تنوير الحوالك شرح موطأ مالك

السيوطي

الجزء 1

بَاب وقوت الصَّلَاة

[1] عَن بن شهَاب أَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا روى الحَدِيث عَن مَالك جمَاعَة الروَاة فِيمَا بلغنَا وَظَاهر مساقه يدل على الِانْقِطَاع لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهِ سَمَاعا لِابْنِ شهَاب من عُرْوَة وَلَا لعروة من بشير وَهَذِه اللَّفْظَة أَعنِي أَن عِنْد جمَاعَة من عُلَمَاء الحَدِيث مَحْمُولَة على الِانْقِطَاع حَتَّى يتَبَيَّن السماع وَمِنْهُم من يحملهَا على الِاتِّصَال قَالَ وَهَذَا يشبه أَن يكون مَذْهَب مَالك لِأَنَّهُ فِي موطآته لَا يفرق بَين شَيْء من ذَلِك وَهَذَا الحَدِيث مُتَّصِل عِنْد الْحفاظ لِأَنَّهُ صَحَّ شُهُود بن شهَاب لما جرى بَين عمر وَعُرْوَة وَسَمَاع عُرْوَة من بشير من رِوَايَة جمَاعَة من أَصْحَاب بن شهَاب فَأخْرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ عمر بن عبد الْعَزِيز فَأخر الْعَصْر مرّة فَقَالَ لَهُ عُرْوَة حَدثنِي بشير بن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ أَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخر الصَّلَاة مرّة يَعْنِي الْعَصْر فَقَالَ لَهُ أَبُو مَسْعُود وَذكر الحَدِيث وَكَذَا رَوَاهُ عَن بن شهَاب بن جريح أخرجه عبد الرَّزَّاق وَاللَّيْث بن سعد أخرجه البُخَارِيّ وَشُعَيْب أخرجه أخر الصَّلَاة يَوْمًا هِيَ الْعَصْر كَمَا مر فِي رِوَايَة معمر وَفِي رِوَايَة اللَّيْث عِنْد البُخَارِيّ أخر الْعَصْر شَيْئا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَبِذَلِك يظْهر مُنَاسبَة ذكر عُرْوَة حَدِيث عَائِشَة بعد حَدِيث أبي مَسْعُود وَلأبي دَاوُد من طَرِيق أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ عَن بن شهَاب أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ قَاعِدا على الْمِنْبَر فَأخر الْعَصْر شَيْئا زَاد بن عبد الْبر من رِوَايَة اللَّيْث بن سعد عَن بن شهَاب فِي إمارته على الْمَدِينَة فَعرف

بذلك سَبَب تَأْخِيره كَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا إِذْ ذَاك بِشَيْء من مصَالح الْمُسلمين قَالَ بن عبد الْبر وَالْمرَاد أَنه أَخّرهَا حَتَّى خرج الْوَقْت الْمُسْتَحبّ المرغوب فِيهِ وَلم يؤخرها حَتَّى غربت الشَّمْس فَأخْبرهُ أَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخر الصَّلَاة يَوْمًا فِي رِوَايَة بن جريح عِنْد عبد الرَّزَّاق فَقَالَ مسى الْمُغيرَة بن شُعْبَة بِصَلَاة الْعَصْر أَلَيْسَ قد علمت قَالَ الْحَافِظ الْقشيرِي قَالَ بعض فضلاء الْأَدَب كَذَا الرِّوَايَة وَهِي جَائِزَة إِلَّا أَن الْمَشْهُور فِي الِاسْتِعْمَال أَلَسْت قلت وتوجيه الأولى أَن فِي لَيْسَ ضمير الشَّأْن قَالَ القَاضِي عِيَاض ظَاهره يدل على علم الْمُغيرَة بذلك وَقد يكون هَذَا على ظن أبي مَسْعُود بِهِ ذَلِك لصحبته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا صَحبه أَن جِبْرِيل فِيهِ ثَلَاث عشرَة لُغَة قرئَ بهَا وأكثرها فِي الشاذ أوردهَا أَبُو حَيَّان فِي بحره والسمين فِي إعرابه جِبْرِيل بِالْكَسْرِ وبالفتح وجبرئيل كخندريس وَبلا يَاء بعد الْهمزَة وَكَذَلِكَ إِلَّا أَن اللَّام مُشَدّدَة وجبرائيل وجبرائل وجبرال وجبرايل بِالْيَاءِ وَالْقصر وجبراييل بياءين أولاهما مَكْسُورَة وجبرين وجبرين وجبرائين قَالَ الامام جمال الدّين بن مَالك ناظما مِنْهَا سبع لُغَات جِبْرِيل جِبْرِيل جِبْرَائِيل جبرئل وجبرئيل وجبرال وجبرين وَقلت مذيلا عَلَيْهِ بالستة الْبَاقِيَة وجبرئل وجبراييل مَعَ بدل جبرائل وبياء ثمَّ جبرين قولي مَعَ بدل إِشَارَة إِلَى جبرائين لِأَنَّهُ أبدل فِيهِ الْيَاء بِالْهَمْزَةِ وَاللَّام بالنُّون قَالَ بن جني فِي الْمُحْتَسب الْعَرَب إِذا نطقت بالأعجمي خلطت فِيهِ وأصل هَذَا الِاسْم كوريال الْكَاف بَين الْكَاف وَالْقَاف ثمَّ لحقه من التحريف على طول الِاسْتِعْمَال مَا أصاره إِلَى هَذَا التَّفَاوُت قَالَ وَقد قيل إِن معنى جِبْرِيل عبد الله وَذَلِكَ أَن الْخَبَر بِمَنْزِلَة الرجل وَالرجل عبد الله وأل بالنبطية اسْم الله تَعَالَى قَالَ وَلم يسمع الْجَبْر بِمَعْنى الرجل إِلَّا فِي شعر بن أَحْمَر وَهُوَ قَوْله اشرب براووق حييت بِهِ

وأنعم صباحا أَيهَا الْجَبْر وَقَالَ أَبُو حَيَّان جِبْرِيل اسْم أعجمي مَمْنُوع الصّرْف للعلمية والعجمية وَأبْعد من ذهب إِلَى أَنه مُشْتَقّ من جبروت الله وَمن ذهب إِلَى أَنه مركب تركيب الْإِضَافَة وَمن قَالَ جبر عبد وَائِل الله جمعا مركبا تركيب مزج كحضرموت وَقَالَ السمين جِبْرِيل اسْم أعجمي فَلذَلِك لم ينْصَرف وَقَول من قَالَ إِنَّه مُشْتَقّ من جبروت الله بعيد لِأَن الِاشْتِقَاق لَا يكون فِي العجمة وَكَذَا من قَالَ أَنه مركب تركيب الْإِضَافَة وَإِن جِبْرَائِيل مَعْنَاهُ عبد وَائِل اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى فَهُوَ بِمَنْزِلَة عبد الله لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَن يجْرِي الأول بِوُجُوه الْإِعْرَاب وَإِن ينْصَرف الثَّانِي وَكَذَا قَول الْمَهْدَوِيّ أَنه مركب تركيب مزج نَحْو حَضرمَوْت لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَن يَبْنِي الأول على الْفَتْح لَيْسَ إِلَّا قَالَ وَأما رد الشَّيْخ أبي حَيَّان عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَو كَانَ مركبا تركيب مزج لجَاز فِيهِ أَن يعرب إِعْرَاب المتضايفين أَو يبْنى على الْفَتْح كَأحد عشر فان كل مَا ركب تركيب المزج يجوز فِيهِ هَذِه الْأَوْجه وَكَونه لم يسمع فِيهِ الْبناء وَلَا جربانه مجْرى المتضايفين دَلِيل على عدم تركيبه تركيب المزج فَلَا يحسن ردا لِأَنَّهُ جَاءَ على أحد الجائرين وَاتفقَ على أَنه لم يسْتَعْمل إِلَّا كَذَلِك انْتهى وَقد أخرج بن أبي حَاتِم عَن بن عَبَّاس قَالَ جِبْرِيل كَقَوْلِك عبد الله جبر عبد وايل الله وَأخرج بن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ جبر عبد وئل عبد وايل الله وَأخرج بن جرير عَن بن عَبَّاس قَالَ جِبْرِيل عبيد الله وَمِيكَائِيل عبيد الله وكل اسْم فِيهِ ايل فَهُوَ معبد للهء وَأخرج بن جرير عَن عبد الله بن الْحَارِث الْبَصْرِيّ أحد التَّابِعين قَالَ ايل الله بالعبرانية وَأخرج بن جرير عَن عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ اسْم جِبْرِيل عبد الله وَمِيكَائِيل عبيد الله وإسرافيل عبد الرَّحْمَن وكل اسْم فِيهِ ائيل فَهُوَ معبد لله

وَأخرجه الديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث أبي أُمَامَة مَرْفُوعا قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ وَذكر بَعضهم أَن ايل مَعْنَاهُ عبد وَمَا قبله مَعْنَاهُ اسْم الله كَمَا تَقول عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحِيم فَلفظ عبد لَا يتَغَيَّر وَمَا بعده يتَغَيَّر لَفظه وَإِن كَانَ الْمَعْنى وَاحِدًا وَيُؤَيِّدهُ أَن الْقَاعِدَة فِي لُغَة غير الْعَرَب تَقْدِيم الْمُضَاف إِلَيّ على الْمُضَاف قلت هَذَا أرجح والْآثَار السَّابِقَة تشهد لَهُ وَأخرج بن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الْعَزِيز بن عُمَيْر قَالَ اسْم جِبْرِيل فِي الْمَلَائِكَة خَادِم الله وَأخرج مُسلم عَن بن مَسْعُود قَالَ رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل فِي صورته لَهُ سِتّمائَة جنَاح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل وددت أَنِّي رَأَيْتُك فِي صُورَتك فنشر جنَاحا من أجنحته فسد أفق السَّمَاء حَتَّى مَا يرى من السَّمَاء شَيْء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن شُرَيْح بن عبيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صعد إِلَى السَّمَاء رأى جِبْرِيل فِي خلقته منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت قَالَ فحيل إِلَى أَن مَا بَين عَيْنَيْهِ قد سد الْأُفق وَكنت أرَاهُ قبل ذَلِك على صور مُخْتَلفَة وَأكْثر مَا كنت أرَاهُ على صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ وَكنت أَحْيَانًا أرَاهُ كَمَا يرى الرجل صَاحبه من وَرَاء الغربال وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا مَا بَين مَنْكِبي جِبْرِيل مسيرَة خَمْسمِائَة عَام للطائر السَّرِيع الطيران وَلَا خلاف أَن جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَملك الْمَوْت رُؤُوس الْمَلَائِكَة وأشرفهم وَأفضل الْأَرْبَعَة جِبْرِيل وإسرافيل وَفِي التَّفْضِيل بَينهمَا توقف سَببه اخْتِلَاف الْآثَار فِي ذَلِك وَفِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير حَدِيث أفضل الْمَلَائِكَة جِبْرِيل لَكِن سَنَده ضَعِيف وَله معَارض فَالْأولى الْوَقْف عَن ذَلِك نزل قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ نزُول جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَيْئَة رجل مَعْنَاهُ أَن الله أفنى الزَّائِد من خلقه أَو أزاله عَنهُ ثمَّ يُعِيدهُ إِلَيْهِ بعد وَجزم بن عبد السَّلَام بالازالة

[2] كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر فِي الصِّحَاح الْعَصْر ان الْغَدَاة والعشي وَمِنْه سميت صَلَاة الْعَصْر وَفِي النِّهَايَة الْعَصْر أَن صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الْعَصْر سميا العصرين لِأَنَّهُمَا يقعان فِي طرفِي العصرين وهما اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن أبي قلَابَة قَالَ إِنَّمَا سميت الْعَصْر لِأَنَّهَا تعصر وَأخرج أَيْضا عَن شبْرمَة قَالَ قَالَ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة إِنَّمَا سميت الْعَصْر لتعصر وَأخرج أَيْضا من طَرِيق مُصعب بن مُحَمَّد عَن رجل قَالَ أخر طَاوس الْعَصْر جدا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا سميت الْعَصْر لتعصر أَي ليبطأ بهَا قَالَ الْجَوْهَرِي قَالَ الْكسَائي يُقَال جَاءَ فلَان عصرا أَي بطيئا وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا للبيهقي فِي قصر حُجْرَتهَا وَهِي بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم الْبَيْت قَالَ بن سَيّده سميت بذلك لمنعها المَال قبل أَن تظهر أَي ترْتَفع قَالَ فِي المواعيب ظهر فلَانا الصُّبْح إِذا علاهُ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فَمَا اسطاعوا أَن يظهره أَي يعلوه وَقَالَ الْخطابِيّ معنى الظُّهُور هُنَا الصعُود وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض قيل المُرَاد تظهر على الْجدر وَقيل ترْتَفع كلهَا عَن الْحُجْرَة وَقيل تظهر بِمَعْنى تَزُول عَنْهَا كَمَا قَالَ وَتلك شكاة ظَاهر عَنْك عارها انْتهى وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَة عَن بن شهَاب عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم كَانَ يُصَلِّي صَلَاة الْعَصْر وَالشَّمْس طالعة فِي حُجْرَتي لم يظْهر الْفَيْء بعد قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَجعل الظُّهُور للفيء وَفِي رِوَايَة مَالك جعل للشمس قَالَ وَالْجمع بَينهمَا أَن كلا من الظُّهُور غير الآخر فظهور الشَّمْس خُرُوجهَا من الحدرة وَظُهُور الْفَيْء انبساطه فِي الْحُجْرَة فِي الْموضع الَّذِي كَانَت الشَّمْس فِيهِ بعد خُرُوجهَا

[3] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن وَقت صَلَاة الصُّبْح اتّفقت رُوَاة الْمُوَطَّأ على إرْسَاله وَقد ورد مَوْصُولا من حَدِيث أنس بن مَالك وَأخرجه الْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق حميد عَنهُ وَمن حَدِيث عبد الله بن عمر وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن وَمن حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زيد بن جَارِيَة أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَمن حَدِيث زيد بن جَارِيَة أخرجه أَبُو يعلى فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِي حَدِيث أَن ذَلِك كَانَ فِي سفر وَقَالَ بن عبد الْبر بَلغنِي أَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة حدث بِهَذَا الحَدِيث عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا قَالَ وَلَا أَدْرِي كَيفَ صِحَة هَذَا عَن سُفْيَان وَالصَّحِيح عَن زيد بن اسْلَمْ أَنه من مرسلات عَطاء فَسكت فِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة فَقَالَ صلها معي الْيَوْم وَغدا حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد صلى الصُّبْح حِين طلع الْفجْر فِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة أَن ذَلِك كَانَ بقاع نمرة بِالْجُحْفَةِ ثمَّ صلى الصُّبْح من الْغَد فِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زيد بن جَارِيَة ثمَّ صلاهَا يَوْمًا وَفِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة حَتَّى إِذا كَانَ بِذِي طوى أَخّرهَا فَيحْتَمل أَن يكون قصَّة وَاحِدَة وَيحْتَمل تعدد الْقِصَّة بعد أَن أَسْفر أَي انْكَشَفَ وأضاء وَفِي حَدِيث بن عَمْرو ثمَّ صلاهَا من الْغَد فأسفر وَفِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة فَصلاهَا أَمَام الشَّمْس ثمَّ قَالَ أَيْن السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة فِي حَدِيث أنس عَن وَقت صَلَاة الْغَدَاة قَالَ هَا أَنا ذَا يَا رَسُول الله قَالَ بن مَالك فِي شرح التسهيل تفصل هَا التَّنْبِيه من اسْم الْإِشَارَة الْمُجَرّد بِأَنا وأخواته كثيرا كَقَوْلِك هَا أَنا ذَا وَهَا نَحن أولاء وَمِنْه قَول السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة لَهَا أَنا ذَا يَا رَسُول الله وَقَوله تَعَالَى هأنتم أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ انْتهى فَقَالَ مَا بَين هذَيْن وَقت فِي حَدِيث بن عمر وَالْوَقْت فِيمَا بَين أمس وَالْيَوْم وَفِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة الصَّلَاة مَا بَين هَاتين الصَّلَاتَيْنِ فَائِدَة فِي هَذَا الحَدِيث أَن السَّائِل سَأَلَ عَن وَقت صَلَاة الصُّبْح خصة وَورد السُّؤَال عَن أَوْقَات كل الصَّلَوَات فَأخْرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن سَائِلًا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مَوَاقِيت الصَّلَاة فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا حَتَّى أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْفجْر حِين انْشَقَّ الْفجْر ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الظّهْر حِين زَالَت الشَّمْس ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْعَصْر وَالشَّمْس بَيْضَاء مُرْتَفعَة فَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْمغرب حِين غَابَتْ الشَّمْس وَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق فَلَمَّا كَانَ الْغَد صلى الْفجْر فَانْصَرف فَقلت أطلعت الشَّمْس وَأقَام الظّهْر فِي وَقت الْعَصْر الَّذِي كَانَ قبله وَصلى الْعَصْر وَقد اصْفَرَّتْ الشَّمْس وَقَالَ أَمْسَى وَصلى الْمغرب قبل أَن يغيب الشَّفق وَصلى الْعشَاء إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قَالَ أَيْن السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة الْوَقْت فِيمَا بَين هذَيْن وَورد مثل ذَلِك أَيْضا من حَدِيث بُرَيْدَة أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَمن حَدِيث جَابر بن عبد الله أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَمن حَدِيث مجمع بن جَارِيَة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَمن حَدِيث الْبَراء بن عَازِب أخرجه أَبُو يعلى وَحِينَئِذٍ فَحَدِيث الْمُوَطَّأ إِمَّا مُخْتَصر من هَذِه الْوَاقِعَة أَو هُوَ قَضِيَّة أُخْرَى وَقع السُّؤَال فِيهَا عَن صَلَاة الصُّبْح خَاصَّة

[4] عَن يحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَي بن سعيد بن زُرَارَة وَهِي وَالِدَة أبي الرِّجَال أنصارية مَدَنِيَّة تابعية ثِقَة حجَّة كَانَت فِي حجر عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بن الْمَدِينِيّ هِيَ أحد الثِّقَات الْعلمَاء بعائشة الاثبات فِيهَا عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي الصُّبْح أَن هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة وَاسْمهَا ضمير الشَّأْن مَحْذُوف وَاللَّام فِي ليُصَلِّي هِيَ اللَّام الفارقة الدَّاخِلَة فِي خبر أَن فرقا بَين الخففة والنافية فَيَنْصَرِف النِّسَاء متلفعات قَالَ بن عبد الْبر رِوَايَة يحيى بفاءين وَتَبعهُ جمَاعَة وَرَوَاهُ كثير مِنْهُم بفاء ثمَّ عين مُهْملَة وَعَزاهُ القَاضِي عِيَاض لأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ قَالَ الْأَصْمَعِي التلفع أَن يشْتَمل بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلل بِهِ جسده وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة اللفاع ثوب يُجَلل بِهِ الْجَسَد كُله كسَاء كَانَ أَو غَيره وتلفع بِالثَّوْبِ إِذا اشْتَمَل بِهِ وَقَالَ عبد الْملك بن حبيب فِي شرح الْمُوَطَّأ التلفع أَن يلقِي الثَّوْب على رَأسه ثمَّ يلتف بِهِ لَا يكون الالتفاع إِلَّا بتغطية الرَّأْس وَقد أَخطَأ من قَالَ الالتفاع مثل الاشتمال وَأما التلفف فَيكون مَعَ تَغْطِيَة الرَّأْس وكشفه وَاسْتدلَّ لذَلِك بقول عبيد بن الأبرص كَيفَ يرجون سقاطي بهَا مَا لفع الرَّأْس مشيب وصلع وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند التلفع بِالثَّوْبِ الاشتمال بِهِ وَقيل الالتحاف مَعَ تَغْطِيَة الرَّأْس بمروطهن جمع مرط بِكَسْر الْمِيم كَمَا فِي الصِّحَاح قَالَ وَهِي أكسية من صوف أَو خَز كَانَ يؤتزر بهَا قَالَ الشَّاعِر كساهم ثوباها وَفِي الدرْع رادة وَفِي المرط لنا وَإِن رد فهما عبل وَقَالَ الرَّافِعِيّ المرط كسَاء من صوف أَو خَز أَو كتَّان عَن الْخَلِيل وَيُقَال هُوَ الْإِزَار وَيُقَال درع الْمَرْأَة وَفِي الحكم المرط هُوَ الثَّوْب الْأَخْضَر وَفِي مجمع الغرائب المروط أكسية من شعر أسود وَعَن الْخَلِيل هِيَ أكسية معلمة وَقَالَ بن الْأَعرَابِي هُوَ الْإِزَار وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل لَا يكون المرط إِلَّا درعا وَهُوَ من خَز أَخْضَر وَلَا يُسمى المرط إِلَّا الْأَخْضَر وَلَا يلْبسهُ إِلَّا النِّسَاء نقل ذَلِك مغلطاي فِي شرح البُخَارِيّ وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْعُمْدَة زَاد بَعضهم فِي صفتهَا أَن تكون مربعة وَقَالَ بَعضهم إِن سداها من شعر وَقَالَ بن حبيب فِي شرح الْمُوَطَّأ المرط كسَاء صوف رَقِيق خَفِيف مربع كَانَ النِّسَاء فِي ذَلِك الزَّمَان يأتزرن بِهِ ويلتففن وَقَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس فِي شرح المعلقات عِنْد قَول امْرِئ الْقَيْس فَقُمْت بهَا أَمْشِي تجر وَرَاءَنَا على أثرينا أذيال مرط مرحل المرط إِزَار خَز معلم مَا يعرفن قَالَ الدَّاودِيّ أَي مَا مَا يعرفن أهن نسَاء أم رجال وَقَالَ غَيره يحْتَمل أَنه لَا يعرف أعيانهن وَإِن عرفن أَنَّهُنَّ نسَاء وَإِن كن متكشفات الْوُجُوه كَذَا حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فَخفف الْجُمْلَة الْأَخِيرَة ثمَّ قَالَ وَهَذَا ضَعِيف لِأَن المتلفعة فِي النَّهَار أَيْضا لَا يعرف عينهَا فَلَا يبْقى فِي الْكَلَام فَائِدَة انْتهى وَمَعَ تَتِمَّة الْكَلَام بِهَذِهِ الْجُمْلَة لَا يَتَأَتَّى هَذَا الِاعْتِرَاض وَقَالَ الْبَاجِيّ هَذَا يدل على انهن كن سافرات إِذْ لَو كن متنقبات لَكَانَ الْمَانِع من معرفتهن تَغْطِيَة الْوَجْه لَا النَّاس وَقَالَ بَعضهم الْمعرفَة إِنَّمَا تتَعَلَّق بالأعيان وَلَو أُرِيد مَا قَالَه الدَّاودِيّ لعبر بِنَفْي الْعلم من هِيَ ابتدائية أَو تعليلية الْغَلَس قَالَ الرَّافِعِيّ هُوَ ظلمَة آخر اللَّيْل وَقيل اخْتِلَاط ضِيَاء الصُّبْح بظلمة اللَّيْل انْتهى وَالْأول هُوَ المجزوم بِهِ فِي الصِّحَاح وَأنْشد عَلَيْهِ قَول الأخطل لدينك عَيْنك أم رَأَيْت بواسط غلس الظلام من الربَاب خيالا وَقَالَ فِي النهاي الْغَلَس ظلمَة آخر اللَّيْل إِذا اخْتلطت بضوء الصَّباح وَقَالَ القَاضِي عِيَاض الْغَلَس بقايا ظلمَة اللَّيْل يخالطها بَيَاض الْفجْر قَالَه الْأَزْهَرِي والخطابي قَالَ الْخطابِيّ والغبش بِالْبَاء والشين الْمُعْجَمَة قيل الغبس بِالسِّين الْمُهْملَة وَبعده الْغَلَس بِاللَّامِ وَهِي كلهَا فِي آخر اللَّيْل وَيكون الغبش أول اللَّيْل فَوَائِد الأول قد يُعَارض هَذَا الحَدِيث مَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن أبي بَرزَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينْصَرف صَلَاة الْغَدَاة حِين يعرف الرجل جليسه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض فِي الْجَواب عَنهُ لَعَلَّ هَذَا مَعَ التَّأَمُّل لَهُ أوفى حَال دون حَال وَذَاكَ فِي نسَاء مغطاة الرؤوس بعيدات عَن الرِّجَال الثَّانِيَة قد يُعَارضهُ أَيْضا مَا أخرجه الْأَرْبَعَة وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ عَن رَافع بن خديج قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أسفروا بِالْفَجْرِ فَهُوَ أعظم لِلْأجرِ وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْجَواب عَنهُ قد حمله حاملون على اللَّيَالِي المقمرة فان الصُّبْح لَا يتَبَيَّن فِيهَا فَأمر بِالِاحْتِيَاطِ قَوَّال التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه عقب رِوَايَته الحَدِيث قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق معنى الْأَسْفَار أَن يَصح الْفجْر فَلَا يشك فِيهِ وَلم يرَوا أَن معنى الْأَسْفَار تَأْخِير الصَّلَاة الثَّالِثَة أخرج بن ماجة عَن مغيث بن سمى قَالَ صليت مَعَ عبد الله بن الزبير الصُّبْح بِغَلَس فَلَمَّا سلمت أَقبلت على بن عمر فَقلت مَا هَذِه الصَّلَاة قَالَ هَذِه كَانَت صَلَاتنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر فَلَمَّا طعن عمر أَسْفر بهَا عُثْمَان

[5] وَعَن بسر بن سعيد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وسين مُهْملَة سَاكِنة وَعَن الْأَعْرَج زَاد سعيد بن مَنْصُور وَابْن عبد الْبر من طَرِيق حَفْص بن ميسرَة الصفاني عَن زيد بن أسلم وَعَن أبي صَالح كلهم يحدثونه أَي زيد بن أسلم من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس زَاد الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الدَّاودِيّ عَن زيد بن أسلم بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور وركعة بعد مَا تطلع الشَّمْس وَمن طَرِيق أبي غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة ثمَّ صلى مَا بَقِي بعد طُلُوع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح وبهذه الزِّيَادَة ظهر مَقْصُود الحَدِيث فَإِنَّهُ كَانَ بِدُونِهَا مُشكل الظَّاهِر حَتَّى قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم أجمع الْمُسلمُونَ على أَن هَذَا لَيْسَ على ظَاهره وَأَنه لَا يكون بالركعة مدْركا لكل الصلا وَتَكْفِيه وَيحصل بَرَاءَته من الصَّلَاة بِهَذِهِ الرَّكْعَة وَهُوَ متأول وَفِيه إِضْمَار انْتهى وللبخاري من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الحَدِيث بدل فقد أدْرك فِي الْمَوْضِعَيْنِ فليتم صلَاته وللبيهقي من وَجه آخر من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى وَمن أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس زَاد الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي غَسَّان ثمَّ صلى مَا بَقِي بعد غرُوب الشَّمْس فقد أدْرك الْعَصْر فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي غَسَّان فَلم تفته فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ مُبين أَن المُرَاد بالإدراك إِدْرَاكهَا أَدَاء قَالَ أَبُو السعادات بن الْأَثِير وَأما تَخْصِيص هَاتين الصَّلَاتَيْنِ بِالذكر دون غَيرهمَا مَعَ أَن هَذَا الحكم لَيْسَ خَاصّا بهما بل يعم جَمِيع الصَّلَوَات فلأنهما طرفا النَّهَار والمصلى إِذا صلى بعض الصَّلَاة وطلعت الشَّمْس أَو غربت عرف خُرُوج الْوَقْت فَلَو لم يبين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الحكم وَعرف الْمُصَلِّي أَن صلَاته تجزيه لظن فَوَات الصَّلَاة وبطلانها بِخُرُوج الْوَقْت وَلَيْسَ كَذَلِك آخر أَوْقَات الصَّلَاة وَلِأَنَّهُ نهى عَن الصَّلَاة عِنْد الشروق والغروب فَلَو لم يبين لَهُم صِحَة صَلَاة من أدْرك رَكْعَة من هَاتين الصَّلَاتَيْنِ لظن الْمُصَلِّي أَن صلَاته فَسدتْ بِدُخُول هذَيْن الْوَقْتَيْنِ فعرفهم ذَلِك لنزول هَذَا الْوَهم وَقَالَ الْحَافِظ مغلطاي فِي رِوَايَة من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح وَفِي أُخْرَى من أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة وَبَينهمَا فرق وَذَلِكَ أَن من قدم الرَّكْعَة فَلِأَنَّهَا هِيَ السَّبَب الَّذِي بِهِ الْإِدْرَاك وَمن قدم الصُّبْح أَو الْعَصْر قبل الرَّكْعَة فَلِأَن هذَيْن الاسمين هما اللَّذَان يدلان على هَاتين الصَّلَاتَيْنِ دلَالَة خَاصَّة تتَنَاوَل جَمِيع أوصافها بِخِلَاف الرَّكْعَة فانها تدل على أَوْصَاف الصَّلَاة فَقدم اللَّفْظ الْأَعَمّ الْجَامِع وَقَالَ الرَّافِعِيّ احْتج الشَّافِعِي بِهَذَا الحَدِيث على أَن وَقت الْعَصْر يبْقى إِلَى غرُوب الشَّمْس وَاحْتج بِهِ أَيْضا على أَن من صلى فِي الْوَقْت رَكْعَة وَالْبَاقِي خَارج الْوَقْت تكون صلَاته جَائِزَة مُؤَدَّاة وعَلى أَن الْمَعْذُور إِذا زَالَ عذره وَقد بَقِي ن الْوَقْت قدر رَكْعَة كَمَا إِذا أَفَاق الْمَجْنُون أَو بلغ الصَّبِي تلْزمهُ تِلْكَ الصَّلَاة وعَلى أَن من طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وَهُوَ فِي صَلَاة الصُّبْح لَا تبطل صلَاته خلافًا لقَوْل بَعضهم قَالَ وَفِي الْجمع بَين هَذِه الاحتجاجات توقف انْتهى وَالْبَعْض الْمشَار إِلَيْهِم هم الْحَنَفِيَّة وَقَالَ الشَّيْخ أكمل الدّين فِي شرح الْمَشَارِق فِي الْجَواب عَنْهُم فَحمل الحَدِيث على أَن المُرَاد فقد أدْرك ثَوَاب كل الصَّلَاة بِاعْتِبَار نِيَّته لَا بِاعْتِبَار عمله وَإِن معنى قَوْله فليتم صلَاته أَي ليأت بهَا على وَجه التَّمام فِي وَقت آخر قلت وَهَذَا تَأْوِيل بعيد يردهُ بَقِيَّة طرق الحَدِيث وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حدث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا إِذا صلى أحدكُم رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح ثمَّ طلعت الشَّمْس فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى قَالَ بن عبد الْبر لَا وَجه لدعوى النّسخ فِي حَدِيث الْبَاب لِأَنَّهُ لم يثبت فِيهِ تعَارض بِحَيْثُ لَا يُمكن الْجمع وَلَا لتقديم حَدِيث النَّهْي عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يحمل على التَّطَوُّع فَائِدَة روى أَبُو نعيم فِي كتاب الصَّلَاة الحَدِيث بِلَفْظ من أدْرك رَكْعَتَيْنِ قبل أَن تغرب الشَّمْس وَرَكْعَتَيْنِ بعد مَا غَابَتْ الشَّمْس لم تفته الْعَصْر

[6] عَن نَافِع مولى عبد الله بن عمر أَن عمر بن الْخطاب كتب إِلَى عماله هَذَا مُنْقَطع فان نَافِعًا لم يلق عمر إِن أهم أَمركُم عِنْدِي الصَّلَاة يشْهد لَهُ من الْأَحَادِيث المرفوعة مَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من طَرِيق عِكْرِمَة عَن عمر قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي شَيْء أحب عِنْد الله فِي الْإِسْلَام قَالَ الصَّلَاة لوَقْتهَا من ترك الصَّلَاة فَلَا دين لَهُ وَالصَّلَاة عماد الدّين فِي أَحَادِيث أخر من حفظهَا قَالَ بن رَشِيق أَي علم مَالا تتمّ إِلَّا بِهِ من وضوئها وأوقاتها وَمَا يتَوَقَّف على صِحَّتهَا وتمامها وحافظ عَلَيْهَا أَي سارع إِلَى فعلهَا وَفِي وَقتهَا حفظ دينه وَمن ضيعها فَهُوَ لما سواهَا أضيع فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْأَوْسَط عَن أنس مَرْفُوعا ثَلَاث من حفظهن فَهُوَ ولي حَقًا وَمن ضيعهن فَهُوَ عَدو حَقًا الصَّلَاة وَالصِّيَام والجنابة فَمن نَام فَلَا نَامَتْ عينه فِي مُسْند الْبَزَّار عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَام قبل الْعشَاء فَلَا نَامَتْ عينه وَالصُّبْح والنجوم بادية أَي ظَاهِرَة مشتبكة فِي النِّهَايَة اشتبكت النُّجُوم أَي ظَهرت جَمِيعهَا وَاخْتَلَطَ بَعْضهَا بِبَعْض لِكَثْرَة مَا ظهر مِنْهَا وَشَاهد هَذِه الْجُمْلَة من الْمَرْفُوع مَا أخرجه أَحْمد عَن أبي عبد الرَّحْمَن الصنابجي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن تزَال أمتِي بِخَير مَا لم يؤخروا الْمغرب انْتِظَار الاظلام مضاهاة للْيَهُود وَمَا لم يؤخروا الْفجْر انمحاق النُّجُوم مضاهاة للنصرانية [7] زاغت الشَّمْس أَي مَالَتْ [8] وَلَا تكن من الغافلين شَاهده من الْمَرْفُوع مَا أخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات المكتوبات لم يكْتب من الغافلين [9] عَن يزِيد بن زِيَاد عَن عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة عَن وَقت الصَّلَاة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَنا أخْبرك قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة رُوَاته والمواقيت لَا تُؤْخَذ بِالرَّأْيِ وَلَا تدْرك إِلَّا بالتوقيف قَالَ وَقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث الْمَوَاقِيت مَرْفُوعا بأتم من هَذَا أخرجه النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح الغبش بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وشين مُعْجمَة كَذَا فِي رِوَايَة يحيى بن يحيى وَزَاد يَعْنِي الْغَلَس وَفِي رِوَايَة يحيى بن بكير والقعنبي وسُويد بن سعيد بِغَلَس [10] كُنَّا نصلي الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر هَذَا يدْخل عِنْدهم فِي الْمسند وَقد صرح فِي طَرِيق بِرَفْعِهِ فَقَالَ كُنَّا نصلي الْعَصْر مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق بن الْمُبَارك عَن مَالك ثمَّ يخرج الْإِنْسَان إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء كَانَت مَنَازِلهمْ على ميلين من الْمَدِينَة فيجدهم يصلونَ الْعَصْر قَالَ النَّوَوِيّ كَانَت صلَاتهم فِي وسط الْوَقْت وَلَعَلَّ تأخيرهم لكَوْنهم أهل أَعمال فِي حروثهم وزروعهم وحوايطهم فَإِذا فرغوا من أَعْمَالهم تأهبوا للصَّلَاة ثمَّ اجْتَمعُوا إِلَيْهَا فتتأخر صلَاتهم لهَذَا الْمَعْنى

[11] كُنَّا نصلي الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ لَيْسَ فِيهِ ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ عبد الله بن نَافِع وَابْن وهب فِي رِوَايَة يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَنهُ وخَالِد بن مخلد وَأَبُو عَامر الْعَقدي كلهم عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر ثمَّ يذهب الذَّاهِب الحَدِيث وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ وَإِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة جَمِيعًا عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر ثمَّ يذهب الذَّاهِب إِلَى قبَاء قَالَ أجدهما فيأتيهم وهم يصلونَ وَقَالَ الآخر فيأتيهم وَالشَّمْس مُرْتَفعَة وَرَوَاهُ أَيْضا كَذَلِك معمر وَغَيره من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ فَهُوَ حَدِيث مَرْفُوع قلت وَهُوَ كَذَلِك عِنْد البُخَارِيّ من طَرِيق شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ وَعند مُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ وَعند الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن الزُّهْرِيّ وَرِوَايَة بن الْمُبَارك الَّتِي أوردهَا بن عبد الْبر أخرجهَا الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَقَالَ فِي غرائب مَالك لم يسْندهُ عَن مَالك عَن إِسْحَاق غير بن الْمُبَارك ثمَّ يذهب الذَّاهِب قَالَ الْحَافِظ بن حجر أَرَادَ نَفسه لما أخرجه النَّسَائِيّ والطَّحَاوِي من طَرِيق أبي الْأَبْيَض عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِنَا الْعَصْر وَالشَّمْس ببيضاء محلقة ثمَّ أرجع إِلَى قومِي فِي نَاحيَة الْمَدِينَة فَأَقُول لَهُم قومُوا فصلوا فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صلى قلت بل أَعم من ذَلِك لما أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن أنس قَالَ كَانَ أبعد رجلَيْنِ من الْأَنْصَار من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَار أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر وَأَهله بقباء وَأَبُو عبس بن جبر ومسكنه فِي بني حَارِثَة فَكَانَا يصليان مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يأتيان قومهما وَمَا صلوا لتعجيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا إِلَى قبَاء قَالَ النَّوَوِيّ يمد وَيقصر وَيصرف وَلَا يصرف وَيذكر وَيُؤَنث والأفصح فِيهِ التَّذْكِير وَالصرْف وَالْمدّ وَهُوَ على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْمَدِينَة قَالَ النَّسَائِيّ لم يُتَابع مَالك على قَوْله إِلَى قبَاء وَالْمَعْرُوف إِلَى العوالي وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ إِلَى العوالي قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَالح بن كيسَان وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَعقيل وَمعمر وَيُونُس وَاللَّيْث وَعَمْرو بن الْحَارِث وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَابْن أبي ذُؤَيْب وَابْن أخي الزُّهْرِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق وَمَعْقِل بن عبيد الله وَعبيد الله بن أبي زِيَاد الرصافي والنعمان بن رَاشد والزبيدي وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس وَقَالَ بن عبد الْبر الَّذِي قَالَه جمَاعَة أَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ يذهب الذَّاهِب إِلَى العوالي وَهُوَ الصَّوَاب عِنْد أَصْحَاب الحَدِيث وَقَول مَالك عِنْدهم إِلَى قبَاء وهم لَا شكّ فِيهِ وَلم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ فِي حَدِيث بن شهَاب هَذَا إِلَّا أَن الْمَعْنى مُتَقَارب فِي ذَلِك على سَعَة الْوَقْت لِأَن العوالي مُخْتَلفَة الْمسَافَة فأقربها إِلَى الْمَدِينَة مَا كَانَ على ميلين أَو ثَلَاثَة وَمِنْهَا مَا يكون على ثَمَانِيَة أَمْيَال أَو عشرَة وَمثل هَذَا هِيَ الْمسَافَة بَين قبَاء وَالْمَدينَة وَقد رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك فَقَالَ فِيهِ إِلَى العوالي كَمَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب ثمَّ أسْندهُ من طَرِيقه وَقَالَ هَكَذَا رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك وَقَالَ فِيهِ العوالي كَمَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب ثمَّ أسْندهُ من طَرِيقه وَقَالَ هَكَذَا رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك وَقَالَ فِيهِ العوالي كَمَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب ثمَّ أسْندهُ من طَرِيقه وَقَالَ هَكَذَا رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك وسائى رُوَاة الْمُوَطَّأ قَالُوا قبَاء وَقَالَ القَاضِي عِيَاض مَالك أعلم ببلدته وأمكنتها من غَيره وَهُوَ أثبت فِي بن شهَاب مِمَّن سواهُ وَقد رَوَاهُ بَعضهم عَن مَالك إِلَى العوالي كَمَا قَالَت الْجَمَاعَة وَرَوَاهُ بن أبي ذُؤَيْب عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ إِلَى قبَاء كَمَا قَالَ مَالك وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر نِسْبَة الْوَهم فِيهِ إِلَى مَالك منتقد فَإِنَّهُ إِن كَانَ وهما احْتمل أَن يكون مِنْهُ وَإِن يكون من الزُّهْرِيّ حِين حدث بِهِ مَالِكًا فَإِن الْبَاجِيّ نقل عَن الدَّارَقُطْنِيّ أَن بن أبي ذُؤَيْب رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ إِلَى قبَاء وَقد رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك فَقَالَ فِيهِ إِلَى العوالي كَمَا قَالَ الْجَمَاعَة فقد اخْتلف فِيهِ على مَالك وتوبع عَن الزُّهْرِيّ بِخِلَاف مَا جزم بِهِ بن عبد الْبر قَالَ وَقَوله الصَّوَاب عِنْد أهل الحَدِيث العوالي صَحِيح من حَيْثُ اللَّفْظ وَأما الْمَعْنى فمتقارب لِأَن قبَاء من العوالي وَلَيْسَت العوالي كل قبَاء فَإِنَّهَا عبارَة عَن الْقرى المجتمعة حول الْمَدِينَة من جِهَة نجد قَالَ وَلَعَلَّ مَالِكًا لما رأى فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ أحمالا حملهَا على الرِّوَايَة المفسرة وَهِي رِوَايَته عَن إِسْحَاق حَيْثُ قَالَ فِيهَا لم يخرج الْإِنْسَان إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف وهم أهل قبَاء بني مَالك على أَن الْقِصَّة وَاحِدَة لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حَدَّثَاهُ عَن أنس انْتهى

[12] مَا أدْركْت النَّاس إِلَّا وهم يصلونَ الظّهْر بعشي قَالَ فِي الاستذكار قَالَ مَالك يُرِيد الابراد بِالظّهْرِ وَفِي النِّهَايَة والمطالع العشى مَا بعد الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب وَقيل إِلَى الصَّباح طنفسة بِكَسْر الطَّاء وَالْفَاء وبضمهما وبكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء الْبسَاط الَّذِي لَهُ خمل رَقِيق ذكره فِي النِّهَايَة وَقَالَ فِي الْمطَالع الْأَفْصَح كسر الطَّاء وَفتح الْفَاء وَيجوز ضمهما وكسرهما وَحكى أَبُو حَاتِم فتح الطَّاء مَعَ كسر الْفَاء وَقَالَ أَبُو عَليّ القالي بِفَتْح الْفَاء لَا غير وَهِي بِسَاط صَغِير وَقيل حَصِير من سعف أَو دوم عرضه ذِرَاع وَقيل قدر عظم الذِّرَاع انْتهى [13] ثمَّ نرْجِع بعد صَلَاة الْجُمُعَة فنقبل قائلة الضُّحَى قَالَ فِي الاستذكار أَي انهم يستدركون مَا فاتهم من النّوم وَقت قائلة الضُّحَى على مَا جرت بِهِ عَادَتهم [14] بن أبي سليط بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام بملل بِفَتْح الْمِيم ولامين بِوَزْن جمل مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة على تِسْعَة عشر ميلًا من الْمَدِينَة كَذَا فِي النِّهَايَة وَقَالَ بَعضهم على ثَمَانِيَة عشر ميلًا وَقَالَ بن وساح على اثْنَيْنِ وَعشْرين ميلًا حَكَاهُمَا بن رَشِيق

[15] عَن أبي سَلمَة قيل اسْمه كنيته وَقيل عبد الله بن عبد الرَّحْمَن هُوَ بن عَوْف من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْرك الصَّلَاة زَاد النَّسَائِيّ كلهَا لَا أَنه بعض مَا قَالَه قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم اخْتِلَافا فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَلَا فِي لَفظه عِنْد رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب إِلَّا أَن بن عُيَيْنَة رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ قفد أدْرك لم يقل الصَّلَاة وَالْمعْنَى المُرَاد فِي ذَلِك وَاحِد وَقد رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب بن أبي بكر عَن بن شهَاب فَقَالَ فقد أدْرك الصَّلَاة وفضلها وَهَذِه لَفْظَة لم يقلها أحد عَن بن شهَاب غير عبد الْوَهَّاب وَلَيْسَ بِحجَّة على من خَالفه فِيهَا من أَصْحَاب بن شهَاب وَلَا أَجَاد فِيهَا قلت وَكَذَا قَالَ الطَّحَاوِيّ قَالَ لِأَن معنى أدْرك الصَّلَاة أدْرك فَضلهَا وَلَو أدْركهَا بادراك رَكْعَة فِيهَا لما وَجب عَلَيْهِ عَلَيْهِ قَضَاء بقيتها ثمَّ قَالَ بن عبد الْبر وَقد رَوَاهُ عمار بن مطر عَن مَالك فَقَالَ فقد أدْرك الصَّلَاة ووقتها قَالَ وَهَذَا لم يقلهُ عَن مَالك فَقَالَ فقد أدْرك الْفضل وَلم يقلهُ عَن مَالك غَيره قَالَ وَقد اخْتلف فِي معنى قَوْله فقد أدْرك الصَّلَاة فَقيل أدْرك وَقتهَا قَالَ وقائلوا ذَلِك جَعَلُوهُ فِي معنى الحَدِيث السَّابِق من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح وَلَيْسَ كَمَا ظنُّوا لِأَنَّهُمَا حديثان لكل وَاحِد مِنْهُمَا معنى آخر وَقيل أدْرك فضل الْجَمَاعَة على أَن المُرَاد من أدْرك رَكْعَة مَعَ الإِمَام وَقيل من أدْرك حكمهَا فِيمَا يفوتهُ من سَهْو الإِمَام وَلُزُوم الْإِتْمَام وَنَحْو ذَلِك قَالَ وَظَاهر الحَدِيث يُوجب الْإِدْرَاك التَّام الْوَقْت وَالْحكم وَالْفضل قَالَ وَيدخل فِي ذَلِك إِدْرَاك الْجُمُعَة فَإِذا أدْرك مِنْهَا رَكْعَة مَعَ الإِمَام أضَاف إِلَيْهَا أُخْرَى فَإِن لم يُدْرِكهَا صلى أَرْبعا ثمَّ أخرج من طَرِيق بن الْمُبَارك عَن معمر وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا قَالَ الزُّهْرِيّ فنرى الْجُمُعَة من الصَّلَاة وَأخرج من وَجه آخر عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن رجل فَاتَتْهُ خطْبَة الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة وَأدْركَ الصَّلَاة فَقَالَ حَدثنِي أَبُو سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة فقد أدْركهَا انْتهى قَالَ الْحَافِظ مغلطاي وَإِذا حملناه على إِدْرَاك فضل الْجَمَاعَة فَهَل يكون ذَلِك مضاعفا كَمَا يكون لمن حضرها من أَولهَا أَو يكون غير مضاعف قَولَانِ وَإِلَى التَّضْعِيف ذهب أَبُو هُرَيْرَة وَغَيره من السّلف وَقَالَ القَاضِي عِيَاض يدل على أَن المُرَاد فضل الْجَمَاعَة مَا فِي رِوَايَة بن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ من زِيَادَة قَوْله مَعَ الإِمَام وَلَيْسَت هَذِه الزِّيَادَة فِي حَدِيث مَالك وَغَيره عَنهُ قَالَ وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا إِفْرَاد مَالك لَهُ فِي التَّبْوِيب فِي الْمُوَطَّأ ويفسره رِوَايَة من روى فقد أدْرك الْفضل [18] وَمن فَاتَهُ قِرَاءَة أم الْقُرْآن فقد فَاتَهُ خير كثير قَالَ بن وضاح وَغَيره ذَلِك لموْضِع التَّأْمِين وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من غفران مَا تقدم من ذَنبه [19] عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر كَانَ يَقُول دلوك الشَّمْس ميلها أخرجه بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن بن عمر مَرْفُوعا [20] قَالَ أَخْبرنِي مخبر قَالَ فِي الاستذكار هُوَ عِكْرِمَة وَكَانَ مَالك يكتم اسْمه لكَلَام سعيد بن الْمسيب فِي

[21] الَّذِي تفوته صَلَاة الْعَصْر اخْتلف فِي معنى الْفَوات فِي هَذَا الحَدِيث فَقيل هُوَ فِيمَن لم يصلها فِي وَقتهَا الْمُخْتَار وَقيل هُوَ أَن تفوته بغروب الشَّمْس قَالَ الْحَافِظ مغلطاي فِي موطأ بن وهب قَالَ مَالك تَفْسِيرهَا ذهَاب الْوَقْت وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد أخرج عبد الرَّزَّاق هَذَا الحَدِيث من طَرِيق بن جريج عَن نَافِع وَزَاد فِي آخِره قلت لنافع حَتَّى تغيب الشَّمْس قَالَ نعم قَالَ وَتَفْسِير الرَّاوِي إِذا كَانَ فَقِيها أولى قلت وَقد ورد مُصَرحًا بِرَفْعِهِ فِيمَا أخرجه بن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن هشيم عَن حجاج عَن نَافِع عَن بن عمر مَرْفُوعا من ترك الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس من غير عذر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله وَقيل هُوَ تفويتها إِلَى أَن تصفر الشَّمْس وَقد ورد مُفَسرًا من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ وفواتها أَن تدخل الشَّمْس صفرَة أخرجه أَبُو دَاوُد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلَعَلَّه مَبْنِيّ على مذْهبه فِي خُرُوج وَقت الْعَصْر وَقَالَ مغلطاي فِي علل بن أبي حَاتِم من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر وفواتها أَن تدخل الشَّمْس صفرَة فَكَأَنَّمَا وتر أهل وَمَاله قَالَ أَبُو حَاتِم التَّفْسِير من قبل نَافِع وَقَالَت طَائِفَة المر اد فَوَاتهَا فِي الْجَمَاعَة لما يفوتهُ من شُهُود الْمَلَائِكَة الليلية والنهارية وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه بن مَنْدَه بِلَفْظ المأتور أَهله وَمَاله من وتر صَلَاة فِي جمَاعَة وَهِي صَلَاة الْعَصْر وروى عَن سَالم أَنه قَالَ هَذَا فِيمَن فَاتَتْهُ نَاسِيا وَمَشى عَلَيْهِ التِّرْمِذِيّ وَالْمعْنَى أَنه يلْحقهُ من الأسف عِنْد مُعَاينَة الثَّوَاب لمن صلى مَا يلْحق من ذهب أَهله وَمَاله وَقَالَ الداوودي إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَامِد قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر قلت وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة من غر عذز وَاخْتلف أَيْضا فِي تَخْصِيص صَلَاة الْعَصْر بذلك فَقيل نعم لزِيَادَة فَضلهَا وَلِأَنَّهَا الْوُسْطَى وَلِأَنَّهَا تَأتي فِي وَقت تَعب النَّاس من مقاساة أَعْمَالهم وحرصهم على قَضَاء أشغالهم وتسويفهم بهَا إِلَى انْقِضَاء وظائفهم ولاجتماع المتعاقبين من الْمَلَائِكَة فِيهَا وَهَذَا مَا رَجحه الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند وَالنَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم قَالَ بن الْمِنْبَر الْحق أَن الله يخص مَا يَشَاء من الصَّلَوَات بِمَا شَاءَ من الْفَضِيلَة وَقَالَ بن عبد الْبر يحْتَمل أَن الحَدِيث خرج جَوَابا على سُؤال السَّائِل عَمَّن تفوته الْعَصْر وَأَنه لَو سُئِلَ عَن غَيرهَا لأجابه بِمثل ذَلِك فَيكون حكم سَائِر الصَّلَوَات كَذَلِك خُصُوصا وَقد ورد الحَدِيث من رِوَايَة نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الدئلي بِلَفْظ من فَاتَتْهُ الصَّلَاة وبلفظ من فَاتَتْهُ صَلَاة وَلم يخص الْعَصْر وَقَالَ النَّوَوِيّ فِيمَا قَالَه بن عبد الْبر نظر لِأَن الشَّرْع ورد فِي الْعَصْر وَلم تتَحَقَّق الْعلَّة فِي هَذَا الحكم فَلَا يلْحق بهَا غَيرهَا بِالشَّكِّ وَالوهم وَإِنَّمَا يلْحق غير الْمَنْصُوص بالمنصوص إِذا عرفنَا الْعلَّة واشتركا فِيهَا وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر حَدِيث نَوْفَل بن مُعَاوِيَة أرجه بن جبان وَغَيره بِلَفْظ من فَاتَتْهُ الصَّلَاة وَأخرجه عبد الرَّزَّاق بِلَفْظ لِأَن يُوتر أحدكُم أَهله وَمَاله خير لَهُ من أَن تفوته وَقت صَلَاة وَهَذَا ظَاهره العمون لَكِن الْمَحْفُوظ من حَدِيثه صَلَاة الْعَصْر قلت روى النَّسَائِيّ من طَرِيق عرَاك بن مَالك قَالَ سَمِعت نَوْفَل بن مُعَاوِيَة يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من الصَّلَاة صَلَاة من فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله فَقَالَ بن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هِيَ صَلَاة الْعَصْر وَأخرج بن أبي شيبَة من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا من ترك صَلَاة مَكْتُوبَة حَتَّى تفوته من غير عذر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله لكنه مخرج فِي مُسْند أَحْمد بِلَفْظ من ترك الْعَصْر فَرجع الحَدِيث إِلَى تَعْيِينهَا نعم فِي فَوَائِد تَمام من طَرِيق مَكْحُول عَن أنس مَرْفُوعا من فَاتَتْهُ صَلَاة الْمغرب فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله فَإِن كَانَ رَاوِيه حفظ وَلم يهم دلّ ذَلِك على عدم الِاخْتِصَاص كَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله قَالَ النَّوَوِيّ روى بِنصب اللامين ورفعهما وَالنّصب هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور على أَنه مفعول ثَان وَمن رفع فعلى مَا لم يسم فَاعله وَمَعْنَاهُ انتزع مِنْهُ أَهله وَمَاله وَهَذَا تَفْسِير مَالك بن أنس وَأما على النصب فَقَالَ الْخطابِيّ وَغَيره مَعْنَاهُ نقص أَهله وَمَاله وسلبهم فَبَقيَ وترا بِلَا أهل وَلَا مَال فيحذر من تفويتها كحذره من ذهَاب أَهله وَمَاله وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ عِنْد أهل الْفِقْه واللغة أَنه كَالَّذي يصاب بأَهْله وَمَاله إِصَابَة يطْلب بهَا وترا وَالْوتر الْجِنَايَة الَّتِي يطْلب تارها فيجتمع عَلَيْهِ غمان غم الْمُصِيبَة وغم مقاساة طلب الثار وَلذَا قَالَ وتر وَلم يقل مَاتَ أَهله وَقَالَ الداوودي مَعْنَاهُ يتَوَجَّه عَلَيْهِ النَّدَم والأسف لتفويته الصَّلَاة وَقيل مَعْنَاهُ فَاتَهُ من الثَّوَاب مَا يلْحقهُ من الأسف عَلَيْهِ كَمَا يلقح من ذهب أَهله وَمَاله انْتهى وَقَالَ غَيره حَقِيقَة الْوتر كَمَا قَالَ الْخَلِيل هُوَ الظُّلم فِي الدَّم واستعماله فِي غَيره مجَاز وَقَالَ الْجَوْهَرِي الموتور هُوَ الَّذِي قتل لَهُ قَتِيل فَلم يدْرك دَمه وَيُقَال أَيْضا وتره حَقه أَي نَقصه وَقيل الموتور من أَخذ أَهله وَمَاله وَهُوَ ينظر وَذَلِكَ أَشد لغمه وَلذَلِك وَقع عِنْد أبي مُسلم الْكَجِّي من طَرِيق حَمَّاد بن مسلمة عَن أَيُّوب عَن نَافِع فِي آخر الحَدِيث وَهُوَ قَاعد فَهُوَ إِشَارَة إِلَى أَنه أخذا مِنْهُ وَهُوَ ينظر وَقَالَ الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ كَانَ مَعْنَاهَا أَنه وتر هَذَا الْوتر وَهُوَ قَاعد غير مقَاتل عَنْهُم وَلَا ذاب وَهُوَ أبلغ فِي الْغم لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَقع مِنْهُ شَيْء من ذَلِك لَكَانَ أسلى لَهُ قَالَ وَيحْتَمل أَن مَعْنَاهُ وَهُوَ مشَاهد لتِلْك المصايب غير غَائِب عَنْهُم فَهُوَ أَشد لتحسره قَالَ وَإِنَّمَا خص الْأَهْل وَالْمَال بِالذكر لِأَن الِاشْتِغَال فِي وَقت الْعَصْر إِنَّمَا هُوَ بالسعي على الْأَهْل والشغل بِالْمَالِ فَذكر أَن تَفْوِيت هَذِه الصَّلَاة نَازل منزلَة فقد الْأَهْل وَالْمَال فَلَا معنى لتفويتهما بالاشتغال بهما مَعَ كَون تفويتها كفواتهما أصلا ورأسا وَقَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة يرْوى بِنصب الْأَهْل وَرَفعه فَمن نصب جعله مَفْعُولا ثَانِيًا لوتر وأضمر فِيهَا مَفْعُولا للم يسم فَاعله عَائِدًا إِلَى الَّذِي وَمن رفع لم يضمر وأنام الْأَهْل مقَام مَا لم يسم فَاعله لأَنهم المصابون المأخوذون فَمن رد النَّقْص إِلَى الرجل نصبهما وَمن رده إِلَى الْأَهْل وَالْمَال رفعهما وَقَالَ الْحَافِظ مغلطاي قيل إِن النصب على نزع الْخَافِض وَالْأَصْل وتر فِي أَهله وَقيل إِن الرّفْع على أَنه يدل اشْتِمَال أَو بدل بعض وَفِي شرح الْمَشَارِق للشَّيْخ أكمل الدّين قيل يجوز أَن يكون النصب على التَّمْيِيز أَي وتر من حَيْثُ الْأَهْل نَحْو غبن رَأْيه وألم نَفسه وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ على وَجه [22] فلقي رجلا لم يشْهد الْعَصْر قَالَ فِي الاستذكار ذكر بعض من شرح الْمُوَطَّأ إِن هَذَا الرجل هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ وَهَذَا لَا يُوجد فِي أثر علته وَإِنَّمَا هُوَ رجل من الْأَنْصَار من بني حَدِيدَة طففت أَي نقصت نَفسك حطها من الْأجر تأخيرك عَن صَلَاة الْجَمَاعَة والتطفيف فِي لِسَان الْعَرَب هُوَ الزِّيَادَة على الْعدْل وَالنُّقْصَان مِنْهُ

[23] عَن يحيى بن سعيد أَنه كَانَ يَقُول إِن الْمُصَلِّي ليُصَلِّي الصَّلَاة وَمَا فَاتَهُ وَقتهَا وَلما فَاتَهُ من وَقتهَا أعظم أَو أفضل من أَهله وَمَاله قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَهُ حكم الْمَرْفُوع إِذْ يَسْتَحِيل أَن يكون مثله رَأيا وَقد ورد نَحوه من طرق مَرْفُوعا فَأخْرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عبيد الله بن مُوسَى عَن إِبْرَاهِيم بن الْفضل عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أحدكُم ليُصَلِّي الصَّلَاة لوَقْتهَا وَقد ترك من الْوَقْت الأول مَا هُوَ خير لَهُ من أَهله وَمَاله وَأخرج بن عبد الْبر من طَرِيق شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الرجل ليدرك الصَّلَاة وَمَا فَاتَهُ مِنْهَا خير من أَهله وَمَاله

[25] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قف هَذَا مُرْسل تبين وَصله فَأخْرجهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من طَرِيق بن وهب عَن يُونُس عَن بن شهَاب عَن سعيد بن المسي عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ والقفول الرُّجُوع من السّفر وَلَا يُقَال لمن سَافر مبتدئا قف قَالَ النَّوَوِيّ وَاخْتلفُوا هَل كَانَ هَذَا النّوم مرّة أَو مرَّتَيْنِ قَالَ وَظَاهر الحَدِيث مَرَّتَانِ وَكَذَا رَجحه القَاضِي عِيَاض وَغَيره وَبِذَلِك يجمع بَين مَا فِي الْأَحَادِيث من الْمُغَايرَة من خَيْبَر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة قَالَ الْبَاجِيّ وَابْن عبد الْبر وَغَيرهمَا هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَقَالَ الْأصيلِيّ إِنَّمَا هُوَ من حنين بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا غَرِيب ضَعِيف وَلأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث بن مَسْعُود من الْحُدَيْبِيَة وللطبراني من حَدِيث بن عَمْرو من غَزْوَة تَبُوك وَلَا يجمع إِلَّا بِتَعَدُّد الْقِصَّة أسرى قَالَ فِي النِّهَايَة السرى السّير بِاللَّيْلِ يُقَال سرى يسري سرى وَأسرى يسري اسراء لُغَتَانِ وَلأبي مُصعب أسْرع وَلأَحْمَد من حَدِيث ذِي مخبر زِيَادَة وَكَانَ يفعل ذَلِك لقلَّة الزَّاد فَقَالَ لَهُ قَائِل يَا نَبِي الله انْقَطع النَّاس وَرَاءَك فحبس وَحبس النَّاس مَعَه حَتَّى تكاملوا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُم هَل لكم أَن نهجع هجعة فَنزل ونزلوا حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل فِي حَدِيث بن عَمْرو حَتَّى إِذا كَانَ مَعَ السحر عرس بتَشْديد الرَّاء قَالَ الْخَلِيل وَالْجُمْهُور التَّعْرِيس نزُول الْمُسَافِر آخر اللَّيْل للنوم والاستراحة وَلَا يُسمى نزُول أول اللَّيْل تعريسا كلأ بِالْهَمْز أَي احفظ وارقب قَالَ تَعَالَى قل من يكلؤكم بِاللَّيْلِ أَي يحفظكم والمصدر كلاءة بِفَتْح الْكَاف وَالْمدّ ضربتهم الشَّمْس قَالَ القَاضِي عِيَاض أَي أَصَابَهُم شعاعها وحرها فَفَزعَ قَالَ النَّوَوِيّ أَي انتبه وَقَامَ وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة يُقَال فزع من نَومه أَي هَب وانتبه وَكَأَنَّهُ من الْفَزع الْخَوْف لِأَن الَّذِي ينتبه لَا يَخْلُو من فزع مَا وَقَالَ الْأصيلِيّ فَفَزعَ لأجل عدوهم خوف أَن يكون ابتعهم فيجدهم بِتِلْكَ الْحَال من النّوم وَقَالَ بن عبد الْبر يحْتَمل أَن يكون تأسفا على مَا فاتهم من وَقت الصَّلَاة قَالَ وَفِيه دَلِيل على أَن ذَلِك لم يكن من عَادَتهم مُنْذُ بعث قَالَ وَلَا معنى لقَوْل الْأصيلِيّ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتبعهُ عَدو فِي انْصِرَافه من خَيْبَر وَلَا من حنين وَلَا ذكر ذَلِك أحد من أهل الْمَغَازِي بل انْصَرف من كلا الغزوتين غانما ظَاهرا أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك قَالَ بن رَشِيق أَي إِن الله استولى بقدرته عَليّ كَمَا استولى عَلَيْك مَعَ منزلتك قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد أَن النّوم غلبني كَمَا غلبك وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ قبض نَفسِي الَّذِي قبض نَفسك فالباء زَائِدَة أَي توفاها متوفي نَفسك قَالَ وَهَذَا قَول من جعل النَّفس وَالروح شَيْئا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَالَ فِي الحَدِيث الآخر إِن الله قبض أَرْوَاحنَا فنص على أَن الْمَقْبُوض هُوَ الرّوح وَفِي الْقُرْآن اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الْآيَة وَمن قَالَ إِن النَّفس غير الرّوح تَأَول أَخذ بنفسي من النّوم الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ نَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَلَاة الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس مَعَ قَوْله إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي فَجَوَابه من وَجْهَيْن أصححهما وأشهرهما أَنه لَا مُنَافَاة بَينهمَا لِأَن الْقلب إِنَّمَا يدْرك الحسيات الْمُتَعَلّقَة بِهِ كالحدث والألم وَنَحْوهمَا وَلَا يدْرك طُلُوع الْفجْر وَغَيره مِمَّا يتَعَلَّق بِالْعينِ وَإِنَّمَا يدْرك ذَلِك بِالْعينِ وَالْعين نَائِمَة وَإِن كَانَ الْقلب يقظان وَالثَّانِي أَنه كَانَ لَهُ حالان أَحدهمَا ينَام فِيهِ الْقلب وصادف هَذَا الْموضع وَالثَّانِي لَا ينَام وَهَذَا هُوَ الْغَالِب من أَحْوَاله قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا ضَعِيف وَالصَّحِيح الْمُعْتَمد هُوَ الأول قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلَا يُقَال الْقلب وَإِن كَانَ لَا يدْرك المرئيات يدْرك إِذا كَانَ يقظان مُرُور الْوَقْت الطَّوِيل لأَنا نقُول كَانَ قلبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ ذَاك مُسْتَغْرقا بِالْوَحْي وَلَا يلْزم مَعَ ذَلِك وَصفه بِالنَّوْمِ كَمَا كَانَ يسْتَغْرق حَالَة إِلْقَاء الْوَحْي فِي الْيَقَظَة وَتَكون الْحِكْمَة فِي ذَلِك بَيَان الشَّرْع بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ أوقع فِي النَّفس كَمَا فِي قصَّة السَّهْو قَالَ وَقَرِيب من هَذَا جَوَاب بن الْمُنْذر أَن الْقلب قد يحصل لَهُ السَّهْو فِي الْيَقَظَة لمصْلحَة التشريع فَفِي النّوم أولى اقتادوا أَي ارتحلوا زَاد مُسلم فَإِن هَذَا منزل حَضَرنَا فِيهِ الشَّيْطَان قَالَ بن رَشِيق قد علله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا هُوَ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا أظهر الْأَقْوَال فِي تَعْلِيله واقتادوا شَيْئا للطبراني من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن حَتَّى كَانَت الشَّمْس فِي كبد السَّمَاء فَأَقَامَ الصَّلَاة لِأَحْمَد من حَدِيث ذِي مخبر فَأمر بِلَالًا فَأذن ثمَّ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى الرَّكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح وَهُوَ غير عجل ثمَّ أمره فَأَقَامَ الصَّلَاة وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي هَذَا الحَدِيث على أَقَامَ بَعضهم قَالَ فَأذن أَو أَقَامَ على الشَّك فصلى بهم الصُّبْح زَاد الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عمرَان فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أنعيدها من الْغَد لوَقْتهَا قَالَ نَهَانَا الله عَن الرِّبَا ويقبله منا وَعَن بن عبد الْبر لَا يَنْهَاكُم الله عَن الرِّبَا ويقبله مِنْكُم ثمَّ قَالَ حِين قضي الصَّلَاة من نسي الصَّلَاة زَاد القعْنبِي أَو نَام عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا وَلأبي يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عبد الْبر من حَدِيث أبي جُحَيْفَة ثمَّ قَالَ إِنَّكُم كُنْتُم أَمْوَاتًا فَرد الله إِلَيْكُم أرواحكم فَمن نَام عَن صَلَاة فليصلها إِذا اسْتَيْقَظَ وَمن نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا وَزَاد الشَّيْخَانِ من حَدِيث أنس لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك وَيُسْتَفَاد من هَذَا سَبَب وُرُود هَذَا الحَدِيث فَإِن من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث معرفَة أَسبَابه كأسباب نزُول الْقُرْآن وَقد صنف فِيهِ بعض الْمُتَقَدِّمين وَلم نقف عَلَيْهِ وَلَكِن شرعت فِي جمع كتاب لطيف فِي ذَلِك فَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه أقِم الصَّلاةَ لِذِكْرِي قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ بَعضهم فِيهِ تَنْبِيه على ثُبُوت هَذَا الحكم وَأَخذه من الْآيَة الَّتِي تَضَمَّنت الْأَمر لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأَنه مِمَّا يلْزمنَا اتِّبَاعه وَقَالَ غَيره اسْتشْكل وَجه أَخذ الحكم من الْآيَة فَإِن معنى لذكري إِمَّا لتذكرني فِيهَا وَإِمَّا لأَذْكُرك عَلَيْهَا على اخْتِلَاف الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلهَا وعَلى كلا فَلَا يعْطى ذَلِك قَالَ بن جرير وَلَو كَانَ المُرَاد حِين تذكرها لَكَانَ التَّنْزِيل لذكرها وَأَصَح مَا أُجِيب بِهِ أَن الحَدِيث فِيهِ تَغْيِير من الرَّاوِي وَإِنَّمَا هُوَ للذِّكْرَى بلام التَّعْرِيف وَألف الْقصر كَمَا فِي سنَن أبي دَاوُد وَفِيه وَفِي مُسلم زِيَادَة وَكَانَ بن شهَاب يقْرؤهَا للذِّكْرَى فَبَان بِهَذَا أَن استدلاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا كَانَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَة فَإِن مَعْنَاهَا للتذكر أَي لوقت التَّذَكُّر قَالَ القَاضِي عِيَاض وَذَلِكَ هُوَ الْمُنَاسب لسياق الحَدِيث وَعرف أَن التَّغْيِير صدر من الروَاة عَن مَالك أَو من دونهم لَا عَن مَالك وَلَا مِمَّن فَوْقه قَالَ فِي الصِّحَاح لذكري نقيض النسْيَان

[26] بطرِيق مَكَّة قَالَ بن عبد الْبر لَا يُخَالف مَا فِي الحَدِيث قبله لِأَن طَرِيق خَيْبَر وَطَرِيق مَكَّة من الْمَدِينَة وَقَالَ بن عبد الْبر وَاحِد إِن الله قبض أَرْوَاحنَا زَاد أَبُو دَاوُد من حَدِيث ذِي مخبر ثمَّ ردهَا إِلَيْنَا فصلينا وَله من حَدِيث أبي قَتَادَة إِن الله قبض أرواحكم حِين شَاءَ وردهَا حِين شَاءَ وللبزار من حَدِيث أنس أَن هَذِه الْأَرْوَاح عَارِية فِي أجساد الْعباد يقبضهَا ويرسلها إِذا شَاءَ قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي كل جَسَد إِحْدَاهمَا روح الْيَقَظَة الَّتِي أجْرى الله الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ الْإِنْسَان مستيقظا فَإِذا خرجت من الْجَسَد نَام الْإِنْسَان وَرَأَتْ تِلْكَ الرّوح المنامات وَالْأُخْرَى روح الْحَيَاة الَّتِي أجرا الله الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ حَيا فَإِذا فارقته مَاتَ فَإِذا رجعت إِلَيْهِ حييّ قَالَ وَهَاتَانِ الروحان فِي بَاطِن الْإِنْسَان لَا يعرف مقرهما إِلَّا من أطلعه الله على ذَلِك فهما كجنينين فِي بطن امْرَأَة وَاحِدَة قَالَ وَلَا يبعد عِنْدِي أَن تكون الرّوح فِي القل قَالَ وَيدل على وجود روحي الْحَيَاة واليقظة قَوْله تَعَالَى الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا تَقْدِيره ويتوفى الْأَنْفس الَّتِي لم تمت أجسادها فِي منامها فَيمسك الْأَنْفس الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت عِنْده وَلَا يرسلها إِلَى أجسادها وَيُرْسل الْأَنْفس الْأُخْرَى وَهِي أنفس الْيَقَظَة إِلَى أجسادها إِلَى انْقِضَاء أجل مُسَمّى وَهُوَ أجل الْمَوْت فَحِينَئِذٍ تقبض أَرْوَاح الْحَيَاة وأرواح الْيَقَظَة جَمِيعًا من الأجساد انْتهى وَلَو شَاءَ لردها إِلَيْهَا فِي حِين غير هَذَا لِأَحْمَد من حَدِيث بن مَسْعُود لَو أَن الله أَرَادَ أَن لَا تناموا عَنَّا لم تناموا وَلَكِن أَرَادَ أَن يكون لمن بعدكم فَهَكَذَا لمن نَام أَو نسي وَلأَحْمَد عَن بن عَبَّاس مَوْقُوفا مَا يسرني بهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا يعين الرُّخْصَة وَأخرج بن أبي شيبَة عَن مَسْرُوق قَالَ مَا أحب أَن لي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد طُلُوع الشَّمْس يهديه قَالَ بن عبد الْبر أهل الحَدِيث يروون هَذِه اللَّفْظَة بترك الْهمزَة وَأَصلهَا عِنْد أهل اللُّغَة الْهَمْز وَقَالَ فِي الْمطَالع هُوَ بِالْهَمْز أَي يسكته وَيتَوَجَّهُ من هدأت الصَّبِي إِذا وضعت يدك عَلَيْهِ لينام وَفِي رِوَايَة الْمُهلب بِغَيْر همز على التسهيل وَيُقَال فِي ذَلِك أَيْضا يهدئه بالنُّون وَرُوِيَ يهدهده من هدهدت الْأُم وَلَدهَا لينام أَي حركته انْتهى

[27] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذَا من عَطاء الَّتِي تكلم النَّاس فِيهَا وَقَالَ بن عبد الْبر يقويه الْأَحَادِيث الْمُتَّصِلَة الَّتِي رَوَاهَا مَالك وَغَيره من طرق كَثِيرَة إِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم الفيح بفاء مَفْتُوحَة وياء تحتية سَاكِنة وحاء مُهْملَة والفوح بواو سطوع الْحر وانتشاره وَاخْتلف على هَذَا على حَقِيقَته فَقَالَ الْجُمْهُور نعم وَقيل إِنَّه كَلَام خرج مخرج التَّشْبِيه أَي كَأَنَّهُ نَار جَهَنَّم فِي الْحر فَاجْتَنبُوا ضَرَره قَالَ القَاضِي عِيَاض كلا الْوَجْهَيْنِ ظَاهر وَحمله على الْحَقِيقَة أولى وَقَالَ النَّوَوِيّ أَنه الصَّوَاب لِأَنَّهُ ظَاهر الحَدِيث وَلَا مَانع يمْنَع من حمله على حَقِيقَته فَوَجَبَ الحكم بِأَنَّهُ على ظَاهره وجهنم قَالَ يُونُس وَغَيره اسْم أعجمي وَنَقله بن الْأَنْبَارِي فِي الزَّاهِر عَن أَكثر النَّحْوِيين وَقيل عَرَبِيّ وَلم يصرف للتأنيث والعلمية وَفِي الْمُحكم سميت بذلك لبعد قعرها من قَوْلهم بِئْر جهنام بعيدَة القعر وَفِي الموعب عَن أبي عَمْرو جهنام اسْم للغليظ وَفِي المغيث لأبي مُوسَى الْمدنِي جَهَنَّم تعريب كهنام بالعبرانية فَإِذا اشْتَدَّ قَالَ مغلطاي هُوَ افتعل من الشدَّة بِمَعْنى الْقُوَّة فأبردوا عَن الصَّلَاة قَالَ القَاضِي عِيَاض مَعْنَاهُ بِالصَّلَاةِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة وَعَن تَأتي بِمَعْنى الْبَاء كَمَا قيل رميت عَن الْقوس أَي بِهِ وَهَذَا مَا جزم بِهِ النَّوَوِيّ قَالَ اقاضي وَقد تكون عَن هُنَا زَائِدَة أَي أبردوا الصَّلَاة يقا أبرد الرجل كَذَا إِذا فعله فِي برد النَّهَار وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ بن الْعَرَبِيّ فِي القبس وَقَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ تَأَخَّرُوا عَن الصَّلَاة مبردين أَي داخلين فِي وَقت الْبرد وَقَالَ السفاقسي أبردوا أَي ادخُلُوا فِي وَقت الْإِبْرَاد مثل أظلم دخل فِي الظلام وَأمسى دخل فِي الْمسَاء وَهَذَا بِخِلَاف الْحمى من فيح جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُم فَإِنَّهُ يقْرَأ بوصل الأف لِأَنَّهُ ثلاثي من برد المَاء حرارة جوفي وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ بِالظّهْرِ كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث أبي سعيد فِي الصَّحِيح وَغَيره قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي القبس لَيْسَ للابراد تَحْدِيد فِي الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة إِلَّا مَا ورد فِي حَدِيث بن مَسْعُود كَانَ قدر صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّيف ثَلَاثَة أَقْدَام إِلَى خَمْسَة أَقْدَام وَفِي الشتَاء خَمْسَة أَقْدَام إِلَى سَبْعَة أَقْدَام أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ وَذَلِكَ بعد طرح ظلّ الزَّوَال فَلَعَلَّ الابراد كَانَ ريثما يكون للجدار ظلّ يأوي اليه المجتاز وَقَالَ القَاضِي عِيَاض وَالنَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْجمع بَين هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه وَبَين حَدِيث خباب شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حر الرمضاء فَلم يشكنا فَقَالَ بَعضهم الابراد رخصَة والتقديم أفضل وَقَالَ بَعضهم حَدِيث خباب مَنْسُوخ بِأَحَادِيث الابراد وَقَالَ آخَرُونَ الابراد مُسْتَحبّ وَحَدِيث خباب مَحْمُول على أَنهم طلبُوا تَأْخِيرا زَائِدا على قدر الابراد وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح انْتهى وَمن الْغَرِيب فِي الْحَدِيثين تَفْسِير بَعضهم أبردوا أَي لَا تصلوها لوَقْتهَا الأول ردا إِلَى حَدِيث خباب نَقله القَاضِي عِيَاض عَن حِكَايَة الْهَرَوِيّ وَتَفْسِير آخر فَلم يشكنا أَي لم يحوجنا إِلَى الشكوى ردا إِلَى حَدِيث الابراد نَقله بن عبد الْبر عَن ثَعْلَب اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا اخْتلف أَيْضا هَل هُوَ حَقِيقَة بِلِسَان القال أَو مجَاز بِلِسَان الْحَال أَو تكلم عَنْهَا خازنها أَو من شَاءَ الله عَنْهَا والارجح حمله على الْحَقِيقَة كَذَا رَجحه بن عبد الْبر وَقَالَ أنطقها الله لذِي أطق كل شَيْء وَالْقَاضِي عِيَاض وَقَالَ إِن الله قَادر على خلق الْحَيَاة بِجُزْء مِنْهَا حَتَّى تَتَكَلَّم أَو يخلق لَهَا كلَاما يسمعهُ من شَاءَ من خلقه وَالنَّوَوِيّ وَقَالَ جعل الله فِيهَا إدراكا وتمييزا بِحَيْثُ تَكَلَّمت بِهَذَا وَابْن الْمُنِير وَقَالَ إِن اسْتِعَارَة الْكَلَام للْحَال وَإِن عهِدت وَسمعت لَكِن الشكوى وتفسيرها وَالتَّعْلِيل لَهُ وَالْإِذْن وَالْقَبُول وَالنَّفس وقصره على اثْنَيْنِ فَقَط بعيد من الْمجَاز خَارج عَمَّا ألف من اسْتِعْمَاله وَرجح الْبَيْضَاوِيّ الثَّانِي فَقَالَ شكواها مجَاز عَن غليانها وَأكل بَعْضهَا بَعْضًا مجَاز عَن ازدحام أَجْزَائِهَا ونفسها مجَاز عَن خُرُوج مَا يبرز مِنْهَا فَأذن لَهَا بنفسين بفت الْفَاء قَالَ الْقُرْطُبِيّ النَّفس التنفس قَالَ غَيره وَأَصله الرّوح وَهُوَ مَا يخرج من الْجوف وَيدخل فِيهِ من لهواء فَشبه الْخَارِج من حرارة جَهَنَّم وبردها إِلَى الدُّنْيَا بِالنَّفسِ الَّذِي يخرج من جَوف الْحَيَوَان وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي الحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَن جَهَنَّم مطبقة محاط عَلَيْهَا بجسم يكتنفها من جَمِيع نَوَاحِيهَا قَالَ وَالْحكمَة فِي التَّنْفِيس عَنْهَا إِعْلَام الْخلق بأنموذج مِنْهَا قلت وَقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن عَن بن مَسْعُود قَالَ تطلع الشَّمْس من جَهَنَّم فِي قرن شَيْطَان وَبَين قَرْني شَيْطَان فَمَا ترْتَفع من قَصَبَة إِلَّا فتح بَاب من أَبْوَاب النَّار فَإِذا اشْتَدَّ الْحر فتحت أَبْوَابهَا كلهَا وَهَذَا يدل على أَن التنفس يَقع من أَبْوَابهَا وعَلى أَن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم حَقِيقَة

[28] نفس فِي الشتَاء وَنَفس فِي الصَّيف هما بِالْجَرِّ على الْبَدَل أَو الْبَيَان وَيجوز الرّفْع وَلمُسلم زِيَادَة فَمَا ترَوْنَ من شدَّة الْبرد فَذَلِك من زمهريرها وَمَا ترَوْنَ من شدَّة الْحر فَهُوَ من سمومها أَو قَالَ من حرهَا قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل مَعْنَاهُ انها إِذا تنفست فِي الصَّيف قوي لَهب تنفسها حر الشَّمْس وَإِذا تنفست فِي الشتَاء دفع حرهَا شدَّة الْبرد إِلَى الأَرْض وَقَالَ بن عبد الْبر لفظ الحَدِيث يدل على أَن نَفسهَا فِي الشتَاء غير الشتَاء ونفسها فِي الصَّيف غير الصَّيف وَقَالَ بن التِّين فَإِن قيل كَيفَ يجمع بَين الْبرد وَالْحر فِي النَّار فَالْجَوَاب أَن جَهَنَّم فِيهَا زَوَايَا فِيهَا نَار وزوايا فِيهَا زمهرير وَلَيْسَت محلا وَاحِدًا يَسْتَحِيل أَن يجتمعا فِيهِ وَقَالَ مغلطاي لقَائِل أَن يَقُول الَّذِي خلق الْملك من ثلج ونار قَادر على جمع الضدين فِي مَحل وَاحِد قَالَ وَأَيْضًا فَالنَّار من أُمُور الْآخِرَة وَالْآخِرَة لَا تقاس على أَمر الدُّنْيَا [30] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أكل من هَذِه الشَّجَرَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيعهم مُرْسل إِلَّا مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن معمر عَن روح بن عبَادَة عَن صَالح بن أبي الْأَخْضَر وَمَالك بن أنس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة مرّة مَوْصُولا وَقد وَصله معمر وَيُونُس وَإِبْرَاهِيم بن سعد عَن بن شهَاب قلت رِوَايَة معمر أخرجهَا مُسلم وَرِوَايَة إِبْرَاهِيم أخرجهَا بن ماجة وَرِوَايَة يُونُس عزاها بن عبد الْبر لِابْنِ وهب وللبخاري من حَدِيث بن عمر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَلِك فِي غَزْوَة خَيْبَر فَلَا يقربن مَسَاجِدنَا اخْتلف فِي هَذَا النَّهْي فالاكثرون على أَنه عَام فِي كل مَسْجِد وَقيل هُوَ خَاص بِمَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أجل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ونزوله فِيهِ [31] عَن عبد الرَّحْمَن بن الْمُجبر قَالَ فِي الاستذكار هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْخطاب وَإِنَّمَا قيل لَهُ الْمُجبر لِأَنَّهُ سقط فتكسر فجبر

[32] كتاب الطَّهَارَة عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني عَن أَبِيه يحيى بن عبَادَة بن أبي حسن أَنه قَالَ بِعَبْد الله بن زيد بن عَاصِم لأبي مُصعب وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ أَن رجلا قَالَ لعبد الله ولمعن بن عِيسَى عَن عَمْرو وَعَن أَبِيه يحيى أَنه سمع أَبَا حسن وَهُوَ جد عَمْرو بن يحيى قَالَ لعبد الله بن زيد وَفِي موطأ مُحَمَّد بن حسن عَن مَالك حَدثنَا عَمْرو عَن أَبِيه يحيى أَنه سمع جده أَبَا حسن يسْأَل عبد الله بن زيد وَكَذَا سَاقه سجنون فِي الْمُدَوَّنَة وَعند البُخَارِيّ من طَرِيق وهيب عَن عَمْرو بن يحيى ع أَبِيه قَالَ شهِدت عَمْرو بن أبي حسن يسْأَل عبد الله بن زيد وَعِنْده أَيْضا من طَرِيق سُلَيْمَان عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ كال يكثر عَمْرو من الْوضُوء فَقَالَ لعبد الله بن زيد وَفِي الْمُسْتَخْرج لأبي نعيم من طَرِيق الداروردي عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن عَمه عَمْرو بن أبي حسن قَالَ كنت كثير الْوضُوء فَقلت لعبد الله بن زيد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالَّذِي يجمع هَذَا الِاخْتِلَاف أَن يُقَال اجْتمع عِنْد عبد الله بن زيد أَبُو حسن الْأنْصَارِيّ وَابْنه عَمْرو وَابْن ابْنه يحيى فَسَأَلُوهُ عَن صفة الْوضُوء وَتَوَلَّى السُّؤَال مِنْهُم لَهُ عَمْرو بن أبي حسن فَحَيْثُ نسب إِلَيْهِ السُّؤَال كَانَ على الْحَقِيقَة وَحَيْثُ نسب إِلَى أبي حسن فعلى الْمجَاز لكَونه الْأَكْبَر كَانَ حَاضرا وَحَيْثُ نسب ليحيى فعلى الْمجَاز أَيْضا لكَونه ناقل الحَدِيث وَقد حضر السُّؤَال قَالَ وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق خَالِد الوَاسِطِيّ عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ قُلْنَا لعبد الله فَإِنَّهُ يشْعر بِأَنَّهُم اتَّفقُوا على سُؤَاله وَهُوَ جد عمْرَة بن يحيى قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيع رُوَاته وَانْفَرَدَ بِهِ مَالك وَلم يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد وَلم يقل أحد من رُوَاة هَذَا الحَدِيث فِي عبد الله بن زيد بن عَاصِم إِنَّه جد عَمْرو بن يحيى الْمَازِني إل مَالك وَحده فَإِنَّهُ عَمْرو بن يحيى بن عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني الْأنْصَارِيّ لَا خلاف فِي ذَلِك ولجده أبي حسن صُحْبَة فِيمَا ذكر بَعضهم فَعَسَى أَن يكون جده لأمه وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْإِلْمَام هَذَا وهم قَبِيح من يحيى بن يحيى أَو من غَيره قَالَ وأعجب مِنْهُ أَنه سُئِلَ عَنهُ بن وضاح وَكَانَ من الْأَئِمَّة فِي الحَدِيث وَالْفِقْه فَقَالَ هُوَ جده لأمه ورحم الله من انْتهى إِلَى مَا سمع ووقف دون مَا لم يعلم وَكَيف جَازَ هَذَا على بن وضاح وَالصَّوَاب فِي الْمُدَوَّنَة الَّتِي كَانَ يقرئها ويرويها عَن سَحْنُون وَهِي بَين يَدَيْهِ ينظر فِيهَا كل حِين قَالَ وصواب الحَدِيث مَالك عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه أَن رجلا قَالَ لعبد الله بن زيد وَهَذَا الرجل هُوَ عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني وَهُوَ جد عَمْرو بن يحيى الْمَازِني انْتهى قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ فِي شرح أبي دَاوُد وَهُوَ حسن وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الضمي رَاجع للرجل الْقَائِل الثَّابِت فِي رِوَايَة أَكثر الروَاة فَإِن صَحَّ أَنه أَبُو حسن فَهُوَ جد عَمْرو حَقِيقَة أَو ابْنه عَمْرو فمجاز لِأَنَّهُ عَم أَبِيه يحيى فَأطلق عَلَيْهِ جدا لكَونه فِي مَنْزِلَته قَالَ وَزعم بَعضهم أَن الضمي رَاجع لعبد الله بن زيد وَهُوَ سَهْو لِأَنَّهُ لَيْسَ جدا لعمرة بن يحيى لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا قَالَ وَأما قَول صَاحب الْكَمَال وَمن تبعه فِي تَرْجَمَة عَمْرو بن يحيى أَنه بن بنت عبد الله بن زيد فغلط توهمه من هَذِه الرِّوَايَة وَقد ذكر بن سعد أَن أم عَمْرو هِيَ حميدة بنت مُحَمَّد بن إِيَاس بن المنكذر وَقَالَ غَيره هِيَ أم النُّعْمَان بنت أبي حَيَّة وَقَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن يحيى فَقَالَ فِيهِ عَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وأخطا فِيهِ إِنَّمَا هُوَ عبد الله بن زيد بن عَاصِم وهما صحابيان متغايران وهم إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق فيهمَا فجعلهما وَاحِدًا فِيمَا حكى قَاسم بن أصبغ عَنهُ قَالَ والغلط لَا يسلم مِنْهُ أحد وَإِذا كَانَ بن عُيَيْنَة مَعَ جلالته غلط فِي ذَلِك فإسماعيل بن إِسْحَاق أَيْن يَقع من بن عُيَيْنَة إِلَّا أَن الْمُتَأَخِّرين أوسع علما وَأَقل عذرا انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم غلط الْحفاظ من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي ذَلِك وَمِمَّنْ نَص على غلطه البُخَارِيّ وَقد قيل إِن بن عبد ربه لَا يعرف لَهُ غير حَدِيث الْأَذَان هَل تَسْتَطِيع أَن تريني قَالَ بن التِّين هَذَا من التلطف بالعالم فِي السوال فَدَعَا بِوضُوء هُوَ بِفَتْح الْوَاو المَاء بِالْكَسْرِ يفرغ فراغا كسمع يسمع سَمَاعا أَي انصب ذكره فِي الصِّحَاح على يَده زَاد أَبُو مُصعب الْيَمين فَغسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ قَالَ الْحَافِظ بن جُحر كَذَا لمَالِك وَوَقع فِي رِوَايَة وهيب عِنْد البُخَارِيّ وخَالِد بن عبد الله عِنْد مُسلم والداروردي عِنْد أبي نعيم ثَلَاثًا قَالَ فَهَؤُلَاءِ حفاظ وَقد اجْتَمعُوا ورواياتهم مُقَدّمَة على الْحَافِظ الْوَاحِد قَالَ وَقد ذكر مُسلم عَن وهيب أَنه سمع هَذَا الحَدِيث مرَّتَيْنِ من عَمْرو بن يحيى املاء فتأكد تَرْجِيح رِوَايَته وَلَا يُقَال يحمل على وَاقِعَتَيْنِ لِاتِّحَاد الْمخْرج وَالْأَصْل عدم التَّعَدُّد وَفِي رِوَايَة أبي مُصعب يَده بالافراد على إِرَادَة الْجِنْس ثمَّ تمضمض واستنثر كَذَا فِي رِوَايَة يحيى وَفِي رِوَايَة أبي مُصعب بدله واستنشق قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين وَفِيه إِطْلَاق الاستنثار على الِاسْتِنْشَاق قَالَ الْحَافِظ بن حجر لِأَنَّهُ يستلزمه وَفِي شرح مُسلم للنووي الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور من أهل اللُّغَة وَغَيرهم أَن الاستنثار غير الِاسْتِنْشَاق وَأَنه إِخْرَاج المَاء من الْأنف بعد الِاسْتِنْشَاق خلافًا لما قَالَه بن الْأَعرَابِي وَابْن قُتَيْبَة أَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ مَأْخُوذ من النثرة وَهُوَ طرف الْأنف وَأما الِاسْتِنْشَاق فَهُوَ إِيصَال المَاء إِلَى دَاخل الْأنف وجذبه بِالنَّفسِ إِلَى أقصاه ثمَّ غسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْمَنْقُول فِي علم الْعَرَبيَّة أَن أَسمَاء الْأَعْدَاد والمصادر والأجناس إِذا كررت كَانَ المُرَاد حُصُولهَا مكررة لَا للتوكيد اللَّفْظِيّ فَإِنَّهُ قَلِيل الْفَائِدَة لَا يحسن حَيْثُ يكون للْكَلَام محمل غَيره مِثَال ذَلِك جَاءَ الْقَوْم اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَو رجلا رجلا وضربته ضربا ضربا أَي اثْنَيْنِ بعد اثْنَيْنِ ورجلا بعد رجل وَضَربا بعد ضرب قَالَ وَهَذَا الْموضع مِنْهُ أَي غسلهمَا مرَّتَيْنِ بعد مرَّتَيْنِ أَي أفرد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بِالْغسْلِ مرَّتَيْنِ وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر لم تخْتَلف الرِّوَايَات عَن عَمْرو بن يحيى فِي غسل الْيَدَيْنِ مرَّتَيْنِ لَكِن فِي مُسلم من طَرِيق حبَان بن وَاسع عَن عبد الله بن زيد أَنه رَأْيِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ وَفِيه وَغسل يَده الْيُمْنَى ثَلَاثًا ثمَّ الْأُخْرَى ثَلَاثًا فَيحمل على أَنه وضوء آخر لكَون مخرج الْحَدِيثين غر مُتحد إِلَى الْمرْفقين تَثْنِيَة مرفق بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْفَاء وبفتح الْمِيم وَكسر الْفَاء لُغَتَانِ مشهورتان قَالَ فِي الصِّحَاح وَهُوَ موصل الذِّرَاع من الْعَضُد وَقَالَ فِي الْمُحكم أَعلَى الذِّرَاع وأسفل الْعَضُد وَقَالَ فِي الْمَشَارِق عظم طرف الذِّرَاع مِمَّا يَلِي الْعَضُد قَالَ بَعضهم سمي بذلك لِأَنَّهُ يرتفق عَلَيْهِ أَي تكأ ويعتمد قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْيَد حَقِيقَة من أَطْرَاف الانامل الى الابط وَنَحْوه قَول الْخطاب مَا بَين الْمنْكب إِلَى أَطْرَاف الْأَصَابِع كُله اسْم لليد وارتضاه النَّوَوِيّ فِي تهذيبه وَقد كَانَ وَقع من أَيَّام السُّؤَال عَمَّا تطلق عَلَيْهِ الْيَد حَقِيقَة هَل هُوَ هَذَا أَو الذِّرَاع أَو الْكَفّ وَعز عَلَيْهِم النَّقْل فِي ذَلِك فأخرجت لَهُم هَذَا النَّقْل ثمَّ مسح رَأسه لأبي مُصعب بِرَأْسِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ الْبَاء للتعدية فَيجوز حذفهَا واثباتها لذَلِك يُقَال مسحت رَأس الْيَتِيم ومسحت بِرَأْسِهِ وَقيل دخلت الْبَاء لتفيد مَعنا آخر وَإِن الْغسْل لُغَة يَقْتَضِي مغسولا بِهِ وَالْمسح لُغَة لَا يَقْتَضِيهِ فَلَو قَالَ تَعَالَى وَامْسَحُوا رؤوسكم لأجزأ الْمسْح بِالْيَدِ بِغَيْر مَاء فَكَأَنَّهُ قَالَ برؤسكم المَاء فَهُوَ على الْقلب وَالتَّقْدِير امسحوا رؤسكم بِالْمَاءِ فَأقبل بهما وَأدبر قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل مَعْنَاهُ أقبل إِلَى جمة قَفاهُ وَرجع كَمَا فسر بعده وَقيل المُرَاد أدبر وَأَقْبل وَالْوَاو لَا تَقْتَضِي رُتْبَة قَالَ وَهَذَا أولى ويعضده رِوَايَة هيب فِي البُخَارِيّ فَأَدْبَرَ بهما وَأَقْبل بَدَأَ بِمقدم رَأسه إِلَى آخر قَالَ الْحَافِظ بن حجر الظَّاهِر أَنه من الحَدِيث وَلَيْسَ مدرجا من كَلَام مَالك وَفِي الصِّحَاح بدأت بالشَّيْء ابتدأت بِهِ وبدأت الشَّيْء فعلته ابْتِدَاء ومقدم الرَّأْس ومؤخره كِلَاهُمَا بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَيجوز فيهمَا الْكسر وَالتَّخْفِيف والقفا بِالْقصرِ وَحكى بن جني فِيهِ الْمَدّ وَهُوَ قَلِيل قَالَ فِي الصِّحَاح هُوَ مُؤخر الْعُنُق وَقَالَ فِي الْمُحكم وَرَاء الْعُنُق وَفِيه التَّذْكِير والتأنيث قَالَ بن عبد الْبر روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة هَذَا الحَدِيث فَذكر فِيهِ مسح الرَّأْس مرَّتَيْنِ وَهُوَ خطأ لم يذكرهُ أحد غَيره قَالَ وَأَظنهُ تَأَوَّلَه على أَن الإقبال مرّة والأدبار أخري ثمَّ غسل رجلَيْهِ زَاد وهيب فِي رِوَايَته عِنْد البُخَارِيّ إِلَى الْكَعْبَيْنِ قَالَ بن سَيّده الرجل قدم الْإِنْسَان وَغَيره قَالَ أَبُو إِسْحَاق الرجل من أصل الْفَخْذ إِلَى الْقدَم انْتهى قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين وَهُوَ حَقِيقَة فِي ذَلِك وَأما الكعبان فَالْمَشْهُور أَنَّهُمَا العظمان الناتئان عِنْد مفصل السَّاق والقدم من كل رجل وَقيل الكعب الْعظم الَّذِي فِي ظهر الْقدَم عِنْد معقد الشرَاك فَائِدَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي شرح مُسلم لم يَجِيء فِي حَدِيث عبد الله بن زيد للأذنين ذكر وَيُمكن أَن يكون ذَلِك لَان اسْم الرَّأْس يضمهما وَتعقبه الشَّيْخ ولي الدّين بِأَن الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ أخرجَا من حَدِيثه رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ فَأخذ مَاء لأذنيه خلاف المَاء الَّذِي مسح بِهِ رَأسه وَقَالا صَحِيح

[33] إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فليجعل فِي أَنفه قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَلم يقل مَاء وَهُوَ مَفْهُوم من الْخطاب فَكَأَن قَوْله فليجعل فِي أَنفه إِذا تَوَضَّأ إِنَّمَا هُوَ المَاء وَلذَلِك قَالَ ثمَّ لينثر وَرَوَاهُ القعْنبِي وَابْن بكير وَأكْثر الروَاة فَقَالُوا فِي أَنفه مَاء ثمَّ لينثر بِكَسْر الْمُثَلَّثَة بعد النُّون الساكنة على الْمَشْهُور وَحكى ضمهَا قَالَه النَّوَوِيّ وَفِي الصَّحِيح ثمَّ لينتثر بِزِيَادَة تَاء وَفِي النَّسَائِيّ ثمَّ ليستنثر بِزِيَادَة سين وتاء قَالَ الْفراء يُقَال نثر الرجل وانتثر واستنثر إِذا حرك النثرة فِي الطَّهَارَة وَهِي طرف الْأنف وَقيل الْأنف نَفسه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هُوَ من النثر وَهُوَ الطرح وَهُوَ هُنَا طرح المَاء الَّذِي تَنْشَق قبل ليخرج مَا تعلق بِهِ من قذر الْأنف وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة نثر ينثر بِالْكَسْرِ إِذا امتخط واستنثر استفعل مِنْهُ أَي استنشق المَاء ثمَّ استخرج مَا فِي الْأنف وَمن استجمر فليوتر قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ الْهَرَوِيّ الِاسْتِجْمَار هُوَ الْمسْح بالجمار وَهِي الْأَحْجَار الصغار وَمِنْه سميت جمار الرَّمْي وَقَالَ بن الْقصار يجوز أَن يُقَال إِنَّه أَخذ من الِاسْتِجْمَار بالبخور الَّذِي يطيب بِهِ الرَّائِحَة وَهَذَا يزِيل الرَّائِحَة القبيحة قَالَ وَقد اخْتلف قَول مَالك وَغَيره فِي معنى الِاسْتِجْمَار الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث فَقيل هَذَا وَقيل المُرَاد بِهِ فِي البخور أَن يَأْخُذ مِنْهُ ثَلَاث قطع أَو يَأْخُذ ثَلَاث مَرَّات تسْتَعْمل وَاحِدَة بعد أُخْرَى قَالَ وَالْأول أظهر وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه الصَّحِيح الْمَعْرُوف

[35] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَصله ملم من طرق عَن سَالم مولى شَدَّاد بِهِ ويل قَالَ النَّوَوِيّ أَي هلكة وخيبة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر اخْتلف فِي مَعْنَاهُ على أَقْوَال أظهرها مَا رَوَاهُ بن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي سعيد مَرْفُوعا ويل وَاد فِي جَهَنَّم قَالَ وَجَاز الِابْتِدَاء بالنكرة لِأَنَّهُ دُعَاء للاعقاب جمع عقب بِكَسْر الْقَاف وسكونها وَهُوَ مُؤخر الْقدَم قَالَ الْبَغَوِيّ مَعْنَاهُ لأَصْحَاب الأعقاب الْمُقَصِّرِينَ فِي غسلهَا وَقيل أَرَادَ أَن الْعقب يخْتَص بالقعاب إِذا قصر فِي غسله زَاد القَاضِي عِيَاض فَإِن مَوَاضِع الْوضُوء لَا تمسها النَّار كَمَا جَاءَ فِي أثر السُّجُود أَنه محرم على النَّار قَالَ بن عبد الْبر ورد هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة جمَاعَة من الصَّحَابَة وأصحها من جِهَة الْإِسْنَاد حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَحَدِيث عبد الله بن الْحَارِث بن جرير الزبيدِيّ وَحَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ ثمَّ حَدِيث عَائِشَة فَهُوَ مدنِي حسن وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْحَارِث زِيَادَة فَإِن لَفظه ويل لِلْأَعْقَابِ وبطون الْأَقْدَام من النَّار قلت حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَابْن عَمْرو أخرجهُمَا الشَّيْخَانِ وَحَدِيث عبد الله بن الْحَارِث أخرجه أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ

[37] إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فليغسل يَده قبل أَن يدخلهَا فِي وضوئِهِ أَي فِي المَاء الَّذِي فِي الْإِنَاء الْمعد للْوُضُوء زَاد الشَّافِعِي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَة ثَلَاث مَرَّات قَالَ الرَّافِعِيّ وَالْقدر الَّذِي يسْتَحبّ غسله مَا بَين رُؤُوس الْأَظْفَار والكوع هُوَ الَّذِي يغمس فِي الْإِنَاء غَالِبا للاغتراف قَالَ وعَلى ذَلِك ينزل قَوْله تَعَالَى فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا قَالَ وَلَو دخل الساعد فِي مُسَمّى الْيَد لم يكن إِلَى التَّقْيِيد بالمرافق حَاجَة فِي قَوْله تَعَالَى وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ فَإِن أحدكُم قَالَ الْبَيْضَاوِيّ فِيهِ إِيمَاء إِلَى أَن الْبَاعِث على الْأَمر بذلك احْتِمَال النَّجَاسَة لَان الشَّارِع إِذا ذكر حكما وعقبه بعلة دلّ على أَن ثُبُوت الحكم لأَجلهَا وَمثله قَوْله فِي حَدِيث الْمحرم الَّذِي سقط فَمَاتَ فَإِنَّهُ يبْعَث عَلَيْهَا بعد نهيهم عَن تطييبه فنبه على عِلّة النَّهْي وَهِي كَونه محرما وَعبارَة الشَّيْخ أكمل الدّين إِذا ذكر الشَّارِع حكما وعقبه أمرا مصدرا بِالْفَاءِ كَانَ ذَلِك إِيمَاء إِلَى أَن ثُبُوت الحكم لأَجله نَظِيره قَوْله الْهِرَّة لَيست بنجسة فَإِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده زَاد بن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْهُ أَي من جسده وَزَاد الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث جَابر وَلَا على مَا وَضعهَا وَلأبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده أَو أَيْن كَانَت تَطوف يَده قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين يحْتَمل أَنه شكّ من بعض الروَاة وَهُوَ الْأَقْرَب وَيحْتَمل أَنه ترديد من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الشَّافِعِي كَانُوا يستجمرون وبلادهم حارة فَرُبمَا عرق أحدهم إِذا نَام فَيحْتَمل أَن تَطوف يَده على الْمحل أَو على بشرة أَو دم حَيَوَان أَو قذر غير ذَلِك وَذكر غير وَاحِد أَن بَات فِي هَذَا الحَدِيث بِمَعْنى صَار مِنْهُم بن عُصْفُور والأبدي فِي شرح الجزولية وَإِن كَانَ أَصْلهَا للسكون لَيْلًا كَمَا قَالَه الْخَلِيل وَغَيره وَقد اسْتشْكل هَذَا التَّرْكِيب من جِهَة أَن انْتِفَاء الدِّرَايَة لَا يُمكن أَن يتَعَلَّق بِلَفْظ أَيْن باتت يَده وَلَا بِمَعْنَاهُ لَان مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَام وَلَا يُقَال إِنَّه لَا يدْرِي الِاسْتِفْهَام فَقَالُوا مَعْنَاهُ لَا يدْرِي تعْيين الْموضع الَّذِي باتت فِيهِ فَيكون فِيهِ مُضَاف مَحْذُوف وَلَيْسَ استفهاما وَإِن كَانَت صورته صُورَة الِاسْتِفْهَام وَوَقع فِي آخر الحَدِيث عِنْد بن عدي فِي الْكَامِل زِيَادَة فَإِن غمس يَده فِي الْإِنَاء من قبل أَن يغسلهَا فليرق ذَلِك المَاء قَالَ بن عدي هَذِه الزِّيَادَة مُنكرَة لَا تحفظ [41] عَن سعيد بن سَلمَة من آل بني الْأَزْرَق قَالَ بن عبد الْبر لم يرو عَنهُ فِيمَا علمت إِلَّا صَفْوَان بن سليم وَمن كَانَت هَذِه حَاله فَهُوَ مَجْهُول لَا تقوم بِهِ حجَّة عِنْدهم وَتعقب بِأَنَّهُ روى عَنهُ أَيْضا اللحلاح أَبُو كثير ذكره الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند وَحَدِيثه عَنهُ فِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم قَالَ الرَّافِعِيّ وَعكس بعض الروَاة الاسمين فَقَالَ سَلمَة بن سعيد وَبدل بَعضهم فَقَالَ عبد الله بن سعيد عَن الْمُغيرَة بن أبي بردة قَالَ بن عبد الْبر سَأَلَ مُحَمَّد بن عِيسَى التِّرْمِذِيّ البُخَارِيّ عَن حَدِيث مَالك هَذَا فَقَالَ هُوَ حَدِيث صَحِيح قَالَ قلت هشيم يَقُول فِيهِ الْمُغيرَة بن أبي بردة فَقَالَ وهم فِيهِ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة قَالَ الرَّافِعِيّ روى الحَدِيث بَعضهم عَن الْمُغيرَة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وَلَا يُوهم ذَلِك إرْسَالًا فِي إِسْنَاد الْكتاب فَإِن فِيهِ ذكر سَماع الْمُغيرَة من أبي هُرَيْرَة جَاءَ رجل قَالَ الرَّافِعِيّ يذكر أَنه كَانَ من بني مُدْلِج قلت كَذَا فِي مُسْند أمد وَعند الطَّبَرَانِيّ أَن اسْمه عبد الله المدلجي وَفِي رِوَايَة عِنْده العركي أَي الملاح وَعند بن عبد الْبر أَنه الْفراش الطّهُور مَاءَهُ الْحل ميتَته قَالَ الرَّافِعِيّ لما عرف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتِبَاه الْأَمر على السَّائِل فِي مَاء الْبَحْر أشْفق أَن يشْتَبه عَلَيْهِ حكم ميتَته وَقد يبتلى بهَا رَاكب الْبَحْر فعقب الْجَواب عَن سُؤَاله بِبَيَان حكم الْميتَة قَالَ والحل بِمَعْنى الْحَلَال وَقد ورد بِلَفْظ الْحَلَال فِي بعض الرِّوَايَات انْتهى قلت أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث جَابر بن عبد الله وَأنس وَعبد الله بن عمر

[42] عَن حميدة بنت أبي عُبَيْدَة بن فَرْوَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَهُوَ غلط مِنْهُ لم يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد وَإِنَّمَا يَقُول رُوَاة الْمُوَطَّأ كلهم ابْنة عبيد بن رِفَاعَة إِلَّا أَن زيد بن الْحباب قَالَ فِيهِ عَن مَالك حميدة بنت عبيد بن رَافع نِسْبَة إِلَى جده وَهُوَ عبيد بن رِفَاعَة بن رَافع بن مَالك بن العجلان الْأنْصَارِيّ وَقَالَ يحيى أَيْضا حميدة بِفَتْح الْحَاء وَإِن عبيد الله بن يحيى وَمُحَمّد بن وضاح عَنهُ وَغير يحيى من رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك يَقُول حميدة بِضَم الْحَاء وحميدة هَذِه امْرَأَة إِسْحَاق وَكَذَلِكَ قَالَ يحيى الْقطَّان وَمُحَمّد بن الْحسن لشيباني عَن مَالك وكنيها أم يحيى انْتهى وَكَانَت تَحت بن أبي قَتَادَة قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ بن الْمُبَارك عَن مَالك فَقَالَ امْرَأَة أبي قَتَادَة قَالَ وَهَذَا وهم مِنْهُ إِنَّمَا هِيَ امْرَأَة ابْنه وَوَقع فِي الْأُم للشَّافِعِيّ وَكَانَت تَحت بن قَتَادَة أَو أبي قَتَادَة الشَّك من الرّبيع كَذَا وَقع فِي الأَصْل قَالَ الرَّافِعِيّ وَفِي الشَّك إِلَى الرّبيع شُبْهَة لِأَن أَب نعيم عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عدي روى عَن الْحسن بن مجد الزَّعْفَرَانِي عَن الشَّافِعِي عَن مَالك الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ كَذَلِك وَهَذَا يُوهم أَن الشَّك من غير الرّبيع وَقَالَ وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق وَغَيره عَن مَالك وَكَانَت عِنْد أبي قَتَادَة وَهَذَا يصدق على التَّقْدِيرَيْنِ قَالَ وَالْوَاقِع مَا رَوَاهُ الْأَكْثَرُونَ الأول وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي مَوضِع آخر بِلَا شكّ قَالَ وَيدل عَلَيْهِ أَنه قَالَ لَهَا يَا ابْنة أخي وَلَا يحسن تَسْمِيَة الزَّوْجَة باسم الْمَحَارِم فَسَكَبت قَالَ الرَّافِعِيّ يُقَال سكب يسْكب سكبا أَي صب فسكب سكوبا أَي انصب وضوا أَي المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ فرآني أنظر إِلَيْهِ أَي نظر الْمُنكر أَو المتعجب إِنَّهَا لَيست بِنَجس قَالَ الرَّافِعِيّ مَحْمُول على الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ يُقَال نجس ينجس نجسا فَهُوَ نجس أَيْضا ونجس والمذكر والمؤنث يستويان فِي الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ قَالَ وَلَو قرئَ أَنَّهَا لَيست تنجس أَي مَا تلغ فِيهِ لَكَانَ صَحِيحا فِي الْمَعْنى وَكَأن قَوْله إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم حسن الْموقع أَي إِذا كَانَت تَطوف فِي الْبَيْت وَلَا يسْتَغْنى عَنْهَا تخفف الْأَمر فِيمَا تلغ فِيهِ وَلذَلِك صَار بَعضهم إِلَى الْعَفو مَعَ تَيَقّن نَجَاسَة فمها لَكِن الرِّوَايَة لَا تساعد انْتهى أَنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم أَو الطوافات قَالَ الرَّافِعِيّ يرويهِ بَعضهم بِالْوَاو وعَلى رِوَايَة أَو يجوز أَن يكون هَذَا شكا من بعض الروَاة وَيجوز أَن يُرِيد التنويع أَي ذكورها هِيَ ذُكُور من يطوف وإناثها من الْإِنَاث قَالَ ويروى عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّهَا لَيست بِنَجس هِيَ كبعض أهل الْبَيْت يَعْنِي الْهِرَّة قلت أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَكَذَا رِوَايَة الْوَاو وَقَالَ بن عبد الْبر معنى الطوافي الَّذِي يداخلوننا ويخالطوننا [44] إِن كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليتوضؤون جَمِيعًا قَالَ الرَّافِعِيّ يُرِيد كل رجل مَعَ امْرَأَته وأنهما كَانَا يأخذان من إِنَاء وَاحِد وَكَذَلِكَ ورد فِي بعض الرِّوَايَات قَالَ وَمثل هَذَا اللَّفْظ يُرَاد بِهِ أَنه كَانَ مَشْهُورا فِي ذَلِك الْعَهْد وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُنكر عَلَيْهِ وَلَا يُغَيِّرهُ قلت مَا تَتَكَلَّم على هَذَا الحَدِيث أحد أحسن من الرَّافِعِيّ فَلَقَد خطّ فِيهِ جمَاعَة

[45] عَن أم ولد لإِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَوَاهُ قُتَيْبَة عَن مَالك فَقَالَ عَن أم ولد لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَمن طَرِيق أخرجه التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَرَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك عَن مَالك فَقَالَ عَن أم ولد لعوف بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ وَهُوَ وهم وَإِنَّمَا هُوَ لإِبْرَاهِيم وَهُوَ الصَّحِيح أَنَّهَا سَأَلت أم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ الْحُسَيْن بن الْوَلِيد عَن مَالك فَأَخْطَأَ فِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث عَن حميدة أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة وَهَذَا خطأ وَإِنَّمَا هُوَ لأم سَلمَة لَا لعَائِشَة وَكَذَا رَوَاهُ الْحفاظ فِي الْمُوَطَّأ وَغير الْمُوَطَّأ عَن مَالك يطهره مَا بعده قَالَ بن عبد الْبر وَغَيره قَالَ مَالك مَعْنَاهُ فِي الْعِنَب الْيَابِس والقذر الجاف الَّذِي لَا يلصق مِنْهُ بِالثَّوْبِ شَيْء وَإِنَّمَا يعلق فيزول الْمُتَعَلّق بِمَا بعده لِأَن النَّجَاسَة يطهرها غير المَاء [46] يقلس قَالَ فِي النِّهَايَة القلس بِالتَّحْرِيكِ وَقيل بِالسُّكُونِ مَا خرج من الْجوف مَلأ الْفَم أَو دونه وَلَيْسَ بقيء فَإِن عَاد فَهُوَ الْقَيْء [48] أكل كتف شَاة ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ قَالَ الْحَافِظ بن حجر أَفَادَ القَاضِي إِسْمَاعِيل أَن ذَلِك كَانَ فِي بَيت ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب وَهِي بنت عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[49] بالصهباء بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْمدّ وَهِي من أدنى خَيْبَر أَي طرفها مِمَّا يَلِي الْمَدِينَة قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي مُعْجم الْبلدَانِ هِيَ على بريد من خَيْبَر وَبَين البُخَارِيّ أَن هَذِه الْجُمْلَة من قَول يحيى بن سعيد أدرجت بالسويق قَالَ الداوودي هُوَ دَقِيق الشّعير أَو السلت المقلو فثرى بِضَم الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الرَّاء وَيجوز تخفيفها أَي بل بِالْمَاءِ [55] عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعِي لطعام وَصله أَبُو دَاوُد من طَرِيق بَان جريج وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر وَفِيه أَن الدَّاعِي امْرَأَة من الْأَنْصَار ثمَّ تَوَضَّأ وَصلى زَاد فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ الظّهْر ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ زَاد فِي رِوَايَته الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر عِنْد هَذَا الحَدِيث مرسلات مَالك كلهَا صَحِيحَة مُسندَة [56] أعراقية قَالَ بن رَشِيق أَي أبالعراق اسْتَفَدْت هَذَا الْعلم يَعْنِي وَتركت عمل أهل الْمَدِينَة [57] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الاستطابة قَالَ بن الْبر هَكَذَا رَوَاهُ عَن مَالك جمَاعَة الروَاة مُرْسلا إِلَّا مَا ذكره سَحْنُون فِي رِوَايَة بعض الشُّيُوخ عَنهُ عَن بن الْقَاسِم عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وَقد رُوِيَ عَن بن بكير أَيْضا فِي الْمُوَطَّأ هَكَذَا وَهُوَ غلط فَاحش وَلم يره وَاحِد كَذَلِك لَا من أَصْحَاب هِشَام وَلَا من أَصْحَاب مَالك وَلَا رَوَاهُ أحد عَن عُرْوَة عَن بِأَيّ هُرَيْرَة وَإِنَّمَا رَوَاهُ مُسلم بن قرظ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قلت وَمن طريقها خرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والاستطابة طلب الطّيب وَهِي والاستجمار والاستنجاء بِمَعْنى وَاحِد إِلَّا أَن الِاسْتِجْمَار لَا يكون إِلَّا بالأحجار والآخران يكونَانِ بِالْمَاءِ ويكونان بالأحجار

[58] الْمقْبرَة بِتَثْلِيث الْبَاء وَالْكَسْر أقلهَا السَّلَام عَلَيْكُم قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض يحْتَمل أَن أحيوا لَهُ حِين سمعُوا سَلَامه كَأَهل القليب وَيحْتَمل أَن يسلم عَلَيْهِم مَعَ كَونهم أَمْوَاتًا لامتثال أمته ذَلِك بعده قَالَ الْبَاجِيّ وَهُوَ الْأَظْهر وَقَالَ بن عبد الْبر روى تَسْلِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْقُبُور من وُجُوه بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة وَجَاء عَن الصَّحَابَة وَالسَّلَف الصَّالح فِي ذَلِك آثَار كَثِيرَة وَقَالَ بن رَشِيق كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا مر بالقبور يسلم ليحصل لَهُم ثَوَاب التَّحِيَّة وتزكيتها دَار قوم قَالَ صَاحب الْمطَالع هُوَ مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص أَو النداء الْمُضَاف وَالْأول أظهر قَالَ وَيصِح الْجَرّ على الْبَدَل من الْكَاف وَالْمِيم فِي عَلَيْكُم وَالْمرَاد بِالدَّار على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ الْأَخيرينِ الْجَمَاعَة أَو أهل الدَّار وعَلى الأول مثله أَو الْمنزل وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون قَالَ النَّوَوِيّ وَغَيره للْعُلَمَاء فِي اتيانه بِالِاسْتِثْنَاءِ مَعَ أَن الْمَوْت لَا شكّ فِيهِ أَقْوَال أظهرها أَنه لَيْسَ للشَّكّ وَإِنَّمَا هُوَ للتبرك وامتثال أَمر الله فِيهِ وَالثَّانِي أَنه عَادَة للمتكلم حسن بِهِ كَلَامه وَالثَّالِث أَنه عَائِد إِلَى اللحوق فِي هَذَا الْمَكَان وَالْمَوْت بِالْمَدِينَةِ وَالرَّابِع أَن إِن بِمَعْنى إِذا وَالْخَامِس أَنه رَاجع إِلَى اسْتِصْحَاب الْإِيمَان لمن مَعَه لاله وَالسَّادِس أَنه كَانَ مَعَه من يظنّ بهم النِّفَاق فَعَاد الِاسْتِثْنَاء إِلَيْهِم وددت أَنِّي قد رَأَيْت إِخْوَاننَا أَي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا قَالَ القَاضِي عِيَاض وَقيل المُرَاد تمني لقائهم بعد الْمَوْت قَالَ بل أَنْتُم أَصْحَابِي قَالَ الْبَاجِيّ فِي شرح الْمُوَطَّأ لم ينف بذلك أخوتهم وَلَكِن ذكر مزيتهم الزَّائِدَة بالصحبة واختصاصهم بهَا وَإِنَّمَا منع أَن يسموا بذل لِأَن التَّسْمِيَة وَالْوَصْف على سَبِيل الثَّنَاء والمدح للمسمى يجب أَن يكون بأرفع حالاته وَأفضل صِفَاته وللصحابة بالصحبة دَرَجَة لَا يلحقهم فِيهَا أحد فَيجب أَن يوصفوا بهَا وَنَقله القَاضِي عِيَاض ثمَّ النَّوَوِيّ وَزَاد فَهَؤُلَاءِ إخْوَة صحابة وَالَّذين لم يَأْتُوا إخْوَة لَيْسُوا بصحابة وَأَنا فرطهم على الْحَوْض قَالَ اباجي يُرِيد أَنه يتقدمهم إِلَيْهِ ويجدونه عِنْده يُقَال فرطت الْقَوْم إِذا تقدمتهم لترود لَهُم المَاء وتهيء لَهُم الدلاء والرشاء وافترط فَلِأَن ابْنا لَهُ أَي تقدم لَهُ بن غر جمع أغر والغرة بَيَاض فِي وَجه لفرس محجلة من التحجيل وَهُوَ بَيَاض فِي يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ دهم جمع أدهم وَهُوَ الْأسود والدهمة السوَاد بهم جمع بهيم قيل وَهُوَ الْأسود أَيْضا وَقيل هُوَ الَّذِي لَا يخالط لَونه لون سواهُ سَوَاء كَانَ أَبيض أَو أسود أَو أَحْمَر بل يكون لَونه خَالِصا فَإِنَّهُم يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من الْوضُوء زَاد مُسلم وَغَيره سِيمَا أمتِي لَيْسَ لأحد غَيرهَا فاستدل بذلك طَائِفَة على أَن الْوضُوء من خَصَائِص هَذِه الْأمة وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بهَا وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتصّت بِهِ الْغرَّة والتحجيل وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي وَأجَاب الْأَولونَ بِأَنَّهُ حدث ضَعِيف وَلَو صَحَّ احْتمل أَن يكون الْأَنْبِيَاء اخْتصّت بِهِ دون أممهم وَعند بن عبد الْبر من حَدِيث عبد الله بن بسر أمتِي يَوْم الْقِيَامَة غر من السُّجُود ومحجلون من الْوضُوء فَلَا يذادن قَالَ الْبَاجِيّ وَابْن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَتَابعه مطرف وَابْن نَافِع على النَّهْي أَي لَا يفعلن أحد فعلا يذاد بِهِ عَن حَوْضِي وَرَوَاهُ أَبُو مُصعب وَتَابعه بن الْقَاسِم وَابْن وهب وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ بلام التَّأْكِيد على الاخبار أَي لَيَكُونن لَا محَالة من يذاد عَن حَوْضِي أَي يطرد عَنهُ وذاله الأولى مُعْجمَة وَالثَّانيَِة مُهْملَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ أناديهم إِلَّا هَلُمَّ أَي تعللوا قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن الْمُنَافِقين والمرتدين وكل من تَوَضَّأ يحْشر بالغرة والتحجيل ولأجلها دعاهم وَلَو لم يكن السيما إِلَّا للْمُؤْمِنين لما دعاهم وَلما ظن أهم مِنْهُم قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لمن رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبدل بعده وارتد فَدَعَاهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعلمه بهم أَيَّام حَيَاته وتظاهرهم بِالْإِسْلَامِ وَإِن لم يكن لَهُم يَوْمئِذٍ غرَّة وَلَا تحجيل لَكِن لكَوْنهم عِنْده أَيَّام حَيَاته وصحبته باسم الْإِسْلَام وَظَاهره قَالَ القَاضِي عِيَاض ولأول أظهر فقد ورد أَن الْمُنَافِقين يُعْطون نورا ويطفأ عِنْد الْحَاجة فَكَمَا جعل الله لَهُم نورا بِظَاهِر إِيمَانهم ليغتروا بِهِ حَتَّى يطفأ عِنْد حَاجتهم على الصِّرَاط كَذَلِك لَا يبعد أَن يكون لَهُم هُنَا غرَّة وتحجيل حَتَّى يذادوا عِنْد حَاجتهم إِلَى الْوُرُود نكالا من الله ومكرا بهم وَقَالَ الداوودي لَيْسَ فِي هَذَا مِمَّا يحتم بِهِ للمذادين بِدُخُول النَّار وَيحْتَمل أَن يذادوا وقتا فتلحقهم شدَّة ثمَّ يتلافاهم الله برحمته وَيَقُول لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سحقا ثمَّ يشفع فيهم قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض كَأَنَّهُ جعلهم من أهل الْكَبَائِر من الْمُؤمنِينَ زَاد القَاضِي أَو من بدل ببدعة لَا تخرجه عَن الْإِسْلَام قَالَ غَيره وعَلى هَذَا لَا يبعد أَن يَكُونُوا أهل غرَّة وتحجيل بكونهم من الْمُؤمنِينَ وَقَالَ بن عبد الْبر كل من أحدث فِي الدّين فَهُوَ من المطرودين عَن الْحَوْض كالخوارج وَالرَّوَافِض وَأَصْحَاب الْأَهْوَاء وَكَذَلِكَ الظلمَة المسرفون فِي الْجور وطمس الْحق والمعلنون بالكبائر فَكل هَؤُلَاءِ يخَاف عَلَيْهِم أَن يَكُونُوا مِمَّن عنوا بِهَذَا الْخَبَر فسحقا بِسُكُون الْهَاء وَضمّهَا لُغَتَانِ أَي بعدا وَهُوَ مَنْصُوب على تَقْدِير ألزمهم الله سحقا أَو سحقهم سحقا فَائِدَة روى بن شَاكر فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ ذكر الشَّافِعِي الْمُوَطَّأ فَقَالَ مَا علمنَا أَن أحدا من الْمُتَقَدِّمين ألف كتابا أحسن من موطأ مَالك وَمَا ذكر فِيهِ من الْأَخْبَار وَلم يذكر مرغوبا عَنهُ الرِّوَايَة كَمَا ذكر غَيره فِي كتبه وَمَا عَلمته ذكر حَدِيثا فِيهِ ذكر أحد من الصَّحَابَة إِلَّا مَا فِي حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن ليذادن رجال عَن حَوْضِي فَلَقَد أَخْبرنِي من سمع مَالِكًا ذكر هَذَا الحَدِيث وَأَنه ورد أَنه لم يُخرجهُ فِي الْمُوَطَّأ [59] عَن حمْرَان بِضَم الْحَاء على المقاعد قيل هِيَ دكاكين حول دَار عُثْمَان وَقيل الدرج وَقيل مَوضِع قرب الْمَسْجِد قَالَ القَاضِي عِيَاض ولفظها يَقْتَضِي أَنَّهَا مَوَاضِع جرت الْعَادة بالقعود فِيهَا لَوْلَا أَنه فِي كتاب الله قَالَ الْبَاجِيّ وَغَيره كَذَا رَوَاهُ يحيى بن بكير بالنُّون وهاء الضَّمِير أَي لَوْلَا أَن مَعْنَاهُ فِيهِ مَا حَدثكُمْ بِهِ لِئَلَّا تتكلوا وَرَوَاهُ أَبُو مُصعب بِالْيَاءِ وَمد الْألف وهاء التَّأْنِيث أَي لَوْلَا أَنه تضمن مَعْنَاهُ فَيحسن وضوءه أَي يَأْتِي بِهِ تَاما بِكَمَال صفته وآدابه إِلَّا غفر لَهُ هَذَا مَخْصُوص بالصغائر كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث آخر وَبَين الصَّلَاة الْأُخْرَى أَي الَّتِي تَلِيهَا قَالَ مَالك أرَاهُ يُرِيد هَذِه الْآيَة أقِم الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ قَالَ الْبَاجِيّ على هَذَا التَّأْوِيل تصح الرِّوَايَتَانِ أَنه وَآيَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عُرْوَة أَن الْآيَة إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض وَالنَّوَوِيّ وعَلى هَذَا لَا تصح رِوَايَة النُّون وَالْمعْنَى على هَذَا لَوْلَا آيَة تمنع من كتمان شَيْء من الْعلم مَا حدثتكم قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح تَأْوِيل عُرْوَة قلت وَيشْهد لَهُ مَا أخرجه أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب فِي كتاب الْعلم لَهُ قَالَ حَدثنَا حجاج بن مُحَمَّد عَن بن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَطاء أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة وَالنَّاس يسألونه يَقُول لَوْلَا آيَة أنزلت فِي سُورَة الْبَقَرَة مَا أخْبرت بِشَيْء لَوْلَا أَنه قَالَ إِن الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى الْآيَة

