تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة

ابن الدَّهَّان

الجزء 1

(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) " رب يسر وأعن وتمم بِخَير فِي عَافِيَة، واعف عَنَّا، وصل على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وعترته وَسلم ": {الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله لقد جَاءَت رسل رَبنَا بِالْحَقِّ} ، اللَّهُمَّ إِنَّا نحمدك على توفيقنا لحمدك وتأهيلنا لفهم خطابك، وانقيادنا إِلَى طَاعَتك وهدايتنا بِخَاتم أنبيائك وَسيد أصفيائك مُحَمَّد النَّبِي عَلَيْهِ أفصل سلامك، وعَلى آله وَصَحبه وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان، كَانَ الْوَالِد رَضِي الله عَنهُ يخْتَار لي مَا يخْتَار الْأَب الْبر لوَلَده من سعادتي الْآخِرَة وَالدُّنْيَا، فأداه اجْتِهَاده إِلَى شغلي بالفقه الْجَامِع لما قصد لَهُ، ذَاك والطين رطب، وَالْعود بمائه؛ وَلِأَن كل امْرِئ ميسر لما خلق لَهُ، صرفت عَن هَذَا الْقَصْد أزمة الْقدر حَتَّى

عَسى الْعود، وعاصى الطائع، فندمت حِين لات مندم: (وأصبحت من ليلى الْغَدَاة كناظر ... مَعَ الصُّبْح فِي أعقاب نجم مغرب) وَلَا أَشك أَن ببركة همة الْوَالِد - رَحمَه الله تَعَالَى - مَا وهب لي على الْكبر، عبد من عبيد الرَّحْمَن المنتمين إِلَيْهِ، الراغبين فِيمَا لَدَيْهِ، فأرغد العيشة، وهنأ الْمَعيشَة.

فحين أويت إِلَى ظله، وعلقت بمرير حبله، فرغني للاشتغال وأعانني بخلو البال، وَوَجَدته قد اقتنى مَعَ الذّكر الْجَمِيل كتبا تشهد بفضله فاتخذتها ذَرِيعَة إِلَى تدارك ذَلِك الْمَقْصد وَالله الْمُوفق، ثمَّ جمعت هَذِه الأوراق ووسمتها بتقويم النّظر، تشْتَمل على مسَائِل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة بعد مُقَدمَات تعين على النّظر فِي ذَلِك، وَجَعَلته يشْتَمل على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة مقدما مَذْهَب الشَّافِعِي (رَضِي الله عَنهُ وحجته) لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " قدمُوا قُريْشًا وَلَا تقدموها، وتعلموا من قُرَيْش وَلَا

تعالموها، فعالمها يمْلَأ الأَرْض علما "، وَوجدنَا هَذَا الْعَالم هُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الْعَبَّاس بن عُثْمَان بن شَافِع بن السايب بن عُبَيْدَة بن عبد يزِيد بن هَاشم بن الْمطلب بن عبد منَاف، (وَفِي عبد منَاف) يجْتَمع مَعَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ومولده رَضِي الله عَنهُ بغزة فِي سنة قن، ووفاته سنة رد، وتربته الطاهرة بِمصْر. وَقيل لبَعض الْقصاص: مَا السِّرّ فِي قصر عمر الشَّافِعِي؟ ، فَقَالَ: حَتَّى لَا يزَالُوا مُخْتَلفين، وَلَو طَال عمره رفع الْخلاف، وأردفت الجداول بجدول يشْتَمل على تواريخ وَفَاة جمَاعَة من الصَّحَابَة (رضوَان الله عَلَيْهِم) وَالْأَئِمَّة وَالْفُقَهَاء، والأنبه الأنبه فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة (رَحْمَة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ)

وَالله (تَعَالَى) الْمعِين. مُقَدّمَة - اللَّفْظ قالب الْمَعْنى، ومركبه الموصله إِلَى الذِّهْن، وَقد خص اللِّسَان الْعَرَبِيّ بأفصح اللَّفْظ، وَبِه خوطبنا فِي عزيزي الْكتاب وَالسّنة، فاللفظ يعبر عَمَّا فِي الذِّهْن، وَمَا فِي الذِّهْن مِثَال للمعبر عَنهُ، وَالْكِتَابَة تنوب عَن الْعبارَة، والعبارة مَجْمُوع أَلْفَاظ مفيدة، واللفظة مركبة من حُرُوف، والحروف تَنْقَسِم إِلَى صامتة ومصوته، فالصامت مَا يتَمَكَّن من مطلعه ويتميز بِهِ الصَّوْت مثل س ع د، والمصوت مَا يخرج فِي الْهَوَاء فَيحمل الْحَرْف الصَّامِت إِلَى السّمع كالضمة والفتحة والكسرة الَّتِي (مَتى مطلت) صَارَت واي، وَمن الْأَلْفَاظ والحروف المقاطع، والمقاطع تَنْقَسِم إِلَى خَفِيفَة وثقيلة، فالخفيف تركب من حرفين صَامت ومصوت، والثقيل من صامتين ومصوت؛ لِأَن المصوت. أما أَن ينْطق بِهِ فِي أقصر زمَان يكون فِيهِ اتِّصَال الصَّامِت (إِلَى الصَّامِت) أَو إِلَى السّمع وَهُوَ المقطع الْمَقْصُور وَالسَّبَب الْخَفِيف الْعَرُوضِي مثل لن. وَأما أَن ينْطق بِهِ فِي ضعف الزَّمَان أَو إضعافه وَيُسمى مقطعا مسدودا (وَهُوَ) الوتد المفروق الْعَرُوضِي مثل: فاع، ولهذه الْحُرُوف

مخارج هَذِه صورتهَا: 1 - (من أقْصَى الْحلق، هـ آهمزة) . 2 - (بعده من جِهَة الْفَم، ع ح) . 3 - (بعده، غ خَ) . 4 - (من أقْصَى اللِّسَان وَمَا فَوْقه من الحنك، ق) . 5 - (أَسْفَل من ذَلِك قَلِيلا، ك) . 6 - (من وسط اللِّسَان بَينه وَبَين الحنك، ج ش ي) . 7 - (من دون حافة اللِّسَان والأضراس، ض) . 8 - (من حافة اللِّسَان أدناها إِلَى مُنْتَهى طرفه، ل) . 9 - (فَوق ذَلِك فويق الثنايا، ن) . 10 - (أَدخل من ذَلِك إِلَى طرف اللِّسَان منحرفا، ر) . 11 - (من طرف اللِّسَان وأصول الثنايا، ط د ت) . 12 - (من بَين طرف اللِّسَان فويق الثنايا السُّفْلى، ز س ص) . 13 - (مَا بَين طرف اللِّسَان وأطراف الثنايا، ظ ث ذ) . 14 - (من بَاطِن الشّفة السُّفْلى وأطراف الثنايا الْعليا، ف) . 15 - (من الشفتين، ب م و) . 16 - (من الخياشيم، التَّنْوِين) .

تفهيم: حاسة السّمع أحد الْحَواس الْخمس وتعجز عَن إِدْرَاك البسائط، فحروف المعجم مَا لم يتركب، لَا يُمكن إِدْرَاكهَا بِالسَّمْعِ وَلَا إيرادها بِآلَة النُّطْق واحتيج إِلَى تعرف الْحُرُوف البسيطة فَرَكبُوا مَعَ الْحَرْف الْبَسِيط حروفا أخر وَجعلُوا الْجُمْلَة اسْم ذَاك الْحَرْف الْبَسِيط؛ وَلِأَنَّهُ مُهِمّ صدرُوا الْجُمْلَة بِهِ فولك عين هُوَ اسْم الْحَرْف الْأَوْسَط من سعد.

فصل في عيوب اللسان

(فصل فِي عُيُوب اللِّسَان) الرتة كَالرِّيحِ تمنع أول الْكَلَام، فَإِذا جَاءَ اتَّصل. التمتمة التَّرَدُّد فِي التَّاء. الفأفأة التَّرَدُّد فِي الْفَاء. العقلة التواء اللِّسَان عِنْد إدارة الْكَلَام. الحبسة تعذر الْكَلَام عِنْد إدارته. اللفف إِدْخَال حرف فِي حرف. الغمغمة أَن تسمع الصَّوْت وَلَا (يتَبَيَّن لَك) تقطيع الْحُرُوف. وَقَرِيب مِنْهُ الدندنة. الطمطمة أَن يكون الْكَلَام شَبِيها بِكَلَام الْعَجم. اللكنة أَن تعترض على الْكَلَام عجمة. اللثغة أَن تعدل بِحرف إِلَى حرف. الغنة أَن يشوب الْحَرْف صَوت الخياشيم، الخنة أَشد مِنْهَا، التَّرْخِيم حذف الْحَرْف أَو تخفيفه. الحكلة نُقْصَان آلَة النُّطْق حَتَّى لَا تعرف مَعَانِيه إِلَّا بالاستدلال، وَبَعض مَا قدمْنَاهُ يكون خلقَة، وَبَعضه عَادَة، وَمِنْهَا مَا هُوَ غريزي. يُقَال: إِن الرتة كَثِيرَة فِي الْأَشْرَاف من ولد سُلَيْمَان بن صَالح بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس، أعدتهم من

أم صفدية. وَفَائِدَة هَذَا الْفَصْل أَن تمرن اللِّسَان على الْحَرْف الأقوم بِالتَّصَرُّفِ فِي المحاورات ومفاوضة الفصحاء، وَقد قَالَ بَعضهم: (وأفتح بالْكلَام عرى لساني ... وأكره عجمة أَن تعتريني) (فقد لانت حَوَاشِيه ورقت ... جوانبه على كل الْفُنُون) وَمن عُيُوب الخطابة الاسْتِرَاحَة إِلَى كلمة يخْشَى بهَا درج الْكَلَام، والسعلة، والعبث بِالْوَجْهِ، وَقد عيب خطيب بذلك فَقيل: (مَلِيء ببهر والتفات وسعلة ... ومسحة عثنون وفتل الْأَصَابِع) مُقَدّمَة: ركب من الْحُرُوف ثَلَاثَة أَنْوَاع من الْكَلم عمادها، نوع فِيهَا يلقب بِالِاسْمِ وَهُوَ أَكْثَرهَا دورا فِي الْكَلَام؛ لِأَنَّهُ يخبر بِهِ وَعنهُ، وَهُوَ يدل على معنى غير مقترن بِزَمَان، وَالِاسْم بِذَاتِهِ وَبِمَا يعرض لَهُ من الْحُرُوف يدل على الْمعَانِي،

ذَلِك لِأَن الْمعَانِي أَكثر من الْأَلْفَاظ؛ لِأَن الْأَلْفَاظ مَا ظهر مِنْهَا فقد تناهى بِالْفِعْلِ وَمَا لم يظْهر فَهُوَ متناه بِالْقُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ يتركب من حُرُوف تتناهى بِالْفِعْلِ والمعاني لَا نِهَايَة لَهَا، ثمَّ يَتْلُو الِاسْم فِي الرُّتْبَة الْفِعْل وَهُوَ لفظ يخبر بِهِ وَلَا يخبر عَنهُ، وَيدل على معنى وزمان ذَلِك الْمَعْنى. ويتلوه فِي الرُّتْبَة الْحَرْف وَهُوَ لفظ يَجِيء بَين الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فيربط الْبَعْض بِالْبَعْضِ وَيحدث فِيهَا مَعَاني وَيحسن وصفهَا وَيُسمى الأداة. مُقَدّمَة: والكلم يَنْقَسِم إِلَى مُفْرد ومركب ومؤلف، فالمفرد هُوَ الَّذِي يدل على معنى وَلَا جُزْء من أَجْزَائِهِ يدل على شَيْء أصلا مَا دَامَ جزءه مثل مَسْعُود، فَإِنَّهُ يدل على معنى وليكونا من عود لَا يدلان على شَيْء أصلا مَا دَامَ جُزْءا الِاسْم، وَالِاسْم الْمركب يَنْبَنِي من لفظتين أَو أَكثر، لَكِن قوته قُوَّة الْمُفْرد كَقَوْلِك عبد الله وَعبد الْملك. والمؤلف هُوَ الْمركب من لفظتين أَو أَكثر

وَيدل على معنى والألفاظ الَّتِي مِنْهَا ألف تدل على أَجزَاء الْمَعْنى كَقَوْلِك: قَامَ زيد. مُقَدّمَة: وَالِاسْم يَنْقَسِم إِلَى جزئي وكلي. فالجزئي لَا يصلح أَن يشْتَرك فِيهِ كَثِيرُونَ كَقَوْلِك زيد، وَهَذَا الرجل. والكلي هُوَ الَّذِي يصلح أَن يشْتَرك فِيهِ كَثِيرُونَ كَقَوْلِك الْإِنْسَان، وَالْبيع فَإِنَّهُ يدْخل تَحت هَذِه اللَّفْظَة كَثْرَة، وَقد يمْنَع عَن الْكَثْرَة أَمر وجودي، وَالْعبْرَة بِكَوْن اللَّفْظَة كُلية لَا بِالْأَمر الوجودي، فَإِن الشَّمْس لَفْظَة كُلية، وَإِن لم يكن فِي الْوُجُود غير شمس وَاحِدَة. مُقَدّمَة: وينقسم الِاسْم إِلَى مُحَصل وَغير مُحَصل، فالمحصل هُوَ الْمَوْضُوع لمسماه كَقَوْلِك زيد والعالم، وَغير المحصل هُوَ اسْم قرن بِهِ حرف نفي فَصَارَ يدل على أَصْنَاف عدم الِاسْم الَّذِي قرن بِهِ، مِثَاله: لَا عَالم، وَيسْتَعْمل كثيرا فِي الفارسية كَقَوْلِهِم: ناجوا مرد، وَقَول الْفَقِيه لَا جَائِز أَن يُقَال اسْم غير مُحَصل.

مُقَدّمَة: وتنقسم الْأَسْمَاء إِلَى متباينة ومترادفة ومشتركة ومتواطئ، فالمتباينة هِيَ الَّتِي تخْتَلف اسْما وَاحِدًا كزيد وَالْحجر، وَقد يتَّفق الاسمان فِي الْمَادَّة والتركيب وهما متباينان وَيحسن إيرادهما فِي الْجمل كَقَوْل الشَّاعِر: (لَك الشُّكْر مني وَالثنَاء مخلدا ... وَشعر كموج الْبَحْر يصفو وَلَا يصغي) والمترادفة هِيَ المتفقة حدا الْمُخْتَلفَة اسْما كَالْخمرِ وَالْعَقار، وَيَقَع مِنْهَا نوع مشكك، وَهُوَ أَن يعتور على الْمُسَمّى الْوَاحِد اسمان أَحدهمَا مقتضب لَهُ وَالْآخر لصفة فِيهِ كالسيف والصارم، وَقد يكونَانِ بِحَسب صفتين كالصارم والحسام، وَقد يكونَانِ بِحَسب صفة وَنسبَة كالصارم والمهند فتظن مترادفة وَلَيْسَت كَذَلِك. والمشتركة هِيَ: الَّتِي تتفق اسْما وتختلف حدا كالعير للعظم الناتئ فِي الْقدَم ولحمار الْوَحْش، وَقد يُقَال على الضدين كالقرء للطهر وَالْحيض،

فدليل الطُّهْر بَيت الأعشق: (مورثة مَالا وَفِي الْحَيّ رفْعَة ... لما ضَاعَ فِيهَا من قرؤ نسائكا) وَالْحق أَنه للْوَقْت يُطلق تَارَة على الطُّهْر، وَتارَة على الْحيض، قَالَ خَالِد الْهُذلِيّ: (كرهت الْعقر عقر بني تَمِيم ... إِذا هبت لقاريها الرِّيَاح)

أَي لوَقْتهَا، وَكَذَلِكَ شعبت الشَّيْء أصلحته، وشعبته فرقته، وَمِنْه سميت الْمنية شعوبا، وَقَالَ عَليّ بن الغدير الْعَنزي: (وَإِذا رَأَيْت الْمَرْء يشعب أمره ... شعب الْعَصَا ويلج فِي الْعِصْيَان) (فاعمد لما تعلو فَمَا لَك بِالَّذِي ... لَا تَسْتَطِيع من الْأُمُور يدان) وَيحسن إِيرَاد الْكَلِمَتَيْنِ المشتركتين فِي الْجمل الشعرية والخطابية، قَالَ الشَّاعِر: (وَمَا كنت أخْشَى أَن أرى لرماحكم ... عوامل فِي الهيجاء غير عوامل) والنمط من الْكَلَام الْمُسَمّى مجونا أَكْثَره بالأسماء الْمُشْتَركَة. وَأما المتواطئة، فَهِيَ الَّتِي تتفق اسْما وَاحِدًا كالحيوان الْمَقُول على

الْإِنْسَان وَالْفرس. وَيَقَع التشكيك أَيْضا فِي هَذَا الْقسم إِذا كَانَ الِاسْم يَقع على الْقسمَيْنِ لكنه لأَحَدهمَا أولى أَو أول كالموجود إِذا قيل على أَب وَابْن، فَإِنَّهُ للْأَب أول وَكَذَلِكَ فِيمَا يقبل الأشد والأضعف كالبياض للثلج، والعاج. تفهيم: وتلتحق بالمقدمة السَّابِقَة الْأَسْمَاء المنقولة والمستعارة والمصرفة، فَأَما المنقولة فَهِيَ الَّتِي تكون بِالْوَضْعِ الأول لشَيْء ثمَّ تنقل إِلَى شَيْء آخر لنَوْع مشابهة، كَمَا نقل اسْم الصَّلَاة عَن الدُّعَاء إِلَى هَذِه الْعِبَادَة، وَشَاهد الدُّعَاء قَول الشَّاعِر: (لَهَا حارس لَا يبرح الدَّهْر دنها ... إِذا ذبحت صلى عَلَيْهَا وزمزما) وَكَذَلِكَ الصَّوْم كَانَ للإمساك، ثمَّ نقل إِلَى هَذَا النّسك، وَدَلِيل الْإِمْسَاك

قَول الشَّاعِر: (خيل صِيَام وخيل غير صَائِمَة ... تَحت العجاج وَأُخْرَى تعلك اللجما) وَحقّ الْمَنْقُول إِلَى صناعَة أَو نحلة أَن يسْتَعْمل فِيهَا على مَا نقل إِلَيْهِ، إِلَّا أَن يصرف عَن ذَلِك صَارف. والمستعارة مثل المنقولة إِلَّا أَن المنقولة تثبت فِيمَا نقلت إِلَيْهِ بِخِلَاف المستعارة، وَمن الِاسْتِعَارَة خفض جنَاح الذل واشتعال الرَّأْس وإقفال الْقُلُوب، وتحسن الِاسْتِعَارَة فِي الْعبارَة كَقَوْل الشَّاعِر: (مرت بِنَا تختال فِي أَربع ... يَأْكُل مِنْهَا بَعْضهَا بَعْضًا) وَقَول الآخر: (فَقَالَت صه يَا ويج غَيْرك إِنَّنِي ... سَمِعت حَدِيثا بَينهم يقطر الدما) وَأما المصرفة فَهِيَ المشتقة كالفقه والفقيه وتحسن أَيْضا فِي الْجمل الخطابية كَقَوْل الشَّاعِر: (من يعتفى الْعَافِي لِحَاجَتِهِ ... وَمن يأوى إِلَيْهِ المعتم المعتام)

مُقَدّمَة: إِذا كَانَ فِي طبيعة شَيْء أَن يُوجد فِي شَيْء، فَإِن كَانَ مَوْجُودا فِيهِ سمي مَوْجُودا بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَوْجُود بِالْقُوَّةِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} ، وَقَالَ الرضي يصف قضبان الْكَرم: (يحملن أوعية المدام كَأَنَّمَا ... يحملنها بأكارع النفران) تفهيم: إِذا قدمت شَيْئا وأخبرت عَنهُ بِشَيْء قسم الْمخبر عَنهُ الْمَوْضُوع، وَالْخَبَر الْمَحْمُول، وَالْجُمْلَة قَول جازم، وَهُوَ الَّذِي يتَطَرَّق عَلَيْهِ الصدْق وَالْكذب هَذَا مَتى اعْتبرت الْجُمْلَة مُرْسلَة، وَمَتى اعْتبرت من جِهَة حَاجَتهَا إِلَى برهَان سميت دَعْوَى، وَمَتى أخذت على سَبِيل التَّسْلِيم لينبني عَلَيْهَا غَيرهَا سميت مصادرة، وَمهما اعْتبرت من جِهَة الِاسْتِعْمَال فِي تأليف الْقيَاس سميت مُقَدّمَة، وَمَتى اعْتبرت من جِهَة أَنَّهَا صحت ببرهان سميت نتيجة،

كَهَذا الشَّخْص إِن اعْتبر بِنَفسِهِ سمي إنْسَانا، وبإضافته إِلَى ابْنه أَبَا وَإِلَى أَبِيه ابْنا، وَإِلَى عَبده مولى، وَإِلَى مَوْلَاهُ عسيفا، والقضية تقال على جَمِيع الْأَخْبَار الجازمة. مُقَدّمَة: إِذا تواردت الصِّفَات على شَيْء، فَمَا قوام ذَلِك الشَّيْء بِهِ مِنْهَا فَهُوَ الْوَصْف الذاتي لذَلِك الشَّيْء، وَمن خَواص هَذَا الْوَصْف أَنَّك إِذا أخطرته وأخطرت الْمَوْصُوف بِهِ ببالك لم يكن أَن تعرف الْمَوْصُوف إِلَّا وَقد عرفت هَذَا الْوَصْف، وَقد تكون للشَّيْء أَوْصَاف ذاتية فَوق وَاحِد، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فأعم الوصفين الواردين على الشَّيْء هُوَ جنسه، وأخصهما نَوعه، وَالْوَصْف الَّذِي يتَمَيَّز بِهِ الْأَخَص من الْأَعَمّ يُسمى فصلا، وَمَا لَيْسَ قوام الشَّيْء إِلَّا بِهِ يُسمى عرضيا، وَهَذَا العرضي مِنْهُ مَا يكون شَدِيد اللُّزُوم للمتصف بِهِ، وَمِنْه مَا هُوَ سهل اللُّزُوم، ثمَّ العرضي يَنْقَسِم إِلَى مَا يُوصف بِهِ نوع وَاحِد وَيُسمى خَاصَّة وَإِلَى مَا يُوصف بِهِ أَكثر من نوع وَيُسمى عرضا عَاما، فالصفات الواردات على الموصوفات تَنْقَسِم إِلَى الْأَجْنَاس والأنواع والفصول والخواص وَالْعرض الْعَام.

فالجنس أَعم كليتين ذاتيتين يحسن أَن يُقَال كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي جَوَاب مَا هُوَ، وَالنَّوْع أخصهما، والفصل هُوَ الذاتي الْمُفْرد الَّذِي يُمَيّز النَّوْع عَن قسمه فِي جنسه، والخاصة هُوَ الْوَصْف الْمُمَيز، لَكِن لَا تميز ذاتيا، والعرضي هُوَ الَّذِي يكون وَيبْطل مَعَ بَقَاء الْمَوْصُوف. مُقَدّمَة: " للفظة ثَلَاث دلالات: دلَالَة الْمُطَابقَة وَهِي: دلالتها على مَا وضعت لَهُ. وَدلَالَة تضمين وَهِي دلالتها على مَا يشْتَمل عَلَيْهِ مسماها من أَبْعَاضه. وَدلَالَة الْتِزَام وَهِي دلالتها على مَا تستتبعه من الْمعَانِي اللاحقة بِالْمُسَمّى كالشهد يدل على الضَّرْب دلَالَة مُطَابقَة، وعَلى الشمع دلَالَة تضمين، وعَلى الخلية دلَالَة الْتِزَام، والمستعمل فِي الْعُلُوم دلَالَة التَّضْمِين، والمطابقة ".

مُقَدّمَة: الْقيَاس قَول مؤلف من أَقْوَال يلْزم عَنْهَا بِنَفسِهَا قَول آخر دَائِما، وَهُوَ فِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء: رد فرع إِلَى أصل بعلة جَامِعَة، وعَلى طَرِيق الاتساع هُوَ تشرف الذِّهْن من مَعْلُوم، إِلَى مَعْلُوم وَبِه يقتنص الْعلم الْمُسَمّى معرفَة المتعدى إِلَى مفعولين، فَإِن الْعلم صنفان تصور وتصديق، فالتصور علم مَا الشَّيْء، والتصديق علم نِسْبَة المتصورات بَعْضهَا إِلَى بعض؛ وَهَذَا الْعلم للغرائز موهبة إلاهية، وَالْإِنْسَان يعلم بِهَذِهِ الغريزة، وَلَا يعلم كَيفَ علم كَمَا يبصر بِالْقُوَّةِ الباصرة، وَلَا يعلم الإبصار، وَكَذَلِكَ الشَّاعِر ينظم الْبَيْت ذَا الْوَزْن وَلَا يعلم الْعرُوض، فالقايس فِي الْعُلُوم وَلم يقدم معرفَة الْقيَاس كالفارض من غير أَن يعلم الْفُرُوض، وَفرق بَين من يعلم الْعلم، وَمن يعلم مَعَ ذَلِك علم الْعلم. وأنواع الأقيسة ثَلَاثَة: الحملي، والشرطي الْمُتَّصِل، والشرطي الْمُنْفَصِل، ويلتحق بهَا قِيَاسا الْخلف والاستقراء. مُقَدّمَة: إِذا عرف الْمُسَمّى بسمة مقتضية لَهُ سميت اسْما محصلا، وَإِن عرف بضدها سمي لقبا عدميا، وَإِن قرن بِالِاسْمِ المحصل حرف سلب وَجعل مَعَه

كالشيء الْوَاحِد سمي بِالِاسْمِ الْغَيْر مُحَصل، وبالمعدول، فَإِذا قيل بيع صَحِيح فقد سمي باسم مُحَصل، وَإِذا قيل فَاسد فقد وصف بِصفة عدمية، وَإِذا قيل غير صَحِيح فقد وصف بِصفة معدولة، وَكَثِيرًا يحْتَاج إِلَى الِاسْم المعدول فِي نظم الأقيسة فِي مضايق الْمُقدمَات الَّتِي لَا تحْتَمل السَّلب، وَالِاسْم المعدول يدل على أَصْنَاف عدم ذَلِك الِاسْم المحصل. مُقَدّمَة: مَتى أجريت شَيْئَيْنِ فِي معرض الحكم، فَأَما أَن تحكم بِأَحَدِهِمَا على جَمِيع الآخر أَو على بعضه، وَإِمَّا أَن تَنْفِي أَحدهمَا عَن جَمِيع الآخر، أَو عَن بعضه، فالنفي وَالْإِثْبَات كَيْفيَّة الْقَضِيَّة وَالْكل والجزء كمية الْقَضِيَّة وَيُسمى الدَّال على الْقَضِيَّة أسوارا فسور الْكُلِّي الْمُوجب كلي، وسور الْكُلِّي السالب لَا وَاحِد وَلَا شَيْء، وسور

الجزئي الْمُوجب بعض كَذَا وَكَذَا، وسور الجزئي السالب لَيْسَ بعض كَذَا وَكَذَا، ويلتحق بذلك أَلْفَاظ تتعارف بهَا ويصطلح عَلَيْهَا مثل: ثلة، وَطَائِفَة، وَسَائِر بِمَعْنى الْبَاقِي، وقاطبة، وكافة، وَمَا عرف بِالْألف وَاللَّام إِن لم يرجع إِلَى مَعْهُود سائق فَهُوَ صَالح للدلالة على الْكل وَصَالح للدلالة على الْكل وَصَالح للدلالة على الْبَعْض فَهُوَ فِي قُوَّة الجزئي والشخصي فِي الْمَعْنى الرَّاجِح إِلَيْهِ كالكلي فِي الْمَعْنى الرَّاجِع إِلَى طبيعة الْكُلِّي. مُقَدّمَة: أقل مَا تلتئم الْقَضِيَّة من جزءين؛ مَوْضُوع ومحمول، وَيدخل بَين الْمَوْضُوع والمحمول لفظ كالجامعة بَينهمَا تسمى رِبَاطًا،

والمحمول قَلما تسْتَعْمل فِي الْعَرَبيَّة وَهِي لَفْظَة هُوَ وتوجد وَمَا أعطي هَذَا الْمَعْنى، فَإِذا اسْتعْملت الْقَضِيَّة مُرْسلَة سميت ثنائية، وَإِذا دخل بَينهمَا الرِّبَاط سميت ثلاثية، وتلحق الْقَضِيَّة لَفْظَة أُخْرَى تدل على كَون الْمَوْضُوع للمحمول على أَي جِهَة هُوَ وَتسَمى الْجِهَة وَتَكون إِمَّا ضَرُورِيَّة أَو ممتنعة أَو مُمكنَة؛ أَعنِي نِسْبَة الْمَحْمُول إِلَى الْمَوْضُوع والممكن بِالِاسْتِعْمَالِ الْعَاميّ هُوَ غير الْمُمْتَنع، فَإِذا اسْتعْمل كَذَلِك دخل الْوَاجِب فِيهِ، فَإِن الْوَاجِب غير مُمْتَنع وَهُوَ بِالِاسْتِعْمَالِ الْخَاص بِمَعْنى غير الْمُمْتَنع وَغير الضَّرُورِيّ. مُقَدّمَة: الْقَضِيَّة تكون على وجود الشَّيْء كقضيتنا على وجود بيع مُطلق، وعَلى جوهره كَقَوْلِنَا: هَذَا الدِّينَار ذهب، وعَلى كميته كَقَوْلِنَا: خمس مائَة رَطْل، وعَلى كيفيته كَقَوْلِنَا: المَاء الْمُطلق طهُور، وعَلى إِضَافَته كَقَوْلِنَا: الإِمَام تجاه الْقبْلَة، وعَلى مَكَانَهُ كَقَوْلِنَا: الْكَعْبَة بِمَكَّة حرسها الله تَعَالَى، وعَلى زَمَانه كَقَوْلِنَا: ولد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَام الْفِيل، وعَلى وَضعه كَقَوْلِنَا فلَان ساجد، وعَلى مَا يفعل كَقَوْلِنَا: يُصَلِّي، وعَلى مَا يفعل بِهِ كَقَوْلِنَا: يكرم، وعَلى مَا هُوَ لَهُ كَقَوْلِنَا متختم.

مُقَدّمَة: نذْكر هَهُنَا تقَابل القضايا وَهِي الَّتِي تستوي فِي الْمَوْضُوع والمحمول، وكل قضيتين متقابلتين فإمَّا أَن تَكُونَا شخصيتين، أَو مهملتين، أَو متضادتين، أَو تَحت التضاد، وَإِمَّا متناقضتين، وَإِمَّا متداخلتين، فالشخصيتان هما اللَّتَان موضوعهما شخص، والمهملتان اللَّتَان لم يتَبَيَّن قدر الحكم فيهمَا، والمتضادتان المختلفتان كَيْفيَّة المتفقتان كمية، وَمَا تَحت التضاد كَذَلِك، وَالْفرق بَينهمَا: أَن المتضادتين كليتان، واللتان تَحت التضاد جزئيتان، والمتناقضتان هما المختلفتان كمية وَكَيْفِيَّة، والتناقض أَشد عنادا من التضاد. مُقَدّمَة: وَهَذِه القضايا تنْقَلب بِأَن تجْعَل مَوْضُوع الْقَضِيَّة مَحْمُولا ومحمولها مَوْضُوعا، فَإِن بَقِي صدقهَا عَلَيْهَا فَهِيَ منعكسة، وَالَّتِي تنعكس مثل نَفسهَا السالبة الْكُلية، وَالَّتِي لَا تنعكس أصلا السالبة الْجُزْئِيَّة، وَأما الْمُوجبَة الْكُلية، والموجبة الْجُزْئِيَّة، فَكل وَاحِدَة مِنْهُمَا تنعكس مُوجبَة جزئية.

مُقَدّمَة: من هَاهُنَا نجْعَل الْأَمْثِلَة بالحروف الخالية عَن معنى حَتَّى إِذا أنتجت أنتجت بِنَفسِهَا، لَا لمادة وجودية وَهِي مَعَ ذَلِك أخصر ووزانها الْأَشْيَاء الَّتِي يستعملها الحاسب فِي اسْتِخْرَاج المجهولات. مُقَدّمَة: فِي تركيب الْقيَاس الحملي وَصورته، يتركب من مقدمتين وَأَرْبَعَة حُدُود، مِنْهَا حد مُكَرر، وَهَذَا الْحَد المكرر يُقَال لَهُ الْحَد الْأَوْسَط وَهُوَ الْوَصْف الْجَامِع، وينتج هَذَا التَّرْكِيب قَضِيَّة هِيَ النتيجة، ويشتمل على جزءين هما الواردان فِي المقدمتين مطيفين بِالْحَدِّ الْأَوْسَط، وَفِي كل مُقَدّمَة من مقدمتي الْقيَاس حد من حُدُود النتيجة وقرينة الْحَد الْأَوْسَط، فالمقدمة الَّتِي تشْتَمل على مَوْضُوع النتيجة هِيَ الْمُقدمَة الصُّغْرَى وبحق كَانَ ذَلِك؛ لِأَنَّهَا تشْتَمل على الْحَد الْأَصْغَر من حدي النتيجة؛ لِأَنَّهُ تَحت الْمَحْمُول، والمقدمة الْمُشْتَملَة على مَحْمُول النتيجة هِيَ الْمُقدمَة الْكُبْرَى؛ لِأَنَّهَا

تشْتَمل على الْحَد الْأَكْبَر من حدي النتيجة، وَهَذَا الْحَد الْأَوْسَط لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مَوْضُوعا فِي المقدمتين أَو مَحْمُولا فيهمَا أَو مَوْضُوعا فِي وَاحِدَة مَحْمُولا فِي الْأُخْرَى، وَلذَلِك تنوعت الأقيسة ثَلَاثَة أَنْوَاع، وَفِي الْمُمكن نوع آخر يتَوَلَّد من هَذَا النَّوْع الآخر قَلِيل الْفَائِدَة فِي الْعُلُوم فهجرناه. وَالنَّوْع الأول من المقاييس الحملية هُوَ الَّذِي يكون الْحَد الْأَوْسَط فِيهِ مَوْضُوعا فِي مُقَدّمَة مَحْمُولا فِي الْأُخْرَى، وَالثَّانِي الَّذِي يكون الْحَد الْأَوْسَط فِيهِ مَحْمُولا فِيهَا، وَالثَّالِث هُوَ الَّذِي يكون الْحَد الْأَوْسَط فِيهِ مَوْضُوعا فيهمَا، ونسمي هَذِه الْأَنْوَاع أشكالا، والممكن من تركيب كل شكل سِتَّة عشر اقترانا؛ لِأَن الْمُقدمَات أَربع كَمَا بَينا، فَإِذا امتزجت أحدثت هَذِه الاقترانات وَلَيْسَ كل هَذِه الْقَرَائِن مفيدة، بل الْمُفِيد من الشكل الأول أَرْبَعَة وَكَذَلِكَ من الثَّانِي. وَأما الثَّالِث، فالمنتج مِنْهُ سِتَّة، وَالشّرط الْعَام لهَذِهِ الأشكال أَلا تنْتج من سالبتين، وَلَا من جزئيتين، وَلَا من صغرى سالبة وكبرى جزئية، والنتيجة تتبع أخس المقدمتين. الشكل الأول: شَرطه أَن تكون صغراه مُوجبَة وكبراه كُلية وغايته

إنتاج المطالب الْأَرْبَعَة، وَهُوَ بَين بِنَفسِهِ وَبِه يتَبَيَّن ضروب الشكلين الآخرين. (الضَّرْب الأول: يتركب من موجبتين كلييتين 6 / ب) ، وينتج مُوجبَة كُلية، مِثَاله: كل أَب وكل ب ح ينْتج كل أح وَصورته: (الضَّرْب الثَّانِي: من كليتين كبراهما سالبة) وينتج كُلية سالبة. مِثَاله: كل أَب وَلَا شَيْء من ب ج فَلَا شَيْء من أج وَصورته:

الضَّرْب الثَّالِث: من موجبتين صُغْرَاهُمَا جزئية ينْتج مُوجبَة جزئية. مِثَاله: بعض أَب، وكل ب ج، فبعض أح وَصورته: الضَّرْب الرَّابِع: من صغرى مُوجبَة جزئية وكبرى سالبة كُلية ينْتج سالبة جزئية. مِثَاله: بعض أَب وَلَا شَيْء من ج ب ينْتج فَلَا شَيْء من أج. وَصورته: الشكل الثَّانِي: شَرطه أَن تخْتَلف مقدماته فِي الْكَيْفِيَّة وَتَكون الْكُبْرَى كُلية وغايته إنتاج السوالب. الضَّرْب الأول: من كليتين كبراهما سالبة تنْتج كُلية سالبة، مِثَاله: كل أَب وَلَا شَيْء من ح ب يَنْتَهِي فَلَا شَيْء من أح وَصورته:

الضَّرْب الثَّانِي: من كليتين الصُّغْرَى سالبة ينْتج سالبة كُلية، مِثَاله لَا شَيْء من أَب، وكل ج ب فَلَا شَيْء من أج وَصورته: وَإِن أردْت أَن تتبين نتائج الأشكال بإعادتها إِلَى الضَّرْب الأول فاعكس كبرى الضَّرْب الأول من هَذَا الشكل وصغرى الضَّرْب الثَّانِي، ثمَّ اعكس نتيجة الضَّرْب الثَّانِي، وَقد اتَّضَح الانتاج، وَلَعَلَّ التشكيل بالخطوط يَكْفِي لوُقُوع الْحس عَلَيْهِ ". الضَّرْب الثَّالِث: من صغرى مُوجبَة وكبرى سالبة كُلية ينْتج سالبة جزئية. مِثَاله بعض أَب وَلَا شَيْء من ج ب ينْتج فَلَيْسَ بعض أج. وَصورته: بَيَانِيَّة بعكس الْكُبْرَى.

الضَّرْب الرَّابِع: من صغرى سالبة جزئية وكبرى (مُوجبَة) كُلية تنْتج سالبة جزئية. مِثَاله: لَيْسَ كل أَب وكل ج ب فَلَيْسَ كل أج. وَصورته: وَهَذَا الضَّرْب إِنَّمَا يرجع إِلَى الأول بِالْفَرْضِ فمعلوم أَن الْبَعْض بإضافته إِلَى نَفسه كل فافرض ذَلِك الْبَعْض من أوليس هُوَ من ب ج، فَيصير لَا شَيْء من ب ج، وَقد عَاد إِذا إِلَى الشكل الأول بِأَدْنَى تَأمل. الشكل الثَّالِث: شَرطه أَن تكون صغراء مُوجبَة وَإِحْدَى مقدمته كُلية وغايته أَلا ينْتج كُلية.

الضَّرْب الأول: من كليتين موجبتين ينْتج مُوجبَة جزئية. مِثَاله كل ب أوكل ب ج فبعض أج، وَصورته 7 / أ. بَيَانه بعكس صغراء. يرجع إِلَى الضَّرْب الثَّالِث من الشكل الأول. الضَّرْب الثَّانِي: من كليتين الْكُبْرَى سالبه. مِثَاله: كل ب أَولا شَيْء من ب ج فَلَيْسَ كل أج وَصورته: وَيظْهر بعكس صغراء وَيرجع إِلَى رَابِع الأول.

الضَّرْب الثَّالِث: من موجبتين الصُّغْرَى جزئية (تنْتج مُوجبَة جزئية) . مِثَاله: بعض ب أَو كل ب ج فبعض أج، وَصورته: وَيظْهر بعكس الصُّغْرَى وإعادته إِلَى ثَالِث الأول. الضَّرْب الرَّابِع: من موجبتين الْكُبْرَى جزئية وينتج مُوجبَة جزئية. مِثَاله: كل ب أوبعض ب ج فبعض أج، وَصورته: وَيظْهر بعكس الْكُبْرَى ورده إِلَى ثَالِث الأول. الضَّرْب الْخَامِس: من صغرى مُوجبَة كُلية وكبرى سالبة جزئية (ينْتج سالبة جزئية) . مِثَاله: كل ب أوليس كل ب ج، فَلَيْسَ كل أج. وَصورته: وَهَذَا الضَّرْب يظْهر بالافتراض كَمَا دبر فِي رَابِع الشكل الثَّانِي. الضَّرْب السَّادِس: يتركب من مُوجبَة جزئية صغرى وسالبة كُلية كبرى

ينْتج سالبة جزئية. مِثَاله: بعض ب أَولا شَيْء من ب ج، فَلَيْسَ بعض أج. وَصورته: وَيظْهر لُزُوم هَذَا الشكل بعكس صغراه. وَاعْلَم أَن الشَّرْط الْعَام للأشكال أَلا تتركب من سالبتين وَلَا من جزئيتين، وَلَا من صغرى سالبة، وَلَا من كبرى جزئية وَجَمِيع الْقَرَائِن المنتجة فِي القياسات الحملية يَد قرينَة للكلي الْمُوجب أَمن الشكل الأول، وللكلي السالب وَاحِدَة من الشكل الأول، اثْنَتَانِ من الْكل الثَّانِي، وللجزئية الْمُوجبَة قَرَائِن وَاحِدَة من الشكل الأول وَثَلَاث من الشكل الثَّالِث، وللجزئي السالب قَرَائِن وَاحِدَة من الشكل الأول وَاثْنَتَانِ من الثَّانِي وَثَلَاث من الثَّالِث، وَكلما عز الْمَطْلُوب عز تولده، فَلذَلِك عز تولد الْكُلِّي الْمُوجب، ثمَّ بِالنِّسْبَةِ وَقد قيل:

(بغاث الطير أَكْثَرهَا فراخا ... وَأم الصَّقْر مقلاة نزور) وَقد جعلنَا للقرائن مِثَالا حسيا بوقعها تَحت الخيال. وَهَذِه صورته:

7 - / ب الشرطي الْمُتَّصِل يتركب من أَربع قضايا حملية تسمى الأوله مقدما، وَالثَّانيَِة تاليا، وتلتئم بِحرف شرطي ثمَّ يسْتَثْنى بقضية ثَالِثَة، أما الْمُقدم أَو التَّالِي أَو نقيض كل وحد مِنْهُمَا، والقضية الرَّابِعَة النتيجة لَكِن المنتج الْقطعِي عين الْمُقدم ونقيض التَّالِي إِلَّا أَن يكون التَّالِي مُسَاوِيا للمقدم فينتج بأقسام الْمُمكن الْأَرْبَعَة. مِثَاله: إِن كَانَ أَب فج د فَإِن قلت لَكِن أَب انتج فج د، وَإِن قلت لَكِن لَيْسَ ج د انتج فَلَيْسَ أَب. الشرطي الْمُنْفَصِل هُوَ الَّذِي تكون قضاياها متعاندة، وتعاندها على وَجْهَيْن: تَامّ وناقص، فالعناد التَّام أَن يكون الْمُقدم والتالي لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الشَّيْء الْوَاحِد وَلَكِن لَا بُد لذَلِك الشَّيْء من أَحدهمَا، كَقَوْلِك هَذَا المَاء إِمَّا طَاهِر وَإِمَّا نجس. والعناد النَّاقِص أَن يكون الْمُقدم والتال لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الشَّيْء، وَلَكِن قد يَخْلُو مِنْهُمَا كَقَوْلِك: إِمَّا أَن يكون المَاء طهُورا أَو نجسا، فالصنف الَّذِي عناده تَامّ نَوْعَانِ، وَذَلِكَ أَن الْجُزْء الثَّالِث وَهُوَ الْمُسْتَثْنى إِمَّا أَن يكون إِيجَاب الْمُقدم فينتج نفي التَّالِي، وَإِمَّا أَن يكون نفي الْمُقدم فينتج إِيجَاب التَّالِي،

(وَرُبمَا كَانَ) العناد التَّام فِي قضايا فَوق اثْنَتَيْنِ، كَقَوْلِنَا فِي العددين: إِمَّا أَن يَكُونَا متساويين أَو متداخلين أَو متباينين أَو متفقين، فَأَي قسم من هَذِه الْأَقْسَام أوجبناه نَفينَا مَا عداهُ، وَإِن نفيناه أبقينا وَاحِدًا من الثَّلَاثَة لَا بِعَيْنِه، وَأما العناد غير التَّام بَين شَيْئَيْنِ أَو أَشْيَاء فَأَيّهمَا أَوجَبْنَا نَفينَا الْبَوَاقِي، وَأما إِن نَفينَا شَيْئا لم يلْزم إِثْبَات الْبَوَاقِي. قِيَاس الْخلف: " تركيبه تركيب أحد الأقيسة السَّابِقَة، وَيكون فِي الحملي إِحْدَى مقدمتيه نقيض الْأَمر الْمَطْلُوب قرن بهَا قَضِيَّة ظَاهِرَة الصدْق، فَإِذا أنتج قَضِيَّة ظَاهِرَة الْكَذِب علمنَا أَنه قد انطوى مَعنا فِي الْقيَاس قَضِيَّة كَاذِبَة لَكِنَّهَا لَيست الظَّاهِرَة الصدْق بقيت الْأُخْرَى، فَهِيَ كذب فنقيضها صدق. مِثَاله: كأنا أردنَا أَن نبين أَن الْخمر نَجِسَة فأخذنا نقيض نَجِسَة، وَهُوَ غير نَجِسَة، وَمَعْلُوم أَن حمل غير النَّجس لَا يبطل الصَّلَاة، لَكِن حمل الْخمر يبطل الصَّلَاة، وَهَذَا كذب تطرق من قَوْلنَا الْخمر غير نَجِسَة فَهِيَ

إِذا نَجِسَة ". قِيَاس الاستقراء: هُوَ أَن تستقري صفة فتجدها فِي آحَاد نوع فتحكم بهَا على أشخاص ذَلِك النَّوْع. مثل: أَن تَجِد كتابا جمَاعَة يحركون أَيْديهم عِنْد الْكِتَابَة، فتحكم بِأَن كل كَاتب يُحَرك يَده، وَهَذَا الْقيَاس غير موثوق بِهِ، فَإِنَّهُ قد ينْدر شخص من أشخاص نوع فَلَا نحكم عَلَيْهِ بِمَا نحكم على بَاقِي النَّوْع كحجر المغناطيس الْمُنْفَرد عَن جَمِيع الْأَحْجَار باجتذاب الْحَدِيد. إِشَارَة إِلَى معارف تتداول بَين النظار: وَقيل إيرادها نقُول: إِن جَمِيع مَا قدمْنَاهُ من تركيب الأقيسة قَلما يسْتَعْمل مُفردا على الْقَاعِدَة الَّتِي ذَكرنَاهَا، أَو مُرَتبا ذَلِك التَّرْتِيب، بل تطوى مِنْهُ مُقَدمَات ونتائج وحدود؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَة عِنْد المتجادلين، أَو يقْصد

بذلك التغليط وَالْإِيهَام، وَقد يدْخل بَين الْمُقدمَات مَا 8 / 1 يشوش نظمها وَيسْتَعْمل قِيَاس فِي قِيَاس، وَيدخل الحملي فِي الشرطيات، والشرطيات بَعْضهَا فِي بعض، وَهَذَا القانون فِي الأقيسة مَنْقُول إِلَى اللُّغَة الْعَرَبيَّة، وَمَا زَالَت الْعَرَب تتجادل وتتحاور وَلم تقف على هَذَا القانون مَا ذَاك إِلَّا كَمَا كَانَت تنظم الْأَشْعَار، وَلم تقف على الْعرُوض، قد كَانَ شعر الورى صَحِيحا من قبل أَن يخلق الْخَلِيل، وكل من يعاني نظم الشّعْر لَا يحْتَاج عِنْد بنائِهِ إِلَى تعرف الْعرُوض، بل وَلَا يخطره بِبَالِهِ وَلَو أخطره بِبَالِهِ اخْتَلَّ عَلَيْهِ نظمه، وَمن يَده فِي ذَلِك يعلم مَا أَقُول، وَكَذَلِكَ المحاور المفاوض مَتى احْتَاجَ إِلَى إِثْبَات شَيْء قاضى مفاوضه فِيهِ إِلَى مَا يحكم بِهِ فهمهما على البديهة، وأجرى الأقيسة، وَلم يخْطر بِبَالِهِ هَذَا التَّرْتِيب، لَكِن إِن كَانَت

غريزته سليمَة فَهِيَ تجْرِي إِلَى هَذِه الأساليب وَينصب إِلَيْهَا ويساوقها، وَإِن لم يكن صَحِيح الغريزة دخل عَلَيْهِ من الْخلَل بِقدر مَا عجزت قريحته عَن الْمِيزَان الْحق، والمعيار الْمُسْتَقيم. تفهيم: مُقَدمَات الْقيَاس إِمَّا أَن تكون أَوَائِل عِنْد الْعقل، أَو محسوسات أَو مُتَلَقَّاة من عزيزي الْكتاب وَالسّنة، أَو مَأْخُوذَة عَن الْإِجْمَاع، أَو عَن إِمَام مُتبع، وَالْجُمْلَة مُقَدمَات الجدل تنجني مَا تتسلمه من خصمك وتتواطئان عَلَيْهِ، والنتيجة بِحَسب ذَلِك. تفهيم: الْفرق بَين برهاني الْعلَّة وَالدّلَالَة أَن برهَان الْعلَّة يكون الْحَد الْأَوْسَط فِيهِ هُوَ عِلّة الحكم، وَيكون برهَان الدّلَالَة معلولا ومسببا، وَالْعلَّة والمعلول متلازمان. مِثَال: قِيَاس الْعلَّة أَن يسْتَدلّ على شبع زيد بِأَكْلِهِ، وَقِيَاس الدّلَالَة أَن يسْتَدلّ على أكله بشبعه. تفهيم: أُمَّهَات المطالب أَربع: مطلب هَل سُؤال عَن الْوُجُود أَو عَن حَال

الْمَوْجُود، ومطلب مَا يُرَاد بِهِ بَيَان الِاسْم، أَو الْحَد أَو الرَّسْم، ومطلب أَي يطْلب بِهِ تميز مَا عرف جملَته عَمَّا اخْتَلَط بِهِ من جنسه وَجَوَابه بالفصول الذاتية والخواص، ومطلب لم يُرَاد بِهِ بَيَان عِلّة الشَّيْء. تفهيم: وَجه الدَّلِيل هُوَ الْمَعْنى الَّذِي يتفطن لَهُ الذِّهْن من الْوَصْف الْجَامِع بَين الْفَرْع وَالْأَصْل. تفهيم: الْأَمر هُوَ عبارَة عَن القَوْل الْمُقْتَضِي طَاعَة الْمَأْمُور بِفعل الْمَأْمُور بِهِ. تفهيم: الْعَام هُوَ اللَّفْظ الدَّال على شَيْئَيْنِ فَصَاعِدا، وَهُوَ أحد الْأَقْوَال الْكُلية، وأعم الْأُمُور الْأَجْنَاس ثمَّ الْأَنْوَاع الأرفع فالأرفع. تفهيم: الْمُطلق هُوَ اللَّفْظ الَّذِي يدل على ذَات وَاحِدَة لَا بِعَينهَا، بل بِاعْتِبَار حَقِيقَة شَامِلَة لجنس تِلْكَ الذَّات، كَقَوْلِنَا دِرْهَم، فَإِنَّهُ يتَنَاوَل درهما لَا بِعَيْنِه، نظرا إِلَى حَقِيقَة الدِّرْهَم الشاملة لكل دِرْهَم، وَهُوَ أَيْضا من الْأَقْوَال الْكُلية،

وَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ اسْم الْجِنْس، لَكِن الْفُقَهَاء كَذَا يعرفونه فَيبقى مُطلقًا إِلَى أَن يفْسد بِوَصْف، فَيُقَال دِرْهَم قروي فيتخصص بِهَذِهِ الصّفة وَيبقى مُطلقًا فِي الْوَصْف الْقَرَوِي. تفهيم: النَّص هُوَ اللَّفْظ الدَّال على معنى وَاحِد بِحَيْثُ لَا يسوغ فِيهِ احْتِمَال غَيره الْبَتَّةَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم إِن لم يكن لَهُنَّ ولد} ، وَقد عهد من صَاحب 8 / ب الْمَذْهَب أَخذ النَّص بِمَعْنى الظَّاهِر وَلَا وازع مِنْهُ لُغَة. تفهيم: الظَّاهِر هُوَ اللَّفْظ الَّذِي يغلب على الظَّن فهم معنى فِيهِ مَعَ تَجْوِيز غَيره.

تفهيم: التَّأْوِيل هُوَ صرف اللَّفْظ عَن الِاحْتِمَال الرَّاجِح إِلَى الِاحْتِمَال الْمَرْجُوح لاعتضاده بِدَلِيل يغلب على الظَّن أَن مُرَاد الْمُخَاطب من كَلَامه ذَلِك الِاحْتِمَال، لَا الِاحْتِمَال الظَّاهِر، ثمَّ الِاحْتِمَال قد يكون فِي غَايَة الْبعد فيفتقر إِلَى دَلِيل يُؤَيّدهُ فِي غَايَة الْقُوَّة، وَقد يكون قَرِيبا فَيَكْفِي مَعَه الدَّلِيل الْقَرِيب. تفهيم: الْمُجْمل هُوَ اللَّفْظ الَّذِي لَا يفهم مِنْهُ شَيْء عِنْد إِطْلَاقه، ثمَّ عدم الْفَهم يكون لغرابة اللَّفْظ، أَو لتقابل الِاحْتِمَالَات. تفهيم: الْمَنْطُوق هُوَ الْأَمر الَّذِي يفهم من القَوْل فِي مَحل اللَّفْظ كوجوب

الزَّكَاة فِي سَائِمَة الْغنم من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي سَائِمَة الْغنم الزَّكَاة. تفهيم: الْمَفْهُوم هُوَ الْمَعْنى الَّذِي يفهم من القَوْل فِي غير مَحل النُّطْق كفهم انْتِفَاء الزَّكَاة عَن المعلوفة، ثمَّ الْمَفْهُوم قد يكون مَفْهُوم الْمُوَافقَة، وَقد يكون مَفْهُوم الْمُخَالفَة، أما مَفْهُوم الْمُخَالفَة فَكَمَا ذكرنَا وَهُوَ الَّذِي يكون وصف منطوقه يُخَالف وصف مسكوته. وَمَفْهُوم الْمُوَافقَة مَا يكون وصف مسكوته يُوَافق وصف منطوقه، وَقد يكون أولى بذلك الْوَصْف الَّذِي هُوَ مَظَنَّة الحكم وَمُقْتَضى الْحِكْمَة، وَيُسمى فحوى الْخطاب ولحن الْخطاب وَمِنْه: {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} . تفهيم: الْخطاب عبارَة عَن وُرُود خطاب الله تَعَالَى فِي أَفعَال الْمُكَلّفين، وَعَن وُرُود خطابه فِي حَادث من الْحَوَادِث بتصييره سَببا، فَمَا رَجَعَ إِلَى الْأَمر

وَالنَّهْي خطاب تَكْلِيف، وَمَا رَجَعَ إِلَى غير ذَلِك يُسمى خطاب إِخْبَار وَوضع. تفهيم: تَنْقِيح المناط هُوَ النّظر فِي أَوْصَاف مَذْكُورَة مَعَ الحكم لتخليص المناط فِيمَا لَيْسَ بمناط كإيجاب الْكَفَّارَة فِي الْأَعرَابِي، فَإِنَّهُ ورد مُرَتبا على وقاع أَعْرَابِي فِي نَهَار رَمَضَان للزَّوْجَة فِي المأتى، وَلَا يخفى انقسام هَذِه الْأَوْصَاف المطيفة بالحكم إِلَى مَا لَهُ أثر فِيهِ وَإِلَى عديم الْأَثر، فالنظر المفضي إِلَى الْوَصْف الْمُؤثر هُوَ تَنْقِيح المناط وَعند تَمام النّظر يكون المناط ثَابتا بِالنَّصِّ لَا بالاستنباط. وَتَحْقِيق المناط: هُوَ النّظر إِلَى معرفَة الْعلَّة فِي آحَاد الصُّور بعد صِحَّتهَا فِي نَفسهَا كتعرف كَون هَذَا الشَّاهِد عدلا لينبني عَلَيْهِ قبُول شَهَادَته، وَقد تقدم أَن الْعدْل مَقْبُول الشَّهَادَة، وكتعرف كِفَايَة الْقَرِيب لبِنَاء الْوُجُوب عَلَيْهِ بعد الْعلم بِوُجُوب الْكِفَايَة. وَتَخْرِيج المناط: هُوَ النّظر فِي تعرف عِلّة الحكم بالاستنباط وَالِاجْتِهَاد،

بِأَن يكون الحكم مَنْصُوصا عَلَيْهِ فنسعى فِي تعرف الْعلَّة. تفهيم: الْمُؤثر أَرْبَعَة أَنْوَاع هِيَ قسْمَة ضَرُورِيَّة، عين الْعلَّة فِي عين الحكم، مثل: ظُهُور تَأْثِير عين الشدَّة فِي عين تَحْرِيم الْخمر، الثَّانِي: أَن يظْهر تَأْثِير عين الْعلَّة فِي جنس الحكم مثل: قِيَاس الصَّغِيرَة فِي ولَايَة النِّكَاح على ولَايَة المَال، فَإنَّا أجمعنا على تَأْثِير الصغر فِي ولَايَة المَال وَهِي من جنس ولَايَة الْبضْع، لَا عين ولَايَة الْبضْع، الثَّالِث: ظُهُور جنس الْعلَّة فِي عين الحكم، مثل: تَأْثِير جنس الْمَشَقَّة فِي سُقُوط الْقَضَاء، فَإنَّا أجمعنا على أَن الْحَائِض لَا يجب عَلَيْهَا قَضَاء الصَّلَاة بِسَبَب الْمَشَقَّة 9 / 1، وَالْمُسَافر يقصر وَلَا يقْضِي مَا يقصر بِسَبَب الْمَشَقَّة أَيْضا، وَهُوَ غير مشقة الْحَائِض، وَالْمَشَقَّة جنس وَاحِد، وَالرَّابِع أَن يظْهر تَأْثِير جنس الْغَايَة فِي جنس الحكم، كتأثير جنس الْمَشَقَّة فِي جنس التَّخْفِيف وَهَذَا هُوَ الملائم. تفهيم: الْعلَّة هِيَ الْأَمر الَّذِي يُوجب تغيرا، فقد ينْطَلق على الْحِكْمَة وعَلى

مَظَنَّة الْحِكْمَة، وَالْحكمَة هِيَ: الْمَعْنى الَّذِي يثبت الحكم لأَجله، فَإِنَّهُ يُقَال: الْمُسَافِر يترخص لعِلَّة السّفر، وَالسَّبَب عبارَة عَن مَظَنَّة الْحِكْمَة (وَهِي الْمصلحَة أَو الْمفْسدَة، وجزء الشَّيْء هُوَ الْأَمر الْمُعْتَبر فِي استتمام السَّبَب ليصير مستدعيا للْحكم) ثمَّ السَّبَب قد يُطلق بِإِزَاءِ صُورَة المظنة وَإِن لم تكن مُعْتَبرَة لفَوَات شَرط مرعي فِي الحكم أَو لوُجُود مَانع، وَالشّرط هُوَ مَا يلْزم من انتفائه انْتِفَاء الحكم، وَالْمَانِع هُوَ الَّذِي يلْزم من وجوده انْتِفَاء الحكم، وَاعْتبر الْمَعْنيين بلو أَن، وَلَوْلَا أَن ثمَّ الْمَانِع يَنْقَسِم إِلَى مَانع السَّبَب، ومانع الحكم، أما مَانع السَّبَب فَمَا يحل بِحكمِهِ السَّبَب كَالدّين مَعَ ملك النّصاب، فالنصاب يُنَاسب الزَّكَاة لكَونه مَظَنَّة الْغنى، وَالدّين يحل بِالْمَعْنَى، وَأما مَانع الحكم فَمَا يشْتَمل على حِكْمَة هِيَ بمعزل عَن حِكْمَة السَّبَب مُقْتَضَاهُ نقيض مُقْتَضى السَّبَب.

تفهيم فِيمَا يعود إِلَى الْمَنْقُول: الْكتاب الْعَزِيز هُوَ مَا نقل إِلَيْنَا بَين دفتي الْمُصحف على الأحرف الْمَشْهُورَة نقلا متواترا، وَكَونه معْجزَة يدل على صدق الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام، وَاخْتلف فِي إعجاز الْقُرْآن فَقيل: لكَونه بلغ فِي الفصاحة إِلَى حَيْثُ خرق الْعَادة، فَكَانَ كقلب الْعَصَا حَيَّة وإحياء الْمَوْتَى، وَقيل: الإعجاز الصرفة، وَمعنى ذَلِك أَن الْعَرَب صرفُوا عَن معارضته مَعَ أَن فصاحة الْقُرْآن كَانَ فِي مقدورهم وشواذ الْقرَاءَات لَا تجْرِي مجْرى المتواترة، فالتتابع فِي صِيَام الْيَمين لَيْسَ بِوَاجِب عندنَا، وَإِن قَرَأَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات؛ لِأَن هَذِه الْقِرَاءَة لم تتواتر، وَعند أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ يجب التَّتَابُع قَالَ: لِأَنَّهَا إِن لم تكن قِرَاءَة فَهِيَ خبر وَاحِد. وَيجوز تطرق التَّأْوِيل إِلَى ظَاهر الْكتاب الْعَزِيز والتخصيص إِلَى صِيغ عُمُومه والنسخ إِلَى مقتضياته، والنسخ هُوَ الْخطاب الدَّال على ارْتِفَاع الحكم الثَّابِت بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدّم على وَجه لولاه لَكَانَ ثَابتا مَعَ التَّرَاخِي.

(والنسخ والتخصيص يَشْتَرِكَانِ فِي أَن كل وَاحِد يُوجب اخْتِصَاص الحكم بِبَعْض مَا تنَاوله اللَّفْظ، لَكِن التَّخْصِيص بَيَان أَن مَا أخرج من عُمُوم الصِّيغَة مَا أُرِيد بِاللَّفْظِ الدّلَالَة عَلَيْهِ، والنسخ يخرج من اللَّفْظ مَا قصد بِالدّلَالَةِ عَلَيْهِ، ويختلفان أَيْضا فِي أَن النَّاسِخ يشْتَرط تراخيه، وَأَن التَّخْصِيص لَا يدْخل فِي الْأَمر الْوَاحِد، وَأَن النّسخ لَا يكون إِلَّا بِالْخِطَابِ، والتخصيص يكون بِالدّلَالَةِ الفعلية، ثمَّ التَّخْصِيص لَا يَنْفِي دلَالَة اللَّفْظ، ثمَّ إِن التَّخْصِيص الْعَام الْمَقْطُوع بِأَصْلِهِ جَائِز بِالْقِيَاسِ، وبخبر الْوَاحِد، وَنسخ الْقَاطِع لَا يكون إِلَّا بقاطع) ، وَالدَّلِيل على النّسخ الْإِجْمَاع: أَن ملتنا نسخت الْملَل، وَقَالَ الله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها} ، وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن معنى ننساها نمضيها، فالناسخ الله تَعَالَى، والمنسوخ الحكم 9 / ب والنسخ الرّفْع، والمنسوخ عَنهُ العَبْد، وَيُسمى الدَّلِيل نَاسِخا على سَبِيل التَّجَوُّز (وَأما السّنة فَمَا تضمنتها دساتير

يقول كذا وأخبرني أو حدثني وما جرى هذا المجرى والثاني أن يقول قال رسول الله

الصِّحَاح، وَقد حط عَن الْفَقِيه مُؤنَة العنعنة الَّتِي قَامَ بهَا المحدثون، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ رد الْمَنْقُول إِلَى بعض الدساتير، وَأقوى مَا يرْوى أَن يَقُول النَّاقِل سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول كَذَا، وَأَخْبرنِي أَو حَدثنِي وَمَا جرى هَذَا المجرى، وَالثَّانِي أَن يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَذَا، إِذْ يحْتَمل أَنه بلغه فقد روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: من أصبح مخالطا فَلَا صَوْم لَهُ، ثمَّ خُولِفَ فَقَالَ: حَدثنِي الْفضل بن الْعَبَّاس، وَالثَّالِث أَن يَقُول: أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ يتَطَرَّق (إِلَى هَذَا مَا تطرق) إِلَى الَّذِي قبله، وَرُبمَا ظن الرَّاوِي مَا لَيْسَ بِأَمْر أمرا الرَّابِع: أَن يَقُول أمرنَا بِكَذَا، الْخَامِس: أَن يَقُول كُنَّا نَفْعل) ، وَشرط التَّوَاتُر أَن يكون الْإِخْبَار فِيهِ عَن علم لَا عَن ظن، وَأَن يكون الْعلم ضَرُورِيًّا، وَأَن يَسْتَوِي طرفاه ووسطه فِي هَذَا الْمَعْنى، وَقد تنضم

إِلَى الْأَخْبَار الْآحَاد قَرَائِن توجب تقويتها، والنصوص فِي الْإِجْمَاع قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " سَأَلت الله تَعَالَى أَلا تَجْتَمِع أمتِي على ضَلَالَة فَأَعْطَانِيهَا، وَمن سره بحبوحة الْجنَّة فليلزم الْجَمَاعَة، وَمن فَارق الْجَمَاعَة مَاتَ ميتَة، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

جَاهِلِيَّة ". يتلوه جداول الْمسَائِل 10 / أ " إِن شَاءَ الله تَعَالَى ".

ربع العبادات وعدة مسائله

(ربع الْعِبَادَات وعدة مسَائِله) (صه) (الرَّمْز الأبجدي) ، (الرقم العددي) إِزَالَة النَّجَاسَة، أ، 1 المَاء الْمُتَغَيّر، ب، 2 الْوضُوء بنبيذ التَّمْر، ج، 3 الشُّعُور وَالْعِظَام، د، 4 ذَكَاة غير الْمَأْكُول، هـ، 5 جلد الْكَلْب، و، 6 النِّيَّة فِي الطَّهَارَة، ز، 7 تثليث مسح الرَّأْس، ح، 8 التَّرْتِيب، ط، 9 الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق، ي، 10 لمس غير الْمحرم، يَا، 11 مس الذّكر، يب، 12 الْخَارِج النَّجس، يج، 13 القهقهة، يَد، 14 مني الْآدَمِيّ، يه، 15 التَّحَرِّي فِي الْأَوَانِي يو، 16 سُؤْر السبَاع، يز، 17

قَلِيل النَّجَاسَة، يح، 18 الِاسْتِنْجَاء بِالْحجرِ، يط، 19 اسْتِقْبَال الْقبْلَة، ك، 20 الْمُتَيَمم إِذا رأى المَاء فِي الصَّلَاة، كَا، 21 إِذا وجد مَا يَكْفِي بعض أَعْضَائِهِ كب، 22 إِذا نسي المَاء فِي رَحْله، كج، 23 التَّيَمُّم قبل دُخُول الْوَقْت، كد، 24 طلب المَاء قبل التَّيَمُّم، كه، 25 التَّيَمُّم بِغَيْر التُّرَاب، كو، 26 إِذا لم يجد ماءا وَلَا تُرَابا، كز، 27 الطَّهَارَة الْكَامِلَة للبس الْخُف، كح، 28 إِذا مسح ثمَّ سَافر، كط، 29 إِذا انْقَطع دم الْحَائِض، ل، 30 الْوُجُوب الموسع، لَا، 31 كمية الْإِقَامَة، لب، 32 اشْتِبَاه الْقبْلَة، لج، 33 إِذا صلى الصَّبِي فِي أول الْوَقْت، لد، 34 الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، لَهُ، 35 قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة، لَو، 36 الْبَسْمَلَة، لز، 37 قِرَاءَة الْفَاتِحَة خلف الإِمَام، لح، 38 الْقِرَاءَة بالعجمية، لط، 39

رفع الْيَدَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ، م، 40 إِذا تكلم فِي الصَّلَاة نَاسِيا، مَا، 41 إِذا فَاتَهُ صلوَات وارتد وَأعَاد، مب، 42 إِذا صلى وارتد وَعَاد، مج، 43 سُجُود السَّهْو، مد، 44 وقُوف الْمَرْأَة إِلَى جنب الْمُصَلِّي، مَه، 45 إِذا بَان أَن الإِمَام مُحدث، مو، 46 المفترض بالمتنفل، مز، 47 إِذا صلى الْكَافِر جمَاعَة، مح، 48 الْوتر، مط، 49 كمية الْوتر، ن، 50 الْقصر فِي السّفر، نَا، 51 العَاصِي بِسَفَرِهِ، نب، 52 التَّسْلِيم، نج، 53 لفظ التَّكْبِير، ند، 54 تَارِك الصَّلَوَات، نه، 55 الشَّهِيد، نو، 56 غسل الزَّوْج زَوجته، نز، 57 الصَّلَاة على الْغَائِب، نح، 58. لَا ينجس الْآدَمِيّ بِالْمَوْتِ، نط، 59 لمن الصَّلَاة على الْمَيِّت، س، 60

إِذا زَادَت الْإِبِل على مائَة وَعشْرين، سا، 61 إِذا تلف المَال بعد التَّمَكُّن، سبّ، 62 الْمُسْتَفَاد فِي أثْنَاء الْحول، سج، 63 صغَار النعم، سد، 64 الْخلطَة، سه، 65 زَكَاة مَال الصَّبِي وَالْمَجْنُون، سو، 66 الدّين هَل يمْنَع الزَّكَاة؟ ، سز، 67 الْقيم فِي الزكوات، سح، 68 النقدان، سط، 69 وَاجِب النّصاب، ع، 70 إِذا مَاتَ من عَلَيْهِ زَكَاة، عا، 71 زَكَاة الْحلِيّ، عب، 72 الْعشْر وَالْخَرَاج، عج، 73 النّصاب فِي المعشرات، عد، 84 زَكَاة غير المقتات، عه، 75 تبييت النِّيَّة، عو، 76 تعْيين النِّيَّة، عز، 77 المطاوعة، عح، 78 الْإِفْطَار بِالْأَكْلِ وَالشرب، عط، 79 إِذا وطئ فِي يَوْمَيْنِ، ف، 80 الْمُنْفَرد بِرُؤْيَة الْهلَال، فا، 81

إِذا وصل المَاء إِلَى جَوْفه، فب، 82 إِذا أَفَاق الْمَجْنُون، فج، 83 الْإِلْزَام بِالشُّرُوعِ، فد، 84 نذر صَوْم الْعِيد، فه، 85 بذل الْوَلَد للْأَب فِي الْحَج، فو 86 وجوب الْحَج، فز، 87 التَّنَفُّل بِالْحَجِّ، فح، 88 أشهر الْحَج، فط، 89 إِذا أحرم بعمرتين، ص، 90 الِاسْتِئْجَار على الْحَج، صا، 91 إِحْرَام الصَّبِي، صب، 92 اشْتِرَاك الْمحرم فِي الصَّيْد، صج، 93 مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه، صد، 94 إِذا دلّ محرم محرما، صه، 95

ربع المعاملات وعدة مسائله

(ربع الْمُعَامَلَات وعدة مسَائِله) (قك) بيع الْأَعْيَان الغائبة، أ، 1 خِيَار الْمجْلس، ب، 2 خِيَار الشَّرْط، ج، 3 الْملك فِي مُدَّة الخيارين، د، 4 خِيَار أَرْبَعَة أَيَّام، هـ، 5 عِلّة الرِّبَا، و، 6 الْعلَّة فِي النَّقْدَيْنِ، ز، 7 الْجِنْس بِانْفِرَادِهِ، ح، 8 التَّقَابُض فِي الْمجْلس فِي بيع الطَّعَام، ط، 9 بيع الرطب بِالتَّمْرِ، ي، 10 مد عَجْوَة، يَا، 11 إِذا اشْترى بِدَرَاهِم مُعينَة، يب، 12 بيع الْعقار قبل الْقَبْض، يج، 13 بيع لحم الشَّاة بِالشَّاة، يَد، 14 الْعينَة، يه، 15 وَطْء الثّيّب، يو، 16 الزَّوَائِد الْمُنْفَصِل، يز، 17 الْمُصراة، يح، 18 تَفْرِيق الصَّفْقَة، يط، 19

إِذا اشْترى بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب، ك، 20 الحاق الزِّيَادَة بعد لُزُوم العقد، كَا، 21 نزاع الْمُتَبَايعين فِي الثّمن والمثمن، كب، 22 البيع الْفَاسِد، كج، 23 بيع الْفُضُولِيّ، كد، 24 إِذا اشْترى الْكَافِر عبدا مُسلما، كه، 25 بيع لبن الآدميات، كو، 26 بيع الْكَلْب، كز، 27 تَصَرُّفَات الصَّبِي، كح، 28 بيع النّخل قبل التَّأْبِير، كط، 29 إِذا فرق بَين الْأُم وصغيرها، ل، 30 إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي نوع، لَا، 31 إِذا رَآهُ يتَصَرَّف وَسكت، لب، 32 الْمَأْذُون هَل تتَعَلَّق الدُّيُون بِرَقَبَتِهِ؟ ، لج، 33 إِذا أبق الْمَأْذُون، لد، 34 هَل للمأذون عقد الْإِجَارَة على نَفسه؟ ، لَهُ، 35 السّلم فِي الْمُنْقَطع، لَو، 36 السّلم الْحَال، لز، 37 السّلم فِي الْحَيَوَان، لح، 38 هَل يجوز أَن يكون رَأس المَال فِي الْمُسلم جزَافا؟ ، لط، 39 إِذا وجد الْمُسلم فِيهِ عيب وَقد حدث عيب، م، 40

رهن الْمشَاع، مَا، 41 مَنَافِع الْمَرْهُون، مب، 42 عتق الْمَرْهُون، مج، 43 زَوَائِد الْمَرْهُون العينية، مد، 44 إِذا تلف الْمَرْهُون، مَه، 45 رهن الْمَغْصُوب من الْغَاصِب، مو، 46 اسْتِدَامَة قبض الْمَرْهُون، مز، 47 الرَّهْن قبل وجوب الْحق، مح، 48 إِذا ارْتهن عصيرا فَوَجَدَهُ خمرًا، مط، 49 تَخْلِيل الْخمر، ن، 50 إفلاس المُشْتَرِي بِالثّمن، نَا، 51 السَّفِيه المبذر، نب، 52 الصُّلْح على الْإِنْكَار، نج، 53 إِذا مَاتَ الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا، ند، 54 (من ثبتَتْ عسرته، نه، 55 ضَمَان دين الْمَيِّت الْمُفلس، نو، 56 الْكفَالَة بالأعيان الْمَضْمُونَة والأنفس، نز، 57 ضَمَان المَال الْمَجْهُول وَمَا لم يجب، نح، 58 إِذا شَرط الشريكان تفاضل الرِّبْح، نط، 59 شركَة الْمُفَاوضَة) والأبدان وَالْوُجُوه، س، 60 التَّوْكِيل من غير رضَا الْخصم، سا، 61

الْوَكِيل فِي الْخُصُومَة، سبّ، 62 الْوَكِيل بِالْبيعِ الْمُطلق لَا يَبِيع بِغَبن فَاحش، سج، 63 تَوْكِيل الْمُسلم الذِّمِّيّ فِي شرى الْخمر، سد، 64 ضَمَان الْعَارِية، سه، 65 غُرَمَاء إقراري الصِّحَّة وَالْمَرَض، سو، 66 الْإِقْرَار للْوَارِث فِي مرض الْمَوْت، سز، 67 إِذا أقرّ بِمَال عَظِيم، سح، 68 إِذا أقرّ بعض الْوَرَثَة وَأنكر الْبَعْض، سط، 69 إِذا أقرّ الابْن الْمُسْتَغْرق، ع، 70 إِذا فَقَأَ عَيْني عبد، عا، 71 المضمونات بِالْغَضَبِ هَل تملك، عب، 72 زَوَائِد الْمَغْصُوب، عج، 73 مَنَافِع الْمَغْصُوب، عد، 74 المستكرهة على الزِّنَى، عه، 75 غصب الْعقار، عو، 76 غصب الساجه، عز، 77 إِذا غصب حِنْطَة وطحنها، عه 78 إِذا غصب حِنْطَة وبذرها، عط، 79 إِذا خرق ثوب خرقا فَاحِشا، ف، 80

إِذا فَقَأَ عَيْني فرس، فا، 81 إِرَاقَة خمر الذِّمِّيّ، فب، 82 الْوَلَد هَل يجْبر نُقْصَان الْولادَة، فج، 83 إِذا قدم الْغَاصِب الطَّعَام إِلَى الْمَالِك، فد، 84 إِذا غصب شَيْئا وَتلف فِي يَده، فه، 85 ضمنه بِأَكْثَرَ قِيمَته مُسْتَحقّ الشُّفْعَة، فو، 86 شُفْعَة الشّقص الممهور، فز، 87 كَيفَ تقسم الشُّفْعَة بَين الشُّرَكَاء؟ ، فح، 88 إِذا بنى الْمُشْتَرى أَو غرس، فط، 89 الْمُسَاقَاة، ص، 90 الْأُجْرَة فِي الْإِجَارَة، ص، 91 موت أحد المستأجرين، صب، 92 إِجَارَة الْمشَاع، صج، 93 الْأَجِير الْمُشْتَرك، صد، 94 الْإِجَارَة فِي ابْتِدَاء الْمدَّة، صه، 95 إِذن الإِمَام فِي إحْيَاء الْموَات، صو، 96 الْوَقْف، صز، 97 الرُّجُوع فِي الْهِبَة، صَحَّ، 98 هبة الْمشَاع، صط، 99 جِهَة اللّقطَة، ق، 100

إِسْلَام الصَّبِي، قا، 101 الرَّد، قب، 102 ذُو الْأَرْحَام، قج، 103 المشركة، قد، 104 الْجد مَعَ الْأُخوة، قه، 105 تَرِكَة الْمُرْتَد، قو، 106 قتل الصَّبِي هَل يحرم الْمِيرَاث، قَز، 107 الْإِرْث بقرابتين، قح، 108 قتل الْعَادِل الْبَاغِي هَل يمْنَع الْإِرْث، قطّ، 109 الْمُوَالَاة، قي، 110 إِذا أوصى بِالثُّلثِ وَالنّصف، قيا، 111 إِذا أوصى بِجَمِيعِ مَاله، قيب، 112 الْمُوصى إِلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي نوع، قيج، 113 الْوَصِيَّة للْقَاتِل، قيد، 114 إِذا اشْترى الْوَصِيّ شَيْئا من مَال الْيَتِيم، قيه، 115 إِذا تعدى الْمُودع فِي الْوَدِيعَة، قيو، 116 إِذا أودع صَبيا، قيز 117 السَّلب، قيح، 118 إِذا جَاوز الدَّرْب ونفق فرسه، قيط، 119 اسْتِيعَاب الْأَصْنَاف، قك، 120

ربع النكاح وعدة مسائله

(ربع النِّكَاح وعدة مسَائِله) عه (75) النِّكَاح بِغَيْر ولي، أ، 1 إِجْبَار الْبكر، ب، 2 الثّيّب الصَّغِيرَة هَل يجبرها الْوَلِيّ على النِّكَاح؟ ، ج، 3 المصابة بِالْفُجُورِ، د، 4 ولَايَة الْفَاسِق، هـ، 5 حُضُور الْفَاسِقين، و، 6 هَل ينْعَقد النِّكَاح بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ، ز، 7 غير الْأَب وَالْجد هَل يُزَوّج الصَّغِيرَة؟ ، ح، 8 تَزْوِيج الابْن أمه بالبنوة، ط، 9 إِذا رضيت بِأَقَلّ من مهر الْمثل، يَا، 10 إِذا زوج ابْنَته الصَّغِيرَة بِدُونِ مهر الْمثل، يَا، 11 الْوَلِيّ الْأَقْرَب إِذا غَابَ غيبَة مُنْقَطِعَة، يب، 12 إِذا زوج أحد الْأَوْلِيَاء من غير كُفْء، يج، 13 تَزْوِيج الْوَلِيّ وليته من نَفسه، يَد، 14 إِجْبَار السَّيِّد عَبده على النِّكَاح، يه، 15 بِأَيّ لَفْظَة ينْعَقد النِّكَاح، يو، 16 نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت، يز، 17 المخلوقة من مَاء الزِّنَى، يح، 18

