تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

ناصر الدين الألباني

تقديم

تقديم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا- من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فقد اقترح علي أخي الفاضل الأستاذ زهير الشاويش صاحب المكتب الإسلامي أن أقوم بتلخيص كتابي "صفة صلاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها" واختصاره وتقريب عبارته إلى عامة الناس.

ولما رأيته اقتراحا مباركا، وكان موافقا لما كان يجول في نفسي من زمن بعيد، وطالما سمعت مثله من أخ أو صديق. فشجعني ذلك على أن أقتطع له قليلا من وقتي المزدحم بكثير من الأعمال العلمية، فبادرت إلى تحقيق ما اقترحه حسب طاقتي وجهدي، سائلا المولى سبحانه وتعالى أن يجعله خالصا لوجهه، وينفع به إخواني المسلمين. وقد أوردت فيه بعض الفوائد الزائدة على "الصفة"، تنبهت لها، واستحسنت ذكرها في أثناء التلخيص، كما عنيت عناية خاصة بشرح بعض الألفاظ الواردة في بعض الجمل الحديثية أو الأذكار. وجعلت له عناوين رئيسية، وأخرى كثيرة جانبية توضيحية، وأوردت تحتها مسائل الكتاب بأرقام متسلسلة. وصرحت بجانب كل مسألة بحكمها من ركن أو واجب، وما سكت عن بيان حكمه فهو من السنن، وبعضها قد يحتمل القول بالوجوب، والجزم بهذا أو ذاك ينافي التحقيق العلمي. والركن: هو ما يتم به الشيء الذي هو فيه، ويلزم من عدم وجوده بطلان ما هو ركن فيه، كالركوع مثلا في الصلاة، فهو ركن فيها، يلزم من عدمه بطلانها.

والشرط: كالركن إلا أنه يكون خارجا عما هو شرط فيه. كالوضوء مثلا في الصلاة. فلا تصح بدونه. والواجب: هو ما ثبت الأمر به في الكتاب أو السنة، ولا دليل على ركنيته أو شرطيته، ويثاب فاعله.، ويعاقب تاركه إلا لعذر. ومثله (الفرض)، والتفريق بينه وبين الواجب اصطلاح حادث لا دليل عليه. والسنة: ما واظب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه من العبادات دائما. أو غالبا. ولم يأمر به أمر إيجاب، ويثاب فاعلها. ولا يعاقب تاركها ولا يعاتب. وأما الحديث الذي يذكره بعض المقلدين معزوا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ترك سنتي لم تنله شفاعتي" فلا أصل له عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وما كان كذلك فلا يجوز نسبته إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خشية التقول عليه. فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار". وإن من نافلة القول أن أذكر أنني لم ألتزم فيه تبعا لأصله مذهبا معينا من المذاهب الأربعة المتبعة. وإنما سلكت فيه

مسلك أهل الحديث الذين يلتزمون الأخذ بكل ما ثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الحديث، ولذلك كان مذهبهم أقوى من مذاهب غيرهم، كما شهد بذلك المنصفون من كل مذهب، منهم العلامة أبو الحسنات اللكنوي الحنفي القائل: "وكيف لا وهم ورثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حقا. ونواب شرعه صدقا، حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم". ورحم الله الإمام أحمد بن حنبل إذ قال: دين النبي محمد أخبار ... نعم المطية للفتى آثار لا ترغبن عن الحديث وأهله ... فالرأي ليل والحديث نهار ولربما جهل الفتى أثر الهدى ... والشمس بازغة لها أنوار دمشق 26 صفر 1392هـ. محمد ناصر الدين الألباني.

