تهذيب الآثار مسند عمر

الطبري، أبو جعفر

مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه

§ذِكْرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِيمَا مَضَى

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ الطَّبَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا يَذْكُرَانِ خَيْرًا، يَزْعُمَانِ أَنَّكَ أَعْطَيْتَهُمَا دِينَارَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§وَلَكِنَّ فُلَانًا مَا هُوَ كَذَلِكَ - أَوْ مَا يَقُولُ ذَاكَ - لَقَدْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ عَشَرَةٍ إِلَى مِائَةٍ فَمَا يَقُولُ ذَاكَ، وَإِنَّ أَحَدَهُمْ يَخْرُجُ بِمَسْأَلَتِهِ مِنْ عِنْدِي مُتَأَبِّطَهَا» يَعْنِي نَارًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ؟ قَالَ: «يَأْبَوْنَ إِلَّا ذَاكَ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِيَ الْبُخْلَ»

2 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَأَيْتُ فُلَانًا يُحْسِنُ الثَّنَاءَ، قَالَ: «§إِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُهُ دِينَارَيْنِ، وَلَكِنَّ فُلَانًا أَعْطَيْتُهُ مَا بَيْنَ الدِّينَارَيْنِ إِلَى الثَّمَانِيَةِ، فَمَا أَثْنَى وَلَا قَالَ خَيْرًا» ، قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ؟ قَالَ: «يَسْأَلُونِي، يُرِيدُونَ لِيَ الْبُخْلَ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي إِلَّا السَّخَاءَ»

ذكر علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا سبب يضعفه، ولا علة توهنه؛ لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته، وقد يجب أن يكون سقيما غير صحيح؛ لعلل: إحداها: أن هذا الحديث قد حدث به جماعة من الثقات من أصحاب أبي بكر بن عياش،

§ذِكْرُ عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَلَا عِلَّةَ تُوَهِّنُهُ؛ لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِعِلَلٍ: إِحْدَاهَا: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ حَدَّثَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ مِنْ أَصْحَابِ

أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلُوا هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُدْخِلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ، وَأُخْرَى: أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلَ الْخَبَرَ عَنْهُ عَنْ غَيْرِ أَبِي صَالِحٍ، وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَجَعَلُوا الْخَبَرَ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُدْخِلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا، وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي بكر بن عياش فلم يدخل بين أبي سعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمر

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ فَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ وَرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ

حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يوسُفَ بْنِ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ إِنَّ §أَحَدَكُمْ لَيَخْرُجُ بِمَسْأَلَتِهِ مِنْ عِنْدِي مُتَأَبِّطَهَا، وَمَا هِيَ لَهُ إِلَّا نَارٌ» ، فَقَالَ عُمَرُ: فَلِمَ تُعْطِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهِيَ نَارٌ؟ قَالَ: «مَا أَصْنَعُ؟ يَسْأَلُونِي وَأَنَا كَارِهٌ فَأُعْطِيهِمْ، يَأْبَى اللَّهُ لِيَ الْبُخْلَ» ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ فُلَانًا يُثْنِي خَيْرًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

ذكر من حدث بهذا الحديث عن الأعمش، فجعله عن غير أبي صالح

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْأَعْمَشِ، فَجَعَلَهُ عَنْ غَيْرِ أَبِي صَالِحٍ

3 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَتَى رَجُلَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمَا دِينَارَيْنِ، فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَا عُمَرَ، فَأَثْنَيَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§وَلَكِنَّ فُلَانًا أَعْطَيْتُهُ مَا بَيْنَ عَشَرَةٍ إِلَى مِائَةٍ فَلَمْ يُثْنِ بِذَلِكَ» قَالَ: يَعْنِي أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِي مُتَأَبِّطًا مَسْأَلَتَهُ وَهِيَ نَارٌ» ، فَقَالَ عُمَرُ: فَلِمَ تُعْطِينَاهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهِيَ نَارٌ؟ قَالَ: «إِنَّكُمْ تَسْأَلُونِي، وَإِنَّ اللَّهَ يَأْبَى لِيَ الْبُخْلَ»

ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي سعيد غير من ذكرت، فلم يدخل بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْتُ، فَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا

4 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ ذَهَبًا، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي، فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ قَالَ: زِدْنِي. فَزَادَهُ مِرَارًا. قَالَ: ثُمَّ وَلَّى مُدْبِرًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §الرَّجُلَ لَيَأْتِينِي فَيَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ، ثُمَّ يَسْأَلُنِي، فَأُعْطِيهِ، يَقُولُهَا ثَلَاثَ -[7]- مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُوَلِّي مُدْبِرًا وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِهِ نَارًا، وَوَضَعَ فِي ثَوْبِهِ نَارًا، وَانْقَلَبَ إِلَى أَهْلِهِ بِنَارٍ»

5 - حَدَّثَنِي أَبُو عَمِيرَةَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَالَ: «§مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ»

6 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ لَهُمْ طَعَامًا، قَالَ: فَجِئْتُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: «§مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَا رُزِقَ الْعَبْدُ رِزْقًا أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ كَرَاهَتِهِ مَسْأَلَةَ النَّاسِ أَمْوَالَهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذْكُرُ مَا صَحَّ مِنْهَا عِنْدَنَا سَنَدُهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

ذكر ذلك

§ذِكْرُ ذَلِكَ

7 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ هِلَالٍ أَخِي بَنِي مُرَّةَ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: أَعْوَزْنَا إِعْوَازًا شَدِيدًا، فَأَمَرَنِي أَهْلِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ شَيْئًا فَأَقْبَلْتُ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ، وَمَنِ اسْتَعْفَفَ أَعَفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ سَأَلَنَا لَمْ نَدَّخِرْ عَنْهُ شَيْئًا وَجَدْنَا» ، أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَأَسْتَغْنِيَنَّ فَيُغْنِيَنِي اللَّهُ، وَلَأَتَعَفَّفَنَّ فَيُعِفَّنِي اللَّهُ، فَلَمْ أَسْأَلْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا

8 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ حِصْنٍ أَحَدِ بَنِي مُرَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَعْوَزْنَا مَرَّةً، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: لَوْ أَتَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «§مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ سَأَلَنَا لَا نَبْخَلُ عَلَيْهِ بِمَا نَجِدُ، أَوْ لَا نَبْخَلُ عَلَيْهِ شَيْئًا نَجِدُهُ» ، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: أَلَا أَسْتَعْفِفُ فَيُعِفَّنِي اللَّهُ أَوَ لَا أَسْتَغْنِي فَيُغْنِيَنِي اللَّهُ قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَسَالَتْ عَلَيْنَا الدُّنْيَا، وَغَرِقْنَا إِلَّا مَا عَصَمَ اللَّهُ "

9 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ هِلَالِ بْنِ حِصْنٍ، قَالَ: نَزَلْتُ دَارَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -[11]-، فَضَمَّنِي وَإِيَّاهُ الْمَجْلِسُ، قَالَ: فَحَدَّثَ أَنَّهُ أَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا مِنَ الْجُوعِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَوْ أُمُّهُ: إِيتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلْهُ؛ فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، قَالَ: قُلْتُ: حَتَّى أَلْتَمِسَ شَيْئًا، قَالَ: فَالْتَمَسْتُ شَيْئًا، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «§مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ سَأَلَنَا إِمَّا أَنْ نَبْذُلَ لَهُ أَوْ نُوَاسِيَهُ - أَبُو جَمْرَةَ الشَّاكُّ - وَمَنْ يَسْتَعِفَّ عَنَّا أَوْ يَسْتَغْنِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّنْ يَسْأَلُنَا» ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَمَا سَأَلْتُهُ شَيْئًا، فَمَا زَالَ اللَّهُ يَرْزُقُنَا حَتَّى مَا أَعْلَمُ أَحَدًا فِي الْأَنْصَارِ أَهْلَ بَيْتٍ أَكْثَرَ أَمْوَالًا مِنَّا

10 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ، وَمَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ، وَمَنْ سَأَلَنَا شَيْئًا فَوَجَدْنَا أَعْطَيْنَاهُ»

11 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تَسْتَدَّ -[12]- فَاقَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ أَوْشَكَ اللَّهُ لَهُ بِالْغِنَى، إِمَّا غِنًى عَاجِلًا، وَإِمَّا أَجَلًا عَاجِلًا» ، -[13]- 12 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ 13 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

14 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»

15 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَا جَمِيعًا: أَنْبَأَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي -[15]- الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنَ الشَّامِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَتَيْتُمُ الشَّامَ تَسْأَلُونِي، أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»

16 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §هَذِهِ الْمَسَائِلَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ سُلْطَانًا، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ»

17 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْمَسَائِلُ كدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ رَجُلٌ ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ يَسْأَلَ فِي شَيْءٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا»

18 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §هَذِهِ الْمَسَائِلَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ» ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَسْأَلَةُ الرَّجُلِ شَيْنٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي وَجْهِهِ خُدُوشٌ، أَوْ كُدُوحٌ»

19 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §الْمَسَائِلَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، مَنْ شَاءَ كَدَحَ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ رَجُلٌ ذَا سُلْطَانٍ فِي شَيْءٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا» فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحَجَّاجَ فَقَالَ: إِنِّي ذُو سُلْطَانٍ فَسَلْنِي

20 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ عُقْبَةَ: قُلْتُ لِلْحَجَّاجِ: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنِيهِ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هَلُمَّ، قَالَ: «§الْمَسَائِلُ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ وَخُدُوشٌ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ يَنْزِلَ بِهِ أَمْرٌ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا فَيَسْأَلَ فِيهِ» فَقَالَ الْحَجَّاجُ: سَلْنِي، قَالَ: قُلْتُ: وُلِدَ لِي غُلَامٌ، قَالَ: فَأَلْحَقَهُ فِي الْعَطَاءِ

21 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ سَأَلَ النَّاسَ فِي غَيْرِ فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِهِ، أَوْ عِيَالٍ لَا يُطِيقُهُمْ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِوَجْهٍ لَيْسَ عَلَيْهِ لَحْمٌ»

22 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ فَتْحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِهِ، أَوْ عِيَالٍ لَا يُطِيقُهُمْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَاقَةٍ مِنْ حَيْثِ لَا يَحْتَسِبُ»

23 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُجَمِّعٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ؛ لِأَنَّ الْعِفَّةَ خَيْرٌ»

24 - حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَاصُّ، فِلَسْطِينَ، أَوْ: قَاضِي فِلَسْطِينَ - شَكَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَوَّارٌ - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَفْتَحُ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ»

25 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ، إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ، لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ، فَيَأْتِيَ الْجَبَلَ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهُ، فَيَأْكُلَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ مُعْطًى أَوْ مَمْنُوعًا»

26 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ فَتَحَ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَ فَقْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ فَتَحَ بَابَ عَطِيَّةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»

27 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْهِلَالِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ -[21]- ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشُوصِ السِّوَاكِ»

28 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ، قَالَ: فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ §لَا يَسْأَلُ عَبْدٌ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ إِلَّا سَأَلَ إِلْحَافًا»

29 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ -[22]- أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَسْأَلُ رَجُلٌ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا إِلَّا سَأَلَ إِلْحَافًا»

30 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ جَمِيعًا عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ بِهِ مَالَهَ فَإِنَّهُ خُمُوشٌ فِي وَجْهِهِ، وَرَضْفٌ مِنْ جَهَنَّمَ يَأْكُلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

31 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حَبَشِيُّ بْنُ جُنَادَةَ السَّلُولِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الْجَمْرَ»

32 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ خُمُوشًا أَوْ كُدُوحًا، أَوْ شَيْنًا فِي وَجْهِهِ» ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: «خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ حِسَابُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ» قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُ زُبَيْدًا يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ نَحْوَهُ

33 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُدُوشٌ، أَوْ كُدُوحٌ، أَوْ خُمُوشٌ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: «خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ»

34 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ دِمَشْقَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ: مَا أَقْدَمَكَ؟ لَعَلَّكَ أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا؟ قَالَ: وَأَنَا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا -[25]- بَعْدَ الَّذِي حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَنْ يَسْأَلِ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا ظَهْرُ الْغِنَى؟ قَالَ: «أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِهِ مَا يُغَدِّيهِمْ أَوْ يُعَشِّيهِمْ» . قَالَ أَبُو كَبْشَةَ: لَا أَسْأَلُ بَعْدَ هَذَا أَحَدًا

35 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ شَيْنٌ فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ خُمُوشٌ»

36 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§يَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى» ، قُلْتُ: وَمِنْكَ؟ قَالَ: «وَمِنِّي» ، فَقُلْتُ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَا تَكُونُ يَدِي تَحْتَ يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ بَعْدَكَ أَبَدًا، «وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ» فَلَمْ يَأْخُذْ حَكِيمٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ شَيْئًا

37 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَلْيَبْدَأْ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ»

38 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَالِ، فَأَلْحَفْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «§مَا أَنْكَرَ مَسْأَلَتَكَ يَا حَكِيمُ، إِنَّمَا هَذَا الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعَ ذَلِكَ أَوْسَاخُ أَيْدِي النَّاسِ، وَإِنَّ يَدَ اللَّهِ فَوْقَ يَدِ الْمُعْطِي، وَيَدُ الْمُعْطِي فَوْقَ يَدِ الْمُعْطَى، وَيَدُ الْمُعْطَى أَسْفَلُ الْأَيْدِي»

39 - حَدَّثَنَا الْغَلَّابِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً، فَقَالَ: أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَمَدَدْنَا أَيْدِيَنَا، فَبَايَعْنَاهُ، قُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَلَى مَا بَايَعْنَاكَ؟ قَالَ: «§عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ» ، وَذَكَرَ كَلِمَةً خَفِيَّةً: «لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا» . قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفْرِ يَسْقُطُ سَوْطُهُ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ

40 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ يَتَقَبَّلْ لِي بِوَاحِدَةٍ أَتَقَبَّلْ لَهُ الْجَنَّةَ» ، قَالَ: قَالَ ثَوْبَانُ: أَنَا، قَالَ: «لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا» . قَالَ: فَإِنْ كَانَ سَوْطُهُ يَقَعُ، فَمَا يَقُولُ لِأَحَدٍ نَاوِلْنِيهِ، حَتَّى يَنْزِلَ فَيَأْخُذَهُ، 41 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ السِّمْسَارُ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَكَفَّلْ لِي بِوَاحِدَةٍ تَكَفَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ» ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ 42 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَتَقَبَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ، وَأَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ» ؟ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

43 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ ح وَحَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ يَضْمَنُ لِي خَلَّةً، وَأَضْمَنُ لَهُ الْجَنَّةَ» ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا» . قَالَ: فَإِنْ كَانَ سَوْطُ ثَوْبَانَ لَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ، فَيَذْهَبُ الرَّجُلُ يُنَاوِلُهُ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُنِيخَ بَعِيرَهُ، ثُمَّ يَنْزِلَ فَيَأْخُذَهُ

44 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا، وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ» ؟ قَالَ ثَوْبَانُ: أَنَا، قَالَ: فَكَانَ ثَوْبَانُ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا، -[31]- 45 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ، وَقَالَ: كَانَ ثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي» ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

46 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ الْغُبَرِيِّ، عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ، مَا مَشَى أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ يَسْأَلُهُ شَيْئًا»

47 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَلِيفَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْغُبَرِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطْعِمْنِي شَيْئًا فَإِنِّي جَائِعٌ. فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ أَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «§لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مَا أَعْلَمُ، لَمْ يَسْأَلْ رَجُلٌ وَعِنْدَهُ مَا يُبَيِّتُهُ لَيْلَةً» ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِطَعَامٍ

48 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا هُوَ جَمْرٌ، فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ»

49 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ ابْنُ خَلَفٍ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ، كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنِ ابْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: «§أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا»

50 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرِ التِّنِّيسِيُّ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ -[34]-، وَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، فَخَلَّفُونِي فِي رِحَالِهِمْ، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى حَوَائِجَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ» ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غُلَامٌ مِنَّا خَلَّفْنَاهُ فِي رِحَالِنَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَبْعَثُونِي إِلَيْهِ، فَأَتَوْنِي، فَقَالُوا: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «§مَا أَغْنَاكَ اللَّهُ فَلَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا، فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا الْمُنْطِيَةُ، وَإِنَّ الْيَدَ السُّفْلَى هِيَ الْمُنْطَاةُ، وَإِنَّ مَالَ اللَّهِ لَمَسْئُولٌ ومُنْطًى» ، قَالَ: يُكَلِّمُنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُغَتِنَا "

51 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ قَدِمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيمَا ذَكَرُوا لَهُ أَنْ سَأَلُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ: «§هَلْ قَدِمَ مَعَكُمْ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ» ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مَعَنَا فَتًى مِنَّا خَلَّفْنَاهُ فِي رِحَالِنَا، فَأَرْسَلُوا إِلَيَّ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُمْ عِنْدَهُ اسْتَقْبَلَنِي فَقَالَ: «إِنَّ الْيَدَ الْمُنْطِيَةَ هِيَ الْعُلْيَا، وَإِنَّ السَّائِلَةَ هِيَ السُّفْلَى، فَمَا اسْتَغْنَيْتَ فَلَا تَسْأَلْ، فَإِنَّ مَالَ اللَّهِ لَمَسْئُولٌ ومُعْطًى»

52 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ أَنَّهُ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: " §نُؤَدِّيهَا وَنُخْرِجُهَا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ حُرِّمَتْ إِلَّا عَلَى ثَلَاثٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ؛ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ؛ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا - أَوْ سِدَادًا - مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ حَتَّى تَكَلَّمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ أَنْ قَدْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ؛ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا - أَوْ سِدَادًا - مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ سُحْتٌ "، -[36]- 53 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنِّي تَحَمَّلْتُ بِحَمَالَةٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «نُؤَدِّيَهَا وَنُخْرِجُهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ» . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: «وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ أَوْ فَاقَةٌ حَتَّى يَتَكَلَّمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، يَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ» . وَقَالَ أَيْضًا: «فَمَا سِوَى ذَلِكَ سُحْتٌ» . وَسَائِرُ الْحَدِيثِ نَحْوُهُ

54 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: حَمَلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: «§أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَإِمَّا أَنْ نَتَحَمَّلَهَا عَنْكَ، وَإِمَّا أَنْ نُعِينَكَ فِيهَا» ، وَقَالَ: " إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً بَيْنَ قَوْمٍ؛ فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ؛ فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ: سِدَادًا مِنْ عَيْشِ، ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى شَهِدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ أَنْ قَدْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، وَأَنْ قَدْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ؛ فَيَسْأَلُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - ثُمَّ يُمْسِكَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ سُحْتٌ يَا قَبِيصَةُ، يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا "، -[37]- 55 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ فِي حَمَالَةٍ، فَقَالَ: «أَقِمْ عِنْدَنَا، فَإِمَّا أَنْ نَتَحَمَّلَهَا عَنْكَ، وَإِمَّا أَنْ نُعِينَكَ فِيهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ» . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

56 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَأَنْ يَغْتَدِيَ أَحَدُكُمْ فَيَأْتِيَ بِحَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهُ، فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنِ النَّاسِ ويَتَعَفَّفَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا يَسْأَلُهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»

57 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ السُّكَّرِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ §لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهُ فَيَسْتَغْنِيَ مِنْهُ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ فَيَمْنَعَهُ ذَلِكَ، إِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» ، -[38]- 58 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «فَيَمْنَعَهُ أَوْ يُؤْتِيَهُ ذَلِكَ، إِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا» . وَسَائِرُ الْحَدِيثِ مِثْلُ حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، 59 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 60 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»

61 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَأَنْ يَحْتَطِبَ الرَّجُلُ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهُ فَيَأْكُلَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ»

62 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَأَنْ يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ فَيَحْمِلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ» -[40]- 63 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةَ حَطَبٍ» ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

64 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» ، 65 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ -[41]- 66 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ 67 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 68 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

69 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ مَعْقِلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً، وَقَصَّرَ بِهِ أُخْرَى، قَالَ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»

70 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ الْكَلَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»

71 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ -[43]- قَالَ: " §الْأَيْدِي ثَلَاثُ أَيْدٍ: يَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَاسْتَعْفِفْ عَنِ السُّؤَالِ مَا اسْتَطَعْتَ "

72 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُتَعَفِّفَةُ، وَالْيَدُ السُّفْلَى السَّائِلَةُ» ، -[44]- 73 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

74 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " §الْأَيْدِي ثَلَاثٌ: يَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِي الْوُسْطَى، وَيَدُ الْمُعْطَى السُّفْلَى «، وَإِنِّي أَرَى أَنَّهَا صَارَتِ السُّفْلَى لِمَسْأَلَتِهَا»

75 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جُبَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»

76 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " §كُنَّا نَقُولُ: إِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْمُتَعَفِّفَةُ "

77 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «§كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا يَدُ الْمُتَعَفِّفِ»

78 - حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ آدَمَ §إِنَّكَ إِنْ تَبْذُلِ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَإِنَّ تُمْسِكْهُ شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»

79 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»

80 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ المُخْتَارِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى»

81 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْيَرْبُوعِيِّ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» ، -[48]- 82 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، بِنَحْوِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا»

83 - حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا، فَقَالَ: «§لَا أَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ أُعْطِيكَهُ» . قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَوَضَعَ فِي يَدِهِ شَيْئًا، فَقَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ: " وَعِزَّةِ رَبِّي، إِنَّهَا لَثَلَاثُ أَيْدٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ: الْمُعْطِي يَضَعُهَا فِي يَدِ اللَّهِ، وَيَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا، وَيَدُ الْآخِذِ أَسْفَلَ ذَلِكَ. قَالَ -[49]- رَبِّي: بِعِزَّتِي، عَبْدِي، لَأَنْفُسَنَّكَ بِمَا رَحِمْتَ عَبْدِي، وبِعِزَّتِي، عَبْدِي، لَأَجْزِيَنَّكَ بِمَا رَحِمْتَ عَبْدِي، وبِعِزَّتِي، عَبْدِي، لَأُخْلِفَنَّ بِهَا عَلَيْكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِي "

84 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ صَفْوَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»

ذكر ما في هذه الأخبار من الفقه فمما في ذلك منه: تحريم النبي صلى الله عليه وسلم المسألة، ثم اختلف أهل العلم في المسألة التي حرمها صلى الله عليه وسلم، وفي صفة السائل الذي حرم ذلك عليه. فقال بعضهم: المسألة التي حرمها صلى الله عليه وسلم على من حرمها

§ذِكْرُ مَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْفِقْهِ فَمِمَّا فِي ذَلِكَ مِنْهُ: تَحْرِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حَرَّمَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي صِفَةِ السَّائِلِ الَّذِي حُرِّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَسْأَلَةُ الَّتِي حَرَّمَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ، هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي يَسْأَلُهَا السَّائِلُ عَنْ غِنًى مِنْهُ عَنْهَا، بِوُجُودِهِ مَا فِيهِ لَهُ الْكِفَايَةُ لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، مِنْ غِذَاءٍ مِنْ مَطْعَمٍ وَمَشْرَبٍ، وَمَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ، مُنْمِيًا بِذَلِكَ مَالَهُ، طَالِبًا بِهِ تَكْثِيرَهُ، ثُمَّ حَدَّ فِي مَبْلَغِ قَدْرِ ذَلِكَ مِقْدَارًا بِوَزْنٍ وَكَيْلٍ وَقِيمَةٍ. وَأَنْكَرَ آخَرُونَ مِنْهُمْ تَحْدِيدَ ذَلِكَ بِمِقْدَارٍ مِنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْقِيمَةِ، إِلَّا بِالْبَيَانِ عَنْهُ فِي تَحْدِيدِهِ بِالْكِفَايَةِ وَالْغِنَى، وَالْمَعْرُوفِ مَعْنَاهُ عِنْدَ عَوَامِّ النَّاسِ. وَأَنْكَرَ آخَرُونَ مِنْهُمْ تَحْدِيدَ ذَلِكَ، إِلَّا بِوُجُودِ الْمَرْءِ قُوتَ يَوْمِهِ لِغَدَائِهِ وَعَشَائِهِ. وَأَنْكَرَهُ آخَرُونَ إِلَّا بِوُجُودِ قُوتِ سَاعَتِهِ. وَأَنْكَرَ آخَرُونَ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ الْحَالَّةِ بِهِ، وَأَحَلُّوا ذَلِكَ مَحَلَّ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ

وَأَنْكَرَ آخَرُونَ الْمَسْأَلَةَ بِكُلِّ حَالٍ، وَقَالُوا: الْأَخْبَارُ الَّتِي وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِهَا عَامٌّ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا

ذكر من قال بتحريم النبي صلى الله عليه وسلم المسألة في حديث عمر، وقوله: " إن أحدهم ليخرج بمسألته من عندي متأبطا بها نارا "، إنما هي المسألة التي يسألها السائل من يسأل؛ تكثيرا بها ماله، وهو عنها غني، ولم يحد في الغنى حدا غير الغنى المعروف في العوام

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ، وَقَوْلِهِ: «إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَخْرُجُ بِمَسْأَلَتِهِ مِنْ عِنْدِي مُتَأَبِّطًا بِهَا نَارًا» ، إِنَّمَا هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي يَسْأَلُهَا السَّائِلُ مَنْ يَسْأَلُ؛ تَكْثِيرًا بِهَا مَالَهُ، وَهُوَ عَنْهَا غَنِيٌّ، وَلَمْ يَحُدَّ فِي الْغِنَى حَدًّا غَيْرَ الْغِنَى الْمَعْرُوفِ فِي الْعَوَامِّ

85 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «§مَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ بِهِ فَإِنَّهُ رَضْفُ جَهَنَّمَ يَتَلَقَّمُهُ، فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ، وَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ» ، 86 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُمَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ بَزِيعٍ، قَالَ فِي حَدِيثِهِ: لِيُثْرِيَ مَالَهُ

87 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «§مَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ مَالَهُ، فَهُوَ فِي رَضْفٍ مِنْ جَهَنَّمَ يَتَلَقَّمُهُ، فَمَنْ شَاءَ فَلُيَقِلَّ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ» ، -[52]- 88 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ

89 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الرَّبَذَةِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - أَوْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ: أَتَى رَجُلٌ أَبَا ذَرٍّ يَسْأَلُهُ، فَأَعْطَاهُ شَيْئًا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ غَنِيٌّ. قَالَ: " §وَمَا أَحْفِلُ أَنْ يَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْمِشُ وَجْهَهُ

90 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا، قَالَ: «§مَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ كَدْحٌ فِي وَجْهِهِ» -[53]- وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَوَامُّ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَاعْتَلُّوا لِإِنْكَارِهِمْ تَحْدِيدَ قَدْرِ الْغِنَى بِحَدٍّ مِنَ الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ بِأَنْ قَالُوا: أَحْوَالُ النَّاسِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ مُتَفَاوِتَةٌ، وأَسْبَابُهُمْ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ، فَمِنْهُمْ ذُو الْعِيَالِ وَالْمُؤَنِ الْكَثِيرَةِ الَّذِي لَا يُغْنِيهِ إِلَّا الْعَظِيمُ مِنَ الْمَالِ؛ لِاسْتِغْرَاقِ نَفَقَتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ الْيَسِيرَ مِنَ الْمَالِ فِي الْيَسِيرِ مِنَ الْمُدَّةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْمَؤُونَةِ الْخَفِيفَةِ، وَالْخَلِيُّ مِنَ الْعِيَالِ الَّذِي يُغْنِيهِ الْيَسِيرُ مِنَ الْمَالِ، وَيُخْرِجُهُ الْقَلِيلُ مِنْهُ مِنَ الْفَاقَةِ وَالْفَقْرِ، إِلَى الْغِنَى وَحُسْنِ الْحَالِ. قَالُوا: فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ تَحْدِيدُ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُخْرِجُ الْمَرْءَ مِنْ حَالِ الْفَاقَةِ وَالْفَقْرِ إِلَى الْغِنَى وَالْيُسْرِ بِحَدٍّ مِنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، مَعَ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا؛ فَيَكُونُ بِتَحْدِيدِهِ ذَلِكَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْفَقِيرِ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِنْ كَانَ قَدْرُ الَّذِي حَدَّ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ فَقْرِهِ، وَأَجَازَ لِلْغَنِيِّ إِنْ كَانَ مَا دُونَ ذَلِكَ يُخْرِجُهُ مِنَ الْفَاقَةِ وَالْفَقْرِ وَهُوَ لِقَدْرِ ذَلِكَ مَالِكٌ أَخْذَ مَا قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَخْذَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وأَبَاحَ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ مَا قَدْ حَظَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَهُمْ إِيَّاهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالُوا: وَلَا بَيَانَ فِي ذَلِكَ أَبْيَنُ مِمَّا بَيَّنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ فِي تَنْزِيلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] الْآيَةَ. قَالُوا: فَالْمَسْأَلَةُ حَلَالٌ لِلْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ مَا دَامَ الْفَقِيرُ فَقِيرًا الْفَقْرَ الْمُتَعَارَفِ فِي النَّاسِ، وَالْمِسْكِينُ مِسْكِينًا الْمَسْكَنَةَ الْمَعْلُومَةَ فِيهِمْ. قَالُوا: وَإِنَّمَا لَمْ يَحُدَّ تَعَالَى ذِكْرُهُ الْغِنَى بِحَدٍّ فِي تَنْزِيلِهِ مِنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ؛ لِعِلْمِهِ بِالسَّبَبِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ تَفَاوُتِ أَحْوَالِ خَلْقِهِ فِي ذَلِكَ -[54]-. قَالُوا: وَتَرْكُ تَحْدِيدِهِ ذَلِكَ لِلَسَّبَبِ الَّذِي وَصَفْنَا نَظِيرُ تَرْكِهِ تَحْدِيدَ مُتْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ، إِذْ قَالَ: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 236] ، بِحَدٍّ لَا يَتَجَاوَزُهُ وَلَا يُقَصِّرُ عَنْهُ؛ لِعِلْمِهِ بِتَفَاوُتِ أَحْوَالِ خَلْقِهِ فِي ذَلِكَ، ونَظِيرُ تَرْكِهِ تَحْدِيدَ نَفَقَاتِ النِّسَاءِ بِحَدٍّ إِذْ قَالَ: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] ، إِذْ كَانَ مَا يَكْفِيهِنَّ مِنْ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةً أُمُورُهُنَّ فِيهِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُمَلُّ إِحْصَاؤُهَا، وَيُتْعِبُ تَعْدَادُهَا. ذِكْرُ مَنْ قَالَ مِثْلَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي صِفَةِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حَظَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَى عَنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُمْ فَارَقُوهُمْ فِي تَحْدِيدِ قَدْرِ الْمَالِ الَّذِي إِذَا كَانَ عِنْدَ السَّائِلِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ. فَحَدَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَوْزَانُهَا سَبْعَةٌ، وَبِقَدْرِ قِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ غَيْرِهَا

91 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ عِدْلُهَا مِنَ الذَّهَبِ»

92 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: لَا يَأْخُذُ مِنَ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا. وَاعْتَلَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِمْ هَذَا بِالْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " §مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ، قِيلَ: وَمَا يُغْنِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ " وَقَالُوا: لَيْسَ لِمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا التَّسْلِيمُ لَهُ، قَالُوا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِدْخَالُ النَّظَرِ وَالْبَحْثِ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ الِاعْتِرَاضُ فِيهِ. وَحَدَّ آخَرُونَ مِنْهُمْ قَدْرَ مَبْلَغِ ذَلِكَ، مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكِهِ حَوْلٌ كَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا مَثَاقِيلَ وَقَالُوا: مَنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ النَّاسِ الصَّدَقَةَ مَا دَامَ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَخَذُهَا مِمَّنْ أَعْطَاهُمْ كَائِنًا مَنْ كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ، وَهَذَا قَوْلُ عُظْمِ مُتَفَقِّهَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ -[56]-. وَاعْتَلُّوا لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِأَنْ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ، قَالُوا: وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهِمْ حَوْلٌ كَامِلٌ، فَلَا شَكَّ فِي وجُوبِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ فِيهَا. قَالُوا: فَفِي ذَلِكَ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّهُ بِهَا غَنِيٌّ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، لَا فِي أَمْوَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَهُمْ، قَالُوا: فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قَدْرُ مَا ذَكَرْنَا حَرَامٌ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَمُبَاحٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ

ذكر من أنكر المسألة بكل حال

§ذِكْرُ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْأَلَةَ بِكُلِّ حَالٍ

93 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا، يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ §إِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ» ، 94 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِهِ

95 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، أَوِ ابْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ، قَالَ لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ §إِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ، وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يَسْأَلَ إِلَّا تَرَكَ كَسْبَهُ»

96 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: «يَا بَنِيَّ §إِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ»

97 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي بِشْرٍ: هَلْ تَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ: «§يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَمَانَةُ، وَتُنْزَعُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَتُرْسَلُ الْمَسْأَلَةُ، فَمَنْ سَأَلَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ» -[59]- وَذَهَبَ هَؤُلَاءِ فِيمَا أَنْكَرُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَى الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ ثَوْبَانَ وَغَيْرِهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي وَاحِدَةً أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ» ، وَقَوْلِهِ لِأَبِي ذَرٍّ: «لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا» ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ. وَقَالُوا: نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيٌ عَامٌّ عَنْ كُلِّ مَسْأَلَةٍ، فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ حَرَّمُوا الْمَسْأَلَةَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ وَقَالُوا: غِنَى الرَّجُلِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ دَهْرِهِ، وُجُودُهُ الْكِفَايَةَ، فَمَنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ فِي يَوْمٍ فَهُوَ غَنِيٌّ بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ مَسْأَلَةُ النَّاسِ، وَهَذَا قَوْلٌ مِنْ بَعْضِ أَقْوَالِ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ ادِّخَارُ شَيْءٍ لِغَدٍ، وَقَدْ مَضَى الْبَيَانُ عَمَّا يَلْزَمُهُمْ فِي ذَلِكَ -[60]-، وَأَمَّا الَّذِينَ حَرَّمُوا الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَشَاءُ لَيْلَتِهِ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى حَدِيثٍ

98 - حَدَّثَنِي بِهِ عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §مَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً عَنْ ظَهْرِ غِنًى اسْتَكْثَرَ بِهَا مِنْ رَضْفِ جَهَنَّمَ، قَالُوا: وَمَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ: عَشَاءُ لَيْلَةٍ " -[61]- وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَكْرُوهَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ إِلَّا الْمُضْطَرَّ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ بِتَرْكِهَا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ حَدَّ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْجُوعِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى مَا يُقِيمُ بِهِ رَمَقَهُ، وَيَرُدُّ عَنْ نَفْسِهِ الضَّرُورَةَ الْحَالَّةَ بِهِ إِلَّا بِالْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْضًا وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ إِتْلَافُ نَفْسِهِ، وَهُوَ يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى إِحْيَائِهَا بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ بِهَا إِحْيَاءَهَا بِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُبَاحَةٌ لِمَنْ كَانَ ذَا فَاقَةٍ وَفَقْرٍ، وَإِنْ كَرِهْنَاهَا لَهُ، وَقَدْ وَجَدَ عَنْهَا مَنْدُوحَةً بِمَا يُقِيمُ بِهِ رَمَقَهُ مِنْ عَيْشٍ وَإِنْ ضَاقَ، وَإِنَّمَا كَرِهْنَاهَا عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي وَصَفْنَا، لِمَنْ كَرِهْنَا لَهُ؛ لِتَتَابُعِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ قَوْلِهِ: «يَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى» ، وَقَوْلِهِ: «مَا فَتَحَ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ» ، وَقَوْلِهِ: «مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ وَأَتَكَفَّلُ لَهُ الْجَنَّةَ؟» ، فَلَمَّا قَالَ لَهُ ثَوْبَانُ: أَنَا , قَالَ: «لَا تَسْأَلْ أَحَدًا شَيْئًا» ، وَقَوْلِهِ: «مَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ» ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا الْوَارِدَةِ بِكَرَاهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ كَرَاهَةً عَامَّةً مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ ذَلِكَ فِي حَالٍ مِنْ دُونِ حَالٍ، وَقُلْنَا: هِيَ مَعَ ذَلِكَ مُبَاحَةٌ لِمَنْ كَانَ ذَا فَاقَةٍ وَفَقْرٍ؛ لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْهُ بِالْوَعِيدِ عَلَيْهَا أَوْ بِتَحْرِيمِهَا مَوْصُولَةً بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ» ، وَقَوْلُهُ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» -[62]- فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَوْ بِتَحْرِيمِهِ غَيْرُ مَوْصُولَةٍ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الشُّرُوطِ، لِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا لِتَحْرِيمِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الشُّرُوطِ أَخْبَارٌ مُجْمَلَةٌ تُبَيِّنُ مَعَانِيَهَا الْأَخْبَارُ الْمُفسَّرَةُ الْمَوْصُولَةُ بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْنَا. وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كُتُبِنَا أَنَّ الْمُفَسَّرَ مِنَ الْأَخْبَارِ غَيْرُ دَافِعٍ لِمُجْمَلٍ مِنْهَا، وَلَا الْمُجْمَلَ مِنْهَا دَافِعٌ حُكْمَ الْمُفَسَّرِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالْمَسْأَلَةُ تُكْرَهُ جَمِيعُهَا لِمَنْ وَجَدَ عَنْهَا مَنْدُوحَةً، وَلَا نُحَرِّمُهَا فَنُلْزِمُ السَّائِلَ الْمَأْثَمَ بِهَا، إِلَّا سَائِلًا سَأَلَ عَنْ غِنًى مُكْثِرًا بِهَا مَالَهُ، فَأَمَّا فِي غُرْمٍ لَحِقَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ وَفَاءٌ بِهِ، أَوْ فِي حَمَالَةٍ تَحَمَّلَهَا لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ لَهَا سَعَةٌ، أَوْ فِي فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِهِ وَحَاجَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى سَدِّهَا إِلَّا بِالْمَسْأَلَةِ؛ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهُ جَائِزَةٌ حَلَالٌ، وَإِنِ اخْتَرْنَا لَهُ الِاسْتِعْفَافَ وَالتَّجَمُّلَ وَالصَّبْرَ، وَالْفَزَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَشْفِ النَّازِلِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَخَافُ بِسَعَةِ الْإِفْضَالِ الْفَقْرَ، وَلَا تُنْقِصُ خَزَائِنَهُ كَثْرَةُ الْبَذْلِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَظَاهَرْتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَالَتْ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ

99 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ حِبَالِ بْنِ رُفَيْدَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ -[63]-: مَا حَاجَتُكَ؟ فَقُلْتُ: سَائِلٌ، فَقَالَ: §إِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ فِي دَمٍ مُوجِعٍ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ، فَقَدْ وَجَبَ حَقُّكَ، وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَكَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَائِلٌ فِي إِحْدَاهُنَّ، فَأَمَرَ لِي بِخَمْسِمِائَةٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَقْبَلَنِي بِمِثْلِ مَا اسْتَقْبَلَنِي، ثُمَّ أَمَرَ لِي بِمِثْلِ ذَلِكَ. ثُمَّ أَتَيْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَاسْتَقْبَلَتْنِي بِمِثْلِ مَا اسْتَقْبَلَانِي بِهِ، ثُمَّ أَعْطَتْنِي دُونَ مَا أَعْطَيَانِي "

100 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: عَصَى إِبْرَاهِيمُ، فَخَرَجَ غُرْمُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: " §إِنِّي أَخَافُ أَنْ أُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: قَدْ كَانَ لَكَ وَجْهٌ فِي النَّاسِ، أَفَلَا سَأَلْتَ فَأَدَّيْتَهَا؟ فَأَرْسَلَ إِلَى الْحَكَمِ وَنَاسٍ مَعَهُ، فَسَأَلُوهَا، فَأَدَّوْهَا «-[64]- وَأَمَّا صِفَةُ الْغِنَى الَّتِي تَحْرُمُ مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْغَنِيِّ، وَالْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الرَّجُلُ اسْمَ» غَنِيٍّ «، فَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا» كِتَابُ الزَّكَاةِ «مِنْ» لَطِيفُ الْقَوْلِ فِي شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ " مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ - أَعْنِي خَبَرَ عُمَرَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا الدِّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْأُمُورِ أُمُورًا لِلرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَذْلُ بَعْضِ مَالِهِ فِيمَا هُوَ حَرَامٌ عَلَى الْمَبْذُولِ لَهُ الْأَخْذُ، فَيَأْثَمُ الْآخِذُ بِالْأَخْذِ، وَلَا يَحْرَجُ بِإِعْطَائِهِ ذَلِكَ الْمُعْطِي، وَذَلِكَ كَالرَّجُلِ يُصَانِعُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فِي حَالِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ ظُلْمِ ظَالِمٍ لَا يُطِيقُ دَفْعَهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ، وَلَا بِأَعْوَانٍ يُعِينُونَهُ عَلَيْهِ، فَيَبْذُلُ لَهُ بَعْضَ مَالِهِ لِيَكُفَّ عَادِيَةَ شَرِّهِ، وَكَالرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى بَعْضِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا، وَذَلِكَ كَالرَّجُلِ ذِي الضِّيَاعِ وَالْمَزَارِعِ، لَا يَجِدُ لِزَرْعِهِ وَغَرْسِهِ رِيًّا مِنَ الْمَاءِ إِلَّا بِثَمَنٍ، فَيَبْذُلُ مِنْ مَالِهِ لِمَنْ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بَعْضَهُ؛ لِيُعْطِيَهُ مِنْ مَائِهِ مَا يَعِيشُ بِهِ زَرْعُهُ وَغَرْسُهُ، وَكَالرَّجُلِ ذِي الْمَاشِيَةِ بِحَيْثُ لَا مَاءَ لِرِيِّهَا إِلَّا مِنْ فَضْلِ بِئْرٍ احْتَفَرَهَا مُحْتَفِرٌ هُنَالِكَ، فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَضْلِهَا إِلَّا بِثَمَنٍ، وكَالْمُحْتَجِرِ بُقْعَةً مِنْ بِقَاعِ الْأَسْوَاقِ مِنْ ذِي سُلْطَانٍ، أَوْ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ، مِمَّا لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مَنَافِعُ، وَقَدِ احْتَازَهَا لِنَفْسِهِ لِغَيْرِ نَفْعٍ لَهُمْ وَلَا نَظَرٍ، فَيَبْذُلُ لَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِوُصُولِهِ إِلَى حَاجَتِهِ مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ - وَإِنْ كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمُعْطَى أَخْذُهُ - فَحَلَالٌ لِلْمُعْطِي إِعْطَاؤُهُ إِيَّاهُ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ - لَمَّا قَالَ لَهُ: «إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَخْرُجُ بِمَسْأَلَتِهِ مُتَأَبِّطَهَا، وَمَا هِيَ إِلَّا نَارٌ» . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَلِمَ تُعْطِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهِيَ نَارٌ؟ -: «إِنَّهُمْ يَسْأَلُونِي يُرِيدُونَ بِي الْبُخْلَ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي إِلَّا السَّخَاءَ» ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِلَهُ مَا سَأَلَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامٌ؛ كَرَاهَةَ أَنْ -[65]- يَتَخَلَّقَ بِغَيْرِ شِيمَتِهِ الَّتِي فَطَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْ سَجِيَّتِهِ مِنَ الْبُخْلِ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمُهُ بِمَكْرُوهِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَعْطَاهُ فِي مَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ، وَمَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَأْثَمِ فِي أَخْذِهِ مَا أَخَذَ مِنْهُ مِنْ إِعْطَائِهِ إِيَّاهُ مَا سَأَلَ، فَكَذَلِكَ كُلُّ أَمَرٍ اضْطُرَّ إِلَيْهِ مُضْطَرٌّ مِمَّا يَحِلُّ لَهُ، فَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ إِلَّا بِبَذْلِ مَا عَلَى الْآخِذِ فِيهِ الْمَكْرُوهُ وَالْإِثْمُ، فَلَا حَرَجَ عَلَى الْبَاذِلِ وَالْمُعْطِي فِيمَا بَذَلَ فِي ذَلِكَ وَأَعْطَى، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ السَّبِيلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِبَذْلِ مَا بَذَلَ وَإِعْطَائِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهِمْ

ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم

§ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ

101 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ قَالَ فِي الْحَجَّامِ: " §لَوْلَا أَنَّهُ يَمَصُّ لَمْ أَرَ بِكَسْبِهِ بَأْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدِ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجَرَهُ؟ فَقَالَ: رُبَّ شَيْءٍ يُكْرَهُ لِلْآخِذِ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُعْطِي، فَذَكَرَ الشَّاعِرَ - مَخَافَةَ الشَّاعِرِ عَلَى وَالِدَيْهِ أَنْ يَشْتُمَهُمَا فَيُعْطِيَهُ - أَنَّ ذَلِكَ عَطِيَّةٌ لَا تَصْلُحُ لِلشَّاعِرِ، وَرَشْوَةَ الْعَامِلِ الظَّالِمِ يَعْرِضُ لَكَ فَيَحْبِسُكَ، فَتَفْتَدِي مِنْهُ فَيَصْلُحُ لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ، قَالَ: وَعَسْبُ الْفَحْلِ، النَّاسُ لَا يُطْرِقُونَ الْيَوْمَ إِلَّا بِأَجْرٍ، لَيْسَ يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ " -[66]- وَفِيهِ أَيْضًا الدِّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ كَتَمَ مَعْرُوفًا أُسْدِيَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَشْكُرْ مُسْدِيَهُ، فَيُظْهِرَ شُكْرَهُ عَلَيْهِ وَيُذِيعَهُ فِي النَّاسِ، فَقَدْ بَخَسَهُ حَقًّا لَهُ عَلَيْهِ لَازِمًا، وَأَتَى مِنَ الْفِعْلِ مَذْمُوَمًا إِذَا لَمْ يُثِبْهُ مِنْ مَعْرُوفِهِ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُكَافِئْهُ عَلَيْهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ وَأَذَاعَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا أَوْلَاهُ مِنَ الْإِحْسَانِ - إِذَا لَمْ يُثِبْهُ مِنْ مَالِهِ لِعُدْمٍ وَفَقْرٍ - فَقَدْ فَعَلَ جَمِيلًا، وَأَتَى أَمْرًا حُمَيْدًا، وَقَضَى حَقًّا لِمُولِيهِ ذَلِكَ لَازِمًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرَ لَمَّا أَخْبَرَهُ عَنِ اللَّذَيْنِ أَثْنَيَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ أَوْلَاهُمَا مِنَ الْمَعْرُوفِ بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُمَا الدِّينَارَيْنِ: «وَلَكِنَّ فُلَانًا مَا يَقُولُ ذَلِكَ، وَقَدْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ عَشَرَةٍ إِلَى مِائَةٍ» ، ذَامًّا بِذَلِكَ مِنْ قِيلِهِ، تَارِكًا شُكْرَ مَا أَوْلَاهُ بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُ مَا أَعْطَى، وَحَامِدًا لَهُ فِعْلَ الْمُثْنِي الشَّاكِرِ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَطَاءِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْصُوصًا، وَقَالَتْهُ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ مُبَيَّنًا

ذكر الرواية عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وعن بعض من حضرنا ذكره من السلف في ذلك

§ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنَ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ

102 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ أُتِيَ لَهُ مَعْرُوفٌ فَوَجَدَ فَلْيُكَافِئْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ، فَإِنَّ مَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ»

103 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا فَلْيَجْزِ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ»

104 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيَجْزِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَجْزِي بِهِ فَلْيُثْنِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ»

105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَأَثْنُوا عَلَيْهِ حَتَّى تَعَلَمُوا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ، -[69]- 106 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَكُمْ مَا تُكَافِئُونَهُ بِهِ، فَادْعُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ»

107 - حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ أَهْدَى إِلَيْكُمْ فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ بِهِ، فَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ، 108 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

109 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ أَعْطَاكُمْ فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ، -[70]- 110 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ الْمَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ

111 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَافِئَهُ فَلْيَدْعُ اللَّهَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ كَافَأَهُ»

112 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ»

113 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا قَوْمًا قَطُّ أَبْذَلَ مِنْ كَثِيرٍ، وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً مِنْ قَلِيلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، لَقَدْ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَكَفَوْنَا الْمَئُونَةَ وَأَشْرَكُونَا فِي الْمُهَنَّى، لَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ، فَقَالَ: «§أَمَّا مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ وَدَعَوتُمْ لَهُمْ، فَلَا»

114 - حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ»

115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ» ، 116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

117 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَشْكَرُكُمْ لِلنَّاسِ أَشْكَرُكُمْ لِلَّهِ»

118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ لَا يَشْكُرِ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ» ، 119 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

120 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنِ الْأَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَشْكَرُ النَّاسِ لِلَّهِ أَشْكَرُهُمْ لِلنَّاسِ»

121 - حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنِ الْأَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مِنْ أَشْكَرِ النَّاسِ لِلَّهِ أَشْكَرُهُمْ لِلنَّاسِ»

122 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: «كَانَ §الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ أَنَّ مِنْ شُكْرِ النِّعَمِ أَنْ يُحَدَّثَ بِهَا»

123 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " §لَمَّا عُرِضَ عَلَى آدَمَ ذُرِّيَّتُهُ، وَرَأَى فَضْلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ: يَا رَبِّ، أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُشْكَرَ "

124 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §عُرِضَ عَلَى آدَمَ ذُرِّيَّتُهُ، فَجَعَلَ يَرَى فِيهِمُ الْقَصِيرَ وَالطَّوِيلَ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْأَسْوَدَ وَالْأَحْمَرَ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْجَمِيلَ وَالدَّمِيمَ وَبَيْنَ ذَلِكَ، فَقَالَ آدَمُ: رَبِّ، لَوْ كُنْتَ سَوَّيْتَ بَيْنَ عَبِيدِكَ؟ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَا آدَمُ، أَرَدْتُ أَنْ أُشْكَرَ "

125 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ خَالِدٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: " كَانَ §يُقَالُ: مِمَّا تُعَجَّلُ عُقُوبَتُهُ وَلَا تُؤَخَّرُ: الْأَمَانَةُ تُخَانُ، وَالْإِحْسَانُ يُكْفَرُ، وَالْبَغْيُ عَلَى النَّاسِ "

126 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: «§تَرْكُ الْمُكَافَأَةِ مِنَ التَّطْفِيفِ» وَفِيهِ أَيْضًا الدِّلَالَةُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الْمِدْحَةَ الَّتِي نَهَى عَنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ وَقَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ، فَإِنَّهُ الذَّبْحُ» ، غَيْرُ مِدْحَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِمَا فِيهِ مِنْ خَلَائِقِهِ الْجَمِيلَةِ وأَفْعَالِهِ الْحَمِيدَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا مَعْرُوفٌ، وَعِنْدَ النَّاسِ بِهَا مَشْهُورٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِدْحَتُهُ: إِمَّا بِمَا هُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَمَا هُوَ بِغَيْرِهِ مَشْهُورٌ، وَإِمَّا مِدْحَتُهُ بِبَاطِلٍ، وَبِمَا الْمَادِحُ فِيهِ كَاذِبٌ، أَوْ مَدْحُهُ فِي وَجْهِهِ، أَوْ بِحَيْثُ يَسْمَعْهُ، بِغَيْرِ الَّذِي هُوَ بِهِ مَعْرُوفٌ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ ثَنَاءَ الْمُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا كَانَ أَوْلَاهُ مِنْ جَمِيلِ الْفِعْلِ، إِذْ أَخْبَرَهُ عُمَرُ عَنْ جَمِيلِ مَقَالَهِ وَحُسْنِ ثَنَائِهِ عَلَيْهِ؛ لِلَّذِي كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ مِنْ عَطَائِهِ مَا أَعْطَاهُ، بَلِ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنَ الْمُثْنِي، وَاسْتَقْبَحَ مَا كَانَ مِنْ فِعْلِ الْمُخْفِي مَا كَانَ أَسْدَى إِلَيْهِ مِنَ الْمَعْرُوفِ، مِنْ تَرْكِهِ إِظْهَارَ صَنِيعِهِ إِلَيْهِ عِنْدَ النَّاسِ -[77]- وَشُكْرِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: «وَلَكِنَّ فُلَانًا أَعْطَيْتُهُ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا فَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ» ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ مَدَحُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ بِجَمِيلِ أَفْعَالِهِ وَكَرِيمِ أَخْلَاقِهِ، لَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَنْكَرَ فِعْلَ الْمُثْنِي عَلَيْهِ عَلَى إِعْطَائِهِ، واسْتَحْسَنَ فِعْلَ كَاتِمِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ وَفِي اسْتِحْسَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنَاءُ الْمُثْنِي، وَتَرْكِهِ النَّهْيَ عَنْهُ، واسْتِقْبَاحِهِ كِتْمَانَ الْكَاتِمِ، وَإِنْكَارِهِ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ، الْبَيَانُ الْبَيِّنُ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الْقَوْلِ هُوَ مَا قُلْنَا مِنْ جَوَازِ مَا أَجَزْنَا، وَكَرَاهَةِ مَا كَرِهْنَا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ فِيمَا

127 - حَدَّثَكُمْ بِهِ ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَأَثْنَى عَلَى أَمِيرٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَجَعَلَ الْمِقْدَادُ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ، وَقَالَ: " §أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحْثُوَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ

128 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: جَعَلَ رَجُلٌ يُثْنِي عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ، وَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَمَرَنَا أَنْ نَحْثُوَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ»

129 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا، جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ، فَعَمَدَ إِلَيْهِ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ - وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا - فَجَعَلَ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وجُوهِهِمُ التُّرَابَ»

130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، قَالَ: جَعَلَ رَجُلٌ يَمْدَحُ عَامِلًا لِعُثْمَانَ، فَعَمَدَ الْمِقْدَادُ فَجَعَلَ يَحْثُو التُّرَابَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وجُوهِهِمُ التُّرَابَ»

131 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّ رَجُلًا مَدَحَ رَجُلًا، فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يَدْفَعُ التُّرَابَ بِأَصَابِعِهِ نَحْوَهُ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا §رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ»

132 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو الْجُمَاهِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا §رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وجُوهِهِمُ التُّرَابَ»

133 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي الْمِدْحَةِ، فَقَالَ: «§لَقَدْ أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ هَذَا الرَّجُلِ»

134 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي، يَقْرَأُ، فَقَالَ لِبُرَيْدَةَ: «أَتَعْرِفُ هَذَا؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ صَلَاةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تُسْمِعْهُ فَيَهْلِكَ، إِنَّكُمْ أُمَّةٌ أُرِيدَ بِكُمُ الْيُسْرَ»

135 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ قَلَّ مَا يَدَعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ»

136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِيَّاكُمْ وَالْمَدْحَ، فَإِنَّهُ الذَّبْحُ»

137 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ مِحْجَنٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِذًا بِيَدِي، فَأَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا» ؟ قُلْتُ: هَذَا فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا، فَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «§لَا تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَهُ»

138 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مَدَحَ -[84]- رَجُلًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «وَيْحَكَ، §قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» ، ثُمَّ قَالَ: " إِنْ كَانَ مَادِحًا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، وَحَسِيبُهُ اللَّهُ إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ "، 139 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ كانَ أَحَدُكُمْ لَا بُدَّ مَادِحًا أَخَاهُ» ، وَسَائِرُ الْحَدِيثِ مِثْلُهُ "

140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ صَخْرٍ الْعُتْبِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدًا الْحَذَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُلَانٌ هُوَ هُوَ، فَأَخَذَ يُثْنِي عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلَكَ §قَطَعْتَ عُنُقَهُ - مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا - إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، أَحْسِبُ فُلَانًا كَذَا وَكَذَا، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ " -[85]- قِيلَ: إِنَّ مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ هُوَ مَا قُلْنَا، وَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهَا عَمَّا وَصَفْنَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَالًا مُتَضَادَّةً، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي أَخْبَارِهِ الْخُصُوصُ وَالْعُمُومُ، وَالْمُجْمَلُ وَالْمُفَسَّرُ، وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا فِي سَائِرِ كُتُبِنَا. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ صَحِيحًا عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمَدْحِ، وَثَابِتًا عَنْهُ النَّدْبُ إِلَيْهِ وَالْأَمْرُ بِهِ عُلِمَ أَنَّ مِمَّا أَمَرَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ نَدَبَ إِلَيْهِ، غَيْرُ الَّذِي نَهَى مِنْهُ، وَحَظرَهُ، أَوْ كَرِهَهُ وَأَنْكَرَهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، صَحَّ الَّذِي قُلْنَا فِيمَا وَرَدَ عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَقَدْ

141 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي مَدَحْتُ اللَّهَ مِدْحَةً وَمَدَحْتُكَ، قَالَ: «هَاتِ §وَابْدَأْ بِمَدْحَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» -[86]- فَلَمْ يَسْتَنْكِرْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ مَدْحَهُ إِيَّاهُ، إِذْ كَانَ فِي مَدْحِهِ إِيَّاهُ بِمَا مَدَحَهُ بِهِ مُحِقًّا، وَفِيمَا وَصَفَهُ بِهِ صَادِقًا مَعْرُوفًا، فَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعْرُوفٌ بِهِ الْمَمْدُوحُ، فَمَدَحَهُ بِهِ مَادِحٌ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ أَوْ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، فَلَا حَرَجَ فِيهِ عَلَى الْمَادِحِ، وَلَا مَكْرُوهَ فِيهِ عَلَى الْمَمْدُوحِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمَرٍ هُوَ بِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، أَوْ كَانَ الْمَادِحُ بِهِ فِيهِ كَاذِبًا، فَهُوَ الْمَدْحُ الْمَحْظُورُ، وَالْمَادِحُ بِهِ مَذْمُومٌ. وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَيْضًا - أَعْنِي خَبَرَ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ - الدِّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ أَحَبَّ الْخَلِيقَتَيْنِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَأَشْرَفَ السَّجِيَّتَيْنِ وَالْخَلَّتَيْنِ عِنْدَهُ، مِنْ خَلَّتِي الْبُخْلِ وَالسَّخَاءِ، الْخَلِيقَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَضَّلَهُ بِهَا وَشَرَّفَهُ، وَذَلِكَ السَّخَاءُ وَالْبَذْلُ، دُونَ الْبُخْلِ وَالْمَنْعِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَذْلُ عَلَى مَا أَدَّبَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29] ، وَعَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْدِيبِهِ أُمَّتَهُ بِقَوْلِهِ: «خَيْرُ -[87]- الصَّدَقَةِ مَا أَبْقَتْ غِنًى، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ» ، فَتَأَدَّبَ امْرُؤٌ بِأَدَبِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَكْتَسِبْ إِلَّا الطَّيِّبَ مِنَ الْكَسْبِ، وَلَمْ يُنْفِقْ إِلَّا الْقَصْدَ، وَلَمْ يُسْرِفْ وَلَمْ يَقْتُرْ، وَجَعَلَ مَا أَفْضَلَهُ الْقَصْدُ مِنْ نَفَقَتِهِ عُدَّةً لَهُ يَوْمَ فَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ. وَبِالَّذِي قُلْنَا مِنْ تَفْضِيلِ الْبَذْلِ وَالسَّخَاءِ عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي وَصَفْنَا - عَلَى الْبُخْلِ وَالْمَنْعِ - تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بِهِ السَّلَفُ الصَّالِحُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ مِنْ ذَلِكَ، ونَبْدَأُ مِنْهُ بِذِكْرِ مَنْ وَافَقَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَى مِنْهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ ذَلِكَ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذْ كُنَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِيمَا مَضَى قَبْلُ، تَحَرِّيًا وَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ أَوْلَى، وطَلَبًا مِنَّا إِلْحَاقَهُ بِأَشْكَالِهِ

142 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا فَقُلْتُ: وَاللَّهِ، لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ كَانَ أَحَقَّ مِنْهُمْ، فَقَالَ: «§إِنَّهُمْ يُخَيِّرُونِي بَيْنَ أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ، وَأَنْ أَبْخَلَ، وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ»

143 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: " §مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَ، وَلَكِنِ اسْتَقْرِضْ عَلَيَّ حَتَّى يَأْتِيَنَا شَيْءٌ فَنُعْطِيَكَ. فَقَالَ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا كَلَّفَكَ اللَّهُ هَذَا، هَذَا أَعْطَيْتَ مَا عِنْدَكَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ فَلَا تَكَلَّفْ، قَالَ: فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ عُمَرَ - وَكَانَ إِذَا غَضِبَ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ - فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَعْطِ وَلَا تَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «بِهَذَا أُمِرْتُ»

ذكر من وافق عمر في رواية ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة

§ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّحَابَةِ

144 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ آخَرُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَوَعَدَهُ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَوَعَدَهُ، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سُئِلْتَ فَأَعْطَيْتَ، ثُمَّ سُئِلْتَ فَأَعْطَيْتَ، ثُمَّ سُئِلَتْ فَأَعْطَيْتَ، ثُمَّ سُئِلَتْ فَوَعَدْتَ، ثُمَّ سُئِلْتَ فَوَعَدْتَ. فَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَهَا، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ: §أَنْفِقْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا تَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْتَارًا، فَقَالَ: «بِذَلِكَ أُمِرْتُ»

145 - حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ بَكْرٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ وأَسْمَحِهِمِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ إِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ يَكُونُ أَسْمَحَ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» ، 146 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِهِ 147 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ، وَعُقَيْلٍ، وَقُرَّةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ

148 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَعْرِضُ الْكِتَابَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَلَى جِبْرِيلَ، فَيُصْبِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الَّتِي يَعْرِضُ فِيهَا مَا يَعْرِضُ وَهُوَ أَجْوَدُ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ، لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ»

149 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، وَأَسْمَحِ النَّاسِ، وَأَشْجَعِ النَّاسِ»

150 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ»

151 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ -[93]- بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلَةٌ مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةَ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، قَالَ: فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «§أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمٌ لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونَنِي بَخِيلًا وَلَا كَذَّابًا، وَلَا جَبَانًا» ، 152 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. -[94]- 153 - أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

154 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا فِرْدَوْسُ بْنُ الْأَشْعَرِيِّ، حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ، وَهُوَ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْأَرَاكَةِ وَهُوَ يُعْطِي حِينَ فَرَغَ مِنْ حُنَيْنٍ، فَاضْطَرَّهُ النَّاسُ إِلَى سَلَمَةٍ فَانْتَزَعَ غُصْنٌ مِنَ السَّلَمَةِ رِدَاءَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا بِوَجْهِهِ مِثْلَ شِقَّةِ الْقَمَرِ فَقَالَ: «§أَعْطُونِي رِدَائِي» . فَأَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ قَالَ: «تَخَافُونَ عَلَيَّ الْبُخْلَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ عِنْدِي مِثْلُ صُوحَيْ هَذَا الْجَبَلِ لَأَعْطَيْتُكُمُوهُ» قَالَ: وصُوحَا الْجَبَلِ: جَانِبَاهُ، مَقَادِمُهُ ومَوَاخِرُهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: إِنَّمَا هُوَ ضَوْجَا الْجَبَلِ، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ كَذَا قَالَ

155 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَسْمًا، قَالَ: فَقَدَّ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَتَبِعَهُ النَّاسُ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ شَجَرَةٌ، فَقَامَ، فَقَالَ: «§رُدُّوا عَلَيَّ ثَوْبِي، تَخَافُونَ بُخْلِي، لَوْ كَانَ لِي مَا بَيْنَهُمَا مَالًا لَقَسَمْتُهُ»

156 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ سَأَلَهُ النَّاسُ فَأَعْطَاهُمْ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ -[96]- حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ مِنَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَمَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَتُرِيدُونَ أَنْ تُبَخِّلُونِي، فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِبَخِيلٍ، وَلَا جَبَانٍ، وَلَا كَذُوبٍ» ، فَجَذَبُوا ثَوْبَهُ، حَتَّى بَدَا مَنْكِبُهُ، فَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ حِينَ بَدَا مَنْكِبُهُ إِلَى شِقَّةِ الْقَمَرِ مِنْ بَيَاضِهِ

157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " §مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: لَا "

158 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فِرَاسٍ الضُّبَعِيُّ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: حِيكَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةُ أَنْمَارٍ صُوفٌ سَوْدَاءُ، فَجَعَلَ حَاشِيَتَهَا بَيْضَاءَ - أَوْ قَالَ: بَيَاضًا - فَخَرَجَ فِيهَا إِلَى أَصْحَابِهِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ، فَقَالَ: «§أَلَا تَرَوْنَ إِلَى هَذِهِ؟ مَا أَحْسَنَهَا» فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْهَا لِي - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا أَبَدًا فَيَقُولُ لَا - فَقَالَ: «نَعَمْ» ، فَأَعْطَاهُ الْجُبَّةَ، وَدَعَا بِمِعْوَزَيْنِ لَهُ فَلَبِسَهُمَا، وَأَمَرَ بِمِثْلِهَا، فَحِيكَتْ لَهُ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِي الْمَحَاكَةِ، 159 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حِيكَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةٌ مِنْ أَنْمَارٍ صُوفٌ أَسْوَدُ، فَجَعَلَ لَهَا حَوَاشِيَ مِنْ صُوفٍ أَبْيَضَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا عَلَيْهِ إِلَى الْمَجْلِسِ، فَضَرَبَ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

160 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: تَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ قَالَ الْقَوْمُ: هِيَ شَمْلَةٌ، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُكَ أَكْسُوكَ هَذِهِ، §فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَ هَذِهِ اكْسُنِيهَا، فَقَالَ: «نَعَمْ» . فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَامَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعُهُ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ إِلَّا رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا

161 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَسَأَلَهُ رِدَاءَهُ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ قَمِيصَهُ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عِمَامَتَهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: مَاذَا أَرَدْتَ بِهَذَا؟ أَرَدْتَ أَنْ تُبَخِّلَنِي؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّهُ ذُكِرَ لِي مِنْكَ شَيْءٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُجَرِّبَكَ، فَرَدَّ الرَّجُلُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ ثِيَابَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَخَذَ هَذَا مَا لَهُ وَمَا لَيْسَ لَهُ»

162 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ صَفْوَانًا، قَالَ: " وَاللَّهِ لَقَدْ §أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَانِي، وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَعْطَى حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يَوْمَئِذٍ، وَحَكِيمٌ يَسْأَلُهُ مِائَةً مِنَ النَّعَمِ، ثُمَّ مِائَةً، ثُمَّ مِائَةً

163 - حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ، وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنَ الْجَنَّةِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّارِ. وَلَجَاهِلٌ سَخِيُّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَابِدٍ بِخَيْلٍ، وَأَكْبَرُ الدَّاءِ الْبُخْلُ»

164 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي عُبَيْدٍ؟» قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، عَلَى أَنَّ فِيهِ بُخْلًا، قَالَ: «وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ، بَلْ سَيِّدُكُمْ وَابْنُ سَيِّدِكُمْ، وَابْنُ سَيِّدِكُمْ، بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ»

165 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ الْحُدَّانِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ "

166 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا»

167 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا يَجْتَمِعُ شُحٌّ وَإِيمَانٌ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا»

168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَدِينِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي جَوْفِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»

169 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ: شُحٌّ هَالِعٌ، أَوْ جَبُنٌ خَالِعٌ "

170 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ»

171 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُبَاتَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§اتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ»

172 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ؛ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ؛ دَعَاهُمْ فَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَدَعَاهُمْ فَقَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ»

173 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِيَّاكُمْ وَالْبُخْلَ؛ فَإِنَّ الْبُخْلَ دَعَا قَوْمًا فَمَنَعُوا زَكَاتَهُمْ، وَدَعَاهُمْ فَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَدَعَاهُمْ فَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ»

174 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِيَّاكُمْ وَالْبُخْلَ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ أَمَرَهُمْ بِالظُّلْمِ فَظَلَمُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا»

175 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ أَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا» ، -[107]- 176 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

177 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَبَّارُ أَبُو حَفْصٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ الْأَوْدِيِّ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الشُّحُّ؛ أَمَرَهُمْ بِالْكَذِبِ فَكَذَبُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالظُّلْمِ فَظَلَمُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا»

178 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الصُّوفِيُّ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قُبِضَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§وَمَا عِلْمُكُمْ؟ لَعَلَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، أَوْ مَنَعَ مَالًا يَنْقُصُهُ»

179 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ»

180 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ، وَمَا نَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنَّا أَحَقُّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، حَتَّى كَانَ هَا هُنَا بِأَخَرَةٍ، فَأَصْبَحَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا §ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ، وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَتَرَكُوا الْجِهَادَ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ مِنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ» ، -[109]- 181 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ وَمَا يُرَى أَحَدُنَا أَحَقَّ بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذُلًّا، لَا يَنْزِعُهُ مِنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا أَمْرَ دِينِهِمْ» 182 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ شُرَيْحٌ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَأَخَذْتُمْ بِأَذْنَابِ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ» ، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَعَلَّقُ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا أَغْلَقَ بَابَهُ، وَضَنَّ عَنِّي بِمَالِهِ "

183 - حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدٍ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ - وَاللَّفْظُ لِيَعْقُوبَ - جَمِيعًا عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا يَأْتِي رَجُلٌ مَوْلَاهُ فَيَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِ مَالِهِ عِنْدَهُ، فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ، إِلَّا دُعِيَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا يَتَلَمَّظُ فَضْلَهُ الَّذِي مَنَعَ»

184 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا نَقْعُدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَدَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَيْتِهِ لَمْ نَزَلْ قِيَامًا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ، فَقَامَ يَوْمًا، فَلَمَّا بَلَغَ وَسَطَ الْمَسْجِدِ، أَدْرَكَهُ أَعْرَابِيُّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، احْمِلْنِي عَلَى بَعِيرَيْنِ، فَإِنَّكَ لَا تَحْمِلُنِي مِنْ مَالِكَ وَلَا مِنْ مَالِ أَبِيكَ وَجَبَذَ بِرِدَائِهِ حِينَ أَدْرَكَهُ، فَاحْمَرَّتْ رَقَبَتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، لَا أَحْمِلُكَ حَتَّى تُقِيدَنِي» قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ دَعَا رَجُلًا فَقَالَ لَهُ: " احْمِلْهُ عَلَى بَعِيرَيْنِ: عَلَى بَعِيرٍ شَعِيرٌ، وَعَلَى بَعِيرِ تَمْرٌ "

185 - حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْبَابْلُتِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " §دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا الْمَسْجِدَ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الصَّنِفَةِ، قَالَ: فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ مِنْ خَلْفِهِ، فَأَخَذَ بِجَانِبِ رِدَائِهِ حَتَّى أَثَّرَتِ الصَّنِفَةُ فِي صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنَا مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: «مُرُوا لَهُ»

186 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَتْ §أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَكَانَ أَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَكَانَتْ أُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ، فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَتْ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَكَانَ أَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ، وَكَانَتْ أُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا»

ذكر ما حضرنا ذكره في ذلك عن السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم

§ذِكْرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ فِي ذَلِكَ عَنِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ

187 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَنَا قَيْسٌ، قَالَ: «§دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ أَبْيَضُ، خَفِيفُ الْجِسْمِ، عِنْدَهُ أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيْسٍ تَذُبُّ عَنْهُ، وَهِيَ مَوْشُومَةُ الْيَدَيْنِ - كَانُوا وَشَمُوهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَحْوَ وَشْمِ الْبَرْبَرِ - فَعُرِضَ عَلَيْهِ فَرَسَانِ فَرَضِيَهُمَا، فَحَمَلَنِي عَلَى أَحَدِهِمَا، وَحَمَلَ أَبِي عَلَى الْآخَرِ»

188 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ صِهْرًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، فَعَرَّضَ لَهُ أَنْ يُعْطِيهَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ وَقَالَ: «§أَرَدْتَ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ مَلِكًا خَائِنًا؟» فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَاهُ عُمَرُ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ عَشَرَةَ آلَافٍ

189 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَخْلَدٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بِلَالِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «§لَنْ تَزَالَ الْعَرَبُ عَرَبًا مَا كَانَتْ مَجَالِسُهَا أَنْدِيَةً، وَأَكَلَتْ طَعَامَهَا بِالْأَفْنِيَةِ. فَإِذَا كَانَتْ مَجَالِسُهَا أَخْبِيَةً، وَأَكَلَتْ طَعَامَهَا فِي بُيُوتِهَا، أَنْكَرْتُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَا تَعْرِفُونَ»

190 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْغِفَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ مَالِكِ الدَّارِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَدَفَعَ إِلَيَّ أَرْبَعَ مِائَةِ دِينَارٍ فِي صُرَّةٍ، فَقَالَ: «§اذْهَبْ بِهَا إِلَيْهِ، وَتَلَبَّثْ سَاعَةً فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ بِهَا» ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: اسْتَعِنْ بِهَذِهِ فِي حَاجَتِكَ، قَالَ: وَصَلَهُ اللَّهُ وَرَحِمَهُ. ثُمَّ قَالَ: تَعَالَى يَا جَارِيَةُ، خُذِي هَذِهِ السَّبْعَةَ، وَخُذِي هَذِهِ الْخَمْسَةَ، حَتَّى أَنْفَدَهَا، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ وَقَدْ أَعَدَّ مِثْلَهَا لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقُلْتُ لَهُ: يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: انْتَفِعْ بِهَذِهِ فِي حَاجَتِكَ -[116]- فَقَالَ: وَصَلَهُ اللَّهُ وَرَحِمَهُ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَى يَا جَارِيَةُ، قَالَ: فَبَذَّرَهَا. قَالَ: فَاطَّلَعَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ: وَنَحْنُ وَاللَّهِ مَسَاكِينُ؛ فَأَعْطِنَا - وَلَمْ يَبْقَ فِي الْخِرْقَةِ غَيْرُ دِينَارَيْنِ - فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِهَا. قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: الْقَوْمُ أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ

191 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَمَةَ النَّصْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " §تُوُفِّيَ غَنِيَّانِ وَفَقِيرَانِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَحَدِ الْغَنِيَّيْنِ: مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، وَمَا تَرَكْتَ لِعِيَالِكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، خَلَقْتَنِي وَإِيَّاهُمْ سَوَاءً، وَتَكَفَّلْتَ بِرِزْقِ كُلِّ دَابَّةٍ، وَقُلْتَ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [البقرة: 245] ، فَقَدَّمْتُ لِهَذَا، وَعَلِمْتُ أَنَّكَ تَرْزُقُ عِيَالِي مِنْ بَعْدِي، قَالَ: فَيَقُولُ: اذْهَبْ، فَلَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ كَثِيرًا، وَلَبَكْيَتَ قَلِيلًا. قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ لِلْغَنِيِّ الْآخَرِ: مَا قَدَّمْتَ -[117]- لِنَفْسِكَ، وَمَا تَرَكْتَ لِعِيَالِكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، كَانَ لِي عِيَالٌ تَخَوَّفْتُ عَلَيْهِمُ الْعَيْلَةَ، قَالَ: فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَلَمْ أَخْلُقْكَ وَإِيَّاهُمْ سَوَاءً، وَتَكَفَّلْتُ بِرِزْقِ كُلِّ دَابَّةٍ؟ فَقَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ تَخَوَّفْتُ عَلَيْهِمُ الْعَيْلَةَ، قَالَ: فَقَدْ أَصَابَهُمْ مَا حَذِرْتَ عَلَيْهِمْ، فَاذْهَبْ، فَلَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتَ كَثِيرًا. وَقَالَ لِأَحَدِ الْفَقِيرَيْنِ: مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، وَمَا تَرَكْتَ لِعِيَالِكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ خَلَقْتَنِي صَحِيحًا فَصِيحًا، وَعَلَّمْتَنِي أَسْمَاءَكَ وَدُعَاءَكَ، وَلَوْ كُنْتَ أَكْثَرْتَ لِي لَخَشِيتُ أَنْ يَشْغَلَنِي عَنْ طَاعَتِكَ، فَقَدْ رَضِيتُ عَنْكَ يَا رَبِّ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنَا رَاضٍ عَنْكَ، فَاذْهَبْ، فَلَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ كَثِيرًا وَلَبَكَيْتَ قَلِيلًا، وَقَالَ لِلْفَقِيرِ الْآخَرِ: مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، وَمَا تَرَكْتَ لِعِيَالِكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَعْطَيْتَنِي شَيْئًا تَسْأَلُنِي عَنْهُ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَلَمْ أَخْلُقْكَ صَحِيحًا فَصِيحًا، وَجَعَلْتُكَ سَمِيعًا بَصِيرًا، وَقُلْتُ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنِّي نَسِيتُ، قَالَ: وَأَنَا أَنْسَاكَ الْيَوْمَ، فَاذْهَبْ، فَلَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتَ كَثِيرًا "

192 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مَاهَانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْمُزَنِيِّ، حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ - أَوْ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ -: " §يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ، يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَنْسَوَا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] "

193 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا هُرَيْمٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " §اشْتَرَيْتُ مِنْ عَلِيٍّ بُرْنُسَيْنِ مَنْسُوجَيْنِ بِذَهَبٍ بِسَبْعَةِ آلَافٍ، قَالَ: فَبِعْتُ أَحَدَهُمَا مِنْ أَهْلِ كَذَا بِسَبْعَةِ آلَافٍ، فَمَا سَأَلَنِي عَنْ ثَمَنِهَا، وَلَا أَعْطَيْتُهُ "

194 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: " §ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ -[119]- اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ - أَوْ: ثَلَاثٌ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ - الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ، وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالِمِ "

195 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: " §ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ: الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ: أَنْ يُنْفِقَ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ، وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ: أَنْ لَا تَذْهَبَ بِالرَّجُلِ إِلَى السُّلْطَانِ حَتَّى تُنْصِفَهُ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالِمِ "

196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: " §ثَلَاثٌ مَنِ اسْتَعْمَلَهُنَّ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ: الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ، وَإِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ لِلْعَالِمِ "

197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ هَلَكْتُ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ -[120]-: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} [الحشر: 9] ، وَأَنَا رَجُلٌ شَحِيحٌ، لَا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنْ يَدِي شَيْءٌ، فَقَالَ: «لَيْسَ ذَلِكَ بِالشُّحِّ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، §الشُّحُّ أَنْ تَأْكُلَ مَالَ أَخِيكَ ظُلْمًا، ذَلِكَ الْبُخْلُ، وَبِئْسَ الشَّيْءُ الْبُخْلُ»

198 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي أَخْشَى أَنْ لَا تَكُونَ أَصَابَتْنِي هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] ، وَاللَّهِ مَا أُعْطِي شَيْئًا أَسْتَطِيعُ مَنْعَهُ. قَالَ: «§لَيْسَ ذَلِكَ بِالشُّحِّ، إِنَّمَا الشُّحُّ أَنْ تَأْكُلَ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقِّهِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْبُخْلُ، وَبِئْسَ الشَّيْءُ الْبُخْلُ»

199 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: أَنَّ رَجُلًا، مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَرْعَى عَلَى أَبِي ذَرٍّ ذَوْدًا لَهُ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، وَكَانَ أَهْلُ الْمَاءِ قَدْ أَصَابَهُمْ خَمْصٌ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: «يَا فُلَانُ، §ايْتِنِي بِخَيْرِ جَمَلٍ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمْتَ أَنِّي أُعِزُّهَا» ، قَالَ: فَخَطَمَ نَاقَةً، فَجَاءَ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْإِبِلِ خَيْرٌ مِنْهَا، إِلَّا جَمَلًا وَاحِدًا كَانَ فَحْلَ الْإِبِلِ، وَكَانُوا يَتَبَقَّلُونَ عَلَيْهِ. قَالَ: «هَلْ مِنْ رَجُلَيْنِ يَحْتَسِبَانِ عَمَلَ أَيْدِيهِمَا؟» فَقَامَ رَجُلَانِ فَقَالَا: نَحْنُ نَحْتَسِبُ عَمَلَ أَيْدِينَا. قَالَ: " انْحَرَاهُ، ثُمَّ اقْسِمَا وَلَا تُفَضِّلَا حُرًّا عَلَى عَبْدٍ، وَاجْعَلَا آلَ أَبِي ذَرٍّ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِكُمْ. ثُمَّ قَالَ: يَا فُلَانُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كَانَ فَحْلَ الْإِبِلِ، وَكُنْتُمْ تَتَبَقَّلُونَ عَلَيْهِ، وَعَرَفْتُ حَاجَتَكُمْ إِلَيْهِ. فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكَ بِيَوْمِ حَاجَتِي، يَوْمَ أُدَلَّى فِي حُفْرَتِي لَيْسَ مَعِي مِمَّا تَرَى شَيْءٌ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ شُرَكَاءَكَ فِي الْمَالِ ثَلَاثَةٌ، أَنْتَ أَحَدُهُمْ، وَالْقَدَرُ شَرِيكُكَ لَا يَسْتَأْمِرُكَ، يَجِيءُ فَيَأْخُذُ أَفْضَلَهَا وَأَخَسَّهَا وَأَرْذَلَهَا، وَوَارِثُكَ مُحْتَبٍ بِالطَّرِيقِ، يَنْتَظِرُ مَتَى تَمُوتُ، فَيَقْتَسِمُ مَالَكَ وَأَنْتَ ذَمِيمٌ

200 - حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ -[122]-: «§لَقَدْ تَدَاوَلَتْ سَبْعَةُ أَبْيَاتٍ رَأْسَ شَاةٍ يُؤْثِرُ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَإِنَّ كُلَّهُمْ لَمُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ»

201 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، حَدَّثَنِي شُفَيٌّ الْأَصْبَحِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " §لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ قُلُوبُهُمْ فِيهِ قُلُوبَ الْأَعَاجِمِ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا قُلُوبُ الْأَعَاجِمِ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا، وَسُنَّتُهُمْ سُنَّةَ الْأَعْرَابِ: مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ رِزْقٍ جَعَلُوهُ فِي الْحَيَوَانِ، يَرَوْنَ الْجِهَادَ ضِرَارًا، وَالصَّدَقَةَ مَغْرَمًا

202 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّبَّاغِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: " §لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَرَى أَحَدُنَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِدِينَارِهِ وَبِدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ. ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ طَالَ بِي عُمُرٌ حَتَّى أَدْرَكْتُكُمْ، وَالدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ أَحَبُّ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ "

203 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: «§لَقَدْ رَأَيْتُهَا تَصَدَّقُ بِسَبْعِينَ أَلْفًا، وَإِنَّهَا لَتَرْقَعُ جَانِبَ دِرْعِهَا»

204 - حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ أَحْمَدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا وَيْحَ لَبِيدٍ حَيْثُ يَقُولُ: " [البحر الكامل] §ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الْأَجْرَبِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ قَالَ عُرْوَةُ: رَحِمَ اللَّهُ عَائِشَةَ، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَتْ زَمَانَنَا هَذَا؟ ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ: رَحِمَ اللَّهُ عُرْوَةَ، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ ثُمَّ قَالَ الزُّبَيْدِيُّ: رَحِمَ اللَّهُ الزُّهْرِيَّ، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَنَا أَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ الزُّبَيْدِيَّ، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ عُثْمَانُ: وَنَحْنُ نَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ لَنَا أَبُو حُمَيْدٍ: رَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: رَحِمَ اللَّهُ أَحْمَدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ قَالَ الشَّيْخُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا جَعْفَرٍ، فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟، 205 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ

206 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §كَفَى بِالْمَرْءِ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَكُونَ فَاجِرًا. أَوْ قَالَ: يَكُونَ بَخِيلًا "

207 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ، فِيمَا يَحْسِبُ قَالَ: شَكَا أَهْلُ دِمَشْقَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ قِلَّةَ الثِّمَارِ، فَقَالَ: «§إِنَّكُمْ أَطَلْتُمْ حِيطَانَهَا، وَأَكْثَرْتُمْ حُرَّاسَهَا، فَجَاءَهَا الْوَبَأُ مِنْ فَوْقَهَا»

208 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: قَالَ يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ: " كَانَ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ §تُجَّارٌ يَتَّجِرُونَ فِي الْبَحْرِ، وَيَتَّجِرُونَ فِي الْمَدَائِنِ، فَكَانَ إِذَا قَدِمَ تِجَارُهُ قَسَمَ فِي جِيرَانِهِ، حَتَّى تَبْلُغَ قَسْمَتُهُ بَنِي السَّمِينِ قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ: حَيٌّ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ

209 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ أسْتَسْلِفُهُ، فَقَالَ: " يَا مُطَرِّفُ، إِنَّ §يَدَيْ رَبِّكَ مَلْأَى. قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفْتُ أَتْبَعَنِي رَسُولًا مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةٍ، فَلَمَّا تَيَسَّرْتُ أَتَيْتُهُ بِهَا. قَالَ: فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آخُذَهَا مِنْكَ "

210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، حَدَّثَنَا -[127]- الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ لَا يَرْبِطُ كِيسَهُ، قَالَ: §سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {جَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج: 18] "

211 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ، قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ: يَا حَجَّاجُ، §كَيْفَ تَوَاكُسُكُمْ؟ قُلْتُ: صُلْحٌ يَا أَبَا جَعْفَرٍ. قَالَ: يُدْخِلُ أَحَدُكُمْ يَدَهُ فِي كِيسِ أَخِيهِ فَيَأْخُذُ حَاجَتَهُ إِذَا احْتَاجَ؟ قُلْتُ: أَمَّا هَذَا فَلَا. قَالَ: أَمَا لَوْ فَعَلْتُمْ مَا احْتَجْتُمْ

212 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، أَنْبَأَنَا مُبَارَكٌ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ، يَقُولُ: «ابْنَ آدَمَ §خُذْ مَا فِي يَدَيْكَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ، عِنْدَ الْمَوْتِ تَلْقَى أَكْثَرَهُ»

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْعَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ، يَقُولُ: «§رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً اكْتَسَبَ طَيِّبًا وَأَنْفَقَ قَصْدًا، وَقَدَّمَ فَضْلًا لِيَوْمِ فَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ»

213 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «§رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا اكْتَسَبَ حَلَالًا، وَأَنْفَقَ قَصْدًا، وَقَدَّمَ فَضْلًا لِيَوْمِ فَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ»

214 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «§رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا جَعَلَ الْهَمَّ هَمًّا وَاحِدًا، فَأَكَلَ كِسَرًا، وَلَبِسَ خَلَقًا، وَقَدَّمَ فَضْلًا لِيَوْمِ فَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ، وَأَنْفَقَ قَصْدًا»

215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عُبَيْدٍ، الَّذِي يُقَالَ لَهُ الصِّيدُ -، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، يَقُولُ: «§قَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ، وَإِنَّا لَنَرَى الْبَخِيلَ فِينَا مَنْ يُسَلِّفُ إِلَى مَيْسَرَةٍ»

216 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ: أَنَّ الْحَسَنَ، كَانَ يَقُولُ: «ابْنَ آدَمَ §صَاحِبِ الدُّنْيَا بِبَدَنِكَ، وَفَارِقْهَا بَهَمِّكَ وَقَلْبِكَ؛ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ عَلَى عَمَلِكَ، فَخُذْ مِمَّا فِي يَدَيْكَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ يَأْتِيكَ الْخَبَرُ»

217 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «إِنَّ §الْمُؤْمِنَ أَخَذَ عَنِ اللَّهِ أَدَبًا حَسَنًا، فَإِذَا وَسَّعَ عَلَيْهِ وَسَّعَ، وَإِذَا أَمْسَكَ عَنْهُ أَمْسَكَ»

218 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: " §مَا رَأَيْتُ أَسْخَى مِنْهُمَا - يَعْنِي الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ - إِلَّا أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ أَشَدَّهُمَا إِنْجَاحًا. قَالَ: وَكُنْتُ إِذَا قِلْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ نَفَضَ لِي الْفِرَاشَ بِيَدِهِ "

219 - حَدَّثَنِي مُهَنَّأُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، قَالَ: كَانَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ يَخْطُبُنَا، فَكَانَ يَقُولُ: «§أَلَا إِنَّ خِيَارَكُمْ آكَلُكُمْ فِي الْأَفْنِيَةِ، وَأَوْسَعُكُمْ آنِيَةً، وَأَحْلَاكُمْ أَطْلِيَةً، وَإِنَّ شِرَارَكُمْ آكَلُكُمْ فِي الْأَخْبِيَةِ، وَأَصْغَرُكُمْ آنِيَةً، وَأَمَرُّكُمْ أَطْلِيَةً»

220 - حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: " كَانَتِ §الدِّمَاءُ فِي مِصْرٍ، فَقَعَدُوا لِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَأَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى ضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدِ اجْتَمَعُوا، فَاحْضُرْهُمْ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَأَبْلَغْتُهُ، فَقَالَ: ادْخُلْ. فَدَعَا بِخِوَانِهِ، فَجِيءَ بِخِوَانٍ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَرْغِفَةٍ، وَقَصْعَةٍ فِيهَا مَرِيسٌ، قَالَ: فَكَسَّرَ ذَلِكَ الْخُبْزَ فِي تِلْكَ الْقَصْعَةِ، قَالَ: فَدَعَا بِزَيْتٍ , فَقَالَ: ادْنُ فَكُلْ. قُلْتُ: لَا أُرِيدُ. فَأَكَلَ تِلْكَ الْأَرْبَعَةَ أَرْغِفَةٍ، وَرَفَعَ الْقَصْعَةَ فَحَسَا مَا فِيهَا مِنْ ذَاكَ الْمَرِيسِ، قَالَ: وَدَعَا بِمَاءٍ فَشَرِبَ، ثُمَّ قَالَ: لُبَابُ الْبُرِّ، وَجَنَى النَّحْلِ، وَزَيْتُ الشَّأْمِ، وَمَاءُ الْفُرَاتِ، هَذِهِ - وَاللَّهِ - الطَّيِّبَاتُ ثُمَّ قَامَ وَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ، وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ حِلَقًا، فَنَظَرَ الشَّمْسَ، ثُمَّ جَعَلَهَا فِي ظَهْرِهِ، ثُمَّ جَلَسَ وَحْدَهُ، فَجَعَلُوا يَقُومُونَ إِلَيْهِ، رَجُلٌ وَرَجُلَانِ، حَتَّى تَقَوَّضَتْ تِلْكَ الْحِلَقُ فَصَدَرُوا حَوْلَهُ، ثُمَّ جَعَلُوا يَتَهَارَشُونَ. قَالَ: وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ، إِلَى أَنْ جَاءَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَعْقَاعِ، أَلَا تَتَكَلَّمُ؟ أَلَا تَرَى مَا فِيهِ قَوْمُكَ؟ قَالَ: أَوَ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ إِلَيَّ لِذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ لِلَّذِينَ يَطْلُبُونَ بِالدِّمَاءِ: حَقُّكُمْ عَلَيَّ. وَقَالَ لِلْمَطْلُوبِينَ: أَمَّا أَنْتُمْ، فَبَرِئْتُمْ. فَكَأَنَّهَا كَانَتْ نَارًا صُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ، فَتَفَرَّقُوا، وَأَرْسَلَ إِلَى إِبِلٍ لَهُ فِي الْبَادِيَةِ، فَأَدَّى تِلْكَ الدِّيَاتِ

221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا، مِنَ التَّيْمِ قَالَ: كَانَ مُجَمِّعٌ التَّيْمِيُّ §يَعْمَلُ مِنَ الشَّهْرِ أَيَّامًا، فَإِذَا كَسَبَ مَا يَكْفِيهِ بَقِيَّةَ شَهْرِهِ أَمْسَكَ عَنِ الْعَمَلِ. قَالَ: وَكَانَ يُتَحَدَّثُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَقَامَ أَصْحَابُهُ مِنْ عِنْدِهِ يَوْمًا فَأَتْبَعَهُمْ بَصَرَهُ، قَالَ: فَرَأَى فِي إِزَارِ سُفْيَانَ -[133]- بِلًى أَوْ خَرْقًا أَوْ رِقَاعًا. قَالَ: فَسَأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ. قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى بَارِيَّةٍ كَانَ عَلَيْهَا. قَالَ: فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَارِهِمَ كَانَتْ تَحْتَهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ابْتَعْ بِهَذِهِ إِزَارًا. قَالَ: فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: إِنَّ هَذَا عَنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ مُجَمِّعٌ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ - يَعْنِي: لَمَا قَبِلْتَهَا - فَجَعَلَ سُفْيَانُ يَأْبَى، وَجَعَلَ مُجَمِّعٌ يَسْأَلُهُ قَبُولَهَا. قَالَ: فَجَعَلْنَا نَعْجَبُ مِنْ رَجُلٍ لَا يَمْلِكُ إِلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ بَذَلَهَا

222 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَدَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ §وَلَوْ قِيلَ لَهُ: غَدًا الْقِيَامَةُ، مَا كَانَ عِنْدَهُ مَزِيدٌ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِبَادَةِ. لَقَدِ انْصَرَفَ يَوْمَ فِطْرٍ، أَوْ أَضْحَى إِلَى مَنْزِلِهِ، وَمَعَهُ صَدِيقٌ لَهُ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِ خُبْزًا وَزَيْتًا، فَجَاءَ سَائِلٌ فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ دِينَارًا

223 - حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسْقُفٌّ، قَالَ: " كُنْتُ §أَخْرُجُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْحَجِّ، فَيَخْرُجُ عَلَى شَارِفٍ وَعَلَيْهِ خَنِيفٌ وَبَرَّكَانٌ، يَلْتَحِفُ نِصْفَ الْبَرَّكَانِ، وَيَفْتَرِشُ النِّصْفَ الْآخَرَ، وَكَانَ يَذْبَحُ لَنَا فِي كُلِّ مَنْزِلٍ شَاةً، فَإِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَمَرَ بِالشَّارِفِ، فَنُحِرَتْ لِأَصْحَابِ الصُّفَّةِ

224 - حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: " §كَانَ سَالِمٌ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ الْكَوَامِخَ وَأَشْبَاهَهَا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ أَهْلُهُ: تَذْهَبُ وَلَا تَتْرُكُ لَنَا شَيْئًا فَقَالَ: أَذْهَبُ بِخَيْرٍ وَأَتْرُكُكُمْ بِشَرٍّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَذْهَبَ بِشَرٍّ وَأَتْرُكَكُمْ بِخَيْرٍ "

225 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ السَّائِبَ بْنَ الْأَقْرَعِ. قَالَ: وَكَانَ يُطْعَنُ فِي حَسَبِهِ، فَزَوَّجَهُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ، وَقَالَ: «§إِنَّمَا زَوَّجْتُكِ أَنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ» فَأَعْطَتْهُ ابْنَتُهُ صَدَاقَهَا، فَأَعْطَاهُ قَوْمَهُ، وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ

القول فيما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خدوش أو كدوح أو خموش "، فالكدوح: آثار الخدوش، ومنه قول الشاعر: هما الغول والسعلاة حلقي منهما مخدش ما بين التراقي مكدح يعني بقوله

§الْقَوْلُ فِيمَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ أَوْ خُمُوشٌ» ، فَالْكُدُوحُ: آثَارُ الْخُدُوشِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: هُمَا الْغُولُ وَالسِّعْلَاةُ حَلْقِيَ مِنْهُمَا ... مُخَدَّشُ مَا بَيْنَ التَّرَاقِي مُكَدَّحُ

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مُكَدَّحُ: مُؤَثَّرٌ، فِيهِ آثَارُ الْخُدُوشِ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ: أَقَبَّ كَعَقْدِ الْأَنْدَرِيِّ مُعَقْرَبٍ ... حَزَابِيَةٍ قَدْ كَدَّحَتْهُ الْمَسَاحِلُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: قَدْ كَدَّحَتْهُ: قَدْ عَضَّضَتْهُ، فَأَثَّرَتْ بِهِ مِنْ عَضِّهَا إِيَّاهُ آثَارًا. وَإِنَّمَا يَصِفُ بِذَلِكَ عَيْرًا قَدْ كَدَّحَتْهُ الْمَعْيُورَاءُ، فَأَثَّرَتْ بِهِ آثَارًا. وَأَمَّا الْخُمُوشُ: فَنَحْوُ الْخُدُوشِ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الْآخَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَعَنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ الْخَامِشَةَ وَجْهَهَا، وَالشَّاقَّةَ جَيْبَهَا، يَعْنِي بِالْخَامِشَةِ وَجْهَهَا مَا وَصَفْتُ، يُقَالَ مِنْهُ: خَمَشَتِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا تَخْمِشُ وَتَخْمُشُ خَمْشًا وَخُمُوشًا، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ: [البحر الرجز] خَمَشْنَ حُرَّا أَوْجُهٍ صِحَاحِ ... فِي السُّلُبِ السُّودِ وَفِي الْأَمْسَاحِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْمُزْعَةِ: الْقِطْعَةَ مِنَ اللَّحْمِ. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: غَضِبَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ حَتَّى كَادَ أَنْفُهُ يَتَمَزَّعُ، يُرَادُ بِهِ: يَتَقَطَّعُ قِطَعًا. وَأَمَّا قَوْلُ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ: تَحَمَّلْتُ بِحَمَالَةٍ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: تَكَفَّلْتُ بِكَفَالَةٍ، يُقَالُ لِلْكَفِيلِ يَتَكَفَّلُ بِالْمَالِ عَنِ الْقَوْمِ: هُوَ كَفِيلٌ بِهِ، وَهُوَ حَمِيلٌ، وَضَمِينٌ، وَزَعِيمٌ، وَقَبِيلٌ، وَصَبِيرٌ. وَإِنَّمَا أَرَادَ قَبِيصَةُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَضَمَّنَ دِيَاتِ أَقْوَامٍ قُتِلُوا؛ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ عَشَائِرِ الْقَاتِلِينَ وَالْمَقْتُولِينَ؛ فَأَبَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا؛ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ دِمَاءِ الْفَرِيقَيْنِ، وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْجَائِحَةِ: الْمُصِيبَةَ تَنْزِلُ بِمَالِ الرَّجُلِ، وَالْآفَةَ تَحُلُّ بِهِ، فَيَهْلِكُ لِذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي أَصَابَهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الْآخَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، يَعْنِي بِتَرْكِ الْمُطَالَبَةِ بِمَا أَهْلَكَتْهُ الْجَوَائِحُ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي كَانَتْ

أُصُولُ أَشْرِيَتِهَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ، وَلَمْ يُهْلِكْهَا مُبْتَاعُوهَا، وَلَا هَلَكَتْ فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ قَبْضِهِمُوهَا، فَأَبَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنِ اجْتَاحَتِ الْجَوَائِحُ مَالَهُ الْمَسْأَلَةَ؛ حَتَّى يُصِيبَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قِوَامًا مِنْهُ. والسِّدَادُ بِكَسْرِ السِّينِ: هُوَ مَا سَدَّ الْخَلَّةَ، وَكَذَلِكَ مَا سَدَّ خَلَلًا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ سِدَادٌ بِكَسْرِ السِّينِ، يُقَالُ مِنْهُ: هَذَا الشَّيْءُ سِدَادٌ مِنْ عَوْزٍ وَفَقْرٍ، وَاجْعَلْ لِقَارُورَتِكَ سِدَادًا، وَهُوَ الصِّمَامُ؛ لِأَنَّهُ يَسُدُّ رَأْسَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ: [البحر الكامل] يَا خَالِ، أَنْتَ سِدَادُ مَا لَوْ لَمْ تَكُنْ ... شَقَّتْ بَوَائِقُهُ عَلَى الْأَمْصَارِ وَمِنْهُ: سِدَادُ الثَّغْرِ، إِذَا سُدَّ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرْجِيِّ: [البحر الوافر] أَضَاعُونِي، وَأَيَّ فَتًى أَضَاعُوا ... لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ وَأَمَّا السَّدَادَ بِفَتْحِ السِّينِ: فَهُوَ الْقَصْدُ وَالْإِصَابَةُ، يُقَالُ مِنْهُ: إِنَّهُ لَرَجُلٌ مُسَدَّدٌ، إِذَا كَانَ يَعْمَلُ بِالسَّدَادِ. وَعَلَيْكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ بِالسَّدَادِ، يُرَادُ بِهِ الْقَصْدُ. وَكَذَلِكَ الْقِوَامُ بِكَسْرِ الْقَافِ: مَصْدَرُ أَقَامَ أَمْرَ الرَّجُلِ، مِنْ كِفَايَةٍ