الزِّنَى هَل يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة، يط، 19 إِذا استولد الْأَب جَارِيَة ابْنه، ك، 20 أَيجوزُ للْأَب نِكَاح جَارِيَة الابْن، كَا، 21 الْحر الْوَاجِد طول الْحرَّة هَل ينْكح الْأمة؟ ، كب، 22 نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة، كج، 23 الْكَافِر إِذا أسلم عَن أَكثر من أَربع نسْوَة أَو عَن أُخْتَيْنِ، كد، 24 إِذا ارْتَدَّ الزَّوْج بعد ارتداد زَوجته، كه، 25 إِذا ارْتَدَّ أحد الزَّوْجَيْنِ بعد الدُّخُول، كو، 26 إِذا هَاجر الْحَرْبِيّ إِلَيْنَا بِذِمَّة هَل، كز يَنْقَطِع نِكَاحه؟ ، 27 إِذا أعتقت الأمه تَحت حر هَل تتخير؟ ، كح، 28 فسخ النِّكَاح بالعيوب الْخَمْسَة، كط، 29 نِكَاح الشّغَار، ل، 30 الْمهْر هَل يتَقَدَّر؟ ، لَا، 31 المفوضة، لب، 32 الْخلْوَة الصَّحِيحَة هَل تقرر الْمهْر؟ ، لج، 33 إِذا وهبت صَدَاقهَا، لد، 34 إِذا تزَوجهَا على ثوب هروي، لَهُ، 35 مَا هُوَ الْخلْع؟ ، لَو، 36 هَل يلْحق المختلعة طَلَاق؟ ، لز، 37

تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْملكِ، لح، 38 الْجمع بَين المطلقات، لط، 39 الْكِنَايَات هَل تقطع الرّجْعَة؟ ، م، 40 اسْتِعْمَال الطَّلَاق وكناياته فِي الْعتاق، مَا، 41 إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَنوى عددا، مب، 42 إِذا قَالَ أَنا مِنْك طَالِق، مج، 43 إِضَافَة الطَّلَاق إِلَى جُزْء معِين، مد، 44 طَلَاق الْمُكْره وعتاقه، مَه، 45 إِذا طَلقهَا وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ ونكحت غَيره ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ، مو، 46 بِمَاذَا يعْتَبر عدد الطَّلَاق، مز، 47 المبتوتة فِي مرض الْمَوْت، مح، 48 بِمَاذَا تحصل الرّجْعَة، مط، 49 وَطْء الرَّجْعِيَّة، ن، 50 طَلَاق الْمولى، نَا، 51 ظِهَار الذِّمِّيّ، نب، 52 إِذا وطئ الْمظَاهر عَنْهَا فِي أثْنَاء شَهْري الصّيام، نج، 53 إِعْتَاق الرَّقَبَة الْكَافِرَة، ند، 54 إِعْتَاق الْمكَاتب عَن الْكَفَّارَة، نه، 55 إِذا اشْترى من يعْتق عَلَيْهِ بنية الْكَفَّارَة، نو، 56 إِذا قَالَ أعتق عَبدك عني وَنوى صرفه إِلَى الْكَفَّارَة، نز 57

اسْتِيعَاب الْمَسَاكِين، نح، 58 التغذية والتعشية، نط، 59 بِأَيّ الْأَحْوَال تعْتَبر الْكَفَّارَة، س، 60 مَا مُوجب قذف الزَّوْجَة، سا، 61 العَبْد والمحدود وَالذِّمِّيّ هَل هم من أهل اللّعان؟ ، سبّ، 62 إِذا أقرّ بِوَطْء أمته وَأَتَتْ بِولد، سج، 63 النِّكَاح الَّذِي لم يتَّصل بِهِ إِمْكَان الْوَطْء، سد، 64 حد الْقَذْف هَل يُورث، سه، 65 هَل تَنْقَضِي عدَّة الزَّوْج بِوَضْع حمل من غَيره، سو، 66 إِذا أقرَّت بِانْقِضَاء عدتهَا ثمَّ أَتَت بِولد، سز، 67 العدتان من رجلَيْنِ هَل يتداخلان؟ ، سح، 68 إِذا انعتقت أم الْوَلَد بِمَاذَا تَعْتَد؟ ، سط، 69 نَفَقَة الْبَائِن، ع، 70 الْإِعْسَار بِالنَّفَقَةِ، عا، 71 نَفَقَة الْأَقَارِب، عب، 72 نَفَقَة الزَّوْجَة، عج، 73 الرَّضَاع من الْميتَة، عد، 74 التخلي، عه، 75

ربع الجنايات وعدة مسائله

(ربع الْجِنَايَات وعدة مسَائِله) عه (75) الْمُسلم بالذمي، أ، 1 الْحر بِالْعَبدِ، ب، 2 قيمَة العَبْد، ج، 3 الْأَيْدِي بِالْيَدِ، د، 4 الْوَاحِد بِالْجَمَاعَة، هـ، 5 الْقَتْل بالمثقل، و، 6 مُوجب الْعمد، ز، 7 الْمُكْره على الْقَتْل، ح، 8 شُهُود الْقصاص، ط، 9 الْقصاص بَين صَغِير وكبير، ي، 10 إِذا قطع يَمِيني رجلَيْنِ، يَا، 11 شريك الْأَب، يب، 12 سرَايَة الْقصاص، يج، 13 الْمُمَاثلَة فِي الْقصاص، يَد، 14 مُسْتَحقّ الْقصاص فِي النَّفس إِذا قطع الطّرف، يه، 15 إِذا قطع أَحدهمَا من الْكُوع وَالْآخر من الْمرْفق، يو، 16 الملتجئ إِلَى الْحرم، يز، 17 دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ، يح، 18 إِفْسَاد منابت الشُّعُور الْخَمْسَة، يط، 19

جَنِين الْأمة، ك، 20 الْقسَامَة، كَا، 21 الْعمد هَل يُوجب الْكَفَّارَة؟ ، كب، 22 مَا أتْلفه أهل الْبَغي على أهل الْعدْل، كج، 23 الْمُرْتَدَّة، كد، 24 أَمَان العَبْد، كه، 25 الْجلد والتغريب، كو، 26 هَل الْإِسْلَام شَرط فِي الْإِحْصَان؟ ، كز، 27 الْعدَد فِي الْإِقْرَار بالزنى، كح، 28 الْعَاقِلَة إِذا مكنت صَبيا أَو مَجْنُونا، كط، 29 إِذا عقد على ذَوَات مَحَارمه، ل، 30 إِذا اسْتَأْجر امْرَأَة ليزني بهَا، لَا، 31 اللواط، لب، 32 سَرقَة الْفَوَاكِه الرّطبَة، لج، 33 أيقيم السَّيِّد الْحَد على عَبده؟ ، لد، 34 نِصَاب مَا أَصله مُبَاح، لَهُ، 35 النباش، لَو، 36 هبة الْمَسْرُوق من السَّارِق، لز، 37 الْقطع وَالْغُرْم، لح، 38 إِذا سرق عينا وَقطع بهَا ثمَّ سَرَقهَا، لط، 39 اسْتِيعَاب الْأَطْرَاف، م، 40 حكم النَّبِيذ فِي التَّحْرِيم، مَا، 41

صيال الفحال، مب، 42 قسْمَة الْغَنَائِم بدار الْحَرْب، مج، 43 إِذا استولى الْكفَّار على أَمْوَال الْمُسلمين، مد، 44 من أسلم وَلم يُهَاجر، مَه، 45 سُقُوط الْجِزْيَة بِالْمَوْتِ وَالْإِسْلَام وتداخل السنين، مو، 46 الْكَلْب الْمعلم، مز، 47 مَتْرُوك التَّسْمِيَة، مح، 48 أَخذ الْجِزْيَة من الوثني العجمي، مط، 49 ذَكَاة الْجَنِين بِذَكَاة أمه، ن، 50 الْأُضْحِية، نَا، 51 الْيَمين الْغمُوس، نب، 52 التَّكْفِير بِالْمَالِ قبل الْحِنْث، نج، 53 الْقَضَاء على الغايب، ند، 54 قَضَاء القَاضِي فِي الْعُقُود والفسوخ، نه، 55 الْقَضَاء بِالنّكُولِ، نو، 56 بَيِّنَة ذِي الْيَد، نز، 57 الْقسَامَة، نح، 58 إِذا أعتق أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه وَهُوَ مُعسر، نط، 59

إِذا أعتق فِي مرض مَوته أعبدا لَا يملك سواهُم، س، 60 إِذا قَالَ لعبد أكبر مِنْهُ سنا أَنْت ابْني، سا 61 من ملك محرما غير الْأُصُول وَالْفُرُوع، سبّ، 62 بيع الْمُدبر، سج، 63 إِذا مَاتَ الْمكَاتب، سد، 64 إِذا زوج ابْنَته من مكَاتب ثمَّ مَاتَ، سه، 65 شَهَادَة الْقَابِلَة، سو، 66 الْمَحْدُود فِي الْقَذْف، سز، 67 شَهَادَة أهل الذِّمَّة، سح، 68 شَاهد وَيَمِين، سط، 69 شُهُود الطَّلَاق، ع، 70 نذر ذبح الْوَلَد، عا، 71 نذر اللجاج، عب، 72 الْكِتَابَة الْحَالة، عج، 73 إِذا استولد أمة الْغَيْر ثمَّ اشْتَرَاهَا، عد، 74 شَهَادَة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر، عه، 75

كتاب الطهارة

(كتاب الطَّهَارَة)

فارغة

كتاب الطهارة

(كتاب الطَّهَارَة)

فارغة

لوحة 12: الطَّهَارَة وَمَا تتأدى بِهِ عرفا شرعا، وَيَنْبَنِي على هَذَا مسَائِل مِنْهَا: إِزَالَة النَّجَاسَة، وَالْمَاء الْمُتَغَيّر، وَالنِّيَّة، وَالتَّرْتِيب، وَلَا ننكر أَن لَفْظَة طَاهِر وطهور كَانَتَا معروفتين عِنْد الْعَرَب فقد جَاءَ: ملاح التثني ريقهن طهُور. لَكِن لما نقلت إِلَى الِاسْتِعْمَال الشَّرْعِيّ وَظهر التَّعَبُّد فِيهَا (بِحَيْثُ نجس) الْخمر وطهر الْخلّ، وَخرج الْأَذَى من مَكَان وَغسل أَو مسح غَيره وقفنا فِي الطَّهَارَة وَأَحْوَالهَا على قانون الشَّرْع والتوقيف، وَاعْلَم أَن الْأَحْكَام لَيست أوصافا للْحَال، بل تعلق خطاب الشَّرْع بِأَفْعَال الْمُكَلّفين وَلَا حكم قبل الشَّرْع، وَلَا حسن وَلَا قَبِيح، وَلَيْسَ لِلْعَقْلِ مجَال فِي ذَلِك، بل لَهُ التَّصَرُّف فِي جَوَاز الجائزات واستحالة المستحيلات وَهِي مَسْأَلَة خلافية، وَلَا

نقر بمشهورات تُوصَف بالقبح وَالْحسن كالعدل وَالظُّلم والصدق وَالْكذب، فَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا حسن أَو قبح لذاته، كَمَا تُوصَف النَّار بالحرارة، وَلَو كَانَ كَذَلِك (لما اخْتلفت النَّحْل) والعادات، فَإِن الصدْق فِي الدّلَالَة على عورات الأصدقاء وَمُقَاتِل الْأَنْبِيَاء قَبِيح، وَالْكذب فِي إصْلَاح ذَات بَين حسن، وَلَوْلَا الشَّرَائِع والتمدن والعوائد مَا علق بخاطرك حسن وَلَا قبح، وَقد يبْعَث على الرَّحْمَة رقة غريزية وَلَا تطرد فِي الْغَيْر كالجازر لَا يرق لذبيحته رقة غَيره، وَقد وجدنَا الْخلق الْوَاحِد مَحْمُودًا مذموما، وَقد وصف الحقد شَاعِر فَقَالَ: (وَمَا الحقد إِلَّا توأم الشُّكْر فِي الْفَتى ... وَبَعض السجايا ينتسبن إِلَى بعض) (إِذا الأَرْض أدَّت ريع مَا أَنْت باذر ... من الْبذر فِيهَا فَهِيَ ناهيك من أَرض)

وحث آخر على الْبُخْل فَقَالَ ومدح: (إِذا الْمَرْء لم يُوجب عَلَيْك عطاؤه ... صَنِيعَة قربى أَو خَلِيل توافقه) (منعت وَبَعض الْمَنْع قهر وَقُوَّة ... وَلم يفتلذك المَال إِلَّا حقائقه) وَاعْلَم أَن الطّهُور هُوَ المَاء الْمُطلق بِأَصْل خلقته، وَيكرهُ مشمسه طِبًّا. وَأول الْكثير مِنْهُ القلتان وقدرها ث بالسلامي، وَهَذَا (الْقدر) لَا يُوصف بِالنَّجَاسَةِ، وَإِن ظَهرت فِيهِ حَتَّى يتَغَيَّر بعض أَوْصَافه الطّعْم، أَو اللَّوْن أَو الرّيح، وَاعْلَم أَن الْخصم يَدعِي كَون الطَّاهِر لَا يصير نجسا لَكِن إِذا قاربه النَّجس أخرجه من أَن يتَقرَّب بِهِ إِلَى المعبود، وَالطَّهَارَة تزيل هَذَا الْمَعْنى وَالْمُنَاسِب الْإِزَالَة فَمَا حصلت بِهِ (الْإِزَالَة) ناسب التَّطْهِير فَالْمَعْنى الْمَعْقُول أَن التلوث بِالنَّجَاسَةِ يخرج المتلوث عَن أَن

يتَقرَّب بِهِ إِلَى المعبود، لَكِن هَذَا الْمَعْنى الْمَعْقُول يصحب معنى تعبديا ذَلِك الْمَعْنى، أما فِي إِزَالَة النَّجَاسَة، فكون المَاء لَا يَتَنَجَّس بالملاقاة، وَأما فِي الْحَدث فَغسل الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة، فَإِذا عدى الْمَعْنى الْمَعْقُول تعدى مَعَه مَا يلْزمه من الْمَعْنى غير الْمَعْقُول وَصَارَ كَمَا أَن تَحْرِيم التَّفَاضُل فِي الْأَشْيَاء السِّتَّة مَعْقُول وَإِسْقَاط الْجَوْدَة غير مَعْقُول، فَإِذا تعدى إِلَى غَيرهَا تعدى الْمَعْقُول ولازمه.

كتاب الطهارة

(كتاب الطَّهَارَة) (الْمسَائِل) (الْمَسْأَلَة الأولى: إِزَالَة النَّجَاسَة (أ)) . الْمَذْهَب: الْمُتَعَيّن لَهَا المَاء. عِنْدهم: بِكُل طَاهِر مَائِع مزيل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لأسماء، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

" اغسليه بِالْمَاءِ ". نَص على المَاء، وَلَو ادعينا إِجْمَاع الصَّحَابَة على الِاقْتِصَار على أَن المَاء طهُور بِوَجْه. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: طَهَارَة ترَاد بهَا الصَّلَاة فَلم يقم فِيهَا غير المَاء مقَامه، كطهارة الْحَدث ذَلِك؛ لِأَن الطّهُورِيَّة صفة زَائِدَة على الطَّهَارَة، وَلَا تطلق إِلَّا على المَاء حَقِيقَة. لَهُم: مَائِع طَاهِر مزيل للعين فيصلح لإِزَالَة النَّجَاسَة كَالْمَاءِ، وَلَوْلَا أَنه مزيل مَا اقْتصر عَلَيْهِ فِي غسل طيب الْمحرم.

مَالك: ق. أَحْمد: يكره الْوضُوء وَالْغسْل بِمَاء زَمْزَم وَبِمَا سخن بِنَجَاسَة. ق. التكملة: لنا ثَلَاثَة مآخذ، إِمَّا أَن ندعي بَقَاء عين النَّجَاسَة، وَالشَّاهِد قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " ثمَّ الطخيه بزعفران واللون لَا يبْقى دون الملون " وَفِي المَاء قُوَّة شَرْعِيَّة تحيله طَاهِرا، أَو ندعي أَن المَاء ينجس بملاقاة النَّجَاسَة وَالشَّرْع جعله طهُورا، ونستدل على ذَلِك بِأَن الْمُنْفَصِل جُزْء من الْمُتَّصِل، والمنفصل نجس فَكَذَا الْمُتَّصِل، وَالثَّالِث أَن الثَّوْب صَار نجسا حكما، وَالْمَاء يزِيل هَذِه النَّجَاسَة، ونعتذر عَن الْخمر المخللة بِأَنَّهَا استحالت بِنَفسِهَا

وَيفرق بَين المحترمة وَغَيرهَا؛ لِأَن المحترمة غير نَجِسَة، وَالْمَسْأَلَة لَازِمَة لَهُم أَيْضا من جِهَة طَهَارَة الغسالة. وَالصَّحِيح أَن طَهَارَة الْخلّ رخصَة وهم يدعونَ أَن الْخلّ مزيل كَالْمَاءِ، وَلَا يسلمُونَ أَن الطَّاهِر يصير نجسا، إِذْ الْأَعْيَان لَا تنْقَلب، وَأما إِذا شاع النَّجس فِي الطَّاهِر اجْتنب الْجَمِيع، كَمَا لَو اخْتلطت أُخْته بأجنبيات، وَلَو كَانَ كَمَا ذكرُوا لجَاز الْغسْل بِهِ وأزال الْحَدث، وَتبقى على الْمُحدث نَجَاسَة، ونعتذر عَن طيب الْمحرم بِأَن الْقَصْد إِزَالَته وَلَو بمائع نجس.

فارغة

المسألة الثانية المتغير بمخالطة طاهر يستغنى عنه ب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: الْمُتَغَيّر بمخالطة طَاهِر يسْتَغْنى عَنهُ. (ب)) الْمَذْهَب: لَا تجوز الطَّهَارَة بِهِ. عِنْدهم: يجوز. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ظَاهر الْآيَة العزيزة ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تغير بمخالطة غير طهُور مَعَ غناهُ عَنهُ، فَلم تجز الطَّهَارَة بِهِ كَمَاء الباقلاء.

لَهُم: المَاء ومخالطه طاهران، فصارا كَمَا لَو خالطه تُرَاب، والتغير غير مَانع بِدَلِيل الآجن، وتداول الصِّفَات على المَاء كأطوار الْخلقَة على الْإِنْسَان وَهُوَ فِي جَمِيعهَا إِنْسَان، وَالْإِضَافَة لَا تغير حكمه، كَمَا لَو أضيف إِلَى مقره. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: لَو كَانَ المغير مَانِعا لمنع بِمُجَرَّد الْوُقُوع، كالنجاسة فِي المَاء الْقَلِيل. الْجَواب: أَن هَذَا عكس الْعلَّة وَلَا يلْزم، وَبَيَانه أَنهم أرونا مَا تنجس، وَلم يتَغَيَّر، وَهُوَ المَاء الْقَلِيل بِالنَّجَاسَةِ، وَنحن إِنَّمَا عللنا بالتغير، وَيجوز أَن ينجس المَاء لِمَعْنى غير التَّغَيُّر، ثمَّ إِنَّا لَا نمْنَع بالمخالطة وَلَا بالتغير، بل بِزَوَال إِطْلَاق اسْم المَاء، وَاعْلَم أَن كل صفة ذاتية تلْزم المَاء فِي

مقرّ أَو ممر تزيل عَلَيْهِ إِطْلَاق الِاسْم بتغيره عَنْهَا، لَا إِلَيْهَا ذَلِك بضرورة الِاحْتِرَاز عَنْهَا، وَاعْلَم أَن مخالط المَاء إِن كَانَ طهُورا بقيا طاهرين، وَإِن كَانَ غير طهُور بقيا كَذَلِك، وَكَذَا النَّجس، فَإِن قَالُوا: لم يكْتَسب المَاء اسْما آخر، قُلْنَا: الْأَسْمَاء مِنْهَا مُفْردَة وَمِنْهَا مركبة ومضافة، والجميع يزِيل إِطْلَاق الِاسْم.

المسألة الثالثة نبيذ التمر ج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة: نَبِيذ التَّمْر: (ج)) . الْمَذْهَب: نجس لَا يجوز الْوضُوء بِهِ. عِنْدهم: يجوز فِي السّفر عِنْد عدم المَاء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} ، رتب التَّيَمُّم على المَاء، فَلَا يجوز الْفَصْل بالنبيذ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَة على النَّص، وَذَلِكَ نسخ فَلَا يجوز بِخَبَر الْوَاحِد. لَهُم: خبر ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَيْلَة الْجِنّ، وَقد عمل بِهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي مَسْأَلَة الِاسْتِنْجَاء وَوجه دلَالَته قَوْله " معي نَبِيذ " مَعَ فَصَاحَته. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَا لَا يرفع الْحَدث، فَلَا تصح الطَّهَارَة بِهِ ... .

لَهُم: نوع تطهر يُفْضِي إِلَى بدل فأفضى إِلَى بدلين كَالْعِتْقِ، ثمَّ إِن الرَّأْس وَالرجل عضوا طَهَارَة فَثَبت فيهمَا بدل، كالوجه وَالْيَدَيْنِ. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الحَدِيث فِيهِ طعن، ثمَّ إِنَّه كَانَ بِمَكَّة وَآيَة التَّيَمُّم مَدَنِيَّة، ثمَّ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " تَمْرَة طيبَة وَمَاء طهُور ". يَقْتَضِي أَن يكون المَاء بِحَالهِ وَالتَّمْر على صورته ليصدق عَلَيْهِ الْوَصْف، فالسكنجبين لَا يُقَال لَهُ خل وَعسل إِلَّا مجَازًا، ثمَّ لَو كَانَ النَّبِيذ طهُورا مَا ترَتّب على المَاء وَلَا اخْتصَّ بِالسَّفرِ وَخبر الْوَاحِد فِيمَا يُخَالف الْأُصُول مَرْدُود، ثمَّ لَو كَانَ النَّبِيذ بدل المَاء لوَجَبَ أَن يكون أَعم مِنْهُ اعْتبر ذَلِك بِالشرابِ، وَمَا لَا يتَوَضَّأ بِهِ حضرا لَا يتَوَضَّأ بِهِ

سفرا، وَيَبْنِي الْكَلَام على أَنه لَا يجوز أَن يكون السّفر عِلّة الطّهُورِيَّة، ثمَّ حَال ابْن مَسْعُود لَا يَقْتَضِي اسْتِصْحَاب الأنبذة فِي السّفر.

المسألة الرابعة شعر الميتة والعظم والعصب د

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة: شعر الْميتَة والعظم والعصب (د)) . الْمَذْهَب: تنجس بِالْمَوْتِ. عِنْدهم: لَا ينجس بِالْمَوْتِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: أما الدَّلِيل على الْحَيَاة فَقَوله تَعَالَى: {قَالَ من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم} ، وَالدَّلِيل الْكُلِّي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تنتفعوا من الْميتَة بإهاب وَلَا عصب "، وَقَوله تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أحد نَوْعي الطَّهَارَة، فَلَا يُفَارق الشّعْر فِيهِ أَصله كطهارة الْحَدث،

وَالْمُعْتَمد كَون الْأَجْزَاء تَابِعَة للْأَصْل طَهَارَة ونجسا، وَلذَلِك لَا يمس الْجنب الْمُصحف بِشعرِهِ. لَهُم: الَّذِي يثبت حكم النَّجَاسَة الْمَوْت، وَإِنَّمَا يحل حَيْثُ تحل الْحَيَاة، وَلَا حَيَاة فِي الشّعْر، وَأَبُو زيد يسلم أَن فِيهِ حَيَاة، وَيَقُول: الْمَوْت لَا ينجس لعَينه بل إِمَّا لأجل الفضول، أَو لحُرْمَة الْأكل. مَالك: الْعظم تحله الرّوح لَا الشّعْر. أَحْمد: وَافق مَالِكًا رَضِي الله عَنْهُمَا. التكملة: إِن فرقوا بَين الْحَدث وَالْمَوْت بِأَن الْعلَّة ثمَّ الْوَضَاءَة، وَهُوَ يَشْمَل الشّعْر والبشر، وَالْعلَّة هَاهُنَا الْمَوْت، وَلَا يحل الشّعْر، فَالْجَوَاب منع عِلّة الْوَضَاءَة، فَإِن النَّظِيف يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ الكدر، ثمَّ على أصلهم آكِد، فَإِن الْعلَّة عِنْدهم الْخَارِج النَّجس ثمَّ حَاجَة الشّعْر إِلَى التَّطْهِير كحاجة الْجُمْلَة؛ لِأَنَّهُ بَعْضهَا وأبخره الفضول وَالشعر بعد الْمَوْت يعرض التّلف وَعدم الإحساس يُشَارِكهُ فِيهِ الْجُلُود المستحيلة، ثمَّ حُرْمَة التَّنَاوُل تعم الشّعْر والبشرة، وَلَيْسَ

تَحْرِيم الْأكل لعدم الإغذا، فَإِن التُّرَاب لَا يحرم الدِّرْهَم مِنْهُ، وَإِن كَانَ لَا يغذي وَلَا ينجس مَا يلقى فِيهِ، ثمَّ الشّعْر يتبع الْجُمْلَة حلا وَحُرْمَة وضمانا، وَشعر صيد الْحرم كجملته.

المسألة الخامسة ذكاة غير المأكول هـ

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة: ذَكَاة غير الْمَأْكُول (هـ)) : الْمَذْهَب: لَا تبقى مَعَه طَهَارَة الْجلد. عِنْدهم: تفِيد فِي غير الْآدَمِيّ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تنتفعوا من الْميتَة بإهاب وَلَا عصب "، وَهَذِه ميتَة، والْحَدِيث صَحِيح، وَاسْتثنى المدبوغ بقوله: " هلا أَخَذْتُم إهابها فدبغتموه وانتفعتم بِهِ ". لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " دباغ الْأَدِيم ذَكَاته " شبه الدّباغ بالذكاة، والمشبه بِهِ أقوى من الْمُشبه والمشبه يُفِيد الطَّهَارَة، فالمشبه بِهِ أولى.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ذبح غير مَشْرُوع فَلَا تبقى مَعَه طَهَارَة الْجلد، كذبح الْمَجُوسِيّ، ثمَّ هَذَا حَيَوَان لَا يُؤْكَل لَحْمه، فَلَا تَأْثِير للذكاة فِي تَطْهِير جلده كالخنزير. لَهُم: مَا طهر جلده بالدباغ طهر بالذكاة، كالمأكول، ذَلِك لِأَن الدّباغ ينشف الرطوبات الَّتِي حلهَا الْمَوْت، والذكاة تمنع من تحللها أَولا فَكَانَ آكِد. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة. أَحْمد: التكملة: عِنْدهم الذَّكَاة فعل حسي، وَقد وجد من الْأَهْل بآلته فِي الْمحل، وَهُوَ نوع معالجة لطلب مَنْفَعَة هِيَ الْجلد، وَنحن نقُول: إِن الذَّكَاة فعل خَاص بِآلَة خَاصَّة فِي مَحل خَاص، وَهُوَ حَيْثُ يحل اللَّحْم لقَوْله تَعَالَى: {إِلَّا مَا ذكيتم} ، ونقول: تَحْرِيم ذبح الْحَيَوَان أصل، وَإِنَّمَا أُبِيح لحَاجَة اللَّحْم،

وَرُبمَا قَالُوا: مَا يعنون أَنه غير مَشْرُوع إِن عنيتم أَنه لم ينْتَصب سَببا للْحكم فَهُوَ مَحل النزاع، وَإِن عنيتم أَنه مَنْهِيّ عَنهُ فَمُسلم، لَكِن لم قُلْتُمْ: إِن الْمنْهِي عَنهُ لَا يكون صَحِيحا، وَقد عرف من مَذْهَبنَا أَن الصِّحَّة وَالْفساد لَا تتلقى من الْأَمر وَالنَّهْي، بل من الْأَركان والشرائط، وَالْجَوَاب أَن الْمَشْرُوع مَا اعْتَبرهُ الشَّرْع، وَالنَّهْي يدل على عدم المشروعية ويلزمهم نَجَاسَة اللَّحْم، عذرهمْ أَن الطَّهَارَة تعْتَبر حَيْثُ يكون الِانْتِفَاع، وَلَا انْتِفَاع بِاللَّحْمِ، ويعتذرون عَن ذبح الْمَجُوسِيّ بِأَن ذَلِك الشَّرْط ثَبت تعبدا.

فارغة

لوحة 13: دَلِيل الْخطاب مَذْهَبنَا، وَكَانَ صاحبنا قيمًا باللغة، عَارِفًا بمجاري كَلَام الْعَرَب، قَالَ الْأَصْمَعِي: قَرَأت ديوَان هُذَيْل على فَتى بالحجاز يُقَال لَهُ: مُحَمَّد بن إِدْرِيس، ثمَّ إِن أَبَا عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَافق دَلِيل الْخطاب وَاسْتدلَّ على أَن لي الْمُعسر لَا يُبِيح حَبسه لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لي الْوَاجِد يُبِيح عرضه وعقوبته " وَأنكر على من أول قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لِأَن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا حَتَّى يرِيه خير من أَن يمتلئ شعرًا " بِأَنَّهُ الشّعْر الَّذِي

هجى بِهِ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ: لَو كَانَ كَذَلِك لجَاز أَن يحفظ يسير هجوه، وَإِنَّمَا المُرَاد جنس الشّعْر إِذا امْتَلَأَ الْإِنْسَان مِنْهُ فَشَغلهُ عَن مهمه، فدليل الْخطاب حجَّة يظْهر من فحواه، وَلما قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: الْهِرَّة لَيست بنجسة فِي معرض التَّعْلِيل دلّ على نَجَاسَة الْكَلْب، وَكَذَلِكَ انْقَطَعت مُرَاجعَته بِخِلَاف مَا لَو قَالَ: هِيَ تغتدى، أَو ذَات ذَنْب لحسن أَن يُقَال فالكلب كَذَلِك، وَاعْلَم أَن كل عَام يتَطَرَّق إِلَيْهِ التَّخْصِيص لَكِن يحسن إِخْرَاج نادره لَا ظَاهره، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " كل إهَاب " جَازَ أَن يخرج مِنْهُ إهَاب الْخِنْزِير وَالْكَلب لَا الشَّاء وَالْبَعِير وَاعْلَم أَن كل حَيَوَان طَاهِر فِي حَال حَيَاته كَيفَ عدم الْحَيَاة طهر جلده بالدباغ، وَجَمِيع الْحَيَوَان طَاهِر غير الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَمَا تولد مِنْهُمَا، أَو من أَحدهمَا "، وَاعْلَم أَن الدّباغ

بالشب والقرظ، وَفِي مَعْنَاهُمَا وَلَو كَانَ نجسا وَالله أعلم. (إِذا عمل من جلد نجس حَوْض فَإِن كَانَ المَاء الَّذِي فِيهِ قُلَّتَيْنِ فالماء طَاهِر والحوض نجس، وَإِن كَانَ دون الْقلَّتَيْنِ فهما نجسان) ، وَاعْلَم أَن مَحل النِّيَّة الْقلب، فَإِن شَاركهُ اللِّسَان فَحسن، والعبادات فِي النِّيَّة على ثَلَاثَة أضْرب: قسم يفْتَقر إِلَى نِيَّة الْفِعْل كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَقع إِلَّا فرضا، وَقسم يحْتَاج مَعَ ذَلِك إِلَى نِيَّة الْفَرْضِيَّة كالكفارات والزكوات، وَقسم يحْتَاج مَعَ ذَلِك إِلَى التَّعْيِين كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة، وَيجب أَن يَنْوِي فِي الْوضُوء رفع الْحَدث أَو مَا لَا يستباح إِلَّا بِالطَّهَارَةِ وَوقت النِّيَّة، أما الْمُسْتَحبّ فَعِنْدَ غسل الْيَدَيْنِ، وَأما الْوَاجِب فَعِنْدَ غسل الْوَجْه ويكلف أَلا يقطعهَا وَالنِّيَّة (عِنْد الْخصم تصرف) الْوضُوء إِلَى الْعِبَادَة وَالْوُضُوء إِذا حصل أَبَاحَ الصَّلَاة، فَهُوَ كالسعي إِلَى الْجُمُعَة إِن نوى بِهِ الْعِبَادَة كَانَ، وَإِلَّا أدّيت بِهِ الْجُمُعَة، وَاعْلَم أَن الْبِدَايَة بالميامن

يسْتَحبّ، وَالْوَاجِب من مسح الرَّأْس مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم، ثمَّ فرض الْوضُوء النِّيَّة وَغسل الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ مَعَ الْمرْفقين، وَالْمسح وَغسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وهما (الناتئان) عِنْد الْمفصل وَالتَّرْتِيب والتتابع. وَالسّنَن: التَّسْمِيَة، وَغسل الْيَدَيْنِ قبل إدخالهما الْإِنَاء ثَلَاثًا والمضمضة (وَالِاسْتِنْشَاق) بَالغا إِلَّا أَن يكون صَائِما فيرفق، وتخليل اللِّحْيَة الكثة، وَمسح جَمِيع الرَّأْس، وَمسح الْأُذُنَيْنِ ظَاهرا وَبَاطنا بِمَاء جَدِيد وَإِدْخَال المسبحتين فِي الصماخين، وتخليل أَصَابِع الرجلَيْن بالخنصر أَو السبابَة، والشهادتان عِنْد الْفَرَاغ.

المسألة السادسة جلد الكلب والخنزير والمتولد منهما و

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة: جلد الْكَلْب وَالْخِنْزِير والمتولد مِنْهُمَا (و)) : الْمَذْهَب: لَا يطهر بالدباغ. عِنْدهم: يطهر إهَاب الْكَلْب، وَالْخِنْزِير رِوَايَتَانِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: امْتنع عَلَيْهِ السَّلَام من دَار قوم فروجع فَقَالَ: إِن فِي دَارهم كَلْبا، فَقيل لَهُ فَفِي دَار فلَان هرة - دَار دَخلهَا - فَقَالَ: الْهِرَّة لَيست نَجِسَة إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات. لَهُم:

قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر " يتَعَلَّق بِعُمُومِهِ، وَإِنَّمَا خرج من الْخِنْزِير نصا، ثمَّ الْخِنْزِير لَا يحمل إهابه الدّباغ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نجس الْعين فَلَا يطهر جلده بالدباغ، كالخنزير؛ لِأَن الدّباغ يزِيل نَجَاسَة الميتات، وَدَلِيل نَجَاسَته نَجَاسَة لعابه، ونقول: جلد كلب فَكَانَ نجسا بعد الدّباغ كَمَا قبل الْمَوْت. لَهُم: حَيَوَان ينْتَفع بِهِ مُطلقًا اخْتِيَارا فطهر جلده بالدباغ كالشاة، وَلَا نسلم نَجَاسَته، بل هُوَ كالفهد، ونجاسة لعابه لَا تدل على نَجَاسَته؛ لِأَنَّهُ يرشح بَاطِنه، وَقِيَاسه أَن ينجس من الْحَيَوَان كُله. اسْتثْنى مِنْهُ الْآدَمِيّ لِحُرْمَتِهِ، والمأكول للْحَاجة. مَالك: يطهر ظَاهر كل جلد لَا بَاطِنه. أَحْمد: لَا يطهر جلد ميتَة بالدباغ.

التكملة: رُبمَا قَالُوا بِنَجَاسَتِهِ حَيا، فَإِن الدّباغ يزِيل نَجَاسَة الْمَوْت، لَكِن يدعونَ أَن نَجَاسَة الْحَيَاة انْتَهَت بِالْمَوْتِ، لانْتِهَاء علتها وَهِي حذر الْخلطَة ويتوهم بتوارد الْمعَانِي المتماثلة التَّأْثِير الِاتِّحَاد، كمن اشْترى زَوجته فَإِن وَطئهَا المستمر حل بِالْملكِ لَا بِالنِّكَاحِ، نَحن نقُول: الشَّرْع إِذا أثبت حكما فِي مَحل ثَبت الحكم مَعَ بَقَاء الْمحل اسْما ووصفا والمتناسبة فِي نَجَاسَة الْكَلْب هُوَ الْمَعْنى الَّذِي ميزه عَن الْحَيَوَان وَهُوَ الْكَلْبِيَّة لَا غير إِذْ لَا يفارقها فِي وصف سواهُ، فَإِن قَالُوا النَّص فِي كلب حَيّ قُلْنَا فَمَا حدث إِلَّا الْمَوْت وَالْمَوْت إِن لم يُنَاسب التَّنْجِيس لم يُنَاسب التَّطْهِير، وَحَاصِل النّظر الْبَحْث عَن مَاهِيَّة الدّباغ فعندما يطهر؛ لِأَنَّهُ يسْتَخْرج العفونات ويطيب الْجلد وَلَا يزِيد على الْحَيَاة، وَأما حَدِيثهمْ فتخصيصه بِمَا أخرج مِنْهُ الْخِنْزِير، فَإِن قَالُوا: الدّباغ يحِيل الْعين فَهُوَ كالتخليل سلمنَا أَنه يحِيل، وَلَكِن لَا يزِيد على الْحَيَاة، وَبِالْجُمْلَةِ مَتى سلمُوا نَجَاسَته حَيا، فَالْمَسْأَلَة لنا والشأن فِي التَّسْلِيم.

فارغة

المسالة السابعة طهارة الحدث ز

(المسالة السَّابِعَة: طَهَارَة الْحَدث (ز)) : الْمَذْهَب: تفْتَقر إِلَى النِّيَّة. عِنْدهم: لَا تفْتَقر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} . وَالْإِخْلَاص بِالنِّيَّةِ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ "، وَالْوُضُوء عبَادَة وَعمل. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} الْآيَة، وَلم يذكر النِّيَّة وَلَو كَانَت شرطا لذكرها. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قَالَ صَاحب الْمَذْهَب طهارتان فَكيف تفترقان، يَعْنِي الْوضُوء وَالتَّيَمُّم.

ونقول: طَهَارَة حكمِيَّة ترَاد للصَّلَاة فافتقرت إِلَى النِّيَّة كالتيمم. لَهُم: المَاء طهُور بطبعه فَكيف اسْتعْمل طهر. بَيَانه: أَن على أَعْضَاء الْمُحدث نَجَاسَة، بِدَلِيل مَنعه من الصَّلَاة وَأمره بِالطَّهَارَةِ فَصَارَ كالنجاسة العينية الَّتِي تزَال بِغَيْر نِيَّة، وَعمل المَاء فِي التَّطْهِير كعمله فِي الرّيّ. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: كَون التَّيَمُّم يفْتَقر إِلَى نِيَّة يشكل عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ بدل وَيَقْتَضِي أَن يُسَاوِي مبدله، وَالتَّيَمُّم وَالْوُضُوء لَا يفترقان فِي صفة الْقرْبَة، والمأمورات تَنْقَسِم إِلَى مَا يفْتَقر إِلَى نِيَّة وَإِلَى مَالا يفْتَقر إِلَى نِيَّة، وَالضَّابِط فِي ذَلِك أَن كلما لَا ينْهض الْعرض العاجل حَافِظًا لأصله دون وَعِيد الشَّرْع، فَهُوَ قربَة، وتخيل الْوَضَاءَة فِيهِ معنى كلي لَا يعْتَبر وجود شَيْء مِنْهُ فِي آحَاد الصُّور،

ودعواهم أَن المَاء طهُور طبعا بَاطِل، بل هُوَ بِمَثَابَة التُّرَاب كِلَاهُمَا ثبتَتْ لَهُ الطّهُورِيَّة شرعا، وَلَا نسلم أَن على أَعْضَاء الْمُحدث نَجَاسَة، بِدَلِيل أَنه لَا ينجس بِهِ الثَّوْب الرطب إِن مَسّه، وَلَا تبطل صَلَاة حامله، وَبِالْجُمْلَةِ هم يشبهون الْأَعْضَاء بِالثَّوْبِ طَهَارَة ونجسا، وَنحن ندعي طَهَارَتهَا وَإِن ألزمونا كَون المَاء مُسْتَعْملا منعنَا، وَإِن سلمنَا فالعذر أَنه أدّيت بِهِ عبَادَة.

فارغة

فارغة

المسألة الثامنة الترتيب في الوضوء ح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة: التَّرْتِيب فِي الْوضُوء (ح)) . الْمَذْهَب: مُسْتَحقّ. عِنْدهم: مُسْتَحبّ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} الْآيَة، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " ابدءوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ ". ثمَّ للتَّرْتِيب أدرج ممسوحا بَين مغسولين، وروى عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه تَوَضَّأ مُرَتبا، وَقَالَ: لَا يقبل الله الصَّلَاة إِلَّا بِهِ. لَهُم: الْآيَة وَجَاءَت بِالْوَاو وَهِي جَامِعَة لَا مرتبَة وَهِي مجزئة (فَمن علق الْأَجْزَاء على التَّرْتِيب فقد منع الْأَجْزَاء بِخَبَر الْوَاحِد وَذَلِكَ نسخ) .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوضُوء عبَادَة فَوَجَبَ أَن يكون مَعْلُوم الأَصْل وَالْوَصْف شرعا، وَالَّذِي نقل الْوضُوء الْمُرَتّب فَهُوَ الْمَشْرُوع. لَهُم: الْوضُوء عبَادَة، إِن قصدت بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ شَرط صِحَة الصَّلَاة، وَأَبُو زيد يَقُول: شَرط الْعِبَادَة يثبت بِمَا تثبت بِهِ أَرْكَانهَا وأركان الصَّلَاة ثبتَتْ نصا فَلَا يثبت شَرطهَا بِخَبَر الْوَاحِد. مَالك: ف. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: الْفِعْل لَا يشْتَرط، وَالتَّرْتِيب صفة الْفِعْل، الْجَواب: الْمَنْع وَلَا بُد من الْفِعْل، وَيدل على أَن الْوَارِد للتَّرْتِيب مَسْأَلَة حكمِيَّة، وَهِي إِذا قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق، فَإِنَّهُ يَقع طَلْقَة وَاحِدَة، وَلَوْلَا التَّرْتِيب لوقعت الثَّلَاث، وعَلى كل حَال يتَمَسَّك بِأَن الْوضُوء عبَادَة، وَالْمَاء طهُور شرعا، والعبادات تتأدى كَمَا جَاءَت وَالَّذِي نقل التَّرْتِيب، فَإِن شَذَّ فعل على التَّرْتِيب فَلَعَلَّهُ عَن سَهْو وَوهم، ثمَّ يَقُولُونَ: الْوضُوء عبَادَة إِن

قصد بِهِ الْعِبَادَة وَإِلَّا فقد حصل شَرط الصَّلَاة، وَهَذَا أصل يطردونه فِي مسَائِل.

المسالة التاسعة تثليث مسح الرأس ط

(المسالة التَّاسِعَة: تثليث مسح الرَّأْس (ط)) : الْمَذْهَب: مسنون. عِنْدهم: مَكْرُوه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: تَوَضَّأ عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاثًا وَقَالَ: هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي، وَالْوُضُوء اسْم لجَمِيع هَذَا الْفِعْل، وَجَاء " وَمسح رَأسه ثَلَاثًا "، وخبرنا أولى لمَكَان زِيَادَته، وَالْوُضُوء يَشْمَل الْمسْح بِدَلِيل الْبر والحنث. لَهُم: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: " بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَقَامَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَحل شناق الْقرْبَة وَغسل وَجهه وَيَديه ثَلَاثًا وَمسح بِرَأْسِهِ

وَأُذُنَيْهِ مسحة وَاحِدَة، وَغسل قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أحد قسمي الْوضُوء فسن فِيهِ التّكْرَار ثَلَاثًا كالغسل، وَقِيَاس الْمسْح على الْغسْل صَحِيح. فَالْقِيَاس تقريب فرع من أصل، وَلَا شَيْء أقرب من إِلْحَاق بعض الشَّيْء بِبَعْضِه. لَهُم: طَهَارَة مسح فَلَا يسن فِيهَا التّكْرَار كالتيمم وَمسح الْخُف، ذَلِك؛ لِأَن الْقَصْد فِيهَا التَّخْفِيف آلَة ومحلا، فَكَانَ، وفعلا ثمَّ سنة الرَّأْس الِاسْتِيعَاب فَلَا يسن فِيهِ التّكْرَار كَيْلا يجمع بَين سنتَيْن. مَالك: الْمرة الْوَاحِدَة أفضل. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: يرَوْنَ أَن الْكَمَال فِي كل عُضْو بِزِيَادَة من جنس الأَصْل فِي مَحل الأَصْل وَقد تحقق ذَلِك بالاستيعاب فأغنى عَن التّكْرَار، وَنحن نقُول: إِنَّمَا يقوم

الِاسْتِيعَاب مقَام التّكْرَار، إِذا ضمن مَقْصُوده، وَالْمَقْصُود من التّكْرَار النَّظَافَة فِي مَحل أَصْلهَا وَالزَّائِد على الْمَمْسُوح من الرَّأْس فضل، فَلَا يقوم مقَام التّكْرَار ونقول: أصل مبَاشر بِالْمَاءِ فاستحب التّكْرَار فِيهِ كالمغسول، وَقَوْلنَا أصل احْتِرَاز من الْخُف، فَإِنَّهُ بدل، وَقَوْلنَا: مبَاشر بِالْمَاءِ احْتِرَاز من التَّيَمُّم، وَالْمَقْصُود أَن إِلْحَاق الرَّأْس بِالْوَجْهِ أولى من إِلْحَاقه بالخف، وإلحاق الْمسْح بِالْمَاءِ بِالْغسْلِ أولى من إِلْحَاقه بِالتُّرَابِ. قَوْلهم بني على التَّخْفِيف لَا معنى لَهُ إِلَّا أَنه دون الْغسْل، كَمَاء أَن الْوضُوء دون الْغسْل والعذر عَن تكْرَار مسح الْخُف كَونه يتْلف بذلك، وَلَا نسلم أَن تكْرَار الْمسْح يصير غسلا آيَته أَنه لَو أَتَى بِهِ مَكَان غسل الْوَجْه مَا أَجزَأَهُ.

المسألة العاشرة المضمضة والاستنشاق ي

(الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة: الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق (ي)) . الْمَذْهَب: سنتَانِ فِي الطهارتين. عِنْدهم: واجبتان فِي الْغسْل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: حَدِيث أم سَلمَة وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " يَكْفِيك أَن تحثي على رَأسك ثَلَاث حثيات من مَاء ثمَّ تفيضي عَلَيْك المَاء فَإِذا أَنْت قد طهرت "، ذكر الْغسْل وكيفيته، وَلم يذكر الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} .

أَمر بتطهير الْبدن وَهُوَ اسْم للجملة يَسْتَثْنِي مِنْهُ مَا يتَعَذَّر غسله. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " بلوا الشّعْر وأنقوا الْبشرَة، فَإِن تَحت كل شَعْرَة جَنَابَة ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عضوان باطنان من أصل الْخلقَة، فَلَا يجب غسلهمَا فِي الْجَنَابَة كباطن الْعين، ثمَّ هَذِه طَهَارَة عَن حدث فَلَا تجب فِيهَا الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق قِيَاسا على الصُّغْرَى. لَهُم: عضوان ظاهران فَوَجَبَ غسلهمَا. بَيَانه: أَنه يجب غسلهمَا من النَّجَاسَة، يبْقى أَنه لَا يفْطر ببلع الرِّيق وَذَلِكَ للضَّرُورَة، ويقابله أَنه لَو جعل فِيهِ شَيْئا لم يفْطر. مَالك: ق.

أَحْمد: واجبتان فِي الطهارتين. التكملة: الْمُدَّعِي الْخصم وَيَكْفِينَا الْمُطَالبَة، ونستدل على أَنَّهُمَا باطنان بِأَنَّهُ لَا يجب إِيصَال المَاء إِلَيْهِمَا فِي الْوضُوء وَلَا فِي غسل الْمَيِّت، ثمَّ مُوجب الْأَمر الْإِتْيَان بِالْغسْلِ، وَلَا خلف أَن من اغْتسل وَلم يتمضمض يُسمى مغتسلا، وَحَاصِل النّظر الْخَوْض فِي لفظ الْغسْل ومعارضة حَدِيث أم سَلمَة، ويلزمهم أَن الْعين تنجس بالكحل النَّجس وَهِي مَعَ هَذَا عُضْو لَا يجب غسله، ويعتذرون عَن غسل الْمَيِّت بِأَن الْمَضْمَضَة تَتَضَمَّن تَشْوِيه خلقته.

لوحة 14 من المخطوطة أ: حد الْمُلَامسَة أَن يُفْضِي بِشَيْء من جسده إِلَى جَسدهَا (من غير حَائِل سوى الشّعْر) وَالسّن وَالظفر عَامِدًا أَو نَاسِيا، وَفِي الملموس قَولَانِ، وَفِي ذَوَات الْمَحَارِم قَولَانِ. وَلَا ننكر أَن الْكِنَايَة والتعريض والاستعارة وَالْمجَاز عَادَة اللِّسَان (الْعَرَبِيّ وَأَن صيانته عَن ذكر الْفَوَاحِش عفته) لَكِن لَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا فصريح لفظ اللَّمْس يُنَاسب نقض الطَّهَارَة، فتعسف اجتلاب شَيْء يكنى عَنهُ لَا حَاجَة إِلَيْهِ، وَبَيَان التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فِي الْآيَة أَن قَوْله تَعَالَى: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} ، أَي من النّوم وينعطف عَلَيْهِ {أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط} ، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ فِي الْمَعْنى قَوْله: {فَاغْسِلُوا} ثمَّ قَالَ: {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} فقد تمّ حكم الْحَدث والجنابة فِي حَال وجود المَاء، ثمَّ قَالَ: {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر} ، وَهُوَ تعرض لحالة تعذر اسْتِعْمَال المَاء فِيهَا، وَقَالَ: {فَلم تَجدوا مَاء} بَين (أَن كل من يلْزمه) الْوضُوء وَالْغسْل عِنْد وجود المَاء يلْزمه التَّيَمُّم عِنْد عَدمه، وَلَا يُمكن عطف {أَو لامستم النِّسَاء} على قَوْله: (وَإِن كُنْتُم

مرضى} ، فَإِن الْمَرَض وَالسّفر ليسَا من أَسبَاب الْأَحْدَاث، وَاعْلَم أَن حكم الْمَرْأَة فِي اللَّمْس حكم الرجل (وَمَسّ الْمَيِّت كمس) الْحَيّ والفرجان سَوَاء، وَاعْتبر فِي الْخُنْثَى لامسا وملموسا (بِعَين الْفرج ومنابته) الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة (إِذا مس الْإِنْسَان) بِذكرِهِ دبر غَيره يَنْبَغِي أَن ينْتَقض وضوء؛ لِأَنَّهُ مَسّه بِآلَة مَسّه، وَالْمذهب أَنه لَا ينْتَقض (لِأَنَّهُ مس بدنه) بِبدنِهِ، فَإِن قيل: أَلَيْسَ لَو مس دبر غَيره بِيَدِهِ انْتقض وضؤوه؟ قُلْنَا: فرق بَين الْيَد وَالذكر، أَلا ترى أَنه لَو مس ذكره بِيَدِهِ نقض، وَلَو مَسّه بِغَيْر يَده لم ينْتَقض، وَاعْلَم أَن الرّيح من الْقبل كَالرِّيحِ من الدبر ينْقض الْوضُوء، والمسبار (هُوَ الْميل) والحقنة إِذا خرجا نقضا (الْوضُوء وَإِن) لم يخالطهما شَيْء. من خرج مِنْهُ مني واغتسل، ثمَّ خرج مِنْهُ شَيْء آخر واغتسل أعَاد الْغسْل خلافًا لأبي حنيفَة فَإِنَّهُ إِن قَالَ إِن خرج قبل الْبَوْل أعَاد الْغسْل. وَاعْلَم أَن المشيمة نَجِسَة، لِأَن مَا أبين من حَيّ فَهُوَ ميت، وَكلما يخرج من مخرج حَيّ فَهُوَ نجس، كالأبوال والأرواث.

قَالَ أَحْمد: طَاهِر مِمَّا يُؤْكَل لَحْمه. فِي دم (السّمك) وَجْهَان: أَحدهمَا أَنه نجس، وَالثَّانِي طَاهِر، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة، وَاحْتج بِأَنَّهُ لَو كَانَ نجسا لوقف إِبَاحَة السّمك على إهراقه كَسَائِر الْحَيَوَان، وَدَلِيلنَا: {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم} ، وَمَا ذَكرُوهُ غير صَحِيح؛ لِأَن سفح الدَّم لَا لنجاسته بل لِأَن الذّبْح وَجه سهل فِي موت الْحَيَوَان. وذرق الْحمام نجس خلافًا لمَالِك وَأحمد وَأبي حنيفَة. دليلهم: إِجْمَاع النَّاس على تَركه فِي الْمَسَاجِد وَعِنْدنَا ذَلِك ضَرُورَة.

المسألة الحادية عشرة لمس النساء غير المحارم يا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة: لمس النِّسَاء غير الْمَحَارِم (يَا)) : الْمَذْهَب: ينْقض الْوضُوء. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول. لنا: قَوْله تَعَالَى: {أَو لامستم النِّسَاء} ذكر اللَّمْس فِي سِيَاق الْأَحْدَاث وَحَقِيقَته لمس الْيَد، وصريح اللَّمْس مُنَاسِب، فَإِنَّهُ يُحَرك الشَّهْوَة. لَهُم: روى أَبُو هُرَيْرَة وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل بعض نِسَائِهِ وَصلى وَلم يتَوَضَّأ، وَجَاء أَن عَائِشَة لمست أَخْمُصُهُ وَهُوَ ساجد.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجد اللَّمْس فِي مَحل الشَّهْوَة شرعا وطبعا فَأشبه اللَّمْس الْفَاحِش، ذَلِك؛ لِأَن الْأَجْنَبِيَّة مَحل الشَّهْوَة شرعا وطبعا، ثمَّ اللَّمْس سَبَب الْخَارِج فأقيم مقَامه احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ. لَهُم: الطَّهَارَة إِنَّمَا تجب عَن نَجَاسَة أَو سَببهَا وَلم يُوجد، إِذْ الأَصْل فِي إِيجَاب الطَّهَارَة الْخَارِج النَّجس واللمس الْمَذْكُور أُرِيد بِهِ الْجِمَاع، بِدَلِيل وجوب التَّيَمُّم على الْمُحدث وَلَا دَلِيل عَلَيْهِ (غير الْآيَة) . مَالك: إِن كَانَ بِشَهْوَة نقض. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: اعتراضهم على الْآيَة بِأَن الله حييّ كريم كنى بالْحسنِ عَن الْقَبِيح قَالَ:

{هَذَا أخي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة} ، وَقَالَ: {كَانَا يأكلان الطَّعَام} . وَيدعونَ أَن تيَمّم الْجنب إِنَّمَا أَخذ من هَذِه الْآيَة؛ لِأَنَّهَا ذكرت حكم الطهارتين بِالْمَاءِ ثمَّ بِالتُّرَابِ، وَالْجَوَاب: أَنَّهَا لَا ننكر الْكِتَابَة، وَإِنَّمَا يُصَار إِلَيْهَا إِذا لم يحسن الْمصير إِلَى الصَّرِيح، وَأما التَّيَمُّم فاستفيد من بَيَان الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام، وَلذَلِك الْتبس على عمار حَتَّى تمعك فِي التُّرَاب، وَلم يرشده النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْآيَة، والأصلح أَن يجمع بَين

الْقِرَاءَتَيْن: لمستم ولامستم، وَفِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَلَا نسلم أَن الطَّهَارَة إِنَّمَا تجب عَن نَجَاسَة بل وَعَن سَبَب يُفْضِي إِلَيْهَا كالنوم.

المسألة الثانية عشرة لمس الذكر بباطن الكف يب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة: لمس الذّكر بباطن الْكَفّ (يب)) . الْمَذْهَب: ينْقض الْوضُوء. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: حَدِيث بسرة بنت صَفْوَان، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ "، وروى وضوءه للصَّلَاة.

لَهُم: حَدِيث قيس بن طلق، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن هُوَ إِلَّا بضعَة مِنْك ". وَقَوله: " لَا وضوء إِلَّا من حدث، أَو ريح "، والاعتماد على حَدِيث قيس حَيْثُ ذكر الحكم وَالْعلَّة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: سَبَب الْخَارِج فأقيم مقَامه احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ؛ لأَنا لَا نعلم اللَّمْس الَّذِي تتعقبه الشَّهْوَة، فوقفنا مَعَ جنسه كالسفر وَالْمَشَقَّة. لَهُم: عُضْو مِنْهُ لَا ينْقض الْوضُوء لمسه كفخذه، وتأثيره أَن الطَّهَارَة عَن

نَجَاسَة وَلَا نَجَاسَة. مَالك: وَافق فِي مس فرج الْكَبِير لَا الدبر. أَحْمد: وَافق مَالِكًا فِي الصَّغِير. التكملة: قَالُوا: إِنَّمَا يُقَام غير الْخَارِج مقَامه إِمَّا لتعذر مَعْرفَته لَو خرج كالنوم، أَو بِأَن يُفْضِي إِلَيْهِ غَالِبا كالتقاء الختانين، أَو يكون الحكم مِمَّا يحْتَاط لَهُ، كَمَا يُقيم النِّكَاح مقَام الْوَطْء، وَالْوَطْء: مقَام حَقِيقَة البعضية فِي إِثْبَات

الْمحرم. الْجَواب: أَن هَذَا يُفْضِي إِلَى الْخَارِج فالتحق بِمَا ذَكرُوهُ، قَالُوا: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنه إِذا لمس ذكر غَيره أَن ينْتَقض وضوء الملموس إِذْ الشَّهْوَة لَهُ. الْجَواب: الْمَنْع، ونقول: ينْتَقض، ثمَّ قِيَاس الذّكر على سَائِر الْبدن غير صَحِيح لما يخْتَص بِهِ من الْغسْل بإيلاجه، وَوُجُوب الْمهْر وَالْحَد.

المسألة الثالثة عشرة الخارج من غير السبيلين يج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة: الْخَارِج من غير السَّبِيلَيْنِ (يج) :) الْمَذْهَب: لَا ينْقض الْوضُوء. عِنْدهم: ينْقض إِن كَانَ نجسا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى حميد الطَّوِيل أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام احْتجم ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ، وروى وَلم يزدْ على غسل محاجمه. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من قاء أَو رعف أَو أمذى فِي صلَاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلَاته مَا لم يتَكَلَّم "، وروى أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قاء

فَأفْطر. قَالَ ثَوْبَان: أَنا صببت وضوءه عَلَيْهِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تَعْلِيق الْوضُوء على الْخَارِج من السَّبِيلَيْنِ كتعليق الصَّلَاة على الزَّوَال وَالصَّوْم على الشُّهُود، فَلَا يجب بِسَبَب آخر، ذَلِك لِأَن الْوضُوء عبَادَة تعبدية. لَهُم: خَارج نجس فنقض الْوضُوء كَمَا لَو كَانَ من السَّبِيلَيْنِ، ذَلِك لِأَن الْوَاجِب طَهَارَة فَلَا تجب إِلَّا عَن نَجَاسَة، والاقتصار على الْأَعْضَاء تيسيرا، وَالدَّلِيل على النَّجَاسَة قَوْله تَعَالَى: {ليطهركم بِهِ} .

مَالك: ينْقض الْخَارِج الْمُعْتَاد من السَّبِيل الْمُعْتَاد. أَحْمد: ف. التكملة. يَعْتَذِرُونَ عَن القهقهة بِأَن الْإِثْم قَامَ مقَام النَّجَاسَة، ويعتذرون عَن خُرُوج الطَّاهِر من الْمخْرج الْمُعْتَاد بورود التَّعَبُّد بِهِ، وَإِنَّمَا يُعلل بِالنَّجَاسَةِ فِي غير مَحل النَّص، ويعتذرون عَن البلغم لطهارته، وَعَن الْمَنِيّ إِذا خرج من غير الْمخْرج الْمُعْتَاد بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُوجب الْغسْل؛ لأجل الشَّهْوَة، وَلَا شَهْوَة حَتَّى أَنه لَو خرج من سَبيله بِغَيْر شَهْوَة لم يُوجب غسلا، وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على أَن الْوضُوء غير مَعْقُول كَونه إِجْرَاء الطّهُور على أَعْضَاء طَاهِرَة، وَلَو كَانَ الْوضُوء عَن نَجَاسَة لاختص بمحلها، وَلم تكف فِيهِ الْأَحْجَار، وَالدَّلِيل على أَن السَّبَب الْخَارِج من الْمخْرج الْمُعْتَاد وجوب الْوضُوء بالطاهر، وَالنَّجس مِنْهُ والقليل وَالْكثير وَالْعين والأثر، وَبِالْجُمْلَةِ نَحن نعتقد التَّعَبُّد فِي الطَّهَارَة، وهم يرَوْنَ أَنه من نَجَاسَة حكمِيَّة وَالْغسْل إِزَالَة لَهَا.

المسألة الرابعة عشرة القهقهة في الصلاة يد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة: القهقهة فِي الصَّلَاة (يَد) :) الْمَذْهَب: يبطل الصَّلَاة وَلَا ينْقض الْوضُوء. عِنْدهم: تبطل الصَّلَاة وتنقض الْوضُوء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى جَابر رَضِي الله عَنهُ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " الضحك فِي الصَّلَاة يبطل الصَّلَاة، وَلَا ينْقض الْوضُوء ". لَهُم: أَخْبَار خلاصتها من ضحك فِي صلَاته وقهقه فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: طَهَارَة تعبدية يتبع فِيهَا مورد الشَّرْع، وَلم تنقض الطَّهَارَة عَنْهَا بالقهقهة فِي الصَّلَاة، كَمَا لَو كَانَت صَلَاة جَنَازَة. لَهُم: الْإِثْم حدث شرعا، قَالَ ابْن عَبَّاس: الْحَدث حدثان: حدث من فرجك، وَحدث من فِيك. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: نقُول: إِلْحَاق القهقهة بالأحداث مُتَعَذر، فَإِنَّهَا لَا تنقض خَارج الصَّلَاة، وَمَا عهدنا حَدثا ينْقض فِي الصَّلَاة وَلَا ينْقض خَارِجهَا، وأخبارهم مدارها على عَمْرو بن عبيد وَكَانَ قدريا، وَمَعْلُوم أَن أَسبَاب الْأَحْدَاث تحكمات

لَكِن بعد أَن تثبت لَا تفرق بَين كَونهَا فِي الصَّلَاة، أَو خَارِجهَا ويلزمهم إِذا قهقه فِي التَّشَهُّد الْأَخير، فَإِنَّهُ يبطل طَهَارَته، وَلَا يبطل صلَاته، فَإِن كَانَت بَاقِيَة فَيَنْبَغِي أَن تبطل، وَإِن لم تكن بَاقِيَة فَيَنْبَغِي أَلا تنقض الطَّهَارَة على أَنه لَو كَانَت القهقهة بِمَثَابَة الْحَدث، فالحدث عِنْدهم فِي هَذِه الْحَال لَا يبطل الصَّلَاة ثمَّ الضحك بِمَثَابَة الْكَلَام يَعْتَذِرُونَ عَن صَلَاة الْجِنَازَة بِكَوْنِهَا لَيست صَلَاة حَقِيقِيَّة، وَلِهَذَا يتَيَمَّم لَهَا عِنْدهم مَعَ وجود المَاء.

المسألة الخامسة عشرة مني الآدمي يه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة: مني الْآدَمِيّ (يه) :) الْمَذْهَب: طَاهِر وَفِي غَيره ثَلَاثَة أوجه. عِنْدهم: نجس. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام عَن الْمَنِيّ يُصِيب الثَّوْب: " إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة البصاق والمخاط، امسحه بِخرقَة أَو أمطه بإذخرة "، قَالَت عَائِشَة: كنت أفرك الْمَنِيّ من ثَوْبه عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يُصَلِّي. لَهُم: رأى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عمارا يغسل ثَوْبه من النخامة فَقَالَ: " إِنَّمَا يغسل الثَّوْب من خَمْسَة: الْغَائِط، وَالْبَوْل، والقيء، وَالدَّم، والمني ". قَالَ لعَائِشَة: " إِذا رَأَيْت الْمَنِيّ رطبا فاغسليه، أَو يَابسا فافركيه ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: متولد من أصل طَاهِر ليصير مثل الأَصْل، فَلَا يصير نجسا كالبيض وَاللَّبن، وَالْعَفو عَن غسله آيَة طَهَارَته. لَهُم: خَارج ينْقض الطَّهَارَة، فَكَانَ نجسا كالبول والمذي، بل أولى فَإِنَّهُ ينْقض الطَّهَارَة الْكُبْرَى. مَالك: نجس. أَحْمد: ق. التكملة: يفرقون بَين الْمَنِيّ وَاللَّبن بِأَن الْمَنِيّ نَاقض للطَّهَارَة، ويعتذرون من الْبيض بِكَوْن جنته نقية، ويزعمون أَن الِاقْتِصَار على فرك الْمَنِيّ رخصَة، وَمن أصلهم أَن النَّجَاسَة كَيفَ كَانَت طهر الْمحل ويلحقون الْمَنِيّ بالعلقة الْجَواب: أما الْأَخْبَار فضعيفة، ويلزمهم مَا اعتذروا عَنهُ، ونمنع نَجَاسَة الْعلقَة على قَول، ونقول: الْمَنِيّ أصل الْآدَمِيّ فَكَانَ طَاهِرا كالتراب، وتأثيره أَن

هَذِه تكرمة للآدمي. قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَقَد كرمنا بني آدم} وتنجيس مَا يخلق مِنْهُ يضاد التكرمة، وتبني هَذِه الْمَسْأَلَة من جانبهم على أَن الْحَدث نَجَاسَة حكمِيَّة تتَعَلَّق بِخَارِج نجس، فَحَيْثُ وَجَبت دلّ على خُرُوج النَّجس، ونقول على خبرهم يجوز أَن يجمع بَين أَشْيَاء فِي الذّكر، وَيخْتَلف حكمهَا، كَمَا نهى عَن كسب الْحجام، وحلوان الكاهن، وَمهر الْبَغي وَكسب الْحجام مَكْرُوه وقسيماه محرمان، وَإِن سلمنَا نَجَاسَة الْعلقَة، فَلِأَنَّهَا مَجْهُولَة فِي الرَّحِم فَرُبمَا صَارَت دَمًا فَكَأَنَّهَا نَجَاسَة مجاورة للنطفة.

فارغة

لوحة 15 من المخطوطة أ: أورد فِي مَسْأَلَة الْأَوَانِي إِذا كَانَ أَحدهمَا (بولا ومنعنا فَهَل إِذا منع الْمُسْتَدلّ) النَّقْض يَنْقَطِع السَّائِل؟ قيل: يَنْقَطِع، وَالصَّحِيح أَنه لَا يَنْقَطِع، وَلَيْسَ لَهُ أَن ينصب دَلِيلا فِي مَحل الْمَنْع؛ لِأَن منصبه يُنَافِي منصب الِاسْتِدْلَال، (وَلَو فسح للسَّائِل فِي إِقَامَة دَلِيل على مَسْأَلَة النَّقْض زَالَ ضَابِط النّظر) . وَمن قَوْلنَا فِي سُؤْر السبَاع أوضح وَمَا نقُوله لَا يحسن مِنْهُم الِاحْتِجَاج بِهِ لأَنهم لَا يقدرُونَ بالقلتين، وَالْخَبَر إِذا ورد حِكَايَة حَال لَا عُمُوم لَهُ، وَكَذَا إِذا كَانَ مَفْهُوم خطاب (على رَأْي) وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام بنى فِي الْخَبَر على الْغَالِب، وَأَنه ورد تردها السبَاع وتبول، فَبنى على ذَلِك، (وَاعْلَم) أَن شَرط الِاجْتِهَاد أَن يكون للإمارة مجَال فِي الْمُجْتَهد فِيهِ، وَلَا يجوز فِي تَمْيِيز الْمحرم وَالْميتَة عَن الذّكر والأجنبية، وَيَنْبَغِي أَن يتَأَكَّد باستصحاب حَال وَيكون مَعَ الْعَجز عَن الْيَقِين، وَلَا يكون على شاطئ نهر،

وَقيل يجوز، فَإِن لم تلح عَلامَة صب المَاء وَتيَمّم فَإِن تيَمّم قبل صب المَاء قضى. وَمَسْأَلَة سُؤْر السبَاع يلْحقهَا أَن سُؤْر الْهِرَّة طَاهِر، فَإِن أكلت نجسا وولغت فِي مَاء قَلِيل فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه يفرق فِي الثَّالِث بَين الولوغ فِي الْحَال، أَو بعد غيبَة مُحْتَملَة للولوغ فِي مَاء كثير، وَالْأَحْسَن تَعْمِيم الْعُضْو (للْحَاجة وأدب الاستطابة ستر الْعَوْرَة وصرفها عَن النيرين وَلَا يَبُول فِي الْحُجْرَة وَلَا تَحت الشّجر المثمر، وَلَا يجلس فِي متحدث النَّاس ويعتمد على يسراه فِي الْجُلُوس وَلَا يستصحب مَا عَلَيْهِ اسْم الله تَعَالَى، وَيقدم يسراه دَاخِلا وَبِالْعَكْسِ ويستبرئ من الْبَوْل بالنحنحة ويستنجي بِكُل طَاهِر جامد منق غير مطعوم لَا حُرْمَة لَهُ غير مُتَّصِل بحيوان، وَيقف مَعَ الإنقاء وَالْعدَد والإيثار مُسْتَحبّ، وَلَا يسْتَعْمل يَمِينه فِي مس فرجه، ويمر كل حجر على جَمِيع الْموضع فِي أحسن الرأيين. وَالْأَفْضَل أَن يجمع بَين المَاء وَالْحجر، بذلك مدح أهل قبَاء، وَإِذا اخْتلف اجْتِهَاد رجلَيْنِ فِي إناءين تَوَضَّأ كل مِنْهُمَا بِمَا أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَيْهِ،

وَلَا يأتم بِصَاحِبِهِ) . وولوغ الْكَلْب يغسل مِنْهُ الْإِنَاء سبعا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وعرقه وَسَائِر أَجْزَائِهِ كلعابه، وَفِي إِلْحَاق الْخِنْزِير بِهِ فِي غسل الْإِنَاء كَذَلِك قَولَانِ، وَالْأَظْهَر أَنه لَا يقوم الأشنان والصابون مقَام التُّرَاب، وَلَا غسلة ثامنة، إِذا غسل الْإِنَاء عَن ولوغ الْكَلْب فترشش من المَاء على ثوب قيل: يغسل الثَّوْب مرّة، وَقيل: بِعَدَد المرات الَّتِي بقيت. إِذا ولغَ كلبان فَهَل لَهما حكم كلب وَاحِد فِي الْغسْل فِيهِ خلاف، وَالظَّاهِر أَنَّهُمَا بِمَثَابَة (كلب وَاحِد) يلْحق بِمَسْأَلَة الاستطابة إِن كَانَ فِي الصَّحرَاء خمر من الأَرْض فَهِيَ كالبنيان، (وَإِن كَانَ الْبُنيان) فضاء بِغَيْر حَائِل فَهُوَ كالصحراء، (وَاعْلَم أَن الْعَوْرَة مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة، وَالركبَة والسرة ليستا مِنْهَا، عِنْد الْحَنَفِيّ الرّكْبَة عَورَة) .

المسألة السادسة عشرة إذا اشتبهت عليه الأواني يو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة: إِذا اشتبهت عَلَيْهِ الْأَوَانِي (يو) :) الْمَذْهَب: يتحري وَيتَوَضَّأ بالطاهر عِنْده. عِنْدهم: لَا يتحَرَّى إِلَّا أَن يكثر عدد الطَّاهِر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ندعي أَنه وَاجِد فَلَا يتَيَمَّم. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} . يدعونَ أَنه غير وَاجِد مَاء طَاهِرا بِيَقِين فيتيمم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: اجْتِهَاد صَادف مَحَله فصح، كَمَا لَو كَانَ عدد الطَّاهِر أَكثر؛ لِأَن الِاجْتِهَاد تطلب حكم شَرْعِي بدليله، ونقول: شَرط للصَّلَاة أمكن حُصُوله بِالِاجْتِهَادِ فَوَجَبَ التَّوَصُّل إِلَيْهِ، كالقبلة والسترة.

لَهُم: التَّحَرِّي مَظَنَّة الشَّك، فَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ، وَالتُّرَاب طَاهِر بِيَقِين، وَرُبمَا وَقع على النَّجس، فاستعمال الطَّاهِر بِيَقِين أولى. مَالك: ق. أَحْمد: لَا يتحَرَّى وَيتَيَمَّم. التكملة: يلزمونا إِذا كَانَ أحد الإناءين بولا، واختلطت ميتَة بمذكاة، أَو أُخْته بأجنبيات، فَإِنَّهُ لَا يتحَرَّى، الْجَواب: مَسْأَلَة الْبَوْل مَمْنُوعَة رأى ابْن سُرَيج، وَإِن سلمنَا فالمياه النَّجِسَة لَهَا أصل فِي الطَّهَارَة وتعود بالمكاثرة طَاهِرَة بِخِلَاف الْبَوْل فيتأيد الظَّن بِأَصْل هُوَ اسْتِصْحَاب الْحَال، ويعتذرون من الستْرَة بِأَن غَايَة مَا يقدر أَنه صلى فِي ثوب نجس، وَذَلِكَ لَا يمْنَع صِحَة الصَّلَاة وَيَقُولُونَ الثَّوْب لَا بدل لَهُ وَبدل المَاء التُّرَاب.

وجهات الْقبْلَة مُمكن أَن يكون قبْلَة فِي مسكن آخر، وَأما إِذا كثرت الْأَوَانِي أَخذ بالأغلب، وَالْجَوَاب منع أَن الِاجْتِهَاد للضَّرُورَة، بل للْحَاجة، والمجتهد إِذا غلب على ظَنّه طرف صَار الآخر سَاقِطا، وَبِالْجُمْلَةِ يرجع النّظر إِلَى تعَارض الظنون، فالخصم يَدعِي وجود شَرط (التَّيَمُّم وَهُوَ الْعَجز عَن اسْتِعْمَال الطَّاهِر بِيَقِين، وندعي نَحن أَن المَاء الطَّاهِر حَاضر، وَقد غلب على الظَّن، متأبدا باستصحاب الْحَال إِذا انصب أحد الإناءين قبل الِاجْتِهَاد هَل يجْتَهد فِي الثَّانِي؟ ، وَجْهَان: أَحدهمَا لَهُ اسْتِعْمَاله من غير اجْتِهَاد؛ لِأَنَّهُ يشك فِي نَجَاسَته، وَالأَصَح أَنه يجْتَهد.

المسألة السابعة عشرة سؤر السباع يز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة: سُؤْر السبَاع (يز) :) الْمَذْهَب: طَاهِر. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى جَابر قَالَ: سُئِلَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: أَنَتَوَضَّأُ مِمَّا أفضلت الْحمر؟ فَقَالَ: " نعم، وَبِمَا أفضلت السبَاع كلهَا "، حَدِيث صَحِيح فِي سنَن الْبَيْهَقِيّ. لَهُم: سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَام عَن الْمِيَاه تكون بالفلاة تنوبها السبَاع. فَقَالَ: " إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لم ينجس "، علل عدم النَّجَاسَة بِقدر المَاء لَا بِطَهَارَة الْوَارِد فَدلَّ على أَن مَا دون الْقلَّتَيْنِ نجس. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حَيَوَان يجوز اقتناؤه إعجاباً بِهِ فَحكم بِطَهَارَة سؤره كجوارح الطير إِذْ لَو

كَانَ نجس الْعين مَا جَازَ اقتناؤه كَذَا، وَترك أكله؛ لِأَنَّهُ تعدى أخلاقه، لَا لِأَنَّهُ نجس، ويتأيد بِطَهَارَة جلده مدبوغا. لَهُم: سبع محرم أكله فَأشبه الْكَلْب وَالْخِنْزِير؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حرم بِوَصْف السبعية إهانة لَهُ، وَمَا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ نجس كَالْكَلْبِ. مَالك: ق. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: قَالُوا: الشَّيْء يحرم أكله، إِمَّا لعدم الإغذاء كالتراب والذباب، أَو لخبثه كالسم، أَو لكَونه يعدي خلقا ذَمِيمًا، أَو لحُرْمَة كالآدمي، وَهَذِه الْمعَانِي مَعْدُومَة فِي السبَاع، فَإِنَّهَا كَانَت تُؤْكَل قبل الْإِسْلَام فَبَقيَ تَحْرِيمهَا لنجاستها، ويعتذرون عَن جَوَاز بيعهَا بِأَن مَذْهَبهم جَوَاز بيع الْأَعْيَان النَّجِسَة، وَيمْنَعُونَ طَهَارَة عرقها، وَإِن سلمُوا فللضرورة، وَعِنْدهم لحم الْفرس مَكْرُوه (وسؤره وَالْحمار مَشْكُوك فِيهِ) وسؤر الهر للضَّرُورَة، وجوارح الطير

تَأْخُذ المَاء بمناقيرها، وَكَانَت ترد دور الْكُوفَة وَلَا ظلال لَهَا فَعَفَا عَنْهَا أَبُو حنيفَة للْحَاجة. الْجَواب: تَحْرِيم الْأكل خيفة الْأَعْدَاء فَصَارَ كَمَا نهى عَن رضَاع الحمقاء، وَعَن السم، وَالْأَصْل فِي الْحَيَوَانَات الطَّهَارَة، إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِع، وَقَوْلهمْ فِي دور الْكُوفَة فَالْجَوَاب عَنهُ أَن الْأَحْكَام تتَعَلَّق على الْحَاجَات الْعَامَّة لَا على حَاجَة بلد، وَعَلَيْهِم الدَّلِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لدعواهم النَّجَاسَة وجوارح الطير لَا يجوز أكلهَا إِجْمَاعًا، وسؤرها طَاهِر.

المسألة الثامنة عشرة قليل النجاسة يح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة: قَلِيل النَّجَاسَة (يح) :) الْمَذْهَب: لَا يُعْفَى إِلَّا من مَحل النجو وَدم البراغيت. عِنْدهم: يُعْفَى عَن هَذَا الْقدر أَيْن كَانَ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {وثيابك فطهر} .. لَهُم: .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: النَّجَاسَة مجتنبة نصا، والكمية لَا أثر لَهَا، بل الْكل مستقذر، وَرخّص الشَّرْع فِي أَشْيَاء ضَرُورَة فتقدر بهَا وَتلك الضَّرُورَة تكَرر هَذَا الْحَدث وَتعذر المَاء، كل وَقت وكشف الْعَوْرَة. لَهُم: الشَّرْع يعْفُو عَن المحذورات إِذا قلت، وَلَا يلْتَفت إِلَى الْمحل، غير أَن التَّقْدِير إِلَى الشَّرْع، وَحَيْثُ عَفا عَن مَحل النجو كَانَ هُوَ قدر الْقلَّة فَسقط اعْتِبَار الْمحل. مَالك: يُعْفَى عَن قدر الدِّرْهَم.

أَحْمد: يُعْفَى عَن النقطة والنقطتين. التكملة: قَالُوا: لَو عُفيَ عَن النَّجَاسَة فِي المنديل عقل أَن الْقَمِيص فِي مَعْنَاهُ، وَنسبَة المنديل إِلَى الْقَمِيص كنسبة بعض الْأَعْضَاء إِلَى بعض، وَهَذَا قِيَاس فَاسد أَولا؛ لِأَن الصَّحَابَة لم يتوهموا هَذَا التَّسَاوِي، وَكَذَلِكَ استمرت عَادَتهم على الِاسْتِنْجَاء مَعَ التَّحَرِّي عَن قَلِيل النَّجَاسَة فِي جَمِيع الْبدن وَمَا كَانَ كَذَلِك إِلَّا لِأَن مَحل النجو اخْتصَّ بِنَوْع حَاجَة يجوز أَن يَجْعَل منَاط هَذِه الرُّخْصَة، وَبِالْجُمْلَةِ نَحن نعلل بِالْحَاجةِ وَنَنْظُر إِلَى الْمحل وهم يعللون بالمقدار.

المسالة التاسعة عشرة الاستجمار بالحجر يط

(المسالة التَّاسِعَة عشرَة: الِاسْتِجْمَار بِالْحجرِ (يط) :) الْمَذْهَب: وَاجِب. عِنْدهم: مسنون. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِنَّمَا أَنا لكم كالوالد لوَلَده، فَإِذا ذهب أحدكُم إِلَى الْغَائِط فليستنج بِثَلَاثَة أَحْجَار "، وَقَالَ: " اتَّقوا الْملَاعن وَأَعدُّوا النبل ".

لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من استجمر فليوتر، وَمن لَا فَلَا "، وَزَعَمُوا أَن التَّخْيِير يرجع إِلَى نَفسه الِاسْتِجْمَار. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نَجَاسَة لَا تلْحق الْمَشَقَّة فِي محوها، فَشرط إِزَالَتهَا لاستباحة الصَّلَاة، كالزائد على الدِّرْهَم، وَالطَّهَارَة من النَّجَاسَة وَاجِبَة وتقليلها أَيْضا وَاجِب كَذَلِك أَسْفَل الْخُف. لَهُم: مَا لَا يُوجب إِزَالَته بالمائع مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ، لَا يجب بخفيفه كَدم البرغوث ثمَّ لَو كَانَ إِزَالَة هَذِه النَّجَاسَة مَا كفى فِيهِ الْحجر، كالزائد عَلَيْهَا. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: اعْتِبَار الدِّرْهَم لَا يدل عَلَيْهِ أصل، وَفِي تقليل النَّجَاسَة تطييب النَّفس،

وَأمن من الانتشار، وَلَا يبعد أَن يقْصد الشَّرْع تقليل النَّجَاسَة، وَلذَلِك أوجبتم فِي الْخُف الدَّلْك، وَفِي الْمَنِيّ الفرك، وَجَوَاب الْخَيْر: أَن التَّخْيِير فِي الإيتار، وَظَاهر هَذَا أَن لَا يحْجر فِي الِاقْتِصَار على حجرين وَلَكِن حمل ذَلِك على مَا بعد التَّثْلِيث، بِدَلِيل أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهي عَن أَن يجتزئ بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَحْجَار.

فارغة

الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ: اسْتِقْبَال الْقبْلَة بالفرجين (ك) : الْمَذْهَب: يجوز. عِنْدهم: لَا يجوز الِاسْتِقْبَال، وَفِي الآخر رِوَايَتَانِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يقْضِي حَاجته مُتَوَجها نَحْو الْقبْلَة، وَذكر لَهُ أَن قوما يكْرهُونَ اسْتِقْبَال الْقبْلَة بفروجهم، فَقَالَ: أقد فَعَلُوهَا؟ استقبلوا بمقعدي الْقبْلَة. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا أتيتم الْغَائِط فَعَظمُوا قبْلَة الله، وَلَا تستقبلوها وَلَا تستدبروها، لَكِن شرقوا، أَو غربوا ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: غير مُسْتَقْبل الْمُصَلِّي بفرجه، وَلَا الْمُصَلِّي مُسْتَقْبل لَهُ، فَصَارَ كَمَا لَو شَرق أَو غرب. لَهُم: كل حكم ثَبت للْقبْلَة فِي الصَّحَارِي مثله فِي الْبُنيان، وَيَقُول: اسْتقْبل الْقبْلَة بفرجه فِي قَضَاء الْحَاجة من غير ضَرُورَة، فَلَا يجوز كالمصحر. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْفرق بَين أَحْكَام الْقبْلَة فِي الصَّحرَاء، والبنيان أَن المتنفل يجوز لَهُ ترك الْقبْلَة مصحرا بِخِلَاف الْبُنيان، وَالْجَوَاب عَن خبرهم: أَن الْغَائِط

المطمئن من الأَرْض، وَذَلِكَ يكون فِي الصحارى، وتأييده قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا أتيتم، وَهَذَا إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الصحارى، فَإِن قَالُوا مَحل نزه عَن الْخَلَاء إِذا كَانَ غير مَبْنِيّ فنزه عَنهُ مَبْنِيا كالمسجد، قُلْنَا: هَذَا يُؤَدِّي إِلَى ترك اسْتِعْمَال الأخلية، وَفرق بَين الْمَسْجِد والجهة، إِذْ الْمَسْجِد لَا يجوز فِيهِ إِخْرَاج الدَّم بالفصد والحجامة بِخِلَاف الْجِهَة، وَالْمعْنَى فِي الْمَنْع من الْمَسْجِد أَنه لنَفس الْبقْعَة، وَهَاهُنَا الْمَنْع لاستقبال الْمُصَلِّين، ونسلم أَن الْمَنْع لأجل الْجِهَة لَكِن يجوز أَن نترخص فِيهِ ضَرُورَة.

مسائل التيمم

(مسَائِل التَّيَمُّم)

فارغة

لوحة 16 من المخطوطة أ: التَّعْلِيل لاخْتِصَاص التَّيَمُّم بِالتُّرَابِ (أَنه أحد نَوْعي مَا يتَطَهَّر بِهِ فيعلق بالأعم وجودا كَالْمَاءِ) . وَعلم أَن التَّيَمُّم لَا يرفع الْحَدث (بل يُبِيح الصَّلَاة وَكَذَلِكَ يَنْوِي وَيبْطل بِرُؤْيَة المَاء إِلَّا فِي الصَّلَاة، وَمَتى توجه الطّلب بَطل التَّيَمُّم (مثل) ظُهُور ركب، وَإِذا وجد المَاء) مَعَ الْعَجز عَنهُ، فَكَأَنَّهُ مَا وجده. والعضو الْمُتَيَمم عَنهُ يُقَام التَّيَمُّم مقَامه فِي التَّرْتِيب، فَإِن كَانَ الْوَجْه مثلا غسل مِنْهُ (مَا أمكن) وَتيَمّم وتمم الْوضُوء إِن لم يجد تُرَابا طلى على يَدَيْهِ الطين حَتَّى يجِف وفركه وَيتَيَمَّم، وَإِذا بذل لَهُ لزمَه قبُوله لعدم الْمِنَّة، وَكَذَا المَاء بِخِلَاف الرَّقَبَة فِي الْكَفَّارَة، إِن تحقق الْمُسَافِر عدم المَاء حوله تيَمّم من غير طلب إِن توهم وجوده تردد فِي طلبه حَتَّى يلْحقهُ الْغَوْث، وَإِذا دخل عَلَيْهِ وَقت صَلَاة أُخْرَى فَفِي وجوب إِعَادَة الطّلب وَجْهَان، وَمَتى كَانَ عَن جنبتي الْمنزل يبعد مَسَافَة الاحتشاش لزمَه

طلبه؛ لِأَن جَانِبي الْمنزل منسوبان إِلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك أَمَامه وَخَلفه، ثمَّ إِن تَيَقّن وجود (المَاء قبل مُضِيّ الْوَقْت فَالْأولى التَّأْخِير قولا وَاحِدًا، وَإِن توقعه بغالب ظن فَقَوْلَانِ لتقابل فَضِيلَة أول الْوَقْت مَعَ ظن الْإِصَابَة) . لَو صب المَاء فِي الْوَقْت وَتيَمّم، فَفِي الْقَضَاء وَجْهَان: وَجه الْوُجُوب أَنه عصى بإراقته بِخِلَاف مَا قبل الْوَقْت، وَبِخِلَاف (مَا لَو جَاوز) مَاء وَلم يتَوَضَّأ، إِن أعير الدَّلْو لزمَه قبُوله بِخِلَاف مَا لَو وهبه أَو ثمن المَاء، فَإِنَّهُ لَا يلْزمه الْقبُول لثقل الْمِنَّة، وَثمن الْمثل هُوَ مُقَدّر بِأُجْرَة النَّقْل، فَإِن كَانَ مَعَه ثمن المَاء ويفضل عَن حَاجته لزمَه الشِّرَاء، إِن مَاتَ صَاحب المَاء (ورفقته) عطاش يمموه وتصرفوا فِي المَاء، وضمنوه بِالثّمن، فَإِن الْمثل لَا يكون لَهُ قيمَة غَالِبا، إِذا أوصى بِمِائَة لأولى النَّاس بِهِ فَحَضَرَ جنب وحائض وميت فالميت أولى بِهِ؛ لِأَنَّهُ آخر الْعَهْد بِهِ، وَمن عَلَيْهِ نَجَاسَة أولى من الْجنب إِذْ لَا بدل لَهُ، وَالْجنب أولى من الْمُحدث إِذا كَانَ المَاء قدر الْوضُوء، وَالْمَاء لَهُم كلهم إِذا وجدوه مُبَاحا، وَيتَيَمَّم من الْمَرَض الَّذِي يخَاف من الْوضُوء مَعَه من فَوت الرّوح إِلَى شين ظَاهر يبْقى بالعضو، وَأما إِن كَانَ يتألم فِي الْحَال من أَمن الْعَاقِبَة لزمَه (الْوضُوء) وَيلْزم غسل مَا صَحَّ من

الْأَعْضَاء وَالْمسح على الْجَبِيرَة ثمَّ يتَيَمَّم مَعَ الْغسْل وَالْمسح، وَفِي تَقْدِيم الْغسْل على التَّيَمُّم (ثَلَاثَة أوجه) : أَحدهَا أَن لَا ينْتَقل عَن عُضْو مَا لم يتمم تَطْهِيره ثمَّ مهما تيَمّم لمَرض أَو جِرَاحَة أَعَادَهُ لكل صَلَاة وَلم يعد الْوضُوء وَلَا الْمسْح. إِن كَانَ على وَجهه قرح وعَلى يَدَيْهِ قرح، وعَلى رجله قرح لزمَه أَن يغسل الصَّحِيح من وَجهه ثمَّ يتَيَمَّم (ثمَّ يغسل الصَّحِيح) من يَدَيْهِ ثمَّ يتَيَمَّم وَيغسل الصَّحِيح من رجلَيْهِ، ثمَّ يتَيَمَّم فَيحْتَاج إِلَى ثَلَاث تيممات، والمتيمم ينْزع الْخَاتم وَتَكون اليدان متصلتين حَتَّى يستوعبهما مسحا كَيْلا يثبت للغبار بالانفصال حكم الِاسْتِعْمَال.

المسألة الحادية والعشرون

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ:) الْمُتَيَمم إِذا رأى المَاء فِي خلال صلَاته (كَا) : الْمَذْهَب: لَا تبطل صلَاته. عِنْدهم: تبطل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} ... الْآيَة. وَجه الدَّلِيل: أَنه أَمر بِالتَّيَمُّمِ للصَّلَاة، كَمَا أَمر بِالْغسْلِ، وَقد أَتَى بِهِ. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عَاجز عَن اسْتِعْمَال المَاء لَا تبطل صلَاته، وعجزه شَرْعِي لحُرْمَة الصَّلَاة وَالْمُعْتَمد بِمن الْمَشْرُوط لشرطه، فَلَا يشْتَرط بَقَاء الشَّرْط لبَقَاء الْمَشْرُوط كَالشَّهَادَةِ فِي النِّكَاح. لَهُم: وجد المَاء الْمَقْدُور عَلَيْهِ فَبَطل تيَمّمه، كَمَا قيل الْإِحْرَام وَالصَّلَاة لَا يبْقى مَعَ الرُّؤْيَة حَتَّى يمْنَع، وَإِنَّمَا يُبْطِلهَا لتتأدى كَامِلَة فَهُوَ كالوصي إِذا بَاعَ مَال الْيَتِيم بِأَكْثَرَ من ثمن الْمثل. مَالك: ق. أَحْمد: وَافق. التكملة: تَكْبِيرَة الْإِحْرَام عِنْدهم لَيست من الصَّلَاة، وَيَقُولُونَ: كل جُزْء من الصَّلَاة يشْتَرط لَهُ مَا يشْتَرط للْآخر، كالسترة والقبلة، ويعتذرون عَن الصَّلَاة الْجِنَازَة وَالْعِيدَيْنِ بِأَنَّهَا لَا تقضي إِذا فَاتَت، فَلَو بطلت بِرُؤْيَة المَاء لفاتت إِلَى

غير شَيْء، ويعتذرون من سُؤْر الْحمار بِأَنَّهُ مَشْكُوك فِيهِ، وَالتُّرَاب طَاهِر بِيَقِين، ويلزمون الْمُسْتَحَاضَة إِذا انْقَطع دَمهَا فِي أثْنَاء الصَّلَاة، فَإِن صلَاتهَا تبطل؛ لِأَنَّهَا بِطَهَارَة ضَرُورَة، وَكَذَا من وجد الستْرَة، أَو انْقَضتْ مُدَّة الْمسْح أَو انخرق الْخُف عذرنا نمْنَع الْمُسْتَحَاضَة، وَأما الستْرَة قَالَ بعض الْأَصْحَاب: إِن كَانَت بعيدَة مِنْهُ لَا يلْزمه قطع الصَّلَاة لأخذها، ثمَّ إِن الستْرَة شَرط صِحَة الصَّلَاة، فَمَا انْعَقَدت الصَّلَاة بشرطها، ثمَّ يلْزمهُم أَن يتَوَضَّأ وَيَبْنِي على صلَاته، كَمَا لَو سبقه حدث. ثمَّ نقُول: المَاء بِأَكْثَرَ من ثمنه مَعْفُو عَنهُ، لما فِيهِ من تَفْوِيت غَرَض دُنْيَوِيّ فَكيف تفوت الصَّلَاة المحترمة، وعَلى أصلهم ألزم حَيْثُ الشُّرُوع فِي التَّطَوُّع مُلْزم، وَبِالْجُمْلَةِ لَو شرطنا لصِحَّة صلَاته عدم المَاء دَائِما لَكَانَ مُصَليا على شكّ؛ لِأَن دوَام الْعَدَم مظنون.

المسألة الثانية والعشرون

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ:) إِذا وجد من المَاء مَا يَكْفِي بعض أَعْضَائِهِ (كب) : الْمَذْهَب: يَسْتَعْمِلهُ وَيتَيَمَّم عَمَّا لم يغسلهُ فِي الْمَنْصُور. عِنْدهم: لَا يسْتَعْمل المَاء بل يتَيَمَّم وَهُوَ القَوْل الثَّانِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: آيَة التَّيَمُّم. وَجه الدَّلِيل: أَنه جعل شَرط التَّيَمُّم أَلا يجد المَاء، وَهَذَا وَاجِد. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَمر بِالطَّهَارَةِ وَهِي متعذرة الْفِعْل وَالْمحل، والمأمور بأَشْيَاء إِذا قدر على بَعْضهَا تعين عَلَيْهِ لَا يسْقط المعجوز عَنهُ الْمَقْدُور عَلَيْهِ كستر الْعَوْرَة، وَإِزَالَة النَّجَاسَة، وَمن لَا يقدر على الْكل لَا يتْرك الْكل. لَهُم: عدم الطّهُور بِيَقِين فيعدل إِلَى التَّيَمُّم كالفاقد أصلا، ذَلِك لِأَن الطّهُور الشَّرْعِيّ مَا تستبيح بِهِ الصَّلَاة، وَلَا يستباح هَذَا الْقدر بِخِلَاف ستر بعض الْعَوْرَة وَإِزَالَة بعض النَّجَاسَة؛ لِأَنَّهُمَا محسوسان، وَالطَّهَارَة حكمِيَّة. مَالك: وافقهم. أَحْمد: رِوَايَتَانِ.

التكملة: إِن الزمونا عتق بعض رَقَبَة فِي الْكَفَّارَة، قُلْنَا: هُوَ مَأْمُور بِعِتْق رَقَبَة، وَبَعض الرَّقَبَة لَا يُسمى رَقَبَة، وَالتَّيَمُّم إِنَّمَا يستباح مَعَ عدم المَاء وَبَعض المَاء مَاء، وَيمْنَع أَن هَذَا يُؤَدِّي إِلَى الْجمع بَين طهارتين، فَإِن التَّيَمُّم عَمَّا بَقِي من الْأَعْضَاء، ونمنع أَيْضا اجْتِمَاع الْبَدَل والمبدل، فَإِن الْأَعْضَاء المغسولة زَالَ حدثها بِالْغسْلِ وَالتَّيَمُّم عَن الْبَاقِي، ثمَّ يلْزمهُم من تَوَضَّأ وَشرع فِي الصَّلَاة وَسَبقه الْحَدث فعندهم، وَأحد قولينا أَنه يتَطَهَّر وَيَبْنِي فَلَو لم يجد مَاء تيَمّم، فَفِي هَذِه الصُّورَة قد جمع بَين المَاء وَالتُّرَاب، وَيعْتَذر عَن طريقتهم نمْنَع أَن حكم الْوضُوء اسْتِبَاحَة الصَّلَاة، بل حكمه رفع الْحَدث عَن بعض الْأَعْضَاء، وَإِنَّمَا لم تستبح الصَّلَاة لقِيَام الْحَدث فِي الْأَعْضَاء الْبَاقِيَة.

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ: إِذا نسي المَاء فِي رَحْله فَتَيَمم وَصلى، ثمَّ وجده (كج) : الْمَذْهَب: يتَوَضَّأ وَيُعِيد فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: لَا يُعِيد وَهُوَ القَوْل الآخر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْآيَة العزيزة: { ... أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} الْآيَة. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول:

لنا: وَاجِد فَلم يَصح تيَمّمه كالذاكر، بِدَلِيل كَون المَاء فِي رَحْله، وَالنِّسْيَان ضد الذّكر لَا ضد الوجدان، والرحل أَمارَة المَاء، وَإِنَّمَا أَتَى من تَقْصِيره فَهُوَ كمن عَلَيْهِ كَفَّارَة ونسى أَنه يملك رَقَبَة وَصَامَ، فَإِنَّهُ لَا يجْزِيه وكناسي الطَّهَارَة. لَهُم: عَاجز عَن اسْتِعْمَال المَاء، فَإِذا تيَمّم وَصلى لَا يُعِيد، كَمَا لَو حَال بَينهمَا سبع، الدَّلِيل على عَجزه نسيانه الْمُحِيل بَينه وَبَين المَاء، كالحائل الْحسي، ثمَّ لَو وجد المَاء مَعَ حَاجته لسقيه وَسقي كراعة عد عَاجِزا، فالناسي أَجْدَر أَن يعد عَاجِزا. مَالك: ق. أَحْمد: وَافق. التكملة: إِنَّمَا منعُوا الرَّقَبَة من الْكَفَّارَة، وألزمونا إِذا أضلّ لرحله فِي الرّحال، وَاعْتذر أَبُو زيد عَن الرَّقَبَة فِي الْكَفَّارَة أَن الْمَقْصُود ملكهَا لَا

وجودهَا، وَلِهَذَا لَو وَجب على العَبْد كَفَّارَة فَقَالَ لَهُ السَّيِّد: أعتق هَذَا عَن كفارتك لم يلْزمه وَهَاهُنَا الْمَقْصُود الوجدان، وَالنَّاسِي غير وَاجِد، ونقول نَحن للمسألة صُورَتَانِ: إِحْدَاهمَا: أَن لَا يطْلب فَنَقُول لصَاحب المَاء ثَلَاثَة أَحْوَال أَولهَا: أَن يعْتَقد وجود المَاء فِي رَحْله فَلَا عذر لَهُ فِي التَّيَمُّم، أَو يجوز الوجدان فَلَا عذر لَهُ أَيْضا. وَالثَّالِث أَن يعْتَقد وَهَذَا اعْتِقَاد فَاسد، فَلَا يبْنى عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَو اعْتقد أَنه متطهر، أما إِذا طلب فَلم يجد فَهُوَ قَاصِر لَا مقصر، وَهُوَ مَحل الْقَوْلَيْنِ، وَيُوجه القَوْل الْمَنْصُور أَن هَذَا كَانَ يُمكنهُ أَن يستديم الذّكر، فَلَمَّا تَركه أمكن أَن يُعَاقب على ذَلِك، وعَلى ذَلِك قَوْله: {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا} ، فَكَانَ عِقَابه أَن وَجب عَلَيْهِ قَضَاء الصَّلَاة، وَمَسْأَلَة ضلال الرحل مَمْنُوعَة، وَإِن سلمنَا فَلَيْسَ الرحل إِذا فِي يَده.

المسألة الرابعة والعشرون

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ:) التَّيَمُّم للفريضة قبل دُخُول وَقتهَا (كد) : الْمَذْهَب: لَا يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْآيَة. الْقيام إِلَى الصَّلَاة شَرط لوُجُوب الْغسْل أَو التَّيَمُّم مَعَ الْعَدَم، فَنحْن مَعَ الشَّرْط، وَظَاهر هَذَا أَن يكون المَاء كَذَلِك، لَكِن قَامَ الدَّلِيل على جَوَاز الْوضُوء فنفينا مَا عداهُ على الأَصْل. لَهُم: آيَة التَّيَمُّم. وَوجه الدَّلِيل أَنه وصف الصَّعِيد بالطيب وأقامه مقَام المَاء، وَقَالَ تَعَالَى: {ليطهركم بِهِ} ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وترابها طهُورا "، وَالطهُور لَا يتَقَدَّر بِزَمَان دون زمَان.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: طَهَارَة ضَرُورَة فَلَا تجوز قبل وَقت الضَّرُورَة، أَو فَيجب أَن تقدر بِقدر الضَّرُورَة كطهارة الْمُسْتَحَاضَة، ذَلِك لِأَن التُّرَاب ملوث، وَإِنَّمَا احْتمل للْحَاجة فَيقدر بهَا. لَهُم: التُّرَاب خلف المَاء فَأعْطى حكمه، وَحكم المَاء التَّطْهِير، وَإِبَاحَة الصَّلَاة فِي كل حَال، فَيجب أَن يكون خَلفه كَذَلِك. مَالك: ق. أَحْمد: وَافق. التكملة: يمْنَعُونَ كَون التَّيَمُّم للضَّرُورَة، بِدَلِيل جَوَازه فِي النَّوَافِل، فَإِنَّهُ مُخَيّر بَين فعل النَّافِلَة وَتركهَا، وَأَنه يجوز فِي أول الْوَقْت، وَإِنَّمَا بَطل بِرُؤْيَة المَاء؛ لِأَنَّهُ خرج عَن كَونه بَدَلا، وترامى هَذَا الْبطلَان إِلَى أول التَّيَمُّم، لَكِن الصَّلَوَات السَّابِقَة وَقعت مسلمة إِلَى الله تَعَالَى، ويعتذرون عَن طَهَارَة الْمُسْتَحَاضَة بِأَنَّهَا

ترفع الْحَدث الْمَاضِي والمتجدد سلبه الشَّرْع حكم الْحَدث، فَصَارَ بِمَثَابَة الْعرق، لَكِن قدره بِوَقْت الضَّرُورَة، وَنحن نسلم الخلفية، لَكِن لَا نقيمها مقَام الأَصْل من كل وَجه، أَلا ترى أَن الذِّمَّة عِنْدهم خلف عَن الْإِسْلَام، وَلَا تقوم مقَامه من كل وَجه؟ وَالدَّلِيل على بَقَاء الْحَدث: وجوده بِرُؤْيَة المَاء وَالْحق أَن اسْتِبَاحَة الصَّلَاة وَرفع الْحَدث حكمان للْوُضُوء، وَالتَّيَمُّم يخلفه فِي أَحدهمَا: وَعِنْدهم يخلفه فيهمَا، ولأصحابنا منع فِي جَوَاز التَّيَمُّم للنوافل، ثمَّ إِن الْحَاجة إِلَى النَّوَافِل ماسة، فَإِنَّهَا تكمل الْفَرَائِض وكل وَقت وَقتهَا فَمَا تيَمّم لَهَا إِلَّا فِي وَقتهَا.

المسألة الخامسة والعشرون

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ) : طلب المَاء قبل التَّيَمُّم (كه) : الْمَذْهَب: وَاجِب. عِنْدهم: لَا يجب إِلَّا فِي مظانه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْآيَة. إِنَّمَا يعد عادما بعد الطّلب، فَفِي الشَّاهِد لَو قلت لصاحبك: ابتع لي كَذَا، فَإِن لم تَجِد فَكَذَا لم يجز شِرَاء الثَّانِي إِلَّا بعد طلب الأول وفوته. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " وترابها طهُورا " سَمَّاهُ طهُورا، وَلم يشْتَرط الطّلب. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: التَّيَمُّم مَشْرُوط بِعَدَمِ المَاء، وَلَا يعلم الْعَدَم إِلَّا بعد الطّلب؛ لِأَنَّهُ إِن

طلب احْتمل أَن يجد، وَالظَّاهِر وجود المَاء بِكُل مَكَان. لَهُم: عادم للْمَاء ظَاهرا فَتَيَمم، كَمَا لَو طلب، دَلِيل الْعَدَم: خلو الفلاة من الْمِيَاه، وَالْأَحْكَام تبنى على الظَّاهِر فَصَارَ كمن أسلم فِي دَار الْحَرْب وَلم يُهَاجر وَفَاته صلوَات فَإِنَّهُ لَا يَقْضِيهَا؛ لِأَن الظَّاهِر خلو دَار الْحَرْب عَمَّن يعلم الصَّلَوَات. مَالك: أَحْمد: التكملة: قَالُوا: طلب الرَّقَبَة فِي الْكَفَّارَة تعين؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو النَّاس من رَقِيق، وَطلب الْحَاكِم النَّص تعين؛ لِأَنَّهُ مَحْصُور فِي الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع فَهُوَ طلب الشَّيْء من معدنه، فالشريعة وافية بأحكامها، وَكَذَلِكَ الْقبْلَة لَا تعد

والجهات الْأَرْبَع، وَنحن نقُول: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " وترابها طهُورا " يَعْنِي بعد الطّلب بِدَلِيل أَن لَو كَانَ ذَلِك فِي الْعمرَان، ونقول: من أسلم فِي دَار الْحَرْب أَو الْإِسْلَام وَتمكن من السُّؤَال عَن الْفَرَائِض وَلم يسْأَل لم تسْقط عَنهُ، ونقول: الأَرْض مَظَنَّة المَاء؛ لِأَنَّهُ أحد الْمُبَاحَات وطالبه أَيْن كَانَ لَا يعد سَفِيها بِخِلَاف الْكَنْز وقصة النَّفر الَّذين عدموا المَاء، وشارفوا الْهَلَاك فترنم أحدهم بِبَيْت امْرِئ الْقَيْس: (تيممت الْعين الَّتِي عِنْد ضارج ... يفِيء عَلَيْهَا الظل عرمضها طامي) فَقَالَ بَعضهم: هَذِه ضارج فوجدوا المَاء، وخبروا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بذلك.

من التيمم والمسح على الخف والحيض

(من التَّيَمُّم وَالْمسح على الْخُف وَالْحيض)

فارغة

لوحة 17 من المخطوطة أ: إِذا كَانَت الجبائر على مَوضِع التَّيَمُّم فَإِذا قُلْنَا: (يَكْفِيهِ الْمسْح بِالْمَاءِ مسح وأجزأه) ، فَإِن (قُلْنَا: يحْتَاج إِلَى) التَّيَمُّم؛ فَإِنَّهُ يمسح بِالْمَاءِ وَيتَيَمَّم وَيمْسَح بِالتُّرَابِ على الجبائر وَتلْزَمهُ الْإِعَادَة قولا وَاحِدًا؛ لِأَن الجبائر لَا يُجزئ مسحها عَن التَّيَمُّم، وَلَا يقوم بدل عَن بدل، فالتيمم لَا بدل لَهُ، وَاعْلَم أَن الموق هُوَ الجرموق، وَمسح النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام على الموق، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

إِذا نزع الْخُف وَانْقَضَت مُدَّة الْمسْح، قَالَ فِي الْقَدِيم: يُعِيد الْوضُوء قَالَ فِي الْبُوَيْطِيّ: وحرملة يجْزِيه غسل الرجلَيْن، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة، وَجه القَوْل الأول: أَنه لما بَطل الْوضُوء فِي الرجلَيْن بَطل فِي الْجَمِيع؛ لِأَن الطَّهَارَة لَا تتبعض، وَالْوَجْه الثَّانِي أَن مسح الْخُف نَاب عَن غسل الرجل خَاصَّة فبظهورها بَطل مَا نَاب عَنهُ خَاصَّة، وَاعْلَم أَن شَرط مَا يجوز الْمسْح عَلَيْهِ أَن يكون ساترا لمحل الْفَرْض قَوِيا حَلَالا، وَفِيمَا يشرج شقَّه خلاف، وَاعْلَم أَن قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يطهرن} ، يحْتَمل انتقالهن

حَالَة الْحيض وَيحْتَمل فعلهن الطُّهْر بِالْغسْلِ، فَكَانَ مُجملا، وَقد قرئَ مشدد الطَّاء فَيكون طَاهِرا فِي فعل الطَّهَارَة. وَأول إِمْكَان الْحيض أول السّنة التَّاسِعَة، أَو الْعَاشِرَة فِي وَجه، وَأَقل مُدَّة الْحيض يَوْم وَلَيْلَة، وَأَكْثَره خَمْسَة عشر يَوْمًا، وَأَقل الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا وَأَكْثَره لَا حد لَهُ، وأغلب الْحيض سِتّ أَو سبع، وأغلب الطُّهْر بَاقِي الشَّهْر. وَيمْتَنع بِالْحيضِ كل فعل يحْتَاج إِلَى طَهَارَة وَالصَّوْم، لَكِن تقضيه بِخِلَاف الصَّلَاة وَالْجِمَاع، وَيُبَاح الِاسْتِمْتَاع بِمَا دون الْإِزَار، وَإِن جَامعهَا وَالدَّم غبيط تصدق بِدِينَار وَفِي آخِره بِنصْف دِينَار. وَأما الِاسْتِحَاضَة فكسلس الْبَوْل لَا تمنع الصَّلَاة بل تتوضأ لكل صَلَاة فِي وَقتهَا وتتلجم وتستثفر، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

وتبادر الصَّلَاة، وَفِي تَجْدِيد الْعِصَابَة لكل فَرِيضَة وَجْهَان إِلَّا أَن يظْهر الدَّم، وَمهما شفيت قبل الصَّلَاة استأنفت الْوضُوء، وَإِن كَانَت فِي الصَّلَاة فَوَجْهَانِ أَحدهمَا: أَنه كالتيمم إِذا رأى المَاء فِي تِلْكَ الْحَالة. والمبتدأة المميزة الَّتِي ترى الدَّم الْقوي أَو لَا تتحيض فِيهِ بِشَرْط أَلا يزِيد (على خَمْسَة) عشر يَوْمًا، والمبتدأة الَّتِي لَا تَمْيِيز لَهَا ترد إِلَى عَادَة نسَاء بَلَدهَا أَو عشيرتها بِشَرْط أَن لَا تنقص عَن سِتّ، وَلَا تزيد على سبع لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " تحيضي فِي علم الله سِتا أَو سبعا "، وَالْقَوْل الآخر: ترد إِلَى أقل مُدَّة الْحيض احْتِيَاطًا (لِلْعِبَادَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ) إِذا رَأَتْ الدَّم على حَالَة وَاحِدَة من اللَّوْن الدَّال على الْحيض، فَإِن لم يتَجَاوَز خَمْسَة عشر فَهِيَ الْمدَّة، فَإِن تجَاوز ردَّتْ إِلَى سِتّ أَو سبع أَو يَوْمًا فِي القَوْل الآخر، والمعتادة ترد إِلَى عَادَتهَا، وللحيض شرح يضيق عَنهُ هَذَا الْمُخْتَصر، وضاف (فتر عَن مسير) .

المسألة السادسة والعشرون

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ) : التَّيَمُّم بالأجزاء الأرضية غير التُّرَاب (كو) : الْمَذْهَب: لَا يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " وترابها طهُورا " ذكر الأَرْض مُطلقًا فِي حكم الصَّلَاة، وخصص التُّرَاب بالطهورية وَالنُّزُول من الْعَام إِلَى الْخَاص دَلِيل التَّخْصِيص فَهُوَ كَقَوْلِه: " فِي الْغنم السَّائِمَة زَكَاة ". لَهُم: آيَة التَّيَمُّم، والصعيد اسْم للصعيد على وَجه الأَرْض، وَمعنى طيب هَاهُنَا طَاهِر، وَقَول ابْن عَبَّاس: إِنَّه تُرَاب الْحَرْث، أَو المنبت، لَا يُقيد

بِهِ الْكتاب لِأَنَّهُ خبر وَاحِد. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: (طَهَارَة شَرْعِيَّة، أَو حكمِيَّة فاختصت بِمَا جعله الشَّرْع طهُورا، وَغير التُّرَاب لَا يُشَارِكهُ فِي مزاياه لغباره الْمُتَعَلّق بالعضو، وَكَونه أَعم أَجزَاء الأَرْض وَالطَّهَارَة مِمَّا يعم بِهِ الْبلوى فعلق على الْعَام. لَهُم: لما كَانَ عدم المَاء مُمكنا أُقِيمَت الأَرْض مقَامه فجميعها قَائِم مقَام المَاء توسعة فَإِذا تقيد بِبَعْض أَجْزَائِهَا ضَاقَ، وَأما الْجَوَاهِر فَهِيَ مودعة فِيهَا) . مَالك: يجوز بِالْأَرْضِ وَمَا اتَّصل بهَا حَتَّى الشّجر. أَحْمد: ق. التكملة: أما نَحن فنحمل الطّيب على المنبت، وَبِذَلِك فسره ابْن عَبَّاس وَعلي رَضِي الله عَنْهُم، وَتَقْيِيد الْمُطلق يجْرِي مجْرى التَّخْصِيص وَالْبَيَان، وَجعل التُّرَاب طهُورا أظهر فِي تكرمة الْآدَمِيّ فَإِنَّهُ أديمه، ويلزمهم التَّيَمُّم بالزجاج والخزف والآجر، فَإِن اعتذروا بصلابته ألزمناهم التَّيَمُّم بِالْحجرِ، قَالُوا:

حرف " من " يسْتَعْمل لابتداء الْغَايَة، مَعْنَاهُ أَنه من وَقت الضَّرْب يَبْتَدِئ الْمسْح، وَهَذَا تعسف، ومدار الْمَسْأَلَة أَن التُّرَاب عندنَا عرفت طهوريته شرعا فنقف مَعَه وَعِنْدهم طهوريته؛ لِأَنَّهُ من أَجزَاء الأَرْض.

المسألة السابعة والعشرون

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ 9 : إِذا لم يجد الطهُورَيْنِ المَاء وَالتُّرَاب (كز) : الْمَذْهَب: صلى على حسب حَاله وَأعَاد. عِنْدهم: لَا يُصَلِّي حَتَّى يقدر على أَحدهمَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله: عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور " نفي صِحَة الصَّلَاة بِغَيْر طَهَارَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شَرط من شُرُوط الصَّلَاة، فَإِذا عجز عَنهُ لَا يجوز لَهُ ترك الصَّلَاة. دَلِيله: ستر الْعَوْرَة وطهارة الثَّوْب وَالْمَكَان، وَغَايَة الشَّرْط تَنْزِيله منزلَة الرُّكْن وَلَو عجز عَن ركن لم يتْرك الصَّلَاة ثمَّ الشَّرْط زَائِد فَإِذا توقف عَلَيْهِ الْمَشْرُوط صَار أصلا وَوقت الصَّلَاة شرِيف.

لَهُم: فقد شَرط أَهْلِيَّة أَدَاء الصَّلَاة، فَلَا يستبيح فعلهَا أَصله الطَّهَارَة عَن الْحيض. دَلِيل ذَلِك: الْإِعَادَة وَيُخَالف الستْرَة وَالثَّوْب النَّجس، لِأَن الصَّلَاة بهما لَا تُعَاد، ثمَّ من ظَاهر وَلم يقدر على الْعتْق وَلَا الصَّوْم لَا يستبيح وَطْء الْمظَاهر عَلَيْهَا كَذَلِك هَاهُنَا. مَالك: لَا يُصَلِّي فِي الْوَقْت وَلَا يلْزمه الْقَضَاء. أَحْمد: ق. التكملة: يلْزمهُم أَن من أفسد الْحَج، أَو الصَّوْم يجب عَلَيْهِ الْمُضِيّ فِيهِ كَيْلا يخلى الزَّمَان من ذَلِك الْفِعْل، ونقول: الْوَطْء حق الْمظَاهر، وَيجوز للْإنْسَان تَأْخِير حَقه، وَالصَّلَاة حق الله تَعَالَى، ثمَّ أَمر الْبضْع آكِد من سَائِر الحرمات، وَلِهَذَا من اخْتلطت أمته بالإماء لَا يتحَرَّى ليستبيح الْوَطْء، وَلَو نسي صَلَاة من خمس وَجب عَلَيْهِ أَن يَأْتِي بِالْجَمِيعِ، ثمَّ إِن هَذَا مُخَاطب بِالصَّلَاةِ وَلَو لم يكن أَهلا مَا خُوطِبَ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون والمحدث مُخَاطب

بِالصَّلَاةِ، وعَلى هَذَا تخرج طَهَارَة الْحَائِض فَإِنَّهَا شَرط أَهْلِيَّة فعل الصَّلَاة، وَلِهَذَا لَو قدرت الْحَائِض على الطّهُور مَا جَازَ لَهَا اسْتِعْمَاله، وَلَا قَضَاء مَا يفوتها من الصَّلَوَات ونمنع الْإِعَادَة على قَول، وَقد يسوى بَين الطَّهَارَة والسترة فِي الْإِعَادَة والإجزاء، وحرف الْمَسْأَلَة: أَن الطَّهَارَة عندنَا شَرط أَدَاء الصَّلَاة، وَعِنْدهم شَرط أَهْلِيَّة الْأَدَاء.

المسألة الثامنة والعشرون

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ) : الطَّهَارَة الْكَامِلَة قبل لبس الْخُف (كح) : الْمَذْهَب: شَرط لصِحَّة الْمسْح. عِنْدهم: لَا تشْتَرط للبس بل للْحَدَث. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَبُو بكرَة الْخَبَر إِذا تطهر وَلبس خفيه، فاستدلالنا بِالشّرطِ، لَا بِمَفْهُوم الْخطاب؛ لِأَن (إِذا) كلمة شَرط وَمُطلق الطَّهَارَة ينْصَرف إِلَى جَمِيعهَا، لَا إِلَى بَعْضهَا. لَهُم: روى عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه أرخص أَن يمسح الْمُسَافِر ثَلَاثَة أَيَّام بليالهن، والمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة، وَأطلق.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَمَال الطَّهَارَة شَرط الْمسْح، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يعْتَبر ليُصَلِّي، أَو ليلبس وَلَا يُقَال يعْتَبر ليُصَلِّي؛ لِأَن الصَّلَاة تستباح بِالْمَسْحِ، وَالْحَدَث يَتَخَلَّل ذَلِك بَقِي أَن يعْتَبر صِحَة اللّبْس. لَهُم: الْوضُوء للوضاءة والنظافة، وَلَيْسَ فِي الْمسْح ذَلِك إِلَّا أَن الشَّرْع أَقَامَ الْخُف مقَام الرجل فَمنع الْخُف سريان الْحَدث إِلَيْهَا فَلَا يخْتَلف لبسه بالأحوال وَلِهَذَا جعل ابْتِدَاء الْمدَّة من حِين الْحَدث؛ لِأَن الْآن تحققت الْحَاجة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: قَالَ مشايخهم: دوَام اللّبْس بِمَثَابَة ابْتِدَائه، الدَّلِيل عَلَيْهِ الْبر والحنث، فَإِنَّهُ لَو حلف لَا لبس الْخُف وَهُوَ لابس حنث إِن استدام فَإِذا لبس وتطهر، فَكَأَنَّهُ

لبس بعد التَّطْهِير يلْزمهُم على هَذَا أَن من تطهر وَلبس خفيه، ثمَّ أحدث لَا يجوز لَهُ الْمسْح، حَيْثُ اسْتِدَامَة اللّبْس كابتدائه فَكَأَنَّهُ قد ابْتَدَأَ اللّبْس بعد الْحَدث، وَلَا يستبعد نزع الْخُف ولبسه، فَإِن الْمحرم إِذا كَانَ فِي يَده صيد ثمَّ تحلل لَا يجوز لَهُ أَن يملكهُ حَتَّى يُرْسِلهُ، ثمَّ يعود لأَخذه، وللشرع تعبدات لَا تعقل، ونرى هَذَا فِي تَصَرُّفَات كَثِيرَة، فَإِن الْحَاكِم إِذا تعدى ولَايَته قيد شبر وَسمع بَيِّنَة ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده لزمَه إِعَادَة السماع، وَالْمَقْصُود من الشَّهَادَة إِعَادَة الْفَهم، وَذَلِكَ لَا يخْتَلف بالأمكنة وَلَا نسلم أَن الْخُف يمْنَع من تلبس الْحَدث بِالرجلِ، فَإِن الْحَدث يَتَجَدَّد من الْبَاطِن ثمَّ الْحَدث لَا يَزُول عَن الْقدَم، بِدَلِيل مَا لَو انخرق الْخُف، أَو انْقَضتْ الْمدَّة بِأَن الْحَدث من ذَات الْمُحدث، وَالْمسح رخصَة، فالطهارة عندنَا شَرط اللّبْس فتتقدم عَلَيْهِ، وَعِنْدهم ترَاد حَتَّى إِذا أحدث بعد اللّبْس وَالطَّهَارَة لم يسر الْحَدث إِلَى الرجل.

فارغة

المسألة التاسعة والعشرون

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ) : إِذا مسح فِي الْحَضَر ثمَّ سَافر (كط) : الْمَذْهَب: أتم مسح مُقيم. عِنْدهم: أتم مسح مُسَافر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} الْآيَة. مقتضاها: إِيجَاب غسل الرجل إِلَّا فِيمَا استثنته السّنة بِحكم الرُّخْصَة للمقيم وَالْمُسَافر، وَالْمُطلق لكل وَاحِد مِنْهُمَا من أول مسحة إِلَى آخِره لاقتران وصف الْحَالة بِالْمَسْحِ، وَهَذَا لم يكن مُسَافِرًا فَكيف يمسح مسح مُسَافر؟ لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " يمسح الْمُسَافِر ثَلَاثَة أَيَّام "، وَهَذَا مُسَافر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: المسحات أخذت حكم فعل وَاحِد وَعبادَة وَاحِدَة، وَقد اجْتمع فِيهَا

الْحَضَر وَالسّفر فغلب الْحَضَر، دَلِيل الِاتِّحَاد إرادتها لشَيْء وَاحِد وَهُوَ اسْتِبَاحَة الصَّلَاة عندنَا، وَالْمَنْع من السريان عنْدكُمْ، وَمَا أُرِيد لوَاحِد فَحكمه وَاحِد كَالْوَطْءِ فِي الْمهْر وَالْحَد، ويرجح الْحَضَر؛ لِأَنَّهُ أفضل. لَهُم: المسحات تتجزأ فَيثبت لكل وَاحِدَة حكم، كَمَا لَو دخل وَقت الظّهْر ثمَّ سَافر قبل الْعَصْر قصر، وَدَلِيل التجزي: تكررها وَدخُول الْحَدث بَينهَا، ثمَّ يَخْتَلِفَانِ أصلا فَتَصِح وَاحِدَة وتفسد وَاحِدَة، فاختلفا وَصفا كَصَوْم رَمَضَان. مَالك: الْمُسَافِر يمسح بِغَيْر تأقيت. أَحْمد: ق. التكملة: كَون المسحات ينْفَصل بَعْضهَا من بعض لَا يدل على أَنَّهَا لَيست عبَادَة وَاحِدَة كَالْحَجِّ، وبالحج أَيْضا نجيب عَن كَون فَسَاد الْبَعْض لَا يفْسد الْبَعْض، وَلَا خلاف أَن مبدأ الْمدَّة من حِين الْحَدث، وَلِهَذَا قَالَ الْمُزنِيّ: إِن من

أحدث فِي الْحَضَر أتم مسح مُقيم، وَالْحق أَن من لبس خفه وَهُوَ مُقيم فَلَا يطهر لنا عزمه على السّفر أَو الْإِقَامَة، وَلَا بحدثه يسْتَدلّ على إِقَامَته فَرُبمَا كَانَ لضَرُورَة، أما إِذا مسح فِي الْحَضَر تَبينا أَنه مُقيم، ثمَّ إِن نفس الْمدَّة لَا ترَاد لعينها إِنَّمَا ترَاد للمسح غير أَن ذَلِك يخْتَلف وَلَا يُمكن ضَبطه فضبطناه بالمدة، والمدة إِن لم تكن عبَادَة فالمسح فِيهَا عبَادَة، فَإِن قَالُوا: يَنْبَغِي أَن لَا يمسح مسح مُقيم؛ لأَنا مَا تحققنا حَاله وَلَيْسَ بمقيم مَحْض، فَالْجَوَاب: أَن حملنَا على الْأَقَل من حالتيه، وَهِي الْإِقَامَة فَإِن الْمسْح جَائِز بِالْجُمْلَةِ وَلَا يَخْلُو أَن يكون مُقيما أَو مُسَافِرًا، وَبِالْجُمْلَةِ المسحات عندنَا تجْرِي مجْرى الْعِبَادَة الْوَاحِدَة، وَعِنْدهم تجْرِي مجْرى الْعِبَادَات.

المسألة الثلاثون

(الْمَسْأَلَة الثَّلَاثُونَ) : إِذا انْقَطع دم الْحَائِض لأقله (ل) : الْمَذْهَب: لَا يحل وَطْؤُهَا وَلَا لأكثره. عِنْدهم: يحل لأكثره، وَإِذا مضى على أَقَله وَقت صَلَاة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا تطهرن فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} والتطهير: الِاغْتِسَال. قَالَ تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: طهرت وَلم تتطهر فَلَا يجوز وَطْؤُهَا، كَمَا لَو انْقَطع الدَّم لأقله. وَمَعْنَاهُ وَلم يغْتَسل، وفقهه أَن حدث الْحيض وَالْوَطْء يحْتَاج إِلَى الِاحْتِيَاط فِيهِ، وَلَئِن زَالَ الْحيض فقد زَالَ إِلَى خلف وَهُوَ الْحَدث لَهُم: انْقَطع حَيْضهَا بِيَقِين فَحل للزَّوْج وَطْؤُهَا كَمَا لَو اغْتَسَلت، دَلِيل

الدَّعْوَى: أَنه لَو عَاد الدَّم كَانَ اسْتِحَاضَة، وَالْعلَّة فِي تَحْرِيم الْوَطْء هُوَ الْحيض وَإِلَّا الْمُحَلّل قَائِم فَيَعُود إِلَى الأَصْل عِنْد زَوَال الْحيض. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: إِن عَلقُوا حل الْوَطْء على حل الصَّوْم ألزمناهم الَّتِي يَنْقَطِع دَمهَا لدوّنَ الْمدَّة، فَإِنَّهَا لَا تَصُوم، ثمَّ نقُول: الصَّوْم عبَادَة يحْتَاط لإيجابها، أما الْوَطْء فالغالب فِيهِ تَحْرِيم الْفِعْل، فَأَما قَول أبي زيد زَالَ حَيْضهَا يَقُول: زَالَ مُطلقًا لَا نسلم زَالَ إِلَى خلف، وَهُوَ الْحَدث نسلم، ونفرق بَين حدث الْحيض، وَحدث الْجَنَابَة، فَإِن حدث الْجَنَابَة من الْوَطْء فَلَا يحرم الْوَطْء، أما الْحيض فنفسه تَحْرِيمه للْوَطْء، فَكَذَلِك حَدثهُ، قَوْلهم فِي أدون الْحيض نوجب الْغسْل عَلَيْهَا ليَكُون فِي عداد الطاهرات، الْجَواب: اجعلوا وجوب الْغسْل عَلَيْهَا وَاجِبا فِي الْفرق بَينهَا وَبَين الْحيض بِأَن الْحَائِض لَا يجب الْغسْل عَلَيْهَا، فَلَمَّا اعتبروا الْغسْل دلّ على وُجُوبه فِي أدنى الْحيض

وَأَكْثَره وَحدث الْحيض عندنَا قَامَ مقَام الْحيض فِي تَحْرِيم الْوَطْء خلافًا.

فارغة

كتاب الصلاة

(كتاب الصَّلَاة)

فارغة

كتاب الصلاة

(كتاب الصَّلَاة)

فارغة

لوحة 18 من المخطوطة أ: " الْأَفْعَال ثَلَاثَة فعل لَا عِقَاب فِي تَركه (مُطلقًا وَهُوَ النّدب، وَفعل يُعَاقب على تَركه) مُطلقًا وَهُوَ الْفَرْض، وَالْوَاجِب مثله، وهما اسمان مُتَرَادِفَانِ، وَفعل يُعَاقب عَلَيْهِ بِالْإِضَافَة إِلَى مَجْمُوع الْوَقْت، لَكِن لَا يُعَاقب بِالْإِضَافَة إِلَى بعض أَجزَاء الْوَقْت، وَيحْتَاج هَذَا إِلَى اسْم ثَالِث وتسميته وَاجِبا (أولى لِأَنَّهُ كَذَا) يَنْوِي وَكَذَا يَقع، وَلَيْسَ هَذَا لتعجيل الزَّكَاة؛ لِأَنَّهُ لم ينْو التَّعْجِيل وَلَا يجوز أَن تقع نفلا؛ لِأَنَّهُ لَا يجوز نِيَّة النَّفْل فِيهِ، فعلى هَذَا لَو مَاتَ فِي أثْنَاء الْوَقْت، فَإِن قَالُوا جَازَ لَهُ التَّأْخِير بِشَرْط سَلامَة الْعَاقِبَة، فَالْجَوَاب أَن الْعَاقِبَة مستورة عَنهُ فَكيف يتضمنها خطابه وَلَو سَأَلنَا عَن التَّأْخِير أجزناه لَهُ، وَهَذَا فصل يستظهر بِهِ فِي مَسْأَلَة اسْتِقْبَال الْقبْلَة "، وَهُوَ أَن مدرك الشُّرُوط والأسباب غير مدرك الْعِبَادَات إِذْ الْعِبَادَات تتلقى (من) الْأَمر وَالنَّهْي، والشروط والأسباب تتلقى وَصفا من الشَّرْع بِأَن يَقُول: جعلت البيع سَبَب الْملك والمماثلة شَرطه وَالنِّكَاح سَبَب الْحل وَالشَّهَادَة شَرطه، فخطاب الشَّرْع على ضَرْبَيْنِ: خطاب تَكْلِيف، وَذَلِكَ

يَقْتَضِي فهما عَاقِلا، فَلَو اخْتَلَّ بعض (هَذَا) الشَّرْط اخْتَلَّ الْخطاب، وَالْآخر خطاب إِخْبَار وَهُوَ أَن يَقُول وضعت هَذَا سَببا، وَهَذَا شرطا فَلَا يَسْتَدْعِي هَذَا الْخطاب قيام الْعقل والفهم، بل كل من اجْتمع لَهُ السَّبَب بِشَرْطِهِ حصل لَهُ الحكم. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: كل مُجْتَهد مُصِيب، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الْمُصِيب أحد الْمُجْتَهدين، فنحقق هَذَا ونقول: الْمُجْتَهد فِي تَنْقِيح المناط مُصِيب (من) الْجَانِبَيْنِ. والمجتهد فِي تَحْقِيق المناط الْمُصِيب (وَاحِد) مِثَاله: (الْبر رِبَوِيّ) . وَالِاجْتِهَاد فِي الْعلَّة، وكل مُجْتَهد مُصِيب عِنْد الله، فَلَيْسَ عِنْد الله عِلّة متعينة قبل الِاجْتِهَاد، وَهِي بعد الِاجْتِهَاد الطّعْم عِنْد الشَّافِعِي، والكيل عِنْد أبي حنيفَة، وَيجوز أَن يثبت حكم فِي شخص دون شخص،

كَالصَّلَاةِ للحائض والطاهر، أما إِذا اجْتَمعُوا على أَن الطّعْم علته، وَاخْتلفُوا فِي أَن هَذِه مطعومة لم يكن (السَّبَب إِلَّا وَاحِدًا) فَالْأول تَخْرِيج المناط، وَالثَّانِي تَحْقِيق المناط، ثمَّ الْمُصَلِّي مَأْمُور بالتوجه إِلَى عين الْكَعْبَة أَو إِلَى الْجِهَة لَا قصدا للجهة، بل للعين، بل يتَيَقَّن الشَّرْط لَا لأجل الشّطْر، بل لأجل الْعين، ثمَّ الِاجْتِهَاد لَا لحقيقة بل لإصابة الشّطْر الْقَائِم (مقَام الْجِهَة الْقَائِمَة) مقَام الْعين، فَإِذا بَان الْخَطَأ لم يعد الِاجْتِهَاد، وَالِاجْتِهَاد يبْنى على مقدمتين الْعَلامَة كالجدي مثلا، وَأَن هَذَا الجدي فلولا خَطؤُهُ من إِحْدَى المقدمتين لم يلغط وَصَارَ كَالْحكمِ إِذا استبان خطأه (فِي الثَّوْبَيْنِ والإناءين) وكما لَو تمّ ذَلِك فِي الْبُنيان فكثيرا مَا

يدْخل الْإِنْسَان دَارا ويعتقد أَن هَذِه الْقبْلَة وَيُصلي إِلَيْهَا.

المسألة الحادية والثلاثون

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالثَّلَاثُونَ) : وجوب الصَّلَاة (لَا) : الْمَذْهَب: بِأول الْوَقْت وجوبا موسعا. عِنْدهم: بآخر الْوَقْت. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} . علق الْوَاجِب بِالْوَقْتِ، فمحله جَمِيع أَجْزَائِهِ. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَتى علق شَيْء بِوَقْت كَانَ مَحَله جَمِيع أَجْزَائِهِ، كالسيد إِذا أَمر عَبده بخياطة ثوب فِي يَوْم الْجُمُعَة، فَأَي وَقت خاطه من الْيَوْم امتثل، وَفِي

الْوَاجِبَات مَا هُوَ بِقدر الْوَقْت كَالصَّوْمِ، وَمِنْهَا مَا يفضل عَنهُ الْوَقْت كمسألتنا ثمَّ لَو أدّى فِي أول الْوَقْت سقط الْفَرْض. لَهُم: مُقْتَضى الْوُجُوب الموسع التَّخْيِير بَين الْفِعْل وَالتّرْك، وَذَلِكَ من عَلَامَات النَّفْل، وَلَو كَانَت قد وَجَبت بِأول الْوَقْت مَا وَجَبت بِآخِرهِ، وَلَو سَافر بعد أَن مضى من الْوَقْت قدر الصَّلَاة قصر، وَلَو وَجَبت بِأول الْوَقْت مَا قصر، وَيدل عَلَيْهِ أَنه لَو مَاتَ لم يعْص بِالتَّأْخِيرِ. مَالك: ق. أَحْمد:. التكملة: أشبه بِمَسْأَلَة الْحَج يتَأَخَّر وَلَا يتْرك وتشبه الدّين الْمُؤَجل يجوز تأديته فِي أول الْمدَّة موسعا، وَفِي آخرهَا يجب مضيقا، قَوْلهم: لَا يعْصى لَو مَاتَ بعد تكنه من الْأَدَاء، وَمن الْأَصْحَاب من قَالَ: لَا يعْصى إِلَّا أَن تظهر لَهُ أَمَارَات الْمَوْت، وَمنع الْمُزنِيّ مَسْأَلَة الْقصر وَقَالَ: لَا يقصر، وَقَالَ

الْأَصْحَاب: الْقصر والإتمام من صِفَات الصَّلَاة، لَا من صِفَات الْوُجُوب فَتعْتَبر صفتهَا حَالَة أَدَائِهَا كمن كَانَ مَرِيضا فِي أول الْوَقْت لَا يسْتَقلّ بِالْقيامِ، وَصَحَّ فِي آخِره، فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ الْقيام، فَإِن قَالُوا: إِذا صلى أول الْوَقْت وَقعت نفلا، فَهَذَا مَا صَار إِلَيْهِ أحد، وَلَا يشبه تَعْجِيل الزَّكَاة؛ لِأَنَّهُ يَنْوِي بِالصَّلَاةِ الْأَدَاء، بِخِلَاف الزَّكَاة، وَاعْلَم أَن من مَذْهَبهم أَنه إِذا صلى فِي أول الْوَقْت وَقعت مُرَاعَاة فَإِن بَقِي إِلَى آخر الْوَقْت على صفة تلْزمهُ الصَّلَاة فَمَا أَدَّاهُ كَانَ فرضا، وَإِن لم يبْق بَان أَنَّهَا نفل.

فارغة

المسألة الثانية والثلاثون

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ) : الْإِقَامَة كم هِيَ (لب) : الْمَذْهَب: فُرَادَى سوى لفظ الْإِقَامَة فَهِيَ إِحْدَى عشرَة لَفْظَة. عِنْدهم: مثنى. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَمر بِلَالًا أَن يشفع الْأَذَان، ويوتر الْإِقَامَة إِلَّا الْإِقَامَة، وَكَانَ أَوْلَاد أبي مَحْذُورَة يعتمدون مَذْهَبنَا حَتَّى استولى

الفاطميون سنة 362، وَفِي الْبَاب أَخْبَار كَثِيرَة. لَهُم: روى عَن أبي مَحْذُورَة أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام علمه الْإِقَامَة تسع عشرَة لَفْظَة، وَالْأَذَان سبع عشرَة لَفْظَة، وأخبار أخر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْأَذَان لإعلام الْغَائِب، فَكَانَ شفعا، وَالْإِقَامَة للحاضر فَكَانَت وترا ثمَّ من الْوَاجِب الْفرق بَينهمَا ليعرفا، وَلَا تَكْفِي الْإِقَامَة فرقا؛ لِأَنَّهَا تَأتي بآخرها. لَهُم: الْإِقَامَة كالأذان فِي قصد الْإِعْلَام وَتَحْصِيل الثَّوَاب، وَقد زَادَت بِلَفْظَة الْإِقَامَة فَلَا أقل من تساويهما وَالتَّكْبِير فِي آخرهَا مرَّتَيْنِ، فَيجب أَن تكون فِي أَولهَا أَرْبعا، ثمَّ لفظ الْإِقَامَة مثنى، وَهُوَ الأَصْل فَحمل الْجَمِيع عَلَيْهِ.

مَالك: وَافق، إِلَّا أَن لفظ الْإِقَامَة فَرد. أَحْمد: ق. التكملة: القَوْل الْقَدِيم لنا أَن لفظ الْإِقَامَة أَيْضا وتر فَيخرج بذلك عَن الْإِلْزَام وعَلى القَوْل الثَّانِي هُوَ مثنى، لِأَنَّهُ مَا جَاءَ إِلَّا الْآن فَيَقْضِي حَقه بتكراره، صَار إِلَى مَذْهَبنَا من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم: أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن عمر وَمن الْأَئِمَّة: مَالك وَإِسْحَاق والحنظلي وَأحمد وَالْفُقَهَاء السَّبْعَة. قَالَ عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة يذكر الْفُقَهَاء السِّتَّة وَهُوَ سابعهم:

(أحبك حبا لَا يحبك مثله ... قريب وَلَا فِي العاشقين بعيد) (وحبك يَا أم الْبَنِينَ مدلهي ... شهيدي أَبُو بكر فَنعم شَهِيد) (وَيعرف وجدي قَاسم بن مُحَمَّد ... وَعُرْوَة مَا ألْقى بكم وَسَعِيد)

(وَيعلم مَا أخْفى سُلَيْمَان بعده ... وخارجة يبدى لكم وَيُعِيد) (مَتى تسألي عَمَّا أَقُول وتخبري ... فَللَّه عِنْدِي طارف وَتَلِيدُ)

فارغة

المسألة الثالثة والثلاثون

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالثَّلَاثُونَ) : إِذا اشتبهت عَلَيْهِ الْقبْلَة (لج) : الْمَذْهَب: يُعِيد فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: لَا يُعِيد وَاخْتَارَهُ الْمُزنِيّ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} ، ونتمسك بِالْعُمُومِ. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} . قَالَ عَامر بن ربيعَة: كُنَّا فِي سفر فاشتبهت علينا الْقبْلَة، فصلينا إِلَى جِهَة، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا تَيَقنا الْخَطَأ وحكينا ذَلِك للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَنزلت هَذِه الْآيَة.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَا أَتَى بِمَا أَمر بِهِ فَوَجَبت عَلَيْهِ الْإِعَادَة كَسَائِر الْأَوَامِر؛ لِأَنَّهُ مَأْمُور بالتوجه إِلَى الشّطْر والاشتباه عَارض يرْتَفع والمأمور بِهِ مُمكن الْوُقُوع فَصَارَ كالتحري فِي الثِّيَاب، والأواني وكالحاكم إِذا أَخطَأ النَّص. لَهُم: الشَّرْع لَا يُكَلف محالا، وَحَالَة الِاشْتِبَاه لَيْسَ فِي وَسعه إِدْرَاك الْجِهَة، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد ليتوجه إِلَى حَيْثُ يَظُنّهُ شطرا، وَقد فعل الْمَأْمُور بِهِ فبرئت ذمَّته، وَلِهَذَا لَو صلى إِلَى غير جِهَة اجْتِهَاده وصادف الشّطْر أعَاد فحاضر الْكَعْبَة هِيَ تعبده، وَتعبد الْغَائِب الشّطْر إِن علم وَالِاجْتِهَاد إِن جهل. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة رحمهمَا الله. أَحْمد: وَافق أَبَا حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا. التكملة: خبرهم فِي سَنَده ضَعِيف، وَآيَة وَردت فِي النَّفْل، فَإِن قَالُوا: الأَصْل التَّوَجُّه إِلَى الله تَعَالَى أُقِيمَت الْكَعْبَة مقَامه، قُلْنَا: الْخلف بعد تصور الأَصْل وَالله لَيْسَ فِي جِهَة دون جِهَة، ... ... ... ... ... ... ... ... ...

وَأما الْحَاج إِذا أخطئوا يَوْم عَرَفَة نمْنَع وتلزمهم إِعَادَة، وَإِن سلمنَا سُقُوط الْإِعَادَة لأجل الْمَشَقَّة، ثمَّ الْخَطَأ ثمَّ (فِي ركُوب) أَرْكَان الْعِبَادَة هَاهُنَا الْخَطَأ فِي أصل الْعِبَادَة. وَأما صَوْم الْأَسير فَإِن صَادف شعْبَان لم يجزه، وَإِن صَادف شَوَّال أَجزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ لَو ترك صَوْم رَمَضَان عَامِدًا أَجزَأَهُ شَوَّال، لَو ترك الْقبْلَة عَامِدًا لم يجزه، وَفِي صلَاته إِلَى أَربع جِهَات منع. وَأما حَال المسايفة وَالنَّفْل فِي السّفر فَهَذِهِ أعذار أسقطت التَّوَجُّه إِلَى الْكَعْبَة. أما إِذا اجْتهد وَخَالف اجْتِهَاده وصادف الْقبْلَة نمْنَع ونقول: لَا يُعِيد، وَإِن قُلْنَا: يُعِيد؛

فَلِأَنَّهُ لم يبن على دَلِيل وَهَذَا إِلْزَام عكس الْعلَّة، فَإِنَّهُ يروم أَن يبين أَن صلَاته صَحِيحَة، إِذا وَافَقت اجْتِهَاده بِأَنَّهَا تبطل إِذا خَالَفت اجْتِهَاده، وَإِن صلى إِلَى الْكَعْبَة، وَلَعَلَّ لصِحَّة الصَّلَاة مَعَ مصادفة الْعين شَرط آخر، وَهُوَ الْبناء على طمأنينة، وَإِن عللوا فرض الْجِهَة ليَكُون متأديا فِي صلَاته، وَذَلِكَ يحصل بِمَا يَظُنّهُ جِهَة، وَهَذَا بَاب إِن فتح هدم قوانين الشَّرِيعَة، فَإِنَّهُ يَقُول: الْخمر حرمت للْفَسَاد فتباح لمن لَا يفْسد.

المسألة الرابعة والثلاثون

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ) : الصَّبِي إِذا صلى أول الْوَقْت وَبلغ فِيهِ (لد) : الْمَذْهَب: لَا يجب عَلَيْهِ إِعَادَة الصَّلَاة. عِنْدهم: يُعِيد وَهُوَ القَوْل الآخر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أدّى وَظِيفَة الْوَقْت فَخرج الْوَقْت عَن الْوُجُوب، أَو نقُول: لم يدْرك وَقت الْوُجُوب فَلَا يجب، وَذَلِكَ لِأَن الْوَقْت لَيْسَ لَهُ، إِلَّا وَظِيفَة وَاحِدَة وَصَارَ كالمتيمم إِذا صلى فِي أول الْوَقْت وَوجد المَاء فِي آخِره لَا يُعِيد وَصَارَ الْوَقْت فِي حَقه كالمنقضي، وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَة إِذا صلت أول الْوَقْت وَانْقطع الدَّم. لَهُم: أدّى النَّفْل فَلَا يسْقط عَنهُ الْفَرْض كَالْبَالِغِ، لِأَن الْبلُوغ شَرط التَّكْلِيف وحد الْوَاجِب مَا تعرض للثَّواب يَفْعَله، وَالْعِقَاب بِتَرْكِهِ، وَلَا يتَصَوَّر هَذَا فِي حق الصَّبِي، ونقول: عبَادَة بدنية تفْتَقر إِلَى النِّيَّة فَلم تصح من الصَّبِي كَالْحَجِّ. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة رحمهمَا الله. أَحْمد:

التكملة: إِنَّمَا لزم الصَّبِي إِعَادَة الْحَج؛ لِأَنَّهَا عبَادَة الْعُمر فأداؤها فِي أكمل حالاته أحسن، ونسلم أَنَّهَا نفل، لَكِن إِذا أَدَّاهَا فِي أول الْوَقْت فقد أدّى وظيفته، ثمَّ نقُول: تكون مُؤَقَّتَة، فَإِن بلغ فِي آخر الْوَقْت قُلْنَا: إِنَّهَا كَانَت فرضا، وَصَارَ كمن عجل الزَّكَاة، وَالْفِقْه فِيهِ أَن الصَّبِي بمَكَان مرحمة، وَالشَّرْع ينظر لَهُ، وَمن النّظر لَهُ أَن يكون هَذَا الْمُؤَدِّي غير سَاقِط عَنهُ كَمَا قُلْتُمْ فِي عبد أجر نَفسه بِغَيْر إِذن سَيّده إِنَّه لَا يَصح، فَلَو أَنه اسْتهْلك مَنَافِعه وَقعت الْأُجْرَة للسَّيِّد فَكَذَا هَاهُنَا هَذِه الصَّلَاة لَا تجب عَلَيْهِ فِي أول الْوَقْت، لَكِن إِذا أَدَّاهَا وَبلغ حسبت لَهُ، وَقَالَ الشَّافِعِي: لَو أوصى الصَّبِي صحت وَصيته نظرا لَهُ مَعَ فَسَاد تَصَرُّفَاته؛ لِأَنَّهُ إِن عَاشَ فَلهُ أَن يرجع، وَإِن مَاتَ صرف مَاله إِلَى مَا أحبه وَلَيْسَت حَالَة بُلُوغ مراهق حَالَة نادرة، نعم صبي أَعقل من الْبَالِغين نَادرا، ثمَّ عنْدكُمْ أَن الصَّلَوَات تجب بآخر الْوَقْت، وَحَيْثُ تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة يكون مُخَاطبا، وَقد أَدَّاهَا فِي أول الْوَقْت فقد أدّى وَظِيفَة الْوَقْت.

المسألة الخامسة والثلاثون

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّلَاثُونَ) : الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ الآخرتين (لَو) : الْمَذْهَب: وَاجِبَة. عِنْدهم: يخْتَار بَين الْقِرَاءَة وَالتَّسْبِيح. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: لما علم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الْأَعرَابِي الصَّلَاة ذكر الْقِرَاءَة وَقَالَ: كَذَلِك فافعل، وَالْقِرَاءَة فعل اللِّسَان. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: الْقِرَاءَة فِي الأولتين قِرَاءَة، وَفِي الآخرتين؛ أَي تنوب عَنْهَا. وَرُوِيَ عَن عَليّ، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: إِن شَاءَ قَرَأَ وَإِن شَاءَ سبح، وَقَالَت عَائِشَة: فرضت الصَّلَاة فِي الأَصْل رَكْعَتَيْنِ زيدت فِي الْحَضَر، وقررت فِي السّفر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْقيَاس قِيَاس شبه، وَهُوَ أَن يلْحق الآخرتين بالأولتين، وإلحاق بعض

الشَّيْء بِبَعْضِه مخيل. لَهُم: الركعتان الآخرتان زائدتان، بِدَلِيل خبر عَائِشَة، وَالْأَصْل اثْنَتَانِ وَكَذَلِكَ شرعت النَّوَافِل، ثمَّ إِنَّا مأمورون بِالصَّلَاةِ، وَهِي فعل مُجَرّد وَكَذَا كَانَت صدر الْإِسْلَام حَتَّى نزل {فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ} ، وَالْأَمر الْمُطلق لَا يَقْتَضِي التّكْرَار، فوجوب الْقِرَاءَة فِي الأولتين إِجْمَاعًا، فَلَا تلتحق بهَا الآخرتان. مَالك: تجب الْقِرَاءَة فِي مُعظم الصَّلَاة. أَحْمد: ق. التكملة: إِن صَحَّ منقولهم، فَمَعْنَاه أَن الْقِرَاءَة فِي الأولتين كالقراءة فِي الآخرتين كَمَا يُقَال: كَلَام الْوَزير كَلَام الْأَمِير وَأَبُو، ... ... ... ... ... ... ...

يُوسُف أَبُو حنيفَة، وَقَول عَليّ وَابْن مَسْعُود قَول آحَاد الصَّحَابَة، وَإِنَّمَا الْحجَّة فِي الْإِجْمَاع، فَإِن قَالُوا: لَا يسن قِرَاءَة السُّورَة فِي الآخرتين يمْنَع، وَإِن سلمنَا فَذَلِك لنَوْع تَخْفيف، فَإِن فرقوا بَين الْأَوَائِل والأواخر بالخفت والجهر بَطل بصلاتي الظّهْر وَالْعصر، وَلَيْسَ كلما يجْهر بِهِ وَاجِبا كالتكبير فِي فواصل الرَّكْعَات، وَلَا نسلم زِيَادَة الرَّكْعَتَيْنِ بل الشَّرِيعَة

وَردت شَيْئا فَشَيْئًا، وَلم يكن بَعْضهَا تبع بعض لتأخره عَنهُ، وَلَا نسلم أَن الصَّلَاة كَانَت فعلا مُجَردا، وَإِن سلمنَا فَبعد أَن فرضت الْقِرَاءَة صَارَت أصلا، وَأما حذفهَا فِي السّفر فعلى خلاف الأَصْل لَا جرم. قُلْنَا: هُوَ رخصَة، ثمَّ نقُول: الْقِرَاءَة تجب للتمييز بَين عبَادَة الْوُقُوف وَالْعَادَة، فَإِن ألزمونا التَّشَهُّد الأول أَنه لَا يجب فِيهِ ذكر نمْنَع.

لوحة 19 من المخطوطة أ: {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (1) الْحَمد لله رب الْعَالمين (2) الرَّحْمَن الرَّحِيم (3) مَالك يَوْم الدّين (4) إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين (5) اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم (6) صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} آمين. نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ على أَنه من ترك حرفا فِي فَاتِحَة الْكتاب مُتَعَمدا بطلت صلَاته، هَذِه مُقَدّمَة، وَلَا خلاف أَن الْحَرْف المشدد بحرفين، هَذِه مُقَدّمَة تنْتج أَن من خفف حرفا مشددا عمدا بطلت صلَاته وَلذَلِك أثبتنا فَاتِحَة الْكتاب وفيهَا 14 تشديدة أعلمنَا عَلَيْهَا، وَاعْلَم أَن سِيبَوَيْهٍ جعل مخرج الضَّاد مُفردا وَهُوَ من أول حافة اللِّسَان وَمَا يَليهَا من الأضراس إِلَّا أَن قوما يخرجونها من الْجَانِب الْأَيْسَر من الْفَم، وَقوم من الْأَيْمن، وَلَيْث جعل مخرجها من مخرج الْجِيم والشين، وَأما

الظَّاء فمخرجها من طرف اللِّسَان وأطراف الثنايا. وَاعْلَم أَن الصَّلَاة تشْتَمل على أَرْكَان ومسنونات وهيئات، وتتقدمها شَرَائِط، فالشرائط الَّتِي تقع خَارج الصَّلَاة، والأركان فِي أَثْنَائِهَا، والمسنونات مَا يجْبر بِالسُّجُود، والهيئات مَا عدا ذَلِك، فالشرائط هـ طَهَارَة بِمَاء طَاهِر، وَستر عَورَة بِثَوْب طَاهِر، ووقوف على بقْعَة طَاهِرَة، واستقبال الْقبْلَة، وَإِن كَانَت مَكْتُوبَة اشْترط الْعلم بِدُخُول الْوَقْت بِيَقِين أَو غَالب ظن، وَمن الْأَصْحَاب من يسدس بِالنِّيَّةِ، والأركان فِي الرَّكْعَة الأولى يَد (14) التَّكْبِير، وَالنِّيَّة، وَالْقِيَام (وَالْقِرَاءَة) ، وَالرُّكُوع، وطمأنينته، والاعتدال، وطمأنينته، والسجدة الأولى وطمأنينتها، والجلسة يبن السَّجْدَتَيْنِ، والسجدة الثَّانِيَة وطمأنينتها، وتفارق الرَّكْعَة الأولى الثَّانِيَة بِالتَّكْبِيرِ وَالنِّيَّة فَتبقى 12 ركنا، فَإِن كَانَ صبحا جلس للتَّشَهُّد الْأَخير وَفِيه (4) د أَرْكَان: الْجُلُوس، وَالتَّشَهُّد، وَالصَّلَاة على النَّبِي، والتسليمة الأولى فَتكون الْأَركان فِي الصُّبْح ل (30) ركنا، وَفِي الْمغرب مب (42) ركنا، وَفِي الرباعيات ند (54) ركنا، والمسنونات: الْجُلُوس للتَّشَهُّد الأول وَالتَّشَهُّد نَفسه وَالصَّلَاة على النَّبِي فِي قَول والقنوت، وَمَا عدا هَذَا هيئات.

وَاعْلَم أَن اللّحن الَّذِي لَا يحِيل الْمَعْنى مثل كسرة نون (نستعين) لَا تبطل، وَيكرهُ أَن يؤتم بِمن هَذِه صفته، واللحن الَّذِي يحِيل الْمَعْنى مثل رفع الْمَفْعُول إِن كَانَ فِي غير (الْفَاتِحَة) لعجز عَن التأدية لم تبطل؛ لِأَنَّهُ لَو ترك قِرَاءَة مَا زَاد على الْفَاتِحَة لم تبطل، وَإِن تعمد بَطل، وَيكرهُ التَّمام والأرت والألثغ، ويأتم بهؤلاء مثلهم.

المسألة السادسة والثلاثون

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّلَاثُونَ) : قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة (لَو) : الْمَذْهَب: ركن من تعمد تَركهَا بطلت صلَاته. عِنْدهم: وَاجِبَة لَيست ركنا فَلَا تبطل الصَّلَاة بِتَرْكِهَا وَإِن عصى. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب "، وروى أَبُو هُرَيْرَة عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " كل صَلَاة لَا

يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَهِيَ خداج " كَرَّرَه ثَلَاثًا. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ} ، هَذَا الْأَمر يقْضِي أَن تُجزئ الصَّلَاة بِأَيّ شَيْء قَرَأَ، فَمن قَيده بِشَيْء فقد نسخه، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا صَلَاة إِلَّا بقرآن "، وَقَالَ للأعرابي: اقْرَأ مَا تيَسّر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْفَاتِحَة أشرف السُّور، وَالصَّلَاة أشرف الْأَحْوَال فَتعين الْأَشْرَف للأشرف. لَهُم: الْإِجْزَاء ثَابت فَلَا يُغير بِخَبَر الْوَاحِد، ونسلم أَن الْعِبَادَة يحْتَاط لَهَا

وَلذَلِك جَعَلْنَاهُ وَاجِبا، لَكِن الركنية تثبت بِأَمْر مَقْطُوع بِهِ، وَكَذَا قُلْنَا: السَّعْي وَاجِب لَا ركن، ثمَّ لَو تعيّنت الْفَاتِحَة للصَّلَاة هجر بَاقِي الْقُرْآن. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: أما قَوْله تَعَالَى: {فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ} ، فَهَذَا مُجمل فِي سُورَة مجملة طَوِيلَة وقصيرة، وَفَسرهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِفِعْلِهِ المتأكد، وَلَيْسَ التَّقْيِيد نسخا، إِنَّمَا هُوَ ضم حكم إِلَى حكم، ثمَّ الْقيام فِي الصَّلَاة مَا وَجب إِلَّا لأجل الْقِرَاءَة، فَإِن الْأَخْرَس يجب عَلَيْهِ الْقيام بِقدر الْفَاتِحَة عندنَا، وبقدر آيَة أَو ثَلَاث آيَات عنْدكُمْ فَدلَّ على أَن الْقِرَاءَة هِيَ الْمَقْصُود فَتَركهَا يبطل الصَّلَاة ويلزمهم الجلسة وَلَو ثبتَتْ بأخبار التَّوَاتُر مَا اخْتلف قَول أبي حنيفَة فِيهَا، فَإِن قَالُوا: الصَّلَاة أَفعَال، قُلْنَا: الَّذِي ورد الْأَمر بِالصَّلَاةِ، وَالْأَمر لَيْسَ بِفعل لَكِن وَجب الْفِعْل بِالْأَمر، قَوْلهم: الصَّلَاة كَانَت مجزئة قبل الْفَاتِحَة فَإِنَّهَا مَدَنِيَّة، قُلْنَا: الْأَحْكَام نزلت عقبه، فَبعد نزُول الْفَاتِحَة لَا إِجْزَاء، وَمَا نقلوه فِيهِ مطاعن، وتعليلهم بِأَنَّهُ إِذا داوم عَلَيْهَا نسي مَا عَداهَا يلْزمهُم مثله إِذا جعلوها وَاجِبَة. وحرف الْمَسْأَلَة أَن تَقْيِيد مُطلق الْكتاب عندنَا يجْرِي مجْرى الْبَيَان،

وَعِنْدهم يجرى مجْرى النّسخ.

فارغة

المسألة السابعة والثلاثون

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ) : الْبَسْمَلَة (لز) . الْمَذْهَب: آيَة من الْفَاتِحَة وتتبعها فِي الْجَهْر. عِنْدهم: لَيست من الْفَاتِحَة وَإِنَّمَا تكْتب فِي أَوَائِل السُّور تبركا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى طَلْحَة بن عبد الله عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " من ترك بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، فقد ترك آيَة من كتاب الله "، وعد الْحَمد سبع آيَات مِنْهَا: الْبَسْمَلَة، وَقَوله لبريدة: أعلمك أَنه لم تنزل على نَبِي بعد

سُلَيْمَان غَيْرِي، وَعلمه الْبَسْمَلَة. لَهُم: روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ إِخْبَارًا عَن ربه عز وَجل: " قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ "، فَلَو أَن الْبَسْمَلَة مِنْهَا كَانَ إِلَى إياك نستعين أَرْبَعَة نصفا وَتبقى اثْنَتَانِ وَنصف. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: إِجْمَاع الصَّحَابَة على جمع الْقُرْآن بَين الدفتين والبسملة تخطه بقلم الْوَحْي مَعَ التحريج من الزِّيَادَة وَالنَّقْص حَتَّى منعُوا من كتبه بالأعداد والأعلام على الْآي والسور، وَاتَّفَقُوا على أَن مَا بَين الدفتين قُرْآن، وَلَو قصد بإثباتها الفواتح ثبتَتْ بَين الْأَنْفَال وَالتَّوْبَة.