1 - استقبال الكعبة

1 - استقبال الكعبة: 1 - إذا قمت أيها المسلم إلى الصلاة، فاستقبل الكعبة حيث كنت، في الفرض والنفل، وهو ركن من أركان الصلاة التي لا تصح الصلاة إلا بها. 2 - ويسقط الاستقبال: - عن المحارب في صلاة الخوف والقتال الشديد. - وعن العاجز عنه كالمريض، أو من كان في السفينة أو السيارة .. أو الطيارة. إذا خشي خروج الوقت. - وعمن كان يصلي نافلة أو وترا، وهو يسير راكبا دابة أو غيرها. ويستحب له- إذا أمكن- أن يستقبل بها القبلة عند تكبيرة الإحرام، ثم يتجه بها حيث كانت وجهته. 3 - ويجب على كل من كان مشاهدا للكعبة أن يستقبل عينها. وأما من كان غير مشاهد لها فيستقبل جهتها. حكم الصلاة إلى غير الكعبة خطأ: 4 - وإن صلى إلى غير القبلة لغيم أو غيره بعد الاجتهاد والتحري جازت صلاته، ولا إعادة عليه. 5 - وإذا جاءه من يثق به وهو يصلي فأخبره بجهتها فعليه أن يبادر إلى استقبالها. وصلاته صحيحة.

2 - القيام

2 - القيام: 6 - ويجب عليه أن يصلي قائما، وهو ركن إلا على: - المصلي صلاة الخوف والقتال الشديد.، فيجوز له أن يصلي راكبا. والمريض العاجز عن القيام، فيصلي جالسا إن استطاع، وإلا فعلى جنب. والمتنفل له أن يصلي راكبا، أو قاعدا إن شاء، ويركع ويسجد إيماء برأسه. وكذلك المريض، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. 7 - ولا يجوز للمصلي جالسا أن يضع شيئا على الأرض مرفوعا يسجد عليه، وإنما يجعل سجوده أخفض من ركوعه كما ذكرنا إذا كان لا يستطيع أن يباشر الأرض بجبهته. الصلاة في السفينة والطائرة: 8 - وتجوز صلاة الفريضة في السفينة. وكذلك الطائرة. 9 - وله أن يصلي فيهما قاعدا إذا خشي على نفسه السقوط. 10 - ويجوز أن يعتمد في قيامه على عمود أو عصا لكبر سنه، أو ضعف بدنه.

الجمع بين القيام والقعود

الجمع بين القيام والقعود: 11 - ويجوز أن يصلي صلاة الليل قائما، أو قاعدا بدون عذر، وأن يجمع بينهما، فيصلي ويقرأ جالسا، وقبيل الركوع يقوم فيقرأ ما بقي عليه من الآيات قائما، ثم يركع ويسجد، ثم يصنع مثل ذلك في الركعة الثانية. 12 - وإذا صلى قاعدا جلس متربعا، أو أي جلسة أخرى يستريح بها. الصلاة في النعال: 13 - ويجوز له أن يقف حافيا، كما يجوز له أن يصلي منتعلا. 14 - والأفضل أن يصلي تارة هكذا، وتارة هكذا. حسبما تيسر له، فلا يتكلف لبسهما للصلاة ولا خلعهما، بل إن كان حافيا صلى حافيا، وإن كان منتعلا صلى منتعلا، إلا لأمر عارض. 15 - وإذا نزعهما فلا يضعهما عن يمينه. وإنما عن يساره، إذا لم يكن عن يساره أحد يصلي، وإلا وضعهما بين

الصلاة على المنبر

رجليه، بذلك صح الأمر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (¬1). الصلاة على المنبر: 16 - وتجوز صلاة الإمام على مكان مرتفع كالمنبر لتعليم الناس، يقوم عليه فيكبر، ويقرأ ويركع وهو عليه، ثم ينزل القهقرى حتى يتمكن من السجود على الأرض في أصل المنبر، ثم يعود إليه، فيصنع في الركعة الأخرى كما صنع في الأولى. وجوب الصلاة إلى سترة والدنو منها: 17 - ويجب أن يصلي إلى سترة. لا فرق في ذلك بين المسجد وغيره. ولا بين كبيرة وصغيرة لعموم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تصل إلا إلى سترة، ولا تدع أحدا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله فإن معه القرين". يعني الشيطان. 18 - ويجب أن يدنو منها. لأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك. 19 - وكان بين موضع سجوده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

(¬1) قلت: وفيه إيماء لطيف إلى أنه لا يضعهما أمامه. وهذا أدب أخل به جماهير المصلين. فنراهم يصلون إلى نعالهم.