[60] عَن عبد الله الصنَابحِي قَالَ بن عبد الْبر سُئِلَ بن معِين عَن أَحَادِيث الصنَابحِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مُرْسلَة لَيْسَ لَهُ صُحْبَة وَإِنَّمَا هُوَ من كبار التَّابِعين وَلَيْسَ هُوَ عبد الله وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عبيد الله واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عسيلة خرجت الْخَطَايَا من فِيهِ قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون معنى ذَلِك أَن فِيهِ كَفَّارَة لما يخص الْفَم من الْخَطَايَا فَعبر عَن ذَلِك بخروجها مِنْهُ وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ أَن يعفوا تَعَالَى عَن عِقَاب ذَلِك الْعُضْو بِالذنُوبِ الَّتِي اكتسبها الْإِنْسَان وَإِن لم يخْتَص بذلك الْعُضْو وَقَالَ القَاضِي عِيَاض ذكر خُرُوج الْخَطَايَا اسْتِعَارَة لحُصُول الْمَغْفِرَة عِنْد ذَلِك لاأن الْخَطَايَا فِي الْحَقِيقَة شَيْء يحل فِي المَاء حَتَّى تخرج من تَحت أشفار عَيْنَيْهِ قَالَ الْبَاجِيّ جعل الْعَينَيْنِ مخرجا لخطايا الْوَجْه دون الْفَم وَالْأنف لِأَنَّهُمَا مختصان بِطَهَارَة مَشْرُوعَة فِي الْوضُوء دون الْعَينَيْنِ فَإِذا مسح بِرَأْسِهِ خرجت الْخَطَايَا من رَأسه حَتَّى تخرج من أُذُنَيْهِ فِيهِ إِشْعَار بِأَن خَطَايَا الرَّأْس مُتَعَلقَة بِالسَّمْعِ وأصرح مِنْهُ مَا عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير من حَدِيث أبي أُمَامَة وَإِذا مسح بِرَأْسِهِ كفر بِهِ مَا سَمِعت أذنَاهُ نَافِلَة أَي زَائِدا لَهُ فِي الْأجر على كَفَّارَة الذُّنُوب

[61] العَبْد الْمُسلم أَو الْمُؤمن قَالَ الْبَاجِيّ الظَّاهِر أَن هَذَا اللَّفْظ شكّ من الرَّاوِي كل خَطِيئَة نظر إِلَيْهَا بِعَيْنيهِ قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا يدل على أَن الْوضُوء يكفر عَن كل عُضْو مَا اخْتصَّ بِهِ من الْخَطَايَا مَعَ المَاء أَو مَعَ آخر قطر المَاء قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا شكّ من الرَّاوِي فَإِذا غسل يَدَيْهِ قَالَ الْبَاجِيّ كَذَا روى هَذَا الحَدِيث رُوَاة الْمُوَطَّأ غير بن وهب فَإِنَّهُ زَاد فِيهِ ذكر الرَّأْس وَالرّجلَيْنِ حَتَّى يخرج نقيا من الذُّنُوب قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ خص الْعلمَاء هَذَا بالضمائر قَالُوا وَأما الْكَبَائِر فَلَا يكفرهَا إِلَّا التَّوْبَة قَالَ وَكَذَلِكَ فعلوا فِي غير هَذَا من الْأَحَادِيث الَّتِي ذكر فِيهَا غفران الذُّنُوب ومسندهم فِي ذَلِك أَنه ورد التَّقْيِيد بِهِ فِي الحَدِيث الثَّابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة ورمضان إِلَى رَمَضَان كَفَّارَات لما بَينهمَا مَا اجْتنبت فَجعلُوا التَّقْيِيد فِي هَذَا الحَدِيث مُقَيّدا للاطلاق فِي غَيره لَكِن قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فِيهِ نظر وَحكى بن التِّين فِي ذَلِك خلافًا فَقَالَ اخْتلف هَل يغْفر لَهُ بِهَذَا الْكَبَائِر إِذا لم يصر عَلَيْهَا أم لَا يغْفر لَهُ سوى الصَّغَائِر قَالَ وَهَذَا كُله لَا يدْخل فِيهِ مظالم الْعباد وَقَالَ صَاحب الْمُفْهم لَا بعد فِي أَن يكون بعض الْأَشْخَاص تغْفر لَهُ الْكَبَائِر والصغائر بِحَسب مَا يحضرهُ من الْإِخْلَاص ويراعيه من الْإِحْسَان والآداب وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَقَالَ النَّوَوِيّ ماوردت بِهِ الْأَحَادِيث أَنه يكفر إِن وجد مَا يكفره من الصَّغَائِر كفره وَإِن لم يُصَادف صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة كتب بِهِ حَسَنَات وَرفع بِهِ دَرَجَات وَإِن صَادف كَبِيرَة أَو كَبَائِر وَلم يُصَادف صَغِيرَة رجونا أَن يُخَفف من الْكَبَائِر [62] وحانت بِالْمُهْمَلَةِ أَي قربت فالتمس النَّاس أَي طلبُوا وضوأ بِفَتْح الْوَاو فَأتى بِالضَّمِّ وَفِي رِوَايَة عِنْد البُخَارِيّ أَن ذَلِك كَانَ بالزوراء وَهِي سوق بِالْمَدِينَةِ ثمَّ أَمر النَّاس يَتَوَضَّئُونَ مِنْهُ قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا إِنَّمَا يكون بِوَحْي يعلم بِهِ أَنه إِذا وضع يَده فِي الْإِنَاء نبع المَاء حَتَّى يعم أَصْحَابه الْوضُوء فَرَأَيْت المَاء يَنْبع بِفَتْح أَوله وَضم الْمُوَحدَة وَيجوز كسرهَا وَفتحهَا من تَحت أَصَابِعه قَالَ بن عبد الْبر الَّذِي أُوتِيَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الْآيَة أوضح مِمَّا أُوتِيَ مُوسَى من انفجار المَاء من الْحجر فَإِن خُرُوج المَاء من الْحِجَارَة مَعْهُود بِخِلَاف الْأَصَابِع حَتَّى توضؤوا من عِنْد آخِرهم قَالَ الْكرْمَانِي حَتَّى للتدريج وَمن للْبَيَان أَي تَوَضَّأ النَّاس حَتَّى تَوَضَّأ الَّذين هم عِنْد آخِرهم وَهُوَ كِنَايَة عَن جَمِيعهم وَعند بِمَعْنى فِي لَان عِنْد وَإِن كَانَت للظرفية الْخَاصَّة لَكِن الْمُبَالغَة تَقْتَضِي أَن يكون لمُطلق الظَّرْفِيَّة وَكَأَنَّهُ قَالَ الَّذين هم فِي آخِرهم وَقَالَ التَّيْمِيّ الْمَعْنى تَوَضَّأ الْقَوْم حَتَّى وصلت النّوبَة إِلَى الآخر وَقَالَ النَّوَوِيّ إِن من هُنَا بِمَعْنى إِلَى وَهِي لُغَة فَائِدَة قَالَ بن بطال هَذَا الحَدِيث شهده جمع من الصَّحَابَة إِلَّا انه لم يرو إِلَّا من طَرِيق أنس وَذَلِكَ لطول عمره ولطلب النَّاس غلو السَّنَد وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذِه الْقِصَّة رَوَاهَا الْعدَد الْكثير من الثِّقَات عَن الجم الْغَفِير عَن الكافة مُتَّصِلا عَن جملَة من الصَّحَابَة بل لم يُؤثر عَن أحد مِنْهُم إِنْكَار ذَلِك فَهُوَ مُلْحق بالقطعي من معجزاته [63] نعيم بن عبد الله الْمدنِي المجمر كَانَ أَبوهُ عبد الله يجمر الْمَسْجِد إِذا قعد عمر على الْمِنْبَر وَقبل كَانَ من الَّذين يجمرون الْكَعْبَة من تَوَضَّأ فَأحْسن وضوءه الحَدِيث قَالَ بن عبد البركان نعيم يُوقف كثيرا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمثل هَذَا الحَدِيث لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي فَهُوَ مُسْند وَقد ورد مَعْنَاهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره بأسانيد صِحَاح ثمَّ خرج عَامِدًا إِلَى الصَّلَاة أَي قَاصِدا لَهَا دون غَيرهَا يكْتب لَهُ بِإِحْدَى خطوتيه حَسَنَة ومحى عَنهُ بِالْأُخْرَى سَيِّئَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَن لخطاه حكمين فَيكْتب لَهُ بِبَعْضِهَا حَسَنَات وتمحى عَنهُ بِبَعْضِهَا سيئات وَإِن حكم زِيَادَة الْحَسَنَات غير حكم محو السَّيِّئَات قَالَ وَهَذَا ظَاهر اللَّفْظ وَلذَلِك فرق بَينهمَا قَالَ وَقد ذكر قوم أَن معنى ذَلِك وَاحِد وَإِن كتبه الْحَسَنَات هُوَ بِعَيْنِه محو السَّيِّئَات وَفِي الصِّحَاح الخطوة بِالضَّمِّ مَا بَين الْقَدَمَيْنِ وبالفتح الْمرة الْوَاحِدَة وَقد جزم الْيَعْمرِي أَنَّهَا هُنَا بِالْفَتْح وضبطها الْقُرْطُبِيّ وَابْن حجر بِالضَّمِّ فَإِذا سمع أحدكُم الْإِقَامَة فَلَا يسع قَالَ الْبَاجِيّ منع من ذَلِك لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا انه تقل بِهِ الخطا وَكَثْرَة الخطا مرغب فِيهِ لما ذكر من كتب الْحَسَنَات ومحو السَّيِّئَات وَالثَّانِي أَنه يخرج عَن الْوَقار الْمَشْرُوع فِي إتْيَان الصَّلَاة

[64] إِنَّمَا ذَلِك وضوء النِّسَاء قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن نَافِع يرد أَن الِاسْتِجْمَار بِالْحِجَارَةِ يُجزئ الرجل وَإِنَّمَا يكون الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ للنِّسَاء وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد يحْتَمل عِنْدِي وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه أَرَادَ أَن ذَلِك عَادَة النِّسَاء وَإِن عَادَة الرِّجَال الِاسْتِجْمَار وَالثَّانِي أَنه يُرِيد بذلك عيب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء وَهَذَا لَا يرَاهُ مَالك وَلَا أَكثر أهل الْعلم [65] إِذا شرب الْكَلْب قَالَ الْحَافِظ بن حجر كَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَالْمَشْهُور من رِوَايَة جُمْهُور أَصْحَاب أبي الزِّنَاد عَنهُ إِذا ولغَ وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة يُقَال ولغَ يلغ بِالْفَتْح فيهمَا إِذا شَرّ ب بِطرف لِسَانه وَقَالَ ثَعْلَب هُوَ أَن يدْخل لِسَانه فِي المَاء وَغَيره من كل مَائِع فيحركه زَاد بن درسْتوَيْه شرب أَو لم يشرب وَقَالَ مكي فَإِن كَانَ غير مَائِع يُقَال لعقه وَقَالَ الْمُطَرز فَإِن كَانَ فَارغًا يُقَال لحسه قَالَ الحافئ بن حجر وَادّعى بن عبد الْبر أَن لفظ شرب لم يروه إِلَّا مَالك وَغَيره رَوَاهُ بِلَفْظ ولغَ وَلَيْسَ كَمَا ادّعى فقد رَوَاهُ بن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر من طَرِيقين عَن هِشَام بن حسان عَن بن سِيرِين بِلَفْظ إِذا شرب وَرَوَاهُ مَالك بِلَفْظ إِذا ولغَ أخرجه أَبُو عبيد فِي كتاب الطّهُور لَهُ عَن إِسْمَاعِيل بن عمر عَنهُ وَمن طَرِيقه أوردهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَكَذَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت من طَرِيق أبي عَليّ الْحَنَفِيّ عَن مَالك وَهُوَ فِي نُسْخَة صَحِيحَة من بن ماجة من رِوَايَة روح بن عبَادَة عَن مَالك أَيْضا قَالَ وَكَانَ أَبُو الزِّنَاد حدث بِهِ باللفظين مَعًا لتقاربهما فِي الْمَعْنى فِي إِنَاء أحدكُم قَالَ الرَّافِعِيّ أَي مِنْهُ أَو شرب المَاء فِي الْإِنَاء فليغسله سبع مَرَّات زَاد الشَّافِعِي وَمُسلم من طَرِيق بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أولَاهُنَّ أَو أخراهن بِالتُّرَابِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يَقع فِي رِوَايَة مَالك التتريب وَلَا ثَبت فِي شَيْء من الروايت عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا عَن بن سِيرِين على أَن بعض أَصْحَابه لم يذكرهُ وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْحسن وَأبي رَافع عَنهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَعبد الرَّحْمَن وَالِد السّديّ عِنْد الْبَزَّار

[66] عَن مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا وَاعْمَلُوا وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة وَلَا يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يتَّصل مُسْندًا من حَدِيث ثَوْبَان وَعبد الله بن عَمْرو من طرق صِحَاح قلت حَدِيث ثَوْبَان أخرجه بن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ بِلَفْظ الْمُوَطَّأ إِلَّا أَن فِيهِ وَاعْلَمُوا أَن خير أَعمالكُم الصَّلَاة وَحَدِيث بن عمر وَأخرجه بن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَفِيه وَاعْلَمُوا أَن من أفضل أَعمالكُم الصَّلَاة وَأخرج بن ماجة أَيْضا عَن أبي أُمَامَة يرفع الحَدِيث قَالَ اسْتَقِيمُوا وَنِعما إِن اسْتَقَمْتُمْ وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة الحَدِيث وَأخرج بن عبد الْبر من وَجه آخر عَن ثَوْبَان مَرْفُوعا سددوا وقاربوا وَاعْمَلُوا وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر اسْتَقِيمُوا أَي لَا تزيغوا وتميلوا عَمَّا سنّ لكم وَفرض عَلَيْكُم وليتكُمْ تطيقون ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ وَلنْ تُحْصُوا قَالَ بن نَافِع مَعْنَاهُ وَلنْ تُحْصُوا الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَلَا تمكنكم الاسْتقَامَة فِي كل شَيْء وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد مَعْنَاهُ عِنْدِي لَا يمكنكم اسْتِيعَاب أَعمال الْبر من قَوْله تَعَالَى عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ وَقَالَ مطرف مَعْنَاهُ وَلنْ تُحْصُوا مالكم من الْأجر إِن اسْتَقَمْتُمْ قَالَ الْبَاجِيّ وَقَوله وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة يُرِيد أَنَّهَا أَكثر أَعمالكُم أجرا وَلَا يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن يُرِيد أَنه لَا يديم فعله فِي المكاره وَغَيرهَا مُنَافِق

[71] عَن بن شهَاب عَن عباد بن زِيَاد وَهُوَ من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن أَبِيه عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ مَالك بن عباد بن زِيَاد وَهُوَ من ولد الْمُغيرَة لم يخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ عَنهُ فِي ذَلِك وَهُوَ غلط مِنْهُ لم يُتَابِعه أحد من رُوَاة بن شهَاب وَلَا غَيرهم عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ من ولد الْمُغيرَة وَلم يقل أحد ذَلِك غَيره وَسَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ يَقُولُونَ عَن عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَلَا يَقُولُونَ عَن أَبِيه الْمُغيرَة كَمَا قَالَ يحيى قَالَ ثمَّ وجدت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي رَوَاهُ عَن مَالك كَذَلِك قَالَ وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن سعيد بن عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ فِيهِ عَن أَبِيه كَمَا قَالَ يحيى قَالَ وَهُوَ وهم قَالَ بن عبد الْبر وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَغَيره لَيْسَ بالقائم وَهُوَ مُنْقَطع فَإِن عباد بن زِيَاد لم ير الْمُغيرَة وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئا وَإِنَّمَا يرويهِ بن شهَاب عَن عباد بن زِيَاد عَن عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن أَبِيهِمَا الْمُغيرَة وَرُبمَا حدث بِهِ بن شهَاب عَن عباد بن زِيَاد عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه لَا يذكر حَمْزَة انْتهى وَفِي شرح أبي دَاوُد للشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ قَالَ الشَّافِعِي وهم مَالك فَقَالَ عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَإِنَّمَا هُوَ مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَرَآهُ عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِيمَا نَقله عَنهُ ابْنه فِي الْعِلَل وهم مَالك فِي هَذَا الحَدِيث فِي نسب عباد بن زِيَاد وَلَيْسَ هُوَ من ولد الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَيُقَال لَهُ عباد بن زِيَاد بن أبي سُفْيَان وَإِنَّمَا يرويهِ عَن عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة عَن الْمُغيرَة وَقَالَ مُصعب الزبيرِي أَخطَأ فِيهِ مَالك حَيْثُ قَالَ عَن عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة وَالصَّوَاب عَن عباد بن زِيَاد عَن رجل من ولد الْمُغيرَة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَحَادِيث الَّتِي خُولِفَ فِيهَا مَالك خَالفه صَالح بن كيسَان وَمعمر وَابْن جريج وَيُونُس وَعَمْرو بن الْحَارِث وَعقيل بن خَالِد وَعبد الرَّحْمَن بن مُسَافر وَغَيرهم فَرَوَوْه عَن الزُّهْرِيّ عَن عباد بن زِيَاد عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه فزادوا على مَالك فِي الْإِسْنَاد عُرْوَة بن الْمُغيرَة بَعضهم قَالَ عَن بن شهَاب عَن عباد عَن عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة عَن أَبِيهِمَا قَالَ ذَلِك عقيل وَعبد الرَّحْمَن بن خَالِد وَيُونُس من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ وَلم ينْسب أحد مِنْهُم عبادا إِلَى الْمُغيرَة وَهُوَ عباد بن زِيَاد بن أبي سُفْيَان قَالَ ذَلِك مُصعب الزبيرِي وَقَالَهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين وَغَيرهم وَوهم مَالك فِي إِسْنَاده فِي موضِعين أَحدهمَا قَوْله عباد بن زِيَاد من ولد الْمُغيرَة وَالْآخر إِسْقَاطه من الْإِسْنَاد عُرْوَة وَحَمْزَة ابْني الْمُغيرَة وَقَالَ فِي الْعِلَل وهم فِيهِ مَالك وَهُوَ مِمَّا يعْتد بِهِ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن روح بن عبَادَة عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عباد بن زِيَاد عَن رجل من ولد الْمُغيرَة فَإِن كَانَ روح حفظه عَن مَالك هَكَذَا فقد أَتَى بِالصَّوَابِ عَن الزُّهْرِيّ وَرَوَاهُ أُسَامَة عَن رجل من ولد الْمُغيرَة فَإِن كَانَ روح حفظه عَن مَالك هَكَذَا فقد أَتَى بِالصَّوَابِ عَن الزُّهْرِيّ وَرَوَاهُ أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ وَبرد بن سِنَان وَابْن سمْعَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه لم يذكرُوا فِي الْإِسْنَاد عبادا وَالصَّحِيح قَول من ذكر عبادا وَعُرْوَة انْتهى ذهب لِحَاجَتِهِ فِي غَزْوَة تَبُوك زَاد مُسلم وَأَبُو دَاوُد قبل الْفجْر وَكَانَت غَزْوَة تَبُوك سنة تسع من الْهِجْرَة فِي رَجَب وَهِي آخر غَزَوَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَفسِهِ وَهِي من أَطْرَاف الشَّام المقاربة للمدينة قيل سميت بذلك لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى قوما من أَصْحَابه يبوكون عين تَبُوك أَي يدْخلُونَ فِيهَا الْقدح ويحركونه ليخرج المَاء فَقَالَ مَا زلتم تبوكونها بوكا كمى بِضَم الْكَاف الْجُبَّة هِيَ مَا قطع من الثِّيَاب مشمرا قَالَه فِي الْمَشَارِق وَقد صلى بهم رَكْعَة زَاد مُسلم وَأَبُو دَاوُد من صَلَاة الْفجْر وَزَاد أَحْمد قَالَ الْمُغيرَة فَأَرَدْت تَأْخِير عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعه فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَاد مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَرَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَفِي مُسْند الْبَزَّار من حَدِيث أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قبض نَبِي حَتَّى يؤمه رجل من أمته الرَّكْعَة الَّتِي بقيت عَلَيْهِم لفظ مُسلم وَأبي دَاوُد الرَّكْعَة الثَّانِي ثمَّ سلم عبد الرَّحْمَن فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلَاته فَفَزعَ الْمُسلمُونَ فَأَكْثرُوا التَّسْبِيح لأَنهم سبقوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم قد أصبْتُم أَو قد أَحْسَنْتُم وَبِهَذَا ظهر أَن فِي رِوَايَة مَالك حذفا كثيرا فَائِدَة اخْرُج بن سعد فِي الطَّبَقَات بِسَنَد صَحِيح عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَنه سُئِلَ هَل أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد من هَذِه الْأمة غير أبي بكر قَالَ نعم كُنَّا فِي سفر فَلَمَّا كَانَ من السحر انْطلق وَانْطَلَقت مَعَه حَتَّى تبرزنا عَن النَّاس فَنزل عَن رَاحِلَته فتغيب عني حَتَّى مَا أرَاهُ فَمَكثَ طَويلا ثمَّ جَاءَ فَصَبَبْت عَلَيْهِ فَتَوَضَّأ وَمسح على خفيه ثمَّ ركبنَا فَأَدْرَكنَا النَّاس وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة فتقدمهم عبد الرَّحْمَن ببن عَوْف وَقد صلى بهم رَكْعَة وهم فِي الثَّانِيَة فَذَهَبت أوذنه فنهاني فصلينا الرَّكْعَة الَّتِي أدْركْت وقضينا الَّتِي سبقتنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صلى خلف عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَا قبض نَبِي قطّ حَتَّى يُصَلِّي خلف رجل صَالح من أمته هَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى مرّة مؤتما بِأبي بكر وَقد اسْتشْكل بِمَا فِي الصَّحِيح عَن سهل بن سعيد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف ليصلح بَينهم فحانت الصَّلَاة فجَاء الْمُؤَذّن إِلَى أبي بكر فَقَالَ أَتُصَلِّي للنَّاس فأقيم قَالَ نعم فصلى أَبُو بكر فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس فِي الصَّلَاة فتخلص حَتَّى وقف فِي الصَّفّ فصفقت النَّاس وَكَانَ أَبُو بكر لَا يلْتَفت فِي صلَاته فَلَمَّا أَكثر النَّاس التصفيق الْتفت فَرَأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن امْكُث مَكَانك فَرفع أَبُو بكر يَدَيْهِ فَحَمدَ الله على مَا أَمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بكر حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفّ وَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى فَلَمَّا انْصَرف قَالَ يَا أَبَا بكر مَا مَنعك أَن ثَبت إِذْ أَمرتك فَقَالَ أَبُو بكر مَا كَانَ لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يُصَلِّي بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْجَوَاب أَن التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ قد أخرجَا عَن عَائِشَة قَالَت صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلف أبي بكر فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَاعِدا قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس قَالَ صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلف أبي بكر قَاعِدا فِي ثوب متوشحا بِهِ وَقَالَ حسن صَحِيح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى خلف أبي بكر فِي ثوب وَاحِد برد مُخَالفا بَين طَرفَيْهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَن يقوم قَالَ ادْع لي أُسَامَة بن زيد فجَاء فأسند ظَهره إِلَى نَحوه فَكَانَت آخر صَلَاة صلاهَا وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ آخر صَلَاة صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ الْقَوْم فِي ثوب وَاحِد متوشحا خلف أبي بكر وَأخرج بن حبَان فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر صلى بِالنَّاسِ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّفّ خَلفه وَقد استشكلت هَذِه الْأَحَادِيث بِمَا فِي الصَّحِيح عَن عَائِشَة قَالَت لما مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرت الصَّلَاة أذن فَقَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَخرج أَبُو بكر يُصَلِّي فَوجدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَفسه خفَّة فَخرج يهادي بَين رجلَيْنِ كَأَنِّي أنظر رجلَيْهِ تخطان من الوجع فَأَرَادَ أَبُو بكر أَن يتَأَخَّر فأومئ إِلَيْهِ أَن مَكَانك ثمَّ أَتَى بِهِ حَتَّى جلس إِلَى جنبه فَقيل للاعمش فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاس بِصَلَاة أبي بكر فَقَالَ نعم وَلمُسلم عَن جَابر نَحوه وَفِيه أَن أَبَا بكر كَانَ مَأْمُوما وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ هُوَ الامام وَفِيه وَأَبُو بكر يسمع النَّاس تكبيره وَالْجَوَاب أَن هَذِه الْأَحَادِيث الْمُخْتَلفَة قد جمع بَينهَا بن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن حزم فَقَالَ بن حبَان وَنحن نقُول بِمَشِيئَة الله وتوفيقه إِن هَذِه الْأَخْبَار كلهَا صِحَاح وَلَيْسَ شَيْء مِنْهَا معَارض الآخر وَلَكِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي عَلَيْهِ صَلَاتَيْنِ فِي الْمَسْجِد جمَاعَة لَا صَلَاة وَاحِدَة فِي أحداهما كَانَ مَأْمُوما وَفِي الْأُخْرَى كَانَ إِمَامًا قَالَ وَالدَّلِيل على أَنَّهَا كَانَت صَلَاتَيْنِ لَا صَلَاة وَاحِدَة أَن فِي خبر عبيد الله بن عبد الله عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج بَين رجلَيْنِ تُرِيدُ بأحهما الْعَبَّاس وبالآخر عليا وَفِي خبر مَسْرُوق عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج بَين بُرَيْدَة وثوبة قَالَ فَهَذَا يدلك على أَنَّهَا كَانَت صَلَاتَيْنِ لَا صَلَاة وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة وَالَّذِي نعرفه بالاستدلال بِسَائِر الْأَخْبَار أَن الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلف أبي بكر هِيَ صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهِي آخر صَلَاة صلاهَا حَتَّى مضى لسبيله وَهِي غير الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا أَبُو بكر خَلفه قَالَ وَلَا

[77] رعف بِفَتْح الْعين والمضارع بضَمهَا [82] وَلَا حَظّ فِي الْإِسْلَام لمن ترك الصَّلَاة أَخذ بِظَاهِرِهِ من كفر بترك الصَّلَاة تكاسلا وَهُوَ مَذْهَب جمع من الصَّحَابَة وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَمَال اليه الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ فِي ترغيبه يثعب بمثلثة ثمَّ عين مُهْملَة ثمَّ مُوَحدَة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي يجْرِي وَقَالَ فِي الْعين أَي ينفجر

[84] عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ بن عبد الْبر هَذَا إِسْنَاد لَيْسَ بِمُتَّصِل لِأَن سُلَيْمَان بن يسَار لم يسمع من الْمِقْدَاد وَلَا من عَليّ وَلم ير وَاحِدًا مِنْهُمَا فَإِنَّهُ ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَلَا خلاف أَن الْمِقْدَاد توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ قَالَ وَبَين سُلَيْمَان وَعلي فِي هَذَا الحَدِيث بن عَبَّاس أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ عَليّ بن أبي طَالب أرْسلت الْمِقْدَاد بن الْأسود الحَدِيث الْمَذْي فِي لُغَتَانِ أفصحهما فتح الْمِيم وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء وَالْأُخْرَى كسر الذَّال وَتَشْديد الْيَاء وَهُوَ مَاء أَبيض رَقِيق يخرج عِنْد الملاعبة وتذكر الْجِمَاع فلينضح فرجه أَي ليغسله قَالَ فِي النِّهَايَة يرد النَّضْح بِمَعْنى الْغسْل والازالة وَأَصله الرشح وَيُطلق على الرش وَضَبطه النَّوَوِيّ بِكَسْر الضَّاد قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَاتفقَ فِي بعض مجَالِس الحَدِيث أَن الشَّيْخ أَبَا حَيَّان قَرَأَهُ بِفَتْح الضَّاد فَرد عَلَيْهِ السراج الدمنهوري وَقَالَ نَص النَّوَوِيّ على أَنه بِالْكَسْرِ فأساء أَبُو حَيَّان وَقَالَ حق النَّوَوِيّ أَن يستفيده مني وَالَّذِي نلْت هُوَ الْقيَاس قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَكَلَام الْجَوْهَرِي يشْهد لما قَالَه النَّوَوِيّ لَكِن نقل عَن صَاحب الْجَامِع أَن الْكسر لُغَة وَإِن الْأَفْصَح الْفَتْح وليتوضأ وضوءه للصَّلَاة قَالَ الرَّافِعِيّ بِقطع احْتِمَال حمل التَّوَضُّؤ على الْوَضَاءَة الْحَاصِلَة بِغسْل الْفرج فَإِن غسل الْعُضْو الْوَاحِد قد يُسمى وضوا كَمَا ورد أَن الْوضُوء قبل الطَّعَام يَنْفِي الْفقر وَالْمرَاد غسل ليد [85] مثل الخريزة تَصْغِير الخرزة وَهِي الْجَوْهَرَة وَفِي رِوَايَة عَنهُ مثل الحمانة وَهِي اللؤلؤة [88] الصَّلْت بن زبيد بِضَم الزَّاي ومثناتين تَحت مصغر

[89] عَن عبد الله بن أبي بكر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ بن عبد الْبر هَذَا خطأ من يحيى حَيْثُ قَالَ عَن مُحَمَّد وَالصَّوَاب بن مُحَمَّد بِلَا شكّ وَلَيْسَ الحَدِيث لمُحَمد بن عَمْرو بن حزم عِنْد أحد من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَلَا رَوَاهُ بِوَجْه من الْوُجُوه وَقد حدث بِهِ بن وضاح على الصِّحَّة فَقَالَ عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فَقَالَ عُرْوَة مَا علمت هَذَا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مَعَ مَنْزِلَته من الْعلم وَالْفضل دَلِيل على أَن الْجَهْل بِبَعْض المعلومات لَا يدْخل نقيصة على الْعَالم إِن كَانَ عَالما بالسنن إِذْ الْإِحَاطَة بِجَمِيعِ المعلومات لَا سَبِيل إِلَيْهَا بسرة بِضَم الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُهْملَة

[98] غرفات بِفَتْح الرَّاء ثمَّ يفِيض أَي يسيل والافاضة الاسالة على جلده قَالَ الرَّافِعِيّ سَائِر بدنه قَالَ وَقد يكنى بِالْجلدِ عَن الْبدن [99] الْفرق بِفَتْح الرَّاء على الْأَفْصَح الْأَشْهر وَحكى اسكانه وَنقل أَبُو عبيد الِاتِّفَاق على أَنه ثَلَاثَة آسع وَأَنه سِتَّة عشر رطلا قَالَ الْبَاجِيّ روى يحيى الْفرق بتسكين الرَّاء وَرَوَاهُ غَيره بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الصَّحِيح وَقَالَ الْأَزْهَرِي الْفرق فِي كَلَام الْعَرَب الْفَتْح والمحدثون يسكنونه وَفِي النِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير الْفرق بِالتَّحْرِيكِ مكيال يسع سِتَّة عشر رطلا وَهِي اثْنَا عشر مدا وَثَلَاثَة آصَع فَأَما الْفرق بِالسُّكُونِ فمائة وَعِشْرُونَ رطلا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ غَرِيب من الْجَنَابَة أَي بِسَبَب الْجَنَابَة [100] ونضح فِي عَيْنَيْهِ قَالَ بن عبد الْبر لم يُتَابع بن عمر على النَّضْح فِي الْعين أحد قَالَ وَله شَدَائِد حمله عَلَيْهَا الْوَرع قَالَ وَفِي أَكثر الموطآت سُئِلَ مَالك عَن ذَلِك فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَل

[101] ولتضغث باعجام الضَّاد والغين ومثلثة قَالَ فِي النِّهَايَة الضغث معالجة شعر الرَّأْس بِالْيَدِ عِنْد الْغسْل كَأَنَّهَا تخلط بعضه بِبَعْض ليدْخل فِيهِ الغسول وَالْمَاء إِذا مس الْخِتَان الْخِتَان قَالَ أهل اللُّغَة ختان الْمَرْأَة إِنَّمَا يُسمى حفاضا فَذكره هُنَا بِلَفْظ الْخِتَان للمشاكلة [104] يكسل قَالَ فِي النِّهَايَة أكسل الرجل إِذا جَامع ثمَّ أدْركهُ فتور فَلم ينزل وَمَعْنَاهُ صَار ذَا كسل [103] مثل الْفروج يسمع الديكة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل مَعْنيين أَنه كَانَ صَبيا قبل الْبلُوغ فَسَأَلَ عَن مسَائِل الْجِمَاع الَّذِي لَا يعرفهُ وَلم يبلغ حَده وَالثَّانِي أَنه لم يبلغ مبلغ الْكَلَام فِي الْعلم

[107] عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا فِي الْمُوَطَّأ وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَرَوَاهُ عِيسَى عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر وَهَذَا كالمستغرب عِنْدهم وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد رَوَاهُ عَنهُ عَن نَافِع كَذَلِك خَمْسَة أَو سِتَّة فَلَا غرابة لَكِن الأول أشهى أَنه قَالَ ذكر عمر قَالَ الْحَافِظ بن حجر مُقْتَضَاهُ أَنه من مُسْند بن عمر وَكَذَا هُوَ عِنْد أَكثر الروَاة وَرَوَاهُ أَبُو نوح عَن مَالك فَزَاد عَن عمر وَقد بَين النَّسَائِيّ سَبَب ذَلِك فِي رِوَايَته من طَرِيق بن عون عَن نَافِع قَالَ أصَاب ان عمر جَنَابَة فَأتى عمر فَذكر ذَلِك لَهُ فَأتى عمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستخبره فَقَالَ ليتوضأ ويرقد قَالَ الْحَافِظ وعَلى هَذَا فَالضَّمِير فِي قَوْله أَنه تصيبه يعود على بن عمر لَا على عمر تَوَضَّأ واغسل ذكرك ثمَّ نم قَالَ بن الْجَوْزِيّ الْحِكْمَة فِيهِ أَن الْمَلَائِكَة تبعد عَن الْوَسخ وَالرِّيح الكريهة وَأَن الشَّيَاطِين تقرب من ذَلِك وَقَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف فِي حِكْمَة هَذَا الْوضُوء فَقَالَ أَصْحَابنَا لِأَنَّهُ يُخَفف الْحَدث وَقيل لَعَلَّه أَن ينشط إِلَى الْغسْل إِذا بل أعضاءه وَقيل ليبيت على إِحْدَى الطهارتين خشيَة أَن يَمُوت فِي مَنَامه قلت أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن مَيْمُونَة بنت سعد قَالَت قلت يَا رَسُول الله هَل يَأْكُل أَحَدنَا وَهُوَ جنب قَالَ لَا يَأْكُل حَتَّى يتَوَضَّأ قلت يَا رَسُول الله هَل يرقد الْجنب قَالَ مَا أحب أَن يرقد وَهُوَ جنب حَتَّى يتَوَضَّأ فَانِي أخْشَى أَن يتوفى فَلَا يحضرهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْبَاجِيّ وَلَا يبطل هَذَا الْوضُوء ببول وَلَا غَائِط قَالَه مَالك فِي الْمَجْمُوعَة وَلَا يبطل بِشَيْء إِلَّا بمعاودة الْجِمَاع فَإِن جَامع بعد وضوئِهِ أعَاد الْوضُوء لِأَن الْجِمَاع الثَّانِي يحْتَاج من إِحْدَاث الْوضُوء مثل مَا احتاجه الأول قلت وَيخرج من هَذَا لغز لطيف فَيُقَال لنا وضوء لَا يُبطلهُ الْحَدث وَإِنَّمَا يُبطلهُ الْجِمَاع وَقد نظمته فَقلت قل للفقيه وللمفيد وَلكُل ذِي بَاعَ مديد مَا قلت فِي متوضئ قد جَاءَ بِالْأَمر السديد لَا ينقضون وضوءه مهما تغوط أَو يزِيد ووضوؤه لم ينْتَقض إِلَّا بإيلاج جَدِيد [110] أَن عَطاء بن يسَار أخبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كبر فِي صَلَاة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُرْسل وَقد رُوِيَ مُتَّصِلا مُسْندًا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي بكرَة قلت حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَحَدِيث أبي بكرَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِيه أَنَّهَا صَلَاة الْفجْر [111] إِلَى الجرف بِضَم الْجِيم وَالرَّاء وَفَاء قَالَ الرَّافِعِيّ على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْمَدِينَة من جَانب الشَّام فَنظر فِي ثَوْبه فَرَأى فِيهِ أثر الِاحْتِلَام وَغسل مَا رأى فِي ثَوْبه قَالَ الرَّافِعِيّ يحْتَمل أَن ذَلِك لِأَنَّهُ استنجى بِالْحجرِ وَيحْتَمل أَنه كَانَ تنظفا وَلذَلِك نضح مَا لم ير فِيهِ شَيْئا مُبَالغَة فِي التَّنْظِيف

[112] فَقَالَ لقد ابْتليت بالاحتلام مُنْذُ وليت أَمر النَّاس قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَن شغله بِأَمْر النَّاس واهتمامه بهم صرفه عَن الِاشْتِغَال بِالنسَاء فَكثر عَلَيْهِ الِاحْتِلَام وَيحْتَمل أَن يُرِيد أَن ذَلِك كَانَ وقتا لابتلائه بِهِ لِمَعْنى من الْمعَانِي لم يذكرهُ وَوَقته بِمَا ذكر من ولَايَته

[115] عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير أَن أم سليم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَقَالَ فِيهِ بن أبي أويس عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن أم سليم وكل من روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك لم يذكر فِيهِ عَنهُ عَن عَائِشَة فِيمَا علمت إِلَّا بن أبي الْوَزير وَعبد الله بن نَافِع فَإِنَّهُمَا روياه عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن أم سليم ثمَّ أسْندهُ من طريقهما قَالَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تَابع بن أبي الْوَزير على إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عَن مَالك حباب بن جبلة وَعبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون ومعن بن عِيسَى قَالَ بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ أَبُو دَاوُد تَابع بن شهَاب مسافع الحَجبي فَرَوَاهُ أَيْضا عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر وَأما هِشَام بن عُرْوَة فَرَوَاهُ عَن أَبِيه عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة قَالَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي وهما حديثان عندنَا اتهى قلت وَقد وَصله مُسلم وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق عَن عَائِشَة فَقَالَت لَهَا عَائِشَة أُفٍّ لَك فِي حَدِيث آخر أَن أم سَلمَة هِيَ القائلة ذَلِك قَالَ القَاضِي عِيَاض وَيحْتَمل أَن عَائِشَة وَأم سَلمَة كَانَتَا هما أنكرتا عَلَيْهَا فَأجَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل وَاحِدَة بِمَا أجابها وَإِن كَانَ أهل الحَدِيث يَقُولُونَ ان الصَّحِيح هُنَا أم سَلمَة لَا عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ جمع حسن لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع حُضُور أم سَلمَة وَعَائِشَة عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مجْلِس وَاحِد قَالَ الْبَاجِيّ قَوْلهَا أُفٍّ لَك على معنى الْإِنْكَار لقولها والاغلاظ عَلَيْهَا لما أخْبرت بِهِ عَن النِّسَاء وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أُفٍّ لَك أَي استحقارا لَك وَهِي كلمة تسْتَعْمل فِي الاستحقار والاستقذار وأصل الأف وسخ الأظافر فِيهِ عشرَة لُغَات أُفٍّ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَالْفَتْح دون تَنْوِين وبالتنوين أَيْضا وَذَلِكَ مَعَ ضم الْهمزَة فَهَذِهِ سِتَّة وَإنَّهُ واف بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْفَاء وأف بِضَم الْهمزَة وتسكين الْفَاء وافى بِضَم الْهمزَة وَالْقصر انْتهى قلت بل فِيهِ نَحْو أَرْبَعِينَ لُغَة حَكَاهَا أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وَغَيره وَقد نظمتها فِي أَبْيَات فَقلت أُفٍّ ربع أخيره ثمَّ ثلث مبتداه مشددا ومخفف وبتنوينه وبالترك أفا لَا ممالا وبالامالة مضعف وبكسر ابتدا وافى مثلت وزد الْهَاء فِي أُفٍّ أطلق لَا أُفٍّ ثمَّ مدا بِكَسْر أُفٍّ واف ثمَّ أفو فاحفظ ودع مَا يزيف وَهل ترى ذَلِك بِكَسْر الْكَاف الْمَرْأَة قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ دَلِيل على أه لَيْسَ كل النِّسَاء تحتلمن وَإِلَّا لما أنْكرت عَائِشَة وَأم سَلمَة قَالَ قد يُوجد عدم الِاحْتِلَام فِي بعض الرِّجَال إِلَّا أَن فِي ذَلِك النِّسَاء أوجد وَأكْثر قلت وَأي مَانع من أَن يكون ذَلِك خصيصة لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُنَّ لَا يحتلمن كَمَا أَن من خَصَائِص الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام انهم لَا يحتلمون لِأَن الِاحْتِلَام من الشَّيْطَان فَلم يُسَلط عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ لم يُسَلط على أَزوَاجه تكريما لَهُ تربت يَمِينك قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ عِيسَى بن دِينَار مَا أرَاهُ أَرَادَ بذلك إِلَّا خيرا وَمَا الاتراب إِلَّا الْغنى قَالَ الْبَاجِيّ فَرَأى أَن ترب من الاتراب وَلَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ من التُّرَاب وَقَالَ بن نَافِع مَعْنَاهُ ضعف عقلك الْجُهَنِيّ هَذَا وَقيل مَعْنَاهُ افْتَقَرت يداك من الْعلم إِذا جهلت مثل هَذَا فقد قل حظك من الْعلم وَهُوَ معنى قَول بن كيسَان وَقَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ الحض على تعلم مثل هَذَا كَمَا يُقَال انج ثكلتك أمك لَا يُرِيد أَن تثكل وَقَالَ أَبُو عَمْرو معنى تربت يَمِينك أَصَابَهَا التُّرَاب وَلم يدع عَلَيْهَا بالفقر وَقَالَ الدَّاودِيّ قد قَالَ قوم إِنَّهَا ثربت بالثاء الْمُثَلَّثَة يُرِيد استغنت من الثرب وَهُوَ الشَّحْم وَقَالَ هِيَ لُغَة للقبط صيروا التَّاء ثاء حَتَّى جرى على أَلْسِنَة الْعَرَب كَمَا أبدلوا من الثَّاء فَاء قَالَ الْبَاجِيّ وَالْأَظْهَر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خاطبها على عَادَة الْعَرَب فِي تخاطبها وهم يستعملون هَذِه اللَّفْظَة عِنْد الْإِنْكَار لمن لَا يُرِيدُونَ فقره وَإِن كَانَ مَعْنَاهَا افْتَقَرت يداك يُقَال ترب فلَان إِذا افْتقر فلصق بِالتُّرَابِ وأترب إِذا اسْتغنى وَصَارَ مَاله كالتراب كَثْرَة قَالَ وَيحْتَمل أَن يفعل ذَلِك بعائشة على وَجه التَّأْدِيب لَهَا لانكارها مَا أقرّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يقر إِلَّا على الصَّوَاب وَقد قَالَ اللَّهُمَّ أَيّمَا مُؤمن سببته فَاجْعَلْ ذَلِك قربَة إِلَيْك فَلَا يمْتَنع على هَذَا أَن يَقُول ذَلِك لَهَا لتؤجر وليكفر بهَا مَا قالته لأم سليم قَالَ وروى بن حبيب عَن مَالك تربت بِمَعْنى خسرت وَهُوَ بِمَعْنى مَا قدمْنَاهُ وَقيل مَعْنَاهُ امْتَلَأت تُرَابا انْتهى وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا اللَّفْظ وَشبهه يجْرِي على أَلْسِنَة الْعَرَب من غير قصد للدُّعَاء وَقد قَالَ البديع فِي رسَالَته وَقد يوحش اللَّفْظ وَكله ود وَيكرهُ الشَّيْء وَلَيْسَ من فعله بُد هَذِه الْعَرَب تَقول لَا أَب لَك للشَّيْء إِذا أهم وقاتله الله وَلَا يُرِيدُونَ الذَّم وويل أمه لأمر إِذا تمّ وَلَك لباب فِي هَذَا الْبَاب أَن تنظر إِلَى القَوْل وقائله فَإِن كَانَ وليا فَهُوَ الولا وَإِن خشن وَإِن كَانَ عدوا فَهُوَ الْبلَاء وَإِن حسن وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذِه اللَّفْظَة خلاف كثير منتشر جدا للسلف وَالْخلف من الطوائف كلهَا وَالأَصَح الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهَا أَنَّهَا كلمة أَصْلهَا افْتَقَرت وَلَكِن الْعَرَب اعتادت اسْتِعْمَالهَا غير قاصدة حَقِيقَة مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ فَيذكرُونَ تربت يداك وقاتله الله مَا أشجعه وَلَا أم لَهُ وَلَا أَب لَك وثكلته أمه وويل أمه وَمَا اشبه هَذَا من الفاظهم يَقُولُونَهَا عِنْد إِنْكَار الشَّيْء والزجر عَنهُ أَو الذَّم عَلَيْهِ أَو استعظامه أَو الْحَث عَلَيْهِ أَو الْإِعْجَاب بِهِ وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة هَذِه الْكَلِمَة جَارِيَة على أَلْسِنَة الْعَرَب لَا يُرِيدُونَ بهَا الدُّعَاء على الْمُخَاطب وَلَا وُقُوع الْأَمر بهَا كَمَا يَقُولُونَ قَاتله الله وَقَالَ بَعضهم هُوَ دُعَاء على الْحَقِيقَة لِأَنَّهُ رأى الْحَاجة خيرا لَهَا وَالْأول الْوَجْه انْتهى وَاعْلَم أَنِّي فِي هَذَا الْكتاب أطنب حَيْثُ يسْتَحق الإطناب وأوجز حَيْثُ مَا يَقْتَضِي الْحَال الإيجاز وَمَا أحسن قَول من قَالَ يرْمونَ بالخطب الطوَال وَتارَة وَحي الملاحظ خيفة الرقباء وَمن أَيْن يكون الشّبَه ضبط بِفَتْح الشين وَالْبَاء وبكسر الشين وَسُكُون الْبَاء قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد شبه الابْن لأحد أَبَوَيْهِ أَو لاقاربه وَمعنى ذَلِك أَن للْمَرْأَة مَاء تَدْفَعهُ عِنْد اللَّذَّة الْكُبْرَى كَمَا للرجل مَا يَدْفَعهُ عِنْد اللَّذَّة الْكُبْرَى فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة خرج الْوَلَد يشبه عمومته وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل خرج الْوَلَد يشبه خؤلته

[116] جَاءَت أم سليم امْرَأَة أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ زَاد أَبُو دَاوُد وَهِي أم أنس بن مَالك إِن الله لَا يستحي من الْحق قَالَ ابباجي يحْتَمل أَن تُرِيدُ لَا يَأْمر أَن يسحي من الْحق وَيحْتَمل أَن تُرِيدُ لَا يمْتَنع من ذكره امْتنَاع المستحيي قَالَ وَإِنَّمَا قدمت ذَلِك بَين يَدي قَوْلهَا لما احْتَاجَت إِلَيْهِ من السُّؤَال عَن أَمر يسحي النِّسَاء من ذكره وَلم يكن لَهَا بُد مِنْهُ وَقَالَ الرَّافِعِيّ مَعْنَاهُ لَا يتْركهُ فَإِن من يستحي من الشَّرّ يتْركهُ وَالْمعْنَى أَن الْحيَاء لَا يَنْبَغِي أَن يمْنَع من طلب الْحق ومعرفته وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد لَعَلَّ لقَائِل أَن يَقُول إِنَّمَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل الْحيَاء فِي حق الله إِذا كَانَ الْكَلَام مثبتا كَمَا جَاءَ إِن الله حييّ كريم وَأما فِي النَّفْي فالمستحيلات على الله تنفى وَلَا يشْتَرط فِي النَّفْي أَن يكون الْمَنْفِيّ مُمكنا وَجَوَابه أَنه لم يرد النَّفْي على الاستحياء مُطلقًا بل ورد على الاستحياء من الْحق وبطريق الْمَفْهُوم يَقْتَضِي أَنه يستحي من غير الْحق فَيَعُود بطرِيق الْمَفْهُوم إِلَى جَانب الاثبات انْتهى ويستحيي بياءين فِي لُغَة الْحجاز وبياء وَاحِدَة فِي لُغَة تَمِيم إِذا هِيَ احْتَلَمت الِاحْتِلَام افتعال من الْحلم بِضَم الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَهُوَ مَا يرَاهُ النَّائِم فِي نَومه وخصصه الْعرف بِبَعْض ذَلِك وَهُوَ رُؤْيَة الْجِمَاع وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث أم سليم أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله إِذا رَأَتْ الْمَرْأَة أَن زَوجهَا يُجَامِعهَا فِي الْمَنَام أتغتسل وَفِي ربيع الْأَبْرَار للزمخشري عَن بن سِيرِين قَالَ لَا تحتلم ودعا إِلَّا على أَهله قَالَ نعم إِذا رَأَتْ المَاء أَي الْمَنِيّ بعد الاستيقاظ زَاد البُخَارِيّ من طَرِيق آخر عَن هِشَام فغطت أم سَلمَة يَعْنِي وَجههَا وَقَالَت يَا رَسُول الله وتحتلم الْمَرْأَة قَالَ نعم تربت يَمِينك فيمَ يشبهها وَلَدهَا وَلأَحْمَد أَنَّهَا قَالَت وَهل للْمَرْأَة مَاء فَقَالَ هن شقائق الرِّجَال قَالَ الرَّافِعِيّ أَي نظائرهم وأمثالهم فِي الْخلق

[119] ويعطينه الْخمْرَة قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ مِقْدَار مَا يضع الرجل عَلَيْهِ وَجهه فِي سُجُوده من حَصِير أَو نسجة خوص أَو نَحوه من الثِّيَاب وَلَا يكون خمرة إِلَّا فِي هَذَا الْمِقْدَار وَسميت خمرة لِأَن خيوطها مستورة بسعفها انْتهى

[120] عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره قَالَ جمَاعَة مِنْهُم بن سعد وَابْن حبَان وَابْن عبد الْبر أَن ذَلِك كَانَ فِي غَزْوَة بني المصطلق حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ هِيَ الشّرف الَّذِي قُدَّام ذِي الحليفة أَو بِذَات الْجَيْش هِيَ من الْمَدِينَة على بريد وَبَينهَا وَبَين العقيق سَبْعَة أَمْيَال عقد بِكَسْر الْمُهْملَة كل مَا يعْقد ويعلق فِي الْعُنُق وَتسَمى قلادة وَلأبي دَاوُد من حَدِيث عمار بن يَاسر أَنه كَانَ من جزع أظفار على التماسه أَي لأجل طلبه وَجعل يطعن بِضَم الْعين وَكَذَا جَمِيع مَا هُوَ حسي وَأما الْمَعْنَوِيّ فَيُقَال يطعن بِالْفَتْح هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فيهمَا مَعًا وَحكى فيهمَا مَعًا الْفَتْح وَالضَّم فَأنْزل الله آيَة التَّيَمُّم قَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذِه العضلة مَا وجدت لدائها من دَوَاء لأَنا لَا نعلم أَي الْآيَتَيْنِ عنت عَائِشَة وَقَالَ بن بطال هِيَ آيَة النِّسَاء أَو آيَة الْمَائِدَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هِيَ آيَة النِّسَاء وَوَجهه بِأَن آيَة الْمَائِدَة تسمى آيَة الْوضُوء وَآيَة النِّسَاء لَا ذكر للْوُضُوء فِيهَا فَيتَّجه تَخْصِيصه أَن بِآيَة التَّيَمُّم وَأورد الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول هَذَا الحَدِيث عِنْد ذكر آيَة النِّسَاء أَيْضا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وخفي على الْجَمِيع مَا ظهر للْبُخَارِيّ من أَن المُرَاد بهَا آيَة الْمَائِدَة بِغَيْر تردد لرِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث إِذْ ضرح فِيهَا بقوله فَنزلت يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الْآيَة فَقَالَ أسيد هُوَ بِالتَّصْغِيرِ بن حضير هُوَ مُهْملَة ثمَّ مُعْجمَة مصغر أَيْضا مَا هِيَ بِأول بركتكم يَا آل أبي بكر أَي بل هِيَ مسبوقة بغَيْرهَا من البركات وَالْمرَاد بآل أبي بكر نَفسه وَأَهله وَأَتْبَاعه وَفِي تَفْسِير إِسْحَاق المسببي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا مَا كَانَ أعظم بركَة قلادتك فَبَعَثنَا الْبَعِير أَي أثرناه فَوَجَدنَا العقد تَحْتَهُ لأبي دَاوُد من حَدِيث عمار بن يَاسر فِي آخِره زِيَادَة فَقَامَ الْمُسلمُونَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضربُوا بِأَيْدِيهِم الأَرْض ثمَّ رفعوا أَيْديهم وَلم يقبضوا من التُّرَاب شَيْئا فمسحوا بهَا وُجُوههم وأيديهم إِلَى المناكب وَمن بطُون أَيْديهم إِلَى الآباط [124] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا روى هَذَا مُسْندًا بِهَذَا اللَّفْظ وَمَعْنَاهُ صَحِيح ثَابت [125] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مُضْطَجِعَة قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَلَا أعلم أَنه رُوِيَ بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث عَائِشَة أَلْبَتَّة ويتصل مَعْنَاهُ من حَدِيث أم سَلمَة وَهُوَ فِي الصَّحِيح وَغَيره نفست قَالَ الْخطابِيّ أصل هَذِه الْكَلِمَة من النَّفس إِلَّا أَنهم فرقوا بَين بِنَاء الْفِعْل من الْحيض وَالنّفاس فَقَالُوا فِي الْحيض نفست بِفَتْح النُّون والولادة بضَمهَا وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم هُوَ هُنَا بِفَتْح النُّون وَكسر الْفَاء هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة وَهُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور فِي اللُّغَة إِن نفست بِفَتْح النُّون مَعْنَاهُ حَاضَت وَأما فِي الْولادَة فَيُقَال بِضَم النُّون قَالَ وَقد نقل أَبُو حَاتِم عَن الاسمعي الْوَجْهَيْنِ فِي الْحيض والولادة وَذكر ذَلِك غير وَاحِد قَالَ وأصل ذَلِك كُله خُرُوج الدَّم وَالدَّم يُسمى نفسا

[128] بالدرجة قَالَ بن عبد الْبر من رَوَاهُ هَكَذَا فَهُوَ على تَأْنِيث الدرج وَكَانَ الْأَخْفَش يرويهِ الدرجَة وَيَقُول هُوَ جمع درج مثل خرجَة وَخرج وترسة وترس وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة هَكَذَا يرْوى بِكَسْر الدَّال وَفتح الرَّاء جمع درج وَهُوَ كالصفد الصَّغِير تضع فِيهِ الْمَرْأَة خف متاعها وطيبها وَقيل إِنَّمَا هُوَ بالدرجة تَأْنِيث درج وَقيل إِنَّمَا هِيَ الدرجَة بِالضَّمِّ وَجَمعهَا الدرج وَأَصله شَيْء يدرج أَي يلف فَيدْخل فِي حَيَاء النَّاقة ثمَّ يخرج وَيتْرك على حوار فتشتبه فتظنه وَلَدهَا فتر أمه انْتهى الكرسف الْقطن حَتَّى تَرين الْقِصَّة الْبَيْضَاء بِفَتْح الْقَاف وَالصَّاد الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة قَالَ بن رَشِيق وَهُوَ الطُّهْر الْأَبْيَض الَّذِي يرينه النِّسَاء عِنْد النَّقَاء من الْحيض شبه بياضه بالقص وَهُوَ الجص وَقَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ أَن تخرج القطنة أَو الْخِرْقَة الَّتِي تحشى بهَا الْحَائِض كَأَنَّهَا قصَّة بَيْضَاء لَا يخالطها صفة وَقيل الْقِصَّة شَيْء كالخيط يخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله [129] عَن ابْنة زيد بن ثَابت اسْمهَا أم أسعد فَكَانَت تعيب ذَلِك عَلَيْهِنَّ قَالَ الْبَاجِيّ لتكلفهن من ذَلِك مَالا يلْزم قَالَ وَإِنَّمَا يلْزم النّظر إِلَى الطُّهْر إِذا أَرَادَت النّوم أَو إِن أقمن لصَلَاة الصُّبْح قَالَه مَالك فِي الْمَبْسُوط [133] أرجل بتَشْديد الْجِيم من الترجيل وَهُوَ تَسْرِيح الشّعْر وتنظيفه

[134] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا وَقع فِي رِوَايَة يحيى وَهُوَ خطأ بَين مِنْهُ وَغلط بِلَا شكّ وَإِنَّمَا الحَدِيث فِي لهشام عَن فَاطِمَة امْرَأَته وَكَذَا رَوَاهُ كل من روى عَن هِشَام مَالك وَغَيره عَن أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق أَنَّهَا قَالَت سَأَلت امْرَأَة فِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن هِشَام أَن أَسمَاء قَالَت سَأَلت كَذَا أخرجه الشَّافِعِي قَالَ الرَّافِعِيّ مُمكن أَن تَعْنِي فِي رِوَايَة مَالك نَفسهَا وَيُمكن أَنَّهَا سَأَلت عَنهُ وَسَأَلَ غَيرهَا أَيْضا فترجع كل رِوَايَة إِلَى سُؤال قَالَ وَذكر الْبَيْهَقِيّ أَن الصَّحِيح أَن امْرَأَة سَأَلت وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر أغرب النَّوَوِيّ فضعف رِوَايَة سُفْيَان بِلَا دَلِيل وَهِي صَحِيحَة الْإِسْنَاد لَا عِلّة لَهَا قَالَ وَلَا بعد فِي أَن يتهم الرَّاوِي اسْم نَفسه كَمَا وَقع فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي قصَّة الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب أَرَأَيْت هِيَ بِمَعْنى أَخْبرنِي وَيجب فِي التَّاء إِذا لم تتصل بهَا الْكَاف مَا يجب لَهَا مَعَ سَائِر الْأَفْعَال من تذكير وتأنيث وتثنية وَجمع إِذا أصَاب ثوبها الدَّم بِنصب ثوبها وَرفع الدَّم من الْحَيْضَة قَالَ النَّوَوِيّ بِفَتْح الْحَاء أَي الْحيض وَقَالَ الرَّافِعِيّ يجوز فِيهِ الْكسر وَهِي الْحَالة الَّتِي عَلَيْهَا الْمَرْأَة وَيجوز الْفَتْح وَهِي الْمرة من الْحيض قَالَ وَهَذَا أظهر فلتقرضه قَالَ الْبَاجِيّ رَوَاهُ يحيى وَأكْثر الروَاة بِضَم الرَّاء وتخفيفها وَرَوَاهُ القعْنبِي بِكَسْر الرَّاء وتشديدها وَمَعْنَاهُ تَأْخُذ المَاء وتغمره بأصبعها للْغسْل وَقَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ تقطعه بأطراف الْأَصَابِع مَعَ المَاء ليتحلل ثمَّ لتنضحه قَالَ النَّوَوِيّ أيتغسله قَالَ وَهُوَ بِكَسْر الضَّاد كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي وَغَيره وَقَالَ الرَّافِعِيّ فسره الشَّافِعِي بِالْغسْلِ قَالَ النَّضْح يُطلق على الصب والرش وَالْغسْل وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ المُرَاد هُنَا الرش لِأَن غسل الدَّم اسْتُفِيدَ من قَوْله فلتقرصه وَأما النصح فَهُوَ لما شكت فِيهِ من الثَّوْب ورده الْحَافِظ بن حجر بِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ اخْتِلَاف الضمائى فِي الْمرجع وَهُوَ خلاف الأَصْل وَبِأَن الرش على الْمَشْكُوك فِيهِ لَا يُفِيد شَيْئا لِأَنَّهُ إِن كَانَ طَاهِرا فَلَا حَاجَة إِلَيْهِ وَإِن كَانَ متنجسا لم يطهر بذلك [135] فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة والشين الْمُعْجَمَة بِصِيغَة التصغير اسْمه قيس بن الْمطلب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي وَهِي غير فَاطِمَة بنت قيس الَّتِي طلقت ثَلَاثًا إِنِّي لَا أطهر قَالَ الْبَاجِيّ تُرِيدُ لَا يَنْقَطِع عَنْهَا الدَّم إِنَّمَا ذَلِك بِكَسْر الْكَاف عرق بِكَسْر الْعين وَسُكُون الرَّاء هُوَ الْمُسَمّى بالعاذل بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَلَيْسَت بالحيضة قَالَ النَّوَوِيّ يجوز فِيهَا الْوَجْهَانِ الْكسر على الْحَالة وَاخْتَارَهُ الْخطابِيّ وَالْفَتْح وَهُوَ الْأَظْهر أَي الْحيض قَالَ وَهَذَا الْوَجْه نَقله الْخطابِيّ عَن أَكثر الْمُحدثين أَو كلهم وَهُوَ فِي هَذَا الْموضع مُتَعَيّن أَو قريب من الْمُتَعَيّن فَإِن الْمَعْنى يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ إِثْبَات الِاسْتِحَاضَة وَنفي الْحيض قَالَ وَأما مَا يَقع فِي كثير من كتب الْفِقْه إِنَّمَا ذَلِك عرق انْقَطع أَو انفجر فَهِيَ زِيَادَة لَا تعرف فِي الحَدِيث وَإِن كَانَ لَهَا معنى فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة قَالَ النَّوَوِيّ يجوز هُنَا الْوَجْهَانِ فتح الْحَاء وَكسرهَا جَوَازًا حسنا فَإِذا ذهب قدرهَا قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد قدر الْحَيْضَة على مَا قدره الشَّرْع وَإِن يُرِيد قدرهَا على مَا ترَاهُ الْمَرْأَة باجتهادها وَإِن يُرِيد قدرهَا على مَا تقدم من عَادَتهَا فِي حَيْضهَا

[136] عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَأَيوب وَرَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وصخر بن جوَيْرِية وَعبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رجلا أخبرهُ عَن أم سَلمَة فادخلوا بَين سُلَيْمَان وَبَين أم سَلمَة رجلا أَن امْرَأَة قَالَ الْبَاجِيّ يُقَال هِيَ فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش قَالَ وَقد بَين ذَلِك حَمَّاد بن زيد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي حَدِيثهمَا عَن أَيُّوب عَن سُلَيْمَان بن يسَار قلت وَكَذَا هُوَ مُبين فِي سنَن أبي دَاوُد من طَرِيق وهيب عَن أَيُّوب كَانَت تهراق الدِّمَاء قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنَّهَا من كَثْرَة الدَّم بهَا كَانَت تهريقه وَفِي النِّهَايَة كَذَا جَاءَ هَذَا الحَدِيث تهراق الدَّم على مَا لم يسم فَاعله وَالدَّم مَنْصُوب أَي تهراق هِيَ الدَّم وَهُوَ مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَإِن كَانَ معرفَة وَله نَظَائِر أَو يكون قد أجْرى تهراق مجْرى نفست الْمَرْأَة غُلَاما ونتج الْفرس مهْرا قَالَ وَيجوز رفع الدَّم على تَقْدِير تهراق دماؤها وَيكون اللف وَاللَّام بَدَلا من الْإِضَافَة كَقَوْلِه أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ أَي عقدَة نِكَاحه أَو نِكَاحهَا قَالَ وَالْهَاء تهراق بدل من همزَة أراق يُقَال أراق المَاء يريقه وهراقه يهريقه بِفَتْح الْهَاء هراقة انْتهى وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل اخْتلفُوا فِي تَشْبِيه الْفِعْل اللَّازِم بِالْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي كَمَا شبه وَصفه باسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي فَأجَاز ذَلِك بعض الْمُتَأَخِّرين فَتَقول زيد قد تفقأ الشَّحْم أَصله تفقأ شحمه فأضمرت فِي تفقأ ونصبت الشَّحْم تَشْبِيها بالمفعول وَاسْتدلَّ بِمَا رُوِيَ فِي الحَدِيث كَانَت امْرَأَة تهراق الدِّمَاء وَمنع من ذَلِك أَبُو عَليّ الشلويين وَقَالَ لَا يكون ذَلِك إِلَّا فِي الصِّفَات وَتَأَول الحَدِيث على أَنه إِسْقَاط حرف الْجَرّ أَو على إِضْمَار فعل أَي بالدماء أَو يهريق الله الدِّمَاء مِنْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح إِذْ لم يثبت ذَلِك من لِسَان الْعَرَب لتستثفر بمثلثة قبل الْفَاء قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ أَن تشد فرجهَا بِخرقَة عريضة بعد أَن تحتشي قطنا وتوثق طرفيها فِي شَيْء تشده على وَسطهَا فتمنع بذلك سيل الدَّم وَهُوَ مَأْخُوذ من ثفر الدَّابَّة الَّذِي يَجْعَل تَحت ذنبها فَائِدَة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْحيض ثَلَاثَة أَحَادِيث حديثان لَيْسَ فِي نَفسِي شَيْء مِنْهُمَا حَدِيث عَائِشَة فِي قَضِيَّة فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش وَحَدِيث أم سَلمَة وَالثَّالِث فِي قلبِي مِنْهُ شَيْء وَهُوَ حَدِيث حمْنَة بنت جحش قَالَ أَبُو دَاوُد وَمَا عدا هَذِه الثَّلَاثَة أَحَادِيث فَفِيهَا اخْتِلَاف واضطراب وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الأشبيلي حَدِيث فَاطِمَة أصح حَدِيث يرْوى فِي الِاسْتِحَاضَة

[137] عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة أَنَّهَا رَأَتْ زَيْنَب بنت جحش الَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَكَانَت تستحاض قَالَ الْبَاجِيّ قَول رَأَتْ زَيْنَب وهم لِأَن زَيْنَب بنت جحش كَانَت زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأُخْتهَا حمْنَة كَانَت تَحت طَلْحَة بن عبيد الله وَأُخْتهَا أم حَبِيبَة كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَاسْمهَا جهبة وَقد روى هَذَا الحَدِيث بن عفير عَن مَالك وَقَالَ ابْنة جحش فَلم يسمهَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ القعْنبِي عَن مَالك فَإِن كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا فَهُوَ الصَّوَاب وَقَالَ القَاضِي عِيَاض اخْتلف أَصْحَاب الْمُوَطَّأ فِي هَذَا عَن مَالك فأكثرهم يَقُولُونَ زَيْنَب بنت جحش وَكثير من الروَاة يَقُولُونَ عَن ابْنة جحش قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب قَالَ وَيبين الْوَهم فِيهِ بقوله كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن وَزَيْنَب هِيَ أم الْمُؤمنِينَ لم يَتَزَوَّجهَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قطّ إِنَّمَا تزَوجهَا أَولا زيد بن حَارِثَة ثمَّ تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف هِيَ أم حَبِيبَة وَقَالَ بن عبد الْبر قيل إِن بَنَات جحش الثَّلَاثَة زَيْنَب وَأم حَبِيبَة وَحمْنَة زوج طَلْحَة كن يستحضن كُلهنَّ وَقيل إِنَّه لم يستحض مِنْهُنَّ إِلَّا أم حَبِيبَة وَذكر القَاضِي يُونُس بن مغيث فِي كِتَابه الموعب فِي شرح الْمُوَطَّأ مث لهَذَا وَذكر أَن كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ اسْمهَا زَيْنَب ولقب إِحْدَاهُنَّ حمْنَة وكنبة الْأُخْرَى أم حَبِيبَة قَالَ وَإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا فقد سلم مَالك من الْخَطَأ فِي تَسْمِيَة أم حَبِيبَة زَيْنَب انْتهى كَلَام القَاضِي قَالَ النَّوَوِيّ وَأما قَوْله أم حَبِيبَة فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ الصَّحِيح أَنَّهَا أم حبيب بِلَا هَاء وَاسْمهَا حَبِيبَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَول الْحَرْبِيّ صَحِيح وَكَانَ من أَئِمَّة النَّاس بِهَذَا الشَّأْن وَقَالَ أَبُو عَليّ الغساني الصَّحِيح أَن اسْمهَا حَبِيبَة وَقَالَ بن الْأَثِير يُقَال لَهَا أم حَبِيبَة وَقيل أم حبيب قَالَ وَالْأول أَكثر وَكَانَت مُسْتَحَاضَة وَأهل السّير يَقُولُونَ الْمُسْتَحَاضَة أُخْتهَا حمْنَة بنت جحش قَالَ بن عبد الْبر الصَّحِيح إنَّهُمَا كَانَتَا تستحاضان انْتهى وَقَالَ صَاحب الْمطَالع قَول الْمُوَطَّأ رَأَتْ زَيْنَب بنت جحش قَالَ الْحَرْبِيّ صَوَابه أم حبيب وَاسْمهَا حَبِيبَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ أَبُو عَمْرو وَهُوَ الْأَكْثَر وَبَنَات جحش ثَلَاث زَيْنَب وحبيبة هَذِه وَحمْنَة فَقيل كن يستحضن كُلهنَّ وَقيل بل حَبِيبَة فَقَط وَقيل بل حَبِيبَة وَحمْنَة وَهَذَا الْأَصَح وَحكى لنا شَيخنَا أَبُو إِسْحَاق اللواتي عَن بن سهل عَن يُونُس بن عبد الله القَاضِي أَنه حكى إِن بَنَات جحش كن ثَلَاثًا اسْم كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ زَيْنَب وَكن يستحضن كُلهنَّ قَالَ القَاضِي وَسَأَلت عَن ذَلِك حفيده يُونُس بن مُحَمَّد بن مغيث فصححه قَالَ بن قرقول وَهَذَا لَا يقبل وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يسمع إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَأهل الْمعرفَة بِهَذَا الشَّأْن لَا يثبتونه وَإِنَّمَا حمل عَلَيْهِ من قَالَه إِنَّه لَا ينْسب إِلَى مَالك وهم انْتهى فَائِدَة عد الْحَافِظ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ المستحاضات من الصحابيات فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبلغن عشرَة بَنَات جحش الثَّلَاثَة على مَا تقدم وَفَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش وَتقدم حَدِيثهَا وَسَوْدَة بنت زَمعَة وحديثها عِنْد أبي دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَأم سَلمَة وحديثها فِي سنَن سعيد بن مَنْصُور وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ فِي سنَن أبي دَاوُد أَيْضا لَكِن على التَّرَدُّد هَل هُوَ عَنَّا أَو عَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش وسهلة بنت سُهَيْل ذكرهَا أَبُو دَاوُد أَيْضا وَأَسْمَاء بنت مرشد ذكرهَا الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وبادية بنت غيلَان ذكرهَا ان مَنْدَه وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي حمْنَة حَدِيث يحيى بن أبي كثير أَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة استحاضت قَالَ الْحَافِظ بن حجر لَكِن الحَدِيث فِي سنَن أبي دَاوُد من حِكَايَة زَيْنَب عَن غَيرهَا وَهُوَ أشبه فانها كَانَت ف زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَغِيرَة لِأَنَّهُ دخل على أمهَا فِي السّنة الثَّالِثَة وَهِي ترْضع [140] أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصبي فَبَال على ثَوْبه قَالَ الْحَافِظ بن حجر يظْهر لي أَن المُرَاد بِهِ بن أم قيس الْمَذْكُور فِي الحَدِيث بعده قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون الْحسن بن عَليّ أَو الْحُسَيْن فقد وَقع لَهما أَيْضا ذَلِك كَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أم سَلمَة وَغَيرهَا فَأتبعهُ إِيَّاه بِإِسْكَان الْمُثَنَّاة أَي أتبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَوْل المَاء أَي صبه عَلَيْهِ وَلمُسلم فَاتبعهُ وَلم يغسلهُ وَلابْن الْمُنْذر فنضحه عَلَيْهِ

[141] عَن أم قيس بنت مُحصن قَالَ بن عبد الْبر اسْمهَا جذامة يَعْنِي بِالْجِيم والذال الْمُعْجَمَة وَقَالَ السُّهيْلي اسْمهَا آمِنَة وَهِي أُخْت عكاشة بن مُحصن الْأَسدي وَكَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول أَنَّهَا أَتَت بِابْن لَهَا صَغِير قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم أَقف على تَسْمِيَته قَالَ وروى النَّسَائِيّ أَن ابْنهَا هَذَا مَاتَ فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ صَغِير فِي حجره بِفَتْح الْحَاء فَبَال على ثَوْبه قَالَ الْحَافِظ بن حجر أَي ثوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَأغْرب بن شعْبَان من الْمَالِكِيَّة فَقَالَ المُرَاد بِهِ ثوب الصَّبِي وَالصَّوَاب الأول وَلم يغسلهُ ادّعى الْأصيلِيّ أه هَذِه الْجُمْلَة مدرجة فِي آخر الحَدِيث من كَلَام بن شهَاب وَإِن الْمَرْفُوع انْتهى عِنْد قَوْله فنضحه قَالَ وَكَذَلِكَ روى معمر عَن بن شهَاب وَكَذَلِكَ أخرجه بن أبي شيبَة قَالَ فرشه وَلم يرد على ذَلِك وَتوقف الْحَافِظ بن حجر فِي ذَلِك قَالَ نعم زَاد معمر فِي رِوَايَته قَالَ بن شهَاب فمضت السّنة أَن يرش بَوْل الصَّبِي وَيغسل بَوْل الْجَارِيَة أخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه [142] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ دخل أَعْرَابِي الْمَسْجِد وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ من طرق عَن يحيى عَن أنس بقه قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا الحيدث أصح حَدِيث يرْوى فِي المَاء قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد حكى أَبُو بكر التاريخي عَن عبد الله بن رَافع الْمدنِي أَن هَذَا الْأَعرَابِي هُوَ الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي لَكِن أخرج أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الصَّحَابَة من مُرْسل سُلَيْمَان بن يسَار أَنه ذُو الْخوَيْصِرَة قَالَ وَكَانَ رجلا جَافيا وَفِي الصَّحِيح أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ الْقِسْمَة أعدل فَقَالَ لَهُ وَيحك وَمن يعدل إِذا لم أعدل وَفِي التِّرْمِذِيّ فِي أول هَذَا الحَدِيث انه صلى ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي ومحمدا وَلَا ترحم مَعنا أحدا فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد تحجرت وَاسِعًا فَلم يلبث أَن بَال فِي الْمَسْجِد قَالَ بعض الْفُضَلَاء فَهُوَ الْقَائِل والسائل والبائل بذنوب بِفَتْح الْمُعْجَمَة قَالَ الْخَلِيل هُوَ الدَّلْو ملأى مَاء وَقَالَ بن فَارس الدَّلْو الْعَظِيمَة وَقَالَ بن السّكيت فِيهَا مَاء قربت من الملء وَلَا يُقَال لَهَا فارغة ذنُوب فصب على ذَلِك الْمَكَان زَاد مُسلم ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ إِن هَذِه الْمَسَاجِد لَا تصلح لشَيْء من هَذَا الْبَوْل وَلَا القذر إِنَّمَا هِيَ لذكر الله وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن [143] بَلغنِي أَن بعض من مضى كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ من الْغَائِط قَالَ فِي الاستذكار عي بِمن مضى عمر بن الْخطاب لِأَن من رِوَايَته أَنه كَانَ يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ لما تَحت إزَاره وَقد روى فِي قصَّة أهل قبَاء أَنهم كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ من الْغَائِط بِالْمَاءِ

[144] عَن بن شهَاب عَن بن السباق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي جُمُعَة من الْجمع وَصله بن ماجة من طَرِيق صَالح بن أبي الْأَخْضَر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد بن السباق عَن بن عَبَّاس بِهِ وَفَاتَ بن عبد الْبر ذَلِك وَاسم بن السباق عبيد وَهُوَ من ثِقَات التَّابِعين بِالْمَدِينَةِ وأشرافهم يَا معشر الْمُسلمين قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم المعشر الطَّائِفَة الَّذين يشملهم وصف فالشباب معشر والشيوخ معشر وَالنِّسَاء معشر والأنبياء معشر وَكَذَا مَا أشبهه إِن هَذَا يَوْم جعله الله عيدا أَي لهَذِهِ الْأمة خَاصَّة قَالَ أَبُو سعد فِي شرف الْمُصْطَفى وَابْن سراقَة فِي الاعداد خص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَوْم الْجُمُعَة عيدا لَهُ ولأمته قَالَ بن عبد الْبر فِي الحَدِيث دَلِيل على أَن من حلف أَن يَوْم الْجُمُعَة يَوْم عيد لم يَحْنَث وَكَذَا لَو حلف على فعل شَيْء يَوْم عيد وَلَا نِيَّة لَهُ فَإِنَّهُ يبر بِفِعْلِهِ يَوْم جُمُعَة وَعَلَيْكُم بِالسِّوَاكِ قَالَ الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند السِّوَاك فِيمَا حكى بن دُرَيْد من قَوْلهم سكت الشَّيْء إِذا دلكته سوكا وَذكر أَنه يُقَال ساك فَاه فَإِذا قلت استاك لم يذكر الْفَم وَعَن الْخَلِيل أَنه من قَوْلهم تساوكت الْإِبِل أَي اضْطَرَبَتْ أعناقها من الهزال وَذَلِكَ لِأَن الْيَد تضطرب عِنْد السِّوَاك قَالَ والسواك الْعود نَفسه والسواك اسْتِعْمَاله وَعَن أبي حنيفَة الدينَوَرِي أَنه يُقَال سواك ومسواك وَيجمع مساويك وسوكا انْتهى [145] لَوْلَا أَن أشق على أمتِي قَالَ الرَّافِعِيّ أَي اثقل عَلَيْهِم يَقُول شققت عَلَيْهِ إِذا أدخلت عَلَيْهِ الْمَشَقَّة أشق شقا بِالْفَتْح لأمرتهم بِالسِّوَاكِ قَالَ الرَّافِعِيّ أَي أَمر إِيجَاب وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد اسْتدلَّ بِهِ بعض أهل الْأُصُول على أَن الْأَمر للْوُجُوب وَوجه الِاسْتِدْلَال أَن كلمة لَوْلَا تدل على انْتِفَاء الشَّيْء لوُجُود غَيره فتدل على انْتِفَاء الْأَمر لوُجُود الْمَشَقَّة والمنفي لأجل الْمَشَقَّة إِنَّمَا هُوَ الْوُجُوب لَا الِاسْتِحْبَاب فَإِن اسْتِحْبَاب السِّوَاك ثَابت عِنْد كل صَلَاة فَيَقْتَضِي ذَلِك أَن الْأَمر للْوُجُوب انْتهى وَفِي مُسْند أَحْمد من حَدِيث فتم بن الْعَبَّاس أَو تَمام بن الْعَبَّاس لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لفرضت عَلَيْهِم السِّوَاك كَمَا فرضت عَلَيْهِم الْوضُوء وَلابْن ماجة من حَدِيث أبي أُمَامَة مَا جَاءَ فِي جِبْرِيل إِلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خشيت أَن يفْرض عَليّ وعَلى أمتِي لَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن أشق على أمتِي لفرضته لَهُم تَنْبِيه فِي الحَدِيث اخْتِصَار من أَثْنَائِهِ وَآخره وَقد أخرجه الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد بِسَنَدِهِ بِلَفْظ لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِتَأْخِير الْعشَاء والسواك عِنْد كل صَلَاة [146] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ لَوْلَا أَن يشق على أمته لأمرهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يدْخل فِي الْمسند لاتصاله من غير مَا وَجه وَلما يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ قَالَ وَبِهَذَا اللَّفْظ رَوَاهُ أَكثر الروَاة عَن مَالك وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ يحيى أَبُو مُصعب وَابْن بكير والقعنبي وَابْن الْقَاسِم وَابْن وهب وَابْن نَافِع وَرَوَاهُ معن بن عِيسَى وَأَيوب بن صَالح وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَجُوَيْرِية وَأَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس ومطرف بن عبد الله اليساري ألأصم وَبشر بن عمر وروح بن عبَادَة وَسَعِيد بن عفير وَسَحْنُون عَن بن الْقَاسِم عَن مَالك بِسَنَدِهِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا أَن يشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء

[147] كتاب الصَّلَاة عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَرَادَ أَن يتَّخذ خشبتين الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر روى قصَّة عبد الله بن زيد هَذِه فِي بَدْء الْأَذَان جمَاعَة من الصَّحَابَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة وَمَعَان مُتَقَارِبَة والأسانيد فِي ذَلِك متواترة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد اسْتشْكل اثبات حكم الْأَذَان برؤيا عبد الله بن زيد لِأَن رُؤْيا غير الْأَنْبِيَاء لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حكم شَرْعِي وَأجِيب بِاحْتِمَال مُقَارنَة الْوَحْي لذَلِك وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من طَرِيق عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ أحد كبار التَّابِعين أَن عمر لما رأى الْأَذَان جَاءَ ليخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ الْوَحْي قد ورد بذلك فَمَا راعه إِلَّا أَذَان بِلَال فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَقَك بذلك الْوَحْي قَالَ الْحَافِظ وَهَذَا أصح مِمَّا حكى الدَّاودِيّ عَن بن إِسْحَاق أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَذَانِ قبل أَن يُخبرهُ عبد الله بن زيد وَعمر بِثمَانِيَة أَيَّام انْتهى وَفِي كتاب الْأَذَان لأبي الشَّيْخ عَن بن عَبَّاس قَالَ الْأَذَان نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ فرض الصَّلَاة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ الْحَافِظ مغلطاي أَي مَعَ فرض الْجُمُعَة وَأخرج بن عَبَّاس قَالَ علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَذَان حِين أسرِي بِهِ وَأخرج بن شاهين عَن زيد بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنِي الْعَلَاء قَالَ قلت لِابْنِ الحنيفة كُنَّا نتحدث أَن الْأَذَان رُؤْيا رَآهَا رجل من الْأَنْصَار فَفَزعَ وَقَالَ عمدتم إِلَى أحسن دينكُمْ فزعمتم أَنه كَانَ رُؤْيا هَذَا وَالله الْبَاطِل وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عرج بِهِ انْتهى إِلَى مَكَان من السَّمَاء وقف وَبعث الله ملكا مَا رَآهُ أحد فِي السَّمَاء قبل ذَلِك الْيَوْم فَعلمه الْأَذَان [148] عَن بن شهَاب عَن عَطاء بن يزِيد ذكر الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن طَاهِر فِي كتاب ذخيرة الْحفاظ أَن الْمُغيرَة بن سكلاب رَوَاهُ عَن مَالك فَزَاد فِي سَنَده سعيد بن الْمسيب مَقْرُونا بعطاء وَقَالَ بن عدي ذكر سعيد فِي هَذَا الْإِسْنَاد غَرِيب لَا أعلم يرويهِ عَن مَالك غير مُغيرَة وَهُوَ ضَعِيف وَفِي التَّمْهِيد رَوَاهُ مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر وَذَلِكَ خطأ من كل من رَوَاهُ عَن مُسَدّد أَو غَيره وَفِي كتاب أَطْرَاف الْمُوَطَّأ لأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الدانىء وَرَوَاهُ عَمْرو بن مَرْزُوق عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ وَذَلِكَ وهم إِذا سَمِعْتُمْ النداء قَالَ الرَّافِعِيّ أَي الْأَذَان سمي بِهِ لِأَنَّهُ نِدَاء إِلَى الصَّلَاة وَدُعَاء إِلَيْهَا فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن قَالَ الْحَافِظ بن حجر ادّعى بن وضاح أَن قَوْله الْمُؤَذّن مدرج وَإِن الحَدِيث انْتهى عِنْد قَوْله مثل مَا يَقُول قَالَ وَتعقب بِأَن الادراج لَا يثبت بِمُجَرَّد الدَّعْوَى وَقد اتّفقت الرِّوَايَات فِي الصَّحِيحَيْنِ والموطأ على إِثْبَاتهَا وَلم يصب صَاحب الْعُمْدَة فِي حذفهَا قَالَ الْحَافِظ مغلطاي وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت أَن لفظ عبد الرَّزَّاق عَن مَالك فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُنَادِي قَالَ الرَّافِعِيّ وَظَاهر قَوْله مثل مَا يَقُول أَنه يَقُول مثل قَوْله فِي جَمِيع الْكَلِمَات لَكِن وَردت أَحَادِيث باستثناء حَيّ على الصَّلَاة وَحي على الْفَلاح وَإنَّهُ يَقُول بدلهما لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَقَالَ بن الْمُنْذر يحْتَمل أَن يكون ذَلِك من الِاخْتِلَاف الْمُبَاح فَيَقُول تَارَة كَذَا وَتارَة كَذَا

[149] عَن سمى بِضَم أَوله بِلَفْظ التصغير مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَي بن الْحَارِث بن هِشَام لَو يعلم النَّاس قَالَ الطَّيِّبِيّ وضع الْمُضَارع مَوضِع الْمَاضِي ليُفِيد اسْتِمْرَار الْعلم مَا فِي النداء فِي رِوَايَة بشر بن عمر عَن مَالك عِنْد السراج الْأَذَان والصف الأول زَاد أَبُو الشَّيْخ فِي رِوَايَة لَهُ من طَرِيق الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة من الْخَيْر وَالْبركَة قَالَ الْبَاجِيّ اخْتلف فِي الصَّفّ الأول هَل هُوَ الَّذِي يَلِي الامام أَو الْمُنكر قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالصَّحِيح أَنه الَّذِي يَلِي الامام قَالَا فَإِن كَانَ بَين الامام وَالنَّاس سَائل كَمَا أحدث النَّاس المقاصير فالصف الأول الَّذِي يَلِي الْمَقْصُورَة ثمَّ لم يَجدوا إِلَّا أَن يستهموا أَي يقترعوا وَقيل المُرَاد يتراموا بِالسِّهَامِ وَإنَّهُ خرج مخرج الْمُبَالغَة وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث لتجالدوا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ عَلَيْهِ أَي على مَا ذكر من الْأَمريْنِ وَقَالَ بن عبد الْبر الْهَاء عَائِدَة على الصَّفّ الأول لَا على النداء وَهُوَ وَجه الْكَلَام لِأَن الضَّمِير يعود لأَقْرَب مَذْكُور ونازعه الْقُرْطُبِيّ وَقَالَ إِنَّه يلْزم مِنْهُ أَن يبْقى النداء ضائعا لَا فَائِدَة لَهُ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن مَالك بِلَفْظ لاستهموا عَلَيْهِمَا وَهُوَ مفصح بالمراد من غير تكلّف مَا فِي التهجير هُوَ النكير إِلَى الصَّلَاة أَي صَلَاة كَانَت قَالَه الْهَرَوِيّ وَغَيره وَخَصه الْخَلِيل بِالْجمعَةِ قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّوَاب الْمَشْهُور الأول وَقَالَ الْبَاجِيّ التهجير التبكير إِلَى الصَّلَاة فِي الهاجرة وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا فِي الظّهْر أَو الْجُمُعَة لاستبقوا إِلَيْهِ قَالَ بن أبي جَمْرَة المُرَاد الاستباق معنى لَا حسا لِأَن الْمُسَابقَة على الْأَقْدَام حسا تَقْتَضِي السرعة فِي الْمَشْي وَهُوَ مَمْنُوع مِنْهُ مَا فِي الْعَتَمَة أَي العشا قَالَ النَّوَوِيّ وَقد سبق النَّهْي عَن تَسْمِيَة الْعشَاء عتمة وَالْجَوَاب عَن هَذَا الحَدِيث من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن هَذِه التَّسْمِيَة بَيَان للْجُوَاز وَإِن ذَلِك النَّهْي لَيْسَ للتَّحْرِيم وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهر أَن اسْتِعْمَاله الْعَتَمَة هُنَا لمصْلحَة وَنفي مفْسدَة لِأَن الْعَرَب كَانَت تسْتَعْمل لَفْظَة الْعشَاء فِي الْمغرب فَلَو قَالَ لَو يعلمُونَ مَا فِي الْعشَاء لحملوها على الْمغرب ففسد الْمَعْنى وَفَاتَ الْمَطْلُوب فَاسْتعْمل الْعَتَمَة الَّتِي يعرفونها وَلَا يَشكونَ فِيهَا قَالَ وقواعد الشَّرْع متظاهرة على احْتِمَال أخف المفسدتين لدفع أعظمها وَالصُّبْح قَالَ الْبَاجِيّ خص هَاتين الصَّلَاتَيْنِ بذلك لِأَن السَّعْي إِلَيْهِمَا أشق من غَيرهمَا زَاد النَّوَوِيّ لما فِيهِ من تنقيص أول النّوم وَآخره وَلَو حبوا بِسُكُون الْبَاء قَالَ النَّوَوِيّ وَإِنَّمَا ضَبطه لِأَنِّي رَأَيْت من الْكِبَار من صحفه وَفِي شرح الْمَشَارِق للشَّيْخ أكمل الدّين الحبو بِالْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُوَحدَة هُوَ الْمَشْي على الْيَدَيْنِ والركبتين وَلابْن أبي شيبَة من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وَلَو حبوا على الْمرَافِق والركب [150] إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أُقِيمَت قَالَ وَسميت الْإِقَامَة تثويبا لِأَنَّهَا دُعَاء إِلَى الصَّلَاة بعد الدُّعَاء بِالْأَذَانِ من قَوْلهم ثاب إِذا رَجَعَ وَقد ورد من طَرِيق آخر بِلَفْظ إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ النَّوَوِيّ وَإِنَّمَا ذكر الْإِقَامَة للتّنْبِيه بهَا على مَا سواهَا لِأَنَّهُ إِذا نهى عَن إتيانها سعيا فِي حَال الْإِقَامَة مَعَ خوف فَوت بَعْضهَا فَقبل الْإِقَامَة أولى قَالَ وأكد ذَلِك بِبَيَان الْعلَّة بقوله فَإِن أحدكُم فِي صَلَاة مَا كَانَ يعمد إِلَى صَلَاة وَهَذَا يتَنَاوَل جَمِيع أَوْقَات الْإِتْيَان إِلَى الصَّلَاة وأكد ذَلِك تَأْكِيدًا آخر بقوله فَمَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فَأتمُّوا فَحصل فِيهِ تَنْبِيه وتأكيد لِئَلَّا يتَوَهَّم متوهم أَن النَّهْي إِنَّمَا هُوَ لمن لم يخف فَوت بعض الصَّلَاة فَصرحَ بِالنَّهْي وَإِن فَاتَ من اصلاة مَا فَاتَ وَبَين مَا يفعل فِيمَا فَاتَ وَقَوله وَعَلَيْكُم السكنية بِالرَّفْع على أَنَّهَا جملَة فِي مَوضِع الْحَال وَضَبطه الْقُرْطُبِيّ بِالنّصب على الإغراء

[151] فَإِذا كنت فِي غنمك أَو باديتك قَالَ الرَّافِعِيّ يحْتَمل أَن يكون شكا من الرَّاوِي وَيحْتَمل أَن يُرِيد فِي غنمك أَو فِي باديتك بَعيدا عَن الْغنم أَو بِلَا غنم قَالَ مغلطاي والبادية هِيَ الصَّحرَاء لاتي لَا عمَارَة فِيهَا لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن المدى بِفَتْح الْمِيم وَالْقصر الْغَايَة والمنتهى قَالَ الْبَيْضَاوِيّ غَايَة الصَّوْت يكون للمصغي من انتهائه فَإِذا شهد لَهُ من بعد عَنهُ وَوصل إِلَيْهِ مُنْتَهى صَوته فَلِأَن يشْهد لَهُ من دنا مِنْهُ وَسمع مبادي صَوته أولى جن قَالَ الرَّافِعِيّ يشبه أَن يُرِيد مُؤمن الْجِنّ وَأما غَيرهم فَلَا يشْهدُونَ للمؤذن بل يغيرون وينفرون من الْأَذَان وَلَا أنس قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل هُوَ خَاص بِالْمُؤْمِنِينَ فَأَما الْكفْر فَلَا شَهَادَة لَهُ قَالَ وَهَذَا لَا يسلم لقائله لما جَاءَ فِي الْآثَار من خِلَافه وَلَا شَيْء قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ سَائِر الْحَيَوَانَات لِأَنَّهُ الَّذِي يَصح أَن يسمع صَوته وَقَالَت طَائِفَة الحَدِيث على عُمُومه فِي سَائِر الْحَيَوَانَات والجماد وَإِن الله تَعَالَى يخلق لَهَا إدراكا للاذان وعقلا وَمَعْرِفَة كَقَوْلِه تَعَالَى وَإِن من شَيْء إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ قلت وَيشْهد لَهُ مَا فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة لَا يسمع صَوته شجر وَلَا مدر وَلَا حجر وَلَا جن وَلَا إنس وَلأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مدى صَوته وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس وَنَحْوه للنسائي من حَدِيث الْبَراء وَصَححهُ بن السكن إِلَّا شهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الزين بن الْمُنِير السِّرّ فِي هَذِه الشَّهَادَة مَعَ أَنَّهَا تقع عِنْد عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة أَن أَحْكَام الْآخِرَة جرت على نعت أَحْكَام الْخلق فِي الدُّنْيَا من تَوْجِيه الدَّعْوَى وَالْجَوَاب وَالشَّهَادَة وَقَالَ التوربشتي المُرَاد من هَذِه الشَّهَادَة إشهار الْمَشْهُود لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِالْفَضْلِ وعلو الدرجَة وكما أَن الله يفضح بِالشَّهَادَةِ قوما فَكَذَلِك يكرم بِالشَّهَادَةِ آخَرين وَقَالَ الْبَاجِيّ فَائِدَة ذَلِك أَن من يشْهد لَهُ يكون أعظم أجرا فِي الْآخِرَة مِمَّن أذن فَلم يسمعهُ من يشْهد لَهُ قَالَ أَبُو سعيد سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الرَّافِعِيّ يَعْنِي أَنه لَا يسمع إِلَى آخِره قلت وَقد بَينه بن خُزَيْمَة فِي رِوَايَته وَلَفظه قَالَ أَبُو سعيد إِذا كنت فِي الْبَوَادِي فارفع صَوْتك بالنداء فَانِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يسمع إِلَى آخِره وَرَوَاهُ يحيى الْقطَّان عَن مَالك بِلَفْظ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَذِنت فارفع صَوْتك فَإِنَّهُ لَا يسمع إِلَى آخِره قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَالظَّاهِر أَن ذكر الْبَادِيَة وَالْغنم وقُوف

[152] إِذا نُودي للصَّلَاة أدبر الشَّيْطَان زَاد مُسلم حَتَّى يكون مَكَان الروحاء قَالَ الرَّاوِي وَهِي من الْمَدِينَة سِتَّة وَثَلَاثُونَ ميلًا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِهِ إِبْلِيس وَيحْتَمل أَن المُرَاد جنس شَيْطَان الْجِنّ لَهُ ضراط جملَة اسمية وَقعت حَالا بِدُونِ وَاو لحُصُول الارتباط بالضمير وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَله بِالْوَاو وَقَالَ القَاضِي عِيَاض يُمكن حمله على ظَاهره لِأَنَّهُ جسم منفذ يَصح مِنْهُ خُرُوج الرّيح وَيحْتَمل أَنه عبارَة عَن شدَّة خَوفه ونفاره حَتَّى لَا يسمع النداء أَو يصنع ذَلِك اسْتِخْفَافًا كَمَا يَفْعَله السُّفَهَاء وَيحْتَمل أَنه لَا يعمد ذَلِك بل يحصل لَهُ عِنْد سَماع الْأَذَان شدَّة خوف يحصل لَهُ ذَلِك الصَّوْت بِسَبَبِهَا وَيحْتَمل أَن يتَعَمَّد ذَلِك ليناسب مَا يُقَابل الصَّلَاة من الطَّهَارَة بِالْحَدَثِ قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا أدبر الشَّيْطَان عِنْد الْأَذَان لِئَلَّا يسمعهُ فيضطر إِلَى أَن يشْهد لَهُ بذلك يَوْم الْقِيَامَة وَقيل لعظم أَمر الْأَذَان لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من قَوَاعِد التَّوْحِيد وَإِظْهَار شعار الْإِسْلَام وإعلانه وَقيل ليأسه من وسوسته للْإنْسَان عِنْد الاعلان بِالتَّوْحِيدِ قَالَ بن الْجَوْزِيّ فَإِن قيل كَيفَ يهرب الشَّيْطَان من الْأَذَان وَيَدْنُو فِي الصَّلَاة وفيهَا الْقُرْآن ومناجاة الْحق عز وَجل فَالْجَوَاب أَن بعده عِنْد الْأَذَان لغيظه من ظُهُور الدّين وَغَلَبَة الْحق وعَلى الْأَذَان هَيْبَة يشْتَد انزعاجه لَهَا وَلَا يكَاد يَقع فِيهِ رِيَاء وَلَا غَفلَة عِنْد النُّطْق بِهِ لِأَن النَّفس لَا تحضره وَأما الصَّلَاة فَإِن النَّفس تحضر فَيفتح لَهَا الشَّيْطَان أَبْوَاب الوسواس وَقَالَ بن أبي جَمْرَة الْأَذَان إِعْلَام بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أفضل الْأَعْمَال بِأَلْفَاظ هِيَ من الذّكر لَا يُزَاد فِيهَا وَلَا ينقص مِنْهَا بل تقع على وفْق الْأَمر فيفر من سماعهَا وَأما الصَّلَاة فَلَمَّا يَقع من كثير من النَّاس فِيهَا من التَّفْرِيط فيتمكن من المفرط فَلَو قدر أَن الْمُصَلِّي وفى بِجَمِيعِ مَا أَمر بِهِ فِيهَا لم يقر بِهِ إِذا كَانَ وَحده وَهُوَ نَادِر وَكَذَا إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ مثله فَإِنَّهُ يكون أندر فَإِذا قضي النداء أقبل زَاد مُسلم فوسوس حَتَّى إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ بِضَم الْمُثَلَّثَة وَكسر الْوَاو الْمُشَدّدَة أَي أُقِيمَت وَأَصله من ثاب إِذا رَجَعَ ومقيم الصَّلَاة رَاجع إِلَى الدُّعَاء إِلَيْهَا فَإِن الْأَذَان دُعَاء إِلَى الصَّلَاة والاقامة دَعَا إِلَيْهَا حَتَّى يخْطر بَين الْمَرْء وَنَفسه هُوَ بِضَم الطَّاء وَكسرهَا حَكَاهُمَا القَاضِي عِيَاض فِي الْمَشَارِق قَالَ وضبطناه عَن المتقنين بِالْكَسْرِ وسمعناه من أَكثر الروَاة بِالضَّمِّ قَالَ وَالْكَسْر هُوَ الْوَجْه وَمَعْنَاهُ يوسوس وَهُوَ من قَوْلهم خطر الْفَحْل بدنه إِذا حركه فَضرب بِهِ فَخذيهِ وَأما بِالضَّمِّ فَمن السلوك وَالْمرَاد أَن يدنو مِنْهُ فيمر بَينه وَبَين قلبه فيشغله عَمَّا هُوَ فِيهِ وَبِهَذَا فسر الشارحون للموطأ وبالأول فسره الْخَلِيل وَقَالَ الْبَاجِيّ فيحول بَين الْمَرْء وَبَين مَا يُرِيد من نَفسه من إقباله على صلَاته وإخلاصه انْتهى اذكر كَذَا قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَذَا أَعم من أَن يكون فِي أُمُور الدُّنْيَا أَو فِي أُمُور الدّين كَالْعلمِ لما لم يكن يذكر زَاد مُسلم من قبل أَي لشَيْء لم يكن على ذكره قبل دُخُوله فِي الصَّلَاة وَمن هُنَا استنبط أَبُو حنيفَة للَّذي شكا إِلَيْهِ أَنه دفن مَالا ثمَّ لم يهتد لمكانه أَن يُصَلِّي ويحرص على أَن لَا يحدث نَفسه بِشَيْء من أُمُور الدُّنْيَا فَفعل فَذكر مَكَان المَال فِي الْحَال حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بالظاء المشالة الفتوحة بِمَعْنى يصير وبكسر همزَة إِن بِمَعْنى مَا أَو لَا النافية وَرُوِيَ بِفَتْح الْهمزَة ونسبها ابْن عبد الْبر لأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَرُوِيَ بالضاد الساقطة مَكْسُورَة بِمَعْنى ينسى ومفتوحة بِمَعْنى يتحير من الضلال وَهُوَ الْحيرَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَيست رِوَايَة فتح أَن بِشَيْء إِلَّا مَعَ رِوَايَة الضَّاد الساقطة فَتكون أَن مَعَ الْفِعْل فِي تَأْوِيل الْمصدر فِي مَوضِع مفعول صل أَو بِإِسْقَاط حرف لجر أَي يضل من درايته وَكَذَا قَالَ القَاضِي عِيَاض لَا يَصح فتحهَا إِلَّا على رِوَايَة من روى يضل بِكَسْر الضَّاد فَتكون أَن مَعَ الْفِعْل مَفْعُوله أَي يجهل درايته وينسى عدد ركعاته قَالَ بن دَقِيق الْعِيد وَلَو روى هَذَا الْوَجْه حَتَّى يضل الرجل بِضَم أَوله لَكَانَ وَجها صَحِيحا يُرِيد حَتَّى يضل الشَّيْطَان الرجل عَن دراية كم صلى قَالَ وَلَا أعلم أحدا رَوَاهُ كَذَا لكنه لَو روى لَكَانَ صَحِيحا فِي الْمَعْنى غير خَارج عَم مُرَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[153] عَن أبي حَازِم اسْمه سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَنه قَالَ ساعتان يفتح لَهما أَبْوَاب السَّمَاء قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة وَمثله لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي وَقد رَوَاهُ أَيُّوب بن سُوَيْد وَمُحَمّد بن مخلد وَإِسْمَاعِيل بن عَمْرو عَن مَالك مَرْفُوعا وَرُوِيَ من طرق مُتعَدِّدَة عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره قلت وَمن بعض طرقه المرفوعة أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَلأبي نعيم فِي الْحِلْية من حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا ثَلَاث سَاعَات للمرء الْمُسلم مَا دَعَا فِيهِنَّ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ مَا لم يسْأَل قطيعة رحم أَو مأثما حِين يُؤذن الْمُؤَذّن بِالصَّلَاةِ حَتَّى يسكت وَحين يلتقي الصفان حَتَّى يحكم الله بَينهمَا وَحين ينزل الْمَطَر حَتَّى يسكن قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله يفتح لَهما يحْتَمل أَن يُرِيد يَقع فيهمَا وَإِن يُرِيد يفتح من أجل فضيلتهما وَقل دَاع ترد عَلَيْهِ دَعوته قَالَ الْبَاجِيّ إِخْبَار بِأَن الْإِجَابَة فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ هِيَ الْأَكْثَر وَإِن رد الدُّعَاء فيهمَا ينْدر وَلَا يكَاد يَقع قلت بل قل هُنَا للنَّفْي الْمَحْض كَمَا هُوَ أحد استعمالاتها قَالَ بن مَالك فِي التسهيل وَغَيره ترد قل للنَّفْي الْمَحْض فَترفع الْفَاعِل متلوا بِصفة مُطَابقَة لَهُ نَحْو قل رجل يَقُول ذَلِك وَقل رجلَانِ يَقُولَانِ ذَلِك وَهِي من الْأَفْعَال الَّتِي منعت التَّصَرُّف وَسُئِلَ مَالك عَن تَسْلِيم الْمُؤَذّن على الامام ودعائه إِيَّاه للصَّلَاة وَمن أول من سلم عَلَيْهِ فَقَالَ لم يبلغنِي أَن التَّسْلِيم كَانَ فِي الزَّمَان الأول قَالَ الْبَاجِيّ أَي لم يكن فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤَذّن يُؤذن فَإِن كَانَ الامام فِي شغل جَاءَ الْمُؤَذّن فاعلمه باجتماع النَّاس للصَّلَاة دون تكلّف وَلَا اسْتِعْمَال فَأَما مَا يتَكَلَّف الْيَوْم من وقُوف الْمُؤَذّن بِبَاب الْأَمِير وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَالدُّعَاء للصَّلَاة بعد ذَلِك فَإِنَّهُ لِمَعْنى المباهاة وَالصَّلَاة تنزه عَن ذَلِك وَقد قَالَ القَاضِي أَبُو الْحق فِي مبسوطه عَن عبد الْملك بن الْمَاجشون ان كَيْفيَّة السَّلَام السَّلَام عَلَيْك أَيهَا الْأَمِير وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته الصَّلَاة يَرْحَمك الله وَقد قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق رُوِيَ أَن عمر أنكر على أبي مَحْذُورَة دعاءه إِيَّاه إِلَى الصَّلَاة وَأول من فعله مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر أول من فعل ذَلِك مُعَاوِيَة أَمر الْمُؤَذّن أَن يشعره ويناديه فَيَقُول السَّلَام على أَمِير الْمُؤمنِينَ الصَّلَاة يَرْحَمك اله وَقيل أَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أول من فعل ذَلِك قَالَ وَالْأول أصح وَفِي الخطط للمقريزي قَالَ الْوَاقِدِيّ وَغَيره كَانَ بِلَال يقف على بَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعد الْأَذَان فَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله الصَّلَاة يَا رَسُول اله فَلَمَّا ولى أَبُو بكر كَانَ سعد الْقرظ يقف على بَابه فَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا خَليفَة رَسُول اله الصَّلَاة يَا خَليفَة رَسُول الله فَلَمَّا ولي عمر ولقب أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ الْمُؤَذّن يقف على بَابه وَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ إِن عمر أَمر الْمُؤَذّن فَزَاد فِيهَا رَحِمك الله وَيُقَال إِن عُثْمَان زَادهَا وَمَا زَالَ المؤذنون إِذا أذنوا سلمُوا على الْخُلَفَاء وأمراء الْأَعْمَال ثمَّ يُقِيمُونَ الصَّلَاة بعد السَّلَام فَيخرج الْخَلِيفَة أَو الْأَمِير فَيصَلي بِالنَّاسِ هَكَذَا كَانَ الْعَمَل مُدَّة أَيَّام بني أُميَّة ثمَّ مُدَّة أَيَّام بني الْعَبَّاس حَتَّى ترك الْخُلَفَاء الصَّلَاة بِالنَّاسِ فَترك ذَلِك انْتهى وَفِي الْأَوَائِل للعسكري من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن بن أبي قَالَ قلت لِلزهْرِيِّ من أول من سلم عَلَيْهِ فَقيل السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة اله وَبَرَكَاته حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح الصَّلَاة يَرْحَمك الله فَقَالَ مُعَاوِيَة بِالشَّام ومروان بن الحكم بِالْمَدِينَةِ [154] مَالك أَنه بلغه أَن الْمُؤَذّن جَاءَ عمر بن الْخطاب يُؤذنهُ لصَلَاة الصُّبْح فَوَجَدَهُ نَائِما فَقَالَ الصَّلَاة خير من النّوم فَأمره عمر فَجَعلهَا فِي نِدَاء الصُّبْح قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا روى هَذَا عَن عمر من وَجه يحْتَج بِهِ وَتعلم صِحَّته وَإِنَّمَا جَاءَ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن رجل يُقَال لَهُ إِسْمَاعِيل لَا أعرفهُ قَالَ والتثويب مَحْفُوظ مَعْرُوف فِي أَذَان بِلَال وَأبي مَحْذُورَة فِي صَلَاة الصُّبْح للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت روى بن ماجة من حَدِيث بن الْمسيب عَن بِلَال أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤذنهُ لصَلَاة الْفجْر فَقيل هُوَ نَائِم فَقَالَ الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ فأقرت فِي تأذين الْفجْر فَثَبت الْأَمر على ذَلِك وروى بَقِي بن مخلد عَن أبي مَحْذُورَة قَالَ كنت غُلَاما صَبيا فَأَذنت بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر يَوْم حنين فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى حَيّ على الْفَلاح قَالَ ألحق فِيهَا الصَّلَاة خير من النّوم والأثر الَّذِي ذكره مَالك عَن عمر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من طَرِيق وَكِيع فِي مُصَنفه عَن الْعمريّ عَن نَافِع عَن بن عمر عَن عمر وَعَن سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن نَافِع عَن بن عمر عَن عمر أَنه قَالَ لمؤذنه إِذا بلغت حَيّ على الْفَلاح فِي الْفجْر فَقل الصَّلَاة خير من النّوم الصَّلَاة خير من النّوم [155] عَن عَمه أبي سهل بن مَالك عَن أَبِيه أَنه قَالَ مَا أعرف شَيْئا مِمَّا أدْركْت النَّاس عَلَيْهِ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد الصَّحَابَة إِلَّا النداء بِالصَّلَاةِ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنه بَاقٍ على مَا كَانَ عَلَيْهِ لم يدْخلهُ تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل بِخِلَاف الصَّلَاة فقد أخرت عَن أَوْقَاتهَا وَسَائِر الْأَعْمَال دَخلهَا التَّغْيِير

[156] إِلَّا صلوا فِي الرّحال جمع رَحل وَهُوَ الْمنزل والمسكن قَالَ الرَّافِعِيّ وَقد يُسمى مَا يستصحبه الْإِنْسَان فِي سَفَره من الأثاث رحلا قَالَ وَرُبمَا سبق إِلَى الظَّن لذَلِك أَن أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤَذّن يَقُول ذَلِك كَانَ فِي الْأَسْفَار وَقد ورد التَّصْرِيح بذلك فِي رِوَايَة وَورد فِي أُخْرَى أَن ذَلِك كَانَ بِالْمَدِينَةِ والحم فِي ذَلِك لَا يخْتَلف قَالَ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث بَيَان أَنه مَتى يُنَادي الْمُنَادِي بِهَذِهِ الْكَلِمَة أَفِي خلال الْأَذَان أم بعده لَكِن الشاعفي عرف من سَائِر الرِّوَايَات أَنه لَا بَأْس بادخالها فِي الْأَذَان فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْأُم وَأحب للامام أَن يَأْمر بِهَذَا إِذا فرغ الْمُؤَذّن من أَذَانه وَإِن قَالَه فِي أَذَانه فَلَا بَأْس [160] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يَقُول من صلى بِأَرْض فلاة صلى عَن يَمِينه ملك وَعَن شِمَاله ملك فَإِن أذن وَأقَام الصَّلَاة أَو أَقَامَ صلى وَرَاءه من الْمَلَائِكَة أَمْثَال الْجبَال هَذَا مُرْسل لَهُ حكم الرّفْع فَإِن مثله لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي وَقد رُوِيَ مَوْصُولا وَمَرْفُوعًا فَأخْرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ إِذا كَانَ الرجل فِي أَرض فِي فَأَقَامَ الصَّلَاة خَلفه ملكان فَإِن أذن وَأقَام صلى خَلفه من الْمَلَائِكَة مَالا يرى طرفاه يَرْكَعُونَ بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دُعَائِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَكْحُول قَالَ من أَقَامَ الصَّلَاة صلى مَعَه ملكان فَإِن أذن وَأقَام صلى خَلفه سَبْعُونَ ملكا قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله صلى عَن يَمِينه ملك وَعَن شِمَاله ملك يحْتَمل أَن يَكُونَا هما الحافظين وَإِن ذَلِك مكانهما من الْمُكَلف فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا حكما يخْتَص بِالْمَلَائِكَةِ وَحكم الْآدَمِيّين مُخَالف لذَلِك فَإِنَّهُ لَو صلى مَعَه رجلَانِ قاما وَرَاءه قَالَ وَقَوله فَإِن أذن وَأقَام الصَّلَاة أَو أَقَامَ كَذَا فِي رِوَايَة يحيى بِالشَّكِّ وَرِوَايَة أبي منصف وَغَيره فَإِن أذن وَأقَام صلى وَرَاءه إِلَى آخِره قَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد وَهَذِه الرِّوَايَة عِنْدِي هِيَ الأَصْل قَالَ الْبَاجِيّ وَيحْتَمل أَن يبلغ بالملكين دَرَجَة الْجَمَاعَة إِذا كَانَ بِموضع لَا يقدر عَلَيْهَا وَهُوَ رَاغِب فِيهَا قلت وَفِي فتاوي الحناطي من أَصْحَابنَا لَو حلف من صلى فِي فضاء من الأَرْض مُنْفَردا بِأَذَان وَإِقَامَة أَنه صلى بِالْجَمَاعَة كَانَ بارا فِي يَمِينه وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَاسْتدلَّ بِحَدِيث سلمَان وَوَافَقَهُ السُّبْكِيّ فِي الحلبيات وَاسْتدلَّ بِهِ وَبِحَدِيث الْمُوَطَّأ

[161] إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وأشربوا حَتَّى يُنَادي بن أم مَكْتُوم قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي صَحِيح بن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَغَيرهمَا من حَدِيث أنيسَة مَرْفُوعا أَن بن أم مَكْتُوم يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن بِلَال وَادّعى بن عبد الْبر وَجَمَاعَة من الْأَئِمَّة أَنه مقلوب وَإِن الصَّوَاب حَدِيث الْبَاب قَالَ الْحَافِظ وَقد كنت أميل إِلَى ذَلِك إِلَى أَن رَأَيْت الحَدِيث فِي صَحِيح بن خُزَيْمَة من طَرِيقين آخَرين عَن عَائِشَة وَفِي بعض أَلْفَاظه مَا يبعد وُقُوع الْوَهم فِيهِ وَهُوَ قَوْله إِذا أذن عَمْرو فَإِنَّهُ ضَرِير الْبَصَر فَلَا يَغُرنكُمْ وَإِذا أذن بِلَال فَلَا يطعن أحدكُم وَجَاء عَن عَائِشَة أَيْضا أَنَّهَا كَانَت تنكر حَدِيث بن عمر وَتقول إِنَّه غلط أخرج ذَلِك الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الداروردي عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا مَرْفُوعا أَن بن أم مَكْتُوم يؤذه بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن بِلَال قَالَت عَائِشَة وَكَانَ بِلَال لَا يُؤذن حَتَّى يبصر الْفجْر قَالَ وَكَانَت عَائِشَة تَقول غلط بن عمر فَقَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد جمع بن خُزَيْمَة والصفي بَين الْحَدِيثين بِمَا حَاصله أَنه يحْتَمل أَن يكون الْأَذَان كَانَ نوبا بَين بِلَال وَابْن أم مَكْتُوم وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم النَّاس أَن الْأَذَان الأول مِنْهُمَا لَا يحرم على الصَّائِم شَيْئا وَلَا يدل على دُخُول وَقت الصَّلَاة بخلف الثَّانِي وَجزم بن حبَان بذلك وَلم يُبْدِهِ احْتِمَالا لمن قد روى ذَلِك قَالَ بن أبي شيبَة فِي المُصَنّف حَدثنَا عَفَّان بن شُعْبَة عَن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت عَمَّتي تَقول حججْت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن بن أم مَكْتُوم يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وأشربوا حَتَّى يُنَادي بِلَال وَإِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وأشربوا حَتَّى يُنَادي بن أم مَكْتُوم وَابْن أم مَكْتُوم اسْمه عَمْرو وَقيل كَانَ اسْمه الْحصين فَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله وَهُوَ قرشي عامري أسلم قَدِيما وَالْأَشْهر فِي اسْم أَبِيه قيس بن زَائِدَة وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُكرمهُ ويستخلفه على وَشهد الْقَادِسِيَّة فِي خلَافَة عمر وَاسْتشْهدَ بهَا وَقيل رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة فَمَاتَ بهَا وَاسم أمه عَاتِكَة بنت عبد الله المخزومية وَزعم بَعضهم أَنه ولد أعمى فكنيت أمه أم مَكْتُوم لاكتتام نور بَصَره وَالْمَعْرُوف أَنه عمي بعد سنتَيْن

[162] عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله هَذَا إِسْنَاد آخر لمَالِك فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف على مَالك فِي الْإِسْنَاد الول أَنه مَوْصُول وَأما هَذَا فَرَوَاهُ يحيى مُرْسلا وَتَابعه أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَوَصله القعْنبِي فَقَالَ عَن أَبِيه وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ انْفَرد القعْنبِي بروايته إِيَّاه فِي الْمُوَطَّأ مَوْصُولا عَن مَالك وَلم يذكر غَيره من رُوَاة الْمُوَطَّأ فِيهِ بن عمر وَوَافَقَهُ على وَصله عَن مَالك خَارج الْمُوَطَّأ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَعبد الرَّزَّاق وروح بن عبَادَة وَأَبُو مرّة وكامل بن طَلْحَة وَآخَرُونَ وَوَصله عَن الزُّهْرِيّ جمَاعَة من حفاظ أَصْحَابه قَالَ وَكَانَ بن أم مَكْتُوم رجلا أعمى ظَاهره على رِوَايَة القعْنبِي أَن فَاعل قَالَ هُوَ بن عمر وَبِه جزم الشَّيْخ موفق الدّين الْحَنْبَلِيّ فِي الْمُغنِي وَفِي البُخَارِيّ فِي بَاب الصّيام مَا يتعهد لَهُ وَصرح الْحميدِي فِي الْجمع بِأَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة رَوَاهُ عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه أَنه قَالَ وَكَانَ بن أم مَكْتُوم إِلَى آخِره قَالَ الْحَافِظ بن حجر فثبتت صِحَة وَصله وَذكر الْخَطِيب فِي كتاب المدرج أَن يُونُس بن يزِيد رَوَاهُ عَن بن شهَاب فَجعله من كَلَام سَالم وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة الرّبيع بن سُلَيْمَان عَن بن وهب عَن يُونُس وَاللَّيْث جَمِيعًا عَن بن شهَاب وَفِيه قَالَ سَالم وَكَانَ رجلا ضَرِير الْبَصَر وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي خَليفَة والطَّحَاوِي عَن يزِيد بن سُفْيَان كِلَاهُمَا عَن القعْنبِي مُفِيدا أَنه بن شهَاب وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق ومعاذ بن الْمثنى وَأَبُو مُسلم الْكَجِّي الثَّلَاثَة عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ والخزاعي عِنْد أبي الشَّيْخ وَتَمام عِنْد أبي نعيم وَعُثْمَان الدَّارمِيّ عِنْد الْبَيْهَقِيّ كلهم عَن القعْنبِي لَا يُنَادي حَتَّى يُقَال لَهُ أَصبَحت أَصبَحت قَالَ بن وضاح قَالَ بعض أهل الْعلم لَيْسَ معنى أَصبَحت أَن الصُّبْح قد ظهر وانفجر وَلكنه على معنى التحذير من طلوعه وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد الأولى عِنْدِي أَن مَعْنَاهُ أَن الْفجْر قد بدا وَلَو كَانَ على مَا قَالَه بن وضاح لَكَانَ أَذَان بن أم مَكْتُوم فِي بَقِيَّة اللَّيْل وَقبل انفجار الصُّبْح فَإِن قيل إِبَاحَة الْأكل إِلَى أَذَانه على هَذَا يُؤَدِّي إِلَى الْأكل بعد الْفجْر فَالْجَوَاب أَن معنى الحَدِيث كلوا إِلَى الْوَقْت الَّذِي يُؤمر فِيهِ بِالْأَذَانِ وَهُوَ إِذا قيل لَهُ أَصبَحت وَهُوَ أول طُلُوع الْفجْر وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الأولى قَول من قَالَ معنى أَصبَحت قاربت الصَّباح وَهُوَ الَّذِي اعْتَمدهُ بن حبيب وَابْن عبد الْبر والأصيلي وَجَمَاعَة وَلَا يلْزم وُقُوع أَذَانه قبل الْفجْر لاحْتِمَال أَن يكون قَوْلهم ذَلِك يَقع فِي آخر جُزْء من اللَّيْل قَالَ وَهَذَا وَإِن ان مستبعدا فِي الْعَادة فَلَيْسَ بمستبعد من مُؤذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤَيد بِالْمَلَائِكَةِ فَلَا يُشَارِكهُ فِيهِ من لم يكن بِهَذِهِ الصّفة وأذانه يَقع فِي أول جُزْء من طُلُوع الْفجْر وَقد روى أَبُو قُرَّة من وَجه آخر عَن بن عمر حَدِيثا فِيهِ وَكَانَ بن أم مَكْتُوم يتوخى الْفجْر فَلَا يخطيه [163] عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفعهما كَذَلِك قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى عَن مَالك وَلم يذكر فِيهِ الرّفْع عِنْد الانحطاط إِلَى الرُّكُوع وَتَابعه على ذَلِك جمَاعَة من الروَاة للموطأ عَن مَالك مِنْهُم القعْنبِي وَأَبُو مُصعب وَابْن بكير وَسَعِيد بن الحكم ومعن بن عِيسَى وَالشَّافِعِيّ وَيحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي وَإِسْحَاق الطباع وروح بن عبَادَة وَعبد الله بن نَافِع الزبيدِيّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأَبُو حذافة أَحْمد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل وَابْن وهب فِي رِوَايَة عَنهُ وَرَوَاهُ بن وهب وَابْن الْقَاسِم وَيحيى بن سعيد الْقطَّان وَابْن أبي أويس وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وجريرة بن أَسمَاء وَإِبْرَاهِيم بن طهما وَعبد الله بن الْمُبَارك وَبشر بن عمر وَعُثْمَان بن عمر وَعبد الله بن يُوسُف وخَالِد بن مخلد ومكي بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ وخارجة بن مُصعب وَعبد الْملك بن زِيَاد وَعبد الله بن نَافِع الصايغ وَأَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق ومطرف بن عبد الله كل هَؤُلَاءِ رَوَوْهُ عَن مَالك فَذكرُوا فِيهِ الرّفْع عِنْد الانحطاط للرُّكُوع قَالُوا فِيهِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة حَذْو مَنْكِبَيْه وَإِذا ركع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع ذكر الدَّارَقُطْنِيّ الطّرق عَن أَكْثَرهم عَن مَالك كَمَا ذكرنَا وَهُوَ الصَّوَاب وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِر من رَوَاهُ من أَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ وَقَالَ جمَاعَة إِن إِسْقَاط ذكر الرّفْع عِنْد الانحطاط إِنَّمَا أَتَى من مَالك وَهُوَ الَّذِي رُبمَا وهم فِيهِ لِأَن جماعته حفاظ رووا عَنهُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا الحَدِيث آخر الْأَحَادِيث الْأَرْبَعَة الَّتِي رَفعهَا سَالم عَن أَبِيه ووقفها نَافِع عَن بن عمر وَالْقَوْل فِيهَا قَول سَالم وَلم يلْتَفت النَّاس فِيهَا إِلَى نَافِع وَالثَّانِي من بَاعَ عبدا وَله مَال جعله نَافِع عَن بن عمر عَن عمر وَالثَّالِث النَّاس كابل مائَة لَا تَجِد فِيهَا رَاحِلَة وَالرَّابِع فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو كَانَ بعلا الْعشْرَة وَمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر قَالَ بن عبد الْبر وَرفع الْيَدَيْنِ فِي الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة عِنْد أهل الْعلم تَعْظِيم لله وَعبادَة لَهُ وابتهال إِلَيْهِ واستسلام لَهُ وخضوع فِي الْوُقُوف بَين يَدَيْهِ وَاتِّبَاع لسنة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ سلم وروى الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ يكْتب فِي كل إِشَارَة يشيرها الرجل بِيَدِهِ فِي الصَّلَاة بِكُل أصْبع حَسَنَة أَو دَرَجَة والحذو بِسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة والحذاء بِالْمدِّ الازاء والمقابل وللطبراني من حَدِيث وَائِل بن حجر قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صليت فَاجْعَلْ يَديك حذاء أذنيك وَالْمَرْأَة تجْعَل يَديهَا حذاء ثديها وَقَالَ سمع الله لمن حَمده قَالَ الْعلمَاء معنى سمع هُنَا أجَاب وَمَعْنَاهُ أَن من حمد الله تَعَالَى متعرضا لثوابه اسْتَجَابَ الله لَهُ وَأَعْطَاهُ مَا تعرض لَهُ فانا نقُول رَبنَا لَك الْحَمد لتَحْصِيل ذَلِك