لَهُم: الْقُرْآن لَا يثبت إِلَّا تواترا، وَلَو كَانَت الْبَسْمَلَة مِنْهُ لثبتت بِثُبُوتِهِ، وَكَذَا الحكم فِي الْإِجْمَاع لم يَقع على كَونهَا مِنْهُ، إِذْ لَو كَانَ لكفر جاحده وَفسق مخالفه، ثمَّ الْكَوْثَر ثَلَاث آيَات، وَلَو أَنَّهَا مِنْهَا لكَانَتْ أَربع آيَات. مَالك: لَيست قِرَاءَة إِلَّا فِي النَّمْل وَيقْرَأ فِي أَوَائِل السُّور بعد الْفَاتِحَة لَا فِي الْفَاتِحَة. أَحْمد: وَافق إِلَّا فِي الْجَهْر. التكملة: لم يرد بقوله تَعَالَى: قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ التشطير وَإِنَّمَا المُرَاد جزءين، وَإِذا صَحَّ منقولهم لم يزدْ فِي الصِّحَّة على منقولنا فيتعارض التَّرْجِيح بمنقولنا؛ لِأَنَّهُ أَكثر وَأشهر ويتضمن زِيَادَة، وَالْأَخْذ بِالزَّائِدِ أولى، وَنحن لَا نثبت أَن الْبَسْمَلَة قُرْآن علما بل عملا، قَالَ أَبُو حنيفَة: تجب كَفَّارَة صِيَام الْيَمين ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات؛ لِأَن ابْن مَسْعُود قَرَأَ كَذَلِك، فَأثْبت هَذِه الْقِرَاءَة الشاذة عملا لَا علما، ثمَّ نقُول: الْإِجْمَاع

يَنْقَسِم إِلَى مَقْطُوع بِهِ ومستدل عَلَيْهِ، فالمقطوع بِهِ يكفر مخالفه وَصَارَ بِمَثَابَة الْحجر من الْبَيْت، فَإِن من لم يطف بِهِ أَو قَالَ: لَيْسَ من الْبَيْت لم يكفر، وَإِن كَانَ من اسْتحلَّ ترك الطّواف بِالْبَيْتِ يكفر، لَكِن لما كَانَ الْحجر من الْبَيْت مستدلا عَلَيْهِ لَا مَقْطُوعًا بِهِ لم يكفر. وَالدَّلِيل على الْجَهْر مَعَ مَا جَاءَ فِيهِ من النَّص أَنه ذكر بَين الْقعُود وَالرُّكُوع فتبع الْقِرَاءَة فِي الْجَهْر كالحمدلة، وَأما فِي الْكَوْثَر فَهُوَ بعض آيَة وَيكون الْعدَد قبل نُزُولهَا، وَقد اخْتلف فِي قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْبَسْمَلَة هَل هِيَ آيَة من كل سُورَة، أَو هِيَ بعض الْآيَة فِي أول السُّورَة؟

المسألة الثامنة والثلاثون

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّلَاثُونَ) : قِرَاءَة الْفَاتِحَة خلف الإِمَام (لح) : الْمَذْهَب: تجب على الْمَأْمُوم. عِنْدهم: تكره. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " مَالِي أَرَاكُم تنازعوني الْقُرْآن لَا تَفعلُوا إِلَّا بِأم الْقُرْآن، فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بهَا ". لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} ، وروى جَابر أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ركن فِي الصَّلَاة فَلَا تسْقط بالاقتداء كَسَائِر الْأَركان، ثمَّ الِاسْتِمَاع سنة وَالْقِرَاءَة ركن فَكيف يسْقط ركن بِسنة. لَهُم: من صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِإِمَام سَقَطت الْقِرَاءَة عَنهُ كالمسبوق بِرَكْعَة، وَلِأَن الْمَقْصُود من الْقُرْآن الْعَمَل بِهِ وتدبره وَذَلِكَ بالاستماع لَا بالمنازعة. مَالك: لَا تجب إِذا جهر. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: تحمل الْآيَة العزيزة على الْإِنْصَات فِي الْخطْبَة، ثمَّ نقُول: يقْرَأ إِذا سكت الإِمَام وينصت إِذا قَرَأَ، فَإِن للْإِمَام سكتات إِذا تَركهَا عد مقصرا

هِيَ بعد التَّكْبِيرَة، وَبعد التَّأْمِين، وَقد جَاءَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: من صلى خلف إِمَام فليقرأ فِي سكتاته، ومنقولاتهم ضَعِيفَة، وَمِنْهَا مَا يحمل على صَلَاة الْجَهْر فعلى أحد الْقَوْلَيْنِ لَا تجب الْقِرَاءَة فِيهَا، ونقول: الِاعْتِدَاد بالركعة للمسبوق على خلاف الْقيَاس لنَصّ ورد بذلك، وَبِالْجُمْلَةِ الْقدْوَة لَا تسْقط فرض الْقِرَاءَة عندنَا، وَعِنْدهم تسْقط، وَعَلِيهِ مدَار الْمَسْأَلَة.

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ: قِرَاءَة الْقُرْآن بِغَيْر لَفْظَة الْعَرَب (لط) : الْمَذْهَب: لَا يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} ، وَالْقُرْآن هُوَ الْعَرَبِيّ. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} ، {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} ، وَلَفظ الْقُرْآن لَيْسَ الصُّحُف وَلَا فِي الزبر. وَقَوله: {لينذركم بِهِ} ، وَفِي الْمُنْذرين عجم، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف " وروى أَن سلمَان، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

كتب الْفَاتِحَة بِالْفَارِسِيَّةِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: إعجاز الْقُرْآن لفظ وَمعنى، وَبِه تحدى؛ لِأَنَّهُ نظم لم يعْهَد، وَدَلِيل صدق الرَّسُول فَتجب الْمُحَافظَة عَلَيْهِ، وَلَا يجب حفظه إِلَّا فِي الصَّلَوَات، وَلَو عبر عَن الْقُرْآن بِشعر لم يجز، وَقد نقل إِلَى لفظ مَوْزُون فَكيف يجوز بِلَفْظ أعجمي؟ لَهُم: لَيْسَ الْمَقْصُود أَعْيَان الْأَلْفَاظ، بل مَعَانِيهَا فَإِذا تأدت بِأَيّ لفظ كَانَ حصل الْفَرْض، وَصَارَ كإخبار الرَّسُول وكالشهادة تعبدنا فِيهَا بِلَفْظ أشهد فَلَا يقوم مقَامه أعلم. وَيجوز من هَذَا أَن يُقَام بِالْفَارِسِيَّةِ، وَكَذَا التَّسْمِيَة فِي الذَّبِيحَة.

مَالك: أَحْمد: التكملة: قَوْله تَعَالَى: {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} ، حجَّة عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ لَو قرئَ بِمَا فِي الصُّحُف الأولى لم يجز، وَقد قيل: إِن الضَّمِير فِي الْآيَة عَائِد إِلَى الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام، وَقَوْلهمْ: " أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف " حجَّة عَلَيْهِم أَيْضا؛ لِأَنَّهُ حصر فِي سَبْعَة وَلَا حصر عِنْدهم، قَالُوا: فقد قَرَأَ ابْن مَسْعُود طَعَام الْفَاجِر، قُلْنَا: كَانَ يلقن رجلا فَلم يفهم الأثيم فَقَالَ لَهُ الْفَاجِر مُفَسرًا، وَمن الْأَصْحَاب من منع نقل أَخْبَار النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِالْفَارِسِيَّةِ، وَمَعَ التَّسْلِيم فالمقصود مِنْهَا الحكم لَا اللَّفْظ بِخِلَاف الْكتاب الْعَزِيز، ثمَّ قد نقل الْقُرْآن على مَا هُوَ عَلَيْهِ فَلَا يجوز أَن يعبر عَنهُ بِغَيْر اللُّغَة الَّتِي نقل بهَا التَّوَاتُر وليت شعري كَيفَ يعبر عَن قَوْله تَعَالَى: {كهيعص (1) ذكر رحمت رَبك عَبده زَكَرِيَّا} وَقَوله: {فَلَمَّا استيأسوا مِنْهُ خلصوا نجيا} ، وَقَوله:

{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} وحرف الْمَسْأَلَة: أَن معجز الْقُرْآن عندنَا لفظ وَمعنى، وَعِنْدهم بِالْمَعْنَى.

المسألة الأربعون

(الْمَسْأَلَة الْأَرْبَعُونَ) : رفع الْيَدَيْنِ عِنْد التَّكْبِير وَالرَّفْع مِنْهُ (م) : الْمَذْهَب: يسن وَهِي هَيْئَة. عِنْدهم: سنة فِي الِافْتِتَاح، بِدعَة فِي غَيره. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى نَيف وَثَلَاثُونَ نفسا من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم مِنْهُم عَليّ وَعمر أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَتَّى تحاذي مَنْكِبَيْه، وَإِذا ركع، وَإِذا رفع، وَكَانَ لَا يرفع بَين السَّجْدَتَيْنِ.

لَهُم: روى عَلْقَمَة قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ " أَلا أُصَلِّي لكم صَلَاة رَسُول الله وَصلى " وَلم يرفع يَدَيْهِ إِلَّا مرّة وَاحِدَة ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: صَلَاة يسْتَحبّ رفع الْيَدَيْنِ فِي افتتاحها فاستحب رفع الْيَدَيْنِ فِي أَثْنَائِهَا كَصَلَاة الْعِيدَيْنِ. لَهُم: رفع الْيَدَيْنِ تحريكهما فِي الصَّلَاة وَلَيْسَ بِأَمْر شاق حَتَّى يتعبد بِهِ ليتَحَقَّق الِابْتِلَاء وَهُوَ يشبه الْعَبَث، لَكِن الشَّرْع ورد بِهِ فِي افْتِتَاح الصَّلَاة فبقينا فِيمَا عداهُ على الأَصْل. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: صَلَاة الْعِيد تَكْبِيرَات يُؤْتى بهَا حَال الْقيام، وَفِي مَسْأَلَتنَا تَكْبِيرَة يُؤْتى بهَا فِي غير حَال الْقيام فَلم يسْتَحبّ رفع الْيَدَيْنِ فِيهَا كتكبيرة السُّجُود.

الْجَواب: معنى الأَصْل تبطل بِصَلَاة الْجِنَازَة، فَإِنَّهَا فِي حَال الْقيام وَلَا ترفع الْيَد فِيهَا، وَمعنى الْفَرْع لَا تصح؛ لِأَن التَّكْبِير بَين السَّجْدَتَيْنِ فِيهِ وَجْهَان (فِي أَحدهمَا) يسْتَحبّ الرّفْع ثمَّ تَكْبِيرَة بَين السَّجْدَتَيْنِ يتَّصل طرفها بسجود أَو قعُود، وَهَذِه التَّكْبِيرَة لَا يتَّصل طرفها بسجود وَلَا قعُود فَهِيَ كتكبيرة الِافْتِتَاح، وَبِالْجُمْلَةِ مدَار الْمَسْأَلَة على النَّفْل.

لوحة 20 من المخطوطة أ: لوحة 27 من المخطوطة ب: " لَيْسَ من شَرط الْفِعْل الْمَأْمُور بِهِ أَن يكون شَرطه حَاصِلا حَالَة الْأَمر بل قد يتَوَجَّه الْأَمر بِالشُّرُوطِ وَالشّرط على أَن يكون مَأْمُورا بتقدمة الشَّرْط فَيجوز عندنَا خطاب الْكفَّار بِفُرُوع الْإِيمَان خلافًا للخصم، وَلَا يمْتَنع قَول الشَّرْع بني الْإِسْلَام على خمس، وَأَنْتُم مأمورون بهَا، وبتقديم الْإِسْلَام عَلَيْهَا، وَصَارَ كالمحدث يُخَاطب بِالصَّلَاةِ بِشَرْط إِزَالَة الْحَدث. وَالدَّلِيل على أَنه مُخَاطب بِالصَّلَاةِ حَالَة حَدثهُ أَنه لوترك الصَّلَاة وَهُوَ مُحدث عُوقِبَ على تَركهَا، وَترك الطَّهَارَة، ثمَّ لَو قُلْنَا: لَا يُؤمر بِشَيْء حَتَّى يَأْتِي بِمَا قبله كَانَ الْخطاب يتَوَجَّه بإجراء الْعِبَادَة الْوَاحِدَة على التَّرْتِيب فيخاطب بتكبيرة الْإِحْرَام ثمَّ بِالْقِرَاءَةِ، ويتأيد بقوله خطابا للْكفَّار {مَا سلككم فِي سقر (42) قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين} ، وَلم يكن ترك الصَّلَاة وارتكاب الْمعاصِي سَبَب عقابهم مَا عللوا بِهِ كَقَوْلِهِم فِي سقر، ولقالوا: عذبنا لأَنا خَالَفنَا وكفرنا. فَإِن قيل: عقابهم على تكذيبهم (مُبَاح) وَغلط بارتكاب هَذِه الْأَسْبَاب، قُلْنَا: فتركهم المأمورات وارتكابهم لهَذِهِ الْأَسْبَاب مُبَاح بزعمكم، فَكيف يغلط، وأوجه مَا حمل عَلَيْهِ قَوْلهم لم نك من الْمُصَلِّين إِلَى الْمُسلمين، ثمَّ انْعَقَد الْإِجْمَاع على تَعْذِيب الْكفَّار بتكذيب الرَّسُول، قَالُوا: لَا معنى للْوُجُوب مَعَ اسْتِحَالَة الْفِعْل، وَلِهَذَا لَا يقْضِي،

قُلْنَا: الْإِسْلَام وفروعه وَإِنَّمَا لَا يَصح (الْفِعْل مِنْهُ لِأَنَّهُ) قدم شَرط الْأَهْلِيَّة للْأَدَاء فَهُوَ كالجنب بِالْإِضَافَة إِلَى الصَّلَاة، وَكَونه لَا يقْضِي لَا يدل على أَنه مَا وَجب (الْعقَاب بل) وَجب وَسقط عَنهُ عفوا، والمصلحة فِي ذَلِك ظَاهِرَة، وَالْقَضَاء فِي أَمر الْمُرْتَد بِأَمْر مُجَدد ". وَاعْلَم أَنه إِذا قَالَ فِي الصَّلَاة {ادخلوها بِسَلام آمِنين} على قصد الْقِرَاءَة لم يضر، وَإِن قصد التفهيم، وَإِن لم يقْصد إِلَّا التفهيم بطلت صلَاته، وَفِي السُّكُوت الطَّوِيل فِي أثْنَاء الصَّلَاة وَجْهَان وَالْأَفْعَال بتحريك الْأَصَابِع (و) وَهِي الَّتِي يخيل للنَّاظِر الْأَعْرَاض عَن الصَّلَاة كثلاث خطوَات وَثَلَاث ضربات مُتَوَالِيَات، وَلَا يبطل بِمَا دون ذَلِك، وَلَا بمطالعة الْقُرْآن، وَلَا فِي التَّسْبِيح أَو الحك، وَإِذا مر الْمَار بَين يَدَيْهِ بَينه وَبَين سترته فليدفعه، فَإِن أفْضى (إِلَى قِتَاله فَهُوَ شَيْطَان) لفظ خبر شرِيف، وَلَا يَكْفِي فِي تحجير مَوضِع الْمُصَلِّي أَن يخط خطا على الأَرْض، وَإِن لم يجد الْمَار سَبِيلا سوى الْمَكَان فَلَا دفع. وَاعْلَم أَن السجدات ثَلَاثَة: سُجُود السَّهْو، وَسُجُود التِّلَاوَة، وَيسْتَحب فِي أَربع عشرَة آيَة، وَلَا سجد فِي (ص) ، وَفِي الْحَج سَجْدَتَانِ خَالف الْخصم فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَيسْتَحب قبل سَجْدَة التِّلَاوَة وَتَكْبِيرَة مَعَ رفع (الْيَدَيْنِ إِن) كَانَ فِي غير الصَّلَاة، وَقيل: يجب التَّحَرُّم والتحلل دون

التَّشَهُّد، وَقيل لَا يجب التَّحَلُّل، والسجدة الثَّالِثَة: سَجْدَة الشُّكْر عِنْد تجدّد نعْمَة أَو دفع نقمة، وَيسْجد بَين يَدي الْفَاسِق شكرا على مُخَالفَة حَاله وَلَا يفعل ذَلِك بمشهد الْمُبْتَلى، وَقيل: يُؤَدِّي سُجُود التِّلَاوَة وَالشُّكْر على الرَّاحِلَة وَجْهَان.

صلاة العصر فسلم من ركعتين لهم قوله عليه السلام الكلام في الصلاة يبطل الصلاة ولا يبطل الوضوء والدليل على أن ترك الكلام شرط قوله عليه السلام لمعاوية

الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ: إِذا تكلم فِي الصَّلَاة نَاسِيا أَو مكْرها (مَا) : الْمَذْهَب: لَا تبطل صلَاته. عِنْدهم: تبطل حَتَّى بالنفخ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: صلى بِنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْعَصْر فَسلم من رَكْعَتَيْنِ. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الْكَلَام فِي الصَّلَاة يبطل الصَّلَاة وَلَا يبطل الْوضُوء "، وَالدَّلِيل على أَن ترك الْكَلَام شَرط قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لمعاوية

ابْن الحكم: " أَن صلَاته هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام الْآدَمِيّين "، فَبَان أَن الْكَلَام منَاف. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ترك الْكَلَام لَيْسَ من جملَة الصَّلَاة، وَلَا يتَأَدَّى بِهِ وَإِنَّمَا يَلِيق بِحَال من يُنَاجِي ربه أَن لَا يقبل على غَيره، فَالْكَلَام من مَحْظُورَات الصَّلَاة، وَمَعَ النسْيَان لَا يتَحَقَّق الْحَظْر إِذْ لَا خطاب ثمَّ جنسه فِي الصَّلَاة بِخِلَاف الْحَدث فَصَارَ كالسلام، فَإِنَّهُ لَا يبطل الصَّلَاة نَاسِيا. لَهُم: الصَّلَاة عبَادَة الله يجب ضَمَانهَا بِالْمثلِ إِذا أتلفهَا بالْكلَام عَامِدًا، وَكَذَلِكَ نَاسِيا كالمحرم إِذا جنى على إِحْرَامه فأتلف الصَّيْد نَاسِيا، وَكَذَلِكَ حُقُوق الْآدَمِيّين، فَإِن النسْيَان عذر يقوم بالمتلف لَا بِالْمحل، وَدَلِيل مُنَافَاة الْكَلَام قِرَاءَته لَا فرق بَين قَلِيله وَكَثِيره بِخِلَاف الْأَفْعَال. مَالك: وَافق وَكَلَام الْعَامِد فِي مصلحَة الصَّلَاة لَا يفْسد. أَحْمد: وفَاق.

التكملة: منقولهم عَام فنحمله على حَالَة الذّكر، وَأما حُقُوق الْآدَمِيّين وصيد الْحرم وَجب فِيهَا الضَّمَان لعين الْإِتْلَاف، وكما أَن النسْيَان يقوم بالناسي وَلَا بِالْمحل فَكَذَلِك الْعمد، فَإِن قَالُوا: ترك الْكَلَام شَرط فَأشبه الْوَقْت وَالطَّهَارَة يمْنَع، وَإِنَّمَا هُوَ من محظوراتها كَمَا يَقُول فِي الترفه للْمحرمِ، وَخبر مُعَاوِيَة حجَّة لنا؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام لم يَأْمر بِالْإِعَادَةِ، وَكَانَ قد شمت عاطسا فِي الصَّلَاة، وَيفرق بَين الْكَلَام والفعال، فَإِن اللِّسَان مَشْغُول الذّكر فَيمكن حفظه والجوارح فارغة فيعسر حفظهَا. وحرف الْمَسْأَلَة هُوَ أَن الْكَلَام من مَحْظُورَات الصَّلَاة، وَلَا حظر مَعَ النسْيَان هَذَا عندنَا وَعِنْدهم تَركه شَرط، وَهُوَ من المنافيات، وَحكمه حكم الْحَدث.

فارغة

المسألة الثانية والأربعون

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ) : إِذا فَاتَتْهُ صلوَات وارتد ثمَّ عَاد (مب) : الْمَذْهَب: يلْزمه قَضَاء الْفَوَائِت. عِنْدهم: خلاف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} ، ومحال أَن يخلق الْإِنْسَان لشَيْء وَلَا يكون من أَهله. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْإِسْلَام يجب مَا قبله "، وَأهل الرِّدَّة زمن الصّديق لم يؤمروا بِإِعَادَة الصَّلَوَات. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مُكَلّف أمكنه التَّوَصُّل إِلَى الْعِبَادَة فَكَانَ من أَهلهَا كَالْمُسلمِ.

الدَّلِيل على تَكْلِيفه أَنه كلف الْإِيمَان، وَلِأَن الْخطاب أَمر وَنهي وَهُوَ مَنْهِيّ فَهُوَ مَأْمُور، ثمَّ هُوَ مَأْمُور بِتَصْدِيق الرَّسُول وَمَا جَاءَ بِهِ، وَمِمَّا جَاءَ بِهِ الْعِبَادَات، وَمَتى قَررنَا هَذَا فِيمَا يتْركهُ مُسلما كَانَ أظهر. لَهُم: الْكَافِر لَيْسَ من أهل الْعِبَادَة فَلَا يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء بِتَرْكِهَا، كالأصلي، لِأَن من لَا يكون من أهل الْعِبَادَة لَا يكون من أهل الْقَضَاء، الدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه لَيْسَ من أَهلهَا: أَنَّهَا لَا تصح مِنْهُ وَالْعِبَادَة تصح مِمَّن يُثَاب عَلَيْهَا وَهَذَا من أهل النَّار وَقطع الْخطاب عَنهُ إهانة لَهُ. مَالك: خلاف. أَحْمد: التكملة: مَا نقلوه من الْآيَة وَالْخَبَر دَلِيل على أَنه مُخَاطب، وَأهل الرِّدَّة يحْتَمل أَنهم صلوا وَلم يؤمروا، وَلَيْسَ من شَرط كل حَادِثَة أَن ينْقل قَوْلهم لَو صلى لم تصح صلَاته، قُلْنَا وَكَذَا الْمُحدث، قَوْلهم: الْعِبَادَة قربَة، قُلْنَا: فَهُوَ مُخَاطب بِأَجل الْقرب وَهُوَ الْإِيمَان، وَيصِح مِنْهُ. قَوْلهم: حكم الْعِبَادَات الثَّوَاب، وَالْعِقَاب إِلَى الْوَعْد والوعيد، وَيجوز أَن يَصح الشَّيْء مِمَّن لَيْسَ

من أهل حكمه كَالْعَبْدِ الْمَأْذُون لَيْسَ من أهل حكم الْعُقُود وَهُوَ الْملك وَهُوَ من أهل الْعُقُود حَتَّى إِن العقد يَقع لَهُ عِنْدهم، وَيجوز أَن تحصل مِنْهُ الْعِبَادَة وَلَا يُثَاب عَلَيْهَا كالمرائي يَصح صَوْمه وَصلَاته وَلَا يُثَاب عَلَيْهِمَا.

المسألة الثالثة والأربعون

لوحة 28 من المخطوطة ب من كتاب الصَّلَاة: (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ:) إِذا صلى أول الْوَقْت وارتد وَعَاد فِي الْوَقْت (مج) : الْمَذْهَب: لَا يلْزمه إِعَادَة الصَّلَاة وَالْحج. عِنْدهم: خلاف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه فيمت وَهُوَ كَافِر فَأُولَئِك حبطت أَعْمَالهم} ، علق إحباط الْعَمَل على الرِّدَّة وَالْمَوْت، وَالْمُعَلّق على شرطين لَا يُوجد إِلَّا بوجودهما. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} ، وَقَوله تَعَالَى: {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله} الْفَرِيضَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تمت الْعِبَادَة بركنها وَشَرطهَا فَبعد الْفَرَاغ مِنْهَا إِذا اخْتَلَّ شَرطهَا لَا يُبطلهُ

خاصة الآية الثانية مطلقة وآيتنا مقيدة والمطلق يحمل على المقيد لا سيما في حادثة واحدة ونقول الإسلام يفعل في لحظة واحدة ويستدام بخلاف الصوم والصلاة ثم لو كان كما زعموا لبطلت أنكحته وشهاداته وأقضيته وحرمت ذبائحه ثم يجب فيمن ارتد

كَالشَّهَادَةِ فِي النِّكَاح، وَقد أدّى وَظِيفَة الْوَقْت، أما صَلَاة الظّهْر، أَو الظّهْر مَوْصُوفَة بِصفة الْقرْبَة، وَفِي إِعَادَة ذَلِك حرج سِيمَا فِي الْحَج وَعدم الثَّوَاب لَا يَقْتَضِي بطلَان الْعِبَادَة كَصَلَاة الْمرَائِي. لَهُم: لَيْسَ من أهل الْعِبَادَة ابْتِدَاء فَلَا يكون من أَهلهَا دواما كالرضاع لما أبطل مكلفه النِّكَاح ابْتِدَاء أبْطلهُ دواما، وَالْإِسْلَام لَا يتَجَزَّأ؛ لِأَنَّهُ عبارَة عَن تَوْحِيد الله، وَذَلِكَ مُسْتَحقّ فِي جَمِيع الْعُمر فَإِذا بَطل فِي بعضه بَطل فِي جَمِيعه كَالصَّلَاةِ تبطل بِرُكْن مِنْهَا. مَالك: قبل السَّلَام. أَحْمد: التكملة: الْآيَة خطاب للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَاصَّة. الْآيَة الثَّانِيَة مُطلقَة وآيتنا مُقَيّدَة، وَالْمُطلق يحمل على الْمُقَيد لَا سِيمَا فِي حَادِثَة وَاحِدَة، ونقول: الْإِسْلَام يفعل فِي لَحْظَة وَاحِدَة، ويستدام بِخِلَاف الصَّوْم وَالصَّلَاة، ثمَّ لَو كَانَ كَمَا زَعَمُوا لبطلت أنكحته وشهاداته وأقضيته وَحرمت ذبائحه، ثمَّ يجب فِيمَن ارْتَدَّ

لَحْظَة وَعَاد أَن يغلب الْإِسْلَام على الْكفْر ويمحوه ثمَّ للصَّلَاة حكمان سُقُوط الْفَرْض وَالثَّوَاب، فَإِن عدم الثَّوَاب بَقِي سُقُوط الْفَرْض، ثمَّ يبطل مَا قَالُوهُ بِالتَّيَمُّمِ إِذا رأى المَاء بعد مَا فرغ من الصَّلَاة، فَإِنَّهُ لَا يبطل صلَاته وَإِن أبطل تيَمّمه.

المسألة الرابعة والأربعون

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ:) سُجُود السَّهْو (مد) : الْمَذْهَب: سنة، وَمحله قبل الْإِسْلَام. عِنْدهم: بعد التَّسْلِيم وَاخْتَارَهُ الْكَرْخِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَا روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلَا يدْرِي أَثلَاثًا أم أَرْبعا؟ فليطرح الشَّك وليبن على الْيَقِين وليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل السَّلَام ". لَهُم: " صلى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الظّهْر خمْسا فَقيل لَهُ: أَزِيد فِي الصَّلَاة؟ فتمم وَسلم وَسجد سَجْدَتَيْنِ "، وروى أَنه قَالَ: " من شكّ فِي صلَاته فَلم يدر أَثلَاثًا

صلى أم أَرْبعا؟ فليتحر أقرب ذَلِك إِلَى الصَّلَاة وليتمم وليسجد سَجْدَتَيْنِ ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: فعل مَشْرُوع فِي الصَّلَاة كَانَ مَحَله الصَّلَاة كَسَائِر أفعالها. لَهُم: مَا قبل السَّلَام جُزْء من الصَّلَاة فَلَا يكون محلا لسجود السَّهْو كَسَائِر أَجْزَائِهَا. الدَّلِيل عَلَيْهِ: أَنه لَو سَهَا فِي آخر جُزْء وَسجد، وَالْفِقْه فِيهِ أَن السُّجُود جَائِز فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يتعقب السَّهْو لَكِن أخر عَنهُ كَيْلا يتَكَرَّر السَّهْو فَيبقى غير مَحْصُور؛ لِأَن السُّجُود لَا يتَكَرَّر وَلما كَانَ كَذَلِك أخر إِلَى الْفَرَاغ. مَالك:. أَحْمد:

سجود السهو قبل السلام وقد كان أبو هريرة يسجد قبل السلام وهو راوي خبر ذي اليدين فلولا علمه بالنسخ ما اعتمد ذلك ويمنع أنه لو سها قبل السلام حالة سجود السهو أن يسجد للسهو ثم يقول بالسلام خرج من الصلاة وحرمة الصلاة إنما تبقى ببقاء الصلاة

التكملة: منقولهم: جَمِيعهم مَنْسُوخ بِمَا روى الزُّهْرِيّ قَالَ: كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُجُود السَّهْو قبل السَّلَام، وَقد كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يسْجد قبل السَّلَام وَهُوَ رَاوِي خبر ذِي الْيَدَيْنِ، فلولا علمه بالنسخ مَا اعْتمد ذَلِك وَيمْنَع أَنه لَو سَهَا قبل السَّلَام حَالَة سُجُود السَّهْو أَن يسْجد للسَّهْو، ثمَّ يَقُول بِالسَّلَامِ خرج من الصَّلَاة، وَحُرْمَة الصَّلَاة إِنَّمَا تبقى بِبَقَاء الصَّلَاة. وَالدَّلِيل على عَلْقَمَة: أَن الزِّيَادَة تبطل الصَّلَاة كَمَا يُبْطِلهَا النُّقْصَان فاحتاجت إِلَى جبران.

المسألة الخامسة والأربعون

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ:) إِذا وقفت الْمَرْأَة إِلَى جنب الرجل فِي الصَّلَاة (مَه) : الْمَذْهَب: لَا تبطل صلَاته. عِنْدهم: خلاف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يقطع صَلَاة الْمَرْء شَيْء ". لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " أخروهن من حَيْثُ أخرهن الله "، وَحَيْثُ ظرف مَكَان وَلَا يجب تَأْخِيرهَا فِي الْمَكَان إِلَّا فِي الصَّلَاة، وَقَوله: " خير صُفُوف الرِّجَال أَولهَا. وَخير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا، والاحتراز عَن الشَّرّ

وَاجِب "، وَقد أخر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الْعَجُوز عَن الصَّفّ مَعَ كَون الِانْفِرَاد مَكْرُوها. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَأْمُوم وقف فِي مَحل الْمُبَالغَة فَلَا تبطل صلَاته، كَمَا لَو لم تكن الْمَرْأَة إِلَى جنبه ذَلِك؛ لِأَنَّهُ لم يُوجد مِنْهُ مَا يبطل صلَاته ومنافاة الْجنب أَكثر، وَلَو كَانَ لصيقه جنبا لم تبطل صلَاته، ثمَّ كَانَ يجب أَن تبطل صَلَاة الْمَرْأَة أَيْضا؛ لِأَنَّهَا شاركته فِي كَونهَا مأمورة بِالتَّأْخِيرِ وَتَقْرِير الْحَرْف أَن صَلَاة الْمَأْمُومين لَا يرتبط الْبَعْض بِالْبَعْضِ. لَهُم: ترك فرضا هُوَ عَلَيْهِ فِي صلَاته فبطلت، كَمَا لَو ترك فرضا من أفعالها ذَلِك لِأَن تأخيرهن فرض؛ وَلِأَن الْمَرْأَة لَا تصلح للْإِمَامَة وَالرِّجَال أصل الْجَمَاعَات أذانا، وَإِقَامَة، وترتيب صُفُوف وَإِنَّمَا بطلت صلَاته دون صلَاتهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطب بتأخيرها. مَالك: أَحْمد: التكملة: إِن ألزمناهم صَلَاة الْجِنَازَة اعتذروا عَنهُ بِأَنَّهُ ذكر وَاحِد فَأشبه سُجُود

التِّلَاوَة، وَلَو أَن الْمَرْأَة تتلو وسجدت للتلاوة جَازَ للرِّجَال متابعتها، وَلَا نسلم أَنه ترك فرضا مَنْدُوبًا، فَإِن تَرْتِيب الْوُقُوف من الْأَدَب. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " ليلني مِنْكُم ذَوُو الأحلام والنهى " وَلَو تقدم سَفِيه على حَلِيم لم تبطل صَلَاة أَحدهمَا، ومنقولهم مَحْمُول على النّدب والكراهية، وَلَو سلمنَا أَنه لَو ترك وَاجِبا لَيْسَ لِمَعْنى يخْتَص بِالصَّلَاةِ، بل لِأَن الْمَرْأَة نَاقِصَة فَلَا يُسَاوِي الْفَاضِل فَصَارَ كَمَا لَو كَانَ بِيَدِهِ مَغْصُوب أَو طُولِبَ بوديعة فَتحرم بِالصَّلَاةِ. وَإِنَّمَا لَا تصح إِمَامَة الْمَرْأَة لنقصها عقلا ودينا، ثمَّ إِن التّبعِيَّة لَا تبطل موقفها إِلَى جنب الرجل كَمَا لَو وقف الْمَأْمُوم إزاء الإِمَام فَيَقُول موقف لَو وَقفه فِي صَلَاة الْجِنَازَة لم تبطل صلَاته، فَإِذا وَقفه فِي غَيرهَا لم تبطل كَمَا لَو وقف إِلَى جَانب عبد أَو صبي.

لوحة 29 من المخطوطة (ب) : عَورَة الْأمة لَا نَص للشَّافِعِيّ فِيهَا وَالَّذِي نقل عَنهُ أَنَّهَا إِذا صلت مكشوفة الرَّأْس أجزأها، وَقَالَ أَصْحَابه: لَا يعرف أَبُو إِسْحَاق خلافًا فَإِنَّهَا يجوز لَهَا كشف رَأسهَا فِي الصَّلَاة لقصة عمر، وَاخْتلف الْأَصْحَاب فِي حد عورتها على ثَلَاثَة أوجه، وَقد قَالَ: إِنَّهَا كعورة الرجل، وَقيل كعورة الْحرَّة إِلَّا رَأسهَا وساعديها وساقيها، فَإِن ذَلِك لَيْسَ بِعَوْرَة، وَقيل كعورة الْحرَّة إِلَّا رَأسهَا فَإِنَّهَا لَيست بِعَوْرَة، وعورة الْمُكَاتبَة والمدبرة وَالْمُعَلّق عتقهَا على

صفة وَأم الْوَلَد وَمن بَعْضهَا حر وَبَعضهَا رَقِيق كعورة الْأمة، وَفِي الْحَاوِي؛ وَكَأَنَّهُ وَجه فِيمَن بَعْضهَا حر وَبَعضهَا رَقِيق أَن عورتها كعورة الْحرَّة وَصَححهُ، وَالْمُعْتَبر فِي ستر الْعَوْرَة الجوانب وجهة الْعُلُوّ. وَلَو صلى وَعَلِيهِ قَمِيص غير مزرور وعورته بَائِنَة مِنْهُ لم تصح صلَاته (وَلَو سترت لحيته رُؤْيَة عَوْرَته من جِهَة الطوق صحت الصَّلَاة على أحد الْوَجْهَيْنِ، وهما جاريان فِيمَا لَو كَانَ فِي قَمِيصه طَاقَة فَوضع يَده عَلَيْهَا من غير أَن يجمع الْقَمِيص بِيَدِهِ، وَلَو جمعه بِيَدِهِ صحت اتِّفَاقًا) . وَلَا يُرَاعِي ستر الْعَوْرَة من جِهَة السّفل حَتَّى لَو صلى فِي قَمِيص وَاسع الذيل جَازَ، وَإِن كَانَ على طرف سطح، وَمن فِي أَسْفَله يُشَاهد عَوْرَته صحت صلَاته، وَتوقف الإِمَام وَصَاحب الْمُعْتَمد فِي هَذِه الصُّورَة، وَحكى صَاحب بَحر

الْمَذْهَب عَن أَبِيه وَجها فِيهَا أَن صلَاته لَا تصح، وَيجب أَن يكون السَّاتِر للعورة من الجوانب الْعُلُوّ حَائِلا بَين النَّاظر ولون الْبشرَة، فَلَا يَكْفِي الثَّوْب الرَّقِيق الَّذِي يُشَاهد من وَرَائه سَواد الْبشرَة وبياضها، وَكَذَا الغليظ المهلهل - النسج - الَّذِي يظْهر بعض الْعَوْرَة من فرجه، فَإِن مَقْصُود السّتْر لَا يحصل بذلك، وَلَو ستر اللَّوْن وَوصف حجم الْأَعْضَاء فَلَا بَأْس كَمَا لَو وصف ثوبا صفيقا ووقف فِي الشَّمْس وَكَانَ حجم أَعْضَائِهِ يَبْدُو من وَرَائه، وَلَا يَكْفِي الْوُقُوف فِي المَاء الصافي، وَيَكْفِي المَاء إِذا علته خضرَة بِحَيْثُ يمْتَنع من رُؤْيَة اللَّوْن وَلَو كَانَ المَاء كدرا كَفاهُ فِي السّتْر على أصح الْوَجْهَيْنِ. وَيَكْفِي فِي التستر التطين مَعَ وجود الثِّيَاب وَادّعى الإِمَام فِيهِ

اتِّفَاق الْأَصْحَاب، وَفِي الْعدة حِكَايَة وَجه أَنه لَا يَكْفِي وَحَكَاهُ فِي الْبَحْر عَن ابْن أبي أَحْمد، وَغلظ لَا يعد ساترا، وعَلى الأول لَو لم يجد إِلَّا طينا فَهَل يجب عَلَيْهِ التطيين فِيهِ وَجْهَان: أصَحهمَا الْوُجُوب، وَلَا يَكْفِي الْفسْطَاط الضّيق وَنَحْوه ساترا وَإِنَّمَا يُقَال هُوَ دَاخل فِيهِ، وَلَو وقف فِي حب وَصلى على جَنَازَة فَإِن كَانَ وَاسع الرَّأْس تظهر مِنْهُ الْعَوْرَة لم يجز، وَإِن كَانَ ضيق الرَّأْس فَفِيهِ خلاف بَين أَصْحَابنَا. وَيسْتَحب للرجل أَن يُصَلِّي فِي أحسن مَا يجد من ثِيَابه بتعمم وبقميص ورداء، فَإِن اقْتصر على وَاحِد فالقميص أولى ثمَّ الْإِزَار ثمَّ السَّرَاوِيل، وَيسْتَحب أَن يَجْعَل على عَاتِقه مِمَّا فِي وَسطه شَيْئا وَلَو حبلا، أَو يربطه حَتَّى يخرج من خلاف أَحْمد. وَيسْتَحب للْمَرْأَة أَن تصلي فِي قَمِيص سابغ

وخمار وتتخذ جلبابا كثيفا فَوق ثِيَابهَا يتجافى عَنْهَا، وَلَا يبين حجم أعضائها.

المسألة عورة الرجل مو

(الْمَسْأَلَة: ... عَورَة الرجل (مو 46) :) الْمَذْهَب: مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة على الصَّحِيح. عِنْدهم: مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة مَعَ الرّكْبَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: مَا رُوِيَ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا فَوق الرّكْبَة وَدون السُّرَّة عَورَة ".

الركبة من العورة الدليل من المعقول لنا أن الركبة حد العورة فلم تكن منها قياسا على السرة لهم أن الركبة مفصل يجمع طرفي عظم الفخذ وعظم الساق وأحدها حاظر والآخر مبيح فلما اجتمعا وجب تغليب حكم الحاظر كالمرفق

لَهُم: مَا رُوِيَ عَن عَليّ كرم الله وَجهه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرّكْبَة من الْعَوْرَة ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَن الرّكْبَة حد الْعَوْرَة فَلم تكن مِنْهَا قِيَاسا على السُّرَّة. لَهُم: أَن الرّكْبَة مفصل يجمع طرفِي عظم الْفَخْذ وَعظم السَّاق، وأحدها حاظر، وَالْآخر مُبِيح فَلَمَّا اجْتمعَا وَجب تَغْلِيب حكم الحاظر كالمرفق. مَالك: أَحْمد: السوءتان فِي رِوَايَة وَمثل مَذْهَبنَا فِي آخَرين وَهِي الْأَظْهر عِنْدهم. التكملة: وَلِأَن كشفها فِي الصَّلَاة لَا يبطل فَلم تكن عَورَة قِيَاسا على رَأس الْأمة،

فَإِن قيل: إِنَّمَا لم تبطل الصَّلَاة حَال كشفها؛ لِأَنَّهَا لَا تجَاوز ربع الْعُضْو. قُلْنَا: هَذَا غير مُسلم، بل كثير الْعَوْرَة ويسيرها سَوَاء كَمَا سَنذكرُهُ، فَأَما مَا ذَكرُوهُ من حَدِيث عَليّ كرم الله وَجهه. فَالْجَوَاب عَنهُ: أَن رِوَايَة أَبُو الْجنُوب عقبَة بن عَلْقَمَة وَلَيْسَ بِثِقَة، فَلَا يَصح الِاحْتِجَاج بِهِ، وَأما قَوْلهم: الرّكْبَة مفصل يجمع الحاظر والمبيح فعذر صَحِيح؛ لِأَن الحاظر الْفَخْذ وَلَيْسَ من الرّكْبَة بسبيل وَلَو جَازَ أَن يغلب الحاظر لاتصال عظم الْفَخْذ بالركبة لجَاز أَن يغلب الحاظر فِي جلد الْفَخْذ لاتصاله بجلد السَّاق، وَلما بذل تَعْلِيله فِي ذَلِك الْموضع فَكَذَلِك نجيب فِي مَسْأَلَتنَا مثله.

الْمَسْأَلَة: ... ... عَورَة الْحرَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّلَاة (مز 47) . الْمَذْهَب: جَمِيع بدنهَا إِلَّا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ. عِنْدهم: جَمِيع بدنهَا إِلَّا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَظهر الْقَدَمَيْنِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: مَا رُوِيَ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: " يَا رَسُول الله أَتُصَلِّي الْمَرْأَة فِي درع وخمار بِغَيْر إِزَار؟ قَالَ: نعم، إِذا كَانَ سابغا يُغطي ظُهُور قدميها ". لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَنه عُضْو يجوز تغطيته فِي الْإِحْرَام فَوَجَبَ أَن يكون من الْعَوْرَة قِيَاسا

على سَائِر الْبدن. لَهُم: لِأَن الْقَدَمَيْنِ لَا تستر فِي الْعَادة فَوَجَبَ أَن لَا تبطل الصَّلَاة بكشفهما كالوجه؛ وَلِأَنَّهُ عُضْو ذُو أنامل فَلم يكن من الْعَوْرَة قِيَاسا على الْكَعْبَيْنِ. مَالك: أَحْمد: لَا يجوز أَن تكشف سوى وَجههَا. التكملة: وبعكسه الكفان لما لم يجب تغطيتهما فِي الْإِحْرَام دلّ على أَنَّهُمَا ليسَا من الْعَوْرَة. وَأما قَوْلهم: إِن الْقَدَمَيْنِ لَا تستر فِي الْعَادة فَوَجَبَ أَن لَا تبطل الصَّلَاة بكشفهما كالوجه فَهَذَا منتقص بِالْحلقِ فَإِنَّهُ من عَادَة النِّسَاء كشفه فِي بُيُوتهنَّ وَكَذَلِكَ بعض الساعد وَبَعض السَّاق، ثمَّ الْمَعْنى فِي الْوَجْه مَا ذَكرْنَاهُ من أَنه لَا يجوز تغطيته فِي الْإِحْرَام والقدم بِخِلَافِهِ، وَأما قَوْلهم: عُضْو ذُو أنامل فَلَا تَأْثِير لَهُ؛ لِأَن الْوَجْه عُضْو غير ذِي أنامل وَلَيْسَ من الْعَوْرَة، وقياسهم على الْكَفَّيْنِ غير صَحِيح لما ذَكرْنَاهُ من افْتِرَاق الحكم فِي الْكَفَّيْنِ والقدمين حَال الْإِحْرَام.

فارغة

المسألة مح

(الْمَسْأَلَة: (مح 48)) . إِذا مَا بدا من عَورَة الرجل أَو الْمَرْأَة شَيْء فِي الصَّلَاة مَعَ الْقُدْرَة على الستْرَة هَل تبطل أم لَا؟ الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: إِن كَانَ دون الدِّرْهَم من الْمُغَلَّظَة وَدون الرّبع من غَيرهَا فَلَا، وَإِن أَكثر من ذَلِك بطلت. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: مَا رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا يقبل الله صَلَاة امْرَأَة حَاضَت إِلَّا بخمار " وَتَقْدِيره امْرَأَة بلغت الْمَحِيض، وَهَذَا يدل على أَن شعرهَا يجب تخمير جَمِيعه.

لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَن هَذَا حكم يتَعَلَّق بالعورة فَاسْتَوَى فِيهَا قليلها وكثيرها كالنظر. لَهُم: لِأَن ستر الْعَوْرَة حكم يسْقط فِي حَال الْعذر فَوَجَبَ أَن يكون فِي غير حَال الْعذر يخْتَلف قَلِيله وَكَثِيره كإزالة النَّجَاسَة والعذر الَّذِي يضبطها الْعَدَم وَمَا إِذا كشف الرّيح بعض عَوْرَته فِي الصَّلَاة فَرد الثَّوْب على مَا انْكَشَفَ. مَالك: لَا تجب الْإِعَادَة. أَحْمد: التكملة: وَلِأَن التَّحْدِيد بِمَا دون الدِّرْهَم لَيْسَ بِأولى من التَّحْدِيد بِالربعِ وَبِمَا فَوْقه وبالدرهم وَمَا فَوْقه، وَقد بَطل التَّحْدِيد بِمَا دون الرّبع، وَالدِّرْهَم، فَوَجَبَ أَن يكون التَّحْدِيد بِمَا دون الرّبع وَالدِّرْهَم مَسْأَلَة. وَأما قَوْلهم: إِن مَا عَفا عَنهُ حَال الْعذر فَوَجَبَ أَن يخْتَلف حكمه قَلِيله وَكَثِيره فَهُوَ بَاطِل بِالنّظرِ، فَإِن نظرة الْفجأَة عُفيَ عَنْهَا للْعُذْر، وَيَسْتَوِي حكم

قليلها وكثيرها، وَأَيْضًا ينْتَقض مَا قَالُوهُ بِالْوضُوءِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنهُ عِنْد الْعَجز عَن اسْتِعْمَال المَاء وَالتُّرَاب وَلم يتَعَذَّر الْعَفو عَن بعضه على أَن الْمُفْتى فِي النَّجَاسَة أَنه عفى عَنْهَا للضَّرُورَة ولخوف الْمَشَقَّة فِي بَابهَا، وَأما الْعَوْرَة فَلَا مشقة تلْحق فِي سترهَا فافترق الْمَعْنى فيهمَا.

لوحة 30 من المخطوطة ب: الْعَوْرَة الْخلَل فِي الثغور وَغَيرهَا، وَمَا يتَوَقَّع مِنْهُ ضَرَر يُقَال: أَعور الْمَكَان إِذا صَار ذَا عَورَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن الْمُنَافِقين من المقاتلين فِي الخَنْدَق: {إِن بُيُوتنَا عَورَة} أَي خَالِيَة نتوقع الْفساد فِيهَا، فَلذَلِك سميت السوءتان عَورَة؛ لِأَن (كشفهما مُوجب) خللا فِي حُرْمَة مكشوفهما، وَكَانَ وَجه الْمَرْأَة ومحاسن جَسدهَا عَورَة؛ لِأَنَّهُ يتَوَقَّع من رؤيتها وَسَمَاع كَلَامهَا خلل فِي الدّين وَالْعرض، وَلَيْسَ المُرَاد بالعورة المستقبح، فَإِن الْمَرْأَة الجملية تميل النُّفُوس إِلَيْهَا، وَبِهَذَا يظْهر أَن الْمَرْأَة مَعَ الْمَرْأَة كَالرّجلِ مَعَ الرجل، لَا كَالْمَرْأَةِ مَعَ الرجل، وَهِي مَسْأَلَة خلاف بَين الْعلمَاء هَل يجب أَن تستر جَمِيع بدنهَا عَن الْمَرْأَة أم لَا؟ ، وَلِهَذَا السِّرّ خُولِفَ بَين الْأمة والحرة فَجعلت عَورَة الْأمة كَالرّجلِ؛ لِأَنَّهَا لما امتهنت بِالْخدمَةِ صَارَت كالبهيمة وَسقط موقعها من النَّفس، فَلذَلِك لما رأى عمر رَضِي الله عَنهُ أمة مكشوفة الرَّأْس ضربهَا بِالدرةِ، وَقَالَ لَهَا: أتتشبهين بالحرائر يَا لكاع؟ ! ، وَسبب ذَلِك أَنَّهَا إِذا تشبهت بالحرائر الْتبس الْإِمَاء بالحرائر فَكَانَت سفلَة الْجَاهِلِيَّة،

وَمن يَزْنِي إِنَّمَا يقْصد الْإِمَاء فَإِذا الْتبس قصدن الْحَرَائِر أَيْضا بالزنى لعدم امتيازهن عَن الْإِمَاء فانتشر الْفساد وانخرقت الحرمات وثارت الْفِتَن بَين الزناة والأزواج، أما إِذا امتازت الْإِمَاء اقْتصر الْفساد عَلَيْهِنَّ، وَكَانَ ذَلِك أليق بسد الذريعة فِي تَخْفيف الْفساد بِحَسب الْإِمْكَان، وَمن هَذَا الْبَاب أَيْضا أجَاز جمَاعَة من الْعلمَاء فِي شِرَاء الْأمة أَن تقلب عُرْيَانَة إِلَّا من سرتها إِلَى ركبتها، وَأَن ينظر إِلَى مَا عدا ذَلِك كَمَا يَفْعَله الرجل مَعَ الرجل. فَإِذا طرأت الستْرَة على الْعُرْيَان فِي أثْنَاء الصَّلَاة، أَو طرى الْعتْق على الْأمة فِي أثْنَاء الصَّلَاة هَل تبطل الصَّلَاة؛ لِأَن الستْرَة شَرط من حِينَئِذٍ وَلم يُوجد الشَّرْط فَأشبه طريان السَّاتِر طريان الْحَدث أَو لَا تبطل لِأَن الْمُصَلِّي دخل فِيهَا بِوَجْه مَشْرُوع والتغيير لم يكن من قبله وَلَا ينْسب إِلَيْهِ بِخِلَاف الْحَدث؛ فَإِنَّهُ ينْسب إِلَى الْمُصَلِّي فَيُقَال أحدث، وَلَا يُقَال أعتقت الْأمة نَفسهَا وَلَا جَاءَ الْمُصَلِّي لنَفسِهِ بسترة؟ وَنَظِير هَذِه الْمَسْأَلَة الْمُتَيَمم يدْخل فِي الصَّلَاة ثمَّ يطْرَأ عَلَيْهِ المَاء فَهَل تبطل صلَاته لبُطْلَان التَّيَمُّم بوجدان المَاء، أَو لَا تبطل؛ لِأَنَّهُ فِيهَا بِبَدَل وَهُوَ التَّيَمُّم وَهُوَ أولى بِالصِّحَّةِ من الْعُرْيَان، لِأَن الْعُرْيَان لم يدْخل بِبَدَل؟

المسألة

(الْمَسْأَلَة:) ... إِذا عدم الستْرَة هَل يُصَلِّي قَائِما: الْمَذْهَب: يُصَلِّي قَائِما. عِنْدهم: يُصَلِّي قَاعِدا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} ، وَهُوَ عَام فِي جَمِيع الْأَحْوَال. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع ستر عَوْرَته إِلَّا إِذا جلس فَيصَلي جَالِسا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لِأَن الْقيام ركن من أَرْكَان الصَّلَاة وَستر الْعَوْرَة شَرط خَارج عَن الصَّلَاة،

والركن الدَّاخِل أهم من الشَّرْط الْخَارِج فَيصَلي قَائِما. لَهُم: لِأَن الْقيام إِنَّمَا يحسن مَعَ ستر الْعَوْرَة، وَأما مَعَ كشف الْعَوْرَة فالجلوس أليق بالأدب. مَالك: وفَاق. أَحْمد: وفَاق. التكملة: خَيره أَبُو حنيفَة بَين أَن يُصَلِّي قَائِما أَو قَاعِدا فِي رِوَايَة عَنهُ لتعارض فَوَات الرُّكْن بِالْجُلُوسِ فيفوته الْقيام، وفوات ستر الْعَوْرَة إِذا صلى قَائِما بِظُهُور السوءتين مَعَ الْقيام، وَلم يجزه الشَّافِعِي، وَمن وَافقه بل جزموا بِوُجُوب الْقيام؛ لِأَن الْقيام أفضل من الستْرَة لكَونه ركنا والسترة شَرط، إِذا كَانَ لَا بُد من فَوَات أَحدهمَا يقدر الْجمع بَينهمَا تعين السّتْر. فَإِن كَانَ العراة جمَاعَة فِي ليل صلوا جمَاعَة؛ لِأَن الظلام يحجب بَعضهم عَن بعض وَإِن كَانُوا فِي نَهَار أَو ليل مقمر افْتَرَقُوا فِي الصَّلَاة، لِأَن الْأَركان والشروط أهم فِي نظر الشَّرْع فِي فَضِيلَة الْجَمَاعَة فيقدمان عَلَيْهَا تَقْدِيمًا للأعلى على الْأَدْنَى.

فارغة

المسألة

(الْمَسْأَلَة:) ... إِذا كَانَ وَحده أيستر عَوْرَته؟ الْمَذْهَب: يستر. عِنْدهم: لَا يلْزمه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي التِّرْمِذِيّ: " إيَّاكُمْ والتعري فَإِن مَعكُمْ من لَا يفارقكم إِلَّا عِنْد الْغَائِط وَحين يُفْضِي أحدكُم إِلَى أَهله فاستحيوهم وأكرموهم ". لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} ، وَمَفْهُومه أَنه لَا يلْزمه فِي الْخلْوَة وَأَنه يخْتَص بالجلوة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ستر الْعَوْرَة إِنَّمَا هُوَ صون للْحُرْمَة، وضياع الْحُرْمَة مَعَ الأماثل من الْمَلَائِكَة أَشد من ضياعها مَعَ النَّاس.

لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها لبول أو غائط ولكن غربوا أو شرقوا فأمر عليه السلام بالاستتار عن الكعبة تعظيما لها لا لأنها تدرك السوءات والملائكة شأنهم أن يعظموا لأنهم خاصة الله تعالى لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون

لَهُم: لَا معنى للاستتار مَعَ الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ؛ لأَنهم يرَوْنَ مَا تَحت السَّاتِر وَيصلونَ إِلَى دَاخل الْجَسَد إِلَى الْقُلُوب، فَإِذا لم يحجبهم الْجَسَد أولى أَن لَا يحجبهم الثَّوْب. مَالك: وفَاق. أَحْمد: وفَاق. التكملة: وَلِأَن الستْرَة تَعْظِيم للمستور عَنهُ، وللساتر لَا لأجل إِدْرَاك السوءة أَلا ترى لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تستقبلوا الْقبْلَة وَلَا تستدبروها لبول أَو غَائِط، وَلَكِن غربوا أَو شرقوا "، فَأمر عَلَيْهِ السَّلَام بالاستتار عَن الْكَعْبَة تَعْظِيمًا لَهَا لَا؛ لِأَنَّهَا تدْرك السوءات وَالْمَلَائِكَة شَأْنهمْ أَن يعظموا؛ لأَنهم خَاصَّة الله تَعَالَى لَا يعصون الله مَا أَمرهم ويفعلون مَا يؤمرون فتعظيمهم أولى من تَعْظِيم الْبشر؛ وَلِأَنَّهُ إِذا تعود العري فِي الْخلْوَة وَقع ذَلِك مِنْهُ فِي الجلوة جَريا على الْعَادة من غير شُعُور، فَكَانَ سد الذريعة فِي ذَلِك أولى صونا لحُرْمَة الْمُؤمن وَأولى من الضّيَاع، وتدريبا على محَاسِن الْأَخْلَاق ومكارمها حَتَّى يكون ذَلِك عَادَة وديدنا.

فارغة

المسألة

(الْمَسْأَلَة:) ... إِذا لم يجد إِلَّا حَرِيرًا أَو نجسا. الْمَذْهَب: يُصَلِّي فِي الْحَرِير. عِنْدهم: يُصَلِّي فِي النَّجس. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} ، وَالنَّجس لَيْسَ من الزِّينَة وَالْحَرِير زِينَة. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " هَذَانِ حرامان على ذُكُور أمتِي "، وَأَشَارَ إِلَى الذَّهَب وَالْحَرِير. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لِأَن تَحْرِيم الْحَرِير لَا اخْتِصَاص لَهُ بِالصَّلَاةِ والنجاسة مُنَافِيَة للصَّلَاة ومختصة بهَا فَكَانَ اجتنابه أولى.

لَهُم: لِأَن مَا عَم تَحْرِيمه فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا كَانَت مفسدته أعظم فَكَانَ اجتنابه أولى. مَالك: وفَاق. أَحْمد: وَنَظِير مَسْأَلَتنَا إِذا وجد الْمحرم ميتَة وصيدا وَهُوَ مُضْطَر لأكل أَحدهمَا فَإِنَّهُ يَأْكُل الْميتَة وَيتْرك الصَّيْد؛ لِأَن تَحْرِيم الصَّيْد لأجل الْإِحْرَام وَتَحْرِيم الْميتَة لَا لأجل الْإِحْرَام، فَكَانَت الْمُنَافَاة بَين الْإِحْرَام وَالصَّيْد أَكثر من مُنَافَاة الْميتَة لَهُ كَذَلِك مُنَافَاة النَّجَاسَة للصَّلَاة أَشد من مُنَافَاة الْحَرِير لَهَا فَكَانَت مُلَابسَة الْحَرِير فِي الصَّلَاة أيسر، أَلا ترى أَن الْإِنْسَان فراره من عدوه الْخَاص بِهِ أَشد من فراره من عدوه الَّذِي يعادي جنسه، وَلَا يبغض شخصه؛ لِأَنَّهُ قد يستثنيه من جنسه بِخِلَاف عدوه نَفسه، وَكَذَلِكَ إكرامه (لصديقه نَفسه أَشد من إكرامه) لمن يحب جنسه، فالاختصاص أبدا لَهُ تَأْثِير عَظِيم فِي العرفيات

والشرعيات فَكَذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا.

لوحة 21 من المخطوطة أَو 31 من ب: نتكلم فِي معنى الْوَاجِب وَالْفَرْض وهما اسمان مُتَرَادِفَانِ (على حكم وَاحِد شَرْعِي) ، وَإِن اخْتلف مَعْنَاهُمَا لُغَة، فَالْوَاجِب السَّاقِط، قَالَ تَعَالَى: {وَجَبت جنوبها} ، وَالْفَرْض مَوضِع الْوتر من الْقوس، ولاختلاف اسميهما لُغَة فرق الْخصم (بَينهمَا فِي مسَائِل) وَهِي (الْوتر) والتلبية عِنْد الْإِحْرَام وَالْأُضْحِيَّة، وَسُجُود التِّلَاوَة، وَزَكَاة الْفطر، وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة، وَزعم أَن هَذِه السِّتَّة وَاجِبَات لَا فَرَائض وَلَا سنَن، وَفسّر بعض أهل الرَّأْي الْفَرِيضَة بِمَا علم (وُجُوبه بِالْكتاب) ، وَالسّنة المتواترة، فَأَما مَا يعلم بأخبار الْآحَاد فَوَاجِب، وَهَذَا خطأ على أصلهم، لأَنهم فرضوا الْوضُوء من القهقهة فِي الصَّلَاة، وأوجبوا الْوضُوء بنبيذ التَّمْر، وَالْوُضُوء من الْقَيْء والرعاف، وَسموا الْوضُوء فِي هَذِه الْمَوَاضِع فَرِيضَة، وَإِنَّمَا تثبت هَذِه بروايات شَاذَّة، وفرضوا فِي عين الدَّابَّة

ربع قيمتهَا بأثر عَن بعض الصَّحَابَة، ثمَّ دليلنا أَن كل مَا جَازَ إِطْلَاق اسْم الْوَاجِب عَلَيْهِ جَازَ إِطْلَاق اسْم الْفَرِيضَة (عَلَيْهِ) كالصلوات والزكوات. (وَاعْلَم أَن خطاب الشَّرْع إِمَّا أَن يرد باقتضاء الْفِعْل، أَو اقْتِضَاء التّرْك أَو (التَّخْيِير) بَينهمَا (فَإِن) ورد باقتضاء الْفِعْل فإمَّا أَن يقْتَرن بِهِ الْإِشْعَار بعقاب على التّرْك فَيكون وَاجِبا أَو لَا يقْتَرن فَيكون (ندبا، واقتضاء) التّرْك إِن أشعر بعقاب على الْفِعْل فَهُوَ مَحْظُور وَإِلَّا فمكروه) ، وَبعد فَلَا مشاحة فِي الْأَسْمَاء بعد الِاتِّفَاق على المسميات، وَاعْلَم أَن الْأَحْكَام السمعية لَا تدْرك بِالْعقلِ فَنحْن على بَرَاءَة الذِّمَّة إِلَى حِين وُرُود الْخطاب فَإِذا جَاءَ نَبِي وَأوجب خمس صلوَات تبقى صَلَاة سادسة، وَهَذَا اسْتِصْحَاب حَال أول، وَالثَّانِي اسْتِصْحَاب حَال الْعُمُوم إِلَى أَن يرد الْمُخَصّص (وَالنَّص إِلَى أَن يرد) النّسخ واستصحاب حكم دلّ الشَّرْع على ثُبُوته كالملك عِنْد جَرَيَان الْفِعْل المملك وشغل الذِّمَّة عِنْد الْإِتْلَاف. وَاعْلَم أَن الْجَمَاعَات فِي الصَّلَوَات مُسْتَحبَّة وَلَيْسَت وَاجِبَة إِلَّا فِي الْجُمُعَة، وفضلها يدْرك (بِإِدْرَاك رَكْعَة مَعَ الإِمَام) . والمسبوق يَنْبَغِي أَن يكبر للْعقد ثمَّ للهوي، وَإِن اقْتصر على تَكْبِيرَة العقد (جَازَ) ، وَيسْتَحب (مُتَابعَة) الإِمَام والتخلف عَنهُ فِي الْأَفْعَال مَعَ

(سرعَة) اللحاق، فَإِن أدْركهُ سَاجِدا كبر للْإِحْرَام وَسجد غير مكبر، ثمَّ يقوم كَذَلِك؛ لِأَنَّهُ تَابع للْإِمَام فِي الْفِعْل وَلَيْسَ عَلَيْهِ هُوَ ذكر، فَإِذا قَامَ الإِمَام ابْتَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ لَا بِدُعَاء الاستفتاح؛ لِأَنَّهُ قد تخَلّل بَينه وَبَين التَّكْبِير أَفعَال وَدُعَاء الاستفتاح مَكَانَهُ بعد التَّكْبِير فَسقط. (وَيكرهُ أَن) يكبر للْإِحْرَام أَو يسْجد ويداه فِي كميه. وَيكرهُ وضع الْبَطن على الفخذين فِي السُّجُود، والإقعاء، ونقرة الْغُرَاب وافتراش السَّبع. وَاعْلَم أَن من فَاتَتْهُ صَلَاة جهر فأداها نَهَارا فليسر، وَإِن فَاتَتْهُ صَلَاة سر فأداها لَيْلًا أسر، فَإِن فَاتَتْهُ صَلَاة جهر فأداها لَيْلًا أسر، فَإِن فَاتَتْهُ صَلَاة جهر فأداها لَيْلًا هَل يجْهر فَوَجْهَانِ.

المسألة السادسة والأربعون

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ:) إِذا بَان الإِمَام جنبا أَو مُحدثا (مو) : الْمَذْهَب: لَا إِعَادَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أنس قَالَ: " صلى بِنَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَكبر وَكَبَّرْنَا مَعَه، فَأَشَارَ إِلَى الْقَوْم كَمَا أَنْتُم فَلم نزل قيَاما إِلَى أَن أَتَى نَبِي الله وَرَأسه يقطر مَاء " وَهَذَا نَص، فَإِنَّهُ عَاد وتمم الصَّلَاة، وروى الْبَراء قَالَ: صلى بِنَا النَّبِي عَلَيْهِ

لهم روى سعيد بن المسيب أن النبي عليه السلام صلى بالناس وهو جنب فأعاد وأعادوا الدليل من المعقول لنا كل يصلي لنفسه ويؤدي فرضه والجماعة تبعد الصلاة عن النسيان والغفلة وقصد المتابعة لا يخرجه عن كونه يؤدي فرضه وقد

السَّلَام وَلَيْسَ على وضوء فتمت للْقَوْم وَأعَاد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. لَهُم: روى سعيد بن الْمسيب أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب فَأَعَادَ وأعادوا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كل يُصَلِّي لنَفسِهِ وَيُؤَدِّي فَرْضه، وَالْجَمَاعَة تبعد الصَّلَاة عَن النسْيَان، والغفلة وَقصد الْمُتَابَعَة لَا يُخرجهُ عَن كَونه يُؤَدِّي فَرْضه، وَقد نَص أَبُو حنيفَة على أَنه لَو ارْتَدَّ الإِمَام لم تبطل صَلَاة الْمَأْمُور، وَكَذَا لَو صلى جمَاعَة الظّهْر يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ سعى إِلَى الْجُمُعَة بطلت صلَاته دون صلَاتهم وَقد أدّى الْمَشْرُوط بِشَرْطِهِ. لَهُم: اقْتدى بِمن لَيْسَ فِي صَلَاة فَهُوَ كَمَا لَو اقْتدى بِإِمَام وَبَان أَنه كَافِر أَو

امْرَأَة أَو علم بحدثه أَو بَان حَدثهُ فِي صَلَاة الْجُمُعَة، وَالْمُعْتَمد صَلَاة الْمَأْمُوم مرتبطة بِصَلَاة الإِمَام بِدَلِيل أَن الْمَأْمُوم (إِذا سَهَا يحمل الإِمَام سَهْوه) وَلَا يحْتَاج إِلَى سُجُود. مَالك: إِن كَانَ الإِمَام نَاسِيا حَدثهُ فَصَلَاة الْمَأْمُوم صَحِيحَة. أَحْمد: ق. التكملة: منقولهم ضَعِيف الْعذر عَن النقوض، أما إِذا بَان أَن الإِمَام كَافِر أَو امْرَأَة بطلت الصَّلَاة فرط فِي ترك التعرف والفراسة فقلما تخفى شمائل الْأُنْثَى، وبعيد أَن يلتبس كَافِر بِمُسلم فِي هَذَا الْمقَام فَإِن فرض فِي مستتر بالْكفْر فقد نقُول لَا إِعَادَة، وَأما إِذا علم بِحَدَث الإِمَام فَالصَّلَاة بَاطِلَة لفساد نِيَّته وَصَلَاة الْجُمُعَة فِيهَا منع، وَمَعَ التَّسْلِيم الْجَمَاعَة فِيهَا مَقْصُودَة

مَشْرُوطَة وَبهَا سميت، فَإِذا لم يُوجد الشَّرْط بطلت، أما غَيرهَا من الصَّلَوَات لَيست الْجَمَاعَة شرطا فِيهَا، وَبِالْجُمْلَةِ عندنَا صَلَاة الْمَأْمُوم لَا ترتبط بِصَلَاة الإِمَام، وَلَا تدخل فِيهَا.

المسألة السابعة والأربعون

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ:) إِذا اقْتدى مفترض بمتنفل (مز) : الْمَذْهَب: يجوز وَيجوز مفترض مَعَ اخْتِلَاف النِّيَّة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: كَانَ معَاذ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الْعشَاء وَيعود إِلَى قومه فَيصَلي بهم هِيَ لَهُ نَافِلَة وَلَهُم مَكْتُوبَة، وَمثل معَاذ لَا يفوت على نَفسه فضل الْفَرِيضَة خلف رَسُول الله، وَمَا كَانَ يستبد بِهَذَا دون إِعْلَام النَّبِي

وَكَيف يخفي ذَلِك عَنهُ مَعَ صغر عَرصَة الْمَدِينَة حماها الله تَعَالَى أبدا. لَهُم: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الإِمَام ضَامِن والمؤذن مؤتمن "، وَمَا أَرَادَ أَن الإِمَام يلْتَزم صَلَاة الْمَأْمُوم فِي ذمَّته كالديون، بل أَرَادَ أَن صَلَاة الْمَأْمُوم تدخل فِي ضمن صَلَاة الإِمَام. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَانَ يُصَلِّي لنَفسِهِ والاقتداء بالأفعال الظَّاهِرَة، وَالنِّيَّة أَمر بَاطِن، فَإِذا أَتَى بالأفعال حصلت فَضِيلَة الْجَمَاعَة فَنَقُول: صلاتان متفقتان فِي

الظَّاهِر فصح أَن تكون كل وَاحِدَة تَابِعَة لِلْأُخْرَى فِي الِاقْتِدَاء كالمتنفل خلف المفترض. لَهُم: ارتباط صَلَاة الْمَأْمُوم بِالْإِمَامِ يمْنَع من اخْتِلَاف نيتيهما، وَاخْتِلَاف الْأَفْعَال يمْنَع صِحَة الِاقْتِدَاء فَلَا تجوز الظّهْر خلف من يُصَلِّي الْجُمُعَة وَلَا الْجُمُعَة خلف متنفل، وَلَا الظّهْر خلف من يُصَلِّي الْمغرب، فَإِذا كَانَ اخْتِلَاف الْأَفْعَال يمْنَع فاختلاف النيات أولى. مَالك: اخْتِلَاف النِّيَّة يمْنَع الِاقْتِدَاء. أَحْمد: ق. التكملة: اعتذروا عَن اقْتِدَاء المتنفل بالمفترض بِأَنَّهُ يجوز بِنَاء النَّافِلَة على تحريمة الْفَرِيضَة بِأَن يُؤَدِّي صَلَاة، ويتبين أَن وَقتهَا مَا دخل فتنعقد لَهُ نفلا، أما نَحن فالأحكام الَّتِي ذكروها كلهَا لنا فِيهَا كَلَام، وعَلى التَّسْلِيم نقُول: إِنَّمَا لم

يَصح الِاقْتِدَاء لاخْتِلَاف الْأَفْعَال الظَّاهِرَة فَبَطل مَعَه الِاقْتِدَاء، أما الْخَبَر فيراد بالضامن من (ضَمَان الْإِكْمَال، وبكمال صلَاته تكمل الصَّلَاتَان) ، وَلَا يُرَاد أَن أَحدهمَا يدْخل فِي الْأُخْرَى، وَلَو قدر ذَلِك سَقَطت الْأَفْعَال والشرائط كَمَا يدْخل الْوضُوء فِي الْغسْل، وَأما الْمُبَالغَة؛ فَلِأَنَّهُ الْتزم ذَلِك، فَإِن قَالُوا: لَو سَهَا الإِمَام وَلم يسْجد سجد الْمَأْمُوم نمْنَع، وَإِن سلمنَا فَإِنَّمَا سجد؛ لِأَنَّهُ أَدخل النَّقْص على صلَاته، وَالْإِمَام ضمن كمالها، فَإِذا لم يَفِ كملها الْمَأْمُوم، وَأما إِذا سَهَا الْمَأْمُوم لم يسْجد؛ لِأَنَّهُ ضمن الْمُتَابَعَة، فَلَو سجد خَالف، أَو نقُول يجْبر نُقْصَان سَهْو الإِمَام فَضِيلَة الْمُتَابَعَة.

المسألة الثامنة والأربعون

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْأَرْبَعُونَ:) إِذا صلى الْكَافِر جمَاعَة فِي مَسْجِد أَو غَيره (مح) : الْمَذْهَب: لَا يحكم بِإِسْلَامِهِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله، فَإِذا قالوها عصموا مني دِمَاءَهُمْ "، علق الْعِصْمَة على الشَّهَادَتَيْنِ. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} ، وَإِنَّمَا عمارتها بالصلوات، وَقتل بعض الصَّحَابَة قوما من الْكفَّار اعتصموا بِالسُّجُود فوداهم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من صلى صَلَاتنَا وَأكل ذبيحتنا فَهُوَ منا "، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

وَقَوله: " هلا شققت عَن قلبه ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْإِسْلَام إِقْرَار بِاللِّسَانِ واعتقاد بِالْقَلْبِ وَعمل بالأركان وَلم تُوجد، ثمَّ لَو اعْترف أَن الصَّلَاة من الْإِسْلَام لم نحكم بِإِسْلَامِهِ ثمَّ يحْتَمل أَن يكون فعله رِيَاء وهزوا ثمَّ الْإِقْرَار بِالشَّهَادَتَيْنِ اعْتِرَاف بالصانع والمرسل وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَالصَّلَاة جُزْء من ذَلِك. لَهُم: (مَا أَتَى بِهِ إِسْلَام فَهُوَ كالشهادتين) ؛ لِأَن الصَّلَاة على هَذَا الْوَجْه من خَصَائِص الْإِسْلَام بِخِلَاف الْحَج وَالصَّوْم وَالصَّلَاة مُنْفَردا، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من رَأَيْتُمُوهُ يلازم الْجَمَاعَة فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِسْلَامِ "،

والشهادتان قَول يدل على الْإِسْلَام، وكما أَن كلمة الْكفْر تدل عَلَيْهِ فَكَذَلِك السُّجُود للصنم. مَالك: أَحْمد: من صلى حكم بِإِسْلَامِهِ. التكملة: منقولهم لَا حجَّة لَهُم فِيهِ؛ لِأَن الْمُشْركين لَا يعمرون مَسَاجِد الله تَعَالَى: {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله} ، وَالْخَبَر حجَّة لنا؛ لِأَن أَوله أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِذا قالوها وصلوا صَلَاتنَا، ثمَّ نقُول الْكَافِر لَا يُصَلِّي صَلَاتنَا، فَإِن من شَرطهَا تَقْدِيم الْإِيمَان، وَالَّذين وداهم عَلَيْهِ السَّلَام بِنصْف الدِّيَة، وَلَو كَانُوا مُسلمين لوداهم بِجَمِيعِ الدِّيَة وَإِنَّمَا فعل ذَلِك تألفا للقلوب، وَالْأَحْكَام الَّتِي تمسكوا بهَا مَمْنُوعَة، وَأما حكم الشَّافِعِي بِإِسْلَام الْمُرْتَد إِذا صلى فِي دَار الْحَرْب لَا الْكَافِر الْأَصْلِيّ، قَالُوا: فَإِذا اختتن مَا تَقولُونَ فِيهِ، قُلْنَا: الْخِتَان جرح

مؤلم لَا يتهم فِيهِ فَيجوز أَن يحكم بِإِسْلَامِهِ، قَالَ بَعضهم: الْخِتَان دَاع الْإِسْلَام. قَالُوا: فَإِن أذن قُلْنَا يحكم بِإِسْلَامِهِ إِذا أَتَى بكلمتي الشَّهَادَتَيْنِ، أما من صلى للصنم يحكم بِكُفْرِهِ، لِأَن الْإِسْلَام الْتِزَام عَام، فَإِذا سجد للصنم فقد ترك إِسْلَامه فحكمنا بِكُفْرِهِ.

المسألة التاسعة والأربعون

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ:) الْوتر (مط) : الْمَذْهَب: سنة مُؤَكدَة. عِنْدهم: وَاجِبَة لَيست فرضا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى طَلْحَة بن عبيد الله أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ من قبل نجد ثَائِر الرَّأْس يسمع لصوته دوِي فَسَأَلَ رَسُول الله عَن الْإِسْلَام فَقَالَ لَهُ: خمس صلوَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة فَقَالَ: هَل عَليّ غَيْرهنَّ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَن تطوع ... الْخَبَر.

لَهُم: روى أَبُو الدَّرْدَاء أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " إِن الله تَعَالَى زادكم صَلَاة إِلَى الصَّلَوَات الْخمس فصلوها من الْعشَاء إِلَى الْفجْر أَلا وَهِي الْوتر " أَمر بهَا ووقتها، وَالْأَمر والتأقيت للواجبات وَالزَّائِد عَن جنس الْمَزِيد عَلَيْهِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: يستصحب الْحَال فِي بَرَاءَة الذِّمَّة وَهِي دَلِيل مَعْمُول بِهِ، فَمن ادّعى شَيْئا بِلَا دَلِيل فَعَلَيهِ الدَّلِيل. لَهُم: الْوتر يقْضى ويتوقف، فَهِيَ كَسَائِر الْوَاجِبَات، وَإِنَّمَا جعلناها

وَاجِبَة؛ لِأَنَّهَا ثبتَتْ بأخبار الْآحَاد؛ وَلِأَنَّهَا تُؤدِّي فِي جَمِيع اللَّيْل فَأَشْبَهت النَّوَافِل، فقد سَقَطت عَن الْفَرْض دَرَجَة وَالْوُجُوب من السُّقُوط، وأذان الْعشَاء أَذَان للوتر، كَمَا فِي صَلَاتي مُزْدَلِفَة، ثمَّ صَلَاة الْجِنَازَة فرض كِفَايَة وَلَا أَذَان لَهَا. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: نقلهم نحمله على الِاسْتِحْبَاب وَالنَّدْب، وَلَا نسلم أَن الْوتر يقْضى، وَإِن سلمنَا فعلى سَبِيل النّدب، وَلَا نسلم أَنَّهَا مُؤَقَّتَة، وَإِن سلمنَا فالتأقيت لَا يدل على الْوُجُوب كَصَلَاة الضُّحَى، وَيجوز التَّنَفُّل عندنَا بِرَكْعَة وبثلاث رَكْعَات.

المسألة الخمسون

(الْمَسْأَلَة الْخَمْسُونَ:) كمية الْوتر (ن) : الْمَذْهَب: أَقَله رَكْعَة وَأَكْثَره إِحْدَى عشرَة، وَيسْتَحب السَّلَام عَن اثْنَتَيْنِ. عِنْدهم: ثَلَاث رَكْعَات بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى ابْن عمر أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يُصَلِّي مثنى مثنى ويوتر بِرَكْعَة، وَكَذَلِكَ رَوَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا. لَهُم: رُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يُوتر بِثَلَاث رَكْعَات لَا يسلم حَتَّى

ينْصَرف مِنْهُنَّ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " وتر اللَّيْل كوتر النَّهَار ثَلَاث رَكْعَات وَهِي الْمغرب "، وَنهى أَن يسلم عَن رَكْعَة فِي الْوتر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الرَّكْعَة الْوَاحِدَة صَلَاة، بِدَلِيل أَنه يعْتَبر لَهَا أَرْكَان الصَّلَاة من الْقيام وَالْقِرَاءَة والسترة، والقبلة، والركعة الثَّانِيَة إِعَادَة الأولى وتكرارها. لَهُم: الرَّكْعَة الْفَذ لَيست صَلَاة وَلم تفرض، وَيكرهُ النَّفْل بهَا، وتتأيد بِأَن صَلَاة الصُّبْح فِي السّفر لَا تشطر كَسَائِر الصَّلَوَات، وَأَن الشَّرْع لم يفصل

بَين رَكْعَتَيْنِ بجلوس تشهد، وَلَو كَانَت الرَّكْعَة الْفَذ صَلَاة لفصل. مَالك: الْوتر رَكْعَة قبلهَا شفع ينْفَصل عَنْهَا أَقَله رَكْعَتَانِ. أَحْمد: ق. التكملة: منقولهم حَتَّى ينْصَرف مِنْهُنَّ زِيَادَة فِي الْخَبَر لم تنقل نقل الأَصْل، وَفِي بعض الْمَنْقُول طعن، وَبَعضهَا قد عمل ناقلها بِخِلَافِهَا، وَأما صَلَاة الْفجْر فَإِنَّهَا لم تشطر لانعقاد الْإِجْمَاع على ذَلِك، وَأَصله تعبد ثمَّ لَا يلْزمنَا ذَلِك مِنْهُم؛ لِأَن السّفر عِنْدهم لَا يشطر الصَّلَوَات لَكِن كَذَا فرضت وزيدت فِي الْحَضَر ويلزمهم صَلَاة الْمغرب، فَإِن الرَّكْعَة الْأَخِيرَة فصل الشَّرْع بَينهَا وَبَين الأولتين بالتشهد ثمَّ كل رَكْعَة متميزة عَن الْأُخْرَى بِالسُّجُود.