مقدار ارتفاع السترة

والجدار الذي يصلي إليه نحو ممر شاة، فمن فعل ذلك فقد أتى بالدنو الواجب (¬1). مقدار ارتفاع السترة: 25 - ويجب أن تكون السترة مرتفعة عن الأرض نحو شبر أو شبرين لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة (¬2) الرحل فليصل، ولا يبالي من وراء ذلك". 21 - ويتوجه إلى السترة مباشرة، لأنه، الظاهر من الأمر بالصلاة إلى سترة، وأما التحول عنها يمينا أو يسارا بحيث أنه لا يصمد إليها صمدا، فلم يثبت. 22 - وتجوز الصلاة إلى العصا المغروزة في الأرض أو نحوها، وإلى شجرة أو اسطوانة، وإلى امرأته المضطجعة على ¬

(¬1) قلت: ومنه نعلم أن ما يفعله الناس في كل المساجد التي رأيتها في سورية وغيرها من الصلاة وسط المسجد بعيدا عن الجدار أو السارية، ما هو إلا غفلة عن أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعله. (¬2) هي العود الذي في آخر الرحل. و (الرحل) هو للجمل بمنزلة السرج للفرس. وفي الحديث إشارة إلى أن الخط على الأرض لا يجزي، والحديث المروي فيه ضعيف.

تحريم الصلاة إلى القبور

السرير، وهي تحت لحافها، وإلى الدابة ولو كانت جملا. تحريم الصلاة إلى القبور: 23 - ولا تجوز الصلاة إلى القبور مطلقا، سواء كانت قبورا للأنبياء أو غيرهم. تحريم المرور بين يدي المصلي ولو في المسجد الحرام: 24 - ولا يجوز المرور بين يدي المصلي إذا كان بين يديه سترة. ولا فرق في ذلك بين المسجد الحرام وغيره من المساجد. فكلها سواء في عدم الجواز، لعموم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين. خيرا له من أن يمر بين يديه". يعني المرور بينه وبين موضع سجوده (¬1). وجوب منع المصلي للمار بين يديه ولو في المسجد الحرام: 25 - ولا يجوز للمصلي إلى سترة أن يدع أحدا يمر بين يديه، للحديث السابق: "ولا تدع أحدا يمر بين يديك ... " ¬

(¬1) وأما حديث صلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حاشية المطاف دون سترة والناس يمرون بين يديه فلا يصح. على أنه ليس فيه أن المرور كان بينه وبين سجوده.

المشي إلى الأمام لمنع المرور

وقوله: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، وليدرأ ما استطاع، وفي رواية: فليمنعه مرتين، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ". المشي إلى الأمام لمنع المرور: 26 - ويجوز أن يتقدم خطوة أو أكثر ليمنع غير مكلف من المرور بين يديه كدابة أو طفل، حتى يمر من ورائه. ما يقطع الصلاة: 27 - وإن من أهمية السترة في الصلاة، أنها تحول بين المصلي إليها، وبين إفساد صلاته بالمرور بين يديه، بخلاف الذي لم يتخذها، فإنه يقطع صلاته إذا مرت بين يديه المرأة البالغة، وكذلك الحمار، والكلب الأسود. 3 - النية: 28 - ولا بد للمصلي من أن ينوي الصلاة التي قام إليها وتعيينها بقلبه، كفرض الظهر أو العصر، أو سنتهما مثلا، وهو شرط أو ركن، وأما التلفظ بها بلسانه فبدعة مخالفة للسنة، ولم يقل بها أحد من متبوعي المقلدين من الأئمة.

4 - التكبير

4 - التكبير: 29 - ثم يستفتح الصلاة بقوله: "الله أكبر" وهو ركن، لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها (¬1) التكبير، وتحليلها التسليم". 35 - ولا يرفع صوته بالتكبير في كل الصلوات، إلا إذا كان إماما. 31 - ويجوز تبليغ المؤذن تكبير الإمام إلى الناس، إذا وجد المقتضي لذلك، كمرض الإمام، وضعف صوته أو كثرة المصلين خلفه. 32 - ولا يكبر المأموم إلا عقب انتهاء الإمام من التكبير. رفع اليدين وكيفيته: 33 - ويرفع يديه مع التكبير، أو قبله، أو بعده، كل ذلك ثابت في السنة. 34 - ويرفعهما ممدودتا الأصابع. ¬

(¬1) أي وتحريم ما حرم الله من الأفعال، وكذا تحليلها، أي تحليل ما أحل خارجها من الأفعال، والمراد بالتحريم والتحليل المحرم والمحلل.