[164] عَن بن شهَاب عَن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكبر فِي الصَّلَاة كلما خفض وَرفع قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم خلافًا من رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَرَوَاهُ عبد الْوَهَّاب بن عَطاء عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن أَبِيه مَوْصُولا وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن نجيح عَن أَبِيه عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن عَليّ بن أبي طَالب وَلَا يَصح فِيهِ إِلَّا مَا فِي الْمُوَطَّأ مُرْسل وَقد أَخطَأ فِيهِ أَيْضا مُحَمَّد بن مُصعب القرقساني فَرَوَاهُ عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَلَا يَصح فِيهِ هَذَا الْإِسْنَاد وَالصَّوَاب عِنْدهم مَا فِي الْمُوَطَّأ [165] عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة رَوَاهُ شُعْبَة عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان كَذَلِك مُرْسلا بِلَفْظ كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا كبر لافتتاح اصلاة وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع [166] إِنِّي لأشبهكم بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الرَّافِعِيّ هَذِه الْكَلِمَة مَعَ الْفِعْل المأتي بِهِ نازلة منزلَة حِكَايَة فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[171] عَن بن شهَاب عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَجَمَاعَة أَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ عَن مُحَمَّد بن جُبَير وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عَمْرو عَن بن شهَاب عَن نَافِع بن جُبَير وَالصَّوَاب فِيهِ مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ بِالطورِ فِي الْمغرب قَالَ بن عبد الْبر فِي هَذَا الحَدِيث شَيْء سقط وَهُوَ معنى بديع حسن من الْفِقْه وَذَلِكَ أَن جُبَير بن مطعم سمع هَذَا الحَدِيث من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ كَافِر وَحدث بِهِ عَنهُ وَهُوَ مُسلم وَقد روى هَذِه الْقِصَّة فِيهِ عَن مَالك عَليّ بن الرّبيع بن الركين وَإِبْرَاهِيم بن عَليّ التَّمِيمِي جَمِيعًا عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فدَاء أُسَارَى بدر فَسَمعته يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ وَلم أسلم يَوْمئِذٍ فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي وَقَالَ لَو كَانَ مطعم حَيا وكلمني فِي هَؤُلَاءِ النَّفر لأعتقتهم وَلَفظ إِبْرَاهِيم فِي هَؤُلَاءِ لتركتهم لَهُ وروى البُخَارِيّ من طَرِيق سُفْيَان قَالَ حَدثُونِي عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب وَالطور فَلَمَّا بلغ هَذِه الْآيَة أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هم المسيطرون كَاد قلبِي يطير قَالَ سُفْيَان فَأَما أَنا فَانِي سَمِعت الزُّهْرِيّ يحدث عَن مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ لم أسمعهُ زَاد الَّذِي قَالُوا لي قَالَ اب عبد الْبر وَرَوَاهُ يزِيد بن أبي حبيب عَن بن شهَاب فَجعل مَوضِع الْمغرب الْعَتَمَة ثمَّ أخرج من طَرِيق بن لَهِيعَة قَالَ حَدثنَا يزِيد بن أبي حبيب أَن بن شهَاب كتب إِلَيْهِ قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فدَاء أُسَارَى بدر فَسَمعته يقْرَأ فِي الْعَتَمَة بِالطورِ وَرَوَاهُ سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ بِلَفْظ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأكلمه فِي أُسَارَى بدر فوافقته وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ الْمغرب أَو الْعشَاء فَسَمعته وَهُوَ يقْرَأ وَقد خرج صَوته من الْمَسْجِد إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَاله مِنْ دَافِعٍ فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي أخرجه أَبُو عبيد وَابْن عبد الْبر

[172] أَن أم الْفضل بنت الْحَارِث هِيَ وَالِدَة بن عَبَّاس الرَّاوِي عَنْهَا وَاسْمهَا لبَابَة الْهِلَالِيَّة وَيُقَال إِنَّهَا أول امْرَأَة أسلمت بعد خَدِيجَة إِنَّهَا لآخر مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ بهَا فِي الْمغرب زَاد البُخَارِيّ ثمَّ مَا صلى لنا بعْدهَا حَيّ قَبضه الله وَفِي النَّسَائِيّ أَن هَذِه الصَّلَاة الَّتِي حكتها أم الْفضل كَانَت فِي بَيته لَا فِي الْمَسْجِد [175] عَن الْبَراء بن عَازِب أَنه قَالَ صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء زَاد البُخَارِيّ فِي سفر فَقَرَأَ فِيهَا بِالتِّينِ وَالزَّيْتُون فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ فِي الرَّكْعَة الأولى [176] بن حنين بِضَم الْحَاء وَفتح النُّون نهى عَن لبس القسي قَالَ الْبَاجِيّ بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد السِّين قَالَ وَفَسرهُ بن وهب بِأَنَّهَا ثِيَاب مضلعة يُرِيد مخططة بالحرير كَانَت تعْمل بالقس وَهُوَ مَوضِع بِمصْر يَلِي الفرماء وَفِي النِّهَايَة هِيَ ثِيَاب من كتَّان مخلوط بحرير يُؤْتى بهَا من مصر نسبت إِلَى قَرْيَة على سَاحل الْبَحْر قَرِيبا من تنيس يُقَال لَهَا القس بِفَتْح الْقَاف وَبَعض أهل الحَدِيث بِكَسْرِهَا وَقيل أصل القسي القزي بالزاي مَنْسُوب إِلَى القز وَهُوَ ضرب من الابريسم فأبدل من الزَّاي سينا وَقيل هُوَ مَنْسُوب إِلَى القس وَهُوَ الابريسم الصقيع لبياضه قَالَ الْبَاجِيّ وَقع فِي رِوَايَة أبي مُصعب زِيَادَة وَلَفظه فَنهى عَن لبس القسي والمعصفر وَتَابعه على ذَلِك العقنبي ومعن وَبشر وَأحمد بن إِسْمَاعِيل السَّهْمِي وَجَمَاعَة وَعَن قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الرُّكُوع رَوَاهُ معمر عَن بن شهَاب عَن إِبْرَاهِيم بن حُصَيْن فَزَاد وَالسُّجُود

[177] عَن أبي حَازِم التمار اسْمه دِينَار مولى الْأَنْصَار وَيُقَال مولى أبي رهم الْأنْصَارِيّ وَذكر حبيب عَن مَالك ااسمه يسَار مولى قيس بن عسد بن عبَادَة عَن البياضي اسْمه فَرْوَة بن عَمْرو بن ودقة بن عبيد بن عَامر بن بياضة فَخذ من الْخَزْرَج شهد الْعقبَة وبدرا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد خرج على النَّاس وهم يصلونَ رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد عَن يحيى بن سعيد فَذكر فِي حَدِيثه أَن ذَلِك كَانَ فِي رَمَضَان وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معتكف فِي قبَّة على بَابهَا حَصِير وَالنَّاس يصلونَ عصبا عصبا أخرجه بن عبد الْبر إِن الْمُصَلِّي يُنَاجِي ربه قَالَ الْبَاجِيّ تَنْبِيه على معنى الصَّلَاة وَالْمَقْصُود بهَا ليكْثر الِاحْتِرَاز من الْأُمُور الْمَكْرُوهَة المدخلة للنقص فِيهَا والاقبال على أُمُور الطَّاعَة المتممة لَهَا فَلْينْظر بِمَا يناجيه بِهِ قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ بِهِ التحذير من أَن يناجيه بِالْقُرْآنِ على وَجه مَكْرُوه وَإِن كَانَ الْقُرْآن كُله طَاعَة وقربة وَلَا يجْهر بَعْضكُم على بعض بِالْقُرْآنِ قَالَ الْبَاجِيّ لِأَن فِي ذَلِك أَذَى ومنعا من الإقبال على الصَّلَاة وتفريغ السِّرّ لَهَا وَتَأمل مَا يُنَاجِي بِهِ ربه من الْقُرْآن قَالَ وَإِذا كَانَ رفع الصَّوْت بِقِرَاءَة الْقُرْآن مَمْنُوعًا حِينَئِذٍ لأَذى الْمُصَلِّين فبغيره من الحَدِيث وَغَيره أولى قَالَ بن عبد الْبر وَإِذا نهي الْمُسلم عَن أَذَى الْمُسلم فِي عمل الْبر وتلاوة الْقُرْآن فأذاه فِي غير ذَلِك أَشد تَحْرِيمًا وَقد ورد مثل هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد قَالَ اعْتكف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فَسَمِعتهمْ يجهرون بِالْقِرَاءَةِ فكشف السّتْر وَقَالَ إِلَّا إِن كلكُمْ يُنَاجِي ربه فَلَا يؤذين بَعْضكُم بَعْضًا وَلَا يرفع بَعْضكُم على بعض فِي الْقِرَاءَة أَو قَالَ فِي الصَّلَاة قَالَ بن عبد الْبر حَدِيث البياضي وَأبي سعيد ثابتان صَحِيحَانِ قَالَ وَقد رُوِيَ بِسَنَد ضَعِيف عَن عَليّ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرفع الرجل صَوته بِالْقُرْآنِ قبل الْعشَاء وَبعدهَا يغلط أَصْحَابه وهم يصلونَ قلت وَكَثِيرًا مَا يسْأَل فِي هَذَا الْمَعْنى عَمَّا اشْتهر على الْأَلْسِنَة مَا أنصف الْقَارئ الْمُصَلِّي وَلَا أصل لَهُ وَلَكِن هَذِه أُصُوله

[178] عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ قُمْت وَرَاء أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فكلهم كَانَ لَا يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِذا افْتتح الصَّلَاة قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي كتاب الروَاة عَن مَالك كَذَا رَوَاهُ عَن مَالك كَافَّة أَصْحَابه مَوْقُوفا وَكَذَا رَوَاهُ غير وَاحِد عَن أبي مُصعب عَن مَالك وَرَوَاهُ سُلَيْمَان بن عبد الحميد البهراني عَن أبي مُصعب عَن مَالك عَن حميد عَن أنس قَالَ صليت مَعَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصليت وَرَاء أبي بكر فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصليت وَرَاء عمر فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصليت وَرَاء عُثْمَان فَلم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ الْخَطِيب تفرد سُلَيْمَان بِرِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن أبي مُصعب هَكَذَا مَرْفُوعا وَقَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة رُوَاته فِيمَا علمت مَوْقُوفا وروته طَائِفَة عَن مَالك فَرَفَعته ذكرت فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ ذَلِك بِمَحْفُوظ مِنْهُ الْوَلِيد بن مُسلم وَأَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق وَإِسْمَاعِيل بن مُوسَى السّديّ كلهم رَوَوْهُ عَن مَالك عَن حميد عَن أنس قَالَ صليت خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فكلهم كَانَ لَا يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرحين إِذا افْتتح الصَّلَاة وَرَوَاهُ بن أخي بن وهب عَن عَمه عبد الله بن وهب حَدثنَا عبيد الله بن عمر وَمَالك بن أنس وسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن حميد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يجْهر بِالْقِرَاءَةِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن أنس قَتَادَة وثابت الْبنانِيّ وَغَيرهمَا كلهم أسْندهُ وَذكر فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أَنهم اخْتلف عَلَيْهِم فِي لَفظه اخْتِلَافا كثيرا مضطربا متدافعا مِنْهُم من يَقُول فِيهِ كَانُوا لَا يقرؤون بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمِنْهُم من يَقُول كَانُوا لَا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَقد قَالَ فِيهِ بَعضهم كَانُوا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمِنْهُم من قَالَ كَانُوا لَا يتركون بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمِنْهُم من قَالَ كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين قَالَ وَهَذَا اضْطِرَاب لَا تقوم مَعَه حجَّة لأحد من الْفُقَهَاء انْتهى وَأَقُول قد كثرت الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْبَسْمَلَة إِثْبَاتًا ونفيا وكلا الْأَمريْنِ صَحِيح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ بهَا وَترك قرَاءَتهَا وجهر بهَا وأخفاها وَالَّذِي يُوضح صِحَة الْأَمريْنِ ويزيل إِشْكَال من شكك على الْفَرِيقَيْنِ مَعًا أَعنِي من أثبت كَونهَا آيَة من أول الْفَاتِحَة وكل سُورَة وَمن نفى ذَلِك قَائِلا إِن الْقُرْآن لَا يثبت بِالظَّنِّ وَلَا ينفى بِالظَّنِّ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ طَائِفَة من الْمُتَأَخِّرين أَن إِثْبَاتهَا ونفيها كِلَاهُمَا قَطْعِيّ وَلَا يستغرب ذَلِك فَإِن الْقُرْآن نزل على سَبْعَة أحرف وَنزل مَرَّات متكررة فَنزل فِي بَعْضهَا بِزِيَادَة وَبَعضهَا بِحَذْف كَقِرَاءَة ملك وَمَالك ونجوى تحتهَا وَمن تحتهَا فِي بَرَاءَة وَإِن الله هُوَ الْغَنِيّ الحميد وَإِن الله الْغَنِيّ فِي سُورَة الْحَدِيد فَلَا يشك أحد وَلَا يرتاب فِي أَن الْقِرَاءَة بِإِثْبَات الْألف وَمن وَهُوَ وَنَحْو ذَلِك متواترة قَطْعِيَّة الاثبات وَإِن الْقِرَاءَة بِحَذْف ذَلِك أَيْضا متواترة قَطْعِيَّة الْحَذف وَإِن ميزَان الاثبات والحذف فِي ذَلِك سَوَاء وَكَذَلِكَ نقُول فِي الْبَسْمَلَة انها نزلت فِي بعض الأحرف وَلم تنزل فِي بَعْضهَا فاثباتها قَطْعِيّ وحذفها قَطْعِيّ وكل متواتر وكل فِي السَّبع فَإِن نصف الْقُرَّاء السَّبْعَة قرؤوا بإثباتها وَبَعْضهمْ قرؤوا بحذفها وَقِرَاءَة السَّبْعَة كلهَا متواترة فَمن قَرَأَ بهَا فَهِيَ ثَابِتَة فِي حرفه متواترة اليه ثمَّ مِنْهُ إِلَيْنَا وَمن قَرَأَ بحذفها فحذفها فِي حرفه متواتر إِلَيْهِ ثمَّ مِنْهُ إِلَيْنَا وألطف من ذَلِك أَن نَافِعًا لَهُ راويان قَرَأَ أَحدهمَا عَنهُ بهَا وَالْآخر بحذفها فَدلَّ على أَن الْأَمريْنِ تواترا عِنْده بِأَن قَرَأَ بالحرفين مَعًا كل بأسانيد متواترة فَبِهَذَا التَّقْرِير اجْتمعت الْأَحَادِيث الْمُخْتَلفَة على كَثْرَة كل جَانب مِنْهَا وانجلى الاشكال وزاح التشكيك يستغرب الاثبات مِمَّن أثبت وَلَا النَّفْي مِمَّن نفى وَقد أَشَارَ إِلَى بعض مَا ذكره أستاذ الْقُرَّاء الْمُتَأَخِّرين الامام شمس الدّين بن الْجَزرِي فَقَالَ فِي كِتَابه النشر بعد أَن حكى فِي المسئلة خَمْسَة أَقْوَال مَا نَصه قلت هَذِه الْأَقْوَال ترجع إِلَى النَّفْي والاثبات وَالَّذِي نعتقده أَن كليهمَا صَحِيح وَإِن كل ذَلِك حق فَيكون الِاخْتِلَاف فِيهَا كاختلاف الْقِرَاءَة هَذَا لَفظه وَقَررهُ أَيْضا بأبسط من كَلَام بن الْجَزرِي الْحَافِظ بن حجر فِيمَا نَقله عَنهُ تِلْمِيذه الشَّيْخ برهَان الدّين البقاعي فِي مُعْجَمه فَائِدَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي نكته على بن الصّلاح سمع حميد هَذَا الحَدِيث من أنس وَمن قَتَادَة عَن أنس إِلَّا أَنه سمع من أنس الْمَوْقُوف وَمن قَتَادَة عَنهُ الْمَرْفُوع قَالَ أَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصغاني حَدثنَا يحيى بن معِين عَن بن أبي عدي عَن حميد عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين قَالَ بن معِين قَالَ بَان عدي وَكَانَ حميد إِذا قَالَ عَن قَتَادَة عَن أنس رَفعه وَإِذا قَالَ عَن أنس لم يرفعهُ

[186] أَن أَبَا سعيد مولى عَامر بن كرير قَالَ بن عبد الْبر هُوَ تَابِعِيّ مَعْدُود فِي أهل الْمَدِينَة لَا يُوقف لَهُ على اسْم وَذكر المذى فِي تهذيبه أَنه رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَلم يذكر لَهما ثَالِثا مَعَ أَنه سمع هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه من أبي بن كَعْب وَصله من طَرِيقه عَنهُ الْحَاكِم إِنِّي لأرجو أَن لَا تخرج من الْمَسْجِد حَتَّى تعلم سُورَة قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ معنى التَّسْلِيم لأمر الله والاقرار بقدرته وانه وَإِن كَانَ تَعْلِيم ذَلِك يَسِيرا إِلَّا انه لَا يقطع بِتَمَامِهِ إِلَّا أَن يُعلمهُ الله بذلك وَمعنى تعلم سُورَة أَي تعلم من حَالهَا مَا لم تكن تعلمه قبل ذَلِك وَإِلَّا فقد كَانَ عَالما بالسورة وحافظا لَهَا مَا أنزل الله فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الْقُرْآن مثلهَا قَالَ الْبَاجِيّ ذكر بعض شُيُوخنَا أَن معنى ذَلِك انها تجزي من غَيرهَا فِي الصَّلَاة وَلَا يَجْزِي غَيرهَا مِنْهَا وَسَائِر السُّور يَجْزِي بَعْضهَا من بعض وَهِي سُورَة قسمهَا الله تَعَالَى بَينه وَبَين عَبده يحْتَمل أَن تكون هَذِه من الصِّفَات الَّتِي يخْتَص بهَا وَلها مَعَ ذَلِك صِفَات تخْتَص بهَا من أَنَّهَا السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم وَغير ذَلِك من كَثْرَة ثَوَاب أَو حَسَنَة قلت وَيُؤَيّد ذَلِك مَا أخرجه عبد بن حميد عَن بن عَبَّاس يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَاتِحَة الْكتاب تعدل بِثُلثي الْقُرْآن وَلم يرد فِي سُورَة مثل ذَلِك وَإِنَّمَا ورد فِي قُلْ هُوَ الله أحد أَنه ثلث الْقُرْآن وَفِي قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَنَّهَا ربع الْقُرْآن وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطَيْت قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم وَسميت السَّبع لِأَنَّهَا سبع آيَات والمثاني لآنها تثنى فِي كل رَكْعَة قَالَ الْبَاجِيّ وَإِنَّمَا قيل لَهَا الْقُرْآن الْعَظِيم على معنى التَّخْصِيص لَهَا بِهَذَا الِاسْم وَإِن كَانَ كل شَيْء من الْقُرْآن قُرْآنًا عَظِيما كَمَا يُقَال فِي الْكَعْبَة بَيت الله وَإِن كَانَت الْبيُوت كلهَا لله وَلَكِن على سَبِيل التَّخْصِيص والتعظيم لَهُ

[188] عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ إِلَّا عَن الْعَلَاء عِنْد جَمِيع الروَاة وَقد انْفَرد مطرف فِي غير الْمُوَطَّأ فَرَوَاهُ عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن أبي السَّائِب وَسَاقه كَمَا فِي الْمُوَطَّأ سواهُ وَهُوَ غير مَحْفُوظ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ غَرِيب من حَدِيث مَالك عَن بن شهَاب لم يروه غير مطرف أَنه سمع أَبَا السَّائِب قَالَ النَّوَوِيّ لَا يعرف اسْمه مولى هِشَام بن زهرَة قَالَ المذى فِي التَّهْذِيب وَيُقَال مولى عبد الله بن هِشَام زهرَة وَيُقَال مولى بني زهرَة روى عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ والمغيرة بن شُعْبَة وَلم يذكر لَهُم رَابِعا من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن هِيَ الْفَاتِحَة سميت بذلك لِأَنَّهَا فاتحته كَمَا سميت مَكَّة أم الْقرى لِأَنَّهَا أَصْلهَا ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَقيل لِأَنَّهَا اشْتَمَلت على جَمِيع عُلُوم الْقُرْآن بطرِيق الْإِجْمَال فَهِيَ خداج أَي ذَات خداج أَي نُقْصَان يُقَال خدجت النَّاقة إِذا أَلْقَت وَلَدهَا قبل أَوَان النِّتَاج وَإِن كَانَ نَام الْخلق وأخدجته إِذا وَلدته نَاقِصا وَإِن كَانَ لتَمام الْولادَة هَذَا قَول الْخَلِيل والأصمعي وَأبي حَاتِم وَآخَرين وَقَالَ جمَاعَة من أهل اللُّغَة خدجت وأخدجت إِذا ولدت لغير تَمام غير تَمام هُوَ تَأْكِيد فغمز ذراعي قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ على معنى التأنيس لَهُ وتنبيهه على فهم مُرَاده والبعث لَهُ على جمع ذهنه وفهمه لجوابه قَالَ الله تَعَالَى قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ قَالَ الْعلمَاء أَرَادَ بِالصَّلَاةِ هن الْفَاتِحَة سميت بذلك لِأَنَّهَا لَا تصح إِلَّا بهَا كَقَوْلِه الْحَج عَرَفَة وَالْمرَاد قسمتهَا من جِهَة الْمَعْنى لِأَن نصفهَا الأول تحميد لله تَعَالَى وتمجيد وثناء عَلَيْهِ وتفويض إِلَيْهِ وَالنّصف الثَّانِي سُؤال وتضرع وافتقار وَاحْتج الْقَائِلُونَ بِأَن الْبَسْمَلَة لَيست من الْفَاتِحَة بِهَذَا الحَدِيث قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ من أوضح مَا احْتَجُّوا بِهِ لِأَنَّهَا سبع آيَات بِالْإِجْمَاع فَثَلَاث فِي أَولهَا ثَنَاء أَولهَا الْحَمد لله وَثَلَاث دُعَاء أَولهَا اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَالسَّابِعَة متوسطة وَهِي إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين قَالُوا وَلِأَنَّهُ لم يذكر الْبَسْمَلَة فِيمَا عدده وَلَو كَانَت مِنْهَا لذكرها وَأجِيب بِأَن التصنيف عَائِد إِلَى جملَة الصَّلَاة لَا إِلَى الْفَاتِحَة هَذَا حَقِيقَة اللَّفْظ أَو عَائِد إِلَى مَا يخْتَص بِالْفَاتِحَةِ من الْآيَات الْكَامِلَة وَبِأَن معنى قَوْله يَقُول العَبْد الْحَمد لله أَي إِذا انْتهى فِي قِرَاءَته إِلَى ذَلِك يَقُول العَبْد الْحَمد لله رب الْعَالمين يَقُول الله حمدني عَبدِي إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء إِنَّمَا قَالَ حمدني وَأثْنى عَليّ ومجدني لِأَن التَّحْمِيد وَالثنَاء بجميل الْأَفْعَال والتمجيد الثَّنَاء بِصِفَات الْجلَال وَيُقَال أثنى عَلَيْهِ فِي ذَلِك كُله وَلِهَذَا جَاءَ جَوَابا للرحمن الرَّحِيم لاشتمال اللَّفْظَيْنِ على الصِّفَات الذاتية والفعلية يَقُول العَبْد إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين فَهَذِهِ الْآيَة بيني وَبَين عَبدِي قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ أَن بعض الْآيَة تَعْظِيم للباري تَعَالَى وَبَعضهَا استعانة من العَبْد بِهِ على أَمر دينه ودنياه ولعبدي مَا سَأَلَ أَي من العون فَهَؤُلَاءِ لعبدي قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ أَن هَؤُلَاءِ الْآيَات مُخْتَصَّة بِالْعَبدِ لِأَنَّهَا دعاؤه بالتوفيق إِلَى صِرَاط من أنعم عَلَيْهِم والعصمة من صِرَاط المغضوب عَلَيْهِم والضالين [193] عَن بن أكيمَة اسْمه عمَارَة وَقيل عَمْرو وكنيته أَبُو الْوَلِيد آنِفا بِمد أَوله وَكسر النُّون أَي قَرِيبا إِنِّي أَقُول مَالِي أنازع الْقُرْآن هُوَ بِمَعْنى التثريب واللوم لمن فعل ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ وَمعنى منازعتهم لَهُ إِلَّا يفردوه بِالْقِرَاءَةِ ويقرؤوا مَعَه من التَّنَازُع بِمَعْنى التجاذب

[194] إِذا أَمن الامام فَأمنُوا قَالَ الْبَاجِيّ قيل مَعْنَاهُ إِذا بلغ مَوضِع التَّأْمِين من الْقِرَاءَة وَقيل إِذا دَعَا قَالُوا وَقد يُسمى الدَّاعِي مُؤمنا كَمَا يُسمى الْمُؤمن دَاعيا قَالَ وَالْأَظْهَر عندنَا أَن معنى أَمن الامام قَالَ آمين كَمَا أَن معنى فَأمنُوا قُولُوا آمين إِلَّا أَن يعدل عَن هَذ االظاهر بِدَلِيل إِن وجد أَي وَجه سَائِغ فِي اللُّغَة انْتهى وَالْجُمْهُور على القَوْل الْأَخير لَكِن اولوا قَوْله إِذا أَمن على أَن المُرَاد إِذا أَرَادَ التَّأْمِين ليَقَع تَأْمِين الامام والمأمون مَعًا فَإِنَّهُ يسْتَحبّ بِهِ الْمُقَارنَة قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ لَا يسْتَحبّ مُقَارنَة الامام فِي شَيْء من الصَّلَاة غَيره وَقَالَ وَلَده إِمَام الْحَرَمَيْنِ يُمكن تقليله بِأَن التَّأْمِين لقِرَاءَة الامام لَا لتأمينه فَلذَلِك لَا يتَأَخَّر عَنهُ فَإِنَّهُ من وَافق فِي رِوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة قَالَ الْبَاجِيّ فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا من كَانَ تأمينه على صفة تَأْمِين الْمَلَائِكَة من الْإِخْلَاص والخشوع وَحُضُور النِّيَّة والسلامة من الْغَفْلَة وَقيل مَعْنَاهُ أَن يكون دعاؤه للْمُؤْمِنين كدعاء الْمَلَائِكَة لَهُم فَمن كَانَ دعاؤه على ذَلِك فقد وَافق دعاؤهم وَقيل إِن الْمَلَائِكَة الْحفظَة المتعاقبين يشْهدُونَ الصَّلَاة مَعَ الْمُؤمنِينَ فيؤمنون إِذا أَمن الامام فَمن فعل مثل فعلهم فِي حضورهم الصَّلَاة وَقَوْلهمْ آمين عِنْد تَأْمِين الامام غفر لَهُ وَقيل معنى الْمُوَافقَة الْإِجَابَة فَمن اسْتُجِيبَ لَهُ كَمَا يُسْتَجَاب للْمَلَائكَة غفر لَهُ قَالَ الْبَاجِيّ وَهَذِه تاويلات فِيهَا تعسف وَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يدل على شَيْء مِنْهَا دَلِيل وَالْأولَى حمل الحَدِيث على ظَاهره مَا لم يمْنَع من ذَلِك مَانع وَمَعْنَاهُ أَن من قَالَ آمين عِنْد قَول المئشكة آمين غفر لَهُ وَإِلَى هَذَا ذهب الداوودي انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر المُرَاد الْمُوَافقَة فِي القَوْل وَالزَّمَان خلافًا لمن قَالَ المُرَاد الْمُوَافقَة فِي الْإِخْلَاص والخشوع كَابْن حبَان فَإِنَّهُ لما ذكر الحَدِيث قَالَ يُرِيد مُوَافقَة المئشكة فِي الْإِخْلَاص بِغَيْر إعجاب وَكَذَا جنح إِلَيْهِ غَيره فَقَالَ نَحْو ذَلِك من الصِّفَات المحمودة فِي إِجَابَة الدُّعَاء أَو فِي الدُّعَاء بِالطَّاعَةِ خَاصَّة أَو المُرَاد بتأمين المئئكة استغفارهم للْمُؤْمِنين وَقَالَ بن الْمُنِير الْحِكْمَة فِي اثار الْمُوَافقَة فِي القَوْل وَالزَّمَان أَن يكون الْمَأْمُوم على يقظة للاتيان بالوظيفة فِي محلهَا لِأَن المئئكة لَا غَفلَة عِنْدهم فَمن وافقهم كَانَ متيقظا ثمَّ ظَاهره أَن المُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ جَمِيعهم وَاخْتَارَهُ بن بزيزة وَقيل الْحفظَة مِنْهُم وَقيل الَّذين يتعاقبون مِنْهُم إِذا قُلْنَا إِنَّهُم غير الْحفظَة قَالَ الْحَافِظ وَالَّذِي يظْهر أَن المُرَاد بهم من يشْهد تِلْكَ الصَّلَاة مِمَّن فِي الأَرْض أَو فِي السَّمَاء للْحَدِيث الْآتِي إِذا قَالَ أحدكُم آمين وَقَالَت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء آمين فَوَافَقت أحداهما الأخري وروى عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ صُفُوف أهل الأَرْض على صوف أهل السَّمَاء فَإِذا وَافق آمين فِي الأَرْض آمين فِي السَّمَاء غفر للْعَبد قَالَ الْحَافِظ وَمثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فالمصير إِلَيْهِ أولى قلت وَقد أخرجه سنيد عَن حجاج عَن بن جريج قَالَ أَخْبرنِي الحكم بن أبان أَنه سمع عِكْرِمَة يَقُول إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة نصف أهل الأَرْض صف أهل السَّمَاء فَإِذا قَالَ قَارِئ الأَرْض وَلَا الضَّالّين قَالَت الْمَلَائِكَة آمين فَإِذا وَافَقت آمين أهل الأَرْض آمين أهل السَّمَاء غفر لأهل الأَرْض مَا تقدم من ذنوبهم غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه قَالَ الْبَاجِيّ يَقْتَضِي غفران جَمِيع ذنُوبه الْمُتَقَدّمَة قَالَ غَيره وَهُوَ مَحْمُول عِنْد الْعلمَاء على الصَّغَائِر وَوَقع فِي أمالي الْجِرْجَانِيّ فِي آخر هَذَا الحَدِيث زِيَادَة وَمَا تَأَخّر فَائِدَة ألف الْحَافِظ بن حجر كتابا سَمَّاهُ الْخِصَال المكفرة للذنوب الْمُقدمَة والمؤخرة وَسَبقه إِلَى ذَلِك الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ وَقد رَأَيْت أَن ألخص أَحَادِيثه هُنَا لتستفاد أخرج بن أبي شيبَة فِي مُسْنده ومصنفه وَأَبُو بكر الْمروزِي فِي مُسْند عُثْمَان وَالْبَزَّار عَن عُثْمَان بن عَفَّان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يسبغ عبد الْوضُوء إِلَّا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه عَن سعد بن أبي وَقاص عَن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يسمع الْمُؤَذّن أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَفِي لفظ رَسُولا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج بن وهب فِي مُصَنفه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا أَمن الامام فَأمنُوا فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس فِي كتاب الثَّوَاب عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى سبْحَة الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ إِيمَانًا واحتسابا غفرت لَهُ ذنُوبه كلهَا مَا بقدم مِنْهَا وَمَا تَأَخّر إِلَّا الْقصاص وَأخرج أَبُو الأسعد الْقشيرِي فِي الْأَرْبَعين عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ إِذا سلم الامام يَوْم الْجُمُعَة قبل أَن يثني رجلَيْهِ فَاتِحَة الْكتاب وَقل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس سبعا سبعا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر أخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج النَّسَائِيّ فِي الْكُبْرَى وقاسم بن أصبغ فِي مُصَنفه عَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَامَ شهر رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَمن قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو سعيد النقاش الْحَافِظ فِي أَمَالِيهِ عَن بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْم عَرَفَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أم سَلمَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أهل بِحجَّة أَو عمْرَة من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَوَجَبَت لَهُ الْجنَّة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله هُوَ بن سمعود سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من جَاءَ حَاجا يُرِيد وَجه الله غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَحْمد بن منيع وَأَبُو يعلى فِي مسنديهما عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضى نُسكه وَسلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آخر سُورَة الْحَشْر غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فِي أَمَالِيهِ عَن بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قاد مكفوفا أَرْبَعِينَ خطْوَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو أَحْمد الناصح فِي فَوَائده عَن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سعى لِأَخِيهِ الْمُسلم فِي حَاجَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَأَبُو يعلى فِي مسنديهما عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من عَبْدَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فيتصافحان ويصليان على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا لم يَتَفَرَّقَا حَتَّى يغْفر لَهما ذنوبهما مَا تقدم مِنْهَا وَمَا تَأَخّر وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أكل طَعَاما ثمَّ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَطْعمنِي هَذَا الطَّعَام ورزقنيه من غير حول مني وَلَا قُوَّة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمن لبس ثوبا فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني هَذَا ورزقنيه من غير حول مني وَلَا قُوَّة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَقد تلخص من هَذِه الْأَحَادِيث سِتَّة عشر خصْلَة وَقد نظمتها فِي أَبْيَات على وزن يَا سلسلة الرمل وَهِي هَذِه قد جَاءَ من الْهَادِي وَهُوَ خير نَبِي أَخْبَار مسانيد قد رويت بايصال فِي فضل خِصَال غافرات ذنُوب مَا قدم أَو أخر للممات بافضال حج وضوء قيام لَيْلَة قدر واسهر وصم لَهُ وقُوف عَرَفَة إقبال آمين وقارئ الْحَشْر ثمَّ من قاد أعمى وشهيد إِذا الْمُؤَذّن قد قَالَ سمى لأخ وَالضُّحَى وَعند لِبَاس حمد ومجيء من اليلياء باهلال فِي الْجُمُعَة يقْرَأ نوافلا وصفاح مَعَ ذكر صَلَاة على النَّبِي مَعَ الْآل قَالَ بن شهَاب وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول آمين هَذَا مَرَاسِيل بن شهَاب وَقد أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك والعلل مَوْصُولا من طَرِيق حَفْص بن عمر الْمدنِي عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ وَقَالَ تفرد بِهِ حَفْص بن عمر وَهُوَ ضَعِيف وَقَالَ بن عبد الْبر لم يُتَابع حَفْص على هَذَا اللَّفْظ بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وآمين بِالتَّخْفِيفِ وَالْمدّ فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَعَن جَمِيع الْقُرَّاء وفيهَا لُغَات أُخْرَى شَاذَّة لم ترد بهَا الرِّوَايَة وَمَعْنَاهَا اللَّهُمَّ استجب عِنْد الْجُمْهُور وَقيل هُوَ اسْم من أَسمَاء الله رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد ضَعِيف وَعَن هِلَال بن يسَار التَّابِعِيّ مثله وَأنْكرهُ جمَاعَة [196] إِذا قَالَ أحدكُم آمين زَاد مُسلم فِي صلَاته قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد [197] إِذا قَالَ الإِمَام سمع الله لمن

[198] عَن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن المعاوي بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين وَبعد الْألف وَاو قَالَ بن عبد الْبر مَنْسُوب إِلَى بني مُعَاوِيَة فَخذ من الْأَنْصَار وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ قَالَ الْبَاجِيّ روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة هَذَا الحَدِيث عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم وَزَاد فِيهِ قَالَ هِيَ مذبة الشَّيْطَان لَا يسهو أحدكُم مَا دَامَ يُشِير بأصبع قَالَ الْبَاجِيّ فَفِيهِ أَن معنى الْإِشَارَة دفع السَّهْو وقمع الشَّيْطَان الَّذِي يوسوس وَقيل إِن الْإِشَارَة مَعْنَاهَا التَّوْحِيد [201] إِنَّمَا سنة الصَّلَاة أَن تنصب رجلك إِلَى آخِره هَذِه الصّفة حكمهَا الرّفْع

[203] أَنه سمع عمر بن الْخطاب وَهُوَ على الْمِنْبَر يعلم النَّاس التَّشَهُّد قَالَ فِي الاستذكار مَا أوردهُ مَالك فِي التَّشَهُّد عَن عمر وَابْن عمر وَعَائِشَة حكمه الرّفْع لِأَن من الْمَعْلُوم أَنه لَا يُقَال بِالرَّأْيِ وَلَو كَانَ رَأيا لم يكن ذَلِك أَقُول من الذّكر أولى من غَيره من سَائِر الذّكر التَّحِيَّات لله فَسرهَا بَعْضهَا بِالْملكِ وَبَعْضهمْ بِالْبَقَاءِ وَبَعْضهمْ بِالسَّلَامِ وَعَن الْعُتْبِي أَن الْجمع فِي لفظ التَّحِيَّات سَببه أَنهم كَانُوا يحيون الْمُلُوك بأثنية مُخْتَلفَة كَقَوْلِهِم أنعم صباحا وأبيت اللَّعْن وعش كَذَا سنة فَقيل اسْتِحْقَاق الأثنية كلهَا لله تَعَالَى وَقيل الْمَعْنى ان التَّحِيَّات بالأسماء الْحسنى كلهَا لله تَعَالَى الزاكيات لله قَالَ بن حبيب هِيَ صَالح الْأَعْمَال الطَّيِّبَات هِيَ طَيّبَات القَوْل الصَّلَوَات لله قَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا يَنْبَغِي أَن يُرَاد بهَا غير الله وَقَالَ الرَّافِعِيّ مَعْنَاهُ الرَّحْمَة لله على الْعباد السَّلَام علينا قيل السَّلَام هُوَ الله تَعَالَى وَمَعْنَاهُ الله علينا أَي على حفظنا وَقيل هُوَ جمع سَلامَة

[208] عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة قَالَ بن عبد الْبر لم يخرج عَنهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ حكما وَاسْتغْنى عَنهُ فِي الْأَحْكَام بالزهري وَمثله وَإِنَّمَا ذكر عَنهُ فِي الْمُوَطَّأ حَدِيثا وَاحِدًا من الْمسند فِي بَاب الْجَامِع وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ مَالك عَنهُ هُنَا مَوْقُوفا وَرَوَاهُ الداروردي عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن مليح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوعا الَّذِي يرفع رَأسه وَيخْفِضهُ قبل الإِمَام فَإِنَّمَا ناصيته يَد شَيْطَان قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ الْوَعيد لمن فعل ذَلِك واخبار أَن ذَلِك من فعل الشَّيْطَان بِهِ وَإِن انقياده لَهُ وطاعته إِيَّاه فِي الْمُبَادرَة بالخفض وَالرَّفْع قبل إِمَامه انقياد من كَانَت ناصيته بِيَدِهِ [211] سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَلم يقل لنا وَرَوَاهُ بن الْقَاسِم وَابْن وهب والقعنبي وَالشَّافِعِيّ وقتيبة عَن مَالك فَقَالُوا صلى لنا فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ واسْمه الْخِرْبَاق بن عَمْرو كل ذَلِك لم يكن قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحدهمَا أَن مَعْنَاهُ لم يكن الْمَجْمُوع فَلَا يَنْفِي وجود أَحدهمَا وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّوَاب أَن مَعْنَاهُ لم يكن ذَاك وَلَا ذَا فِي ظَنِّي بل فِي ظَنِّي أَنِّي أكملت الصَّلَاة أَرْبعا قَالَ وَيدل على صِحَة هَذَا التَّأْوِيل وَأَنه لَا يجوز غَيره أَنه جَاءَ فِي رِوَايَات للْبُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لم تقصر وَلم أنس فنفى الْأَمريْنِ فَقَالَ أصدق ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نعم قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ تكلم ذُو الْيَدَيْنِ وَالْقَوْم وهم بعد فِي الصَّلَاة فَجَوَابه من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنهم لم يَكُونُوا على يَقِين من الْبَقَاء فِي الصَّلَاة لأَنهم كَانُوا مجوزين لنسخ الصَّلَاة من أَربع إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَالثَّانِي أَن هَذَا كَانَ خطابا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجوابا وَذَلِكَ لَا يبطل الصَّلَاة وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح أَن الْجَمَاعَة أومئوا أَي نعم فعلى هَذِه الرِّوَايَة لم يتكلموا فَإِن قيل كَيفَ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قَول الْجَمَاعَة وعندكم لَا يجوز للْمُصَلِّي الرُّجُوع فِي قدر صلَاته إِلَى قَول غَيره إِمَامًا كَانَ أَو مَأْمُوما وَلَا يعْمل إِلَّا على يَقِين نَفسه فَجَوَابه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَهُمْ ليتذكر فَلَمَّا ذَكرُوهُ تذكر فَعلم السَّهْو فَبنى عَلَيْهِ لَا أَنه رَجَعَ إِلَى مُجَرّد قَوْلهم

[212] عَن بن شهَاب عَن أبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة قَالَ بن عبد الْبر هُوَ قرشي عدوي لَا يُوقف لَهُ على اسْم وَهُوَ من ثِقَات التَّابِعين وَحَدِيثه هَذَا مُنْقَطع عِنْد جَمِيع رُوَاة الْمُوَطَّأ فَقَالَ لَهُ ذُو الشمالين رجل من بني زهرَة بن كلاب قَالَ الْبَاجِيّ قَول بن شهَاب فِي هَذَا الحَدِيث ذُو الشمالين فِيهِ نظر وَقَالَ بن أبي حثْمَة ذُو الشمالين عُمَيْر بن عبيد بن عَمْرو بن فضلَة من خُزَاعَة حَلِيف لبني زهرَة بن كلاب قتل يَوْم بدر وَذُو الْيَدَيْنِ هُوَ الْخِرْبَاق وَهُوَ غير ذِي الشمالين وَالْجمع بَينهمَا فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ مِمَّا خَلفه فِيهِ الْحفاظ من الروَاة عَن أبي هُرَيْرَة مُحَمَّد بن سِيرِين وَأَبُو سُفْيَان غَيرهمَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحفاظ عَن أبي سَلمَة وَبَين هَذَا أَن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث صلى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك رَوَاهُ أَبُو مُصعب وَغَيره وَهَذَا يَقْتَضِي مُشَاهدَة أبي هُرَيْرَة لهَذِهِ الصَّلَاة وَذُو الشمالين قتل يَوْم بدر وَإِسْلَام أبي هُرَيْرَة بعد ذَلِك بأعوام جمة قَالَ وَلم يذكر أَن شهَاب فِي حَدِيثه هَذَا سُجُود السَّهْو وَقد ذكره جمَاعَة من الْحفاظ عَن أبي هُرَيْرَة وَالْأَخْذ بِالزَّائِدِ أولى إِذا كَانَ رَاوِيه ثِقَة وَقَالَ بن عبد الْبر الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث أَن الْمُتَكَلّم ذُو الشمالين لم يُتَابع عَلَيْهِ فذو الشمالين هُوَ عُمَيْر بن عَمْرو بن غيثان خزاعي حَلِيف لبني زهرَة قتل ببدر وَذُو الْيَدَيْنِ اسْمه الْخِرْبَاق سلمي من بني سليم قَالَ وَقد اضْطربَ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ اضطرابا أوجب عِنْد أهل الْعلم بِالنَّقْلِ تَركه من رِوَايَته خَاصَّة ثمَّ ذكر طرقه وَبَين اضطرابها فِي الْمَتْن والإسناد وَذكر مُسلم بن الْحجَّاج غلط الزُّهْرِيّ فِي حَدِيثه قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ المصنفين فِيهِ عول على الزُّهْرِيّ فِي قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ وَكلهمْ تَرَكُوهُ لاضطرابه وَأَنه لم يتم لَهُ إِسْنَادًا وَلَا متْنا وَإِن كَانَ إِمَامًا عَظِيما فِي هَذَا الشَّأْن فالغلط لَا يسلم مِنْهُ بشر والكمال لله تَعَالَى وكل أحد يُؤْخَذ من قَوْله وَيتْرك إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر اتَّفقُوا على تغليط الزُّهْرِيّ فِي قَوْله ذُو الشمالين لِأَنَّهُ قتل ببدر وَذُو الْيَدَيْنِ عَاشَ بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدَّة وَحدث بِهَذَا الحَدِيث ولقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَده طول وَقيل كَانَ يعْمل بيدَيْهِ جَمِيعًا

[214] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا روى الحَدِيث عَن مَالك جَمِيع الروَاة مُرْسلا وَلَا أعلم أحدا أسْندهُ عَن مَالك إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم فَإِنَّهُ وَصله عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد تَابع مَالِكًا على إرْسَاله الثَّوْريّ وَحَفْص بن ميسرَة الصَّنْعَانِيّ وَمُحَمّد بن جَعْفَر وَدَاوُد بن قيس وتابع الْوَلِيد على وَصله جمَاعَة عَن زيد بن أسلم قلت وَصله مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طرق عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق عبد الْعَزِيز الداروردي عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن بن عَبَّاس وَقَالَ بن حبَان فِي صَحِيحه وهم عبد الْعَزِيز فِي قَوْله عَن بن عَبَّاس وَإِنَّمَا هُوَ عَن أبي سعيد شفعها أَي ردهَا إِلَى الشفع ترغيم للشَّيْطَان أَي إِي إغاظة لَهُ وإذلال قَالَ النَّوَوِيّ الْمَعْنى ان الشَّيْطَان لبس عَلَيْهِ صلَاته وتدارك مَا لبس عَلَيْهِ فأرغم الشَّيْطَان ورده خاسئا مُبْعدًا عَن مُرَاده وكملت صَلَاة بن آدم وامتثل أَمر الله تَعَالَى الَّذِي عصى بِهِ إِبْلِيس من امْتِنَاعه عَن السُّجُود [218] عَن عبد الله بن بُحَيْنَة هِيَ أمه وَاسم أَبِيه مَالك بن القشب الْأَزْدِيّ ونظرنا أَي انتظرنا

[220] عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة عَن أمه أَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة عَن املك فِي الْمُوَطَّأ عَن عَلْقَمَة عَن أمه عَن عَائِشَة وَسقط ليحيى عَن أمه وَهُوَ مِمَّا عد عَلَيْهِ وَلم يُتَابِعه على ذَلِك أحد من الروَاة أهْدى أَبُو جهم بن حُذَيْفَة اسْمه عبيد وَيُقَال عَامر قرشي عدوي صَحَابِيّ مَشْهُور وَيُقَال فِيهِ أَبُو جهيم بِالتَّصْغِيرِ خميصة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْمِيم وبالصاد الْمُهْملَة كسَاء مربع لَهُ علمَان فكاد يفتنني قَالَ الْبَاجِيّ بَين أَن الْفِتْنَة لم تقع وَإِن صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كملت [221] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبس خميصة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُرْسل عِنْد جَمِيع الروَاة عَن مَالك إِلَّا معن بن عِيسَى فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مُسْندًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة أَصْحَاب هِشَام عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أنبجانية بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون وَكسر الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْجِيم وَبعد النُّون يَاء النِّسْبَة كسَاء غليظ لَا علم لَهُ قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ مَنْسُوب إِلَى مَوضِع يُقَال لَهُ أنبجان وَتعقب بذلك قَول أبي حَاتِم السجسْتانِي لَا يُقَال كسَاء أنبجاني وَإِنَّمَا يُقَال ميجاني نِسْبَة إِلَى ميج مَوضِع أعجمي [222] عَن عبد الله بن أبي بكر أَن أَبَا طَلْحَة الْأنْصَارِيّ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِط لَهُ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أعلمهُ مرويا من غير هَذَا الْوَجْه وَهُوَ مُنْقَطع فطار دبسي فَطَفِقَ يتَرَدَّد يلْتَمس مخرجا قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي أَن انتساق النّخل واتصال جرائدها كَانَت تمنع الدبسي من الْخُرُوج فَجعل يتَرَدَّد بِطَلَب الْمخْرج فأعجبه ذَلِك أَي سُرُورًا بصلاح مَاله وَحسن إقباله ثمَّ رَجَعَ إِلَى صلَاته أَي الإقبال عَلَيْهَا وتفريغ نَفسه لتمامها فَقَالَ لقد أصابتني فِي مَالِي هَذَا فتْنَة أَي اختبرت فِي هَذَا المَال فشغلني عَن الصَّلَاة هُوَ صَدَقَة لله قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ إِخْرَاج مَا فتن بِهِ من مَاله وتكفير اشْتِغَاله عَن صلَاته قَالَ وَهَذَا يدل على أَن مثل هَذَا كَانَ يقل مِنْهُم ويعظم فِي نُفُوسهم فضعه حَيْثُ شِئْت قَالَ الْبَاجِيّ إِنَّمَا صرف ذَلِك إِلَى اخْتِيَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعلمه بِأَفْضَل مَا تصرف إِلَيْهِ الصَّدقَات

[223] قد ذللت أَي مَالَتْ الثَّمَرَة بعراجينها لِأَنَّهَا عظمت وَبَلغت حد النضج [224] فَلبس عَلَيْهِ بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة الْخَفِيفَة أَي خلط عَلَيْهِ [225] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لأنسى أَو أنسى لأسن قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْندًا وَلَا مَقْطُوعًا من غير هَذَا الْوَجْه وَهُوَ أحد الْأَحَادِيث الْأَرْبَعَة الَّتِي فِي الْمُوَطَّأ الَّتِي لَا تُوجد فِي غَيره مُسندَة وَلَا مُرْسلَة وَمَعْنَاهُ صَحِيح فِي الْأُصُول وَقَالَ الْبَاجِيّ أَو فِي الحَدِيث للشَّكّ عِنْد بَعضهم وَقَالَ عِيسَى بن دِينَار وَابْن نَافِع لَيست للشَّكّ وَمعنى ذَلِك أنسى أَنا أَو ينسيني الله تَعَالَى قَالَ وَيحْتَاج هَذَا إِلَيّ بَيَان لِأَنَّهُ أضَاف أحد النسيانين إِلَيْهِ وَالثَّانِي إِلَى الله تَعَالَى وَإِن كُنَّا نعلم أَنه إِذا نسي فَإِن الله هُوَ الَّذِي نساه أَيْضا وَذَلِكَ يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا أَن يُرِيد لأنسى فِي الْيَقَظَة وأنسى فِي النّوم فَأصَاب النسْيَان فِي الْيَقَظَة إِلَيْهِ لِأَنَّهَا حَال التَّحَرُّز فِي غَالب أَحْوَال النَّاس وأضاف النسْيَان فِي النّوم إِلَى غَيره لما كَانَت حَالا يقل فِيهَا التَّحَرُّز وَلَا يُمكن فِيهَا مِنْهُ مَا يُمكن فِي حَال الْيَقَظَة وَالثَّانِي أَن يُرِيد إِنِّي لأنسى على حسب مَا جرت الْعَادة بِهِ من النسْيَان مَعَ السَّهْو والذهول عَن الْأَمر أَو أنسى مَعَ تذكر الْأَمر والاقبال عَلَيْهِ والتفرغ لَهُ فأضاف أحد النسيانين إِلَى نَفسه لما كَانَ كالمضطر إِلَيْهِ

[227] من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة غسل الْجَنَابَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ غسلا على صفة غسل الْجَنَابَة وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الْجنب المغتسل بجنابته قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالْأول قَول الْأَكْثَر وَفِي رِوَايَة بن جريج عَن سمي عِنْد عبد الرَّزَّاق فاغتسل أحدكُم كَمَا يغْتَسل من الْجَنَابَة وَالثَّانِي فِيهِ إِشَارَة إِلَى اسْتِحْبَاب الْجِمَاع يَوْم الْجُمُعَة وَالْحكمَة فِيهِ أَن تسكن نَفسه فِي الرواح إِلَى الصَّلَاة وَلَا تمتد عينه إِلَى شَيْء يرَاهُ وَفِيه حمل الْمَرْأَة أَيْضا على الِاغْتِسَال قلت وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَيعْجزُ أحدكُم أَن يُجَامع أَهله فِي كل يَوْم جُمُعَة قَالَ لَهُ أَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ أجر غسله وَأجر غسل امْرَأَته أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ثمَّ رَاح فِي السَّاعَة الأولى قيل ذَلِك مُعْتَبر من الزَّوَال وَعَلِيهِ مَالك وَالْمرَاد بِهِ حِينَئِذٍ بالساعات الْخمس أَجزَاء لَطِيفَة عقبه لِأَن الرواح إِنَّمَا يكون بعد نصف النَّهَار وَقيل من أول النَّهَار وَعَلِيهِ الشَّافِعِي وَالْمرَاد بالرواح الذّهاب وسوغ الْإِطْلَاق كَونه ذَهَابًا لأمر يُؤْتى بِهِ بعد الزَّوَال قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلم أر التَّعْبِير بالرواح فِي شَيْء من طرق هَذَا الحَدِيث إِلَّا فِي رِوَايَة مَالك هَذِه عَن سمي وَقد رَوَاهُ بن جريج عَن سمي بِلَفْظ غَدا وَرَوَاهُ أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ المستعجل إِلَى الْجُمُعَة كالمهدي بَدَنَة الحَدِيث صَححهُ بن خُزَيْمَة وَفِي حَدِيث سَمُرَة ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْجُمُعَة فِي التبكير كَأَجر الْبَدنَة الحَدِيث أخرجه بن ماجة وَلأبي دَاوُد من حَدِيث عَليّ مَرْفُوعا إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة غَدَتْ الشَّيَاطِين براياتها إِلَى الْأَسْوَاق وتغدو الْمَلَائِكَة فتجلس على بَاب الْمَسْجِد فتكتب الرجل من سَاعَة وَالرجل من ساعتين الحَدِيث فَدلَّ مَجْمُوع هَذِه الْأَحَادِيث على أَن المُرَاد بالرواح الذّهاب فَكَأَنَّمَا قرب بَدَنَة أَي تصدق بهَا متقربا إِلَى الله وَقيل المُرَاد أَن لَهُ نَظِير مَا لصَاحب الْبَدنَة من الثَّوَاب مِمَّن شرع لَهُ القربان لِأَن القربان لم يشرع لهَذِهِ الْأمة على الْكَيْفِيَّة الَّتِي كَانَت بالأمم السالفة أَي فعوضوا عَنهُ مَا يقوم مقَامه وَفِي لفظ عِنْد البُخَارِيّ كَمثل الَّذِي يهدي بَدَنَة فَكَانَ المُرَاد بالقربان فِي رِوَايَة مَالك الاهداء إِلَى الْكَعْبَة وَالْمرَاد بالبدنة الْوَاحِد من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى سميت بذلك لعظم دنها وَالْهَاء فِيهَا للوحدة لَا للتأنيث كَبْشًا أقرن قَالَ النَّوَوِيّ وَصفه بِهِ لِأَنَّهُ أكمل وَأحسن صُورَة وَلِأَن قرنه ينْتَفع بِهِ وَمن رَاح فِي السَّاعَة الرَّابِعَة فَكَأَنَّمَا قرب دجَاجَة فِي رِوَايَة عِنْد النَّسَائِيّ فَكَأَنَّمَا قرب بطة وَجعل الدَّجَاجَة فِي السَّاعَة الْخَامِسَة والبيضة فِي السَّاعَة السَّادِسَة والدجاجة بِتَثْلِيث الدَّال وَالْفَتْح أفْصح ثمَّ الْكسر وتقعان على الذّكر وَالْأُنْثَى فَإِذا خرج الامام حضرت الْمَلَائِكَة استنبط مِنْهُ الْمَاوَرْدِيّ أَن التبكير لَا يسْتَحبّ للْإِمَام قَالَ وَيدخل الْمَسْجِد من أقرب أبوابه إِلَى الْمِنْبَر وَقَالَ الْبَاجِيّ قَوْله خرج يُرِيد بِهِ خرج عَلَيْهِم فِي الْجَامِع لِأَنَّهُ خُرُوج مِمَّا كَانَ مَسْتُورا فِيهِ من منزل وَغَيره وَحَضَرت بِفَتْح الضَّاد أفْصح من كسرهَا قَالُوا وَالْمَلَائِكَة الْمشَار إِلَيْهِم غير الْحفظَة وظيفتهم كِتَابَة حاضري الْجُمُعَة ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَفِي رِوَايَة فِي الصَّحِيح إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وقفت الْمَلَائِكَة على بَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ الأول فَالْأول فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ فَإِذا جلس الامام طَوَوْا صُحُفهمْ وجاؤا يَسْتَمِعُون الذّكر وَلأبي نعيم فِي الْحِلْية من حَدِيث بن عمر مَرْفُوعا إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة بعث الله مَلَائِكَة بصحف من نور وَأَقْلَام من نور فَذكر الحَدِيث يَسْتَمِعُون الذّكر قَالَ الرَّافِعِيّ أَي الْخطْبَة وَقَالَ الْبَاجِيّ الْمَعْنى أَنَّهَا لَا تكْتب فَضِيلَة من يَأْتِي ذَلِك الْوَقْت

[229] عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله أَن قَالَ دخل رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك مُرْسلا لم يَقُولُوا عَن أَبِيه وَوَصله عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه رواح بن عبَادَة وَجُوَيْرِية بن أَسمَاء وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَعُثْمَان بن الحكم الجذامي وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل وَعبد الْوَهَّاب بن عَطاء وَيحيى بن مَالك بن أنس وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي والوليد بن مُسلم وَعبد الْعَزِيز بن عمرَان وَمُحَمّد بن عمر الْوَاقِدِيّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحنيني والقعنبي فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق عَنهُ زَاد الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت وَيحيى بن مُحَمَّد الشجري وخَالِد بن حميد زَاد فِي الْعِلَل وَأَبُو قُرَّة قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَاب الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن عمر وَهُوَ الصَّوَاب وَعند الزُّهْرِيّ فِيهِ أَسَانِيد أخر صِحَاح مِنْهَا سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْهَا طَاوس عَن بن عَبَّاس وَعَن نَافِع عَن بن عمر وَقيل عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة وَقيل عَنهُ عَن عبيد بن السباق عَن بن عَبَّاس وَقيل عَنهُ عَن أنس وَالصَّحِيح من ذَلِك كُله حَدِيث عمر وَابْنه وَرَوَاهُ عَمْرو بن دِينَار عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل والْحَدِيث مَوْصُول فِي الصَّحِيحَيْنِ فَأخْرجهُ البُخَارِيّ من طَرِيق جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن مَالك وَمُسلم من طَرِيق بن وهب عَن يُونُس وَكِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَالرجل الْمَذْكُور سَمَّاهُ بن وهب وَابْن الْقَاسِم فِي روايتيهما للموطأ عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ بن عبد الْبر وَلَا أعلم فِيهِ خلافًا قَالَ وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن وهب عَن أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ عَن نَافِع عَن بن عمر وَفِي رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ عِنْد عبد الرَّزَّاق وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي رواتيه لهَذِهِ الْقِصَّة عِنْد مُسلم قَالَ وَذكر عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار أَن عِكْرِمَة مولى بن عَبَّاس أخبرهُ أَن عُثْمَان بن عَفَّان جَاءَ وَعمر يخْطب فَذكر مثل حَدِيث بن عمر وَأبي هُرَيْرَة قَالَ وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا ثمَّ أخرج من طَرِيق مُحَمَّد بن عمر الْمدنِي حَدثنَا بشر بن السّري عَن عمر بن الْوَلِيد الشني عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلهو أحدكُم حَتَّى إِذا كَادَت الْجُمُعَة تفوت جَاءَ يتخطى رِقَاب النَّاس يؤذيهم فَقَالَ مَا فعلت يَا رَسُول الله وَلَكِن كنت رَاقِدًا ثمَّ استيقظت وَقمت فَتَوَضَّأت ثمَّ أَقبلت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يَوْم وضوء هَذَا قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا حدث بِهِ مَرْفُوعا وَهُوَ عِنْدِي وهم لَا أَدْرِي مِمَّن وَإِمَّا الْقِصَّة مَحْفُوظَة لعمر لَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى فَقَالَ عمر أَيَّة سَاعَة هَذِه بتَشْديد الْيَاء التَّحْتِيَّة تَأْنِيث أَي اسْتِفْهَام إِنْكَار وتوبيخ على تَأَخره إِلَى هَذِه السَّاعَة وَفِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة فَقَالَ عمر لم تحتبسون عَن الصَّلَاة انقلبت من السُّوق روى أَشهب عَن مَالك فِي الْعُتْبِيَّة أَن الصَّحَابَة كَانُوا يكْرهُونَ ترك الْعَمَل يَوْم الْجُمُعَة على نَحْو تَعْظِيم الْيَهُود السبت وَالنَّصَارَى الْأَحَد وَالْوُضُوء أَيْضا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ مَنْصُوب أَي تَوَضَّأت الْوضُوء فَقَط قَالَه الزُّهْرِيّ وَقَالَ بن حجر أَي وَالْوُضُوء أَيْضا اقتصرت على الْوضُوء وَجوز الْقُرْطُبِيّ الرّفْع على أَنه مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي وَالْوُضُوء أَيْضا تقتصر عَلَيْهِ قَالَ وَأغْرب السُّهيْلي فَقَالَ اتّفق الروَاة على الرّفْع لِأَن النصب يُخرجهُ إِلَى معنى الْإِنْكَار يَعْنِي وَالْوُضُوء لَا يُنكر قَالَ مَا تقدم قَالَ وَالظَّاهِر أَن الْوَاو عاطفة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هِيَ عوض من همزَة الِاسْتِفْهَام كَقِرَاءَة بن كثير قَالَ فِرْعَوْن وآمنتم بِهِ وَقَوله أضا أَي ألم يكفك أَن فاتك فعل التبكير إِلَى الْجُمُعَة حَتَّى أضفت إِلَيْهِ ترك الْعَمَل المرغوب فِيهِ قلت وَفِيه دَلِيل على أَن هَذِه اللَّفْظَة عَرَبِيَّة فَإِن بن هِشَام توقف فِي ذَلِك ثمَّ أعْربهَا مصدرا من آض تَاما بِمَعْنى رَجَعَ لَا من آض نَاقِصا بِمَعْنى صَار قَالَ وَهِي إِمَّا مفعول مُطلق حذف عَامله أَي أرجع إِلَى الاخبار رُجُوعا وَلَا أقتصر على مَا قدمت أَو حَال حذف عاملها وصاحبها أَي أخبر أَو أحكي أَيْضا فَتكون حَالا من ضمير الْمُتَكَلّم فَهَذَا هُوَ الَّذِي يسْتَمر فِي جَمِيع الْمَوَاضِع قَالَ وَمِمَّا يؤنسك بِمَا ذكرته من أَن الْعَامِل مَحْذُوف أَنَّك تَقول عِنْد مَال وَأَيْضًا علم فَلَا يكون قبلهَا مَا يصلح للْعَمَل فِيهَا فَلَا بُد حِينَئِذٍ من التَّقْدِير

[230] عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد رِوَايَة لم يَخْتَلِفُوا فِي إِسْنَاده وَرَوَاهُ بكر بن السرُور الصفاني عَن مَالك زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه مَرْفُوعا قَالَ وَهَذَا خطأ فِي الْإِسْنَاد بِلَا شكّ وَبكر سيء الْحِفْظ ضَعِيف هَذِه عَن مَالك مَنَاكِير وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر لم تخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي إِسْنَاده عَن مَالك وَرِجَاله مدنيون وَفِي رُوَاته تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ صَفْوَان عَن عَطاء وَقد تَابع مَالِكًا على رِوَايَته الداروردي عَن صَفْوَان عِنْد بن حبَان وَخَالَفَهُمَا عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق فَرَوَاهُ عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه أَبُو بكر الْمروزِي فِي كتاب الْجُمُعَة لَهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت رَوَاهُ يحيى بن مَالك عَن أَبِيه بِهَذَا السَّنَد مثله مَوْقُوفا أَحْسبهُ سقط على بعض الروَاة ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ فِي الْعِلَل رَوَاهُ إِسْحَاق بن الطباع عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد وَوهم فِيهِ وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن صَفْوَان فَقَالَ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد وَمِنْهُم من قَالَ عَنهُ بِالشَّكِّ عَن أَحدهمَا وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة عَن صَفْوَان عَن عَطاء بن يسَار مُرْسلا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ نَافِع الْقَارِي عَن صَفْوَان عَن أبي هُرَيْرَة وَوهم فِيهِ وَالصَّحِيح من ذَلِك صَفْوَان عَن بن يسَار عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب أَي متأكد قَالَ بن عبد الْبر المُرَاد أَنه وَاجِب فرضا بل مؤول أَي وَاجِب فِي السّنة أَو فِي الْمُرُوءَة أَو فِي الْأَخْلَاق الجميلة كَمَا تَقول الْعَرَب وَجب حَقك ثمَّ أخرج بِسَنَدِهِ من طَرِيق أَشهب عَن مَالك أَنه سُئِلَ عَن غسل الْجُمُعَة أواجب هُوَ قَالَ هُوَ حسن وَلَيْسَ بِوَاجِب وَأخرج من طَرِيق بن وهب أَن مَالِكًا سُئِلَ عَن غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب هُوَ قَالَ هُوَ سنة ومعروف قيل إِن فِي الحَدِيث وَاجِب قَالَ وَلَيْسَ كل مَا جَاءَ فِي الحَدِيث يكون كَذَلِك على كل محتلم أَي بَالغ وَإِنَّمَا ذكر الِاحْتِلَام لكَونه الْغَالِب

[231] عَن نَافِع عَن بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جَاءَ أحدكُم أَي إِذا أَرَادَ أَن يَجِيء كَمَا فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن نَافِع عِنْد مُسلم إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَأْتِي الْجُمُعَة فليغتسل قَالَ الْحَافِظ بن حجر رِوَايَة نَافِع عَن بن عمر لهَذَا الحَدِيث مَشْهُورَة جدا وَقد اعتنى بتخريج طرقه أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه فساقه من طَرِيق سبعين نفسا رَوَوْهُ عَن نَافِع قَالَ وَقد تتبعت مَا فته وجمعت مَا وَقع لي من طرقه فِي جُزْء مُفْرد فبلغت أَسمَاء من رَوَاهُ عَن نَافِع مائَة وَعشْرين نفسا فمما يُسْتَفَاد مِنْهُ هُنَا ذكر سَبَب الحَدِيث فَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع عِنْد أبي عوَانَة كَانَ النسا يَغْدُونَ فِي أَعْمَالهم فَإِذا كَانَ الْجُمُعَة جاؤوا وَعَلَيْهِم ثِيَاب متغيرة فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من جَاءَ مِنْكُم الْجُمُعَة فليغتسل وَمِنْهَا ذكر مَحل القَوْل فَفِي رِوَايَة الحكم بن عتيبة عَن نَافِع عَن بن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول على أَعْوَاد هَذَا الْمِنْبَر بِالْمَدِينَةِ أخرجه يَعْقُوب الْجَصَّاص فِي فَوَائده وَمِنْهَا يدل على تكْرَار ذَلِك فَفِي رِوَايَة صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن أبي مُسلم الْكَجِّي بِلَفْظ كَانَ إِذا خطب يَوْم الْجُمُعَة قَالَ الحَدِيث وَمِنْهَا زِيَادَة فِي امتن فَفِي رِوَايَة عُثْمَان بن وَاقد عَن نَافِع عَن أبي عوَانَة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صحاحهم من أَتَى الْجُمُعَة من الرِّجَال وَالنِّسَاء فليغتسل وَمن لم يأتها فَلَيْسَ عَلَيْهِ غسل وَمِنْهَا زِيَادَة فِي الْمَتْن والإسناد أَيْضا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان من طرق عَن مفضل بن فضال عَن عَيَّاش بن عَبَّاس الْقِتْبَانِي عَن بكير بن عبد الله الْأَشَج عَن نَافِع عَن بن عمر عَن حَفْصَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة وَاجِبَة على كل محتلم وعَلى من رَاح إِلَى الْجُمُعَة الْغسْل قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط لم يروه عَن نَافِع بِزِيَادَة حَفْصَة إِلَّا بكير وَلَا عَنهُ غلا عَيَّاش تفرد بِهِ مفضل قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَرُوَاته ثِقَات وَلَا مَانع أَن يسمعهُ بن عمر من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن غَيره من الصَّحَابَة [232] إِذا قلت لصاحبك أنصت والأمام يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فقد لغوت قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ الْمَنْع من الْكَلَام وأكد ذَلِك بِأَن من أَمر غَيره حِينَئِذٍ بِالصَّمْتِ فَهُوَ لاغ لِأَنَّهُ قد أَتَى من الْكَلَام بِمَا ينْهَى عَنهُ كَمَا أَن من نهى فِي الصَّلَاة مُصَليا عَن الْكَلَام فقد أفسد على نَفسه صلَاته وَإِنَّمَا نَص على أَن الْأَمر بِالصَّمْتِ لاغ تَنْبِيها على أَن كل مُكَلم غَيره لاغ واللغو رَدِيء الْكَلَام وَمَا لاخير فِيهِ انْتهى وَفِي حَدِيث بن عَمْرو مَرْفُوعا وَمن لنا وتخطى رِقَاب النَّاس كَانَت لَهُ ظهرا أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة قَالَ بن وهب أحد رُوَاته مَعْنَاهُ أَجْزَأت عَنهُ الصَّلَاة وَحرم فَضِيلَة الْجُمُعَة وَلأَحْمَد من حَدِيث عَليّ مَرْفُوعا وَمن قَالَ صه فقد تكلم وَمن تكلم فَلَا جُمُعَة لَهُ

[236] أَن رجلا عطس يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فشمته رجل إِلَى جنبه فَسَأَلَ عَن ذَلِك سعيد بن الْمسيب فَنَهَاهُ بِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَخَالف فِي الْجَدِيد وَقَالَ ليشمت وَاسْتدلَّ فِي الْأُم بِحَدِيث الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا عطس الرجل والأمام يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فشمته وَهُوَ مُرْسل وَلَيْسَ مَذْهَب الشَّافِعِي رد الْمُرْسل مُطلقًا بل يحْتَج بِهِ إِذا اعتضد فَكَأَنَّهُ رأى لَهُ عاضدا ثمَّ رَأَيْت فِي مُصَنف بن أبي شيبَة من طَرِيق الْأَعْمَش والغيرة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ كَانُوا يردون السَّلَام يَوْم الْجُمُعَة والأمام يخْطب ويشمتون الْعَاطِس فَهَذَا عاضده

[239] فَقَالَ بن شهَاب كَانَ عمر بن الْخطاب يقْرؤهَا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فامضوا إِلَى ذكر الله وَصله عبد بن حميد فِي تَفْسِيره قَالَ أَنا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ لقد توفّي عمر وَمَا يقْرَأ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْجُمُعَة إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج مثله عَن أبي وَابْن مَسْعُود

[240] فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقهَا أَي يصادفها عبد مُسلم وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا يَقُول عَامَّة رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي هَذَا الحَدِيث وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي إِلَّا قُتَيْبَة بن سعيد وَأَبا مُصعب وَابْن أبي أويس والتنيس ومطرفا فانهم أسقطوها وَقَالُوا وَهُوَ يسْأَل الله فِيهَا شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ وَبَعْضهمْ يَقُول أعطَاهُ إِيَّاه قَالَ وَهِي زِيَادَة مَحْفُوظَة عَن أبي الزِّنَاد من رِوَايَة مَالك وورقاء وَغَيرهمَا عَنهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر حكى أَبُو مُحَمَّد بن السَّيِّد عَن مُحَمَّد بن وضاح أَنه كَانَ يَأْمر بحذفها من الحَدِيث قَالَ وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَنه يشكل عَلَيْهِ أصح الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي تعْيين هَذِه السَّاعَة وهما حديثان أَحدهمَا أَنَّهَا من جُلُوس الْخَطِيب على الْمِنْبَر إِلَى انْصِرَافه من الصَّلَاة وَالثَّانِي أَنَّهَا من بعد الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَقد احْتج أَبُو هُرَيْرَة على عبد الله بن سَلام لما ذكر لَهُ القَوْل الثَّانِي بِأَنَّهَا لَيست سَاعَة صَلَاة وَقد ورد النَّص بِالصَّلَاةِ فَأَجَابَهُ بِالنَّصِّ الآخر أَن منتظر الصَّلَاة ف يحكم الْمُصَلِّي فَلَو كَانَ قَوْله وَهُوَ قَائِم عِنْد أبي هُرَيْرَة ثَابتا لاحتج عَلَيْهِ بِهِ لكنه سلم لَهُ الْجَواب وارتضاه وَأفْتى بِهِ بعده وَأما إشكاله على الحَدِيث الأول فَمن جِهَة انه يتَنَاوَل حَال الْخطْبَة كُله وَلَيْسَت صَلَاة على الْحَقِيقَة وَقد أُجِيب عَن هَذَا الاشكال بِحمْل الصَّلَاة على الدُّعَاء أَو الِانْتِظَار وبحمل الْقيام على الْمُلَازمَة أَو الْمُوَاظبَة وَيُؤَيّد ذَلِك أَن حَال الْقيام فِي الصَّلَاة غير حَال السُّجُود وَالرُّكُوع وَالتَّشَهُّد مَعَ أَن السُّجُود مَظَنَّة إِجَابَة الدُّعَاء فَلَو كَانَ المُرَاد بِالْقيامِ حَقِيقَة لأخرجه فَدلَّ لعى أَن المُرَاد مجَاز الْقيام وَهُوَ الْمُوَاظبَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ثمَّ إِن جملَة وَهُوَ قَائِم حَال من عبد وَيُصلي حَال ثَانِيَة أَو من ضمير قَائِم وَيسْأل حَال ثَالِثَة مرادفة أَو متداخلة وَأَشَارَ بِيَدِهِ يقللها فِي رِوَايَة البُخَارِيّ من طَرِيق سَلمَة بن عَلْقَمَة عَن بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة وَوضع أنملته على بطن الْوُسْطَى والخنصر وَبَين أَبُو مُسلم الْكَجِّي أَن الَّذِي وضع هُوَ بشر بن الْمفضل رِوَايَة عَن سَلمَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَكَأَنَّهُ فسر الْإِشَارَة بذلك وللطبراني فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أنس وَهِي قدر هَذَا يَعْنِي قَبْضَة وَلمُسلم وَهِي سَاعَة خَفِيفَة قَالَ الزين بن الْمُنِير الْإِشَارَة لتقليلها هُوَ التَّرْغِيب فِيهَا والحض عَلَيْهَا ليسارة وَقتهَا وغزارة فَضلهَا وَقد اخْتلف أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ فِي هَذِه السَّاعَة على أَكثر من ثَلَاثِينَ قولا فَقيل انها رفعت حَكَاهُ بن عبد الْبر عَن قوم وزيفه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض رده السّلف على قَائِله وَقيل انها فِي جُمُعَة وَاحِدَة من كل سنة وَقيل إِنَّهَا مخفية فِي جَمِيع الْيَوْم كَمَا أخفيت لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر وَالِاسْم الْأَعْظَم فِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام الرَّافِعِيّ وَغَيره وَالْحكمَة فِي ذَلِك بعث الْعباد على الِاجْتِهَاد فِي الطّلب واستيعاب الْوَقْت بِالْعبَادَة وَقيل انها تنْتَقل فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَا تلْزم سَاعَة بِعَينهَا وَرجحه الْغَزالِيّ والمحب الطَّبَرِيّ وَقيل هِيَ عِنْد أَذَان الْمُؤَذّن لصَلَاة الْغَدَاة وَقيل من طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس وَقيل عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَقيل أول سَاعَة بعد طُلُوع الشَّمْس وَقيل فِي آخر السَّاعَة الثَّالِثَة من النَّهَار لحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَفِي آخر ثَلَاث سَاعَات مِنْهُ سَاعَة من دَعَا الله فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ أخرجه أَحْمد وَقيل إِذا زَالَت الشَّمْس وَقيل إِذا أؤم الْمُؤَذّن لصَلَاة الْجُمُعَة وَقيل من الزَّوَال إِلَى مصير الظل ذِرَاعا وَقيل إِلَى أَن يخرج الامام وَقيل إِلَى أَن يدْخل فِي الصَّلَاة وَقيل من الزَّوَال إِلَى غرُوب الشَّمْس وَقيل مَا بَين خُرُوج الامام إِلَى أَن تُقَام الصَّلَاة وَقيل عِنْد خُرُوج الامام وَقيل مَا بَين خُرُوج الامام إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة وَقيل مَا بَين أَن يحرم البيع إِلَى أَن يحل وَقيل مَا بَين الْأَذَان إِلَى انْقِضَاء الصَّلَاة وَقيل مَا بَين أَن يجلس الامام على الْمِنْبَر إِلَى أَن تقضي الصَّلَاة رَوَاهُ مُسلم عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهَذَا القَوْل يُمكن أَن يتحد مَعَ الَّذِي قبله وَقيل من حِين يفْتَتح الامام الْخطْبَة حَتَّى يفرغها رَوَاهُ بن عبد الْبر عَن بن عمر مَرْفُوعا وَقيل عِنْد الْجُلُوس بَين الْخطْبَتَيْنِ وَقيل عِنْد نزُول الامام من الْمِنْبَر وَقيل عِنْد أقامة الصَّلَاة لحَدِيث الطَّبَرَانِيّ عَن مَيْمُونَة بنت سعد أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله أَفْتِنَا عَن صَلَاة الْجُمُعَة قَالَ فِيهَا سَاعَة لَا يَدْعُو العَبْد فِيهَا ربه إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ قلت أَيَّة سَاعَة هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ ذَلِك حِين يقوم الإِمَام وَقيل من إِقَامَة الصَّلَاة إِلَى الِانْصِرَاف مِنْهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَمْرو بن عَوْف مَرْفُوعا وَحسنه وَقيل هِيَ السَّاعَة الت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَة وَقيل من صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس مَرْفُوعا وَقيل فِي صَلَاة الْعَصْر وَقيل بعد الْعَصْر إِلَى آخر وَقت الِاخْتِيَار وَقيل من حِين تصفر الشَّمْس إِلَى أَن تغيب وَقيل آخر سَاعَة بعد الْعَصْر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن جَابر مَرْفُوعا وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عقب هَذَا الحَدِيث وَقيل إِذا تدلى نصف الشَّمْس للغروب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن فَاطِمَة بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوعا قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ أصح الْأَحَادِيث فِيهَا حَدِيث أبي مُوسَى فِي مُسلم وَأشهر الْأَقْوَال فِيهَا قَول عبد الله بن سَلام قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَمَا عداهما إِمَّا ضَعِيف الْإِسْنَاد أَو مَوْقُوف اسْتندَ قَائِله إِلَى اجْتِهَاد دون تَوْقِيف ثمَّ اخْتلف السّلف أَي الولين الْمَذْكُورين أرجح فرجح كلا مرجحون فرجح مَا فِي حَدِيث أبي مُوسَى الْبَيْهَقِيّ وَابْن الْعَرَبِيّ والقرطبي وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه الصَّحِيح أَو الصَّوَاب وَرجح قَول بن سَلام أَحْمد بن حَنْبَل وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن عبد الْبر والطرطوشي وَابْن الزملكاني من الشَّافِعِيَّة وَأَقُول هَهُنَا أَمر وَذَلِكَ أَن مَا أوردهُ أَبُو هُرَيْرَة على بن سَلام منن أَنَّهَا لَيست سَاعَة صَلَاة وَارِد على حَدِيث أبي مُوسَى أَيْضا لِأَن حَال الْخطْبَة لَيست سَاعَة صَلَاة ويتميز مَا بعد الْعَصْر بِأَنَّهَا سَاعَة دُعَاء وَقد قَالَ فِي الحَدِيث يسْأَل الله شَيْئا وَلَيْسَ حَال الْخطْبَة سَاعَة دُعَاء لِأَنَّهُ مَأْمُور فِيهَا بالإنصات وَكَذَلِكَ غَالب الصَّلَاة وَوقت الدُّعَاء مِنْهَا إِمَّا عِنْد الْإِقَامَة أَو فِي السُّجُود أَو فِي التَّشَهُّد فَإِن حمل الحَدِيث على هَذِه الْأَوْقَات اتَّضَح وَيحمل قَوْله وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي على حَقِيقَته فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ وعَلى مجازه فِي الْإِقَامَة أَي قَائِم يُرِيد الصَّلَاة وَهَذَا تَحْقِيق حسن فتح الله بِهِ وَبِه يظْهر تَرْجِيح رِوَايَة أبي مُوسَى على قَول بن سَلام لابقاء الحَدِيث على ظَاهره من قَوْله يُصَلِّي وَيسْأل فَإِنَّهُ أولى من حمله على انْتِظَار الصَّلَاة لِأَنَّهُ مجَاز بعيد وموهم أَن انْتِظَار الصَّلَاة شَرط فِي الْإِجَابَة وَلِأَنَّهُ لَا يُقَال فِي منتظر الصَّلَاة قَائِم يُصَلِّي وَإِن صدق أَنه فِي صَلَاة لِأَن لفظ قَائِم يشْعر بملابسة الْفِعْل وَالَّذِي أختاره أَنا من هَذِه الْأَقْوَال أَنَّهَا عِنْد إِقَامَة الصَّلَاة وغالب الْأَحَادِيث المرفوعة تشهد لَهُ أما حَدِيث مَيْمُونَة فصريح فِيهِ وَكَذَا حَدِيث عَمْرو بن عَوْف وَلَا يُنَافِيهِ حَدِيث أبي مُوسَى لِأَنَّهُ ذكر أَنَّهَا فِيمَا بَين أَن يجلس الامام إِلَى أَن تقضي الصَّلَاة وَذَلِكَ صَادِق بِالْإِقَامَةِ بل منحصر فِيهَا لِأَن وَقت الْخطْبَة لَيْسَ وَقت صَلَاة وَلَا دُعَاء فِي غالبها وَلَا تظن أَنه أَرَادَ استغراق هَذَا الْوَقْت قطعا لِأَنَّهَا خَفِيفَة بالنصوص وَالْإِجْمَاع وَوقت الْخطْبَة وَالصَّلَاة متسع وغالب الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة بعد الزَّوَال وَعند الْأَذَان تحمل على هَذَا وَترجع إِلَيْهِ وَلَا تتنافى وَقد أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك الصَّحَابِيّ قَالَ إِنِّي لأرجو أَن تكون سَاعَة الْإِجَابَة فِي أحدى السَّاعَات الثَّلَاث إِذا أذن الْمُؤَذّن وَمَا دَامَ الامام على الْمِنْبَر وَعند الْإِقَامَة وَأقوى شَاهد لَهُ قَوْله وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فأحمل وَهُوَ قَائِم على الْقيام للصَّلَاة عِنْد الْإِقَامَة وَيُصلي على الْحَال الْمقدرَة وَتَكون هَذِه الْجُمْلَة الحالية شرطا فِي الْإِجَابَة وَأَنَّهَا مُخْتَصَّة بِمن شهد الْجُمُعَة ليخرج من تخلف عَنْهَا هَذَا مَا ظهر لي فِي هَذَا الْمحل من التَّقْرِير وَالله أعلم

[241] عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم أحدا سَاق هَذَا الحَدِيث أحسن سِيَاقَة من يزِيد بن الْهَاد وَلَا أتم معنى فِيهِ مِنْهُ إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ فَلَقِيت بضرة بن أبي بصرة وَلم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف فَلَقِيت أَبَا بصرة وَهِي مصيخة أَي مستمعة مصغية حَتَّى تطلع الشَّمْس شفقا من السَّاعَة قَالَ الرَّافِعِيّ أَي خوفًا كَأَنَّهَا أعلمت أَنَّهَا تقوم يَوْم الْجُمُعَة فتخاف هِيَ قِيَامهَا كل جُمُعَة وَقَوله حَتَّى تطلع الشَّمْس يدل على أَنَّهَا إِذا طلعت عرفت الدَّوَابّ أَنه لَيْسَ بذلك الْيَوْم إِلَّا الْجِنّ والأنس قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ اسْتثِْنَاء من الْجِنْس لِأَن اسْم الدَّابَّة وَاقع على كل مَا دب ودرج قَالَ وَقد قيل إِن وَجه عدم اشفاقهم أَنهم قد علمُوا أَن بَين يَدي السَّاعَة شُرُوطًا ينتظرونها قَالَ وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بالبين لأَنا نجد مِنْهُم من لَا يصيخ وَلَا علم لَهُ بِالشُّرُوطِ وَقد كَانَ النَّاس قبل أَن يعلمُوا بِالشُّرُوطِ لَا يصيخون فَلَقِيت بصرة قَالَ بن عبد الْبر الصَّوَاب أَبَا بصرة واسْمه جميل بن بصرة قَالَ والغلط من يزِيد لَا من مَالك لَا تعْمل المطى أَي لَا تسير ويسافر عَلَيْهَا إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد هُوَ اسْتثِْنَاء مفرغ أَي إِلَى مَوضِع قَالَ السكي لَيْسَ فِي الأَرْض بقْعَة لَهَا فضل بذاتها حَتَّى يُسَافر أليها لذَلِك الْفضل غير هَذِه الثَّلَاثَة وَأما غَيرهَا فَلَا يُسَافر إِلَيْهَا لذاتها بل لِمَعْنى فِيهَا من علم أَو جِهَاد أَو نَحْو ذَلِك فَلم يَقع الْمُسَافِر إِلَى ذَلِك الْمَكَان بل إِلَى من فِي ذَلِك الْمَكَان قَالَ عبد الله بن سَلام كذب كَعْب قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ أَن من سمع الْخَطَأ وَجب عَلَيْهِ إِنْكَاره ورده على كل من سَمعه مِنْهُ إِذا كَانَ عِنْده فِي رده أصل صَحِيح قَالَ عبد الله بن سَلام قد علمت أَيَّة سَاعَة هِيَ قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ دَلِيل على أَن للْعَالم أَن يَقُول أَنا أعلم كَذَا إِذا لم يكن على سَبِيل الْفَخر والسمعة وَلَا تضن أَي لَا تبخل

[242] عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا على أحدكُم لَو اتخذ ثَوْبَيْنِ لجمعته سوى ثوبي مهنته وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي عَن يحيى بن سعيد الْأمَوِي عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة وَمن طَرِيق مهْدي بن مَيْمُون عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ رَوَوْهُ هَكَذَا عَن يحيى فَقَط وَرَوَاهُ بن وهب عَن يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة بن عبد الرَّحْمَن فَذكر الحَدِيث قَالَ وَالْمرَاد بثوبين قَمِيص ورداء أَو جُبَّة ورداء والمهنة بِفَتْح الْمِيم الْخدمَة وَقد ورد هَذَا الْمَتْن من حَدِيث يُوسُف بن عبد الله بن سَلام مَرْفُوعا لَا يضر أحدكُم أَن يتَّخذ ثَوْبَيْنِ للْجُمُعَة سوى ثوبي مهنته وَمن طَرِيق آخر عَن يُوسُف عَن أَبِيه قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم جُمُعَة فَقَالَ وَمَا على أحدكُم لَو اشْترى ثَوْبَيْنِ للْجُمُعَة سوى ثوبي مهنته أخرجهُمَا بن عبد الْبر [245] على إِثْر سُورَة الْجُمُعَة أَي فِي الرَّكْعَة الثَّانِي [246] عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ مَالك لَا أَدْرِي أعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم لَا أَنه قَالَ من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير عذر وَلَا عِلّة طبع الله على قلبه قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يسند من وُجُوه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحْسنهَا إِسْنَادًا حَدِيث أبي الْجَعْد الضمرِي أخرجه الشَّافِعِي فِي الْأُم وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة بِلَفْظ من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات تهاونا بهَا طبع الل على قلبه وَأخرج بن عبد الْبر من حيدث أبي قَتَادَة مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير ضَرُورَة فقد طبع الله على قلبه وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاثًا وَلَاء من غير عذر فقد طبع الله على قلبه وَمن مُرْسل سعيد بن الْمسيب مَرْفُوعا ن ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير عذر طبع الل على قلبه وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم من حَدِيث بن عَبَّاس مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاثًا من غير ضَرُورَة كتب منافقا فِي كتاب لَا يمحى وَلَا يُبدل قَالَ الْبَاجِيّ معنى الطَّبْع على الْقلب أَن يَجْعَل بِمَنْزِلَة الْمَخْتُوم عَلَيْهِ لَا يصل إِلَيْهِ شَيْء من الْخَيْر [247] عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب خطبتين يَوْم الْجُمُعَة وَجلسَ بَينهمَا قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ مُرْسلا وَهُوَ يتَّصل من وُجُوه ثَابِتَة من غير حَدِيث مَالك فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من طَرِيق عبيد اله بن عمر عَن نَافِع عَن بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب خطبتين قَائِما يفصل بَينهمَا بجلوس

[248] أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي الْمَسْجِد إِلَى آخِره قَالَ بن عبد الْبر تَفْسِير هَذِه اللَّيَالِي الْمَذْكُورَات فِيهِ بِمَا رَوَاهُ النُّعْمَان بن بشير قَالَ قمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر رَمَضَان لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة خمس وَعشْرين إِلَى نصف اللَّيْل ثمَّ قمنا لَيْلَة سبع وَعشْرين حَتَّى ظننا أَن لَا ندرك الْفَلاح أخرجه النَّسَائِيّ وَأما عدد مَا صلى فَفِي حَدِيث ضَعِيف أَنه صلى عشْرين رَكْعَة وَالْوتر أخرجه بن أبي شيبَة من حَدِيث بن عَبَّاس وَأخرج بن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث جَابر أَنه صلى بهم ثَمَان رَكْعَات ثمَّ أوتر وَهَذَا أصح إِلَّا أَنِّي خشيت أَن يفْرض عَلَيْكُم قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ القاض أَبُو بكر يحْتَمل أَن يكون الله أوحى إِلَيْهِ أه إِن وَاصل هَذِه الصَّلَاة مَعَهم فَرضهَا عَلَيْهِم وَيحْتَمل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظن أَن ذَلِك سيفرض عَلَيْهِم لما جرت عَادَته بِأَن مَا داوم عَلَيْهِ على وَجه الِاجْتِمَاع من الْقرب فرض على أمته وَيحْتَمل أَن يُرِيد بذلك أَنه خَافَ أَن يظنّ أحد من أمته بعده إِذا داوم عَلَيْهَا وُجُوبهَا

[249] عَن بن شهَاب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرغب فِي قيام رَمَضَان قَالَ بن عبد الْبر اخْتلفت الروَاة عَن مَالك فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث فَرَوَاهُ يحيى بن يحى ي هَكَذَا مُتَّصِلا وَتَابعه بن بكير وَسَعِيد بن عفير وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْقسم ومعن وَعُثْمَان بن عمر عَن مَالك بِهِ وَرَوَاهُ القعْنبِي وَأَبُو مُصعب ومطرف وَابْن نَافِع وَابْن وهب وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَكِيع بن الْجراح وَجُوَيْرِية بن أَسمَاء كلهم عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا لم يذكرُوا أَبَا هُرَيْرَة وَعند القعْنبِي ومطرف وَالشَّافِعِيّ وَابْن نَافِع وَابْن بكير وَأبي مُصعب عَن مَالك حَدِيثه عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه هَكَذَا رَوَوْهُ فِي الْمُوَطَّأ وَلَيْسَ هُوَ عِنْد يحيى أصلا وَعند الشَّافِعِي حَدِيث حميد وَلَيْسَ عِنْده حَدِيث أبي سَلمَة من غير أَن يَأْمر بعزيمة قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ لَا يَأْمُرهُم أَمر إِيجَاب وتحتيم بل أَمر ندب وترغيب ثمَّ فسره بقوله فَيَقُول إِلَى آخِره وَهَذِه الصِّيغَة تَقْتَضِي التَّرْغِيب وَالنَّدْب دون الْإِيجَاب فَيَقُول من قَامَ رَمَضَان قَالَ بن عبد الْبر أجمع رُوَاة الْمُوَطَّأ على هَذَا اللَّفْظ وَلذَلِك أدخلهُ مَالك فِي بَاب قيام رَمَضَان ويصححه قَوْله كَانَ يرغب فِي قيام رَمَضَان وَأما أَصْحَاب بن شهَاب فانهم اخْتلفُوا فَرَوَاهُ مَالك وَمعمر وَيُونُس وَأَبُو أويس كَذَلِك وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَحده عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ من صَامَ رضمان وَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن عمر وَيحيى بن أبي كثير وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ كلهم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ من صَامَ رَمَضَان وَرَوَاهُ عقيل عَن الزُّهْرِيّ بِلَفْظ من صَامَ رَمَضَان وقامه قَالَ النَّوَوِيّ وَالْمرَاد بِقِيَام رَمَضَان صَلَاة التَّرَاوِيح وَقَالَ غَيره لَيْسَ المُرَاد بِقِيَام رَمَضَان صَلَاة التَّرَاوِيح بل مُطلق الصَّلَاة الْحَاصِل بهَا قيام اللَّيْل إِيمَانًا واحتسابا قَالَ النَّوَوِيّ معنى إِيمَانًا تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حق مُعْتَقد أفضليته وَمعنى احتسابا أَن يُرِيد بِهِ الله وَحده لَا بِقصد رُؤْيَة النَّاس وَلَا غير ذَلِك مِمَّا يُخَالف الْإِخْلَاص انْتهى ونصبهما على الْمصدر أَو الْحَال غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه قَالَ النَّوَوِيّ الْمَعْرُوف عِنْد الْفُقَهَاء أَن هَذَا مُخْتَصّ بغفران الصَّغَائِر دون الْكَبَائِر قَالَ بَعضهم وَيجوز أَن يُخَفف من الْكَبَائِر إِذا لم يُصَادف صَغِيرَة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر ظَاهره يتَنَاوَل الصَّغَائِر والكبائر وَبِه جزم بن الْمُنْذر فَائِدَة اخْرُج بن عبد الْبر من طَرِيق حَامِد بن يحيى عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ حَامِد بن يحيى عَنهُ قَامَ رَمَضَان وَلم يقل صَامَ وَزَاد وَمَا تَأَخّر وَهِي زِيَادَة مُنكرَة فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد تَابعه على هَذِه الزِّيَادَة قُتَيْبَة عَن سُفْيَان عِنْد النَّسَائِيّ وَالْحُسَيْن الْمروزِي فِي كتاب الصّيام لَهُ وَهِشَام بن عمار فِي الْجُزْء الثَّانِي عشر من فَوَائده ويوسف النجاحي فِي فَوَائده كلهم عَن بن عُيَيْنَة ووردت أَيْضا من طَرِيق أبي سَلمَة من وَجه آخر أخرجهَا أَحْمد من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن ثَابت عَن الْحسن كِلَاهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووردت أَيْضا من رِوَايَة مَالك نَفسه أخرجهَا أَبُو عبد الله الْجِرْجَانِيّ فِي أَمَالِيهِ من طَرِيق بَحر بن نصر عَن بن وهب عَن ملك وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَلم يُتَابع بَحر بن نصر على ذَلِك أحد من أَصْحَاب بن وهب وَلَا من أَصْحَاب مَالك وَلَا يُونُس سوى مَا قدمْنَاهُ قَالَ بن شهَاب فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأَمر على ذَلِك إِلَى آخِره قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا مُرْسل أرْسلهُ بن شهَاب قَالَ وَمعنى قَوْله وَالْأَمر على ذَلِك وَحَال النَّاس على مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ترك النَّاس وَالنَّدْب إِلَى الْقيام وَإِن لَا يجتمعوا فِيهِ على إِمَام يُصَلِّي بهم خشيَة أَن يفْرض عَلَيْهِم وَيصِح أَن يَكُونُوا لَا يصلونَ إِلَّا فِي بُيُوتهم أَو يُصَلِّي الْوَاحِد مِنْهُم فِي الْمَسْجِد وَيصِح أَن يَكُونُوا لم يجمعوا على إِمَام وَاحِد وَلَكنهُمْ كَانُوا يصلونَ أوزاعا مُتَفَرّقين وَقَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ اسْتمرّ الْأَمر هَذِه الْمدَّة على أَن كل وَاحِد يقوم رَمَضَان فِي بَيته مُنْفَردا حَتَّى انْقَضى صدر من خلَافَة عمر ثمَّ جمعهم عمر على أبي بن كَعْب فصلى بهم جمَاعَة وَاسْتمرّ الْعَمَل على فعلهَا جمَاعَة وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قَوْله وَالْأَمر على ذَلِك أَي على ترك الْجَمَاعَة فِي التَّرَاوِيح وَلأَحْمَد فِي رِوَايَة بن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث وَلم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع النَّاس على الْقيام قَالَ وَقد أدرج بَعضهم قَول بن شهَاب فِي نفس الْخَبَر أخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق معمر عَن بن شهَاب قَالَ وَأما مَا رَوَاهُ بن وهب عَن أبي هُرَيْرَة خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا النَّاس فِي رَمَضَان يصلونَ فِي نَاحيَة الْمَسْجِد فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل نَاس يصلى بهم أبي بن كَعْب فَقَالَ أَصَابُوا وَنعم مَا صَنَعُوا ذكره بن عبد الْبر فَفِيهِ مُسلم بن خَالِد وَهُوَ ضَعِيف وَالْمَحْفُوظ أَن عمر هُوَ الَّذِي جمع النَّاس على أبي بن كَعْب انْتهى

[250] أوزاع بِسُكُون الْوَاو بعْدهَا زَاي أَي جمَاعَة متفرقون فَقَوله فِي الرِّوَايَة متفرقون تَأْكِيد لَفْظِي وَقَوله يُصَلِّي الرجل إِلَى آخِره بَيَان لما أجمله أَولا فَقَالَ عمر إِلَى آخِره قَالَ بن التِّين وَغَيره استنبط عمر ذَلِك من تَقْرِير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى مَعَه فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَإِن كَانَ كره ذَلِك لَهُم فانما كره خشيَة أَن يفْرض عَلَيْهِم فَلَمَّا مَاتَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حصل الْأَمْن من ذَلِك وَرَأى عمر ذَلِك لما فِي الِاخْتِلَاف من افْتِرَاق الْكَلِمَة ولآن الِاجْتِمَاع على وَاحِد أنشط لكثير من الْمُصَلِّين فَجَمعهُمْ على أبي بن كَعْب أَي جعله لَهُم إِمَامًا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ عملا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله وَقد قَالَ عمر أقرؤنا أبي وروى سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق عُرْوَة أَن عمر جمع النَّاس على أبي بن كَعْب فَكَانَ يُصَلِّي بِالرِّجَالِ وَكَانَ تَمِيم الدَّارِيّ يُصَلِّي بِالنسَاء وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب قيام اللَّيْل لَهُ مَه هَذَا الْوَجْه فَقَالَ سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة بدل تَمِيم قَالَ بن حجر وَلَعَلَّ ذَلِك كَانَ فِي وَقْتَيْنِ ثمَّ خرجت مَعَه لَيْلَة أُخْرَى وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة قارئهم أَي إمَامهمْ الْمَذْكُور وَهُوَ صَرِيح فِي أَن عمر كَانَ لَا يُصَلِّي مَعَهم لِأَنَّهُ كَانَ يرى أَن الصَّلَاة فِي بَيته وَلَا سِيمَا فِي آخر اللَّيْل أفضل وَقد روى مُحَمَّد بن نصر فِي قيام اللَّيْل من طَرِيق طَاوس عَن بن عَبَّاس قَالَ جِئْت عمر فِي السحر فَسمع هيعة النَّاس فَقَالَ مَا هَذَا قيل خَرجُوا من الْمَسْجِد وَذَلِكَ فِي رَمَضَان فَقَالَ مَا بَقِي من اللَّيْل أحب مِمَّا مضى فَقَالَ عمر نعمت الْبِدْعَة هَذِه أصل الْبِدْعَة مَا على غير مِثَال سَابق وَتطلق فِي الشَّرْع على مَا يُقَابل السّنة أَي مَا لم يكن فِي عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تَنْقَسِم إِلَى الْأَحْكَام الْخَمْسَة وَالَّتِي تنامون عَنْهَا أفضل قَالَ بن حجر هَذَا تَصْرِيح مِنْهُ بِأَن الصَّلَاة فِي آخر اللَّيْل أفضل من أَوله [151] عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ أَمر عمر بن الْخطاب أبي بن كَعْب وتميما الدَّارِيّ أَن يقوما للنَّاس بِإِحْدَى عشرَة رَكْعَة قَالَ الْبَاجِيّ لَعَلَّ عمر أَخذ ذَلِك من صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفِي حَدِيث عَائِشَة انها سُئِلت عَن صلَاته فِي رَمَضَان فَقَالَت مَا كَانَ يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة إِلَّا فِي بزوغ الْفجْر قَالَ الْبَاجِيّ هِيَ أَوَائِله وَأول مَا يَبْدُو مِنْهُ [253] مَا أدْركْت النَّاس قَالَ الْبَاجِيّ أَي الصَّحَابَة إِلَّا وهم يلعنون الْكَفَرَة فِي رَمَضَان قَالَ اباجي أَي فِي قنوت الْوتر

[255] عَن سعيد بن جُبَير عَن رجل عِنْده رضَا قَالَ بن عبد الْبر قيل انه الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ فقد أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن سعيد بن جُبَير عَن الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة بِهِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من وَجه آخر عَن أبي جَعْفَر عَن بن الْمُنْكَدر عَن سعيد بن جُبَير عَن عَائِشَة بِهِ وَلم يذكر بَينهمَا أحدا وَقد ورد مثل حَدِيث عَائِشَة هَذَا من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء أخرجه الْبَزَّار مَا من امْرِئ تكون لَهُ صَلَاة بلَيْل يغلبه عَلَيْهَا نوم قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يذهب بِهِ النّوم فَلَا يَسْتَيْقِظ وَالثَّانِي أَن يَسْتَيْقِظ ويمنعه غَلَبَة النّوم من الصَّلَاة فَهَذَا حكمه أَن ينَام حَتَّى يذهب عَنهُ مَانع النّوم إِلَّا كتب الله لَهُ أجر صلَاته قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد الَّتِي اعتادها وَقَالَ وَيحْتَمل ذَلِك عِنْدِي وُجُوهًا أَحدهَا أَن يكون لَهُ أجرهَا غير مضاعف وَلَو عَملهَا لَكَانَ لَهُ أجرهَا مضاعفا لِأَنَّهُ لَا خلاف أَن الَّذِي يُصَلِّي أكمل حَالا وَيحْتَمل أَن يُرِيد أَن لَهُ أجر نِيَّته وَيحْتَمل أَن يكون لَهُ أجر من تمنى أَن يُصَلِّي مثل تِلْكَ الصَّلَاة وَلَعَلَّه أَرَادَ أجر تأسفه على مَا فَاتَهُ مِنْهَا انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر الحَدِيث دَلِيل على أَن الْمَرْء يجازى على مَا نوى من الْخَيْر وَإِن لم يعْمل كَا لَو علمه وَأَن النِّيَّة يعْطى عَلَيْهَا كَالَّذي يعْطى على الْعَمَل إِذا حيل بَينه وَبَين ذَلِك الْعَمَل ينوم أَو نِسْيَان أوغير ذَلِك من وُجُوه الْمَوَانِع فَيكْتب لَهُ أجر ذَلِك الْعَمَل وَإِن لم يعمله فضلا من الله ونعمة وَكَانَ نَومه عَلَيْهِ صَدَقَة قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي أَنه لَا يحْتَسب عَلَيْهِ وَيكْتب لَهُ أجر الْمُصَلِّين [256] كنت أَنَام بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر هَذَا من أثبت حَدِيث يرْوى فِي هَذَا الْمَعْنى فَإِذا سجد غمزني أقل النَّوَوِيّ اسْتدلَّ بِهِ من يَقُول لمس النِّسَاء لَا ينْقض الْوضُوء وَالْجُمْهُور حملوه على أَن غمزه فَوق حَائِل قَالَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر من حَال لنائم والبيوت يَوْمئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مصابيح قَالَ النَّوَوِيّ أَرَادَت بِهِ الِاعْتِذَار تَقول لوك ان فِيهَا مصابيح فقبضت رجْلي عِنْد إِرَادَة السُّجُود وَلم أحوجه إِلَى غمزي وَقَالَ بن عبد الْبر قَوْلهَا يَوْمئِذٍ تُرِيدُ حِينَئِذٍ إِذْ المصابيح إِنَّمَا تتَّخذ فِي اللَّيَالِي دون الْأَيَّام قَالَ وَهَذَا مَشْهُور فِي لِسَان الْعَرَب يعبر بِالْيَوْمِ عَن الْحِين وَالْوَقْت كَمَا يعبر بِهِ عَن النَّهَار [257] إِذا نعس بِفَتْح الْعين أحدكُم فِي صلَاته فليرقد قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا عَام فِي صَلَاة الْفَرْض وَالنَّفْل فِي اللَّيْل وَالنَّهَار هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الْجُمْهُور وَلَكِن لَا يخرج فَرِيضَة عَن وَقتهَا وَحمله مَالك وَجَمَاعَة على نفل اللَّيْل لِأَنَّهُ مَحل النُّون غلابا لَعَلَّه يذهب يسْتَغْفر قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ القَاضِي معنى يسْتَغْفر مَعنا يَدْعُو

[258] عَن إِسْمَاعِيل بن أبي حَكِيم أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع امْرَأَة من اللَّيْل قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُنْقَطع منن رِوَايَة إِسْمَاعِيل وَهُوَ مُتَّصِل من طرق صِحَاح ثَابِتَة من حَدِيث مَالك وَغَيره فَأخْرجهُ البُخَارِيّ من طَرِيق القعْنبِي عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَأخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة الحولاء بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمدّ بنت تويت بتاء مثناة من فَوق أَوله وَآخره وَهُوَ بن حبيب بِفَتْح الْمُهْملَة بن أَسد بن عبد الْعُزَّى من رَهْط خَدِيجَة أم المومنين رَضِي الله عَنْهَا عرفت الْكَرَاهِيَة بتَخْفِيف الْيَاء فِي وَجهه قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي أَنه رُؤِيَ فِي وَجهه من التقطيب وَغير ذَلِك مَا عرفت بِهِ كراهيته لما وصفت بِهِ إِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِفَتْح الْمِيم فيهمَا قَالَ والملل بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارف فِي حَقنا محَال فِي حق الله تَعَالَى فَيجب تَأْوِيل الحَدِيث قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يعاملكم مُعَاملَة المَال فَيقطع عَنْكُم ثَوَابه وجزاءه وَبسط فَضله وَرَحمته حَتَّى تقطعوا أَعمالكُم وَقيل مَعْنَاهُ لَا يمل إِذا مللتم قَالَه بن قُتَيْبَة وَغَيره وَفِي فتح الْبَارِي الملال استثقال الشَّيْء ونفور النَّفس عَنهُ بعد محبته وَهُوَ محَال على الله تَعَالَى بِاتِّفَاق قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَجَمَاعَة من الْمُحَقِّقين إِنَّمَا أطلق هَذَا على جِهَة الْمُقَابلَة اللفظية مجَازًا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا وأنظاره وَهَذَا بِنَاء على أَن حَتَّى على بَابهَا فِي انْتِهَاء الْغَايَة وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من الْمَفْهُوم وجنح بَعضهم إِلَى تَأْوِيلهَا فَقيل مَعْنَاهُ لَا يمل الله إِذا مللتم وَهُوَ مُسْتَعْمل فِي كَلَام الْعَرَب وَمِنْه قَوْلهم فِي البليغ لَا يَنْقَطِع حَتَّى يَنْقَطِع خصومه لِأَنَّهُ لَو انْقَطع حِين ينقطعون لم يكن لَهُ عَلَيْهِم مزية وَقَالَ الْمَازرِيّ قيل إِن حَتَّى هُنَا بِمَعْنى الْوَاو فَيكون التَّقْدِير لَا يمل وتملون فنفى عَنهُ الْملَل وأثبته لَهُم قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالْأول أليق وأجرى على الْقَوَاعِد وَأَنه من بَاب الْمُقَابلَة اللفظية وَقَالَ بن حبَان فِي صَحِيحه هَذَا من أَلْفَاظ المعارف الَّتِي لَا يتهيأ للمخاطب أَن يعرف الْقَصْد بِمَا يُخَاطب بِهِ إِلَّا بهَا وَهَذَا رَأْيه فِي جَمِيع الْمُتَشَابه اكلفوا بِسُكُون الْكَاف وَفتح اللَّام أَي خُذُوا وتحملوا من الْعَمَل مَا لكم بِهِ طَاقَة قَالَ الْبَاجِيّ أَي بالمداومة عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا النّدب إِلَى تَكْلِيف مالنا طَاقَة وَالثَّانِي نهينَا عَن تَكْلِيف مَالا نطيق وَهُوَ أليق بنسق الحَدِيث قَالَ وَقَوله من الْعَمَل الْأَظْهر أَنه أَرَادَ بِهِ عمل الْبر لأه ورد على سَببه وَلِأَنَّهُ لفظ ورد من الشَّارِع فَوَجَبَ أَن يحمل على الْأَعْمَال الشَّرْعِيَّة

[262] كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل أحدى عشرَة رَكْعَة يُوتر مِنْهَا بِوَاحِدَة فَإِذا فرغ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن قَالَ بن عبد الْبر إِلَى هُنَا انْتَهَت رِوَايَة يحيى وَتَابعه جمَاعَة الروَاة للموطأ وَأما أَصْحَاب بن شهَاب فرووا هَذَا الحَدِيث عَن بن شهَاب بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَجعلُوا الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر لَا بعد الْوتر وَذكر بَعضهم فِيهِ أَن كَانَ يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهُم من لم يذكر ذَلِك وَكلهمْ ذكر اضطجاعه بعد رَكْعَتي الْفجْر فِي هَذَا الحَدِيث وَزعم مُحَمَّد بن يحيى الديلِي وَغَيره أَن مَا ذكرُوا فِي ذَلِك هُوَ الصَّوَاب دون مَا قَالَه مَالك قَالَ بن عبد الْبر وَلَا يدْفع مَا قَالَه مَالك من ذَلِك لموضعه من الْحِفْظ والإتقان ولثبوته فِي بن شهَاب وَعلمه بحَديثه [263] مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَأما مَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة من حَدِيث بن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي رَمَضَان عشْرين رَكْعَة وَالْوتر فإسناده ضَعِيف وَقد عَارضه هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح مَعَ كَون عَائِشَة أعلم بِحَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا من غَيرهَا يُصَلِّي أَرْبعا فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ هن فِي نِهَايَة من كَمَال الْحسن والطول مستغنيات بِظُهُور حسنهنَّ وطولهن عَن السُّؤَال عَنهُ إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا من خَصَائِص الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام [264] يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاث عشرَة رَكْعَة قَالَ بن عبد الْبر ذكر قوم من الروَاة لهَذَا الحَدِيث عَن هِشَام بن عُرْوَة أَنه كَانَ لَا يجلس فِي شَيْء من الْخمس رَكْعَات إِلَّا فِي آخِرهنَّ رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة وَأَبُو عوَانَة ووهيب وَغَيرهم وَأكْثر الْحفاظ رووا هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام كَمَا رَوَاهُ مَالك قَالَ وَالرِّوَايَة الْمُخَالفَة لرِوَايَة مَالك إِنَّمَا حدث بهَا عَن هِشَام أهل الْعرَاق وَمَا حدث بهَا هِشَام بِالْمَدِينَةِ قبل خُرُوجه إِلَى الْعرَاق أصح عِنْدهم وَقَالَ الْبَاجِيّ ذكرت عَائِشَة فِي هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة غير رَكْعَتي الْفجْر وَذكرت فِي الحَدِيث السَّابِق أَنه كَانَ لَا يزِيد على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة وَقد ذكر بعض من لم يتَأَمَّل أَن رِوَايَة عَائِشَة اضْطَرَبَتْ فِي الْحَج وَالرّضَاع وَصَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ وَقصر الصَّلَاة فِي السّفر قَالَ وَهَذَا غلط مِمَّن قَالَه فقد أجمع الْعلمَاء على أَنَّهَا أحفظ الصَّحَابَة فَكيف بغيرهم وَإِنَّمَا حمله على هَذَا قلَّة مَعْرفَته بمعاني الْكَلَام ووجوه التَّأْوِيل فَإِن الحَدِيث الأول إِخْبَار عَن صلَاته الْمُعْتَادَة الْغَالِبَة وَالثَّانِي إِخْبَار عَن زِيَادَة وَقعت فِي بعض الْأَوْقَات أَو ضمت فِيهِ مَا كَانَ يفْتَتح بِهِ صلَاته من رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قبل الاحدى عشرَة

[265] مخرمَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة بَات لَيْلَة عِنْد مَيْمُونَة فِي بعض طرق الحَدِيث عِنْد أبي عوَانَة قَالَ بَعَثَنِي أبي الْعَبَّاس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة فَوَجَدته جَالِسا فِي الْمَسْجِد فَلم أستطع أَن ُأكَلِّمهُ فَلَمَّا صلى الْمغرب قَامَ فَرَكَعَ حَتَّى أذن الْمُؤَذّن بِصَلَاة الْعشَاء زَاد مُحَمَّد بن نصر فِي قيام اللَّيْل فَقَالَ لي يَا بني بت اللَّيْلَة عندنَا فاضطجعت فِي عرض الوسادة بِفَتْح الْعين لمقابلته بالطول وَقيل بِالضَّمِّ بِمَعْنى الْجَانِب وَالصَّوَاب الأول 1 قَالَ الداوودي والوسادة مَا يضعون رؤوسهم عَلَيْهِ للنوم وَعند مُحَمَّد بن نصر وسَادَة من أَدَم حشوها لِيف فَمسح النّوم عَن وَجهه بِيَدِهِ أَي أثر النّوم من بَاب إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب أَو عَيْنَيْهِ من بَاب إِطْلَاق اسْم الْحَال على الْمحل ثمَّ قَرَأَ الْعشْر الْآيَات أَولهَا إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَى آخر السُّورَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن ذَلِك ليبتدئ يقظته بِذكر الله ويختمها بِذكرِهِ عِنْد نَومه وَيحْتَمل أَن ذَلِك ليذكر مَا ندب إِلَيْهِ من الْعِبَادَة وَمَا وعد على ذَلِك من الثَّوَاب فَإِن هَذِه الْآيَات جَامِعَة لكثير من ذَلِك تنشيطا لَهُ على الْعِبَادَة إِلَى شن مُعَلّق فِي رِوَايَة البُخَارِيّ معلقَة قَالَ النَّوَوِيّ الشن الْقرْبَة الْخلق فَمن أنث وَمن ذكر فعلى إِرَادَة السقاء والوعاء فَتَوَضَّأ مِنْهَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن نصر فاستفرغ من الشن فِي إِنَاء ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن وضوءه فِي رِوَايَة لمُسلم فأسبغ الْوضُوء وَلم يمس من المَاء إِلَّا قَلِيلا وَأخذ بأذني الْيُمْنَى يفتلها قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَنه فعل ذَلِك تأنيسا لَهُ وَيحْتَمل أَنه فعله إيقاظا لَهُ وَقَالَ النَّوَوِيّ قيل فتلها تَنْبِيها لَهُ من النعاس وَقيل ليتنبه لهيبة الصَّلَاة وموقف الْمَأْمُوم وَغير ذَلِك قَالَ وَالْأول أظهر 2 لقَوْله فِي الرِّوَايَة الآخرى فَجعلت إِذا أغفيت يَأْخُذ بشحمة أُذُنِي وَهِي عِنْد مُسلم قلت لَكِن فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن نصر فَعرفت أَنه إِنَّمَا صنع ذَلِك ليؤنسني بِيَدِهِ فِي ظلمَة اللَّيْل فصلى رَكْعَتَيْنِ إِلَى آخِره هِيَ مَذْكُورَة سِتّ مَرَّات زَاد بن خُزَيْمَة يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أوتر زَاد ملم فتكاملت صلَاته ثَلَاث عشرَة رَكْعَة أَتَاهُ الْمُؤَذّن هُوَ بِلَال كَمَا سمي فِي رِوَايَة البُخَارِيّ

[266] عَن عبد الله بن أبي بكر هُوَ بن عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ فتوسدت عتبته أَو فسطاطه قَالَ الْبَاجِيّ العتبة مَوضِع الْبَاب والفسطاط نوع لقباب وَالْخَبَر بالتفسير الأول أشبه وَيحْتَمل أَن ذَلِك شكّ من الرَّاوِي فصلى رَكْعَتَيْنِ طويلتين قَالَ الْبَاجِيّ انْفَرد يحيى بن يحيى فِي هَذَا الحَدِيث بأمرين أَحدهمَا أَنه قَالَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين طويلتين وَسَائِر أَصْحَاب الْمُوَطَّأ قَالُوا عَن مَالك فِي الْأَوليين خفيفتين وَالثَّانِي أَنه قَالَ طويلتين طويلتين ثَلَاثًا وسائى أَصْحَاب الْمُوَطَّأ قَالُوا ذَلِك مرَّتَيْنِ فَقَط بِعني بذلك الْمُبَالغَة فِي طولهما وَقَالَ بن عبد الْبر لم يُتَابع يحيى على هَذَا أحد من رِوَايَة الْمُوَطَّأ وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيعهم فصلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ طويلتين طويلتين طويلتين فأسقط يحيى ذكر الرَّكْعَتَيْنِ الخفيفتين وَذَلِكَ خطأ وَاضح لِأَن الْمَحْفُوظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَدِيث زيد بن خَالِد وَغَيره أَنه كَانَ يفْتَتح صَلَاة اللَّيْل بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين وَقَالَ أَيْضا طويلتين طويلتين مرَّتَيْنِ وَغَيره يَقُول ثَلَاث مَرَّات وَذَلِكَ مَا عد على يحيى من سقطه وغلطه والغلط لَا يسلم مِنْهُ أحد انْتهى دون اللَّتَيْنِ قبلهمَا قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي فِي الطول [267] عَن نَافِع وَعبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يخْتَلف على مَالك فِي إِسْنَاد إِلَّا أَن فِي رِوَايَة مكي بن إِبْرَاهِيم عَن مَالك أَن نَافِعًا وَعبد الله بن دِينَار أخبراه كَذَا فِي الموطآت للدارقطني وَأوردهُ الْبَاقُونَ بالعنعنة أَن رجلا للنسائي من أهل الْبَادِيَة قَالَ بن حجر وَلم أَقف على اسْمه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَلَاة اللَّيْل فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن نصر قَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ تَأْمُرنَا أَن نصلي من اللَّيْل صَلَاة اللَّيْل زَاد أَصْحَاب السّنَن وَابْن خُزَيْمَة من طَرِيق عَليّ الْأَزْدِيّ عَن بن عمر وَالنَّهَار مثنى مثنى أَي اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَهُوَ غير منصرف للعدل وَالْوَصْف وَلمُسلم من طَرِيق عقبَة بن حُرَيْث قَالَ قلت لِابْنِ عمر مَا مثنى مثنى قَالَ تسلم من كل رَكْعَتَيْنِ صلى رَكْعَة وَاحِدَة فِي رِوَايَة الشَّافِعِي وَابْن وهب ومكي بن إِبْرَاهِيم عَن مَالك فَليصل رَكْعَة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت هَكَذَا بِصِيغَة الْأَمر وَقَالَ بن عبد الْبر كل من روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك من رُوَاة الْمُوَطَّأ وَغَيرهم قَالُوا فِيهِ صفة صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى إِلَّا الحنيني وَحده فَإِنَّهُ روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك والعمري جَمِيعًا عَن نَافِع عَن بن عمر مَرْفُوعا صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى فَزَاد فِيهِ وَالنَّهَار وَذَلِكَ خطأ عَن مَالك لم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ

[268] عَن بن محيريز اسْمه عبد الله أَن رجلا من بني كنَانَة يدعى المخدجي قَالَ بن عبد الْبر هُوَ مَجْهُول لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث وَقيل ان اسْمه رفيع والمخدجي لقب وَلَيْسَ بِنسَب فِي شَيْء من قبائل الْعَرَب يكنى أَبَا مُحَمَّد قَالَ بن عبد الْبر يُقَال انه سعد بن أَوْس الْأنْصَارِيّ لم يضيع مِنْهُنَّ شَيْئا اسْتِخْفَافًا بحقهن قَالَ الْبَاجِيّ احْتِرَاز من السَّهْو وَالنِّسْيَان الَّذِي لَا يُمكن أحدا الِاحْتِرَاز مِنْهُ إِلَّا من خصّه الله بالعصمة وَقَالَ بن عبد الْبر ذهبت طَائِفَة إِلَى أَن التضييع للصَّلَاة الْمشَار إِلَيْهِ هُنَا إِلَّا يُقيم حُدُودهَا من مُرَاعَاة وَقت وطهارة وإتمام رُكُوع وَسُجُود وَنَحْو ذَلِك وَهُوَ مَعَ ذَلِك يُصليهَا [269] عَن أبي بكر بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا وَقع عِنْد شُيُوخنَا وَكَانَ أَحْمد بن خَالِد يَقُول ان يحيى رَوَاهُ أَبُو بكر بن عمر وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة أَصْحَاب مَالك وَهُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ أَبُو بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب لم يُوقف لَهُ على اسْم

[276] صَلَاة الْمغرب وتر صَلَاة النَّهَار قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مَرْفُوع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَد ضَعِيف من حَدِيث بن مَسْعُود مَرْفُوعا وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقفه علية [283] عَن عبد الله بن عمر أَن أُخْته حَفْصَة أخْبرته قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن مثله قلت وَالْأَخ عَن أُخْته

[284] عَن يحيى بن سعيد أَن عَائِشَة قَالَت قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث عِنْد جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ وَقد رَوَاهُ بن عُيَيْنَة وَغَيره عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قلت أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وَمُسلم من طَرِيق عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق جرير ثَلَاثَتهمْ عَن حييّ بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمْرَة عَن عَائِشَة بِهِ قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف وَقد رَوَاهُ مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحى بن حبَان عَن عمْرَة وَهُوَ وهم لم يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد وَرَوَاهُ هشيم عَن يحيى بن سعيد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة وَهُوَ أَيْضا لم يُتَابع عَلَيْهِ [285] عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سمع قوم الْإِقَامَة قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف الروَاة عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك عَن شريك عَن أنس وَرَوَاهُ الداروردي عَن شريك فأسند عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة ثمَّ أخرجه من الطَّرِيقَيْنِ وَقَالَ وَقد روى هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْمَعْنى من حَدِيث عبد الله بن سرجس وَابْن بُحَيْنَة وَأبي هُرَيْرَة أصلاتان مَعًا قَالَ الْبَاجِيّ إِنْكَار وتوبيخ