لوحة 22 من المخطوطة أ: (الْعَزِيمَة فعيلة من الْعَزْم، وَهُوَ الْقَصْد الْمُؤَكّد، وَبِه وصف أولو الْعَزْم، وَهِي فِي خطاب الشَّرْع عبارَة عَمَّا لزم من الْعِبَادَات. ويقابل الْعَزِيمَة الرُّخْصَة وَهِي عبارَة عَن السهولة، وَفِي خطاب الشَّرْع عَمَّا وسع للتكليف فعله بِعُذْر وَعجز مَعَ قيام السَّبَب الْمحرم وَأَعلاهُ إِبَاحَة قَول كلمة الْكفْر وَشرب الْخمر وَإِتْلَاف مَال مَعْصُوم عَلَيْهِ بِسَبَب الْإِكْرَاه والمخمصة والغصص بِمَا لَا يسيغه إِلَّا الْخمر الْحَاضِرَة وَدون ذَلِك مَا حط عَنَّا من الإصر والأغلال الَّتِي لَزِمت الْأُمَم قبلنَا، وعَلى الْحَقِيقَة تَسْمِيَة هَذِه رخصَة مجَاز فَإِن التَّضْيِيق على غَيرهَا لَيْسَ تضييقا علينا، ومراتب الرُّخص تَتَرَدَّد بَين هذَيْن الحدين، وَمن ذَلِك الْقصر وَالْفطر للْمُسَافِر، وَمن حَقه أَن يُسمى رخصَة؛ لِأَن السَّبَب الْوَقْت وشهود الْمصر فِي الشَّهْر وَالضَّرَر مرخص، أما التَّيَمُّم مَعَ عدم المَاء لَا يُسمى رخصَة، لِأَن لَا يُمكن أَن يُكَلف اسْتِعْمَال المَاء مَعَ عَدمه، فَلَا يكون السَّبَب قَائِما مَعَ اسْتِحَالَة التَّكْلِيف بِخِلَاف الْمُكْره على الْكفْر؛ فَإِنَّهُ قَادر على تَركه، وَقد يكون الْفِعْل الْوَاحِد رخصَة عَزِيمَة بِالْإِضَافَة إِلَى وصفين كالمضطر فِي المخمصة يجب عَلَيْهِ حفظ نَفسه ويفسح لَهُ فِي تنَاول الْميتَة أَو مَال الْغَيْر فَفعله من حَيْثُ

حفظ نَفسه وَاجِب، وَمن حَيْثُ إِنَّه مَا كلف هلك نَفسه رخصَة) ، فَإِذا فهمت الرُّخْصَة فالقصر مِنْهَا وترخص بسفر سِتَّة عشر فرسخا وَهُوَ الطَّوِيل وَيحْتَاج إِلَى ربط الْقَصْد بمَكَان مَعْلُوم، ويترخص عِنْد مُجَاوزَة السُّور وَعمْرَان الْبَلَد وَيَنْتَهِي السّفر بِالْعودِ إِلَى عمرَان الوطن وبالعزم على الْإِقَامَة مُطلقًا أَو مُدَّة تزيد على ثَلَاثَة أَيَّام، وَهَذِه الْمَسْأَلَة مستنبطة من إِذْنه عَلَيْهِ السَّلَام لمن عَاد من الْمُهَاجِرين إِلَى مَكَّة بعد الْفَتْح أَن يُقيم ثَلَاثًا فَدلَّ أَن الثَّلَاث فِي حكم السّفر. وَمحل الْقصر الصَّلَوَات الرّبَاعِيّة، وَرخّص السّفر: الْقصر، وَالْجمع وَالْفطر، وَمسح ثَلَاث أَيَّام (وَالصَّوْم أفضل، وَيَقَع) الْجمع بَين صَلَاتَيْنِ فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع إِن شَاءَ قدم الْعَصْر إِلَى الظّهْر وَالْعشَاء إِلَى الْمغرب، وَإِن شَاءَ أخر، وَفِي الْحَج يقدم الْعَصْر إِلَى الظّهْر بِعَرَفَة، وَيُؤَخر الْمغرب إِلَى الْعشَاء بِمُزْدَلِفَة، وَفِي الْمَطَر يقدم الْعَصْر إِلَى الظّهْر، وَالْعشَاء إِلَى الْمغرب، وَشرط الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ أَن يَنْوِي الْجمع عِنْد تحريمة الأولى فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَقبل التسليمة الأولى فِي القَوْل الثَّانِي، وَأَن يبْقى الْعذر الْمُبِيح

للْجمع إِلَى آخر الصَّلَاة، وَاعْلَم أَن الإِمَام يَنْوِي بالتسليمة الأولة الْخُرُوج من (الصَّلَاة وَالسَّلَام) على الْحفظَة، وعَلى من عَن يَمِينه، وبالثانية الْحفظَة، وَمن على يسَاره، وَالْمَأْمُوم إِن كَانَ عَن جنب الإِمَام نوى أَرْبَعَة أَشْيَاء: الْخُرُوج من الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْحفظَة وعَلى الإِمَام والمأمومين، وَالْوَاجِب نِيَّة الْخُرُوج وَالْبَاقِي مُسْتَحبّ. وَيسْتَحب أَن يَبْتَدِئ بِالسَّلَامِ مُتَوَجها.

المسألة الواحدة والخمسون

(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَالْخَمْسُونَ:) الْقصر فِي السّفر (نَا) : الْمَذْهَب: يتَخَيَّر الْمُسَافِر فِيهِ. عِنْدهم: يتحتم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} ، ذكره بِلَفْظ رفع الْجنَاح، قَالَ يعلى بن أُميَّة لعمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَا بالنا نقصر؟ وَقد أمنا، فَقَالَ لَهُ: لقد تعجبت مِمَّا تعجبت مِنْهُ فَسَأَلت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: " صَدَقَة تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته ". لَهُم: رَوَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: فرضت الصَّلَاة فِي الأَصْل رَكْعَتَيْنِ

زيدت فِي الْحَضَر وأقرت فِي السّفر، قَالَ ابْن عَبَّاس: شرعت صَلَاة الْحَضَر أَرْبعا، وَالسّفر اثْنَتَيْنِ، قَالَ ابْن عمر: الصُّبْح رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ (وَالْجُمُعَة رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ) تَمام غير قصر على لِسَان نَبِيكُم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْقصر ثَابت نصا وإجماعا، وَالْحكم إِذا ثَبت علل تكثيرا للفوائد، وتعليل هَذَا بِالرُّخْصَةِ؛ لِأَنَّهُ يثبت تَخْفِيفًا، وحد الرُّخْصَة مَوْجُود فِيهِ،

وَلذَلِك علق على السّفر لمشقته وَالْإِبَاحَة كَافِيَة فِي الرُّخص فَصَارَ كالمسح وَالْفطر، ثمَّ لَو صلى مُسَافر خلف مُقيم أتم يدل على أَن الْإِتْمَام أصل. لَهُم: مَا زَاد على رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْهِ، بِدَلِيل جَوَاز تَركه لَا إِلَى بدل (وَبِغير مأثم) ثمَّ فِي تَفْوِيض ذَلِك إِلَى العَبْد رد التَّكْلِيف إِلَيْهِ والإسقاط ينْفَرد بِهِ الْمسْقط كَالنِّكَاحِ بِالطَّلَاق، ثمَّ التَّخْيِير يكون بَين شَيْئَيْنِ متساويين لَا بَين فعل وَترك، ثمَّ إِن الثَّوَاب وَاحِد. مَالك: الْمَشْهُور من مذْهبه الْوِفَاق. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا على الْآيَة: رفع الْجنَاح يسْتَعْمل فِي الْوَاجِب، قَالَ الله تَعَالَى: {فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} ، وَالسَّعْي وَاجِب، وَالْجَوَاب: أَنه ورد بِسَبَب صنمين هما: إساف ونائلة تخوف الْمُسلمُونَ من الطّواف بَينهمَا، ثمَّ لَا نسلم أَنه مَحْض إِسْقَاط بل صَدَقَة فَهُوَ كالإبراء من الدّين،

وَلَا نسلم أَنَّهُمَا اسْتَويَا فِي الثَّوَاب، بل ثَوَاب الْإِتْمَام أَكثر ويلزمهم اقْتِدَاء الْمُسَافِر بالمقيم فَإِنَّهُ يتم، فَإِن قَالُوا: كَانَ ذَلِك لِأَنَّهُ ألزم نَفسه مُتَابَعَته ألزمناهم. إِذا اقْتدى مُقيم بمسافر، فَإِنَّهُ لَا يقصر فوزان مَا قُلْنَا صَوْم شهر رَمَضَان للْمُسَافِر وصلاتا الظّهْر وَالْجُمُعَة، فَإِنَّهُ يتَخَيَّر فِي ذَلِك، وَلَيْسَ التَّخْيِير بَين فعل، وَلَا فعل بل بَين صَلَاتَيْنِ نَاقِصَة وتامة.

المسألة الثانية والخمسون

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ:) العَاصِي بِسَفَرِهِ (نب) . الْمَذْهَب: لَا يترخص رخص الْمُسَافِرين. عِنْدهم: يترخص. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} ، وَهَذَا بَاغ فَلَا يُبَاح لَهُ أكل الْميتَة. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر} الْآيَة، علق جَوَاز الْفطر على مُجَرّد السّفر، وَلَا يجوز منع هَذَا إِطْلَاق بأخبار آحَاد لَا بِقِيَاس. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الهائم لَا يترخص، والعاصي فِي إطراح قَصده كالهائم، وَلِأَن الْمعْصِيَة يجب اجتنابها فَكيف تكون سَبَب الرُّخص، والرخص إِعَانَة وَلَا يعان العَاصِي.

لَهُم: سفر لَيْسَ بِمَعْصِيَة فأباح الرُّخْصَة كالمباح، لِأَن الْمعْصِيَة لَا تعود إِلَى ذَات السّفر كمسح الْخُف الْمَغْصُوب وَالصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة تخَالف من شرب مَحْظُورًا حَتَّى زَالَ عقله حَيْثُ لَا يلْحق بالمجنون فِي سُقُوط خطابه؛ لِأَن مُجَرّد شربه مَعْصِيّة، وَلِهَذَا يحد فَصَارَ كَمَا لَو أنشأ الْمعْصِيَة فِي السّفر فَإِنَّهُ يترخص. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: العَاصِي بِسَفَرِهِ يمسح يَوْمًا وَلَيْلَة، وَهَذِه رخصَة. الْجَواب: الصُّورَة مَمْنُوعَة، وَإِن سلمنَا، فَلذَلِك لَيْسَ من رخص السّفر، وَكَذَلِكَ إِذا أنشأ الْمعْصِيَة سفرا نمْنَع أَن يترخص، وَإِن سلمنَا فَهَذِهِ الصُّورَة مَا تعرضنا لَهَا فِي دليلنا فَلَا نجيب عَنْهَا، فَأَما من كسر رجله فعجز عَن الْقيام فَإنَّا نوجب عَلَيْهِ قَضَاء الصَّلَوَات إِذا زَالَت الزمانة، وَهَذَا بعيد، بل نقُول

في الخمر عشرة وكذلك من خرج من بيته مجاهدا أو حاجا أثيب على أول خطوة أما من أنشأ المعصية في السفر فزنا أو شرب فمعصية مجاورة للسفر والخف المغصوب نمنع من المسح عليه ومع التسليم نقول المسح مرتب على ستر القدم وكذلك الصلاة في الدار

الْكسر لَا يُرَاد للزمانة، بل لما أحدث من الوهن واستتبع ذَلِك الزمانة، ثمَّ الذرائع إِلَى الشَّيْء تُعْطِي صفته (حلا وحرما) ، وَقد لعن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْخمر عشرَة، وَكَذَلِكَ من خرج من بَيته مُجَاهدًا أَو حَاجا أثيب على أول خطْوَة أما من أنشأ الْمعْصِيَة فِي السّفر فزنا أَو شرب فمعصية مجاورة للسَّفر، والخف الْمَغْصُوب نمْنَع من الْمسْح عَلَيْهِ، وَمَعَ التَّسْلِيم نقُول: الْمسْح مُرَتّب على ستر الْقدَم وَكَذَلِكَ الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة فَهُوَ عَاص بشغل ملك الْغَيْر. وحرف الْمَسْأَلَة أَنه أنشأ أَسْفر على هَذَا الْوَجْه كَانَ مَحْظُورًا من كل وَجه، وَعِنْدهم، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

الحظرية زَائِدَة على ذَات السّفر.

المسألة الثالثة والخمسون

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْخَمْسُونَ:) التَّسْلِيم (نج) : الْمَذْهَب: يتَعَيَّن لِلْخُرُوجِ من الصَّلَاة. عِنْدهم: لَا يتَعَيَّن فَلَو بدله بِغَيْرِهِ من كَلَام أَو فعل منَاف للصَّلَاة تمت صلَاته. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور، وتحريمها التَّكْبِير، وتحليلها التَّسْلِيم ". حصر التَّحْلِيل فِي التَّسْلِيم، وَهَذَا يسْتَدلّ فِي الْخَبَر، لَا بِدَلِيل الْخطاب. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِ مَسْعُود: إِذا رفعت فِي السُّجُود وَقَعَدت

بِقدر التَّشَهُّد فقد تمت صَلَاتك، وَرُوِيَ أَنه قَامَ فِي الظّهْر إِلَى خَامِسَة وَلم ينْقل أَنه أعَاد وَلم يسلم من الظّهْر، وَقَالَ لمعاوية بن الحكم: " لَا يصلح لصلاتنا شَيْء من كَلَام النَّاس "، وبالسلام يقبل على الْآدَمِيّين. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: التَّسْلِيم من الصَّلَاة ذَلِك؛ لِأَنَّهُ لَو جلس قدر التَّشَهُّد فَهُوَ فِي الصَّلَاة وَهَذَا الْخَبَر الَّذِي إِلَيْهِ مِنْهَا لَو اقْتدى مقتد فِيهِ صَحَّ، وَلَو سَهَا كبر، وَلَو نوى الْإِقَامَة تغير فرض السّفر ثمَّ يعقبه السَّلَام، فَلَو كَانَ مُبْطلًا أعَاد فَتعين أَنه مِنْهَا، وَيصْلح لذَلِك لتردده فِي التَّشَهُّد بِخِلَاف الْحَدث. لَهُم: التَّسْلِيم لَا تتأدى بِهِ الصَّلَاة، إِنَّمَا هُوَ مُحَلل وَلَا يُرَاد لعَينه، فَصَارَ

كالسعي إِلَى الْجُمُعَة، يُؤَيّدهُ أَنه لَو جَاءَ بِالتَّسْلِيمِ فِي غير وقته بطلت صلَاته والتسليمة الثَّانِيَة غير وَاجِبَة فَجَاز إِبْدَال الأولة، ثمَّ لَو أَنه من الصَّلَاة مَا صرف بِهِ وَجهه عَن الْقبْلَة كَسَائِر أَجزَاء الصَّلَاة. مَالك: يسلم وَاحِدَة إِمَامًا كَانَ أَو فَذا. أَحْمد: ق. التكملة: حَدِيث ابْن مَسْعُود مَوْقُوف عَلَيْهِ، وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ قاربت التَّمام كَمَا قَالَ: من وقف بِعَرَفَة فقد تمّ حجه، وَلَا نسلم أَن الْكَلَام فِي هَذِه الْحَال من كَلَام الْآدَمِيّين، بل حكمه حكم: {ادخلوها بِسَلام آمِنين} ، و {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} ، فَإِنَّهُ لما قصد لَهُ من قِرَاءَة أوَامِر، وَفرق بَين التسليمة الأولى وَالْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ بالأولة خرج من الصَّلَاة، وَلِهَذَا لَو نوى الْإِقَامَة لَا يتَغَيَّر فَرْضه، وهيئة الْمُسلم أَن يفْتَتح بِالتَّسْلِيمِ مُسْتَقْبلا، ثمَّ يجوز ترك الِاسْتِقْبَال لعذر كَمَا فِي خطْبَة الْجُمُعَة الْقَائِمَة مقَام رَكْعَتَيْنِ، أما بطلَان الصَّلَاة بالْكلَام فِي أَثْنَائِهَا فلمخالفة التَّرْتِيب، وَلَا نسلم أَن التَّسْلِيم ضد الصَّلَاة، وَإِن سلمنَا فَنحْن نتبع فِيهِ مورد الشَّرْع، ثمَّ يلْزمهُم إِذا انْقَضتْ

مُدَّة الْمسْح أَو تخرق الْخُف فِي هَذِه الْحَال، فَإِن صلَاته تبطل، وَكَذَلِكَ الْمُتَيَمم إِذا رأى المَاء، وَلَا يَنْفَعهُمْ قَوْلهم: إِن هَذِه الْأَشْيَاء تقع لَا بِاخْتِيَارِهِ؛ لأَنهم عَلقُوا على الضِّدّ وَقد وجد.

المسألة الرابعة والخمسون

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ:) لفظ التَّكْبِير (ند) : الْمَذْهَب: يتَعَيَّن لانعقاد تحريمة الصَّلَاة. عِنْدهم: كل لفظ يُعْطي معنى التَّكْبِير. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْخَبَر السَّابِق، وَلما عرف التَّكْبِير بِالْألف وَاللَّام انْصَرف إِلَى الْمَعْهُود وَلَفظ التَّكْبِير معنى لَا يُوجد لغيره، وروت عَائِشَة أَنه كَانَ يفْتَتح الصَّلَاة بقوله: " الله أكبر "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي "، وَذَلِكَ بَيَان لمجمل الْقُرْآن. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {قد أَفْلح من تزكّى (14) وَذكر اسْم ربه فصلى} ربط الصَّلَاة باسمه الْكَرِيم مُطلقًا، فَمن خصصه بِلَفْظ دون غَيره فقد قيد مُطلق الصَّلَاة وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {أقِم الصَّلَاة لذكري} .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: التَّكْبِير جُزْء من الصَّلَاة فَكَانَ مُتَعَيّنا كَسَائِر أَجْزَائِهَا بِدَلِيل اعْتِبَار النِّيَّة فِيهِ، والعبادات لَا يَهْتَدِي الْقيَاس إِلَى تفاصيلها ومقاديرها ونقيس على الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم، وعَلى لفظ الْأَذَان. لَهُم: على الْبدن وَهُوَ الرُّكْن وَاللَّفْظ آلَته وَيجوز إِبْدَال الْآلَة بِمِثْلِهَا إِذا حصل الْمَقْصُود، كَمَا أَنا جَوَّزنَا إِبْدَال المَاء بِغَيْرِهِ فِي إِزَالَة النَّجَاسَة لما عقلنا الْغَرَض، وَكَذَلِكَ الشَّاة فِي الزَّكَاة، وَإِنَّمَا تعيّنت لَفْظَة الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم؛ لِأَنَّهَا إِخْبَار وَيَمِين وَتعين الْأَذَان؛ لِأَنَّهُ إِعْلَام وَكَذَلِكَ ورد وَيجوز إِبْدَاله. مَالك: ينْعَقد بقوله: " الله أكبر " فَحسب. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: قَوْله تَعَالَى: {قد أَفْلح من تزكّى} المُرَاد بِهِ صَدَقَة الْفطْرَة، (وَذكر

اسْم ربه فصلى} تَكْبِيرَات الْعِيد وَصلَاته، وعَلى أَن الذّكر بِسم الله مُطلق فيقيده، ونسلم أَن الْمَقْصُود التَّعْظِيم لَكِن بِاللَّفْظِ الشَّرْعِيّ، ثمَّ يلْزمهُم تَغْيِير الْأَفْعَال، وَيجوز عِنْد الْفجْر أَن يُبدل الْقيام وَالْقعُود بِالْإِيمَاءِ، وَقَوله: " الله أكبر "، فَزِيَادَة لَا تحيل الْمَعْنى، ثمَّ نقُول: الْمَقْصُود فِي هَذَا الرُّكْن عمل اللِّسَان بِمَا ورد بِهِ الشَّرْع، ثمَّ نقُول: الشَّهَادَة لَو كَانَت حلفا وإخبارا لجازت إِذا أخبر وَحلف، وَتَكون الْيَمين أقوى لِأَنَّهَا مُسْتَقْبلَة. عبارَة تحريمة الصَّلَاة تعرف من لَفْظَة التَّكْبِير مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ فَلم نحكم بانعقادها كَقَوْلِه: اللَّهُمَّ غفرا، ويتحقق على الزُّهْرِيّ بِالنَّصِّ أَن الْأَذَان أَخفض حَالا من الصَّلَاة أَن يُرَاد لَهَا والنطق شَرط فِيهِ وَالصَّلَاة أولى، وَبِالْجُمْلَةِ التَّكْبِير عندنَا ركن فَتعين، وَعِنْدهم الرُّكْن فعل اللِّسَان بالثناء.

المسألة الخامسة والخمسون

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْخَمْسُونَ:) تَارِك الصَّلَاة مُتَعَمدا (نه) : الْمَذْهَب: يقتل حدا ضربا بِالسَّيْفِ. عِنْدهم: لَا يقتل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من ترك صَلَاة مُتَعَمدا كفر "، انتظم الحَدِيث الْكفْر، وَالْقَتْل قَامَ الدَّلِيل على عدم الْكفْر بَقِي الْقَتْل، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} ، أَي صلواتكم إِلَى بَيت الْمُقَدّس، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " نهيت عَن قتل الْمُصَلِّين ".

لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث "، وَلَيْسَ ترك الصَّلَاة مِنْهَا، وَالنَّص على الْحصْر فِي ثَلَاث فَالزِّيَادَة تَقْتَضِي إبِْطَال الْحصْر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: فِي المنهيات مَا يجب بِهِ الْقَتْل لغلظه فَيجب أَن يكون فِي المأمورات كَذَلِك؛ لِأَن الْعُقُوبَات شرعت روادع وبقدر الجريمة الْعقُوبَة، وَالصَّلَاة تشبه الْإِيمَان؛ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّر فِي الْأَوْقَات بِخِلَاف الْحَج وَالصَّوْم وَالزَّكَاة، إِذْ هِيَ مرّة فِي الْعَام ثمَّ الصَّلَاة لَا تصح فِيهَا النِّيَابَة وَلَا تفتدى، وَلَا يسْقط وُجُوبهَا بِحَال. لَهُم: فرع من فروع الْإِيمَان فَلَا يجب الْقَتْل بِتَرْكِهِ كَالصَّوْمِ، ذَلِك؛ لِأَنَّهُ جِنَايَة

على مَحْض حق الله فَلَا يُعَاقِبهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا لكَونهَا دَار ابتلاء؛ وَلِأَن ترك الصَّلَاة من حَيْثُ هُوَ ترك لَا يتمحص جريمة؛ لِأَنَّهُ ترك وَاجِب، وبهذه الشُّبْهَة يدْرَأ الْحَد، وَصَارَ كَمَا غصب مَال الْغَيْر لَا يُعَاقب لِأَن أصل الْأَمْوَال الْإِبَاحَة. مَالك: ق. أَحْمد: يكفر. التكملة: نقُول بِمُوجب الحَدِيث فتارك الصَّلَاة كَافِر بعد إِيمَان من وَجه؛ لِأَن الصَّلَاة إِيمَان من وَجه ثمَّ إِن الحَدِيث قد زيد عَلَيْهِ، بِدَلِيل الصَّائِل، وقاطع الطَّرِيق، وَالْجَوَاب عَن طَريقَة أبي زيد يَأْتِي فِي الْمُرْتَدَّة. قَوْله: ترك الصَّلَاة لَيْسَ بِمَعْصِيَة من كل وَجه مَمْنُوع، فَإِن الْمعْصِيَة وَالطَّاعَة مَا تعلق بِهِ الْأَمر وَالنَّهْي، وَلَا نَنْظُر إِلَى أَنه فعل أَو ترك، وَالشَّيْء لَا يحرم وَلَا يُبَاح لعَينه وجنسه، وَلَو كَانَ كَذَلِك لما وجد من جنس الْمعْصِيَة مُبَاح والزنى وَالنِّكَاح تَحت جنس وَاحِد. وَبِالْجُمْلَةِ عندنَا الْفِعْل وَترك الْفِعْل سَوَاء فِي الْحرم والحل، وَالدَّلِيل على

أَحْمد أَنَّهَا عبَادَة من فروع الْإِيمَان، فَلَا يكفر بِتَرْكِهَا مَعَ اعتقادها كَالصَّوْمِ، وَبِالْجُمْلَةِ الصَّلَاة عندنَا أَجْدَر بمشابهة الْإِيمَان من وُجُوه وَعِنْدهم حكمهَا حكم سَائِر الْفُرُوع.

المسألة السادسة والخمسون

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْخَمْسُونَ:) الشَّهِيد (نو) : الْمَذْهَب: لَا يغسل وَلَا يصلى عَلَيْهِ. عِنْدهم: يصلى عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ جنبا غسل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} وَرُوِيَ من جِهَات فِي قَتْلَى أحد مَا مَعْنَاهُ أَنهم مَا غسلوا وَلَا صلى عَلَيْهِم، وَقَالَ: " ادفنوهم بدمائهم "، وَهَذِه الرِّوَايَة وَإِن كَانَت نفيا إِلَّا أَن فِي ضمنهَا إِثْبَاتًا، كَمَا لَو قَالَ هَذَا وَارِث فلَان لَا وَارِث لَهُ غَيره. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وصل عَلَيْهِم} ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " صلوا على من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله "، وَرُوِيَ أَن أَعْرَابِيًا تَابع النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وغزا فَقتل

فصلى عَلَيْهِ، وَصلى على شُهَدَاء أحد وَحَمْزَة بَين يَدَيْهِ حَتَّى صلى عَلَيْهِ سبعين مرّة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَخذ حكم الْأَحْيَاء بِدَلِيل الْآيَة، والحياة فِي الْجنَّة حَيَاة الْأَبَد وتكرمة الشَّهَادَة تغني عَن غَيرهَا وَإِنَّمَا حلت زَوجته؛ لِأَن فِي رقها ضَرَرا، وَكَذَلِكَ مَاله ينْقل إِلَى أَقَاربه لينْتَفع بِهِ، وَدَفنه لصيانته. لَهُم: مُسلم طَاهِر يصلى عَلَيْهِ كَسَائِر الْمَوْتَى الْمُسلمين؛ لِأَنَّهُ تطهر بِالشَّهَادَةِ

فَاسْتحقَّ الرَّحْمَة وَالصَّلَاة رَحْمَة وَرَحْمَة الله مَرَاتِب، وَقد صلى على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَإِنَّمَا لم يغسل الشَّهِيد؛ لِأَنَّهُ لَا يُرِيد اسْتِبَاحَة صَلَاة، وَلَا حدث عَلَيْهِ فَإِن الْغسْل لَا يزِيل الْحَدث، إِذْ لَو حمله مصل لم يجز. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْآيَة الَّتِي احْتَجُّوا بهَا مُطلقَة فتخص بِغَيْر الشَّهِيد، والأعرابي يحْتَمل أَنه قتل خَارج المعركة، أَو أُرِيد بِالصَّلَاةِ الدُّعَاء لَهُ، وَرُوِيَ ذَلِك، وَكَذَا الصَّلَاة على شُهَدَاء أحد، قَوْلهم: الْغسْل للتطهير والتكفين يبطل بِغسْل

الطِّفْل بل أولى، فالطفل مَقْطُوع بعصمته.

لوحة: 23 من المخطوطة أ: قَوْلهم مَسْأَلَة الشَّهِيد مُسلم طَاهِر طرد مَحْض لَا فقه فِيهِ، وَكَثِيرًا مَا نورد من الْمسَائِل أَمْثَال ذَلِك فينبه عَلَيْهِ، وَيُسمى هَذَا النَّوْع الْمُطَالبَة بعلة الأَصْل، فَيحْتَاج أَن يدل على أَن عِلّة الصَّلَاة على الْمُسلم كَونه مُسلما طَاهِرا، والصائر إِلَى هَذَا النَّوْع من الأقيسة لَا يعْتَبر الإحالة والمناسبة، ونقول: الْقيَاس لَا معنى لَهُ إِلَّا رد فرع إِلَى أصل يكون الأَصْل مُتَّفقا عَلَيْهِ بِجَامِع، وندعي تحقق أَرْكَان الْقيَاس بذلك. وَالْجَوَاب: أَن مَا ذَكرُوهُ يحْتَاج إِلَى شَرط وَهُوَ أَن يكون الْجَامِع مغلبا على الظَّن بِمَعْنى مَا مخيل أَو مُنَاسِب أَنه عِلّة الحكم وَلم يذكر وَجها يُوجب عَلَيْهِ الظَّن، وَلَا يبْقى إِلَّا قَوْله وجدت أصلا مجمعا عَلَيْهِ. فَنَقُول الْمجمع عَلَيْهِ وَفِيه النزاع، وَلَيْسَ كل شَيْئَيْنِ يَشْتَرِكَانِ فِي الْعلَّة، ويتصفان بِوَصْف يدل على أَن مَا اشْتَركَا فِيهِ عِلّة فِي اتصافه أَلَيْسَ الشَّهِيد وَغَيره يوصفان بِأَنَّهُمَا مختونان؟ أَيجوزُ أَن يَجْعَل الْخِتَان عِلّة الصَّلَاة؟ وَيُقَال آدَمِيّ مختون يصلى عَلَيْهِ كَسَائِر الْمُسلمين كلا بل يجب أَن تكون الْعلَّة الجامعة تغلب على الظَّن (إِن لم يُوجب الْيَقِين أَن الحكم)

لزم الأَصْل بسببهما، وَإِلَّا فَهُوَ طرد مَحْض. وَاعْلَم أَن الشَّهِيد إِذا أُصِيب فِي المعركة وَأخرج مِنْهَا سَاعَة وَمَات لم يخرج عَن الشَّهَادَة. والعادل إِذا قَتله الْبَاغِي شَهِيد فِي أحد الْقَوْلَيْنِ بِخِلَاف الْبَاغِي وقاطع الطَّرِيق حكمه حكم الْبَاغِي. وَمن يقْتله قَاطع الطَّرِيق شَهِيد فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَالنِّيَّة فِي غسل الْمَيِّت وَاجِبَة عِنْد بعض الْأَصْحَاب. وَإِذا مَاتَ رجل لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ رجل وَلَا امْرَأَة قريبَة أَو مَاتَت امْرَأَة بِهَذِهِ النِّسْبَة يمما وَإِذا وجد بعض الْمَيِّت غسل، وَالْمَشْي أَمَام الْجِنَازَة أفضل خلافًا، وَالْعلَّة كَون المشيع جَاءَ شافعا، وَالْوَلِيّ فِي الصَّلَاة الْأَب، ثمَّ أَبوهُ وَاعْتبر التَّعْصِيب وَكَثْرَة الشَّفَقَة. وَاعْلَم أَنه إِذا صلي على جَنَازَة لَيْلًا فَقِيَاس قَوْلنَا الْجَهْر، وفرائض الْجِنَازَة النِّيَّة وَالتَّكْبِير مقترنين وَالْقِيَام وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة وَالصَّلَاة على النَّبِي، وَالسّنَن: الاستفتاح، والتعوذ، وَرفع الْيَدَيْنِ، وَالدُّعَاء للْمَيت، والتكبيرات

بعد الْإِحْرَام وَالسَّلَام الْأَخير. والموتى أَرْبَعَة: من لَا يغسل وَلَا يصلى عَلَيْهِ، وَقد ذكر، وَمن يغسل وَلَا يصلى عَلَيْهِ كالسقط، وَمن يصلى عَلَيْهِ وَلَا يغسل هُوَ الَّذِي يخَاف أَن ينْفَصل إِذا غسل، وَالرَّابِع يصلى عَلَيْهِ وَيغسل. وَالْمحرم إِذا مَاتَ يغسل وَيصلى عَلَيْهِ وَلَا يخمر وَجهه، وَلَا رَأسه، وَلَا يقرب طيبا.

المسألة السابعة والخمسون

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ:) غسل الزَّوْج زَوجته (نز) : الْمَذْهَب: جَائِز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ أَن عليا غسل فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا وَلم يُنكر الصَّحَابَة ذَلِك فَصَارَ إِجْمَاعًا، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " أَنْت زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة "، لَيْسَ حكما يخْتَص بهما، بل سَائِر الْأمة كَذَلِك، وَالرَّسُول لم يعرفهَا وَقت وفاتها بل قَالَ أَنْت أول أَهلِي لحَاقًا بِي، وَلم يرد أَنَّهَا غسلت نَفسهَا.

لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حق ثَبت لأحد المتناكحين على صَاحبه فَثَبت لصَاحبه عَلَيْهِ كَالْوَطْءِ وحقوقه ذَلِك لِأَنَّهُمَا ركنا العقد كَالثّمنِ والمثمن فِي البيع وهما مشتركان فِي مقاصده، وَالْمَوْت لَا يخرج الْمحل عَن قبُول الْحل وَالْحُرْمَة بِدَلِيل غسل الرجل الرجل وَالْمَرْأَة الْمَرْأَة. لَهُم: حل اللَّمْس مُسْتَفَاد لعقد النِّكَاح وَقد زَالَ، دَلِيله: الْوَطْء وَزَوَال الْمحل وَأَنه صَار بِمَنْزِلَة الجماد وَلِهَذَا جَازَ لَهُ نِكَاح أُخْتهَا وَأَرْبع سواهَا

وَالْمِيرَاث خلَافَة حكمِيَّة ثبتَتْ للزَّوْج، وَلم يكن لَهَا غسل نَفسهَا، وَإِنَّمَا غسلته لِأَن النِّكَاح قَائِم بِدَلِيل الْعدة وَكَونهَا بِالْأَشْهرِ. مَالك: ق. أَحْمد: ق رِوَايَة وَلَا تغسل الزَّوْجَة زَوجهَا. التكملة: يجوز أَن يبْقى أثر النِّكَاح فِي حكم دون حكم، بِدَلِيل المبتوتة فِي مرض الْمَوْت وَكَونهَا تَرث فقد بَقِي النِّكَاح فِي حق الْإِرْث دون غَيره، وَعِنْدنَا ذَلِك فِي الرّجْعَة، وَلَا نسلم أَنَّهَا التحقت بالجمادات بِدَلِيل كَونهَا تغسل، فَإِن قَالُوا: ملك الْيَمين يبطل بِمَوْت الْمَمْلُوك فَكَذَلِك هَاهُنَا، قُلْنَا: لَا فرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ وَيجوز للسَّيِّد غسل مملوكته، وَأما إِذا مَاتَ السَّيِّد لَا تغسله الْأمة؛ لِأَنَّهَا انْتَقَلت إِلَى ملك الْوَرَثَة، وَبِالْجُمْلَةِ يلْزمهُم المبتوتة فِي مرض الْمَوْت؛ فَإِنَّهَا تَرث عِنْدهم لقِيَام النِّكَاح من وَجه، وَأما الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ؛ فَلِأَنَّهُ قد زَالَ الْمَانِع وَهُوَ خوف التباغض ثمَّ نسلم أَن النِّكَاح قد زَالَ من كل وَجه يُمكن زَوَال انْتِهَاء لَا زَوَال انْقِطَاع، بل قد تَأَكد فاستعقب حكمه بِدَلِيل

الْإِرْث، وَلَا فرق بَين الْغسْل وَالْإِرْث.

المسألة الثامنة والخمسون

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْخَمْسُونَ:) الصَّلَاة على ميت غَائِب بِالنِّيَّةِ، وعَلى جُزْء من الْمَيِّت، وعَلى الْقَبْر (نح) : الْمَذْهَب: جَائِز. عِنْدهم: لَا يجوز إِلَّا أَن يُوجد الْأَكْثَر أَو الشّطْر الَّذِي فِيهِ الرَّأْس. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: صلى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام على النَّجَاشِيّ وعَلى قبر مسكينة قد صلي عَلَيْهَا وَصلى عَلَيْهِ الصَّحَابَة أَفْوَاج، وَلَو كَانَت صلَاته على النَّجَاشِيّ؛ لِأَنَّهُ

لَو كوشف فَرَآهُ لنقل، ثمَّ قد صلى على الصَّحَابَة مَعَه، فَإِن قَالُوا: كَانَ النَّجَاشِيّ فِي رَهْط كفار وَقُلْنَا دَاره دَار هِجْرَة لَا تَخْلُو مِمَّن يُصَلِّي عَلَيْهِ سِيمَا مَعَ مَكَانَهُ من الْملك. لَهُم: رُوِيَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَتَى جَنَازَة ليُصَلِّي عَلَيْهَا فَأخْبرهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قد صلى عَلَيْهَا، وَقَالَ: الصَّلَاة على الْجِنَازَة لَا تُعَاد، ثمَّ إِجْمَاع السّلف على أَن الصَّحَابَة مَا كَانُوا يعيدون الصَّلَاة على الْجِنَازَة مَعَ آثَارهم الْحَسَنَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وَقع الِاتِّفَاق على أَن الْوَالِي إِذا لم يصل على الْجِنَازَة جَازَت صلَاته بعد الْقَوْم، وَمَعْلُوم أَن حق الْمَيِّت قد قضي، وَالْفِقْه فِيهِ أَن الصَّلَاة شرعت دُعَاء أَو شَفَاعَة للْمَيت وَالْخَيْر مستكثر مِنْهُ إِلَّا أَنَّهَا فرض كِفَايَة وَلَا

نوجب ذَلِك أَن يُعَاد وَصَارَ كالسلام وَالْجهَاد. لَهُم: الصَّلَاة شرعت لحق الْمَيِّت حَيْثُ هِيَ دُعَاء لَهُ وبدليل تولي أَهله لَهَا فَإِذا قضيت مرّة لَا تُعَاد صَار كسجود التِّلَاوَة وَلَيْسَت هَذِه الصَّلَاة نَافِلَة فتعاد كالنوافل، بل هِيَ فرض كِفَايَة والفرائض لَا تُعَاد ووزانه من الْجِهَاد أَن تقهر كل الْكفَّار وَهُنَاكَ يسْقط فرض الْجِهَاد. مَالك: وَافق الْخصم. أَحْمد:. التكملة: حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ لم يَصح، وَأما قَوْله: لم ينْقل عَن الصَّحَابَة إِعَادَة صَلَاة الْجِنَازَة، قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا مِمَّا تتوفر الدَّوَاعِي عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ شهرته بَينهم أغنت عَن نَقله، وَقد بَينا أَن فروض الكفايات إِذا قَامَ بهَا الْبَعْض لَا يمْنَع الْبَاقُونَ من فعلهَا كالجهاد وَالسَّلَام. أما سَجْدَة التِّلَاوَة، فَإِنَّهَا تجب وتستحب للتالي والمستمع وَقد

قضينا حَقّهَا فوزان مَسْأَلَتنَا أَن يحضر آخر وَيسمع فَإِنَّهُ يسْتَحبّ لَهُ السُّجُود ثمَّ من صلى فقد أسقط الْفَرْض عَن نَفسه، فَإِن قُلْنَا: لَا يُعِيد جَازَ، وَأما إِن لم يصل فقد سقط الْفَرْض عَنهُ بِفعل غَيره والفضيلة أَن يسْقط عَنهُ بِفعل نَفسه فَلَا يمْنَع. إِن قَالُوا: هَذِه الصَّلَاة حق الْمَيِّت، وَالْأَصْل أَن يُبَاشِرهَا بِنَفسِهِ، قُلْنَا: وَقع الِاتِّفَاق على أَنه يدعى للْمَيت ويستغفر لَهُ ويصل إِلَيْهِ ثَوَاب الْقُرْآن وَالصَّلَاة عَلَيْهِ فِي حكم ذَلِك، عبارَة قضي حق الْمَيِّت بِأَقَلّ مَا يسْقط بِهِ الْفَرْض وَذَلِكَ لَا يمْنَع من الزِّيَادَة كرد السَّلَام وَالْجهَاد.

المسألة التاسعة والخمسون

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ:) الْآدَمِيّ إِذا مَاتَ (نط) : الْمَذْهَب: لَا ينجس فِي أصح الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: نجس بِالْمَوْتِ ويطهر بِالْغسْلِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تنجسوا مَوْتَاكُم فَإِن الْمُسلم لَيْسَ بِنَجس حَيا وَلَا مَيتا ". لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: آدَمِيّ فَلَا ينجس بِالْمَوْتِ كالشهيد، وَوُجُوب غسله لَا يدل على نَجَاسَته كالجنب. لَهُم: وجوب غسله دَلِيل نَجَاسَته كَالثَّوْبِ النَّجس، وَبِهَذَا يُفَارق الشَّهِيد فَإِن الشَّهِيد لَا يغسل. عبارَة حَيَوَان لَهُ نفس سَائِلَة وَلَا يعِيش فِي المَاء فنجس بِالْمَوْتِ كَالْإِبِلِ وَغَيرهَا من الْحَيَوَان الطَّاهِر. مَالك: أَحْمد: التكملة: يفرق بَين الْمَيِّت وَالثَّوْب، فَإِن نَجَاسَة الثَّوْب مجاورة، فَكَانَ غسله لإزالتها، وَلَو كَانَ الْمَيِّت نجسا لكَانَتْ نَجَاسَته نَجَاسَة عين، وَالْغسْل لَا يُؤثر فِي ذَلِك، وتشبيههم الْآدَمِيّ بِغَيْرِهِ من الْحَيَوَان بَاطِل، فَإِن الْإِبِل وَالْبَقر لَا تطهر بِالْغسْلِ، وَكَذَلِكَ الْعُضْو الْبَائِن لَا يطهر بِالْغسْلِ على أَن أَبَا بكر

الصَّيْرَفِي قَالَ: الْعُضْو طَاهِر.

المسألة الستون

(الْمَسْأَلَة السِّتُّونَ:) الصَّلَاة على الْمَيِّت (س) . الْمَذْهَب: الْوَلِيّ أولى من الْوَالِي فِي القَوْل الْجَدِيد. عِنْدهم: الْوَالِي أَو الْوَلِيّ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يؤم رجل فِي سُلْطَانه وَلَا أَمِير فِي إمارته ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ولَايَة يعْتَبر فِيهَا تَرْتِيب الْعَصَبَات فَكَانَ الْوَلِيّ الْمُنَاسب فِيهَا مقدما على

السُّلْطَان كولاية النِّكَاح، ولَايَة يقْصد بهَا الدُّعَاء للْمَيت وَالِاسْتِغْفَار لَهُ، فَالْمُنَاسِب أشْفق من السُّلْطَان، وَهِي مُتَعَلقَة بِحَق آدَمِيّ فَصَارَت كالغسل. لَهُم: ولَايَة فِي إِمَامَة سنّ لَهَا الِاجْتِمَاع فَكَانَ السُّلْطَان أولى بهَا كَالْجُمُعَةِ وَيُفَارق ولَايَة النِّكَاح حَيْثُ الْقَصْد بهَا دفع الْعَار، فَكَانَ الْوَلِيّ أَحَق بهَا ثمَّ إِن الْوَلِيّ يلْزمه طَاعَة الْوَالِي فَيقدم المطاع كَالْأَبِ مَعَ الابْن. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: تفارق هَذِه الصَّلَاة سَائِر الصَّلَوَات لما فِيهَا من حق الْمَيِّت، وَالْخَبَر الَّذِي أوردوا إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّلَوَات غير صَلَاة الْجَنَائِز وَهِي الَّتِي لَا يتَعَلَّق بهَا حق آدَمِيّ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله "، وَالْمرَاد بِهِ

غير صَلَاة الْجِنَازَة وَلم يكن تَقْدِيم الْأَب على الابْن لمَكَان الطَّاعَة، بل لِأَنَّهُ أَكثر حنة وشفقة على الْمَيِّت.

الجزء 2

(كتاب الزَّكَاة)

فارغة

كتاب الزكاة

(" كتاب الزَّكَاة ")

فارغة

لوحة 24 من المخطوطة أ: مسَائِل الزَّكَاة مطمعة ممتنعة لامتزاج حق الله تَعَالَى فِيهَا بِحَق الْآدَمِيّ، وَكَونهَا تدخل تَحت الْعِبَادَات وَتَحْت الْمُؤَن والنفقات، ولهذه الْمعَانِي ترددت الآراء فِيهَا. وَاعْلَم أَن فِي هـ من الْإِبِل شَاة، وَفِي شَاتَان كَذَلِك إِلَى كه وفيهَا بنت مَخَاض كَذَلِك إِلَى لَو وفيهَا بنت لبون إِلَى مو وفيهَا حقة إِلَى سا وفيهَا جَذَعَة إِلَى صا وفيهَا حقتان إِلَى قكا وفيهَا ج بَنَات لبون وَاسْتقر الْحساب عندنَا وَلَا تزَال تترقى العشرات فَإِذا صَار قل فحقة وبنتا لبون وَفِي قُم حقتان وَبنت لبون، وَفِي قن ثَلَاث حقاق هَكَذَا ينْحَصر الْوَاجِب فِي الحقاق وَبَنَات اللَّبُون وتنقضي على الأربعينات والخمسينات، (وَأَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ) يُوَافق إِلَى قك وَفِيه حقتان الواجبتان فِي صا، نعم إِذا زَاد على قك. قَالَ: يستبقى الحقتان ويستأنف الْحساب فِي الزَّائِد فَيجب فِي هـ شَاة، وَكَذَلِكَ إِلَى كه فَيجب فِي قمه حقتان وَبنت خَاضَ فَإِذا بلغ قن وَجب ج حقاق ثمَّ يسْتَأْنف الْحساب إِلَى كه يُوجب بنت مَخَاض إِلَى لَو

فَيُوجب فِي قفو ثَلَاث حقاق وَبنت لبون، فَإِذا صَارَت قصو صَارَت د حقاق (كَذَلِك إِلَى ر ويبتدي كَذَلِك) بعد الْمِائَتَيْنِ. وَاعْلَم (أَنا إِذا ابتدأنا) بِالْإِبِلِ تأدبا بالْخبر الشريف وَكَأَنَّهُ جرى على غَالب أَمْوَال الْعَرَب. وَاعْلَم أَن فِي ل من الْبَقر تبيع، وَفِي س تبيعان هَلُمَّ جرا فِي كل ل تبيع وَفِي كل م مُسِنَّة. أما الْغنم فَفِي م شَاة شَاة، وَفِي قكا شَاتَان، وَفِي را ثَلَاث شِيَاه وَفِي ت أَربع شِيَاه، وَمَا بَين ذَلِك أوقاص لَا يعْتد بهَا، ثمَّ يسْتَقرّ الْحساب فِي كل ق شَاة شَاة، وَالشَّاة الْوَاجِبَة فِي الْغنم إِمَّا الْجَذعَة من الضَّأْن أَو الثَّنية من الْمعز، وَكَذَلِكَ الشَّاة المخرجة من الْإِبِل وجنسها من جنس غنم الْبَلَد بِخِلَاف مَا يُؤْخَذ من الْغنم فَإِنَّهُ من جنسه. وَالْفرق بَينهمَا: أَن الشَّاة الْمَأْخُوذَة من الْإِبِل تتَعَلَّق بِالذِّمةِ وَمَا يتَعَلَّق بِالذِّمةِ ينْصَرف إِلَى مُطلق مَوْجُود الْبَلَد وَتلك تتَعَلَّق بِالْمَالِ فَأخذت من

جنسه، وَمن وَجب عَلَيْهِ بنت مَخَاض وَلم يكن فِي مَاله أَخذ مِنْهُ ابْن لبون، وَإِن لم يكن فِي مَاله جَازَ شري ابْن لبون، وَلَو كَانَ فِي مَاله بنت مَخَاض مَعِيبَة فَهِيَ كالمعدومة، وَإِن كَانَت كَرِيمَة لزمَه شِرَاء بنت مَخَاض، وَلَا تجب الزَّكَاة فِي الْخَيل وَلَا فِي الْمُتَوَلد بَين الظباء وَالْغنم.

المسألة الواحدة والستون إذا زادت الإبل على سا

(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَالسِّتُّونَ: إِذا زَادَت الْإِبِل على 120: (سا)) الْمَذْهَب: فِي م بنت لبون وَفِي ن حقة. عِنْدهم: يسْتَأْنف الْفَرْض بِالشَّاة وَبنت مَخَاض. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: كتب عَلَيْهِ السَّلَام كتاب الصَّدَقَة وَقَالَ فِيهِ: إِن زَادَت الْإِبِل على مائَة وَعشْرين فَفِي كل خمسين حقة، وَفِي الْأَرْبَعين بنت لبون، وَقرن الْكتاب بقراب سَيْفه، وَعمل بِهِ الشَّيْخَانِ رَضِي الله عَنْهُمَا. لَهُم: كتب عَلَيْهِ السَّلَام فِي صحيفَة عَمْرو بن حزم الزَّكَاة وَقَالَ: فَإِذا زَادَت الْإِبِل على مائَة وَعشْرين فَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون، وَفِي خمسين حقة فَمَا فضل عَن ذَلِك يُعَاد إِلَى أول الْفَرِيضَة، فَإِذا بَقِي أقل من خَمْسَة عشر فَفِي كل خمس ذود شَاة.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الأَصْل أَن يجب فِي الشَّيْء من جنسه وخولف عِنْد الْقلَّة ضَرُورَة، فَأَما سُقُوط بنت مَخَاض لأَنا اقتصرنا على أَوسط الْأَسْنَان وَهِي الحقاق وَبَنَات اللَّبُون وَفِي الأوقاص على أوسطها وَهِي تِسْعَة لَا أَرْبَعَة عشر وَلَا أَرْبَعَة وَخير الْأُمُور أوساطها. لَهُم: مَا صرنا إِلَيْهِ وفْق الْقيَاس، وَهُوَ الِاسْتِقْرَار مَعَ الْعود بِدَلِيل عود التبيع فِي الْبَقر، وَإِيجَاب ثَلَاث بَنَات لبون إِمَّا أَن يكون مُخَالفا للنَّص فِي أَرْبَعِينَ وَثلث أَو مُخَالفا لِلْأُصُولِ، لِأَن الْبَعِير لَا يَأْخُذ قسطا من الْوَاجِب وَبِغير الْوَاجِب. مَالك: يجب فِي صا إِلَى قك حقتان ويوافق فِي الثَّانِي. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: عبارَة مَا يحْتَمل الْمُوَاسَاة من جنسه فَلَا يعدل إِلَى غَيره قِيَاسا على كل مَال كثير، مَأْخَذ فِي نفي بنت مَخَاض، نقُول: سنّ لَا يتَكَرَّر وُجُوبه فِي مائَة وَعشْرين فَلَا يتَكَرَّر فِيمَا بعد، كالجذعة ثمَّ الْمُوَالَاة) بَين وقصين غير مَعْهُود بل الْعَادة أَن يَنْقَطِع كل وقص بنصاب وَقد والوا بَين وقصين من أحد

وَتِسْعين إِلَى مائَة وَعشْرين، وَإِلَى خَمْسَة ثمَّ أوجبوا بنت مَخَاض فِي مائَة وَخَمْسَة وَأَرْبَعين، وحقة فِي مائَة وَخمسين وَلم يعْهَد ذَلِك فِي الشَّرْع بل الترقي من بنت مَخَاض إِلَى بنت لبون إِلَى حقة ثمَّ جعلُوا وقص نِصَاب الحقة ثَلَاثِينَ وَهَذَا غير مَعْهُود، ثمَّ نقُول: النّصاب أَرْبَعُونَ لَكِن شَرعه أَن يزِيد على مائَة وَعشْرين (وَاحِدًا حكما) شَرْعِيًّا لَا نهتدي لَهُ، ثمَّ نَحن أَوجَبْنَا ثَلَاث بَنَات لبون فِي مائَة وَعشْرين بِخَبَر ابْن الْمُبَارك، وَيجوز أَن يُغير (الْوَاحِد الْفَرْض وَلَا يسْتَحق قسطا مِنْهُ كالأخوة مَعَ الْأَبَوَيْنِ فِي تَغْيِير فرض الْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس، وَلَا نسلم أَن الْأَسْنَان) بَعْضهَا أصل بعض، بل كل سنّ أصل بِنَفسِهِ ويلزمهم الْجَذعَة لَا تَتَكَرَّر.

فارغة

فارغة

المسألة الثانية والستون ب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ: (ب)) . إِذا تلف مَال الزَّكَاة بعد التَّمَكُّن من الْأَدَاء. الْمَذْهَب: لَا تسْقط. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالهم حق} ، وَقَوله: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} ، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاة "، دَلِيل على تعلق الْحق بِالْمَالِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْحق وَجب وتأكد فَلَا يسْقط بِهَلَاك المَال كالأثمان والأجور، وَبَيَانه

أَن السَّبَب يُرَاعى لثُبُوت الحكم لَا لبَقَائه، لِأَن بَقَاءَهُ يكون فِي الذِّمَّة. لَهُم: الْوَاجِب جُزْء من المَال وَقد هلك المَال فَلم يبْق جُزْء مِنْهُ فَسقط الْوَاجِب، ونقول (حق يتَعَلَّق بِعَين المَال) فَسقط بهلاكه كَالْعَبْدِ الْجَانِي لِأَن الْوَاجِب شكر نعْمَة المَال وَصَارَ كتعلق الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة بِالْبدنِ، وَلِهَذَا لَو تصدق بِهِ على فَقير سقط. مَالك: ق. أَحْمد: لَو تلف قبل التَّمَكُّن من الْأَدَاء لم يسْقط أَيْضا. التكملة: اسْتِبْقَاء الْأَسْبَاب لبَقَاء الْأَحْكَام مَسْأَلَة مُخْتَلف فِيهَا، وَبَقَاء صور الْأَسْبَاب لَا يعْتَبر إِجْمَاعًا كصورة البيع، وَالنِّكَاح، بل نقدر بقاءها شرعا فَكَذَلِك النّصاب ثمَّ الزَّكَاة تشبه الْمُؤَن والنفقات فَتجب فِي الذِّمَّة كَسَائِر الْعِبَادَات ثمَّ يُخَاطب بِالْأَدَاءِ، وَلِهَذَا يَزْعمُونَ أَن الْمَجْنُون إِذا أَفَاق فِي أثْنَاء الشَّهْر يُخَاطب بِالْقضَاءِ لما فَاتَ، وكما يعقل وجوب الصَّوْم فِي

الذِّمَّة فِي حَال امْتنَاع الْأَدَاء تعقل الزَّكَاة فِي الذِّمَّة، وَإِن تعذر (الْأَدَاء من مَال معِين، وَتعين مَحل الْأَدَاء فِي الْوَاجِبَات الْمَالِيَّة غير مَعْقُول، إِذْ مَا من وَاجِب إِلَّا وَمن هُوَ) عَلَيْهِ مُخَيّر فِي أَدَائِهِ من أَي مَوضِع شَاءَ، وَكَذَا أروش الْجِنَايَات، فَإِن للسَّيِّد تأديته من مَال آخر، نعم إِذا مَاتَ العَبْد سقط الْوُجُوب لفَوَات مَحل الْوُجُوب، فَإِن: الْأَرْش وَاجِب فِي ذمَّته يتبع بِهِ بعد الْعتْق، ونقول: الزَّكَاة مُتَعَلقَة بِالْعينِ لَكِن على الْفَوْر وَهُوَ بِالتَّأْخِيرِ مَانع فضمن كَالْمُودعِ، ويلزمهم إِذا اسْتهْلك المَال عمدا، ونقول: إِذا هلك قبل التَّمَكُّن يضمن أَيْضا، وَمَسْأَلَة التَّطَوُّع بالنصاب على أصلهم، وَبِالْجُمْلَةِ عندنَا تتَعَلَّق الزَّكَاة بِالذِّمةِ، وَعِنْدهم تجب فِي الْعين.

المسألة الثالثة والستون ج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسِّتُّونَ: (ج)) . الْمُسْتَفَاد فِي أثْنَاء الْحول المنعقد على كَمَال النّصاب. الْمَذْهَب: يعْتَبر فِيهِ كَمَال الْحول. عِنْدهم: يجب فِيهِ النّصاب بحول الزَّكَاة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من اسْتَفَادَ مَالا فَلَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول "، وَزَكَاة الْفطر لَيست زَكَاة مَال حَتَّى يتضمنها هَذَا النَّص وَالْعشر غير لَازم لِأَن الْخَبَر ورد فِي هَذِه الزَّكَاة الَّتِي يعْتَبر فِيهَا الْحول. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس من الْإِبِل صَدَقَة، فَإِذا بلغت

خمْسا فَفِيهَا شَاة وَلَا شَيْء فِي زيادتها حَتَّى تبلغ عشرا، فَإِذا بلغت عشرا فَفِيهَا شَاتَان "، أوجب فِي الْخَمْسَة الْحَادِثَة بعد النّصاب وَبِمَا يحدث شَيْئا بعد شَيْء فإيجاب الشَّاة فِيهَا بطرِيق الضَّم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمُسْتَفَاد مَال مَمْلُوك مثل الأول ملك بِمثل ملكه فَتعين فِيهِ الْحول لوُجُوب الزَّكَاة إِذْ قصد الارفاق، وَيجب أَن يكون بعد الارتفاق، والارتفاق يعْتَبر بالحول. لَهُم: مُسْتَفَاد من جنس النّصاب لم يزل من أَصله فضم إِلَيْهِ فِي الْحول، كالنتاج والأرباح وفقهه أَن فِي الْإِفْرَاد مشقة، وَمن حَيْثُ الحكم أَنه لَو ملك نِصَابا جَازَ لَهُ التَّعْجِيل زَكَاة نصب سيملكها يدل عَلَيْهِ الضَّم فِي الْعدَد، فَإِن الْعدَد عبارَة عَن أصل المَال الْوَاجِب والحول شَرط الْوُجُوب. مَالك: يضم فِي الْمَاشِيَة لَا فِي النَّقْدَيْنِ.

أَحْمد: التكملة: أجمعنا على أَن الْمُسْتَفَاد يَنْضَم إِلَى النّصاب فِي الْعدَد وَالْقدر حَتَّى أَن من ملك مائَة وَعشْرين مثلا (فَلَو أتم ملك خَمْسَة مثلا) وَجَبت الزَّكَاة فِي الزَّائِد بِحِسَابِهِ عِنْد تَمام حوله. وَكَذَلِكَ إِذا ملك من الْإِبِل خمْسا وَعشْرين ثمَّ ملك بَعِيرًا فِي الْحول وَجب فِيهِ جُزْء من سِتَّة وَعشْرين جُزْءا من بنت مَخَاض عِنْد تَمام حوله، فَهَذِهِ الزِّيَادَات لَو انْفَرَدت لم يجب فِيهَا شَيْء وَإِنَّمَا وَجَبت بِالضَّمِّ إِلَى النّصاب، وساعدونا على أَن الْمُسْتَفَاد بِبَدَل مزكى لَا يضم. وَاعْلَم أَن الْحول شَرط بِالْإِجْمَاع، وَقد سقط اعْتِبَاره فِي السخال والأرباح فَاعْتقد الْخصم أَن الْمسْقط اتِّحَاد الْجِنْس واختلاط الْمَالَيْنِ وعسر التَّفْرِقَة وَهَذَا الْمَعْنى فِي مَحل النزاع مَوْجُود، ومعتقدنا أَن الْمسْقط حُصُول الزَّوَائِد من الأَصْل وتولدها وَكَونهَا تبعا، وَهَذَا الْمَعْنى مَفْقُود فِي مَحل النزاع، ويستدل فِي التّبعِيَّة بِأَن الصَّغِير يتبع أمه فِي الْإِسْلَام.

والحرف أَن عِلّة الضَّم فِي السخال والأرباح: التولد والفرعية وَعِنْدهم الجنسية.

المسألة الرابعة والستون د

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ: (د)) . صغَار النعم إِذا بلغت نِصَابا سَائِمَة. الْمَذْهَب: تنفرد وَينْعَقد عَلَيْهَا الْحول. عِنْدهم: لَا إِلَّا أَن يكون مَعهَا وَلَو كَبِيرَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ الصّديق رَضِي الله عَنهُ: لَو مَنَعُونِي عنَاقًا مِمَّا أَعْطوهُ رَسُول الله لقاتلتهم. وَمَعْلُوم أَن العناق إِنَّمَا تجب فِي الصغار، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاة "، وَاسم الشَّاة يعم الصَّغِيرَة والكبيرة، والصغر وصف كالهزال. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي خمس وَعشْرين بنت لبون " الْخَبَر.

فالتوقيف بِالنَّصِّ عَمَّا الزَّكَاة وَأَسْنَانهَا فَوَجَبَ اعْتِبَار ترتيبه، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا زَكَاة فِي السخال " وَقَالَ: " لَيْسَ فِي السخال صَدَقَة ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نوع تجب فِيهِ الزَّكَاة مختلطا فَوَجَبَ مُنْفَردا كالمرضى؛ لِأَن الصغار المختلطة بالكبار ينْعَقد عَلَيْهَا الْحول، يحققه أَن الزَّكَاة وَجَبت إِمَّا شكرا للنعمة أَو مواساة للْفُقَرَاء وَأيهمَا كَانَ فقد تحقق. لَهُم: نقص يمْنَع وجوب السن الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فَمنع أصل الْوُجُوب قِيَاسا لنُقْصَان السن على نُقْصَان الْعدَد وفقهه: أَن الزَّكَاة لَا مجَال للْقِيَاس فِيهَا، وَمَتى أوجبتم الفصلان فقد جئْتُمْ بِغَيْر مَوْضُوع الشَّرْع فَصَارَ كَمَا لَو أوجبتم فِي الظباء. مَالك:.

أَحْمد: وَافق مَالِكًا فِي رِوَايَة. التكملة: يَعْتَذِرُونَ عَن المراض والمهازيل بِأَن فِيهَا أَسْنَان الزَّكَاة، وَعذرهمْ فِيهَا إِذا كَانَ مَعَهم كَبِيرَة أَنَّهَا استتبعت الصغار، وَنحن نقُول يجب فِي الصغار مَا يجب فِي الْكِبَار بنت مَخَاض وَبنت لبون، وَفِي الْأَصْحَاب من قَالَ: يجب فصلان بِقِيمَة هَذِه، وَإِن سلمنَا أَنا نوجب الْمَنْصُوص عَلَيْهِ لم يلْزم أَنا لَا نوجب شَيْئا، فَإِن صفة الْوَاجِب وأصل الْوُجُوب قضيتان غير أَن لَا يلْزم من انْتِفَاء إِحْدَاهمَا انْتِفَاء الْأُخْرَى، وَذَلِكَ لِأَن مُطلق الْإِبِل وَالشَّاة بِمُطلق النَّص، وَلَا يلْزم تَقْيِيد (الْمُوجب تَقْيِيد) الْمُوجب فِيهِ، إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك للَزِمَ أَن لَا تجب بنت مَخَاض إِلَّا فِي بَنَات مَخَاض فَبَقيَ الْمُوجب على الْإِطْلَاق. وَالْجَوَاب: أَن هَذَا تَخْصِيص عَرفْنَاهُ بِالْإِجْمَاع؛ لِأَن الْكِبَار لَا تجب إِلَّا فِي الْكِبَار، وَلم يجمعوا على أَن لَا يوجبوا سوى الْكِبَار فَبَقيَ أَن الفصيل وَجب غير مَنْصُوص عَلَيْهِ، نعم أَثْبَتْنَاهُ بِضَرْب من الِاسْتِدْلَال إِذا وَاجِب

الشَّيْء يكون من جنسه نظرا للْمَالِك وَالْفَقِير.

المسألة الخامسة والستون هـ

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ: (هـ)) . الْخلطَة إِذا تمت بشرائطها. الْمَذْهَب: تجْعَل الْمَالَيْنِ مَالا، والمالكين مَالِكًا. عِنْدهم: لَا تَأْثِير للخلطة فِي الزكوات. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة "، وَقَوله: " فِي كل أَرْبَعِينَ شَاة شَاة "، وَلم يتَعَرَّض لعدد

الْملاك، وحديثنا مُقَيّد وحديثهم مُطلق، والمقيد يقْضِي على الْمُطلق. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس من الْإِبِل صَدَقَة ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تمت السَّائِمَة نِصَابا وَحَال حولهَا فَوَجَبت الزَّكَاة، كَمَا لَو كَانَا لمَالِك وَاحِد، لِأَن للخلطة أثرا فِي التَّعْلِيل، كَمَا إِذا خلط أَرْبَعِينَ بِأَرْبَعِينَ لم تجب إِلَّا شَاة، وَلَو أفرد وَجب شَاتَان، ثمَّ إِن السَّاعِي يَأْخُذ من أَي ملك أنْفق ثمَّ يرجع بِنَصِيب صَاحبه عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرك، حَيْثُ يجب على مولييه فطرته. لَهُم: النّصاب بعض السَّبَب وَبَعض السَّبَب عدم عِنْد الحكم، وَإِنَّمَا يجب

بِصفة الْغنى وَهَذَا فَقير بِدَلِيل أَنه يَأْخُذ الزَّكَاة وَلَا تجب عَلَيْهِ، بِدَلِيل استطاعة الْحَج، أما التراجع فتخفيف فِي حق السَّاعِي وَثَبت نصا أَيْضا، ويتأيد بِمَا لَو كَانَ الخليط ذِمِّيا أَو مكَاتبا حَيْثُ لَا تُؤثر الْخلطَة. مَالك: إِنَّمَا تُؤثر الْخلطَة إِذا كَانَ مَال كل وَاحِد نِصَابا. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: لَو أَن سارقين سرقا نِصَابا لم يجب عَلَيْهِمَا الْقطع. الْجَواب: لَو أَن النّصاب لمالكين وَسَرَقَهُ سَارِق لوَجَبَ الْقطع، وَإِنَّمَا لم يقطع فِي حق السارقين، لِأَن الردع والزجر لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِيمَا دون نِصَاب لِأَن النَّفس لَا تشوف إِلَى سَرقته، وَأما إِذا كَانَ الشَّرِيك فِي النّصاب ذِمِّيا أَو مكَاتبا لِأَن الْخلطَة جعل الْمَالَيْنِ مَالا والمالكين مَالِكًا، وَالذِّمِّيّ وَالْمكَاتب

لَا تجب عَلَيْهِمَا الزَّكَاة. وَالْفِقْه فِي الْجَمِيع أَن الله تَعَالَى أوجب الزَّكَاة بِصفة الْيُسْر فَشرط وُجُوبهَا كَثْرَة مرفق المَال وَقلة مؤونته، وَقد وجد.

فارغة

لوحة 25 من المخطوطة " أ ": الْأَمْوَال الَّتِي يجب إخْرَاجهَا فِي حق الله تَعَالَى ز الزَّكَاة، الرِّكَاز، الْمَعْدن، الْكَفَّارَة، الْفِدْيَة، الْفَيْء، الْغَنِيمَة. وَالزَّكَاة تجب فِي أَشْيَاء: (أ) الناض، (ب) مَال التِّجَارَة، (ج) وَالنعَم، (د) والمستنبتات، (هـ) والرقاب. وَتجب الزَّكَاة بِسبع شَرَائِط: (أ) الْحُرِّيَّة، (ب) الْإِسْلَام، (ج) الْحول، (د) النّصاب، (هـ) الْإِمْكَان، (و) وَأَن لَا يكون عَلَيْهِ دين يسْتَغْرق مَاله فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، (ز) وَأَن لَا تكون مهيئة للِانْتِفَاع. وَلَا يعْتَبر الْحول فِي: هـ، (أ) المستنبتات، (ب) زَكَاة الْفطر، (ج) نِصَاب من الْغنم نتجت ثمَّ مَاتَت قبل الْحول، (د) وَمِائَة وَعِشْرُونَ شَاة أحد عشر شهرا، ثمَّ نتجت وَاحِدَة وَتمّ الْحول يخرج عَنْهَا شَاتَان، (هـ) إِذا اشْترى سلْعَة (للتِّجَارَة بِمِائَتي) دِرْهَم وَتمّ عَلَيْهَا الْحول وَهِي تَسَاوِي ثلثمِائة دِرْهَم زكى عَن ثلثمِائة فَإِن قبضهَا قبل الْحول زكى عَن الْمِائَتَيْنِ لحولها

وَالْمِائَة لحولها، وَلَا زَكَاة فِي ذهب حَتَّى يبلغ ك دِينَارا، وَفِيه نصف دِينَار وَمَا زَاد بِحِسَابِهِ، وَلَا زَكَاة فِي الْفضة حَتَّى تبلغ مِائَتي دِرْهَم وفيهَا هـ دَرَاهِم وَمَا زَاد بِحِسَابِهِ، وَتقوم سلْعَة التِّجَارَة بِالذَّهَب وَبِه، وبالفضة إِن اشْترى بهَا، وبغالب نقد الْبَلَد إِذا اشْتَرَاهَا بسلعة لم يخرج زَكَاتهَا، فَإِذا اشْترى سَائِمَة أَو نخلا (أَو كرما للتِّجَارَة) فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: يزكيها بِقِيمَتِهَا. وَالثَّانِي: يزكيها بِعَينهَا. فَإِذا قُلْنَا: يزكيها بِعَينهَا إِن كَانَ نخلا أَو كرما فَهَل تقوم بِالْأَرْضِ دون النّخل وَالْكَرم فَتخرج زَكَاة التِّجَارَة عَنْهَا قَولَانِ. إِذا كَانَ مَعَه ط من الْإِبِل تلف مِنْهَا د نظرت إِن كَانَ ذَلِك قبل الْحول وَجب عَلَيْهِ بحؤول الْحول شَاة ج، وَإِن كَانَ بعد حؤول الْحول وَبعد إِمْكَان الْأَدَاء وَجب شَاة أَيْضا. وَإِن تلفت بعد الْحول وَقبل الْإِمْكَان فَإِن قُلْنَا: إِن إِمْكَان الْأَدَاء من شَرَائِط الْوُجُوب وَجَبت شَاة أَيْضا لِأَن مَا تلف قبل الْوُجُوب إِذا لم ينقص بِهِ النّصاب لَا حكم لَهُ.

(وَإِن قُلْنَا: إِن) إِمْكَان الْأَدَاء من شَرَائِط الضَّمَان جرى ذَلِك على قَوْلَيْنِ: إِن قُلْنَا: إِن الزَّكَاة تتَعَلَّق بالنصاب والوقص جَمِيعًا فقد وَجَبت الزَّكَاة عَلَيْهِ فِي ط، فَإِذا تلف مِنْهَا د سقط قدر قسطها، لِأَنَّهَا تلفت من غير تَفْرِيط هَذَا (مَشْهُور الْمَذْهَب) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: تجب شَاة (وَوَجهه: أَن الزِّيَادَة) لما لم تكن شرطا فِي وجوب الشَّاة لم يسْقط شَيْء مِنْهَا بتلفها، وَإِن كَانَت مُتَعَلقَة بهَا وَهَذَا كَمَا قُلْنَا فِي ح شُهُود على مُحصن بالزنى حكم الْحَاكِم بِشَهَادَتِهِم، ورجمه ثمَّ رَجَعَ د عَن الشَّهَادَة، فَإِن لَا يجب عَلَيْهِم شَيْء فَلَو رَجَعَ هـ وَجب عَلَيْهِ الضَّمَان لنُقْصَان من بَقِي عَن (الْعدَد الْمَشْرُوط فعلى) هَذَا لَو تلف من تِسْعَة هـ سقط خَمْسَة أتساع شَاة. وَاعْلَم أَن الْجبرَان شَاتَان أَو عشرُون درهما فِي الصعُود وَالنُّزُول فِي أَسْنَان الْإِبِل، وَاعْلَم أَنه لَا صَدَقَة فِي العوامل وَإِن كَانَت سَائِمَة.

المسألة السادسة والستون الصبي والمجنون سو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسِّتُّونَ: الصَّبِي وَالْمَجْنُون (سو)) . الْمَذْهَب: تجب الزَّكَاة فِي أموالهما. عِنْدهم: لَا تجب إِلَّا زَكَاة الْفطر وَالْعشر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم} ، وَقَوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَة للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} ، دَلِيل على كَونهَا حق مَالِي، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " ابْتَغوا فِي أَمْوَال الْيَتَامَى خيرا كَيْلا تأكلها الصَّدَقَة ". لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " بني الْإِسْلَام على خمس " وعد مِنْهُمَا الزَّكَاة

وقرنه بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة فَدلَّ على أَنَّهَا عبَادَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أحد نَوْعي الزَّكَاة فصح من الصَّبِي كَزَكَاة الْفطر، ذَلِك لِأَن زَكَاة الْفطر تجب فِي الذِّمَّة وتؤدى من المَال، وتشترط فِيهَا النِّيَّة وَالْحريَّة وَالْإِسْلَام والنصاب على أصلهم لَا يبْقى إِلَّا أَن تِلْكَ لِسَلَامَةِ النَّفس وَهَذِه لِسَلَامَةِ المَال، ونقول: الزَّكَاة وَجَبت نَفَقَة وصلَة لقرابة الدّين كَنَفَقَة الْأَقَارِب. لَهُم: الزَّكَاة عبَادَة مَحْضَة وَلَا تجب على الصَّبِي وَالْمَجْنُون كَالصَّوْمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا شرعت ابتلاء، وَتخرج على وَجه التَّعْظِيم، وَهَذَا الْمَعْنى لَا يحصل بالنيابة. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: إِن قَالُوا: زَكَاة الْفطر مؤونة وَهَذَا يجب على الْغَيْر بِسَبَب الْغَيْر منعنَا، وَقُلْنَا: الْوُجُوب يلاقي ذمَّة الصَّبِي وَالْعَبْد ثمَّ الْأَب وَالْمولى يتحملان ذَلِك، وَلَو قَدرنَا صَبيا تلْزمهُ زَكَاة المَال وَهُوَ فَقير كلفنا أَبَاهُ أَن يتَحَمَّل الزَّكَاة، بَقِي أَن الزَّوْج يتَحَمَّل عَن زَوجته زَكَاة الْفطر مَعَ يسارها، ذَلِك لِأَنَّهَا قدرت فقيرة فِيمَا يرجع إِلَى الزَّوْج. ونقول: حَال الصَّبِي لَا يُنَافِي أَهْلِيَّة الْعِبَادَة، فَأهل الشَّيْء من كَانَ قَابلا لحكمه وَحكم الْعِبَادَة الثَّوَاب، وَالصَّبِيّ أهل ذَلِك، كَيفَ وَقد حصلنا لَهُ الْإِسْلَام وَهُوَ رَأس الْعِبَادَات، وَإِنَّمَا لم تجب عَلَيْهِ الْعِبَادَات الدِّينِيَّة لضَعْفه، والعبادات الْمَالِيَّة ثبتَتْ فِي ذمَّته مَالا لله، ثمَّ يُخَاطب بِأَدَائِهِ فِي ثَانِي الْحول، فخطاب الْوُجُوب مُنْفَصِل عَن خطاب الْأَدَاء، فَبَقيَ الْوُجُوب على جَرَيَان سَببه وَهُوَ ملك المَال وَقيام مَحَله وَهُوَ الذِّمَّة وهما للصَّبِيّ كَالْبَالِغِ. ونقول: الزَّكَاة مركبة من شائبتين: المؤونة وَالْعِبَادَة، والمركب من

شائبتين يسْتَقلّ بِأَحَدِهِمَا وَصَارَ كالحد يجب على الْكَافِر للزجر وَإِن تعذر معنى التمحيص لما كَانَ الْحَد مركبا من شائبتين: الزّجر والتمحيص.

المسألة السابعة والستون سز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسِّتُّونَ: (سز)) . من ملك نِصَابا وَعَلِيهِ دين. الْمَذْهَب: تلْزمهُ الزَّكَاة على القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: لَا تلْزمهُ إِن كَانَ الدّين تتَوَجَّه مُطَالبَته. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجد سَبَب الزَّكَاة فَوَجَبت، بَيَانه: أَنه مَال بِصفة لمَالِك مَخْصُوص وَهُوَ بعد الدّين كقبله وَالدّين لَا يمْنَع الْملك، وَهَذَا يتَصَرَّف بالتبرعات وَالدّين فِي الذِّمَّة لَا اتِّصَال لَهُ بِالْمَالِ إِلَّا عِنْد الْقَضَاء وَهُوَ وَظِيفَة مَالِيَّة فَلَا يمْنَع الدّين وُجُوبهَا كالكفارات. لَهُم: فَقير فَلَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة، دَلِيل ذَلِك: حل أَخذ الصَّدَقَة وَلَا تحل لَغَنِيّ، وَالْمَال مَشْغُول بحاجته فَلَا تجب فِيهِ الزَّكَاة كعبيد خدمته، فأحد المأخذين أَنه فَقير، وَالْآخر أَنه غير غَنِي ثمَّ السَّبَب ملك نِصَاب تَامّ وَهَذَا ملك نَاقص فَصَارَ كَالْمكَاتبِ. مَالك: يمْنَع الدّين وجوب الزَّكَاة فِي النَّقْدَيْنِ. أَحْمد: فِي الْأَمْوَال الظَّاهِرَة رِوَايَتَانِ.

التكملة: كَون الدّين يُؤَدِّي من المَال لَا يمْنَع من وجوب الزَّكَاة كمن اشْترى بِمَال التِّجَارَة شِقْصا مشفوعا فَإِن الشَّفِيع يَأْخُذ من يَده، وَإِذا انْقَضى الْحول قبل الْأَخْذ وَجَبت الزَّكَاة. وَإِن قُلْنَا: السَّبَب الْقَرَابَة فقد وجدت أَو ملك النّصاب فقد وجد، بقيا لنزاع فِي السَّبَب أَنه الْغَنِيّ أَو الْقَرَابَة الدِّينِيَّة والغنى شَرط وَلَيْسَ فِي هَذَا المأخذ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كثير نفع، فَإِن المَال يعْتَبر إِمَّا شرطا، وَإِمَّا سَببا، والنزاع أَن هَذَا المَال هَل يَكْفِي أم لَا؟ فَنَقُول: حَقِيقَة الْفقر والغنى بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيّ غير مُمكن الِاعْتِبَار، فَإِن قدر الْحَاجة لَا يَنْضَبِط وحد الضَّرُورَة وَاجِب الْمُجَاوزَة إِجْمَاعًا، وَالشَّرْع فسر الْغَنِيّ بِملك نِصَاب بِشَرْط السّوم والحول وَالْقطع نظريا بعد وَصَارَ كالسفر فِي الرُّخص وَهَاهُنَا سَبَب الْوُجُوب ملك النّصاب وَسبب الِاسْتِحْقَاق الْغرم فَصَارَ كَابْن السَّبِيل وَالْعَامِل لَازم عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ مَعَ غناهُ

يَأْخُذ الصَّدقَات وَالْمَال غير مَشْغُول بِالدّينِ فَإِنَّهُ يتَصَرَّف وينكح وَالْحريَّة سَبَب ظَاهر للاكتساب بل لَهُ جِهَة مَعْلُومَة وَهِي بَيت المَال، وَإِن قُلْنَا: وجوب الزَّكَاة فِي الذِّمَّة أوجبناها حَتَّى تستغرق.

المسألة الثامنة والستون دفع القيم والزكوات سح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسِّتُّونَ: دفع الْقيم والزكوات (سح)) . الْمَذْهَب: لَا يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من بلغت إبِله خَمْسَة وَعشْرين فَفِيهَا بنت مَخَاض " (فَإِذا لم تكن فَابْن لبون عدل من بنت مَخَاض) إِلَى ابْن لبون مُطلق مَعَ جَوَاز اخْتِلَافهمَا قيمَة. وَكَذَلِكَ ترقى من سنّ إِلَى سنّ، والجبران عشرُون درهما أَو شَاتَان فَإِنَّهُمَا يتفاوتان كل ذَلِك لقطع النّظر إِلَى الْقيمَة. لَهُم: رأى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نَاقَة كوماء فِي إبل الصَّدَقَة فَقَالَ: " ألم أنهكم عَن

أَخذ كسر أثمن الْأَمْوَال " فَقَالَ السَّاعِي: أخذت بَعِيرًا ببعيرين. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يؤد الْوَاجِب فَلم يخرج عَن عهدته؛ لِأَن الْوَاجِب شَاة فِي خمس من الْإِبِل، والتعبد بِمَا ورد بِهِ الشَّرْع لَا يقوم غَيره مقَامه كالسجود وَالرُّكُوع. لَهُم: حق وَاجِب لله وبإيجابه لمستحقي الْكِفَايَة عَلَيْهِ فالسعي فِيهِ مُعَلل بالمالية الْمُطلقَة، دَلِيله الْجِزْيَة، وَدَلِيل كَونه لله افتقاره إِلَى نِيَّة ثمَّ الْفَقِير يقبض حِوَالَة الله تَعَالَى فَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها، وَحقّ الْفَقِير مُطلق وَهُوَ لسد الْخلَّة، وَحقّ الله مُقَيّد فَلَا بُد من حل الْقَيْد ليصرف إِلَى الْفَقِير.

مَالك: ق. وَأَجَازَ النَّقْدَيْنِ أَحدهمَا فِي الآخر بَدَلا لَا قيمَة. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: لَو أخرج معلوفة أَجْزَأَ، وَلَو ملك أَرْبَعِينَ معلوفة لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء، قُلْنَا: لِأَنَّهُ قيد فِي الْمُوجب، وَأطلق فِي الْوَاجِب، وَالْمعْنَى أَن الْمُعْتَبر فِي حق الْمَالِك كَون المَال مرتفقا وَذَلِكَ بالسوم، وَفِي حق الْفَقِير كَونه رفقا وَيَقَع بالمعلوفة. ونقول: شَرط الاستنباط من اللَّفْظَة أَن لَا تبقى فِي الملفوظ معنى دق أَو جلّ بتخيل أَنه مَقْصُود يفوت بِفَوَات اللَّفْظ إِلَّا اعْتبر بَيَانه أَنا إِذا لاحظنا جَانب الِابْتِلَاء، فالنزول عَن المَال الْمُطلق تَكْلِيف شَيْء وَاحِد، وَهُوَ إِزَالَة الْملك عَن مَال هُوَ وَسِيلَة إِلَى الْمَقَاصِد والابتلاء بالنزول عَن مَال معِين تَكْلِيف شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا بدل المَال الْمُطلق وَالْآخر ترك فرض فِي عين، وَترك وَسِيلَة الْمَقْصُود أيسر من ترك الْمَقْصُود.

فارغة

المسألة التاسعة والستون النقدان سط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسِّتُّونَ: النقدان (سط)) . الْمَذْهَب: لَا يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر إِلَّا فِي كَمَال النّصاب. عِنْدهم: يضم بالأجزاء وبالقيمة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مالان مُخْتَلفا الْجِنْس فَلَا يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فِي الزَّكَاة كالماشية. دَلِيل اخْتِلَاف الْجِنْس الِاسْم والحقيقة وَكَون الرِّبَا لَا يحرم بَينهمَا. لَهُم: النقدان فِي الزَّكَاة فِي حكم مَال وَاحِد بِضَم أَحدهمَا إِلَى الآخر كالصحاح والمكسرة والمعز والضأن، لِأَن الزَّكَاة وَجَبت فِي المَال بِصفة النَّمَاء والنماء فِي النَّقْدَيْنِ بِصفة الثمنية وَاحِد (وَحَال النَّقْدَيْنِ أَحدهمَا بِالْآخرِ بَدَلا لَا قيمَة) . مَالك: تضم بالأجزاء. أَحْمد: ق.