وضع اليدين وكيفيته

35 - ويجعل كفيه حذو منكبيه، وأحيانا يبالغ في رفعهما حتى يحاذي بهما أطراف أذنيه (¬1). وضع اليدين وكيفيته: 36 - ثم يضع يده اليمنى على اليسرى عقب التكبير، وهو من سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأمر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه، فلا يجوز إسدالهما. 37 - ويضع اليمنى على ظهر اليسرى، وعلى الرسغ والساعد. 38 - وتارة يقبض باليمنى على اليسرى (¬2). محل الوضع: 39 - ويضعهما على صدره فقط، الرجل والمرأة في ذلك سواء (¬3). 40 - ولا يجوز أن يضع يده اليمنى على خاصرته. ¬

(¬1) قلت وأما مس شحمتي الأذنين بإبهاميه, فلا أصل له في السنة, بل هو عندي من دواعي الوسوسة. (¬2) وأما ما استحسنه بعض المتأخرين من الجمع بين الوضع والقبض في آن واحد فمما لا أصل له. (¬3) قلت: ووضعهما على غير الصدر إما ضعيف، وإما لا أصل له

الخشوع والنظر إلى موضع السجود

الخشوع والنظر إلى موضع السجود: 41 - وعليه أن يخشع في صلاته، وأن يتجنب كل ما قد يلهيه عنه من زخارف ونقوش، فلا يصلي بحضرة طعام يشتهيه، ولا وهو يدافعه البول والغائط. 42 - وينظر في قيامه إلى موضع سجوده. 43 - ولا يلتفت يمينا، ولا يسارا، فإن الالتفات اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. 44 - ولا يجوز أن يرفع بصره إلى السماء. دعاء الاستفتاح: 45 - ثم يستفتح القراءة ببعض الأدعية الثابتة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي كثيرة أشهرها: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ". وقد ثبت الأمر به فينبغي المحافظة عليه (¬1). ¬

(¬1) ومن شاء الإطلاع على بقية الأدعية فليراجع"صفة الصلاة" (ص 83 - 89) من الطبعة الخامسة أو السادسة أو السابعة.

5 - القراءة

5 - القراءة: 46 - ثم يستعيذ بالله تعالى وجوبا ويأثم بتركه. 47 - والسنة أن يقول تارة: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه "، و (النفث) هنا الشعر المذموم. 48 - وتارة يقول: "أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان ... " الخ. 49 - ثم يقول سرا في الجهرية والسرية: "بسم الله الرحمن الرحيم" قراءة الفاتحة: 50 - ثم يقرأ سورة (الفاتحة) بتمامها والبسملة منها، وهي ركن لا تصح الصلاة إلا بها، فيجب على الأعاجم حفظها. 51 - فمن لم يستطع أجزأه أن يقول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ". 52 - والسنة في قراءتها أن يقطعها آية آية، يقف على رأس كل آية.، فيقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" ثم يقف، ثم يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ثم يقف، ثم يقول:

القراءة بعد الفاتحة

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثم يقف، ثم يقول: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، ثم يقف، وهكذا إلى آخرها. وهكذا كانت قراءة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلها، يقف على رؤوس الآي، ولا يصلها بما بعدها، وإن كانت متعلقة المعنى بها. 53 - ويجوز قراءتها (مالك) و (ملِك). قراءة المقتدي لها: 54 - ويجب على المقتدي أن يقرأها وراء الإمام في السرية، وفي الجهرية أيضا إن لم يسمع قراءة الإمام، أو سكت هذا بعد فراغه منها سكتة ليتمكن فيها المقتدي من قراءتها، وإن كنا نرى أن هذا السكوت لم يثبت في السنة (¬1). القراءة بعد الفاتحة: 55 - ويسن أن يقرأ بعد الفاتحة، سورة أخرى، حتى في صلاة الجنازة، أو بعض الآيات في الركعتين الأوليين. 56 - ويطيل القراءة بعدها أحيانا، ويقصرها أحيانا، لعارض سفر، أو سعال، أو مرض، أو بكاء صبي. 57 - وتختلف القراءة باختلاف الصلوات، فالقراءة في ¬

