل التعارض وعلم التاريخ ولم يمكن الجمع فوجب القضاء بالنسخ، وأما الجلد فقرآن نسخ قرآنا، وأما الرجم فخبر متواتر نسخ قرآنا ولا خلاف فيه بين المحققين اه. أحكام القرآن: 1/ 360. (2) النساء (17) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ .... (3) ساقط من (د) كلمة الآن. (4) انظر الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة ص 121 - 125.

وقال قوم: نسخت هذه الآية- وهي قوله وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ بقوله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* «1». فحرّم الله مغفرته على من مات وهو مشرك، ورد أهل التوحد الى مشيئته «2»، وهذا كله تخليط من قائله، ولا نسخ في هذه الآيات لأنها أخبار جاءت تبيّن بعضها بعضا «3». العاشر: قوله عزّ وجلّ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً «4». قالوا: فقوله عزّ وجلّ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ «5» هو منسوخ «6» وكان الرجل إذا تزوج امرأة فأتت بفاحشة كان له (أن) «7» يأخذ ما أعطاها «8». وقال الأكثر: هي محكمة، وأنها إذا زنت فله «9» أن يأخذ منها بالخلع «10».

_ وممن ذكر النسخ هنا ابن حزم الأنصاري ص 32، والفيروزآبادي 1/ 171 وابن البارزي ص 30، والكرمي ص 87. قال ابن الجوزي: بعد أن أورد الآيتين- إنما سمّى فاعل الذنب جاهلا، لأن فعله مع العلم بسوء مغبته فأشبه من جهل المغبة. والتوبة من قريب: ما كان قبل معاينة الملك، فإذا حضر الملك لسوق الروح لم تقبل توبة، لأن الإنسان حينئذ يصير كالمضطر إلى التوبة فمن تاب قبل ذلك قبلت توبته، أو أسلم عن كفر قبل إسلامه، وهذا أمر ثابت محكم ... وحكم الفريقين واحد اه. نواسخ القرآن ص 266 وراجع قلائد المرجان ص 87. (1) النساء (48، 116). (2) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ عن ابن عباس ص 539، وذكره الطبري في جامع البيان: 4/ 304. وانظر: الإيضاح ص 215، وزاد المسير: 2/ 38. (3) وهذا هو الصواب، ولله الحمد والمنة. (4) النساء: (19) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ ... الآية. (5) جزء من الآية نفسها. (6) قال ابن حزم: ثم نسخت بالاستثناء بقوله تعالى إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ اه ص 33. وكذا قال الكرمي في قلائد المرجان ص 88. وقد سبق القول بأن الاستثناء لا يدخل في النسخ إلا على اصطلاح المتقدمين. (7) سقط من الأصل (أن). (8) قاله عطاء الخراساني. انظر تفسير الطبري 4/ 310، والإيضاح ص 216 والدر المنثور: 2/ 464، وأحكام القرآن لابن العربي 1/ 362، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/ 96. (9) (فله) ساقطة من ظ. (10) وهذا قول ابن سيرين وأبي قلابة، كما في تفسير القرطبي، وقد قال القرطبي نقلا عن ابن عطية:

وقيل: إذا نشزت عنه جاز له أن يأخذ منها بالخلع. وقال قوم: الفاحشة: الزنا، وقيل: النشوز، وقيل: فاحشة اللسان «1»، والصحيح: ألا نسخ «2». وقالوا:- في (أول) «3» الآية في قوله عزّ وجلّ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً هو ناسخ لما كانوا عليه في الجاهلية إذا توفّي الرجل كان ابنه أولى بامرأته يمنعها من التزويج حتى تموت فيرثها «4». وقال ابن عباس: كان حميم الميت يلقى ثوبه على امرأته «5»، فإن شاء تزوجها بذلك وإن شاء حبسها حتى تموت فيرثها «6». قال غيره: فنسخ ذلك بهذه الآية، وقد بيّنا- فيما تقدم- أن هذا وشبهه ليس بنسخ. الحادي عشر: قوله عزّ وجلّ وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ «7».

_ والزنا أصعب على الزوج من النشوز والأذى وكل ذلك فاحشة تحل أخذ المال، ثم قال: قال أبو عمر- أي ابن عبد البر- قول ابن سيرين وأبي قلابة عندي ليس بشيء، لأن الفاحشة قد تكون البذاء والأذى، ومنه قيل للبذيء: فاحش ومتفحش، وعلى أنه لو اطلع منها على الفاحشة كان له لعانها، وإن شاء طلقها، وأما أن يضارها حتى تفتدي منه فليس له ذلك .. اه تفسير القرطبي: 5/ 96. وأقول: إن هذا المعنى- هو الذي ترتاح إليه نفس المؤمن الغيور، فإن الأمر خطير جدا، وهو فوق مسألة المال، ولا أظن أن أحدا يجد امرأته على الفاحشة فينصرف ذهنه إلى طلب المال منها وكفى، إلا إن كان ديوثا- والعياذ بالله- قد سلب الغيرة، إذا فليس له إلا الطلاق أو الملاعنة، والله تعالى أعلم. (1) انظر: تفسير الطبري 4/ 310، 311، والإيضاح ص 216، 217 وتفسير القرطبي 5/ 95، وزاد المسير 1/ 41. (2) انظر: تفسير الطبري 4/ 312، وابن العربي: 1/ 362. (3) لفظ (أول) ساقط من الأصل. (4) انظر: الإيضاح ص 217، وراجع جامع البيان: 4/ 305، والدر المنثور: 1/ 462. (5) في د: على المرأة. (6) انظر: الآثار في ذلك عن ابن عباس في تفسير الطبري والدر المنثور الصفحات السابقة. (7) النساء: (22).

قال قوم: هي منسوخة، والمعنى: ولا ما قد سلف فأنزلوا عنه «1». وقال قوم: محكمة، والمعنى: إلّا ما قد سلف، فقد عفوت عنه. وأما من قال: هي منسوخة، والمعنى: ولا ما قد سلف، فلا يخلو أن يريد: ولا ما قد سلف من نكاح حلائل الآباء، فانزلوا عنه، فإن أراد هذا فكيف تكون منسوخة؟ بل هي أولى أن «2» تكون محكمة، وإن أراد بقوله: ولا ما قد سلف من الأنكحة الفاسدة التي كانت في الجاهلية فأقرهم الإسلام عليها، إذا أسلموا فاقتضت الآية نزولهم عن النساء، ثم نسخت، فليس كذلك، وليس في العربية (إلّا) بمعنى (ولا)، والآية محكمة، والاستثناء منقطع، والمعنى: لكن ما قد «3» سلف فإنه مغفور «4». وقيل: لكن ما قد سلف: إنه كان فاحشة «5». وقال الطبري: المعنى: ولا تنكحوا «6» من النساء نكاح آبائكم، ف (ما) بمعنى «7» (المصدور) «8»، والاستثناء منقطع «9» كما سبق. وقال الزمخشري: في هذا الاستثناء- هو مثل قوله: ... غير أن سيوفهم ... حيث استثنى من قوله: ولا عيب فيهم «10» .. ** ... قال: يعني أن أمكنكم أن

_ (1) قال ابن حزم الأنصاري: نسخت بالاستثناء بقوله إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ أي من أفعالهم فقد عفوت عنه اه الناسخ والمنسوخ ص: 33، وراجع ابن سلامة ص: 125. (2) في بقية النسخ: بأن تكون. (3) في ظ: لكن ما قل سلف. تحريف. (4) قال ابن الجوزي:- بعد أن أورد الآية الكريمة- هذا كلام محكم عند عامة العلماء، ومعنى قوله إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ أي بعد ما قد سلف في الجاهلية، فإن ذلك معفو عنه، وزعم بعض من قل فهمه أن الاستثناء نسخ ما قبله، وهذا تخليط لا حاصل له، ولا يجوز أن يلتفت إليه ... نواسخ القرآن ص 267. (5) ذكر ابن الجوزي ستة أقوال في معنى إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ. انظر: زاد المسير 2/ 44، 45 وراجع تفسير القرطبي: 5/ 104. (6) في ظ: ولا ينكحوا. (7) في ظ: فما معنى المصدر. (8) هكذا في الأصل: المصدور. خطأ. (9) انظر: تفسير الطبري: 4/ 319. وراجع البحر المحيط: 3/ 207. (10) البيت للنابغة الذبياني. ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

تنكحوا ما قد سلف فانكحوا فلا يحل لكم غيره، وذلك غير ممكن، والغرض المبالغة في تحريمه، وسد الطريق إلى إباحته، كما يعلق بالمحال في التأبيد، في قولهم: حتى يبيضّ القار «1» و (حتى يلج الجمل في سم الخياط) «2» «3» وقال في قوله عزّ وجلّ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ «4»: ولكن ما مضى مغفور، بدليل قوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً «5». الثاني عشر: قوله عزّ وجلّ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، قالوا: المعنى: ولا ما قد سلف، كما تقدم في التي قبلها، والكلام على ما قالوه كما سبق «6». الثالث عشر: قوله عزّ وجلّ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً «7» قالوا: هي المتعة، وقد نسخت، واختلفوا في ناسخها، فقيل: قوله عزّ وجلّ «8» وَلَهُنَ

_ انظر: ديوانه ص: 11، دار صادر بيروت. وفلول السيوف كناية عن كمال الشجاعة، فكونه من العيب محال، وقد استشهد الزمخشري بالبيت المذكور في سورة الأعراف عند قوله تعالى: وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا الآية: 126. أي ما تنقم منا إلا ما هو أصل المناقب والمفاخر كلها، وهو الإيمان انظر: تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات شرح شواهد الكشاف: 4/ 330. (1) القار: شيء أسود يذاب وتطلى به الإبل والسفن يمنع الماء أن يدخل، وقيل: هو الزفت. اللسان: 5/ 124، (قير) والقاموس 2/ 128. (2) الأعراف: (40) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ. (3) انظر: هذا في الكشاف للزمخشري: 1/ 515، ونقله عنه أبو حيان في البحر: 3/ 208، وراجع فتح القدير: 1/ 442. (4) النساء (23) وأولها حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ .. الآية. (5) ولقائل أن يقول: ما السر في قوله تعالى إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ عقيب النهي عن نكاح ما نكح الآباء، وعن الجمع بين الأختين؟ يذكر القرطبي إجابة عن هذا التساؤل عن بعض العلماء أنه قال: كان أهل الجاهلية يعرفون هذه المحرمات كلها التي ذكرت في هذه الآية إلا اثنتين، إحداهما نكاح امرأة الأب، والثانية الجمع بين الأختين ألا ترى أنه قال: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، ولم يذكر في سائر المحرمات إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ؟ والله أعلم. الجامع لأحكام القرآن: 5/ 119. (6) راجع الكلام على هذا في الموضع الحادي عشر قبل هذا مباشرة. (7) النساء (24). (8) في د وظ: هو قوله عزّ وجلّ.

الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ «1». وعن الشافعي:- رحمه الله- موضع تحريم المتعة قوله عزّ وجلّ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ «2» إلى قوله سبحانه فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ «3»، قال: وقد أجمعوا على أنها ليست زوجة ولا ملك اليمين «4». وكذلك قالت عائشة- رضي الله عنها «5» - كما قال الشافعي رحمه الله، قالت: كانت المتعة: أن يتزوج الرجل المرأة إلى أجل معلوم ويشترط ألا طلاق بينهما، ولا ميراث ولا عدة، قالت: فحرّمها الله تعالى بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ وقال ابن المسيب: نسخت المتعة آية المواريث «6» «7». والظاهر قول من قال من العلماء: ليس قوله فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ في المتعة،

_ (1) النساء: (12). قال ابن حزم: ... ووقع ناسخها موضع ذكر ميراث الزوجة الثمن والربع فلم يكن لها في ذلك نصيب اه الناسخ والمنسوخ ص: 33. وراجع الإيضاح ص 221، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 126، ولابن سلامة ص 128. (2) كتبت الآية في ت خطأ (إلا على أزواجكم أو ما ملكت أيمانكم)! (3) الآيتان في (المؤمنون) 6، 7، وفي المعارج: 30، 31. (4) انظر: نحوه في أحكام القرآن للشافعي: 1/ 194، 195، وللكيا الهراسي 1/ 412. والناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 33، ولابن سلامة ص 128 وتفسير القرطبي 5/ 130. (5) ذكره مكي عن عائشة- رضي الله عنها- قال: وهو قول حسن، لأن المتعة لم تكن زواجا صحيحا ولا ملك يمين، ففرض الله في هذه الآية حفظ الفروج إلا على زوجة أو ملك يمين، ونكاح المتعة ليس بملك يمين، ولا بنكاح صحيح .. قال: (وهذا إنما يجوز على أن تكون إباحة المتعة بالسنة، ثم نسخت بالقرآن، ولا يجوز إباحة المتعة على هذا القول بالقرآن، لأنها إنما نزلت في سورة مدنية، وهي النساء، وقوله إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ ... الآية مكي، والمكي لا ينسخ المدني ... ) اه. الإيضاح ص 222، 223. (6) في الأصل: كتبت الكلمة (الميراث) ثم كتب فوقها (المواريث). (7) رواه عنه النحاس ص 126. وزاد السيوطي نسبته إلى أبي داود في ناسخه وابن المنذر والبيهقي الدر المنثور: 2/ 486، وذكره القرطبي في تفسيره عن ابن المسيب 5/ 130. قال مكي: وأكثر الناس على أن آية الميراث نسخت المتعة التي كانت نكاحا بشرط أن لا توارث بينهما اه. الإيضاح ص 222.

وإنّما ذلك في الزوجات، وفي إيتاء «1» الصداق، فتكون الآية محكمة «2». الرابع عشر: قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ «3»، قالوا: نسخها قوله عزّ وجلّ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ «4» قالوا: لأنهم لما أنزلت «5» لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ: اجتنبوا الأكل مع الأعمى لأنه لا يبصر فيختار لنفسه ما يريد، والأعرج لا يتمكن في جلوسه، والمريض يسبقه الصحيح في الأكل والابتلاع، فنسخت آية النور تحرجهم. قال ذلك الحسن وعكرمة «6»، والجمهور على أنها محكمة «7»، والمراد بالباطل

_ (1) في د وظ: في ابتداء الصداق. (2) انظر: تفسير الطبري: 5/ 11، 13، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 127، والإيضاح ص 221، وأحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/ 412، 413. قال ابن الجوزي: اختلف العلماء في المراد بهذا الاستمتاع على قولين: أحدهما: أنه النكاح، والأجور: المهور، وهذا مذهب ابن عباس ومجاهد والجمهور. والثاني: أنه المتعة التي كانت في أول الإسلام، كان الرجل ينكح المرأة إلى أجل مسمى، ويشهد شاهدين، فإذا انقضت المدة ليس له عليها سبيل؛، قاله السدي، ثم اختلفوا هل هي محكمة أو منسوخة فقال قوم: هي محكمة ... وقال آخرون: هي منسوخة، ثم فند القول بنسخها بقوله: إن الآية سيقت لبيان عقدة النكاح بقوله: مُحْصِنِينَ أي متزوجين، عاقدين النكاح، فكان معنى الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ على وجه النكاح الموصوف، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وليس في الآية ما يدل على أن المراد نكاح المتعة الذي نهى عنه، ولا حاجة إلى التكلف. وإنما أجاز المتعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم منع منها .. اه نواسخ القرآن ص 269، 271. وقد ذكر نحو هذا الرد في تفسيره زاد المسير: 2/ 53، 54. وهذا هو الحق والذي لا ينبغي الالتفات إلى سواه والله الموفق للصواب. (3) النساء (29). (4) النور (61). (5) في بقية النسخ: نزلت. (6) أخرجه بنحوه الطبري عن الحسن وعكرمة. جامع البيان: 5/ 31. وممن ذكر القول بالنسخ ابن حزم الأنصاري ص 33 وهبة الله بن سلامة ص 129، والفيروزآبادي: 1/ 172، وابن البارزي ص 30، والكرمي ص: 90. (7) وهذا هو الصحيح، وهو ما رجحه الطبري في جامع البيان: 5/ 31، والنحاس ص 237، ومكي ص 225، والقرطبي 12/ 312. ورواه ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود قال: إنها محكمة ما نسخت ولا تنسخ

الغصب والسرقة والبخس والربا والقمار ونحو ذلك، والقول بأنها منسوخة: يؤدي إلى إباحة أكلها بالباطل مع الأعمى والأعرج والمريض، وإنما فعلوا ذلك تورعا وليس هذا أكل مال بالباطل، ولا يقع مشاحة بين الناس في مثل هذا كما لا يتشاحون في أخذ هذا لقمة كبيرة وهذا لقمة صغيرة، وقد قال الزهري: (نزلت آية النور في الثلاثة، لأن الغزاة كانوا يخلّفونهم في بيوتهم، يحرسونها إلى أن يعودوا، فأبيح لهم أن يأكلوا منها) «1». وقال ابن زيد: (زلت فيهم في رفع الحرج عنهم في الجهاد) «2». الخامس عشر: قوله عزّ وجلّ والذين عاقدت «3» أيمانكم فآتوهم «4»

_ إلى يوم القيامة. الدر المنثور: 2/ 494. ورواه ابن الجوزي عن الحسن ومسروق، ثم قال: وقد زعم بعض منتحلي التفسير ومدعي علم الناسخ والمنسوخ: أن هذه الآية لما نزلت تحرجوا من أن يؤاكلوا الأعمى والأعرج والمريض، وقالوا: أن الأعمى لا يبصر أطيب الطعام، والأعرج لا يتمكن من الجلوس، والمريض لا يستوفي الأكل. فأنزل الله عزّ وجلّ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ* الآية فنسخت هذه الآية، وهذا ليس بشيء، ولأنه لا تنافي بين الآيتين، ولا يجوز أكل المال بالباطل بحال، وعلى ما قد زعم هذا القائل قد كان يجوز أكل المال بالباطل اه نواسخ القرآن ص 272. (1) أخرجه أبو عبيد بنحوه عن الزهري. انظر الناسخ والمنسوخ ص 508 وكذلك ابن جرير. انظر جامع البيان: 18/ 169. وعبد بن حميد كما في الدر المنثور: 6/ 224. قال ابن جرير: وأشبه الأقوال في معنى الآية قول الزهري .. اه وقد انتصر لهذا القول وفند ما سواه. المصدر السابق. (2) أخرجه ابن جرير عن ابن زيد. انظر جامع البيان: 18/ 169. ونسبه ابن الجوزي إلى الحسن وابن زيد. انظر زاد المسير: 6/ 64 ثم قال ابن الجوزي: وقد كان جماعة من المفسرين يذهبون إلى أن آخر الكلام، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ* وأن ما بعده مستأنف لا تعلق له به، وهو يقوي قول الحسن وابن زيد اه المصدر نفسه وانظر: تفسير القرطبي: 12/ 313. والذي يظهر أن حمل الآية على العموم أولى، وأن الله تعالى رفع الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض في كل ما يتعلق بالتكليف، ولم يستطيعوا أداءه بعد حسن نيتهم وصفاء سريرتهم من جهاد وصوم وغيرهما فإن الحرج والإثم مرفوع عنهم. والله أعلم. راجع تفسير القرطبي المصدر السابق. (3) هكذا في النسخ (عاقدت) بألف بعد العين، وهي قراءة غير أهل الكوفة، على إسناد الفعل إلى الأيمان، وهو من باب المفاعلة، كان الحليف يضع يمينه في يمين صاحبه، ويقول: دمي دمك، وأرثك وترثني، وقرأ أهل الكوفة (عقدت) بغير ألف بعد العين، وذلك على إسناد الفعل إلى الأيمان أيضا، والمراد إضافة الفعل إلى المخاطبين ... الخ. انظر: الكشف: 1/ 388، والنشر 2/ 249 والقراءات القرآنية وأثرها في علوم العربية 1/ 533. (4) في د: حرفت الكلمة إلى (فأقرهم).

نَصِيبَهُمْ «1»، قيل: هي منسوخة، ومعنى المعاقدة- عند من قال أنها منسوخة- مختلف فيه:- فقيل: كانوا يتوارثون بالأخوة التي آخى بينهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أي بين المهاجرين والأنصار، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ «2» فهذه- على قولهم- آية نسخ أولها آخرها «3». وقيل: بل كانوا يتعاقدون، ويتحالفون أن من مات قبل صاحبه ورثه الآخر، فنزلت هذه الآية تأمر «4» بالوفاء بذلك، ثم نسخت بآية المواريث، وبقوله عزّ وجلّ- في آخر الأنفال- وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* «5». وقيل: كان المهاجرون إذا «6» قدموا المدينة يرثون «7» الأنصار دون ذوي أرحامهم لما بينهم من المودة، فأنزل الله تعالى يقرر «8» ذلك بقوله عزّ وجلّ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ثم نسخ ذلك بآية المواريث، وبآية «9» الأنفال، وهذه الأقوال كلها مرويّة عن ابن عباس «10».

_ (1) النساء: (33). (2) أي الشطر الأول من الآية السابقة. (3) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس. جامع البيان 5/ 53. وذكره مكي كذلك، قال: وهو قول ابن جبير ومجاهد وقتادة ... اه الإيضاح ص 227. (4) في ظ: يأمر. (5) الأنفال: (75) والأحزاب: (6). وذكر هذا القول بنحوه قتادة ص 40 وابن حزم ص 34، وابن سلامة ص 132، والكرمي ص 91، ونسبه مكي إلى ابن عباس- رضي الله عنهما-. الإيضاح ص 227، وانظر تفسير الفخر الرازي 10/ 85 وبصائر ذوي التمييز: 1/ 172، وابن البارزي ص 30. قال ابن الجوزي: وهذا القول: أعني نسخ الآية وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ بهذه، أي آية الأنفال-. قول جمهور العلماء منهم الثوري والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد ابن حنبل اه. نواسخ القرآن ص 276. (6) في بقية النسخ: لما قدموا. (7) في بقية النسخ: يورثون. (8) في ظق: تقرير، وفي د وظ: تقدير. (9) في د وظ: وبآخر الأنفال،. (10) راجع الروايات في ذلك عن ابن عباس في الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 478، 479، وجامع البيان 5/ 52، فما بعدها والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 128، والدر المنثور: 2/ 509. وراجع هذه الأقوال أو نحوها في زاد المسير: 2/ 71، وتفسير القرطبي: 5/ 165.

واختلاف الرواية عن شخص واحد دليل الضعف «1». وقيل: هي محكمة «2»، وهو الصحيح- إن شاء الله- والمعى: وفّوا لهم بما عاقدت «3» إيمانكم من النصر والمعونة والرّفد «4». السادس عشر: قوله عزّ وجلّ لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا

_ (1) قلت: وهذا لا يمنع أن يكون بعضها صحيحا، وقد حاول ابن حجر أن يجمع ما روي في هذا عن ابن عباس وغيره أثناء شرحه للحديث الذي رواه البخاري بسنده عن ابن عباس- رضي الله عنهما- وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ قال: ورثة والذين عاقدت أيمانكم كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي صلّى الله عليه وسلّم بينهم، فلما نزلت وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ نسخت، ثم قال: والذين عاقدت أيمانكم من النصرة والرفادة والنصيحة. وقد ذهب الميراث ويوصي له اه الحديث. قال ابن حجر: هكذا حملها ابن عباس على من آخى النبي صلّى الله عليه وسلّم بينهم، وحملها غيره على أعم من ذلك، فأسند الطبري عنه قال كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ ذلك، ومن طريق سعيد بن جبير، قال: كان يعاقد الرجل فيرثه، وعاقد أبو بكر رجلا فورثه. ثم ساق بقية الروايات التي ذكرها الطبري عن ابن عباس- أيضا- وقتادة وجماعة من العلماء، والتي تفيد أن الناسخ هو قوله تعالى وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ*. قال: وهو المعتمد، ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين. الأولى: حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة فنزلت وَلِكُلٍّ وهي آية الباب، فصاروا جميعا يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس. ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة، وبقى للمعاقد النصر والأرفاد ونحوهما، وعلى هذا يتنزل بقية الآثار. وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضا لكن لم يذكر الناسخ الثاني، ولا بد منه، والله أعلم. فتح الباري 8/ 249. (2) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 129، وتفسير الطبري 5/ 56، 57، والقرطبي 5/ 166، قال الفخر الرازي: (- وهو يحكي أقوال الذين قالوا أن الآية غير منسوخة- المراد بالذين عاقدت أيمانكم الزوج والزوجة، والنكاح يسمى عقدا، قال تعالى وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ فذكر تعالى الوالدين والأقربين وذكر معهم الزوج والزوجة ونظيره آية المواريث في أنه لما بين ميراث الولد والوالد، ذكر معهم ميراث الزوج والزوجة) انتهى من تفسيره 10/ 85، وانظر نحو هذا في تفسير المنار: 5/ 64. وأقول: أن الناظر في سياق الآيات القرآنية في هذه السورة، وهي تتحدث عن أحكام الإرث وغير ذلك يجد أن هذا المعنى هو الأقرب إلى معنى الآية الكريمة، ولا يحتاج معه إلى أعمال فكر في فهمها ولا إلى القول بالنسخ، والله أعلم. (3) في د: بما عاقدتم. (4) انظر: الإيضاح ص 227، وأخرج الطبري نحوه عن ابن عباس ومجاهد جامع البيان 5/ 53.

ما تَقُولُونَ «1» قالوا: مفهوم خطاب هذه الآية جواز السكر، وإنما حرّم قربان الصلاة في تلك الحال. فنسخ ما فهم من جواز الشرب والسكر بتحريم الخمر «2». وروى أبو ميسرة عن عمر- رضي الله عنه- (أن منادى «3» رسول الله- لما نزلت كان ينادي عند الإقامة «4»: لا يقربن الصلاة سكران) «5». وأعجب من هذا: قول عكرمة لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى منسوخ بقوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا «6» الآية «7» أي أنه أبيح لهم أن يؤخروا الصلاة حتى يزول السّكر، ثم نسخ ذلك، فأمروا بالصلاة على كل حال، ثم نسخ شرب الخمر بقوله عزّ وجلّ فَاجْتَنِبُوهُ «8» وبقوله سبحانه فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ «9» «10»، وليس في هذا كله نسخ، ولم ينزل الله هذه الآية في إباحة الخمر فتكون

_ (1) النساء (43). (2) انظر: الإيضاح ص 228، وذكر ابن الجوزي نحو هذا. انظر: زاد المسير: 2/ 89، ونواسخ القرآن ص 279. قال النحاس: أكثر العلماء على أنها منسوخة ... اه. الناسخ والمنسوخ ص 130. (3) في ظ: أن ينادي. (4) في د: عند الإمامة. (5) هو جزء من حديث طويل رواه أبو داود في كتاب الأشربة باب في تحريم الخمر: 4/ 79، والطبري في جامع البيان: 7/ 33، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 52، وانظر: تفسير ابن كثير: 1/ 255، 500. (6) المائدة: (6) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ .. الآية. (7) رواه النحاس بسنده عن عكرمة عن ابن عباس ص 130. قال فيكون على هذا قد نسخت الآية على الحقيقة، يكونون أمروا بأن لا يصلوا إذا سكروا، ثم أمروا بالصلاة على كل حال، فإن كانوا لا يعقلون ما يقرءون وما يفعلون فعليهم الإعادة ... اه وهو قول مرجوح. انظر تفسير القرطبي 5/ 201. (8) المائدة (9) وقد سبقت في سورة البقرة. (9) المائدة (91). (10) ذكر هذا مكي بن أبي طالب، قال: وهذا قول أكثر العلماء. انظر الإيضاح ص 229، ولعل الإشارة ب (هذا) تعود إلى قوله: ثم نسخ شرب الخمر ... الخ. وليست إلى قول عكرمة الذي عجب منه المصنف. والله أعلم.

منسوخة، ولا أباح بعد إنزالها مجامعة الصلاة مع السكر «1». والآية محكمة على هذا «2»، لا على قول من قال: أراد بالسكر: سكر النوم «3» وهو قول الضحاك وابن زيد «4». السابع عشر: قوله عزّ وجلّ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا ... «5» الآية. قيل: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ «6»، فذلك نسخ لتلك «7» الإباحة العامة، وهو ظاهر الفساد، وإنما الإباحة المتقدمة لمن لم يجد الطّول «8»،

_ (1) أي حتى يقال إنها نسخت بآية المائدة. (2) وهذا هو الصحيح حيث إن هذه الآية لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى نص صريح دال على تحريم السكر في حالة قرب الصلاة، وما عدا تلك الأوقات فحكمه باق مسكوت عنه، ثم جاء التحريم والنهي القاطع فشمل تلك الأوقات المسكوت عنها وغيرها. وبناء على هذا فلا نسخ- كما قال المصنف- والله أعلم. (3) أي أن كلام المصنف ليس في هذا المعنى، وإنما كلامه يدور حول المعنى الأول للسكر وهو الخمر، أما هذا المعنى الآخر الذي ذكره عن الضحاك وابن زيد فهي محكمة قولا واحدا كما سيأتي- إن شاء الله- قال ابن العربي: وقد اتفق العلماء عن بكرة أبيهم على أن المراد بهذا السكر سكر الخمر ... اه أحكام القرآن 1/ 434. (4) أخرجه ابن جرير بإسنادين عن الضحاك. انظر جامع البيان 5/ 96 وزاد ابن كثير نسبته إلى ابن أبي حاتم عن الضحاك أيضا. انظر تفسيره: 1/ 500. وقد رد هذا القول النحاس وابن الجوزي. انظر الناسخ والمنسوخ ص 53، 131، وزاد المسير: 2/ 89. وذكره مكي عن الضحاك وزيد بن أسلم وقال: إنها على قولهما محكمة الإيضاح ص 229. وراجع تفسير القرطبي 5/ 201. (5) النساء (25) وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ ... الآية. ويلاحظ أن المصنف لم يلتزم هنا بترتيب المصحف. (6) جزء من الآية السابقة. (7) في ظ: بتلك. (8) الطول: بفتح الطاء المشددة وسكون الواو- خص به الفضل والمن، وهو هنا كناية عما يصرف إلى المهر والنفقة. انظر المفردات للراغب الأصفهاني ص 312، وراجع تفسير القرطبي 5/ 136.

وخشي العنت «1» «2». الثامن عشر: قوله عزّ وجلّ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ .. «3»، قال قوم: هذا ناسخ لقوله عزّ وجلّ فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ «4» ولم يفرّق بين الإماء وغيرهن وليس كما ذكروا، ولم تكن الأمة داخلة في قوله عزّ وجلّ فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ، وإنما ذلك في الحرة «5» بإجماع، ولا كان حد الأمة قط أكثر من خمسين، محصنة كانت أو غير محصنة «6». التاسع عشر: قوله عزّ وجلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «7». قالوا: هذا تقديم وتأخير، وإنما المعنى: فعظهم واعرض عنهم، ثم نسخ الوعظ والأعراض بآية السيف «8»، وليس كذلك، لأن آية السيف في قتال المشركين، وهذه الآية في أهل النفاق، وليس فيها تقديم ولا تأخير. ومعنى فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ: دعهم لا تعاقبهم «9»، واقتصر على وعظهم، والقول

_ (1) يقال: عنت فلان إذا وقع في أمر يخاف منه التلف، يعنت عنتا، والمراد به هنا: الزنا. انظر المفردات للراغب ص 349، وتفسير ابن العربي: 1/ 407، والقرطبي: 5/ 138. (2) ذكره مكي، وقال: ليس ذلك بمنسوخ، لأن الناسخ لا يكون متصلا بالمنسوخ، وإنما هو تخصيص وتبيين، بين الله جل ذكره أن الإباحة المتقدمة إنما هي لمن خشي العنت، ولم يجد طولا لحرة، فبهذين الشرطين أرخص للمؤمن الحر في نكاح الإماء، فالآيتان محكمتان اه الإيضاح ص 219. ولذلك لم يتعرض لذكرها ضمن الناسخ والمنسوخ سوى مكي- حسب اطلاعي- وتابعه السخاوي، والله أعلم. (3) النساء (25) فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ... الآية. (4) النور (2). الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ. (5) في د وظ: في الحر. (6) انظر: الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخه ص 220. (7) النساء (63). (8) ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 34، وابن سلامة ص 135، ومكي ص 120، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 281، وابن البارزي ص 28، والفيروزآبادي 1/ 172. وقد تولى المصنف- رحمه الله- الرد على دعوى النسخ فأحسن صنعا. (9) في بقية النسخ: ولا تعاقبهم.

البليغ: هو «1» التخويف «2». الموضع الموفي عشرين: قوله عزّ وجلّ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً «3». قالوا: نسخ بقوله عزّ وجلّ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ «4» الآية «5»، وليس كذلك، فإن آية النساء في قصة مخصوصة «6»، لو تابوا واستغفروا واستغفر لهم الرسول «7» (صلّى الله عليه وسلّم) «8» لغفر لهم، وآية براءة في المنافقين الذين استغفر لهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهم مصرّون على النفاق، ومعلوم أن المنافق والكافر إذا تاب واستغفر غفر «9» له. الحادي والعشرون: قوله عزّ وجلّ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً «10»، قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً «11» الآية «12»، وما أحسب هؤلاء فهموا كلام الله عزّ وجلّ «13».

_ (1) في بقية النسخ: وهو التخويف. (2) راجع زاد المسير: 1/ 122، والجامع لأحكام القرآن: 5/ 265. (3) النساء (64). (4) التوبة (80) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ .... (5) قال بذلك ابن حزم الأنصاري ص 34، وابن سلامة ص 136، والفيروزآبادي: 1/ 172، وابن البارزي ص 30، والكرمي ص: 92. (6) أي في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف. كما رواه الطبري بسنده عن مجاهد 5/ 157، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. الدر المنثور: 2/ 583. (7) في بقية النسخ: النبي. (8) في بقية النسخ: صلّى الله عليه وسلّم. وهي إضافة حسنة. (9) وقد رد ابن الجوزي على القائلين بالنسخ هنا. وقال: إنه قول مرذول اه. نواسخ القرآن ص 281، 182. (10) النساء (71) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً. (11) التوبة (122). (12) انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 443، وللبغدادي ص 199، وابن حزم ص 34، وابن سلامة ص: 137، وابن البارزي ص: 31 وبصائر ذوي التمييز: 1/ 172، والدر المنثور 4/ 322، وقلائد المرجان ص 92. (13) فالصحيح أن الآيتين محكمتان ولا تعارض بينهما، وسيذكر المصنف معنى كل منهما، ومنه يتضح أنه لا نسخ، فإن آية النساء تأمرهم بأخذ الحيطة وأن ينفروا جماعات متفرقة أو مجتمعين تحت لواء واحد، ولا يفهم من هذا الأمر لهم بأن يخرجوا جميعا دون استثناء، وعلى فرض أن اللفظ يقتضي

أما قوله عزّ وجلّ خُذُوا حِذْرَكُمْ فمعناه: احذروا عدوكم، ولا تغفلوا عنه فيتمكن منكم، (والفرق) «1» إليه ثبات أي: جماعات، سرية بعد أخرى أو انفروا عسكرا واحدا. وأما قوله عزّ وجلّ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً الآية، فاختلف فيه، فقيل: نزل في قوم بعثهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعلّمون الناس الإسلام، فرجعوا إليه صلّى الله عليه وسلّم لما نزل قوله عزّ وجلّ ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ «2» خشية أن يكونوا داخلين فيمن تخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله عزّ وجلّ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً هذا «3» قول مجاهد «4»، أي فهلا نفر من كل فرقة «5» طائفة «6» ليتفقهوا في الدين إذا رجع بعض المسلمين «7» إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبقي بعض فإذا نفروا كلهم، لم يبق من يعلّم، فإذا رجع الذين تعلّموا من أهل البوادي إلى قومهم أخبروهم بما تعلّموا لعلّهم يحذرون مخالفة أمر الله، فليس هذا بناسخ لقوله عزّ وجلّ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً، لأن المعنى: إذا نفرتم إلى العدو فعلى احدى الحالتين، أما مجتمعين أو سرايا متفرقين () «8» إذا غزوا وليس معهم النبي صلّى الله عليه وسلّم لينفروا كلهم وتركوه «9»، لا يبقى منهم أحد فإذا بقي بعد النافرين قوم ونزل قرآن تعلّموه.

_ ذلك في ظاهره، أي الأمر بأن يخرجوا كلهم فليس فيه ما يدل على النسخ، ولكن حسبما يقتضيه الحال، فقد يطلب منهم النفير جميعا عند الحاجة، وقد لا يطلب منهم ذلك وآية التوبة تتفق مع قوله في سورة النساء فَانْفِرُوا ثُباتٍ أي عند الاكتفاء بطائفة منكم، فيكون على سبيل الفرض الكفائي. والله أعلم. (1) في الأصل: رسمت الكلمة هكذا (والفرق). وفي بقية النسخ (وانفروا) وهو الصواب. (2) التوبة (120). (3) في بقية النسخ: وهذا. (4) انظر: تفسير الطبري: 11/ 66، ومعالم التنزيل للبغوي: 3/ 137 وزاد المسير 3/ 517، وتفسير القرطبي: 8/ 292، والدر المنثور 4/ 324. (5) في ظ: كانت مضطربة هكذا: فلا نفر كل من فريقة. (6) كلمة (طائفة) ساقطة من ظق. (7) في بقية النسخ المعلمين. خطأ. (8) سقط من الأصل قوله: ولم يرد بقوله: جَمِيعاً لا يبقى منكم أحد. وقال ابن عباس وقتادة: المعنى: ما كان المؤمنون ... الخ. (9) هكذا في النسخ، ولعل الأصح: ويتركوه.

فإذا رجع النافرون أخبرهم القاعدون بما أنزل «1»، ثم ينفر «2» القاعدون، ويمكث الأولون عند النبي صلّى الله عليه وسلّم «3» وهذا المعنى أيضا، لا يعارض آية النساء، فتكون هذه الآية ناسخة لها. وروى عن ابن عباس أيضا أنها نزلت في غير هذا المعنى، وإنما أقبلت قبائل مضر إلى المدينة من أجل الجدب الذي أصابهم بدعوة النبي صلّى الله عليه وسلّم، تأتي القبيلة تزعم أن الإسلام أقدمها، وإنما أقدمها الضر، فأعلم الله النبي صلّى الله عليه وسلّم بأنهم كاذبون، ولو كان ذلك غرضهم لاكتفوا بإرسال بعضهم إلى المدينة ليتفقهوا ولينذروهم إذا انقلبوا إليهم «4» «5». واختلاف الرواية دليل الضعف، والمخبر عنه واحد والقصة واحدة، ومع ذلك فلا تعارض بين الآيتين ولا نسخ. وقال عكرمة: إنما نزلت في تكذيب المنافقين، لأنهم لما نزل قوله عزّ وجلّ ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ... الآية. قال المنافقون:- لمن تخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعذر من المؤمنين- هلكتم بتخلفكم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله عزّ وجلّ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً «6»، وهذا تأويل بعيد عن سياق الآية، ومع ذلك فلا نسخ. وقال الحسن البصري هي في الجهاد، والمعنى ليتفقه الطائفة النافرة بما تراه من نصره وتخبر إذا رجعت بما رأته من ذلك قومها المشركين وتحذّرهم أخذ الله وبأسه «7». وروى أنها نزلت في أعراب قدموا المدينة فأغلوا الأسعار، وملئوا «8» الطرق بالأقذار «9».

_ (1) في بقية النسخ: بما نزل. (2) في ظ: ثم ينفروا القاعدون. (3) أخرجه أبو عبيد بنحوه عن ابن عباس ص 444، وابن جرير الطبري: انظر تفسيره: 11/ 67، وراجع تفسير البغوي: 3/ 136، والدر المنثور 4/ 322، وقد مال إلى هذا القرطبي. انظر تفسيره: 8/ 295. (4) كلمة (إليهم) غير واضحة في الأصل. (5) أخرجه ابن جرير بنحوه عن ابن عباس. انظر: جامع البيان: 11/ 68 وراجع زاد المسير 3/ 516، والدر المنثور: 4/ 323. (6) انظر: المصادر السابقة. (7) ذكره الطبري عن الحسن ورجحه وانتصر له. انظر جامع البيان 11/ 70، وراجع معالم التنزيل: 3/ 137. (8) جاءت العبارة في (ظ) مضطربة هكذا: فأعلموا الأسعار ومكر الطرق ... الخ. (9) انظر: معالم التنزيل: (3/ 137). فعلى هذه المعاني والأقوال التي ذكرت في معنى الآية يمكن أن

الثاني والعشرون: قوله عزّ وجلّ وَمَنْ «1» تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «2»، قالوا: نسخ بآية السيف «3»، وهذا كقوله عزّ وجلّ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ «4» وقد تقدم القول فيه «5» «6». الثالث والعشرون: قوله عزّ وجلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ «7». قالوا: هو منسوخ بآية السيف، وإنما هو كالذي قبله ليس بمنسوخ، وإنما نزل في المنافقين. فإن قلت: أفلا يكون منسوخا بقوله عزّ وجلّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ «8»؟ قلت: قال ابن عباس: (أمروا بجهاد المنافقين باللسان والكفار بالسيف). وقال الضحاك: (جاهد الكفار بالسيف، واغلظ على المنافقين بالكلام). وقال الحسن وقتادة: (واغلظ على) «9» المنافقين بإقامة الحدود عليهم، وقيل: بإقامة الحجة عليهم «10».

_ يقال: إنها متعلقة بالجهاد وأحكامه، ويمكن أن يقال: إنها كلام مبتدأ لا تعلق له بالجهاد ... انظر تفسير الخازن: 3/ 137. (1) في د: (فمن). خطأ. (2) النساء (80) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى .... (3) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 34، ولابن سلامة ص: 138 وتفسير القرطبي: 5/ 288، وناسخ القرآن ومنسوخه لابن البارزي ص 28، وبصائر ذوي التمييز: 1/ 172. وقد رد ابن الجوزي القول بالنسخ في مثل هذا واستبعده، وإنما معنى الآية: فما أرسلناك عليهم رقيبا تؤاخذ بهم ولا حفيظا محاسبا لهم. انظر نواسخ القرآن ص 283. (4) آل عمران (20) ... فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ. (5) كلمة (فيه) ساقطة من ظ. (6) راجع ص 639 من هذا الفصل. (7) النساء (81) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ .. وقد تقدم شيبة هذه الآية وهي آية 63 من السورة نفسها والكلام عنها فانظره ص 665. (8) التوبة (73) وهي بلفظها كذلك في سورة التحريم (9). (9) سقط من الأصل وظق (واغلظ علي) وفي ظق: والمنافقين. (10) أخرج هذه الآثار ابن جرير الطبري بأسانيده عن ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة. انظر جامع البيان: 10/ 183، 184.

فإن قلت: فيكون قوله عزّ وجلّ في النساء فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ منسوخا بهذه؟ قلت: آية النساء في قوم منهم بأعيانهم، وقد قيل في معنى قوله عزّ وجلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ لا تخبر بأسمائهم «1». الرابع والعشرون: قوله عزّ وجلّ فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ «2». قالوا: نسخ بآية السيف «3»، وليس كما قالوا، لأن هذه الآية إنما نزلت بعد الأمر بالقتال، ولكن (لما) «4» تثبطوا عن القتال على ما ذكر (في) «5» الآيات قبلها، وبيتوا غير ما قالوا من إظهار الطاعة، قال له الله عزّ وجلّ فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ولا تعتمد على نصرهم، فإن تخلّفوا عنك ولم يخرجوا معك فما كلّفت غير نفسك وحدها (وحرض المؤمنون)، أي وما «6» يلزمك «7» في أمرهم إلّا التحريض «8»، وفي هذا تحريك لهم وإلهاب. وقيل: دعاهم إلى الخروج إلى «9» بدر الصغرى «10»، فكرهوا الخروج فخرج رسول

_ وراجع الدر المنثور: 4/ 239، وزاد المسير: 3/ 469، وتفسير القرطبي: 8/ 204، وابن كثير: 2/ 371، قال ابن كثير:- عقيب ذكره للأقوال في ذلك- وقد يقال: إنه لا منافاة بين هذه الأقوال، لأنه تارة يؤاخذهم بهذا وتارة بهذا بحسب الأحوال، والله أعلم. اه. (1) انظر: الجامع لأحكام القرآن: (5/ 290). (2) النساء: (84). (3) حكاه ابن سلامة ص 139، وابن البارزي ص 28. ورده ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 184. (4) سقط من الأصل (لما). (5) سقط من الأصل في. (6) (وما) ساقط من د وظ. (7) في ظ: يلزك. (8) في د وظ: إلا تحريض. (9) في بقية النسخ: في بدر. (10) وذلك أن أبا سفيان- بعد انتهاء معركة أحد- توعد المسلمين بالقتال في بدر من العام المقبل فوافق المسلمون على ذلك، وكانت بدر الصغرى في شعبان من السنة الرابعة، حيث خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى بدر وأقام عليه ثمانيا ينتظر أبا سفيان، لكن أبا سفيان خرج من مكة متوجها نحو بدر، ثم بدا له الرجوع، فرجع وكفي الله المؤمنين القتال. راجع البداية والنهاية لابن كثير: 4/ 39، 89.

الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يلو على أحد، فلم يتبعه إلّا سبعون (ولم يتبعه أحد فخرج وحده) «1»، وكان أبو سفيان «2» واعده اللقاء، فكان الأمر كما قال الله عزّ وجلّ، فكف بأس الذين كفروا، ورجع أبو سفيان، لأنه لم يكن مع أصحابه (زاد) «3» إلّا السويق «4». فقال لهم: هذا عام مجدب، ولم يقدم (على) «5» لقاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «6». الخامس والعشرون: قوله عزّ وجلّ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ «7». قالوا: قال الله عزّ وجلّ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «8» ثم استثنى من ذلك أهل الميثاق، ومن اتصل بهم وانحاز إلى جملتهم، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ في براءة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «9»، قال قتادة: نبذ إلى كل عهد

_ (1) هكذا في الأصل: ولم يتبعه أحد فخرج وحده. وهي عبارة غير مستقيمة مع سابقتها. وفي بقية النسخ: ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده. (2) هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، أبو سفيان صحابي مشهور، أسلم عام الفتح ومات سنة 32 هـ، وقيل بعدها التقريب: 1/ 365، وانظر: الإصابة 5/ 127 رقم 4041. (3) سقط من الأصل كلمة (زاد). (4) وهو طعام يتخذ من الحنطة والشعير. اللسان 10/ 170 (سوق). (5) سقط من الأصل حرف (على). (6) راجع تفسير الطبري 4/ 181، والقرطبي 5/ 293، والفخر الرازي 9/ 99، 10/ 204. والبداية والنهاية: 4/ 89. (7) النساء (90). (8) النساء (89). (9) التوبة (5) وهي الآية التي تسمى بآية السيف. ذكر هذا بنحوه أبو عبيد عن ابن عباس. انظر الناسخ والمنسوخ ص 428، وابن جرير الطبري عن الحسن وعكرمة وقتادة وابن زيد. انظر: جامع البيان 5/ 200. وقال به ابن حزم ص 34، وابن سلامة ص 139، والنحاس ص: 132 ومكي ص 230، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 285، وزاد المسير 2/ 159، والقرطبي في تفسيره 5/ 308، والثعالبي في الجواهر الحسان 1/ 399، والكرمي في قلائد المرجان ص 93. وقد حكى البغدادي النسخ عن ابن عباس، ثم قال: وقال غيره الآية محكمة، وإنما نزلت في قوم مخصوصين وهم بنو خزيمة وبنو مدلج عاقدوا حلفاء المسلمين من خزاعة فنهى عن قتلهم، ونزلت آية السيف بعد إسلام الذين ذكرناهم اه الناسخ والمنسوخ ص 201.

عهده، ثم أمر عليه السلام «1» بالقتال والقتل حتى يقولوا: لا إله إلّا الله، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد عاهد كفار مكة عام الحديبية عهدا بقى من مدته عند نزول براءة أربعة أشهر، فأمر الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يوفي بعهدهم إلى مدتهم، وأن يؤخر قتال من لا عهد له إلى انسلاخ محرّم، ثم يقاتل الجميع حتى يدخلوا في الإسلام، لا يقبل منهم سوى ذلك، هذا كله قول قتادة «2». وقال السدي: كان آخر عهد الجميع تمام أربعة أشهر، وذلك لعشر خلون من ربيع الآخر، وهذا كله كان في موسم تسع «3». وقال السدي: أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بإتمام أربعة أشهر لمن كان بينه وبينه عهد أربعة أشهر فما دون ذلك، وأما من كان عهده أكثر من (ذلك) «4» أربعة أشهر فهو الذي «5» أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتم له عهده في قوله عزّ وجلّ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ «6»، فمن نقض منهم العهد، دخل فيمن أخر إلى تمام أربعة أشهر. وهذا اختيار الطبري «7»، وهو قول الضحاك، فعلى هذا لا يكون قوله إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ منسوخا، لأنه قد جعل له حكم المعاهدين وأدخل في جملتهم، وقد أخّر قتالهم إلى انقضاء مدتهم. وروى أن عليا- عليه السلام- كان يقول في ندائه: ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فعهده إلى مدته «8» اه.

_ (1) (عليه السلام) ليست في بقية النسخ. (2) انظره مختصرا في الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 40. وأخرجه الطبري بتمامه عن قتادة عند تفسير سورة براءة 10/ 61، وكان قد ذكره مختصرا في سورة النساء: 5/ 200، وانظر: الإيضاح لمكي ص 230، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 286. (3) أخرجه الطبري بأسانيده عن السدي ومحمد بن كعب القرظي وقتادة ومجاهد. جامع البيان: 10/ 61، وانظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 195. (4) هكذا في الأصل: أكثر من ذلك أربعة أشهر. فكلمة (ذلك) مقحمة لا معنى لها هنا. (5) في ظ: فو الذي. خطأ. (6) التوبة (4) إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا ... 6. (7) انظر: جامع البيان للطبري: 10/ 62 والجامع لأحكام القرآن 8/ 64 والإيضاح ص 308. (8) قال الطبري:- منتصرا لهذا- ففي الأخبار المتظاهرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه حين بعث عليا رضي الله عنه ب (براءة) إلى أهل العهود بينه وبينهم، أمره فيما أمره أن ينادي فيهم: ومن كان بينه وبين

ويدل عليه قوله عزّ وجلّ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ «1»، فأمر الله «2» لمن استقام على عهده ولم ينقضه بأن يتم له عهده، وأن يؤخر من نقض عهده وظاهر على النبي صلّى الله عليه وسلّم أربعة أشهر «3». قال تعالى فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ففسح لمن كان له عهد ونقض قبل انتهائه، ومن له أربعة أشهر فما دون أن يتصرفوا في الأرض مقبلين ومدبرين، ثم لا أمان لهم بعد ذلك. قال مجاهد: أولها من يوم النحر إلى عشر من ربيع الآخر «4». وقال الزهري: أولها شوال وآخرها آخر محرم «5». وتسمى أشهر السماحة أيضا، لأنه سمح لهم فيها بالتصرّف. وقال ابن عباس: (من لم يكن له «6» عهد إنما جعل أجله خمسين ليلة، عشرين من ذي الحجة والمحرم) «7»، يدلّ على ذلك قوله عزّ وجلّ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا

_ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فعهده إلى مدته. أوضح دليل على ما قلنا، وذلك أن الله لم يأمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم بنقض عهد قوم كان عاهدهم إلى أجل، فاستقاموا على عهده بترك نقضه، وأنه إنما أجل أربعة أشهر من كان قد نقض عهده قبل التأجيل، أو من كان له عهد إلى أجل غير محدود، فأما من كان أجل عهده محدودا، ولم يجعل بنقضه على نفسه سبيلا، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان بإتمام عهده إلى غاية أجله مأمورا وبذلك بعث مناديه ينادي به في أهل الموسم من العرب اه جامع البيان: 10/ 63. وانظر: بقية الآثار التي ساقها الطبري بأسانيده عن علي رضي الله عنه وغيره في هذه القضية. (1) التوبة (7). (2) لفظ الجلالة ليست في ظق. وفي د وظ: فأمر من استقام. (3) وسيأتي- إن شاء الله- مزيد بيان لهذا في أول سورة التوبة. والله الموفق. (4) قال القرطبي: وهذا قول مجاهد وابن إسحاق وابن زيد وعمرو بن شعيب، قال: وقيل لها حرم: لأن الله حرم على المؤمنين فيها دماء المشركين والتعرض لهم إلا على سبيل الخير اه. الجامع لأحكام القرآن؛ 8/ 72، وانظر: تفسير الطبري: 10/ 79 وقد سبق أن قرر هذا السخاوي أثناء كلامه على قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ .. حيث قال هناك: إن المراد بالأشهر في قوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ... إنما هي تبدأ من يوم النحر ... الخ ص 613. (5) انظر: تفسير الطبري: 10/ 62 والإيضاح ص 308، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 195، قال ابن الجوزي: قال أبو سليمان الدمشقي: وهذا أضعف الأقوال لأنه لو كان كذلك لم يجز تأخير أعلامهم به إلى ذي الحجة، إذ كان لا يلزمهم الأمر بعد الإعلام اه. زاد المسير: 3/ 394. (6) ساقط من د. (7) انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 425، وتفسير القرطبي 8/ 72.

الْمُشْرِكِينَ، وكان النداء بسورة (براءة) يوم عرفة، وبه يتم «1» خمسين ليلة. وقيل: يوم النحر «2»، ونزلت (براءة) أول شوال، ومن ذلك اليوم أجّل أربعة أشهر لأهل العهد. وقال الزهري: من أول شوال هو (أول) «3» الأربعة أشهر، وهو للجميع، فمن كان له عهد: كان أجله أربعة أشهر من ذلك الوقت. ومن لم يكن له عهد: انسلاخ الأشهر الحرم، وذلك أربعة أشهر أيضا «4». السادس والعشرون: قوله عزّ وجلّ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ «5» أَنْ يُقاتِلُوكُمْ «6» قيل: معناه: ولا الذين جاءكم قد ضاقت صدورهم عن قتالكم وعن قتال قومهم، قال الحسن، وعكرمة، وابن زيد: هو منسوخ بالجهاد «7» اه. وأقول:- والله أعلم- أن هؤلاء الذين حصرت صدورهم عن القتال: هم الذين ذكروا في قوله عزّ وجلّ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ذكر لهم حالتان: أ) الاتصال بالمعاهدين. ب) أو المجيء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، والتقدير: إلّا الذين حصرت صدورهم، فاتصلوا بقوم بينكم وبينهم ميثاق، أو جاءوكم، يدلّ على ذلك قراءة أبيّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ

_ (1) هكذا في ت. على إنه حال تقديرها: وبه يتم الوقت كاملا، ويجوز أن يكون (خمسين) مفعولا ل (تم)، لأن معناه: بلغ فهو كقولهم بلغت أرضك جريبين. راجع أملا ما من به الرحمن: 3/ 61 على هامش الفتوحات الإلهية، وفي بقية النسخ: وبه تتم خمسون ليلة ... على إنه فاعل، وهذا واضح. (2) وهذا مبني على الخلاف في المراد بالحج الأكبر، هل هو يوم عرفة أو يوم النحر. والراجح أنه يوم النحر. انظر: جامع البيان: 10/ 67 - 74. (3) سقط لفظ (أول) من الأصل). (4) انظر: الإيضاح ص 308، وقد سبق أن هذا القول ضعيف، وإنما الصحيح أن الأربعة الأشهر تبدأ من أول النداء، وكان يوم النحر والله تعالى أعلم. وانظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 195. (5) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (6) النساء؛ (90) وهي جزء من الآية السالفة الذكر. (7) انظر: تفسير الطبري: 5/ 200، وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 133، وابن سلامة ص 140، والإيضاح ص 231، وزاد المسير 2/ 159، والبحر المحيط: 3/ 315، والجواهر الحسان للثعالبي 1/ 399.

حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ «1»، وليس في قراءته أَوْ جاؤُكُمْ. وقوله عزّ وجلّ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، إنما أراد كفار مكة ومن معهم، يدل على ذلك قوله عزّ وجلّ أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ «2»، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم عام الحديبية- حين قاضى (المشركون) «3» - أدخل معه بني كعب ابن خزاعة في القضية وأدخل المشركون معهم بني بكر ابن كنانة في القضية، فنقض المشركون أيمانهم، وأغاروا «4» مع بني بكر ابن كنانة على بني كعب ابن خزاعة قبل انقضاء مدة العهد، فغضب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «والله لانتصرن لهم»، فنصره الله عزّ وجلّ بفتح مكّة «5»، وشفي صدره وبني خزاعة «6» وأذهب غيظ قلوبهم، وهم القوم المؤمنون وحلفاء «7» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «8» فتأمل في «9» هذا فإنه «10» لا يعارض ما في سورة النساء، إلّا أن يكون (الذين) «11» حصرت صدورهم ممن نقض العهد ونكث اليمين وأعان على خزاعة. والجرأة على الناسخ والمنسوخ خطر عظيم، ولا يعارض ما في سورة النساء أيضا قوله عزّ وجلّ وَ «12» قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً «13». السابع والعشرون: قوله عزّ وجلّ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ «14» «15» الآية، قالوا؛

_ (1) انظر: الكشاف للزمخشري 1/ 552، وتفسير القرطبي: 5/ 309، وأبي حيان: 3/ 316. وهي قراءة شاذة. (2) التوبة (13). (3) هكذا في الأصل: حين قاضى المشركون. وفي بقية النسخ: المشركين وهو الصواب. (4) في ظ: وغاروا. (5) في ظ: وجعل يفتح مكة. (6) في بقية النسخ: وشفا صدور بني خزاعة. (7) في د: وخلفاء. (8) انظر: البداية والنهاية لابن كثير 4/ 278، والإصابة 7/ 107، وتفسير القرطبي 8/ 64، فما بعدها. (9) ساقطة من بقية النسخ. (10) في د: وأنه. (11) (الذين) ساقط من الأصل. (12) سقطت الواو من الأصل. (13) التوبة (36). (14) في ت حرفت إلى (آخرون). (15) النساء (91) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها ... الآية.

نسخها آية السيف «1». الثامن والعشرون: قوله عزّ وجلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* «2». ذهب قوم إلى أنها منسوخة بقوله عزّ وجلّ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها «3» الآية «4». وروى «5» عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال:- في قوله عزّ وجلّ في (سورة) «6» الفرقان ... وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً* إِلَّا مَنْ تابَ «7». إن هذا لأهل الشرك إذا أسلموا، ولا توبة للقاتل متعمدا «8» اه. وروى أن رجلا سأل أبا هريرة وابن عمر وابن عباس عن قتل العمد، فكلهم قال: هل يستطيع أن يحييه «9»؟!. والصحيح أن هذا ليس من الناسخ والمنسوخ في شيء، لأن هذا إخبار من الله عزّ وجلّ، وإخبار الله عزّ وجلّ صدق لا يدخله نسخ «10» وآية الفرقان وآيات النساء محكمات.

_ (1) قال بذلك ابن حزم ص 34، وابن سلامة ص 140، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 187، والفيروزآبادي 1/ 172، وابن البارزي ص 28، والكرمي ص 93. (2) النساء (48، 116). (3) النساء (93). (4) انظر: الكلام على هذه الآية وما قيل فيها في الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 545، وجامع البيان 5/ 215، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 133، وابن حزم ص 35، والبغدادي ص 203، وابن سلامة ص 141، والإيضاح لمكي ص 232 - 249، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 288، وزاد المسير: 2/ 168، والجامع لأحكام القرآن 5/ 332، وقلائد المرجان للكرمي ص 94. (5) في د وظ: ورواه. وفي ظق: ورووا. (6) كلمة (سورة) سقطت من الأصل. (7) الفرقان (68 - 70). (8) انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري كتاب التفسير، باب يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ ... 8/ 494، والإيضاح ص 241. (9) عزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور وابن المنذر. الدر المنثور 2/ 626 وانظر الإيضاح ص 245. (10) قال مكي: والنسخ في آية الفرقان لا يحسن لأنه خبر، والأخبار لا تنسخ بإجماع .. فالآيتان محكمتان اه الإيضاح ص 233.

وقد قال الله عزّ وجلّ في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ، ثم قال عزّ وجلّ فيها: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها، ثم قال بعد ذلك «1»: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ. فإن قيل: إن قلت: إن هذه أخبار، والنسخ لا يدخل الأخبار، فما تقول في تعارضها؟. قلت: قوله عزّ وجلّ فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها قد روى ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال في الآية هو جزاؤه إن جازاه «2» وقال الطبري: جزاء القاتل جهنم حقا، ولكن الله يغفر ويتفضّل على من آمن به وبرسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها، فإما أن يغفر فلا يدخلهم، وإما أن يدخلهم ثم يخرجهم بفضل رحمته، وهذا خبر عام ولا يجوز نسخه «3» اه وكذلك روى عن إبراهيم التيمي ومجاهد «4». وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كاف، وإنما أذكر هؤلاء لأن ذكرهم كالشهادة لصحة الحديث. فإن قيل: فما تقول فيما تقدم ذكره عن ابن عباس؟ قلت: قد روى عاصم بن أبي النّجود عن ابن جبير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: (هو جزاؤه إن جازاه) «5».

_ (1) في بقية النسخ: ثم قال بعد ذلك أيضا. (2) لكن رفعه الله إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يصح. انظر: تفسير ابن كثير 1/ 517، وراجع الدر المنثور: 2/ 627. قال مكي: وقد قال من اعتقد هذا: أن الله إذا وعد الحسنى وفي ولم يخلف، وإذا وعد بالعذاب جاز أن يعفو اه. الإيضاح ص 233. (3) انظر: تفسير الطبري 5/ 221، والإيضاح ص 241، وراجع تفسير ابن كثير: 1/ 517،. (4) انظر: الإيضاح ص 233. (5) أخرجه أبو عبيد بنحوه عن عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 556، وانظر: الإيضاح ص 233. قال البغدادي: قال ابن عباس: هذه الآية محكمة، ومعناها أن ذلك جزاؤه إن جازاه، ولكنه لا يجازي بالخلود في النار إلا الكافرين لقوله تعالى وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ الآية 17 من سورة سبأ. وقال غيره: إن الآية منسوخة بقوله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* اه الناسخ والمنسوخ ص 203. وقال القرطبي: نص على هذا أبو مجلز لاحق بن حميد وأبو صالح وغيرهما اه.

وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «1»، وقال: فلو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال لجاز أن يغفرها الله تعالى. قال ابن عباس: وقد دعا الله عزّ وجلّ إلى مغفرته من قال عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ «2» ومن زعم أن الله فقير «3»، ومن زعم أن يد الله تعالى مغلولة «4»، ومن زعم أنه عزّ وجلّ (ثالث ثلاثة) «5» فقال «6» عزّ وجلّ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «7». قال ابن عباس: وقد دعا الله عزّ وجلّ إلى التوبة من هو أعظم جرما من هؤلاء من قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى «8»، وما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي «9». قال: ومن أيأس العباد من التوبة، فقد جحد كتاب الله تعالى، ومن تاب إلى الله تاب الله عليه. قال: وكما لا ينفع مع الشرك إحسان، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين «10».

_ أي نصوا على أن ذلك جزاؤه إن جازاه وهو مستحق لذلك لعظيم ذنبه. وراجع تفسير الطبري 5/ 217، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 295. (1) النساء (110). (2) التوبة (30) وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ... الآية. (3) أي في قوله تعالى لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ الآية 181 آل عمران. (4) أي في قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا ... الآية 64 المائدة. (5) أي قوله تعالى حكاية عن النصارى لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ... الآية 73 من سورة المائدة. (6) في د: فقال الله عزّ وجلّ. (7) المائدة (74). (8) النازعات (24). (9) القصص (38) وكلا الآيتين تحكي قول فرعون. (10) حكي هذه الأقوال مكي بن أبي طالب عن ابن عباس. انظر الإيضاح ص 243. قال ابن كثير: والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ، فإن تاب وأناب وخشع وخضع وعمل عملا صالحا، بدل الله سيئاته حسنات وعوض

قال ابن عباس:- مع قول النبي صلّى الله عليه وسلّم «لو وضعت قول «1»: لا إله إلّا الله في كفة، ووضعت السموات والأرض وما بينهن «2» وما فيهن في كفة لرجحت قول «3»: لا إله إلّا الله» «4». وهذا هو الصحيح عن ابن عباس- إن شاء الله تعالى «5» - إذ أجمع المسلمون على صحة توبة قاتل العمد، وكيف لا تصح توبته وتصح توبة الكافر وتوبة من ارتد عن الإسلام، ثم قتل المؤمنين متعمدا ثم رجع إلى الإسلام «6»؟. قال عبد الله بن عمر- رضي الله عنه-: (كنا معشر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا نشك في قاتل المؤمن وآكل مال اليتيم وشاهد الزور وقاطع الرحم- يعني لا نشك في الشهادة لهم بالنار- حتى نزلت إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ*، فأمسكنا عن الشهادة لهم) «7» اه. فإن قيل: فما تقول في قولهم: هل تستطيع «8» أن تحييه؟ قلت: ذلك على وجه تعظيم (أمر) «9» القتل والزجر، أو يكون ذلك قبل أن تنزل إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ*

_ المقتول من ظلامته وأرضاه، قال الله تعالى وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إلى قوله إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً الآية. وهذا خبر لا يجوز نسخه، وحمله على المشركين، وحمل هذه الآية على المؤمنين خلاف الظاهر، ويحتاج حمله إلى دليل، والله أعلم .. انظر بقية كلامه في تفسيره: 1/ 537. وراجع فتح الباري: 8/ 495 - 496. (1) (قول) ليست في بقية النسخ. (2) (وما بينهن) ليست في د وظ. (3) (قول) ليست في بقية النسخ. (4) انظر: الإيضاح ص 244. والحديث في كنز العمال معزوا إلى أبي يعلى عن أبي سعيد 1/ 53 وأخرجه الحاكم بلفظ أطول، وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. المستدرك: 1/ 6. (5) قال القرطبي: وهذا مذهب أهل السنة وهو الصحيح، وأن هذه الآية- أي وَمَنْ يَقْتُلْ .. مخصوصة ودليل التخصيص آيات وأخبار .. اه الجامع لأحكام القرآن 5/ 333. (6) انظر: الإيضاح ص 241. (7) أخرجه ابن جرير. جامع البيان: 5/ 126، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم. انظر: الدر المنثور: 2/ 556، وراجع الإيضاح ص 244. (8) في ظق: هل يستطيع. (9) سقط من الأصل لفظ (أمر).

وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ* على قول ابن عمر، ومن زعم أن القاتل عمدا لا توبة له: جعل الغفران لما دون الشرك، وآية «1» الفرقان: منسوخا. قالوا: ونزلت آية الفرقان- فيما روى زيد بن ثابت- قبل آية النساء بستة أشهر «2»، وقد قدمت أن النسخ لا يدخل الأخبار، فلا نسخ في جميع هذه الآيات، وكلها محكمة «3». التاسع والعشرون: قوله عزّ وجلّ وَإِذا «4» ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا «5»، زعم قوم أنها منسوخة بما جاءت به السّنة من جواز قصر الصلاة في السفر من غير تقييد بالخوف، وهذا غير صحيح، وصلاة الخوف باقية لم تنسخ، والقصر في السفر غير صلاة الخوف «6». الثلاثون: قوله عزّ وجلّ إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ «7» زعموا أنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ... «8» فما أدري أي الأمرين أعجب، إدخال

_ (1) في ظق: في آية الفرقان. (2) انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 549، وتفسير الطبري: 5/ 220 والقرطبي: 5/ 332 والإيضاح ص 232، والدر 2/ 625. (3) انظر: الجامع لأحكام القرآن 5/ 334، والإيضاح ص 236. وقد رجح ابن الجوزي القول بالأحكام وقال: إنه لا وجه للقول بالنسخ بحال. نواسخ القرآن 294. (4) سقطت الواو من د وظ. (5) النساء (101). (6) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 139، والإيضاح ص 250، وتفسير القرطبي 5/ 363. وقد كثر كلام المفسرين في المراد بالقصر في هذه الآية، وأنا أكتفي بما ذكره الإمام الطبري ونقله عنه النحاس والقرطبي، وهو الذي اطمأنت إليه نفسي، حيث قال: وأولي هذه الأقوال التي ذكرناها بتأويل الآية، قول من قال: عنى الله بالقصر فيها القصر من حدودها وذلك ترك إتمام ركوعها وسجودها وإباحة أدائها كيف أمكن أداؤها مستقبل القبلة فيها ومستدبرها وراكبا وماشيا، وذلك في حال الشبكة والمسايفة والتحام الحرب وتزاحف الصفوف، وهي الحالة التي قال الله تبارك وتعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً آية 239، من سورة البقرة، وأذن بالصلاة المكتوبة فيها راكبا إيماء بالركوع والسجود على نحو ما روي عن ابن عباس من تأويل ذلك. وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بهذه الآية- وذكرها- لدلالة قول الله تعالى فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، على أن ذلك كذلك لأن إقامتها إتمام حدودها من الركوع والسجود وسائر فروضها دون الزيادة في عددها التي لم تكن واجبة في حال الخوف اه جامع البيان: 5/ 249. (7) النساء (145). (8) النساء (146).

النسخ في الأخبار أو جعل الاستثناء نسخا؟ فهذه ثلاثون موضعا لا ترى فيها ناسخا ومنسوخا متيقنا.

_ وقد ذكر دعوى النسخ في هذه الآية ابن حزم الأنصاري في الناسخ والمنسوخ ص 35، وابن سلامة ص 145، وابن البارزي ص 29، والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز: 1/ 173. وسبق مرارا أن الاستثناء ليس بنسخ، ومنها هذا الموضع، الذي تعجب المصنف من القول بالنسخ فيه، ومما زاد تعجبه- رحمه الله- أن هذه أخبار، والأخبار لا تدخل في النسخ. وراجع نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 296.

سورة المائدة

سورة المائدة وهي «1» من آخر ما نزل من القرآن، وهي في الإنزال بعد «براءة» عند أكثر العلماء، وقال آخرون: براءة بعدها «2». وذهب جماعة إلى أن «3» المائدة ليس (فيها) «4» منسوخ، لأنها متأخرة النزول «5»، وقال آخرون: فيها من المنسوخ عشرة مواضع: الأول: قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ «6»

_ (1) كلمة (وهي) ليست في د. (2) انظر: الإيضاح ص 259، ونص ابن سلامة على أن (براءة) آخر ما نزل. الناسخ والمنسوخ ص 182. وقد سبق أثناء الكلام عن (نثر الدرر في ذكر الآيات والسور) من هذا الكتاب الخلاف في هذا فانظره. (3) كلمة (أن) سقطت من د. (4) (فيها) سقطت من الأصل. ولعلها أضيفت في الحاشية إلا أنها لم تظهر. (5) أخرجه أبو عبيد عن الحسن وأبي ميسرة. انظر الناسخ والمنسوخ ص 332 - 333. والنحاس عن أبي ميسرة. الناسخ والمنسوخ ص 141 وابن الجوزي عن الحسن والشعبي. انظر نواسخ القرآن ص 297. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وأبي داود وابن المنذر عن الحسن كذلك. الدر المنثور 3/ 4. قال أبو حيان: وقول الحسن وأبي ميسرة ليس فيها منسوخ قول مرجوح. اه البحر المحيط 3/ 420. (6) وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ هذا الجزء من الآية سقط من د وظ.

وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً «1». قال الشعبي وغيره: لم ينسخ من المائدة غير هذه الخمسة، نسخها الأمر بقتال المشركين «2». وقال ابن زيد: هذا كله منسوخ بالأمر بقتالهم كافة «3». وقال ابن عباس وقتادة: وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يعني: منع المشركين من الحج، ثم نسخ ذلك بالقتل «4». والشعائر: جمع شعيرة، وشعيرة: بمعنى مشعرة أي معلمة «5». واختلف فيها فقيل: حدوده التي جعلها أعلاما لطاعته في الحج. قال ابن عباس: هي مناسك الحج «6». نهاهم أن يحلوا ما منع المحرّم من إصابته.

_ (1) الآية الثانية من سورة المائدة. (2) أخرجه أبو عبيد عن الشعبي. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 332، والطبري في جامع البيان 6/ 60، والنحاس ص 142، وانظر: الإيضاح ص 257. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وأبي داود في ناسخه وابن المنذر عن الشعبي. الدر المنثور 3/ 4. (3) انظر: جامع البيان: 6/ 60. (4) الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 40، والنحاس ص 143، وتفسير الطبري 6/ 60، والإيضاح ص 256. قال الطبري:- عند تفسير هذه الآية- ثم اختلف أهل العلم فيما نسخ من هذه الآية بعد إجماعهم على أن منها منسوخا، فقال بعضهم: نسخ جميعها ... وقال آخرون: الذي نسخ من هذه الآية قوله وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ .. وقال آخرون: لم ينسخ من ذلك شيء إلا القلائد التي كانت في الجاهلية يتقلدونها من لحا الشجر ... إلى أن قال: وأولي الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: نسخ الله من هذه الآية قوله وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ لإجماع الجميع على أن الله قد أحل قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم وغيرها من شهور السنة كلها، وكذلك أجمعوا على أن المشرك لو قلد عنقه أو ذراعيه لحاء جميع الحرم!! لم يكن ذلك له أمانا من القتل إذا لم يكن تقدم له عقد ذمة من المسلمين أو أمان اه جامع البيان 6/ 59 - 61، وراجع تفسير الخازن 2/ 5. (5) انظر: الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 208، وتفسير الفخر الرازي 11/ 128، والقرطبي: 6/ 37، وأبي حيان 3/ 419 قال القرطبي: قال ابن فارس: ويقال للواحدة شعارة، وهو أحسن والشعيرة: البدنة تهدي وأشعارها أن يجز سنامها حتى يسيل منه الدم، فيعلم أنها هدى اه المصدر السابق. (6) أخرجه ابن جرير في جامع البيان: 6/ 54، وذكره مكي في الإيضاح ص 257.

قال «1» زيد بن أسلم: هي ست: 1 - الصفا والمروة. 2 - والبدن. 3 - والجمار. 4 - والمشعر الحرام. 5 - وعرفة. 6 - والركن. قال: والمحرّمات خمس: 1 - البلد الحرام. 2 - والكعبة البيت الحرام. 3 - والشهر الحرام. 4 - والمسجد الحرام. 5 - والمحرم حتى يحل «2». قال «3» الكلبي: كانت عامة العرب لا يعدون الصفا والمروة من الشعائر، ولا يقفون- إذا حجوا- عليهما، وكانت الخمس، لا يعدون عرفات من الشعائر، ولا يقفون «4» بها في الحج، فنهى الله المؤمنين عن ذلك «5». وقال السدي: شعائر الله: حرمه «6». وقيل: هي العلامات بين الحل والحرم، نهوا أن يجازوها غير محرمين «7». وقال عطاء: شعائر الله: حرماته، نهاهم عن ارتكاب سخطه وأمرهم باتباع طاعته. وقيل: الشعائر: الهدايا، وقيل: الإشعار: أن تجلل «8»، وتقلّد وتطعن «9» في سنامها فيعلم أنها هدى «10».

_ وذكره البغوي عن ابن عباس ومجاهد. انظر: معالم التنزيل 2/ 4. قال مكي: فمعنى الآية: لا ترتكبوا ما نهيتكم عنه من صد وغيره، وهذا كله لا يجوز نسخه اه. (1) في بقية النسخ: وقال. (2) انظر: البحر المحيط: 3/ 419. (3) في بقية النسخ: وقال. (4) من قوله: ولا يقفون إذا حجوا إلى هنا ساقط من ظ. بانتقال النظر. (5) انظر البحر المحيط: 3/ 419. (6) أخرجه الطبري عن السدي، قال: إن الذين قالوا بهذا القول وجهوا معنى قوله شَعائِرِ اللَّهِ أي معالم حرم الله من البلاد. جامع البيان: 6/ 54. (7) انظر: البحر المحيط: 3/ 419. (8) أي تغطي لصيانتها. راجع اللسان: 11/ 119 (جلل). (9) في د وظ: كلها بالياء التحتانية المثناة. (10) قال الإمام الطبري:- بعد أن ذكر الأقوال التي قيلت في معنى الشعائر- وأولي التأويلات بقوله

والشهر الحرام: قيل: هو ذو القعدة، وقيل: هو رجب «1»، كانت مضر تحرّم فيه القتال، فأمروا بأن يحرّموه ولا يقاتلوا فيه عدوهم. وقيل: كانوا يحلونه مرة ويحرّمونه أخرى، فنهوا عن إحلاله. والهدى: ما أهداه المسلمون إلى البيت من بعير أو بقرة أو شاة، حرّم الله عزّ وجلّ أن يمنع أن يبلغ محله. والقلائد: قيل: هي الهدايا المقلدات «2»، نهى عن الهدى غير المقلّد وعن المقلّد. وقيل: هي ما كان المشركون يتقلّدون به، كان أحدهم إذا خرج من بيته يريد الحج تقلّد من السّمر فلا يعرض له أحد، وإذا انصرف تقلّد من الشعر قلادة فلا يعرض له أيضا. وقيل: إنّما نهى الله عزّ وجلّ أن ينزع شجر الحرم، فيتقلّد به على عادة الجاهلية. وقيل: كان الرجل إذا خرج من أهله حاجا أو معتمرا وليس معه هدى، جعل في عنقه قلادة من شعر أو وبر، فأمن بها إلى مكّة، وإذا قفل من مكة: علّق في عنقه من لحاء شجر مكة، فيأمن بها حتى يصل إلى أهله «3». وقوله عزّ وجلّ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قيل: نهوا أن يعرضوا لمن أمّ البيت الحرام من المشركين.

_ لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ: قول عطاء ... فكان معنى الكلام: لا تستحلوا أيها المؤمنون معالم الله، فيدخل في ذلك معالم الله كلها في مناسك الحج من تحريم ما حرم الله إصابته فيها على المحرم وتضييع ما نهى عن تضييعه فيها، وفيما حرم من استحلال حرمات حرمه، وغير ذلك من حدوده وفرائضه وحلاله وحرامه، لأن كل ذلك من معالمه وشعائره التي جعلها أمارات بين الحق والباطل، يعلم بها حلاله وحرامه وأمره ونهيه ... اه. جامع البيان: 6/ 55. وراجع زاد المسير: 2/ 272، وتفسير الفخر الرازي: 11/ 128. (1) انظر: تفسير القرطبي: 6/ 55، والإيضاح ص 258. قال الفخر الرازي: وأعلم أن الشهر الحرام هو الشهر الذي كانت العرب تعظم القتال فيه إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً ... الآية فقيل: هي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، فقوله وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ يجوز أن يكون إشارة إلى جميع هذه الأشهر كما يطلق اسم الواحد على الجنس، ويجوز أن يكون المراد هو رجب لأنه أكمل الأشهر الأربعة في هذه الصفة اه. مفاتيح الغيب 11/ 128. (2) في بقية النسخ: المتقلدات. (3) انظر: تفسير الطبري: 6/ 56، 57، والقرطبي 6/ 39، وراجع الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 208.

واختلف في سبب نزولها:- فقيل نزلت في الحطم البكري «1». قال ابن جريج: قدم على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: إني داعية قومي وسيدهم، فأعرض عليّ أمرك، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أدعوك إلى الله، أن تعبده لا تشرك به شيئا، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت». فقال الحطم: في أمرك غلظه، أرجع إلى قومي، فأذكر «2» لهم ما ذكرت، فإن قبلوا قبلت معهم، وإن أدبروا كنت معهم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ارجع»، فلما خرج، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر، وما الرجل بمسلم»، فمرّ على سرح «3» المسلمين «4»، فانطلق به (وطلب) «5» فلم يدرك، ثم (أنه) «6» خرج إلى الحج بتجارة عظيمة فأراد أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعرضوا «7» له ويأخذوا ما معه، فأنزل الله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ «8» الآية «9» لما استاق السرح قال: قد لفها الليل بسوّاق حطم ... ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر وضم ... باتوا نياما وابن هند لم ينم بات يقاسيها غلام كالزّلم ... خدلّج الساقين خفاق القدم «10»

_ (1) قال ابن سلامة: واسمه شريح بن ضبيعة بن شرحبيل البكري ص 147. (2) في ظق: وأذكر. (3) والسرح: المال يسام في المرعى من الأنعام. اللسان 2/ 478 (سرح). (4) في د: للمسلمين. (5) (وطلب) ساقط من الأصل. (6) (أنه) ساقطة من الأصل. (7) في د: أن يتعرضوا. (8) أخرج نحوه ابن جرير بسنده عن ابن جريج عن عكرمة، وبسنده عن أسباط عن عكرمة، وذكره عن ابن جريج دون إسناد. انظر: جامع البيان: 6/ 58، 59. وانظر: أسباب النزول للواحدي ص 107، وزاد المسير: 2/ 270 والبحر المحيط 3/ 419، والإيضاح لمكي ص 258، والناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 207. (9) سقطت الواو من الأصل. (10) الأبيات في تفسير الطبري: 6/ 58، مع خلاف يسير في بعض ألفاظها وفي زاد المسير: 2/ 271، وتفسير القرطبي 6/ 43، وفي اللسان 12/ 138، 139، (حطم)، والمراد بالحطم: العنيف برعاية الإبل في السّوق والإيراد والإصدار، قليل الرحمة بالماشية فلا يمكنها من المراتع الخصيبة ويقبضها ولا يدعها تنتشر في المرعى. اللسان نفس الجزء والصفحة.

وهذا القول يبطله قوله الله عزّ وجلّ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً «1». وقال وقال ابن زيد: جاء ناس من المشركين يوم الفتح يقصدون البيت، فقال المسلمون: نغير عليهم، فقال الله عزّ وجلّ في ذلك: وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ «2». وقال قتادة: نسخ من (المائدة) وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ نسخها آية القتل في (براءة) «3». وقد تقدّم أنها (نزلت) «4» بعد براءة عند أكثر العلماء، وهذا مانع أن يكون «5» براءة ناسخة لها. ومن قال: ليس فيها منسوخ، قال: أما الشعائر: فحدود الله عزّ وجلّ، وأما الشهر الحرام: فذو القعدة، لا يحلّه المحرم فيتعدى فيه إلى ما أمر باجتنابه.

_ والوضم: كل شيء يوضع عليه اللحم من خشب وغيره يوقي به من الأرض. اللسان: 12/ 640 (وضم). والزّلم:- بضم الزاي وفتحها- القدح الذي لا ريش عليه، والجمع: أزلام وهي السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها. اللسان 12/ 270 (زلم). وخدلج الساقين: عظيمهما؛. اللسان: 2/ 249 (خدلج) ورجل خفاق القدم: إذا كان صدر قدميه عريضا. وقيل: معناه: أنه خفيف على الأرض ليس بثقيل ولا بطيء. اللسان 10/ 82 (خفق). ويقصد أن الإبل قد جمعها الليل على سائق عنيف قوي عديم الرفق بها لأنها حصلت له دون جهد وتعب، فإن سلمت فبها ونعمت، وإن تلفت فلم يخسر شيئا .. إلى آخر ما قاله. (1) قال الفخر الرازي: أن الله تعالى أمرنا في هذه الآية أن لا نخيف من يقصد بيته من المسلمين، وحرم علينا أخذ الهدى من المهدين إذا كانوا مسلمين، والدليل عليه أول الآية وآخرها، أما أول الآية فهو قوله لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ، وشعائر الله: إنما تليق بنسك المسلمين وطاعتهم لا بنسك الكفار، وأما آخر الآية فهو قوله يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً، وهذا إنما يليق بالمسلم لا بالكافر اه من تفسيره: 11/ 130. وعلى هذا فالآية محكمة. وراجع الإيضاح ص 259. (2) أخرجه الطبري عن ابن زيد. جامع البيان: 6/ 59، وانظر تفسير القرطبي: 6/ 42، والإيضاح ص 255. (3) انظر الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 41، والبحر المحيط 3/ 419، والدر المنثور: 3/ 8. (4) (نزلت) ساقطة من الأصل. (5) هكذا في الأصل: وهذا مانع أن يكون براءة .. الخ. وفي بقية النسخ: وهذا مانع من أن تكون براءة الخ. وهي الصواب.

وأما الهدى: فظاهر، وأما القلائد: فالنهي عن نزع شجر الحرم ليتقلّد به، وعن الهدى المقلّد، والتقدير على حذف مضاف «1»، أي: ولا ذا القلائد «2»، وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ، قيل: أنها للمسلمين (لأن المشركون) «3»، لا يبتغون فضلا «4» من الله، فنهى المسلمون عنهم لأجل ذلك «5»، فيجوز أن يكون (آمين) حالا من المخاطبين، أي لا تحلو شعائر الله آمين (يبتغون فضلا) «6» على الالتفات «7»، كقوله عزّ وجلّ وَلَوْ أَنَّهُمْ، إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ «8». الثاني «9»: قوله عزّ وجلّ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا «10». قال ابن زيد: (نسخ بالأمر بالقتل والجهاد). والأكثر على أنها محكمة، وإنّما نزلت ناهية عن المطالبة ب (ذحول) «11» الجاهلية لصدهم إياهم عام الحديبية وقد (لعن النبي صلّى الله عليه وسلّم

_ (1) انظر: تفسير القرطبي: 6/ 40. (2) في د وظ: ولا ذو القلائد. (3) هكذا في الأصل: لأن المشركون!. وهو خطأ نحوي واضح. وفي بقية النسخ: لأنّ المشركين. وهي الصواب. (4) في بقية النسخ: لا يبتغون رضوان الله. (5) انظر كلام الفخر الرازي المتقدم قريبا ص 687. (6) سقط هذا الكلام من الأصل: الْبَيْتَ الْحَرامَ، أي لا تحلوها قاعدين عن الحج، ولا آمين البيت الحرام، وقوله: يَبْتَغُونَ فَضْلًا اه. (7) وهو الرجوع عن أسلوب من أساليب الكلام إلى غيره، ومن فوائده: تطرية سمع السامع وإيقاظه للإصغاء، فإن اختلاف الأساليب أجدر بذلك من الأسلوب الواحد اه من كتاب الإكسير في علم التفسير للطوفي البغدادي ص 140. (8) النساء (64). وانظر: الكشاف للزمخشري: 1/ 538. (9) أي الموضع الثاني من المواضع التي قيل فيها إنها منسوخة. (10) المائدة (2). (11) غير واضحة في النسخ وبالرجوع إلى كتب الناسخ والمنسوخ وغيرها في الموضوع تبينت الكلمة. والذحول: جمع (ذحل) بفتح الذال وسكون الحاء- وهو الثأر، يقال: طلب بذحله، أي بثأره. اللسان: 11/ 256، والقاموس المحيط؛: 3/ 390.

من قتل بذحل في الجاهلية) «1» وهذا أولى وأحسن عند الأكثر «2». الثالث: قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ «3» قال قوم: أنها «4» منسوخة، لأنها تقتضي إيجاب الوضوء على من قام إلى الصلاة، وإن لم يك محدثا. قال عكرمة وابن سيرين بإيجاب ذلك على كل قائم إلى الصلاة وإن لم يكن محدثا «5». وإنما معنى الآية: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين. يدل على ذلك قوله عزّ وجلّ: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا «6»، والآية «7» محكمة عند العلماء، ومعناها «8» ما ذكرته «9». الرابع: قوله عزّ وجلّ: وَ «10» امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «11». قال: قوم هو منسوخ بوجوب غسل الرجلين. قال الشعبي: نزل القرآن/ بمسح الرجلين، وجاءت السّنة بالغسل «12» والصحيح

_ (1) انظر مسند الإمام أحمد: 2/ 187، 4/ 32. (2) انظر الإيضاح ص 260، وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص: 144. ونواسخ القرآن ص 302، وقد روي الطبري النسخ عن ابن زيد، والأحكام عن مجاهد، قال: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد إنه غير منسوخ، لاحتماله أن تعتدوا الحق فيما أمرتكم به، وإذا احتمل ذلك لم يجز أن يقال: هو منسوخ إلا بحجة يجب التسليم لها اه جامع البيان: 6/ 66. (3) المائدة: (6). (4) في بقية النسخ: هي. (5) من قوله: قال عكرمة وابن سيرين إلى هنا ساقط من ظ، ويظهر أن الناسخ أضاف ذلك في الحاشية لكن لم يظهر. (6) جزء من الآية السادسة السالفة الذكر. (7) في بقية النسخ: فالآية محكمة. (8) في ظ: ومعناها على ما ذكرته. (9) انظر: تفسير الطبري: 6/ 110 - 114، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 147، والإيضاح ص 264، 265، ونواسخ القرآن ص: 306، وتفسير القرطبي: 6/ 80 - 82، وزاد المسير: 2/ 298، 299. (10) في بقية النسخ (فامسحوا) وهي خطأ. (11) جزء من الآية السادسة السالفة الذكر. (12) أخرجه النحاس عن الشعبي ص 149، وعبد بن حميد عن الأعمش كما في الدر المنثور: 3/ 29. وذكره ابن العربي والقرطبي عن أنس. انظر: أحكام القرآن: 2/ 577، والجامع لأحكام القرآن: 6/ 92.

أنها محكمة. قال أبو زيد: المسح: خفيف الغسل، وأريد ترك الإسراف، لأن غسل الرجلين: مظنة ذلك «1». وقال أبو عبيد «2» في قوله عزّ وجلّ: فَطَفِقَ مَسْحاً «3»: المسح هاهنا: الضرب كذلك المسح هاهنا: الغسل «4». وقيل: المسح: التطهير، يقال: تمسحت للصلاة، كما يقال: تطهرت لها «5». وقيل: قراءة الخفض معناها: مسح الخفين وقراءة النصب لغسل الرجلين «6» والصحيح أنها محكمة. الخامس: قوله عزّ وجلّ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ «7» «8». قال قتادة: نسخها قوله عزّ وجلّ قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ

_ (1) سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري أبو زيد، أحد أئمة الأدب واللغة من أهل البصرة، ووفاته بها، كان يرى رأي القدرية، وهو من ثقات اللغويين (119 - 215 هـ)، تاريخ بغداد: 9/ 77، والتقريب: 1/ 291، والإعلام: 3/ 92. (2) قال القرطبي: قال ابن عطية: وذهب قوم ممن يقرأ بالكسر إلى أن المسح في الرجلين هو الغسل، ثم قال القرطبي: وهو الصحيح فإن لفظ المسح مشترك يطلق بمعنى المسح ويطلق بمعنى الغسل، قال الهروي:- وساق السند إلى أبي زيد الأنصاري أنه قال: المسح في كلام العرب يكون غسلا ويكون مسحا، ومنه يقال للرجل إذا توضأ فغسل أعضاءه: تمسح، ويقال: مسح الله ما بك إذا غسلك وطهرك من الذنوب، فإذا ثبت بالنقل عن العرب أن المسح يكون بمعنى الغسل فترجح قول من قال: أن المراد بقراءة الخفض: الغسل، وبقراءة النصب التي لا احتمال فيها، وبكثرة الأحاديث الثابتة بالغسل، والتوعد على من ترك غسلها في أخبار صحاح لا تحصى كثرة، أخرجها الأئمة ... اه. انظر: تفسيره؛ 6/ 92 وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 148. والإيضاح ص 266، وأحكام القرآن لابن العربي: 2/ 577. (3) هكذا في النسخ، ولعل الصواب: أبو عبيدة معمر بن المثنى. وانظر: كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1/ 183. وهو كذلك في الإيضاح وزاد المسير. (4) سورة ص (33) فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ. (5) انظر الإيضاح ص 268 والكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/ 406 وزاد المسير: 2/ 302. (6) انظر: اللسان: 2/ 593 (مسح). (7) قرأ نافع وابن عامر والكسائي وحفص بالنصب، وقرأ الباقون بالخفض انظر: الكشف 1/ 406، والنشر: 2/ 254 وقد ذكر هذا المعنى الذي أشار إليه السخاوي على هاتين القراءتين: ابن العربي في أحكام القرآن: 2/ 578. (8) المائدة 13 ... وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ... الآية.

الْآخِرِ «1» وقال ابن عباس: نسخها قوله عزّ وجلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «2». وقيل: بقوله عزّ وجلّ وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً «3» .. ، والصحيح أنها محكمة، لا سيما على قول من قال: إن «المائدة» بعد «براءة» وإنّما نزلت في قوم من اليهود، أرادوا الغدر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، فحماه الله عزّ وجلّ، وأمره بالعفو والصفح ما داموا في الذمة، والسياق يدل على ذلك «4». السادس: قوله عزّ وجلّ إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... «5»، قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا .. «6»، وهذا ظاهر الفساد، وقد تقدّم له نظائر.

_ (1) التوبة (29). وانظر الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 41، وتفسير الطبري: 6/ 157 ونواسخ القرآن ص 308. (2) التوبة (5) وهي الآية التي تسمى بآية السيف. وقد ذكر هذا عن ابن عباس: مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 269 قال: وهذا يدل على أن (براءة) نزلت بعد (المائدة) اه وذكره مسندا إلى ابن عباس: ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 308. (3) الأنفال (58) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ .... ذكر هذا مكي وابن الجوزي والقرطبي، دون أن ينسبوه إلى أحد انظر: الإيضاح ص 269، ونواسخ القرآن ص 309، والجامع لأحكام القرآن: 6/ 116. (4) انظر تفسير الطبري: 6/ 157، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 151 والإيضاح ص 269، ونواسخ القرآن ص 309. (5) المائدة (33) إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا ... الآية. (6) المائدة (34). وممن ذكر النسخ هنا بالاستثناء ابن حزم الأنصاري ص 36، وابن سلامة ص 150، وابن البارزي ص 32، والفيروزآبادي: 1/ 180، والكرمي في قلائد المرجان ص 98. أما النحاس ومكي فقد حكيا فيها القول بأنها ناسخة لما كان فعله عليه الصلاة والسلام في أمر العرنيين من التمثيل بهم وسمل أعينهم ... الخ. انظر: بقية كلامهما في الناسخ والمنسوخ ص 152، والإيضاح ص 270. وأما ابن الجوزي فقد قال: (هذه الآية محكمة عند الفقهاء ... وقد ذهب بعض مفسري القرآن ممن لا فهم له أن هذه الآية منسوخة بالاستثناء لعدها ... ) نواسخ القرآن ص 310، وقد تقدم مرارا أن الاستثناء ليس بنسخ.

السابع: قوله عزّ وجلّ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ «1» قالوا: نسخ هذا التخيير بقوله عزّ وجلّ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ «2» فأوجب عليه الحكم بينهم، ونسخ التخيير «3»، وقيل: هي محكمة، وهو الصحيح «4» إنما المعنى: إذا «5» أردت الحكم فاحكم بينهم بما أنزل الله، وهو معطوف على قوله: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ «6». وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وعمر بن عبد العزيز وعكرمة والزهري: ليس للإمام أن يردّهم إلى حكّامهم إذا جاءوه، وهو أحد قولي الشافعي. وقال عطاء بن أبي رباح والحسن البصري ومالك والشعبي والنخعي وأبو ثور: الإمام مخيّر، وهو أحد قولي الشافعي «7». الثامن: قوله عزّ وجلّ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ «8»، قيل: نسخ بالجهاد، وقد سبق القول على مثله «9». التاسع: قوله عزّ وجلّ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ «10»، قيل: هي «11» منسوخة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «12».

_ (1) المائدة (42). (2) المائدة (49). (3) انظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 42 وابن حزم ص 36، وابن سلامة ص 151. (4) وهو اختيار الطبري ومكي وابن العربي وابن الجوزي. انظر: جامع البيان: 6/ 246، والإيضاح ص 272، وأحكام القرآن 2/ 632 ونواسخ القرآن ص 314، وزاد المسير: 2/ 361. (5) في د: إن أردت. (6) الآية 42 من السورة نفسها، أي أن الآية 49 المدعي فيها النسخ معطوفة على الآية السابقة 42. (7) انظر: أحكام القرآن للشافعي: 2/ 73 - 79، والام: 4/ 210، والإيضاح لمكي ص 271 - 273. وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 159 فما بعدها، وأحكام القرآن للكيا الهراسي الشافعي 3/ 75. وتفسير القرطبي 6/ 185، فما بعدها، 6/ 210، 212. (8) المائدة (99). (9) راجع ص 639 أثناء الكلام على الآية 20 من سورة آل عمران، وهو الموضع الثاني من السورة. (10) المائدة (105) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ... الآية (11) كلمة (هي) ليست في د وظ. (12) قال ابن حزم: نسخ آخرها أولها، والناسخ منها قوله تعالى: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ والهدى هاهنا الأمر

والأكثر على أنها محكمة، والمعنى: عليكم أنفسكم لا يضرّكم من (ظل) «1» إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلم «2» يقبل منكم. وقال عبد الله بن عمر- رحمه الله- هذه لأقوام يأتون بعدنا، إن قالوا لم يقبل (منلم) «3» وأما نحن فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليبلّغ الشاهد الغائب، فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب» «4». وقال جبير بن نفير: قال لي جماعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هذه الآية: (عساك أن تدرك ذلك الزمان، فإذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك نفسك لا يضرك من ضلّ إذا اهتديت) «5». وقال ابن مسعود: (لم يجيء تأويل هذا بعد، إن القرآن أنزل حيث أنزل فمنه ومنه ومنه ومنه، أي فمنه آيات قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن، ومنه آيات قد وقع تأويلهن على عهد رسول «6» الله صلّى الله عليه وسلّم، ومنه آيات قد وقع تأويلهن بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم بيسير، ومنه آيات يقع تأويلهن يوم الحساب، فما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعا، ولم يذق بعضكم بأس بعض فامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، (فإذا اختلف) «7» الأقوال والأهواء ولبستم شيعا، وذاق بعضكم بأس بعض، فامرؤ ونفسه، عند ذلك جاء تأويل

_ بالمعروف والنهي عن المنكر وليس في كتاب الله آية جمعت الناسخ والمنسوخ إلا هذه الآية اه الناسخ والمنسوخ ص 36. وانظر: الإيضاح ص 274، والناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 582 وهبة الله بن سلامة ص 152 - 154. (1) هكذا في الأصل: من ظل. خطأ من الناسخ. (2) والأفصح بالواو. (3) هكذا في الأصل رسمت الكلمة (منلم). وفي بقية النسخ: منهم. وهو الصواب. (4) أخرجه الطبري بنحوه عن ابن عمر. انظر جامع البيان: 7/ 95. وزاد السيوطي نسبته إلى ابن مردويه عن ابن عمر أيضا. الدر المنثور 3/ 216، وانظر تفسير القرطبي: 6/ 343. (5) أخرجه الطبري بلفظ أطول عن جبير بن نفير. جامع البيان 7/ 96. وأخرج الترمذي وأبو عبيد والطبري نحوه عن أبي أمية الشعباني عن أبي ثعلبة الخشني. انظر سنن الترمذي كتاب التفسير: 8/ 424، والناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 583، وجامع البيان: 7/ 97، وأخرج ابن مردويه نحوه عن معاذ بن جبل كما في الدر المنثور 3/ 217. (6) في بقية النسخ: على عهد النبي ... الخ. (7) هكذا في الأصل: فإذا اختلف. وفي بقية النسخ: اختلفت وهي الصواب.

هذه الآية) «1» اه. فهي على هذا كله محكمة «2». العاشر: قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ ... «3». قال قوم: أجاز في هذه الآية شهادة غير أهل الملة بقوله عزّ وجلّ مِنْ غَيْرِكُمْ ثم نسخه بقوله سبحانه مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ «4» وبقوله عزّ وجلّ «5» وَ «6» أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ «7» «8». والجمهور على أنها محكمة «9». قال الحسن وعكرمة (من غيركم) أي من غير قبيلتكم، أي من سائر المسلمين

_ (1) أخرجه أبو عبيد والطبري عن ابن مسعود. الناسخ والمنسوخ ص 587 وجامع البيان: 7/ 96. (2) وهذا هو الصحيح، فإن الآية خبر، وهي تقرر أن المؤمنين متى استقر الإيمان في قلوبهم، واهتدوا وفعلوا ما يؤمرون به واجتنبوا ما ينهون عنه وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، عند ذلك لا يضرهم من حاد عن الطريق وضل سواء السبيل، وليسوا مؤاخذين بما صنع أولئك المصرون على ضلالهم. وهذا ما رجحه الطبري: 7/ 99. قال مكي: وأكثر الناس أنها محكمة .. اه الإيضاح ص 274. وانظر: نواسخ القرآن ص 316. (3) المائدة (106) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ .. الآية. (4) جزء من آية: 282 من سورة البقرة .. فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ .. الآية. (5) من قوله: مِنْ غَيْرِكُمْ إلى هنا سقط من د وظ بانتقال النظر. (6) في الأصل: كتبت الآية بالفاء. وهو خطأ. (7) الطلاق (2). (8) وممن حكي النسخ ابن حزم ص 36، وابن سلامة ص 154، فما بعدها والنحاس ص 163، ومكي ص 276، وابن الجوزي ص 319 وابن البارزي ص 32، والفيروزآبادي: 1/ 180 إلا أن مكي وابن الجوزي والنحاس ذكروا من قال بالأحكام ومن قال بالنسخ. وهو بنحو ما ذكره السخاوي. وقد قال مكي: أكثر الناس على أن هذا محكم غير منسوخ اه. المصدر السابق. (9) قال ابن الجوزي:- بعد أن حكي الأقوال في ذلك- والقول بأحكامها أصح، لأن هذا موضع ضرورة فجاز كما يجوز في بعض الأماكن شهادة نساء لا رجل معهن بالحيض والنفاس والاستهلال اه نواسخ القرآن ص 321، وانظر زاد المسير: 2/ 446.

ويروي ذلك عن الشافعي ومالك ويدل على ذلك قوله عزّ وجلّ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ. وذا لا يقال لغير المسلمين «1». وعن ابن عباس وعائشة- رضي الله عنهما «2» وأبي موسى الأشعري وابن سيرين ومجاهد وابن جبير والشعبي وابن المسيب والنخعي والأوزاعي وشريح: أنها محكمة، ومعنى (من غيركم): من أهل الكتاب، وشهادتهم جائزة في الوصية خاصة في السفر عند فقد المسلمين للضرورة «3».

_ (1) انظر الإيضاح ص 276. (2) في ظق: عنها. (3) انظر الإيضاح ص 276 - 279، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 163، وتفسير القرطبي: 7/ 349. وقد رجح الطبري العموم في هذا سواء كانا من أهل الكتاب أو من غيرهم وعلى أي ملة كانا، لأن الله تعالى لم يخصص الآخرين من أهله ملة دون ملة بعد أن لا يكونا من أهل الإسلام اه جامع البيان 7/ 107.

سورة الأنعام

سورة الأنعام فيها ستة عشر موضعا «1»: الأول: قوله عزّ وجلّ: قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ «2» قالوا: نسخ بقوله عزّ وجلّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ «3». وهذا غير صحيح «4»، والخوف مشروط بالعصيان «5»، وكيف لا يخاف الله من عصاه وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «والله إني لأخوفكم لله» «6».

_ (1) اقتصر قتادة بن دعامة السدوسي على ذكر موضع واحد فقط ص 42. والنحاس على خمسة مواضع ص 174. ومكي على ثمانية مواضع ص 281 - 289. والكرمي على اثني عشر موضعا ص 103. وابن البارزي على ثلاثة عشر موضعا ص 32. وذكر كل من ابن حزم ص 37، والفيروزآبادي 1/ 188 أربعة عشر موضعا، وذكر ابن سلامة خمسة عشر موضعا ص 161. أما ابن الجوزي فقد أوصلها إلى ثماني عشرة آية، أدّعي فيها النسخ انظر: نواسخ القرآن ص 323 - 337. (2) الأنعام: (15). (3) الآية الثانية من سورة الفتح، وممن قال بهذا ابن حزم ص 37، وابن سلامة ص 161، والفيروزآبادى 1/ 188، والكرمي ص 104. (4) رجح ابن الجوزي أن الآية محكمة، وأكد ذلك أنها خبر، والأخبار لا تنسخ. نواسخ القرآن ص 323. (5) لفظ الجلالة ليس في د وظ. (6) رواه البخاري بلفظ قريب منه، كتاب «النكاح» 6/ 116. وكذلك مسلم في كتاب «الصوم» باب حكم التقبيل في الصوم، وباب «صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب» 7/ 219، 224. ومالك في الموطأ كتاب «الصوم» «باب يصح صوم من أصبح جنبا» 1/ 289.

(هذا موضع العصمة) «1»، وإنما معنى الآية: (قيل) «2» لهؤلاء الذين لا يخافون ما في معصية الله من العذاب العظيم. الثاني: قوله عزّ وجلّ: قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ «3»، قالوا: نسخ بآية السيف «4»، والصحيح أنها مكملة، وإنما أمر «5» صلّى الله عليه وسلّم بأن يخبر عن نفسه بذلك، والنبي- صلّى الله عليه وسلّم- داع ومبلغ وليس بوكيل على من أرسل إليه، ولا بحفيظ يحفظ أعماله. الثالث: قوله عزّ وجلّ: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ «6»، حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ... إلى آخر الآية التي بعدها لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «7». قالوا: نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ: فَلا «8» تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «9». وعند أهل التحقيق لا نسخ في هذا، لأن قوله عزّ وجلّ: وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ «10» خبر، أي ليس على من اتّقى المنكر من حساب «11» من ارتكبه

_ (1) هكذا في الأصل: هذا موضع العصمة، وفي د وظ: هذا العصمة. وفي ظق: هذا مع العصمة، وهي الصواب. (2) هكذا في الأصل: قيل، ولا معنى لها. وفي بقية النسخ: قل. وهو الصواب. (3) الأنعام (66). (4) حكاه النحاس ورده ص 168. وحكاه كل من ابن سلامة ص 162، وابن البارزي ص 33 والكرمي ص 104. وسكتوا عنه، وحكاه مكي وضعفه ص 281، وكذلك ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 324 حيث ذكر قولين للعلماء في الآية، وقال: «أن الصحيح الأحكام، لأنه خبر والأخبار لا تنسخ ... » اه. أما القرطبي، والخازن فقد حكيا القولين- أعني النسخ والأحكام ولم يرجحا أحدهما على الآخر. انظر: الجامع لأحكام القرآن 7/ 11. ولباب التأويل 2/ 119. (5) في د وظ: إنما أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم. (6) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (7) الآيتان 68، 69 من سورة الأنعام. (8) في الأصل (ولا تقعد ... ) وهو خطأ في الآية الكريمة. وفي د وظ فَلا تَقْعُدْ وهو أيضا خطأ. (9) النساء (140) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ... الآية. (10) الأنعام (69). (11) في ظ: وقعت العبارة مضطربة.

من شيء، إنما عليه أن ينهاه، ولا يقعد معه راضيا بقوله «1». الرابع: قوله عزّ وجلّ: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً «2»، قالوا: (نسخ بآية السيف «3»، وهذا تهدّد ووعيد، ومثل هذا لا ينسخ) «4». الخامس: قُلِ «5» اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ «6»، قالوا: نسخ بآية السيف «7»، والكلام فيه كالذي قبله. السادس: قوله عزّ وجلّ: وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ «8»، وهذا «9» كالذي تقدّم في «10» ذكر النسخ فيه والجواب عنه «11». السابع: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «12»، قالوا: نسخ بآية السيف. وقد تقدّم القول في مثله «13».

_ (1) وقد رد القول بالنسخ هنا كل من أبي جعفر النحاس، ومكي، وابن الجوزي، والقرطبي، والخازن. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 169، والإيضاح ص 282، ونواسخ القرآن ص 325، والجامع لأحكام القرآن 7/ 15، ولباب التأويل 2/ 120. (2) الأنعام (70). (3) الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 42، ولابن حزم ص 3، وابن سلامة ص 163، وتفسير الطبري 7/ 231 والقرطبي 7/ 15، 17. (4) وهذا ما اختاره النحاس، ومكي، وابن الجوزي، انظر: الناسخ والمنسوخ ص 170، والإيضاح ص 283، ونواسخ القرآن ص 327. (5) في الأصل: (قال الله ... ) وهو خطأ. (6) الأنعام (91) ونصها: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ. (7) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 37، وابن سلامة ص 163، والإيضاح ص 283، ونواسخ القرآن ص 327، وتفسير القرطبي 7/ 38. وقد رجّح مكي، وابن الجوزي القول بالأحكام. انظر المصدرين السابقين. (8) الأنعام (104) فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ. (9) في بقية النسخ: وهو. (10) في د وظ: من ذكر. (11) راجع الكلام على قوله تعالى قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ الموضع الثاني من هذه السورة ص: 697. (12) الأنعام (102). (13) وسيأتي أيضا في آخر الأنعام- إن شاء الله- رد المصنّف على الذين توسعوا في الكلام على النسخ،

الثامن: قوله عزّ وجلّ: وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ «1»، قالوا: نسخ بآية السيف، وقد تقدّم القول «2» فيه في نظائره «3». التاسع: قوله عزّ وجلّ: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ «4»، قالوا: نسخت بآية السيف «5»، قالوا: لأن الله عزّ وجلّ أمر بقتلهم، والقتل أغلظ وأشنع من السب، فهو داخل في جنب القتل، وذلك (أمر) «6» المشركين. قالوا: لتنتهنّ عن سبّ آلهتنا أو لنهجوّن ربّكم، فأمر الله المسلمين أن لا يسبّوا آلهتهم لئلا يسبّوا الله عزّ وجلّ، لأن المسلمين إذا علموا «7» أنهم يسبون الله عزّ وجلّ إذا سبّوا آلهتهم كانوا (بسبّ آلهتهم) «8» متسببين في سبّ الله عزّ وجلّ، فليس هذا نهيا عن سب آلهتهم، إنما هو في الحقيقة نهى عن سب الله عزّ وجلّ «9»، وفعل ما هو سبب له وذريعة

_ وفتحوا الباب على مصراعيه، فجعلوا آية السيف ناسخة لمائة وأربع وعشرين آية، دون يقين منهم، وإنما هو الظن وعدم الفهم للآيات القرآنية. هذا وقد ذكر مكي بن أبي طالب النسخ هنا عن ابن عباس. ثم قال: «وأكثر الناس على أنها محكمة، وأن المعنى: لا ينبسط إلى المشركين، من قولهم: أوليته عرض وجهي. وهذا المعنى لا يجوز أن ينسخ، لأنه لو نسخ لصار المعنى: انبسط إليهم وخالطهم، وهذا لا يؤمر به ولا يجوز أ. هـ. الإيضاح ص 286. وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 178 عند آخر كلامه على سورة الأنعام. (1) الأنعام (107). (2) في بقية النسخ: قولنا فيه وفي نظائره. وهي الأصح. (3) وانظر: نواسخ القرآن ص 328. ومما يؤكد أن الآية محكمة ما ذكره الطبري في معناها. حيث قال: « ... وإنما بعثتك إليهم رسولا مبلغا، ولم نبعثك حافظا عليهم ما هم عاملوه، وتحصى ذلك عليهم، فان ذلك إلينا دونك، ... ولست عليهم بقيم تقوم بأرزاقهم وأقواتهم، ولا بحفظهم فيما لم يجعل إليك حفظه من أمرهم» أأه. جامع البيان 7/ 309. (4) الأنعام (108). (5) وممن قال ذلك ابن حزم ص 38، وابن سلامة ص 165، وابن البارزي ص 33، والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز 1/ 189، والكرمي في قلائد المرجان ص 106. (6) هكذا في الأصل: أمر وفي بقية النسخ (أن) وهو الصواب. (7) كلمة (علموا) ساقطة من ظ. (8) سقط من الأصل: (بسب آلهتهم). (9) من قوله: «فليس هذا نهيا» إلى هنا ساقط من ظ بانتقال النظر.

إليه، وليست آية القتال من هذا في شيء، وهذا الحكم باق ولا يجوز أن يسبّ ما يسبّ الله عزّ وجلّ بسببه «1». العاشر: قوله عزّ وجلّ: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ «2»، قال «3» عكرمة، وعطاء، ومكحول: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ «4»، وهم لا يسمّون. ويروى عن أبي الدرداء، وعبادة بن الصامت مثل ذلك (وأجاز أكل) «5» ذبائح أهل الكتاب وإن لم يذكر عليها اسم الله عزّ وجلّ، وذهب جماعة إلى أن هذه الآية محكمة، ولا يجوز لنا أن نأكل من ذبائحهم إلّا ما ذكر اسم الله عليه، وروى ذلك عن (عليّ) «6»، وعائشة، وابن عمر- رضي الله عنهم-، وكذلك لو ذبح المسلم ولم يذكر اسم الله لم يؤكل عندهم، إذا تعمّد ذلك، وقال بجواز الأكل جماعة من الأئمة، وتأولوا قوله عزّ وجلّ: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ بالميتة، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ* «7» أي ما ذكر عليه اسم غير الله عزّ وجلّ، والآية على هذا أيضا محكمة. وذهب قوم إلى أن قوله عزّ وجلّ: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يراد به ما ذبح للأصنام، وآية «المائدة» في ذبائح أهل الكتاب. فالآيتان محكمتان في حكمين مختلفين، ولا نسخ بينهما «8».

_ (1) والحقيقة أن القول بالنسخ هنا ضعيف، وأن قال به من قال ممن سبق ذكرهم، حيث لم يذكروا مستندهم في ذلك، وأيضا فإنه لا تعارض بين ما تحمله الآية في طياتها من النهي عن سب آلهتهم، وبين الأمر بقتالهم، حيث إن الآية التي في الأنعام لا يفهم منها ترك قتالهم، حتى يقال: إنها منسوخة بآية السيف. قال ابن الجوزي: «ولا أرى هذه الآية منسوخة، بل يكره للإنسان أن يتعرض بما يوجب ذكر معبوده بسوء، أو نبيّه- صلّى الله عليه وسلّم» اه نواسخ القرآن ص 329، وراجع تفسير القرطبي 7/ 61. (2) الأنعام (121). (3) (قال) في الأصل: مكررة. (4) المائدة (5). (5) جاءت العبارة في ت ود وظ هكذا: (وأجاز أكل) وفي ظق: (وأجازوا أكل) وهي الصواب. (6) اسم (عليّ) ليس في الأصل. وكأن الناسخ أضافه في الحاشية، إلا أنه لم يظهر. (7) المائدة (3). والنحل (115). (8) انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 261. قال الإمام الطبري- بعد أن ساق الأقوال والأدلة عليها في هذه الآية-: «والصواب من القول في

وكره «1» مالك- رحمه الله- أكل ما ذبح الكتابيون، ولم يذكروا عليه اسم الله عزّ وجلّ، وما ذبحوه لكنائسهم، وما ذكروا عليه اسم المسيح، ولم يحرّم ذلك عملا بظاهر قوله عزّ وجلّ: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ «2». وقد قال الله عزّ وجلّ: وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ «3»، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ* «4». وقال عطاء، ومكحول، وربيعة، وعبادة بن الصامت، ويروى عن أبي الدرداء: (تؤكل وإن سمّوا عليها غير اسم الله تعالى، ولو سمعته يقول: باسم جرجس «5»! لأن الله عزّ وجلّ قد علم ذلك منهم وأباح لنا ذبائحهم «6»، والصحيح انتفاء النسخ في هذه

_ ذلك عندنا، أن هذه الآية محكمة فيما أنزلت لم ينسخ منها شيء، وأن طعام أهل الكتاب حلال ذبائحهم ذكية ... سمّوا عليها أو لم يسموا لأنهم أهل توحيد وأصحاب كتب الله يدينون بأحكامها، يذبحون الذبائح بأديانهم كما ذبح المسلم بدينه، سمى الله على ذبيحته أو لم يسمه ... اه. جامع البيان 8/ 21. وراجع لباب لتأويل 2/ 147. (1) في د وظ: بدون واو. (2) انظره بنحوه في المدونة للإمام مالك 2/ 67. وإنما كره مالك- رحمه الله- ما ذبح أهل الكتاب لأعيادهم وكنائسهم تورعا منه، خشية أن يكون داخلا فيما أهلّ لغير الله به، ولم يحرمه لأن معنى ما أهلّ لغير الله به عنده- بالنسبة لأهل الكتاب- إنما هو فيما ذبحوه لآلهتهم مما يتقربون به إليها، ولا يأكلونه، فأما ما يذبحونه ويأكلونه فهو من طعامهم، وقد قال تعالى: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، وهذه الفتوى من أظهر الأدلة على فقه الإمام مالك ودينه وورعه- رحمه الله- إذ لم يسارع إلى التحريم كما يفعل بعضهم اليوم، واكتفى بالقول بالكراهية، حيث وجد عمومين متعارضين: عموم ما أهلّ لغير الله به، وعموم طعام أهل الكتاب، وقد جمع بينهما. انظر: الحلال والحرام في الإسلام ص 60. (3) البقرة (173). (4) تقدم عزوها قريبا. (5) جرجيس: اسم نبي من الأنبياء- عليهم السلام-. انظر: اللسان 6/ 37 (جرجس)، والقاموس 2/ 211. (6) قال ابن قدامة: «قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم، قال: لا بأس به، وإن ذبحها الكتابي وسمى الله وحده حلت أيضا، لأن شرط الحل وجد، وإن علم أنه ذكر اسم غير الله عليها، أو ترك التسمية عمدا لم تحل» قال حنبل: «سمعت أبا عبد الله قال: «لا يؤكل. يعني ما ذبح لأعيادهم وكنائسهم، لأنه أهلّ لغير الله به، وقال في موضع: «يدعون التسمية على عمد، إنما يذبحون للمسيح، فأما ما سوى ذلك، فرويت عن أحمد الكراهة فيما ذبح لكنائسهم وأعيادهم مطلقا، وهو قول ميمون بن مهران، لأنه ذبح لغير الله وروي عن أحمد إباحته، وسئل عنه العرباض بن سارية، فقال: «كلوا وأطعموني، وروي مثل ذلك عن أبي أمامة الباهلي: وأبي

الآيات «1» «2». الحادي عشر: قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ «3». الثاني عشر: فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ* «4». الثالث عشر: قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ «5». قالوا: نسخ جميع ذلك بآية السيف، وهذا تهديد ووعيد، وليس بمنسوخ بآية السيف «6».

_ مسلم الخولاني، وأكله أبو الدرداء، وجبير بن نفير، ورخّص فيه عمرو بن الأسود، ومكحول وضمرة بن حبيب. لقول الله تعالى: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، وهذا من طعامهم، قال القاضي: «ما ذبحه الكتابي لعيده أو نجم أو صنم أو نبي فسماه على ذبيحته، حرم لقوله تعالى: وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ*، وإن سمى الله وحده، حل. لقول الله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، لكنه يكره لقصده بقلبه الذبح لغير الله أ. هـ. المغني 8/ 569. والذي ترجح عندي من كلام العلماء أنه إذا ذبح الكتابي، ولم نعلم منه أنه سمى غير اسم الله، فذبيحته حلال، وأما إذا علمنا أنه يسمى عند الذبح بغير اسم الله، فهو مما أهلّ به لغير الله فلا تحل. والله أعلم. (1) في بقية النسخ: الآية. (2) اعتمد الإمام السخاوي في كلامه على هذه الآية على ما كتبه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص 2177. ومكي في الإيضاح ص 261 - 262. فقد ابتدأ النحاس كلامه على هذه الآية بقوله: «وفي هذه السورة شيء قد ذكره قوم، هو عن الناسخ والمنسوخ بمعزل، ولكنا نذكره ليكون الكتاب عام الفائدة ... الخ. وراجع الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 38، وابن سلامة ص 167، والبغدادي ص 214، والإيضاح ص 286، وأحكام القرآن للجصاص الحنفي 2/ 322، ولابن العربي 2/ 748. ونواسخ القرآن ص 329. وتفسير القرطبي 7/ 75 فما بعدها، والدر المنثور 3/ 348. (3) الأنعام (135). (4) الأنعام (112)، (137). (5) الأنعام (158). (6) ذكر ابن حزم الموضع الحادي عشر، والثاني عشر فقط، وقال: «أنهما منسوخان بآية السيف» ص 38، وكذلك الكرمي في قلائد المرجان ص 106، 108، وذكر ابن سلامة المواضع الثلاثة المذكورة. وقال: «أنها منسوخة بآية السيف، إلا قوله عزّ وجلّ: فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ* فحكي فيه» الخلاف ص 168، وحكي ابن الجوزي في هذه الآيات الثلاث القولين- أعني القول بالنسخ والأحكام-. وصحح الأحكام في الموضع الحادي عشر، وسكت عن الموضعين الثاني عشر، والثالث عشر، لأنه قد سبق له أن ناقش مثلهما ورجح الأحكام في ذلك. انظر: نواسخ القرآن ص 329 - 331. وراجع ص 327 من المصدر نفسه.

الرابع عشر: قوله عزّ وجلّ: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ ... «1» الآية. قال قوم: هي منسوخة بما حرّمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم «2» - والآية محكمة، وحكمها باق، وما حرمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- مضموم إلى ما حرّمته الآية. وقال قوم: إنها «3» محكمة، وهي جواب قوم سألوا عما ذكر فيها، والذي حرم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- مضموم إليها «4». وقال سعيد بن جبير، والشعبي: هي محكمة، وأكل لحوم الحمر جائز «5»، وإنما حرمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك الوقت لعلة ولعذر، قالا: وذلك أنها تأكل القذر. مع ما أنه «6» صلّى الله عليه وسلّم لم يحرّمه وإنما كرهه «7». وأقول- والله أعلم-: أن الآية محكمة، ومعنى قوله عزّ وجلّ قُلْ لا أَجِدُ فِي ما

_ (1) الأنعام (145). قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ... الآية. (2) قال النحاس: «قالت طائفة: «هي منسوخة، لأنه وجب منها- أي الآية- أن لا محرّم إلا ما قبلها، فلما حرم النبي- صلّى الله عليه وسلّم- الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، نسخت هذه الأشياء منها، وهذا غير جائز، لأن الأخبار لا تنسخ» أ. هـ من الناسخ والمنسوخ ص 175. وراجع صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 9/ 653 - 657، وأحكام القرآن لابن العربي 2/ 764 - 768. (3) في بقية النسخ: هي محكمة. (4) واستحسن هذا القول النحاس وصححه. قال: «وكل ما حرمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- مضموم إليها، لأنها إذا كانت جوابا فقد أجيبوا عما سألوا عنه، وثم محرمات لم يسألوا عنها، فهي محرّمة بحالها والدليل على أنها جواب، أن قبلها: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ، وهذا مذهب الشافعي» أ. هـ بتصرف يسير من الناسخ والمنسوخ ص 176. (5) في د وظ: جائزة. (6) هكذا في النسخ. ويظهر أن العبارة غير مستقيمة، ولعلّ الصواب (مع أنه) بدون (ما). والله أعلم. (7) اعتمد الإمام السخاوي في كلامه على هذه الآية على ما كتبه مكي بن أبي طالب في الإيضاح. فانظره بنصه أو قريب منه ص 288 - 289. هذا. وقد ساق النحاس الأحاديث المسندة والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين في هذه المسألة، ثم قال: وهذه الأحاديث كلها تعارض سنة رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم الثابتة عنه ... إلى أن قال: « ... والذي تأوله سعيد بن جبير يخالف فيه ... ومع هذا فليس أحد له مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجة ... أ. هـ الناسخ والمنسوخ ص 176.

أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً: أي لا أجد محرما مما حرمتموه مما ذكر قبلها، إلّا ما كان من ذلك ميتة أو دما مسفوحا «1». الخامس عشر: قوله عزّ وجلّ: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «2»، قالوا: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «3»، وليست بمنسوخة، وإنّما النهي أن يقرب مال اليتيم بغير الحسنى، والمخالطة: داخلة في قوله عزّ وجلّ: إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «4». السادس عشر: قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ «5». قال السدي: نسختها آية السيف «6».

_ (1) أخرج هذا المعنى الطبري بسنده عن طاوس. جامع البيان 8/ 69. وعزاه ابن الجوزي إلى طاوس، ومجاهد. نواسخ القرآن ص 335، قال ابن حجر: ... وعن بعضهم أن آية الأنعام خاصة ببهيمة الأنعام، لأنه تقدم قبلها حكاية عن الجاهلية، أنهم كانوا يحرمون أشياء من الأزواج الثمانية بآرائهم، فنزلت الآية: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً أي من المذكورات، إلا الميتة منها والدم المسفوح، ولا يرد كون لحم الخنزير ذكر معها، لأنها قرنت به علة تحريمه، وهو كونه «رجسا»، ونقل إمام الحرمين عن الشافعي أنه يقول بخصوص السبب، إذا ورد في مثل هذه القصة، لأنه لم يجعل الآية حاصرة لما يحرم من المأكولات مع ورود صيغة العموم فيها، وذلك أنها وردت في الكفار الذين يحلون الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به، ويحرمون كثيرا مما أباحه الشرع، فكان الغرض من الآية إبانة حالهم، وأنهم يضادون الحق، فكأنه قيل: لا حرام إلا ما حللتموه مبالغة في الرد عليهم ... أ. هـ فتح الباري 9/ 657. (2) الأنعام: (152). (3) البقرة: (220). وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ... الآية. (4) انظر: الإيضاح: ص 289. (5) الأنعام؛ (159). (6) ذكره ابن الجوزي عن السدي. نواسخ القرآن ص 337. وذكره ابن حزم، وابن البارزي، والفيروزآبادي، والكرمي دون عزو، الناسخ والمنسوخ ص 38، وناسخ القرآن العزيز ومنسوخه ص 33، وبصائر ذوي التمييز 1/ 189، وقلائد المرجان ص 108، ورواه النحاس بسنده عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 179. وقد سبق أن جويبر هذا ضعيف سيّئ الحفظ، ولذلك قال النحاس: «أن هذا من الناسخ والمنسوخ بمعزل» أ. هـ.

وليست آية السيف والأمر بالقتال معارضا لما في هذه الآية. ومعنى (لست منهم في شيء): أي من السؤال عن تفرقتهم، ومعنى تفرقة الدين: اختلافهم فيه. وقيل: إنّما أمرهم في المجازاة إلى الله عزّ وجلّ، فعلى هذا هي محكمة. وقيل: إنّما هو خبر من الله عزّ وجلّ لنبيّه- صلّى الله عليه وسلّم- عمن يحدث في دينه من بعده من «1» أمته، أو يكفر «2». وقد جعلوا آية السيف ناسخة لمائة وأربع وعشرين آية «3»، وليس ذلك عن يقين منهم، وإنما يظنون إذا سمعوا أمر الله سبحانه لنبيّه- صلّى الله عليه وسلّم- (وللمؤمنين) «4» بالصبر وترك الاستعجال ظنّوا أن ذلك منسوخا بآية القتال، وإنما يكون منسوخا بآية القتال النهي عن القتال، وإنما كان النبي- صلّى الله عليه وسلّم- يشكو إلى الله ما يلاقيه من أذى المشركين، فيأمره بالصبر، ويعده بالنصر، ويقص عليه أنباء الرسل، وما صبروا عليه من الأذى في ذات الله عزّ وجلّ، (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) «5»، ولم ينسخ بآية السيف شيء من ذلك، ولا يحل أن يقال بالظن هذا ناسخ لكذا، ولا هذا منسوخ بكذا «6»، ولو كان هذا الناسخ والمنسوخ مقطوعا به، لم يقع فيه اختلاف، كيف؟ وهذا يقول في الآية: منسوخة، ويقول الآخر: بل هي محكمة!.

_ (1) في د وظ: في أمته. (2) قال الإمام الطبري- بعد أن حكى الأقوال في هذه الآية-: «والصواب من القول في ذلك أن يقال: «إن قوله: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إعلام من الله نبيه محمدا- صلّى الله عليه وسلّم أنه من مبتدعة أمته الملحدة في دينه بريء، ومن الأحزاب من مشركي قومه، ومن اليهود والنصارى، وليس في إعلامه ذلك ما يوجب أن يكون نهاه عن قتالهم، لأنه غير محال أن يقال في الكلام: لست من دين اليهود والنصارى في شيء فقاتلهم، فإنّ أمرهم إلى الله في أن يتفضل على من شاء منهم فيتوب عليه، ويهلك من أراد إهلاكه منهم كافرا، فيقبض روحه، أو يقتله بيدك على كفره، ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون عند مقدمهم عليه ... ولم يكن في الآية دليل واضح على أنها منسوخة ... أه. جامع البيان 8/ 106، وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 178 - 179. (3) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 12، وابن سلامة ص 169، 184، والإتقان 3/ 69، وقلائد المرجان ص 116. وقد سردها ابن حزم مبتدئا بسورة البقرة ومنتهيا بسورة «الكافرون». (4) كلمة (وللمؤمنين) سقطت من الأصل. وفي د وظ: «والمؤمنين». (5) هود: (120). (6) وقعت العبارة مضطربة في ت.

ثم أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن قادرا على القتال. فكيف ينهى عنه؟!. وكيف يقال للعاجز عن القيام: لا تقم؟!. وإنّما هذا كالفقير يؤمر بالصبر على الفقر، فإذا استغنى، وجبت عليه الزكاة، فوجوب الزكاة لا «1» يعارض الصبر فيكون ناسخا له، والنسخ إنّما هو: رفع حكم الخطاب الثابت بخطاب آت بعده، لولاه لكان ثابتا وهذا واضح. فإن قيل: فما تصنع فيما يروى عن السلف- رضي الله عنهم- كابن عباس وغيره، فقد أطلقوا على هذا «2» النسخ؟. قلت: لم يريدوا بالنسخ ما حدّدناه به، إنما كانوا «3» يسمّون «4» ما يغير الأحوال نسخا.

_ (1) في ظ وظق: لم يعارض. (2) في بقية النسخ: على ذلك. (3) كلمة (كانوا) ساقطة من د وظ. (4) في ظق: يسموا.

سورة الأعراف

سورة الأعراف قالوا: فيها موضعان: الأول: قوله عزّ وجلّ: وَأُمْلِي لَهُمْ «1»، قالوا: نسخ بآية السيف، وهذا خطأ ظاهر «2». الثاني «3»: قوله عزّ وجلّ: خُذِ الْعَفْوَ ... «4» الآية. قالوا: هي من أعجب الآيات، أولها منسوخ وآخرها منسوخ وأوسطها محكم «5». قالوا: قوله عزّ وجلّ: خُذِ الْعَفْوَ منسوخ بالزكاة. وقال ابن زيد: منسوخ بآية السيف بالأمر بالغلظة والقتال. اه والصحيح أنها محكمة. وقال «6» مجاهد: العفو: يعنى به الزكاة، لأنها قليل من كثير «7».

_ (1) الأعراف (183). (2) ذكر النسخ هنا ابن سلامة ص 170، وابن البارزي ص 34، ورده ابن الجوزي. وقال: «هذا قول لا يلتفت إليه» أ. هـ. نواسخ القرآن ص 340. (3) في بقية النسخ: والثاني بالواو. (4) الأعراف (199). خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ. (5) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 38، وابن سلامة ص 170، وزاد المسير 3/ 308، والبرهان 2/ 41، والإتقان 3/ 69، وقلائد المرجان ص 110. (6) في بقية النسخ: قال. بدون واو. (7) قال القرطبي: «وفيه بعد لأنه من عفا، إذ درس» أ. هـ. الجامع لأحكام القرآن 7/ 346.

وقال «1» سالم والقاسم: هي محكمة، والمراد بالعفو: غير الزكاة، وهو ما كان عن ظهر غني، وذلك على الندب. وقال عروة بن الزبير وأخوه عبد الله: هي محكمة، والعفو: من أخلاق الناس «2». وقال ابن زيد: (وأعرض عن الجاهلين) منسوخة بآية السيف. اه وليس كما قال «3». قال العلماء: أعرض عن مودتهم والانبساط إليهم في المجالسة والمخالطة «4»، وهذا لا ينسخ «5».

_ (1) أما سالم: فهو ابن عبد الله بن عمر- سبقت ترجمته-. وأما القاسم: فهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق التميمي، ثقة، فاضل، أحد الفقهاء في المدينة، مات سنة 106 هـ على الصحيح. التقريب 2/ 120. (2) قال النحاس: «وهذا أولى ما قيل ما في الآية، لصحة اسناده، وأنه عن صحابي خبير بنزول الآية، وإذا جاء الشيء هذا المجيء لم يسع أحدا مخالفته، والمعنى عليه: خذ العفو، أي السهل من أخلاق الناس، ولا تغلظ عليهم، ولا تعنف بهم، وكذا كانت أخلاق النبي- صلّى الله عليه وسلّم-، أنه ما لقى أحدا بمكروه في وجهه، ولا ضرب أحدا بيده ... أ. هـ ص 180. (3) بل الصحيح أنها محكمة. انظر: الإيضاح ص 293، ونواسخ القرآن ص 342، وتفسير القرطبي 7/ 347. (4) لكن المعنى القريب للآية، والمتبادر إلى الذهن: أي إذا أقمت عليهم الحجة وأمرتهم بالمعروف، فجهلوا عليك، فأعرض عنهم، صيانة له عليهم، ورفعا لقدره عن مجاوبتهم، وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. انظر: تفسير القرطبي 7/ 346. (5) انظر ما كتبه مكي في الإيضاح ص 291 - 293، حول هذه الآية تجد أن السخاوي اعتمد عليه مع تصرف في بعض العبارات فقط، وراجع تفسير الطبري 9/ 153، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 179 - 181. ففيهما- أيضا- كل الأقوال التي ذكرها السخاوي معزوة إلى أصحابها. وراجع أيضا نواسخ القرآن ص 340، وزاد المسير 3/ 307.