تُقِيمُ عَيْشَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِ. وَالْقَوَامُ، بِفَتْحِ الْقَافِ: الْقَصْدُ وَالْعَدْلُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] . وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِهِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَوِي الْحِجَى: ذَوِي الْعَقْلِ وَالتَّمَسُّكِ بِالدِّينِ وَالْحَقِّ، يُقَالُ مِنْهُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَقَامَ بِالْمَكَانِ وَلَزِمَهُ: حَجَا بِهِ يَحْجُو حُجُوًّا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] بِرُبُضِ الْأَرْطَى وَحِقْفٍ أَعْوَجَا ... فَهُنَّ يَعْكُفْنَ بِهِ إِذَا حَجَا عَكْفَ النَّبِيطِ يَلْعَبُونَ الْفَنْزَجَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يَأْتِينَا بِالْأَحَاجِي، فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْحِجَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَحَاجِيَ مَا يُعَايَا بِهِ، يُقَالُ مِنْهُ: حَاجَيْتُ فُلَانًا مَا فِي يَدِي: إِذَا عَايَيْتُهُ بِهِ، أَيُّ شَيْءٍ مِنْهَا، وَذَلِكَ مِنِ امْتِحَانِ الْعَقْلِ بِالْمُعَايَاةِ

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَحْجِ بِذَاكَ، فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى، وَمَعْنَاهُ: أَخْلِقْ بِهِ أَنْ يَكُونَ، وَأَحْرِ بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ سُحْتٌ يَا قَبِيصَةُ، يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالسُّحْتِ: الْحَرَامَ الَّذِي يُهْلِكُ آكِلَهُ وَيَسْتَأْصِلُهُ هَلَاكًا، بِأَكْلِهِ إِيَّاهُ وَإِفْسَادِهِ دِينَهُ. وَأَصْلُ السُّحْتِ: كَلْبُ الْجُوعِ، يُقَالُ مِنْهُ: فُلَانٌ مَسْحُوتُ الْمَعِدَةِ، إِذَا كَانَ أَكُولًا لَا يُلْفَى أَبَدًا إِلَّا جَائِعًا. وَإِنَّمَا قِيلَ لِآكِلِ الْحَرَامِ: هُوَ يَأْكُلُ السُّحْتَ؛ لِشَرَهِهِ إِلَى أَكْلِ ذَلِكَ، وَأَخْذِهِ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، كَشَرَهِ الْمَسْحُوتِ الْمَعِدَةِ إِلَى أَكْلِ الطَّعَامِ، يُقَالُ مِنْهُ: سَحَتَهُ اللَّهُ، وَأَسْحَتَهُ، لُغَتَانِ مَحْكِيَّتَانِ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ (فَيَسْحَتَكُمْ) وَ {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61] ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ بْنِ غَالِبٍ: [البحر الطويل] وَعَضُّ زَمَانٍ يَا ابْنَ مَرْوَانَ لَمْ يَدَعْ ... مِنَ الْمَالِ إِلَّا مُسْحَتًا أَوْ مُجَلَّفُ يَعْنِي بْالْمُسْحَتِ: الَّذِي قَدِ اسْتُؤْصِلَ هَلَاكًا؛ بِإِفْسَادِهِ إِيَّاهُ، وَمَحْكِيٌّ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ لِلْحَالِقِ إِذَا حَلَقَ: اسْحَتْ شَعْرَهُ، تَعْنِي بِهِ: اسْتَأْصِلْهُ. وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ بِهِ مَالَهُ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ

: لِيُثْرِيَ بِهِ مَالَهُ: لِيُكَثِّرَهُ، وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ: مَنْ سَأَلَ عَنْ غِنًى مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ لِيُكَثِّرَ بِمَسْأَلَتِهِ مَالَهُ، لَا لِيَسُدَّ بِهِ فَاقَتَهُ. وَالثَّرَاءُ بِالْمَدِّ: كَثْرَةُ الْمَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ: [البحر الطويل] يُرِدْنَ ثَرَاءَ الْمَالِ حَيْثُ عَلِمْنَهُ ... وَشَرْخُ الشَّبَابِ عِنْدَهُنَّ عَجِيبُ وَأَمَّا الثَّرَى بِالْقَصْرِ: فَإِنَّهُ التُّرَابُ الْمُبْتَلُّ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه: 6] ، وَيُقَالُ: بَدَا ثَرَى الْمَاءِ مِنْ أَعْطَافِ الْخَيْلِ، إِذَا عَرِقَتْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] يُذَدْنَ ذِيَادَ الْخَامِسَاتِ وَقَدْ بَدَا ... ثَرَى الْمَاءِ مِنْ أَعْطَافِهَا الْمُتَحَلِّبِ يُقَالُ مِنَ الْمَقْصُورِ مِنْ ذَلِكَ: ثَرَّى فُلَانٌ التُّرَابَ، فَهُوَ يُثَرِّيهِ تَثْرِيَةً، وَذَلِكَ إِذَا بَلَّهُ، وَمِنَ الْمَمْدُودِ: أَثْرَى فُلَانٌ فَهُوَ يُثْرِي إِثْرَاءً. وَيُقَالُ: ثَرَى بَنُو فُلَانٍ بَنِي فُلَانٍ، إِذَا كَثَرُوهُمْ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ. وَيُقَالُ: هُوَ فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَثَرَاءٍ، يُرَادُ بِالثَّرْوَةِ: الْعَدَدُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا فَلْيَجْزِ بِهِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ

: «فَلْيَجْزِ بِهِ» : فَلْيُكَافِ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: جَزَى اللَّهُ فُلَانًا عَنْ فُلَانٍ خَيْرًا، يُعْنَى بِهِ: أَثَابَهُ اللَّهُ وَكَافَاهُ عَنْهُ، عَلَى فِعْلِهِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «هَالِعٌ» : جَازِعٌ، يَجْزَعُ صَاحِبُهُ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي الْحُقُوقِ مَخَافَةَ الْفَاقَةِ وَالْإِقْتَارِ. وَوَصَفَ بِالْهَلَعِ الشُّحَّ - وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الشَّحِيحِ - كَمَا قِيلَ: لَيْلٌ نَائِمٌ، وَنَهَارٌ صَائِمٌ، يُرَادُ بِهِ: يُنَامُ فِي هَذَا، وَيُصَامُ فِي هَذَا، فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: شُحٌّ هَالِعٌ، أَنَّهُ يَهْلَعُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] ، قِيلَ: ضَجُورًا، وَقِيلَ: جَزُوعًا. وَالْهَلَعُ عِنْدَ الْعَرَبِ: أَشَدُّ الْجَزَعِ وَأَقْبَحُهُ، يُقَالُ مِنْهُ: هَلِعَ فُلَانٌ يَهْلَعُ هَلَعًا وَهُلُوعًا. وَأَمَّا الْجُبْنُ الْخَالِعُ: فَهُوَ الْجُبْنُ الَّذِي يَخْلَعَ فُؤَادَ صَاحِبِهِ مِنَ الْخَوْفِ وَالرُّعْبِ عِنْدَ لِقَاءِ النَّاسِ. وَإِنَّمَا وَصَفَهُمَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُمَا شَرُّ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْ خَلَائِقِهِ؛ لِأَنَّ الشُّحَّ يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى كُلِّ عَظِيمَةٍ، مِنْ مَنْعِ حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي أَوْجَبَهَا فِي مَالِهِ كَالزَّكَاةِ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ مَا يَلْزَمُهُ لِلنَّاسِ مِنَ الدُّيُونِ، وَلِأَهْلِهِ مِنَ النَّفَقَاتِ، وَيَدْعُوهُ إِلَى السَّرَقِ وَغَصْبِ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ، وَخِيَانَتِهِمْ فِيمَا اتَّمَنُوهُ عَلَيْهِ، وَأَشْبَاهِ

ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُمَلُّ تَعْدَادُهَا، وَأَنَّ الْجُبْنَ الْخَالِعَ يَصُدُّ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّ اللَّهِ مِنْ جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَيَدْعُو إِلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، حَذَرًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمَأْمُورِ أَوِ الْمَنْهِيِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَأْتِي رَجُلٌ مَوْلَاهُ يَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِ مَا عِنْدَهُ فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ، إِلَّا دُعِيَ لَهُ شُجَاعًا يَتَلَمَّظُ، فَضْلُهُ الَّذِي مَنَعَ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالشُّجَاعِ: نَوْعًا مِنَ الْحَيَّاتِ، وَهِيَ مِنْ عِظَامِهَا وَخِبَاثِهَا، وَإِيَّاهُ عَنَى الرَّاجِزُ بِقَوْلِهِ: [البحر الرجز] قَدْ سَالَمَ الْحَيَّاتُ مِنْهُ الْقَدَمَا ... الْأَفْعُوَانَ وَالشُّجَاعَ الشَّجْعَمَا وَأَمَّا قَوْلُهُ: «يَتَلَمَّظُ» ، فَإِنَّ التَّلَمُّظَ: التَّمَطُّقُ وَتَكْرِيرُ الْعَضِّ وَالْقَضْمِ، يُقَالُ مِنْهُ: مَا ذَاقَ فُلَانٌ الْيَوْمَ لَمَاظًا، وَلَا مَضَاغًا، وَلَا قَضَامًا، وَلَا أَكَالًا، إِذَا لَمْ يَذُقْ شَيْئًا

وَأَمَّا قَوْلُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِعْوَزَيْنِ لَهُ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْمِعْوَزَيْنِ: ثَوْبَيْنِ خَلَقَيْنِ، وَالْمَعَاوِزُ: جَمْعُ ذَلِكَ، وَهِيَ الْخُلْقَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَهِيَ الْأَسْمَالُ، وَالْأَخْلَاقُ، وَالْأَطْمَارُ وَالْأَهْدَامُ، وَالشَّبَارِقُ، وَالشَّرَاذِمُ، وَالشَّمَاطِيطُ. وَأَمَّا قَوْلُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ: فَاضْطَرَّهُ النَّاسُ - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى سَلَمَةٍ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالسَّلَمَةِ: شَجَرَةً تُدْعَى بِهَذَا الِاسْمِ لَهَا شَوْكٌ، وَإِيَّاهَا عَنَى الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ: صَاحَ الْغُرَابُ بِمَهْ ... بِالْبَيْنِ مِنْ سَلَمَةْ وَكَذَلِكَ السَّمُرَةُ: شَجَرَةٌ تُعْرَفُ بِهَذَا الِاسْمِ تَكُونُ بِالْبَوَادِي. وَأَمَّا قَوْلُ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعِنْدَهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ تَذُبُّ عَنْهُ، وَهِيَ مَوْشُومَةُ الْيَدَيْنِ، كَانُوا وَشَمُوهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ وَشْمَ الْيَدِ: تَغْرِيزُ ظُهُورِهَا بِالْإِبْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْحَدِيدِ الَّذِي يُؤَثِّرُ فِيهِ نُقُوشًا، ثُمَّ يُحْشَى مَوَاضِعُ التَّغْرِيزِ نَؤُورًا لِيُخَضِّرَهَا أَوْ يُسَوِّدَهَا، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، فَالْوَاشِمَةُ: فَاعِلَةُ الْوَشْمِ، وَالْمُسْتَوْشِمَةُ: السَّائِلَةُ الْوَاشِمَةَ أَنْ تَشِمَهَا، وَمِنَ الْوَشْمِ الَّذِي وَصَفْتُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ فِي صِفَةِ ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ: [البحر البسيط] أَمَّا السَّرَاةُ فَمِنْ دِيبَاجَةٍ لَهَقٍ ... وَبِالْقَوَائِمِ مِثْلُ الْوَشْمِ بِالْقَارِ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ: [البحر الكامل] أَوْ رَجْعُ وَاشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُهَا ... كِفَفًا تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا وَأَمَّا قَوْلُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: فَكَانَ أَهْلُ الْمَاءِ قَدْ أَصَابَهُمْ خَمْصٌ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْخَمْصِ: الْأَزْلَ وَالشِّدَّةَ وَالْمَجَاعَةَ، وَالْخُمُوصَةُ: ضُمُورُ الْبَطْنِ مِنَ الْمَجَاعَةِ وَغَيْرِهَا، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ الضَّامِرَةِ الْبَطْنِ: خُمْصَانَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ مَيْمُونِ بْنِ قَيْسٍ: [البحر البسيط] خُمْصَانَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرَافِقُهَا ... كَأَنَّ أَخْمَصَهَا بِالشَّوْكِ مُنْتَعِلُ

وَذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ النِّسَاءُ، وَمِنَ الْخَمْصِ أَيْضًا قَوْلُ مَيْمُونٍ الْآخَرُ: [البحر الطويل] تَبِيتُونَ فِي الْمَشْتَى مِلَاءً بُطُونُكُمْ ... وَجَارَاتُكُمْ غُبْرٌ يَبِتْنَ خَمَائِصَا يَعْنِي بِالْخَمَائِصِ: الْمَهَازِيلَ الضَّامِرَاتِ الْبُطُونِ مِنَ الْجُوعِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} [المائدة: 3] ، يَعْنِي بِالْمَخْمَصَةِ: الْمَجَاعَةَ، وَهُوَ الْمَفْعَلَةُ مِنَ الْخَمْصِ. وَأَمَّا قَوْلُ لَبِيدٍ: وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَبَقِيتُ فِي قَوْمٍ شِرَارٍ أَرْدِيَاءَ، خَلَفُوا أَهْلَ الْفَضْلِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمْ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ إِذَا أَرَادَتِ الْخَبَرَ عَنْ شِرَارٍ خَلَفُوا خِيَارًا كَانُوا قَبْلَهُمْ قَالُوا: خَلَفَهُمْ خَلْفُ سُوءٍ، بِتَسْكِينِ اللَّامِ مِنَ الْخَلْفِ، وَإِذَا أَرَادُوا الْخَبَرَ عَنْ خِيَارٍ خَلَفُوا خِيَارًا قَالُوا: خَلَفَهُمْ خَلَفٌ صَالِحٌ، بِفَتْحِ اللَّامِ مِنَ الْخَلَفِ. وَمِنَ الْخَلْفِ بِسُكُونِ اللَّامِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: 59] ، وَمِنَ الْخَلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ: [البحر البسيط] بَانَ الشَّبَابُ وَأَمْسَى الشَّيْبُ قَدْ أَزِفَا ... وَلَا أَرَى لِشَبَابٍ ذَاهِبٍ خَلَفَا

وَأَمَّا قَوْلُ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ: فَأُتِيَ بِأَرْبَعَةِ أَرْغِفَةٍ، وَقَصْعَةٍ فِيهَا مَرِيسٌ، فَإِنَّ الْمَرِيسَ: فَعِيلٌ مِنَ الْمَرْسِ، أَصْلُهُ مَفْعُولٌ صُرِفَ إِلَى فَعِيلٍ، كَمَا قِيلَ لِلْمَقْتُولِ قَتِيلٌ، وَلِلْمَجْرُوحِ جَرِيحٌ، وَإِنَّمَا عَنَى بِالْمَرِيسِ: الشَّيْءَ الْمَمْرُوسَ بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ عَسَلٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ سَمْنٍ، يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ مَرَسَ فُلَانٌ الْعَسَلَ فِي الْقَصْعَةِ، إِذَا صَفَّاهُ فِيهَا مِنْ شَهْدِهِ، وَمَرَسَ التَّمْرَ فِي السَّمْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَدْ جَرَّبَ الْأُمُورَ وَعَالَجَهَا: قَدْ مَارَسَ الْأُمُورَ وَضَارَسَهَا، كَمَا قَالَ الطِّرِمَّاحُ: [البحر الوافر] وَضَارَسْتُ الْأُمُورَ وَضَارَسَتْنِي ... فَلَمْ أَعْجِزْ، وَلَمْ تَضْعُفْ قَنَاتِي وَمِنَ الْمَرْسِ أَيْضًا قَوْلُهُ: [البحر الطويل] بَنُو الْحَرْبِ مَا يُلْفَى بِنَبْعَةِ عُودِهِمْ ... إِذَا امْتَرَسَتْ فِيهِ الْأَكُفُّ، صُدُوعُ

ذكر خبر آخر من أخبار أبي سعيد الخدري، عن عمر بن الخطاب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا - أَوْ: مَا تُفْتِينَا؟ قَالَ: «§ذُكِرَ لِي أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ» . فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَطَعِمْتُهُ، وَإِنَّمَا عَافَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح؛ لعلل: إحداها: أنه خبر قد حدث به عن أبي سعيد غير واحد من الرواة عنه، فلم يذكروا فيه الكلام الذي ذكره أبو نضرة في هذا

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوَهِّنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِعِلَلٍ: إِحْدَاهَا: أَنَّهُ خَبَرٌ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ، فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الْكَلَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو نَضْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْنِي قَوْلَ عُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَرَكَ أَكْلَ الضَّبِّ؛ لِأَنَّهُ عَافَهُ. وَأُخْرَى: أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي نَضْرَةَ غَيْرُ دَاوُدَ، فَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِيهِ. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ دَاوُدَ بَعْضُ الرُّوَاةِ، فَجَعَلَ كَلَامَ عُمَرَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْهُ، وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَبَا سَعِيدٍ. وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ جَمَاعَةٌ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ فِي حَدِيثِهِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ عَافَهُ. وَالْخَامِسَةُ: أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مُرْتَضًى نَقْلُهُ

ذكر من حدث بهذا الحديث بهذا الإسناد، فلم يذكر فيه ما ذكره ابن أبي عدي من قول عمر في الضب: إنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فِي الضَّبِّ: إِنَّمَا عَافَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ، فَكَيْفَ تَرَى فِي الضِّبَابِ؟ قَالَ: «§ذُكِرَ لِي أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ -[150]- مُسِخَتْ» ، فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ. قَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَطَعِمْتُهُ

ذكر من حدث بهذا الحديث عن عمر، فجعله عن داود، عن أبي نضرة، عن عمر مرسلا، ولم يدخل بين أبي نضرة وبين عمر أبا سعيد

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ، فَجَعَلَهُ عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا، وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَ أَبِي نَضْرَةَ وَبَيْنَ عُمَرَ أَبَا سَعِيدٍ

227 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إِنَّ اللَّهَ §لَيَنْفَعُ بِالضَّبِّ، وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَطَعِمْتُ مِنْهُ»

ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي سعيد، فلم يذكر فيه الكلام الذي ذكره داود، عن أبي نضرة، عنه، عن عمر

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْكَلَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْهُ، عَنْ عُمَرَ

228 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي -[151]- أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§ضَلَّتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَ الضِّبَابَ»

229 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§أُمَّةٌ مُسِخَتْ، فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»

230 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ أَبِي عَمْرٍو النَّدَبِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَبٍّ، فَقَالَ: «اقْلِبُوهُ» . فَقُلِبَ ظَهْرُهُ لِبَطْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§سِبْطٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَتَاهُوا، فَإِنْ يَكُ شَيْئًا فَهَؤُلَاءِ»

ذكر من حدث بهذا الحديث عن داود فوافق - في ترك الكلام الذي ذكره ابن أبي عدي، عن أبي سعيد، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم - قتادة

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ دَاوُدَ فَوَافَقَ - فِي تَرْكِ الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَادَةَ

231 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ» . فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ

232 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§بَلَغَنِي أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ، فَلَا أَدْرِي أَيُّ الدَّوَابِّ هِيَ؟» فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ وَقَدْ وَافَقَ الرِّوَايَةَ الَّتِي رَوَاهَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، رِوَايَةُ آخَرِينَ عَنْ عُمَرَ، لَمْ يَسْمَعْ بَعْضُهُمْ مِنْ عُمَرَ شَيْئًا، وَقَدْ سَمِعَهُ بَعْضُهُمْ بِأَسَانِيدَ بَعْضُهَا صِحَاحٌ، وَبَعْضُهَا وَاهٍ

ذكر ذلك

§ذِكْرُ ذَلِكَ

233 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ، وَإِنَّمَا تَقَذَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَنَا لَأَكَلْنَا، وَإِنَّهُ لِرِعَائِنَا وَسَفْرِنَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ نَاسًا كَثِيرًا»

234 - حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ الْوَصَّابِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §لَمْ يُحَرِّمِ الضَّبَّ وَلَكِنْ قَذِرَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ عَامَّةَ الرِّعَاءِ وَغَيْرَهُمْ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَأَكَلْتُ مِنْهُ»

235 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «إِنَّ §هَذِهِ الضِّبَابَ طَعَامُ عَامَّةِ هَذِهِ الرِّعَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَطَعِمْتُهُ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمْهُ، وَلَكِنْ قَذِرَهُ» -[155]- وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ أَكْلَهُ تَقَذُّرًا - جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّا صَحَّ سَنَدُهُ مِنْهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

ذكر ذلك

§ذِكْرُ ذَلِكَ

236 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، قَالَ: دَعَانَا رَجُلٌ، فَأَتَانَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ ضَبًّا. قَالَ: فَآكِلٌ وَتَارِكٌ. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الضَّبِّ، فَأَكْثَرَ فِيهِ جُلَسَاؤُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا قُلْتُمْ؟ إِنَّمَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحِلًّا وَمُحَرِّمًا، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَعِنْدَهُ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِوَانٍ عَلَيْهِ خُبْزٌ وَلَحْمُ ضَبٍّ. قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْكُلَ قَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§هَذَا لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ، وَلَكِنْ كُلُوا» . قَالَ: فَأَكَلَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْمَرْأَةُ، وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: لَا آكُلُ مِنْ طَعَامٍ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمْ تَأْكُلْ مَيْمُونَةُ -[156]- 237 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

238 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَحُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: دُعِينَا لِعُرْسٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْنَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ ضَبًّا، فَمِنْ آكِلٍ وَتَارِكٍ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: تَزَوَّجَ فُلَانٌ فَقَرَّبَ إِلَيْنَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ ضَبًّا، فَمِنْ آكِلٍ وَتَارِكٍ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: حَلَالٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَرَامٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أُحِلُّهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ ". فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُحِلًّا وَمُحَرِّمًا، قُرِّبَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامٌ لِيَأْكُلَ، فَمَدَّ يَدَهُ، فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ؛ فَكَفَّ يَدَهُ، وَقَالَ: «§إِنَّهُ لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ قَطُّ» . فَأَكَلَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَامْرَأَةٌ كَانَتْ مَعَهُمْ، وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: لَا آكُلُ مِنْ طَعَامٍ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 239 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا طَعَامٌ مَا أَكَلْتُهُ قَطُّ، فَكُلُوهُ أَنْتُمْ» . فَأَكَلَ خَالِدٌ وَأَكَلَ الْقَوْمُ. وَسَائِرُ الْحَدِيثِ نَحْوُهُ

240 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: ذُكِرَ الضَّبُّ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ: أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُحِلَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ إِنَّمَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحِلًّا وَمُحَرِّمًا، جَاءَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ ابْنَتُ الْحَارِثِ تَزُورُ أُخْتَهَا مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهَا طَعَامٌ وَفِيهِ لَحْمُ ضَبٍّ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أَغْسَقَ - يَعْنِي: بَعْدَمَا أَظْلَمَ - فَكَرِهَتْ مَيْمُونَةُ أَنْ يَأْكُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ، قَالَتْ: إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ. فَأَمْسَكَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْسَكَتْ مَيْمُونَةُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَكَلَهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا نَهَاهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ §لَيْسَ بِأَرْضِنَا، وَنَحْنُ نَعَافُهُ» ، -[158]- 241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: ذُكِرَ الضَّبُّ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا كُرَيْبٍ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: جَاءَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ: جَاءَتْ أُمُّ حُفَيْزٍ، بِالزَّايِ ابْنَتُ الْحَارِثِ، وَقَالَا جَمِيعًا: وَمَعَهَا طَعَامٌ فِيهِ لَحْمُ ضَبٍّ، 242 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: ذُكِرَ الضَّبُّ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَرَامٌ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِئْسَ مَا قُلْتُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَأَكَلْتُهُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا نَهَانَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

243 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ الضَّبُّ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا بُعِثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحِلًّا وَمُحَرِّمًا، جَاءَتْ أُمُّ حُفَيْزٍ تَزُورُ أُخْتَهَا مَيْمُونَةَ بْنَتَ الْحَارِثِ، مَعَهَا طَعَامٌ فِيهَا لَحْمُ ضَبٍّ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أَغْسَقَ، فَوُضِعَ الْعَشَاءُ، فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ؛ فَأَمْسَكَ وَأَمْسَكَتْ مَيْمُونَةُ، وَأَكَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى الْخِوَانِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَنَهَاهُمْ عَنْهُ. وَقَالَ: «إِنَّهُ §لَيْسَ بِأَرْضِنَا، وَنَحْنُ نَعَافُهُ»

244 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنٌ وَأَقِطٌ وَضَبٌّ، فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالْأَقِطِ، وَقَالَ لِلضَّبِّ: «إِنَّ §هَذَا شَيْءٌ مَا أَكَلْتُهُ»

245 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا وَاقِدٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِطٌ وَسَمْنٌ وَضَبٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَمَّا هَذَا فَلَيْسَ بِأَرْضِنَا، مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فَلْيَأْكُلْ» ، فَأُكِلَ عَلَى خِوَانِهِ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ

246 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §أَهْدَتْ خَالَتِي أُمُّ حُفَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالْأَقِطِ وَتَرَكَ الْأَضُبَّ تَقَذُّرًا، فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

247 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §أُهْدِيَ لِبَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَبٌّ نَضِيجٌ، فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ وَلَمْ يَأْكُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: «لَا. وَلَكِنِّي أَقْذَرُهُ» ، -[161]- 248 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: «لَا، بَلْ حَلَالٌ» . وَسَائِرُ الْحَدِيثِ مِثْلُهُ

249 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَيْفُ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ - فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمْتِ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَلَّ مَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ - فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى الضَّبِّ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ. قُلْنَ: هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ خَالِدٌ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا §وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي؛ فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» . قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ، فَلَمْ يَنْهَنِي

250 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَمَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ. قَالُوا: هُوَ ضَبٌّ. فَرَفَعَ يَدَهُ. قَالَ: فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: «لَا، §وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي؛ فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» قَالَ: فَاجْتَرَرْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي

251 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: أُهْدِيَ لِمَيْمُونَةَ ابْنَتِ الْحَارِثِ ضَبٌّ - أَوْ: ضِبَابٌ - فَأَمَرَتْ بِهِ فَصُنِعَ طَعَامًا، فَأَتَاهَا رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِهَا، فَقَدَّمَتْهُ إِلَيْهِمَا تُتْحِفُهُمَا بِهِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَحَّبَ بِهِمَا، ثُمَّ تَنَاوَلَ لِيَأْكُلَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» ، فَقَالُوا: ضَبٌّ أُهْدِيَ لَنَا. فَقَذَفَهُ، ثُمَّ كَفَّ يَدَهُ؛ فَكَفَّ الرَّجُلَانِ، فَقَالَ لَهُمَا: «كُلَا §فَإِنَّكُمْ أَهْلَ نَجْدٍ تَأْكُلُونَهَا، وَإِنَّا أَهْلَ تِهَامَةَ نَعَافُهَا» ، -[163]- 252 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ خَالَتُهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

253 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَأَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَاعَدْتُ - ابْنَ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ، أَوْ سَنَةً وَنِصْفًا، فَلَمْ أسْمَعْهُ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ سَعْدٌ، فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ: إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ. فَأمْسَكُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §كُلُوا - أَوِ: اطْعَمُوا - فَإِنَّهُ حَلَالٌ - أَوْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ - تَوْبَةُ شَكَّ فِيهِ - وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي " لَفْظُ الْحَدِيثِ، حَدِيثِ ابْنِ الْوَلِيدِ

254 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، (ح) وَحَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ»

255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الضَّبِّ؟ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ»

256 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ح، وَحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، (ح) وَحَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ»

257 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§لَا آكُلُهُ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ»

258 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ»

259 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا صَخْرٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ»

260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ح وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أُتِيَ بِضَبٍّ فَلَمْ يَأْكُلْهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ»

261 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، أَنْبَأَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ» . قَالَ: فَتَرَكَهُ عَبْدُ اللَّهِ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ يَأْكُلُهُ

262 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ جَالسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَسَأَلَهُ عَنِ الضَّبِّ؟ فَقَالَ: «§لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ»

263 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي أَكْلِ الضَّبِّ؟ قَالَ: «§لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ»

264 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ» ، 265 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، عَنْ حِبَّانَ بْنِ جَزْءٍ، عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الضَّبِّ؟ فَقَالَ: «§لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» . قُلْتُ: فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْهُ. قَالَ: «فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ، وَرَأَيْتُ خَلْقًا رَابَنِي» فَقَالَ بِهَذَا الْخَبَرِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ، وَقَالُوا: أَكْلُ الضَّبِّ حَلَالٌ

ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم

§ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ

267 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ، فَجَعَلَ يَرْضَخُ لَهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ، فَرَأَى رَجُلًا سَمِينًا فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: سَمِنَ مِنْ أَكْلِ الضِّبَابِ. فَقَالَ عُمَرُ: «§وَدِدْتُ أَنَّ فِيَ جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَهُمْ فِي بُطُونِ التِّلَاعِ وَرُءُوسِ الْآكَامِ» ، 268 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي رِبْعِيٍّ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: أَمَا تَأْكُلُونَ الْهَبِيدَ - يَعْنِي الْحَنْظَلَ - لَقَدْ كَانَتْ أُمُّنَا تُصَنِّعُهُ فَنَأْكُلُهُ

269 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَى عُمَرُ أَعْرَابِيًّا سَمِينًا فِي عَامِ مَجَاعَةٍ، فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ شَيْءٍ سَمِنَ هَذَا؟» ، فَقَالُوا: مِنْ أَكْلِ الضِّبَابِ. فَقَالَ: «وَاللَّهِ §لَوَدِدْتُ أَنَّ فِي جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَهُمْ فِي بُطُونِ الْآكَامِ وَرُءُوسِ التِّلَاعِ»

270 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قَالَ عُمَرُ: §مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِائَةَ نَاقَةٍ، كُلُّهَا سُودُ الْحَدَقَةِ، بِحَظِّ الْعَرَبِ مِنَ الضِّبَابِ "

271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: «§مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَكَانَ كُلِّ ضَبٍّ دَجَاجَةً»

272 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «§لَضَبٌّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَجَاجَةٍ»

273 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ رَجُلًا، شَكَا إِلَى عُمَرَ الْجُوعَ، فَقَالَ: أَلَسْتَ بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: «§مَا يَسُرُّنِي بِحَظِّي مِنَ الضِّبَابِ حُمْرُ النَّعَمِ»

274 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ، قَالَ: رَأَى عُمَرُ رَجُلًا سَمِينًا فِي عَامِ سَنَةٍ فَقَالَ: مَا أَسْمَنَكَ؟ فَقَالَ: الضِّبَابُ. فَقَالَ عُمَرُ: «§لَوَدِدْتُ أَنَّ فِيَ جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ»

275 - حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ لَيْثٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «§مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مَكَانَ كُلِّ ضَبٍّ دَجَاجَةً»

276 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: أَنْبَأَنَا عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ، عَنْ عَمِّهِ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَى عُمَرُ رَجُلًا رَاعِيًا سَمِينًا فِي عَامِ سَنَةٍ، فَقَالَ: «مَا أَسْمَنَكَ؟» فَقَالَ: الضِّبَابُ. فَقَالَ عُمَرُ: «§وَدِدْتُ أَنَّ فِيَ جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ»

277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ - يُقَالُ لَهُ مَعْبَدُ بْنُ سُوَيْدٍ أَوْ غَيْرُهُ - أَنَّ عُمَرَ، رَأَى رَجُلًا سَمِينًا فِي عَامِ الرَّمَادَةِ، فَقَالَ: «مَا أَسْمَنَكَ؟» قَالَ: الضِّبَابُ. فَقَالَ عُمَرُ: «§وَدِدْتُ أَنَّ فِي جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ»

278 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَعْبَدٍ: أَنَّ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا مِنْ مُحَارِبٍ، سَمِينًا فِي عَامِ سَنَةٍ، فَقَالَ: «مَا طَعَامُكَ؟» ، قَالَ: الضِّبَابُ. قَالَ: «§وَدِدْتُ أَنَّ فِي جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ»

279 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ: أَنَّ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا سَمِينًا فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالَ: الضِّبَابُ. قَالَ: «§وَدِدْتُ أَنَّ مَكَانَ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ» ، 280 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا دَحْدَاحًا فَقَالَ: مَا الَّذِي أَسْمَنَكَ؟ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَالْمَسْعُودِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: انْطَلَقَ إِلَى الْكُنَاسَةِ يَلْتَمِسُ الضِّبَابَ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «إِنَّ §مُحَرِّمَ الْحَلَالِ كَمُسْتَحِلِّ الْحَرَامِ»

282 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَنْبَأَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَذُكِرَ الضِّبَابُ، فَقَالَ: «إِنَّ §مُحَرِّمَ الْحَلَالِ كَمُسْتَحِلِّ الْحَرَامِ»

283 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «إِنْ كَانَ §أَحَدُنَا لَيُهْدَى لَهُ الضَّبَّةُ الْمَكُونَةُ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تُهْدَى لَهُ الدَّجَاجَةُ السَّمِينَةُ»

284 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «إِنْ §أَعْجَبَكَ فَكُلْهُ»

285 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَعَبْدَةُ، عَنِ الزِّبْرِقَانِ، قَالَ: " §أَهْدَى لِي شَقِيقٌ لَحْمَ ضَبٍّ، ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ الَّذِي بَعَثْتُ إِلَيْكَ؟ قُلْتُ: طَيِّبًا

286 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: " §سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا "

287 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ كَانَ: «§لَا يَرَى بِأَكْلِ الضَّبِّ بَأْسًا»

288 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، أَخْبَرَنِي، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «§لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الضَّبِّ»

289 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: «§لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الضَّبِّ» وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِأَنَّ الضِّبَابَ أُكِلَتْ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَحْضَرٍ مِنْهُ. وَقَالُوا: لَوْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا؛ مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَهُ يَأْكُلُهُ؛ إِذْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْكَرًا وَلَا يُغَيِّرَهُ، وَلَا مُنْكَرَ أَنْكَرُ مِنْ أَكْلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ أَكْلَهُ. وَقَالُوا: سَوَاءٌ أُضِيفَ إِلَيْهِ تَرْكُهُ آكِلَ الْحَرَامِ وَأَكْلَهُ، وَتَرْكُهُ شَارِبَ الْحَرَامِ وَشُرْبَهُ. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزَةٌ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ؛ جَازَتْ إِضَافَةُ إِقْرَارِ شَارِبِ الْخَمْرِ عَلَى شُرْبِهِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ مِنْ صِفَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ صِفَتُهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُقِرُّ أَحَدًا عَلَى انْتِهَاكِ شَيْءٍ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالُوا: وَفِي إِقْرَارِهِ آكِلِي الضِّبَابِ عَلَى مَائِدَتِهِ عَلَى أَكْلِهَا، وَصِفَتُهُ مَا ذَكَرْنَا، أَدَلُّ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهَا حَلَالٌ غَيْرُ حَرَامٍ، وَأَنَّ تَرْكَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَهَا، إِنَّمَا كَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَافَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ طَعَامِ قَوْمِهِ. وَقَالَ الْآخَرُونَ: بَلْ كَانَ تَرْكُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَهَا تَكَرُّهًا، لَا تَحْرِيمًا. قَالُوا: وَكَانَ تَرْكُهُ مَنْ تَرَكَ يَأْكُلُهَا عَلَى مَائِدَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمْرٌ بِتَحْرِيمِهَا -[178]-. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ أَتَاهُ مِنَ اللَّهِ بِتَحْلِيلِهَا أَوْ تَحْرِيمِهَا أَمْرٌ؛ لَمْ يَقُلْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا آمُرُ بِهَا وَلَا أَنْهَى عَنْهَا» ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا بُعِثَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنًا لِلْعِبَادِ أَمْرَ دِينِهِمْ، وَمَا يَحِلُّ لَهُمْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قَالُوا: وَقَدْ تَظَاهَرْتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا آمُرُ بِهَا وَلَا أَنْهَى عَنْهَا» . قَالُوا: فَنَقُولُ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَكْرَهُ أَكْلَهَا كَمَا كَرِهَ، وَلَا نَقُولُ لِمَنْ أَكَلَهَا: أَكَلَ حَرَامًا، وَلَا نَنْهَاهُ عَنْ أَكْلِهَا، وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّا نَكْرَهُهُ. ذِكْرُ الْأَ خْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا آمُرُ بِأَكْلِ الضَّبِّ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ» ، وَأَنَّهُ قَالَ: «أُمَّةٌ مُسِخَتْ، فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَهُ»

290 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَبٍّ، فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ» . فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ

291 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ يَزِيدَ ح، وَحَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ عَبْثَرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ زَيْدٍ أَوْ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَصَبْنَا ضِبَابًا وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَوَاهَا النَّاسُ وَاشْتَوَيْتُ مِنْهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ عُودًا، فَعَدَّ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ فِي الْأَرْضِ، فَلَا أَدْرِي أَيَّ الدَّوَابِّ هِيَ» . فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اشْتَوَوْهَا، فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَمْ يَأْكُلْ "

292 - حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْبَابْلُتِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَأَصَبْنَا ضِبَابًا، فَاشْتَوَى - أَوِ: اشْتَوَى النَّاسُ مِنْهَا - وَاشْتَوَيْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ عُودًا، فَجَعَلَ يَعُدُّ أَصَابِعَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ مُسِخَتْ دَوَابَّ، فَلَا أَدْرِي أَيَّ أُمَّةٍ هِيَ» . فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكَلُوا مِنْهَا، فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ

293 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: شَهِدْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يُحَدِّثُ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ: " أَنَّ رَجُلًا، مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضِبَابٍ قَدِ احْتَرَشَهَا - أَوِ: اخْتَرَشَهَا - شَكَّ ابْنُ مَهْدِيٍّ - فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مُسِخَتْ، فَلَا أَدْرِي، لَعَلَّ هَذَا مِنْهُمْ»

294 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَنْبَأَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: غَزَوْنَا فَأَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ، فَنَزَلْنَا أَرْضًا -[181]- كَثِيرَةَ الضِّبَابِ، فَأَخَذْنَا مِنْهَا فَطَبَخْنَا، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فُقِدَتْ، فَأَخَافُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ» . فَأَكْفَانَا الْقُدُورَ، 295 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: إِنَّ الضَّبَّ أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَأْكُلْهُ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلرِّعَاءِ. فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ، فَلَا أَدْرِي لَعَلَّهَا» . فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَمْ يَأْكُلُهُ

297 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا مَضَبَّةٌ، فَمَا تَرَى فِي الضِّبَابِ؟ فَقَالَ: «§بَلَغَنِي أَنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ» . فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ

298 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَبٍّ، فَقَالَ: «§لَا آمُرُ بِهِ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ» ، أَوْ قَالَ: «لَا أُحِلُّهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ»

299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَيَّ الدَّوَابِّ مُسِخَتْ»

300 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: نَادَى أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَطَعَ عَلَيْهِ خُطْبَتَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الضِّبَابِ؟ فَقَالَ: «§مُسِخَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، اللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّ الدَّوَابِّ مُسِخَتْ؟»

ذكر من قال بهذا الخبر من متقدمي أهل العلم

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْخَبَرِ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْعِلْمِ

301 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «§لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا بِزَاجِرٍ عَنْهُ» -[185]- وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَ: نَكْرَهُ أَكْلَ الضَّبِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: أَكْلُ لَحْمِ الضَّبِّ حَرَامٌ. وَاعْتَلُّوا فِي تَحْرِيمِهِمْ ذَلِكَ بِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهَا الْخَبَرُ الَّذِي

302 - حَدَّثَنَاهُ هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَحَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضِّبَابِ، فَأَصَبْنَا، فَذَبَحْنَا مِنْهَا، فَبَيْنَا الْقُدُورُ تَغْلِي بِهَا، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فُقِدَتْ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ؛ فَاكْفِئُوهَا» . فَكَفَأْنَاهَا

303 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضِّبَابِ، وَنَحْنُ مُرْمِلُونَ، فَأَصَبْنَاهَا، فَكَانَتِ الْقُدُورُ تَغْلِي بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذِهِ؟» فَقُلْنَا: ضِبَابٌ أَصَبْنَاهَا. فَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ» . فَأَمَرَنَا فَأَكْفَأْنَاهَا، وَإِنَّا لَجِيَاعٌ

304 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ أَبُو نَصْرٍ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ -[186]- الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَبٌّ فَلَمْ يَأْكُلْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نُطْعِمُهُ الْمَسَاكِينَ؟ فَقَالَ: «§لَا تُطْعِمُوهُمْ مِمَّا لَا تَأْكُلُونَ»

305 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: أُهْدِيَ لِي ضَبٌّ مَشْوِيٌّ، فَقَرَّبَتْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَأْكُلْهُ، فَقُلْتُ: أَلَا نُطْعِمُهُ السُّؤَّالَ؟ فَقَالَ: «§لَا تُطْعِمُوهُمْ مِمَّا لَا تَأْكُلُونَ»

306 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ إِلَيْهِ بِضَبٍّ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ، فَقُلْتُ: أَلَا أُطْعِمُهُ السُّؤَّالَ؟ فَقَالَ: «§لَا تُطْعِمِيهِمْ مِمَّا لَا نَأْكُلُ مِنْهُ»

307 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِضَبٍّ فَكَرِهَهُ، أَوْ نَهَى عَنْهُ، فَقَالُوا: أَلَا نُطْعِمُهُ الْخَدَمَ؟ فَقَالَ: «§لَا تُطْعِمُوهُمْ مِمَّا لَا تَأْكُلُونَ»

308 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَمِسْعَرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِضَبٍّ فَكَرِهَهُ، فَجَاءَ سَائِلٌ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نُطْعِمُهُ؟ فَقَالَ: «§لَا نُطْعِمُهُ مِمَّا لَا نَأْكُلُهُ» قَالُوا: فَالْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِهَا صَحِيحَةٌ، وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ بِذَلِكَ ثَابِتَةٌ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ، وَلَا عَلَى إِبَاحَةِ مَا حَظَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر من نهى عن أكله من السلف

§ذِكْرُ مَنْ نَهَى عَنْ أَكْلِهِ مِنَ السَّلَفِ

309 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عَرِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَامِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، قَالَ: «§نَهَى عَلِيٌّ عَنِ الضَّبِّ»

310 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبَّاسٍ الشَّبَامِيِّ، عَمَّنْ ذِكْرُهُ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّهُ §كَرِهَ الضِّبَابَ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لَحْمَ الضَّبِّ غَيْرُ حَرَامٍ عَلَى آكِلِهِ أَكْلُهُ؛ إِذْ لَمْ يَنْهَ عَنْ أَكْلِهِ آكِلَهُ، عَلَى مَا بَيَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْتِنَا بِتَحْرِيمِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ خَبَرٌ يَصِحُّ سَنَدُهُ. وَنَكْرَهُ لَهُ أَكْلَهُ تَقَذُّرًا، وَنَنْهَاهُ عَنْهُ تَنَزُّهًا، كَمَا كَرِهَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ تَقَذُّرًا وَعَافَهُ، فَنَهَى عَنْهُ تَنَزُّهًا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ مِنْهُ لَهُ -[189]-. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: أَوَلَيْسَ قَدْ أَخْبَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ وَقَدْ غَلَتِ الْقُدُورُ بِلُحُومِهَا بِكَفْئِهَا؟ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ فِي كَفْئِهَا - إِنْ كَانَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ لُحُومِ الضِّبَابِ كَانَ حَلَالًا - إِفْسَادَ طَعَامٍ حَلَالٍ أَكْلُهُ، وَفِي إِفْسَادِ ذَلِكَ - وَهُوَ حَلَالٌ - تَضْيِيعُ مَالٍ، وَفِي تَضْيِيعِ الْمَرْءِ مَالًا مِنْ مَالِهِ - وَلَا سِيَّمَا الطَّعَامُ الَّذِي هُوَ غِذَاءُ الْأَبْدَانِ وَأَقْوَاتُ الْأَجْسَادِ - الدُّخُولُ فِي مَعَانِي أَهْلِ السَّفَهِ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ الْحَجْرَ، وَالتَّقَدُّمُ عَلَى مَا قَدْ نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ. قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ - وَإِنْ كَانَ طَعَامًا بِالْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْتُ مِنْ كَرَاهَةِ النَّفْسِ لَهُ وَتَقَذُّرِهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَرَامٍ عَلَى آكِلِهِ أَكْلُهُ - لَمْ يَسْتَحِقَّ الرَّامِي بِهِ - إِذَا رَمَى بِهِ - وَلَا مُهْرِيقُ قِدْرِهِ - إِذَا أَهْرَاقَهَا - اسْمَ مُضَيِّعِ مَالٍ، وَمُفْسِدِ طَعَامٍ، كَمَا غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُهْرِيقُ قِدْرِ طَبِيخٍ قَدْ أَرَاحَ وَنَمِسَ - حَتَّى صَارَ مِنْ تَغَيُّرِ طَعْمِهِ وَرَائِحَتِهِ إِلَى حَالٍ تَكْرَهُهُ النَّفْسُ، وَتَعَافُ أَنْ تَطْعَمَهُ - اسْمَ مُضَيِّعِ مَالٍ، وَلَا مُفْسِدِ طَعَامٍ؛ بِإِرَاقَتِهِ إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا أَكْلُهُ، غَيْرُ حَرَامٍ عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ. فَكَذَلِكَ إِرَاقَةُ مُرِيقِ الْقِدْرِ الْغَالِيَةِ بِلُحُومِ الضِّبَابِ - إِذَا أَرَاقَهَا - غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ اسْمَ مُضَيِّعِ مَالٍ، وَلَا مُفْسِدِ طَعَامٍ؛ إِذَا كَانَتْ إِرَاقَتُهُ ذَلِكَ تَقَذُّرًا وَتَنَزُّهًا عَمَّا تَنَزَّهَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَذَّرَهُ، وَإِنْ كَانَ أَرَاقَ مَا هُوَ غَيْرُ حَرَامٍ عَلَى طَاعِمٍ أَنْ يَطْعَمَهُ وَمَنْ أَنْكَرَ مَا قُلْنَا فِي لُحُومِ الضِّبَابِ عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي وَصَفْنَا، سُئِلَ عَنِ الْأَطْعِمَةِ النَّمِسَةِ، وَالْقُدُورِ الْمُرِيحَةِ، وَالْأَطْبِخَةِ الَّتِي قَدْ مَاتَتْ فِيهَا الْخَنَافِسُ وَالْجِعْلَانُ وَبَنَاتُ وَرْدَانَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ -[190]-، فَتَغَيَّرَتْ رَوَائِحُهَا بِمَوْتِ مَا مَاتَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى تَقَذَّرَتِ النُّفُوسُ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَعَافَتْهُ، فَضْلًا عَنْ أَكْلِهَا، أَيَأْثَمُ مُرِيقُهَا بِإِرَاقَتِهَا، وَيَسْتَحِقُّ طَارِحُهَا بِطَرْحِهَا اسْمَ مُضَيِّعِ مَالٍ، وَمُفْسِدِ طَعَامٍ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، خَرَجَ مِنْ مَعْقُولِ أَهْلِ الْعَقْلِ، وَخَالَفَ مَا عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأُمَّةِ، مِنْ إِجَازَتِهِمْ إِلْقَاءَ ذَلِكَ وَطَرْحَهُ وَتَرْكَ أَكْلِهِ. وَإِنْ قَالَ: بَلْ غَيْرُ حَرِجٍ الرَّامِي بِهِ، وَلَا آثِمٌ مُلْقِيهِ وَمُرِيقُهُ. قِيلَ لَهُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ، وَبَيْنَ مُرِيقِ قِدْرِ طَبِيخِ لُحُومِ الضِّبَابِ الَّتِي أَرَاقَهَا مَنْ أَرَاقَهَا تَقَذُّرًا وَتَنَزُّهًا، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ حَرَامٍ أَكْلُهُ، وَلَا حَرِجٍ طَاعِمُهُ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ، بِأَنَّ مُرِيقَ مَا وَصَفْنَا - مِنَ الْقُدُورِ الَّتِي قَدْ مَاتَتْ فِيهَا الدَّوَابُّ الَّتِي ذَكَرْنَا - أَرَاقَ مَا عِلَّتُهُ إِرَاقَتُهُ فَرْضًا؛ لِتَنَجُّسِهِ بِمَوْتِ مَا مَاتَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ مُرِيقَ الْقِدْرِ الْمَطْبُوخِ فِيهَا لُحُومُ الضِّبَابِ، أَرَاقَ مَا هُوَ حَلَالٌ أَكْلُهُ عِنْدَكُمْ غَيْرُ حَرَامٍ، خَالَفَ فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ الْحُجَّةُ مُجْمِعَةٌ وَكُلِّفَ تَثْبِيتَ مَا مَاتَ فِيهِ مِنَ الدَّوَابِّ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ. وَفِي عِزَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، صِحَّةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَطْعُومِ مَا لِصَاحِبِهِ إِلْقَاؤُهُ وَطَرْحُهُ، وَتَرْكُ أَكْلِهِ تَقَذُّرًا وَتَنَزُّهًا، وَهُوَ بِأَكْلِهِ - لَوْ أَكَلَهُ - غَيْرُ آثِمٍ، وَلَا طَاعِمٍ حَرَامًا. وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ؛ صَحَّ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ لُحُومَ الضِّبَابِ الَّتِي وَصَفْنَا، وَثَبَتَتْ صِحَّةُ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ آكِلَهَا إِنْ أَكَلَ، لَمْ يَأْكُلْ بِأَكْلِهَا حَرَامًا، وَإِنْ أَلْقَاهَا وَنَبَذَهَا، لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مُضِيعًا مَالًا، لَا مُفْسِدًا طَعَامًا، وَلَا لَازِمُهُ بِذَلِكَ لَوْمٌ وَلَا إِثْمٌ فِيهِ. وَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ صِحَّةُ مَعْنَى الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لُحُومِ الضِّبَابِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ أَنَّ فِيَ أَمْرِهِ مَنْ أَمَرَ بِأَكْلِ ذَلِكَ، إِعْلَامًا مِنْهُ أُمَّتَهُ أَنَّهُ حَلَالٌ غَيْرُ حَرَامٍ. وَفِي تَرْكِهِ أَكْلَهُ وَنَهْيِهِ مَنْ نَهَى عَنْ أَكْلِهِ، إِعْلَامُهُمْ كَرَاهَتَهُ أَكْلَهُ -[191]- مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا آمُرُ بِهِ، وَلَا أَنْهَى عَنْهُ» إِخْبَارٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْدُبُ إِلَى اسْتِعْمَالِهِمْ إِيَّاهُ فِي مَطَاعِمِهِمِ اسْتِعْمَالَ الطَّيِّبِ مِنْ بَهَائِمِ الْأَنْعَامِ مِنَ الثَّمَانِيَةِ الْأَزْوَاجِ الَّتِي نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى تَحْلِيلَهَا فِي كِتَابِهِ، وَسَائِرِ الْأَغْذِيَةِ الَّتِي طَيَّبَهَا فِي تَنْزِيلِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُحَرِّمُهُ عَلَيْهِمْ تَحْرِيمَ الْخَبَائِثِ الَّتِي أَبَانَ تَحْرِيمَهَا فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ حَرِجٍ طَاعِمُهُ وَلَا آثِمٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا بِأَكْلِهِ عَلَى أَكْلِ مَا يُكْرَهُ لَهُ أَكْلُهُ، كَمَا الْمُتَقَدِّمُ عَلَى أَكْلِ مَا قَدْ نَمِسَ مِنَ الْقُدُورِ وَأَنْتَنَ مِنْ مَوْتِ الْخَنَافِسِ وَبَنَاتِ الْوَرْدَانِ وَالْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ فِيهِ، مُتَقَدِّمٌ عَلَى مَا يُكْرَهُ لَهُ أَكْلُهُ، وَيُخْتَارُ لَهُ تَرْكُهُ فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ فِيمَا

311 - حَدَّثَكُمْ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحُبْرَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ أَكَلِ الضَّبِّ» -[192]- قِيلَ: هَذَا خَبَرٌ لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ فِي الدِّينِ حُجَّةٌ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ فِي الدِّينِ حُجَّةٌ، لَمْ يَكُنْ لِمَا قُلْنَا خِلَافًا؛ إِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ نَهْيَ تَكَرُّهٍ وَتَقَذُّرٍ، لَا نَهْيَ تَحْرِيمٍ. وَإِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا ذَلِكَ، ثُمَّ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيَانِ مُرَادِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ كَانَ عَلَى مَا انْتَهَى ذَلِكَ إِلَيْهِ الدَّيْنُونَةُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ الصِّحَاحُ بِنَقْلِ الْعُدُولِ الْأَثْبَاتِ عَنْهُ، بِإِذْنِهِ فِي أَكْلِ ذَلِكَ وَإِبَاحَتِهِ، وَأَنَّ كَرَاهَتَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِ قَوْمِهِ، لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ حَرَامٌ. وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ عَنْ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ أَكْلِهِ - لَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ - بِمَعْنَى التَّكَرُّهِ وَالتَّقَذُّرِ، لَا بِمَعْنَى التَّحْرِيمِ، وَلَعَلَّ قَائِلًا يَقُولُ: وَمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ: «إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونُهُ» ، وَقَوْلِهِ: «فَلَعَلَّ هَذَا مِنْهُمْ» ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسُوخِ مِنَ الْخَبَرِ الَّذِي

312 - حَدَّثَكَ بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ ابْنَتُ أَبِي سُفْيَانَ: اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَقَدْ سَأَلْتِ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ، لَا يُعَجَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ حِلِّهَا، وَلَا يُؤَخَّرُ بَعْدَ حِلِّهَا، وَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُجِيرَكِ - أَوْ يُعِيذَكِ - مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابٍ فِي النَّارِ، كَانَ خَيْرًا لَكِ» . قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْقِرَدَةُ -[193]- وَالْخَنَازِيرُ، مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ الَّذِينَ مُسِخُوا؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ أُمَّةً فَيُبْقِي لَهَا نَسْلًا أَوْ عَاقِبَةً» فَهَذَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُسُوخِ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُبْقِي لَهَا نَسْلًا وَلَا عَاقِبَةً، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُبْقِي لِلْمُسُوخِ نَسْلًا وَلَا عَاقِبَةً» ، ثُمَّ يَقُولَ فِي الضِّبَابِ: «أَرْهَبُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسُوخِ الَّتِي مُسِخَتْ» ؟ فَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّبِّ: «إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَهُ» . وَلَا فِي قَوْلِهِ: «فَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُمْ» ، خِلَافٌ لِقَوْلِهِ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ أُمَّةً فَيُبْقِي لَهَا نَسْلًا وَلَا عَاقِبَةً» ؛ إِذْ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْأُمَّةُ الَّتِي مُسِخَتْ يَوْمَئِذٍ هِيَ الضِّبَابَ الْآنَ بِأَعْيَانِهَا، لَا أَنَّهَا نَسْلُهَا، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمُسُوخُ الَّتِي -[194]- مُسِخَتْ بَعْضَ هَذِهِ الضِّبَابِ، بَقِيَتْ إِلَى الْآنَ لَمْ تُعْقِبْ، وَتَكُونُ الُّتِي تُعْقِبُ مِنْهَا غَيْرَ الْأُمَّةِ الَّتِي مُسِخَتْ فَحُوِّلَتْ فِي صُوَرِهَا. قِيلَ لَكَ: فَهَذَا خِلَافُ الْقَوْلِ الَّذِي

313 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُرِّيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «§لَمْ يَعِشْ مَسْخٌ قَطُّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَلَمْ يَشْرَبْ، وَلَمْ يَنْسِلْ» وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَسَائِرَ الْخَلْقِ فِي السِّتَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ، فَمَسَخَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ - يَعْنِي الَّذِينَ مَسَخَهُمْ قِرَدَةً فِي صُورَةِ الْقِرَدَةِ - وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِمَنْ شَاءَ كَيْفَ شَاءَ، وَيُحَوِّلُهُ كَيْفَ يَشَاءُ. فَمَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا إِذًا، إنْ كَانَ الَّذِينَ مُسِخُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَائِزًا عِنْدَكَ -[195]- أَنْ يَكُونُوا هُمْ هَذِهِ الضِّبَابَ الْيَوْمَ، أَوْ أَنْ يَكُونُوا كَانُوا مَوْجُودِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الزَّمَانِ مَا مَرَّ، وَأَتَى عَلَيْهِمْ مِنَ الدُّهُورِ مَا أَتَى، وَهَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإنْكَارِهِ لِلْمَسْخِ عَيْشًا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ؟ وَإِنْ أَنْتَ قُلْتَ بِتَصْحِيحِ الْقَوْلِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قِيلَ لَكَ: فَمَا وَجْهُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضِّبَابِ إِذًا، إِذْ سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: «إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَهُ» ، وَالْمُسُوخُ قَدْ هَلَكَتْ وَبَادَتْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالَّذِي قُدِّمَ إِلَيْهِ فَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ مِنْهَا، وَالَّذِي سُئِلَ عَنْهُ مِنْهَا، لَا هُوَ الْمَسْخُ، وَلَا هُوَ مِنْ نَسْلِهَا، فَمَا وجُوهُ كَرَاهَتِهِ أَكْلَ ذَلِكَ حِذَارًا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأُمَّةِ الَّتِي مُسِخَتْ، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ أَنَّ الْمَسْخَ لَا يُعْقِبُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ؟ قِيلَ لَهُ: أَمَّا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رُوِيَ بِمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّ الْمَسْخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، فَخَبَرٌ فِي سَنَدِهِ نَظَرٌ؛ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الضَّحَّاكَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ بِشْرَ بْنَ عُمَارَةَ لَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحًا؛ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافٌ، وَكَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّبِّ الَّذِي قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْ سُئِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مِنَ الْأُمَّةِ الَّتِي مُسِخَتْ بِأَعْيَانِهَا، وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَعَلَّ هَذَا مِنْهُمْ، وَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَهُ» . وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَنَى بِقَوْلِهِ: «لَعَلَّ هَذَا مِنْهُمْ» : مِنْهُمْ فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ، وَلَعَلَّ هَذَا مِنْ نَوْعِهِمْ فِي الْمِثَالِ. «وَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَهُ» : بِمَعْنَى أَنْ تَكُونَ نَظِيرَهُ فِي الْمِثَالِ -[196]- وَالشَّبَهِ، لَا أَنَّهَا هِيَ بِأَعْيَانِهَا. وَإِذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ مَا قُلْنَا، كَانَتْ كَرَاهَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَهَا لِمُشَابَهَتِهَا فِي الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ خَلْقًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَغَيَّرَهُ عَنْ هَيْئَتِهِ وَصُورَتِهِ إِلَى صُورَتِهَا، وَكَذَلِكَ هِيَ عِنْدَنَا. وَإِذَا صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ صَحَّتْ مَخَارِجُ مَعَانِي مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَسْخَ لَا يُعْقِبُ، وَقَوْلِهِ إِذْ سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ: «إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ فَلَعَلَّ هَذَا مِنْهُمْ» ، وَمَخْرَجُ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ الْمَسْخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، وَذَلِكَ أنْ تَكُونَ الْأُمَّةُ الْمَمْسُوخَةُ هَلَكَتْ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَلَمْ تُعْقِبْ وَلَمْ تَنْسِلْ، وَتَكُونَ كَرَاهَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَ الضِّبَابِ إِذْ كَرِهَهُ؛ حِذَارًا أَنْ تَكُونَ مِنْ نَوْعِ مَا مَسَخَ اللَّهُ مِنَ الْأُمَّةِ الَّتِي مَسَخَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ كَانَ لَمْ يَمْسَخْ تَعَالَى ذِكْرُهُ خَلْقًا مِنْ خَلْقِهِ عَلَى صُورَةِ دَابَّةٍ مِنَ الدَّوَابِّ، إِلَّا كَرَّهَ إِلَى أُمَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَ لَحْمِ تِلْكَ الدَّابَّةِ الَّتِي مَسَخَ ذَلِكَ الْخَلْقَ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ. وَذَلِكَ كَتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ لُحُومَ الْخَنَازِيرِ الَّتِي مُسِخَتْ عَلَى صُورَتِهَا أُمَّةٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَكَتَحْرِيمِهِ لُحُومَ الْقِرَدَةِ الَّتِي مُسِخَتْ عَلَى صُورَتِهَا مِنْهُمْ أُمَّةٌ أُخْرَى، وَتَكْرِيهِهِ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ. فَإِنْ قَالَ: أَفَكَانَتْ عِنْدَهُ الضِّبَابُ مِنَ الْمُسُوخِ، وَسَبِيلُهَا سَبِيلُهَا؟ قِيلَ: إِنَّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَهُ» ، وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فَلَعَلَّ هَذَا مِنْهُمْ» ، بَيَانًا وَاضِحًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا مِنْ نَوْعِ الْأُمَّةِ الَّتِي مُسِخَتْ - وَلِذَلِكَ لَمْ تُحَرَّمْ - وَأَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ مِنْهَا مَا تَبَيَّنَ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ لَحَرَّمَ أَكْلَهَا عَلَى آكِلِهَا، وَلَكِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى خَلْقًا مُشْكِلًا، يُشْبِهُ خَلْقَ الْمُسُوخِ؛ فَكَرِهَ أَكْلَهَا لِذَلِكَ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ -[197]-. وَفِي صِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ كَرَاهَتِهِ أَكْلَ لُحُومِ الضِّبَابِ، مَعَ إِذْنِهِ لِآكِلِيهَا فِي أَكْلِهَا، الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ مِنَ أُمُورِ الدِّينِ أُمُورًا، الْوَرَعُ فِي الْإِحْجَامِ عَنِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهَا، وَالْفَضْلُ فِي الْكَفِّ وَالْإِمْسَاكِ عَنْهَا، وَإنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ التَّقَدُّمُ عَلَيْهَا؛ وَذَلِكَ إِذَا الْتَبَسَتْ عَلَى الْمَرْءِ أَسْبَابُهَا، وَلَمْ يَتَّضِحْ لَهُ وَجْهُ صِحَّتِهَا وُضُوحًا بَيِّنًا، كَالَّذِي فَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ، فَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ؛ أَخْذًا مِنْهُ بِالِاحْتِيَاطِ لِنَفْسِهِ، وَاسْتِبْرَاءً مِنْهُ لِدِينِهِ؛ إِذْ خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِ الْمُسُوخِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ نَظَائِرَهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَنْهَ آكِلَهُ عَنْ أَكْلِهِ؛ إِذْ لَمْ تَكُنْ وَضَحَتْ لَهُ صِحَّةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْمُسُوخِ. وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الْمُتَمَسِّكُ مِنْ أُمَّتِهِ بِمِنْهَاجِهِ فِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ؛ يُحْجِمُ عَنِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ؛ أَخْذًا مِنْهُ بِالِاحْتِيَاطِ لِنَفْسِهِ، وَاسْتِبْرَاءً لِدِينِهِ، وَلَا يَذُمُّ الْمُتَقَدِّمَ عَلَيْهِ ذَمَّ مُؤَثِّمٍ، وَلَا يَلُومُهُ لَوْمَ مُعَنِّفٍ

ذكر البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر رحمه الله في لحم الضب: إنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعني بقوله: عافه: كرهه، يقال منه: عاف فلان هذا الشيء فهو يعافه عيفا، وعيوفا، ومنه قول أعشى بني ثعلبة: لكالثور يوم الورد يضرب

§ذِكْرُ الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي لَحْمِ الضَّبِّ: إِنَّمَا عَافَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ: عَافَهُ: كَرِهَهُ، يُقَالُ مِنْهُ: عَافَ فُلَانٌ هَذَا الشَّيْءَ فَهُوَ يَعَافُهُ عَيْفًا، وَعُيُوفًا، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ: [البحر الطويل] لَكَالثَّوْرِ يَوْمَ الْوِرْدِ يُضْرَبُ ظَهْرُهُ ... وَمَا ذَنْبُهُ أَنْ عَافَتِ الْمَاءَ مَشْرَبَا وَمَا ذَنْبُهُ أَنْ عَافَتِ الْمَاءَ بَاقِرٌ ... وَمَا إِنْ تَعَافُ الْمَاءَ إِلَّا لِيُضْرَبَا

وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ: [البحر الوافر] دَعَتْهُ نِيَّةٌ عَنَّا قَذُوفٌ ... وَعَافَ الْبِشْرَ فَانْتَجَعَ الْمِلَاحَا وَالْعِيَافَةُ غَيْرُ هَذَا الْمَعْنَى، وَهِيَ شَبِيهَةُ الْكِهَانَةِ وَزَجْرِ الطَّيْرِ وَالسَّوَانِحِ وَالْبَوَارِحِ، يُقَالُ مِنْهُ: عَافَ الْعَائِفُ، فَهُوَ يَعِيفُ عِيَافَةً، وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ: [البحر الرمل] مَا تَعِيفُ الْيَوْمَ فِي الطَّيْرِ الرَّوَحْ ... مِنْ غُرَابِ الْبَيْنِ أَوْ تَيْسٍ بَرَحْ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أَغْسَقَ، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ. مَعْنَاهُ: إِذَا أَظْلَمَ، يُقَالُ مِنْهُ: غَسَقَ اللَّيْلُ يَغْسِقُ غُسُوقًا، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَخِّرُوا السَّحُورَ، وَعَجِّلُوا الْإِفْطَارَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوَا اللَّيْلَ يَغْسِقُ عَلَى الظِّرَابِ. وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3] ، يَعْنِي بِذَلِكَ: مِنْ شَرِّ مُظْلِمٍ إِذَا هَجَمَ بِظَلَامِهِ

وَأَمَّا قَوْلُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: فَوَجَدَ عِنْدَهُمْ ضَبًّا مَحْنُوذًا، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْمَحْنُوذِ: الْمَشْوِيَّ، الَّذِي قَدْ أُنْضِجَ شَيًّا. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الْمَحْنُوذِ: الْمَشْوِيُّ، وَقَالَ: يُقَالُ مِنْهُ: حَنَذْتُ فَرَسِي: بِمَعْنَى سَخَّنْتُهُ وَعَرَّقْتُهُ، وَاسْتَشْهَدَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِبَيْتِ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] وَفَرَغَا مِنْ رَعْيِ مَا تَلَزَّجَا ... وَرَهِبَا مِنْ حَنْذِهِ أَنْ يَهْرَجَا وَقَالَ الْآخَرُونَ مِنْهُمُ: الْحَنْذُ: التَّعْرِيقُ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: كُلُّ شَيْءٍ شُوِيَ فِي الْأَرْضِ إِذَا خُدَّتْ لَهُ فِيهَا فَدُفِنَ فِيهَا وَغُمِّمَ فَهُوَ الْمَحْنُوذُ، وَقَالَ: تَحْنِيذُ الْخَيْلِ: إِلْقَاءُ الْجِلَالِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ عَلَيْهَا لِتَعْرَقَ، وَذَكَرَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: إِذَا سَقَيْتَهُ فَأَحْنِذْ: يَعْنِي اخْفِسْ، يُرَادُ بِهِ: أَقِلَّ الْمَاءَ وَأَكْثَرِ النَّبِيذَ. وَهَذِهِ أَقْوَالٌ - وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ قَائِلِيهَا - مُتَقَارِبَاتُ الْمَعَانِي، وَالْحَنْذُ: هُوَ مَا وَصَفْتُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، أَعْنِي فِي قَوْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

: فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69] ، يُعْنَى بِهِ: بِعِجْلٍ نَضِيجٍ، قَدْ أُنْضِجَ شَيًّا. وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَهُمْ فِي بُطُونِ التِّلَاعِ وَرُءُوسِ الْآكَامِ، فَإِنَّ التِّلَاعَ: جَمْعُ تَلْعَةٍ، وَهِيَ مَجَارِيَ الْمِيَاهِ مِنَ الْأَمَاكِنِ الْمُرْتَفِعَةِ إِلَى بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مِمَّا انْخَفَضَ مِنْهَا، وَإِيَّاهَا عَنَى ذُو الرُّمَّةِ بِقَوْلِهِ: [البحر الطويل] دَهَاسٍ سَقَاهَا الدَّلْوُ حَتَّى تَنَطَّقَتْ ... بِنَوْرِ الْخُزَامَى فِي التِّلَاعِ الْجَوَائِفِ وَكَذَلِكَ أَبُو النَّجْمِ بِقَوْلِهِ: [البحر الرجز] كَأَنَّ رِيحَ الْمِسْكِ وَالْقَرَنْفُلِ ... نَبَاتُهُ بَيْنَ التِّلَاعِ السُّيَّلِ وَأَمَّا الْآكَامُ: فَإِنَّهَا جَمْعُ أَكَمَةٍ، يُقَالُ لِوَاحِدَتِهَا أَكَمَةٌ، ثُمَّ تُجْمَعُ: أَكَمٌ، وَأُكْمٌ، وَأُكُمٌ، وَآكَامٌ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ عَلَى مَا حَوْلَهُ مِنَ الْأَرْضِ، لَا يَبْلُغُ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا. وَمِنَ الْأَكَمِ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز]

بَلْ بَلَدٍ مِلْءِ الْفِجَاجِ قَتَمُهْ , لَا يُشْتَرَى كَتَّانُهُ وَجَهْرَمُهْ , يُجْتَابُ ضَحْضَاحَ السَّرَابُ أَكَمُهْ وَمِنَ الْأُكْمِ بِسُكُونِ الْكَافِ قَوْلُ أَبِي النَّجْمِ: كَأَنَّ فَوْقَ الْأُكْمِ مِنْ غُثَائِهِ ... قَطَائِفَ الشَّأْمِ عَلَى عَبَائِهِ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لِلْأَعْرَابِ الَّذِينَ أَتَوْهُ: أَمَا تَأْكُلُونَ الْهَبِيدَ، فَإِنَّ الْهَبِيدَ هُوَ الْحَنْظَلُ، يُؤْخَذُ فَيُنْقَعُ أَيَّامًا سَبْعَةً، ثُمَّ يُقْشَرُ مِنْ قِشْرِهِ الْأَعْلَى، ثُمَّ يُطْحَنُ فَيُخْرَجُ مِنْهُ دَسَمٌ، وَتُتَّخَذُ مِنْهُ عَصِيدَةٌ. وَقَدْ حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْهَبِيدَ إِذَا قُشِرَ صَارَ كَهَيْئَةِ النَّشَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ أَكْلَ مِنْهُ، وَإِيَّاهُ عَنَى الطِّرِمَّاحَ بِقَوْلِهِ: [البحر الطويل] يُمْسِي بِعَقْوَتِهَا الْهِجَفُّ كَأَنَّهُ ... حَبَشِيُّ حَازِقَةٍ غَدَا يِتَهَبَّدُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ يَتَهَبَّدُ: يَطْلُبُ الْحَنْظَلَ لَيَعْمَلَ بِهِ مَا وَصَفْتُ

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: لَأَنْ يُهْدَى إِلَى أَحَدِنَا الضَّبَّةُ الْمَكُونَةُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تُهْدَى لَهُ الدَّجَاجَةُ السَّمِينَةُ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالضَّبَّةِ الْمَكُونَةِ: الَّتِي قَدْ جَمَعْتِ الْبَيْضَ فِي بَطْنِهَا، يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: قَدْ مَكِنَتِ الضَّبَّةُ، وَأَمْكَنَتْ، وَهِيَ ضَبَّةٌ مَكُونٌ. وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ فِي مَكِنَاتِهَا» ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ: مُكُنَاتِهَا، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يُوَجِّهُهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَإِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ بِإِقْرَارِ الطَّيْرِ عَلَى بَيْضِهَا حَتَّى تُفْرِخَ، وَيَزْعُمُ أَنَّ الْمَكِنَاتِ جَمْعُ مَكِنَةٍ، وَأَنَّهَا بَيْضُ الطَّائِرِ، وَيَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ قِيلَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ، وَإنْ كَانَ الْمَكِنَاتُ لَا تُعْرَفُ إِلَّا لِلضِّبَابِ، كَمَا قِيلَ: مَشَافِرُ الْحَبَشِ، وَإِنَّمَا الْمَشَافِرُ لِلْإِبِلِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ فِي صِفَةِ الْأَسَدِ: [البحر الطويل] لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ وَلَا أَظْفَارَ لِلْأَسَدِ، وَإِنَّمَا لَهُ مَخَالِبُ. وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ آخَرُونَ، وَقَالُوا: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى أَمْكِنَتِهَا، وَامْضُوا لِأُمُورِكَمْ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالُوا: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ سَفَرًا أَوْ غَزْوًا أَوْ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ

، أَثَارَ الطَّيْرَ مِنْ أَوْكَارِهَا؛ لِيَنْظُرَ أَيَّ وَجْهٍ تَسْلُكُ، وَإِلَى أَيِّ نَاحِيَةٍ تَطِيرُ، فَإِنْ طَارَتْ ذَاتَ الْيَمِينِ خَرَجَ لِسَفَرِهِ وَمَضَى لِأَمْرِهِ، وَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ الشِّمَالِ؛ رَجَعَ وَلَمْ يَمْضِ؛ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِرُّوهَا فِي أَمَاكِنِهَا، وَأَبْطَلَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ، كَمَا أَبْطَلَ الِاسْتِقْسَامَ بِالْأَزْلَامِ. وَقَالَ الْآخَرُونَ: بَلْ هَذَا تَصْحِيفٌ مِنَ الرُّوَاةِ، وَخَطَأٌ مِنْهُمْ، وَلَا نَعْرِفُ الْمَكِنَاتِ إِلَّا اسْمًا لِبَيْضِ الضِّبَابِ دُونَ غَيْرِهَا. قَالُوا: وَنَرَى أَنَّ رَاوِيَ ذَلِكَ سَمِعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ فِي وُكُنَاتِهَا» ، بِالْوَاوِ. وَقَالُوا: وَوُكُنَاتُ الطَّيْرِ: مَوَاضِعُ عُشِّهَا، وَحَيْثُ تَسْقُطُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّجَرِ وَتَأْوِي إِلَيْهِ. وَاسْتَشْهَدُوا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ بِبَيْتِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ: [البحر الطويل] وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي أُكُنَاتِهَا ... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الْأَوَابِدِ هَيْكَلِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ. وَذَلِكَ أَنَّا إِنْ وَجَّهْنَا ذَلِكَ إِلَى مَا قَالَهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى مَكِنَاتِهَا أَمْكِنَتُهَا؛ خَرَجْنَا عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَذَلِكَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ فِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْأَمْكِنَةِ: مَكِنَةٌ. وَإِنْ وَجَّهْنَاهُ إِلَى مَا قَالَهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَنَى بِالْمَكِنَاتِ بَيْضَهَا؛ دَخَلْنَا أَيْضًا فِي نَحْوِ الَّذِي أَنْكَرْنَا مِنَ الْخُرُوجِ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تُعْرَفُ الْمَكِنَاتُ إِلَّا لِلضِّبَابِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَأَمَّا الطَّيْرُ فَلَمْ يُسْمَعْ بِالْمَكِنَاتِ

وَإِنْ قُلْنَا مَا قَالَهُ الَّذِينَ نَسَبُوا رُوَاةَ الْخَبَرِ إِلَى الْخَطَأِ فِيمَا نَقَلُوهُ؛ كُنَّا قَدْ تَقَدَّمْنَا عَلَى مَا لَا يَقِينَ عِنْدَنَا بِهِ. وَلَكِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الرِّوَايَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكَنَاتِهَا» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ، فَتَكُونُ الْمَكَنَاتُ حِينَئِذٍ جَمْعُ مَكْنَةٍ، وَالْمَكْنَةُ: اسْمٌ مِنَ التَّمَكُّنِ، فَعْلَةٌ مِنْهُ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: مَكَنَ فُلَانٌ بِمَوْضِعِ كَذَا: بِمَعْنَى تَمَكَّنَ فِيهِ، فَهُوَ يَمْكُنُ فِيهِ مَكْنًا، وَمَكْنَةً، ثُمَّ تُجْمَعُ الْمَكْنَةُ مَكَنَاتٍ، كَمَا يُقَالُ: قَعَدَ فُلَانٌ قَعْدَةً وَقَعَدَاتٍ، وَجَلَسَ جَلْسَةً وَجَلَسَاتٍ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: أَقِرُّوا الطَّيْرَ الَّتِي تَزْجُرُونَهَا فِي مَوَاضِعِهَا الْمُتَمَكِّنَةِ فِيهَا، الَّتِي هِيَ بِهَا مُسْتَقِرَّةٌ، وَامْضُوا لِأُمُورِكَمْ، فَإِنَّ زَجْرَكُمْ إِيَّاهَا غَيْرُ مُجْدٍ عَلَيْكُمْ نَفْعًا، وَلَا دَافِعٍ عَنْكُمْ ضَرًّا. وَأَمَّا قَوْلُ ثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضِبَابٍ قَدِ احْتَرَشَهَا، أَوِ اخْتَرَشَهَا، فَإِنَّهُ إِنَّمَا هُوَ: قَدِ احْتَرَشَهَا، وَلَا مَعْنَى لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَرَفَ مَعْنَى احْتِرَاشِ الضِّبَابِ، فَجَعَلَ الْخَبَرَ بِالشَّكِّ عَلَى مَا وَصَفْتُ. وَمَعْنَى احْتِرَاشِ الضِّبَابِ: تَحْرِيكُ طَالِبِ اصْطِيَادِهَا فِي جُحْرِهَا الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ عُودًا، أَوْ وَتِدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِيُخْرِجَ الضَّبُّ ذَنَبَهُ؛ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْحَرَكَةَ الَّتِي أَحَسَّهَا فِي جُحْرِهِ حَرَكَةُ حَيَّةٍ أَوْ أَفْعَى؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَيَّةَ أَوِ الْأَفْعَى رُبَّمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ جُحْرَهُ، فَإِذَا سَمِعَ الضَّبُّ حِسَّ دُخُولِهِ، أَخْرَجَ ذَنَبَهُ فَضَرَبَهَا بِهِ، فَقَطَعَهَا ثِنْتَيْنِ، فَإِذَا حَرَّكَ طَالِبُ اصْطِيَادِهِ وَمُحْتَرِشُهُ فِي جُحْرِهِ مَا وَصَفْتُ، وَاحْتَرَشَ بِذَلِكَ الضَّبُّ؛ أَخْرَجَ ذَنَبَهُ وَهُوَ يَحْسِبُهُ حَيَّةً أَوْ أَفْعَى؛

لِيَضْرِبَهَا بِهِ، فَإِذَا أَخْرَجَ ذَنَبَهُ قَبَضَ عَلَيْهِ الْمُحْتَرِشُ فَأَخْرَجَهُ مِنْ جُحْرِهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى أَمَّ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْلِهِ: [البحر الوافر] فَيَا عَجَبًا، أَتُوعِدُنِي نُمَيْرٌ ... بِرَاعِي الْإِبْلِ يَحْتَرِشُ الضِّبَابَا وَأَمَّا قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ: فَنَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضِّبَابِ وَنَحْنُ مُرْمِلُونَ، فَإِنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: وَنَحْنُ مُرْمِلُونَ: وَنَحْنُ مُقْوُونَ، قَدْ نَفِدَتْ أَزْوَادُنَا فَلَا زَادَ مَعَنَا. يُقَالُ: قَدْ أَرْمَلَ الْقَوْمُ وَأَقْوَوْا وَأَنْفَضُوا: إِذَا نَفِدَتْ أَزْوَادُهُمْ. وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى: [البحر الطويل] إِذَا حَضَرَانِي قُلْتُ لَوْ تَعْلَمَانِهِ ... أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي مِنَ الزَّادِ مُرْمِلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَأَمَرَنَا فَأَكْفَأْنَاهَا، فَقَدْ بَيَّنْتُ فِيمَا مَضَى قَبْلُ أَنَّ الصَّوَابَ فِيهِ: فَكَفَأْنَاهَا، وَذَلِكَ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ الْفَصِيحِ، مِنْهُ: كَفَأْتُ الْإِنَاءَ: وَذَلِكَ إِذَا قَلَبْتَهُ وَأَرَقْتَ مَا فِيهِ. وَلَكِنَّا نُؤَدِّي الْخَبَرَ عَلَى مَا سَمِعْنَاهُ مِنْ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِنَا، مَا لَمْ يُحِلِ الْمَعْنَى.

ذكر ما لم يمض من حديث يعلى بن أمية، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَا لَمْ يَمْضِ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمَذَانِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا} مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقَالَ: عَجِبْتُ مَا عَجِبْتَ، حَتَّى سَأَلْتُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «§صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ»

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَعْجَبُ مِنْ قَصْرِ النَّاسِ الصَّلَاةَ وَقَدْ أَمِنُوا، وَقَدْ قَالَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، فَقَالَ عُمَرُ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «§صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: ابْنَ أَبِي عَامِرٍ -[208]-. وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَالَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، مَعْرُوفٌ فِيهِمْ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُمَا

القول في علل هذا الحديث وهذا الحديث عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح؛ لأنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، والخبر إذا انفرد

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوَهِّنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِنَقْلِهِ عِنْدَهُمْ مُنْفَرِدٌ وَجَبَ التَّثَبُّتُ فِيهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ بِلَفْظٍ خِلَافِ هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ، وَذَلِكَ مَا:

314 - حَدَّثَنَا بِهِ خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ عُبَيْدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ ابْنِ السِّمْطِ، أَنَّهُ أَتَى قَرْيَةً مِنْ حِمْصَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِيلًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قُلْتُ لَهُ: أَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، قُلْتُ لَهُ: أَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: «§إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ»

315 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ ابْنِ السِّمْطِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «§إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ» -[210]- وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ - فِي إِبَاحَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ وَهُمْ آمِنُونَ - مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ خَالَفُوهُ فِي لَفْظِ الْخَبَرِ، نَذْكُرُ مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك

§ذِكْرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ

316 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، وَحَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، وَحَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، لَا نَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»

317 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §يُسَافَرُ مِنْ مَدِينَةَ إِلَى مَكَّةَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

318 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ»

319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قُرَّةَ، وَيَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» ، -[212]- 320 - حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ

321 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، وَأَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُسَافِرُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

322 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ رَكْعَتَيْنِ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ» ، 323 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

324 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ» ، 325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

326 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُفَيٍّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَأَتَاهُ قَوْمٌ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدِمْنَا هَذَا الْبَلَدَ وَإِنَّا آمِنُونَ خَافِضُونَ مَكْفِيُّونَ، فَمَا تَرَى فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «رَكْعَتَيْنِ» فَأَعَادُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا §خَرَجَ مُسَافِرًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» ، 327 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُفَيٍّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: أَمَا تَفْقَهُونَ مَا يُقَالُ لَكُمْ

328 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُفَيٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا §خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ»

329 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي السَّفْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُفَيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا §خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ»

330 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُفَيٍّ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ صَلَاةِ السَّفَر، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا §خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ مُسَافِرًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ»

331 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: كَيْفَ أُصَلِّي إِذَا كُنْتُ بِمَكَّةَ إِذَا لَمْ أُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: «§رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، 332 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ

333 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا: إِنَّا نُصَلِّي مَعَكُمْ أَرْبَعًا، فَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى رِحَالِنَا صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ. قَالَ: «§تِلْكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ رَغِمْتُمْ»

334 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى أَكْثَرَ مَا كَانَ النَّاسُ وَآمَنَهُ رَكْعَتَيْنِ»

335 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، (ح) وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَا جَمِيعًا: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ، - رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ - قَالَ: «§صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مَا كُنَّا وَآمَنَهُ رَكْعَتَيْنِ»

336 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ، أَنَّهُ: «§صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنَ مَا كَانَ النَّاسُ وَأَكْثَرَهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ»

337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مَا كَانَ النَّاسُ وَآمَنَهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ»

338 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَصْرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَلَا نَجْدُ قَصْرَ صَلَاةِ السَّفَرِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِنَّا §وَجَدْنَا نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ عَمَلًا عَمِلْنَا بِهِ» -[219]- وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، فَقَالَ بِتَصْحِيحِهَا مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، وَأَنْكَرَ صِحَّتَهَا مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ. وَكَانَ مِنْ عِلَّةِ مُصَحِّحِيهَا أَنْ قَالُوا: تَظَاهَرْتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي سَفَرِهِ إِلَى مَكَّةَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ آمِنُونَ، لَا عَدُوَّ فِي طَرِيقِهِ يَخَافُهُ، وَلَا أَحَدَ يَخْشَى غَائِلَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَرَوَوْا بِذَلِكَ رِوَايَاتٍ نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْهَا سَنَدُهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك

§ذِكْرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ

339 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «§خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا» قَالَ: قُلْتُ: وَهَلْ أَقَامَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا»

340 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «§خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ، وَأَقَمْنَا بِمَكَّةَ عَشْرًا نَقْصُرُ حَتَّى رَجَعَ»

341 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «§سَافَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا» فَسَأَلْتُهُ: هَلْ أَقَامَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا»

342 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ»

343 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ فَصَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ بِالشَّجَرَةِ» ، 344 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

345 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ»

346 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلِ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: «§صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ» ، 347 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

348 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ: «إِذَا §-[223]- سَافَرَ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَا الْحُلَيْفَةِ - وَذَلِكَ سِتَّةُ أَمْيَالٍ - صَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ»

349 - حَدَّثَنِي بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَكْعَتَيْنِ، صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ»

350 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: «§صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّى لَنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّى لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّى لَنَا عُثْمَانُ رَكْعَتَيْنِ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ خِلَافَتِهِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًى أَرْبَعًا»

351 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ السُّبُلُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ» ، 352 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ

353 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعُمَارَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتِ الطُّرُقُ بِكُمْ، فَلَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ» ، 354 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ

355 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ»

356 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، فَلَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ»

357 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قُرَّةَ أَبِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ فَقَالَ: كَمْ صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى؟ فَقَالُوا: أَرْبَعًا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَلِمَةً، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعًا، فَقَالُوا: عِبْتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّيْتَ كَمَا صَلَّى؟ فَقَالَ: «§أَمَا إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، وَلَكِنَّ الْخِلَافَ شَرٌّ»

358 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّاهَا عُمَرُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّاهَا عُثْمَانُ رَكْعَتَيْنِ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا عُثْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ» ، 359 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، بِمِثْلِهِ

360 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّاهَا أَبُو بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَعُمَرُ رَكْعَتَيْنِ، وَعُثْمَانُ صَدْرًا فِي خِلَافَتِهِ»

361 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «§رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ بَعْدَ ذَلِكَ»

362 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّ بَعْدُ»

363 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا عُقْبَةُ الْأَصَمُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا، جَاءَهُ فَقَالَ: إِنَّ رَكْعَتَيِ السَّفَرِ لَيْسَتَا فِي الْقُرْآنِ. فَقَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُثْمَانَ طَائِفَةً مِنْ خِلَافَتِهِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، إِنَّمَا صَاحِبُ الرَّكْعَتَيْنِ صَاحِبُ الزَّادِ وَالْمَزَادِ»

364 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ السَّائِبِ الطَّائِفِيَّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، أَنَّهُ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ بِمِنًى، فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: «رَكْعَتَيْنِ» ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى وَنَحْنُ هَاهُنَا؟ فَأَخَذَتْهُ عِنْدَ -[230]- ذَلِكَ ضَجْرَةٌ فَقَالَ: وَيْحَكَ هَلْ سَمِعْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَآمَنْتُ بِهِ. قَالَ: «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا §خَرَجَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَصَلِّ إِنْ شِئْتَ أَوْ دَعْ»

365 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ بِمِنًى، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: " §صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِينَ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: أَمَّا إِذَا صَلَّيْتُ وَحْدِي فَأُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا صَلَّيْتُ مَعَهُمْ فَكَمَا يُصَلُّونَ "

366 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ شُعْبَةَ، ح، وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ: «§سَافَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ السَّفَرِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ صَلَاةَ السَّفَرِ، وَمَعَ عُمَرَ صَلَاةَ السَّفَرِ، وَمَعَ عُثْمَانَ ثَمَانِيَ سِنِينَ صَلَاةَ السَّفَرِ، ثُمَّ صَلَّاهَا بَعْدُ أَرْبَعًا»

367 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، وهَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ عُثْمَانَ الطَّوِيلِ، عَنْ رُفَيْعٍ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لِلظَّاعِنِ رَكْعَتَانِ، وَلِلْمُقِيمِ أَرْبَعٌ، مَوْلِدِي بِمَكَّةَ، وَمُهَاجَرِي بِالْمَدِينَةِ، فَإِذَا خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ مُصْعِدًا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَرْجِعَ»

368 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْأَشْجَعِيُّ، - مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أُمَيَّةُ §أَلَا تَنْتَظِرُ الْغَدَاءَ؟» قُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: «هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنِ الْمُسَافِرِ، إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْهُ الصَّوْمَ وَنِصْفَ الصَّلَاةِ»

369 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " §دَفَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ، قَالَ: فَخَرَجَ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ "، 370 - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَفَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ

371 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ صَلَاةَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ»

372 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا §سَافَرَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ»

373 - حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: " §صَلَّيْتُ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِالْأَبْطَحِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَتْ مَعَهُ عَنَزَةٌ يَرْكُزُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ حِينَ يُصَلِّي، قَالَ: قُلْنَا: مِثْلُ مَنْ كُنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: كُنْتُ أَبْرِي وَأَرِيشُ "

374 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ الظُّهْرَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ»

375 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §صَلَّى بِمَكَّةَ سَجْدَتَيْنِ»

376 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ الْبَكْرِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ صَلَاةَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، صَلَاةَ الْمُسَافِرِ»

377 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، قَالَ: «§خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ»

378 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْعُكْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَثْعَمٍ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ -[236]- رَجُلًا، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي سَفَرِي؟ قَالَ: «نَعَمْ؛ إِنَّ §اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِفَرِيضَتِهِ»

379 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: «§رَكْعَتَيْنِ» قَالُوا: فَهَذِهِ أَخْبَارٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِقَاتٌ نَقَلَتُهَا، صَحِيحٌ سَنَدُهَا، عُدُولٌ رُوَاتُهَا، تَقُومُ الْحُجَّةُ - فِيمَا لَا يُدْرَكُ عِلْمُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ - بِدُونِهَا مِنَ الْأَخْبَارِ، وَبِاسْتِفَاضَةٍ هِيَ دُونَ اسْتِفَاضَتِهَا. قَالُوا: فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَمَا وَجْهُ قَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذًا الصَّلَاةَ، إنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُمْ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُهَا فِي أَسْفَارِهِ آمِنًا غَيْرَ خَائِفٍ، وَإِنَّمَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ بِقَصْرِهَا فِي حَالِ الْخَوْفِ دُونَ حَالِ الْأَمْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ -[237]- جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، أَتَقُولُونَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ لِمَا فِي التَّنْزِيلِ نَسْخٌ، فَقَدْ عَلِمْتُمْ إِنْكَارَ مَنْ يُنْكِرُ نَسْخَ السُّنَّةِ الْقُرْآنَ، وَإنْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفُونَ؟ أَمْ تَقُولُونَ: ذَلِكَ زِيَادَةُ حُكْمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؟ فَمَا بُرْهَانُكُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ خِلَافَ مَنْ يُخَالِفُكُمْ فِيهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ؟ أَمْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ؟ قُلْنَا لَهُمْ: قَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ قَبْلَنَا فِي ذَلِكَ. فَقَالَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ - وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا: فَرْضُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ -: لَمْ يَزَلْ حُكْمُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الْوَاجِبِ عَنْ عَدَدِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسَافِرِ - مِنْ لَدُنْ فَرَضَهَا عَلَى خَلْقِهِ - رَكْعَتَيْنِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهَا ثَلَاثٌ. فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، فَإِنَّهُ إِذْنٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَصْرِ عَنْ حُدُودِهَا الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى الْآمِنِ فِي حَالِ الطُّمَأَنِينَةِ، لَا إِذْنٌ فِي الْقَصْرِ عَنْ عَدَدِهَا. وَقَدْ مَضَى ذِكْرُنَا قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي كِتَابِنَا هَذَا قَبْلُ، فَكَرِهْنَا تَطْوِيلَ الْكِتَابِ بِإِعَادَةِ ذِكْرِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَالَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى اثْنَتَيْنِ، رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ لِعِبَادِهِ، وَصَدَقَةٌ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ؛ تَخْفِيفًا مِنْهُ عَنْهُمْ، كَمَا قَالَ عُمَرُ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحُكْمٌ مِنْ حُكْمِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ -[238]- كَفَرُوا} [النساء: 101] ، بِمَعْزِلٍ. وَذَلِكَ أَنَّ الْإِذْنَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَصْرِ الصَّلَاةِ فِي حَالِ الْخَوْفِ، إِنَّمَا هُوَ إِذْنٌ مِنْهُ بِقَصْرِهَا مِنَ اثْنَتَيْنِ إِلَى وَاحِدَةٍ، وَأَمَّا الرَّكْعَتَانِ فِي غَيْرِ حَالِ الْخَوْفِ، فَتَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ

ذكر بعض من حضرنا ذكره من القائلين بذلك من السلف

§ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مِنَ السَّلَفِ

380 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ السَّفَرِ، فَقَالَ: «§رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، إِنَّمَا الْقَصْرُ صَلَاةُ الْمَخَافَةِ» فَقُلْتُ: وَمَا صَلَاةُ الْمَخَافَةِ؟ قَالَ: «يُصَلِّي الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِيءُ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَيَجِيءُ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، فَتَكُونُ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً رَكْعَةً»

381 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ -[239]- بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ الْفَقِيرُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ»

382 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، أَنَّ زِيَادَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَهُ عَنْ كَعْبٍ، - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ: «أَنَّ §صَلَاةَ الْخَوْفِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ وَسَجْدَتَانِ»

383 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «§كَيْفَ تَكُونُ قَصْرًا، وَهُمْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ؟ إِنَّمَا هِيَ رَكْعَةٌ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ هَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الْآيَةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى تَرْخِيصِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُسَافِرِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ، غَيْرَ أَنَّ دِلَالَتَهَا عَلَى ذَلِكَ مُتَنَاهِيَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] قَالُوا: وَالْكَلَامُ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] ، قَالُوا: فَهَذَا هُوَ الْإِذْنُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْقَصْرِ. قَالُوا: وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، مَعْنَاهُ: إِنْ خِفْتُمُ أَيُّهَا النَّاسُ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي صَلَاتِكُمْ عَنْ صَلَاتِكُمْ، وَكُنْتَ فِيهِمْ يَا مُحَمَّدُ، فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ، فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ. قَالُوا: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، كَلَامٌ مُنْقَطِعٌ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] ، غَيْرُ مُوَاصِلٍ لَهُ، وَلَا مُتَّصِلٍ بِهِ

ذكر بعض من حضرنا ذكره من قائلي ذلك من السلف

§ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ قَائِلِي ذَلِكَ مِنَ السَّلَفِ

384 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْآمُلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، أَنْبَأَنَا سَيْفٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ مِنَ التُّجَّارِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ فَكَيْفَ نُصَلِّي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: " {§وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] ، ثُمَّ انْقَطَعَ الْوَحْيُ " فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَوْلٍ، غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَمْكَنَكُمْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ ظُهُورِهِمْ، هَلَّا شَدَدْتُمْ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ لَهُمْ أُخْرَى مِثْلَهَا فِي إِثْرِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا. وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ، فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 102] ، فَنَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ -[242]-. قَالُوا: فَالرُّخْصَةُ لِلْمُسَافِرِ بِقَصْرِ صَلَاتِهِ عَنْ مَبْلَغِ عَدَدِ صَلَاةِ الْمُقِيمِ، ثَابِتَةٌ حُجَّتُهَا بِتَرْخِيصِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَيْسَ فِي تَرْخِيصِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ ذَلِكَ دَفْعُ شَيْءٍ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ، إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، وَلَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 101] دَفْعُ شَيْءٍ مِنْ رُخْصَةِ اللَّهِ لِلْمُسَافِرِ فِيمَا رَخَّصَ لَهُ فِيهِ، مِنْ قَصْرِ صَلَاتِهِ عَنْ أَرْبَعٍ إِلَى اثْنَتَيْنِ، إِذْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّلَاتَيْنِ مُفَارِقٌ مَعْنَاهَا مَعْنَى صَاحِبَتِهَا، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا سُنَّةٌ وَحُكْمٌ غَيْرُ سُنَّةِ الْأُخْرَى وَحُكْمِهَا

ذكر من قال هذه المقالة من السلف

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنَ السَّلَفِ

385 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: «أَنَّهُمْ كَانُوا §يُصَلُّونَ مَعَ سَعْدٍ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّامِ أَرْبَعًا، وَسَعْدٌ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

386 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ، قَالَ: §كُنَّا مَعَ سَعْدٍ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّامِ يُقَالُ لَهَا عَمَّانُ أَوْ عُوَامُ. قَالَ: وَكَانَ هُوَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلُّونَ أَرْبَعًا، فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّا نَحْنُ أَعْلَمُ»

387 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِسْوَرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ بِالشَّامِ شَهْرَيْنِ، §وَكَانَ سَعْدٌ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَنَحْنُ نُتِمُّ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «نَحْنُ أَعْلَمُ»

388 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا §خَرَجْتَ مُسَافِرًا فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»

389 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيُّ، أَنَّ رَبِيعَ بْنَ نَضْلَةَ الْأَسَدِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا، كُلُّهُمْ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ، وَهُمْ سَفْرٌ. قَالَ: فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَتَدَافَعَ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يُصَلِّي، فَقَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ سَلْمَانُ: مَا هَذَا؟ - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - نِصْفُ الْمَرْبُوعَةِ، نَحْنُ إِلَى التَّخْفِيفِ أَفْقَرُ - مَرَّتَيْنِ. قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ لِسَلْمَانَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تَقَدَّمْنَا فَصَلِّ لَنَا، فَأَنْتَ أَحَقُّنَا بِذَلِكَ. فَقَالَ سَلْمَانُ: لَا، §أَنْتُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ الْأَئِمَّةُ، وَنَحْنُ الْوُزَرَاءُ

390 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ الْحَنْظَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ مَعَنَا بِوَاسِطَ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَدَخَلْتُ مَنْزِلِي، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَقَالَ: كَمْ صَلَّيْتَ؟ فَقُلْتُ: أَرْبَعًا. فَقَالَ: لَكِنِّي مَا صَلَّيْتُ غَيْرَ رَكْعَتَيْنِ، §رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِمَكَّةَ مَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا "

391 - حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَوِ ابْنِ صَالِحٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَقُلْتُ: أَكُونُ فِي زَرْعِي وَغَنَمِي سِتَّةَ أَشْهُرٍ، كَيْفَ أُصَلِّي؟ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ. وَسَأَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَكُونُ فِي زَرْعِي وَغَنَمِي فَقَالَ: «§سُبْحَانَ اللَّهِ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، 392 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ صَالِحٍ - أَوْ عَنِ ابْنِ صَالِحِ - قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَذَكَرَ مِثْلَهُ

393 - حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ الْكَلَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ فَرْقَدٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} [النساء: 101] الْآيَةَ، فَنَحْنُ آمِنُونَ لَا نَخَافُ، أَفَنَقْصُرُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: «§لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ»

394 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ الْمَالِكيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَجْمَعَ الْمُقَامَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَلَقَدْ أَقَامَ بِمَكَّةَ شَهْرًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ صَلَّيْتَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا؟ قَالَ: «§لَوْ صَلَّيْتُ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لَأَتْمَمْتُ الصَّلَاةَ»

395 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§أُصَلِّي صَلَاةَ السَّفَرِ، مَالَمْ أُجْمِعِ الْإِقَامَةَ، وَإِنْ مَكَثْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً»

396 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: أَتَيْتُ سَالِمًا أَسْأَلُهُ وَهُوَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: " كَانَ إِذَا §أَصْدَرَ الظَّهْرَ وَقَالَ: نَحْنُ مَاكِثُونَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَإِذَا قَالَ: الْيَوْمَ وَغَدًا قَصَرَ، وَإِنْ مَكَثَ عِشْرِينَ لَيْلَةً "

397 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إِذَا §قَدِمَ مَكَّةَ فَلَمْ يَدْرِ أَيَظْعَنُ أَمْ يُقِيمُ قَصَرَ الصَّلَاةَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَإِذَا عَرَفَ أَنَّهُ يُقِيمُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ»

398 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ §كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُجْمِعِ الْإِقَامَةَ

399 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا §قَدِمَ مَكَّةَ فَلَبِثَ بِهَا سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ، إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ»

400 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّهُ §لَمْ يَكُنْ يَزِيدُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا إِلَّا فِي الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّيَهَا ثَلَاثًا»

401 - حَدَّثَنَا ابْنُ حَمِيدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، §أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْبَرْدِ، وَلَمْ يُرِدِ الْإِقَامَةَ "