(¬1) قلت: وفد ذكرت مستند من ذهب إليه، وما يرد عليه في سلسلة"الأحاديث الضعيفة رقم 546و547.

قراءة الفاتحة في كل ركعة

صلاة الفجر أطول منها في سائر الصلوات الخمس، ثم الظهر، ثم العصر والعشاء، ثم المغرب غالبا. 58 - والقراءة في صلاة الليل أطول من ذلك كله. 59 - والسنة إطالة القراءة في الركعة الأولى أكثر من الثانية. 60 - وأن يجعل القراءة في الأخريين أقصر من الأوليين، قدر النصف (¬1). قراءة الفاتحة في كل ركعة: 61 - وتجب قراءة الفاتحة في كل ركعة. 62 - ويسن الزيادة عليها في الركعتين الأخيرتين أيضا أحيانا. 63 - ولا تجوز إطالة الإمام للقراءة بأكثر مما جاء في السنة، فإنه يشق بذلك على من قد يكون وراءه من رجل كبير في السن، أو مريض، أو امرأة لها رضيع، أو ذي الحاجة. الجهر والإسرار بالقراءة: 64 - ويجهر بالقراءة في صلاة الصبح، والجمعة، ¬

(¬1) وتفصيل هذا الفصل راجعه إن شئت في صفة الصلاة (ص 106 - 125) من الطبعة الثامنة.

ترتيل القرآن

والعيدين، والاستسقاء، والكسوف، والأوليين من صلاة المغرب والعشاء. ويسر بها في صلاة الظهر والعصر، وفي الثالثة من صلاة المغرب، والأخريين من صلاة العشاء. 65 - ويجوز للإمام أن يسمعهم الآية أحيانا في الصلاة السرية. 66 - وأما الوتر وصلاة الليل، فيسر فيها تارة، ويجهر تارة، ويتوسط في رفع الصوت. ترتيل القرآن: 67 - والسنة أن يرتل القرآن ترتيلا، لا هذا ولا عجلة، بل قراءة مفسرة حرفا حرفا، ويزين القرآن بصوته، ويتغنى به في حدود الأحكام المعروفة عند أهل العلم بالتجويد، ولا يتغنى به على الألحان المبتدعة، ولا على القوانين الموسيقية. الفتح على الإمام: 68 - ويشرع للمقتدي أن يتقصد الفتح على الإمام إذا أرتج عليه في القراءة.

6 - الركوع

6 - الركوع: 69 - فإذا فرغ من القراءة سكت سكتة لطيفة بمقدار ما يترادّ إليه نفَسُه. 70 - ثم يرفع يديه على الوجوه المتقدمة في تكبيرة الإحرام. 71 - ويكبر، وهو واجب. 72 - ثم يركع، بقدر ما تستقر مفاصله، ويأخذ كل عضو مأخذه، وهذا ركن. كيفية الركوع: 73 - ويضع يديه على ركبتيه، ويمكنهما من ركبتيه، ويفرج بين أصابعه، كأنه قابض على ركبتيه، وهذا كله واجب. 74 - ويمد ظهره ويبسطه، حتى لو صب عليه الماء لاستقر، وهو واجب. 75 - ولا يخفض رأسه، ولا يرفعه، ولكن يجعله مساويا لظهره.