سورة الأنفال

سورة الأنفال فيها (تسع) «1» مواضع: الأول: قوله عزّ وجلّ: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ «2»، نزلت في غنائم بدر، روى أنهم سألوه عنها، لمن هي «3»؟، وروى أنهم سألوها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم «4». والأنفال: جمع نفل «5»، والنفل هاهنا: العطية، سميت بذلك لأنها تفضل من الله عزّ وجلّ (وعطية) «6» لهذه الأمة، لم يحلّها «7» لمن كان قبلهم «8». وقيل: أراد بالأنفال: الزيادات التي يزيدها الإمام لمن شاء في مصلحة المسلمين «9».

_ (1) هكذا في الأصل ود وظ: تسع. وفي ظق: تسعة. وهو الصواب. (2) الآية الأولى من سورة الأنفال. يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ... الآية. (3) قال الطبري: «قال بعضهم: هي الغنائم. وقالوا: معنى الكلام: يسألك أصحابك يا محمد عن الغنائم التي غنمتها أنت وأصحابك يوم بدر لمن هي؟ فقل: هي لله ولرسوله» أ. هـ. جامع البيان 9/ 168. (4) أخرجه الطبري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. جامع البيان 9/ 175. وزاد السيوطي نسبته إلى ابن مردويه. الدر المنثور 4/ 6. (5) بفتح الفاء والنون. (6) في بقية النسخ: وعطية لهذه الأمة. (7) في د وظ: لم يجعلها. (8) انظر: تفسير القرطبي 7/ 361، وابن كثير 2/ 184، ولسان العرب 11/ 670 (نفل). (9) وهذا ما رجّحه الطبري في جامع البيان 9/ 171. وذكره النحاس ضمن الأقوال التي قيلت في الآية ص 183.

وقيل: الأنفال: ما شذّ من العدو من عبد أو دابة، للإمام أن يعطي ذلك لمن شاء «1». وقال مجاهد: الأنفال: الخمس «2». فذهب (قوم) «3» ممن قال: الأنفال الغنيمة إلى أنها منسوخة بقوله عزّ وجلّ: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ «4». وذهب قوم (منهم) «5» إلى أنها محكمة، والحكم في الغنيمة أنها لله ولرسوله. وقيل: إن أولى القوة غنموا يوم بدر أكثر من غيرهم (فرأوا) «6» أنهم أحق بما غنموه، فنزلت «7».

_ (1) أخرجه ابن جرير، والنحاس عن عطاء. جامع البيان 9/ 169، والناسخ والمنسوخ ص 184، وزاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. كلهم عن عطاء. الدر المنثور 4/ 9. وعزاه مكي إلى عطاء، والحسن. انظر: الإيضاح ص 296. قال ابن كثير: «وهذا يقتضي- أي قول عطاء بن أبي رباح- أنه فسر الأنفال بالفيء، وهو ما أخذ من الكفار من غير قتال». أ. هـ من تفسيره 2/ 283. (2) ذكره النحاس عن مجاهد في رواية ابن نجيح عنه. الناسخ والمنسوخ ص 184، وانظر: الإيضاح ص 296. (3) في بقية النسخ: فذهب قوم ممن قال ... الخ. (4) الأنفال: (41). ... فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ... الآية. وقد روى النسخ ابن جرير بأسانيده عن مجاهد، وعكرمة، والسدي جامع البيان 9/ 175، ورواه أبو عبيد عن ابن عباس، ومجاهد. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 465، 466، وراجع الدر المنثور 4/ 8، والإيضاح ص 295، وتفسير ابن كثير 2/ 184، قال النحاس: «للعلماء في هذه الآية أقوال، وأكثرهم على أنها منسوخة بقوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... الآية. وقد احتج هؤلاء بأنها لما كانت من أوّل ما نزل بالمدينة من قبل أن يؤمر بتخميس الغنائم، وكان الأمر في الغنائم كلها إلى النبي- صلّى الله عليه وسلّم- وجب أن تكون منسوخة بجعل الغنائم حيث جعلها الله قائلو هذا القول يقولون: الأنفال هاهنا: الغنائم ... وممن روي عنه هذا القول ابن عباس، وهو قول مجاهد، وعكرمة، والضحاك والشعبي، والسدي، وأكثر الفقهاء ... » انتهى بتصرف يسير واختصار من الناسخ والمنسوخ ص 181، 182. وسيأتي قريبا- إن شاء الله- أن الراجح خلاف هذا، وأن الآية محكمة. (5) كلمة (منهم) مبتورة في الأصل. (6) كلمة (فرأوا) ساقطة من الأصل. (7) راجع الآثار في ذلك عند الطبري 9/ 171، وابن كثير 2/ 284. والسيوطي في الدر 4/ 6.

وقيل: كانوا ثلاث فرق، فرقة اتبعت العدو، وفرقة حازت الغنائم، وفرقة لزمت النبي- صلّى الله عليه وسلّم-، وقالت كل فرقة: نحن أحق بالغنيمة، فنزلت، أي الأنفال لله والرسول، أي الحكم فيها لله والرسول، لا لكم «1». ومن قال: الأنفال غير الغنيمة- على ما سبق- قال: هي محكمة لا غير (والقضايا) «2» بأنها محكمة ظاهر «3». وقول «4» مجاهد: الأنفال: الخمس، جمع بين الآيتين، فيكون وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مفسّرة لقوله عزّ وجلّ: قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ «5». الثاني: قوله عزّ وجلّ: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ... «6» الآية، قالوا: نسخها قوله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ ... «7» الآيتين.

_ (1) انظر: تفسير القرطبي 7/ 360، وابن كثير 2/ 283، والدر المنثور 4/ 5. (2) هكذا في الأصل: والقضايا. والصواب: والقضاء. (3) وهذا هو المتبادر إلى الذهن من الآيتين، إذ لا تعارض بينهما ولا داعي للقول بالنسخ هنا، حيث إن الآية الثانية وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... جاءت مبينة ومفصلة لما أجملته الآية التي في أول السورة فقد بينت الآية الأولى أن حكم الأنفال لله ولرسوله يحكمان فيها (وقد تولى). سبحانه الحكم فيها بقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ... الآية، وأنها توزع أخماسا، ويؤخذ منها خمس واحد للذين ذكروا في هذه الآية، ويبقى الأخماس الأربعة، هي حق للغانمين تقسّم عليهم للرجل سهم، وللفرس سهمان، ولصاحبه سهم، وله عليه الصلاة والسلام أن ينفل من الغنائم ما شاء لمن يشاء لأسباب يراها والله أعلم. راجع تفسير الطبري 9/ 176، والناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 121، والإيضاح لمكي ص 295. قال ابن الجوزي- وهو يناقش الأقوال في هذه الآية، ودعوى النسخ فيها:- والعجب ممن يدعي أنها منسوخة، فإن عامة ما تضمنت أن الأنفال لله والرسول، والمعنى: أنهما يحكمان فيها، وقد وقع الحكم فيها بما تضمنته آية الخمس، وأن أريد أن الأمر بنفل الجيش ما أراد، فهذا حكم باق، فلا يتوجه النسخ بحال، ولا يجوز أن يقال عن آية إنها منسوخة إلّا أن يرفع حكمها، وحكم هذه ما رفع، فكيف يدّعي النسخ ... ؟ أهـ. نواسخ القرآن ص 344. (4) في د وظ: بدون واو. (5) انظر: الإيضاح ص 296. (6) الأنفال (16). وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ .... (7) الأنفال (65، 66).

قالوا: فأطلق «1» في هاتين الآيتين أن يفرّوا ممن هو أكثر من هذا العدد «2». وقال الحسن: ليس الفرار من الزحف من الكبائر، والآية في أهل بدر خاصة «3». وقال ابن عباس: هي محكمة، وحكمها باق إلى يوم القيامة، والفرار من الزحف من الكبائر «4». وأكثر العلماء على ذلك، وأيضا فهي خبر، والخبر لا ينسخ «5». الثالث: قوله عزّ وجلّ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «6». قالوا: هي «7» منسوخة بما بعدها، وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ «8» «9»، وليس كما

_ (1) في ظق: وأطلق. (2) روي دعوى النسخ هنا عن عطاء بن أبي رباح، كما في جامع البيان للطبري 9/ 203، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 184، والإيضاح ص 297، وانظر: الدر المنثور 4/ 38. وراجع كلام ابن حزم الظاهري في الجمع بين هذه الآيات في الأحكام في أصول الأحكام 4/ 91، 92. (3) أخرجه الطبري، والنحاس عن الحسن. جامع البيان 9/ 202، والناسخ والمنسوخ ص 184، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. انظر: الدر المنثور 4/ 37، وراجع الإيضاح ص 297. قال ابن الجوزي: «وقد ذهب قوم منهم ابن عباس، وأبو سعيد الخدري والحسن، وابن جبير، وقتادة، والضحاك. إلى أنها في أهل بدر خاصة» أ. هـ نواسخ القرآن ص 344. (4) أخرجه الطبري، والنحاس. انظر: جامع البيان 9/ 203، والناسخ والمنسوخ ص 185، وانظر: الإيضاح ص 197. (5) وهذا هو الصحيح، وهو الذي مال إليه ابن جرير الطبري، والنحاس ومكي، وابن الجوزي، والقرطبي. انظر: جامع البيان 9/ 203، والناسخ والمنسوخ ص 185، والإيضاح ص 297، ونواسخ القرآن ص 346، والجامع لأحكام القرآن 7/ 382. قال النحاس- بعد أن روى الأحكام عن ابن عباس-: «وهذا أولى ما قيل فيه، ولا يجوز أن تكون منسوخة، لأنه خبر ووعيد ولا ينسخ الوعيد كما لا ينسخ الوعد ... أ. هـ. قال مكي: «وعليه أهل النظر والفهم» أ. هـ. انظر المصدرين السابقين. (6) الأنفال (33). (7) (هي) ساقطة من ظ. (8) الأنفال (34). وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ .... (9) دعوى النسخ هنا مروية عن عكرمة، والحسن. كما في جامع البيان 9/ 238، وزاد السيوطي نسبتها

قالوا، والسورة مدنية، ذكر فيها ما فعلوه بمكة، فقيل: إنما منعهم من (الإنزال) «1» العذاب بهم في ذلك الوقت أنك كنت فيهم، وما عذّب الله قوما «2» إلّا بعد إخراج نبيّهم من بينهم، فالعذاب لا ينزل مع حالين: إحداهما «3»: أن يكون النبي صلّى الله عليه وسلّم بين القوم أو يستغفرون ويتوبون، وهؤلاء ما استغفروا ولا تابوا، ولا نبيّهم بينهم، فما لهم أن لا يعذبهم الله؟. وعبّر عن إخراج النبي- صلّى الله عليه وسلّم- وعن ترك التوبة والاستغفار بقوله: «وهم يصدون عن المسجد الحرام» وصدّهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- عن المسجد الحرام وتركهم الاستغفار: مفهوم من قوله عزّ وجلّ: وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ لأنهم لو آمنوا واستغفروا لما صدّوا عنه، وما صدّوه عن المسجد الحرام، إلّا بعد خروجه من بينهم، فكأنه قيل: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ولست بين ظهرانيهم، وليسوا بمستغفرين ولا تائبين «4». الرابع: قوله عزّ وجلّ: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ «5»، قالوا: هو منسوخ بآية السيف «6»، وليس كذلك، إنما أمره الله بدعوتهم إلى الإسلام،

_ إلى ابن أبي حاتم. الدر المنثور 4/ 57، ورواه ابن الجوزي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- ورده. نواسخ القرآن ص 346، وذكره النحاس عن الحسن ورده، وكذلك مكي. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 186، والإيضاح ص 298. (1) هكذا في الأصل: من الإنزال. وفي بقية النسخ: من إنزال. وهو الصواب. (2) في بقية النسخ: وما عذب الله أمة من الأمم ... الخ. (3) في د وظ: أحدهما. (4) قال الإمام الطبري- مؤيدا لأحكام الآية ومفندا للقول بالنسخ-: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: تأويله: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يا محمد وبين أظهرهم مقيم، حتى أخرجك من بين أظهرهم، لأني لا أهلك قرية وفيها نبيها، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون من ذنوبهم وكفرهم، ولكنهم لا يستغفرون من ذلك، بل هم مصرون عليه، فهم للعذاب مستحقون ... «إلى أن قال: « ... ولا وجه لقول من قال: ذلك منسوخ بالآية التي بعدها، لأنه خبر، والخبر لا يجوز أن يكون فيه نسخ، وإنما يكون النسخ للأمر والنهي» أ. هـ. جامع البيان 9/ 238. وكذلك رد دعوى النسخ النحاس ص 186، ومكي ص 298، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 346. (5) الأنفال (38). (6) قال ابن حزم: «منسوخة بقوله تعالى: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ... * الآية 39 من سورة الأنفال، والآية 193 من سورة البقرة. الناسخ والمنسوخ ص 39. وكذلك قال ابن سلامة ص 181، وابن البارزي ص 34. والفيروزآبادي 1/ 224، والكرمي ص 113.

ووعدهم الغفران على ترك الكفر، والهلاك إن عادوا إلى قتاله «1». وإنه يفعل بهم ما فعل بالأولين، وهم الذين قتلوا يوم بدر «2». الخامس: قوله عزّ وجلّ: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ «3»، قيل: نزلت في اليهود، ثم نسخت بقوله عزّ وجلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ «4» وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ... إلى قوله عزّ وجلّ: ... حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ «5» «6»، وليس هذا بنسخ، لأن إعطاء الجزية ميل إلى السلم. وقال قتادة: نسخها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «7» ولا هذا أيضا، لأن هذا محمول على من لم يكن بيننا وبينهم صلح «8».

_ (1) في د: إلى قاله!. (2) راجع تفسير الطبري 9/ 247. (3) الأنفال (61). (4) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (5) التوبة (29). قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ .... (6) أخرجه أبو عبيد عن ابن عباس، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن مردويه، كلهم عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 424، والدر 4/ 99، ورواه ابن جرير عن عكرمة، والحسن. جامع البيان 10/ 34، وقال به ابن حزم في الناسخ والمنسوخ ص 39. وحكاه مكي دون عزو. انظر الإيضاح ص 300. (7) التوبة: (5). وهي الآية التي تسمى بآية السيف، وانظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 42، وللنحاس ص 188، وتفسير الطبري 10/ 34، والإيضاح ص 300، وقلائد المرجان ص 113، وتفسير الخازن 3/ 39، وبهامشه معالم التنزيل، وانظر كذلك: الدر المنثور 4/ 99، وتفسير القرطبي 8/ 39، 40. (8) قال الطبري- مفندا لدعوى النسخ المروية عن قتادة-: «فأمّا ما قاله قتادة، ومن قال مثل قوله من أن هذه الآية منسوخة. فقول لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة، ولا فطرة عقل، فالناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه، فأمّا ما كان بخلاف ذلك فغير كائن ناسخا، وآية (براءة) غير ناف حكمها آية (الأنفال)، لأن آية الأنفال إنما عنى بها بنو قريظة، وكانوا يهودا أهل كتاب، وقد أذن الله- جلّ ثناؤه- للمؤمنين بصلح أهل الكتاب، ومتاركتهم الحرب، على أخذ الجزية منهم، وأما آية (براءة) فإنما عنى بها مشركوا العرب من عبدة الأوثان الذين لا يجوز قبول الجزية منهم، فليس في إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى، بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه» أ. هـ ببعض الاختصار من جامع البيان 10/ 34.

وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- نسخها: «1» فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ «2». وقيل في الجواب عنه: (وإنما) «3» أمره في سورة (الأنفال) بالصلح إن جنحوا إليه، وابتدءوا بطلبه، وفي سورة (القتال) نهاه أن يكون هو المبتدئ بالصلح. فالآية محكمة، (ليس) «4» ما في (القتال) بناسخ لها «5». السادس: قوله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا «6». فأوجب الله عزّ وجلّ على الواحد أن يقف لعشرة من الكفّار، قال ابن عباس: وكان هذا (و) «7» العدد قليل، فلمّا كثروا، نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ... إلى قوله سبحانه: ... وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ «8» «9».

_ (1) وكتبت الآية في النسخ بالواو. وهو خطأ. (2) سورة محمد: صلّى الله عليه وسلّم (35). وذكر هذا عن ابن عباس: النحاس في الناسخ والمنسوخ ص 188، ومكي في الإيضاح ص 300. وأخرجه أبو الشيخ عن السدي كما في الدر المنثور 4/ 98. (3) هكذا في الأصل: وإنما. وفي بقية النسخ: إنما. وهو الصواب. (4) هكذا في الأصل: ليس. بدون واو. وفي بقية النسخ: وليس. وهو الصواب. (5) انظر: الإيضاح ص 300، وهنا يحسن أن أنقل ما ذكره الخازن أثناء حديثه عن هذه الآية وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ .... حيث يقول: قيل: إن الآية تتضمن الأمر بالصلح إذا كان فيه مصلحة ظاهرة، فإن رأى الإمام أن يصالح أعداءه من الكفار وفيه قوة فلا يجوز أن يهادنهم سنة كاملة، وإن كانت القوة للمشركين جاز أن يهادنهم عشر سنين، ولا تجوز الزيادة عليها اقتداء بالنبي- صلّى الله عليه وسلّم-. فإنه صالح أهل مكة مدة عشرة سنين، ثم إنهم نقضوا العهد قبل انقضاء المدة أ. هـ. من تفسيره 3/ 39. وراجع الوجيز لأبي حامد الغزالي 2/ 204. (6) الأنفال (65). (7) سقطت الواو من الأصل، فأحدث اشكالا في خبر كان. وفي بقية النسخ: وكان هذا والعدد قليل. (8) الأنفال (66). الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ. (9) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص 422، ورواه ابن جرير الطبري، والنحاس، وابن الجوزي عن ابن عباس. جامع البيان 10/ 39، والناسخ والمنسوخ ص 189، نواسخ القرآن ص 351، وذكره البغدادي في الناسخ والمنسوخ ص 140، لكن لم يصرح الطبري والنحاس بذكر النسخ، وإنما فيهما التخفيف، والمعنى متقارب، باعتبار أن التخفيف نسخ. وراجع الدر المنثور 4/ 102 فما بعدها.

ولا شك في أن هذه منسوخة بهذه، وأما من قال: ليس هذا بنسخ، وإنما هو تخفيف ونقص من العدد «1»، وحق الناسخ أن يرفع حكم المنسوخ كله، ولم يرتفع، وهي باقية على حكمها، لأن من وقف لعشرة فأكثر، فهو مثاب مأجور، وليس «2» ذلك بمحرّم عليه: فإنه عن المعرفة بمعزل، لأن الوقوف للعشرة كان واجبا فرضا على الواحد، وليس هو الآن بواجب، فقد ارتفع ذلك الحكم كله ونسخ «3». السابع: قوله عزّ وجلّ: ما «4» كان لنبي أن تكون «5» له أسرى حتى يثخن في الأرض «6». وروى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنها منسوخة بقوله عزّ وجلّ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً «7»، ومكان ابن عباس من العلم يجل عن هذا، وهل هذا إلّا عتاب للنبي- صلّى الله عليه وسلّم-، لما أسر أهل بدر ولم يقتلهم وقبل منهم الفداء؟!.

_ (1) في بقية النسخ: ونقص من العدة. (2) في بقية النسخ: ليس. بدون واو. (3) انظر: الإيضاح ص 300، 301. وكان مكي قد تحدث عن هذا تحت عنوان باب «بيان شروط الناسخ والمنسوخ». قال: ومن شروطه: أنه يجوز أن ينسخ الأثقل بالأخف ... أ. هـ. من المصدر نفسه ص 110. وقد اكتفى كثير من العلماء بالقول بالنسخ دون ذكر للأحكام، منهم ابن حزم الأنصاري ص 39، وابن سلامة ص 177، وابن البارزي ص 35، والسيوطي في الاتقان 3/ 67، والخازن في تفسيره 3/ 40، وابن كثير 2/ 324. وحكي الزرقاني القولين، وانتصر للقول بالنسخ. مناهل العرفان 2/ 266. (4) في الأصل: (وما كان) خطأ. (5) في النسخ هكذا بالتاء. وهي قراءة أبي عمرو البصري، وقرأ باقي السبعة بالياء. الكشف 1/ 495، والنشر 2/ 277. (6) الأنفال (67). (7) سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ (4). فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ... الآية. وقد روى هذا القول النحاس بإسناده عن ابن عباس، ونسبه ابن الجوزي إلى ابن عباس، ومجاهد في آخرين، وذكره مكي عن ابن عباس انظر: الناسخ والمنسوخ ص 190، ونواسخ القرآن ص 352، والإيضاح ص 301. ورواه أبو عبيد عن السدي. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 451. قلت: وما رواه النحاس مسندا إلى ابن عباس، فأحد رجال السند بكر بن سهل الدمياطي. قال النسائي: «ضعيف». انظر: ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 346. وبكر هذا روى عن عبد الله بن صالح (أبو صالح المصري)، قال ابن حجر: «صدوق، كثير الغلط». التقريب 1/ 423.

ولو كان هذا تحريما ومنعا لم يجز أن يأخذ «1» الفداء، ولقتلهم وقت نزول هذه الآية، ولرجع عن قبوله، وقد قال عزّ وجلّ: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا «2»، قيل: أراد الفداء، لأنه من جملة الغنائم، على أن هذه الآية قد أباحت المن وقبول الفداء بعد الإثخان، وآية القتال نزلت بعد الإثخان، فهما في معنى واحد، ولا نسخ «3». الثامن: قوله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا «4». واختلف «5» في تفسير هذا. فقيل: معناه: ما لكم من ميراثهم من شيء حتى يهاجروا، أي أنهم لمّا لم يهاجروا لم يتوارثوا، فلا ميراث بين المسلم المهاجر والمسلم الذي لم يهاجر، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ «6»، أي أولى بميراث بعض «7». وقيل: كان المسلمون المهاجرون والأنصار يتوارثون، يرث بعضهم بعضا، وقيل لبث المسلمون زمانا يتوارثون بالهجرة، ولا يرث المؤمن الذي لم يهاجر، من قريبه المهاجر شيئا، فنسخ ذلك بقوله «8» عزّ وجل: وَ «9» أُولُوا الْأَرْحامِ «10» بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ «11»،

_ (1) في ظ: أن يأخذوا. (2) الأنفال (69). (3) وهذا هو الصحيح، وهو ما رجحه أبو عبيد، والنحاس، ومكي، وابن الجوزي انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 456، والنحاس ص 190، والإيضاح ص 302، ونواسخ القرآن ص 352. (4) الأنفال (72). (5) في بقية النسخ: اهتلف. (6) الأحزاب (6). (7) أخرجه الطبري عن ابن عباس. جامع البيان 10/ 52. وانظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 43، وابن حزم ص 39، والنحاس ص 191 والإيضاح لمكي ص 305. قال مكي: فذكر هذه الآية- على قول قتادة- في الناسخ والمنسوخ: حسن، لأنه قرآن نسخ قرآنا، وذكرها على الأقوال الأخرى لا يلزم لأنها لم تنسخ قرآنا، إنما نسخت أمرا كانوا عليه أه المصدر نفسه. (8) في بقية النسخ: قوله. (9) سقطت الواو من ظ. (10) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (11) رواه الطبري بنحوه عن قتادة. جامع البيان 10/ 53.

والظاهر أن قوله عزّ وجلّ: وَأُولُوا الْأَرْحامِ ليس بناسخ لما ذكروه، وإنّما المعنى: أن أولي «1» الأرحام المهاجرين بعضهم أولى ببعض، أي أن الموارثة من الرحم «2»، والقرابة من «3» المهاجرين: أولى من التوارث بالهجرة، وإذا اجتمع القرابة والهجرة، كان ذلك مقدما على مجرد الهجرة الذي كانوا يتوارثون به، وإنّما نسخها آية المواريث «4». واختار الطبري أن «5» تكون الولاية بمعنى: النصرة «6»، وليس كما قال، ولو كان «7» الولي في اللغة: الناصر، لأن قوله عزّ وجلّ: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ: يرد ذلك «8». وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي- صلّى الله عليه وسلّم- لمّا آخى بين أصحابه كانوا يتوارثون بذلك ثم نسخ بالآية المذكورة «9».

_ (1) في د: أن أولوا. خطأ نحوي واضح. (2) في بقية النسخ: بالرحم. (3) في بقية النسخ: بين المهاجرين. (4) انظر الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 145. (5) في ظ: بأن تكون. (6) انظر نص كلام الطبري في: جامع البيان 10/ 56. (7) في بقية النسخ: وإن كان. (8) وأقول: «أن الذي يستعرض آيات السورة والمواضيع التي تعالجها، يجد أن الحق مع الإمام الطبري، لأنه لا مكان للميراث فيها، لأنها بصدد الحديث عن القتال وأسبابه ونتائجه، والآيات في آخر السورة تتحدث عن ولاية المؤمنين بعضهم لبعض، بمعنى النصرة والمحبة والمودة. والله أعلم. يقول الفخر الرازي: «احتج الذاهبون إلى أن المراد من هذه الولاية: الإرث بأن قالوا: لا يجوز أن يكون المراد منها: الولاية بمعنى النصرة، والدليل عليه أنه تعالى عطف عليه قوله: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ولا شك أن ذلك عبارة عن الموالاة في الدين، والمعطوف مغاير للمعطوف عليه، فوجب أن يكون المراد بالولاية المذكورة أمرا مغايرا لمعنى النصرة، وهذا الاستدلال ضعيف، لأنّا حملنا تلك الولاية على التعظيم والإكرام وهو أمر مغاير للنصرة، ألا ترى أن الإنسان قد ينصر بعض أهل الذمة في بعض المهمات، وقد ينصر عبده وأمته، بمعنى: الإعانة، مع أنه لا يواليه، بمعنى التعظيم والإجلال، فسقط هذا الدليل» أهـ من تفسيره 15/ 210. وراجع نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 355. (9) أي بالآية المذكورة سابقا: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ ... الآية. وقد روى هذا بنحوه النحاس عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 191. وأخرجه الطيالسي، والطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه. انظر: الدر المنثور 4/ 118. كما أخرجه- أيضا- ابن مردويه، وابن أبي حاتم. بلفظ أطول. المصدر نفسه 4/ 114. وذكره مكي عن ابن عباس. انظر: الإيضاح ص 305.

وقيل: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا يراد به الأعراب الذين آمنوا ولم يهاجروا، لا ميراث بينهم وبين أقاربهم ممن هاجر «1». التاسع: قوله عزّ وجلّ: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ «2». قالوا: كان بين النبي- صلّى الله عليه وسلّم- وبين أحياء من العرب موادعة، لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وإن احتاج إليهم عاونوه، وإن احتاجوا إليه عاونهم، فصار ذلك منسوخا بآية السيف «3». والصحيح أنها في المسلمين الذين لم يهاجروا، إما الذين بقوا بمكة، وإما الأعراب المسلمين، الذين لم يهاجروا، والثاني: قول ابن عباس «4»، لأنهم- أعني الفريقين- من جملة المسلمين، لهم ما لهم من نصر المسلم المسلم، وعليهم ما عليهم من الوفاء بعهد المعاهدين وميثاقهم «5».

_ وراجع الكلام على قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ص: 660. وهو الموضع الخامس عشر من سورة النساء. (1) أخرجه بنحوه أبو عبيد عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 475، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 354، وهو قول عكرمة. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 191، والإيضاح ص 305 وعزاه ابن الجوزي إلى عكرمة، والحسن. انظر: المصدر السابق. (2) جزء من الآية السابقة 72 من سورة الأنفال. (3) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ص 180، وقلائد المرجان ص 115. (4) رواه عنه ابن جرير الطبري. جامع البيان 10/ 54، وانظر: تفسير ابن كثير 2/ 329. (5) وهذا استثناء، وقد سبق مرارا أن الاستثناء ليس بنسخ، والله أعلم.

سورة التوبة

سورة التوبة فيها ثمانية مواضع: الأول: قوله عزّ وجلّ: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ «1»، قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «2» «3»، وإنما قال عزّ وجلّ ذلك بعد انسلاخ الأشهر الحرم، وهذه مدة الذين نقضوا عهد رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-، وأما الذين لم ينقضوه شيئا ولم يظاهروا عليه أحدا، فقد أمرنا بأن نتم عهدهم إلى مدتهم «4». الثاني: قوله عزّ وجلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... إلى قوله عزّ وجلّ: كُلَّ مَرْصَدٍ «5».

_ (1) الآية الثانية من سورة التوبة. (2) الآية الخامسة من سورة التوبة. (3) انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 425، وابن حزم ص 40، وابن سلامة ص 182، وقلائد المرجان ص 116. قال ابن الجوزي- مبطلا لدعوى النسخ هنا-: «زعم بعض ناقلي التفسير ممن لا يري ما ينقل، أن التأجيل منسوخ بآية السيف ... » إلى أن قال: ... وقوله فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ. قال الحسن: يعني الأشهر التي قيل لهم فيها فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وعلى هذا البيان فلا نسخ أصلا ... أهـ نواسخ القرآن ص 357 - 359. (4) انظر: الإيضاح: ص 308. قال النحاس: «وهذا أحسن ما قيل في الآية ... » أه الناسخ والمنسوخ ص 195. وهو ما رجحه الطبري وانتصر له. انظر: جامع البيان 10/ 62، 63. (5) تقدم عزوها قريبا، ونص الآية: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ... الآية.

قالوا: هذه الآية التي نسخت مائة وأربعا وعشرين آية «1»، نسخت بقوله عزّ وجلّ في آخرها «2»: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ «3». ولا يقول مثل هذا ذو علم، إنما هو «4» خبط جاهل في كتاب الله، إنما قال عزّ وجلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ما قال: اقتلوا المسلمين. وقال الحسن، والضحاك، والسدي، وعطاء: هي منسوخة من وجه آخر، وذلك أنها اقتضت قتل المشركين على كل حال، فنسخت بقوله عزّ وجلّ: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً «5»، فلا يحل قتل أسير صبرا «6». وقال قتادة، ومجاهد: بل هي ناسخة لقوله عزّ وجلّ: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً، فلا يجوز في أسرى المشركين إلّا القتل دون المن والفداء «7».

_ (1) قال ابن الجوزي: «وقد ذكر بعض من لا فهم له من ناقلي التفسير أن هذه الآية- وهي آية السيف- نسخت من القرآن مائة وأربعا وعشرين آية ثم صار آخرها ناسخا لأولها، وهو قوله: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ. وهذا سوء فهم، لأن المعنى: اقتلوهم وأسروهم، إلا أن يتوبوا من شركهم، ويقروا بالصلاة والزكاة فخلّوا سبيلهم ولا تقتلوهم» أ. هـ ص 360. قلت: وقد تقدم كلام السخاوي ورده على من قال: أن آية السيف نسخت أربعا وعشرين ومائتي آية؛ وشنع على القائلين بذلك، وذلك في آخر سورة الأنعام. ص 705. (2) أي في آخر آية السيف السالفة الذكر. (3) حكى دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 40، وابن سلامة ص 184، قال مكي- بعد أن حكى القول بالنسخ عن ابن حبيب الذي قال: أن الآية منسوخة، مستثنى منها بقوله فَإِنْ تابُوا ... - قال: «ولا يجوز في هذا نسخ، لأنها أحكام لأصناف من الكفار، حكم الله على قوم بالقتل إذا أقاموا على كفرهم، وحكم لقوم بأنهم إذا آمنوا وتابوا أن لا يعرض لهم، وأخبر بالرحمة والمغفرة لهم، وحكم لمن استجار بالنبي- عليه السلام- وأتاه أن يجيره ويبلغه إلى موضع يأمن فيه، فلا استثناء في هذا، إذ لا حرف فيه للاستثناء، ولا نسخ فيه، إنما كل آية في حكم منفرد، وفي صنف غير الصنف الآخر، فذكر النسخ في هذا وهم، وغلط ظاهر، وعلينا أن نبيّن الحق والصواب» أ. هـ الإيضاح ص 311. (4) (هو): ساقط من ظ. (5) سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم 4. (6) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 197، والإيضاح ص 309، ونواسخ القرآن ص 359، وتفسير القرطبي 8/ 73. وسيأتي قريبا- ان شاء الله- أن هذا القول مرجوح وأن الآيتين محكمتان. (7) ذكر هذا القول النحاس في المصدر السابق ص 198، دون أن يعزوه لأحد، وذكره مكي معزوا إلى قتادة، ومجاهد. الايضاح ص 309. وكذلك ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 360، والقرطبي 8/ 73.

وقال ابن زيد: الآيتان محكمتان «1»، أما قوله عزّ وجلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، فإنه قال بعد ذلك: وَخُذُوهُمْ، أي للمن والفداء، على حسب ما يرى الإمام، وقد فعل جميع ذلك رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-، فقتل من الأسرى يوم بدر: عقبة ابن أبي معيط، والنضر بن الحارث، ومنّ على قوم وقبل الفدية من قوم «2». الثالث: قوله عزّ وجلّ: ... إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ «3». قالوا: نسخ بآية السيف «4»، وهذا مستثنى وليس بناسخ لما تقدم «5»، وكيف يكون الاستثناء نسخا، ولم يدخل في الأول في مراد المتكلم؟ ولو قال قائل: اضرب القوم إلّا زيدا، لم يكن زيد داخلا في المضروبين في نيّة المتكلم، وقد انكشف ذلك للسامع أيضا. الرابع: قوله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ... ، إلى قوله عزّ وجلّ: ... فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ «6»، قالوا: نسخ جميع ذلك بآية الزكاة «7». وعن عمر بن عبد العزيز- رحمه الله-: أراها منسوخة بقوله عزّ وجلّ: خُذْ مِنْ

_ (1) في ظ: المحكمتان. (2) وهذا هو الصحيح، وعليه عامة الفقهاء، كما ذكره النحاس، ومكي وابن الجوزي والقرطبي. انظر: المصادر السابقة. وسيأتي مزيد بيان لهذا- ان شاء الله تعالى- عند قوله تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ... الآية 4 من سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم ص 836. (3) التوبة: (7). وأولها: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ .... (4) حكي النسخ هنا ابن سلامة ص 185، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 362، وابن البارزي ص 35. (5) ولذلك أعرض ابن حزم، والنحاس، ومكي وغيرهم من المفسرين، أعرضوا عن ذكرها في الناسخ والمنسوخ، وإن كان ابن الجوزي قد حكاه في نواسخ القرآن، إلا أن عبارته في المصفّى بأكفّ أهل الرسوخ، وزاد المسير تنبئ بعدم قبوله لدعوى النسخ، حيث قال: «زعم بعضهم أنها منسوخة بآية السيف ... » انظر: المصدرين المذكورين ص 38، 3/ 401. (6) التوبة: (34، 35). ... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ. (7) قاله ابن حزم ص 40، وابن سلامة ص 185، وابن البارزي ص (35)، والكرمي ص 117، والفيروزآبادي 1/ 230.

أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها «1». والصحيح أنها محكمة غير منسوخة «2». والكنز عند العلماء: كل مال وجبت فيه الزكاة، ولم تؤد زكاته. قال ابن عمر- رضي الله عنه-: (كل مال أديت زكاته فليس بكنز، وإن كان مدفونا، وكل مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن لم يكن مدفونا) «3». وعن ابن عباس- رضي الله عنهما-: «هي فيمن لم يؤد زكاته من المسلمين، وفي أهل الكتاب كلهم، لأنهم يكنزون ولا ينفقون في سبيل الله، وإنما ينفق في سبيل الله المؤمنون» «4». الخامس: قوله عزّ وجلّ: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ... إلى قوله عزّ وجلّ: ... ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «5»، قالوا: نسخ هذه الآيات قوله عزّ وجلّ «6»: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً «7»، ورووا ذلك عن ابن عباس «8».

_ (1) التوبة (103). وقد أخرج هذا ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عراك بن مالك، وعمر بن عبد العزيز- رحمهما الله- انظر: الدر المنثور 4/ 179، ورواه عنهما ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 364. وذكره عنهما مكي ص 314. وقال «وروي عن ابن شهاب مثل قول عمر في الآية، فهي محكمة مخصوصة في الزكاة» أه. (2) قال ابن الجوزي- أثناء مناقشته للأقوال في هذه الآية-: «وقد زعم بعض نقلة التفسير أنه كان يجب عليهم إخراج ذلك في أول الإسلام، ثم نسخ بالزكاة، وفي هذا القول بعد» أ. هـ نواسخ القرآن ص 364. (3) أخرجه ابن جرير، وابن الجوزي بسنديهما عن ابن عمر- رضي الله عنهما- جامع البيان 10/ 118، ونواسخ القرآن ص 363. وراجع صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 3/ 271 فما بعدها، 8/ 324، والموطأ مع شرحه المسوي 1/ 256، والدر المنثور 4/ 177. قال القرطبي- بعد أن حكى الأقوال في ذلك-: «وهو الصحيح» أ. هـ، من تفسيره 8/ 125. (4) أخرج ابن جرير بسنده إلى ابن عباس قال: «هم أهل الكتاب». وقال: هي خاصة وعامة،- يعني بقوله خاصة وعامة-: «هي خاصة من المسلمين فيمن لم يؤد زكاة ماله منهم، وعامة في أهل الكتاب لأنهم كفار لا تقبل منهم نفقاتهم إن أنفقوا» أ. هـ جامع البيان 10/ 120. (5) التوبة (39 - 41). (6) من قوله: ذلِكُمْ ... إلى هنا: ساقط من ظ بانتقال النظر. (7) التوبة (122). (8) رواه عنه النحاس بسنده إلى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.

وقال الحسن، وعكرمة «1»، وكثير من العلماء: هي محكمة. ومعنى إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ: أي إذا احتيج إليكم واستنفرتم فلم تنفروا «2». السادس: قوله «3» عزّ وجلّ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ... إلى قوله عزّ وجلّ: فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ «4» «5». قالوا: نسخ هذه الآيات (الثلاثة) «6» قوله عزّ وجلّ: فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ «7»، قال ذلك الحسن وعكرمة «8». واختلف عن ابن عباس، فقيل عنه: مثل هذا «9»، وقيل عنه: أنه قال: الثلاث محكمات، نزلن في المنافقين الذين استأذنوا في القعود، والتي في النور إنّما هي في المؤمنين يستأذنون لبعض أمورهم ثم يعودون إليه صلّى الله عليه وسلّم.

_ انظر: الناسخ والمنسوخ ص 201. وذكره مكي عن ابن عباس. انظر: الإيضاح ص 314. وقد سبق أن جويبر هذا سيّئ الحفظ ليس بشيء. وممن ذكر دعوى النسخ هنا: ابن حزم ص 40، وابن سلامة ص 186 والكرمي ص 118. (1) هكذا قال المصنف: أن الحسن وعكرمة يقولان بإحكام الآية، وقد تبع المصنف في ذلك مكي ابن أبي طالب، ولكن ما رواه الطبري وذكره النحاس وابن الجوزي يخالف هذا، حيث ذكروا عنهما القول بالنسخ- وهو قول مرجوح- كما سيأتي- جامع البيان 10/ 135. والناسخ والمنسوخ ص 201، ونواسخ القرآن ص 365. (2) قال النحاس- بعد أن حكي القول بالنسخ عن الحسن وعكرمة- وقال غيرهما: «الآيتان محكمتان، لأن قوله تعالى إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً معناه: إذا احتيج إليكم وإذا استنفرتم، هذا مما لا ينسخ لأنه وعيد وخبر، وقوله تعالى: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً محكم، لأنه لا بد أن يبقى بعض المؤمنون لئلا تخلوا دار الإسلام من المؤمنين فيلحقهم مكيدة، وهذا قول جماعة من الصحابة والتابعين أه الناسخ والمنسوخ ص 201. (3) في د وظ: من قوله عزّ وجلّ. (4) في د: ترددون. (5) التوبة: (43 - 45). (6) هكذا في الأصل: الثلاثة. خطأ. وفي بقية النسخ: الثلاث. (7) النور: (62). (8) رواه عنهما الطبري في جامع البيان 10/ 143، وذكره عنهما النحاس، ومكي. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 202، والإيضاح ص 316. وقال بالنسخ: قتادة في كتابه الناسخ والمنسوخ ص 43. ورواه عنه النحاس في المصدر السابق. (9) روى النسخ: أبو عبيد عن ابن عباس ص 420، 421، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في سننه. الدر المنثور 4/ 211.

قيل: كان ذلك وهم يحفرون الخندق، وهذا هو الحق والصواب والاستئذانان مختلفان، ولا نسخ بينهما «1». السابع: قوله عزّ وجلّ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ... «2» الآية، قالوا: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «3» «4»، وهذا غير صحيح، بل هو مؤكد للأول وإنما معنى الأول: أن استغفارك لهم غير نافع، ففعله وتركه سواء ولم يرد بذلك الصلاة عليهم، ولا تخيير بين الاستغفار وتركه، وكيف يستغفر لهم أو يصلّي عليهم، وقد قال الله عزّ وجلّ في الآية: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟!. فإن قلت: فقد روى عن النبي- صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: «لأزيدن على السبعين» فنزلت: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ «5» لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «6». قلت: يرد هذه الرواية قوله عزّ وجلّ: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فكيف يقول صلّى الله عليه وسلّم: «لأزيدن على السبعين»، وهو يعلم أن «7» الزيادة على السبعين الى ما لا نهاية له من العدد لا ينفع الكافر؟ هذا ما لا يصح «8».

_ (1) وهذا هو الصحيح، وعليه فطاحل العلماء. انظر: جامع البيان 10/ 143 والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 202 - حيث ذكر النحاس الروايتين عن ابن عباس، ورجح الأحكام- وكذلك مكي ذكر القولين عن ابن عباس مرجحا القول بالأحكام. انظر: الإيضاح ص 316، وقال ابن الجوزي- بعد روايته للنسخ عن ابن عباس- فالصحيح أنه ليس للنسخ هنا مدخل ... » اه نواسخ القرآن ص 368. (2) التوبة: (80). (3) التوبة: (84). (4) حكاه النحاس ورده ص 208. وكذلك ص 319. (5) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (6) المنافقون: (6). وقد حكى هذا القول- أي أن آية التوبة منسوخة بآية المنافقين- ابن حزم ص 40، وابن سلامة ص 187، وعزا هذا القول النحاس إلى ابن عباس من طريق جويبر عن الضحاك، وجويبر ضعيف (كما سبق)، وأورده مكي عن ابن عباس- أيضا- في الإيضاح ص 319، وانظر: نواسخ القرآن ص 369، وذكره الطبري بصيغة (روى) دون أن يعزوه لأحد، ودون تصريح بالنسخ. جامع البيان 10/ 198. (7) أن: ساقطة من ظ. (8) قال القرطبي: «قال القشيري: ولم يثبت أنه قال: (لأزيدن على السبعين)، ثم قال القرطبي:

فإن قيل: فكيف كفّن ابن أبيّ «1» «2» في قميصه وهو رأس المنافقين؟ قلت: أرسل إليه عند موته يطلب قميصه «3»، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إني أؤمل أن يدخل في الإسلام خلق كثير، وأن قميصي لن يغني عنه من الله شيئا» «4»، فأسلم ألف من الخزرج لما رأوه طلب الاستشفاء بقميص النبي صلّى الله عليه وسلّم «5». فإن قيل: ألم يقم على قبره ويصل عليه؟ قلت: قد روى أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يصل عليه «6»

_ «وهذا خلاف ما ثبت في حديث ابن عمر: (وسأزيد على السبعين)، وفي حديث ابن عباس: (ولو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر لهم لزدت عليها قال: فصلى عليه- أي على ابن أبي- رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- أخرجه البخاري. اه الجامع لأحكام القرآن 8/ 319. وسيأتي مزيد بيان لهذا قريبا- إن شاء الله وإن هذا هو الصواب الذي عليه أهل العلم. وفي نظري: أن الإمام السخاوي لم يحالفه الصواب في رده لهذه الرواية التي ثبتت، وقال بها الأئمة وفسروها بتفسيرات تتفق ومقام النبوة، كما سيأتي بإذن الله تعالى. (1) (ابن أبيّ): ساقط من د وظ. (2) هو عبد الله بن أبي مالك المشهور ب «ابن سلول»، وسلول جده لأمه من خزاعة، رأس المنافقين في الإسلام، من أهل المدينة، كان سيد الخزرج في آخر جاهليتهم، مواقفه السيئة ضد الإسلام والمسلمين: مشهورة، وأخباره معروفة، توفي في السنة التاسعة من الهجرة. انظر: جمهرة الأنساب ص 354، والبداية والنهاية 5/ 31، والأعلام 4/ 65. (3) أي أرسل إليه ابنه عبد الله الصحابي الجليل، قال ابن حجر: وكأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام، فلذلك التمس من النبي- صلّى الله عليه وسلّم- أن يحضر عنده ويصلي عليه، ولا سيما وقد ورد ما يدل على أنه فعل ذلك بعهد من أبيه، ... ، ثم أورد ابن حجر ما يؤيد ذلك من الأدلة إلى أن قال: « ... وكأنّ عبد الله بن أبيّ، أراد بذلك دفع العار عن ولده وعشيرته بعد موته فأظهر الرغبة في صلاة النبي- صلّى الله عليه وسلّم-، ووقعت إجابته إلى سؤاله بحسب ما ظهر من حاله إلى أن كشف الله الغطاء عن ذلك، وهذا من أحسن الأجوبة فيما يتعلق بهذه القصة أ. هـ فتح الباري 8/ 334. (4) جاء في رواية الطبري بسنده عن قتادة: ( ... ذكر لنا أن نبي الله- صلّى الله عليه وسلّم- كلّم في ذلك- أي في تكفينه والصلاة عليه- فقال: (وما يغني عنه قميصي من الله- أو ربي- وصلاتي عليه، وأني لأرجو أن يسلم به ألف من قومه) أ. هـ جامع البيان 10/ 206. (5) وهناك تعليل آخر ذكره ابن كثير، وهو أنه إنما ألبسه قميصه مكافأة لما كان كسي العباس قميصا حين قدم المدينة، فلم يجدوا قميصا يصلح له إلا قميص عبد الله بن أبي» اه. البداية والنهاية 5/ 32. وذكر هذا البغوي والخازن عند تفسير قوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى الآية 39 من سورة النجم. انظر: لباب التأويل وبهامشه معالم التنزيل 6/ 223. (6) انظر: الإيضاح ص 319. والصحيح أنه صلى عليه، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره. انظر: فتح الباري

وإن كان صلّى عليه، فذلك لظنه أنه قد تاب حين بعث يطلب قميصه لينال بركته، ويتّقي به عذاب الله عزّ وجلّ، وهذا إيمان إن «1» كان صادرا عن صدر سليم «2». فإن قلت: ألم يجذبه عمر- رضي الله عنه- حرصا على ترك الصلاة عليه؟ وقال له: أليس قد نهاك الله عزّ وجلّ؟ فقال: (إنما خيّرني بين الاستغفار وتركه)، فصلّى عليه «3». قلت: هذا بعيد أن يظن النبي- صلّى الله عليه وسلّم- أن ذلك تخيير، وقد أخبره بكفرهم، وهذا ظاهر لمن تأمله «4».

_ 8/ 333، والدر المنثور 4/ 254. قال القرطبي: تظاهرت الروايات بأن النبي- صلّى الله عليه وسلّم- صلى عليه، وأن الآية- أي وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ- نزلت بعد ذلك اه. من الجامع لأحكام القرآن 8/ 218. (1) في ظ: وإن كان. (2) قد سبق كلام ابن حجر أن عبد الله بن عبد الله بن أبي، كان يحمل أباه على ظاهر الإسلام، عند ما طلب من النبي- صلّى الله عليه وسلّم- أن يحضر عنده ويصلي عليه، كذلك ذكر ابن حجر أن النبي- صلّى الله عليه وسلّم- لم يأخذ بقول عمر، وصلى على عبد الله بن أبي، إجراء له على ظاهر حكم الإسلام واستصحابا لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الاستئلاف لقومه، ودفع المفسدة ... لا سيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين ... وبهذا التقرير يندفع الاشكال اه. وانظر: بقية كلامه على هذه القضية المهمة في: الفتح 8/ 336. (3) كلمة (عليه) ساقطة من ظ. (4) أما لفظ التخيير فقد ورد في صحيح البخاري، وأما معناه: فقد قال ابن حجر- وهو يشرح حديث البخاري-: «كان عمر قد فهم من الآية المذكورة: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ ... ما هو الأكثر الأغلب من لسان العرب من أن (أو) ليست للتخيير، بل للتسوية في عدم الوصف المذكور، أي أن الاستغفار لهم وعدم الاستغفار سواء، وهو كقوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ. لكن الثانية- أي آية المنافقين- أصرح، ولهذا ورد أنها نزلت بعد هذه القصة ... » اه. إلى أن قال: « ... وقد جاء في لفظ الحديث: «إني خيرت فاخترت» أي: خيرت بين الاستغفار وعدمه، وحديث ابن عباس (لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها)، وحديث ابن عمر جازم بقصة الزيادة، وآكد منه ما روى عبد بن حميد من طريق قتادة. قال: «لما نزلت اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. قال النبي- صلّى الله عليه وسلّم-: «قد خيّرني ربي، فو الله لأزيدن على السبعين)، وأخرجه الطبري من طريق مجاهد مثله، والطبري أيضا وابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه مثله، وهذه الطرق- وإن كانت مراسيل- فإن بعضها يعضد بعضا» اه من الفتح 8/ 335. ومن أراد مزيدا من معرفة الأحاديث وأقوال الأئمة في هذه القضية، فليراجع تفسير الطبري 10/ 198، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 208، وابن سلامة ص 187، والإيضاح ص 318، ونواسخ القرآن ص 368، وزاد المسير 3/ 477، والجامع لأحكام القرآن

الثامن: قوله عزّ وجلّ: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً ... إلى قوله: ... وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «1». قالوا: نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ ... «2» الآية. وهذا مما ينبغي أن يتصامم «3» عنه ولا يسمع «4».

_ 8/ 218، وتفسير ابن كثير 2/ 376، وفتح الباري 8/ 333، والدر المنثور 4/ 253، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8/ 495 فما بعد الصفحات المذكورة. (1) التوبة (97 - 98). (2) التوبة (99). (3) الصمم: انسداد الأذن وثقل السمع. اللسان 12/ 342 (صمم). فكان السخاوي يقول: إنه لا ينبغي الالتفات إلى هذا القول والاستماع إليه لضعفه وعدم فائدته. (4) ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 40، وابن سلامة ص 188، ومكي ص 318، ونسبه إلى ابن حبيب ورده، وكذلك ذكر دعوى النسخ ابن البارزي ص 36، والكرمي ص 120. قال مكي: «وهذا خبر لا ينسخ، ولا معنى للنسخ فيه، لأن الله أعلمنا أن الأعراب أصناف،- وبين ذلك ... ، وأخبر أنهم أشد كفرا ونفاقا، وهو لفظ عام معناه الخصوص في قوم بأعيانهم، دلّ على أنه مخصوص قوله عزّ وجلّ: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الآية. ف (من) للتبعيض، فلا نسخ يحسن في هذا ... » أه المصدر نفسه.

سورة يونس (عليه السلام)

سورة يونس (عليه السلام) فيها (سبع) «1» مواضع: الأول: قوله عزّ وجلّ: إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ «2». قالوا: نسخت بقوله عزّ وجلّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ «3». وما ذلك بصحيح، فإن خوفه على المعصية من عذاب الله- لو قدر وقوعها منه-، وحاشاه أن يزل «4»، ولا نسخ، وهو صلّى الله عليه وسلّم يقول:- لمّا قام حتى تورمت قدماه، وقيل له: أتفعل هذا بنفسك وقد غفر لك «5» ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ؟ - والله إني لأخوفكم لله «6» على أن هذه الآية نزلت في طلبهم منه تبديل كلام الله والإتيان بغيره «7»، فقال الله عزّ وجلّ: قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي

_ (1) هكذا في الأصل: سبع. وفي بقية النسخ: سبعة. وهو الصواب. (2) يونس (15). (3) الفتح (2). وقد ذكر دعوى النسخ هنا: ابن حزم ص 41، وابن سلامة ص 190 والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز 1/ 240، والكرمي ص 121. (4) في بقية النسخ: لم يزل. (5) في بقية النسخ: وقد غفر الله لك. (6) تقدم الكلام عنه في الموضع الأول من سورة الأنعام: ص 696. (7) وهو معنى الشطر الأول من الآية الآتية 15 من السورة نفسها. وأول الآية: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي .. الآية.

أَخافُ «1» إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، أفهذا ينسخ بما ذكروه «2»؟!. الثاني: قوله عزّ وجلّ: ... لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ «3» الْمُنْتَظِرِينَ «4». قالوا: نسخت بآية السيف «5»، وليس ذلك بصحيح، إنما نزل ذلك في طلبهم الآيات المهلكة، لولا تَأْتِينَا السَّاعَةُ «6»، أمطر عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ «7»، فقيل له: قل إني لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ «8»، كما قال نوح- عليه السلام- لما قيل له: قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* (قالَ) «9» إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ «10»، وكذلك أمر نبينا صلّى الله عليه وسلّم أن يقول: إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ «11» وهذا تهديد ووعيد، أي فانتظروا ما طلبتم، إني منتظر ذلك معكم، وكما قال (له) «12»: قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ «13»، ومثل هذا لا ينسخ بآية القتال «14».

_ (1) في ت. كتبت الآية خطأ ( ... إليّ قل اني ... ). (2) الجواب: لا. وانظر الكلام على نظير هذه الآية في الموضع الأول من سورة الأنعام ص: 696. وهي الآية الخامسة عشرة، وراجع نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 371. وزاد المسير 4/ 14. (3) كتبت الآية خطأ في د: (من المنتظرون)!. (4) يونس (20). وأولها: وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ .. الآية. (5) قال بذلك ابن سلامة ص 192، والكرمي ص 122، وابن البارزي ص 36. وذكره ابن حزم ص 41، والفيروزآبادي 1/ 240، ولكن ليس في هذه الآية، بل في آية أخرى شبيهة بها، وهي قوله تعالى: ... قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ آية 102 من السورة نفسها. (6) لعل المصنف أراد الاقتباس فحسب، ولم يرد الاستدلال بآية قرآنية، لأنه لا يوجد آية بهذا النص، وأقرب آية إلى ما ذكره المصنف قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ سبأ آية 3. (7) الأنفال (32). (8) وردت آية في الأنعام: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ، وليس هناك آية في القرآن الكريم بهذا النص الذي أورده المصنف ولعله أراد الاقتباس أيضا. والله أعلم. (9) سقطت من النسخ. (10) هود: 32، 33. (11) وهي الآية التي نحن بصدد الحديث عنها. (12) في بقية النسخ: وكما قال له:. (13) الأنعام (58). (14) وهذا هو الحق، لأنهم طلبوا شيئا ودليلا آخر يبرهن على صدق نبوته، فأجابهم بقوله: ان الذي

الثالث: قوله عزّ وجلّ: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ... «1» الآية، قالوا: نسخت بآية السيف «2». الرابع: قوله عزّ وجلّ: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ «3». الخامس: قوله عزّ وجلّ: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ «4». السادس: قوله عزّ وجلّ: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ «5». السابع: قوله عزّ وجلّ: وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ «6». قالوا: نسخ جميع ذلك بآية السيف «7».

_ تطلبونه مني شيء غيبي، لا يعلمه أحد إلّا الله تعالى، ثم هددهم ووعدهم بقوله: فانتظروا قضاء الله الفاصل بيننا وبينكم، عند ما يظهر الله الحق ويبطل الباطل، وينتقم من أهله وهذا لا نسخ فيه والله الموفق للصواب. (1) يونس (41). (2) نسبة مكي إلى ابن زيد وغيره. انظر: الايضاح ص 323. وذكره ابن سلامة دون عزو ص 192، ونسبه ابن الجوزي إلى أبي صالح عن ابن عباس ورده، وفنده من عدّة وجوه. انظر: نواسخ القرآن ص 372، وسيرد المصنف هذا القول عقب ذكره لبقية المواضع في هذه السورة والتي قيل انها منسوخة بآية السيف. (3) يونس (46). (4) يونس (99). (5) يونس (108). (6) يونس (109). (7) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ص 191 - 193، وقد نقل ابن الجوزي دعوى النسخ في هذه المواضع- أعني الرابع والخامس والسادس والسابع- وعزا بعضها إلى ابن عباس، وبعضها إلى مقاتل بن سليمان، ودحضها كلها، ورد القول بالنسخ فيها، وقال: «إنه لم يثبت شيء عن ابن عباس في هذا». نواسخ القرآن ص 373، 374. وأدخل ابن حزم الموضع الثالث، والسادس فقط ضمن الآيات المدعي فيها النسخ بآية السيف. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 41. وذكر النحاس دعوى النسخ في الموضع السابع فقط، وعزاه إلى ابن زيد انظر: الناسخ والمنسوخ ص 210. وتابعه مكي في الإيضاح ص 323 إلّا أن مكي ذكر- أيضا- دعوى النسخ في الموضع الثالث. وقد سبقت الإحالة إليه.

ولم ينسخ (آية) «1» السيف شيء من ذلك، ولا هي معارضه له «2».

_ (1) هكذا في الأصل: آية السيف. وفي بقية النسخ: بآية السيف. وهو الصواب. (2) وهذا هو الصحيح، فإن كل آية من الآيات المذكورة تحمل في طياتها معنى لا يتعارض مع آية القتال، فالآية في الموضع الخامس- مثلا- تفيد بأن الإيمان موضعه القلب، وهذا لا يمكن الإكراه عليه، وهي أيضا خبر، والأخبار لا تنسخ- كما سبق مرارا- وفي الموضع السادس فيه الترغيب في الإيمان والتحذير من ضده، وتشويق المؤمنين إلى الثبات على الهدى والإيمان وتحذيرهم من الضلال وعواقبه، وأن الضالين إنما يعود وبال ضلالهم عليهم، وهذا لا ينسخ بآية السيف، وكذلك الأمر في الموضع السابع، وهو الأمر بالصبر على أذى المشركين وجهل الجاهلين، بل وفي أثناء المعركة، فإنه صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين مأمورون بالصبر والثبات حتى يفصل الله بينهم وبين عدوهم، وهذا- أيضا- لا ينسخ. قال ابن الجوزي: «ثم أن الأمر بالصبر هاهنا مذكور إلى غاية، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها» ا. هـ نواسخ القرآن ص 374.

سورة هود (عليه السلام)

سورة هود (عليه السلام) (فيها ثلاثة مواضع) «1»: الأول: قوله عزّ وجلّ: إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ «2»، قالوا: نسخت بآية السيف والكلام في ذلك كما تقدم «3». الثاني: قوله عزّ وجلّ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ... «4» الآية، قالوا: نسخت بقوله عزّ وجلّ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ «5». وذلك باطل، لأنه خبر، والخبر لا يدخله النسخ، ورووا ذلك عن: ابن عباس،

_ (1) سقطت من الأصل، وظق عبارة: (فيها ثلاثة مواضع). (2) هود: (12). فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ .... (3) قلت: سبق ما يماثل هذه الآية في الموضع الثاني من سورة آل عمران ص: 639 وقد قال ابن سلامة هنا: «نسخ معناها لا لفظها بآية السيف ص 194 وكذلك قال ابن البارزي ص 36. وممن قال بأنها منسوخة بآية السيف: الكرمي في قلائد المرجان ص 124. أما ابن الجوزي فقد أوردها ضمن الآيات المدعي فيها النسخ في هذه السورة، وفنّد القول بذلك قائلا: «قال بعض المفسرين: «معنى هذه الآية: اقتصر على انذارهم من غير قتال، ثم نسخ ذلك بآية السيف والتحقيق أنها محكمة، لأن المحققين قالوا: معناها: إنما عليك أن تنذرهم بالوحي، لا أن تأتيهم بمقترحاتهم من الآيات» اهـ نواسخ القرآن ص 375. (4) هود (15). مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. (5) الإسراء (18).

ومكانه في العلم والمعرفة يرد ذلك «1». وقيل في قوله تعالى لِمَنْ نُرِيدُ «2»: أي لمن نريد إهلاكه «3». الثالث: قوله عزّ وجلّ: وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ... «4» إلى آخر السورة، زعموا أنه منسوخ بآية السيف، وليس كما زعموا، وقد تقدم القول في مثل ذلك «5».

_ (1) رواه النحاس عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 210، وجويبر هذا ضعيف (كما سبق)، ثم أن النحاس رد هذا القول بقوله: «محال أن يكون هناك نسخ، لأنه خبر، والنسخ في الأخبار محال، ولو جاز النسخ فيها ما عرف حق من باطل ولا صدق من كذب، ولبطلت المعاني، ولجاز لرجل أن يقول: لقيت فلانا، ثم يقول: نسخته. ما القيته»! اه المصدر نفسه ص 210. كما رد دعوى النسخ مكي بن أبي طالب- بعد ن أورده عن الضحاك عن ابن عباس. الإيضاح ص 325. وكذلك فعل القرطبي في تفسيره 9/ 15. وأورده ابن الجوزي عن مقاتل بن سليمان ورده. انظر: نواسخ القرآن ص 376. وقد سبق ما يماثل هذه الآية في الموضع الثاني عشر من سورة آل عمران. فانظره ص: 644. (2) في ظ: لمن يريد. وكذلك في التي بعدها. (3) انظر: تفسير الطبري 15/ 59، وزاد المسير 5/ 20. (4) هود (121 - 123). (5) وذلك في الموضع الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من سورة الأنعام ص: 702. حيث قال السخاوي هناك: «أن هذا تهديد ووعيد وليس بمنسوخ بآية السيف». هذا وممن قال بالنسخ هنا: ابن حزم ص 41، وابن سلامة ص 194، وابن البارزي ص 37، والكرمي ص 125. أما ابن الجوزي فقد حكي فيها القولين ورجح القول بالأحكام. وقال: «أنه قول المحققين». نواسخ القرآن ص 376.

سورة يوسف (عليه السلام)

سورة يوسف (عليه السلام) ليس فيها ناسخ ولا منسوخ. وزعم من لا معرفة له أن قوله عزّ وجلّ: تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ «1» منسوخ بقوله- عليه السلام-: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به) «2»، فهذا باطل ظاهر البطلان «3»، لأن هذا خبر أخبر الله «4» عزّ وجلّ به عن يوسف- عليه السلام- فكيف يصح نسخه؟. ولأن يوسف- عليه السلام- سأل الله الوفاة على الإسلام، ونحن نسأل الله عزّ وجلّ برحمته وبكرمه أن يقبضنا على الإسلام، وليس قول النبي- صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث المذكور من هذا، إنما ذلك فيمن اشتد ألمه لضر نزل به، فتمنى «5» الخلاص منه بالموت ضجرا وكراهة لما ابتلي به.

_ (1) يوسف (101). (2) تقدم تخريجه عند ذكر تلاوة القرآن ... الخ. ص: 327. (3) قال النحاس: رأيت بعض المتأخرين قد ذكر أن في سورة يوسف آية منسوخة ... وذكرها مع ناسخها، قال: وهذا قول لا معنى له ولولا أنا أردنا أن يكون كتابنا متقصيا لما ذكرناه ... ا. هـ. الناسخ والمنسوخ ص 211. وقد أطال مكي في الرد على الذين ذكروا دعوى النسخ في هذا الموضع وفنده. انظر: الإيضاح ص 327 - 328. وراجع الأحاديث والآثار وأقوال العلماء في تفسير هذه الآية، والجمع بينها وبين الحديث المذكور في تفسير ابن كثير 2/ 492. (4) في ظ: أخبره الله. (5) في ظ ود: فيتمنى.

سورة الرعد

سورة الرعد ليس فيها شيء من المنسوخ والناسخ، وزعم زاعمون أن قوله عزّ وجلّ: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ «1» منسوخ بقوله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ* «2»، وهذا «3» ظاهر البطلان «4»، وهذا خبر حق لا يدخله نسخ، وما زال ربّنا (غافر) «5» غير معامل بالعقوبة وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ «6»، فله الحمد على حلمه مع علمه، وله الحمد على عفوه مع قدرته، وقالوا في

_ (1) الرعد (6). وتمامها: ... وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ. (2) النساء (48، 116). (3) في بقية النسخ: وذلك. (4) وممن حكى الخلاف في نسخ هذه الآية: ابن حزم ص 42، على أن الظلم في الآية: الشرك، وكذلك زعم ابن سلامة ص 202، وقال بالنسخ ابن البارزي ص 37، وأما الكرمي فقد حكى النسخ عن الضحاك والأحكام عن مجاهد-، قلائد المرجان ص 126، وقد رد ابن الجوزي هذا الزعم، وهذا التوهم الفاسد بقوله: «قد توهم بعض المفسرين أن هذه الآية منسوخة، لأنه قال: المراد بالظلم هاهنا: الشرك، ثم نسخت بقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ*، وهذا التوهم فاسد، لأن الظلم عام، وتخصيصه بالشرك هاهنا يحتاج إلى دليل، ثم إن كان المراد به الشرك، فلا يخلو الكلام من أمرين: أما أن يراد به التجاوز عن تعجيل عقابهم في الدنيا، أو الغفران لهم إذا رجعوا عنه، وليس في الآية ما يدل على أنه يغفر للمشركين إذا ماتوا على الشرك اه نواسخ القرآن ص 377. (5) هكذا في الأصل: غافر. خطأ نحوي واضح. وفي بقية النسخ: غافرا وهو الصواب. (6) فاطر (45).

قوله عزّ وجلّ: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ «1»: نسخ بآية السيف، وليس كما قالوا، وقد تقدم القول فيه «2».