[288] صَلَاة الْجَمَاعَة تفضل صَلَاة الْفَذ بِالْمُعْجَمَةِ أَي الْمُنْفَرد بِسبع وَعشْرين دَرَجَة قَالَ التِّرْمِذِيّ عَامَّة من رَوَاهُ قَالُوا خمْسا وَعشْرين إِلَّا بن عمر فَإِنَّهُ قَالَ سبعا وَعشْرين قَالَ بن حجر وَعنهُ أَيْضا رِوَايَة مخمس وَعشْرين عِنْد أبي عوَانَة فِي مستخرجه وَهِي شَاذَّة وَإِن كَانَ راويها ثِقَة قَالَ وَأما غَيره فصح عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد فِي الصَّحِيح وَعَن بن مَسْعُود عِنْد أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَعَن أبي بن كَعْب عِنْد بن ماجة وَالْحَاكِم وَعَن عَائِشَة وَأنس عِنْد السراج وَورد أَيْضا من طرق ضَعِيفَة عَن معَاذ وصهيب وَعبد الله بن زيد وَزيد بن ثَابت وَكلهَا عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَاتفقَ الْجَمِيع على خمس وَعشْرين سوى رِوَايَة أَنِّي فَقَالَ أَربع أَو خمس على الشَّك وَسوى رِوَايَة لأبي هُرَيْرَة عِنْد أَحْمد قَالَ فِيهَا سبع وَعِشْرُونَ وَفِي سندها ضعف قَالَ وَاخْتلف فِي أَي العددين أرجح فَقيل رِوَايَة الْخمس لِكَثْرَة رواتها وَقيل رِوَايَة السَّبع لِأَن فِيهَا زِيَادَة من عدل حَافظ قَالَ وَوَقع الِاخْتِلَاف أَيْضا فِي مُمَيّز الْعدَد فَفِي رِوَايَة دَرَجَة وَفِي أُخْرَى جزأ وَفِي أُخْرَى ضعفا وَفِي أُخْرَى صَلَاة وَالظَّاهِر أَن ذَلِك من تصرف الروَاة وَيحْتَمل أَن يكون من التفنن فِي الْعبارَة قَالَ ثمَّ إِن الْحِكْمَة فِي هَذَا الْعدَد الْخَاص غير مُحَققَة الْمَعْنى وَنقل الْقُرْطُبِيّ عَن النوربشتي مَا حَاصله أَن ذَلِك لَا يدْرك بِالرَّأْيِ بل مرجعه إِلَى علم النُّبُوَّة الَّتِي قصرت عُلُوم الالباء عَن إِدْرَاك حَقِيقَته انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر الْفَضَائِل لَا تدْرك بِقِيَاس وَلَا مدْخل فِيهَا للنَّظَر وَإِنَّمَا هِيَ بالتوقيف قَالَ وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْنَاد لَا أحفظه الْآن صَلَاة الْجَمَاعَة تفضل صَلَاة أحدكُم أَرْبَعِينَ دَرَجَة وَقَالَ الْبَاجِيّ هَذَا الحَدِيث يَقْتَضِي أَن صَلَاة الْمَأْمُوم تعدل ثَمَانِيَة وَعشْرين من صَلَاة الْفَذ لِأَنَّهَا تساويها وتزيد عَلَيْهَا سبعا وَعشْرين قَالَ الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند اخْتلفت الرِّوَايَات فِي الْعدَد الَّذِي تفضل بِهِ صَلَاة الْجَمَاعَة صَلَاة الرجل وَحده فَروِيَ بِسبع وَعشْرين وبخمس وَعشْرين وَأَرْبع وَعشْرين وَعَن شُعَيْب بن الحبحاب عَن أنس قَالَ فضل الصَّلَوَات فِي الْجمع على الْوَاحِد بِعشْرين وَمِائَة دَرَجَة فَلَقَد رَأَيْته يَقُول أَرْبعا وَعشْرين وأربعا وَعشْرين حَتَّى عد خمس مَرَّات قَالَ وَكَيف يجمع بَين الرِّوَايَات ذكرُوا فِيهِ وُجُوهًا مِنْهَا أَن الله تَعَالَى يُعْطي مَا شا من شَاءَ فيزيد وَينْقص كَمَا يبسط الرزق ويدر وَمِنْهَا أَن الْأجر يتَفَاوَت بالتفاوت فِي رِعَايَة الْأَدَب والخشوع وَمِنْهَا أَن التَّفَاوُت يَقع بحس قلَّة الْجُمُعَة وَكَثْرَتهَا أَو يتَفَاوَت حَال الامام أَو فَضِيلَة الْمَسْجِد وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم الْجمع بَين رِوَايَة سبع وَعشْرين وَخمْس وَعشْرين من ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَنه لَا مُنَافَاة بَينهمَا فَذكر الْقَلِيل لَا يَنْفِي الْكثير وَمَفْهُوم الْعدَد بَاطِل عِنْد جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ وَالثَّانِي أَن يكون أخبر أَولا بِالْقَلِيلِ ثمَّ أعلمهُ الله تَعَالَى بِزِيَادَة الْفضل فَأخْبر بهَا الثَّالِث أَنه يخْتَلف باخْتلَاف الْمُصَلِّين وَالصَّلَاة فَيكون لبَعْضهِم سبع وَعِشْرُونَ ولبعضهم خمس وَعِشْرُونَ بِحَسب كَمَال الصَّلَاة ومحافظته على هيئتها وخشوعها وَكَثْرَة جماعتها وفضلهم وَشرف الْبقْعَة وَنَحْو ذَلِك فَهَذِهِ هِيَ الْأَجْوِبَة الْمُعْتَمدَة وَقد قيل إِن الدرجَة غير الْجُزْء وَهَذَا غَفلَة من قَائِله فَإِن فِي الصَّحِيحَيْنِ سبعا وَعشْرين دَرَجَة خمْسا وَعشْرين دَرَجَة فَاخْتلف الْقدر مَعَ اتِّحَاد لفظ الدرجَة وَقَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ ظهر لي فِي هذَيْن العددين شَيْء لم أسبق إِلَيْهِ لِأَن لفظ بن عمر صَلَاة الْجَمَاعَة وَمَعْنَاهُ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة كَمَا وَقع فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة صَلَاة الرجل فِي الْجَمَاعَة وعَلى هَذَا فَكل وَاحِد من الْمَحْكُوم لَهُ بذلك صفى فِي جمَاعَة وَأدنى الْأَعْدَاد الَّتِي يتَحَقَّق فِيهَا ذَلِك ثَلَاثَة حَتَّى يكون كل وَاحِد صلى فِي جُمُعَة وكل وَاحِد مِنْهُم أَتَى بحسنة وَهِي بِعشْرَة فَيحصل من مَجْمُوعه ثَلَاثُونَ فاقتصر فِي الحَدِيث على الْفضل الزَّائِد وَهُوَ سَبْعَة وَعِشْرُونَ دون الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ أصل ذَلِك انْتهى قلت وَأخرج بن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن بن عَبَّاس قَالَ فضل صَلَاة الْجَمَاعَة على صَلَاة الْوحدَة خمس وَعِشْرُونَ دَرَجَة فَإِن كَانُوا كثر فعلى عدد من فِي الْمَسْجِد فَقَالَ رجل وَإِن كَانُوا عشرَة آلَاف قَالَ نعم وَإِن كَانُوا أَرْبَعِينَ ألفا وَأخرج عَن كَعْب قَالَ عَليّ عدد من فِي الْمَسْجِد وَهَذَا يدل على أَن التَّضْعِيف الْمَذْكُور مُرَتّب على أقل عدد تحصل بِهِ الْجَمَاعَة وَأَنه يزِيد بِزِيَادَة الْمُصَلِّين [289] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صَلَاة الْجَمَاعَة أفضل من صَلَاة أحدكُم وَحده بِخَمْسَة وَعشْرين جزأ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة وَرَوَاهُ جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن مَالك باسنده فَقَالَ فضل صَلَاة الْجَمَاعَة على صَلَاة أحدكُم خمس وَعِشْرُونَ صَلَاة وَرَوَاهُ عبد الْملك بن زِيَاد النصيبي وَيحيى بن مُحَمَّد بن عباد عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ الشَّافِعِي وروح بن عبَادَة وعمار بن مطر عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة

[290] وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ هُوَ قسم كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثيرا مَا يقسم بِهِ وَالْمعْنَى أَن أَمر نفوس الْعباد بيد الله تَعَالَى أَي بتقديره وتدبيره لقد هَمَمْت جَوَاب الْقسم والهم الْعَزْم وَقيل دونه وَزَاد مُسلم فِي أَوله أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نَاسا فِي بعض الصَّلَوَات فَقَالَ ذَلِك فَأفَاد ذكر سَبَب الحَدِيث فيحطب أَي يكسر ليسهل إشعال النَّار بِهِ ثمَّ أُخَالِف إِلَى رجال أَي آتيهم من خَلفهم وَقَالَ الْجَوْهَرِي خَالف إِلَى فلَان أَي أَتَاهُ إِذا غَابَ عَنهُ لَو يعلم أحدهم أَنه يجد عظما سمينا فِي بعض الروايا عرقا سمينا وَهُوَ الْعظم بِمَا عَلَيْهِ من اللَّحْم أَو مرماتين تَثْنِيَة مرماة بِكَسْر الْمِيم وَحكى الْفَتْح قَالَ الْخَلِيل وَغَيره هِيَ مَا بَين ظلفي الشَّاة من اللَّحْم وَقيل سهم الهدف وَالْأول انسب لذكر الْعظم السمين قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ وَغَيره وَقَالَ بن الْأَثِير وَجهه أَنه لما ذكر الْعظم السمين وَكَانَ مِمَّا يُؤْكَل أتبعه بالسهمين لِأَنَّهُمَا مِمَّا يلهى بِهِ وَقَالَ الرَّافِعِيّ قيل المرماتان قطعتا لحم وَقيل سَهْمَان يحرز الرجل بهما سبقه وَالْمِيم الأولى تفتح وتكسر وَذكر أَنَّهَا إِذا فسرت بِالسَّهْمِ فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْكسر وَإِن ميمها إِذا فسرت بِمَا بَين الظلْف أَصْلِيَّة قَالَ وَقَوله حسنتين أَي جيدتين وَقيل الْحسن الْعظم فِي الْمرْفق مِمَّا يَلِي الْبَطن والقبيح عظم الْمرْفق مِمَّا يَلِي الْكَتف وهما عاريات عَن اللَّحْم لَيْسَ عَلَيْهِمَا إِلَّا دسم قَلِيل ومقصود الْكَلَام التوبيخ وَمَعْنَاهُ أَن أَحدهمَا لَو علم أَنه يجد عظما قَلِيل الْمَنْفَعَة لتسارع إِلَيْهِ فَكيف يتكاسل عَن الصَّلَاة على عظم فائدتها وَإِن أحدهم يسْعَى فِي احراز سبق الدُّنْيَا فَكيف يرضى باهمال سبق الْآخِرَة وَتَخْصِيص الْعشَاء فِي قَوْله لشهد الْعشَاء إِشَارَة إِلَى أَنه يسْعَى إِلَى الشَّيْء الحقير فِي ظلمَة اللَّيْل فَكيف يرغب عَن الصَّلَاة وَفِي بضع الرِّوَايَات أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خصص ذَلِك بِصَلَاة الْعشَاء فَقَالَ آمُر بِصَلَاة الْعشَاء فَيُؤذن لَهَا إِلَى آخِره وَاحْتج بذلك على فَضِيلَة هَذِه الصَّلَاة انْتهى [291] أفضل الصَّلَاة صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ إِلَّا صَلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الموطآت مَوْقُوف على زيد وَهُوَ مَرْفُوع عَنهُ من وُجُوه صِحَاح قلت أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طرق عَن سَالم أبي النَّضر عَن بسر بن سعيد عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا بِهِ وَفِيه قصَّة فِي سَبَب الحَدِيث وَقَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي كتاب الْمُتَّفق والمفترق أَنا عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن السمسار أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صَالح الْأَبْهَرِيّ حَدثنَا أَبُو الْحسن أَحْمد بن عمر بن يُوسُف هُوَ بن جوصا حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبان بن مُحَمَّد بن حَرْبِيّ الشَّامي حَدثنَا أَبُو مسْهر عبد الْأَعْلَى بن مسْهر حَدثنَا مَالك بن أنس عَن أبي النَّضر عَن بسر بن سعيد عَن زيد بن ثَابت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير صَلَاتكُمْ صَلَاتكُمْ فيخ بُيُوتكُمْ إِلَّا صَلَاة الْفَرِيضَة قَالَ أَبُو الْحسن بن عُمَيْر لم يُتَابع إِسْمَاعِيل بن أبان أحد على رفع هَذَا الحَدِيث انْتهى وَلم يذكر إِسْمَاعِيل بِجرح كَمَا ذكره الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان وَلَا فِي الْمُغنِي وَلَا بن حجر فِي اللِّسَان

[292] عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة قَالَ بن عبد الْبر هُوَ مدنِي صَالح الحَدِيث وَلم يكن بِالْحَافِظِ ولحرملة وَالِده صُحْبَة وَرِوَايَة مَاتَ هُوَ فِي خلَافَة السفاح وَقيل سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين شُهُود الْعشَاء وَالصُّبْح قَالَ الرَّافِعِيّ يَعْنِي الْآيَة والعلامة فانهم لَا يشْهدُونَ امتثالا لِلْأَمْرِ وَلَا احتسابا للاجر ويثقل عَلَيْهِم الْحُضُور فِي وَقتهَا فيتخلفون قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا الحَدِيث مُرْسل لَا يحفظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْندًا وَمَعْنَاهُ مَحْفُوظ من وُجُوه ثَابِتَة أَو نَحْو هَذَا شكّ من الرَّاوِي أَو توق فِي الْعبارَة قَالَ الْبَاجِيّ [293] قَالَ بَيْنَمَا رجل يمشي بطرِيق إِذْ وجد غُصْن شوك على الطَّرِيق فَأَخَّرَهُ فَشكر الله لَهُ فغفر لَهُ وَقَالَ الشُّهَدَاء خَمْسَة المطعون والمبطون والغرف وَصَاحب الْهدم والشهيد فِي سَبِيل الله قَالَ الْبَاجِيّ انْتَهَت رِوَايَة يحيى بن يحيى وَجَمَاعَة من رِوَايَة الْمُوَطَّأ إِلَى حَيْثُ ذكرنَا وَزَاد أَبُو مُصعب بعد ذَلِك وَقَالَ لَو علم النَّاس مَا فِي النداء والصف الأول ثمَّ لم يَجدوا إِلَّا أَن يستهموا عَلَيْهِ لاستهموا وَلَو يعلمُونَ مَا فِي التهجير لاستبقوا إِلَيْهِ وَلَو يعلمُونَ مَا فِي الْعَتَمَة وَالصُّبْح لأتوهما وَلَو حبوا وَقَالَ بن عبد الْبر هن ثَلَاثَة أَحَادِيث فِي وَاحِد لذَلِك يَرْوِيهَا جمَاعَة من أَصْحَاب مَالك وَكَذَلِكَ هِيَ مَحْفُوظَة عَن أبي هُرَيْرَة وَالثَّالِث سقط ليحيى من بَاب وَهُوَ عِنْده فِي بَاب آخر وَقد مر بشرحه قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله فَشكر الله لَهُ يحْتَمل ان يُرِيد جازاه على ذَلِك بالمغفرة أَو اثنى عَلَيْهِ ثَنَاء اقْتضى الْمَغْفِرَة لَهُ أَو أَمر الْمُؤمنِينَ بشكره وَالثنَاء عَلَيْهِ بجميل فعله وَقَالَ بن حجر أَي رَضِي قعله وَقبل مِنْهُ

[295] فَقَالَ لَهُ عُثْمَان من شهد الْعشَاء فَكَأَنَّمَا قَامَ نصف لَيْلَة وَمن شهد الصُّبْح فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يكون رَأيا وَقد روى مَرْفُوعا قلت أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عُثْمَان بن حَكِيم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن عُثْمَان بن فان مَرْفُوعا بِلَفْظ من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة كَانَ كقيام نصف لَيْلَة وَمن صلى الْعشَاء وَالصُّبْح فِي جمَاعَة كَانَ لقِيَام لَيْلَة قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف قد رُوِيَ عَن بن أبي عمْرَة عَن عُثْمَان مَوْقُوفا وَرُوِيَ من غير وَجه عَن عُثْمَان مَرْفُوعا [296] بسر بن محجن قَالَ بن عبد الْبر هُوَ بِالسِّين الْمُهْملَة فِي رِوَايَة مَالك وَأكْثر الروَاة عَن زيد بن أسلم وَقَالَ فِيهِ الثَّوْريّ بِالْمُعْجَمَةِ قَالَ أَبُو نعيم وَالصَّوَاب كَمَا قَالَ مَالك

[299] فَإِن لَهُ سهم جمع قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن وهب مَعْنَاهُ لَهُ سَهْمَان من الْأجر وَقَالَ الْأَخْفَش الْجمع الْجَيْش قَالَ الله تَعَالَى سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ قَالَ وَسَهْم الْجمع هُوَ السهْم من الْغَنِيمَة قَالَ الْبَاجِيّ وَيحْتَمل عِنْدِي أَن ثَوَابه مث لسهم الْجَمَاعَة من الْأجر وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ مثل سهم من يبيت بِمُزْدَلِفَة فِي الْحَج لِأَن جمعا اسْم مُزْدَلِفَة حَكَاهُ سَحْنُون عَن مطرف وَلم يُعجبهُ وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ أَن لَهُ سهم الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ صَلَاة الْفَذ وَصَلَاة الْجَمَاعَة وَيكون فِي ذَلِك احْتِرَاز لَهُ بِأَنَّهُ لَا يضيع لَهُ أجر الصَّلَاتَيْنِ وَقَالَ الداوودي يروي فَإِن لَهُ سَهْما جمعا بِالتَّنْوِينِ وَمعنى ذَلِك أَنه يُضَاعف لَهُ الْأجر مرَّتَيْنِ قَالَ الْبَاجِيّ وَالصَّحِيح من الرِّوَايَة وَالْمعْنَى مَا قدمْنَاهُ وَقَالَ بن عبد الْبر قَول بن وهب فِي مَعْنَاهُ يضعف لَهُ الْأجر أشبه من قَول من قَالَ إِن الْجمع هُنَا الْجَيْش وَإِن لَهُ أجر الْغَازِي فِي سَبِيل الله قَالَ مُصعب بن عبد الله سَأَلت عبد الله بن الْمُنْذر بن الزبير مَا معنى مِنْهُم جمع قَالَ نصيب رجلَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف عَن فصحاء الْعَرَب [301] إِذا صلى أحدكُم بِالنَّاسِ فليخفف فَإِن فيهم الضَّعِيف والسقيم المُرَاد بالضعيف هُنَا ضَعِيف الْخلقَة وبالسقيم من بِهِ مرض وَالْكَبِير قَالَ بن عبد الْبر أَكثر الروَاة للموطأ لَا يَقُولُونَ فِي هَذَا الحَدِيث وَالْكَبِير وَقَالَهُ جمَاعَة مِنْهُم يحيى وقتيبة وَفِي رِوَايَة لمُسلم من وَجه آخر عَن أبي الزِّنَاد وَالصَّغِير وَالْكَبِير وَزَاد الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عُثْمَان بن أبي العَاصِي وَالْحَامِل والمرضع وَمن حَدِيث عدي بن حَاتِم والعابر السَّبِيل وَالْبُخَارِيّ من حَدِيث أبي مَسْعُود وَذَا الْحَاجة

[304] عَن بن شهَاب عَن أنس قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي سَنَده وَرَوَاهُ سُوَيْد بن سعيد عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ خطأ لم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ فجحش شقَّه بِضَم الْجِيم ثمَّ حاء مُهْملَة مَكْسُورَة خدش قَالَه النَّوَوِيّ وَقَالَ بن عبد الْبر الجحش فَوق الخدش وَقَالَ الرَّافِعِيّ يُقَال جحش فَهُوَ مجحوش إِذا أَصَابَهُ مثل الخدش أَو أَكثر وانسجح جلده وَكَانَت قدمه انفكت من الصرعة كَمَا فِي رِوَايَة بشر بن الْمفضل عَن حميد عَن أنس عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ قَالَ بن حجر وَلَا يُنَافِي مَا هُنَا لاحْتِمَال وُقُوع الْأَمريْنِ قَالَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق الحَدِيث عَن بن جريج عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ فجحش سَاقه الْأَيْمن فَزعم بَعضهم أَنَّهَا مصحفة من شقَّه وَلَيْسَ كَذَلِك لموافقة رِوَايَة حميد لَهَا وَإِنَّمَا هِيَ مفسرة لمحل الخدش من الشق الْأَيْمن لِأَنَّهُ لم يستوعبه قَالَ وَأفَاد بن حبَان أَن هَذِه الْقِصَّة كَانَت فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس من الْهِجْرَة إِنَّمَا جعل الامام قَالَ الرَّافِعِيّ أَي نصب أَو اتخذ أَو نَحْوهمَا قَالَ وَيجوز أَن يُرِيد إِنَّمَا جعل الامام إِمَامًا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ قَالَ الرَّافِعِيّ هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرهم وَهُوَ تَأْكِيد للضمير وَرَوَاهُ آخَرُونَ أجميعن على الْحَال [305] وَهُوَ شَاك بتَخْفِيف الْكَاف بِوَزْن قَاض من الشكاية وَهِي الْمَرَض وَصلى وَرَاءه قوم قيَاما سمى مِنْهُم أنس فِي الحَدِيث السَّابِق وَأَبُو بكر وَعمر وَجَابِر فِي رِوَايَات [306] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي مَرضه قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَقد أسْندهُ جمَاعَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مِنْهُم حَمَّاد بن سَلمَة وَابْن نمير وَأَبُو أُسَامَة قلت من طَرِيق بن نمير أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَمن طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة أخرجه الشَّافِعِي فِي الْأُم وَكَانَ النَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر أَي يتعرفون بِهِ مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله لضعف صَوته عَن أَن يسمع النَّاس تَكْبِير الِانْتِقَال فَكَانَ أَبُو بكر يسمعهم ذَلِك [307] عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص وَعَن مولى لعَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة عَن مَالك بِلَا خلاف بَينهم وَرَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور عَن أنس وَالْقَوْل عِنْدهم قَول ماك والْحَدِيث مَحْفُوظ لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قلت رَوَاهُ بن ماجة من طَرِيق الْأَعْمَش عَن حبيب عَن أبي مُوسَى الْحذاء عَن عبد الله بن عَمْرو

[308] عَن بن شهَاب عَن عبد الله بن عَمْرو هُوَ مُنْقَطع لما قدمنَا الْمَدِينَة نالنا وباء هُوَ سرعَة الْمَوْت وكثرته فِي النَّاس من وعكها قَالَ بن عبد الْبر قَالَ أهل اللُّغَة الوعك لَا يكون إِلَّا من الْحمى دون سَائِر الْأَمْرَاض فِي سبحتهم هِيَ صَلَاة النَّافِلَة صَلَاة الْقَاعِد مثل نصف صَلَاة الْقَائِم قَالَ الْبَاجِيّ أَي فِي الْأجر لِأَن الصَّلَاة لَا تتبعض وَلَا يَصح نصفهَا دون سائرها [309] عَن السَّائِب بن يزِيد عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي عَن حَفْصَة هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة صحابة فِي نسق وَاحِد يروي بَعضهم عَن بعض هواسم أبي ودَاعَة الْحَارِث بن صبيرة

[313] حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا يَقْتَضِي أَن الْوُسْطَى غير الْعَصْر لِأَن الشَّيْء لَا يعْطف على نَفسه [317] يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيت أم سَلمَة وَاضِعا طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنه أَخذ طرف ثَوْبه تَحت يَده الْيُمْنَى وَوَضعه على كتفه الْيُسْرَى وَأخذ الطّرف الآخر تَحت يَده الْيُسْرَى فَوَضعه على كتفه الْيُمْنَى وَهَذَا نوع من الاشتمال يُسمى التوشيح وَيُسمى الاضطباع وَهُوَ مُبَاح فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا لِأَنَّهُ يُمكنهُ إِخْرَاج يَده للسُّجُود وَغَيره دون كشف عَوْرَته [318] أَن سَائِلًا قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم أَقف على تَسْمِيَته أَو لكلكم ثَوْبَان قَالَ الْخطابِيّ لَفظه استخبار وَمَعْنَاهُ الاخبار عَمَّا هيم عَلَيْهِ من قلَّة الثاب وَوَقع فِي ضمنه الْفَتْوَى من طَرِيق الفحوى كَأَنَّهُ يَقُول إِذا علمْتُم أَن ستر الْعَوْرَة فرض وَالصَّلَاة لَازِمَة وَلَيْسَ لكل وَاحِد مِنْكُم ثَوْبَان فَكيف لم تعلمُوا أَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد جَائِزَة [319] المشجب عود تنشر عَلَيْهِ الثِّيَاب قَالَه صَاحب الْعَيْنِيّ [320] مَالك أَنه بلغه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لم يجد ثَوْبَيْنِ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَحْفُوظ عَن جَابر من رِوَايَة أهل الْمَدِينَة قلت أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق فليح بن سُلَيْمَان عَن سعيد بن الْحَارِث عَن جَابر وَمُسلم من طَرِيق حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن أبي حرزة عَن عبَادَة بن الْوَلِيد عَن جَابر

[322] فَليصل فِي ثوب وَاحِد ملتحفا بِهِ قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ البُخَارِيّ قَالَ الزُّهْرِيّ الملتحف المتوشح وَهُوَ الْمُخَالف بَين طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ فَجعل الالتحاف هُوَ التوشح وَالْمَشْهُور من لُغَة الْعَرَب أَن الالتحاف هُوَ الالتفاف فِي الثَّوْب على أَي وَجه كَانَ فَيدْخل تَحْتَهُ التوشح والاشتمال وَقد خص مِنْهُ اشْتِمَال الصماء [323] الدرْع الْقَمِيص والخمار مَا يختمر بِهِ [324] عَن مُحَمَّد بن زيد بن قنفذ عَن أمه اسْمهَا أم حرَام ذكره الْمزي أَنَّهَا سَأَلت أم سَلمَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر فِي الاستذكار هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوف وَرَفعه عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار قلت أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيقه عَن مُحَمَّد بن زيد عَن أمه عَن أم سَلمَة أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتُصَلِّي الْمَرْأَة فِي درع وخمار لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَار قَالَ إِذا كَانَ الدرْع سابغا يُغطي ظهر قدميها ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق مَالك مَوْقُوفا وَقَالَ رَوَاهُ مَالك وَبكر بن مُضر وَحَفْص بن غياث وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَابْن أبي ذِئْب وَابْن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن زيد عَن أمه عَن أم سَلمَة وَلم يذكر أحد مِنْهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصروا بِهِ على أم سَلمَة [325] عَن الثِّقَة عِنْده عَن بكير قَالَ بن عبد الْبر الثِّقَة هُنَا هُوَ اللَّيْث بن سعد ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ أَبُو سَلمَة مَنْصُور بن سَلمَة وَهَذَا مِمَّا رَوَاهُ مَالك عَن اللَّيْث قَالَ بن عبد الْبر أَكثر مَا فِي كتب مَالك عَن بكير بن الْأَشَج يَقُول أَصْحَابه بن وهب وَغَيره أَنه أَخذه من كتب بكير كَانَ أَخذهَا من مُحرمَة ابْنه فَنظر فِيهَا [326] الْمنطق قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ الْإِزَار قَالَ صَاحب الْعين هُوَ إِزَار فِيهِ تكة تنتطق بِهِ الْمَرْأَة والمنطقة مَا شدّ بِهِ الْوسط

[327] عَن دَاوُد بن الْحصين عَن الْأَعْرَج أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجمع بَين الظّهْر وَالْعصر فِي سَفَره إِلَى تَبُوك قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ أَصْحَاب مَالك مُرْسلا إِلَّا أَبَا مُصعب فِي غير الْمُوَطَّأ وَمُحَمّد بن مبارك الصودي وَمُحَمّد بن خَالِد بن عتمة ومطرفا والحنيني وَإِسْمَاعِيل بن دَاوُد المخرافي فانهم قَالُوا عَن مَالك عَن دَاوُد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا ثمَّ أسْند طرقهم قَالَ وَذكر أَحْمد بن خَالِد أَن يحيى بن يحيى رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأ كَذَلِك مُسْندًا وَقَالَ أَصْحَاب مَالك على إرْسَاله قَالَ وَأما نَحن فَلم نجده عِنْد جمَاعَة شُيُوخنَا إِلَّا مُرْسلا فِي نُسْخَة يحيى وَرِوَايَته وَقد يُمكن أَن يكون بن وضاح طرح أَبَا هُرَيْرَة من رِوَايَته عَن يحيى لِأَنَّهُ رأى بن الْقَاسِم ويغره مِمَّن انْتَهَت إِلَيْهِ رِوَايَته عَن مَالك فِي الْمُوَطَّأ قد أرسل الحَدِيث فَظن أَن رواي يحيى غلط لم يُتَابع عَلَيْهِ فَرمى أَبَا هُرَيْرَة وَأرْسل الحَدِيث انْتهى [328] وَالْعين تبض قَالَ الْبَاجِيّ رَوَاهُ يحيى بن يحيى وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الْمُوَطَّأ بالصَّاد غير مُعْجمَة وَمَعْنَاهُ تبرق وَرَوَاهُ بن الْقَاسِم والقعنبي بِالْمُعْجَمَةِ أَي تقطر وتسيل يُقَال بص المَاء وصب على الْقلب بِمَعْنى قَالَ والوجهان مَعًا صَحِيحَانِ قَالَ وَقَوله بِشَيْء من مَاء يُشِير إِلَى تقليله فَسَأَلَهُمَا قَالَ الْبَاجِيّ روى أَبُو بشر الدولابي أَنَّهُمَا كَانَا من النافقين

[330] عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا فِي غير خوف وَلَا سقر قَالَ مَالك أرى ذَلِك كَانَ فِي مطر قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم للْعُلَمَاء فِي هَذَا الحَدِيث أَقْوَال مِنْهُم من تَأَوَّلَه على أَنه جمع بِقدر الْمَطَر وَهَذَا مَشْهُور عَن جمَاعَة من الْكِبَار الْمُتَقَدِّمين وَهُوَ ضَعِيف بالرواية الْأُخْرَى فِي مُسلم من غير خوف وَلَا مطر وَمِنْهُم من تَأَوَّلَه على أَنه كَانَ فِي غيم فصلى الظّهْر ثمَّ انْكَشَفَ الْغَيْم وَبَان أَن وَقت الْعَصْر دخل فَصلاهَا وَهَذَا أَيْضا بَاطِل لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ فِيهِ أدنى احْتِمَال فِي الظّهْر وَالْعصر فَلَا احْتِمَال فِيهِ فِي الْمغرب وَالْعشَاء وَمِنْهُم من تَأَوَّلَه على تَأْخِير الأولى إِلَى آخر وَقتهَا فَصلاهَا فِيهِ فَلَمَّا فرغ مِنْهَا دخلت الثَّانِيَة فَصلاهَا فِيهِ فَصَارَت صورته صُورَة جمع وَهَذَا أَيْضا ضَعِيف وباطل لِأَنَّهُ مُخَالف للظَّاهِر مُخَالفَة لَا تحْتَمل وَمِنْهُم من قَالَ هُوَ مَحْمُول على الْجمع بِقدر الْمَرَض أَو نَحوه مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ من الاعذار وَهُوَ قَول أَحْمد بن حَنْبَل وَالْقَاضِي حُسَيْن من أَصْحَابنَا وَاخْتَارَهُ الْخطابِيّ وَالْمُتوَلِّيّ وَالرُّويَانِيّ وَهُوَ الْمُخْتَار فِي تَأْوِيله لظَاهِر الحَدِيث وَلِأَن الْمَشَقَّة فِيهِ أَشد من الْمَطَر وَذهب جمَاعَة من الْأَئِمَّة إِلَى جَوَاز الْجمع فِي الْحَضَر للْحَاجة لمن لَا يَتَّخِذهُ عَادَة وقو قَول بن سِيرِين وَأَشْهَب وَحَكَاهُ الْخطابِيّ عَن الْقفال الْكَبِير الشَّاشِي من أَصْحَابنَا وَعَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذر وَيُؤَيِّدهُ أَن فِي مُسلم قَالَ سعيد بن جُبَير فَقلت لِابْنِ عَبَّاس مَا حمله على ذَلِك قَالَ أَرَادَ أَن لَا يحرج أمته فَلم يعلله بِمَرَض وَلَا غَيره انْتهى كَلَام النَّوَوِيّ وَقد اخْتَار مَا اخْتَارَهُ من جَوَاز الْجمع بِعُذْر الْمَرَض جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم السُّبْكِيّ والاسنوي والبلقيني وَهُوَ اخْتِيَاري [334] عَن بن شهَاب عَن رجل من آل خَالِد بن أسيد أَنه سَأَلَ عبد الله بن عمر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة عَن مَالك وَلم يقم مَالك إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ لم يسم الرجل الَّذِي سَأَلَ بن عمر وَأسْقط من الْإِسْنَاد رجلا وَالرجل الَّذِي لم يسمه هُوَ أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد بن أسيد بن أبي الْعيص بن أُميَّة وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ بن شهَاب عَن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد عَن بن عمر كَذَلِك رَوَاهُ معمر وَاللَّيْث بن سعد وَيُونُس بن زيد قلت أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق اللَّيْث عَن بن شهَاب بِهِ

[335] فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ زَاد أَحْمد فِي مُسْنده إِلَّا الْمغرب فَكَأَنَّهَا كَانَت ثَلَاثًا وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر لِابْنِ خُزَيْمَة وَابْن حبَان فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة زيد فِي صَلَاة الْحَضَر رَكْعَتَانِ وَتركت صَلَاة الْفجْر لطول الْقِرَاءَة وَصَلَاة الْمغرب لِأَنَّهَا وتر النَّهَار [353] يُصَلِّي وَهُوَ على حمَار وَقَالَ بن عبد الْبر بِذكر الْحمار فِيهِ عَمْرو بن يحيى وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى خَيْبَر زَاد الحنيني عَن مَالك خَارج الْمُوَطَّأ ويومي إِيمَاء

[354] عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ وَرَوَاهُ يحيى بن سَلمَة عَن قعنب عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر قَالَ وَالصَّوَاب مَا فِي الْمُوَطَّأ [355] عَن أبي مرّة قيل اسْمه يزِيد وَقيل قسيمة [356] فلَان بن هُبَيْرَة قيل هُوَ جعدة بن هُبَيْرَة ورده بن عبد الْبر بِأَنَّهُ ابْنهَا فَلَا تحْتَاج إِلَى اجارته لصِغَر سنه وَالْحكم بِإِسْلَامِهِ وَلَا يعرف لهبيرة بن من غير أم هَانِئ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالَّذِي يظْهر لي أَن فِي الرِّوَايَة حذفا أَو تحريفا أَي فلَان بن عَم هُبَيْرَة أَو قريب هُبَيْرَة فَسقط لفظ عَم أَو تغير لفظ قريب بِلَفْظ بن قَالَ وَقد سمى بن هِشَام فِي سيرته وَغَيره الَّذِي أجارته الْحَارِث بن هِشَام وَعبد الله بن أبي ربيعَة وهما مخزوميان فَيصح أَن يكون كل مِنْهُمَا بن عَم هُبَيْرَة لِأَنَّهُ مخزومي وَقيل الْحَارِث وَزُهَيْر بن أبي أُميَّة المخزوميان فَلَمَّا فرغ من غسله قَامَ فصلى ثَمَانِي رَكْعَات قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا أصل فِي صَلَاة الضُّحَى على أَنه يحْتَمل أَن يكون فعل ذَلِك لما اغْتسل وجدد طَهَارَته لَا لقصده للْوَقْت إِلَّا أَنه قد روى أَنَّهَا سَأَلته فَقَالَت مَا هَذِه الصَّلَاة فَقَالَ صَلَاة الضُّحَى فأضافها إِلَى الْوَقْت قلت أخرجه بن عبد الْبر من طَرِيق عِكْرِمَة بن خَالِد عَن أم هَانِئ بنت أبي طَالب قَالَت قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فتح مَكَّة فَنزل بِأَعْلَى مَكَّة فصلى ثَمَان رَكْعَات فَقلت يَا رَسُول الله مَا هَذِه الصَّلَاة قَالَ صَلَاة الضُّحَى وَقَالَ النَّوَوِيّ توقف القَاضِي عِيَاض وَغَيره فِي دلَالَة هَذَا الحَدِيث وَقَالُوا لِأَنَّهَا إِنَّمَا أخْبرت عَن وَقت صلَاته لَا عَن نِيَّتهَا لفعلها كَانَت صَلَاة شكر لله تَعَالَى على الْفَتْح قَالَ وَيَردهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَد صَحِيح عَن أم هَانِئ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح صلى سبْحَة الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ

[357] عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي سبْحَة الضُّحَى قطّ قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ أحد من الصَّحَابَة إِلَّا وَقد فَاتَهُ من الحَدِيث مَا أَحْصَاهُ غَيره والاحاطة ممتنعة فقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى من حَدِيث أم هَانِئ وَفِي الصَّحِيح عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَة قَالَ مَا حَدثنَا أحد أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى غير أم هَانِئ وَذكر الحَدِيث وَأخرج مُسلم عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ سَأَلت وحرصت على أَن أجد أحدا يحدثني أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي سبْحَة الضُّحَى فَلم أجد غير أم هَانِئ وَذكر الحَدِيث وَفِي لفظ سَأَلت عَن صَلَاة الضُّحَى فِي إِمَارَة عُثْمَان وَأَصْحَاب رَسُول الله متوافرون فَلم أجد أحدا أثبت فِي صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضُّحَى إِلَّا أم هَانِئ قَالَ بن عبد الْبر وَقد كَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بِحَدِيث عَائِشَة هَذَا وَيَقُول ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل الضُّحَى قطّ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلونها بالهواجر وَلم يكن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر يصلونَ الضُّحَى وَلَا يعرفونها انْتهى قلت وَقد رَود أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى من ديث أنس وَجَابِر وَعُثْمَان بن مَالك وَعبد الله بن أبي أوفى وَجبير بن مطعم وَحُذَيْفَة بن الْيَمَانِيّ وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وعابد بن عَمْرو وَسعد بن أبي وَقاص وَأبي هُرَيْرَة وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن بشر وَقُدَامَة وحَنْظَلَة الثقفيين وَعبد الله بن عَبَّاس وَغَيرهم بل ورد من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَيْضا فَأخْرج مُسلم عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَربع رَكْعَات وَيزِيد مَا شَاءَ وَالْعجب من بن عبد الْبر كَيفَ أورد هَذَا الحَدِيث وَقَالَ إِنَّه حَدِيث مُنكر غير صَحِيح مَرْدُود لحَدِيث الْبَاب فَإِن الحَدِيث مخرج فِي صَحِيح مُسلم فَلَا سَبِيل إِلَى الحكم عَلَيْهِ بِعَدَمِ الصِّحَّة وَلَا منافة بَينه وَبَين حَدِيث الْبَاب فَإِن النَّوَوِيّ جمع بَينهمَا فِي شرح مُسلم بِأَن حَدِيث الْبَاب لَيْسَ فِيهِ إِلَّا نفي الرُّؤْيَة وَهُوَ إِنَّمَا كَانَ يكون عِنْدهَا فِي وَقت الضُّحَى فِي نَادِر من الْأَوْقَات لكَونه فِي الْمَسْجِد أَو فِي مَوضِع آخر أَو عِنْد سَائِر نِسَائِهِ فَلم تره وَأما حَدِيث الاثبات فقد تكون عَلمته بِخَبَرِهِ أَو خبر غَيره أَنه صلاهَا وَورد فِي الْأَمر بهَا وَالتَّرْغِيب فِيهَا أَحَادِيث كَثِيرَة وَقد ألفت فِي ذل جزأ استوعبت فِيهِ مَا ورد فِيهَا وَهل يتَصَوَّر أَن تُوجد سنة أَمر بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَفْعَلهَا ذكر ذَلِك فِي صَلَاة الضُّحَى وَقد تبين خِلَافه قلت ورد أَنَّهَا كَانَت وَاجِبَة عَلَيْهِ وعد الْفُقَهَاء ذَلِك فِي خَصَائِصه وَذكر أَيْضا فِي الْأَذَان لَكِن ثَبت عِنْد التِّرْمِذِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي سفر وَجزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَقَالَ إِن الحَدِيث جيد الْإِسْنَاد وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي الرَّوْضَة وَقَالَ إِن الحَدِيث حسن وَقَالَ فِي الْخُلَاصَة انه صَحِيح وَتَابعه بن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة والسبكي فِي شرح الْمِنْهَاج وَذكر الْحَافِظ مغلطاي أَن بعض الْأُمَرَاء سَأَلَهُ عَن ذَلِك فِي سنة عشْرين وسِتمِائَة فألف فِيهِ جزأ وَذكر ذَلِك أَيْضا الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ قلت وظفرت بِحَدِيث ثَان قَالَ سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه حَدثنَا أَبُو مطوية حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْقرشِي عَن بن أبي مليكَة قَالَ أذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّة فَقَالَ حَيّ على الْفَلاح وَذكر ذَلِك أَيْضا فِي الْخِتَان لِأَنَّهُ ولد مختونا وَجَوَابه أَن الْخِتَان عندنَا وَاجِب لَا سنة وَإِذا فتح بَاب وَاجِب أَمر بِهِ وَلم يجب عَلَيْهِ جَاءَ شَيْء كثير فِي الخصائص على انه ورد أَن جده عبد الْمطلب ختنه يَوْم سابعه وَمَال إِلَيْهِ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ وَضعف رِوَايَة أَنه ولد مختونا وَقيل ختنه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد شقّ صَدره وَقد ثَبت أَنه ختن الْحسن وَالْحُسَيْن وَإِنِّي لأستحبها قَالَ الْبَاجِيّ كَذَا فِي رِوَايَة يحيى وَفِي رِوَايَة غَيره وَإِنِّي لأستحبها وَهُوَ يحب أَن يعمله قَالَ النَّوَوِيّ ضبطناه بِفَتْح الْيَاء أَي يعمله

[358] عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تصلي الضُّحَى ثَمَانِي رَكْعَات قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَنَّهَا كَانَت تفعل ذَلِك بِخَبَر مَنْقُول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَخَبَر أم هَانِئ وَلِهَذَا اقتصرت على هَذَا الْعدَد وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا الْمِقْدَار هُوَ الَّذِي كَانَ يُمكنهَا المداومة عَلَيْهِ قَالَ وَلَيْسَ صَلَاة الضُّحَى من الصَّلَوَات المحصورة بِالْعدَدِ فَلَا يُزَاد عَلَيْهَا وَلَا ينقص مِنْهَا وَلكنهَا من الرغائب الَّتِي يفعل الْإِنْسَان مِنْهَا مَا أمكنه قلت وَهَذَا الَّذِي قَالَه هُوَ الصَّوَاب الْمُخْتَار فَلم يرد فِي شَيْء من الْأَحَادِيث مَا يدل على حصرها فِي عدد مَخْصُوص وَقد أخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن الْأسود أَن رجلا سَأَلَهُ كم أُصَلِّي الضُّحَى قَالَ كم شِئْت وَأخرج عَن الْحسن أَنه سُئِلَ هَل كَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلونَ الضُّحَى قَالَ نعم كَانَ مِنْهُم من يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهُم من يُصَلِّي أَرْبعا وَمِنْهُم من يمد إِلَى نصف النَّهَار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ كَانَ من أَشد الصَّحَابَة توخيا لِلْعِبَادَةِ وَكَانَ يُصَلِّي عَامَّة الضُّحَى وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله بن غَالب انه كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى مائَة رَكْعَة وَقد قَالَ الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ لم أر عَن أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَنه حصرها فِي اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة وَلَا عَن أحد من أَئِمَّة الْمذَاهب كالشافعي وَأحمد وَإِنَّمَا ذكر ذَلِك الرَّوْيَانِيّ فَقَط فتابعه الرَّافِعِيّ ثمَّ النَّوَوِيّ

[359] عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك أَن جدته مليكَة قَالَ الرَّافِعِيّ مليكَة جدة أنس أنصارية روى عَنْهَا أنس وَقَالَ بَعضهم مليكَة بِفَتْح الْمِيم وَلم يصحح وَقَالَ بن عبد الْبر قَوْله أَن جدته مليكَة تَصْغِير ملك تَقوله وَالضَّمِير فِي جدته عَائِد على إِسْحَاق وَهِي جدة إِسْحَاق أم أَبِيه عبد الله بن أبي طَلْحَة وَهِي أم سليم بنت ملْحَان زوج أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ وَهِي أم أنس بن مَالك كَانَت تَحت أَبِيه مَالك بن النَّضر فَولدت لَهُ أنس بن مَالك وَالرَّاء بن مَالك ثمَّ خلف عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَة قَالَ وَذكر عبد الرَّزَّاق هَذَا الحَدِيث عَن مَالك عَن إِسْحَاق عَن أنس أجدته مليكَة يَعْنِي جدة إِسْحَاق دعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لطعام صَنعته وسَاق الحَدِيث بِمَعْنى مَا فِي الْمُوَطَّأ انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح أَنَّهَا جدة إِسْحَاق فَتكون أم أنس لِأَن إِسْحَاق بن أخي أنس لأمه وَقيل انها جدة أنس وَهِي بِضَم الْمِيم وَفتح اللَّام وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَه الْجُمْهُور من الطوائف وَعَن الْأصيلِيّ أَنَّهَا بِفَتْح الْمِيم وَكسر اللَّام وَهَذَا غَرِيب ضَعِيف مَرْدُود وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الضمي رفي جدته يعود على إِسْحَاق جزم بِهِ بن عبد الْبر وَعبد الْحق وعياض وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَجزم بن سعد وَابْن مَنْدَه وَابْن الْحصار بِأَنَّهَا جدة أنس وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَة وَمن تبعه وَكَلَام عبد الْغَنِيّ فِي الْعُمْدَة وَهُوَ ظَاهر السِّيَاق وَيُؤَيِّدهُ مَا روينَاهُ فِي فَوَائِد الْعِرَاقِيّين لأبي الشَّيْخ من طَرِيق الْقَاسِم بن يحيى الْمقدمِي عَن عبد الله بن عمر عَن إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ أرسلتني جدتي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسْمهَا مليكَة فجاءنا فَحَضَرت الصَّلَاة الحَدِيث قَالَ وَمُقْتَضى كَلَام من أعَاد الضَّمِير فِي جدته إِلَى إِسْحَاق أَن يكون اسْم أم سليم مليكَة ومستندهم فِي ذَلِك مَا رَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ صففت أَنا وَيُقِيم فِي بيتنا خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمي أم سليم خلفنا هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ والقصة وَاحِدَة طولهَا مَالك واختصرها سُفْيَان قَالَ وَيحْتَمل تعددها فَلَا تخَالف مَا تقدم وَقد ذكر بن سعد فِي الطَّبَقَات أم أنس هِيَ أم سليم بنت ملْحَان وَقَالَ هِيَ الغميصا وَيُقَال الرميصا وَيُقَال اسْمهَا سهلة وَيُقَال أنيفة وَيُقَال رميئة وَيُقَال رميلة وَأَنَّهَا مليكَة بنت مَالك قَالَ وَكَون مليكَة جدة أنس لَا يَنْفِي كَونهَا جدة إِسْحَاق لِأَن وَالِده عبد الله أَخُو أنس لأمه فَأكل مِنْهُ قَالَ بن عبد الْبر زَاد فِيهِ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَعبد الله بن عون الْقَزاز ومُوسَى بن أعين عَن مَالك وأكلت مِنْهُ ثمَّ دَعَا بِوضُوء فَتَوَضَّأ ثمَّ قَالَ قُم فَتَوَضَّأ وَمر الْعَجُوز فلتتوضأ وَمر هَذَا الْيَتِيم فَليَتَوَضَّأ ولأصلي لكم قومُوا فلأصلي لكم بلام كي وَنصب الْيَاء أَي فقيامكم لأصلي لكم من طول مَا لبث قَالَ الرَّافِعِيّ كَأَنَّهُ يُرِيد فرش فَإِن مَا فرش فقد لبسته الأَرْض هَذَا كَمَا أَن مَا يستر بِهِ الْكَعْبَة والهودج يُسمى لباسا لَهما واليتيم قَالَ النَّوَوِيّ اسْمه ضمية بن سعد الْحِمْيَرِي والعجوز قَالَ النَّوَوِيّ هِيَ أم أنس أم سليم وَقَالَ بن حجر هِيَ مليكَة الْمَذْكُورَة أول لَطِيفَة روى السلَفِي فِي الطيوريات بِسَنَدِهِ أَن أَبَا طَلْحَة زوج أم أنس قَامَ إِلَيْهَا مرّة يضْربهَا فَقَامَ أنس ليخلصها وَقَالَ لَهُ خل عَن الْعَجُوز فَقَالَت أَتَقول الْعَجُوز عجز الله ركبتك فصلى لنا رَكْعَتَيْنِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر أورد مَالك هَا الحَدِيث فِي تَرْجَمَة صَلَاة الضُّحَى وَتعقب بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أنس أَنه لم ير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا مرّة وَاحِدَة فِي دَار الْأنْصَارِيّ الضخم الَّذِي دَعَاهُ ليُصَلِّي فِي بَيته وَأجَاب صاب القبس بِأَن مَالِكًا نظر إِلَى الْوَقْت الَّذِي وَقعت فِيهِ تِلْكَ الصَّلَاة وَهُوَ قوت صَلَاة الضُّحَى لجعله عَلَيْهِ وَإِن أنسا لم يطلع على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نوى بِتِلْكَ الصَّلَاة صَلَاة الضُّحَى [361] عَن زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه عِنْد بن وهب عَن زيد عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعد إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ روى بن أبي شيبَة عَن بن مَسْعُود أَن الْمُرُور بَين يَدي الْمُصَلِّي يقطع فَصف صلَاته فَإِن أَبى فليقاتله هُوَ عندنَا على حَقِيقَته وَهُوَ أَمر ندب وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ المُرَاد بالمقاتلة المدافعة وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ فَإِن أَبى فليجعل يَده فِي صَدره وليدفعه فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان أَي فعله فعل الشَّيْطَان أَو المُرَاد شَيْطَان ن الانس وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَإِن مَعَه الشَّيْطَان

[362] عَن بسر بن سعيد أَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أرْسلهُ إِلَى أبي جهيم قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَكَذَا روى مَالك هَذَا الحَدِيث لم يخْتَلف عَلَيْهِ فِيهِ أَن الْمُرْسل هُوَ زيد وَإِن الْمُرْسل إِلَيْهِ هُوَ أَبُو جهيم وَهُوَ بِضَم الْجِيم وَفتح الْخَاء مُصَغرًا واسْمه عبد الله بن الْحَارِث بن الصمَّة الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ وَتَابعه سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي النَّضر عِنْد مُسلم وَابْن ماجة وَغَيرهمَا وَخَالَفَهُمَا بن عُيَيْنَة عَن أبي النَّضر فَقَالَ عَن بسر بن سعيد قَالَ أَرْسلنِي أَبُو جهيم إِلَى زيد بن خَالِد أسأله فَذكر هَذَا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ بن عُيَيْنَة مقلوا أخرجه أبن أبي خَيْثَمَة عَن أَبِيه عَن بن عُيَيْنَة ثمَّ قَالَ بن أَي خَيْثَمَة سُئِلَ عَنهُ يحيى بن معِين فَقَالَ هُوَ خطأ إِنَّمَا هُوَ أَرْسلنِي زيد إِلَى أبي جهيم كَمَا قَالَ مَالك وَتعقب ذَلِك بن الْقطَّان فَقَالَ لَيْسَ خطأ بن عُيَيْنَة فِيهِ بمتعين لاحْتِمَال أَن يكون أَبُو جهيم بعث بسرا إِلَى زيد وَبَعثه زيد إِلَى أبي جهيم يتثبت كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا عِنْد الآخر قَالَ بن حجر تَعْلِيل الْأَئِمَّة للأحاديث مَبْنِيّ على غَلَبَة الظَّن فَإِذا قَالُوا أَخطَأ فلَان فِي كَذَا لم يتَعَيَّن خَطؤُهُ فِي نفس الْأَمر بل هُوَ رَاجِح الِاحْتِمَال فيعتمد وَلَوْلَا ذَلِك مَا اشترطوا انْتِفَاء الشاذ وَهُوَ مَا يُخَالف الثِّقَة فِيهِ من هُوَ أرجح مِنْهُ فِي حد الصَّحِيح لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي أَي أَمَامه بِالْقربِ مِنْهُ وَاخْتلف فِي ضبط ذَلِك فَقيل إِذا مر بَينه وَبَين مِقْدَار سُجُوده وَقيل بَينه وَبَينه ثَلَاثَة أَذْرع وَقيل بَينه وَبَينه قدر رمية بِحجر وَوَقع عِنْد السراج من طَرِيق الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن أبي النَّضر بَين يَدي الملي وَالْمُصَلي أَي الستْرَة مَاذَا عَلَيْهِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر زَاد الْكشميهني من رُوَاة البُخَارِيّ من الْإِثْم وَلَيْسَت هَذِه الزايدة فِي شَيْء من الرِّوَايَات غير والْحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ بِدُونِهَا وَقَالَ بن التِّين لم يخْتَلف على مَالك فِي شَيْء مِنْهُ وَكَذَا رَوَاهُ بَاقِي السِّتَّة وَأَصْحَاب المسانيد والمستخرجات بِدُونِهَا وَلم أرها فِي شَيْء من الرِّوَايَات مُطلقًا لَكِن فِي مُصَنف بن أبي شيبَة يَعْنِي من الْإِثْم فَيحْتَمل أَن تكون ذكرت فِي أصل البُخَارِيّ حَاشِيَة فظنها الْكشميهني أصلا لِأَنَّهُ لم يكن من الْحفاظ وَقد عزاها الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي الأكام للْبُخَارِيّ وَأطلق فعيب ذَلِك عَلَيْهِ وعَلى صَاحب الْعُمْدَة فِي إبهامه أَنَّهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأنكر بن الصّلاح فِي مُشكل الْوَسِيط على من أثبتها فِي الْخَبَر فَقَالَ لفظ الْإِثْم لَيْسَ فِي الحَدِيث صَرِيحًا وَلما ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب بِدُونِهَا قَالَ فِي رِوَايَة رويناها فِي الْأَرْبَعين لعبد الْقَادِر الرهاوي مَاذَا عَلَيْهِ من الْإِثْم لَكَانَ أَن يقف أَرْبَعِينَ هَذَا الْعدَد لَهُ اعْتِبَار فِي الشَّرْع كَبِير كالثلاث والسبع وَقد أفردت فِي أعداد السَّبع جزأ وَفِي أعداد الْأَرْبَعين آخر وَفِي بن ماجة وَابْن حبَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَكَانَ أَن يقف مائَة عَام خير لَهُ من الخطوة الَّتِي خطاها خيرا لَهُ بِالنّصب خبر كَانَ وَعند التِّرْمِذِيّ بِالرَّفْع على أَنه الِاسْم

[366] عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود هُوَ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة قَالَ بن عبد الْبر لم يكن بعد الصَّحَابَة إِلَى يَوْمنَا هَذَا مِمَّا علمت فَقِيه أشعر مِنْهُ وَقد جمع الزبير بن بكار أشعاره فِي كتاب مُفْرد أتان بِالْمُثَنَّاةِ الْأُنْثَى من الْحمر ناهزت الِاحْتِلَام أَي قاربته يُصَلِّي للنَّاس بمنى كَذَا قَالَ مَالك وَأكْثر أَصْحَاب الزُّهْرِيّ وَلمُسلم من رِوَايَة بن عُيَيْنَة بِعَرَفَة قَالَ بن حجر وَهِي شَاذَّة وَفِيه أَن ذَلِك كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع ترتع أَي ترعى

[372] عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن أَبَا ذَر كَانَ يَقُول مسح الْحَصْبَاء مسحة وَاحِدَة وَتركهَا خير من حمر النعم قَالَ بن عبد الْبر ورد عَنهُ مَرْفُوعا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي الْأَحْوَص أَنه سمع أَبَا ذَر يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا قَامَ أحدكُم للصَّلَاة فَإِن الرَّحْمَة تواجهه فَلَا يمسح الْحَصْبَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن بن أبي ليلى عَن أبي ذَر قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل شَيْء حَتَّى سَأَلته عَن مسح الْحَصْبَاء قَالَ وَاحِدَة أودع قَالَ بن عبد الْبر حمر النعم بتسكين الْمِيم لَا غير هِيَ الْحمر من الْإِبِل وَهِي أحسن ألوانها عِنْدهم وَأخرج من طَرِيق مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن أبي نَضرة عَن أبي ذَر قَالَ إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فامشوا إِلَيْهَا على هنيتكم وصلوا مَا أدركتم فَإِذا سلم الامام فاقضوا مَا بَقِي وَلَا تَمسحُوا لاتراب عَن الأَرْض إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَلِأَن أَصْبِر عَنْهَا أحب إِلَيّ من مائَة نَاقَة سَوْدَاء الحدقة وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مسح الصباء فَقَالَ وَاحِدَة وَلِأَن تمسكه عَنْهَا خير من مائَة نَاقَة كلهَا سود الحدق وَقَالَ بن جريج قلت لعطاء كَانُوا يشددون فِي الْمسْح للحصباء لموْضِع الجبين مَالا يشددون فِي مسح الْوَجْه من التُّرَاب قَالَ أجل [375] عَن عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ من كَلَام النُّبُوَّة إِذا لم تستح فأفعل مَا شِئْت روى البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من طَرِيق مَنْصُور عَن ربعي بن حِرَاش عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ البدري أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة الأولى إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت قَالَ بن عبد الْبر لَفظه أَمر وَمَعْنَاهُ الْخَبَر بِأَن من لم يكن لَهُ حَيَاء يحجزه عَن محارم الله فَسَوَاء عَلَيْهِ فعل الصَّغَائِر وارتكاب الْكَبَائِر وَفِيه معنى التحذير والوعيد على قلَّة الْحيَاء وَمن هَذَا الحَدِيث أَخذ الْقَائِل إِذا لم تخش عَاقِبَة اللَّيَالِي وَلم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا تشَاء فَلَا وَالله مَا فِي الْعَيْش خير وَلَا الدُّنْيَا إِذا ذهب الْحيَاء وقِي لمعناه إِذا كَانَ الْفِعْل مِمَّا لَا يستحيا مِنْهُ شرعا فافعله وَلَا عَلَيْك من النَّاس قَالَ وَهَذَا تَأْوِيل ضَعِيف وَالْأول هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد الْعلمَاء وَالْمَشْهُور مخرجه عِنْد الْعَرَب والفصحاء وَوضع الْيَدَيْنِ إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فِي الصَّلَاة يضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى وتعجيل الْفطر والاستيناء بالسحور روى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد صَحِيح عَن بن عَبَّاس معت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء أمرنَا بتعجيل فطرنا وَتَأْخِير سحورنا وَإِن نضع أَيْمَاننَا على شَمَائِلنَا فِي الصَّلَاة وروى الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَفعه قَالَ ثَلَاث من أَخْلَاق النُّبُوَّة تَعْجِيل الْإِفْطَار وَتَأْخِير السّحُور وَوضع الْيُمْنَى على الشمَال فِي الصَّلَاة وروى بن عبد الْبر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من النُّبُوَّة تَعْجِيل الْإِفْطَار وَتَأْخِير السّحُور وَوضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فِي الصَّلَاة وروى سعيد بن مَنْصُور عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ ثَلَاث من النُّبُوَّة فَذكرت مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة وروى الطَّبَرَانِيّ عَن يعلى بن مرّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة يُحِبهَا الله عز وَجل تَعْجِيل الْإِفْطَار وَتَأْخِير السّحُور وَضرب الْيَدَيْنِ إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى فِي الصَّلَاة

[376] ينمى ذَلِك أَي يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [378] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عبد الله بن الأرقم أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق زُهَيْر عَن هِشَام بِهِ وَقَالَ روى وهيب بن خَالِد وَشُعَيْب بن إِسْحَاق وَأَبُو ضَمرَة هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن رجل حَدثهُ عَن عبد الله بن أَرقم وَالْأَكْثَر الَّذِي رووا عَن هِشَام قَالُوا كَمَا قَالَ زُهَيْر وَقَالَ بن عبد الْبر تَابع مَالِكًا عفى رِوَايَته زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَحَفْص بن غياث وَمُحَمّد بن إِسْحَاق وشجاع بن الْوَلِيد وَحَمَّاد بن زيد وَأَبُو مُعَاوِيَة كلهم قَالُوا كَمَا قَالَ مَالك وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف رَوَاهُ مُحَمَّد بن بِلَال عَن عمرَان الْقطَّان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن بن عمر [379] وَهُوَ ضام بَين وركيه أَي من شدَّة الحقن [380] الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم هَل المُرَاد بهم الْحفظَة أَو السيارة أَو أَعم من ذَلِك كل مُحْتَمل ذكره الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ اللَّهُمَّ أَغفر لَهُ على إِضْمَار قائلين أَو يَقُول وَهُوَ بَيَان لقَوْله تصلي اللَّهُمَّ ارحمه زَاد ابْن ماجة اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ [381] لَا يزَال أحدكُم فِي صَلَاة أَي حكما فِي الثَّوَاب مَا دَامَت الصَّلَاة تحبسه قَالَ الْبَاجِيّ سَوَاء انْتظر وَقتهَا أم إِقَامَتهَا فِي الْجَمَاعَة

[382] أَن أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن كَانَ يَقُول من غَدا أَو رَاح إِلَى الْمَسْجِد إِلَى آخِره قَالَ بن عبد الْبر مَعْلُوم أَن هَذَا لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَاد لأه قطع على غيب من حكم الله وَأمره فِي ثَوَابه قلت وَقد ورد مَرْفُوعا أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من دخل مَسْجِدي هَذَا ليتعلم خيرا أَو يُعلمهُ كَانَ بِمَنْزِلَة الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من غَدا إِلَى الْمَسْجِد لَا يُرِيد إِلَّا أَن يتَعَلَّم خيرا أَو يُعلمهُ كَانَ لَهُ كَأَجر حَاج أم حجَّته [383] عَن نعيم بن عبد الله المجمر أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول إِذا صلى أحدكُم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوف وَقد رَفعه عَن مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد بن وهب وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَعُثْمَان بن عمر والوليد بن مُسلم وَيحيى بن بكير فِي رِوَايَة عَنهُ وَأَشَارَ إِلَى أَن رِوَايَة بن وهب عِنْد بن الْجَارُود وَرِوَايَة الْوَلِيد وَعُثْمَان عِنْد النَّسَائِيّ فِي حَدِيث الْوَلِيد وَأسْندَ بن عبد الْبر رِوَايَة إِسْمَاعِيل إِلَّا أَنه قَالَ عَن مَالك عَن نعيم بن عبد الله عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره مَرْفُوعا [384] إِلَّا أخْبركُم بِمَا يمحو الله بِهِ الْخَطَايَا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث من أحسن مَا يرْوى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فَضَائِل الْأَعْمَال وَقَالَ الْبَاجِيّ محو الْخَطَايَا كِنَايَة عَن غفرانها وَالْعَفو عَنْهَا وَقد يكون محوها من كتاب الْحفظَة دَلِيلا على عَفوه تَعَالَى عَمَّن كتبت لعيه وترفع بِهِ الدَّرَجَات قَالَ الْبَاجِيّ أَي الْمنَازل فِي الْجنَّة وَيحْتَمل أَن يُرِيد رفع دَرَجَته فِي الدُّنْيَا بِالذكر الْجَمِيل وَفِي الْآخِرَة الثَّوَاب الجزيل إسباغ الْوضُوء أَي إِتْمَامه وإكماله واستيعاب أَعْضَائِهِ بِالْمَاءِ عِنْد المكاره قَالَ الْبَاجِيّ من شدَّة برد وألم جسم وحاجة إِلَى النّوم وعجلة إِلَى أَمر مُهِمّ وَغير ذَلِك وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد قَالَ الْبَاجِيّ وَهُوَ يكون ببعد الدَّار عَن الْمَسْجِد وَيكون بِكَثْرَة التكرر عَلَيْهِ وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا إِنَّمَا يكون فِي صَلَاتَيْنِ الْعَصْر بعد الظّهْر وَالْعشَاء بعد الْمغرب وَأما انْتِظَار الصُّبْح بعد الْعشَاء فَلم يكن من عمل النَّاس وَكَذَلِكَ انْتِظَار الظّهْر بعد الصُّبْح وَأما انْتِظَار الْمغرب بعد الْعَصْر فَلَا أذكر فِيهِ نصا قَالَ وَحكمه عِنْدِي حكم انْتِظَار الصُّبْح بعد الْعشَاء وَالظّهْر بعد الصُّبْح لِأَن الَّذِي ينْتَظر صَلَاة لَيْسَ بَينهَا وَبَين الَّتِي صلى اشْتِرَاك فِي وَقت قَالَ وَفِي ظَنِّي أَنِّي رَأَيْته رِوَايَة عَن مَالك من طَرِيق بن وهب وَلَا أذكر موضعهَا الْآن فذلكم الرِّبَاط قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي منن الرِّبَاط المرغب فِيهِ لِأَنَّهُ قد ربط نَفسه على هَذَا الْعَمَل وَحبس نَفسه عَلَيْهِ قَالَ وَيحْتَمل أَن يُرِيد تَفْضِيل هَذَا الرِّبَاط على غَيره من الرِّبَاط فِي الثغور وَلذَا قَالَ فذلكم الرِّبَاط أَي إِنَّه أفضل انواعه كَمَا يُقَال جِهَاد النَّفس هُوَ الْجِهَاد أَيْن إِنَّه أفضله وَيحْتَمل أَنه يُرِيد أَنه الرِّبَاط الْمُمكن المتيسر وَقد قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ أَن ذَلِك من أَلْفَاظ الْحصْر وكرره ثَلَاثًا على معنى التَّعْظِيم لشأنه انْتهى

[385] مَالك أَنه بلغه أَن سعيد بن الْمسيب قَالَ يُقَال لَا يخرج من الْمَسْجِد أحد بعد النداء إِلَّا أحد يُرِيد الرُّجُوع إِلَيْهِ إِلَّا مُنَافِق قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يُقَال مثله من جِهَة الرَّأْي وَلَا يُقَال إِلَّا توقيفا قلت ورد مَرْفُوعا أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد رِجَاله رجال الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يسمع النداء فِي مَسْجِدي هَذَا ثمَّ يخرج مِنْهُ إِلَّا لحَاجَة ثمَّ لَا يرجع إِلَيْهِ إِلَّا مُنَافِق وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَنه رأى رجلا خرج بعد مَا أذن الْمُؤَذّن فَقَالَ أما هَذَا فقد عَصا أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كُنْتُم فِي الْمَسْجِد فَنُوديَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يخرج أحدكُم حتي يُصَلِّي قَالَ بن عبد الْبر قَالَ مَالك دخل أَعْرَابِي الْمَسْجِد وَأذن الْمُؤَذّن فَقَامَ يحل عقال نَاقَته ليخرج فَنَهَاهُ سعيد بن الْمسيب فَلم ينْتَه فَمَا سَارَتْ بِهِ غير يسير حَتَّى رقصت بِهِ فأصيب فِي جسده فَقَالَ سعيد قد بلغنَا أَنه خرج من بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة لغير الْوضُوء أَنه يصاب وَقَالَ الْبَاجِيّ قَوْله إِلَّا مُنَافِق يُرِيد أَن ذَلِك من أَفعَال الْمُنَافِقين [386] إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليركع رَكْعَتَيْنِ قبل ان يجلس هُوَ أَمر ندب بالاجماع سوى أهل الظَّاهِر فَقَالُوا بِالْوُجُوب

[390] ذهب إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف أَي بن مَالك بن الْأَوْس أحد قبيلتي الْأَنْصَار وَبَنُو عمر بطن مِنْهُم وَكَانَت مَنَازِله بقباء ليصلح بَينهم زَاد النَّسَائِيّ فِي كَلَام وَقع بَينهم وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَنه خرج بعد صَلَاة الظّهْر فِي أنَاس من أَصْحَابه وسمى الطَّبَرَانِيّ مِنْهُم أبي بن كَعْب وَسَهل بن بَيْضَاء وحانت الصَّلَاة للْبُخَارِيّ صَلَاة الْعَصْر فجَاء الْمُؤَذّن إِلَى آخِره لِأَحْمَد وَأبي دَاوُد وَابْن حبَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِبلَال إِن حضرت الْعَصْر وَلم آتِك فَمر أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَلَمَّا حضرت الْعَصْر أذن بِلَال ثمَّ أَتَى أَبَا بكر الحَدِيث قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَأما قَوْله أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فأقيم فانما استفهمه هَل يُبَادر أول الْوَقْت أَو ينْتَظر قَلِيلا ليَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجح عِنْد أبي بكر الْمُبَادرَة لِأَنَّهَا فَضِيلَة متحققة فَلَا ترك لفضيلة متوهمة وَقَوله فأقيم بِالنّصب قَالَ نعم زَاد البُخَارِيّ فِي رِوَايَة إِن شِئْت قَالَ بن حجر وَإِنَّمَا فوض لَهُ لاحتما ل أَن يكون عِنْده زِيَادَة علم من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس فِي الصَّلَاة أَي عقب مَا كبر أَبُو كبر للافتتاح كَمَا فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَبِهَذَا يُجَاب عَن الْفرق بَين المقامين حَيْثُ امْتنع أَبُو بكر هُنَا أَن يسْتَمر إِمَامًا وَحَيْثُ اسْتمرّ فِي مرض مَوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صلى خَلفه الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الصُّبْح كَمَا صرح بِهِ مُوسَى بن عقبَة فِي الْمَغَازِي فَكَأَنَّهُ لما أَن مضى مُعظم الصَّلَاة حسن الِاسْتِمْرَار وَلما لم يمض مِنْهَا إِلَّا الْيَسِير لم يسْتَمر وَكَذَا وَقع لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف حَيْثُ صلى خَلفه الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الصُّبْح فَإِنَّهُ اسْتمرّ فِي صلَاته إِمَامًا لهَذَا الْمَعْنى فتخلص حَتَّى وقف فِي الصَّفّ قَالَ الْمُهلب لَا تعَارض بَين هَذَا وَبِي النَّهْي عَن التخطي لآن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي أَمر الصَّلَاة وَلَا غَيرهَا لِأَن لَهُ أَن يتَقَدَّم بِسَبَب مَا ينزل عَلَيْهِ من الْأَحْكَام من نابه أَي أَصَابَهُ الْتفت إِلَيْهِ بِضَم التَّاء مَبْنِيا للْمَفْعُول وَإِنَّمَا التصفيح أَي التصفيق للنِّسَاء زَاد النَّسَائِيّ وَالتَّسْبِيح للرِّجَال [395] اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته قَالَ الْبَاجِيّ ذُريَّته من كَانَت عَلَيْهِ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولادَة من وَلَده وَولد وَلَده كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم قَالَ بن عبد الْبر آل إِبْرَاهِيم يدْخل فِيهِ إِبْرَاهِيم وَآل مُحَمَّد يدْخل فِيهِ مُحَمَّد وَمن هُنَا جَاءَت الْآثَار فِي هَذَا الْبَاب مرّة بإبراهيم وَمرَّة بآل إِبْرَاهِيم وَرُبمَا جَاءَ ذَلِك فِي حَدِيث وَاحِد وَمَعْلُوم أَن قَوْله تَعَالَى أدخلُوا آل فوعون أَشد الْعَذَاب أَن فوعون دَاخل مَعَهم وَبَارك على مُحَمَّد قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء معنى الْبركَة هُنَا الزِّيَادَة من الْخَيْر والكرامة وَقيل هِيَ بِمَعْنى التطيهر والتزكية

[396] أمرنَا الله ان نصلي عَلَيْك أَي لقَوْله تَعَالَى صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً فَكيف نصلي عَلَيْك أَي كَيفَ نلفظ بِالصَّلَاةِ زَاد الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ إِذا نَحن صلينَا عَلَيْك فِي صَلَاتنَا حَتَّى تمنينا أَنه لم يسْأَله أَي كرهنا سُؤَاله مَخَافَة أَن يكون كرهه وشق عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد الحَدِيث قيل مَا وَجه تَشْبِيه الصَّلَاة عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم والقاعد أَن الْمُشبه بِهِ أفضل من الْمُشبه وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْأَنْبِيَاء وَأجِيب بأجوبة أَحدهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَحَكَاهُ بعض أَصْحَابنَا عَن الشَّافِعِي أَن مَعْنَاهُ صل على مُحَمَّد وَتمّ الْكَلَام هُنَا ثمَّ اسْتَأْنف وعَلى آل مُحَمَّد أَي وصل على آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم فالمسئول لَهُ مثل إِبْرَاهِيم وَآله هم آل مُحَمَّد لَا نَفسه الثَّانِي مَعْنَاهُ اجْعَل لمُحَمد وَآله صلا مِنْك كَمَا جَعلتهَا لإِبْرَاهِيم وَآله فالمسئول الْمُشَاركَة فِي أصل الصَّلَاة لَا قدرهَا الثَّالِث أَنه على ظَاهره وَالْمرَاد اجْعَل لمُحَمد وَآله صَلَاة بِمِقْدَار الصَّلَاة الَّتِي لإِبْرَاهِيم وَآله والمسئول مُقَابلَة الْجُمْلَة بِالْجُمْلَةِ فَإِن الْمُخْتَار فِي الْآل أَنهم جَمِيع الِاتِّبَاع وَيدخل فِي آل إِبْرَاهِيم خلائق لَا يُحصونَ من الْأَنْبِيَاء وَلَا يدْخل فِي آل مُحَمَّد نَبِي فَطلب الحاق هَذِه الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا نَبِي وَاحِد بِتِلْكَ الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا خلائق من الْأَنْبِيَاء قَالَ النَّوَوِيّ هَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة هِيَ المختارة من جَمِيع مَا قيل فِي ذَلِك وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أظهر الْأَقْوَال أَنه سَأَلَ ذَلِك لنَفسِهِ وَلأَهل بَيته ليتم النِّعْمَة عَلَيْهِم كَمَا أتمهَا على إِبْرَاهِيم وَآله وَقيل بل سَأَلَ ذَلِك لأمته وَقيل بل ليبقى ذَلِك لَهُ دَائِما إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَيجْعَل لَهُ بِهِ لِسَان صدق فِي الآخرين كإبراهيم وَقيل كَانَ ذَلِك قبل أَن يعلم أَنه أفضل من إِبْرَاهِيم وَقيل سَأَلَ صَلَاة يَتَّخِذهُ بهَا خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم أَي فِي التَّشَهُّد وَهُوَ قَوْلهم السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قَالَ النَّوَوِيّ وعلمتم بِفَتْح الْعين وَكسر اللَّام المخففة وَمِنْهُم من رَوَاهُ بِضَم الْعين وَتَشْديد اللَّام أَي علمتكموه وَكِلَاهُمَا صَحِيح [398] كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى لم يقل فِي بَيته إِلَّا فِي رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فَقَط وتابعة القعْنبِي على ذَلِك وَقَالَ بن بكير فِي هَذَا الحَدِيث فِي بَيته فِي موضِعين أَحدهمَا فِي رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَالْآخر فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْجُمُعَة وَابْن وهب يَقُول فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد المغر وَبعد الْعشَاء فِي بَيته وَذكر انْصِرَافه فِي الْجُمُعَة وَتَابعه على هَذَا جمَاعَة من رُوَاة مَالك [399] إِنِّي لأَرَاكُمْ من وَرَاء ظَهْري قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء مَعْنَاهُ أَن الله تَعَالَى خلق لَهُ إدراكا فِي قَفاهُ يبصر بِهِ من وَرَائه وَقد انخرقت الْعَادة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَكْثَرَ من هَذَا قَالَ الْحِفْظ بن حجر قيل كَانَت لَهُ عين خلف ظَهره يرى بهَا دَائِما وَقيل كَانَ بَين كَتفيهِ عينان كسم الْخياط يبصر بهما لَا يحجبهما ثوب وَلَا يغره وَقيل كَانَ يبصر من وَرَائه بعيني وَجهه خرقا للْعَادَة أَيْضا فَكَانَ يرى بهما من غير مُقَابلَة لِأَن الْحق عِنْد أهل السّنة أَن الرُّؤْيَة لَا يشْتَرط لَهَا الْمُقَابلَة وَلِهَذَا حكمُوا بِجَوَاز رُؤْيَة الله تَعَالَى فِي الْآخِرَة وَقيل بل كَانَت صورهم تنطبع فِي حَائِط قبلته كَمَا تنطبع فِي الْمرْآة فَيرى أمثلتهم فِيهَا ويشاهد أفعالهم [400] مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْتِي قبَاء رَاكِبًا وماشيا قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى مَالك عَن نَافِع وَقَالَ جلّ رُوَاة الْمُوَطَّأ مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر والْحَدِيث صَحِيح لمَالِك عَنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ وَاخْتلف فِي سَبَب اتيانه فَقيل لزيارة الْأَنْصَار وَقيل للتفرج فِي غيطانها وَقيل للصَّلَاة فِي مَسْجِدهَا تبركا بِهِ وَهُوَ الْأَشْبَه

[401] عَن يحيى بَين سعيد عَن النُّعْمَان بن مرّة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا ترَوْنَ فِي الشَّارِب الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف الروَاة عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث عَن النُّعْمَان بن مرّة وَهُوَ حَدِيث صَحِيح مُسْند من ودوه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قلت روى أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أَسْوَأ النَّاس سَرقَة الَّذِي يسرق صلَاته قَالُوا يَا رَسُول الله وَكَيف يسرقها قَالَ لَا يتم ركوعها وَلَا سجودها وروى الطَّبَرَانِيّ مثله من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَعبد الله بن مُغفل وَأبي قَتَادَة قَالَ الْبَاجِيّ قصد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعلمهُمْ أَن الاخلال بإتمام الرُّكُوع وَالسُّجُود كَبِيرَة وَأَنه أَسْوَأ مِمَّا تقرر عِنْدهم أَنه فَاحِشَة وَإِنَّمَا خص الرُّكُوع وَالسُّجُود لِأَن الاخلال فِي الغلب إِنَّمَا يَقع بهما وَسَماهُ سَرقَة على معنى أه خِيَانَة فِيمَا اؤتمن على أَدَائِهِ [402] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اجعلوا من صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُرْسل فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيعهم وَقد أسْندهُ نَافِع عَن بن عمر قلت أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن بن عمر مَرْفُوعا اجعلوا فِي بُيُوتكُمْ من صَلَاتكُمْ وَلَا تتخذوها قبورا قَالَ بن عبد الْبر اخْتلف فِي معنى هَذَا الحَدِيث فَقيل أَرَادَ بقوله من صَلَاتكُمْ النَّافِلَة وَقيل الْمَكْتُوبَة لما فِيهِ من تَعْلِيم الْأَهْل حُدُود الصَّلَاة مُعَاينَة وَهُوَ أثبت من التَّعْلِيم بالْقَوْل وَمن على الأول زَائِدَة وعَلى الثَّانِي تبعيضية

[408] هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن رجل من الْمُهَاجِرين لم ير بِهِ بَأْسا أَنه سَأَلَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أأصلي فِي عطن الْإِبِل فَقَالَ عبد الله لَا وَلَكِن صل فِي مراح الْغنم قَالَ بن عبد الْبر مثل هَذَا ن الْفرق بَين الْغنم والابل لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وَالنَّظَر وَقد روى هَذَا الحَدِيث يُونُس بن بكير عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ صلوا فِي مراح الْغنم وَلَا تصلوا فِي أعطان الْإِبِل وَورد من رِوَايَة جمَاعَة من الصَّحَابَة قَالَ وَأَصَح مَا قبل فِي الْفرق أَن الْإِبِل لَا تكَاد تهدأ وَلَا تقر فِي العطن بل تثور فَرُبمَا تقطع صَلَاة الْمُصَلِّي وَجَاء فِي الحَدِيث أَنَّهَا خلقت من جن قَالَ الْبَاجِيّ عطن الْإِبِل مباركها عِنْد المَاء ومراح الْغنم مجتمعها من آخر النَّهَار [410] وَهُوَ حَامِل أُمَامَة زَاد مُسلم على عَاتِقه قَالَ بن حجر وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَات تَنْوِين حَامِل وَنصب أُمَامَة وروى بِالْإِضَافَة وأمامة بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الميمين كَانَت صَغِيرَة على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَزَوجهَا على بعد وَفَاة فَاطِمَة بِوَصِيَّة مِنْهَا وَلم تعقب وَلأبي العاصى هُوَ وَالِد أُمَامَة قَالَ الْكرْمَانِي الْإِضَافَة فِي قَوْله بنت زَيْنَب بِمَعْنى اللَّام فاظهر فِي الْمَعْطُوف وَهُوَ قَوْله لأبي العاصى مَا هُوَ مُقَدّر فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بن ربيعَة بن عبد شمس قَالَ بن حجر كَذَا رَوَاهُ الجهمي عَن مَالك وَرَوَاهُ يحيى بن بكير ومعن بن عِيسَى وَأَبُو مُصعب وَغَيرهم عَن مَالك فَقَالُوا بن الرّبيع وَهُوَ الصَّوَاب وَادّعى الْأصيلِيّ أَنه بن الرّبيع بن ربيعَة فنسبه مَالك رمة إِلَى جده ورده عِيَاض والقرطبي وَغَيرهمَا لاطباق النسابين على خِلَافه نعم قد نسبه مَالك إِلَى جده فِي قَوْله بن عبد شمس وَإِنَّمَا هُوَ بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس أطبق على ذل النسابون أَيْضا وَاسم أبي العَاصِي لَقِيط وَقيل مقسم وَقيل الْقَاسِم وَقيل مهشم وَقيل هشيم وَهُوَ مَشْهُور بكنيته أسلم قبل الْفَتْح وَهَاجَر ورد عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنَته زَيْنَب وَمَاتَتْ مَعَه وَمَات هُوَ فِي خلَافَة أبي بكر فَإِذا سجد وَضعهَا لمُسلم فَإِذا ركع وَلأبي دَاوُد حَتَّى إِذا أَرَادَ أَن يرْكَع أَخذهَا فوضعها ثمَّ ركع وَسجد حَتَّى إِذا فرغ من سُجُوده وَقَامَ أَخذهَا فَردهَا فِي مَكَانهَا قَالَ النَّوَوِيّ ادّعى بعض الْمَالِكِيَّة أَن هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ وَبَعْضهمْ أَنه من الخصائص وَبَعْضهمْ أَنه كَانَ لضَرُورَة وكل ذَلِك مَرْدُود لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يُخَالف قَوَاعِد الشَّرْع

[411] يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة أَي يَأْتِي طَائِفَة عق بطَائفَة أُخْرَى ثمَّ تعود الأولى عقب الثَّانِيَة وَإِنَّمَا يكون التَّعَاقُب بَين طائفتين أَو رجلَيْنِ مرّة مرّة وتوارد جمَاعَة من شرَّاح الحَدِيث وَمَعَهُمْ بن مَالك على أَن الحَدِيث جَاءَ على لُغَة أكلوني البراغيث وَالْحق مَا قَالَه جمَاعَة آخَرُونَ مِنْهُم أَبُو حَيَّان أَن الحَدِيث تصرف فِيهِ الرَّاوِي فقد رَوَاهُ البُخَارِيّ بِلَفْظ الْمَلَائِكَة يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ وملائكة بِالنَّهَارِ وَالنَّسَائِيّ بِلَفْظ ان الْمَلَائِكَة يتعاقبون فِيكُم وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة بِلَفْظ أَن لله مَلَائِكَة يتعقبون وَنقل القَاضِي عِيَاض عَن الْجُمْهُور أَن هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة هم الْحفظَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْأَظْهر عِنْدِي أَنهم غَيرهم قَالَ بن حجر ويقويه أَنه لم ينْقل أَن الْحفظَة يفارقون الْإِنْسَان وَلَا أَن حفظَة اللَّيْل غير حفظَة النَّهَار قلت بل نقل ذَلِك أخرج بن أبي زمنين فِي كتاب السّنة بِسَنَدِهِ عَن الْحسن قَالَ الْحفظَة أَرْبَعَة يتعقبونه ملكان بِاللَّيْلِ وملكان بِالنَّهَارِ تَجْتَمِع هَذِه الاملاك الْأَرْبَعَة عِنْد صَلَاة الْفجْر وَهُوَ قَوْله تَعَالَى إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي كتاب العظمة عَن بن الْمُبَارك قَالَ وكل بِهِ خَمْسَة أَمْلَاك ملكان بِاللَّيْلِ وملكان بِالنَّهَارِ يجيئان ويذهبان وَملك خَامِس لَا يُفَارِقهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَأخرج أَبُو نعيم فِي كتاب الصَّلَاة عَن الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ قَالَ يلتقي الحارسان عِنْد صَلَاة الصُّبْح فَيسلم بَعضهم على بعض فتصعد مَلَائِكَة اللَّيْل وتكتب مَلَائِكَة النَّهَار ثمَّ يعرج الَّذين باتوا فِيكُم فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ الَّذين كَانُوا وَهِي أوضح لشمولها لمن كَانَ فِي اللَّيْل وَمن كَانَ فِي النَّهَار كَيفَ تركْتُم عبَادي قَالَ بن أبي جَمْرَة وَقع السُّؤَال عَن آخر الْأَعْمَال لِأَن الْأَعْمَال بخواتيمها وأتيناهم وهم يصلونَ زَاد بن خُزَيْمَة فَاغْفِر لَهُم يَوْم الدّين [412] انكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ أَنَّهُنَّ قد دعون إِلَى غير صَوَاب كَمَا دعين فهن من جنسهن وَقد زَاد الدَّوْرَقِي مُسْنده أَن أَبَا بكر هُوَ الَّذِي أَمر عَائِشَة أَن تُشِير على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن يَأْمر عمر بِالصَّلَاةِ

[413] عَن بن شهَاب عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ سَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ مُرْسلا وَعبيد الله لم يدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا روح بن عبَادَة فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك مُتَّصِلا مُسْندًا ثمَّ أخرجه من طَرِيقه فَقَالَ عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ وَرَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وَابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ مثل رِوَايَة روح عَن مَالك سَوَاء وَرَوَاهُ صَالح بن كيسَان وَأَبُو أويس عَن بن شهَاب عَن عَطاء بن يزِيد عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار أَن نَفرا من الْأَنْصَار حدثوه وَرَوَاهُ معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء عَن عبيد الله بن عدي عَن عبد الله بن عدي الْأنْصَارِيّ وسَاق الحَدِيث فَسمى الرجل الْمُبْهم ثمَّ أسْند هَذِه الطّرق كلهَا إِذْ جَاءَهُ رجل فساره قَالَ الْبَاجِيّ وَابْن عبد الْبر هُوَ عتْبَان بن مَالك فِي قتل رجل قَالَ هُوَ مَالك بن الدخشم أُولَئِكَ الَّذين نهاني الله عَنْهُم قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي نَهَاهُ عَن قَتلهمْ لِمَعْنى الْإِيمَان وَإِن جَازَ أَن يلْزمهُم الْقَتْل بعد ذَلِك بِمَا يلْزم سَائِر الْمُسلمين من الْقصاص وَالْحُدُود [414] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ لَا تجْعَل قَبْرِي وثنا يعبد قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَهُوَ حَدِيث غَرِيب لَا يكا د يُوجد قَالَ وَزعم الْبَزَّار أَن مَالِكًا لم يُتَابِعه أحد على هَذَا الحَدِيث إِلَّا عمر بن مُحَمَّد عَن زيد بن أسلم وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَجه من الْوُجُوه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه لَا إِسْنَاد لَهُ غَيره إِلَّا أَن عمر بن مُحَمَّد أسْندهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعمر بن مُحَمَّد ثِقَة روى عَنهُ الثَّوْريّ وَجَمَاعَة قَالَ وَأما قَوْله اشْتَدَّ غضب الله على قوم اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد فَإِنَّهُ مَحْفُوظ من طرق كَثِيرَة صِحَاح هَذَا كَلَام الْبَزَّار قَالَ بن عبد الْبر مَالك عِنْد جمعهم حجَّة فِيمَا نقل وَقد أسْند حَدِيثه هَذَا عمر بن مُحَمَّد وَهُوَ من ثِقَات أَشْرَاف أهل الْمَدِينَة روى عَنهُ مَالك بن أنس وَالثَّوْري وسليم بن بِلَال وَهُوَ عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب فَهَذَا الحَدِيث صَحِيح عِنْد من قَالَ بمراسيل الثِّقَات وَعند من قَالَ بالمسند لاسناد عمر بن مُحَمَّد لَهُ وَهُوَ مِمَّن تقبل زِيَادَته ثمَّ أسْندهُ من كتاب الْبَزَّار من طَرِيق عمر بن مُحَمَّد عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا بِلَفْظ الْمُوَطَّأ سَوَاء وَمن كتاب الْعقيلِيّ من طَرِيق سُفْيَان عَن حَمْزَة بن الْمُغيرَة عَن سهل بن صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ لَا تجْعَل قَبْرِي وثنا لعن الله قوما اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد قَالَ بن عبد الْبر قيل مَعْنَاهُ النَّهْي عَن السُّجُود على قُبُور الْأَنْبِيَاء وَقيل النَّهْي عَن اتخاذها قبْلَة يصلى إِلَيْهَا [415] عَن بن شهَاب عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ بن عبد الْبر كَذَا قَالَ يحيى وَهُوَ غلط بَين إِنَّمَا هُوَ عَن مَحْمُود بن الرّبيع لَا يحفظ إِلَّا لَهُ وَلم يروه أحد من أَصْحَاب مَالك وَلَا من أَصْحَاب بن شهَاب إِلَّا عَن مَحْمُود بن الرّبيع عتْبَان بِكَسْر الْعين

[416] عَن عباد بن تَمِيم عَن عَمه هُوَ عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْمَازِني أَنه رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْتَلْقِيا فِي الْمَسْجِد وَاضِعا إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ أَن النَّهْي الْوَارِد عَن ذَلِك مَنْسُوخ أَو مَخْصُوص بِمَا إِذا خيف أَن تبدو الْعَوْرَة زَاد الْبَاجِيّ وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا من خَصَائِصه إِلَّا أَن فعل عمر وَعُثْمَان يدل على أَنه عَام [417] قَلِيل قراؤه أَي الخلون من معرفَة مَعَانِيه وَالْفِقْه فِيهِ وتضيع حُرُوفه أَي المحافظين على حُدُوده أَكثر من المحافظين على التَّوَسُّع فِي معرفَة أَنْوَاع الْقرَاءَات قَلِيل من يسْأَل أَي لِكَثْرَة المتفقهين كَثِيرَة من يُعْطي أَي المتصدقون يطيلون فِيهِ الصَّلَاة ويقصرون الْخطْبَة أَي يعْملُونَ بِالسنةِ يبدون أَعْمَالهم قبل أهوائهم قَالَ الْبَاجِيّ أَي إِذا عرض لَهُم عمل بر وَهوى بدؤا بِعَمَل الْبر وقدموه على مَا يهوون [418] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ بَلغنِي أَن أول مَا ينظر فِيهِ من عمل العَبْد اصلاة فَإِن قبلت مِنْهُ نظر فِيمَا بَقِي من عمله وَإِن لم تقبل مِنْهُ لم ينظر فِي شَيْء من عمله وَردت أَحَادِيث مَرْفُوعَة بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنى وأقربها غلى لَفظه مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة الصَّلَاة فَإِن صلحت صلح لَهُ سَائِر عمله وَإِن فَسدتْ فسد سَائِر عمله وَأخرج عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يسْأَل عَنهُ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة ينظر فِي صلَاته فَإِن صلحت فقد أَفْلح وَإِن فَسدتْ فقد خَابَ وخسر

[420] مَالك أَنه بلغه عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا تحفظ قصَّة الْأَخَوَيْنِ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص إِلَّا فِي مُرْسل مَالك هَذَا قَالَ وَقد أنكرهُ الْبَزَّار وَقطع بِأَنَّهُ لَا يُوجد من حَدِيث سعد أَلْبَتَّة وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُنكره لِأَن مَرَاسِيل مَالك أُصُولهَا صِحَاح كلهَا وَجَائِز أَن يرْوى هَذَا الحَدِيث سعد وَغَيره وَقد رَوَاهُ بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه مثل حَدِيث مَالك سَوَاء وأظن مَالِكًا أَخذه من كتب بكير بن الْأَشَج أَو أخبرهُ بِهِ عَنهُ مخرمَة ابْنه فَإِن بن وهب انْفَرد بِهِ لم يروه أحد غَيره فِيمَا قَالَ جمَاعَة من أهل الحَدِيث وَتحفظ قصَّة الْأَخَوَيْنِ من حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله وَأبي هُرَيْرَة وَعبيد بن خَالِد انْتهى غمر هُوَ الْكثير المَاء يبْقى قَالَ بن عبد الْبر بِالْبَاء لَا بالنُّون من درنه أَي وسخه [423] دوى صَوته بِفَتْح الذَّال وَكسر الْوَاو وَتَشْديد الْيَاء وَهُوَ صَوت مُرْتَفع متكرر لَا يفهم فَإِذا هُوَ يسْأَل عَن الْإِسْلَام زَاد البُخَارِيّ فِي رِوَايَة فَأخْبرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشرائع الْإِسْلَام فَقَالَ أَخْبرنِي مذا فرض الله عَليّ من الصَّلَاة فَقَالَ الصَّلَوَات الْخمس قَالَ هَل عَليّ غَيْرهنَّ قَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع بتَشْديد الطَّاء وَالْوَاو وَأَصله تتطوع بتاءين فأدغمت إِحْدَاهمَا وَاخْتلف فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاء هَل هُوَ مُتَّصِل أم مُنْقَطع فعلى الأول يجب إتْمَام التَّطَوُّع بِالشُّرُوعِ فِيهِ وعَلى الثَّانِي لَا أَفْلح الرجل إِن صدق قيل فلاحه إِذا لم ينقص وَاضح وَأما إِذا لم يزدْ فَمَا وَجهه وَأجَاب النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ أثبت لَهُ الْفَلاح لِأَنَّهُ أُتِي بِمَا عَلَيْهِ وَقيس فِيهِ أَنه إِذا أَتَى بزائد على ذَلِك لَا يكون مفلحا لِأَنَّهُ إِذا أَفْلح بالوجب فَقَط فبالمندوب مَعَه أولى

[424] يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم قَالَ الْبَاجِيّ القافية مُؤخر الرَّأْس وَقَالَ صَاحب الْعَيْنِيّ هِيَ الْقَفَا وَقيل هِيَ وسط الرَّأْس وَبَدَأَ بِهِ بن رَشِيق إِذا هُوَ نَام قَالَ الْحَافِظ بن حجر يحْتَمل أَن يكون على عُمُومه وَإِن يخص بِمن نَام قبل صَلَاة الْعشَاء وَإِن يخص مِنْهُ من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ عِنْد نَومه فقد ثَبت أَنه يحفظ من الشَّيْطَان ثَلَاث عقد الْأَرْجَح أَنه على حَقِيقَته وَأَنه كَمَا يعْقد السَّاحر من يسحره فَيَأْخُذ خيطا يعْقد مِنْهُ عقدَة وَيتَكَلَّم فِيهِ بِالسحرِ فيتأثر المسحور عِنْد ذَلِك وَلابْن ماجة جعل فِيهِ ثَلَاث عقد يضْرب أَي بِيَدِهِ على الْعقْدَة تَأْكِيدًا وإحكاما لَهَا قَائِلا عَلَيْك ليل طَوِيل [425] سمع غير وَاحِد من عُلَمَائهمْ إِلَى آخِره قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا وَإِن لم يسْندهُ مَالك إِلَّا أَنه يجْرِي عِنْده مجْرى الْمُتَوَاتر وَهُوَ أقوى من الْمسند

[429] عَن أبي عبيد مولى بن أَزْهَر اسْم أبي عبيد سعد بن عبيد وَابْن أَزْهَر عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر بن عَوْف بن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف شهِدت الْعِيد مَعَ عمر بن الْخطاب فصلى زَاد عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قبل أَن يخْطب بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة ثمَّ انْصَرف فَخَطب زَاد عبد الرَّزَّاق فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن تَأْكُلُوا نسككم بعد ثَلَاث فَلَا تأكلوه بعْدهَا قَالَ بن عبد الْبر أَظن مَالِكًا إِنَّمَا حذف هَذَا لِأَنَّهُ مَنْسُوخ

[433] عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ أَبَا وَاقد إِلَى آخِره قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم هَذِه الرِّوَايَة مُرْسلَة لِأَن عبيد الله لم يدْرك عمر وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن عبيد الله عَن أبي وَاقد قَالَ سَأَلَني عمر وَهَذِه مُتَّصِلَة فَإِنَّهُ أدْرك أَبَا وَاقد بِلَا شكّ وسَمعه بِلَا خلاف قَالُوا وَأما سُؤال عمر أَبَا وَاقد فَيحْتَمل أَنه شكّ فِي ذَلِك فاستثبته أَو أَرَادَ إِعْلَام النَّاس بذلك أَو نَحْو هَذَا من الْمَقَاصِد قَالُوا وَيبعد أَن عمر لم يعلم ذَلِك مَعَ شُهُوده صَلَاة الْعِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّات وقربه مِنْهُ [440] ذَات الرّقاع هِيَ غَزْوَة مَعْرُوفَة قَالَ الْبَاجِيّ كَانَت سنة خمس من الْهِجْرَة وَبهَا نزلت صَلَاة الْخَوْف فِيمَا ذكره بن الْمَاجشون وَسميت بذلك لأَنهم مَشوا على أَقْدَامهم فنقبت فشدوها بالخرق والرقاع وَقيل لأَنهم رقعوا راياتهم فِيهَا وَقيل كَانَت أَرضًا ذَات ألوان وَقيل ذَات الرّقاع شَجَرَة نزلُوا تحتهَا وَقيل الرّقاع جبل هُنَاكَ فِيهِ بَيَاض وَحُمرَة وَسَوَاد وجاه بِكَسْر الْوَاو وَضمّهَا أَي مُقَابل

[441] أَن سهل بن أبي حثْمَة الْأنْصَارِيّ حَدثهُ قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَوْقُوف على سهل فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة عَن مَالك وَمثله لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا مُسْندًا بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن صَالح بن حوات عَن سهل بن أبي حثْمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه وَعبد الرَّحْمَن أسن من يحيى بن سعيد وَأجل رَوَاهُ شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن كَذَلِك [442] قَالَ نَافِع لَا أرى عبد الله بن عمر حَدثهُ إِلَّا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا روى مَالك هَذَا الحَدِيث عَن نَافِع على الشَّك فِي رَفعه وَرَوَاهُ عَن نَافِع جمَاعَة وَلم يشكوا فِي رَفعه مِنْهُم بن أبي ذِئْب ومُوسَى بن عقبَة وَأَيوب بن مُوسَى وَكَذَا رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن بن عمر مَرْفُوعا وَرَوَاهُ خَالِد بن معدان عَن بن عمر مَرْفُوعا

[443] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ مَا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر يَوْم الخَنْدَق حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس قَالَ بن عبد الْبر هَذَا السَّنَد من حَدِيث بن مَسْعُود وَأبي سعيد وَجَابِر وَذكر الْبَاجِيّ أَن ذَلِك لشغل بِالْقِتَالِ وَأَنه نسخ بِصَلَاة الْخَوْف وَكَانَت غَزْوَة الخَنْدَق فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس [444] إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء الْحِكْمَة فِي هَذَا الْكَلَام أَن بعض الْجَاهِلِيَّة الضلال كَانُوا يعظمون الشَّمْس وَالْقَمَر فَبين أَنَّهُمَا آيتان مخلوقتان لله تَعَالَى لَا صنع لَهما بل هما كَسَائِر الْمَخْلُوقَات يطْرَأ عَلَيْهِمَا النَّقْص والتغيير كغيرهما لَا يخسفان بِفَتْح أَوله لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ قَالَ النَّوَوِيّ كَانَ بعض الضلال من المنجمين وَغَيرهم يَقُول لَا يخسفان إِلَّا لمَوْت عَظِيم أَو نَحْو ذَلِك فَبين أَن هَذَا بَاطِل لِئَلَّا يغتر بأقوالهم لَا سِيمَا وَقد صَادف موت إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد أغير من الله قَالَ النَّوَوِيّ قَالُوا مَعْنَاهُ لَيْسَ أحد أمنع من الْمعاصِي من الله تَعَالَى وَلَا أَشد كَرَاهَة لَهَا مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَا أمة مُحَمَّد قَالَ الْبَاجِيّ ناداهم بذلك على معنى إِظْهَار الاشفاق عَلَيْهِم والرأفة بهم كَمَا يَقُول الرجل لِابْنِهِ يَا بني لَو تعلمُونَ مَا أعلم أَيمن عَظِيم قدرَة الله وَشدَّة انتقامه

[445] تكعكعت أَي تَأَخَّرت إِنِّي رَأَيْت الْجنَّة هِيَ رُؤْيَة عين على حَقِيقَتهَا قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين بن عَطاء الله الْأَنْبِيَاء يطالعون بحقائق الْأَشْيَاء والأولياء يطالعون بمثالها قَالَ ويكفرن العشير هُوَ الزَّوْج قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى ويكفرن بِالْوَاو وَلم يرو ذَلِك من رُوَاة الْمُوَطَّأ غَيره وَالْمَحْفُوظ عَن مَالك من رِوَايَة سَائِر الروَاة بِغَيْر وَاو قَالَ الْحَافِظ بن حجر اتَّفقُوا على أَن الْوَاو غلط من يحيى

[447] عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر هِيَ زَوْجَة هِشَام وَبنت عَمه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر هِيَ جدة هِشَام وَفَاطِمَة جَمِيعًا آيَة بِالرَّفْع أَي هَذِه آيَة فَقُمْت حَتَّى تجلاني بمثناة وجيم وَلَام مُشَدّدَة أَي غطاني الغشي هُوَ بِفَتْح الْغَيْن وَسُكُون الشين وَتَخْفِيف الْيَاء وَرُوِيَ بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْيَاء وهما بِمَعْنى قَالَ بن بطال الغشي مرض يعرض من طول التَّعَب وَالْوُقُوف وَهُوَ ضرب من الاغماء إِلَّا أَنه دونه رَأَيْته بِضَم الْهمزَة حَتَّى الْجنَّة وَالنَّار ضبط بالحركات الثَّلَاث فيهمَا وَلَقَد أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور قَالَ الْبَاجِيّ بَيَان أَنه أعلم بذلك فِي ذَلِك الْوَقْت قَالَ والفتنة الاختبار وَلَيْسَ الاختبار فِي الْقَبْر بِمَنْزِلَة التَّكْلِيف وَالْعِبَادَة وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إِظْهَار الْعَمَل وإعلام الْمَآل وَالْعَاقبَة كاختبار الْحساب انْتهى والْحَدِيث مُطلق وَبَين فِي رِوَايَة أُخْرَى أَن الْمُؤمن يفتن سبعا وَالْمُنَافِق أَرْبَعِينَ صباحا مثل أَو قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال كَذَا ورد بترك التَّنْوِين فِي الأول وإثباته فِي الثَّانِي قَالَ بن مَالك وتوجيهه أَن أَصله مثل فتْنَة الدَّجَّال أَو قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال فَحذف مَا أضيف إِلَيْهِ مثل وَترك على هَيئته قبل الحذفة لَهُ لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ قَالَ الْكرْمَانِي وَجه الشّبَه بَين الفتنتين الشدَّة والهول والهموم لَا أَدْرِي أَيَّتهمَا قَالَت أَسمَاء جملَة مُعْتَرضَة بَين بهَا الرَّاوِي أَن الشَّك مِنْهُ هَل قَالَت أَسمَاء مثل أَو قَالَت قَرِيبا قَالَ بن عبد الْبر وَفِيه أَنهم كَانُوا يراعون الْأَلْفَاظ فِي الحَدِيث الْمسند مَا علمك بِهَذَا الرجل قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل يحْتَمل أَنه مثل للْمَيت فِي قَبره وَالْأَظْهَر أَنه سمي لَهُ نم صَالحا قَالَ القَاضِي أَي لَا روع عَلَيْك مِمَّا تروع بِهِ الْكَفَرَة من الْعرض على النَّار أَو غَيرهم من عَذَاب الْقَبْر إِن كنت لمؤمنا بِالْكَسْرِ وَهِي المخففة من الثَّقِيلَة وَاللَّام هِيَ الفارقة

[448] خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمصلى فَاسْتَسْقَى زَاد بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن أبي بكر وَصلى رَكْعَتَيْنِ وحول رِدَاءَهُ ذكر الْوَاقِدِيّ أَن طول رِدَائه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ سِتَّة أَذْرع فِي ثَلَاثَة أَذْرع عَن يحيى بن سعيد عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا استسقى الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ مَالك وَجَمَاعَة عَن يحيى مُرْسلا وَرَوَاهُ آخَرُونَ عَن يحيى عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مُسْندًا مِنْهُم سُفْيَان النَّوَوِيّ قلت أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيقه [450] وتقطعت السبل قيل المُرَاد أَن الْإِبِل ضعفت لقلَّة الْقُوت عَن السّفر أَو لكَونهَا لَا تَجِد فِي طريقها من الْكلأ مَا يُقيم أودها وَقيل المُرَاد نفاد مَا عِنْد النَّاس من الطَّعَام أَو قلته فَلَا يَجدونَ مَا يحملونه إِلَى الْأَسْوَاق والأكام بِكَسْر الْهمزَة وَقد تفتح وتمد جمع أكمة بِفَتَحَات وَهِي دون الْجَبَل وَأَعْلَى من الرابية وبطون الأودية المارد بهَا مَا يتَحَصَّل فِيهِ المَاء لينْتَفع بِهِ قَالُوا وَلم يمسع أفعلة جمع فَاعل إِلَّا أَوديَة جمع وَاد فانجابت عَن الْمَدِينَة انجياب الثَّوْب قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن قَاسم قَالَ مَالك مَعْنَاهُ تدورت عَن الْمَدِينَة كَمَا يَدُور جيب الْقَمِيص وَقَالَ بن وهب يَعْنِي تقطعت عَن الْمَدِينَة كانقطاع الثَّوْب الْخلق [451] بِالْحُدَيْبِية بتَخْفِيف الْيَاء على إِثْر سَمَاء أَي مطر

[452] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا أنشأت الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أعرفهُ بِوَجْه من الْوُجُوه فِي غير الْمُوَطَّأ إِلَّا مَا ذكره الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي يحيى عَن إِسْحَاق بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أنشأت بحريّة ثمَّ استحالت شامية فَهُوَ أمطر لَهَا إِذا أنشأت بحريّة أَي ظَهرت سَحَابَة من نَاحيَة الْبَحْر ثمَّ تشاءمت أَي أخذت نَحْو الشَّام فَتلك عين غديقة بِالتَّنْوِينِ فيهمَا أَي مَاء كثير يَقُول فَتلك سَحَابَة يكون مَاؤُهَا غدقا وغديقة تَصْغِير غدقة قَالَ الْبَاجِيّ الْعين مطر أَيَّام لَا يقْلع وَأهل بلدنا يروون غديقة على التصغير وَقد حَدثنَا بِهِ أَبُو عبد الله الصُّورِي الْحَافِظ وَضَبطه لي بِخَط يَده بِفَتْح الْغَيْن وَهَكَذَا حَدثنِي بِهِ عبد الْغَنِيّ الْحَافِظ عَن حَمْزَة بن مُحَمَّد الْكِنَانِي الْحَافِظ وَقَالَ سَحْنُون معنى ذَلِك أَنَّهَا بِمَنْزِلَة مَا يفور من الْعين [454] مولى لآل الشِّفَاء فِي رِوَايَة مولى الشِّفَاء وَهِي بنت عبد الله بن عبد شمس بن خَالِد صحابية وَهِي أم سليم بن أبي حثْمَة الكرابيس هِيَ المراحيض وَاحِدهَا كرباس وَقيل تخْتَص بمراحيض الغرف وَأما مراحيض الْبيُوت فانما يُقَال لَهَا الكنف [455] عَن نَافِع عَن رجل من الْأَنْصَار أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَأما سَائِر الروَاة فانهم يَقُولُونَ عَن رجل من الْأَنْصَار عَن أَبِيه وَهُوَ الصَّوَاب

[456] عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن عَمه وَاسع الثَّلَاثَة تابعيون لَكِن قيل إِن لواسع رُؤْيَة فَذكر لذَلِك فِي الصَّحَابَة وحبان بِفَتْح الْمُهْملَة وبالموحدة لقد ارتقيت على ظهر بَيت لنا فِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم على ظهر بَيت أُخْتِي حَفْصَة زَاد الْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَته فحانت مني التفاتة على لبنتين بِفَتْح اللَّام وَكسر الْمُوَحدَة وَفتح النُّون تَثْنِيَة لبنة وَهِي مَا يصنع من الطين أَو غَيره للْبِنَاء قبل أَن يحرق ثمَّ قَالَ لَعَلَّك الْخطاب لواسع [457] فَإِن الله قبل وَجهه إِذا صلى قَالَ بن عبد الْبر هُوَ كَلَام على التَّعْظِيم لشأن الْقبْلَة وإكرامها [458] بصاقا أَو مخاطا أَو نخامة الأول من الْفَم وَالثَّانِي من الْأنف وَالثَّالِث من الْحلق [459] عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة إِلَّا عبد الْعَزِيز بن يحيى فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر وَالصَّحِيح مَا فِي الْمُوَطَّأ إِذْ جَاءَهُم آتٍ هُوَ عباد بن بشر وَقيل عباد بن نهيك

[460] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ صلى الحَدِيث قَالَ بن الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مُرْسلا وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن خَالِد بن عتبَة عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا [462] صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا هُوَ خَاص بِمَا كَانَ مَسْجِدا فِي زَمَنه دون مَا زيد بعده بِخِلَاف مَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ يَشْمَل كل الْحرم قَالَه النَّوَوِيّ خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنَّهَا أَكثر ثَوابًا إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام بِالنّصب على الِاسْتِثْنَاء وروى بِالْجَرِّ على أَن الصّفة بِمَعْنى غير وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ فَقيل المُرَاد أَن الصَّلَاة فِيهِ أفضل من مَسْجده وَقيل الْمَعْنى فَإِن الصَّلَاة فِي مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفضله بِأَقَلّ من ألف وَقَالَ الْبَاجِيّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاسْتِثْنَاء أَن الْمَسْجِد الْحَرَام حكمه خَارج عَن أَحْكَام سَائِر المواطن فِي الْفَضِيلَة الْمَذْكُورَة وَلَا نعلم حكمه من هَذَا الْخَبَر فَيصح أَن تكون الصَّلَاة فِيهِ أفضل من مَسْجده أَو دونه أَو مُسَاوِيَة [463] عَن أبي هُرَيْرَة أَو عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ رُوَاة الْمُوَطَّأ على الشَّك إِلَّا معن بن عِيسَى وروح بن عبَادَة فَإِنَّهُمَا قَالَا فِيهِ عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد جَمِيعًا على الْجمع لَا على الشَّك وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك فَقَالَ عَن أبي هُرَيْرَة وَحده وَلم يذكر أَبَا سعيد وَكَذَا رَوَاهُ حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة وَحده مَا بَين بَيْتِي ومنبري قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الطَّبَرِيّ فِي المُرَاد ببيتي هُنَا قَولَانِ أَحدهمَا الْقَبْر لِأَنَّهُ رُوِيَ مَا بَين قَبْرِي وَالثَّانِي بَيت سكناهُ على ظَاهره وهما متقاربان لِأَن قَبره فِي بَيته قَالَ بن حجر وعَلى الأول المُرَاد بِالْبَيْتِ فِي قَوْله بَيْتِي أحد بيوته لَا كلهَا وَهُوَ بَيت عَائِشَة الَّذِي صَار فِيهِ قَبره وَقد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِلَفْظ مَا بَين الْمِنْبَر وَبَيت عَائِشَة وَرِوَايَة مَا بَين قَبْرِي ومنبري أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عمر وَالْبَزَّار من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص قَالَ وَنقل بن زبالة أَن ذرع مَا بَين الْمِنْبَر وَالْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْقَبْر الْآن ثَلَاث وَخَمْسُونَ ذِرَاعا وَقيل أَربع وَخَمْسُونَ وَسدس وَقيل خَمْسُونَ إِلَّا ثُلثي ذِرَاع قَالَ وَهُوَ الْآن كَذَلِك فَكَأَنَّهُ نقص لما أَدخل من الْحُجْرَة فِي الْجِدَار رَوْضَة من رياض الْجنَّة قَالَ النَّوَوِيّ ذكرُوا فِي مَعْنَاهُ قَوْلَيْنِ أَحدهمَا أَن ذَلِك الْموضع بِعَيْنِه ينْقل إِلَى الْجنَّة وَالثَّانِي أَن الْعِبَادَة فِيهِ تُؤدِّي إِلَى الْجنَّة قلت روى الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص مَرْفُوعا مَا بَين مَسْجِدي إِلَى الْمصلى رَوْضَة من رياض الْجنَّة ومنبري على حَوْضِي قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ أَكثر الْعلمَاء المُرَاد منبره بِعَيْنِه الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا ينْتَقل يَوْم الْقِيَامَة فينصب على الحوص قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر وَأنكر كثير مِنْهُم غَيره وَقيل مَعْنَاهُ أَن قصد منبره والحضور عِنْده لملازمة الْأَعْمَال الصَّالِحَة يُورد صَاحبه الْحَوْض وَيَقْتَضِي شربه مِنْهُ

[465] مَالك أَنه بلغه عَن عبد الله بن عمر أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تمنعوا إِمَاء الله مَسَاجِد الله وَصله البُخَارِيّ من طَرِيق أبي شامة عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن بن عمر [466] مَالك أَنه بلغه عَن بسر بن سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا شهِدت إحداكن صَلَاة الْعشَاء فَلَا تمسن طيا وَصله مُسلم من طَرِيق بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن بسر بن سعيد عَن زَيْنَب الثقفية امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود بِهِ وَوَصله هُوَ وَالنَّسَائِيّ من طرق عَن بكير بِهِ وَوَصله النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق زِيَاد بن سعد عَن الزُّهْرِيّ عَن بسر بن سعيد عَن زَيْنَب بِهِ وَرَوَاهُ أَبُو عَلْقَمَة الْفَروِي عَن يزِيد بن خصيفَة عَن بسر بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ أسْندهُ بن عبد الْبر من طَرِيقه وَقَالَ إِنَّه خطأ وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف رَوَاهُ يَعْقُوب الدَّوْرَقِي عَن بن علية عَن عبد الرَّحْمَن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن هِشَام عَن بكير بن الْأَشَج عَن بسر بن سعيد عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ [468] لَو أدْرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحدث النِّسَاء قَالَ الْبَاجِيّ تَعْنِي الطّيب والتجمل وَقلة التستر وتسرع كثير مِنْهُنَّ إِلَى المناكر لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا مَنعه نسَاء بني إِسْرَائِيل قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون فِي شَرِيعَة بني إِسْرَائِيل منع النِّسَاء من الْمَسَاجِد وَيحْتَمل أَنَّهُنَّ منعن بعد الْإِبَاحَة لمثل هَذَا قلت أخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كن نسَاء بني إِسْرَائِيل يتخذن أرجلا من خشب يتشوفن للرِّجَال فِي الْمَسَاجِد فَحرم الله عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِد وسلطت عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَة

[469] عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أَن فِي الْكتاب الَّذِي كتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم أَن لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا أصل فِي كِتَابَة الْعلم وتحصينه فِي الْكتب وَقَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَقد رُوِيَ مُسْندًا من وَجه صَالح وَهُوَ كتاب مَشْهُور عِنْد أهل السّير مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم معرفَة يسْتَغْنى بهَا فِي شهرتها عَن الْإِسْنَاد لِأَنَّهُ أشبه التَّوَاتُر فِي مَجِيئه لتلقي النَّاس لَهُ بِالْقبُولِ قلت أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق بن إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ هَذَا كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عندنَا الَّذِي كتبه لعَمْرو بن حزم حِين بَعثه إِلَى الْيمن يفقه أَهلهَا وَيُعلمهُم السّنة وَيَأْخُذ صَدَقَاتهمْ فَكتب لَهُ كتابا وعهدا وَأمره فيهم أمره فَكتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ عهدا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم حِين بَعثه إِلَى الْيمن أمره بتقوى الله فِي أمره كُله فان اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وَأمره أَن يَأْخُذ الْحق كَمَا أمره أَن يبشر النَّاس بِالْخَيرِ وَيَأْمُرهُمْ بِهِ وَيعلم النَّاس الْقُرْآن ويفقههم فِيهِ وَينْهى النَّاس فَلَا يمس أحد الْقُرْآن إِلَّا وَهُوَ طَاهِر يخبر النَّاس بِالَّذِي لَهُم وَالَّذِي عَلَيْهِم ويلين لَهُم فِي الْحق ويشتد عَلَيْهِم فِي الظُّلم فَإِن اله كره الظُّلم وَنهى عَنهُ وَقَالَ إِلَّا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ويبشر النَّاس بِالْجنَّةِ وبعملها وينذر النَّاس النَّار وعملها ويستألف النَّاس حَيّ يفقهوا فِي الدّين وَيعلم النَّاس معالم الْحَج وسننه وفرائضه وَينْهى النَّاس أَن يُصَلِّي الرجل فِي ثوب وَاحِد صغر إِلَّا أَن يكون وَاسِعًا فيخالف بَين طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ وَينْهى أَن يحتبي الرجل فِي ثوب وَاحِد ويفضي إِلَى السَّمَاء بفرجه وَلَا يعقص شعر رَأسه إِذا عَفا فِي قَفاهُ وَينْهى النَّاس إِن كَانَ بَينهم هيج أَن يدعوا إِلَى الْقَبَائِل والعشائر وَليكن دعاؤهم إِلَى الله وَحده لَا شريك لَهُ فَمن لم يدع إِلَى الله ودعا إِلَى العشائر والقبائل فليعطفوا فِيهِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يكون دعاؤهم إِلَى الله وَحده لَا شريك لَهُ وَيَأْمُر النَّاس باسباغ الْوضُوء وُجُوههم وأيديهم إِلَى الْمرَافِق وأرجلهم إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن يمسحوا رؤوسهم كَمَا أَمرهم الله وَأمره بِالصَّلَاةِ لوَقْتهَا وإتمام الرُّكُوع والخشوع وَإِن يغلس بالصبح ويهجر بالهاجرة حَتَّى تميل الشَّمْس وَصَلَاة الْعَصْر وَالشَّمْس فِي الأَرْض مُدبرَة وَالْمغْرب حِين يقبل اللَّيْل لَا تُؤخر حَتَّى تبدو النُّجُوم فِي السَّمَاء وَالْعشَاء أول اللَّيْل وَأمرهمْ السَّعْي إِلَى الْجُمُعَة إِذا نُودي بهَا وَالْغسْل عِنْد الرواج إِلَيْهَا وَأمره أَن يَأْخُذ من الْغَنَائِم خمس الله وَمَا كتب على الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدَقَة من الْعقار فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقت الْقرب نصف الْعشْر وَفِي كل عشر من الْإِبِل شَاتَان وَفِي كل عشْرين أَربع وَفِي كل ثَلَاثِينَ من الْبَقر تبيع أَو تبيعة جذع أَو جَذَعَة وَفِي كل أَرْبَعِينَ من الْغنم سَائِمَة شَاة فانها فَرِيضَة الله الَّتِي افْترض على الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدَقَة فَمن زَاد فَهُوَ خير لَهُ وَأَنه من أسلم من يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ إسلاما خَالِصا من نَفسه فدان دين الْإِسْلَام فَإِنَّهُ من الْمُؤمنِينَ لَهُ مَالهم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم وَمن كَانَ على نَصْرَانِيَّة أَو يَهُودِيَّة فَإِنَّهُ لَا يُغير عَنْهَا وعَلى كل حالم ذكر أَو أُنْثَى حر أَو عبد دِينَار واف أَو عرضه من الثِّيَاب فَمن أدّى ذَلِك فَإِن لَهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله وَمن منع ذَلِك فَإِنَّهُ عَدو الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ جَمِيعًا صلوا الله على مُحَمَّد وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد روى سلمَان بن دَاوُد عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده هَذَا الحَدِيث مَوْصُولا بِزِيَادَات كَثِيرَة فِي الزكوات والديات وَغير ذَلِك ونقصان عَن بعض مَا ذَكرْنَاهُ قلت وسأسوقه فِي كتاب الْعُقُول [471] من فَاتَهُ حزبه من اللَّيْل فقرأه حِين تَزُول الشَّمْس إى صَلَاة الظّهْر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ وَهُوَ وهم من دَاوُد لِأَن الْمَحْفُوظ من حَدِيث بن شهَاب عَن السَّائِب بن يزِيد وَعبيد الله بن عبد الله عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارئ عَن عمر من نَام عَن حزبه فقرأه مَا بَين صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الظّهْر كتب لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ من اللَّيْل وَمن أَصْحَاب بن شهَاب من رَفعه عَنهُ بِسَنَدِهِ عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهَذَا أولى بِالصَّوَابِ من حَدِيث دَاوُد حِين جعله من زَوَال الشَّمْس إِلَى صَلَاة الظّهْر لِأَن ذَلِك وَقت ضيق قد لَا يسع الحزب وَلِأَن بن شهَاب أتقن حفظا وَأثبت نقلا قلت أخرجه مُسلم وَالْأَرْبَعَة من طَرِيق يُونُس عَن بن شهَاب بِهِ مَرْفُوعا

[473] ثمَّ لببته بردائه بتَشْديد الْبَاء الأولى أخذت بِمَجَامِع رِدَائه فِي عُنُقه وجررته بِهِ مَأْخُوذ من اللبة بِفَتْح اللَّام لِأَنَّهُ يقبض عَلَيْهَا إِن هَذَا الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف اخْتلف الْعلمَاء فِي المُرَاد بسبعة أحرف على نَحْو أَرْبَعِينَ قولا سقتها فِي كتابي الإتقان وأرجحها عِنْدِي قَول من قَالَ إِن هَذَا من الْمُتَشَابه الَّذِي لَا يدْرِي تَأْوِيله فَإِن الحَدِيث كالقرآن مِنْهُ الْمُحكم والمتشابه [474] إِنَّمَا مثل صَاحب الْقُرْآن أَي الَّذِي يألفه [475] أَن الْحَارِث بن هِشَام هُوَ أَخُو أبي جهل أسلم يَوْم الْفَتْح وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة وَاسْتشْهدَ فِي فتوح الشَّام سَأَلَ كَذَا هُنَا وَفِي أَكثر الْكتب على أَنه من مُسْند عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَعند أَحْمد عَن عَائِشَة عَن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ سَأَلت فَجعله من مُسْند الْحَارِث أَحْيَانًا بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة وعامله يأتيني فِي مثل صلصلة الجرس الصلصلة بمهملتين مفتوحتين وَسُكُون اللَّام الأولى فِي الأَصْل صَوت وُقُوع الحَدِيث بعضه على بعض ثمَّ أطلق على كل صَوت لَهُ طنين وَقيل هُوَ صَوت متدارك لَا يفهم من أول وهلة والجرس الجلجل ثمَّ قيل الصلصلة الْمَذْكُورَة صَوت الْملك بِالْوَحْي وَقيل صَوت خَفق أجنحته وَهُوَ أشده عَليّ قيل إِنَّمَا كَانَ يَأْتِيهِ هَكَذَا إِذا نزلت آيَة وَعِيد أَو تهديد فَيفْصم بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْفَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة أَي يقْلع وأصل الفصم الْقطع وَأَحْيَانا يتَمَثَّل أَي يتَصَوَّر لي الْملك أَي جِبْرِيل وَاللَّام للْعهد رجلا نصب على الْمصدر أَي مثل رجل أَو على التَّمْيِيز أَو الْحَال أَي هَيْئَة رجل وَقد تقدم تَحْقِيق ذَلِك فِي أول هَذَا الشَّرْح فيكلمني وَقع فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق القعْنبِي عَن مَالك فيعلمني بِالْعينِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ تَصْحِيف فَإِنَّهُ فِي الْمُوَطَّأ رِوَايَة القعْنبِي بِالْكَاف فأعي مَا يَقُول زَاد أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه وَهُوَ أهونه عَليّ وَإِن جَبينه ليتفصد بِالْفَاءِ وتشدد الْمُهْملَة مَأْخُوذ من الفصد وَهُوَ قطع الْعرق لاسالة الدَّم شبه جَبينه بالعرق الْمَقْصُود مُبَالغَة فِي كَثْرَة الْعرق وصحفه الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن طَاهِر بِالْقَافِ فَرده عَلَيْهِ المؤتمن السَّاجِي وَابْن نَاصِر فكابر وأصر على الْقَاف عرقا نصب على التَّمْيِيز زَاد الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل فِي آخر الحَدِيث وَإِن كَانَ ليوحى إِلَيْهِ وَهُوَ على نَاقَته فَتضْرب بِجِرَانِهَا من ثقل مَا يُوحى إِلَيْهِ

[476] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ أنزلت عبس وَتَوَلَّى وَصله التِّرْمِذِيّ من طَرِيق سعد بن يحيى الْأمَوِي عَن أَبِيه عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي عبد الله بن أم مَكْتُوم اسْم أَبِيه زَائِدَة وَقيل قيس وَقيل شُرَيْح بن قيس بن زَائِدَة وَاسم أم مَكْتُوم عَاتِكَة رجل من عُظَمَاء الْمُشْركين فِي مُسْند أبي على من حَدِيث أنس انه أبي بن خلف وَفِي تَفْسِير بن جرير من حَدِيث بن عَبَّاس انه كَانَ يُنَاجِي عتبَة بن ربيعَة وَأَبا جهل بن هِشَام وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَمن مُرْسل قَتَادَة وَهُوَ يُنَاجِي أُميَّة بن خلف فأنزلت عبس وَتَوَلَّى زَاد أَبُو يعلى عَن أنس فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك يُكرمهُ وَأخرج بن جرير عَن بن زيد قَالَ كَانَ يُقَال لَو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتم من الْوَحْي شَيْئا كتم هَذَا عَن نَفسه [477] عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسير قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُرْسل إِلَّا انه مَحْمُول على الِاتِّصَال لِأَن أسلم رَوَاهُ عَن عمر وَقد رَوَاهُ جمَاعَة بِهَذَا الْمَعْنى عَن مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر مَوْصُولا قلت أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طرق عَن مَالك كَمَا فِي الْمُوَطَّأ على صُورَة الْإِرْسَال قَالَ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ هَذَا السِّيَاق صورته الْإِرْسَال لِأَن أسلم لم يدْرك زمَان هَذِه الْقِصَّة لكنه مَحْمُول على أَنه سَمعه من عمر بِدَلِيل قَوْله فِي أَثْنَائِهِ قَالَ عمر فحركت بَعِيري إِلَى آخِره وَقد جَاءَ من طَرِيق أُخْرَى سَمِعت عمر أخرجه الْبَزَّار من طَرِيق مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة عَن مَالك ثمَّ قَالَ لَا نعلم رَوَاهُ عَن مَالك هَكَذَا إِلَّا بن عَثْمَة وَابْن غَزوَان وَرِوَايَة بن غَزوَان أخرجهَا أَحْمد عَنهُ وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الغرايب من طَرِيق مُحَمَّد بن حَرْب وَيزِيد بن أبي حَكِيم وَإِسْحَاق الحنيني كلهم على الِاتِّصَال ثكلتك أمك بِكَسْر الْكَاف من الشكل وَهُوَ فقدان الْمَرْأَة وَلَدهَا دَعَا على نَفسه ندما على إلحاحه خوف غَضَبه وحرمان فَائِدَته قَالَ بن عبد الْبر وقلما أغضب عَالم إِلَّا حرمت فَائِدَته نزرت بزاي ثمَّ رَاء مخففا أَي ألححت عَلَيْهِ ويروى مشددا أَي أقللت كَلَامه إِذْ سَأَلته مَا لَا يحب أَن يُجيب عَنهُ فَمَا نشبت بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة ثمَّ مُوَحدَة سَاكِنة أَي لم أتعلق بِشَيْء غير مَا ذكرت