تسوية الأركان

76 - ويباعد مرفقيه عن جنبيه. 77 - ويقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم " ثلاث مرات أو أكثر (¬1). تسوية الأركان: 78 - ومن السنة أن يسوي بين الأركان في الطول، فيجعل ركوعه وقيامه بعد الركوع، وسجوده، وجلسته بين السجدتين قريبا من السواء. 79 - ولا يجوز أن يقرأ القرآن في الركوع ولا في السجود. الاعتدال من الركوع: 80 - ثم يرفع صلبه من الركوع، وهذا ركن. 81 - ويقول في أثناء الاعتدال: سمع الله لمن حمده، وهذا واجب. 82 - ويرفع يديه عند الاعتدال على الوجوه المتقدمة. ¬

(¬1) وهناك أذكار أخرى تقال في هذا الركن، منها الطويل ومنها المتوسط، ومنها القصير تراجع في"صفة صلاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (ص 136 - الطبعة السابعة).

7 - السجود

83 - ثم يقوم معتدلا مطمئنا حتى يأخذ كل عظم مأخذه، وهذا ركن. 84 - ويقول في هذا القيام: "ربنا ولك الحمد" (¬1) وهذا واجب على كل مصل ولو كان مؤتما (¬2)، فإنه ورد القيام، أما التسميع فورد الاعتدال. 85 - ويسوي بين هذا القيام والركوع في الطول كما تقدم. 7 - السجود: 86 - ثم يقول: " الله أكبر" وجوبا. 87 - ويرفع يديه، أحيانا. الخرور على اليدين: 88 - ثم يخر إلى السجود على يديه، يضعهما قبل ركبتيه. بهذا أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو ¬

(¬1) وهناك أذكار أخرى تقال هنا. فراجعا صفة الصلاة (ص 153 - الطبعة السابعة). (¬2) ولا يشرع وضع اليدين إحداهما على الأخرى في هذا القيام لعدم وروده، وانظر إن شئت البسط في الأصل"صفة صلاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الثابت عنه من فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونهى عن التشبه ببروك البعير، وهو إنما يخر على ركبتيه اللتين هما في مقدمتيه. 89 - فإذا سجد- وهو ركن- اعتمد على كفيه وبسطهما. 95 - ويضم أصابعهما. 91 - ويوجههما إلى القبلة. 92 - ويجعل كفيه حذو منكبيه. 93 - وتارة يجعلهما حذو أذنيه. 94 - ويرفع ذراعيه عن الأرض، وجوبا، ولا. يبسطهما بسط الكلب. 95 - ويمكن أنفه وجبهته من الأرض، وهذا ركن. 96 - ويمكن أيضا ركبتيه. 97 - وكذا أطراف قدميه. 98 - وينصبهما، وهذا كله واجب. 99 - ويستقبل بأطراف أصابعهما القبلة. 100 - ويرصّ عقبيه.

الاعتدال في السجود

الاعتدال في السجود: 101 - ويجب عليه أن يعتدل في سجوده، وذلك بأن يعتمد فيه اعتمادا متساويا على جميع أعضاء سجوده، وهي: الجبهة والأنف معا، والكفان، والركبتان، وأطراف القدمين. 102 - ومن اعتدل في سجوده هكذا فقد اطمأن يقينا، والاطمئنان في السجود ركن أيضا. 103 - ويقول فيه: "سبحان ربي الأعلى" ثلاث مرات أو أكثر (¬1). 104 - ويستحب أن يكثر الدعاء فيه، فإنه مظنة الإجابة. 155 - ويجعل سجوده قريبا من ركوعه في الطول كما تقدم. 106 - ويجوز السجود على الأرض، وعلى حائل بينها وبين الجبهة، من ثوب، أو بساط، أو حصير، أو نحوه. 107 - ولا يجوز أن يقرأ القرآن وهو ساجد. ¬

(¬1) وفيه أذكار أخرى تراها في"صفة الصلاة" (ص 153).

الافتراش والإقعاء بين السجدتين

الافتراش والإقعاء بين السجدتين: 108 - ثم يرفع رأسه مكبرا، وهذا واجب. 109 - ويرفع يديه أحيانا. 110 - ثم يجلس مطمئنا حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، وهو ركن. 111 - ويفرش رجله اليسرى فيقعد عليها، وهذا واجب. 112 - وينصب رجله اليمنى. 113 - ويستقبل بأصابعها القبلة. 114 - ويجوز الإقعاء أحيانا، وهو أن ينتصب على عقبيه وصدور قدميه. 115 - ويقول في هذه الجلسة: "اللهم اغفر لي، وارحمني، واجبرني، وارفعني، وعافني، وارزقني". 116 - وإن شاء قال: "رب اغفر لي، رب اغفر لي ". 117 - ويطيل هذه الجلسة حتى تكون قريبا من سجدته.