_ (1) الرعد (40). (2) وذلك في الموضع الثاني من سورة آل عمران ص: 639. فقد قال هناك: والمعنى: فإنما عليك البلاغ وليس عليك الهداية، وكذلك صنع في الموضع الثاني والعشرين من سورة النساء: وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً. فقد أحال إلى الموضع الثاني من سورة آل عمران ص: 669. ومن العجيب هنا: أن ابن حزم ص 42، وابن سلامة ص 201، 202 حكيا الإجماع على نسخ هذه الآية. وممن حكى النسخ: ابن البارزي ص 37، والكرمي ص 126، وقد أعرض عن ذكرها ضمن الآيات المدعى فيها النسخ كل من: الطبري والنحاس، ومكّي، والقرطبي، وغيرهم من العلماء، وأورده ابن الجوزي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه نسخ بآية السيف وفرض الجهاد، قال: «وكذلك قال قتادة». ثم قال: «وعلى ما سبق تحقيقه في مواضع- من أنه ليس عليك أن تأتيهم بما يقترحون من الآيات، إنما عليك أن تبلغ- تكون محكمة، ولا يكون بينها وبين آية السيف منافات» اه نواسخ القرآن ص 378.

سورة إبراهيم (عليه السلام)

سورة إبراهيم (عليه السلام) ليس فيها من المنسوخ والناسخ شيء، وأما قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: إن فيها آية منسوخة، وهي قوله عزّ وجلّ: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ «1» نسخها قوله عزّ وجلّ في النحل «2»: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «3» فمما لا يلتفت إليه، ولا يعرّج عليه، ولا يستحق أن يكون جوابه إلّا السكوت عنه «4».

_ (1) إبراهيم (34). (2) صحفت في د إلى: (البخل). (3) النحل (18). (4) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 42، وابن سلامة ص 203، 204 وقلائد المرجان ص 127، وحكى ابن البارزي فيها القولين: النسخ والأحكام، دون أن يعزو ذلك لأحد كعادته. انظر: ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه ص 38. وإذا أمعنا النظر في الآيتين الكريمتين، فإننا نجد أنه لا تعارض بينهما فالآية الأولى تتحدث عن المشركين بالله، وموقفهم من نعمه عليهم وهو موقف الجاحدين الظالمين، فناسب أن تختم الآية بقوله تعالى: ... إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ. والآية الثانية التي قيل: إنها ناسخة يقرر الله تعالى في أولها ما قرره في أول الآية الأولى، التي قيل: إنها منسوخة، ويعد بالغفران والتوبة من اهتدى فآمن به بعد كفر، وشكر نعمة الله عليه بعد جحودها، فناسب أن يضيف إلى فضائل الله ونعمه التي دعانا إلى تأملها في الآية، فضيلة أخرى يختم بها الآية، وهي الرحمة والمغفرة، هذا بالإضافة إلى أنهما خبران مؤكدان، ولا يسوغ النسخ في الأخبار. انظر: النسخ في القرآن 1/ 449، 450.

سورة الحجر

سورة الحجر ليس فيها منسوخ ولا ناسخ. وزعموا أن قوله عزّ وجلّ: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا ... «1» الآية، منسوخ بآية السيف «2»، وهذا وعيد وتهديد، وآية السيف لا تنسخ «3» الموعظة والتهديد. وقوله عزّ وجلّ: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ «4»، قالوا: نسخ بآية السيف «5»،

_ (1) الحجر: (3) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. (2) ذكر هذا ابن حزم ص 42، وابن سلامة ص 205، وابن البارزي ص 38، والكرمي ص 128، والفيروزآبادي 1/ 273. وذكره ابن الجوزي وسكت عنه. انظر: زاد المسير 4/ 382، وذكره- كذلك- في نواسخ القرآن ورده بقوله: «قد زعم كثير من المفسرين أنها منسوخة بآية السيف، والتحقيق أنها وعيد وتهديد، وذلك لا ينافي قتالهم، فلا وجه للنسخ» اه ص 379. (3) في د وظ: لا ينسخ. (4) الحجر: (85). (5) أخرجه ابن جرير بأسانيده عن قتادة، والضحاك، ومجاهد. جامع البيان 14/ 51. وأورده النحاس عن سعيد عن قتادة، وكذلك مكّي انظر: الناسخ والمنسوخ ص 213، والإيضاح ص 329. وراجع نواسخ القرآن ص 380، وتفسير ابن كثير 2/ 556. وذكره ابن حزم ص 42 وابن سلامة ص 205، والبغوي في معالم التنزيل 4/ 59، والكرمي ص 128. هذا ولم يناقش كل من: الطبري، والنحاس، ومكّي، وابن الجوزي قضية النسخ هنا، وكأنها قضية مسلمة، لكن القرطبي- بعد إيراده النسخ عن قتادة، وعكرمة، ومجاهد- قال: «وقيل: ليس بمنسوخ وأنه أمر بالصفح في حق نفسه فيما بينه وبينهم» اه الجامع لأحكام القرآن 10/ 54. وقال الخازن- بعد ذكره للنسخ-: «وقيل: فيه بعد، لأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه- صلّى الله عليه وسلّم- أن

وهذا «1» أمر من الله عزّ وجلّ لنبيه- صلّى الله عليه وسلّم- بالصبر في حال لم يكن فيها مطيقا لقتالهم، فليس بمنسوخ بآية السيف. وقوله عزّ وجلّ: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ «2»، قالوا: نسخ بآية السيف «3». وإنما المعنى: إنا أعطيناك المثاني والقرآن العظيم، فالذي أعطيناك أفضل من كل عطية، فلا تمدن عينيك إلى دنياهم، واستغن بما أعطيناك عما متعنا به صنوفا منهم «4». وقالوا في قوله عزّ وجلّ: وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ «5» نسخ معناه بآية السيف دون لفظه، وليس كما قالوا، وذلك محكم لفظا ومعنى «6». وقالوا في قوله عزّ وجلّ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ هذه الآية نصفها محكم، ونصفها منسوخ، وهو قوله عزّ وجلّ: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «7»، وهذا كأنه نوع من اللعب!

_ يظهر الخلق الحسن، وأن يعاملهم بالعفو والصفح الخالي من الجزع والخوف» اه لباب التأويل 4/ 60. قلت: وهذا هو الصحيح، فإنه لا تلازم بين كون هذه الآية مكّية وكونها منسوخة، فمن ذهب إلى قبول دعوى النسخ والسكوت عنه اعتمادا على مكّية الآية، وأن مشروعية القتال كان بعد الهجرة؛ فليس صحيحا، وبخاصة أن الله تعالى توعدهم- على أنه قد وقع منهم ما يقتضي الصفح عنهم- بعذاب في الآخرة، راجع النسخ في القرآن 2/ 537. (1) في بقية النسخ: وهو. (2) الحجر (88). (3) ذكره ابن حزم ص 43، وابن سلامة ص 205، وابن البارزي ص 38، والفيروزآبادي 1/ 274، والكرمي ص 129. (4) راجع تفسير الطبري 14/ 60، ونواسخ القرآن ص 381، وزاد المسير 4/ 416، وتفسير القرطبي 10/ 56. (5) الحجر (89). (6) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 43، وابن سلامة ص 206، وناسخ القرآن لابن البارزي ص 38. قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أن معناها نسخ بآية السيف، لأن المعنى عنده: اقتصر على الإنذار، وهذا خيال فاسد، لأنه ليس في الآية ما يتضمن هذا، ثم هذا خبر فلا وجه للنسخ اه نواسخ القرآن ص 381. (7) الحجر (94). وقد روي النسخ: ابن جرير الطبري في جامع البيان 14/ 69 بسنده، عن ابن عباس،

وإنما المعنى: بلّغ ما أمرت بتبليغه واصدع به، ولا تخش المشركين فإنا قد كفيناك المستهزئين. وكان النبي- صلّى الله عليه وسلّم- يخفي أمره مخافتهم، فأمره الله بإظهاره أمره، وإظهار القرآن الذي يوحي إليه، وقيل: لم يزل النبي- صلّى الله عليه وسلّم- بمكة «1» مستخفيا حتى نزلت، فخرج هو وأصحابه «2». وعن ابن عباس: (المستهزئين) «3»: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي «4» وعدي «5» بن قيس، والأسود بن عبد يغوث الزهري «6» - وهو ابن خال رسول «7» الله- صلّى الله عليه وسلّم-، وأبو زمعة الأسود بن عبد المطلب، كانوا يستهزءون برسول

_ والضحاك، وفي السند عن ابن عباس الحسين بن الحسن بن عطية، وهو ضعيف، كما في ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 532. وأما الراوي عن الضحاك فهو: جويبر. وقد تقدم أنه ضعيف أيضا. كما ذكر النسخ معزوا إلى ابن عباس كل من: النحاس ص 213، ومكي ص 329، والقرطبي 10/ 62، وذكره دون عزو ابن حزم ص 43، وابن سلامة ص 206، وابن البارزي ص 38، والفيروزآبادي 1/ 273، والكرمي ص 129، هذا ولم يناقش الطبري، والنحاس، ومكي، وابن الجوزي قضية القول بالنسخ هنا، بل حكوا ذلك وسكتوا عنه. وقد أحسن الإمام السخاوي صنعا في رده القول بالنسخ ورفضه وعدم قبوله، والحق معه- رحمه الله- فإن الله تعالى أمر نبيه- صلّى الله عليه وسلّم- في هذه الآية أن لا يهتم بما يقال له من كلمات تدل على السخرية والاستهزاء، وأن لا يشغل باله بذلك، بل عليه أن يوجه كل اهتماماته إلى نشر الدعوة، وهو سيصرف عنه أولئك وسيكفيه إياهم بما شاء- كما سيأتي- فعليه أن لا يبالي بإصرارهم على الكفر والضلال، وهذا فيه نوع من التسلية لرسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- والمؤمنين معه. والله أعلم. (1) حرفت في د وظ إلى: (بمكية). (2) راجع تفسير القرطبي 10/ 62، والخازن 4/ 63. (3) هكذا في الأصل: المستهزئين. وفي بقية النسخ: المستهزءون. وهو الصواب. (4) وقد ماتا مشركين في السنة الأولى من الهجرة. انظر: البداية والنهاية 3/ 234. (5) وفي بعض الروايات- كما في سيرة ابن هشام، وتفسير الطبري، والقرطبي-: «الحارث بن الطّلاطلة»، وفي معالم التنزيل للبغوي: «الحارث بن قيس بن الطّلاطلة، قال ابن الجوزي- بعد نسبته هذا القول إلى ابن عباس-: وكذلك ذكرهم سعيد بن جبير، إلا أنه قال مكان الحارث بن قيس: الحارث بن غيطلة». قال الزهري: غيطلة: أمه، وقيس: أبوه، فهو واحد ... وفي رواية ابن عباس، مكان الحارث بن قيس: عدى بن قيس اه زاد المسير 4/ 421. قلت: وهي موافقة لما ذكره المصنف عن ابن عباس. (6) مات كافرا. انظر: جمهرة أنساب العرب ص 129. (7) في د وظ: خال النبي صلّى الله عليه وسلّم.

الله- صلّى الله عليه وسلّم- فبينما النبي- صلّى الله عليه وسلّم- ومعه جبريل- عليه السلام- إذ مرّوا به واحدا بعد واحد فإذا مرّ واحد منهم قال له جبريل: كيف تجد هذا؟ فيقول النبي- صلّى الله عليه وسلّم: «بئس عبد الله» «1»، فيقول جبريل- عليه السلام-: كفيناك هو فهلكوا في ليلة واحدة، أما الوليد: فتعلّق بردائه سهم، فقعد ليخلصه فقطع أكحله «2»، فنزف فمات، وأما الأسود بن عبد يغوث: فأتي بغصن فيه شوك، فضرب به وجهه، فسالت حدقتاه «3» على وجهه، وأما العاص بن وائل: فوطئ شوكة فتساقط لحمه عن عظمه، وأما الأسود بن عبد المطلب، وعدي بن قيس: فأحدهما «4» لدغته حيّة فمات، والآخر شرب من جرة فما زال يشرب حتى انشق بطنه «5». أي: إنا كفيناك الساخرين منك الجاعلين مع الله الها آخر. قال عكرمة: وهم «6» قوم من المشركين كانوا (يقول) «7»: سورة البقرة سورة العنكبوت!!، يستهزءون بالقرآن وأسمائه «8».

_ (1) وفي رواية الطبري قتادة ومقسم: بئس عدو الله. جامع البيان 14/ 71. (2) الأكحل: عرق في وسط الذراع يكثر فصده. اللسان 11/ 586 (كحل). (3) الحدقة: السواد المستدير وسط العين. اللسان 10/ 39 (حدق). (4) في د وظ: واحد منهما. (5) راجع في هذا: تفسير الطبري 14/ 69، وابن عيينة ص 282، وسيرة ابن هشام 1/ 408، البداية والنهاية 3/ 103، ومعالم التنزيل 4/ 63، ولباب التأويل 4/ 63، وتفسير القرطبي 10/ 62، وابن الجوزي 4/ 421، وابن كثير 2/ 559، والدر المنثور 5/ 100. (6) في بقية النسخ: بدون الواو. (7) هكذا في الأصل: كانوا يقول: خطأ. وفي بقية النسخ: يقولون وهو الصواب. (8) أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة- كما في الدر المنثور 5/ 104 - وذكره البغوي دون عزو. انظر: معالم التنزيل 4/ 64.

سورة النحل

سورة النحل فيها (خمس) «1» مواضع:- الأول: قوله عزّ وجلّ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً «2»، قالوا: نسخت بقوله عزّ وجلّ في المائدة (فاجتنبوه)، وبقوله سبحانه: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ «3»، وليس هذا (منسوخ) «4» بهذا، لأن الله عزّ وجلّ أخبر عن حالهم في سورة النحل وعما كانوا بفعلون، ولم يبح لهم بذلك الخمر ولا أمر «5» باتخاذها. قالوا: وهذا الخبر وشبهه، جائز نسخه، لأن الخبر على ضربين: ضرب لا يجوز نسخه، مثل أن يخبر الله عزّ وجلّ عن شيء أنه كان أو أنه سيكون، وضرب «6» يجوز نسخه، مثل أن يخبرنا عزّ وجلّ عن قوم أنهم فعلوا شيئا أو استباحوه «7» وتمتعوا «8» به، ولم يحرّم ذلك عليهم، ثم أخبرنا أنه محرّم علينا، فنسخ ما كان أخبرنا به، وأنه «9» كان مباحا

_ (1) هكذا في الأصل: خمس. وفي بقية النسخ: خمسة. وهو الصواب. (2) النحل (67). (3) المائدة (90، 91). وتقدم نص الآيتين. (4) هكذا في الأصل: وليس هذا منسوخ. وفي بقية النسخ: وليس هذا بمنسوخ. وهو الصواب. (5) في ظ: ولأمر. (6) سقطت الواو من: د وظ. (7) في د وظ: استباحوه. بدون (أو). (8) في بقية النسخ: أو تمتعوا. (9) في بقية النسخ: أنه. بدون (واو).

لمن كان قبلنا، فهذا النسخ «1» المسكوت عنه من فهم الخطاب، لأنه قد فهم من قوله: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً أنه «2» كان مباحا لهم وسكت عن حكمنا فيه، فجاز أن يكون لنا مباحا أيضا، ثم نسخ جواز إباحته بالتحريم في المائدة «3». وهذا غير صحيح، لأنا لم نفهم من قوله عزّ وجلّ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً أنه «4» كان مباحا لهم، ولو فهمنا ذلك (مثلا) «5» لم ندر ما حكمه فيه علينا، فكما «6» يجوز أن يكون مباحا لنا، كذلك يجوز أن يكون (محرّم) «7» علينا، ثم أن القرآن إنما ينسخ القرآن، وليس تجويزنا أن يكون مباحا لنا بقرآن فينسخ على أن الله عزّ وجلّ قد أومأ إلى تحريمه، وعرض بذمه بقوله عزّ وجلّ بعده: ... وَرِزْقاً حَسَناً فأشار بذلك إلى أن السّكر: رزق مذموم غير حسن. وقال أبو عبيدة: السكر: الطعم. اه «8». وقيل: السكر: ما سد الجوع «9». وفيما قدّمته ما يغني عن هذين التأويلين. الثاني: قوله عزّ وجلّ: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ «10»، قالوا: نسخ

_ (1) في د وظ: فهذا نسخ المسكوت عنه. (2) في د وظ: أن كان. (3) اعتمد السخاوي- رحمه الله- في هذا النص على مكي بن أبي طالب مع تصرف يسير، انظر: الإيضاح ص 331 - 333. وراجع الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 44، وأبي عبيد ص 520، وابن حزم ص 43، والنحاس ص 211، وابن سلامة ص 207، ونواسخ القرآن ص 383 - 386 وتفسير الطبري 135، والقرطبي 10/ 128، والخازن وبهامشه معالم التنزيل للبغوي 4/ 82، والدر المنثور 4/ 142. (4) في د وظ: أن كان. (5) في بقية النسخ: ولو فهمنا ذلك مثلا لم ندر ... الخ. (6) في د: وكما. (7) هكذا في الأصل: محرم. خطأ نحوي. وفي بقية النسخ: محرما وهو الصواب. (8) انظر: مجاز القرآن 1/ 363. (9) هذا القول: ذكره النحاس دون عزو إلى أحد. قال: «هو مشتق من قولهم: سكرت النهر، أي: سددته، فيتخذون منه سكرا، وعلى هذا السكر: ما كان من العجوة والرطب. وهو معنى قول أبي عبيدة» أه. الناسخ والمنسوخ ص 215. (10) النحل (82).

بآية السيف «1»، وقد تقدم مثل هذا، والجواب عنه، وإنما المعنى: فإنما عليك البلاغ وليس عليك هداهم «2». الثالث: قوله عزّ وجلّ: مَنْ كَفَرَ «3» بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ «4». قال قوم: نسخ هذا بقوله: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ «5»، وقد بينت أن الاستثناء ليس بنسخ «6». وقال قوم: إن «7» الآية كلها منسوخة بقوله عزّ وجلّ: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا «8»، يعني أنهم فتنوا عن دينهم، فأخبر عزّ وجلّ أنهم إذا هاجروا وجاهدوا وصبروا أنه غفور رحيم، وهذا غلط ظاهر لأن هذا فيمن أسلم بعد أن أكره على الكفر فكفر، وذاك «9» فيمن شرح بالكفر صدرا، ودام عليه، ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ... إلى قوله: ... هُمُ الْخاسِرُونَ «10».

_ (1) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 43، وابن سلامة ص 209، ونواسخ القرآن ص 386، وناسخ القرآن العزيز لابن البارزي ص 38، وبصائر ذوي التمييز 1/ 280. وقد رد ابن الجوزي في المصدر السابق دعوى النسخ هنا، كما رده في نظائره. (2) راجع الكلام على الموضع الثاني من سورة آل عمران. وهي الآية رقم 20. ومر مثله أيضا عند قوله تعالى: ... فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ ... الآية 40 من سورة الرعد ص: 737. (3) في الأصل: (ومن يكفر ... ) خطأ. (4) النحل (106). مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. (5) جزء من الآية نفسها. (6) ذكر دعوى النسخ هنا: ابن حزم ص 43، وابن سلامة ص 209، وحكيا فيها قولا آخر، وهي أنها منسوخة بآية السيف. كما ذكر دعوى النسخ ابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه ص 39. (7) (أن) ليست في بقية النسخ. (8) النحل (110). (9) في بقية النسخ: وذلك. (10) النحل (107 - 109).

وقد قرئ (فتنوا) بفتح «1» الفاء والتاء «2»: أي فتنوا غيرهم عن دينهم، ثم أسلموا «3» أو تابوا «4». الرابع: قوله عزّ وجلّ: وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «5»، قالوا: هو منسوخ بآية السيف «6». وقيل: بل هي محكمة، والتي هي أحسن: اللين غير فظ غليظ ولا جاف. وقيل: الانتهاء إلى ما أمر الله به ونهى عنه، وكل ذلك غير منسوخ «7» وما زال يدعو إلى الله عزّ وجلّ بالرفق واللين، وما قاتل قوما قط إلّا «8» دعاهم إلى الإيمان وعرضه عليهم وبيّنه لهم، وأما المفاجأة بالقتال من غير أن يقدم القول والدعاء إلى الإسلام، فلا، وكان أمره صلّى الله عليه وسلّم وحاله كما قيل:

_ (1) كلمة (بفتح) مكررة في د. (2) وبها قرأ ابن عامر. وقرأ غيره بضم الفاء وكسر التاء. الكشف 2/ 41، والنشر 2/ 305. فقراءة ابن عامر بالبناء على الفاعل، أي: فتنوا المؤمنين بإكراههم على الكفر، وقراءة الباقين بالبناء للمفعول، أي: فتنهم الكفار بالتلفظ بالكفر، وقلوبهم مطمئنة بالإيمان. المهذب في القراءات العشر 1/ 276. (3) في الأصل: أو تابوا. وفي بقية النسخ: وتابوا. وهي أصح. (4) نسب مكي هذا القول- أي نسخ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ... الآية- بقوله: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا ... الآية، نسبه إلى ابن حبيب، ورده وفنّده بما ملخصه: «وهذا لم يقله أحد غيره، وهو غلط ظاهر، فإنه خبر عن مجازاتهم، فلا يجوز نسخه، ولا يحسن من الآدميين. فكيف من علّام الغيوب تعالى الله عن ذلك»؟. فالآية الأولى: نزلت في قوم أكرهوا على الكفر، وفي قوم شرحوا صدورهم بالكفر، وفي قوم كفروا بعد إيمانهم، والآية الثانية: نزلت في صنف آخر غير الصنف الأول، فالآيتان في أصناف مختلفة، يختلف الحكم فيهم وفي مجازاتهم، فلا ينسخ شيء منه شيئا اه من الإيضاح ص 335. (5) النحل: (125). (6) قال ذلك النحاس ص 215، وابن سلامة ص 210، وابن البارزي ص 38، والفيروزآبادي 1/ 280، والكرمي ص 133، وحكي ابن حزم الخلاف فيها. انظر: الناسخ والمنسوخ له ص 44. (7) حكي مكي النسخ. ثم قال: «وقيل هو محكم، والمجادلة بالتي هي أحسن: الانتهاء إلى أمر الله به، والكف عما نهى الله عنه، وهذا لا يجوز نسخه، فالآية محكمة» أه. الإيضاح ص 336. وكذلك حكاه ابن الجوزي ورده بنحو ما ذكره مكي، والسخاوي. انظر: نواسخ القرآن ص 387، وراجع تفسير القرطبي 10/ 200. (8) في بقية النسخ: حتى دعاهم. وهي الأصح.

«أناة فإن لم تغن أردف بعدها ... وعيدا فإن لم يغن أغنت صوارمه» «1». الخامس: قوله عزّ وجلّ: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ... «2»، قالوا: نسخ الصبر بآية السيف «3». ولا يصح ما قالوه، لأنه قد قال عزّ وجلّ قبلها: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ «4»، فما نزلت إلّا بعد الأمر بالقتال، وكان المسلمون قد عزموا على المثلة بالمشركين لما (فعلوا المشركون) «5» يوم أحد بحمزة- رحمه الله- وغيره من المسلمين «6»، وقالوا «7»: لنمثلنّ بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب «8»، فقال لهم الله عزّ وجلّ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ «9» لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، إما «10» عن المثلة المماثلة لما فعل بكم، وإما عن تركها رأسا، والاقتصار على

_ (1) البيت لإبراهيم بن العباس الصولي، وهو كلام موجه إلى بعض البغاة الخارجين عن أمير المؤمنين، يتهددهم ويتوعدهم، وهو كلام- مع وجازته- في غاية الإبداع. انظر: ديوانه ضمن الطرائف الأدبية ص 179 والأغاني 10/ 42، ووفيات الأعيان 1/ 44، ومعجم الأدباء 1/ 188. والصوارم: جمع صارم، وهو السيف القاطع. اللسان 12/ 335 (صرم). (2) النحل (127). (3) قاله ابن سلامة ص 210، وابن البارزي ص 38، وذكره مكي ضمنا. انظر الإيضاح ص 119. وحكى ابن حزم الخلاف فيها. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 44. قال ابن الجوزي: هذه الآية متعلقة بالتي قبلها، فحكمها حكمها، وقد زعم بعض المفسرين أن الصبر هاهنا منسوخ بآية السيف اه. نواسخ القرآن ص 389، وكان ابن الجوزي قد حكي قولين للمفسرين في الآية التي قبلها- وهي قوله تعالى: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ... الآية- أحدهما: أنها نزلت قبل (براءة) فأمر رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- أن يقاتل من قاتله، ولا يبدأ بالقتال ثم نسخ ذلك، وأمر بالجهاد، قاله ابن عباس والضحاك ... والثاني: أنها محكمة، وأنها نزلت فمن ظلم ظلامة، فلا يحل له أن ينال من ظلامة أكثر مما نال الظالم منه، قاله الشعبي والنخعي وابن سيرين والثوري، وعلى هذا القول يكون المعنى: ولئن صبرتم على المثلة لا عن القتال، وهذا أصح من القول الأول اه المصدر نفسه. (4) النحل: (126). (5) هكذا في الأصل: لما فعلوا المشركون. وفي بقية النسخ: لما فعل المشركون وهي الصواب. (6) في د: من المسلمون!. (7) في د وظ: قالوا: بدون واو. (8) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 213. (9) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (10) في ظ: ما عن المثلة.

القتل دونها، ثم قال لنبيّه- صلّى الله عليه وسلّم-: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ، لأنه صلّى الله عليه وسلّم- لما وقف على «1» حمزة- رضي الله عنه-، فنظر إلى شيء لم ينظر قط إلى شيء كان أوجع لقلبه منه، ونظر إليه وقد مثل به فقال: (رحمة الله عليك، فإنك كنت- ما علمتك- فعولا للخيرات، وصولا للرحم، ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر «2» من أفواه شتى، أما والله مع ذلك لأمثلنّ بسبعين منهم)، فنزل جبريل- عليه السلام- والنبي- صلّى الله عليه وسلّم- واقف- بخواتيم سورة الحل وَإِنْ عاقَبْتُمْ ... الآيات «3» الثلاث، فصبر النبي- صلّى الله عليه وسلّم- وكفّر عن يمينه، ولم يمثل بأحد، فقوله عزّ وجلّ- لنبيه- صلّى الله عليه وسلّم-: وَاصْبِرْ، كما يقال لمن يعزّى في مصيبة: (واصبر) «4» واحتسب، وهذا حكم باق إلى يوم القيامة، لم ينسخ، وكل من نزلت به نازلة، فهو مأمور بالصبر، وهذه السورة مكية إلّا الآيات «5» الثلاثة «6».

_ (1) في د وظ: لما وقف على عمه حمزة. (2) في د: يحشر. بالياء. (3) أضافها الناسخ في حاشية ت. لكنها لم تظهر واضحة. (4) كلمة (واصبر) ساقطة من الأصل. (5) هكذا في الأصل: إلّا الآيات الثلاثة، خطأ. وفي بقية النسخ: الثلاث. وهي الصواب. (6) ساق الإمام الطبري الأقوال التي قيلت في سبب نزول هذه الآية، وهل هي منسوخة أو محكمة؟. ثم قال: والصواب من القول في ذلك أن يقال: أن الله تعالى ذكره أمر من عوقب من المؤمنين بعقوبة أن يعاقب من عاقبه بمثل الذي عوقب به، إن اختار عقوبته، وأعلمه أن الصبر على ترك عقوبته- على ما كان منه إليه- خير، وعزم على نبيه- صلّى الله عليه وسلّم أن يصبر، وذلك أن ذلك هو ظاهر التنزيل، ... فإذا كان ذلك كذلك. فيقال: أن الآية محكمة، أمر الله تعالى ذكره عباده أن لا يتجاوزوا- فيما وجب لهم قبل غيرهم من حق من مال أو نفس- الحقّ الذي جعله الله لهم إلى غيره، وأنها غير منسوخة، إذ كان لا دلالة على نسخها، وأن للقول بأنها محكمة وجها صحيحا مفهوما». أه. جامع البيان 14/ 197.

سورة بني إسرائيل

سورة بني إسرائيل (فيها ستة مواضع) «1»: الأول: قوله عزّ وجلّ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً «2»، قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى «3». قالوا: وبقوله عزّ وجلّ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ «4» «5». وذلك غير صحيح، لأن الآية خطابها للمؤمنين في الاستغفار لآبائهم المؤمنين إذا ماتوا، وقد علم أن الله لا يغفر لمن مات وهو كافر «6»، فلا وجه لتناولها الآباء الكفار. الثاني: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «7».

_ (1) زيادة يقتضيها السياق. (2) الإسراء (24) وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما إلى ... كَما رَبَّيانِي صَغِيراً. (3) التوبة (113). (4) التوبة (114). (5) انظر الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 44، وأبي عبيد ص 576، وابن حزم ص 44، والنحاس ص 215، وابن سلامة ص 211، وتفسير الطبري: 15/ 67، والإيضاح لمكي ص 337، ونواسخ القرآن ص 390، وزاد المسير 5/ 26، وتفسير القرطبي: 10/ 244، وتفسير الخازن وبهامشه تفسير البغوي: 4/ 126،. (6) في بقية النسخ: لمن مات كافرا. (7) الإسراء (34).

قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ ... وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «1». وقال آخرون: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «2»، وليس ذلك بصحيح، فإن الله عزّ وجلّ قال: إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*، وقال في الأخرى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ. الثالث: قوله عزّ وجلّ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا «3»، قالوا: نسخ بآية السيف، وقد تقدم الكلام على مثله «4»، وإنّما الرسول صلّى الله عليه وسلّم مبلغ، وليس بوكيل، وليست الهداية إليه. الرابع: قوله عزّ وجلّ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها «5» وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا «6». زعموا أن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: في الأعراف وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً «7» الآية، أي أنه أمر في (سبحان) أن لا يخافت

_ (1) البقرة (220) ... وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ... الآية. (2) النساء (6). ... وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ... الآية. وقد أورد دعوى النسخ قتادة ص 45، ونقله عنه الطبري: 15/ 84 والنحاس ص 217، ونقله مكي عن مجاهد. انظر: الإيضاح ص 339 ثم قال مكي: والذي يوجبه النظر وعليه جماعة من العلماء أنه غير منسوخ لأنه قال تعالى إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ* ففي هذا جواز مخالطتهم بالتي هي أحسن وهو قوله وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ فكلا الآيتين يجوّز مخالطة اليتيم، فلا يجوز أن تنسخ إحداهما الأخرى لأنهما بمعنى واحد ... اه. وكذلك رد ابن الجوزي دعوى النسخ وشدد النكير على القائلين به ورماهم بالجهل. انظر نواسخ القرآن ص 392 قلت: وقد تقدم مثل هذا في الموضع الخامس عشر من سورة الأنعام ص 704. وأما الكلام على معنى قوله تعالى فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فقد سبق أيضا في الموضع الثاني والسادس من سورة النساء ص 646، 651. (3) الإسراء (54). (4) راجع الكلام على الموضع الثاني من سورة آل عمران، والموضع الثاني والعشرين من سورة النساء، والموضع الثاني والثامن، والموضع السادس من سورة يونس. (5) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (6) الإسراء (110). وكان ينبغي أن تكون هذه الآية هي الموضع السادس والأخير من السورة حسب ترتيب الآيات، لكن المصنف لم يلتزم بذلك. (7) الأعراف (205). ولفظة (تضرعا) ليست في بقية النسخ.

بصلاته وأمر «1» في (الاعراف) بالمخافتة «2». وقد «1» تقدم أن ابن عباس- رضي الله عنهما- يطلق النسخ على غير ما نطلقه نحن عليه- هذا إن صح ذلك عنه-. وقد «1» قال أبو موسى وأبو هريرة وعائشة- رضي الله عنهم-: المراد بالصلاة هاهنا: الدعاء «5».

_ (1) سقطت الواو من ظ في هذه المواضع الثلاثة. (2) ذكره النحاس وابن الجوزي عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 218، ونواسخ القرآن ص 393. وذكره مكي عن ابن عباس كذلك. انظر الإيضاح ص 340، وممن حكى النسخ ابن سلامة ص 214، والكرمي ص 135. (5) ذكره عنهم النحاس ومكي في المصدرين السابقين، ورواه البخاري والبغوي بسنديهما عن عائشة- رضي الله عنها- قال البغوي: وهو قول النخعي ومجاهد ومكحول. انظر: صحيح البخاري كتاب التفسير: 8/ 405، بشرح ابن حجر ومعالم التنزيل: 4/ 154، وراجع تفسير الطبري: 15/ 183، وأسباب النزول للواحدي ص 170. هذا وقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال: نزلت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم مختف بمكة، كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ أي بقراءتك، فيسمع المشركون القرآن وَلا تُخافِتْ بِها من أصحابك فلا تسمعهم وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا. انظر: صحيح البخاري كتاب التفسير: 8/ 404، بشرح ابن حجر. وهذا الحديث يفيد أن المراد: رفع الصوت بالقرآن، لكن النحاس يرجح أن المراد بذلك رفع الصوت بالدعاء، كما ورد عن عائشة وغيرها. قال: «وهذا من أحسن ما قيل في الآية، لأن فيه هذا التوقيف عن عائشة، والمعروف من كلام العرب: أن الصلاة: الدعاء ولا يقال للقراءة صلاة، إلا على مجاز، وأيضا فإن العلماء مجمعون على كراهة رفع الصوت في الدعاء، وقد قال الله تعالى ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً الآية: (55) من سورة الأعراف-. وأما أن تكون الآية منسوخة بقوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً فبعيد، لأن هذا عقيب قوله وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. فإنما أمر الله تعالى إذا أنصت أن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة من عقابه، ولهذا كان هاهنا (وخفية) وثم (وخفية)، ومع هذا فقد روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في كراهية رفع الصوت في الدعاء ما يقوي هذا، وقد قال ابن جريج في قول الله تعالى إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ- جزء من الآية السابقة 55 من سورة الأعراف- قال: من الاعتداء: رفع الصوت في الدعاء والنداء والصياح به» اه الناسخ والمنسوخ ص 218. وقد جمع ابن حجر بين قول ابن عباس وعائشة بقوله: ورجح الطبري قول ابن عباس كما رجحه غيره، لكن يحتمل الجمع بينهما بأنها نزلت داخل الصلاة، وقد روى ابن مردويه من حديث أبي

وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن رفع الصوت بالدعاء، وقال: إنكم لا تنادون أصمّ «1». وقيل: (يا رسول الله، أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه)؟ فأنزل الله عزّ وجلّ وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ «2»، فالآية على هذا محكمة. وقال الحسن: المعنى: (لا تجهر بصلاتك)، أي لا ترائي بها في العلانية (ولا تخافت بها) أي لا تهملها وتتركها في السر «3». ولكن هذا التأويل يبطله قوله عزّ وجلّ وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا إلّا أن يريد أن الإخلاص والمحافظة سبيل بين الرياء والتهاون، فتكون الآية على هذا محكمة. الخامس: قوله عزّ وجلّ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا «4». قال السدي: هذا منسوخ بقوله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا «5».

_ هريرة قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلت ... » اه فتح الباري: 8/ 405. (1) رواه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء إذا علا عقبة 11/ 187، بشرح ابن حجر، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء باب استحباب خفض الصوت بالذكر ... الخ 17/ 25 بشرح النووي، كما رواه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص 218 والبغوي في معالم التنزيل: 1/ 134. (2) البقرة (186) ... فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ .. الآية. وقد أخرج هذا ابن جرير الطبري عن الصلت بن حكيم عن أبيه عن جده جامع البيان: 2/ 158، وزاد السيوطي نسبته إلى البغوي في مجمعه وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ وابن مردويه من طرق عن الصلت بن حكيم عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده. انظر الدر المنثور: 1/ 469. وذكره ابن الأثير عن رزين، قال: ولم أجده في الأصول. انظر: جامع الأصول: 2/ 24. (3) أخرجه ابن جرير من طرق عن الحسن. جامع البيان: 15/ 187، وأخرجه ابن عساكر بنحوه عن الحسن كما في الدر المنثور: 5/ 351 وذكره مكي والقرطبي عن الحسن كذلك. انظر: الإيضاح ص 342، والجامع لأحكام القرآن: 10/ 344. قال مكي: فالمعنى على قوله: لا يجتمع منك الجهر بالصلاة في العلانية وترك فعلها في السر، ولا يجوز أن ينسخ هذا المعنى اه. (4) الإسراء (34) ... وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا. وكان حق هذا الموضع أن يتقدم على الموضع الثالث الذي سبق الحديث عنه حسب ترتيب الآيات. (5) آل عمران (77). وسيذكر المصنف نص بقية الآية.

قال «1»: فاقتضى قوله عزّ وجلّ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أن من يسأل عن العهد يجوز أن يدخل الجنة، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ ... أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «2». وليس الأمر كما قال: فإن قوله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ... الآية. نزلت في اليهود «3»، وعهد الله عزّ وجلّ: ما «4» في كتابهم من نعت النبي صلّى الله عليه وسلّم. وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه «5» للناس ولا يكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا «6». وقيل: إن قوما من اليهود اشتدت عليهم معيشتهم فلجئوا إلى المدينة، فلما رجعوا سألهم رؤساؤهم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: هو الصادق لا شك فيه، (فقالوا) «7» رؤساؤهم: حرمتم أنفسكم برّنا ونفعنا، فحكوا من كتبهم صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأثبتوا صفة غيره، وقالوا لرؤسائهم: إنا كنا غالطين «8»، وقالوا: إن الأمر فيه كما تقولون، وأخرجوا

_ (1) (قال) ساقطة من ظ. (2) أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي دون تصريح بالنسخ كما في الدر المنثور: 5/ 284. وذكره مكي بن أبي طالب عن السدي، ثم قال: والذي عليه الجماعة ويوجبه النظر أن هذا غير منسوخ، لأنه خبر لا يجوز نسخه، ولو نسخ هذا لصار المعنى: أن الله لا يسأل عن العهد، لأن نسخ الشيء: رفع حكمه، وهذا الحكم لا يجوز أن يرفع، فالآيتان محكمتان، يسأل الله عباده عن الوفاء بالعهد، ثم يعاقب من باعه ولم يف به بما شاء، ويعفو عمن يشاء من أهل الإيمان اه الإيضاح ص 342. هذا ولم أقف على من ذكر هذه الآية ضمن الناسخ والمنسوخ سوى مكي بن أبي طالب، وقد رد القول بذلك كما رأيت، والله أعلم. (3) انظر: تفسير الطبري: 3/ 321، والبغوي: 1/ 310، والإيضاح ص 343، وزاد المسير: 1/ 411، وأسباب النزول للسيوطي ص 157 بهامش الجلالين. (4) (ما) ساقطة من ظق. (5) هكذا في النسخ بالياء وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وشعبة على إسناد الفعل إلى أهل الكتاب، وقراءة الباقين بالتاء على الحكاية، أي قلنا لهم: لتبيننه ... الخ، وكذلك في لفظ (يكتمونه). الكشف: 1/ 371، والنشر: 2/ 246، والإرشادات الجلية في القراءات السبع من طريق الشاطبية ص 100، والمهذب: 1/ 147. (6) آل عمران 187. (7) هكذا في الأصل: فقالوا. خطأ وفي بقية النسخ: فقال. وهو الصواب. (8) في بقية النسخ: إن كنا لغالطين.

فيه «1» ما «2» غيّروه وبدّلوه، فنفعوهم وبروهم «3». وأما قوله عزّ وجلّ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ أي إذا عاهدتم الناس عهدا على شيء فأوفوا به فإن العهد مسئول، أي مطلوب، أو مسئول عنه، وليس بين الآيتين تعارض. السادس: قال السدي في قوله عزّ وجلّ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ ... «4» الآية نسخها قوله عزّ وجلّ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ «5»، قال: فآية (سبحان) تقتضي أن من نقص الكيل والوزن، كان مؤمنا، ثم أوجب الله تعالى له الويل. والآية محكمة عند جميع العلماء، وإنّما أخبر «6» الله تعالى في (سبحان) أن إيفاء الكيل والوزن العدل: خير لمن فعله وأحسن عاقبة. والتأويل: العاقبة، ومثل هذا من الخبر لا ينسخ، وأخبر تعالى في (المطففين) بالويل لمن طفف، ولا تعارض بينهما ولا نسخ «7».

_ (1) (فيه): ليست في بقية النسخ. (2) في د وظ: من. (3) انظر أسباب النزول للواحدي ص 63. (4) الإسراء (35) وتمامها ... وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا. (5) الآية الأولى من سورة المطففين. (6) هكذا قال- رحمه الله- والذي يظهر أن الجملة ليست خبرية، وإنما تدل على الطلب، والأمر للوجوب. (7) انظر الإيضاح ص 343. وراجع معنى الآية في جامع البيان: 15/ 85، والجامع لأحكام القرآن 10/ 257. هذا ولم يتعرض لدعوى النسخ هنا إلا مكي بن أبي طالب- حسب اطلاعي- وهذا يدل على ضعف القول به، وقد تولى المصنف الرد على ذلك تبعا لمكي. والله أعلم.

[سورة الكهف]

[سورة الكهف «1»] وليس في سورة الكهف شيء «2»، إلّا أن السدي قال في قوله عزّ وجلّ: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ «3»: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* «4». والذي قاله باطل، والمراد (التهديد) «5» لا التخيير، ولو فرض ما قاله لم يكن قوله عزّ وجلّ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* معارضا له. ويلزم من القول بأن هذا على التخيير إباحة الكفر، ومن اعتقد أن الله أباح الكفر فهو كافر.

_ (1) زيادة يقتضيها السياق. (2) في د: وليس في سورة الكهف ليس فيها من المنسوخ. (3) الكهف (29) وأولها وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ .. الآية. (4) الإنسان (30) والتكوير (29). وقد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم عن السدي وقتادة ص 44، وابن سلامة عن السدي ص 216، وكذلك ذكره ابن الجوزي عن السدي ورده بقوله: هذا تخليط في الكلام وإنما هو وعيد وتهديد ... ولا وجه للنسخ اه نواسخ القرآن ص 395 وراجع الإيضاح ص 401، وتفسير القرطبي 10/ 393، وقلائد المرجان ص 136. وممن ذكر دعوى النسخ دون عزو ابن البارزي ص 39، وذكره الفيروزآبادي وعزاه إلى قتادة 1/ 298. والحق ما ذكره ابن الجوزي والسخاوي في الآيتين. والله الموفق للصواب. (5) كلمة (التهديد) سقطت من الأصل. ووضع الناسخ سهما لكتابتها في الحاشية، لكنها لم تظهر.

سورة مريم - عليها السلام -

سورة مريم- عليها السلام- ليس فيها من المنسوخ شيء. 1 - وقال قوم: قوله عزّ وجلّ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ «1» نسخ بآية السيف «2»، وهذا من أعجب الجهل، أترى أنه لما نزلت آية السيف بطل إنذاره وتذكيره بيوم القيامة؟ 2 - وقالوا في قوله عزّ وجلّ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «3». قالوا: نسخ بقوله عزّ وجلّ إِلَّا مَنْ تابَ «4». وقد تقدّم ذكر هذا «5».

_ (1) مريم (39). وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. (2) ذكره ابن حزم ص 45، وابن سلامة ص 217، وابن البارزي ص 40 والفيروزآبادي 1/ 306، والكرمي ص 137. (3) مريم (59). فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. (4) مريم (60) إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً. (5) أي تقدم أن الاستثناء ليس بنسخ، وإنما هو إخراج لبعض ما يتناوله اللفظ. راجع- على سبيل المثال- الموضع الرابع والخامس والسادس من سورة آل عمران ص 641 وكذلك الموضع (الثلاثون) من سورة النساء ص 680 مع التعليق على تلك المواضع. أما دعوى النسخ هنا فقد ذكرها ابن حزم ص ابن حزم ص 45، وابن سلامة ص 218 وابن البارزي ص 40 والكرمي ص 137. ورده ابن الجوزي بقوله: زعم بعض الجهلة أنه منسوخ بالاستثناء بعده وقد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ اه نواسخ القرآن ص 396.

3 - وكذلك قالوا في قوله عزّ وجلّ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها «1» هو منسوخ بقوله ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا «2»، وهذا خبر، والخبر لا يصح نسخه من الله عزّ وجلّ. وأيضا فإن الذين اتّقوا نجو بعد (الورد) «3»، فأين النسخ «4»؟!. وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الورود: الدخول، لا يبقى برّ ولا فاجر إلّا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما» «5». وسأل جابر بن عبد الله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك فقال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال بعضهم لبعض: أليس وعدنا ربّنا أن نرد النار؟ (قعال) «6» لهم: قد وردتموها، وهى خامدة» «7». وقال ابن مسعود وقتادة والحسن: الورود: الجواز على الصراط «8» اه. وقال بعضهم: يجوز أن يكون خطابا للكفار «9». أعني (منكم)، وعلى الجملة فهو غير منسوخ.

_ (1) مريم (71) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا. (2) مريم (72) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا. (3) هكذا في الأصل: الورد. وفي بقية النسخ: الورود. وهو الصواب. (4) ذكر دعوى النسخ ابن سلامة ص 218، وكذلك مكي إلا أنه قال: أن الناسخ لها قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ الآية 101 من سورة الأنبياء، وقد رده وقال بعدم جوازه لأنه خبر .. انظر: الإيضاح ص 345. وقال ابن الجوزي: زعم ذلك الجاهل أن الآية وَإِنْ مِنْكُمْ ... نسخت بقوله: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا، وهذا من أفحش الإقدام على الكلام في كتاب الله سبحانه بالجهل. وهل بين الآيتين تناف؟ فإن الأولى تثبت أن الكل يردونها، والثانية تثبت أنه ينجو منهم من اتقى، ثم هما خبران، والأخبار لا تنسخ. اه نواسخ القرآن ص 397. (5) انظر: مسند الإمام أحمد: 3/ 328، 329، والمستدرك كتاب الأهوال: 4/ 587، وزاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث. الدر المنثور 5/ 535. (6) هكذا رسمت الكلمة في الأصل (قعال). وفي بقية النسخ: فيقال. وهي الصواب. (7) انظر: تفسير الطبري: 16/ 109، وابن كثير: 3/ 132، والدر المنثور: 5/ 535. (8) رواه الترمذي والدارمي والحاكم بنحوه عن عبد الله بن مسعود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. انظر: سنن الترمذي أبواب التفسير: 8/ 605، وسنن الدارمي: 2/ 329، والمستدرك كتاب التفسير: 2/ 375، وراجع: 4/ 587، من كتاب المستدرك أيضا. (9) قال مكي: فأما من قال: أن الآية في الورود للكفار خاصة، فلا تخصيص فيها ولا نسخ ... اه الإيضاح ص 346.

4 - و «1» قالوا في قوله عزّ وجلّ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا «2»: نسخ معناه بآية السيف «3». وهذا خبر جاء على (لفظ) «4» الأمر إعلاما بأن ذلك كائن ولا بد، لأن أمر الله لنفسه بمعنى: الخبر، وقيل: إنه دعاء، أي فمد الله له في عمره، وعلى الجملة فليس بمنسوخ. 5 - وقالوا في قوله عزّ وجلّ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ «5» إنه منسوخ بآية السيف «6» وهذا تهديد ووعيد، وليس بمنسوخ بآية السيف.

_ وهذا القول- أعني تخصيص الورود بالكفار ضعيف، فإن ظاهر اللفظ القرآني لا يعطيه، بل هو عام شامل، والله أعلم. (1) سقطت الواو من د وظ. (2) مريم (75) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا ... الآية. (3) ذكره ابن حزم ص 45، وابن سلامة ص 218، وابن البارزي ص 40 والفيروزآبادي: 1/ 506، والكرمي ص 138. قال ابن الجوزي: زعم ذلك الجاهل أنها منسوخة بآية السيف، وهذا باطل. قال الزجاج: هذه الآية لفظها لفظ أمر ومعناها الخبر، والمعنى: أن الله تعالى جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها، وعلى هذا لا وجه للنسخ. اه نواسخ القرآن ص 397. (4) كلمة (لفظ) ساقطة من الأصل. (5) مريم (84) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا. (6) انظر: المصادر السابقة نفسها. يقول ابن الجوزي: زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف، وهذا ليس بصحيح، لأنه إن كان المعنى: لا تعجل بطلب عذابهم الذي يكون في الآخرة، فإن المعنى: أن أعمارهم سريعة الفناء، فلا وجه للنسخ، وإن كان المعنى: ولا تعجل بطلب قتالهم، فإن هذه السورة نزلت بمكة، ولم يؤمر حينئذ بالقتال، فنهيه عن الاستعجال بطلب القتال واقع في موضعه، ثم أمره بقتالهم بعد الهجرة، لا ينافي النهي عن طلب القتال بمكة، فكيف يتوجه النسخ؟! فسبحان من قدر وجود قوم جهال يتلاعبون بالكلام في القرآن، ويدّعون نسخ ما ليس بمنسوخ وكل ذلك من سوء الفهم، نعوذ بالله منه. اه المصدر السابق.

سورة طه

سورة طه ليس فيها منسوخ. 1 - وأما قولهم في قوله عزّ وجلّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ «1»: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى «2» «3» فهو «4» ظاهر البطلان، فإن أمره بالتأني إلى أن يسمع من الملك حكم ثابت «5» لا ينسخ «6». 2 - وكذلك قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ «7»: قالوا: إنه

_ (1) طه (114). (2) الأعلى (6). (3) ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 45، وابن سلامة ص 219 - 224، وابن البارزي ص 41، والفيروزآبادي 1/ 312 والكرمي ص 140. (4) في ظ: فهذا. (5) في بقية النسخ: لم ينسخ. (6) وهذا هو الصواب، فإن آية (طه) تفيد نهي الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن العجلة أثناء تلقى القرآن، حيث كان- عليه الصلاة والسلام- يبادر جبريل، فيقرأ قبل أن يفرغ من الوحي حرصا على حفظه وخوفا على ذهابه ونسيانه، وهذا كقوله تعالى لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ الآية 16 من سورة القيامة. وأما الآية التي في سورة (الأعلى) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى فهي تؤكد معنى آية (طه) وتطمئن الرسول صلّى الله عليه وسلّم على الحفظ وعدم النسيان، فلا تعارض بينهما ولا نسخ. (7) طه (130) ... وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ ....

منسوخ بآية السيف وما نزل من الفرائض «1». وليس كذلك وأما «2» قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ، فقد تقدم القول في مثله. وأما قوله عزّ وجلّ «3»: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ: فقد قيل: أراد بقوله قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ: صلاة الفجر، وَقَبْلَ غُرُوبِها: الظهر والعصر وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ: العشاء الآخرة، وَأَطْرافَ النَّهارِ: المغرب والصبح «4». وكرّر ذكرها كما قال عزّ وجلّ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى «5». 3 - وكذلك قوله عزّ وجلّ قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا «6». قالوا: نسخ بآية السيف «7»، وهذا وعيد وليس فيه نسخ.

_ (1) الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 45، وابن سلامة ص 224، ونواسخ القرآن ص 399، وزاد المسير: 5/ 333. وناسخ القرآن العزيز ومنسوخه لابن البارزي ص 40، وقلائد المرجان ص 140، وبصائر ذوي التمييز: 1/ 312. وحكى القرطبي فيها القولين- أعني النسخ والاحكام- وفسرها بما يؤكد أحكامها. انظر تفسيره 11/ 260. قلت: والقول باحكام الآية وعدم نسخها هو الصحيح، فإن الآية تأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على قولهم وسبهم له، ويفهم من هذا أن الآية تحمل في طياتها الوعيد الشديد لهم بعقاب من عند الله عاجلا وآجلا، وقد قاتلهم النبي صلّى الله عليه وسلّم واستمر في قتالهم وصبر وتحمل كل العقبات التي وقفت في طريقه صلّى الله عليه وسلّم فلا نسخ ولا تعارض. والله أعلم. (2) في بقية النسخ: أما. بدون واو. (3) من قوله: أما قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ .. إلى هنا ساقط من د وظ بانتقال النظر. (4) انظر تفسير الفخر الرازي: 22/ 133، وراجع تفسير الطبري 16/ 233 والبغوي 4/ 232، والقرطبي: 11/ 261، والزاد: 5/ 333. (5) البقرة (238). (6) طه (135). (7) قال بذلك ابن حزم ص 45، وابن سلامة ص 224، وابن البارزي ص 40 والفيروزآبادي: 1/ 312، والكرمي ص 140. وأما ابن الجوزي فقد ذكره في نواسخ القرآن وسكت عنه. انظر: ص 399. وذكره في زاد المسير بصيغة: قيل هذه منسوخة بآية السيف وليس بشيء اه 5/ 377. نعم ليس بشيء لأنه تهديد ووعيد وتخويف للكفار بالعذاب، فالكل منتظر لمن يكون النصر، والكل متربص بالآخر، وسيعلم الكفار لمن النصر في الدنيا والفوز بالآخرة، ومثل هذا لا ينسخ، والله الموفق للصواب.

سورة الأنبياء - عليهم السلام -

سورة الأنبياء- عليهم السلام- ليس فيها شيء من المنسوخ. وقال قوم في قوله «1» عزّ وجلّ إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ «2»: إنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ «3». فما أدرى (بم) «4» يرد هذا القول لكثرة الوجوه المبطلة له؟!. أبكونه خبرا من الله عزّ وجلّ، وخبره لا ينسخ؟ أم بكونه خطابا لكفار قريش بقوله عزّ وجلّ إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ، وما كانوا يعبدون المسيح ولا الملائكة؟! أم بقوله وَما تَعْبُدُونَ و (ما) لما لا يعقل، أم بكونه قد

_ (1) سقطت كلمة (قوله) من د وظ. وهو سقط فاحش. (2) الأنبياء (98). (3) الأنبياء (101). وقد ذكر دعوى النسخ ابن حزم وابن سلامة وابن البارزي والكرمي في المصادر السابقة. أما مكي فقد حكى النسخ عن بعض الناس ورده وفنده، وقال: إنما هو تخصيص وتبيين وهو أيضا خبر والخبر لا ينسخ .. إلى آخر كلامه في الإيضاح ص 350 - 351. وقال ابن الجوزي: وقد ذكروا في سورة الأنبياء ما لا يحسن ذكره مما ادعوا فيه النسخ، فأضربنا عنه. اه نواسخ القرآن ص 399. (4) سقطت (بم) من الأصل.

تبيّن بقوله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى، أنه لم يرد العموم بقوله وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ «1».

_ (1) قال الإمام الطبري: بعد ذكره لأقوال العلماء فيها- ما ملخصه: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب قول من قال: عني بقوله إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ... ما كان من معبود، كان المشركون يعبدونه، والمعبود لله مطيع، وعابده بعبادتهم إياه كفار، لأن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ .. ابتداء كلام محقق لأمر كان ينكره قوم .. حيث قال بعضهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ما الأمر كما تقول لأنا نعبد الملائكة، ويعبد آخرون المسيح وعزيرا، فرد الله عليهم قولهم ... فأما قول الذين قالوا: ذلك استثناء من قوله إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ .. فقول لا معنى له لأن الاستثناء إنما هو إخراج المستثنى من المستثنى منه، ولا شك أن الذين سبقت لهم منا الحسنى، إنما هم أما ملائكة وأما أنس أو جان، وكل هؤلاء إذا ذكرتها العرب فإن أكثر ما تذكرها ب (من) لا ب (ما)، والله تعالى ذكره إنما ذكر المعبودين الذين أخبر أنهم حصب جهنم ب (ما)، قال: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ إنما أريد به ما كانوا يعبدونه من الأصنام والآلهة من الحجارة والخشب، لا من كان من الملائكة والإنس ... اه جامع البيان: 17/ 97 - 98.

سورة الحج

سورة الحج ليس فيها منسوخ. وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ «1» نسخها آية السيف «2». وقد قلنا: إن آية السيف لا يصح أن تكون ناسخة لشيء من هذا، لأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يكن قادرا على القتال منهيا عنه، وإنما تنسخ آية السيف أية يكون فيها نهيه عن القتال، ولا نجد ذلك في القرآن لأن العاجز عن القتال لا ينهى عنه! أفترى أنه بعد آية السيف لا يجوز له أن يقول لهم: اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ؟. وما يروى عن السلف- رحمهم الله- مثل ابن عباس وغيره من إطلاق النسخ في هذا إنما يريدون به: الانتقال من حال الى أخرى، فأطلقوا على ذلك النسخ، ونحن نريد بالنسخ: رفع الحكم الثابت نصا بنص آخر لولاه لكان الأول ثابتا، وابن عباس وغيره لا يريدون بالنسخ هذا «3». وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ «4»: هو منسوخ بقوله عزّ

_ (1) الحج (68). (2) قاله ابن سلامة ص 233، وابن البارزي ص 41، وحكاه القرطبي في تفسيره: 12/ 94. قال ابن الجوزي: اختلفوا في هذه الآية على قولين:- أحدهما: أنها نزلت قبل الأمر بالقتال، ثم نسخت بآية السيف. والثاني: أنها نزلت في حق المنافقين، كانت تظهر منهم فلتات، ثم يجادلون عليها، فأمر أن يكل أمورهم إلى الله تعالى، فالآية على هذا محكمة. اه نواسخ القرآن ص 400. (3) وقد سبق تقرير هذا مرارا. (4) الحج (78).

وجلّ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «1»، وقد تقدم الكلام في هذا «2». وأما ما ذكروه في قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ «3» من أنه منسوخ بقوله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى «4»: فهذيان لا يسمع ولا يلوى «5» عليه «6».

_ (1) التغابن: 16. (2) أي في الموضع التاسع من سورة آل عمران ص 643 وممن قال بالنسخ هنا ابن سلامة ص 234، وابن البارزي ص 41، قال النحاس: من جعلها منسوخة، قال: هي مثل قوله تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ الآية 102 من سورة آل عمران. قال: وهذا لا نسخ فيه اه الناسخ والمنسوخ ص 227. ومال إلى القول بالأحكام مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 356 والقرطبي في تفسيره 12/ 99. وقد حكى ابن الجوزي النسخ، ثم قال: والقول الثاني: أنها محكمة لأن حق الجهاد: الجد في المجاهدة وبذل الإمكان مع صحة القصد فعلى هذا هي محكمة، ويوضحه أن الله تعالى لم يأمر بما لا يتصور فبان أن قوله: مَا اسْتَطَعْتُمْ تفسير لحق الجهاد، فلا يصح نسخ. اه نواسخ القرآن ص 401. (3) الحج (52). ولم يلتزم المصنف الترتيب. والآية تمامها: ... إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. (4) الأعلى (6) وتقدمت قريبا في سورة (طه). (5) أي لا ينبغي أن يلتفت إليه. راجع اللسان 15/ 264 (لوى). (6) ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 46، وابن سلامة ص 231 - 233. قال مكي: وليس في الآية ناسخ ولا منسوخ إنما هي دالة على جواز النسخ لما ليس من القرآن مما يلقيه الشيطان على لسان النبي صلّى الله عليه وسلّم اه الإيضاح ص 355. وراجع كلام النحاس حول ما قيل في هذه الآية ودعوى النسخ فيها وناسخها وتفنيده لذلك ص 225.

سورة المؤمنين

سورة المؤمنين لا نسخ فيها. وأما قولهم في قوله عزّ وجلّ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ «1»، و «2» قوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ «3» إنهما منسوختان بآية السيف، فغير صحيح، وقد تقدّم الكلام في مثله «4».

_ (1) المؤمنون (54). (2) سقطت الواو الأولى من ظ. (3) المؤمنون (96). (4) وذلك في الموضع الرابع والخامس من سورة الأنعام ص 698 وفي الموضع الرابع من سورة النحل 746 فانظره وقد ذكر النسخ هنا ابن حزم ص 46 وابن سلامة ص 234، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 402 وابن البارزي ص 42، والفيروزآبادي 1/ 330، والكرمي ص 148. وحكى القرطبي النسخ في الآية الثانية فقط ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .. انظر، تفسيره: 12/ 147. وقال فيها ابن الجوزي، أي في الآية الثانية:- بعد أن حكى في معناها أربعة أقوال- وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية منسوخة وقال بعض المحققين من العلماء: لا حاجة بنا إلى القول بالنسخ لأن المداراة محمودة ما لم تضر بالدين ولم تؤد إلى إبطال حق وإثبات باطل. اه المصدر نفسه.

سورة النور

سورة النور 1 - قوله عزّ وجلّ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ «1»، في معنى هذه «2» الآية أقوال: قال ابن المسيب: فيما رواه مالك عن يحيى بن سعيد «3» (عنه) «4» إنها عامة، وإنها منسوخة بقوله عزّ وجلّ وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ «5» «6» ولم يفرّق بين زانية ولا عفيفة. فكل من زنا بامرأة أو زنا بها غيره: جاز له أن يتزوجها. قال الشافعي:- رحمه الله- الآية منسوخة- إن شاء الله- كما قال ابن المسيب «7».

_ (1) النور (3). (2) كلمة (هذه) ليست في د وظ. (3) يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني مات سنة 144 هـ، أو بعدها التقريب: 2/ 348. (4) (عنه) سقطت من الأصل. (5) النور (32). (6) انظر أحكام القرآن لابن العربي: 3/ 1331، وتفسير القرطبي 12/ 169 وقد أخرج هذا الأثر أبو عبيد وابن جرير والنحاس وابن الجوزي كلهم عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب. انظر الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 274، والنحاس ص 229، وجامع البيان: 18/ 74، 75، ونواسخ القرآن ص 405، وانظر الدر المنثور: 6/ 160. (7) انظر؛ كتاب الأم للشافعي: 5/ 12، 148.

وكذلك يقول ابن عمر: إنها «1» منسوخة بجواز نكاح الزانية، وسالم «2» وجابر بن زيد وعطاء وطاوس ومالك وأبو حنيفة «3». والقول بأن الآية منسوخة: يوجب أن الزاني كان محرّما عليه أن ينكح عفيفة ولا يجوز له أن ينكح إلّا زانية أو مشركة، وأن الزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك، وادعاء ذلك ليس بالهين، ومتى أباح الله عزّ وجلّ نكاح المشركات غير الكتابيات لزناة المسلمين؟ ومتى أباح الله للزانية المسلمة أن تنكح المشرك؟ فهذا القول واه ظاهر السقوط «4». ثم أن قوله عزّ وجلّ: وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: يوجب على هذا القول أن يكون الزاني والزانية غير المشركين، أن يكونا غير مؤمنين. وقال مجاهد وقتادة والزهري: هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين أرادوا نكاح مومسات «5» معلوم منهن الزنا في الجاهلية «6» اه. وقال ابن عمر- رضي الله عنه- استأذن رجل من المؤمنين النبي صلّى الله عليه وسلّم في نكاح امرأة يقال لها: أم مهزول، اشترطت له أن تنفق عليه، وكانت تسافح «7». والآية «8» لا تطابق ما ذكروه، فكيف يكون سببا لنزولها؟ وكان ينبغي على ما ذكروه أن يكون أول الكلام: المؤمنون لا ينكحون الزواني، وفي ذلك أيضا ما ذكرته فيما سبق.

_ (1) في بقية النسخ: هي. (2) أي وكذلك يقول سالم ومن عطف عليه. (3) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 229، وراجع الإيضاح لمكي ص 359 وتفسير القرطبي: 12/ 169. (4) في ظق: البطلان. (5) في ظ: حرفت الكلمة إلى (المؤمنات) وهو تحريف قبيح. (6) ذكره عنهم ابن جرير الطبري في جامع البيان: 18/ 73. (7) رواه الطبري والنحاس بسنديهما عن عبد الله بن عمرو، قال النحاس: وهذا الحديث من أحسن ما روي في هذه الآية .. اه انظر جامع البيان 18/ 71، والناسخ والمنسوخ ص 231 وراجع أسباب النزول للواحدي ص 180، وأحكام القرآن لابن العربي 3/ 1328، وتفسير القرطبي: 12/ 168. والدر المنثور 6/ 128. قال الكيا الهراسي الشافعي: فأقوى التأويلات أن الآية نزلت في بغايا الجاهلية، والمسلم ممنوع من التزوج بهن، فإذا تبن وأسلمن: صح النكاح وإذا ثبت ذلك فلا يجب كونه منسوخا اه. أحكام القرآن 2/ 296. (8) كلمة (الآية) مكررة في ظ.

وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن «1» المراد بالنكاح: الوطء. أي أن الزاني من أهل القبلة لا يزني إلّا بزانية مثله من أهل القبلة أو بمشركة، والزانية من أهل القبلة لا تزني إلّا بزان مثلها من أهل القبلة أو بمشرك وَحُرِّمَ ذلِكَ أي وحرّم الزنا على المؤمنين. واختار هذا القول الطبري، وقال في قوله عزّ وجلّ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: أي وحرّم على المؤمنين نكاح المشركات الوثنيات، وعلى المؤمنات نكاح المشركين «2»، وليس هذا القول بمستقيم، وأي فائدة في الإخبار بأن الزاني لا ينكح إلّا زانية أي لا يطأ إلّا زانية؟ وفي أن الزانية لا يطأها إلّا زان «3»؟. ورد «4» قوم من العلماء القول بأن المراد بالنكاح: الوطء بقوله عزّ وجلّ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. وقالوا «5»: هو محرّم على المؤمنين وغيرهم. وإنما المراد بالنكاح: التزويج «6» أي وحرّم نكاح البغايا والزناة، وهذا الرد غير سديد، لأنه لا يلزم من قوله عزّ وجلّ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أن يكون مباحا لغيرهم، وقد قال عزّ وجلّ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ «7» وحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ «8» الآية، وإنما ردّه بما ذكرته.

_ (1) أن: ليست في بقية النسخ. (2) انظر نص كلام الطبري في جامع البيان: 18/ 75، وهو بنصه أو قريب منه في الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 230، والإيضاح ص 360، وراجع أيضا الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 12/ 167. (3) قال ابن العربي: بعد أن أورد الأقوال في الآية- والذي عندي أن النكاح لا يخلو من أن يراد به الوطء كما قال ابن عباس أو العقد، فإن أريد به الوطء فإن معناه: لا يكون زنا إلا بزانية وذلك عبارة عن أن الوطئين من الرجل والمرأة زنا من الجهتين، ويكون تقدير الآية: وطء الزنا لا يقع إلا من زان أو من مشرك، وهذا يؤثر عن ابن عباس وهو معنى صحيح. فإن قيل: وأي فائدة فيه وكذلك هو؟ قلنا: علمناه كذلك من هذا القول، فهو أحد أدلته اه أحكام القرآن: 3/ 1330. (4) كلمة (ورد) مطموسة في ظ. (5) في بقية النسخ: وقال. (6) قال القرطبي: وقد روي عن ابن عباس وأصحابه أن النكاح في هذه الآية: الوطء. وأنكر ذلك الزجاج، وقال: لا يعرف النكاح في كتاب الله تعالى إلا بمعنى: التزويج وليس كما قال. وفي القرآن حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ الآية 230 من سورة البقرة. وقد بينه النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه بمعنى: الوطء اه من تفسيره: 12/ 168. (7) المائدة (3). (8) النساء (23).