[478] عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة الثَّلَاثَة تابعيون يخرج فِيكُم قوم قَالَ الْبَاجِيّ ذكر بعض الْعلمَاء أَنهم بِهَذَا اللَّفْظ سموا الْخَوَارِج قَالَ وَأجْمع النَّاس على أَن الطَّائِفَة المرادة بذلك هم الْخَوَارِج الَّذين قَاتلهم عَليّ رَضِي الله عَنهُ تحقرون بِفَتْح أَوله أَي تستقلون يقرؤون الْقُرْآن وَلَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ جمع حنجرة وَهِي آخر الْحلق مِمَّا يَلِي الْفَم وَقيل أصل الصَّدْر عِنْد طرف الْحُلْقُوم وَالْمعْنَى أَن قراءتهم لَا يرفعها الله وَلَا يقبلهَا وَقيل لَا يعْملُونَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يثابون على قراءتهم فَلَا يحصل لَهُم إِلَّا سرده وَقَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد أَنه لَيْسَ لَهُم مِنْهُ حَظّ إِلَّا مروره على لسانهم لَا يصل إِلَى حُلُوقهمْ فضلا عَن أَن يصل إِلَى قُلُوبهم لِأَن الْمَطْلُوب تعقله وتدبره بِوُقُوعِهِ فِي الْقلب وَقَالَ بن رَشِيق الْمُغنِي لَا يَنْتَفِعُونَ بقرَاءَته كَمَا لَا ينْتَفع الْآكِل والشارب من الْمَأْكُول والمشروب إِلَّا بِمَا يُجَاوز حنجرته قَالَ وَكَانَ الْخَوَارِج بتكفيرهم النَّاس لَا يقبلُونَ خبر أحد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يعرفوا بذلك شَيْئا من سنَنه وَأَحْكَامه المبينة لمجمل الْقُرْآن عَن مراداته فِي خطابه يَمْرُقُونَ من الدّين قَالَ بن بطال المروق عِنْد أهل اللُّغَة الْخُرُوج وَقَالَ بن رَشِيق هُوَ الْخُرُوج السَّرِيع كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَهِي الطريدة من الصَّيْد فعيلة من الرَّمْي بِمَعْنى مفعولة دَخَلتهَا الْهَاء إِشَارَة إِلَى نقلهَا من الوصفية إِلَى الاسمية وَتنظر فِي الْقدح بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الدَّال وحاء مهملتين وَهُوَ خشب السهْم وتتمارى فِي الفوق بِضَم الْفَاء وَهُوَ مَوضِع الْوتر من السهْم أَي يتشكك هَل علق بِهِ شَيْء من الدَّم الْمَعْنى أَن هَؤُلَاءِ يخرجُون من الْإِسْلَام بَغْتَة كخروج السهْم إِذا رَمَاه رام قوي الساعد فَأصَاب مَا رَمَاه فنفذ مِنْهُ بِسُرْعَة بِحَيْثُ لَا يعلق بِالسَّهْمِ وَلَا بِشَيْء مِنْهُ من المرمى شَيْء فَإِذا التمس الرَّامِي سَهْمه لم يجده علق بِشَيْء من الدَّم وَلَا غَيره وَفِي رِوَايَة بن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ سيخرج قوم من الْإِسْلَام خُرُوج السهْم من الرَّمية عرضت للرِّجَال فرموها فأغرق سهم أحدهم مِنْهَا فَخرج فَأَتَاهُ فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ لم يتَعَلَّق بنصله من الدَّم شَيْء ثمَّ نظر إِلَى الْقدح الحَدِيث [479] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الله بن عمر مكث على سُورَة الْبَقَرَة ثَمَانِي سِنِين يتعلمها وَصله بن سعد فِي طبقاته عَن عبد الله بن جَعْفَر عَن أبي الْمليح عَن مَيْمُون أَن بن عمر تعلم سُورَة الْبَقَرَة فِي أَربع سِنِين قَالَ الْبَاجِيّ لَيْسَ ذَلِك لبطء حفظه معَاذ الله بل لِأَنَّهُ كَانَ يتَعَلَّم فرائضها وأحكامها وَمَا يتَعَلَّق بهَا وَأخرج الْخَطِيب فِي رِوَايَة مَالك عَن بن عمر قَالَ تعلم عمر الْبَقَرَة فِي اثْنَتَيْ عشرَة سنة فملا خَتمهَا نحر جزورا

[480] عَن عبد الله بن يزِيد مولى الْأسود بن سُفْيَان عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف فِيهِ عَن مَالك إِلَّا أَن رجلا من أهل الْإسْكَنْدَريَّة رَوَاهُ عَن بن بكير عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ وَعبد الله بن يزِيد جَمِيعًا عَن أبي سَلمَة وَذكر الزُّهْرِيّ فِيهِ خطأ عَن مَالك لَا يَصح

[485] عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي صعصعة عَن أَبِيه قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن مَالك فَقَالُوا عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أخرجه النَّسَائِيّ والإسماعيلي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالُوا ان الصَّوَاب الأول أَنه سمع رجلا يقْرَأ هُوَ قَتَادَة بن النُّعْمَان أَخُو أبي سعد لأمه كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة فِي مُسْند أَحْمد يتقالها بتَشْديد اللَّام أَي يعْتَقد انها قَليلَة إِنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن ذهب جمَاعَة إِلَّا أَن هَذَا وَنَحْوه من الْمُتَشَابه الَّذِي لَا يدْرِي تَأْوِيله وَإِلَى ذَلِك نحا أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وإياه أخْتَار قَالَ بن عبد الْبر السُّكُوت فِي هَذِه المسئلة أفضل من الْكَلَام وَأسلم [486] عَن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الْخطاب الحَدِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ فِيهِ حسن صَحِيح غ لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مَالك وَقَالَ بن عبد الْبر عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن هُوَ بن السَّائِب بن عُمَيْر مدنِي ثِقَة وَقَالَ فِيهِ القعْنبِي ومطرف عبد الله وَالصَّوَاب الأول وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَالزُّبَيْر بن بكار فِي عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العَاصِي [487] عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه أخبرهُ أَن قل هُوَ الله أحد تعدل ثلث الْقُرْآن وَإِن تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك تجَادل عَن صَاحبهَا قَالَ بن عبد الْبر حميد تَابِعِيّ أحد الثِّقَات الاثبات ومث لهَذَا لَا يُؤْخَذ بِالرَّأْيِ وَلَا بُد أَن يكون توقيفا وَقد تقدّمت الْجُمْلَة الأولى فِي حَدِيث أبي سعيد واما الثَّانِيَة فَأخْرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة فِي الْقُرْآن خَاصَمت عَن صَاحبهَا حَتَّى أدخلته الْجنَّة تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك وَأخرج أَحْمد وَالْأَرْبَعَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن سُورَة من كتاب الله مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَة شفعت لرجل حَتَّى غفر لَهُ تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن بن عَبَّاس أَنه قَالَ لرجل اقْرَأ تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك فانها المنجية والمجادلة تجَادل يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَبهَا لِقَارِئِهَا وتطلب لَهُ أَن ينجيه من عَذَاب النَّار وينجو بهَا صَاحبهَا من عَذَاب الْقَبْر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوَدِدْت أَنَّهَا فِي قلب كل إنسا من أمتِي وَأخرج سعد بن مَنْصُور عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ كَانَ يُقَال إِن من الْقُرْآن سُورَة تجَادل عَن صَاحبهَا فِي الْقَبْر تكون ثَلَاثِينَ آيَة فنظروا فوجدوها تبَارك وَفِيه أَحَادِيث أخر سقتها فِي التَّفْسِير الْمَأْثُور وَعرف من مجموعها أَنَّهَا تجَادل عَنهُ فِي الْقَبْر وَفِي الْقِيَامَة مَعًا لتدفع عَنهُ الْعَذَاب وتدخله الْجنَّة

[488] كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب قَالَ الْبَاجِيّ مَعْنَاهُ أَن ثَوَابهَا عتق عشر رِقَاب إِلَّا أحد عمل أَكثر من ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِئَلَّا يظنّ السَّامع أَن الزِّيَادَة على ذَلِك مَمْنُوعَة كتكرار الْعَمَل فِي الْوضُوء [489] حطت عَنهُ خطاياه قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَن يكون فِي ذَلِك كَفَّارَة لَهُ كَقَوْلِه تَعَالَى إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [490] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ من سبح دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ الحَدِيث مَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ وَمثله لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وو مَرْفُوع صَحِيح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وُجُوه كثير ثَابِتَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن عَمْرو وَكَعب بن عجْرَة وَغَيرهم

[492] عَن زِيَاد بن أبي زِيَاد قَالَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء إِلَّا أخْبركُم بِخَير أَعمالكُم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر قد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مُسْندًا من طرق جَيِّدَة عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق عبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد عَن زِيَاد مولى بن عَبَّاس عَن أبي بحريّة عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا بِهِ وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث بن عمر مَرْفُوعا أَيْضا قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله ذكر الله يحْتَمل ذكره بِاللِّسَانِ وَذكره بِالْقَلْبِ وَهُوَ ذكره عِنْد الْأَوَامِر بامتثالها وَعند الْمعاصِي باجتنابها قَالَ زِيَاد بن أبي زِيَاد قَالَ معَاذ بن جبل مَا عمل بن آدم من عمل أنجى لَهُ من عَذَاب الله من ذكر الله أخرجه بن عبد الْبر من طَرِيق طَاوس بن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا وَأخرجه بن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن غنم عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا قَالَ الْبَاجِيّ وَهُوَ يحْتَمل الذكرين الْمشَار إِلَيْهِمَا آنِفا [493] قَالَ رجل وَرَاءه قَالَ بن بشكوال هُوَ رِفَاعَة بن رَافع رَاوِي الحَدِيث كَمَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَكَثِيرًا مَا يَقع فِي الْأَحَادِيث إِبْهَام اسْم وَهُوَ راويها وَذَلِكَ إِمَّا مِنْهُ لقصد إخفاء عمله أَو من بعض الروَاة تَصرفا مِنْهُ ونسيانا رَبنَا وَلَك الْحَمد حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ زَاد النَّسَائِيّ كَمَا يحب رَبنَا ويرضى من الْمُتَكَلّم آنِفا يَعْنِي قبل هَذَا وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِيمَا يقرب أَيهمْ يكتبهن بِرَفْع أَي الاستفهامية مُبْتَدأ وَمَا بعده خبر وَقَبله يَقُول مُقَدرا على حد قَوْله تَعَالَى يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ أول رُوِيَ بِالضَّمِّ على الْبناء لقطعه عَن الْإِضَافَة وَبِالنَّصبِ على الْحَال [494] عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا روى هَذَا الحَدِيث جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك بهدا الْإِسْنَاد وَرَوَاهُ غير وَاحِد عَن أبي الزِّنَاد وَرَوَاهُ بن وهب عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ غَرِيب لكل نَبِي دَعْوَة أَي وعد الْإِجَابَة فِيهَا قطعا بِخِلَاف سَائِر دعواتهم فانهم دعوا بهَا على رَجَاء الْإِجَابَة من غير يَقِين وَلَا وعد [495] عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو فَيَقُول اللَّهُمَّ فالق الاصباح الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم تخْتَلف الروَاة عَن مَالك فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَلَا فِي مَتنه وَقد رَوَاهُ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن يحيى بن سعيد عَن مُسلم بن يسَار قَالَ كَانَ من دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره ذكره بن أبي شيبَة عَن أبي خَالِد قَالَ الْبَاجِيّ وَمعنى فالق الاصباح أَي خلقه وابتدأه وأظهره وجاعل اللَّيْل سكنا أَي يسكن فِيهِ وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا أَي يحْسب بهما الْأَيَّام والشهور والأعوام قَالَ وَقَوله فِي سَبِيلك يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ جِهَاد الْعَدو وَإِن يُرِيد سَائِر أَعمال الْبر من تَبْلِيغ الرسَالَة وَغَيرهَا فَإِن ذَلِك كُله فِي سَبِيل الله تَعَالَى [496] ليعزم المسئلة أَي يعري دعاءه وسؤاله من لفظ الْمَشِيئَة

[497] يُسْتَجَاب لأحدكم قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل الاخبار عَن وجوب وُقُوع الْإِجَابَة وَعَن جَوَاز وُقُوعهَا [498] عَن بن شهَاب عَن أبي عبد الله الْأَغَر وَعَن أبي سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر من رَوَاهُ الْمُوَطَّأ من لَا يذكر أَبَا سَلمَة قَالَ والْحَدِيث مَنْقُول من طرق متواترة ووجوه كَثِيرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى كل لَيْلَة هَذَا من الْمُتَشَابه الَّذِي يسكت عَن الْخَوْض فِيهِ وَإِن كَانَ لابد فَأولى مَا يُقَال فِيهِ مَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ إِن الله يُمْهل حَتَّى يمْضِي شطر اللَّيْل ثمَّ يَأْمر مناديا يَقُول هَل من دَاع فيستجاب لَهُ فَالْمُرَاد إِذن نزُول أمره أَو الْملك بأَمْره وَذكر بن فورك أَن بعض الْمَشَايِخ ضَبطه ينزل بِضَم أَوله على حذف الْمَفْعُول أَي ينزل ملكا قَالَ الْبَاجِيّ وَفِي الْعُتْبِيَّة سَأَلت مَالِكًا عَن الحَدِيث الَّذِي جَاءَ فِي جَنَازَة سعد بن معَاذ فِي الْعَرْش فَقَالَ لَا تتحدثن بِهِ وَمَا يَدْعُو الْإِنْسَان إِلَى أَن يحدث بِهِ وَهُوَ يرى مَا فِيهِ من التَّغْرِير وَحَدِيث إِن الله خلق آدم على صورته وَحَدِيث السَّاق قَالَ بن الْقَاسِم لَا يَنْبَغِي لمن يَتَّقِي الله أَن يحدث بِمثل هَذَا قيل لَهُ والْحَدِيث الَّذِي جَاءَ أَن الله تَعَالَى ضحك فَلم يره من هَذَا وَأَجَازَهُ وَكَذَلِكَ حَدِيث التَّنْزِيل قَالَ وَيحْتَمل أَن يفرق بَينهمَا من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن حَدِيث التَّنْزِيل والضحك أَحَادِيث صِحَاح لم يطعن فِي شَيْء مِنْهَا وَحَدِيث اهتزاز الْعَرْش وَالصُّورَة والساق لَيست أسانيدها تبلغ فِي الصِّحَّة دَرَجَة حَدِيث التَّنْزِيل وَالثَّانِي أَن التَّأْوِيل فِي حَدِيث التَّنْزِيل أقرب وَأبين والعذر بِسوء التَّأْوِيل فِيهَا أبعد انْتهى حَتَّى يبْقى ثلث اللَّيْل الآخر بِرَفْع الآخر صفة ثلث من يدعوني فاستجيب لَهُ إِلَى أَخّرهُ هُوَ بِنصب الْأَفْعَال المقترنة بِالْفَاءِ [499] عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ أَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك فِي إرْسَاله وَهُوَ مُسْند من حَدِيث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة وَمن حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة من طرق صِحَاح ثَابِتَة قلت طَرِيق الْأَعْرَج أخرجهَا مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق عبد الله بن عمر عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة بِهِ لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك قَالَ بن عبد الْبر روينَا عَن مَالك أَنه قَالَ فِيهِ يَقُول وَإِن اجتهدت فِي الثَّنَاء عَلَيْك فَلَنْ أحصي نعمك ومننك وإحسانك

[500] عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَلَا أحفظه بِهَذَا الْإِسْنَاد مُسْندًا من وَجه يحْتَج بِهِ وَقد جَاءَ مُسْندًا من حَدِيث عَليّ وَابْن عَمْرو قلت وَأبي هُرَيْرَة أخرجه هُوَ وَحَدِيث بن عمر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأخرج حَدِيث عَليّ بن أبي شيبَة وَبَقِي بن مخلد والجندي فِي فَضَائِل مَكَّة أفضل الدُّعَاء دُعَاء يَوْم عَرَفَة قَالَ الْبَاجِيّ أَي أعظمه ثَوابًا وأقربه إِجَابَة وَأفضل مَا قلت أَنا والنبيون من قبلي لفظ حَدِيث عَليّ أَكثر دعائي وَدُعَاء الْأَنْبِيَاء قبلي بِعَرَفَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ زَاد فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَكَذَا فِي حَدِيث عَليّ لَكِن لَيْسَ فِيهِ بِيَدِهِ الْخَيْر وَفِي حَدِيث بن عَمْرو لَكِن لَيْسَ فِيهِ يحيى وَيُمِيت وَفِيه بِيَدِهِ الْخَيْر [501] الْمَسِيح الدَّجَّال بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْمُهْملَة الْخَفِيفَة آخِره حاء مُهْملَة سمي بذلك لِأَنَّهُ مَمْسُوح الْعين الْيُمْنَى من فتْنَة الْمحيا هِيَ مَا يعرض للْإنْسَان مُدَّة حَيَاته من الافتنان بالدنيا والشهوات والجهالات وَأَعْظَمهَا وَالْعِيَاذ بِاللَّه من أَمر الخاتمة عِنْد الْمَوْت وَالْمَمَات قَالَ الْبَاجِيّ هِيَ فتْنَة الْقَبْر

[502] أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء مَعْنَاهُ منورهما أَي خَالق نورهما وَقَالَ أَبُو عبيد مَعْنَاهُ بنورك يَهْتَدِي أهل السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَقيل مَعْنَاهُ مدير شمسها وقمرها ونجومها قيام السَّمَاوَات وَالْأَرْض هُوَ بِمَعْنى القيوم أَي الَّذِي لَا يَزُول والقائم على كل شَيْء أَي المدير أَمر خلقه رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض هُوَ بِمَعْنى السَّيِّد المطاع والمصلح وَالْمَالِك أَنْت الْحق أَي المتحقق وجوده وَوَعدك الْحق إِلَى آخِره أَي كُله مُتَحَقق لَا شكّ فِيهِ ولقاؤك حق المُرَاد بِهِ الْبَعْث على الصَّوَاب وَقيل الْمَوْت قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ بَاطِل هُنَا لَك أسلمت أَي استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك وَبِك آمَنت أَي صدقت بك وَبِكُل مَا أخْبرت وامرت ونهيت وَإِلَيْك أنبت أَي أَطَعْت وَرجعت إِلَى عبادتك أَي أَقبلت عَلَيْهَا وَقيل مَعْنَاهُ رجعت إِلَيْك فِي تدبيري أَي فوضت غليك وَبِك خَاصَمت أَي مَا أَعْطَيْتنِي من الْبَرَاهِين وَالْقُوَّة خَاصَمت من عاند فِيك وَكفر بك وقمعته بِالْحجَّةِ وَالسيف وَإِلَيْك حاكمت أَي كل من جحد الْحق حاكمته إِلَيْك وجعلتك الْحَاكِم بيني وبيه لَا غَيْرك مِمَّا كَانَت تحاكم اليه الْجَاهِلِيَّة وَغَيرهم من صنم وكاهن ونار وَشَيْطَان فَأغْفِر لي مَا قدمت إِلَى آخِره قَالَ ذَلِك مَعَ عصمته تواضعا وخضوعا وإشفاقا وإجلالا وليقتدى بِهِ فِي أصل الدُّعَاء والخضوع وَحسن التضرع [503] عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك أَنه قَالَ جَاءَنَا عبد الله بن عمر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى وَطَائِفَة لم يجْعَلُوا بَين عبد الله شيخ مَالك وَبَين بن عمر أحدا وَمِنْهُم من قَالَ عَن مَالك عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك عَن عتِيك بن الْحَارِث بن عتِيك قَالَ جَاءَنَا عبد الله بن عمر وَهِي رِوَايَة بن الْقَاسِم وَمِنْهُم من قَالَ مَالك عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك عَن جَابر بن عتِيك قَالَ جَاءَنَا بن عمر وَهِي رِوَايَة القعْنبِي ومطرف قَالَ وَرِوَايَة يحيى أولى بِالصَّوَابِ إِن شَاءَ الله بِأَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم أَي من غير الْمُؤمنِينَ وَلَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ أَي بِالْمحل والجدب والجوع بِأَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم أَي الْحَرْب والفتن وَالِاخْتِلَاف الْهَرج بِسُكُون الرَّاء الْقَتْل [504] عَن زيد بن أسلم أَنه كَانَ يَقُول مَا من دَاع يَدْعُو إِلَّا كَانَ بَين إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن يُسْتَجَاب لَهُ وَإِمَّا أَن يدّخر لَهُ وَإِمَّا أَن يكفر عَنهُ قَالَ بن عبد الْبر مثل هَذَا يَسْتَحِيل أَن يكون رَأيا واجتهادا وانما هُوَ تَوْقِيف وَهُوَ خبر مَحْفُوظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أخرج من حَدِيث جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دُعَاء الْمُسلم بَين إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن يُعْطي مَسْأَلته الَّتِي سَأَلَ أَو يرفع بهَا دَرَجَة أَو يحط بهَا عَنهُ خَطِيئَة مَا لم يدع بقطيعة رحم ومأثم أَو يستعجل قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مخرج فِي التَّفْسِير الْمسند لقَوْل الله تَعَالَى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [505] عَن عبد الله بن دِينَار قَالَ رَآنِي عبد الله بن عمر وَأَنا أَدْعُو وأشير بأصبعين أصْبع من كل يَد فنهاني قَالَ فِي الاستذكار هَذَا مَأْخُوذ من فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ مر بِسَعْد وَهُوَ يَدْعُو وَيُشِير بِأُصْبُعِهِ فَنَهَاهُ قَالَ الْبَاجِيّ الْوَاجِب ان يكون الدُّعَاء باليدين وبسطهما على معنى التضرع وَالرَّغْبَة

[506] أَن سعيد بن الْمسيب كَانَ يَقُول إِن الرجل ليرْفَع بِدُعَاء وَلَده من بعده وَقَالَ بيدَيْهِ أَي أَشَارَ نَحْو السَّمَاء فرفعهما قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يدْرك بِالرَّأْيِ وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد جيد مَرْفُوعا ثمَّ أخرج من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمُؤمن ليرْفَع لَهُ الدرجَة فِي الْجنَّة فَيَقُول يَا رب بِمَ هَذَا فَيُقَال لَهُ بِدُعَاء ولدك من عَبدك [507] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة وَلَا تجْهر بصلاتك الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ من طَرِيق ملك بن سعيد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة [508] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو فَيَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ طَائِفَة من رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عبد الله بن يُوسُف التنيسِي وَهُوَ حَدِيث صَحِيح ثَابت من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عايش وَابْن عَبَّاس وثوبان وَأبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ [509] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من دَاع يَدْعُو إِلَى هدي الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث يسند عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طرق شَتَّى من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَجَرِير وَغَيرهمَا ثمَّ أخرج من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دَعَا إِلَى هدى كَانَ لَهُ من الْأجر مثل من تبعه لَا ينقص ذَلِك من أُجُورهم شَيْئا وَمن دَعَا إِلَى ضَلَالَة كَانَ عَلَيْهِ من الْإِثْم مثل آثام من تبعه لَا ينقص ذَلِك من آثامهم شَيْئا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث أبلغ شَيْء فِي فضل تَعْلِيم الْعلم الْيَوْم والدعا إِلَيْهِ وَإِلَى جَمِيع سبل الْخَيْر وَالْبر [510] اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أَئِمَّة الْمُتَّقِينَ اقْتدى فِي هَذَا الدُّعَاء بقوله تَعَالَى وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً وثمرته أَن لَهُ مثل أجر من اقْتدى بِهِ [511] وَغَارَتْ النُّجُوم أَي غربت

[512] عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله الصنَابحِي قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ جُمْهُور الروَاة عَن مَالك وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم مطرف وَإِسْحَاق بن عِيسَى الطباع عَن عَطاء عَن أبي عبد الله الصنَابحِي قَالَ وَهُوَ الصَّوَاب وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن عسيلة تَابِعِيّ ثِقَة لَيست لَهُ صُحْبَة قَالَ وروى زُهَيْر بن مُحَمَّد هَذَا الحَدِيث عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء عَن عبد الله الصنَابحِي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ خطأ والصنابحي لم يلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزُهَيْر لَا يحْتَج بحَديثه إِن الشَّمْس تطلع وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان قَالَ الْخطابِيّ اخْتلفُوا فِي تَأْوِيل هَذَا الْكَلَام فَقيل مَعْنَاهُ مُقَارنَة الشَّيْطَان للشمس عِنْد دنوها للطلوع والغروب ويوضحه قَوْله فَإِذا ارْتَفَعت فَارقهَا إِلَى آخِره فَحرمت الصَّلَاة فِي هَذِه الْأَوْقَات لذَلِك وَقيل معنى قرن الشَّيْطَان قوته من قَوْلك أَنا مقرن لهَذَا الْأَمر أَي مطبق لَهُ قوي عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَن الشَّيْطَان انما يقوى أمره فِي هَذِه الْأَوْقَات لِأَنَّهُ يسول لعبدة الشَّمْس ان يسجدوا لَهَا فِي هَذِه الْأَوْقَات وَقيل قرنه حزبه وَأَصْحَابه الَّذين يعْبدُونَ الشَّمْس وَقيل ان الشَّيْطَان يُقَابل الشَّمْس عِنْد طُلُوعهَا وينتصب دونهَا حَتَّى يكون طُلُوعهَا بَين قرنيه وهما جانبا رَأسه فينقلب سُجُود الْكفَّار للشمس عبَادَة لَهُ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض معنى قَرْني الشَّيْطَان هُنَا يحْتَمل الْحَقِيقَة وَالْمجَاز والى الْحَقِيقَة ذهب الدَّاودِيّ وَغَيره وَلَا بعد فِيهِ وَقد جَاءَت آثَار مصرحة بغروبها على قَرْني الشَّيْطَان وَأَنَّهَا تُرِيدُ عِنْد الْغُرُوب للسُّجُود لله فَيَأْتِي شَيْطَان يصدها فتغرب بَين قرنيه ويحرقه الله وَقيل مَعْنَاهُ الْمجَاز والاتساع وَإِن قَرْني الشَّيْطَان أَو قرنه الْأمة الَّتِي تعبد الشَّمْس وَتُطِيعهُ فِي الْكفْر بِاللَّه وَأَنَّهَا لما كَانَت تسْجد لَهَا وَيُصلي من يَعْبُدهَا من الْكفَّار حِينَئِذٍ نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّشَبُّه بهم قلت صحّح النَّوَوِيّ حمله على الْحَقِيقَة [513] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق يحيى الْقطَّان عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن بن عمر حَاجِب الشَّمْس أَي طرف قرصها قَالَ الْجَوْهَرِي حواجب الشَّمْس نَوَاحِيهَا حَتَّى تبرز لفظ البُخَارِيّ حَتَّى ترْتَفع [514] فَنقرَ أَرْبعا أَي أسْرع الْحَرَكَة فِيهَا كنقر الطَّائِر

كتاب الجنائز

[515] لَا يتحر أحدكُم كَذَا وَقع بِلَفْظ الْخَبَر قَالَ السُّهيْلي يجوز الْخَبَر عَن مُسْتَقر أَمر الشَّرْع أَي لَا يكون إِلَّا هدا وَقَالَ الْعِرَاقِيّ يحْتَمل ان يكون نهيا وَإِثْبَات الْألف إشباع فَيصَلي بِالنّصب فِي جَوَاب النَّفْي أَو السَّعْي قَالَ بن خروف وَيجوز فِيهِ الْجَزْم على الْعَطف وَالرَّفْع على الْقطع أَي لَا يتحَرَّى فَهُوَ يُصَلِّي وَفِي رِوَايَة القعْنبِي لَا يتحَرَّى أَن يُصَلِّي وَمَعْنَاهُ لَا يتحَرَّى الصَّلَاة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الْمَنْع من النَّافِلَة فِي هَذَا الْوَقْت أَو الْمَنْع من تَأْخِير الْفَرْض إِلَيْهِ (كتاب الْجَنَائِز) [519] عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غسل فِي قَمِيص قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ رُوَاة الْمُوَطَّأ مُرْسلا إِلَّا سعيد بن عفير فَإِنَّهُ قَالَ عَن مَالك عَن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ وَهُوَ حَدِيث مَشْهُور عِنْد الْعلمَاء وَأهل السّير والمغازي قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك خَاصّا بِهِ لِأَن السّنة عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَالْجُمْهُور أَن يجرد الْمَيِّت وَلَا يغسل فِي قَمِيصه

[520] عَن أم عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة قَالَت دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفيت ابْنَته الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث أصل السّنة فِي غسل الْمَوْتَى لَيْسَ يرْوى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث أم مِنْهُ وَلَا أصح وَعَلِيهِ عول الْعلمَاء فِي ذَلِك وَقَالَ أهل السّير إِن ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي سهدت أم عَطِيَّة غسلهَا هِيَ أم كُلْثُوم قَالَ وكل من روى هَذَا الحَدِيث من رُوَاة الْمُوَطَّأ يَقُولُونَ فِيهِ بعد قَوْله أَو أَكثر من ذَلِك إِن رأيتن ذَلِك وَسَقَطت هَذِه الْجُمْلَة ليحيى وَقَالَ النَّوَوِيّ قَوْله إِن رأيتن ذَلِك هُوَ بِكَسْر الْكَاف خطابا لأم عَطِيَّة وَمَعْنَاهُ إِن احتجتن إِلَى ذَلِك وَلَيْسَ مَعْنَاهُ التَّخْيِير وتفويض ذَلِك إِلَى شهوتهن وَكَانَت أم عَطِيَّة غاسلة للبنات وَكَانَت من فاضلات الصحابيات وَاسْمهَا نسيبة بِضَم النُّون وَقيل بِفَتْحِهَا وَأما بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الَّتِي غسلتها رَضِي الله عَنْهَا فَهِيَ زَيْنَب هَكَذَا قَالَه الْجُمْهُور وَقَالَ بعض أهل السّير إِنَّهَا أم كُلْثُوم وَالصَّوَاب زَيْنَب كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة مُسلم انْتهى حقوه بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا لُغَتَانِ فسر فِي الْمُوَطَّأ بالإزار قَالَ النَّوَوِيّ وأصل الحقو معقد الْإِزَار وَسمي بِهِ الْإِزَار مجَازًا لِأَنَّهُ يشد فِيهِ أشعرنها إِيَّاه أَي اجعلنه شعارا لَهَا وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد وَالْحكمَة فِي إشعارها لَهُ التَّبَرُّك قَالَه النَّوَوِيّ [523] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفن فِي ثَلَاثَة أثوب بيض قَالَ بن عبد الْبر هَذَا أثبت حَدِيث يرْوى فِي كفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سحُولِيَّة قَالَ النَّوَوِيّ بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَالْفَتْح أشهر وَهُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين قَالَ بن الْأَعرَابِي وَغَيره هِيَ ثِيَاب بيض نقية لَا تكون إِلَّا من الْقطن وَقَالَ بن قُتَيْبَة ثِيَاب بيض وَلم يَخُصهَا بالقطن وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ منسوبة إِلَى سحول مَدِينَة بِالْيمن يحمل مِنْهَا هَذِه الثِّيَاب لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة قَالَ النَّوَوِيّ أَي كفن فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب غرهما وَلم يكن مَعَ الثَّلَاثَة شَيْء آخر هَكَذَا فسره الشَّافِعِي وَجُمْهُور الْعلمَاء وَهُوَ الصَّوَاب الذ يَقْتَضِيهِ ظَاهر الحَدِيث قَالُوا وَيسْتَحب أَن لَا يكون فِي الْكَفَن قَمِيص وَلَا عِمَامَة وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة يسْتَحبّ قَمِيص وعمامة وتأولوا الحَدِيث على أَن مَعْنَاهُ لَيْسَ الْقَمِيص والعمامة من جملَة الثَّلَاثَة وَإِنَّمَا هما زائدتان عَلَيْهَا

[524] أَصَابَهُ مشق بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الْمغرَة قَالَ فِي النِّهَايَة للمهلة قَالَ الْبَاجِيّ رَوَاهُ يحيى بِكَسْر الْمِيم ويروى بِالضَّمِّ وَهِي الصديد والقيح وَقَالَ فِي النِّهَايَة يرْوى بِضَم الْمِيم وَكسرهَا وَهِي الْقَيْح والصديد الَّذِي يذوب فيسيل من الْجَسَد وَمِنْه قيل للنحاس الذائب مهل [525] عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن العَاصِي كَذَا رَوَاهُ يحيى وَهُوَ وهم وَصَوَابه عَن عبد الله بن عَمْرو

[526] عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ مُرْسل عِنْد رُوَاته وَقد وَصله عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه جمَاعَة مِنْهُم يحيى بن صَالح الوحاظي وَعبد الله بن عون وحاتم بن سَالم الْقَزاز وَوَصله أَيْضا كَذَلِك جمَاعَة ثِقَات من أَصْحَاب بن شهَاب مِنْهُم بن عُيَيْنَة وَمعمر وَيحيى بن سعيد ومُوسَى بن عقبَة وَابْن أخي بن شهَاب وزايد بن سعد وعباس بن الْحسن الْحَرَّانِي على اخْتِلَاف عَن بَعضهم ثمَّ أسْند رواياتهم قلت رِوَايَة بن عُيَيْنَة أخرجهَا أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عقب إخْرَاجهَا هَكَذَا رَوَاهُ غير وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وروى معمر وَيُونُس بن يزِيد وَمَالك وَغَيرهم من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل الحَدِيث يرَوْنَ أَن الْمُرْسل أصح قَالَ بن الْمُبَارك حَدِيث الزُّهْرِيّ فِي هَذَا مُرْسل أصح من حَدِيث بن عُيَيْنَة وَقَالَ النَّسَائِيّ عقب إِخْرَاجه هَذَا خطأ وَالصَّوَاب مُرْسل قَالَ بن الْمُبَارك الْحفاظ عَن بن شهَاب ثَلَاثَة مَالك وَمعمر وَابْن عُيَيْنَة فَإِذا اتّفق اثْنَان على شَيْء وَخَالَفَهُمَا الآخر تركنَا قَول الآخر وَالْخُلَفَاء هَلُمَّ جرا قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام هَذَا كَلَام مُسْتَعْمل فِي الْعرف كثيرا وَذكره الْجَوْهَرِي فِي صحاحه فَقَالَ تَقول كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جرا إِلَى الْيَوْم وَفِي الْعباب للصغاني مثله وَقَالَ بن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الزَّاهِر معنى هَلُمَّ جرا سِيرُوا على هيئتكم أَي تثبتوا فِي سيركم وَلَا تجهدوا أَنفسكُم قَالَ وَهُوَ مَأْخُوذ من الْجَرّ وَهُوَ أَن تنزل الْإِبِل وَالْغنم ترعى فِي السّير قَالَ وَفِي انتصاب جرا ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن يكون مصدرا وضع مَوضِع الْحَال وَالتَّقْدِير هَلُمَّ جارين أَي متثبتين الثَّانِي أَن يكون على الْمصدر لِأَن فِي هَلُمَّ معنى جر فَكَأَنَّهُ قيل جروا جرا وَقَالَ بعض النَّحْوِيين جرا نصب على التَّمْيِيز وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وهلم جرا مَعْنَاهُ تعال على هيئتك وانتصاب جرا على أَنه مصدر فِي مَوضِع الْحَال أَي جارين قَالَه البصريون وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ مصدر لِأَن معنى هَلُمَّ جر وَقيل انتصب على التَّمْيِيز وَأول من قَالَه عَابِد بن زيد قَالَ فَإِن جَاوَزت مغْفرَة رمت بِي إِلَى أُخْرَى كتلك هَلُمَّ جرا قَالَ بن هِشَام وَبعد فعندي توقف فِي كَون هَذَا التَّرْكِيب عَرَبيا مَحْضا وَالَّذِي رَابَنِي مِنْهُ أُمُور الأول أَن إِجْمَاع النَّحْوِيين واللغويين مُنْعَقد على أَن لهلم مَعْنيين أَحدهمَا تعال فَتكون قَاصِرَة كَقَوْلِه تَعَالَى هَلُمَّ إِلَيْنَا أَي تَعَالَوْا إِلَيْنَا وَالْآخر أحضر فَتكون متعدية كَقَوْلِه تَعَالَى هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ أَي أحضروهم وَلَا مساغ لأحد الْمَعْنيين هُنَا الثَّانِي أَن إِجْمَاعهم مُنْعَقد على أَن فِيهَا لغتين حجازية وَهِي الْتِزَام استتارها ضميرها فَتكون اسْم فعل وتميمية وَهِي أَن يتَّصل بهَا ضمائر الرّفْع البارزة فَتكون فعلا وَلَا نَعْرِف لَهَا موضعا أَجمعُوا فِيهِ على الْتِزَام كَونهَا سَام فعل وَلم يق أحد أَنه سمع هلما جرا وَلَا هلموا جرا وَلَا هَلُمِّي جرا الثَّالِث أَن تخَالف الجملتين المتعاطفتين بِالطَّلَبِ وَالْخَبَر مُمْتَنع أَو ضَعِيف وَهُوَ لَازم هُنَا إِذا قلت كَانَ ذَلِك عَام أول وهلم جرا الرَّابِع أَن أَئِمَّة اللُّغَة الْمُعْتَمد عَلَيْهِم لم يتَعَرَّضُوا لهَذَا التَّرْكِيب حَتَّى صَاحب الْمُحكم مَعَ كَثْرَة استيعابه وتتبعه وَإِنَّمَا ذكره صَاحب الصِّحَاح وَقد قَالَ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح فِي شرح مشكلات الْوَسِيط أَنه لَا يقبل مَا تفرد بِهِ وَكَانَ ذَلِك على مَا ذكره فِي أول كِتَابه من انه ينْقل عَن الْعَرَب الَّذين سمع مِنْهُم فَإِن زَمَانه كَانَت اللُّغَة فِيهِ قد فَسدتْ واما صَاحب الْعباب فَإِنَّهُ قلد صَاحب الصِّحَاح فنسخ كَلَامه وَأما بن الْأَنْبَارِي فَلَيْسَ كِتَابه مَوْضُوعا لتفسير الْأَلْفَاظ المسموعة من الْعَرَب بل وَضعه للْكَلَام على مَا يجْرِي فِي محاورات النَّاس وَقد يكون تَفْسِيره على تَقْدِير ان يكون عَرَبيا فَإِنَّهُ لم يُصَرح بِأَنَّهُ عَرَبِيّ وَلذَلِك لَا أعلم أحدا من النُّحَاة تكلم عَلَيْهَا غَيره ولخص أَبُو حَيَّان أَشْيَاء من كَلَامه فَوَهم فِيهِ لِأَنَّهُ ذكر أَن الْكُوفِيّين قَالُوا ان جرا مصدر والبصريين قَالُوا إِنَّه حَال وَهَذَا يَقْتَضِي أَن الْفَرِيقَيْنِ تكلمُوا فِي إِعْرَاب ذَلِك وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا قَالَ بن الْأَنْبَارِي ان قِيَاس إعرابه على قَوَاعِد الْبَصرِيين أَن يُقَال إِنَّه حَال وعَلى قَوَاعِد الْكُوفِيّين أَن يُقَال إِنَّه مصدر هَذَا معنى كَلَامه وَهَذَا هُوَ الَّذِي فهمه أَبُو الْقَاسِم الزجاجي ورد عَلَيْهِ فَقَالَ البصريون لَا يوجبون فِي نَحْو ركضا من قَوْلك جَاءَ زيد ركضا ان يكون مَفْعُولا مُطلقًا بل يجيزون ان يكون التَّقْدِير جَاءَ زيد يرْكض ركضا فَكَذَلِك يجوز على قِيَاس قَوْلهم ان يكون التَّقْدِير هَلُمَّ يجر جرا انْتهى قَول بن الْأَنْبَارِي مَعْنَاهُ سِيرُوا على هيئتكم إِلَى آخِره معترض من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن فِيهِ إِثْبَات معنى لهلم لم يُثبتهُ لَهَا أحد وَالثَّانِي أَن هَذَا التَّفْسِير لَا ينطبق على المُرَاد بِهَذَا التَّرْكِيب فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُرَاد بِهِ اسْتِمْرَار مَا ذكر قبله من الحكم فَلهَذَا قَالَ صَاحب الصِّحَاح وهلم جرا إِلَى الْيَوْم ثمَّ قَالَ بن هِشَام وَالَّذِي ظهر لنا فِي تَوْجِيه هَذَا الْكَلَام بِتَقْدِير كَونه عَرَبيا أَن هَلُمَّ هَذِه هِيَ القاصرة الَّتِي بِمَعْنى ائْتِ وتعال إِلَّا أَن فِيهَا تجويزين أَحدهمَا أَنه لَيْسَ المُرَاد بالإتيان هُنَا الْمَجِيء الْحسي بل الِاسْتِمْرَار على الشَّيْء والمداومة عَلَيْهِ كَمَا تَقول امش على هَذَا الْأَمر وسر على هَذَا المنوال وَالثَّانِي أَنه لَيْسَ المُرَاد الطّلب حَقِيقَة وانما المُرَاد الْخَبَر وَعبر عَنهُ بِصِيغَة الطّلب كَمَا فِي فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا وجرا مصدر جَرّه يجره إِذا سحبه وَلَكِن لَيْسَ المُرَاد الْجَرّ الْحسي بل المُرَاد التَّعْمِيم كَمَا اسْتعْمل السحب بِهَذَا الْمَعْنى فِي قَوْلهم هَذَا الحكم منسحب على كَذَا أَي شَامِل لَهُ فَإِذا قيل كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جرا فَكَأَنَّهُ قيل وَاسْتمرّ ذَلِك فِي بَقِيَّة الأعوام استمرارا فَهُوَ مصدر أَو اسْتمرّ مستمرا فَهُوَ حَال مُؤَكدَة وَذَلِكَ ماش فِي جَمِيع الصُّور وَهَذَا هُوَ الَّذِي يفهمهُ النَّاس من هَذَا الْكَلَام وَبِهَذَا التَّأْوِيل ارْتَفع إِشْكَال الْعَطف فَإِن هَلُمَّ جرا حِينَئِذٍ خبر وإشكال الْتِزَام إِفْرَاد الضَّمِير إِذْ فَاعل هَلُمَّ هَذِه مُفْرد أبدا كَمَا تَقول وَاسْتمرّ ذَلِك أَو وَاسْتمرّ مَا ذكرته انْتهى كَلَام بن هِشَام

[529] من خطأ السّنة أَي من مخالفتها [531] عَن أبي هُرَيْرَة انه نهى عَن يتبع بعد مَوته بِنَار قَالَ بن عبد الْبر قد روى النَّهْي عَن ذَلِك من حَدِيث بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [532] نعى النَّجَاشِيّ قَالَ بن عبد الْبر هُوَ اسْم لكل من ملك الْحَبَشَة كَمَا يُقَال كسْرَى وَقَيْصَر واسْمه أضحمة وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّة وَكَانَ عيه إِيَّاه فِي رَجَب سنة تسع من الْهِجْرَة وَصرح غَيره بِأَن ياءه سَاكِنة

[533] عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف أَن مسكينة مَرضت قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف على مَالك فِي الْمُوَطَّأ فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَقد وَصله مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْقرشِي عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن أبي أُمَامَة عَن رجل من الْأَنْصَار ومُوسَى مَتْرُوك وَقد روى سُفْيَان بن حُسَيْن هَذَا الحَدِيث عَن بن شهَاب عَن أبي أُمَامَة بن سهل عَن أَبِيه أخرجه بن أبي شيبَة وَهُوَ حَدِيث مُسْند مُتَّصِل صَحِيح من غير حَدِيث مَالك من حَدِيث الزُّهْرِيّ وَغَيره وروى من وُجُوه كَثِيرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلهَا ثَابِتَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وعامر بن ربيعَة وَابْن عَبَّاس وَأنس وَيزِيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة انها امْرَأَة سَوْدَاء كَانَت تنقي الْمَسْجِد من الْأَذَى وَفِي لفظ تقم الْمَسْجِد أخرجه الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا كرهنا أَن نخرجك لَيْلًا ونوقظك زَاد فِي حَدِيث عَامر بن ربيعَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تَفعلُوا ادْعُونِي لجنائزكم أخرجه بن ماجة وَفِي حَدِيث يزِيد بن ثَابت قَالَ فَلَا تَفعلُوا لَا يموتن فِيكُم ميت مَا كنت بَين أظْهركُم إِلَّا آذنتموني بِهِ فَإِن صَلَاتي عَلَيْهِ لَهُ رَحْمَة أخرجه أَحْمد [536] صليت وَرَاء أبي هُرَيْرَة على صبي لم يعْمل خَطِيئَة قطّ فَسَمعته يَقُول اللَّهُمَّ أعذه من عَذَاب الْقَبْر قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون أَبُو هُرَيْرَة اعتقده لشَيْء سَمعه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن عَذَاب الْقَبْر أَمر عَام فِي الصَّغِير وَالْكَبِير وَإِن الْفِتْنَة فِيهِ لَا تسْقط عَن الصغر لعدم التَّكْلِيف فِي الدُّنْيَا واقل بن عبد الْبر عَذَاب الْقَبْر غير فتْنَة الْقَبْر وَلَو عذب الله عبَادَة أَجْمَعِينَ كَانَ غير ظَالِم لَهُم وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ المُرَاد بِعَذَاب الْقَبْر هُنَا عُقُوبَته وَلَا السُّؤَال بل مُجَرّد الْأَلَم بالغم والهم وَالْحَسْرَة والوحشة والضغطة وَذَلِكَ يعم الْأَطْفَال وَغَيرهم [539] إِذا صليتا لوقتهما قَالَ الْبَاجِيّ أَي لوقت الصَّلَاتَيْنِ الْمُخْتَار وَهُوَ فِي الْعَصْر إِلَى الاصفرار وَفِي الصُّبْح إِلَى الْإِسْفَار

[540] عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جُمْهُور الروَاة مُنْقَطِعًا وَرَوَاهُ حَمَّاد بن خَالِد الْخياط عَن مَالك عَن أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة فَانْفَرد بذلك عَن مَالك مَا أسْرع مَا نسي النَّاس أَي إِلَى إِنْكَار مَالا يعْرفُونَ وَالْعَيْب والطعن على سُهَيْل بن بَيْضَاء هِيَ أمه وَاسْمهَا دعد والبيضاء وصف لَهَا وَأَبوهُ وهب بن ربيعَة الْقرشِي الفِهري وَكَانَ سُهَيْل قديم الْإِسْلَام هَاجر إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة وَشهد بَدْرًا وَغَيرهَا وَمَات سنة تسع من الْهِجْرَة

[545] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أعلمهُ يرْوى على هَذَا النسق بِوَجْه من الْوُجُوه غير بَلَاغ مَالك هَذَا وَلكنه صَحِيح من وُجُوه مُخْتَلفَة وَأَحَادِيث شَتَّى جمعهَا مَالك ووفاته يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَابِتَة من حَدِيث أنس فِي الصَّحِيح وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِيهِ واما دَفنه يَوْم الثُّلَاثَاء فمختلف فِيهِ قلت روى بن سعد فِي الطَّبَقَات عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ حِين زاغت الشَّمْس وروى من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة مَضَت من ربيع الأول وروى من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب قَالَ اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لليلة بقيت من صفر وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة مَضَت من ربيع الأول وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء وَرُوِيَ أَيْضا عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَسَعِيد بن الْمسيب أَنه توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة قَالَ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ فحبس بَقِيَّة يَوْمه وَلَيْلَته وَمن الْغَد حَتَّى دفن من اللَّيْل وَرُوِيَ عَن أبي بن عَبَّاس بن سهل أَبِيه عَن جده قَالَ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ فَمَكثَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء حَتَّى دفن يَوْم الْأَرْبَعَاء قَالَ بن كثير القَوْل بِأَنَّهُ دفن يَوْم الثُّلَاثَاء غَرِيب وَالْمَشْهُور عَن الْجُمْهُور أَنه دفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء وروى بن عسد عَن مُحَمَّد بن قيس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَكَى يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من صفر فاشتكى ثَلَاث عشرَة لَيْلَة وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول وَصلى النَّاس عَلَيْهِ أفذاذا لَا يؤمهم أحد وَصله الْبَيْهَقِيّ عَن بن عَبَّاس وَابْن سعد عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ وَرَوَاهُ عَن سعيد بن الْمسيب وَغَيره قَالَ بن كثير وَهُوَ أَمر مجمع عَلَيْهِ لَا خلاف فِيهِ قَالَ وَاخْتلف فِي تَعْلِيله فَقيل هُوَ من بَاب التَّعَبُّد الَّذِي يعسر تعقل مَعْنَاهُ وَقيل ليباشر كل وَاحِد الصَّلَاة عَلَيْهِ مِنْهُ اليه وَقَالَ الْعقيلِيّ ان الله أخبر أَنه وَمَلَائِكَته يصلونَ عَلَيْهِ وَأمر كل وَاحِد من الْمُؤمنِينَ ان يُصَلِّي عَلَيْهِ فَوَجَبَ على كل أحد أَن يُبَاشر الصَّلَاة عَلَيْهِ مِنْهُ اليه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ بعد مَوته من هَذَا الْقَبِيل قَالَ وَأَيْضًا فَإِن الْمَلَائِكَة لنا فِي ذَلِك أَئِمَّة انْتهى وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْأُم ذَلِك لعظم أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتنافسهم فِيمَن يتَوَلَّى الصَّلَاة عَلَيْهِ وصلوا عَلَيْهِ مرّة بعد مرّة وروى بن سعد عَن عبد الله بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب عَن عَليّ أَنه قَالَ لما وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السرير لَا يقوم عَلَيْهِ أحد هُوَ إمامكم حَيا وَمَيتًا فَكَانَ يدْخل النَّاس رسلًا رسلًا فيصلون عَلَيْهِ صفا صفا لَيْسَ لَهُم إِمَام وَيُكَبِّرُونَ وعي قَائِم بحيال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته اللَّهُمَّ إِنَّا نشْهد أَن قد بلغ مَا أنزل إِلَيْهِ ونصح لأمته وجاهد فِي سَبِيل الله حَتَّى أعز الله دينه وتمت كَلمته اللَّهُمَّ فاجعلنا مِمَّن يتبع مَا أنزل إِلَيْهِ وثبتنا بعده واجمع بَيْننَا وَبَينه فَيَقُول النَّاس آمين حَتَّى صلى عَلَيْهِ الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء ثمَّ الصّبيان وَظَاهر هَذَا ان المُرَاد بقوله وَصلى النَّاس عَلَيْهِ مَا ذهب إِلَيْهِ جمَاعَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل عَلَيْهِ الصَّلَاة الْمُعْتَادَة وَإِنَّمَا كَانَ النسا يأْتونَ فَيدعونَ وَيَتَرَحَّمُونَ قَالَ الْبَاجِيّ وَوَجهه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من كل شَهِيد والشهيد يُغْنِيه فَضله عَن الصَّلَاة عَلَيْهِ فَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى قَالَ وَإِنَّمَا فَارق الشَّهِيد فِي الْغسْل لِأَن الشَّهِيد حذر من غسله إِزَالَة الدَّم عَنهُ وَهُوَ مَطْلُوب بَقَاؤُهُ لطيبه وَلِأَنَّهُ عنوان بِشَهَادَتِهِ فِي الْآخِرَة وَلَيْسَ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يكره إِزَالَته عَنهُ فَافْتَرقَا وَقَالَ بن سعد أَيْضا أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ قَالَ وجدت هَذَا فِي صحيفَة بِخَط أبي فِيهَا لما كفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوضع على سَرِيره دخل أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ومعهما نفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار قدر مَا يسع الْبَيْت فَسَلمُوا كَمَا سلم أَبُو بكر وَعمر وهما فِي الصَّفّ الأول حِيَال رَسُول الله اللَّهُمَّ إِنَّا نشْهد أَن قد بلغ مَا أنزل إِلَيْهِ ونصح لأمته وجاهد فِي سَبِيل الله حَتَّى أعز الله دينه وتمت كَلِمَاته فأومن بِهِ وَحده لَا شريك لَهُ فاجعلنا يَا إلهنا مِمَّن يتبع القَوْل الَّذِي أنزل مَعَه واجمع بَيْننَا وَبَينه حَتَّى يعرفنا وتعرفه بِنَا فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رؤفا رحِيما لَا نبغي بِالْإِيمَان بَدَلا وَلَا نشتري بِهِ ثمنا أبدا فَيَقُول النَّاس آمين آمين ثمَّ يخرجُون وَيدخل آخَرُونَ حَتَّى صلوا عَلَيْهِ الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء ثمَّ الصّبيان فَلَمَّا فرغوا من الصَّلَاة تكلمُوا فِي مَوضِع قَبره وَأخرج بن عبد الْبر من حَدِيث سَالم بن عبيد أَنهم قَالُوا لأبي بكر هَل يصلى على الْأَنْبِيَاء قَالَ يَجِيء قوم فيكبرون وَيدعونَ وَيَجِيء آخَرُونَ حَتَّى يفرغ النَّاس فَقَالَ نَاس يدْفن عِنْد الْمِنْبَر وَقَالَ آخَرُونَ يدْفن بِالبَقِيعِ فجَاء أَبُو بكر الصّديق فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا دفن نَبِي قطّ إِلَّا فِي مَكَانَهُ الَّذِي توفّي فِيهِ فحفر لَهُ فِيهِ وَصله بن سعد من طَرِيق دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس وَمن طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَذكر بَعضهم ان هَذَا أول اخْتِلَاف وَقع بَين الصَّحَابَة فَلَمَّا كَانَ عِنْد غسله أَرَادوا نزع قَمِيصه الحَدِيث وَصله أَبُو دَاوُد من حَدِيث يحيى بن عباد عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَابْن ماجة من حَدِيث بُرَيْدَة [546] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجلَانِ الحَدِيث وَصله بن سعد من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة واخرج عَن أبي طَلْحَة قَالَ اخْتلفُوا فِي الشق واللحد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ شَقوا كَمَا يحْفر أهل مَكَّة وَقَالَت الْأَنْصَار الحدوا كَمَا نحفر بأرضنا فَلَمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِك قَالُوا اللَّهُمَّ خر لنبيك ابْعَثُوا إِلَى أبي عُبَيْدَة والى أبي طَلْحَة فَأَيّهمَا جَاءَ قبل الآخر فَيعْمل عمله فجَاء أَبُو طَلْحَة فَقَالَ وَالله إِنِّي لأرجو أَن يكون الله قد خار لنَبيه أَنه كَانَ يرى اللَّحْد فيعجبه واخرج بن سعد وَابْن ماجة عَن بن عَبَّاس قَالَ لما أَرَادوا أَن يحفروا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجلَانِ كَانَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح يضرح كحفر أهل مَكَّة وَكَانَ أَبُو طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ هُوَ الَّذِي يحْفر لأهل الْمَدِينَة وَكَانَ يلْحد فَدَعَا الْعَبَّاس رجلَيْنِ فَقَالَ لأَحَدهمَا اذْهَبْ إِلَى أبي عُبَيْدَة وَقَالَ للْآخر اذْهَبْ إِلَى أبي طَلْحَة اللَّهُمَّ خر لِرَسُولِك فَوجدَ صَاحب أبي طَلْحَة أَبَا طَلْحَة فجَاء بِهِ فألحد لَهُ [547] مَالك أَنه بلغه أَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت تَقول مَا صدقت بِمَوْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سَمِعت وَقع الكرازين أَي الْمساحِي جمع كرزين قَالَ بن عبد الْبر لَا أحفظه عَن أم سَلمَة مُتَّصِلا وَإِنَّمَا هُوَ عَن عَائِشَة قلت رَوَاهُ الْوَاقِدِيّ عَن بن أبي سُبْرَة عَن الجليس بن هِشَام عَن عبد الله بن وهب عَن أم سَلمَة نَحوه وَقَول عَائِشَة أخرجه بن عسد من طَرِيق عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت اعلمنا بدفن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَعنا صَوت الْمساحِي لَيْلَة الاربعاء فِي السحر

[548] عَن يحيى بن سعيد أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت رَأَيْت ثَلَاثَة أقمار الحَدِيث وَصله بن سعد من طَرِيق زيد بن هَارُون وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة كِلَاهُمَا عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن عَائِشَة وَكَذَا رَوَاهُ قُتَيْبَة عَن مَالك مَوْصُولا وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ كَمَا قَالَ بن عبد الْبر على إرْسَاله وَأخرج بن سعد عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَت عَائِشَة رَأَيْت فِي حُجْرَتي ثَلَاثَة أقمار فَأتيت أَبَا بكر فَقَالَ مَا أولتيها قلت أولتها ولدا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسكت أَبُو بكر حَتَّى قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ خير أقمارك ذهب بِهِ ثمَّ كَانَ أَبُو بكر وَعمر دفنُوا جَمِيعًا فِي بَيتهَا [551] عَن وَاقد بن عَمْرو بن سعد بن معَاذ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَسَائِر الروَاة يَقُولُونَ عَن وَاقد بن عمر بن سعد بن معَاذ وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد رِوَايَة أَرْبَعَة من التَّابِعين فِي نسق لَكِن مَسْعُود ولد على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقوم فِي الْجَنَائِز ثمَّ جلس بعد قَالَ الْبَاجِيّ الْقيام وَالْجُلُوس فِي موضِعين أَحدهمَا لمن مرت بِهِ وَالثَّانِي لمن يشيعها يقوم لَهَا حِين تُوضَع وَالْجُلُوس نَاسخ للْقِيَام فِي موضِعين [553] فَمَا يجلس آخر النَّاس حَتَّى يؤذنوا قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد حَتَّى يؤذنوا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَقَالَ الدَّاودِيّ حَتَّى يُؤذن لَهُم بالانصراف بعد الصَّلَاة وَقَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن أبي بكر شيخ مَالك فَقَالَ فَمَا ينْصَرف النسا حَتَّى يؤذنوا

[554] قد غلب عَلَيْهِ أَي غَلبه الْأَلَم حَتَّى مَنعه مجاوبة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَرْجع أَي قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون تصبرا لنَفسِهِ واشعارا لَهَا ان الْكل لله وَإِن الْكل رَاجع إِلَى الله وَقَالَ غلبنا عَلَيْك قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ التَّصْرِيح بِمَعْنى استرجاعه وتأسفه الشُّهَدَاء سَبْعَة سوى الْقَتِيل فِي سَبِيل الله هم أَكثر من ذَلِك وَقد جمعتهم فِي خبر فناهزوا الثَّلَاثِينَ المطعون هُوَ الَّذِي يَمُوت فِي الطَّاعُون وَالْغَرق هُوَ الَّذِي يَمُوت غرقا فِي المَاء وَصَاحب ذَات الْجنب هُوَ مرض مَعْرُوف وَهُوَ ورم حَار يعرض فِي الغشاء المستبطن للاضلاع والمبطون قَالَ بن عبد الْبر قيل هُوَ صَاحب الاسهال وَقيل المحبون وَقَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ الَّذِي يَمُوت بِمَرَض بَطْنه كالاستسقاء وَنَحْوه وَفِي كتاب الْجَنَائِز لأبي كبر الْمروزِي عَن شَيْخه بن سُرَيج انه صَاحب القولنج والحرق هُوَ الَّذِي يَحْتَرِق فِي النَّار فَيَمُوت وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع بِضَم الْجِيم وَكسرهَا قَالَ بن عبد الْبر قيل هِيَ الَّتِي تَمُوت من الْولادَة سَوَاء أَلْقَت وَلَدهَا أم لَا وَقيل هِيَ الَّتِي تَمُوت فِي النّفاس وَوَلدهَا فِي بَطنهَا لم تلده وَقيل هِيَ الَّتِي تَمُوت عذراء لم تفتض قا ل وَالْقَوْل الثَّانِي اشهر وَأكْثر وَقَالَ فِي النِّهَايَة الْجمع بِالضَّمِّ بِمَعْنى الْمَجْمُوع وَالْمعْنَى انها مَاتَت مَعَ شَيْء مَجْمُوع فِيهَا يغر مُنْفَصِل عَنْهَا من حمل أَو بكارة قَالَ الْبَاجِيّ هَذِه ميتات فِيهَا شدَّة الْأَلَم فتفضل الله على أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن جعلهَا تمحيصا لذنوبهم وَزِيَادَة فِي أُجُورهم حَتَّى يبلغهم بهَا مَرَاتِب الشُّهَدَاء وَقَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة الشَّهِيد فِي الأَصْل من قتل مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله ثمَّ اتَّسع فِيهِ فَأطلق على هَؤُلَاءِ وَسمي شَهِيدا لِأَن الله وَمَلَائِكَته شُهُود لَهُ بِالْجنَّةِ وَقيل لِأَنَّهُ حَيّ فَكَأَنَّهُ شَاهد أَي حَاضر وَقيل لِأَن مَلَائِكَة الرَّحْمَة تشهده وَقيل لقِيَامه بِشَهَادَة الْحق فِي أَمر الله حَتَّى قتل وَقيل لِأَنَّهُ يشْهد مَا أعد الله لَهُ من الْكَرَامَة وَقيل غير ذَلِك فَهُوَ فعيل بِمَعْنى فَاعل وَبِمَعْنى مفعول على اخْتِلَاف التَّأْوِيل تَتِمَّة بَقِي من الشُّهَدَاء صَاحب السل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سلمَان وَأحمد من حَدِيث رَاشد بن خُنَيْس والغريب رَوَاهُ بن ماجة من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث بن عمر والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ من حَدِيث جَابر وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عنترة وَصَاحب الْحمى رَوَاهُ الديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث أنس واللديغ والشريق وَالَّذِي يفترسه السَّبع والخار عَن دَابَّته رَوَاهَا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عَبَّاس والمتردي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عنترة وَابْن مَسْعُود وَالْمَيِّت على فرَاشه فِي سَبِيل الله رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة والمقتول دون مَاله أَو دينه أَو دَمه أَو أَهله رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة ن حَدِيث سعيد بن زيد أَو دون مظْلمَة رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْمَيِّت فِي السجْن وَقد حبس ظلما رَوَاهُ بن مَنْدَه من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب وَالْمَيِّت عشقا رَوَاهُ الديلمي من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْمَيِّت وَهُوَ طَالب للْعلم رَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث أبي ذَر وَأبي هُرَيْرَة

[555] عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن عمْرَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة الروَاة إِلَّا القعْنبِي فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْد فِي الْمُوَطَّأ إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ قا ل النَّوَوِيّ فأوله الْجُمْهُور على من أوصى أَن يبكى عَلَيْهِ ويناح بعد مَوته فنفذت وَصِيّه وَكَانَ من عَادَة الْعَرَب بذلك وَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ انه يعذب بِسَمَاعِهِ بكاء أَهله ويرق لَهُم وَإِلَيْهِ ذهب بن جرير وَرجحه القَاضِي عِيَاض وَقَالَت عَائِشَة مَعْنَاهُ ان الْكَافِر يعذب فِي حَال بكاء أَهله عَلَيْهِ بِذَنبِهِ لَا ببكائه قَالَ وَالصَّحِيح قَول الْجُمْهُور وَأَجْمعُوا على أَن المُرَاد بالبكاء هُنَا الْبكاء بِصَوْت ونياحة لَا بِمُجَرَّد دمع الْعين [556] لَا يَمُوت لأحد من الْمُسلمين ثَلَاثَة من الْوَلَد فَتَمَسهُ النَّار بِالنّصب جَوَابا للنَّفْي إِلَّا تَحِلَّة الْقسم بِفَتْح الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة وَكسر الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام أَي مَا ينْحل بِهِ الْقسم وَهُوَ الْيَمين يُقَال فعلته تَحِلَّة الْقسم أَي قدر مَا حللت بِهِ يَمِيني وَالْمرَاد بِهِ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ لَا يدْخل النَّار ليعاقب بهَا وَلكنه يدخلهَا مجتازا وَلَا يكون ذَلِك الْجَوَاز إِلَّا قدر مَا تنْحَل بِهِ الْيَمين وَهُوَ الْجَوَاز على الصِّرَاط [557] عَن أبي النَّضر السّلمِيّ بِفَتْح السِّين وَاللَّام قَالَ بن عبد الْبر بن النَّضر هَذَا مَجْهُول فِي الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الْخَبَر وَاخْتلف فِيهِ رُوَاة الْمُوَطَّأ فأكثرهم يَقُول عَن بن النَّضر وَقَالَ بن بكير والقعنبي عَن أبي النَّضر وَقَالَ بَعضهم عبد الله بن النَّضر وَقَالَ بَعضهم مُحَمَّد بن النَّضر وَلَا يَصح وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين انه أنس بن مَالك بن النَّضر نسب إِلَى جده وَإِن كنيته أَبُو النَّضر وَهَذَا جهل لِأَن أنسا لَيْسَ بسلمي من بني سَلمَة وكنيته أَبُو حَمْزَة بِإِجْمَاع انْتهى [558] مَالك أَنه بلغه عَن أبي الْحباب بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا جَاءَ هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد عَامَّة رُوَاته وَقد رَوَاهُ معن بن عِيسَى عَن مَالك عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أبي الْحباب بِهِ وحامته أَي قرَابَته وخاصته وَمن يحزنهُ ذَهَابه وَمَوته جمع حميم وَلَيْسَت لَهُ خَطِيئَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَنه يحط عَنهُ خطاياه بذلك أَو يحصل لَهُ من الْأجر على ذَلِك مَا يزن جَمِيع ذنُوبه

[559] عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليعز الْمُسلمين فِي مصائبهم الْمُصِيبَة بِي قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث روته طَائِفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه وَقد رُوِيَ أَيْضا مُسْندًا من حَدِيث سهل بن سعد وَعَائِشَة والمسور بن مخرمَة [560] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث يتَّصل من وُجُوه شَتَّى إِلَّا ان بَعضهم يَجعله لأم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَعْضهمْ يَجعله لأم سَلمَة عَن أبي سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَصَابَته مُصِيبَة قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا اللَّفْظ مَوْضُوع فِي أصل كَلَام لعرب لكل من قَالَه شَرّ أَو خير وَلَكِن يخْتَص فِي عرف الِاسْتِعْمَال بالرزايا والمكاره فَقَالَ كَمَا أَمر الله قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُشِير إِلَى غير الْقُرْآن فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآن الْأَمر بِهِ بل تبشير من قَالَه وَالثنَاء عَلَيْهِ وَلِهَذَا وَصله بقوله اللَّهُمَّ أجرني إِلَى آخِره يُقَال أجره بِالْقصرِ وَقد يمد أَي أعطَاهُ أجره

[561] كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل فَقِيه إِلَى آخِره قَالَ فِي الاستذكار هَذَا خبر حسن عَجِيب فِي التعازي وَلَيْسَ فِي كل الموطآت وَمَا ذكرته من الْعَارِية للحلي على جِهَة ضرب الْمثل لَا يدْخل فِي مَذْمُوم الْكَذِب بل ذَلِك من الْأَمر الْمَحْمُود عَلَيْهِ صَاحبه [562] عَن أبي الرِّجَال هُوَ لقب لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ عشرَة أَوْلَاد رجال وكنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن حَارِثَة بن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ يحيى بن صَالح الوحاظي وَعبد الله بن عبد الْوَهَّاب كِلَاهُمَا عَن مَالك عَن أبي الرِّجَال عَن عمْرَة عَن عَائِشَة مُسْندًا يَعْنِي نباش الْقُبُور قَالَ بن عبد الْبر هَذَا التَّفْسِير من قَول مَالك وَلَا أعلم أحدا يُخَالِفهُ فِي ذَلِك [563] مَالك أَنه بلغه أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت تَقول كسر عظم الْمُسلم مَيتا ككسره وَهُوَ حَيّ قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الداروردي عَن سعد بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة مَرْفُوعا قلت وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة [564] وألحقني بالرفيق قَالَ اب عبد الْبر هُوَ أَعلَى الْجنَّة وَقيل الْمَلَائِكَة والأنبياء والصالحون من قَوْله وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا [565] مَالك أَنه بلغه أَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من نَبِي يَمُوت الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة

[566] إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده قَالَ الْبَاجِيّ الْعرض لَا يكون إِلَّا على حَيّ يعلم مَا يعرض عَلَيْهِ وَفهم مَا يُخَاطب بِهِ بالغدة والعشي أَي كل غَدَاة وكل عشي حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة سَقَطت إِلَى من وَرَايَة القعْنبِي وَفِي رِوَايَة لمُسلم إِلَيْهِ [567] كل بن آدم تَأْكُله الأَرْض أَي جَمِيع جِسْمه سوى مَا اسْتثْنى من الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء إِلَّا عجب الذَّنب قَالَ الْبَاجِيّ لِأَنَّهُ أول مَا خلق من الْإِنْسَان وَهُوَ الَّذِي يبْقى مِنْهُ ليعاد تركيب الْخلق عَلَيْهِ [568] إِنَّمَا نسمَة الْمُؤمن قَالَ الْبَاجِيّ فِي كتاب أبي الْقَاسِم الْجَوْهَرِي إِن النَّسمَة الرّوح وَالنَّفس وَالْبدن وَفِي هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يَعْنِي الرّوح قَالَ وَعِنْدِي انه يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ مَا يكون فِيهِ الرّوح من الْمَيِّت قبل الْبَعْث وَيحْتَمل أَنه شَيْء من مَحل الرّوح تبقى فِيهِ الرّوح طير يعلق بِفَتْح اللَّام ويروى بِالضَّمِّ أَي تَأْكُل وترعى وَاخْتلف فِي هَذَا الحَدِيث فَقيل انه عَام فِي الشُّهَدَاء وَغَيرهم إِذا لم تحبسهم عَن الْجنَّة كَبِيرَة وَلَا دين وَقيل إِنَّه خَاص بِالشُّهَدَاءِ دون غَيرهم لِأَن الْقُرْآن وَالسّنة لَا يدلان إِلَّا على ذَلِك [569] إِذا أحب عَبدِي لقائي الحَدِيث فسر فِي الحَدِيث الصَّحِيح بِمَا عِنْد الْمَوْت حِين يُشَاهد مقَامه إِمَّا من الْجنَّة وَإِمَّا من النَّار [570] عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رجل قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَوَقفه مُصعب الزبيرِي والقعنبي على أبي هُرَيْرَة لَئِن قدر الله عَلَيْهِ قَالَ بن عبد الْبر هُوَ من الْقدر الَّذِي هُوَ الْقَضَاء وَلَيْسَ من بَاب الْقُدْرَة والاستطاعة كَقَوْلِه تَعَالَى فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ وَقيل بِمَعْنى ضيق كَقَوْلِه تَعَالَى وَمن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ

[571] كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة أَي الْإِسْلَام هَذَا أشهر الْأَقْوَال هُنَا جَمْعَاء أَي تَامَّة الْخلق لم يذهب من بدنهَا شَيْء هَل تحس فِيهَا من جَدْعَاء أَي مَقْطُوعَة الْأذن وَالْجُمْلَة حَال على تَقْدِير مقولا فِيهَا ذَلِك قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد ان الْمَوْلُود يُولد على الْفطْرَة ثمَّ يُغَيِّرهُ بعد ذَلِك أَبَوَاهُ كَمَا أَن الْبَهِيمَة تولد تَامَّة لَا جدع فِيهَا من أصل الْخلقَة وَإِنَّمَا تجدع بعد ذَلِك ويغير خلقتها [573] عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي جَمِيع الموطآت بِهَذَا الْإِسْنَاد وَأَخْطَأ فِيهِ سُوَيْد بن سعيد عَن مَالك فَقَالَ عَن معبد بن كَعْب عَن أَبِيه وَلَيْسَ بِشَيْء يستريح مِنْهُ الْعباد والبلاد وَالشَّجر وَالدَّوَاب لما يَتَرَتَّب على ذنُوبه من منع الْمَطَر [574] عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما مَاتَ عُثْمَان الحَدِيث وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة [575] بعثت إِلَى أهل البقيع لأصلي عَلَيْهِم قَالَ بن عبد الْبر يحْتَمل أَن تكون الصَّلَاة هُنَا الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار وَإِن تكون كَالصَّلَاةِ على الْمَوْتَى خُصُوصِيَّة لَهُ وليعم بِصَلَاتِهِ من لم يصل عَلَيْهِ حِين دَفنه

كتاب الزكاة

[576] عَن نَافِع أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ أَسْرعُوا بجنائزكم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ جُمْهُور رُوَاة الْمُوَطَّأ مَوْقُوفا وَرَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن مَالك عَن نَافِع عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُتَابع على ذَلِك عَن مَالك وَلكنه مَرْفُوع من غير رِوَايَة مَالك من طَرِيق أَيُّوب عَن نَافِع عَن أبي هُرَيْرَة وَمن طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قلت وَمن طَرِيق الزُّهْرِيّ أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ بن عبد الْبر تَأَول قوم هَذَا الحَدِيث على تَعْجِيل الدّفن لَا الْمَشْي وَلَيْسَ كَمَا ظنُّوا وَفِي قَوْله تضعونه عَن رِقَابكُمْ مَا يرد قَوْلهم (كتاب الزَّكَاة) [577] عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني عَن أَبِيه الحَدِيث وَالَّذِي يَلِيهِ قَالَ بن عبد الْبر حَدِيث عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه صَحِيح عِنْد جَمِيع أهل الحَدِيث وَحَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة عَن أَبِيه عَن أبي سعيد خطأ فِي الْإِسْنَاد وَإِنَّمَا الحَدِيث مَحْفُوظ ليحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد وَقد رَوَاهُ عَن عَمْرو بن يحيى جمَاعَة من جلة الْعلمَاء احتاجوا إِلَيْهِ فِيهِ وَرَوَاهُ عَن أَبِيه أَيْضا جمَاعَة قَالَ وَلم يرو هَذَا الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد من الصَّحَابَة بِإِسْنَاد صَحِيح غير أبي سعيد وَقد قي إِن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ يَأْتِي من وَجه لَا مطْعن فِيهِ وَلَا عِلّة عَن أبي سعيد إِلَّا من حَدِيث يحيى بن عمَارَة عَنهُ من راية ابْنه عَمْرو عَنهُ وَمن رِوَايَة مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَنهُ خمس ذود قَالَ النَّوَوِيّ الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بِإِضَافَة خمس إِلَى ذود وروى بتنوين خمس وَيكون ذود بَدَلا مِنْهُ قَالَ أهل اللُّغَة الذود من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه إِنَّمَا يُقَال فِي الْوَاحِد بعير قَالُوا وَقَوْلهمْ خمس ذود كَقَوْلِهِم خَمْسَة أَبْعِرَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ تَقول ثَلَاث ذود لِأَن الذود مؤنث أوسق جمع وسق بِفَتْح الْوَاو أشهر من كسرهَا وَأَصله فِي اللُّغَة الْحمل وَالْمرَاد بِهِ سِتُّونَ صَاعا أواقي بتَشْديد الْبَاء وتخفيفها جمع أُوقِيَّة بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء وَهِي أَرْبَعُونَ درهما وَيُقَال أَوَاقٍ بِحَذْف الْيَاء كَمَا فِي الرِّوَايَة الأولى

[578] من الْوَرق بِكَسْر الرَّاء وإسكانها وَهِي هُنَا الْفضة مضروبها وَغَيره وَاخْتلف أهل اللُّغَة فِي أَصله فَقيل يُطلق فِي الأَصْل على جَمِيع الْفضة وَقيل هُوَ حَقِيقَة للمضروب دَرَاهِم وَلَا يُطلق على غير الدَّرَاهِم إِلَّا مجَازًا [582] أَن عبد الله بن عمر كَانَ يَقُول لَا تجب فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول قَالَ بن عبد الْبر فِي الاستذكار وَقد رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعا من حَدِيث عَائِشَة قلت أخرجه بن ماجة

[583] عَن بن شهَاب أَنه قَالَ أول من أَخذ من الأعطية الزَّكَاة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ بن عبد الْبر يُرِيد أَخذ زَكَاتهَا نَفسهَا مِنْهَا لَا أَنه أَخذ مِنْهَا عَن غَيرهَا قَالَ وَلَا أعلم أحدا من الْفُقَهَاء أَخذ بقول مُعَاوِيَة

[584] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن غير وَاحِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع لِبلَال بن الْحَارِث الْمُزنِيّ معادن الْقبلية قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيع الروَاة مُرْسلا وَقد وَصله الْبَزَّار من طَرِيق عبد الْعَزِيز الداروردي عَن ربيعَة عَن الْحَارِث بن بِلَال بن الْحَارِث الْمُزنِيّ عَن أَبِيه قلت وَأخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق ثَوْر بن زيد الديلِي عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس قَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة الْقبلية منسوبة إِلَى قبل بِفَتْح الْقَاف وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي نَاحيَة من الْفَرْع وَهُوَ بِضَم الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَهُوَ مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ فِي الحَدِيث وَفِي كتاب الْأَمْكِنَة معادن القلبة بِكَسْر الْقَاف وَبعدهَا لَام مَفْتُوحَة ثمَّ بَاء انْتهى

[585] فِي الرِّكَاز الْخمس وَقع فِي زمن شيخ الْإِسْلَام عز الدّين بن عبد السَّلَام أَن رجلا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَى مَوضِع كَذَا فاحفره فَإِن فِيهِ ركازا فَخذه لَك وَلَا خمس عَلَيْك فِيهِ فَلَمَّا أصبح ذهب إِلَى ذَلِك الْموضع فحفره فَوجدَ الرِّكَاز فاستفتى عُلَمَاء عصره فأفتوه بِأَنَّهُ لَا خمس عَلَيْهِ لصِحَّة الرُّؤْيَا وَأفْتى الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام بِأَن عَلَيْهِ الْخمس وَقَالَ أَكثر مَا ننزل مَنَامه منزلَة حَدِيث رُوِيَ بِإِسْنَاد صَحِيح وَقد عَارضه مَا هُوَ أصح مِنْهُ وَهُوَ الحَدِيث الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الرِّكَاز الْخمس وَيقدم عَلَيْهِ [597] سَمِعت عبد الله بن عمر وَهُوَ يسْأَل عَن الْكَنْز إِلَى آخِره قلت أخرجه بن مرْدَوَيْه من طَرِيق سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن بن عمر مَرْفُوعا [598] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يَقُول من كَانَ عِنْده مَال لم يؤد زَكَاته الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ وَقد أسْندهُ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرُوِيَ من طرق أُخْرَى صِحَاح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مِنْهَا طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه وَطَرِيق الْقَعْقَاع بن حَكِيم بن أبي صَالح وَطَرِيق أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قلت طَرِيق عبد الرَّحْمَن أخرجهَا البُخَارِيّ وَطَرِيق سُهَيْل أخرجهَا مُسلم وَطَرِيق الْقَعْقَاع أخرجهَا النَّسَائِيّ وَطَرِيق أبي الزِّنَاد أخرجهَا البُخَارِيّ مثل لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شجاعا هُوَ الْحَيَّة وَقيل الَّتِي توَاثب وَتقوم على ذنبها قَالَ القَاضِي عِيَاض ظَاهره أَن الله تَعَالَى خلق هَذَا الشجاع لعذابه وَمعنى مثل أَي نصب أَو صير بِمَعْنى أَن مَاله يصير على صُورَة الشجاع أَقرع قَالَ بن عبد الْبر هُوَ من صِفَات الْحَيَّات الَّذِي بِرَأْسِهِ شَيْء من بَيَاض وكل مَا كثر سمه فِيمَا زَعَمُوا أَبيض رَأسه لَهُ زَبِيبَتَانِ هما نقطتان منتفختان فِي شدقيه كالبرغوثين وَقيل نقطتان سوداوان وَهِي عَلامَة الْحَيَّة الذّكر المؤذي حَتَّى يُمكنهُ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَالْبُخَارِيّ فَلَا يزَال يتبعهُ حَتَّى يلقمه أُصْبُعه

[599] مَالك أَنه قَالَ قَرَأت كتاب عمر بن الْخطاب فِي الصَّدَقَة الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه من طَرِيق سُفْيَان بن حُسَيْن عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن بن عمر قَالَ كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب الصَّدَقَة فَلم يُخرجهُ إِلَى عماله حَتَّى قبض فَعمل بِهِ أَبُو بكر حَتَّى قبض ثمَّ عمل بِهِ عمر حَتَّى قبض فَكَانَ فِيهِ فِي خمس من الْإِبِل شَاة فَذكره قَالَ التِّرْمِذِيّ وَقد روى يُونُس وَغير وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم هَذَا الحَدِيث وَلم يرفعوه وَإِنَّمَا رَفعه سُفْيَان بن حُسَيْن فَابْن لبون ذكر قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ ذكر وَإِن كَانَ الابْن لَا يكون إِلَّا ذكرا زِيَادَة فِي الْبَيَان لِأَن من الْحَيَوَان مَا يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى مِنْهُ لفظ بن كَابْن عرس وَابْن آوى فَرفع بِهِ هَذَا الِاحْتِمَال قَالَ وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ مُجَرّد التَّأْكِيد لاخْتِلَاف اللَّفْظ كَقَوْلِه تَعَالَى وَغَرَابِيبُ سُودٌ طروقة الْفَحْل قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَن الْفَحْل قد يضْربهَا وَهِي تلقح وَلَا يخرج فِي الصَّدَقَة تَيْس الذّكر من الْمعز وَلَا هرمة هِيَ الَّتِي قد أضرّ بهَا الْكبر وَلَا ذَات عوار بِفَتْح الْعين أَي عيب وَفِي الرقة هِيَ الْوَرق قَالَ الْبَاجِيّ وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ هِيَ اسْم للورق وَالذَّهَب قَالَ وَالْأول أظهر

[600] أَن معَاذ بن جبل الْأنْصَارِيّ أَخذ من ثَلَاثِينَ بقرة تبيعا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث ظَاهره الْوَقْف على معَاذ إِلَّا أَن فِي قَوْله لم أسمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ شَيْئا دَلِيلا وَاضحا على أَنه قد سمع مِنْهُ فِي الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ مَا عمل بِهِ مَعَ أَن مثله لَا يكون رَأيا

[602] لَا تَأْخُذُوا حذرات الْمُسلمين جمع حذرة وَهِي خِيَار المَال وكرائمه نكبوا عَن الطَّعَام أَي ذَوَات الدّرّ [604] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ الحَدِيث وَصله أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من طَرِيق معمر عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ

[605] لَو مَنَعُونِي عقَالًا قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن الْقَاسِم هُوَ القلوص وَرَوَاهُ عَن مَالك وَقَالَ مُحَمَّد بن عِيسَى هُوَ وَاحِد الْعقل الَّتِي يعقل بهَا الْإِبِل لِأَن الَّذِي يُعْطي الْبَعِير فِي الزَّكَاة يلْزمه أَن يُعْطي مَعَه عقاله قَالَ وَيحْتَمل عِنْدِي أَن يكون قصد بذلك الْمُبَالغَة فِي تتبع الْحق [608] مَالك عَن الثِّقَة عِنْده عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن بسر بن سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون وَصله البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة من طَرِيق بن وهب عَن يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن بن عمر قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ مَا سقِِي بالمطر وَمَا سقِِي بالعيون الْجَارِيَة على وَجه الأَرْض الَّتِي لَا يتَكَلَّف فِي رفع مَائِهَا بِآلَة وَلَا عمل وَهُوَ السيح والبعل هُوَ مَا شرب بعروقه من غير سقِِي سَمَاء وَلَا غَيرهَا وَمَا سقِِي بالنضح أَي بالرش والصب بِمَاء يسْتَخْرج من الْآبَار والأنهار بِآلَة

[609] لَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة النّخل الجعرور وَلَا مصران الفارة وَلَا عدق بن حبيق هَذِه أَنْوَاع من رَدِيء التَّمْر [611] عَن عبد الله بن دِينَار عَن سُلَيْمَان بن يسَار وَعَن عرَاك بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بن عبد الْبر أَدخل يحيى بَين سُلَيْمَان وعراك واوا فَجعل الحَدِيث لعبد الله بن دِينَار وعراك وَهُوَ خطأ عد من غلطه والْحَدِيث مَحْفُوظ فِي الموطآت كلهَا وَفِي غَيرهَا لِسُلَيْمَان بن يسَار عَن عرَاك وهما تابعيان نظيران وعراك أسن وَسليمَان أفقه وَعبد الله بن دِينَار أَيْضا تَابِعِيّ لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فِي فرسه صَدَقَة قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا نفي وَالنَّفْي على الْإِطْلَاق يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاق

[615] عَن بن شهَاب قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ الْجِزْيَة من مجوس الْبَحْرين الحَدِيث وَصله الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن عبد الْبر من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ بن عبد الْبر والسائب ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحفظ عَنهُ وَحج مَعَه وَتُوفِّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بن تسع سِنِين وَأشهر

[616] عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب ذكر الْمَجُوس الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُنْقَطع لِأَن مُحَمَّد بن عَليّ لم يلق عمر وَلَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ إِلَّا أَن مَعْنَاهُ مُتَّصِل من وُجُوه حسان سنوا بهم سنة أهل الْكتاب قَالَ بن عبد الْبر هَذَا من الْكَلَام الَّذِي خرج مخرج الْعُمُوم وَالْمرَاد مِنْهُ الْخُصُوص لِأَن المُرَاد فِي الْجِزْيَة لَا فِي غَيرهَا من الْأَنْكِحَة والذبائح [621] عَن السَّائِب عَن يزِيد أَنه قَالَ كنت غُلَاما عَاملا مَعَ عبد الله بن عتبَة قَالَ الْبَاجِيّ هَكَذَا رَوَاهُ يحيى غُلَاما يُرِيد بذلك شَابًّا وَرَوَاهُ مطرف وَأَبُو مُصعب كنت عَاملا

[623] حملت على فرس أَي تَصَدَّقت بِهِ ووهبته لمن يُقَاتل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله عَتيق هُوَ الْكَرِيم السَّابِق وَالْجمع عتاق أضاعه قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد لم يحسن الْقيام عَلَيْهِ أَو صيره ضائعا من الهزال لفرط مُبَاشرَة الْجِهَاد والاتعاب لَهُ فِي سَبِيل الله لَا تشتره هُوَ نهي تَنْزِيه وَقيل تَحْرِيم فَإِن الْعَائِد فِي صدقته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه وَجه التَّشْبِيه أَنه أخرج فِي الصَّدَقَة أوساخه وأدناسه فَأشبه تغير الطَّعَام إِلَى حَال الْقَيْء

[626] فرض زَكَاة الْفطر قَالَ الْجُمْهُور مَعْنَاهُ ألزم وَأوجب وَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ قدر على كل حر أَو عبد ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ التِّرْمِذِيّ وَغَيره لَفْظَة من الْمُسلمين انْفَرد بهَا مَالك دون سَائِر أَصْحَاب نَافِع قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِك بل وَافقه فِيهَا ثقتان الضَّحَّاك بن عُثْمَان عِنْد مُسلم بن نَافِع عِنْد البُخَارِيّ وَقَالَ بن عبد الْبر كل الروَاة عَن مَالك قَالُوا فِيهِ من الْمُسلمين إِلَّا قُتَيْبَة بن سعيد وَحده فَإِنَّهُ لم يقلها قَالَ وَأَخْطَأ من ظن أَن مَالِكًا تفرد بهَا فقد تَابعه عَلَيْهَا جمَاعَة عَن نَافِع مِنْهُم عمر ابْنه وَعبيد الله بن عمر وَكثير بن فرقد وَيُونُس بن يزِيد وَأَيوب كلهم رَوَوْهُ عَن نَافِع وَقَالُوا فِيهِ من الْمُسلمين

كتاب الصيام

[627] أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول كُنَّا نخرج زَكَاة الْفطر زَاد فِي رِوَايَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كتاب الصّيام) [630] فَإِن غم عَلَيْكُم أَي حَال بَيْنكُم وَبَينه غيم فاقدروا لَهُ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف فِي مَعْنَاهُ فَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ ضيقوا لَهُ وقدروه تَحت السَّحَاب وَبِهَذَا قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره مِمَّن يجوز صَوْم لَيْلَة الْغَيْم عَن رَمَضَان وَقَالَ بن سُرَيج وَجَمَاعَة مَعْنَاهُ قدروه بِحِسَاب الْمنَازل وَذهب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَالْجُمْهُور إِلَى أَن مَعْنَاهُ قدرُوا لَهُ تَمام الْعدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا فِي الرِّوَايَة الآخرى قَالَ الْمَازرِيّ حمل جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله فاقدروا لَهُ عَليّ أَن المُرَاد إِكْمَال الْعدَد ثَلَاثِينَ كَمَا فسره فِي حَدِيث آخر قَالُوا وَلَا يجوز أَن يكون المُرَاد حِسَاب المنجمين لِأَن النَّاس لَو كلفوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِم لِأَنَّهُ لَا يعرفهُ إِلَّا أَفْرَاد وَالشَّرْع إِنَّمَا يعرف النَّاس بِمَا يعرفهُ جماهيرهم انْتهى وَنقل بن الْعَرَبِيّ عَن بن سُرَيج أَن قَوْله فاقدروا لَهُ خطاب لمن خصّه الله بِهَذَا الْعلم وَإِن قَوْله فأكملوا الْعدة خطاب للعامة وَقَالَ بن الصّلاح معرفَة منَازِل الْقَمَر هُوَ معرفَة سير الْأَهِلّة وَأما معرفَة الْحساب فَأمر دَقِيق يخْتَص بمعرفته الْآحَاد قَالَ فمعرفة منَازِل الْقَمَر تدْرك بِأَمْر محسوس يُدْرِكهُ من يراقب النُّجُوم وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ بن سُرَيج وَقَالَ بِهِ فِي حق الْعَارِف بهَا فِي خَاصَّة نَفسه [631] الشَّهْر تِسْعَة وَعِشْرُونَ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أَن الشَّهْر قد يكون تِسْعَة وَعشْرين قَالَ بن حجر وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة البُخَارِيّ إِن الشَّهْر يكون تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ مَعْنَاهُ حصره من جِهَة أحد طَرفَيْهِ أَي إِنَّه يكون تسعا وَعشْرين وَهُوَ أَقَله وَيكون ثَلَاثِينَ وَهُوَ أَكْثَره فَلَا تَأْخُذُوا أَنفسكُم بِصَوْم الْأَكْثَر احْتِيَاطًا وَلَا تقتصروا على الْأَقَل تَخْفِيفًا وَلَكِن عبادتكم مرتبطة ابْتِدَاء وانتهاء باستهلاله حَتَّى تروا الْهلَال المُرَاد رُؤْيَة بعض الْمُسلمين لَا كل النَّاس

[632] عَن ثَوْر بن زيد الديلِي عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رَمَضَان الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا مُنْقَطع فانما رَوَاهُ ثَوْر عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس وَكَذَا رَوَاهُ روح بن عبَادَة عَن مَالك عَن ثَوْر عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس قلت وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس [633] عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ يَقُول لَا يَصُوم إِلَّا من أجمع الصّيام قبل الْفجْر عَن بن شهَاب عَن عَائِشَة وَحَفْصَة زَوجي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل ذَلِك قَالَ فِي الاستذكار رَوَاهُ يحيى بن أَيُّوب عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عَن حَفْصَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لم يجمع الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ وَهُوَ أحسن مَا رُوِيَ مَرْفُوعا فِي هَذَا الْبَاب قلت أخرجه من هَذَا الطَّرِيق أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَقد رُوِيَ عَن نَافِع عَن بن عمر قَوْله وَهُوَ أصح وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن حَفْصَة أَنَّهَا كَانَت تَقول مَوْقُوف وَأخرجه أَيْضا من طَرِيق يُونُس وسُفْيَان وَابْن عُيَيْنَة وَمعمر ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عَن حَفْصَة بِهِ مَوْقُوف وَمن طَرِيق مَالك وَعبيد الله بن عمر كلَاما عَن نَافِع عَن بن عمر قَوْله وَقَالَ الصَّوَاب عندنَا فِي هَذَا الحَدِيث أَنه مَوْقُوف وَلم يَصح رَفعه لِأَن يحيى بن أَيُّوب لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ الْبَاجِيّ الْإِجْمَاع للصيام هُوَ الْعَزْم عَلَيْهِ وَالْقَصْد لَهُ

[634] لَا يزَال النَّاس بِخَير لأبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَا يزَال الدّين ظَاهرا مَا عجلوا الْفطر زَاد أَحْمد من حَدِيث أبي ذَر وأخروا السّحُور وَمَا ظرفية أَي مُدَّة فعلهم ذَلِك امتثالا للسّنة واقفين عِنْد حَدهَا وَبَين فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِلّة ذَلِك فَقَالَ لِأَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى يؤخرون وَلابْن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث سهل لَا تزَال أمتِي على سنتي مَا لم تنْتَظر بفطرها النُّجُوم [637] عَن أبي يُونُس مولى عَائِشَة زَاد بن وضاح فِي رِوَايَته عَن يحيى عَن عَائِشَة وَكَذَا لسَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ وأرسله عبد الله بن يحيى عَن أَبِيه فَلم يذكر عَن عَائِشَة

[638] عَن عبد ربه بن سعيد هُوَ أَخُو يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي بكر عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَخَالفهُ عَمْرو بن الْحَارِث فَرَوَاهُ عَن عبد ربه بن سعيد عَن عبد الله بن كَعْب عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن من جماع غير احْتِلَام قصدت بذلك الْمُبَالغَة فِي الرَّد والمنفي على إِطْلَاقه لَا مَفْهُوم لَهُ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يَحْتَلِم إِذْ الِاحْتِلَام من الشَّيْطَان وَهُوَ مَعْصُوم مِنْهُ إِنَّمَا أخبرنيه مخبر سَمَّاهُ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ الْفضل بن الْعَبَّاس [642] عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقبل بعض أَزوَاجه وَهُوَ صَائِم ثمَّ ضحِكت زَاد بن أبي شيبَة من طَرِيق شريك عَن هِشَام فِي هَذَا الحَدِيث فظننا أَنَّهَا هِيَ وَبِذَلِك عرفنَا حِكْمَة ضحكها إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا صَاحِبَة الْقِصَّة ليَكُون أبلغ فِي الثِّقَة بهَا [646] مَالك أَنه بلغه أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت إِذا ذكرت الحَدِيث وَصله مُسلم من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة وَمن طَرِيق الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود وعلقمة عَن عَائِشَة

[650] عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح قَالَ الْقَابِسِيّ هَذَا الحَدِيث من مرسلات الصَّحَابَة لِأَن بن عَبَّاس كَانَ فِي هَذَا السّفر مُقيما مَعَ أَبَوَيْهِ بِمَكَّة فَلم هَذِه الْقِصَّة وَكَأَنَّهُ سَمعهَا من غَيره من الصَّحَابَة الكديد بتفح الْكَاف وَكسر الدَّال الْمُهْملَة مَكَان بَين عسفان وقديد وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بالأحدث فالأحدث هُوَ قَول بن شهَاب كَمَا بَين فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَظَاهره انه ذهب إِلَى أَن الصَّوْم فِي السّفر مَنْسُوخ وَلم يُوَافق على ذَلِك [651] بالعرج قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء قَرْيَة جَامِعَة من عمل الْفَرْع على أَيَّام من الْمَدِينَة [652] عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ سافرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يعب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم قَالَ بن عبد الْبر بَلغنِي عَن بن وضاح أَنه كَانَ يَقُول إِن مَالِكًا لم يُتَابع عَلَيْهِ فِي لَفظه وَإِن غَيره يرويهِ عَن حميد عَن أنس قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسافرون فيصوم بضعهم وَيفْطر بَعضهم فَلَا يعيب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم لَيْسَ فِيهِ ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَنه كَانَ يشاهدهم فِي حَالهم هَذِه قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا عِنْدِي قلَّة اتساع فِي علم الْأَثر وَقد تَابع مَالِكًا على ذَلِك جمَاعَة من الْحفاظ مِنْهُم أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَأَبُو حَمْزَة أنس بن عِيَاض وَمُحَمّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ كلهم عَن حميد قَالَ وَمَا أعلم أحدا روى هَذَا الحَدِيث كَمَا قَالَ بن وضاح إِلَّا شَيْخه مُحَمَّد بن مَسْعُود عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن حميد انْتهى

[653] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ قَالَ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَقَالَ بِسَائِر أَصْحَاب مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن حَمْزَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة عَن هِشَام مِنْهُم بن عُيَيْنَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَاللَّيْث بن سعد ووكيع وَيحيى الْقطَّان وَمُحَمّد بن عجلَان وَعبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان وَيحيى بن هَاشم وَيحيى بن عبد الله بن سَالم وَعَمْرو بن هَاشم وَابْن نمير وَأَبُو أُمَامَة وَأَبُو مُعَاوِيَة وَأَبُو حَمْزَة وَأَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَرَوَاهُ أَبُو معشر الْمدنِي وَجَرِير بن عبد الحميد والمفضل بن فضَالة ثَلَاثَتهمْ عَن هِشَام عَن أَبِيه أَن حَمْزَة لما رَوَاهُ يحيى عَن مَالك وَرَوَاهُ بن وهب فِي موطئِهِ عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة بن الزبير عَن أبي مراوح عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ أَنه قَالَ فَهَذَا أَبُو الْأسود وَهُوَ ثَبت فِي عُرْوَة وَغَيره قد خَالف هشاما فَجعل الحَدِيث عَن عُرْوَة عَن أبي مراوح عَن حَمْزَة وَذَلِكَ يدل على أَن رِوَايَة يحيى لَيست بالْخَطَأ وَيجوز أَن يكون عُرْوَة سَمعه من عَائِشَة وَمن أبي مراوح جَمِيعًا عَن حَمْزَة فَحدث بِهِ عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وأرسله أَحْيَانًا وَقد روى سليم بن يسَار هَذَا الحَدِيث عَن حَمْزَة وسنه قريب من سنّ عُرْوَة انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر رَوَاهُ الْحفاظ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن حَمْزَة بن عَمْرو قَالَ وَرَوَاهُ عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن النَّسَائِيّ والداروردي عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَيحيى بن عبد الله بن سَالم عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ ثَلَاثَتهمْ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن حَمْزَة بن عَمْرو وجعلوه من مُسْند حَمْزَة وَالْمَحْفُوظ أَنه من مُسْند عَائِشَة وَيحْتَمل أَن هَؤُلَاءِ لم يقصدوا بقَوْلهمْ عَن حَمْزَة الرِّوَايَة عَنهُ وَإِنَّمَا أَرَادوا الاخبار عَن حكايته فالتقدير عَن عَائِشَة عَن قصَّة حَمْزَة أَنه قَالَ لَكِن صَحَّ مَجِيء الحَدِيث من رِوَايَة حَمْزَة فَأخْرجهُ مُسلم من طَرِيق أبي الْأسود عَن عُرْوَة عَن أبي مراوح عَن حَمْزَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عُرْوَة وَلكنه أسقط أَبَا مراوح وَالصَّوَاب إثْبَاته وَهُوَ مَحْمُول على أَن لعروة فِيهِ طَرِيقين سَمعه من عَائِشَة وسَمعه من أبي مراوح عَن حَمْزَة انْتهى

[657] عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَكَذَا توارد عَلَيْهِ أَصْحَاب الزُّهْرِيّ وهم أَكثر من أَرْبَعِينَ نفسا جمعتهم فِي جُزْء مُفْرد مِنْهُم بن عُيَيْنَة وَاللَّيْث بن سعد وَمَنْصُور وَمعمر عِنْد الشَّيْخَيْنِ وَالْأَوْزَاعِيّ وَشُعَيْب وَإِبْرَاهِيم بن سعد عِنْد البُخَارِيّ وَابْن جريج عِنْد مُسلم وَيحيى بن سعيد وعراك بن مَالك عِنْد النَّسَائِيّ وَعبد الْجَبَّار بن عمر عِنْد أبي عوَانَة وَعبد الرَّحْمَن بن مُسَافر عِنْد الطَّحَاوِيّ وَعقيل عِنْد بن خُزَيْمَة وَابْن أبي حَفْصَة عِنْد أَحْمد وَيُونُس وحجاج بن أَرْطَاة وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَمُحَمّد بن إِسْحَاق عِنْد الْبَزَّار وَخَالفهُم هِشَام بن سعد فَرَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَغَيره قَالَ الْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عوَانَة أَخطَأ فِيهِ هِشَام بن سعد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد تَابعه عبد الْوَهَّاب نب عَطاء عَن مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة عِنْد أَحْمد فَيحْتَمل أَن يكون الحَدِيث عِنْد الزُّهْرِيّ عَنْهُمَا فقد جَمعهمَا عَن صَالح بن أبي الْأَخْضَر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل أَن رجلا جزم عبد الْغَنِيّ وَابْن بشكوال فِي المبهمات بِأَنَّهُ سلمَان أَو سَلمَة بن صَخْر البياضي وروى بن عبد الْبر من طَرِيق سعيد بن بشير عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب أَن الرجل اذي وَقع على امْرَأَته فِي رَمَضَان فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ سلمَان بن صَخْر وَقَالَ أَظُنهُ وهما لِأَن الْمَحْفُوظ أَنه ظَاهر وَقَالَ بن حجر يحْتَمل وُقُوع الْأَمريْنِ لَهُ أفطر فِي رَمَضَان قَالَ الْبَاجِيّ اخْتلفت رُوَاة هَذَا الحَدِيث فِي لَفظه فَقَالَ أَصْحَاب الْمُوَطَّأ وَأكْثر الروَاة عَن مَالك أفطر وَقَالَ جمَاعَة جَامع بعرق بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالرَّاء وقاف وَرُوِيَ بِإِسْكَان الرَّاء وَالْفَتْح أشهر رِوَايَة ولغة وَقد فسره الزُّهْرِيّ فِي رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ بِأَنَّهُ المكتل قَالَ الْأَخْفَش سمي المكتل عرقا لِأَنَّهُ يضفر عرقه والعرق جمع عرقة كعلق وعلقة والعرقة الضفيرة من الخوص

[658] يضْرب نَحره وينتف شعره زَاد الدَّارَقُطْنِيّ ويحثى على رَأسه التُّرَاب قَالَ فَهَل تَسْتَطِيع أَن تهدى بَدَنَة قَالَ بن عبد الْبر جَمِيع مَا ذكر فِي هَذَا الحَدِيث مَحْفُوظ من رِوَايَة الثِّقَات الاثبات إِلَّا هَذِه الْجُمْلَة فانها غير مَحْفُوظَة [662] كَانَ يَوْم عَاشُورَاء هُوَ بِالْمدِّ على الْمَشْهُور وَحكى فِيهِ الْقصر وَزعم بن دُرَيْد أَنه اسْم إسلامي لَا يعرف فِي الْجَاهِلِيَّة ورد على بن دحْيَة وَاخْتلف أهل الشَّرْع فِي تَعْيِينه فَقَالَ الْأَكْثَر هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر من الْمحرم قَالَ بن الْمُنِير وَهُوَ مُقْتَضى الِاشْتِقَاق وَالتَّسْمِيَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ عَاشُورَاء مصدر معدول عَن عاشرة للْمُبَالَغَة والتعظيم وَهُوَ فِي الأَصْل صفة لليلة الْعَاشِرَة لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْعشْر الَّذِي هُوَ اسْم العقد وَالْيَوْم مُضَاف إِلَيْهَا فَإِذا قيل يَوْم عَاشُورَاء فَكَأَنَّهُ قيل يَوْم اللَّيْلَة الْعَاشِرَة إِلَّا أَنَّهُمَا لما عدلوا بِهِ عَن الصّفة غلبت عَلَيْهِ الاسمية فاستغنوا عَن الْمَوْصُوف فحذفوا اللَّيْلَة فَصَارَ هَذَا اللَّفْظ علما على الْيَوْم الْعَاشِر وَذكر أَبُو مَنْصُور الجواليقي أَنه لم يسمع فاعولاء إِلَّا هَذَا وضاروراء وساروراء ودالولاء من الضار والسار وَالدَّال وَزَاد بن دحْيَة عَن بن الْأَعرَابِي خابوراء وَقيل هُوَ الْيَوْم التَّاسِع قَالَ بن الْمُنِير فعلى الأول الْيَوْم مُضَاف لليلة الْمَاضِيَة وعَلى الثَّانِي هُوَ مُضَاف لليلة الْآتِيَة يَوْمًا تصومه قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْمجْلس الثَّالِث من مجَالِس الباغندي الْكَبِير عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن صَوْم قُرَيْش عَاشُورَاء فَقَالَ أذنبت قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة فَعظم فِي صُدُورهمْ فَقيل لَهُم صُومُوا عَاشُورَاء يكفره

[663] عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه سمع مُعَاوِيَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَكَذَا رَوَاهُ مَالك وَتَابعه يُونُس وَصَالح بن كيسَان وَابْن عُيَيْنَة وَغَيرهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَقَالَ النُّعْمَان بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد كِلَاهُمَا عَن مُعَاوِيَة وَالْمَحْفُوظ رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن قَالَه النَّسَائِيّ وَغَيره وَلم يكْتب عَلَيْكُم صِيَامه إِلَى آخِره قَالَ الْحَافِظ بن حجر هُوَ كُله من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا بَينه النَّسَائِيّ فِي رِوَايَته [667] نهى عَن الْوِصَال هُوَ إمْسَاك اللَّيْل مَعَ النَّهَار

[668] إيَّاكُمْ والوصال إيَّاكُمْ والوصال عِنْد بن أبي شيبَة من رِوَايَة أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة ثَلَاث مَرَّات إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني لِأَحْمَد وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة إِنِّي أظل عِنْد رَبِّي فيطعمني ويسقيني وللإسماعيلي من حَدِيث عَائِشَة أظل عِنْد الله يطعمني ويسقيني وَلابْن أبي شيبَة من مُرْسل الْحسن إِنِّي أَبيت عِنْد رَبِّي وَاخْتلف فِي ذَلِك فَقيل هُوَ على حَقِيقَته وَأَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤْتى بِطَعَام وشراب من عِنْد الله كَرَامَة لَهُ فِي ليَالِي صِيَامه وَطَعَام الْجنَّة وشرابها لَا يجْرِي عَلَيْهِ احكام التَّكْلِيف قَالَ بن الْمُنِير الَّذِي يفْطر شرعا انما هُوَ الطَّعَام الْمُعْتَاد وَأما الخارق للْعَادَة كالمحضر من الْجنَّة فعلى غير هَذَا الْمَعْنى وَلَيْسَ تعاطيه من جنس الْأَعْمَال وَإِنَّمَا هُوَ من جنس الثَّوَاب كَأَكْل أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة والكرامة لَا تبطل الْعِبَادَة فَلَا يبطل بذلك صَوْمه وَلَا يَنْقَطِع وصاله وَلَا ينقص أجره وَقَالَ جمَاعَة هُوَ مجَاز عَن لَازم الطَّعَام وَالشرَاب وَهُوَ الْقُوَّة فَكَأَنَّهُ قَالَ قُوَّة الْآكِل الشَّارِب وَيفِيض على مَا يسد مسد الطَّعَام وَالشرَاب وَيُقَوِّي على أَنْوَاع الطَّاعَة من غير ضعف فِي الْقُوَّة ولاب كلال فِي الاحساس وَالْمعْنَى أَن الله يخلق فِيهِ من الشِّبَع والري مَا يُغْنِيه عَن الطَّعَام وَالشرَاب فَلَا يحس بجوع وَلَا عَطش وجنح بن الْغَيْم إِلَى ان المُرَاد أَنه يشْغلهُ بالتفكر فِي عَظمته والتملي بمشاهدته والتغذي بمعارفه وقرة الْعين بمحبته والاستغراق فِي مناجاته والاقبال عَلَيْهِ عَن الطَّعَام وَالشرَاب قَالَ وَقد يكون هَذَا الْغذَاء أعظم من غذَاء الأجساد وَمن لَهُ أدنى ذوق وتجربة يعلم اسْتغْنَاء الْجِسْم بغذاء الْقلب وَالروح عَن كثير من الْغذَاء الجسماني انْتهى

[676] عَن بن شهَاب أَن عَائِشَة وَحَفْصَة زَوجي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبحتا صائمتين وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن يحيى عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ لَا يَصح عَن مَالك إِلَّا الْمُرْسل وَوَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبَة وَصَالح بن كيسَان وَيحيى بن سعيد ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ هَذَا خطأ وَالصَّوَاب عَن الزُّهْرِيّ مُرْسل وَوَصله التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق جَعْفَر بن برْقَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ روى صَالح بن أبي الْأَخْضَر وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة هَذَا عَن الزُّهْرِيّ هَكَذَا وروى مَالك وَمعمر وَعبيد الله بن عمر وَزِيَاد بن سعيد وَغير وَاحِد من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة مُرْسلا وَهَذَا أصح وَعَن عَليّ بن عِيسَى بن يزِيد الْبَغْدَادِيّ عَن روح بن عبَادَة عَن بن جريج قَالَ سَأَلت الزُّهْرِيّ فَقلت لَهُ أحَدثك عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ لم اسْمَع من عُرْوَة فِي هَذَا شَيْئا وَلَكِن سَمِعت فِي خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك من نَاس عَن بعض من سَأَلَ عَائِشَة عَن هَذَا الحَدِيث وَوَصله النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق سُفْيَان بن حُسَيْن وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ هَذَا خطأ وسُفْيَان بن حُسَيْن وجعفر بن برْقَان ليسَا بالقويين فِي الزُّهْرِيّ وَلَا بَأْس بهما فِي غير الزُّهْرِيّ وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر ضَعِيف فِي الزُّهْرِيّ وَفِي غَيره قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة سَأَلُوا الزُّهْرِيّ وَأَنا شَاهد أهوَ عَن عُرْوَة فَقَالَ لَا وَوَصله أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق وهيب عَن حَيْوَة بن شُرَيْح زَاد النَّسَائِيّ وَعمر بن مَالك كِلَاهُمَا عَن يزِيد بن الْهَاد عَن زميل مولى عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ النَّسَائِيّ زميل لَيْسَ بالمشهور وَقَالَ البُخَارِيّ لَا يعرف لزميل سَماع من عُرْوَة وَلَا ليزِيد من زميل وَلَا تقوم بِهِ الْحجَّة وَوَصله النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق بن وهب عَن جرير بن حَازِم عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة وَقَالَ هَذَا خطأ

[680] عَن يحيى بن سعيد قَالَ الْحَافِظ بن حجر هُوَ الْأنْصَارِيّ قَالَ وَذهل من قَالَ إِنَّه الْقطَّان لِأَنَّهُ لم يدْرك أَبَا سَلمَة عَن أبي سَلمَة فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ سَمِعت أَبَا سَلمَة أَنه سمع عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقول إِن كَانَ ليَكُون على الصّيام من رَمَضَان فَمَا أَسْتَطِيع أصومه حَتَّى يَأْتِي شعْبَان زَاد البُخَارِيّ قَالَ يحيى للشغل بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وللترمذي وَابْن خُزَيْمَة من طَرِيق عبد الله الْبَهِي عَن عَائِشَة قَالَت مَا قضيت شَيْئا مِمَّا يكون عَليّ من رَمَضَان إِلَّا فِي شعْبَان حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [682] الصّيام جنَّة زَاد سعيد بن مَنْصُور عَن مُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد من النَّار وَلأَحْمَد من طَرِيق أبي يُونُس عَن أبي هُرَيْرَة جنَّة وحصن حُصَيْن من النَّار وللنسائي من حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ جنَّة كجنة أحدكُم من الْقِتَال وَلأَحْمَد من حَدِيث أبي عبيد بن الْجراح جنَّة مَا لم يخرقها زَاد الدَّارمِيّ بالغيبة وَالْجنَّة بِضَم الْجِيم الْوِقَايَة والستر قَالَ بن الْعَرَبِيّ انما كَانَ الصَّوْم جنَّة من النَّار لِأَنَّهُ إمْسَاك عَن الشَّهَوَات وَالنَّار محفوفة الشَّهَوَات فَإِذا كَانَ أحدكُم صَائِما فَلَا يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا والرفث الْكَلَام الْفَاحِش وَلَا يجهل أَي لَا يفعل شَيْئا من أَفعَال أهل الْجَهْل كالصياح والسفه وَنَحْو ذَلِك ولسعيد بن مَنْصُور من طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه وَلَا يُجَادِل قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَا يفهم من هَذَا أَن ذَلِك يُبَاح فِي غير الصَّوْم وَإِنَّمَا المُرَاد ان الْمَنْع من ذَلِك يتَأَكَّد بِالصَّوْمِ فَلْيقل إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم اخْتلف هَل يُخَاطب بهَا الشاتم أَو يَقُولهَا فِي نَفسه وَبِالثَّانِي جزم المتولى وَنَقله الرَّافِعِيّ عَن الْأَئِمَّة وَرجح النَّوَوِيّ الأول فِي الْأَذْكَار وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب كل مِنْهُمَا حسن وَالْقَوْل بِاللِّسَانِ أقوى وَلَو جَمعهمَا كَانَ حسنا وَنقل الزَّرْكَشِيّ أَن ذكرهَا فِي الحَدِيث مرَّتَيْنِ إِشَارَة لذَلِك فيقولها بِقَلْبِه بكف نَفسه وبلسانه لكف خَصمه وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ إِن كَانَ رَمَضَان فبلسانه وَإِلَّا فَفِي نَفسه وَادّعى بن الْعَرَبِيّ أَن مَوضِع الْخلاف فِي النَّفْل وَأما فِي الْفَرْض فيقوله بِلِسَانِهِ قطعا

[683] لخلوف فَم الصَّائِم بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَاللَّام وَسُكُون الْوَاو وَفَاء وَقَالَهُ بَعضهم بِفَتْح الْخَاء فَقيل هُوَ خطأ وَقيل لُغَة قَليلَة وَهُوَ تغير رَائِحَة الْفَم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك اخْتلف فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى منزه عَن استطابة الروائح فَقَالَ الْمَازرِيّ هُوَ مجَاز لِأَنَّهُ جرت الْعَادة بتقريب الروائح الطّيبَة منا فاستعير ذَلِك لتقريب الصَّوْم من الله فَالْمَعْنى انه أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك عنْدكُمْ أَي يقرب إِلَيْهِ أَكثر من تقريب الْمسك إِلَيْكُم وَقيل إِن ذَلِك فِي حق الْمَلَائِكَة وانهم يستطيبون ريح الخلوف أَكثر مِمَّا يستطيبون ريح الْمسك وَقيل الْمَعْنى أَن الله يجْزِيه فِي الْآخِرَة فَتكون نكهته أطيب من ريح الْمسك كَمَا يَأْتِي المكلوم وريح جرحه يفوح مسكا وَقيل الْمَعْنى ان الخلوف أَكثر ثَوابًا من الْمسك الْمَنْدُوب إِلَيْهِ فِي الْجمع والأعياد ومجالس الذّكر وَالْخَيْر وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَنقل القَاضِي حُسَيْن فِي تَعْلِيقه أَن للطاعات يَوْم الْقِيَامَة ريحًا يفوح قَالَ فرائحة الصّيام فِيهَا بَين الْعِبَادَات كالمسك فَائِدَة قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب كَانَ وَقع نزاع بَين الشَّيْخ أبي عَمْرو بن الصّلاح وَالشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن عبد السَّلَام فِي أَن هَذَا الطّيب فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أم فِي الْآخِرَة خَاصَّة فَقَالَ بن عبد السَّلَام فِي الْآخِرَة خَاصَّة لِأَن فِي رِوَايَة لمُسلم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ بن الصّلاح هُوَ عَام فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَاسْتدلَّ بأَشْيَاء كَثِيرَة مِنْهَا مَا فِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان لخلوف فَم الصَّائِم حِين يخلف أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وروى الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده من حَدِيث جَابر أَعْطَيْت أمتِي فِي شهر رَمَضَان خمْسا قَالَ وَأما الثَّانِيَة فانهم يمسون وخلوف أَفْوَاههم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك حسنه أَبُو بكر السَّمْعَانِيّ فِي أَمَالِيهِ وكل وَاحِد من الْحَدِيثين صَرِيح بِأَنَّهُ فِي وَقت وجود الخلوف فِي الدُّنْيَا مُتَحَقق وَصفه بِكَوْنِهِ أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك قَالَ وَقد قَالَ الْعلمَاء شرقا وغربا معنى مَا ذكرته فِي تَفْسِيره قَالَ الْخطابِيّ طيبه عِنْد الله رِضَاهُ بِهِ وثناؤه وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ أزكى عِنْد الله وَأقرب إِلَيْهِ وَأَرْفَع عِنْده من ريح الْمسك وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي شرح السّنة مَعْنَاهُ الثَّنَاء على الصَّائِم وَالرِّضَا بِفِعْلِهِ وَكَذَا قَالَه الْقَدُورِيّ إِمَام الْحَنَفِيَّة فِي كِتَابه فِي الْخلاف مَعْنَاهُ أفضل عِنْد الله من الرَّائِحَة الطّيبَة وَمثله قَالَ الْبونِي من قدماء الْمَالِكِيَّة وَكَذَا قَالَه أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي وَأَبُو بكر السَّمْعَانِيّ وَأَبُو حَفْص بن الصفار الشافعيون فِي أماليهم وَأَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْمُسلمين شرقا وغربا لم يذكرُوا سوى مَا ذكرته وَلم يذكر أحد مِنْهُم وَجها بتخصيصه بِالآخِرَة مَعَ أَن كتبهمْ جَامِعَة للوجوه الْمَشْهُورَة والغريبة وَمَعَ أَن الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا ذكر يَوْم الْقِيَامَة مَشْهُورَة فِي الصَّحِيح بل جزموا بِأَنَّهُ عبارَة عَن الرَّجَاء وَالْقَبُول وَنَحْوهمَا مِمَّا هُوَ ثَابت فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأما ذكر يَوْم الْقِيَامَة فِي تِلْكَ الرِّوَايَة فُلَانُهُ يَوْم الْجَزَاء وَفِيه يظْهر رُجْحَان الخلوف فِي الْمِيزَان على الْمسك الْمُسْتَعْمل لدفع الرَّائِحَة الكريهة طلبا لرضا الله حَيْثُ يُؤمر باجتنابها واجتلاب الرَّائِحَة الطّيبَة كَمَا فِي الْمَسَاجِد والصلوات وَغَيرهَا من الْعِبَادَات فَخص يَوْم الْقِيَامَة بِالذكر فِي رِوَايَة لذَلِك كَمَا خص فِي قَوْله تَعَالَى إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ وَأطلق فِي بَاقِي الرِّوَايَات نظرا إِلَى أَن أصل أفضليته ثَابت فِي الدَّاريْنِ انْتهى إِنَّمَا يذر شَهْوَته وَطَعَامه وَشَرَابه من أَجلي لِأَحْمَد من طَرِيق إِسْحَاق بن الطباع عَن مَالك قبله يَقُول الله عز وَجل وَفِي فَوَائِد سمويه يتْرك شَهْوَته من الطَّعَام وَالشرَاب من أَجلي فالصيام لي وَأَنا أجزي بِهِ الْفَاء وَاخْتلف الْعلمَاء فِي معنى هَذَا الْكَلَام مَعَ أَن الْأَعْمَال كلهَا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بهَا على أَقْوَال أظهرها قَولَانِ أَحدهمَا أَن الصَّوْم لَا يَقع فِيهِ الرِّيَاء كَمَا يَقع فِي غَيره وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث الصّيام لَا رِيَاء فِيهِ قَالَ الله عز وَجل هُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَسَنَده ضَعِيف وَالثَّانِي أَن جَمِيع الْعِبَادَات يُوفى مِنْهَا مظالم للعباد إِلَّا الصّيام روى الْبَيْهَقِيّ عَن بن عُيَيْنَة قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسب الله عَبده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الْمَظَالِم من عمله حَتَّى لَا يبْقى لَهُ إِلَّا الصَّوْم فيتحمل الله مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْمَظَالِم ويدخله بِالصَّوْمِ الْجنَّة وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث كل الْعَمَل كَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ رَوَاهُ أَحْمد وَقيل سَبَب اضافته إِلَى الله تَعَالَى أَنه لم يعبد بِهِ أحد غير الله بِخِلَاف السُّجُود وَالصَّدَََقَة وَالذكر وَغير ذَلِك فَإِن الْكفَّار عظموا بِهِ أصنامهم وَلم يعظموها بِالصَّوْمِ فِي عصر من الْأَعْصَار وَقيل لِأَنَّهُ لَيْسَ للصَّائِم وَنَفسه فِيهِ حَظّ وَقيل لِأَن الِاسْتِغْنَاء عَن الطَّعَام من صِفَات الله تَعَالَى فتقرب الصَّائِم بِمَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الصّفة وَإِن كَانَت صِفَات الله تَعَالَى لَا يشبهها شَيْء وَقيل مَعْنَاهُ أَنا الْمُنْفَرد بِعلم مِقْدَار ثَوَابه وتضعيف حَسَنَاته وَغَيره من الْعِبَادَات أظهر سُبْحَانَهُ بعض مخلوقاته على مِقْدَار ثَوَابه وَقيل هِيَ إِضَافَة تشريف كَقَوْلِه تَعَالَى نَاقَةَ اللَّهِ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ مَعَ أَن الْعَالم كُله لله تَعَالَى وَقيل مَعْنَاهُ أَنه أحب الْعِبَادَات إِلَيّ والمقدم عِنْدِي

[684] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ إِذا دخل رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة وغلقت أَبْوَاب النَّار وصفدت الشَّيَاطِين قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يكون رَأيا إِلَّا توقيفا وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا عَن حَدِيث أبي سُهَيْل قلت أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ وَغَيره عَن أبي سُهَيْل بِهِ مَرْفُوعا قَالَ القَاضِي عِيَاض يحْتَمل أَنه على ظَاهره وَحَقِيقَته وَإِن تفتيح أَبْوَاب الْجنَّة وتغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عَلامَة للْمَلَائكَة لدُخُول الشَّهْر وتعظيم لِحُرْمَتِهِ وَيكون التصفيد ليمنعوا من إِيذَاء الْمُؤمنِينَ والتهويش عَلَيْهِم وَيحْتَمل أَنه على الْمجَاز وَيكون إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الثَّوَاب والعظم وَإِن الشَّيَاطِين يقل اغواؤهم وإيذاؤهم فيصيرون كالمصفدين وَيكون تصفيدهم عَن أَشْيَاء دون أَشْيَاء لناس دون نَاس وَيحْتَمل أَن يكون فتح أَبْوَاب الْجنَّة عبارَة عَمَّا يَفْتَحهُ الله لِعِبَادِهِ من الطَّاعَات فِي هَذَا الشَّهْر الَّتِي لَا تقع فِي غَيره عُمُوما كالصيام وَالْقِيَام وَفعل الْخيرَات والانكفاف عَن كثير من المخالفات وَهَذِه أَسبَاب لدُخُول الْجنَّة وأبواب لَهَا وَكَذَلِكَ تغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عبارَة عَمَّا ينكفون عَنهُ من المخالفات وَمعنى صفدت عَنْك والصفد بِفَتْح الْفَاء الغل انْتهى وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ وَلم يرد عَنهُ وَرجح بن الْمُنِير الأول وَقَالَ لَا ضَرُورَة تَدْعُو إِلَى صرف اللَّفْظ عَن ظَاهره وَكَذَا رَجحه الْقُرْطُبِيّ وَقَالَ فَإِن قيل فَكيف نرى الشرور والمعاصي وَاقعَة فِي رَمَضَان كثيرا فَلَو صفدت الشَّيَاطِين لم يَقع ذَلِك فَالْجَوَاب أَنَّهَا تغل عَن الصائمين الصَّوْم الَّذِي حوفظ على شُرُوطه وروعيت آدابه والمصفد بعض الشَّيَاطِين وهم المردة لَا كلهم كَمَا روج فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَغَيره صفد الشَّيَاطِين مَرَدَة الْجِنّ وَالْمَقْصُود تقليل الشرور فِيهِ وَهَذَا أَمر محسوس فَإِن وُقُوع ذَلِك فِيهِ أقل من غَيره أَو لَا يلْزم من تصفيد جَمِيعهم إِلَّا يَقع شَرّ وَلَا مَعْصِيّة لأ لذَلِك أسبابا غير الشَّيَاطِين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة وَالشَّيَاطِين الانسية وَقَالَ الْحَلِيمِيّ يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالشياطين مسترقي السّمع مِنْهُم لأَنهم كَانُوا منعُوا فِي زمن نزُول الْقُرْآن من استراق السّمع فزيدوا التسلسل فِي رَمَضَان مُبَالغَة فِي الْحِفْظ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فَائِدَة تفتيح أَبْوَاب الْجنَّة تَوْقِيف الْمَلَائِكَة على استحماد فعل الصائمين وَأَنه من الله بِمَنْزِلَة عَظِيمَة وَفِيه إِذا علم الْمُكَلف بأخبار الصَّادِق مَا يزِيد فِي نشاطه ويتلقاه باريحية