التكملة: حَاصِل الْمَسْأَلَة زَكَاة الْمَوَاشِي زَكَاة عين بِالْإِجْمَاع، وَزَكَاة التِّجَارَة زَكَاة معنى وَقِيمَة بِالْإِجْمَاع، والنقدان دائران بَينهمَا فَمن حَيْثُ أَن النَّقْد لَا يزِيد بِنَفسِهِ كَمَا تزيد السَّائِمَة بل بِقِيمَتِه وماليته فَهُوَ كعروض التِّجَارَة، وَلذَلِك ألحقهُ أَبُو حنيفَة بعروض التِّجَارَة وَمن حَيْثُ أَنه يعْتَبر فِيهِ ملك الْعين فَحسب، وَيَنْقَطِع الْحول بِزَوَال الْملك عَنهُ ألحقناه بِزَكَاة الْعين، وَالَّذِي يدل على الْفرق بَين النَّقْدَيْنِ وَمَال التِّجَارَة أَن عرُوض التِّجَارَة تقوم مُفْردَة وَلَا يقوم الذَّهَب إِلَّا مَعَ وجود الْفضة وَلَا الْفضة إِلَّا مَعَ وجود الذَّهَب، وكونهما يجب فيهمَا ربع الْعشْر لَا يدل على الِاتِّفَاق فِي الْجِنْس بِدَلِيل المعشرات فَإِنَّهَا تتفق فِي الْعشْر وَنصف الْعشْر وَلَيْسَت جِنْسا وَاحِدًا.

فارغة

المسألة السبعون واجب النصاب ع

(الْمَسْأَلَة السبعون: وَاجِب النّصاب (ع)) . الْمَذْهَب: يتَعَلَّق بِهِ وَبِمَا زَاد عَلَيْهِ فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: لَا يتَعَلَّق إِلَّا النّصاب. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا بلغت الْإِبِل خمْسا وَعشْرين فَفِيهَا بنت مَخَاض إِلَى خَمْسَة وَثَلَاثِينَ ". وَجه الدَّلِيل: أَنه مد الْوَاجِب بِكَلِمَة إِلَى وَهِي للغاية، وَهَذَا يَقْتَضِي انبساط الْوَاجِب على الْجَمِيع. لَهُم: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي خمس من الْإِبِل شَاة وَلَا شَيْء فِي زيادتها حَتَّى تبلغ عشرا فَإِذا بلغت عشرا فَفِيهَا شَاتَان ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: النّصاب وَالزَّائِد عَلَيْهِ مَال وَاحِد من جنس وَاحِد فجميعه مَحل الْوُجُوب

بِدَلِيل أَنه يخرج شَاة من القطيع فَيسْقط عَنهُ الْفَرْض، وَالزَّكَاة إِمَّا أَن تجب شكر لنعمة المَال أَو مواساة للْفُقَرَاء وَهَذَا الْمَعْنى يعم كل المَال. فالشرع لم يعْتَبر النّصاب لِامْتِنَاع أَن يتَعَلَّق الْوَاجِب بِالزَّائِدِ، بل حَتَّى لَا يجب فِي النَّاقِص وَصَارَ كنصاب السّرقَة. لَهُم: الزِّيَادَة لَهَا حكم نَفسهَا بِدَلِيل أَنه يتَعَلَّق بهَا وَاجِب جَدِيد إِذا بلغت قدرا مَعْلُوما، فَيجب أَن يَخْلُو عَن الْوَاجِب حَتَّى يبلغ ذَلِك الْقدر كالقدر الأول، وَاعْتِبَار النّصاب على خلاف الْقيَاس، لِأَن من ملك شَيْئا يجب أَن يواسي مِنْهُ، إِلَّا أَن النّصاب قدر لحَاجَة الْمَالِك (وَلَا حَاجَة) إِلَى مَا زَاد عَلَيْهِ. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي خمس من الْإِبِل شَاة " أَي لَا تجب فِيمَا دون

ذَلِك فَصَارَ كتعيين ربع دِينَار للْقطع، وَلَا يدل على اقْتِصَار الْقطع عَلَيْهِ دون الزَّائِد، ونقول: إِذا هلك بعير من تِسْعَة سقط بِهِ شَيْء من الشَّاة لأَنا جعلنَا الزَّائِد كالوقاية، وَذَلِكَ كالربح يَجْعَل وقاية لرأس المَال فِي الْمُضَاربَة فَبعد مَا ظهر الرِّبْح إِذا وجد خسران انحصر فِيهِ. عبارَة: جملَة لَا يجب فِيهَا أَكثر من فَرِيضَة فَإِذا تعلق جَوَاز الْأَخْذ بهَا تعلق الْوُجُوب بهَا كالأربعين.

لوحة 26 من المخطوطة أ: لَا زَكَاة فِي المستنبتات إِلَّا فِي ثَلَاثَة: الرطب، وَالْعِنَب، وَمَا يصلح للخبز من الْحُبُوب وَفِيه الْعشْر إِن سقيت سيحا، وَإِن سقيت نضحا فَنصف الْعشْر يخرج ذَلِك بعد الْجَفَاف أَو بالخرص، إِذا اخْتلفت أَصْنَاف التمور: أَرْبَعَة أَقْوَال أَحدهَا: يخرج من الْأَغْلَب، الثَّانِي: الْأَوْسَط، الثَّالِث: من كل وَاحِد بِقَدرِهِ، الرَّابِع: يخرج الْجيد بِالْقيمَةِ. الزَّكَاة قيل: تتَعَلَّق بِالْعينِ أَو الذِّمَّة قَولَانِ، فعلى هَذَا إِذا وَجَبت الزَّكَاة فِي النّصاب وَلم تخرج الْعَام فَفِي الْقَابِل إِن قُلْنَا: الزَّكَاة تتَعَلَّق بِالْعينِ وَلَا زَكَاة؛ لِأَن النّصاب قد نقص بِالْقدرِ الْمُسْتَحق مِنْهُ. وَإِن قُلْنَا: إِنَّهَا مُتَعَلقَة بِالذِّمةِ فَإِن كَانَ لَهُ مَال آخر بِقدر قيمَة الزَّكَاة وَجب عَلَيْهِ الزَّكَاة، وَإِن لم يكن لَهُ غير هَذَا النّصاب بنى ذَلِك على الْقَوْلَيْنِ فِي

أَن الدّين هَل يمْنَع وجوب الزَّكَاة. فَإِن قُلْنَا: يمْنَع لم يجب إِلَّا السّنة الأولة، وَإِن قُلْنَا: لَا يمْنَع وَجَبت فِي (السنين الْمُسْتَقْبلَة) . وَاعْلَم أَنه إِذا كَانَ لَهُ م هَلَكت وَاحِدَة ونتجت وَاحِدَة انْقَطع الْحول وَلَو تقدم النِّتَاج لم يَنْقَطِع، وَلَا زَكَاة فِي الْعَسَل. (قَالَ الشَّافِعِي رَضِي) الله عَنهُ: وَقت الْخرص إِذا حل البيع وَذَلِكَ حِين يتموه الْعِنَب وَيرى فِي الْحَائِط الْحمرَة والصفرة. إِذا قُلْنَا: الخارص بِمَنْزِلَة الْحَاكِم فَيجوز أَن يكون وَاحِدًا وَيعْمل بِاجْتِهَادِهِ، وَإِن قُلْنَا: هُوَ مقوم كَانَ اثْنَيْنِ، إِذا سقى تَارَة سيحا وَتارَة بِآلَة إِن كَانَ الزَّمَان (نِصْفَيْنِ فَفِيهِ) ثَلَاثَة أَربَاع الْعشْر: نصف الْعشْر من السيح، وَربع الشّعْر من الْآلَة، وَإِن اخْتلف الزَّمَان فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: يعْتَبر ذَلِك بِالنِّسْبَةِ، وَالْآخر يُؤْخَذ بالغالب وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة.

وَإِن كَانَ لَهُ قراحان أَحدهمَا سيح، وَالْآخر (بِآلَة فَإِنَّهُ) يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فِي النّصاب، وَيُؤْخَذ من السيحي الْعشْر، وَمن النضحي نصف الْعشْر، وَالْقَوْل قَول رب الزَّرْع مَعَ يَمِينه، وَيَمِينه اسْتِحْبَاب وَجها وَاحِدًا إِلَّا أَن تكون دَعْوَاهُ تخَالف الظَّاهِر. وَجَمِيع مَا يخرج من الْبَحْر لَا زَكَاة فِيهِ وَلَا فِيمَا استخرج من معادن الأَرْض كالرصاص والنحاس إِلَّا أَن يكون للتِّجَارَة فَتجب قِيمَته إِذا كَانَ لَهُ إِنَاء وَزنه 200 دِرْهَم نقره وَقِيمَته ش فَأخْرج (هـ دَرَاهِم) فضَّة من غَيره لَا يجْزِيه خلافًا لَهُم، فَإِن أَعْطَانَا ربع عشرَة مشَاعا قبلنَا، وللساعي مَا يرى من بَيْعه. وَإِن قَالَ: (أكسره وأعطيكم مِنْهُ لم) يجز لِأَنَّهُ يتْلف مَاله وَمَال الْمَسَاكِين، فَإِن أَعْطَانَا هـ دَرَاهِم فضَّة مَضْرُوبَة أَو مصاغة قيمتهَا سَبْعَة وَنصف جَازَ.

وَإِن قُلْنَا (أُعْطِيكُم سَبْعَة) وَنصفا لم يجز، لِأَنَّهُ رَبًّا، وَإِن أَعْطَانَا قيمَة ذَلِك ذَهَبا جَازَ وأخذنا الْقيمَة، لِأَنَّهُ مَوضِع حَاجَة. قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد: لَا يجوز، وَلَا (زَكَاة فِي السمسم والسلت ضرب من الشّعير يضم إِلَيْهِ. فِي السُّيُوب الْخمس، قيل: هِيَ عروق الذَّهَب وَالْفِضَّة ينساب فِي الأَرْض) .

المسألة الواحدة والسبعون عا

(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَالسَّبْعُونَ: (عا)) . إِذا مَاتَ من عَلَيْهِ زَكَاة قبل أَدَائِهَا. الْمَذْهَب: لَا تسْقط وَتخرج من مَاله. عِنْدهم: تسْقط فِي أَحْكَام الدُّنْيَا فَإِن أوصى بهَا أخرجت من الثُّلُث. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حق للْفَقِير فَلَا يسْقط بِالْمَوْتِ كالعشر وَالزَّيْتُون، ذَلِك لِأَن الزَّكَاة تحقق وُجُوبهَا فِي حَال الْحَيَاة وَالْمَوْت لَا تَأْثِير لَهُ فِي إبِْطَال الْحُقُوق، ثمَّ هَذَا الْحق هَل يعقل وُجُوبه بعد الْمَوْت أم لَا، إِن لم يعقل فليلغ مَعَ الْوَصِيَّة بِهِ، وَإِن عقل فليثبت من غير وَصِيَّة. لَهُم: عبَادَة مَحْضَة فَسَقَطت بِالْمَوْتِ كَالصَّوْمِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حق للْفَقِير، بل رزق الْفَقِير على الله تَعَالَى، وَالْعشر عندنَا فِي معنى الزَّكَاة فَسقط وَإِن قُلْنَا لَا يسْقط فَهُوَ مؤونة الأَرْض. مَالك:. أَحْمد:.

التكملة: اعتذروا عَن الْوَصِيَّة بِأَن الْوَاجِب وَإِن كَانَ عبَادَة إِلَّا أَن أَدَّاهَا من المَال ويمكنه أَن يَأْمر غَيره بِالْأَدَاءِ من مَاله فِي حَيَاته، فَكَذَلِك بعد وَفَاته وَلِأَنَّهُ ظهر وُجُوبه فِي حق الْوَرَثَة خرج من الثُّلُث فَنَقُول: الاحتساب من الثُّلُث خَارج عَن قِيَاس المذهبين، فَإِن مَا يُؤدى إِن كَانَ غير مَا وصّى بِهِ فَلَا يلْزم وَإِن كَانَ مَا وصّى بِهِ فَإِنَّمَا وصّى بِالزَّكَاةِ وَهِي من رَأس المَال، أَلا ترى أَنه لَو أَدَّاهَا فِي مرض مَوته حسبت من رَأس المَال؟

فارغة

المسألة الثانية والسبعون الحلي المباح عب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسَّبْعُونَ: الْحلِيّ الْمُبَاح (عب)) . الْمَذْهَب: لَا زَكَاة على القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " لَيْسَ فِي الْحلِيّ زَكَاة "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " زَكَاة الْحلِيّ إعارته ". لَهُم: قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: دخل عَليّ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي يَدي فتخات من ورق فَقَالَ: أتؤدين زَكَاتهَا؟ فَقلت: لَا. فَقَالَ: هِيَ حَسبك من النَّار.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَصْرُوف عَن جِهَة النَّمَاء إِلَى جِهَة ابتذال مُبَاح فَلَا تجب فِيهِ الزَّكَاة كأموال التِّجَارَة إِذا صرفت إِلَى البذلة، بَيَانه: أَن مَحل الزَّكَاة مَال نَام للمواساة وَهَذَا لِأَن الزَّكَاة وَجَبت بِصفة الْيُسْر، وَلِهَذَا اعْتبر الْحول والنماء بالتقلب. لَهُم: حكم يتَعَلَّق بِالذَّهَب وَالْفِضَّة، فَتعلق بِالْعينِ مِنْهُمَا كالربا، وَدَلِيل تعلقه بِالْعينِ وُجُوبه بملكها، بِدَلِيل التبر والسبائك وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَنَّهَا خلقت أَمْوَال تِجَارَة فَلَا تَتَغَيَّر. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: منهاج الْكَلَام الْمَعْهُود بَيَان عِلّة الزَّكَاة فِي النَّقْدَيْنِ، وَبَيَان انتفائها فِي مَحل النزاع فَنَقُول: الزَّكَاة وَجَبت ارفاقا بالفقير وَلَا يُؤمر الْإِنْسَان أَن يرفق بِغَيْرِهِ ويضيع نَفسه، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " ابدأ بِنَفْسِك " فأداء المَال الْمُسْتَغْرق لحاجات الْإِنْسَان لَا ينتهض سَببا للْوُجُوب غير أَن حَقِيقَة الْحَاجة لَا يُمكن اعْتِبَارهَا فَلَا بُد من مرد ظَاهر قدرا وجنسا. أما الْجِنْس فَالْمَال قِسْمَانِ: فَمِنْهُ مَا يشْتَمل على مَنَافِع فيطلبه الْإِنْسَان لعَينه وَهُوَ مَال الْقنية، وَالْآخر مَا يَنْفَكّ عَن الْمَنَافِع كالنقود، فَإِذا صرف من جِهَته صَار إِلَى مَا صرف إِلَيْهِ وَنظر إِلَى الْحَال الراهنة وَهُوَ صرفه من جِهَته الخلفية بِقصد صَحِيح شَرْعِي فَتَارَة يرصد للتِّجَارَة فَيلْحق بأموالها، وَتارَة يصرف إِلَى التحلي فَيلْحق بِثِيَاب البذلة، وَلَا يلْزم الْحلِيّ الْحَرَام، لِأَنَّهُ لَيْسَ قنية شرعا.

وعَلى هَذَا يمْنَع إِذا علفت السَّائِمَة بعلف مَغْصُوب، ونقول: تجب الزَّكَاة وَإِن سلمنَا فَإِنَّمَا سَقَطت الزَّكَاة لصفة السّوم وَلَا تَحْرِيم فِيهِ، ونقول: الذَّهَب إِذا سبك لم يكْتَسب صُورَة بل عدم صُورَة.

المسألة الثالثة والسبعون العشر والخراج عج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسَّبْعُونَ: الْعشْر وَالْخَرَاج (عج)) . الْمَذْهَب: يَجْتَمِعَانِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بناضح نصف الْعشْر "، هَذَا دَلِيل إِيجَاب الْعشْر، وَالْخَرَاج مُتَّفق عَلَيْهِ. لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج فِي أَرض مُسلم "،

وَلم ينْقل عَن أحد من الْأَئِمَّة أَنه جمع بَينهمَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حقان اخْتلفَا سَببا وَقدرا ووصفا ومصرفا فَجَاز أَن يجتمعا كالتاجر فِي حَانُوت غَيره تجب عَلَيْهِ الْأُجْرَة وَالزَّكَاة، بَيَانه: أَن الْعشْر فِي الْخَارِج وَالْخَرَاج فِي الأَرْض ومصرف الْعشْر السهْمَان، ومصرف الْخراج الْجند. لَهُم: الْخراج وَالْعشر وظيفتا الأَرْض وَالسَّبَب الْوَاحِد لَا يُوجب حكمين مُخْتَلفين كَمَا لَو جعل نِصَاب السَّائِمَة للتِّجَارَة. وتأثيره أَنه يُؤَدِّي إِلَى تَثْنِيَة الْوَاجِب، وَبَيَان ذَلِك: أَن سَببه الأَرْض إِضَافَته (إِلَيْهَا وإضافتها) إِلَيْهِ وَالْأَرْض مَال نَام فَلَا تَخْلُو عَن وَاجِب وَلَا يثنى فِيهِ وَاجِب. مَالك: لَا يجب الْعشْر فِي أَرض خَرَاجِيَّة. أَحْمد: ق.

التكملة: نمْنَع أَن الأَرْض مَال نَام وَإِنَّمَا النامي مَا أودع فِيهَا، فَهِيَ كالحاضنة، والظئرة المَاء والهواء، فَأَما إِذا احتش مَا يبلغ نِصَابا إِنَّمَا لم تجب الزَّكَاة فِيهِ لِأَنَّهُ غير معد للنماء وَلَا هُوَ نَمَاء فِي نَفسه.

المسألة الرابعة والسبعون النصاب في المعشرات عد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ: النّصاب فِي المعشرات (عد)) . الْمَذْهَب: يعْتَبر. عِنْدهم: لَا يعْتَبر فِي كل عشر حبات حَبَّة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ من الْوَرق صَدَقَة "، وقرينة التَّقْدِير تمنع من حمله على مُطَالبَة السَّاعِي، لِأَن الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يُطَالب بهما. لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حق يجب فِي المَال وَيصرف إِلَى أهل السهْمَان فَاعْتبر فِيهِ النّصاب

كَسَائِر الْأَمْوَال، وَإِنَّمَا لم يعْتَبر فِيهِ الْحول، لِأَن الْحول يعْتَبر لتكامل النَّمَاء وَقد تَكَامل هَاهُنَا. لَهُم: حق يسْقط بتعذر الِانْتِفَاع بِالْأَرْضِ، فَلم يعْتَبر فِي وُجُوبه النّصاب كالخراج. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: إِن ألزمونا زَكَاة الرِّكَاز والمعادن منعنَا واعتبرنا النّصاب، وَإِن فرقوا بَين الْعشْر وَسَائِر الزكوات بالحول قُلْنَا: الْمَعْنى الْمُقْتَضى لاعْتِبَار النّصاب هُوَ أَن المَال الْقَلِيل لَا يحْتَمل الْمُوَاسَاة، وَهَذَا يعم جَمِيع الْأَمْوَال، وَالْمعْنَى فِي الْحول أَنَّهَا مهلة الاستنماء وَذَلِكَ يَلِيق بِمَال معد للنماء وَالزَّرْع كَانَ مُوجبا لَهُ، لِأَن كُله نما ثمَّ تبطل زَكَاة الْفطر فَإِنَّهُم اعتبروا فِيهَا الزَّكَاة دون الْحول ثمَّ جَمِيع الزكوات يتَكَرَّر وُجُوبهَا فيليق بهَا اعْتِبَار الْمَوَاقِيت دون الْعشْر الْوَاجِب مرّة وَاحِدَة فَصَارَ ذَلِك كَمَا فِي الْحَج وَالصَّلَاة.

فارغة

المسألة الخامسة والسبعون كل ما يقتات غالبا ونادرا عه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسَّبْعُونَ: كل مَا يقتات غَالِبا ونادرا (عه)) . الْمَذْهَب: تجب فِيهِ الزَّكَاة، وَفِي الزَّيْتُون قَولَانِ. عِنْدهم: (تجب فِيمَا ينبته الْآدَمِيّ) . الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى معَاذ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بناضح أَو غرب نصف الْعشْر " يكون ذَلِك فِي الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر والحبوب، فَأَما الْبِطِّيخ والقثاء وَالرُّمَّان فعفو عَفا عَنْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} هَذَا مُطلق فِي كل مَا يحصد وتقييده بِخَبَر الْوَاحِد نسخ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الزَّكَاة تخْتَص بِمَا يكثر نَفعه وَلِهَذَا وَجَبت فِيمَا لَهُ در ونسل وَلم تجب فِي الْخَيل والحمر، وَكَذَلِكَ كَثْرَة النَّفْع فِي الْحُبُوب دون الْخضر بِدَلِيل اختصاصها بِخَمْسَة أوسق. لَهُم: أحد الواجبين الْمُعَلق على الأَرْض على الزَّرْع فعلق الْفَوَاكِه والخضروات كالخراج فَهُوَ مجمع عَلَيْهِ فِي هَذِه الْأَمْوَال، وتأثيره أَن الْعشْر مؤونة الأَرْض والمقتات والفواكه فِيهِ وَاحِد. مَالك: ق.

أَحْمد: الثِّمَار الَّتِي تكال وَأوجب فِي اللوز لَا الْجَوْز. التكملة: مأخذهم أَن الْعشْر وَاجِب الأَرْض بِاعْتِبَار أَنَّهَا مَال نَام، وَهَذَا يَقْتَضِي أَن تجب فِي كل نما أَرض إِلَّا مَا ورد فاستثنى بِهِ نَص كالحشيش والحطب، وورق الفرصاد، وقصب السكر، ومأخذنا أَن الْمُوجب للعشر هُوَ ملك الزَّرْع وَالْأَصْل نفي الْعشْر عَن الْجَمِيع إِلَّا مَا ورد فِيهِ الدَّلِيل، وَالْعقد الْإِجْمَاع فِي الأقوات وَلم نستبن أَن الخضروات بمثابتها لاختلافهما فِي مساس الْحَاجة.

فارغة

كتاب الصيام

(كتاب الصّيام)

فارغة

لوحة 27 من المخطوطة " أ ": ذهب أَكثر أَصْحَابنَا بل عامتهم أَن بَيَان مَا شرع الله من الْأَحْكَام على جَمِيع الْمُكَلّفين أَو بَعضهم من الْوَاجِب وَالنَّدْب والمباح والمحظور وَاجِب على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَلَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة. نعم اخْتلفُوا فِي جَوَاز تَأْخِير بَيَان الْمُجْمل من الْخطاب، وَبَيَان تَخْصِيص الْعُمُوم إِذا أُرِيد بِهِ الْخُصُوص عَن وَقت وُرُود الْخطاب إِلَى وَقت الْحَاجة إِلَى التَّنْفِيذ، فَمنع من ذَلِك بعض أَصْحَابنَا كالمزني والصيرفي، وَأَجَازَ ذَلِك أَكثر الْأَصْحَاب لذكر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بَيَان أَرْكَان الصَّلَاة وهيئاتها عَن وَقت الزَّوَال إِلَى أَن بَينهَا بِفِعْلِهِ، ثمَّ قَالَ: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ". وَالدَّلِيل من الْكتاب قَوْله تَعَالَى: {آلر كتاب أحكمت آيَاته ثمَّ فصلت} ، وَالتَّفْصِيل إِنَّمَا هُوَ تَفْسِير الْمُجْمل وَتَخْصِيص مَا أُرِيد تَخْصِيصه وَتَقْيِيد مَا أُرِيد تَقْيِيده، وَاعْلَم أَنه إِذا قَالَ: أَنا صَائِم إِن شَاءَ الله إِن جعل شرطا لم يَصح، وَإِن أَرَادَ أَن فعل ذَلِك مَوْقُوف على مَشِيئَة الله صَحَّ.

من طلع الْفجْر عَلَيْهِ وَهُوَ مجامع وَنزع لم يبطل صَوْمه، لِأَن النزع ترك الْفِعْل فَهُوَ كَمَا لَو حلف لَا لبست الثَّوْب فاشتغل بنزعه. الرِّيق: إِذا جمعه فِي فِيهِ ثمَّ ابتلعه هَل يفْطر؟ وَجْهَان: إِذا نقل البلغم من صَدره، أَو من رَأسه إِلَى فِيهِ إِن ابتلعه أفطر، إِذا قدم من سَفَره فَوجدَ زَوجته طَاهِرا من الْحيض فَوَطِئَهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أُبِيح لَهُ الْإِفْطَار، إِن وطئ امْرَأَة وَهِي نَائِمَة لم تفطر وَيجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة، فَإِن أكرهها بِحَيْثُ لَا تقدر تمْتَنع لم تفطر، وَإِن خوفها فأطاعته فَفِي إفطارها قَولَانِ. إِذا وطئ فِيمَا دون الْفرج فَأنْزل أفطر وَلَا كَفَّارَة، وَإِن فعل ذَلِك فِي الدبر أَو فِي بَهِيمَة أفطر وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة خلافًا لَهُم. قَالُوا: لِأَنَّهُ وَطْء لَا يحصل بِهِ الْإِحْصَان وَلَا الْإِحْلَال. الْحَامِل والمرضع إِذا خافتا على أَنفسهمَا فأفطرتا وَجب عَلَيْهِمَا الْقَضَاء دون الْكَفَّارَة، وَإِن خافتا على ولديهما فأفطرتا فَالْمَشْهُور من الْمَذْهَب

يقبل بعض نسائه وهو صائم وكان أملككم لإربه قال عروة فقلت لعائشة ومن هي إلا أنت فضحكت إذا تلذذ بالنظر فأنزل لم يفطر إذا استمنى أفطر ولا كفارة قال النبي عليه السلام استعينوا بقائلة النهار على قيام الليل وبالسحور

(أَن) عَلَيْهِمَا الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة، وَتكره الْقبْلَة للصَّائِم إِن حركت شَهْوَته. قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبل بعض نِسَائِهِ وَهُوَ صَائِم، وَكَانَ أملككم لإربه، قَالَ عُرْوَة، فَقلت لعَائِشَة: وَمن هِيَ إِلَّا أَنْت، فَضَحكت. إِذا تلذذ بِالنّظرِ (فَأنْزل لم يفْطر) . إِذا استمنى أفطر وَلَا كَفَّارَة، قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " اسْتَعِينُوا بقائلة النَّهَار على قيام اللَّيْل، وبالسحور على صَوْم النَّهَار ". وَيجوز للْمُسَافِر أَن يَصُوم وَهُوَ عندنَا أفضل خلافًا لِأَحْمَد. من جَازَ لَهُ الْإِفْطَار فِي رَمَضَان لعذر ثمَّ زَالَ الْعذر وَهُوَ مفطر لم يجب عَلَيْهِ الْإِمْسَاك بَقِيَّة النَّهَار، بل يَأْكُل حَيْثُ لَا يرَاهُ أحد كالمسافر إِذا قدم وَالْحَائِض إِذا طهرت.

المسألة السادسة والسبعون تبييت النية عو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسَّبْعُونَ: تبييت النِّيَّة (عو)) . الْمَذْهَب: لَا يَصح صَوْم شهر رَمَضَان إِلَّا بنية ليلية، وَكَذَا نذر صَوْم يَوْم بِعَيْنِه. عِنْدهم: يَصح بنية نهارية فيهمَا جَمِيعًا، فَأَما النّذر الْمُطلق وَالْقَضَاء فيفتقر إِلَى نِيَّة ليلية. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من لم يجمع الصّيام من اللَّيْل فَلَا صِيَام لَهُ " وروى من لم ينْو الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صَوْم لَهُ، وَلَا صِيَام لمن لم يبيت

الصّيام من اللَّيْل، وَلم يرد إِمْسَاكه جُزْء من اللَّيْل، لِأَن ذَلِك غير مَطْلُوب، وَحمله على الْقَضَاء وَالنّذر بَاطِل، لِأَن كَلَام الشَّارِع يحمل على مَا هُوَ ركن. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} ، وَهَذَا قد صَامَ لِأَن الصَّوْم عبارَة عَن الْإِمْسَاك، وروى أَن أَعْرَابِيًا شهد عِنْد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِرُؤْيَة الْهلَال نَهَارا فَأمر أَن يُنَادي من أكل فليمسك، وَمن لم يَأْكُل فليصم، وَكَذَلِكَ فعل فِي عَاشُورَاء. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يَأْتِ بِالْوَاجِبِ فَلم يخرج عَن عهدته، إِذْ الْفَرْض صَوْم الْيَوْم كُله وَقد صَامَ بعضه حَيْثُ الصَّوْم إمْسَاك مَعَ نِيَّة، وَمَتى وجدت ضحوة لم يرجع إِلَى مَا فَاتَ لِأَن النِّيَّة عَزِيمَة على الْفِعْل ووقتها وَقت إنشائها.

لَهُم: النِّيَّة ضحوة وَقد قارنت الصَّوْم صُورَة فَيَنْبَغِي أَن تصح كالنفل، بَيَانه: أَن أول النَّهَار مُعْتَاد إِمْسَاكه وَالْمَشَقَّة فِي آخِره، وَإِنَّمَا اعْتبر إمْسَاك أَوله ليصير آخِره صوما فَهُوَ تَابع ومقارنة النِّيَّة للتابع لَيست شرطا فَتَصِح النِّيَّة نَهَارا مَعَ هَذَا خوفًا من فَوَات الْعِبَادَة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: الْعِبَادَة فِي حكم الصِّحَّة وَالْفساد وَاحِدَة لَا تتجزأ، وَالنِّيَّة قصد التَّقَرُّب بِالْفِعْلِ وَلم يشْتَرط بِالْإِجْمَاع اقترانها بِجَمِيعِ الْعِبَادَة، بل اكْتفى بِجُزْء وَاحِد وَجَمِيع الْأَجْزَاء سَوَاء، وَلذَلِك صَحَّ النَّفْل بنية نهارية، وَإِنَّمَا اخْتصّت النِّيَّة فِي بعض الْعِبَادَات بأولها لِأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى تعْيين، وَمحل

النزاع اسْتغنى عَن ذَلِك بِتَعْيِين الْوَقْت. الْجَواب: الأَصْل اعْتِبَار النِّيَّة المحققة فِي جَمِيع الْعِبَادَة، فَإِن تَصْحِيح الْقرْبَة دون قصد الْقرْبَة بعيد غير أَن الشَّرْع علم مَا فِي الاستدامة من الْمَشَقَّة فَاكْتفى بِالنِّيَّةِ فِي الْخَبَر الأول فَتكون مَوْجُودَة فِي جَمِيع الْعِبَادَة بَعْضهَا حَقِيقَة وَبَعضهَا حكما، وَفِي مَحل النزاع تضييق النِّيَّة على أول الْوَقْت مُمْتَنع فنقلت إِلَى مَا قبله وَقدر بَقَاؤُهَا، وَلَو جَازَ تَأْخِيرهَا مَا جَازَ تَقْدِيمهَا، فَإِذا نوى لَيْلًا فقد اشْتَمَلت النِّيَّة على جَمِيع النَّهَار وَنِيَّة النَّهَار يتعطل بهَا جُزْء مِنْهُ ونمنع تعْيين الْيَوْم للصَّوْم، فَإِن الْمُسَافِر يَصُوم فِيهِ نفلا، وَلنَا فِي التَّنَفُّل منع وَإِن سلمنَا فَهُوَ صَائِم من وَقت النِّيَّة وَالْأول إمْسَاك.

فارغة

المسألة السابعة والسبعون تعيين النية عز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ: تعْيين النِّيَّة (عز)) . الْمَذْهَب: لَا يتَأَدَّى إِلَّا بنية مُعينَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى ". لَهُم: الْآيَة العزيزية. وَالصَّوْم عبارَة عَن الْإِمْسَاك مَعَ النِّيَّة وَقد وجد.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: صَامَ من غير نِيَّة فَلَا يَصح صَوْمه، ويعنى بِالصَّوْمِ الْإِمْسَاك فِي بَيَاض النَّهَار ونقول: عبَادَة يشْتَرط تعْيين النِّيَّة فِي قَضَائهَا فَاشْترط تعْيين النِّيَّة فِي أَدَائِهَا كَالصَّلَاةِ، وَلَا يلْزم الْحَج، لِأَنَّهُ يشْتَرط تعْيين النِّيَّة فِي قَضَائِهِ، ونقول: فقد شَرط الْعِبَادَة فَلم تصح. لَهُم: صَوْم عين فصح بِمُطلق النِّيَّة كالنفل، فَإِن من أصبح غير ناو وَأطلق النِّيَّة انْصَرف إِلَى النَّفْل وَالْوَاجِب عَلَيْهِ صَوْم وَمَتى أَتَى بِهِ لَا يبْقى عَلَيْهِ شَيْء، وَتَعْيِين الزَّمَان يُغني عَن تعْيين النِّيَّة، وَلَا فرق بَين تعْيين الزَّمَان وَتَعْيِين الْمَكَان. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: مطلع النّظر الْبَحْث عَن حَقِيقَة النِّيَّة وَوجه الافتقار إِلَيْهَا وَالنِّيَّة على ضَرْبَيْنِ: تقرب وتمييز، أما التَّقَرُّب فَفِي الْعِبَادَات إخلاص الْعَمَل لله تَعَالَى، وَأما التَّمْيِيز كَمَا فِي الدُّيُون فَإِنَّهُ يحْتَمل التَّمَلُّك هبة وَقَضَاء وَفِي مَحل النزاع

لَا خلاف أَن النِّيَّة للتقرب نفي الزَّائِد من كَونه فرضا أَو نفلا أَو قَضَاء فتبييته بِالنِّيَّةِ فالخصم اعْتبر نِيَّة التَّمْيِيز وَقد اسْتغنى فِيهَا بِالْوَقْتِ الْمُتَعَيّن، وَنحن نقف مَعَ نِيَّة التَّقَرُّب الَّتِي لَا يجوز أَن تَخْلُو الْعِبَادَة مِنْهَا، إِن ألزمونا الْوضُوء وَالْحج عبادات بنية مُطلقَة. الْجَواب: أَن نقُول الْوضُوء رفع الْحَدث أَو اسْتِبَاحَة الصَّلَاة، وكل ذَلِك لَا يَنْقَسِم إِلَى فرض وَنفل. أما الْحَج فَلَا يلْزم فَإِن نزاعنا وَقع فِي فعل مَأْمُور بأوامر مُخْتَلفَة وَلَا بُد من امْتِثَال ذَلِك الْأَمر بِالْقَصْدِ وَالْحج لَيْسَ من قبيل الْأَمر بِالْفِعْلِ بل ذَات الْمَأْمُور مُسْتَحقَّة الْحُضُور بالمناسك.

المسألة الثامنة والسبعون المطاوعة في شهر رمضان عج

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسَّبْعُونَ: المطاوعة فِي شهر رَمَضَان (عج)) . الْمَذْهَب: لَا تلزمها الْكَفَّارَة على الْمَنْصُور. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: خبر الْأَعرَابِي وَقَوله: هَلَكت وأهلكت، قَالَ: " مَاذَا صنعت؟ " قَالَ: واقعت أَهلِي فِي نَهَار رَمَضَان، فَقَالَ لَهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أعتق رَقَبَة "، وَلم يتَعَرَّض للْمَرْأَة وَلَو كَانَ عَلَيْهَا شَيْء لذكره. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من أفطر فِي نَهَار رَمَضَان فَعَلَيهِ مَا على

الْمظَاهر "، وَهَذِه قد أفطرت فعلَيْهَا الْكَفَّارَة الَّتِي على الْمظَاهر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمَرْأَة سبق فطرها جِمَاعهَا فَصَارَ كَمَا لَو ابتلعت حَصَاة ثمَّ جومعت وَالْكَفَّارَة كَفَّارَة وقاع، وَهَذِه مواقعة لَا مواقعة لِأَن الْوَطْء من الرجل وَهِي مُمكنَة والتمكين من الْفِعْل دون الْفِعْل كالتمكين من الْقَتْل. لَهُم: اسْتَويَا فِي سَبَب الْكَفَّارَة فاستويا فِي وُجُوبهَا، دَلِيله الوقاع فِي حَالَة الْإِحْرَام بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يجب على كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفَّارَة الْإِحْرَام، ذَلِك لِأَن الاسْتوَاء (فِي السَّبَب يَقْتَضِي الاسْتوَاء) فِي الحكم وإفطارها كإفطاره. مَالك: ف. أَحْمد: ق.

التكملة: مطلع النّظر تَحْقِيق المناط فِي مَحل الْإِجْمَاع من قصَّة الْأَعرَابِي ويشتمل على أَوْصَاف كَثِيرَة واختلافنا فِي وصف وَاحِد وَهُوَ كَونه وقاعا فَنحْن نعتبره، والخصم يعْتَبر عُمُوم وصف الْإِفْسَاد، وَقد يوافقون فِي اعْتِبَار الوقاع وَيدعونَ أَن الْمَرْأَة فِيهِ كَالرّجلِ. وَقد نوافقهم على أَن المناط (مُطلق الْإِفْسَاد) ، وندعي أَنه هُوَ أفسد صَومهَا، ثمَّ الْكَفَّارَة تترتب على الوقاع المهلك وَإِنَّمَا وجد من الزَّوْج وَالْمَرْأَة مَحَله حَتَّى لَا يَصح مِنْهَا أَن يَقُول واقعت وَانْتِفَاء الْعلَّة يُوجب انْتِفَاء الْمَعْلُول ويتأيد هَذَا الْفَصْل بالعاقلة إِذا مكنت مَجْنُونا فَإِن الْحَد سَاقِط عَنْهَا عنْدكُمْ فَإِن ناقضونا بِحَدّ الزِّنَى وَكَونه يعمهما إِمَّا لِأَن الْفِعْل مُشْتَرك بَينهمَا، أَو لِأَن تمكينها بِمَنْزِلَة الْفِعْل. قُلْنَا: الْحَقَائِق لَا تنْتَقض بِالْأَحْكَامِ، وَالصَّحِيح أَنه فَاعل فعل الْإِيلَاج وَالْمَرْأَة مُمكنَة إِلَّا أَن الشَّرْع لقب تمكينها زنى وربط بِهِ الْحَد وَذَاكَ إِلَيْهِ، بَقِي إِذا ألحقت بِهِ هُنَاكَ فلتلحق بِهِ هَاهُنَا.

وَالْجَوَاب: هَذَا قِيَاس وَلَا مجَال للْقِيَاس فِي الْأَسْبَاب.

المسألة التاسعة والسبعون الإفطار بالأكل والشرب عط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسَّبْعُونَ: الْإِفْطَار بِالْأَكْلِ وَالشرب (عط)) . الْمَذْهَب: لَا يُوجب الْكَفَّارَة. عِنْدهم: يُوجب بالغذاء والدواء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: الْخَبَر الشريف. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تَارِك للصَّوْم فِي بعض الْيَوْم فَلم تجب الْكَفَّارَة عَلَيْهِ، كَمَا لَو ترك

الْجَمِيع بِأَن لم ينْو لِأَن حَقِيقَة الصَّوْم ترك الْأكل لَا ترك الْجِمَاع، فالجماع من الْمَحْظُورَات، وَمنا من سلم أَن الْجِمَاع ترك الصَّوْم غير أَنه لَو طلع الْفجْر عَلَيْهِ وَهُوَ مخالط وَجَبت الْكَفَّارَة كتركه الصَّوْم فِي بعضه، وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا ترك الصَّوْم فِي كل النَّهَار بِأَن لم ينْو. لَهُم: وجد الْإِفْطَار الْكَامِل فَوَجَبت الْكَفَّارَة كالجماع، ذَلِك لِأَن الصَّائِم مَأْمُور بالكف عَن الشهوتين والجنابة بارتكابهما وَاحِد، وَقد سوى الشَّرْع بَينهمَا تَحْرِيمًا وتحليلا، وَالْكَفَّارَة عُقُوبَة فصلحت للزجر عَن الْإِفْطَار سِيمَا وشهوة الْبَطن هِيَ الْأَكْثَر وقوعا فاقتضت الزّجر عَنْهَا. مَالك: تجب الْكَفَّارَة بِكُل مَا يحصل بِهِ هتك حُرْمَة الصَّوْم إِلَّا الرِّدَّة. أَحْمد: ق. التكملة: الْكَفَّارَة لَيست فِي مُقَابلَة الْمحل حَتَّى نَنْظُر إِلَى فَوَاته ونقطع بِالنّظرِ

عَن الْفَوْت، وَإِنَّمَا الْكَفَّارَة بأزاء الْفِعْل، إِمَّا جَزَاء عَلَيْهِ أَو محوا لأثره حَتَّى يصير كَأَن لم يكن، وَهَذِه الْمُنَاسبَة فِي خُصُوص معنى الوقاع (أَكثر لِمَعْنى الْحَظْر فِيهِ فَإِن الوقاع) بِاعْتِبَار أَصله حرَام والحل عَارض وَالْأكل مُبَاح، وَالْحُرْمَة لعَارض وَلِهَذَا يقْضِي بِتَحْرِيم كل امْرَأَة لم يعرف حلهَا، وبحل كل مأكل لم تعرف حرمته، فَإِن الزِّنَا حرَام لعَينه، وَأكل مَال الْغَيْر حرَام لغيره، وَملك الْمُبَاح لَا يُغير هَذَا الْمَعْنى لِأَن فِي الْجُمْلَة فِي الْوَطْء ابتذالا هُوَ بعد الْملك كَمَا كَانَ قبل الْملك. أما من أفطر بِخَمْر فَنَقُول: النَّقْص يدل على من يسْتَدلّ بالمناسبة على اعْتِبَار الْمَعْنى فِي حق الحكم وَنحن نثبت اعْتِبَار وصف الوقاع بِالنَّصِّ يعم الشَّرْط الْمُضَاف إِلَيْهِ أَن يكون مناسبا حَتَّى يعْتَبر مَعَ السَّبَب غَايَة مَا فِي الْبَاب أَن مناسبا آخر لم يعتبره الشَّرْع وَمن يتحجر عَلَيْهِ فِيمَا يَأْخُذ ويذر.

فارغة

المسألة الثمانون ف

(الْمَسْأَلَة الثَّمَانُونَ: (ف)) . إِذا جَامع فِي يَوْمَيْنِ من رَمَضَان. الْمَذْهَب: تجب كفارتان. عِنْدهم: كَفَّارَة وَاحِدَة وَاخْتلفُوا كَمَا لَو كفر ثمَّ وطئ فِي يَوْم ثَان. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: خبر الْأَعرَابِي. وَجه الدَّلِيل كَونه لم يسْأَله دفْعَة وَاقع أَو دفعات، وَلَو اخْتلف الحكم لاستفصله، دَلِيل كَونه عُقُوبَة: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من أفطر

مُتَعَمدا "، علق الْكَفَّارَة على العمدية فَدلَّ على كَونهَا عُقُوبَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تكَرر سَبَب الْوُجُوب فتكرر الْوُجُوب كَمَا لَو ظَاهر ثمَّ ظَاهر، فَإِن الحكم مُوجب السَّبَب فَكَانَ على وَفقه وَالْيَوْم الثَّانِي كَالْيَوْمِ الأول فِي جَمِيع أَحْكَامه. لَهُم: الْكَفَّارَة تجب بهدم حُرْمَة رَمَضَان والشهر وَاحِد فَهُوَ بِمَثَابَة شَهْري التَّتَابُع، وَكَفَّارَة رَمَضَان عُقُوبَة، والعقوبات تتداخل كالحد. الدَّلِيل على كَونهَا عُقُوبَة: اعْتِبَار العمدية فِيهَا خرج عَلَيْهِ مَا لَو وطئ ثمَّ كفر فَإِنَّهُ بِمَثَابَة مَا لَو حد ثمَّ وطئ، وَكَذَا إِذا وطئ فِي رمضانين هُوَ كَمَا لَو وطئ امْرَأتَيْنِ. مَالك: ق.

أَحْمد: إِن كفر عَن الأول وَجَبت فِي الثَّانِي. التكملة: الْكَفَّارَة لَيست من قبيل الْعِبَادَات، فَإِن الْعِبَادَات مَطْلُوبَة، وَالْكَفَّارَة بِسَبَب يأباه الشَّرْع، وَلَيْسَت غَرَامَة، إِذْ الغرامات خير الْمحَال، وَالْكَفَّارَة تجب بِإِزَاءِ الْفِعْل إِجْمَاعًا، وَلِهَذَا تَتَعَدَّد فِي الْجَمَاعَة، إِذا قتلوا وَاحِدًا مَعَ اتِّحَاد الدِّيَة وَلَيْسَت عُقُوبَة، لِأَن الْعُقُوبَات تزجر عَن الْفِعْل، وَالْفِعْل إِنَّمَا يزْجر عَنهُ إِذا اتّصف بِالْحُرْمَةِ وَذَلِكَ عِنْد النَّهْي. وَالْكَفَّارَة تجب بِأَسْبَاب لَا يتَعَلَّق بهَا النَّهْي وَلَا تُوصَف بِالْحُرْمَةِ كَالْقَتْلِ الْخَطَأ، فَهِيَ إِذا جنس بِنَفسِهَا تمحو أثر الْفِعْل، ونقول: هتك حُرْمَة الشَّهْر خيال بَاطِل، وَإِنَّمَا هُوَ جنى على نَفسه وَدينه، وَمِنْهُم من يَقُول: تعدد السَّبَب يُوجب تعدد الحكم فِي الْعِبَادَات والغرامات لَا فِي الْحُدُود (وَقد يسلمُونَ تعدد الحكم، أما الاستبقاء فَفِي الْعِبَادَات والغرامات لَا الْحُدُود) . وَالْجَوَاب: أَن الأَصْل تعدد الْأَحْكَام بِتَعَدُّد الْأَسْبَاب وَأَن يَسْتَوْفِي

ذَلِك مَا لم يُوجد مَانع.

فارغة

مسائل الصيام

(مسَائِل الصّيام)

فارغة

ص 28 من المخطوطة " أ ": (الْمُكَلف الْمَحْكُوم عَلَيْهِ، وَشَرطه أَن يكون عَاقِلا يفهم الْخطاب، لِأَن التَّكْلِيف يَقْتَضِي الطَّاعَة بالإمساك، وَلَا يُمكن الْإِمْسَاك إِلَّا بِقصد النِّيَّة، وَشرط الْقَصْد الْعلم بِالْمَقْصُودِ وَفهم التَّكْلِيف، فَمن لَا يفهم كَيفَ يُقَال لَهُ: افهم، وَمن لَيْسَ لَهُ قصد صَحِيح، كَيفَ يُكَلف الْقَصْد الصَّحِيح؟ وَأما وجوب الزَّكَاة والغرامات والنفقات على الصّبيان فَلَيْسَ ذَلِك من التَّكْلِيف؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل التَّكْلِيف بِفعل الْغَيْر وَتجب الدِّيَة على الْعَاقِلَة لَا بِمَعْنى أَنهم يكلفون بِفعل الْغَيْر لَكِن بِمَعْنى أَن فعل الْغَيْر سَبَب لثُبُوت الْغرم عَلَيْهِم، وَكَذَا ملك النّصاب سَبَب لثُبُوت الزَّكَاة فِي ذمَّة الصَّبِي بِمَعْنى أَنه سَبَب لخطاب الْوَلِيّ بِالْأَدَاءِ فِي الْحَال وَسبب خطاب الصَّبِي بعد الْبلُوغ وَذَلِكَ لَا يَسْتَحِيل إِنَّمَا يَسْتَحِيل أَن يُقَال لمن لَا يفهم افهم. وَبِالْجُمْلَةِ الصَّبِي يفهم الْخطاب بِالْقُوَّةِ وَيظْهر إِلَى (الْفِعْل بِالْبُلُوغِ) وَأمر الصَّبِي بِالصَّلَاةِ إِنَّمَا هُوَ من جِهَة الْوَلِيّ فَهُوَ يُخَاطب الصَّبِي، وَإِنَّمَا تعرف السن الَّتِي يُخَاطب فِيهَا بِالشَّرْعِ وَالنَّاسِي أَيْضا غير مُخَاطب، وَكَذَا السَّكْرَان وَلُزُوم المغارم من قبيل ربط الْأَحْكَام.

وَقَوله تَعَالَى: {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} {خطاب للمنتشي، فَإِن قَالُوا} : عنْدكُمْ لَيْسَ من شَرط الْأَمر كَون الْمَأْمُور بِهِ مَوْجُودا وَعَدَمه أكد من عدم صفة فهمه. الْجَواب: الْمَعْدُوم مَأْمُور على تَقْدِير الْوُجُود لَا أَيَّة مَأْمُور فِي حَالَة الْعَدَم لَا يبعد أَن يقوم بِنَفس الْأَب طلب تعلم الْوَلَد الْعلم قبل وجود الْوَلَد فَصَارَ الْوَلَد مطالبا بذلك الطّلب. وَكَذَا اقْتِضَاء الطَّاعَة من الْعباد تعلق بهم وعَلى تَقْدِير وجودهم (فَإِذا وجدوا صَارُوا) مأمورين وَلَا يُسمى هَذَا الْمَعْنى فِي الأول خطابا إِنَّمَا يصير خطابا إِذا وجد الْمَأْمُور) . وَاعْلَم أَنه يحسن أَن يُقَال: (لمن أوصى أَوْلَاده) بالتصدق بِمَالِه أَمر فلَان أَوْلَاده بِكَذَا وَإِن كَانَ بَعضهم يعد مجنيا أَو مَعْدُوما. وَاعْلَم أَنه لَا يقف (الْإِفْطَار على الطَّعَام وَالشرَاب) فَحسب بل لَو بلع

حَصَاة أفطر والحقنة تفطر والتقطير فِي الإحليل، وَلَا يكره للصَّائِم أَن يكتحل (وَلَو وجد طعم الدَّوَاء فِي) حلقه لم يفْطر. الشَّيْخ الْهم إِذا أجهده الصَّوْم جهدا غير مُحْتَمل أفطر وَتصدق عَن كل يَوْم (مدا) وَمن وَجب عَلَيْهِ) قَضَاء رَمَضَان فجَاء رَمَضَان آخر وَلم يقْض صَامَ الْأَدَاء وَكفر عَن الْغَائِب.

المسألة الواحدة والثمانون فا

(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَالثَّمَانُونَ: (فا)) . إِذا انْفَرد بِرُؤْيَة الْهلَال ورد الْحَاكِم شَهَادَته إِن جَامع. الْمَذْهَب: وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " صومكم يَوْم تصومون " دَلِيل على أَن الْيَوْم لَيْسَ من الشَّهْر، لِأَن النَّاس مَا صاموه وَكَونه لَا يمْنَع بِرُؤْيَة الْهلَال لما رُوِيَ أَن

عمر رَضِي الله عَنهُ أَمر إنْسَانا زعم أَنه رأى الْهلَال أَن يغسل وَجهه فَفعل وَعَاد فَمَا رَآهُ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: أفطر فِي يَوْم من رَمَضَان بجماع يَأْثَم فَوَجَبت الْكَفَّارَة كَالْيَوْمِ الثَّانِي وَالدَّلِيل على وجوب صَوْمه وجوب الْقَضَاء عَلَيْهِ، وَفطر غَيره لَا يلْزمه، كَمَا لَو شرب خمرًا يحسبها الْغَيْر مَاء أَو وطئ أَجْنَبِيَّة يحسبها النَّاس زَوجته. لَهُم: أفطر بِشُبْهَة فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ كَمَا لَو تسحر يظنّ أَنه ليل فَلم يكن ذَلِك لِأَن الْكَفَّارَة فِي الصَّوْم عُقُوبَة، وَالدَّلِيل على الشُّبْهَة أَن الشَّهْر فِي حق غَيره شعْبَان، بِدَلِيل أَنه لَو عد النَّاس مَعَه تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا فَلم يرَوا الْهلَال لزمَه الصَّوْم مَعَهم. مَالك: أَحْمد:

التكملة: دَلِيل على كَونه من شهر رَمَضَان صلَاته واستثناؤه عَن تثبيت النِّيَّة وتعيينها عِنْدهم وَلُزُوم قَضَائِهِ بنية رَمَضَان، إِذا فَاتَ، أما هم فَيَقُولُونَ لما رد الْحَاكِم شَهَادَته حكمنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ من رَمَضَان كَيْلا يكون فِي حق شخص من شعْبَان، وَفِي حق آخر من رَمَضَان، وَلَعَلَّه أَخطَأ فِي النّظر، وَإِنَّمَا ألزمناه فِي الصَّوْم شَرَائِطه احْتِيَاطًا. الْجَواب: الرُّؤْيَة مدرك من مدارك الْعلم حَتَّى لَو أَن أهل قَرْيَة رَأَوْا الْهلَال لَزِمَهُم الصَّوْم، وَإِن لم يلْزم غَيرهم على مَسَافَة الْقصر، ويستحيل أَن يُقَال: انْتِفَاء الْغَلَط لكثرتهم، فَإِن الْكَثْرَة تَنْفِي احْتِمَال الْكَذِب لَا الْغَلَط فَإِن الْغَلَط جَار، أما إِذا لم ير الْهلَال فِي تَاسِع وَعشْرين فَإِنَّهُ يفْطر سرا خيفة التُّهْمَة.

فارغة

المسألة الثانية والثمانون غب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّمَانُونَ: (غب)) . إِذا وصل إِلَى جَوْفه بمضمضة أَو إِكْرَاه. الْمَذْهَب: لَا يفْطر فِي القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: يفْطر إِن كَانَ ذَاكِرًا للصَّوْم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ " وَالْخَطَأ لَا يرْتَفع إِنَّمَا نرفعه من حَيْثُ الْمَعْنى، وَلَا نعلق بِهِ حكما. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الصَّوْم مِمَّا ولج، وَالْوُضُوء مِمَّا خرج "، وَقَالَ

للقيط: " بَالغ فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق إِلَّا أَن تكون صَائِما فارفق "، وَإِنَّمَا نهى مَخَافَة الْوَاصِل. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وصل الْوَاصِل إِلَى جَوْفه بِغَيْر اخْتِيَاره فَلم يفْطر كَمَا لَو طَار إِلَى حلقه ذُبَابَة. لَهُم: لَو بَالغ أفطر لَا بالمبالغة بل بالواصل، وَكَذَا إِن لم يُبَالغ إِذْ الحكم مَعَ الْوَاصِل كَمَا قُلْنَا فِي الْقبْلَة نهى عَنْهَا الشَّاب، وَرخّص فِيهَا للشَّيْخ، ثمَّ إِن الشَّيْخ لَو قبل أفطر، عبارَة: وصل الْوَاصِل إِلَى جَوْفه وَهُوَ ذَاكر فَأفْطر

قِيَاسا على مَا لَو ظن أَنه ليل. مَالك: أَحْمد: التكملة: الصَّوْم فعل أَمر العَبْد بِهِ وَهُوَ الْكَفّ، والإفطار فعل هُوَ ترك الصَّوْم وَفعله مَا تعلق بقدرته وَقس على النَّاسِي الله أطعمك وسقاك، وَالْأَصْل أَن من لَا يفعل شَيْئا لَا يُضَاف إِلَيْهِ، وحافر الْبِئْر فِي ملك الْغَيْر أضيف إِلَيْهِ لتعديه، قَوْلهم: الصَّوْم مِمَّا يلج، يرد عَلَيْهِ الاستقاء عِنْدهم النَّاسِي على خلاف الْقيَاس، وَإِلَّا الْفطر قد وجد. وحرف المسالة أَن عندنَا كَمَا لَا يدْخل فِي الصَّوْم إِلَّا بِقصد لَا يخرج مِنْهُ إِلَّا بِقصد، وَعِنْدهم يحصل الْإِفْطَار بالمنافي.

فارغة

المسألة الثالثة والثمانون فج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالثَّمَانُونَ: (فج)) . الْمَجْنُون إِذا أَفَاق فِي أثْنَاء الشَّهْر. الْمَذْهَب: لَا يلْزمه قَضَاء مَا فَاتَ من أَيَّام الشَّهْر. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث " رفع التَّكْلِيف عَن الْمَذْكُورين وَيَقْتَضِي رفع مُطلق الْوُجُوب، وَاسْتثنى من ذَلِك النَّائِم بِدَلِيل. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَقد تحقق شُهُوده حَيْثُ أَفَاق فِي بعضه إِذْ كَانَت إِضَافَة وجوب الصَّوْم إِلَى الشَّهْر إِضَافَة مُطلقَة، وَهَذَا يدل على السَّبَبِيَّة، لِأَن الحكم أخص بِسَبَبِهِ من شَرطه، لِأَن السَّبَب مُوجب وَالشّرط غير مُوجب.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْإِيجَاب لَا يتَنَاوَل زمن الْجُنُون، فَإِذا أَفَاق لَا يتَنَاوَل الْإِيجَاب الزماني الْمَاضِي كَالصَّبِيِّ بلغ فِي بعض الشَّهْر، ذَلِك لِأَن الْإِيجَاب بخطاب الشَّرْع، لِأَنَّهَا عبَادَة سمعية، وَالْخطاب سَاقِط، وَالْوُجُوب بِالْخِطَابِ لَا بالأسباب، والمتكرر بِمُطلق الْأَمر. لَهُم: الْجُنُون يمْنَع من فهم الْخطاب فَلَا يمْنَع الْوُجُوب وَالْأَدَاء، إِذْ التَّصَوُّر كَالصَّوْمِ، لِأَن أَسبَاب الْأُمُور الحسية كالوقت للصَّلَاة، وَالْمَال لِلزَّكَاةِ وَإِذا حصلت حصل الْمُسَبّب، وَلِأَنَّهَا تَتَكَرَّر بِتَكَرُّر الْأَوْقَات، وَإِنَّمَا سقط الْقَضَاء إِذا أَفَاق بعد الشَّهْر للْحَرج، وندعي أَنه مُخَاطب. مَالك: إِذا فَاتَ الشَّهْر فِي حَال حَيَاته فَعَلَيهِ الْقَضَاء. أَحْمد: وَافق مَالِكًا.

التكملة: قَالُوا: خطاب الْأَدَاء التمَاس الْفِعْل من الْمُكَلف، وَالْمَجْنُون لَيْسَ أَهلا لَهُ، وخطاب الْوُجُوب الْإِثْبَات فِي الذِّمَّة، وَذمَّة الْمَجْنُون صَحِيحَة. الْجَواب: هَذَا التَّقْسِيم مَقْبُول فِي الْمُعَامَلَات، فَإِن الْوَاجِب مثلا مَال مُقَدّر فِي الذِّمَّة، والعبادات لَيْسَ فِيهَا إِلَّا خطاب وَاحِد، وَهُوَ طلب الْفِعْل، وَالْفرق بَينهمَا أَن المَال الْمُؤَدى غير فعل الْأَدَاء، وَهَاهُنَا الْفِعْل الْمُؤَدِّي عين فعل الْأَدَاء، وَقد وَقع الِاشْتِرَاك فِي اللَّفْظ فَإِنَّهُ يُقَال: أَدَاء المَال وَأَدَاء الصَّلَاة فيظن أَن الْمُؤَدى فِي الصَّلَاة غير الْأَدَاء، والعذر عَن النَّائِم (أَن الشَّرْع) أدَار الْخطاب مَعَ الْعقل والنائم عَاقل، بِدَلِيل أَنه لَو روعه مُنَبّه فَزَالَ عقله وَجب عَلَيْهِ الضَّمَان، وَنسبَة النَّائِم إِلَى الْمَجْنُون نِسْبَة الْمُقَيد إِلَى الزَّمن. حرف الْمَسْأَلَة عندنَا الْوُجُوب يتلَقَّى من خطاب الشَّرْع وَلَا خطاب فِي حق الْمَجْنُون، وَعِنْدهم يتلَقَّى من الْأَسْبَاب.

فارغة

المسألة الرابعة والثمانون فد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ: (فد)) . إِذا شرع فِي صَلَاة أَو صَوْم تطوع. الْمَذْهَب: لَا يلْزمه إِتْمَامه وَلَا قَضَاؤُهُ إِن أفْسدهُ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رَوَت أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كنت عِنْد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأتي بقدح فِيهِ شراب فَشرب وناولني فَشَرِبت، وَقلت: يَا رَسُول الله أذنبت ذَنبا فَاسْتَغْفر لي، فَقَالَ: " مَا فعلت؟ "، قلت: كنت صَائِمَة، قَالَ: " أعن قَضَاء؟ ". قلت: لَا. فَقَالَ: " لَا يَضرك ".

لَهُم: قَالَت عَائِشَة: كنت وَحَفْصَة صائمتين فأهدى لنا طَعَام فأكلنا فَدخل النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فابتدرتني حَفْصَة وَكَانَت بنت أَبِيهَا فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: " اقضيا يَوْمًا مَكَانَهُ "، وَدخل عَليّ ذَات يَوْم فَقَالَ: " إِنِّي صَائِم " فأهدي لنا حيس، فَقَالَ: " إِنِّي آكل وأقضي يَوْمًا ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تَارِك للصَّوْم فِي بعض الْيَوْم فَلَا يزِيد على ترك الْجَمِيع أما الْإِكْرَام والالتزام فَلَا يُوجد إِثْم إِنَّه عبَادَة لَا يجب الْمُضِيّ فِيهَا مَعَ الْإِفْسَاد فَلَا

تلْزم بِالشُّرُوعِ يخرج عَلَيْهِ الْحَج فَإِنَّهُ يمْضِي فِيهِ مَعَ الْإِفْسَاد. لَهُم: عبَادَة تلْزم بِالنذرِ فتلزم بِالشُّرُوعِ كَالْحَجِّ، وَإِذا شرع فِي صَوْم نفل فَأول جُزْء أَتَى بِهِ انْعَقَد قربَة، والقرب لَا يجوز إِبْطَالهَا، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} . مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: يلْزمهُم إِذا شرع فِي صَوْم ظن أَنه وَاجِب عَلَيْهِ حَيْثُ لَا يلْزمه الْمُضِيّ فِيهِ، عِنْدهم أَن الْغرم يلْزم كالنذر، وَإِن كَانَ النّذر يلاقي كل يَوْم وَالْغُرْم بعضه. قَالُوا: وَأجْمع الأصوليون على أَن من نَدم على طَاعَة وَتَابَ عَنْهَا كفر، وَاعْتَذَرُوا عَن الْأكل عِنْد الصّديق بالْخبر الْوَارِد فِيهِ من جبر قلب الْمُسلم. وَالْجَوَاب: لَا نسلم أَن الْغرم مُلْزم، وَالنّذر الْتِزَامه صَحِيح صَرِيح وثابت

فِي الذِّمَّة كالديون، وَهَاهُنَا لم تُوجد الْعِبَادَة حَتَّى تحفظ. ونقول: الصَّوْم لَا يتَجَزَّأ بل كُله عبَادَة وَبَعضه لَيْسَ بِعبَادة، وَهُوَ يشابه الْإِيجَاب وَالْقَبُول، وَالصَّحِيح أَن نسلم أَنه عبَادَة، لَكِن نقُول: الْجُزْء يحاكي أَصله وَلَو ترك أصل هَذِه الْعِبَادَة فِي الْيَوْم لم يلْزمه شَيْء، وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} أَرَادَ بِهِ الْوَاجِبَات.

المسألة الخامسة والثمانون فه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّمَانُونَ: (فه)) . إِذا نذر صَوْم الْعِيد وَأَيَّام التَّشْرِيق. الْمَذْهَب: لَا ينْعَقد نَذره وَإِذا صَامَ لم يَصح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تَصُومُوا يَوْم النَّحْر " فالنهي دَلِيل الْفساد وَفَسَاد الْمَنْذُور فَسَاد النّذر، فَإِن النّذر الْتِزَام يُرَاد للوفاء، فَلَمَّا امْتنع شرعا بَطل، وَصَارَ كنذر يَوْم أَيَّام الْحيض. لَهُم: نهى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن صَوْم هَذِه الْأَيَّام، وَلَو لم يتَصَوَّر لما نهى

وَعنهُ، وَذَلِكَ لِأَن الْمَقْصُود من النَّهْي امْتنَاع الْمُكَلف وَالصَّوْم شرعا هُوَ هَذَا الْإِمْسَاك، وَالدَّلِيل على المشروعية عمومات الْأَمر بِالصَّوْمِ كَقَوْلِه تَعَالَى: " الصَّوْم لي "، وَمُقْتَضى الْأَمر يَقْتَضِي شرع الْمَأْمُور. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أضَاف النّذر إِلَى غير مَحَله فلغا كالليالي، ذَلِك لِأَن الْمَنْذُور الصَّوْم وَلَيْسَت محلا وَلَا يحل صَومهَا، وَالْخُلَاصَة أَن الصَّوْم عقد شَرْعِي فَلَا ينْعَقد إِلَّا بِالشَّرْعِ، وَالشَّرْع هُوَ الْإِيجَاب مرّة، والاستحباب مرّة، وهما معدومان. ونقول: نذر مَعْصِيّة فَلَا يَصح قِيَاسا على جَمِيع الْمعاصِي، وَلَو صَامَ فِيهَا وَقضى لم يَصح. لَهُم: يَوْم فَيكون محلا للصَّوْم كَغَيْرِهِ، بَيَان الْمَحَلِّيَّة النَّهْي عَنهُ، الدَّال على تكونه فِيهِ، وَلِأَن الصَّوْم كف النَّفس عَن الشهوتين فمحله زمَان ذَلِك، وَالنَّهْي لَا لِمَعْنى يرجع إِلَى الْيَوْم بل لإجابة الدَّاعِي وهم أضياف الله فَصَارَ

كَالصَّلَاةِ فِي دَار مَغْصُوبَة، ونقول: نذر صدر من أَهله فِي مَحَله فصح. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: الْجَواب عَن نُكْتَة الْمَسْأَلَة أَن نقُول: افهموا من الصَّوْم مَا تفهمون من صَلَاة الْحَائِض فَمَا يُخَالف بِهِ الْحَائِض لَو صلت هُوَ الَّذِي يُخَالف بِهِ صِيَام يَوْم الْعِيد وَالْحق أَن يحمل لفظ الشَّرْع على مَوْضُوعه. وَمَعْنَاهُ أَن الصَّلَاة فِي اللُّغَة هِيَ الدُّعَاء، فَإِذا أطلقت شرعا أُرِيد بِهِ الصُّورَة الْمَعْلُومَة، فَإِذا قَالَ: لَا تصل لم يرد لَا تدع بل مَعْنَاهُ لَا تقدم على الصُّورَة الَّتِي صورتهَا لَك وسميتها صَلَاة، وَكَذَا فِي الصَّوْم. أما كَونه صَحِيحا فَلَيْسَ جُزْءا من الْمُسَمّى حَتَّى يفوت الِاسْم بفواته، بل هُوَ تبع وجود الْمُسَمّى مَعَ زِيَادَة شَيْء آخر، وَهُوَ كَونه مُوَافقا لِلْأَمْرِ السَّابِق

وفساده تبع وجود الْمُسَمّى مُخَالفا لأمر سَابق، وبهذه الدقيقة ينْحل إِشْكَال الْمَسْأَلَة ثمَّ الْأَيَّام مَا كَانَت محالا لِأَنَّهَا بَيَاض نَهَار بل بِالشَّرْعِ وَالنَّهْي ينْصَرف إِلَى الْإِمْسَاك حسا، وَهَذَا يتَصَوَّر فِي يَوْم الْعِيد، وَالصَّوْم لَهُ طرفان: طرف يتَعَلَّق بالمأمور، وَهُوَ الْإِمْسَاك وَالنِّيَّة وَذَلِكَ مُتَصَوّر مِنْهُ، وطرف يتَعَلَّق بِالْأَمر وَهُوَ إِذْنه فِيهِ، فَإِذا لم يَأْذَن لَا يكون مَشْرُوعا، وَلَا نسلم أَن الْعِبَادَة بمجاهدة النَّفس بل بِطَاعَة الْأَمر ويلزمهم كَونه لَا يلْزم بِالشُّرُوعِ، وَكَونه لَا تَصُوم فِيهِ قَضَاء، ثمَّ افهم أَن الْحَائِض لَا يُخرجهَا الْحيض عَن أَهْلِيَّة الْعِبَادَة، أَلا ترى أَن الْمُحدث لَا تصح صلَاته وَلَو التزمها وَالْحيض كالجنابة.

فارغة

مسائل الحج

(مسَائِل الْحَج)

فارغة

لوحة 29 من المخطوطة " أ ": " لما عسر على الْخلق معرفَة خطاب الله تَعَالَى فِي كل حَال لَا سِيمَا عِنْد انْقِطَاع الْوَحْي أظهر الله خطابه لخلقه بِأُمُور حسية هِيَ أَسبَاب للْأَحْكَام جعلهَا مُوجبَة ومقتضية، ونعني بالأسباب أَنَّهَا الَّتِي أضَاف الْأَحْكَام إِلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} ، و {من شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَهَذَا فِيمَا يتَكَرَّر كالعبادات والغرامات، فَللَّه فِي الزَّانِي حكمان: أَحدهمَا وجوب الْحَد عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: نَصبه الزِّنَا سَببا للْوُجُوب فِي حَقه، لِأَن الزِّنَا لَا يُوجب الْحَد لذاته. وَأما مَا يتَكَرَّر كَالْحَجِّ فَيمكن أَن يُقَال ذَلِك مَعْلُوم بقوله تَعَالَى: {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت} فسبب وجوب حج الْبَيْت دون الِاسْتِطَاعَة، وَلما كَانَ وَاحِدًا لم يجب فِي الْعُمر إِلَّا مرّة ". " وَاعْلَم أَن مُطلق الْأَمر يَقْتَضِي التَّأْخِير لَا بِمَعْنى الْوُجُوب فَإِنَّهُ لَا قَائِل

بِوُجُوب التَّأْخِير، بل بِمَعْنى جَوَاز التَّأْخِير، وَذَلِكَ أَنه يَقْتَضِي إِيقَاع الْفِعْل لَا غير فَيصير متمثلا بالإيقاع فِي أَي زمَان كَانَ كَمَا يكون متمثلا بالإيقاع فِي أَي مَكَان كَانَ، لِأَن اللَّفْظ لَا يشْعر بِغَيْر الطّلب، خَالِيا عَن الطَّرفَيْنِ. وَعند الْعِرَاقِيّ أَنه يَقْتَضِي البدار، فَإِن عارضونا بِأَن السَّيِّد إِذا أَمر عَبده بِفعل فتوانى فِيهِ كَانَ ملوما. قُلْنَا: ذَلِك لِأَن قرينَة حَال السَّيِّد تَقْتَضِي البدار، لِأَن مُطلق الْأَمر يَقْتَضِيهِ، نعم النَّهْي يَقْتَضِي البدار، لِأَنَّهُ إِذا لم ينْتَه خَالف الْأَمر. وَاعْلَم أَن الْأَمر قد يُطلق بِإِزَاءِ الْفِعْل، قَالَ الله تَعَالَى: (وَمَا أمرنَا إِلَّا

وَاحِدَة} ، {وَمَا أَمر فِرْعَوْن برشيد} ، وَقد يُطلق بِإِزَاءِ قَول مَخْصُوص فَهُوَ فِي الْفِعْل مجَاز وَفِي القَوْل حَقِيقَة. وَاعْلَم أَن أول فرض الْحَج سنة ووأخرة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى سنة ي حَتَّى عَاد الزَّمَان إِلَى هَيئته، وَاعْلَم أَن الْمحرم إِذا لبس نَاسِيا فَلهُ نزع اللبَاس. قَالَ بعض التَّابِعين: لَا يَنْزعهُ بل يشقه إِذا كَانَ مَعَه مَاء لَا يَكْفِيهِ لغسل الطّيب، وَالطَّهَارَة غسل الطّيب، لِأَنَّهُ يُمكنهُ بدل الْوضُوء التَّيَمُّم، وَإِن أمكنه قطع رَائِحَة الطّيب بِشَيْء غير المَاء فعل وَتَوَضَّأ بِالْمَاءِ " إِن كَانَ بِهِ جِرَاحَة فَشد عَلَيْهَا خرقَة، إِن كَانَت فِي غير الرَّأْس فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع من تَغْطِيَة بدنه إِلَّا بالمخيط، وَإِن كَانَت فِي رَأسه لَزِمته الْفِدْيَة ". وَيجوز للْمحرمِ أَن يستظل فِي الْمحمل خلافًا لَهُم، قَالَ الله تَعَالَى: (إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن

يطوف بهما} قرئَ بِالْوَقْفِ على (جنَاح والابتداء) عَلَيْهِ أَن يطوف بهما، حَصى الْجمار بِقدر الْأُنْمُلَة تَقْرِيبًا. وَرُوِيَ أَن سكينَة بنت الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا رمت بست حَصَيَات فأعوزتها السَّابِعَة فرمت بخاتمها فَيحْتَمل أَنه كَانَ فصه حجرا، فِي الْخَبَر " لَا تحرم الْمَرْأَة وَهِي غفل "، أَي حَتَّى تختضب وَتكره التطاريف. من هوامش هَذِه اللوحة: الْحَج: كَثْرَة الْقَصْد إِلَى مُعظم بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا. (وَأشْهد من عَوْف حؤولا كَثِيرَة ... يحجون سبّ الزبْرِقَان المزعفرا) يكره تَسْمِيَة من لم يحجّ صرورة، قَالَ النابعة:

(لَو أَنَّهَا عرضت لأشمط رَاهِب ... عبد الْإِلَه صرورة متعبد) التَّلْبِيَة: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لَا شريك لَك لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك لَا شريك لَك، وَيُصلي على النَّبِي، فَإِن رأى حسنا يُعجبهُ قَالَ: لبيْك إِن الْعَيْش عَيْش الْآخِرَة. يجب الْحَج بِسبع شَرَائِط: الْعقل، الْبلُوغ، الْحُرِّيَّة، الْإِسْلَام، الِاسْتِطَاعَة، تخلية الطَّرِيق، إِمْكَان السّير، الاضطباع من الضبع، وَهُوَ الْعَضُد، وَصورته: أَن يكْشف مَنْكِبه وَيخرج الرِّدَاء من تَحْتَهُ وَيجْعَل الطَّرفَيْنِ على مَنْكِبه الْأَيْسَر.

فارغة

فارغة

المسألة السادسة والثمانون إذا بذل الولد بدنه للأب أو ماله مع عجزه عنهما أو عن أحدهما فو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّمَانُونَ: إِذا بذل الْوَلَد بدنه للْأَب أَو مَاله مَعَ عَجزه عَنْهُمَا أَو عَن أَحدهمَا (فو)) . الْمَذْهَب: صَار بذلك مستطيعا وَفِي الْأَجْنَبِيّ وَجْهَان. عِنْدهم: لَا يصير مستطيعا ببذل غَيره. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} . لَهُم: {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْقُدْرَة أَمر حَقِيقِيّ حسي، وَذَلِكَ يحصل ببذل الابْن. دَلِيله: لَو بذل لَهُ المَاء فِي الطَّهَارَة فَإِنَّهُ يصير قَادِرًا وَلَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم ثمَّ الزَّمن يصير بِالْمَالِ

قَادِرًا، كَمَا لَو أوجب عَلَيْهِ الْحَج وطرأ الزَّمن فَإِذا جَازَ أَن يبْقى الْوُجُوب جَازَ أَن يَبْتَدِئ. لَهُم: الْبَذْل لَا يجْرِي مجْرى الْملك وَالْقُدْرَة. دَلِيله: لَو كَانَ الْبَاذِل أَجْنَبِيّا، أَو بذل الابْن المَال، أَو بذل الرَّقَبَة فِي الْكَفَّارَة فَإِنَّهُ لَا يصير الْأَب بذلك مستطيعا لِلْعِتْقِ، وَكَذَلِكَ لَو أذن السَّيِّد لعَبْدِهِ فِي الْحَج وَذَلِكَ لِأَن قدرَة الْمَرْء وصف يقوم بِهِ، وَالْإِبَاحَة وصف يقوم بالمبيح. مَالك: أَحْمد: ف. التكملة: مِنْهُم من يسلم أَن الزَّمن إِذا ملك مَالا يجب عَلَيْهِ الْحَج بِمَعْنى أَنه بِحَجّ غَيره فَيحصل لَهُ ثَوَاب نَفَقَته (فَيسْقط عَنهُ الْفَرْض) بِهَذِهِ الطَّرِيقَة وَاخْتَارَ ذَلِك أَبُو زيد.

وَالصَّحِيح من مَذْهَبهم أَنه لَا يجب عَلَيْهِ الْحَج، لِأَن الْحَج عبَادَة تُؤَدّى بأعمال الْبدن وَالْمَال فِيهَا تَابع، ثمَّ ثَبت أَن من لَا مَال لَهُ وَإِن قدر بِبدنِهِ لَا يجب عَلَيْهِ وَلَو كَانَ بِعَرَفَة. فالعجز بِالْبدنِ أولى، ثمَّ فرقوا بَين الِابْتِدَاء والدوام يكون الِابْتِدَاء أصعب من الدَّوَام فَاشْترط لَهُ مَا لَا يشْتَرط لَهُ، وَاعْتَذَرُوا عَن المَاء بخلوه عَن الْمِنَّة. أما نَحن فنمنع الْمسَائِل الَّتِي ألزمونا من بذل المَال وبذل الْأَجْنَبِيّ ونقول: يصير مستطيعا وَكَذَلِكَ فِي رَقَبَة الْكَفَّارَة، وَإِن فرقنا بَين الْوَلَد وَالْأَجْنَبِيّ فَيكون الْوَلَد كسب أَبِيه، وَرُبمَا قُلْنَا حَاله لَا تنَافِي دوَام الْوُجُوب (فَلَا ننافي ابْتِدَاء الْوُجُوب) مَعَ الْأَهْلِيَّة قِيَاسا على حَالَة الصِّحَّة والأهلية احْتِرَازًا عَمَّا بعد الْمَوْت ونعتذر عَن العَبْد بِعَدَمِ الْأَهْلِيَّة فَإِنَّهُ لَو كَانَ بِعَرَفَة لم يجب عَلَيْهِ الْحَج، ثمَّ الِاعْتِبَار فِي الْكَفَّارَات بِحَالَة الْأَدَاء فبذلك يصير الْوَالِد مستطيعا إِذا بذل لَهُ الابْن الرَّقَبَة، وَإِن قُلْنَا: الِاعْتِبَار بِحَال الْوُجُوب فقد اسْتَقر الصَّوْم فِي ذمَّته فَلَا يُبدل حكمه.

المسألة السابعة والثمانون وجوب الحج فز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ: وجوب الْحَج (فز)) . الْمَذْهَب: على التَّرَاخِي. عِنْدهم: على الْفَوْر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: حج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي السّنة الْعَاشِرَة من الْهِجْرَة وَكَانَ الْفَتْح سنة ثَمَان وَلَو كَانَ لَهُ عذر لأمر من لَا عذر لَهُ من الصَّحَابَة وَبَين ذَلِك، وتوهم أَن الله أطلعه على عمره توهم وغطى، فَالله تَعَالَى هُوَ المستأثر بِعلم الْغَيْب وَلم ينْقل هَذَا التَّوَهُّم. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: موسع الْوُجُوب مَعْقُول ومشروع بِدَلِيل الزكوات وَالْقَضَاء وَالنّذر وَالْكَفَّارَات وَالْأَمر بِالْحَجِّ جَاءَ مُطلقًا وَاقْتضى الطَّاعَة وَلم يتَعَرَّض لزمان بِعَيْنِه وَالتَّعْيِين يفْتَقر إِلَى زَائِد، وَإِذا لم يقتض الْفَوْر نفى التَّأْخِير فنسبة الزَّمَان، جَمِيعه إِلَى الْحَج كنسبة الْوَقْت إِلَى صلَاته. لَهُم: المأخذ الأول: كَون الْأَمر يَقْتَضِي الْوُجُوب كالكسر يَقْتَضِي الانكسار وَالْغُرْم لَا يدع الذِّمَّة والتأخر، أما إِلَى غَايَة مَعْلُومَة، وَلم يقل بِهِ أحد، أَو إِلَى عَام يغلب على ظَنّه الْعَجز وَهَذَا مُمْتَنع. المأخذ الثَّانِي: أَن التَّأْخِير تَفْوِيت فَالسنة يتخللها حوادث وَالْكَفَّارَات قَامَ دَلِيل على تَأْخِيرهَا ثمَّ هِيَ مُمكنَة الْأَدَاء دَائِما. مَالك: ف. أَحْمد: ف.