وقال صاحب الكشاف في هذه الآية: الفاسق: الخبيث الذي من شأنه الزنا والتقحب «1» «2»، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء، واللاتي على خلاف صفته وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله أو مشركة «3»، والفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها وإنما يرغب فيها من هو في شكلها من الفسقة أو المشركين، ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة (المتّسمون) «4» بالزنا: محرّم عليه محظور، لما فيه من التشبه «5» بالفساق وحضور موقع التهمة، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة وأنواع المفاسد، ومجالسة الخطّاءين، كم فيها من التعرض «6» لاقتراف الآثام فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب «7»؟! وقد نبّه الله «8» تعالى «9» على ذلك بقوله وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ «10» اه. وقد قال هذا، وهو يحسب أنه قد قال شيئا! ومتى كان الزاني لا ينكح إلّا زانية أو مشركة؟ بل الزاني المتوغل في الزنا أكثر غيرة من غيره، ألا ترى إلى قولهم: (بقدر العفة تكون الغيرة) «11»، فهو لا يرضى لنفسه أن تكون قعيدة بيته إلّا في أبلغ درجات التصون «12»، وتراه يتخيل من أدنى «13» شيء لما عرفه من أحوال الزناة، ولهذا أجاز

_ (1) حرفت في ظ إلى (التعجب). (2) أي التمثل بالقحبة البغي، لأنها كانت في الجاهلية تؤذن طلابها بقحابها، وهو سعالها. اللسان: 1/ 661 (قحب). (3) في الكشاف: أو في مشركة. (4) هكذا في الأصل: المتسمون. وفي ظ: بالمتسمين. وفي ظق ود (المتسمين) وهي الصواب. (5) في ظق: من التشبيه. (6) في ظ: حرفت الكلمة إلى (التعوض). (7) في د وظ: الفجار. (8) لفظ الجلالة ليس في بقية النسخ. (9) كلمة (الله تعالى) ليست في الكشاف. (10) الكشاف للزمخشري: 3/ 48. (11) مثل عربي لم أستطع العثور عليه. (12) في ظ: حرفت الكلمة إلى (التصوم). (13) في د: أنى شيء.

مالك- رحمه الله- ولاية الفاسق في النكاح «1»، ومتى أبيح للزاني نكاح المشركة الوثنية حتى لا يرغب إلّا فيها؟ ومتى رأينا الزناة يطلبون المشركات لنكاحهن كتابيات أو غير كتابيات؟. ثم أن نكاح المشركات ليس فيه «2» شيء مما ذكر، ولو كان فيه ذلك لما أباح الله عزّ وجلّ نكاح الكتابيات وأحلّه للمؤمنين، فكيف تكون مخالطتهن والكون معهن محرّما على المسلمين؟ فإن قيل: فما بقي للآية معنى تحمل عليه؟. قلت: معناها: تنفيرهم عن الزنا وتقبيحه في نفوسهم، لأنه عزّ وجلّ ذكر في الآية التي قبلها حد الزنا، ونهى عن الرأفة بمن زنا، وذكر أنها لا تجامع الإيمان، ثم قال في هذه الآية:- كالمؤكد لذلك- إذا كان الزاني المشهور بالزنا غير مرضي لنكاح من ولّيتم أمره، بل هو مردود عن ذلك مصدود استنكافا له فلا ينكح إلّا زانية مثله، والزانية لا تجد ناكحا- لهجنتها- إلّا زانيا أو مشركا- إن كانت مشركة، فإذا كانت هذه حال الزنا عندكم، فكيف ترضونه لأنفسكم؟ فقد حرّمه الله عليكم لما فيه (من) «3» رفع أقداركم «4»، وصرف السوء والفحشاء عنكم. والزاني في قوله عزّ وجلّ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ (أو مشرك) «5»: عام في كل زان مسلم أو مشرك «6» وفي كل زانية، فهذا الجنس لا ينكح إلّا زانية إن كان مسلما أو مشركة إن كان مشركا، ونزّه الله المؤمنين «7» من ذلك فحرّمه عليهم، والآية محكمة، والله أعلم «8».

_ (1) انظر: منح الجليل شرح على مختصر سيدي خليل 3/ 289، وراجع فقه السنة للسيد سابق: 2/ 111. (2) في د: فنه. وفي ظ: منه. (3) (من) ساقط من الأصل. (4) في ظ: أنذاركم. (5) قوله: أَوْ مُشْرِكٌ: سقط من الأصل وظق. ووضع الناسخ إشارة في (ت) لإضافتها في الحاشية لكنها لم تظهر. (6) في ظ: عام في كل زان أو مشرك عام في كل زان مسلم. (7) في د وظ: في ذلك. (8) قلت: صدر ابن كثير تفسيره للآية بما يؤيد إحكامها، حيث قال: بعد إيراد الآية-: هذا خبر من الله عزّ وجلّ بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، وكذلك الزانية لا ينكحها إلا زان أي عاص بزناه أو مشرك لا يعتقد

2 - وقوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا «1» بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها «2»: ليس بمنسوخ بقوله عزّ وجلّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ «3» فِيها مَتاعٌ لَكُمْ «4» كما ذكروا «5»، لأن الأولى في البيوت المسكونة، يدلّ على ذلك قوله عزّ وجلّ وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها والثانية في البيوت التي ينزلها المسافرون وبيوت الخانات، والبيوت التي ليس لها أرباب ولا سكّان «6». 3 - وقوله عزّ وجلّ وَ «7» قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ .. «8» الآية ليس ذلك بمنسوخ، بل هو محكم واجب على جميع النساء «9». وقال قوم: نسخ بعضها بقوله عزّ وجلّ وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ

_ تحريمه ثم ساق عن سفيان إلى ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: ليس هذا بالنكاح، إنما هو الجماع، لا يزني بها إلا زان أو مشرك، وهذا إسناده صحيح عنه. قال: وقد روى عنه من غير وجه أيضا. وقد روى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعروة بن زبير والضحاك ومكحول ومقاتل بن حيان وغير واحد نحو ذلك ... ومن هنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله- إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب فإن تابت صح العقد عليها، وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى: وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ اه من تفسيره: 3/ 262. (1) في د: لا يدخلوا. خطأ. (2) النور (27). (3) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (4) النور (29). (5) أخرجه ابن الجوزي عن ابن عباس وعكرمة وكذلك النحاس. انظر جامع البيان 18/ 115 والناسخ والمنسوخ ص 231. وزاد ابن الجوزي عزوه إلى الحسن والضحاك. انظر نواسخ القرآن ص 407 كما عزاه مكي إلى ابن عباس دون إسناد كعادته. انظر الإيضاح ص 365 وذكره دون عزو ابن حزم ص 48 وابن سلامة ص 245، وراجع تفسير القرطبي 12/ 221. (6) وقد رد القول بالنسخ كل من الإمام الطبري والنحاس ومكي وابن الجوزي انظر المصادر السابقة. (7) سقطت الواو من د وظ. (8) النور (31). (9) وهذا هو الصحيح كما سيأتي قريبا بإذن الله.

نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ «1» اه وليس هذا بناسخ لما تقدم لمن تأمل «2». 4 - وقوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ .. «3» روى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- إنها منسوخة، وكذلك قال سعيد بن المسيب، وهذا مما يوضح ما قلته من أنهم كانوا يطلقون النسخ على غير ما نطلقه نحن عليه لأن ابن عباس- رضي الله عنهما- سأل «4» عن هذه الآية، فقال: لا يعمل بها اليوم قال: وذلك أن القوم لم يكن لهم ستور ولا حجال «5» «6»، فربما دخل الخادم والولد و «7» اليتيم على الرجل وهو يجامع فأمر الله عزّ وجلّ «8» بالاستئذان في هذه الساعات الثلاث ثم جاء الله عزّ وجلّ باليسر وبسط الرزق فاتخذ الناس الستور والحجال «9»، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم عن الاستئذان «10».

_ (1) النور (60). وقد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 48، وابن سلامة ص 246، وعزاه مكي إلى ابن عباس كما في الإيضاح ص 366، ورواه ابن الجوزي بسنده عن ابن عباس، قال: وهو قول الضحاك اه نواسخ القرآن ص 409. (2) قال ابن الجوزي: قد زعم قوم أن هذا نسخ .. وليس هذا بصحيح لأن الآية الأولى فيمن يخاف الافتتان بها، وهذه الآية في العجائز فلا نسخ اه المصدر نفسه. (3) النور (58). .. وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ .. الآية. (4) هكذا في الأصل: سأل. وهو خطأ إملائي. وفي بقية النسخ: سئل وهو الصواب. (5) في ظ: ولا حجاب. (6) الحجال: جمع حجلة- بفتحات- مثل القبة، وحجلة العروس بيت يزين بالثياب والأسرة والستور. اللسان 11/ 144 (حجل). (7) سقطت الواو من ظ. (8) سقطت الباء من ظ. (9) في د وظ: والحجاب. (10) رواه بنحوه أبو عبيد والنحاس وأبو داود كلهم عن ابن عباس. انظر الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 471، والنحاس ص 235، وسنن أبي داود كتاب الأدب باب الاستئذان في العورات الثلاث: 5/ 377 قال النحاس: عقيب ذكره لأثر ابن عباس هذا- وهذا القول متنه حسن وليس فيه دليل على نسخ الآية ولكن على أنها كانت على حال ثم زالت فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان اه المصدر نفسه. وانظر تفسير القرطبي: 12/ 303، وراجع نحو كلام السخاوي في الإيضاح لمكي ص 366 - 367.

وقال ابن المسيب: هي منسوخة لا يعمل بها اليوم «1»، وهذا من قوله دليل واضح على ما ذكرته، فلا تغتر بقولهم: منسوخ، فإنهم لا يريدون به ما تريد أنت بالنسخ والدليل على هذا: أن هذه الآية لم يرد لها ناسخ من القرآن «2»، ولا من السّنة على قول من يجيز نسخه بالسّنّة، وأن حكمها باق فيمن يكون حاله كحال من أنزلت فيه بإجماع. قال الشعبي: ليست بمنسوخة. فقيل له: إن الناس لا يعملون بها اليوم، فقال: الله المستعان «3». وأكثر العلماء على أنها محكمة وأن «4» حكمها باق، والاستئذان غير «5» منسوخ «6».

_ (1) رواه النحاس عن سعيد بن المسيب، كما رواه أيضا بنحوه أبو عبيد والطبري عن سعيد بن جبير الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 234، وأبي عبيد ص 470، وجامع البيان: 18/ 163. (2) يريد المصنف- رحمه الله- أنه لم يرد لها ناسخ من القرآن يعول عليه وإلا فقد أورد ابن الجوزي نسخها بقوله تعالى في الآية التي بعدها وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وعزاه إلى ابن المسيب، وقال: وهذا ليس بشيء، لأن معنى الآية وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ أي من الأحرار الحلم فليستأذنوا، أي في جميع الأوقات في الدخول عليكم كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: كما استأذن الأحرار الكبار الذين بلغوا قبلهم، فالبالغ يستأذن في كل وقت، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث اه نواسخ القرآن ص 411. كما أورد النسخ بهذه الآية دون عزو ابن حزم ص 48، وابن سلامة ص 247، وابن البارزي ص 43، والفيروزآبادى في بصائر ذوي التمييز: 1/ 336، والكرمي ص 155. (3) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص 470، والطبري في تفسيره 18/ 162، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 235. قال: وهو قال القاسم بن محمد وجابر بن زيد اه. وذكره مكي والقرطبي عن الشعبي. انظر الإيضاح ص 368، والجامع لأحكام القرآن 12/ 304. (4) «أنّ» ليست في د وظ. (5) في د وظ: خبر. (6) قال أبو عبيد: ولا نعلم أحدا من العلماء أخبر عن نسخ هذه الآية بل أغلظوا شأنها. اه الناسخ والمنسوخ ص 468 (وكان في العبارة اضطراب فصوبها محققه). وقال مكي: وأكثر العلماء على أن الآية محكمة، وحكمها باق، والاستئذان في هذه الأوقات واجب اه الإيضاح ص 367.

5 - وقوله عزّ وجلّ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ «1»، قالوا: نسخت بآية السيف «2». وهذا خبر، وخبر الله عزّ وجلّ لا ينسخ.

_ (1) النور (54). ولم يلتزم المصنف الترتيب. (2) ذكره ابن حزم ص 48، وابن سلامة ص 147 وابن البارزي ص 42 قال ابن الجوزي: وذكر بعض المفسرين أن هذا منسوخ بآية السيف، وليس بصحيح اه. من زاد المسير: 6/ 56.

سورة الفرقان

سورة الفرقان ليس فيها نسخ. وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً «1». قال أبو العالية: قوله (قالوا سلاما) منسوخ بآية السيف «2». وتكلّم في ذلك سيبويه، ولم يتكلم في شيء من الناسخ والمنسوخ، إلّا في هذه (الآية) «3» «4». قال: ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركون. قال: ولكنه على قولك: لا خير بيننا ولا شر، يعني أن قوله: (قالوا سلاما)

_ (1) الفرقان (63) وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ .. الآية. (2) ذكره البغوي في تفسيره عن الكلبي وأبي العالية: 5/ 88. قال ابن حزم الأنصاري: منسوخة في حق الكفار بآية السيف، وبعض معناها محكم في حق المؤمنين اه. الناسخ والمنسوخ ص 49. وحكي الكرمي النسخ فيها بآية السيف، ثم قال: وقيل: هي محكمة، إذ لا شك أن الاغضاء عن السفهاء وترك المقابلة بالمثل مستحسن في الأدب والمروءة والشرع، وأسلم للعرض اه. قلائد المرجان ص 159. قلت: وهذا هو الصحيح، وسيأتي- بإذن الله- مزيد بيان لهذا من كلام السخاوي وغيره، والله أعلم. (3) كلمة (الآية) سقطت من الأصل وظق. (4) قاله النحاس والقرطبي. انظر الناسخ والمنسوخ ص 239، وتفسير القرطبي: 13/ 70.

معناه: تسلما منكم ومتاركة، لا نجاهلكم، و «1» لا خير بيننا ولا شر. أي نتسلم منكم تسلما، فأقيم السلام مقام التسليم «2» اه. وهذا التأويل يحتاج فيه إلى إثبات أن الجاهلين هم المشركون، وأيضا فإن الله عزّ وجلّ وصف المؤمنين وأثنى عليهم بصفات، منها الحلم عند جهل الجاهل، والمراد بالجاهلين: السفهاء، وهذه صفة محمودة باقية إلى يوم القيامة، وما زال الإغضاء عن السفهاء والترفّع عن مقابلة ما قالوه بمثله من أخلاق الفضلاء، وبذلك يقضي الورع والشرع والأدب والمروءة، ثم (و) «3» أي حاجة إلى القول بأن ذلك منسوخ؟. وقال زيد بن أسلم: التمست تفسير هذه الآية فلم أجده عند أحد فأتيت «4» في النوم فقيل لي: هم الذين لا يريدون فسادا في الأرض «5». وقال ابن زيد: هم الذين لا يتكبّرون في الأرض ولا يتجبرون ولا يفسدون، وهو قوله عزّ وجلّ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً «6» وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «7». وقال الحسن: يمشون حلماء علماء لا يجهلون، وإن جهل عليهم لم يجهلوا وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً، أي إذا خاطبهم الجاهلون بما يكرهون من القول، أجابوهم بالمعروف والسداد من الخطاب، قالوا: تسلما منكم وبراءة بيننا وبينكم، ذلّت- والله- منهم الأسماع والأبصار والجوارح، حتى يحسبهم الجاهل مرضي، وما بالقوم من مرض، وإنهم لأصحاء القلوب، دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، فلمّا وصلوا إلى بغيتهم قالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا

_ (1) الواو ليست في بقية النسخ. (2) انظر الكتاب لسيبويه: 1/ 325. (3) في بقية النسخ: ثم وأي حاجة ... الخ. (4) في د وظ: فأنبيت. (5) أخرجه ابن جرير بسنده عن زيد بن أسلم. جامع البيان: 19/ 34. وذكره القرطبي في تفسيره: 13/ 68. (6) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (7) القصص: (83).

الْحَزَنَ «1» إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ «2» والله ما حزنتهم الدنيا، ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة، أبكاهم الخوف من النار، وإنه من لم يعتزّ بعزّ الله تقطّع نفسه حسرات اه «3» وكلام الحسن وما ذكرته من كلام غيره، يدل على أن الآية محكمة «4». وقول سيبويه الذي قاله: فيه نظر، لأنه قال: لم يؤمر (المسلمين) «5» يومئذ أن يسلموا على المشركين، وهذا ليس بأمر، إنما هو (شيء) «6» حكاه الله عزّ وجلّ عنهم وأثنى عليهم به «7» «8». فإن قيل: أراد سيبويه- رحمه الله- لم يؤمروا أن يسلموا عليهم، فكيف يسلمون عليهم؟ قلت: لا يفتقرون في ذلك إلى أمر من الله عزّ وجلّ، فقد كانوا يسلّمون عليهم، وإن كان سلام عليكم أصله الدعاء، إلّا أنه «9» قد يقوله من لا يريد الدعاء، إنما يريد الإحسان والإجمال في المخاطبة.

_ (1) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (2) فاطر (34). (3) أخرج هذا المعنى الطبري بأسانيده عن الحسن ومجاهد. انظر جامع البيان 19/ 34، 35. وأخرجه ابن كثير عن عبد الله بن المبارك بسنده عن الحسن. انظر: تفسير القرآن العظيم 3/ 324. (4) قال ابن الجوزي: وهذه الآية محكمة عند الجمهور. انظر: نواسخ القرآن ص 415، وراجع تفسير القرطبي: 13/ 70. (5) هكذا في الأصل: لم يؤمر المسلمين. وفي بقية النسخ: لم يؤمر المسلمون. وهو الصواب. (6) كلمة (شيء) سقطت من الأصل. (7) (به) ليست في د وظ. (8) قال النحاس: وزعم محمد بن يزيد أن سيبويه أخطأ في هذا وأساء العبارة، لأنه لا معنى لقوله: ولم يؤمر المسلمون أن يسلموا على المشركين، وإنما كان ينبغي أن يقول: ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يحاربوا المشركين، ثم أمروا بحربهم. قال: وكلام محمد بن يزيد يدل على أن الآية أيضا عنده منسوخة، وإنما جاز فيها أن تكون منسوخة، لأن معناها معنى الأمر. إذا خاطبكم الجاهلون، فقولوا: (سلاما) فعلى هذا يكون النسخ فيها، فأما كلام سيبويه فيحتمل أن يكون معناه: لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين، ولكنهم أمروا أن يتسلموا منهم ويتبرءوا ثم نسخ ذلك بأمر الحرب اه. الناسخ والمنسوخ ص 239، وراجع تفسير القرطبي: 13/ 70. (9) (إلا أنه) مكررة في ظ.

فإن أراد سيبويه هذا فهو حسن، وإن أراد أنهم لم يأتوا بالتسليم يريدون به «1» التبرّؤ، فإن ذلك يبطل بقوله عزّ وجلّ في سورة القصص- حين أثنى على قوم من أهل الكتاب أسلموا-: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ «2». وهذه الآية أخت تلك، وقد عيب عليه قوله، لا خير بيننا ولا شر. وقال مكّي في هذه الآية: إن هذا- وإن كان خبرا- فهو من الخبر الذي يجوز نسخه. قال: لأنه ليس فيه خبر من الله عزّ وجلّ لنا عن شيء يكون، أو شيء كان فينسخ بأنه لا يكون أو (بآية) «3» لم يكن، هذا الذي لا يجوز فيه النسخ، وإنما هذا خبر من الله عزّ وجلّ لنا أن هذا الأمر كان من فعل هؤلاء الذين هم عباد الرحمن، قبل أن يؤمروا بالقتال، وأعلمنا في موضع آخر (نزلت) «4» بعد فعلهم ذلك أنه أمر بقتالهم وقتلهم، فنسخ ما كانوا عليه. قال: ولو أعلمنا «5» في موضع آخر أنهم لم يكونوا يقولون للجاهلين: (سلاما) لكان هذا نسخا للخبر الأول، وهذا لا يجوز، وهو نسخ الخبر بعينه. والله عزّ وجلّ يتعالى عن ذلك. قال: فإذا «6» كان الخبر حكاية عن فعل قوم جاز نسخ ذلك الفعل الذي أخبرنا به عنهم، بأن يأمر بأن لا يفعلوه «7»، ولا يجوز نسخ ذلك الخبر، والحكاية بعينها بأنها لم تكن «8»، أو كانت على خلاف ما أخبر به أولا، فاعرف الفرق في ذلك «9» اه وقوله هذا- لو فرضنا أن تأويل الآية: أن الجاهلين هم المشركون- لا يصح به نسخ الآية، لأن الله عزّ

_ (1) في بقية النسخ: مريدين. (2) القصص (55). (3) هكذا في الأصل: بآية. وفي بقية النسخ (بأنه) وهو الصواب. (4) هكذا في الأصل: نزلت. وفي بقية النسخ (نزل) وهو الصواب. (5) سقطت الهمزة من ظ. (6) في ظ: فإن كان. (7) في ذ وظ: تفعلوه. (8) في د: لم يكن. (9) انظر: الإيضاح ص 371، 372 مع تصرف السخاوي في بعض العبارات.

وجلّ إن كان نهاهم عن فعله (وأمرهم) «1» أن لا يفعلوه «2» بآية السيف. فإن هذا الخلق الذي أخبر به عنهم، وهو قولهم: (سلاما) لم يكن بأمر من الله عزّ وجلّ، وإنما كانوا يفعلون ذلك من عند أنفسهم حلما وتبرءوا «3» من المشركين، كما زعم من قال ذلك، فإذا نزلت آية السيف ناسخة لذلك، كانت ناسخة عادة كانوا يفعلونها «4»، ولم تكن ناسخة قرآنا. وهذه الآية مخبرة بما كانوا يفعلونه، فكيف تنسخها آية السيف، وهذا واضح «5». وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ .. «6» إلى قوله عزّ وجلّ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «7»: ذلك منسوخ بالاستثناء، وهو قوله عزّ وجلّ: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا «8» صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ «9» وهذا ظاهر

_ (1) هكذا في الأصل: وأمرهم. وفي بقية النسخ: أو أمرهم. وهو الصواب. (2) في ظ: أن تفعلوه. بالتاء. وفي د: بدون نقط. (3) في ت: غير واضحة، وفي د: وتبرأ. (4) في د: يفعلونه. (5) قال ابن العربي: لم يؤمر المسلمون أن يسلموا على المشركين، ولا نهوا عن ذلك، بل أمروا بالصفح والهجر الجميل، وقد كان من سلف من الأمم في دينهم التسليم على جميع الأمم، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقف على أنديتهم ويحييهم ويداينهم، ولا يداهنهم اه أحكام القرآن باختصار 3/ 1430. (6) كلمة (آخر) ليست في د. (7) الفرقان (68 - 69). وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً ... (8) كلمة (عملا) ساقطة من د وظ. (9) وهي الآية التي تلي الآيتين السابقتين. وقد ذكر النسخ هنا ابن حزم ص 48، وابن سلامة ص 248، وابن البارزي ص 43، والكرمي ص 159. أما ابن الجوزي فقد ناقش هذه القضية ورد دعوى النسخ فيها وأبطلها بقوله: اختلف العلماء في ناسخها على ثلاثة أقوال: الأول: أنه قوله تعالى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها الآية (93) من سورة النساء- وقد سبق القول فيها-. وهذا قول ابن عباس، والأكثرون على خلافه في أن القتل لا يوجب الخلود. الثاني: قوله عزّ وجلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ الآية 48 من سورة النساء.

البطلان، وقد تقدم القول في مثله «1».

_ قال: وهذا لا يصح، لأن الشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه. والثالث: أنها نسخت بالاستثناء في قوله: إِلَّا مَنْ تابَ. وهذا باطل، لأن الاستثناء ليس بنسخ اه. نواسخ القرآن ص 416. (1) راجع على سبيل المثال الموضع الرابع والخامس والسادس من سورة آل عمران والموضع الثلاثين من سورة النساء، والثالث من سورة التوبة.

سورة الشعراء

سورة الشعراء «1» ليس فيها نسخ. وزعم قوم أن قوله عزّ وجلّ وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ «2»، منسوخ بقوله عزّ وجلّ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... «3» إلى آخرها، وليس ذلك بنسخ لما ذكرته «4».

_ (1) في الأصل: أضيفت كلمتان في الحاشية يصعب قراءتهما. (2) الشعراء (224). (3) الشعراء (227). (4) تكلم المصنف آخر سورة الفرقان على هذا، وقال: إنه باطل. وقد ذكر دعوى النسخ هنا النحاس بسنده إلى ابن عباس، وأحد رجال الإسناد جويبر، وهو ضعيف- كما سبق- ويفهم من كلام النحاس أنه لم يرتض القول بالنسخ، فقد قال: هذا الذي تسميه العرب استثناء لا نسخا ... الناسخ والمنسوخ ص 241. كما رد مكي دعوى النسخ- بعد أن عزاها إلى ابن عباس-. انظر: الإيضاح ص 373. وكذلك فعل ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 417، وراجع تفسير القرطبي: 13/ 153. وقد ذكر النسخ ابن حزم ص 49 وابن سلامة ص 251. وابن البارزي ص 43، والكرمي ص 161.

سورة النمل

سورة النمل ليس فيها نسخ. وقال قوم في قوله عزّ وجلّ وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ .. «1» الآية: هو منسوخ بآية السيف «2». وقد تقدم القول في مثله «3»، وأنه ليس بمنسوخ كما ذكروا.

_ (1) النمل (92) وتمامها ... وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ. (2) ذكره ابن حزم 49، وابن سلامة ص 252، والفيروزآبادى 1/ 349 والكرمي ص 162، والبغوي في معالم التنزيل 5/ 133، والقرطبي 13/ 246. قال ابن الجوزي: روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس- رضى الله عنهما- أن هذا منسوخ بآية السيف، وكذلك قال قتادة. ثم قال: وقد تكلمنا على جنس هذا، وبينا أن الصحيح أنه ليس بمنسوخ. اه نواسخ القرآن ص 419. (3) قلت: وقد سبق كلام الإمام السخاوي على مثل هذا. انظر على سبيل المثال كلامه على الآية 89 من سورة الحجر، والتعليق على ذلك ص 740. وقد فسر الإمام الطبري الآية بما يؤيد أحكامها. انظر جامع البيان: 20/ 25.

سورة القصص

سورة القصص ليس فيها نسخ. وأما قول من قال في قوله عزّ وجلّ وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ .. «1» الآية أنه منسوخ بآية السيف «2»، فقد تقدم القول فيه «3». قال مجاهد: هي محكمة، والمعنى «4»: أن المؤمنين كانوا إذا آذاهم الكفار أعرضوا عنهم، وقالوا: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، أي أمنة لكم منا، لا نجاوبكم ولا نسابكم، لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أي لا نطلب عمل الجاهلين «5».

_ (1) القصص (55). وتمامها ... وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ. (2) ذكره ابن حزم ص 49، وابن سلامة ص 254، ورده كل من النحاس ص 241، ومكي ص 375، وسكت عنه ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 420. (3) راجع مناقشة السخاوي للآية 159 من سورة الأنعام (الموضع السادس عشر) ص 705، وراجع كذلك مناقشته للآية التي مرت قريبا في آخر سورة الفرقان 63 ص 775. (4) سقطت الواو من د وظ. (5) انظر: كلام مجاهد في الإيضاح ص 375، وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 241.

سورة العنكبوت

سورة العنكبوت لا نسخ فيها. وأما قوله عزّ وجلّ وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «1»، وقول من قال: إنها «2» نسخت بآية السيف،- وهو قول قتادة «3» -، فالآية محكمة عند الجمهور «4». قال ابن زيد: هي محكمة، والمراد من آمن من أهل الكتاب، يعني: لا تجادلوا من آمن من أهل الكتاب فيما يحدثون به في «5» كتابهم، لعلّه كما «6» يقولون «7» اه.

_ (1) العنكبوت (46). (2) كلمة (إنها) ليست في بقية النسخ. (3) انظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة ص 45. ورواه عنه ابن جرير الطبري في جامع البيان 21/ 2، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 242، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 422. وقال مكي روى عن قتادة أنه قال: نسخها قوله تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ... الآية. انظر الإيضاح ص 377. (4) قال الطبري: لا معنى لقول من قال: نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، وزعم أنها منسوخة، لأنه لا خبر بذلك يقطع العذر، ولا دلالة على صحته من فطرة أو عقل اه. المصدر السابق 21/ 3 وبنحوه قال النحاس، ثم أردف قائلا: فيكون المعنى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالقول الجميل، أي بالدعاء إلى الله والتنبيه على حججه، وإذا حدثوكم بحديث يحتمل أن يكون كما قالوا، فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فهذا الذي هو أحسن اه ص 242. (5) في بقية النسخ: عن كتابهم. (6) في د وظ: لعله كانوا يقولون. ولا معنى لها. (7) رواه الطبري بنحوه عن ابن زيد، وذكره النحاس وهو بلفظه في الإيضاح ص 377. انظر: جامع البيان 21/ 2، والناسخ والمنسوخ ص 242.

وكانوا يفسرون التوراة بالعربية «1». وقال مجاهد: هي محكمة، والمراد: المعاهدون، أي إنما يجادل «2» من لا عهد له، ويقاتل حتى يعطي الجزية أو يسلم «3». وقيل: الذين ظلموا: هم المفرطون في العناد، الذي لا تنفع «4» فيهم المجادلة بالتي هي أحسن. وقيل: الذين ظلموا واعتدوا، فجعلوا لله (ولدا) «5» شريكا. والذين قالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ «6» وَنَحْنُ أَغْنِياءُ «7» ويَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ «8» تعالى الله عن قولهم «9». وقيل: من نقض الذمة ومنع الجزية، فحينئذ يجادل (بغير) «10» التي هي أحسن أي بالسيف «11». وعن «12» النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما حدثكم به أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسوله، فإن كان باطلا لم تصدقوهم، وإن كان حقا لم تكذبوهم» «13» اه.

_ (1) قال البخاري: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام .. كتاب التفسير 5/ 150. (2) في د وظ: إنما يجادلون. (3) ذكره مكي بنحوه وابن الجوزي عن مجاهد. انظر الإيضاح ص 378، ونواسخ القرآن ص 423. (4) في ظق: لم تنفع. وفي د وظ: لم ينفع. (5) في الأصل: طمس الناسخ كلمة (ولدا أو شريكا) وأضاف في الحاشية كلمة (شريكا) فقط. (6) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (7) جزء من آية 181 من سورة آل عمران. (8) جزء من آية 64 من سورة المائدة، وقد ذكر نصّهما كاملا في الموضع الثامن والعشرين من سورة النساء. (9) ذكر هذا المعنى الأخير ابن جرير وأسنده إلى مجاهد. جامع البيان: 21/ 3. (10) في الأصل: طمس الناسخ (بغير) ثم أضيفت في الحاشية إلا أنها لم تظهر. (11) راجع هذه المعاني أو نحوها في تفسير الفخر الرازي 25/ 75، والقرطبي 13/ 350. (12) حرف (عن) مطموس في ظ. (13) انظر صحيح البخاري، كتاب الشهادات باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة 3/ 163، وكتاب

فهي على جميع ما ذكرته محكمة، والظاهر أنها نزلت في من آمن أو أعطى الجزية، إذا ذكر للمسلمين شيئا من كتابه فلا يجادل، فأما من أقام على الكفر، ولم يدخل في الذمة، فجداله السيف. وقوله عزّ وجلّ: وَ «1» قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا «2» وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ إلى آخره. هو المراد بالتي هي أحسن «3». وقيل: إن هذه السورة نزلت من أولها إلى رأس العشر بمكة، ونزل باقيها بالمدينة «4». وإذا كانت مجادلة الذين ظلموا منهم السيف، فكيف تنسخها آية السيف وهي آية السيف؟!. (و) «5» الذين ظلموا: (هم) «6» الذين ذكرهم الله «7» في (براءة) في قوله عزّ وجلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ «8». وقالوا في قوله عزّ وجلّ: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ «9» نسخ معنى النذارة بآية السيف. وهذا ظاهر البطلان «10».

_ التفسير: 5/ 150، وكتاب الاعتصام 8/ 160، وكتاب التوحيد 8/ 213، وسنن أبي داود كتاب العلم باب رواية حديث أهل الكتاب 4/ 59، ومسند الإمام أحمد: 4/ 136. (1) سقطت الواو من الأصل. (2) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (3) في ظق: هي الحسن. (4) سبق الحديث عنه في أول الكتاب ص 189. (5) سقطت الواو من الأصل. (6) (هم) سقطت من الأصل وظق. (7) في د وظ: هم الذين ذكر في براءة. وفي ظق: ذكرهم في براءة. (8) التوبة (29). وهذه هي الآية التي روي عن قتادة- كما سبق- أنها ناسخة لآية العنكبوت-. (9) العنكبوت: (50). (10) لأنه لا منافاة بين هذه الوظيفة الشريفة، وهي تبليغ الرسول صلّى الله عليه وسلّم دعوة الله إلى الناس وبين قتالهم، وهو آخر المراحل التي يلجأ إليها الرسل صلوات الله وسلامه عليهم. وممن ذكر دعوى النسخ هنا ابن سلامة ص 256، وابن الجوزي ورده انظر: نواسخ القرآن ص 423، وابن البارزي ص 44، والكرمي ص 163.

سورة الروم

سورة الروم ليس فيها نسخ. وقالوا في قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ «1» نسخها آية السيف «2». وقد تقدم رد ذلك «3».

_ (1) الروم (60). (2) انظر المصادر السابقة، ابن سلامة، وابن الجوزي، وابن البارزي والكرمي. وقال ابن الجوزي: زعم السدي أنها نسخت بآية السيف. وهذا إنما يصح له لو كان الأمر بالصبر عن قتالهم، فأما إذا احتمل أن يكون صبرا على ما أمر به أو عما نهى عنه، لم يتصور نسخ اه نواسخ القرآن ص 425. (3) انظر الموضع الرابع عشر من سورة آل عمران والخامس من سورة المائدة والسابع من سورة يونس. وانظر كذلك مناقشة السخاوي للآية 85 من سورة الحجر ص 739.

سورة لقمان

سورة لقمان ليس فيها نسخ. وزعم قوم أن قوله عزّ وجلّ: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ «1». منسوخ بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقل: ما شاء الله وشئت ولكن قل: ما شاء الله ثم شئت» «2». أي نسخ الجمع «3» بين الشكرين بالواو فيستوي الشكران، ولكن يكون ب (ثم) فتقدم الشكر لله كالمشيئة «4».

_ (1) لقمان: (14). وأولها وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي ... الآية. (2) انظر: سنن أبي داود، كتاب الأدب باب لا يقال: خبثت نفسي 5/ 259 وسنن الدارميّ كتاب الاستئذان باب في النهي أن يقول: ما شاء الله وشاء فلان 2/ 295، والمسند للإمام أحمد 5/ 384، 394، 398. وعنوان الباب الثامن من كتاب الأيمان والنذور من صحيح البخاري 7/ 223. (3) كلمة (الجمع) ساقطة من د وظ. (4) نقله السخاوي عن مكي في الإيضاح ص 379، ولم يعلق مكي على ذلك بشيء، وإنما اكتفى بنسبته إلى بعض العلماء. ولم أقف على من ذكر النسخ هنا سوى مكي بن أبي طالب ممن تكلموا في الناسخ والمنسوخ، وقد فسر الطبري 21/ 70، والقرطبي 14/ 65 الآية بما يؤيد إحكامها، وهو الصحيح، فإنه يجب على الإنسان أن يشكر الله على جميع نعمه وفي مقدمة ذلك نعمة الإسلام ويجب عليه أن يشكر للوالدين ما قاما به تجاهه، وفي مقدمة ذلك نعمه التربية.

فعلى هذا لا يجوز أن تتلى هذه الآية! وهذا خلف من القول. وقالوا في قوله عزّ وجلّ ... وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ «1»: نسخ معناها بآية السيف «2». وليس كما قالوا، وقد «3» تقدّم الجواب.

_ (1) لقمان (23). (2) ذكر ابن حزم أن الآية المذكورة منسوخة، إلا أنه لم يذكر لها ناسخا ص 50، وقال بنسخها بآية السيف ابن البارزي ص 45، وحكي الكرمي فيها النسخ والاحكام ص 165. وقد رد ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 426، وفي تفسيره 6/ 325 دعوى النسخ، وقال: إنه ليس بشيء، لأنها إنما تضمنت التسلية له من الحزن، وذلك لا ينافي القتال اه. قال الإمام الطبري:- عند تفسير هذه الآية- وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرة، فإن مرجعهم ومصيرهم يوم القيامة إلينا، ونحن نخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا ثم نجازيهم عليها جزاءهم اه جامع البيان: 21/ 80. وهذا التفسير- لا شك- يؤيد إحكام الآية، ويدل على عدم التعارض بينها وبين آية السيف. (3) كلمة (وقد) مطموسة في ظ.

سورة السجدة

سورة السجدة ليس فيها نسخ. وأما قولهم: إن قوله عزّ وجلّ في آخر السورة فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ «1». منسوخ بآية السيف «2» فليس كذلك، وهو وعد من الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم، ووعيد لهم.

_ (1) السجدة (30). (2) رواه النحاس بسنده عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص 244، وجويبر ضعيف كما سبق. كما حكى النسخ مكي ص 381، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 427 وابن حزم ص 50، وابن سلامة ص 257، وابن البارزي ص 45، والفيروزآبادي 1/ 374، والكرمي ص 166. هذا ولم يناقش كل من النحاس ومكي وابن الجوزي قضية دعوى النسخ بل ذكروها وسكتوا عنها. وأقول: أن الناظر في سياق الآيات التي تتحدث عن يوم الفتح الواردة في قوله تعالى وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ .. السجدة (28 - 29). وهو يوم القيامة على القول الصحيح وهو اليوم الذي يفتح الله بين أنبيائه وبين أعدائه ويفصل بينهم، ويرى كل منهم عاقبة أمره. أقول: أن الناظر في هذا يظهر له جليا أن الآية خبر تحمل في طياتها الوعد لأنبيائه وأوليائه والوعيد والتنديد والتهديد من يوم الوعيد للمشركين الذي طالما أنكروه واستبعدوا وقوعه، فالله تعالى يطمئن رسوله ويعده بأنه سيرى عاقبة صبره، كما أنهم سيجدون عاقبة أمرهم وما ينتظرهم فانتظر إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ.

وليس معنى قوله عزّ وجلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ: أترك قتالهم، فإنه صلّى الله عليه وسلّم لن يكن قادرا على ذلك.

_ ومثل هذا لا يقال عنه منسوخ، وأما الأعراض عن قتالهم، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن قادرا على قتالهم كما قال السخاوي من قبل، وبعد القدرة على ذلك قاتلهم، وهذا معروف، والله الموفق للصواب.

سورة الأحزاب

سورة الأحزاب ليس فيها نسخ. وقالوا: نسخ قوله عزّ وجلّ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ «1» وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ «2» بآية السيف «3». وليس كذلك، وقد تقدّم القول في مثله.

_ (1) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ. (2) الأحزاب (48). (3) قاله ابن حزم ص 51، وابن سلامة ص 258، وابن البارزي ص 45 والكرمي ص 167، والقرطبي: 14/ 202. وحكاه ابن الجوزي عن المفسرين، ولم يعلق على ذلك بشيء. نواسخ القرآن ص 428، لكنه في المصفى بأكف أهل الرسوخ عبر عن ذلك بقوله: زعم جماعة نسخها بآية السيف اه ص 47. اه وهذا التعبير يدل على عدم رضاه عن دعوى النسخ. والله أعلم. هذا وقد أعرض عن ذكر هذه الآية ضمن الناسخ والمنسوخ كل من الإمام الطبري والنحاس، ومكي، وابن كثير وغيرهم، وهذا يدل على ضعف القول به، وهو كذلك وقد سبق مثله مرارا، وهذه الآية خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم تأمره بأن يدع أذى الكفار والمنافقين، وأن يعرض عن ذلك ويصير عليه، وهذا لا يمنع القيام بأمر الله في عباده والنفوذ لما كلف به، دون طاعة للكفار والمنافقين، وآية السيف تأمره بقتل طائفة من المشركين، فموضوع الآيتين مختلف، فلا يجوز دعوى النسخ. ثم أن آخر الآية يجيء- بعد النهي عن طاعة الكفار والمنافقين والأمر بترك أذاهم- بمثابة الإنذار لهم، وهو انذار لهم بالانتقام الشديد منهم في الآخرة وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وهذا لا يقبل النسخ بحال. راجع تفسير الطبري 22/ 18، والنسخ في القرآن 2/ 572.

وقوله عزّ وجلّ لا تحلّ «1» لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلّا ما ملكت يمينك «2» زعم «3» قوم أنه منسوخ. واختلفوا في ناسخه، فقال قوم: نسخت بالسّنة، رووا عن عائشة وأم سلمة- رضي الله عنهما- «ما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى أحل له «4» النساء «5»». وأخبار الآحاد «6» لا تنسخ القرآن، لأن القرآن العظيم «7» مقطوع به. وخبر الواحد ليس كذلك، فكيف يزال ما قطع به بما لم يقطع به «8»؟ وقيل: الناسخ قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ... «9»، قالوا: وهي من الأعاجيب، نسخها بآية قبلها في النظم «10».

_ (1) هكذا بالتاء، وهي قراءة أبي عمرو البصري لتأنيث الجماعة ولتأنيث معنى جماعة النساء، وقرأ الباقون بالياء لتذكير لفظ الجمع الكشف 2/ 199، والنشر: 2/ 349، وانظر المهذب 2/ 148. (2) الأحزاب (52). (3) في د: وزعم. (4) (له) سقطت من د وظ. (5) رواه الترمذي بسنده عن عائشة- رضي الله عنها- وقال: حديث حسن صحيح. أبواب التفسير باب ومن سورة الأحزاب 9/ 78، والنسائي في سننه كتاب النكاح باب ما افترض الله عزّ وجلّ على رسوله- عليه السلام- 6/ 56، وأحمد في المسند 6/ 41، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 246، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 431، وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم نحوه عن أم سلمة. انظر الدر المنثور 6/ 637. (6) أخبار الآحاد: هي ما لا ينتهي إلى حد خبر المتواتر المفيد للعلم، فما نقله جماعة من خمسة أو ستة مثلا، فهو خبر واحد، ولا يراد خبر الواحد الخبر الذي ينقله الواحد، ولكن كل خبر عن جائز ممكن لا سبيل إلى القطع بصدقه، ولا إلى القطع بكذبه، فهو خبر الواحد وخبر الآحاد سواء نقله واحد أو جمع منحصرون. جامع الأصول 1/ 124. (7) في بقية النسخ: العزيز. (8) انظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 101، والإيضاح ص 386. أما ابن حزم الظاهري فيرى عدم الفرق بين السنة المتواترة وغيرها- متى صحت- في النسخ. انظر: الأحكام في أصول الأحكام 4/ 107. (9) الأحزاب (50). (10) المراد بالنظم هنا: أي سياق الآيات. قلت: وقد تقدم نظير هذا في سورة البقرة أثناء الكلام عن آيتي عدة المتوفى عنها زوجها ص 629.

وقيل: نسخت بقوله عزّ وجلّ قبلها تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ «1». وهذا القول إنما يقوله من قاله ظنا، ألا ترى اختلاف القولين في الناسخ ما هو «2»؟ وإنما حملهم على ذلك ما ظنّوه من التعارض، ولا تعارض، لأن قوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ، لا يعارض قوله سبحانه لا تحل «3» لك النساء من بعد ولا قوله عزّ وجلّ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ «4» لأن قوله عزّ وجلّ إِنَّا

_ أما نسخ لا يَحِلُّ لَكَ .. ب يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ ... فقد عزاه ابن الجوزي إلى ابن عباس وعلي بن أبي طالب وعائشة وأم سلمة وعلي بن الحسين والضحاك. انظر نواسخ القرآن ص 431. ومال إليه الزرقاني وانتصر له. انظر مناهل العرفان 2/ 267. (1) الأحزاب (51). (2) حكى النحاس ثمانية أقوال في الآية الكريمة لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ ... وسأقتصر على ذكر واحد منها فقط ومضمونه أنها منسوخة بآية أخرى وهي قوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ ... وكان الله قد حظر عليه التزويج بعد من كان عنده، ثم اطلقه له وأباحه بقوله عزّ وجلّ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ .... قال: وهذا القول عن جماعة من أجلة الصحابة والتابعين، وساق بسنده إلى أم سلمة قالت: لم يمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء، إلا ذات محرم، وذلك قوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ .. ، وهذا- والله أعلم- أولى ما قيل في الآية، وهو وقول عائشة- رضي الله عنها- واحد في النسخ، وقد يجوز أن تكون أرادت: أحل له ذلك بالقرآن وهو مع هذا قول علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- وابن عباس وعلي بن الحسين والضحاك، قال: وقد عارض بعض الفقهاء الكوفيين، فقال: محال أن تنسخ هذه الآية، يعني تُرْجِي مَنْ تَشاءُ .. لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وهي قبلها في المصحف الذي أجمع المسلمون عليه، وقوى قول من قال: نسخت بالسنة، لأنه مذهب الكوفيين. قال النحاس: وهذه المعارضة لا تلزم، وقائلها غالط، لأن القرآن نزل جملة واحدة إلى سماء الدنيا في شهر رمضان المبارك، ويبين لك أن اعتراض هذا لا يلزم قوله وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ الآية 240 من سورة البقرة- منسوخة على قول أهل التأويل- لا نعلم بينهم خلافا- بالآية التي قبلها وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً الآية 234 من السورة نفسها- اه الناسخ والمنسوخ ص 246، وراجع الإيضاح ص 385، وتفسير القرطبي 14/ 219، وابن كثير 3/ 501، 502. (3) في د وظ: (لا يحل) بالياء، وفي ظق: خالية من النقط. وقد سبق ذكر القراءات فيها. (4) ولا قوله عزّ وجلّ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ: تكررت في د وظ.

أَحْلَلْنا لَكَ وقوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ نزل في نسائه اللاتي كن في عصمته. فكيف يكون ذلك ناسخا لقوله «1» عزّ وجلّ لا تحل لك النساء من بعد وهذا في هذا الطرف كقول من قال في الطرف الآخر، بل لا تحل لك النساء من بعد ناسخ لما تقدّم من الآيتين «2». وقد بيّنت «3» أنه لا تعارض، فلا ينسخ المتقدّم المتأخر، ولا المتأخر المتقدّم «4». وقد قال الحسن وابن سيرين: إنها محكمة، وحرّم الله على نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يتزوج على نسائه، لأنهن اخترن الله ورسوله، فجوزين في الدنيا بهذا. وهو قول حسن، وهو «5» الذي يشهد به القرآن «6».

_ (1) في د وظ: كقوله. (2) وهو قول محمد بن كعب القرظي كما في الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 248، والإيضاح ص 387، وتفسير القرطبي: 14/ 220. (3) غير واضحة في الأصل. (4) وقد رجح ابن جرير الطبري إحكام الآية. انظر جامع البيان 22/ 30. (5) كلمة (وهو) ساقطة من د وظ. (6) انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 247، والإيضاح ص 386. وقد زاد النحاس نسبة هذا القول إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن هشام قال: وهذا القول يجوز أن يكون هكذا، ثم نسخ. فإن قال: كيف يجوز أن ينسخ ما كان ثوابا؟ قيل: يجوز أن ينسخ ما كان ثوابا بما هو أعظم منه من الثواب، فيكون هذا (نسخ) وعوضن منه أنهن أزواجه في الجنة، وهذا أعظم خطرا وأجل قدرا ... فلذلك حظر على نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتزوجن بعده اه وقد استهل ابن كثير تفسيره للآية بقوله: ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وابن زيد وابن جرير وغيرهم أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم ورضا عنهن على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة لما خيرهن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما تقدم في الآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ .. إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ .. آية 28 من السورة نفسها- فلما اخترن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن، ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حرج عليه فيهن، ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك ونسخ حكم هذه الآية، وأباح له التزوج، ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليهن اه تفسير ابن كثير 3/ 501.

وإن «1» كان ابن عباس- رضي الله عنهما- قد روى أنها منسوخة بما تقدّم، فقد روى عنه أنها محكمة، وقال: نهى الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يتزوج بعد نسائه الأول «2» شيئا «3» اه. وكذلك قال قتادة: لما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة قصره الله عليهن وقصرهن عليه. فقال عزّ وجلّ: لا تحل لك النساء من بعد أي من بعد التسع اللواتي مات عنهن «4». وقال أبي بن كعب: وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ معناه: ليس لك أن تطلقهن بعد أن اخترن الله ورسوله اه. وقيل: معنى (من بعد) أي من بعد هذه القصة، والسبب المتقدّم الذكر. وقال مجاهد وابن جبير: إنما حرّم عليه نكاح الكتابيات، لأنهن كوافر، لئلا يكن أمهات للمؤمنين. ومعنى (من بعد) أي من بعد المسلمات، أي من بعد نكاحهن «5».

_ (1) سقطت الواو من د وظ. (2) في ظ: الأولى. (3) أخرجه ابن جرير في جامع البيان: 22/ 28 دون تصريح بالأحكام وذكره ابن الجوزي بسنده عن ابن عباس والحسن. نواسخ القرآن ص 432 وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه عن ابن عباس. الدر المنثور 6/ 637 قال ابن الجوزي: وهذا قول ابن سيرين وأبي إمامة بن سهل وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث والسدي اه. (4) أخرجه ابن جرير عن قتادة. جامع البيان 22/ 28، وانظر الإيضاح ص 386، وأحكام القرآن للجصاص 3/ 368. (5) انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 247. وقد أورد مكي هذه الأقوال عن أبي بن كعب، ومجاهد وابن جبير انظر الإيضاح ص 387 وأخرج قول مجاهد: ابن جرير الطبري بنحوه ورده. انظر جامع البيان 22/ 30. قال النحاس: وهذا بعيد، لأنه يقدره: من بعد المسلمات، ولم يجر للمسلمات ذكر اه المصدر السابق. وانظر تفسير القرطبي: 14/ 220.

سورة سبأ

سورة سبأ ليس فيها نسخ. وقوله عزّ وجلّ قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا .. «1». زعم قوم أنها منسوخة بآية السيف «2». وقد تقدّم القول في مثله.

_ (1) سبأ (25). وتمامها .. وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ. (2) قاله ابن حزم ص 51 وابن سلامة ص 259، وابن البارزي ص 45، والكرمي ص 170. وذكره ابن الجوزي عن المفسرين ورده بقوله: قال المفسرون: المعنى: لا تؤاخذون بجرمنا، ولا نسأل عما تعملون من الكفر والتكذيب والمعنى: إظهار التبري منهم، قالوا: وهذا منسوخ بآية السيف. ولا أرى لنسخها وجها، لأن مؤاخذة كل واحد بفعله لا يمنع من قتال الكفار اه نواسخ القرآن ص 434. قلت: وزيادة على ذلك فإن الآية خبرية، وقد سبق مرارا أن الأخبار لا تنسخ. ثم أنه لا تعارض بينها وبين آية السيف، فهي تقرر أن كل إنسان مرهون بعمله ومأخوذ به.

سورة فاطر

سورة فاطر ليس فيها نسخ. وقالوا في قوله عزّ وجلّ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ «1» معناها: منسوخ بآية السيف «2». وليس كذلك، وقد تقدّم «3».

_ (1) فاطر (23). (2) قاله ابن حزم ص 51، وابن سلامة ص 260، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ورده ص 435، وابن البارزي ص 46، والكرمي ص: 171. (3) راجع على سبيل المثال الموضعين الثاني والسادس من سورة الأنعام، والموضع الأول من سورة هود- عليه السلام- والكلام على الآية 89 من سورة الحجر والموضع الثاني من سورة النحل، وراجع النسخ في القرآن 1/ 429.

سورة يس

سورة يس لا نسخ فيها. (ولا بصحيح) «1» قول من قال: (فلا يحزنك قولهم) «2» نسخ بآية السيف «3».

_ (1) هكذا في الأصل: ولا بصحيح. وفي بقية النسخ: وليس بصحيح وهي الصواب. (2) سورة يس (76). (3) ذكر نسخها بآية السيف ابن سلامة ولم يرتضه ص 260، وذكره ابن البارزي ص 46. ولم أقف على من ذكر دعوى النسخ في هذه الآية غيرهما، وهذا دليل الضعف، وأنه لا يلتفت إلى القول به، والآية تحمل في طياتها تطمينا وتسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتخفف العبء الثقيل الذي يشعر به من تكذيبهم له ورميهم له بالسحر والكهانة وغيرهما، وهذه سنة الله في أنبيائه والدعاة إليه إلى يوم القيامة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

سورة والصافات

سورة و «1» الصافات ليس فيها نسخ. وقوله عزّ وجلّ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ* وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ «2»، وكذلك وَتَوَلَّ «3» عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ «4» * وَأَبْصِرْ .. «5» زعم قوم أن الآيات الأربع نسخن بآية السيف «6».

_ (1) في ظ: سورة الصافات. (2) الصافات: (174، 175). (3) في الأصل وظق: (فتول). خطأ. (4) كلمة (حين) سقطت من الأصل. ووضع الناسخ سهما لإضافتها في الحاشية لكنها لم تظهر. (5) الصافات: (178، 179). (6) زعم ذلك ابن حزم ص 52، وابن سلامة ص 261، وابن البارزي ص 46 وحكاه القرطبي: 15/ 139، وفصل في ذلك الكرمي فقال: قال ابن عباس: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ يعني الموت. قال: فعلى هذا تكون الآية منسوخة، قال مقاتل: نسخها آية القتال اه. وقال السدي: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أي حتى تؤمر بالقتال اه. فعلى هذا تكون الآية محكمة اه من قلائد المرجان ص 172. قلت: وعلى كل حال فالآية محكمة، لأن الأمر بالتولي مغيا إلى غاية كقوله تعالى فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ الآية 109 من سورة البقرة. وقد سبق أن قال المصنف عند هذه الآية: فحمل هذا على أنه محكم أولى. انظر ص 594 من هذا الكتاب. هذا وقد ذكر ابن الجوزي أقوال المفسرين في هذه الآيات، ومال إلى القول بإحكامها.

وليس كذلك (لأنه) «1» قد بينت أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يكن قادرا على قتالهم فيؤمر بتركه، ثم جاءت آية السيف آمرة بالقتال.

_ انظر نواسخ القرآن ص 436، 438، وراجع النسخ في القرآن 2/ 526. (1) هكذا في الأصل: لأنه. وفي بقية النسخ: لأني. وهو الصواب.

سورة ص

سورة ص لا نسخ فيها. وقوله عزّ وجلّ: اصْبِرْ «1» عَلى ما يَقُولُونَ «2»، زعموا أنه منسوخ بآية السيف «3» وقد قدمت «4» إبطاله «5». وكذلك «6» قوله عزّ وجلّ إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ «7».

_ (1) في النسخ (فاصبر) خطأ في الآية. (2) سورة ص (17). (3) ذكره مكي في الإيضاح وسكت عنه ص 391. وذكره النحاس، ثم قال: وقد يجوز أن يكون هذا غير منسوخ، ويكون هذا تأديبا من الله له، (وأمر) لأمته بالصبر على أذاهم، لأن التقدير اصبر على ما يقولون مما يؤذونك به .. اه. الناسخ والمنسوخ ص 251 واستدل على ذلك بسياق الآيات التي تتحدث عن مؤاذاتهم له صلّى الله عليه وسلّم واستهزائهم وإنكارهم لما جاء به وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ الآية 16 من السورة نفسها. كما ذكر دعوى النسخ هنا ابن البارزي ص 46، والقرطبي في تفسيره 15/ 158، وابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 110. (4) في د وظ: وقد تقدم. (5) راجع على سبيل المثال الموضع الرابع عشر من سورة آل عمران. وكلام المصنف في آخر سورة الأنعام، ورده على الذين جعلوا آية السيف ناسخه ل (114) آية، ومنها الآيات التي تأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالصبر وتحمل الأذى. (6) في د وظ: بدون واو. (7) سورة ص 70، ولم يلتزم المصنف الترتيب بالنسبة للموضع الآتي.

قالوا: معناها منسوخ بآية السيف «1»، وليس كذلك. وكذلك قوله عزّ وجلّ: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ «2». قالوا: هو منسوخ بتحريم ذلك بالإجماع وبالسّنة، وهذا خلف من القول وإنما «3» حكى الله عزّ وجلّ ذلك عن نبيه، ولم يشرّع ذلك لنا، ثم ينسخ بسنة ولا بإجماع «4». وقوله عزّ وجلّ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً «5» فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ «6» زعم قوم أن ذلك منسوخ. قالوا: وقال به مالك بن أنس- رحمه الله-. وقال: البر بأتم الافعال، والحنث بأقلها احتياطا للدين، فلا يجزئ عن مائة ضربة، ضربة واحدة بمائة قضيب «7» اه. وقال مجاهد وغيره: هذا حكم خص به أيوب عليه السلام «8» - اه.

_ (1) حكاه ابن حزم ص 52، وابن سلامة ص 262، وابن البارزي ص 46، والكرمي ص 173. وأما ابن الجوزي فقد رد على القائلين بالنسخ ووصفهم بقلة الفهم ورجح أنّ الآية محكمة ... الخ. انظر نواسخ القرآن ص 439، وراجع كلام السخاوي على الآية رقم 89 من سورة الحجر. (2) سورة ص (23). وأولها رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ .. الآية. (3) في بقية النسخ بدون واو. (4) قال النحاس: من العلماء من قال: أبيح هذا، ثم نسخ وحظر علينا. فقال الحسن: قطع سوقها وأعناقها فعوضه الله مكانها خيرا منها وسخر الريح اه. وأحسن من هذا القول ما رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: طفق مسحا، يمسح أعناقها وعراقيبها حبا لها. وهذا أولى، لأنه لا يجوز أن ينسب إلى نبي من الأنبياء أنه عاقب خيلا ولا سيما بغير جناية منها، إنما اشتغل بالنظر إليها ففرط في صلاته فلا ذنب لها في ذلك اه الناسخ والمنسوخ ص 252. وكذلك ذكر مكي في الإيضاح ص 391. وراجع أقوال المفسرين واختلافهم في معنى هذه الآية بتوسع في تفسير الطبري 23/ 156، والقرطبي 15/ 195، وزاد المسير: 7/ 130. (5) سيشرح المصنف معنى (الضغث) قريبا. (6) سورة ص (44). (7) انظر: الإيضاح ص 392، وراجع نحوه في المدونة للإمام مالك: 2/ 140. (8) انظر: الإيضاح ص 392، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 252.

قال «1» بعض مصنفي الناسخ والمنسوخ «2»: وجعل الشافعي الآية محكمة عامة (معمول) «3» بها، قال: وهو قول عطاء «4». و (أ) «5» جاز مالك في الرجل يحلف ليضربن عبده عشر ضربات أن يضربه ضربة واحدة بعشرة قضبان «6». وجعل الآية محكمة غير منسوخة ولا مخصوصة «7». قال: وهذا مذهب يدلّ على أن شريعة من قبلنا لازمة لنا، حتى يأتي نص (ينقلها) «8» عنها. وقال: وهذا مذهب يتناقض «9»، لأن شرائع من قبلنا مختلفة في كثير من الأحكام والهيئات والرتب والأعداد، وغير ذلك من تحريم، وتحليل، كما قال عزّ وجلّ: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً «10».

_ قال النحاس: وأهل المدينة إلى هذا القول يميلون اه وقال ابن العربي: روى ابن زيد عن ابن القاسم عن مالك: (من حلف ليضربن عبده مائة، فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر.) قال: وكذلك روي عن عطاء أنها لأيوب خاصة. انظر أحكام القرآن 4/ 1652، وراجع أحكام القرآن للجصاص 3/ 382. (1) في د وظ: وقال. وفي ظق: كما قال. (2) وهو مكي بن أبي طالب. (3) هكذا في الأصل: معمول بها. خطأ نحوي. وفي بقية النسخ (معمولا) وهو الصواب. (4) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص 252. قال الكيا الهراسي الشافعي: وهو قول الشافعي، ومذهب أبي حنيفة ومحمد وزفر. وقال مالك: لا يبر، ورأى أن ذلك مختصا بأيوب، وقال: لا يحنث. وإذا قال: افعل ذلك ولا تحنث، علم أنه جعله بارا إذ لا واسطة اه. أحكام القرآن 2/ 361 (5) سقطت الهمزة من الأصل. وفي بقية النسخ: وأجاز. وهو الصواب. (6) قال الشوكاني: وقد اختلف العلماء هل هذا خاص بأيوب أو عام للناس كلهم؟ وأن من حلف خرج عن يمينه بمثل ذلك، قال الشافعي: إذا حلف ليضربن فلانا مائة جلدة أو ضربا ولم يقل: ضربا شديدا ولم ينو بقلبه، فيكفيه مثل هذا الضرب المذكور في الآية، حكاه ابن المنذر عنه وعن أبي ثور وأصحاب الرأي اه فتح القدير: 4/ 437. (7) انظر: نحوه في أحكام القرآن للشافعي 2/ 117. (8) هكذا في الأصل: ينقلها عنها، وفي بقية النسخ: ينقلنا عنها. وهو الصواب. (9) في ظ: تناقض. (10) المائدة (48).

قال: وإذا كانت مختلفة في التحريم والتحليل، فكيف يلزمنا تحريم شيء وتحليله في الحال الواحدة؟. ولأن الشرائع مختلفة، فبأي شريعة يلزمنا العمل؟ إذ لا سبيل إلى العمل بالجميع «1» لاختلافها. وأما قوله عزّ وجلّ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ «2»، فإنما أراد الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وما لا يختلف «3» فيه الأديان، إذ غير جائز أن يكون المراد: فبشرائعهم اقتد. قال: فإن ادعى مدع أن أيوب- عليه السلام- بر بذلك من يمينه، وأنه إجماع من شرائع الأنبياء، فيلزمنا فعله، سئل عن الدليل، فلا يجد «4» إليه سبيلا. وقال: واختلف أصحاب مالك في مذهبه، فمنهم من قال: مذهبه العمل بشريعة من قبلنا، لأنه قد احتج بقوله عزّ وجلّ وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها .. «5» الآية ومنهم من قال: ليس ذلك مذهبه، لأنه لم يخرج الحالف بمثل يمين أيوب- عليه السلام- بمثل ما برّ به في يمينه. قال: والذي عليه أكثر أصحابه «6» أن ما قصّ الله علينا من شرائع من كان قبلنا ولم ينسخه قرآن ولا سنّة، ولا افترض علينا ضده، فالعمل به واجب نحو قوله تعالى وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ .... قال: وقد اعترض على هذا القول بقصة أيوب- عليه السلام- في بره بضربة فيها مائة قضيب، ولا يقول به مالك، واعترض بقصة موسى- عليه السلام «7» - في تزويج

_ (1) في د: الجميع. (2) الأنعام (90) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ .. الآية. (3) في ظق: تختلف. وهي أفصح. (4) في د وظ: فلا نجد. (5) المائدة (45) وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ .. الآية هذا وقد سبق أن رجح السخاوي أن لنا شرعة تخالف شرعتهم ومنهاجا يخالف منهاجهم، وذلك أثناء حديثه عن قوله تعالى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ .. الآية 178 من سورة البقرة. وسيزيد المصنف الأمر توضيحا قريبا، أي في حديثه عن هذه الآية. (6) في د وظ: أكثر الصحابة. وهو خطأ فاحش. (7) يريد ما قصه الله تعالى علينا في كتبه بقوله: قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ .. الآية 27 من سورة القصص.

احدى «1» الابنتين من غير تعيين «2» اه. وأقول «3»: إن مالكا- رحمه الله- إذا قال بنسخ هذه الآية، فهو يقول: بأن شريعة من قبلنا لازمة لنا، وإلّا فأي حاجة أن يجعل «4» الآية منسوخة؟. وأما الشافعي- رحمه الله- فما حجته فيما صار إليه- في أن «5» من حلف ليضربن عشر ضربات فضرب (بعشر) «6» قضبان أنه يخرج من يمينه- إلّا أنه رأى أن عشرة قضبان يصيب كل واحد منها «7» المضروب، هي كعشر ضربات، لا فرق بين ذلك، كما لو كان في (يديه قضبان «8» فضرب بهما مرة واحدة بكلتا يديه، أن ذلك مساو لضربة بيده الواحدة مرتين، وكما «9» لو ضربه عشرة «10» في مرة واحدة كان ذلك بمنزلة عشر ضربات من واحد، لا فرق بين ذلك، وليست الآية بحجة لما ذهب إليه، لأن الآية لم يشترط فيها أن تصيب «11» جميع قضبان الضغث جسم المضروب، والشافعي- رحمه الله- يشترط ذلك. فإن قيل: فقد «12» جاء في الكلام في هذه المسألة ما يدل على اعتقادهم أن الشافعي- رحمه الله- إنما بنى الكلام فيها على الآية.

_ (1) في ظ: في تزويج في إحدى! (2) انظر: الإيضاح بلفظه ص 393 - 395. قلت: أما الاعتراض بقصة تزويج موسى- عليه السلام- فليس في مكانه فقد قال القرطبي: هذا يدل على أنه عرض لا عقد، لأنه لو كان عقدا لعين المعقود عليها له، لأن العلماء- وإن كانوا قد اختلفوا في جواز البيع إذا قال: بعتك أحد عبدي هذين بثمن كذا- فإنهم اتفقوا على أن ذلك لا يجوز في النكاح، لأنه خيار، وشيء من الخيار لا يلصق بالنكاح ... إلى أن قال: أما التعيين فيشبه أنه كان في ثاني حال المراوضة وإنما عرض الأمر مجملا وعين بعد ذلك اه الجامع لأحكام القرآن 13/ 272. (3) في بقية النسخ: فأقول. (4) في د وظ: أن تجعل. (5) في د وظ: في أن أي من حلف. (6) هكذا في الأصل بعشر قضبان. وفي بقية النسخ: بعشرة قضبان وهو الصواب. (7) في د وظ: منهما. (8) هكذا في الأصل قضبان وفي بقية النسخ قضيبان وهو الصواب. (9) في د وظ: كما. بدون واو. (10) أي كما لو ضربه عشرة رجال أو أشخاص مرة واحدة. (11) في د وظ: أن يصيب. وفي الأصل: غير واضحة. (12) في د وظ: فما جاء.