[685] عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جُمْهُور رُوَاة الْمُوَطَّأ وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَجَمَاعَة عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة فَلم يذكر عمْرَة فِي هَذَا الحَدِيث وَكَذَا لم يذكر عمْرَة أَكثر أَصْحَاب بن شهَاب مِنْهُم معمر وسُفْيَان بن حُسَيْن وَزِيَاد بن سعد وَالْأَوْزَاعِيّ انْتهى قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك بِهِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن أبي مُصعب عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة وَقَالَ هَكَذَا رُوِيَ غيرواحد عَن مَالك وروى بَعضهم عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عمْرَة عَن عَائِشَة وَالصَّحِيح عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة وَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَبَقِيَّة السِّتَّة من طَرِيق اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي فِي الْأَطْرَاف قَالَ البُخَارِيّ هُوَ صَحِيح معن عُرْوَة وَعمرَة وَلَا أعلم أحدا قَالَ عَن عُرْوَة عَن عمْرَة غير مَالك وَعبيد الله بن عمر وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر رَوَاهُ اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ فَجمع بَين عُرْوَة وَعَمْرو وَرَوَاهُ يُونُس وَالْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وجده وَرَوَاهُ مَالك عَنهُ عَن عُرْوَة عَن عمْرَة قَالَ أَبُو دَاوُد وَغَيره لم يُتَابع عَلَيْهِ وَذكر البُخَارِيّ أَن عبيد الله بن عمر تَابع مَالِكًا وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ انا أَبَا أويس رَوَاهُ كَذَلِك عَن الزُّهْرِيّ وَاتَّفَقُوا على أَن الصَّوَاب قَول اللَّيْث وَإِن البَاقِينَ اختصروا مِنْهُ ذكر عمْرَة أَن ذكر عمْرَة فِي رِوَايَة مَالك من الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد وَقد رَوَاهُ بَعضهم عَن مَالك فَوَافَقَ اللَّيْث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا وَله أصل من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة من طَرِيق هِشَام عَن أَبِيه فِي الصَّحِيح وَهُوَ عِنْد النَّسَائِيّ من طَرِيق تَمِيم بن سَلمَة عَن عُرْوَة انْتهى كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اعْتكف يدني إِلَيّ رَأسه قَالَ الشَّيْخ بهاء الدّين السُّبْكِيّ هَذَا وأشباهه من الْمَوَاضِع الَّتِي يَجِيء خبر كَانَ فِيهَا جملَة شَرْطِيَّة لَا يدل على وجود الشَّرْط وَلَا الْجَزَاء لِأَن اعْتكف فعل مُسْتَقْبل الْمَعْنى لوُقُوعه بعد أَدَاة الشَّرْط وَكَانَ وَإِن دلّت على مُضِيّ مَضْمُون جبرها فمضمون الْخَبَر ترَتّب الْجَزَاء على الشَّرْط وَهُوَ كَونه إِذا وَقع مِنْهُ الِاعْتِكَاف يدني رَأسه وَهَذَا الْمَعْنى لَا يلْزم مِنْهُ وُقُوع الِاعْتِكَاف كَمَا لَو قلت كَانَ زيد إِن جَاءَ أكرمته لَا يلْزم وُقُوع الْمَجِيء مِنْهُ بل الْمَاضِي مَضْمُون الْجُمْلَة الخبرية بجملتها ومضمونها حُصُول الْجَزَاء عِنْد الشّرك وَفعل الشَّرْط قيد فِيهَا لَا بعض مِنْهَا وَلَا من مدلولها وَإِذا وَإِن دلّت على تَحْقِيق مَا دلّت عَلَيْهِ أَو رجحانه فَلَا يلْزم التحقق فِي الْخَارِج بل فِي الذِّهْن فَإِذا قلت زيد أكرمته فَمَعْنَى التحقق أَن الْمُتَكَلّم تحقق أَنه سيقع هَذَا الشَّرْط ول يلْزم مُطَابقَة هَذَا التحقق للْخَارِج لجَوَاز عدم الْمُطَابقَة وَقَول عَائِشَة كَانَ إِذا اعْتكف عَائِشَة تحقق أَن الِاعْتِكَاف سيقع فِي الْمُسْتَقْبل فَلَيْسَ دَالا على أَنه وَقع وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا دلَالَة عه على وُقُوع الْفِعْل مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَال وُرُود هَذَا الحَدِيث وَلَا قبله من هَذَا اللَّفْظ فَإِن قيل تحقق عَائِشَة أَنه سيقع يغلب على الظَّن وُقُوعه فَحِينَئِذٍ تصير الدّلَالَة خَارِجَة عَن اللَّفْظ هَذَا كَلَام الشَّيْخ بهاء الدّين وَألف وَالِده الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي الْجَواب عَن ذَلِك مؤلفا سَمَّاهُ قدر الْإِمْكَان المختطف فِي دلَالَة كَانَ إِذا اعْتكف قَالَ فِيهِ قَول عَائِشَة كَانَ إِذا اعْتكف ادّعى بعض الْفُضَلَاء أَنه لَا يدل على وُقُوع الِاعْتِكَاف وَادّعى آخَرُونَ أَنه يدل وَإِن دلَالَته على ذَلِك ضَرُورِيَّة وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فِي المأخذ فَمنهمْ من أَخذه من إِذا وَأَنَّهَا لَا تدخل إِلَّا على الْمَعْلُوم وَمِنْهُم من أَخذه من كَانَ وَالَّذِي أَقُول بعون الله انه يدل على وُقُوع الْجَزَاء مُطَابقَة وَأما الشَّرْط قيل لَهُ التزاما لَا مُطَابقَة وَإِن دلَالَته على ذَلِك من كَانَ لَا من إِذا وحها قطعا وَلَا من إِذا مَعَ كَانَ على الظَّاهِر وَأما منع الدّلَالَة على ذَلِك رَأْسا فتنكره الطباع وَلَا يتَرَدَّد أحد فِي فهم ذَلِك من الحَدِيث الْمَذْكُور وَمن مثل قَوْله كَانَ إِذا قَامَ من اللَّيْل يشوص فَاه بِالسِّوَاكِ وَكَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة بَدَأَ بشق رَأسه الْأَيْمن وَكَانَ إِذا تعار من اللَّيْل يَقُول وَكَانَ إِذا نَام نفخ وَكَانَ إِذا سجد جحا وَأَشْبَاه ذَلِك قَالَ فَإِن قلت مَا سَبَب فهم ذَلِك قلت بحثت فِيهِ مَعَ جمَاعَة من الْفُضَلَاء فَلم يفصحوا فِيهِ بِشَيْء ويكتفون بِمُجَرَّد الْفَهم وَمِنْهُم من يَكْتَفِي بالفهم وَلَا يزِيد عَلَيْهِ وَمِنْهُم من يَقُول هُوَ من تسويغ الْأَخْبَار إِذْ لَو تعلم بذلك لما كَانَ لَهَا أَن تخبر وَمِنْهُم من يَقُول قد يكون هَذَا من الْمعَانِي الَّتِي تفهم من المركبات من غير أَن يكون للمفردات دلَالَة عَلَيْهَا حِين الافراد وَمِنْهُم من لَا يصل ذهنه إِلَى شَيْء من ذَلِك ولعمري أَن مَانع الدّلَالَة أقرب إِلَى الْعذر من المنر عَلَيْهِ فِي الْعلم لِأَن الْمَانِع متمسك بقواعد الْعلم فِي مدلولات الْأَلْفَاظ غافل عَن نُكْتَة خُفْيَة وَالْمُنكر عَلَيْهِ إِنَّمَا مَعَه من التَّمَسُّك فهم يُشَارِكهُ فِيهِ الْعَوام فَلَا حمد لَهُ فِي ذَلِك وَإِنَّمَا يحمد على أَخذ الْمعَانِي من الْقَوَاعِد العلمية وَحقّ على طَالب الْعلم أَن يسْتَعْمل الْقَوَاعِد ويعرض المبحوث فِيهِ عَلَيْهَا ثمَّ يُرَاجع نَفسه وفهمه بِحَسب طبعه الْأَصْلِيّ وَمَا يفهمهُ عُمُوم النَّاس ثمَّ يوازن بَينهمَا مرّة بعد أُخْرَى حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ الْحق فِيهِ كَمَا يعرض الذَّهَب على المحك ويعلقه ثمَّ يعرضه حَتَّى يتَخَلَّص وَالَّذِي أقوله أَن الْجُمْلَة الاستقبالية إِذا وَقعت خَبرا لَكَانَ انقلبت مَاضِيَة الْمَعْنى لدلَالَة كَانَ على اقتران مَضْمُون الْخَبَر بِالزَّمَانِ الْمَاضِي فَكَانَ تدل على وُقُوع جَزَاء الشَّرْط وَهُوَ ادناء رَأسه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الزَّمَان الْمَاضِي عَن قَول عَائِشَة وَإِن كَانَ مُسْتَقْبلا عَن ابْتِدَاء كَونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي دلّت عَلَيْهِ كَانَ ودلالته على ذَلِك مُطَابقَة أَن جعلنَا الْمَحْكُوم بِهِ فِي الْجُمْلَة الشّرطِيَّة مُقَيّدا بِالشّرطِ وَإِن جعلنَا الْمَحْكُوم بِهِ النِّسْبَة لزم أَيْضا لِأَن النِّسْبَة بَين الشَّيْئَيْنِ مُتَأَخِّرَة عَنْهُمَا فتستلزم وجودهما فَتكون الدّلَالَة على الْجَزَاء بالاستلزام وَأما الدّلَالَة على الشَّرْط فبالاستلزام على كل تَقْدِير ثمَّ بسط الْكَلَام على ذَلِك ورد عَلَيْهِ وَلَده فِي مؤلف ورد هُوَ على وَلَده فِي مؤلف آخر وَقد سبقت جَمِيع مَا قَالَاه فِي كتابي الْفَتْح الْقَرِيب فِي حَوَاشِي مُغنِي اللبيب قَالَ بن عبد الْبر أَن يبل الشّعْر ثمَّ يمشط إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان فَسرهَا الزُّهْرِيّ بالبول وَالْغَائِط [686] عَن بن شهَاب عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يعْتَكف قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث ليحيى عَن مَالك عَن بن شهَاب وَهُوَ غلط وَخطأ مفرط لم يُتَابِعه أحد من رُوَاة الْمُوَطَّأ على قَوْله فِيهِ عَن بن شهَاب وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَالك عَن يحيى بن سعيد إِلَّا أَن رُوَاة الْمُوَطَّأ اخْتلفُوا فِي قطعه وَإِسْنَاده فَمنهمْ من يرويهِ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد أَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يذكر عمْرَة وَمِنْهُم من يرويهِ عَن مَالك عَن يحيى عَن عمْرَة لَا يذكر عَائِشَة وَمِنْهُم من يرويهِ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة فيصله ويسنده والْحَدِيث مَعْرُوف ليحيى بن سعيد من رُوَاته مَالك وَغَيره عَنهُ وَلَا يعرف لِابْنِ شهَاب لَا من حَدِيث مَالك وَلَا من حَدِيث غَيره وَهَذَا الحَدِيث فِيمَا فَاتَ يحيى سَمَاعه عَن مَالك فِي الْمُوَطَّأ فَرَوَاهُ عَن زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بشبطفر وَكَانَ ثِقَة عَن مَالك وَكَانَ يحيى بن يحيى قد سمع الْمُوَطَّأ مِنْهُ بالأندلس وَمَالك يَوْمئِذٍ حَيّ ثمَّ رَحل فَسَمعهُ من مَالك سوى ورقة فِي الِاعْتِكَاف لم يسْمعهَا أوشك فِي سماعهَا من مَالك فرواها عَن زِيَاد عَن مَالك وفيهَا هَذَا الحَدِيث فَلَا أَدْرِي مِمَّن جَاءَ الْغَلَط فِي هَذَا الحَدِيث أَمن يحيى أم من زِيَاد

[690] آلبر بِهَمْزَة اسْتِفْهَام ممدودة وَبِغير مد وَالْبر بِالنّصب تَقولُونَ بِهن أَي تظنون وَإِطْلَاق القَوْل على الظَّن مَعْرُوف فِي الْعَرَبيَّة ثمَّ انْصَرف إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء كَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خشِي أَن يكون الْحَامِل لَهُنَّ على ذَلِك المباهاة أَو التنافس النَّاشِئ عَن الْغيرَة فَيخرج الِاعْتِكَاف عَن مَوْضُوعه لعدم الْإِخْلَاص [692] عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر قَالَ بن عبد الْبر هَذَا أصح حَدِيث يرْوى فِي هَذَا الْبَاب الْوسط قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ بِضَم الْوَاو وَالسِّين جمع وسطى ويروى بِفَتْح السِّين مثل كبر وكبرى وَرَوَاهُ الْبَاجِيّ بإسكانها على أَنه جمع وَاسِط كباذل وبذل انْتهى وَالَّذِي فِي المتقي للباجي مَا نَصه وَقع فِي كتابي مُقَيّدا بِضَم الْوَاو والشين وَيحْتَمل عِنْدِي أَن يكون جمع وَاسِط قَالَ صَاحب الْعين وَاسِط الرجل مَا بَين قادمته وآخرته وَقَالَ أَبُو عبيد وسط الْبيُوت يسطها إِذا نزل وَسطهَا وَاسم الْفَاعِل من ذَلِك وَاسِط وَيُقَال فِي جمعه وسط كباذل وبذل وَأما الْوسط بِفَتْح الْوَاو وَالسِّين فَيحْتَمل أَن يكون جمع أوسطا وَهُوَ جمع وسيط كَمَا يُقَال كَبِير وأكبرا وأكبر وَيحْتَمل أَن يكون اسْما لجمع الْوَقْت على التَّوْحِيد كَمَا يُقَال وسط الدَّار ووسط الْوَقْت والشهر فَإِن كَانَ قرئَ بِفَتْح الْوَاو وَالسِّين فَهَذَا عِنْدِي مَعْنَاهُ انْتهى حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج فِيهَا من صبحها من اعْتِكَافه قَالَ بن عبد الْبر هَذِه رِوَايَة يحيى وَأبي كرّ وَالشَّافِعِيّ وَفِي رِوَايَة القعْنبِي وَابْن وهب وَابْن الْقَاسِم الَّتِي يخرج فهيا من اعْتِكَافه وَلم يَقُولُوا من صبحها وَقَالَ بن حزم هَذِه الرِّوَايَة مشكلة فَإِن ظَاهرهَا أَن خطبَته وَقعت فِي أول الْيَوْم الْحَادِي والعشري وعَلى هَذَا يكون أول ليَالِي اعْتِكَافه الآخر لَيْلَة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَهُوَ مُغَاير لقَوْله فِي آخر الحَدِيث فَأَبْصَرت عَيْنَايَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى جَبهته أثر المَاء والطين من صبح إِحْدَى وَعشْرين فَإِنَّهُ ظَاهر فِي أَن الْخطْبَة كَانَت فِي صبح الْيَوْم العشري وَوُقُوع الْمَطَر كَانَ فِي لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهُوَ الْمُوَافق لبَقيَّة الطّرق فَكَأَن فِي هَذِه الرِّوَايَة تجوزا أَي من الصُّبْح الَّذِي قبلهَا وَوجه الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ ذَلِك بِأَن معنى قَوْله حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين أَي حَتَّى إِذا كَانَ الْمُسْتَقْبل من اللَّيَالِي لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَوله وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج الضَّمِير يعود على اللَّيْلَة الْمَاضِيَة وَيُؤَيّد هَذَا قَوْله من كَانَ اعْتكف معي فليعتكف الْعشْر الأوار لِأَنَّهُ لَا يتم ذَلِك إِلَّا بِإِدْخَال اللَّيْلَة الأولى أريت هَذِه اللَّيْلَة بِضَم أَوله على الْبناء للْمَفْعُول أَي أعلمتها ثمَّ أنسيتها قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب قَالَ النفال لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه رأى الْمَلَائِكَة والأنوار عيَانًا ثمَّ نسي فِي أول لَيْلَة أَنه رأى ذَلِك لِأَن مثل هَذَا قل أَن ينسى وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه قيل لَهُ لَيْلَة الْقدر لَيْلَة كَذَا وَكَذَا ثمَّ نسي كَيفَ قيل لَهُ وَكَانَ الْمَسْجِد على عَرِيش أَي على مثل الْعَريش أنهه كَانَ مظللا بِالْجَرِيدِ والخوص وَلم يكن مُحكم الْبناء بِحَيْثُ يكن من الْمَطَر فوكف الْمَسْجِد أَي قطر المَاء من سقفه

[693] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ أنس بن عِيَاض أَبُو ضَمرَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَوْصُولا [694] تحروا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن عبد الله بن دِينَار بِلَفْظ تحروها لَيْلَة سبع وَعشْرين [695] عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله أَن عبد الله بن أنيس قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُنْقَطع فان أَبَا النَّضر لم يلق عبد الله بن أنيس وَلَا رَآهُ وَقد مُسلم من طَرِيق الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن أبي النَّضر عَن بسر بن سعيد عَن عبد الله بن أنيس بِلَفْظ حَدِيث أبي سعيد وَوَصله أَبُو دَاوُد من طَرِيق بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن ضَمرَة بن عبد الله بن أنيس عَن أَبِيه بِنَحْوِ حَدِيثه فِي الْمُوَطَّأ شاسع الدَّار فِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَنه كَانَ بالبادية [696] عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي سَنَده وَمَتنه وَإِنَّمَا الحَدِيث لأنس عَن عبَادَة بن الصَّامِت وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر خَالف مَالِكًا أَكثر أَصْحَاب حميد فَرَوَوْه عَنهُ عَن أنس عَن عبَادَة قَالَ وَصوب بن عبد الْبر إِثْبَات عبَادَة وَإِن الحَدِيث من مُسْنده أريت هَذِه اللَّيْلَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر يحْتَمل أَن يكون من رَأْي العلمية أَو من رَأْي البصرية تلاحى بِالْمُهْمَلَةِ أَي وَقعت بَينهمَا ملاحاة وَهِي الْمُخَاصمَة والمنازعة والمشاتمة وَالِاسْم اللحاء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ رجلَانِ قيل هما عبد الله بن أبي حَدْرَد وَكَعب بن مَالك قَالَ بن حدر ذكره بن دحْيَة وَلم يذكر لَهُ مُسْتَندا فَرفعت أَي رفع علم تَعْيِينهَا من قلبِي فَنسيته للاشتغال بالمتخاصمين وَهَذَا صَرِيح فِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تقدم لَهُ علمهَا وَهل أعلم بهَا بعد هَذَا النسْيَان قَالَ بن حجر فِيهِ احْتِمَال فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قَالَ بن عبد الْبر اخْتلف فِي ذَلِك فَقيل المُرَاد تاسعة تبقى فَتكون لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقيل تاسعة تمْضِي فَتكون لَيْلَة تسع وعشري وَكَذَا مَا بعْدهَا وبالأول جزم الْبَاجِيّ وَرجح بن حجر الثَّانِي

[697] مَالك أَنه ظَنّه أَن رجَالًا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى وَقوم وَرَوَاهُ القعْنبِي وَالشَّافِعِيّ وَابْن وهب وَابْن الْقَاسِم وَابْن بكير وَأكْثر الروَاة عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر أروا لَيْلَة الْقدر بِضَم أَوله على الْبناء للْمَفْعُول أَي قيل لَهُم فِي الْمَنَام انها فِي السَّبع الْأَوَاخِر والأرجح أَنَّهَا الَّتِي أَولهَا لَيْلَة أَربع وَعشْرين فَلَا يدْخل فِيهَا لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَلَا ثَلَاث وَعشْرين قَالَه بن حجر أرِي رؤياكم بِفتْحَتَيْنِ أَي أعلم أَو المُرَاد أبْصر مجَازًا تواطأت بِالْهَمْز أَي توافقت [698] مَالك أَنه سمع من يَثِق بِهِ من أهل الْعلم يَقُول أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرى أَعمار النَّاس قبله الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يعرف فِي غير الْمُوَطَّأ لَا مُسْندًا وَلَا مُرْسلا وَهُوَ أحد الْأَحَادِيث الَّتِي انْفَرد بهَا مَالك قلت لَكِن لَهُ شَوَاهِد من حَيْثُ الْمَعْنى مُرْسلَة فَأخْرج بن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره من طَرِيق بن وهب عَن مسلمة بن عَليّ عَن عَليّ بن عُرْوَة قَالَ ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا أَرْبَعَة من بني إِسْرَائِيل عبدُوا الله ثَمَانِينَ عَاما لم يعصوه طرفَة عين فَعجب الصَّحَابَة من ذَلِك فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ قد أنزل الله عَلَيْك خيرا من ذَلِك لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر هَذَا أفضل من ذَاك فسر بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس مَعَه وَأخرج بن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن مُجَاهِد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رجلا من بني إِسْرَائِيل كَانَ يقوم اللَّيْل حَتَّى يصبح ثمَّ يُجَاهد الْعَدو بِالنَّهَارِ حَتَّى يُمْسِي فعل ذَلِك ألف شهر فَعجب الْمُسلمُونَ من ذَلِك فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة لَيْلَةُ الْقَدْرِ خير من ألف شَهْرٍ قيام تِلْكَ اللَّيْلَة خير من عمل ذَلِك الرجل ألف شهر

كتاب الحج

[699] مَالك أَنه بلغه أَن سعيد بن الْمسيب كَانَ يَقُول من شهد الْعشَاء من اليلة الْقدر فقد أَخذ بحظه مِنْهَا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يكون رَأيا وَلَا يُؤْخَذ إِلَّا توقيفا ومراسيل سعيد أصح الْمَرَاسِيل قلت أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث أنس نَحوه تَتِمَّة اخْتلف الْعلمَاء فِي لَيْلَة الْقدر اخْتِلَافا كثيرا وأفردوها بالتصنيف وَمِمَّنْ ألف فِيهَا من الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ فَقيل إِنَّهَا رفعت أصلا ورأسا قَالَه الْحجَّاج الْوَالِي الظَّالِم والرافضة ويرادفه قَول من قَالَ إِنَّهَا لم تكن فِي سوى سنة وَاحِدَة فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل إِنَّهَا دَائِرَة فِي جَمِيع السّنة وَقيل إِنَّهَا لَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَقيل مُخْتَصَّة برمضان مُمكنَة فِي جَمِيع لياليه وَرجحه السُّبْكِيّ وَقَالَ السَّرخسِيّ فِي شرح الْهِدَايَة قَول أبي حنيفَة انها تنْتَقل فِي جَمِيع رَمَضَان وقو ل صَاحِبيهِ انها فِي لَيْلَة مُعينَة مِنْهُ مُبْهمَة وَكَذَا قَالَ النَّسَفِيّ فِي الْمَنْظُومَة وَلَيْلَة الْقدر بِكُل الشَّهْر دَائِرَة وعيناها فادر وَقيل هِيَ أول لَيْلَة من رَمَضَان رَوَاهُ بن أبي عَاصِم عَن أنس وَقَالَ لَا نعلم أحدا قَالَ ذَلِك غَيره وَقيل لَيْلَة النّصْف مننه وَقيل لَيْلَة سِتّ عشرَة وَقيل لَيْلَة سبع عشرَة وَقيل لَيْلَة ثَمَانِي عشرَة وَقيل لَيْلَة تسع عشرَة وَقيل إِنَّهَا مُبْهمَة فِي الْعشْر الْأَوْسَط وَقيل إِنَّهَا مُبْهمَة فِي الْعشْر الْأَخير وَقيل إِنَّهَا مُبْهمَة فِي السَّبع الْأَوَاخِر وَقيل هِيَ لَيْلَة الْحَادِي والعشري وَقيل كَذَلِك إِن كَانَ الشَّهْر نَاقِصا وَإِلَّا فليلة الْعشْرين قَالَه بن حزم وَقيل لَيْلَة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَقيل ثَلَاث وعشري وَقيل لَيْلَة أَربع وَعشْرين وَقيل لَيْلَة خمس وعشري وَقيل لَيْلَة سِتّ وعشري وَقيل لَيْلَة سبع وَعشْرين وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَاخْتَارَهُ خلائق وَحَكَاهُ الرَّوْيَانِيّ فِي الْحِلْية عَن أَكثر الْعلمَاء وَحَكَاهُ بن حجر عَن الْجُمْهُور وَقيل لَيْلَة ثَمَان وعشري وَقيل لَيْلَة تسع وعشري وَقيل لَيْلَة الثَّلَاثِينَ وَقيل انها تنْتَقل فِي النّصْف الآخير وَقيل انها تنْتَقل فِي الْعشْر الْأَخير كُله نَص عَلَيْهِ مَالك وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيّ قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب مَذْهَب الشَّافِعِي وَجُمْهُور أَصْحَابنَا أَنَّهَا منحصرة فِي الْعشْر الْأَوَاخِر مُبْهمَة علينا وَلكنهَا فِي لَيْلَة مُعينَة فِي نفس الْأَمر لَا تنْتَقل عَنْهَا وَلَا تزَال فِي تِلْكَ اللَّيْلَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وكل ليَالِي الْعشْر الْأَوَاخِر مُحْتَملَة لَهَا لَكِن ليَالِي الْوتر أرجاها وأرجى الأوتار عِنْد الشَّافِعِي لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَمَال الشَّافِعِي فِي مَوضِع آخر إِلَى ثَلَاث وعشري وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيّ مَذْهَب الشَّافِعِي أَن أرجاها لَيْلَة إِحْدَى وعشري وَقَالَ فِي الْقَدِيم إِحْدَى وَعشْرين أَو ثَلَاث وَعشْرين فهما أَرْجَى لياليها عِنْده وَبعدهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب أَنَّهَا منحصرة فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان وَقَالَ إمامان جليلان من أَصْحَابنَا وهما الْمُزنِيّ وَصَاحبه أَبُو بكر بن خُزَيْمَة انها منتقلة فِي ليَالِي الْعشْر تنْتَقل فِي بعض السنين إِلَى لَيْلَة وَفِي بَعْضهَا إِلَى غَيرهَا جمعا بَين الْأَحَادِيث وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْمُخْتَار لتعارض الْأَحَادِيث فِيهَا وَلَا طَرِيق إِلَى الْجمع بَين الْأَحَادِيث إِلَّا بانتقالها هَذَا كُله كَلَام النَّوَوِيّ وَقيل انها تنْتَقل فِي أوتار الْعشْر الْأَخير وَقيل إِنَّهَا تنْتَقل فِي السَّبع الْأَوَاخِر وَقيل إِنَّهَا فِي أشفاع الْعشْر الْأَوْسَط وَالْعشر الْأَخير وَذهب بعض الْمُتَأَخِّرين إِلَى أَنَّهَا دَائِما تكون لَيْلَة الْجُمُعَة قَالَ بن حجر وَلَا أصل لَهُ مهمة حكى الْحَافِظ بن حجر قولا وَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيفه أَنَّهَا خَاصَّة بِهَذِهِ الْأمة وَلم تكن فِي الْأُمَم قبلهَا وَقَالَ جزم بِهِ بن حبيب وَغَيره من الْمَالِكِيَّة وَنَقله صَاحب الْعدة من الشَّافِعِيَّة عَن الْجُمْهُور وَرجحه وحجتهم أثر مَالك فِي الْمُوَطَّأ فِي تقاصر الْأَعْمَار الحَدِيث قَالَ وَهَذَا مُحْتَمل للتأويل فَلَا يدْفع التَّصْرِيح فِي حَدِيث أبي ذَر عِنْد النَّسَائِيّ قَالَ قلت يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتكون مَعَ الْأَنْبِيَاء فَإِذا مَاتُوا رفعت أم هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ بل هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة انْتهى وَأَقُول هَذَا الحَدِيث أَيْضا يقبل التَّأْوِيل وَهُوَ أَن مُرَاده السُّؤَال هَل تخْتَص بِزَمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ترفع بعد مَوته لقَرِينَة مُقَابلَته ذَلِك بقوله أم هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَلَا يكون فِيهِ مُعَارضَة لأثر الْمُوَطَّأ وَقد ورد مَا يعضده فَفِي فَوَائِد أبي طَالب الْمُزَكي من حَدِيث أنس أَن الله وهب لأمتي لَيْلَة الْقدر وَلم يُعْطهَا من كَانَ قبلهم قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب لَيْلَة الْقدر مُخْتَصَّة بِهَذِهِ الْأمة زَادهَا الله شرفا وَلم تكن لمن قبلنَا هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور الَّذِي قطع بِهِ أَصْحَابنَا كلهم وجماهير الْعلمَاء هَذِه عِبَارَته قَالَ وَسميت لَيْلَة الْقدر أَي لَيْلَة الحكم والفصل وَقيل لعظم قدرهَا قَالَ ويراها من شَاءَ الله من بني آدم كَمَا تظاهرت عَلَيْهِ الْأَحَادِيث وأخبار الصَّالِحين قَالَ وَأما قَول الْمُهلب بن أبي صفرَة الْفَقِيه الْمَالِكِي لَا يُمكن رؤيتها حَقِيقَة لغلط انْتهى وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ الصَّحِيح أَنَّهَا لَا تعلم (كتاب الْحَج)

[700] عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَابْن وهب ومعن وَابْن الْقَاسِم وقتيبة بن سعيد وَغَيرهم وَقَالَ القعْنبِي وَابْن بكير وَابْن مهْدي وَيحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي عَن أَبِيه أَن أَسمَاء وعَلى كل حَال فَهُوَ مُرْسل لِأَن الْقَاسِم لم يلق أَسمَاء وَقد وَصله مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت نفست أَسمَاء الحَدِيث وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أبي بكر الصّديق وَرَوَاهُ بن عبد الْبر من طَرِيق إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي عَن عبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن بن عمر قَالَ وَلِهَذَا الِاخْتِلَاف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث أرْسلهُ مَالك فكثيرا مَا كَانَ يصنع ذَلِك بِالْبَيْدَاءِ هِيَ بِطرف ذِي الحليفة [701] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَن أَسمَاء بنت عُمَيْس الحَدِيث وَقفه مَالك وَرَوَاهُ بن وهب عَن اللَّيْث بن سعد وَيُونُس بن يزِيد وَعَمْرو بن الْحَارِث انهم أَخْبرُوهُ عَن بن شهَاب عَن سعيد بن المسين أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَسمَاء بنت عُمَيْس أم عبد الله بن جَعْفَر وَكَانَت عاركا أَن تَغْتَسِل ثمَّ تهل بِالْحَجِّ [703] عَن زيد بن أسلم عَن نَافِع عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين قَالَ بن عبد الْبر لم يُتَابع أحد من رُوَاة الْمُوَطَّأ يحيى على إِدْخَال نَافِع بَين زيد وَإِبْرَاهِيم وَهُوَ خطأ لَا شكّ فِيهِ وَهِي مِمَّا يحفظ من خطأ يحيى فِي الْمُوَطَّأ وغلطه بَين القرنين بِفَتْح الْقَاف تَثْنِيَة قرن وهم الخشبتان القائمتان على رَأس الْبِئْر وشبههما من الْبناء ويمد بَينهمَا خَشَبَة يجر عَلَيْهَا الْحَبل المستقى بِهِ ويعلق عَلَيْهَا البكرة [705] بِذِي طوى مثلث الطَّاء وَالْفَتْح أشهر مَقْصُور منون وَاد بِقرب مَكَّة

[707] أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلبسوا القمص إِلَى آخِره قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا من بديع الْكَلَام وجزله فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام سُئِلَ عَمَّا يلْبسهُ الْمحرم فَقَالَ لَا تلبسوا كَذَا كَذَا فَحصل فِي الْجَواب أَنه لَا يلبس الْمَذْكُورَات ويلبس مَا سوى ذَلِك فَكَانَ التَّصْرِيح بِمَا لَا يلبس أولى لِأَنَّهُ منحصر والملبوس لَهُ غير منحصر

[708] سُئِلَ مَالك عَمَّا ذكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من لم يجد إزارا فليلبس سَرَاوِيل هَذَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث جَابر بِهَذَا اللَّفْظ وَمن حَدِيث بن عَبَّاس بِنَحْوِهِ [719] عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت كنت اطيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإحرامه قبل أَن يحرم قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا حكم يخْتَص بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن مَالِكًا لَا يُجِيز لأحد من الْأمة اسْتِعْمَال الطّيب عِنْد الْإِحْرَام إِذا كَانَ طيبا يبْقى لَهُ رَائِحَة بعد الْإِحْرَام

[720] عَن حميد بن قيس عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طرق عَن عَطاء عَن صَفْوَان بن يعلى بن أُميَّة عَن أَبِيه بِهِ وَهُوَ بحنين قَالَ بن عبد الْبر المُرَاد مُنْصَرفه من غَزْوَة حنين والموضع الَّذِي لقِيه فِيهِ هُوَ الْجِعِرَّانَة [724] من ذِي الحليفة بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء من الْجحْفَة بجيم مَضْمُومَة ثمَّ حاء مُهْملَة سَاكِنة من قرن بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء وغلطوا من فتحهَا وَهُوَ مَصْرُوف لِأَنَّهُ اسْم جبل من يَلَمْلَم بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت واللامين وَهُوَ جبل من جبال تهَامَة [729] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل من الْجِعِرَّانَة بِعُمْرَة قَالَ بن عبد الْبر إِنَّمَا أحفظه مُسْندًا من حَدِيث محرش الكعبي الْخُزَاعِيّ وَهُوَ حَدِيث صَحِيح قلت أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أسيد عَن محرش بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَلَا يعرف لمحرش عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير هَذَا الحَدِيث

[730] لبيْك قَالَ الْجُمْهُور هِيَ مثناة للتكثير وَالْمُبَالغَة وَمَعْنَاهَا إِجَابَة بعد إِجَابَة ولزوما لطاعتك فَثنى للتوكيد لَا تَثْنِيَة حَقِيقِيَّة واشتقاقها من لب بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ وَلَزِمَه وَقيل من قَوْلهم دَاري تلب دَارك أَي تواجهها وَقيل من قَوْلهم حب لباب أَي خَالص مَحْض وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ معنى لبيْك أَي قربا مِنْك وَطَاعَة والالباب الْقرب قَالَ القَاضِي عِيَاض والاجابة بهَا لقَوْله تَعَالَى لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ أَن الْحَمد قَالَ النَّوَوِيّ يرْوى بِكَسْر الْهمزَة وَفتحهَا وَالْكَسْر أَجود على الِاسْتِئْنَاف وَالْفَتْح على التَّعْلِيل وَسَعْديك أَي مساعد لطاعتك بعد مساعد وَالرغْبَاء إِلَيْك قَالَ الْمَازرِيّ يرْوى بِفَتْح الرَّاء وَالْمدّ وبضم الرَّاء مَعَ الْقصر قَالَ القاشي عِيَاض وَحكى أَبُو عَليّ فِيهِ أَيْضا الْفَتْح مَعَ الْقصر وَمَعْنَاهَا الطّلب والمسئلة إِلَى من بِيَدِهِ الْأَمر وَالْمَقْصُود بِالْعَمَلِ الْمُسْتَحق لِلْعِبَادَةِ [731] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هُوَ مُسْند من حَدِيث بن عمر وَأنس وهما فِي الصَّحِيحَيْنِ أهل قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء الاهلال رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ عِنْد الدُّخُول فِي الْإِحْرَام [732] بيداؤكم هَذِه الَّتِي تكذبون على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا أَي تَقولُونَ أَنه أحرم مِنْهَا وَلم يحرم مِنْهَا

[733] إِلَّا اليمانيين بتَخْفِيف الْيَاء لِأَن الْألف بدل من إِحْدَى ياءي النّسَب وَلَا يجمع بَين الْبَدَل والمبدل وَفِي لُغَة قَليلَة تشديدها على أَن الْألف زَائِدَة وَالْمرَاد بهما الرُّكْن الْيَمَانِيّ والركن الَّذِي فِيهِ الْحجر الْأسود وَهُوَ الْعِرَاقِيّ على جِهَة التغليب تلبس بِفَتْح الْبَاء النِّعَال السبتية بِكَسْر السِّين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي الَّتِي لَا شهر فِيهَا وَهِي مُشْتَقَّة من السبت بِفَتْح السِّين وَهُوَ الْحلق ولإزالة وَقيل سميت بذلك لِأَنَّهَا سبتت بالدباغ أَي لانت قَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ السبت كل جلد مدبوغ وَقَالَ أَبُو زيد السبت جُلُود الْبَقر مدبوغة كَانَت وَغير مدبوغة وَقيل هُوَ نوع من الدّباغ يقْلع الشّعْر وَقَالَ بن وهب النِّعَال السبتية كَانَت سُودًا لَا شعر فِيهَا قَالَ القَاضِي عِيَاض وَكَانَ من عَادَة الْعَرَب لبس النِّعَال بشعرها غير مدبوغة وَكَانَت المدبوغة تعْمل بِالطَّائِف وَغَيره وَإِنَّمَا يلبسهَا أهل الرَّفَاهِيَة تصبغ بِضَم الْبَاء وَفتحهَا يَوْم التَّرويَة هُوَ الثَّامِن من ذِي الْحجَّة لِأَن النَّاس كَانُوا يتروون فِيهِ من المَاء أَي يحملونه مَعَهم من مَكَّة إِلَى عَرَفَات ليستعملوه فِي الشّرْب وَغَيره وَيتَوَضَّأ فِيهَا قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ يتَوَضَّأ ويلبسها وَرجلَاهُ رطبتان واما الصُّفْرَة فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصْبغ بهَا قَالَ الْمَازرِيّ قيل المُرَاد فِي هَذَا الحَدِيث صبغ الشّعْر وَقيل صبغ الثَّوْب قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَه لِأَنَّهُ لم ينْقل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبغ شعره وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا أظهر الْوَجْهَيْنِ

[736] عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عبد الْملك بن أبي بكر بن الْحَرْث بن هِشَام عَن خَلاد بن السَّائِب الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث اخْتلف فِي إِسْنَاده اخْتِلَافا كثيرا وَأَرْجُو أَن تكون رِوَايَة مَالك فِيهِ أصح فروى هَكَذَا وَرُوِيَ عَن خَلاد عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ وَرُوِيَ عَن خَلاد عَن أَبِيه عَن زيد بن خَالِد وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف قد رَوَاهُ مَالك وَابْن جريج وسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن عبد الْملك بن أبي بكر عَن خَلاد بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ وَكِيع عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن أبي لبيد عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب عَن خَلاد بن السَّائِب عَن زيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه بن ماجة وَتَابعه مُوسَى بن عقبَة عَن عبد الله بن أبي لبيد وَرَوَاهُ قبيصَة عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن أبي لبيد عَن الْمطلب عَن خَلاد بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن زيد بن خَالِد وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عمر عَن عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن الْمطلب عَن خَلاد بن السَّائِب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرُوِيَ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن خَلاد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيهِ عبد الْملك وَلَا السَّائِب وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ عَن عبد الله بن أبي بكر عَن خَلاد بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن زيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى [738] عَام حجَّة الْوَدَاع سميت بذلك لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودع النَّاس فِيهَا وَلم يحجّ بعد الْهِجْرَة غَيرهَا وَكَانَت سنة عشر من الْهِجْرَة

[739] عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افرد الْحَج قَالَ النَّوَوِيّ قد اخْتلفت رِوَايَات الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي صفة حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع هَل كَانَ مُفردا أم قَارنا أم مُتَمَتِّعا وَقد ذكر البُخَارِيّ وَمُسلم رواياتهم كَذَلِك وَطَرِيق الْجمع أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أَولا مُفردا ثمَّ أحرم بِالْعُمْرَةِ بعد ذَلِك وأدخلها على الْحَج فَصَارَ قَارنا فَمن روى الافراد فَهُوَ الأَصْل وَمن روى الْقرَان اعْتمد آخر الْأَمريْنِ وَمن روى التَّمَتُّع أَرَادَ التَّمَتُّع اللّغَوِيّ وَهُوَ الِانْتِفَاع والارتفاق وَقد ارتفق بالقران كارتفاق الْمُتَمَتّع وَزِيَادَة وَهُوَ الِاقْتِصَار على فعل وَاحِد وَبِهَذَا الْجمع تنتظم الْأَحَادِيث كلهَا ثمَّ قَالَ فَإِن قيل كَيفَ وَقع الِاخْتِلَاف بَين الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي صفة حجَّته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي حجَّة وَاحِدَة وكل وَاحِد يخبر عَن مُشَاهدَة فِي قصَّة وَاحِدَة قَالَ القَاضِي عِيَاض قد أَكثر النَّاس الْكَلَام على هَذِه الْأَحَادِيث فَمن مجيد منصف وَمن مقصر متكلف وَمن مطيل مكثر وَمن مقتصر مُخْتَصر قَالَ وأوسعهم فِي ذَلِك نفسا أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ فَإِنَّهُ تكلم فِي ذَلِك فِي زِيَادَة على ألف ورقة وَتكلم مَعَه فِي ذَلِك أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ ثمَّ أَبُو عبد الله بن أبي صفرَة ثمَّ الْمُهلب وَالْقَاضِي أَبُو عبد الله بن المرابط وَالْقَاضِي أَبُو الْحسن بن الْقصار الْبَغْدَادِيّ والحافظ أَبُو عمر بن عبد الْبر وَغَيرهم قَالَ القَاضِي عِيَاض وَأولى مَا يُقَال فِي هَذَا على مَا لخصناه من كَلَامهم واخترناه من اختياراتهم مِمَّا هُوَ اجْمَعْ للروايات وأشبه بمساق الْأَحَادِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَاحَ للنَّاس فعل هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة ليدل على جَوَاز جَمِيعهَا إِذْ لَو أَمر بِوَاحِد لَكَانَ يظنّ أَن غَيره لَا يَجْزِي فأضيف الْجَمِيع إِلَيْهِ وَأخْبر كل وَاحِد بِمَا أَمر بِهِ وأباحه وَنسبه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِمَّا لأَمره بِهِ وَإِمَّا لتأويله عَلَيْهِ وَأما أحرامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَفسِهِ فَأحْرم بالأفضل مُفردا بِالْحَجِّ وَبِه تظاهرت الرِّوَايَات الصَّحِيحَة وَأما الرِّوَايَات بِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعا فمعناها أَمر بِهِ وَأما الرِّوَايَات بِأَنَّهُ كَانَ قَارنا فاخبار عَن حَالَته الثَّانِيَة لَا عَن ابْتِدَاء إِحْرَامه بل إِخْبَار عَن حَاله حِين أَمر أَصْحَابه بالتحلل من حجهم وَقَلبه إِلَى عمْرَة لمُخَالفَة الْجَاهِلِيَّة إِلَّا من كَانَ مَعَه هدي فَكَانَ هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَه هدي فِي آخر إحرامهم قارنين بِمَعْنى أَنهم أدخلُوا الْعمرَة على الْحَج وَفعل ذَلِك مواساة لأَصْحَابه وتأنيسا لَهُم فِي فعلهَا فِي أشهر الْحَج لكَونهَا كَانَت مُنكرَة عِنْدهم فِي أشهر الْحَج وَلم يُمكنهُ التَّحَلُّل مَعَهم لسَبَب الْهَدْي وَاعْتذر إِلَيْهِم بذلك فِي ترك مواساتهم وَصَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَارنا فِي آخر أمره وَقد اتّفق جُمْهُور الْعلمَاء على جَوَاز إِدْخَال الْحَج على الْعمرَة وشذ بعض النَّاس فَمَنعه وَقَالَ لَا يدْخل إِحْرَام على إِحْرَام كَمَا لَا تدخل صَلَاة على صَلَاة وَاخْتلفُوا فِي إِدْخَال الْعمرَة على الْحَج فجوزه أَصْحَاب الرَّأْي وقو قَول الشَّافِعِي لهَذِهِ الْأَحَادِيث وَمنعه آخَرُونَ وَجعلُوا هَذَا خَاصّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لضَرُورَة الاعتمار حِينَئِذٍ فِي اشهر الْحَج وفعلها مَعَ الْحَج لِأَن لفظ التَّمَتُّع يُطلق على معَان فانتظمت الأحاديت واتفقت قَالَ القَاضِي وَقد قَالَ بعض عُلَمَائِنَا أَنه أحرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إحراما مُطلقًا ينْتَظر مَا يُؤمر بِهِ من إِفْرَاد أَو تمتّع أَو قرَان ثمَّ أَمر بِالْحَجِّ ثمَّ أَمر بِالْعُمْرَةِ مَعَه فِي وَادي العقيق بقوله صل فِي هَذَا الْوَادي الْمُبَارك وَقل عمْرَة فِي حجَّة قَالَ القَاضِي وَالَّذِي سبق أمتن وَأحسن فِي التَّأْوِيل قَالَ وَلَا يَصح قَول من قَالَ إِنَّه أحرم إحراما مُطلقًا مُبْهما لآن رِوَايَة جَابر وَغَيره من الصَّحَابَة فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مصرحة بِخِلَافِهِ وَقَالَ الْخطابِيّ قد أنعم الشَّافِعِي فِي بَيَان هَذَا فِي كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث وجود الْكَلَام قَالَ الْخطابِيّ وَفِي اقتصاص كل مَا قَالَه تَطْوِيل وَلَكِن الْوَجِيز الْمُخْتَصر من جَوَامِع مَا قَالَ إِن مَعْلُوما فِي لغ الْعَرَب جَوَاز إِضَافَة الْفِعْل إِلَى الْآمِر كجواز إِضَافَته إِلَى الْفَاعِل كَقَوْلِك بني فلَان دَارا أَي أَمر ببنائها ورجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم الْمُفْرد والمتمتع والقارن كل مِنْهُم يَأْخُذ عَنهُ أَمر نُسكه ويصدر عَن تَعْلِيمه فَجَاز أَن يُضَاف كلهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على معنى أَمر بهَا وَأذن فِيهَا قَالَ يحْتَمل أَن بَعضهم سَمعه يَقُول لبيْك بِحجَّة فَحكى أَنه أفرد وخفي عَلَيْهِ قَوْله وَعمرَة فَلم يحك إِلَّا مَا سمع وَسمع أنس وَغَيره الزِّيَادَة وَهِي لبيْك بِحجَّة وَعمرَة وَلَا يُنكر قبُول الزِّيَادَة وَإِنَّمَا يحصل التَّنَاقُض لَو كَانَ الزَّائِد نافيا لقَوْل صَاحبه وَأما إِذا كَانَ مثبتا لَهُ وزائدا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ تنَاقض [758] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتَمر ثَلَاثًا عَام الْحُدَيْبِيَة وعام الْقَضِيَّة وعام الْجِعِرَّانَة وَصله الْبَزَّار من حَدِيث جَابر

[759] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعْتَمر إِلَّا ثَلَاثًا الحَدِيث وَصله أَبُو دَاوُد من طَرِيق دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة [767] عَن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعمرَة إِلَى الْعمرَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث انْفَرد بِهِ سمي لَيْسَ يرويهِ غَيره وَاحْتَاجَ النَّاس اليه فِيهِ وَهُوَ ثِقَة ثَبت حجَّة قَالَ وَقَوله الْعمرَة إِلَى الْعمرَة كَفَّارَة لما بَينهمَا مثل قَوْله الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَة لما بَينهمَا مَا اجْتنبت الْكَبَائِر وَالْحج المبرور قيل هُوَ الَّذِي لَا رِيَاء فِيهِ وَلَا سمعة وَلَا رفث وَلَا فسوق وَيكون بِمَال حَلَال انْتهى قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن تكون إِلَى فِي قَوْله إِلَى الْعمرَة بِمَعْنى مَعَ قَالَ وَمَا من أَلْفَاظ الْعُمُوم فتقتضي من جِهَة اللَّفْظ تَكْفِير جَمِيع مَا يَقع بَينهمَا إِلَّا مَا خصّه الدَّلِيل قَالَ وَالْحج المبرور هُوَ الَّذِي اوقعه صَاحبه على وَجه الْبر وَقَالَ النَّوَوِيّ الْأَصَح الْأَشْهر فِي المبرور هُوَ الَّذِي لَا يخالطه إِثْم مَأْخُوذ من الْبر وَهُوَ الطَّاعَة وَقيل هُوَ المقبول وَمن عَلامَة الْقبُول أَنه يرجع خيرا مِمَّا كَانَ وَلَا يعاود الْمعاصِي وَقيل هُوَ الَّذِي لَا رِيَاء فِيهِ وَقيل الَّذِي لَا يتعقبه مَعْصِيّة وهما داخلان فِيمَا قبلهمَا وَمعنى لَيْسَ لَهُ جَزَاء إِلَّا الْجنَّة أَنه لَا يقْتَصر لصَاحبه من الْجَزَاء على تَكْفِير بعض ذنُوبه بل لَا بُد أَن يدْخل الْجنَّة

[768] عَن سمي مولى أبي بكر بن علدالرحمن أَنه سمع أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا روى هَذَا الحَدِيث جمَاعَة الروَاة للموطأ وَهُوَ مُرْسل فِي ظَاهره إِلَّا أَنه قد صَحَّ أَن أَبَا بكر قد سَمعه من تِلْكَ الْمَرْأَة فَصَارَ مُسْندًا بذلك والْحَدِيث صَحِيح مَشْهُور من رِوَايَة أبي بكر وَغَيره وَمن حَدِيث بن عَبَّاس وَغَيره وَفِي بعض طرقه تَسْمِيَة الْمَرْأَة أم سِنَان وَفِي بَعْضهَا أم معقل وَهُوَ الْمَشْهُور الْمَعْرُوف وَإِن مجيئها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بعد رُجُوعه من حجَّة الْوَدَاع وانه قَالَ لَهَا مَا مَنعك اتخرجي مَعنا فِي وجهنا هَذَا فَقَالَت اني قد كنت تجهزت لِلْحَجِّ فَاعْترضَ لي فِي بعض طرقه فأصابتنا هَذِه القرحة الحصبة أَو الجدري

[771] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا رَافع الحَدِيث وَصله التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق حَمَّاد بن زيد عَن مطر الْوراق عَن ربيعَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار مولى مَيْمُونَة بن أبي رَافع وَقَالَ حسن وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ غير حَمَّاد عَن مطر وَرَوَاهُ مَالك عَن ربيعَة عَن سُلَيْمَان مُرْسلا وَرَوَاهُ سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة مُرْسلا انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر هَذَا عِنْدِي غلط من مطر لِأَن سُلَيْمَان بن يسَار ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة سبع وَعشْرين وَمَات أَبُو رَافع بِالْمَدِينَةِ بعد قتل عُثْمَان بِيَسِير وَكَانَ قتل عُثْمَان فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَلَاثِينَ فَلَا يُمكن أَن يسمع سُلَيْمَان من أبي رَافع وَيُمكن أَن يسمع من مَيْمُونَة لِأَنَّهَا مولاته أَعتَقته وَمَاتَتْ سنة سِتّ وَسِتِّينَ قَالَ وَالرِّوَايَة بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا وَهُوَ حَلَال متواترة عَن مَيْمُونَة بِعَينهَا وَعَن أبي رَافع وَعَن سُلَيْمَان بن يسَار مَوْلَاهَا وَعَن يزِيد بن الْأَصَم وَهُوَ بن أُخْتهَا وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن وَابْن شهَاب وَجُمْهُور من عُلَمَاء الْمَدِينَة وَمَا أعلم أحدا من الصَّحَابَة روى أَنه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكح مَيْمُونَة وَهُوَ محرم إِلَّا عبد الله بن عَبَّاس وَرِوَايَة مَا ذكرنَا مُعَارضَة لروايته وَالْقلب إِلَى رِوَايَة الْجَمَاعَة أميل لِأَن الْوَاحِد إِلَى الْغَلَط أقرب انْتهى وَقَالَ الْبَاجِيّ قد أنْكرت هَذِه الرِّوَايَة على بن عَبَّاس فَقَالَ سعيد بن الْمسيب وهم بن عَبَّاس فِي تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيْمُونَة وَهُوَ محرم على أَنه يُمكن الْجمع بَينهمَا من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون بن عَبَّاس أَخذ فِي ذَلِك بمذهبه أَن من قلد هَدْيه فقد صَار محرما بالتقليد فَلَعَلَّهُ علم بنكاحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن قلد هَدْيه وَالثَّانِي أَن يكون أَرَادَ بِمحرم فِي الْأَشْهر الْحرم فَإِنَّهُ يُقَال لمن دخل فِي الْأَشْهر الْحرم أَو الأَرْض الْحَرَام محرم [772] بنت شيبَة بن جُبَير قَالَ بن عبد الْبر لم يقل أحد فِي هَذَا الحَدِيث بنت شيبَة بن جُبَير إِلَّا مَالك عَن نَافِع وَرَوَاهُ أَيُّوب وَغَيره عَن نَافِع فَقَالَ فِيهِ بنت شيبَة بن عُثْمَان [776] عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة عَن الْأَعْرَج عَن عبد الله بن بُحَيْنَة بِهِ بلحيي جمل قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِفَتْح اللَّام مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَقيل عقبَة وَقيل مَاء

[778] حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض طَرِيق مَكَّة فِي مُسلم بالقاحة وَهُوَ وَاد على نَحْو ميل من السقيا وَهُوَ غير محرم قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ كَانَ أَبُو قَتَادَة غير محرم وَقد جَاوز مِيقَات الْمَدِينَة وَقد تقرر أَن من أَرَادَ حجا أَو عمْرَة لَا يجوز لَهُ مُجَاوزَة الْمِيقَات غير محرم قَالَ القَاضِي وَجَوَاب هَذَا أَن الْمَوَاقِيت لم تكن وقتت بعد وَقيل لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه ورفقته لكشف عَدو لَهُم جِهَة السَّاحِل طعمة بِضَم الطَّاء أَي طَعَام

[781] عَن عُمَيْر بن سَلمَة الضمرِي عَن الْبَهْزِي قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف عَن مَالك فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَاخْتلف أَصْحَاب يحيى بن سعيد فِيهِ فَرَوَاهُ جمَاعَة كَمَا رَوَاهُ مَالك وَرَوَاهُ جَمَاهِير زيد وهشيم وَيزِيد بن هَارُون وَعلي بن مسْهر عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن عِيسَى بن طَلْحَة عَن عُمَيْر بن سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعُمَيْر بن سَلمَة من كبار الصَّحَابَة وَالصَّحِيح أَن الحَدِيث من مُسْنده لَيْسَ بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ أحد قَالَ مُوسَى بن هَارُون وَلم يَأْتِ ذَلِك من مَالك لِأَن جمَاعَة رَوَوْهُ عَن يحيى بن سعيد كَمَا رَوَاهُ مَالك وَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِك من يحيى بن سعيد كَانَ يرويهِ أَحْيَانًا فَيَقُول فِيهِ عَن الْبَهْزِي واحيانا يَقُول فِيهِ يحيى الْبَهْزِي قَالَ وأظن المشيخة الأولى كَانَ ذَلِك جَائِزا عِنْدهم وَلَيْسَ هُوَ رِوَايَة عَن فلَان وانما عَن قصَّة فلَان هَذَا كُله كَلَام مُوسَى بن هَارُون انْتهى وَذكر الْبَاجِيّ أَن الْبَهْزِي زيد بن كَعْب السّلمِيّ بِالرَّوْحَاءِ إِلَى قَوْله بالأثاية بَين الرُّوَيْثَة وَالْعَرج الْأَرْبَعَة مَوَاضِع ومناهل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة حَاقِف أَي وَاقِف منحني رَأسه بَين يَدَيْهِ إِلَى رجلَيْهِ وَقيل الحاقف الَّذِي لَجأ إِلَى حقف وَهُوَ مَا انعطف من الرمل لَا يرِيبهُ أحد أَي لَا يعرض لَهُ

[784] رجل من جَراد هُوَ القطيع مِنْهُ [785] عَن الصعب بن جثامة بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ ثاء مُثَلّثَة مُشَدّدَة بالأبواء بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة وبالمد أَو بودان بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة وهما مكانان بَين مَكَّة وَالْمَدينَة لم نرده بِفَتْح الدَّال تَخْفِيفًا وَبِضَمِّهَا اتبَاعا إِلَّا أَنا حرم بِفَتْح الْهمزَة وَضم الْحَاء وَالرَّاء أَي محرمون [786] بقطيفة هِيَ كسَاء لَهُ خمل أرجوان هُوَ صوف لعمر

[791] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خمس فواسق الحَدِيث وَصله مُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ النَّوَوِيّ قَول خمس فواسق بِإِضَافَة خمس لَا بتنوينه قَالَ وَسميت فواسق لخروجها بالايذاء والافساد عَن طَرِيق مُعظم الدَّوَابّ وأصل الْفسق فِي كَلَام الْعَرَب الْخُرُوج وَسمي الرجل الْفَاسِق لِخُرُوجِهِ عَن أَمر الله وطاعته والحدأة بِكَسْر الْحَاء وبالهمز وَالْقصر بِوَزْن عنبة وَالْكَلب الْعَقُور قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِهِ فَقيل هُوَ الْكَلْب الْمَعْرُوف خَاصَّة وَقيل الذِّئْب وَحده وَقَالَ جُمْهُور الْعلمَاء المُرَاد بِهِ كل عَاد مفترس غَالِبا كالسبع والنمر وَالذِّئْب والفهد وَنَحْوهَا وَمعنى الْعَقُور العاقر الْجَارِح

[793] يقرد بَعِيرًا لَهُ فِي طين أَي يزِيل عَنهُ القراد ويلقيها فِي الطين بالسقيا بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف ومثناة من تَحت مَقْصُور قَرْيَة جَامِعَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة

[801] من أجل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل بِعُمْرَة عَام الْحُدَيْبِيَة سَقَطت هَذِه الْجُمْلَة من رِوَايَة القعْنبِي وَأهْدى زَاد القعْنبِي شَاة [802] عَن سَالم بن عبد الله أَن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق هُوَ أَخُو الْقَاسِم بن مُحَمَّد

[807] أخبر عبد الله بن عمر قَالَ بن حجر بِنصب الله على المفعولية قَالَ وَظَاهره أَن سالما كَانَ حَاضرا لذَلِك فَيكون من رِوَايَته عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَقد صرح بذلك أَبُو أويس عَن بن شهَاب لكنه سَمَّاهُ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد فَوَهم أخرجه أَحْمد وَأغْرب بن طهْمَان فَرَوَاهُ عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك وَالْمَحْفُوظ الأول أَن قَوْمك أَي قُريْشًا لَوْلَا حدثان بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الدَّال بعْدهَا مُثَلّثَة بِمَعْنى الْحُدُوث أَي قرب عَهدهم لَئِن كَانَت عَائِشَة سَمِعت هَذَا قَالَ بن حجر لَيْسَ هَذَا شكا من بن عمر فِي صدق عَائِشَة لَكِن يَقع فِي كَلَام الْعَرَب كثيرا صُورَة التشكيك وَالْمرَاد التَّقْرِير مَا أرى بِضَم الْهمزَة أَي أَظن استلام افتعال من السَّلَام وَالْمرَاد هُنَا لمس الرُّكْن بالقبلة أَو الْيَد يليان أَي يقربان الْحجر بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وَهُوَ مَعْرُوف على صفة نصف الدائرة وقدرها تسع وَثَلَاثُونَ ذِرَاعا [815] عَن مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قضى طَوَافه الحَدِيث هُوَ مَوْصُول فِي حَدِيث جَابر فِي صفة حجَّة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد مُسلم وَغَيره

[816] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَيفَ صنعت الحَدِيث وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ قَالَ لي فَذكره فِي استلام الرُّكْن زَاد بن الْقَاسِم الْأسود

[818] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب قَالَ وَهُوَ يطوف الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُرْسل وَهُوَ يسْتَند من وُجُوه صِحَاح مِنْهَا طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَذكر الْبَزَّار أَن هَذَا الحَدِيث رُوَاة عَن عمر مُسْندًا أَرْبَعَة عشر رجلا إِنَّمَا أَنْت حجر زَاد فِي رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ لَا تضر وَلَا تَنْفَع

[826] عَن عُرْوَة بن الزبير عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة وَقع فِي الصَّحِيح عَن أَكثر الروَاة عَن عُرْوَة عَن أم سَلمَة بِإِسْقَاط زَيْنَب وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَغَيره بإثباتها قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب التتبع وَهُوَ الصَّوَاب وَذَلِكَ مُنْقَطع فَإِن عُرْوَة لم يسمعهُ من أم سَلمَة وَتعقبه بن حجر بِأَن سَمَاعه مِنْهَا مُمكن فَإِنَّهُ أدْرك من حَيَاتهَا نيفا وَثَلَاثِينَ سنة وَهُوَ مَعهَا فِي بلد وَاحِد

[832] كَانُوا يهلون أَي يحجون لمناة بِفَتْح الْمِيم وَالنُّون الْخَفِيفَة صنم كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة حَذْو قديد أَي مُقَابِله وقديد بقاف مصغر قَرْيَة جَامِعَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَكَانُوا يتحرجون أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة أَي فِي الْجَاهِلِيَّة وَفِي رِوَايَة لمُسلم إِن الْأَنْصَار كَانُوا قبل أَن يسلمُوا هم وغسان يهلون لمناة فتحرجوا أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة وَكَانَ ذَلِك سنة فِي آبَائِهِم من أحرم لمناة لم يطف بَين الصَّفَا والمروة لَكِن فِي رِوَايَة أُخْرَى انهم كَانُوا يطوفون بَينهمَا فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ علهيما صنمان يتمسحون بهما فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام كَرهُوا أَن يطوفا بَينهمَا للَّذي كَانُوا يصنعون فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَيجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن الْأَنْصَار فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا فريقين مِنْهُم من يطوف بَينهمَا وَمِنْهُم من لَا يقر بهما واشترك الْفَرِيقَانِ فِي الْإِسْلَام فِي التَّوَقُّف عَن الطّواف بَينهمَا لكَونه كَانَ عِنْدهم جَمِيعًا من أَفعَال الْجَاهِلِيَّة قَالَ وَقد أَشَارَ إِلَى نَحْو هَذَا الْجمع الْبَيْهَقِيّ [835] عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن صِيَام أَيَّام منى وَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي النَّضر وَعبد الله بن أبي بكر كِلَاهُمَا عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عبد الله بن حذافة بِهِ وَرَوَاهُ أَيْضا من طَرِيق قَتَادَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن حَمْزَة بن عمر الْأَسْلَمِيّ بِهِ [838] عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عبد الله بن حذافة الحَدِيث وَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق شُعَيْب وَمعمر عَن الزُّهْرِيّ أَن مَسْعُود بن الحكم قَالَ أَخْبرنِي بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رأى عبد الله بن حذافة ووهو يسير على رَاحِلَته فَذكر نَحوه وَرَوَاهُ أَيْضا من طَرِيق صَالح بن أبي الْأَخْضَر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ هَذَا خطأ لَا نعلم أحدا قَالَ فِي هَذَا عَن سعيد غير صَالح وَهُوَ كثير الْخَطَأ ضَعِيف قَالَ الْمزي يَعْنِي أَن الصَّوَاب حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن مَسْعُود بن الحكم عَن رجل عَن عبد الله بن حذافة

[840] عَن أبي مرّة مولى أم هَانِئ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا يَقُول يُرِيد بن الْهَادِي وَأَكْثَرهم يَقُولُونَ مولى عقيل بن أبي طَالب واسْمه يزِيد بن مرّة وَقَالَ القعْنبِي أَنه دخل مَعَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ على أَبِيه وَكَذَا قَالَ روح بن عبَادَة عَن مَالك وَقَالَهُ اللَّيْث عَن يزِيد بن الْهَادِي

[841] عَن نَافِع عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهْدى جملا كَانَ لأبي جهل الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر كَذَا وَقع فِي رواي يحيى وَهُوَ من الْغَلَط الْبَين وَلم يخْتَلف رُوَاة الْمُوَطَّأ أَن هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ لمَالِك عَن عبد الله بن أبي بكر وَلَيْسَ لنافع فِيهِ ذكر وَلم يرو نَافِع عَن عبد الله بن أبي بكر قطّ شَيْئا بل عبد الله بن أبي بكر مِمَّن يصلح أَن يروي عَن نَافِع وَقد روى عَن نَافِع من هُوَ أجل مِنْهُ وروى هَذَا الحَدِيث سوى بن سعيد عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس عَن أبي بكر فَذكره وَهُوَ من خطأ سُوَيْد وغلطه والْحَدِيث يسْتَند من حَدِيث بن عَبَّاس أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَنهُ

[851] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن صَاحب هدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَصله أَبُو دَاوُد من طَرِيق سُفْيَان وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق عَبدة بن سُلَيْمَان وَابْن ماجة من طَرِيق وَكِيع ثَلَاثَتهمْ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن نَاجِية الْأَسْلَمِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث مَعَه بِهَدي وَقَالَ إِن عطب فانحره الحَدِيث وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح

[869] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَرَفَة كلهَا موقف وارتفعوا عَن بطن عُرَنَة والمزدلفة كلهَا موقف وارتفعوا عَن بطن محسر أخرجه بِهَذَا اللَّفْظ بن وهب فِي موطئِهِ قَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن أبي حميد عَن مُحَمَّد بن أبي الْمُنْكَدر مَرْفُوعا بِهِ مُرْسلا وَورد مَوْصُولا من حَدِيث جَابر وَابْن عَبَّاس وَعلي بِدُونِ الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور وبطن عُرَنَة غربي مَسْجِد عَرَفَة وبطن محسر دون الْمزْدَلِفَة

[878] كَانَ يسير الْعُنُق بِفتْحَتَيْنِ نوع من السّير مَعْرُوف فِيهِ رفق فَإِذا وجد فجوة بِفَتْح الْفَاء وَهِي الْمَكَان المتسع قَالَ النَّوَوِيّ وَرَوَاهُ بعض الروَاة فِي الْمُوَطَّأ فوجة بِضَم الْفَاء وَفتحهَا وَهِي بِمَعْنى الفجوة نَص بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث سوى كَيْفيَّة السّير وَهُوَ مِمَّا يتَعَيَّن الِاقْتِدَاء بِهِ على أَئِمَّة الْحَج فَمن دونهم [880] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بمنى هَذَا المنحر وكل منى منحر الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من حَدِيث جَابر

[881] أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يكن مَعَه هدي إِذا طَاف بِالْبَيْتِ وسعى بَين الصَّفَا والمروة أَن يحل هَذَا فسح الْحَج إِلَى الْعمرَة وَالْأَكْثَر على أَنه مَخْصُوص بالصحابة أَو مَنْسُوخ

[899] عَن مُوسَى بن عقبَة عَن كريب مولى بن عَبَّاس عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ الْحفاظ الْأَثْبَات عَن مَالك إِلَّا أَشهب وَابْن الْمَاجشون فَإِنَّهُمَا قَالَا عَن كريب عَن بن عَبَّاس عَن أُسَامَة وَالصَّحِيح إِسْقَاط بن عَبَّاس من إِسْنَاده

[902] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الصَّلَاة الرّبَاعِيّة بمنى رَكْعَتَيْنِ الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف فِي إرْسَاله فِي الْمُوَطَّأ وَهُوَ مُسْند صَحِيح من حَدِيث بن عمر وَابْن مَسْعُود وَمُعَاوِيَة

[919] أَن أَبَا البداح بن عَاصِم قَالَ بن عبد الْبر لَا يُوقف على اسْمه وكنيته اسْمه وَقَالَ الْوَاقِدِيّ أَبُو البداح لقب غلب عَلَيْهِ ويكنى أَبَا عَمْرو قيل أَن فِي رِوَايَة يحيى وَحده أَن أَبَا البداح عَاصِم وَهُوَ غلط إِنَّمَا هُوَ بن عَاصِم

[930] عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أخبرهُ أَن أم سليم بنت ملْحَان الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا أحفظه عَن أم سليم إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَهُوَ مُنْقَطع وأعرفه أَيْضا من حَدِيث هِشَام عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة أَن أم سليم فَذكره بِمَعْنَاهُ وَهَذَا أَيْضا مُنْقَطع وَالْمَحْفُوظ فِي هَذَا حَدِيث أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قصَّة صَفِيَّة [938] هوامك أَي الْقمل

[939] عَن عَطاء بن عبد الله الْخُرَاسَانِي أَنه قَالَ حَدثنِي شيخ بسوق الْبرم بِالْكُوفَةِ عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ بن عبد الْبر أَن هَذَا الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ وَهَذَا بعيد لِأَنَّهُ أشهر فِي التَّابِعين من أَن يَقُول فِيهِ عَطاء حَدثنِي شيخ [942] إِذا قفل أَي رَجَعَ شرف أَي مُرْتَفع آيبون أَي رَاجِعُون صدق الله وعده أَي فِي إِظْهَار الدّين وَكَون الْعَاقِبَة لِلْمُتقين وَغير ذَلِك وَهزمَ الْأَحْزَاب هم الَّذين اجْتَمعُوا يَوْم الخَنْدَق وتحزبوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحده أَي من غير قتال من الْآدَمِيّين [943] عَن كريب مولى عبد الله بن عَبَّاس عَن بن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِامْرَأَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُرْسل عِنْد أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَقد أسْندهُ عَن مَالك الشَّافِعِي وَابْن وهب وَمُحَمّد بن خَالِد وَأَبُو مُصعب وَعبد الله بن يُوسُف قَالُوا فِيهِ عَن كريب عَن بن عَبَّاس وَهُوَ الصَّحِيح فِي محفتها هِيَ شَبيه بالهودج بضبعي صبي هما بَاطِنا الساعد

[944] بن أبي عبلة اسْمه شمر بن يقظان أَدْحَر أَي أبعد عَن الْخَيْر يَزع الْمَلَائِكَة أَي يصفهم لِلْقِتَالِ ويكفهم من أَن يشف بَعضهم على بعض فِي الصَّفّ

[946] عَن بن شهَاب عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة عَام الْفَتْح الحَدِيث ذكر بن الصّلاح فِي عُلُوم الحَدِيث أَن هَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ مَالك عَن بن شهَاب وَتعقبه الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي نكته بِأَنَّهُ ورد من عدَّة طرق عَن بن شهَاب غير طَرِيق مَالك من رِوَايَة بن أخي الزُّهْرِيّ فِي مُسْند الْبَزَّار وَأبي أويس فِي طَبَقَات بن سعد وكامل بن عدي وَمعمر ذكره بن عدي فِي الْكَامِل وَالْأَوْزَاعِيّ ذكره الْمزي فِي الْأَطْرَاف قَالَ وروى بن مسدى فِي مُعْجم شُيُوخه أَن أَبَا بكر بن الْعَرَبِيّ قَالَ لأبي جَعْفَر بن المرخى حِين ذكر أَنه لَا يعرف إِلَّا من حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ قد رويته من ثَلَاثَة عشر طَرِيقا غير طَرِيق مَالك فَقَالُوا لَهُ أفدنا هَذِه الْفَوَائِد فَوَعَدَهُمْ وَلم يخرج لَهُم شَيْئا وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي نكته قد استبعد أهل اشبيلية قَول بن الْعَرَبِيّ حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ يَا أهل حمص وَمن بهَا أوصيكم بِالْبرِّ وَالتَّقوى وَصِيَّة مُشفق فَخُذُوا عَن الْعَرَبِيّ أسمار الدجا وخذوا الرِّوَايَة عَن إِمَام متقي إِن الْفَتى ذرب اللِّسَان مهذب إِن لم يجد خيرا صَحِيحا يخلق وعنى بِأَهْل حمص أهل اشبيلية قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد تتبعت طرق هَذَا الحَدِيث فَوَجَدته كَمَا قَالَ بن الْعَرَبِيّ من ثَلَاثَة عشر طَرِيقا عَن الزُّهْرِيّ غير طَرِيق مَالك بل أَزِيد فَروينَاهُ عَن طَرِيق الْأَرْبَعَة الَّذين ذكرهم شَيخنَا وَرِوَايَة معمر فِي رِوَايَة أبي بكر بن الْمقري وَرِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ فِي فَوَائِد تَمام وَمن رِوَايَة عقيل بن خَالِد فِي مُعْجم أبي الْحُسَيْن بن جَمِيع وَيُونُس بن يزِيد فِي الْإِرْشَاد للخليلي وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة فِي رُوَاة مَالك للخطيب وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي مُسْند أبي يعلى وَأُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ فِي الضُّعَفَاء لِابْنِ حبَان وَابْن أبي ذِئْب فِي الْحِلْية لأبي نعيم وَعبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن عبد الْعَزِيز فِي فَوَائِد أبي مُحَمَّد عبد الله بن إِسْحَاق الْخُرَاسَانِي وَمُحَمّد بن إِسْحَاق فِي مُسْند مَالك لِابْنِ عدي وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي فِي الافراد للدارقطني وبحر بن كثير السقا ذكره الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد جَعْفَر الأندلسي نزيل مصر فِي تَخْرِيج لَهُ وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر ذكره الْحَافِظ أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فَهَؤُلَاءِ سِتَّة عشر نفسا غير مَالك رَوَوْهُ عَن الزُّهْرِيّ وَرُوِيَ من طَرِيق يزِيد الرقاشِي عَن أنس مُتَابعًا لِلزهْرِيِّ فِي فَوَائِد أبي الْحسن الْفراء الْموصِلِي وَمن حَدِيث سعد بن أبي وَقاص وَأبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ وهما فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ وَعلي بن أبي طَالب فِي المشيخة الْكُبْرَى لأبي مُحَمَّد الْجَوْهَرِي وَسَعِيد بن يَرْبُوع والسائب بن يزِيد وهما فِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَهَذِهِ طرق كَثِيرَة غير طَرِيق مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ فَكيف يحل لأحد أَن يتهم إِمَامًا من أَئِمَّة الْمُسلمين بِغَيْر علم وَلَا اطلَاع قلت لقد تسليت بِهَذَا اتّفق للْقَاضِي أبي بكر بن الْعَرَبِيّ الَّذِي كَانَ يجْتَهد وقته وحافظ عصره عَمَّا أقاسيه من أهل عصري عِنْد ذكري لَهُم مَالا اطلَاع لَهُم عَلَيْهِ من الْفَوَائِد البديعة من سوء أدبهم وَإِطْلَاق ألسنتهم وحسدهم وأذاهم وبغيهم وَقد قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي بعض كتبه وَقد تكلم على علم مناسبات الْقُرْآن فَلَمَّا لم نجد لَهُ حَملَة وَوجدنَا الْخلق بأوصاف البطلة ختمنا عَلَيْهِ وجعلناه بَين وَبَين الله ورددناه إِلَيْهِ وَقد اقتديت بِهِ فِي ذَلِك فختمت على أَكثر مَا عِنْدِي من الْعلم بل على كُله إِلَّا النقطة بعد النقطة فِي الْحِين بعد الْحِين وَالله الْمُسْتَعَان وَقد ألفت فِي الِاعْتِذَار عَن تركنَا الافتاء والتدريس كتابا سميته التَّنْفِيس مقامة تسمى المقامة اللؤلؤية أوضحت فِيهَا الْعذر فِي ذَلِك المغفر هُوَ مَا غطى الرَّأْس من السِّلَاح كالبيضة وَنَحْوهَا بن خطل اسْمه عبد الله وَقيل عبد الْعُزَّى وَقيل هِلَال وَصَححهُ الزبير بن بكار اقْتُلُوهُ فِي رِوَايَة انه كَانَ يهجو رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالشعر [949] عَن مُحَمَّد بن عمرَان الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه قَالَ بن عبد الْبر لَا أعرف مُحَمَّد بن عمرَان هَذَا إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وَإِن لم يكن أَبوهُ عمرَان بن حَيَّان الْأنْصَارِيّ أَو عمرَان بن سوَادَة فَلَا أَدْرِي من هُوَ سرحة هِيَ الشَّجَرَة الطَّوِيلَة الَّتِي بهَا شعب بَين الأخشبين هما الجبلان تَحت عقبَة منى وَنفخ بِيَدِهِ أَي أَشَارَ بهَا مَاذَا سر تحتهَا سَبْعُونَ نَبيا أَي قطعت سرتهم إِذْ ولدُوا تحتهَا وَقيل هُوَ من السرُور أَي تنبئوا تحتهَا وَاحِدًا بعد وَاحِدًا فسروا بذلك

[951] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الله بن عَبَّاس كَانَ يَقُول مَا بَين الرُّكْن وَالْبَاب الْمُلْتَزم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا فِي رِوَايَة عبيد الله بن يحيى عَن أَبِيه وَفِي رِوَايَة بن وضاح مَا بَين الرُّكْن وَالْبَاب وَهُوَ الصَّوَاب وَالْأول خطأ لم يُتَابع عَلَيْهِ [952] وَإِن أَبَا ذَر سَأَلَهُ إِلَى آخِره قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يجوز أَن يكون مثله رَأيا وَإِنَّمَا يدْرك بالتوقيف من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

كتاب الجهاد

(كتاب الْجِهَاد) [956] مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل الصَّائِم إِلَى آخِره قَالَ الْبَاجِيّ جَمِيع أَعمال الْبر هِيَ سَبِيل الله إِلَّا أَن هَذِه اللَّفْظَة إِذا أطلقت فِي الشَّرْع اقْتَضَت الْغَزْو أَي الْعَدو وَمعنى الحَدِيث أَن لَهُ من الثَّوَاب على جهاده مثل ثَوَاب المستديم للصيام وَالصَّلَاة لَا يفتر مِنْهُمَا وَإِنَّمَا أحَال على صَوَاب الصَّائِم والقائم وَإِن كُنَّا لَا نَعْرِف مِقْدَاره لما قرر الشَّرْع من كثرته وَعرف من عظمه وَالْمرَاد بالقائم هُنَا الْمُصَلِّي انْتهى [957] تكفل الله قَالَ النَّوَوِيّ أَي أوجب بفضله وَكَرمه قَالَ وَهُوَ مُوَافق لقَوْله تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ الْآيَة لَا يُخرجهُ من بَيته إِلَّا الْجِهَاد فِي سَبيله وتصديق كَلِمَاته قَالَ النَّوَوِيّ أَي كلمة الشَّهَادَتَيْنِ وَقيل تَصْدِيق كَلَام الله تَعَالَى فِي الاخبار لما للمجاهدين من عظم الثَّوَاب قَالَ وَالْمعْنَى لَا يُخرجهُ إِلَّا مَحْض الْإِيمَان وَالْإِخْلَاص لله تَعَالَى أَن يدْخلهُ الْجنَّة قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض يحْتَمل أَن يدْخلهُ عِنْد مَوته كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فِي الشُّهَدَاء أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وَفِي الحَدِيث أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي الْجنَّة وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد دُخُول الْجنَّة عِنْد دُخُول السَّابِقين والمقربين بِلَا حِسَاب وَلَا عَذَاب وَلَا مُؤَاخذَة بذنب فَتكون الشَّهَادَة مكفرة لذنوبه كَمَا صرح بِهِ فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَو يردهُ إِلَى مَسْكَنه الَّذِي خرج مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ من أجر أَو غنيمَة قَالَ النَّوَوِيّ قَالُوا مَعْنَاهُ مَعَ مَا حصل لَهُ من الْأجر بِلَا غنيمَة إِن لم يغنموا أَو من الْأجر وَالْغنيمَة مَعًا إِن غنموا وَقيل إِن أَو هُنَا بِمَعْنى الْوَاو كَمَا وَقع بِالْوَاو فِي رِوَايَة لمُسلم وَفِي أبي دَاوُد وَقَالُوا وَمعنى الحَدِيث أَن الله ضمن أَن الْخَارِج للْجِهَاد ينَال خيرا بِكُل حَال فإمَّا أَن يستشهد فَيدْخل الْجنَّة وَإِمَّا أَن يرجع بِأَجْر وَإِمَّا بِأَجْر وغنيمة

[958] ربطها فِي سَبِيل الله أَي أعدهَا للْجِهَاد طيلها بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْيَاء الْحَبل الَّذِي ترْبط فِيهِ فاستنت أَي جرت شرفا أَو شرفين بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَهُوَ العالي من الأَرْض وَقيل المُرَاد هُنَا طلقا أَو طلقين تغَنِّيا أَي اسْتغْنَاء عَن النَّاس وَتَعَفُّفًا أَي عَن السُّؤَال وَلم ينس حق الله فِي رقابها قيل مَعْنَاهُ حسن ملكتها وتعهد شبها وَالْإِحْسَان إِلَيْهَا وركوبها غير مشقوق عَلَيْهَا وَخص رقابها بِالذكر لِأَنَّهَا كثيرا مَا تطلق فِي مَوضِع الْحُقُوق اللَّازِمَة كَقَوْلِه تَعَالَى فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَقيل مَعْنَاهُ إطراق فَحلهَا وإفقار ظهرهَا وَالْحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وَقيل مَعْنَاهُ الزَّكَاة الْوَاجِبَة على رَأْي من يُوجب الزَّكَاة فِيهَا ونواء بِكَسْر النُّون وبالمد أَي مناواة ومعاداة لم ينزل عَليّ فِيهَا شَيْء إِلَّا هَذِه الْآيَة الجامعة أَي الْعَامَّة المتناولة لكل خير ومعروف الفاذة أَي القليلة النظير قَالَ بن عبد الْبر لِأَنَّهَا آيَة مُفْردَة فِي عُمُوم الْخَيْر وَالشَّر وَلَا آيَة أَعم مِنْهَا وَقَالَ النَّوَوِيّ معنى الحَدِيث لم ينزل عَليّ فِيهَا نَص بِعَينهَا لَكِن نزلت هَذِه الْآيَة الْعَامَّة [959] عَن عَطاء بن يسَار أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم الحَدِيث وَصله التِّرْمِذِيّ من طَرِيق بكير بن الْأَشَج وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن كِلَاهُمَا عَن عَطاء بن يسَار عَن بن عَبَّاس بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن بِخَير النَّاس منزلا قَالَ الْبَاجِيّ أَي أَكْثَرهم ثَوابًا وأرفعهم دَرَجَة قَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا عَام مَخْصُوص وَتَقْدِيره من خير النَّاس وَإِلَّا فَالْعُلَمَاء أفضل وَكَذَا الصديقون كَمَا جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث رجل آخذ بعنان فرسه يُجَاهد قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنه يواظب على ذَلِك وَوصف أَنه آخذ بعنانه بِمَعْنى أَنه لَا يَخْلُو فِي الْأَغْلَب من ذَلِك رَاكِبًا لَهُ أَو قائدا هَذَا مُعظم أمره فوصف بذلك جَمِيع أَحْوَاله وَإِن لم يكن آخِذا بعنانه فِي كثير مِنْهَا قَالَ وَقَوله فِي غنيمته بِلَفْظ التصغير إِشَارَة إِلَى قلَّة المَال [960] بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي لَيْلَة الْعقبَة على السّمع وَالطَّاعَة قَالَ الْبَاجِيّ السّمع هُنَا يرجع إِلَى معنى الطَّاعَة فِي الْيُسْر والعسر أَي يسر المَال وعسره والمنشط بِفَتْح الْمِيم والمعجمة وَسُكُون النُّون بَينهمَا وَالْمكْره أَي وَقت النشاط إِلَى امْتِثَال أوامره وَوقت الْكَرَاهِيَة لذَلِك وَفِي رِوَايَة عِنْد أَحْمد والنشاط والكسل وَإِن لَا ننازع الْأَمر يُرِيد الْملك والامارة أَهله قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون هَذَا شرطا على الْأَنْصَار وَمن لَيْسَ فِي قُرَيْش إِلَّا ينازعوا فِيهِ أَهله وهم قُرَيْش وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا مِمَّا أَخذ على جَمِيع النَّاس أَن لَا ينازعوا من ولاه الله الْأَمر مِنْهُم وَإِن كَانَ فيهم من يصلح لذَلِك الْأَمر إِذا كَانَ قد صَار لغيره قلت الثَّانِي هُوَ الصَّحِيح وَيُؤَيِّدهُ أَن فِي مُسْند أَحْمد زِيَادَة وَإِن رَأَيْت أَن لَك فِي الْأَمر حَقًا وَعند بن حبَان زِيَادَة وَإِن أكلُوا مَالك وضربوا ظهرك وَعند البُخَارِيّ زِيَادَة إِلَّا أَن تروا كفرا بواحا أَي ظَاهرا باديا وَإِن نقُول أَو نقوم شكّ من الرَّاوِي

[961] وانه لن يغلب عسر يسرين قَالَ الْبَاجِيّ قيل إِن وَجه ذَلِك أَنه لما عرف الْعسر اقْتضى استغراق الْجِنْس فَكَانَ الْعسر الأول هُوَ الثَّانِي من قَوْله تَعَالَى فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً وَلما كَانَ الْيُسْر مُنْكرا كَانَ الأول مِنْهُ غير الثَّانِي قَالَ وَقد قَالَ البُخَارِيّ عقب هَذِه الْآيَة كَقَوْلِه هَل تربصون بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحسنيين وَهَذَا يَقْتَضِي أَن اليسرين عِنْده الظفر بالمراد وَالْأَجْر فالعسر لَا يغلب هذَيْن اليسرين لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يحصل لِلْمُؤمنِ أَحدهمَا قَالَ وَهَذَا عِنْدِي وَجه ظَاهر [962] نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُسَافر بِالْقُرْآنِ أَي بالمصحف وَبِهَذَا اللَّفْظ رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك إِلَى أَرض الْعَدو قَالَ يحيى قَالَ مَالك وَإِنَّمَا ذَلِك مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو قَالَ بن عبد الْبر كَذَا قَالَ أَكثر الروَاة وَرَوَاهُ بن وهب فَقَالَ فِي آخِره خشيَة أَن يَنَالهُ الْعَدو فِي سِيَاقَة الحَدِيث وَلم يَجعله من قَول مَالك وَكَذَا قَالَ عبيد الله بن عمر وَأَيوب عَن نَافِع عَن بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو [963] عَن بن لكعب بن مَالك قَالَ بن عبد الْبر اتّفق رُوَاة الْمُوَطَّأ على إرْسَاله وَلَا علمت أحدا أسْندهُ عَن مَالك من جَمِيع رُوَاته إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك عَن كَعْب بن مَالك أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ بن أبي الْحقيق هُوَ رجل من يهود خَيْبَر اسْمه سَلام وويكنى أَبَا رَافع بَرحت بِنَا أَي أظهرت أمرنَا

[964] عَن نَافِع عَن بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى بعض مغازيه الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا أرْسلهُ أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَوَصله عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر جمَاعَة مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَابْن بكير وَأَبُو مُصعب وَعبد الله بن يُوسُف التنيسِي ومعن بن عِيسَى وَآخَرُونَ [965] ستجد قوما زَعَمُوا انهم حبسوا أنفسهم لله قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد الرهبان الَّذين حبسوا أنفسهم عَن مُخَالطَة النَّاس وستجد قوما فحصوا عَن أوساط رؤوسهم من الشّعْر أَي حَلقُوا ذَلِك قَالَ بن حبيب يَعْنِي الشمامسة [966] مَالك أَنه بلغه أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَى عَامل من عماله أَنه بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا بعث سَرِيَّة الحَدِيث وَصله مُسلم وَالْأَرْبَعَة من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن سليم بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه بِهِ والسرية قِطْعَة من الْجَيْش تخرج مِنْهُ تغير وَترجع اليه قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ هِيَ الْخَيل تبلغ أَرْبَعمِائَة وَنَحْوهَا سميت سَرِيَّة لِأَنَّهَا تسير بِاللَّيْلِ وتخفي ذهابها وَهِي فعيلة بِمَعْنى فاعلة وَلَا تغدروا بِكَسْر الدَّال وَلَا تقتلُوا وليدا هُوَ الصَّبِي

[967] مطرس هِيَ كلمة فارسية مَعْنَاهَا لَا تخف

[970] فَكَانَ سُهْمَانهمْ اثْنَي عشر بَعِيرًا أَو أحد عشر بَعِيرًا قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جَمِيع رُوَاة الْمُوَطَّأ إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم فَإِنَّهُ قَالَ اثْنَي عشر بَعِيرًا وَلم يذكر شكا

[973] عَن يحيى بن سعيد عَن عَمْرو بن كثير بن أَفْلح قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى عَمْرو بن كثير وَتَابعه قوم وَقَالَ الْأَكْثَر عمر بن كثير وَقَالَ الشَّافِعِي عَن بن كثير بن أَفْلح وَلم يسمه قَالَ وَعَمْرو وَعمر أَخَوان وَعمر أجل وَأشهر وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُوَطَّأ وَلَيْسَ لعَمْرو بن كثير فِي الْمُوَطَّأ ذكر إِلَّا عِنْد من لم يفهم اسْمه وصحفه عَن أبي مُحَمَّد مولى أبي قَتَادَة اسْمه نَافِع بن عَبَّاس وَيعرف بالأقرع وَهُوَ من كبار التَّابِعين قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْإِسْنَاد ثَلَاثَة تابعيون بَعضهم عَن بعض كَانَت للْمُسلمين جَوْلَة قَالَ النَّوَوِيّ أَي انهزام وخفة ذَهَبُوا فِيهَا قَالَ وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي بعض الْجَيْش واما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَطَائِفَة مَعَه فَلم يولوا وَقد نقلوا إِجْمَاع الْمُسلمين على أَنه لَا يجوز أَن يُقَال انهزم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرو أحد قطّ أَنه انهزم بِنَفسِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي موطن من المواطن بل ثبتَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بإقدامه وثباته فِي جَمِيع المواطن قد علا رجلا من الْمُسلمين أَي ظهر عَلَيْهِ وأشرف على قَتله أَو صرعه وَجلسَ عَلَيْهِ ليَقْتُلهُ على حَبل عَاتِقه هُوَ مَا بَين الْعُنُق والكتف فضمني ضمة وجدت مِنْهَا ريح الْمَوْت قَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَنه أَرَادَ شدّ كشدة الْمَوْت وَيحْتَمل قاربت الْمَوْت لَا هَاء الله إِذا قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْمُحدثين فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا إِذا بِالْألف فِي أَوله وَأنكر الْخطابِيّ هَذَا وَأهل الْعَرَبيَّة وَقَالُوا هُوَ تَغْيِير من الروَاة وَصَوَابه لَاها الله ذَا بِغَيْر ألف وَقَالُوا وَهَا بِمَعْنى الْوَاو يقسم بهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالله ذَا وَقَالَ الْمَازِني قَول الروَاة لَاها الله إِذا خطأ وَالصَّوَاب لَاها الله ذَا أَي ذَا يَمِيني وَقَالَ أَبُو زيد لَيْسَ فِي كَلَامهم لَاها الله إِذا وَإِنَّمَا هُوَ لَا هَا الله ذَا وَذَا صلَة فِي الْكَلَام وَالْمعْنَى لَا وَالله هَذَا مَا أقسم بِهِ وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء وَقع فِي الرِّوَايَة إِذا بِأَلف وتنوين وَيُمكن تَوْجِيهه بِأَن التَّقْدِير لَا وَالله لَا يعْطى إِذن وَيكون لَا يعمد إِلَى آخِره تَأْكِيدًا للنَّفْي الْمَذْكُور وموضحا للسبب فِيهِ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ ثَبت فِي الرِّوَايَة لَا هَا الله إِذا فَحَمله بعض النُّحَاة على أَنه تَغْيِير من الروَاة وَإِن الصَّوَاب ذَا وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل الرِّوَايَة صَحِيحَة وَهُوَ كَقَوْلِك لمن قَالَ لَك افْعَل كَذَا وَالله إِذا لَا أفعل فالتقدير وَالله إِذا لَا يعمد إِلَى آخِره قَالَ وَيحْتَمل أَن تكون إِذا زَائِدَة وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ إِذا هُنَا هِيَ حرف الْجَواب كَقَوْلِه أينقص الرطب إِذا جف قَالُوا نعم قَالَ فَلَا إِذا قَالَ وَأما هَاهُنَا فَلَيْسَتْ للتّنْبِيه بل هِيَ بدل من مُدَّة الْقسم فِي قَوْلهم آللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ انْتهى وَقد وَردت هَذِه الْجُمْلَة كَذَلِك فِي عدَّة من الْأَحَادِيث فيظن توارد الروَاة فِي جَمِيعهَا على الْغَلَط والتحريف من ذَلِك حَدِيث عَائِشَة فِي قصَّة بَرِيرَة لما ذكرت أَن أَهلهَا يشترطون الْوَلَاء قَالَ لَاها الله إِذا وَحَدِيث أنس فِي قصَّة جليبيب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب عَلَيْهِ امْرَأَة من الْأَنْصَار إِلَى أَبِيهَا فَقَالَ حَتَّى أَستَأْمر أمهَا قَالَ فَنعم إِذن فَذهب إِلَى امْرَأَته فَذكر لَهَا ذَلِك فَقَالَت لَاها الله إِذن وَقد منعناها فلَانا أخرجه بن حبَان وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَالك بن دِينَار أَنه قَالَ لِلْحسنِ لَو لبست مثل عباءتي هَذِه قَالَ لَاها الله إِذا لَا ألبس مثل عباءتك هَذِه وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن بن جريج قَالَ قلت لعطاء أَرَأَيْت لَو أَنِّي فرغت من صَلَاتي فَلم أَرض كمالها أَفلا أَعُود لَهُ قَالَ بلَى هَا الله إِذا قَالَ وَقلت لَهُم كَأَنَّهُمْ كَانُوا يشددون فِي الْمسْح للحصا لموْضِع الجبين مَالا يشددون فِي مسح الْوَجْه من التُّرَاب قَالَ أجل هَا الله إِذا قَالَ وَقلت لَهُ أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي مَعَه الرجل فَقَط أَتُحِبُّ أَن يلصق بِهِ حَتَّى لَا يكون بَينهمَا فُرْجَة قَالَ نعم هَا الله إِذا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أنس أَنه سُئِلَ هَل كن النِّسَاء يشهدن الصَّلَاة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أنس أَي هَا الله إِذا وَأخرج الفاكهي من طَرِيق سُفْيَان قَالَ لقِيت لبطة بن الفرزدق فَقلت سَمِعت هَذَا الحَدِيث من أَبِيك قَالَ أَي وَالله إِذا سمعن أبي يَقُول فَذكره لَا يعمد بِالْيَاءِ أَي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ النَّوَوِيّ ضبطوه بِالْيَاءِ وَالنُّون وَكَذَا قَوْله بعده منعطفك مخرفا بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء على الْمَشْهُور وَرُوِيَ بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء وَهُوَ الْبُسْتَان لِأَنَّهُ يخْتَرف مِنْهُ الثَّمر أَي يجتنى وَقيل السِّكَّة من النّخل تكون صفّين وَقَالَ بن وهب هِيَ الجنينة الصَّغِيرَة وَقَالَ غَيره هِيَ نخلات صَغِيرَة فِي بني سَلمَة بِكَسْر اللَّام تأثلته بِالْمُثَلثَةِ بعد الْألف أَي اقتنيته وتأصلته

[977] عَن عبد الرَّحْمَن بن سعيد عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صدر من حنين قَالَ بن عبد الْبر قد رُوِيَ مُتَّصِلا عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَنهُ الْجِعِرَّانَة بِسُكُون الْعين وَتَخْفِيف الرَّاء وبكسر الْعين وَتَشْديد الرَّاء وَالْأول أفْصح الْخياط هُوَ وَاحِد الخيوط والمخيط بِكَسْر الْمِيم هُوَ الابرة وَرُوِيَ بدل الْخياط الْخياط وَهُوَ يَحْتَلِم الخيوط والإبرة وشنار قَالَ بن عبد الْبر هِيَ لَفْظَة جَامِعَة لِمَعْنى الْعَار وَالنَّار وَمَعْنَاهَا الشين وَالنَّار يُرِيد أَن الْغلُول شين وعار ومنقصة فِي الدُّنْيَا ونار وَعَذَاب فِي الْآخِرَة [978] عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن بن أبي عمْرَة أَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ توفّي رجل قَالَ بن عبد الْبر كَذَا فِي رِوَايَة يحيى وَهُوَ غلط مِنْهُ وَسقط من كِتَابه شيخ مُحَمَّد وَهُوَ فِي رِوَايَة غَيره إِلَّا انهم اخْتلفُوا فَقَالَ القعْنبِي وَابْن الْقَاسِم وَأَبُو مُصعب وَعَن بن عِيسَى وَسَعِيد بن عفير عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن أبي عمْرَة وَقَالَ بن وهب وَمصْعَب الزبيرِي عَن بن أبي عمْرَة واسْمه عبد الرَّحْمَن يَوْم حنين قَالَ بن عبد الْبر كَذَا فِي رِوَايَة يحيى وَهُوَ وهم وَإِنَّمَا هُوَ يَوْم خَيْبَر وعَلى ذَلِك جمَاعَة الروَاة وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ الْبَاجِيّ وَيدل عَلَيْهِ قَوْله من خرز يهود وَلم يكن يَوْم حنين يهود تُؤْخَذ خرزهم

[979] عَن عبد الله بن الْمُغيرَة بن أبي بردة الْكِنَانِي أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى النَّاس فِي قبائلهم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم هَذَا الحَدِيث رُوِيَ مُسْندًا من وَجه من الْوُجُوه بردعة قَالَ الْبَاجِيّ هِيَ الْفراش المبطن فَكبر عَلَيْهِم كَمَا يكبر على الْمَيِّت قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن ذَلِك زجر لَهُم إِشَارَة إِلَى أَن حكمهم حكم الْمَوْتَى الَّذين لَا يسمعُونَ المواعظ وَلَا يمتثلون الْأَوَامِر وَلَا يجتنبون النواهي وَيحْتَمل أَن ذَلِك إِشَارَة إِلَى انهم بِمَنْزِلَة الْمَوْتَى الَّذين انْقَطع عَمَلهم وَأَنَّهُمْ لَا يقْضى لَهُم بتوبة [980] خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام خَيْبَر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا قَالَ عبيد الله بن يحيى عَن أَبِيه وَرَوَاهُ بن وضاح عَن يحيى عَام خَيْبَر وَكَذَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة وَهُوَ الصَّوَاب وَقَالَ يحيى إِلَّا الْأَمْوَال الثِّيَاب وَالْمَتَاع وَقَالَ الشَّافِعِي وَابْن وهب وَابْن الْقَاسِم وَغَيرهم إِلَّا الْأَمْوَال وَالثيَاب وَالْمَتَاع وَقَالَ القعْنبِي إِلَّا الثِّيَاب وَالْمَتَاع وَالْأَمْوَال وروى هَذَا الحَدِيث أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن مَالك قَالَ حَدثنِي ثَوْر بن زيد الديلِي قَالَ حَدثنِي سَالم مولى بن مُطِيع أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول افتتحنا خَيْبَر فَلم نغنم ذَهَبا وَلَا فضَّة انما غنمنا الْإِبِل وَالْبَقر وَالْمَتَاع والحوايط أخرجه النَّسَائِيّ فجود أَبُو إِسْحَاق مَعَ جلالته إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث بِسَمَاع بَعضهم من بعض وَقضى بِأَنَّهَا خَيْبَر لَا حنين وَرفع الاشكال قَالَ وَفِي الحَدِيث أَن بعض الْعَرَب وَهِي دوس لَا تسمي الْعين مَالا وَإِنَّمَا الْأَمْوَال عِنْدهم الثِّيَاب وَالْمَتَاع وَالْعرُوض وَعند غَيرهم المَال الصَّامِت من الذَّهَب وَالْوَرق وَهَذَا كُله كَلَام بن عبد الْبر وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف قَالَ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ مُوسَى بن هَارُون وهم ثَوْر بن زيد فِي هَذَا الحَدِيث لِأَن أباهريرة لم يخرج مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر وانما قدم الْمَدِينَة بعد خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر وَأدْركَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد فتح الله عَلَيْهِ خَيْبَر وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي إِنَّمَا أَرَادَ البُخَارِيّ وَمُسلم من نفس هَذَا الحَدِيث قصَّة مدعم فِي غلُول الشملة وَهِي صَحِيحَة وَإِنَّمَا وهم ثَوْر فِي قَوْله خرجنَا فَقَط وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن عَنْبَسَة بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر بعد مَا افتتحوها فَقلت اسهم لي وَلَا يشك أحد أَن أَبَا هُرَيْرَة شهد قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَنَائِم خَيْبَر هُوَ وجعفر بن أبي طَالب وَجَمَاعَة من مهاجرة الْحَبَشَة الَّذين قدمُوا فِي السَّفِينَة سهم عائر أَي لَا يدرى من رمى بِهِ

[981] عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه قَالَ مَا ظهر الْغلُول الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر قد روينَاهُ مُتَّصِلا عَنهُ وَمثله لَا يُقَال رَأيا ختر أَي غدر [983] يضْحك الله إِلَى رجلَيْنِ قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ كِنَايَة عَن التلقي بالثواب والانعام والاكرام أَو المُرَاد تضحك مَلَائكَته وخزنة جنته أَو حَملَة عَرْشه وَذَلِكَ أَن مثل هَذَا غير مَعْهُود [984] لَا يكلم بِسُكُون الْكَاف أَي يجرح وَالله أعلم بِمن يكلم فِي سَبيله جملَة مُعْتَرضَة للْإِشَارَة إِلَى اعْتِبَار الْإِخْلَاص إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وجرحه يثعب بِسُكُون الْمُثَلَّثَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة ثمَّ مُوَحدَة أَي يجْرِي منفجرا أَي كثيرا قَالَ النَّوَوِيّ الْحِكْمَة فِي مَجِيئه كَذَلِك أَن يكون مَعَه شَاهد فضيلته وبذله نَفسه فِي طَاعَة الله [985] أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ لَا تجْعَل قَتْلِي بيد رجل صلى لَك سَجْدَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر أَرَادَ عمر أَن يكون قَاتله مخلدا فِي النَّار وَلَا يكون كَذَلِك إِلَّا من لم يسْجد لله سَجْدَة وَلم يعْمل من الْخَيْر والايمان مِثْقَال ذرة

[986] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ يحيى وَجُمْهُور الروَاة وَرَوَاهُ معن بن عِيسَى والقعنبي عَن مَالك عَن سعيد بن أبي سعيد لم يذكرُوا يحيى بن سعيد وف الْمُمكن أَن يكون مَالك سَمعه من يحيى عَن سعيد ثمَّ سَمعه من سعيد وَقد رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وَابْن أبي ذِئْب عَن سعيد بن أبي سعيد محتسبا أَي مخلصا إِلَّا الدّين قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ تَنْبِيه على جَمِيع حُقُوق الْآدَمِيّين وَإِن الْجِهَاد وَالشَّهَادَة وَغَيرهمَا من أَعمال الْبر لَا يكفر حُقُوق الْآدَمِيّين وانما يكفر حُقُوق الله تَعَالَى كَذَلِك قَالَ لي جِبْرِيل قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ دَلِيل على أَن من الْوَحْي مَا يُتْلَى ومالا يُتْلَى وَمَا هُوَ قُرْآن وَمَا لَيْسَ بقرآن [987] عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لشهداء أحد قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُرْسل عِنْد جَمِيع رُوَاة الْمُوَطَّأ وَلَكِن مَعْنَاهُ يسْتَند من وُجُوه صِحَاح كَثِيرَة هَؤُلَاءِ اشْهَدْ عَلَيْهِم أَي أشهد لَهُم بِالْإِيمَان الصَّحِيح والسلامة من الذُّنُوب الموبقات وَمن التبديل والتغيير والمنافسة فِي الدُّنْيَا وَنَحْو ذَلِك قَالَه بن عبد الْبر [988] عَن يحيى بن سعيد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أحفظه مُسْندًا وَلَكِن مَعْنَاهُ مَوْجُود من رِوَايَة مَالك وَغَيره مَا على الأَرْض بقْعَة من الأَرْض هِيَ أحب إِلَى أَن يكون قَبْرِي بهَا مِنْهَا أَي الْمَدِينَة وَهُوَ أحد الْأَدِلَّة على تفضيلها على مَكَّة وَكَذَا أثر عمر الَّذِي يَلِيهِ قَالَ الْبَاجِيّ [990] كرم الْمُؤمن تقواه أَي فَضله إِنَّمَا هُوَ بالتقوى قَالَ تَعَالَى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وَدينه حَسبه أَي شرفه انتسابه إِلَى الدّين لَا إِلَى الْآبَاء ومروءته خلقه أَي أَن الْمُرُوءَة الَّتِي يحمد عَلَيْهَا النَّاس ويوصفون بِأَنَّهُم من ذَوي المروآت إِنَّمَا هِيَ معَان مُخْتَصَّة بالأخلاق من الصَّبْر والحلم والجود والايثار والجرأة بِالْقصرِ وزن الجرعة غرائز أَي طبائع لَا تكتسب وَالْقَتْل حتف من الحتوف أَي نوع من أَنْوَاع الْمَوْت كالموت بِمَرَض أَو نَحوه فَيجب أَن لَا يرتاع مِنْهُ وَلَا يهاب هَيْبَة تورث الْجُبْن

[992] والشهيد من احتسب نَفسه أَي من رَضِي بِالْقَتْلِ فِي طَاعَة الله تَعَالَى رَجَاء ثَوَاب الله تَعَالَى [993] فَقَالَ احملني وسحيما فَقَالَ عمر بن الْخطاب نشدتك الله أسحيم زق قَالَ نعم قَالَ الْبَاجِيّ أَرَادَ الرجل التحيل على عمر ليوهمه أَن لَهُ رَفِيقًا يُسمى سحيما فَيدْفَع اليه مَا يحمل رجلَيْنِ فينفرد هُوَ بِهِ وَكَانَ عمر يُصِيب الْمَعْنى بظنه فَلَا يكَاد يخطئه فَسبق إِلَى ظَنّه أَن سحيما الَّذِي ذكره هُوَ الزق

[994] يدْخل على أم حرَام بنت ملْحَان هِيَ خَالَة أنس بن مَالك أُخْت أمه أم سليم قَالَ النَّوَوِيّ اتّفق الْعلمَاء على أَنَّهَا كَانَت محرما لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة ذَلِك فَقَالَ بن عبد الْبر وَغَيره كَانَت إِحْدَى خالاته من الرضَاعَة وَقَالَ آخَرُونَ بل كَانَت خَالَة لِأَبِيهِ أَو لجده لِأَن عبد الْمطلب كَانَت أمه من بني النجار تفلى بِفَتْح التَّاء وَسُكُون الْفَاء ثبج هَذَا الْبَحْر بمثلثة ثمَّ مُوَحدَة مفتوحتين ثمَّ جِيم أَي ظَهره ووسطه ملوكا على الأسرة قَالَ النَّوَوِيّ قيل هُوَ صفة لَهُم فِي الْآخِرَة إِذا دخلُوا الْجنَّة وَالأَصَح أَنه صفة لَهُم فِي الدُّنْيَا أَي يركبون مراكب الْمُلُوك بسعة حَالهم واستقامة أَمرهم وَكَثْرَة عَددهمْ فركبت الْبَحْر فِي زمن مُعَاوِيَة قيل كَانَ ذَلِك فِي خِلَافَته قَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض وَهُوَ الْأَظْهر وَقيل كَانَ فِي إمارته على غزَاة قبرس فِي خلَافَة عُثْمَان سنة ثَمَان وَعشْرين وَعَلِيهِ أَكثر الْعلمَاء وَأهل السّير [996] عَن يحيى بن سعيد قَالَ لما كَانَ يَوْم أحد الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا أحفظه وَلَا أعرفهُ إِلَّا عِنْد أهل السّير فَهُوَ عِنْدهم مَشْهُور مَعْرُوف

[997] عَن يحيى بن سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رغب فِي الْجِهَاد الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مَحْفُوظ مُسْند صَحِيح من حَدِيث جَابر أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَنهُ وَمن حَدِيث أنس أخرجه الْحَاكِم وَغَيره وَذكر الْجنَّة فِي حَدِيث أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم بدر قومُوا إِلَى جنَّة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض الحَدِيث وَرجل من الْأَنْصَار يَأْكُل تمرات هُوَ عُمَيْر بن الْحمام كَمَا فِي حَدِيث أنس وَذكره بن إِسْحَاق وَغَيره فَحمل بِسَيْفِهِ فقاتل حَتَّى قتل زَاد بن إِسْحَاق وَهُوَ يَقُول ركضا إِلَى الله بِغَيْر زَاد إِلَّا التقى وَعمل الميعاد وَالصَّبْر فِي الله على الْجِهَاد وكل زَاد عرضة النفاد غير التقى وَالْبر والرشاد [998] عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ الْغَزْو غَزوَان الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن معَاذ مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَنَد حسن قَالَت أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن خَالِد بن معدان عَن أبي بحريّة عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا بِهِ تنْفق فِيهِ الْكَرِيمَة قَالَ الْبَاجِيّ أَي كرائم المَال وخياره ويياسر فِيهِ الشَّرِيك قَالَ الْبَاجِيّ أيريد مُوَافَقَته فِي رَأْيه مِمَّا يكون طَاعَة ومتابعته عَلَيْهِ وَقلة مشاحته فِيمَا يُشَارِكهُ فِيهِ من نَفَقَة أَو عمل [999] الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة زايد فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عُرْوَة الْبَارِقي قيل يَا رَسُول الله وَمَا ذَاك قَالَ الْأجر وَالْغنيمَة قَالَ النَّوَوِيّ وَالْمرَاد بالناصية هُنَا الشّعْر المسترسل على الْجَبْهَة وكنى بهَا عَن جَمِيع ذَات الْفرس يُقَال فلَان مبارك الناصية ومبارك الْغرَّة أَي الذَّات

[1000] الَّتِي قد أضمرت هُوَ أَن يقلل عَلفهَا مُدَّة وَتدْخل بَيْتا كنينا وتجلل فِيهِ لتعرق ويجف عرقها فيخف لَحمهَا وتقوى على الجري من الحفياء بحاء مُهْملَة وَفَاء سَاكِنة وبالمد وَالْقصر وَالْمدّ أشهر قَالَ صَاحب الْمطَالع وَضَبطه بِضَم الْحَاء وَهُوَ خطأ ثنية الْوَدَاع هِيَ عِنْد الْمَدِينَة سميت بذلك لِأَن الْخَارِج من الْمَدِينَة يمشي مَعَه المودعون إِلَيْهَا قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة بَين ثنية الْوَدَاع والحفياء خَمْسَة أَمْيَال أَو سِتَّة وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة سِتَّة أَو سَبْعَة بني زُرَيْق بِتَقْدِيم الزَّاي مُصَغرًا [1002] عَن يحيى بن سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤِيَ وَهُوَ يمسح عَن وَجه فرسه الحَدِيث وَصله بن عبد الْبر عَن طَرِيق عبد الله بن عَمْرو الفِهري عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن أنس وَوَصله أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن شيخ من الْأَنْصَار وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من مُرْسل نعيم بن أبي هِنْد قَالَ بن عبد الْبر رُوِيَ مَوْصُولا عَنهُ عَن عُرْوَة الْبَارِقي فَقَالَ إِنِّي عوتبت اللَّيْلَة فِي الْخَيل فِي رِوَايَة أبي عُبَيْدَة فِي إذالة الْخَيل وَله من مُرْسل عبد الله بن دِينَار وَقَالَ إِن جِبْرِيل بَات اللَّيْلَة يعاتبني فِي إذالة أَي امتهانها

[1003] وَمَكَاتِلهمْ جمع مكتل بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ القفة وَالْخَمِيس هُوَ الْجَيْش سمي خميسا لِأَنَّهُ خَمْسَة أَقسَام ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة وقلب وَضَبطه القَاضِي عِيَاض بِالرَّفْع عطفا على قَوْله مُحَمَّد وَبِالنَّصبِ على أَنه مفعول مَعَه الله أكبر خربَتْ خَيْبَر قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل تفاءل بخرابها بِمَا رَآهُ فِي أَيْديهم من آلَات الخراب من الْمساحِي وَغَيرهَا وَقيل أَخذه من اسْمهَا وَالأَصَح أَنه أعلمهُ الله بذلك إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين الساحة الفناء وَأَصله الفضاء بَين الْمنَازل وَهَذَا الحَدِيث أصل فِي جَوَاز التمثل والاستشهاد بِالْقُرْآنِ والاقتباس نَص عَلَيْهِ بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد وَابْن رَشِيق فِي شرح الْمُوَطَّأ وهما مالكيان وَالنَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم كلهم عِنْد شرح هَذَا الحَدِيث وَلَا أعلم بَين الْمُسلمين خلافًا فِي جَوَازه فِي النثر فِي غير المجون والخلاعة وهزل الْفُسَّاق وشربة الْخمر واللاطة وَنَحْو ذَلِك وَقد نَص على جَوَازه أَئِمَّة مَذْهَبنَا بأسرهم واستعملوه فِي الْخطب والرسائل والمقامات وَسَائِر أَنْوَاع الْإِنْشَاء ونقلوا اسْتِعْمَاله عَن أبي بكر الصّديق وَعمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب وَابْنه الْحسن وَعبد الله بن مَسْعُود وَغَيرهم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ وأوردوا فِيهِ عدَّة أَحَادِيث صَحِيحَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه اسْتَعْملهُ قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم فِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الاستشهاد فِي مثل هَذَا السِّيَاق بِالْقُرْآنِ فِي الْأُمُور المحققة وَقد جَاءَ فِي هَذَا نَظَائِر كَثِيرَة كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث فتح مَكَّة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل يطعن فِي الْأَصْنَام وَيَقُول جَاءَ الْحق وَمَا يبدئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل وَإِنَّمَا يكره ضرب الْأَمْثَال من الْقُرْآن فِي المزاح ولغو الحَدِيث انْتهى وَنَصّ النَّوَوِيّ أَيْضا على جَوَازه فِي كتاب التِّبْيَان وَاسْتشْهدَ بقول الْأَصْحَاب كَافَّة فِي الصَّلَاة إِذا نطق الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاة بنظم الْقُرْآن بِقصد التفهيم كيا يحيى خُذ الْكتاب وادخلوها بِسَلام وَنَحْو ذَلِك إِن قصد مَعَه قِرَاءَة لم تبطل وَإِلَّا بطلت وَألف قَدِيما فِي جَوَاز المسئلة الإِمَام أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام كتابا ذكر فِيهِ جَمِيع مَا وَقع للصحابة وَالتَّابِعِينَ من ذَلِك أوردهُ بِالْأَسَانِيدِ الْمُتَّصِلَة إِلَيْهِم وَمن الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ دَاوُد الشاذلي الباخلي من الْمَالِكِيَّة كراسة قَالَ فِيهَا لَا خلاف بَين أَئِمَّة المذهبين الْمَالِكِيَّة وَالشَّافِعِيَّة فِي جَوَازه وَنَقله صَرِيحًا عَن القَاضِي أبي بكر الباقلاني وَالْقَاضِي عِيَاض وَقَالَ كفى بهما حجَّة قَالَ غير انهم كرهوه فِي الشّعْر خَاصَّة قلت وَقد رَوَاهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ وَغَيره بِالْإِسْنَادِ عَن مَالك بن أنس أَنه كَانَ يَسْتَعْمِلهُ وَهَذِه أكبر حجَّة على من يزْعم أَن مَذْهَب مَالك تَحْرِيمه والعمدة فِي نفي الْخلاف فِي مذْهبه على الشَّيْخ دَاوُد فَإِنَّهُ نَقله وَهُوَ أعرف بمذهبه وَأما مَذْهَبنَا فَأَنا أَن أئمته مجمعون على جَوَازه وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة والْآثَار عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ تشهد لَهُم فَمن نسب إِلَى مَذْهَبنَا تَحْرِيمه فقد فشر وَأَبَان على أَنه أَجْهَل الْجَاهِلين وَقد ألفت فِي ذَلِك كتابا سميته رفع الالباس وكشف الالتباس فِي ضرب الْمثل من الْقُرْآن والاقتباس

كتاب النذور والأيمان

[1004] من أنْفق زَوْجَيْنِ أَي شَيْئَيْنِ من نوع وَاحِد كدرهمين أَو دينارين أَو قرشين نُودي فِي الْجنَّة يَا عبد الله هَذَا خير يحْتَمل أَن يُرِيد هَذَا خير أعده الله لَك فَأقبل إِلَيْهِ من هَذَا الْبَاب أَو هَذَا خير أَبْوَاب الْجنَّة لِأَن فِيهِ الْخَيْر وَالثَّوَاب الَّذِي أعد لَك فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة أَي من كَانَت أغلب أَعماله وأكثرها قَالَ بن عبد الْبر فِي هَذَا الحَدِيث أَن أَعمال الْبر لَا يفتح فِي الْأَغْلَب للْإنْسَان الْوَاحِد فِي جَمِيعهَا بل إِن فتح لَهُ فِي شَيْء مِنْهَا حرم غَيره فِي الْأَغْلَب إِلَّا الْفَرد النَّادِر من النَّاس كَأبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَقد كتب عبد الله الْعمريّ العابد إِلَى مَالك يحضه على الِانْفِرَاد وَالْعَمَل وَترك اجْتِمَاع النَّاس عَلَيْهِ فِي الْعلم فَكتب اليه مَالك إِن الله عز وَجل قسم الْأَعْمَال كَمَا قسم الأرزاق فَرب رجل فتح لَهُ فِي الصَّلَاة وَلم يفتح لَهُ فِي الصَّوْم وَآخر فتح لَهُ فِي الصَّدَقَة وَلم يفتح لَهُ فِي الصَّوْم وَآخر فتح لَهُ فِي الْجِهَاد وَلم يفتح لَهُ فِي الصَّلَاة وَنشر الْعلم وتعليمه من أفضل أَعمال الْبر وَقد رضيت بِمَا فتح الله لي من ذَلِك وَمَا أَظن مَا أَنا فِيهِ بِدُونِ مَا أَنْت فِيهِ وَأَرْجُو أَن يكون كلنا على خير وَيجب على كل وَاحِد منا أَن يرضى بِمَا قسم الله لَهُ وَالسَّلَام وَمن كَانَ من أهل الصّيام دعِي من بَاب الريان قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ مُشْتَقّ من الرّيّ فَخص بذلك لما فِي الصَّوْم من الصَّبْر على ألم الْعَطش والظمأ فِي الهواجر فَهَل يدعى أحد من هَذِه الْأَبْوَاب كلهَا قَالَ نعم قَالَ الْبَاجِيّ أَي يُقَال لَهُ عِنْد كل بَاب إِن لَك هُنَا خيرا أعده الله لَك لعبادتك المختصة بِالدُّخُولِ من هَذَا الْبَاب وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم قَالَ بن عبد الْبر رجاؤه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقِين [1006] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن أَنه قَالَ قدم على أبي بكر الصّديق مَال من الْبَحْرين الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر (كتاب النذور والأيمان)

[1007] إِن أُمِّي مَاتَت فِي طَبَقَات بن سعد أَنَّهَا عمْرَة بنت مَسْعُود بن قيس أسلمت وبايعت وَمَاتَتْ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَائِب فِي غَزْوَة دومة الجندل وَكَانَت فِي شهر ربيع الأول سنة خمس وَكَانَ ابْنهَا سعد مَعَه فَقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء قبرها فصلى عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا نذر قَالَ القَاضِي عِيَاض اخْتلفُوا فِي نذر أم سعد هَذَا فَكَانَ نذرا مُطلقًا وَقيل كَانَ صوما وَقيل عتقا وَقيل صَدَقَة

[1010] عَن عُرْوَة بن أذينة اللَّيْثِيّ قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ لَهُ فِي الْمُوَطَّأ غير هَذَا الْخَبَر وأذينة لقب واسْمه يحيى بن مَالك ويكنى عُرْوَة أَبَا طَالب وَكَانَ شَاعِرًا غزلا وَكَانَ مَعَ ذَلِك خيرا ثِقَة عِنْدهم

[1012] عَن حميد بن قيس وثور بن زيد الديلِي انهما أخراه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ مَوْصُول فِي البُخَارِيّ من حَدِيث بن عَبَّاس رأى رجلا قَائِما فِي الشَّمْس سمي فِي البُخَارِيّ أَبَا إِسْرَائِيل وَفِي المبهمات للخطيب أَنه من قُرَيْش قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلَا يُشَارِكهُ فِي كنيته أحد من الصَّحَابَة وَاخْتلف فِي اسْمه فَقيل قُشَيْر بقاف وشين مُعْجمَة مصغر وَقيل يسير بتحتية ثمَّ مُهْملَة مصغر وَقيل قَيْصر باسم ملك الرّوم وَقيل قيسر بِالسِّين الْمُهْملَة بدل الضَّاد وَقيل قيس بِغَيْر رَاء فِي آخِره [1014] قَالَ يحيى وَسمعت مَالِكًا يَقُول معنى قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ عِنْد يحيى هَذَا الحَدِيث مُسْندًا وَقد رَوَاهُ القعْنبِي وَأَبُو مُصعب وَابْن بكير وَسَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ فَقَالُوا عَن مَالك عَن طَلْحَة بن عبد الْملك الْأَيْلِي عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ قَالَ وَمَا أَظُنهُ سقط عَن أحد من الروَاة إِلَّا عَن يحيى بن يحيى فَإِنِّي رَأَيْته لأكثرهم وَطَلْحَة هَذَا ثِقَة مرضِي حجَّة

[1015] عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ انها كَانَت تَقول لَغْو الْيَمين قَول الانسان وَالله لَا وَالله فِي رِوَايَة بن بكير وَغَيره وبلى وَالله قَالَ الْحَافِظ بن حجر صرح بَعضهم بِرَفْعِهِ عَن عَائِشَة فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة إِبْرَاهِيم الصايغ عَن عَطاء عَنْهَا مَرْفُوعا وَأَشَارَ أَبُو دَاوُد إِلَى أَنه اخْتلف على عَطاء وعَلى إِبْرَاهِيم فِي رَفعه وَوَقفه

[1017] عَن سُهَيْل بن أبي صَالح الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف الروَاة عَن مَالك فِي هَذَا الحَدِيث وَلَا اخْتلف فِيهِ عَن سُهَيْل أَيْضا [1018] من حلف يَمِين فوكدها قَالَ أَيُّوب قلت لنافع مَا التوكيد قَالَ ترداد الْأَيْمَان فِي الشَّيْء الْوَاحِد [1020] عَن بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدْرك عمر اتّفقت الطّرق على أَنه من مُسْند بن عمر وَحكى يَعْقُوب بن شيبَة بن عبد الله الْعمريّ المكبر الضَّعِيف رَوَاهُ عَن نَافِع فَقَالَ عَن بن عمر عَن عمر وَهُوَ يسير فِي ركب فِي مُسْند يَعْقُوب بن شيبَة فِي غزَاة وَهُوَ يحلف بِأَبِيهِ فِي رِوَايَة عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر عَنهُ وَكَانَت قُرَيْش تحلف بِآبَائِهَا إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ فِي مُصَنف بن أبي شيبَة زِيَادَة لَو أَن أحدكُم يحلف بالمسيح هلك والمسيح خير من آبائكم من كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليصمت قَالَ الْعلمَاء السِّرّ فِي ذَلِك أَن الْحلف بالشَّيْء يَقْتَضِي تَعْظِيمه وَالْعَظَمَة فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هِيَ لله وَحده فَلَا يضاهى بِهِ غَيره

[1021] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول لَا ومقلب الْقُلُوب وَصله البُخَارِيّ وَغَيره من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ وَلابْن الْمُبَارك عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن بن عمر قَالَ كثيرا كَمَا كنت أسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحلف لَا ومقلب الْقُلُوب وَوَصله أَبُو دَاوُد من طَرِيق عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي عَن بن الْمُبَارك عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن بن عمر وَوَصله بن عبد الب من طَرِيق سليم بن بِلَال عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن سَالم عَن بن عمر قَالَ الْحَافِظ بن حجر لَا نفي للْكَلَام السَّابِق وَالْمرَاد بتقليب الْقُلُوب تقليب أعراضها وَأَحْوَالهَا لَا تقليب ذَات الْقلب قَالَ الرَّاغِب تقليب الله الْقُلُوب صرفهَا عَن رَأْي إِلَى رَأْي [1022] عَن عُثْمَان بن حَفْص بن عمر بن خلدَة قَالَ بن عبد الْبر هُوَ بن عبد الرَّحْمَن بن خلدَة البرقي الْأنْصَارِيّ ثِقَة روى عَنهُ مَالك وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة وَلم يرو عَنهُ غَيرهمَا فِيمَا علمت وَوهم الْعقيلِيّ فَسَماهُ عمر عَن بن شهَاب أَنه بلغه أَن أَبَا لبَابَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر كَذَا هَذَا الحَدِيث عِنْد يحيى وَابْن الْقَاسِم وَطَائِفَة وروته طَائِفَة مِنْهُم عبد الله بن يُوسُف التنيسِي فِي الْمُوَطَّأ عَن مَالك أَنه بلغه أَن أَبَا لبَابَة لم يذكر عُثْمَان وَلَا بن شهَاب وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عِنْد بن بكير وَلَا القعْنبِي وَلَا أَكثر الروَاة وَرَوَاهُ بن وهب فِي موطئِهِ عَن يُونُس بن يزِيد عَن بن شهَاب قَالَ أَخْبرنِي بعض بني السَّائِب بن أبي لبَابَة أَن أَبَا لبَابَة حِين ارْتبط فَتَابَ الله عَلَيْهِ فَذكره قَالَ بن عبد الْبر فَبَان بِهَذَا الْبَلَاغ الَّذِي ذكره مَالك عَن بن شهَاب فِي هَذَا الْخَبَر وَاسم أبي لبَابَة بشير وَقيل رِفَاعَة كتاب الضَّحَايَا

[1024] عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن عبيد بن فَيْرُوز قَالَ بن عبد الْبر كَذَا روى مَالك هَذَا الحَدِيث لم تخْتَلف الروَاة عَنهُ والْحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ عَمْرو بن الْحَارِث عَن سُلَيْمَان بنعبد الرَّحْمَن عَن عبيد بن فَيْرُوز فَسقط لمَالِك ذكر سُلَيْمَان وَلَا يعرف الحَدِيث إِلَّا لِسُلَيْمَان هَذَا وَلم يروه غَيره عَن عبيد بن فَيْرُوز وَلَا يعرف عبيد بن فَيْرُوز إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وبرواية سُلَيْمَان هَذَا عَنهُ وَرَوَاهُ عَن سُلَيْمَان جمَاعَة من الْأَئِمَّة مِنْهُم شُعْبَة وَاللَّيْث وَعَمْرو بن الْحَارِث وَيزِيد بن أبي حبيب وَغَيرهم وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف رَوَاهُ مَالك عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن عبيد بن الْبَراء وَخَالفهُ بن وهب فَرَوَاهُ عَن عَمْرو بن الْحَارِث وَاللَّيْث وَغَيرهمَا كلهم عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد عَن الْبَراء وَخَالَفَهُمَا روح بن عبَادَة فَرَوَاهُ عَن أُسَامَة بن زيد عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن عبيد وَرَوَاهُ عُثْمَان بن عَمْرو بن فَارس عَن اللَّيْث عَن سُلَيْمَان عَن الْقَاسِم مولى خَالِد بن يزِيد بن مَيْمُونَة عَن عبيد بن فَيْرُوز قَالَ عُثْمَان فَقلت لليث إِن شُعْبَة يروي عَن سُلَيْمَان عَن عبيد فَقَالَ لَا إِنَّمَا حَدثنَا بِهِ سُلَيْمَان عَن الْقَاسِم مولى خَالِد عَن عبيد انْتهى لَا تنقى أَي لَا نقى لَهَا والنقى الشَّحْم قَالَه الْبَاجِيّ [1027] عَن بشير بن يسَار أَن أَبَا بردة بن دِينَار فِي رِوَايَة مَالك عَن بشير عَن أبي بردة قَالَ بن عبد الْبر يُقَال إِن بشيرا لم يسمع من أبي بردة وَاسم أبي بردة هَانِئ