السجدة الثانية

السجدة الثانية: 118 - ثم يكبر وجوبا. 119 - ويرفع يديه مع هذا التكبير أحيانا. 120 - ويسجد السجدة الثانية، وهي ركن أيضا. 121 - ويصنع فيها ما صنع في الأولى. جلسة الاستراحة: 122 - فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية، وأراد النهوض إلى الركعة الثانية كبر وجوبا. 123 - ويرفع يديه أحيانا. 124 - ويستوي قبل أن ينهض قاعدا على رجله اليسرى، معتدلا، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه. الركعة الثانية: 125 - ثم ينهض معتمدا على الأرض بيديه المقبوضتين كما يقبضهما العاجن إلى الركعة الثانية، وهي ركن. 126 - ويصنع فيها ما صنع في الأولى. 127 - إلا أنه لا يقرأ فيها دعاء الاستفتاح. 128 - ويجعلها أقصر من الركعة الأولى.

الجلوس للتشهد

الجلوس للتشهد: 129 - فإذا فرغ من الركعة الثانية قعد للتشهد، وهو واجب. 135 - ويجلس مفترشا كما سبق بين السجدتين. 131 - لكن لا يجوز الإقعاء هنا. 132 - ويضع كفه اليمنى على فخذه وركبته اليمنى، ونهاية مرفقه الأيمن على فخذه لا يبعده عنه. 133 - ويبسط كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى. 134 - ولا يجوز أن يجلس معتمدا على يده. وخصوصا اليسرى. تحريك الأصبع والنظر إليها: 135 - ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى تارة. 136 - وتارة يُحلق بهما حلقة. 137 - ويشير بإصبعه السبابة إلى القبلة. 138 - ويرمي ببصره إليها.

صيغة التشهد والدعاء بعده

139 - ويحركها يدعو بها من أول التشهد إلى آخره. 140 - ولا يشير بإصبع يده اليسرى. 141 - ويفعل هذا كله في كل تشهد. صيغة التشهد والدعاء بعده: 142 - والتشهد واجب، إذا نسيه سجد سجدتي السهو. 143 - ويقرؤه سرا. 144 - وصيغته: " التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام على النبي (¬1) ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " (¬2). 145 - ويصلي بعده على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ¬

(¬1) هذا هو المشروع بعد وفاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وهو الثابت في تشهد ابن مسعود وعائشة وابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم. ومن شاء التفصيل فعليه بكتابي صفة الصلاة، (ص 173 - 175). (¬2) وفي كتابي المذكور صيغ أخرى ثابتة، وما ذكرته هنا أصحها.

الركعة الثالثة والرابعة

"اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل. إبراهيم، أنك حميد مجيد". "اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد". 146 - وإن شئت الاختصار قلت: "اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم. إنك حميد مجيد". 147 - ثم يتخير في هذا التشهد من الدعاء الوارد أعجبه إليه، فيدعو الله به. الركعة الثالثة والرابعة: 148 - ثم يكبر وجوبا، والسنة أن يكبر وهو جالس. 149 - ويرفع يديه أحيانا.

القنوت للنازلة ومحله

150 - ثم ينهض إلى الركعة الثالثة، وهي ركن كالتي بعدها. 151 - وكذلك يفعل إذا أراد القيام إلى الركعة الرابعة. 152 - ولكنه قبل أن ينهض يستوي قاعدا على رجله اليسرى معتدلا حتى يرجع كل عظم إلى موضعه. 153 - ثم يقوم معتمدا على يديه كما فعل في قيامه إلى الركعة الثانية. 154 - ثم يقرأ في كل من الثالثة والرابعة سورة (الفاتحة) وجوبا. 155 - ويضيف إليها آية أو أكثر أحيانا. القنوت للنازلة ومحله: 156 - ويسن له أن يقنت ويدعو للمسلمين لنازلة نزلت بهم. 157 - ومحله إذا قال بعد الركوع: "ربنا لك الحمد".