402 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، أَنْبَأَنَا لَيْثٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «§أَقَمْتُ بِالْمَدِينَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ - أَوْ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ - لَا يَأْمُرُنِي ابْنُ عُمَرَ إِلَّا بِرَكْعَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ أُصَلِّيَ مَعَ قَوْمٍ فَأُصَلِّيَ بِصَلَاتِهِمْ»

403 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا لَيْثٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «§أَقَمْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ - أَوْ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ - فَمَا أَمَرَنِي إِلَّا بِرَكْعَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ أُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ، وَلَوْ أَرَدْتُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَا زَادَنِي»

404 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنْتُ §أَصْحَبُ ابْنَ عُمَرَ، فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي -[250]- السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ الْمَكْتُوبَةَ، وَيُحْيِي اللَّيْلَ صَلَاةً عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ أَيْنَمَا كَانَ وَجْهُهُ، وَيَنْزِلُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَيُوتِرُ بِالْأَرْضِ، وَإِذَا قَامَ فِي مَنْزِلٍ لَيْلَةً أَحْيَى اللَّيْلَ "

405 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ §صَلَّى بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مَرِيضٌ يُومِئُ إِيمَاءً "

406 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ: «§يَنْهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ»

407 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ §قَدِمَ مَكَّةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا فَأَتِمُّوا، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ "، 408 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ ح، وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، قَالَا جَمِيعًا: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ

409 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِمَكَّةَ -[252]- رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ §أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» ، 410 - حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ

411 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ: أَنَّ عُمَرَ، صَلَّى بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ §أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ»

412 - حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ الْكُرْدِيِّ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ -[253]-: رَأَيْتُ عُمَرَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ، فَقَالَ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ، §إِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، فَأَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ»

413 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ صَلَّى بِأَهْلِ مَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «§أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ»

414 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ مَكَّةَ: «§أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ»

415 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا §خَرَجْتَ مُسَافِرًا فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا رَجَعْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»

416 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §إِذَا قَدِمْتَ أَرْضًا لَا تَدْرِي مَتَى تَخْرُجُ، فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ، وَإِذَا قُلْتَ: أَخْرُجُ الْيَوْمَ، أَخْرُجُ غَدًا، فَقَصْرُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَشْرٍ، ثُمَّ أَتِمَّ الصَّلَاةَ "

417 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أُصَلِّيَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ -[255]-. فَقَالَ: «§تَطِيبُ نَفْسُكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ، صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلِّ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ»

418 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أُقِيمُ بِالْمَدِينَةِ حَوْلًا لَا أَشُدُّ عَلَيَّ سَيْرًا، فَكَيْفَ أُصَلِّي؟ قَالَ: «§رَكْعَتَيْنِ» ، 419 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ الْعَنَزِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

420 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَيْفَ أُصَلِّي بِمَكَّةَ؟ قَالَ: «§رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»

421 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «§قَصِّرْ وَإنْ كُنْتَ فِي أَرْضٍ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ»

422 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، كَانَ بِنَيْسَابُورَ عَلَى جِبَايَتِهَا، §فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يُجَمِّعُ، وَكَانَ الْحَسَنُ مَعَهُ شَتْوَتَيْنِ "

423 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ: §أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَقَامَ بِنَيْسَابَورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ "

424 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا §أَقَامَ بِفَارِسَ سَنَتَيْنِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ "

425 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: §أَقَامَ مَسْرُوقٌ بِالسِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: «تِلْكَ السُّنَّةُ»

426 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: صَحِبْتُ مَسْرُوقًا إِلَى السِّلْسِلَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا، فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «§مَا آلُو عَنِ السُّنَّةِ»

427 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: §خَرَجْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ إِلَى السِّلْسِلَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَأَقَامَ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: «السُّنَّةُ»

428 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: «§كُنْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ بِالسِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؛ يَلْتَمِسُ بِذَلِكَ السُّنَّةَ»

429 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: «§كَانَ مَسْرُوقٌ بِالسِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، لَا يَأْلُو عَنِ السُّنَّةِ»

430 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ مَوْلَى ابْنِ أَسَدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: «§كُنْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ بِالسِّلْسِلَةِ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، لَا يَأْلُو عَنِ السُّنَّةِ»

431 - أَخْبَرَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: سَافَرْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَكُنْتُ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَقِيَنِي قُرَّاءٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ النَّاحِيَةِ، فَقَالُوا: كَيْفَ تُصَلِّي؟ قُلْتُ: رَكْعَتَيْنِ، قَالُوا: سُنَّةٌ أَوْ قُرْآنٌ؟ قُلْتُ: كُلُّ ذَلِكَ، سُنَّةٌ وَقُرْآنٌ. قُلْتُ: «§صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ» قَالُوا: إِنَّهُ كَانَ فِي حَرْبٍ، قُلْتُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: " {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنَيْنِ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} ، وَقَالَ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ} [النساء: 103] "

432 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ قَالَ: «§الْمُسَافِرُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا اطْمَأَنَّ صَلَّى أَرْبَعًا. يَعْنِي إِذَا نَزَلَ»

433 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ: أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ: «§الْمُسَافِرُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ»

434 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: أُتِمُّ الصَّلَاةُ وَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ، كَانَ يُفْطِرُ وَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ: «§خِيَارُكُمْ مَنْ قَصَرَ الصَّلَاةَ وَأَفْطَرَ فِي السَّفَرِ»

435 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَنَا أَقْوَى أَنْ أَصُومَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَى مِنْكَ وَخَيْرٌ مِنْكَ، كَانَ لَا يَصُومُ فِي السَّفَرِ، وَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ سَعِيدٌ: إِنَّهُ قَالَ: «إِنَّ §خَيْرَكُمْ مَنْ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ»

436 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: «إِنْ §شِئْتَ فَثِنْتَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَرْبَعًا» وَأَنْكَرَ صِحَّةَ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آخَرُونَ، وَقَالُوا: كَانَ قَصْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى اثْنَتَيْنِ، فِيمَا قَصَرَهَا فِيهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي سَفَرٍ كَانَ فِيهِ خَائِفًا مِنْ عَدُوٍّ، غَيْرَ آمِنٍ فِيهِ، عَلَى مَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] . قَالُوا: وَمَنْ أَضَافَ إِلَيْهِ الْقَصْرَ فِي غَيْرِ حَالِ الْخَوْفِ، وَتَرْكَ الْإِتْمَامِ فِي حَالِ -[262]- الْأَمْنِ، فَقَدْ أَضَافَ إِلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْ صِفَتِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا بَعَثَهُ رَسُولًا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ، لَا لِيَشْرَعَ لَهُمْ خِلَافَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ. قَالُوا: وَمَنْ أَضَافَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي حَالِ الْأَمْنِ، فَقَدْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ شَرَعَ لِلنَّاسِ غَيْرَ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ. وَقَالُوا: قَدْ قَالَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ

ذكر من أنكر القصر في حال الأمن، ولم يره إلا في حال خوف فتنة العدو

§ذِكْرُ مَنْ أَنْكَرَ الْقَصْرَ فِي حَالِ الْأَمْنِ، وَلَمْ يَرَهُ إِلَّا فِي حَالِ خَوْفِ فِتْنَةِ الْعَدُوِّ

437 - حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ فِي السَّفَرِ: «أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ» فَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَتْ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §كَانَ فِي حَرْبٍ، وَكَانَ يَخَافُ، هَلْ تَخَافُونَ أَنْتُمْ؟ -[263]- وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ - غَيْرُ مَبْلَغِ عَدَدِ صَلَاةِ الْمُقِيمِ - رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُسَافِرِ وَتَخْفِيفٌ مِنْهُ عَنْهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِسَائِلِهِ عَنْ ذَلِكَ: سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ، وَإِنْ رَغِمْتُمْ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِذْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّا وَجَدْنَا نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ عَمَلًا عَمِلْنَا بِهِ. وَذَلِكَ مِنْ حُكْمِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] بِمَعْزِلٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ تَعْلِيمًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صَلَاةَ الْخَوْفِ عِنْدَ مُعَايَنَتِهِ الْعَدُوَّ الْمَخُوفَةَ غَائِلَتُهُ، الْمَحْذُورَ بَائِقَتُهُ، إِذَا هُوَ صَلَّى صَلَاةَ الْآمِنِ الْمُطْمَئِنِّ. وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَتَابَعَتْ عَلَيْهِ أَقْوَالُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا ذِكْرَ أَقْوَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى (جَامِعُ الْبَيَانِ عَنْ تَأْوِيلِ آيِ الْقُرْآنِ) ، غَيْرَ أَنَّا نَذْكُرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَعْضَ ذَلِكَ؛ لِيَعْلَمَ قَارِئُ كِتَابِنَا هَذَا صِحَّةَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ

438 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِقْصَارِ الصَّلَاةِ: أَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَ، أَوْ أَيَّ يَوْمٍ هُوَ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: انْطَلَقْنَا نَتَلَقَّى عِيرَ قُرَيْشٍ آتِيَةً مِنَ الشَّأْمِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِنَخْلٍ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: «لَا» . قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «§اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ» . قَالَ: فَسَلَّ السَّيْفَ، ثُمَّ تَهَدَّدَهُ وَأَوْعَدَهُ، ثُمَّ نَادَى بِالرَّحِيلِ وَأَخْذِ السِّلَاحِ، ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْقَوْمِ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى تَحْرُسُهُمْ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرَ الَّذِينَ يَلُونَهُ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَقَامُوا فِي مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَالْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَيَوْمَئِذٍ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ فِي إِقْصَارِ الصَّلَاةِ، وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ السِّلَاحِ

439 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: " §كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ -[265]- الْوَلِيدِ. قَالَ: فَصَلَّيْنَا الظُّهْرَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ كَانُوا عَلَى حَالٍ، لَوْ أَرَدْنَا لَأَصَبْنَا غَفْلَةً. فَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْقَصْرِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ فَأَخَذَ النَّاسُ السِّلَاحَ، وَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَالْمُشْرِكُونَ مُسْتَقْبِلُوهُمْ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ هَؤُلَاءِ مِنْ سُجُودِهِمْ سَجَدَ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ نَكَصَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ، فَقَامُوا فِي مَقَامِهِمْ، وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ هَؤُلَاءِ مِنْ سُجُودِهِمْ، سَجَدَ هَؤُلَاءِ الْآخَرُونَ، ثُمَّ اسْتَوَوْا مَعَهُ فَقَعَدُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، فَصَلَّى بِعُسْفَانَ، وَصَلَّاهَا يَوْمَ بَنِي سُلَيْمٍ، 440 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ -[266]- فَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ صِفَةِ فَرْضِهِ عَلَى الْخَائِفِ مِنْ عَدُوِّهِ فِي سَفَرِهِ، فِي حَالِ دُخُولِهِ فِي صَلَاتِهِ، لَا دِلَالَةٌ عَلَى تَرْخِيصِهِ لِلْمُسَافِرِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي حَالِ ضَرْبِهِ فِي الْأَرْضِ بِكُلِّ حَالٍ، وَبَعْدُ فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 103] بَيَانًا وَاضِحًا عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] مَعْنِيٌّ بِهِ الْقَصْرُ عَنْ حُدُودِهَا الْوَاجِبِ عَلَى الْآمِنِ الْمُطْمَئِنِّ إَقَامَتُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ إِذْنًا بِالْقَصْرِ عَلَى مَبْلَغِ عَدَدِهَا لَقِيلَ: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ -[267]- كَفَرُوا} [النساء: 101] ، وَبِالَّذِي عَلَيْهِ اسْتَشْهَدْنَا، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِذْنَ لِلْمُسَافِرِ الْآمِنِ فِي سَفَرِهِ مِنْ عَدُوٍّ يَفْتِنُهُ، الْمُطْمَئِنِّ فِيهِ مِنْ كَافِرٍ يَغْتَالُهُ مِنَ اللَّهِ لَهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ، إِذْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ صِفَةِ صَلَاةِ الْخَائِفِ مِنْ عَدُوِّهِ، دُونَ الْآمِنِ مِنْهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْإِذْنَ إِذْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَوْجُودًا بِنَصٍّ يُتْلَى، فَإِنَّمَا ثَبَتَ بِوَحْيٍ كَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ قَوْلًا وَعَمَلًا، كَمَا قَالَ مَنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَصْرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ إِذًا رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، لِمَنْ سَافَرَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي حَالِ ضَرْبِهِ فِي الْأَرْضِ، بِتَرْخِيصِهِ ذَلِكَ لَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَالِ الْأَمِنِ وَالطُّمَأْنِينَةِ، لَيْسَ لَهُ قَصْرُ شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهَا مَا كَانَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا. فَإِذَا كَانَ خَوْفٌ فَلَهُ قَصْرُهَا مِنْ حُدُودِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِرَاسَةِ بَعْضٍ بَعْضًا فِيهَا، وَتَقَدُّمٍ وَتَأَخُّرٍ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِالِاجْتِزَاءِ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، دُونَ التَّمَكُّنِ فِيهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ تَمَكُّنَ الْآمِنِ الْمُطْمَئِنِّ فِيهَا

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول الذي سأل ابن عباس فقال له: إنا قدمنا البلد ونحن آمنون خافضون. يعني بقوله: خافضون: ساكنون وادعون لا نحارب أحدا. وأصله من خفض الصوت، وهو سكونه، وترك رفعه. يقال للرجل: اخفض من صوتك: يراد به

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الَّذِي سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّا قَدِمْنَا الْبَلَدَ وَنَحْنُ آمِنُونَ خَافِضُونَ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ: خَافِضُونَ: سَاكِنُونَ وَادِعُونَ لَا نُحَارِبُ أَحَدًا. وَأَصْلُهُ مِنْ خَفْضِ الصَّوْتِ، وَهُوَ سُكُونُهُ، وَتَرْكُ رَفْعِهِ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ

: اخْفِضْ مِنْ صَوْتَكِ: يُرَادُ بِهِ أَخْفِهِ وَسَكِّنْهُ، وَاتْرُكِ الضِّجَاجَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ: [البحر الخفيف] فَاذْهَبُوا مَا إِلَيْكُمُ خَفَضَ الْحِلْمُ ... عَنَانِي وَعُرِّيَتْ أَنْقَاضِي يَعْنِي بِقَوْلِهِ: خَفَضَ الْحِلْمُ عَنَانِي: سَكَّنَ الْحِلْمُ جَهْلِي وَأَخْفَاهُ، فَذَهَبَ بِهِ، وَغَلَبَ الْحِلْمُ عَلَيَّ. وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ: [البحر الكامل] الظَّاعِنُونَ عَلَى الْعَمَى لِجَمِيعِهِمْ ... وَالْخَافِضُونَ بِغَيْرِ دَارِ مُقَامِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: وَالْخَافِضُونَ بِغَيْرِ دَارِ مُقَامِ: وَالْمُسْتَقِرُّونَ بِغَيْرِ دَارِ قَرَارٍ، وَالسَّاكِنُونَ بِهَا

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي جُحَيْفَةَ - إِذْ قِيلَ لَهُ: مِثْلُ مَنْ كُنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ كُنْتُ أَبْرِي وَأَرِيشُ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: أَبْرِي: كُنْتُ أَنْحِتَ الْقِدَاحَ. يُقَالُ مِنْهُ: بَرَيْتُ السَّهْمَ وَالْقَلَمَ، فَأَنَا أَبْرِيهِ بَرْيًا: وَذَلِكَ إِذَا نَحَتُّهُ، وَيُقَالُ لِمَا تَسَاقَطَ مِنَ الْعُودِ بِالنَّحْتِ: الْبُرَايَةُ. وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ: [البحر البسيط] يَرِيشُ قَوْمًا وَيَبْرِي الْآخَرِينَ بِهِ ... لِلَّهِ مِنْ رَائِشٍ عَمْرٌو وَمِنْ بَارِ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَنْضَى بَعِيرَهُ بِطُولِ السَّيْرِ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ حَسِيرًا: قَدْ بَرَى فُلَانٌ مَطِيَّهُ فَهُوَ يَبْرِيهِ بَرْيًا: وَذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ لَحْمُهُ وَشَحْمُهُ، يُشَبَّهُ بِبَرْيِ الْقَلَمِ وَالْقِدْحِ إِذَا نُحِتَا، وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا كَانَ بَاقِيًا عَلَى السَّيْرِ: إِنَّهُ لَذُو بُرَايَةٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرٍو الْكَلْبِ فِي صِفَةِ حِمَارِ وَحْشٍ: [البحر الوافر]

عَلَى حَتِّ الْبُرَايَةِ زَمْخَرِيِّ ... السَّوَاعِدِ ظَلَّ فِي شَرْيٍ طِوَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: بَرَى فُلَانٌ لِفُلَانٍ: فَهُوَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مَعْنَى الْمُعَانَّةِ وَالْمُعَارَضَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: بَرَى فُلَانٌ لِفُلَانٍ، فَهُوَ يَبْرِي لَهُ بَرْيًا: وَذَلِكَ إِذَا عَارَضَهُ يَصْنَعُ مِثْلَ صَنِيعِهِ، وَانْبَرَى لَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] بَرَتْ لَكَ حَمَّاءُ الْعِلَاطِ سَجُوعُ ... وَدَاعٍ دَعَا مِنْ خُلَّتَيْكَ نَزِيعُ وَيُقَالُ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ يَتَبَارَيَانِ: إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعَارِضُ صَاحِبَهُ فَيَصْنَعُ مِثْلَ صَنِيعِهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يُبَارِي الرِّيحَ سَمَاحَةً وَجُودًا، فَهُوَ يُبَارِيهَا مُبَارَاةً: وَذَلِكَ إِذَا أَطْعَمَ وَحَمَلَ وَكَسَا كُلَّمَا هَبَّتْ، فَعَارَضَ هُبُوبَهَا بِنَائِلٍ وَإِفْضَالٍ. وَأَمَّا الْبَرْءُ: فَهُوَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَهُوَ يَبْرَؤُهُمْ بَرْءًا، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] ، يَعْنِي: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَخْلُقَهَا. وَكَذَلِكَ: ذَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَهُوَ يَذْرَؤُهُمْ ذَرْءًا، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [الشورى: 11] ، وَاللَّهُ ذَارِئُ الْخَلْقِ، وَيَذْرَأْهُمْ، بِتَسْكِينِ الْهَمْزَةِ

وَأَمَّا الْبُرْءُ، بِضَمِّ الْبَاءِ، فَإِنَّهُ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَأَهْلِ نَجْدٍ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِكَ: بَرِئْتُ مِنَ الْمَرَضِ، فَأَنَا أَبْرَأُ مِنْهُ بُرْءًا، وَفِي لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ قَوْلِكَ: " بَرَأْتُ مِنَ الْمَرَضِ فَأَنَا أَبْرَأُ مِنْهُ بُرْءًا. وَأَمَّا الْبَرَاءُ بِالْمَدِّ، فَإِنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: بَرِئْتُ مِنْ كَذَا وَكَذَا، فَأَنَا أَبْرَأُ مِنْهُ بَرَاءً؛ وَلِذَلِكَ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، فَيُقَالُ: هُوَ بَرَاءٌ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، وَلِلِاثْنَيْنِ: هُمَا بَرَاءٌ مِنْهُ، وَلِلْجَمِيعِ: هُمْ بَرَاءٌ مِنْهُ، الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، كَمَا يُقَالُ: هُوَ عَدْلٌ، وَهُمَا عَدْلٌ، وَهُمْ عَدْلٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: 26] ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْكَ، فَإِنَّهُ يُثَنِّي فِي التَّثْنِيَةِ، وَيَجْمَعُ فِي الْجَمْعِ، فَيَقُولُ: هُمَا بَرِيئَانِ مِنْكَ، وَهُمْ بِرَاءٌ مِنْكَ، وَبَرِيئُونَ، وَأَبْرِيَاءُ، وَبُرَآءُ. وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ، فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا، وَهُوَ مَصْدَرٌ، إِمَّا مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَبْرَيْتُ النَّاقَةَ، فَأَنَا أَبْرِيهَا إِبْرَاءً، وَهِيَ نَاقَةٌ مُبْرَاةٌ: وَذَلِكَ إِذَا جَعَلْتَ لَهَا بُرَّةً. وَالْبُرَّةُ: الْحَلْقَةُ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ، وَإِمَّا مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَبْرَأَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَرَضِ إِبْرَاءً. وَأَمَّا الْبُرْأَةُ: فَقُتْرَةُ الصَّائِدِ، وَهِيَ الْحُفْرَةُ الَّتِي يَكْمُنُ فِيهَا لِلصَّيْدِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَأَرِيشُ: فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ لِلسَّهْمِ رِيشًا. وَأَصْلُ الرِّيشِ الْكُسْوَةُ، وَمَا يُلْبَسُ. يُقَالُ: أَعْطَى فُلَانٌ فُلَانًا رَحْلًا بِرِيشِهِ: يُرَادُ

بِكُسْوَتِهِ وَجَهَازِهِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَحَسَنُ رِيشِ الثِّيَابِ. وَإِنَّمَا قِيلَ لِرِيشِ الطَّائِرِ رِيشٌ؛ لِأَنَّهُ لَهُ كَهَيْئَةِ الْكُسْوَةِ وَاللِّبَاسِ لِبَنِي آدَمَ. يُقَالُ مِنْهُ: رَاشَ فُلَانٌ فُلَانًا: إِذَا أَعْطَاهُ أَثَاثًا وَكُسْوَةً، فَهُوَ يَرِيشُهُ رَيْشًا وَرِيشًا وَرِيَاشًا، كَمَا يُقَالُ: لَبِسَهُ فَهُوَ يَلْبَسْهُ لِبَاسًا وَلِبْسًا. وَقَدْ أُنْشِدَ فِي اللِّبْسِ بِكَسْرِ اللَّامِ: [البحر الطويل] فَلَمَّا كَشَفْنَ اللِّبْسَ عَنْهُ مَسَحْنَهُ ... بِأَطْرَافِ طَفْلٍ زَانَ غَيْلًا مُوَشَّمَا وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ لَعَنَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ الَّذِي يَرِيشُ بَيْنَهُمَا. يَعْنِي بِذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَسْفِرُ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي لِيُحَسِّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِعْلَهُ الَّذِي يَفْعَلُهُ مِنَ الْإِعْطَاءِ وَالْأَخْذِ، كَالَّذِي يُحَسِّنُ رَائِشُ السَّهْمِ السَّهْمَ بِمَا يَرِيشُهُ مِنَ الرِّيشِ. وَأَمَّا قَوْلُ نَافِعٍ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ مَا لَمْ يُجْمِعْ إِقَامَةً: فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مَا لَمْ يُجْمِعْ إِقَامَةً: مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى إِقَامَةٍ. يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ أَجْمَعَ فُلَانٌ عَلَى الْإِقَامَةِ بِمَوْضِعِ كَذَا، وَأَزْمَعَ عَلَيْهِ: يُرَادُ بِهِ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ. وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} [يونس: 71] ، يَعْنِي بِذَلِكَ: أَحْكِمُوا أَمْرَكُمْ، وَأَعِدُّوا وَاعْزِمُوا عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ عَازِمُونَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ: [البحر الرجز]

يَا لَيْتَ شِعْرِي وَالْمُنَى لَا تَنْفَعُ ... هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْمًا وَأَمْرِي مُجْمَعُ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ: فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: قَوْمٌ سَفْرٌ: قَوْمٌ مُسَافِرُونَ، وَهُوَ مَصْدَرٌ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَعْ، وَهُوَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: قَوْمٌ زَوْرٌ، وَقَوْمٌ صَوْمٌ، وَفِطْرٌ، وَجُنُبٌ، وَعَدْلٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَادِرِ، لَفْظُ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ، وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، فِيهِ وَاحِدٌ -[274]-. ذِكْرُ مَا لَمْ يَمْضِ ذِكْرُهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَئِنْ عِشْتُ لَأَنْهَيَنَّ أَنْ يُسَمَّى نَافِعًا وَبَرَكَةً وَيَسَارًا»

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح؛ لعلل: إحداها: أن المعروف من رواة هذا الحديث القصور به على جابر، من غير إدخال عمر بينه وبين رسول الله صلى الله عليه

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوَهِّنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِعِلَلٍ

: إِحْدَاهَا: أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ الْقُصُورُ بِهِ عَلَى جَابِرٍ، مِنْ غَيْرِ إِدْخَالِ عُمَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ غَيْرُ سُفْيَانَ، فَوَافَقَ - فِي تَرْكِهِ إِدْخَالَ عُمَرَ بَيْنَ جَابِرٍ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِوَايَةَ الَّذِينَ رَوَوْهُ عَنْ سُفْيَانَ، فَلَمْ يُدْخِلُوا فِي حَدِيثِهِمْ عَنْهُ بَيْنَ جَابِرٍ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ عِنْدَهُمْ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ؛ لِأَسْبَابٍ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَاهَا. وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

ذكر من حدث بهذا الحديث عن سفيان، فجعله عن أبي الزبير، عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل بين جابر وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُفْيَانَ، فَجَعَلَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَ جَابِرٍ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا

441 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَئِنْ عِشْتُ لَأَنْهَيَنَّ أَنْ يُسَمَّى نَافِعًا وَبَرَكَةً وَيَسَارًا» وَأَشُكُّ فِي نَافِعٍ، لَا أَدْرِي قَالَ أَمْ لَا؟

ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي الزبير، فلم يجعل فيه بين جابر وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من غير حديث الثوري

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ بَيْنَ جَابِرٍ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ

442 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " §أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى أَنْ يُسَمَّى بِيَعْلَى، وَبَرَكَةٍ، وَبِأَفْلَحَ، وَبِيَسَارٍ، وَبِنَافِعٍ، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ سَكَتَ بَعْدُ عَنْهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قُبِضَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، ثُمَّ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ

443 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى بْنِ تَلِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «§هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى أَنْ يُسَمَّى مَيْمُونًا، وَبَرَكَةً، وَأَفْلَحَ، وَهَذَا النَّحْوَ، ثُمَّ تَرَكَهُ»

القول في البيان عما في هذا الخبر من المعنى إن قال لنا قائل: ما معنى هذا الخبر، وما وجهه؟ أصحيح هو أم سقيم؟ فإن كان صحيحا فقد بطل معنى الخبر الذي رواه سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْمَعْنَى إِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: مَا مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ، وَمَا وَجْهُهُ؟ أَصَحِيحٌ هُوَ أَمْ سَقِيمٌ؟ فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَقَدْ بَطَلَ مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي

444 - حَدَّثَكُمُوهُ أَبُو كُرَيْبٍ، وَنَصَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: " §نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا أَرْبَعَةَ أَسْمَاءٍ: رَبَاحًا، وَأَفْلَحَ، وَنَافِعًا، وَيَسَارًا "

445 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ بِيَسَارٍ، وَلَا رَبَاحٍ، وَلَا أَفْلَحَ، وَلَا نَجِيحٍ، وَلَا نَافِعٍ»

446 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَسُفْيَانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ أَفْلَحَ، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا يَسَارًا»

447 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ أَفْلَحَ، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا» وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ

448 - حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُسَمَّوْا رَقِيقَكُمْ رَبَاحًا، وَلَا يَسَارًا، وَلَا أَفْلَحَ، وَلَا نَجِيحًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ»

449 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ أَفْلَحَ، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا يَسَارًا»

450 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تُسَمِّ أَفْلَحَ، وَلَا يَسَارًا وَلَا نَجِيحًا، وَلَا رَبَاحًا» ، -[280]- 451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هِلَالَ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

452 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ رَبَاحًا، وَلَا يَسَارًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ فُلَانٌ؟ فَلَا يَكُونُ. وَيَقُولُ: إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلَا تَزِيدُنَّ " وَإنْ كَانَ سَقِيمًا، فَمَا وَجْهُ سَقَمِهِ، وَقَدْ قَضَيْتَ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ بِشَهَادَتِكَ لِنَقَلَتِهِ بِالْعَدَالَةِ؟ أَمْ تَقُولُ: إِنَّهُمَا جَمِيعًا صَحِيحَانِ؟ فَبِأَيِّهِمَا تَقُولُ يَلْزَمُنَا الْعَمَلُ؟ بِالَّذِي رُوِيَ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ تَسْمِيَةِ الْأَرِقَاءِ: أَفْلَحَ، وَنَافِعًا، وَرَبَاحًا، وَيَسَارًا، وَلَا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ مَمْلُوكٍ لَنَا بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، فَمَا وَجْهُ الْخَبَرِ الَّذِي

453 - حَدَّثَكُمُوهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §لَهُ غُلَامٌ يُسَمَّى رَبَاحًا» أَمْ بِالَّذِي عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ أَرَادَ النَّهْيَ عَنْ تَسْمِيَةِ الْمَمَالِيكِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ، ثُمَّ قُبِضَ قَبْلَ نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ؟ فَمَا مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ؟ -[282]- قِيلَ: كِلَا الْخَبَرَيْنِ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا دَافِعًا صَاحِبَهُ وَلَا مُحِيلًا مَعْنَاهُ. فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَجَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «لَئِنْ عِشْتُ لَأَنْهَيَنَّ أَنْ يُسَمَّى نَافِعًا، وَبَرَكَةً، وَيَسَارًا» ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدُ حَتَّى نَهَى عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ، عَلَى مَا رَوَى عَنْهُ سَمُرَةُ، فَسَمِعَ سَمُرَةُ النَّهْيَ عَنْهَا، وَرَوَاهُ عَنْهُ عَلَى مَا سَمِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ جَابِرٌ، فَأَدَّى مَا سَمِعَ مِنْهُ مِنْ قِيلِهِ: «لَئِنْ عِشْتُ لَأَنْهَيَنَّ عَنْهُ» ، وَأَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قُبِضَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ؛ إِذْ لَمْ يَعْلَمْ نَهْيَهُ عَنْهُ حَتَّى قُبِضَ وَمَضَى لِسَبِيلِهِ. وَذَلِكَ الْوَاجِبُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ يَفْعَلَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ عَلِمَ عِلْمًا، ثُمَّ لَمْ يَعْلَمْ تَغَيُّرَ ذَلِكَ عَنْ حَالِهِ الَّتِي عَلِمَهُ عَلَيْهَا، فَلَهُ الْقِيَامُ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ عَلَى مَا عَلِمَهُ بِهِ، وَإنْ كَانَ جَائِزًا تَغَيُّرُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِهِ. وَذَلِكَ كَالرَّجُلِ يَعْلَمُ وِرَاثَةَ رَجُلٍ عَنْ مَيِّتٍ لَهُ دَارًا أَوْ أَرْضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْلَاكِ، فَيَأْتِيهِ مُدَّعٍ بَعْدَ حِينٍ يَدَّعِي ذَلِكَ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَهُ دُونَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ أَنَّ لِلَّذِي عَلِمَ وِرَاثَةَ ذَلِكَ الْوَارِثِ عَنْ مَيِّتِهِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الَّذِي ادَّعَاهُ لِلَّذِي عَلِمَ وِرَاثَتَهُ عَنْ مَيِّتِهِ، مَعَ جَوَازِ خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ، إِمَّا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَزُولُ بِهَا الْأَمْلَاكُ. وَكَذَلِكَ الشَّهَادَاتُ عَلَى الْأَشْيَاءِ الْمُمْكِنِ تَغَيُّرُ أَحْوَالِهَا عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي وَصَفْنَا. فَقَدْ تَبَيَّنَ بِالَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَ جَابِرٍ مَا قَالَ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرُ دَافِعٍ مَا رَوَى سَمُرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، وَلَا رِوَايَةُ سَمُرَةَ مَا رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، مُحِيلٌ مَا قَالَ جَابِرٌ وَرَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ كِلَا الْخَبَرَيْنِ صَحِيحٌ مَعْنَاهُمَا، مُمْكِنٌ اسْتِعْمَالُهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ -[283]-. وَإِذْ كَانَ كَذَلِكَ فَخَبَرُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَقَوْلُهُ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ، إنْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى غُلَامَهُ ذَلِكَ هَذَا الِاسْمَ قَبْلَ نَهْيِهِ عَنِ التَّسْمِيَةِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمُحْتَجٍّ بِهِ. وَإِنَّ تَسْمِيَةَ الْمُسَمِّي مَمْلُوكَهُ فِي مَعْنَى تَسْمِيَتِهِ إِيَّاهُ بِوَثَّابٍ وَسَوَّارٍ وَغَيْرِهِمَا، فِيهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَأْتِ مَا يُرْغَبُ لَهُ عَنْهُ، إِذْ كَانَ فِي إِطْلَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَطْلَقَ وَحَظْرِهِ مَا حَظَرَ، نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ، عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى (كِتَابُ الْبَيَانِ عَنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ) . وَكَانَ جَائِزًا أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ نَهَى عَنْهَا، كَانَتْ سَبِيلَ التَّسْمِيَةِ بِغَيْرِهَا مِنَ الْأَسْمَاءِ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا بَعْدُ. وَإنْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى غُلَامَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهِ، فَذَلِكَ مِنْهُ إِبَانَةٌ عَنْ أَنَّ نَهْيَهُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ، وَبِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهِ، إِنَّمَا هُوَ نَهْيُ تَكَرُّهٍ، لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ، عَلَى مَا قَدْ تَقَدَّمَ وَصْفُنَاهُ قَبْلُ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضِّبَابِ، وَإِطْلَاقِهِ لِآكِلِيهَا أَكْلَهَا عَلَى مَائِدَتِهِ. وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَإِنَّ فِي إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى تَسْمِيَةِ الرَّجُلِ مَمَالِيكَهُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ - الَّتِي ذَكَرَ سَمُرَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهَا - غَيْرُ مُوجِبَةٍ لَهُ إِثْمًا، وَلَا مُسْتَوْجِبٍ بِهَا مُسَمِّيهِ مِنْ رَبِّهِ عِقَابًا، مَا يُنْبِئُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ -[284]-. وَبَعْدُ، فَفِي تَسْمِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَمْلُوكَهُ نَافِعًا بِنَافِعٍ، وَتَسْمِيَةِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ غُلَامَهُ أَفْلَحَ بِأَفْلَحَ، بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، مِنْ غَيْرِ إِنْكَارِ مُنْكِرٍ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، مَا يُوَضِّحُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَهْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، لَوْ كَانَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ؛ لَمْ يُقِرَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ مَنْ ذَكَرْنَا، عَلَى التَّقَدُّمِ عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُهُ، بَلْ لَمْ يَكُونُوا هُمْ يَتَقَدَّمُونَ عَلَى مَا قَدْ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا قَدْ صَحَّ عِنْدَهُمْ تَحْرِيمُهُ إِيَّاهُ. وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهُمْ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّكَرُّهِ، تَقَدَّمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ آخَرُونَ، كَالَّذِي كَانَ مِنْهُمْ فِي نَهْيِهِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضِّبَابِ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ قَبْلُ. وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ أَنْ يُسَمُّوا مَمَالِيكَهُمْ بِأَسْمَاءٍ أُخَرَ غَيْرِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ رَوَى النَّهْيَ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِعِلَلٍ شَبِيهَةٍ بِالْعِلَلِ فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَسْمِيَتِهِمْ بِهِ مِنْ أَجْلِهَا. ذِكْرُ بَعْضِ ذَلِكَ

454 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ بْنِ تَمِيمٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " §كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ سَنَةً، لَا أُكَلِّمُهُ وَلَا يَعْرِفُنِي، حَتَّى أَتَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ كِتَابٌ مِنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَدَعَا -[285]- غِلْمَانَهُ، فَجَعَلَ يَكْنِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَأَشْبَاهِهِ، وَجَعَلَ يَدْعُو: يَا مِخْرَاقُ، يَا وَثَّابُ، نَحْوًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ "

455 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شِبَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: «§إِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ كَيْفَ سَمَّى غُلَامًا لَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ»

456 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسَمِّيَ الرَّجُلُ غُلَامَهُ عَبْدَ اللَّهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُعْتِقُهُ»

457 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «أَنَّهُ §كَرِهَ أَنْ يُسَمِّيَ مَمْلُوكَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَشْبَاهَهُ؛ مَخَافَةَ الْعِتْقِ» -[286]- فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ ذَكَرْنَا عَنْهُ كَرَاهَةَ تَسْمِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ نَظِيرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ مِنْ تَسْمِيَةِ الرَّجُلِ مَمْلُوكَهُ بِرَبَاحٍ، وَنَافِعٍ، وَأَفْلَحَ؛ لِأَنَّ كَرَاهِيَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ كَانَتْ حِذَارًا مِنْ أَنْ يُقَالَ: هَاهُنَا نَافِعٌ؟ فَيُقَالُ: لَا، أَوْ: هَاهُنَا أَفْلَحُ، أَوْ بَرَكَةٌ؟ فَيُجَابُ بِلَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ إنْسَانٍ اسْمُهُ أَفْلَحُ، أَوْ نَافِعٌ، أَوْ رَبَاحٌ هَلْ هُوَ فِي مَكَانِ كَذَا؟ إِنَّمَا مَسْأَلَتُهُ تِلْكَ مَسْأَلَةٌ عَنْ شَخْصٍ مِنْ أَشْخَاصِ بَنِي آدَمَ، سُمِّيَ بِاسْمٍ جُعِلَ عَلَيْهِ دَلِيلًا يُعْرَفُ بِهِ إِذَا ذُكِرَ؛ إِذْ كَانَتِ الْأَسْمَاءُ الْعَوَارِيُّ الْمُفَرِّقَةُ بَيْنَ الْأَشْخَاصِ الْمُتَشَابِهَةِ إِنَّمَا هِيَ أَدِلَّةٌ عَلَى الْمُسَمَّى بِهَا، لَا مَسْأَلَةٌ عَنْ شَخْصٍ صِفَتُهُ النَّفْعُ وَالْفَلَاحُ وَالْبَرَكَةُ. وَذَلِكَ مِنْ كَرَاهَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، نَظِيرُ كَرَاهَتِهِ تَسْمِيَةَ امْرَأَةٍ كَانَتْ تُسَمَّى بَرَّةَ بِبَرَّةَ، حَتَّى حَوَّلَ اسْمَهَا عَنْ ذَلِكَ فَسَمَّاهَا جُوَيْرِيَةَ، وَكَتَحْوِيلِهِ اسْمَ أُخْرَى مِنْ عَاصِيَةَ إِلَى جَمِيلَةَ، وَكَتَغْيِيرِهِ اسْمَ أَرْضٍ طَابَتْ تُدْعَى عَفِرَةَ خَضِرَةَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ عَدَدُهُ، سَنَذْكُرُ جَمِيعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهِ -[287]-. وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَحْوِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَوَّلَ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِمَا كَانَ الْمُسَمَّى بِهِ مِنْهَا مُسَمًّى قَبْلَ تَحْوِيلِهِ ذَلِكَ كَانَ حَرَامًا التَّسْمِيَةُ بِهِ؛ وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ، وَاخْتِيَارِ الْأَحْسَنِ عَلَى الَّذِي هُوَ دُونَهُ فِي الْحُسْنِ، إِذْ كَانَ لَا شَيْءَ فِي الْقَبِيحِ مِنَ الْأَسْمَاءِ إِلَّا وَفِي الْجَمِيلِ الْحَسَنِ مِنْهَا مِثْلُهُ مِنَ الدِّلَالَةِ عَلَى الْمُسَمَّى بِهِ، مَعَ بَيْنُونَةِ الْأَحْسَنِ بِفَضْلِ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ، مِنْ غَيْرِ مَؤُونَةٍ تَلْزَمُ صَاحِبَهُ بِسَبَبِ التَّسَمِّي بِهِ. وَكَذَلِكَ كَرَاهَةُ مَنْ كَرِهَ تَسْمِيَةَ مَمْلُوكِهِ عَبْدَ اللَّهِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا كَانَتْ كَرَاهَتُهُ ذَلِكَ؛ حِذَارًا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ لَهُ الْعِتْقَ بِانْفِرَادِهِ بِهَذَا الِاسْمِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ جَمِيعَ بَنِي آدَمَ لِلَّهِ عَبِيدٌ أَحْرَارُهُمْ وَعَبِيدُهُمْ، وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ وَاصِفٌ أَوْ لَمْ يَصِفْهُمْ، وَلَكِنَّ كَارِهِي التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ صَرَفُوا هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَنْ رَقِيقِهِمْ؛ لِئَلَّا يَقَعَ اللَّبْسُ عَلَى السَّامِعِ لِذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِمْ؛ فَيَظُنَّ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ؛ إِذْ كَانَ اسْتِعْمَالُ أَكْثَرِ النَّاسِ التَّسْمِيَةَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ فِي الْأَحْرَارِ، فَتَجَنَّبُوا إِلَى مَا يُزِيلُ اللَّبْسَ عَنْهُمْ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَمَالِيكِ. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَالَّذِي بِهِ اسْتَشْهَدْنَا، فَالِاخْتِيَارُ لِكُلِّ مَنْ لَهُ مَمْلُوكٌ أَنْ يَتَجَنَّبَ تَسْمِيَةَ مَمْلُوكِهِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي رَوَيْنَا عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِهَا، وَعَنْ نَظَائِرِهَا، وَذَلِكَ كَتَسْمِيَتِهِ بِنَجَاحٍ، فَإِنَّهُ نَظِيرُ رَبَاحٍ، وَكَتَسْمِيَتِهِ سَمَاحًا، وَخَيْرًا، وَنَصْرًا، وَسَعْدًا، وَكَثِيرًا، فَإِنَّهُ كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَرِهَ تَسْمِيَتَهُ بِرَبَاحٍ، وَنَافِعٍ - وَإنْ كَانَ خَسَارًا وَضَارًّا، لَا رَبَاحًا وَلَا نَافِعًا - حِذَارًا مِنْ أَنْ يُقَالَ: هَلْ هُنَاكَ رَبَاحٌ، أَوْ نَافِعٌ؟ فَيُقَالُ: لَا، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُتَّقَّى أَنْ يُقَالَ: هُنَاكَ نَجَاحٌ، أَوْ سَمَاحٌ -[288]-، أَوْ خَيْرٌ، أَوْ سَعْدٌ؟ فَيُقَالُ: لَا. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُتَجَنَّبَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ بِمَا كَانَ نَظِيرًا لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَهُ شَبِيهًا؛ لِلْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفْنَا مِنْ كَرَاهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْمِيَتَهُ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فِي الْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُسَمِّيهِ بِبَعْضِ ذَلِكَ - إِنْ سَمَّاهُ بِهِ - حَرِجًا، أَوْ مُكْتَسِبًا بِتَسْمِيَتِهِ بِهِ إِثْمًا، أَوْ مُتَقَدِّمًا بِهِ لِلَّهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلَكِنَّهُ مُتَقَدِّمٌ بِتَسْمِيَتِهِ إِيَّاهُ بِهِ عَلَى خِلَافِ مَا اخْتَارَهُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ مَمْلُوكَهُ بِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ

ذكر خبر آخر من أخبار عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما روى عنه أبو قتادة الأنصاري

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا رَوَى عَنْهُ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ الْمِعْوَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَرْنَا بِرَجُلٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لَمْ يُفْطِرْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: «§لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» أَوْ «مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ» . فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ غَضَبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يُسَكِّنُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: صَوْمُ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ؟ فَقَالَ: «أَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ لِذَاكَ» . قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَصَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ؟ فَقَالَ: «ذَلِكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ» . قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَصَوْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ فِيهِ النُّبُوَّةُ» . قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ؟ كَذَا عَلِمْتُ قَالَ. قَالَ: «أَحَدُهُمَا يَعْدِلُ السَّنَةَ، وَالْآخَرُ يُكَفِّرُهُ الْبَاقِي» ، أَوْ قَالَ: «أَحَدُهُمَا يُكَفِّرُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ»

القول في علل هذا الحديث وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه؛ لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح. وذلك أنه خبر قد حدث به عن غيلان بن جرير جماعة، فجعلوه عن

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوَهِّنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ؛ لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ. وَذَلِكَ أَنَّهُ خَبَرٌ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ جَمَاعَةٌ، فَجَعَلُوهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَ بِهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، فَوَافَقَ فِيهِ رِوَايَةَ مَنْ جَعَلَهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَخْرَجٌ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

ذكر من حدث به عن غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل بين أبي قتادة وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحدا

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَ أَبِي قَتَادَةَ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا

458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى السَّامِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَوْمُكَ؟ أَوْ كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُئِيَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ. وَرَدَّدَ قَوْلَهُ: كَيْفَ صَوْمُكَ؟ فَلَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْغَضَبُ، أَقْبَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ الدَّهْرَ؟ قَالَ: «§لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» ، أَوْ: «مَا صَامْ وَمَا أَفْطَرَ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ: «ذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» . قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، صَوْمُ يَوْمَيْنِ، وَإِفْطَارُ يَوْمٍ؟ قَالَ: «مَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ» ؟ قَالَ: فَصَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي أُطِيقُ ذَلِكَ» . قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَصَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ؟ قَالَ: «ذَلِكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ» . قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ وَمَا قَبْلَهَا»

459 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيَّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً. قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؟ فَقَالَ: «§لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» أَوْ: «مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ، قَالَ: «وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ. قَالَ: «ذَلِكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدُ» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَقَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ - فِيهِ» . قَالَ: وَقَالَ: «صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، صَوْمُ الدَّهْرِ» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ» ، 460 - حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ الْمِعْوَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: قَالَ: ثُمَّ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ؟ فَقَالَ: «لَيْتَ أَنَّ اللَّهَ قَوَّانَا لِذَلِكَ» . وَقَالَ أَيْضًا: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ، وَالسَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ»

461 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «§أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ بِكَفَّارَةِ سَنَةٍ» . فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ. فَقَالَ: «أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ كَفَّارَةَ سَنَتَيْنِ، سَنَةٍ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبَلَةٍ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» أَوْ: «مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: «ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: «وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟»

ذكر من حدث ببعض هذا الحديث عن أبي قتادة، فوافق في روايته إياه الذين لم يدخلوا بين أبي قتادة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، فَوَافَقَ فِي رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ الَّذِينَ لَمْ يُدْخِلُوا بَيْنَ أَبِي قَتَادَةَ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا

462 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ إِيَاسَ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً، وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً، وَسَنَةً مُسْتَقْبَلَةً»

463 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صَوْمُ عَرَفَةَ يَعْدِلُ السَّنَةَ وَالَّتِي تَلِيهَا، وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ يَعْدِلُ كَفَّارَةَ سَنَةٍ»

464 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ: مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبَلَةٍ، وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ " -[296]- وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذُكِرَ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ، جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإنْ كَانَ سِيَاقُهُمْ ذَلِكَ مُخَالِفًا سِيَاقَ عُمَرَ؛ بِتَفْرِيقِهِمْ كُلَّ مَعْنًى مِنْ ذَلِكَ مُنْفَرِدًا، وَالرِّوَايَةَ دُونَ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَمِيعُ ذَلِكَ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ، كَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ قَبْلُ، وَنَحْنُ ذَاكِرُو مُوَافِقِيهِ فِي رِوَايَتِهِمْ، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى مَا انْتَهَى إِلَيْنَا وَنُقِلَ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمُوَضِّحُو الْبَيَانِ عَنْ جَمِيعِهِ بَعْدَ فَرَاغِنَا مِنْهُ. ذِكْرُ مُوَافِقِي عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ

465 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقَالَ: «§لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» ، أَوْ: «مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ»

466 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ صَامَ الدَّهْرَ مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ» ، أَوْ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» ، 467 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ 468 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 469 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

470 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعُذْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ، حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِرَجُلٍ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَصُومُ الدَّهْرَ، فَقَالَ: «§لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ»

471 - حَدَّثَنِي عِصَامُ بْنُ رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَذَاكَرُوا الْأَعْمَالَ، فَذَكَرُوا رَجُلًا يَصُومُ الدَّهْرَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ»

472 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فُلَانًا لَا يُفْطِرُ نَهَارَ الدَّهْرِ. قَالَ: «§لَا أَفْطَرَ وَلَا صَامَ»

473 - حَدَّثَنِي عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ صَامَ الْأَبَدَ فَلَا صَامَ»

474 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ صَامَ الْأَبَدَ فَلَا صَامَ»

475 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَنِي مَنْ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ صَامَ الْأَبَدَ فَلَا صَامَ» 476 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ

477 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ الْحُسَيْنُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ صَامَ الْأَبَدَ فَلَا صَامَ»

478 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ»

479 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَبُو الْعَبَّاسِ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ الشَّاعِرُ الَّذِي قَالَ: [البحر الرجز] إِنِّي وَجَدْتُ الشِّعْرَ فِي فِعْلٍ أَصَمْ ... فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ حَتَّى انْفَصَمْ -[301]- مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» ، 480 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

481 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ»

482 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ»

483 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الْأَبَحُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي §رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ، أَفَأَصُومُ الدَّهْرَ؟ قَالَ: «لَا»

484 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو النَّدَبِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: " أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: §أَصُومُ الدَّهْرَ؟ فَنَهَاهُ "

485 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الَّذِي يَصُومُ الدَّهْرَ تَضِيقُ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ كَضِيقِ هَذِهِ» ، وَعَقَدَ تِسْعِينَ، 486 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ بِنَحْوِهِ

487 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ طَرِيفٍ الْهُجَيْمِيِّ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ، قَالَ: «§مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا» وَعَقَدَ تِسْعِينَ

488 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ وَهُوَ يَقُولُ: «§مَنْ صَامَ الْأَبَدَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا» وَعَقَدَ تِسْعِينَ، 489 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، بِنَحْوِهِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ

ذكر البيان عن معاني الأخبار التي ذكرناها بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر وذكر اختلاف السلف في ذلك اختلف العلماء من السلف في صوم الدهر، فقال بعضهم بتصحيح الأخبار التي ذكرناها، وقالوا: غير جائز لأحد صوم الدهر، وإن أفطر الأيام المحرم صومهن.

§ذِكْرُ الْبَيَانِ عَنْ مَعَانِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ وَذِكْرُ اخْتِلَافِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ -[305]- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِتَصْحِيحِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَقَالُوا: غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ صَوْمُ الدَّهْرِ، وَإِنْ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْمُحَرَّمَ صَوْمُهُنَّ. وَقَالُوا: مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَثِمِ بِرَبِّهِ؛ لِتَجْشِيمِهِ نَفْسَهُ مَا يَضُرُّ بِهَا، وَتَكْلِيفِهِ إِيَّاهَا مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي قَدْ نَهَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَا طَاقَةَ لَهَا بِهِ

ذكر من قال بذلك

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ

490 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ نُبَاتَةَ أَوِ ابْنِ نُبَاتَةَ الْحَارِثِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا أَمَرَنِي أَنْ أَسْأَلَكَ، فَإِنَّهُ يَصُومُ الدَّهْرَ. قَالَ: فَغَضِبَ وَقَالَ: " لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ - أَوْ: لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ "، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: كَيْفَ صَوْمُكَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ؟ قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَصُومُ الدَّهْرَ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يَفْعَلُ صَاحِبِي. قَالَ: " §إِنِّي لَأَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً؛ وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا "

491 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَاتَةَ الْحَارِثِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا عُمَّارًا أَوْ حُجَّاجًا، فَمَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ، فَلَقِينَا أَبَا ذَرٍّ، قَالَ: فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ يَصُومُ الدَّهْرَ إِلَّا الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى. قَالَ: «لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ» فَعَاوَدَهُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَأَلَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: «§أَطْمَعُ مِنْ رَبِّي أَنْ أَصُومَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» ، قَالَ: فَهَذَا الَّذِي عِبْتَ عَلَى صَاحِبِي. قَالَ: «كَلَّا، أَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَطْمَعُ مِنْ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَ لِي مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»

492 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ هَرْثَمَةَ، عَنْ مَسْرُوحِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: صَحِبْتُ سَلْمَانَ فَصُمْتُ يَوْمًا، فَقَالَ: «حَسَنٌ» . ثُمَّ صُمْتُ يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ: «حَسَنٌ» . ثُمَّ صُمْتُ يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ: «حَسَنٌ» . ثُمَّ صُمْتُ يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ: «إِنَّ §لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»

493 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ، فَكَرِهَهُ، وَسُئِلَ عَمَّا دُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «§صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ»

494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْقَنَّادُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا يَصُومُ الدَّهْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِالْمِخْفَقَةِ وَيَقُولُ: «§كُلْ يَا دَهْرُ»

495 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا يَصُومُ الدَّهْرَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِالدِّرَّةِ وَيَقُولُ: «§كُلْ يَا دَهْرُ، كُلْ يَا دَهْرُ»

496 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: «§مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا تَرَكَ» وَسَأَلْتُ مَسْرُوقًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، فَكَرِهُوهُ كُلُّهُمْ

497 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أَنَّ ابْنَ أَبِي نُعْمٍ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ - أَوْ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَصُومُ الدَّهْرَ - فَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: «§لَوْ أَدْرَكَ هَذَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمُوهُ» -[309]- وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَهَى عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِضْرَارِ بِالنَّفْسِ وَالْحَمْلِ عَلَيْهَا، فِي مَنْعِهَا شَهْوَتَها مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَحَاجَتَهَا مِنَ الْقُوتِ وَالْغِذَاءِ الَّذِي بِهِ قِوَامُهَا وَقُوَّتُهَا عَلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ، كَالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَضَاءِ حَقِّ الزَّوْرِ وَالضَّيْفِ. قَالُوا: وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ مَرْوِيَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ، وَأَنَّ نَهْيَهُ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ إِنَّمَا كَانَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ الْمُفْطِرُ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ، غَيْرُ دَاخِلٍ بِصَوْمِهِ أَيَّامَ السَّنَةِ كُلِّهَا سِوَاهُنَّ فِي صَائِمِي الدَّهْرِ؛ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - إِذْ نَهَاهُ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ: «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ» ، وَقَوْلِهِ: «لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» - مَعْنًى مَعْقُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَوْمِ يَوْمَيْنِ أَوْ سِتَّةِ أَيَّامٍ مَا يُوجِبُ لَهُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ، وَإنْ كَانَ صَوْمُ سَائِرِ أَيَّامِ السَّنَةِ غَيْرَ مُوجِبِهَا لَهُ. قَالُوا: وَإِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ هُوَ مَا ذَكَرْنَا؛ صَحَّ بِذَلِكَ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ -[310]- مَقْصَودٌ بِهِ سَرْدُ الصَّوْمِ مِنَ الْأَيَّامِ الْكَثِيرَةِ تِبَاعًا، لَا إِفْطَارَ بَيْنَهُنَّ، كَالشَّهْرِ وَالْأَشْهُرِ، وَإِنْ أَفْطَرْتَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ. ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِي ذَلِكَ، ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا

498 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَبَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَجَاءَ سَلْمَانُ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي النِّسَاءِ وَلَا الدُّنْيَا، يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ. قَالَ: وَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَرَحَّبَ بِهِ سَلْمَانُ، ثُمَّ دَعَا لَهُ بِطَعَامٍ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِطَاعِمٍ الْيَوْمَ حَتَّى تَطْعَمَ. قَالَ: وَأَكَلَ وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ قَامَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَحَبَسَهُ سَلْمَانُ وَقَالَ: " إِنَّ §لِرَبِّكَ وَلِجَسَدِكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ، قَالَ لَهُ: قُمِ الْآنَ. فَقَامَا فَرَكَعَا، ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلَاةِ " فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ

499 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسِ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟» . قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «فَلَا تَفْعَلْ، نَمْ وَقُمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَإِذًا ذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» . قَالَ: فَشَدَّدْتُ؛ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: «فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» . قَالَ: فَشَدَّدْتُ؛ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ، لَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ» . قَالَ: قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ؟ قَالَ: «نِصْفُ الدَّهْرِ»

500 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: «فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، وَلَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ. أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى صَوْمِ الدَّهْرِ؟ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» . قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: «فَصُمْ خَمْسًا» . قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا»

501 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، فَصُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ -[313]- صَوْمُ الدَّهْرِ - أَوْ كَصَوْمِ الدَّهْرِ» . قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ بِي قُوَّةً. قَالَ: «صُمْ صَوْمَ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى»

502 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو §إِنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ الْعَيْنَانِ، وَنَهَمَتْ لَهُ النَّفْسُ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: «صُمْ صَوْمَ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى» وَقَالَ آخَرُونَ بِمِثْلِ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي تَصْحِيحِ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْأَبَدِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ خَالَفُوهُمْ فِي مَعَانِيهَا. فَقَالُوا: مَعْنَى نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الْأَبَدِ، أَنْ يُصَامَ الدَّهْرُ كُلُّهُ، فَلَا يُفْطِرُ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِنَّ. قَالُوا: فَأَمَّا إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِنَّ، فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» ، وَلَا هُوَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ هُوَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُطِيعٌ، وَبِثَوَابِهِ عَلَى صَوْمِهِ لَهُ مُسْتَحِقٌّ. وَاعْتَلُّوا أَيْضًا بِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَامَ بَعْضُهُمُ الدَّهْرَ كُلَّهُ بِعِلْمٍ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَلَمْ يُفْطِرُوا إِلَّا الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ، فَلَمْ يُنْكِرْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ

ذكر من فعل ذلك وقاله

§ذِكْرُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَالَهُ

503 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: «§كَانَتْ عَائِشَةُ تَصُومُ الدَّهْرَ»

504 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: " كَانَتْ §تَصُومُ الدَّهْرَ. قَالَ: قُلْتُ: الدَّهْرَ؟ قَالَ: كَانَتْ تَسْرُدُ "

505 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ، يَقُولُ: §كَانَتْ عَائِشَةُ تَصُومُ الدَّهْرَ. قَالَ: قُلْتُ: تَصُومُ الدَّهْرَ؟ قَالَ: كَانَتْ تَسْرُدُ "

506 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ §تَصُومُ الدَّهْرَ، تَسْرُدُ»

507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ حَبِيبَةَ ابْنَتِ عَمْرٍو، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: تَصُومِينَ الدَّهْرَ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؟ قَالَتْ: «نَعَمْ §قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ، وَلَكِنْ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ، فَلَمْ يَصُمِ الدَّهْرَ»

508 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ §يَسْرُدُ الصَّوْمَ قَبْلَ مَوْتِهِ سَنَتَيْنِ "

509 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ أَبُو طَلْحَةَ §يُقِلُّ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَ، كَانَ لَا يُفْطِرُ إِلَّا فِي سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ»

510 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ يَصُومُ الدَّهْرَ، فَيَصُومُ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَضَرِ، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ §يَصُومُ الدَّهْرَ، فَيَصُومُ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَضَرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيَمْرَضُ فَمَا يُفْطِرُ، وَكَانَ أَبُو مُرَاوِحٍ يَصُومُ الدَّهْرَ، فَيَصُومُ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَضَرِ "

511 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّهُ §كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ»

512 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «إِذَا §أَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، لَمْ يَدْخُلْ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ» وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِأَنْ قَالُوا: إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الْأَبَدِ وَصَوْمِ الدَّهْرِ. قَالُوا: وَمَنْ أَفْطَرَ مِنَ السَّنَةِ بَعْضَهَا، لَمْ يَسْتَحِقَّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ صَامَ الْأَبَدَ، إِذْ كَانَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي أَنَّ حَالِفًا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا سَمَّاهُ، أَبَدًا أَوِ الدَّهْرَ، فَكَلَّمَهُ سَاعَةً مِنْ دَهْرِ أَنَّهُ حَانِثٌ. فَمَعْلُومٌ بِذَلِكَ أَنَّ الدَّهْرَ وَالْأَبَدَ إِنَّمَا هُوَ أَيَّامُ حَيَاةِ الْمَرْءِ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ، فَمَنْ أَفْطَرَ فِي بَعْضِهِ كَانَ غَيْرَ صَائِمٍ الْأَبَدَ. قَالُوا: وَأُخْرَى، أَنَّ الْأَيَّامَ الَّتِي حُظِرَ صَوْمُهَا عَلَى صَائِمِ الْأَبَدِ، غَيْرُ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صَوْمِهَا مِمَّنْ حُظِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ صَوْمُهَا، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحْظُورًا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ يَكُنْ جَائِزًا صَوْمُهَا لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ غَيْرِهِ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، إِذْ كَانَ مَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ مِنْ صَوْمِهِ أَوْ تَأَخَّرَ، لَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ صَوْمُهُ مَا أَطَاقَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحْظُورًا عَلَى جَمِيعِهِمْ، فَحُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُهُمْ. قَالُوا: وَفِي إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لِغَيْرِهِ أَنْ يَصُومَ تِلْكَ الْأَيَّامَ، أَوْضَحُ الدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي لَهُمْ مِنْهُ -[318]-. قَالُوا: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ فَيَصِلُهُ بِرَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ إِفْطَارٍ بَيْنَهُمَا. قَالُوا: فَلَوْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لِلْمَرْءِ صَوْمُ أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا - إِذَا هُوَ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ - لِدُخُولِهِ فِي مَعْنَى مَنْ صَامَ الْأَبَدَ؛ لَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُوَالِي بَيْنَ صَوْمِ شَهْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِفْطَارٍ بَيْنَهُمَا، إِذْ كَانَ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ بَدَنِ الصَّائِمِ وَقُوَاهُ، نَظِيرَ أَخْذِ صَوْمِ السَّنَةِ وَأَكْثَرَ. قَالُوا: وَفِي جَوَازِ مُوَالَاةِ الْمُوَالِي بَيْنَ صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ، عِنْدَ مُنْكِرِي صَوْمِ الْأَبَدِ، إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ، أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ أَطْلَقَ صَوْمَ الْأَيَّامِ كُلِّهَا، إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِنَّ. قَالُوا: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ إِذْ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» ، لِمَنْ صَامَ حَتَّى هَلَكَ مِنْ صَوْمِهِ، وَرَوَوْا بِذَلِكَ خَبَرًا

513 - حَدَّثَنِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: " أَنَّ امْرَأَةً صَامَتْ حَتَّى مَاتَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا صَامَتْ وَلَا أَفْطَرَتْ» -[319]- قَالُوا: وَمَنْ صَامَ حَتَّى بَلَغَ بِهِ الصَّوْمُ هَذَا الْحَدَّ؛ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِصَوْمِ ذَلِكَ آثِمٌ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ صَوْمَ الْأَبَدِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنَّ مَنْ صَامَهُ فَقَدْ دَخَلَ فِيمَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَحَمَّلَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مِنَ الْإِثْمِ عَظِيمًا. وَذَلِكَ إِذَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ، فَلَمْ يُفْطِرِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ. وَإِنْ أَطَاقَ الْمَرْءُ صَوْمَ الدَّهْرِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ، وَلَمْ يَنْهَكْ صَوْمُهُ ذَلِكَ بَدَنَهُ، وَلَا أَضَرَّ بِهِ، وَلَمْ يُضْعِفْهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا عَنِ النَّوَافِلِ الْمُؤَكَّدَةِ، فَصَامَ ذَلِكَ، وَأَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ، فَقَدْ دَخَلَ فِي مَا كَرِهَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَهُ؛ وَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دِيمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ» ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأُمَّتِهِ: «اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا دَاوَمَ عَلَيْهِ، وَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: «يَا فُلَانُ، لَا تَكُنْ كَفُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ -[320]- فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» ، وَقَوْلِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ، إِذْ أَذِنَ لَهُ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ آخَرَ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى: «إِنَّكَ لَعَلَّكَ أَنْ يَطُولَ بِكَ الْعُمُرُ فَتَضْعُفَ» . فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَبْلُغَ مِنَ السِّنِّ مَا يَضْعُفُ عَنِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِنْ صَوْمِ الْأَبَدِ مَعَهَا، وَإِنْ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ، فَالصَّوَابُ لَهُ أَنْ يَكْلَفَ مِنْهُ مَا إِنْ ضَعُفَ بَدَنُهُ أَطَاقَ عَمَلُهُ. وَلَسْتُ - وَإِنْ كَرِهْتُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِكَرَاهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ لَهُ - بِمُؤَثِّمِهِ فِي فِعْلِهِ، وَمُلْحِقِهِ فِي رُكُوبِهِ مَا رَكِبَ مِنْ ذَلِكَ، بِحُكْمِ الَّذِي صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ، فَلَمْ يُفْطِرِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ؛ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي

514 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْرُدُ الصِّيَامَ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّمَا هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ لِلْعِبَادِ، فَمَنْ قَبِلَهَا فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ» ، فَكَانَ حَمْزَةُ يَصُومُ الدَّهْرَ، فَيَصُومُ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَضَرِ

515 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ -[321]- إِسْحَاقَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْهُمْ جَمِيعًا، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ امْرَأً أَسْرُدُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصُومُ فَلَا أُفْطِرُ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: «إِنْ §شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» فلَمْ يَنْهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنْ سَرْدِ الصَّوْمِ، إِذْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ يَسْرُدُهُ، وَأَنَّهُ سَرَدَهُ وَصَامَ الدَّهْرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، عَلَى مَا قَدْ ذَكَرَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ. فَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ الدَّهْرَ - عَلَى إِفْطَارِهِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ - مُضِرًّا بِبَدَنِهِ، أَوْ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَالْجِهَادِ عِنْدَ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَحُضُورِهِ حَرْبَ الْمُسْلِمِينَ أَهْلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَعِنْدَ الْتِقَائِهِمْ لِلْقِتَالِ، أَوْ كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي تَلْزَمُهُ، فَلَمْ يُفْطِرْ وَصَامَ، وَأَثَّرَ صَوْمُهُ ذَلِكَ عَلَى الْفَرَائِضِ الَّتِي لَزِمَتْهُ حَتَّى أَعْجَزَهُ ذَلِكَ عَنْهَا، كَانَ حُكْمُهُ فِيمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَأْثَمِ عِنْدِي، حُكْمَ الَّذِي صَامَ الدَّهْرَ، فَلَمْ يُفْطِرِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ، أَوْ أَعْظَمَ مِنْهُ إِثْمًا؛ لِتَضْيِيعِهِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ فَرَائِضِهِ. وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ الدَّهْرَ مَعَ إِفْطَارِهِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صَوْمِهِنَّ لَا يُورِثُ بَدَنَهُ عَنْ أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ ضَعْفًا، وَلَكِنَّهُ يُورِثُهُ ضَعْفًا عَمَّا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ نَوَافِلِ الْأَعْمَالِ؛ كَرِهْتُ لَهُ صَوْمَهُ ذَلِكَ، وَأَحْبَبْتُ لَهُ الْإِفْطَارَ وَإِيثَارَ الْأَفْضَلِ مِنْ نَوَافِلِ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِ؛ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي

516 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى»

517 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صُمْ صَوْمَ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى» ، 518 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. فَأَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَضْلَ صَوْمِ دَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِهِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ صَوْمِهِ ذَلِكَ لَا يَضْعُفُ عَنِ الْقِيَامِ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ، وَذَلِكَ ثُبُوتُهُ لِحَرْبِ أَعْدَاءِ اللَّهِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الزُّحُوفِ، وَتَرْكُهُ الْفِرَارَ مِنْهُمْ هُنَالِكَ وَالْهَرَبَ. فَإِذْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَضَى لِصَوْمِ دَاوُدَ بِالْفَضْلِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ مَعَانِي الصَّوْمِ النَّفْلِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ السَّبَبِ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ صَوْمُهُ لَا يُورِثُهُ ضَعْفًا عَنْ أَدَاءِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَمَّا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ نَفْلِ الْأَعْمَالِ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ عُمْرِهِ -[323]- وَهُوَ صَحِيحٌ، فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ لَهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ. وَكُلُّ مَنْ أَضْعَفَهُ صَوْمُهُ النَّفَلُ عَنْ أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَنْ يَصُومَ صَوْمَهُ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِصَوْمِهِ ذَلِكَ حَرِجٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُضْعِفُهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ عَنْ أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَكَانَ يُضْعِفُهُ عَمَّا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ نَفْلِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ صَوْمَهُ ذَلِكَ لَهُ مَكْرُوهٌ؛ غَيْرُ مَحْبُوبٍ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّمْهُ؛ لِلَّذِي وَصَفْنَا مِنْ تَرْكِهِ مَا اخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أيضا جماعة من السلف، ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم

§وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ، ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ

519 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يُقِلُّ الصَّوْمَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «§إِنِّي إِذَا صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنِ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصَّوْمِ»

520 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «إِذَا §صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنِ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ» فَكَانَ لَا يَكَادُ يَصُومُ، وَإِنْ صَامَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

521 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُقِلُّ الصَّوْمَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «§إِنِّي إِذَا صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصَّوْمِ»

522 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: §مَا رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ صَامَ مِنَ السَّنَةِ إِلَّا يَوْمَيْنِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: «مَا أَدْرِي أَيَّ يَوْمَيْنِ هُمَا؟»

523 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: ثَابِتٌ أَخْبَرَنَا قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: «كَانَ أَبُو طَلْحَةَ §لَا يَكَادُ يَصُومُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُهُ مُفْطِرًا إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى» ، 524 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، بِمِثْلِهِ

525 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: كَانَ أَبِي يُكْثِرُ الصَّوْمَ، فَسَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: " كَانُوا يَقُولُونَ: §الصَّوْمُ أَقَلُّ أَنْوَاعِ الْبِرِّ أَجْرًا "

526 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: «كَانَ §مِنْ أَقَلِّ أَعْمَالِهِمُ الصَّوْمُ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ تَحُدُّ - لِمَنْ أَحَبَّ إِلْزَامَ نَفْسِهِ مِنَ الصَّوْمِ النَّفَلِ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِنْ نَفْلِ الصَّلَاةِ وَقْتًا مِنْ بَعْضِ اللَّيْلِ - حَدًّا لَا يَكُونُ بِإِلْزَامِهِ نَفْسَهُ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي الَّذِي تَكْرَهُ لَهُ مِنْهُ؟ قِيلَ: قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ الَّذِيَ يَنْبَغِي لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ مِنْ نَفْلِ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، مَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ أَنَّ نَفْسَهُ لَهُ مُطِيقَةٌ، وَهِيَ عَلَى الْإِدْمَانِ عَلَيْهِ قَادِرَةٌ، وَمَا يَخِفُّ عَلَيْهَا احْتِمَالُهُ، وَلَا يَثْقُلُ عَلَيْهَا تَكَلُّفُهُ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» ، وَكَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْمَرْءُ وَإِنْ قَلَّ» -[327]-. فَإِنْ كَانَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ مُطِيقَةٌ أَدَاءَ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، غَيْرُ ضَعِيفَةٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا، نَشِيطَةٌ لِنَوَافِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ، وَلَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ يُضْعِفُهَا وَلَا يُعْجِزُهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ أَحْسَنَ مَا تَكَلَّفُ مِنْ نَفْلِ الصَّوْمِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَرْبَى لِلْجِسْمِ الْقَوِيِّ أَنْ يُطِيقَ الدَّوَامَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَتْ حَيَاتُهُ، وَأَقْرَبُ لِلضَّعِيفِ إِلَى السَّلَامَةِ مِمَّا يُخَافُ عَلَيْهِ، بِتَكَلُّفِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ، مِنْ تَضْيِيعِ فَرْضٍ، أَوْ تَفْرِيطٍ فِيمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ نَفْلٍ، وَرَجَوْنَا لَهُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا مِنَ الشَّهْرِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ، مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنْهُ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي صَامَهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَظَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَمِلَ بِهِ السَّلَفُ، وَاخْتَارَهُ عَلَى سَائِرِ الصَّوْمِ غَيْرُهُ. ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ

527 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ النُّورِ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الْجَوْزَاءِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ -[328]-، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: أُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَقُولُ: لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ. قَالَ: «أَنْتَ الَّذِي قُلْتَ كَذَا وَكَذَا» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: «§إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَأَفْطِرْ وَصُمْ، وَنَمْ وَقُمْ، صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ» ، 528 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَقُولُ: لَأَصُومَنَّ الدَّهْرَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

529 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ لَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي اللَّيْلَ لَا تَنَامُ» ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَيَكُونَ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»

530 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ السَّرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْقَنَّادُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجْرَتِي فَقَالَ: «§أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ» ؟ -[330]- قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «لَا تَفْعَلْ، إِنَّ حَسْبَكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، بِالْحَسَنَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» ، 531 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 532 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعُذْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

533 - حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَمِسْعَرٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ -[331]- اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ أَوْ كَصَوْمِ الدَّهْرِ» ، 534 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ

535 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»

536 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِيَاضٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صُمْ مِنَ الشَّهْرِ يَوْمًا، وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ»

537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ»

538 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[333]-: «§صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ كَصِيَامِ السَّنَةِ كُلِّهَا» . قَالَ: فَصَدَّقَ اللَّهُ رَسُولَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]

539 - حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ، أَيَّامِ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ»

540 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ، صَبِيحَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ» ذَكَرَهُ جَرِيرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

541 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِفْطَارُهُ»

542 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ وَإِفْطَارُهُ»

543 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ وَإِفْطَارُهُ»

544 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ كَهْمَسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: أَسْلَمْتُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِإِسْلَامِي، ثُمَّ غِبْتُ عَنْهُ حَوْلًا، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ وَقَدْ ضَمَرَ بَطْنِي وَنَحَلَ جِسْمِي، فَخَفَّضَ فِيَّ الطَّرْفَ ثُمَّ رَفَعَهُ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: «وَمَنْ أَنْتَ» ؟ قُلْتُ: أَنَا كَهْمَسٌ الْهِلَالِيُّ الَّذِي أَتَيْتُكَ عَامَ أَوَّلَ. قَالَ: «§مَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى» ؟ قُلْتُ: مَا أَفْطَرْتُ بَعْدَكَ نَهَارًا، وَلَا نِمْتُ لَيْلًا. قَالَ: «وَمَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُعَذِّبَ نَفْسَكَ؟ صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَمِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا» . قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَمِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَوْمَيْنِ» . قَالَ: قُلْتُ: زِدْنِي فَإِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَمِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»

545 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّوْمِ، فَقَالَ: «§صُمْ يَوْمًا مِنَ الشَّهْرِ» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَقْوَى. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَقْوَى، إِنِّي أَقْوَى صُمْ يَوْمَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي. فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «زِدْنِي، زِدْنِي صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»

546 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيَّامِ الْبِيضِ، وَقَالَ: «§هُوَ صَوْمُ الدَّهْرِ»

547 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ لَيَالِيَ الْبِيضِ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، وَقَالَ: «§هُوَ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ» يَعْنِي صَوْمَهُ

ذكر من قال ذلك من السلف وفعله

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ السَّلَفِ وَفَعَلَهُ

548 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، قَالَ: " §لَتَصُومُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، أَوْ لَتَخْضِمُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ. قِيلَ لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ "

549 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، فَقَالَ: «إِنِّي صَائِمٌ» . قَالَ: فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَأَكَلَ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَمْ تَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ؟ فَقَالَ: «§إِنِّي صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»

550 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «§صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ، وَهُنَّ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ»

551 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «§صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ، وَهُنَّ يُذْهِبْنَ بَلَابِلَ الصَّدْرِ»

552 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ قَعْنَبٍ الرِّيَاحِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ، فَدَعَا الْمَرْأَةَ لِي بِطَعَامٍ، فَجَاءَتْ بِثَرِيدَةٍ كَأَنَّهَا قَطَاةٌ، فَقَالَ: «كُلْ، لَا أَهُولَنَّكَ، فَإِنِّي صَائِمٌ» ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ يُهَذِّبُ الرُّكُوعَ وَيُخِفُّهُ. قَالَ: وَرَأَيْتُهُ تَحَرَّى أَنْ أَشْبَعَ أَوْ أُقَارِبَ، ثُمَّ جَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ مَعِي، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» ، فَقُلْتُ: مَنْ كُنْتُ أَخْشَى أَنْ يَكْذِبَنِي مِنَ النَّاسِ، فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكْذِبَنِي، فَقَالَ: «لِلَّهِ أَبُوكَ، إِنْ كَذَبْتُكَ كِذْبَةً مُنْذُ لَقِيتَنِي» فَقُلْتُ: أَلَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّكَ صَائِمٌ؟ فَقَالَ: «بَلَى §إِنِّي صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ؛ فَوَجَبَ لِي أَجْرُهُ، وَحَلَّ لِي الْأَكْلُ مَعَكَ»

553 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنِي حَرْبُ بْنُ الْخَلِيلِ، عَنْ عَطَاءٍ الْعَطَّارِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ قَعْنَبٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَعَاجَ بِرَأْسِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَجَاءَتْهُ بِثَرِيدَةٍ كَأَنَّهَا قَطَاةٌ، فَقَالَ: «كُلْ وَلَا أَهُولَنَّكَ، فَإِنِّي صَائِمٌ» ، قَالَ: فَجَعَلْتُ آكُلُ، وَرَأَيْتُهُ يَتَحَيَّنُ شِبَعِي، حَتَّى إِذَا شَبِعْتُ، أَوْ قَارَبْتُ شِبَعِي، وَضَعَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مَعِي. قَالَ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ كُنْتُ أَرَى مِنَ النَّاسِ يَكْذِبُنِي، لَمْ أَكُنْ أَرَاكَ تَكْذِبُنِي، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ، لِلَّهِ أَبُوكَ؟ مَا كَذَبْتُكَ كِذْبَةً مُنْذُ رَأَيْتَنِي» قَالَ: قُلْتُ: أَلَمْ تُخْبِرْنِي آنِفًا أَنَّكَ صَائِمٌ، وَأَنْتَ هَذَا تَأْكُلُ؟ قَالَ: «§إِنِّي صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَوَجَبَ لِي صَوْمُهُ، وَحَلَّ لِي الطَّعَامُ مَعَكَ»

554 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ، فَقَالَ: «إِنِّي صَائِمٌ» . ثُمَّ رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْكُلُ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «§إِنِّي أَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ»

555 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ، فَقَالَ: «إِنِّي صَائِمٌ» . ثُمَّ أَكَلَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «§إِنِّي صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ»

556 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: «§صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ» وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْهُ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَا أَعْرِفُ -[343]- أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوِيَ عَنْهُ الْوِفَاقُ لَهُ فِي رِوَايَةِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ سَنَدُهُ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ بِأَسَانِيدَ فِيهَا نَظَرٌ عِنْدَنَا. فَمِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ مَا

557 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «§كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَةٍ»

558 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ الطَّائِفِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ غُفِرَ لَهُ سَنَتَيْنِ مَتَتَابِعَتَيْنِ» -[344]- فَهَذَا مَا فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، مِنْ رِوَايَةِ مُوَافِقِي عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى مَا فِي إِحْدَاهُمَا مِنَ الْخِلَافِ لِمَعْنَى حَدِيثِهِ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ يَرْوِي عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ» ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْدِلُونَ صَوْمَهُ بِصَوْمِ سَنَةٍ. وَلَكِنَّ مِثْلَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، قَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ

ذكر من حضرنا ذكره منهم

§ذِكْرُ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ

559 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ -[345]- عُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§صِيَامُ عَرَفَةَ يَعْدِلُ سَنَةً قَبْلَهُ وَسَنَةً بَعْدَهُ»

560 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «§صِيَامُ عَرَفَةَ يَعْدِلُ سَنَةً قَبْلَهُ، وَسُنَّةً بَعْدَهُ» وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَلَا نَعْلَمُ رَاوِيًا رَوَى خَبَرًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ بِمِثْلِ الْمَعْنَى الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَلَكِنَّ ذَاكَ مَرْوِيٌّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَذَلِكَ مَا

561 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ -[346]- عُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§صَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ»

ذكر القول في البيان عن الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة إن قال لنا قائل: إنك قد ذكرت لنا أن الخبر الذي روي عن عمر - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة أنه كفارة سنتين - خبر صحيح، فإن كان الأمر في ذلك كما قلت

§ذِكْرُ الْقَوْلِ فِي الْبَيَانِ عَنِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: إِنَّكَ قَدْ ذَكَرْتَ لَنَا أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ أَنَّهُ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ - خَبَرٌ صَحِيحٌ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ كَمَا قُلْتَ: فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ فِيمَا

562 - حَدَّثَكُمْ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَبَكْرُ بْنُ يُونُسَ الْعُكْلِيُّ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي جَمِيعًا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»

563 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، فَقِيلَ: أَخْبَرَكَ مُوسَى بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ §يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، هُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»

564 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الطَّعَامِ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§لَا تَصُمْ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ إِلَيْهِ يَوْمَ عَرَفَةَ حِلَابُ لَبَنٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَلَا تَصُمْ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَسْتَنُّونَ بِكُمْ»

565 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، قَالَ: دَعَا الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى طَعَامٍ يَأْكُلُ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «§إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ يُقْتَدَى بِكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَضَعَ عَلَى يَدِهِ مِحْلَبًا مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ»

566 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ يَوْمَ عَرَفَةَ»

567 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ دَعَا أَخَاهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِلَى طَعَامٍ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ: «§أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْتَدَى بِكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَأُتِيَ بِحِلَابٍ فَشَرِبَهُ»

568 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، قَالَتْ: شَكَّ النَّاسُ §فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ: أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ. فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَ "

569 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ: «أَنَّهُمْ §تَمَارَوْا فِي صَوْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ»

570 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ: " أَنَّهُمْ §تَمَارَوْا فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَقَالَتْ أَمُّ الْفَضْلِ: أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ، فَشَرِبَ "

571 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَقَبِيصَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§أَرْسَلَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ»

572 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُمْ §تَمَارَوْا فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِلَبَنٍ، فَشَرِبَ» -[351]- قِيلَ: الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ صِحَاحٌ، وَمَعَانِيهَا مُتَّفِقَةٌ غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ، وَبَعْضَ ذَلِكَ يُؤَيِّدُ بَعْضًا، وَبَعْضَهُ يُصَحِّحُ بَعْضًا. فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، فَإِنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ صَوْمُهُ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ مُرَادٌ بِهِ صَوْمُهُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ. وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، هُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» دِلَالَةٌ عَلَى نَهْيِهِ عَنْ صَوْمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ غَيْرَ جَائِزٍ عِنْدَنَا؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِ نَصًّا، وَلِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ نَقْلًا عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا دِلَالَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ صَوْمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِطْلَاقِهِ لِأُمَّتِهِ صَوْمَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، إِذَا صَامُوا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ، وَهُوَ لَهُمْ عِيدٌ، فَلَمْ يُحَرِّمْ صَوْمَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عِيدٌ لَهُمْ، بَلْ وَعَدَهُمْ - مِنَ اللَّهِ عَلَى صَوْمِهِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ لَهُمُ - الْجَزِيلَ مِنَ الثَّوَابِ، فَكَذَلِكَ يَوْمُ عَرَفَةَ لَا يَمْنَعُ كَوْنُهُ عِيدًا مِنْ أَنْ يَصُومَهُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ مَنْ أَرَادَ صَوْمَهُ، بَلْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» ، إِنَّمَا عَنَى بِهِ أَنَّهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يُرِدِ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِيهِنَّ، فَغَيْرُ حَرِجٍ بِتَرْكِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهِنَّ، إِذَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ صَوْمِ الْأَيَّامِ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِنَّ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ -[352]-. وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ، مِنْ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ أَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِلَابِ لَبَنٍ يَوْمَ عَرَفَةَ فَشَرِبَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاخْتِيَارَ - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ - لِلْحَاجِّ الْإِفْطَارُ دُونَ الصَّوْمِ،؛ كَيْ لَا يَضْعُفَ عَنِ الدُّعَاءِ، وَقَضَاءِ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ. وَبِالَّذِي قُلْنَا - مِنْ أَنَّ إِرْسَالَ أُمِّ الْفَضْلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاأَرْسَلَتْ بِهِ مِنْ حِلَابِ اللَّبَنِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِنَّمَا كَانَ بِعَرَفَةَ - تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِاخْتِيَارِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّوْمِ هُنَالِكَ وَرَدَتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ذِكْرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّا صَحَّ مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ

573 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ، §بَعَثَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ»

574 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ الْفَضْلِ، تَقُولُ: «§شَكَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَنَحْنُ بِمِنًى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِقَعْبٍ فِيهِ لَبَنٌ وَهُوَ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَهُ»

575 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ»

576 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي أَسَمِعْتُ أَنَا مِنْهُ أَوْ حُدِّثْتُ عَنْهُ، قَالَ: «§أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِعَرَفَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ رُمَّانًا، فَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِعَرَفَةَ، فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ»

577 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ: لَا أَدْرِي أَسَمِعْتُهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَوْ نُبِّيتُهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَأْكُلُ رُمَّانًا بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: «§أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ»

578 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِعَرَفَةَ، فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ الرُّمَّانَ، قَالَ: «§ادْنُ فَاطْعَمْ، لَعَلَّكَ صَائِمٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصُمْ هَذَا الْيَوْمَ»

579 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنَّ §النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ مَيْمُونَةُ بِحِلَابٍ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي الْمَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ»

580 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْقَطَّانُ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «§حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لَا أَصُومُهُ، وَلَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ عَنْهُ»

581 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: §حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَصُمْهُ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

582 - حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْمَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ: «§لَمْ يَصُمْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَا عُمَرُ، وَلَا عُثْمَانُ، وَلَا أَصُومُهُ أَنَا، وَلَا آمُرُ بِهِ، وَلَا أَنْهَى عَنْهُ»

583 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، أَوْ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، وَسُئِلَ §عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نَصُمْهُ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لَا أَصُومُهُ، وَلَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ، فَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» وَبِالَّذِي رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اخْتِيَارِهِ الْفِطْرَ عَلَى الصَّوْمِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَالَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ، عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ

ذكر من أفطر ذلك اليوم هنالك، ومن اختار الفطر فيه على الصوم من الصحابة والتابعين

§ذِكْرُ مَنْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ هُنَالِكَ، وَمَنِ اخْتَارَ الْفِطْرَ فِيهِ عَلَى الصَّوْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

584 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَاقِفًا -[357]- بِعَرَفَاتٍ وَعَنْ يَمِينِهِ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَأُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَ سَيِّدَ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ: «§أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَّا شَرِبْتَ وَسَقَيْتَ أَصْحَابَكَ»

585 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ الشَّنِّيِّ، عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبَّادِ الْعَصَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَقَفَ عَلَيْنَا عُمَرُ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: «لِمَنْ هَذِهِ الْأَخْبِيَةُ» فَقَالُوا: لِعَبْدِ الْقَيْسِ. فَدَعَا لَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَقَالَ: «§لَا تَصُومُوا هَذَا الْيَوْمَ؛ فَإِنَّ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ»

586 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَاذَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «§لَمْ يَصُمْهُ عُمَرُ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، يَا بُنَيَّ»

587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا قَحْذَمُ بْنُ النَّضْرِ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: وَقَفْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِعَرَفَاتٍ، فَتَنَاوَلَ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَ، فَقُلْتُ: أَمَا تَصُومُ هَذَا الْيَوْمَ؟ قَالَ: مَا أَصُومُهُ، وَمَا أَنَا بِصَائِمٍ. ثُمَّ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: قَالَ قَحْذَمٌ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعِي أَنَّهُ قَالَ: " §وَقَفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَقَالَ: وَقَفْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَوَقَفْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَوَقَفْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَوَقَفَتْ مَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ "

588 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ لَهُ شَيْخٌ عِنْدَهُ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: §سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْهُ فَنَهَانِي "

589 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَلْجٌ الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا بِعَرَفَةَ: أَتَيْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ فِي فُسْطَاطٍ، وَإِذَا هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالَ: اقْتَرِبْ. قُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «هَذَا يَوْمٌ يُحَبُّ أَنْ يُفْطَرَ فِيهِ» ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «اقْتَرِبَا مِنَ الطَّعَامِ» ، فَقَالَا: إِنَّا صَائِمَانِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «§أَفْطِرَا، فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ كَانَ يُحَبُّ أَنْ يُفْطَرَ فِيهِ» فَأَبَيَا أَنْ يُفْطِرَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «انْظُرُوا إِلَى أَهْلِ الشَّامِ، مَا أَيْسَرَ مَؤُونَتَهُمْ»

590 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ. قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: «§هُوَ يَوْمُ عِبَادَةٍ وَاجْتِهَادٍ وَدُعَاءٍ»

591 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ §عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَصُومُهُ. فَقُلْتُ: هَلْ تَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ؟ فَقَالَ: «حَسْبُكَ بِهِ شَيْخًا»

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ §لَا يَرَى الصَّوْمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى رَحْلِهِ فَيَتَعَشَّى، ثُمَّ يَقِفُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ إِفْطَارَهُ - لَا شَكَّ - أَفْضَلُ لِمَنْ خَافَ أَنْ يَضْعُفَ بِالصَّوْمِ عَمَّا هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَذَلِكَ الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ، وَذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالتَّضَرُّعُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ النَّفْلِ هُنَالِكَ

فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرْتَ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ - مِنْ إِفْطَارِهِمْ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَكَرَاهَتِهِمُ الصَّوْمَ هُنَالِكَ، وَإِنْ كَانَ كَمَا ذَكَرْتَ - فَلَيْسَ بِمُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِينَ كَرِهُوا الصَّوْمَ هُنَالِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ، لَمْ يَكُونُوا مِنْ كَرَاهَتِهِمْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، عَلَى مِثْلِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كَرَاهَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. فَمَا بُرْهَانُكَ عَلَى أَنَّ كَرَاهَةَ مَنْ كَرِهَ الصَّوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، مَخْصُوصٌ بِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ، دُونَ سَائِرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ، وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ مِنَ الْحَاجِّ وَغَيْرِ الْحَاجِّ؟ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَكَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ الَّتِي آثَرَ الْأَكْلَ فِيهَا وَالشُّرْبَ عَلَى الصَّوْمِ، وَثَبَتَ عِنْدَكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ كَرَاهَتُهُمْ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ أَحَدٍ، فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَكُلِّ بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ، وَإِنْكَارُ بَعْضِهِمُ الْخَبَرَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ صَوْمِهِ

ذكر من كره صوم يوم عرفة لكل أحد بكل موضع وذلك ما

§ذِكْرُ مَنْ كَرِهَ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ بِكُلِّ مَوْضِعٍ وَذَلِكَ مَا

592 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ عُمَرَ §نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ "

593 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ عُمَرَ §نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ "

594 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي السَّوَّارِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ §عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَنَهَاهُ "

595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْعُمَرِيِّ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ: «أَنَّهُمَا §كَانَا لَا يَصُومَانِ يَوْمَ عَرَفَةَ»

596 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا -[363]- أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «§لَمْ يَصُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَا عُمَرُ، وَلَا عُثْمَانُ»

597 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ بِشْرٍ الْقُرَشِيِّ، قَالَ: «§دَخَلْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ»

598 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُرْوَةَ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: «§مَنْ أَفْطَرَ يَوْمَ عَرَفَةَ لِيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الدُّعَاءِ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ أَجْرِ الصَّائِمِ»

599 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ أَبِي عُثْمَانَ الْمَكِّيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، قَالَ: ذَكَرْنَا لِطَاوُسَ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَنَّهُ كَانَ يُقَالُ: كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، فَقَالَ طَاوُسٌ: «§فَأَيْنَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ ذَلِكَ؟ يَعْنِي أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَصُومَانِهِ» قِيلَ: أَمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ عِيدِنَا، فَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ، وَأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ غَيْرُ مَانِعٍ صَائِمَهُ صَوْمَهُ؛ لِلْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفْنَا قَبْلُ. وَأَمَّا كَرَاهَةُ مَنْ كَرِهَ صَوْمَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ، وَلِغَيْرِ الْحَاجِّ، فَإِنَّ كَرَاهَتَهُ ذَلِكَ لَهُ؛ لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا قَبْلُ مِنْ إِيثَارِهِمُ الْأَفْضَلَ مِنْ نَفْلِ الْأَعْمَالِ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ. وَلَعَلَّ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إِنَّمَا كَرِهَهُ إِذْ كَانَ الصَّوْمُ -[365]- يُضْعِفُ الْمُجْتَهِدَ عَنِ الِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ، فَآثَرَ الْفِطْرَ لِيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الدُّعَاءِ، كَالَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ كَرَاهَةَ الصَّوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِمَنْ صَامَهُ غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، بَلْ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَقَدِ اخْتَارَ صَوْمَهُ عَلَى إِفْطَارِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، حَتَّى لَقَدْ صَامَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِعَرَفَةَ، فَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا مِنْ أَنَّ إِفْطَارَ مَنْ أَفْطَرَ مِنْهُمْ، وَكَرَاهَةَ مَنْ كَرِهَ صَوْمَهُ مِنْهُمْ، إِنَّمَا كَانَ إِيثَارًا مِنْهُ غَيْرَهُ مِنْ نَفْلِ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِ، وَإِبْقَاءً مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ لِيَتَقَوَّى بِالْإِفْطَارِ عَلَى الدُّعَاءِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ

ذكر من كان يؤثر صوم يوم عرفة على الإفطار فيه، ومن كان يأمر بذلك من الصحابة والتابعين

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يُؤْثِرُ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ عَلَى الْإِفْطَارِ فِيهِ، وَمَنْ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

600 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: §مَا مِنَ السَّنَةِ يَوْمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ "، -[366]- 601 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ

602 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَأْمُرُ بِهِ حَتَّى الْحَاجُّ يَأْمُرُهُمْ بِهِ، وَقَالَ: «§رَأَيْتُ عُثْمَانَ بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ صَائِمًا، وَهُمْ يُرَوِّحُونَ عَنْهُ»

603 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: " §رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ، وَهُوَ بِعَرَفَاتٍ صَائِمًا قَدْ جَهَدَهُ الصَّوْمُ. قَالَ: وَهُوَ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَيُرَوَّحُ عَنْهُ "

604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§مَا شَهِدَ أَبِي عَرَفَةَ قَطُّ إِلَّا وَهُوَ صَائِمٌ»

605 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: «كَانَتْ عَائِشَةُ §تَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ»

606 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «§رَأَيْتُ عَائِشَةَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ يَدْفَعُ الْإِمَامُ، فَتَقِفُ بَعْدُ حَتَّى يُقْصَى مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ تَدْعُو بِالشَّرَابِ فَتُفْطِرُ»

607 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنِ الْهُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ §تَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ»

608 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى فُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ كَانَ يَقُولُ: «§أَيْقِظُوا خَدَمَكُمْ يَتَسَحَّرُوا لِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ»

609 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّهُ كَانَ §يَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ»

610 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: أُتِيَ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَالَ: «§أَحْسِبُهُ بِمَاءٍ» فَشَرِبَ. قَالَ: " فَكَانَ إِذَا قِيلَ: تَكْرَهُ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَيُصَامُ؟ قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَ -[369]- وَإِذْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي صَوْمِهِ الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَكُنْ بِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتٌ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَصَفَ الصَّائِمِينَ فِي كِتَابِهِ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 35] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35] ، حَاثًّا لَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الصَّوْمِ؛ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقْضِيَ لِكُلِّ صَائِمٍ مُتَقَرِّبٍ بِصَوْمِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - إِذْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا - أَنَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا، إِلَّا صَائِمًا صَوْمًا مُتَقَرِّبًا بِصَوْمِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ أَعَدَّ لَهُ الْمَغْفِرَةَ وَالْأَجْرَ الْعَظِيمَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، إِمَّا فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. فَإِنَّ الْأَخْبَارَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَتَابِعَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ وَيَحُثُّ عَلَى صَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ شَهْرُ رَمَضَانَ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حُكْمِ صَوْمِهِ الْيَوْمَ، هَلْ هُوَ فِي فَضْلِهِ وَعِظَمِ ثَوَابِهِ عَلَى مِثْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، أَمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِخِلَافِهِ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ صَامَهُ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ تُرِكَ صَوْمُهُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ -[370]-. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ يَوْمًا تَصُومُهُ الْيَهُودُ؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ نَجَّى اللَّهُ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، وَقَطَعَ بِهِ وَبِهِمُ الْبَحْرَ، وَأَغْرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ فَرْضُ صَوْمِهِ لَمْ يَأْمُرْ بِصَوْمِهِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، وَيَحُثُّ عَلَى صَوْمِهِ أُمَّتَهُ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ. وَنَحْنُ مُبَيِّنُو الصَّوَابِ لَدَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، بَعْدَ ذِكْرِنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ قَائِلِي الْأَقْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَا، وَبَعْدَ بَيَانِنَا مَا يَحْتَمِلُهُ كُلُّ قَوْلٍ مِنَ الْعِلَّةِ الْمُؤَيِّدَتِهِ

ذكر من قال: كان ذلك يوما يصومه أهل الجاهلية، فلما نزل فرض شهر رمضان ترك صومه، فمن شاء صامه ومن شاء أفطره

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ فَرْضُ شَهْرِ رَمَضَانَ تُرِكَ صَوْمُهُ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ

611 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهُوَ يَتَغَدَّى، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: «ادْنُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَاطْعَمْ» ، قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: «وَلِمَ؟» قَالَ: الْيَوْمَ عَاشُورَاءُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «وَهَلْ تَدْرُونَ مَا كَانَ -[371]- عَاشُورَاءُ؟» ، قَالَ: وَمَا كَانَ؟ قَالَ: «كَانَ §يَوْمًا يَصُومُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، ثُمَّ تَرَكَهُ»

612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السُّلَيْمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ صُدْرَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَكَنٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ، فَدَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ: أَلَا تَدْنُو إِلَى الْغَدَاءِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: أَوَمَا صُمْتُمْ هَذَا الْيَوْمَ؟ قَالَ: «§هَذَا يَوْمٌ كُنَّا نَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ صُمْنَاهُ، وَتَرَكْنَا مَا سِوَاهُ»

613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي زُبَيْدٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَكَنٍ أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَتَغَدَّى يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، ادْنُ فَاطْعَمْ. قَالَ: «إِنِّي صَائِمٌ» ، قَالَ: «كَانَ §هَذَا يَوْمًا نَصُومُهُ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكْنَاهُ»

614 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَكَنٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَأُتِينَا بِطَعَامٍ، فَقَالَ: «§إِنَّا كُنَّا نَصُومُ هَذَا الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ»

615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ يَطْعَمُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ. فَقَالَ: «§قَدْ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ، فَإِمَّا أَنْتَ مُفْطِرٌ، فَادْنُ فَاطْعَمْ»

616 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ، سُئِلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «§هُوَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»

617 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ أَن أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَهُ وَالْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ رَمَضَانُ. فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»

618 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ فِي عَاشُورَاءَ: " §صَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ. قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى صَوْمِهِ

619 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «§كُنَّا نَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، حَتَّى إِذَا فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ، كَانُوا لَا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ يَوْمًا كَانُوا يَصُومُونَهُ»

620 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءُ، فَقَالَ: «§هُوَ يَوْمٌ كَانَ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ كَرِهَ مِنْكُمْ فَلْيَتْرُكْهُ»

621 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «§يَوْمٌ كَانَ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَدَعْ»

622 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءُ: «إِنَّ §هَذَا يَوْمٌ كَانَ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ» فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صِيَامَهُ

623 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ: «إِنَّ §هَذَا يَوْمٌ كَانَ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتْرُكَ فَلْيَتْرُكْ» . قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صِيَامَهُ "

624 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ لَمْ يُحِبَّ فَلْيَدَعْهُ»

625 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ §يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا يُصَامُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ»

626 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَأْمُرُ بِصِيَامِهِ - تُرِيدُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ - قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ» قَالَ يُونُسُ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ لَا يَدَعُهُ

627 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ §يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ، كَانَ رَمَضَانُ هُوَ الْفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءُ تَرَكَهُ» ، -[378]- 628 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِهِ

629 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ §عَاشُورَاءُ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، فَكَانَ رَمَضَانُ هُوَ الْفَرِيضَةَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»

630 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِنَّ §أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَصُومُونَ يَوْمًا، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ» تَعْنِي عَاشُورَاءَ، 631 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ يَعْقُوبَ، عَنْ عِيسَى، -[379]- 632 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ، يُحَدِّثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

633 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَشُعَيْبٌ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ عِرَاكًا، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْهُ»

634 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ: أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، قَالَ: «§أُمِرْنَا بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ»

635 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَأْمُرُنَا بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَيَحُثُّنَا عَلَيْهِ وَيَتَعَاهَدُنَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَأْمُرْنَا بِهِ، وَلَمْ يَحُثَّنَا عَلَيْهِ» زَادَ ابْنُ خَلَفٍ فِي حَدِيثِهِ: وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهُ، وَلَمْ يَتَعَاهَدْنَا عِنْدَهُ - وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ فِي حَدِيثِهِ - وَكُنَّا نَفْعَلُهُ