[1028] عَن عباد بن تَمِيم أَن عُوَيْمِر بن أشقر قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف عَن مَالك فِي هَذَا الحَدِيث وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن يحيى بن سعيد عَن عبَادَة عَن عُوَيْمِر وَسَمَاع عباد من عُوَيْمِر مُمكن [1030] دف نَاس بِالدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الْفَاء أَي أَتَوا والدافة قوم يَسِيرُونَ سيرا لينًا حَضْرَة الْأَضْحَى أَي وَقت الْأَضْحَى ويجملون مِنْهَا الودك بِالْجِيم أَي يذيبون الشَّحْم

كتاب الذبائح

[1031] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بن عبد الْبر لم يسمع ربيعَة من أبي سعيد والْحَدِيث صَحِيح مَحْفُوظ رَوَاهُ عَن أبي سعيد جمَاعَة [1032] الْحُدَيْبِيَة بِالتَّخْفِيفِ فِي الْأَشْهر وَاد بَينه وَبَين مَكَّة عشرَة أَمْيَال أَو خَمْسَة عشر ميلًا على طَرِيق جدة [1034] عَن بن شهَاب أَنه قَالَ مَا نحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ وَأهل بَيته إِلَّا بَدَنَة وَاحِدَة أَو بقرة وَاحِدَة رَوَاهُ جوَيْرِية عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ قَالَ أَخْبرنِي من لَا أتهم عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت فَذكره على الشَّك وَرَوَاهُ معمر وَيُونُس والزبيري عَن الزُّهْرِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت مَا ذبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن آل مُحَمَّد فِي حجَّة الْوَدَاع إِلَّا بقرة وَرَوَاهُ بن أخي الزُّهْرِيّ عَن عَمه قَالَ حَدثنِي من لَا أتهم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة فَذكره (كتاب الذَّبَائِح)

[1038] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله إِن نَاسا من أهل الْبَادِيَة يأتوننا بلحمان الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ من طَرِيق أُسَامَة بن حَفْص الْمدنِي عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة

كتاب الصيد

[1040] عَن عَطاء بن يسَار أَن رجلا من الْأَنْصَار من بني حَارِثَة وَصله الْبَزَّار من طَرِيق جرير بن حَازِم عَن أَيُّوب عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ لقحة بِكَسْر اللَّام وَفتحهَا النَّاقة ذَات اللَّبن بشظاظ بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وإعجام الظاءين الْعود المحدد الطّرف وَفسّر فِي بعض الطّرق الحَدِيث بالوتد (كتاب الصَّيْد)

[1059] عَن بن شهَاب عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أكل كل ذِي نَاب من السبَاع حرَام قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى فِي هَذَا الحَدِيث وَلم يُتَابِعه أحد من رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي هَذَا الْإِسْنَاد خَاصَّة وَإِنَّمَا لَفظهمْ عَن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع [1062] إِنَّمَا حرم أكلهَا قَالَ النَّوَوِيّ روينَاهُ على وَجْهَيْن بِفَتْح الْحَاء وَضم الرَّاء وبضم الْحَاء وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة

كتاب العقيقة

[1063] عَن بن وَعلة بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة واسْمه عبد الرَّحْمَن الاهاب قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف أهل اللُّغَة فِيهِ فَقيل هُوَ الْجلد مُطلقًا وَقيل هُوَ الْجلد قبل الدّباغ فاما بعده فَلَا يُسمى إهابا وَجمع أهب فقد طهر بِفَتْح الْهَاء وَضمّهَا وَالْفَتْح أفْصح (كتاب الْعَقِيقَة)

[1066] عَن زيد بن أسلم عَن رجل من بني ضَمرَة عَن أَبِيه قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَقِيقَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلمهُ روى معنى هَذَا الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَمن حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ وأصل الْعَقِيقَة كَمَا قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره الشّعْر الَّذِي يكون على رَأس الصَّبِي حِين يُولد وَسميت الشَّاة الَّتِي تذبح عَنهُ عقيقة لِأَنَّهُ يحلق عَنهُ ذَلِك الشّعْر عِنْد الذّبْح قَالَ أَبُو عبيد فَهُوَ من تَسْمِيَة الشَّيْء باسم غَيره إِذا كَانَ مَعَه أَو من سَببه قَالَ بن عبد الْبر وَفِي هَذَا الحَدِيث كَرَاهِيَة مَا يقبح مَعْنَاهُ من الْأَسْمَاء وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الِاسْم الْحسن قَالَ وَكَانَ الْوَاجِب بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث أَن يُقَال لذبيحة الْمَوْلُود نسيكة وَلَا يُقَال عقيقة وَلَكِنِّي لَا اعْلَم أحدا من الْعلمَاء مَال إِلَى ذَلِك وَلَا قَالَ بِهِ وأظنهم تركُوا الْعَمَل بِهِ لما صَحَّ عِنْدهم فِي غَيره من الْأَحَادِيث من لفظ الْعَقِيقَة

كتاب الفرائض

[1071] مَالك أَنه بلغه عق عَن حسن وحسين أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عق عَن الْحسن وَالْحُسَيْن كَبْشًا كَبْشًا وَأخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس عق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحسن وَالْحُسَيْن بكبشين كبشين (كتاب الْفَرَائِض)

[1076] عَن بن شهَاب عَن عُثْمَان بن إِسْحَاق بن خَرشَة عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ بن عبد الْبر عُثْمَان هَذَا لَا أعرفهُ بِأَكْثَرَ من رِوَايَة بن شهَاب عَنهُ حَدِيث الْجدّة هُنَا عَن قبيصَة وحسبك بِرِوَايَة بن شهَاب عَنهُ وَقد روى جمَاعَة هَذَا الحَدِيث عَن بن شهَاب عَن قبيصَة لم يدخلُوا بَينهمَا أحدا مِنْهُم معمر وَيُونُس بن أُسَامَة بن زيد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالْحق مَا قَالَه مَالك وَقد تَابعه عَلَيْهِ أَبُو أويس عَن أُسَامَة انْتهى وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ الصَّوَاب حَدِيث مَالك

[1079] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَالَة الحَدِيث وَصله القعْنبِي وَابْن الْقَاسِم عَن مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر

الجزء 2

[1082] عَن عمر بن عُثْمَان بن عَفَّان عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ مَالك عمر بن عُثْمَان وَسَائِر أَصْحَاب بن شهَاب يَقُولُونَ عَمْرو بن عُثْمَان وَرَوَاهُ بن بكير عَن مَالك على الشَّك فَقَالَ عَن عمر بن عُثْمَان أَو عَمْرو بن عُثْمَان وَقَالَ بن الْقَاسِم فِيهِ عَن عَمْرو بن عُثْمَان وَالثَّابِت عَن مَالك عمر بن عُثْمَان كَمَا رَوَاهُ يحيى وَأكْثر الروَاة وَذكر بن معِين عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أَنه قَالَ لَهُ قَالَ لي مَالك بن أنس تراني لَا أعرف عمر من عَمْرو وَهَذِه دَار عمر وَهَذِه دَار عَمْرو قَالَ بن عبد الْبر وَلَا خلاف أَن عُثْمَان لَهُ ولد يُسمى عمر وَآخر يُسمى عمرا وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي هَذَا الحَدِيث هَل هُوَ لعمر أَو لعَمْرو فأصحاب بن شهَاب غير مَالك يَقُولُونَ فِيهِ عَن عَمْرو بن عُثْمَان وَمَالك يَقُول فِيهِ عَن عمر بن عُثْمَان وَقد وَافقه الشَّافِعِي وَيحيى بن سعيد الْقطَّان على ذَلِك فَقَالَ هُوَ عمر وأبى أَن يرجع وَقَالَ قد كَانَ لعُثْمَان بن يُقَال لَهُ عمر وَهَذِه دَاره قَالَ بن عبد الْبر وَمَالك لَا يكَاد يُقَاس بِهِ غَيره حفظا وإتقانا لَكِن الْغَلَط لَا يسلم مِنْهُ أحد وَأهل الحَدِيث يأبون أَن يكون فِي هَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا عَمْرو بِالْوَاو وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَنه قيل إِن مَالِكًا يَقُول فِي حَدِيث لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر عمر بن عُثْمَان فَقَالَ سُفْيَان لقد سمعته من الزُّهْرِيّ كَذَا وَكَذَا مرّة وتفقدته مِنْهُ فَمَا قَالَ إِلَّا عَمْرو بن عُثْمَان قَالَ بن عبد الْبر وَمِمَّنْ تَابع بن عُيَيْنَة على قَوْله عَمْرو بن عُثْمَان وَمعمر وَابْن جريج وَعقيل وَيُونُس وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْجَمَاعَة أولى أَن يسلم لَهَا وَكلهمْ يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث وَلَا الْكَافِر الْمُسلم فَاخْتَصَرَهُ مَالك وَلَقَد أحسن بن وهب فِي هَذَا الحَدِيث رُوَاة عَن يُونُس وَمَالك جَمِيعًا وَقَالَ قَالَ مَالك عمر وَقَالَ يُونُس عَمْرو وَقَالَ أَحْمد بن زُهَيْر خَالف مَالك النَّاس فِي هَذَا فَقَالَ عمر بن عُثْمَان انْتهى (كتاب النِّكَاح)

[1089] لَا يخْطب أحدكُم على خطْبَة أَخِيه بِكَسْر الْخَاء

[1092] عَن عبد الله بن الْفضل عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث رفيع أصل من أصُول الْأَحْكَام رَوَاهُ عَن مَالك جمَاعَة من الجلة مِنْهُم شُعْبَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَابْن عُيَيْنَة وَيحيى بن سعيد الْقطَّان وَقيل أَنه رَوَاهُ عَنهُ أَبُو حنيفَة وَلَا يَصح الأيم قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء المُرَاد هُنَا الثّيّب لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسرًا فِي رِوَايَة وَقيل المُرَاد من لَا زوج لَهَا بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا قَالَ القَاضِي يحْتَمل من حَيْثُ اللَّفْظ أَن المُرَاد أَحَق فِي كل شَيْء من عقد وَغَيره وَيحْتَمل أَنَّهَا أَحَق بِالرِّضَا إِلَّا تزوج حَتَّى تنطق بالاذن بِخِلَاف الْبكر وَلَكِن لما صَحَّ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نِكَاح إِلَّا بولِي مَعَ غَيره من الْأَحَادِيث الدَّالَّة على اشْتِرَاط الْوَالِي تعين الِاحْتِمَال الثَّانِي وَقَالَ النَّوَوِيّ لَفظه أَحَق هُنَا للمشاركة مَعْنَاهُ أَن لَهَا فِي نَفسهَا فِي النِّكَاح حَقًا ولوليها وحقها آكِد من حَقه صماتها بِضَم الصَّاد هُوَ السُّكُوت

[1096] قَالَ نعم سُورَة كَذَا وَسورَة كَذَا لأبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة سُورَة الْبَقَرَة وَالَّتِي تَلِيهَا زَاد الدَّارَقُطْنِيّ وَسورَة الْمفصل وَلأبي الشَّيْخ إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر قد أنكحتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن زَاد الدَّارَقُطْنِيّ على أَن تعلمهَا وتقرئها وَلأبي دَاوُد فَقُمْ فعلمها عشْرين آيَة وَهِي امْرَأَتك وَكَانَ مَكْحُول يَقُول لَيْسَ ذَلِك لأحد بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[1102] عَن عبد الْملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام المَخْزُومِي عَن أَبِيه أَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين تزوج أم سَلمَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث ظَاهره الِانْقِطَاع وَهُوَ مُتَّصِل مُسْند صَحِيح قد سَمعه أَبُو بكر أم سَلمَة كَمَا صرح بِهِ عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة لَيْسَ بك هوان على أهلك قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ لَا يلحقك هوان وَلَا يضيع من حَقك شَيْء تأخذينه كَامِلا قَالَ القَاضِي عِيَاض وَالْمرَاد بأهلك هُنَا نَفسه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي لَا أفعل فعلا بِهِ هوانك عَليّ أَن شِئْت سبعت إِلَى آخِره قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مِمَّا تَركه مَالك وَأَصْحَابه من رِوَايَة أهل الْمَدِينَة للْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مَالك عَن أنس

[1105] عَن الزبير بن عبد الرَّحْمَن بن الزبير أَن رِفَاعَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر كَذَا لأكْثر الروَاة مُرْسل وَوَصله بن وهب عَن مَالك فَقَالَ عَن أَبِيه وَابْن وهب من أجل من روى عَن مَالك هَذَا الشَّأْن وأثبتهم فِيهِ وَتَابعه أَيْضا بن الْقَاسِم وَعلي بن زِيَاد وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَعبيد الله بن عبد الْمجِيد الْحَنَفِيّ كلهم عَن مَالك وَقَالُوا فِيهِ عَن أَبِيه وَهُوَ صَاحب الْقِصَّة قَالَ وَالزُّبَيْر وجده بِفَتْح الزَّاي فيهمَا وروى عَن بن ذكْوَان الأول مضموم تَمِيمَة بنت وهب بِفَتْح الْمُثَنَّاة وَقيل بضَمهَا وَقيل اسْمهَا أُمَيْمَة وَقيل سهيمة فنكحت عبد الرَّحْمَن بن الزبير قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بن باطا وَيُقَال باطيا وَكَانَ عبد الرَّحْمَن صحابيا وَالزُّبَيْر قتل يَهُودِيّا فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة قَالَ وَمَا ذَكرْنَاهُ من أَن هَذَا هُوَ بن باطا الْقرظِيّ هُوَ الَّذِي ذكره بن عبد الْبر والمحققون وَقَالَ بن مَنْدَه وَأَبُو نعيم إِنَّمَا هُوَ عبد الرَّحْمَن بن الزبير بن زيد بن أُميَّة الأوسي وَالصَّوَاب الأول حَتَّى تذوق الْعسيلَة قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِضَم الْعين وَفتح السِّين تَصْغِير عسلة وهم كِفَايَة عَن الْجِمَاع شبه لذته بلذة الْعَسَل وحلاوته وأنث الْعَسَل لِأَن فِيهِ لغتين التَّذْكِير والتأنيث وَقيل على إِرَادَة النُّطْفَة وَهُوَ ضَعِيف لِأَن الْإِنْزَال لَا يشْتَرط [1112] نهى عَن الشّغَار بمعجمتين مكسور الأول والشغار أَن يُزَوّج الرجل ابْنَته إِلَى آخِره قَالَ الشَّافِعِي لَا أَدْرِي هَذَا التَّفْسِير من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو بن عمر أَو نَافِع أَو مَالك حَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة وَقَالَ الْخَطِيب وَغَيره هُوَ قَول مَالك وَصله بِالْمَتْنِ الْمَرْفُوع بَين ذَلِك بن مهْدي والقعنبي ومحرز بن عون فِيمَا أخرجه أَحْمد وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الَّذِي تحرر أَنه من قَول نَافِع بَينه يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن عبيد الله بن عمر قَالَ قلت لنافع مَا الشّغَار فَذكره

[1113] يزِيد بن جَارِيَة بِالْجِيم والمثناة التَّحْتِيَّة عَن خنساء بنت خدام بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة الْمَكْسُورَة وَالدَّال الْمُهْملَة الْأَنْصَارِيَّة الأوسية زوج أبي لبَابَة صحابية مَعْرُوفَة

[1118] عَن بن شهَاب عَن أبي عبد الرَّحْمَن عَن زيد بن ثَابت قَالَ بن عبد الْبر اخْتلف فِي اسْم أبي عبد الرَّحْمَن شيخ بن شهَاب فَقيل سُلَيْمَان بن يسَار وَهُوَ بعيد لِأَنَّهُ أجل من أَن يستر اسْمه ويكنى عَنهُ وَقيل هُوَ أَبُو الزِّنَاد وَهُوَ أبعد لِأَنَّهُ لم يرو عَن زيد بن ثَابت وَلَا رَآهُ وَلَا روى عَنهُ بن شهَاب وَقيل هُوَ طَاوس وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ وانما كتم اسْمه مَعَ جلالته لِأَن طاوسا كَانَ يطعن على بني أُميَّة وَيَدْعُو عَلَيْهِم فِي مجالسه وَكَانَ بن شهَاب يدْخل عَلَيْهِم وَيقبل جوائزهم وَقد سُئِلَ مرّة فِي مجْلِس هِشَام أتروي عَن طَاوس فَقَالَ للسَّائِل أما انك لَو رَأَيْت طاوسا لعَلِمت أَنه لَا يكذب وَلم يجبهُ بِأَنَّهُ يروي أَو لَا يروي فَهَذَا كُله دَلِيل على أَن أَبَا عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ طَاوس انْتهى

[1129] الْحمر الانسية قَالَ النَّوَوِيّ ضبطوه بِوَجْهَيْنِ كسر الْهمزَة وَسُكُون النُّون وفتحهما جَمِيعًا وَرجحه القَاضِي عِيَاض وَقَالَ إِنَّه رِوَايَة الْأَكْثَرين

[1132] عَن بن شهَاب أَنه بلغه أَن نسَاء كن فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسلمن الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلمهُ يتَّصل من وَجه صَحِيح وَهُوَ حَدِيث مَشْهُور مَعْلُوم عِنْد أهل السّير وَابْن شهَاب إِمَام أهل السّير وَكَذَلِكَ الشّعبِيّ وشهرة هَذَا الحَدِيث أقوى من إِسْنَاده إِن شَاءَ الله تَعَالَى [1135] عَن أنس بن مَالك أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف جَاءَ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ عِنْد جمَاعَة الْمُوَطَّأ ن مُسْند أنس وَرَوَاهُ روح بن عبَادَة عَن مَالك عَن حميد عَن أنس عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه جَاءَ فَجعله من مُسْند عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَأخْبرهُ أَنه تزوج قَالَ الزبير بن بكار الْمَرْأَة الَّتِي تزَوجهَا ابْنة أنس بن رَافع الْأَنْصَارِيَّة ولدت لَهُ الْقَاسِم وَأَبا عُثْمَان عبد الله زنة نواة من ذهب قَالَ الْخطابِيّ النواة اسْم لمقدار مَعْرُوف عِنْدهم وَهُوَ خَمْسَة دَرَاهِم من ذهب وَقيل ثَلَاثَة دَرَاهِم وَثلث وَقيل المُرَاد نواة التَّمْر أَي وَزنهَا من ذهب قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح الأول وَقَالَ بعض الْمَالِكِيَّة النواة ربع دِينَار عِنْد أهل الْمَدِينَة وَظَاهر كَلَام أبي عبيد أَنه دفع خَمْسَة دَرَاهِم قَالَ وَلم يكن هُنَاكَ ذهب إِنَّمَا هِيَ خَمْسَة دَرَاهِم تسمى نواة كَمَا تسمى الْأَرْبَعُونَ أُوقِيَّة [1136] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ لقد بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يولم بالوليمة مَا فِيهَا خبز وَلَا لحم وَصله النَّسَائِيّ وقاسم بن أصبغ من طَرِيق سعيد بن عفير عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى بن سعيد عَن حميد عَن أنس وَزَاد قلت بِأَيّ شَيْء يَا أَبَا حَمْزَة قَالَ تمر وَسَوِيق

[1138] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يَقُول شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة رَوَاهُ مُسلم مَوْقُوفا هَكَذَا وَمَرْفُوعًا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث مُسْند عِنْدهم بقول أبي هُرَيْرَة فقد عصى الله وَرَسُوله قَالَ وَجل رُوَاة مَالك لم يصرحوا بِرَفْعِهِ وَرَوَاهُ روح بن الْقَاسِم عَنهُ مُصَرحًا بِرَفْعِهِ وَكَذَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الغرايب من طَرِيق آخر عَن مَالك وَقَالَ النَّوَوِيّ دَعْوَة الطَّعَام بِفَتْح الدَّال وَأما دَعْوَة النّسَب فبكسرها هَذَا هُوَ قَول جُمْهُور الْعَرَب وَعَكسه يتمر الرتاب بِكَسْر الرَّاء فَقَالُوا الطَّعَام بِالْكَسْرِ وَالنّسب بِالْفَتْح قَالَ وَأما قَول قطرب فِي المثلث أَن دَعْوَة الطَّعَام بِالضَّمِّ فغلطوه فِيهِ قَالَ وَمعنى هَذَا الحَدِيث الاخبار بِمَا يَقع من النَّاس بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مُرَاعَاة الْأَغْنِيَاء فِي الولائم وَنَحْوهَا وتخصيصهم بالدعوة وايثارهم بِطيب الطَّعَام وَرفع مجَالِسهمْ وتقديمهم وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ الْغَالِب فِي الولائم [1139] الدُّبَّاء بِضَم الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمُوَحدَة وَالْمدّ وَيجوز الْقصر القرع وَقيل هُوَ خَاص بالمستدير مِنْهُ واحده دبا ودبة قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لَا يدْرِي همزته منقلبة عَن وَاو أَو يَاء

[1140] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا تزوج أحدكُم الْمَرْأَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر وَصله عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمَن فَرَوَاهُ عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر مَرْفُوعا وعنبسة ضَعِيف ورد مَعْنَاهُ من حَدِيث بن عَمْرو وَأبي لاس الْخُزَاعِيّ بِذرْوَةِ سنامه بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة أَي أَعْلَاهُ

[1170] كَانَ فِي بَرِيرَة ثَلَاث سنَن لأبي دَاوُد أَربع وَزَاد وأمرها أَن تَعْتَد عدَّة الْحرَّة قَالَ القَاضِي عِيَاض وَالْمعْنَى أَنَّهَا شرعت فِي قصَّتهَا وَمَا يظْهر فِيهَا مِمَّا سوى ذَلِك كَانَ قد علم من غير قصَّتهَا وَقَالَ بن عبد الْبر قد أَكثر النَّاس فِي تشقيق الْمعَانِي من حَدِيث بَرِيرَة وتخريجها فلمحمد بن جرير فِي ذَلِك كتاب ولمحمد بن خُزَيْمَة أَيْضا فِيهِ كتاب ولجماعة فِي ذَلِك أَبْوَاب وَالَّذِي قصدته عَائِشَة هُوَ عظم الْأَمر فِي قصَّتهَا فخيرت فِي زَوجهَا اسْمه مغيث وَكَانَ لبني الْمُغيرَة وَكَانَت هِيَ جَارِيَة حبشية

[1177] فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمسَائِل قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد كَرَاهَة الْمسَائِل الَّتِي لَا يحْتَاج إِلَيْهَا لَا سِيمَا مَا كَانَ فِيهِ هتك ستر أَو إِشَاعَة فَاحِشَة فَتَلَاعَنا زَاد إِسْحَاق فِي رِوَايَته عَن بن شهَاب بعد الْعَصْر قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَلم يقلهُ أحد من أَصْحَابه غَيره وَنقل القَاضِي عِيَاض عَن بن جرير الطَّبَرِيّ أَن قصَّة اللّعان كَانَت فِي شعْبَان سنة تسع من الْهِجْرَة فَكَانَت تِلْكَ سنة المتلاعنين زَاد سُوَيْد بن سعيد وَكَانَت حَامِلا فَأنْكر حملهَا وَكَانَ ابْنهَا يدعى إِلَيْهَا ثمَّ جرت السّنة فِي الْمِيرَاث أَن يَرِثهَا وترث مِنْهُ مَا فرض الله لَهَا قَالَ بن عبد الْبر وَهَذِه الْأَلْفَاظ لم يروها عَن مَالك فِيمَا علمت غير سُوَيْد بن سعيد

[1196] أَن عبد الله بن عمر طلق امْرَأَته اسْمهَا آمِنَة بنت غفار وَقيل اسْمهَا النوار وَقيل بنت عمار مره فَلْيُرَاجِعهَا فليمسكها حَتَّى تطهر ثمَّ تحيض ثمَّ تطهر قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل مَا فَائِدَة التَّأْخِير إِلَى الطُّهْر الثَّانِي فَالْجَوَاب من أوجه أَحدهَا لِئَلَّا تصير الرّجْعَة لفرض الطَّلَاق فَوَجَبَ أَن يمْسِكهَا زَمَانا كَانَ يحل لَهُ فِيهِ طَلاقهَا وانما أمْسكهَا لتظهر فَائِدَة الرّجْعَة وَهَذَا جَوَاب أَصْحَابنَا وَالثَّانِي أَنه عُقُوبَة لَهُ وتوبة من مَعْصِيَته باستدراك جِنَايَته وَالثَّالِث أَن الطُّهْر الأول مَعَ الْحيض الَّذِي طلق فِيهِ كفره وَاحِد فَلَو طَلقهَا فِي أول طهر كَانَ كمن طلق فِي الْحيض وَالرَّابِع انه نهى عَن طَلاقهَا فِي الطُّهْر ليطول مقَامه مَعهَا فَلَعَلَّهُ يُجَامِعهَا فَيذْهب مَا فِي نَفسه من سَبَب طَلاقهَا فيمسكها فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن يُطلق لَهَا النِّسَاء قَالَ النَّوَوِيّ الضَّمِير عَائِد للعدة أَو إِلَى الْحَالة الْمَذْكُورَة وَهِي حَالَة الطُّهْر

[1210] أَن أَبَا عَمْرو بن حَفْص قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا قَالَه الْجُمْهُور وَقيل أَبُو حَفْص بن الْمُغيرَة وَاخْتلفُوا فِي اسْمه فالأكثرون على أَن اسْمه عبد الحميد وَقَالَ النَّسَائِيّ اسْمه أَحْمد وَقَالَ آخَرُونَ اسْمه كنينة فَأرْسل إِلَيْهَا وَكيله بِالرَّفْع فَاعل لِأَنَّهُ هُوَ الْمُرْسل أم شريك هِيَ قرشية عامرية وَقيل أنصارية اسْمهَا غزيَّة وَقيل غزيلة بغين مُعْجمَة مَضْمُومَة فيهمَا ثمَّ زَاي فيهمَا بنت دَاوُد بن عَوْف يَغْشَاهَا أَصْحَابِي أَي يردون عَلَيْهَا فآذنيني بِالْمدِّ أَي أعلميني أما أَبُو جهم هُوَ بِفَتْح الْجِيم مكبر وَهُوَ الْمَذْكُور فِي حَدِيث الانبجانية واسْمه حُذَيْفَة الْقرشِي الْعَدوي قَالَ القَاضِي عِيَاض وَذكره النَّاس كلهم وَلم ينسبوه إِلَى يحيى بن يحيى الأندلسي أحد رُوَاة الْمُوَطَّأ فَقَالَ أَبُو جهم بن هِشَام قَالَ وَهُوَ غلط وَلَا يعرف فِي الصَّحَابَة أحد يُقَال لَهُ أَبُو جهم بن هِشَام قَالَ وَلم يُوَافق يحيى على ذَلِك أحد من رُوَاة الْمُوَطَّأ وَلَا غَيرهم وَكَذَا قَالَ بن عبد الْبر إِلَّا أَنه قَالَ اسْمه عُوَيْمِر بن حُذَيْفَة بن غَانِم الْعَدوي وَيُقَال اسْمه عبيد بن حُذَيْفَة قَالَ وَفِي رِوَايَة بن الْقَاسِم بن هِشَام كَمَا فِي رِوَايَة يحيى فَلَا يضع عَصَاهُ عَن عَاتِقه قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ تَأْوِيلَانِ مشهوران أَحدهمَا أَنه كثير الْأَسْفَار وَالثَّانِي أَنه كثير الضَّرْب للنِّسَاء قَالَ وهذأ أصح والعاتق مَا بَين الْمنْكب والعنق وَفِيه اسْتِعْمَال الْمجَاز للْعلم بِأَنَّهُ كَانَ يضع الْعَصَا عَن عَاتِقه فِي حَال نَومه وَأكله وَغَيرهمَا وَلكنه لما كَانَ كثير الْحمل للعصا أطلق عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظ مجَازًا واغتبطت ضَبطه النَّوَوِيّ بِفَتْح التَّاء وَالْبَاء

[1218] عَن بن شهَاب أَنه قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل من ثَقِيف أسلم وَعِنْده عشر نسْوَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ وَأكْثر رُوَاة بن شهَاب وَرَوَاهُ بن وهب عَن يُونُس عَن بن شهَاب عَن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أبي سُوَيْد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لغيلان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ حِين أسلم فَذكره وَوَصله التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه بن عمر وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا روى معمر سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَقُول هَذَا غير مَحْفُوظ وَالصَّحِيح مَا روى شُعَيْب وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ قَالَ حدثت عَن مُحَمَّد بن سُوَيْد الثَّقَفِيّ أَن غيلَان فَذكره

[1222] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَنه قَالَ كَانَ الرجل إِذا طلق امْرَأَته الحَدِيث وَصله التِّرْمِذِيّ من طَرِيق يعلى بن شبيب عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَقَالَ الْمُرْسل أصح وَصحح الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه الْمَوْصُول وَقد تَابع يعلى على وَصله مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن هِشَام أخرجه بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَمِمَّنْ رَوَاهُ مُرْسلا عَن هِشَام عبد الله بن إِدْرِيس وَعَبدَة بن سُلَيْمَان وَجَرِير بن عبد الحميد وجعفر بن عون [1225] ولدت سبيعة بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي بنت الْحَارِث بعد وَفَاة زَوجهَا اسْمه سعد بن خَوْلَة وَكَانَت وَفَاته فِي حجَّة الْوَدَاع بِنصْف شهر فِي مُصَنف عبد الرَّزَّاق عَن عُرْوَة بِسبع لَيَال وَعَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ بِسبع عشرَة لَيْلَة أَو قَالَ بِعشْرين لَيْلَة وَعَن عِكْرِمَة بِخمْس وَأَرْبَعين لَيْلَة وَعَن معمر قَالَ يَقُول بَعضهم مكثت سبع عشرَة لَيْلَة وَمِنْهُم من يَقُول أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَفِي شرح مُسلم للنووي قيل شهر وَقيل خمس وَعِشْرُونَ لَيْلَة وَقيل دون ذَلِك فحطت إِلَى الشَّاب بإهمال الْحَاء والطاء الْمُشَدّدَة أَي مَالَتْ إِلَيْهِ وَنزلت بقلبها نَحوه وَكَانَ أَهلهَا غيبا بِالتَّحْرِيكِ جمع غَائِب كخادم وخدم [1227] نفست بِضَم النُّون على الْمَشْهُور وَفِي لُغَة بِفَتْحِهَا وهما لُغَتَانِ فِي الْولادَة

[1229] عَن سعيد بن إِسْحَاق بن كَعْب بن عجْرَة كَذَا ليحيى وَقَالَ أَكثر الروَاة سعد قَالَ بن عبد الْبر وَهُوَ الْأَشْهر الفريعة بِضَم الْفَاء وَفتح الرَّاء وتحتية سَاكِنة وَعين مُهْملَة بِطرف الْقدوم قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد مَوضِع على سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة

[1232] تنتوي حَيْثُ انتوى أَهلهَا قَالَ الْبَاجِيّ أَي تنزل حَيْثُ نزلُوا من انتويت الْمنزل

[1239] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن بن محيريز اسْمه عبد الله قَالَ بن عبد الْبر وَرِوَايَة ربيعَة عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان تدخل فِي بَاب رِوَايَة النظير عَن النظير وَالْكَبِير عَن الصَّغِير قَالَ وَقد روى هَذَا الحَدِيث جوَيْرِية عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن بن محيريز قَالَ وَمَا أَظن أحدا رَوَاهُ عَن مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد غير جوَيْرِية وَكَذَا رَوَاهُ عقيل وَشُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن بن محيريز فِي غَزْوَة بني المصطلق قَالَ النَّوَوِيّ غَزْوَة المربسيع قَالَ القَاضِي قَالَ أهل الحَدِيث هَذَا أولى من رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة أَنه كَانَ فِي غَزْوَة أَوْطَاس مَا عَلَيْكُم إِلَّا تَفعلُوا إِلَى آخِره قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ مَا عَلَيْكُم ضَرَر فِي ترك الْعَزْل لِأَن كل نفس قدر الله خلقهَا لابد أَن يخلقها سَوَاء أعزلتم أم لَا وَمَا لم يقدر خلقه لَا يَقع سَوَاء عزلتم أم لَا فَلَا فَائِدَة فِي عزلكم فَإِنَّهُ إِن كَانَ الله تَعَالَى قدر خلقهَا سبقكم المَاء فَلَا ينفع حرصكم فِي منع الْخلق

[1245] بِطيب فِيهِ صفرَة خلوق أَو غَيره قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ يرفع خلوق أَو غَيره والخلوق بِفَتْح الْخَاء طيب مخلوط ثمَّ مسحت بعارضيها هما جانبا الْوَجْه فَوق الذقن إِلَى مَا دون الْأذن أَن تحد يُقَال أحدت الْمَرْأَة تحد احدادا وحدت تحد وتحد حدادا والحداد والاحداد مُشْتَقّ من الْحَد وَهُوَ الْمَنْع لِأَنَّهَا تمنع الزِّينَة وَالطّيب الْأَعْلَى زوج قَالَ القَاضِي عِيَاض اسْتُفِيدَ وجوب الاحداد فِي المتوفي عَنْهَا زَوجهَا من اتِّفَاق الْعلمَاء على حمل الحَدِيث على ذَلِك مَعَ أَنه لَيْسَ فِي لَفظه مَا يدل على الْوُجُوب [1247] أفنكحلهما بِضَم الْحَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ مَحْمُول على أَنه نهي تَنْزِيه وتأويله بَعضهم على أَنه لم يتَحَقَّق الْخَوْف على عينهَا ثمَّ قَالَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا أَي لَا تستكثرون الْعدة وَمنع الاكتحال فِيهَا فَإِنَّهَا مُدَّة قَليلَة وَقد خففت عليكن فَصَارَت أَرْبَعَة أشهر وَعشرا بعد أَن كَانَت سنة دخلت حفشا بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء وبالشين الْمُعْجَمَة أَي بَيْتا صَغِيرا حَقِيرًا قريب السّمك فتفتض بِهِ بِالْفَاءِ والمثناة الْفَوْقِيَّة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة فتعطى بَعرَة فترمي بهَا قيل مَعْنَاهُ أَنَّهَا رمت بالعدة وَخرجت مِنْهَا كانفصالها من هَذِه البعرة ورميها بهَا وَقيل هُوَ إِشَارَة إِلَى أَن الَّذِي فعلته وَصَبَرت عَلَيْهِ من الِاعْتِدَاد سنة والاحداد هَين بِالنِّسْبَةِ إِلَى حق الزَّوْج وَمَا يسْتَحقّهُ من المراعاة كَمَا يهون الرَّمْي بالبعرة وتفتض تمسح بِهِ جلدهَا كالنشرة يُوَافقهُ قَول الْأَخْفَش أَن مَعْنَاهُ تنتظف وتنتقي وَقَالَ فِي النِّهَايَة أَي تكسر مَا هِيَ فِيهِ من الْعدة بِأَن تَأْخُذ لَهَا طائرا فتمسح بِهِ فرجهَا وتنبذه فَلَا يكَاد يعِيش قَالَ ويروى بِالْقَافِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَالصَّاد الْمُهْملَة وَنَقله الْأَزْهَرِي عَن رِوَايَة الشَّافِعِي أَي اغدو مسرعة نَحْو منزل أَبَوَيْهَا لِأَنَّهَا كالمستحية من قبح منظرها قَالَ وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة الْفَاء وَالتَّاء الْمُثَنَّاة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة كَمَا تقدم

[1248] عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد عَن عَائِشَة وَحَفْصَة كَذَا ليحيى وَأبي مُصعب وَطَائِفَة وَلابْن بكير والقعنبي وَآخَرين عَن عَائِشَة أَو حَفْصَة على الشَّك

كتاب الرضاع

[1252] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على أم سَلمَة وَهِي حاد الحَدِيث وَصله أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن الْمُغيرَة بن الضَّحَّاك عَن أم حَكِيم أسيد عَن أمهَا عَن أم سَلمَة بِهِ مطولا صبرا بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْمُوَحدَة فَقَالَ اجعليه بِاللَّيْلِ وامسحيه بِالنَّهَارِ زَاد أَبُو دَاوُد وَلَا تمتشطي بالطيب وَلَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خضاب قلت فَبِأَي شَيْء أمتشط يَا رَسُول الله قَالَ بالسدر وتغلفين بِهِ رَأسك كتاب الرَّضَاع [1254] أرَاهُ فلَانا بِضَم الْهمزَة أَي أَظُنهُ

[1256] أَن أَفْلح أَخا أبي القعيس بِضَم الْقَاف وَفتح الْعين الْمُهْملَة ثمَّ مثناة تحتية سَاكِنة ثمَّ سين مُهْملَة وكنية افلح أَبُو الْجَعْد وَاسم أبي القعيس واثل ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَهَذِه الرِّوَايَة أصوب مِمَّن قَالَ أَن أَبَا القعيس أَو ان أَفْلح بن قعيس

[1260] فَقَالَت أرضعيه عشر رَضعَات أَقُول هَذِه خُصُوصِيَّة لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة دون سَائِر النِّسَاء قَالَ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن معر أَخْبرنِي بن طَاوس عَن أَبِيه قَالَ كَانَ لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضعَات مَعْلُومَات ولسائر النِّسَاء رَضعَات مَعْلُومَات ثمَّ ذكر حَدِيث عَائِشَة هَذَا وَحَدِيث حَفْصَة الَّذِي بعده وَحِينَئِذٍ فَلَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل الْبَاجِيّ وَقَوله لَعَلَّه لم يظْهر لعَائِشَة النّسخ بِخمْس إِلَّا بعد هَذِه الْقِصَّة

[1265] وَأَنا فضل قَالَ الْبَاجِيّ أَي مكشوفة الرَّأْس والصدر وَقيل عَلَيْهَا ثوب وَاحِد لَا إِزَار تَحْتَهُ وَقيل متوشحة بِثَوْب على عاتقها خَالَفت بَين طَرفَيْهِ فَأخذت بذلك عَائِشَة قَالَ بن الْمَوَّاز مَا علمت من أَخذ بِهِ عَاما غَيرهَا

كتاب البيوع

[1269] عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة عَن جذامة بنت وهب بِضَم الْجِيم وَاخْتلف فِي الذَّال هَل هِيَ مُعْجمَة أم مُهْملَة وَالصَّحِيح عِنْد الْجُمْهُور أَنَّهَا مُهْملَة وَقيل اسْم أَبِيهَا جُنْدُب وَقيل جندل قَالَ بن عبد الْبر كل الروَاة رَوَوْهُ هَكَذَا إِلَّا أَبَا عَامر الْعَقدي فَإِنَّهُ جعله عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يذكرهُ جذامة لقد هَمَمْت أَن أنهى عَن الغيلة بِكَسْر الْغَيْن قَالَ مَالك الغيلة أَن يمس الرجل امرأه وَهِي ترْضع تَابعه الْأَصْمَعِي وَغَيره من أهل اللُّغَة وَقَالَ بن السّكيت هِيَ أَن ترْضع الْمَرْأَة وَهِي حَامِل قَالَ الْعلمَاء وَسبب همه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنَّهْي أَنه يخَاف مِنْهُ ضَرَر الْوَلَد الرَّضِيع لِأَن الْأَطِبَّاء يَقُولُونَ إِن ذَلِك اللَّبن دَاء وَالْعرب تكره وتتقيه (كتاب الْبيُوع)

[1271] مَالك عَن الثِّقَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع العربان هَذَا الحَدِيث أخرجه الْخَطِيب فِي الروَاة عَن مَالك من طَرِيق الْهَيْثَم بن يمَان أبي بشر الرَّازِيّ عَن مَالك عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن عَمْرو بن شُعَيْب هـ وَقَالَ بن عبد الْبر تكلم النَّاس فِي الثِّقَة عِنْده فِي هَذَا الْموضع وأشبه مَا قيل فِيهِ أه أَخذه عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي لَهِيعَة أَو عَن بن وهب عَن بن لَهِيعَة لآن بن لَهِيعَة سَمعه من عَمْرو بن شُعَيْب سَمعه مِنْهُ بن وهب وَغَيره انْتهى والعربان بِضَم الْعين وَسُكُون الرَّاء

[1272] عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَن عمر بن الْخطاب قَالَ من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ نَافِع مَوْقُوفا لم يخْتَلف أَصْحَابه عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَرَوَاهُ سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوعا أخرجه البُخَارِيّ وَسلم عَن طَرِيق الزُّهْرِيّ عَنهُ بِهِ قَالَ النَّوَوِيّ وَلَا تضر رِوَايَة الْوَقْف فِي حجَّة الحَدِيث الْمَرْفُوع فَإِن سالما ثِقَة بل هُوَ أجل من نَافِع فزيادته مَقْبُولَة قَالَ وَقد أَشَارَ النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ إِلَى تَرْجِيح رِوَايَة نَافِع وَهَذِه إِشَارَة مَرْدُودَة انْتهى [1279] من بَاعَ نخلا فقد أبرت هُوَ أَن يشق طلعها ليذر فِيهِ شَيْء من طلع ذكرهَا [1280] حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا بِلَا همز أَي يظْهر [1281] حَتَّى تزهى قَالَ الْخَلِيل أزهى النّخل بدا صَلَاحه [1288] عَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن حَارِثَة عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الثِّمَار حَتَّى تنجو من العاهة وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق خَارِجَة بن عبد الله بن سُلَيْمَان بن زيد بن ثَابت عَن أبي الرِّجَال عَن عمْرَة عَن عَائِشَة

[1285] عَن أبي سُفْيَان امسه قزمان مولى بن أبي أَحْمد هُوَ عبد الله بن أبي أَحْمد عبد شمس بن جحش الْأَسدي وَأَبُو أَحْمد الْمَذْكُور أَخُو زَيْنَب بنت جحش أم الْمُؤمنِينَ الْعَرَايَا جمع عرية بتشيد الْيَاء كمطايا ومطية مُشْتَقَّة من التعري وَهُوَ التجرد لِأَنَّهَا عريت عَن حكم بَاقِي الْبُسْتَان وَهِي فعيلة بِمَعْنى فاعلة وَقيل بِمَعْنى مفعولة

[1286] عَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَنه سَمعهَا تَقول ابْتَاعَ رجل ثَمَر حَائِط الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى بن سعيد عَن أبي الرِّجَال عَن عمْرَة عَن عَائِشَة بِهِ [1291] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّمْر بِالتَّمْرِ الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ دَاوُد بن قيس عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَوْصُولا [1292] اسْتعْمل رجلا هُوَ سَواد بن غزيَّة بِتَمْر عَن عبد الحميد بن سُهَيْل كَذَا ليحيى وَطَائِفَة وَقَالَ جُمْهُور الروَاة عبد الْمجِيد وَهُوَ الصَّوَاب جنيب بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ نون مَكْسُورَة ثمَّ مثناة تحتية ثمَّ بَاء مُوَحدَة نوع من التَّمْر من أَعْلَاهُ قيل الْكيس وَقيل الطّيب وَقيل الصلب وَقيل الَّذِي أخرج مِنْهُ حشفه ورديئه وَقيل الَّذِي لَا يخلط بِغَيْرِهِ الْجمع بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم تمر رَدِيء مَجْمُوع من أَنْوَاع مُخْتَلفَة

[1293] عَن عبد الله بن يزِيد قَالَ بن عبد الْبر زَاد الشَّافِعِي وَأَبُو مُصعب مولى الْأسود بن سُفْيَان أَن زيدا أَبَا عَيَّاش قَالَ بن عبد الْبر زعم بَعضهم أَنه مَجْهُول لَا يعرف وَلم يَأْتِ لَهُ ذكر إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث وَلم يرو عَنهُ إِلَّا عبد الله بن يزِيد هَذَا الحَدِيث فَقَط وَقيل بل روى عَنهُ أَيْضا عمر بن أبي أنس وَقَالَ فِيهِ مولى لبني مَخْزُوم وَقيل عَن مَالك أَنه مولى سعيد بن أبي وَقاص عَن الْبَيْضَاء هِيَ الشّعير [1294] عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُزَابَنَة زَاد بن بكير والمحافلة والمزابنة مُشْتَقَّة من الزَّبْن وَهُوَ المخاصفة والمدافعة والمحافلة مَأْخُوذَة من الحقل وَهُوَ الْحَرْث وَمَوْضِع الزَّرْع قَالَ بن عبد الْبر تَفْسِير الْمُزَابَنَة فِي حَدِيث بن عمر وَأبي سعيد وَتَفْسِير المحاقلة فِي حَدِيث أبي سعيد اما مَرْفُوع أَو من قَول الصَّحَابِيّ الرَّاوِي فَيسلم لَهُ لِأَنَّهُ أعلم بِهِ

[1296] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة أخرجه الْخَطِيب فِي رُوَاته عَن طَرِيق أَحْمد بن أبي طيبَة عِيسَى بن دنيار الْجِرْجَانِيّ عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ مَوْصُولا وَأَشَارَ اليه بن عبد الْبر [1297] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السعدين الحَدِيث رَوَاهُ بن وهب عَن اللَّيْث بن سعد وَعَمْرو بن الْحَارِث عَن يحيى بن سعيد أَنه حَدثهمَا أَن عبد الله بن أبي سَلمَة حَدثهُ أَنه بلغه أَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام خَيْبَر جعل السعدين على الْمَغَانِم فَذكره قَالَ بن عبد الْبر وَأحد السعدين سعد بن مَالك هَكَذَا جَاءَ فِي آخر الحَدِيث وَالْآخر سعد بن عبَادَة قَالَ وَلَا نعلم فِي الصَّحَابَة سعد بن مَالك إِلَّا سعد بن أبي وَقاص وَأَبا سعيد الْخُدْرِيّ وَالْأَظْهَر االمراد هُنَا بن أبي وَقاص لصِغَر سنّ أبي سعيد قَالَ ثمَّ وجدته مَنْصُوصا ذكر يَعْقُوب بن شيبَة وَسعد بن عبد الله بن عبد الحكم قَالَا حَدثنَا قدامَة بن مُحَمَّد بن قدامَة بن خشرم الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه قَالَ حَدثنِي مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت أَبَا كثير جلاحا مولى عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان يَقُول سَمِعت حنشا الصَّنْعَانِيّ عَن فضَالة قَالَ كُنَّا يَوْم خَيْبَر فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْغَنَائِم سعد بن أبي وَقاص وَسعد بن عبَادَة فَذكره قَالَ وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح مُتَّصِل حسن قَالَ وَأما عبد الله بن أبي سَلمَة شيخ يحيى بن سعيد فَقيل أَنه الْهُذلِيّ يروي عَن بن عمر وَغَيره وَزعم البُخَارِيّ أَنه وَالِد عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون فَالله أعلم

[1299] وَلَا تشفوا بِضَم التَّاء وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْفَاء أَي لَا تفضلوا والشف بِكَسْر الشين الزِّيَادَة غَائِبا أَي مُؤَجّلا بناجز أَي حَاضر [1301] مَالك أَنه بلغه عَن جده مَالك بن أبي عَامر الحَدِيث وَصله مُسلم من طَرِيق انب وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن مَالك بن أبي عَامر بِهِ [1302] سِقَايَة قيل هِيَ البرادة يبرد فِيهَا لاماء تعلق فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء من يعذرني من مُعَاوِيَة أَنا أخبرهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويخبرني عَن رَأْيه إِلَى آخِره قَالَ بن عبد الْبر كَانَ ذَلِك مِنْهُ أَنَفَة من أَن يرد عَلَيْهِ سنة علمهَا من سنَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَأْيهِ وصدور الْعلمَاء تضيق عِنْد مثل هَذَا وَهُوَ عِنْدهم عَظِيم رد السّنَن بِالرَّأْيِ قَالَ وَجَائِز للمرء أَن يهجر من لم يسمع مِنْهُ وَلم يطعه وَلَيْسَ هَذَا من الْهِجْرَة الْمَكْرُوهَة إِلَّا ترى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر النَّاس إِلَّا يكلموا كَعْب بن مَالك حِين تخلف عَن تَبُوك قَالَ وَهَذَا أصل عِنْد الْعلمَاء فِي مجانبة من ابتدع وهجرته وَقطع الْكَلَام عَنهُ وَقد رأى بن مَسْعُود رجلا يضْحك فِي جَنَازَة فَقَالَ وَالله لَا أُكَلِّمك أبدا انْتهى

[1303] الرماء قَالَ فِي النِّهَايَة بِالْفَتْح وَالْمدّ

[1308] إِلَّا هَاء وهاء قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ لُغَتَانِ الْمَدّ وَالْقصر وَالْمدّ أفْصح وَأشهر وَأَصله هاك فأبدلت الْمدَّة من الْكَاف وَمَعْنَاهُ خُذ هَذَا وَيَقُول صَاحبه مثله والمدة مَفْتُوحَة وَيُقَال أَيْضا بِالْكَسْرِ وَمن قصره قَالَ وَزنه وزن خف [1333] حَبل الحبلة بِفَتْح الْحَاء وَالْبَاء فيهمَا وَرَوَاهُ بَعضهم بِسُكُون الْبَاء فِي الأولى قَالَ القَاضِي عِيَاض وَالنَّوَوِيّ وَهُوَ غلط قَالَ أهل اللُّغَة الحبلة هُنَا جمع حابل ككاتب وكتبة وَتَفْسِيره فِي آخر الحَدِيث من قَول بن عمر رَاوِي الحَدِيث تنْتج بِضَم أَوله وَفتح ثالثه فعل لَازم الْبناء للْمَفْعُول أَي تَلد

[1335] عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلمهُ يتَّصل من وَجه ثَابت وَأحسن أسانيده مُرْسل سعيد هَذَا إِلَّا مَا حَدثنَا خلف بن قَاسم حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد حَدثنَا أبي حَدثنَا أَحْمد بن حَمَّاد بن سُفْيَان الْكُوفِي حَدثنَا يزِيد بن عَمْرو الْعَبْدي حَدثنَا يزِيد بن مَرْوَان حَدثنَا مَالك عَن بن شهَاب عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ وَهَذَا حَدِيث إِسْنَاده مَوْضُوع لَا يَصح عَن مَالك وَلَا أصل لَهُ فِي حَدِيثه انْتهى

[1338] عَن بن شهَاب عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ بن عبد الْبر كَذَا فِي نُسْخَة يحيى وَعَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ الْوَاو وَهُوَ من الْوَهم الْبَين والغلط الْوَاضِح الَّذِي لَا يعرج على مثله والْحَدِيث مَحْفُوظ فِي جَمِيع الموطآت وَعند رُوَاة بن شهَاب كلهم لأبي بكر عَن أبي مَسْعُود وَأما لِابْنِ شهَاب عَن أبي مَسْعُود فَلَا الْبَغي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَكسر الْمُعْجَمَة وَتَشْديد التَّحْتِيَّة الزَّانِيَة وحلوان الكاهن بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة مصدر حلوته إِذا أَعْطيته

[1339] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع وَسلف وَصله أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح

[1342] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيعَتَيْنِ فِي بيعَة وَصله الشَّافِعِي عَن الداروردي عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَورد أَيْضا من حَدِيث بن عمر وَابْن مَسْعُود

[1345] عَن أبي حَازِم بن دِينَار عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الْغرَر وَصله مُسلم من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة [1349] الْمُتَبَايعَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ على صَاحبه مَا لم يَتَفَرَّقَا هَذَا من الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَلم يعْمل بهَا إِلَّا بيع الْخِيَار قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال أَصَحهَا أَن المُرَاد التَّخْيِير بعد تَمام العقد قبل مُفَارقَة الْمجْلس وَتَقْدِيره يثبت لَهما الْخِيَار مَا لم يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَن يتخايرا فِي الْمجْلس ويختارا أَيْضا البيع فَيلْزم البيع بِنَفس التخاير وَلَا يَدُوم إِلَى الْمُفَارقَة وَالثَّانِي أَن مَعْنَاهُ إِلَّا بيعا شَرط فِيهِ خِيَار الشَّرْط ثَلَاثَة أَيَّام أَو دونهَا فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَار فِيهِ بالمفارقة بل يبْقى حَتَّى تَنْقَضِي الْمدَّة الْمَشْرُوطَة وَالثَّالِث أَن مَعْنَاهُ إِلَّا بيعا شَرط فِيهِ أَن لَا خِيَار لَهما فِي الْمجْلس فَيلْزم بِنَفس البيع وَلَا يكون فِيهِ خِيَار قَالَ بن عبد الْبر أجمع الْعلمَاء على أَن هَذَا الحَدِيث ثَابت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه من أثبت مَا نقل الْعُدُول وَأَكْثَرهم استعملوه وجعلوه أصلا من أصُول الدّين فِي الْبيُوع ورده مَالك وَأَبُو حنيفَة وأصحابهما وَلَا أعلم أحدا رده غير هَؤُلَاءِ قَالَ بعض المالكيين دَفعه مَالك بِإِجْمَاع أهل الْمَدِينَة على ترك الْعَمَل بِهِ وَذَلِكَ عِنْده أقوى من خبر الْوَاحِد وَقَالَ بعضم لَا تصح هَذِه الدَّعْوَى لأ سعيد بن الْمسيب وَابْن شهَاب روى عَنْهُمَا مَنْصُوصا الْعَمَل بِهِ وهما أجل فُقَهَاء الْمَدِينَة وَلم يرو عَن أحد من أهل الْمَدِينَة نصا ترك الْعَمَل بِهِ إِلَّا عَن مَالك وَرَبِيعَة يخلف عَنهُ وَقد كَانَ بن أبي ذِئْب وَهُوَ من فُقَهَاء أهل الْمَدِينَة فِي عصر مَالك يُنكر على مَالك اخْتِيَاره ترك الْعَمَل بِهِ حَتَّى جرى مِنْهُ فِي مَالك قَول خشن حمله عَلَيْهِ الْغَضَب لم يستحسن مثله مِنْهُ فَكيف يَصح لأحد أَن يَدعِي إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة فِي هَذِه المسئلة انْتهى

[1350] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الله بن مَسْعُود كَانَ يحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا بِيَمِين بتَشْديد الْيَاء تبَايعا فَالْقَوْل مَا قَالَ البَائِع أَو يترادان وَصله الشَّافِعِي وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن عون بن عبد الله عَن بن مَسْعُود وَقَالَ التِّرْمِذِيّ مُرْسل عون لم يدْرك بن مَسْعُود

[1354] مطل الْغَنِيّ ظلم قَالَ القَاضِي عِيَاض المطل منع قَضَاء مَا اسْتحق أَدَاؤُهُ وَإِذا أتبع بِسُكُون التَّاء أَي أُحِيل على ملئ بِالْهَمْز فَليتبعْ بِسُكُون التَّاء على الصَّوَاب الْمَشْهُور أَي فَليَحْتَلْ وَرُوِيَ فِي هَذِه خَاصَّة بتَشْديد التَّاء [1357] عَن بن شهَاب عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا رجل الحَدِيث لم يروه عَن مَالك مَوْصُولا إِلَّا عبد الرَّزَّاق فَزَاد فِيهِ عَن أبي هُرَيْرَة

[1358] عَن يحيى بن سعيد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة تابعيون

[1359] بكرا بِفَتْح الْبَاء هُوَ الصَّغِير من الْإِبِل كالغلام من الْآدَمِيّين رباعيا بتَخْفِيف الْيَاء هُوَ الَّذِي اسْتكْمل ستن سِنِين وَدخل فِي السَّابِعَة أعْطه إِيَّاه قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مِمَّا يسْتَشْكل فَيُقَال كَيفَ قضى من إبل الصَّدَقَة أَجود من الَّذِي يسْتَحقّهُ الْغَرِيم مَعَ أَن النَّاظر فِي الصَّدقَات لَا يجوز تبرعه مِنْهَا وَالْجَوَاب أَنه عَلَيْهِ السَّلَام افْترض لنَفسِهِ فَلَمَّا جَاءَت إبل الصَّدَقَة اشْترى مِنْهَا بَعِيرًا رباعيا مِمَّن اسْتَحَقَّه فملكه بِثمنِهِ وأوفاه مُتَبَرعا بِالزِّيَادَةِ من مَاله وَيدل عَلَيْهِ أَن فِي رِوَايَة لمُسلم قَالَ اشْتَروا شَيْئا فَأَعْطوهُ إِيَّاه انْتهى [1366] وَلَا تصروا الْإِبِل بِضَم التَّاء وَفتح الصَّاد وَنصب الْإِبِل من التصرية وَهِي الْجمع أَي لَا تجمعُوا اللَّبن فِي ضرْعهَا عِنْد إِرَادَة بيعهَا حَتَّى يعظم فيظن المُشْتَرِي أَن كَثْرَة لبها عَادَة لَهَا مستمرة [1367] نهى عَن النجش بنُون مَفْتُوحَة ثمَّ جِيم سَاكِنة ثمَّ شين مُعْجمَة

[1368] ان رجلا ذكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يخدع هُوَ حبَان بِفَتْح الْحَاء وبالموحدة بن منقذ بن عَمْرو وَقيل أَبوهُ منقذ لَا خلابة بخاء مُعْجمَة مَكْسُورَة وَتَخْفِيف اللَّام وبالموحدة أَي لَا خديعة أَي لَا يحل لَك خديعتي أَو لَا يلْزَمنِي خديعتك قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا الرجل كَانَ قد بلغ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ قد شج فِي بعض مغازيه مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحجر مأمومة فَتغير بهَا لِسَانه وعقله لَكِن لم يخرج عَن التَّمْيِيز وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَنه كَانَ ضريرا وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة لَيست بثابتة أالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل لَهُ مَعَ هَذَا القَوْل الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فِي كل سلْعَة يبتاعها وَاخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا الحَدِيث فَجعله بَعضهم خَاصّا فِي حَقه وَأَنه لَا خِيَار بِغَبن وَهُوَ الصَّحِيح وَعَلِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَقيل للمغبون الْخِيَار لهَذَا الحَدِيث بِشَرْط أَن يبلغ الْغبن ثلث الْقيمَة انْتهى وروى بن عبد الْبر من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن عَمه وَاسع بن حبَان أَن جده منقذا كَانَ قد أَتَى عَلَيْهِ سَبْعُونَ وَمِائَة سنة فَكَانَ إِذا بَايع غبن فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِذا بَايَعت فَقل لَا خلابة وَأَنت بِالْخِيَارِ وروى من طَرِيق بن إِسْحَاق عَن نَافِع عَن بن عمر أَن منقذا شج فِي رَأسه مأمومة فِي الْجَاهِلِيَّة فخبلت لِسَانه فَكَانَ يخدع فِي البيع فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعْ وَقل لَا خلابة ثمَّ أَنْت بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا من بيعك وللدارقطني وَالْبَيْهَقِيّ ثمَّ أَنْت بِالْخِيَارِ فِي كل سلْعَة ابتعتها ثَلَاث لَيَال فَإِن رضيت فَأمْسك وَإِن سخطت فاردد فَبَقيَ حَتَّى أدْرك زمن عُثْمَان وَهُوَ بن مائَة وَثَلَاثِينَ سنة فَكثر النَّاس فِي زمَان عُثْمَان فَكَانَ إِذا اشْترى شَيْئا فَقيل لَهُ إِنَّك غبنت فِيهِ رَجَعَ بِهِ فَيشْهد لَهُ الرجل من الصَّحَابَة بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد جعله بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَيرد لَهُ دَرَاهِمه

كتاب المساقاة

[1370] عَن يحيى بن سعيد أَنه سمع مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر يَقُول أحب الله عبدا سَمحا ان بَاعَ سَمحا ان ابْتَاعَ سَمحا ان قض سَمحا إِن اقْتضى رَوَاهُ البُخَارِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن مطرف أبي غَسَّان الْمدنِي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله مَرْفُوعا كتاب الْمُسَاقَاة

[1387] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليهود خَيْبَر الحَدِيث قَالَ بن عبد كَذَا رَوَاهُ مُرْسلا رُوَاة الْمُوَطَّأ وَأَصْحَاب بن شهَاب وَقد وَصله مِنْهُم صَالح بن أبي الْأَخْضَر عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أقركم فِيهَا مَا أقركم الله قَالَ النَّوَوِيّ اسْتدلَّ بِهِ من جوز الْمُسَاقَاة مُدَّة مَجْهُولَة وتأوله الْجُمْهُور على أَنه عَائِد إِلَى مُدَّة الْعَهْد لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عَازِمًا على إِخْرَاج الْكفَّار من جَزِيرَة الْعَرَب وَقيل جَازَ ذَلِك فِي أول الْإِسْلَام خَاصَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

كتاب الشفعة

[1388] عَن بن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يبْعَث عبد الله بن رَوَاحَة الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة مَوْصُولا من حَدِيث مَيْمُون بن مهْرَان عَن مقسم عَن بن عَبَّاس قَالَ بن عبد الْبر وَسَمَاع سُلَيْمَان بن يسَار من بن عَبَّاس صَحِيح وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن أبي الزبير عَن جَابر الرِّشْوَة بِتَثْلِيث الرَّاء كتاب الشُّفْعَة

كتاب الأقضية

[1395] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَعَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالشُّفْعَة كَذَا رَوَاهُ أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ مُرْسلا وَوَصله طَائِفَة عَن أبي هُرَيْرَة كتاب الْأَقْضِيَة

[1399] إِنَّمَا انا بشر قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ التَّنْبِيه على حَالَة البشرية وَإِن الْبشر لَا يعلمُونَ من الْغَيْب وبواطن الْأُمُور شَيْئا إِلَّا أَن يطلعهم الله على شَيْء من ذَلِك وَأَنه يجوز عَلَيْهِ فِي أُمُور الْأَحْكَام مَا يجوز عَلَيْهِم وَأَنه إِنَّمَا يحكم بَين النَّاس بِالظَّاهِرِ وَالله يتَوَلَّى السرائر فَيحكم بِالْبَيِّنَةِ وباليمين وَنَحْو ذَلِك من أَحْكَام الظَّاهِر مَعَ إِمْكَان كَونه فِي الْبَاطِن بِخِلَاف ذَلِك وَلكنه إِنَّمَا كلف الحكم بِالظَّاهِرِ وَلَو شَاءَ الله لأطلعه على بَاطِن أَمر الْخَصْمَيْنِ فَحكم فِيهِ بِيَقِين نَفسه من غير حَاجَة إِلَى شَهَادَة أَو يَمِين وَلكنه لما أَمر الله أمته باتباعه والاقتداء بأقواله وَأَحْكَامه أجْرى لَهُ حكمهم فِي عدم الِاطِّلَاع على بَاطِن المور ليَكُون حكم الْأمة فِي ذَلِك حكمه فَأجرى الله أَحْكَامه على الظَّاهِر الَّذِي يَسْتَوِي فِيهِ هُوَ وَغَيره ليَصِح الِاقْتِدَاء بِهِ وتطيب نفوس الْعباد للانقياد للْأَحْكَام الظَّاهِرَة من غير نظر إِلَى الْبَاطِن فَإِن قيل هَذَا الحَدِيث ظَاهره أَنه قد يَقع مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم فِي الظَّاهِر خَالف للباطن وَقد اتّفق الأصوليون على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا قر على خطأ فِي الْأَحْكَام فَالْجَوَاب أَنه لَا تعَارض بَين الْحَدِيثين وَقَاعِدَة الْأُصُولِيِّينَ لِأَن مُرَاد الْأُصُولِيِّينَ فِيمَا حكم بِاجْتِهَادِهِ أما إِذا حكم فِيمَا يُخَالف ظَاهره بَاطِنه فَإِنَّهُ لَا يُسمى الحكم خطأ بل الحكم صَحِيح بِنَاء على مَا اسْتَقر بِهِ التَّكْلِيف وَهُوَ وجوب الْعَمَل بِشَاهِدين مثلا فَإِن كَانَا شَاهِدي زور وَنَحْو ذَلِك فالتقصير مِنْهُمَا وَمِمَّنْ ساعدهما وَأما الْحَاكِم فَلَا حِيلَة لَهُ فِي ذَلِك وَلَا عتب عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ بِخِلَاف مَا إِذا أَخطَأ فِي الِاجْتِهَاد فَإِن هَذَا الَّذِي حكم بِهِ لَيْسَ هُوَ حكم الشَّرْع أَلحن بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي أبلغ وَأعلم بِالْحجَّةِ فانما اقْطَعْ لَهُ قِطْعَة من النَّار قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أَن قضيت لَهُ ظَاهرا بِخِلَاف الْبَاطِن يؤول بِهِ إِلَى النَّار عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ الْأَرْبَعَة تابعيون وَاسم أبي عمْرَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن مُحصن الْأنْصَارِيّ وَسمي ف رِوَايَة بن وهب فَقَالَ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة وَلأبي بكير والقعنبي عَن بن أبي عمْرَة

[1401] أَلا أخْبركُم بِخَير الشُّهَدَاء الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قبل أَن يسْأَلهَا قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أصَحهمَا أَنه مَحْمُول على من عِنْده شَهَادَة لإِنْسَان بِحَق وَلَا يعلم ذَلِك الْإِنْسَان أَنه شَاهد فَيَأْتِي إِلَيْهِ فيخبره بِأَنَّهُ شَاهد لَهُ وَالثَّانِي أَنه مَحْمُول على شَهَادَة الْحِسْبَة فِي غير حُقُوق الْآدَمِيّين المختصة بهم فَمن علم شَيْئا من هَذَا النَّوْع وَجب عَلَيْهِ رَفعه إِلَى القَاضِي وإعلامه بِهِ وَالشَّهَادَة وَكَذَا فِي النَّوْع الأول يلْزم من عِنْده شَهَادَة لإِنْسَان لَا يعلمهَا أَن يُعلمهُ إِيَّاهَا لِأَنَّهَا أَمَانَة عِنْده وَحكى تَأْوِيل ثَالِث أَنه مَحْمُول على الْمجَاز وَالْمُبَالغَة فِي أَدَاء الشَّهَادَة بعد طلبَهَا لَا قبله كَمَا يُقَال الْجواد يعْطى قبل السُّؤَال أَي يُعْطي سَرِيعا عب السُّؤَال من غير توقف قَالَ الْعلمَاء وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث مناقضة للْحَدِيث الآخر فِي ذمّ من يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قبل أَن يستشهد فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشْهدُونَ وَلَا يستشهدون وَقد تَأَول الْعلمَاء هَذَا تأويلات أَصَحهَا أَنه مَحْمُول على من مَعَه شَهَادَة لآدَمِيّ عَالم بهَا فَيَأْتِي فَيشْهد وَلم يستشهد وَالثَّانِي أَنه مَحْمُول على من ينْتَصب شَاهدا وَلَيْسَ هُوَ من أهل الشَّهَادَة وَالثَّالِث أَنه مَحْمُول على من يشْهد لقوم بِالْجنَّةِ أَو بالنَّار من غير تَوْقِيف وَهَذَا ضَعِيف انْتهى عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ عَن مَالك جمَاعَة فوصلوه عَن جَابر مِنْهُم عُثْمَان بن خَالِد العثماني وَإِسْمَاعِيل بن مُوسَى الْكُوفِي وَرَوَاهُ عَن مَالك أَيْضا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن رداد ومسكين بن بكير فوصلاه عَن عَليّ وَقد أسْندهُ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر جمَاعَة حفاظ مِنْهُم عبيد الله بن عمر وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن رداد وَيحيى بن سليم وَإِبْرَاهِيم بن أبي حَيَّة قلت أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق عبد الْوَهَّاب بِهِ

[1409] عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اقتطع حق امْرِئ مُسلم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر أَبُو أُمَامَة هَذَا لَيْسَ هُوَ الْبَاهِلِيّ بل هُوَ الْحَارِثِيّ الْأنْصَارِيّ قيل اسْمه إِيَاس بن ثَعْلَبَة وَقيل ثَعْلَبَة بن سُهَيْل

[1411] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يغلق الرَّهْن قَالَ بن عبد الْبر كَذَا أرْسلهُ رُوَاة الْمُوَطَّأ إِلَّا معن بن عِيسَى فَقَالَ عَن أبي هُرَيْرَة مَوْصُولا قَالَ وَالرِّوَايَة لَا يغلق بِرَفْع الْقَاف على الْخَبَر أَي لَيْسَ يغلق الرَّهْن وَمَعْنَاهُ لَا يذهب ويتلف بَاطِلا وَالْأَصْل فِي ذَلِك الْهَلَاك والتخويف يَقُولُونَ غلق الرَّهْن إِذا لم يُوجد لَهُ تخلص وَقَالَ أَبُو عبيد لَا يجوز فِي كَلَام الْعَرَب أَن يَقُول للرَّهْن إِذا ضَاعَ قد غلق إِنَّمَا يُقَال قد غلق إِذا اسْتَحَقَّه الْمُرْتَهن فَذهب بِهِ قَالَ وَهَذَا كَانَ من فعل أهل الْجَاهِلِيَّة فأبطله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله لَا يغلق الرَّهْن وَفِي الصِّحَاح وَغَيره غلق الرَّهْن بغين مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَلَام مَكْسُورَة وقاف يغلق بِفَتْح أَوله وَاللَّام غلقا بِفَتْح الْغَيْن وَاللَّام أَي اسْتَحَقَّه الْمُرْتَهن وَذَلِكَ إِذا لم يفتك فِي الْوَقْت الْمَشْرُوط

[1413] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من غير دينه فاضربوا عُنُقه أخرجه البُخَارِيّ مَوْصُولا من حَدِيث أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس

[1418] فتساوقا قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَن كلا مِنْهُمَا سَاق صَاحبه لمنازعته لَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَد للْفراش قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ إِذا كَانَ للرجل زَوْجَة أَو مَمْلُوكَة صَارَت فراشا لَهُ فَأَتَت بِولد لمُدَّة الْإِمْكَان مِنْهُ لحقه وَصَارَ ولدا لَهُ يجْرِي بَينهمَا التَّوَارُث وَغَيره من أَحْكَام الْولادَة سَوَاء كَانَ مُوَافقا لَهُ فِي الشّبَه أم مُخَالفا وللعاهر أَي الزَّانِي الْحجر أَي لَهُ الخيبة وَلَا حق لَهُ فِي الْوَلَد وَعَادَة الْعَرَب أَن تَقول لَهُ الْحجر وبفيه الاثلي وَهُوَ التُّرَاب وَنَحْو ذَلِك ويريدون لَيْسَ لَهُ إِلَّا الخيبة وَقيل المُرَاد بِالْحجرِ هُنَا أَنه يرْجم بِالْحِجَارَةِ قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ لَيْسَ كل زَان يرْجم وَإِنَّمَا يرْجم المحصي خَاصَّة وَلِأَنَّهُ لَا يلْزم من رجمه نفي الْوَلَد عَنهُ ثمَّ قَالَ لسودة بنت زَمعَة احتجبي مِنْهُ لما رأى من شبهه بِعتبَة قَالَ النَّوَوِيّ أمرهَا بِهِ ندبا واحتياطا لِأَنَّهُ فِي ظَاهر الشَّرْع أَخُوهَا حَيْثُ ألحق ب أَبِيهَا لَكِن لما رَأْيِي الشّبَه الْبَين بِعتبَة خشِي أَن يكون من مَائه فَيكون أَجْنَبِيّا مِنْهَا فَأمرهَا بالاحتجاب مِنْهُ احْتِيَاطًا وَقَالَ بن عبد الْبر حَدثنِي أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنِي أبي حَدثنَا مُحَمَّد بن قَاسم حَدثنَا أبي قَالَ سُئِلَ الْمُزنِيّ عَن حَدِيث سعد بن أبي وَقاص وَعبد بن زَمعَة حِين اخْتَصمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بن وليدة زَمعَة فَقَالَ اخْتلف النَّاس فِي تَأْوِيل مَا حكم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك فَقَالَ قَائِلُونَ وهم أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة أَنه منعهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ يجوز للرجل ان يمْنَع امْرَأَته من أَخِيهَا وذهبوا إِلَى أَنه أَخُوهَا على كل حَال لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألحقهُ بفراش زَمعَة وَمَا حكم بِهِ فَهُوَ الْحق لَا شكّ فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ وهم الْكُوفِيُّونَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل للزِّنَا حكم التَّحْرِيم بقوله احتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة فَمنعهَا من أَخِيهَا فِي الحكم لِأَنَّهُ لَيْسَ بأخيها فِي غير الحكم لِأَنَّهُ من زنا فِي الْبَاطِن لِأَنَّهُ كَانَ شَبِيها بِعتبَة فجعلوه كَأَنَّهُ أَجْنَبِي وَإِن لَا يَرَاهَا لحكم الزِّنَا وجعلوه أخاها بالفراش وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن مَا حرمه الْحَلَال فالحرام لَهُ أَشد تَحْرِيمًا وَقَالَ الْمُزنِيّ وَأما أَنا فَيحْتَمل تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث عدي وَالله أعلم أَن يكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجَاب عَن المسئلة فأعلمهم بالحكم أَن هَذَا يكون إِذا ادّعى صَاحب فرَاش وَصَاحب زنا لِأَنَّهُ مَا قبل على عتبَة قَول أَخِيه سعد وَلَا على زَمعَة أَنه أولدها هَذَا الْوَلَد لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أخبر عَن غَيره وَقد أجمع المسلون على أَن لَا يقبل إِقْرَار أحد على غَيره وَفِي ذَلِك عِنْدِي دَلِيل على أَنه حكم خرج على المسئلة ليعرفهم كَيفَ الحكم فِي مثلهَا إِذا نزل وَلذَلِك قَالَ لسودة احتجبي مِنْهُ لِأَنَّهُ حكم على المسئلة وَقد حكى الله تَعَالَى فِي كِتَابه مثل ذَلِك فِي قصَّة دَاوُد وَالْمَلَائِكَة إِذْ دخلُوا عَلَيْهِ فَفَزعَ مِنْهُم قَالُوا لَا تخف الْآيَة وَلم يَكُونُوا خصمين وَلَا كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا تِسْعَة وَتسْعُونَ نعجة وَلَكنهُمْ كَلمُوهُ على المسئلة ليعرف بهَا مَا أَرَادوا تَعْرِيفه فَيحْتَمل أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم فِي هَذِه الْقَضِيَّة على هَذِه المسئلة وَإِذا لم يكن أحد يؤنسني على هَذَا التَّأْوِيل لَو كَانَ فَإِنَّهُ عِنْدِي صَحِيح وَالله أعلم وَقَالَ مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ لَك يَا عبد بن زَمعَة أَي هُوَ لَك عبد لِأَنَّهُ بن وليدة أَبِيك وكل أمة تَلد من غير سَيِّدهَا فولدها عبد يُرِيد أَنه لما لم يقبل فِي الحَدِيث اعْتِرَاف سَيِّدهَا بِأَنَّهُ كَانَ يلم بهَا وَلَا شهد بذلك عَلَيْهِ وَكَانَت الْأُصُول تدفع قبُول قَول ابْنه عَلَيْهِ لم يبْق إِلَّا الْقَضَاء بِأَنَّهُ عبد تبع لأمه وَأمر سَوْدَة بالاحتجاب مِنْهُ لِأَنَّهَا لم تملك مِنْهُ إِلَّا شِقْصا انْتهى قَالَ بن عبد الْبر وَقد يعْتَرض على الطري بِأَن قَوْله خلاف ظَاهر الحَدِيث لِأَن الحَدِيث فِيهِ قَول عبد بن زَمعَة أخي وَابْن وليدة أبي فَلم يُنكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله قَالَ ويعترض على الْمُزنِيّ بِأَن الحكم على المسئلة حكم فِيمَا جرى فِيهِ التَّنَازُع بَين يَدَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [1424] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَحْيَا أَرضًا الحَدِيث وَصله أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق أَيُّوب عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن سعيد بن زيد بِهِ وَلَيْسَ لعرق ظَالِم بِإِضَافَة عرق وتنوينه وظالم نَعته أَي ظَالِم صَاحبه

[1426] عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي سيل مهزور الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلمهُ يتَّصل من وَجه من الْوُجُوه مَعَ أَنه حَدِيث مدنِي مَشْهُور عِنْد أهل الْمَدِينَة مُسْتَعْمل عِنْدهم مَعْرُوف مَعْمُول بِهِ ومهزور ومذينب واديان بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَسُئِلَ أَبُو بكر الْبَزَّار عَن حَدِيث الْبَاب فَقَالَ لست أحفظ فِيهِ بِهَذَا اللَّفْظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا يثبت وَقد أخرج بن ماجة نَحوه من حَدِيث ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ أَنه مُرْسل ثَعْلَبَة من الطَّبَقَة الأولى من تَابِعِيّ أهل الْمَدِينَة [1427] لَا يمْنَع بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول خبر معنى النَّهْي فضل المَاء زَاد أَحْمد بعد أَن يسْتَغْنى عَنهُ ليمنع بِهِ الْكلأ بِفَتْح الْكَاف وَاللَّام بعْدهَا همزَة مَقْصُور وَهُوَ النَّبَات رطبه ويابسه وَالْمعْنَى أَن يكون حول الْبِئْر كلأ لَيْسَ عِنْد مَاء غَيره وَلَا يُمكن أَصْحَاب الْمَوَاشِي رعيه إِلَّا إِذا تمكنوا من سقِِي بهائمهم من تِلْكَ الْبِئْر لِئَلَّا يتضرروا بالعطش بعد الرَّعْي فيستلزم مَنعهم من المَاء مَنعهم من الرَّعْي [1428] عَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَنَّهَا أخْبرته أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يمْنَع نقع بِئْر زَاد بَعضهم عَن مَالك يَعْنِي فضل مَائِهَا وَقد وَصله أَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي كِلَاهُمَا عَن مَالك فَزَاد فِيهِ عَن عَائِشَة وَكَذَا وَصله عَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَغَيره [1429] عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني عَن أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا ضَرَر وَلَا ضرار قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ الداروردي عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَوْصُولا قلت أخرجه من هَذَا الطَّرِيق الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ رَوَاهُ بن ماجة من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت وَابْن عَبَّاس وَذكر أَبُو الْفتُوح الطَّائِي فِي الْأَرْبَعين لَهُ عَن أبي دَاوُد أَن الْفِقْه يَدُور على خَمْسَة أَحَادِيث هَذَا أَحدهَا

[1430] لَا يمْنَع أحدكُم جَاره خَشَبَة يغرزها فِي جِدَاره هُوَ أَمر مَنْدُوب عِنْد الْجُمْهُور مَالِي أَرَاكُم عَنْهَا أَي عَن هَذِه السّنة لأرمين بهَا أَي لأصرخن بِهَذِهِ الْمقَالة بَين أكتافكم بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوق أَي بَيْنكُم قَالَ القَاضِي عِيَاض وَرَوَاهُ بعض رُوَاة الْمُوَطَّأ بالنُّون وَمَعْنَاهُ أَيْضا بَيْنكُم والكنف الْجَانِب [1433] عَن ثَوْر بن زيد الديلِي أَنه قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا دَار الحَدِيث وَصله إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مَالك عَن ثَوْر عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس قَالَ بن عبد الْبر تفرد بِهِ عَن مَالك مُسْندًا وَهُوَ ثِقَة

[1435] عَن بن شهَاب عَن حرَام بن سعد بن محيصة أَن نَاقَة للبراء الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هكذ رَوَاهُ مَالك وَأَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ مُرْسلا وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن حرَام بن محيصة عَن أَبِيه وَلم يُتَابع عبد الرَّزَّاق على ذَلِك وأنكروا عَلَيْهِ قَوْله فِيهِ عَن أَبِيه قَالَه أَبُو دَاوُد فِي سنته وَقَالَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي لم يُتَابع معمر على ذَلِك فَجعل الْخَطَأ فِيهِ من معمر الحوائط هِيَ الْبَسَاتِين وَإِن مَا أفسدت الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِن على أَهلهَا قَالَ الرَّافِعِيّ أَي مَضْمُون كَقَوْلِهِم سر كاتم أَي مَكْتُوم وعيشة راضية أَي مرضية

[1437] نحلت أَي وهبت

[1441] أَيّمَا رجل أعمر عمرى هِيَ قَوْله أعمرتك هَذِه الدَّار مثلا أَي جَعلتهَا لَك عمرك لَهُ ولعقبه قَالَ النَّوَوِيّ الْعقب بِكَسْر الْقَاف وَيجوز اسكانها مَعَ فتح الْعين وَمَعَ كسرهَا وهم أَوْلَاد الْإِنْسَان مَا تَنَاسَلُوا فَإِنَّهَا للَّذي يعطاها لَا ترجع إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا أبدا هَذَا آخر الْمَرْفُوع وَقَوله لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث مدرج من قَول أبي سَلمَة بَين ذَلِك بن أبي ذِئْب فَإِنَّهُ رَوَاهُ فِي موطئِهِ عَن بن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قضى فِيمَن أعمر عمرى لَهُ ولعقبه فَهِيَ لَهُ بتلة لَا يجوز للمعطي فِيهَا شَرط وَلَا مثنوية قَالَ أَبُو سَلمَة لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث فَقطعت الْمَوَارِيث شَرطه قَالَ بن عبد الْبر قد جوده بن أبي ذِئْب فَبين فِيهِ مَوضِع الرّفْع وَجعل سائره من قَول أبي سَلمَة وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر مَرْفُوعا الْعُمْرَى لمن أعمرها هِيَ لَهُ ولعقبه لم يزدْ على ذَلِك وَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد عَن الزُّهْرِيّ بِسَنَدِهِ مُقْتَصرا عَلَيْهِ

[1444] عَن اللّقطَة بِضَم اللَّام وبفتح الْقَاف على الْمَشْهُور عفاصها بِكَسْر الْعين وبالفاء وبالصاد الْمُهْملَة وَهُوَ الْوِعَاء الَّذِي تكون فِيهِ النَّفَقَة جلدا كَانَ أَو غَيره ووكاءها بِكَسْر الْوَاو وَالْمدّ الْخَيط الَّذِي يشد بِهِ الْوِعَاء شَأْنك بهَا بِنصب النُّون لَك أَو لأخيك أَو للذئب مَعْنَاهُ الْإِذْن فِي أَخذهَا مَعهَا سقاؤها مَعْنَاهُ أَنَّهَا تقوى على وُرُود الْمِيَاه وتشرب فِي الْيَوْم الْوَاحِد وتملأ أكراشها بِحَيْثُ يكفيها الْأَيَّام وحذاؤها بِالْمدِّ وَهُوَ أخفافها لِأَنَّهَا تقوى بهَا على السّير وَقطع المفاوز

[1450] عَن سعيد بن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ بن عبد الْبر كَذَا لأكْثر الروَاة وَقَالَ القعْنبِي سعد بن عَمْرو وَالصَّوَاب سعيد بن سعيد بن سعد بن عبَادَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُسْند لِأَن سعيد بن سعد بن عبَادَة لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف وَغَيره وشرحبيل ابْنه غير نَكِير أَن يلقى جده سعد بن عبَادَة وَقد رَوَاهُ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن مَالك عَن سعيد بن عَمْرو بن شُرَحْبِيل عَن أَبِيه عَن جده عَن سعد بن عبَادَة أَنه خرج الحَدِيث وَهَذَا يدل على الِاتِّصَال وَكَذَا رَوَاهُ الداروردي عَن سعيد بن شُرَحْبِيل عَن سعيد بن سعد بن عبَادَة عَن أَبِيه انْتهى فِي بعض مغازيه هِيَ غَزْوَة دومة الجندل كَمَا فِي طَبَقَات بن سعد قَالَ وَكَانَت فِي شهر ربيع الأول سنة خمس فَحَضَرت أمه الْوَفَاة هِيَ عمْرَة بنت مَسْعُود بن قيس [1451] افتلتت نَفسهَا بِالْفَاءِ وَضم التَّاء أَي مَاتَت بَغْتَة وفجأة قَالَ النَّوَوِيّ ونفسها ضبط بِالرَّفْع على أَنه نَائِب الْفَاعِل وَبِالنَّصبِ على أَنه مفعول ثَان وأراها أَي أظنها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت لما علم من حرصها على الْخَيْر وَمن رغبتها فِي الْوَصِيَّة [1452] مَالك أَنه بلغه أَن رجلا من الْأَنْصَار الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر روى هَذَا الحَدِيث من وُجُوه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[1453] مَا حق امْرِئ مُسلم لَهُ شَيْء يوصى فِيهِ يبيت لَيْلَتَيْنِ تَقْدِيره أَن يبيت ليُصبح خَبرا عَن حق كَقَوْلِه تَعَالَى وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ إِلَّا ووصيته عِنْده مَكْتُوبَة قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الشَّافِعِي معنى الحَدِيث مَا الحزم وَالِاحْتِيَاط للْمُسلمِ إِلَّا أَن يكون وَصيته مَكْتُوبَة عِنْده فَيُسْتَحَب تَعْجِيلهَا وَإِن يَكْتُبهَا فِي صِحَّته وَيكْتب فِيهَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَإِذا تجدّد لَهُ أَمر يحْتَاج إِلَى الْوَصِيَّة بِهِ ألحقهُ بهَا قَالُوا وَلَا يُكَلف أَن يكْتب كل يَوْم محقرات الْمُعَامَلَات وجزئيات الْأُمُور المتكررة وَاشْترط الْجُمْهُور الاشهاد على مَا يكْتب وَقَالَ الامام مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي يَكْفِي الْكتاب من غير إِشْهَاد لظَاهِر الحَدِيث

[1456] الثُّلُث وَالثلث كثير قَالَ القَاضِي عِيَاض يجوز نصب الثُّلُث الأول وَرَفعه أما النصب فعلى الإغراء أَو على تَقْدِير فعل أَي أعْط الثُّلُث وَأما الرّفْع فعلى أَنه فَاعل أَي يَكْفِيك الثُّلُث أَو مُبْتَدأ حذف خَبره أَو خبر مَحْذُوف الْمُبْتَدَأ وروى كثير بِالْمُثَلثَةِ وبالموحدة وَكِلَاهُمَا صَحِيح قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث أصل للْعُلَمَاء فِي قصر الْوَصِيَّة على الثُّلُث لَا أصل لَهُم غَيره أَن تذر ضبط بِفَتْح الْهمزَة مَصْدَرِيَّة فِي مَوضِع الْمُبْتَدَأ وَخير الْخَبَر وبكسرها شَرْطِيَّة على تَقْدِير فَهُوَ خير عَالَة أَي فُقَرَاء يَتَكَفَّفُونَ النَّاس أَي يَسْأَلُونَهُمْ فِي أكفهم أأخلف بعد أَصْحَابِي أَي بِمَكَّة من أجل مَرضه بعد توجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة وَكَانُوا يكْرهُونَ الْإِقَامَة بهَا لكَوْنهم هَاجرُوا مِنْهَا وتركوها لله لَكِن البائس هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أثر الْبُؤْس سعد بن خَوْلَة هَذَا آخر كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَوله يرثي لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مَاتَ بِمَكَّة مدرج من كَلَام الرَّاوِي تَفْسِيرا لِمَعْنى لهَذَا الْكَلَام أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رثاه بِهِ وتوجع ورق عَلَيْهِ لكَونه مَاتَ بِمَكَّة ثمَّ قيل قَائِله سعد بن أبي وَقاص قَالَ القَاضِي عِيَاض وَأكْثر مَا جَاءَ أَنه من كَلَام الزُّهْرِيّ قَالَ وَاخْتلفُوا فِي قصَّة سعد بن خَوْلَة فَقيل لم يُهَاجر من مَكَّة حَتَّى مَاتَ بهَا وَذكر البُخَارِيّ أَنه هَاجر وَشهد بَدْرًا ثمَّ انْصَرف إِلَى مَكَّة وَمَات بهَا فعلى الأول سَبَب بؤسه عدم هجرته وعَلى الثَّانِي مَوته فِي أَرض هَاجر مِنْهَا وَذَلِكَ مَكْرُوه عِنْدهم قَالَ القَاضِي وروى فِي هَذَا الْبَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلف مَعَ سعد بن أبي وَقاص رجلا وَقَالَ لَهُ إِن توفّي بِمَكَّة فَلَا تدفنه بهَا

[1457] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن مخنثا الحَدِيث هَكَذَا رَوَاهُ جُمْهُور الروَاة عَن مَالك مُرْسلا وَرَوَاهُ سعيد بن أبي مَرْيَم عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن أم سَلمَة وَأخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم من طرق عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة عَن أم سَلمَة بِهِ والمخنث بِكَسْر النُّون الْمُؤَنَّث الَّذِي لَا أرب لَهُ فِي النِّسَاء وَلَيْسَ المُرَاد ذَا الْفَاحِشَة وَاسم المخنث الْمَذْكُور هيت بِكَسْر الْهَاء وَسُكُون التَّحْتِيَّة ومثناة وَقيل بِفَتْح الْهَاء وَقيل بنُون وموحدة وَقيل اسْمه ماتع بمثناة وَقيل بنُون وَقيل إِنَّه بِالْفَتْح وَتَشْديد النُّون فَقَالَ لعبد الله بن أبي أُميَّة هُوَ أَخُو أم سَلمَة وَمولى هيت الْمَذْكُور على ابْنة غيلَان اسْمهَا بادية بالتحتية وَقيل بالنُّون وأبوها هُوَ الَّذِي أسلم على عشر نسْوَة تقبل بِأَرْبَع وتدبر بثمان قَالَ مَالك وَالْجُمْهُور مَعْنَاهُ أَن فِي بَطنهَا أَربع عُكَن يَنْعَطِف بَعْضهَا على بعض فَإِذا أَقبلت رؤيت موَاضعهَا بارزة متكسرا بَعْضهَا على بعض وَإِذا أَدْبَرت كَانَ أطرافها عِنْد مُنْقَطع جنبيها ثَمَانِيَة وَزَاد بن الْكَلْبِيّ فِي رِوَايَته بعد هَذِه الْجُمْلَة مَعَ ثغر كالأقحوان إِن جَلَست تثنت وَإِن تَكَلَّمت تغنت بَين رِجْلَيْهَا مثل الْإِنَاء المكفوء [1459] وَقد بَلغنِي أَنَّك جعلت طَبِيبا أَي قَاضِيا وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاء جعل قَاضِيا بِدِمَشْق وَهُوَ أول من ولى الْقَضَاء بهَا

[1460] سبق الْحَاج أخرج الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي كِتَابه تالي التَّلْخِيص من طَرِيق حُسَيْن الْجعْفِيّ عَن عَليّ بن زيد عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب قَالَ تخرج الدَّابَّة من جبل جِيَاد فِي أَيَّام التَّشْرِيق وَالنَّاس بمنى قَالَ فَلذَلِك جَاءَ سَابق الْحَاج يخبر بسلامة النَّاس قلت هَذَا أصل لقدوم المبشر عَن الْحَاج وَفِيه بَيَان للسبب فِي ذَلِك وَإنَّهُ كَانَ من زمن عمر بن الْخطاب إِلَّا أَن المبشر الْآن يخرج من مَكَّة يَوْم الْعِيد وَحقه أَن لَا يخرج إِلَّا بعد أَيَّام التَّشْرِيق ثمَّ رَأَيْت بن مرْدَوَيْه أخرج فِي تَفْسِيره من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن بن جريج عَن عبد الله بن عبيد عَن عُمَيْر عَن أبي الطُّفَيْل عَن حُذَيْفَة بن أسيد أرَاهُ قَالَ تخرج الدَّابَّة من أعظم الْمَسَاجِد حُرْمَة فَبَيْنَمَا هم قعُود تربو الأَرْض فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ تصدعت قَالَ بن عُيَيْنَة تخرج حِين يسري الامام من جمع وَإِنَّمَا جعل سائق الْحَاج ليخبر النَّاس أالدابة لم تخرج فَهَذِهِ الرِّوَايَة تَقْتَضِي أَن خُرُوج المبشر يَوْم الْعِيد وَاقع موقعه كتاب الْعتْق

[1462] من أعتق شركا بِكَسْر الشين وَسُكُون الرَّاء أَي شِقْصا أَي نَصِيبا قيمَة الْعدْل بِفَتْح الْعين أَي لَا زِيَادَة وَلَا نقص

[1463] عَن يحيى بن سعيد وَعَن غير وَاحِد عَن الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ وَعَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَن رجلا فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق قَتَادَة وَحميد الطَّوِيل وَسماك بن حَرْب ثَلَاثَتهمْ عَن الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن بِهِ وَوَصله بن عبد الْبر من طَرِيق يزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن الْحسن وَابْن سِيرِين عَن عمرَان بن حُصَيْن بِهِ وَقَالَ رَوَاهُ عَن الْحسن جمَاعَة مِنْهُم غير من ذكر أَشْعَث بن عبد الْملك وَيُونُس بن عبيد ومبارك بن فضَالة وخَالِد الْحذاء وَوَصله مُسلم من طَرِيق هِشَام بن حسان وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق أَيُّوب وَيحيى بن عَتيق ثَلَاثَتهمْ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عمرَان بن حُصَيْن بِهِ وَفِيه لم يكن لَهُ مَال غَيرهم وَإِن الرجل من الْأَنْصَار [1468] عَن عَطاء بن يسَار عَن عمر بن الحكم قَالَ النَّسَائِيّ كَذَا يَقُول مَالك عمر بن الحكم وَغَيره يَقُول مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ وَقَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ مَالك عمر بن الحكم وَهُوَ وهم عِنْد جَمِيع أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَة رجل يُقَال لَهُ بن الحكم وَإِنَّمَا هُوَ مُعَاوِيَة بن الحكم كَذَا قَالَ فِيهِ كل من ورى هَذَا الحَدِيث عَن هِلَال أَو غَيره وَمُعَاوِيَة بن الحكم مَعْرُوف فِي الصَّحَابَة وَحَدِيثه هَذَا مَعْرُوف لَهُ وَمِمَّنْ نَص على أَن مَالِكًا وهم فِي ذَلِك الْبَزَّار وَغَيره انْتهى فأسفت عَلَيْهَا أَي غضِبت أَيْن الله فَقَالَت فِي السَّمَاء قَالَ بن عبد الْبر هُوَ على حد قَوْله تَعَالَى أأمنتم من فِي السَّمَاء إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَقَالَ الْبَاجِيّ لَعَلَّهَا تُرِيدُ وَصفه بالعلو وَبِذَلِك يُوصف من كَانَ شَأْنه الْعُلُوّ يُقَال مَكَان فلَان فِي السَّمَاء يَعْنِي علو حَاله ورفعته وشرفه

[1469] عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن رجلا من الْأَنْصَار جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَارِيَة الحَدِيث رَوَاهُ الْحُسَيْن بن الْوَلِيد عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عبيد الله عَن أبي هُرَيْرَة مَوْصُولا وَرَوَاهُ معمر عَن بن شهَاب عَن عبيد الله عَن رجل من الْأَنْصَار أَنه جَاءَ بِأمة وَهُوَ مَوْصُول أَيْضا وَرَوَاهُ المَسْعُودِيّ عَن عون بن عبد الله عَن أَخِيه عبيد الله عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا

[1477] جَاءَت بَرِيرَة هِيَ حبشية خذيها واشترطي لَهُم الْوَلَاء قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مُشكل من حَيْثُ أَنَّهَا اشترتها واشترطت لَهُم الْوَلَاء وَهَذَا الشَّرْط يفْسد البيع وَمن حَيْثُ أَنَّهَا خدعت البائعين وشرطت لَهُم مَالا يَصح وَلَا يحصل لَهُم وَكَيف أذن لعَائِشَة فِي هَذَا وَلِهَذَا الاشكال أنكر بعض الْعلمَاء هَذَا الحَدِيث بجملته وَهَذَا مَنْقُول عَن يحيى بن أَكْثَم وَاسْتدلَّ بِسُقُوط هَذِه اللَّفْظَة فِي كثير من الرِّوَايَات وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء هَذِه اللَّفْظَة صَحِيحَة وَاخْتلفُوا فِي تَأْوِيلهَا فَقَالَ بَعضهم اشترطي هَلُمَّ الْوَلَاء أَي عَلَيْهِم قَالَ تَعَالَى وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ يَعْنِي عَلَيْهِم وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِن أَسَأْتُمْ فَلَهَا أَي فعلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُول عَن الشَّافِعِي والمزني وَغَيرهمَا وَضعف بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنكر عَلَيْهِم الِاشْتِرَاط وَلَو كَانَ كَمَا قَالَه صَاحب هَذَا التَّأْوِيل لم يُنكره وَأجِيب بِأَنَّهُ إِنَّمَا أنكر مَا أَرَادوا اشْتِرَاطه فِي أول الْأَمر وَقيل معنى اشتراطي لَهُم الْوَلَاء أَي أظهري لكم حكم الْوَلَاء وَقيل المُرَاد الزّجر والتوبيخ لَهُم لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ بَين لَهُم حكم الْوَلَاء وَإِن هَذَا الشَّرْط لَا يحل فَلَمَّا لحوا اشْتِرَاطه وَمُخَالفَة الْأَمر قَالَ لعَائِشَة هَذَا الْمَعْنى لَا تبالي بِهِ سَوَاء شَرْطِيَّة أم لَا فَإِنَّهُ شَرط بَاطِل مَرْدُود لِأَنَّهُ قد سبق بَيَانه فعلى هَذَا يكون لَفظه اشترطي هُنَا للْإِبَاحَة وَالأَصَح فِي تَأْوِيل الحَدِيث مَا قَالَه أَصْحَابنَا فِي كتب الْفِقْه أَن هَذَا الشَّرْط خَاص فِي قَضِيَّة عَائِشَة وَاحْتمل هَذَا الْإِذْن وابطاله فِي هَذِه الْقَضِيَّة الْخَاصَّة وَهِي قَضِيَّة عين لَا عُمُوم لَهَا وَالْحكمَة فِي اذنه فِيهِ ثمَّ ابطاله أَن يكون أبلغ فِي قطع عَادَتهم فِي ذَلِك وزجرهم عَن مثله كَمَا أذن لَهُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْإِحْرَام بِالْحَجِّ فِي حجَّة الْوَدَاع ثمَّ أَمرهم بفسخه وَجعله عمْرَة بعد أَن أَحْرمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فعل ذَلِك ليَكُون أبلغ فِي زجرهم وقطعهم عَمَّا اعتادوه من منع الْعمرَة فِي الْحَج فِي أشهر الْحَج وَقد تحْتَمل الْمفْسدَة الْيَسِيرَة لتَحْصِيل مصلحَة عَظِيمَة انْتهى قَضَاء الله أَحَق قَالَ النَّوَوِيّ قيل المُرَاد بِهِ قَوْله تَعَالَى فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَقَوله تَعَالَى وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ الْآيَة قَالَ القَاضِي عِيَاض وَعِنْدِي أَنه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق

كتاب الحدود

[1480] عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الْوَلَاء وَعَن هِبته قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مِمَّا انْفَرد بِهِ عبد الله بن دِينَار وَاحْتَاجَ النَّاس فِيهِ إِلَيْهِ وَقد رَوَاهُ الْمَاجشون عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر وَهُوَ خطأ لم يُتَابع عَلَيْهِ وَالصَّوَاب عَن عبد الله بن دِينَار وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر عَن عمر مَرْفُوعا وَلم يُتَابِعه أحد وَجَمِيع الْأَئِمَّة رَوَوْهُ عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عمر لم يذكرُوا عمر كتاب الْحُدُود [1497] مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء هَذَا السُّؤَال لَيْسَ لتقليدهم وَلَا لمعْرِفَة الحكم مِنْهُم وَإِنَّمَا هُوَ لالزامهم بِمَا يعتقدونه فِي كِتَابهمْ يحنى على الْمَرْأَة قَالَ فِي النِّهَايَة فِي حرف الْجِيم أَي يكب عَلَيْهَا ليقيها الْحِجَارَة يُقَال أجنى يجني إجناء وجنا على الشَّيْء يجنو إِذا أكب عَلَيْهِ وَقيل هُوَ مَهْمُوز وَقيل الأَصْل فِيهِ الْهَمْز من جنأ إِذا مَال عَلَيْهِ وَعطف ثمَّ خفف وَهُوَ لُغَة فِي أجنى وَلَو رويت بِالْحَاء الْمُهْملَة بِمَعْنى أكب عَلَيْهِ لَكَانَ أشبه ثمَّ قَالَ فِي حرف الْحَاء قَالَ الْخطابِيّ الَّذِي جَاءَ فِي كتاب السّنَن يجنى بِالْجِيم وَالْمَحْفُوظ إِنَّمَا هُوَ يحنى بِالْحَاء أَي يكب عَلَيْهَا يُقَال حنا يحنا حنوا وَقَالَ بن عبد الْبر أَكثر شُيُوخنَا قَالُوا عَن يحيى يحنى بِالْحَاء وَقَالَ بَعضهم عَنهُ بِالْجِيم وَالصَّوَاب فِيهِ عِنْد أهل الْعلم يجنأ بِالْجِيم والهمز أَي يمِيل عَلَيْهَا

[1498] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَن رجلا من أسلم الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سيعد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَالرجل الْمَذْكُور هُوَ مَاعِز بِاتِّفَاق الْحفاظ ان الْأُخَر زنى قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِهَمْزَة مَقْصُورَة وخاء مَكْسُورَة وَمَعْنَاهُ الأرذل والأبعد والأدنى وَقيل اللَّئِيم وَقيل الشقي وَكله مُتَقَارب وَمرَاده نَفسه فحقرها وعابها لما فعل أم بِهِ جنَّة بِالْكَسْرِ أَي جُنُون [1499] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل من أسلم الحَدِيث وَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق لَيْث ع يحيى بن سعيد عَن يزدْ بن نعيم بن هزال عَن جده زَالَ بِهِ وَمن طَرِيق شُعْبَة عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن بن هزال عَن أَبِيه بِهِ وَفِي بعض طرقه أَن اسْم الْمَرْأَة فَاطِمَة

[1501] عَن يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة عَن أَبِيه زيد بن طَلْحَة عَن عبد الله بن أبي ملية أَنه أخبرهُ أامرأة جَاءَت الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى فَجعل الحَدِيث لعبد الله بن أبي مليكَة مُرْسلا عَنهُ وَقَالَ القعْنبِي وَابْن الْقَاسِم وَابْن بكير عَن مَالك عَن يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة عَن أَبِيه زيد بن طَلْحَة بن عبد الله بن أبي مليكَة فَجعلُوا الحَدِيث كزيد بن طَلْحَة مُرْسلا عَنهُ قا ل وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب إِن شَاءَ الله وَقد رَوَاهُ بن وهب عَن مَالك كَذَلِك عَن يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة التَّيْمِيّ عَن أَبِيه ان امْرَأَة الحَدِيث ثمَّ قَالَ وَأَخْبرنِي بن لَهِيعَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة بن النُّعْمَان عَن مَحْمُود بن لبيد الْأنْصَارِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله قَالَ بن عبد الْبر ويستند مَعْنَاهُ من وُجُوه صِحَاح من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن وَبُرَيْدَة وَرُوِيَ مُرْسلا من وُجُوه كَثِيرَة وَهُوَ مَشْهُور عِنْد أهل الْعلم مَعْرُوف وَفِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أَن امْرَأَة من جُهَيْنَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَلمُسلم امْرَأَة من غامد وَهُوَ بطن من جُهَيْنَة

[1502] عسيفا بِالْعينِ وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْفَاء أَي أَجِيرا لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله قَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن المُرَاد بِحكم الله وَقيل هُوَ إِشَارَة إِلَى قَوْله تَعَالَى أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَفسّر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّبِيل بِالرَّجمِ فِي حق الْمُحصن فِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت عِنْد مُسلم وَقيل هُوَ إِشَارَة إِلَى آيَة الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا وَهُوَ مِمَّا نسخ تِلَاوَته وَبَقِي حكمه فَرد أَي مَرْدُود وَأمر أنيسا هُوَ بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ وَقَالَ بن عبد الْبر هُوَ أنيس بن مرْثَد قَالَ النَّوَوِيّ وَالْأول هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور أَن يَأْتِي امْرَأَة الآخر فَإِن اعْترفت رَجمهَا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ مَحْمُول عِنْد الْعلمَاء على إِعْلَام الْمَرْأَة بِأَن هَذَا الرجل قَذفهَا بِابْنِهِ وَإِن لَهَا عِنْده حد الْقَذْف فتطالب بِهِ أَو تَعْفُو إِلَّا أَن تعترف بِالزِّنَا فَلَا يجب عَلَيْهِ حد الْقَذْف بل يجب عَلَيْهَا حد الزِّنَا وَهُوَ الرَّجْم قَالَ وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل لِأَن ظَاهره أَنه بعث لاقامة حد الزِّنَا وَهَذَا غير مُرَاد لِأَن حد الزِّنَا لَا يحْتَاط لَهُ بالبحث والتنقير عَنهُ بل لَو أقرّ بِهِ الزَّانِي اسْتحبَّ أَن يلقن الرُّجُوع فَحِينَئِذٍ يتَعَيَّن التَّأْوِيل الْمَذْكُور قَالَ وَقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي هَذَا الْبَعْث هَل يجب على القَاضِي إِذا قذف إِنْسَان معِين فِي مَجْلِسه أَن يبْعَث إِلَيْهِ ليعرفه بِحقِّهِ من حد الْقَذْف أم لَا وَالأَصَح وُجُوبه

[1506] لَوْلَا ان يَقُول النَّاس زَاد عمر بن الْخطاب فِي كتاب الله تَعَالَى لكتبتها قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْبُرْهَان ظَاهره وَإِنَّمَا مَنعه قَول النَّاس والجائز فِي نَفسه قد يقوم من خَارج مَا يمنعهُ وَإِذا كَانَت جَائِزَة لزم أَن تكون ثَابِتَة لِأَن هَذَا شَأْن الْمَكْتُوب قَالَ وَقد يُقَال لَو كَانَت التِّلَاوَة بَاقِيَة لبادر عمر وَلم يعرج على مقَالَة النَّاس لِأَنَّهَا لَا تصلح مَانِعا قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْمُلَازمَة مشكلة

[1508] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن رجلا اعْترف على نَفسه بِالزِّنَا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة الروَاة مُرْسلا وَلَا أعلمهُ يسْتَند بِهَذَا اللَّفْظ من وَجه من الْوُجُوه وَقد روى معمر عَن يحيى بن أبي كثير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله سَوَاء أخرجه عبد الرَّزَّاق وَأخرج بن بن وهب فِي موطئِهِ عَن كريب مولى بن عَبَّاس مُرْسلا نَحوه ثَمَرَته أَي طرفه وَإِذا ركب بِالسَّوْطِ ذهب طرفه تَقول الْعَرَب ثَمَرَة السَّوْط وذباب السَّيْف

[1510] سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت وَلم تحصن قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الطَّحَاوِيّ لم يذكر أحد من الروَاة قَوْله وَلم تحصن غير مَالك وَأَشَارَ بذلك إِلَى تضعيفها وَأنكر الْحفاظ هَذَا على الطَّحَاوِيّ قَالُوا بل روى هَذِه اللَّفْظَة أَيْضا بن عُيَيْنَة وَيحيى بن سعيد عَن بن شهَاب كَمَا قَالَ مَالك فَحصل أَن هَذِه اللَّفْظَة صَحِيحَة وَلَيْسَ فِيهَا حكم مُخَالف لِأَن الْأمة تجلد نصف جلد الْحرَّة سَوَاء أحصنت أم لَا [1517] فِي مجن بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْجِيم اسْم لكل مَا يستجن بِهِ أَي يسْتَتر

[1518] عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْحُسَيْن الْمَكِّيّ ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا قطع فِي ثَمَر الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لم يخْتَلف الروَاة فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ ويتصل مَعْنَاهُ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو وَغَيره وَلَا فِي حريسة جبل قَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة أَي لَيْسَ فِيمَا يحرس بِالْجَبَلِ إِذا سرق قطع لِأَنَّهُ لَيْسَ بحرز والحريسة فعيلة بِمَعْنى مفعولة أَي أَن لَهَا من يحرسها ويحفظها وَمِنْهُم من يَجْعَل الحريسة السّرقَة نَفسهَا يُقَال حرس يحرس حرسا إِذا سرق أَي لَيْسَ فِيمَا يسرق من الْمَاشِيَة بِالْجَبَلِ قطع فَإِذا أَواه المراح بِالضَّمِّ مَوضِع مبيت للغنم أَو الجرين هُوَ المربد وَفِيه لف وَبشر غير مُرَتّب

كتاب الأشربة

[1524] عَن بن شهَاب عَن صَفْوَان بن عبد الله بن صَفْوَان ان صَفْوَان بن أُميَّة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هكذ رَوَاهُ جُمْهُور أَصْحَاب مَالك مُرْسلا وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِم النَّبِيل عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن صَفْوَان بن عبد الله عَن جده وَلم يقل عَن جده أحد غير أبي عَاصِم وَرَوَاهُ شَبابَة بن سوار عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن صَفْوَان عَن أَبِيه (كتاب الْأَشْرِبَة) [1538] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن ينْبذ الْيُسْر الحَدِيث بن عبد الْبر وَصله عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة [1539] عَن الثِّقَة عِنْده عَن بكير رَوَاهُ الْوَلِيد بن أسلم عَن مَالك عَن عبد الله بن لَهِيعَة عَن بكير [1540] البتع بِكَسْر الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة نَبِيذ الْعَسَل

[1541] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الغبيراء الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر أسْندهُ بن وهب عَن مَالك عَن زيد عَن عَطاء عَن بن عَبَّاس قَالَ وَمَا علمت أحدا أسْندهُ عَن مَالك إِلَّا بن وهب الأسكركة هِيَ نَبِيذ الْأرز وَقيل نَبِيذ الذّرة

[1544] إِلَى مهراس هِيَ صَخْرَة منقورة

كتاب العقول

كتاب الْعُقُول عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه أَفِي الْكتاب الَّذِي كتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث وَقد رُوِيَ مُسْند من وَجه صَالح وَرَوَاهُ معمر عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن جده وَرَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى أهل الْيمن بِكِتَاب فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث بهَا بِهِ مَعَ عَمْرو بن حزم فَقدم بِهِ على أهل الْيمن وَهَذِه نسخته بِسم الله الرَّحْمَن الحيم من مُحَمَّد النَّبِي إِلَى شُرَحْبِيل بن عبد كلال والْحَارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذِي رعين ومعافير وهمدان أما بعد فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ فِي الصَّدقَات والديات وَغير ذَلِك [1551] أَن امْرَأتَيْنِ من هُذَيْل اسْم القاتلة أم عفيف ابْنة مسروح والمقتولة مليكَة بنت عُوَيْمِر

[1552] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي الْجَنِين الحَدِيث وَصله مطرف وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل كِلَاهُمَا عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة الحَدِيث عَن بن شهَاب عَنْهُمَا جَمِيعًا عَن أبي هُرَيْرَة فطائفة من أَصْحَابه يحدثُونَ بِهِ عَنهُ هَكَذَا وَطَائِفَة يحدثُونَ بِهِ عَنهُ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة وَطَائِفَة يحدثُونَ بِهِ عَنهُ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ الَّذِي قضي عَلَيْهِ اسْمه حمل بن مَالك بن النَّابِغَة المذلي بَطل أَي يهدر [1556] عَن بن شهَاب أَن عمر بن الْخطاب نَشد النَّاس بمنى الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة أَصْحَاب مَالك وَرَوَاهُ أَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ عَن سعيد بن الْمسيب ورواة بن الْمسيب عَن عمر تجْرِي مجْرى الْمُتَّصِل لِأَنَّهُ قد رَآهُ وَقد صحّح بعض الْعلمَاء سَمَاعه مِنْهُ وَفِي طَرِيق هشيم عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى عمر تسأله أَن يُورثهَا من دِيَة زَوجهَا فَقَالَ مَا أعلم لَك شَيْئا فنشد النَّاس الحَدِيث وَفِي طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن بن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب قَالَ مَا أرى الدِّيَة إِلَّا للْعصبَةِ لأَنهم يعْقلُونَ عَنهُ فَهَل سمع مِنْكُم أحد من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك شَيْئا فَقَالَ الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَعْملهُ على الاعراب فَذكر الحَدِيث قَالَ بن شهَاب وَكَانَ قتل أَشْيَم خطأ قَالَ بن عبد الْبر روى مشكوانة عَن بن الْمُبَارك عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ كَانَ قتل أَشْيَم خطأ قَالَ وَهُوَ غَرِيب جدا وَالْمَعْرُوف أَنه من قَول بن شهَاب فَإِنَّهُ كَانَ يدْخل كَلَامه فِي الْأَحَادِيث كثيرا

[1557] حذف ابْنه بِالسَّيْفِ بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي رَمَاه بِهِ أقل بن عبد الْبر وَمن رَوَاهُ بِالْخَاءِ المنقوطة فقد صحف لِأَن الْخذف بِالْخَاءِ إِنَّمَا هُوَ الرَّمْي بالحصى أَو النَّوَى [1564] هُوَ إِذا كالأرقم أَن يتْرك يلقم وَإِن يقتل ينقم هَذَا مثل من أَمْثَال الْعَرَب مَشْهُور قَالَ القمي يَقُول إِن قتلته كَانَ لَهُ من ينْتَقم مِنْك

وَإِن تركته قَتلك والأرقم الْحَيَّة الَّتِي فِيهَا سَواد وَبَيَاض كتاب الْقسَامَة [1565] لحويصة ومحيصة بتَشْديد الْيَاء فيهمَا فِي أشهر اللغتين فوداه بتَخْفِيف الدَّال أَي دفع دِيَته ركضتني أَي رفستني الْفَقِير هُوَ الْبِئْر هُوَ بفاء ثمَّ قَاف على لفظ الْفَقِير من الْآدَمِيّين قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الْبِئْر الْقَرِيبَة القعر الواسعة ألفم وَقيل الحفرة الَّتِي تكون حول النّخل

كتاب الجامع قال بن العري في التفسير هذا كتاب اخترعه مالك في التصنيف لفائدتين إحاداهما أنه خارج عن رسم التكليف

[1566] فتبرئكم يهود أَي تَبرأ إِلَيْكُم من دعواكم وَقيل عناه يخلصونكم من الْيَمين بحلفهم ويهود مَرْفُوع غير منون لِأَنَّهُ غير منصرف للعلمية والتأنيث على إِرَادَة اسْم الْقَبِيلَة والطائفة كتاب الْجَامِع قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي التَّفْسِير: هَذَا كتاب اخترعه مَالك فِي التصنيف لفائدتين إِحْدَاهمَا أَنه خَارج عَن رسم التَّكْلِيف الْمُتَعَلّق بِالْأَحْكَامِ الَّتِي صنفها أبوابا ورتبها أنواعا الثَّانِي أَنه لما لحظ الشَّرِيعَة وأنواعها وَرَآهَا منقسمة إِلَى أَمر وَنهي وَإِلَى عبَادَة ومعاملة وَإِلَى جنايات وعادات نظمها أسلاكا وربط كل نوع بِجِنْسِهِ وشذت عَنهُ من الشَّرِيعَة معَان مُفْردَة لم يتَّفق نظمها فِي سلك وَاحِد لِأَنَّهَا مُتَغَايِرَة الْمعَانِي وَلَا أمكن أَن يَجْعَل لكل وَاحِد مِنْهَا بَابا لصغرها وَلَا أَرَادَ هُوَ أَن يُطِيل القَوْل فِيمَا يُمكن إطالة القَوْل فِيهَا فجمعها أشتاتا وسمى نظامها كتاب الْجَامِع فطرق للمؤلفين مَا لم يَكُونُوا قبل ذَلِك بِهِ عَالمين فِي هَذِه الْأَبْوَاب كلهَا ثمَّ بَدَأَ فِي هَذَا الْكتاب بالْقَوْل فِي الْمَدِينَة لِأَنَّهَا أصل الْإِيمَان ومعدن الدّين ومستقر النُّبُوَّة [1567] اللَّهُمَّ بَارك لَهُم إِلَى آخِره قَالَ النوي الظَّاهِر أَن المُرَاد الْبركَة فِي نفس الْكَيْل بِحَيْثُ يَكْفِي الْمَدّ فِيهَا من لَا يَكْفِيهِ فِي غَيرهَا [1568] وَإِنِّي أَدْعُوك للمدينة بِمثل مَا دعَاك بِهِ لمَكَّة وَمثله مَعَه قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا دَلِيل على فضل الْمَدِينَة على مَكَّة قَالَ وَيحْتَمل أَن يُرِيد بقوله وَمثله مَعَه من أَمر الرزق وَالدُّنْيَا وَإِن يُرِيد أر الْآخِرَة وتضعيف الْحَسَنَات وغفران السَّيِّئَات ثمَّ يَدْعُو أَصْغَر وليد يرَاهُ فيعطيه ذَلِك الثَّمر قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أيريد بذلك عظم الْأجر فِي إِدْخَال المسرة على من لاذنب لَهُ لصغره فَإِن سروره بِهِ أعظم من سرُور الْكَبِير

[1569] يحنس بِضَم الْمُثَنَّاة تَحت وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر النُّون وَفتحهَا وسين مُهْملَة لكاع بِفَتْح اللَّام وَالْبناء على الْكسر صِيغَة سبّ لَا يصبر على لأوائها بِالْمدِّ أَي جوعها إِلَّا كنت لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ القَاضِي عِيَاض سُئِلت قَدِيما عَن هَذ الحَدِيث وَلم خص سَاكن الْمَدِينَة بالشفاعة هُنَا مَعَ عُمُوم شَفَاعَته رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وادخاره إِيَّاهَا قَالَ وأجبت عَنهُ بِجَوَاب شاف مقنع فِي أوراق اعرف بصوابه كل وَاقِف عَلَيْهِ قَالَ وأذكر مِنْهُ هُنَا لمعا تلِيق بِهَذَا الْموضع قَالَ بعض شُيُوخنَا أَو هُنَا للشَّكّ وَالْأَظْهَر عندنَا أَنَّهَا لَيست للشَّكّ لِأَن هَذَا الحَدِيث رُوَاة جَابر بن عبد الله وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن عمر وَأَبُو سعيد وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس وَصفِيَّة بنت أبي عبيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا اللَّفْظ وَيبعد اتِّفَاق جَمِيعهم أَو رواتهم على الشَّك وتطابقهم فِيهِ على صِيغَة وَاحِدَة بل الْأَظْهر أَنه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا فإمَّا أَيكُون أعلم بِهَذِهِ الْجُمْلَة هَكَذَا وَإِمَّا أَن تكون أَو للتقسيم وبكون شَهِيدا لبَعض أهل الْمَدِينَة وشفيعا لباقيهم إِمَّا شَفِيعًا للعاصين وشهيدا للمطيعين وَإِمَّا شَهِيدا لمن مَاتَ فِي حَيَاته وشفيعا لمن مَاتَ بعد وَغير ذَلِك وَهَذِه خُصُوصِيَّة زَائِدَة على الشَّفَاعَة للمذنبين أَو للعاصين فِي الْقِيَامَة وعَلى شَهَادَته على جَمِيع الْأمة وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شُهَدَاء أحد أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ فَيكون تخصيصهم بِهَذَا كُله مزية زِيَادَة منزلَة وحظوة قَالَ وَقد تكون أَو بِمَعْنى الْوَاو فَيكون لأهل الميدنة شَفِيعًا وشهيدا قَالَ وَإِذا جعلنَا أَو للشَّكّ كَمَا قَالَ الْمَشَايِخ فَإِن كَانَت اللَّفْظَة الصَّحِيحَة شَهِيدا انْدفع الِاعْتِرَاض لِأَنَّهَا زَائِدَة على الشَّفَاعَة المدخرة الْمُجَرَّدَة لغَيرهم وَإِن كَانَت شَفِيعًا فاختصاص أهل الْمَدِينَة بِهَذَا أَن هَذِه شَفَاعَة أُخْرَى غير الْعَامَّة الَّتِي هِيَ إِخْرَاج أمته من النَّار ومعافة بَعضهم بِشَفَاعَتِهِ فِي الْقِيَامَة وَتَكون هَذِه الشَّفَاعَة بِزِيَادَة الدَّرَجَات أَو تَخْفيف السيآت أَو بِمَا شَاءَ الله من ذَلِك أَو باكرامهم يَوْم الْقِيَامَة بأنواع من الْكَرَامَة كإيوائهم إِلَى ظلّ الْعَرْش أَو كَونهم فِي روح أَو على مَنَابِر أَو الْإِسْرَاع بهم إِلَى الْجنَّة أَو غير ذَلِك من خُصُوص الكرامات الْوَارِدَة لبَعْضهِم دو بعض وَالله أعلم [1570] وعك بِفَتْح الْعين وَهُوَ الْحمى وَقيل ألمها إِنَّمَا الْمَدِينَة كالكير تَنْفِي خبثها وينصع طيبها قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِفَتْح الْيَاء وَالصَّاد الْمُهْملَة الَّذِي يصفو ويخلص ويتميز والناصع الصافي الْخَالِص وَمعنى الحَدِيث أَنه يخرج من الْمَدِينَة من لم يخلص إيمَانه وَيبقى فِيهَا من خلص إيمَانه

[1571] أمرت بقرية تَأْكُل الْقرى قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أمرت بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا واستيطانها وَذكروا فِي معنى أكلهَا الْقرى وَجْهَيْن أَحدهمَا أها مَرْكَز جيوش الْإِسْلَام فِي أول الْأَمر فَمِنْهَا فتحت الْقرى وغنمت أموالها وَالثَّانِي مَعْنَاهُ أَن أكلهَا وميراثها من الْقرى المفتحة وإليها تساق غنائمها يَقُولُونَ يثرب وَهِي الْمَدِينَة قَالَ الْبَاجِيّ عني أَن النَّاس يسمونها يثرب وَأَنا أسميها الْمَدِينَة وَفِي مُسْند أَحْمد حَدِيث من سمى الْمَدِينَة يثرب فليستغفر الله عز وَجل هِيَ طابة وَإِنَّمَا كره تَسْمِيَتهَا يثرب لِأَنَّهُ من التثريب وَهُوَ التوريخ والملامة وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الِاسْم الْحسن وَيكرهُ الِاسْم الْقَبِيح واشتقاق الْمَدِينَة من مدن بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ أَو من دَان إِذا أطَاع تَنْفِي النَّاس رجح القَاضِي عِيَاض اخْتِصَاص هَذَا بزمنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ لم يكن يصبر على الْهِجْرَة وَالْمقَام مَعَه إِلَّا من ثَبت إيمَانه وَرجح النوي عُمُومه لما ورد أَنَّهَا فِي زمن الدَّجَّال ترجف ثَلَاثَة رجفات يخرج الله مِنْهَا كل كَافِر ومنافق كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد هُوَ وسخه وقذره الَّذِي تخرجه النَّار مِنْهُ [1572] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يخرج أحد من الْمَدِينَة رَغْبَة عَنْهَا إِلَّا أبدلها الله خيرا مِنْهُ قَالَ بن عبد الْبر وَصله معن عَن مَالك فَقَالَ عَن عَائِشَة وَلم يسْندهُ غَيره فِي الْمُوَطَّأ قَالَ والْحَدِيث عِنْدِي خَاص بحياته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما بعده فقد خرج مِنْهَا جمَاعَة من أَصْحَابه وَلم تعوض الْمَدِينَة بِخَير مِنْهُم وَقَالَ الْبَاجِيّ المُرَاد يخرج رَغْبَة عَن ثَوَاب السَّاكِن فِيهَا وَأما من خرج لضَرُورَة شدَّة زمَان أَو فتْنَة فَلَيْسَ مِمَّن يخرج رَغْبَة عَنْهَا قَالَ وَالْمرَاد بِهِ من كَانَ مستوطنا بهَا فَرغب فِي استيطان غَيرهَا وَأما من كَانَ مستوطنا غَيرهَا فَقَدمهَا للقربة وَرجع إِلَى وَطنه أَو كَانَ مستوطنا بهَا فَخرج مُسَافِرًا لحَاجَة فَلَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا رَغْبَة عَنْهَا قَالَ والابدال إِمَّا بقدوم خير مِنْهُ من غَيرهَا أَو مَوْلُود يُولد فِيهَا [1573] يبسون بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت ثمَّ بَاء مُوَحدَة تضم وتكسر وَرُوِيَ بِضَم التَّحْتِيَّة مَعَ كسر الْمُوَحدَة فَتكون اللَّفْظَة ثلاثية ورباعية وَمَعْنَاهُ يتحملون بأهليهم وَقيل مَعْنَاهُ يدعونَ النَّاس إِلَى بِلَاد الخصب وَقَالَ أَبُو عبيد مَعْنَاهُ يسوقون والبس سوق الْإِبِل

[1574] عَن بن حماس كَذَا ليحيى وَلغيره عَن يُونُس بن يُوسُف بن حماس لتتركن الْمَدِينَة الحَدِيث قَالَ النَّوَوِيّ الظَّاهِر الْمُخْتَار أَن هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان عِنْد قيام السَّاعَة وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا مِمَّا وَقع وانقضى حِين انْتَقَلت الْخلَافَة عَنْهَا إِلَى الشَّام وَالْعراق وَذَلِكَ الْوَقْت أحسن مَا كَانَت للدّين وَالدُّنْيَا أما الدّين فلكثرة الْعلمَاء بهَا وكمالهم وَأما الدُّنْيَا فلعمارتها وغرسها واتساع حَال أَهلهَا قَالَ وَذكر الأخباريون فِي بعض الْفِتَن الَّتِي جرت بِالْمَدَنِيَّةِ وَخَافَ أَهلهَا أَنه رَحل عَنْهَا أَكثر النَّاس وَبقيت ثمارها أَو أَكْثَرهَا للموافي وخلت مُدَّة ثمَّ تراجع النَّاس إِلَيْهَا فيغذى على بعض سواري الْمَسْجِد قَالَ فِي النِّهَايَة أَي يَبُول عَلَيْهَا لعدم سكانه وخلوه من النَّاس يُقَال غذا ببوله بالغين والذال المعجمتين إِذا أَلْقَاهُ دفْعَة [1576] هَذَا جبل يحبنا ونحبه قَالَ النوي قيل مَعْنَاهُ يحبنا أهل وهم أهل الْمَدِينَة ونحبهم وَالصَّحِيح أَنه على ظَاهره وَإِن مَعْنَاهُ يحبنا هُوَ بِنَفسِهِ وَجعل الله فِيهِ تمييزا مَا بَين لابتيها هما الحرتان [1577] ترتع أَي ترعى مَا ذعرتها أَي مَا نفرتها [1579] بالأسواف قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ مَوضِع بِبَعْض أَطْرَاف الْمَدِينَة بَين الحرتين نهسا بِضَم النُّون وَفتح لهاء وسين مُهْملَة طَائِر يشبه الصرد يديم تَحْرِيك رَأسه وذنبه يصطاد العصافير ويأوى إِلَى الْمَقَابِر قَالَه فِي النِّهَايَة