التكملة: الْحَج عبَادَة أمدها الْعُمر فَأَي وَقت أَدَّاهَا وَقعت موقعها، وكما يجوز أَن يكون فِي الْوَاجِب الْمضيق مصلحَة يجوز أَن يكون فِي الْوَاجِب الموسع مصلحَة، ويتأيد بِأَن الْحَج مَتى فعل كَانَ أَدَاء وَلَو فَاتَ وقته قضي كالصلوات، وَالْحكمَة فِي كَون الْحَج وَظِيفَة الْعُمر حَتَّى لَا يَخْلُو جُزْء مِنْهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَو وَجب على الْفَوْر مَعَ الِاسْتِطَاعَة أدّى إِلَى خلل عَظِيم فَإِنَّهُ كَانَ يجب على أهل بلد فِي نوبَة وَاحِدَة وَرُبمَا كَانَ رِبَاطًا فيخلو الثغر ويجر فَسَادًا ثمَّ نقُول: التّرْك جملَة لَا يجوز بل التَّأْخِير وَكَونه يَعْصِي لَو مَاتَ بعد الِاسْتِطَاعَة وَلم يحجّ ذَلِك لأَنا جَوَّزنَا لَهُ التَّأْخِير بِشَرْط السَّلامَة كَمَا يجوز للزَّوْج ضرب زَوجته وَلَو مَاتَت ضمن.

المسألة الثامنة والثمانون فح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّمَانُونَ: (فح)) . من عَلَيْهِ فرض الْحَج لَو تنفل بِهِ أَو نفل بِهِ. الْمَذْهَب: لَا يَصح نفلا بل فرضا وَلَا يَقع إِلَّا عَن نَفسه. عِنْدهم: يكون كَمَا أوقعه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: سمع النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام رجلا يُلَبِّي عَن شبْرمَة فَقَالَ لَهُ: " أحججت عَن نَفسك؟ قَالَ: لَا، قَالَ: حج عَن نَفسك ثمَّ عَن شبْرمَة "، وروى عَن نَفسك فلب. لَهُم: سمع النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام رجلا يُلَبِّي عَن نبشة فَقَالَ: " أحججت عَن

نَفسك "؟ فَقَالَ: لَا. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " حج عَن نبشة وَحج عَن نَفسك ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: فرض الْحَج أهم من فعله، وَالشَّرْع نَاظر الْعباد، وَمن النّظر لَهُم إِيقَاع نفل الْحَج عَن فَرْضه لكَونه عبَادَة الْعُمر، وَفِيه مشقة هَذَا، كَمَا نقُول فِي الْإِسْلَام لما كَانَ أصل الْعِبَادَات لَو أَتَى بِهِ كَيْفَمَا أَتَى بِهِ وَقع فرضا. لَهُم: عبَادَة تَنْقَسِم إِلَى نفل وَفرض فصح أَن يتَنَفَّل بهَا قبل أَدَاء الْفَرْض كَالصَّلَاةِ ونقول: عبَادَة مقدرَة بأفعالها فصح إِيقَاع نفلها قبل فَرضهَا كَالصَّلَاةِ، فَإِن الْحَج يعرف بأفعاله لَا بوقته، فالوقت يحْتَمل مَا وضع فِيهِ بِخِلَاف الصَّوْم، فَإِنَّهُ يقدر بِالْوَقْتِ. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة فَيجوز أَن يحجّ عَن غَيره.

أَحْمد: ق. التكملة: يلْزمهُم إِذا أطلق النِّيَّة فَإِنَّمَا ينْصَرف إِلَى الْفَرْض وَيفرق بَين الصَّلَاة وَالْحج بِكَوْن الْحَج عبَادَة الْعُمر، وَبِمَا يتَضَمَّن من المشاق ونهار رَمَضَان أَيْضا ظرف الصَّوْم، وَبِالْجُمْلَةِ نقُول: وُقُوع نفل الْحَج عَن فَرْضه فِيهِ نظر، وَقد ورد مثله بِدَلِيل أَنه لَو أطلق النِّيَّة وَقعت عَن الْفَرْض وَالنِّيَّة الْمُطلقَة وَنِيَّة الْفِعْل وَاحِد، فَإِن قَالُوا عبَادَة لَا يتَعَيَّن وَقتهَا فَلَا يتَأَدَّى فَرضهَا بنية نفلها كَالصَّلَاةِ، فَإِن الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ. الْجَواب: الْأَوْقَات تتَعَيَّن على معنين: أما أَن تتَعَيَّن بذاتها كالدلوك للصَّلَاة وَالشُّهُود للشهر، وَأما أَن يتَعَيَّن بِمَعْنى يقارنها كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام: " من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا ذكرهَا "، فَصَارَ ذكره معينا للْوَقْت وَالْحج من هَذَا الْقَبِيل فَإِن الْمُكَلف أول إِحْرَام يحرمه أَمارَة على أَن الزَّمَان بعده مُتَعَيّن لِلْحَجِّ المفترض ويلزمهم مُطلق النِّيَّة فَإِنَّهَا تَنْصَرِف إِلَى الْفَرْض ويلزمهم إِذا نوى بِالطّوافِ النَّفْل فَإِنَّهُ ينْصَرف إِلَى الْفَرْض.

المسألة التاسعة والثمانون شوال وذو القعدة وذو الحجة أشهر الحج فط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّمَانُونَ: شَوَّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة أشهر الْحَج (فط)) . الْمَذْهَب: إِذا أحرم فِي غَيرهَا بِالْحَجِّ لم ينْعَقد إِحْرَامه حجا، وَهل ينْعَقد عمْرَة؟ قَولَانِ. عِنْدهم: ينْعَقد إِحْرَامه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} مَعْنَاهُ وَقت الْحَج أشهر. لَهُم: رُوِيَ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} إِتْمَامهَا أَن يحرم بهَا من دويرة أَهله فَيلْزم من هَذَا أَن يَصح مِمَّن دَاره بعيدَة.

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " وَهَذَا قد نوى الْإِحْرَام بِالْحَجِّ فَلَا يَقع لَهُ عمْرَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ركن من أَرْكَان الْحَج فَلَا يجوز فعله قبل دُخُول وقته كَسَائِر الْأَركان الدَّلِيل على كَونه ركنا: أَنه يُقَال لَهُ تمم وَيجب عَلَيْهِ إِحْضَار النِّيَّة فِيهِ والمضي وَلَا يستدام إِلَى سنة ثَانِيَة بِخِلَاف الْوضُوء فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهِ صلوَات. لَهُم: شَرط يدْخل بِهِ فِي الْعِبَادَة فَلَا يعين لَهُ وَقت الْعِبَادَة كَالْوضُوءِ للصَّلَاة الدَّلِيل على كَونه شرطا: أَنه يُرَاعى إِلَى آخرهَا، وأركان الْعِبَادَة مَا يُعَاقب الْبَعْض وَلَا يعْتَبر فِيهِ الْكَفّ عَمَّا ينكف عَنهُ فِي أَفعَال الْحَج، ولينافيه مَا يُنَافِي الْأَفْعَال. مَالك: يكره الْإِحْرَام فِي غَيرهَا وَينْعَقد.

أَحْمد: وَافق أَبَا حنيفَة. التكملة: لَو أحرم بِعُمْرَة فِي شهر رَمَضَان وقضاها ثمَّ حج من عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا بِخِلَاف مَا إِذا أحرم فِي شَوَّال، والمتمتع من زاحم أَفعَال الْحَج فِي وقته بِعُمْرَة، وَهَذَا يدل على الْفرق بَين الْوَقْتَيْنِ، ثمَّ من أحرم بِالْحَجِّ وسعى فِي رَمَضَان لزمَه الْإِعَادَة، وَلَو أَنه وجد الِاسْتِطَاعَة فِي شهر رَمَضَان وحضرته الْوَفَاة لم تلْزمهُ الْوَصِيَّة بِالْحَجِّ بِخِلَاف شَوَّال، وَالْإِحْرَام فِي غير أشهره مَكْرُوه فِي المذهبين. استدلوا على أَن الْإِحْرَام شَرط بِكَوْنِهِ يعْتَبر فِي سَائِر الْعِبَادَة. وَقَالُوا: الرُّكْن مَا يتركب مِنْهُ وَمن غَيره الْعِبَادَة وَهَذَا عندنَا مَمْنُوع، فَإِن التَّلْبِيَة لَا يشْتَرط بَقَاؤُهَا وَكَونه يبْقى لَا يدل على أَنه لَيْسَ بِرُكْن.

المسألة التسعون ص

(الْمَسْأَلَة التِّسْعُونَ: (ص)) . إِذا أحرم بحجتين أَو عمرتين. الْمَذْهَب: ينْعَقد بِأَحَدِهِمَا. عِنْدهم: ينْعَقد بهما فَإِذا شرع فِي أَحدهمَا صحت وَبقيت الْأُخْرَى فِي ذمَّته. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تنبني على الَّتِي قبلهَا، وَالْإِحْرَام كَمَا ذكرنَا جُزْء من الْحَج، وَقد تلبس بِهِ فَلَا يكون شَارِعا فِي حجَّتَيْنِ، كَمَا لَا يتَصَوَّر فِي صَومينِ وَلَا فِي صَلَاتَيْنِ. لَهُم: الْإِحْرَام إِلْزَام فشابه النّذر، وَالْعجز عَن الْأَدَاء لَا يمْنَع الصِّحَّة، كَمَا لَو أحرم لَيْلَة عَرَفَة مَعَ بعد دَاره، وفقهه أَن الِالْتِزَام لَا تقف صِحَّته على الْأَدَاء لِكَوْنِهِمَا منفصلين بِشَرْط الِالْتِزَام (أَن يكون الْمُلْتَزم) أَهلا، والملتزم مَشْرُوعا وَالْحج مُقَدّر بالأفعال لَا بِالزَّمَانِ. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْمُعْتَمد أَن الْإِحْرَام ركن فَلَا يَصح مِنْهُ اثْنَان فِي وَقت وَاحِد، فَإِذا أَتَى بهَا

لَغَا مَا لَا يقبله الْوَقْت كالوقوفين والطوافين، وَعِنْدنَا الْعمرَة وَاجِبَة بِالْحَجِّ وَعِنْدهم هِيَ سنة وَحجَّتنَا قَوْله تَعَالَى: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} ، وانعقد الْإِجْمَاع أَن الْحَج وَاجِب، وَكَذَلِكَ الْعمرَة. وحجتهم أَن الْعمرَة لَا تتأقت وَالْحج يتأقت وَكلما لَا يتأقت فَلَيْسَ بِوَاجِب وَهَذَا الخيال بَاطِل طردا وعكسا، فَإِن السَّلَام وَالْجهَاد وَالْقَضَاء وَالنّذر وَالْكَفَّارَة وَاجِبَات وَلَا تتأقت وَبِالْعَكْسِ رواتب النَّوَافِل تتأقت وَلَيْسَت بواجبة، وَعِنْدنَا الْإِفْرَاد أفضل من التَّمَتُّع، والتمتع وَالْقرَان جَمِيعًا رخصتان وَعِنْدهم الْقرَان أفضل.

من مسائل الحج

(من مسَائِل الْحَج)

فارغة

لوحة 30 من المخطوطة " أ ": إِذا اسْتَأْجرهُ ليحج عَنهُ فِي الْعَام الثَّانِي لم تصح الْإِجَارَة، هَذَا إِذا اسْتَأْجرهُ ليحج عَنهُ بِنَفسِهِ، فَأَما إِذا اسْتَأْجرهُ ليحصل لَهُ حجَّة جَازَ أَي وَقت كَانَ، لِأَن مَحل ذَلِك الذِّمَّة. وَيجب الْجَزَاء بقتل الصَّيْد الْحرم عمدا كَانَ أَو خطأ، إِذا أتلف صيدا ماخضا ضمنه بِقِيمَة شَاة ماخض وَإِنَّمَا وَجَبت قيمتهَا، لِأَن الْحمل فِي الصَّيْد زِيَادَة، وَكَذَلِكَ فِي الشَّاة إِلَّا أَنه ينقص من لَحمهَا ويضرها، فقيمتها تزيد بِهِ وجسمها ينقص فأوجبنا الْقيمَة لتحصل الزِّيَادَة. وَيجوز أَن ترعى غنمه حشيش الْحرم خلافًا لَهُم. وَإِذا اشْترك الْمحل وَالْمحرم فِي صيد فعلى الْمحرم نصف الْجَزَاء. وَاعْلَم أَن الْحمام كلما عب وهدر، وَمعنى عب: أَخذ المَاء جرعة

جرعة، والهدير صَوت الْحمام وتغريده: ترجيعه. قَالَ الشَّافِعِي: الدباسي والقماري والفواخت والشفانين حمام. قَالَ الْكسَائي: كل مطوق حمام. قَالَ أَبُو عبيد: الْحمام الوحشي،

بالحديبية فنحر البدنة عن سبعة

واليمام الأنسي، وتستحب لمن فرغ من الْحَج أَن يزور قبر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام. حكى الْعُتْبِي قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد قبر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فجَاء أَعْرَابِي فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله، سَمِعت الله يَقُول: {وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لَهُم الرَّسُول لوجدوا الله تَوَّابًا رحِيما} وَقد جئْتُك مُسْتَغْفِرًا لذنبي مستشفعا بك إِلَى رَبِّي ثمَّ قَالَ: (يَا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم) (نَفسِي الْفِدَاء لقبر أَنْت ساكنه ... فِيهِ العفاف وَفِيه الْجُود وَالْكَرم) ثمَّ انْصَرف الْأَعرَابِي فَرَأَيْت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي النّوم فَقَالَ: الْحق الْأَعرَابِي فبشره بِأَن الله قد غفر لَهُ. قَالَ الشَّافِعِي: قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِن أحصرتم فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} ، وأحصر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحُدَيْبِية فَنحر الْبَدنَة عَن سَبْعَة

وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة، وَذَلِكَ سنة سِتّ وَلَا فرق بَين أَن يكون الْإِحْصَار من جِهَة الْمُشْركين أَو من جِهَة قطاع الطَّرِيق.

المسألة الواحدة والتسعون صا

(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَالتِّسْعُونَ: (صا)) . الِاسْتِئْجَار على الْحَج. الْمَذْهَب: يَصح. عِنْدهم: لَا يَصح بل يعْطى رزقا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: حَدِيث الخثعمية وَقَوْلها: إِن فَرِيضَة الْحَج أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا، لَا يسْتَمْسك على الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ؟ وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " أَرَأَيْت أَن لَو كَانَ على أَبِيك دين فقضيته أَكَانَ يَنْفَعهُ ذَلِك " فجوز النِّيَابَة وَشبهه

بِالدّينِ، وَالدّين تدخله النِّيَابَة. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عمل مَعْلُوم يُمكن تَسْلِيمه وَالْقِيَام بِهِ غير مفترض على الْأَجِير فَجَاز وَصَارَ كبناء الْمَسَاجِد وَهَذِه الدَّعَاوَى ثَابِتَة وَتَصِح النِّيَابَة بِدَلِيل الزَّمن وبصحة حجَّة الابْن عَن الْأَب. لَهُم: عبَادَة بدنية فَلَا يَصح فِيهَا الِاسْتِئْجَار كَالصَّلَاةِ، بَيَان الدَّعْوَى أَن أفعالها بدنية وقوفا وسعيا، وَالْمرَاد من الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة الِابْتِلَاء بأتعاب الْبدن، لتطهر الطَّاعَة، وَهَذَا لَا يحصل بِعَمَل الْغَيْر. مَالك: ق. أَحْمد: وافقهم.

التكملة: مطلع النّظر الْبَحْث عَن حَقِيقَة الِاسْتِئْجَار وشرائطه فَنَقُول: الْإِجَارَة مُقَابلَة الْمَنْفَعَة بِالْمَالِ. وَمن اسْتَأْجر إنْسَانا فقد ملك مَنَافِعه، وللصحة شُرُوط: أَن تكون الْمَنَافِع مَعْلُومَة إِمَّا بِتَعْيِين زمَان الْعَمَل وَإِمَّا بِتَعْيِين مَحَله، وَأَن يكون مَقْدُورًا على تَسْلِيمه حسا وَشرعا، وَأَن يكون حَاصله كُله للْمُسْتَأْجر فَلَا يَصح أَن يطحن قَفِيزا بقشره، وَلَا يسلخ شَاة بجلدها، وأجمعنا على أَن من وَجب عَلَيْهِ الْحَج وطرأ عَلَيْهِ الزَّمن وَجب عَلَيْهِ أَن يسْتَأْجر من يحجّ عَنهُ، فَإِذا كَانَ الِاسْتِئْجَار مُمكنا حكما وَحَقِيقَة صَحَّ ثمَّ الْقَصْد بعث الزائرين إِلَى الْبَيْت وَعمارَة الْمَنَاسِك بهم وَعِنْدهم أَن الَّذِي يَدْفَعهُ الزَّمن بدل الْوَاجِب كالشيخ الْهم إِذا فدى عَن الصَّوْم وَهَذَا بَاطِل، فَإِنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لجرى مجْرى الْكَفَّارَات وَصرف إِلَى مصارفها وَاشْترط أَن يكون أَهلا ليَأْتِي بِمَا استنيب فِيهِ وَصَارَ كذبح الْمَجُوسِيّ.

فارغة

المسألة الثانية والتسعون صب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالتِّسْعُونَ: (صب)) . إِحْرَام الصَّبِي الْمُمَيز. الْمَذْهَب: صَحِيح وَيلْزمهُ الْكَفَّارَة بارتكاب مَحْظُورَات الْحَج. عِنْدهم: لَا يَصح إِحْرَامه وَسلم أَكْثَرهم صِحَة حجه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى السَّائِب بن يزِيد قَالَ: حج بِي أبي وَأَنا ابْن سبع سِنِين. وروى أَن امْرَأَة رفعت صَبيا فِي محفتها وَقَالَت: يَا رَسُول الله أَلِهَذَا حج؟ قَالَ: نعم. وَمَا صَحَّ صَحَّ بوصفه الشَّرْعِيّ وَهُوَ اللُّزُوم.

لَهُم: وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة قَالَت: " يَا رَسُول الله إِن فَرِيضَة الله على عبَادَة فِي الْحَج أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا لَا يَسْتَطِيع أَن يثبت على الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ؟ قَالَ: نعم ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَضع الشَّرْعِيّ فِي الْحَج اللُّزُوم فَإِنَّهُ لم يوضع بِحَيْثُ يُمكن الْمُضِيّ فِيهِ إِلَّا وَهُوَ لَازم، وَإِمْكَان الْمُضِيّ احْتِرَازًا من العَبْد والمحصر، وَإِنَّمَا لَا يلْزم إنشاؤه ابْتِدَاء من الصَّبِي لكَونه وَظِيفَة الْعُمر، فَالْأَحْسَن أَن يَأْتِي بهَا كَامِلا وَصَارَ كالإسلام لَا يلْزمه إنشاؤه وَيصِح مِنْهُ. لَهُم: الْحَج عبَادَة لَا يلْزم الصَّبِي إنشاؤها وَلَا يلْزمه الْمُضِيّ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَذَلِكَ لِأَن الصِّبَا يُنَافِي التَّكْلِيف وَإِنَّمَا صححناها مِنْهُ نظرا لَهُ، وَالْإِسْلَام

يَصح من غير نِيَّة وَمَعَ الْإِكْرَاه، وَإِذا لم يلْزم الْحَج لم تلْزمهُ الْكَفَّارَة. مَالك: يجب على الْمولى لِأَنَّهُ عقد بِإِذْنِهِ. أَحْمد: ق. التكملة: مطلع النّظر أَن الْحَج عِنْدهم من قبيل التكاليف الْمَشْرُوعَة ابتلاء وَالصبَا يُنَافِي الْتِزَام التكاليف، وَعِنْدنَا الْحَج من قبيل مَا يلْزم فِي ذمَّة العَبْد، وَالصبَا لَا يُنَافِي الْوُجُوب فِي الذِّمَّة وَالْكَفَّارَات فِي الْحَج كأروش الْجِنَايَات وَهِي إتلافات لاقت أبعاض الْحَج كالقلم وَالْحلق وَفعل الصَّبِي فِي الْإِتْلَاف كَفعل الْبَالِغ. أما كَفَّارَة الظِّهَار وَالْيَمِين لَا تلْزم الصَّبِي إِذْ هِيَ مُوجب القَوْل، وَقَوله غير مُعْتَبر وَيدل عَلَيْهِ كَفَّارَة الصَّيْد فِي الْحرم بِأَن ذَلِك وَاجِب

على الصَّبِي إِجْمَاعًا، وَلَا فرق بَين كَفَّارَة الْحرم وَكَفَّارَة الْإِحْرَام. فَإِن قَالُوا: الصَّيْد مَعْصُوم بِحَق نَفسه بالالتجاء وَإِنَّمَا صرف جَزَاؤُهُ إِلَى الْفُقَرَاء لِأَنَّهُ لَا وَارِث لَهُ. قُلْنَا: هَذَا بَاطِل بل هُوَ حق الله تَعَالَى فَإِن الصَّيْد لَيْسَ أَهلا أَن يجب لَهُ.

المسألة الثالثة والتسعون صج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالتِّسْعُونَ: (صج)) . إِذا اشْترك محرمين فِي قتل صيد. الْمَذْهَب: يجب جَزَاء وَاحِد فِي القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: كل وَاحِد جَزَاء كَامِل على القَوْل الثَّانِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَن جمَاعَة محرمين قتلوا ضبعا فسألوا ابْن عمر عَن ذَلِك فَقَالَ: عَلَيْهِم جَزَاء وَاحِد. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ضَمَان حَيَوَان مَعْصُوم فَيقدر بِقدر الْحَيَوَان فَيكون الْوَاجِب فِيهِ، وَإِن

تعدد الْمُتْلف وَاحِدًا. دَلِيله الدِّيَة، بَيَان أَن الضَّمَان فِي مُقَابلَة الْمُتْلف أَن الله تَعَالَى آمن الصَّيْد على المحرمين وَأَنه يتَقَدَّر بِقدر الْمُتْلف وَالْوَاجِب فِي مُقَابلَة الْمحل والتكفير يحصل تبعا. لَهُم: الْوَاجِب جَزَاء الْجِنَايَة، وَالْجِنَايَة كَامِلَة من كل وَاحِد مِنْهُم فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاء كَمَا لَو انْفَرد، دَلِيل الدَّعْوَى: أَن الْوَاجِب كَفَّارَة وَالْكَفَّارَة جَزَاء الْجِنَايَة لِأَنَّهَا تكفرها. بَيَان الْجِنَايَة أَنه جنى على إِحْرَامه جِنَايَة كَامِلَة حَيْثُ فعل مَحْظُور إِحْرَامه. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة. أَحْمد: ق.

التكملة: أما الْكَلَام فِي الْقَتْل فَهَل يَتَبَعَّض أم لَا؟ فسيجيء فِي الْجِنَايَات وَكَفَّارَة الْقَتْل قد ذكر صَاحب الإفصاح أَنه يجب على الْجَمَاعَة كَفَّارَة وَاحِدَة، وَلَا نسلم أَن الْجَزَاء فِي مُقَابلَة الْجِنَايَة وتسميته كَفَّارَة لَا اعْتِبَار بِهِ، بل الِاعْتِبَار بالمعاني ويتأيد مَا ندعيه بتعدي الْجَزَاء بالصيد.

فارغة

المسألة الرابعة والتسعون صد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالتِّسْعُونَ: (صد)) . مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه. الْمَذْهَب: لَا يجب جَزَاؤُهُ. عِنْدهم: يجب حَتَّى فِي السبَاع وَالنُّمُور. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " خمس من الدَّوَابّ يقتلن فِي الْحل وَالْحرم، الْحَيَّة، والغراب، وَالْعَقْرَب، والحدأة، وَالْكَلب الْعَقُور ". قَالَ ابْن عُيَيْنَة: والعقور من كل حَيَوَان ودعا على أبي لَهب

أَن يُسَلط الله عَلَيْهِ كَلْبا فافترسه سبع، وروى أَن الْمحرم بقتل كل سبع. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم} وَهَذَا صيد، قَالَ الشَّاعِر: (صيد الْمُلُوك أرانب وثعالب ... وَإِذا غضِبت فصيدك الْأَبْطَال) والأرنب يُؤْكَل، والثعلب لَا يُؤْكَل. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: سبع مؤذ بطبعه فَكَانَ للْمحرمِ قَتله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ كالذباب، وتأثيره: أَن قتل المؤذي رفع لأذائه فَصَارَ كَمَا لَو قصد الْمحرم إِقَامَة لطبعه مقَام الْفِعْل وَالْعرب لَا تعرف الصَّيْد إِلَّا مَا يُؤْكَل لَحْمه.

لَهُم: كل حَيَوَان جَازَ اصطياده لنَوْع مَنْفَعَة فَهُوَ صيد وَمَنْفَعَة هَذِه جلودها وشعورها وعظامها وَهِي متوحشة ممتنعة. مَالك: خص الإهدار بالمؤذي الْمُبْتَدِي. أَحْمد: ق. التكملة: بِالْجُمْلَةِ تَعْلِيل بأذيته ونقيس على الفواسق وطبيعة الْإِيذَاء تقوم مقَامه كَأَهل دَار الْحَرْب لما كَانَ طبعهم قتالنا قاتلناهم فِي كل حَال ونستدل على كَونهَا لَيست صيدا بِأَنَّهُ سُئِلَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن الضبع أهوَ صيد؟ فَقَالَ: " نعم ". وَفِيه كَبْش. وَمعنى كَونه صيدا أَي مَأْكُول، وَإِلَّا فَكل أحد يعلم أَنه متوحش والاصطياد إِنَّمَا أُبِيح للْحَاجة وَإِلَّا فَهُوَ تَعْذِيب الْحَيَوَان لغير مأكله.

قَالُوا: الصَّيْد كل حَيَوَان متوحش مُمْتَنع. قُلْنَا: وَيكون مَأْكُولا وَلَا ينْتَفع بأجزائه، إِلَّا إِذا كَانَ مَأْكُولا، والثعلب والأرنب عندنَا مأكولان فِي وَجه.

المسألة الخامسة والتسعون صه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالتِّسْعُونَ: (صه)) . الْمحرم إِذا دلّ محرما على صيد فَقتله. الْمَذْهَب: الْجَزَاء على الْقَاتِل لَا على الدَّال. عِنْدهم: يجب الْجَزَاء على الدَّال وَالْقَاتِل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: روى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أوجب الْجَزَاء على الدَّال. وَعَن عمر أَنه شاور عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي إِيجَاب الْجَزَاء على

الدَّال فأوجبه. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: علق الْجَزَاء على الْقَتْل والاصطياد، وَالدّلَالَة لَيست قتلا وَلَا اصطيادا، وَحَقِيقَة الْفِعْل دلَالَة على إِتْلَاف مَحل مَضْمُون فَلَا يكون سَببا للضَّمَان، كَمَا لَو دلّ على قتل مُسلم، وَغَايَة مَا وجد سَببا لَكِن مَعَ مُبَاشرَة فأسقط (حكم السَّبَب) كالحافر والدافع. لَهُم: اسْتحق الصَّيْد الْأَمْن بِالْإِحْرَامِ وَدخُول الْحرم، فَإِذا فَوت عَلَيْهِ حَقه بِالدّلَالَةِ وَجب الْجَزَاء، كَمَا لَو رَمَاه فَقتله وَصَارَ كَمَا لَو دلّ على الْوَدِيعَة، وَحَقِيقَة أَمنه بتواريه عَن الصَّائِد. مَالك: ق. أَحْمد: يلْزمهَا الْجَزَاء وَيلْزم الْمحرم مِنْهُمَا.

عن ذلك فقال لهم هل أعنتم هل دللتم ثم لا نسلم أن الدال يحرم عليه الأكل وإن سلمنا فبهذا الحديث وإنما ضمن المودع لأنه ترك الحفظ الذي التزمه

التكملة: منقولهم يُعَارض بمنقولنا وَمعنى الْقيَاس، وَالدّلَالَة لَيست من مَحْظُورَات الْحَج، وَإِنَّمَا حرمت لِأَنَّهَا دلَالَة على مَعْصِيّة، وَكَانَ الْقيَاس يَقْتَضِي أَنه إِذا دلّ حَلَالا أَنَّهَا لَا تحرم، وَإِنَّمَا حرمت لما روى أَبُو قَتَادَة قَالَ: خرج فِي رَهْط محرمين فَعَن لَهُم صيد فَشد عَلَيْهِ فاصطاده وَحمل إِلَى المحرمين فامتنعوا من أكله وسألوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك فَقَالَ لَهُم: هَل أعنتم؟ هَل دللتم؟ ثمَّ لَا نسلم أَن الدَّال يحرم عَلَيْهِ الْأكل، وَإِن سلمنَا فَبِهَذَا الحَدِيث، وَإِنَّمَا ضمن الْمُودع لِأَنَّهُ ترك الْحِفْظ الَّذِي الْتَزمهُ.

المسألة

(الْمَسْأَلَة: ... ... ... .) إِذا مَاتَ وَقد وَجب عَلَيْهِ الْحَج وَلم يوص بِهِ. الْمَذْهَب: يقْضِي من تركته. عِنْدهم: لَا يقْضِي مَا لم يوص بِهِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: مَا روى ابْن عَبَّاس أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا

رَسُول الله إِن أُخْتِي نذرت أَن تحج وَمَاتَتْ قبل أَن تحج أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: لَو كَانَ على أختك دين أَكنت قاضيه؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَاقْض دين الله تَعَالَى فَهُوَ أَحَق بِالْقضَاءِ. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} وَالْمَيِّت غير مُكَلّف بِفَرْض وَلَا مستطيع لحج. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وَلِأَنَّهُ حق يدْخلهُ النِّيَابَة ليستقر عَلَيْهِ فِي حَال الْحَيَاة فَوَجَبَ أَن لَا يسْقط عَنهُ كالديون. لَهُم: وَلِأَنَّهَا عبَادَة تعلّقت بِقطع مَسَافَة فَوَجَبَ أَن يسْقط بِالْمَوْتِ كالجهاد. مَالك: لَا يقْضى مَا لم يوص بِهِ. أَحْمد: يقْضِي من تركته. التكملة: قد قاسوا منع الْوُجُوب على الصَّلَاة فَقَالُوا: عبَادَة على الْبدن يُوجب

حجي عنها فأمرها بالحج عنها ولم يسألها هل أوصت به أم لا

أَن تسْقط بِالْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ، وَنحن نقُول: قد وافقتمونا على أَنه لَو أوصى بِهِ لقضي من تركته وَالصَّلَاة لَا تخلف الحكم فِي عدم وقُوف فعلَيْهَا بَين أَن يُوصي بهَا أَو لَا يُوصي مَعَ أَن صَاحب الشَّرْع قد شبهها بِقَضَاء الدّين. وَالدّين لَا فرق فِي قَضَائِهِ بَين أَن يُوصي بِهِ أَو لَا، وَقد روى أَيْضا أَن امْرَأَة قَالَت: يَا رَسُول الله إِن أُمِّي مَاتَت وَعَلَيْهَا حج فَقَالَ لَهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجي عَنْهَا فَأمرهَا بِالْحَجِّ عَنْهَا، وَلم يسْأَلهَا هَل أوصت بِهِ أم لَا؟

كتاب البيوع

(كتاب الْبيُوع)

فارغة

لوحة 31 من المخطوطة " أ ": فهم حَقِيقَة البيع وَحَقِيقَة الشَّرْط، وَوجه تَأْثِير الشَّرْط فِي البيع يكْشف عَن مسَائِل الْخِيَار، فَالْبيع سَبَب الْملك إِجْمَاعًا فعندنا يحصل بِهِ، وَعِنْدهم يحصل بِهِ، وَهُوَ عِنْدهم كالأداة، مَتى وجدت صَحَّ البيع، والنفوذ مُتَوَقف على أَن يسْتَعْمل هَذِه الأداة فِي مَحل الْمُسْتَعْمل عَلَيْهِ ولَايَة تَامَّة، وَيعرف النّفُوذ بعد اسْتِعْمَال الأداة بِقَرِينَة حَال الرِّضَا، وَعِنْدنَا نفس البيع ينْقل الْملك، وَآلَة هَذَا النَّقْل هُوَ اللِّسَان، والمصحح لهَذَا النَّقْل الْملك، فَإِن من كَانَ لَهُ (حق فِي مَحل) فَلهُ نَقله إِلَى غَيره. وَهَذَا النَّقْل لَا يَصح إِلَّا بِشَرْط الرِّضَا وَفَاء لعصمة الْحق وَالرِّضَا لَا يتَصَوَّر (إِلَّا من) الْعَاقِل، وَلَا يعرف إِلَّا بِقَرِينَة الِاخْتِيَار، فالملك مصحح للتَّصَرُّف وَالرِّضَا شَرطه، وَالْعقل يصحح هَذَا (الشَّرْط وَالِاخْتِيَار) دَلِيله. وَاعْلَم أَن خبر الْوَاحِد هُوَ الَّذِي لَا يَنْتَهِي إِلَى حد التَّوَاتُر فقد يَنْقُلهُ النَّفر (والرهط وَقَول الرَّسُول) لما علم صِحَّته لَا يُسمى خبر وَاحِد، وَخبر

الْوَاحِد يُفِيد غَلَبَة الظَّن، وَلَا يَسْتَحِيل أَن يتعبد بِهِ، فَيَقُول الشَّرْع جعل عَلَيْكُم عَلامَة وجوب الْفِعْل غَلَبَة ظنكم، كَمَا جعلت الزَّوَال سَبَب وجوب الصَّلَاة. وَالدَّلِيل على الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد رسل النَّبِي وقضاته وأمراؤه والمنفذ لقبض الصَّدقَات (فَإِنَّهُ كَانَ) ينفذ وَاحِدًا وَيجب سَماع كَلمته وطاعته، ثمَّ الْعَاميّ مَأْخُوذ بِالْعَمَلِ بقول الْمُفْتِي وَهُوَ وَاحِد، وَإِن رد من أَخْبَار الْآحَاد شَيْء فلعلة رد، والمقبول رِوَايَته كل مُسلم مُكَلّف عدل حَافظ انْفَرد، أَو شَارك وَتقبل رِوَايَة (من لَا تقبل) شَهَادَته خلافًا للجبائي. وَقد أَخذ الصَّحَابَة بقول الْوَاحِدَة من أَزوَاج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام،

وَخبر الْوَاحِد فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى مَقْبُول خلافًا للكرخي، (وَإِذا خَالف الرَّاوِي الْخَبَر، أَو أفتى بِخِلَافِهِ فَالْخَبَر حجَّة عَلَيْهِ كَمَا هُوَ حجَّة على غَيره. وَقَالَ أهل الرَّأْي عمل الرَّاوِي بِخِلَاف مَا روى دَلِيلا على نسخه عِنْده أَو ضعفه. وَاعْلَم أَن أقوى النَّقْل أَن يَقُول الصَّحَابِيّ سَمِعت النَّبِي يَقُول (أَو حَدثنِي وَهَذَا) لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ إِجْمَال. وَالثَّانِي: أَن يَقُول: قَالَ النَّبِي أَو حَدثنَا أَو أخبرنَا، وَهَذَا ظَاهره النَّقْل

من الصَّحَابِيّ، وَلَيْسَ نصا صَرِيحًا لِأَنَّهُ يَقُول الْوَاحِد منا قَالَ النَّبِي اعْتِمَادًا على أَنه بلغه متواترا. وَالثَّالِث: أَن نقُول (أَمر رَسُول الله بِكَذَا) ، أَو نهى عَن كَذَا، وَقد يظنّ مَا لَيْسَ بِأَمْر أمرا. وَالرَّابِع: أَن يَقُول (أمرنَا أَو نهينَا) . وَالْخَامِس: (أَن يَقُول) كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا. وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " نضر الله امْرَءًا سمع مَقَالَتي فوعاها فأداها كَمَا سَمعهَا فَرب حَامِل فقه (إِلَى غير فَقِيه وَرب حَامِل فقه) إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ ".

عصمنا الله وَإِيَّاكُم عَن الزيغ والزلل بِحَق مُحَمَّد وَآله. مِمَّن ولى رَسُول الله على الصَّدقَات كل وَاحِد من قيس بن عَاصِم وَمَالك بن نُوَيْرَة والزبرقان، وَوَجَب تصديقهم فِي الْأَخْذ

والإعطاء) .

كتاب البيوع

(كتاب الْبيُوع) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالتِّسْعُونَ: (صو)) . بيع الْأَعْيَان الغائبة. الْمَذْهَب: بَاطِل فِي الْمَنْصُور فِي الْخلاف. عِنْدهم: صَحِيح وَخيَار الرُّؤْيَة ثَابت. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْغرَر وَقد وجد. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من اشْترى شَيْئا لم يره فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا

رَآهُ ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَجْهُول الأَصْل عِنْد الْعَاقِد حَالَة العقد فَلَا يَصح بَيْعه، كَمَا إِذا قَالَ: بِعْتُك شَيْئا، بَيَان الْجَهَالَة احْتِمَال وجوده وَعَدَمه بَيَان التَّأْثِير: تردد الْعقْدَيْنِ الصِّحَّة وَالْفساد فرجح تَغْلِيبًا للْحُرْمَة وَلِهَذَا نقُول: فَاتَت طَرِيق الْغِبْطَة فَلَا يَصح البيع. لَهُم: مَال مَمْلُوك فِي يَد البَائِع فصح بَيْعه كالمرئي، تَأْثِيره وجود الْأَهْلِيَّة والمحلية، وَحَقِيقَة الْمُعَاوضَة لَا تفْتَقر إِلَى سوى ذَلِك، فَلَو بَطل العقد بَطل

لعدم الرُّؤْيَة وَذَلِكَ لَا يبطل لِأَن الرُّؤْيَة أحد مدارك الْعلم وَالْعلم بِالظَّاهِرِ يَكْفِي، وَقد بني عَلَيْهِ جلّ أصُول الشَّرْع وَصَارَ كعلمه بِالْملكِ. مَالك: يَصح إِذا وَصفه. أَحْمد: يَصح إِذا ذكر صِفَات السّلم. التكملة: نسلم اجْتِمَاع أَرْكَان العقد وندعي فَوَات شَرط زَائِد لصِحَّته فَنَقُول: بيع فقد شَرطه فَلَا يَصح، لِأَن الرِّضَا بِالْمَبِيعِ شَرط. قَالَ الله تَعَالَى: {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} وَهَذَا مُقْتَضى الْمُعَاوضَة، إِذْ هِيَ جبران الْفَائِت، وَهَذَا الْمَعْنى يعم الثّمن والمثمن، غير أَن الثّمن يقْصد الجنسية فَلَو جهلت كميته بَطل، والأعيان ترَاد لمعان فِيهَا،

وللجهل اعتبرتم الْخِيَار، ويتأيد مَا قَالُوهُ بالسلم، فَإِن الْجَهْل بصفاته يمْنَع الرِّضَا وَلَا يلْزم هبة الْمَجْهُول فَإِنَّهُ تمْلِيك بِغَيْر عوض. وَكَذَلِكَ النِّكَاح لَيْسَ عقد مُعَاوضَة بل عقد ازدواج (تتمّ بمعرفته) الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة ثمَّ نسلم صِحَة العقد فَلم قَالُوا: إِنَّه ينْفد، إِن قَالُوا كل صَحِيح نَافِذ بَطل بالفضولي، وَإِن شرطُوا الْملك بَطل بالمكره، وَإِن شرطُوا الرِّضَا عدم فِي مَسْأَلَتنَا إِن اعتذروا عَن السّلم بالإبهام، وَتعذر التَّسْلِيم ألزمناهم بيع عبد من ثَلَاثَة أعبد. وَتَحْقِيق شَرط التَّمْيِيز فِي الدُّيُون لَا مطمع فِيهِ بِالصِّفَاتِ، وَبِالْجُمْلَةِ عندنَا الْعلم بالمعقود عَلَيْهِ أصلا ووصفا شَرط صِحَة العقد، وَعِنْدهم الْمُشْتَرط الْقُدْرَة على التَّسْلِيم وَالْعَمَل بِأَصْل الْمَعْقُود عَلَيْهِ.

فارغة

المسألة السابعة والتسعون صز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالتِّسْعُونَ: (صز)) . خِيَار الْمجْلس فِي الْمُعَاوَضَات. الْمَذْهَب: يثبت فِي الْمُعَاوَضَات الْمَحْضَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الْمُتَبَايعَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا عَن مكانهما الَّذِي تبَايعا فِيهِ "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من اشْترى شَيْئا فَوَجَبَ لَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ مَا لم يُفَارِقهُ ". وَكَانَ ابْن عمر اشْترى شَيْئا يمشي أذرعا ليجب لَهُ، وَقد جَاءَ إِلَّا بيع

الْخِيَار. لَهُم: روى عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " البيع صَفْقَة أَو خِيَار "، وَمعنى ذَلِك صَفْقَة لَا خِيَار فِيهَا وصفقة فِيهَا خِيَار. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: البيع سَبَب زَوَال الْملك وَقد يتعقبه النَّدَم وَالشَّرْع نَاظر للعباد وللندم تَأْثِير بِدَلِيل الْإِقَالَة المحثوث عَلَيْهَا، فَنَقُول سَبَب ثُبُوت الْخِيَار، ودعت الْحَاجة إِلَيْهِ وَفِي إثْبَاته نظر فَيثبت كَخِيَار الشَّرْط. لَهُم: عقد مُعَاوضَة فَوَجَبَ أَن يلْزم بِنَفسِهِ كَالنِّكَاحِ لِأَن للعوض تَأْثِيرا فِي لُزُوم الْعُقُود فَإِن الْهِبَة قبل الْقَبْض غير لَازِمَة، وَتلْزم بِالْعِوَضِ وَكَذَا الطَّلَاق وَفِي مَسْأَلَتنَا أولى لِأَن الْعِوَض فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ دخيل وَهَاهُنَا أصل.

مَالك: ف. أَحْمد: ق. التكملة: إِن اعتذروا عَن الْخَبَر بِأَن رِوَايَة مَالك، وَقد خَالفه فقد نقل من طرق، ومخالفته لَا تقدح فِيهِ، وَهُوَ محجوج بِهِ، وَإِنَّمَا خَالفه حَيْثُ رَأْي عمل أهل الْمَدِينَة بِخِلَافِهِ، فَإِن قَالُوا هُوَ خبر وَاحِد فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى. قُلْنَا: لَا يجوز تَكْذِيب الْعدْل مَا دَامَ صدقه مُحْتملا، ونقول أحد وصفي العقد فَلَا يثبت دون الرِّضَا قِيَاسا للُزُوم على الصِّحَّة، ودعواهم اللُّزُوم فِي وضع العقدان عنوا بِهِ لَا ينْعَقد إِلَّا لَازِما فَهُوَ مَحل الْخلاف وَإِن عنوا أَنه لَا بُد فِيهِ من اللُّزُوم فنسلم لَكِن طَرِيقه الرِّضَا باللزوم.

فارغة

المسألة الثامنة والتسعون خيار الشرط صح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالتِّسْعُونَ: خِيَار الشَّرْط (صَحَّ)) . الْمَذْهَب: يُورث. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من ترك حَقًا أَو مَالا " فَهَذَا حق. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حق مَالِي فَجرى فِيهِ الْإِرْث ليَكُون للْوَارِث كَمَا كَانَ للموروث كحق الرَّهْن لِأَنَّهُمَا يظهران فِي ذَلِك ثمَّ هُوَ عبارَة عَن ملك الْفَسْخ، لِأَنَّهُ سَبَب شَرْعِي أَعنِي الشَّرْط فَأفَاد حكما شَرْعِيًّا وَلَيْسَ إِلَّا إِثْبَات الْفَسْخ. لَهُم: الْخِيَار صفة الْمُخْتَار فَلَا يُورث كعلمه، إِذْ لَا فرق بَين الْخِيَار وَالِاخْتِيَار والمشيئة، وللإنسان خيرتان: خيرة فِي إنْشَاء العقد وَأُخْرَى فِي لُزُومه، فَإِذا أطلق استوفاهما، فَإِذا اشْترط اسْتِيفَاء أَحدهمَا. وَمعنى قَوْله: ولي الْخِيَار أَي فِي العقد، وَالْعقد قد تمّ يعْمل بِهِ فِي مَعْنَاهُ لَا فِي الْفَسْخ فَهُوَ ضِدّه. مَالك: ق. أَحْمد: ... ... ... .

التكملة: إِن قاسوا على الْأَجَل فَالْجَوَاب أَن الْأَجَل يثبت رفقا بِمن عَلَيْهِ الدّين، فَإِذا مَاتَ لم ينْتَقل الدّين إِلَى ذمَّة الْوَارِث بل يتَعَلَّق بِالتَّرِكَةِ، فَلَو قُلْنَا: إِن الْأَجَل ينْتَقل إِلَى الْوَارِث، وَالدّين لَا ينْتَقل إِلَى ذمَّته لَكَانَ الدّين فِي مَحل وَالْأَجَل فِي مَحل وهما متلازمان، ثمَّ مصلحَة الْمَيِّت إِيفَاء دُيُونه. عبارَة حق لَازم للمورث مَاتَ عَنهُ قبل تَمَامه فانتقل إِلَى الْوَارِث كَسَائِر الْحُقُوق الْمَالِيَّة، وَفِي الْعلَّة احْتِرَازًا عَن الْوكَالَة والحقوق الْجَائِزَة فَإِنَّهَا تبطل بالإغماء وَالْجُنُون فبالموت أولى، وَعَن النِّكَاح فَإِنَّهُ تمّ بِالْمَوْتِ، وَعَن حق الرُّجُوع فِي الْهِبَة فَإِنَّهُ للْوَاهِب من وَجه وَعَلِيهِ من وَجه. وَتَقْرِير الْعلَّة أَن الْمَوْت لم يَجْعَل مُبْطلًا للحقوق بل مثبتا لَهَا، وَالدَّلِيل على ثُبُوت الْحق وماهيته أَن الْملك بالاجتماع يُورث وَله سَبَب هُوَ الْمَبِيع وَثَمَرَة هِيَ النّفُوذ، وَفِي الْملك خيرة ومشيئة تستوفى بهَا ثَمَرَات الْمَمْلُوك وَالْإِرْث يجْرِي فِي الْملك، وَكَذَلِكَ الشَّرْط سَبَب ثُبُوت الْحق

ونفوذ الْفَسْخ وخيرة الشارط آلَة اسْتِيفَاء هَذِه الثمرات وَالْإِرْث فِي الْحق الْمُقدر بِالشّرطِ.

المسألة التاسعة والتسعون صط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالتِّسْعُونَ: (صط)) . الْملك فِي مُدَّة الْخِيَار. الْمَذْهَب: لَا يمْنَع الْخِيَار جَرَيَان الْملك فِي الْمَنْصُور. عِنْدهم: يمْنَع فِي القَوْل الآخر ومذهبهم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لحبان بن منقذ: قل لَا خلابة. وَاشْترط الْخِيَار: ثَلَاثَة أَيَّام.

ومقصود دفع الخلابة يحصل بِإِثْبَات الْخِيَار فِي الِاسْتِدْرَاك مَعَ زَوَال الْملك، واتصال السَّبَب الْمُسَبّب. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} وَبيع الْخِيَار لم يتَحَقَّق فِيهِ الرِّضَا فَلم ينْقل الْملك. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: السَّبَب النَّاقِل للْملك قد وجد فَهُوَ بِمَثَابَة البيع اللَّازِم فَإِن السَّبَب الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَالْخيَار يُرَاد للْفَسْخ. لَهُم: عقد تَأْخِير فَلَا يُفِيد الْملك بِنَفسِهِ كَالْهِبَةِ قبل الْقَبْض وَالشّرط إِذا اقْترن بِالسَّبَبِ أخرجه عَن كَونه سَببا كَمَا لَو قَالَ: إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق لم يكن الطَّلَاق سَبَب البينوتة إِلَّا مَعَ شَرطه، وَالْخيَار اسْتِبْقَاء مَا كَانَ لَهُ

بالخبرة الْأَصْلِيَّة، فَإِذا عقد استبقى تِلْكَ الْخيرَة فِي الحكم. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة. أَحْمد: ق. التكملة: البيع سَبَب مَنْصُوب للْملك وَلَا سَبِيل إِلَى قطع السَّبَب عَن الْمُسَبّب مَا أمكن. فَإِن قيل: إِن كَانَ الْملك للْمُشْتَرِي كاللبن الْحَاصِل فِي مُدَّة الْخِيَار لم يرد على البَائِع إِذا فسخ. الْجَواب: إِن كَانَ للْبَائِع فَلم يسلم للْمُشْتَرِي إِذا أَجَازُوا الْوَقْف. قَول ثَالِث للشَّافِعِيّ: فَإِن منعُوا مَا ألزمناهم منعنَا مَا ألزمونا ويرتكب على مساق هَذَا القَوْل كَمَا يلْزم عَلَيْهِ ونحكم بسلامة الزَّوَائِد لمن حكمنَا لَهُ بِالْملكِ، وعَلى الْجُمْلَة مَا من صُورَة فِي تفريعات الْمَسْأَلَة إِلَّا وفيهَا خلاف.

قَالَ الْمُزنِيّ: مَذْهَب الْخصم يُؤَدِّي إِلَى محَال فَإِنَّهُ يَقُول: إِذا كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي وَحده خرج الْمَبِيع عَن ملك البَائِع وَلَا يدْخل فِي ملك المُشْتَرِي وَالْملك لَا بُد لَهُ من مَالك، لِأَنَّهُ من بَاب الْمُضَاف وَمَا يُفْضِي إِلَى الْمحَال محَال، وَحَقِيقَة الْخِيَار عندنَا ملك الْفَسْخ وَعِنْدهم اسْتِيفَاء مَا كَانَ لَهُ من خيرة.

المسألة المائة ق

(الْمَسْأَلَة الْمِائَة: (ق)) . خِيَار أَرْبَعَة أَيَّام. الْمَذْهَب: يفْسد العقد فِي الْحَال وَلَا يعود صَحِيحا. عِنْدهم: يفْسد فِي الْيَوْم الرَّابِع وَرُبمَا قَالُوا هُوَ صَحِيح فَإِن لم يحدث الرَّابِع فسد. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... .

لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد فَاسد فَلَا يعود صَحِيحا إِلَّا باستئنافه عَارِيا عَن الْمُفْسد كَمَا لَو بَاعَ درهما بِدِرْهَمَيْنِ، ثمَّ هُوَ شَرط أوجب فِي العقد نقيض مَوْضُوعه فأفسده كَمَا لَو قَالَ: بِعْتُك على أَن أسلم نَهَارا وأسترد لَيْلًا، وَالنَّهْي دَلِيل الْفساد وَالْخيَار يضاد العقد، لَكِن ثَبت فِي الثَّلَاث نصا. لَهُم: حدث الْمُفْسد قبل تقرره فِي العقد فَصَارَ كَمَا لَو بَاعَ السّلْعَة برقمها ثمَّ

تبين فِي الْمجْلس، لِأَن الشَّرْط لَا يفْسد لذاته بل بِمُوجبِه، والموجب خِيَار الْيَوْم الرَّابِع وَلم يتَّصل بِالْعقدِ والهدنة إِذا عقدت أَكثر من الْمدَّة الشَّرْعِيَّة تصح بِحَذْف الزَّائِد ثمَّ الْفَاسِد صَحِيح بِأَصْلِهِ. مَالك: يجوز قدر مَا يحتاجان إِلَيْهِ. أَحْمد: يثبت من الْخِيَار مَا يتفقان عَلَيْهِ. التكملة: يدل على فَسَاد البيع بِأَن الْمَبِيع لَو تلف فِي هَذِه الْمدَّة ضمنه المُشْتَرِي بِالْقيمَةِ وَفِي الصَّحِيح بِالْمُسَمّى وبكونه لَا يسْتَحق بِهِ الشُّفْعَة ونمنع الْهُدْنَة وَإِن سلمُوا أَنه انْعَقَد فَاسِدا تعذر عَلَيْهِم التَّصْحِيح وَذَلِكَ أَن الْمُفْسد الَّذِي يحذفونه إِن عنوا بِهِ الشَّرْط فقد مضى وانحذف بِنَفسِهِ، وَإِن عنوا بِهِ الْمَشْرُوط فَهُوَ غير ثَابت حَتَّى ينحذف فَإِنَّهُم وَإِن اعتذروا أَن الْفَاسِد مَشْرُوع بِأَصْلِهِ لكِنهمْ يقرونَ أَنه غير مَشْرُوع بوصفه، والحذف تصرف شَرْعِي فيستدعي ثَابتا مَشْرُوعا حَتَّى ينحذف بِهِ.

قُلْنَا: حذفه وَبَقِي البيع فَاسِدا بِخِلَاف الْخِيَار الْمَشْرُوع فَإِنَّهُ حق ثَابت بِالْإِجْمَاع فعقل حذفه.

فارغة

مسائل في الربا

(مسَائِل فِي الرِّبَا)

فارغة

لوحة / 32 خَ: اخْتلف فِي صِحَة الْعلَّة الْمَقْصُورَة على أَصْلهَا فأبطلها أَصْحَاب الرَّأْي وأجزناها، وَمَالك وَقُلْنَا: عِلّة الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ كَونهمَا ثمنين، وَهَذَا الْوَصْف مَقْصُور عَلَيْهِمَا لَا يتعداهما، وَدَلِيل جَوَاز ذَلِك أَن علل الشَّرْع عَلَامَات للْأَحْكَام بِالْوَضْعِ من غير أَن تكون مُوجبَة لأحكامها بأنفسها فَيجوز أَن يرد الشَّرْع بِجعْل صفة خَاصَّة للشَّيْء عِلّة الحكم فِيهِ، وَلَا يشْتَرط تعديها جملَة، كَمَا يجوز أَن يشْتَرط تعديها إِلَى كثيرين. وَفَائِدَة استنباط الْعلَّة الْمَقْصُورَة الْمَنْع من حمل غير الْمَنْصُوص عَلَيْهِ، أَو يكون التَّبْيِين إِلَى الْمَقْصد الشَّرْعِيّ، وعَلى هَذَا يجوز أَن يكون فِي الأَصْل الْوَاحِد عِلَّتَانِ: إِحْدَاهمَا متعدية، وَالْأُخْرَى مَقْصُورَة عَلَيْهِ. وَبِالْجُمْلَةِ النَّاظر ينظر وتستنبط الْعلَّة، فَإِذا صحت (لَهُ نظر بعد) ذَلِك هَل تتعدى أم لَا؟ فالتعدي وَعَدَمه بعد تَصْحِيح الْعلَّة، وَأما

التَّعْلِيل بِالِاسْمِ فقد منع مِنْهُ أَكثر أَصْحَاب الرَّأْي، وَأَجَازَهُ أَكثر القابسين من أَصْحَابنَا. وَقَالُوا: الْعلَّة الشَّرْعِيَّة أَمارَة الحكم، وَأكْثر (الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة) معلقَة بالأسماء فَلَا ننكر أَن يَجْعَل الشَّرْع الِاسْم أَمارَة الحكم، كَمَا يَجْعَل الصّفة سِيمَا فِي الِاسْم (الْمُشْتَقّ) ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن الشَّيْطَان يحضر البيع فشوبوا بيعكم بِصَدقَة ". قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة} . قَالَ بعض أَصْحَابنَا: لَيْسَ ذَلِك اسْتثِْنَاء وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ لَكِن، (وَقيل: هُوَ) اسْتثِْنَاء مُنْقَطع وَشَاهده:

(وبلدة لَيْسَ بهَا أنيس ... إِلَّا اليعافير وَإِلَّا العيس) إِذا قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا، فَقَالَ: قبلت (انْعَقَد البيع، وَمثله لَو قَالَ: بِعني هَذَا بِكَذَا فَقَالَ: بِعْتُك) ، قَالَ أَحْمد: لَا ينْعَقد إِلَّا بِلَفْظ الْمَاضِي، إِذا قَالَ: أتبيعين فَقَالَ: بِعْتُك لم ينْعَقد، لِأَن قَوْله: أتبيعني اسْتِفْهَام لَا استدعاء، وَالَّذِي ينْعَقد بِهِ (البيع الْإِيجَاب) وَالْقَبُول، قَالَ الْخصم: التعاطي بيع. قَالَ مَالك: البيع مَا يعده النَّاس بيعا، وَهَذَا لَهُ وَجه جيد فِي الشَّرْع، لِأَن البيع مَوْجُود قبل الشَّرْع، وَإِنَّمَا علق الشَّرْع عَلَيْهِ أحكاما، فَيجب أَن يرجع فِيهِ إِلَى عرف الْعَرَب، (كَمَا يرجع فِي الخزن) والإحياء وَالَّذِي يَنْبَغِي أَن

يعْتَبر فِي هَذَا أَنَّهُمَا مَتى افْتَرقَا عَن ترَاض بالمعاوضة فقد تمّ البيع. هَذَا وَلم ينْقل عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَأَصْحَابه لفظ التبايع (وَلَو اسْتعْمل دَائِما لنقل ذَلِك) . الدَّلِيل على أَن الطَّعَام لجَمِيع مَا يطعم قَوْله تَعَالَى: {فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه} . وَإِذا أسلم شَيْئا فِي شَيْء إِن لم يكن العوضان أَو أَحدهمَا مِمَّا فِيهِ رَبًّا جَازَ مثل أَن يسلم الثِّيَاب فِي الْحَدِيد. وَأما إِن كَانَ العوضان فيهمَا الرِّبَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون عِلّة الرِّبَا فيهمَا وَاحِدَة أَو مُخْتَلفَة فَإِن كَانَت (الْعلَّة) فيهمَا مُخْتَلفَة جَازَ كإسلام

الدَّرَاهِم فِي الْحِنْطَة، وَإِن كَانَت الْعلَّة وَاحِدَة لم يجز كإسلام الدَّرَاهِم فِي الدَّنَانِير وَالْحِنْطَة فِي الشّعير، وَلَا يجوز التَّفَرُّق فِي ذَلِك قبل الْقَبْض.

مسائل الربا

(مسَائِل الرِّبَا) (الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة بعد الْمِائَة: عِلّة الربوا (قا)) . الْمَذْهَب: الطّعْم مَعَ الْجِنْس. عِنْدهم: الْكَيْل وَالْوَزْن مَعَ الْجِنْس. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تَبِيعُوا الْبر بِالْبرِّ وَلَا الشّعير بِالشَّعِيرِ وَلَا التَّمْر بِالتَّمْرِ وَلَا الذَّهَب بِالذَّهَب وَلَا الْوَرق بالورق إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء مثلا بِمثل عينا بِعَين كَيْلا بكيل يدا بيد ". وَرُوِيَ: " لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا مثلا بِمثل ".

فَالْخَبَر الأول أطلق التَّحْرِيم إِلَى أَن يُوجد المخلص، وَالْخَبَر الثَّانِي ذكر الطّعْم وهواسم مُشْتَقّ فصلح أَن يكون عليته كالسارق. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ مثلا بِمثل، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ مثلا بِمثل، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل، وَالْملح بالملح مثلا بِمثل وَالْفضل ربوا ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حكم النَّص تَحْرِيم بيع هَذِه الْأَمْوَال بَعْضهَا بِبَعْض والتساوي مخلص فَعم الحكم وَخص المخلص، وَالتَّعْلِيل بالطعم صَالح، لِأَنَّهُ يُنبئ عَن مزِيد شرف، لِأَن بِهِ بَقَاء الْحَيَوَان فَصَارَ كالبضع عقد تميز عَن نَظَائِره بمزيد شرطين فَوَجَبَ أَن يُعلل بِوَصْف يَقْتَضِي الشّرف أَو يُوجب أَن يكون الأَصْل فِيهِ التَّحْرِيم كعقد النِّكَاح. لَهُم: الْأَمْوَال الْمَنْصُوص عَلَيْهَا مُتَسَاوِيَة قطعا، وَلِهَذَا تضمن بِالْمثلِ جيدها ورديئها سَوَاء بِالنَّصِّ فَظهر التَّفَاوُت بِنَفس التقابل، فالعلة التَّسْوِيَة حَتَّى لَا

يَخْلُو جزؤه عَن عوض فَإِذا تحققت التَّسْوِيَة كَانَت الْعلَّة جنس مَعَ الْكَيْل إِذْ الْعلَّة مَالهَا أثر فِي الْحِكْمَة، والكيل يُحَقّق الْمُمَاثلَة صُورَة وَالْجِنْس يحققها معنى. مَالك: الْقُوت وَمَا يصلحه من جنس. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: فِيهَا مسلكان: الأول أَن الطّعْم يصلح للتَّعْلِيل لشرفه، وَبَان ذَلِك بتضييق الشَّرْع طرقه، كَمَا اعْتمد فِي الْبضْع، وَلَا يتَأَكَّد ذَلِك إِلَّا إِذا كَانَ العوضان معلومين وَلَا يلْزمه على هَذِه إِذا اخْتلفَا جِنْسا لِأَنَّهُ جَازَ للْحَاجة، وَإِن كَانَ فِي الْجيد بالرديء نوع حَاجَة لَكِن الْحَاجة تنْدَفع بهما. المسلك الثَّانِي: أَن نقُول الشَّرْع نصب الطّعْم أَمارَة على الحكم فَنحْن

ندير الحكم مَعَه وَلَا نتعرض لكَونه مختلا أَو غير مختل فَصَارَ كَمَا نقُول فِي السّرقَة وَالزِّنَا وَالْعلَّة القاصرة إِذا نَص عَلَيْهَا جرت فِي محلهَا فَالله تَعَالَى الْمُبِيح الْمحرم، وَهَذِه أَمَارَات ثمَّ لَو كَانَ الْمَقْصُود الْكَيْل لاكتفى بِذكر مَكِيل وَاحِد، وَلما عدد أصُول المطعومات ثمَّ إِنَّه صَدره بِالتَّحْرِيمِ وَذكر المخلص فَصَارَ كَقَوْلِه: " لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث ". فَإِن قَالُوا: هَذَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطع أجزناه وَشَاهده: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا تأثيما (25) إِلَّا قيلا سَلاما سَلاما} ، ثمَّ لَو كَانَت الْعلَّة التَّسَاوِي لَزِمَهُم فِي كل ذِي كم من مذروع أَو مَعْدُود.

فارغة

المسألة الثانية بعد المائة العلة في النقدين قب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة بعد الْمِائَة: الْعلَّة فِي النَّقْدَيْنِ (قب)) . الْمَذْهَب: الثمنية أَو جَوْهَر الثمنية. عِنْدهم: الْوَزْن مَعَ الْجِنْس. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: التَّعْلِيل بالثمنيه مُنَاسِب لما فِيهِ من مزِيد شرف، فَأَما الجنسية فوصف تعم الخسائس والنفائس، قَالَ الشَّافِعِي: لَو كَانَت الْعلَّة الْوَزْن لما جَازَ إِسْلَام الدَّرَاهِم فِي الزَّعْفَرَان، ونقول: بيع صدر من أَهله فِي مَمْلُوكه الْمَقْدُور عَلَيْهِ الْمعِين الْمَعْرُوف فصح التَّعْلِيل كَبيع النّحاس بِالنُّحَاسِ. لَهُم: بِالْوَزْنِ مَعَ الْجِنْس تتَحَقَّق الْمُمَاثلَة صُورَة وَمعنى، إِذْ الحكم وجوب التَّسَاوِي (فعلته مَا تستدعيه الْعلَّة) بالثمنية بَاطِلَة لِأَنَّهَا عِلّة قَاصِرَة. مَالك: يجوز بيع المصوغ من التبر بالتبر والمضروب بِقِيمَتِه وَأنكر أَصْحَابه ذَلِك. أَحْمد: ف.

التكملة: الحكم فِي مَحل النَّص ثَابت بِالنَّصِّ لعمري وبالعلة وَقد ثَبت الحكم بشيئين كَمَا بِالْكتاب وَالسّنة وتناقضهم بأواني النّحاس فَهِيَ موزونة جنس وَلَا رَبًّا فِيهَا، وأواني الذَّهَب وَالْفِضَّة يجْرِي فِيهَا الرِّبَا، إِن أوردوا على الدَّلِيل نمْنَع الدَّرَاهِم بِالدِّرْهَمَيْنِ نقضا. فَالْجَوَاب: أَن الْعلَّة مُؤثرَة مُعْتَبرَة بِالْإِجْمَاع، إِذْ الْخصم يساعد على أَن البيع فِي الْمجمع عَلَيْهِ صَحَّ بمعان فِي المجتمعة هَاهُنَا وَظُهُور الْأَثر بِالْإِجْمَاع مَا ينْقض فَإِن النَّقْض بَيَان أَن مَا اعْتَمدهُ الْمُسْتَدلّ من الْمَعْنى غير مُعْتَبر، فَلَمَّا تساعدنا على اعْتِبَاره كَانَت مَسْأَلَة النَّقْض إشْكَالًا على الْفَرِيقَيْنِ. بَقِي أَن يُقَال: إِنَّمَا صَحَّ لهَذِهِ الْعلَّة وَلِأَنَّهُ غير رِبَوِيّ فَنَقُول هَذَا الْآن إِشَارَة إِلَى مَانع يُعَارض الْعلَّة فَيمْنَع حكمهَا وَنفي الْمَوَانِع لَيْسَ من وَظِيفَة

الْمُسْتَدلّ، وَأما الْعَارِض مُدع فَعَلَيهِ إِثْبَات دَعْوَاهُ.

المسألة الثالثة بعد المائة الجنس بانفراده قج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة بعد الْمِائَة: الْجِنْس بِانْفِرَادِهِ (قج)) . الْمَذْهَب: لَا يحرم النِّسَاء فَيجوز إِسْلَام ثوب (فِي ثَوْبَيْنِ) . عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: نهى عَلَيْهِ السَّلَام عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان وأرخص فِي السّلم، فتقييده بمختلفي الْجِنْس يحْتَاج إِلَى دَلِيل وَأمر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عبد الله

ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن يُجهز جَيْشًا، وَأمره أَن يبْتَاع بَعِيرًا ببعيرين إِلَى إبل الصَّدَقَة. لَهُم: نهى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن بيع الْحَيَوَان نَسِيئَة، وَلَا يجوز أَن يُرَاد بِهِ النَّسِيئَة من الْجَانِبَيْنِ، لِأَن ذَلِك استفدناه من نَهْيه عَن بيع الدّين بِالدّينِ، وَكَلَام الشَّارِع يجب أَن يحمل على فَائِدَة جَدِيدَة.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْجِنْس شَرط مَحْض فَلَا يسْتَقلّ بِتَحْرِيم النِّسَاء قِيَاسا على جَمِيع الشُّرُوط وَينزل الطّعْم مَعَ الْجِنْس منزلَة الزِّنَا مَعَ الْإِحْصَان، وَذَلِكَ أَن المخيل الْمُنَاسب الطّعْم لما فِيهِ من نوع شرف، فَأَما الجنسية فَهِيَ تعم الخسيس والنفيس. لَهُم: الْجِنْس أحد وصفي الْعلَّة الربوية فاستقل بِتَحْرِيم النِّسَاء كالوصف الآخر، لِأَن الحكم وجوب التَّمَاثُل وَذَلِكَ يحصل بِالْجِنْسِ والكيل، فالجنس يحصل التَّمَاثُل ذاتا والكيل التَّمَاثُل قدرا. مَالك: لَا يجوز بيع حَيَوَان بحيوانين من جنسه وَصفته ويقصد بهما أَمر وَاحِد. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: هَذِه الْأَمْوَال لَا يحرم فِيهَا رَبًّا الْفضل وَلَا يحرم رَبًّا النَّسِيئَة، فَإِنَّهُ لَو بَاعَ

ثوبا بثوبين جَازَ وَربا الْفضل أفحش من رَبًّا النِّسَاء، فَإِن رَبًّا الْفضل فِي الكمية، وَربا النِّسَاء فِي الزَّمَان، وَبِالْجُمْلَةِ الْخصم الْمُدَّعِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وعلينا إبِْطَال مُسْتَنده وَإِن سلمنَا أَن الْجِنْس أحد وصفي الْعلَّة فَيجوز أَن ينْفَرد قسيمه بمزية لَا يُشَارِكهُ فِيهَا هَذَا الْوَصْف كَيفَ وَالشَّرْع قد نبه على ذَلِك بقوله: " إِذا اخْتلف الجنسان فبيعوا كَيفَ شِئْتُم يدا بيد ". فَبين أَن الْبَاقِي بعد الجنسية مُسْتَقل بإفادة تَحْرِيم النِّسَاء إِن ألزمونا إِذا أسلم ثوبا فِي مثله نمْنَع فَلَا يجوز حَتَّى يكون فِي أَحدهمَا وصف زَائِد، وَنَذْكُر شَيْئا يَقع بِهِ الِاخْتِلَاف ونمنع الْإِقَالَة فِي السّلم. فَإِن قَالُوا: هُوَ عقد بيع فَكيف لَا تجْرِي فِيهِ الْإِقَالَة. قُلْنَا: إِذا اشْترى قَرِيبه هُوَ عقد بيع وَلَا إِقَالَة فِيهِ ثمَّ يلْزمهُم إِذا أسلم هرويا فِي مَرْوِيّ فهما جنس وَاحِد وَإِنَّمَا اخْتلفَا فِي الصَّنْعَة.

فارغة

المسألة الرابعة بعد المائة التقابض في المجلس في بيع الطعام به قد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة بعد الْمِائَة: التَّقَابُض فِي الْمجْلس فِي بيع الطَّعَام بِهِ (قد)) . الْمَذْهَب: شَرط. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " يدا بيد " وَجَاء مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان إِلَى

طَلْحَة الصَّواف بورق فَأخذ بِهِ الذَّهَب فَسلم إِلَيْهِ الْوَرق، وتعلل طَلْحَة فِي الذَّهَب فَانْصَرف مَالك فتتبعه عمر رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَ: لَا تُفَارِقهُ إِلَّا بِالْقَبْضِ، قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الذَّهَب بِالذَّهَب " وَعدد الْأَشْيَاء السِّتَّة إِلَّا هَاء وهاء. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ترك التَّقَابُض تمكن معنى الرِّبَا فِي العقد، لِأَن للمقبوض فضلا على غير الْمَقْبُوض، لِأَن الْأَعْيَان ترَاد للِانْتِفَاع، وَالْمَسْأَلَة تبنى على أَن الْعلَّة فِي الْأَمْوَال الطّعْم إِلَّا مَا ورد فِيهِ الِاسْتِثْنَاء وَهُوَ حَقِيقَة بِالْقَبْضِ. لَهُم: بَاعَ عينا بِعَين فَلَا يجب التَّقَابُض كَالثَّوْبِ بِالثَّوْبِ، بَيَانه: أَنه يتَعَيَّن بِالتَّعْيِينِ، وتأثيره: أَن الْقَبْض حكم العقد أَو حكم حكمه فَإِذا شَرط صَار مُقَارنًا للْعقد أَو مُتَقَدما عَلَيْهِ فيغير مُقْتَضى العقد. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: إِن وَقع الْفَرْض على مطعوم غير مَنْصُوص عَلَيْهِ فَلَا طَرِيق إِلَّا بَيَان أَن الْعلَّة فِي الرِّبَا الطّعْم فَيلْحق بالربويات، وَالْقَبْض فِيهَا شَرط، وَإِن وَقع فِي

الْأَرْبَعَة فالنص يُغني، فَإِن حملُوا الْيَد على التَّعْيِين فقد قَالَ عينا بِعَين، ثمَّ الْإِشَارَة تحصل بِالرَّأْسِ وَالْعين وَغَيرهمَا وَالْيَد صَرِيحَة فِي الْقَبْض، ثمَّ الْقَبْض يفضل على غَيره عرفا وَعَادَة. فَإِن قَالُوا: كَيفَ يكون شرطا وَقد تَأَخّر، قُلْنَا: هُوَ شَرط صِحَة وَالْعقد وَصَارَ كَمَا يَقُولُونَ فِي النَّقْدَيْنِ وَرَأس المَال فِي السّلم، وفقهه أَن مجْلِس العقد حَرِيم العقد فَأخذ حكمه، وَإِن اعتذروا عَن النَّقْدَيْنِ بِأَنَّهُمَا لَا يتعينان بِالتَّعْيِينِ كَانَ بهتا، ويلزمهم إِذا حضر أَحدهمَا فَإِنَّهُ لَا يكون بيع دين بدين، وَالدَّلِيل على أَن مجْلِس العقد حَرِيم العقد أَن عِنْدهم لَو بَاعَ بصنجة مَجْهُولَة أَو بِمَا بَاعَ بِهِ فلَان سلْعَته إِن ارْتَفَعت الْجَهَالَة فِي الْمجْلس صَحَّ العقد وَإِن تَأَخَّرت بَطل.

المسألة الخامسة بعد المائة بيع الرطب بالتمر أو بالرطب قه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة بعد الْمِائَة: بيع الرطب بِالتَّمْرِ أَو بالرطب (قه)) . الْمَذْهَب: بَاطِل. عِنْدهم: صَحِيح. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام للسَّائِل عَن ذَلِك: " أينقص الرطب إِذا جف " فَقَالَ: نعم، فَقَالَ: " لَا إِذن "، رَوَاهُ ابْن عَبَّاس. وَقَالَ الدراقطني: الحَدِيث

صَحِيح، وبإسناد آخر أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَفِي الْخَبَر الأول نبه على الْعلَّة. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " التَّمْر بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل " وَقد وجد. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الأَصْل تَحْرِيم بيع هَذِه الْأَمْوَال، وَإِنَّمَا صَحَّ للْحَاجة فَوَجَبَ أَن يعْتَبر كَمَال الْحَاجة وَهِي بِكَمَال الْمَنَافِع فِي حَالَة الإدخار، فَلِأَن أَحدهمَا على هَيْئَة الادخار وَالْآخر لَا على الْهَيْئَة فَلَا يجوز بيع أَحدهمَا بِالْآخرِ كالحنطة بالدقيق والمقلية بِغَيْر المقلية. لَهُم: بَاعَ التَّمْر بِالتَّمْرِ مُتَسَاوِيا فصح كَمَا لَو بَاعه بعد الْجَفَاف، وفقهه أَن الرطب تمر، حَقِيقَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة الصَّبِي من جنس النَّاس، فَإِذا بيع الْجِنْس

بِمثلِهِ صَحَّ للْخَبَر. قَالَ النُّعْمَان: لما سُئِلَ عَن ذَلِك لَا يَخْلُو أَن يكون تَمرا أَو غَيره، فَإِن كَانَ تَمرا فقد حصل التَّمَاثُل، وَإِن لم يكن فَلَا حرج. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: هما جنس وَاحِد لَكِن فِي حالتين فلاتحاد الْجِنْس تشْتَرط الْمُمَاثلَة ولاختلاف الْحَال يمْتَنع تحقيقها كالحنطتين مقلية وَنِيَّة، فَإِذا قَالُوا: الْحِنْطَة كَانَت قَابِلَة للتماثل فقولها بِفِعْلِهِ فَلم يحط الشَّرْع عَنهُ هَذَا الشَّرْط كَمَا لَو أراق المَاء بعد دُخُول الْوَقْت وَتيَمّم فَإِنَّهُ يلْزمه الْقَضَاء. الْجَواب: أَولا منع مَسْأَلَة التَّيَمُّم فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَا تَأْثِير لفعل

العَبْد فِي هَذَا الْبَاب سَوَاء عجز عَن الْقيام فِي الصَّلَاة بِفِعْلِهِ أَو بزمانة عارضة. فَإِن قَالُوا: حديثنا مُطلق بِالْإِضَافَة إِلَى جَمِيع أَحْوَال التَّمْر، قُلْنَا: الْمُطلق لفظ لَا قيد فِيهِ لَا مَا يَنْفِي الْقَيْد بل هُوَ السَّاكِت عَن الْقَيْد نفيا وإثباتا نعم نفي الْقَيْد لَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل، بل يَكْفِي انْتِفَاء دَلِيله، أما من أثبت قيدا افْتقر إِلَى دَلِيل. وَقد ذَكرْنَاهُ فَإِذا ظهر دَلِيل الْقَيْد لم يكن نسخا للمطلق إِذْ لم يكن فِيهِ نفي، وَدَلِيل الْقَيْد بل هُوَ بَيَان أَمر زَائِد كَانَ مسكوتا عَنهُ. وَبِالْجُمْلَةِ الرطب وَالتَّمْر متماثلان صُورَة لَا حَقِيقَة، فَإِن حَقِيقَة الشَّيْء بِالْمَعْنَى الَّذِي خلق لَهُ، وَالْحكمَة فِي الأقوات غَرَض الإدخار، وَذَلِكَ يحصل بعد الْجَفَاف والرطوبة أَجزَاء مائية تفني باليبس.

فارغة

لوحة 33 من المخطوطة " أ ": (اخْتلف فِي تَأْخِير بَيَان الْمُجْمل من الْخطاب وَبَيَان تَخْصِيص الْعُمُوم من وَقت الْخطاب إِلَى وَقت الْحَاجة، فَمنع بعض الْأَصْحَاب من ذَلِك، وَالْأَكْثَر الْمُجِيز، وَالدَّلِيل على الْجَوَاز قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه وَقل رب زِدْنِي علما} ، وَقَوله تَعَالَى: {إِن علينا جمعه وقرآنه (17) فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه (18) ثمَّ إِن علينا بَيَانه} ، وَثمّ للمهملة، وَقَوله: {كتاب أحكمت آيَاته ثمَّ فصلت} ، وقصة الْبَقَرَة) .

وَاعْلَم أَن العقد إِذا جمع عوضين وَجب أَن يقسم أَحدهمَا على الآخر على قدر قيمَة الآخر، فَإِن كَانَ مُخْتَلف الْقيمَة اخْتلف مَا يَأْخُذ من الْعِوَض، بَيَانه أَنه إِذا كَانَ أحد الْعِوَضَيْنِ ثَوْبَيْنِ، والعوض الآخر دَرَاهِم فَإِنَّهُ إِذا احْتِيجَ إِلَى معرفَة كل وَاحِد مِنْهُمَا قوم الثوبان وَقسم الثّمن على قدر الْقِيمَتَيْنِ. مِثَاله: اشْترى ثَوْبَيْنِ بِعشْرَة دَرَاهِم قيمَة أَحدهمَا سِتَّة وَالْآخر ثَلَاثَة فَإِنَّهُ يقسم الْعشْرَة على ثلثين وَثلث، وَقد فعلنَا ذَلِك فِيمَن اشْترى شِقْصا وسيفا بِمِائَة دِرْهَم فَطلب الشَّفِيع حَقه فَإِنَّهُ يقوم الشّقص وَالسيف. فَإِذا قيل: قيمَة الشّقص سِتُّونَ وَقِيمَة السَّيْف ثَلَاثُونَ قُلْنَا للشَّفِيع خُذ الشّقص بِثُلثي الْمِائَة وَكَذَلِكَ لَو تلف أحد الْعَبْدَيْنِ فِي يَد البَائِع فَإِنَّهُ يسْقط من الثّمن نِسْبَة قِيمَته إِلَى قيمَة الْعَبْدَيْنِ وَيُخَير المُشْتَرِي، فعلى هَذَا إِذا بَاعَ مدا ودرهما بمدين، ينظر إِلَى مَا يُسَاوِي الدِّرْهَم فَيكون مدا وَنصفا فيخص الدِّرْهَم ثَلَاثَة أَخْمَاس مد.