636 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «§أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَصُومَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا، وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ»

637 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «§كُنَّا نَصُومُ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ، وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ، وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ»

638 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «§كُنَّا نَصُومُ عَاشُورَاءَ وَنُعْطِي زَكَاةَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْنَا صَوْمُ رَمَضَانَ وَالزَّكَاةُ، فَلَمَّا نَزَلَ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ، وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ، وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ» ، 639 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، مِثْلَهُ

ذكر من قال: كان يوم عاشوراء يوما يصومه اليهود، فصامه النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا يَصُومُهُ الْيَهُودُ، فَصَامَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

640 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَإِذَا الْيَهُودُ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. قَالَ: فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَنْتُمْ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصُومُوا»

641 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا» ؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ فِرْعَوْنَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ» . فَصَامَهُ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَصُومُوهُ

642 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ» ؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَهْلَكَ عَدُوَّهُمْ، وَأَقْطَعَهُمُ الْبَحْرَ، فَصَامَهُ مُوسَى، فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» . فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ

643 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ يَوْمًا، فَقَالَ: «§مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَ» ؟ فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي نَجَّى اللَّهُ فِيهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْبَحْرِ. فَأَحْسِبُهُ قَالَ: «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ» . فَأَمَرَهُمْ بِصَوْمِهِ يَعْنِي عَاشُورَاءَ

644 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ §الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» . قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر من قال: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء، ويحث على صومه حتى مضى لسبيله

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ: لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ عَاشُورَاءَ، وَيَحُثُّ عَلَى صَوْمِهِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ

645 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «§مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّى فَضْلَهُ، إِلَّا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، أَوْ شَهْرَ رَمَضَانَ»

646 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ، يَبْتَغِي فَضْلَهُ عَلَى مَا سِوَاهُ إِلَّا هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ: يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَشَهْرَ رَمَضَانَ "

647 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «§مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ سِوَى رَمَضَانَ، إِلَّا يَوْمَ عَاشُورَاءَ» ، 648 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

649 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الْوَرْدِ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§لَيْسَ لِيَوْمٍ فَضْلٌ عَلَى يَوْمٍ فِي الصِّيَامِ إِلَّا شَهْرَ رَمَضَانَ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ»

650 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ وَهُوَ ابْنُ الْوَرْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ لِيَوْمٍ فَضْلٌ عَلَى يَوْمٍ فِي الصِّيَامِ إِلَّا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ»

651 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، وَبَعْدَهُ يَوْمًا، وَخَالِفُوا يَهُودَ»

652 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا ثُوَيْرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: «§هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُومُوهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِصَوْمِهِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَصُومُهُ، وَيَرَى لَهُ فَضْلًا فِي الصَّوْمِ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ غَيْرِهِ سِوَى شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَكْرَهُ صَوْمَهُ، وَلَا يَصُومُهُ

ذكر من كان يصومه، ويأمر بصومه منهم

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَصُومُهُ، وَيَأْمُرُ بِصَوْمِهِ مِنْهُمْ

653 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَاوِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ §مَنْ أَكَلَ مِنْكُمْ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ»

654 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ: «§مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ آمَرَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى»

655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، وَإِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «§مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ آمَرَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى»

656 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُلَيْتٍ، عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ، قَالَتْ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: إِنَّ عَلِيًّا أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. قَالَتْ: «§هُوَ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالسُّنَّةِ»

657 - حَدَّثَنِي بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: «أَنَّهُ §أَضْحَى يَوْمَ عَاشُورَاءَ حَتَّى ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَلَا يَعْلَمُ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدُ، فَفَزِعَ لِذَلِكَ، ثُمَّ صَامَ، وَأَمَرَنَا بِالصِّيَامِ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى»

658 - حَدَّثَنِي بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَرْسَلَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: «إِنَّ §غَدًا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُمْ، وَأْمُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَصُومُوا»

659 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مَنْصُورٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: «§أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فِيمَا بَيْنَ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، مَا مَرَّ يَوْمٌ إِلَّا آتِيهِ فِيهِ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي يَوْمٍ صَائِمًا إِلَّا يَوْمَ عَاشُورَاءَ»

660 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ §يَصُومُ قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا»

661 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ §يَصُومُ فِي السَّفَرِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَيُوَالِي بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ فَرَقًا أَنْ يَفُوتَهُ» 662 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ لِي يُونُسُ: قَالَ لَنَا ابْنُ وَهْبٍ: الْيَوْمُ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ " 663 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَخَافَةَ أَنْ يَفُوتَهُ

664 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «§صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ، وَخَالِفُوا الْيَهُودَ»

665 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ §يَصُومُ الْيَوْمَ التَّاسِعَ وَالْيَوْمَ الْعَاشِرَ»

666 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، وَإِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَأَلْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «إِنَّ §قَوْمًا أَذْنَبُوا فَتَابُوا فِيهِ فَتِيبَ عَلَيْهِمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَمُرَّ بِكَ إِلَّا وَأَنْتَ صَائِمٌ فَافْعَلْ»

667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ §أَمَرُوا بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ»

668 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: «أَنَّهُ كَانَ §لَا يَدَعُ صَوْمَهُ. يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ»

669 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ سَلْمٍ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الْعَاشُورَ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ، فَأَكْثَرُوا فَقَالُوا: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «§هُوَ التَّاسِعُ، فَكَانَ يَصُومُ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ»

ذكر من كان يكره صومه ولا يصومه

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَكْرَهُ صَوْمَهُ وَلَا يَصُومُهُ

670 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّارِعُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «§رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَدْعُو بِالْمَاءِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنْ غَيْرِ ظَمَأٍ»

671 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ §لَا يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى صَوْمِهِ "

672 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ §لَا يَصُومُ عَاشُورَاءَ، وَكَانَ الْقَاسِمُ يَصُومُهُ "

673 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ §لَا يَصُومُ عَاشُورَاءَ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صِيَامَهُ "، 674 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ 675 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ

676 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ يَوْمِ عَاشُورَاءَ - وَهُوَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ - فَقَالَ: «وَاللَّهِ §مَا أَنَا بِصَائِمٍ»

677 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنِي الْحَشْرَجُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَشْرَجِ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: أَتَيْنَا عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو الْمُزَنِيَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي دَارِهِ الَّتِي فِي الْجَبَّانِ فِي بَنِي مَازِنٍ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: «يَا غُلَامُ، احْلِبِ النَّاقَةَ» فَحَلَبَ وَجَاءَ بِالْعُسِّ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: «اشْرَبْ» ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي يَلِيهِ: «اشْرَبْ» ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: «تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ» ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي يَلِيهِ: «اشْرَبْ» ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: «§يُوشِكُ أَنْ تَتَّخِذُوا هَذَا الْيَوْمَ بِمَنْزِلَةِ رَمَضَانَ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ وَاجِبًا قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ نَسَخَ هَذَا الْيَوْمَ، فَصَارَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَلَا بَأْسَ» -[397]- وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَانَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ قَبْلَ نُزُولِ فَرْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ، كَالَّذِي تَتَابَعَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ قَبْلَ وجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ، لَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ صَوْمِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِصَوْمِهِ الْأَمْرَ الَّذِي كَانَ يَأْمُرَهُمْ بِهِ قَبْلَ وجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَنْدُبُهُمْ إِلَى صَوْمِهِ، بِتَعْرِيفِهِ إِيَّاهُمْ مَا لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ، فَمَنْ صَامَهُ طَالِبًا بِهِ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مُتَحَرِّيًا بِصَوْمِهِ إِدْرَاكَ مَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى صَائِمِيهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الثَّوَابِ، رَجَوْنَا لَهُ إِدْرَاكَ مَا أَمَّلَ وَرَجَا بِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ تَرَكَ صَوْمَهُ، وَآثَرَ الْإِفْطَارَ فِيهِ عَلَى صَوْمِهِ؛ إِيثَارًا مِنْهُ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِ، رَجَوْنَا لَهُ أَيْضًا بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ مَا أَمَّلَ بِإِفْطَارِهِ وَإِيثَارِ غَيْرِهِ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَفْطَرَهُ لِقَوْلِي ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ تَارِكُ فَضْلٍ، لَا لومَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَمَا وَجْهُ كَرَاهَةِ مَنْ كَرِهَ صَوْمَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ؟ قِيلَ: وَجْهُ كَرَاهَتِهِمْ ذَلِكَ نَظِيرُ كَرَاهَةِ مَنْ كَرِهَ صَوْمَ رَجَبٍ؛ إِذْ كَانَ شَهْرًا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُعَظِّمُهُ، فَكَرِهَ مَنْ كَرِهَ صَوْمَهُ أَنْ يُعَظِّمَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِصَوْمِهِ تَعْظِيمَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ إِيَّاهُ فِي الشِّرْكِ، فَأَرَادَ بِإِفْطَارِهِ وَضْعَ مَنَارِ الْكُفْرِ، وَهَدْمَ أَعْلَامِ الشِّرْكِ. وَكَذَلِكَ عَاشُورَاءُ، كَانَ - كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ قَبْلُ عَمَّنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ - يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الشِّرْكِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَرَادَ بِإِفْطَارِهِ وَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ - مَنْ أَفْطَرَهُ وَكَرِهَ صَوْمَهُ - إِبْطَالَ مَا أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا شَرَعَ لِعِبَادِهِ مِنْ فَرْضِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ -[398]-، مِنْ سُنَّةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي صَوْمِهِ، وَمِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ مِنْهُ صَوْمَهُ عَلَى مَنْ صَامَهُ، وَلَا مُوئِسِهِ مِنَ الثَّوَابِ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى صَائِمِيهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا صَامَهُ مُبْتَغِيًا بِصَوْمِهِ إِيَّاهُ اسْتِنْجَازَ وَعْدِهِ ذَلِكَ، لَا مَرِيدًا بِهِ إِحْيَاءَ سُنَّةِ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي صَوْمِ رَجَبٍ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: " فإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين، ونفهت له النفس "، يعني بقوله صلى الله عليه وسلم: " هجمت له العين ": غارت في الحجاج، ودخلت في عظمه. ومنه قيل

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ» ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ» : غَارَتْ فِي الْحِجَاجِ، وَدَخَلَتْ فِي عَظْمِهِ. وَمِنْهُ قِيلَ: هَجَمَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ مَنْزِلَهُ: إِذَا وَلَجَ عَلَيْهِ فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ. وَيُقَالُ أَيْضًا: هَجَمَ عَلَى الْقَوْمِ مَنْزِلَهُمْ: إِذَا سَقَطَ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسَ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَكَلَّتْ لَهُ النَّفْسُ وَرَزَحَتْ، كَالنَّاقَةِ النَّافِهَةِ مِنَ السَّيْرِ. وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] بِهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كُلِّ مِيلَهِ ... بِنَا حَرَاجِيجُ الْمَهَارِي النُّفَّهِ

وَالنُّفَّهُ: جَمْعُ نَافِهٍ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَلَّ مِنَ السَّيْرِ وَأَعْيَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ: «فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ الْعَيْنَانِ وَنَهَمَتِ النَّفْسُ» ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْفُوظٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّهَمَ: إِفْرَاطُ الشَّهْوَةِ فِي الطَّعَامِ، وَأَنْ لَا يَشْبَعَ الْآكِلُ وَلَا تَمْتَلِئَ عَيْنُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الصَّوْمِ بِصَاحِبِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى الْفَطْمِ عَنِ الشَّهَوَاتِ إِذَا تُوبِعَ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى أَنْ يُورِثَ ذَلِكَ صَاحِبَهُ. وَالنَّهْمُ - بِسُكُونِ الْهَاءِ - مَعْنًى غَيْرُ هَذَا، وَهُوَ زَجْرُ الْإِبِلِ. وَلَيْسَ لِذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا وَجْهٌ. وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» ، وَالزَّوْرُ: الضَّيْفُ، وَالرَّجُلُ يَأْتِيهِ زَائِرًا، الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ، وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، فِي ذَلِكَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. يُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ زَوْرٌ، وَهَذَانِ رَجُلَانِ زَوْرٌ، وَهُمْ قَوْمٌ زَوْرٌ، فَيُوَحَّدُ فِي كُلِّ حَالَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوَاضِعَ الْأَسْمَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ: هُمْ قَوْمٌ صَوْمٌ، وَفِطْرٌ، وَعَدْلٌ، الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. وَالزَّوْرُ فِي غَيْرِ هَذَا: أَعْلَى الصَّدْرِ، وَإِيَّاهُ عَنَى ابْنُ مَيَّادَةَ بِقَوْلِهِ: [البحر الطويل]

كَأَنَّ قُرَادَيْ زَوْرِهِ طَبَعَتْهُمَا ... بِطِينٍ مِنَ الْجَوْلَانِ كُتَّابُ أَعْجَمِ وَأَمَّا الزُّورُ بِضَمِّ الزَّاي: فَالْبَاطِلُ وَالْكَذِبُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى زُورًا، وَزُونًا. وَمِنَ الزُّورِ قَوْلُ الرَّاجِزِ: [البحر الرجز] جَاءُوا بِزُورَيْهِمْ وَجِئْنَا بِالْأَصَمْ ... شَيْخٍ لَنَا قَدْ كَانَ مِنْ عَهْدِ إِرَمْ شَيْخٍ لَنَا مُعَاودٍ ضَرْبَ الْبُهَمْ وَمِنَ الزُّونِ - بِالنُّونِ فِي ذَلِكَ - قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: وَهْنَانَةٌ كَالزُّونِ يُجْلَى صَنَمُهْ ... تَضْحَكُ عَنْ أَشْنَبَ عَذْبٍ مَلْثَمُهْ

وَلِلزَّورِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ: رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ زُورٌ. وَأَمَّا الزِّيرُ بِكَسْرِ الزَّاي، فَإِنَّهُ غَيْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَعْتَادُ النِّسَاءَ، وَيَمِيلُ إِلَى مُحَادَثَتِهِنَّ وَمُلَاعَبَتِهِنَّ. وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: قُلْتُ لِزِيرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ ... ضِلِّيلِ أَهْوَاءِ الصِّبَا يُنَدِّمُهْ وَقَوْلُ مُهَلْهَلٍ: [البحر الوافر] فَلَوْ نُبِشَ الْمَقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ ... فَيُعْلَمَ بِالذَّنَائِبِ أَيُّ زِيرِ وَالزِّيرُ أَيْضًا: أَحَدُ أَوْتَارِ الْعُودِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْمِنْهَالِ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيَّامِ الْبِيضِ. فَإِنَّ أَيَّامَ الْبِيضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ: وَهُوَ الثَّالِثُ الْعَشَرُ، وَالرَّابِعُ الْعَشَرُ، وَالْخَامِسُ الْعَشَرُ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُنَّ الْبِيضُ؛ لِاتِّصَالِ الْبَيَاضِ فِيهِنَّ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ، بِطُلُوعِ الْقَمَرِ فِيهِنَّ، مَعَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، إِلَى أَنْ يَبْدُوَ وَضَحُ النَّهَارِ مِنْ صَبِيحَةِ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهُنَّ

وَلَهُنَّ أَسْمَاءٌ غَيْرُ ذَلِكَ، فَاسْمُ لَيْلَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَرَبِ: لَيْلَةُ السَّوَاءِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا لَيْلَةُ السَّوَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهَا الْقَمَرُ، وَهِيَ لَيْلَةُ التَّمَامِ، يُقَالُ هَذِهِ لَيْلَةُ تَمَامِ الْقَمَرِ، وَذَلِكَ وَفَاءُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَاسْمُ لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ: لَيْلَةُ الْبَدْرِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَمَرَ يُبَادِرُ الشَّمْسَ بِالْغَدَاةِ، وَيَطْلُعُ بِالْعَشِيِّ قَبْلَ غُرُوبِهَا، وَأَمَّا لَيْلَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَإِنَّهَا يُقَالُ لَهَا: لَيْلَةُ النِّصْفِ. وَأَمَّا قَوْلُ نُعَيْمِ بْنِ قَعْنَبٍ: فَجَعَلَ - يَعْنِي أَبَا ذَرٍّ - يُهْذِبُ الرُّكُوعَ وَيُخِفُّهُ. فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: يُهْذِبُ: يُسْرِعُ وَيَعْجَلُ فِيهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْخَيْلِ إِذَا أَسْرَعْتِ الرَّكْضَ: مَرَّتْ تُهْذِبُ، وَمَرَّتْ تُلْهِبُ، وَمَرَّتْ تُحْصِبُ. وَأَمَّا قَوْلُ مُعَاذٍ: لَتَخْضَمُنَّ الدَّهْرَ، وَلَتَصُومُنَّ الدَّهْرَ. فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَتَخْضِمُنَّ الدَّهْرَ: لَتَأْكُلُنَّ الدَّهْرَ أَكْلًا بِسَعَةٍ. وَالْخَضْمُ: الْأَكْلُ بِجَمِيعِ الْفَمِ، وَالْقَضْمُ دُونَ ذَلِكَ، يُقَالُ فِي مَثَلٍ: قَدْ يُبْلَغُ الْخَضْمُ بِالْقَضْمِ، يُقَالُ: خَضَمْتُ الشَّيْءَ فَأَنَا أَخْضَمُهُ خَضْمًا. وَحُدِّثْتُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي طَرَفَةَ، قَالَ: قَدِمَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى ابْنِ عَمٍّ لَهُ مَكَّةَ وَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ بِلَادُ مَقْضَمٍ، وَلَيْسَتْ بِلَادَ مَخْضَمٍ

وَإِنَّمَا أَرَادَ مُعَاذٌ بِقَوْلِهِ: لَتَخْضَمُنَّ الدَّهْرَ، وَلَتَصُومُنَّ الدَّهْرَ: أَنَّا إِذَا صُمْنَا ثَلَاثًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَفْطَرْنَا سَائِرَهُ، فَقَدْ صُمْنَا الدَّهْرَ كُلَّهُ، وَأَكَلْنَا بِسَعَةٍ الدَّهْرَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ

ذكر ما لم يمض ذكره من حديث أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَا لَمْ يَمْضِ ذِكْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ - أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ الْمَقَامَ مُصَلًّى؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {§وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ، وَقُلْتُ: لَوْ حَجَبْتَ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ. قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ شَيْءٌ، فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ أَقُولُ لَهُنَّ: لَتَكُفُّنَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ لَيُبْدِلَنَّهُ اللَّهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَكَفَفْتُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [التحريم: 5] " الْآيَةَ -[405]-، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُنَّ: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ - أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا الْمَقَامَ قِبْلَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {§وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ، وَقُلْتُ: إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ حَجَبْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ، وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شِدَّةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَذَاهُنَّ إِيَّاهُ، فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ امْرَأَةً امْرَأَةً، أَعِظُهَا وَأَنْهَاهَا عَنْ أَذَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقُولُ: إِنْ أَبَيْتُنَّ أَبْدَلَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى زَيْنَبَ - فَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَأَمْسَكْتُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5] -[406]- " حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ - أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح؛ وذلك أنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر إلا من هذا الوجه، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوَهِّنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ خَبَرٌ -[407]- لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ عِنْدَهُمْ مُنْفَرِدٌ وَجَبَ التَّثَبُّتُ فِيهِ

ذكر ما في هذا الخبر من فائدة العلم والذي في هذا الخبر من فائدة العلم الدلالة على أن أصح القراءتين في قوله: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى كسر الخاء من قوله: واتخذوا على وجه الأمر؛ لإخبار عمر عن تنزيل الله إياه على رسوله صلى الله عليه وسلم، أمرا منه له

§ذِكْرُ مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ فَائِدَةِ الْعِلْمِ وَالَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ فَائِدَةِ الْعِلْمِ الدِّلَالَةُ عَلَى أَنَّ أَصَحَّ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] كَسْرُ الْخَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا} [البقرة: 125] عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ؛ لِإِخْبَارِ عُمَرَ عَنْ تَنْزِيلِ اللَّهِ إِيَّاهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمْرًا مِنْهُ لَهُ بِاتِّخَاذِهِ مِنْ ذَلِكَ مُصَلًّى. وَفِيهِ أَيْضًا الدِّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ سَبِيلَ النِّسَاءِ - فِيمَنْ كَانَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَحْتَجِبْنَ مِنْهُ مِنَ الرِّجَالِ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ، بَعْدَ إِرْسَالِ اللَّهِ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَلْقِهِ، وَفِيمَنْ كَانَ لَهُنَّ أَنْ يَظْهَرْنَ لَهُ - كَانَتْ سَبِيلَ الرِّجَالِ، حَتَّى فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَحْكَامِهِنَّ وَأَحْكَامِهِمْ فِي ذَلِكَ، مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آيَةِ الْحِجَابِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ عُمَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ حَجَبْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. وَفِيهِ أَيْضًا الدِّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ هُوَ أَفْضَلُ لِلْمَرْءِ وَأَحْسَنُ بِهِ، الصَّبْرُ عَلَى أَذَى أَهْلِهِ وَالْإِغْضَاءُ عَنْهُمْ، وَالصَّفْحُ عَمَّا يَنَالُهُ مِنْهُمْ مِنْ مَكْرُوهٍ فِي ذَاتِ نَفْسِهِ، دُونَ مَا كَانَ فِي ذَاتِ اللَّهِ؛ وَذَلِكَ لِلَّذِي ذَكَرَ عُمَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَبْرِهِ عَلَى مَا كَانَ يَكُونُ إِلَيْهِ مِنْهُنَّ بِقَوْلِهِ: بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شِدَّةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَأَذَاهُنَّ إِيَّاهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَاقَبَهُنَّ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَعَظَهُنَّ عَلَيْهِ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ

وَبِنَحْوِ الَّذِي ذَكَرَ عُمَرُ عَنْهُ مِنْ خُلُقِهِ مَعَهُنَّ، تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ، وَإِلَى مِثْلِ الَّذِي كَانَ يَسْتَعْمِلُ مَعَهُنَّ مِنَ الْأَخْلَاقِ نَدَبَ أُمَّتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ذِكْرُ مَا صَحَّ سَنَدُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَلَيْنَا عَنْهُ بِذَلِكَ

678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»

679 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زَيْدٍ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»

680 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِ»

681 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الطُّفَاوِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ النِّسَاءَ، فَقَالَ: «§عَلَامَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ يَوْمِهِ»

682 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ لَقِيطٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً، وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا - يَعْنِي الْبَذَاءَ. قَالَ: «§فَطَلِّقْهَا إِذًا» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ. قَالَ: " فَمُرْهَا - يَقُولُ: عِظْهَا - فَإِنْ كَانَ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَقْبَلُ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ " فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ فِي الصَّفْحِ عَنْهُنَّ، وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَاهُنَّ، وَاحْتِمَالِ مَكْرُوهِهِنَّ، فَمَا وَجْهُ الْخَبَرِ الَّذِي

683 - حَدَّثَكُمُوهُ ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§عَلِّقْ سَوْطَكَ حَيْثُ يَرَاهُ الْخَادِمُ»

684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ رَاشِدٍ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ، وَقَالَ: «§أَنْفِقْ مِنْ طَوْلِكَ عَلَى أَهْلِكَ، وَلَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ، أَخِفْهُمْ لِلَّهِ»

685 - حَدَّثَنَا ابْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. فَقَالَ: «§أَخِفْ أَهْلَكَ، وَلَا تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ»

686 - حَدَّثَنِي ابْنُ الْبَرْقِيِّ، وَابْنُ عَسْكَرٍ الْبُخَارِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيَّارُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قَوْذَرَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَوْصَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «§لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ، وَأَنْصِفْهُمْ مِنْ نَفْسِكَ» -[413]- وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ أَخْبَارٌ غَيْرُ جَائِزٍ الِاحْتِجَاجُ بِهَا فِي الدِّينِ لِوَهَاءِ أَسَانِيدِهَا، وَضَعْفِ بَعْضِ مَنْ فِي نَقَلَتِهَا وَرُوَاتِهَا. قَالُوا: وَإِذْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَأَفْضَلُ الْأَخْلَاقِ الَّتِي يَتَخَلَّقُ بِهَا الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ، الصَّبْرُ عَلَيْهِمْ، وَالصَّفْحُ عَنْهُمْ، عَلَى مَا تَتَابَعَتْ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَخْبَارُ الصِّحَاحُ الْأَسَانِيدِ. وَقَالَ آخَرُونَ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ مُصَحِّحُو ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فِي مَعْنَاهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِذَا رَأَى مِنْهَا مَا يَكْرَهُ، فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِي طَاعَتِهِ، وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؛ اتِّبَاعًا مِنْهُمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ

ذكر الأخبار عن بعض من كان يفعل ذلك

§ذِكْرُ الْأَخْبَارِ عَنْ بَعْضِ مَنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ

687 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، قَالَتْ: «كَانَتِ §ابْنَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ -[414]- بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَرُبَّمَا ضَرَبَهَا، فَتَجِيءُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَتَشْتَكِي، وَقَدْ لَزِقَ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ بِجَسَدِهَا مِنَ الضَّرْبِ، فَيُقْسِمُ عَلَيْهَا لَتَرْجِعَنَّ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا»

688 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنَتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: «كُنْتُ §رَابِعَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ تَحْتَ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ إِذَا عَتَبَ عَلَى إِحْدَانَا، فَكَّ عُودًا مِنْ عِيدَانِ الْمِشْجَبِ، فَضَرَبَهَا بِهِ حَتَّى يَكْسِرَهُ عَلَيْهَا»

689 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، قَالَ: §دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مِجْلَزٍ، وَإِذَا هُوَ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ كَلَامٌ، فَرَفَعَ الْعَصَا فَشَجَّهَا مِثْلَ هَذَا - وَأَشَارَ حَرَمِيُّ قَدْرَ نِصْفِ أُنْمُلَةِ إِصْبَعِهِ. قَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ حَرَمِيٌّ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، فَأَعْجَبَهُ

690 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ عِيسَى بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ: «§لَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» . قَالَ: فَكَانَ يَشْتَرِي سَوْطًا فَيُعَلِّقُهُ فِي قُبَّتِهِ، لِتَنْظُرَ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَأَهْلُهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِأَدَبِ أَهْلِيهِمْ وَوَعْظِهِمْ، وَأَنْ لَا يُخْلُوهُمْ مِنْ تَفَقُّدِهِمْ بِمَا يَكُونُ لَهُمْ مَانِعًا مِنَ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ، وَالْخِلَافِ لِأَمْرِهِمْ. قَالُوا: وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: شَقَّ فُلَانٌ عَصَا الْمُسْلِمِينَ: إِذَا خَالَفَ أُلْفَتَهُمْ، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ، كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ: [البحر الطويل] إِذَا بَكَرَتْ سَلْمَى فَجَدَّ بُكُورُهَا ... وَشَقَّ الْعَصَا بَعْدَ اجْتِمَاعٍ أَمِيرُهَا، قَالُوا: وَإِنَّمَا عَنَى جَرِيرٌ بِقَوْلِهِ: وَشَقَّ الْعَصَا بَعْدَ اجْتِمَاعٍ أَمِيرُهَا: أَنَّهُ فَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ بَعْدَ الْأُلْفَةِ. قَالُوا: وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذَا أَقَامَ بِالْمَكَانِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ -[416]- وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ: قَدْ أَلْقَى فُلَانٌ عَصَاهُ، وَضَرَبَ فِيهِ أَرْوَاقَهُ، وَأَلْقَى بَوَانِيَهُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: [البحر الطويل] فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ، قَالُوا: وَإِنَّمَا قِيلَ لِلرَّجُلِ الرَّفِيقِ السِّيَاسَةِ، الْحَسَنِ الْأَثَرِ فِيمَا قَامَ بِهِ: إِنَّهُ لَلَيِّنُ الْعَصَا؛ لِتَأْلِيفِهِ بَيْنَ الْأَشْتَاتِ، وَجَمْعِهِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ، وَاسْتِعْطَافِهِ قُلُوبَ رَعِيَّتِهِ، كَمَا قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ الْمُزَنِيِّ: [البحر الطويل] عَلَيْهِ شَرِيبٌ وَادِعٌ لَيِّنُ الْعَصَا ... يُسَاجِلُهَا جَمَّاتِهِ وَتُسَاجِلُهُ، قَالُوا: فَأَمَّا ضَرْبُهَا لِغَيْرِ الْهَجْرِ فِي الْمَضْجَعِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ. وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَثَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا

691 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ إِيَاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ» ، قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النِّسَاءَ قَدْ ذَئِرْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَأْذَنْ فِي ضَرْبِهِنَّ. فَأَطَافَ بِآلِ -[417]- مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعُونَ امْرَأَةً يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ، وَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ»

692 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ لَقِيطِ بْنِ الْمَشَّاءِ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: " §نَزَلْتُ عَلَيْهِ بِحِمْصَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَبْغَضُ الرَّجُلَ أَنْ يَكُونَ ضَيْفًا عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ. قَالَ: فَقِيلَ: وَمَا الضَّيْفُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: الرَّجُلُ الشَّدِيدُ الْخُلُقُ - أَوِ السَّيِّئُ الْخُلُقُ - فِي أَهْلِهِ، إِذَا دَخَلَ هَابَتْهُ الْمَرْأَةُ وَالشَّاةُ وَالْخَادِمُ وَالْهِرُّ، كُلُّهُمْ يَخَافُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِشَرٍّ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، فَذَلِكَ كَأَنَّهُ ضَيْفٌ عَلَى أَهْلِهِ " -[418]- قَالُوا: وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] . قَالُوا: وَإِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ حَرَّمَ أَذَاهُنَّ بِغَيْرِ مَا اسْتَحْقَقْنَ بِهِ الْأَذَى، فَضَرْبُهُنَّ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبْنَ أَحْرَمُ وَأَبْعَدُ مِنَ الْجَوَازِ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ ضَرْبَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَا أَذَاهُ إِلَّا بِالْحَقِّ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَضْرُوبُ امْرَأَةً وَضَارِبُهَا زَوْجُهَا، أَوْ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مَمْلُوكَةً وَضَارِبُهُ مَوْلَاهُ، أَوْ كَانَ صَغِيرًا وَضَارِبُهُ وَالِدَهُ، أَوْ وَصِيَّ وَالِدِهِ وَصَّاهُ عَلَيْهِ -[419]-. غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَبَاحَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّيْنَا - مِنْ ضَرْبِ مَنْ ذَكَرْنَا بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ - مَا حَظَرَ عَلَى غَيْرِهِمْ، إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ وَقَيِّمٍ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَنْ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ، نَصَّ بَعْضَ ذَلِكَ فِي تَنْزِيلِهِ، وَأَبَانَ بَعْضَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمِمَّا نَصَّ فِي تَنْزِيلِهِ: إِطْلَاقُهُ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ - عِنْدَ نُشُوزِهَا عَلَيْهِ، وَامْتِنَاعِهَا مِنْ أَدَاءِ حَقِّهِ الَّذِي فَرَضَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهَا لَهُ - ضَرَبَهَا بِالْمَعْرُوفِ، إِذْ كَانَ قَيِّمًا عَلَيْهَا، فَقَالَ: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء: 34] . فَإِذْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَطْلَقَ فِي تَنْزِيلِهِ لِلرَّجُلِ مِنْ ضَرْبِ زَوْجَتِهِ دُونَ سُلْطَانِهِ فِي الْحَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَبَيِّنٌ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ نَظِيرَةُ حَالِ نُشُوزِهَا عَلَيْهِ، فِي رُكُوبِهَا مِنْ مَعْصِيَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا عِصْيَانَهُ فِيهِ، فَحُكْمُهَا فِيهِ نَظِيرُ حَالِهَا عِنْدَ نُشُوزِهَا عَلَيْهِ، فِيمَا لَهُ مِنْ أَدَبِهَا وَضَرْبِهَا بِالْمَعْرُوفِ دُونَ السُّلْطَانِ، وَذَلِكَ كَخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَرِضَاهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَلْجَأَتْهَا إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ، فِي غَيْرِ مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهَا الْخُرُوجَ فِيهِ، وَكَإِذْنِهَا فِي مَنْزِلِهِ لِمَنْ لَيْسَ لَهَا إِذْنُهُ فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ كَانَ يَضْرِبُهُنَّ مَنْ كَانَ يَضْرِبُهُنَّ مِنَ السَّلَفِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ صَحَّ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

693 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ سَلْمَانَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§اتَّقُوا اللَّهَ فِي -[420]- النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، إِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ، فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» وَكَذَلِكَ ضَرْبُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ وَيَتِيمَهُ وَمَمْلُوكَهُ - فِيمَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيمَا لَيْسَ لَهُ مِنْهُ - شَبِيهُ الْقَوْلِ فِيمَا لِلرَّجُلِ مِنْ ضَرْبِ زَوْجَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَفِيمَا لَيْسَ لَهُ مِنْهُ فَلَهُ ضَرْبُ جَمِيعِهِمْ عَلَى تَأْدِيبِهِمْ، عَلَى النَّظَرِ لَهُمْ وَالصَّلَاحِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةُ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

ذكر ذلك

§ذِكْرُ ذَلِكَ

694 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ -[421]-، عَنْ شُمَيْسَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: ذَكَرْتُ الْيَتِيمَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: «§أَمَّا أَنَا فَأَضْرِبُ أَحَدَهُمْ حَتَّى يَنْبَسِطَ»

695 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ شُمَيْسَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ أَدَبِ الْيَتِيمِ، فَقَالَتْ: «إِنْ كَانَ §أَحَدُهُمْ يَضْرِبُ يَتِيمَهُ حَتَّى يَنْبَسِطْ»

696 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ إِنَّ فِي حِجْرِي يَتِيمًا، أَفَآكُلُ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ §غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا، وَلَا وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَأَضْرِبُهُ؟ قَالَ: «مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ»

697 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّهَّانُ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ أَبُو جَمِيلَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، قَالَ: قَالَ لَنَا عَمْرٌو وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي يَتِيمًا، أَفَأَضْرِبُهُ؟ قَالَ: «§اضْرِبْهُ مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا ابْنَكَ» . قَالَ: أَفَآكُلُ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: «غَيْرَ مُتَّقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ»

698 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَتِيمِي أَضْرِبُهُ؟ قَالَ: «§اضْرِبْهُ مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ» . قَالَ: فَمَا آكُلُ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: «بِالْمَعْرُوفِ، غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ وَلَا وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ» ، 699 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ يُونُسُ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِمَّا أَضْرِبُ مِنْهُ يَتِيمِي؟ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

700 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا عِمْرَانُ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: «§لَيْسَ عَلَى الْوَالِدِ جُنَاحٌ فِيمَا أَدَّبَ وَلَدَهُ»

701 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: «يَا بُنَيَّ §ضَرْبُ الْوَالِدِ وَلَدَهُ مِثْلُ السِّمَادِ وَالزَّرْعِ»

702 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي حِجْرِهِ الْيَتِيمُ، فَهَلْ يَضْرِبُهُ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ §هُوَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ، ضَرْبًا رَفِيقًا» -[424]- وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ: أَوْصِنِي: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ، وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ» ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدِي بِخِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ، مِمَّنْ وَجَّهَ مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِوَعْظِ أَهْلِهِ، بَلْ ذَلِكَ عِنْدِي الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: «عَلِّقِ السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ الْخَادِمُ» ، حَضًّا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَلَى تَأْدِيبِ أَهْلِهِ، وَمَنْ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ خَدَمِهِ وَوَلَدِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِئَلَّا يَرْكَبُوا مُوبِقَةً، أَوْ يَكْسِبُوهُ سُبَّةً بَاقِيًا عَلَيْهِ عَارُهَا، أَوْ يَجُرُّوا جَرِيرَةً يَلْحَقُهُ مَكْرُوهُهَا، إِمَّا فِي عَاجِلٍ وَإِمَّا فِي آجِلٍ، إِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ جَعَلَهُ قَيِّمًا عَلَيْهِمْ، وَجَعَلَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاعِيًا، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ» ، كَمَا جَعَلَ الْأَمِيرَ رَاعِيًا عَلَى رَعِيَّتِهِ، وَعَلَى الرَّاعِي سِيَاسَةُ رَعِيَّتِهِ بِمَا فِيهِ صَلَاحُهَا دِينًا وَدُنْيَا. وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ قَالَ لَهُ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكِ» ، هُوَ مَا قُلْنَا، دُونَ مَا قَالَهُ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ، وَصْفُهُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَبَا جَهْمٍ، إِذْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ خَطَبَهَا وَمُعَاوِيَةُ، إِذْ وَصَفَهُ بِالْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ عَلَى أَهْلِهِ بِقَوْلِهِ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» ، فَأَعْلَمَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ غِلْظَتَهُ عَلَى -[425]- أَهْلِهِ وَشِدَّتَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ. فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِكَ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكِ» : لَا تُخْلِهِمْ مِنْ تَأْدِيبِكَ إِيَّاهُمْ بِالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ، دُونَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَمْرِهِ إِيَّاهُ بِالتَّرْهِيبِ بِالضَّرْبِ أَحْيَانًا عِنْدَ رُكُوبِهَا مَالَا يَحِلُّ لَهَا رُكُوبُهُ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي قَدْ ذَكَرْتُ قَبْلُ، لَمْ يَكُنْ لِتَزْهِيدِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ فِي أَبِي جَهْمٍ - بِوَصْفِهِ إِيَّاهُ لَهَا بِمَا وَصَفَهُ بِهِ لَهَا، مِنْ تَرْكِهِ وَضَعَ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ - مَعْنًى؛ إِذْ كَانَ الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ لَا يُوجِبَانِ لِصَاحِبِهِمَا ذَمًّا. وَقَدْ بَيَّنَ حَقِيقَةَ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» مَا

703 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا، قَالَتْ: فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي، خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «§أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَرَجُلٌ شَدِيدٌ عَلَى النِّسَاءِ» . قَالَتْ: فَخَطَبَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَتَزَوَّجْتُهُ، فَبَارَكَ اللَّهُ لِي فِي أُسَامَةَ

704 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، تَقُولُ: أَرْسَلَ إِلَيَّ زَوْجِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ مَعَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بِطَلَاقِي، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا §انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي» . فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي، خَطَبَنِي خُطَّابٌ فِيهِمْ مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَثِيثُ الْحَالِ، وَأَبُو الْجَهْمِ يَضْرِبُ النِّسَاءَ - أَوْ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ - وَلَكِنْ عَلَيْكِ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ» ، أَوْ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» إِنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الشِّدَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، بِمَا يَكُونُ كَافًّا لَهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، رَهْبَةً مِنْهُ، وَخَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ لَهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَمَاعَةٌ أَنَّهُ قَالَ لَهَا: «إِنَّ أَبَا جَهْمٍ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» ، وَرَوَتْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ لَهَا: «إِنَّ فِيهِ شِدَّةً عَلَى النِّسَاءِ وَغِلْظَةً» ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ، اخْتَلَفَتْ بِهِ أَلْفَاظُ الرُّوَاةِ؛ لْاتِّفَاقِ مَعَانِي جَمِيعِهَا؛ وَلِذَلِكَ اسْتَجَازَتِ الرُّوَاةُ تَغْيِيرَ الْأَلْفَاظِ بِهِ -[427]-. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» مَا وَصَفْتَ، ثُمَّ يَقُولَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي تَكْرِيهِهِ إِلَيْهَا نِكَاحَ أَبِي جَهْمٍ أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ، فَيُكَرِّهَ إِلَيْهَا نِكَاحَ مِنْ عَمِلَ بِمَا أَدَّبَهُ مِنَ الْأَخْلَاقِ، وَفَعَلَ مَا نَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَفْعَالِ؛ لِعِلْمِهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ وَعَمَلِهِ بِهِ؟ إِنَّ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَعِيدٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مِنْهُ نَاسِخًا الْقَوْلَ الْآخَرَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَأَيُّهُمَا النَّاسِخُ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَأَيُّهُمَا الْمَنْسُوخُ؟ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِيَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ، بَلْ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ مَعْنَاهُ، مَفْهُومٌ وَجْهُهُ وَمَصْدَرُهُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» لِلَّذِي قَالَ ذَلِكَ لَهُ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ مَا وَصَفْنَا قَبْلُ مِنْ أَمَرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِإِخَافَةِ أَهْلِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يَكُونُ رَادِعًا لَهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ حُدُودِ اللَّهِ، وَاجْتِرَامِ مَعَاصِيهِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَلْزَمَهُمُوهَا لَهُ أَوْ لِنَفْسِهِ، مِنَ التَّرْهِيبِ وَالتَّخْوِيفِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَدْ وَصَفْتُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَاعٍ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ سِيرَتِهِ الَّتِي سَارَهَا فِيهِمْ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ لِفَاطِمَةَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» ، فَإِنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛ فَلِذَلِكَ كَرَّهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا نِكَاحَهُ. يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِيَ قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ كَالَّذِي قُلْنَا مَا

705 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا §-[428]- حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» . فَلَمَّا حَلَلْتُ آذَنْتُهُ، قَالَ: «مَنْ خَطْبَكِ» ؟ قَالَتْ: مُعَاوِيَةُ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ قُرَيْشِ. فَقَالَ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَإِنَّهُ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ، لَا شَيْءَ لَهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ شَرٍّ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَانْكِحِي أُسَامَةَ» . فَكَرِهَتْهُ، فَقَالَ: «انْكِحِيهِ» . فَنَكَحْتُهُ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّبِعٍ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَوْصَاهُ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِضَرْبِ أَحَدٍ فِي -[429]- غَيْرِ حَقٍّ، زَوْجَةً كَانَتِ الْمَضْرُوبَةُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً غَرِيبَةً، بَلْ ذَلِكَ مِمَّا نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ لِأُمَّتِهِ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ» . وَبَعْدُ، فَفِيمَا

706 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ، عَنْ قُرَادٍ أَبِي نُوحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ يَكْذِبُونَنِي، وَيَخُونُونَنِي، وَيَعْصُونَنِي، وَأَضْرِبُهُمْ وَأَشْتُمُهُمْ، فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ، وَعَصَوْكَ، وَكَذَبُوكَ، وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ، كَانَ كَفَافًا، لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمْ، اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الْفَضْلُ الَّذِي بَقِيَ» . قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَبْكِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَهْتِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا لَهُ؟ أَمَا يَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47] ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَجِدُ شَيْئًا أَخْيَرَ إِلَيَّ مِنْ فِرَاقِ هَؤُلَاءِ، إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ كُلُّهُمْ -[430]- مَا بَيَّنَ حَقِيقَةَ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ بِتَجَاوُزِهِ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَطْلَقَهُ لَهُ مِنَ الْقَدْرِ فِي أَدَبِ أَهْلِهِ بِالضَّرْبِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِمْ ذَلِكَ مِنْهُ مُتَّبَعٌ، وَبِهِ فِي الْآخِرَةِ مُطَالَبٌ، وَعَنْهُ مَسْؤُولٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُطْلِقَ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي أَهْلِهِ عِنْدَ اسْتِيجَابِهِمْ إِيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ، مَا قَدْ بَيَّنْتُهُ قَبْلُ

القول فيما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك في خبر إياس بن عبد الله بن أبي ذباب أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ذئر النساء على أزواجهن: يعني بذلك أنهن اجترأن عليهم وتنكرن لهم عما كن عليه لهم من، الطاعة إلى الخلاف عليهم، يقال منه: هي امرأة

§الْقَوْلُ فِيمَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ إِيَاسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ: يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ اجْتَرَأْنَ عَلَيْهِمْ وَتَنَكَّرْنَ

لَهُمْ عَمَّا كُنَّ عَلَيْهِ لَهُمْ مِنَ، الطَّاعَةِ إِلَى الْخِلَافِ عَلَيْهِمْ، يُقَالُ مِنْهُ: هِيَ امْرَأَةٌ ذَائِرٌ - بِغَيْرِ هَاءٍ - وَمِنْهُ قَوْلُ عَبِيدِ بْنِ الْأَبْرَصِ: [البحر الكامل] وَلَقَدْ أَتَانَا عَنْ تَمِيمٍ أَنَّهُمْ ... ذَئِرُوا لِقَتْلَى عَامِرٍ وَتَغَضَّبُوا يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ذَئِرُوا: نَفَرُوا وَأَنْكَرُوا، وَيُقَالُ: أَنِفُوا. وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: «لَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ» ، فَالظَّعِينَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْمَرْأَةُ فِي الْهَوْدَجِ، وَتُجْمَعُ ظَعَائِنَ، وَظُعُنًا، وَظُعْنًا، بِتَسْكِينِ الْعَيْنِ وَتَحْرِيكِهَا، وَأَظْعَانًا. وَمِنَ الظُّعْنِ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ: [البحر الكامل] شَاقَتْكُ ظُعْنُ الْحَيِّ حِينَ تَحَمَّلُوا ... فَتَكَنَّسُوا قُطُنًا تَصِرُّ خِيَامُهَا وَمِنَ الْأَظْعَانِ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ: [البحر الطويل] وَشَاقَتْكَ أَظْعَانٌ لِزَيْنَبَ غُدْوَةً ... تَحَمَّلْنَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْعَرَبِ ذَلِكَ حَتَّى قَالُوا لِزَوْجَةِ الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَائِرَةً فِي هَوْدَجٍ: ظَعِينَتَهُ، وَقَدْ تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ أَيْضًا بِأَسْمَاءٍ أُخَرَ، تَقُولُ: هِيَ زَوْجَتُهُ

، وَزَوْجُهُ، وَمَرَتُهُ، وَطَلَّتُهُ، وَحَنَّتُهُ، وَقَعِيدَتُهُ، وَعِرْسُهُ، وَجَارَتُهُ - وَمِنَ الْجَارَةِ قَوْلَ الْأَعْشَى: [البحر الكامل] بَانَتْ لِتَحْزُنَنَا عَفَارَهْ ... يَا جَارَتِي مَا كُنْتِ جَارَهْ وَحَلِيلَتُهُ، وَحَالُهُ - وَمِنَ الْحَالِ قَوْلُ الْآخَرِ: [البحر الرجز] يَا رُبَّ حَالِ حَوْقَلٍ وَقَّاعِ ... تَرَكْتُهَا مُدْنِيَةَ الْقِنَاعِ - وَرَبَضُهُ، وَرُبْضُهُ. وَأَمَّا الْأُمَيَّةُ: فَإِنَّهَا تَصْغِيرُ أَمَةٍ، يُقَالُ: هَذِهِ أَمَةُ فُلَانٍ، ثُمَّ تُصَغَّرُ فَيُقَالُ: هَذِهِ أُمَيَّتُهُ. وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ: «إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي» ، فَلَمَّا انْقَضَتْ آذَنَتْهُ. فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَآذِنِينِي» : فَأَعْلِمِينِي انْقِضَاءَ عِدَّتِكِ. يُقَالُ: قَدْ آذَنَ فُلَانٌ فُلَانًا بِكَذَا: إِذَا أَعْلَمُهُ بِهِ، فَهُوَ يُؤْذِنُهُ بِهِ إِيذَانًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ: [البحر المديد]

آذَنَ النَّاوِي بِبَيْنُونَةٍ ... ظَلْتُ مِنْهَا كَصَرِيعِ الْمُدَامْ وَأَمَّا الْأَذَنُ، بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَالذَّالِ، فَهُوَ غَيْرُ هَذَا، وَذَلِكَ الِاسْتِمَاعُ، يُقَالُ مِنْهُ: أَذِنَ فُلَانٌ لِكَلَامِ فُلَانٍ، فَهُوَ يَأْذَنُ لَهُ أَذَنًا: إِذَا اسْتَمَعَ لَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: 2] ، يَقُولُ: سَمِعَتْ لَهُ وَأَطَاعَتْ. وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْعِبَادِيِّ: [البحر الرمل] أَيُّهَا الْقَلْبُ تَعَلَّلْ بِدَدَنْ ... إِنَّ هَمِّي فِي سَمَاعٍ وَأَذَنْ وَقَوْلُ الْآخَرِ: [البحر البسيط] فِي سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشَّيْخُ لَهُ ... وَحَدِيثٍ مِثْلِ مَاذِيٍّ مُشَارِ وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ»

وَأَمَّا الْإِذْنُ، بِكَسْرِ الْأَلِفِ وَسُكُونِ الذَّالِ، فَغَيْرُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَهُوَ التَّخْلِيَةُ وَالْإِطْلَاقُ. يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ أَذِنَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَهُوَ يَأْذَنُ لَهُ إِذْنًا: أَطْلَقَهُ لَهُ، وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102] ، يَعْنِي بِهِ: إِلَّا بِتَخْلِيَةِ اللَّهِ لَهُمْ، وَضَرَّهُمْ مَنْ ضَرُّوهُ بِذَلِكَ. وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَقِيطُ بْنُ صَبِرَةَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ» الدِّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ لِلرَّجُلَ ضَرْبَ أَمَتِهِ فِيمَا تَسْتَحَقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ أَيْضًا الْبَيَانُ عَنْ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي

707 - حَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، أَمَتِي. كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، لَكِنْ لِيَقُلْ أَحَدُكُمْ: فَتَايَ أَوْ فَتَاتِي أَوْ جَارِيَتِي "، 708 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

709 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي أَوْ أَمَتِي، كُلُّكُمْ عِبَادُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: غُلَامِي، وَجَارِيَتِي، وَفَتَايَ، وَفَتَاتِي "

710 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا يُونُسَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " §لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَغُلَامِي، كُلُّكُمْ مَمْلُوكٌ، وَالرَّبُّ اللَّهُ "

711 - حَدَّثَنِي بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: " §لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ، وَفَتَاتِي " لَيْسَ بِنَهْيِ تَحْرِيمٍ، وَلَكِنْ نَهْيَ تَكَرُّهٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ لَكَانَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ - أَعْنِي خَبَرَ لَقِيطٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ» ، وَخَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَمَتِي، عَبْدِي» - إِمَّا بَاطِلًا غَيْرَ صَحِيحٍ، وَإِمَّا نَاسِخًا صَاحِبَهُ وَالْآخَرُ مَنْسُوخًا. وَفِي صِحَّةِ سَنَدِهِمَا جَمِيعًا مَا يُوجِبُ الْقَوْلَ بِتَصْحِيحِهِمَا، وَفِي عَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ لِلْآخَرِ، مَا يُحَقِّقُ الْقَوْلَ بِهِمَا، وَيُوجِبُ تَثْبِيتَهُمَا عَلَى مَا يَجُوزُ وَيَصِحُّ -[437]-. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكُ، وَكَانَ لَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِهِمَا وَتِصْحِيحِ مَعْنَاهُمَا إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ بِالنَّهْيِ مَعْنِيٌّ بِهِ نَهْيُ تَكَرُّهٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ» ، إِعْلَامٌ بِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ: أَمَةً غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ تَحْرِيمَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهَا كَانَ لِرَبِّهِ عَاصِيًا، وَبِتَقَدُّمِهِ آثِمًا، صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ نَظِيرَ نَهْيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَكَلِ لَحْمِ الضَّبِّ وَتَرْكِهِ آكِلِيهِ إِذْ أَكَلُوهُ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ عَلَى مَائِدَتِهِ، عَلَى مَا قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا قَبْلُ

ذكر خبر آخر من حديث أنس بن مالك، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ فَتَرَاءَيْنَا الْهِلَالَ، وَكُنْتُ رَجُلًا حَدِيدَ الْبَصَرِ فَرَأَيْتُهُ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَزْعُمُ أَنَّهُ رَآهُ غَيْرِي، فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ: أَمَا تَرَاهُ؟ فَجَعَلَ يَنْظُرُ فَلَا يَرَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى فِرَاشِي، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَرَانَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالْأَمْسِ وَهُوَ يَقُولُ: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا» قَالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَئُوا تِلْكَ الْحُدُودَ، فَجَعَلُوا يُصَرَّعُونَ عَلَيْهَا، ثُمَّ جُعِلُوا فِي بِئْرٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، أَوَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا، فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا؟» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ فَقَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا»

القول في علل هذا الحديث وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح، وذلك أنه خبر لا يعرف له عن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْرَجٌ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ عِنْدَهُمْ مُنْفَرِدٌ بِنَقْلِهِ وَجَبَ التَّثَبُّتُ فِيهِ، وَأُخْرَى: أَنَّ حُمَيْدًا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ، فَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا

ذكر ذلك

§ذِكْرُ ذَلِكَ

712 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ: سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِبَدْرٍ وَهُوَ يُنَادِي عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ: «يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَيَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا شَيْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ، يَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -[487]-، تُنَادِي أَقْوَامًا قَدْ جَيَّفُوا؟ قَالَ: «§مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُوا» وَقَدْ وَافَقَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْهُ سَنَدُهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

ذكر الرواية عمن وافق عمر في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَمَّنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

713 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ -[488]- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَلِيبِ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ: «§يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، يَا فُلَانُ، يَا فُلَانُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامِي الْآنَ» 714 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَلِيبِ فَقَالَ: «يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ» ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: «وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ قَوْلِي الْآنَ»

715 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى أَصْحَابِ -[489]- قَلِيبِ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: «§قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» قَالُوا: أَلَيْسُوا أَمْوَاتًا؟ قَالَ: «إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ كَمَا تَسْمَعُونَ»

716 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ: اطَّلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ بِبَدْرٍ، ثُمَّ نَادَاهُمْ فَقَالَ: «§يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» قَالَ نَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُنَادِي نَاسًا أَمْوَاتًا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ»

717 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى بَدْرٍ أَنْ يُسْحَبُوا إِلَى الْقَلِيبِ، فَطُرِحُوا فِيهِ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: «§يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُكَلِّمُ قَوْمًا مَوْتَى؟ قَالَ: «لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَا وَعَدَهُمْ رَبُّهُمْ حَقٌّ» فَلَمَّا رَأَى أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ أَبَاهُ يُسْحَبُ عَلَى الْقَلِيبِ، عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا حُذَيْفَةَ، كَأَنَّكَ كَارِهٌ لِمَا رَأَيْتَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ رَجُلًا سَيِّدًا، فَرَجَوْتُ أَنْ يَهْدِيَهُ رَأْيُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا وَقَعَ الْمَوْقِعَ الَّذِي وَقَعَ أَحْزَنَنِي ذَلِكَ قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي حُذَيْفَةَ بِخَيْرٍ

القول في معاني هذه الأخبار اختلف السلف من علماء الأمة في معاني هذه الأخبار، فقال جماعة يكثر عددها بتصحيحها، وتصحيح القول بظاهرها وعمومها، وقالوا: الميت بعد موته يسمع كلام الأحياء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل القليب بعدما ألقوا فيه ما قال

§الْقَوْلُ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ يَكْثُرُ عَدَدُهَا بِتَصْحِيحِهَا، وَتَصْحِيحِ الْقَوْلِ بِظَاهِرِهَا وَعُمُومِهَا، وَقَالُوا: الْمَيِّتُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَسْمَعُ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْقَلِيبِ بَعْدَمَا أُلْقُوا فِيهِ مَا قَالَ، قَالُوا: وَفِي قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ، إِذْ قَالُوا: أَتُكَلِّمُ أَقْوَامًا قَدْ مَاتُوا وَصَارُوا أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ فَقَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» أَوْضَحُ الْبَيَانِ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ، مِنْ أَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِكَ بِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ

ذكر بعض ما حضرنا ذكره، مما صح من ذلك سنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ، مِمَّا صَحَّ مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

718 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ لَهُ بَعْدُ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَجَلَسْنَا مَعَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ، قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا فَقَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ كَفَنٌ وَحَنُوطٌ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ -[492]- صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ كُلُّهَا، فَلَيْسَ مِنْهَا بَابٌ إِلَّا وَهُوَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُدْخَلَ بِهِ مِنْهُ. فَإِذَا انْتَهَى بِهِ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: رَبِّ، عَبْدُكَ فُلَانٌ قَدْ قَبَضْنَا نَفْسَهُ، قَالَ: فَيَقُولُ: ارْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. قَالَ: وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَذَكَرَ كَلَامًا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] . ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ حَسَنُ الثِّيَابِ قَالَ: فَيَقُولُ لَهُ: يَا هَذَا: أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَجَنَّاتٍ فِيهَا نُعَيْمٌ مُقِيمٌ. قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَمَنْ أَنْتَ؟ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ. قَالَ: يَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ. فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ افْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ وَافْرِشُوا لَهُ مِنْ فُرُشِ الْجَنَّةِ قَالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيُفْرَشُ لَهُ مِنْ فُرُشِ الْجَنَّةِ. قَالَ: يَقُولُ: رَبِّ، عَجِّلْ قِيَامَ السَّاعَةِ قَالَ: فَيَقُولُهَا ثَلَاثًا، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوجُوهِ، مَعَهُمْ سَرَابِيلٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَثِيَابٌ مِنَ نَارٍ، فَأَجْلَسُوهُ وَانْتَزَعُوا نَفْسَهُ مَعَهَا الْعَصَبُ وَالْعُرُوقُ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ لَعَنَهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهُ، فَلَيْسَ مِنْهَا بَابٌ -[493]- إِلَّا وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْهُ، فَإِذَا انْتَهَى بِهِ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ رَمَى بِهِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، عَبْدُكَ فُلَانٌ قَبَضْنَا نَفْسَهُ، فَلَمْ تَقْبَلْهُ الْأَرْضُ وَلَا السَّمَاءُ قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ: ارْجِعْهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: لَا أَدْرِي. ثُمَّ يَنْتَهِرُهُ انْتِهَارَةً شَدِيدَةً، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: لَا أَدْرِي قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَا دَرَيْتَ، ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، أَبْشِرْ بِسَخَطِ اللَّهِ وَعَذَابٍ مُقِيمٍ قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ بَشَّرَكَ اللَّهُ بِالشَّرِّ، فَمَنْ أَنْتَ؟ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالشَّرِّ قَالَ: أَنَا عَمَلُكَ السَّيِّئُ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ، لَوْ ضَرَبَ بِهَا جَبَلًا لَصَارَ نَارًا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ قَالَ: قُلْنَا لِلْبَرَاءِ: أَمَلَكٌ هُوَ أَمْ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: نَحْنُ كُنَّا أَشَدَّ هَيْبَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ نَسْأَلَهُ أَمَلَكٌ هُوَ أَمْ شَيْطَانٌ قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ افْرِشُوا لَهُ لَوْحَيْنِ مِنْ نَارٍ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ النَّارِ قَالَ: فَيُفْرَشُ لَهُ لَوْحَانِ مِنَ النَّارِ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، لَا تُقِمِ السَّاعَةَ " -[494]- 719 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ، فَيَزِيدُ فِيهِ، وَيَنْقُصُ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَيُوضَعُ فِي سِجِّينٍ، وَسِجِّينٌ: الْأَرْضُ السُّفْلَى

720 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ طَوِيلًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «§أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَائِكَةً مِنَ السَّمَاءِ بِيضَ الْوجُوهِ، كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، حَتَّى يَقْعُدُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ -[495]-، وَمَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ وَيَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَقْعُدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيُحَوِّلُوهَا فِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، ثُمَّ يَصْعَدُونَ بِهَا، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ فَيُفْتَحُ لَهَا، فَلَا يَمُرُّونَ بِأَهْلِ سَمَاءٍ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّذِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولَانِ لَهُ، وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] الْآيَةَ. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ رُوحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيَأْتِيَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، فَهَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي -[496]- وَإِنَّ الْعَبْدَ الْفَاجِرَ أَوِ الْآخَرَ، إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوجُوهِ، مَعَهُمْ أَكْفَانُ الْمُسُوحِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، وَيَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضِبٍ. فَتَفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، تَنْقَطِعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ، كَمَا يُنْزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا وَقَعَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَضَعُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، ثُمَّ يَصْعَدُوا بِهَا، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ، فَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ، فِي سِجِّينٍ، فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ: فَتُطْرَحُ رُوحُهُ فَتَهْوِي تَتَخَطَّفُهُ الطَّيْرُ، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ -[497]- سَحِيقٍ، فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَيَقُولَانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيَهُ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ، لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، لَا تُقِمِ السَّاعَةَ " 721 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ -[498]- زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَجَلَسَ تِجَاهَ الْقِبْلَةِ، فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، فَنَكَّسَ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «§أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتِ مَلَائِكَةٌ كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَ كُلِّ مَلَكٍ كَفَنٌ وَحَنُوطٌ، فَجَلَسُوا عِنْدَهُ سِمَاطَيْنِ مَدَّ الْبَصَرِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ يَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ: رَبِّ، هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوهُ إِلَى التُّرَابِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ، وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَإِذَا أُدْخِلَ الْقَبْرَ فَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا قَالَ: فَيَأْتِيهِ آتٍ فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَسْأَلُهُ الثَّانِيَةَ وَيَنْتَهِرُهُ، وَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ، فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] ، فَيَأْتِيهِ آتٍ طَيِّبُ الرِّيحِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، جَيِّدُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ، وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نُعَيْمٌ مُقِيمٌ. فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ، وَمِنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي -[499]- طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا قَالَ: فَيَقُولُ: افْرِشُوا لَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيَّ، وَمَا عِنْدِي خَيْرٌ لَهُ قَالَ: فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: رَبِّ عَجِّلْ قِيَامَ السَّاعَةِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مَعَهُمْ سَرَابِيلٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَثِيَابٌ مِنَ نَارٍ، فَاحْتَوَشُوهُ، فَيَنْتَزِعُونَ نَفْسَهُ كَمَا يُنْتَزَعُ الصُّوفُ الْمُبْتَلُّ مِنَ السَّفُّودُ كَثِيرِ الشُّعَبِ. قَالَ: وَيَخْرُجُ مَعَهَا الْعَصَبُ وَالْعُرُوقُ، وَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلَى سَخَطِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: رَبِّ، هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوهُ إِلَى التُّرَابِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ فَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ. قَالَ: فَيَأْتِيهِ آتٍ، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَتُعَادُ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ، وَيَنْتَهِرُهُ، وَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، لَا أَدْرِي، لَا أَدْرِي، فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ. قَالَ: وَيُرْفَعُ أَعْمَى أَصَمُّ أَبْكَمُ، مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا الثَّقَلَانِ، مَا أَقَلُّوهَا، وَلَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا أَوْ رَمِيمًا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهُمْ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، فَيَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، خَبِيثُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَعَذَابٍ مُقِيمٍ، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ، فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِشْرٍ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالشَّرِّ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ السَّيِّئُ، إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا فِي طَاعَةِ -[500]- اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، فَيَقُولُ: افْرِشُوا لَهُ لَوْحَيْنِ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ لَوْحَيْنِ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ النَّارِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيَّ، وَمَا عِنْدِي شَرٌّ لَهُ "

723 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحِدُوا، فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى أَكْتَافِنَا فِلَقُ الصَّخْرِ، وَعَلَى رَءُوسِنَا الطَّيْرُ قَالَ: فَأَرَمَّ قَلِيلًا قَالَ: - وَالْإِرْمَامُ السُّكُوتُ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ " إِنَّ §الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَدُبُرٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَحَضَرَ الْمَوْتُ، نَزَلَتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنَ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، اخْرُجِي إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ. فَتَسِيلُ نَفْسُهُ كَمَا تَقْطُرُ الْقَطْرَةُ مِنَ السِّقَاءِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يُصْعَدُ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَيُفْتَحُ لَهُ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ، وَالرَّابِعَةِ، وَالْخَامِسَةِ، وَالسَّادِسَةِ، وَإِلَى الْعَرْشِ مُقَرَّبُو كُلِّ سَمَاءٍ. فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْعَرْشِ، كُتِبَ كِتَابُهُ فِي عِلِّيِّينَ، فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: رُدُّوا عَبْدِي إِلَى مَضْجَعِهِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَيُرَدُّ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ، وَنكِيرٌ يُثِيرَانِ الْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا، وَيُلْحِفَانَ الْأَرْضَ بِأَشْعَارِهِمَا، فَيُجْلِسَانِهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا؟ مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ قَالَ: يَقُولَانِ: صَدَقْتَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ: صَدَقْتَ -[501]-، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَقُولَانِ: صَدَقْتَ، قَالَ: ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيَأْتِيهِ حَسَنُ الْوَجْهِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ لَهُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي دُبُرٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَقُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَحَضَرَهُ الْمَوْتُ، نَزَلَتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنَ نَارٍ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى غَضِبِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ، فَتَتَفَرَّقُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَخْرُجَ، لِمَا تَرَى وَتُعَايِنُ، فَيَسْتَخْرِجُهَا كَمَا يُسْتَخْرَجُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ لَعَنَهُ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يَصْعَدُ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ: فَتُغْلَقُ دُونَهُ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوا عَبْدِي إِلَى مَضْجَعِهِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ: فَيُرَدُّ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ، وَنَكِيرٌ يُثِيرَانِ الْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا، وَيُلْحِفَانِ الْأَرْضَ بِأَشْعَارِهِمَا، وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ، وَأَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، فَيُجْلِسَانِهِ ثُمَّ يَقُولَانِ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ مُنَادٍ: لَا دَرَيْتَ فَيَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ لَمْ يُقِلُّوهَا، يَشْتَعِلُ مِنْهَا قَبْرُهُ نَارًا، وَيُضَيَّقُ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: جَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَبَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، سَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَى مَقْعَدِهِ مِنْهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ "

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ §الْمُؤْمِنَ حِينَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ، وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَصْعَدُ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَأْتِيهِ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْتَخْبِرُونَهُ عَنْ مَعَارِفِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ: تَرَكْتُ فُلَانًا فِي الدُّنْيَا أَعْجَبُهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ لَهُمْ إِنَّ فُلَانًا قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا. قَالُوا: مَا جِيءَ بِرُوحِ ذَاكَ إِلَيْنَا، وَقَدْ ذَهَبَ بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاحِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجْلَسُ فِي قَبْرِهِ وَيُسْأَلُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَيُقَالُ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُقَالُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ فِي قَبْرِهِ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَجْلِسِكَ، نَمْ قَرِيرُ الْعَيْنِ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّمَا كَانَتْ رَقْدَةً. وَإِذَا كَانَ عَدُوَّ اللَّهِ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ أَبَدًا، وَاللَّهُ يَبْغَضُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا أُجْلِسَ فِي قَبْرِهِ يُقَالُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ: لَا دَرَيْتَ , يُقَالُ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، يُقَالُ: مَا دِينُكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ: لَا دَرَيْتَ وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ فِي قَبْرِهِ، بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُضْرَبُ ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يُقَالُ: نَمْ كَمَا يَنَامُ الْمَنْهُوشُ " قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَا الْمَنْهُوشُ؟ قَالَ: نَهَشَتْهُ الدَّوَابُّ، وَالْحَيَّاتُ، ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ نَصَبَ يَدَهُ، ثُمَّ كَفَأَهَا، ثُمَّ شَبَّكَ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ §الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطِّيبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ. قَالَ: فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى يُعْرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ فُلَانٌ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطِّيبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرُوحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَيُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٍ، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، فَيَقُولُونَ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهُ لَنْ يُفْتَحَ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَتُرْسَلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَتَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ، فَيُقَالُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: فِي الْإِسْلَامِ , فَيُقَالُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ -[504]- مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، فَآمَنَّا وَصَدَّقْنَا، فَيُقَالُ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ يَرَاهُ، فَتُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ: انْظُرْ مَا وَقَاكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُفَرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، ثُمَّ يُقَالُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السَّوْءُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ يُقَالُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ. فَتُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ: انْظُرْ مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ. ثُمَّ تُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، ثُمَّ يُقَالُ: عَلَى شَكٍّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُعَذَّبُ " 726 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ» ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {§يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] قَالَ: " ذَاكَ إِذَا قِيلَ لَهُ فِي الْقَبْرِ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ. فَيُقَالُ لَهُ: صَدَقْتَ، عَلَى هَذَا عِشْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تَبْعَثُ

728 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ §الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ مُدْبِرِينَ، فَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَالزَّكَاةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَسَارِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى مِنْ عَنْدِ يَمِينِهِ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ، فَيَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ قَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ، فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ سَتَفْعَلُ، فَأَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَيَقُولُ: وَعَمَّ تَسْأَلُونِي، فَيُقَالُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ؟ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ وَمَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَمُحَمَّدٌ؟ فَيُقَالُ لَهُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَى ذَلِكَ مُتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ لَوْ عَصَيْتَهُ، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُجْعَلُ نَسَمَةً فِي النَّسَمِ الطَّيِّبِ، وَهِيَ طَيْرٌ خُضُرٌ تَعَلَّقُ شَجَرَ الْجَنَّةِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ إِلَى مَا بُدِئَ مِنْهُ مِنَ التُّرَابِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] -[507]- ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَنَامُ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَإِنْ كَافِرًا، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ فَزِعًا مَرْعُوبًا، فَيُقَالُ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَيَقُولُ: وَعَمَّ تَسْأَلُونَ؟ قَالُوا: إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ، مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ وَمَاذَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ؟ فَيُقَالُ: هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ فَلَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا، فَقُلْتُ كَمَا قَالُوا، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَى ذَلِكَ مُتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: ذَلِكَ مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ أَطَعْتَهُ، فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا، ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَهِيَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] "

729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ: " §يَأْتِيَهُ فِي قَبْرِهِ، وَتَمَثَّلُ لَهُ الشَّمْسُ لِغُرُوبٍ قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيُخْبِرُهُمْ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: صَدَقْتَ، قَالَ: وَيُمَدُّ لَهُ قُدَّامَهُ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي قَبْرِهِ، فَيَقُولُ: دَعُونِي أُخْبِرُ أَهْلِي، فَيُقَالُ: اسْكُنْ، إِنَّكَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا دُفِنَ وَوَلَّى عَنْهُ الْقَوْمُ، سَمِعَ خَفْقَ نِعَالِهِمْ رَاجِعِينَ "

730 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ سُفْيَانُ يَرْفَعْهُ قَالَ: «إِنَّ §الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ»

731 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سُفْيَانَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: انْتَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرٍ، وَلَمَّا يُفْرَغْ مِنْهُ، فَاطَّلَعَ فِي الْقَبْرِ، فَقَالَ: «§أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . فَعُذْنَا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً، فَقَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . فَعُذْنَا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ اطَّلَعَ ثَالِثَةً، فَقَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . فَعُذْنَا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي إِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ فَجَلَسُوا مِنْهُ قَرِيبًا، فَإِذَا هُوَ مَاتَ تَلَقَّوْهُ بِحَنُوطِهِمْ وَكَفَنِهِمْ، وَصَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ارْجِعْ عَبْدِي، مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ، فَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُهَا، فَيَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُهَا، ثُمَّ يَأْتِيهِ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَنْقَاهُ ثَوْبًا، وَأَطْيَبُهُ رِيحًا، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ، لَكَ فِيهَا نُعَيْمٌ مُقِيمٌ، فَيَقُولُ: وَجْهُكَ الْوَجْهُ جَاءَنَا بِالْخَيْرِ، وَمِثْلُكَ يُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ، فَمَنْ أَنْتَ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الطَّيِّبُ، خَرَجْتُ مِنْ جَسَدِكِ الطَّيِّبِ، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ لَسَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبٍ خَيْرًا، ثُمَّ يُخْرَقُ لَهُ خَرْقٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَأْتِيهِ رِيحُهَا وَرُوحُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَإِذَا كَانَ الْكَافِرُ فِي إِدْبَارٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ فَجَلَسُوا مِنْهُ قَرِيبًا، فَإِذَا هُوَ مَاتَ خَرَجَتْ نَفْسُهُ كَالسَّفُّودِ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، وَلَعَنُوهُ، وَلَعَنَهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ عَرَجُوا بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَهَا فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوا عَبْدِي، مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ. ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ، ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ، ثُمَّ يَأْتِيهِ أَقْبَحُ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَنْتَنُهُ رِيحًا، وَأَوْخَشُهُ ثَوْبًا -[510]-، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَنَارٍ لَكَ فِيهَا عَذَابٌ مُقِيمٌ، فَيَقُولُ: مِثْلُكَ بَشَّرَ بِالشَّرِّ، وَجْهُكَ الْوَجْهُ جَاءَ بِالشَّرِّ، فَمَنْ أَنْتَ؟ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، خَرَجْتُ مِنْ جَسَدِكِ الْخَبِيثِ، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ لَسَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبٍ شَرًّا، ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ مَعَهُ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَيَضْرِبُهُ بِهَا، ثُمَّ يُخْرَقُ لَهُ ثَقْبٌ مَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ، ثُمَّ يُخْرَقُ لَهُ إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ وَهَجُهَا وَغَمُّهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "

ذكر من قال بتصحيح هذه الأخبار من السلف، وقالوا: إن الموتى يسمعون كلام الأحياء، ويتكلمون ويعلمون

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ السَّلَفِ، وَقَالُوا: إِنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، وَيَتَكَلَّمُونَ وَيَعْلَمُونَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ §أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى -[511]- أَقْرِبَائِكُمْ مِنْ مَوْتَاكُمْ، فَإِنْ رَأَوْا خَيْرًا فَرِحُوا بِهِ، وَإِنْ رَأَوْا شَرًّا كَرِهُوهُ، وَإِنَّهُمْ يَسْتَخْبِرُونَ الْمَيِّتَ إِذَا أَتَاهُمْ، مَنْ مَاتَ بَعْدَهُمْ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَسْأَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَتَزَوَّجَتْ أَمْ لَا؟ وَحَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ، فَإِذَا قِيلَ: قَدْ مَاتَ قَالَ: هَيْهَاتَ، ذَهَبَ ذَاكَ، فَإِنْ لَمْ يُحِسُّوهُ عِنْدَهُمْ، قَالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَ الْمُرَبِّيَةُ "

733 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " §إِذَا تُوُفِّيَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَائِكَةً فَقَبَضُوا رُوحَهُ فِي أَكْفَانِهِ. قَالَ: فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ فَيَنْتَهِرَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: رَبِّيَ اللَّهُ قَالَا: مَا دِينُكَ؟ قَالَ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ قَالَا: فَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَا: صَدَقْتَ، كَذَلِكَ كُنْتَ، أَفْرِشُوهُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا، وَأَرَوْهُ مَقْعَدَهُ، وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ كِسْوَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ: وَأَمَّا الْآخَرُ؛ فَيُدْخَلُ بِهِ قَبْرَهُ، فَيُقَالُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ. فَيُقَالُ: مَا دِينُكَ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي. قَالَا: لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، كَذَلِكَ كُنْتَ، أَفْرِشُوهُ مِنَ -[512]- النَّارِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا، وَأَرَوْهُ مَقْعَدَهُ فِيهَا، وَيُضْرَبُ ضَرْبَةً يَلْتَهِبُ قَبْرُهُ نَارًا مِنْهَا، وَيُضَيَّقُ قَبْرُهُ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ أَوْ تَمَاسَّ، وَتُبْعَثُ عَلَيْهِ حَيَّاتٌ مِنْ جَوَانِبِ الْقَبْرِ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ تَنْهَشُهُ، فَإِذَا جَزِعَ قُمِعَ بِمَقْمَعٍ مِنْ نَارٍ أَوْ حَدِيدٍ "

734 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُجْلَسُ فِي قَبْرِهِ إِجْلَاسًا، فَيُقَالُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ: " §أَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: فَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَيُرَى مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَتُنَزَّلُ لَهُ كِسْوَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَيَلْبَسُهَا وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ أَوْ تَمَاسَّ، وَتُرْسَلُ عَلَيْهِ حَيَّاتٌ مِنْ جَانِبِ قَبْرِهِ فَتَنْهَشُهُ وَتَأْكُلُهُ. فَإِذَا فَزِعَ مِنْهَا قُمِعَ بِمَقَامِعَ مِنْ نَارٍ "

735 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي شَقِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " §إِذَا دَخَلَ الْمَيِّتُ قَبْرَهُ أَتَاهُ مَلَكَانِ يَنْتَهِرَانِهِ، فَيَقُومُ -[513]-، يَهُبُّ كَمَا يَهُبُّ النَّائِمُ، أَوْ نَحْوُهُ قَالَ: فَيَسْأَلَانِهِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ وَمَا دِينُكَ؟ فَيُجِيبُهُمْ قَالَ: فَيَقُولَانِ: صَدَقْتَ، كَذَلِكَ كُنْتَ، قَالَ: فَيُقَالُ: اكْسُوهُ كِسْوَةً مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا قَالَ: فَيَقُولُ: دَعُونِي أُخْبِرُ أَهْلِي. قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ "

736 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْقَنَّادُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: " §تُوُفِّيَ أَخِي عُمَيْرُ بْنُ طَرِيفٍ عَامَ الْجَمَاجِمِ، فَلَمَّا دُفِنَ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى قَبْرِهِ، فَإِنَّ أُذُنِي الْيُسْرَى عَلَى الْقَبْرِ، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ أَخِي، أَعْرِفُ صَوْتًا ضَعِيفًا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُ. فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: فَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: الْإِسْلَامُ "

737 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَالَةٌ لِي يُقَالُ لَهَا تُهْلَلُ بِنْتُ الْعَطَّافِ، وَكَانَتْ مِنَ الْعَوَابِدِ، وَكَانَتْ كَثِيرًا مَا تَرْكَبُ إِلَى الشُّهَدَاءِ، قَالَتْ: " رَكِبْتُ إِلَيْهِمْ يَوْمًا فَصَلَّيْتُ عِنْدَ قَبْرِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُصَلِّيَ، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ فَقُمْتُ، فَقُلْتُ هَكَذَا بِيَدِي، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ: §فَسَمِعَتْ أُذُنَايَ السَّلَامَ يَخْرُجُ إِلَيَّ -[514]- مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ، أَعْرِفُهُ كَمَا أَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي، وَكَمَا أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ، وَمَا فِي الْوَادِي دَاعٍ، وَلَا مُجِيبَ يَتَحَرَّكُ إِلَّا غُلَامِي نَائِمًا أَخَذَ بِرَأْسِ دَابَّتِي، فَاقْشَعَرَّتْ كُلُّ شَعْرَةٍ مِنِّي، فَدَعَوْتُ الْغُلَامَ: يَا بُنَيَّ هَلُمَّ دَابَّتِي، فَأَدْنَى دَابَّتِي فَرَكِبْتُ "

738 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الصِّمَّةِ الْمُهَلَّبِيُّ، حَدَّثَنِي الَّذِينَ كَانُوا يَمُرُّونَ بِالْجِصِّ بِالْأَسْحَارِ قَالَ: «كُنَّا §إِذَا مَرَرْنَا بِجَنَبَاتِ قَبْرِ ثَابِتٍ سَمِعْنَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ»

739 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَظُنُّهُ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَادًا لَمَّا أَهْلَكَهَا اللَّهُ بِمَا أَهْلَكَهَا قَامَ فِيهِمْ نَبِيُّهُمْ، فَقَالَ: عَادٌ، «§هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا، هَلْ زُلْزِلَتْ أَقْدَامُكُمْ؟ وَرَجَفَتْ قُلُوبُكُمْ؟ وَشُقَّتِ الْأَحْقَافُ عَلَيْكُمْ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَقَالَتِي»

740 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ وَهُوَ يَمُوتُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: «§أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلَامَ»

741 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ قَرِينٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدًا كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى ضَيْعَتِهِ مَرَّ بِقُبُورِ الشُّهَدَاءِ، فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «§أَلَا تُسَلِّمُونَ عَلَى الشُّهَدَاءِ فَيَرُدُّوا عَلَيْكُمْ»

742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -[516]-، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ السَّلَامَ قَالَ: «§الْمَيِّتُ يَسْمَعُ نِعَالَكُمْ إِذَا وَلَّيْتُمْ عَنْهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: هَذِهِ أَخْبَارٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِحَاحٌ، وَلَكِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ أَنَّهُ حَقٌّ مِنْهُمْ» ، وَرَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ»

ذكر من لم نذكر من ذلك

§ذِكْرُ مَنْ لَمْ نَذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: وقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَلِيبِ بِبَدْرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " §غَفَرَ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ وَهِلَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] "

744 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ وَهِلَ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {§إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا فُلَانُ، يَا فُلَانُ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ الَّذِيَ كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ»

745 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُولَئِكَ الرَّهْطِ، عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَصْحَابِهِ، فَأُلْقُوا فِي الطُّوَى قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§جَزَى اللَّهُ شَرًّا مِنْ قَوْمِ نَبِيٍّ، مَا كَانَ أَسْوَأَ الطَّرْدِ، وَأَشَدَّ التَّكْذِيبِ» قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا؟ قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَفْهَمَ لِقَوْلِي مِنْهُمْ» ، أَوْ: «لَهُمْ أَفْهَمُ لِقَوْلِي مِنْكُمْ» -[518]- قَالُوا: فَخَبَرُ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَتْهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ، إِذْ قَالُوا لَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ لِأَهْلِ الْقَلِيبِ: «أَتُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَمَا أَنْتُمْ بِأَفْهَمَ لَهُ مِنْهُمْ» يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ مَا قُلْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ: مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ، لَا أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ أَصْوَاتَ بَنِي آدَمَ وَكَلَامَهُمْ، قَالُوا: وَلَوْ كَانُوا يَسْمَعُونَ كَلَامَ النَّاسِ وَهُمْ مَوْتَى، لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى، ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، وَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] مَعْنًى قَالُوا: وَفِي فَسَادِ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ، صِحَّةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْوَاتَ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ لَا يَسْمَعُونَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ شَيْئًا. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةٌ , عُدُولٌ نَقَلَتُهَا، فَالْوَاجِبُ عَلَى مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْإِيمَانُ بِهَا وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مِنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِ مَا شَاءَ مِنْ كَلَامِ خَلْقِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا شَاءَ، وَيُفْهِمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ مَا شَاءَ، وَيُنَعِّمُ مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ بِمَا أَحَبَّ، وَيُعَذِّبُ فِي قَبْرِهِ الْكَافِرَ، وَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنْهُمُ الْعَذَابَ كَيْفَ أَرَادَ، عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآثَارُ وَصَحَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ. وَلَيْسَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: 80] ، وَلَا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} -[519]-[فاطر: 22] حُجَّةٌ لِمَنِ احْتَجَّ بِهِ فِي دَفْعِ مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ إِذْ قَالُوا لَهُ فِي خِطَابِهِ أَهْلِ الْقَلِيبِ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» ، وَلَا فِي إِنْكَارِ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ مُخْبِرَهُمْ عَنِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ: «إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ» ، إِذْ كَانَ قَوْلُهُ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، مُحْتَمِلًا مِنَ التَّأْوِيلِ أَوْجُهًا سِوَى التَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ الْمُوَجِّهُ تَأْوِيلَهُ إِلَى أَنَّهُ لَا مَيِّتَ يَسْمَعُ مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ شَيْئًا. فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى بِطَاقَتِكَ وَقُدْرَتِكَ، إِذْ كَانَ خَالِقُ السَّمْعِ غَيْرَكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ هُوَ الَّذِي يُسْمِعُهُمْ إِذَا شَاءَ، إِذْ كَانَ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} [النمل: 81] . وَذَلِكَ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْفِيقَ لِلرَّشَادِ بِيَدِ اللَّهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، فَنَفَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا أَنْ يُسْمِعَ الْمَوْتَى إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ، كَمَا نَفَى أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى هِدَايَةِ الضُّلَّالِ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِسْمَاعِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} [فاطر: 22] ، ثُمَّ نَفَى عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُدْرَةَ عَلَى مَا أَثْبَتَهُ وَأَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسْمِعُهُمْ دُونَكَ، وَبِيَدِهِ الْإِفْهَامُ وَالْإِرْشَادُ وَالتَّوْفِيقُ، وَإِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ، فَبَلِّغْ مَا أَرْسِلْتَ بِهِ. فَهَذَا أَحَدُ أَوْجُهِهِ , -[520]- وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى إِسْمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُمُ الْأَعْمَالُ، وَخَرَجُوا مِنْ دَارِ الْأَعْمَالِ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ، فَلَا يَنْفَعُهُمْ دُعَاؤُكَ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَتَبَ رَبُّكَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، لَا يُسْمِعُهُمْ دُعَاؤُكَ إِلَى الْحَقِّ إِسْمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ خَتَمَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا، كَمَا خَتَمَ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ أَنَّهُمْ لَا يَنْفَعُهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا إِلَى مَسَاكِنِهِمْ مِنَ الْقُبُورِ إِيمَانٌ وَلَا عَمَلٌ؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ امْتِحَانٍ، وَإِنَّمَا هِيَ دَارُ مُجَازَاةٍ، وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وجُوهِ الْمَعَانِي. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا مِنَ الْمَعَانِي مَا وَصَفْنَا، فَلَيْسَ لِمُوَجِّهِهِ إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَيِّتٌ شَيْئًا بِحَالٍ حُجَّةٌ، إِذْ كَانَ لَا خَبَرَ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَحِّحُهُ، وَلَا فِي الْفِعْلِ شَاهِدٌ بِحَقِيقَتِهِ، بَلْ تَأْوِيلُ مُخَالِفِيهِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِمَا رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، عَلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ عَنْهُ الْآثَارُ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَقَوْلَهُ لَهُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، لَمَّا كَانَ عَامًّا ظَاهِرُهُ فِي كُلِّ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَفِي جَمِيعِ الْمَوْتَى، مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ بَعْضٍ مِنْهُمْ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعُوا فِي حَالِ مَا هُمْ فِي الْبَرْزَخِ شَيْئًا مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ -[521]-. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ بَيَانَ مَا نَزَلَ إِلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ ذَكَرَ حَالَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فِي قُبُورِهِمَا حِينَ يُسْأَلَانِ عَنْ دِينِهِمَا: أَنَّهُمَا يَسْمَعَانِ خَفْقَ نِعَالِ مُتَّبِعِي جَنَائِزِهِمَا إِذَا وَلَّوْا عَنْهُمَا مُدْبِرِينَ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَقَوْلَهُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، مَعْنِيٌّ بِهِ إِسْمَاعُ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ جَمِيعِهَا، وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: قَدْ يَسْمَعُونَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ» ، إِنَّهُ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ، إِذْ كَانَ مَعْرُوفًا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: قَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ مَا قُلْتَ، بِمَعْنَى: فَهِمْتُ عَنْكَ مَا قُلْتَ، وَاسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ، بِمَعْنَى: افْهَمْ عَنِّي مَا أَقُولُ؟ قِيلَ لَهُ: إِنْ ذَلِكَ لَوْ وَجَّهْنَاهُ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي قُلْتُهُ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِي أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ السَّمَاعَ الْمَفْهُومَ حُجَّةٌ، وَذَلِكَ أَنَّا إِنْ قُلْنَا: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، لَمْ يَخْلُ عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ م

746 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالُوا جَمِيعًا: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَالَ: «§مَنْ قَتَلَ هَذِهِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، أَرْدَفْتُهَا خَلْفِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَنِيَ فَقَتَلْتُهَا، فَأَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَفْنِهَا " فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ لِشَاغِلٍ شَغَلَهُمْ، أَوْ أَمْرٍ مَنَعَهُمْ مِنْهُ، لَمْ أَرَهُمْ حَرِجِينَ بِتَرْكِهِمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْقِتَالُ، لَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنْهُ بِبَدْرٍ وَفِيهِ أَيْضًا الْبَيَانُ أَنَّ الْمَوْتَ إِذَا كَثُرَ فِي مَوْضِعٍ بِطَاعُونٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ كَثُرَ الْقَتْلُ فِي مَعْرَكَةِ حَرْبٍ وَالْتِقَاءِ زُحُوفٍ حَتَّى تَعْظُمَ مَؤُونَةُ حَفْرِ قَبْرٍ لِكُلِّ رَجُلٍ وَلِكُلِّ -[524]- إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، أَنَّ لِمَنْ حَضَرَهُمْ دَفْنَ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْهُمْ وَالْقَلِيلَةِ مِنْهُمْ فِي حَفِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، كَالَّذِي فَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى مُشْرِكِي بَدْرٍ مِنْ جَمْعِهِ جَمِيعَهُمْ، فِي قَلِيبٍ وَاحِدٍ، وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَكَذَلِكَ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ بِقَتْلَى الْمُسْلِمِينَ، إِذْ فَشَا الْقَتْلُ فِيهِمْ وَكَثُرَ، دَفَنَ الثَّلَاثَةَ مِنْهُمْ وَالِاثْنَيْنِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ

ذكر الأخبار الواردة بذلك

§ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ

747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: «§ادْفِنُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا»

748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ، يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَصَابَتِ النَّاسَ جِرَاحَاتٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[525]-: " §احْفُرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْمِقُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا "

749 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: شَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَرْحَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالُوا: كَيْفَ تَأْمُرُنَا بِقَتْلَانَا؟ فَقَالَ: «§احْفُرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا فِي الْقَبْرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ هِشَامٌ: فَقُدِّمَ أَبِي بَيْنَ يَدَيِ اثْنَيْنِ

750 - حَدَّثَنِي ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَمَّنْ يُحَدِّثُهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَرْحَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تَأْمُرُنَا بِقَتْلَانَا؟ قَالَ: «§احْفُرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا فِي الْقَبْرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا»

751 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ الْقَرْحَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُلِّ إِنْسَانٍ شَدِيدٌ؟ فَقَالَ: «§احْفُرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» ، قَالُوا: فَمَنْ نُقَدِّمُ؟ قَالَ: «قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ: فَكَانَ أَبِي ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ 752 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: شَكَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

753 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنْبَأَنَا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: «§احْفُرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا»

754 - حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ سِنَانٍ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «§احْفُرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا كُلَّ اثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ: فَدَفَنْتُ أَبِي وَأَخِي فِي قَبْرٍ

755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «§دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَدَفَنْتُهُ عَلَى حِدَةٍ»

756 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: «§انْظُرُوا أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ فَاجْعَلُوهُ أَمَامَ أَصْحَابِهِ فِي الْقَبْرِ» وَكَانُوا يَدْفِنُونَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ -[529]- وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ مَعَانٍ أُخَرُ لَيْسَتْ فِي خَبَرِ عُمَرَ، نَحْنُ مُثْبِتُوهَا. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْبَرَاءِ: خَرَجْنَا فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْضُرُ جَنَائِزَ أَصْحَابِهِ بِنَفْسِهِ، وَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَيَانُ الْبَيِّنُ أَنَّ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاتِهِمْ وَحُكَّامِهِمْ شُهُودَ جَنَائِزِ رَعِيَّتِهِمْ وَعِيَادَةَ مَرْضَاهُمْ وَقَضَاءَ حُقُوقِهِمْ، وَأَنَّ وَلَايَتَهُمْ مَا وَلَوْا مِنْ أُمُورِهِمْ وَالنَّظَرَ بَيْنَهُمْ وَسِيَاسَتَهُمْ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لَهُمُ الِامْتِنَاعَ مِنْ قَضَاءِ حُقُوقِهِمُ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، وَأَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ، فَلَا يَنْبَغِي لِرَعِيَّتِهِمْ أَنْ يَتَّهِمُوهُمْ بِحَيْفٍ وَجَوْرٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ حَقُّهُ مِنْهُمْ مِمَّنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِ رَعِيَّتِهِمْ مُدَارَأَةٌ وَخُصُومَةٌ قَدِ اخْتَصَمَا فِيهَا إِلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الْوَالِي أَوِ الْحَاكِمِ فِي خَاصٍّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[530]- لَمْ يَكُنْ يَمْتَنِعُ مِنْ قَضَاءِ حُقُوقِ أَصْحَابِهِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرْتُ، مَعَ كَوْنِهِ النَّاظِرَ بَيْنَهُمْ فِي خُصُومَاتِهِمْ وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنْ حُقُوقِهِمْ بَيْنَهُمْ. وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلَحَدْ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْحِدُونَ لِمَوْتَاهُمْ، وَيَجْعَلُونَ قُبُورَهُمْ لُحُودًا لَا شُقُوقًا. وَبِنَحْوِ ذَلِكَ رُوِيَتْ أَخْبَارٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ

ذكر بعض ما حضرنا ذكره من ذلك، مما صح عندنا سنده

§ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذَكَرُهُ مِنْ ذَلِكَ، مِمَّا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ

757 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»

758 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»

759 - حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»

760 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ وَنَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» -[532]- 761 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، وَمَهْرَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

762 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «§كَانَ بِالْمَدِينَةِ حَفَّارَانِ، فَانْتَظَرُوا - أَرَى أَحَدَهُمَا - فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

763 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: «§لُحِدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

764 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبَّارَانِ، أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ، وَالْآخَرُ يَضْرَحُ، «§فَلُحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

765 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «§كُنْتُ فِيمَنْ حَفَرَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحَدْنَا لَهُ لَحْدًا»

766 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: «§الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -[534]- 767 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ 768 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ -[535]- 769 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

770 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصُبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

771 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ اللَّحْدَ، وَيَكْرَهُونَ الشَّقَّ» 772 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ

773 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى مَنْزِلِ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ دُفِنَ، فَقُلْنَا: هَلْ أَوْصَى قَالُوا «نَعَمْ أَوْصَى» قَالَ: «§الْحَدُوا لِي لَحْدًا»

774 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: أَوْصَى إِبْرَاهِيمُ قَالَ: «§الْحَدُوا لِي لَحْدًا» -[537]- وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ. وَفِي قَوْلِهِ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى اخْتِيَارِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَجَالِسِ مَا وَاجَهَ الْقِبْلَةَ وَقَابَلَهَا، وَبِذَلِكَ جَاءَ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْأَثَرِ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَعَلَى الْعَمَلِ بِهِ حَثَّ الصَّحَابَةَ وَأُمَّتَهُ

ذكر بعض ما حضرنا ذكره من ذلك

§ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ

775 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §لِكُلِّ مَجْلِسٍ شَرَفًا، وَإِنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»

776 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ كِرَامٍ الْقُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو الْمِقْدَامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ» فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا، فَأَحَبُّ الْمَجَالِسِ إِلَيْنَا أَنْ يَجْلِسَهُ الْمَرْءُ مَا كَانَ مُقَابِلَ الْقِبْلَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا فِي مَجْلِسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ يَدْعُوهُ إِلَى اسْتِدْبَارِهَا , وَلَسْتُ وَإِنِ اخْتَرْتُ ذَلِكَ أَكْرَهُ الْجُلُوسَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ لِمَنْ جَلَسَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي بِهِ الْحَاجَةُ إِلَى الْجُلُوسِ كَذَلِكَ لِسَبَبٍ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ. أَمَّا الْجُلُوسُ بَيْنَ يَدَيْ عَالِمٍ أَوْ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ حَاكِمٍ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ بِهِ الْحَاجَةُ إِلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَذَلِكَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي حَالٍ يَكُونُ فِيهَا إِمَامَ قَوْمٍ -[539]-. . . . . .، وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ الْجُلُوسَ بَيْنَ يَدَيِ الْعَالِمِ أَوْ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ دَعَا الْمَرْءَ إِلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ؛ لِلَّذِي ذَكَرَ الْبَرَاءُ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُمْ جَلَسُوا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ إِذْ جَلَسُوا حَوْلَهُ وَهُوَ جَالِسٌ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَنَّ مَنَ كَانَ مِنْهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ جَالِسًا، كَانَ لَا شَكَ جُلُوسُهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ، لِإَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُوَلُّونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظُهُورَهُمْ إِذَا جَلَسُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، بَلْ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَهُ بِوجُوهِهِمْ، وَفِي اسْتِقْبَالِهِمْ إِيَّاهُ بِوجُوهِهِمْ فِي حَالِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ اسْتِدْبَارُهُمُ الْقِبْلَةَ بِأَدْبَارِهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ. وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةَ بِالْوَجْهِ، إِنَّمَا هُوَ اخْتِيَارٌ لِمَنْ كَانَ لَا يَدْعُوهُ سَبَبٌ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَمَا أَشْبَهَهُ إِلَى اسْتِدْبَارِهَا وَأَمَّا اخْتِيَارِي لِلْإِمَامِ الَّذِي يُصَلِّي بِقَوْمٍ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُمْ بِوَجْهِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ أَنْ يَنْحَرِفَ عَنِ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ، فَلِلَّذِي

777 - حَدَّثَنَا بِهِ مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ -[540]-، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ فِي إِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمُ اسْتِدْبَارًا مِنْهُ الْقِبْلَةَ»

778 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ قَالَ: فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، - يَعْنِي مَسْجِدَ مِنًى - قَالَ: «§فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ تَحَرَّفَ»

779 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ انْحَرَفَ»

780 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§صَلَّى الْفَجْرَ بِمِنًى، ثُمَّ انْحَرَفَ» وَكَالَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُهُ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ

ذكر بعض ما حضرنا ذكره منهم

§ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ

781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْهِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: " §صَلَّيْنَا الْفَجْرَ خَلْفَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ قَالَ: ثُمَّ انْحَرَفَ عَلَى يَمِينِهِ، فَجَلَسَ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ "

782 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «§لَأَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ عَلَى رَضْفَةٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حِينَ يُسَلِّمُ وَهُوَ إِمَامٌ، لَا يَنْحَرِفُ»

783 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا مِيكَائِيلُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «§صَلَّيْتُ خَلْفَ فَقِيهِكُمْ - يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهَ -، فَكَانَ إِذَا سَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ»

784 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ «§يُصَلِّي بِالْقَوْمِ، فَإِذَا سَلَّمَ انْحَرَفَ وَهُوَ جَالِسٌ»

785 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ «§إِذَا سَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ»

786 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: كُنْتُ أَذْهَبُ إِلَى أَبِي حُصَيْنٍ فِي الْفَجْرِ، فَأَجِدُهُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَجْرَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قَالَ: «§كَانَ يَنْحَرِفُ، فَإِذَا انْصَرَفَ النَّاسُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ - يَعْنِي بِذَلِكَ الْبَرَاءَ - أَنَّهُمْ جَلَسُوا حَوْلَهُ سُكُوتًا لَا يَتَكَلَّمُونَ وَلَا يَضْطَرِبُونَ؛ إِعْظَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِجْلَالًا لَهُ، وَهَيْبَةً مِنْهُ. وَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ حَقَّ كُلِّ إِمَامٍ عَادِلٍ وَعَالِمٍ وَمُؤَمٍّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ، وَبِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَمِلَ بِهِ السَّلَفُ الصَّالِحُونَ

ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك

§ذِكْرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ

787 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ الْخَيْرِ الزِّيَادِيُّ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا»

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، -[544]- 788 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " §لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا ثَلَاثَةً: أَنْ يُكَثَّرَ لَهُمْ مِنَ الْمَالِ فَيَتَحَاسَدُوا فَيَقْتَتِلُوا، أَوْ أَنْ تُفْتَحَ لَهُمُ الْكُتُبُ فَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنُ يَبْتَغِي تَأْوِيلَهُ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} ، وَأَنْ يَرَوْا عَالِمًا فَيَضَعُوهُ، وَلَا يَتَأَلَّفُوا عَلَيْهِ "

789 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، قِيلَ لَهُ، حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§كُنْتُ أَسْمَعُ بِالرَّجُلِ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ فَآتِيهِ فَأَجْلِسُ حَتَّى يَخْرُجَ فَأَسْأَلُهُ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَسْتَخْرِجَهُ لَفَعَلْتُ»

790 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِبَابِ الْحَسَنِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ، فَقَالَ: مَا يُدْخَلُ عَلَى هَذَا إِلَّا كَمَا يُدْخَلُ عَلَى الْأُمَرَاءِ. قُلْنَا: «§كُلُّ امْرِئٍ فِي بَيْتِهِ أَمِيرٌ»

791 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: «§كُنَّا نَهَابُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ كَمَا نَهَابُ مِنَ الْأَمِيرِ»

792 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْبَرْبَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «§إِذَا كَانَ الرَّجُلُ فَقِيهًا هَابَهُ النَّاسُ» وَفِي قَوْلِ الْبَرَاءِ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ: إِنَّ لِمَنْ تَبِعَ جَنَازَةً إِلَى الْقَبْرِ الْجُلُوسَ قَبْلَ وَضْعِهَا فِي اللَّحْدِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتُ، أَفَتَقُولُ إِنَّ لِمَنْ تَبِعَ جَنَازَةً الْجُلُوسَ قَبْلَ وَضْعِهَا فِي اللَّحْدِ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَنَبْدَأُ بِذِكْرِ أَقْوَالِهِمْ فِيهِ، وَمَا اعْتَلَّ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ عَنِ الصَّحِيحِ لَدَيْنَا مِنْ أَقْوَالِهِمْ