قنوت الوتر ومحله وصيغته

158 - وليس له دعاء راتب، وإنما يدعو فيه بما يتناسب مع النازلة. 159 - ويرفع يديه في هذا الدعاء. 160 - ويجهر به إذا كان إماما. 161 - ويُؤمِّن عليه من خلفه. 162 - فإذا فرغ، كبر وسجد. قنوت الوتر ومحله وصيغته: 163 - وأما القنوت في الوتر فيشرع أحيانا. 164 - ومحله قبل الركوع خلافآ لقنوت النازلة. 165 - ويدعو فيه بما يأتي: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك ". 166 - وهذا الدعاء من تعليم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

التشهد الأخير والتورك

وَسَلَّمَ، فلا يزاد عليه، إلا الصلاة عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتجوز لثبوتها عن الصحابة رضي الله عنهم. 167 - ثم يركع ويسجد السجدتين، كما تقدم. التشهد الأخير والتورك: 168 - ثم يقعد للتشهد الأخير، وكلاهما واجب. 169 - ويصنع فيه ما صنع في التشهد الأول. 170 - إلا أنه يجلس فيه متوركا، يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، ويخرج قدميه من ناحية واحدة، ويجعل اليسرى تحت ساقه اليمنى. 171 - وينصب قدمه اليمنى. 172 - ويجوز فرشها أحيانا. 173 - ويلقم كفه اليسرى ركبته، يعتمد عليها. وجوب الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتعوذ من الأربع: 174 - ويجب عليه في هذا التشهد الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكرنا في التشهد الأول بعض صيغها.

التسليم وأنواعه

175 - وأن يستعيذ بالله من أربع فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال" (¬1). الدعاء قبل السلام: 176 - ثم يدعو لنفسه بما بدا له مما ثبت في الكتاب والسنة، وهو كثير طيب، فإن لم يكن عنده شيء منه، دعا بما تيسر له مما ينفعه في دينه أو دنياه. التسليم وأنواعه: 177 - ثم يسلم عن يمينه، وهو ركن، حتى يرى بياض خده الأيمن. 178 - وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر، ولو في صلاة الجنازة. ¬

(¬1) فتنة (المحيا) هي: ما يعرض للإنسان في حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها. وفتنة (الممات) هي: فتنة القبر وسؤال الملكين. و (فتنة المسيح الدجال): ما يظهر على يديه من الخوارق التي يضل بها كثير من الناس ويتبعونه على دعواه الألوهية.

179 - ويرفع الإمام صوته بالسلام إلا في صلاة الجنازة. 180 - وهو على وجوه: الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عن يمينه. السلام عليكم ورحمة الله، عن يساره. الثاني: مثله، دون قوله وبركاته. الثالث: السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه. السلام عليكم، عن يساره. الرابع: يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل به إلى يمينه قليلا.

الخاتمة

أخي المسلم هذا ما تيسر لي من "تلخيص صفة صلاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" محاولا بذلك أن أقربها إليك، حتى تكون واضحة لديك، ماثلة في ذهنك، وكأنما تراها بعينك. فإذا أنت صليت نحو ما وصفت لك من صلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإني أرجو من الله تعالى أن يتقبلها منك، لأنك بذلك تكون قد حققت فعلا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صلوا كما رأيتموني أصلي". ثم عليك بعد ذلك أن لا تنسى الاهتمام باستحضار القلب والخشوع فيها، فإنه هو الغاية الكبرى من وقوف العبد بين يدي الله تعالى فيها، وبقدر ما تحقق في نفسك من هذا الذي وصفت لك من الخشوع والاحتذاء بصلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يكون لك من الثمرة المرجوة التي أشار إليها ربنا تبارك وتعالى بقوله: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر}. وختاما، أسأل الله تعالى أن يتقبل منا صلاتنا، وسائر أعمالنا، ويدخر لنا ثوابها إلى يوم نلقاه {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. والحمد لله رب العالمين.

§1/1