قال أبو حامد «1»: إذا قال لأضربنك مائة خشبة حصل البرّ بالضرب بشمراخ عليه مائة من القضبان. قال: وهذا بعيد على خلاف موجب اللفظ، قال الله تعالى وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ «2» بِهِ وَلا تَحْنَثْ في قصة أيوب- عليه السلام- ثم لا بد أن يتثاقل على المضروب بحيث تنكبس «3» به القضبان «4» حتى يكون لكل واحد أثر، ولا بأس أن يكون وراء حائل، إذا كان لا يمنع التأثير أصلا. وفيه وجه: أنه لا بد من ملاقاة الجميع بدنه، ولا يكفي انكباس البعض على البعض قال: ثم لو شككنا «5» في حصول (التنقل «6» والمماسة) - أن شرطناها-: قال الشافعي: حصل البرّ، ونص أنه لو قال: لا أدخل الدار إلّا أن يشاء زيد، ثم دخل، ومات زيد، ولم يعرف أنه شاء أم لا: حنث. فقيل: قولان بالنقل والتخريج، لأجل الاشكال «7». وقيل: الفرق أن الأصل عدم المشيئة، ولا سبب يظن به وجودها، وللضرب هاهنا سبب ظاهر. قال: ولو قال: مائة سوط بدل الخشبة، لم يكفه الشماريخ، بل عليه أن يأخذ مائة سوط ويجمع ويضرب دفعة واحدة. ومنهم من قال: يكفيه الشماريخ، كما في لفظ الخشبة، أما إذا قال: لأضربن مائة ضربة لا يكفي الضرب مرة واحدة بالشماريخ.

_ (1) هو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد، تفقه على إمام الحرمين، وبرع في علوم كثيرة، وله مصنفات كثيرة منتشرة في فنون متعددة، وكان من اذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، وكان فيلسوفا متصوفا، عمل مدرسا في المدرسة النظامية في بغداد، ثم ارتحل إلى دمشق وبيت المقدس، وعاد إلى بلده، مولده ووفاته في طوس في خراسان (450 - 505 هـ). انظر: البداية والنهاية: 12/ 185، والإعلام: 7/ 22. (2) في د: فالضرب. (3) أي حتى تصيب كلها جسده. (4) في د: الضبان. وفي ظ: لا تقرأ. (5) في د: شكنا. (6) هكذا في الأصل: التنقل والمماسة. وفي بقية النسخ: التثقيل أو المماسة. وهو الصواب. (7) يعني الأخذ بالنصوص المنقولة إلينا التي تفيد إقامة الحدود، أو اللجوء إلى المخرج والحيلة إذا وجدت أسباب ذلك لرفع الإشكال، وبهذا نكون قد عملنا بهذا وذاك. والله أعلم.

فاستبعاده ذلك الحكم من الآية، يدل على أن الآية هي الأصل في ذلك «1» اه. قلت: لا يليق نسبة مثل هذا إلى الشافعي- رحمه الله- وكيف تكون الآية عنده الأصل في هذه المسائل، وليس في الآية «2» صورة يمين أيوب- عليه السلام- إنما فيها «3» صورة خروجه من اليمين، وهذه الأحكام تختلف باختلاف «4» صورة اليمين ونحن لا ندري هل حلف أيوب- عليه السلام- ليضربن مائة ضربة أو مائة سوط أو مائة عصا أو مائة خشبة؟ ثم إن صورة خروجه من اليمين أيضا غير مذكورة في الآية. إنما قال عزّ وجلّ: وَ «5» خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً، والضغث: الحزمة الصغيرة، إما من النبات أو من قضبان الشجر، فأين شرط المماسة أو الانكباس «6»؟. وعلى الجملة فليست الآية من هذه المسائل في شيء، ولا يصح أن يقال: إنها منسوخة، وكيف تنسخ وهي خبر عما أمر الله به أيوب- عليه السلام- ورخّص له فيه «7» رحمة منه بالحالف والمحلوف عليه، وإن كانت منسوخة فأين الناسخ؟. أيجوز أن يكون الناسخ لها قول إمام من الأئمة بخلافها، مع أنها خبر لا يجوز نسخه؟ وأما شريعتنا فناسخة لجميع الشرائع، ولا يلزمنا العمل بشيء من شرائع من قبلنا ولو قصّ علينا، وإنما عملنا بما فرض الله لنا وأمرنا به. وقوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... «8» الآية، لم يلزمنا ما فيها، لأن الله عزّ وجلّ كتبه عليهم في التوراة، وإنما ألزمنا ذلك بما أنزله إلينا، كقوله «9»

_ (1) انظر: النص في كتاب الوجيز لأبي حامد الغزالي: 2/ 231. وراجع شرح منح الجليل: 1/ 660. (2) في د وظ: وليس في هذه الآية. (3) كلمة (فيها) ليست في د وظ. (4) في د: يختلف اختلاف. وفي ظ. يختلف باختلاف. (5) سقطت الواو من بقية النسخ. (6) حصل تديم وتأخير في د وظ: فمن قوله: (فأين) إلى قوله (الانكباس) جاءت بعد قوله: (في شيء). (7) في بقية النسخ: فيه له. (8) المائدة (45)، وتقدمت قريبا. (9) في د وظ: لقوله.

عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى «1». وبما حكم به نبينا صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، وقد قال الله عزّ وجلّ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ «2» أي «3» أنهم يهوون أن تحكم بشريعتهم فلا تحكم بها لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً .. «4» إلى آخر الآية. ثم «5» قال عزّ وجلّ بعدها «6»: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ «7». وأما قوله عزّ وجلّ: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً «8»، فإنما معناه: أن شريعتك هذه هي ملّة إبراهيم، فاتبعها. وقال عزّ وجلّ: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ «9». فمعنى قوله عزّ وجلّ: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ أي اتبعوا ملّتكم هذه، فهي ملّة أبيكم إبراهيم. وقد عد قوم هذه الآية من المتشابه، وليس كذلك، وإنما أشكل عليهم عود الضمير والمعنى:- والله أعلم- أن قوله: (هو اجتباكم) عائد إلى (ربّكم)، وقوله لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ متعلّق به، وقوله عزّ وجلّ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ عائد أيضا إلى ما عاد إليه الضمير الأول، أي سمّاكم فيما تقدم من الزمان لأنبيائه، وفيما أنزله من كتبه، (وفي هذا): أي وفي زمانكم «10».

_ (1) البقرة (178). (2) المائدة (48). (3) كلمة (أي) ساقطة من د وظ. (4) جزء من الآية نفسها، وتمامها .. وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. (5) (ثم) غير واضحة في ظ. (6) كلمة (بعدها) ساقطة من د وظ. (7) المائدة (49). (8) النحل (123). (9) الحج (78). (10) راجع تفسير الطبري: 17/ 209، 208، والكشاف: 3/ 24 والبحر المحيط: 6/ 391، وإملاء ما من به الرحمن: 4/ 49 بهامش الفتوحات الإلهية، وتفسير القرطبي: 12/ 101.

سورة الزمر

سورة الزمر ليس فيها نسخ «1». وزعم قوم أن قوله عزّ وجلّ: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ «2» منسوخ بآية السيف «3». وكذلك قوله عزّ وجلّ: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ «4»، وليس ذلك بمنسوخ، والقول فيه كما تقدّم.

_ (1) في ظ: ليس فيها ناسخ. (2) الزمر (39). (3) ذكره ابن حزم ص 53، وابن سلامة ص 265، ونسبه مكي إلى ابن عباس- رضي الله عنهما-. وقال: هذا تهديد ووعيد لا يحسن نسخه اه. الإيضاح ص 397 وكذلك رده ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 442. وممن ذكر النسخ هنا ابن البارزي ص 47، والكرمي ص 176، والفيروزآبادي 1/ 405، وقد سبق أن ذكر المصنف موضعا شبيها بهذا ورد القول بالنسخ فيه انظر: الموضع الحادي عشر من سورة الأنعام ص 702. (4) الزمر (41). وقد ذكر النسخ هنا ابن سلامة ومكي والكرمي وسكتوا عنه، ورده ابن الجوزي انظر المصادر السابقة. وسبق للمصنف أن رد على نظير هذا في الموضع الثاني من سورة الأنعام ص 697 والموضع السادس من سورة يونس ص 731.

وقوله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً «1». قال قوم: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ «2»: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ* «3» وليس كما زعموا، وإنما المعنى: لا تقنطوا من رحمة الله عزّ وجلّ للذنوب التي ارتكبتموها في حال الكفر «4»، فإن الإسلام يمحوها، وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ... إلى قوله عزّ وجلّ: وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ «5» وهذا خبر لا يجوز نسخه «6».

_ (1) الزمر (53) قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ... الآية. (2) من قوله: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ... إلى (بقوله عزّ وجلّ) هذه العبارة أضيفت في حاشية ظ، لكنها كانت مبتورة. (3) النساء (48، 116) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ*. (4) هكذا قصرها المصنف على الذنوب التي ارتكبها الكفار في حال كفرهم وأرى أنه لا داعي لقصرها على ذلك، بل هي عامة في الكفر والنفاق والمعاصي، فالله تعالى وعد بغفران الذنوب لمن أسرف في ذلك ثم تاب وأناب. قال ابن كثير: «هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت، وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر، ولا يصح حمل هذه على غير توبة، لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه .. ثم سرد بعض الأحاديث المتعلقة بهذه الآية، التي تدل على سعة رحمة الله وفضله، إلى أن قال: وهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة، ولا يقنطن عبد من رحمة الله، وإن عظمت ذنوبه وكثرت، فإن باب الرحمة والتوبة واسع .. » اه من تفسيره 4/ 58. (5) الزمر (54 - 59). (6) راجع الإيضاح لمكي بن أبي طالب ص 398.

سورة المؤمن

سورة المؤمن «1» ليس فيها نسخ. وهي أول (آل حم) «2» نزولا، ثم التي تليها إلى انقضاء السبع، فهي في التأليف على حسب النزول عند قوم «3». وقالوا في قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ* في الموضعين منها «4»: إنه منسوخ بآية السيف «5»، وليس كذلك، وقد سبق القول في ذلك «6».

_ (1) وتسمى سورة غافر. (2) سبق الكلام على (آل حم) في فصل (منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم) من هذا الكتاب ص 263. (3) راجع الكلام على ألقاب القرآن من هذا الكتاب ص 200 وانظر الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ص 267. (4) الآيتان: 55، 77. (5) قاله ابن حزم ص 53، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ورده ص 444، وابن البارزي ص 47، وتعرض الكرمي للموضع الثاني فقط. انظر قلائد المرجان ص 178. (6) أي أن الأمر بالصبر لا ينسخ، ولا يتعارض مع آية السيف. راجع كلام المصنف على الموضع السادس عشر في آخر سورة الأنعام ص 705 وانظر: الموضع السابع من سورة يونس ص 731 وكذلك راجع كلام المصنف عند قوله تعالى فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ص 739.

سورة السجدة

سورة السجدة «1» ليس فيها نسخ. وقال ابن حبيب في قوله تعالى: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ «2»: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* «3». وليس هذا بمنسوخ كما (ذكروا) «4»، وقد تقدم القول في مثل هذا «5». وكيف يظن من له تحصيل أن قوله عزّ وجلّ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، تفويض؟ وهذا قول مظلم، كيف ما تدبرته ازداد ظلمة، ومما فيه (أن) «6» كان لنا أن نعمل ما شئنا من غير مشيئة الله تعالى، ثم نسخ بأنا لا نشاء شيئا «7»، إلّا أن يشاء الله، وهذا ضرب من الهذيان.

_ (1) وهو أحد أسمائها وتسمى سورة فصلت. (2) فصلت (40). (3) الإنسان (30)، والتكوير (29). (4) هكذا في الأصل: كما ذكروا. وفي بقية النسخ: كما ذكر. وهو الصواب. (5) راجع كلام المصنف على الآية رقم 29 من سورة الكهف ص 755. وقد حكي مكي بن أبي طالب عن ابن حبيب القول بالنسخ. ثم قال: وحكي ابن حبيب أن بعض الناس قال: هو تهديد ووعيد، وليس بتفويض، يريد أنه غير منسوخ، وهذا هو الصواب- إن شاء الله- اه انظر بقية كلامه في الإيضاح ص 401. (6) هكذا في الأصل: أن كان. وفي بقية النسخ: أنه. وهو الصواب. (7) كلمة (شيئا) ليست في د وظ.

وقالوا في قوله عزّ وجلّ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «1» إنه منسوخ بآية السيف «2». وليس كذلك، إنما هذا «3» ندب إلى الحلم عند جهل الجاهل «4». قال ابن عباس:- رضي الله عنهما- هما الرجلان يسبّ أحدهما الآخر، فيقول المسبوب للساب إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك، فيصير الساب كأنه صديق لك وقريب منك «5» اه. والحميم: الخاص بك، قاله أبو العباس محمد «6». وقيل: الحميم: القريب، أي ادفع بحلمك جهل من جهل، وبعفوك إساءة المسيء. وقال ابن عباس: أمر الله المسلمين بالصبر عند الغضب، وبالعفو والحلم عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم من أساء حتى يصير (كأنه ولي حميم) «7» اه.

_ (1) فصلت: (34). (2) قاله ابن حزم ص 53 وابن سلامة ص 168. قال ابن الجوزي: وقد زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف وساق بسنده إلى السدي، قال: هذا قبل القتال. ثم قال ابن الجوزي: وقال أكثر المفسرين: هو كدفع الغضب بالصبر، والإساءة بالعفو، وهذا يدل أنه ليس المراد بذلك معاملة الكفار. فلا يتوجه النسخ اه نواسخ القرآن ص 445. هذا وممن ذكر دعوى النسخ هنا ابن البارزي ص 47، والكرمي ص 179 والقرطبي في تفسيره 15/ 361. (3) في د وظ: إنما هو. (4) انظر تفسير الطبري: 24/ 119. (5) أخرجه بنحوه ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه انظر: الدر المنثور: 6/ 113، 7/ 119. وأورده القرطبي عن ابن عباس- رضي الله عنهما-. قال: ويروى عن أبي بكر أنه قال ذلك لرجل نال منه اه الجامع لأحكام القرآن 15/ 361. (6) هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي، أبو العباس المعروف بالمبرد، إمام العربية ببغداد في زمنه، وأحد أئمة الأدب والأخبار، مولده بالبصرة ووفاته ببغداد (210 - 286 هـ). انظر: تاريخ بغداد: 3/ 373، والإعلام: 7/ 144. (7) أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس- رضي الله عنهما-.

وقال مجاهد: «ادفع (بالإسلام) «1» إساءة من أساء إليك، تقول له إذا لقيته السلام عليكم» اه. وقال عطاء مثل ذلك «2».

_ جامع البيان: 24/ 119، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه كلهم عن ابن عباس. انظر: الدر المنثور: 7/ 327، وراجع فتح القدير: 4/ 517. وذكره ابن كثير عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. انظر: تفسيره 4/ 101، وراجع تفسير القرطبي: 15/ 362. (1) هكذا في الأصل: بالإسلام. وفي بقية النسخ: بالسلام. وهو الصواب. (2) أخرجه ابن جرير عن مجاهد وعطاء. جامع البيان: 24/ 119. ورواه بنحوه ابن الجوزي بسنده عن مجاهد. نواسخ القرآن ص 446، وانظر الدر المنثور: 7/ 327.

سورة الشورى

سورة الشورى ليس فيها نسخ. وما ذكروه عن (وهب) «1» بن منبه «2» أنه قال في قوله عزّ وجلّ: 1 - وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ «3» هو منسوخ (بقوله عزّ وجلّ) «4» في سورة المؤمن وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا «5».

_ (1) اسم (وهب) سقط من الأصل. (2) وهب بن منبه بن كامل اليماني أبو عبد الله، ثقة وكان قاضيا على صنعاء مات سنة بضع عشرة ومائة. انظر تاريخ الثقات ص 467، والتقريب: 2/ 339. (3) الشورى (5). .. وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ... الآية. (4) سقط من الأصل هذه العبارة (بقوله عز وجلّ). (5) غافر (7). الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ .. الآية. وهذا الأثر رواه النحاس عن وهب بن منبه، ورده، وتأول كلام وهب بقوله: هذا لا يقع فيه ناسخ ولا منسوخ، لأنه خبر من الله تعالى، ولكن يجوز أن يكون وهب بن منبه أراد أن هذه الآية جاءت على نسخة تلك الآية لا فرق بينهما، وكذلك يجب أن يتأول للعلماء ولا يتأول عليهم الخطأ العظيم إذا كان لما قالوه وجه اه من الناسخ والمنسوخ بتصرف يسير ص 253. وقد حذا ابن الجوزي حذو النحاس في الرد على دعوى النسخ هنا بعد عزوه إلى وهب بن منبه والسدي ومقاتل بن سليمان، وقال: إن هذا زعم قبيح، لأن الآيتين خبر، والخبر لا ينسخ ثم ليس بين الآيتين تضاد لأن استغفارهم للمؤمنين استغفار خاص، لا يدخل فيه إلا من اتبع الطريق المستقيم، فلأولئك طلبوا الغفران، والإعاذة من النيران وإدخال الجنان، واستغفارهم لمن في الأرض، لا يخلو من أمرين: أما أن يريدوا الحلم عنهم والرزق لهم، والتوفيق ليسلموا، وأما أن يريدوا به، من في الأرض من المؤمنين، فيكون اللفظ عاما. والمعنى خاصا، وقد دل على تخصيص

وقيل: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا «1»، وهذا تفسير استغفارهم «2»، وليس غير الأول «3». وعلى الجملة فليس «4» هذا «5» بناسخ لما في (الشورى)، فإن استغفارهم للمؤمنين ليس بمعارض لقوله: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ وهذا خبر من الله عزّ وجلّ. فلا يصح أن تتناقض «6» أخباره، وينسخ بعضها بعضا. وأيضا فإن سورة (المؤمن) نزلت قبل (الشورى) فيؤدي إلى أن الله عزّ وجلّ أنزل كلاما منسوخا حين أنزله. 2 - وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ «7» هو منسوخ بآية السيف «8». وليس «9» كذلك، وإنما المعنى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي آلهة يعبدونها

_ عمومه قوله: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، والدليل الموجب يصرفه عن العموم إلى الخصوص أن الكافر لا يستحق أن يغفر له، فعلى هذا البيان لا وجه للنسخ .. اه. نواسخ القرآن ص 448، وراجع تفسير القرطبي: 16/ 4، 5. (1) جزء من الآية السابقة 7 من سورة غافر. (2) في ظ: استفارهم. (3) وهذا هو الصحيح كما سبق في كلام النحاس وابن الجوزي. وقال مكي: الصواب فيه أنه مخصوص ومبيّن بآية غافر، وليس بمنسوخ بها». الإيضاح ص 403. وكان مكي قد بين هذا عند كلامه عن النسخ والتخصيص ومثل له بآيتي الشورى وغافر المذكورتين هنا. انظر الإيضاح ص 89. (4) في د: ليس بدون الفاء. (5) كلمة (هذا) ليست في د وظ. (6) في د وظ: فلا يصح أن يتناقض أخباره. (7) الشورى (6). (8) قاله ابن حزم ص 54، وابن سلامة ص 269، وابن الجوزي ورده في نواسخ القرآن ص 448، وابن البارزي ص 49، والكرمي ص 182. وقد سبق نظير هذه ورد المصنف على دعوى النسخ فيها. راجع على سبيل المثال الموضع الثاني والثامن من سورة الأنعام والموضع السادس من سورة يونس- عليه السلام- والثالث من سورة الإسراء. (9) في د وظ: فليس.

من دون الله، الله حافظ عليهم أعمالهم «1» يحصيها ويجازيهم عليها، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ تحفظها عليهم، إنما أنت مبلغ ورسول ومنذر، فعليك التبليغ، والحساب على الله عزّ وجلّ «2». 3 - وقالوا أيضا في قوله عزّ وجلّ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ ...... «3» إلى آخر الآية: منسوخ بآية السيف «4». وليس كما قيل «5»، وهو خطاب لليهود والنصارى، أي: لنا جزاء أعمالنا، ولكم جزاء أعمالكم (لا حجة بيننا وبينكم). وقال مجاهد وابن زيد وغيرهما: لا خصومة «6» «7»، لأن الحق قد تبيّن لكم، فجدلكم- بعد ذلك فيما علمتم صحته-: عناد فلا نحاجكم فيما علمنا (إنكم تعلمون

_ (1) كلمة (أعمالهم) ساقطة من ظ. (2) انظر: تفسير الطبري 25/ 8. (3) الشورى (15). .. لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ. (4) رواه النحاس بسنده عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. قال: الآية مخاطبة لليهود، أي لنا ديننا ولكم دينكم لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ أي لا خصومة، هذا لليهود، ثم نسختها قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الآية 29 من سورة التوبة، هذا قول، والقول الثاني أنها غير منسوخة .. الناسخ والمنسوخ ص 253. قلت: وجويبر هذا قد سبق أنه ضعيف سيّئ الحفظ. وأورد مكي النسخ عن ابن عباس ومجاهد بنحو ما رواه النحاس عن ابن عباس، ثم قال: وقيل: الآية محكمة غير منسوخة، ومعناها: أن الحجج في صحة دين الله قد ظهرت، وبراهين الإيمان قد تبينت فلا حجة بيننا وبينكم، أي الأمر الذي نحن عليه ظاهر الحق والصواب لا يحتاج إلى حجة اه الإيضاح ص 403 - 404. وكذلك حكى ابن الجوزي قولين فيها للمفسرين، أحدهما أنها منسوخة وهو نحو ما تقدم ذكره عن النحاس ومكي. والثاني أنها محكمة، قال: وهو الصحيح اه نواسخ القرآن ص 449، 450. هذا وممن حكى النسخ ابن سلامة ص 270، والقرطبي في تفسيره: 16/ 13، 14، وابن البارزي ص 48، والكرمي ص 182. (5) العبارة غير واضحة في ت. (6) من هنا حصل سقط كبير في (ظق) إلى أثناء الكلام على سورة المزمل. (7) رواه عنهما ابن جرير الطبري في جامع البيان 25/ 18.

صحة عناده وتنكرونه) «1»، (الله يجمع بيننا وبينكم) في الموقف «2». 4 - وقالوا «3» في قوله عزّ وجلّ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ «4» هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ «5». روي ذلك عن «6» الضحاك عن ابن عباس- رضي الله عنهما «7» -. وليس بين الآيتين نسخ، وهما محكمتان، وهذا خبر، والخبر من الله عزّ وجلّ لا ينسخ. ولا تعارض بين الآيتين أيضا، لأن معنى قوله عزّ وجلّ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ إن شئنا «8»، لأن من المعلوم أن الأشياء إنما يفعلها بمشيئة الله تعالى «9» لا مكره له عليها،

_ (1) هكذا: جاءت العبارة في الأصل (أنكم تعلمون صحة عناده وتنكروه) ولا معنى لها. وفي بقية النسخ: إنكم تعلمون صحته وتنكرونه. (2) وهذا هو الصحيح، أي أن الآية محكمة وهو ما سبق أن حكاه مكي ورجحه ابن الجوزي، فالآية تبين أن كل إنسان مسئول عن عمله ومحاسب عليه، وعند ما يجمع الله الخلائق في عرصات القيامة ويحكم بينهم، يظهر عندئذ أهل الحق من أهل الباطل، وهذا أمر لا يقبل النسخ بحال من الأحوال، والله أعلم. (3) كلمة (وقالوا) غير واضحة في ظ. (4) الشورى (20) وتمامها ... وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. (5) الإسراء (18). (6) (عن) ليست في د وظ. (7) هذا الأثر المروي عن الضحاك عن ابن عباس، رواه النحاس وفي سنده جويبر تلميذ الضحاك، وقد سبق التنويه عنه مرارا بأنه ضعيف. وبناء عليه فيسقط الاستدلال به في مثل هذه الدعوى ثم أن النحاس- رحمه الله- بعد أن روى القول بالنسخ، قال: والقول الآخر أنها غير منسوخة. وهو الذي لا يجوز غيره .. اه الناسخ والمنسوخ ص 254. وقد اختار الإحكام في هذه الآية مكي بن أبي طالب وابن الجوزي انظر: الإيضاح ص 404، ونواسخ القرآن ص 246، 450. وما قاله المصنف- رحمه الله- من الرد على دعوى النسخ، فيه ما يشفي ويكفي. هذا وممن ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 54، وابن سلامة ص 271، وابن البارزي ص 48، وذكر الكرمي فيها القولين- أعني الإحكام والنسخ- انظر: قلائد المرجان ص 183. (8) حصل شطب في بعض العبارات هنا في (ت). (9) في د وظ: إنما يفعلها بمشيئة ولا مكره له عليها.

فمعنى الآيتين أيضا واحد، فإن (سبحان) «1» نزلت قبل (الشورى) فإن كانت آية ناسخة لآية بعدها فالآية الثانية نزلت منسوخة، وإذا نزلت منسوخة سقطت فائدتها، هذا لو كان ذلك في الأحكام فكيف في الأخبار التي لا يجوز نفسها، وفي هذه «2» الرواية عن ابن عباس- رضي الله عنهما- نظر. وقال بعض العلماء: معنى قول ابن عباس- رضي الله عنهما- في هذا ونظيره- إن صح قولهم عنه- إنه ناسخ ومنسوخ، أي هو على نسخته، أي مثله في المعنى وإن لم يكن مثله في اللفظ. ولا يعجبني هذا التأويل «3». 5 - وقالوا في قوله عزّ وجلّ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «4» هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ في سورة (سبأ): قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ «5»، وهذا غير صحيح، لأن (سبأ) نزلت قبل (الشورى) فتكون آية الشورى قد نزلت منسوخة.

_ (1) في بقية النسخ فمعنى الآيتين واحد أيضا فإن (سبحان) .... الخ. (2) في ظ: وفي هذا الرواية. (3) سبق قريبا ذكر كلام للنحاس نحو هذا المعنى، ذكره معتذرا به عن العلماء الذين روي عنهم مثل هذا، ومدافعا عنهم. ص 816. وانظر: الناسخ والمنسوخ ص 253. (4) الشورى (23). (5) سبأ (47). والقول بالنسخ هنا رواه النحاس بسند ضعيف عن ابن عباس- رضي الله عنهما- ص 254. وأورده ابن الجوزي عن ابن عباس كذلك. قال: وإلى هذا ذهب مقاتل، وهذا على أن الاستثناء من الجنس فعلى هذا يكون سائلا أجرا، قال: والقول الثاني: أنه استثناء من غير الأول، لأن الأنبياء- عليهم السلام- لا يسألون على تبليغهم أجرا وإنما المعنى: لكني أذكركم المودة في القربى، وقد روى هذا المعنى جماعة عن ابن عباس، منهم طاوس والعوفي ثم ساق بسنده إلى طاوس عن ابن عباس قال: لم يكن بطن من قريش إلّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيهم قرابة، فنزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم هذا هو الصحيح، ولا يتوجه على هذا نسخ أصلا اه. من نواسخ القرآن ص 451. قلت: وهكذا رواه البخاري بنحوه وابن جرير. انظر: صحيح البخاري 8/ 564، مع شرحه فتح الباري وتفسير الطبري: 25/ 23.

ومعنى قوله ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ: أي إني لا أسألكم أجرا فإن سألتكم أجرا فخذوه فهو لكم. وقوله «1»: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى لا يعارض هذا ولا ينافيه «2». وقيل: معناه: ما أسألكم من أجر إلّا هو لكم وعائد بنفعه عليكم، وهو الإيمان والإسلام، وطاعة الله عزّ وجلّ، فتكون الآية على هذا في معنى إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى لأن المودة في القرابة يلزمهم كما يلزمه، فإذا سألهم المودة في القربى فقد سألهم ما هو لهم، وما نفعه لهم، وذلك أن بطون قريش كلها بينها وبينه صلّى الله عليه وسلّم قرابة، فما سألهم على ما جاء به من الهدى والفوز والنجاة، إلّا مودتهم وصلة الرحم بينهم وبينه، ولا خفاء أن ذلك راجع بالنفع عليهم فالذي «3» سألهم هو لهم. وقيل: أن الأنصار افتخرت بأفعالها على قريش، فقال بعض عترة النبي صلّى الله عليه وسلّم: لنا الفضل عليكم، فقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا معشر الأنصار، ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله فقال: ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أفلا تجيبونني؟ قالوا: ما نقول «4» يا رسول الله؟ قال: ألا تقولون: ألم يخرك قومك فآويناك؟ ألم يكذبوك فصدقناك؟ ألم يخذلوك فنصرناك؟ فما زال يقول حتى جثوا على الركب، وقالوا: أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله فنزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «5».

_ (1) كلمة (وقوله) مطموسة في ظ. (2) قال القرطبي- نقلا عن الثعلبي- والقول بالنسخ ليس بالقوي، وكفى قبحا بقول من يقول: إن التقرب إلى الله بطاعته ومودة نبيه صلّى الله عليه وسلّم وأهل بيته منسوخ .. اه الجامع لأحكام القرآن 16/ 22. وانظر: تفسير البغوي والخازن حيث لم يرتضيا القول بالنسخ، وقالا: لا يجوز المصير إليه اه 6/ 101، 102. (3) في د وظ: والذي. (4) في د: برسول الله. (5) انظر: صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الطائف 8/ 43، بشرح ابن حجر، وصحيح مسلم كتاب الزكاة باب إعطاء المؤلفة ومن يخاف على إيمانه 7/ 157، وتفسير الطبري: 25/ 25، واللفظ له. وتفسير القرطبي: 16/ 24. قال القرطبي:- عقيب ذكره لهذا السبب- وقال قتادة: قال المشركون لعل محمدا- فيما يتعاطاه- يطلب أجرا، فنزلت هذه الآية ليحثهم على مودة أقربائه. قال الثعلبي: وهذا أشبه بالآية، لأن السورة مكية اه.

وهذا المعنى أيضا لا يعارض (آية) «1» (سبأ) لأن مودة النبي صلّى الله عليه وسلّم نفعها لهم، على أن هذا التأويل يعترض عليه، أن السورة مكّية والمعنى الأول أحسن وعليه العلماء. وقال ابن عباس: (المعنى: قل «2» لقريش: قل «3» لا أسألكم على ما جئتكم به أجرا إلّا أن تتوددوا إلى الله عزّ وجلّ وتتقرّبوا إليه بالعمل الصالح). وكذلك قال الحسن: إلّا التقرب إلى الله عزّ وجلّ والتودد إليه بالعمل الصالح «4». وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ «5» إنه منسوخ بآية السيف «6».

_ (1) كلمة (آية) سقطت من الأصل. (2) كلمة (قل) هذه مكررة في ظ. (3) (قل) هذه: ليست في بقية النسخ. وعدم وجودها أولى. (4) رواه ابن جرير بنحوه عن ابن عباس مرفوعا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وعن الحسن موقوفا عليه. قال النحاس: وهذا أجمع الأقوال وأبينها، وهو قول حسن، فهذا المبيّن عن الله قد قال هذا، وكذا الأنبياء- عليهم السلام- قبله إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ* اه. الناسخ والمنسوخ ص 255. وانظر: جامع البيان 25/ 25، وراجع تفسير القرطبي 16/ 22، 23. هذا وممن حكى في الآية القولين- أعني النسخ والإحكام-، مكي بن أبي طالب ص 405، وابن حزم ص 54، وابن سلامة ص 273 وابن البارزي ص 48، والكرمي ص 183. (5) الشورى (39). (6) قال النحاس: زعم ابن زيد أنها منسوخة، قال: المسلمون ينتصرون من المشركين ثم نسخها أمرهم بالجهاد. وقال غيره: هي محكمة، والانتصار من الظالم بالحق محمود ممدوح صاحبه، كان الظالم مسلما أو كافرا، روى أسباط عن الزهري .. قال: ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يتعدوا. وهذا أولى من قول ابن زيد، لأن الآية عامة اه. الناسخ والمنسوخ ص 255، وانظر تفسير الطبري: 25/ 38، والإيضاح ص 405، ونواسخ القرآن ص 452. أما ابن حزم ص 55، وابن سلامة ص 272، وابن البارزي ص 48 فقد قالوا: إنها نسخت بقوله عز وجل وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ الآية 43 من السورة نفسها. وكذلك حكاه ابن الجوزي والكرمي على أنه قول ثان في الآية. انظر نواسخ القرآن المصدر السابق، وقلائد المرجان ص 184. قال ابن الجوزي: فكأنها نبهت على مدح المنتصر، ثم أعلمنا أن الصبر والغفران أمدح، فبان وجه النسخ.

وليس كذلك. قال النخعي: (كانوا يكرهون أن يذلّوا أنفسهم، فتجترئ عليهم الفساق) «1». وهذا تأويل حسن به يظهر معنى الآية، لأن من كان بهذه المثابة استحق أن يثنى عليه، فلذلك أثنى الله عزّ وجلّ عليهم. وقال السدي: (هو في كل باغ أباح الله عزّ وجلّ الانتصار منه) «2». 7 - وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «3»: نسخ بقوله عزّ وجلّ فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «4». وهذا غير صحيح، لأن الله عزّ وجلّ حد لمن جازى من أساء أن لا يتجاوز المماثلة، ولم يحتّم عليه أن يجازي المسيء، ولا أوجب ذلك عليه، ثم ندب إلى العفو بقوله سبحانه فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فأي نسخ في هذا «5»؟. 8 - وكذلك قالوا في قوله عزّ وجلّ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ .. «6» الآية.

_ قال: والقول الثاني أنها محكمة، لأن الصبر والغفران فضيلة والانتصار مباح، فعلى هذا تكون محكمة، وهو الصحيح اه نواسخ القرآن ص 452. (1) عزاه السيوطي بنحوه إلى سعيد بن منصور. وعبد بن حميد ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم كلهم عن إبراهيم النخعي. الدر المنثور: 7/ 357. ولم أجده في تفسير الطبري في مظانه، فالله أعلم. وقد أورده الكيا الهراسي الشافعي في أحكام القرآن 2/ 366، وكذلك ابن العربي 4/ 1669، وراجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 16/ 39. (2) رواه ابن جرير بسنده عن السدي قال: وهو أولى بالصواب .. جامع البيان 25/ 37. (3) الشورى (40). (4) جزء من الآية نفسها. (5) قال ابن الجوزي: زعم بعض من لا فهم له أن هذا الكلام منسوخ بقوله: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وليس بقول من يفهم الناسخ والمنسوخ، لأن معنى الآية: أن من جازى مسيئا، فليجازه بمثل إساءته، ومن عفا فهو أفضل اه. نواسخ القرآن ص 453. وراجع تفسير الطبري: 25/ 38، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 255. (6) الشورى (41، 42).

قالوا: هاتان الآيتان منسوختان بقوله عزّ وجلّ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ «1» «2»، والقول فيها كالقول في التي قبلها. 9 - ومن العجائب: قولهم: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ: إنه منسوخ. «3». 10 - وقالوا: في قوله عزّ وجلّ .. وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ إلى قوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ «4». نسخ جميع ذلك بآية السيف «5». وقد سبق من القول في ذلك ما فيه كفاية «6».

_ (1) الشورى (43). (2) قاله ابن حزم ص 55، وابن البارزي ص 48. ورده ابن الجوزي بقوله: زعم بعض من لا يفهم أنها نسخت بقوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ .. الآية، وليس هذا بكلام من يفهم الناسخ والمنسوخ، لأن الآية الأولى وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ .. تثبت جواز الانتصار، وهذه تثبت أن الصبر أفضل اه نواسخ القرآن ص 454. وراجع تفسير الطبري: 25/ 38، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص 256. (3) حكاه مكي، قال: قال ابن وهب عن ابن زيد: إنها منسوخة بقوله تعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ* المؤمنون: 96، وفصلت: 34 قال: وقيل: هي محكمة، والانتقام من الظالم حسن .. اه الإيضاح ص 406. (4) الشورى (46 - 48). (5) لم أقف على من قال بنسخ هذه الآيات، ابتداء من قوله تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ .. وإنما تكلموا على نسخ قوله تعالى: ... فَإِنْ أَعْرَضُوا ... الآية، انظر الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 55، وابن سلامة ص 172، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 454 وابن البارزي ص 48، والكرمي ص 184، والفيروزآبادي: 1/ 419، وقد فسر الطبري الآية بما يؤيد إحكامها، ورد ابن الجوزي القول بنسخها انظر جامع البيان 25/ 43، ونواسخ القرآن ص 454. (6) راجع كلامه على قوله تعالى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ آية 6 من هذه السورة ص 817 وهناك أحلت إلى بعض المواضع المتقدمة الشبيهة به.

سورة الزخرف

سورة الزخرف لا نسخ فيها. وقالوا في قوله عزّ وجلّ: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ «1». وقوله عزّ وجلّ: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «2»: نسختا «3» بآية السيف «4».

_ (1) الزخرف: (83). (2) الزخرف: (89). (3) في د وظ: نسخها. (4) قاله ابن حزم (ص 55) وابن سلامة (ص 275) وابن البارزي (ص 49) والفيروزآبادي (1/ 422) والكرمي (ص 185)، وحكى ابن الجوزي النسخ كذلك في الآيتين، ورد القول به في الآية الأولى كما رده في نظائرها. أما الآية الثانية فقال: إن النسخ فيها بآية السيف، مروي عن الضحاك عن ابن عباس قال: وهو مذهب قتادة ومقاتل بن سليمان اه نواسخ القرآن (ص 445، 456). قلت: أما الرواية عن الضحاك عن ابن عباس فقد أوردها النحاس بسنده إلى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ (ص 256). وقد سبق مرارا أن جويبر هذا ضعيف سيّئ الحفظ، وأما الرواية عن قتادة، فقد أخرجها الطبري بإسناده إليه، ورواها النحاس وابن الجوزي كذلك وسكتوا عنها. انظر جامع البيان (25/ 106) والناسخ والمنسوخ ونواسخ القرآن في الصفحات الماضية نفسها. وقد ذكر مكي بن أبي طالب الآية الثانية فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ... ثم قال: أكثر العلماء على أنها منسوخة بالأمر بالقتال والقتل، وهو قول ابن عباس وقتادة وغيرهما اه. انظر الإيضاح (ص 407)

وقد تقدّم رد ذلك «1».

_ والآية من المحكم لا من المنسوخ، لأنه وعيد وتهديد لهم على إصرارهم على الشرك، وعلى إيذاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يرد نص صحيح يجب اتباعه يفيد بأنها منسوخة وأيضا لا تعارض بين أمره تعالى بالصفح عن المشركين في مكة وهو فيهم ولم ينقضوا عهدهم وأمره بقتال طائفة من المشركين في المدينة نقضوا عهدهم وظاهروا عليه أعداءه ... انظر النسخ في القرآن (2/ 538). (1) راجع على سبيل المثال الكلام على آخر سورة السجدة (ص 790)، وقد سبق نظير ذلك كثيرا.

سورة الدخان

سورة الدخان لا نسخ فيها. وقوله عزّ وجلّ: فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ «1». قالوا: هو منسوخ بآية السيف «2» وقد تقدّم الدليل على بطلان «3» ذلك ونظائره.

_ (1) الدخان: (59). (2) قاله ابن حزم (ص 55) وابن سلامة (ص 276) وابن البارزي (ص 49) والفيروزآبادي (1/ 424) والكرمي (ص 186) وقد رد ابن الجوزي دعوى النسخ هنا بقوله: قد ذهب جماعة من المفسرين إلى أنها منسوخة بآية السيف، ولا نرى ذلك صحيحا، لأنه لا تنافي بين الآيتين، وارتقاب عذابهم، أما عند القتل، أو عند الموت، أو في الآخرة، وليس في هذا منسوخ اه. نواسخ القرآن (ص 457) وراجع النسخ في القرآن (2/ 528). (3) العبارة غير واضحة في ت.

سورة الشريعة

سورة الشريعة «1» قوله عزّ وجل: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ «2». روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يعرض (على) «3» المشركين إذا آذوه، وكانوا يهزءون به ويكذبونه، ثم أمره الله عزّ وجلّ أن يقاتلهم كافة» «4». قال: فكان هذا من «5» المنسوخ «6». وقد قلت فيما تقدّم: ان ابن عباس- رضي الله عنهما- يسمّي تغيّر الأحوال

_ (1) وتسمى أيضا سورة الجاثية. (2) الجاثية: (14). (3) هكذا في الأصل (على) وفي بقية النسخ: (عن) وهو الصواب. (4) (كافة) حرفت في د إلى (كأنه). (5) (من) ساقط من ظ. (6) أخرجه ابن جرير وابن الجوزي عن محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي عن أبيه عن جده عن ابن عباس. جامع البيان (25/ 144) ونواسخ القرآن (ص 458). قلت: وهذا الأثر عن ابن عباس لم يصح، فإن في سنده رجالا ضعفاء، فمحمد بن سعد كان ليّنا في الحديث، كما في الميزان (3/ 560) وأبوه سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي، قال الإمام أحمد: كان لا يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعا لذلك اه تاريخ بغداد (9/ 127) وانظر لسان الميزان (3/ 18، 19) وفي سنده أيضا عمّ سعد بن محمد، وهو الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، وقد سبق التنويه بضعفه أثناء الكلام على قوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ (ص 740).

نسخا، وإنما يصح أن يكون هذا منسوخا على المراد بالنسخ عندنا، أن يكون النبي صلّى الله عليه وسلّم قادرا على قتالهم منهيا عنه، ثم جاء الأمر بالقتال، فيكون ذلك ناسخا، وليس في هذه الآية زيادة على الآيات التي أمر فيها بالصبر. وقد أشار فيها إلى وعيدهم والنصر عليهم بقوله سبحانه لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «1» «2». وروى عن ابن عباس- أيضا- والضحاك وقتادة أنها نزلت في رجل من المشركين سبّ عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فهم أن يبطش به، فنزلت «3» وذلك بمكّة قبل الهجرة «4» فإن أريد بالذين آمنوا عمر- رضي الله عنه- وأريد بالذين لا يرجون أيام الله: ذلك الذي سبّه، فقوله عزّ وجلّ: وَ «5» قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً «6» لا يكون ناسخا لهذه، وإن أريد العموم، فقد كانوا غير قادرين على قتالهم، فلا يكونون منهيين عنه، وإنما كانوا مأمورين بالصبر. وقال قتادة والضحاك: نسخها فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ «7». وقال أبو هريرة:- رضي الله عنه- نسخها أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا «8».

_ (1) جزء من الآية نفسها. (2) فهذا الجزء من الآية، والآية التي تليها مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ .. دليلان على أن الآية محكمة لا منسوخة فإنهما يقرران أن كل إنسان مجزي بعمله، فمن عمل صالحا، فثواب هذا العمل الصالح له لا لغيره، ومن أساء، فعقاب إساءته عليه لا على سواه .. انظر النسخ في القرآن (2/ 553). (3) كلمة (فنزلت) ساقطة من ظ. (4) راجع الكلام على سورة (الجاثية) في فصل (نثر الدرر في معرفة الآيات والسور) من هذا الكتاب (ص 138) وانظر الإيضاح (ص 409). (5) كتبت الآية بالفاء في (ت) خطأ. (6) التوبة (36). (7) الأنفال (57) وتمامها ... فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ ... الآية أخرج هذا الأثر الطبري وابن الجوزي عن قتادة. جامع البيان (25/ 144) ونواسخ القرآن (ص 460). (8) الحج (39). أخرجه ابن جرير عن أبي صالح. جامع البيان (25/ 145). وذكره ابن الجوزي وعزاه إلى أبي صالح. نواسخ القرآن (ص 460).

ولو كان قولهم في النسخ راجعا إلى النقل لما اختلفوا في الناسخ ما هو، واختلافهم يدلّ على أنهم قالوا ذلك «1» ظنا.

_ (1) وهذا واضح من اختلافهم في الناسخ للآية الكريمة، فمن قائل: إنها آية السيف، ومن قائل: إنها آية الأنفال فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ وقائل آخر يقول: إنها آية الحج أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ وآخر يقول: إنها نزلت بمكة بسبب عمر- رضي الله عنه- والرجل الذي شتمه من المشركين، وغير ذلك من الأسباب التي ذكرها المفسرون، والتي لا يتسع المقام لذكرها. فلتنظر في زاد المسير (7/ 357). قال الفخر الرازي:- بعد أن حكى النسخ عن أكثر المفسرين- والأقرب أن يقال: أنه محمول على ترك المنازعة في المحقرات، وعلى التجاوز عما يصدر عنهم من الكلمات المؤذية، والأفعال الموحشة اه من تفسيره (27/ 263).

سورة الأحقاف

سورة الأحقاف ليس فيها نسخ. وقال قوم: فيها آيتان: الأولى «1» قوله عزّ وجلّ وَ «2» ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ «3». قال أبو القاسم هبة الله «4» بن سلامة «5»: ليس «6» في كتاب الله عزّ وجلّ (منسوخ) «7» طال حكمه كهذه الآية عمل بها بمكّة عشر سنين، وعيّره به المشركون ثم هاجروا إلى المدينة، فبقوا ست سنين يعيّرهم (المنافقين) «8» فلمّا كان عام الحديبية، خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أصحابه، ووجهه يتهلّل فقال: (لقد نزلت عليّ اليوم آية أو قال: آيات هي أحب إليّ من حمر النّعم، أو «9» قال: مما طلعت عليه شمس) فقال له أصحابه:

_ (1) كلمة (الأولى) ساقطة من ظ. (2) سقطت الواو من الأصل. (3) الأحقاف (9). (4) في ظ: لعتبة الله بن سلامة. (5) هبة الله بن سلامة بن نصر بن علي أبو القاسم الضرير المقرئ النحوي المفسر البغدادي، كانت له حلقة في جامع المنصور، من مؤلفاته: الناسخ والمنسوخ في القرآن، وفاته ببغداد سنة 410 هـ. انظر: تاريخ بغداد (14/ 70) وطبقات المفسرين للداودي (2/ 348) والإعلام (8/ 72). (6) في د وظ: وليس. (7) كلمة (منسوخ) ساقطة من الأصل. (8) هكذا في الأصل: يعيرهم المنافقين خطأ نحوي واضح، وفي بقية النسخ: المنافقون، وهو الصواب. (9) (أو) ساقطة من ظ.

وما ذاك «1» يا رسول الله، فقرأ عليهم إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ... إلى قوله عزّ وجلّ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً «2» فقال له أصحابه: ليهنك (ما أنزل) «3» الله فيك، فقد أعلمك ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً «4». وقوله عزّ وجلّ لِيُدْخِلَ «5» الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ... إلى قوله: فَوْزاً عَظِيماً «6» «7». فقال المنافقون والمشركون: قد أعلمه الله ما يفعل به وما يفعل بأصحابه، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت: بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «8» ونزلت وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ من أهل المدينة وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ* من أهل مكّة «9» وغيرهم الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ «10». وقال ابن أبيّ: هب أنه غلب (اليهود) «11» فكيف له طاقة بفارس والروم؟ فنزلت وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... * «12» أكثر من فارس والروم. قال «13»: وليس في كتاب الله عزّ وجلّ كلمات منسوخة نسختها سبع آيات إلّا هذه «14» اه.

_ (1) في د وظ: وما ذلك. (2) الفتح (1 - 4). (3) مشطوبة في الأصل، وأضيفت في الحاشية فلم تظهر. (4) الأحزاب (47). (5) في الأصل: (ويدخل .. ) خطأ. (6) الفتح (5). (7) انظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة (ص 46) قال البغوي والخازن: وهذا قول أنس وقتادة والحسن وعكرمة اه انظر لباب التأويل وبهامشه معالم التنزيل (6/ 131). وكذلك عزاه ابن كثير بنحوه إلى ابن عباس وقتادة والحسن وعكرمة انظر تفسيره (4/ 155). (8) النساء: (138). (9) انظر قلائد المرجان للكرمي (ص 188). (10) الفتح (6). (11) في الأصل: هب أنه غلب الروم. ثم طمس الناسخ كلمة (الروم) وصححها في الحاشية فلم تظهر. (12) الفتح (4 - 7). (13) أي هبة الله بن سلامة. (14) انظر نص كلام هبة الله بن سلامة في كتابه (الناسخ والمنسوخ) (ص 279، 283) مع تصرف يسير من السخاوي.

وقال مكّي بن أبي طالب:- رحمه الله- روى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: نسخها: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً «1» الآية. قال: وإلى هذا ذهب ابن حبيب، لأن الله عزّ وجلّ «2» قد أعلمه حاله، وأنه مغفور له ذنوبه في الآخرة. قال مكّي: وهذا إنما يجوز على قول من قال: معناها: (ما يفعل بي ولا بكم) في الآخرة، قال: فأما من قال: (ما يفعل بي ولا بكم) في الدنيا من تقلّب الأحوال فيها، فالآية «3» عنده محكمة، وهو قول الحسن- رحمه الله- «4» وهو قول حسن لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما نفى عن نفسه علم الغيب فيما يحدث عليه وعليهم في الدنيا. وقال: ألا ترى إلى قوله تعالى إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ «5» يريد في الدنيا. قال: وأيضا فإن الآية خبر، ولا ينسخ الخبر، وأيضا فإنه صلّى الله عليه وسلّم قد علم أن من مات على الكفر فهو مخلد في النار، فكيف يقول «6»: ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ في الآخرة؟ وقد أعلمه الله عزّ وجلّ بما يؤول إليه أمر الكفار في الآخرة، وهذا مثل قوله: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ «7» إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ ... «8» أي لو علمت الغيب لتحفظت من الضر، فلم يلحقني في الدنيا ضر.

_ (1) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس دون تصريح بالنسخ، وعن الحسن البصري، وعكرمة مصرحا بالنسخ. انظر جامع البيان (26/ 7). وكذلك عزاه السيوطي إلى ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه كلهم عن ابن عباس دون تصريح بالنسخ أيضا. انظر الدر المنثور (7/ 435). وعزاه كذلك إلى ابي داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس مصرحا بالنسخ. المصدر نفسه. (2) في د وظ: لأن الله جل ذكره. (3) في ظ: في الآية. (4) أخرجه الطبري- مطولا- عن الحسن. جامع البيان (26/ 7) وأخرجه النحاس- مختصرا- عن الحسن كذلك. انظر: الناسخ والمنسوخ (ص 257). (5) يونس: (15). (6) كلمة (يقول) سقطت من ظ. (7) إلى هنا ينتهي نص الآية في د وظ. (8) الأعراف: (188).

قال: فالظاهر أن الآية محكمة، نزلت في أمور الدنيا «1» اه. وأقول مستعينا بالله عزّ وجلّ: إن الآية محكمة على كل حال «2». قول مكّي: إن نسخها إنما يجوز على قول من قال: (ما يفعل بي ولا بكم) في الآخرة دون الدنيا لأن الله قد أعلمه أنه مغفور له في الآخرة «3» فليس بمنسوخة، وإن كان الله عزّ وجلّ قد أعلمه بذلك، لأن المعنى: إني لا أعلم من الأمور شيئا إلّا ما أعلمني به الله عزّ وجلّ يدلّ «4» على ذلك قوله عزّ وجلّ: إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ «5» وليس لي من علم الغيب شيء، لأنهم كانوا يسألونه عن المغيبات، فأمر بأن يقول ما أنا ببدع من الرسل، خارج عما كانوا عليه، إذ كانوا (إنّما) «6» يفوهون بما يوحى إليهم، ولا يخبرون بغير ذلك، قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ، فإعلامه بعد ذلك بما يكون منه في الآخرة، لا يكون ناسخا لهذا. وأما قول هبة الله: فقال المشركون، وقال المؤمنون: فما يكون منا؟ فأنزل الله عزّ وجلّ كذا وكذا، إلى آخر ما ذكره (فكلامهم) «7» غير مستقيم. أما ما ذكره عن المؤمنين وما أنزل فيهم (على) «8» قوله عزّ وجلّ: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

_ (1) انظر نص كلام مكي في الإيضاح (ص 411، 412) ونحوه في الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 257) وتفسير الطبري (26/ 8) وقد رجح هذا القول وصححه كل من الإمام الطبري والنحاس في المصدرين السابقين. وابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 464) وابن كثير في تفسيره (4/ 155) والقرطبي كذلك (16/ 186). (2) وهذا هو الصحيح- إن شاء الله- كما سبق. فقد أعلم الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولا يصح أن يتطرق الشك في هذا، لأن الله تعالى أعلمه في كتابه العزيز أن أولياءه في أمن واطمئنان لا يصيبهم الخوف والحزن كما يصيب غيرهم، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ... الآيات (62 - 64) من سورة يونس. وهو صلّى الله عليه وسلّم أرفع درجة من الأولياء بل وسيد الأنبياء عليهم السلام، راجع كلام الأستاذ سامي عطا حسن في تحقيقه لكتاب قلائد المرجان للكرمي (ص 190). (3) إلى هنا ينتهي كلام مكي ويبدأ رد المصنف ومناقشته له. (4) في ظ: ويدل على ذلك. (5) سبق قريبا عزوها، وسيذكر المصنف قريبا أيضا نص الآية من أولها. (6) في بقية النسخ: إذا كانوا إنما يفوهون ... الخ. (7) هكذا في الأصل: (فكلامهم) وفي بقية النسخ: فكلام، وهو الصواب. (8) هكذا في الأصل: (على) خطأ، وفي بقية النسخ (من)، وهو الصواب.

فلا يكون ناسخا لهذه الآية، لأن قوله عزّ وجلّ: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ ... الآية، إنّما هو خطاب للمشركين، فكيف ينسخه وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وكذلك «1» قوله في المنافقين. وأما ما ذكره عن المشركين في قوله عزّ وجلّ: وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ فليس بناسخ لهذه الآية، لأن الإعلام وقع بتعذيب المشركين والمشركات، ولم يقع بتعذيب المخاطبين، ولا أعلم بما يفعل بهم، ولقد آمن منهم جمع كبير وعدد كثير، فليس في الإعلام بتعذيب الكافرين والمنافقين وفوز المؤمنين ونعيمهم في الآخرة، نسخ لقوله سبحانه وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ لأن ذلك «2» إعلام بعاقبة الفريقين من المؤمنين وغيرهم، وهذا خطاب لقوم لا يدرى من أي الفريقين هم في الآخرة. والآية الثانية: قوله عزّ وجلّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ «3». قالوا: نسخ بآية السيف «4» وقد ذكرت أن ذلك غير صحيح، وقدّمت القول فيه «5».

_ (1) في د وظ: بدون واو. (2) في د وظ: لأن ذاك. (3) الأحقاف: (35). (4) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص 56) وابن سلامة (ص 288) وقلائد المرجان (ص 191). قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف، ولا يصح له هذا، إلا أن يكون المعنى: فاصبر عن قتالهم، وسياق الآيات يدل على غير ذلك. قال بعض المفسرين: كأنه ضجر من قومه، فأحب أن ينزل العذاب بمن أبى منهم، فأمر بالصبر اه نواسخ القرآن (ص 465) وانظر النسخ في القرآن (2/ 523). (5) راجع الكلام على قوله تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ من آخر سورة الروم (ص 787).

سورة محمد صلى الله عليه وسلم

سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم ليس فيها نسخ «1». وقال ابن جريج والسدي وغيرهما في قوله عزّ وجلّ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ... إلى قوله عزّ وجلّ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها «2»: نسخ جميع ذلك بآية السيف «3»، فلا يجوز المنّ على المشرك ولا الفداء، إلّا على من لا يجوز قتله كالصبي والمرأة «4». وقال الضحاك وعطاء: هذه الآية ناسخة لقوله عزّ وجلّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «5» فلا يقتل مشرك صبرا، لكن يمنّ عليه، ويفادى به إذا أيسر «6». وهذا يدلّك على أنهم تكلّموا في النسخ بالظن والاجتهاد.

_ (1) كلمة (نسخ) سقطت من ظ. (2) سورة محمد: صلّى الله عليه وسلّم (4) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ... الآية. (3) قاله قتادة في الناسخ والمنسوخ (ص 47). وأخرجه الطبري عن ابن جريج والسدي. انظر جامع البيان (26/ 40). ورواه النحاس عن ابن جريج، قال: وهو قول جماعة، منهم السدي وكثير من الكوفيين اه الناسخ والمنسوخ (ص 258). (4) في د: المرا. (5) التوبة: (5) وهي الآية التي تسمى بآية السيف. (6) انظر: الإيضاح لمكي (ص 414) حيث قال مكي: أنه قول شاذ اه.

فمن ثم قال قوم: هو منسوخ، وقال قوم: بل هو ناسخ. وقال عامة العلماء: بأن لا نسخ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم مخيّر بين الفداء والمنّ والقتل والاسترقاق. وقد «1» روى مثل هذا عن ابن عباس- رضي الله عنهما- «2». وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ «3». قال هبة الله: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ «4» وهذا من أعجب ما مرّ بي، وكيف يقول هذا ذو لب ومعرفة؟

_ (1) كلمة (وقد) ليست في د وظ. (2) قال النحاس:- وهو يحكي أقوال العلماء في الآية- والقول الخامس أنها غير ناسخة ولا منسوخة، والإمام مخير ... وهذا القول قاله كثير من العلماء، وساق بسنده إلى ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً قال: فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم بالخيار في الأسارى، إن شاءوا قتلوهم وإن شاءوا استعبدوهم، وإن شاءوا فادوهم، وإن شاءوا منّوا عليهم، وهذا على أن الآيتين محكمتان، معمول بهما، وهو قول حسن، لأن النسخ، إنما يكون بشيء قاطع، فأما إذا أمكن العمل بالآيتين، فلا معنى في القول بالنسخ ... وهذا القول يروى عن أهل المدينة والشافعي وأبي عبيد، وبالله التوفيق اه. الناسخ والمنسوخ (ص 258، 259) قال مكي: وهو الصواب- إن شاء الله تعالى- فالآيتان محكمتان اه انظر: الإيضاح (ص 414) وراجع تفسير الطبري (26/ 42) وابن العربي (4/ 1701) والبغوي (6/ 145)، وزاد المسير (7/ 397) وتفسير القرطبي (16/ 228). وقد سبق أن تعرض السخاوي لهذه القضية في الموضع الثاني من سورة التوبة فلتنظر هناك. (3) سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم (36) وأولها: .. وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ. (4) السورة نفسها (37). وقد أورد ابن سلامة الآيتين المذكورتين على أنهما منسوختان بقوله تعالى بعدهما ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... الآية. انظر: الناسخ والمنسوخ (ص 289). وبهذا يكون ما نقله المصنف مخالفا لما ذكره ابن سلامة. والذي ذكره المصنف هو قول: ابن حزم الأنصاري في الناسخ والمنسوخ (ص 57) وابن البارزي في ناسخ القرآن ومنسوخه (ص 50). وقد رد ابن الجوزي هذا القول وشنع على قائليه بقوله: زعم بعضهم أنها منسوخة بآية الزكاة، وهذا باطل، لأن المعنى: لا يسألكم جميع أموالكم. قال السدي: أن يسألكم جميع ما في أيديكم تبخلوا. وزعم بعض المغفلين من نقلة التفسير أنها منسوخة بقوله إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وهذا ليس معه حديث اه. نواسخ القرآن (ص 468) وراجع قلائد المرجان (ص 192).

وهل يفهم من هذا أنه عاد إلى خلاف ما أخبر به؟ وإنّما المعنى: ولا يسألكم جميع أموالكم، فيكون ذلك إحفاء «1» في المسألة، ألا ترون أنه (يدعوكم) «2» لتنفقوا في سبيل الله فيبخل بعضكم؟ فكيف لو سألكم أموالكم؟!. ولم يذكروا في الفتح ولا الحجرات شيئا من المنسوخ، فلتهنهما العافية!!

_ (1) في ظ: إخفاء. (2) كتب الناسخ في ت (دعاكم) ثم شطب عليها وأضاف الصحيح في الحاشية فلم يظهر.

سورة ق

سورة ق ليس فيها منسوخ. وقالوا: فيها «1» آيتان منسوختان، قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ «2»، وقوله عزّ وجلّ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ «3» قالوا: نسختا «4» بآية السيف «5» وقد قدّمت القول في ذلك.

_ (1) في د وظ: وقالوا في فيها. (2) سورة ق: (39). (3) سورة ق: (45). (4) في د: نسختها بآية السيف. (5) قاله ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 57) وابن سلامة (ص 290) وابن البارزي في ناسخ القرآن ومنسوخه (ص 50) والكرمي في قلائد المرجان (ص 194). وقد تعرض النحاس ومكي لذكر الآية الأولى ضمن الناسخ والمنسوخ، وحكيا فيها القولين النسخ والإحكام، وذكرا في سبب نزولها ما حكاه المصنف. انظر الناسخ والمنسوخ (ص 261) والإيضاح (ص 417). وأما ابن الجوزي فقد تعرض لذكر الآية الثانية فقط. قال: قال ابن عباس: لم تبعث لتجبرهم على الإسلام، وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم، قالوا: ونسخ هذا بآية السيف اه نواسخ القرآن (ص 470). ويلاحظ أن الآية الأولى جاءت في سياق الكلام عن الأمم السابقة وما حاق بها من الهلاك والدمار، وهي تأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالصبر، بل كل الآيات التي تأمره بذلك، تؤدي هذا المعنى، وإن اختلف الأسلوب التعبيري عنه. فنجد السياق قد مهد للأمر بالصبر على ما يقولون بالكلام على قدرة الله إذ خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ولم يمسه مع ذلك اعياء ولا تعب- سبحانه

وقد قال قوم في الآية الأولى: إنها نزلت في قوم من اليهود سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم مسائل بمكّة، وتكلّموا بكلام منكر، فأمر صلّى الله عليه وسلّم بالصبر عليهم، فهى مخصوصة في قوم بأعيانهم.

_ وتعالى- كما زعمت اليهود، عليهم من الله ما يستحقون ... راجع النسخ في القرآن (2/ 517). وأما الآية الثانية: فإنها لا تفيد أن الغاية من القتال في الإسلام هي جبر الكفار على الدخول فيه، أضف إلى ذلك أن هذه الآية خبرية، والأخبار لا تنسخ ... راجع نفس المصدر (2/ 770).

سورة الذاريات

سورة «1» الذاريات ليس فيها منسوخ. وقال الضحاك في قوله عزّ وجلّ وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ «2»: هو منسوخ بآية الزكاة، قال: وحسن نسخه لأنه خبر في معنى الأمر اه «3». وقال الحسن والنخعي: الآية محكمة، وفي المال حق غير الزكاة «4» اه. قال مكّي: وهو الذي يوجبه النظر، وبه قال أهل العلم إنها في غير الزكاة على الندب لفعل الخير والتطوّع بالصدقة، فهي ندب غير منسوخة اه «5». فأما قول الضحاك، فليس بشيء، لأن الله عزّ وجلّ ما أوجب في المال قبل الزكاة فرضا آخر فتنسخه الزكاة. وقال «6» الحسن والضحاك- أيضا- والنخعي: أن في المال حقا غير الزكاة، فهذه الآية ليست في ذلك، وإنما وصفهم الله عزّ وجلّ بما فعلوه من غير إيجاب عليهم ولا ندب

_ (1) في د وظ: والذاريات. (2) الذاريات: (19). (3) أخرجه النحاس بسنده عن الضحاك. الناسخ والمنسوخ (ص 263) قال ابن الجوزي: وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة ولا يصح اه من زاد المسير (8/ 33). (4) ذكره عنهما النحاس في المصدر السابق. (5) انظر الإيضاح (ص 419). (6) في د وظ: وقول. ويظهر- والله أعلم- أنها أصح، مع الاستغناء عن إضافة اسم الضحاك، حتى يستقيم الكلام، لأن الضحاك قد سبق ذكره وأنه يقول بالنسخ.

لهم، وإنما فعلوا ذلك ويفعلونه تسخيا ومروءة، سواء كانوا ممن يجب عليه الزكاة، أو ممن لا يبلغ ماله ذلك يرون أن عليهم حقا للسائل والمحروم «1» فالسائل: الذي يسأل الناس، والمحروم: الذي لا يسأل الناس، قاله الزهري وعن ابن عباس: المحارف «2». وقال ابن الحنفية «3»: هو الذي لا «4» يشهد الحرب، فيكون لهم سهم في الغنيمة. وقال زيد بن أسلم: هو الذي لحقته في زرعه جائحة، فأتلفته. وقال عكرمة: هو الذي لا ينمى له شيء. وهذا هو قول ابن عباس بعينه، وفي معناه أيضا قول مالك- رحمه الله- هو الفقير الذي يحرم الرزق. وعن عمر بن عبد العزيز: المحروم: الكلب. وهو بعيد عن سياق الآية «5».

_ (1) ويرى ابن العربي أن المراد بهذه الآية الزكاة حيث يقول: والأقوى في هذه الآية أنه الزكاة لقوله تعالى في سورة (سأل سائل): وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ الآيتان (24، 25) الحق المعلوم: هو الزكاة التي بيّن الشرع قدرها وجنسها ووقتها، فأما غيرها لمن يقل به فليس بمعلوم، لأنه غير مقدر ولا مجنس ولا مؤقت اه. أحكام القرآن (4/ 1730). (2) المحارف:- بضم الميم وفتح الراء- هو الذي لا يصيب خيرا من وجه توجه إليه. وقيل: هو المحروم المحدود الذي إذا طلب فلا يرزق، أو يكون لا يسعى في الكسب. اللسان (9/ 43) (حرف). (3) محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم المعروف بابن الحنفية، أحد الأبطال الأشداء في صدر الإسلام، وهو أخو الحسن والحسين، غير أن أمهما فاطمة الزهراء، وأمه خولة بنت جعفر الحنفية، ينسب إليها تمييزا له عنهما، كان واسع العلم ورعا. وكان يقول: الحسن والحسين أفضل مني وأنا أعلم منهما، توفي بالمدينة سنة 81 هـ. انظر: صفة الصفوة (2/ 77) والاعلام (6/ 270). (4) في د وظ: هو الذي لم يشهد، وهي أفصح. (5) ذكر هذه الأقوال معزوة إلى أصحابها النحاس. قال: وإنما وقع الاختلاف في هذا لأنه صفة أقيم مقام الموصوف، والمحروم: هو الذي قد حرم الرزق واحتاج، فهذه الأقوال كلها داخلة في هذا، غير أنه ليس فيها أجل مما روي عن ابن عباس، ولا أجمع من أنه المحارف اه. انظر الناسخ والمنسوخ (ص 263).