ذكر قول القائلين: لا يجلس من تبعها بعد أن يصلى عليها حتى يوضع صاحبها في القبر

§ذِكْرُ قَوْلِ الْقَائِلِينَ: لَا يَجْلِسُ مَنْ تَبِعَهَا بَعْدَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا حَتَّى يُوضَعَ صَاحِبُهَا فِي الْقَبْرِ

793 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ -[547]- قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ «§يَكْرَهُ أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى تُوضَعَ الْجَنَازَةُ فِي الْقَبْرِ» 794 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَآهَا لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ

795 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْجَرْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§مَنْ تَبِعَهَا - يَعْنِي الْجَنَازَةَ - فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»

796 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَقْفٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ «§لَا يَجْلِسُ حَتَّى تُجْعَلَ الْجَنَازَةُ فِي اللَّحْدِ»

797 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلْقَمَةَ فِي جَنَازَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى دُفِنَ، فَقَالَ: «§أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ»

798 - حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ الْقِيَامِ عَلَى الْجَنَازَةِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: «§إِذَا كَبَّرُوا عَلَيْهِ لَمْ يُقْعَدْ حَتَّى يُوضَعَ»

799 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِمُجَاهِدٍ هَذَا الْقِيَامَ فِي اللَّحْدِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا تَحَدَّثْنَا أَنَّهُ §إِذَا صَلَّى عَلَيْهَا، لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»

800 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ -[549]- سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ يَعْنِي ابْنَ حُدَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مِجْلَزٍ «§إِذَا تَبِعَ جَنَازَةً فَصَلَّى عَلَيْهَا، لَمْ يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ فِي لَحْدِهَا» وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ أَمَرَ أُمَّتَهُ

ذكر الأخبار التي بها اعتل هؤلاء

§ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي بِهَا اعْتَلَّ هَؤُلَاءِ

801 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعُذْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ» -[550]- 802 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ الصُّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

803 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْقَنَّادُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ تَبِعَهَا - يَعْنِي الْجَنَازَةَ - فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ» 804 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 805 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا -[551]- يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِهِ

806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً صَلَّى عَلَيْهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَعَ مَرْوَانَ، فَلَمَّا بَلَغَا الْمَقْبَرَةَ جَلَسَا، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ لِمَرْوَانَ: أَرِنِي يَدَكَ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ: قُمْ. فَقَامَ، فَقَالَ: لِمَ أَقَمْتَنِي؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §إِذَا رَأَى الْجِنَازَةَ قَامَ حَتَّى يَمُرَّ بِهَا، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا» ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَقَالَ مَرْوَانُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَكَذَلِكَ قَالَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنِيَ؟ قَالَ: كُنْتَ إِمَامًا فَاقْتَدَيْتُ بِكَ. قَالَ: فَإِذَا رَأَيْتَ شَيْئًا فَآذِنِّي

807 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْنَا جِنَازَةً مَعَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَلَمَّا جِئْتُ الْبَقِيعَ جَلَسَ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَقَالَ -[552]-: قُمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §إِذَا شَهِدَ جِنَازَةً لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ، قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَمَا مَنَعَهُ أَنْ يُخْبِرَكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: كَانَ ذَا سُلْطَانٍ لَهُ عَلَى طَاعَةٍ، فَجَلَسَ، فَجَلَسْتُ

808 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِذَا تَبِعَ أَحَدُكُمْ جَنَازَةً، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ» ، أَوْ قَالَ: «حَتَّى تُدْفَنَ»

ذكر من كان يرى الجلوس قبل أن توضع الجنازة

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَرَى الْجُلُوسَ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجَنَازَةُ

809 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَعُتْبَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أَبِي عَقْرَبٍ §يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُونَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ» ، فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَنْتَ رَأَيْتَهُمْ؟ قَالَ: «حَدَّثَنِي مَنْ رَآهُمْ»

810 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ «§يَمْشِي خَلْفَ الْجَنَازَةِ وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا طَالَ مَا رَأَيْتُهُ، فَإِذَا شَيَّعَهَا قَعَدَ بِالْبَقِيعِ حَتَّى تَأْتِيَهُ»

811 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْحَكَمِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَشُرَيْحًا كَانَا «§يَأْخُذَانِ طَرِيقًا سِوَى طَرِيقِ الْجَنَازَةِ فَيَسْبِقَانِهَا، ثُمَّ يَقْعُدَانِ حَتَّى تَأْتِيَهُمَا»

812 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ أَنَّهُ §رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جِنَازَةً فَتَقَدَّمَهَا عَلَى دَابَّتِهِ، ثُمَّ نَزَلَ حِينَ دَنَا مِنَ الْمَقْبَرَةِ، فَجَلَسَ قَبْلَ يُؤْتَى بِهَا، وَقَبْلَ تُوضَعَ

813 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ: أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ «§يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ، وَيَجْلِسُ قَبْلَ تُوضَعَ»

814 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ وَأَنَا مَعَهُ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقَبْرِ، فَمَشَيْنَا قَدْرَ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ، §قَعَدَ عُرْوَةُ وَقَعَدْنَا مَعَهُ، وَقَامَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَنَاسٌ مَعَهُ يَنْتَظِرُونَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ، فَلَمَّا وُضِعَتْ أَقْبَلَ قَالَ عُرْوَةُ لِسُلَيْمَانَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا تَرَى؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهَا لَبِدْعَةٌ» قَالَ سُلَيْمَانُ: أَجَلْ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ

815 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عُرْوَةَ، كَانَ «§يَعِيبُ الْقِيَامَ عِنْدَ الْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ»

816 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ «§يَعِيبُ الْقِيَامَ عِنْدَ الْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ»

817 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ، يَقُولُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَرَآهُ قَائِمًا يَنْتَظِرُ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ: «§مَا يُقِيمُكَ يَا أَبَا يَسَارِ؟» قَالَ: الَّذِي يُحَدِّثُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: «أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهَا لَمِنَ الْمُحْدَثَاتِ»

818 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي جِنَازَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، §وَأَخَذْنَا غَيْرَ طَرِيقِ الْجَنَازَةِ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَقِيعِ وَالْجَنَازَةُ مَوْضُوعَةٌ، فَقَعَدَ سَالِمٌ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ فِي الْقَبْرِ "

819 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: اتَّبَعَنَا جِنَازَةَ أُمِّ عَمْرٍو بِنْتِ الزُّبَيْرِ، وَمَعَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، §فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ أَرَدْتُ أَنْ لَا أَجْلِسَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: «اجْلِسْ» وَجَلَسَ، قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ. قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ»

820 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: صَلَّيْنَا عَلَى أُمِّ عَمْرٍو، وَهِيَ ابْنَتُ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَوَقَفْتُ، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: §بَلَغَنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى تُدْفَنَ، قَالَ: «اجْلِسْ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ»

821 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ قَالَ: «§مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا وَهُوَ يَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ»

822 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ «§يَجْلِسُ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ»

823 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ «§صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَجَلَسَ، وَجَلَسَ النَّاسُ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ فِي قَبْرِهَا»

824 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: «§لَا بَأْسَ أَنْ تَقْعُدَ حَتَّى تَأْتِيَكَ الْجِنَازَةُ» وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنَ الْخَبَرِ بِمَا

825 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الِلَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً فِي بَنِي سَلَمَةَ فَقُمْتُ، فَقَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: اجْلِسْ، إِنِّي سَأُحَدِّثُكَهُ فِي هَذَا بِثَبْتٍ، أَخْبَرَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ الزُّرَقِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: «§أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ»

826 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ وَاقِدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي جِنَازَةٍ قَالَ: فَقُمْتُ أَنْتَظِرُ أَنْ تُوضَعَ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ قَرِيبٌ مِنِّي، فَلَمَّا وُضِعَتْ جَلَسْتُ، فَقَالَ لِي نَافِعٌ: كَأَنَّكَ انْتَظَرْتَ هَذِهِ الْجِنَازَةَ أَنْ تُوضَعَ فَتَجْلِسَ؟ فَقُلْتُ: أَجَلْ؛ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ مَسْعُودَ بْنَ الْحَكَمِ يَذْكُرُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ §فِي شَأْنِ الْجِنَازَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَامَ وَقَعَدَ»

827 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ §فِي شَأْنِ الْجَنَائِزِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَامَ ثُمَّ قَعَدَ» وَإِنَّمَا حَدَّثَ بِذَلِكَ لِأَنَّ وَاقِدَ بْنَ عَمْرٍو قَامَ حَتَّى وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ

828 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةً بِالْعِرَاقِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رِجَالًا قِيَامًا يَنْتَظِرُونَ أَنْ تُوضَعَ، فَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يُشِيرُ إِلَيْهِمْ بِالدِّرَّةِ: أَنِ اجْلِسُوا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ «§أَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ بَعْدَ الْقِيَامِ»

829 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ: أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةً بِالْكُوفَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَمَرَّ عَلِيٌّ بِالنَّاسِ وَهُمْ قِيَامٌ، فَأَشَارَ أَنِ اجْلِسُوا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§جَلَسَ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُومُ»

830 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: «§رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَقُمْنَا، وَرَأَيْنَاهُ قَعَدَ فَقَعَدْنَا»

831 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَسْعُودَ بْنَ الْحَكَمِ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§قَامَ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ قَعَدَ»

832 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " §إِذَا تَبِعَ جِنَازَةً لَمْ يَجْلِسْ -[562]- حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، فَعَرَضَ لَهُ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ، قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: خَالِفُوهُمْ قَالُوا: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تُنْبِئُ عَنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ فِي اللَّحْدِ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ، مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ يَقُومُ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ قَالُوا: وَالْمَعْمُولُ بِهِ مِنْ أَفْعَالِهِ وَسُنَّتِهِ الْآخِرُ النَّاسِخُ دُونَ الْأَوَّلِ الْمَنْسُوخِ. قَالُوا: فَالصَّوَابُ مِنْ فِعْلِ كُلِّ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً إِلَى قَبْرِهَا الْجُلُوسُ إِذَا بَلَغَ مَوْضِعَ الْقَبْرِ أَوِ الْمَقْبَرَةِ الَّتِي يُدْفَنُ فِيهَا دُونَ انْتِظَارِهَا لِتُوضَعَ فِي اللَّحْدِ -[563]-. قَالُوا: وَأُخْرَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَوْتَى نَظِيرَةُ السُّنَّةِ فِي الْأَحْيَاءِ، قَالُوا: وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ بِالنَّهْيِ عَنِ الْقِيَامِ لِلْأَحْيَاءِ، وَذَلِكَ مَا

833 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصَاهُ، فَقُمْنَا لَهُ، فَقَالَ: «§لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»

834 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «§مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ رُؤْيَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا إِلَيْهِ؛ لِمَا رَأَوْا مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ» قَالُوا: فَكَذَلِكَ السُّنَّةُ فِي الْمَوْتَى، أَنْ لَا يُقَامَ لَهَا كَمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَامَ لِلْحَيِّ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ الْقِيَامَ لِلْجَنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَالْقُعُودَ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْرَانِ قَدْ فَعَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَحَّتْ عَنْهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ الْأَخْبَارُ، وَعَمِلَ بِهَا السَّلَفُ الصَّالِحُونَ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ. وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ بِالنَّهْيِ عَنِ الْقِيَامِ وَلَا عَنِ الْقُعُودِ، فَمُتَّبِعُ الْجِنَازَةِ إِلَى قَبْرِهَا إِذْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِالْجِنَازَةِ إِذَا تَبِعَهَا فَبَلَغَ الْقَبْرَ، فِي الْقُعُودِ قَبْلَ وَضْعِ الَمَيِّتِ فِي اللَّحْدِ وَالْقِيَامِ إِلَى أَنْ تُوضَعَ، أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ، لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلَا الْفِعْلَيْنِ، وَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدَ هَذِيْنِ الْفِعْلَيْنِ بَعْدَ الْآخَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْآخَرَ -[565]- الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَأْمُورًا بِهِ وَالْآخَرُ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظِيرَ غَيْرِهِ مِنْ نَوَافِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا إِذَا نَشِطَ لَهَا، وَيَتْرُكُ عَمَلَهَا إِذَا لَمْ يَنْشَطْ لَهَا، فَكَذَلِكَ قِيَامُهُ لِلْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، كَانَ يَكُونُ مِنْهُ إِذَا نَشِطَ لِذَلِكَ، وَالْجُلُوسُ قَبْلَ وَضْعِهَا إِذَا لَمْ يَنْشَطْ، فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ الْفَاعِلُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَقِدًا تَخْطِئَةَ مَا خَالَفَ فِعْلَهُ الَّذِي فَعَلَهُ فِيهِ فَمُصِيبٌ. وَأَمَّا اعْتِلَالُ الْمُعْتَلِّ بِأَنَّ سُنَّةَ الْأَمْوَاتِ فِي ذَلِكَ سُنَّةُ الْأَحْيَاءِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ جَائِزًا الْقِيَامُ لِلْأَحْيَاءِ كَانَ كَذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ الْقَيَامُ لِلْأَمْوَاتِ، فَعِلَّةٌ وَاهِيَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْقِيَامِ لِلْأَحْيَاءِ خَبَرٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ خَبَرٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي الدِّينِ لِوَهَاءِ سَنَدِهِ وَضَعْفِ نَقَلَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا الْعَدَبَّسِ وَأَبَا مَرْزُوقٍ غَيْرُ مَعْرُوفَيْنِ فِي نَقَلَةِ الْآثَارِ، وَلَا ثَابِتَيِ الْعَدَالَةِ فِي رُوَاةِ الْأَخْبَارِ، هَذَا مَعَ اضْطِرَابٍ مِنْ نَاقِلِيهِ فِي سَنَدِهِ، فَمِنْ قَائِلٍ فِيهِ: عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَقَائِلٍ: عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَقَائِلٍ: عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ

ذكر اختلاف الرواة في ذلك

§ذِكْرُ اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي ذَلِكَ

835 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصَاهُ، فَقُمْنَا لَهُ، فَقَالَ: «§لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» 836 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ -[566]- أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ عَلَى مِثْلِهِ لِمَا فِي إِسْنَادِهِ مِنَ الْوَهَاءِ، فَإِنَّهُ أَصَحُّ فَحْوَى فِي خَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ، بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ

837 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§كُنَّا نَقْعُدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ بِالْغَدَوَاتِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَيْتِهِ لَمْ نَزَلْ قِيَامًا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ» -[567]- فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنَ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ صَحِيحًا ثَابِتًا، فَلِلْمَرْءِ الْقِيَامُ لِأَخِيهِ إِعْظَامًا لَهُ وَإِكْرَامًا، إِنْ شَاءَ ذَلِكَ الْقَائِمُ وَأَحَبَّ، وَتَرْكَ الْقِيَامَ إِنْ كَرِهَ ذَلِكَ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِيمَا

838 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «§مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ»

839 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَثَبُوا فِي وَجْهِهِ قِيَامًا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اجْلِسُوا، اجْلِسُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُسْتَخِمَّ بَنُو آدَمَ قِيَامًا دَخَلَ النَّارَ» قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: الِاسْتِخْمَامُ، الْوُثُوبُ

840 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، جَمِيعًا، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ بَيْتًا فِيهِ ابْنُ عَامِرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمَثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ»

841 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ بَنُو آدَمَ قِيَامًا قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ: يَعْنِي يَقُومُونَ إِذَا رَأَوْهُ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ فِي النَّارِ "

842 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ يُحَدِّثُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ، خَرَجَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ قُعُودٌ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَقَعَدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ أَوْزَنَهُمَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ» حُجَّةٌ لِمَنْ أَنْكَرَ الْقِيَامَ لِلْحَيِّ أَوْ لِلْمَيِّتِ، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إِنَّمَا يُنْبِئُ عَنْ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يُقَامُ لَهُ بِالسُّرُورِ بِمَا يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ، لَا عَنْ نَهْيِهِ الْقَائِمَ عَنِ الْقِيَامِ. فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ كَرِهَ الْقِيَامَ الَّذِي قَامَ لَهُ -[570]-. قِيلَ لَهُ: نَظِيرُ كَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ الْقِيَامَ لِلْمَيِّتِ حَتَّى يُوضَعَ فِي لَحْدِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ كَرَاهَتِهِمْ ذَلِكَ. وَمِمَّا يَبِينُ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا:

843 - حَدَّثَنِي بِهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِبَابِ مُعَاوِيَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ فَقُمْنَا، فَقَالَ: «§لَا تَقُومُوا لِحَيٍّ وَلَا لَمَيِّتٍ» فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قِيلَ:

844 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ يَمُرُّ بِنَا، وَنَحْنُ غِلْمَانٌ فِي الْكُتَّابِ، فَنَقُومُ وَيَقُومُ النَّاسُ سِمَاطَيْنِ، فَيَمُرُّ رَجُلٌ جَمِيلٌ، وَيَمُرُّ بَنُوهُ مِنْ بَعْدِهِ -[571]- وَمِنْهُ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ثَلَاثًا» وَفِي ذَلِكَ الْبَيَانُ الْبَيِّنُ عَنْ تَصْحِيحِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعَذِّبُ فِي الْقُبُورِ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ أَهْلَ عَدَاوَتِهِ وَالْكَافِرِينَ بِهِ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، وَتَكْذِيبُ مَقَالَةِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَبِنَحْوِ الَّذِي رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَظَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ

ذكر ما صح عندنا من ذلك سنده

§ذِكْرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ

845 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَذِهِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُنَا الْكِتَابَةَ: «§اللَّهُمَّ أَنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

846 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلَاءِ الْخُمُسِ، وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

847 - حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ -[573]-، قَالَا: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، كَمَا يُعَلِّمُ الْمُكْتِبُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

848 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " §يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: «مِنَ الْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

849 - حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ الْكُرْدِيِّ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ» 850 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

851 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْعُوا بِهَذَا الدُّعَاءِ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

852 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: «الْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

853 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «§اللَّهَمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ، وَالْبُخْلِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» 854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

855 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

856 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ» 857 - حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ السَّخْتِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

858 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»

859 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ حَقٌّ، وَأَنَّ لِقَاءَهُ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ جَهَنَّمَ»

860 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ -[578]- سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»

861 - حَدَّثَنِي سَلَّمَ بْنَ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهَنَّمَ، اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»

862 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ الْعُكْلِيُّ، وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ زَيْدٌ: حَدَّثَنِي، وَقَالَ عَلِيٌّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -[579]- بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «§يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا، وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ»

863 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ بَاطِنِهَا وَظَاهِرِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَعْوَرِ الْكَذَّابِ»

864 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -[581]-، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نَضْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ -[582]-، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: «§أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطْنَ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْأَعْوَرِ الْكَذَّابِ»

865 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ مُظَاهِرٍ الْعَنَزِيُّ، عَنْ أَبِي كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهِرَمِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الصَّدْرِ»

866 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْقَنَّادُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»

867 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَشَرِّ الدَّجَّالِ»

868 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ -[584]-، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

869 - حَدَّثَنِي عِصَامُ بْنُ رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ»

870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَنَا: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ أَنْفُسَنَا تَقْوَاهَا، أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا» -[586]- 871 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا آمُرُكُمْ إِلَّا بِمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " وَالْجُبْنِ، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَلَمْ يَقُلْ: وَالْهَرَمِ، وَقَالَ أَيْضًا: «آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا» 872 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَلَا: مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ

873 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ أَبِي غِفَارٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ، سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " §اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَمِّ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَعِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، أَوْ قَالَ: دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا "

874 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي، وَأَنَا أَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» فَقَالَ أَبِي: بُنَيَّ مَا هَذَا؟ قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُهُ فَقُلْتُهُ قَالَ: فَقُلْهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ

875 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي، وَأَنَا أَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْكَسَلِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ» . فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُهُنَّ. قَالَ: الْزَمْهُنِّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُنَّ

876 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ الشَّحَّامِ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ وَالِدَهُ يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ» . قَالَ: فَجَعَلْتُ أَدْعُو بِهِنَّ قَالَ: فَمَرَّ وَالِدِي وَأَنَا أَدْعُو بِهِنَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، أَنَّى عَلِمْتَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قُلْتُ: يَا أَبَهْ، سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ، فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْكَ. قَالَ: فَالْزَمْهُنَّ يَا بُنَيَّ، فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ

877 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

878 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الْجَوْزَاءِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ» . فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَعَوَّذَ مِنَ الْمَغْرَمِ فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ

879 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَهِيَ تَقُولُ: شَعَرْتُ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، وَقَالَ: «§إِنَّمَا تُفْتَنُ الْيَهُودُ» . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَبِثَ لَيَالِيَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

880 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ»

881 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَثِيرًا: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»

882 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ أَنْ يَهُودِيَّةً أَتَتْ عَائِشَةَ تَسْتَطْعِمُ قَالَ ابْنُ وَكِيعٍ فِي حَدِيثِهِ: فَأَطْعَمَتْهَا، فَقَالَتْ: أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: فَقَالَ: «عَائِذًا بِاللَّهِ» . قَالَتْ: ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَخَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْحُجَرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَرْكَبِهِ، فَنَفَذَ إِلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: «إِنِّي §رَأَيْتُكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . قَالَتْ: فَكُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

883 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْهَا فَقَالَتْ: أَجَارَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ لَيُعَذَّبُونَ فِي الْقُبُورِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَائِذًا بِاللَّهِ» ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ خُسِفَ بِالشَّمْسِ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ فِيمَا يَقُولُ: «إِنَّ §النَّاسَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكُنَّا نَسْمَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَعَوَّذُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ "

884 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا يَهُودِيَّةٌ، فَقَالَتْ لَهَا: هَلْ سَمِعْتِهِ يَذْكُرُ شَيْئًا فِي عَذَابِ الْقَبْرِ؟ قَالَتْ لَهَا: وَمَا عَذَابُ الْقَبْرِ؟ قَالَتْ: فَسَلِيهِ. قَالَتْ: فَلَمَّا أَتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَتْهُ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ -[592]-، فَقَالَ: «§عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ» ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا صَلَّى صَلَاةً بِلَيْلٍ بَعْدُ إِلَّا سَمِعْتُهُ يَتَعَوَّذُ فِيهَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ أُوهِمْتُهُ مِنْهُ، فَمَا أَبِهَ لَهُ، أَمْ شَيْءٌ ذَكَرْتُهُ؟

885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ: اسْتَطْعَمَتْ يَهُودِيَّةٌ، فَقَالَتْ: أَطْعِمُونِي، أَعَاذَكُمُ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ؟ فَقَالَ: «وَمَا قَالَتْ؟» فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَالَتْ: أَعَاذَكُمُ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ -[593]-. قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَدًّا §يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ

886 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَنَا، فَذَكَرَ الْفِتْنَةَ الَّتِي يُفْتَنُ فِيهَا الْمَرْءُ فِي قَبْرِهِ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ النَّاسُ ضَجَّةً حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَفْهَمَ آخِرَ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا سَكَنَتْ ضَجَّتُهُمْ، قُلْتُ لِرَجُلٍ قَرِيبٍ مِنِّي: أَيْ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ قَوْلِهِ؟ قَالَ: «قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ §أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» -[594]- 887 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَإِذَا النَّاسِ قِيَامٌ، وَإِذَا هِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا، أَيْ نَعَمْ. قَالَتْ: فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ، وَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي الْمَاءَ، قَالَتْ: فَحَمِدَ اللَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ، إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ §أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبًا - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ: مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ، فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٌ جَاءَنَا بِالْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ، فَأَجَبْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا، قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ. قَالَ: وَأَمَّا الْمُنَافِقُ، أَوِ الْمُرْتَابُ، لَا يَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا شَيْئًا فَقُلْتُهُ

889 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنَ النَّارِ» ، يُقَالُ: «هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ» -[596]- 890 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي: ابْنَ نُمَيْرٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

891 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -[597]-، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا §إِنَّ أَحَدُكُمْ إِذَا مَاتَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إِلَى مَقْعَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

893 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

894 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ كُلَّ غُدْوَةٍ وَعَشِيَّةٍ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنَ النَّارِ» ، يُقَالُ: «هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

895 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ , أَنْبَأَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنَ النَّارِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ هَذَا مَقْعَدُكَ»

896 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي -[598]- فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ؟ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ، حَتَّى كَانَ هَذَا حِينَ فُرِجَ لَهُ»

897 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ صَفِيَّةَ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لِلْقَبْرِ ضَغْطَةٌ لَوْ نَجَا مِنْهَا أَحَدٌ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ»

898 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «§إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» -[601]- 899 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ

900 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: " إِنَّ §-[602]- هَذَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي غَيْرِ كَبِيرٍ، وَبَلَى، فِي نَمِيمَةٍ وَالْبَوْلِ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا، فَوَضَعَهَا عَلَيْهِمَا، وَقَالَ: «عَسَى أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسْ»

901 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ» ، ثُمَّ قَالَ: «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» . ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ كِسْرَةً، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»

902 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «§إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، ثُمَّ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»

903 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ فَوَقَفَ، فَقَالَ: «إِيتُونِي بِجَرِيدَتَيْنِ» ، فَأَتَوْهُ بِهِمَا، فَجَعَلَ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَالْأُخْرَى عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا كَانَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ» . فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يَنْفَعُهُ هَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «§يُخَفَّفُ عَنْ عَذَابِهِ مَا دَامَ فِيهَا نُدُوَّةٌ»

904 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْقَرِيِّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ قَاسِمٍ الرِّحَالِ، سَمِعَ أَنَسًا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرِبَةً لِبَنِي النَّجَّارِ، كَأَنَّهُ يَقْضِي فِيهَا حَاجَةً، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَهُوَ كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ، وَهُوَ يَقُولُ: «§لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ أَهْلِ الْقُبُورِ مَا أَسْمَعَنِي»

وَمِنْهُ خَبَرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§الْمُؤْمِنُ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ كَفَنٌ وَحَنُوطٌ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ

، وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوجُوهِ مَعَهُمْ سَرَابِيلُ مِنْ قَطِرَانٍ، وَثِيَابٌ مِنْ نَارٍ، فَأَجْلَسُوهُ فَانْتَزَعُوا نَفْسَهُ» وَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّهُ لَا أَحَدَ يُفَارِقُ الدُّنْيَا مِنْ بَنِي آدَمَ، مِمَّنْ قَدْ بَلَغَ حَدَّ التَّكْلِيفِ، مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ، إِلَّا عَنْ عِلْمٍ مِنْهُ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ فِي آخِرَتِهِ، مِنْ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ تَأْتِيهُمُ الْمَلَائِكَةُ فِي حَالِ نُزُولِ الْمَوْتِ بِهِمْ فِي صُورَةٍ مُخَالِفَةٍ الصُّوَرَ الَّتِي تَأْتِي بِهَا أَهْلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَأَهْلَ النِّفَاقِ، وَبِحَالٍ خِلَافَ الْحَالَةِ الَّتِي تَأْتِي بِهَا الْكُفَّارَ، وَفِي ذَلِكَ لَا شَكَّ لِلْمُؤْمِنِ الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهِ وَمَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ، وَلِلْكَافِرِ الْيَقِينُ بِحَالِهِ عِنْدَهُ. وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] أَنَّهَا هَذِهِ الْبِشَارَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَهِيَ ظُهُورُ الْمَلَائِكَةِ لَهُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ بِهِمْ حَتَّى يُعَايِنُوهُمْ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْهُ

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، 905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ: {§لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قَالَ: «هِيَ الْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»

906 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي بِسْطَامٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: {§لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَفِيهِ أَيْضًا الْبَيَانُ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» ، فِي الْمَوْتِ قَبْلَ لِقَاءِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا عَايَنَ مَلَائِكَةَ اللَّهِ قَدْ أَتَتْهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَشِّرُهُ لِنَفْسِهِ: «أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ» عَلِمَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَحَالَتَهُ فِي آخِرَتِهِ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَحُقَّ لَهُ، لِعِلْمِهِ بِمَا هُوَ إِلَيْهِ صَائِرٌ مِنَ الرَّاحَةِ وَالسُّرُورِ، وَمَا هُوَ عَنْهُ مُنْتَقِلٌ مِنَ الْعَنَاءِ وَالتَّعَبِ -[606]- وَالْهُمُومِ وَالْحُزْنِ، وَاللَّهُ لِلِقَائِهِ أَشَدُّ حُبًّا، وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ اللَّهِ فَعَايَنَهَا بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَشِّرُهُ بِالْبَلَاءِ وَتَقُولُ لِنَفْسِهِ: «أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ» ، انْقَطَعَ مِنْهُ الرَّجَاءُ، فَأَيْقَنَ بِالْعَذَابِ وَالْبَلَاءِ، وَأَنَّهُ صَائِرٌ إِلَى الْخُلُودِ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ، وَاللَّهُ لِلِقَائِهِ أَكْرَهُ. وَقَدْ تَأَوَّلَ هَذَا الْخَبَرَ، أَعْنَى الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» نَحْوَ تَأْوِيلِنَا بَعْضُ السَّلَفِ

ذِكْرُ الرِّوَايَةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ بِذَلِكَ 907 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «§مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» قَالَ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ: وَأَرَى هَذَا عِنْدَ حَضْرَةِ الْمَوْتِ وَحِينَ نُزُولِ الْعَذَابِ أَوِ الْبُشْرَى، فَأَمَّا الْيَوْمَ، فَإِنَّا نَكْرَهُ الْمَوْتَ -[607]- وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ حِينَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَانَ عَدُوَّ اللَّهِ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، وَعَايَنَ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ أَبَدًا، وَاللَّهُ يَبْغِضُ لِقَاءَهُ» ، وَهَذِهِ الِاطِّلَاعَةُ هِيَ الْهَوْلُ الَّذِي قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَنَّ لِي مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ لَافْتَدَيْتُ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ، وَالَّذِي قَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: «إِنِّي الْيَوْمَ أَسِيرُ الْمَوْتِ، مَا أَدَعُ عَلَيَّ دِينَارًا، وَلَا أَدَعُ مَالًا، وَلَا أَدَعُ عِيَالًا أَخَافُ عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ، لَوْلَا هَوْلُ الْمَطْلَعِ» ، وَذَلِكَ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ، مِنْ رِضَاهُ عَنْهُ أَوْ سَخَطِهِ عَلَيْهِ، لِظُهُورِ مَلَائِكَتِهِ لَهُ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ وَنُزُولِ الْمَوْتِ بِهِ، إِمَّا بِالصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ لِمَنْ رَبُّهُ عَنْهُ رَاضٍ، وَإِمَّا بِالصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ لِمَنْ رَبُّهُ عَلَيْهِ سَاخِطٌ. فَطُوبَى لِمَنْ ظَهَرَتْ لَهُ مَلَائِكَةُ اللَّهِ عِنْدَ نُزُولِ مَنِيَّتِهِ بِهِ بِالصُّورَةِ الْحَسَنَةِ الْمَحْبُوبَةِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ ظَهَرَتْ لَهُ مَنِيَّتُهُ بِالصُّورَةِ الْقَبِيحَةِ الْمَكْرُوهَةِ.

القول في البيان عما في هذه الأخبار التي ذكرناها من الغريب فمن ذلك قول البراء بن عازب: فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، واللحد: هو القبر يحفر للموت معترضا في جانب، وفيه لغتان: لحد، بفتح اللام: هي لغة تميم، ولحد بضمها: وهي لغة أهل العالية، وكل مائل

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، وَاللَّحْدُ: هُوَ الْقَبْرُ يُحْفَرُ لِلْمَوْتِ مُعْتَرِضًا فِي جَانِبٍ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: لَحْدٌ، بِفَتْحِ اللَّامِ: هِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَلُحْدٌ بِضَمِّهَا: وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ، وَكُلُّ مَائِلٍ إِلَى جَانِبٍ فَهُوَ لَاحِدٌ إِلَيْهِ وَمُلْحِدٌ. يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ لَحَدَ فُلَانٌ إِلَى كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ يَلْحَدُ إِلَيْهِ لَحْدًا، إِذَا مَالَ إِلَيْهِ وَأَلْحَدَ إِلَيْهِ، فَهُوَ يُلْحِدُ إِلْحَادًا، وَمِنْهُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَمَنْ يُرِدِ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: بِإِلْحَادٍ، يَمِيلُ إِلَى الظُّلْمِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ [البحر الرجز] قَدْنِي مِنْ نَصْرِ الْخُبَيْبَيْنِ قَدِي ... لَيْسَ أَمِيرِي بِالشَّحِيحِ الْمُلْحِدِ يَعْنِي بِالْمُلْحِدِ: الْمَائِلَ إِلَى الظُّلْمِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَائِلِ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ فِي الدِّينِ مُلْحِدٌ، وَمِنَ اللَّحْدِ قَوْلُ الْأَخْطَلِ: [البحر البسيط] أَمَّا يَزِيدُ فَإِنِّي لَسْتُ نَاسِيَهُ ... حَتَّى يُغَيِّبَنِي فِي الرَّمْسِ مَلْحُودُ يَعْنِي بِالْمَلْحُودِ: قَبْرًا مَحْفُورًا عَلَى مَا وَصَفْتُ. وَمِنَ الْإِلْحَادِ قَوْلُ الْآخَرِ: [البحر الكامل]

يَا وَيْحَ أَنْصَارِ النَّبِيِّ وَرَهْطِهِ ... بَعْدَ الْمُغَيَّبِ فِي سَوَاءِ الْمُلْحِدِ يَعْنِي بِالْمُلْحِدِ: الْقَبْرَ الْمَحْفُورَ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَعَهُمْ سَرَابِيلُ مِنْ قَطِرَانٍ» ، وَالسَّرَابِيلُ " جَمْعُ سِرْبَالٍ، وَهُوَ الْقَمِيصُ وَمَا يُلْبَسُ مِنْ شَيْءٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] لَعَمْرُكَ مَا تَبْلَى سَرَابِيلُ عَامِرٍ ... مِنَ اللُّؤْمِ مَا دَامَتْ عَلَيْهَا جُلُودُهَا وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ: [البحر الطويل] وَمِثْلِكِ بَيْضَاءِ الْعَوَارِضِ طَفْلَةٍ ... لَعُوبٍ تُنَسِّينِي إِذَا قُمْتُ سِرْبَالِي وَأَمَّا الْقَطِرَانُ: فَهُوَ الَّذِي تَهْنَأُ بِهِ الْإِبِلُ، وَفِيهِ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ: قَطِرَانٌ، وَقَطْرَانٌ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ، وَقِطْرَانٌ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ، وَمِنْ الْقِطْرَانِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ قَوْلُ أَبِي النَّجْمِ الْعِجْلِيِّ: [البحر الرجز]

جَوْنٌ كَأَنَ الْعَرَقَ الْمَنْتُوحَا ... أَلْبَسُهُ الْقِطْرَانَ وَالْمَسُوحَا وَأَمَّا الْقَطِرَانُ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ، فَمِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: 50] ، وَقَدْ كَانَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ تَقُولُ فِي الْقَطِرَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّهُ النُحَاسُ الْمُذَابُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ، وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الْقَطِرَانِ فَهُوَ مَا ذَكَرْتُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «فَتَخْرُجُ مِنْهُ كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ» ، يَعْنِي بِالنَّفْخَةِ: مَا خُصَّ بِهِ الْمِسْكُ مِنْ طِيبِ الرِّيحِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ ذِي حَظٍّ مِنْ شَيْءٍ وَقَسْمٍ وَنَصِيبٍ، فَهُوَ ذُو نَفْحَةٍ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} [الأنبياء: 46] يَعْنِي بِهِ نَصِيبًا مِنْهُ وَقَسْمًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «يُلْحِفَانِ الْأَرْضَ بِشُعُورِهِمَا» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: يُغَطِّيَانِهَا بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلِّحَافِ , لِحَافٌ، لِتَغْطِيَتِهِ مَا تَحْتَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمِلْحَفَةِ، مِلْحَفَةٌ

وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ» ، وَهُوَ الرَّعْدُ الشَّدِيدُ الصَّوْتِ الَّتِي تَقْصِفُ صَوَاعِقُهُ مَا أَصَابَتْهُ وَتَدُقُّهُ وَتُحَطِّمُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَصَفَ فُلَانٌ ظَهْرَ فُلَانٍ، يَقْصِفُهُ، وَذَلِكَ إِذَا كَسَرَهُ وَدَقَّهُ، يُقَالُ مِنْهُ: سَمِعْتُ قَصِيفَ الرَّعْدِ وَوَئِيدَهُ وَوَأْدَهُ وَرَزْمَتَهُ وَهَزْمَتَهُ، كُلُّ ذَلِكَ شِدَّةُ صَوْتِهِ، وَمِنَ الْقَاصِفِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ: {فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ} . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ الْبَرْقَ الَّذِي يَكَادُ مِنْ شِدَّةِ ضِيَاءِ لَمَعَانِهِ يَلْتَمِعُ الْأَبْصَارَ وَيَسْتَلِبُهَا. وَأَصْلُ الْخَطْفِ السَّلْبُ، يُقَالُ: خَطَفَ فُلَانٌ فُلَانًا كَذَا، إِذَا اسْتَلَبَهُ إِيَّاهُ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْخَطْفَةِ» هِيَ اسْتِلَابُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ يَوْمَ الْغَارَةِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنْ غَنَائِمِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالنَّهْبَةِ. وَمِنَ الْخَطْفِ قِيلَ لِلْخُطَّافِ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ بِهِ الدَّلْوُ مِنَ الْبِئْرِ خُطَّافٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلِبُ مَا عَلَقَ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ: [البحر الطويل] خَطَاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبَالٍ مَتِينَةٍ ... تُمَدُّ بِهَا أَيْدٍ إِلَيْكَ نَوَازِعُ

وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10] ، يَقُولُ: إِلَّا مِنَ اسْتَرَقَ مِنَ الشَّيَاطِينِ السَّمْعَ فَاسْتَلَبَ مِنْهُ شَيْئًا، {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10] . وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ: فَأُلْقُوا فِي الطُّوَى، فَإِنَّ الطُّوَى: هِيَ الْبِئْرُ الْمَطْوِيَّةُ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَفْعُولَةٌ، مَطْوُويَةٌ، صُرِفَتْ إِلَى فَعِيلٍ، كَمَا قِيلَ: كَفٌّ خَضِيبٌ وَلِحْيَةٌ دَهِينٌ، يُرَادُ بِهَا: مَخْضُوبَةٌ، وَمَدْهُونَةٌ، ثُمَّ صُرِفَتْ إِلَى خَضِيبٍ وَدَهِينٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الوافر] مَاذَا بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ ... مِنَ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «يَمْثُلَ لَهُ» يَنْتَصِبَ لَهُ قَائِمًا، يُقَالُ: مِنْهُ مَثُلَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ قَائِمًا حِينَ رَآهُ مَثْلًا، وَمُثُولًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأُخْطَلِ: فَمَا بِهِ غَيْرُ مَوْشِيٍّ أَكَارِعُهُ ... إِذَا أَحَسَّ بِشَخْصٍ نَابِئٍ مَثَلَا

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مَثَلَا: انْتَصَبَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلًا وَبَيْتًا يَقْعُدُ فِيهِ مِنَ النَّارِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ، يُقَالُ مِنْهُ: تَبَوَّأَ فُلَانٌ مَنْزِلًا مِنْ بَنِي فُلَانٍ، إِذَا اتَّخَذَهُ، وَبوَّأْتُهُ أَنَا مَنْزِلًا. وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ: أَبَأْتُ الْقَوْمَ مَنْزِلًا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} [يونس: 93] . وَمِنْهُ: مَبَاءَةُ الْإِبِلِ: وَهُوَ مُرَاحُهَا الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ وَتَبِيتُ فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ: [البحر الكامل] طَرَفُ التَّنَائِفِ مَا يُبِنُّ مَبَاءَةً ... حَوْلَيْنِ طَيِّبَ بَنَّةِ الْأَبْعَارِ وَيُقَالُ: فُلَانٌ بِبِيئَةِ سُوءٍ، يَعْنِي بِهِ: بِحَالِ سَوْءٍ

وَبَأَوْتُ عَلَى الْقَوْمِ، إِذَا فَخَرْتُ عَلَيْهِمْ، وَالْبَأْوُ: الْكِبْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ: [البحر الوافر] فَلَمَّا أَنْ دَنَوْنَ لَهُ تَأَيَّى ... وَلَوْلَا بَأْوُهُ لَنَجَا طِمَاحَا وَأَمَّا الْبَاءَةُ فِي النِّكَاحِ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ» ، يَعْنِي بِالْبَاءَةِ: النِّكَاحَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: بَاءَ فُلَانٌ بِالْإِثْمِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: أَقَرَّ بِهِ وَتَحَمَّلَهُ وَانْصَرَفَ بِهِ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} أَيِ انْصَرَفُوا مُعْتَرِفِينَ بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمُ: الْقَتْلَى بَوَاءٌ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: أَكْفَاءٌ. يُقَالُ مِنْهُ: بَاءَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ، إِذَا كَانَ كُفْأً لَهُ فِي الْقَتْلِ إِذَا قُتِلَ. وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَيَعْرُجُ بِهَا الْمَلِكُ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ

: «فَيَعْرُجُ بِهَا» ، فَيَصْعَدُ بِهَا وَيَرْتَفِعُ، يُقَالُ مِنْهُ: عَرَجَ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ يَعْرُجُ عُرُوجًا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {يُدَبِّرَ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5] . وَيُقَالُ أَيْضًا: عَرَجَ فُلَانٌ يَعْرُجُ عَرْجَا، إِذَا مَشَى مِشْيَةَ الْعُرْجَانِ، فَأَمَّا إِذَا صَارَ ذَلِكَ خِلْقَةً فِي الْإِنْسَانِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: عَرِجَ فَهُوَ يَعْرُجُ عَرَجَا. وَأَمَّا التَّعْرِيجُ، فَإِنَّهُ مَعْنًى غَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَيْلُ إِلَى الشَّيْءِ وَالْإِقَامَةُ عَلَيْهِ، يُقَالُ مِنْهُ: مَضَى فُلَانٌ وَمَا عَرَّجَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِمْ، وَيُقَالُ: مَالِي عَلَيْهِ عُرْجَةٌ، وَلَا عَرْجَةٌ، وَلَا تَعَرُّجٌ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ وَمَضَى. وَأَمَّا الْعَرْجُ مِنَ الْإِبِلِ، فَغَيْرُ مَا ذَكَرْنَا كُلِّهِ، وَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى يَقُولُ: هُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا، يُجْمَعُ أَعْرَاجًا. وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: هُوَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ إِلَى أَلْفٍ. وَالْعَرْجُ أَيْضًا غَيْبُوبَةُ الشَّمْسِ، كَذَلِكَ كَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فِيمَا بَلَغَنَا يَقُولُ، وَكَانَ يُنْشِدُ فِي ذَلِكَ: [البحر المتقارب] حَتَّى إِذَا مَا الشَّمْسُ هَمَّتْ بِعَرْجٍ

ذكر ما صح عندنا سنده من حديث عمرو بن حريث، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي مَسَرَّةَ الْمَكِّيُّ، قَالَ ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ: حَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى السُّلَمِيُّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَسَرَّةَ: حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين: إحداهما: أنه قد حدث به عن إسماعيل بن أبي خالد جماعة، ولم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل وقفوه على

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَرْفَعُوهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ وَقَفُوهُ عَلَى عُمَرَ، وَجَعَلُوا هَذَا الْكَلَامَ مِنْ قِيلِهِ , وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ مُنْفَرِدٌ وَجَبَ فِيهِ التَّثَبُّتُ عِنْدَهُمْ

ذكر من حدث بهذا الحديث عن إسماعيل، عن عمرو بن حريث، عن عمر، فجعله من كلام عمر، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ، فَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

908 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ يُحَدِّثُ قَالَ: إِنَّ شَاعِرًا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ يَرْوِي شِعْرًا كَثِيرًا، فَقَالَ عُمَرُ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» -[618]- وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ

ذكر من وافق عمر في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه

§ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ

909 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» -[619]- 910 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ جُبَيْرٍ الْوَاسِطِيَّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

911 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَأَنْ يَكُونَ جَوْفُ الْمَرْءِ مَمْلُوءًا قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوءًا شِعْرًا»

912 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

913 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ -[620]-، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

914 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ صَاحِبُ الْهَرَوِيِّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

915 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ يَحَنَّسَ مَوْلَى الْمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي -[621]- الْعَرْجِ، إِذْ عَرَضَ لَهُ شَاعِرٌ يُنْشِدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا الشَّيْطَانَ، أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ، §لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

916 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا سَلْمُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ يَحَنَّسَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذُوا الشَّيْطَانَ، أَوْ: أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ "، وَقَالَ: " §لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا -[622]- الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ الِامْتِلَاءَ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي هَجَا الْمُشْرِكُونَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَوْا بِذَلِكَ خَبَرًا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُرْسَلًا

917 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا هُجِيتُ بِهِ» ، أَوْ قَالَ: «مِنْ شِعْرٍ هَجَانِي» وَقَالُوا: غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ غَيْرَ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَوْ كَانَ عَلَى الِامْتِلَاءِ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشِّعْرِ، لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةٌ» مَعْنًى مَعْقُولٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى كُلِّ أَنْوَاعِ الشِّعْرِ، لَا عَلَى الْخَاصِّ مِنْهُ الَّذِي رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيَهُ عَنْهُ، لَكَانَ مَنْ كَانَ جَوْفُهُ -[623]- مُمْتَلِئًا مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةٌ دَاخِلًا فِي مَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» . قَالُوا: وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزَةٍ إِضَافَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِضَافَةُ ذَمِّ امْتِلَاءِ الْقَلْبِ مِنَ الْحِكْمَةِ إِلَيْهِ. وَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ لَا شَكَّ أَنَّ الْغَالِبَ كَانَ عَلَيْهِمُ الشِّعْرُ وَقِيلُهُ، وَذَلِكَ بِعِلْمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ ذَامًّا، بَلْ كَانَ لَهُمْ حَامِدًا، وَلَهُمْ بِقِيلِهِ آمِرًا، مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَكْثُرُ عَدَدُهُمْ. قَالُوا: فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ، لَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَى مَنْ ذَكَرْنَا، وَإِلَى أَمْثَالِهِمْ مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِهِ مُسْلِمَيْنَ، بِتَرْكِ قِيلِ الشِّعْرِ وَرِوَايَتِهِ. وَفِي أَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِقِيلِهِ إِذْ هَاجَاهُمُ الْمُشْرِكُونَ وَإِذْنِهِ لَهُمْ بِرِوَايَةِ مَا كَانَ مِنْهُ حِكْمَةً أَدَلُّ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا، وَفَسَادِ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ قَوْلَنَا. وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ: بَلْ مَعْنَاهُ: أَنْ يَغْلِبَ الشِّعْرُ عَلَى قَلْبِ الْمَرْءِ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَنِ الْقُرْآنِ، وَعَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَكُونَ هُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَيِّ الشِّعْرِ كَانَ ذَلِكَ قَالُوا: فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَذِكْرُ اللَّهِ وَالْعِلْمُ دُونَ الشِّعْرِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُمْتَلِئٍ شِعْرًا وَإِنْ كَانَ يَرْوِي مِنَ الشِّعْرِ شِعْرًا كَثِيرًا وَيَقُولُهُ -[624]-. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ امْتِلَاءَهُ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي هَجَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكَانَ مُرَخَّصًا فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الذَّمَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الِامْتِلَاءِ مِنْ ذَلِكَ، لَا مِنْ جَمِيعِهِ، الْقَلِيلِ مِنْهُ وَالْكَثِيرِ. قَالُوا: وَفِي الْقَلِيلِ مِنْ هِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوجُ مِنَ الْإِسْلَامِ. فَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الِامْتِلَاءَ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشِّعْرِ عَلَى مَا وَصَفْنَا. وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَارَضَتْهَا أَخْبَارٌ أُخَرُ غَيْرُهَا، وَهِيَ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ شُعَرَاءِ أَصْحَابِهِ بِقِيلِ الشِّعْرِ، وَهِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذْ هَجَاهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَتَرْكِهِ عَلَى رُوَاةِ ذَلِكَ فِي عَصْرِهِ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ فِي رِوَايَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَاسْتِنْشَادِهِ بَعْضَهُمْ كَثِيرًا مِنْهُ، وَاسْتِمَاعِهِ إِلَى مُنْشِدِيهِ كَثِيرًا، مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مِنْهُ لِذَلِكَ

ذكر الأخبار التي ادعى قائلو هذه المقالة أنها للأخبار التي تقدم ذكرنا لها معارضة

§ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي ادَّعَى قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّهَا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا مُعَارِضَةٌ

918 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ، وَشَاعِرُ أَهْلِ الشَّامِ وَشَاعِرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَهَاجَيَانِ، وَعَمَّارٌ يَقُولُ: الْزَقْ بِالْعَجُوزَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: تَقُولُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِمَّا أَنْ تَجْلِسَ فَتَسْمَعَ، وَإِمَّا أَنْ تَذْهَبَ إِنَّهُ -[625]- لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ شَكَوْنَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ، فَإِنْ كُنَّا لَنُعَلِّمُهُ إِمَاءَنَا بِالْمَدِينَةِ»

919 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ شَكَوْنَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ»

920 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّيْبَانِيُّ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَالْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ -[626]- عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: «§اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ»

921 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: «§اهْجُهُمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ»

922 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَسَّانَ: «§اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ، وَجِبْرِيلُ مَعَكَ»

923 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: " §اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ، أَوْ: إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ مَعَكَ "

924 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ: «§اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ مَعَكَ»

925 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: تُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي، §أَيَّدَكَ اللَّهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» ؟ فَقَالَ: نَعَمْ

926 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَتْ: يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ §اللَّهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ بِمَا يُنَافِحُ، أَوْ: بِمَا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " -[629]- 927 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ. 928 - حَدَّثَنِي بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُشَكِّكْ

929 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§اهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» . فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: «اهْجُهُمْ» ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يُرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ حَسَّانُ قَالَ: قَدْ أَنَى أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ. قَالَ: ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُخْرِجُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى تُخَلِّصَ نَسَبِي» . فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَلَّصْتُ نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: " إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ -[630]- مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ فَأَشْفَى وَاشْتَفَى»

930 - حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ جَدَّتِهَا، أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ مَرَّ بِمَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شَعْرِهِ، وَهُمْ غَيْرُ نِشَاطٍ لِمَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ، فَجَلَسَ الزُّبَيْرُ مَعَهُمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: §مَالِي أَرَاكُمْ غَيْرَ آذِنِينَ لِمَا تَسْمَعُونَ -[631]- مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْفُرَيْعَةِ، فَلَقَدْ كَانَ يَعْرِضُ بِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْجِبُهُ، وَيُحْسِنُ اسْتِمَاعَهُ، وَيُجْزِلُ عَلَيْهِ ثَوَابَهُ، وَلَا يُشْغَلُ عَنْهُ بِشَيْءٍ

931 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُجَالِدِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ، وَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ يَحْمِي أَعْرَاضَ الْمُؤْمِنِينَ؟» قَالَ كَعْبٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «إِنَّكَ تُحْسِنُ الشِّعْرَ» ، فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «نَعَمْ، اهْجُهُمْ أَنْتَ، فَسَيُعِينُكَ عَلَيْهِمْ رَوْحُ الْقُدُسِ»

932 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَرَى فِي الشِّعْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا تَنْضَحُونَهُمْ بِالنَّبْلِ»

933 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «جَالَسْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ مَرَّةٍ، §فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَارَ، وَيَتَذَاكَرُونَ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ»

934 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي مَدَحْتُ اللَّهَ مِدْحَةً وَمَدَحْتُكَ أُخْرَى، فَقَالَ: «هَاتِ §وَابْدَأْ بِمَدْحَةِ اللَّهِ»

935 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَمْرِو الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: §اسْتَنْشَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِئَةَ قَافِيَةٍ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ: «لَقَدْ كَادَ أَنْ يُسْلِمَ فِي شِعْرِهِ»

936 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الطَّائِفِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَرْدَفَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِائَةَ بَيْتٍ، كُلَّمَا فَرَغْتُ عَنْ قَافِيَةِ بَيْتٍ قَالَ: «هِيهِ» ، ثُمَّ قَالَ: «§إِنْ كَادَ لَيُسْلِمُ»

937 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، أَوْ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّرِيدِ، قَالَ: أَرْدَفَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «هِيهِ §فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا» ، ثُمَّ قَالَ: " هِيهِ: فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا "، حَتَّى أَتْمَمْتُ مِائَةَ بَيْتٍ

938 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: «§اهْجُهُمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ» -[635]- قَالُوا: فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تُعَارِضُ الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ وَكَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ، كَانَ الشِّعْرُ أَغْلَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَنْهَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَ أَنَّهُمْ بِذَلِكَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَحِقِّي الْعِقَابَ، بَلْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ أَنَّهُ نَدَبَهُمْ إِلَى قِيلِهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَيْهِ، وَوَعَدَهُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الثَّوَابَ الْجَزِيلَ عَلَى هِجَائِهِمُ الْمُشْرِكِينَ، وَذَبِّهِمْ عَنْ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ. قَالُوا: وَإِذْ كَانَتِ الرِّوَايَتَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحَتَيْنِ، وَكَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَمَقَامٍ وَاحِدٍ، إِذْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَلِيلًا عَلَى تَحْرِيمِ الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ، وَالْآخَرُ عَلَى إِبَاحَتِهِ وَإِطْلَاقِهِ، عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِي وَقْتَيْنِ، وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَانَ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا أَيُّهُمُ الْمُتَقَدِّمُ صَاحِبَهُ وَجَبَ طَرْحُهُمَا، وَالْمَصِيرُ أَنْ يُعْرَفَ الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِنْبَاطِ. قَالُوا: وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الشِّعْرُ كَلَامًا كَسَائِرِ الْكَلَامِ غَيْرِهِ، غَيْرَ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ الْمَنْثُورِ بِأَنَّهُ مَوْزُونٌ، تَسْتَحْلِيهِ الْأَلْسُنُ، وَتَسْتَعْذِبُهُ الْمَسَامِعُ. وَلَمْ يَكُنِ الْمُمْتَلِئُ جَوْفُهُ خُطَبًا وَرَسَائِلَ مُسْتَحِقًّا أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا، كَانَ كَذَلِكَ الْمُمْتَلِئُ جَوْفُهُ شِعْرًا غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا، كَمَا غَيْرُ مَذْمُومٍ الْمُمْتَلِئُ جَوْفُهُ خُطَبًا وَرَسَائِلَ، وَهِيَ كُلُّهَا كَلَامٌ، كَمَا الشِّعْرُ كَلَامٌ مِثْلُهَا. قَالُوا: وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ الْقَائِلِ: إِنَّمَا عَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» ، أَنْ يَمْتَلِئَ قَلْبُهُ مِنَ الشِّعْرِ حَتَّى -[636]- لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَعِلْمِ الدِّينِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْنَاهُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ لَوِ امْتَلَأَ مِنَ الْخُطَبِ وَالرَّسَائِلِ وَأَسَاجِيعِ الْكُهَّانِ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَعِلْمِ الدِّينِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَذْمُومٍ، إِذْ كَانَ الذَّمُّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَرَدَ عَلَيْنَا لِمَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ مِنَ الشِّعْرِ خَاصَّةً. قَالُوا: وَفِي إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَمِّ مَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عَدَّدْنَا، حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَعِلْمِ الدِّينِ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» غَيْرُ الَّذِي قَالَهُ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. قَالُوا: وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا: مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَقَدْ سَقَطَتْ حُجَّتُهُمَا جَمِيعًا، إِذْ كَانَ لَا عَلِمَ عِنْدَنَا بِالنَّاسِخِ مِنْهُمَا وَالْمَنْسُوخِ، وَصَارَ الْأَمْرُ فِيهِ إِلَى الِاسْتِنْبَاطِ، وَكَانَتِ الْأَدِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى مَا بَيَّنَّا. قَالُوا: وَبَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَبِيرُ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مِنَ الْعَرَبِ، إِلَّا وَهُوَ لِلشِّعْرِ قَائِلٌ، أَوْ هُوَ لَهُ رَاوٍ الرِّوَايَةَ الْغَزِيرَةَ الْكَثِيرَةَ، وَرَوَوْا بِتَصْدِيقِ مَا قَالُوا أَخْبَارًا، نَذْكُرُ بَعْضَ مَا صَحَّ سَنَدُهُ مِمَّا حَضَرَنَا مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُهُ

939 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَنْبَأَنَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: §كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ الشِّعْرَ، وَعُمَرُ يَقُولُ الشِّعْرَ، وَكَانَ عَلِيٌّ أَشْعَرَ الثَّلَاثَةِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ

940 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: §كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ شَاعِرَيْنِ، وَكَانَ عَلِيٌّ مِنْ أَشْعَرِ الثَّلَاثَةِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ

941 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ §رَوَى مِنْ شِعْرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تِسْعِينَ قَصِيدَةً

942 - حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْيَحْمَدِيُّ مَالِكُ بْنُ الْخَلِيلِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «§الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ، هُوَ أَوَّلُ عِلْمِ الْعَرَبِ، عَلَيْكُمْ شِعْرَ الْجَاهِلِيَّةِ وَشِعْرَ الْحِجَازِ»

943 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: صَحِبْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَمَا أَتَى عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا أَنْشَدَنَا فِيهِ شِعْرًا، وَقَالَ: «§إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ» 944 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

945 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ أُنَاسًا يَكْرَهُونَ الشِّعْرَ. قَالَ: «§نَسَكُوا نُسُكًا عَجَمِيًّا»

946 - حَدَّثَنِي مُشَرِّفُ بْنُ أَبَانَ الْحَطَّابُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ ثَابِتِ ابْنُ ابْنَتِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ، فَقَالَ: إِنِّي أَتَعْلَمُ الْقُرْآنَ، وَإِنَّ أَبِي يَأْمُرَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ الشِّعْرَ، فَقَالَ: «§تَعَلَّمِ الْقُرْآنَ، وَخُذْ مِنَ الشِّعْرِ مَا تُرْضِي بِهِ أَبَاكَ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» النَّهْيُ عَنْ قِيلِ الشِّعْرِ كُلِّهِ وَرِوَايَتِهِ، قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. قَالُوا: وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْقَيْحِ فِي الْجَوْفِ مَضَرَّةٌ، وَكُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ لِقَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ كَارِهٌ أَنْ يَكُونَ فِي جَوْفِهِ. قَالُوا: فَإِذْ كَانَ الِامْتِلَاءُ مِنَ الشِّعْرِ نَظِيرَ الِامْتِلَاءِ مِنَ الْقَيْحِ، فَدُونُ الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ نَظِيرُ مَا هُوَ دُونَ الِامْتِلَاءِ مِنَ الْقَيْحِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فِي الْجَوْفِ، وَكَذَلِكَ الشِّعْرُ كُلُّهُ مَكْرُوهٌ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَوْفِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَاعْتَلُّوا لِتَصْحِيحِ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ بِمَا

947 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنْبَأَنَا شَرَاحِيلُ بْنُ يَزِيدَ -[640]- الْمَعَافِرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ رَافِعٍ التَّنُوخِيَّ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا أُبَالِي مَا أَتَيْتُ» أَوْ «مَا أُبَالِي مَا رَكِبْتُ، §إِذَا أَنَا شَرِبْتُ تِرْيَاقًا أَوْ عَلَّقَتْ تَمِيمَةً أَوْ قُلْتُ شِعْرًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِي» الْمَعَافِرِيُّ هُوَ الَّذِي يَقُولُ: مَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ أَبُو رَافِعٍ: مَا أُبَالِي مَا رَكِبْتُ، أَوْ: مَا أُبَالِي مَا أَتَيْتُ

948 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، أَنْبَأَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ -[642]- عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافَتْهُ الصَّلَاةُ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، ثَلَاثًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بَكْرَةً وَأَصِيلًا، ثَلَاثًا» ، وَقَالَ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ» قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ: «هَمْزُهُ الْمُوتَةُ الَّتِي تَأْخُذُ صَاحِبَ الْمَسِّ، وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ» -[643]- 949 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ -[644]- عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ مُرَّةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْعَنَزِيِّ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ عَمْرٌو: هَمْزُهُ الْمُوتَةُ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ، وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ 950 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: نَفْخُهُ الْكِبْرُ، وَهَمْزُهُ الْجُنُونُ، وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ

951 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ عَنَزَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ بَكْرَةً وَأَصِيلًا، §اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ نَفْخِهِ وَهَمْزِهِ وَنَفْثِهِ» . قُلْتُ: وَمَا هَمْزُهُ؟ قَالَ: فَذَكَرَ كَهَيْئَةِ الْمُوتَةِ، قُلْتُ: فَمَا نَفْخُهُ؟ قَالَ: الْكِبْرُ، قُلْتُ: فَمَا نَفْثُهُ؟ قَالَ: الشِّعْرُ 952 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَمْزُهُ؟ فَذَكَرَ كَهَيْئَةِ الْمُوتَةِ. فَقُلْتُ: مَا نَفْثُهُ؟ قَالَ: الشِّعْرُ. قُلْتُ: وَمَا نَفْخُهُ؟ قَالَ: الْكِبْرُ

953 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْآمُلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " §إِنَّ إِبْلِيسَ لَمَّا نَزَلَ الْأَرْضَ قَالَ: يَا رَبِّ، أَنْزَلْتَنِي الْأَرْضَ وَجَعَلْتَنِي رَجِيمًا، أَوْ كَمَا ذَكَرَ، فَاجْعَلْ لِي بَيْتًا. قَالَ: الْحَمَّامُ. قَالَ: فَاجْعَلْ لِي مَجْلِسًا. قَالَ: الْأَسْوَاقُ وَمَجَامِعُ الطُّرُقِ -[645]-. قَالَ: اجْعَلْ لِي طَعَامًا. قَالَ: مَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. قَالَ: اجْعَلْ لِي شَرَابًا. قَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ. قَالَ: اجْعَلْ لِي مُؤَذِّنًا. قَالَ: الْمَزَامِيرُ. قَالَ: اجْعَلْ لِي قُرْآنًا. قَالَ: الشِّعْرُ. قَالَ: اجْعَلْ لِي كِتَابًا. قَالَ: الْوَشْمُ. قَالَ: اجْعَلْ لِي حَدِيثًا. قَالَ: الْكَذِبُ. قَالَ: اجْعَلْ لِي رُسُلًا. قَالَ: الْكُهَّانُ. قَالَ: اجْعَلْ لِي مَصَايِدَ. قَالَ: النِّسَاءُ "

954 - حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[646]- صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَلَمَّا صُفَّ النَّاسُ كَبَّرَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، ثَلَاثًا، وَلَهُ الْحَمْدُ، ثَلَاثًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ بَكْرَةً وَأَصِيلًا، ثَلَاثًا» ، ثُمَّ قَالَ: «§اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ»

955 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «§أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ.» فَنَفْثُهُ الشِّعْرُ، وَهَمْزُهُ الْمُوتَةُ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ " -[647]- قَالُوا: وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا مِنَ النَّهْيِ عَنْ قِيلِ الشِّعْرِ وَرِوَايَتِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْخَلَفِ

ذِكْرُ بَعْضِ ذَلِكَ 956 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ «§مَنْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَمْ يَدْخُلِ الْفِرْدَوْسَ»

957 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّهُ تَمَثَّلَ أَوَّلَ بَيْتِ شَعَرٍ، ثُمَّ سَكَتَ، قِيلَ لَهُ: لِمَ سَكَتَّ؟ قَالَ: «§أَخَافُ أَنْ أَجِدَ فِي صَحِيفَتِي شِعْرًا»

958 - حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْحُطَيْئَةَ مِنَ الْحَبْسِ فِي هِجَائِهِ الزَّبْرَقَانِ بْنِ بَدْرٍ قَالَ لَهُ: §إِيَّاكَ وَالشِّعَرَ. قَالَ: لَا أَقْدِرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى تَرْكِهِ، مَأْكَلَةُ -[648]- عِيَالِي، وَنَمْلَةٌ عَلَى لِسَانِي. قَالَ: فَشَبِّبْ بِأَهْلِكَ، وَإِيَّاكَ وَكُلَّ مِدْحَةٍ مُجْحِفَةٍ. قَالَ: فَمَا الْمِدْحَةُ الْمُجْحِفَةُ؟ قَالَ: تَقُولُ: بَنُو فُلَانٍ خَيْرٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، امْدَحْ وَلَا تُفَضِّلْ. قَالَ: أَنْتَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَشْعَرُ مِنِّي

959 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْجَرْمِيُّ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ رَضْفًا حَتَّى يَنْقَطِعَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

960 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَلَمَةُ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

961 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَقَرَأَهُ عَلَيَّ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، عَنْ نَاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «§الشِّعْرُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ» 962 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، حَدَّثَنِي نَاسٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ

963 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّهُ قَالَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يُرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنَّ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

964 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

965 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُضَيْرٍ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

966 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «§لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

967 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَجِيءَ بِالْبَيْتِ مِنَ الشِّعْرِ، فَإِنَّ أَصْحَابَكَ كَانُوا يَجِيئُونَ بِالْبَيْتِ وَبِالْبَيْتَيْنِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ §لَيْسَ أَحَدٌ يَلْفِظُ بِشَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ وَجُعِلَ فِي إِمَامِهِ، وَرَآهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا يُعْرَضُ عَلَيْهِ إِمَامُهُ، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَقْرَأَ فِي كِتَابِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْتَ شِعْرٍ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا، هُوَ مَا رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ قَوْلِهِ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا هُجِيتُ بِهِ» ، وَلَا مَعْنَى لِتَوَهُّمِ الْمُنْكِرِ صِحَّةِ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِنْ قَالَ بِتَصْحِيحِهِ إِبَاحَةُ مَا دُونَ امْتِلَاءِ الْجَوْفِ مِنْ هِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الِامْتِلَاءِ مِنْهُ دُونَ الدَّلَالَةِ عَلَى النَّهْيِ عَمَّا هُوَ دُونَ الِامْتِلَاءِ، وَأَنَّ بَاطِنَهُ عِنْدَهُ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ مَا دُونَ -[652]- الِامْتِلَاءِ مِنْهُ، إِلَّا لِغَفْلَةٍ، بَلْ فِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ، لِمَنْ تَأَمَّلَهُ بِفِكْرٍ صَحِيحٍ، أَنَّهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيٌ عَنْ قَلِيلِ مَا هُجِيَ بِهِ مِنَ الشِّعْرِ وَكَثِيرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الِامْتِلَاءَ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ نَظِيرَ الِامْتِلَاءِ مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي يُورِثُ الْوَرْيَ، فَإِنَّ مَا دُونَ الِامْتِلَاءِ مِنْهُ نَظِيرُ مَا دُونَ الِامْتِلَاءِ مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي مِنْ حُكْمِهِ أَنْ يُورِثَ الِامْتِلَاءُ مِنْهُ الْوَرْيَ، وَذَلِكَ لَا شَكَّ كُلُّهُ دَاءٌ مَكْرُوهٌ، وَضُرٌ عَلَى الْأَبْدَانِ مَحْذُورٌ، يَتَّقِيهِ كُلُّ ذِي فِطْرَةٍ صَحِيحَةٍ، وَيَهْرُبُ مِنْهُ كُلُّ ذِي بِنْيَةٍ سَلِيمَةٍ. فَإِنْ كَانَ نَظِيرَ الشِّعْرِ الَّذِي هُجِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ شَبِيهًا لِتَمْثِيلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِهِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ دَلَّ بِتَشْبِيهِهِ إِيَّاهُ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُولِي الْأَلْبَابِ مِنْ أُمَّتِهِ، عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ مِنَ اتِّقَاءِ قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ وَالْحَذَرِ مِنْهُ، نَظِيرُ مَا فِي فِطْرَتِهِمْ وَبِنْيَتِهِمْ مِنَ اتِّقَاءِ قَلِيلِ مَا أَفْسَدَ أَجْوَافَهُمْ وَكَثِيرِهِ، وَأَوْرَثَهَا الدَّاءَ، مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي يُورِثُهَا الْوَرْيَ كَثِيرُهُ. وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ كَذَلِكَ صِحَّةُ مَا قُلْنَا، وَفَسَادُ مَا خَالَفَنَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْتَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ مُرْسَلٌ، وَرَاوِيهِ بَعْدُ مُجَالِدٌ، وَوَاجِبٌ فِي خَبَرِ مُجَالِدٍ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ، التَّثَبُّتُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّصِلًا، فَكَيْفَ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ مُرْسَلًا مُنْقَطِعًا؟ قِيلَ لَهُ: مَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ أَنَّ مَرَاسِيلَ الْعُدُولِ الَّذِينَ شَأْنُهُمُ التَّحَفُّظُ مِنَ الرِّوَايَةِ عَمَّنْ لَا يَجُوزُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ، لِلَّهِ تَعَالَى دِينٌ لَازِمٌ مَنْ -[653]- بَلَغَتْهُ قَبُولُهَا وَالدَّيْنُونَةُ بِهَا، مَعَ بَيَانِ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ عَلَيْهِ قَبُولَ خَبَرِ مُجَالِدٍ وَنُظَرَائِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَبَعْدُ، فَإِنَّنَا لَمْ نَجْعَلْ عِلَّتَنَا فِي تَصْحِيحِ الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ وَقُلْنَا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» ، الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَحْدَهُ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي نَتَّفِقُ نَحْنُ وَمُخَالِفُونَا عَلَيْهَا الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ. وَذَلِكَ أَنَّا نَقُولُ لِلزَّاعِمِ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: النَّهْيُ عَنِ الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ: أَخْبَرَنَا عَنِ النَّهْيِ الَّذِي وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ، إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ، أَمَخْصُوصٌ لَهُ الشِّعْرُ خَاصَّةً، أَمْ ذَلِكَ عَامٌ فِي كُلِّ مَا امْتَلَأَ الْجَوْفُ مِنْهُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ غَيْرُهُ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ الشِّعْرُ خَاصَّةً، دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ غَيْرِهِ، قِيلَ لَهُ: الْجَائِزُ إِذًا أَنْ يَمْتَلِئَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ رِوَايَةَ أَسَاجِيعِ الْكُهَّانِ وَخُطَبِ الْخُطَبَاءِ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا مِنْ عُلُومِ الدِّينِ شَيْءٌ؟ فَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ كَذَلِكَ، خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، لِإِبَاحَتِهِ الْجَهْلَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ بِمَا لَمْ يُبِحِ اللَّهُ الْجَهْلَ بِهِ، وَمَنْ تَرْكِ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يَسَعُ تَرْكُ حِفْظِهِ لِأَحَدٍ -[654]- وَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. قِيلَ: فَقَدْ بَطَلَ إِذًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَعْنِيًّا بِهِ الشِّعْرُ خَاصَّةً. وَذَلِكَ تَرْكٌ مِنْهُ لِقَوْلِهِ. وَإِنْ قَالَ: بَلْ ذَلِكَ مَعْنِي بِهِ كُلُّ مَا امْتَلَأَ مِنْهُ جَوْفُ الْمَرْءِ كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الَّذِي امْتَلَأَ مِنْهُ، شِعْرًا أَوْ غَيْرَهُ، تَرَكَ الْقَوْلَ بِالْخَبَرِ، وَقِيلَ لَهُ: فَقَدْ يَجِبُ إِذًا، إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، أَنْ يَكُونَ مَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْحِكْمَةِ، أَنْ يَكُونَ مُمْتَلِئًا قَلْبُهُ مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي يَرِيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ امْتِلَائِهِ مِنْ ذَلِكَ. وَذَلِكَ قَوْلٌ إِنْ قَالَهُ لَا يَخْفَى فَسَادُهُ عَلَى ذِي فِطْرَةٍ صَحِيحَةٍ. وَإِنْ قَالَ: بَلْ ذَلِكَ مَعْنِيٌّ بِهِ الِامْتِلَاءُ مِنْ بَعْضِ الْمَعَانِي دُونَ بَعْضٍ. قِيلَ لَهُ: فَمَا ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي عُنِيَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ؟ فَإِنْ سَمَّى شَيْئًا بِعَيْنِهِ مِنْ صُنُوفِ الْعُلُومِ عُورِضَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِهِ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. وَفِي فَسَادِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ امْتِلَاءِ الْقَلْبِ مِنْ بَعْضِ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ مِنْ غَيْرِ عُلُومِ الدِّينِ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِي الْقَلْبِ غَيْرُهُ، وَلَا شَيْءَ يُخَالِطُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلُومِ الدِّينِ أَبْيَنُ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» ، بِخِلَافِ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ. وَأُخْرَى: أَنَّ الشِّعْرَ كَلَامٌ كَسَائِرِ الْكَلَامِ غَيْرِهِ، حَسَنُهُ حَسَنٌ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ، كَمَا حَسَنُ غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ حَسَنٌ، وَقَبِيحُ غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ قَبِيحٌ، غَيْرَ أَنَّ لَهُ بِأَنَّهُ مُؤْتَلِفُ النِّظَامِ، مُتَّسِقُ الْأَوْزَانِ الْفَضْلَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ مَنْثُورِ الْكَلَامِ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ مَعْنَى غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ، فِي أَنْ يَكُونَ سَبِيلُهُ سَبِيلَهُ، فِي أَنَّ مَا حَسُنَ قِيلُهُ -[655]- وَرِوَايَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ حَسُنَ مِنْهُ، وَمَا قَبُحَ قِيلُهُ وَرِوَايَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ قَبُحَ. فَأَمَّا الِامْتِلَاءُ مِنْ مَعْنًى مِنْهُ حَتَّى لَا يُخَالِطَ الْقَلْبَ غَيْرُهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ وَأُمُورِ الدِّينِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ، مِنْ أَيِّ الْمَعَانِي كَانَ ذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِأَنْ يُخَصَّ بِذَلِكَ الشِّعْرَ دُونَ غَيْرِهِ. وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ كَذَلِكَ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ الْقَوْلَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ دُونَ مَا خَالَفَهُ. وَأَمَّا الَّذِينَ أَنْكَرُوا رِوَايَةَ جَمِيعِ أَصْنَافِ الشِّعْرِ، وَقِيلَ جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ اعْتلِالًا مِنْهُمْ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ الْأَخْبَارَ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاهِيَةُ الْأَسَانِيدِ، غَيْرُ جَائِزٍ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِهَا فِي الدِّينِ. وَالصَّحِيحُ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ أَمْرِ حَسَّانَ وَغَيْرِهِ مِنْ شُعَرَاءِ الصَّحَابَةِ بِهِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّ لَهُمُ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ، وَاسْتِنْشَادِهِ إِيَّاهُمْ، وَتَمَثُّلِهِ أَحْيَانًا مِنْ ذَلِكَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ الْبَيْتِ. وَالشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَإِخْبَارِهِ أَصْحَابَهُ أَنَّ هِجَاءَ مَنْ هَجَا مِنْ شُعَرَاءِ أَصْحَابِهِ الْمُشْرِكِينَ أَشَدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ نَضْحِهِمْ إِيَّاهُمْ بِالنَّبْلِ. وَلَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ قَبِيلَةً مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ أَسْلَمُوا بِوَعِيدِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ فِي شَعْرِهِ، وَلَا شَكَّ أ

ذكر بعض الأخبار الواردة بمعنى ما قلنا قبل

§ذِكْرُ بَعْضِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِمَعْنَى مَا قُلْنَا قَبْلُ

968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَتْهَا الْعَرَبُ كَلِمَةٌ قَالَهَا الشَّاعِرُ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ» ، ثُمَّ تَمَثَّلَ أَوَّلَهُ وَتَرَكَ آخِرَهُ فَقَالَ: " [البحر الطويل] أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ -[657]- وَإِنْ كَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ

969 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: [البحر الطويل] أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ وَكَادَ ابْنُ أَبِي الصَّلْتٍ أَنْ يُسْلِمَ "

970 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " §إِنَّ أَصْدَقَ كَلِمَةٍ بَيْتٌ قَالَهُ الشَّاعِرُ: [البحر الطويل] أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ

971 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ: " §أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَتْهَا الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ: [البحر الطويل] أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ

972 - حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §إِنَّ أَصْدَقَ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ قَوْلُ لَبِيدٍ: [البحر الطويل] أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ ... وَكُلُّ نُعَيْمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلٌ

973 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَثَّلُ مِنَ الشِّعْرِ: [البحر الطويل] -[659]- §وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

974 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَثَّلُ مِنَ الْأَشْعَارِ: [البحر الطويل] §وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

975 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، يَقُولُ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَشَنَقَ رَاحِلَتِهِ حَتَّى وَضَعَتْ رَأْسَهَا عَلَى مُقَدِّمَةِ رَحْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: «§ادْعُوا لِي كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ» ، فَقَالَ: «أَنْشِدْ» فَقَالَ: [البحر الوافر] -[660]- قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وَخَيْبَرَ، ثُمَّ أَجْمَمْنَا السُّيُوفَا نُخَيِّرُهَا، وَلَوْ نَطَقَتْ لَقَالَتْ ... قَوَاطِعُهُنَّ: دَوْسًا أَوْ ثَقِيفًا قَالَ مُحَمَّدٌ: فَنُبِّئْتُ أَنَّ دَوْسًا أَسْلَمَتْ بِكَلِمَةِ كَعْبٍ هَذِهِ

976 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، يَقُولُ: هَجَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزَّبَعْرَى، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَأْمُرُ عَلِيًّا أَنْ يَهْجُوَ عَنَّا هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلِيٌّ هُنَالِكَ» . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِذَا الْقَوْمُ نَصَرُوا النَّبِيَّ بِأَيْدِيهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ، فَبِأَلْسِنَتِهِمْ أَحَقُّ أَنْ يَنْصُرُوهُ» ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: أَرَادَنَا، فَأَتَوْا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِمَقُولِي مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَبُصْرَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ لَهَا» ، فَقَالَ حَسَّانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -[661]-، إِنَّهُ لَا عِلْمَ لِي بِقُرَيْشٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْبِرْهُ عَنْهُمْ، وَنَقِّبْ لَهُ فِي مَثَالِبِهِمْ» ، فَهَجَاهُمْ حَسَّانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ , قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ هُوَ يَسِيرُ عَلَى نَاقَتِهِ وَشَنَقَهَا بِزِمَامِهَا حَتَّى وَضَعَتْ رَأْسَهَا عِنْدَ قَادِمَةِ الرَّحْلِ، فَقَالَ: أَيْنَ كَعْبٌ؟ فَقَالَ كَعْبٌ: هَأَنَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: خُذْ. قَالَ كَعْبٌ: [البحر الوافر] قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وَخَيْبَرَ، ثُمَّ أَجْمَمْنَا السُّيُوفَا نُخَيِّرُهَا، وَلَوْ نَطَقَتْ لَقَالَتْ ... قَوَاطِعُهُنَّ دَوْسًا أَوْ ثَقِيفًا قَالَ: فَأَنْشَدَ الْكَلِمَةَ كُلَّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَهِيَ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ»

977 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُدْرِكَ بْنَ عُمَارَةَ، يُحَدِّثُ الشَّعْبِيَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَإِذَا النَّاسُ قَدْ أَخَبُّوا: أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانِي، فَجِئْتُ، فَقَالَ لِي: «اجْلِسْ هَاهُنَا» ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «§كَيْفَ تَقُولُ الشِّعْرَ؟» كَأَنَّهُ يَتَعَجَّبُ، فَقُلْتُ: أَنْظُرُ ثُمَّ أَقُولُ. قَالَ: «فَعَلَيْكَ بِالْمُشْرِكِينَ» . وَلَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ شَيْئًا، فَأَنْشَدْتُهُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: [البحر البسيط] فَأَخْبِرُونِي، أَثْمَانَ الْعَبَاءِ , مَتَى ... كُنْتُمْ بَطَارِيقَ أَوْ دَانَتْ لَكُمْ مُضَرُ فَعَرَفْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا هَاشِمَ الْخَيْرِ، إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَكُمَ ... عَلَى الْبَرِيَّةِ فَضْلًا مَالَهُ غِيَرُ إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ أَعْرِفُهُ ... فِرَاسَةً خَالَفَتْهُمْ فِي الَّذِي نَظَرُوا وَلَوْ سَأَلْتَ أَوِ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ ... فِي جُلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلَا نَصَرُوا فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى، وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا -[662]- فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَسِّمًا، وَقَالَ: وَأَنْتَ فَثَبَّتَكَ اللَّهُ

978 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ وَهِيَ ابْنَةُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي مَجْلِسٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُنْشِدُ، فَلَمَّا رَأَى مَكَانَهُ تَقَبَّضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ؟» فَقَالَ كَعْبٌ: كُنْتُ أُنْشِدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَنْشِدْ» ، فَأَنْشَدَ حَتَّى مَرَّ بِقَوْلِهِ -[663]-: تُقَاتِلُنَا عَنْ جِذْمِنَا كُلُّ فَخْمَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَا تَقُلْ: تُقَاتِلُنَا عَنْ جِذْمِنَا، وَلَكِنْ قُلْ: تُقَاتِلُنَا عَنْ دِينِنَا "

979 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ جَعَلَ النِّسَاءَ يَلْطِمْنَ وجُوهَ الْخَيْلِ بِالْخُمُرِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: فَكَيْفَ قَالَ حَسَّانُ؟ فَأَنْشَدَهُ: [البحر الوافر] عَدِمْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... يُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§ادْخُلُوهَا مِنْ حَيْثُ قَالَ حَسَّانُ» ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَدَاءٍ

ذكر بعض ما حضرنا ذكره ممن روى، أو قال الشعر من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين، ومن كان منهم يسمعه ويأمر بروايته أو قيله

§ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّنْ رَوَى، أَوْ قَالَ الشِّعْرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَسْمَعُهُ وَيَأْمُرُ بِرِوَايَتِهِ أَوْ قِيلِهِ

980 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، أَنْبَأَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنْبَأَنَا رِبْعِيٌّ، قَالَ: لَمَّا أَتَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي نَفَرٍ مِنْ غَطَفَانَ قَالَ: مَنْ أَشْعَرُ شُعَرَائِكُمْ؟ قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: مَنِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر الوافر] أَتَيْتُكَ عَارِيًا خَلَقًا ثِيَابِي ... عَلَى خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنُونُ فَأَلْفَيْتُ الْأَمَانَةَ لَمْ تَخَنْهَا ... كَذَلِكَ كَانَ نُوحٌ لَا يَخُونُ قُلْنَا: النَّابِغَةُ. قَالَ: فَمَنِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر البسيط] كُنْ كَسُلَيْمَانَ إِذْ قَالَ الْإِلَهُ لَهُ ... قُمْ فِي الْبَرِيَّةِ فَاحْجِزْهَا عَنِ الْفَنَدِ قُلْنَا: النَّابِغَةُ قَالَ: فَمَنِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر الطويل] حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ... وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ -[666]- قُلْنَا: النَّابِغَةُ. قَالَ: §هَذَا أَشْعَرُ شُعَرَائِكُمْ حِينَ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ

981 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: وَفَدْنَا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مَنِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر البسيط] كُنْ كَسُلَيْمَانَ إِذْ قَالَ الْإِلَهُ لَهُ ... قُمْ فِي الْبَرِيَّةِ فَازْجُرْهَا عَنِ الْفَنَدِ -[667]- قَالُوا: النَّابِغَةُ قَالَ: فَمَنِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر الوافر] فَأَلْفَيْتُ الْأَمَانَةَ لَمْ تَخُنْهَا ... كَذَلِكَ كَانَ نُوحٌ لَا يَخُونُ قَالُوا: النَّابِغَةُ قَالَ: فَمَنِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر الطويل] حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ... وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ قَالُوا: النَّابِغَةُ. قَالَ: §ذَاكَ أَشْعَرُ شُعَرَائِهِمْ

982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: وَفَدَ وَفْدٌ مِنْ غَطَفَانَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: " إِنَّهُ §قَدْ كَانَ فِيكُمْ شُعَرَاءُ، فَأَيُّ الْعَرَبِ أَشْعَرُ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ بِأَيَّامِهَا وَأَشْعَارِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أَزْعُمُ أَنَّ مِنْ أَشْعَرِ الْعَرَبِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر الوافر] أَتَيْتُكَ عَارِيًا خَلَقًا ثِيَابِي ... عَلَى خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنُونُ فَأَلْفَيْتُ الْأَمَانَةَ لَمْ تَخُنْهَا ... كَذَلِكَ كَانَ نُوحٌ لَا يَخُونُ قَالُوا: هَذَا قَوْلُ صَاحِبِنَا النَّابِغَةِ قَالَ عُمَرُ: فَمَنْ أَشْعَرُ الْعَرَبِ بَعْدَ هَذَا؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُنَا بِأَيَّامِهَا وَأَشْعَارِهَا، قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أَزْعُمُ أَنَّ أَشْعَرَ الْعَرَبِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر البسيط] إِلَّا سُلَيْمَانَ إِذْ قَالَ الْإِلَهِ لَهُ ... قُمْ فِي الْبَرِيَّةِ فَاحْدُدْهَا عَنِ الْفَنَدِ وَخَيِّسِ الْجِنَّ إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ ... يَبْنُونَ تَدْمُرَ بِالصُّفَّاحِ وَالْعَمَدِ فَمَنْ أَطَاعَ فَأَعْقِبْهُ بِطَاعَتِهِ ... كَمَا أَطَاعَكَ وَادْلُلُهُ عَلَى الرَّشَدِ وَمَنْ عَصَاكَ فَأَعْقِبْهُ مُعَاقَبَةً ... تَنْهَى الظَّلُومَ وَلَا تَقْعُدْ عَلَى ضَمَدِ -[668]- قَالُوا: هَذَا قَوْلُ صَاحِبِنَا النَّابِغَةِ، قَالَ لَهُمْ عُمَرُ: فَمَنْ أَشْعَرُ الْعَرَبِ مِنْ بَعْدِ هَذَيْنِ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُنَا بِأَيَّامِهَا وَأَشْعَارِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أَزْعُمُ أَنَّ مِنْ أَشْعَرِ الْعَرَبِ الَّذِي يَقُولُ: [البحر الطويل] حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ... وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ قَالُوا: هَذَا قَوْلُ صَاحِبِنَا النَّابِغَةِ. قَالَ عُمَرُ: هَذَا مِنْ أَشْعَرِ الْعَرَبِ

983 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ بَنِي الْحَسْحَاسِ حِينَ أَنْشَدَهُ: [البحر الطويل] كَفَى الشَّيْبُ وَالْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيَا: «§لَوْ قُلْتَهُ كُلَّهُ هَكَذَا لَأَعْطَيْتُكَ عَلَيْهِ»

984 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ: كَانَ الْحُطَيْئَةُ هَجَا الزِّبْرِقَانَ التَّمِيمِيَّ، فَاسْتَأْدَى عَلَيْهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَطَرَحَهُ فِي السِّجْنِ، فَلَمَّا طَالَ حَبْسُهُ قَالَ أَبْيَاتًا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: [البحر البسيط] مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ ... زُغْبُ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرٌ أَدْخَلْتَ كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ ... فَاغْفِرْ عَلَيْكَ سَلَّامُ اللَّهِ يَا عُمَرُ أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي مِنْ بَعْدِ صَاحِبِهِ ... أَلْقَتْ إِلَيْكَ مَقَالِيدَ النُّهَى الْبَشَرُ لَمْ يُؤْثِرُوكَ بِهَا إِذْ قَدَّمُوكَ لَهَا ... لَكِنْ لِأَنْفُسِهِمْ كَانَتْ بِكَ الْإِثَرُ -[669]- قَالَ: فَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ، فَأَخْرَجَهُ، وَبَعَثَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَإِلَى لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْقَيْسِيِّ، فَقَالَ: اسْتَعْرِضَا مَا قَالَ هَذَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَإِنْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ حَدَدْنَاهُ لَهُمْ، فَاسْتَعْرَضَاهُ، فَقَالَا: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا رَأَيْنَا حَدًّا، وَلَكِنَّهُ قَدْ سَلَحَ عَلَيْهِمْ، فَتَرَكَهُمْ لَا يَطِيرُونَ أَبَدًا مَعَ النَّاسِ. فَأَمَرَ لَهُ عُمَرُ بِأَوْسَاقٍ مِنْ طَعَامٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: §اذْهَبْ فَكُلْهَا أَنْتَ وَعِيَالُكَ، فَإِذَا فَنِيَتْ فَأْتِنِي أَزِدْكَ، وَلَا تَهْجُوَنَّ أَحَدًا فَأَقْطَعَ لِسَانَكَ. فَاحْتَمَلَهَا، فَلَمْ يَأْكُلْهَا حَتَّى مَاتَ

985 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا مُطَهَّرٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ قَالَ: مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِقَبْرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ §لَقَدْ كُنْتُ أَكْرَهُ أَنْ أَرَى قُرَيْشًا صَرْعَى تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا كَمَا قَالَ أَخُو جُعْفِيٍّ: [البحر الطويل] فَتًى كَانَ يُدْنِيهِ الْغِنَى مِنْ رَفِيقِهِ ... وَيُبْعِدُهُ مِنْهُ إِذَا مَسَّهُ الْفَقْرُ

986 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ أَبِي سِنَانٍ الْحُدَلِيُّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ: " إِنَّ §أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ، يَعْنِي بِذَلِكَ ابْنَ رَوَاحَةَ قَالَ: [البحر الطويل] فِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الصُّبْحِ سَاطِعُ أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ

987 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ فَاشْتَرَى حُلَّةَ ذِي يَزَنَ، فَقَدِمَ بِهَا الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَهْدَاهَا لَهُ، فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «§إِنَّا لَا نَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ» . فَبَاعَهَا حَكِيمٌ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتُرِيَتْ لَهُ، فَلَبِسَهَا، ثُمَّ دَخَلَ فِيهَا الْمَسْجِدَ، فَقَالَ حَكِيمٌ: فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ فِيهَا، لَكَأَنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي حِينَ رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ أَنْ قُلْتُ: [البحر الطويل] مَا يَنْظُرُ الْحُكَّامُ بِالْحُكْمِ بَعْدَمَا ... بَدَا وَاضِحٌ ذُو غُرَّةٍ وَحُجُولِ إِذَا وَاضَخُوهُ الْمَجْدَ أَرْبَى عَلَيْهِمُ ... بِمَسْتَفْرَغٍ مَاءَ الذِّنَابِ سَجِيلُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

988 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، ثُمَّ حَفِظَهُ عَنْ أَبِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ: وَكُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنَا وَأَبِي جَمِيعًا قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: لَمَّا تَكَشَّفَتِ الْحَرْبُ بِصِفِّينَ أَنْشَأَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ: [البحر الرمل] §شَبَّتِ الْحَرْبُ فَأَعْدَدْتُ لَهَا ... مُفْرِعَ الْحَارِكِ مَرْوِيَّ الثَّبَجْ يَصِلُ الشَّدَّ بِشَدٍّ، فَإِذَا ... وَنَتِ الْخَيْلُ مِنَ الشَّدِّ مَعَجْ جُرَشَعٌ أَعْظُمُهُ جُفْرَتُهُ ... فَإِذَا ابْتَلَّ مِنَ الْمَاءِ خَرَجْ وَأَنْشَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَقُولُ: [البحر الطويل] لَوْ شَهِدَتَ جُمْلٌ مَقَامِي وَمَشْهَدِي ... بِصِفِّينَ يَوْمًا شَابَ مِنْهَا الذَّوَائِبُ عَشِيَّةَ جَا أَهْلُ الْعِرَاقِ كَأَنَّهُمْ ... سَحَابُ رَبِيعٍ رَفَّعَتْهُ الْجَنَائِبُ وَجِئْنَاهُمُ نَرْدِي كَأَنَّ صُفُوفَنَا ... مِنَ الْبَحْرِ مَدٌّ مَوْجُهُ مُتَرَاكِبُ إِذَا قُلْتُ قَدْ وَلَّوْا سِرَاعًا غَدَتْ لَنَا ... كَتَائِبُ مِنْهُمْ وَارْجَحَنَّتْ كَتَائِبُ فَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمُ ... سَرَاةَ النَّهَارِ مَا تُوَلَّى الْمَنَاكِبُ فَقَالُوا لَنَا إِنَّا نَرَى أَنْ تُبَايِعُوا ... عَلِيًّا فَقُلْنَا بَلْ نَرَى أَنْ نُضَارِبُ

989 - حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ -[674]-، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَهْزِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: أَقْحَمَتِ السَّنَةُ نَابِغَةَ بَنِي جَعْدَةَ، فَجَاءَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَنْشَدَهُ: [البحر الطويل] حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعُثْمَانَ وَالْفَارُوقَ، فَارْتَاحَ مُعْدِمُ وَسَوَّيْتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْحَقِّ وَاسْتَوَوْا ... فَعَادَ صَبَاحًا حَالِكُ اللَّوْنِ مُظْلِمُ أَتَاكَ أَبُو لَيْلَى يَجُوبُ بِهِ الدُّجَى ... دُجَى اللَّيْلِ جَوَّابُ الْفَلَاةِ عَثَمْثَمُ لِتَجْبُرَ مِنْهُ جَانِبًا ذَعْذَعَتْ بِهِ ... صُرُوفُ اللَّيَالِي وَالزَّمَانُ الْمُصَمِّمُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: §أَمْسِكْ عَلَيْكَ أَبَا لَيْلَى، فَإِنَّ الشِّعْرَ أَهْوَنُ وَسَائِلِكَ عِنْدَنَا، أَمَّا عِفْوَةُ أَمْوَالِنَا فَإِنَّ بَنِي أَسَدٍ تَشْغَلُهَا عَنْكَ وَتَيْمًا، وَأَمَّا صِفْوَتُهُ فَلِآلِ الزُّبَيْرِ، وَلَكِنَّ لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ: حَقٌّ بِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ لِشِرْكَتِكَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ فِي فَيْئِهِمْ. ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ بِهِ دَارَ النَّعَمِ، فَأَعْطَاهُ قَلَائِصَ سَبْعًا وَجَمَلًا رَحِيلًا، وَأَوْقَرَ لَهُ الرِّكَابَ بُرًّا وَتَمْرًا، فَجَعَلَ النَّابِغَةُ يَسْتَعْجِلُ فَيَأْكُلُ الْحَبَّ صِرْفًا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَيْحَ أَبِي لَيْلَى، قَدْ بَلَغَ بِهِ الْجَهْدُ

990 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ مَرْوَانُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمًا عِنْدَ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَا فِي حُجْرَتِهَا، وَعَائِشَةُ فِي بَيْتِهَا، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَهُمُ الْحِجَابُ، فَسَاءَلَا عَائِشَةَ وَحَدَّثَتْهُمْ، ثُمَّ قَالَ مَرْوَانُ: [البحر الطويل] مَنْ يَشَإِ الرَّحْمَنُ يَحْفَظْ بِقُدْرَةٍ ... وَلَيْسَ لِمَنْ لَمْ يَرْفَعِ اللَّهُ رَافِعُ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: [البحر الطويل] فَوِّضْ إِلَى اللَّهِ الْأُمُورَ إِذَا اعْتَرَتْ ... وَبِاللَّهِ لَا بِالْأَقْرَبِينَ نُدَافِعُ فَقَالَ مَرْوَانُ: دَاوِ ضَمِيرَ الْقَلْبِ بِالْبِرِّ وَالتُّقَى ... لَا يَسْتَوِي قَلْبَانِ قَاسٍ وَخَاشِعُ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَا يَسْتَوِي عَبْدَانِ عَبْدٌ مُكَلَّمٌ ... وَعَبْدٌ لِأَرْحَامِ الْأَقَارِبِ قَاطِعُ فَقَالَ مَرْوَانُ: وَعَبْدٌ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... يَبِيتُ يُنَاجِي رَبَّهُ وَهُوَ رَاكِعُ -[676]- فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَلِلْخَيْرِ أَهْلٌ يُعْرَفُونَ بِهَدْيِهِمْ ... إِذَا اجْتَمَعَتْ عِنْدَ الْخُطُوبِ الْمَجَامِعُ فَقَالَ مَرْوَانُ: وَلِلشَّرِ أَهْلٌ يُعْرَفُونَ بِشَكْلِهِمْ ... تُشِيرُ إِلَيْهِمْ بِالْفُجُورِ الْأَصَابِعُ قَالَ: فَسَكَتَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَلَمْ يُجِبْ مَرْوَانَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، §مَا لَكَ لَمْ تُجِبْ صَاحِبَكَ؟، فَوَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ تَحَاوُرَ رَجُلَيْنِ تَحَاوَرَا فِي نَحْوِ مَا تَحَاوَرْتُمَا فِيهِ أَعْجَبَ إِلَيَّ مُحَاوَرَةً مِنْكُمَا. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنِّي خِفْتُ عَوَارَ الْقَوْلِ فَكَفَفْتُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ لِمَرْوَانَ فِي الشِّعْرِ إِرْثًا لَيْسَ لَكَ

991 - حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْمُحَبِّرُ بْنُ قَحْذَمٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: §لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رَثَاهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: [البحر الطويل] عَجِبْتُ لِقَوْمٍ أَسْلَمُوا بَعْدَ عِزِّهِمْ ... إِمَامَهُمُ لِلْمُنْكَرَاتِ وَلِلْغَدْرِ وَلَوْ أَنَّهُمْ سِيمُوا مِنَ الضَّيْمِ خُطَّةً ... لَجَادَ لَهُمْ عُثْمَانُ بِالْيَدِ وَالنَّصْرِ فَمَا كَانَ فِي دِينِ الْإِلَهِ بِخَائِنٍ ... وَلَا كَانَ فِي الْأَقْسَامِ بِالضَّيِّقِ الصَّدْرِ وَلَا كَانَ نَكَّاثًا لَعَهْدِ مُحَمَّدٍ ... وَلَا تَارِكًا لِلْحَقِّ فِي النَّهْيِ وَالْأَمْرِ -[677]- فَإِنْ أَبْكِهِ أُعْذَرْ لِفَقْدِيَ عِدْلَهُ ... وَمَا بِيَ عَنْهُ مِنْ عَزَاءٍ وَلَا صَبْرِ وَهَلْ لِامْرِئٍ يَبْكِي لِعُظْمِ مُصِيبَةٍ ... أُصِيبَ بِهَا بَعْدَ ابْنِ عَفَّانَ مِنْ عُذْرِ فَلَمْ أَرَ يَوْمًا كَانَ أَعْظَمَ فِتْنَةً ... وَأَهْتَكَ مِنْهُ لِلْمَحَارِمِ وَالسِّتْرِ غَدَاةَ أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْرِهِمْ ... وَمَوْلَاهِمُ فِي الْبِرِّ وَالْعُسْرِ وَالْيُسْرِ

992 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْغَمْرِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةَ نَعْيُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَجِمَ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، §مَاتَ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنِّي، وَمَاتَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَمَاتَ مَنْ هُوَ مِثْلِي: إِذَا سَارَ مَنْ خَلْفَ امْرِئٍ وَأَمَامَهُ ... وَأَوْحَشَ مِنْ جِيرَانِهِ فَهُوَ سَائِرُ

993 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعُرْيَانِ، قَالَ: §رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ وَغُلَامُهُ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَيَقُولُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الشِّعْرِ

994 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ «أَنَّهُ §كَانَ يَرْوِي الشِّعْرَ، وَيَسْتَخْرِجُ الْآيَاتِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَرْوِي شِعْرًا حَسَنًا فِيهِ هِجَاءٌ»

995 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ، قُلْتُ: §مَا تَرَى فِي الشِّعْرِ الرَّقِيقِ؟ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ عَوْنٍ شِعْرًا رَقِيقًا

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي قَتَادَةُ: أَنَّهُ §دَخَلَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ وَهُوَ فِي السِّجْنِ، فَإِذَا هُوَ يُكْتِبُ -[679]- رَجُلًا شِعْرًا رَقِيقًا، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ تُكْتِبُ شِعْرًا رَقِيقًا؟ فَقَالَ: لَا أُكْتِبُ أَحَدًا بَعْدَهَا شِعْرًا رَقِيقًا، لَكِنَّ هَذَا أَخْبَرَنِي أَنَّهُ أَحَبَّ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهَا

996 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فَزَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: «أَنَّهُ §كَانَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ»

997 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: كُنْتُ أَرَى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ وَمَعْبَدَ بْنَ خَالِدٍ §يُنْشِدَانِ الشِّعْرَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ، وَهُمَا قَاعِدَانِ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ

998 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: §رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ أَنْشَدَ شَابًّا شِعْرًا قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: تُنْشِدُهُ؟ قَالَ: إِنَّهُ عَرُوسٌ