[1580] يرفع عقيرته أَي صَوته إذخر وجليل بِالْجِيم وهما شجرتان طيبتان يكونَانِ بأودية مَكَّة مجنة بِفَتْح الْجِيم وَكسر الْمِيم وَتَشْديد النُّون مَوضِع بمر الظهْرَان شامة وطفيل جبلان من جبال مَكَّة وانفل حماها فاجعلها بِالْجُحْفَةِ قَالَ الْخطابِيّ وَغَيره كَانَ ساكنو الْجحْفَة فِي ذَلِك الْوَقْت يهودا [1582] أنقاب الْمَدِينَة طرقها وفجاجها لَا يدخلهَا الطَّاعُون قَالَ بَعضهم هَذِه معْجزَة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الْأَطِبَّاء من أَوَّلهمْ إِلَى آخِرهم عجزوا أَن يدفعوا الطَّاعُون عَن بلد من الْبِلَاد بل عَن قربَة من الْقرى وَقد امْتنع الطَّاعُون من الْمَدِينَة بدعائه وَخَبره هَذِه الْمدَّة المتطاولة

[1584] عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يجْتَمع دينان الحَدِيث وَصله عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب بِهِ جَزِيرَة الْعَرَب هِيَ مَكَّة وَالْمَدينَة واليمامة وقراها سميت جَزِيرَة لاحاطة الْبَحْر بهَا وَقَالَ بن حبيب جَزِيرَة الْعَرَب من أقْصَى عدن وَمَا والاها من أَرض الْيمن كلهَا إِلَى ريف الْعرَاق فِي الطول وَأما الْعرض فَمن جدة وَمَا والاها من سَاحل الْبَحْر إِلَى أَطْرَاف الشَّام ومصر فِي الْمغرب والمشرق مَا بَين الْمَدِينَة إِلَى مُنْقَطع السباوه الثَّلج هُوَ الْيَقِين الَّذِي لَا شكّ فِيهِ

[1587] بسرغ بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة ثمَّ رَاء سَاكِنة فِي الْمَشْهُور ثمَّ غين مُعْجمَة مَصْرُوف وممنوع قَرْيَة فِي طرف الشَّام مِمَّا يَلِي الْحجاز أُمَرَاء الأجناد هِيَ مدن الشَّام الْخمس وَهِي فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين الوباء مَهْمُوز وقصره أفْصح من مده ادْع لي الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين هم من صلى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ من مهاجرة الْفَتْح قيل هم الَّذين أَسْلمُوا قبل افْتَحْ إِذْ لَا هِجْرَة بعده وَقيل هم مسلمة الْفَتْح الَّذين هَاجرُوا بعده قَالَ القَاضِي عِيَاض وَهَذَا أظهر لأَنهم الَّذين ينْطَلق عَلَيْهِم مشيخة إِنِّي مصبح بِسُكُون الصَّاد على ظهر أَي مُسَافِرًا رَاكِبًا على ظهر الرَّاحِلَة رَاجعا إِلَى وطني لَو غَيْرك قَالَهَا قَالَ النوي جَوَاب لَو مَحْذُوف وَفِي تَقْدِيره وَجْهَان أَحدهمَا لأدبته لإعراضه عَليّ فِي مَسْأَلَة اجتهادية وَافقنِي عَلَيْهَا أَكثر النَّاس وَالثَّانِي لم أتعجب مِنْهُ وَإِنَّمَا أتعجب من قَوْلك أَنْت مَعَ مَا أَنْت عَلَيْهِ من الْعلم وَالْفضل عدوتان تَثْنِيَة عدوة بِضَم الْعين وَكسرهَا وَهِي جَانب الْوَادي جدبة بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الدَّال وَكسرهَا وَكَذَا الخصبة إِذا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْض فَلَا تقدمُوا عَلَيْهِ وَإِذا وَقع بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا فِرَارًا مِنْهُ قَالَ الْعلمَاء هُوَ قريب الْمَعْنى من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدو واسألوا الله الْعَافِيَة فَإِذا لقيتموهم فَاصْبِرُوا قَالَ بَعضهم النَّهْي عَن الْفِرَار من الطَّاعُون تعبدي لَا يعقل مَعْنَاهُ لِأَن الْفِرَار من المهالك مَأْمُور بِهِ وَقد نهي عَن هَذَا فَهُوَ لسر فِيهِ لَا نعلم حَقِيقَته

[1588] عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه أَنه سَمعه يسْأَل أُسَامَة بن زيد قَالَ بن عبد الْبر لَا وَجه لذكر أَبِيه لِأَن الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ لعامر عَن أُسَامَة سَمعه مِنْهُ وَلذَا لم يقلهُ بن بكير ومعن وَجَمَاعَة من الروَاة فَلَا يخرجُوا إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا فِي الْمُوَطَّأ فِي حَدِيث أبي النَّضر وَقد جعله جمَاعَة لحنا وغلطا لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء من نفي فحفه الرّفْع وَخرج على أَنه نصب على الْحَال لَا الِاسْتِثْنَاء الطَّاعُون رجز أَي عَذَاب قَالَ النَّوَوِيّ وَكَونه عذَابا مُخْتَصّ بِمن كَانَ قبلنَا وَأما هَذِه الْأمة فَهُوَ لَهَا رَحْمَة وَشَهَادَة كَمَا بَين فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة [1591] بركبة قَالَ الْبَاجِيّ هِيَ أَرض بني عَامر وَهِي بَين مَكَّة وَالْعراق [1592] أَنْت آدم الَّذِي أغويت النَّاس قَالَ الْبَاجِيّ أَي عرضتهم للاغواء لما كنت سَبَب خُرُوجهمْ من الْجنَّة أفتلومني على أَمر قد قدر عَليّ قَالَ بن الْعَرَبِيّ لَيْسَ مَا سبق من الْقَضَاء وَالْقدر يرفع الْمَلَامَة عَن الْبشر وَلَكِن مَعْنَاهُ قدر على وتبت مِنْهُ والعاصي التائب لَا يلام وَذكر الْبَاجِيّ مثله

[1593] مسح ظَهره بِيَمِينِهِ قَالَ الْبَاجِيّ أجمع أهل السّنة على أَن يَده صفة وَلَيْسَ بجوارح كجوارح المخلوقين لِأَنَّهُ لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ عبر بِالْمَسْحِ عَن تعلق الْقُدْرَة بِظهْر آدم وكل معنى تتَعَلَّق بِهِ قدرَة الْخَالِق يعبر عَنْهَا بِفعل الْمَخْلُوق مَا لم يكن دناءة [1594] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تركت فِيكُم أَمريْن الحَدِيث وَصله بن عبد الب رمن حَدِيث كثير بن عبد الله بنعمرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده [1595] حَتَّى الْعَجز والكيس قَالَ الْبَاجِيّ لَعَلَّه أَرَادَ الْعَجز عَن الطَّاعَة والكيس فِيهَا وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ فِي أَمر الدّين وَالدُّنْيَا [1598] لتستفرغ صحفتها أَي لتنفرد بِنَفَقَة الزَّوْج

[1599] وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْهُ الْجد أَي لَا ينفع صَاحب الْغنى عِنْده غناهُ إِنَّمَا تَنْفَعهُ طَاعَته [1600] مَالك أَنه بلغه أَنه كَانَ يُقَال الْحَمد لله الخ قَالَ الْبَاجِيّ يَقْتَضِي أَنه من قَول أَئِمَّة الشَّرْع لِأَن مَالِكًا أدخلهُ فِي كِتَابه المعتقد صِحَّته الَّذِي خلق كل شَيْء كَمَا يَنْبَغِي قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنه أحْسنه وأتى بِهِ على أفضل مَا يكون عَلَيْهِ الَّذِي لَا يعجل شَيْء اناه وَقدره أَي لَا سبق وقته الَّذِي وَقت لَهُ لَيْسَ وَرَاء الله مرمى أَي غَايَة يرْمى إِلَيْهَا أَي يقْصد بِدُعَاء أَو أمل أَو رَجَاء تَشْبِيها بغاية السِّهَام [1601] مَالك أَنه بلغه أَنه كَانَ يُقَال إِن أحدا لن يَمُوت حَتَّى يستكمل رزقه فأجملوا فِي الطّلب قَالَ بن عبد الْبر ذكر الْحلْوانِي قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن يحيى بن عَتيق قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن سِيرِين إِذا قَالَ كَانَ يُقَال لم يشك أَنه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن عبد الْبر وَكَذَلِكَ كَانَ مَالك إِن شَاءَ الله قَالَ وَهَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وُجُوه حسان من حَدِيث جَابر بن عبد الله وَأبي حميد السَّاعِدِيّ وَعبد الله بن مَسْعُود وَأبي أُمَامَة وَغَيرهم وَفِي حَدِيث جَابر بعد قَوْله فأجملوا فِي الطّلب خُذُوا مَا حل ودعوا مَا حرم أخرجه بن ماجة وَالْحَاكِم وَفِي حَدِيث أبي أُمَامَة بعده وَلَا يحملنكم استبطاء الرزق على أَن تطلبوه بِمَعْصِيَة الله أخرجه بن أبي الدُّنْيَا [1602] مَالك أَن معَاذ بن جبل قَالَ آخر مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين وضعت رجْلي فِي الغرز أَن قَالَ أحسن خلقك للنَّاس قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رواي يحيى وَتَابعه بن الْقَاسِم والقعنبي وَرَوَاهُ بن بكير عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن معَاذ بن جبل وَهُوَ مَعَ هَذَا مُنْقَطع جدا وَلَا يُوجد مُسْندًا من حَدِيث معَاذ وَلَا غَيره بِهَذَا للفظ لَكِن ورد مَعْنَاهُ فَأخْرج التِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُفْيَان عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن مَيْمُون بن أبي شبيب عَن معَاذ بن جبل قَالَ قلت يَا رَسُول الل عَلمنِي مَا يَنْفَعنِي قَالَ اتَّقِ الله حَيْثُ كنت وأتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها وخالق النَّاس بِخلق حسن وَأخرج من طَرِيق حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَاذ بن جبل إِلَى الْيمن فَقَالَ يَا معَاذ اتَّقِ الله وخالق النَّاس بِخلق حسن وروى قَاسم بن أصبغ من طَرِيق مَكْحُول عَن جُبَير بن نفير عَن مَالك بن يخَامر قَالَ سَمِعت معَاذ بن جبل يَقُول إِن آخر كلمة فَارَقت عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل قَالَ لَا يزَال لسَانك رطبا من ذكر الله والغرز بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وزاي فِي مَوضِع الركاب من رَحل الْبَعِير كالركاب للسرج قَالَ الْبَاجِيّ وتحسين خلقه أيظهر مِنْهُ لمن يجالسه أَو ورد عَلَيْهِ الْبشر والحلم والاشفاق والصب على التَّعْلِيم والتودد إِلَى الصَّغِير وَالْكَبِير قَالَ وَقَوله للنَّاس وَإِن كَانَ لَفظه عَاما إِلَّا أَنه أَرَادَ بذلك من يسْتَحق تَحْسِين الْخلق لَهُ فَأَما أهل الْكفْر والاصرار على الْكَبَائِر والتمادي على ظلم النَّاس فَلَا يُؤمر بتحسين الْخلق لَهُم بل يُؤمر بِأَن يغلظ عَلَيْهِم

[1603] مَا خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَمريْن قطّ قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون الْمُخَير لَهُ هُوَ الله فِيمَا كلفه أمته من الْأَعْمَال أَو النَّاس فعلى الأول يكون قَوْله مَا لم يكن إِنَّمَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطِعًا وَمَا انتقم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ قَالَ الْبَاجِيّ روى بن حبي عَن مَالك قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْفُو عَمَّن شَتمه إِلَّا أَن تنتهك حُرْمَة الله قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَن يُؤْذى أَذَى فِيهِ غَضَاضَة على الدّين فَإِن فِي ذَلِك انتهاكا لحُرْمَة الله فينتقم لله بذلك إعظاما لحق الله وَقَالَ بعض الْعلمَاء أَنه لَا يجوز أَن يُؤْذى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفعل مُبَاح وَلَا غَيره وَأما غَيره من النَّاس فَيجوز أَن يُؤْذى بمباح وَلَيْسَ لَهُ الْمَنْع مِنْهُ وَلَا يَأْثَم فَاعل الْمُبَاح وَإِن وصل بذلك أَذَى إِلَى غَيره وَلذَلِك لم يَأْذَن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِكَاح على ابْنة أبي جهل فَجعل حكم ابْنَته حكمه فِي أَنه لَا يجوز أَن يُؤْذى بمباح وَاحْتج على ذَلِك بقوله إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله إِلَى أَن قَالَ وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا فَشرط على الْمُؤمنِينَ أَن يؤذوا يُغير مَا اكتسبوا وأطاق الْأَذَى فِي خَاصَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير شَرط انْتهى [1604] عَن بن شهَاب عَن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حسن إِسْلَام الْمَرْء تَركه مَالا يعنيه وَصله الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق خَالِد بن عبد الرَّحْمَن الْخُرَاسَانِي عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن أَبِيه وَمن طَرِيق مُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيّ عَن مَالك كَذَلِك قَالَ بن عبد الْبر وخَالِد ومُوسَى لَا بَأْس بهما وَقَالَ الْبَاجِيّ قَالَ حَمْزَة الْكِنَانِي هَذَا الحَدِيث ثلث الْإِسْلَام وَالثَّانِي حَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَالثَّالِث حَدِيث الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذَا الحَدِيث إِشَارَة إِلَى ترك الفضول لِأَن الْمَرْء لَا يقدر أَن يسْتَقلّ باللازم فَكيف أَن يتعداه إِلَى الْفَاضِل [1605] مَالك أَنه بلغه عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت اسْتَأْذن رجل الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَفِي الْمُنْتَقى للباجي عَن بن حبيب أَن هَذَا الرجل هُوَ عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ بئس بن الْعَشِيرَة قَالَ الْبَاجِيّ وَصفه بذلك ليعلم حَاله فيحذر وَلَيْسَ ذَلِك من بَاب الْغَيْبَة

[1606] فانظروا مَاذَا يتبعهُ من حسن الثَّنَاء قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد مَا يجرى على أَلْسِنَة النَّاس من ذكره فِي حَيَاته وَبعد مَوته وَالْمرَاد مَا يذكرهُ بِهِ أهل الدّين وَالْخَيْر دون أهل الضلال وَالْفِسْق لِأَنَّهُ قد يكون للْإنْسَان الْعَدو فيتبعه بِالذكر الْقَبِيح [1607] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ بَلغنِي أَن الْمَرْء ليدرك بِحسن خلقه دَرَجَة الْقَائِم بِاللَّيْلِ الظامئ بالهواجر قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يجوز أَن يكون رَأيا وَلَا يكون مثله إِلَّا توقيفا ثمَّ أسْندهُ من طَرِيق زُهَيْر عَن يحيى بن سعد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن الْمطلب عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِهِ قَالَ بن الْعَرَبِيّ الْخلق والخلق عبارتان عَن جملَة الْإِنْسَان فالخلق عبارَة عَن صفته الظَّاهِرَة والخلق عبارَة عَن صفته الْبَاطِنَة وَالْإِشَارَة بالخلق إِلَى الْإِيمَان وَالْكفْر وَالْعلم وَالْجهل واللين والشدة والمسامحة وَالِاسْتِقْصَاء والسخاء وَالْبخل وَمَا أشبه ذَلِك ولبابها فِي الْمَحْمُود والمذموم تَدور على عشْرين خصْلَة وَقَالَ الْبَاجِيّ المُرَاد بذلك أَنه يدْرك دَرَجَة المتنفل بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة بصبره على الْأَذَى وكفه عَن أَذَى غَيره والمقارضة عَلَيْهِ مَعَ سَلامَة صَدره من الغل [1608] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ سَمِعت سعيد بن الْمسيب يَقُول إِلَّا أخْبركُم بِخَير من كثير من الصَّلَاة وَالصَّدَََقَة الحَدِيث وَصله إِسْحَاق بن بشير الْكَاهِلِي عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوَصله الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق حَفْص بن غياث وَابْن عُيَيْنَة كِلَاهُمَا عَن يحيى بن سعيد عَن سيعد بن الْمسيب عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوَصله الْبَزَّار من طَرِيق الْأَعْمَش عَن عمر بن مرّة عَن سَالم بن أبي الْحَمد عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إصْلَاح ذَات الْبَين قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد صَلَاح الْحَال الَّتِي بَين النَّاس وَأَنَّهَا خير من نوافل الصَّلَاة وَمَا ذكر مَعهَا فانما هِيَ الحالقة زَاد الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء أما إِنِّي لَا أَقُول حالقة الشّعْر وَلكنهَا حالقة الدّين قَالَ الْبَاجِيّ أَي إِنَّهَا لَا تبقي شَيْئا من الْحَسَنَات حَتَّى لَا تذْهب بهَا كَمَا يذهب الْحلق بالشعر من الرَّأْس ويتركه عَارِيا [1609] مَالك أَنه قد بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بعثت لأتمم حسن الْأَخْلَاق وَصله قَاسم بن أَسْبغ وَالْحَاكِم من طَرِيق عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن بن عجلَان عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بن عبد الْبر وَهُوَ بِحَدِيث مدنِي صَحِيح قَالَ وَيدخل فِيهِ الصّلاح وَالْخَيْر كُله وَالدّين وَالْفضل والمروءة وَالْإِحْسَان وَالْعدْل فبذلك بعث ليتممه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الْبَاجِيّ كَانَت الْعَرَب أحسن النَّاس أَخْلَاقًا بِمَا بَقِي عِنْدهم من شَرِيعَة إِبْرَاهِيم وَكَانُوا ضلوا بالْكفْر عَن كثير مِنْهَا فَبعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليتمم محَاسِن الْأَخْلَاق بِبَيَان مَا ضلوا عَنهُ وَبِمَا خص بِهِ فِي شَرِيعَته

[1610] عَن سَلمَة بن صَفْوَان بن سَلمَة الزرقي عَن زيد بن طَلْحَة بن ركَانَة بِرَفْعِهِ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى بن يحيى زيد بن طَلْحَة وَقَالَ بن بكير والقعنبي وَابْن الْقَاسِم وَغَيرهم يُرِيد بن طَلْحَة وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ وَأكْثر الروَاة رَوَوْهُ هَكَذَا مُرْسلا وَرَوَاهُ وَكِيع عَن مَالك عَن سَلمَة عَن يزِيد بن طَلْحَة عَن أَبِيه وَلم يقل عَن أَبِيه وَكِيع وَقد أنكر عَلَيْهِ يحيى بن معِين وَقَالَ لَيْسَ فَهِيَ عَن أَبِيه هُوَ مُرْسل وَقد ورد هَذَا الحَدِيث أَيْضا من حَدِيث أنس ومعاذ بن جبل لكل دين خلق قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد سجية شرعت فِيهِ وحض أهل ذَلِك الدّين عَلَيْهَا وَخلق الْإِسْلَام الْحيَاء قَالَ الْبَاجِيّ أَي فِيمَا شرع فِيهِ الْحيَاء خلاف مَا لم يشرع فِيهِ كتعلم الْعلم وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَالْحكم بِالْحَقِّ وَالْقِيَام بِهِ وَأَدَاء الشَّهَادَات على وَجههَا [1611] وَهُوَ يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء قَالَ الْبَاجِيّ أَي يلومه على كثرته وَأَنا أضربه وَمنع من بُلُوغ حَاجته فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان قَالَ الْبَاجِيّ أَي من شرائعه وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ قَالَ عُلَمَاؤُنَا انما صَار من الْإِيمَان المكتسب وَهُوَ جبلة لما يُفِيد من الْكَفّ عَمَّا لَا يحسن فَعبر عَنهُ بفائدته على أحد فَسُمي الْمجَاز [1612] عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رجلا الحَدِيث وَصله مطرف عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد عَن أبي هرير وَرَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن بن شهَاب عَن حميد عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ إِسْحَاق بن بشر الْكَاهِلِي عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد عَن أَبِيه قَالَ بن عبد الْبر وَهُوَ خطأ وَالرجل الْمَذْكُور جَارِيَة بن قدامَة التَّمِيمِي عَم الْأَحْنَف بن قيس وَقد ورد هَذَا الحَدِيث من حَدِيثه أَيْضا وَمن حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ لَا تغْضب قَالَ بن الْعَرَبِيّ قَالَ عُلَمَاؤُنَا انما نَهَاهُ عَمَّا علم أننه هَوَاهُ لِأَن الْمَرْء إِذا ترك مَا يَشْتَهِي كَانَ أَجْدَر أَن يتْرك مَالا يَشْتَهِي وخصوصا الْغَضَب فَإِن ملك نَفسه عِنْده كَانَ شَدِيدا سديدا وَإِذا ملكهَا عِنْد الْغَضَب كَانَ أَحْرَى أَن يملكهَا عَن الْكبر والحسد وَأَخَوَاتهَا وَقَالَ بن عبد الْبر هَذَا من الْكَلَام الْقَلِيل الْأَلْفَاظ الْجَامِع للمعاني الْكَثِيرَة والفوائد الجليلة وَمن كظم غيظه ورد غَضَبه أخزى شَيْطَانه وسلمت لَهُ مروءته وَدينه وَقَالَ الْبَاجِيّ جمع لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيْر فِي لفظ وَاحِد لِأَن الْغَضَب يفْسد كثيرا من الدّين وَالدُّنْيَا لما يصدر عَنهُ من قَول وَفعل قَالَ وَمعنى لَا تغْضب لَا تمض مَا يحملك غضبك عَلَيْهِ وكف عَنهُ وَأما نفس الْغَضَب فَلَا يملك الْإِنْسَان دَفعه وَإِنَّمَا يدْفع مَا يَدعُوهُ إِلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا أَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنعه من الْغَضَب فِي مَعَاني دُنْيَاهُ ومعاملته وَإِمَّا فِيمَا يعود إِلَى الْقيام بِالْحَقِّ فالغضب فِيهِ قد يكون وَاجِبا كالغضب على أهل الْبَاطِل والانكار عَلَيْهِم بِمَا يجوز وَقد يكون مَنْدُوبًا وَهُوَ الْغَضَب على المخطى كَمَا غضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سَأَلَهُ رجل عَن ضَالَّة الْإِبِل وَلما شكا إِلَيْهِ معَاذ أَنه يطول فِي الصَّلَاة

[1613] لَيْسَ الشَّديد بالصرعة بِضَم الصَّاد وَفتح الرَّاء وَهُوَ الَّذِي يصرع النَّاس وَيكثر ذَلِك مِنْهُ قَالَ الْبَاجِيّ وَلم يرد نفي الشدَّة عَنهُ فَإِنَّهُ يعلم بِالضَّرُورَةِ شدته وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنه لَيْسَ بالنهاية فِي الشدَّة وَأَشد مِنْهُ الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب أَو أَرَادَ أَنَّهَا شدَّة لَهَا كَبِير مَنْفَعَة وَإِنَّمَا الشدَّة الَّتِي ينْتَفع بهَا شدَّة الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب كَقَوْلِهِم لَا كريم إِلَّا يُوسُف لم يرد بِهِ نفي الْكَرم عَن غَيره وَإِنَّمَا أُرِيد بَث إِثْبَات مزية لَهُ فِي الْكَرم وَكَذَا لَا سيف إِلَّا ذُو الفقار وَلَا شُجَاع إِلَّا عَليّ [1614] لَا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث لَيْلًا قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الْعُمُوم مَخْصُوص بِحَدِيث كَعْب بن مَالك ورفيقيه حَيْثُ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بهجرهم قَالَ وَأجْمع الْعلمَاء على أَن من خَافَ من مكالمة أحد وصلته مَا يفْسد عَلَيْهِ دينه أَو يدْخل عَلَيْهِ مضرَّة فِي دُنْيَاهُ أه يجوز لَهُ مجانبته وَبعده وَرب صرم جميل خير من مُخَالطَة مؤذية وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَردت الْأَحَادِيث بهجران أهل الْبدع والفسوق ومنابذي السّنة وَأَنه يجوز هجرانه دَائِما وَالنَّهْي عَن الهجران فَوق ثَلَاثَة أَيَّام إِنَّمَا هُوَ فِيمَن هجر لحظ نَفسه ومعايش الدُّنْيَا وَأما أهل الْبدع وَنَحْوهم فهجرانهم دَائِم انْتهى وَمَا زَالَت الصَّحَابَة والتابعون فَمن بعدهمْ يهجرون من خَالف السّنة أَو من دخل عَلَيْهِم من كَلَامه مفْسدَة وَقد ألفت فِي ذَلِك كتابا سميته الزّجر بالهجر فِيهِ فَوَائِد وخيرهما أَي أكثرهما ثَوابًا الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ قَالَ الْبَاجِيّ وَغَيره فِيهِ أالسلام يقطع الْهِجْرَة [1615] وَلَا تدابروا أَي لَا تعرض بِوَجْهِك عَن أَخِيك وتوله دبرك استثقالا لَهُ وبغضا بل أقبل عَلَيْهِ وابسط لَهُ وَجهك مَا اسْتَطَعْت وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا أَي متواخين متوادين وَلَا يحل لمُسلم أَن يُهَاجر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا قَالَ يحيى يُهَاجر وَسَائِر الروَاة للموطأ يَقُولُونَ يهجر فَوق ثَلَاث قَالَ بن الْعَرَبِيّ إِنَّمَا جوز فِي الثَّلَاث لِأَن الْمَرْء فِي ابْتِدَاء الْغَضَب مغلوب فَرخص لَهُ فِي ذَلِك حَتَّى يسكن غَضَبه إيَّاكُمْ وَالظَّن أَي ظن السوء بِالْمُسلمِ قَالَ الْبَاجِيّ وَيحْتَمل أَن يُرِيد الحكم فِي دين الله بِمُجَرَّد الظَّن دون إِعْمَال نظر وَلَا اسْتِدْلَال بِدَلِيل

[1616] وَلَا تحسسوا وَلَا تجسسوا الأولى بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالثَّانيَِة بِالْجِيم قَالَ بن عبد الْبر وهما لفظتان مَعْنَاهُمَا وَاحِد وَهُوَ الْبَحْث والتطلب لمعايب النَّاس ومساويهم إِذا غَابَتْ واستترت لم يحل أَن يسْأَل عَنْهَا وَلَا يكْشف عَن خَبَرهَا وأصل هَذِه اللَّفْظَة فِي اللُّغَة من قَوْلك حس الثَّوْب أَي أدْركهُ بحسه وجسه من المحس والمجس وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ التَّجَسُّس يَعْنِي بِالْجِيم تطلب الْأَخْبَار على النَّاس فِي الْجُمْلَة وَذَلِكَ لَا يجوز إِلَّا للامام الَّذِي رتب لمصالحهم وَألقى إِلَيْهِ زِمَام حفظهم فَأَما عرض النَّاس فَلَا يجوز لَهُم إِلَّا لغَرَض من مصاهرة أَو جَوَاز أَو رفاقية فِي السّفر أَو مُعَاملَة وَمَا أشبه ذَلِك من أَسبَاب الامتزاج وَأما التحسس فَهُوَ طلب الْخَبَر الْغَائِب للشَّخْص وَذَلِكَ لَا يجوز لَا للامام وَلَا لسواه وَلَا تنافسوا قَالَ بن عبد الْبر المُرَاد بِهِ التنافس فِي الدُّنْيَا وَمَعْنَاهُ طلب الظُّهُور فِيهَا والتكبر عَلَيْهِم ومنافستهم فِي رياستهم وَالْبَغي عَلَيْهِم وحسدهم على مَا آتَاهُم الله مِنْهَا وَأما التنافس والحسد على الْخَيْر وطرق الْبر فَلَيْسَ من هَذَا فِي شَيْء وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ التنافس هُوَ التحاسد فِي الْجُمْلَة إِلَّا أَنه يتَمَيَّز عَنهُ بِأَنَّهُ سَببه [1617] عَن عَطاء بن أبي مُسلم عبد الله الْخُرَاسَانِي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحَابوا وَتذهب الشحناء فِي المصافحة أَحَادِيث مَوْصُولَة بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ وَأما تهادوا تحَابوا فورد مَوْصُولا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وللترمذي من حَدِيثه تهادوا فَإِن الْهَدِيَّة تذْهب وحر الصَّدْر وللبيهقي فِي مَذْهَب الْإِيمَان من حَدِيث أنس تهادوا فَإِن الْهَدِيَّة تذْهب بالسخيمة قَالَ يُونُس بن يزِيد هِيَ الغل وَأسْندَ بن عبد الْبر من حَدِيث أم سَلمَة مثله والشحناء بِالْمدِّ الْعَدَاوَة [1618] تفتح أَبْوَاب الْجنَّة يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ كِنَايَة عَن مغْفرَة الذُّنُوب الْعَظِيمَة وَكتب الدَّرَجَات الرفيعة أنظروا هذَيْن أَي أخروا الغفران لَهما [1619] عَن مُسلم بن أبي رَمِيم عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ تعرض أَعمال النَّاس الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا وَقفه يحيى وَجُمْهُور الروَاة وَمثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فَهُوَ تَوْقِيف بِلَا شكّ وَقد رَوَاهُ بن وهب عَن مَالك وَهُوَ أجل أَصْحَابه فَصرحَ بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتْرُكُوا هذَيْن حَتَّى يفيئا أَي يرجعا إِلَى الصُّلْح أَو اركوا بِسُكُون الرَّاء شكّ من الرَّاوِي وَمَعْنَاهُ أخروا يُقَال أركيت الشَّيْء أَخَّرته

[1620] جرو قثاء قَالَ الْبَاجِيّ هِيَ الصَّحِيحَة وَقيل المستطيلة وَقيل الصَّغِيرَة وَقَالَ أَبُو عبيد الجرو صَغِير القثاء وَالرُّمَّان فِي العيبة بِعَين مُهْملَة مَفْتُوحَة وتحتية سَاكِنة وموحدة وَهِي مستودع الثِّيَاب مَاله ضرب الله عُنُقه قَالَ الْبَاجِيّ هَذِه كلمة تَقُولهَا الْعَرَب عِنْد إِنْكَار أَمر وَلَا تُرِيدُ بذلك الدُّعَاء على من يُقَال لَهُ ذَلِك وَلَكِن لما سمع الرجل ذَلِك وتيقن وُقُوع مَا يَقُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ أَن يكون فِي سَبِيل الله فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك فَوَقع كَمَا قَالَ وَهَذَا من عَظِيم الْآيَات [1621] إِنِّي لأحب أَن أنظر إِلَى الْقَارئ أَبيض الثِّيَاب قَالَ الْبَاجِيّ المُرَاد بالقارئ الْعَالم اسْتحْسنَ لأهل الْعلم حسن الزي والتجمل فِي أعين النَّاس [1623] بالمشق هِيَ الْمغرَة

[1626] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ نسَاء كاسيات الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر كَذَا وَقفه يحيى ورواة الْمُوَطَّأ إِلَّا عبد الله بن نَافِع فَإِنَّهُ رواهعن مَالك بِإِسْنَادِهِ هَذَا مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعْلُوم أَن هَذَا لَا يُمكن أَن يكون من رَأْي أبي هُرَيْرَة لِأَن مثل هَذَا لَا يدْرك بِالرَّأْيِ ومحال أَن يَقُول أَبُو هُرَيْرَة من رَأْيه لَا يدْخل الْجنَّة وَقَالَ الْبَاجِيّ قد أسْندهُ حَرِير عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه مُسلم كاسيات عاريات قَالَ بن عبد الْبر أَرَادَ اللواتي يلبسن من الثِّيَاب الشَّيْء الْخَفِيف الَّذِي يصف وَلَا يستر فهن كاسيات بِالِاسْمِ عَارِيا فِي الْحَقِيقَة مائلات عَن الْحق مميلات لِأَزْوَاجِهِنَّ عَنهُ [1627] عَن يحيى بن سعيد عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ من اللَّيْل الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن هِنْد بنت الْحَرْث عَن أم سَلمَة بِهِ وَمن طَرِيق بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن يحيى بن سعيد عَن الزُّهْرِيّ عَن امْرَأَة عَن أم سَلمَة بِهِ مَاذَا فتح اللَّيْلَة من الخزائن قَالَ بن عبد الْبر يُرِيد من أرزاق الْعباد مِمَّا فَتحه الله على هَذِه الْأمة من ديار الْكفْر والاتساع فِي المَال وَقَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَنه فتح من خزائنها فِي لتك اللَّيْلَة مَا قدر الله أَن لَا ينزل إِلَى الأَرْض شَيْئا مِنْهَا إِلَّا بعد فتح تِلْكَ الخزائن وَيحْتَمل أَنه فتح من خَزَائِن الْفِتَن فَوَقع بعض مَا كَانَ فِيهَا بِمَعْنى أَنه قد وجد إِلَى مَوضِع لم يصل إِلَيْهِ قبل ذَلِك قَالَ والفتن فِي هَذَا يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ مَا يفتن من زهرَة الدُّنْيَا وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الْفِتَن الَّتِي حدثت من سفك الدِّمَاء وَفَسَاد أَحْوَال الْمُسلمين عَارِية يَوْم الْقِيَامَة أَي فِي الْحَشْر إِذا كسى أهل الصّلاح قَالَ بن عبد الْبر وَيحْتَمل أَن يُرِيد عَارِية من الْحَسَنَات أيقظوا صَوَاحِب الْحجر جمع حجرَة وَهِي الْبيُوت أَرَادَ أَزوَاجه أَن يوقظهن للصَّلَاة فِي تِلْكَ اللَّيْلَة رَجَاء بركتها وَلِئَلَّا يكن من الغافلين فِيهَا [1628] خُيَلَاء أَي كبرا [1629] لَا ينظر الله إِلَيْهِ أَي لَا يرحمه بطرا بِفَتْح الطَّاء أَي تكبرا وطغيانا

[1631] أزرة الْمُؤمن قَالَ فِي النِّهَايَة بِالْكَسْرِ الْحَالة وهيئة الاتزار مَا أَسْفَل من ذَلِك مَا مَوْصُولَة وأسفل بِالنّصب خبر كَانَ محذوفة وَالْجُمْلَة صلَة وَيجوز كَون مَا شَرْطِيَّة وأسف فعل مَاض فَفِي النَّار أَي مَحَله من الرجل وَذَلِكَ خَاص بِمن قصد بِهِ الْخُيَلَاء [1633] لَا يَمْشين أحدكُم فِي نعل وَاحِدَة قَالَ الْبَاجِيّ لما فِي ذَلِك من الْمثلَة والمفارقة للوقار ومشابهة زِيّ الشَّيْطَان كَالْأَكْلِ بالشمال لينعلهما بِفَتْح أَوله وضمه من نعل وأنعل قَالَ بن عبد الْبر وَالضَّمِير للقدمين وَإِن لم يتَقَدَّم لَهما ذكر وَلَو أَرَادَ النَّعْلَيْنِ لقَالَ لينتعلهما أَو ليحتف مِنْهُمَا

[1634] إِذا انتعل أحدكُم فليبدأ بِالْيَمِينِ وَإِذا نزع فليبدأ بالشمال قَالَ الْبَاجِيّ التَّيَامُن مَشْرُوع فِي ابْتِدَاء الْأَعْمَال والتياسر مَشْرُوع فِي تَركهَا ولتكن اليمني أَولهمَا تنعل وآخرهما تنْزع بِنصب الطرفي على الْخَبَر والفعلان بالفوقية والتحتية [1636] عَن لبستين وَعَن بيعَتَيْنِ عَن الْمُلَامسَة وَعَن الْمُنَابذَة وَعَن أَن يحتبي الرجل لف وَنشر غير مُرَتّب فِي ثوب وَاحِد لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شَيْء لما فَهِيَ من الافضاء بِهِ إِلَى السَّمَاء وَعَن أَن يشْتَمل الرجل بِالثَّوْبِ الْوَاحِد على أحد شقيه هِيَ الصماء لِأَن يَده حِينَئِذٍ تصير دَاخل ثَوْبه فَإِن أَصَابَهُ شَيْء يُرِيد الاحتراس مِنْهُ والاتقاء بيدَيْهِ تعذر عَلَيْهِ وَإِن أخرجهَا من تَحت الثَّوْب انكشفت عَوْرَته [1637] حلَّة سيراء بِالْإِضَافَة وَتركهَا على الصّفة والحلة ثَوْبَان رِدَاء وَإِزَار وسيراء بِكَسْر السِّين وَفتح التَّحْتِيَّة وَرَاء ممدودة قيل الْحَرِير الصافي وَقيل نوع من البرود يخالطه حَرِير كالخيوط لَا خلاق لَهُ أَي لَا نصيب لَهُ أَخا لَهُ مُشْركًا قَالَ الْبَاجِيّ قيل كَانَ أَخَاهُ لأمه

[1639] لَيْسَ بالطويل الْبَائِن هُوَ الَّذِي يضطرب من طوله وَلَيْسَ بالأبيض الأمهق هُوَ الَّذِي لَا يخالط بياضه حمرَة وَلَا بالآدم هُوَ فَوق الأسمر يعلوه سَواد قَلِيل وَلَا بالجعد القطط هُوَ الَّذِي لشدَّة جعودته تعقد كشعور السودَان وَلَا بالسبط هُوَ المسترسل الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تكسر وَأقَام بِمَكَّة عشر سِنِين هُوَ قَول طَائِفَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَنه أَقَامَ بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة سنة وَتُوفِّي وَهُوَ بن ثَلَاث وَسِتِّينَ قَالَ البُخَارِيّ وَهَذَا أصح وَلَيْسَ فِي رَأسه ولحيته عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء أَي بل أقل وَلابْن عسد بِسَنَد صَحِيح عَن أنس مَا كَا فِي رَأسه ولحيته إِلَّا سبع عشرَة أَن ثَمَان عشرَة [1640] أَرَانِي بِفَتْح الْهمزَة اللَّيْلَة عِنْد الْكَعْبَة قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد فِي مَنَامه آدم بِالْمدِّ أَي أسمر لمة بِكَسْر اللَّام شعر الرَّأْس إِذا جَاوز شحمة الْأُذُنَيْنِ وَلم يُجَاوز الْمَنْكِبَيْنِ فَإِن جَاوز فجمة قطط بِفَتْح الْقَاف والطاء الأولى شَدِيد جعودة الشّعْر طافية بِالْيَاءِ بِلَا همز أَي بارزة من طفا الشَّيْء يطفو إِذا علا على غَيره [1641] عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي رهيرة قَالَ خمس من الْفطْرَة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوف عِنْد جمَاعَة الروَاة إِلَّا أَن بشر بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مَحْفُوظ مُسْند صَحِيح رَوَاهُ بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأحسن مَا قيل فِي تَفْسِير الْفطْرَة أَنَّهَا النسة الْقَدِيمَة الَّتِي اخْتَارَهَا الْأَنْبِيَاء واتفقت عَلَيْهَا الشَّرَائِع فَكَأَنَّهَا أَمر جبلي فطروا عَلَيْهَا

[1642] عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أول النَّاس ضيف الضَّيْف الحَدِيث وَصله بن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَأول النَّاس اختتن وَأول النَّاس قصّ شَاربه وَأول النَّاس رأى الشيب زَاد بن أبي شيبَة عَن سعيد وَأول من قصّ أظافيره وَأول من استحد وَزَاد وَكِيع عَن أبي هُرَيْرَة وَأول من تسرول وَأول من فرق وللديلمي عَن أنس مَرْفُوعا أَنه أول من خضب بِالْحِنَّاءِ والكتم وَلابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه أَنه أول من خطب على الْمِنْبَر وَلابْن عَسَاكِر عَن جَابر أَنه أول من قَاتل فِي سَبِيل الله وَله عَن حسان بن عَطِيَّة أَنه أول من رتب الْعَسْكَر فِي الْحَرْب ميمنة وميسرة وَقَلْبًا وَلابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الرَّمْي عَن بن عَبَّاس أَنه أول من عمل القسي وَله فِي كتاب الاخوان عَن تَمِيم الدَّارِيّ مَرْفُوعا أَنه أول من عانق وَلابْن سعيد عَن الْكَلْبِيّ أَنه أول من ثرد الثَّرِيد وللديلمي عَن نبط بن شريطة مَرْفُوعا أَنه أول من اتخذ الْخبز المبلقس وَلأَحْمَد فِي الزّهْد عَن مطرف أَنه أول من راغم [1643] وَإِن يشْتَمل الصماء بِالْمدِّ قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ أَن يتجلل الرجل بِثَوْبِهِ وَلَا يرفع مِنْهُ جانبا وَإِنَّمَا قيل لَهَا صماء لِأَنَّهُ يسد على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ المنافذ كلهَا كالصخرة الصماء الَّتِي لَيْسَ فهيا خرق وَلَا صدع وَالْفُقَهَاء يَقُولُونَ هُوَ أَن يتغطى بِثَوْب وَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره ثمَّ يرفعهُ من أحد جانبيه فيضعه على مَنْكِبَيْه فتنكشف عَوْرَته [1645] لَيْسَ الْمِسْكِين بِهَذَا الطّواف قَالَ الْبَاجِيّ لم يرد نفي ذَلِك عَنهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن غَيره أَشد حَالا مِنْهُ قَالُوا فَمَا الْمِسْكِين كَذَا ليحيى وَلغيره فَمن الْمِسْكِين

[1646] عَن بن بجيد بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْجِيم مصغر اسْمه عبد الرَّحْمَن عَن جدته هِيَ أم بجيد وَيُقَال اسْمهَا حَوَّاء وَلَو بظلف بِكَسْر الظَّاء وَهُوَ للبقر وَالْغنم كالحافر للْفرس وَلَو هُنَا للتقليل لِأَن ذَلِك أق مَا يُمكن أَن يُعْطي وَقَالَ محرق لِأَنَّهُ مَظَنَّة الِانْتِفَاع بِخِلَاف غَيره فقد يلقيه آخذه [1647] فِي معي بِكَسْر الْمِيم مَقْصُور وَاحِد الامعاء وَهِي المصارين فِي سَبْعَة أمعاء هِيَ عدَّة أمعاء الْإِنْسَان وَلَا ثامن لَهَا كَمَا بَين فِي التشريح [1648] ضافه ضيف قيل هُوَ ثُمَامَة بن أَثَال الْحَنَفِيّ وَقيل جَهْجَاه الْغفار حَكَاهُمَا الْبَاجِيّ [1649] إِنَّمَا يجرجر بِضَم أَوله وَفتح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء ثمَّ جِيم مَكْسُورَة وَرَاء من الجرجرة وَهِي صَوت وُقُوع المَاء فِي الْجوف وَرَوَاهُ بعض الْفُقَهَاء بِفَتْح لجيم الثَّانِيَة على الْبناء للْمَفْعُول وَلَا يعرف فِي الرِّوَايَة فِي بَطْنه نَار جنهم بِالنّصب على أَنه مفعول وَالْفَاعِل ضمير الشَّارِب وبالرفع على أَنه فَاعل على أَن الناء هِيَ الَّتِي تصوت فِي الْبَطن أَو على أَنه خبر أَن وَمَا مَوْصُولَة قَالَ الْبَاجِيّ سَمَّاهُ مجرجرا للنار تَسْمِيَة الشَّيْء باسم مَا يؤل إِلَيْهِ

[1650] عَن أبي الْمثنى الْجُهَنِيّ قَالَ بن عبد الْبر لم أَقف على اسْمه نهى عَن النفخ فِي الشَّرَاب قَالَ الْبَاجِيّ لِئَلَّا يَقع من رِيقه فِي شَيْء فيقذره وَقد بعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليتمم مَكَارِم الْأَخْلَاق القذاة عود أَو شَيْء يَقع فِيهِ فَيَتَأَذَّى بِهِ الشَّارِب [1655] شيب أَي خلط الْأَيْمن فالأيمن وَعَن يَمِينه غُلَام هُوَ عبد الله بن عَبَّاس [1656] وَعَن يسَاره الْأَشْيَاخ سمي مِنْهُم خَالِد بن الْوَلِيد فتله أَي دَفعه

[1658] طَعَام الْإِثْنَيْنِ كَافِي الثَّلَاثَة قيل مَعْنَاهُ إِن شبع الْأَقَل يَكْفِي قوت الْأَكْثَر وَقيل المُرَاد الحض على المكارمة والتقنع بالكفاية وَقيل مَعْنَاهُ أَن الله يضع من بركته فِيهِ الَّتِي وضع لنَبيه فيزيد حَتَّى يكفيهم قَالَ بن الْعَرَبِيّ وَهَذَا إِذا صحت نيتهم فِيهِ وَانْطَلَقت ألسنتهم بِهِ فَإِن قَالُوا لَا يكفينا قيل لَهُم الْبلَاء مُوكل بالْمَنْطق [1659] وأوكؤا السقاء أَي اربطوه وأكفؤا الْإِنَاء أَي اقلبوه أَو خمروا الْإِنَاء قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون شكا من الرَّاوِي وَالْأَظْهَر أَنه لقظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن مَعْنَاهُ أكفؤا الْإِنَاء إِن كَانَ فَارغًا أَو خمره أَي غطوه إِن كَانَ فِيهِ شَيْء وأطفؤا بِالْهَمْز الفويسقة هِيَ الْفَأْرَة تضرم بِضَم أَوله أَي توقد والضرمة بِالتَّحْرِيكِ النَّار والضرام لهيب النَّار

[1660] أَو ليصمت بِضَم الْمِيم جائزته أَي منحته وعطيته واتحافه بِأَفْضَل مَا يقدر عَلَيْهِ أَن يثوى عِنْده بِالْمُثَلثَةِ أَن يُقيم حَتَّى يحرجه أَي يضيق عَلَيْهِ أَو يؤثمه [1661] يَلْهَث فتح الْهَاء ومثلثة واللهث شدَّة تَوَاتر النَّفس من تَعب أَو غَيره الثرى بِالْمُثَلثَةِ مَقْصُور التُّرَاب الندي [1662] الظرب بالظاء الْمُعْجَمَة بِوَزْن كتف الجبيل الصَّغِير [1663] عَن عَمْرو بن سعد بن معَاذ عَن جدته قَالَ بن عبد الْبر قيل إِن اسْمهَا حَوَّاء بنت يزِيد بن السكن وَقد قيل أَنَّهَا جدة بن بجيد أَيْضا يَا نسَاء الْمُؤْمِنَات من إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى الصّفة بِتَأْوِيل قَالَ الْبَاجِيّ وَقد رَأَيْت من يرويهِ بِرَفْع النِّسَاء وَرفع الْمُؤْمِنَات على النَّعْت لَا تحقرن جَار لجارتها قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون نهيا للمهدية وَإِن يكون للمهدي إِلَيْهَا قَالَ وَالْأول أظهر وَلَو كرَاع شَاة قَالَ بن عبد الْبر قَالَ صَاحب الْعين الكراع من الانس وَمن الدَّوَابّ وَسَائِر الْمَوَاشِي مَا دون الْعقب محرقا قَالَ الْبَاجِيّ الكراع مؤنث فَكَانَ حَقه محرقة إِلَّا أَن الرِّوَايَة وَردت هَكَذَا فِي الموطآت وَغَيرهَا وَحكى بن الْأَعرَابِي أَن بعض الْعَرَب يذكرهُ فَلَعَلَّ الرِّوَايَة على تِلْكَ اللُّغَة [1664] عَن عبد الله بن أبي بكر أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتل الله الْيَهُود الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هُوَ بِسَنَد مُتَّصِل من حَدِيث عمر وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَجَابِر وَغَيرهم [1665] بِالْمَاءِ القراح أَي الْخَالِص الَّذِي لَا يمازجه شَيْء

[1666] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل الْمَسْجِد الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا يسْتَند من وُجُوه صِحَاح من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره إِلَى أبي الْهَيْثَم اسْمه مَالك بن التيهَان نكب أَي أعرض عَن ذَات الدّرّ أَي اللبي واستعذب أَي جَاءَ بِمَاء عذب لتسئلن عَن نعيم هَذَا الْيَوْم قيل سُؤال امتنان لَا سُؤال حِسَاب وَقيل سُؤال حِسَاب دون مناقشة حَكَاهَا الْبَاجِيّ [1667] مقفر هُوَ الَّذِي لَا أَدَم عِنْده وَمِنْه مَا أقفر بَيت فِيهِ خل أَي لَا يعدمون أدما وَيُقَال أكلت خبْزًا قفارا أَي غير مأدوم

[1668] قفعة بقاف مَفْتُوحَة ثمَّ فَاء سَاكِنة ثمَّ عين مُهْملَة قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ شَيْء شَبيه بالزنبيل من الخوص لَيْسَ لَهُ عرا وَلَيْسَ بالكبير وَقيل شَيْء كالقفة تتَّخذ وَاسِعَة الْأَسْفَل ضيقَة الْأَعْلَى [1669] الرعام بِضَم الرَّاء وإهمال الْعين مخاط رَقِيق يجْرِي من أنوف الْغنم وأطب مراحها أَي نظفه فانها من دَوَاب الْجنَّة هَذَا لَهُ حكم الرّفْع فَإِنَّهُ لَا يُقَال إِلَّا بتوقيف وَقد أخرج الْبَزَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أكْرمُوا الْمعز وامسحوا رعامها فانها من دَوَاب الْجنَّة وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشك أَن يَأْتِي على النَّاس زمَان تكون الثلَّة بِضَم الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد اللَّام أَي الطَّائِفَة القليلة الْمِائَة وَنَحْوهَا من الْغنم أحب إِلَى صَاحبهَا من دَار مَرْوَان هَذَا أَيْضا لَا يُقَال إِلَّا بتوقيف [1670] عَن أبي نعيم وهب بن كيسَان قَالَ أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطَعَام الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك عَن وهب بن كيسَان عَن عمر بن أبي سَلمَة وَهُوَ حَدِيث مُسْند مُتَّصِل لِأَن وهبا سَمعه من عمر وَقد لَقِي من الصَّحَابَة من هُوَ أكبر مِنْهُ قَالَ يحيى بن معِين وهب بن كيسَان أكبر من الزُّهْرِيّ سمع من بن عمر وَابْن الزبير

[1671] إِن كنت تبغي ضَالَّة إبِله أَي تطلب مَا ضل من إبِله وَتَهْنَأ جَرْبَاهَا أَي تطليها بالهنأ وَهُوَ القطران وتلط حَوْضهَا أَي تطينه يَوْم وردهَا أَي شربهَا غير مُضر بِنَسْل أَي بِالْوَلَدِ الرَّضِيع وَلَا نَاهِك فِي الْحَلب أَي مستأصل اللَّبن قَالَ الْبَاجِيّ والحلب بِفَتْح اللَّام وبتسكينها الْفِعْل [167313131] 3 1 إيَّاكُمْ وَاللَّحم أَي الْإِكْثَار مِنْهُ فَإِن لَهُ ضراوة قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد عَادَة يَدْعُو إِلَيْهَا ويشق تَركهَا لمن ألفها زَاد فِي النِّهَايَة فَلَا يصبر عَنهُ من اعتاده يُقَال ضرى بالشَّيْء إِذا لهج بِهِ [1674] حمال لحم بِكَسْر الْحَاء مَا حمله الْحَامِل قرمنا بِكَسْر الرَّاء من القرم وَهُوَ شدَّة شَهْوَة اللَّحْم حَتَّى لَا يصبر عَنهُ [1677] فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُولا رَوَاهُ روح بن عبَادَة عَن مَالك فَقَالَ فَأرْسل زيدا مَوْلَاهُ أَو قلادة شكّ من الرَّاوِي

[1678] بالخرار بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء الأولى مَوضِع قرب الْجحْفَة قَالَه فِي النِّهَايَة وَقَالَ بن عبد الْبر مَوضِع بِالْمَدِينَةِ وَقيل وَاد من أَوديتهَا [1679] وَلَا جلد مخبأة بِالْهَمْز وَهِي المغيبة المخدرة الَّتِي لَا تهر وَلَا تبرز للشمس فتغيرها فلبط أَي صرع وَسقط إِلَى الأَرْض إِلَّا بَركت قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ أَن يَقُول بَارك الله فِيهِ فَإِن ذَلِك يبطل الْمَعْنى الَّذِي يخَاف من الْعين وَيذْهب تَأْثِيره وَقَالَ بن عبد الْبر يَقُول تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ فَإِذا دَعَا بِالْبركَةِ صرف الْمَحْذُور لَا محَالة وداخلة إزَاره قيل المُرَاد بِهِ طرف الْإِزَار الَّذِي يَلِي جَسَد المؤتزر وَقيل مَوْضِعه من الْجَسَد وَقيل الورك وَقيل المذاكير

[1680] عَن حميد بن قيس الْمَكِّيّ أَنه قَالَ دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْني جَعْفَر الحَدِيث هَذَا معضل وَرَوَاهُ بن وهب فِي جَامعه عَن مَالك عَن حميد بن قيس عَن عِكْرِمَة بن خَالِد بِهِ وَهُوَ مُرْسل وَورد مُتَّصِلا من حَدِيث أمهما أَسمَاء بنت عُمَيْس من وُجُوه صِحَاح ضارعين أَي ناحلين [1682] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا مرض العَبْد الحَدِيث وَصله عباد بن كثير عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ [1684] يصب مِنْهُ أَي بِالْمرضِ وَالْبَلَاء وَالْفَاعِل ضمير الله وَالرِّوَايَة بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل فِي الْأَشْهر

[1686] امسحه بيمينك سبع مَرَّات قَالَ الْبَاجِيّ خص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الْعدَد فِي غير مَا مَوضِع [1687] إِذا اشْتَكَى أَي مرض يقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث هُوَ شَبيه البزق بِلَا ريق أَي يجمع يَدَيْهِ وَيقْرَأ فيهمَا وينفث ثمَّ يمسح بهما على مَوضِع الْأَلَم [1689] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن رجلا الحَدِيث لَهُ شَوَاهِد مُسندَة فاحتقن الْجرْح الدَّم قَالَ الْبَاجِيّ أَي فاض وَخيف عَلَيْهِ مِنْهُ [1690] عَن يحيى بن سعيد قَالَ بَلغنِي أَن أسعد بن زُرَارَة الحَدِيث وَصله بن ماجة من حَدِيث جَابر من الذبْحَة قَالَ فِي النِّهَايَة بِفَتْح الْبَاء وَقد تسكن وجع يعرض فِي الْحلق من الدَّم وَقيل قرحَة تظهر فِيهِ فينسد مَعهَا وَيَنْقَطِع النَّفس [1692] أخذت المَاء فصبته بَينهَا وَبَين جيبها أَي صوفها وَهَذَا أحسن مَا يُفَسر بِهِ قَوْله فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ لِأَنَّهَا صحابية وراوية الحَدِيث ومحلها من بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمحل الْمَعْرُوف نبردها بِفَتْح أَوله وَسُكُون الْمُوَحدَة وَضم الرَّاء

[1693] عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْحمى من فيح جَهَنَّم كَذَا أرْسلهُ رُوَاة الْمُوَطَّأ إِلَّا معن بن عِيسَى فَإِنَّهُ أسْندهُ عَن عَائِشَة ثمَّ قيل هُوَ حَقِيقَة وَقيل على جِهَة التَّشْبِيه فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ بهمز وصل وَضم الرَّاء من بردت الْجَمْر أبردها بردا أس أسكنت حَرَارَتهَا وَحكي كسر الرَّاء مَعَ وصل الْهمزَة وَمَعَ قطعهَا [1694] مَالك أَنه بلغه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا عَاد الرجل الْمَرِيض الحَدِيث وَصله قَاسم بن أصبغ من طَرِيق عبد الحميد بن جَعْفَر عَن أمه عَن عمر بن الحكم عَن جَابر [1695] مَالك أَنه بلغه عَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج عَن بن عَطِيَّة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا عدوى الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى وَتَابعه قوم وَقَالَ القعْنبِي عَن بن عَطِيَّة الْأَشْجَعِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وَتَابعه جمَاعَة مِنْهُم عبد الله بن يُوسُف وَأَبوهُ مُصعب وَيحيى بن بكير إِلَّا أَن بن بكير قَالَ عَن أبي عَطِيَّة الْأَشْجَعِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عَطِيَّة اسْمه عبد الله بن عَطِيَّة ويكنى أَبَا عَطِيَّة وَمعنى لَا عدوى أَي لَا يعدى شَيْء شَيْئا أَي لَا يتَحَوَّل شَيْء من الْمَرَض إِلَى غير الَّذِي هُوَ بِهِ وَلَا هام أَي لَا يتطير بِهِ كَمَا كَانَت الْعَرَب تَقول إِذا وَقعت هَامة على بَيت خرج مِنْهُ ميت وَقيل المُرَاد نفي مَا كَانَت الْعَرَب تزْعم أَنه إِذا قتل قَتِيل خرج من رَأسه طَائِر فَلَا يزَال يَقُول أسقوني حَتَّى يقتل قَاتله وَلَا صفر كَانَت الْعَرَب تزْعم أَن الصفر حَيَّة تكون فِي الْبَطن تصيب الْمَاشِيَة وَالنَّاس وَهِي عِنْدهم أعدى من الجرب فَالْحَدِيث لنفي ذَلِك أَو لنفي الْعَدْوى بِهِ قَولَانِ وَقيل المُرَاد بقوله لَا صفر الشَّهْر الْمَعْرُوف فَإِن الْعَرَب كَانَت تحرمه وتستحل الْمحرم فجَاء الْإِسْلَام برد ذَلِك وَلَا يحل الممرض أَي ذُو الْمَاشِيَة الْمَرِيضَة على المصح أَي ذِي الْمَاشِيَة الصَّحِيحَة قَالَ عِيسَى بن دِينَار مَعْنَاهُ النَّهْي أَن يَأْتِي الرجل بإبله أَو غنمه الجربة فَيحل بهَا على مَاشِيَة صَحِيحَة فيؤذى صَاحبهَا بذلك وَقَالَ يحيى بن يحيى سَمِعت أَن تَفْسِيره فِي الرجل يكون بِهِ الجذام فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينزل على الصَّحِيح يُؤْذِيه لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ لَا يعدى فالأنفس تكرههُ وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك للأذى لَا للعدوى وَأما الصَّحِيح فَلهُ أَن ينزل محلّة الْمَرِيض إِن صَبر على ذَلِك واحتملته نَفسه

[1696] أَمر بإحفاء الشَّوَارِب مِنْهُم من فسره بالاستئصال وَمِنْهُم من فسره بِإِزَالَة مَا طَال على الشفتين وعَلى الأول اقْتصر صَاحب النِّهَايَة فَقَالَ هُوَ الْمُبَالغَة فِي قصها لِأَنَّهُ أوفق للغة وَيُؤَيِّدهُ أَن بن عمر رَاوِي الحَدِيث كَانَ يحفى شَاربه كَأَخِي الْحلق رَوَاهُ بن سعد فِي الطَّبَقَات وَهُوَ أعلم بالمراد مَعَ مَا ورد أَنه كَانَ أَشد النَّاس اتبَاعا للسنن وإعفاء اللحى قَالَ أَبُو عُبَيْدَة مَعْنَاهَا وفروها لتكثر وَقَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل عِنْدِي أَن يُرِيد إعفاءها من الاحفاء لِأَن كثرتها أَيْضا لَيْسَ بمأمور بِتَرْكِهِ قَالَ وَقد رُوِيَ عَن بن عمر وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا كَانَا يأخذان من اللِّحْيَة مَا فضل عَن القبضة وَسُئِلَ مَالك عَن اللِّحْيَة إِذا طَالَتْ جدا قَالَ أرى أَن يُؤْخَذ مِنْهَا ويقص [1697] قصَّة بِضَم الْقَاف الْخصْلَة من الشّعْر تزيدها الْمَرْأَة فِي شعرهَا لتوهم كثرته حرسي وَاحِد الحرس وهم خدم الْأَمِير الَّذين يحرسونه [1698] عَن زِيَاد بن سعد عَن بن شهَاب أَنه سَمعه يَقُول سدل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناصيته مَا شَاءَ الله ثمَّ فرق بعد ذَلِك قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ الروَاة عَن مَالك مُرْسلا إِلَّا حَمَّاد بن خَالِد الْخياط عَن مَالك فَإِنَّهُ أسْندهُ عَن أنس والْحَدِيث مَحْفُوظ من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن بن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله عَن بن عَبَّاس والسدل الْإِرْسَال وَالْفرق قسْمَة شهر الرَّأْس فِي المفرق [1700] عَن صَفْوَان بن سليم أَنه بلغه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَنا وكافل الْيَتِيم الحَدِيث وَصله قَاسم بن أصبغ من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن صَفْوَان بن سليم عَن أنيسَة عَن أم سعيد بنت مرّة الْبَهْزِي عَن أَبِيهَا بِهِ [1701] عَن يحيى بن سعيد أَن أَبَا قَتَادَة الْأنْصَارِيّ هُوَ مُنْقَطع وَقد أخرجه الْبَزَّار من طَرِيق عمر بن عَليّ الْمقدمِي عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر جمة بِضَم الْجِيم شعر الرَّأْس إِذا بلغ الْمَنْكِبَيْنِ [1702] ثَائِر الرَّأْس أَي شعث الشّعْر كَأَنَّهُ شَيْطَان أَي فِي قبح المنظر

[1704] عَن يحيى بن سعيد قَالَ بَلغنِي أَن خَالِد بن الْوَلِيد الحَدِيث أخرجه بن عبد الْبر من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب انب مُوسَى عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان أَن خَالِد بن الْوَلِيد فَذكره وَهُوَ مُرْسل وَمن طَرِيق بن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مُسْندًا لَكِن قَالَ كَانَ الْوَلِيد بن الْوَلِيد وَهُوَ أَخُو خَالِد بن الْوَلِيد التَّامَّة أَي الفاضلة الَّتِي لَا يدخلهَا نقص من همزات الشَّيَاطِين أَي أَن تصيبني وَإِن يحْضرُون أَي أَن يصيبوني بِسوء أَو يَكُونُوا معي فِي مَكَان

[1705] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة عَن عَيَّاش السّلمِيّ عَن بن مَسْعُود قَالَ حَمْزَة الْكِنَانِي الْحَافِظ هَذَا لَيْسَ بِمَحْفُوظ وَالصَّوَاب مُرْسل قلت وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْعَطَّار عَن يحيى بن سعيد قَالَ سَمِعت رجلا من أهل الشَّام يُقَال لَهُ الْعَبَّاس يحدث عَن بن مَسْعُود قَالَ لما كَانَ لَيْلَة الْجِنّ أقبل عفريت فِي يَده شعلة فَذكره أعوذ بِوَجْه الله الْكَرِيم قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ القَاضِي أَبُو بكر هُوَ صفة من صِفَات الْبَارِي أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَعَوَّذ بهَا وَقَالَ أَبُو الْحسن المحاري مَعْنَاهُ أعوذ بِاللَّه اللَّاتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر أَي لَا يَنْتَهِي علم أحد إِلَى مَا يزِيد عَلَيْهَا وَالْبر من كَانَ ذَا بر من الانس وَغَيرهم والفاجر من كَانَ ذَا فجور من شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء أَي من الْعُقُوبَات وَشر مَا يعرج فِيهَا أَي مِمَّا يُوجب الْعقُوبَة وَشر مَا ذَرأ فِي الأَرْض أَي مَا خلقه على ظهرهَا وَشر مَا يخرج مِنْهَا أَي مِمَّا خلقه فِي بَاطِنهَا وَمن فتن اللَّيْل وَالنَّهَار هُوَ من الْإِضَافَة إِلَى الطّرف وَمن طوارق اللَّيْل الطارق مَا جَاءَك لَيْلًا وإطلاقه على الْآتِي بِالنَّهَارِ على سَبِيل الِاتِّبَاع

[1709] عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَو عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ رُوَاة الْمُوَطَّأ على الشَّك إِلَّا مصعبا الزبيرِي وَأَبا قُرَّة مُوسَى بن طَارق فَإِنَّهُمَا قَالَا عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة بِالْوَاو وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو معَاذ الْبَلْخِي عَن مَالك وَرَوَاهُ زَكَرِيَّا بن يحيى الْوَقَّاد عَن عبد الله بن وهب وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم ويوسف بن عمر بن يزِيد كلهم عَن مَالك عَن خبيب عَن حَفْص عَن أبي سعيد وَحده لم يذكر أَبَا هُرَيْرَة لَا على الْجمع وَلَا على الشَّك وَرَوَاهُ عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم عَن خَاله خبيب عَن جده حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة وَحده سَبْعَة يظلهم الله فِي ظله قَالَ بن عبد الْبر هَذَا أحسن حَدِيث يرْوى فِي فَضَائِل الْأَعْمَال وأعمها وأصحها قَالَ والظل فِي هَذَا الحَدِيث يُرَاد بِهِ الرَّحْمَة وَقَالَ القَاضِي عِيَاض إِضَافَة الظل إِلَى الله إِضَافَة ملك وَقَالَ غَيره إِضَافَة تشريف وَقَالَ عِيسَى بن دِينَار المُرَاد بظله كرامته وحمايته وَقَالَ آخَرُونَ المُرَاد ظلّ عَرْشه للتصريح بِهِ فِي كثير من الْأَحَادِيث وَلِأَن المُرَاد وُقُوع ذَلِك فِي الْموقف وَبِه جزم الْقُرْطُبِيّ وَرجحه بن حجر ووهي قَول من قَالَ المُرَاد ظلّ طوبي أَو ظلّ الْجنَّة لِأَن ظلهما إِنَّمَا يحصل بعد الِاسْتِقْرَار فِي الْجنَّة ثمَّ إِنَّه مُشْتَرك لجَمِيع من يدخلهَا والسياق بدل على امتياز أَصْحَاب الْخِصَال الْمَذْكُورَة قَالَ فرجح أَن المُرَاد ظلّ الْعَرْش وَقد نظم السَّبْعَة الْمَذْكُورَة الامام أَبُو شامة فَقَالَ وَقَالَ النَّبِي الْمُصْطَفى ان سَبْعَة يظلهم اله الْعَظِيم بظله محب عفيف نَاشِئ متصدق وَبَاكٍ مصل والأمام بعدله قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد وَقع فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث أبي الْيُسْر مَرْفُوعا من أنظر مُعسرا أَو وضع لَهُ أظلهُ الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله وَهَاتَانِ الخصلتان غير السعَة الْمَذْكُورَة فَدلَّ على أَن الْعدَد الْمَذْكُور لَا مَفْهُوم لَهُ قَالَ وَقد ألقيت هَذِه المسئلة على الْعَالم شمس الدّين الْهَرَوِيّ لما قدم الْقَاهِرَة وَادّعى أَنه يحفظ صَحِيح مُسلم فَسَأَلته بِحَضْرَة الْملك الْمُؤَيد عَن هَذَا فَمَا استحضر مِنْهُ شَيْئا قَالَ ثمَّ تتبعت بعد ذَلِك الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي مثل ذَلِك فزادت على عشر خِصَال قَالَ وَقد انتقيت مِنْهَا سَبْعَة وَردت بأسانيد جِيَاد ونظمتها فِي بَيْتَيْنِ مذيلا على بَيْتِي أبي شامة وهما وزد سَبْعَة أظلال غاز وعونه وانظار ذِي عسر وَتَخْفِيف حمله وحامي غزَاة حِين ولوا وَعون ذِي غَرَامَة حق مَعَ مكَاتب أَهله قَالَ ثمَّ تتبعت فَجمعت سَبْعَة أُخْرَى ثمَّ سَبْعَة أُخْرَى وَلَكِن أحاديثها ضَعِيفَة ونظمت ذَلِك فَقلت وزد مَعَ ضعف سبعتين إِعَانَة لَا خرق مَعَ أَخذ لحق وبذله وَكره وضوء ثمَّ مَشى لمَسْجِد وتحسين خلق ثمَّ مطعم فَضله وكافل ذِي يتم وأرملة ورأفة وتاجر صدق فِي الْمقَال وَفعله وحزن وتصبير ونصح ورأفة تربع بهَا السبعات من فيض فَضله اه قلت وَقد تتبعت فوجت سَبْعَة ثمَّ سَبْعَة ثمَّ سَبْعَة وَقد نظمتها فَقلت وزد مَعَ ضعف من يضيف وعونه لَا يتامها ثمَّ الْقَرِيب بوصله وَعلم بِأَن الله مَعَه وحبه لَا جَلَاله والجوع من أهل حبله وزهد وتفريح وغض وَقُوَّة صَلَاة على الْهَادِي وإحياء فعله وَترك الرِّبَا مَعَ رشوة الحكم وَالزِّنَا وطفل وراعي الشَّمْس ذكرا وظله وَصَوْم وتشييع لمَيت عبَادَة فسبع بهَا السبعات يازين أَصله ثمَّ تتبعت فَوجدت سَبْعَة ثمَّ سَبْعَة وَقد نظمتها فَقلت وزد سبعتين الْحبّ لله بَالغا وتطهير قلب والغضوب لأَجله وَحب عَليّ ثمَّ ذكر إنابة وَأمر وَنهي وَالدُّعَاء لسبله وَمن أول الانعام يقرا غداته ومستغفر الاسحار يَا طيب فعله وبر وَترك النم والحسد الَّذِي يشين الْفَتى فاشكر لجامع شَمله ثمَّ تتبعت فَوجدت سَبْعَة أُخْرَى تَتِمَّة سبعين وَقد نظمتها فَقلت وزد سَبْعَة قَاضِي حوائج خلقه وَعبد تَقِيّ والشهيد بقتْله وَأم وَتَعْلِيم أَذَان وهجرة فتمت لَهُم السبعون من فيض فَضله وَقد جمعت الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذِه الْخِصَال بأسانيدها فِي كتاب يُسمى تمهيد الْفرش فِي الْخِصَال المؤدية لظل الْعَرْش ثمَّ لخصته فِي مُخْتَصر سيمى بزوغ الْهلَال فِي الْخِصَال الْمُوجبَة للظلال [1710] ثمَّ يوضع لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض أَي الْمحبَّة فِي النَّاس [1711] براق الثنايا أَي أَبيض الشفر حسنه وَقيل مَعْنَاهُ كثير التبسم فَقيل هَذَا معَاذ بن جبل قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ أَحْمد بن خَالِد وهم أَبُو حَازِم فِي هَذَا القَوْل وَإِنَّمَا هُوَ عبَادَة بن الصَّامِت فقد رَوَاهُ شبعة عَن يعلى بن عَطاء عَن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ لقِيت عبَادَة بن الصَّامِت فَذكر الحَدِيث وَقَالَ بن عبد الْبر زعم قوم أَن هَذَا الحَدِيث خطأ وَإِن مَالِكًا وهم فِيهِ وَأسْقط من إِسْنَاده أَبَا مُسلم الْخَولَانِيّ وَزَعَمُوا أَن أَبَا إِدْرِيس رَوَاهُ عَن أبي مُسلم عَن معَاذ وَقَالَ آخَرُونَ وهم فِيهِ أَبُو حَازِم قَالَ وَهَذَا كُله تخرص وَقد رُوِيَ عَن أبي إِدْرِيس من وُجُوه شَتَّى غير طَرِيق أبي حَازِم أَنه لَقِي معَاذًا وَسمع مِنْهُ فَلَا شَيْء فِي هَذَا على مَالك وَلَا على أبي حَازِم والمتباذلين فِي فِي الْبَاجِيّ أَي الَّذين يبذلون أنفسهم فِي مرضاته من الْإِنْفَاق على جِهَاد عدوه وَغير ذَلِك مِمَّا أمروا بِهِ

[1712] الْقَصْد قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد الاقتصاد فِي الْأُمُور وَترك الغلو والسرف والتؤدة أَي الرِّفْق والتأني وَحسن السمت أَي الطَّرِيقَة والزي جُزْء من خَمْسَة وَعشْرين جزأ من النُّبُوَّة قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد ان هَذِه من أَخْلَاق الْأَنْبِيَاء وصفاتهم الَّتِي طبعوا عَلَيْهَا وَأمرُوا بهَا وَجعلُوا على التزامها قَالَ ونعتقد هَذِه التجزئة وَلَا نَدْرِي وَجههَا [1713] الرُّؤْيَا الْحَسَنَة أَي الصادقة أَو المبشرة احْتِمَالَانِ ذكرهمَا الْبَاجِيّ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جزأ من النُّبُوَّة وَجه بِأَنَّهُ نوع من الانباء بِمَا يكون فِي الْمُسْتَقْبل على وَجه يَصح وَيكون من عِنْد الله وَذَلِكَ مِمَّا أكْرم بِهِ الْأَنْبِيَاء وَأما معنى هَذِه التجزئة فمما لَا نطلع عَلَيْهِ [1714] عَن زفر بن صعصعة عَن أَبِيه قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم لزفَر وَلَا لِأَبِيهِ غير هَذَا الحَدِيث وهما مدنيان وَفِي رِوَايَة معن عَن زفر عَن أبي هُرَيْرَة بِإِسْقَاط أَبِيه وَالصَّوَاب إثْبَاته [1716] والحلم بِضَم الْحَاء وَسُكُون اللَّام هِيَ الرُّؤْيَا المفظعة

[1724] فُرْجَة بِضَم الْفَاء وَفتحهَا فِي الْحلقَة بِسُكُون اللَّام فأوى إِلَى الله بِالْقصرِ فآواه الله أَي جازاه بِأَن ضمه إِلَى رَحمته ورضوانه فاستحى قَالَ القَاضِي عِيَاض أَي ترك الْمُزَاحمَة حَيَاء من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن الْحَاضِرين وَقَالَ بن حجر اسْتَحى من الذّهاب عَن الْمجْلس كَمَا فعل رَفِيقه الثَّالِث فاستحى الله مِنْهُ أَي رَحمَه وَلم يُعَاقِبهُ فَأَعْرض الله عَنهُ أَي سخط عَلَيْهِ وَإِطْلَاق الاستحياء والاعراض على الله من بَاب المشاكلة [1727] والغاديات والرائحات قَالَ عِيسَى بن دِينَار مَعْنَاهُ الَّتِي تَغْدُو وَتَروح وَقَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل عِنْدِي أَن يُرِيد بِهِ الْمَلَائِكَة الْحفظَة الغادية الرَّائِحَة لتكتب أَعمال بني آدم

[1729] عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَهُ رجل الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هُوَ مُرْسل صَحِيح وَلَا أعلمهُ يسْتَند من وَجه صَحِيح وَلَا صَالح [1730] مَالك عَن الثِّقَة عِنْده عَن بكير قَالَ بن عبد الْبر يُقَال إِن الثِّقَة هُنَا مخرمَة بن بكير وَقد رَوَاهُ بن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن بكير [1731] عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن غير وَاحِد من عُلَمَائهمْ أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الحَدِيث وَصله أَحْمد من طَرِيق شُعْبَة عَن أبي سَلمَة عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَمن طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن عبيد الله بن عمر أَن أَبَا مُوسَى اسْتَأْذن على عمر فَذكره

[1732] فشمته قَالَ بن عبد الْبر يُقَال شمت بِالْمُعْجَمَةِ وسمت بِالْمُهْمَلَةِ لُغَتَانِ معروفتان وَرُوِيَ عَن ثَعْلَب أَنه سُئِلَ عَن مَعْنَاهَا فَقَالَ أما الشتميت فَمَعْنَاه أبعد الله عَنْك الشماتة وجنبك مَا يشمت بِهِ عَلَيْك وَأما التسميت فَمَعْنَاه جعلك الله على سمت حسن مضنوك أَي مزكوم والضناك بِالضَّمِّ الزُّكَام يُقَال أضنكه الله وأزكمه قَالَ فِي النِّهَايَة وَالْقِيَاس أَن يُقَال فَهُوَ مضنك ومزكم وَلكنه جَاءَ على ضنك وزكم [1734] فَقَالَ لنا أَبُو سعيد أخبرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْمَلَائِكَة لَا تدخل بَيْتا فِيهِ تماثيل قَالَ بن عبد الْبر هَذَا أصح حَدِيث فِي هَذَا الْبَاب وَأحسنه إِسْنَادًا قَالَ ثمَّ قيل هُوَ على الْعُمُوم فِي كل ملك وَقيل المُرَاد مَلَائِكَة الْوَحْي [1735] نمطا ضرب من الْبسط لَهُ خمل رَقِيق رقما هُوَ النقش والوشي وَالْأَصْل فِيهِ الْكِتَابَة

[1736] نمرقة بِضَم النُّون وَالرَّاء وبكسرهما الوسادة الْكَرَاهِيَة بتَخْفِيف الْيَاء أحيوا بِقطع الْهمزَة [1739] عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَنه قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ بكير بن الْأَشَج عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن مَيْمُونَة ضباب جمع ضَب فَقَالَ إِنِّي تحضرني من الله حَاضِرَة قَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ إِن صحت هَذِه اللَّفْظَة لِأَنَّهَا لَا تُوجد فِي غير هَذَا الحَدِيث مَا ظهر فِي حَدِيث بن عَبَّاس وخَالِد بن الْوَلِيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِيهِ لم يكن بِأَرْض قومِي فأجدني أعافه وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ يحْتَمل أَن يكون مَعَ الضباب وَالْبيض رَائِحَة متكرهة فَيكون من بَاب أكل البصل والثوم واما أَن يُرِيد أَن الْملك ينزل عَلَيْهِ بِالْوَحْي وَلَا يصلح لمن كَانَ فِي هَذِه الْمرتبَة ارْتِكَاب المشتبهات عَن عبد الله بن عَبَّاس عَن خَالِد بن الْوَلِيد قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَجَمَاعَة وَقَالَ بن بكير عَن بن عَبَّاس وخَالِد بن الْوَلِيد انهما دخلا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت مَيْمُونَة [1738] فَأتى بضب محنوذ بحاء مُهْملَة وَنون وذال مُعْجمَة أَي مشوي فِي الأَرْض فَأَهوى إِلَيْهِ أَي مد يَده إِلَيْهِ

[1739] عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مَا ترى فِي الضَّب رَوَاهُ بن بكير عَن مَالك عَن نَافِع قَالَ بن عبد الْبر وَهُوَ صَحِيح مَحْفُوظ عَنْهُمَا جَمِيعًا [1740] من اقتنى كَلْبا أَي اتَّخذهُ عَنهُ زرعا وَلَا ضرعا يُرِيد يحفظه لَهُ نقص من عمله كل يَوْم قراط قَالَ الْبَاجِيّ أَي من أجر عمله والقيراط قدر مَالا يُعلمهُ إِلَّا الله [1741] عَن نَافِع زَاد القعْنبِي وَابْن وهب وَعبد الله بن دِينَار من اقتنى إِلَّا كَلْبا كَذَا ليحيى وَقَالَ غَيره من اقتنى كَلْبا إِلَّا كَلْبا ضاريا قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد الْكَلْب الْمعلم للصَّيْد قَالَ بن عبد الْبر ذكر بن سَعْدَان عَن الْأَصْمَعِي قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور لعَمْرو بن عبيد مَا بلغك فِي الْكَلْب قَالَ بَلغنِي أَنه من اتنى كَلْبا لغير زرع وَلَا حراسة نقص من أجره كل يَوْم قِيرَاط قَالَ وَلم ذَلِك قَالَ هَكَذَا جَاءَ الحَدِيث قَالَ خُذْهَا بِحَقِّهَا إِنَّمَا ذَلِك لِأَنَّهُ ينبح الضَّيْف ويروع السَّائِل [1743] رَأس الْكفْر أَي معظمه وشدته نَحْو الْمشرق قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد فَارس وَإِن يُرِيد أهل نجد الْفَدادِين بِالتَّشْدِيدِ الَّذين تعلو أَصْوَاتهم فِي حروثهم ومواشيهم وَقيل هم المكثرون من الْإِبِل

[1744] يُوشك بِكَسْر الْمُعْجَمَة أَي يقرب خير بِالنّصب على الخبرية وغنم الِاسْم يتبع بتَشْديد التَّاء شعب الْجبَال قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة بِالْبَاء وَهُوَ عِنْدهم غلط وَإِنَّمَا يرويهِ النَّاس شعف بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة وَفَاء جمع شعفة كأكم وأكمة وَهِي رُؤُوس الْجبَال ومواقع الْقطر بِالنّصب عطفا على شعب أَي بطُون الأودية [1745] مشْربَته بِضَم الرَّاء وَفتحهَا الغرفة [1746] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من نَبِي إِلَّا قد رعى الْغنم الحَدِيث ورد مَوْصُولا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر بن عبد الله قَالَ بَعضهم رِعَايَة الْأَنْبِيَاء الْغنم إِنَّمَا كَانَت على سَبِيل التَّعْلِيم والتدريب فِي رِعَايَة أمتهم وَقَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك لما أخذُوا بحظ من التَّوَاضُع [1750] الشؤم فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفرس قيل هَذَا إِخْبَار عَمَّا كَانَ النَّاس يعتقدونه وَقيل هُوَ على ظَاهره وَلَا يمْتَنع أَن يجْرِي الله الْعَادة بذلك فِي هَؤُلَاءِ كَمَا أجْرى الْعَادة بِأَن من شرب السم مَاتَ وَمن قطع رَأسه مَاتَ

[1751] عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ جَاءَت امْرَأَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث مَحْفُوظ من وُجُوه من حَدِيث أنس وَغَيره دَعُوهَا ذميمة قَالَ بن عبد الْبر أَي مذمومة يَقُول دَعُوهَا وَأَنْتُم لَهَا ذامون وكارهون لما وَقع فِي نفوسكم من شؤمها قَالَ وَعِنْدِي انه إِنَّمَا قَالَه لما خشِي عَلَيْهِم الْتِزَام الطَّيرَة [1752] عَن يحيى بن سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للقحة تحلب الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ هَذَا من بَاب الطَّيرَة لِأَنَّهُ محَال أَن ينْهَى عَن شَيْء ويفعله وَإِنَّمَا هُوَ من بَاب طلب الفال الْحسن وَقد كَانَ أخْبرهُم عَن شَرّ الْأَسْمَاء أَنه حَرْب وَمرَّة فأكد ذَلِك حَتَّى لَا يتسمى بهَا أحد ثمَّ أسْند الحَدِيث من طَرِيق بن وهب عَن بن لَهِيعَة عَن الْحَارِث بن يزِيد عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن يعِيش القفاري قَالَ دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بِنَاقَة فَقَالَ من حلبها فَقَامَ رجل فَقَالَ مَا اسْمك قَالَ يعِيش قَالَ احلبها [1753] قَالَ عمر أدْرك أهلك فقد احترقوا فَكَانَ كَمَا قَالَ قَالَ الْبَاجِيّ قد كَانَت هَذِه حَال هَذَا الرجل قبل ذَلِك فَمَا احْتَرَقَ أَهله وَلكنه شَيْء يلقيه الله فِي قلب المتفائل عِنْد سَماع الفال وَيُلْقِيه الله على لِسَانه فيوافق مَا قدره الله [1754] أَبُو طيبَة اسْمه نَافِع وَقيل دِينَار وَقيل ميسرَة مولى مجمعة [1755] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن كَانَ دَوَاء يبلغ الدَّاء فَإِن الْحجامَة تبلغه قَالَ بن عبد الْبر هَذَا يحفظ مَعْنَاهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأنس وَسمرَة بن جُنْدُب [175616161] 6 1 ناضحك هُوَ الْجمل الَّذِي يَسْتَقِي المَاء [1757] قرن الشَّيْطَان أَي حزبه وَأهل وقته وزمانه وأعوانه [1758] الدَّاء العضال هُوَ الَّذِي يعيي الْأَطِبَّاء أمره

[1759] نهى عَن قتل الْحَيَّات الَّتِي فِي الْبيُوت قيل هُوَ على عُمُومه وَقيل خَاص بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة

[1760] الْجنان هِيَ الْحَيَّات الَّتِي تكون فِي الْبيُوت وَاحِدهَا جَان إِلَّا ذَا الطفيتين هُوَ مَا كَانَ على ظَهره خطان مثل الطفيتين وهم الخوصتان والأبتر قَالَ النَّضر بن شُمَيْل هُوَ صنف أَزْرَق مَقْطُوع الذَّنب لَا ينظر إِلَى حَامِل إِلَّا أَلْقَت مَا فِي بَطنهَا وَإِنَّمَا استثنا لِأَن مؤمني الْجِنّ لَا يتصورون فِي صورهما لاذايتهما بِنَفس رُؤْيَتهمَا وَإِنَّمَا يتَصَوَّر مؤمنو الْجِنّ بِصُورَة من لَا تضر رُؤْيَته [1761] فاذنوه يفسره مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه من حَدِيث أبي ليلى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ظَهرت الْحَيَّة فِي الْمسكن فَقولُوا لَهَا إِنَّا نَسْأَلك بِعَهْد نوح وبعهد سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَّا تؤذينا فَإِن عَادَتْ فاقتلوها وَلأبي دَاوُد من حَدِيثه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن حيات الْبيُوت فَقَالَ إِذا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئا فِي مَسَاكِنكُمْ فَقولُوا أنْشدكُمْ الْعَهْد الَّذِي أَخذ عَلَيْكُم نوح أنْشدكُمْ الْعَهْد الَّذِي أَخذ عَلَيْكُم سُلَيْمَان أَلا تؤذونا فَإِن عدن فاقتلوهن [1762] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا وضع رجله فِي الغرز الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا يسْتَند من وُجُوه صِحَاح من حَدِيث عبد الله بن سرجس وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهم اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر والخليفة فِي الْأَهْل قَالَ الْبَاجِيّ يَعْنِي أَنه لَا يَخْلُو مَكَان من أمره وَحكمه فيصحب الْمُسَافِر فِي سَفَره بِأَن يُسلمهُ وَيَرْزقهُ ويعينه ويوفقه ويخلفه فِي أَهله بِأَن يرزقهم ويعصمهم فَلَا حكم لأحد فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء غَيره ازو لنا الأَرْض أَي اطو لنا الطَّرِيق وقربه وسهله من وعثاء السّفر بِالْمُثَلثَةِ وَهِي شدته وخشونته وَمن كآبة المنقلب أَي حزنه وَذَلِكَ أَن ينْقل بِالرجلِ وينصرف من سَفَره إِلَى أَمر يحزنهُ ويكتئب مِنْهُ وَمن سوء المنظر فِي المَال والأهل وَهُوَ كل مَا يسوء النّظر إِلَيْهِ وسماعه فيهمَا

[1763] عَن الثِّقَة عِنْده عَن يَعْقُوب بن عبد الله بن الْأَشَج رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق اللَّيْث عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن الْحَارِث بن يَعْقُوب عَن يَعْقُوب وَمن طَرِيق بن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن جده [1764] الرَّاكِب شَيْطَان والراكبان شيطانان عَن مَالك إِن ذَلِك فِي سفر الْقصر فَأَما مَا قصر عَن ذَلِك فَلَا بَأْس أَن ينْفَرد الْوَاحِد فِيهِ وَقَالَ بن عبد الْبر قد كَانَ مُجَاهِد يُنكر هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا ويجعله قَول عمر وَلَا وَجه لَهُ لِأَن الثِّقَات نقلوه مَرْفُوعا ثمَّ أخرج من سُفْيَان عَن بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد أَنه قيل ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْوَاحِد فِي السّفر شَيْطَان والاثنان شيطانان قَالَ لَا لم يقلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن مَسْعُود وخباب بن الْأَرَت سَرِيَّة وَبعث دحْيَة سَرِيَّة وَحده وَلَكِن قَالَه عمر محتاطا للْمُسلمين [1765] عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّيْطَان يهم بِالْوَاحِدِ الحَدِيث وَصله قَاسم بن أصبغ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد أَنه يهم باغتياله والتسلط لعيه أَو أَنه يهم بغيه وَصَرفه عَن الْحق وإغرائه بِالْبَاطِلِ [1767] عَن أبي عبيد مولى سُلَيْمَان بن عبد الْملك اسْمه حَيّ وَقيل حييّ ثِقَة كَانَ حاجبا لمَوْلَاهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن خَالِد بن معدان بِرَفْعِهِ قَالَ إِن الله تبَارك وَتَعَالَى رَفِيق الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا الحَدِيث مُسْند من وُجُوه كَثِيرَة وَهِي أَحَادِيث شَتَّى مَحْفُوظَة يحب الرِّفْق قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد فِيمَا يحاوله الْإِنْسَان من أَمر دينه ودنياه الْعَجم جمع عجماء وَهِي الْبَهِيمَة سميت بذلك لأَنا لَا تَتَكَلَّم فانجوا عَلَيْهَا بنقيها أَي أَسْلمُوا عَلَيْهَا بِأَن تسرعوا السّير مَا دَامَت بنقيها وَهُوَ بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْقَاف الشَّحْم فانكم إِن أبطأتم عَلَيْهَا فِي أَرض الجدب ضعفت وهزلت

[1768] عَن سمي قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث انْفَرد بِهِ مَالك عَن سمي لَا يَصح لغيره عَنهُ وَانْفَرَدَ بِهِ سمي أَيْضا فَلَا يحفظ عَن غَيره السّفر قِطْعَة من الْعَذَاب لما فِيهِ من المشاق والاتعاب وعد الْمُعْتَاد من النّوم وَالطَّعَام وَالشرَاب ومفارقة الأحباب نهمته قَالَ فِي النِّهَايَة النهمة بُلُوغ الهمة فِي الشَّيْء [1769] مَالك أَنه بلغه أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمملوك طَعَامه وَكسوته الحَدِيث وَصله مُسلم من طَرِيق بن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن بكير بن الْأَشَج عَن عجلَان عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ بن عبد الْبر والمزي فِي الْأَطْرَاف رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مَالك عَن بن عجلَان عَن أبي هُرَيْرَة وَتَابعه النُّعْمَان بن عبد السَّلَام عَن مَالك

[1772] العَبْد إِذا نصح لسَيِّده وَأحسن عبَادَة الله فَلهُ أجره مرَّتَيْنِ قَالَ الْبَاجِيّ أَي لَهُ أجر عاملين لِأَنَّهُ عَامل بِطَاعَة الله وعامل بِطَاعَة سَيّده وَهُوَ مَأْمُور بذلك وَقد وَردت أَحَادِيث كَثِيرَة فِيمَن يُؤْتى أجره مرَّتَيْنِ فَجمعت مِنْهَا نيفا وَثَلَاثِينَ ونظمتها فِي أَبْيَات فَقلت وَجمع أَتَى فِيمَا روينَاهُ أَنهم يثنى لَهُم أجر حووه مُحَقّق فأزواج خير الْخلق أَوَّلهمْ وَمن على زَوجهَا أَو للقريب تصدقا وقار بِجهْد ذُو اجْتِهَاد أَصَابَهُ وَالْوُضُوء اثْنَتَيْنِ والكتابي صدقا وَعبد أَتَى حق الْإِلَه وَسيد وعابر يسري مَعَ غَنِي لَهُ تقا وَمن أمة يشرى فأدب محسنا وينكحها من بعده حِين أعتقا وَمن سنّ خيرا أَو أعَاد صلَاته كَذَاك جبان إِذْ يُجَاهد ذَا شقا كَذَاك شَهِيد فِي الْبحار وَمن أَتَى لَهُ الْقَتْل من أهل الْكتاب فالحقا وطالب علم مدرك ثمَّ مسبغ وضوأ لَدَى الْبرد الشَّديد فحققا ومستمع فِي خطْبَة قد دنا وَمن بِتَأْخِير صف أول مُسلما وقا وحافظ عصر مَعَ إِمَام مُؤذن وَمن كَانَ فِي وَقت الْفساد موفقا وعامل خير مخفيا ثمَّ إِن بدا يرى فَرحا مُسْتَبْشِرًا بِالَّذِي ارْتقى ومغتسل فِي جُمُعَة عَن جَنَابَة وَمن فِيهِ حَقًا قد غَدا متصدقا وماش يُصَلِّي جُمُعَة ثمَّ من أَتَى بذا الْيَوْم خيرا مَا فضعفه مُطلقًا وَمن حتفه قد جَاءَهُ من سلاحه وَنَازع نعل إِن لخير تسبقا وماش لَدَى تشييع ميت وغاسل يدا بعد أكل والمجاهد أخفقا ومتبع مَيتا حَيَاء من أَهله ومستمع الْقُرْآن فِيمَا روى الثقا وَفِي مصحف يقرا وقاريه معربا بتفهيم مَعْنَاهُ الشريف محققا [1773] تجوس النَّاس أَي تَتَخَطَّى النَّاس وتختلف عَلَيْهِم [1775] وَلَا نأتي بِبُهْتَان نفتريه بَين أَيْدِينَا وأرجلنا أَي بِولد ننسبه إِلَى الزَّوْج

[1777] عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لِأَخِيهِ كَافِر فقد بَاء بهَا أَحدهمَا قَالَ الْبَاجِيّ أَي إِن كَانَ الْمَقُول لَهُ كَافِرًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِن لم يكن خيف على الْقَائِل أَن يصير كَذَلِك وَقَالَ بن عبد الْبر أَي احْتمل الذَّنب فِي ذَلِك القَوْل أَحدهمَا قَالَ فِي سَماع أَشهب سُئِلَ مَالك رَحمَه الله عَن هَذَا الحَدِيث قَالَ أرى ذَلِك فِي الحرورية قيل أَترَاهُم بذلك كفار فَقَالَ مَا أَدْرِي ماهذا قَالَ والْحَدِيث رَوَاهُ بن وهب عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر وَهُوَ صَحِيح لمَالِك عَنهُ وَعَن بن دِينَار جَمِيعًا [1778] إِذا سَمِعت الرجل يَقُول هلك النَّاس فَهُوَ أهلكهم قَالَ مَالك أَي أقلهم وأرداهم إِذْ يَقُول ذَلِك بِمَعْنى أَنا خير مِنْهُم قَالَ وَذَلِكَ إِذا قَالَه احتقارا للنَّاس وإزراء عَلَيْهِم فَإِن قَالَه توجعا على النَّاس فَلَا شَيْء عَلَيْهِ [1779] فَإِن الله هُوَ الدَّهْر أَي الْفَاعِل مَا تنسبونه إِلَى الدَّهْر [1781] عَن مُحَمَّد بن عمر بن عَلْقَمَة عَن أَبِيه عَن بِلَال بن الْحَارِث قَالَ بن عبد الْبر تَابع مَالِكًا على ذَلِك اللَّيْث بن سعد وَابْن لَهِيعَة لم يَقُولَا عَن جده وَرَوَاهُ بن عُيَيْنَة وَآخَرُونَ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أَبِيه عَن جده عَن بِلَال قَالَ وَهُوَ الصَّوَاب وَإِلَيْهِ مَال الدَّارَقُطْنِيّ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو سُفْيَان عبد الرَّحْمَن بن عبد رب اليشكرى عَن مَالك فَقَالَ عَن جده إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ الحَدِيث قَالَ بن عُيَيْنَة هِيَ الْكَلِمَة عِنْد السُّلْطَان فَالْأولى ليَرُدهُ بهَا عَن ظلم وَالثَّانيَِة ليجره بهَا إِلَى ظلم وَقَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم خلافًا فِي تَفْسِيره بذلك

[1782] عَن عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح السمان أَنه أخبرهُ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ مَا يلقِي لَهَا بَالا الحَدِيث رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أخرجه الْبَزَّار وَرَوَاهُ بن عبد الْبر من طَرِيق الْحُسَيْن الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن مَالك بِسَنَدِهِ مَرْفُوعا أَيْضا قَالَ مَالك قَالَ بِلَال بن الْحَارِث لقد منعنى هَذَا الحَدِيث من كَلَام كثير [1783] عَن زيد بن أسلم أَنه قَالَ قدم رجلَانِ من الْمشرق الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى مُرْسلا وَمَا أَظُنهُ أرْسلهُ غَيره وَقد وَصله القعْنبِي وَابْن وهب وَابْن الْقَاسِم وَابْن بكير وَغَيرهم عَن مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عبد الله بن عمر وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ وَيُقَال إِن الرجلَيْن الْمَذْكُورين عَمْرو بن الْأَهْتَم والزبرقان بن بدر إِن من الْبَيَان لسحرا أَي فِي أَخذه بالقلوب قَالَه بن عبد الْبر وَقَالَ الْبَاجِيّ اخْتلف فِي هَذَا الحَدِيث فَقَالَ قوم إِنَّه خرج مخرج الذَّم لِأَنَّهُ أطلق عَلَيْهِ السحر وَالسحر مَذْمُوم وَلِأَن مَالِكًا ترْجم عَلَيْهِ مَا يكره من الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله وَقَالَ قوم خرج مخرج الْمَدْح لِأَن الله تَعَالَى قد عدد الْبَيَان فِي النعم الَّتِي تفضل بهَا على عباده فَقَالَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبلغ النَّاس وأفصحهم بَيَانا قَالَ هَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا وصف بِالسحرِ على معنى تعلقه بِالنَّفسِ وميلها إِلَيْهِ

[1786] عَن الْوَلِيد بن عبد الله بن صياد ان الْمطلب بن عبد الله بن حويطب قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى بن حويطب وَإِنَّمَا هُوَ الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب كَذَا قَالَ بن الْقَاسِم وَابْن وهب وَابْن بكير والقعنبي وَغَيرهم وَهُوَ الصَّوَاب ثمَّ هُوَ حَدِيث مُرْسل وَقد روى الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله أَن تذكر من الْمَرْء مَا يكره ان يسمع قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا لمن قَالَه على وَجه الْغَيْبَة لَا ليحذر مِنْهَا أحد فاما من قَالَه فِي مُحدث لِئَلَّا يتقول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لم يقل أَو فِي شَاهد ليرد بَاطِل شَهَادَته أَو فِي متحيل ليصرف كَيده وأذاه عَن النَّاس ويحذر مِنْهُ من يغتر بِهِ فَلَيْسَ هَذَا من الْغَيْبَة بل حق أَمر الله أَن يقوم بِهِ [1787] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من وَقَاه الله شَرّ اثْنَيْنِ الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر ورد مَعْنَاهُ مُتَّصِلا من حَدِيث جَابر وَسَهل بن سعد وَأبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله إِلَّا تخبرنا قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى فِي هَذَا الحَدِيث لَا تخبرنا على لفظ النَّهْي ثَلَاث مَرَّات وَأعَاد الْكَلَام أَربع مَرَّات وَتَابعه بن الْقَاسِم وَغَيره على لفظ لَا تخبرنا على النَّهْي إِلَّا أَن إادة الْكَلَام عِنْده ثَلَاث مَرَّات وَقَالَ القعْنبِي إِلَّا تخبرنا على لفظ الْعرض والقصة عِنْده معادة ثَلَاث مَرَّات أَيْضا وَكلهمْ قَالَ مَا بَين لحييْهِ وَمَا بَين رجلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات وَقَالَ الْبَاجِيّ قَالَ بن حبيب معنى رِوَايَة يحيى لَا تخبرنا خشِي إِذا أخْبرهُم أَن يثقل عَلَيْهِم الاحتراس مِنْهَا مَا بَين لحييْهِ وَمَا بَين رجلَيْهِ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد فَمه وفرجه قَالَ فَيدْخل فِيمَا بَين لحييْهِ الْأكل وَالشرب وَالْكَلَام وَالسُّكُوت

[1789] لَا يَتَنَاجَى اثْنَان دون وَاحِد أَي لَا يتسارا ويتركاه فَإِن ذَلِك يحزنهُ ويشق عَلَيْهِ [1791] عَن صَفْوَان بن سليم ان رجلا قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اكذب امْرَأَتي الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا أحفظه مُسْندًا بِوَجْه من الْوُجُوه وَقد رَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار مُرْسلا فَقَالَ الرجل يَا رَسُول الله أعدهَا إِلَى آخِره قَالَ الْبَاجِيّ فرق بَين الْكَذِب والوعد لِأَن ذَاك مَاض وَهَذَا مُسْتَقْبل وَقد يُمكنهُ تَصْدِيق خَبره فِيهِ [1792] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الله بن مَسْعُود كَانَ يَقُول عَلَيْكُم بِالصّدقِ الحَدِيث وَصله البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن بن مَسْعُود مَرْفُوعا [1794] مَالك أَنه بلغه أَن عبد الله بن مَسْعُود كَانَ يَقُول لَا يزَال العَبْد يكذب وتنكت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء الحَدِيث قَالَ الْهَرَوِيّ النُّكْتَة الْأَثر الصَّغِير من أَي لون كَانَ [1795] عَن صَفْوَان بن سليم أَنه قَالَ قيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيكُون الْمُؤمن جَبَانًا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر لَا أحفظه مُسْندًا من وَجه ثَابت وَهُوَ حَدِيث حسن مُرْسل

[1796] عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرضى لكم ثَلَاثًا الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا أرْسلهُ يحيى والقعنبي وأسنده سَائِر الروَاة فَقَالُوا عَن أبي هُرَيْرَة وَإِن تعتصموا بِحَبل الله قَالَ الْهَرَوِيّ مَعْنَاهُ بِعَهْد الله وَقَالَ أَبُو عبيد الِاعْتِصَام بِحَبل الله اتِّبَاع الْقُرْآن وَترك الْفرْقَة ويسخط لكم قيل وَقَالَ قَالَ مَالك والاكثار من الْكَلَام نَحْو قَول النَّاس قَالَ فلَان وَفعل فَلَا والخوض فِيمَا لَا يَنْبَغِي وإضاعة المَال قيل المُرَاد عدم حفظه وَقيل الْإِنْفَاق فِي الْمعاصِي وَكَثْرَة السُّؤَال قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ مَالك لَا أَدْرِي أهوَ مَا أنهاكم عَنهُ من كَثْرَة الْمسَائِل أَو هُوَ مَسْأَلَة أَمْوَالهم وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ عِنْد أَكثر الْعلمَاء التكثير من الْمسَائِل النَّوَازِل والاغلوطات وتشقيق المولدات وَقَالَ آخر أَرَادَ سُؤال المَال والالحاح فِيهِ على المخلوقين

[1798] مَالك أَنه بلغه أَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت يَا رَسُول الله أنهلك وَفينَا الصالحون فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم إِذا كثر الْخبث قَالَ بن بُد الْبر هَذَا الحَدِيث لَا يعرف لأم سَلمَة بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا من وَجه لَيْسَ بِالْقَوِيّ يرْوى عَن مُحَمَّد بن سوقة عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن أم سَلمَة وَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوف لِزَيْنَب بنت جحش وَهُوَ مَشْهُور مَحْفُوظ قَالَ الْبَاجِيّ لما قَالَ الله تَعَالَى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ اعتقدت أَنَّهَا عَامَّة فِي كل قوم فيهم صَالح وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصّا دون غَيره من الْأَنْبِيَاء فضلا عَمَّن سواهُم قَالَ والخبث الفسوق وَالشَّر وَقيل أَوْلَاد الزِّنَا

[1802] لَا نورث مَا تركنَا فَهُوَ صَدَقَة قَالَ الْبَاجِيّ أجمع أهل السّنة أَن هَذَا حكم جَمِيع الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَالَ بن علية ان ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَقَالَت الامامية إِن جَمِيع الْأَنْبِيَاء يورثون وتعلقوا فِي ذَلِك بأنواع من التَّخْلِيط لَا شُبْهَة فِيهَا مَعَ وُرُود هَذَا النَّص قَالَ وَقد أَخْبرنِي القَاضِي أَبُو جَعْفَر السماني أَن أَبَا عَليّ بن شَاذان وَكَانَ من أهل الْعلم بِهَذَا الشان إِلَّا أَنه لم يكن قَرَأَ عَرَبِيَّة فناظر يَوْمًا فِي هَذِه المسئلة أَبَا عبد الله بن الْمعلم وَكَانَ إِمَام الامامية وَكَانَ مَعَ ذَلِك من أهل الْعلم بِالْعَرَبِيَّةِ فاستدل بن شادان على أَن الْأَنْبِيَاء لَا يورثون بِحَدِيث إِنَّا معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة فَقَالَ لَهُ بن الْمعلم أما مَا ذكرت من هَذَا الحَدِيث فَإِنَّمَا هُوَ صَدَقَة نصب على الْحَال فَيَقْتَضِي ذَلِك أَن مَا تَركه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وَجه الصَّدَقَة لَا يُورث عَنهُ وَنحن لَا نمْنَع هَذَا وَإِنَّمَا نمْنَع ذَلِك فِيمَا تَركه على غير هَذَا الْوَجْه وَاعْتمد هَذِه النُّكْتَة الْعَرَبيَّة لما علم أَن بن شَاذان لَا يعرف هَذَا الشَّأْن وَلَا يفرق بَين الْحَال وَغَيره فَلَمَّا عَاد الْكَلَام إِلَى بن شَاذان قَالَ لَهُ مَا ادعيت من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة إِنَّمَا هُوَ صَدَقَة مَنْصُوب على الْحَال وَأَنت لَا تمنع هَذَا الحكم فِيمَا تَركه الْأَنْبِيَاء على هَذَا الْوَجْه فانا لَا نعلم فرقا مَا بَين قَوْله مَا تركنَا صَدَقَة النصب وَبَين قَوْله مَا تركنَا صَدَقَة بِالرَّفْع وَلَا احْتِيَاج فِي هَذِه المسئلة إِلَى معرفَة ذَلِك فَإِنَّهُ لَا شكّ عِنْدِي وعندك أَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا من أفْصح الْعَرَب وأعلمهم بِالْفرقِ بَين قَوْله مَا تركنَا صَدَقَة وَمَا تركنَا صَدَقَة وَكَذَلِكَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَهُوَ مِمَّن يسْتَحق الْمِيرَاث لَو كَانَ موروثا وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب من أفْصح قُرَيْش وأعلمهم بذلك وَقد طلبت فَاطِمَة مِيرَاث أَبِيهَا فأجابها أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ بِهَذَا اللَّفْظ على وَجه فهمت مِنْهُ أَنَّهَا لَا شَيْء لَهَا فَانْصَرَفت عَن الطّلب وَفهم ذَلِك الْعَبَّاس وَكَذَلِكَ عَليّ وَسَائِر الصَّحَابَة وَلم يتَعَرَّض وَاحِد مِنْهُم لهَذَا الِاعْتِرَاض وَكَذَلِكَ أَبُو بكر الصّديق المحتج بِهِ والمتعلق بِهِ لَا خلاف أَنه من فصحاء الْعَرَب الْعَالمين بذلك لم يُورد من هَذَا اللَّفْظ إِلَّا مَا يَقْتَضِي الْمَنْع وَلَو كَانَ اللَّفْظ لَا يَقْتَضِي الْمَنْع مَا أوردهُ وَلَا تعلق بِهِ فَإِن كَانَ النصب يَقْتَضِي مَا تَقوله فادعاؤك فِيمَا قلت بَاطِل وَإِن ان الرّفْع الَّذِي يَقْتَضِيهِ فَهُوَ الْمَرْوِيّ وادعاء النصب فِيهِ بَاطِل لَا يقسم ورثتي قَالَ بن عبد الْبر بِرَفْع الْمِيم على الْخَبَر دَنَانِير كَذَا ليحيى ولسائر الروَاة دِينَارا قَالَ بن عبد الْبر وَهُوَ الصَّوَاب مَا تركت بعد نَفَقَة نسَائِي وَمؤنَة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَة قَالَ الْبَاجِيّ أَن المُرَاد بِهِ أَمْوَاله الَّتِي خصّه الله بهَا يخرج مِنْهُ نَفَقَة نِسَائِهِ وَمؤنَة الْعَمَل ثمَّ يكون مَا بَقِي صَدَقَة قَالَ وَالْمرَاد بعامله كل عَامل يعْمل للْمُسلمين من خَليفَة أَو غَيره فَإِن كل من قَامَ بِأَمْر الْمُسلمين وبشريعته فَهُوَ عَامل لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا بُد أَن يَكْفِي مُؤْنَته وَإِلَّا ضَاعَ [1805] عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ أترونها حَمْرَاء الحَدِيث قَالَ الْبَاجِيّ مثل هَذَا لَا يعمله أَبُو هُرَيْرَة إِلَّا بتوقيف

[1806] عَن يحيى بن سعيد عَن أبي الْحباب سعد بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تصدق بِصَدقَة الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر كَذَا أرسه ليحيى وَأكْثر الروَاة وأسنده معن بن عِيسَى وَيحيى بن عبد الله بن بكير عَن مَالك عَن يحيى عَن أبي الْحباب عَن أبي هُرَيْرَة من كسب طيب أَي حَلَال إِنَّمَا يَضَعهَا فِي كف الرَّحْمَن قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد إثابة الله لَهُ عَلَيْهَا وَحفظه لَهَا وكف الرَّحْمَن سُبْحَانَهُ بِمَعْنى يَمِينه يُرَبِّيهَا كَمَا أَي ينميها بِتَضْعِيف أجرهَا فلوه بِفَتْح الْفَاء وَضم اللَّام وَتَشْديد الْوَاو قَالَ الْبَاجِيّ هُوَ ولد أُنْثَى الْخَيل من ذُكُور الْحمير وَفِي النِّهَايَة هُوَ الْمهْر الصَّغِير وَقيل الْعَظِيم من أَوْلَاد ذَوَات الحوافر أَو فَصِيله هُوَ ولد النَّاقة حَتَّى تكون مثل الْجَبَل قَالَ الْبَاجِيّ أَي ثَوَابهَا بيرحاء قَالَ الْبَاجِيّ قَرَأنَا هَذِه اللَّفْظَة على أبي ذَر بِفَتْح الرَّاء فِي معنى الرّفْع وَالنّصب والخفض وَالْجمع واللفظان اسْم للموضع وَلَيْسَ مُضَافَة إِلَى مَوضِع وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله الصُّورِي إِنَّمَا هِيَ بِفَتْح الْبَاء وَالرَّاء وَاتفقَ هُوَ وَأَبُو ذَر وَغَيرهمَا من الْحفاظ على ان من رفع الرَّاء حَال الرّفْع فقد غلط وعَلى ذَلِك كُنَّا نقرؤه على شُيُوخ بلدنا وعَلى القَوْل الأول أدْركْت أهل الْعلم بالمشرق وَهَذَا الْموضع يعرف بقصر بني حديلة وَهُوَ مَوضِع بقبلي مَسْجِد الْمَدِينَة وَقَالَ فِي النِّهَايَة هَذِه اللَّفْظَة كثيرا مَا تخْتَلف أَلْفَاظ الْمُحدثين فِيهَا فَيَقُولُونَ بيرحا بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا وبفتح الرَّاء وَضمّهَا وَالْمدّ فيهمَا وبفتحهما وَالْقصر وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِق أَنَّهَا فيعلى من البراح وَهِي الأَرْض الظَّاهِرَة [1807] مَال رابح قَالَ الْبَاجِيّ رَوَاهُ يحيى وَجَمَاعَة بالتحتية وَالْجِيم من الرواج أَي إِنَّه يروج ثَوَابه فِي الْآخِرَة وَرَوَاهُ مطرف وَابْن الْمَاجشون بِالْمُوَحَّدَةِ والحاء الْمُهْملَة من الرِّبْح ضد الخسران أَي أَن صَاحبه قد وَضعه مَوضِع الرِّبْح لَهُ وَالْغنيمَة فِيهِ والادخار لمعاده

[1808] عَن زيد بن اسْلَمْ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أعْطوا السَّائِل وَإِن جَاءَ على فرس قَالَ بن عبد الْبر لَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظ سَنَد يحْتَج بِهِ فِيمَا علمت وَقد أخرجه قَاسم بن أصبغ من طَرِيق سُفْيَان عَن مُصعب بن مُحَمَّد عَن يعلى بن أبي يحيى عَن فَاطِمَة ابْنة حُسَيْن عَن أَبِيهَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ على فرس قلت أخرجه من هَذَا الطَّرِيق أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام إِن للسَّائِل لَحقا وَإِن أَتَاك على فرس مطوق بِالْفِضَّةِ [1812] فَلَنْ أدخره أَي لن أكتنزه وَمن يستعفف أَي يمسك عَن السُّؤَال يعفه الله أَي يصنه عَن ذَلِك وَمن يسْتَغْن أَي بِمَا عِنْده من الْيُسْر عَن المسئلة يغنه الله أَي يمده بالغنى من عِنْده وَمن يتصبر يصبره الله أَي من يقْصد الصَّبْر ويؤثره يعنه الله عَلَيْهِ ويوفقه لَهُ وَمَا أعطي أحد عَطاء هُوَ خير وأوسع من الصَّبْر قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنه أَمر يَدُوم لَهُ الْغنى بِهِ لِأَنَّهُ لَا يفنى وَمَعَ عَدمه لَا يَدُوم لَهُ الْغنى بِمَا يُعْطي وَإِن كثر لِأَنَّهُ يفنى وَرُبمَا يغنى ويمتد الأمل إِلَى أَكثر مِنْهُ مَعَ عدم الصَّبْر [1813] الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد أَنَّهَا أَكثر ثَوابًا قَالَ وسمى يَد الْمُعْطِي الْعليا لِأَنَّهُ أرفع دَرَجَة ومحلا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْيَد الْعليا هِيَ المنفقة والسفلى هِيَ السائلة قَالَ بن عبد الْبر هَذَا التَّفْسِير نَص من الشَّارِع يدْفع الِاخْتِلَاف فِي تَأْوِيله وَادّعى أَبُو الْعَبَّاس الداني فِي أَطْرَاف الْمُوَطَّأ أَنه مدرج فِي الحَدِيث قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه العسكري فِي الصَّحَابَة عَن بن عمر أَنه كتب إِلَى بشر بن مَرْوَان أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وَلَا أَحسب الْيَد السُّفْلى إِلَّا السائلة وَلَا الْعليا إِلَّا المعطية فَهَذَا يشْعر بِأَن التَّفْسِير من كَلَام بن عمر وَأخرج بن أبي شيبَة عَن بن عمر قَالَ كُنَّا نتحدث أَن الْعلي هِيَ المنفقة وَيُؤَيّد الرّفْع أَحَادِيث مِنْهَا حَدِيث يَد الْمُعْطِي الْعليا أخرجه النَّسَائِيّ وللطبراني وَغَيره يَد الله فَوق يَد الْمُعْطِي وَيَد الْمُعْطِي فَوق يَد الْمُعْطِي وَيَد الْمُعْطِي أَسْفَل الْأَيْدِي وَلأبي دَاوُد الْأَيْدِي ثَلَاثَة فيد الله الْعليا وَيَد الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَد السَّائِل السُّفْلى فَائِدَة قَوْله المنفقة هِيَ رِوَايَة الْأَكْثَر وَذكر أَبُو دَاوُد أَن مُسَددًا رَوَاهُ فَقَالَ المتعففة بِعَين وفاءين [1814] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل إِلَى عمر بن الْخطاب بعطاء الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر يتَّصل من وُجُوه عَن عمر مِنْهَا مَا أخرجه قَاسم بن أصبغ من طَرِيق هِشَام بن سعد عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَنهُ

[1815] لنأخذ قَالَ بن عبد الْبر كَذَا فِي جمل الموطآت وَفِي رِوَايَة عَن بن عِيسَى وَابْن نَافِع لِأَن يَأْخُذ أحدكُم حبله فيحتطب إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء لَوْلَا قبح المسئلة فِي نظر الشَّرْع لم يفضل ذَلِك عَلَيْهَا وَذَلِكَ لما يدْخل على السَّائِل من ذل السُّؤَال ثمَّ من ذل الرَّد إِذا لم يُعْط وَلما يدْخل على المسؤل من الضّيق فِي مَاله إِن أعْطى كل سَائل [1816] عَن عَطاء بن يسَار عَن رجل من بني أَسد قَالَ بن عبد الْبر هَذَا حَدِيث صَحِيح وَلَيْسَ حكم الصاحب إِذا لم يسم كَحكم من دونه إِذا لم يسم عِنْد الْعلمَاء لارْتِفَاع الجرحة عَن جَمِيعهم وَثُبُوت الْعَدَالَة لَهُم قَالَ الْأَثْرَم قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل إِذا قَالَ رجل من التَّابِعين حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسمه فَالْحَدِيث صَحِيح قَالَ نعم من سَأَلَ مِنْكُم وَله أُوقِيَّة أَو عدلها فقد سَأَلَ إلحافا أَي إلحاحا قَالَ الْبَاجِيّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي السُّؤَال دون الْأَخْذ فَتحل الزَّكَاة لمن لَهُ خمس أَوَاقٍ وَإِن كَانَ يجب عَلَيْهِ زَكَاتهَا إِذا كَانَ ذَا عِيَال [1817] عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن أَنه سَمعه يَقُول مَا نقصت صَدَقَة من مَال الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَابعه مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير وَحَفْص بن ميسرَة وَشعْبَة وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد كلهم عَن الْعَلَاء بِسَنَدِهِ مَرْفُوعا قَالَ الْبَاجِيّ يري أَن الصَّدَقَة سَبَب لتنمية المَال وَحفظه وَمَا زَاد الله عبدا بِعَفْو أَي تجَاوز عَن انتصار إِلَّا عزا أَي رفْعَة فِي نفوس النَّاس [1818] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تحل الصَّدَقَة لآل مُحَمَّد الحَدِيث وَصله مُسلم من طَرِيق جويرة بن أَسمَاء عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عبد الله بن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل بن عبد الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَارِث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ مطولا وَتَابعه سعيد بن دَاوُد بن أبي زنبر عَن مَالك أخرجه قَاسم بن أصبغ قَالَ الْبَاجِيّ لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة إِلَّا ان يكون بِموضع يستبيح فِيهِ أكل الْميتَة وَالْمرَاد بهم عِنْد مَالك بَنو هَاشم فَقَط وَعند الشَّافِعِي بَنو هَاشم وَالْمطلب إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس قا ل الْبَاجِيّ يُرِيد أَنَّهَا تطهر أَمْوَالهم وتكفر ذنوبهم

[1819] عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل رجلا من بني الْأَشْهَل الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ أَحْمد بن مَنْصُور الْبَلْخِي عَن مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أنس سَأَلَهُ إبِلا من الصَّدَقَة قَالَ الْبَاجِيّ أَي زِيَادَة على أُجْرَة عمله

[1822] الصريمة قيل هِيَ من الْغنم أَرْبَعُونَ وَقيل من الْإِبِل عشرُون إِلَى أَرْبَعِينَ

[1823] عَن بن شهَاب عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي خَمْسَة أَسمَاء قَالَ بن عبد الْبر كَذَا أرْسلهُ يحيى وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ فَلم يَقُولُوا عَن أَبِيه وأسنده معن بن عبسى وأبومصعب وَمُحَمّد بن الْمُبَارك الصُّورِي وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم وَابْن شروس الصَّنْعَانِيّ وإبراهين بن طهْمَان وَعبد الله بن نَافِع وَآخَرُونَ فَرَوَوْه عَن مَالك عَن بن شهَاب مُسْندًا وَقَوله لي خَمْسَة أَسمَاء وَهِي أَكثر فقد حكى القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ أَن لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألف اسْم بَعْضهَا فِي الْقُرْآن والْحَدِيث وَبَعضهَا فِي الْكتب الْقَدِيمَة فَأجَاب عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس الْقَرَافِيّ بِأَنَّهُ قيل أَن يطلعه الله على بَقِيَّة أَسْمَائِهِ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض مَعْنَاهُ أَنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْكتب الْمُتَقَدّمَة وَعند أولي الْعلم من الْأُمَم السالفة على أَن لَفْظَة خَمْسَة سَاقِطَة فِي أَكثر طرق الحَدِيث فَإِن فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَة وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَمعمر وَيُونُس وَعقيل كلهم عَن الزُّهْرِيّ إِن لي أَسمَاء لم يذكرُوا خَمْسَة وَإِنَّمَا ذكرت فِي رِوَايَة مَالك وَمُحَمّد بن ميسرَة عَن الزُّهْرِيّ وَقد أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده من طَرِيق جَعْفَر بن أبي وحشية عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه فَعَدهَا سِتَّة وَزَاد فِيهَا الْخَاتم وَكَذَا أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق عقبَة بن مُسلم عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم أَن عبد الْملك بن مَرْوَان قَالَ لَهُ أتحصي أمساء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي كَانَ جُبَير بن مطعم يعدها قَالَ نعم هِيَ سِتَّة مُحَمَّد وَأحمد وَخَاتم وحاشر وعاقب وماحي وَلابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث جَابر بن عبد الله وَغَيره قَالُوا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لي عِنْد رَبِّي عشرَة أَسمَاء فَذكر الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة وَزَاد وَأَنا رَسُول الرَّحْمَة وَرَسُول التَّوْبَة وَرَسُول الْمَلَاحِم وَأَنا المقفي قفيت النَّبِيين عَامَّة وَأَنا قثم والقثم الْكَامِل الْجَامِع وَلمُسلم وَأحمد وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي مُوسَى قَالَ سمى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه أَسمَاء مِنْهَا مَا حفظنا وَمِنْهَا مَا لم نَحْفَظ فَقَالَ أَنا مُحَمَّد وَأحمد والمقفي والحاشر وَنَبِي الرَّحْمَة وَنَبِي التَّوْبَة وَنَبِي الملحمة وَلأبي نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير من حَدِيث أبي الطُّفَيْل مَرْفُوعا لي عشرَة أَسمَاء عِنْد رَبِّي أَنا مُحَمَّد وَأحمد والفاتح والخاتم وَأَبُو الْقَاسِم والحاشر وَالْعَاقِب والماحي وَيس وطه وَقد تتبعت قَدِيما أَسمَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبلغت نَحْو أَرْبَعمِائَة وأفردتها بشرحها فِي مُجَلد سميته الْمرقاة ثمَّ لخصته فِي جُزْء سميته الرياض الأنيقة ثمَّ لخصته فِي مُخْتَصر سميته الْوَسِيلَة وأكثرها صِفَات قَالَ بن عبد الْبر الْأَسْمَاء وَالصِّفَات هُنَا سَوَاء أَنا مُحَمَّد روى بن عبد الْبر فِي الِاسْتِيعَاب عَن بن عَبَّاس قَالَ لما ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عق عَنهُ عبد الْمطلب وَسَماهُ مُحَمَّدًا فَقيل لَهُ مَا حملك على أَن سميته مُحَمَّدًا وَلم تسمه باسم آبَائِهِ فَقَالَ أردْت أَن يحمده الله فِي السَّمَاء وَيَحْمَدهُ النَّاس فِي الأَرْض وَأَنا أَحْمد روى أَحْمد فِي مُسْنده عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء قبلي نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض وَسميت أَحْمد الحَدِيث وَأَنا الماحي الَّذِي يمحو الله بِهِ الْكفْر فِي رِوَايَة بن بكير بِي قَالَ القَاضِي عِيَاض أَي من مَكَّة وبلاد الْعَرَب وَمَا زوى لَهُ من الأَرْض ووعد أَنه يبلغهُ ملك أمته قَالَ أَو يكون المحو عَاما بِمَعْنى الظُّهُور وَالْغَلَبَة كَمَا قَالَ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَأَنا الحاشر الَّذِي يحْشر النَّاس على قدمي قَالَ بن عبد الْبر أَي قدامي وأمامي أَي إِنَّهُم يَجْتَمعُونَ إِلَيْهِ وينضمون حوله وَيَكُونُونَ أَمَامه يَوْم الْقِيَامَة ووراءه قَالَ الْخَلِيل حشرتهم السّنة إِذا ضمتهم من الْبَوَادِي وَقَالَ الْبَاجِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض اخْتلف فِي معنى على قدمي فَقيل على زماني وعهدي أَي لَيْسَ بعدِي نَبِي وَقيل بمشاهدتي كَمَا قَالَ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَقَالَ الْخطابِيّ وَتَبعهُ بن دحْيَة مَعْنَاهُ على أثري أَي إِنَّه يقدمهم وهم خَلفه لِأَنَّهُ أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض ثمَّ تَجِيء كل نفس فيتبعونه قَالَ وَيُؤَيّد هَذَا الْمَعْنى رِوَايَة على عَقبي وَقيل على أثري بِمَعْنى أَن السَّاعَة على أَثَره أَي قريبَة من مبعثه كَمَا قَالَ بعثت أَنا والساعة كهاتين وَأَنا العاقب زَاد مُسلم وَغَيره من طَرِيق بن عُيَيْنَة وَالْعَاقِب الَّذِي لَيْسَ بعده نَبِي وَهُوَ مدرج من تَفْسِير الزُّهْرِيّ فروى الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ فَذكر الحَدِيث إِلَى قَوْله وَأَنا العاقب قَالَ معمر قلت لِلزهْرِيِّ مَا الْعقب قَالَ الَّذِي لَيْسَ بعده نَبِي وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ سُفْيَان العاقب آخر الْأَنْبِيَاء انْتهى آخر شرح الْمُوَطَّأ بِحَمْد الله وعونه وَحسن توفيقه قَالَ الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى فرغت من تأليفه يَوْم الْخَمِيس سادس جُمَادَى الأولى سنة تسع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة من عَام الْخَيْر وَكَانَ الْفَرَاغ من كِتَابَته نَهَار الثُّلَاثَاء سادس عشر رَجَب الْفَرد من تاريح الْمُؤلف غفر الله لكَاتبه ولقارئه وَلمن يَدْعُو للْمُسلمين بِخَير وَالْحَمْد لله وَتَعَالَى كَمَاله وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا

§1/1