وقال هبة الله في قوله عزّ وجلّ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ «1»: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ «2». وقال الضحاك: هي منسوخة بالأمر بالإقبال عليهم وتبليغهم الرسالة ووعظهم «3»، (ويزلم) «4» من هذا أنه أمره في هذه الآية بترك التبليغ والرسالة، ثم أرسل بعد ذلك، فنسخ ما (كان) «5» أمر به من ترك الرسالة والإنذار! وهذا لم يكن قط، وإنما معناه: فتول عن تكذيبهم وإصرارهم على الكفر، كما قال عزّ وجلّ: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ «6» ولم يرد بذلك الإعراض عن التبليغ والإنذار، وإنما أراد الإعراض عما يصدر منهم، وما كان يشق عليهم من (ظلالهم) «7» وما يأخذ به من شدة الحرص على إيمانهم «8» (لعلّك «9» باخع نفسك ألّا يكونوا مؤمنين) «10».

_ وراجع: تفسير الطبري (26/ 200) والبغوي والخازن (6/ 202) وزاد المسير (8/ 32) والجامع لأحكام القرآن (17/ 38) وتفسير ابن كثير (4/ 234). (1) الذاريات (54). (2) وهي الآية التي تليها (55) وانظر الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص 292) وقاله من قبله ابن حزم (ص 58). (3) ذكره النحاس عن الضحاك. انظر الناسخ والمنسوخ (ص 263). قال مكي: وهو قول الضحاك وغيره اه. الإيضاح (ص 419) وانظر تفسير القرطبي (17/ 54) وزاد المسير (8/ 42). (4) هكذا في الأصل: ويزلم. تحريف. وفي بقية النسخ: ويلزم وهو الصواب. (5) سقط من الأصل كلمة (كان). (6) النساء (63). (7) هكذا في الأصل: من ظلالهم. خطأ إملائي، والصواب: من ضلالهم، كما في بقية النسخ. (8) قال ابن الجوزي: زعم قوم أنها منسوخة، ثم اختلفوا في ناسخها فقال بعضهم: آية السيف. وقال بعضهم: أن ناسخها وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وهذا قد يخيل أن معنى قوله فَتَوَلَّ عَنْهُمْ: أعرض عن كلامهم فلا تكلمهم، وفي هذا بعد، فلو قال هذا: أن المعنى: أعرض عن قتالهم، صلح نسخها بآية السيف، ويحتمل أن يكون معنى الآية: أعرض عن مجادلتهم، فقد أوضحت لهم الحجج وهذا لا ينافي قتالهم اه. نواسخ القرآن (ص 472). وراجع النسخ في القرآن (2/ 770) فما بعدها. (9) في الأصل: (فلعلك) خطأ. (10) الشعراء: (3).

وقال بعض العلماء «1»: وليس قوله فَما «2» أَنْتَ بِمَلُومٍ بوقف بل هو مأمور بالتذكير مع التولي. وقال قتادة: ذكر لنا أنها لما نزلت اشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وظنّوا أن الوحي قد انقطع، وأن العذاب قد حضر، فأنزل الله بعد ذلك (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) «3». قلت: وفي هذا دليل على أنه لم يرد بالتولي ما وقع للضحاك. وقال مكّي: الظاهر في هذه الآية أنها منسوخة بالأمر بالقتال في (براءة) وغيرها اه «4» وليس كذلك لأنها لا تتضمن الأمر بترك القتال.

_ (1) وهو النحاس في كتاب القطع والائتناف (ص 683) بنحوه. (2) في الأصل (وما أنت ..... ) خطأ. (3) أخرجه الطبري عن قتادة. جامع البيان (27/ 11) وعزاه البغوي إلى المفسرين. انظر معالم التنزيل (6/ 205)، وعزاه أبو حيان إلى علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- انظر: البحر المحيط (8/ 143). (4) انظر: الإيضاح (ص 419).

سورة الطور

سورة الطور ليس فيها نسخ. وقال قوم: فيها ثلاث آيات نسخت بآية السيف، قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ «1» وَ «2» اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ «3» فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ «4» «5»، وقد تقدّم قولي في رد هذا وشبهه. وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ «6»: إنه فرض عليه صلّى الله عليه وسلّم

_ (1) الطور (31) ... فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ. وقد كتبت الآية في النسخ (فتربصوا إني معكم) ... (2) كتبت الآية في النسخ بالفاء، وهو خطأ، والصحيح ما أثبته. (3) الطور: (48). (4) الطور: (45) وقد كتبت الآية في النسخ ... حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ* وهو خطأ والصحيح ما أثبته، ويلاحظ أن المصنف لم يلتزم الترتيب. (5) ذكر دعوى النسخ في الآيات الثلاث ابن سلامة في الناسخ والمنسوخ (ص 292، 293) وابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 51) وابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 473، 474) ورد ابن الجوزي القول بالنسخ في الآيات الثلاث، وقال: إن القول بذلك ليس صحيحا. وذكر القرطبي الآيتين الثانية والثالثة ضمن الآيات المنسوخة بآية السيف، انظر الجامع لأحكام القرآن (17/ 77). وذكر الكرمي الآيتين الأولى والثالثة. انظر قلائد المرجان (ص 196) بينما تعرض ابن حزم والفيروزآبادي لذكر الآية الثانية فقط ضمن الآيات المدعي فيها النسخ. انظر الناسخ والمنسوخ (ص 58) وبصائر ذوي التمييز (1/ 441). وقد سبق رد هذا الادّعاء، وأنه لا تعارض بين آية السيف وبين هذه الآيات ومثيلاتها. (6) الطور: (48).

حين يكبّر تكبيرة الإحرام «سبحانك اللهم وبحمدك، و «1» تبارك اسمك، وتعالى جدك «2» ولا إله غيرك» «3» ثم إن ذلك منسوخ بالإجماع على أنه ليس بفرض، وما ادعوه من ذلك «4» فلا دليل عليه، ومن أين علم أن ذلك كان مفروضا عليه؟ وقد قال العلماء: (حين تقوم) من نومك. وقال سفيان: (حين تقوم) إلى الصلاة المكتوبة. وقيل: التسبيح: أريد به الصلاة: وقيل: هو تكبيرة الإحرام «5».

_ (1) في د وظ: بدون واو. (2) أي علت عظمتك على عظمة غيرك، وتعالى غناك عن أن ينقصه إنفاق أو يحتاج إلى معين ونصير. انظر تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي (2/ 48). (3) رواه الترمذي في سننه كتاب الصلاة باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (2/ 47) والنسائي في سننه كتاب الافتتاح باب الذكر والدعاء بين التكبير والقراءة (2/ 132) ورواه مسلم موقوفا على عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كتاب الصلاة باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة (4/ 111). (4) من ذلك؛ غير واضحة في ظ. (5) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 264) والإيضاح لمكي (ص 421) وراجع تفسير الطبري (27/ 38) والبغوي والخازن (6/ 211) وزاد المسير (8/ 60) والجامع لأحكام القرآن (17/ 78، 79) وتفسير ابن كثير (4/ 245).

سورة النجم

سورة «1» النجم ليس فيها منسوخ. وأما قوله عزّ وجلّ فَأَعْرِضْ «2» عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا «3» وقولهم: إنه منسوخ بآية السيف «4» فقد ثبت بطلانه. وأما قوله عزّ وجلّ «5» وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى «6» وقولهم: إنه منسوخ

_ (1) في د: والنجم. (2) (فأعرض) مشطوبة في ظ. (3) النجم: (29). (4) قاله ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 58) وابن سلامة كذلك (ص 293) ومكي في الإيضاح (ص 424) وابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 475) والقرطبي في تفسيره (17/ 105). ولم يناقش كل من مكي وابن الجوزي قضية النسخ كعادتهما في الآيات التي تشبه هذه الآية، والتي تحمل في طياتها معنى الإعراض لكن عبارة ابن الجوزي تنبئ بعدم قبوله للنسخ حيث قال: المراد بالذكر هاهنا: القرآن، وقد زعموا أن هذه الآية منسوخة بآية السيف اه وقد سبق للمصنف رد مثل هذه الدعوى مرارا. والذي يلقي نظرة على ما قاله العلماء حول تفسير هذه الآية، يدرك أنه لا وجه لدعوى النسخ فيها، حيث فسروها بما يؤكد إحكامها. انظر تفسير الطبري (17/ 63) والبغوي (6/ 219) وابن كثير (4/ 255) وراجع النسخ في القرآن (2/ 530). (5) في ظ: وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم. ثم وضع الناسخ كلمة (عزّ وجلّ) فوق عبارة صلّى الله عليه وسلّم ولم يمسحها. (6) النجم: (39).

بقوله عزّ وجلّ والذين آمنوا واتّبعتهم «1» ذرياتهم «2» بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم «3». قالوا: لأنه عزّ وجلّ أخبر أنه أدخل الأبناء مدخل الآباء، وألحقهم بهم لصلاح الآباء «4». واحتجوا بقول ابن عباس:- رضي الله عنهما- هو المؤمن يرفع الله به ذريته (ليقر) «5» بذلك عينه، وإن كانوا دونه في العمل وعنه أيضا: المؤمن يلحق الله به ذريته الصغار التي لم تبلغ الإيمان «6» والجواب: أن هذا خبر من الله عزّ وجلّ، لا يجوز نسخه، وليس قوله عزّ وجلّ والذين آمنوا وأتبعناهم «7» ذرياتهم «8» مما يعارض قوله عزّ

_ (1) في الأصل: وتبعناهم. ولعل المصنف كتب- (وأتبعناهم) - فسقطت الألف، لأن قراءة أبي عمرو بالألف كما سيأتي. (2) في د وظ: (ذريتهم) وهي قراءة غير أبي عمرو كما سيأتي. (3) الطور: (21). وقد قرأ أبو عمرو (وأتبعناهم) بقطع الألف وإسكان التاء والتخفيف وبعد العين نون وألف، وقرأ الباقون بوصل الألف وتشديد التاء وبعد العين تاء ساكنة (وأتبعتهم). وقرأ أبو عمرو (ذرياتهم) بالجمع وكسر التاء وكذلك قرأ ابن عامر غير أنه ضم التاء، وقرأ الباقون بالتوحيد وضم التاء، وقرأ الكوفيون وابن كثير أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ بالتوحيد وفتح التاء، وقرأ الباقون بالجمع وكسر التاء. التبصرة لمكي (ص 514) وانظر الكشف (2/ 190) والنشر (2/ 377) والإرشادات الجلية (ص 443). (4) انظر الناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص 58) والنحاس (ص 265)، وتفسير الطبري (27/ 74) والإيضاح (ص 423) وناسخ القرآن العزيز ومنسوخه لابن البارزي (ص 51) وقلائد المرجان (ص 198) قال ابن الجوزي:- بعد أن عزا القول بالنسخ إلى ابن عباس- ولا يصح، لأن لفظ الآيتين لفظ الخبر، والأخبار لا تنسخ اه زاد المسير (8/ 81) وانظر نواسخ القرآن (ص 475، 476). (5) هكذا في الأصل: ليقر. وفي بقية النسخ: لتقر، وهو الصواب. (6) أخرجه الطبري بأسانيده عن ابن عباس- رضي الله عنهما- جامع البيان (27/ 24). قال: وهو أولى بالصواب وأشبهها بما دل عليه ظاهر التنزيل اه وراجع تفسير ابن كثير (4/ 241). وأخرجه النحاس كذلك عن ابن عباس. انظر الناسخ والمنسوخ (ص 266). قلت: لكن هذا الاحتجاج بقول ابن عباس ليس في مكانه- في تصوري- بل إنه يؤيد أحكام الآية وسيرد المصنف على هذا الاحتجاج ففيه ما يكفي. (7) في د: وَاتَّبَعَتْهُمْ وقد سبق بيان القراءات فيها. (8) كلمة ذرياتهم ليست في د وظ.

وجلّ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ولو كان ذلك على ما توهموه، لم يصح مضاعفة الحسنات، ولا أن تبدّل بها السيئات، ولم تصح الصدقة عن الميت «1» ولا الحج عنه، وقد صحّ في الخبر خلاف ذلك. وأما إلحاق الأبناء بالآباء لصلاح الآباء، فإنهم لم يعطوا سعي «2» آبائهم، ولكنهم لمّا كانوا مؤمنين ضاعف الله لهم الحسنات وألحقهم «3» بآبائهم في الدرجات، وإنما يكون هذا نسخا لو أعطاهم أعمال آبائهم، وأما إكرامهم لأجل الآباء: فلا يعارض قوله عزّ وجلّ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وهذا كقوله- عليه السلام «4» -: «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء» «5»، فهذا لمّا سنّ السّنة الحسنة ضاعف (الله) «6» له الأجر، وما أعطاه سعي غيره، وأما الصدقة عن الميت والحج، فإن الذي تصدّق وحج لمّا نواه عن الميت ولم ينوه عن نفسه كان كالنائب عنه والوكيل فيه. وإنّما يكون معارضا للآية لو نواه عن نفسه، وأعطى «7» ما عمله لنفسه لغيره، فليس للإنسان إلّا ما سعى. وأما من قال في قوله عزّ وجلّ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى: هو محكم، فلا ينفع أحدا عمل (أخيه) «8» من صدقة ولا صيام ولا حج.

_ (1) قوله: الصدقة عن الميت: غير واضحة في ظ. (2) كلمة (سعى) سقطت من ظ. (3) في د: فألحقهم. وفي ظ: مطموسة. (4) في د وظ: لقوله- عليه السلام- (5) انظر: صحيح مسلم كتاب العلم باب من سن سنة حسنة أو سيئة ... الخ (16/ 226) وسنن الترمذي كتاب العلم باب من دعا إلى هدى ... الخ (7/ 437) ومسند الإمام أحمد (4/ 357، 359، 360، 361) وسنن الدارميّ باب من سن سنة حسنة أو سيئة (1/ 130). (6) لفظ الجلالة: سقط من الأصل. (7) في د وظ: فأعطى. (8) هكذا في الأصل: حرفت إلى (أخيه) وفي بقية النسخ: عمل أحد وهو الصواب.

فقد خالف الخبر، وإن كانت الآية محكمة «1» كما ذكر، إلّا أن المعنى ما سبق وتقرّر «2».

_ (1) في ظ: لمحكمة. (2) قال مكي:- بعد أن حكي النسخ- والبيّن في هذا الذي يوجبه النظر، وعليه أكثر العلماء، أنه ليس بمنسوخ وأنه محكم، لا يعمل أحد عن أحد صلاة ولا جهادا، إلا ما خصصته السنة وبينته من جواز الحج عن من لم يحج من ميت، وفي الحج عن الحي اختلاف كثير، ومن أجازه، قال: إنما يجوز لعذر نزل بالحي، وهذا إذا بذل وأعطى لمن يحج عنه، فقد سعى في خير، وكذلك الميت إذا أوصى بالحج، فقد سعى في فعل الخير فهما داخلان في سعي الساعين الذين ضمن الله لهم الجزاء على سعيهم اه. الإيضاح (ص 423) وراجع في هذا كله الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 266 - 268) وتفسير القرطبي (17/ 114) والخازن (6/ 223).

سورة القمر

سورة القمر ليس فيها نسخ «1». وأمّا قولهم في (قولهم) «2» عزّ وجلّ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ «3» إنه منسوخ بآية السيف «4» فقد تقدّم القول فيه «5».

_ (1) في د وظ: ناسخ. (2) هكذا في الأصل: قولهم. والصواب (قوله) كما في بقية النسخ. (3) القمر: (6). (4) قاله ابن سلامة في الناسخ والمنسوخ (ص 294) وابن البارزي في ناسخ القرآن ومنسوخه (ص 51) والفيروزآبادى في بصائر ذوي التمييز (1/ 445) والكرمي في قلائد المرجان (ص 199) وقال ابن الجوزي: وقد زعم قوم أن هذا التولي منسوخ بآية السيف وقد تكلمنا على نظائره، وبينا أنه ليس بمنسوخ اه نواسخ القرآن (ص 477) وراجع النسخ في القرآن (2/ 531). (5) انظر: أقرب مثال على ذلك كلامه على قوله تعالى فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ آية (54) من سورة الذاريات.

سورة الرحمن عز وجل

سورة الرحمن عزّ وجلّ ليس فيها نسخ «1». وكذلك الواقعة. ومن العجائب قول مقاتل بن سليمان في قوله عزّ وجلّ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ «2»: إنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ «3» وهذا ممّا يجب أن يتصامم عنه «4»!.

_ (1) في د وظ: ناسخ. (2) الواقعة: (13، 14). (3) الواقعة: (39، 40). (4) قد تقدم معنى يتصامم عنه (ص 728). وقد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 59) وابن سلامة كذلك (ص 297) والفيروزآبادى في بصائر ذوي التمييز (1/ 451) معزوة إلى مقاتل بن سليمان. وحكى ابن البارزي فيها النسخ والأحكام دون عزو كعادته. انظر: ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 52). قال ابن الجوزي: وقد زعم مقاتل أنه لما نزلت الآية الأولى وهي قوله: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ وجد المؤمنون وجدا شديدا حتى أنزلت وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ فنسختها. وروي عن عمرة بن رويم نحو هذا المعنى. قلت:- أي ابن الجوزي- وإدّعاء النسخ هاهنا لا وجه له لثلاثة أوجه: أحدها أن علماء الناسخ والمنسوخ لم يوافقوا على هذا، والثاني: أن الكلام في الآيتين خبر، والخبر لا يدخله النسخ، فهو هاهنا لا وجه له. والثالث: أن الثلة بمعنى الفرقة والفئة. قال الزجاج: اشتقاقهما من القطعة، والثّل: الكسر والقطع.

فإن قيل: كيف يتصامم عنه، وقد روى (أبا) «1» هريرة: لما نزلت ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ: شقّ ذلك على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ «2»؟. قلت: ذلك لا يصح أن يكون ناسخا للأول، لأنه خبر من الله عزّ وجلّ «3» وخبر الله عزّ وجلّ لا ينسخ «4» وأيضا فإن الثاني في أصحاب اليمين، والأول في السابقين، وليس في الحديث ما يوهم ما ذكروه، ولم يفهموا معنى الحديث. وإنّما معناه: أنهم لما شق عليهم قلة السابقين أخبرهم الله عزّ وجلّ بكثرة أصحاب اليمين، فسّروا بذلك وقال صلّى الله عليه وسلّم: «الثلتان من أمتي، إني لأرجو «5» أن يكونوا نصف أهل الجنة، ويغلبوهم في النصف الثاني» «6».

_ فعلى هذا قد يجوز أن تكون الثّلة في معنى القليل اه. من زاد المسير (8/ 143). (1) هكذا في الأصل: أبا. خطأ نحوي واضح، والصحيح (أبو) كما في بقية النسخ. (2) رواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 391) وزاد السيوطي والشوكاني نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه كلهم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- انظر الدر المنثور (8/ 7) وفتح القدير (5/ 151) وراجع تفسير القرطبي (17/ 200). (3) قوله: من الله عزّ وجلّ: ساقط من د وظ. (4) انظر: تفسير الخازن (7/ 18). (5) في ظ: لا أرجوا. خطأ فظيع. (6) قال الإمام الطبري: وقد روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من وجه عنه صحيح أنه قال: (الثلتان جميعا من أمتى) انظر: جامع البيان (27/ 191). وراجع الدر المنثور (8/ 19) وتفسير ابن كثير (4/ 284). وراجع تخريج حديث أبي هريرة السابق، لما نزلت: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* ... الخ.

سورة الحديد

سورة الحديد لا نسخ فيها.

سورة المجادلة

سورة المجادلة قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً «1»: هي منسوخة بالتي بعدها «2». وقيل: إنها نسخت بالزكاة في الآية التي بعدها «3». وروى «4» عن علي- عليه السلام- أنه قال: «في «5» كتاب الله آية لم يعمل بها أحد قبلي، ولم «6» يعمل بها أحد بعدي، كان عندي دينار، فصرفته بعشرة دراهم (فكنت) «7» إذا ناجيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (تصدق) «8» بدرهم» «9».

_ (1) المجادلة: (12). (2) سيذكرها المصنف فيما بعد. وأكثر العلماء على أن هذه الآية منسوخة. انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 270) والإيضاح لمكي (ص 426). (3) روي هذا عن ابن عباس بسند ضعيف كما سيأتي قريبا. (4) كلمة (روى): غير واضحة في ظ. (5) في د وظ: إن في كتاب الله ... الخ. (6) في د وظ: ولا يعمل. (7) كلمة (فكنت) ساقطة من الأصل. (8) هكذا في الأصل: تصدق. وفي بقية النسخ (تصدقت). وهي الصواب. (9) أخرجه بنحوه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (ص 532) والطبري في جامع البيان (28/ 20) والحاكم في المستدرك كتاب التفسير وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي (2/ 482). وذكره الواحدي في أسباب النزول (ص 235) وابن الجوزي في نواسخ القرآن

وفي طريق أخرى: «فكنت كلما أردت أن أسأله عن مسألة تصدقت بدرهم، حتى لم يبق معي غير درهم واحد، فتصدقت به وسألته، فنسخت الآية، ونزل ناسخها أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ... «1» الآية». واختلفوا في سبب الأمر بذلك: فقال قائلون: كان ذلك تعظيما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقال ابن عباس وقتادة: أكثروا من المسائل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، فصبر كثير من الناس، وكفوا عن المسألة، ثم وسّع الله عليهم بالآية التي بعدها «2». وابن عباس- رضي الله عنهما- يجلّ محله من العلم عن مثل هذا، لأنه قول ساقط، من قبل أن ذلك (لا) «3» يكفّهم عن المسألة، لأنه عزّ وجلّ قال «4»: فَقَدِّمُوا «5» بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، فلو تصدّق أحدهم بتمرة واحدة أجزأه، فمن يشق عليه أن يتصدق بذلك؟. وقال الزمخشري: كف الأغنياء شحا والفقراء لعسرتهم اه «6». وهذا غير صحيح، لأن ذلك إنّما كان على الأغنياء لقوله سبحانه فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وأيضا فكيف يخفف عن نبيّه، ثم يعود فيشق عليه؟. وقال ابن زيد: ضيّق الله عليهم في المناجاة كي لا يناجي أهل الباطل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، (فيشق) «7» ذلك على أهل الحق فقالوا: يا رسول الله (لا نستطيع) «8» ذلك ولا

_ (ص 449) والسيوطي في الدر المنثور (8/ 84) وابن سلامة في الناسخ والمنسوخ (ص 299) ومكي في الإيضاح (ص 426). (1) وتمامها ... فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... الآية. (2) انظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة (ص 48) وأبي عبيد (ص 531) وتفسير الطبري (28/ 20) ومعالم التنزيل للبغوي (7/ 44) والدر المنثور (8/ 83). (3) (لا) ساقطة من الأصل. (4) في د وظ: لأنه قال عزّ وجلّ. (5) في د وظ: «تقدموا ... ». (6) انظر الكشاف (4/ 76). (7) هكذا في الأصل: فيشق. وفي بقية النسخ (فشق) وهي الصواب. (8) غير واضحة في ت.

نطيقه، فنزل التخفيف «1» اه. و «2» أقول: أن المراد بذلك- والله أعلم- أنه جعل هذه الصدقة تطهيرا لهم قبل المناجاة، كما جعل طهارة الأعضاء قبل المناجاة الأخرى فإن المصلي يناجي ربّه عزّ وجلّ، يدل على ذلك قوله سبحانه: ذلِكَ «3» خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ «4» ولو كان للتخفيف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يؤمر به الأغنياء دون الفقراء، والفقراء أكثر ومسائلهم أعظم، قال الله عزّ وجلّ: فَإِنْ لَمْ «5» تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. و «6» اختلفوا في مدتها، فقال قوم: ساعة من نهار «7». وسياق الحديث عن علي بن أبي طالب «8» - عليه السلام- يرد هذا. وقال ابن عباس: «كان المسلمون يقدمون بين يدي النجوى صدقة، فلما نزلت الزكاة نسخ هذا» «9».

_ (1) أخرجه ابن جرير بنحوه عن ابن زيد. جامع البيان (28/ 21). (2) سقطت الواو في ظ. (3) في الأصل: (ذلكم) خطأ. (4) جزء من الآية المنسوخة. وانظر تفسير ابن كثير (4/ 326). (5) في ظ: (فإن تجدوا ... ) خطأ. (6) سقطت الواو من ظ. (7) أخرجه الطبري بسنده عن معمر عن قتادة. جامع البيان (28/ 20) وابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 480). وذكره القرطبي والشوكاني عن قتادة، وزاد القرطبي نسبته إلى ابن عباس- رضي الله عنهما-. انظر الجامع لأحكام القرآن (17/ 303) وفتح القدير (5/ 190). (8) عبارة: (بن أبي طالب) ليست في د وظ. (9) أخرجه الطبري بنحوه وابن الجوزي- واللفظ له- بسند مسلسل بالضعفاء- كما سبق في سورة الجاثية (ص 828) انظر جامع البيان (28/ 20) ونواسخ القرآن (ص 480). كما أخرجه أيضا الطبري بسنده عن عكرمة والحسن. المصدر نفسه (28/ 20). وأخرجه كذلك ابن الجوزي من طريق علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس- رضي الله عنهما. ومن طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس كذلك. انظر نواسخ القرآن (ص 479). وعزاه السيوطي بنحوه إلى أبي داود في ناسخه وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس. الدر المنثور (8/ 84).

وقيل: كان ذلك عشر ليال، ثم نسخ «1» وهذا الناسخ والمنسوخ لا نظير له «2»، أما المنسوخ (إنه) «3» إنما كان راجعا إلى اختيار الإنسان، فإن أحب أن يناجي تصدق وإلّا فلا، وليست المناجاة بواجبة. وأما الناسخ فقد ارتفع حكمه وحكم المنسوخ بوفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فإن قيل «4»: أي فائدة بالأمر «5» بهذه الصدقة ونسخها قبل العمل بها؟. قلت: تعريف العباد برحمة الله لهم، وإظهار المنة «6» عليهم وتمييزا لولي من أوليائه (بفضله) «7» لم يجعلها لغيره، وهو عليّ- عليه السلام- «8». قال عبد الله بن عمر:- رضي الله عنهما- كانت لعلي ثلاث، لو كانت لي واحدة

_ قال ابن الجوزي: عقيب ذكره لرواية ابن عباس- كأنه أشار إلى الآية التي بعدها فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ... اه نواسخ القرآن (ص 480). (1) عزاه ابن الجوزي والقرطبي والشوكاني إلى مقاتل بن حيان. انظر نواسخ القرآن (ص 481) والجامع لأحكام القرآن (17/ 303) وفتح القدير (5/ 190). وذكره الزمخشري دون عزو، كما ذكر أيضا القول السابق: (ساعة من نهار) انظر: الكشاف (4/ 76). وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن مقاتل في أثر طويل. انظر الدر المنثور (8/ 84). (2) في د: كتب الناسخ في الحاشية (الناسخ والمنسوخ لا نظير له) وهي واضحة في الصلب. (3) هكذا في الأصل: إنه وفي بقية النسخ: فانه وهو الصواب. (4) فإن قيل: غير واضحة في ظ. (5) في د وظ: في الأمر. (6) في د وظ: وإظهارا للمنة عليهم. (7) هكذا في الأصل: بفضله. وفي بقية النسخ: بفضيلة. وهو الصواب. (8) قال الحازن: فان قلت: في هذه الآية منقبة عظيمة لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه- إذ لم يعمل بها أحد غيره، قلت: هو كما قلت، وليس فيها طعن على غيره من الصحابة ووجه ذلك أن الوقت لم يتسع ليعملوا بهذه الآية، ولو اتسع الوقت لم يتخلفوا عن العمل، وعلى تقدير اتساع الوقت ولم يفعلوا ذلك، إنما هو مراعاة لقلوب الفقراء الذين لم يجدوا ما يتصدقون به لو احتاجوا إلى المناجاة، فيكون ذلك سببا لحزن الفقراء إذ لم يجدوا ما يتصدقوا به عند مناجاته. ووجه آخر: وهو أن هذه المناجاة لم تكن من المفروضات ولا من الواجبات ولا من الطاعات المندوب إليها، بل إنما كلفوا هذه الصدقة ليتركوا هذه المناجاة، ولما كانت هذه المناجاة أولى بأن تترك لم يعملوا بها، وليس فيها طعن على أحد منهم اه لباب التأويل في معالم التنزيل (7/ 44).

منهن كانت أحب إليّ من حمر النّعم، تزوجه «1» فاطمة- رضي الله عنها- (وإعطائه) «2» الراية يوم خيبر، وآية النجوى «3».

_ (1) في د وظ: تزويجه. (2) هكذا في الأصل: وإعطائه. وفي بقية النسخ: وإعطاؤه. وهو الصواب. (3) رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر، لكن فيه بدل (آية النجوى): وسد الأبواب إلا بابه في المسجد. انظر: المسند (2/ 26). قال ابن كثير: وكذلك رواه أبو يعلى، وذكر السند عن أبي هريرة قال: قال عمر: لقد أعطي علي بن أبي طالب ... وذكره، إلا أنه قال: أيضا بدل (آية النجوى) وسكناه المسجد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يحل له منه ما يحل له. انظر البداية والنهاية (7/ 354).

سورة الحشر

سورة الحشر قوله عزّ وجلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ «1». زعم قتادة أنها منسوخة بقوله عزّ وجلّ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... «2» الآية. وقال: «كان في أول الإسلام (يقسم الغنيمة على الأصناف) «3» المذكورة في سورة الحشر، ولا يعطى لمن قاتل شيء، إلّا أن يكون من هذه الأصناف». قال: ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال فجعل «4» الخمس في «5» الأصناف المذكورين في سورة الأنفال، وجعل لمن قاتل أربعة «6» أخماس «7» اه.

_ (1) الحشر: (7). (2) الأنفال: (41). (3) سقط من الأصل قوله: (يقسم الغنيمة على الأصناف). (4) ساقط من د وظ. (5) في د وظ: للأصناف. (6) في ت كتبت كلمة (أربعة مرتين بالتعريف والتنكير. وفي د وظ الأربعة الأخماس). (7) انظر الناسخ والمنسوخ لقتادة (ص 48) ورواه الطبري عن قتادة بلفظ أطول. جامع البيان (28/ 37). وأورده النحاس ومكي عن قتادة أيضا، وزاد ابن الجوزي والقرطبي نسبته إلى يزيد بن رومان في آخرين. انظر الناسخ والمنسوخ (ص 370، 371) والإيضاح (ص 429) ونواسخ القرآن (ص 482) وتفسير القرطبي (18/ 12).

والذي قاله لا يصح، من قبل أن سورة الأنفال نزلت قبل سورة «1» الحشر على ما ذكره عطاء الخراساني «2» ورواه «3»، فكيف ينزل الناسخ قبل المنسوخ؟ وأيضا فإن آية الحشر في الخراج «4». قال القاضي إسماعيل بن إسحاق رحمه الله «5»: قوله عزّ وجلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى: هو في الخراج، فلم يختلف المسلمون أن خراج هذه القرى التي افتتحها المسلمون يفرّق «6» في جميع ما يقرب إلى الله ورسوله من ذي القربى وغيرهم من السبل والطرق والثغور وعمارة المساجد، (و) «7» في جميع نوائب المسلمين من أرزاق من يقوم بمصالحهم والذب عنهم، يفعل ذلك كله بالاجتهاد والتوخي. قال: وقد جاء عن عمر- رضي الله عنه- أنه قرأ هذه الآية حتى بلغ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ... إلى قوله عزّ وجلّ رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «8». فقال عمر:- رضي الله عنه- «هذه الآية قد استوعبت الناس كلهم فلم يبق أحد

_ ثم قال النحاس:- بعد إيراده بقية الأقوال- أما القول إنها منسوخة فلا معنى له، لأنه ليست إحداهما تنافي الأخرى فيكون النسخ اه من المصدر نفسه. (1) كلمة (سورة) ساقطة من د وظ. (2) في ظ: الخراسان. وقد سبقت ترجمته. (3) راجع نثر الدرر في معرفة الآيات والسور من هذا الكتاب (ص 109) وانظر تفسير القرطبي (18/ 14) ونواسخ القرآن (ص 484). (4) الخراج: شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم، وهي الأتاوة، تؤخذ من أموال الناس. انظر اللسان (12/ 251) (خرج)، وراجع ارواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (9/ 192). ومختصر سنن أبي داود للمنذري 4/ 269. (5) هو إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد الجهضمي الأزدي، قاضي بغداد والمدائن، فقيه على مذهب مالك، من بيت فضل وعلم، له مصنفات جليلة في علوم القرآن والحديث والفقه، منها كتاب في الرد على الإمام الشافعي في مسألة الخمس، وغيره، توفي ببغداد (200 - 282 هـ) انظر تاريخ بغداد (6/ 284)، والديباج المذهب في أعيان المذهب (ص 92 - 95) والأعلام (1/ 310). (6) في د وظ: تفرق. (7) سقطت الواو من الأصل. (8) الحشر: (8 - 10).

إلّا وله في هذا المال حق، حتى الراعي ب (عدن) «1»» اه. قال: فعلم أن «2» عمر- رضي الله عنه- لم يعن أن يقسم الخراج على أجزاء معلومة، وإنما يقسم على الاجتهاد والتوخي في منافع المسلمين ومصالحهم. قال: وقد جاء عن عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- أنه قال: «سبيل الخراج وسبيل الخمس واحد» «3». قال القاضي إسماعيل: وهو الذي مضى عليه العمل، والذي يتشاكل على ما جاء من القرآن في الموضعين، قال: فهذه جملة أمر الخراج وأمر الخمس، فأما ما يأخذه المسلمون من أموال الكفار بغير قتال مثل أن يلقي الريح مراكب الكفار إلى سواحل المسلمين، فيأخذونها، أو يضل قوم من الكفار فيقعون في أيدي المسلمين، فإن ذلك داخل في قوله عزّ وجلّ وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ «4» فهذه الغنيمة إلى وإلى المسلمين يصرفها في مصالحهم، ويجري أمرها مجرى الخراج والخمس، وان رأى أن يخص بها الجماعة الذين تولوا أخذها من المسلمين، خص من ذلك بما رأى على الاجتهاد فيه. قال: وأما غنائم بدر، فإن الأمر رد فيها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسمها على ما يرى، ولم يكن فيها أربعة أخماس لمن شهد الوقعة، لأن ذلك قبل أن ينزل: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الآية. قال: وأما قوله عزّ وجلّ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الآية، فذلك إذا غنم المسلمون غنيمة من الكفار بقتال، كان لمن حضر الوقعة أربعة أخماس الغنيمة، والخمس (الثافي) «5» في الوجوه التي ذكر «6» الله عزّ وجلّ، يعني التي تقدم ذكرها في قوله عزّ وجلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ ... «7».

_ (1) أخرجه الطبري بنحوه عن عمر- رضي الله عنه- وفيه ... ثم قال عمر لئن عشت ليأتين الراعي- وهو يسيّر حمرة- نصيبه لم يعرق فيها جبينه اه جامع البيان (28/ 37). (2) (أن) ساقط من د وظ. (3) انظر نواسخ القرآن (ص 484). (4) الحشر (6). (5) هكذا رسمت الكلمة في الأصل (الثافي) وفي بقية النسخ (الباقي) وهو الصواب. (6) في د وظ: التي ذكرها الله. (7) كلمة (فلله) ليست في د وظ.

قال «1»: وقد ذهب بعض الناس إلى أن الخمس يقسّم أخماسا، ثم اضطربوا في سهم النبي صلّى الله عليه وسلّم فدلّ اضطرابهم في ذلك على أنهم لم (يبنوا) «2» أمرهم على أصل ثابت «3». واضطربوا أيضا في أمر ذي القربى: فقال «4»: تصير «5» في الكراع «6» والسلاح. قال «7»: وجميع هذا الذي وصفناه من قولهم غير مأخوذ به ولا معمول عليه، وإنما العمل في الخمس على (ما) «8» روي فيه من عمل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- رضوان الله عليهم- أنه يقسم على الاجتهاد، فإن رأى الإمام أن يعطي ذوي القربى أكثر من خمس الخمس لخلّة تكون فيهم، ولكثرة عدد أعطاهم، وإن «9» رأى أن ينقصهم من خمس الخمس نقصهم، وكذلك، يفعل باليتامى «10» والمساكين وابن السبيل يعطيهم على الاجتهاد على قدر خلتهم، وإن رأى أن يصرف مثله ما رأى في مصالح المسلمين وثغورهم ونوائبهم فعل، لأن ذلك (كله) «11» داخل في قوله عزّ وجلّ (وللرسول)، لأن المعنى فيه- والله أعلم- فيما يقرب من الله ورسوله.

_ (1) (قال): غير واضحة في ظ، وبعدها عبارة مطموسة. (2) كلمة (يبنوا) لا تقرأ في النسخ. (3) قال ابن الجوزي: واختلف العلماء فيما يصنع بسهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد وفاته. فقال قوم: هو للخليفة بعده. وقال قوم: يصرف في المصالح. قال: فعلى هذا تكون هذه الآية مبينة لحكم الفيء، والتي في الأنفال مبينة لحكم الغنيمة، فلا يتوجه النسخ اه. نواسخ القرآن (ص 483) وانظر تفسير القرطبي (18/ 12، 13). (4) قوله: فقال. أي بعض الناس. (5) في د وظ: نصير. (6) الكراع: السلاح، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح. اللسان (8/ 307) (كرع). (7) القائل: إسماعيل بن إسحاق القاضي. (8) سقط من الأصل (ما). (9) عبارة (أعطاهم، وإن رأى): بعضها مطموسة في د. وفي ظ: أعطاهم إن رأى. أي سقطت الواو، وهو سقط يخل بالمعنى. (10) في د وظ: في اليتامى. (11) كلمة (كله) سقطت من الأصل.

قال: وقد أعيد هذا اللفظ الذي ذكر في الخمس في قوله عزّ وجلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ... الآية: فدلّ جميع ما ذكرته على أن الآية التي في (الحشر) ليست بمنسوخة بآية الأنفال، لأمرين: أحدهما: أن آية (الحشر) في خراج القرى، وفيما أفاء الله على المسلمين من غير قتال، وآية (الأنفال) في غنيمة القتال. وهذا «1» مع أن الأنفال نزلت قبل سورة الحشر، (والناسخ إنما ينزل بعد «2» المنسوخ لا قبله) «3». وإنما غلط قتادة ومن قال بقوله، لأنه رأى غنيمة القتال في بدر قد قسمت على ما في سورة (الحشر) من آية الخراج، فلمّا نزلت وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... ظنّ أنها ناسخة لما في سورة الحشر، والذي في سورة (الحشر) حكمه باق لم ينسخ (والذي) «4» في سورة (الأنفال) لم تنسخ قرآنا، إنما نسخت ما فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم في غنيمة بدر. فتأمل هذه النكتة فإنها فائدة جليلة ومعنى دقيق لا تجده في كتاب «5» (الله) «6». وقد قال جماعة من العلماء:- منهم سفيان الثوري- رحمه الله الغنيمة غير الفيء، والغنيمة «7» ما أخذت عن قتال وغلبة، فيكون خمسه «8» للأصناف المذكورين في (الأنفال) وأربعة أخماسه لمن قاتل عليه.

_ (1) يظهر أن هذا هو الأمر الثاني. (2) في الأصل: والناسخ إنما ينزل قبل المنسوخ لا بعده. ثم كتب الناسخ فوقها (يقدم). (3) ولذلك قال ابن حزم الأنصاري: أن آية الحشر نسخت آية الأنفال الناسخ والمنسوخ (ص 59). (4) هكذا في الأصل: والذي. وفي بقية النسخ (والتي) وهي الصواب. (5) سبق عند ترجمة القاضي إسماعيل المذكور أن من مصنفاته «الرد على الشافعي في مسألة الخمس» والظاهر- والله أعلم- أن السخاوي اعتمد فيما نقله هنا على ذلك الكتاب، لأن كل الذي نقله متعلق بالخمس وأين وكيف يصرف ... الخ. (6) هكذا في الأصل: لا تجده في كتاب الله. وهو خطأ فاحش. (7) هكذا في الأصل: والغنيمة. وفي بقية النسخ: فالغنيمة. (8) الضمير عائد على (ما) وهو المال المأخوذ غنيمة بعد قتال.

والفيء: ما صولح عليه أهل الحرب من غير قتال، فحكمه أن يقسم على المذكورين في سورة (الحشر) ولا خمس، فالآية محكمة على هذا «1». ومما يؤيد هذا قول بعض العلماء «2»: إن آية (الحشر) نزلت في بني النضير حين خرجوا من ديارهم بغير حرب، وتركوا أموالهم، فجعلها الله عزّ وجلّ لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم خاصة، فلم يستأثر النبي صلّى الله عليه وسلّم بها، وفرّقها في المهاجرين، ولم يعط الأنصار منها شيئا إلّا رجلين:

_ (1) رواه وكيع عن سفيان الثوري. انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 271). قال النحاس- بعد ذكر هذه الرواية-: والقول إن الفيء خلاف الغنيمة، قول مستقيم صحيح، وذلك أن الفيء: مشتق من فاء يفيء إذا رجع، فأموال المحاربين حلال للمسلمين، فإذا امتنعوا ثم صالحوا رجع إلى المسلمين ما صولحوا عليه اه. المصدر نفسه وانظر الإيضاح لمكي (ص 430). ونفهم من هذا الكلام الذى ذكره السخاوي عن سفيان الثوري، وذكره من قبله النحاس ومكي كذلك عن سفيان ومالوا إليه، وكذلك ما سبق أن ذكرته عن ابن الجوزي، نفهم من هذا أنهم يختارون إحكام الآية وعدم القول بنسخها، وهذا هو الصحيح- إن شاء الله تعالى- وهو ما رجحه ابن العربي واستحسنه القرطبي. انظر أحكام القرآن (4/ 1732) وتفسير القرطبي (18/ 14) وهنا كلام نفيس لابن العربي أنقل منه ما يحصل به الغرض ويزيل ما قد يبقى من إشكال في معنى الآيات الثلاث- أعني آيتي الحشر وآية الأنفال-. قال: واختلف الناس هل هي ثلاثة معان أو معنيان؟ ولا إشكال في أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات. أما الآية الأولى: فهي قوله هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ- وهي الآية الثانية من سورة (الحشر) - ثم قال: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ يعني من أهل الكتاب، معطوفا عليه فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ يريد- كما بينا- فلا حق لكم فيه، ولذلك قال عمر: إنها كانت خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم- يعني بني النضير وما كان مثلها- فهذه آية واحدة ومعنى متحد. الآية الثانية: قوله تعالى ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى فهذا كلام مبتدأ غير الأول لمستحق غير الأول. الآية الثالثة: آية الغنيمة، وهي آية الأنفال، ولا شك في أنه معنى آخر باستحقاق ثان لمستحق آخر، بيد أن الآية الأولى والثانية اشتركتا في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال، واقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال، وعريت الآية الثالثة وهي قوله ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى عن ذكر حصوله بقتال أو بغير قتال فنشأ الخلاف من هاهنا، فمن طائفة قالت: هي ملحقة بالأولى وهو مال الصلح كله ونحوه، ومن طائفة قالت: هي ملحقة بالثانية، وهي آية الأنفال ... اه بتصرف يسير من أحكام القرآن (4/ 1772). (2) في د وظ: قول بعض أهل العلم.

سهل بن حنيف «1» وسماك بن خرشة «2» (أبي دجانة) «3» وهذا كله داخل في قول القاضي إسماعيل- رحمه الله-.

_ (1) سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري الأوسي، صحابي من أهل بدر، واستخلفه عليّ على البصرة، ومات في خلافته. التقريب (1/ 336) وانظر الاعلام (3/ 142). (2) سماك- بكسر أوله وتخفيف الميم- بن أوس بن خرشة بن لوذان الخزرجي الأنصاري المعروف بأبي دجانة، كان شجاعا بطلا، له مواقف وآثار جميلة في الإسلام، شهد بدرا، وثبت يوم أحد، واستشهد باليمامة في السنة الحادية عشرة من الهجرة. انظر الكنى للإمام مسلم (1/ 305) وجمهرة أنساب العرب (ص 366) والاعلام (3/ 138). (3) أخرجه الطبري بنحوه عن عبد الله بن أبي بكر. جامع البيان (28/ 41) وانظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 271) والإيضاح لمكي بن أبي طالب (ص 430).

سورة الامتحان

سورة الامتحان قوله عزّ وجلّ لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ... إلى قوله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «1». قال هبة الله «2»: هي منسوخة بما بعدها، وهي قوله عزّ وجلّ إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ ... «3» وهذا كلام ساقط، لأن الآية الأولى معناها: (جواب) «4» الإحسان والبر من المسلمين إلى أقاربهم من «5» المشركين الذين لم يقاتلوا ولم يعاونوا من قاتل، ولم يخرجوا المسلمين من مكّة ولم يساعدوا على ذلك من أراده. والثانية: في منع البر والصلة إلى من هو على غير «6» الصفة الأولى. فالأولى: في قوم، والثانية في قوم آخرين، فكيف تكون ناسخة لها؟. قال الحسن وغيره:- في المذكورين في الآية الأولى- هم خزاعة كانوا عاهدوا رسول

_ (1) الممتحنة: (8) وتمامها ... وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ .... (2) انظر كتابه الناسخ والمنسوخ (ص 303). وقد تولى السخاوي الرد على القائلين بالنسخ، فأحسن صنعا- رحمه الله-. (3) وهي الآية التاسعة، ونصها إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. (4) هكذا في الأصل: جواب. وفي بقية النسخ: جواز. وهي الصواب. (5) (من) ليست في د وظ. (6) في د وظ: إلى من هو على خلاف الصفة الأولى.

الله صلّى الله عليه وسلّم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه، ولم ينقضوا عهدهم، فالآية على هذا محكمة «1». وقال مجاهد: هي في الذين آمنوا بمكّة ولم يهاجروا، أباح الله للمهاجرين أن يبرّوهم. اه «2». والقول الأول أقوى «3» وهي على هذا أيضا محكمة غير منسوخة. وقال قتادة وابن زيد: هي منسوخة بآية السيف «4». ولا يصح ما قالا «5». وقد قال جماعة من العلماء: هي محكمة عامة في كل مسلم بينه وبين مشرك قرابة، فبرّه جائز «6». قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ...

_ (1) عزا النحاس والقرطبي هذا القول إلى الحسن وأبي صالح، وعزاه مكي إلى الحسن. انظر: الناسخ والمنسوخ (ص 274) والإيضاح (ص 432) والجامع لأحكام القرآن (18/ 59). (2) أخرجه الطبري بسنده عن مجاهد. جامع البيان (28/ 65). وأورده النحاس ومكي والقرطبي عن مجاهد كذلك. الناسخ والمنسوخ (ص 274) والإيضاح (ص 432) وتفسير القرطبي (18/ 59). قال النحاس: وهذا القول مطعون فيه، لأن أول السورة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ... والكلام متصل، فليس من آمن ولم يهاجر يكون عدوا لله وللمؤمنين اه. وكذلك رد قول الحسن وأبي صالح بمثل هذا الرد. انظر المصدر نفسه. (3) أي القول الذي فسر به السخاوي الآيتين. (4) ساق الطبري والنحاس وابن الجوزي بأسانيدهم إلى قتادة أنه قال: نسختها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ جامع البيان (28/ 66) والناسخ والمنسوخ (ص 274) ونواسخ القرآن (ص 485)، كذلك أخرجه الطبري بسنده عن ابن زيد. المصدر نفسه. وأورده مكي عن قتادة .... إلى أن قال: ابن زيد: نسختها قوله لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... الآية (22) من سورة المجادلة. انظر الإيضاح (ص 431). وأورده القرطبي عن قتادة وابن زيد. انظر الجامع لأحكام القرآن (18/ 59). (5) وقد رد القول بالنسخ كل من النحاس (ص 274) ومكي (ص 431). (6) وممن مال إلى هذا القول الطبري والنحاس ومكي والقرطبي ونقله ابن الجوزي عن الطبري. انظر: جامع البيان (28/ 66) والناسخ والمنسوخ (ص 274) والإيضاح (ص 432) ونواسخ القرآن (ص 485) وتفسير القرطبي (18/ 59).

إلى قوله عزّ وجلّ وَآتُوهُمْ «1» ما أَنْفَقُوا «2» وذلك أن سبيعة بنت الحارث «3» من قريش جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا «4» رسول الله جئتك مؤمنة بالله مصدّقة لما جئت به، فقال صلّى الله عليه وسلّم «5»: «نعم ما جئت به، ونعم ما صدقت به» فجاء زوجها، فقال: يا محمد، أرددها عليّ، فإن ذلك من شرطنا عليك، وهذه طينة كتابنا لم تجف، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم شرط لهم عام الحديبية ذلك، فنزلت «6» فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا فأعطاه النبي صلّى الله عليه وسلّم مهره الذي كان أعطاها، ثم نسخ ذلك، فلا يرد إلى الكفار مهر ولا غيره، ولا يجوز لنا أن نرد من جاءنا مسلما إلى الكفار، ولا يجوز المصالحة على ذلك، وإنما «7» كان هذا في قضية مخصوصة، زال حكمها بزوالها «8». قوله «9» عزّ وجلّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ «10».

_ (1) في ظ: كتب الناسخ حرفا بين وَآتُوهُمْ وما أَنْفَقُوا ولم يقرأ. (2) الممتحنة: (10) وتمامها .. فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا ... الآية. (3) نص عليه البغوي ونسبه إلى ابن عباس. انظر معالم التنزيل (7/ 66) وانظر الإصابة (12/ 297) رقم (521). وقيل: أن سبب نزول الآية أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وهو الأكثر المشهور عن أهل العلم. وقيل: أن سبب نزول الآية كانت أميمة بنت بشر من بني عمرو بن عوف. انظر زاد المسير (8/ 239) وتفسير القرطبي (18/ 61). وذكر ابن الأثير أن اسمها سعيدة. انظر: أسد الغاية (7/ 142) رقم (6986). (4) في د: يرسول الله. (5) في د وظ: فقال رسول الله ... الخ. (6) في ظ: نزلت. سقطت الفاء. (7) سقطت الواو من ظ. (8) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 285) ولابن سلامة (ص 303) والإيضاح (ص 433) وأسباب النزول للواحدي (ص 241) ونواسخ القرآن (ص 486) وتفسير القرطبي (18/ 63). قال القرطبي: ومذهب مالك والشافعي أن هذا الحكم غير منسوخ اه المصدر السابق. قلت: ولعل هذا هو الصواب، وليس هناك ما يدعو إلى القول بالنسخ. (9) (قوله): غير واضحة في ظ. (10) جزء من الآية العاشرة السابقة.

قيل: الآية في غير الكتابيات «1». وقيل: هو منسوخ بقوله تعالى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «2». وقوله عزّ وجلّ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا «3»: هذا الحكم زال بزوال المهادنة «4». قوله عزّ وجلّ: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ ... «5» الآية: هذا

_ (1) حكاه النحاس في الناسخ والمنسوخ (ص 286) ومكي في الإيضاح (ص 435) والقرطبي في تفسيره (18/ 66). (2) المائدة: (5) وأولها الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... الآية. وانظر النحاس ومكي والقرطبي المصادر السابقة، وزاد المسير (8/ 143) ونواسخ القرآن (ص 489). قال مكي: والقول الأول أولى وأحسن، فيكون الحكم فيمن كانت له امرأة بمكة ممن هاجر مسلما إلى المدينة، وهي كافرة بمكة فإن العصمة منقطعة بينهما، فإن كانت كتابية، فإن العصمة تبقى بينهما اه من الإيضاح (ص 435). وقال ابن الجوزي: وقد زعم بعضهم أنه منسوخ بقوله: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وليس هذا بشيء، لأن المراد بالكوافر الوثنيات، ثم لو قلنا: إنها عامة، كانت إباحة الكتابيات تخصيصا لها لا نسخا ... اه من نواسخ القرآن (ص 489). (3) جزء من الآية العاشرة السابقة. (4) نقل السخاوي هذا عن مكي. انظر الإيضاح (ص 435) وراجع الناسخ والمنسوخ لقتادة (ص 49). وقد نقل ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى أنه قال: وهذه الأحكام من أداء المهر وأخذه من الكفار وتعويض الزوج من الغنيمة أو من صداق قد وجب رده على أهل الحرب: منسوخ عند جماعة من أهل العلم، وقد نص أحمد بن حنبل على هذا، وكذلك قال مقاتل بن سليمان: كل هؤلاء الآيات نسختها آية السيف اه نواسخ القرآن (ص 491) ومن هذا نفهم أن مكي وابن الجوزي والسخاوي يميلون إلى القول بالنسخ. وأقول:- والله أعلم- أن هذا الجزء من الآية حكمه حكم سائرها وقد تقدم بيان ذلك قريبا، والقول بالاحكام أولى. وراجع تفسير الطبري وابن كثير للآية الكريمة تجد أن كلا منهما فسرها بما يؤيد احكامها، جامع البيان (28/ 83) وتفسير ابن كثير (14/ 351، 352). (5) الممتحنة: (11) وتمامها: ... فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ... الآية.

أمر اختص بزمان المهادنة التي جرت بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين أهل مكّة، وذلك أن أم حكيم «1» بنت أبي سفيان فرّت من زوجها عياض بن حكيم «2» إلى الكفار ولحقت بهم، فأنزل الله هذه الآية «3» فكان الحكم لمن فاتت «4» زوجته إلى الكفار أن يعطى ما أنفقه عليها من غنائم الكفار، ثم زال هذا الحكم ونسخ، وقد أجاز بعضهم أن يكون منسوخا بقوله عزّ وجلّ: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ «5» لأنه «6» بين مصارف الغنيمة، ولم يذكر فيها هذا، ولا جعل لمن ذهبت زوجته مما غنم المسلمون شيئا. «7» وذا غير صحيح، لأن (الأنفال) نزلت قبل سورة (الممتحنة) ولا يصح نزول «8» الناسخ قبل المنسوخ. وقال ابن زيد وقتادة: نسخت هذه الأحكام التي في هذه السورة (براءة) إذ أمر الله عزّ وجلّ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأن يقتلوا حيث وجدوا، وأمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية «9».

_ (1) انظر: الإصابة (13/ 195) رقم (1216) والاستيعاب (13/ 208) وأسد الغابة (7/ 320) رقم (7409). (2) لم أقف على من ذكر أن اسمه عياض بن حكيم، وإنما ذكر ابن سلامة أن اسمه عياض بن غنم، وذكر البغوي والخازن أن اسمه عياض بن شداد الفهري، كما نقل القرطبي عن القشيري أن اسمه عياض بن غنم القرشي، ونقل كذلك عن الثعلبي أن اسمه عياض بن أبي شداد الفهري، ولعله وقع خلاف في اسمه، والأمر في ذلك سهل. انظر؛ الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص 309) ولباب التأويل وفي هامشه معالم التنزيل (7/ 67) وتفسير القرطبي (18/ 70) وراجع الإصابة (7/ 189) رقم (6135) وأسد الغابة (4/ 227) رقم (4155). (3) انظر: المصادر السابقة. (4) في د وظ: فاتته. (5) الأنفال: (41). (6) في د وظ: الآية. خطأ. (7) انظر: الإيضاح (ص 435، 436). (8) في د وظ: بزوال. (9) انظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة (ص 50) والإيضاح (ص 437) قال النحاس: وأكثر الناس على أنها منسوخة، ونقل قول قتادة بنحو ما ذكره السخاوي. الناسخ والمنسوخ (ص 287). وأورده السيوطي مطولا، وعزاه إلى عبد بن حميد وأبي داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر كلهم عن قتادة. انظر: الدر المنثور (8/ 134).

وليس في الصف ولا في الجمعة ولا في المنافقين، ولا فيما بعد ذلك إلى سورة (ن) منسوخ «1».

_ قال القرطبي:- بعد أن حكى قول الذين قالوا بالنسخ- وقال قوم: هو ثابت الحكم الآن أيضا، حكاه القشيري اه الجامع لأحكام القرآن (18/ 69). قلت: وهذا الذي تطمئن إليه النفس كما سبق. وقد أغفل ابن جرير دعوى النسخ على الآية، مع أنه أورد آثارا كثيرة في تأويلها، وختمها بقوله: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: أمر الله عزّ وجلّ في هذه الآية المؤمنين أن يعطوا من فرّت زوجته من المؤمنين إلى أهل الكفر إذا هم كانت لهم على أهل الكفر عقبى، إما بغنيمة يصيبونها منهم، أو بلحاق نساء بعضهم بهم، مثل الذي انفقوا على الفارة منهم إليهم، ولم يخصص إيتاءهم ذلك من مال دون مال، فعليهم أن يعطوهم ذلك من كل الأموال التي ذكرناها اه جامع البيان (28/ 77) وانظر النسخ في القرآن (2/ 798). (1) إلا أن ابن الجوزي ذكر أن قوله تعالى: ... وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ- الآية (14) من سورة التغابن- منسوخ بآية السيف، ثم رد هذا الادّعاء لتعارضه مع سبب نزول الآية. انظر: نواسخ القرآن (ص 492) وراجع النسخ في القرآن (2/ 579 - 581).

سورة ن

سورة ن قال هبة الله: وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعجب بها «1» اه. قلت: فيكون بسورة (والضحى) «2» أشد إعجابا «3». قال: وفيها منسوختان:- قوله عزّ وجلّ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ «4» نسخها آية السيف «5».

_ (1) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص 313). (2) (والضحى) مكررة في الأصل. (3) وذلك أن سورة (الضحى) تحمل في طياتها بيان ما للرسول صلّى الله عليه وسلّم من الشرف والمنقبة، ووعده فيها بالشفاعة يوم القيامة وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى بعد أن منّ عليه وصانه من الفقر واليتم وغير ذلك، وأعطاه في الدنيا النصر والظفر على الأعداء وكثرة الأتباع والفتوح في زمانه وبعده إلى يوم القيامة، وأعلى دينه ورفع ذكره، وأمته خير الأمم، وأعطاه في الآخرة الشفاعة العامة والخاصة، والمقام المحمود، وغير ذلك مما أعطاه في الدنيا والآخرة صلّى الله عليه وسلّم. انظر: لباب التأويل للخازن (7/ 215) وبصائر ذوي التمييز (1/ 525). (4) القلم: (44). (5) الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص 314) وابن حزم (ص 61)، وناسخ القرآن ومنسوخه لابن البارزي (ص 54) وبصائر ذوي التمييز (1/ 476) وقلائد المرجان (ص 212) وأورده ابن الجوزي ورده بمثل كلام السخاوي. انظر نواسخ القرآن (ص 494). وهذا هو الصحيح، لأن الآية تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم وتهديد لهم، أي كل أمر المكذبين إليّ فأنا أكفيك إياهم وأنا حسيبهم أنتقم منهم، فخل بيني وبينهم، فأنا عالم بما يستحقون ومثل هذا لا يقبل النسخ بحال، والله أعلم.

وهذا خبر، والخبر لا ينسخ، وهو (وعد) «1» من الله عزّ وجلّ. قال: والآية الثانية قوله عزّ وجلّ: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ «2». قال: نسخ الله أمره بالصبر بآية السيف «3». وقد مضى من القول في مثل هذا ما فيه كفاية.

_ (1) هكذا في الأصل: وعد، وفي بقية النسخ: (وعيد) وهو الصواب. (2) القلم: (48). (3) انظر المصادر السابقة الصفحات نفسها.

سورة الحاقة

سورة الحاقة ليس فيها نسخ.

سورة المعارج

سورة المعارج قال هبة الله فيها منسوختان: الأولى: قوله عزّ وجلّ: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا «1» نسخ بآية السيف. الثانية: قوله عزّ وجلّ: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا ... «2» نسخ (الله) «3» ذلك بآية السيف اه «4». وهذا يدلّ ممن قاله على أنه أمره أن يتركهم «5» خائضين لاعبين وإنما هذا تهديد ووعيد، ولا يقال أنه منسوخ بآية السيف؛. وليس في (نوح) ولا في سورة «6» (الجن) نسخ.

_ (1) المعارج: (5). (2) المعارج: (42). (3) لفظ الجلالة ألحق في ت ولم يقرأ. (4) انظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة (ص 315)، وناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 54) وبصائر ذوي التمييز (1/ 480) وقلائد المرجان (ص 213) وقد حكى ابن الجوزي دعوى النسخ في الآيتين عن المفسرين، وأحال إلى نظائرهما مما لا وجه للنسخ فيه. انظر نواسخ القرآن (ص 495). أما النحاس ومكي فقد تعرضا لذكر دعوى النسخ في الآية الأولى فقط وعزواه إلى ابن زيد، ثم قال النحاس: وردّ على ابن زيد بعض أهل العلم اه كما قال مكي أيضا: وقد قيل: هي محكمة، ولم يزل صلّى الله عليه وسلّم صابرا عليهم رفيقا بهم اه. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 290) والإيضاح لمكي (ص 441). قلت: وهذا هو الصحيح، وقد سبق نظيره مرارا. (5) في د وظ: بتركهم. (6) في د: ولا الجن. وفي ظ: ولا في الجن.

سورة المزمل

سورة المزمل قوله عزّ وجلّ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا «1». قالوا: أمره الله تعالى بقيام الليل عن آخره، ثم استثنى بقوله إِلَّا قَلِيلًا ثم نسخ القليل بنصفه، فقال: نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا إلى الثلث، فنسخ الله من القليل ثلثه، ثم قال: أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أي من النصف إلى الثلث «2». وهذا كما تراه خبط حاصل عن عدم التحصيل. إنما المعنى: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كانت حاله تختلف في قيام الليل، فيقوم مرة نصف الليل، ومرة يقوم قبل النصف، ومرة يقوم بعده، ولا يحصى وقتا واحدا، فقال له الله عزّ وجلّ:- مهوّنا عليه أمره في ذلك- قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ فنصفه بدل من الليل، أي قم نصف الليل إلّا قليلا «3» ولم يأمره بقيام الليل كله، أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أي انقص من النصف قليلا، ولم ينسخ الله بهذا من الليل ثلثه، كما زعم من تقدم ذكره. ثم قال عزّ وجلّ: أَوْ زِدْ عَلَيْهِ يجوز أن تكون «4» الهاء عائدة «5» (أعلى) «6»

_ (1) الآية الثانية من سورة المزمل يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. (2) ذكر هذا ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 62) وكذلك ابن سلامة (ص 316) وانظر قلائد المرجان (ص 214). (3) في ظ: جاءت بعض العبارات هنا مضطربة ومكررة. (4) في د وظ: أن يكون. (5) في ظ: عائد. (6) هكذا في الأصل: أعلى. خطأ، وفي بقية النسخ (على) وهو الصواب.

النصف، وهو الظاهر، لقوله عزّ وجلّ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ «1» أي أقل من ثلثي الليل، وهذا تصريح بالزيادة على النصف. وقيل: يجوز أن تكون الهاء عائدة على القليل، كأنه قيل: قم نصف الليل إلّا قليلا، أو زد على ذلك القليل. وكذلك قالوا في الهاء في (منه): إنها عائدة على القليل أيضا. قال الزمخشري: فيكون التخيير على هذا فيما وراء النصف، فيما بينه وبين الثلث اه «2» وهذا غير مستقيم، لأن القليل المستثنى من النصف غير معلوم، فكيف تعقل الزيادة عليه أو النقصان منه؟ ويدلّ على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقوم الليل تطوعا قوله عزّ وجلّ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وهذا هو الزيادة على النصف (ونصفه) فيمن قرأ بالنصب «3» (وثلثه): أي ويقوم النصف والثلث. وفي قراءة الخفض في (النصف والثلث): المعنى: ويقوم أدنى من النصف- والثلث. والمعنى: أن الله تعالى قد رضى منك هذه الأحوال كلها، فأيّها اتّفق لك فهو حسن، ولا يريد الله بك وبمن يقوم معك العسر، فيضيق عليكم بوقت تتكلفونه، وقد (علم أن سيكون منكم مرضى) يجدون خفه في بعض هذه الأوقات دون بعض، ومسافرون لا يمكنهم مع «4» أحوال السفر إلّا التخفيف عليهم، والمجاهدون كذلك. فإن قيل: كيف يكون تطوعا، وقد قال عزّ وجلّ «5»: فَتابَ عَلَيْكُمْ؟ قلت: فَتابَ عَلَيْكُمْ كقوله عزّ وجلّ فَإِذْ لَمْ «6» تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ «7»

_ (1) المزمل: (20). (2) انظر: الكشاف (4/ 175، 178) وراجع تفسير القرطبي (19/ 35 - 37، 52) وأبي حبان (8/ 361). (3) قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وخلف بالنصب في (النصف والثلث) وهما معطوفان على (أدنى) المنصوب على الظرفية ب (تقوم) وقرأ الباقون بالخفض فيهما، وهما معطوفان على (ثلثي الليل) المجرور ب (من). انظر: النشر (2/ 393) والمهذب (2/ 310). (4) في د وظ: من. (5) في د وظ: وقد قال الله عزّ وجلّ. (6) في ظ: (فإن لم) خطأ. (7) المجادلة: (13).

أي رخص لكم، فلا تبعة عليكم، فلمّا كانت حالهم في أن لا تبعه حال التائب «1» عبّر عن الترخيص بالتوبة، ويلزم من قال بالوجوب أن تكون الآية منسوخة، لأنه قد ثبت أن لا فرض من الصلاة إلّا الخمس، وهو إجماع المسلمين. وقول الأعرابي: (هل عليّ غير ذلك؟ فقال رسول «2» الله صلّى الله عليه وسلّم: لا، إلّا أن تطوع) «3». ولا بد من ذكر أقوال العلماء، لأنه من غرض «4» الناسخ والمنسوخ «5». قال أكثرهم: كان قيام الليل فرضا على النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى المسلمين، ثم خفّف عنهم في الآيتين في آخر السورة، فنسخ بهما أولها «6». وقد قلت: أن ذلك ليس بنسخ، وإنما هو تخفيف من «7» المقدار لأنهم لا يحصونه. وقيل: كان فرضا على النبي صلّى الله عليه وسلّم وحده، ثم نسخ بآخر السورة. وقيل: «8» كان ندبا، وهو الصواب- إن شاء الله تعالى- والقول «9» بأنه كان تطوعا، أوضح منه. وقوله «10» عزّ وجلّ قُمِ اللَّيْلَ: أي دم على ما تطوعت به، مدحا لحاله وتحسينا لها «11».