999 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: كَانَ قَتَادَةُ يَسْتَنْشِدُنِي الشِّعْرَ، فَأَقُولُ لَهُ §أُنْشِدُكَ بَيْتًا، وَتُحَدِّثُنِي بِحَدِيثٍ

1000 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: §كَانَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ إِذَا كَانَ لَهُ إِلَى عَامِلٍ حَاجَةٌ مَدَحَهُ بِبَيْتَيْنِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ

1001 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ مُسْلِمٌ الْبَطِينُ: [البحر الكامل] §أَنَّى تُعَاتِبُ، لَا أَبَالَكَ عُصْبَةً ... عَلِقُوا الْفِرَى وَبَرَوْا مِنَ الصِّدِّيقِ سَفَهًا تَبَرَّوْا مِنْ وَزِيرِ نَبِيِّهِمْ ... تَبًّا لِمَنْ يَبْرَا مِنَ الْفَارُوقِ إِنِّي عَلَى رَغْمِ الْعَدَاةِ لَقَائِلٌ ... دَانَا بِدِينِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ قَالَ عَبْثَرُ: زَادَ سُفْيَانُ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ: قَوْلٌ يُصَدِّقُنِي بِهِ أَهْلُ التُّقَى ... وَالْعِلْمِ مِنْ ذِي الْعَرْشِ وَالتَّوْفِيقِ وَالِاهُمَا فِي الدِّينِ كُلُّ مُهَاجِرٍ ... صَحِبَ النَّبِيَّ وَفَازَ بِالتَّصْدِيقِ قَالَ عَبْثَرٌ: وَسَمِعْتُ هَذَا الْبَيْتَ يُلْحَقُ فِي هَذَا الشِّعْرِ: وَوِلَايَةُ الْأَنْصَارِ قَدْ نَالَتْهُمَا ... وَالتَّابِعِينَ بِحُسْنِ قَصْدِ طَرِيقِ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه "، يعني بقوله صلى الله عليه وسلم: " حتى يريه "، حتى يدوى جوفه ويأكله القيح، يقال فيه: ورى القيح جوف فلان، فهو يريه وريا، والجوف

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ» ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَتَّى يَرِيَهُ» ، حَتَّى يَدْوَى جَوْفُهُ وَيَأْكُلَهُ الْقَيْحُ، يُقَالُ فِيهِ: وَرَى الْقَيْحُ جَوْفَ فُلَانٍ، فَهُوَ يَرِيهِ وَرْيًا، وَالْجَوْفُ مَوْرِيٌّ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ بَنِي الْحَسْحَاسِ: [البحر الطويل] أَلَا نَادِ فِي آثَارِهِنَّ الْغَوَانِيَا ... سُقِينَ سِمَامًا، مَا لَهُنَّ وَمَالِيَا وَرَاهُنَّ رَبِّي مِثْلَ مَا قَدْ وَرَيْنَنِي ... وَأَحْمَى عَلَى أَكْبَادِهِنَّ الْمَكَاوِيَا وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ الرَّاجِزِ: [البحر الرجز] قَالَتْ لَهُ وَرْيًا إِذَا تَنَحْنَحَ ... يَا لَيْتَهُ يُسْقَى عَلَى الذُّرَحْرَحِ

وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] عَنْ قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ «يُؤَيِّدُ» يُعِينُ وَيُقَوِّي، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 87] ، وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ} . وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «بِمَا يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: بِمَا يَذُبُّ عَنْهُ وَيُدَافِعُ بِهِجَائِهِ الْمُشْرِكِينَ، يُقَالُ مِنْهُ: نَافَحَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، إِذَا

دَافَعَ عَنْهُ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِالْأَذَى، إِمَّا بِتَكْذِيبِهِ إِيَّاهُ، أَوْ بِهِجَائِهِ مَنْ هَجَاهُ، فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْمُدَافَعَةِ وَالذَّبِّ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: نَفَحَ فُلَانٌ فُلَانًا بِالْعَطَاءِ، فَمَعْنًى غَيْرُ هَذَا، وَمَعْنَاهُ: يُعْطِيهِ وَيَصِلُهُ وَيُنِيلُهُ مَعْرُوفَهُ، يُقَالُ مِنْهُ: نَفَحَ لَهُ سَجْلًا مِنَ الْعَطَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} [الأنبياء: 46] ، يَعْنِي بِهِ: نَالَهُمْ مِنْهُ نَصِيبٌ وَحَظٌّ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: نَفَحَ الْعِرْقُ بِالدَّمِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: هَتَنَ فِي سَيَلَانِهِ، وَمِثْلُهُ: نَعَرَ، وَضَرَا، يُقَالُ مِنْهُ: هُوَ عِرْقٌ بِالدَّمِ نَفَّاحٌ وَنَعَّارٌ، وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّشْقِ: الرَّمْيَ نَفْسَهُ، يُقَالُ مِنْهُ: رَشَقْتُ الْقَوْمَ بِالسِّهَامِ رَشْقًا، بِفَتْحِ الرَّاءِ، فَإِذَا كُسِرَتِ الرَّاءُ مِنَ الرِّشْقِ، فَإِنَّهُ الْوَجْهُ مِنَ الرَّمْيِ، يُقَالُ مِنْهُ: رَشَقْتُ الْقَوْمَ رِشْقًا مِنَ النَّبْلِ، إِذَا رَمَيْتُهُمْ وَجْهًا بِجَمِيعِ السِّهَامِ الَّتِي مَعَكَ. وَمِنَ الرِّشْقِ، بِكَسْرِ الرَّاءِ قَوْلُ أَبِي زُبَيْدٍ الطَّائِيِّ: [البحر الخفيف]

كُلَّ يَوْمٍ تَرْمِيهِ مِنْهَا بِرِشْقٍ ... فَمُصِيبٌ أَوْ صَافَ غَيْرَ بَعِيدٍ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَحْمِي أَعْرَاضَ الْمُؤْمِنِينَ» فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَحْمِي» مَنْ يَمْنَعُ مَنْ أَرَادَ أَعْرَاضَهُمْ بِسُوءٍ، مِنْ قَوْلٍ قَبِيحٍ أَوْ هِجَاءٍ يُهْجَى بِهِ مَنْ حَاوَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ. وَأَصْلُ الْحِمَى الْمَنْعُ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» ، يَعْنِي بِذَلِكَ: أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَجَّرَ مِنَ الْمُبَاحَاتِ شَيْئًا وَلَا يَمْنَعُهُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لِلَّهِ دُونَ خَلْقِهِ، لِأَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا لَهُ مِلْكٌ يَفْعَلُ فِيهَا مَا شَاءَ، وَلِرَسُولِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِذَلِكَ، وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ «حَمَى فُلَانٌ جَيْشَهُ فِي الْحَرْبِ» ، وَذَلِكَ إِذَا مَنَعَ عَدُوَّهُمْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] غُيُوثَ الْحَيَا فِي كُلِّ مَحْلٍ وَلَزْبَةٍ ... أُسُودَ الشَّرَى يَحْمِينَ كُلَّ عَرِينِ

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «يَحْمِينَ» ، يَمْنَعْنَ. يُقَالُ مِنْهُ: حَمَى الْقَوْمَ فُلَانٌ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَهُوَ يَحْمِيهِمْ حِمَايَةً، وَمِنْ: حَمَى الْأَرْضَ حِمًى، مَقْصُورٌ، وَرَجُلٌ ذُو حَمِيَّةٍ مُنْكَرَةٍ، إِذَا كَانَ ذَا غَضَبٍ وَأَنَفَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَمَيْتُ الِمَرِيضَ الطَّعَامَ، إِذَا مَنَعْتُهُ إِيَّاهُ. وَأَمَّا الْإِحْمَاءُ، فَإِنَّهُ أَنْ يَجْعَلَ الشَّيْءَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ، لِامْتِنَاعِهِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الصِّفَةِ أَنْ يُقْرَبَ، وَذَلِكَ كَالْحَدِيدَةِ تَدْخُلُ النَّارَ، وَتُحْمَى حَتَّى تَصِيرَ لَا يُمْكِنُ مَنْ أَرَادَهَا أَنْ يَمَسَّهَا، أَوِ الْبُقْعَةُ يَجْعَلُ فِيهَا مَا لَا يُمْكِنُ الْوُصُولَ إِلَيْهَا بِسَبَبِ مَا جَعَلَ فِيهَا، يُقَالُ مِنْهُ: أَحْمَيْتُ الْحَدِيدَةَ فِي النَّارِ، فَأَنَا أُحْمِيهَا إِحْمَاءً. وَأَمَّا حُمَيَّا الْكَأْسِ، فَإِنَّهُ سَوْرَتُهَا يُقَالُ مِنْهُ: سَارَتْ فِيهِ حُمَيَّا الْكَأْسِ، إِذَا سَارَتْ فِيهِ سَوْرَتَهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَنْ أَعْرَاضِ الْمُؤْمِنِينَ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْأَعْرَاضِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، الْأَحْسَابَ وَمَوَاضِعَ الْمَدْحِ مِنْهُمْ، وَاحِدُهَا عِرْضٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، يُقَالُ: فُلَانٌ نَقِيُّ الْعِرْضِ، يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ بَرِئٌ مِنْ أَنْ يُشْتَمَ، أَوْ يُعَابَ، وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرِ عَزَّةَ: [البحر الطويل] هَنِيئًا مَرِيئًا، غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ ... لِعَزَّةَ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ طَيِّبُ الْعِرْضِ، وَمُنْتِنُ الْعِرْضِ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ أَوْ مُنْتِنُهَا. وَالْأَعْرَاضُ فِي غَيْرِ هَذَا الْجَيْشُ الْكَثِيرُ الْعَدَدِ، وَاحِدُهَا عَرْضٌ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، يُقَالُ: مَا هُمْ إِلَّا عَرْضٌ مِنَ الْأَعْرَاضِ، وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] إِنَّا إِذَا قُدْنَا لِقَوْمٍ عَرْضَا ... لَمْ نُبْقِ مِنْ بَغْيِ الْأَعَادِي عَضَّا وَالْعَرْضُ أَيْضًا، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، الْعَرْضُ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الطُّوَلِ. وَالْعَرْضُ أَيْضًا، مَصْدَرُ قَوْلِ الْقَائِلِ: عَرَضْتُ الْعُودَ عَلَى الْإِنَاءِ عَرْضًا، وَعَرَضْتُ السَّيْفَ عَلَى الْفَخِذِ عَرْضًا، وَعَرَضْتُ النَّاقَةَ عَلَى الْحَوْضِ عَرْضًا، إِذَا سُمْتَهَا أَنْ تَشْرَبَ. وَالْعَرْضُ أَيْضًا، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْدًا، يَقُولُ الرَّجُلُ لِآخَرَ: اقْبَلْ مِنًى عَرْضًا، فَيُعْطِيهِ مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً مَكَانَ حَقِّهِ. وَأَمَّا الْعَرَضُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ، فَهُوَ مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ بَلَاءٍ أَوْ مُصِيبَةٍ، كَالْمَرَضِ أَوِ الْكَسْرِ. وَالْعَرَضُ أَيْضًا، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ، حُطَامُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، يُقَالُ: إِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ. وَأَمَّا الْعُرْضُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُّكُونِ الرَّاءِ، فَنَاحِيَةُ الشَّيْءِ يُقَالُ: اضْرِبْ بِهَذَا عُرْضَ الْحَائِطِ، يَعْنِي بِهِ نَاحِيَةَ الْحَائِطِ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّرِيدِ: اسْتَنْشَدَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِئَةَ قَافِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مِائَةَ قَافِيَةٍ، مِائَةَ بَيْتِ شِعْرٍ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَقَافِيَةُ الْبَيْتِ مُؤَخَّرُهُ وَمُنْقَطَعُهُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِقَفَا الْإِنْسَانِ: قَفًا؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطَعُ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ: [البحر الطويل] فَمَنْ لِلْقَوَافِي شَانَهَا مَنْ يَحُوكُهَا ... إِذَا مَا ثَوَى كَعْبٌ وَفَوَّزَ جَرْوَلُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَفَوْتُ فُلَانًا، إِذَا اتَّبَعَ أَثَرَهُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَّبِعُ أَثَرَهُ لِيَكُونَ وَرَاءَهُ لَا أَمَامَهُ. وَأَمَّا قَوْلُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مَنْدُوحَةٌ مُتَّسَعًا، يُقَالُ مِنْهُ: انْتَدَحَ فُلَانٌ كَذَا يَنْتَدِحُ بِهِ انْتِدَاحًا إِذَا اتَّسَعَ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الكامل] أَلَا إِنَّ جِيرَانِي الْعَشِيَّةَ رَائِحُ ... دَعَتْهُمْ دَوَاعٍ مِنْ هَوًى وَمَنَادِحُ وَأَمَّا قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِمِقْوَلِي مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَبُصْرَى، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: بِمِقْوَلِي بِلِسَانِي. وَمِنْ أَسْمَائِهِ: اللَّقْلُقُ، وَالْمِسْحَلُ، وَالْمِذْوَدُ، وَمِنَ الْمِقْوَلِ قَوْلُ الْعَجَّاجِ: مَا كُنْتُ مِنْ تِلْكَ الرِّجَالِ الْخُذَّلِ ... ذِي رَأْيِهِمْ وَالْعَاجِزِ الْمُخَسَّلِ عَنْ هَيْجِ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ الْمَرْحَلِ ... وَجَعْلِ نَفْسِي مَعَهُ وَمِقْوَلِي وَمِنَ الْمِذْوَدِ قَوْلُ عَنْتَرَةَ: [البحر الكامل] سَيَأْتِيكُمُ مِنِّي وَإِنْ كُنْتُ نَائِيًا ... دُخَانُ الْعَلَنْدَى دُونَ بَيْتِيَ مِذْوَدُ وَمِنَ الْمِسْحَلِ قَوْلُ الْآخَرِ: فَإِنَّ عِنْدِي إِنْ رَكِبْتُ مِسْحَلِي ... سَمَّ ذَرَارِيحَ رِطَابٍ وَخَشِي وَمِنَ اللَّقْلُقِ قَوْلُهُمْ: مَنْ وُقِيَ شَرَّ لَقْلُقِهِ وَقَبْقَبِهِ وَذَبْذَبِهِ فَقَدْ وُقِيَ، يَعْنِي بِاللَّقْلُقِ: اللِّسَانَ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ: وَأُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ عَلَى نَاقَةٍ قَدْ شَنَقَهَا بِزِمَامِهَا، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: قَدْ شَنَقَهَا بِزِمَامِهَا، قَدْ مَدَّهَا إِلَى مَا يَلِي الرَّحْلِ، كَمَا تُكْبَحُ الدَّابَّةُ بِاللِّجَامِ. وَفِيهِ لُغَتَانِ: شَنَقْتُهَا أَشْنِقُهَا شَنْقًا، وَأَشْنَقْتُهَا أُشْنِقُهَا إِشْنَاقًا، وَالشِّنَاقُ نَفْسُهُ: هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقِرْبَةِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ السَّيْرُ الَّذِي تُعَلَّقَ بِهِ الْقِرْبَةُ عَلَى الْوَتَدِ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَحَلَّ شِنَاقَ الْقِرْبَةِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ الْحُطَيْئَةِ: فَاسْتَأْدَى عَلَيْهِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ يَعْنِي اسْتَعْدَاهُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: اسْتَعْدَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ الْأَمِيرَ، وَاسْتَأْدَاهُ عَلَيْهِ، إِذَا اسْتَعَانَهُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ: هُوَ مَأْكَلَةُ عِيَالِي، وَنَمْلَةٌ عَلَى لِسَانِي فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالنَّمْلَةِ: الدَّاءَ، وَأَصْلُهَا: قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي جَنْبِ الرَّجُلِ، يُقَالُ مِنْهُ: بِفُلَانٍ نَمْلَةٌ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِهِ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ لِلشَّفَّاءِ: «عَلِّمِي حَفْصَةَ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ» ، يَعْنِي رُقْيَةَ هَذِهِ الْقُرُوحِ. وَأَمَّا النُّمْلَةُ، بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، فَإِنَّهَا النَّمِيمَةُ، يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: رَجُلٌ نَمِلٌ إِذَا كَانَ نَمَّامًا، وَمِثْلُهُ الْقَتَّاتُ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِلنَّابِغَةِ: أَمَّا عِفْوَةُ مَالِنَا، فَإِنَّ بَنِي أَسَدٍ تَشْغَلُهَا عَنْكَ وَتَيْمًا، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِعِفْوَةِ الْمَالِ: الْفَاضِلَ عَنِ النِّصَابِ وَالزَّائِدَ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] ، يُقَالُ مِنْهُ: عَفَا مَالُ فُلَانٍ، إِذَا كَثُرَ، وَعَفَا شَعْرُهُ، إِذَا وَفُرَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95] ، يَعْنِي: كَثُرُوا

حديث النعمان بن بشير، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم

§حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَخْطُبُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالَ: «لَقَدْ §رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بَطْنَهُ»

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين: إحداهما: أنه لا يعرف له عن النعمان بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مخرج إلا من هذا الوجه. والأخرى: أنه

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْرَجٌ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ خَبَرٌ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ النُّعْمَانِ، فَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَ النُّعْمَانِ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا

ذكر من روى هذا الحديث عن سماك، فجعله عن النعمان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا

§ذِكْرُ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سِمَاكٍ، فَجَعَلَهُ عَنِ النُّعْمَانِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا

1002 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَنْطَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: احْمَدُوا رَبَّكُمْ، فَرُبَّمَا §رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَلَوَّى، مَا يَشْبَعُ مِنَ الدَّقَلِ، وَأَنْتُمْ لَا تَرْضَوْنَ دُونَ أَلْوَانِ التَّمْرِ وَالزُّبْدِ -[694]- وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذْكُرُ بَعْضَ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ مِنْهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْبَيَانَ

1003 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «§مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ»

1004 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَسُفْيَانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «§مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مُذْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ»

1005 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «§مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مُذْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ»

1006 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «§مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ يَوْمَيْنِ مِنْ غَدَاءٍ وَعَشَاءٍ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ»

1007 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «§مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

1008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَمَّارٌ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: بَكَتْ عَائِشَةُ وَبَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَابٌ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ مَا مَلَأْتُ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ فَشِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ إِلَّا بَكَيْتُ، أَذَكَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ، §مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامَ بُرٍّ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ

1009 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «§قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا شَبِعَ مِنَ الْأَسْوَدَيْنِ، التَّمْرِ وَالْمَاءِ»

1010 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَقَدْ §مَكَثْنَا آلُ مُحَمَّدٍ شَهْرًا مَا نَسْتَوْقِدُ نَارًا، إِنْ هُوَ إِلَّا التَّمْرُ -[698]- وَالْمَاءُ، لَا يَأْتِينَا شَيْءٌ، وَكَانَ أَهْلُ دُورٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ حَوْلِنَا لَهُمْ شَاءٌ، فَكَانُوا يَبْعَثُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ لَبَنٌ»

1011 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " §مَا اسْتَضَاءَ آلُ مُحَمَّدٍ بِنَارٍ شَهْرًا

1012 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَقَدْ §مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ»

1013 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: قَالَ لِي عُرْوَةُ. قَالَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: " إِنْ §كُنَّا لَنَمْكُثُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، لَا نُوقِدُ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِصْبَاحًا وَلَا غَيْرَهُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعِيشُونَ؟ قَالَتْ: بِالْأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ، إِذَا وَجَدْنَا "

1014 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّي فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ. فَقُلْتُ: لَبَّيْكِ. قَالَتْ: " وَاللَّهِ إِنْ §كُنَّا لَنَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مَا يُوقَدُ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارُ مِصْبَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ، فَبِمَا كُنْتُمْ تَعِيشُونَ؟ قَالَتْ: بِالْأَسْوَدَيْنِ الْمَاءِ وَالتَّمْرِ -[700]- 1015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: " يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِي حَدِيثِهِ: قُلْتُ: وَمَا الْأَسْوَدَانِ؟ قَالَتِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ 1016 - حَدَّثَنِي أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ

1017 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ غَزِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ §كَانَ الشَّهْرُ لَيَمُرُّ عَلَى دَابَّةٍ، وَمَا نَرَى فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصِيصَ نَارٍ مِنْ سِرَاجٍ وَلَا غَيْرِهِ»

1018 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ فِي شَهْرَيْنِ، §وَمَا أُوقِدَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ. قُلْتُ: يَا خَالَةُ، وَمَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ نِعْمَ الْجِيرَانُ، كَانُوا كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ مِنْ غَنَمٍ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

1019 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «§مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ»

1020 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ، قَالَتْ: " §أَهْدَى لَنَا أَبُو بَكْرٍ رِجْلَ شَاةٍ قَالَتْ: فَإِنِّي لَأَقْطَعُهَا أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ظُلْمَةِ الْبَيْتِ. فَقِيلَ لَهَا: فَهَلَّا أَسْرَجْتُمْ؟ قَالَتْ: لَوْ كَانَ لَنَا مَا نُسْرِجُ بِهِ أَكَلْنَاهُ "

1021 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ يَعْنِي الزَّمْعِيَّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §لَمْ يَشْبَعْ شَعْبَتَيْنِ فِي يَوْمٍ حَتَّى مَاتَ»

1022 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «§مَا شَبِعْنَا مِنَ الْأَسْوَدَيْنِ، وَهُمَا الْمَاءُ وَالتَّمْرُ، حَتَّى أَجْلَى اللَّهُ النَّضِيرَ وَأَهْلَكَ قُرَيْظَةَ»

1023 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا: §الْآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ "

1024 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ إِيَاسَ الْهُذَلِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَنَا جَلِيسًا، وَكَانَ نِعْمَ الْجَلِيسُ، وَأَنَّهُ انْقَلَبَ بِنَا ذَاتَ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلْنَا بَيْتَهُ دَخَلَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَجَلَسَ مَعَنَا، فَأَتَانَا بِصَحْفَةٍ فِيهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ، فَلَمَّا وُضِعَتْ بَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: «§هَلَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَشْبَعْ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ، فَلَا أُرَانَا أُخِّرْنَا لِهَذَا، لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَنَا»

1025 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§مَا أَشْبَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَهُ ثَلَاثًا تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ الْبِرِّ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» -[705]- 1026 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

1027 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ جَالِسَانِ إِذْ جَاءَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا أَجْلَسَكُمَا هَاهُنَا؟» قَالَا: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَخْرَجَنَا مِنْ بُيُوتِنَا إِلَّا الْجُوعُ. قَالَ: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ» . فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا بَيْتَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَاسْتَقْبَلَتْهُمُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ لَهَا: «أَيْنَ فُلَانٌ؟» قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مَاءً، فَجَاءَ صَاحِبُهُمْ حَامِلًا قِرْبَتَهُ فَقَالَ: مَرْحَبًا، مَا زَارَ الْعِبَادَ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ نَبِيٍّ زَارَنِي الْيَوْمَ، فَعَلَّقَ قِرْبَتَهُ بِكَرَبِ نَخْلَةٍ وَانْطَلَقَ، فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا كُنْتَ اجْتَنَيْتَ؟ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونُوا الَّذِينَ تَخْتَارُونَ عَلَى أَعْيُنِكُمْ ". ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ» . فَذَبَحَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ، فَأَكَلُوا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، فَلَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَبْتُمْ هَذَا، فَهَذَا مِنَ النَّعِيمِ»

1028 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: «مَا أَخْرَجَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟» قَالَ: خَرَجْتُ لِلِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْظُرَ فِي -[706]- وَجْهِهِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكَ يَا عُمَرُ؟» قَالَ: الْجُوعُ قَالَ: «وَأَنَا وَجَدْتُ بَعْضَ الَّذِي تَجِدُ» . فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ، فَأَتَوْهُ، فَلَمْ يَجِدُوهُ وَوَجَدُوا امْرَأَتَهُ، فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ قَالَتِ: انْطَلَقَ غُدْوَةً يَسْتَعْذِبُ - أَوْ يَسْتَعْتِبُ، كَذَا قَالَ شَيْبَانُ - مِنَ الْمَاءِ مِنْ قَنَاةِ بَنِي فُلَانٍ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ بِقِرْبَةٍ يَرْعَبُهَا، فَوَضَعَهَا، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَزِمُهُ وَيُفَدِّيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى ظِلِّ حَدِيقَتِهِ، فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلَةٍ، فَجَاءَ بِعِذْقٍ بِقِنْوٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلَّا تَنَقَّيْتَ مِنْ رُطَبِهِ؟» فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ تَخَيَّرَ مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، §مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي أَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَذَا الظِّلُّ الْبَارِدُ، وَالرُّطَبُ الْبَارِدُ، عَلَيْهِ الْمَاءُ الْبَارِدُ»

1029 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو النَّصْرِيِّ، قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا إِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ عَلَى عَرِيفِهِ بِغَيْرِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ الصُّفَّةَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرِنُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، وَيَرْزُقُهُمَا مُدًّا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَهُمَا، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْرَقَ التَّمْرُ بُطُونَنَا قَالَ: فَصَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الشِّدَّةَ وَالْأَذَى قَالَ: " حَتَّى §لَقَدْ مَكَثْتُ أَنَا وَصَاحِبِي بَضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَمَا طَعَامُنَا إِلَّا الْبَرِيرُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ عَلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَوَاسَوْنَا فِي طَعَامِهِمْ، وَعُظْمُ طَعَامِهِمْ هَذَا التَّمْرُ، وَاللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ اللَّحْمَ وَالْخُبْزَ لَأَطْعَمْتُكُمْ، وَلَكِنْ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُدْرِكُوا - أَوْ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ - زَمَانًا تَلْبَسُونَ فِيهِ مِثْلَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَيُغْدَى عَلَيْكُمْ وَيُرَاحُ الْجِفَانُ قَالَ: وَزَادَ فِيهِ الْحَسَنُ: أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ، أَنْتُمُ الْيَوْمَ إِخْوَانٌ، وَأَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

1030 - حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ -[709]-: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، أَنَّ طَلْحَةَ حَدَّثَهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ لِي بِهَا مَعْرِفَةٌ، فَنَزَلْتُ فِي الصُّفَّةِ مَعَ رَجُلٍ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كُلَّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ صَلَاةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ، وَتَخَرَّقَتْ عَنَّا الْخُنُفُ , قَالَ: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[710]- فَخَطَبَ فَقَالَ: «وَاللَّهِ §لَوْ وَجَدْتُ خُبْزًا وَلَحْمًا لَأَطْعَمْتُكُمُوهُ، أَمَا إِنَّكُمْ تُوشِكُونَ أَنْ تُدْرِكُوا ذَاكَ، أَوْ مَنْ أَدْرَكَ ذَاكَ مِنْكُمْ، أَنْ يُرَاحَ عَلَيْهِ بِالْجِفَانِ وَتَلْبَسُونَ مِثْلَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ» . قَالَ: وَذَكَرَ قَوْمَهُ وَمَا لَقِيَ مِنْهُمْ قَالَ: فَمَكَثْتُ أَنَا وَصَاحِبِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا الْبَرِيرُ، حَتَّى جِئْنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَوَاسَوْنَا، وَكَانَ خَيْرُ مَا أَصَبْنَا هَذَا التَّمْرُ

1031 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: «لَقَدْ §كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَعَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ، وَهَذَا السَّمُرُ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، مَالَهُ خِلْطٌ» -[711]- 1032 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ تَمِيمٌ: قِيلَ لِيَزِيدَ: وَمَا وَرَقُ الْحُبْلَةِ؟ قَالَ: وَرَقُ الشَّجَرِ

1033 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُنَّ مِنْ شَيْءٍ، فَقَدْ نَزَلَ بِي ضَيْفٌ؟» قَالَ: فَقُلْنَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِلَّا الْمَاءُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: «يَا فُلَانُ، هَلْ عِنْدَكَ اللَّيْلَةَ مِنْ شَيْءٍ، تَذْهَبُ بِضَيْفِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. فَذَهَبَ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: هَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ خُبْزَةٌ لَنَا. قَالَ: قَرِّبِيهَا، وَكَأَنَّكِ تُصْلِحِينَ الْمِصْبَاحَ فَأَطْفِئِيهِ. فَفَعَلَتْ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَأْكُلُ مَعَ ضَيْفِهِ، فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُبْزَةِ حَتَّى أَكَلَ وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا ضَيْفُهُ لِحَاجَتِهِ، وَغَدَا الْأَنْصَارِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: «كَيْفَ صَنَعْتَ اللَّيْلَةَ بِضَيْفِكَ؟» فَظَنَّ أَنَّهُ شَكَاهُ، فَحَدَّثَهُ بِالَّذِي صَنَعَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ، لَقَدْ §عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكَ إِلَى ضَيْفِكَ، أَوْ ضَحِكَ بِصَنِيعِكَ إِلَيْهِ»

القول في البيان عن معاني هذه الأخبار إن قال لنا قائل: وما وجه هذه الأخبار ومعانيها، وقد علمت صحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يرفع ما أفاء الله عليه من النضير وفدك قوته وقوت عياله لسنة، ثم يسلف ما فضل عن ذلك في الكراع والسلاح عدة

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَنْ مَعَانِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ إِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَمَعَانِيهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ صِحَّةَ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّضِيرِ وَفَدَكَ قُوتَهُ وَقُوتَ عِيَالِهِ لِسَنَةٍ، ثُمَّ يُسْلِفُ مَا فَضُلَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ قَسَمَ بَيْنَ أَنْفُسٍ مَعْدُودِينَ زُهَاءَ أَلْفِ بَعِيرٍ مِنْ خَاصَّةِ حَقِّهِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، وَأَنَّهُ سَاقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِئَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَهَا وَأَطْعَمَهَا مَنْ حَضَرَ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ لِلْأَعْرَابِيِّ يَقْدَمُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَادِيَةِ فَيُسَلِّمُ بِقَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، هَذَا مَعَ مَا يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ مِنْ عَطَايَاهُ وَفَوَاضِلِهِ الَّتِي لَا يُذْكَرُ مِثْلُهَا عَنْ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ مُلُوكِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، مَعَ كَوْنِهِ بَيْنَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ الْعِظَامِ، وَالْأَمْلَاكِ الْجِسَامِ، كَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَأَمْثَالِهِمْ فِي كَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَبَذْلِهِمْ لَهُ مُهَجَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَخُرُوجِ أَحَدِهِمْ مِنْ جَمِيعِ مِلْكِهِ إِلَيْهِ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ مَعَ إِشْرَاكِ الْأَنْصَارِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَنْ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَبَذْلِهِمْ نَفَائِسَهَا فِي النَّفَقَةِ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَيْفَ بِإِنْفَاقِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهِ إِلَيْهَا الْحَاجَةُ الْعُظْمَى، لِيَرُدَّ بِذَلِكَ جَسِيمَ مَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الْمَجَاعَةِ، وَحَلَّ بِهِ مِنْ عَظِيمُ الْخُمُوصَةِ، إِنَّ هَذَا لِمَنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ وَأَنْكَرِ النُّكرِ، لِإِحَالَةِ بَعْضِهِ مَعْنَى بَعْضٍ، وَدَفْعِ بَعْضِهِ صِحَّةَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ

الْبَعْضُ، إِذْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ اجْتِمَاعُ قَشَفِ الْمَعِيشَةِ وَشَطَفِهَا وَالرَّخَاءِ وَالسَّعَةِ فِيهَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، فَهَلْ عِنْدَكَ لِذَلِكَ مَخْرَجٌ فِي الصِّحَّةِ فَيُصَدَّقَ بِجَمِيعِهَا، أَمْ لَا حَقِيقَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَنَدْفَعَهَا؟ أَمْ بَعْضُهَا صَحِيحٌ مَعْنَاهُ، وَبَعْضُهُ مُسْتَحِيلٌ فِي الصِّحَّةِ مَخْرَجُهُ، فَتَدُلَّنَا عَلَى صَحِيحِ ذَلِكَ مِنْ سَقِيمِهِ، لِتُحِقَّ الْحَقَّ وَتُبْطِلَ الْبَاطِلَ؟ قِيلَ لَهُ: لَا خَبَرَ فِيمَا ذَكَرْتَ أَوْ لَمْ أَذْكُرْ يَصِحُّ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ عِنْدَنَا حَقٌّ، وَالدَّيْنُونَةُ بِهِ لِلْأُمَّةِ لَازِمَةٌ، وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ يَدْفَعُ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا يَنْقُضُ شَيْءٌ مِنْهُ مَعْنَى شَيْءٍ غَيْرِهِ، وَنَحْنُ ذَاكِرُو بَيَانِ ذَلِكَ بِعِلَلِهِ وَحُجَجِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ، بِعَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ. فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مِنَ الْجُوعِ، لَا يَجِدُ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ مِنَ الدَّقَلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ يَكُونُ فِي الْحِينِ بَعْدَ الْحِينِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ ذَا مَالٍ، كَانَتْ تَسْتَغْرِقُ نَوَائِبُ الْحُقُوقِ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ وَالضَّعْفِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى الضِّيفَانِ وَمَنِ اعْتَرَاهُمْ وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ وفُودِ الْعَرَبِ، وَفِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَثْرَةَ مَالِهِ، وَحَتَّى يَقِلَّ كَثِيرُهُ أَوْ يَذْهَبَ جَمِيعُهُ. وَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَقَالَ: هَذَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَكَيْفَ يُسْتَنْكَرُ لِمَنْ كَانَ هَذَا فِعْلُهُ، أَنْ يُمْلِقَ صَاحِبُهُ، ثُمَّ لَا يَكُونَ لَهُ السَّبِيلُ إِلَى سَدِّ عَوَزِهِ وَلَا إِرْفَاقِهِ لِمَا يُغْنِيهِ عَنْ غَيْرِهِ؟ وَعَلَى هَذِهِ الْخَلِيقَةِ كَانَتْ خَلَائِقُ تُبَّاعِهِ وَأَصْحَابِهِ

رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وَذَلِكَ كَالَّذِي ذُكِرَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ جَهَّزَ جَيْشًا مِنْ مَالِهِ حَتَّى لَمْ يَفْقِدُوا حَبْلًا وَلَا قَتَبًا، وَكَالَّذِي ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَجَاءَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ صَدَقَةً مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَفِي صَاحِبِهِ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ قَدْ كَسَبَهُ بِجَرِّ الْجَرِيرِ عَلَى ظَهْرِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، إِذْ تَكَلَّمَ فِي أَمْرِهِمَا الْمُنَافِقُونَ، فَقَالُوا لِهَذَا: إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الرِّبَا وَقَالُوا فِي الْآخَرِ: كَانَ اللَّهُ غَنِيًّا مِنْ صَاعِهِ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79] . فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ أَفْعَالُهُ وَخَلَائِقُهُ أَنَّهُ لَا يُخْطِئُهُ أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ التَّارَةُ مِنَ الزَّمَانِ وَالْحِينُ مِنَ الْأَيَّامِ مُمْلِقًا لَا شَيْءَ لَهُ، قَدْ أَسْرَعَ فِي مَالِهِ نَوَافِلُ عَطَايَاهُ وَفَوَاضِلُ نَدَاهُ، إِنِ احْتَاجَ لَهُ أَخٌ أَوْ خَلِيلٌ إِلَى بَعْضِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْآدَمَيُّونَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَى مُؤَاسَاتِهِ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ، إِلَى أَنْ يَثُوبَ لَهُ مَالٌ، أَوْ يَتَعَيَّنَ لَهُ مَالٌ. فَقَدْ ثَبَتَ إِذًا بِمَا ذَكَرْتُ وَوَصَفْتُ خَطَأَ قَوْلِ الْقَائِلِ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ عَلَى أَوْسُقٍ مِنْ شَعِيرٍ، وَفِي أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى وَالسَّعَةِ مَنْ لَا يَجْهَلُ مَوْضِعَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ كَانَ يَطْوِي الْأَيَّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ خَمِيصًا وَأَصْحَابُهُ يَمْتَهِنُونَ لَهُ أَمْوَالَهُمْ، وَيَبْذِلُونَهَا لِمَنْ هُوَ دُونَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ؟ فَكَيْفَ لَهُ؟ إِذْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْلُومًا جُودُهُ وَكَرَمُهُ وَإِيثَارُهُ ضِيفَانَهُ وَالْقَادِمِينَ عَلَيْهِ مِنْ وفُودِ الْعَرَبِ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَقْوَاتِ وَالْأَمْوَالِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَاحْتِمَالِهِ الْمَشَقَّةَ وَالصَّبْرَ عَلَى

الْخُمُوصَةِ وَالْمَجَاعَةِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَامْتِثَالِ أَصْحَابِهِ وَتُبَّاعِهِ فِي ذَلِكَ أَخْلَاقَهُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَأَتْبَاعُهُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ لَهُ وَلِأَتْبَاعِهِ حَالُ ضِيقٍ يَحْتَاجُ هُوَ وَهُمْ مَعَهَا إِلَى الِاسْتِسْلَافِ وَالِاسْتِقْرَاضِ، وَإِلَى طَيِّ الْأَيَّامِ عَلَى الْمَجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ. فَكَانَ مَا يَكُونُ مِنْ ضِيقٍ يُصِيبُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ أَوْ مَنْ يُصِيبُهُ ذَاكَ مِنْهُمْ وَمَعِيشَتُهُ لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الَّتِي وَصَفْنَا، وَهَذِهِ وَالْأَحْوَالُ مِنْ أَحْوَالِهِ وَأَحْوَالِ أَصْحَابِهِ عُنِيَتْ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ مِنْ شَدِّهِ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَعُدْمِهِمُ الْقُوتَ وَمَا يُشْبِعُهُمُ الْأَيَّامَ الْمُتَتَابِعَةَ. وَتَقُولُ عَائِشَةُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا: لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا شَهْرَانِ مَا يُوقَدُ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِصْبَاحٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ. فَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ لَمْ يَشْبَعْ ثَلَاثًا تِبَاعًا مِنْ خُبْزٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ الْبُرَّ كَانَ بِنَوَاحِي مَدِينَتِهِ قَلِيلًا، وَإِنَّمَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ عَلَى عَهْدِهِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْثِرُ قُوتَ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَيَكْرَهُ أَنْ يَخْتَصَّ نَفْسَهُ بِمَا لَا سَبِيلَ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ مِنَ الْغِذَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِأَخْلَاقِهِ. وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ لَمْ يَشْبَعْ شَبْعَتَيْنِ فِي يَوْمٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَمْ يَشْبَعْ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ لِعَوَزٍ وَلَا لِضِيقٍ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَفَاءَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ وَفَاتِهِ بِلَادَ الْعَرَبِ كُلَّهَا، وَنَقَلَ إِلَيْهِ الْخَرْجَ مِنْ بَعْضِ بِلَادِ الْعَجَمِ كأَيْلَةَ وَالْبَحْرَيْنِ وَهَجَرَ؟ وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْضُهُ لَمَّا وَصَفْتُ مِنْ إِيثَارِهِ نَصِيبَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى

بِمَالِهِ، وَبَعْضُهُ كَرَاهَةً مِنْهُ الشِّبَعَ وَكَثْرَةَ الْأَكْلِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَبِتَرْكِ ذَلِكَ كَانَ يُؤَدِّبُ أَصْحَابَهُ، وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِ بَعْضِهِ بَعْضُ مَا فِيهِ

ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك

§ذِكْرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ

1034 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ، وَأُكْرِهَ عَلَى طَعَامٍ يَأْكُلُهُ فَقَالَ: حَسْبِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§أَكْثَرُ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا فِي الْآخِرَةِ»

1035 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ -[717]-، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: أَكَلْتُ ثَرِيدًا وَلَحْمًا سَمِينًا، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَجَشَّأُ فَقَالَ: «§احْبِسْ جُشَاءَكَ يَا أَبَا جُحَيْفَةَ، إِنَّ أَكْثَرَكُمْ شِبَعًا الْيَوْمَ أَطْوَلُكُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، قَالَ: فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ

1036 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ جَابِرٍ يُحَدِّثُ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَا وَعَى ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الْمُسْلِمِ أَكَلَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ»

1037 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَا مَلَأَ آدَمَيُّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُكَ ابْنَ آدَمَ لُقَيْمَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَكَ، فَإِنْ كَانَ لَابُدَّ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ» وَعَلَى مِثْلِ الَّذِي ذَكَرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِيثَارِهِ الْجُوعَ وَقِلَّةَ الشِّبَعِ، مَعَ وجودِ السَّبِيلِ إِلَى الشِّبَعِ مَرَّةً، وَعُدْمِهِ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى مَضَى الْخِيَارُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ

ذكر بعض من حضرنا ذكره ممن سلك في ذلك سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّنْ سَلَكَ فِي ذَلِكَ سَبِيلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1038 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَقِيَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَعِي لَحْمٌ اشْتَرَيْتُهُ بِدِرْهَمٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اشْتَرَيْتُهُ لِلصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَ عُمَرُ: §لَا يَشْتَهِي أَحَدُكُمْ شَيْئًا إِلَّا وَقَعَ فِيهِ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا يَطْوِي أَحَدُكُمْ بَطْنَهُ لِجَارِهِ وَابْنِ عَمِّهِ؟ ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ تَذْهَبُ -[719]- عَنْكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20] ؟

1039 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: أَجْعَلُ لَكَ جُوَارَشْنًا؟ قَالَ: وَمَا الْجُوَارَشْنُ؟ قَالَ: شَيْءٌ إِذَا كَظَّكَ طَعَامٌ فَأَصَبْتَ مِنْهُ سَهَّلَ عَلَيْكَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: §مَا شَبِعْتُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَا ذَاكَ أَلَّا أَكُونَ لَهُ وَاجِدًا، وَلَكِنِّي عَهِدْتُ قَوْمًا يَشْبَعُونَ مَرَّةً وَيَجُوعُونَ مَرَّةً

1040 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَقَالَ: يَرْحَمُهَا اللَّهُ، كَانَتْ تَقُوتُنِي بِكَذَا وَكَذَا مِنَ الطَّعَامِ، شَيْءٍ قَلِيلٍ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: وَمَا أَعْجَبَكَ؟ §مَا شَبِعْتُ مِنْ طَعَامٍ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا

1041 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: نُبِّئْتُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ قَالَ لِصَفِيَّةَ: لَوْ أَلْطَفْتِ هَذَا الشَّيْخَ؟ قَالَتْ: قَدْ أَعْيَانِي، لَا يَأْكُلُ إِلَّا وَمَعَهُ آكِلٌ، فَلَوْ كَلَّمْتَهُ؟ قَالَ: فَكَلَّمَهُ فَقَالَ: §الْآنَ تَأْمُرُنِي بِالشِّبَعِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي إِلَّا ظِمْءُ حِمَارٍ، فَمَا شَبِعْتُ مُنْذُ ثَمَانِي سِنِينَ، يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ

1042 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلَانِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ، فَنَزَعَ وِسَادَةً كَانَ مُتَّكِئًا عَلَيْهَا، فَأَلْقَاهَا إِلَيْهِمَا، فَقَالَا: لَا نُرِيدُ هَذَا، إِنَّمَا جِئْنَا لَنَسْمَعَ شَيْئًا نَنْتَفِعُ بِهِ فَقَالَ: إِنَّهُ §مَنْ لَمْ يُكْرِمْ ضَيْفَهُ فَلَيْسَ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ إِبْرَاهِيمَ، طُوبَى لِعَبْدٍ مُتَعَلِّقٍ بِرَسَنِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَفْطَرَ عَلَى كِسْرَةٍ وَمَاءٍ بَارِدٍ، وَوَيْلٌ لِلَّوَّاثِينَ الَّذِينَ يَلُوثُونَ مِثْلَ الْبَقَرِ، ارْفَعْ يَا غُلَامُ، وَضَعْ يَا غُلَامُ، وَفِي ذَلِكَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهُ

1043 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ قَطَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: §كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى تَيْبَسَ أَمْعَاؤُهُ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ أَتَى بِسَمْنٍ وَصَبِرٍ فَتَحَسَّاهُ حَتَّى تُفْتَقَ الْأَمْعَاءُ قَالَ: وَهُوَ الْيَوْمَ السَّابِعَ أَصْفَى صَوْتًا

1044 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ قَطَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يُوَاصِلُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ إِفْطَارِهِ مِنَ اللَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ مِنْ لَيَالِي الْجُمُعَةِ قَالَ: §يَدْعُو بِقَدَحٍ يُقَالُ لَهُ -[722]-: الْغِمْرُ، ثُمَّ يَدْعُو بِقَعْبٍ مِنْ سَمْنٍ قَالَ: ثُمَّ يَأْمُرُ بِلَبَنٍ فَيُحْلَبُ عَلَيْهِ قَالَ: ثُمَّ يَدْعُو بِشَيْءٍ مِنْ صَبِرٍ فَيَذُرُّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَشْرَبُهُ قَالَ: فَأَمَّا اللَّبَنُ فَيَعْصِمُهُ، وَأَمَّا السَّمْنُ فَيَقْطَعُ عَنْهُ الْعَطَشَ، وَأَمَّا الصَّبِرُ فَيَفْتُقُ أَمْعَاءَهُ

1045 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبٍ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: §كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَبِرَ جَعَلَهَا خَمْسًا، فَلَمَّا كَبِرَ جِدًّا جَعَلَهَا ثَلَاثًا

1046 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي نُعْمٍ يُفْطِرُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُفْطِرَ عِنْدِي. قَالَ: §إِنَّ لِإِفْطَارِي مَؤُونَةً. قَالَ: إِنَّهُ لَيَسِيرٌ، أَيَّ شَيْءٍ أُهَيِّئُ لَكَ؟ قَالَ: هَيِّئْ لِي كَذَا وَكَذَا رَطْلًا مِنْ لَبَنٍ وَحَلِيبٍ، وَكَذَا وَكَذَا مِنَ السَّمْنِ قَالَ: ثُمَّ جَاءَ فَجَعَلَ يَشْرَبُ وَأَمْعَاؤُهُ تَقَعْقَعُ

1047 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ §لَا يُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ إِلَّا مَرَّتَيْنِ

1048 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: «§لَوْ كُنْتُ آكُلُ كُلَّ مَا أَشْتَهِي مَا سَاوَيْتُ حَشَفَةً»

1049 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: " §رُبَّمَا لَبِثْتُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مَا أَطْعَمُ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ إِلَّا الْحَبَّةَ. فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ حَوَائِجِي "

1050 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ، يَقُولُ: «لَقَدْ §أَتَى عَلَيَّ شَهْرٌ مَا أَكَلْتُ فِيهِ شَيْئًا إِلَّا حَبَّةَ عِنَبٍ أَكْرَهُونِي عَلَيْهَا، وَمَا أَنَا بِصَائِمٍ، وَمَا أَمْتَنِعُ مِنْ حَوَائِجِي»

1051 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: " لَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَالْقَبُولِ عَنْهُ يَقُولُونَ: إِنَّ §الشِّبَعَ يُقَسِّي الْقَلْبَ "

1052 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ الْأَزْهَرِ أَعْطَانِيهِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، فِيهِ عَنِ الْفُضَيْلِ، أَنَّهُ قَالَ: " §خَصْلَتَانِ تُقَسِّيَانِ الْقَلْبَ: كَثْرَةُ الْأَكْلِ وَالْكَلَامِ "

1053 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَارٌ لِابْنِ طَاوُسِ بْنِ فَضَا قَالَ: أَصْبَحَ ابْنُ طَاوُسٍ يَوْمًا مُتَصَبِّحًا وَأَنَا مَعَهُ، قَالَ: وَقَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّهُ §طَوَى هُوَ وَأَهْلُهُ ثَلَاثًا قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ قَدِ اخْضَرَّ مِنَ الْجُوعِ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول أبي هريرة في الخبر الذي ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مصيره إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان: " فجاء بقربته يرعبها "، يعني بقوله: يرعبها، يملؤها ماء. يقال منه: رعب فلان الحوض فهو

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَصِيرِهِ إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ: «فَجَاءَ بِقِرْبَتِهِ يَرْعَبُهَا» ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: يَرْعَبُهَا، يَمْلَؤُهَا مَاءً. يُقَالُ مِنْهُ: رَعَبَ فُلَانٌ الْحَوْضَ فَهُوَ يَرْعَبُهُ رَعْبًا، وَحَوْضٌ مَرْعُوبٌ، يُرَادُ بِهِ مَمْلُوءٌ. وَمِثْلُ الرَّعْبِ الْإِتْرَاعُ وَالْإِفْعَامُ، يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: أَتْرَعْتُ السِّقَاءَ وَأَفْعَمْتُهُ وَأَكْرَبْتُهُ وَزَنَرْتُهُ وَجَزَمْتُهُ وَمِنَ الْجَزْمِ قَوْلُ اللَّعِينِ: [البحر الطويل] أَلَسْتَ ابْنَ سَوْدَاءِ الْمَحَاجِرِ فَخَّةٍ ... لَهَا عُلْبَةٌ لَخْوَى وَوَطْبٌ مُجَزَّمٌ وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ: «وَلَقَدْ مَكَثْتُ أَنَا وَصَاحِبِي بَضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا الْبَرِيرُ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْبَرِيرِ ثَمَرَ الْأَرَاكِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَا رَطُبَ مِنْهُ وَلَمَّا يَيْبَسْ، فَأَمَّا الْكَبَاثُ، فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلْغَضِّ مِنْهُ خَاصَّةً، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ: [البحر الخفيف]

ظَبْيَةٌ مِنْ ظِبَاءِ وَجْرَةَ أَدْمَا ... ءُ تَسُفُّ الْكَبَاثَ تَحْتَ الْهَدَالِ وَالْهَدَالُ، وَالْكَبَاثُ، اسْمُ الْجِمَاعِ مِنْهُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْهُ كَبَاثَةٌ، مِثْلُ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ، وَبُرٍّ وَبُرَّةٍ. وَأَمَّا الْمَرْدُ، فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلْمُدْرَكِ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى أَيْضًا فِي صِفَةِ ظَبْيَةٍ: تَنْفُضُ الْمَرْدَ وَالْكَبَاثَ بِحِمْلَا ... جٍ لَطِيفٍ فِي جَانِبَيْهِ انْفِرَاقٌ

ذكر ما لم يمض ذكره من حديث مالك بن أوس بن الحدثان النصري، عن عمر بن الخطاب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَا لَمْ يَمْضِ ذِكْرُهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعَ الزُّهْرِيُّ، مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الذَّهَبُ بِالْفِضَّةِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»

حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: أَقْبَلْتُ بِمِئَةِ دِينَارٍ أَصْرِفُهَا، فَوَجَدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عِنْدَ دَارِ ابْنِ الْعَجْمَاءِ فَقَالَ لِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا مَالِكُ، مَا هَذِهِ؟ قُلْتُ: مِئَةُ دِينَارٍ أَصْرِفُهَا. قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا، يَأْتِينِي خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ، لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تُعْطِيَهُ صَرْفَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاتِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاتِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاتِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاتِ»

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: خَرَجْتُ بِوَرِقٍ لِي ابْتَعْتُهَا بِالسُّوقِ، فَبَايَعْتُ بِهَا طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَّا قَرِيبٌ، فَلَمَّا اسْتَوْفَى وَرَقِيَ مِنِّي قَالَ: يَأْتِي غُلَامِي فَأُرْسِلُ إِلَيْكَ بِذَهَبِكَ. فَسَمِعَهَا عُمَرُ فَقَالَ: إِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ. فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: وَمَاذَا تَخَافُ عَلَيْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرِّبَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ هَاءَ وَهَاءَ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْقَمْحُ بِالْقَمْحِ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ هَاءَ وَهَاءَ، لَا فَصْلَ بَيْنَهُمَا»

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِئَةِ دِينَارٍ قَالَ: فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَيْهِ، فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي وَأَخَذَ الذَّهَبَ، فَقَلَّبَهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تَأْخُذَ ثَمَنَهُ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ الْحُسَيْنُ: أَنْبَأَنَا , وَقَالَ، أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: صَارَفْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَرِقًا بِذَهَبٍ قَالَ: أَنْظِرْنِي حَتَّى يَأْتِيَنَا خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ. فَسَمِعَهُمَا عُمَرُ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ مِنْهُ صَرْفَهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالزَّبِيبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين: إحداهما: أنه خبر قد حدث بهذا الحديث عن عمر من غير حديث مالك بن أوس بن الحدثان، فجعل هذا الكلام موقوفا على عمر،

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ خَبَرٌ قَدْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، فَجَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ، غَيْرَ مَرْفُوعٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكَلَامُ مَرْفُوعًا مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنْهُ

ذكر من روى هذا الكلام عن عمر فوقفه عليه ولم يرفعه

§ذِكْرُ مَنْ رَوَى هَذَا الْكَلَامَ عَنْ عُمَرَ فَوَقَفَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ

1054 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «§مَنْ صَرَفَ ذَهَبًا بِوَرِقٍ فَلَا يُنْظِرَنَّهُ حَلْبَ نَاقَةٍ»

1055 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " §لَا يُبَاعَنَّ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئًا غَائِبًا بِنَاجِزٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ، وَالرَّمَاءُ: الرِّبَا، وَإِنِ اسْتَنْظَرَكُمْ أَحَدٌ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرُوهُ " 1056 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بِنَحْوِهِ

1057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيُّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: §نَهَى عُمَرُ عَنِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ

1058 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ قَالَ: فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا تَقُولُ فِي الصَّرْفِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ عُمَرُ: إِنْ قَالَ: §أَلِجُ الْبَيْتَ فَلَا يَلِجِ الْبَيْتَ 1059 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ

1060 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ -[734]- يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «§إِذَا بَايَعَ أَحَدُكُمُ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ فَلَا يُنْسِئَنَّ صَاحِبَهُ أَنْ يَذْهَبَ وَرَاءَ جِدَارٍ»

1061 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ قَالَ عُمَرُ: " §لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا غَائِبًا بِنَاجِزٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ، وَالرَّمَاءُ: الرِّبَا، فَحَدَّثَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَحَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا فَالَتَهُ حَتَّى دَخَلَ بِهِ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ وَأَنَا مَعَهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا حَدَّثَنِي عَنْكَ حَدِيثًا يَزْعُمُ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفَسَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ: بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا غَائِبًا مِنْهَا بِنَاجِزٍ»

1062 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: §أَنَّ طَلْحَةَ اصْطَرَفَ دَنَانِيرَ بِوَرِقٍ، فَنَهَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُفَارِقَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ

1063 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: " §لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ، أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ نَاجِزٌ، وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ، وَالرَّمَاءُ: الرِّبَا " 1064 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ

1065 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «§الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ، وَلَا يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ» وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذْكُرُ بَعْضَ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ مِمَّنْ صَحَّ السَّنَدُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ

1066 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِوَرِقٍ فَلْيَصْطَرِفْهَا بِذَهَبٍ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِذَهَبٍ فَلْيَصْطَرِفْهَا بِوَرِقٍ، وَالصَّرْفُ هَاءَ وَهَاءَ»

1067 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، فَسَأَلَهُمَا عَنِ بَيْعِ، الْوَرِقِ، بِالذَّهَبِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: سَلْ هَذَا، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي وَأَعْلَمُ مِنِّي. فَقَالَ أَحَدُهُمَا: §نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ دَيْنًا. وَقَالَ الْآخَرُ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ نَسَاءً

1068 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهُمَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهُمَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ قَالَ نَافِعٌ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ وَالرَّجُلُ الَّذِي أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ، فَسَأَلَهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الرَّجُلُ، ثُمَّ قَالَ: بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ

1069 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو سَعِيدٍ فَنَزَلَ هَذِهِ الدَّارَ، فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِيَدِهِ وَيَدِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قُمْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُ هَذَا عَنْكَ؟ قَالَ: فَمَا نَسِيتُ قَوْلَهُ بِإِصْبَعِهِ: بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ §الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ، وَلَا تُشِفُّوا إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى

1070 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ هَلْ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ حَدَّثْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§يَنْهَى عَنِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئًا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» -[740]- 1071 - حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ، مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

1072 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ ثَابِتٍ الْعُتْوَارِيَّ، أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ الصَّرْفِ حَدِيثًا، فَانْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَمَعَهُ نَافِعٌ وَعَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، فَدَخَلُوا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَبِي سَعِيدٍ: مَا حَدِيثٌ حَدَّثَنِيهِ هَذَا؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ، وَلَا يُبَاعُ عَاجِلٌ بِآجِلٍ» 1073 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ ثَابِتٍ الْعُتْوَارِيَّ حَدَّثَ ابْنَ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ» ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

1074 - حَدَّثَنِي وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " §لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِشَاهِدٍ وَلَا شَاهِدًا بِغَائِبٍ، إِلَّا نَاجِزًا بِنَاجِزٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ

1075 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانَ: أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: رَأْيُ عَيْنِي وَسَمْعُ أُذُنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ»

1076 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ: إِنَّ -[742]- أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَذْكُرُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ نَافِعٌ: فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ وَاللَّيْثِيُّ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا أَخْبَرَنِي أَنَّكَ تُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَعَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ. فَأَشَارَ أَبُو سَعِيدٍ بِإِصْبَعِهِ إِلَى عَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ فَقَالَ: أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

1077 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَتَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكَ تَرْوِي حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّبَا فَبَيِّنْهُ لَنَا. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا زِيَادَةَ وَلَا نَظِرَةَ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ لَا زِيَادَةَ وَلَا نَظِرَةَ، وَلَا تَبِيعُوا نَاجِزًا بِآخَرَ غَائِبٍ، أَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ وَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ.

1078 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لَا يُشَفُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» 1079 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

1080 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ: سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الذَّهَبِ، بِالذَّهَبِ , وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ فَقَالَ: §ضَعْ ذَا فِي كِفَّةٍ وَذَا فِي كِفَّةٍ، فَإِذَا اعْتَدَلَا فَخُذْ وَأَعْطِهِ

1081 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِوَرِقٍ فَلْيَصْرِفْهَا بِذَهَبٍ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِذَهَبٍ فَلْيَصْرِفْهَا بِوَرِقٍ، الصَّرْفُ هَاءَ وَهَاءَ»

1082 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَرْدَانَ الرُّومِيِّ، قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عُمَرَ: §هَذَا عَهْدُ صَاحِبِنَا إِلَيْنَا وَكَذَلِكَ عَهِدْنَا إِلَيْكُمْ، قَالَ لَنَا صَالِحٌ: يَعْنِي فِي الصَّرْفِ

1083 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَشْتَرُونَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: أَحْسِبُهُ قَالَ إِلَى الْعَطَاءِ: فَأَتَى عَلَيْهِمْ هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ، فَنَهَاهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَانَا أَنْ نَبِيعَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ نَسِيئَةً، وَأَنْبَأَنَا، أَوْ قَالَ: أَخْبَرَنَا، أَنَّ ذَاكَ هُوَ الرِّبَا

1084 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قِلَابَةَ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ بِالْبَصْرَةِ فِي زَمَانِ زِيَادٍ يَأْخُذُونَ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ نَسِيئَةً، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ §نَهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ نَسَاءً، وَأَنْبَأَنَا أَنَّ ذَلِكَ: هُوَ الرِّبَا

القول في معاني هذه الأخبار اختلف أهل العلم في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء "، وفي معنى قول أبي سعيد الخدري: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا

§الْقَوْلُ فِي مَعَاني هَذِهِ الْأَخْبَارِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» ، وَفِي مَعْنَى قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» ، وَفِي مَعْنَى قَوْلِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ نَسَاءً. فَقَالَتْ جَمَاعَةٌ، وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ عَدَدًا: مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» ، النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَسَائِرِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ نَسَاءً، وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَفْتَرِقَ مُتَبَايِعَا ذَلِكَ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ ". قَالُوا: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ إِلَّا وَالسِّلْعَتَانِ كِلْتَاهُمَا حَاضِرَتَانِ فِي حَالِ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَيْهِمَا

قَالُوا: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْخَبَرِ، لَقَدْ كَانَ عُمَرُ نَهَى مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ حِينَ صَارَفَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَرِقَهُ بِذَهَبِهِ إِذْ رَآهُمَا يَتَصَارَفَانِ، وَمَالُ أَحَدِهِمَا حَاضِرٌ وَالْأَخَرِ غَائِبٌ وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَى ذَهَبٍ بِوَرَقٍ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، أَوْ هُمَا جَمِيعًا غَائِبَانِ بَاطِلًا، إِذَا تَعَاقَدَ الْمُتَبَايعَانِ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَوْصُوفٍ مَعْلُومٍ إِذْ لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ، لَمْ يَسْتَنْكِرْ مَا فَعَلَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ وَطَلْحَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا اسْتَنْظَرَ طَلْحَةُ مَالِكًا إِلَى انْصِرَافِ خَازِنِهِ مِنَ الْغَابَةِ أَعْلَمَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الِافْتِرَاقَ عَنْ غَيْرِ تَقَابُضٍ مِنْهُمَا لَمَّا تَبَايَعَا مِنْ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الدُّخُولُ عِنْدَهُ فِي مَكْرُوهِ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، لَا عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهِ. قَالُوا: فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَى كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَسَاءً وَلَا يَجُوزُ شِرَاهُ وَبَيْعُهُ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ جَائِزٌ، إِذَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَبَايعَانِ عَنْ مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ حَتَّى يَتَقَابَضَا مَا تَعَاقَدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: وَبَعْدُ، فَإِنَّ هَذَا قَوْلُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، الَّذِينَ يَثْبُتُ بِنَقْلِهِمُ الْحِجَّةُ، وَيَقْطَعُ مَا جَاءُوا بِهِ مُجْمِعِينَ عَلَيْهِ عُذْرَ مَنْ بَلَغَهُ

ذكر من قال هذا القول، وقال: لا يجوز بيع الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، وما أشبه ذلك نساء، ولا يجوز افتراق متبايعي شيء من ذلك إلا عن تقابض

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ نَسَاءً، وَلَا يَجُوزُ افْتِرَاقُ مُتَبَايِعَيْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ

1085 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَمْرٍو، سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، §لَا يَحُولَنَّ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ

1086 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا كُلَيْبٌ، قَالَ: سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: أَشْتَرِي الذَّهَبَ؟ فَقَالَ: مِنْ يَدِكَ إِلَى يَدِهِ، وَصَفَّقَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنْ قَالَ لَكَ: §إِلَى وَرَاءِ هَذِهِ الْأُصْطُوَانَةِ، فَلَا

1087 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثَ الصَّنْعَانِيِّ: أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ قَدْ أَحْدَثْتُمْ بُيُوعًا لَا نَدْرِي مَا هِيَ؟ أَلَا §وَإِنَّ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ تِبْرِهِ وَعَيْنِهِ، أَلَا وَإِنَّ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ تِبْرِهَا وَعَيْنِهَا، فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَصْلُحُ نَسِيئَةً، أَلَا وَإِنَّ الْبُرَّ بِالْبُرِّ يَدًا بِيَدٍ مُدًّا بِمُدٍّ، أَلَا وَإِنَّ الشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ مُدًّا بِمُدٍّ، يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّعِيرِ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَصْلُحُ نَسِيئَةً، أَلَا وَإِنَّ التَّمْرَ مُدْيًا بِمُدْيٍ، يَدًا بِيَدٍ، حَتَّى كُرَّ الْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ»

1088 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنْبَأَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ الْمَعَافِرِيُّ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ يَحْيَى الْمَعَافِرِيَّ مِنْ بَنِي سَرِيعٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، صَرْفَ ثُلُثَ دِينَارٍ فُلُوسًا، فَأَخَذَ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَالَ لَهُ الصَّرَّافُ: ارْجَعْ لِي بَعْدَ سَاعَةٍ أُعْطِكَ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي الْآنَ تَمَامُ الثُّلُثِ فَقَالَ عَامِرُ بْنُ يَحْيَى: فَذَهَبْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ عُلَيُّ بْنُ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ وَحَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ: لَا يَصْلُحُ هَذَا، مَا أَخَذْتَ فَلَكَ، وَمَا بَقِيَ عِنْدَ الصَّرَّافِ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا قَالَ: §فَتَرَكْتُ مَا بَقِيَ لَمْ آخُذْهُ

1089 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَّ صَخْرَ بْنَ أَبِي غَلِيظٍ حَدَّثَهُمَا أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي سَلَمَةَ -[748]- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَابْتَاعَ أَبُو سَلَمَةَ ثَوْبًا بِدِينَارٍ إِلَّا دِرْهَمًا قَالَ اللَّيْثُ: أَوْ قِيرَاطًا، فَأَعْطَاهُ أَبُو سَلَمَةَ الدِّينَارَ، وَقَالَ: هَلُمَّ الدِّرْهَمَ قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي دِرْهَمٌ الْآنَ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيَّ، فَأَلْقَى إِلَيْهِ أَبُو سَلَمَةَ الثَّوْبَ وَقَبَضَ الدِّينَارَ مِنْهُ. وَقَالَ: §لَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ

1090 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: الرَّجُلُ يَصْرِفُ الدَّرَاهِمَ بِالْفُلُوسِ. قَالَ: «§هُوَ صَرْفٌ، لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ» وَكَذَلِكَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُونَ، وَيَرَوْنَ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا عَنْ -[749]- تَقَابُضٍ أَنَّ صَرْفَهُمَا مَاضٍ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا اصْطَرَفَا عَلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ حَاضِرًا عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ بِرُبَّانِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا اصْطَرَفَا عَلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ حَاضِرًا فِي حَالِ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِرُبَّانِهِ فَالصَّرْفُ بَاطِلٌ. وَإِنْ أَحْضَرَا ذَلِكَ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا، فَلَمْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَعَاقَدَا فِيهِ الصَّرْفَ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ. وَقَالُوا: سَوَاءٌ كَانَ الْغَائِبُ مِنْ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، فِي أَنَّ الصَّرْفَ بَاطِلٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ حَاضِرَيْنِ، فَيَتَعَاقَدَا الصَّرْفَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا يَرَيَانِهِمَا. وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنْ قَالُوا: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» . قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الذَّهَبَانِ أَوِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَوْ إِحْدَاهُمَا غَايَتُهُ فِي حَالِ عَقْدِ الصَّرْفِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَاءَ وَهَاءَ. قَالُوا: وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِيهِمَا، كَانَ الْمُتَصَارِفَانِ دَاخِلَيْنِ فِي مَعْنَى مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرِّبَا، مَرْدُودٌ فِي قَوْلِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالُوا: وَأُخْرَى، أَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُجَمِّعُونَ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ نَسَاءً غَيْرُ جَائِزٍ. قَالُوا: وَسَوَاءٌ إِذْ كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ، قَصِيرُ الْأَجَلِ أَوْ طَوِيلُهُ -[750]-. قَالُوا: وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إِذَا تَصَارَفَا ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ، وَهُمَا غَيْرُ حَاضِرَيْنِ مَعًا أَوْ إِحْدَاهُمَا، أَنَّ ذَلِكَ صَرْفٌ قَدْ دَخَلَهُ تَأْخِيرٌ وَنَسَاءٌ إِلَى وَقْتِ إِحْضَارِهِمَا مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ. قَالُوا: وَإِذْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الصَّرْفُ مُنْتَقِضًا مَتَى تَعَاقَدَهُ الْمُصْطَرِفَانِ، وَالذَّهَبَانِ، أَوِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ اللَّتَانِ وَقَعَ عَلَيْهِمَا الصَّرْفُ غَيْرُ حَاضِرَتَيْهِمَا فِي حَالِ عَقْدِ الصَّرْفِ عَلَيْهِمَا

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ 1091 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَنْبَأَنِي عُبَيْدُ بْنُ بَابِي: أَنَّهُ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ وَرِقًا بِذَهَبٍ أَوْ ذَهَبًا بِوَرِقٍ، فَقَبَضَ سِلْعَتَهُ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ أُرِيدُ مَنْزِلَهُ، فَلَقِيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدَانِ، أَوْ أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقُلْتُ: بِعْتُ مِنْ هَذَا وَرِقًا بِذَهَبٍ أَوْ ذَهَبًا بِوَرِقٍ. قَالَ: فَأَيْنَ سِلْعَتُكَ؟ قُلْتُ: مَعَهُ. قَالَ: اجْلِسَا. فَأَخَذَ سِلْعَتَهُ فَرَدَّهَا إِلَيْهِ وَقَالَ قُولَا: لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ، لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ. فَقَامَا، فَقَالَا: لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ، لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ. فَقَالَ: §انْطَلِقْ مَعَهُ، فَإِذَا حَضَرَتْ سِلْعَتُكَ فَبَايِعْهُ -[751]- وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِذَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَصَارِفَانِ عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ فَالصَّرْفُ جَائِزٌ مَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ حَاضِرًا فِي حَالِ عَقْدِ الْبَيْعِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ، لِأَنَّ كُلَّ مُتَبَايِعَيْنِ بَيْعًا فَإِنَّهُمَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَعَاقَدَا فِيهِ عُقْدَةَ الْبَيْعِ بِأَبْدَانِهِمَا، لَمْ يَمْلِكِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا زَالَ مِلْكُ الْبَائِعِ عَمَّا كَانَ يَمْلِكُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَبَيِّنٌ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ مَالِكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ، فَسَوَاءٌ حَضَرَهُمَا مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا، إِذَا كَانَ قَدْ تَوَاصَفَاهُ فِي حَالِ عَقْدِ الصَّرْفِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ. فَإِنِ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ انْتَقَضَ حِينَئِذٍ الصَّرْفُ الَّذِي كَانَ تَعَاقَدَا بَيْنَهُمَا، الَّذِي كَانَ تَمَامُهُ يَكُونُ بِالتَّقَابُضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ. وَمَنْ أَنْكَرَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُ: مَا قُلْتَ فِي رَجُلَيْنِ تَعَاقَدَا عَقْدَ السَّلَمِ بَيْنَهُمَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ عَلَى بَعْضِ مَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْمَالِ، وَتَوَاصَفَا الْمَالَ وَالْمُسَلَّمَ فِيهِ، ثُمَّ لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الَّذِي أَسْلَمَهُ إِلَى صَاحِبِهِ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا؟ فَإِنْ قَالَ: السَّلَمُ بَاطِلٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ حَاضِرًا فِي حَالِ عَقْدِ الْمُسْلَمِ بِرُبَّانِهِ، وَيَعْقِدَانِ السَّلَمَ عَلَيْهِ، فَارَقَ قَوْلُهُ، وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي جَوَازِ عَقْدِ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ حَاضِرٍ فِي حَالِ عَقْدِهِ، فَإِذَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَبَايعَانِ عَنْ مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ إِلَّا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِ ثَمَنَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ -[752]-. وَإِنْ قَالَ: السَّلَمُ مَاضٍ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا إِلَّا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ ثَمَنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِ. قِيلَ لَهُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمُتَصَارِفَيْنِ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ افْتِرَاقُهُمَا عَنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَهَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ فِي الصَّرْفِ مَا قُلْتَ فِي السَّلَمِ، وَقَالَ فِي السَّلَمِ مَا قُلْتَ فِي الصَّرْفِ فَرْقٌ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْتُ مُفَسَّرًا، ثَبَتَ عَنْهُ.

1092 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ، أَوِ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «§إِذَا بَايَعْتَ صَاحِبَكَ فَلَا تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ لَبْسٌ» -[753]- فَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَبَيْنَهُمَا لَبْسٌ، أَنَّهُ لَنْ يَضُرَّهُمَا مَا كَانَ مِنْ لَبْسٍ فِي صَرْفِهِمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ. وَفِي إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَصِحَّةِ مَا أَخْبَرْنَا فِيهِ، مُكْتَفًى عَنِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ

ذكر ما دل عليه الخبر الذي ذكرناه عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصرف من الأحكام فإذ كان صحيحا ما قلنا من أنه غير جائز للمتصارفين أن يفترقا بأبدانهما عن المجلس الذي تصارفا فيه إلا عن تقابض منهما ما تصارفاه، إذ كان غير جائز بيع أحدهما بالآخر

§ذِكْرُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّرْفِ مِنَ الْأَحْكَامِ فَإِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْمُتَصَارِفَيْنِ أَنْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا عَنِ الْمَجْلِسِ الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ مِنْهُمَا مَا تَصَارَفَاهُ، إِذْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسَاءً، فَبَيِّنٌ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ جَائِزٍ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسَاءً، كَمِثْلِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ، فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ افْتِرَاقُ مُتَبَايِعِهِمَا إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ، وَذَلِكَ كَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرِ بِالْبُرِّ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالْبُرِّ بِالتَّمْرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالتَّمْرِ بِالزَّبِيبِ، وَالزَّبِيبِ بِالْأَرْزِ، وَالْأَرْزِ بِالْأَرْزِ، وَسَائِرِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِصَاحِبِهِ نَسَاءً، لَا يَجُوزُ لِمُتَبَايِعَيْهِمَا إِذَا تَبَايَعَا أَحَدَهُمَا بِصَاحِبِهِ أَنْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ. فَإِنِ افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا ذَلِكَ فِيهِ بِأَبْدَانِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا، بَطُلَ الْبَيْعُ الَّذِي كَانَا تَعَاقَدَا فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إِنْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا يَقْبِضُ مَا اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ بِإِعْطَاءِ مَا بَاعَ، وَافْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا بِأَبْدَانِهِمَا قَبْلَ تَقَابُضِهِمَا أَوْ تَقَابُضِ وَكِيلِهِمَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذَلِكَ مَبِيعًا نَسَاءً وَخِلَافَ مَا أَذِنَ بِبَيْعِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَاءَ هَاءَ، وَافْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا وَبَيْنَهُمَا اللَّبْسُ الَّذِي نَهَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ

يَكُونَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ. وَكَذَلِكَ إِنْ أَحَالَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا اشْتَرَى مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ آخَرَ، كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ، ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَشْرَكَ فِيهِ أَحَدُهُمَا شَرِيكًا ثُمَّ فَارَقَ صَاحِبَهُ قَبْلَ التَّقَابُضِ، فَقَبَضَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِكُ فِيهِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُشْتَرِكِ صَاحِبَهُ. وَبَيِّنٌ أَيْضًا إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ فِي انْتِقَاضِ الصَّرْفِ بَيْنَ الْمُصْطَرِفَيْنِ افْتِرَاقُهُمَا عَنِ الْمَجْلِسِ الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ قَبْلَ تَقَابُضِهِمَا مَا تَصَارَفَاهُ بَيْنَهُمَا، أَنَّهُمَا إِذَا تَقَابَضَا بَعْضًا وَأَخَّرَا بَعْضًا، ثُمَّ افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا بِأَبْدَانِهِمَا قَبْلَ تَقَابُضِهِمَا مَا أَخَّرَا مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ فِيمَا تَقَابَضَاهُ مَاضٍ جَائِزٌ وَفِيمَا لَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى افْتَرَقَا بِأَبْدَانِهِمَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا مُنْتَقِضٌ، غَيْرَ أَنَّ لِمَنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُمَا جَمِيعَ مَا كَانَ صَارَفَ عَلَيْهِ صَاحِبَهُ حَتَّى فَارَقَهُ بِبُدْنِهِ الْخِيَارَ فِيمَا قَبَضَ مِنْهُ، بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ راضيَا بِمِلْكِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا أَعْطَاهُ مِنْ سِلْعَتِهِ ثَمَنًا لِمَا ابْتَاعَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ جَمِيعَ مَا ابْتَاعَهُ مِنْهُ. وَفِي ذَلِكَ عَلَيْهِ نَقْضٌ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ السِّلْعَةِ يَشْتَرِيَهَا عَلَى السَّلَامَةِ فَيَجِدُ بِهَا عَيْبًا، ثُمَّ لَمْ يَتَبَرَّأْ إِلَيْهِ مِنْهُ صَاحِبُهُ، فَيَكُونُ لَهُ الرَّدُّ إِنْ شَاءَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ دَخَلَ عَلَيْهِ، وَالرِّضَا بِالْإِمْسَاكِ إِنْ شَاءَ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ إِذَا تَقَابَضَا ثُمَّ افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ بِأَبْدَانِهِمَا، ثُمَّ وَجَدَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ بَعْضَهَا زَائِفًا فَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهَا مِنْهُ مَرِيدًا الْبَدَلَ مِنْهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِبْدَالِ مِنْهُ بِالصَّرْفِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ الْمُسْتَبْدَلُ مِنْهُ مَقْبُوضًا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ. وَذَلِكَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا رَدَّهُ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي قَدْرِ الْمَرْدُودِ مِنَ الدَّرَاهِمِ، فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي عَلَى مَا قَدْ وَصَفْتُ. فَإِنْ رَضِيَ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ فِي الْجِيَادِ مِنَ الدَّرَاهِمِ بِحِصَّتِهَا مِنْ دِينَارِهِ، كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا مَاضِيًا فِي قَدْرِ الْجِيَادِ مِنْهَا، وَالصَّرْفُ فِيهَا نَافِذًا، وَكَانَ لِرَبِّ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَاعَهُ إِيَّاهَا شَرِيكًا فِي دِينَارِهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ مِنْ دَرَاهِمِهِ الْعَيْبُ الزَّائِفُ، فَإِنْ شَاءَ صَارَفَ صَاحِبَهُ ذَلِكَ الْفَضْلَ الَّذِي

انْتَقَضَ فِيهِ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بُرْدِ الْمَعِيبِ مِنَ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ شَاءَ كَانَ عَلَى شِرْكَتِهِ فِيمَا بَقَّى لَهُ فِي الدِّينَارِ. فَإِنْ كَانَ الَّذِي وَجَدَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ فِي الدَّرَاهِمِ مِنَ الْمَرْدُودِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا، فَإِنَّ الْبَيْعَ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الَّذِي وَجَدَهُ كَذَلِكَ مُنْتَقِضٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ مِنَ الدِّينَارِ، وَهُوَ بِقَدْرِ ذَلِكَ شَرِيكٌ لِرَبِّ الدَّرَاهِمِ وَدِينَارِهِ، وَلَهُ مِنَ الْخِيَارِ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ فِي بَاقِي الدَّرَاهِمِ وَإِمْضَائِهِ عَلَى مَا وَصَفْتُ قَبْلُ. وَكَذَلِكَ لَهُ، إِنْ أَمْضَى الْبَيْعَ فِي الْجِيَادِ مُصَارَفَةُ صَاحِبِهِ فِيمَا بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ مِنْ دِينَارِهِ إِنْ شَاءَ، وَالثَّبَاتُ عَلَى شِرْكَتِهِ فِيهِ عَلَى مَا قَدْ بَيَنَّا قَبْلُ. وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: يَنْتَقِضُ بِوِجُودِهِ بَعْضَهَا نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا، وَبِرَدِّهِ بِعَيْنِ الصَّرْفِ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الْمَرْدُودُ مِنْ ذَلِكَ ثُلُثَا أَوْ نِصْفًا انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ الِاسْتِبْدَالُ، لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَعَلَ سَبَبَ انْتِقَاضِ الصَّرْفِ بَيْنَ الْمُتَصَارِفَيْنِ افْتِرَاقُهُمَا بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَقَابُضٍ. فَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَ مَا قُبِضَ مِنْ صَرْفِهَا خِلَافُ حُكْمِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهُ، وَأَنَّ مَا تَقَابَضَاهُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَمَاضٍ فِيهِ الصَّرْفُ، وَأَنَّ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الْمُنْتَقِضُ، لِأَنَّهُ الَّذِي دَخَلَهُ التَّأْخِيرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ. وَيُقَالُ لِمَنْ أَبْطَلَ الصَّرْفَ فِيمَا تَقَابَضَ الْمُصْطَرِفَانِ مِنْ أَجْلِ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا مِنْهُ، أَوْ أَبْطَلَ الصَّرْفَ فِي الْجِيَادِ بِوُجُودِ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ فِي الدَّرَاهِمِ رُدُودًا إِذَا رَدَّهَا

، أَرَأَيْتَ إِنْ خَالَفَكَ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ، فَأَجَازَ فِيمَا لَمْ يَتَقَابَضَا، أَوْ فِيمَا رَدَّ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ مِنَ الزُّيُوفِ الصَّرْفَ لِجَوَازِهِ فِيمَا كَانَ تَقَابَضَا مِنْهُ، وَفِيمَا كَانَ مِنَ الدَّرَاهِمِ جِيَادٌ خِلَافًا لِفِعْلِكَ فِي ذَلِكَ، إِذَا أَبْطَلْتَ مَا أَجَازَهُ النَّبِيُّ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا كَانَ نَاجِزًا بِنَاجِزٍ، مِنْ أَجْلِ مَا كَانَ مِنْهُ نَاجِزًا بِغَائِبٍ، هَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَرْقٌ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ، وَكِلَاكُمَا قَدْ خَالَفَ ظَاهِرَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا عُورِضَ فِي الْآخَرِ بِمِثْلِهِ. وَكَالْقَوْلِ فِي صَرْفِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ، الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسَاءً، وَلَمْ يَكُنْ جَائِزًا إِلَّا يَدًا بِيَدٍ

ذكر البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض "، يعني صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا تشفوا بعضها على بعض "، لا تفضلوا أن تبيعوا إحداهما زائدة على الأخرى

§ذِكْرُ الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ» ، يَعْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ» ، لَا تُفَضِّلُوا أَنْ تَبِيعُوا إِحْدَاهُمَا زَائِدَةً عَلَى الْأُخْرَى بِهَا، وَلَكِنْ بِيعُوا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبَتِهَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ. يُقَالُ: إِذَا بَاعَ الْبَائِعُ إِحْدَى الذَّهَبَيْنِ بِالْأُخْرَى زَائِدَةً عَلَيْهَا فِي الْوَزْنِ: قَدْ أَشَفَّ فُلَانٌ ذَهَبَهُ عَلَى ذَهَبِ فُلَانٍ، وَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ بِذَهَبِهِ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا مِنْ ذَهَبِ مُبَايِعِهِ. وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ: قَدْ أَشَفَّ فُلَانٌ

بَعْضَ بَنِيهِ عَلَى بَعْضٍ، إِذَا فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَيُقَالُ: مَا أَقْرَبَ شَفِّ بَيْنِهِمَا، أَيْ فَضْلِ بَيْنِهِمَا، يُقَالُ: فُلَانٌ حَرِيصٌ عَلَى الشَّفِّ، يَعْنِي بِهِ: عَلَى الرِّبْحِ. وَأَمَّا الشَّفُّ: بِفَتْحِ الشِّينِ، فَالسِّتْرُ الرَّقِيقُ، وَكُلُّ ثَوْبٍ رَقِيقٍ يُسْتَشَفُّ مَا خَلْفُهُ، فَهُوَ شَفٌّ، يُقَالُ مِنْهُ: شَفَّ الثَّوْبُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَهُوَ يَشِفُّ شُفُوفًا، وَذَلِكَ إِذَا بَدَا مَا وَرَاءَهَا مِنْ خَلْفِهَا. وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَا تَكْسُوا نِسَاءَكُمُ الْقَبَاطِيَّ، فَإِنَّهُ إِلَّا يَشِفُّ فَإِنَّهُ يَصِفُ، يَعْنِي بِذَلِكَ إِنْ لَمْ يُرَ مَا خَلْفَهُ، فَإِنَّهُ يَصِفُهَا لِرِقَّتِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْعِبَادِيِّ: [البحر الخفيف] زَانَهُنَّ الشُّفُوفُ يَنْضَحُ بِالْمِسْـ ... ـكِ وَعَيْشٌ مُفَانِقٌ وَحَرِيرُ يَعْنِي بِالشُّفُوفِ جَمْعَ شَفٍّ. وَأَمَّا الشَّفِيفُ فَإِنَّهُ الْبَرْدُ، يُقَالُ مِنْهُ: إِنَّ فُلَانًا لَيَجِدُ فِي أَسْنَانِهِ شَفِيفًا، أَيْ: بَرْدًا شَدِيدًا. وَإِنَّ فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ لَشَفًّا شَدِيدًا، أَيْ: بَرْدًا شَدِيدًا. وَأَمَّا قَوْلُهُمُ: اسْتَشَفَّ فُلَانٌ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنَ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ شَرِبَهُ كُلَّهُ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ: لَيْسَ الرِّيُّ عَنِ التَّشَافِ يَقُولُ: لَيْسَ الرِّيُّ بِأَنْ تَشْرَبَ جَمِيعَ مَا فِي الْإِنَاءِ حَتَّى لَا تُبْقِي فِيهِ شَيْئًا. وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ إِحْدَى عَشْرَ امْرَأَةً وَصَفْنَ أَزْوَاجَهُنَّ، أَخْبَرَ أَنَّ إِحْدَاهُنَّ قَالَتْ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، تَعْنِي بِقَوْلِهَا: اشْتَفَّ، شَرِبَ جَمِيعَ مَا فِي الْإِنَاءِ فَلَمْ يُسْئِرْ فِيهِ شَيْئًا. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: قَدِ اشْتَافَ فُلَانٌ لِكَذَا، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ تَطَاوَلَ لَهُ وَنَظَرَ، يُقَالُ مِنْهُ: اشْتَافَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ فَهُوَ يَشْتَافُ لَهُ اشْتِيَافًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَأَيْتُ فُلَانًا يَتَشَوَّفُ لَكَ، يَعْنِي أَنَّهُ يَتَطَاوَلُ وَيَنْظُرُ. وَيُقَالُ: شِيفَتِ الْجَارِيَةُ لِزَوْجِهَا، إِذَا زُيِّنَتْ لَهُ وَهُيِّئَتْ، فَهِيَ تُشَافُ شَوْفًا. وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ نَسَاءً، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالنَّسَاءِ: التَّأْخِيرَ، يَقُولُ: نَهَى أَنْ يُبَاعَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بِتَأْخِيرٍ. يُقَالُ مِنْهُ: بَاعَ فُلَانٌ مَتَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ بِنَسِيئَةٍ، وَبِأَخِرَةٍ، وَبِنَظِرَةٍ، وَدَيْنٍ، كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. يُقَالُ: نَسَأْتُ فُلَانًا مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، إِذَا أَخَّرْتُهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: عَرَفَتْنِي، نَسَأَهَا اللَّهُ، أَيْ: أَخَّرَهَا اللَّهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] ، يَعْنِي بِذَلِكَ تَأْخِيرَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّذِي كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَفْعَلُهُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا

، مِنْ تَأْخِيرِ الْمُحَرَّمِ إِلَى صَفَرَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: انْتَسَأَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ إِذَا تَبَاعَدَ عَنْهُ، يُقَالُ مِنْهُ: انْتَسِئْ عَنَّا قَلِيلًا، يُرَادُ بِهِ: تَبَاعَدْ. وَيُقَالُ: مَا أَجِدُ مُنْتَسَئًا، أَيْ: مُتَبَاعَدًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] إِذَا انْتَسَئُوا فَوْرَ الرَّمَّاحِ أَتَتْهُمُ ... عَوَائِرُ نَبْلٍ كَالْجَرَادِ نُطِيرُهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: نَسَأْتُ اللَّبَنَ، فَهُوَ مَعْنًى غَيْرُ هَذَا، وَهُوَ أَنْ تَمْذُقَهُ حَلِيبًا، يُقَالُ مِنْهُ: نَسَأَ فُلَانٌ لَبَنَهُ فَهُوَ يَنْسَأُهُ نَسْأً. وَيُقَالُ أَيْضًا: نَسَأَ فُلَانٌ الْمَاشِيَةَ، إِذَا أَخَّرَهَا. وَنُسِئَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ تُنْسَأُ نَسْأً، وَذَلِكَ فِي أَمْرِ بَعْلِهَا، يُقَالُ: امْرَأَةٌ نَسُوءُ. وَأَمَّا قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] طَيَّرَ عَنْهَا النَّسْءُ حَوْلِيَّ الْعَقَقْ فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالنَّسْءِ بَدْءَ السَّمْنِ، يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ جَرَى النَّسْءُ فِي الدَّوَابِّ، إِذَا بَدَأَ فِيهَا السَّمْنُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبِيعُوا نَاجِزًا بِغَائِبٍ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالنَّاجِزِ الْحَاضِرَ يَقُولُ: لَا تَبِيعُوا حَاضِرَ الذَّهَبِ بِغَائِبِ الْوَرِقِ. يُقَالُ مِنْهُ: نَجَزَ الْمَالُ، إِذَا حَضَرَ، وَمِنْهُ قِيلَ: أَنْجَزَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ مَا وَعَدَ، وَذَلِكَ إِذَا أَوْفَى لَهُ بِهِ فَأَحْضَرَهُ إِيَّاهُ. وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالرَّمَاءِ الرِّبَا، وَأَصْلُ الرَّمَاءِ: زِيَادَةُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ، يُقَالُ مِنْهُ: أَرْمَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ فِي الْقَوْلِ إِذَا زَادَ عَلَيْهِ فِي الْقَوْلِ، وَأَرْبَى عَلَيْهِ كَذَلِكَ، فَهُوَ يُرْمِي، وَيُرْبِي إِرْبَاءً، وَإِرْمَاءً، وَمِنَ الْإِرْمَاءِ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] وَأَسْمَرَ خَطِّيٍّ كَأَنَّ كُعُوبَهُ ... نَوَى الْقَسْبِ قَدْ أَرْمَى ذِرَاعًا عَلَى عَشْرِ

ذكر ما صح عندنا سنده من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ» -[762]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ» ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلل: إحداها: أنه خبر غير محفوظ عن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، والخبر إذا انفرد به منفرد

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَلٍ: إِحْدَاهَا: أَنَّهُ خَبَرٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ مُنْفَرِدٌ وَجَبَ التَّثَبُّتُ فِيهِ عِنْدَهُمْ. وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ خَبَرٌ قَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، عَنْ عُمَرَ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا، فَوَقَفَ بِالْكَلَامِ عَلَى عُمَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَكَاهُ بِلَفْظٍ غَيْرِ اللَّفْظِ الَّذِي رَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَحَدَّثَ بِهِ عَنْ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ مُحَدِّثٌ، فَجَعَلَ مَنْ حَدَّثَ بِهِ الْكَلَامَ مَوْقُوفًا بِهِ عَلَى عُمَرَ

وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ خَبَرٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، الْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ

ذكر من روى هذا الخبر عن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن عمر، فجعله من كلام عمر، وخالف بلفظه ألفاظه

§ذِكْرُ مَنْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، عَنْ عُمَرَ، فَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ، وَخَالَفَ بِلَفْظِهِ أَلْفَاظَهُ

1093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَصَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى فِي حَدِيثِهِ قَالَ: §إِنَّهَا صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَقَالَ صَالِحٌ: هَذَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ -[764]- 1094 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَأَبُو عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ ح وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

1095 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: §إِنَّهَا تُعَدُّ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ

ذكر من حدث بهذا الحديث عن عمر من غير حديث عبد الرحمن، فوقف به أيضا على عمر ولم يرفعه

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَوَقَفَ بِهِ أَيْضًا عَلَى عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ

1096 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: " §مَنْ فَاتَهُ وِرْدُهُ فَلْيَقُمْ بِهِ فِي صَلَاةٍ قَبْلَ الظُّهْرِ يَقُولُ: صَلَاةُ اللَّيْلِ "

1097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «§مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ كَانَ يُصَلِّيَهَا مِنَ اللَّيْلِ، وَصَلَّاهَا بِالْهَاجِرَةِ، فَكَأَنَّمَا صَلَّاهَا بِاللَّيْلِ»

ذكر ما في هذا الخبر من الفقه وفي هذا الخبر من الفقه أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب من كان له حظ من صلاة كان يصليها من الليل فنام عنها، أو شغل، أو نابته نائبة، فلم يصلها من أجل ذلك، أن الذي ينبغي له أن يقضيها، وذلك أن في إعلام النبي صلى الله عليه

§ذِكْرُ مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ مَنْ كَانَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَلَاةٍ كَانَ يُصَلِّيَهَا مِنَ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْهَا، أَوْ شُغِلَ، أَوْ نَابَتْهُ نَائِبَةٌ، فَلَمْ يُصَلِّهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، أَنَّ الَّذِيَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْضِيَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ فِيَ إِعْلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ الْوَقْتَ الَّذِي يُعَدُّ قَضَاؤُهُ ذَلِكَ فِيهِ مِنَ النَّهَارِ، قِيَامُهُ بِهِ فِي وَقْتِهِ الَّذِي كَانَ يَقُومُ بِهِ مِنَ اللَّيْلِ الدَّلِيلَ الْوَاضِحَ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُوَسِّعُ لَهُمْ فِي تَرْكِ قَضَائِهِ. وَلَوْ كَانَ مُوسِعًا ذَلِكَ لَهُمْ، لَمْ يَكُنْ لِإِرْشَادِهِمْ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَعْدِلُ قَضَاءُ ذَلِكَ فِيهِ بَعْدَ الْفَوْتِ مِنْ وَقْتِهِ الْإِتْيَانَ بِهِ فِي وَقْتِهِ كَمَا يَنْبَغِي

وَبِنَحْوِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْخَبَرُ مِمَّا وَصَفْنَا تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ عَمَلًا لَزِمَهُ وَحَافَظَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» ، وَيَكْرَهُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكْلَفَ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهِ، وَمَا لَعَلَّهُ يَعْجَزُ عَنِ الْقِيَامِ بِهِ عَلَى مَرِّ الْأَيَّامِ عَلَيْهِ وَاللَّيَالِي. وَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: «لَا تَكُنْ كَفُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» . وَفِيهِ أَيْضًا الْبَيَانُ عَنْ صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ كَانَ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِهِ: «إِنَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَبْلَ الظُّهْرِ تَعْدِلُ مِثْلَهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ» ، وَتَحْقِيقُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِكْرِ فَضْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ مِنَ النَّهَارِ، وَاسْتِحْبَابِهِ لِلصَّلَاةِ فِيهَا

ذكر من روى ذلك عنه من المتقدمين غير عمر، وقد ذكرنا ما روي عن عمر فيه

§ذِكْرُ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ غَيْرِ عُمَرَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِيهِ

1098 - حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ شُعْبَةَ، أَنْبَأَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ تَطَوُّعِ -[767]- النَّهَارِ يَعْدِلُ صَلَاةَ اللَّيْلِ، إِلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْزِينَ عَنْ مِثْلِهِنَّ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ»

1099 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخَذْتُ صَحِيفَةً أَنَا وَعَلْقَمَةُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَجَلَسْنَا بِالْبَابِ، وَقَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ، أَوْ كَادَتْ تَزُولُ، فَلَمْ نَسْتَأْذِنْ عَلَيْهِ، وَقُلْنَا: نُنَبِّهُهُ مِنْ رَقْدَتِهِ، فَجَلَسْنَا عَلَى الْبَابِ، فَسَمِعَتِ الْجَارِيَةُ، فَرَجَعْتُ، فَقَالَتْ: عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ. فَأَذِنَ لَنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنْتُمْ جُلُوسٌ وَلَمْ تَسْتَأْذِنُوا؟ قَالَ: قُلْنَا -[768]-: ظَنَنَّا أَنَّكَ رَاقِدٌ، وَكَرِهْنَا أَنْ تُوقَظَ مِنْ رَقْدَتِكَ. قَالَ: فَقَالَ: بِئْسَ مَا ظَنَنْتُمْ، §هَذِهِ سَاعَةٌ تُقَاسُ فِيهَا الصَّلَاةُ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ. قَالَ: فَأَخْبَرُوهُ بِالصَّحِيفَةِ فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، اسْكُبِي مَاءً. فَغَسَلَهَا وَمَا نَظَرَ فِيهَا

1100 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ صَلْتٍ , عَنْ شَرِيكٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ , وَمَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: «§مَا كَانُوا يَعْدِلُونَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ صَلَاةَ اللَّيْلِ إِلَّا أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ , فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَتِهِنَّ مِنَ اللَّيْلِ»

1101 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ , قَالَ: أَطَالَ عَلْقَمَةُ , وَالْأَسْوَدُ الْجُلُوسَ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ , فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ , فَاسْتَأْذَنَتْ لَهُمَا , فَأَذِنَ لَهُمَا فَقَالَ: «§مَا لَكُمَا لَمْ تَدْخُلَا؟» , قَالَا: ظَنَنَّاكَ نَائِمًا , فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَظُنَّا بِي هَذَا , إِنَّا كُنَّا نَعُدُّ صَلَاةَ هَذِهِ السَّاعَةِ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ»

1102 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «§صَلَاةٌ قَبْلَ الظُّهْرِ تَعْدِلُ صَلَاةَ اللَّيْلِ»

1103 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ §يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الظُّهْرِ»

ذكر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

§ذِكْرُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ

1104 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ , حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ , أَنْبَأَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبِ الضَّبِّيُّ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ , عَنْ قَزَعَةَ , عَنْ قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ , عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْمِنُ أَرْبَعًا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ , فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّكَ تُدْمِنُ هَذِهِ الْأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ. فَقَالَ: «إِنَّ §أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ , فَلَا تُرْتَجُ حَتَّى تُصَلَّى الظُّهْرُ , فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِي تِلْكَ السَّاعَةِ خَيْرٌ» . قَالَ: قُلْتُ: أَفِي كُلِّهِنَّ قِرَاءَةٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: قُلْتُ: فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ فَاصِلٌ؟ قَالَ: «لَا»

1105 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ , حَدَّثَنَا عَمِّي , حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ , عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّهُ رَآهُ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ , فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ لَتُكْثِرُ أَنْ تُصَلِّيَهُنَّ؟ قَالَ: رَأَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِنَّ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ. فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ , أَرَاكَ تُدِيمُ هَذِهِ الصَّلَاةَ فَقَالَ: «§إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ , فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ»

1106 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ عَنْبَسَةَ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ , وَقَالَ: «§تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ , فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ» وَفِيهِ أَيْضًا: أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ فَيَجْعَلُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حِزْبًا يَقْرَأُونَهُ. وَكَانَ كُلُّ مَنْ جَعَلَ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ حِزْبًا أَوْجَبَهُ وَحَافَظَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ , كَمَا كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ يُلْزِمُهَا نَفْسَهُ مِنَ اللَّيْلِ , وَلَا يُفَرِّطُ فِي الْقِيَامِ بِقِرَاءَةِ -[771]- مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ قِرَاءَتَهُ مِنْ حِزْبِهِ فِي صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ , كَمَا لَا يُفَرِّطُ فِي حَظِّهِ مِنْ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ عَلَى قَدْرِ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَبِالَّذِي قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ بَعْضُ مَا فِيهِ

1107 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ الطَّائِفِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ , عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ , قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدَ ثَقِيفٍ , فَأَنْزَلَ الْمَالِكِيِّينَ فِي قُبَّتِهِ , وَأَنْزَلَ الْأَحْلَافِيِّينَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: فَكَانَ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَيُحَدِّثُهُمْ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ , يُرَاوِحُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ مِمَّا قَدْ مَلَّ الْقِيَامَ , وَكَانَ أَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ اشْتِكَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: حَتَّى إِذَا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ انْتَصَفْنَا مِنْهُمْ فَقَاتَلْنَاهُمْ , فَكَانَتْ عَلَيْنَا سِجَالٌ الْحَرْبُ وَلَنَا. فَمَكَثَ عَنَّا لَيْلَةً , فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا حَبَسَكَ فَقَدْ كُنْتَ تَأْتِينَا قَبْلَ هَذِهِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: «§طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ حَتَّى أَقْضِيَهُ» , فَلَمَّا أَصْبَحْنَا سَأَلْنَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ؟ قَالُوا: ثَلَاثًا , وَخَمْسًا , وَسَبْعًا , وَإِحْدَى عَشَرَةَ , وَثَلَاثَ عَشَرَةَ قَالَ: وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ السَّابِعُ -[772]- 1108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ , حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ , عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ , قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ , غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَكَانَ أَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُهُمْ بِاشْتِكَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من نام عن حزبه " , يعني بحزبه: جماعة السور التي كان يقرؤها في صلاته التي كان يصليها من الليل , وكل جماعة اجتمعت مؤتلفة أو مفترقة على شيء فهو حزب , ومن ذلك قيل للأحزاب

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ» , يَعْنِي بِحِزْبِهِ: جَمَاعَةَ السُّوَرِ الَّتِي كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي صَلَاتِهِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا مِنَ اللَّيْلِ , وَكُلُّ جَمَاعَةٍ اجْتَمَعَتْ مُؤْتَلِفَةً أَوْ مُفْتَرِقَةً عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ حِزْبٌ , وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْأَحْزَابِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: أَحْزَابٌ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ جَمَاعَاتٍ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى اجْتَمَعَتْ عَلَى حَرْبِهِ وَقِتَالِهِ , وَاحِدُهُمْ حِزْبٌ , وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ , يُقَالُ مِنْهُ: تَحَزَّبَ الْقَوْمُ عَلَيَّ , إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْهُ: «أَنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَلَا تُرْتَجُ حَتَّى تُصَلَّى الظُّهْرُ» , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «فَلَا تُرْتَجُ» , فَلَا تُغْلَقَ , وَالرِّتَاجُ نَفْسُهُ الْبَابُ , وَمِنْهُ قَوْلُ الْعُذْرِيِّ: [البحر الطويل] وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ الْأُمُورَ إِذَا اعْتَلَتْ ... عَلَيْكَ رِتَاجًا لَا يُرَامُ مُضَبَّبَا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ يُرِيدُهُ مِنْ خُطْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا: قَدْ أُرْتِجَ عَلَيْهِ , يَعْنِي بِهِ: قَدِ انْغَلَقَ عَلَيْهِ كَمَا يُرْتَجُ الْبَابُ فَيُغْلَقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: قَدِ ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ , فَإِنَّهُ مَعْنَى غَيْرُ هَذَا , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: قَدِ اضْطَرَبَتْ وَتَحَرَّكَتْ , وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} [الواقعة: 4] , يَعْنِي بِذَلِكَ: إِذَا زُلْزِلَتْ وَحُرَِّكَتْ تَحْرِيكًا شَدِيدًا. وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ: مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ كَانَ يُصَلِّيهَا بِاللَّيْلِ فَصَلَّاهَا بِالْهَاجِرَةِ فَكَأَنَّمَا صَلَّاهَا بِاللَّيْلِ وَعَنَى بِقَوْلِهِ: «مَنْ صَلَّاهَا بِالْهَاجِرَةِ» فَصَلَّاهَا قَبْلَ الظُّهْرِ بِقَلِيلٍ , وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَتَيْتُكَ بِالْهَاجِرَةِ , وَعِنْدَ الْهَاجِرَةِ , وَبِالْهَجِيرِ وَبِالْهَجْرِ , وَذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ فِي الظَّهِيرَةِ فِي الْقَيْظِ , وَقَدْ هَجَّرَ الْقَوْمُ وَتَهَجَّرُوا , إِذَا ارْتَحَلُوا بِالْهَاجِرَةِ , وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ: [البحر الكامل]

حَتَّى تَهَجَّرَ فِي الرَّوَاحِ وَهَاجَهُ ... طَلَبُ الْمُعَقِّبِ حَقَّهُ الْمَظْلُومُ فَإِنْ أَتَاهُ فِي آخِرِ الْهَاجِرَةِ قِيلَ: أَتَاهُ بِالْهَجِيرِ الْأَعْلَى , وَالْهَاجِرَةِ الْعُلْيَا , فَإِنْ أَتَاهُ قُبَيْلَ الْعَصْرِ , قِيلَ: أَتَاهُ الْهُوَيْجِرَةَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «مَنْ فَاتَهُ وِرْدُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَقُمْ بِهِ فِي صَلَاةٍ قَبْلَ الظُّهْرِ» , فَإِنَّهُ يَنْعَنِي بِالْوِرْدِ , مَا كَانَ يَرِدُ عَلَيْهِ وَيَنْوِيهِ مِنْ حَظِّهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ , وَأَصْلُهُ مِنْ وُرُودِ الشَّيْءِ عَلَيْكَ , وَهُوَ هُجُومُهُ , وَمِنْهُ قِيلَ: تَوَرَّدَ عَلَيْنَا اللَّيْلُ مَوْضِعَ كَذَا , إِذَا هَجَمَ , وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَنْهَلِ الْمَوْرِدِ , لِأَنَّهُ تَرِدُهُ الشَّارِبَةُ وَالسَّابِلَةُ , وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ: [البحر الطويل] سَبَارِيتُ أَخْلَاقِ الْمَوَارِدِ يَابِسٌ ... بِهَا الْقَوْمُ مِنْ مُسْتَوْضَحَاتِ الْعَوَاثِنِ

وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَحْمُومِ: مَوْرُودٌ , وَذَلِكَ لِوُرُودِ الْحُمَّى عَلَيْهِ يَوْمَ وِرْدِهِ. وَأَمَّا الْوَرْدُ بِفَتْحِ الْوَاوِ , فَإِنَّهُ غَيْرُ هَذَا الْمَعْنَى , وَهُوَ الْأَحْمَرُ مِنَ الْأَلْوَانِ , وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37] , وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي جَعْدَةَ: [البحر الطويل] وَنُنْكِرُ يَوْمَ الرَّوْعِ أَلْوَانَ خَيْلِنَا ... مِنَ الطَّعْنِ حَتَّى تَحْسِبَ الْوَرْدَ أَشْقَرَا وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ: [البحر الطويل] عَلَوْنَ بِأَنْمَاطٍ عِتَاقٍ وَعِقْمَةٍ ... طَوَائِفُهَا لَوْنَانِ وَرْدٌ وَمُشْرَبُ وَأَحْسِبُ أَنَّ الْوَرْدَ مِنَ الرَّيَاحِينَ إِنَّمَا قِيلَ لَهُ وَرْدٌ لِغَلَبَةِ الْحُمْرَةِ عَلَى أَكْثَرِهِ. وَأَمَّا الْوَرِيدُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] , فَإِنَّهُ حَبْلُ الْعُنُقِ , وَهُمَا وَرِيدَانِ يَلِيهُمَا الْأَوْدَاجُ الَّتِي تُقْطَعُ مِنَ الذَّبِيحَةِ عِنْدَ التَّذْكِيَةِ

ذكر خبر آخر من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري , عن عمر , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ , عَنْ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ , أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ , يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ , فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ , فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ , فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ , فَلَمَّا سَلَّمَ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ , فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَؤُهَا آنِفًا؟ فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَقُلْتُ: كَذَبْتَ , فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ هُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُهَا. فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا , وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ , اقْرَأْ يَا هِشَامُ» . فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَؤُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَكَذَا أُنْزِلَتْ» . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ يَا عُمَرُ» , فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «هَكَذَا أُنْزِلَتْ» . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى -[777]- سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ» , حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ , عَنْ عُمَرَ , قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ فَذَكَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ , عَنْ عُمَرَ , قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ فَذَكَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ -[778]- وَهَذَا خَبَرٌ قَدْ بَيَّنَا مَعْنَاهُ وَذَكَرْنَا طُرُقَهُ عَنْ عُمَرَ وَمُوَافِقِيهِ , فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبَيَّنَا اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَاهُ , وَالْعِلَلَ الْمُفْسِدَةَ قَوْلَ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ , بِاسْتِقْصَاءِ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى «جَامِعَ الْبَيَانِ عَنْ تَأْوِيلِ آي الْقُرْآنِ» ، فَكَرِهْنَا تَطْوِيلَ الْكِتَابِ بِإِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ , فَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ مَعَانِيهِ وَمَا فِيهِ فَلْيَلْتَمِسْهُ هُنَاكَ يَجِدْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَشْرُوحًا

ذكر خبر آخر من أخبار عمر , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي أَبُو الْجَمَاهِرِ الْحِمْصِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ , حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ اللَّيْثِيُّ: أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ , وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ , فَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى. قَالَ عُمَرُ: وَمَا ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ نَافِعٌ: مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ عُمَرُ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ , عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ §اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا , وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده , لا علة فيه توهنه , ولا سبب يضعفه. وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين: إحداهما: أنه قد حدث بهذا الحديث عن عمر غير واحد من الرواة , فجعل هذا الكلام الذي روي عنه , عن رسول الله صلى

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ , لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ , وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ. وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ , فَجَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , مِنْ كَلَامٍ غَيْرَ مَرْفُوعٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَعْمَرٌ فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ وَاثِلَةَ , فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ صَحِيحًا كَمَا رَوَى مَعْمَرٌ , فَهُوَ عَنْ مَجْهُولٍ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ , لِأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ لَا يَعْرِفُونَ رَاوِيًا رَوَى عَنْ عُمَرَ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ وَاثِلَةَ

ذكر من حدث بهذا الحديث عن الزهري فقال فيه: عنه عن عمرو بن واثلة

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ فِيهِ: عَنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ وَاثِلَةَ

1109 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ , أَنْبَأَنَا مَعْمَرُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ وَاثِلَةَ , قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: هَكَذَا قَالَ مَعْمَرٌ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ تَلَقَّى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَى عُسْفَانَ , وَكَانَ -[781]- عَامِلًا لَهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي , يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ؟ قَالَ: ابْنَ أَبْزَى. قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي , أَوْ قَالَ: مَوْلًى، قَالَ: اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: أَمَا إِنَّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ §اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْقُرْآنِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»

ذكر من حدث بهذا الحديث فجعل الكلام الذي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام عمر

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَ الْكَلَامَ الَّذِي فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ

1110 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي , يَقُولُ: أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ , حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَهُ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى مَكَّةَ فَاسْتَقْبَلَهُ أَمِيرُ مَكَّةَ نَافِعُ بْنُ عَلْقَمَةَ , فَقَالَ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهَا؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى. فَقَالَ عُمَرُ: " §عَمَدْتَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي فَاسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى مَنْ بِهَا مِنْ قُرَيْشٍ وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ , وَجَدْتُهُ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ , وَمَكَّةُ أَرْضٌ تُحْتَضَرُ , فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُسْمَعَ كِتَابُ اللَّهِ مِنْ رَجُلٍ حَسَنِ الْقِرَاءَةِ -[782]- فَقَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ , إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِالْقُرْآنِ أَقْوَامًا , وَيَضَعُ بِالْقُرْآنِ أَقْوَامًا , وَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى مِمَّنْ رَفَعَهُ اللَّهُ بِالْقُرْآنِ

ذكر ما في هذا الحديث من الفقه ومما في هذا الحديث من الفقه: أن عمر لم يستنكر تلقي نافع بن عبد الحارث إياه إلى عسفان من مكة , وفي ذلك الدليل أن للرجل تلقي القادم من سفر , واستقبال من قدم من بلدته إلى بلدة أخرى تكرمة وتعظيما , كالذي فعل من ذلك نافع بعمر.

§ذِكْرُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ وَمِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَسْتَنْكِرْ تَلَقِّي نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ إِيَّاهُ إِلَى عُسْفَانَ مِنْ مَكَّةَ , وَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ أَنَّ لِلرَّجُلِ تَلَقِّيَ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ , وَاسْتِقْبَالِ مَنْ قَدِمَ مِنْ بَلْدَتِهِ إِلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى تَكْرِمَةً وَتَعْظِيمًا , كَالَّذِي فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ نَافِعٌ بِعُمَرَ

وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْقَوْمَ إِذَا حَضَرْتُهُمُ الصَّلَاةُ فَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَأُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَعْلَمُهُمْ بِهِ , وَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ فِي النَّسَبِ وَالْفَضْلِ , لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَخْبَرَهُ نَافِعٌ أَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَخْلَفَ ابْنَ أَبْزَى عَلَى مَنْ بِمَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَوْلًى مِنَ التَّابِعِينَ , لِأَنَّهُ وَجَدَهُ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ لَمْ يَسْتَنْكِرْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ , بَلْ صَوَّبَهُ , وَقَدْ أَنْكَرَ اسْتِخْلَافَهُ إِيَّاهُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ إِعْلَامِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ أَقْرَأُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ , وَذَلِكَ نَظِيرُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ قَبْلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لِيَؤُمَّكُمْ أَقْرَأُكُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ , فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً»

ذكر خبر آخر من أخبار عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ , حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ , وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى , فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا , فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» , -[785]- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ , وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ , قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ " حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ , عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْلَهُ -[786]-. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ , حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْحَارِثِ التَّيْمِيَّ , حَدَّثَهُ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الْأَسَدِيُّ , حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده , لا علة فيه توهنه , ولا سبب يضعفه لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته , وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين: إحداهما: أنه خبر لا يعرف له أصل من وجه يصح عن رسول

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ , لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ , وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ , وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ , وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ حَدِيثٌ لَمْ نَجِدْ يُسْنِدُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَحَدٌ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ عِنْدَهُمْ مُنْفَرِدٌ وَجَبَ التَّثَبُّتِ فِيهِ

القول فيما في هذا الخبر في الفقه والذي في هذا الخبر من الفقه تصحيح قول من قال: كل عامل عمل عملا فهو وإن كان في رأي العين عند من يراه على وجه فإنه فيما بين العامل وبين ربه على ما صرفه إليه بنيته ونواه بقلبه , لا على ما يبدو لعين من يراه. فإن كان ذلك

§الْقَوْلُ فِيمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ فِي الْفِقْهِ وَالَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ تَصْحِيحُ قَوْلِ مِنْ قَالَ: كُلُّ عَامِلٍ عَمِلَ عَمَلًا فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ عَلَى وَجْهٍ فَإِنَّهُ فِيمَا بَيْنَ الْعَامِلِ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَلَى مَا صَرَفَهُ إِلَيْهِ بِنِيَّتِهِ وَنَوَاهُ بِقَلْبِهِ , لَا عَلَى مَا يَبْدُو لِعَيْنِ مَنْ يَرَاهُ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبَيِّنٌ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِذَا غَسَلَ غَاسِلٌ أَعْضَاءَ الْوضُوءِ وَهُوَ يَنْوِي بِغَسْلِهِ إِيَّاهَا تَعْلِيمَ جَاهِلٍ , أَوْ تَبَرُّدًا مِنْ حَرٍّ أَصَابَهُ , أَوْ يُطَهِّرُهَا مِنْ نَجَاسَةٍ أَصَابَتْهُ , لَا يَقْصِدُ بِغَسْلِهَا أَدَاءَ فَرَضِ اللَّهِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ بِغَسْلِهِ إِيَّاهَا , أَنَّهُ مُؤَدٍ بِغَسْلِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ الْفَرْضَ الَّذِي أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ غَسْلِهَا , وَأَنَّ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ قَضَاءٍ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ , أَوْ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ , أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ مِنْ فَرْضِهِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ , وَمِنْ حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ , مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرْ , يَنْوِي بِحَجِّهِ أَوْ عُمْرَتِهِ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ عَنْ غَيْرِهِ , أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ فَرْضِهِ الْوَاجِبِ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ , إِذْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ عَمَلَ كُلِّ عَامِلٍ عَمِلَ عَمَلًا مَصْرُوفًا إِلَى مَا صَرَفَهُ إِلَيْهِ الْعَامِلُ بِنِيَّتِهِ فَأَرَادَهُ بِقَلْبِهِ دُونَ غَيْرِهِ , مِمَّا يَبْدُو لَرَأْيِ الْعَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنَ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُفَارِقًا دِينَ الْمُشْرِكِينَ وَدَارَهُمْ فِي الظَّاهِرِ , إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ فَاعِلِهِ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَبَرَاءَةً مِنَ الْكُفْرِ , فَقَدْ جَعَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَغْلَبُ عَلَى

النَّاسِ , مَصْرُوفًا أَمْرُ فَاعِلِ ذَلِكَ إِلَى مَا نَوَاهُ بِقَلْبِهِ وَأَرَادَهُ فِي نَفْسِهِ , فَإِنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَبَرَاءَةً مِنَ الْكُفْرِ , فَهِجْرَتُهُ هُنَالِكَ هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَإِنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ تَطْلُبُ دُنْيَا أَمَّلَهَا أَوِ امْرَأَةً أَرَادَ نِكَاحِهَا وَالْوُصُولَ إِلَيْهَا , فَهِجْرَتُهُ لِمَا هَاجَرَ لَهُ , وَلَيْسَتْ بِالْهِجْرَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهَا الْجَزِيلَ مِنَ الثَّوَابِ. فَكَذَلِكَ الصَّائِمُ شَهْرَ رَمَضَانَ بُنَيَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءِ النَّذْرِ , وَالْغَاسِلُ أَعْضَاءَ الْوضُوءِ , وَالْمُتَجَرِّدُ مِنْ ثِيَابِهِ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يَنْوِي بِذَلِكَ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ عَنْ غَيْرِهِ , وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ هَذَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا يَفْعَلُهُ الصَّائِمُ الصَّوْمَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فِي الظَّاهِرِ , وَغَسَلَ هَذَا مِنَ الْأَعْضَاءِ مَا أَمَرَ اللَّهُ الْمُتَطَهِّرَ بِغَسْلِهِ مِنْهَا , وَفَعَلَ هَذَا فِي إِحْرَامِهِ , مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي حَجِّهِ الْفَرْضِ , فَإِنَّهُ غَيْرُ قَاضٍ مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرَضِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ الَّذِي عَمِلَهُ لِمَا نَوَاهُ وَأَرَادَهُ دُونَ مَا لَمْ يَنْوِهِ وَلَمْ يُرِدْهُ. وَلَوْ كَانَ جَائِزًا صَرْفُ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ الَّذِي أَلْزَمَهُ إِيَّاهُ , لِمُوَافَقَتِهِ فِي الظَّاهِرِ عَمَلَ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ مَرِيدًا بِهِ أَدَاءَ فَرْضِ اللَّهِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ , جَازَ صَرْفُ عَمَلِ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي أَلْزَمَ اللَّهُ عِبَادَهُ فَرْضَهَا بِنِيَّةِ أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ , إِلَى غَيْرِ الَّذِي نَوَاهُ وَأَرَادَهُ , حَتَّى يَكُونَ وَإِنْ أَصَابَ فِي عَمَلِهِ ذَلِكَ جَمِيعَ شَرَائِطِهِ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ إِيَّاهُ غَيْرَ قَاضٍ مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ وَلَا مُؤَدٍ مَا لَزِمَهُ مِنْهُ. وَفِي إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ

مَنْ قَالَ: إِنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ الَّتِي أَلْزَمَ عِبَادَهُ عَمَلَهَا بِأَبْدَانِهِمْ نَاوِيًا بِعَمَلِهِ غَيْرَ أَدَاءِ فَرْضِهِ , أَنَّهُ مُجْزِئٌ عَنْهُ مِنْ فَرْضِهِ , عَنِ ابْتِدَائِهِ نَوَى ذَلِكَ كَذَلِكَ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِمِثْلِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ , مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ أَمْرٍ فِي الظَّاهِرِ بِمَعْرُوفٍ , أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي إِذَا قَصَدَ بِهَا الْعَبْدُ طَلَبَ رِضًا اللَّهِ اسْتَحَقَّ بِهَا مِنْهُ مَا وَعَدَ أَهْلَهَا عَلَيْهَا مَرِيدًا مِنْ ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ الْحَمْدَ عَلَيْهَا , أَوِ اخْتِدَاعَ ضَعِيفٍ أَوْ قَوِيٍّ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِمْ عَنْ مَالِهِ لِيَظُنَّ بِهِ خَيْرًا فَيُودِعَهُ إِيَّاهُ وَيَتَمَنَّهُ عَلَيْهِ , أَوْ يُوصِيَ بِهِ إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ , أَوْ لِيَضُمَّ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ أَسْبَابِهِ , وَالتَّعَرُّضِ بِهِ لِذِي سُلْطَانٍ لِيَسْتَكْفِيَهُ بَعْضَ أَعْمَالِهِ , وَيُوَلِّيَهُ بَعْضَ مَا هُوَ بِسَبِيلِهِ , أَوْ يُغْرِ بِذَلِكَ امْرَأَةً فَتَرْكَنَ إِلَيْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَإِنَّ عَمَلَهُ ذَلِكَ لِمَا عَمِلَهُ لَهُ , وَاللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بَرِيئَانِ , كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا , أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا , فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ

ذكر بعض ما حضرنا ذكره من ذلك مما صح سنده

§ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا صَحَّ سَنَدُهُ

1111 - حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ , حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَنَا خَيْرُ الشُّرَكَاءِ , فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي , فَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ "

1112 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §يَقُولُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ اسْمُهُ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ , فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلًا , وَأَشْرَكَ مَعِي غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ , وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ "

1113 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ , مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشَرِيكِي "

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ , حَدَّثَنَا أَبِي , وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , عَنِ اللَّيْثِ , عَنِ ابْنِ الْهَادِ , عَنْ عَمْرٍو , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ §اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: إِنِّي أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ , فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي، فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي عَمِلَهُ "

1114 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ , حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ , حَدَّثَنَا حَيْوَةُ , حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: §أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ , فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا فَأَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي، فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي عَمِلَهُ "

1115 - حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , فَقَالَ نَاتِلُ أَخُوأَهْلِ الشَّامِ: أَيُّهَا الرَّجُلُ , حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " §أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُمِرَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ: كَذَبْتَ , وَلَكِنْ قَاتَلْتَ لِيُقَالَ: جَرِيءٌ , وَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرُ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ , وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ , فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا , فَقَالَ: مَاذَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ , وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ: كَذَبْتَ , وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ إِنَّكَ عَالِمٌ , وَقَدْ قِيلَ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ , فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ , وَرَجُلٌ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ كُلِّهِ , فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ , فَعَرَفَهَا , قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ , فَعَلْتَ لِيُقَالَ: جَوَادٌ , فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ " -[793]- 1116 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ , أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ , أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

1117 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ , حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ , حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ لِمَكَانِ الرَّجُلِ»

1118 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ , عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا هُوَ بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ يَبْكِي عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ §يَسِيرًا مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ» , حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ يَوْمًا , ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ مُعَاذٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

1119 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْقُومَسِيُّ , قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ , عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ قَالَ: «§كُنَّا نَعُدُّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّرْكَ الْأَصْغَرَ الرِّيَاءَ»

1120 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ , حَدَّثَنَا أَبِي , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ , عَنْ عَمِّهِ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا نَعَايَا الْعَرَبِ - ثَلَاثًا - إِنَّ §أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرِّيَاءُ , وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ»

ذكر ما روي في ذلك عن الصحابة والتابعين

§ذِكْرُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

1121 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَّاحِ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ اسْتَجْلَسَ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: ارْتَفِعُوا. ثُمَّ قَالَ: اسْتَووا حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا، فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ , سَمِعَ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ , يَقُولُ: «يَا نَعَايَا الْعَرَبِ , يَا نَعَايَا الْعَرَبِ §إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْأُمَّةَ , الرِّيَاءَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ» , قَالَ الْفَضْلُ: قَالَ سُفْيَانُ: وَلَمْ أَسْمَعِ الزُّهْرِيَّ اسْتَجْلَسَ النَّاسَ غَيْرَ هَذِهِ الْمَرَّةِ , -[798]- 1122 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ مَحْمُودٍ: لَمَّا حَضَرَ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ الْوَفَاةُ قَالَ: يَا نَعَايَا الْعَرَبِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 1123 - حَدَّثَنِي يُونُسُ , أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الزُّهْريِّ , قَالَ: أُرَاهُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ , قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ الْوَفَاةُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ

1124 - حَدَّثَنِي يُونُسُ , أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ , عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ , عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ: أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ أَخْبَرَهُ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ , قَالَ: طُفْتُ مَعَهُ يَوْمًا فِي السُّوقِ , ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ فَاسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ , ثُمَّ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ عَلَى وَجْهِهِ , ثُمَّ بَكَى حَتَّى سَمِعْتُ لَهُ نَشِيجًا , ثُمَّ قَالَ: «آبَكِ الْعُرَيْبِ , لَا يُبْعِدُ اللَّهُ الْإِسْلَامَ مِنْ أَهْلِهِ» , قُلْتُ: يَا أَبَا فُلَانٍ , فَمَاذَا تَخَوَّفْتَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: «§تَخَوَّفْتُ عَلَيْهِمُ الشِّرْكَ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً» قُلْتُ: أَتَخَافُ عَلَيْهِمُ الشِّرْكَ وَقَدْ عَرَفُوا اللَّهَ وَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ؟ فَدَفَعَ بِكَفِّهِ فِي صَدْرِي , وَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مَحْمُودُ , وَمَا تَرَى الشِّرْكَ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ؟ , وَمَا يَعْنِي بِذَلِكَ إِلَّا أَهْلَ الْقَدَرِ»

1125 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ , عَنْ حَمْزَةَ أَبِي عُمَارَةَ , عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ -[799]- الصَّامِتِ , وَفُلَانِ بْنِ الرَّبِيعِ: أَنَّهُ أَتَاهُمَا رَجُلٌ فَقَالَ: أَلَا تَرَيَانِ يَا هَذَانِ أَنِّي أُصَلِّي حِينَ أُصَلِّي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ وَأُحْمَدَ , وَأُحِبُّ أَنْ أَذْكُرَ وَأَصُومَ وَأَتَصَدَّقَ , حَتَّى ذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنَ الْعَمَلِ , كُلُّ ذَلِكَ تَقُولُ: وَأُحْمَدُ , فَقَالَا: " §لَا لَيْسَ لَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْءٌ , إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ فَمَنْ كَانَ لَهُ مِنِّي شِرْكٌ فَهُوَ لَهُ كُلُّهُ , لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ "

1126 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ , عَنِ الْهَجَرِيِّ , عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ , عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ , قَالَ: «إِذَا §أَحْسَنَ الْعَبْدُ الصَّلَاةَ حِينَ يَرَاهُ النَّاسُ , وَأَسَاءَهَا حِينَ يَخْلُو , فَتِلْكَ اسْتِهَانَةٌ يَسْتَهِينُ بِهَا الْعَبْدُ رَبَّهُ»

1127 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعُذْرِيُّ , أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْبَيْرُوتِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ , قَالَ: حَدَّثَنِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ , قَالَ: " إِذَا §-[800]- قَدَّمَ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ , فَزَيَّنَ فِيهَا وَكَانَ فِيهَا عَلَى غَيْرِ حَالِهِ إِذَا خَلَا قَالَ اللَّهُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي يَسْتَهْزِئُ بِي

1128 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ , أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ , قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ , يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: §أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ مَنْ عَمِلَ لِي وَشَرِيكِي فَهُوَ لِشَرِيكِي "

1129 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ , أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَوْشَبٍ , قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ , يَقُولُ: " عِبَادَ الرَّحْمَنِ , إِنَّ §الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْفَرِيضَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ قَدْ أَضَاعَ مَا سِوَاهَا , فَمَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ يُمَنِّيهِ فِيهَا وَيُزَيِّنُ لَهُ حَتَّى مَا يَرَى شَيْئًا دُونَ الْجَنَّةِ , فَقَبْلَ أَنْ تَعْمَلُوا أَعْمَالَكُمْ فَانْظُرُوا مَاذَا تُرِيدُونَ بِهَا , فَإِنْ كَانَتْ خَالِصَةً لِلَّهِ فَأَمْضُوهَا , وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ اللَّهِ فَلَا تُشْقُوا أَنْفُسَكُمْ , فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا , فَإِنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] "

1130 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنِ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي السَّلِيلِ , قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: الرَّجُلُ مِنَّا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ وَمَا عِنْدَهُ , وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ يُحِبُّ أَنْ يَذْكُرَ مَعْرُوفَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «أَتُحِبُّ أَنْ تُمْقَتَ؟» , قُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَإِذَا §فَعَلْتَ لِلَّهِ شَيْئًا فَأَخْلِصْهُ لِلَّهِ , وَلَا تُشْرِكَنَّ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ»

1131 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ , عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ , عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ , قَالَ: " §يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْحِسَابِ , وَفِي صَحِيفَتِهِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ مِنَ الْحَسَنَاتِ , فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: صَلَّيْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا لِيُقَالَ: صَلَّى فُلَانٌ , أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهُ إِلَّا أَنَا , لِيَ الدِّينُ الْخَالِصُ , صُمْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا لِيُقَالَ: صَامَ فُلَانٌ , أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهُ إِلَّا أَنَا , لِيَ الدِّينُ الْخَالِصُ , تَصَدَّقْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا , لِيُقَالَ تَصَدَّقَ فُلَانٌ , أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهُ إِلَّا أَنَا , لِيَ الدِّينُ الْخَالِصُ , فَمَا يَزَالُ يُمْحَى شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى تَبْقَى صَحِيفَتُهُ مَا فِيهَا شَيْءٌ , فَيَقُولُ مَلَكَاهُ: يَا فُلَانُ , أَلِغَيْرِ اللَّهِ كُنْتَ تَعْمَلُ؟

1132 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا حَكَّامٌ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ قَيْسٍ , قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى جَيْشٍ , فَجَعَلَ يَطْلُبُ الْعَدُوَّ , فَأَصَابَ رِجْلَ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ فَذَهَبَتْ , فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ , فَقَالَ لِجَرِيرٍ: «مَا شَأْنُ رِجْلِ فُلَانٍ؟» , فَقَالَ: كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَ يَدَيَّ قَرِيبًا وَكُنْتُ أَتْبَعُهُمْ , فَأَصَابَهُ فَقَالَ عُمَرُ: §أَمُسَمِّعٌ؟ إِنَّهُ مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمَّعْ بِهِ " وَقَدْ يَدْخُلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ , وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى , فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا , أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ لِمَا هَاجَرَ لَهُ» , قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ يُبَاهِي بِهِ الْعُلَمَاءَ , أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ , أَوْ لِيَصْرِفَ وجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ , فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» -[803]-. وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِبَعْضِ هَذِهِ الْوجُوهِ , فَلَمْ يَطْلُبْهُ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِالطَّلَبِ لَهُ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ , إِنَّمَا أَمَرَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ لِلْعَمَلِ بِهِ , وَالْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِيمَا عَلِمَهُ مِنْهُ , وَوَهَبَ لَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ , أَوْ لِتَعْلِيمِ جَاهِلٍ وَإِرْشَادِ ضَالٍّ , لَا لِمُبَاهَاةِ الْعُلَمَاءِ , أَوْ مُمَارَاةِ السُّفَهَاءِ , وَصَرْفِ وجُوهِ النَّاسِ بِهِ إِلَيْهِ. وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ وجُوهٌ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لَهُ رِضًى , وَلَا هُوَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ وَلَا نَدَبَ إِلَيْهِ , بَلْ زَجَرَ عَنْهُ وَنَهَى , فَحَظُّ طَالِبِهِ مِنْهُ التَّقَدُّمُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ , وَالْمُتَقَدِّمُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ , إِنْ لَمْ يَعْفُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ بِفَضْلِهِ. وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَاهُ جَمِيعُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ الْمُطْلَقَةِ وَالْمَأْمُورِ بِهَا , مِنَ الْمَطَاعِمِ، وَالْمَشَارِبِ، وَالْمَلَابِسِ، وَالْمَرَاكِبِ، وَالْمَنَاكِحِ، وَالْمَنْطِقِ، وَالصَّمْتِ، وَالْمَشْيِ، وَالْجُلُوسِ، وَالْقِيَامِ، وَالِاضْطِبَاعِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمُبَاحِ لِلْعِبَادِ عَمَلُهَا , وَالْمَأْمُورِ بِهِ مِنْهَا حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ مُثَابًا عَلَيْهَا مِنْ حَالِ عَمَلِهِ إِيَّاهَا , مَرِيدًا بِهَا الْعَمَلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْعَمَلِ بِهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ رِضًى , أَوْ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا مِنْهُ بِهَا الْعُقُوبَةَ عَلَى عَمَلِهِ إِيَّاهَا مُرِيدًا بِهَا عَمَلَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَهُ فِيهِ السُّخْطُ وَالْكَرَاهَةُ , وَذَلِكَ كَالطَّاعِمِ مِنَ الطَّعَامِ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا أَقَامَ رَمَقَهُ , وَأَمِنَ مَعَهُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَبَ , فَإِنَّ زِيَادَتَهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ , إِنْ قَصَدَ بِهَا طَلَبَ الْقُوَّةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ , أَوْ عَلَى الْقِيَامِ لِلنَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ مِنَ الصَّلَاةِ , أَوْ لجِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ بِهِ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ الْجَزِيلَ , وَمِنْ كَرَامَتِهِ الْجَسِيمَ , وَإِنْ كَانَ أَيْ زِيَادَةُ مَا ازْدَادَ عَلَى ذَلِكَ طَلَبًا لِلْقُوَّةِ عَلَى حَمْلِ مَالٍ لِمُسْلِمٍ قَدْ سَرَقَهُ إِيَّاهُ , أَوْ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ مِمَّنْ حَرَّمَ اللَّهُ قَتْلَهُ أَوْ عَلَى سَلْبِهِ , أَوْ تَسَوُّرِهِ حَائِطًا عَلَى امْرَأَةٍ عَلَيْهِ حَرَامٌ الْفُجُورُ بِهَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَسْخَطُهَا اللَّهُ وَلَا يَرْضَاهَا , فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ كَذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ بِهِ مِنْ عَذَابِ -[804]- اللَّهِ الْعَظِيمَ , وَمِنْ عَذَابِهِ الْأَلِيمَ , إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِ , وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا , وَالْعِلَّةُ الَّتِي بَيَّنَّا. قَالَ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ: مَا خَطَا عَبْدٌ خُطْوَةً إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ أَوْ سَيِّئَةٌ

1133 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ مُسْلِمٍ , وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: " فَإِنْ كَانَ §الْأَمْرُ كَمَا وَصَفْتَ مِنْ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ عَمَلًا فَعَمَلُهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مَصْرُوفٌ إِلَى مَا صَرَفَهُ إِلَيْهِ بِنِيَّتِهِ , وَمُوَجَّهٌ إِلَى مَا وَجَّهَهُ إِلَيْهِ بِإِرَادَتِهِ وَضَمِيرِهِ , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْتُ , فَإِنْ كَانَ قَصَدَ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ , وَإِيَّاهُ أَرَادَ بِهِ , فَاللَّهُ وَلِيُّ جَزَائِهِ وَثَوَابِهِ , وَإِنْ كَانَ قَصَدَ بِهِ مَا سِوَاهُ , فَهُوَ لِمَا قَصَدَ لَهُ , وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِ عِقَابِهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ , فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ فِيمَا

1134 - حَدَّثَكَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ ذَكْوَانَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: قَالَ رَجُلٌ -[805]-: يَا رَسُولَ اللَّهِ , دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ وَأَنَا أُصَلِّي فَأَعْجَبَنِي الْحَالُ الَّتِي رَآنِي عَلَيْهَا. قَالَ: " §لَكَ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ , وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ " , 1135 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي وَكِيعٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

1136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ الْمَسْعُودِيُّ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ يَسُرُّهُ , فَإِذَا ظَهْرَ أَعْجَبَهُ ذَلِكَ قَالَ: " §لَهُ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ , وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ " , 1137 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

1138 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أَعْمَلُ الْعَمَلَ فَيُطَّلَعُ عَلَيْهِ , فَيُعْجِبُنِي ذَلِكَ. قَالَ: " §لَكَ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ "

1139 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ , أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا -[807]-: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا نَعْمَلُ أَعْمَالًا فِي السِّرِّ , فَنَسْمَعُ النَّاسَ يَذْكُرُونَهَا , فَيُعْجِبُنَا أَنْ نُذْكَرَ بِخَيْرٍ. فَقَالَ: " §لَكُمْ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ , وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ "

1140 - حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , حَدَّثَنِي أَبُو سِنَانٍ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , الرَّجُلُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ يُسِرُّهُ فَإِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ أَعْجَبَهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَكَ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ , وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ " قِيلَ: هَذَا خَبَرٌ يَدْفَعُ صِحَّتَهُ كَثِيرٌ مِنْ رُوَاةِ الْآثَارِ وَنَقَلَةِ الْأَخْبَارِ , لِمَا فِي سَنَدِهِ مِنَ الِاضْطِرَابِ الَّذِي بَيَّنْتُ , وَإِنْ كُنَّا نَدِينُ بِتَصْحِيحِهِ , وَلَا شَيْءَ فِيهِ إِذَا نَحْنُ قُلْنَا بِتَصْحِيحِهِ , يُوجِبُ دَفْعَ شَيْءٍ مِنْ مَعْنَى خَبَرِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ , وَلَا إِبْطَالَ شَيْءٍ مِمَّا بَيَّنَّا. وَذَلِكَ أَنَّ خَبَرَ عُمَرَ إِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ الَّتِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا مِنْ رَبِّهِمُ الثَّوَابَ , وَالَّتِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا مِنْهُ الْعِقَابَ , وَمَا مِنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَمَا مِنْهَا لِغَيْرِهِ. وَذَلِكَ إِنَّمَا يَفْتَرِقُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَبْدِ فِيهِ , وَفِي أَوَّلِ حَالِ دُخُولِهِ فِيهِ. فَإِذَا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ فِيهِ لِلَّهِ لَمْ يَضْرُرْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا عَرَضَ فِي نَفْسِهِ وَخَطَرَ بِقَلْبِهِ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَوَسْوَاسِ الشَّيْطَانِ , وَلَا يُزِيلُهُ عَنْ حُكْمِهِ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِاطِّلَاعِ الْعِبَادِ عَلَيْهِ بَعْدَ تَقَضِّيهِ وَمُضِيِّهِ عَلَى مَا نَدَبَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ خَالِيًا مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ وَكَرِهَهُ لَهُ , وَلَا سُرُورُهُ بِذَلِكَ. وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَدِئَهُ بِالنِّيَّةِ الْمَكْرُوهِ ابْتِدَاؤُهُ بِهَا , أَوْ يَعْمَلَهُ وَهُوَ فِي حَالِ شُغْلِهِ بِهِ غَيْرَ مُخْلِصٍ لِلَّهِ , فَذَلِكَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَامِلُهُ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ الْعِقَابَ , وَيَبْطُلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ

ذكر بعض من قال ذلك

§ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ

1141 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَيَّاشٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ خَيْثَمَةَ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ , قَالَ: " إِذَا §كُنْتَ تُصَلِّي فَأَتَاكَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنَّكَ تُطَوِّلَ تُرَائِي , فَزِدْهَا طُولًا "

1142 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ خَيْثَمَةَ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ , قَالَ: " إِذَا §كُنْتَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَتَوَخَّ , وَإِذَا كُنْتَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَامْكُثْ مَا اسْتَطَعْتَ , وَإِذَا جَاءَكَ الشَّيْطَانُ وَأَنْتَ تُصَلِّي فَقَالَ: إِنَّكَ تُرَائِي , فَزِدْ وَأَطِلْ " , 1143 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ النَّخَعِيُّ , حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ , عَنْ مَنْ , ذَكَرَهُ , عَنِ الْحَسَنِ ,: كَانَ رَجُلٌ حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَأْتِيهِ قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ رُبَّمَا قَالَ لَهُ: اقْرَأْ. فَقَالَ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ , إِنِّي أَقُومُ فِي اللَّيْلِ فَيَأْتِينِي الشَّيْطَانُ إِذَا رَفَعْتُ صَوْتِي فَيَقُولُ: إِنَّمَا تُرِيدُ النَّاسَ. قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ: لَكَ نِيَّتُكَ إِذَا قُمْتَ مِنْ فِرَاشِكَ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول شداد بن أوس: يا نعايا العرب , هكذا رواية المحدثين من رواة الأخبار , إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة الرياء والشهوة الخفية. وأما أهل المعرفة بكلام العرب ورواة الشعر منهم , فإنهم ينكرون ذلك ويقولون:

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: يَا نَعَايَا الْعَرَبِ , هَكَذَا رِوَايَةُ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ رُوَاةِ الْأَخْبَارِ , إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الرِّيَاءُ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ. وَأَمَّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ وَرُوَاةِ الشِّعْرِ مِنْهُمْ , فَإِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: إِنَّ الصَّوَابَ فِيهِ , يَا نَعَائِي الْعَرَبِ , بِمَعْنَى الْأَمْرِ بِنَعْيِهِمْ , وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ: انْعُوهُمْ فَقَدْ هَلَكُوا. وَاسْتَشْهَدُوا لِتَصْحِيحِ مَا قَالُوا , مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] نَعَاءِ ابْنَ لَيْلَى لِلْفِعَالِ وَلِلنَّدَى ... وَرُكْبَانِ لَيْلٍ مُقْفَعِلِّ الْأَنَامِلِ

وَيَقُولُ الْآخَرُ: [البحر الطويل] نَعَاءِ جُذَامًا غَيْرَ مَوْتٍ وَلَا قَتْلِ ... وَلَكِنْ فِرَاقًا لِلدَّعَائِمِ وَالْأَصْلِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَالُوا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَغْرَتْ بِمَصْدَرِ قَضَيْتُ وَدَعَوْتُ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ , قَالُوا: دَعَا دَعَاءً , وَقَضَى قَضَاءً , وَنعا نَعَاءً , كَمَا يَقُولُونَ , إِذَا أَغْرَوْا بِالسَّالِمِ مِنَ الْفِعْلِ: دَرَاكِ دَرَاكِ , وَنَظَارِ نَظَارِ , بِمَعْنَى أَدْرِكْ أَدْرِكْ , انْظُرُ انْظُرْ , فَيَفْتَحُونَ أَوَّلَهُ وَيَكْسِرُونَ آخِرَهُ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ: دَرَاكِهَا مِنْ إِبِلٍ دَرَاكِهَا قَدْ بَرَكَ الْمَوْتُ عَلَى أَوْرَاكِهَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: دَرَاكِهَا , أَدْرِكُوهَا , وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ: تَرَاكِهَا مِنْ إِبِلٍ تَرَاكِهَا قَدْ بَرَكَ الْمَوْتُ عَلَى أَوْرَاكِهَا

وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى: [البحر الكامل] وَلَأَنْتَ أَشْجَعُ مِنْ أُسَامَةَ إِذْ ... دُعِيَتْ نَزَالِ وَلُجَّ فِي الذَّعْرِ وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَزْعُمُ أَنَّ فَعَالِ إِنَّمَا خُصَّ بِالْأَمْرِ , لِأَنَّهُ أُرِيدَ فِعَالِ مَصْدَرُ فَاعَلْتَ , فَكَانَ أَوَّلُهُ مَكْسُورًا فَغَيَّرُوهُ عَنْ وِجْهَةِ الْمَصْدَرِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ آخِرِهِ , كَمَا صُرِفَتْ ثُلَاثُ وَرُبَاعُ , عَنْ ثَلَاثَةَ وَأَرْبَعَةَ , وَعُرِبَتَا بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُمَا فِي مَذْهَبِ اسْمٍ , وَعُرِبَ فَعَالِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ بِالْخَفْضِ , لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَثَرًا مِنَ الْجَزْمِ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَرْوِي ذَلِكَ: يَا نُعْيَانَ الْعَرَبِ , عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ نَعَاهُ يَنْعَاهُ نَعْيًا وَنُعْيَانًا , كَالْبُهْتَانِ وَالْخُلْصَانِ. وَأَمَّا الرِّيَاءُ فَإِنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: رَايَا فُلَانٌ فُلَانًا بِعَمَلِهِ مُرَايَاةً وَرِيَاءً. وَأَمَّا الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ: فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا , وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ فِيهَا مَا

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , قَالَ: قَالَ لِي خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ: عَنْ سُفْيَانَ: " §الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ , الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى الْبِرِّ

وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ شَهْوَةُ النَّفْسِ لِمَا قَدْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ رُكُوبِ فَاحِشَةٍ مِنِ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هُوَ الرَّجُلُ يُصْبِحُ صَائِمًا صَوْمًا تَطَوُّعًا , ثُمَّ يُصِيبُ طَعَامًا يَشْتَهِيهِ فَيُفْطِرُ مِنْ أَجْلِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي يُضْمِرُهُ صَاحِبُهُ وَيُصِرُّ عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا هُوَ الْإِصْرَارُ , وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا أَنَّهُ شَهْوَةُ النَّفْسِ الْبَاطِنَةُ لِمَا حَلَّ وَحَرُمَ , وَإِنَّمَا قَالَ شَدَّادٌ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ , مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّ فِي الرِّيَاءَ مَا قَدْ بَيَّنْتُ قَبْلُ , وَأَنَّ الشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ إِذَا أَفْرَطَتْ حَمَلَتْ صَاحِبَهَا عَلَى رُكُوبِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ رُكُوبُهُ مِنَ الزِّنَا , وَشُرْبِ الْخَمْرِ , وَالسُّكْرِ , وَالسَّرَقِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَحَارِمِ. وَإِنَّمَا خَافَ شَدَّادٌ مِنَ الشَّهْوَةِ الْخَفِيَّةِ , مَا يَحْدُثُ عَنِ الشَّهْوَةِ مِنْ رُكُوبِ الْأُمُورِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ مِنَ الشَّهْوَةِ مَا إِذَا لَمْ يَرْكَبْ صَاحِبُهَا مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ مِنَ الْمَحَارِمِ , وَلَمْ تَتَعَدَّ إِلَى مَا حُظِرَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَآثِمِ , فَغَيْرُ ضَائِرَةٍ , بَلْ إِلَى أَنْ تَكُونَ لِصَاحِبِهَا إِذَا تَرَكَ التَّقَدُّمَ عَلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَحَارِمِ حِذَارَ الْعِقَابِ عَلَيْهَا , إِلَى رِضَى اللَّهِ مُقَرِّبَةً أَقْرَبَ مِنْهَا إِلَى أَنْ تَكُونَ لَهُ مِنَ اللَّهِ مُبْعِدَةً , لِأَنَّ إِمَاتَتَهَا بِتَحْذِيرِ النَّفْسِ عِقَابَ اللَّهِ , وَخَوْفِ وَعِيدِهِ حَتَّى يَقْمَعَهَا أَوْ يَرُدُّهَا عَنْ بَاعِثِ هَوَاهَا , وَمَا اهْتَاجَ فِيهَا إِلَى تَقْوِيمِهَا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ الَّذِي أَمَرَهَا بِهِ , هُوَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ الَّذِي لَا جِهَادَ أَعْظَمَ مِنْهُ , وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَيْسَ عَدُوُّكَ

الَّذِي إِنْ قَتَلْتَهُ اسْتَرَحْتَ مِنْهُ , وَلَكِنَّ عَدُوَّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ , فَقَدْ بَيَّنَ الْحَسَنُ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنَّ رَدَّ النَّفْسِ عَنْ بَوَاعِثِ شَهْوَاتِهَا وَقَمْعَهَا عَنْ هِيَاجِ طَلَبَاتِهَا الْمُحَرَّمِ عَلَيْهَا رُكُوبُهَا إِلَى مَا يَحِلُّ لَهَا وَيُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهَا هُوَ جِهَادُ أَعْدَى الْأَعْدَاءِ لِلْمَرْءِ , وَذَلِكَ لَا شَكَّ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جِهَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ إِلَى قَتْلِهِمُ السَّبِيلُ "

ذكر خبر آخر من حديث عمر , عن النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , وَقَتَادَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَتَادَةَ السَّدُوسِيُّ , قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ , حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ , قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَزُرْعَةُ بْنُ ضَمْرَةَ مَعَ الْأَشْعَرِيِّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَلَقِيَنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو , فَجَلَسْتُ عَنْ يَمِينِهِ وَجَلَسَ زُرْعَةُ عَنْ يَسَارِهِ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يُوشِكُ أَلَّا يَبْقَى فِي أَرْضِ الْعَجَمِ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا قَتِيلٌ , أَوْ أَسِيرٌ يُحَكَّمُ فِي دَمِهِ. فَقَالَ لَهُ زُرْعَةُ بْنُ ضَمْرَةَ: أَيَظْهَرُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَتَدَافَعَ مَنَاكِبُ نَسَاءِ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ - وَثَنٍ كَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ - فَذَكَرْنَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَلَاثَ مِرَارٍ: عَبْدُ اللَّهِ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ. قَالَ: فَخَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ جُمُعَةٍ قَالَ: فَقَالَ: " إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «§لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةً حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» , قَالَ: فَذَكَرْنَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَوْلَ عُمَرَ فَقَالَ: صَدَقَ نَبِيُّ اللَّهِ , إِذَا جَاءَ ذَاكَ كَانَ الَّذِي قُلْتُ

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده , لا علة فيه توهنه , ولا سبب يضعفه؛ لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ورواته , وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين: إحداهما: اضطراب نقلته في سنده , فمن راويه

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ , لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ , وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ؛ لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ وَرُوَاتِهِ , وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَّتَيْنِ

: إِحْدَاهُمَا: اضْطِرَابُ نَقَلَتِهِ فِي سَنَدِهِ , فَمِنْ رَاوِيهِ فَقَائِلٍ فِيهِ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ , عَنْ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ رَاوِيهِ فَقَائِلٍ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ , عَنْ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْأُخْرَى: أَنَّ قَتَادَةَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّدْلِيسِ , مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ , وَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُمْ أَنْ يُحْتَجَّ مِنْ رَاوِيَةِ الْمُدَلِّسِ , وَإِنْ كَانَ عَدْلًا , إِلَّا بِمَا قَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا , أَوْ سَمِعْتُ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , مِمَّا يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِهِ

ذكر اختلاف الرواة في رواية هذا الخبر

§ذِكْرُ اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ

1144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدُ , عَنْ هَمَّامٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»

1145 - حَدَّثَنِي أَبُو شُرَحْبِيلَ الْحِمْصِيُّ عِيسَى بْنُ خَالِدِ بْنِ أَخِي أَبِي الْيَمَانِ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ , حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ , قَالَ: انْطَلَقْنَا أَنَا وَزُرْعَةُ بْنُ ضَمْرَةَ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ حَاجِّينَ , فَجَلَسْنَا إِلَى ابْنِ عُمَرَ , فَقَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي أَرْضِ الْعَجَمِ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا أَسِيرٌ أَوْ قَتِيلٌ يَحْكُمُونَ فِي دَمِهِ , حَتَّى تَلْحَقَ الْعَرَبُ بِمَنَابِتِ الشِّيحِ. قُلْنَا: أَوَيَظْهَرُ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ؟ قَالَ: فَمَنْ أَنْتُمْ؟ فَقُلْنَا: مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. فَقَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَدَافَعَ مَنَاكِبُ نَسَاءِ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ حَوْلَ ذِي الْخَلَصَةِ - وَثَنٍ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - فَأَتَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , فَقُلْنَا: حَدَّثَنَا ابْنُكُ عَبْدُ اللَّهِ بِكَذَا. فَقَالَ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ. ثُمَّ نَادَى: إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ , فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَدْعُكُمْ لِرَهْبَةٍ وَلَا لِرَغْبَةٍ , إِلَّا حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «§لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورَةً عَلَى الْحَقِّ , لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَذَلَهَا حَتَّى يَأْتِيهَا أَمْرُ اللَّهِ» . قُلْنَا: هَذَا وَاللَّهِ خِلَافُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , فَأَتَيْنَا ابْنَ عُمَرَ , فَقُلْنَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافٍ لِمَا ذَكَرْتَ. قَالَ: «صَدَقَ , إِذَا أَتَى أَمْرُ اللَّهِ كَانَ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ» . فَقَالَ زُرْعَةُ: مَا أُرَاكَ إِلَّا صَادِقًا , -[818]- 1146 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ , حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عَامِرٍ , وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ , عَنْ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا ذِكْرُهُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ , ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

ذكر من وافق عمر في روايته هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة

§ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّحَابَةِ

1147 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ , حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ , قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

1148 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , يَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ , لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ»

1149 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ , حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ يُونُسَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»

1150 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصِبِيِّ , قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تَزَالُ أُمَّةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً عَلَى الْحَقِّ , لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ , حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ»

1151 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ , حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ , قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ , لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ , حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»

1152 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ بَيَانٍ , عَنْ قَيْسٍ , قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ ظَاهِرًا عَلَى كُلِّ مَا نَاوَأَهُ وَخَالَفَهُ , لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ أَبَدًا»

1153 - حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ , عَنِ الْقَعْقَاعِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§لَا تَزَالُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عِصَابَةٌ عَلَى الْحَقِّ , لَا يَضُرُّهُمْ خِلَافُ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»

1154 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْقَنَّادُ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ , عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَظْهَرُونَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» , 1155 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ , أَنْبَأَنَا يَزِيدُ , أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ , عَنْ قَيْسٍ , عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي» , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ , 1156 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ , عَنِ الْمُغِيرَةِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

1157 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ , أَنَّ قَتَادَةَ , حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ , عَنْ ثَوْبَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةً , لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ»

1158 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الْحِمْصِيُّ , حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ , حَدَّثَنَا السَّيْبَانِيُّ , قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ , لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ , إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ , فَهُمْ كَالْإِنَاءِ بَيْنَ الْأَكَلَةَ , حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: «بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ , وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ»

1159 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ , وَكَانَ مُطَرِّفٌ يَقُولُ: هُمْ أَهْلُ الشَّامِ , -[825]- 1160 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: «فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ»

1161 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ , وَحَدَّثَنَا حُمَيْدُ ابْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ , حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ , جَمِيعًا , عَنِ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ , عَنْ مُطَرِّفٍ , قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: §اعْلَمْ أَنَّ خِيَارَ , عَبَّادِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ , وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ يُقَاتِلُونَ عَنِ الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلُوا الدَّجَّالَ " , 1162 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ , عَنِ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ , عَنْ أَخِيهِ , مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: إِنَّهُ لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ , أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ

1163 - حَدَّثَنَا أَبُو شُرَحْبِيلَ الْحِمْصِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ , حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَفْطَسُ , عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ: أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ نُفَيْلٍ الْحَضْرَمِيَّ , أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي سَيَّمْتُ الْخَيْلَ وَأَلْقَيْتُ السِّلَاحَ , وَقُلْتُ: لَا قِتَالَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْآنَ جَاءَ اللَّهُ بِالْقِتَالِ , لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى -[826]- النَّاسِ , يُزِيغُ اللَّهُ بِهِمْ قُلُوبَ أَقْوَامٍ فَيَقْتُلُونَهُمْ , وَيَرْزُقُهُمُ اللَّهُ مِنْهُمْ , حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»

1164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ , حَدَّثَنَا رَوْحٌ , حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ , أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " §لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ , فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: صَلِّ لَنَا. فَيَقُولُ: لَا , إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَمِيرٌ , لِتَكْرِمَةِ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةِ "

القول في البيان عما في هذه الأخبار إن سألنا سائل فقال: ما معنى هذه الأخبار , وما وجهها؟ وما الصحيح منها، التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن طائفة من هذه الأمة لن تزال على الحق ظاهرة على من ناوأها إلى أن تقوم الساعة , أم التي وردت بأنه صلى الله

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ إِنْ سَأَلَنَا سَائِلٌ فَقَالَ: مَا مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ , وَمَا وَجْهُهَا؟ وَمَا الصَّحِيحُ مِنْهَا، الَّتِي وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَنْ تَزَالَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةً عَلَى مَنْ نَاوَأَهَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ , أَمِ الَّتِي وَرَدَتْ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةً عَلَى عَدُوِّهَا , إِلَى أَنْ يَأْتِيَهَا أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» ؟ أَمْ كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ شَيْءٌ مِنْهُ؟ أَمْ كُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ غَيْرُ فَاسِدٍ شَيْءٌ مِنْهُ؟ فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْوَارِدُ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ قَالَ: " لَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةً عَلَى مَنْ نَاوَأَهَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ , فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ فِيمَا

1165 - حَدَّثَكُمُ ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , عَنْ حُمَيْدٍ , عَنْ أَنَسٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ , اللَّهُ "

1166 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ , حَدَّثَنَا عَمَّى , حَدَّثَنَا أَبِي , حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ حُمَيْدٍ , عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يَقُولَ أَحَدٌ: اللَّهَ , اللَّهَ "

1167 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَمُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ , قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ , قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهَ , اللَّهَ "

1168 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ , حَدَّثَنَا عَمِّي , أَنْبَأَنَا عَمْرٌو , وَابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَنَسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ §لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى رَجُلٍ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ "

1169 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَرْوَزِيُّ , حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ , عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ أَبِي خَالِدٍ الْحَنَفِيِّ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُعْبَدَ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ بِمِائَةِ سَنَةٍ»

1170 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ , أَنْبَأَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ بَيَانٍ , عَنْ قَيْسٍ , عَنْ مِرْدَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ , قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ أَسْلَافًا , وَيَفْنَى الصَّالِحُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ , حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا مِثْلُ حُثَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ , لَا يُبَالِي اللَّهُ بِهِمْ»

1171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ , حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ , حَدَّثَنَا بَيَانٌ , عَنْ قَيْسٍ , عَنْ مِرْدَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «§يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ , وَيَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ الشَّعِيرِ أَوِ التَّمْرِ , لَا يُبَالِي اللَّهُ بِهَا»

1172 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ قَيْسٍ , عَنْ مِرْدَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ , قَالَ: «§يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ , حَتَّى تَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ التَّمْرِ أَوِ الشَّعِيرِ , لَا يُبَالِي اللَّهُ بِهَا شَيْئًا»

1173 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ , حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِلْبَاءَ السُّلَمِيِّ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ»

1174 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعُذْرِيُّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جَابِرٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ , ثُمَّ الْحِمْصِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ , يَقُولُ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهَلَاكَهُمْ , ثُمَّ قَالَ: «§فَبَيْنَا النَّاسُ كَذَلِكَ , إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً أَخَذَتْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ , فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُسْلِمٍ , وَيَبْقَى سَائِرُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ كَمَا يَتَهَارَجُ الْحَمِيرُ , فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ»

1175 - حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ , عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ , -[832]- فَإِنَّهُ يُنْبِئُ أَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ عَلَى رَجُلٍ مُوَحِّدٍ» كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْخَبَرِ الَّذِي

1176 - حَدَّثَكُمُوهُ ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْقُوبَ , عَنْ حَمَّادٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: الدُّنْيَا جُمُعَةٌ مِنْ جُمَعِ الْآخِرَةِ , سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ , فَقَدْ مَضَى سِتَّةُ آلَافِ سَنَةٍ وَمِائَةُ سَنَةٍ , وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا مُوَحِّدٌ -[833]-. فَهَذَا خِلَافُ الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§لَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةً عَلَى مَنْ نَاوَأَهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ , لِأَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى الْحَقِّ فَهُوَ لِلَّهِ مُوَحِّدٌ وَلِأَمْرِهِ مُتَّبِعٌ» وَعَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ مُنْزَجِرٌ , وَهُوَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ , لَا مِنْ شِرَارِهِمْ. وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَقُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ» وَلَا تَقُومُ عَلَى أَحَدٍ , يَقُولُ: اللَّهَ , اللَّهَ , ثُمَّ يَقُولُ: تَقُومُ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةٌ عَلَى مَنْ عَادَاهَا لَا فِي مَوْطِنٍ وَلَا فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ , لِأَنَّ لِذَلِكَ خَبَرٌ , وَالْخَبَرُ لَا يُنْسَخُ , فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا صَاحِبَهُ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَوْقَاتُ وَالْأَحْوَالُ؟ وَإِنْ قُلْتَ: كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُ دَخَلْتَ فِيمَا أَنْتَ عَائِبُهُ مِنْ قَوْلِ مُبْطِلِي أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِكَ. فَإِنْ أَنْتَ قُلْتَ بِتَصْحِيحِ جَمِيعِ ذَلِكَ , قُلْنَا لَكَ: وَمَا وَجْهُ صِحَّتِهِ وَبَعْضُهُ يُبْطِلُ مَعْنَى بَعْضٍ , وَبَعْضُهُ يُحِيلُ صِحَّةَ بَعْضٍ , لِتَدَافُعِ مَعَانِيهِ وَتَنَاقُضِ مَخَارِجِهِ؟ قِيلَ لَهُ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: قَوْلُنَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِتَصْحِيحِ جَمِيعِهِ عَلَى مَا يَصِحُّ مِنْ مَعَانِيهِ , وَأَنَّهُ لَا خَبَرَ مِنْ ذَلِكَ يَدْفَعُ صِحَّةَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ , بَلْ يُحَقِّقُ بَعْضُهُ مَعْنَى بَعْضٍ، وَيَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى صِحَّةِ بَعْضٍ، وَلَكِنْ بَعْضُهُ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخُصُوصُ. فَأَمَّا الَّذِي خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخُصُوصُ , فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ» , وَقَوْلُهُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ» , وَقَوْلُهُ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ , يَقُولُ: اللَّهَ , اللَّهَ " , وَقَوْلُهُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُعْبَدَ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ بِمِئَةِ سَنَةٍ» , فَإِنَّ مَعْنَى كُلِّ ذَلِكَ الْخُصُوصُ , وَالْمُرَادُ مِنْهُ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ بِمَوْضِعِ كَذَا دُونَ مَوْضِعِ كَذَا , وَإِلَّا عَلَى حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ خَلَا مَوْضِعِ كَذَا , فَإِنَّ بِهِ -[834]- طَائِفَةً مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةً عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ , وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُعْبَدَ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ بِمِئَةِ سَنَةٍ , إِلَّا فِي مَكَانِ كَذَا , وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ , يَقُولُ: اللَّهَ , اللَّهَ إِلَّا بِمَكَانِ كَذَا , فَإِنَّ فِيهِ طَائِفَةً مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ. فَإِنْ قَالَ: فَمَا الْبُرْهَانُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ؟ قِيلَ لَهُ: مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَبَرِ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ , وَأَنَّ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ , وَفِي الْحَظْرِ وَالْإِطْلَاقِ , وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: " يَكُونُ فِي زَمَانِ كَذَا كَيْتَ وَكَيْتَ , ثُمَّ يَقُولُ بَعْدُ: «لَا يَكُونُ الَّذِي قُلْتُ إِنَّهُ يَكُونُ فِي زَمَانِ كَذَا» . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ قَدْ وَرَدَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا قَبْلُ: مِنْ «أَنَّ مِنْ أُمَّتِهِ طَائِفَةً عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةً عَلَى مَنْ نَاوَأَهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» , وَ «أَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ» , بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ , وَكَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ تُوصَفَ الطَّائِفَةُ الَّتِي هِيَ عَلَى الْحَقِّ بِأَنَّهَا شِرَارُ النَّاسِ , وَأَنَّهَا لَا تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُوَحِّدُهُ , عُلِمَ أَنَّ الْمَوْصُوفِينَ بِأَنَّهُمْ شِرَارُ النَّاسِ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ السَّاعَةُ غَيْرُ الْمَوْصُوفِينَ بِأَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ مُقِيمُونَ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ , إِذْ كَانَتْ صِفَاتُهُمْ مُخْتَلِفَةً اخْتِلَافًا لَا يُشْكِلُ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي وَصَفَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا عَلَى الْحَقِّ مُقِيمَةٌ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الشِّرَارِ الَّذِي أَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَيْهِمْ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَبُو أُمَامَةَ فِي خَبَرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ , لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ , لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ , إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ , وَهُمْ كَالْإِنَاءِ بَيْنَ الْأَكَلَةِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: «بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ» , فَبَيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ خُصُوصِيَّةَ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي وَصَفْنَا أَنَّهَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْعُمُومِ , بِوَصْفِهِ الطَّائِفَةَ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا أَنَّهَا عَلَى الْحَقِّ -[835]- مُقِيمَةٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ , أَنَّهَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأكْنَافِهِ , دُونَ سَائِرِ الْبِقَاعِ غَيْرِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا قَبْلُ. فَقَدِ اتَّضَحَ إِذًا مَا وَصَفْنَا وَجْهُ صِحَّةِ الْخَبَرَيْنِ , وَأَنْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا دَافِعًا صَاحِبَهُ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء " يعني النبي صلى الله عليه وسلم بالأواء الشدة , إما في المعيشة من جدب وقحط أو حصار , وإما في الأبدان من الأمراض والعلل أو

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ» يَعْنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّأْوَاءِ الشِّدَّةَ , إِمَّا فِي الْمَعِيشَةِ مِنْ جَدْبٍ وَقَحْطٍ أَوْ حِصَارٍ , وَإِمَّا فِي الْأَبْدَانِ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْعِلَلِ أَوِ الْجِرَاحِ. يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: أَصَابَتِ الْقَوْمَ لَأْوَاءُ، وَلَوْلَاءَ، وَشَصَاصَاءُ , وَذَلِكَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْجَدْبُ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ أَيْضًا: أَصَابَتْهُمْ لَزْبَةٌ , وَأَزْمَةٌ , وَحَطْمَةٌ , وَسِنَةٌ , كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَذَلِكَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ شِدَّةٌ وَجَدْبٌ , يُقَالُ مِنْهُ: أَسْنَتِ الْقَوْمُ , وَأَجْدَبُوا , وَأَمْحَلُوا. وَمِنَ اللَّأْوَاءِ الْخَبَرُ الْآخَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ حِينَ قَالَ لَهُ لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] : أَنَحْنُ مُجَازَوْنَ بِكُلِّ مَا نَعْمَلُ؟ «أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟» . وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أَسْلَافًا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ , حَتَّى تَبْقَى

حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ الشَّعِيرِ» , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْحُثَالَةِ: السَّفَلَةَ مِنَ النَّاسِ. وَأَصْلُ الْحُثَالَةِ , مَا تَفَتَّتَ وَتَسَّاقَطَ مِنْ قُشُورِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا , وَهُوَ حُفَالَتُهُ , وَحُشَافَتُهُ. وَمِنَ الْحُشَافَةِ قَوْلُ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ: كُنْتُ أَحْشِفُ لِعُمَرَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَيَأْكُلُهُ بَحَشَفِهِ , يَعْنِي بِقَوْلِهِ أَحْشِفُ لَهُ: كُنْتُ أُخْرِجُ لَهُ مِنْ رَذَالِهِ وَرَدِيئِهِ فَأَنْفِيَهُ مِنْهُ. وَمِنَ الْحُثَالَةِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ , وَقَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ» يَعْنِي بِالْحُثَالَةِ , مَا وَصَفْتُ مِنْ سَفِلَةِ النَّاسِ. وَيُقَالُ أَيْضًا: هُوَ مِنْ خُشَارَتِهِمْ , يَعْنِي بِهِ مِنْ رَذَالِهِمْ , وَأَصْلُ الْخُشَارَةِ مَا سَقَطَ عَلَى الْخِوَانِ مِنْ فُتَاتِ الْخُبْزِ. وَهُوَ مِنْ جَمَّائِهِمْ , وَزَعَانِفِهِمْ , وَقَمْزِهِمْ , وَنَقَزِهِمْ وَغَمْزِهِمْ. وَمِنَ الْغَمْزِ , وَالنَّقَزِ قَوْلُ الرَّاجِزِ: [البحر الرجز] أَخَذْتُ بِكْرًا نَقَزًا مِنَ النَّقَزِ ... وَنَابُ سُوءٍ قَمَزًا مِنَ الْقَمَزِ هَذَا وَهَذَا غَمْزٌ مِنَ الْغَمْزِ وَأَمَّا قَوْلُ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي سَيَّمْتُ الْخَيْلَ» , فَإِنَّهُ

يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ أَرْسَلَهَا فِي مَرَاعِيهَا لِلرَّعْيِ , وَمِنْهُ قِيلَ لِلْإِبِلِ الرَّاعِيَةِ: السَّائِمَةُ , وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ سَائِمَةٍ حِقَّةٌ» , وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: 10] , يَعْنِي بِهِ: فِيهِ تَرْعُونَ مَوَاشِيَكُمْ , يُقَالُ مِنْهُ: أَسَامَ فُلَانٌ خَيْلَهُ وَمَاشِيَتَهُ , وَسَيَّمَهَا , وَسَوَّمَهَا , وَمِنَ الْإِسَامَةِ قَوْلُ الْأَخْطَلِ: مِثْلِ ابْنِ بَزْعَةَ أَوْ كَآخَرَ مِثْلِهِ أَوْلَى لَكَ ابْنُ مُسِيمَةِ الْأَجْمَالِ وَسَامَتِ الْمَاشِيَةُ , إِذَا رَعَتْ , فَهِيَ سَائِمَةٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: سَامَ فُلَانٌ فُلَانًا ضَيْمًا , فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَلْزَمَهُ وَأَوْصَلَهُ إِلَيْهِ , وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ: إِنْ سِيمَ خَسْفَا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] وَطَعْنُهُمُ الْأَعْدَاءَ شَزْرًا وَإِنَّمَا ... يُسَامُ وَيَقْنَى الْخَسْفَ مَنْ لَمْ يُطَاعِنِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [البقرة: 49] . وَأَمَّا السَّوْمُ فِي الْبَيْعِ , فَغَيْرُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ , وَهُوَ الْمُرَاوَضَةُ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي تُعْرَضُ عَلَى الْبَيْعِ عَلَى الثَّمَنِ , يُقَالُ مِنْهُ: سَاوَمَ فُلَانٌ فُلَانًا بِسِلْعَتِهِ , فَاسْتَامَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا

ذكر خبر آخر من أخبار عمر , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصِّيَامِ فَقَالَ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَعَنَا إِذْ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَاحَةِ؟ . فَقَالُوا: نَحْنُ كُنَّا إِذْ أَهْدَى لَهُ الْأَعْرَابِيُّ أَرْنَبًا وَهُوَ مُعَلِّقُهَا فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُ هَدِيَّةً حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهَا صَاحِبُهَا , فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا شَيْئًا , لِلشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ لَهُ بِخَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلْ مِنْهَا» . فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ قَالَ: «§وَكَمْ تَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ؟» فَقَالَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ: «أَحْسَنْتَ , اجْعَلْهُنَّ الْغُرَّ الْبِيضَ , ثَلَاثَ عَشْرَةَ , وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ , وَخَمْسَ عَشْرَةَ» . قَالَ: فَأَهْوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْأَرْنَبِ لِيَأْخُذَ مِنْهَا فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنِّي رَأَيْتُهَا تَدْمَى؟ فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده , لا علة فيه توهنه , ولا سبب يضعفه لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته , وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح , لعلل: إحداها: اضطراب نقلته في روايته عن عمر. فمن قائل فيه

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ , لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ , وَلَا سَبَبَ يُضْعِفُهُ لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ , وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ , لِعِلَلٍ: إِحْدَاهَا: اضْطِرَابٌ نَقَلَتِهِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُمَرَ. فَمِنْ قَائِلٍ فِيهِ: عَنْ مُوسَى بْنِ

طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , عَنْ عُمَرَ , وَمِنْ قَائِلٍ فِيهِ: عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ عُمَرَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ مُوسَى وَبَيْنَ عُمَرَ أَحَدًا. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ خَبَرٌ حَدَّثَتْ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ , فَجَعَلُوا الْكَلَامَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ غَيْرِ عُمَرَ. فَمِنْ رَاوٍ ذَلِكَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمِنْ رَاوِيهِ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمِنْ رَاوِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ خَبَرٌ قَدْ حَدَّثَ بِهِ جَمَاعَةٌ أُخَرُ , فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا , وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا بِهِ عَلَيْهِ. وَالرَّابِعَةُ: أَنَّ بَعْضَ الَّذِينَ حَدَّثُوا بِهِ يُخَالِفُ فِي مَعْنَى مَا فِيهِ بَعْضًا , وَبَعْضُهُمْ يُنْقِصُ عَمَّا زَادَ فِيهِ بَعْضٌ. وَالْخَامِسَةُ: أَنَّهُمْ غَيْرُ مُرْتَضِينَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ , وَأَنَّ بَعْضَهُمْ غَيْرُ مُرْتَضٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ

ذكر من حدث بهذا الحديث فقال فيه: عن موسى بن طلحة , عن عمر , ولم يدخل بين موسى وبين عمر ابن الحوتكية

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فِيهِ: عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ عُمَرَ , وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَ مُوسَى وَبَيْنَ عُمَرَ ابْنَ الْحَوْتَكِيَّةِ

1177 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبٍ مَشْوِيَّةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «§كُلُوا» . فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: قَدْ رَأَيْتُ بِهَا دَمًا. فَقَالَ: «كُلُوا»

ذكر من حدث بهذا الحديث فجعله عن ابن الحوتكية

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ

1178 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنِ الْحَكَمِ , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: ادْنُ فَكُلْ. فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عُمَرُ: أَيُّ صَوْمٍ؟ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ فَقَالَ: مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ , أَوْ مِنْ وَسَطِهِ , أَوْ مِنْ آخِرِهِ؟ فَقَالَ: مِنْ وَسَطِهِ. قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّي لَوْ أَشَاءُ أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَكِنِ ادْعُوا لِي أُبَيًّا. فَدَعَوْهُ فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا تَحْفَظُ حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَاءَ بِالْأَرْنَبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَمَا تَحْفَظُ أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بَلَى , وَلَكِنْ هَاتِهِ أَنْتَ. قَالَ: أَتَاهُ بِأَرْنَبٍ مَشْوِيَّةٍ مَعَهَا خُبْزٌ , فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ هَذِهِ وَبِهَا شَيْءٌ مِنْ دَمٍ. فَقَالَ: «§لَا عَلَيْكَ كُلْ» وَأَبَى هُوَ أَنْ يَأْكُلَ

ذكر من حدث بهذا الحديث فجعله عن ابن الحوتكية , عن عمار

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , عَنْ عَمَّارٍ

1179 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , عَنْ عَمَّارٍ , وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَقَفَهُ: أَنَّ رَجُلًا , سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْأَرْنَبِ , فَقَالَ عُمَرُ: لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَزِيدَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ أَنْقُصَ , وَلَكِنْ سَأُرْسِلُ إِلَى رَجُلٍ يُحَدِّثُكَ شَهِدَ ذَلِكَ. فَأَرْسَلَ إِلَى عَمَّارٍ , فَسَأَلَهُ فَقَالَ: نَعَمْ , كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا , فَأَهْدَى أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْنَبًا فَأَكَلْنَاهَا فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنِّي رَأَيْتُهَا تَدْمَى. قَالَ: «§لَا بَأْسَ بِهَا»

ذكر من قال في هذا الحديث: عن ابن الحوتكية , عن أبي ذر

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ

1180 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا أَعْرَابِيًّا -[843]- إِلَى طَعَامٍ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَلَا جَعَلْتَهَا أَيَّامَ الْغُرِّ الْبِيضِ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ , وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ , وَخَمْسَ عَشْرَةَ " , حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا أَبِي , حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْلَهُ

1181 - حَدَّثَنَا يُونُسُ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَحَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَمَرَ بِصِيَامِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ , وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ , وَخَمْسَ عَشْرَةَ»

ذكر من حدث بهذا الحديث فجعله عن موسى بن طلحة , عن أبي ذر موقوفا عليه , غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ , غَيْرَ مَرْفُوعٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1182 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا أَبِي , قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرٌ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَامٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , قَالَ: " §صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ الْبِيضَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ , وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ , وَخَمْسَ عَشْرَةَ " -[845]- وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ , ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْبَيَانَ

ذكر من وافق عمر في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روى في الأرنب

§ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَى فِي الْأَرْنَبِ

1183 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ: " §مَرَرْنَا فَاسْتَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ , فَسَعَوْا: فَلَغَبُوا، قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُهَا , فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ , فَذَبَحَهَا , فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا وَفَخِذِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَهُ "

1184 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , قَالَ: " §أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا وَنَحْنُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ , فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا قَالَ: فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا قَالَ: وَبَعَثَنِي بِوَرِكِهَا، قَالَ شُعْبَةُ: وَلَكِنَّ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ: وَبِفَخِذَيْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَبِلَهَا قَالَ شُعْبَةُ: أَكَلَهَا؟ قَالَ: أَكَلَهَا , ثُمَّ قَالَ: قَبِلَهَا قَبِلَهَا

1185 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ , حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ مَعَ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيَّةِ بِالصِّفَاحِ وَمَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ فَاطِمَةَ بِأَرْنَبٍ، فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ هَلْ لَكِ فِي هَذَا الْأَرْنَبِ؟ فَنَظَرَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , فَقَالَتْ: مَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو؟ فَقَالَ: «§أَمَا إِنَّهَا قَدْ جِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ , فَلَمْ يَأْمُرْ بِأَكْلِهَا وَلَمْ يَنْهَ , وَزَعَمَ أَنَّهَا تَحِيضُ»

1186 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , وَابْنُ وَكِيعٍ , قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَبِي أُمَيَّةَ , عَنْ حَبَّانَ بْنِ جُزْءٍ , عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جُزْءٍ , قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ , أَسْأَلُكَ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ , مَا تَقُولُ فِي الْأَرْنَبِ؟ فَقَالَ: «§لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» . قُلْتُ: فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْهُ. فَقَالَ: «إِنِّي أُنْبِئْتُ أَنَّهَا تَدْمَى»

1187 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ , حَدَّثَنَا رَوْحٌ , حَدَّثَنَا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ غُلَامًا مِنْ قَوْمِهِ صَادَ أَرْنَبًا , فَذَبَحَهَا بِمَرْوَةٍ فَتَعَلَّقَهَا , فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهَا §فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا»

1188 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الْوَاسِطِيُّ , حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ , عَنْ دَاوُدَ , عَنْ عَامِرٍ , عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ: «أَنَّهُ §مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبَيْنِ قَدْ صَادَهُمَا , فَذَكَّاهُمَا بِمَرْوَةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِهِمَا»

1189 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ , حَدَّثَنَا دَاوُدُ , عَنْ عَامِرٍ: أَنَّ فُلَانَ بْنَ صَفْوَانَ , مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبَيْنِ فَقَالَ: إِنِّي أَبِيتُ عَلَى غَنَمِ أَهْلِي , فَاصْطَدْتُ هَاتَيْنِ الْأَرْنَبَيْنِ , فَلَمْ أَجِدْ حَدِيدَةً أُذَكِّيهِمَا , فَذَكَّيْتُهُمَا بِمَرْوَةٍ , أَفَآكُلُ؟ قَالَ: «§كُلْ» , 1190 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى , حَدَّثَنَا دَاوُدُ , عَنْ عَامِرٍ , عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبَيْنِ مُتَعَلِّقَهُمَا , فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 1191 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أَنْبَأَنَا دَاوُدُ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ , أَنَّهُ صَادَ أَرْنَبَيْنِ فَلَمْ يَجِدْ حَدِيدَةً فَيُذَكِّيَهُمَا بِهَا , فَذَكَّاهُمَا بِمَرْوَةٍ , فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. 1192 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , عَنْ دَاوُدَ , عَنْ عَامِرٍ , أَنَّ ابْنَ صَفْوَانَ , أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبَيْنِ , فَذَكَرَ نَحْوَهُ , -[850]- 1193 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أَنْبَأَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلَ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ , أَوْ صَفْوَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ 1194 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيُّ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ , أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ , عَنْ عَامِرٍ , قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ , أَوْ مُحَمَّدُ بْنُ صَفْوَانَ , وَمَعَهُ أَرْنَبَانِ مُتَعَلِّقَهُمَا , فَمَرَّ بِهِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوَهُ , 1195 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ , حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ صَفْوَانَ , أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبَيْنِ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

القول في البيان عما في هذه الأخبار وذكر اختلاف أهل العلم في أكل لحم الأرنب اختلف أهل العلم في أكل لحم الأرنب , فكره أكله جماعة منهم , وأكله منهم جماعة , ولم يروا به بأسا

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَكْلِ لَحْمِ الْأَرْنَبِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَكْلِ لَحْمِ الْأَرْنَبِ , فَكَرِهَ أَكْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ , وَأَكَلَهُ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ , وَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا

ذكر من كره أكله منهم

§ذِكْرُ مَنْ كَرِهَ أَكْلَهُ مِنْهُمْ

1196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ قَتَادَةَ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو §كَرِهَ لَحْمَ الْأَرْنَبِ»

1197 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , وَابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ جَمِيعًا , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ سَعِيدٍ فِي الْأَرْنَبِ: «§كَرِهَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو»

1198 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ , قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنِ الْحَكَمِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: «أَنَّهُ §كَرِهَ الْأَرْنَبَ»

1199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنِ الْحَكَمِ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: «أَنَّهُ كَانَ §يَكْرَهُ لَحْمَ الْأَرْنَبِ»

ذكر من رخص في أكل لحمه ولم ير به بأسا

§ذِكْرُ مَنْ رَخَّصَ فِي أَكْلِ لَحْمِهِ وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا

1200 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ قَتَادَةَ , قَالَ: أَكَلَ مِنْهَا يَعْنِي مِنَ الْأَرْنَبِ سَعْدٌ، قَالَ قَتَادَةُ فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ , فَقَالَ: «§كُنْتُ آكِلًا مِمَّا أَكَلَ مِنْهُ سَعْدٌ»

1201 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , وَابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ , جَمِيعًا , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ سَعِيدٍ , فِي الْأَرْنَبِ أَكَلَهَا سَعْدٌ قَالَ: قُلْتُ: وَكُنْتُ آكِلًا مِنْهَا؟ قَالَ: «كُنْتُ §آكِلًا مِمَّا أَكَلَ مِنْهُ سَعْدٌ»

1202 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ بَاهِلَةَ قَالَ: أَصَبْتُ أَرْنَبًا بِعَصًا وَقَتَلْتُهَا , فَسَأَلْتُ أَبَا أُمَامَةَ , فَقَالَ: «§كُلْهَا»

1203 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ , حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ , عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ , قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنِ الْأَرْنَبِ وَالْجَرَادِ , فَقَالَ: «§لَيْتَهُمَا فِي سُفُودٍ هَاهُنَا , فَأَكَلْنَا مِنْهُمَا»

1204 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ , قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ , أَنْبَأَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ عَنِ الْأَرْنَبِ أَيَحِلُّ أَكْلُهَا؟ قَالَ: وَمَا الَّذِي يُحَرِّمُهَا؟ قَالَ: «زَعَمُوا أَنَّهَا تَطْمَثُ كَمَا تَطْمَثُ الْمَرْأَةُ» , فَقَالَ: فَهَلْ يُعْلَمُ مَتَى تَطْهُرُ؟ قَالَ: لَا , قَالَ: «فَإِنَّ §الَّذِي يَعْلَمُ مَتَى طَمْثُهَا , يَعْلَمُ مَتَى طُهْرُهَا , وَإِلَّا فَإِنَّمَا هِيَ حَامِلَةٌ مِنَ الْحَوَامِلِ»

1205 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ , حَدَّثَنَا يَعْلَى , عَنْ هَارُونَ الْبَرْبَرِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي فَقَالَ: أَلَا تُخْبِرُنِي عَنِ الْأَرْنَبِ أَيَحِلُّ أَكْلُهَا؟ قَالَ: وَمَا الَّذِي يُحَرِّمْهَا؟ قَالَ: " §زَعَمُوا أَنَّهَا تَطْمَثُ كَمَا تَطْمَثُ الْمَرْأَةُ، قَالَ: فَمَتَى تَطْهُرُ؟ فَإِنَّ الَّذِي يَعْلَمُ مَتَى تَطْمَثُ يَعْلَمُ مَتَى تَطْهُرُ , وَإِلَّا فَإِنَّمَا هِيَ حَامِلَةٌ مِنَ الْحَوَامِلِ , إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يَذَرْ شَيْئًا 000 نِسْيَانًا , فَمَا قَالَ اللَّهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَا قَالَ رَسُولُهُ فَهُو كَمَا قَالَ، وَمَا لَمْ يَقُلْهُ اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْهُ رَسُولُهُ , فَعَفْوٌ مِنَ اللَّهِ فَذَرُوهُ "

1206 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى , أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , عَنِ الثَّوْرِيِّ , عَنْ هَارُونَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ لَحْمِ الْأَرْنَبِ , فَقَالَ: وَمَا يُحَرِّمُهُ؟ قَالَ: «§يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَطْمُثُ» , قَالَ: فَمَتَى تَطْهُرُ؟ قَالَ: «لَا أَدْرِي» , قَالَ: «فَالَّذِي يَعْلَمُ مَتَى تَطْمُثُ يَعْلَمُ مَتَى تَطْهُرُ , لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يَدَعْ شَيْئًا أَنْ يُبَيِّنَهُ لَكُمْ أَنْ يَكُونَ نَسِيَهُ , فَمَا قَالَ اللَّهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ , وَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ , وَمَا لَمْ يَقُلِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ فَبِعَفْوِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَدَعُوا , وَلَا تَبْحَثُوا عَنْهُ , فَإِنَّمَا هِيَ حَامِلَةٌ مِنْ هَذِهِ الْحَوَامِلِ»

1207 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ , حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ هِشَامٍ , عَنِ الْحَسَنِ: «أَنَّهُ كَانَ §لَا يَرَى بِلَحْمِ الْأَرْنَبِ بَأْسًا»

1208 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ , حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنْ مُحَمَّدٍ: «أَنَّهُ كَانَ §لَا يَرَى بِأَكْلِ الْأَرْنَبِ بَأْسًا»

1209 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنِ ابْنِ عَوْنٍ , قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنِ الْأَرْنَبِ , فَقَالَ: «§لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا» وَعِلَلُ الْفَرِيقَيْنِ فِي ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ نَظِيرَةُ عِلَلِنَا لِلْقَائِلِينَ بِإِبَاحَةِ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ وَالْكَارِهِينَ أَكْلَهُ , وَقَوْلُنَا فِي أَكْلِ لَحْمِهِ كَقَوْلِنَا فِي أَكْلِ الضَّبِّ , وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ قَبْلُ مُسْتَقْصًى بِبَيَانِهِ وَعِلَلِهِ , فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِهِ هُنَاكَ. وَأَمَّا الْبَيَانُ عَنْ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَقَدْ مَضَى قَبْلُ. وَأَمَّا إِخْبَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ أَنْ يَجْعَلَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ يَصُومُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ الْأَيَّامَ الْبِيضَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ , فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ , -[856]- فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتَارُهُ كَمَا رَوَى مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتَارُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ , وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتَارُ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَالِاثْنَيْنَ , وَمِنَ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتَارُ صَوْمَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ , وَبَعْضُهُمْ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ. وَنَذْكُرُ الرِّوَايَةَ الْوَارِدَةَ عَمَّنْ ذَكَرْنَا أَفْعَالَهُ , ثُمَّ نُتْبِعُ الْبَيَانَ عَنْ أَوْلَى الْأَفْعَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ

ذكر من كان يختار صوم الأيام البيض من الشهر ويأمر بصومهن

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَخْتَارُ صَوْمَ الْأَيَّامِ الْبِيضِ مِنَ الشَّهْرِ وَيَأْمُرُ بِصَوْمِهِنَّ

1210 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , وَابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ الْهُذَلِيِّ , قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ §عَنْ صَوْمِ الْأَيَّامِ الْبِيضِ , فَقَالَ: «كَانَ عُمَرُ يَصُومُهُنَّ» , -[857]- 1211 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي , وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , وَأَبُو دَاوُدَ , قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ , 1212 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ

1213 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , قَالَ: «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ §يَصُومُ الْأَيَّامَ الْبِيضَ»

1214 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَامٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ , قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: «§مَنْ كَانَ صَائِمًا مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلْيَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْبِيضَ»

1215 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , وَعَبْدُ الْأَعْلَى , قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ §يَصُومُ الْأَيَّامَ الْبِيضَ»

1217 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى , قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ: «أَنَّهُ كَانَ §يَصُومُ الْأَيَّامَ الْبِيضَ»

1218 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ وَاصِلٍ , قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: «§صُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ , وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ , وَخَمْسَ عَشْرَةَ»

ذكر الرواية عن من كان يجعل صوم الأيام الثلاثة من كل شهر الاثنين والخميس والخميس

§ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْ مَنْ كَانَ يَجْعَلُ صَوْمَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ الِاثْنَيْنَ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ

1219 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ , قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ هُنَيْدَةَ الْخُزَاعِيِّ , عَنْ أُمِّهِ , قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ , فَسَأَلْتُهَا عَنِ الصِّيَامِ , فَقَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» §يَأْمُرُنِي بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ , أَوَّلُهَا: الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسُ وَالْخَمِيسُ "

ذكر من كان يجعل ذلك السبت والأحد والإثنين، ثم في الشهر الذي بعده الثلاثاء والأربعاء والخميس

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَجْعَلُ ذَلِكَ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَالْإِثْنَيْنِ، ثُمَّ فِي الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبَعَاءَ وَالْخَمِيسَ

1220 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ خَيْثَمَةَ , قَالَ: " كَانَتْ عَائِشَةُ §تَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَالِاثْنَيْنِ , وَمِنَ الشَّهْرِ الْآخَرِ: الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ "

ذكر من كان يصوم ذلك من أول الشهر ويأمر به

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَصُومُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَيَأْمُرُ بِهِ

1221 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ قَالَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَالَ: «§صُمْ مِنْ أَوَّلِهِ»

ذكر من كان يجعل ذلك في آخر الشهر

§ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَجْعَلُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ

1222 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا جَرِيرٌ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ زِيَادٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ مِنَ الشَّهْرِ آخِرَ الشَّهْرِ , وَيَقُولُ: «§تَكُونُ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى» ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ يَخْتَارُ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا اخْتِيَارَهُ صَوْمَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا , أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ صَوْمَهَا عَلَى سَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ فَأَمَّا الَّذِينَ اخْتَارُوا صَوْمَ الثَّلَاثَةِ الْبِيضِ , فَلِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ ذَلِكَ وَيَأْمُرُ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ اخْتَارُوا صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَالْخَمِيسِ , فَلِلَّذِي ذَكَرْتُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ , وَلِأَخْبَارٍ أُخَرَ قَدْ تَقَدَّمَ، ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى قَبْلُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: إِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي تُعْرَضُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ , فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ -[862]- وَأَمَّا الَّذِينَ اخْتَارُوا السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَالِاثْنَيْنِ , وَمِنَ الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ , فَإِنَّمَا كَانَ اخْتِيَارُهُمُ الصَّوْمَ كَذَلِكَ , لِئَلَّا يَكُونَ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ يَوْمٌ إِلَّا قَدْ صَامَهُ إِذْ كَانَ لَا يَوْمَ فِي السَّنَةِ يَخْرُجُ عَنْ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ , وَإِنَّمَا يُسْتَأْنَفُ عَدَدُ أَيَّامِهَا كُلَّمَا انْقَضَتْ جُمُعَةٌ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ , وَهِيَ أَسْمَاءُ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ السَّبْعَةِ. وَأَمَّا الَّذِينَ اخْتَارُوا صَوْمَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَلِمَا

1223 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ , وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ , قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدُ , حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ , عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَصُومُ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»

1224 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ , حَدَّثَنَا آدَمُ , حَدَّثَنَا شَيْبَانُ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §يَصُومُ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ هِلَالٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» , حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ , حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ , حَدَّثَنَا شَيْبَانُ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَأَمَّا الَّذِينَ اخْتَارُوا صَوْمَ ذَلِكَ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّمَا جَعَلْنَا ذَلِكَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ , لِيَكُونَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِنَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامِ الشَّهْرِ , وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّ جَمِيعَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , صِحَاحٌ , وَإِنَّ ذَلِكَ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ , وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا عَنْهُ أَنَّهُ اخْتَارَ لِمَنْ أَرَادَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مِنَ الشَّهْرِ الْأَيَّامِ الْبِيضِ , فَالصَّوَابُ لِمَنْ أَرَادَ صَوْمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ أَنْ يَجْعَلَهُنَّ الْأَيَّامَ الَّتِي اخْتَارَهُنَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ ذَكَرْنَا اخْتِيَارَهُ لَهُ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ صَوْمَ مَا شَاءَ مِنْ أَيَّامِ الشَّهْرِ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ نَفْلًا , لَا فَرْضًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَلَيْسَ قَدْ رَوَيْتَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ , وَأَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الثَّلَاثَ مِنْ غُرَّةِ الشَّهْرِ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ اخْتَارَ -[864]- لِلْأَعْرَابِيِّ مِنْ تَصْيِيرِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مِنَ الشَّهْرِ الْغُرَّ الْبِيضَ لَيْسَ كَمَا اخْتَارَ , وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ لِلْأَعْرَابِيِّ بِمَا أَمَرَهُ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْأَمْرِ الْوَاجِبِ , وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ نَدْبٌ وَإِرْشَادٌ , وَأَنَّ لِمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّتِهِ مُرِيدًا صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَخَيَّرَ مَا أَحَبَّ مِنَ الشَّهْرِ , فَيُجْعَلُ صَوْمَهُ فِيمَا اخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ , كَمَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ , فَيَصُومُ مَرَّةً الْأَيَّامَ الْبِيضَ , وَمَرَّةً مِنْ غُرَّةِ الْهِلَالِ , وَمَرَّةً الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ , إِذْ كَانَ لِأُمَّتِهِ الِاسْتِنَانُ بِهِ فِيمَا لَمْ يُعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَهُ خَاصَّةً دُونَهُمْ فَالِاخْتِيَارُ لِمَنْ أَرَادَ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَصْيِيرُ ذَلِكَ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي اخْتَارَهُنَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ وَنَدَبَهُ إِلَى صَوْمِهِنَّ , وَذَلِكَ صَوْمُ الْأَيَّامِ الْبِيضِ , وَلَهُ إِنْ شَاءَ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِيَارُ لَهُ , أَنْ يَجْعَلَهُنَّ مِنْ غُرَّةِ الْهِلَالِ , وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهُنَّ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ , وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهُنَّ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ , فَذَلِكَ كُلُّهُ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِيهِ , غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ , كَالَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «اجْعَلْهُنَّ الزُّهْرَ الْبِيضَ» وَعَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: الزُّهْرَ , إِمَّا جَمْعُ زَهْرَاءَ أَوْ أَزْهَرَ , وَالزَّهْرَاءُ الْبَيْضَاءُ النَّقِيَّةُ الْبَيَاضِ فِي حُسْنٍ يُقَالُ مِنْهُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ زَهْرَاءُ , وَهَذَا رَجُلٌ أَزْهَرُ , وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَلْوَانِهِمَا الْبَيَاضُ فِي حُسْنٍ وَبَهَاءٍ , وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنْ أَنَسٍ -[865]-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ: أَنَّهُ كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ , وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي دُهْبُلٍ الْجُمَحِيِّ فِي صِفَةِ جَارِيَةٍ: [البحر الخفيف] وَهِيَ زَهْرَاءُ مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ الْغَوَّاصِ ... مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونٍ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى فِي صِفَةِ إِبْرِيقٍ: [البحر المتقارب] إِذَا انْكَبَّ أَزْهَرُ بَيْنَ السُّقَاةِ ... تَرَامَوْا بِهِ غَزَبًا أَوْ نُضَارًا وَمِنْهُ قِيلَ لِلسِّرَاجِ إِذَا كَانَ يُضِيءُ: هُوَ يَزْهَرُ , وَأَرَى أَنَّ النَّجْمَ الَّذِي يُسَمَّى الزُّهَرَةَ سُمِّيَ زُهَرَةَ لِإِضَاءَتِهِ وَصَفَاءِ نُورِهِ , وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْغُرُّ فَإِنَّهُ عَنَى بِالْغُرِّ إِمَّا جَمْعَ غَرَّاءَ أَوْ أَغَرَّ , وَالْأَغَرُّ الْأَبْيَضُ الْحَسَنُ , وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلثَّنَايَا إِذَا كَانَتْ بِيضًا حِسَانًا: هُنَّ غُرٌّ: وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرِ بْنِ عَطِيَّةَ فِي صِفَةِ أَسْنَانِ امْرَأَةٍ: [البحر الكامل] تُجْرِي السِّوَاكَ عَلَى أَغَرَّ كَأَنَّهُ بُرْدٌ ... تَحَدَّرَ مِنْ مُتُونِ غَمَامِ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْفَرَسِ إِذَا كَانَ فِي أَرْسَاغِهِ أَوْ فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ يُخَالِفُ لَوْنَ سَائِرِ جِلْدِهِ: أَغَرَّ , وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] -[866]- وَمَا يَنْظُرُ الْحُكَّامُ بِالْفَصْلِ بَعْدَمَا ... بَدَا وَاضِحٌ ذُو غُرَّةٍ وَحُجُولِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ: كَذَبْتُمْ , وَبَيْتِ اللَّهِ , لَا تَقْتُلُونَهُ وَلَمَّا يَكُنْ يَوْمٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِإِبِلٍ غُرِّ الذُّرَى , يَعْنِي بِذَلِكَ بِيضَ الْأَسْنِمَةِ. وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ , أَعْنَى الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ بِيضًا , وَإِنَّمَا الْمَوْصُوفُ بِذَلِكَ لَيَالِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ , إِذْ كَانَتِ الْأَيَّامُ إِذَا جُمِعَتْ دَخَلَ النَّهَارُ مَعَ اللَّيْلِ فِي الْعَدَدِ , فَيُقَالُ: كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا عَشْرَةَ أَيَّامٍ , يَعْنِي بِذَلِكَ: اللَّيَالِيَ وَالْأَيَّامَ فَلِذَلِكَ قِيلَ: الْأَيَّامُ الْبِيضُ , وَإِنْ كَانَتِ الْعَرَبُ إِنَّمَا تَصُفُّ بِذَلِكَ لَيَالِيَ هَذِهِ الْأَيَّامِ , وَإِنَّمَا قِيلَ لِهَذِهِ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ: بِيضٌ لِبَيَاضِهِنَّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ فِيهِنَّ مِنْ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ يُضِيءَ الْفَجْرُ , فَيَغْلُبَ ضَوْءُهُ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ , وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي عِنْدَ الْعَرَبِ اسْمٌ , فَلَيْلَةُ الثَّلَاثِ عَشْرَةَ تُسَمِّيهَا لَيْلَةُ السَّوَاءِ , لِأَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهَا الْقَمَرُ وَيَعْتَدِلُ وَيَتَنَاهَى تَمَامُهُ , وَهِيَ لَيْلَةُ التَّمَامِ , -[867]- يُقَالُ: هَذِهِ لَيْلَةُ تَمَامِ الْقَمَرِ , وَذَلِكَ وَفَاءُ ثَلَاثِ عَشْرَةَ , وَأَمَّا لَيْلَةُ الْأَرْبَعِ عَشْرَةَ , فَإِنَّهَا تُسَمَّى لَيْلَةَ الْبَدْرِ , لِأَنَّ الْقَمَرَ يُبَادِرُ الشَّمْسَ بِالْغَدَاةِ وَيَطْلُعُ بِالْعَشِيِّ قَبْلَ غُرُوبِهَا , وَأَمَّا لَيْلَةُ الْخَمْسِ عَشْرَةَ فَلَيْلَةُ النِّصْفِ. وَأَمَّا قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: فَسَعَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَلَغَبُوا , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَغَبُوا , نَصَبُوا وَتَعِبُوا , يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ لَغَبَ فُلَانٌ فَهُوَ يَلْغَبُ لَغْبًا وَلُغُوبًا , إِذَا أَعْيَى وَنَصَبَ وَمِنَ اللُّغُوبِ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38] يَعْنِي: مِنْ عَنَاءٍ وَنَصَبٍ , وَأَمَّا قَوْلُ خُزَيْمَةَ بْنِ جُزْءٍ , قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْتُ أَسْأَلُكُ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْأَحْنَاشِ هَاهُنَا دَوَابَّ الْأَرْضِ الَّتِي تَدُبُّ عَلَيْهَا , وَيُقَالُ لِجِنْسٍ مِنَ الْحَيَّاتِ مَعْرُوفٍ بِأَعْيَانِهَا: أَحْنَاشٌ وَاحِدُهَا حَنَشٌ , وَذَلِكَ لَهَا اسْمٌ , وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: فَذَكَّاهُمَا بِمَرْوَةٍ فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْمَرْوَةِ حَجَرًا صَغِيرًا , وَجَمْعُهَا مَرْوٌ , وَالْمَرْوُ عِنْدَ الْعَرَبِ هِيَ الْحَصَا الصِّغَارُ , يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْأَعْشَى فِي صِفَةِ نَاقَةٍ -[868]-: وَتُوَلِّي الْأَرْضَ خُفًّا ذَابِلًا فَإِذَا مَا صَادَفَ الْمَرْوَ رَضَحْ يَعْنِي بِالْمَرْوِ جَمْعَ مَرْوَةٍ , وَمِنَ الْمَرْوَةِ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ: [البحر الكامل] حَتَّى كَأَنِّي لِلْحَوَادِثِ مَرْوَةٌ ... بِصَفَا الْمُشَرَّقِ كُلَّ يَوْمٍ تُقْرَعُ وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي الْأَرْنَبِ: زَعَمُوا أَنَّهَا تَطْمُثُ , فَإِنَّ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِيهِ اخْتِلَافًا فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: الطَّمْثُ هُوَ الْجِمَاعُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ تَدْمِيَةُ الْمُجَامَعَةِ , وَيَقُولُ: ذَلِكَ الدَّمُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنَ فَرْجِ الْأُنْثَى مَعَ الْجِمَاعِ هُوَ الطَّمْثُ وَيَقُولُ آخَرُونَ: بَلِ الطَّمْثُ هُوَ الْمَسِيسُ وَالْمُبَاشَرَةُ , وَحَكَى قَائِلُ ذَلِكَ -[869]- عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا أَنَّهَا تَقُولُ: مَا طَمَثَ هَذَا الْبَعِيرَ حَبْلٌ قَطُّ , بِمَعْنَى مَا مَسَّهُ حَبْلٌ قَطُّ , وَقَالَ آخَرُونَ: الطَّمْثُ هُوَ الْحَيْضُ بِعَيْنِهِ , وَالَّذِي خَاطَبَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ بِالَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَا نَرَاهُ أَرَادَ إِلَّا الْحَيْضَ , وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56] , فَإِنَّه

ذكر خبر آخر من أخبار عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , وَابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ , قَالَ: كَانَ ابْنُ الْعَاصِ , وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَكْتُبَانِ الْمَصَاحِفَ , فَمَرَّا عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ زَيْدٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ» فَقَالَ عُمَرُ: لَمَّا أُنْزِلَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَكْتِبْنِيهَا , فَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ , قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ إِذَا زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ جُلِدَ وَرُجِمَ , وَإِذَا لَمْ يُحْصَنْ جُلِدَ , وَإِنَّ الشَّابَّ إِذَا زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ "

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده , لا علة فيه توهنه , ولا سبب يضعفه , لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته , وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح , لعلل: إحداها: أن هذا الحديث لا يعرف له مخرج عن عمر , عن

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ , لَا عِلَّةُ فِيهِ تُوهِنُهُ , وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ , لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ , وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ , لِعِلَلٍ: إِحْدَاهَا: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ , إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ قَتَادَةَ مِنْ أَهْلِ التَّدْلِيسِ , وَلَا يُحْتَجُّ عِنْدَهُمْ مِنْ حَدِيثِ الْمُدَلِّسِ فِي الدِّينِ إِلَّا بِمَا قَالَ فِيهِ: سَمِعْتُ أَوْ حَدَّثَنَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي هَذَا الْخَبَرِ. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ فِيهِ أَنَّهُ مِمَّا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ الَّذِي كَانَ يُقْرَأُ بِهِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لَكَانَ مَوْجُودًا فِي مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ , وَفِي عَدَمِ ذَلِكَ فِي مَصَاحِفِهِمُ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى وَهَائِهِ. وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي الَّذِي قَالَ وَرَوَى مِنْ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْهُ سَنَدُهُ , ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ذكر من وافق عمر في الذي قال وروى من ذلك , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي الَّذِي قَالَ وَرَوَى مِنْ ذَلِكَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1226 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ , قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , قَالَ: «§كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ الْأَحْزَابِ آيَةً؟» , قُلْنَا: ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ آيَةً قَالَ: " إِنْ كُنَّا لَنُعَارِضُهَا , أَوْ لَنُوَازِي بِهَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ , إِنَّ فِي آخِرِهَا آيَةَ الرَّجْمِ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا) "

1227 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ شَيْبَانَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , قَالَ: " §قَرَأْتُ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ) "

1228 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَانَ الْعِجْلِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , قَالَ لِي أُبَيُّ: كَائِنٌ تَعُدُّونَ الْأَحْزَابَ؟ قَالَ: قُلْتُ: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ قَالَ: " §قَدْ كَانَتْ تُوَازِي سُورَةَ الْبَقَرَةَ , وَقَدْ كُنَّا نَقْرَأُ فِيهَا الرَّجْمَ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) "

1229 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ , قَالَ: سَمِعْتُ زِرًّا , قَالَ: قَالَ أُبَيُّ: كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ الْأَحْزَابِ؟ قَالَ: قُلْتُ: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ آيَةً , قَالَ: " إِنْ كَانَتْ §لَتُضَارِعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ , وَإِنْ كَانَ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ: (إِذَا زَنَى الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ) "

1230 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ , عَنْ إِسْرَائِيلَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ , قَالَ: فَقَالَ: نَعُدُّهَا ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ آيَةً , فَقَالَ أُبَيُّ: فَوَالَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِنْ كَانَتْ لَتُوَازِي سُورَةَ الْبَقَرَةِ , أَوْ هِيَ أَطْوَلُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ , وَإِنَّ فِيهَا لَآيَةَ الرَّجْمِ , قَالَ: قُلْتُ وَمَا آيَةُ الرَّجْمِ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؟ قَالَ: §الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ "

1231 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ , قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ , عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ , قَالَ: قَالَ لِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: «§كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ الْأَحْزَابِ؟» , قَالَ: قُلْتُ: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ قَالَ: " فَوَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ أُبَيٌّ إِنْ كَانَتْ لَتَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ , أَوْ أَطْوَلُ , لَقَدْ قَرَأْنَا فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) "

1232 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , وَابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ عَزْرَةَ , عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , قَالَ: «§تَجْلِدُونَ وَتَرْجُمُونَ , وَتَرْجُمُونِ وَلَا تَجْلِدُونَ , وَتَجْلِدُونَ وَلَا تَرْجُمُونَ» قَالَ شُعْبَةُ: فَسَّرَهُ قَتَادَةُ فَقَالَ: الشَّيْخُ الْمُحْصَنُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ إِذَا زَنَى , وَالشَّابُّ الْمُحْصَنُ يُرْجَمُ إِذَا زَنَى , وَالشَّابُّ إِذَا لَمْ يُحْصَنْ جُلِدَ

1233 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ , قَالَ: كُنَّا نَكْتُبُ الْمُصْحَفَ فَقَالَ زَيْدٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ»

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الأحكام إن قال لنا قائل: ما وجه هذا الخبر الذي ذكرت عن زيد بن ثابت , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة) , وما معنى قول عمر: " لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْأَحْكَامِ إِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: مَا وَجْهُ هَذَا الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ) , وَمَا مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ: «لَمَّا نَزَلَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَكْتِبْنِيهَا , فَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ» وَقَوْلِهِ: «أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ إِذَا زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ جُلِدَ وَرُجِمَ , وَأَنَّ الشَّابَّ إِذَا زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ وَلَمْ يُجْلَدْ» , أَمَرْجُومٌ الشَّيْخُ إِذَا زَنَى بِكُلِّ حَالٍ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ؟ , مَا الْمَعْنَى الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِهِ وَحُكْمِ الشَّابِّ إِذَا زَنَى , كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ أُحْصِنَ؟ قِيلَ: أَمَّا خَبَرُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ بِرَجْمِ الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ إِذَا زَنَيَا , فَإِنَّ مَعْنَاهُ: فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ إِذَا كَانَا قَدْ أُحْصِنَا , فَإِنْ قَالُوا: وَمَا الْبُرْهَانُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الْخَبَرِ؟ قِيلَ: الْبُرْهَانُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِجْمَاعُ الْجَمِيعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمِهِمْ

وَحَدِيثِهِمْ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إِذَا زَنَيَا قَبْلَ الْإِحْصَانِ الْجَلْدُ دُونَ الرَّجْمِ , وَفِي إِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَوْضَحُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْخِ هُوَ مَا قُلْنَا دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتَ , فَمَا وَجْهُ خُصُوصِهِ الشَّيْخَ وَالشَّيْخَةَ بِمَا خُصَّا بِهِ دُونَ الشَّابَّيْنِ , أَمْ تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمًا كَانَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي خَلْقِهِ فِي حَالٍ فَنَسَخَهُ وَحَكَمَ فِيهِ بِالْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرْتَ؟ قِيلَ: أَنْكَرْنَا ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِمَّنْ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ فِي بَعْضِ الزُّنَاةِ بِالرَّجْمِ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِحُكْمٍ لَهُ آخَرَ , بَلْ قَدْ وَجَدْنَا أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِي الزَّوَانِي مِنَ النِّسَاءِ قَبْلَ إِيجَابِهِ الْجَلْدَ عَلَى غَيْرِ الْمُحْصَنَةِ مِنْهُنَّ , وَالرَّجْمَ عَلَى الْمُحْصَنَةِ مِنْهُنَّ , أَنْ يُحْبَسْنَ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي كِتَابِهِ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] , ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ مِنْ ذَلِكَ سَبِيلًا , بِأَنْ جَعَلَ مَخْرَجَهَا مِمَّا أَتَتْ مِنْ ذَلِكَ - إِنْ كَانَتْ حُرَّةً بِكْرًا - أَنْ تُجْلَدَ مِئَةً وَتُنْفَى عَامًا , وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً أَنْ تُرْجَمَ فَأَمَّا نَسْخُ رَجْمٍ كَانَ وَاجِبًا فِي وَقْتٍ , فَذَلِكَ مَا لَا نَعْلَمُ قَائِلًا لَهُ قَالَهُ وَلَا ادَّعَاهُ , فَصَحَّ بِذَلِكَ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ وَزِرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَمْرِهِ بِرَجْمِ الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إِذَا زَنَيَا أَلْبَتَّةَ , وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ: لَمَّا نَزَلَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ أَكْتِبْنِيهَا , وَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ , فَفِيهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ كَسَائِرِ آي الْقُرْآنِ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَمْتَنِعْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِكْتَابِهِ عُمَرَ ذَلِكَ , كَمَا لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ إِكْتَابِ مَنْ أَرَادَ تَعَلُّمَ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ مَا أَرَادَ تَعَلُّمَهُ مِنْهُ , وَفِي إِخْبَارِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ كِتَابَةَ مَا سَأَلَهُ إِلَّا كِتَابَهُ إِيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْبَيِّنُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرَّجْمِ - وَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ - فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ الَّذِي يُتْلَى وَيُسْطَرُ فِي الْمَصَاحِفِ , وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ إِذَا زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ جُلِدَ وَرُجِمَ , وَإِذَا لَمْ يُحْصَنْ جُلِدَ , فَفِيهِ أَيْضًا الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ تَأْوِيلَ خَبَرِ زَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ» , إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَا قَدْ أُحْصِنَا , لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ أَمَرَ بِرَجْمِ الشَّيْخَيْنِ مُحْصَنَيْنِ كَانَا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ , لَمْ يَكُنْ عُمَرُ مَعَ سَمَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَقُولُ: وَإِذَا لَمْ يُحْصَنَا جُلِدَا , فَيُبْطِلُ عَنْهُمَا الرَّجْمَ , مَعَ عِلْمِهِ بِحُكْمِ اللَّهِ فِيهِمَا بِالرَّجْمِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا وَجْهُ قَوْلِ عُمَرَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ إِذَا زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ جُلِدَ وَرُجِمَ؟ قِيلَ: ذَلِكَ قَوْلٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ أُبَيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ , وَذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ عَلِيًّا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ يَرَى جَلْدَ الزَّانِي الْمُحْصَنِ ثُمَّ رَجْمَهُ - شَابًّا كَانَ أَوْ شَيْخًا - وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَعَامَّةٌ مِنَ الْخَلَفِ , وَقَالُوا: لَمْ نَجِدْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِمَّنْ رَجَمَهُ فِي عَهْدِهِ , بَلْ كَانَ يَرْجُمُ الْمُحْصَنَ إِذَا زَنَى شَيْخًا كَانَ أَوْ شَابًّا , وَيَجْلِدُ الْبِكْرَ شَابًّا كَانَ أَوْ شَيْخًا

قَالُوا: وَلَوْ كَانَتْ أَحْكَامُ الشِّيُوخِ فِي ذَلِكَ مُخَالِفَةً أَحْكَامَ الشَّبَابِ , أَوْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُحْصَنِ الزَّانِي الْجَلْدَ وَالرَّجْمَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَدَعُ جَلْدَ مَنْ رَجَمَ مِنَ الزُّنَاةِ فِي عَهْدِهِ , فَقَدْ رَجَمَ جَمَاعَةً , مِنْهُمْ: مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيُّ , وَالْجُهَنِيَّةُ وَالْغَامِدِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ , فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ جَلَدَ أَحَدًا مِنْهُمْ وَقَدْ

1234 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §رَجَمَ مَاعِزًا , وَلَمْ يَذْكُرْ جَلْدًا»

1235 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ , قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ جَابِرٍ , قَالَ: «§كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَ مَاعِزًا , فَلَمْ يَجْلِدْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -[879]- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ , وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عُمَرُ فِي عَهْدِهِ

1236 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ §رَجَمَ امْرَأَةً وَلَمْ يَجْلِدْهَا بِالشَّامِ» قَالُوا: وَعَلَى ذَلِكَ مَضَتِ الْأَئِمَّةُ , فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْمُحْصَنِ إِذَا زَنَى الرَّجْمُ , وَأَنَّ حَدَّ الْبِكْرِ إِذَا زَنَى الْجَلْدُ , وَلَا مَعْنَى لِجَمْعِ الْجَلْدِ , وَالرَّجْمِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ , قَالُوا: فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ فِيمَا

1237 - حَدَّثَكُمْ بِهِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ رَجُلًا زَنَى , §فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُلِدَ الْحَدَّ , ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أُحْصِنَ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ؟» قُلْنَا لَهُ: ذَلِكَ صَحِيحٌ , وَذَلِكَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى وَجوبِ الْجَلْدِ مَعَ الرَّجْمِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي حَدٍّ وَاحِدٍ بَعِيدٍ , مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ هَذَا إِذْ هُوَ عِنْدَهُ مِمَّنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ , إِذْ لَمْ يَعْلَمْهُ مُحْصَنًا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ , فَلَمَّا صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِمَّنْ حَدُّهُ الرَّجْمُ لَا الْجَلْدُ لِإِحْصَانِهِ قَبْلَ رُكُوبِ مَا رَكِبَ مِنَ الْفَاحِشَةِ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِمِثْلِهِ حَدًّا , وَذَلِكَ الرَّجْمُ دُونَ الْجَلْدِ , وَلَمْ يَكُنْ جَلْدُهُ إِيَّاهُ عَلَى مَا عَلِمَ مِنْهُ بِأَنَّهُ مُحْصَنٌ , مَرِيدًا بِذَلِكَ جَمْعَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ عَلَيْهِ لَهُ لِرُكُوبِهِ مَا رَكِبَ وَهُوَ مِحْصَنٌ , فَيَكُونُ حُجَّةً لِمَنِ احْتَجَّ بِهِ فِي إِلْزَامِهِ الزَّانِيَ إِذَا كَانَ مُحْصَنًا مَعَ الرَّجْمِ الْجَلْدَ

ذكر خبر آخر من أخبار عمر , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , قَالَ: «كَانَ §الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ , فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» , -[882]- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ عُمَرَ , قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى يَرَوَا الشَّمْسَ عَلَى ثَبِيرٍ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , وَحَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ , أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى عُمَرُ الصُّبْحَ وَهُوَ بِجَمْعٍ فَقَالَ: " إِنَّ §الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ , وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ "

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْقَنَّادُ , أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ , وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " كَانَ §الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ وَلَا يَنْفِرُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ ذَلِكَ , فَنَفَرَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ "

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيلَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ عُمَرَ , قَالَ: " إِنَّ §أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا -[883]- لَا يُفِيضُونَ عَنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , يَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ , لَعَلَّنَا نُغِيرُ , وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ , فَدَفَعَ لِقَدْرِ صَلَاةِ الْقَوْمِ الْمُسْفِرِينَ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ "

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده , لا علة فيه توهنه , ولا سبب يضعفه , لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته , وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح , لأنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر , عن النبي صلى الله عليه

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ , لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ , وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ , لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ , وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ , لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عُمَرَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ , وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ عِنْدَهُمْ مُنْفَرِدٌ وَجَبَ التَّثَبُّتُ فِيهِ وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ , ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ذكر من وافق عمر في روايته ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1238 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَجْمَعٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ , عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ عَلِيٍّ , قَالَ: لَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُزْدَلِفَةِ غَدَا فَوَقَفَ عَلَى قُزَحٍ , وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ , ثُمَّ قَالَ: «§هَذَا الْمَوْقِفُ , وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ , حَتَّى إِذَا أَسْفَرَ دَفَعَ» , -[884]- 1239 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ , أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ

1240 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , وَالرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ , قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْحَكَمِ , عَنْ مِقْسَمٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَفَاضَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ»

1241 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ , حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: " كَانَ §الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى يُرَى قَرْنُ الشَّمْسِ , قَالَ: فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ "

1242 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ , عَنْ سَلَمَةَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: «كَانَ §أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُونَ -[886]- بِالْمُزْدَلِفَةِ , حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ كَأَنَّهَا الْعَمَائِمُ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ دَفَعُوا , فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَسْفَرَ كُلُّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ»

1243 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو الْحَسَنِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ , عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §وَقَفَ بِغَلَسٍ , حَتَّى إِذَا أَبْصَرَ النَّاسُ مَوَاضِعَ أَقْدَامِهِمْ وَحَوَافِرَ دَوَابِّهِمْ وَأَخْفَافَ الْإِبِلِ , وَجَعَلَ الرَّجُلُ يُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ , دَفَعَ إِلَى مِنًى»

1244 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَصْرِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ , رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ , فَرَقِيَ عَلَيْهِ , ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا , ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ»

1245 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , وَابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §أَتَى جِبْرِيلُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَمْعٍ يُصَلِّي بِهِ كَأَعْجَلِ مَا يُصَلِّي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ الْفَجْرَ , ثُمَّ وَقَفَ , حَتَّى إِذَا كَانَ كَأَبْطَأِ مَا يُصَلِّي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ الْفَجْرَ , أَفَاضَ بِهِ إِلَى مِنًى , فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِلَى مُحَمَّدٍ: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123] "

1246 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , قَالَ: §أَتَى جِبْرِيلُ إِبْرَاهِيمَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَبَاتَ , ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ كَأَعْجَلِ مَا يُصَلِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ وَقَفَ بِهِ كَأَبْطَأِ مَا يُصَلِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ دَفَعَ بِهِ إِلَى مِنًى فَرَمَى , ثُمَّ ذَبَحَ , وَأَوْحَى إِلَى نَبِيِّكُمْ: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123] " , 1247 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ عَنْبَسَةَ , وَعَمْرٍو , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , قَالَ: بَاتَ جِبْرِيلُ بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا بِجَمْعٍ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

القول فيما في هذا الخبر من الفقه والذي في هذا الخبر من الفقه بيان وقت الوقوف الذي أوجبه الله تعالى ذكره على حجاج بيته الحرام لذكره عند المشعر الحرام بقوله: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر , فمن وقف بالمشعر الحرام ذاكرا لله في الوقت الذي وقف

§الْقَوْلُ فِيمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ وَالَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ بَيَانُ وَقْتِ الْوقُوفِ الَّذِي أَوْجَبُهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى حُجَّاجِ بَيْتِهِ الْحَرَامِ لِذِكْرِهِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ} [البقرة: 198] , فَمَنْ وَقَفَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ذَاكِرًا لِلَّهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي وَقَفَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ مِنْهُ , أَدْرَكَهُ وَأَدَّى مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِهِ , وَذَلِكَ مِنْ حِينِ يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إِلَى أَنْ يَدْفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ , وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَقَدْ فَاتَهُ الْوقُوفُ بِهِ بِإِجْمَاعِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ , لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ.

ذكر البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر: كان المشركون لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس , يعني بقوله: لا يفيضون لا يرجعون من المشعر إلى حيث يبدأ المصير إليه من منى حتى تطلع الشمس ولذلك تقول العرب لكل راجع من موضع كان صار إليه من موضع آخر

§ذِكْرُ الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَا يُفِيضُونَ لَا يَرْجِعُونَ مِنَ الْمَشْعَرِ إِلَى حَيْثُ يَبْدَأُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ مِنْ مِنًى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ لِكُلِّ رَاجِعٍ مِنْ مَوْضِعٍ كَانَ صَارَ إِلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ الْمَصِيرَ إِلَيْهِ: أَفَاضَ فُلَانٌ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِضَارِبِ الْقِدَاحِ بَيْنَ الْأَيْسَارِ: مُفِيضٌ , لِجَمْعِهِ الْقِدَاحَ , ثُمَّ إِفَاضَتِهِ إِيَّاهَا بَيْنَ الْمُيَاسِرِينَ , وَمِنْهُ قَوْلُ بِشْرِ بْنِ أَبِي خَازِمٍ الْأَسَدِيِّ: [البحر الطويل] فَقُلْتُ لَهَا رُدِّي إِلَيْهِ حَيَاتَهُ ... فَرَدَّتْ كَمَا رَدَّ الْمَنِيحَ مُفِيضُ

وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ , يَقُولُ: الْإِفَاضَةُ الدَّفْعَةُ , وَيَقُولُ: «كُلُّ دَفْعَةٍ إِفَاضَةٌ» , وَمِنْهُ قِيلَ: أَفَاضَ الْقَوْمُ فِي الْحَدِيثِ , إِذَا دَفَعُوا فِيهِ , وَأَفَاضَ الْقَوْمُ بِالْقِدَاحِ , إِذَا دَفَعُوا بِهَا , وَلِلْبَعِيرِ إِذَا دَفَعَ جَرَّتَهُ: أَفَاضَ يُفِيضُ إِفَاضَةً , وَأَفَاضَ دَمْعَهُ فَهُوَ يُفِيضُهُ , فَأَمَّا إِذَا سَالَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ , فَإِنَّهُ يُقَالُ: فَاضَتْ عَيْنُ فُلَانٍ بِالدُّمُوعِ , وَفَاضَتْ دُمُوعُ عَيْنِهِ , كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ: [البحر الكامل] وَإِذَا أَتَيْتَ عَلَى الْمَنَازِلِ بِاللِّوَى ... فَاضَتْ دُمُوعُكَ غَيْرَ ذَاتِ نِظَامٍ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْإِنَاءِ إِذَا امْتَلَأَ حَتَّى سَالَ مَا فِيهِ: «فَاضَ الْإِنَاءُ» , وَمِنْهُ فَيْضُ الْبَصْرَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعْنُونَ بِقَوْلِهِمْ: أَشْرِقْ , أَضِئْ يُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا أَضَاءَتْ وَصَفَا ضَوْءُهَا: " أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ فَهِيَ تُشْرِقَ إِشْرَاقًا , فَأَمَّا إِذَا طَلُعَتْ فَإِنَّهُ يُقَالُ: شَرَقَتْ تَشْرُقُ شُرُوقًا , وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَصْفُوَ ضَوْءُهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَرِقَتْ , بِكَسْرِ الرَّاءِ , فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ , وَذَلِكَ اخْتِلَاطُ الْكُدُورَةِ بِهَا , وَهُوَ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ: [البحر الطويل] وَتَشْرَقَ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَذَعْتَهُ ... كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ , اخْتَلَطَ وَنَشَبَ , مِنْ قَوْلِهِمْ: شَرِقَ فُلَانٌ بِرِيقِهِ , كَمَا قَالَ الْآخَرُ: لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقَى شَرِقٌ كُنْتُ كَالْغَصَّانِ بِالْمَاءِ اعْتِصَارِي يُقَالُ مِنْهُ: شَرِقَ فُلَانٌ بِكَذَا , يَشْرَقُ شَرَقًا , فَهُوَ بِهِ شَرِقٌ , وَذَلِكَ إِذَا نَشَبَ فِي حَلْقِهِ شَيْءٌ , إِمَّا طَعَامٌ وَإِمَّا غَيْرُهُ , وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ: وَالزَّعْفَرَانُ عَلَى تَرَائِبِهَا شَرِقًا بِهِ اللَّبَّاتُ وَالنَّحْرُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: شَرِقًا بِهِ , أَنَّهَا قَدْ نَشِبَتْ وَاخْتَلَطَتْ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَرَقَ فُلَانٌ أُذُنَ شَاتِهِ فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ , وَهُوَ شَقُّهَا بِاثْنَتَيْنِ , يُقَالُ لِلشَّاةِ إِذَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهَا: شَاةٌ شَرْقَاءُ , وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يُضَحَّى بِشَرْقَاءَ , يَعْنِي الْمَشْقُوقَةَ الْأُذُنَيْنِ. وَأَمَّا ثَبِيرُ , فَإِنَّهُ جَبَلٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ عُمَرُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَهُ بِجَمْعٍ، عَنَى الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ الْأَسَدِيُّ بِقَوْلِهِ: [البحر الوافر]

وَجَمْعًا حَيْثُ كَانَ يُقَالُ: أَشْرِقْ ... ثَبِيرُ , أَنَى لِدَفْعَةِ وَاقِفِينَا وَمَوْقِفُهُمْ لِأَوَّلِ دَفْعَتَيْهِمْ ... عَلَيْنَا فِيهِ غَيْرُ مُخَالِفِينَا وُقُوفًا يَنْظُرُونَ بِهِ إِلَيْنَا ... لِقَائِلِنَا الْمُوَفَّقِ مُنْصِتِينَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَعَلَّنَا نُغِيرُ , فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعْنُونَ بِذَلِكَ: لَعَلَّنَا نَدْفَعُ , وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَغَارَ الْفَرَسُ إِغَارَةَ الثَّعْلَبِ , وَذَلِكَ إِذَا دَفَعَ وَأَسْرَعَ فِي عَدْوِهِ , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بِشْرِ بْنِ أَبِي خَازِمٍ الْأَسَدِيِّ: [البحر الوافر] فَعَدِّ طِلَابَهَا وَتَعَدَّ عَنْهَا ... بِحَرْفٍ قَدْ تُغِيرُ إِذَا تَبُوعُ وَلِلْإِغَارَةِ وَجْهٌ غَيْرُ هَذَا , وَهُوَ إِغَارَةُ الْحَبْلِ , يُقَالُ مِنْهُ: أَغَرْتُ الْحَبْلَ فَأَنَا أُغِيرُهُ إِغَارَةً , وَذَلِكَ إِذَا فَتَلْتُهُ , فَهُوَ مُغَارٌ. وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ يَرْكَبُ

الْقَصْوَاءَ , فَإِنَّ الْقَصْوَاءَ مِنَ النُّوقِ , الَّتِي فِي أُذُنِهَا حَذْفٌ , يُقَالُ مِنْهُ: نَاقَةٌ قَصْوَاءُ , وَبَعِيرٌ مُقَصَّى , وَلَا يُقَالُ: بَعِيرٌ أَقْصَى , وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ النَّاقَةَ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهَا مَقْصُوَّةٌ

ذكر خبر آخر من أخبار عمر , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنِ ابْنِ السِّمْطِ: أَنَّهُ أَتَى أَرْضًا يُقَالُ لَهَا: دُومِينَ , مِنْ حِمْصٍ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , فَقُلْتُ لَهُ: تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «§إِنَّمَا أَفْعَلُهَا كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ قَالَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ , أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ , قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ عُبَيْدٍ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنِ ابْنِ السِّمْطِ: أَنَّهُ أَتَى قَرْيَةً مِنْ حِمْصٍ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِيلًا , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ قُلْتُ لَهُ: أَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قُلْتُ لَهُ: أَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: «§إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ»

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ , وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنِ ابْنِ السِّمْطِ , قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «§إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ» , حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ , حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ , يُحَدِّثُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ السِّمْطِ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

القول في علل هذا الخبر وهذا الخبر عندنا صحيح سنده , لا علة فيه توهنه , ولا سبب يضعفه , لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته , وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لأنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر إلا من هذا الوجه , والخبر

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا الْخَبَرُ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ , لَا عِلَّةُ فِيهِ تُوهِنُهُ , وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ , لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ , وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ , وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ عِنْدَهُمْ مُنْفَرِدٌ يَجِبُ التَّثَبُّتُ فِيهِ , وَإِنْ كَانَ رَاوِيهِ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ مُتَثَبِّتًا فِيمَا رَوَى وَأَدَّى , فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ , وَيَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ عِنْدَهُمْ , وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا لَيْسَتْ لَهُ مَنَازِلُ الْمُقَدَّمَيْنِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ لِمَا رَوَوْا وَأَدَّوْا مِنْ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

البيان عن معنى هذا الخبر إن قال لنا قائل: إنك قد ذكرت أن هذا خبر صحيح , فإن كان صحيحا , أفترى العمل به جائزا؟ قيل: نعم , على الصحيح من وجوهه فإن قال: وما الصحيح من وجوهه؟ قيل: أن يكون معنى قول ابن السمط: رأيت عمر يصلي بذي الحليفة ركعتين , أنه رآه

§الْبَيَانُ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ إِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: إِنَّكَ قَدْ ذَكَرْتَ أَنَّ هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ , فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا , أَفَتَرَى الْعَمَلَ بِهِ جَائِزًا؟ قِيلَ: نَعَمْ , عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ وُجُوهِهِ فَإِنْ قَالَ: وَمَا الصَّحِيحُ مِنْ وُجُوهِهِ؟ قِيلَ: أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ السَّمْطِ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُصَلِّي بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ , أَنَّهُ رَآهُ يُصَلِّي هُنَالِكَ رَكْعَتَيْنِ , وَقَدِ ابْتَدَأَ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ سَيْرًا إِلَى مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ مِنَ الْمَسَافَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ ابْتَدَأَ مِنَ الْمَدِينَةِ خُرُوجًا إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ وَهُوَ عَازِمٌ أَلَّا يُجَاوِزَهُ إِذَا بَلَغَهُ. فَإِنْ قَالَ: وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَعْنَاهُ , وَقَدْ رَوَيْتَ عَنْهُ أَنَّهُ

قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يُرِيدُ سَفَرًا يَكُونُ مِقْدَارُ مَسَافَتِهِ مَا تَقُولُ أَنْتَ , لَا تُقْصِرُ الصَّلَاةُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ؟ قِيلَ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَعْنَاهُ , نَقْلُ الْحُجَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ , أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي قَدْرِ مَا بَيْنَ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذِي الْحُلَيْفَةِ

ذكر الرواية عن بعض من حضرنا ذكره منهم في ذلك

§ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ

1248 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ , حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ , حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , وَزِيَادُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " §لَا تَقْصُرُوا صَلَوَاتِكُمْ فِي بَوَادِيكُمْ , وَلَا فِي أَجْشَارِكُمْ , تَسِيرُونَ فِي السَّوَادِ فِي حَوَائِجِكُمْ , ثُمَّ تَقُولُونَ: إِنَّا سَفْرٌ , إِنَّمَا الْمُسَافِرُ مِنَ الْأُفُقِ إِلَى الْأُفُقِ " , 1249 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ , حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ , عَنْ خُصَيْفٍ , حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ , وَزِيَادُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ , فَذَكَرَ نَحْوَهُ

1250 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ سَيَّارٍ , عَنْ أَبِي وَائِلٍ , قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§لَا تَغْتَرُّوا بَسَوَادِكُمْ , إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ أَهْلُهُ وَمَالُهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ»

1251 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ مُسْلِمٍ , عَنْ مَسْرُوقٍ , قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§لَا تَغْتَرُّوا بِسَوَادِكُمْ هَذِهِ , فَإِنَّ ضَيْعَةَ الرَّجُلِ وَأَهْلِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ , إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَازًا»

1252 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ , حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ , قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ , قَالَ: «§سَافَرْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ , فَلَمْ يَقْصُرِ الصَّلَاةَ , وَسَافَرْتُ مَعَهُ إِلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ»

1253 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ , حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ , عَنْ نَافِعٍ , عَنْ سَالِمٍ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ §يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ»

1254 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ , قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ , عَنْ نَافِعٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّهُ كَانَ §يَخْرُجُ إِلَى الْغَابَةِ فَلَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَلَا يُفْطِرُ»

1255 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ , قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ , عَنْ سَالِمٍ , قَالَ: «§أَوْفَى مَا حَفِظْتُ مِنَ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي أَرْبَعَةِ بُرْدٍ»

1256 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ , حَدَّثَنَا أَيُّوبُ , -[900]- عَنْ نَافِعٍ: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ §يَأْتِي أَرْضَهُ بِالْجُرْفِ فَمَا يَقْصُرُ , وَيَأْتِي أَرْضَهُ بِخَيْبَرَ فَيَقْصُرُ» , قَالَ أَيُّوبُ: وَهِيَ لَيْلَتَانِ لِلرَّاكِبِ , وَثَلَاثٌ لِلثَّقَلِ

1257 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , عَنْ حُمَيْدٍ , عَنْ نَافِعٍ , قَالَ: «§مَا عَلِمْتُ ابْنَ عُمَرَ قَصَرَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَيْبَرَ» قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَأَيْنَ خَيْبَرُ؟ قَالَ: بِمَنْزِلَةِ الْأَهْوَازِ مِنْكُمْ

1258 - حَدَّثَنِي يُونُسُ , حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ §قَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَى ذَاتِ النُّصُبِ , وَهُوَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرْدٍ»

1259 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , عَنِ الشَّيْبَانِيِّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ , قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «§تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ ثَلَاثِ لَيَالٍ»

1260 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , عَنْ مَنْ قَرَأَ كِتَابَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , أَوْ سَمِعَهُ يُقْرَأُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ: «إِنِّي أُنْبِئْتُ أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَخْرُجُونَ إِلَى سَوَادِهِمْ فِي تِجَارَةٍ , أَوْ فِي جِبَايَةٍ , أَوْ جَشَرٍ , §يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ , وَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَّا مَنْ كَانَ شَاخِصًا أَوْ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ» , 1261 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ , حَدَّثَنَا أَيُّوبُ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ , قَرَأَ كِتَابَ عُثْمَانَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ , أَوْ مَنْ شَهِدَهُ وَهُوَ يُقْرَأُ: أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نَاسًا يَخْرُجُونَ إِلَى سَوَادِهِمْ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

1262 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ , حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ , عَنْ جَوَّابٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ , قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ حُذَيْفَةَ فِي رَمَضَانَ فِي الْمَدَائِنِ إِلَى الْكُوفَةِ فَقَالَ لِي: «§عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا تُفْطِرَ وَلَا تَقْصُرَ الصَّلَاةَ»

1263 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , حَدَّثَنَا جَرِيرٌ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ , عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَدَائِنِ إِلَى الْكُوفَةِ فِي رَمَضَانَ , فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: «§عَزَمْتُ عَلَيْكَ أَلَا تَقْصُرَ وَلَا تُفْطِرَ» , فَقُلْتُ: وَأَنَا أَعْزِمُ عَلَى نَفْسِي أَلَّا أَقْصُرَ وَلَا أُفْطِرَ

1264 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: سَأَلْتُ حُذَيْفَةَ , وَكُنْتُ مَعَهُ بِالْمَدَائِنِ , فِي الرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِي فَقَالَ: «§لَا آذَنُ لَكَ إِلَّا أَنْ تَعْزِمَ أَلَّا تَقْصُرَ الصَّلَاةَ حَتَّى تَأْتِيَ أَهْلَكَ» , قَالَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَعْزِمُ عَلَى نَفْسِي أَلَّا أَقْصُرَ وَلَا أُفْطِرَ حَتَّى آتِيَ أَهْلِي

1265 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنِ الْحَكَمِ , وَسُلَيْمَانَ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ حُذَيْفَةَ فِي رَمَضَانَ , وَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدَائِنِ , أَنْ يَأْتِيَ الْكُوفَةَ فَقَالَ: «§لَا آذَنُ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ لِي أَنْ تَصُومَ» فِي قَوْلِ أَحَدِهِمَا , وَقَالَ الْآخَرُ: حَتَّى تَجْعَلَ لِي أَنْ تُتِمَّ الصَّلَاةَ قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِلْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبَ , فَذَكَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ , قَالَ حَتَّى تَجْعَلَ لِي أَنْ تُتِمَّ الصَّلَاةَ وَتَصُومَ

1266 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ حُذَيْفَةَ إِلَى الْمَدَائِنِ فَقَالَ: «§لَا آذَنُ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ لِي أَنْ تَصُومَ وَتُتِمَّ الصَّلَاةَ» , قُلْتُ: فَإِنِّي أَعْزِمُ لَأُتِمَّنَّ الصَّلَاةَ وَلَأَصُومَنَّ

1267 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , وَأَبِيهِ , وَعِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ حُذَيْفَةَ , أَنْ يَأْتِيَ الْمَدَائِنَ , فَقَالَ: «§أَعْزِمُ عَلَيْكَ أَلَّا تَقْصُرَ وَلَا تُفْطِرَ» , قَالَ: وَأَنَا أَعْزِمُ عَلَى نَفْسِي أَلَّا أُفْطِرَ وَلَا أَقْصُرَ حَتَّى أَرْجِعَ "

1268 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «§لَا أَرَى أَنْ تُقْصَرَ الصَّلَاةُ فِي أَقَلَّ مِنَ الْيَوْمِ التَّامِّ»

1269 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , وَأَبُو السَّائِبِ , قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: «§لَا قَصْرَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ جُدَّةَ , وَعُسْفَانَ وَالطَّائِفِ» , 1270 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , وَأَبُو السَّائِبِ , قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , قَالَ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , مِثْلَ ذَلِكَ

1271 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنْ أَيُّوبَ , وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ , حَدَّثَنَا أَيُّوبُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ رَجُلًا , سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ , فَقَالَ: أَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى مَكَانٍ قَدْ سَمَّاهُ قَالَ: «لَا» , قَالَ: إِلَى عَرَفَةَ؟ قَالَ: «لَا» , قَالَ إِلَى بَطْنِ مُرٍّ , أَوْ مَرٍّ , قَالَ: لَا , قَالَ: إِلَى جُدَّةَ , قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: فَإِلَى الطَّائِفِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «§فَإِذَا أَتَيْتَ مَاشِيَتَكَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ»

1272 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَمْ أُصَلِّي إِلَى عَرَفَاتٍ؟ قَالَ: «أَرْبَعًا» , قَالَ: قُلْتُ: كَمْ أُصَلِّي بِبَطْنِ مَرٍّ؟ قَالَ: «أَرْبَعًا» , قُلْتُ: كَمْ أُصَلِّي بِالطَّائِفِ قَالَ: «رَكْعَتَيْنِ» , قَالَ: «§وَالطَّائِفِ إِلَى مَكَّةَ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ»

1273 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ عَمْرٍو , عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: §أَقْصُرُ إِلَى عَرَفَاتٍ؟ قَالَ: «لَا» , قُلْتُ إِلَى الطَّائِفِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»

1274 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , عَنِ الشَّيْبَانِيِّ , عَنْ عِكْرِمَةَ , أُرَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: «§تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ»

1275 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ: " §تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ , وَلَمْ يَقُلْ: أُرَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "

1276 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ شُبَيْلٍ الضُّبَعِيِّ، عَنْ أَبِي حِبَرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: " أَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى الْأُبُلَّةِ؟ قَالَ: §تَذْهَبُ وَتَرْجِعُ مِنْ يَوْمِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: لَا، إِلَّا يَوْمًا تَامًّا إِلَى اللَّيْلِ "

1277 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «§السَّفَرُ مَسِيرَةَُ لَيْلَتَيْنِ»

1278 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ «§كَانَ لَا يَرَى أَنْ تُقْصَرَ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ، وَلَيْلَتَيْنِ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا»

1279 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ، قَالَ: «§لَا يَقْصُرُ الرَّجُلُ دُونَ مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ»

1280 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: " §أَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى مِثْلِ رُودَانَ؟ قَالَ: لَا "

1281 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: " §تَقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَدَائِنِ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَإِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا، قَالَ: فَكَانَ أَعْجَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، قَالَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: تَقْصَرُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الصَّرَاةِ، وَذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا "

1282 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كُلَّ يَوْمٍ تِسْعُ فَرَاسِخَ»

1283 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «§لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ»

1284 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَأَنَا بِالْكُوفَةِ، فَقُلْتُ: " §أَقْصُرُ إِلَى وَاسِطٍ؟ قَالَ: أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ، وَأُحِبُّ أَنْ تُتِمَّ، وَسَأَلْتُ أَبَا إِسْحَاقَ فَقَالَ: أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُتِمَّ " ثُمَّ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَالَّذِي وَصَفْنَا، كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَصْرَ عُمَرَ الصَّلَاةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَقَدِ ابْتَدَأَ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا يُرِيدُ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَأَلَّا يُجَاوِزَهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالَّذِي يُخَالِفُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُكْمِهِ، وَلَا سِيَّمَا فِي أَمْرِ عِلْمِهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا نَقَلَتْهُ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَعَنْ تَعْلِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ إِيَّاهُمْ، وَبَيَانِهِ لَهُمْ، فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنْ قَالَ: وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ عُمَرَ تَأْوِيلَ ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ -[910]- تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] إِذْ كَانَ الشُّخُوصُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ، كَمَا لِلْخَارِجِ مِنْ مَدِينَتِهِ إِلَى قَدْرِ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ مِنَ الْأَرْضِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ إِنْ أَعْوَزَهُ الْمَاءُ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ؟ قِيلَ: أَنْكَرْنَا ذَلِكَ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ بِالَّذِي يُخَالِفُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا عَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ شَرَائِعِ دِينِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ مُسْتَفِيضًا عِلْمُهُ بَيْنَهُمْ، فَعَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ وَقَدْ كَانَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ تَنْقُلُ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي قَدْرِ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَيُجِيزُونَ أَنَّ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِعَادَتَهَا، فَصَحَّ بِذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ عَلَى مِثْلِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلِ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجُوزُ لِمَنْ قَصَدَهَا وَسَارَهَا التَّيَمُّمُ، إِذْ كَانَتِ الْأُمَّةُ قَدْ نَقَلَتْ إِبَاحَةَ التَّيَمُّمِ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَدِينَتِهِ ضَارِبًا فِي الْأَرْضِ إِلَى أَدْنَى مَسَافَةٍ إِذَا أَعْوَزَهُ الْمَاءُ، وَنَقَلَتْ حَظْرَ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَافَةِ، فَكَانَ بَيِّنًا بِذَلِكَ اخْتِلَافُ سَبِيلِهِمَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رَوَيْتَ أَنَّ

1285 - ابْنَ الْمُثَنَّى حَدَّثَكُمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُيَسَّرَ بْنَ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ رَدِيفُهُ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، «§فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ» -[911]- وَرَوِيتَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَهَانِئِ بْنِ كُلْثُومٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَصَرُوا فِيمَا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَكَيْفَ تَدَّعِي مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ إِجْمَاعًا عَلَى أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي قَدْرِ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ؟ قِيلَ: مَسَافَةُ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، وَأَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي قَدْرِ مَا ذَكَرْتُ يَرَى جَوَازَ قَصْرِهَا فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ، أَوْ فِي قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَافَةِ، فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ فِي تَأَوُّلِنَا قَوْلِ ابْنِ السِّمْطِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ، فِعْلَ عُمَرَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَتَأَوَّلْنَا، وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنْ مَوْضِعِ الْإِبَانَةِ عَنْ قَدْرِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ لِمَنْ سَارَهَا، فَنَشْتَغِلُ بِالْبَيَانِ عَنْ صِحَّةِ مَا نَقُولُ: فِيهِ وَفَسَادِ مَا خَالَفَهُ، وَإِنَّمَا اكْتَفَيْنَا بِقَدْرِ مَا بَيَّنَّا مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّ قَصْدَنَا فِيهِ كَانَ الْإِبَانَةُ عَنْ مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَا عَنِ ابْنِ السِّمْطِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ بِخِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى وَهْمِ أَهْلِ الْغَبَاوَةِ، فَإِذْ كَانَ مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَا عَنِ ابْنِ السِّمْطِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرْنَا، فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ لِمَنْ خَرَجَ مُسَافِرًا إِلَى غَايَةٍ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا، أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ حِينَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَلْدَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ مِنْهَا سَفَرَهُ فَيُخَلِّفَهَا وَرَاءَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهَا أَمَامَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَصَرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ صَلَاتَهُ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَدِينَتِهِ يُرِيدُ سَفَرًا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ مَدِينَتِهِ، مِمَّا لَيْسَ هُوَ مِنْهَا فِي مَعْنَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، فِي أَنَّ لَهُ قَصْرَ الصَّلَاةِ -[912]- عِنْدَهُ، إِذَا كَانَ قَدِ ابْتَدَأَ سَفَرًا إِلَى غَايَةٍ تُقْصَرُ إِلَيْهَا الصَّلَاةُ وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَجْمَعَتْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ

ذكر الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن ورود ذلك عنه من الصحابة والتابعين

§ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ ورُودِ ذَلِكَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

1286 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «§صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ» -[913]- 1287 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِهِ

1288 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ»

1289 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ الْعَبْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ» 1290 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ بَشَّارٍ، مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

1291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ §صَلَّى الظُّهْرَ بِالشَّجَرَةِ سَجْدَتَيْنِ»

1292 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنِ اللَّجْلَاجِ، قَالَ: كُنَّا «§نَخْرُجُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَفْرَى فَنَسِيرُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ، ثُمَّ نُجَوِّزُ فِي الصَّلَاةِ وَنُفْطِرُ» -[914]- 1293 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ بْنِ ثُمَامَةَ، عَنِ اللَّجْلَاجِ، قَالَ: كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ عُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

1294 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي حَرْبٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: " خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى الْكُوفَةِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَرَأَى خُصًّا مِنْ أَخْصَاصِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَصَلَّى أَرْبَعًا وَقَالَ: §لَوْلَا الْخُصُّ لَمْ أَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ "

1295 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي حَرْبٍ: أَنَّ عَلِيًّا، " خَرَجَ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَرَأَى خُصًّا أَمَامَهُ فَقَالَ: §لَوْ كُنَّا جَاوَزْنَا هَذَا الْخُصَّ قَصَرْنَا "

1296 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ فَرَأَى خُصًّا، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْأَعْلَى: فَرَأَى خُصًّا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَصَلَّى أَرْبَعًا وَقَالَ: «§أَمَا إِنَّا لَوْ جَاوَزْنَا هَذَا الْخُصَّ، لَمْ نَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ»

1297 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الْفَائِشِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى صِفِّينَ «§فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْجَسْرِ، وَالْقَنْطَرَةِ» -[916]- 1298 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

1299 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْبَصْرَةِ يُرِيدُ الْكُوفَةَ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَنَزَلَ فَرَأَى خُصًّا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَصَلَّى أَرْبَعًا وَقَالَ: «§لَوْ كُنْتُ جَاوَزْتُ هَذَا الْخُصَّ لَمْ أَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ»

1300 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «§قَصَرَ عَلِيٌّ الصَّلَاةَ بَيْنَ الْجِسْرِ وَالْقَنْطَرَةِ، وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ»

1301 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ عَلِيًّا، لَمَّا «§خَرَجَ فَجَاوَزَ قَنْطَرَةَ الْكُوفَةِ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»

1302 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ «§فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِقَنْطَرَةِ الْحِيرَةِ»

1303 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ -[917]- أَبِي غَنِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ §سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ: «اخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْحَرَّةِ، ثُمَّ اقْصُرِ الصَّلَاةَ»

1304 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِالنَّجَفِ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ يَقْصُرُ بِالْقَادِسِيَّةِ»

1305 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§كَانَ عَلْقَمَةُ يُهِلُّ مِنَ النَّجَفِ، وَيَقْصُرُ مِنْهَا، وَكَانَ الْأَسْوَدُ يُهِلُّ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ وَيَقْصُرُ مِنْهَا»

1306 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: «§أَنَّ أَبَا مَيْسَرَةَ، خَرَجَ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْجِسْرَ قَصَرَ»

1307 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ نُرِيدُ مَكَّةَ، فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْبُيُوتِ §حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ»

1308 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ: أَنَّهُ §خَرَجَ فَصَلَّى بِظَهْرِ الْكُوفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَقِيلَ لَهُ: صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: «فَأُصَلِّي الْيَوْمَ أَرْبَعًا، وَغَدًا رَكْعَتَيْنِ»

1309 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ -[919]- ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّهُ «§قَصَرَ، وَهُوَ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ، وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ»

1310 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «§إِذَا جَاوَزَ الْبُيُوتَ قَصَرَ»

1311 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ ابْنُ سِيرِينَ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ، خَرَجَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَوْ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْحِسْرَ الْأَكْبَرَ بِقَلِيلٍ، أَذَّنَ مُحَمَّدٌ وَأَقَامَ، ثُمَّ قَالَ: " §لِيَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْكُمْ، وَلَا يَتَقَدَّمْ إِلَّا مَنْ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْوَلِيدِ تَقَدَّمْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتَّى تُخْبِرَنِي كَمْ أُصَلِّي قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ بَعْدُ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا بَدَا لَهُ، وَأَظُنُّهَا كَانَتْ صَلَاةَ الظُّهْرِ " قَالَ: وَحَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَوْ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عثمان: بلغني أن قوما يخرجون إلى سوادهم في تجارة أو جباية أو جشر، يعني بقوله: أو جشر: القوم يخرجون بإبلهم ودوابهم خارج القرية للرعي، يقال من ذلك: أصبح بنو فلان جشرا، إذا كانوا يأوون في الإبل

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُثْمَانَ: بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ إِلَى سَوَادِهِمْ فِي تِجَارَةٍ أَوْ جِبَايَةٍ أَوْ جَشْرٍ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: أَوْ جَشْرٍ: الْقَوْمَ يَخْرُجُونَ بِإِبِلِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ خَارِجَ الْقَرْيَةِ لِلرَّعْيِ، يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: أَصْبَحَ بَنُو فُلَانٍ جَشَرًا، إِذَا كَانُوا يَأْوُونَ فِي الْإِبِلِ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ، يُقَالُ: جَشَرْنَا دَوَابَّنَا، يَعْنِي بِهِ، أَخْرَجْنَاهَا مِنَ الْقَرْيَةِ لِلرَّعْيِ فِيمَا قَرُبَ مِنْهَا، وَيُقَالُ: هُوَ مَالٌ جَشَرٌ، إِذَا كَانَ يَأْوِي إِلَى أَهْلِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ: [البحر البسيط] يَسْأَلُهُ الصَّبْرُ مِنْ غَسَّانَ إِذْ حَضَرُوا ... وَالْحُزْنُ: كَيْفَ قَرَاهُ الْغِلْمَةُ الْجَشَرُ يُعَرِّفُونَكَ رَأْسَ ابْنِ الْحُبَابِ وَقَدْ ... أَمْسَى وَلِلسَّيْفِ فِي خَيْشُومِهِ أَثَرُ

وَمِنَ الْجَشَرِ أَيْضًا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، يَعْنِي فِي رَعْيِ دَوَابِّهِ خَارِجَ الْمَنْزِلِ قَرِيبًا مِنْهُ، وَالْجَشَرُ أَيْضًا حِجَارَةٌ تَنْبُتُ بِسَوَاحِلِ الْبِحَارِ، يُقَالُ مِنْهُ: جَشَرَ السَّاحِلِ يَجْشُرُ جَشْرًا. وَالْجُشْرَةُ، سُعَالٌ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ فِي صَدْرِهِ، يُقَالُ مِنْهُ أَيْضًا: جُشِرَ الْبَعِيرُ يُجْشَرُ جَشْرًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر البسيط] فَهَذِهِ جُشْرَةٌ فِي حَلْقِ أَوَّلِكُمْ ... فَكُلُّكُمْ يَا بَنِي حِمَّانَ مَزْكُومُ وَيُقَالُ: جَشَرَ الصُّبْحُ، إِذَا طَلَعَ يَجْشُرُ جُشُورًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: اصْطَبَحَ فُلَانٌ الْجَاشِرِيَّةَ، وَذَلِكَ إِذَا شَرِبَ مَعَ الصُّبْحِ

ذكر خبر آخر من حديث عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ «§عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالشُّورَى فِي هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِي تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ» يَعْنِي عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ -[923]-. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ: ادْعُوا لِي هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ قَالَ: وَعَمْرٌو شَاهِدُهُ , قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثُمَّ أَتَيْتُ حُصَيْنًا فَاسْتَحْرَجْتُهُ، فَحَدَّثَنِي عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِثْلَهُ الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ وَقَدْ وَافَقَ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فِي رِوَايَتِهِ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ

1312 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ أَشْرَسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فَقَالَ: " §أَخْشَى أَنْ يَكُونَ، مَوْتِي فَجْأَةً، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنَّ الْأَمْرَ إِلَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ: عُثْمَانُ وَعَلِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَسَعْدٌ "

1314 - حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَكَانَتْ، أُمَّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَوْفٍ: أَنَّ عُمَرَ، دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: " إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْهَدَ، إِلَيْكَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: نَعَمْ، إِنْ أَشَرْتَ عَلَى قَبِلْتُ، قَالَ: وَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَتُشِيرُ عَلَيَّ بِذَلِكَ؟ قَالَ: §اللَّهُمَّ لَا، وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ فِيهِ أَبَدًا، فَهَبْنِي صَمْتًا حَتَّى أَعْهَدَ إِلَى النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، ادْعُ لِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، قَالَ: وَانْتَظِرُوا طَلْحَةَ أَخَاكُمْ، فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ " -[925]- الْقَوْلُ فِي مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ وَالَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ، الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ عُمَرَ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْإِمَامَةِ وَأُولَاهُمْ بِعَقْدِ الْخِلَافَةِ أَفْضَلُهُمْ دِينًا، وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَفْضُولِ فِيهَا مَعَ الْفَاضِلِ، وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا غَيْرَ خَارِجَةٍ، مِنْ بَعْدِ مُضِيِّهِ لِسَبِيلِهِ فِي النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ بَعْدَهُ أَحَدٌ لَهُ مَنْزِلَتُهُمْ مِنَ الدِّينِ، فِي الْهِجْرَةِ وَالسَّابِقَةِ وَالْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ، وَعَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمِنْهَاجِ مَضَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَخَلَفَهُ الرَّاشِدُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ. ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّنْ نُقِلَتْ عَنْهُ الْمُوَافَقَةُ لِعُمَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

1315 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: دَخَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: اسْتَخْلَفْتَ عَلَى النَّاسِ عُمَرَ، وَقَدْ رَأَيْتَ مَا يَلْقَى النَّاسُ مِنْهُ وَأَنْتَ مَعَهُ، فَكَيْفَ بِهِ إِذَا خَلَا بِهِمْ؟ وَأَنْتَ لَاقٍ رَبَّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ مُضْطَجِعًا: " §أَجْلِسُونِي فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ لِطَلْحَةَ: أَبِاللَّهِ تُفَرِّقُنِي , أَمْ بِاللَّهِ تُخَوِّفُنِي، إِذَا لَقِيتُ اللَّهَ رَبِّي فَسَاءَلَنِي، قُلْتُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَى أَهْلِكَ خَيْرَ أَهْلِكَ " -[926]- 1316 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحُصَيْنِ، مِثْلَ ذَلِكَ

1317 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَخَذَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: " §هَلُمَّ أُبَايِعْكَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ هَفْوَةً فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَهَا، أَتُبَايِعُنِي - قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: - وَفِيكُمْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ؟ وَقَالَ يَعْقُوبُ: وَفِيكُمُ الصِّدِّيقُ ثَانِيَ اثْنَيْنِ: قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: هَفْوَةً، وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ فَهَّةً فِي الْإِسْلَامِ "

1318 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ بَرِيدًا، قَدِمَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ مِنْ عِنْدِ -[927]- عُمَرَ، وَلَمَّا قَضَى حَوَائِجَهُ قَالَ حُذَيْفَةُ: " §أَيَسُرُّكُمْ أَنَّ فِيكُمْ أَرْبَعِينَ كُلُّهُمْ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَمَا يَمْنَعُنَا؟ قَالَ: فَثَلَاثُونَ، فَعِشْرُونَ فَعَشْرَةٌ قَالَ: حَتَّى بَلَغَ وَاحِدًا قَالَ: لَوْ أَنَّ فِيكُمْ خَيْرًا مِنْ عُمَرَ لَذَهَبْتُمْ سِفَالًا، وَإِنَّ النَّاسَ لَا يَزَالُونَ يَنْمُونَ صُعُدًا مَا كَانَ عَلَيْهِمْ خِيَارُهُمْ "

1319 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَقَدِمَ عَلَيْنَا بِبَيْعَةِ عُثْمَانَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «§مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلَاهَا ذَا فُوقٍ فَبَايَعْنَاهُ»

1320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْقَعْقَاعِ: أَنَّهُ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَتَّابٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ، حِينَ قَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ بِقَتْلِ عُمَرَ وَبَيْعَةِ عُثْمَانَ فَقَالَ: «§مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلَاهَا ذَا فُوقٍ»

1321 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَتَّابٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ مَسْعُودٍ بِقَتْلِ عُمَرَ وَبَيْعَةِ عُثْمَانَ قَالَ: " §فَبَكَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ: ثُمَّ اسْتَخْلَفْنَا، وَلَمْ نَأْلُ عَنْ أَعْلَاهَا ذَا فُوقٍ "

1322 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَحْسِبُهُ أنا عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَتَّابٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِنَعْيِ عُمَرَ، فَذَكَرَ مَوْتَهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي كُلَّمَا ذَكَرَهُ قَالَ: " §وَقَدِمَ بِبَيْعَةِ عُثْمَانَ فَقَالَ: مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلَاهُمْ ذَا فُوقٍ "

1323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: §لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ «أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، لَمْ نَأْلُ»

1324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِعُمَانَ أَوِ بِالْبَحْرَيْنِ، فَبَلَغَتْهُمْ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتِمَاعُ النَّاسِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ: §مَنْ هَذَا الَّذِي اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ ابْنُ صَاحِبِكُمْ؟ قَالَ: " لَا، قَالُوا: فَأَخُوهُ؟ قَالَ: لَا , قَالُوا: فَأَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ؟ قَالَ: لَا , قَالُوا: فَمَا شَأْنُهُ؟ قُلْتُ: اخْتَارُوا خَيْرَهُمْ فَأَمَّرُوهُ , فَقَالُوا: لَنْ يَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا فَعَلُوا هَذَا

1325 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا «§كَانَتْ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَكَانَ أَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَكَانَتْ أُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ، فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَكَانَ أَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ، وَكَانَتْ أُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا»

1326 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ، سَأَلُوا مُوسَى فَقَالُوا: لَسْتَ كُلَّ سَاعَةٍ مَعَنَا، تَحْدُثُ أَشْيَاءُ وَلَا نَقْدِرُ نَسْأَلُكَ، وَإِنَّهَا تَكُونُ أُمُورٌ وَأَشْيَاءُ، فَسَلْ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا عَلَمَ رِضَاهُ عَنَّا، وَعَلَمَ سَخَطِهِ عَلَيْنَا فَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: يَا مُوسَى، عَمَّا سَأَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ، سَأَلُوا عَمَّا سَمِعْتَ، قَالَ عِمْرَانُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَالَ: لَا أَدْرِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ فِي غَيْرِهِ قَالَ: «§إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِتُبَلِّغَهُمْ عَنَى وَتُبَلِّغَنِي عَنْهُمْ، فَأَنْبِئْهُمْ أَنَّ عَلَمَ رِضَايَ عَنْهُمْ أَنْ أَسْتَعْمِلَ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ، وَأَنَّ عَلَمَ سَخَطِي عَلَيْهِمْ أَنْ أَسْتَعْمِلَ عَلَيْهِمْ شِرَارَهُمْ»

1327 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ قَوْمَ مُوسَى قَالُوا: يَا مُوسَى، §سَلْ لَنَا رَبَّكَ فَلْيُخْبِرْنَا بِآيَةِ غَضَبِهِ عَلَيْنَا وَبِآيَةِ رِضَاهُ عَنَّا , وَأَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا مُوسَى، أَخْبِرْهُمْ أَنَّ آيَةَ رِضَايَ -[931]- عَنْهُمْ، إِذَا رَأَوْنِي اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ فِي إِبَّانِهِ وَفِي زَمَانِهِ، وَأَنَّ آيَةَ غَضَبِي عَلَيْهِمْ، إِذَا رَأَوْنِي اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْهِمْ شِرَارَهُمْ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ فِي غَيْرِ إِبَّانِهِ وَفِي غَيْرِ زَمَانِهِ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَكُونُ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتَ عَنْ عُمَرَ دَلَالَةٌ عَلَى مَا وَصَفْتَ، مِنْ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْإِمَامَةِ وَأُولَاهُمْ بِعَقْدِ الْخِلَافَةِ أَفْضَلُهُمْ، وَأَنْ لَا حَقَّ لِلْمَفْضُولِ فِيهَا عَلَى الْفَاضِلِ، وَقَدْ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ يَشُكُّونَ أَنَّ مِمَّنْ فِي السِّتَّةِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ فِي الشُّورَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَدْخَلَ الْمَفْضُولَ فِيهِمْ، وَفِي إِدْخَالِهِ إِيَّاهُ مَعَهُمُ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ، وَيَجُوزُ لَهُ عَقْدُ الْإِمَامَةِ. قِيلَ: إِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْتَ، وَغَيْرِ الَّذِي تَوَهَّمْتَ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ الَّذِينَ ذَكَرْتُ فِي الشُّورَى لِلْمُشَاوَرَةِ وَالِاجْتِهَادِ فِي النَّظَرِ لِلْأُمَّةِ، إِذْ كَانَ وَاثِقًا عِنْدَ نَفْسِهِ مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَأْلُونَ لِلْمُسْلِمِينَ نُصْحًا فِيمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْمَفْضُولَ مِنْهُمْ لَا يُتْرَكُ وَالتَّقَدُّمَ عَلَى الْفَاضِلِ، وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ طَلَبُ مَنْزِلَةٍ غَيْرُهُ -[932]- أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ عَالِمًا بِرَضِيَ الْأُمَّةِ بِمَنْ رَضِيَ بِهِ النَّفَرُ السِّتَّةُ الَّذِينَ جَعَلَ إِلَيْهِمُ الْأَمْرَ، وَبِقَنَاعَتِهَا بِمَنِ اخْتَارُوهُ لِأَمْرِهَا وَقَلَّدُوهُ سِيَاسَتَهَا، إِذْ كَانَ النَّاسُ لَهُمْ تَبَعًا، وَكَانُوا لِلنَّاسِ أَئِمَّةً وَقَادَةً، لَا أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ لِلْمَفْضُولِ مِنْهُمْ مَعَ الْفَاضِلِ حَقًّا فِي الْإِمَامَةِ، وَأَنَّهُ كَانَ لَا يُعْرَفُ الْفَاضِلُ مِنْهُمْ وَالْمَفْضُولُ، وَالْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمُ الْأَمْرَ بَعْدَهُ وَفِيهِ أَيْضًا الدَّلَالَةُ عَلَى بُطُولِ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْإِمَامَةِ مِنْ أَنَّهَا فِي أَعْيَانٍ وَأَشْخَاصٍ قَدْ بُيِّنَتْ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ، فَلَا حَاجَةَ بِهِمْ إِلَى التَّشَاوُرِ فِيمَنْ تُقَلِّدُهُ أَمْرَهَا وَتُوَلِّيهِ سِيَاسَتَهَا، لِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ أَهْلَهَا الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا فِي كُلِّ وَقَتٍّ وَزَمَانٍ بِأَعْيَانِهَا , وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا، لِيَجْتَهِدُوا فِي أَوْلَاهُمْ بِهَا فَيُقَلِّدُوهُ الْقِيَامَ بِهَا، فَلَمْ يُنْكِرْ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، لَا مِنَ النَّفْرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الشُّورَى، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْقَفَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَنَصَّهُ لِأُمَّتِهِ، وَجَعَلَ لَهُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ، كَانَ حَرِيًّا أَنْ يَقُولَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ التَّشَاوُرِ فِي أَمْرٍ قَدْ كُفِينَاهُ بِبَيَانِ اللَّهِ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَفِي تَسْلِيمِ جَمِيعِهِمْ لَهُ مَا فَعَلَ، وَرِضَاهُمْ بِمَا صَنَعَ وَتَرْكِهِمُ النَّكِيرَ عَلَيْهِ، أَبْيَنُ الْبَيَانِ وَأَوْضَحُ الْبُرْهَانِ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ عَهْدٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَنَّ الَّذِيَ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْعَهْدِ مِنْهُ إِلَيْهِمْ كَانَ وَقْفًا عَلَى مَوْصُوفٍ بِصِفَاتٍ احْتَاجُوا إِلَى إِدْرَاكِهَا بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاجْتِهَادِ، فَرَضُوا وَسَلَّمُوا لَهُ مَا فَعَلَ مِنْ رَدِّهِ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى النَّفَرِ الَّذِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا يَوْمَئِذٍ هُمْ أَهْلُ الْأَمَانَةِ عَلَى الدِّينِ وَأَهْلِهِ، وَمَنْ لَا يُشَكُّ فِي نُصْحِهِ لِلْإِسْلَامِ وَأَسْبَابِهِ، وَأَنَّ مَا جُعِلَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْرِ إِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، غَيْرَ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إِلَّا بِصِفَتِهِ، لَا بِاسْمِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَنَسَبِهِ وَفِيهِ أَيْضًا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمَوْثُوقُ بِأَدْيَانِهِمْ وَنَصِيحَتِهِمِ الْإِسْلَامَ -[933]- وَأَهْلَهُ، إِذَا عَقَدُوا عَقْدَ الْخِلَافَةِ لِبَعْضِ مَنْ هُوَ أَهْلُهَا عَنْ تُشَاوُرٍ مِنْهُمْ وَاجْتِهَادٍ وَنَظَرٍ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَلُّ ذَلِكَ الْعِقْدِ، مِمَّنْ لَمْ يَحْضُرْ عَقْدَهُمْ وَتَشَاوُرَهُمْ، إِذْ كَانَ الْعَاقِدُونَ قَدْ أَصَابُوا الْحَقَّ فِيهِ , وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ أَفْرَدَ بِالنَّظَرِ فِي الْأَمْرِ النَّفَرَ السِّتَّةَ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِغَيْرِهِمْ فِيمَا فَعَلُوا وَعَقَدُوا مِنْ عَقْدٍ الِاعْتِرَاضَ، وَسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ جَمِيعُهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ، لَكَانَ خَلِيقًا أَنْ يَقُولَ لَهُ مِنْهُمْ قَائِلٌ: إِنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ بِالْعَقْدِ الَّذِي خَصَصْتَ بِالْقِيَامِ بِهِ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ السِّتَّةَ، لِمَ يُخَصُّ بِهِ هَؤُلَاءِ دُونَ سَائِرِ الْأُمَّةِ؟ بَلِ الْجَمِيعُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ شُرَكَاءُ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ إِلْزَامُهُ جَمِيعَهُمْ لَهُ حَقًّا، وَإِلْزَامُهُ لِجَمِيعِهِمْ مِثْلَهُ وَلَكِنَّ الْقَوْمَ لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا وَصَفْتُ، سَلَّمُوا وَانْقَادُوا، فَلَمْ يَعْتَرِضْ مِنْهُمْ فِيهِ مُتْعَرِّضٌ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ وَفِيهِ أَيْضًا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ بِالِاجْتِهَادِ مُسْتَنْبَطًا وَبِالنَّظَرِ مُدْرَكًا فَمَرَدُّهُ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِأُصُولِهِ، وَمَصْدُورٌ فِي اللَّازِمِ فِيهِ عَمَّا قَالُوا، أَوْ حَكَمُوا فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْأُمَرَاءِ فِي اخْتِيَارِ أَوْلَى السِّتَّةِ بِأَمْرِ الْأُمَّةِ إِلَيْهِمْ، وَأَفْرَدَهُمْ بِذَلِكَ دُونَ سَائِرِ الْأُمَّةِ غَيْرِهِمْ، وَأَلْزَمَ عَقْدَهُمْ مَنْ عَقَدُوا لَهُ مِنْ سِوَاهُمْ مِنَ الرَّعِيَّةِ، إِذْ كَانُوا يَوْمَئِذٍ أَعْلَمَ الْأُمَّةِ بِمَا جُعِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْصَحَهُمْ لَهُمْ، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْمَعَانِي الَّتِي بِهَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْقَدَ عَقْدُ الْخِلَافَةِ لِمَنْ تُعْقَدُ لَهُ , فَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ بِالِاجْتِهَادِ مُدْرَكًا وَبِالنَّظَرِ مُسْتَنْبَطًا، أَنْ يَكُونَ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ مَرْدُودًا، وَعَمَّا قَالُوا فِيهِ وَحَكَمُوا مَصْدُورًا، دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْأُمَّةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِغَيْرِهِمْ، مِنْ أَهْلِ الْغَبَاءِ، وَلَا لِمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَلَا مَعْرِفَةَ رَأْيٍ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمُ التَّسْلِيمُ لِمَا رَأَوْا وَقَالُوا، وَالِانْقِيَادُ لِمَا حَكَمُوا وَقَضَوْا، كَمَا أَلْزَمَ عُمَرُ عَقْدَ أَهْلِ الشُّورَى لِمَنْ عَقَدُوا سَائِرَ الْأُمَّةِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِغَيْرِهِمْ مَعَهُمْ فِي مَا أُلْزِمُوا وَقَضَوْا فِي ذَلِكَ مَقَالًا وَلَا نَظَرًا أَوْ رَأَيًا، بَلِ الْوَاجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُمْ وَالِانْقِيَادُ لِحُكْمِهِمْ

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر لعبد الرحمن: فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، يعني بقوله: هبني، هب لي، كما يقال: صادني صيدا، بمعنى: صاد لي كما قال نابغة بنى ذبيان:

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَهَبْنِي صَمْتًا حَتَّى أَعْهَدَ إِلَى النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: هَبْنِي، هَبْ لِي، كَمَا يُقَالُ: صَادَنِي صَيْدًا، بِمَعْنَى: صَادَ لِي كَمَا قَالَ نَابِغَةُ بَنَى ذُبْيَانَ: [البحر الطويل] فَتَصِيدُنَا الْعَيْرَ الْمُدِلَّ بِحُضْرِهِ ... قَبْلَ الْوَنَى، وَالْأَشْعَبَ النَّبَّاحَا وَهَذِهِ كَلِمَةٌ لَا أَذْكُرُ أَنَّى سَمِعْتُهَا إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً، فَجَائِزٌ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ: وَهَبْتُ لَهُ دِرْهَمًا وَوَهَبْتُهُ دِرْهَمًا، كَمَا يُقَالُ: صِدْتُهُ صَيْدًا، وَصِدْتُ لَهُ صَيْدًا، وَشَكَرْتُهُ صَنِيعَهُ، وَشَكَرْتُ لَهُ صَنِيعَهُ، كَمَا قَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ السَّعْدِيُّ: [البحر الطويل] شَكَرْتُكَ، إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ مِنَ التُّقَى ... وَمَا كُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضِي فَقَالَ: شَكَرْتُكَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاشْكُرُوا لَهُ} [العنكبوت

: 17] ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ لِعُمَرَ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ فَهَّةً، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: فَهَّةً، زَلَّةً وَسَقْطَةً، يُقَالُ فَهَّ فُلَانٌ فَهُوَ يَفِهُّ فَهًّا وَفَهَاهَةً، وَالْفَهَّةُ الْفَعْلَةُ مِنْهُ، وَقَدْ فَهِهْتَ يَا فُلَانُ، وَأَنْتَ رَجُلٌ فَهٌّ وَفَهِيهٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: فَلَمْ تُلْفِنِي فَهًّا، وَلَمْ تُلْفِ حُجَّتِي ... مُلَجْلَجَةً أَبْغِي لَهَا مَنْ يُقِيمُهَا وَأَمَّا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلَاهَا ذَا فُوقٍ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مَا أَلَوْنَا، مَا قَصَّرْنَا , وَمَا تَرَكْنَا الْجُهْدَ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: مَا أَلَوْنَا بِالتَّخْفِيفِ، مَا أَلَّوْنَا، بِالتَّشْدِيدِ وَيُقَالُ مِنْهُ: أَلَا فُلَانٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ، وَأَلَّا، إِذَا قَصَّرَ وَتَرَكَ جَهَدَهُ، وَمِنَ التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] وَعِظَةٌ إِنْ نَفْسُ حُرٍّ بَلَّتِ ... أَوْ أَدْرَكَتْ بِالْجُهْدِ مَا قَدْ أَلَّتِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مَا قَدْ أَلَّتِ، مَا قَدْ تَرَكَتِ الْجُهْدَ , وَأَمَّا هُذَيْلُ، فَإِنَّ فِي لُغَتِهَا إِذَا قَالَتْ: مَا آلُوهُ مَا أَسْتَطِيعُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ شَاعِرِهِمْ: [البحر الكامل]

جَهْرَاءُ لَا تَأْلُو إِذَا هِيَ أَظْهَرَتْ ... بَصَرًا وَلَا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنِينِي يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَا تَأْلُوا بَصَرًا، لَا تَسْتَطِيعُ. وَقَدْ تَسْتَعْمِلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ إِذَا شَدَّدُوا اللَّامَ مِنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى، فَتَقُولُ: قَدْ أَلَّ فُلَانٌ فَهُوَ يَئِلُّ أَلَّا، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَذَلِكَ إِذَا مَرَّ مَرًّا سَرِيعًا فُوَيْقَ الْعَنَقِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: آلَ، بِمَدِّ الْأَلِفِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا كُلِّهِ، وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: الرُّجُوعُ، يُقَالُ فِي ذَلِكَ: آلَ فُلَانٌ يَئُولُ أَوْلًا، وَذَلِكَ إِذَا رَجَعَ، وَآلَ الْقَطِرَانُ إِذَا خَثُرَ. وَالثَّانِي قَوْلُهُمْ: آلَ فُلَانٌ مَالَهُ، فَهُوَ يَئُولُهُ، وَذَلِكَ إِذَا أَصْلَحَهُ وَأَحْسَنَ سِيَاسَتَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيِّ: [البحر الكامل] بِصَبُوحِ غَانِيَةٍ وَجَذْبِ كَرِينَةٍ ... بِمُوَتَّرٍ تَأْتَالُهُ إِبْهَامُهَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ: تَأْتَالُهُ تُصْلِحُهُ، وَهُوَ يَفْتَعِلُهُ مِنْ آلَ كَمَا يُقَالُ: هُوَ يَقْتَالُهُ مِنْ قُلْتَ، وَيَكْتَالُهُ، مِنْ كِلْتَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: قَدْ وَأَلَ فُلَانٌ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذَا نَجَا بِنَفْسِهِ مِنْ مَخَافَةٍ، فَصَارَ فِي حِرْزٍ، وَالْحِرْزُ هُوَ الْمَوْئِلُ، يُقَالُ مِنْهُ: وَأَلَ فُلَانٌ فَهُوَ يَئِلُ وَأْلًا وَوُءُولًا، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنَى ثَعْلَبَةَ: [البحر البسيط] وَقَدْ أُخْالِسُ رَبَّ الْبَيْتِ غَفْلَتَهُ ... وَقَدْ يُحَاذِرُ مِنِّي ثُمَّ مَا يَئِلُ

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ثُمَّ مَا يَئِلُ ثُمَّ مَا يَنْجُو وَلَا يَتَحَرَّزُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَنْ أَعْلَاهَا ذَا فُوقٍ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «عَنْ أَعْلَاهَا» عَنْ أَعْلَى الْأُمَّةِ، وَالْهَاءُ فِي أَعْلَاهَا كِنَايَةً عَنِ الْأُمَّةِ، وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ: عَنْ أَعْلَاهَا، عَنْ أَرْفَعِهَا وَأَفْضَلِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «ذَا فُوقٍ» فَإِنَّهُ يَعْنِي سَهْمًا قَدْ أُصْلِحَ فُوقُهُ، وَفُوقُ السَّهْمِ مَجْرَى الْوَتَرِ فِيهِ، وَالْفُوقُ جَمْعٌ وَاحِدُهُ فُوقَةٌ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ: [البحر الطويل] وَلَكِنْ وَجَدْتُ السَّهْمَ أَهْوَنَ فُوقَةً ... عَلَيْكَ، وَقَدْ أَوْدَى دَمٌ أَنْتَ طَالِبُهُ وَقَدْ يُجْمَعُ الْفُوقَةُ فُوَقٌ وَأَفْوَاقٌ، وَمَنَ الْفُوَقِ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: [البحر الرجز] كَسَّرَ مِنْ عَيْنَيْهِ تَقْوِيمُ الْفُوَقْ ... وَمَا بِعَيْنَيْهِ عَوَاوِيرُ الْبَخَقْ وَفِي الْفُوَقِ لُغَةٌ أُخْرَى، وَهُوَ الْفُقَا مَقْلُوبٌ، يُقَالُ: هَذِهِ فُوَقُهَا وَفُقَاهَا، وَمِنَ الْفُقَا قَوْلُ الشَّاعِرِ: [البحر الهزج] وَنَبْلِي وَفُقَاهَا كَعَرَا ... قِيبِ قَطًا طُحْلِ

وَهَذَا الْجَمْعُ عَلَى أَنَّ وَاحِدَهُ فُقْوَةٌ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنِ الْمُفَضَّلِ الضَّبِّيِّ أَنَّهُ كَانَ يُنْشِدُ بَيْتَ الْفَرَزْدَقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ: «أَهْوَنُ فُقْوَةٍ عَلَيْكَ» ، وَكَأَنَّ مَنْ قَالَ: «فُقْوَةً» قَلَبَ الْحَرْفَ، فَنَقَلَ اللَّامَ إِلَى مَوْضِعِ الْعَيْنِ مِنَ الِاسْمِ، كَمَا يُقَالُ: جَذَبَهُ فُلَانٌ وَجَبَذَهُ. وَإِنَّمَا أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَا نَرَى بِقَوْلِهِ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: مَا قَصَّرْنَا وَلَا تَرَكْنَا الْجَهْدَ عَنِ الِاخْتِيَارِ لِلْأُمَّةِ أَفْضَلَهَا وَأَرْفَعَهَا سَهْمًا وَنَصِيبًا وَحَظًّا فِي الْإِسْلَامِ وَالْخَيْرِ وَالسَّابِقَةِ وَالْفَضْلِ. وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لِمُوسَى: سَلْ لَنَا رَبَّكَ فَلْيُخْبِرْنَا بِآيَةِ غَضَبِهِ عَلَيْنَا وَآيَةِ رِضَاهُ عَنَّا، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: بِآيَةِ غَضَبِهِ، بِعَلَامَةِ غَضَبِهِ، وَالْآيَةُ هِيَ الْعَلَامَةُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى: [البحر الطويل] أَلَا أَبْلِغَا هَذَا الْمُعَرِّضَ آيَةً ... أَيَقْظَانُ قَالَ الْقَوْلَ إِذْ قَالَ: أَمْ حَكَمْ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: آيَةً، عَلَامَةً، وَمَنْ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: آيَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ كَذَا وَكَذَا، يَعْنِي عَلَامَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ

ذكر خبر آخر من أخبار عمر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ خَبَرٍ آخَرَ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا أَمْوَالًا خَيْلًا وَرَقِيقًا، نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَنَا فِيهِ زَكَاةٌ وَطَهُورٌ. قَالَ: مَا فَعَلَهُ صَاحِبَايَ قَبْلِي فَأَفْعَلُهُ. فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِيهِمْ عَلِيٌّ فَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ حَسَنٌ " §إِنْ لَمْ يَكُنْ جِزْيَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا بَعْدَكَ رَاتِبَةً

القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح، لعلل: إحداها: أن المعروف من هذا الخبر من عمر أنه لم يخبر

§الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ

، لِعَدَالَةِ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقَلَتِهِ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ، لِعِلَلٍ: إِحْدَاهَا: أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ مِنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا، كَالَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، مِنْ إِخْبَارِهِ مَا أَخْبَرَ فِيهَا عَنْهُمَا، إِلَّا فِي خَبَرٍ وَاهِي السَّنَدِ، رَوَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ، وَفِي انْفِرَادِ نَاقِلِ ذَلِكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا فِيهِ دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى وَهَائِهِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ خَبَرٌ قَدْ رَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا أَرْبَابَ خَيْلٍ بِأَدَاءِ الصَّدَقَةِ مِنْ خَيْلِهِمْ. وَقَالَ لَهُمْ: لَا خَيْرَ فِي مَالٍ لَا صَدَقَةَ فِيهِ. قَالُوا: فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى وَهَاءِ هَذَا الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ مَالٍ، يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِإِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ مِنْهُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ

ذكر من حدث هذا الحديث عن عمر فوقف بالكلام عليه، ولم يذكر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أبي بكر شيئا

§ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ فَوَقَفَ بِالْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا

1328 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَهْلَ الْيَرْمُوكِ، قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: §إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا أَمْوَالًا فَطَهِّرْنَا. فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ فَرَسٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنْ كُلِّ رَأْسٍ دِينَارًا، وَرَزَقَهُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: «عُمَرُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَرَزَقَهُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْخُذُوا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا»

1329 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ، قَالُوا لِعُمَرَ: " §إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ صَارَتْ فِي الْخَيْلِ، فَخُذْ مِنْهَا الصَّدَقَةَ. قَالَ: فَجَعَلَ عَلَى كُلِّ فَرَسٍ عَشْرَةً، وَكَانَ يَرْزُقُهُمْ جَرْيَبَيْنِ، فَكَانَ مَا يُعْطِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّا يَأْخُذُ مِنْهُمْ، قَالَ سَعِيدٌ: فَأَمَّا إِذْ لَمْ يُعْطُوكُمْ فَلَا تُعْطُوهُمْ " ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَ عَنْهُ: أَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَدَأَ الْقَوْمَ بِالْأَمْرِ بِإِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ

1330 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: «§يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، لَا خَيْرَ فِي مَالٍ لَا يُزَكَّى، وَإِنَّ عَامَّةَ مَالِكُمْ فِي الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ، فَجَعَلَ فِيمَا بَلَغَ الذَّرْعَ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً دِينَارًا، أَوْ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَالذَّرْعُ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ، وَفِي الْخَيْلِ عَشْرَةَ دَرَاهِمٍ، وَفِي الْبَرَاذِينِ ثَمَانِيَةً، وَرَزَقَهُمْ»

1331 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمَرَّدُ، أَوْ عُمَرُ، أَنَّ حُيَيَّ بْنَ يَعْلَى، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ، يَقُولُ: ابْتَاعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمَيَّةَ، أَوْ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَرَسًا أُنْثَى بِمِئَةِ قَلُوصٍ، فَنَدِمَ الْبَائِعُ، فَلَحِقَ بِعُمَرَ فَقَالَ: غَصَبَنِي يَعْلَى وَأَخُوهُ فَرَسًا لِي فَكَتَبَ إِلَى يَعْلَى: أَنِ الْحَقْ بِي فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ الْخَيْلَ لِنَتَاجِ هَذَا عِنْدَكُمْ فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ فَرَسًا بَلَغَتْ هَذَا قَبْلَ هَذِهِ قَالَ عُمَرُ: " §تَأْخُذُ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةً، وَلَا تَأْخُذُ مِنَ الْخَيْلِ شَيْئًا، خُذْ مِنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا قَالَ: فَضَرَبَ عَلَى الْخَيْلِ دِينَارًا دِينَارًا «-[943]- وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، نَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ صَدَقَةً

1332 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§قَدْ تَجَوَّزْنَا عَنْكُمْ صَدَقَةَ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ»

1333 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§أَمَّا الْخَيْلُ، وَالرَّقِيقُ فَقَدْ عَفَوْنَا عَنْهُ، وَأَمَّا الْأَنْعَامُ وَالْمَاشِيَةُ وَالرِّقَّةُ فَهَاتُوا صَدَقَاتِهَا مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا»

1334 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§قَدْ عَفَوْنَا لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ»

1335 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَامٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§قَدْ عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَلَكِنْ هَاتُوا صَدَقَةَ الْأَمْوَالِ رُبْعَ الْعُشْرِ»

1336 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: «§قَدْ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ، وَالرَّقِيقِ»

1337 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَيُّوبَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»

1338 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فِي فَرَسِهِ زَكَاةٌ»

1339 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»

1340 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فَرَسِهِ»

1341 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلَا خَادِمِهِ، وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»

1342 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَلَا فِي الرَّقِيقِ زَكَاةٌ»

1343 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ، إِلَّا أَنَّ فِيَ الرَّقِيقِ زَكَاةُ الْفِطْرِ»

1344 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَكْحُولٌ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُسَامَةُ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي فَرَسِهِ، وَلَا فِي عَبْدِهِ، وَلَا فِي وَلِيدَتِهِ»

1345 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا زَكَاةَ عَلَى الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ»

1346 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§لَا صَدَقَةَ عَلَى الرَّجُلِ فِي فَرَسِهِ، وَلَا فِي عَبْدِهِ، إِلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ»

1347 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ»

1348 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ خُثَيْمِ بْنِ -[949]- عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا صَدَقَةَ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ»

1349 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»

ذكر البيان عما في هذه الأخبار من الفقه وذكر اختلاف العلماء فيه اختلف أهل العلم في الخيل والرقيق، هل فيهما صدقة إذا لم يكونا للتجارة، أم لا صدقة فيهما فقال بعضهم - وهم الأكثرون عددا -: لا صدقة فيهما إذا لم يكونا للتجارة

§ذِكْرُ الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْفِقْهِ وَذِكْرُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، هَلْ فِيهِمَا صَدَقَةٌ إِذَا لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ، أَمْ لَا صَدَقَةَ فِيهِمَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ - وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ عَدَدًا -: لَا صَدَقَةَ فِيهِمَا إِذَا لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ

ذكر بعض من حضرنا ذكره ممن قال ذلك

§ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ

1350 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثَةِ، عَنْ رَجُلٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «§لَيْسَ عَلَى غُلَامِ الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ»

1351 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُوَيْرِثَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَوْلًى، لِعَمَّارٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «§لَيْسَ عَلَى - يَعْنِي - غُلَامَ الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ»

1352 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِنْيَارٍ، أَنَّهُ " سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ فَقَالَ: §أَوَ فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ؟ "

1353 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «§لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرِّجَالِ وَالْبَرَاذِينَ صَدَقَةٌ» 1354 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ

1355 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَيُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُمَا قَالَا: «§لَيْسَ فِي الْبِغَالِ، وَلَا فِي الْحَمِيرِ صَدَقَةٌ»

1356 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " §لَيْسَ فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ صَدَقَةٌ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّمَا الصَّدَقَةُ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ "

1357 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الَأَرْمَاكِ الَّتِي، تُتَّخَذُ قَالَ: «§لَيْسَ عَلَى الْخَيْلِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ»

1358 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: " §أَبَلَغَكَ أَنَّ فِيَ الْخَيْلِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِّ صَدَقَةً؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ "

1359 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَثْمَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي وَجَدْتُ عَامَّةَ أَمْوَالِ الْجَزِيرَةِ الْخَيْلَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنَّ «§الْخَيْلَ بِمَنْزِلَةِ الرَّقِيقِ، وَالنَّحْلِ فَلَا تَعَرَّضْ لَهُمْ»

1360 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: «§لَيْسَ فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ»

1361 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَانَ يَقُولُ: «§لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فَرَسِهِ»

1362 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: جَاءَ كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي وَهُوَ بِمِنًى أَنْ «§لَا تَأْخُذَ مِنَ الْخَيْلِ وَلَا مِنَ الْعَسَلِ صَدَقَةً»

1363 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: «§سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْخَيْلِ السَّائِمَةِ وَالْحُمُرِ، فَكَانَ لَا يَرَى فِيهَا شَيْئًا، إِلَّا فِي أَثْمَانَهَا إِذَا بِيعَتْ»

1364 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «§لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِّ صَدَقَةٌ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِتِجَارَةٍ، إِلَّا الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ»

1365 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ الْحَكَمُ: «§لَيْسَ فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: فِيهِمَا الصَّدَقَةُ، فِي كُلِّ فَرَسٍ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ دِينَارٌ وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ، فِي كُلِّ عَبْدٍ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دِينَارٌ، إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلتِّجَارَةِ

ذكر من قال ذلك قد ذكرنا عن عمر بعض ما روي عنه في ذلك، ونذكر بعد ما لم يمض ذكره عنه في ذلك

§ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ بَعْضَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَنَذْكُرُ بَعْدُ مَا لَمْ يَمْضِ ذِكْرُهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ

1366 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ أَهْلُ الشَّامِ حِينَ كَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ لِعُمَّالِهِمُ: اكْتُبُوا إِلَى عُمَرَ حَتَّى يُزَكِّيَ خَيْلَنَا، فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ، «§فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ فَرَسٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَ يَرْزُقُ خَيْلَهُمْ»

1367 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الرَّقِيقُ فِي أَيْدِي النَّاسِ كَلَّمُوا عُمَرَ، فَقَالُوا: §قَدْ كَثُرَ الرَّقِيقُ فِي أَيْدِينَا، فَلَوْ أَخَذْتَ مِنْهُمْ قَالَ: " فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخَذَ مِنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَرَزَقَهُمْ مِثْلَهَا قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَأَظُنُّهُ قَدْ ذَكَرَ الْخَيْلَ "

1368 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَتَى أَهْلُ الشَّامِ عُمَرَ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَمْوَالُنَا الْخَيْلُ وَالرَّقِيقُ، فَخُذْ مِنْهَا صَدَقَةً، قَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ آخُذَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ ثُمَّ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا " §إِذَا طَابَتْ أَنْفُسُهُمْ فَحَسَنٌ، إِنْ لَمْ تَكُنْ جِزْيَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا بَعْدَكَ، قَالَ: فَأَخَذَ عُمَرُ مِنَ الْخَيْلِ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَمَنَ الرَّقِيقِ عَشْرَةً عَشْرَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَرَزَقَ الْخَيْلَ لِكُلِّ فَرَسٍ عَشْرَةَ أَجْرِبَةٍ، عَشْرَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَرَزَقَ الرَّقِيقَ كُلَّ رَأْسٍ جَرِيَبَيْنِ جَرِيَبَيْنِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ أَبِي إِسْحَاقَ يَقُولُ: فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ حَسَبَ ذَلِكَ، فَإِذَا الَّذِي يُعْطِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّا يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، فَتَرَكَهُمْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْطِهِمْ

1369 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ §عُثْمَانَ كَانَ يُصَدِّقُ الْخَيْلَ، وَأَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ، كَانَ يَأْتِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِصَدَقَةِ الْخَيْلِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ صَدَقَةَ الْخَيْلِ»

1370 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَمَّادٍ، أَنَّهُ قَالَ: §فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ قَالَ شُعْبَةُ: وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا عِنْدِي " وَاعْتَلَّ الْقَائِلُونَ: لَا صَدَقَةَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا صَدَقَةَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» ، وَبِقَوْلِهِ: «قَدْ عَفَوْنَا لَكُمْ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» -[957]- قَالُوا: وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا صَدَقَةَ فِيهِ، فَيَقُولَ قَائِلٌ: فَيهِ صَدَقَةٌ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ، جَازَ لِآخَرَ أَنْ يَقُولَ فِيمَا أَوْجَبَ وَفَرَضَ فِيهِ الصَّدَقَةَ: لَا صَدَقَةَ فِيهِ، قَالُوا: وَذَلِكَ مِمَّا قَدْ حَظَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى خَلْقِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ، وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] قَالُوا: وَفِي حَظْرِ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَى خَلْقِهِ وجُوبُ فَرْضِ مَا أَمَرَ، وَنَهَى عَلَيْهِمْ، وَلُزُومُ مَا أَلْزَمَهُمْ، وَسُقُوطُ مَا وَضَعَ عَنْهُمْ، وَالتَّسْلِيمُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَأَمْرِهِ، وَالِاتِّبَاعُ لِحُكْمِهِ قَالُوا: وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» قَالُوا: فَلَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إِذَا كَانَ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ، كَثُرَ ثَمَنُهُ أَوْ قَلَّ، كَمَا لَا صَدَقَةَ فِي دَارٍ يَشْتَرِيَهَا لِلسُّكْنَى، أَوْ لِلْإِجَارَةِ مَا كَانَ ثَمَنُهَا، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا قَالُوا: فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَإِنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ أَخَذَا الصَّدَقَةَ مِنْ ذَلِكَ قُلْنَا لَهُ: إِنَّهُمَا أَخَذَا مَا أَخَذَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ سَبِيلِ الصَّدَقَةِ، بَلْ عَلَى أَنَّ أَهْلَهَا أَحَبُّوا أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ بَعْضَهَا لِأَهْلِ الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَفِي السُّبُلِ الَّتِي سَبِيلُ اللَّهِ فِيهَا الصَّدَقَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ، فَسَأَلُوا إِمَامَهُمْ قَبْضَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَصَرْفَهُ فِي السُّبُلِ الَّتِي جَعَلُوهُ فِيهَا، إِذْ كَانَ أَقْوَمَ بِذَلِكَ وَأَعْرَفَ بِوَجْهِهِ مِنْهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ -[958]- قَالُوا: وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَأَنَّهُ عَلَى مَا وَصَفْنَا قَبَضَ، قَالُوا: وَبَعْدُ، فَفِي النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ وَتَتَابُعِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَرْكِهِمْ تَوْجِيهَ السُّعَاةِ وَالْعُمَّالِ عَلَى قَبْضِ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ مِنْ أَهْلِهَا، مَعَ تَرْكِهِمُ التَّوَانِيَ فِي تَوْجِيهِ الْعُمَّالِ وَالسُّعَاةِ عَلَى قَبْضِ صَدَقَةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ السَّائِمَةِ أَوْضَحُ الْبَيَانِ أَنَّ سَبِيلَ الْخَيْلِ، وَالرَّقِيقِ بِخِلَافِ سَبِيلِ الْمَوَاشِي الَّتِي فِيهَا الصَّدَقَةُ، وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ سَائِرِ الْعُرُوضِ الَّتِي لَا صَدَقَةَ فِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَاعْتَلَّ مُوجِبُو الصَّدَقَةِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالُوا: قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ نَقْلًا عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ فِيَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ السَّائِمَةِ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ أَمْوَالٌ يَتَّخِذُهَا أَهْلُهَا لِمَنَافِعِهِمْ، إِمَّا لِلنَّسْلِ وَالنَّمَاءِ، وَإِمَّا لِلرِّسْلِ وَالْمَتَاعِ، قَالُوا: فَلَا مَعْنَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا وَفِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ مِثْلُهُ، مِنْ أَنَّهَا قَدْ تُتَّخَذُ لِلنَّسْلِ وَالنَّمَاءِ وَالرَّسْلِ وَالْمَتَاعِ، فَتُشْرَبُ أَلْبَانُ الْخَيْلِ، وَتُرْكَبُ ظُهُورُهَا، وَيُطْلَبُ نِتَاجُهَا، وَيُسْتَخْدَمُ الرَّقِيقُ وَيُطْلَبُ نَسْلُهُ قَالُوا: فَذَلِكَ كُلُّهُ مُتَّفِقُ الْأَحْكَامِ بِاتِّفَاقِ مَعَانِيهِ، فِي أَنَّ مَا وَجَبَ فِي بَعْضِهِ وَجَبَ فِي جَمِيعِهِ، وَمَا بَطُلَ عَنْ بَعْضِهِ بَطُلَ عَنْ جَمِيعِهِ، إِذَا كَانَتِ الْأَحْكَامُ عَلَى الْمَعَانِي. . . لَازِمَانِ قَالُوا: وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ يَقُولَ مَا قُلْنَا فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَيُوجِبَ فِيهِمَا -[959]- مَا أَوْجَبْنَا مِنَ الصَّدَقَةِ، مَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ فِي الدُّخْنِ وَالذُّرَةِ وَالْأُرْزِ، لِمُوَافَقَةِ ذَلِكَ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالْبُرَّ وَالشَّعِيرَ، فِي أَنَّهُ مَأْكُولٌ مَكِيلٌ يُدَّخَرُ يَابِسًا وَيُقْتَاتُ غِذَاءً، كَالَّذِي يُفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، فَوَجَبَ عِنْدَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَحْكَامِ جَمِيعِ ذَلِكَ لِاتِّفَاقِ مَعَانِيهِ فِي مَا وَصَفْنَا قَالُوا: فَالْخَيْلُ لَيْسَتْ بِأَبْعَدَ شَبَهًا مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ مِنَ الدُّخْنِ وَالذُّرَةِ وَالْأُرْزِ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ قَالُوا: فَمَنْ أَنْكَرَ مَا قُلْنَا فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَأَنْكَرَ تَسْوِيَتَنَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الصَّدَقَةِ، مَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ فِي الدُّخْنِ وَالذُّرَةِ وَالْأُرْزِ فَلْيَأْتِنَا بِفَرْقٍ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ سَوَّى بَيْنَ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الصَّدَقَةِ، وَأَنْكَرَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ قَالُوا: وَبَعْدُ، فَإِنَّ الْخَيْلَ وَالرَّقِيقَ قَدْ أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْهُمَا إِمَامَا هُدًى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ، وَلَمْ يَعْتَرِضْ بِالنَّكِيرِ مِنْهُمْ مُعْتَرِضٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ خِلَافًا لِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَضُوا بِذَلِكَ، وَلَا أَقَرُّوهُ عَلَيْهِ، وَلَأَنْكَرُوهُ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ. قَالُوا: وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الْحَقُّ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ، بَلْ رَضُوا بِهِ وَسَلَّمُوا لَهُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَضَى بِهِ فِعْلُ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، وَهُوَ أَنْ لَا صَدَقَةَ فِي خَيْلٍ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ وَلَا رَقِيقٍ كَذَلِكَ، وَأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْحُمُرِ، وَالْبِغَالِ الَّتِي قَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ وَارِثَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا صَدَقَةَ فِيهَا -[960]-. وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، وَأَبَى إِلَّا الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِيهِ، سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُتَحَكِّمٍ تَحَكَّمَ تَحَكُّمَهُ، فَأَوْجَبَ الصَّدَقَةَ فِي الْحُمُرِ وَالْبِغَالِ، وَأَنْكَرَ إِيجَابَهَا فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ , فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى إِنْكَارِ الصَّدَقَةِ فِي الْحُمُرِ وَالْبِغَالِ، وَاخْتِلَافِهِمْ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، قِيلَ لَهُ: فَرُدَّ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْهُ، إِذْ كَانَ كُلُّ ذَلِكَ مُتَّفِقَةً مَعَانِيهِ، وَإِلَّا فَأْتِنَا بِفَرْقٍ يُوجِبُ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ أَحْكَامِ ذَلِكَ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ , وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ أَخْذِ عُمَرَ مَا أَخَذَ مِنْ أَرْبَابِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فِي ذَلِكَ، وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّ صَاحِبَيْهِ مَضَيَا قَبْلَهُ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا بِمَا أَغْنَى عَنْ تَكْرِيرِهِ وَإِعَادَتِهِ، فَإِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا قُلْنَا وَبَيَّنَّا مِنَ الْقَوْلِ فِي الصَّدَقَةِ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ بِالَّذِي بِهِ اسْتَشْهَدْنَا، وَكَانَ ذَلِكَ عَرْضًا مِنَ الْعُرُوضِ، فَبَيِّنٌ أَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ عَرْضٍ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ فِي أَنْ لَا صَدَقَةَ فِيهِ بَالِغًا ثَمَنُهُ وَقِيمَتُهُ مَا بَلَغَ، سِوَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنِهِ، فَفَرَضَ فِيهِ الصَّدَقَةَ، وَسِوَى مَا كَانَ نَظِيرًا لِذَلِكَ وَمِثْلًا.

القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب منه قول النبي صلى الله عليه وسلم: قد عفونا لكم عن الخيل والرقيق، يعني صلى الله عليه وسلم بقوله: قد عفونا لكم، قد تركنا لكم، أن نأخذ الصدقة، مما كان لنا أخذها منه لو أخذناها، فتجاوزنا لكم عنه، على أنها

§الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ مِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ عَفَوْنَا لَكُمْ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، يَعْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: قَدْ عَفَوْنَا لَكُمْ، قَدْ تَرَكْنَا لَكُمْ، أَنْ نَأْخُذَ الصَّدَقَةَ، مِمَّا كَانَ لَنَا أَخْذُهَا مِنْهُ لَوْ أَخَذْنَاهَا، فَتَجَاوَزْنَا لَكُمْ عَنْهُ، عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لَازِمَةً فَتَرَكَهَا وَأَسْقَطَهَا عَنْهُمْ. وَأَصْلُ الْعَفْوِ تَرْكُ الْعَافِي لِمَنْ عَفَا عَنْهُ فِي شَيْءٍ امْتَنَعَ مِنْ -[961]- أَخْذِهِ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: عَفَا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ الْقِصَاصَ فِي الْجِرَاحِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران: 159]

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُنَادِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي: «§لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ»

§1/1