_ (1) غير واضحة في الأصل. (2) في د وظ: فقال صلّى الله عليه وسلّم. (3) ورد الحديث في عدد من كتب السنة في قصة الأعرابي الذي جاء يسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم. انظر: صحيح البخاري كتاب الإيمان باب الزكاة في الإسلام (1/ 17) وكتاب الصوم، باب وجوب صوم رمضان (2/ 225)، وصحيح مسلم كتاب الإيمان باب من إقام الفرائض فقد أفلح (1/ 166) وسنن الترمذي أبواب الزكاة باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك (3/ 246) وسنن أبي داود كتاب الصلاة باب فرض الصلاة (1/ 272). (4) في د وظ: ممن عرض. (5) إلى هنا انتهى السقط الكبير الذي حصل في (ظق) والذي ابتدأ من سورة الشورى. (6) هكذا قال المصنف: في الآيتين. والظاهر أنها آية واحدة ابتداء من قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى ... الآية إلى آخر السورة. وهي التي يدور الكلام حولها. (7) في د وظ: تخفيف في المقدار. (8) سقطت الواو من ظ. (9) سقطت الواو من ظ. (10) سقطت الواو من ظ. (11) قاله الزمخشري في الكشاف (4/ 174).

وقال ابن عباس: «كان بين أول السورة وآخرها سنة» اه «1». وعن عائشة- رضي الله عنها- «لما نزلت يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ كان الرجل يربط الحبل، ويتعلّق به، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله عزّ وجلّ ما يبتغون «2» من رضوانه، فرحمهم، فردّهم إلى الفريضة وترك قيام الليل» اه «3». وأنت في هذه الرواية بين أمور ثلاثة: 1 - إما إبطال قول من يقول: إن (المزمل) من أول ما نزل، لأن عائشة- رضي الله عنها- لم تكن هناك في ذلك الوقت «4». 2 - وإما أن تصحح أن (المزمل) من أول ما نزل، فتبطل هذه الرواية. 3 - وإما أن تقول: «5» أن عائشة- رضي الله عنها- سمعت ذلك من غيرها، فأخبرت به «6». ومما يدل (على) «7» أن عائشة رضي الله عنها أخبرت عن مشاهدة لا عن سماع: (إنما

_ (1) أخرجه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه (2/ 72). وأبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (ص 529) والطبري في تفسيره (29/ 124). وفيه: وكان بين أولها وآخرها قريب من سنة، وفي رواية: نحو من سنة اه. ورواه النحاس كذلك في الناسخ (ص 291). والحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. كتاب التفسير (2/ 505) وبهامشه التلخيص. وانظر الدر المنثور (8/ 312). (2) في ظ: ما يتبعون. (3) أخرجه بنحوه ابن جرير الطبري. جامع البيان (29/ 125). وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم. الدر المنثور (8/ 312). (4) قال ابن المنيّر: وما نقل أن ذلك كان في مرط عائشة- رضي الله عنها- فبعيد، فإن السورة مكية، وبنى النبي صلّى الله عليه وسلّم على عائشة- رضي الله عنها- بالمدينة، والصحيح في الآية أن ذلك كان في بيت خديجة عند ما لقيه جبريل أول مرة، فبذلك وردت الأحاديث الصحيحة، والله أعلم اه بتصرف يسير من كتاب الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال (4/ 174) على هامش الكشاف للزمخشري. (5) في ظق: أن يقول: (6) في د وظ: فأخبرت بذلك. (7) ليست في الأصل، ووضع الناسخ سهما لإضافتها فلم تظهر.

سألت) «1» ما كان تزميله؟ (قال) «2» (كان مرطا «3» أربعة «4» عشرة ذراعا) «5» نصف عليّ وأنا نائمة، ونصف عليه وهو يصلّي، فقيل لها: فما كان؟ فقالت: والله ما كان خزا «6» ولا قزا «7» كان (شداه) «8» شعر ولحمته «9» وبر «10» اه. ويؤيد هذا ما دلّت عليه السورة من كثرة المسلمين بقوله: وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ. وفي قوله: وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ دليل على أنه لم يكن فرضا، إذ لو كان فرضا «11» لقام الكل ولم يخص طائفة منهم.

_ (1) هكذا في الأصل: إنما سألت، وفي بقية النسخ: أنها سئلت وهي الصواب. (2) هكذا في الأصل وظق، وهو خطأ، وفي د وظ: قالت. وهو الصواب. (3) المرط: كل ثوب غير مخيط، وهو كساء من خز أو صوف أو كتان. وقيل: هو الثوب الأخضر، وجمعه: مروط. اللسان (7/ 401) (مرط) وانظر معالم السنن (4/ 315). (4) هكذا في الأصل: أربعة عشرة ذراعا. وفي ظق: أربع عشر ذراعا وفي د وظ: أربع عشرة ذراعا. (5) جاءت العبارة في ظق، قال: مرطا طويلاه أربع عشر ذراعا، وهي عبارة مضطربة. (6) قال ابن منظور: الخز: معروف من الثياب مشتق منه، عربي صحيح، وهو من الجواهر الموصوف بها اه اللسان (5/ 345) (خزز). (7) والقز من الثياب والابريسم، أعجمي معرّب، وجمعه: قزوز، وهو الذي يسوي منه الإبريسم. اللسان (5/ 395) (قزز). (8) هكذا في الأصل: شداه. وفي بقية النسخ: سداه وهو الصواب. (9) الوبر:- بفتح الواو والباء- صوف الإبل والأرانب ونحوها، والجمع أوبار. اللسان (5/ 271) (وبر). (10) لم أقف عليه في كتب الحديث أو التفسير، وإنما أورده الزمخشري دون عزو. انظر الكشاف (4/ 174). وأورده القرطبي وعزاه إلى الثعلبي. انظر الجامع لأحكام القرآن (19/ 32) وقد سبق ما ذكر ابن المنيّر حول هذا واستبعاده أن ذلك كان في المدينة بدليل أن السورة مكية، وزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم بعائشة كان في المدينة ... الخ. وقال أبو حيان: وما رووه أن عائشة- رضي الله عنها- سئلت ما كان تزميله .... إلى آخر الرواية: كذب صراح، لأن نزول (المزمل) بمكة في أوائل مبعثه، وتزويجه عائشة كان بالمدينة اه البحر المحيط (8/ 360). (11) عبارة (إذ لو كان فرضا) سقطت من ظق بانتقال النظر.

وقال ابن جبير: «مكث النبي صلّى الله عليه وسلّم يقوم الليل كما أمره الله عزّ وجلّ عشر سنين، ثم خفّف عنهم بعد عشر سنين» اه «1». وقال عكرمة: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نسختها التي في آخرها عَلِمَ أَنْ لَنْ «2» تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ. وقد ثبت «3» أن ذلك في القيام (المقرر) «4» والوقت المعين، علم أن لن تحصوا ذلك فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ «5» لأنه يلزم من قراءة ما تيسّر من القرآن، قيام ما اتّفق من الأوقات. وقال قتادة: قاموا حولين حتى تنفخت «6» أقدامهم وسوقهم، فأنزل الله عزّ وجلّ تخفيفا في آخر السورة اه «7». فهذه أقوال العلماء، فإن حملت أول السورة على التطوع أو على الندب، وآخرها

_ (1) أخرجه ابن جرير بسنده عن سعيد بن جبير. انظر جامع البيان (29/ 125). وزاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم. انظر الدر المنثور (8/ 312). وأورده القرطبي معزوا إلى سعيد بن جبير. انظر الجامع لأحكام القرآن (19/ 34). قلت: وهذا الأثر المروي عن سعيد بن جبير ضعيف بدليل ما يأتي. أولا: أنه مخالف لما ثبت عن ابن عباس- رضي الله عنهما- كما سبق. ثانيا: أن رجال السند الذين ذكرهم ابن جرير إلى سعيد بن جبير قد تكلّم فيهم علماء الجرح والتعديل، فابن حميد الذي روى عنه ابن جرير ضعيف. انظر الميزان (3/ 530). وابن حميد يروي عن يعقوب القمي، وهو صدوق يهم. انظر التقريب (2/ 376)، ويعقوب القمي يروي عن جعفر بن أبي المغيرة، وهو كذلك صدوق يهم. انظر التقريب (1/ 133). (2) في د: (علم أن لا تحصوه) خطأ. (3) في د وظ: وقد بينت. (4) هكذا في الأصل: المقرر، وفي بقية النسخ: المقدر. (5) في ظق: سقط بمقدار سطر من قوله .... ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ السابقة إلى هنا بانتقال النظر. (6) في بقية النسخ: حتى انتفخت. (7) ونص كلام قتادة:- بعد ذكر أول السورة- قال: ففرض الله عزّ وجلّ قيام الليل في أول هذه السورة، فقام أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى انتفخت أقدامهم، فأمسك الله خاتمتها حولا، ثم أنزل الله عزّ وجلّ التخفيف في آخرها، قال الله عزّ وجلّ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ... الآية. فنسخت هذه ما كان قبلها من قيام الليل، فجعل قيام الليل تطوعا بعد فريضة وقال: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وهما فريضتان لا رخصة لأحد فيهما اه الناسخ والمنسوخ (ص 50).

على ترك المؤاخذة بالمقدار (كان) «1» الآيتان (محكمتان) «2» وإن حملت أولها على الوجوب كان آخرها ناسخا لأولها، وكانوا في آخرها مأمورين بأن يصلّوا ما تيسّر لهم، ثم كان آخرها- أيضا- منسوخا بالصلوات الخمس «3» جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتّبعون احسنه. قوله عزّ وجلّ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا «4» زعموا أنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ «5» وهذا خبر لا يجوز نسخه. وعن «6» ابن عباس- رضي الله عنهما- (كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه، وتربد «7» له وجهه) «8». وعن عائشة- رضي الله عنها- «كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم «9» عنه، وإن جبينه ليتفصد «10» عرقا «11»» اه.

_ (1) هكذا في النسخ (كان) وهو خطأ والصحيح (كانت). (2) هكذا في الأصل (محكمتان) وهو خطأ نحوي واضح. وفي بقية النسخ: (محكمتين) وهو الصواب. (3) راجع تفسير القرطبي (19/ 36). (4) المزمل: (5). (5) النساء: (28). وقد قال هذا ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 62) وكذلك ابن سلامة (ص 317). (6) من هنا إلى قوله: وتربد له وجهه. أضيف في حاشية ظ فلم يظهر. (7) الرّبد: تغير بشرة الوجه، وكان يحصل له- صلّى الله عليه وسلّم- ذلك لعظم موقع الوحي. وراجع اللسان (3/ 170) (ربد) وشرح النووي على صحيح مسلم (11/ 190). (8) رواه الإمام مسلم بنحوه في حديث طويل عن عبادة بن الصامت- رضي الله عنه- كتاب الحدود باب حد الزنا (11/ 190)، وفي كتاب الفضائل باب طيب عرقه صلّى الله عليه وسلّم والتبرك به (15/ 89) ورواه الإمام أحمد في المسند (5/ 317، 318، 327). (9) أصل الفصم: القطع فقوله: (فيفصم) بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة- أي يقلع ويتجلى ما يغشاني. فتح الباري (1/ 20) واللسان (12/ 454) (فصم). (10) ليتفصد: بالفاء وتشديد المهملة، مأخوذ من الفصد، وهو قطع العرق لإسالة الدم، شبه جبينه بالعرق المفصود، مبالغة في كثرة العرق، فتح الباري (1/ 20) وانظر اللسان (3/ 337) (فصد). (11) رواه البخاري في صحيحه كتاب بدء الوحي (1/ 18) بشرح ابن حجر، ومالك في الموطأ باب كيف كان يأتيه الوحي (2/ 474) والترمذي في أبواب المناقب باب ما جاء كيف كان ينزل الوحي على النبي صلّى الله عليه وسلّم (10/ 112) والنسائي في كتاب الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن (2/ 149) وأحمد في المسند (6/ 257).

وقال زيد بن ثابت: أملى عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .. وَالْمُجاهِدُونَ «1» فِي سَبِيلِ اللَّهِ «2» فجاء ابن أم مكتوم «3» وهو يملها عليّ، فقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، قال: فأنزل الله عليه- وفخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذي، فثقلت، حتى خشيت أن «4» ترتض «5» فخذي، فأنزل الله عزّ وجلّ- غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ «6» «7» اه. وقيل: ثقيل في الميزان. وقيل: ثقيل على أهل النفاق. وقال الحسن: «إن الرجل ليهذ القرآن «8» ولكن العمل به ثقيل» اه. وقال قتادة: «فرائض القرآن وحدوده ثقيل والله» اه. وعن «9» عروة: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها «10». فما تستطيع «11» أن تتحرك حتى يسرى عنه» «12» اه.

_ (1) في الأصل: (والمهاجرين) خطأ. (2) أي قبل أن ينزل عليه غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ الآتية. (3) وهو عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم، وقيل: اسمه: عبد الله واسم أمه: عاتكة، وتكنى أم مكتوم، صحابي شجاع، كان ضرير البصر، أسلم بمكة، وهاجر إلى المدينة بعد وقعة بدر وكان مؤذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع بلال، وحضر حرب القادسية، فقاتل- وهو أعمى- ورجع بعدها إلى المدينة، فتوفى سنة 23 هـ انظر جمهرة أنساب العرب (ص 171) وصفة الصفوة (1/ 582)، والتقريب (2/ 70) والأعلام (5/ 83). (4) (أن) ساقطة من د وظ. (5) أي تدقها، كما في فتح الباري (8/ 261). (6) فيصير نص الآية لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ... الآية (95) من سورة النساء. (7) رواه البخاري في صحيحه كتاب التفسير باب لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ... (8/ 259) بشرح ابن حجر، والترمذي في سننه أبواب التفسير باب ومن سورة النساء (8/ 390) وانظر الدر المنثور (2/ 639). (8) سبق ذكر معنى (الهذ) وأنه بمعنى سرعة القراءة. (9) (وعن) غير واضحة في ظ. (10) أي باطن عنقها، وقيل: الجران: مقدم العنق من مذبح البعير إلى منحره؛ فإذا برك البعير ومد عنقه على الأرض، قيل: ألقى جرانه على الأرض. اللسان (13/ 86) (جرن). (11) في د وظ: فما يستطيع أن يتحرك. (12) رواه الإمام احمد في المسند بنحوه (6/ 118) والطبري- واللفظ له- جامع البيان (29/ 127) والحاكم

وقال ابن زيد: «هو- والله- ثقيل مبارك، كما ثقل في الدنيا ثقل في الموازين يوم القيامة» «1» اه. وقوله عزّ وجلّ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا «2». قالوا: نسخ بآية السيف «3». وقد قدّمت القول في ذلك «4». وقوله عزّ وجلّ وَذَرْنِي- وَالْمُكَذِّبِينَ ... «5» الآية. قالوا: نسخت بآية السيف «6».

_ في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، كتاب التفسير (2/ 505). (1) أورد ابن جرير قول الحسن وقتادة وعروة وابن زيد، ثم قال: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال: إن الله وصفه بأنه قول ثقيل، فهو كما وصفه به، ثقيل محمله، ثقيل العمل بحدوده وفرائضه اه جامع البيان (29/ 127، 128). وراجع معالم التنزيل للبغوي (7/ 138) وزاد المسير (8/ 389) والجامع لأحكام القرآن (19/ 38) وتفسير ابن كثير (4/ 435) والدر المنثور (18/ 315). (2) المزمل (10) وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا. (3) قاله ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 62) وابن سلامة (ص 317) وابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 55) والكرمي في قلائد المرجان (ص 216). ورواه الطبري والنحاس بسنديهما عن قتادة. جامع البيان (29/ 134) والناسخ والمنسوخ (ص 292). وعزاه مكّي وابن الجوزي والقرطبي إلى قتادة كذلك دون إسناد، الإيضاح (ص 444) ونواسخ القرآن (ص 499) والجامع لأحكام القرآن (19/ 45). (4) سبق مرارا كلام المصنف على مثل هذا حيث أثبت الإحكام في كل الآيات التي تحمل في طياتها معنى الصبر وادعى بعض العلماء القول بنسخها بآية السيف. وراجع النسخ في القرآن (2/ 517، 518). (5) المزمل (11) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا. (6) قاله ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 62) وابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 55) والكرمي في قلائد المرجان ورده (ص 216) والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 487) قال ابن الجوزي: زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف وليس بصحيح، لأن قوله (ذرني) وعيد، وأمره بإمهالهم ليس على الإطلاق، بل أمره بإمهالهم إلى حين يؤمر بقتالهم، فذهب زمان الإمهال، فأين وجه النسخ؟ اه. نواسخ القرآن (ص 500) وراجع النسخ في القرآن (1/ 497).

وهذا تهديد ووعيد غير منسوخ بها. وقوله تعالى إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا «1». قالوا: نسخ ذلك بقوله سبحانه وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* «2» «3». وقد تقدّم ذكره «4» والقول في إبطاله «5».

_ (1) المزمل (19). (2) الإنسان (30) والتكوير (29). (3) حكاه ابن حزم في الناسخ والمنسوخ، قال: وقيل: نسخت بآية السيف اه (ص 63) وابن سلامة (ص 318). وقال ابن البارزي والفيروزآبادي: نسخت بآية السيف اه. ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 55) وبصائر ذوي التمييز (1/ 487) وقد رد ابن الجوزي القول بالنسخ هنا وفنده بقوله: زعم بعض من لا فهم له أنها نسخت بقوله وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* وليس هذا بكلام من يدري ما يقول، لأن الآية الأولى أثبتت للإنسان مشيئة، والآية الثانية أثبتت أنه لا يشاء حتى يشاء الله وكيف يتصور النسخ؟. اه نواسخ القرآن (ص 500) وراجع النسخ في القرآن (1/ 475). (4) في ظق: وقد تقدّم ذكره أن الكلام والقول في إبطاله. حيث أدرج كلمة (أن الكلام) ولا معنى لها. (5) ويكفي في رد هذا وإبطاله قول ابن الجوزي المتقدم قريبا. وقد سبق للمصنف كلام حول هذا أثناء مناقشته لدعوى النسخ في قوله تعالى فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ الآية (29) من سورة الكهف (ص 755).

سورة المدثر

سورة المدثر لا منسوخ فيها. وقالوا في قوله عزّ وجلّ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً «1» أي (خلى) «2» بيني وبينه فإني أتولى إهلاكه، مع القصة إلى آخرها: نسخ ذلك بآية السيف «3» وكيف يعده بإهلاكه، وبأنه يتولى ذلك منه على ما (ذكره) «4» ثم ينسخه بآية السيف؟ «5».

_ (1) المدثر (11). (2) هكذا في الأصل وظق: (خلى) خطأ نحوي، وفي د وظ (خل) وهو الصواب. (3) قاله ابن حزم (ص 63) وابن سلامة (ص 319) وابن البارزي (ص 55) والفيروزآبادي (1/ 488) والكرمي (ص 218). (4) هكذا في الأصل: على ما ذكره. وفي ظق: على ما ذكروا وفي د وظ: على ما ذكروه. (5) قال ابن الجوزي: هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، والمعنى خل بيني وبينه فإني أتولى إهلاكه، وقد زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف، وهذا باطل من وجهين: أحدهما: أنه إذا ثبت أنه وعيد، فلا وجه للنسخ، وقد تكلمنا على نظائرهما فيما سبق. والثاني: أن هذه السورة مكّية، وآية السيف مدنية، والوليد هلك بمكة قبل نزول آية السيف اه. نواسخ القرآن (ص 501) وراجع النسخ في القرآن (1/ 497).

سورة القيامة

سورة القيامة لا نسخ فيها. وقالوا في قوله عزّ وجلّ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ «1» إنه منسوخ بقوله عزّ وجلّ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى «2» وهذا خلف من القول، لأن الله عزّ وجلّ لم يأمره بالنسيان ثم نهاه عنه!. وأظنهم توهموا ذلك، وأن (لا) في قوله: (فلا تنسى) للنهي وما هي للنهي «3» (لا) «4» من جهة المعنى، ولا من جهة اللفظ، أما اللفظ فغير مجزوم، وأما المعنى، فليس النسيان مما يقدر الإنسان على اجتنابه فينهي عنه «5». وهذا خبر، أخبر الله عزّ وجلّ به نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أنه يقرئه فلا ينسى، فما معنى النسخ؟ فإن قالوا: كان يعجّل بالقرآن خوف النسيان، فقال الله عزّ وجلّ: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى.

_ (1) القيامة (16). (2) الأعلى (6). ذكر هذا ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 63) وكذلك ابن سلامة (ص 319) وابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز (ص 56)، والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 490). ونقله الكرمي عن هبة الله بن سلامة ورده، قال: ووجه النسخ هنا غير ظاهر جدا اه قلائد المرجان (ص 219). (3) عبارة: (وما هي للنهي) ساقطة من ظ بانتقال النظر. (4) غير واضحة في ت. (5) وراجع البحر المحيط (8/ 458) والجامع لأحكام القرآن (20/ 19).

قلت: فأين النسخ؟! والآيتان في معنى واحد «1». قال ابن عباس: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يلقى في التنزيل شدة، فكان يحرّك شفتيه كراهة أن يتفلت منه، فأنزل الله جلّ ذكره لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ أي جمعه في صدرك وأن تقرأه، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أي (فأنصت) «2» واستمع، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أي علينا أن نبيّنه بلسانك، قال: فكان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاه جبريل- عليه السلام- استمع «3» فإذا انطلق قرأ كما قرأ» «4» اه. وقال الضحاك: كان «5» يفعل ذلك مخافة أن ينساه، قيل له إن علينا أن نحفظه في قلبك، وأن تقرأه بعد حفظه. وروى ذلك عن ابن عباس أيضا ومجاهد وقتادة. وقال قتادة: (إن علينا جمعه وقرآنه) أي جمعه في قلبك حتى تحفظه (وقرآنه) أي تأليفه «6». فأي فرق بين هذه الآية وبين آية (الأعلى) فالقول بأن هذا منسوخ بذلك «7»

_ (1) قلت: ونظير هاتين الآيتين قوله تعالى .. وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ... الآية (114) من سورة طه. وقد سبق أن ذكرها المصنف في موضعها (ص 759) ورد على القائلين بأنها منسوخة بقوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى وأبطله. (2) غير واضحة في ت. (3) في بقية النسخ: يستمع. (4) أصل الحديث في صحيح البخاري كتاب التفسير (8/ 680) بشرح ابن حجر. وصحيح مسلم كتاب الصلاة باب الاستماع للقراءة (4/ 165) بشرح النووي، وسنن الترمذي أبواب التفسير باب ومن سورة القيامة (9/ 248) وسنن النسائي كتاب الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن (2/ 149) وانظر جامع البيان (29/ 187) وجامع الأصول (2/ 420) والدر المنثور (8/ 348). (5) كلمة (كان) ساقطة من د وظ. (6) انظر الآثار في ذلك عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة في جامع البيان للطبري (29/ 188) والدر المنثور (8/ 348). قال الطبري: وأشبه القولين بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، القول الذي ذكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وذلك أن قوله إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ينبئ أنه إنما نهي عن تحريك اللسان به متعجلا فيه قبل جمعه، ومعلوم أن دراسته للتذكر إنما كانت تكون من النبي صلّى الله عليه وسلّم من بعد جمع الله له ما يدرس من ذلك اه المصدر نفسه. (7) في ظق: بذاك.

خطأ من جهة أن «1» الخبر لا يدخله النسخ، ومن جهة أن المعنى فيهما واحد. وما كان ينبغي أن «2» (يتكلم) «3» على هذا، فإنه لفساده يوقع كلام المتكلم عليه في الضيم «4».

_ (1) (أن) ساقطة من د وظ. (2) ينبغي أن: ساقط من ظق. (3) هكذا: في الأصل: أن يتكلم. وفي بقية النسخ: أن نتكلم، وهي الصواب. (4) قلت: ولذلك لم يتعرض لذكر هذه الآية ضمن الآيات المدعي عليها النسخ معظم علماء التفسير والنسخ، مثل قتادة والطبري والنحاس ومكي وابن الجوزي والقرطبي وغيرهم.

سورة الإنسان

سورة الإنسان ليس فيها منسوخ. وزعم هبة الله- وأظنه نقله عن غيره «1» - أن فيها آيتين منسوختين وبعض آية: قوله عزّ وجلّ وَأَسِيراً «2». قال: هذا منسوخ، وهو من غير أهل القبلة «3» اه. والله تعالى مدح قوما بإطعام الأسير ولم ينه عن ذلك إذا كان مشركا فكيف يكون منسوخا، وفي إطعام الأسير المشرك مثوبة؟ «4».

_ (1) ليس هناك ما يدل على أن ابن سلامة نقل هذا القول عن أحد، وإنما هو رأيه، والله أعلم. (2) الإنسان (8) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً. (3) انظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة (ص 320). وقال ابن البارزي والفيروزآبادي: أنها منسوخة بآية السيف. انظر: ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 56) وبصائر ذوي التمييز (1/ 493) وراجع قلائد المرجان (ص 220) قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أن هذه الآية تضمنت المدح على إطعام الأسير المشرك. قال: وهذا منسوخ بآية السيف، وساق بسنده إلى سعيد بن جبير أنه قال: «وأسيرا» قال: يعني من المشركين، نسخ السيف الأسير من المشركين. اه. ثم قال ابن الجوزي: وإنما أشار بهذا إلى أن الأسير يقتل ولا يفادي، فأما إطعامه ففيه ثواب بالإجماع ... والآية محمولة على التطوع، فأما الفرض فلا يجوز صرفه إلى الكفار أه نواسخ القرآن (ص 502). (4) ولعل من المناسب هنا أن أنقل هذا الخبر عن الزركشي فيما يتعلق بكلام هبة الله بن سلامة هذا، حيث قال:- أي الزركشي- ومن ظريف ما حكي في كتاب هبة الله أنه قال في قوله تعالى

وقد قال قتادة: إنه المأسور المشرك. وقال الحسن: ما كان إسراؤهم إلّا المشركين. وقال عكرمة: الأسير في ذلك الزمان: المشرك. وقال مالك: يعني أسرى المشركين. وقال مجاهد وابن جبير وعطاء: المراد بالأسير: المسجون من المسلمين «1». وهذا كله من صفات الأبرار، والآية غير منسوخة، وليس قول قتادة: وأخوك المسلم أحق منه مما يوجب تقويله بالنسخ. قال: والآية الكاملة قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ... «2» الآية، قال: نسخت بآية السيف اه «3».

_ وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً منسوخ من هذه الجملة وَأَسِيراً والمراد بذلك أسير المشركين، فقرئ الكتاب عليه- وابنته تسمع- فلما انتهى إلى هذا الموضع، قالت: أخطأت يا أبت في هذا الكتاب، فقال لها: وكيف يا بنيه؟ قالت: أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم ولا يقتل جوعا اه البرهان (2/ 29). (1) ذكر الطبري هذه الأقوال بأسانيدها عن قتادة والحسن وعكرمة ومجاهد وعطاء وابن جبير، ثم قال: والصواب من القول في ذلك أن يقال: أن الله وصف هؤلاء الأبرار بأنهم كانوا في الدنيا يطعمون الأسير ... واسم الأسير قد يشمل الفريقين، وقد عم الخبر عنهم أنهم يطعمونهم، فالخبر على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له، وأما قول من قال: لم يكن لهم أسير يومئذ إلا أهل الشرك فإن ذلك- وإن كان كذلك- فلم يخصص بالخبر الموفون بالنذر يومئذ، وإنما هو خبر من الله عن كل من كانت هذه صفته يومئذ وبعده إلى يوم القيامة، وكذلك الأسير معنى به أسير المشركين والمسلمين يومئذ وبعد ذلك إلى قيام الساعة اه جامع البيان (29/ 209، 210). وراجع معالم التنزيل للبغوي (7/ 159) وزاد المسير (8/ 433) والجامع لأحكام القرآن (19/ 129) والدر المنثور (8/ 371). (2) الإنسان: (24). (3) الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص 321) وحكاه ابن حزم (ص 63) والكرمي (ص 220) والفيروزآبادى (1/ 493) قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أنها منسوخة بآية السيف، وقد تكلمنا عن نظائرها وبينا عدم النسخ اه. نواسخ القرآن (ص 503) قلت: وكذلك سبق للمصنف مناقشة الآيات التي تتكلم عن الصبر وتأمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين بتحمل الأذى الذي يلاقونه من المشركين، وفي الوقت نفسه كانوا مطالبين بقتلهم وقتالهم، وقرر- رحمه الله- مرارا أنه لا تعارض بين تلك الآيات وبين آية السيف، والله الموفق للصواب.

وليس في هذا نهي عن القتال، فيكون منسوخا بالأمر بالقتال وحكم الأمر بالصبر على «1» الشدائد باق. والآية الأخرى قوله عزّ وجلّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا «2». قال: نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* «3» اه، وهذا ضرب من الجهل عظيم، فإنه «4» عزّ وجلّ لم يطلق المشيئة للعبيد، ثم حجزها «5» عنهم ونسخها، وإنما أعلم أن العبد إذا شاء أمرا من صلاح أو ضلال، فلا «6» يكون ذلك إلّا أن يشاء الله، وهذا وعيد وتهديد، لأن الله عزّ وجلّ بيّن في هذه السورة الطريقين «7» ثم قال:- على «8» وجه التهديد- من شاء النجاة اتّخذ إلى ربّه سبيلا «9» ومن شاء غير ذلك فسيرى ما يناله «10» من العذاب الأليم المعد للظالمين.

_ (1) في بقية النسخ: في الشدائد. (2) الإنسان (29). (3) الإنسان (30) والتكوير (29). وانظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة (ص 321). وحكاه ابن حزم والكرمي، قالا: نسخ التخيير بآية السيف اه الناسخ والمنسوخ (ص 63) وقلائد المرجان (ص 220) وحكي ابن الجوزي النسخ عن بعضهم. انظر: نواسخ القرآن (ص 503). وقد سبق لابن الجوزي والسخاوي رد دعوى النسخ في نظير هذه الآية من سورة المزمل (ص 886) فلينظر. (4) في د وظ: وإنه. (5) في بقية النسخ: حجرها. بالراء. (6) في د وظ: ولا يكون. (7) أي في قوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً الآية الثالثة من السورة نفسها. (8) (على) ساقطة من ظ. (9) في ظ: كتب الناسخ بعد قوله ... سَبِيلًا: قال: نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* وهذا ضرب من الجهل، ومن شاء غير ذلك ... الخ. وهو تكرير لما سبق قبل عدة أسطر. (10) في د وظ: فيرى ما ناله.

سورة المرسلات

سورة المرسلات ليس فيها ناسخ ولا منسوخ. وسورة النبأ: ليس فيها ناسخ ولا منسوخ. وروي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم هاجر من غداة يوم إنزالها «1» فهي من آخر المكّي الأول، لأن المكّي الأول: ما نزل قبل «2» الهجرة والمكّي الثاني بعد الفتح «3».

_ (1) في ظق: من يوم غداة إنزالها. (2) في ظ: من قبل الهجرة. (3) انظر الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة (ص 322). قال الزركشي: أعلم أن للناس في ذلك ثلاثة اصطلاحات:- أحدها: أن المكي ما نزل بمكة، والمدني ما نزل بالمدينة. والثاني:- وهو المشهور- أن المكي ما نزل قبل الهجرة، وإن كان بالمدينة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان بمكة. والثالث: أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة اه البرهان (1/ 187) قلت: وقد سبق الحديث عن هذا أثناء الكلام عن (نثر الدرر في معرفة الآيات والسور) وقد كانت سورة (النبأ) تحمل رقم (79) في ترتيب السور المكية وبعدها سورة النَّازِعاتِ ثم إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ثم إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ثم الم* غُلِبَتِ الرُّومُ ثم (العنكبوت) ثم سورة (المطففين) وهذا على ما ذكره السخاوي من رواية عطاء الخراساني. انظر (ص 108) من هذا الكتاب.

سورة النازعات

سورة النازعات لا ناسخ فيها ولا منسوخ. سورة عبس: كذلك. وقالوا: قوله عزّ وجلّ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ «1» منسوخ بقوله وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* «2» وقد تقدّم القول فيه «3». وكذلك سورة التكوير. وقالوا في قوله عزّ وجلّ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ «4» هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «5»، وقد تقدّم «6». وليس في سورة (الانفطار) وما بعدها إلى (الطارق) ناسخ ولا منسوخ

_ (1) عبس (12). (2) الإنسان (30) والتكوير (29). وقد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم (ص 64) وابن سلامة (ص 324) وابن البارزي (ص 57) وحكاه ابن الجوزي ورده. انظر نواسخ القرآن (ص 504) وقال الفيروزآبادي والكرمي: إنها منسوخة بآية السيف اه بصائر ذوي التمييز (1/ 501) وقلائد المرجان (ص 221). (3) راجع مناقشة السخاوي لدعوى النسخ في قوله تعالى إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (آية 19) من سورة المزمل (ص 886). (4) التكوير: (27). (5) التكوير: (29). وقد ذكر دعوى النسخ هنا ابن سلامة في الناسخ والمنسوخ (ص 324) والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 503) وحكى فيها ابن البارزي القولين النسخ والأحكام. انظر ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 57) وحكاه ابن الجوزي ورده. انظر نواسخ القرآن (ص 505). وكذلك أورده الكرمي، ثم قال: قال بعضهم: إن دعوى النسخ في هذا وشبهه غير متجه، لأنه سبحانه إنما أخبر أن مشيئتهم لا تقع إلا بعد مشيئة الله تعالى اه قلائد المرجان (ص 222) قلت: وهذا هو الصحيح، وقد تقدم. (6) أي في سورة المزمل السالفة الذكر.

سورة الطارق

سورة الطارق قوله عزّ وجلّ فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً «1» نسخ بآية السيف «2» وقد تقدّم القول في ذلك «3».

_ (1) الطارق: (17). (2) ذكر هذا ابن حزم (ص 65) وابن سلامة (ص 326) وابن البارزي (ص 57) والفيروزآبادي (1/ 512) والكرمي (ص 223). (3) قلت: لعله يريد عند قوله تعالى فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ الآية (84) من سورة مريم، حيث قال هناك: أن هذا تهديد ووعيد، وليس بمنسوخ بآية السيف اه (ص 758). وهو كما قال- رحمه الله- وبناء عليه فلا نسخ، وراجع نواسخ القرآن (ص 506) والنسخ في القرآن (1/ 497).

سورة الأعلى

سورة الأعلى لا نسخ فيها «1». وكذلك (الغاشية). وقالوا في قوله عزّ وجلّ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ «2» نسخت بآية السيف «3» وليس بصحيح، وقد تقدّم «4». وليس بعد ذلك في السور ناسخ ولا منسوخ «5» إلى وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، فإنهم

_ (1) أي لا نسخ فيها يعول عليه، وإلا فقد سبق له أن ذكر أن قوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ناسخ لقوله سبحانه وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ولقوله لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ .. وقد رد القول بالنسخ هناك وفنده. انظر (ص 759 و 888) من هذا الكتاب. (2) الغاشية: (22). (3) أورده النحاس ومكي معزوا إلى ابن زيد. انظر الناسخ والمنسوخ (ص 296) والإيضاح (ص 446) ورواه ابن الجوزي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- انظر نواسخ القرآن (ص 507) قال مكي: وقيل: هي محكمة، والمعنى: لست بجبار، أي لست تجبرهم في الباطن على الإسلام، لأن قلوبهم ليست بيدك، إنما عليك أن تدعوهم إلى الله، وتبلغ ما أرسلت به إليهم اه المصدر السابق. وذكر نحوه ابن الجوزي، ثم قال: فعلى هذا لا نسخ اه من المصدر السابق. (4) تقدم نظير هذا في سورة ق عند قوله تعالى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ الآية (45) (ص 839). (5) قلت: الا أن النحاس ومكي حكيا النسخ عن ابن مسعود- رضي الله عنه- في قوله تعالى فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ الآية (7) من سورة الشرح. وإنما أدخلت هذه الآية في الناسخ والمنسوخ، لأن ابن مسعود يرى أن معنى الآية: فإذا فرغت من

زعموا أن قوله عزّ وجلّ: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ «1» نسخ منها المعنى بآية السيف «2» وهو غير صحيح. وليس في باقي القرآن نسخ باتفاق، إلّا ما ذكروه في سورة (العصر) في قوله عزّ وجلّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ «3» قالوا: هو منسوخ بالاستثناء بعده «4». وقالوا في قوله «5» قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ: نسخ منها لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ «6» بآية السيف «7» ولا يصح.

_ شغلك فانصب في قيام الليل، وهو أمر حتم، ثم نسخ بما نسخ به قيام الليل في (المزمل). وقد فسرت الآية بتفسيرات أخرى مروية عن ابن مسعود أيضا وقتادة ومجاهد والحسن البصري تؤيد أحكامها. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 296) والإيضاح (ص 446) وراجع النسخ في القرآن (2/ 775). (1) التين: (8). (2) قاله ابن حزم (ص 66) وابن سلامة (ص 329) وابن البارزي (ص 58) والفيروزآبادى (1/ 527) والكرمي (ص 225) وقد رد ابن الجوزي على القائلين بالنسخ بقوله: زعم بعضهم أنه نسخ معناها بآية السيف، لأنه ظن أن معناها: دعهم وخل عنهم، وليس الأمر كما ظن، فلا وجه للنسخ اه نواسخ القرآن (ص 508) وكذلك رفض السيوطي دعوى النسخ هنا وفنده، حيث أورد هذه الآية المدعي عليها النسخ كمثال من الأمثلة التي أوردها المكثرون من ذكر الآيات المنسوخة، وأن هذه الآية من القسم الذي ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص، ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه. انظر الإتقان (3/ 63). (3) الآية الثانية من سورة العصر. (4) قاله ابن حزم في الناسخ والمنسوخ (ص 67) وابن سلامة كذلك (ص 332) وابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (ص 58) وحكى فيها الفيروزآبادى القولين النسخ والإحكام. انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 542). أما الكرمي فحكى القولين أيضا، ولكن لم يرتض القول بالنسخ، قال: لأن فيه ما فيه. انظر قلائد المرجان (ص 225). قلت والذي فيه أنه استثناء، وقد سبق للمصنف الرد على مثل هذا الادّعاء وتفنيده. انظر على سبيل المثال رده على دعوى النسخ في قوله تعالى وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ (الآية 229) من سورة البقرة (ص 625). والموضع (الثلاثون) من سورة النساء (ص 680) وآخر الفرقان (ص 116) وآخر الشعراء (ص 781). (5) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ: وقالوا في قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وهو الصحيح. (6) الكافرون: (6). (7) قاله ابن حزم الأنصاري (ص 48) وابن سلامة (ص 337) وابن البارزي (ص 58) والفيروزآبادي

قال أبو القاسم هبة الله بن سلامة: «1» كل ما في القرآن من أَعْرِضْ عَنْهُمْ* وتَوَلَّ عَنْهُمْ* وما شاكل هذا المعنى: فناسخه آية السيف. وقد أوضحت القول في ذلك «2». قال: وكل ما في القرآن إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* «3» نسخه لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ «4» «5». قلت: أفترى أنه زال خوفه من الله؟ وقد قام صلّى الله عليه وسلّم حتى تورمت قدماه، فقيل له:

_ - (1/ 548) والكرمي (ص 226) وعزاه البغدادي إلى ابن عباس- رضي الله عنهما- انظر الناسخ والمنسوخ له (ص 161) قال ابن الجوزي: قال كثير من المفسرين هو منسوخ بآية السيف قال: وإنما يصح هذا إذا كان المعنى: قد أقررتم على دينكم وإذا لم يكن هذا مفهوم الآية، بعد النسخ اه نواسخ القرآن (ص 509) ففي هذه الآية نرى أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأتباعه المؤمنين يعبدون الله بما شرع، والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله عزّ وجلّ، وقد كان المشركون عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة ويعبد آلهتهم سنة، فنزلت السورة بيانا لحالهم وتيئيسا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم من إيمان طائفة منهم بأعيانهم، وبناء عليه فلا يطمع في إيمانهم. راجع تفسير ابن كثير (4/ 560) وهكذا نأتي إلى نهاية المطاف في آخر آية أدّعي فيها النسخ بعد هذه الجولة الطويلة. ولعل القارئ يشاركني الرأي في هذه الآية بل وفي كل الآيات التي سبق الحديث عنها من هذا النوع أنه لا مجال للقول بالنسخ فيها وقد سبق بيان ذلك في مواضعه، وأنه لا تعارض بين تلك الآيات وبين آية السيف حتى نلجأ إلى القول بالنسخ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. (1) من هنا إلى قوله: وهذه الجملة استخرجتها ... الخ سقط من كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة في طبعتيه- على هامش أسباب النزول، وطبعة مصطفى البابي الحلبي. وقد كنت تتبعت هذه المواضع التي ذكرها السخاوي في أماكنها المتفرقة من الكتاب حيث لا توجد مجتمعة، وظننت أن السخاوي جمعها من أقوال ابن سلامة المتناثرة في ثنايا الكتاب، ثم رجعت إلى نسخه مخطوطة من كتاب ابن سلامة، فوجدت الكلام الذي نقله السخاوي في مكانه من آخر الكتاب مجتمعا، وأن الخطأ وقع من أصحاب الطباعة، والله أعلم، أو من بعض النساخ حيث سقط النص المذكور من نسخة حيدرآباد، ولعل الذي قام بطبع الكتاب اعتمد على نسخه حيدرآباد رقم (13241) ثم إني وقفت على الكتاب مطبوعا في المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى عام 1404 هـ فوجدت النص بنحوه. (2) وذلك في الموضع التاسع عشر والثالث والعشرين من سورة النساء (ص 665، 669) وراجع كذلك مناقشة السخاوي للآية (54) من سورة الذاريات فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (ص 843). (3) الأنعام: (15) (4) الآية الثانية من سورة الفتح. (5) راجع الموضع الأول من سورة الأنعام من هذا الكتاب (ص 696). وكذلك الموضع الأول من سورة يونس- عليه السلام- (ص 729).

أتفعل «1» هذا وقد غفر لك «2» ما تقدّم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا؟ وقال: «والله إني لأخوفكم لله»، وكان يسمع لصدره (أزيزا) «3» كأزيز المرجل «4». قال: وكل ما في القرآن من خبر الذين أوتوا الكتاب والصفح عنهم: نسخه قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا «5» بِالْيَوْمِ الْآخِرِ «6». وقد قدّمت القول في ذلك «7». وقال: وكل ما في القرآن من الأمر بالشهادة: نسخه فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «8» «9». قال: وكل ما في القرآن من التشديد والتهديد: نسخه بقوله عزّ وجلّ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ «10» وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ «11» «12». وقد قدّمت القول في جميع ذلك. قال رحمه الله: وهذه الجملة- يعني (ما ذكروه) «13» من «14» كتاب «الناسخ والمنسوخ»

_ (1) في د وظ: أفتفعل. (2) في بقية النسخ: وقد غفر الله لك. (3) هكذا في الأصل: أزيزا. وفي د وظ: أزير كأزيز المرجل. وفي ظق: (أزيز) وهو الصواب. (4) سبق تخريج الحديث وشرح مفرداته أثناء الكلام على البكاء والدعاء عند قراءة القرآن (ص 322). (5) (لا) ساقطة من ظ. (6) التوبة: (29). (7) انظر على سبيل المثال الموضع الخامس من سورة المائدة (ص 690). (8) البقرة: (283). (9) سقط من د وظ بانتقال النظر قوله: قال: وكل ما في القرآن من الأمر بالشهادة، نسخه فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اه. (10) في ظ: اليسرى، خطأ. (11) البقرة: (185). (12) راجع كلام السخاوي على نظير هذا في آخر سورة البقرة وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ ... الآية (284) (ص 637) والناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة (ص 101). (13) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ: ما ذكره، وهو الصواب. (14) في بقية النسخ: في كتاب.

له- استخرجتها من كتب المحدثين وشيوخ المفسرين، وعلمائهم، من كتاب أبي صالح «1» ثنا أبو «2» إسحاق إبراهيم بن أحمد البزوري «3» ثنا أبو جعفر أحمد بن الفرج بن جبريل المفسر «4» ثنا أبو عمر حفص بن عمر الدوري «5» عن محمد (بن) «6» السائب الكلبي عن أبي صالح- مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخت علي- عليه السلام- عن ابن عباس. قال: ومن كتاب مقاتل بن سليمان أنبا به عبد الخالق بن الحسين السقطي «7» ثنا عبد الله بن ثابت «8» عن أبيه «9» عن الهذيل بن حبيب «10» عن مقاتل.

_ (1) واسمه باذام- بالذال المعجمية- ويقال: آخره نون، أبو صالح مولى أم هانئ، ضعيف مدلس، من الطبقة الثالثة. التقريب (1/ 93) وانظر الكنى للإمام مسلم (1/ 435). (2) في ظ: ثنا أبي. خطأ نحوي. (3) إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق البزوري البغدادي، مقرئ كبر، قرأ على أحمد بن فرح وغيره. انظر تاريخ بغداد (6/ 16) ومعرفة القراء الكبار (1/ 325). (4) أحمد بن فرح- بالحاء المهملة- بن جبريل أبو جعفر البغدادي، العسكري الضرير المقرئ المفسر، قرأ على أبي عمر الدوري وغيره، توفي سنة 303 هـ وقد قارب التسعين. انظر: تاريخ بغداد (4/ 345) ومعرفة القراء الكبار (1/ 238) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 64) وسير أعلام النبلاء (14/ 163). (5) حفص بن عمر بن عبد العزيز الأزدي الدوري، أبو عمر، إمام القراءة في عصره وهو صاحب الكسائي كان ثقة ثبتا ضابطا، وكان ضريرا توفي سنة 246 هـ. انظر: تاريخ بغداد (8/ 203) والتقريب (1/ 187) ومعرفة القراء الكبار (1/ 191) وشذرات الذهب (2/ 111) والنشر في القراءات العشر (1/ 134) والأعلام للزركلي (2/ 264). (6) (بن) ساقط من الأصل. (7) عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن أبي روبا، أبو محمد السقطي- نسبة إلى بيع السقط، وهي الأشياء الخسيسة- المعدل البغدادي، كان ثقة، توفي سنة 356 هـ. انظر: تاريخ بغداد (11/ 124) والأنساب للسمعاني (7/ 151) والعبر للذهبي (2/ 305) وشذرات الذهب (3/ 19). (8) عبد الله بن ثابت بن يعقوب المقرئ النحوي، سكن بغداد، وروى بها عن أبيه عن الهذيل بن حبيب تفسير مقاتل بن سليمان (223 - 308 هـ) تاريخ بغداد (9/ 426). (9) ثابت بن يعقوب بن قيس، سكن بغداد، وحدث بها عن أبي صالح الهذيل بن حبيب عن مقاتل بن سليمان كتاب التفسير، رواه عنه ابنه عبد الله بن ثابت، وقال: سمعته منه سنة 240 هـ، ومات وهو ابن 85 سنة، تاريخ بغداد (7/ 143). (10) الهذيل بن حبيب أبو صالح الدنداني، حدث عن حمزة بن حبيب الزيات، روى عن مقاتل بن سليمان كتاب التفسير، حدث عنه ثابت بن يعقوب، وسمع منه كتاب تفسير مقاتل من أوله إلى آخره سنة 190 هـ. تاريخ بغداد (14/ 78).

ومن كتاب مجاهد بن جبر «1» ثنا به أبو بكر محمد بن الخضر بن زكريا «2» عن مجاهد «3». ومن كتاب النضر بن عربي «4» عن عكرمة [عن ابن عباس، ثنا به عمر بن أحمد الدوري «5» وأبو بكر بن إبراهيم البزار «6» قالا: ثنا عمر بن أحمد الدوري «7» عن محمد بن إسماعيل الحساني «8» عن وكيع بن الجراح عن النضر بن عربي عن عكرمة] «9». ومن كتاب محمد بن سعد العوفي عن أبيه عن جده عن عطية «10» عن ابن عباس، ثنا

_ (1) في الناسخ والمنسوخ لابن سلامة في طبعاته الثلاث: مجاهد بن حبيب. تحريف. (2) محمد بن الخضر بن زكريا بن عثمان بن أبي حزام، ويقال ابن حزام أبو بكر المقري، كان ثقة. تاريخ بغداد (5/ 241). (3) في الناسخ والمنسوخ لابن سلامة:- بعد كلمة: مجاهد بن جبر- التي حرفت إلى (حبيب) كما سبق- قال: حدثنا محمد بن الخضر المقرئ المعروف بابن أبي حزام، قال: حدثنا به الشيخ الصالح- رحمة الله عليه- قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى البرقي، قال: حدثنا أبو حذيفة عن شبل بن أبي نجيح عن مجاهد. (4) في الناسخ والمنسوخ لابن سلامة المخطوط: النضر بن عدى، وفي المطبوع النصر بن المقرئ. وهو النضر بن عربي الإمام العالم المحدث الثقة، أبو روح، روي عن عكرمة وغيره، وروى عنه وكيع وغيره، وكان لا بأس به، وبعضهم يوثقه مات سنة 168 هـ. انظر الجرح والتعديل (8/ 475) وسير أعلام النبلاء (7/ 403) والتقريب (2/ 302). (5) هو عمر بن أحمد بن علي بن إسماعيل أبو حفص القطان المعروف (بالدري) كذا في تاريخ بغداد ولعله تحريف. سمع محمد بن إسماعيل الحساني وغيره، وكان ثقة، مات سنة 327 هـ. تاريخ بغداد (11/ 229). (6) لم أقف له على ترجمة. (7) هكذا، ولم أفهم معنى هذا التكرار. (8) في الناسخ والمنسوخ لابن سلامة المطبوع: الحساني الرازي، وفي مخطوطة تونس السجستاني بدل الحساني، وفي مخطوطة حيدرآباد الواسطي. اه وهو محمد بن إسماعيل البختري أبو عبد الله الواسطي المعروف بالحساني، سكن بغداد، وحدث بها عن وكيع بن الجراح وغيره، وروى عنه عمر بن أحمد الدوري وغيره، وثقه العلماء، مات سنة 258 هـ. تاريخ بغداد (2/ 36). (9) ما بين المعقوفتين أضيف في حاشية (ت) وكانت الأسماء مبتورة لسوء التصوير. (10) أما محمد بن سعد العوفي وأبوه فقد سبق أنهما ضعيفان أثناء الكلام على قوله تعالى قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ .. (ص 828). وأما جده فهو محمد بن الحسن بن عطية العوفي، فهو أيضا ضعيف يخطئ. انظر: الميزان (3/ 513) والتقريب (2/ 154).

به المظفر بن نظيف «1» قال: ثنا به (ابن مالك) «2» القاضي «3» ثنا محمد بن سعد العوفي عن أبيه عن جده عن عطية عن ابن عباس. ومن كتاب سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، ثنا به (أبو) «4» القاسم عبيد الله بن جنيقا الدقاق «5» ثنا أبو الحسن على محمد المصري الواعظ «6» ثنا الحسين بن عبد الله بن محمد «7» عن محمد بن يحيى «8» عن سعيد عن قتادة. قال: فهذه جملة كافية. قلت: وهبة الله هذا رجل صالح، وقد سمعت كتابه هذا من أبي محمد القاسم بن علي (ابن الحسين) «9» بن هبة الله «10» الحافظ «11» - رحمه الله- و «12» أنبا به عن أبي الكرم

_ وكذلك عطية بن سعد العوفي صدوق يخطئ كثيرا، ضعفه العلماء وكان شيعيا مدلسا، مات سنة 113 هـ. التقريب (2/ 24)، والميزان (3/ 79). (1) في الناسخ والمنسوخ لابن سلامة المطبوع: المطرف بن نصيف (تحريف). وهو المظفر بن نظيف بن عبد الله أبو نصر، كان قاصا كذابا، روي عن القاضي المحاملي. انظر تاريخ بغداد (13/ 129) وميزان الاعتدال (4/ 132). (2) هكذا في الأصل: ابن مالك. تحريف، وفي بقية النسخ: ابن كامل، وهو الصواب. (3) أحمد بن كامل بن حنبل خلف القاضي البغدادي، تلميذ ابن جرير الطبري، حدث عن محمد بن سعد العوفي وغيره، وكان من العلماء بالأحكام وعلوم القرآن والنحو والشعر والتواريخ، وله في ذلك مصنفات (260 - 350 هـ) تاريخ بغداد (4/ 357) وسير أعلام النبلاء (15/ 544) ومعجم المؤلفين (2/ 52). (4) (أبو) ساقط من الأصل. (5) عبيد الله بن عثمان بن يحيى أبو القاسم الدقاق المعروف بابن جنيقا كان صحيح الكتاب كثير السماع ثبت الرواية، وكان ثقة مأمونا، فاضلا حسن الخلق (318 - 390 هـ) تاريخ بغداد (10/ 377). (6) علي بن محمد بن أحمد بن الحسن أبو الحسن الواعظ المعروف بالمصري، وهو بغدادي، أقام بمصر مدة ثم رجع إلى بغداد فعرف بالمصري، وكان ثقة أمينا عارفا، صنف كتبا كثيرة في الزهد توفي سنة 338 هـ. تاريخ بغداد (12/ 75) وسير أعلام النبلاء (15/ 381) ومعجم المؤلفين (7/ 179). (7) لم أقف له على ترجمة. (8) لم أقف له على ترجمة. (9) ابن الحسن: غير واضحة في ت. (10) من قوله: قلت: وهبة الله ... إلى هنا سقط من ظ بانتقال النظر ثم أضيف في الحاشية فلم تظهر بعض العبارات. (11) سبقت ترجمته أثناء الكلام عن شيوخ السخاوي (ص 26). (12) في د وظ: بدون واو.

يحيى بن عبد الغفار بن عبد المنعم «1» عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي «2» عن هبة الله المصنّف. وإنما وقع الغلط «3» للمتأخرين من قبل عدم المعرفة بمراد المتقدمين، فإنهم كانوا يطلقون على الأحوال المنتقلة: النسخ «4». والمتأخرون يريدون بالنسخ: نزول النص ثانيا رافعا لحكم النص «5» الأول «6» ولا يثبت النسخ باجتهاد مجتهد من صحابي ولا غيره «7» «8» ولا بد في ذلك من النقل، والله أعلم «9». قال ناسخ الكتاب: وافق الفراغ منه يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي القعدة في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة (733 هـ)، غفر الله لكاتبه ولقارئه ولصاحبه ولمصنفه، ولجميع المسلمين أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين بلغ مقابلة بحسب الطاقة. لا زال يعلو شأنه على المدى صاحب هذا الكتاب. ما غردت ورقاء في دوحة وأضحك الروض السحاب. الحمد لله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ورضي الله عن كل الصحابة أجمعين،،،

_ (1) لم أقف له على ترجمة. (2) رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث أبو محمد التميمي البغدادي الحنبلي المقرئ الفقيه الواعظ المفسر (400 - 488 هـ) معرفة القراء الكبار (1/ 441) وشذرات الذهب (3/ 384) وغاية النهاية (1/ 284) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 177)، والبداية والنهاية (12/ 160) والأعلام (3/ 19). (3) في د وظ: العدد. (4) سبق للمصنف أن ذكر نحو هذا أثناء حديثه عن الموضع السادس عشر من سورة الأنعام (ص 704) (5) كلمة (النص) ساقطة من د وظ. (6) سبق تعريف النسخ في أول الكلام على الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ (ص 586). (7) في ظ: ولا غير. (8) انظر: الإتقان (3/ 71). (9) وبهذا انتهى الكتاب المحقق.

الخاتمة

الخاتمة وأسأله تعالى أن يحسنها، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاه. - لقد عشت أتتلمذ على الإمام العلامة علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هـ/ بواسطة كتابه القيم «جمال القراء .. » قرابة أربع سنوات، وكنت أراجع كل ما كتبته مع أستاذي فضيلة الدكتور/ محمد سالم محيسن المشرف على بحثي، قضيت هذه الفترة الزمنية من زهرة عمري في دراسة وتحقيق هذا الكتاب، الذي ألفه إمام من أئمة القراءات والتفسير والعربية وغير ذلك. ولا بد لي- بعد هذه الجولة العلمية- أن أجمع شتات هذا البحث، وأن ألخصه وأقرب أبعاده، وأن أبين بعض النتائج التي توصلت إليها، مستعينا بالله تعالى ومستمدا منه العون والسداد: - لقد كانت هذه الرسالة في قسمين اثنين. الأول: قسم الدراسة، والثاني: قسم التحقيق. كتبت- قبل الدخول في الدراسة- مقدمة للبحث وتمهيدا، تطرقت في المقدمة إلى أهمية علوم القرآن واهتمام العلماء قديما وحديثا بهذه العلوم التي تخدم كتاب الله عزّ وجلّ. ومن هؤلاء علم الدين السخاوي الذي أدلى بدلوه في هذا الميدان فكتب كتابه «جمال القراء .. » الذي نال إعجاب العلماء، حيث إنه كتاب يتناول كثيرا من مباحث علوم القرآن التي تتسم بالموضوعية. - وتوصلت من هذا البحث إلى أن تحقيق التراث ليس بالأمر السهل الميسور بل ان

أما قسم الدراسة فقد جعلته في بابين:

فيه مشقة لا يعرفها إلّا من عايشها، وهذه المشقة قد تختلف من مخطوط إلى آخر، وأيضا فإن هذه المشقة قد لا يجدها من لا يكلف نفسه عناء في خدمة المخطوط، خدمة تليق بالتراث الذي خلفه لنا علماؤنا- رحمة الله عليهم-. - أما التمهيد فقد تطرقت فيه إلى الحديث عن ثلاث قضايا هي: أ) تعريف علوم القرآن بمعنييه الخاص والعام، أي باعتباره «علما» وباعتباره مركبا إضافيا. ب) والقضية الثانية هي ذكر أهم المصنفات في علوم القرآن من بدء التدوين حتى عصر الإمام السخاوي، وذكرت خمسة وعشرين مؤلفا في ذلك، بين مطبوع ومخطوط، ورتبتها حسب وفيات مؤلفيها. ج) والقضية الثالثة هي أثر كتاب «جمال القراء ... » فيمن جاء بعده من المؤلفين، توصلت من خلال هذه القضية إلى شخصية هذا الإمام ومكانته في المجتمع الذي نشأ فيه وترعرع في أحضانه، وقضى فيه بقية زمانه، حيث كان فريد عصره ووحيد دهره وأوانه. وبناء عليه فقد تأثر به وبكتابه كثير من العلماء منذ عصره إلى وقتنا الحاضر. فقد اقتبس منه الكثيرون وأفادوا منه فوائد عظيمة .. أما قسم الدراسة فقد جعلته في بابين: الباب الأول: ضمنته الحديث عن النهضة العلمية في عهد السخاوي، وقد تبين لي أن الحركة العلمية في هذه الحقبة الزمنية ازدهرت ازدهارا كبيرا. وقد تمثل ذلك في اعتناء الحكام بالعلم والعلماء، فقد كان معظم حكام ذلك العصر مثقفين، وكانوا يحيطون أنفسهم بالعلماء، ويبالغون في اكرامهم معنويا وماديا .. - وتمثل أيضا في كثرة المدارس والمساجد والمعاهد العلمية في سورية والقاهرة وبغداد، والتي تولت نشر المذهب السنّي بدلا عن المذهب الشيعي ... حتى بلغ عدد المدارس في العصر الأيوبي ستا وعشرين مدرسة .. وقد ذكرت أشهر هذه المدارس ... - وتمثل ازدهار النهضة العلمية كذلك في دور المكتبات في ذلك العصر ونشاط التأليف والترجمة، فكثرت بذلك المكتبات التي تزخر بالكتب الدينية والعلمية والأدبية وغيرها من الكتب التي حمل لواءها أعلام نبغوا في شتى العلوم ..

- وكان للعلوم الشرعية الحظ الأوفر في الانتشار والازدهار في ذلك العصر، كالقراءات والتفسير والحديث والفقه والنحو. حيث تناول البحث ذكر نبذة مختصرة عن كل علم من هذه العلوم. مع ذكر مجموعة من العلماء الذين برزوا في كل منها .. - وتكلمت في هذا الباب عن حياة الإمام علم الدين السخاوي، فذكرت اسمه وكنيته ولقبه ونسبته ومن يشاركه في هذه النسبة من العلماء السابقين عليه واللاحقين به مرتّبين حسب وفياتهم. - وذكرت مولده، وأسرته وترجمت لبعض شيوخه مبيّنا مدى تأثره بهم، وتنقله في طلب العلم من مسقط رأسه إلى الإسكندرية ثم القاهرة ثم دمشق، وصنفت شيوخه إلى ثلاثة أصناف مبتدئا بشيوخه في القراءات ثم الحديث ثم بقية شيوخه الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي تلقاها عنهم ... - ثم ذكرت تلاميذه الذين تلقوا عنه كثيرا من العلوم وبخاصة علم القراءات مبيّنا مدى أثره فيهم، وقد أخذ عنه خلق كثير لأنه مكث نيفا وأربعين سنة يقرئ الناس. - وتحدثت عن أخلاقه ومنزلته العلمية وأقوال العلماء فيه، وقلت إن السخاوي تقدم على معاصريه في كثير من الميادين العلمية، واعترف له المؤرخون المعاصرون واللاحقون بالصلاح والتقوى وغزارة العلم، ووصفوه بالمقرئ المجود المتكلم المفسر المحدث الفقيه الأصولي اللغوي النحوي ... إلخ. - وتطرق البحث في هذا الباب إلى الحديث عن قوة شخصية السخاوي إذ كانت شخصيته واضحة، يتمثل ذلك بعرض أقوال العلماء ومناقشتها ونقد الكثير منها، وقد سقت أمثلة على ذلك من كتابه (جمال القراء .. ). - وتعرض البحث لذكر مذهبه- رحمه الله- فقد كان مالكي المذهب ثم انتقل إلى المذهب الشافعي واستقر عليه حتى صار من أعيانه ... - كما تناول البحث في هذا الباب ذكر مؤلفات السخاوي، حيث إنه شارك في كثير من العلوم بقسط كبير، مما أهله لأن يكون في مقدمة المبرزين من علماء عصره، وقد أثنى الذين ترجموا له على مؤلفاته وأشادوا بها، وكانت مؤلفاته متنوعة كالقراءات وعلوم القرآن والتفسير واللغة والقصائد النبوية وغير ذلك. وقد حاولت جمع شتاتها فبلغت اثنين وأربعين مؤلفا، ورتبتها ترتيبا موضوعيا ثم

وأما الباب الثاني من قسم الدراسة:

رتبت كل موضوع ترتيبا هجائيا، مبينا إن كانت مطبوعة أو مخطوطة وأماكن وجودها قدر المستطاع. - وختم الباب الأول المتعلق بحياة السخاوي بذكر أبرز أعماله، ثم وفاته ... رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجمعنا وإياه وجميع المسلمين في دار كرامته. وأما الباب الثاني من قسم الدراسة: فقد تعرضت فيه لدراسة الكتاب، وشمل ذلك تحقيق عنوانه وصحة نسبته إلى مؤلفه، ثم وصف نسخه الخطية. وقلت إن معظم الذين ذكروا هذا الكتاب سموه «جمال القراء وكمال الإقراء» وبينت أن العلماء لم يختلفوا في نسبته إلى مؤلفه علم الدين السخاوي. - وتكلمت في هذا الباب عن مصادر السخاوي، وتبين لي أنه- رحمه الله- قد اعتمد على مصادر عدة، استقى منها مادته العلمية، بالاضافة إلى ثقافته التي تلقاها مشافهة عن شيوخه، مما كان له أثره البارز في مصنفاته وبخاصة «جمال القراء .. ». وقد صنفت تلك المصادر- حسب موضوعاتها- إلى سبعة أصناف، هي التفسير، والقراءات، والناسخ والمنسوخ، والحديث، والعدد وكتاب المصاحف، والفقه، ثم النحو وغريب الحديث. هذا بالإضافة إلى النقولات التي كان ينقلها عن بعض العلماء دون أن يذكر أسماء مؤلفاتهم التي أفاد منها .. - وتكلمت في هذا الباب كذلك عن منهج السخاوي في تصنيف كتابه، وما اشتمل عليه من علوم تتعلق بالقرآن الكريم. وقلت إنه قسمه إلى سبعة علوم رئيسة، كل علم يكاد يكون موضوعا مستقلا بذاته، وهذه العلوم: 1 - نثر الدرر في ذكر الآيات والسور. 2 - الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز. 3 - منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم. 4 - تجزئة القرآن. 5 - أقوى العدد في معرفة العدد.

-"القسم الثاني" - التحقيق

6 - ذكر الشواذ. 7 - الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ. وقد استعرضت منهجه في كل علم من هذه العلوم، وبينت الطريقة التي سلكها في تصنيفه لها. - «القسم الثاني» - التحقيق وقد اشتمل على تحقيق النص وتوثيقه، والمقارنة بين النسخ، وعزو الآيات القرآنية وتخريج الأحاديث النبوية والآثار الواردة في ذلك وتخريج الأبيات الشعرية، وشرح غريب بعض الألفاظ، والتعريف ببعض الأماكن والبلدان والترجمة للأعلام، واتمام بعض الآيات القرآنية التي أورد المصنف جزءا منها، ومناقشة بعض القضايا العلمية والتنبيه على بعض المسائل العلمية التي أغفل المصنف التنبيه عليها. ورجعت في توثيقي للمسائل العلمية التي اشتمل عليها الكتاب إلى المصادر المعنية بذلك. - واتضح لي أن كتاب «جمال القراء .. » من أنفس الكتب في موضوعه. - وتبين لي أن الإمام السخاوي كان يجل العلماء ويقدر جهودهم ويثني عليهم وبخاصة مشايخه الذين تلقى عنهم وإلى جانب هذا فقد كان ينكر على بعض العلماء أقوالهم الخارجة عن الصواب، وبخاصة فيما يتعلق بالناسخ والمنسوخ إذ أن موضوع النسخ موضوع خطير. - وقد جعل بعض العلماء آية السيف سيفا صارما نسخت أكثر من مائة آية تتعلق بالأمر بالصبر والإعراض عن المشركين والصفح عنهم، وغير ذلك مما يدخل تحت هذا المعنى، وقد تولى السخاوي- رحمه الله- الرد على كل ذلك. وقد أيدته في رأيه، ودعمت كل ذلك بأقوال العلماء.

هذا وقبل أن أختم كلمتي هذه أتوجه إلى الله عزّ وجلّ بخالص الشكر وجزيل الثناء إذ وفقني وأعانني على اتمام بحثي هذا. وما توفيقي إلّا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. وصلّ اللهم على نبينا وحبيبنا (محمد) صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

§1/1