بَيَانه: أَن الدِّرْهَم بِمد وَنصف وَمَعَهُ مد يكون ذَلِك خَمْسَة أَنْصَاف فَإِذا قسمنا عَلَيْهَا الْمَدّ حصل للدرهم ثَلَاثَة أَخْمَاس، وَإِذا بَاعَ درهما صَحِيحا ودرهما مكسرا بِدِرْهَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ اقْتضى أَن يكون ثمن الصَّحِيح أَكثر فَيُؤَدِّي إِلَى الْفضل. وَاعْلَم أَن الْعصير من الْعِنَب يجوز بيع بعضه بِبَعْض مُتَسَاوِيا، لِأَنَّهُ حَاله حَال كَمَال، وَكَذَلِكَ عصير الرُّمَّان والسفرجل وَشبههَا، وَيجوز بيع هَذِه الْأَجْنَاس بِجِنْس آخر مِنْهَا مُتَفَاضلا، فَإِذا طبخت بالنَّار لم يجز بيع الْمَطْبُوخ مِنْهَا بالنيء من جنسه وَلَا الْمَطْبُوخ بالمطبوخ، لِأَن النَّار تعقد أجزاءه فيختلف الْعَسَل بالعسل لَا يُبَاع إِلَّا بعد التصفية من الشمع، وَفِي بيع السكر بعضه بِبَعْض وَجْهَان؛ لِأَن النَّار تدخله. وَحكم الألبان حكم مَا هِيَ مِنْهُ فالبقر الْأَهْلِيَّة كلهَا جنس جواميسها وعربيها، والوحشية جنس، وَلِهَذَا لَا تضم إِلَيْهَا فِي الزَّكَاة. وَالْغنم جِنْسَانِ ضَأْن ومعز، قَالَ الشَّافِعِي: لَا خير فِي زبد غنم بِلَبن غنم، وَلَا يجوز بيع مَا استخرج من شَيْء بذلك الشَّيْء كالشيرج

بالسمسم، وَالزَّيْت بالزيتون، وَلَا يجوز بيع المخيض الَّذِي استخرج زبده بِاللَّبنِ، لِأَن فِي اللَّبن زبدا، وَلَا زبد فِي المخيض فَيُؤَدِّي إِلَى التَّفَاضُل فَأشبه كسب السمسم بالسمم، وَلَا يجوز بيع اللَّبن وزنا، إِذا بَاعَ دجَاجَة مَعهَا بيض بدجاجة لم يجز وَلَا يجوز بيع اللَّبن بِالْحَيَوَانِ ذِي اللَّبن.

من مسائل الربا

(من مسَائِل الرِّبَا) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة بعد الْمِائَة: مد عَجْوَة (قو)) . الْمَذْهَب: يبطل العقد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: أُتِي النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَام خَيْبَر بقلادة فِيهَا خرز وَذهب بِيعَتْ بسبعة دَنَانِير فَقَالَ: لَا، حَتَّى تميز.

وَجه الدَّلِيل: أَنه نهى عَن البيع إِلَى حِين التَّمْيِيز، وَالنَّهْي دَلِيل التَّحْرِيم، ثمَّ إِنَّه لم يستفصل عَن كمية الذَّهَب الَّذِي فِي القلادة فَلَو اخْتلف الحكم بِهِ لسأل، فَإِن تَأْخِير الْبَيَان عَن الْحَاجة لَا يجوز. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تمهد فِي الشَّرْع أَن أَجزَاء الْعِوَضَيْنِ يوزع على أَجزَاء الْعِوَض الآخر بِاعْتِبَار الْقيمَة فَيَقَع الْجُزْء للجزء لِأَنَّهُ عقد مُقَابلَة فَمن قَابل ثوبا يُسَاوِي عشرَة بِعَبْد يُسَاوِي مائَة قَابل درهما بِعشْرَة، وَمن اشْترى شِقْصا وسيفا بِمِائَة وزع الثّمن عَلَيْهِمَا بِقدر الْقيمَة لحق الشَّفِيع. لَهُم: وَقعت الْمُعَاوضَة عَن مُقَابلَة تَقْتَضِي صِحَة العقد وَأُخْرَى تَقْتَضِي

فَسَاده فرجحت الصِّحَّة كَمَا لَو أوصى بطبل لَهو طبل غَزْو، وتأثيره: إِن تَصْحِيح كَلَام الْبَالِغ الْعَاقِل وَاجِب مهما أمكن، والمقابلة الصَّحِيحَة مُقَابلَة الْآحَاد بالآحاد والباطلة التَّوْزِيع بِالْقيمَةِ فعملنا بالمصحح. مَالك: أَحْمد: وَافق إِلَّا فِي الْجِنْس الْوَاحِد فَإِنَّهُ يجوز بيع دينارين مُخْتَلفين بدينارين متفقين. التكملة: صَاحب الدِّينَار الَّذِي يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ وَصَاحب الدِّينَار الَّذِي يُسَاوِي درهما إِذا اشْتَركَا فِي شِرَاء حِنْطَة قسماها أَثلَاثًا، وَمُطلق العقد لَا يخْتَلف بالأفراد والاشتراك، فَدلَّ على أَن التَّوْزِيع بِقدر الْقيمَة كَذَلِك فِي مَحل النزاع، إِذا قَابل دِينَارا قِيمَته دِرْهَمَانِ، ودينارا قِيمَته دِرْهَم بدينارين وسطين فالجيد ثلثا مَا فِي الْجَانِب بِالْقيمَةِ فيقابل ثُلثي مَا فِي الْجَانِب الآخر وَهُوَ دِينَار وَثلث فَيظْهر التَّفَاضُل، نعم لَو بَاعَ جيدا ورديئا بجيد ورديء فقد يظْهر تساويهما، وَلَيْسَ بِصَحِيح، فَإِن التخمين غير مُحَقّق فَصَارَت

الْمُمَاثلَة مَجْهُولَة كَمَا لَو بَاعَ صبرَة بصبرة فَإِنَّهُ لَا يَصح على أَن فِي هَذِه الصُّورَة إِذا بَاعَ دِينَارا جيدا ودينارا رديئا بِدِينَار جيد ودينار رَدِيء نمْنَع ونقول: يَصح العقد. فَإِن قَالُوا: الشَّرْع أبطل اعْتِبَار الْجَوْدَة، قُلْنَا: هِيَ مَالِيَّة لَا سَبِيل إِلَى إِبْطَالهَا بل أَبَاحَ فضل الْجَوْدَة عِنْد التَّسَاوِي فِي الْوَزْن والجنسية وَنحن لَا نعتبر الْمُسَاوَاة فِي الْقيمَة، وَلَكِن فضل الْوَزْن يظْهر عِنْد التَّوْزِيع بِاعْتِبَار الْقيمَة إِذا اخْتلف الْجِنْس وَالنَّوْع، وَمَا قَالُوهُ من تَرْجِيح جَانب الصِّحَّة بالضد أولى، بل تَرْجِيح الْحُرْمَة احْتِيَاطًا لمَال الرِّبَا، وَفِي كثير من الْعُقُود الشَّرْعِيَّة.

المسألة السابعة بعد المائة إذا اشترى بدراهم معينة قز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة بعد الْمِائَة: إِذا اشْترى بِدَرَاهِم مُعينَة (قَز)) . الْمَذْهَب: تتَعَيَّن بِالتَّعْيِينِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَالَ عبد الله بن عمر: كُنَّا نبيع الْإِبِل بالنقيع بِالدَّنَانِيرِ ونأخذ مَكَانهَا الدَّرَاهِم، وبالدراهم وَيَأْخُذ مَكَانهَا الدَّنَانِير، وَلَو تعيّنت مَا جَازَ الِاسْتِبْدَال

كَيْلا يفوت الْقَبْض الْمُسْتَحق بِالْعقدِ، وَكَانَ ذَلِك يُوجب فسخ العقد كَمَا لَو هلك الْمَبِيع فَإِنَّهُ يَنْفَسِخ العقد لما قَبضه مُسْتَحقّا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لَهُم: التَّعْيِين تَقْرِير مُقْتَضى العقد تَسْوِيَة بَين الثّمن والمثمن، لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُمَا نقل الْملك، وَهُوَ عقد مُقَابلَة وَإِنَّمَا يَصح العقد على تَقْدِير صيرورة الثّمن دَرَاهِم فتحقيق صورتهَا أولى، وَصَارَ كالمكيلات تصح فِي الذِّمَّة وتتعين بِالتَّعْيِينِ، ثمَّ الدَّرَاهِم قَابِلَة للتعيين والعاقد أهل ذَلِك فتعينت. لَهُم: التَّعْيِين يُغير مُقْتَضى العقد، لِأَن حكم الثّمن وُجُوبه فِي الذِّمَّة بِالْعقدِ، فَإِذا عينه فقد حصل وجوده شرطا للْعقد، وَحقّ الشَّرْط أَن يتَقَدَّم أَو يُفَارق وَيجْعَل التَّعْيِين كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْتُك بِجِنْس هَذِه الدَّرَاهِم وقدرها، وَالدَّلِيل

على أَن هَذَا حكم العقد جَوَازه فِي الذِّمَّة. مَالك: أَحْمد: التكملة: نعتمد على التَّسْوِيَة بَين الثّمن والمثمن، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الدِّيَة رخصَة، لِأَن حمل الدَّرَاهِم يشق، وَيجوز السّلم فِي النُّقُود كالعروض (وَيَقُول: بِعْت) هَذِه الدَّرَاهِم بِكَذَا، ونمنع الِاعْتِيَاض عَن الثّمن قبل الْقَبْض إِذا كَانَ دينا كَالْمُسلمِ فِيهِ، ونقول: العقد سَبَب الْملك وَالدَّرَاهِم أعيانها قَابِلَة للْملك كالعروض، وَقد أضيف العقد إِلَيْهَا فَيُفِيد الْملك فِيهَا. فَإِن قَالُوا: إِضَافَة البيع إِلَى الْمَبِيع معقولة بِكَوْنِهِ مَوْجُودا وَالثمن غير مَوْجُود. قُلْنَا: لَا نسلم أَن الثّمن يحدث بِالْبيعِ، بل الْحَادِث بِالْبيعِ ملك الثّمن

على وزان ملك الْمُثمن. بَيَانه: أَن الَّذِي فِي الذِّمَّة مَال مُقَدّر شرعا مَمْلُوك للْبَائِع فالملك فِيهِ غير ذَاته فذات الدّين الْمُقدر مَحل العقد وَالْملك فِيهِ حكم العقد وإنكارهم مَالِيَّة الدَّرَاهِم تصادم الْعرف وَالشَّرْع، قَالَ الله تَعَالَى: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} ، و {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} وَالْمَنْفَعَة فِيهَا مَوْجُودَة كَسَائِر الْأَعْيَان.

المسألة الثامنة بعد المائة بيع العقار قبل القبض قح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة بعد الْمِائَة: بيع الْعقار قبل الْقَبْض (قح)) . الْمَذْهَب: لَا يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: لما بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعتاب بن أسيد إِلَى مَكَّة قَالَ لَهُ: انههم عَن أَربع،

وعد مِنْهَا بيع مَا لم يقبض، وروى أَنه نهى عَن بيع الْمَبِيع قبل الْقَبْض، وَرُوِيَ أَنه نهى عَن بيع الطَّعَام قبل قَبضه. رَوَاهُ ابْن عَبَّاس، وَقَالَ: أَنا أرى كل شَيْء مثله. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: فَاتَ ركن التَّصَرُّف فَبَطل، دَلِيل الدَّعْوَى: أَن البيع تصرف فِي الْمحل فيفتقر إِلَى مُمكن مِنْهُ، وَذَلِكَ بِالْيَدِ، وَلَا نسلم أَن الْملك يبْنى على الْقُدْرَة بل الْقُدْرَة بِالْيَدِ، وَدَلِيل قُصُور الْملك احْتِمَال الِانْفِسَاخ قبل الْقَبْض. لَهُم: وجد الْمُطلق للتَّصَرُّف وَزَالَ الْمَانِع فصح كَمَا بعد الْقَبْض، إِذْ الْمُطلق الْملك، وَقد وجد وَالْمَانِع فِي المنقولات الْغرَر بالانفساخ بِالْهَلَاكِ، وَقد أَمن هَذَا فِي الْعقار ويتأيد بِالْعِتْقِ وَالنِّكَاح فَإِنَّهُمَا يجوزان قبل الْقَبْض. مَالك: أَحْمد: غير الْمكيل وَالْمَوْزُون والمعدود يجوز.

التكملة: إِن قَالُوا: ملك ربع بعوض فَجَاز قبل الْقَبْض كالشفعة فَهَذَا طرد مَحْض، وَلَا نسلم أَنه يُؤْخَذ بِالشُّفْعَة من غير قبض، بل إِن كَانَ المُشْتَرِي حَاضرا أمره الْحَاكِم بِالْقَبْضِ، وَإِن عدم وكل من يقبض عَنهُ، وَمَعَ التَّسْلِيم نقُول: الشُّفْعَة ملك شَرْعِي قهري لَا يعْتَبر فِيهِ الرِّضَا فَلَا يعْتَبر الْقَبْض. قَالُوا: الْمكَاتب يتَصَرَّف بِالْيَدِ فليتصرف الْحر بِالْملكِ، قُلْنَا: تصرفه بِالْيَدِ ضَرُورَة تَحْصِيل الْعتْق، وَأما الْعتْق قبل الْقَبْض يمْنَع، وَمَعَ التَّسْلِيم نقُول هَذَا إِسْقَاط بِخِلَاف البيع، وَأما وجود الْحَد على البَائِع بِوَطْء الْجَارِيَة فَلَيْسَ لِأَنَّهُ مَا بَقِي فِي الْمحل شَيْء من علائق الْملك، فَإِن أَبَا حنيفَة يَقُول: إِذا وطئ الْمُطلقَة ثَلَاثًا فِي الْعدة حد، وَإِن كَانَ قيام الْعدة من أثر النِّكَاح.

المسألة التاسعة بعد المائة بيع لحم الشاة بشاة قط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة بعد الْمِائَة: بيع لحم الشَّاة بِشَاة (قطّ)) . الْمَذْهَب: بَاطِل. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَن بيع لحم الشَّاة بِالشَّاة يدا بيد، وَيَنْبَغِي التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث الصَّحِيح، فَإِن التَّمَسُّك بِمُطلق نَهْيه عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ ينقدح حمله على مُعْتَاد القصاب، وَهُوَ عِنْدهم مُمْتَنع، لِأَنَّهُ سلم فِي الْحَيَوَان، أَو سلم الْحَيَوَان فِي اللَّحْم من غير تسلم فِي الْمجْلس.

لَهُم: ... . دَلِيل من الْمَعْقُول: لنا: بَاعَ مَال الرِّبَا بِمَا اشْتَمَل على جنسه، فَلَا يَصح كَبيع دهن السمسم بالسمسم، وَاللَّبن بِشَاة فِي ضرْعهَا لبن. لَهُم: ماليه اللَّحْم غير مَوْجُودَة فِي الشَّاة، وَإِنَّمَا الْمَوْجُود مَالِيَّة الْحَيَوَان، فَإِنَّهُ مستعد للطعم والتغدي، وَاخْتِلَاف الْمَالِيَّة بِحَسب اخْتِلَاف الْمَنَافِع، نعم يُمكن تَحْصِيل مَالِيَّة اللَّحْم بِصِيغَة مَشْرُوعَة حَتَّى لَو اختلست لم يكن اللَّحْم مَالا والتعرض للثبوت لَا حكم لَهُ قبل الثُّبُوت. مَالك: ق.

أَحْمد: ق. التكملة: إِن ألزمونا بيع السمسم بالسمسم وَالشَّاة بِالشَّاة مَعَ اشتمالهما على مَال الرِّبَا قُلْنَا: هَذَا كَلَام لَا يَصح مِنْكُم مَعَ تَصْحِيح البيع فِي مد عَجْوَة، وَعِنْدنَا بيع الْجَوْز بالجوز بَاطِل، وَإِنَّمَا صَحَّ السمسم بالسمسم، لِأَن الجنسية مُحَققَة وَتحقّق الْمُمَاثلَة بِالْكَيْلِ مَنْصُور. نعم إِذا تمحص أحد الْعِوَضَيْنِ ذَهَبا تعين تَقْدِيره فِي الْجَانِب الآخر، ونقول: مَالِيَّة الدّهن غير مَالِيَّة السمسم، إِذْ الْعِوَض مِنْهُمَا مُخْتَلف كالشاة مَعَ اللَّحْم، وَلَا بُد فِي تَحْقِيق كل وَاحِد مِنْهُمَا من صفة مذمومة شرعا فصح أَن يسْتَأْجر عَلَيْهِ، نعم اعْتبر الشَّرْع فِي أَحدهمَا الْإِسْلَام وَالْعقل ويلزمهم قَوْلهم أَن من ذبح شَاة مَغْصُوبَة لم يَنْقَطِع حق الْمَالِك وَلَو حدثت مَالِيَّة اللَّحْم بِفِعْلِهِ لملكها كالبذر الْمَغْصُوب.

فارغة

المسألة العاشرة بعد المائة العينة قي

(الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة بعد الْمِائَة: الْعينَة (قي)) . الْمَذْهَب: العقدان صَحِيحَانِ. عِنْدهم: تبطل بِالثَّانِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَأحل الله البيع} . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: اعْتِبَار أحد الْعقْدَيْنِ بِالْآخرِ، فَإِنَّهُمَا اسْتَويَا فِي اجْتِمَاع الْأَركان

والشرائط وخيال قَاعِدَة الرِّبَا بَاطِل، إِذْ الثَّوْب لَيْسَ من مَال الرِّبَا، وَلَا مُقَابلَة بَين عشرَة وَعشْرين، بل بَين عشرَة وثوب وَعشْرين وثوب. لَهُم: وَسِيلَة إِلَى الرِّبَا فتمنع مِنْهُ كَسَائِر وسائله، وكسائر وَسَائِل الْمَحْظُورَات من الْقَتْل والزنى وَغَيرهمَا. مَالك: ف. أَحْمد: ف. التكملة: نقُول: هُوَ وَسِيلَة إِلَى مَقْصُود هُوَ الْفضل أم إِلَى عين الرِّبَا، وَهُوَ مُقَابلَة الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ الآخر مَمْنُوع وَهُوَ الْحَرَام، وَالْأول مُسلم وَلَا تَحْرِيم فِيهِ، فَإِن النِّكَاح يُفِيد ملك مَقْصُود الزِّنَى، وَالنِّكَاح مَشْرُوع كَيفَ وَعِنْدهم لَو بَاعَ صبرَة بصبرتين كل حفْنَة بحفنتين صَحَّ؟ وَقد يحصل على مَقْصُود الرِّبَا، وَكَذَلِكَ مد عَجْوَة، وَكَذَا لَو كَانَ البيعان هَا هُنَا بِالنَّقْدِ، أَو كَانَ البَائِع الثَّانِي غير البَائِع الأول وَالنَّظَر جلي من جانبنا والخصم مطَالب بإبراز خياله.

فارغة

فارغة

من مسائل البيوع

(من مسَائِل الْبيُوع)

فارغة

لوحة 34 من المخطوطة " أ ": اخْتلف فِي الْخَبَر إِذا خَالف قِيَاس الْأُصُول فَقَالَ جُمْهُور أَئِمَّة الحَدِيث: الْخَبَر إِذا صَحَّ سَنَده كَانَ أولى من قِيَاس الْأُصُول، وَقَالَ أهل الرَّأْي يرد الْخَبَر بِالْقِيَاسِ، وَبِذَلِك نرد خبر الْمُصراة فَنَقُول: قد ناقضتم فِي هَذِه الْقَاعِدَة لخَبر التوضوء بالنبيذ فَإِنَّهُ جَاءَ بِخِلَاف قِيَاس الْأُصُول، لِأَن الْأُصُول مَبْنِيَّة على أَن مَا جَازَ الْوضُوء بِهِ سفرا جَازَ حضرا. ثمَّ لم يلْحقُوا نَبِيذ التَّمْر بنبيذ الزَّبِيب وَكِلَاهُمَا سَوَاء وَنَقَضُوا الْوضُوء بالقهقهة بِخَبَر الْوَاحِد، وَهُوَ خلاف الْقيَاس وَلم ينقضوا بالقهقهة فِي صَلَاة الْجِنَازَة وقبلتم أثرا من بعض الصَّحَابَة فِي الْجِنَايَة على عين الدَّابَّة بإلزامه ربع قيمتهَا. وَالْقِيَاس يُوجب أَن يكون حكم أَطْرَاف الْحَيَوَان متناسبة الْقيمَة، ثمَّ الْقيَاس إِنَّمَا يعرف صِحَّته بسلامته من مُخَالفَة النُّصُوص، وَالنَّص

يثبت حكمه ابْتِدَاء، وَتُؤْخَذ مِنْهُ الأقيسة، فَلَا ثبات الْقيَاس يُعَارض الْخَبَر، وَالْخَبَر أصل بِنَفسِهِ. وَاعْلَم أَنه إِذا اشْترى أمة مصراة هَل يثبت لَهُ الْخِيَار وَجْهَان، فَإِن قُلْنَا: لَهُ الْخِيَار فَهَل يرد مَعهَا شَيْئا وَجْهَان: أَحدهمَا يرد، لِأَن اللَّبن مَقْصُود، وَالثَّانِي لَا يرد، لِأَن لبن الآدميات لَا يُبَاع غَالِبا. وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " الْخراج بِالضَّمَانِ "، أَي تكون خراج الْعين لمن لَو تلفت فِي يَده تلفت مِنْهُ فَإِذا اشْترى عبدا فأكسابه للْمُشْتَرِي، فَإِن وجد بِهِ عَيْبا رده وَأمْسك أكسابه لِأَنَّهَا حدثت فِي ضَمَانه، إِذْ لم يكن الرَّد بِالْعَيْبِ لحدوث عيب عِنْد المُشْتَرِي بطرِيق الْأَرْش أَن يقوم الْمَبِيع

صَحِيحا، وَيقوم معيبا وَيُؤْخَذ مِقْدَار النَّقْص من الثّمن. مِثَاله صَحِيحه - ق 100 - مَعِيبَة ص 90 النَّقْص ي 10، فَإِذا كَانَ الثّمن - قن 150 - رَجَعَ بِعشْرَة وَهُوَ يه 15، إِذا اشْترى إبريق فضَّة وَزنه - ق - بِمِائَة فَوجدَ بِهِ عَيْبا وَحدث عِنْده عيب لم يُمكن الرُّجُوع إِلَى الْأَرْش لِأَنَّهُ رَبًّا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يَنْفَسِخ العقد وَيرد الثّمن وَيدْفَع قيمَة الإبريق ذَهَبا، إِذا اشْترى عبدا مُطلقًا فَخرج خَصيا فَلهُ الرَّد، وَإِن كَانَ الْخصي أَكثر قيمَة ذَلِك لنُقْصَان الْخلقَة وَإِن شَرط أَن يكون خَصيا فَخرج فحلا فَلهُ الْخِيَار وَيرد العَبْد وَالْجَارِيَة بِالزِّنَا والبخر خلافًا لَهُم، وَيرد بالإباق.

إِذا وجد جَارِيَة مغنية فَلَا خِيَار لَهُ، لِأَن ذَلِك زِيَادَة فِي ثمنهَا من غير نقص فِي بدنهَا. اعْلَم أَن العَبْد لَا يملك شَيْئا إِنَّمَا يملكهُ سَيّده، وَهل يملك بِالْإِذْنِ قَولَانِ: أَحدهمَا يملك وَبِه قَالَ مَالك خلافًا لَهُم. قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من بَاعَ عبدا وَله مَال فَالْمَال للْعَبد "، إِلَّا أَن يستثنيه السَّيِّد وَفِي الْخَبَر مطْعن، وَالْمذهب أَن مَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع. بيع الْمُرَابَحَة جَائِز ويخبر بِرَأْس المَال، فَإِن كَانَ قد اغترم عَلَيْهِ شَيْئا فَإِن يتقوم عَليّ بِكَذَا، فَإِن كَانَ قد عمل فِيهِ بِيَدِهِ لم يضفه إِلَى رَأس المَال بل يَقُول: عملت فِيهِ مَا يُسَاوِي كَذَا.

من مسائل البيوع

(من مسَائِل الْبيُوع) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة بعد الْمِائَة: وَطْء الثّيّب (قيا)) . الْمَذْهَب: لَا يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّد بِالْعَيْبِ وَالْخَرَاج بِالضَّمَانِ ". لَهُم: عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا قضيا بامتناع الرَّد وَزيد بن ثَابت وَابْن عمر صَارا إِلَى الرَّد مَعَ الْعقر.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: رد مَا اشْترى، كَمَا اشْترى بِعَيْب قديم لم يرض بِهِ فَجَاز كَمَا لَو رَضِي البَائِع، أَو نقيس على الْمَنَافِع، عبارَة المام من غير إيلام فَلَا يمْنَع من الرَّد كالاستخدام. لَهُم: الْبضْع فِي حكم الْأَجْزَاء وَالْوَطْء عيب عرفا وَشرعا يُوجب الْمهْر وَيثبت الْحَد إِذا خرجت بغيا، نعم يخرج عَن كَونه عَيْبا بِالْحلِّ وَالْفَسْخ إِزَالَة العقد من أَصله، وَالْوَطْء لَا يَخْلُو عَن الْعقر، أَو الْعقُوبَة إِلَّا إِذا كَانَ فِي الْملك. مَالك: مُوَافق وَالْبكْر يردهَا وَيرد نقص الْبكارَة. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: لَا نسلم أَن الْوَطْء نقص، بل هُوَ إلذاذ وَإِن كَانَ نقصا لَكِن لَا فِي الْمَالِيَّة

إِذْ لَا فرق بَين ثيب وثيب، وَلَا يجب ذكر الْوَطْء فِي عقد الْمُرَابَحَة وَمَا تخيلوه من النَّقْص الْمَعْنَوِيّ منشؤه الْعَار وَهُوَ جَار فِي الْفُجُور بالغلام والإتيان فِي غير المأتى وَمُجَرَّد المضاجعة وَشَيْء من ذَلِك لَا يمْنَع الرَّد، لِأَنَّهُ يتَعَلَّق بالمقاصد الْمَالِيَّة وَمَا نقلوه عَن الصَّحَابَة يسوغ الْخلاف ويلزمهم إِذا بَاعَ شِقْصا مشفوعا فَإِن الشَّفِيع يسْتَحقّهُ فَلَو رد بِالْعَيْبِ لم يسْقط حق الشَّفِيع وَلَو كَانَ العقد قد ارْتَفع من أَصله لسقط حق الشَّفِيع. وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ عبدا بِجَارِيَة ثمَّ عتق مُشْتَرِي الْجَارِيَة ورد العَبْد بِالْعَيْبِ، فَإِن الْعتْق لَا ينْتَقض، ثمَّ لَو رَضِي البَائِع بِالرَّدِّ جَازَ وَلَو كَانَ العقد ارْتَفع من أَصله لم يجز الرِّضَا بِالزِّنَا، ثمَّ هَب أَن الْفَسْخ رفع للْعقد من أَصله لكنه فِي الْبَاقِي لَا فِي المستوفي.

المسألة الثانية عشرة بعد المائة الزوائد المنفصلة قيب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة بعد الْمِائَة: الزَّوَائِد الْمُنْفَصِلَة (قيب)) . الْمَذْهَب: لَا تمنع الرَّد بِالْعَيْبِ. عِنْدهم: تمنع وَوَافَقَ فِي الغلات والأكساب. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْآيَة. النزاع فِي جَوَاز الرَّد والعموم يدل عَلَيْهِ وَلَا يُنكر تطرق التَّخْصِيص إِلَيْهِ لَكِن على مدعيه الدَّلِيل. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: رد مَا اشْترى، الْعبارَة كَمَا لَو حصلت الزَّوَائِد قبل الْقَبْض أَو هَلَكت ونفرض الْكَلَام فِي الْعقر، ونقيس على جَمِيع الْمَنَافِع، ونحسم إلحاقهم الْعقر بالأجزاء ونقول: وجد سَبَب الرَّد مَقْرُونا بِشَرْطِهِ. لَهُم: الْوَلَد مَبِيع وَامْتنع رده إِجْمَاعًا فَامْتنعَ رد الْأُم دونه كَمَا لَو وجد حَالَة البيع، الدَّلِيل على أَنه مَبِيع كَون الْفَرْع على وفْق الأَصْل بِدَلِيل الِاسْتِيلَاد وَالْأُضْحِيَّة. مَالك: إِن كَانَت الزِّيَادَة رد مَعهَا بِخِلَاف الثَّمَرَة. أَحْمد: ق. التكملة. الْمَبِيع مَا ورد العقد عَلَيْهِ وتلقاه الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَلَيْسَ الْوَلَد كَذَلِك،

لِأَن البيع إِيجَاب وَقبُول من الْأَهْل مُضَاف إِلَى الْمحل ذكرا مَا لم يُوجد حَالَة البيع أَو وجد وَلم يذكر لم يكن مَبِيعًا إِلَّا إِذا كَانَ مَوْجُودا مُتَّصِلا بِالْمَبِيعِ حَقِيقَة أَو عرفا كأطراف العَبْد وثيابه. وَلَا خلاف أَن الْوَلَد لَا يُقَابله قسط من الثّمن، فَإِن فسروا الْمَبِيع بالمملوك كَانَ خطأ لِأَن البيع سَبَب وَالْملك سَبَب وَالْملك حكمه، وَعِنْدنَا الشَّيْء إِذا زَاد بِنَفسِهِ فَتلك الزِّيَادَة أجسام يخلقها الله تَعَالَى مُضَافَة إِلَيْهِ فيجاوره. يبْقى أَن يُقَال: فَلم صَار الْوَلَد مَمْلُوكا فَنَقُول: لِأَن الشَّارِع نصب ملك الْأُم سَببا لملك الْوَلَد كَمَا نصب البيع سَببا فِي ملك الْأُم وَإِلَيْهِ نصب الْأَسْبَاب وَالْأَحْكَام، وَوجه السَّبَبِيَّة فِيهِ أَن الزِّيَادَة حصلت بِسَبَب وجود الأَصْل وَيلْزم على قضائهم بالتبعية جَوَاز الرَّد حَتَّى يرد الزَّوَائِد تبعا وَكَونهَا مُسْتَقلَّة إِذا لم تمنع دُخُوله فِي البيع تبعا كَيفَ تمنع دُخُوله فِي الْفَسْخ تبعا.

المسألة الثالثة عشرة بعد المائة المصراة قيج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة بعد الْمِائَة: الْمُصراة (قيج)) . الْمَذْهَب: الحَدِيث الْمُسْتَدلّ بِهِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَبُو هُرَيْرَة وَابْن عمر أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " من اشْترى شَاة مصراة فَهُوَ بِخَير النظرين بعد أَن يحلبها ثَلَاثًا إِن رضيها أمْسكهَا، وَإِن سخطها ردهَا ورد مَعهَا صَاعا من تمر "، وَأَبُو هُرَيْرَة من فُقَهَاء الصَّحَابَة وَالشّرط فِي الرِّوَايَة الْعقل وَالْحِفْظ وَالْعَدَالَة وَهُوَ وعَاء الْعلم. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: غر البَائِع المُشْتَرِي فَثَبت لَهُ الْخِيَار إِذا اخْتلف ظَنّه كَمَا لَو سود شعر الْجَارِيَة الشمطاء أَو جعد شعر الْغُلَام ثمَّ إِنَّه قد أوهم البَائِع غزارة اللَّبن وإيهامه بِمَثَابَة شَرطه بِدَلِيل السَّلامَة. لَهُم: التصرية لَيست عَيْبا لِأَنَّهَا إخفاء نزارة اللَّبن وَنَفس النزارة لَا تكون عَيْبا فيكف ستره؟ وَلَو اجْتمع اللَّبن بِنَفسِهِ لَا بِقصد من المُشْتَرِي لم يثبت الْخِيَار فَكَذَلِك إِذا جمعه لِأَن الْجمع لَا يُرَاد لعَينه إِنَّمَا يُرَاد للاجتماع، فَإِذا لم يُؤثر الِاجْتِمَاع فالجمع أولى. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: قَالُوا: أَبُو هُرَيْرَة غير فَقِيه أَلَيْسَ روى الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار؟ ، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَلسنا نَتَوَضَّأ بِالْمَاءِ المسخن؟ أفنتوضأ بِمَا يتَوَضَّأ مِنْهُ، والْحَدِيث مُخَالف لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ يتَضَمَّن ضَمَان اللَّبن بِالثّمن وَهُوَ من الْمِثْلِيَّات وَتَقْدِير الْمدَّة بِثَلَاثَة أَيَّام وبالصاع، وَيجوز أَن يكون قيمَة الشَّاة (صَاع) . ونحمله على اشْتِرَاط الغزارة متأيدا بِالْقِيَاسِ الْجَلِيّ، وَهُوَ أَن الْقيَاس يثبت بِفَوَات أَمر مَشْرُوع أَو نُقْصَان بِأَمْر محسوس، وفوات الْفَضَائِل لَا يثبت الْخِيَار كالكتابة إِلَّا أَن تشْتَرط الْجَواب الحَدِيث لنَصّ التصرية سَببا فَحَمله على شَرط الغزارة تَعْطِيل وَالتَّقْدِير بِالثّمن لكَون

اللَّبن فائتا وَلَو كَانَ بَاقِيا لرده على جِهَته وَصَارَ كالغرة فِي الْجَنِين ثمَّ نوجب قوتا من الأقوات، إِذا زَاد الثّمن على الْمُثمن. والْحَدِيث مقدم على كل قِيَاس جلي، وخفي، وَأَبُو هُرَيْرَة لَا مطْعن فِيهِ لمكانه من الصَّحَابَة وَابْن عَبَّاس أول الحَدِيث لَا قدح فِي الرَّاوِي.

فارغة

المسألة الرابعة عشرة بعد المائة قيد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة بعد الْمِائَة: (قيد)) . تَفْرِيق الصَّفْقَة. الْمَذْهَب: يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّد بِالْعَيْبِ ". لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْخِيَار ثَابت لهَذَا وَقد رد مَا اشْترى كَمَا اشْترى، لِأَنَّهُ ملك النّصْف ورد النّصْف، والإيجاب وَإِن كَانَ بِصِيغَة الْإِفْرَاد فَهُوَ مُتَعَدد وَقد انْفَرد بعقده فَانْفَرد برده كَمَا لَو اشْترى رجل من رجلَيْنِ وَلَا فرق بَين تعدد الصَّفْقَة بِالْإِيجَابِ وتعددها بِالْقبُولِ. لَهُم: وجد مَا يمْنَع الرَّد وَهُوَ عيب الشّركَة، وَالدَّلِيل على أَنَّهَا عيب أَنه يرد عبدا قد اسْتحق نصفه، ثمَّ الْعين خرجت من ملك البَائِع جملَة بِالْإِيجَابِ وَالشَّرِكَة حصلت من بعد الْقبُول. مَالك: رِوَايَتَانِ. أَحْمد:. التكملة: إِن قَالُوا فِيهِ ضَرَر بالشقص. قُلْنَا: الْمَحْذُور ضَرَر يتَوَلَّد من تبعيض بيع وَاحِد، وَهَذَا بيعان، ثمَّ إِن لحق البَائِع ضَرَر فَعَن رِضَاهُ، ونقول: إِن

البيع بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول كَمَا ذكرنَا فِي عِلّة النَّقْدَيْنِ. قَالُوا: الشّركَة حدثت فِي ملك المُشْتَرِي فَهِيَ كعيب حَادث فِي ملكه، وَالْحكم يُضَاف إِلَى آخر أَجزَاء الْعلَّة كمن وضع مَتَاعا فِي سفينة ملأى فغرقت يُضَاف التَّغْرِير إِلَيْهِ وَلَا أثر لفعل البَائِع وَصَارَ كَمَا لَو قطع البَائِع يَد العَبْد الْمَبِيع وَهُوَ فِي يَد المُشْتَرِي ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا قَدِيما فَإِنَّهُ لَا يتَمَكَّن من الرَّد وَإِن كَانَ الْعَيْب الْحَادِث بِفعل البَائِع. وَالْجَوَاب: نمْنَع مَسْأَلَة السَّفِينَة ونوجب الْغرم على الْجَمِيع، وَالشَّرِكَة مُضَافَة إِلَى العقد وَالْبَائِع شقص العَبْد لما بَاعه من اثْنَيْنِ.

المسألة الخامسة عشرة بعد المائة إذا اشترى بشرط البراءة من العيوب قيه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة بعد الْمِائَة: إِذا اشْترى بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب (قيه)) . الْمَذْهَب: فِي صِحَة العقد قَولَانِ، وَفِي صِحَة الشَّرْط قَولَانِ: الْمَنْصُور أَنه لَا يَصح. عِنْدهم: يَصح العقد وَالشّرط وَلَا يملك الرَّد بِالْعَيْبِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّد بِالْعَيْبِ " ونستفسرهم عَن مَانع الرَّد. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْإِبْرَاء نوع تمْلِيك فنافته الْجَهَالَة كَالْبيع، لِأَن الدّين فِي الذِّمَّة بِمَنْزِلَة الْعين، بِدَلِيل أَنه تملك ويتصرف فِيهِ وَتجب زَكَاته وَلَا يقبل التَّعْلِيق على الشُّرُوط وَالصِّفَات الْفَاسِدَة كَسَائِر التمليكات. لَهُم: الْإِبْرَاء إِسْقَاط فَلَا تنافيه الْجَهَالَة بِدَلِيل الْعتاق وَالطَّلَاق وَلَا يَصح بِلَفْظ الْإِسْقَاط وَلَا يفْتَقر إِلَى الْقبُول، وَلِأَن الدّين فِي الذِّمَّة مَعْدُوم والمعدوم لَا يملك ثمَّ الْجَهَالَة عندنَا إِنَّمَا تُؤثر فِي التمليكات إِذا كَانَ يتَعَذَّر مَعهَا التَّسْلِيم وَهَا هُنَا الْإِبْرَاء لَا يفْتَقر إِلَى تَسْلِيمه. مَالك: يبرأ من الْعَيْب الْبَاطِن فِي الْحَيَوَان حسب. أَحْمد: لَا يبرأ من عيب أصلا. التكملة: قَالُوا: الْعَيْب لم يكن سَببا لعَينه، بل لِأَن البَائِع الْتزم بِحكم الْعرف سَلامَة الْمَبِيع فَاسْتحقَّ المُشْتَرِي صفة السَّلامَة بالتزامه (فَإِذا فَاتَت) ثَبت

الْفَسْخ وَلَا يبْقى هَذَا مَعَ الْبَرَاءَة. الْجَواب: إِن البيع سَبَب الْجَوَاز بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام قضى بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالرِّضَا بِالْعَيْبِ مَعَ الْجَهْل بِهِ لَا يتَصَوَّر. قَالُوا: إِذْ شَرط فقد رَضِي كل عيب. الْجَواب: لَيْسَ معنى الْكَلَام الرِّضَا بِجَمِيعِ الْعُيُوب إِذْ لَو قدرت جَمِيع الْعُيُوب خرجت الْعين عَن الِانْتِفَاع، فَكيف يلْزم العقد بل الْمَعْنى الرِّضَا بِأَيّ عيب كَانَ، وَذَلِكَ مَجْهُول لَا يَصح الرِّضَا بِهِ ثمَّ الشَّرْع جعل الْعَيْب سَبَب الرَّد فَمن غَيره فقد عير مُقْتَضى العقد.

لوحة 35 من المخطوطة " أ ": إِذا بَاعَ عَبْدَيْنِ وَشرط الْخِيَار فِي أَحدهمَا لَا بِعَيْنِه لم يَصح، لِأَنَّهُ خِيَار مَجْهُول، وَإِن أعتق أَحدهمَا فَهَل يَصح؟ وَجْهَان: أَحدهمَا لَا يَصح لِأَنَّهُ جمع بَين عقدين مُخْتَلفين بِعقد وَاحِد، الثَّانِي: يَصح وَلكُل عقد حكمه وَهَذَا كالقولين فِي الصَّفْقَة إِذا جمعت بيعا وَإِجَارَة أَو بيعا ونكاحا. اخْتلف قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقِسْمَة هَل هِيَ بيع أَو إِقْرَار؟ على قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا أَنَّهَا بيع لِأَن كل جُزْء من ذَلِك مُشْتَرك بَينهمَا، فَإِذا تعين لأَحَدهمَا شَيْء بِالْقِسْمَةِ فقد اشْترى نصيب شَرِيكه مِمَّا تعين لَهُ بِنَفسِهِ مِمَّا تعين لشَرِيكه. وَالثَّانِي: لَيست بيعا لِأَن لَهَا اسْما يَخُصهَا، والقرعة تدخل فِيهَا وَلَا تفْتَقر إِلَى لفظ بيع أَو تمْلِيك وَلَا يجوز إِلَّا بِقدر الْحَقَّيْنِ وَلَا يثبت فِيهَا شُفْعَة، وَفَائِدَة الْقَوْلَيْنِ تبين فِيمَا فِيهِ الرِّبَا، فَإِذا كَانَ الْمُشْتَرك جِنْسا فِيهِ الرِّبَا إِن قُلْنَا: إِنَّه بيع لم تجز قسمته إِلَّا كَيْلا، كَمَا لَا يجوز بَيْعه إِلَّا كَيْلا، وَإِن قُلْنَا لَيست بيعا جَازَ كَيْلا ووزنا هَذَا فِيمَا يُكَال كالحبوب وَالتَّمْر مِمَّا لَا يجوز بيع بعضه بِبَعْض، وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يجوز بيع بعضه بِبَعْض مثل الرطب وَالْعِنَب. إِن قُلْنَا: إِنَّهَا بيع لم تجز قسمته، وَإِن قُلْنَا لَيست بيعا جَازَ، إِذا بَاعَ

سَيْفا محلى بِفِضَّة بِدَرَاهِم لم يُخَيّر فَإِن بَاعه بِدَنَانِير كَانَ على قَوْلَيْنِ، لِأَن العقد جمع بَين عوضين مُخْتَلفين فِي الحكم. وَالثَّانِي: يَصح، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يَصح العقد عَلَيْهِ فَجَاز جَمعهمَا فِيهِ، وَإِن اخْتلف حكمهمَا كالسيف والشقص، إِذا اشْترى خَاتم فضَّة بِفِضَّة لم يجز، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الرِّبَا، إِذا قسمت الْفضة على الْفضة والفص، وَإِذا بَاعه بِذَهَب كَانَ بيعا وصرفا وَفِيه قَولَانِ: إِذا كَانَ مَعَه دِينَار يُسَاوِي ك درهما (20 درهما) وَمَعَ آخري (10) دَرَاهِم وَأَرَادَ أَن يَشْتَرِي الدِّينَار بِعشْرين درهما فَإِنَّهُ يَشْتَرِي نصفه بعشة ويتقابضان فَيقبض الدِّينَار فَيكون نصفه لَهُ وَنصفه أَمَانَة فِي يَده وَيسلم الدَّرَاهِم ثمَّ يستقرضها فَيكون فِي ذمَّته مثلهَا ثمَّ يبْتَاع بهَا النّصْف الآخر الَّذِي فِي يَده فَيحصل الدِّينَار لَهُ وَعَلِيهِ ي دَرَاهِم (10 دَرَاهِم) قرضا فَإِن لم يفعل ذَلِك وَلكنه اشْترى الدِّينَار بِعشْرين وَقَبضه وَسلم الْعشْرَة الَّتِي مَعَه ثمَّ استقرضها وَسلمهَا عَن الْعشْرَة الْأُخْرَى فَهَل يجوز؟ وَجْهَان: أَحدهمَا لَا يجوز؛ لِأَن الْقَرْض يملك بِالتَّصَرُّفِ، وَهَذِه الدَّرَاهِم لم يتَصَرَّف فِيهَا وَإِنَّمَا ردهَا لَهُ على حَالهَا فَكَانَ ذَلِك فسخا للقرض. وَالثَّانِي: يجوز وَهُوَ الْأَصَح؛ لِأَن هَذِه الدَّرَاهِم دَفعهَا إِلَيْهِ قَضَاء لما عَلَيْهِ من الدّين، وَذَلِكَ تصرف إِذا تصارفا فَلَا بَأْس أَن يطول لبثهما فِي الْمجْلس وَأَن يصطحبا من ذَلِك الْمجْلس إِلَى غَيره، فَإِن وكل أَحدهمَا عَن التَّقَابُض أَو هما جَازَ وَقَامَ الْوَكِيل مقَام الْمُوكل فَلَا يُفَارق قبل الْقَبْض، لِأَن الْمجْلس مُتَعَلق

ببدن الْمُتَعَاقدين، وَإِن تعذر التَّقَابُض فِي الْمجْلس تفاسخا فَإِن تفَرقا وَلم يتفاسخا فَهُوَ رَبًّا. وَاعْلَم أَنه لَا فرق بَين دَار الْإِسْلَام وَالْحَرب فِي الرِّبَا وَلَا يجوز بَين الْمُسلمين وَلَا بَين مُسلم وحربي خلافًا لَهُم فِي دَار الْحَرْب.

المسألة السادسة عشرة بعد المائة إلحاق الزيادة بعد لزوم العقد قيو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة بعد الْمِائَة: إِلْحَاق الزِّيَادَة بعد لُزُوم العقد (قيو)) . الْمَذْهَب: لَا يجوز. عِنْدهم: يجوز. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: البيع مُقَابلَة الثّمن بِالثّمن، وَقد صَار كل عوض مُسْتَغْرقا بِصَاحِبِهِ فالزائد ثمن لَا بمثمن وَبِالْعَكْسِ، ويتأيد بِالزِّيَادَةِ فِي الْمُسلم فِيهِ فَإِنَّهُ يمْتَنع، ويتأيد

بتسليمهم أَن الزِّيَادَة لَا تلْحق الشَّفِيع مَعَ الِاتِّفَاق أَنه يَأْخُذ بِثمن العقد. لَهُم: غير العقد من وصف مَشْرُوع إِلَى وصف مَشْرُوع فصح، كَمَا إِذا اسْتردَّ أرش عيب قديم مَعَ حُدُوث عيب عِنْده، وَالصِّفَات هِيَ ربح حَيَوَان عدل ثمَّ لَهما أَن يغيرا أصل العقد بالإقالة. وَالْحَاصِل أَنه إِن انْفَسَخ العقد بِسَبَب يرجع إِلَيْهِ اسْتَقل بِهِ أَحدهمَا كالعيب وَإِن لم يقرن فالتراضي وَالْوَصْف إِن عَاد إِلَى الأَصْل فبالأرش وَإِلَّا بِالزِّيَادَةِ بِالتَّرَاضِي. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: لَا نسلم أَن الرِّبْح والخسران صفة العقد، بل صفة المَال، وصفات العقد

الصِّحَّة واللزوم وَالْجَوَاز، ويلزمهم توقف ذَلِك على وجود الْمَزِيد عَلَيْهِ وَيعْتَذر عَن الْأَرْش بِكَوْنِهِ ثَبت بِأَصْل العقد. وَقد سلم لَهُ فِي مُقَابلَته ترك الْمُطَالبَة، ثمَّ هَذَا بِمَثَابَة مَا لَو رد المُشْتَرِي أرش الْعَيْب الْحَادِث فِي يَده، وَإِن ألزمونا مهر المفوضة منعنَا، وَمَعَ التَّسْلِيم فَنَقُول: هُوَ فِي مُقَابلَة التَّمْكِين، فَإِن لَهَا أَن تمْتَنع، وَإِن ألزمونا عوض الْهِبَة فَهِيَ فِي مُقَابلَة اسْتِحْقَاق الرُّجُوع. وَبِالْجُمْلَةِ مَا يرجع بِالْأَرْشِ لَيْسَ من المَال الَّذِي وَقعت عَلَيْهِ الْمُعَاوضَة بل شَيْء آخر بِسَبَب آخر بِدَلِيل مَا لَو بَاعَ عبدا بِجَارِيَة يعلم بهَا عَيْبا فَإِنَّهُ يجوز وَطْؤُهَا، وَلَو تعيّنت فِي رد الْأَرْش لم يجز الْوَطْء. ثمَّ نقُول: الزِّيَادَة فِي الثّمن من الْمُثمن أم لَا، فَإِن لم تكن مِنْهُ فمحال أَن تكون زِيَادَة فِيهِ، وَإِن كَانَت مِنْهُ استدعت جَزَاء مثمنا.

فارغة

المسألة السابعة عشرة بعد المائة نزاع المتبايعين في الثمن أو المثمن قيز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة بعد الْمِائَة: نزاع الْمُتَبَايعين فِي الثّمن أَو الْمُثمن (قيز)) . الْمَذْهَب: يُوجب التَّحَالُف حالتي قيام الْعين وتلفها. عِنْدهم: خالفوا فِي حَالَة الْهَلَاك. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ والسلعة قَائِمَة أَو هالكة تحَالفا ". وَكَذَا روى الْوَلِيد فِي مخرجه عَن أَحْمد، وروى مُطلقًا: إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ تحَالفا.

لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ والسلعة قَائِمَة تحَالفا وترادا " شَرط التَّحَالُف عِنْد قيام السّلْعَة فَصَارَ بِمَثَابَة قَوْله: " إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أحد الْمُتَبَايعين فَيحلف عِنْد الِاخْتِلَاف فِي صفة العقد قِيَاسا للْبَائِع على المُشْتَرِي لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مُدع ومدعى عَلَيْهِ، ويتأيد بِأَن المُشْتَرِي يُمكنهُ إِقَامَة الْبَيِّنَة وَصَارَ كَمَا لَو اخْتلفَا فِي صِيغَة العقد بيعا هُوَ أَو هبة ويتأيد بِحَال قيام الْمَبِيع وَبِمَا قبل الْقَبْض. لَهُم: الْمُدَّعِي هُوَ البَائِع فَإِن المُشْتَرِي قد سلمت لَهُ الْعين وحد الْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي إِن سكت سكت عَنهُ. مَالك: رِوَايَتَانِ.

أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: قَالُوا: إِنَّمَا سَمِعت بَيِّنَة المُشْتَرِي دفعا للْيَمِين عَن نَفسه، كَالْمُودعِ وَاعْتَذَرُوا عَن حَالَة قيام السّلْعَة بِكَوْن ذَلِك ثَبت بِالنَّصِّ. الْجَواب: الْكُلِّي مَأْخَذ التَّحْلِيف وَالدَّعْوَى وَالْإِنْكَار ظُهُور الصدْق وخفاؤه، وَذَلِكَ لَا يخْتَلف بِهَلَاك السّلْعَة وقيامها فَكل من قويت جنبته حلف. وَيمْتَنع اعْتِبَار قيام السّلْعَة وَصفا للتحالف، إِذْ لَا تَأْثِير لَهُ فِي الصدْق وَالْكذب، وحديثهم لَيْسَ يَنْفَكّ عَن تخيل مصلحَة فِي التَّسْوِيَة بَين الْمُتَعَاقدين وَإِن كَانَ مُرْسلا ثمَّ يُوَافق قِيَاس مَذْهَبنَا.

المسألة الثامنة عشرة بعد المائة البيع الفاسد قيح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة بعد الْمِائَة: البيع الْفَاسِد (قيح)) . الْمَذْهَب: لَا ينْعَقد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: جَمِيع الْأَخْبَار المتضمنة المناهي عَن البيوعات الْفَاسِدَة، كَبيع وَشرط وَبيع المضامين، وحبل الحبلة، والملاقيح. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَأحل الله البيع} ، وَهَذَا بيع. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نفرض الْمَبِيع بِالْخمرِ ونقيس على بيع الْخمر أَو نقُول لم يَأْتِ بِالْبيعِ الْمَشْرُوع فَلَا ينْعَقد، ونعني بالمشروع مَا وَصفه الشَّرْع سَببا، ونعني بالانعقاد: اعْتِبَار الشَّارِع لَهُ.

لَهُم: مَا اتسعت طرفه جَازَ أَن يكون الْفَاسِد من طرفه كالكتابة وَهُوَ عقد وجد من أَهله وصادف مَحَله فصح كَالصَّحِيحِ. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: نناقضهم بِكَوْنِهِ لَا يلْزم بِالْقَبْضِ ونسوي بَين الثّمن والمثمن فِي كَونهمَا ركني العقد، وَالْبيع مُقَابلَة مَال مَعْلُوم، بِمَال مَعْلُوم وَلم يُوجد هَا هُنَا وَبَين أَنه غير مَشْرُوع لِأَن مَوْضُوع الشَّيْء سَببا يتلَقَّى من نَص أَو تَحْقِيق منَاط فِي مَوضِع إِجْمَاع. أما الْقيَاس لَا مجَال لَهُ فِي الْأَسْبَاب وَلَا نَص فِي مَحل النزاع وَالْبيع الْمُطلق لَا يتَصَوَّر، وَكَذَا المَال الْمُطلق، ونمنع انْعِقَاد الْكِتَابَة الْفَاسِدَة، وَإِن سلمنَا فالعتق بِالتَّعْلِيقِ على الْأَدَاء وَالْعِتْق يتشوف إِلَى تَحْصِيله، وَالتَّعْلِيق

على الْأَمر الْفَاسِد الصَّحِيح، وَإِن ألزمونا فِي الْكِتَابَة لُزُوم الْعِوَض منعنَا، ونمنع سَلامَة الأكساب وَالْأَوْلَاد ونشترط صَرِيح التَّعْلِيق فِي الْكِتَابَة. وَبِالْجُمْلَةِ النَّهْي عَن البيع يُفْسِدهُ ويخرجه عَن المشروعية وَعِنْدهم مَعَ النَّهْي هُوَ مَشْرُوع وَالسَّبَب الْحَرَام يثبت ملكا حَرَامًا.

فارغة

المسألة التاسعة عشرة بعد المائة بيع الفضولي قيط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة بعد الْمِائَة: بيع الْفُضُولِيّ (قيط)) . الْمَذْهَب: لَا يَصح. عِنْدهم: يَصح وَيقف على إجَازَة الْمَالِك ويوافق فِي الشِّرَاء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: دفع النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى عُرْوَة الْبَارِقي دِينَارا يَشْتَرِي بِهِ أضْحِية

فَاشْترى شَاتين وَبَاعَ إِحْدَاهمَا بِدِينَار، وَدفع إِلَى حَكِيم بن حزَام دِينَارا يَشْتَرِي بِهِ أضْحِية فَاشْترى شَاة وباعها بدينارين وَاشْترى بِأَحَدِهِمَا شَاة، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " بَارك الله لَك فِي صَفْقَة يَمِينك ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد تمْلِيك فَلَا يَصح إِلَّا من الْمَالِك، لِأَن البيع إِيجَاب الْملك، وَلِهَذَا لَو قَالَ مَلكتك صَحَّ، ونقيس على الطَّلَاق فَإِنَّهُ لَو طلق أَجْنَبِيَّة لَا يَصح، وعَلى الشِّرَاء فَإِنَّهُ لَو اشْترى لم يَصح.

لَهُم: تصرف من أَهله فِي مَحَله فصح كالمالك؛ لِأَن الْأَهْلِيَّة بِالْعقلِ وَالْبُلُوغ والتمييز وَمحل العقد مَا قبل النَّقْل كالحسيات فَلَو امْتنع مُمْتَنع لحق الْمَالِك وَلَا ضَرَر عَلَيْهِ. مَالك: يقف البيع وَالشِّرَاء على الْإِجَازَة. أَحْمد: رِوَايَتَانِ فِي البيع وَالشِّرَاء. التكملة: مَا نقلوه مَجْهُول، خبر حَكِيم يرويهِ رجل من الْحَيّ، وَمَعَ هَذَا لَيْسَ فيهمَا حجَّة فَإِنَّهُمَا كَانَا وكيلين مطلقي التَّصَرُّف وَلِهَذَا باعا واشتريا، ونقول: إيقاف العقد بَاطِل فَإِنَّهُ مُخَالف الْحَقِيقَة من غير ضَرُورَة خَاصَّة وَلَا حَاجَة عَامَّة لِأَن تَقْدِير بَقَاء العقد الَّذِي قد تقضى مُخَالف للْحَقِيقَة وَلَا

يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا لحَاجَة، وَإِنَّمَا توقف الْإِيجَاب على الْقبُول لحَاجَة، وَكَذَلِكَ التَّوْكِيل. وَبِالْجُمْلَةِ كل مركب من أَجزَاء متعاقبة يلْزم تَقْدِير الْبَقَاء فِي بعض أَجْزَائِهِ ليلحق بهَا الآخر كأركان الصَّلَاة ويلزمهم بيع الْفُضُولِيّ مَال الصَّبِي فَإِنَّهُ لَا يَصح عِنْدهم وَإِن بلغ وَأَجَازَ. وَكَذَلِكَ لَو ورث الْفُضُولِيّ مَا بَاعه وأنفذ بيع نَفسه لم يَصح إِجْمَاعًا، فَإِن ألزمونا الْوَصِيَّة بِمَا جَاوز الثُّلُث. قُلْنَا: ذَاك ابْتِدَاء عَطِيَّة من الْوَارِث وَلِهَذَا تعْتَبر فِيهِ شُرُوط أَو نقُول: ملك الْمُوصي ثَابت حَالَة الْوَصِيَّة.

المسألة العشرون بعد المائة قك

(الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: (قك)) . إِذا اشْترى الْكَافِر عبدا مُسلما. الْمَذْهَب: لَا ينْعَقد فِي القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: ينْعَقد وَينفذ وَيُطَالب بِقطع الْملك بطريقه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: بِالشِّرَاءِ اكْتسب مالكية لم تكن فَلَا تصح كَمَا لَو تزوج بِمسلمَة، بَيَان

الدَّعْوَى: أَنه لم يكن مَالِكًا فَصَارَ مَالِكًا، وتأثيره أَن الْمَالِكِيَّة قهر وسلطنة فَلَا يثبت للْكَافِرِ على الْمُسلم، ونقول: مَبِيع لَا يقدر على تَسْلِيمه. الْكَافِر يملك بَيْعه فَيملك شِرَاءَهُ، تَأْثِيره أَنَّهُمَا تصرفان فِي العَبْد فَلَو امْتنع كَانَ للْحكم وَهُوَ ثَابت للْكَافِرِ على الْمُسلم بِدَلِيل مَا إِذا أسلم فِي يَده أَو وَرثهُ عبارَة: تصرف صدر من الْأَهْل فِي الْمحل فصح. مَالك: رِوَايَتَانِ. أَحْمد: ق. التكملة: جَمِيع مَا ناقضونا بِهِ من إِجَارَة وَرهن وَغير ذَلِك لَا يَنْفَكّ عَن منع وَجها أَو قولا أَو بِنَاء على قَول، ومطلع النّظر أَن الْإِسْلَام يُنَافِي ملك الْكَافِر إِلَّا أَنا احتملناه فِي الدَّوَام ضَرُورَة الحذر عَن التحسير الَّذِي التزمناه بِعقد الذِّمَّة، وَلَا ضَرُورَة هَاهُنَا، وَاعْتِبَار البيع بِالشِّرَاءِ قِيَاس الشَّيْء على ضِدّه، فَإِن

أَحدهمَا يَنْفِي الْمَالِكِيَّة وَالْآخر يثبتها وَهُوَ كَمَا لَو قيل نفذ طَلَاق الْكَافِر فنفذ نِكَاحه. وَصورته: إِذا أسلمت تَحْتَهُ فَطلقهَا ثمَّ أسلم قبل انْقِضَاء الْعدة فَإِنَّهُ يحْتَسب عَلَيْهِ هَذِه الطَّلقَة ونمنع الْأَهْلِيَّة والمحلية ونسوى بَين النِّكَاح وَالْبيع، وَلَو أسلم قبل الْقَبْض انْفَسَخ البيع (وحرف الْمَسْأَلَة أَن الْمَبِيع) عندنَا يحدث مالكية لم تكن، وَعِنْدهم لَا يحدث مالكية بل العَبْد مَمْلُوك وَإِنَّمَا تتبدل الْإِضَافَة.

لوحة 36 مخطوطة: (الْعقل يُطلق على الْعُلُوم الضرورية وعَلى الغريزية وعَلى الْعُلُوم المستفادة من التجربة، وعَلى الْوَقار وعَلى من جمع إِلَى الْعلم وَالْعَمَل، فَإِذن لَا يُقَال: للحجاج عَاقل بل دَاء. وَيُقَال: للْكَافِرِ فَاضل أَو كيس، وَقد حَده الباقلاني بِأَنَّهُ الْعلم بِجَوَاز الجائزات واستحالة المستحيلات، وَقيل: هُوَ غريزة يتهيأ بهَا النّظر فِي المعقولات) إِذا خرج الْمَنِيّ أَو دم الْحيض من أحد فَرجي الْخُنْثَى لم يحكم بِبُلُوغِهِ لجَوَاز أَن يكون عضوا زَائِدا.

فَإِن قيل: أَلا جعلتم خُرُوج المَاء من أحد الفرجين دَالا على ذكورية أَو أنوثية كَمَا يعلم بالتبول. فَالْجَوَاب: أَن الله أجْرى الْعَادة أَن الْبَوْل لَا يخرج إِلَّا من سَبيله وَلَيْسَ كَذَلِك الْمَنِيّ فَإِنَّهُ قد يخرج من جرح فِي الظّهْر، وَالدَّم يخرج من جَمِيع الْبدن، وَمِمَّا يلْتَحق بِمَسْأَلَة التَّأْبِير أَن كل عقد مُعَاوضَة يجْرِي مجْرى البيع مثل أَن يكون النّخل صَدَاقا أَو أُجْرَة أَو فِي عقد صلح، وَإِن أبر بعض الْحَائِط سرى الحكم إِلَى الْجَمِيع هَذَا إِذا كَانَت نوعا وَاحِدًا. فَإِن كَانَت أنواعا فَوَجْهَانِ: الكرسف وَهُوَ الْقطن نَوْعَانِ، نوع لَهُ شجر نابت يتَكَرَّر خُرُوجه فِيهِ وَذَلِكَ بالحجاز وَالْبَصْرَة وَحكم هَذَا النَّوْع حكم النّخل إِذا بيع أَصله قبل ظُهُوره من حوزه كَانَ تَابعا لَهُ، وَإِن كَانَ بعد ظُهُوره كَانَ للْبَائِع، وَالنَّوْع الآخر: أَن يكون زرعا لَا أصل لَهُ ثَابت وَيكون بِبَغْدَاد وخراسان. وَهَذَا النَّوْع إِذا بِيعَتْ الأَرْض لم يتبعهَا؛ لِأَنَّهُ مُودع فِيهَا وَالشَّجر الثَّابِت الَّذِي يتَكَرَّر حمله خَمْسَة أَنْوَاع: النّخل والقطن الصِّنْف الأول، وَالثَّانِي: مَا تخرج ثَمَرَته باززة لَا فِي كمام وَلَا ورد كالعنب، وَهَذِه الثَّمَرَة

تكون للْبَائِع؛ لِأَن ظُهُورهَا من شجرتها مثل ظُهُور الطّلع من قشره، وَالثَّالِث: مَا يخرج ثَمَرَته مثل التفاح إِن تناثر ورده فَهُوَ للْبَائِع. الرَّابِع: مَا يخرج (من كمام كالرمان) والموز (إِذا) ظهر من الشّجر فِي كمامه فَهُوَ للْبَائِع. الْخَامِس: مَا يقْصد ورده كالورد والياسمين هَذَا ينظر إِن كَانَ فِي جنبذه لم يتفتح فَهُوَ للْمُشْتَرِي، وَإِن تفتح فَهُوَ للْبَائِع.

المسألة الحادية والعشرون بعد المائة بيع لبن الآدميات قكا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: بيع لبن الآدميات (قكا)) . الْمَذْهَب: يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَال فصح بَيْعه، لِأَن المَال مَا خلق لمصْلحَة الْآدَمِيّ، وَاللَّبن لَا يقوم غَيره مقَامه، وتأثيره أَن البيع نوع رَغْبَة ببذل عوض، فَإِذا صحت الرَّغْبَة شرعا صحت بعوض، وَلِهَذَا صحت بِالْإِجَارَة، وَالْعقد صدر من أَهله وَالْخلف فِي الْمحل وتنجيسه أَمر بدع. لَهُم: جُزْء آدَمِيّ والآدمي لَيْسَ بِمَال، دَلِيل الْجُزْئِيَّة أَن حُدُوثه حُدُوث الْمَنِيّ، وتأثيره أَن شرفه اقْتضى أَن لَا يكون مَالا وَإِنَّمَا جَازَ تنَاوله ضَرُورَة وَرُبمَا ادعينا نَجَاسَته. مَالك: ف. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: دَلِيل كَون اللَّبن مَحل البيع: قبُول حكمه، وَهُوَ الْملك، فَإِن الْملك

اخْتِصَاص شَرْعِي بِعَين منتفع بهَا، وَمن ملك جَارِيَة أَو اسْتَأْجرهَا للرضاع اخْتصَّ بلبنها، وَلَو كَانَت حرَّة يخْتَص بذلك عينا ويدا، فَإِذا عرفنَا المناط فِي مَحل الْإِجْمَاع على جَوَاز بيع الشَّاة لم نوجب الِافْتِرَاق بِكَوْنِهِ لبن آدمية، ونقول الْإِنْسَان حَيَوَان مَخْصُوص بِصِفَات فالحيوانية دَاخِلَة فِي حَده، وَاللَّبن جماد وَلَيْسَ بِجُزْء حَيَوَان. وَكَذَلِكَ الدَّم، وَإِنَّمَا الْآدَمِيّ لحم وَعظم وَعصب ومودع فِيهِ الدَّم، بَقِي أَنه لَو نزف مِنْهُ مَاتَ، وَكَذَا لَو منع الطَّعَام، وَيدل على الطَّهَارَة جَوَاز التَّنَاوُل قَوْلهم: تنَاوله رخصَة قَول شنع إِذا حل الْأَشْيَاء لبن الرَّضَاع، ومساق قَوْلهم يُفْضِي إِلَى (أَن الْأَنْبِيَاء غذوا) بِنَجَاسَة وبحرام، بل اللَّبن بِمَنْزِلَة الطَّعَام للكبار وَيدل عَلَيْهِ جَوَاز الرَّضَاع فِي حَال جَوَاز الْفِطَام قبل الْحَوْلَيْنِ، فَإِن كَانَ ضرب الْمدَّة للضَّرُورَة فلنحرم النُّقْصَان عَنْهَا، وَإِن عرف اسْتغْنَاء الصَّبِي يَقِينا أَو ظنا، ونمنع كَونه حَرَامًا على الْبَالِغ بل يكره لكَونه

يعاف. وَدَلِيل طَهَارَته إِجْمَاع الصَّحَابَة على مُخَالطَة المرضعات، وَيلْزم على أصلهم انْتِقَاض طهر الْمَرْأَة بِخُرُوجِهِ.

المسألة الثانية والعشرون بعد المائة بيع الكلب قكب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: بيع الْكَلْب (قكب)) . الْمَذْهَب: لَا يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْكَلْب خَبِيث وخبيث ثمنه "، وَنَهْيه عَن ثمن الْكَلْب، وَقَوله: " إِذا جَاءَ صَاحب الْكَلْب يطْلب ثمنه فاملؤا كَفه تُرَابا ". لَهُم: نهى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن ثمن الْكَلْب والسنور إِلَّا عَن كلب صيد أَو مَاشِيَة.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حَيَوَان نجس الْعين فَلَا يَصح بَيْعه كالخنزير، دَلِيل نَجَاسَته: خبر الْهِرَّة، ونجاسة عرقه، وسؤره، وَأَن تنجيسه أبلغ فِي الْفِطَام عَنهُ. لَهُم: جَازَ الِانْتِفَاع بِهِ فَجَاز بَيْعه، لِأَن البيع يُوصل إِلَى الِانْتِفَاع وَلِهَذَا جَازَت إِجَارَته وَلَيْسَ بِنَجس وَلَو كَانَ نجسا لما امْتنع بَيْعه. مَالك: يَصح بيع الْمَأْذُون فِي إِمْسَاكه. أَحْمد: ق. التكملة: نعتمد على كَونه نجس الْعين والنجاسة تمنع الِانْتِفَاع إِلَّا مَا ورد فِيهِ رخصَة ومعتدهم على أَن الِانْتِفَاع جَائِز مُطلقًا ثمَّ يَقُولُونَ: النَّجَاسَة تُؤثر فِي فَسَاد الصَّلَاة، أما البيع فيعتمد الْمَالِيَّة وقوامها بِالِانْتِفَاعِ، ويعتضدون بِالْهبةِ وَالْإِجَارَة وَالْوَصِيَّة. الْجَواب: الأَصْل تَحْرِيم الِانْتِفَاع الْمُسْتَثْنى رخصَة، والترخيص لَا يصحح البيع كتناول الْميتَة ونظائرها، وَيدل عَلَيْهِ أَن ودك الْميتَة يصلح

لطلاء السفن والاستصباح فَلَا يَصح بَيْعه. وَفِي الْإِجَارَة وَالْهِبَة منع وَالْوَصِيَّة خلَافَة وَلَيْسَت تَمْلِيكًا، وَلِهَذَا جرت فِي الْخمر مَعَ امْتنَاع البيع، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بقوله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِلَّا كلب صيد " وَلَا كلب صيد. قَالَ الشَّاعِر: (وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ ... لعمر أَبِيك إِلَّا الفرقدان) مَعْنَاهُ: وَلَا الفرقدان.

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: تَصَرُّفَات الصَّبِي الْمُمَيز (قكج) . الْمَذْهَب: لاغية. عِنْدهم: تقع نَافِذَة إِن أذن الْوَلِيّ وتقف على إِجَازَته. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} . وَجه الدَّلِيل: الْأَمر بالابتلاء وَطَرِيقه التَّصَرُّفَات.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تصرف كَامِل فيستدعي عقلا كَامِلا، دَلِيل نُقْصَان عقله كَونه لَا يُخَاطب وَلَا يَصح طَلَاقه، وَدَلِيل كَمَال الْعقل كَونه يشْتَمل على إِزَالَة وَتَحْصِيل فَلَا يملك الْكَامِل بالناقص. لَهُم: تصرف صدر من أَهله فِي مَحَله والأهلية بِالْعقلِ واعتباره وَاجِب حَتَّى لَا يلْتَحق بالبهائم وَهَذَا يفهم وَيفهم وَالْبيع قَول وَأَهله من عقله، ويتأيد بِصِحَّة نوافله وحجه ووصيته وَقبُول الْهِبَة. مَالك:. أَحْمد: يَصح بِإِذن الْوَلِيّ. التكملة: نَص على أَنه غير عَاقل وَلَا يَسْتَقِيم تَعْلِيلهم بِضعْف البنية فَإِن الْمَرِيض والزمن يكلفان ثمَّ لَو كَانَ عَاقِلا انْعَقَد تصرفه لنَفسِهِ وَلم يتَوَقَّف

على الْإِذْن بِخِلَاف الْمُرْتَهن فَإِن حَقه مُرْتَبِط بِالرَّهْنِ، ثمَّ نقُول الْعقل غريزة (أَو قُوَّة) تحدث مَعَ الْكَمَال فِي الْحَالة الَّتِي يُمكن أَن تُوجد مِنْهُ وَهَذِه الْحَالة لَا جُزْء لَهَا وَهِي على مِثَال قُوَّة الأحبال، وَإِن حصل للصَّبِيّ أُمُور عقلية فَتلك على طَرِيق التَّلْقِين ثمَّ الْمُعْتَبر فِي مَحل الْإِجْمَاع صفة الْعقل وَالصبَا (يُنَافِي ذَلِك) وَلَا نسلم انْفِصَال النّفُوذ عَن الِانْعِقَاد كَمَا تقدم فِي بيع الْفُضُولِيّ.

المسألة الرابعة والعشرون بعد المائة إذا باع نخلة قبل التأبير قكد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: إِذا بَاعَ نَخْلَة قبل التَّأْبِير (قكد)) . الْمَذْهَب: الثَّمَرَة للْمُشْتَرِي. عِنْدهم: للْبَائِع ف بِكُل حَال. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من بَاعَ نَخْلَة قبل أَن تؤبر فثمرتها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع "، وَلَا يخفى تَقْرِير القَوْل بِالْمَفْهُومِ.

لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الثِّمَار قبل التَّأْبِير مُتَّصِلَة على وَجه لَا يعْتَاد نقلهَا فتبعت فِي البيع كالأبواب والرفوف وَالثِّمَار أولى، لِأَن اتِّصَاله خلقي. لَهُم: أَعْيَان مَمْلُوكَة تقبل الْإِفْرَاد وَلَا تتبع غَيرهَا كَمَا بعد التَّأْبِير، وَفِيه احْتِرَاز عَن الأجنة فَإِنَّهَا لَا تفرد وَالْفِقْه أَن الْملك ثَابت فِي الشَّجَرَة وَالثَّمَرَة وَالْبيع مُضَاف إِلَى الشَّجَرَة فقصر عَلَيْهِ. مَالك: ق.

أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: الْفرق بَين الْمَنْطُوق والمسكوت مُسلم لَكِن فِي التَّخْصِيص الْجَارِي على خلاف الأَصْل، فَإِن الزَّكَاة منتفية فِي السَّائِمَة والمعلوفة فَإِذا أوجبهَا فِي السَّائِمَة بقيت فِي المعلوفة على حَالهَا. الْجَواب: الزَّكَاة كَانَت منتفية فِي المعلوفة قبل الحَدِيث (لانْتِفَاء دليلها) وَبعد الحَدِيث صَارَت منتفية بِهِ، دَلِيل ذَلِك: أَن من سَأَلَ عَن الزَّكَاة فِي المعلوفة قبل الحَدِيث) صَحَّ أَن يتَوَقَّف بِخِلَاف بعد الحَدِيث. فَإِن قَالُوا: يلْزم على قَوْلكُم القَوْل بِمَفْهُوم اللقب. الْجَواب: قد قَالَ بِمَفْهُوم اللقب قوم وأحالوا تَركه فِي مسَائِل على دَلِيل صرف عَنهُ، وَالصَّحِيح أَنه غير لَازم فَإِن الْقَائِل بِالْمَفْهُومِ يتَمَسَّك بِدلَالَة فعل الْمُتَكَلّم من حَيْثُ أَنه لما حَضرته جملَة متحدة فاقتطع بَعْضهَا

بالمدلول دَلِيل على افْتِرَاق الْجُمْلَة ثمَّ الْجُمْلَة المتحدة تَارَة يحضر فِي الْمَدْلُول كَقَوْلِه: " فِي الْإِبِل السَّائِمَة " فَإِن الْإِبِل تجمع الْقسمَيْنِ، وَتارَة يحضر فِي الذِّهْن كَقَوْلِه: " الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا " فَإِن الثيبوبة والبكارة يحْضرَانِ الذِّهْن مَعًا بِخِلَاف اللقب.

المسألة الخامسة والعشرون بعد المائة إذا فرق بين الأم وصغيرها في البيع قكه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: إِذا فرق بَين الْأُم وصغيرها فِي البيع (قكه)) . الْمَذْهَب: لم يَصح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ " فرق بَين امْرَأَة وَوَلدهَا فَنَهَاهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن ذَلِك ورد البيع ". لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تَفْرِيق يحرم فِي البيع فَمنع صِحَّته، كَمَا لَو فرق بَين الْأُم وَالْحمل. لَهُم: عقد فَلَا يمْنَع التَّفْرِيق بَينهمَا صِحَّته كَالرَّهْنِ.

مَالك:. أَحْمد:. التكملة: لَا يَصح اعْتِبَار الْأُم وَالْولد بالأخوين لِأَن هَذَا محرم وَذَاكَ غير محرم، فَإِن قَالُوا: الْحمل يدْخل فِي إِطْلَاق البيع فَلم يجز إِفْرَاده. قُلْنَا: أفنان الشّجر تدخل فِي إِطْلَاق بيع الشّجر وَيصِح إِفْرَاده، وقياسهم على الرَّهْن لَا يَنْفَعهُمْ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع أَن يمْنَع التَّفْرِيق صِحَة العقد وَلَا يمْنَع صِحَة عقد آخر، فَلِأَن التَّفْرِيق فِي الرَّهْن لَا يُؤَدِّي إِلَى إِضْرَار؛ لِأَنَّهُمَا فِي بلد وَاحِد فَلَا يعْدم الْحَضَانَة، وَلِهَذَا قُلْنَا: التَّفْرِيق فِي الرَّهْن غير محرم.

لوحة 37 من المخطوطة " أ ": النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لَا يقر على مُنكر يجْرِي بِحَضْرَتِهِ؛ فشهوده وسكوته حجَّة، أما مَا يفعل على عَهده لَا بِحَضْرَتِهِ إِن تحققنا انتهاءه إِلَيْهِ فَهُوَ كشهوده، وَقد رُوِيَ أَن معَاذًا كَانَ يُصَلِّي خَلفه عشَاء الْآخِرَة وينصرف فَيصَلي فِي قومه فِي بني سَلمَة تكون لَهُ نَافِلَة، وَإِن كَانَت الْحَادِثَة مِمَّا يجوز أَلا تَنْتَهِي إِلَيْهِ لم يكن حجَّة، كَمَا رُوِيَ عَن بعض الصَّحَابَة أَنه قَالَ: كُنَّا نجامع ونكسل على عهد رَسُول الله وَلَا نغتسل.

فِي الْمَأْذُون ثَمَانِيَة عشر مَسْأَلَة تَضَمَّنت الورقة خمْسا، السَّادِسَة لَيْسَ للمأذون أَن يَأْذَن لعبد فِي التِّجَارَة كَالْوَكِيلِ لَيْسَ لَهُ أَن يُوكل من غير إِذن مُوكله خلافًا لَهُم. السَّابِعَة: لَيْسَ لَهُ اتِّخَاذ الدعْوَة والضيافة خلافًا لَهُم. الثَّامِنَة: إِذا ركبته الدُّيُون لَا يَزُول ملكه عَنهُ، وَلَا يدْخل فِي ملك الْغُرَمَاء. التَّاسِعَة والعاشرة: إِذا احتطب واحتش لم يضم إِلَى مَال التِّجَارَة. الْحَادِيَة عشرَة: لَيْسَ لَهُ أَن يُعَامل سَيّده. الثَّانِيَة عشرَة: لَا يَصح شِرَاؤُهُ لأَب سَيّده فَإِنَّهُ يعْتق على سَيّده ويتضرر بذلك خلافًا لَهُم. الثَّالِثَة عشرَة: زعم العَبْد أَن سَيّده قد أذن لَهُ فِي التِّجَارَة فَلَيْسَ لأحد

مُعَامَلَته مَا لم يعلم الْآذِن. الرَّابِعَة عشرَة: زعم العَبْد الْمَأْذُون أَن سَيّده قد حجر عَلَيْهِ وَقَالَ السَّيِّد: لم أحجر عَلَيْهِ لَا تجوز مُعَامَلَته؛ لِأَن بِزَعْمِهِ لَا يَصح تصرفه. الْخَامِسَة عشرَة: لَو أذن السَّيِّد للمأذون أَن يَأْذَن للْعَبد الَّذِي فِي يَده التِّجَارَة فَأذن صَحَّ، وَلَو حجر السَّيِّد على عَبده صَحَّ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح مَا لم يردهُ إِلَى يَده. السَّادِسَة عشرَة: لَو أقرّ الْمَأْذُون لِأَبِيهِ أَو لِابْنِهِ بِمَال صَحَّ كَمَا لَو أقرّ لأَجْنَبِيّ. السَّابِعَة عشرَة: لَو كَانَ فِي يَده عين مَال فأقرأنه مَغْصُوب أَو وَدِيعَة لم يَصح إِقْرَاره. الثَّامِنَة عشرَة: لَو علم رجل أَنه مَأْذُون فعامله ثمَّ امْتنع عَن التَّسْلِيم كَانَ لَهُ ذَلِك مَا لم يشْهد أَنه مَأْذُون لِأَنَّهُ رُبمَا يُنكر السَّيِّد الْإِذْن فَيذْهب مَال البَائِع، وَهَذَا كَمَا أَن رجلا لَو ادّعى أَن فلَانا وكلني يقبض حَقه مِنْك وَصدقه على ذَلِك فَلهُ أَن لَا يسلم إِلَيْهِ الْحق مَا لم يشْهد على أَنه وَكله.

مسائل المأذون

(مسَائِل الْمَأْذُون) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي نوع تِجَارَة (قكو)) . الْمَذْهَب: لم يتعده. عِنْدهم: ينْصَرف على الْإِطْلَاق. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... . لَهُم: ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تصرف بِحكم الْأَمر فَلَا يتَعَدَّى الْمَأْمُور بِهِ، كَالْوَكِيلِ وَالْمُضَارب، ذَلِك لِأَنَّهُ قبل الْإِذْن (لم يكن متصرفا وَإِنَّمَا صَار متصرفا بِالْإِذْنِ) فَصَارَ كَمَا لَو استخدمه فِي شَيْء بِعَيْنِه فَإِنَّهُ لَا يتعداه. لَهُم: تصرف بِحكم فك الْحجر عَنهُ فَلَا يخْتَص كَالْمكَاتبِ عبارَة: تَخْصِيص لاقا مَحل الْغَيْر فلغا كَالْمكَاتبِ وَالْمُعتق؛ لِأَن تصرف العَبْد بأهليته لَا بِإِذن السَّيِّد لكَونه ذَا ذمَّة يتَعَلَّق بهَا خطاب الشَّرْع. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: يدل على مَذْهَبنَا وُقُوع حكم هَذَا التَّصَرُّف للسَّيِّد وَحكم السَّبَب تَابع

للمسبب ونمنع أَنه يَصح أَن يَشْتَرِي من مأذونه أَو وَكيله لأَنهم رُبمَا قَالُوا: يحصل ملك الْعين للسَّيِّد وَملك الْيَد للْعَبد. قَالُوا: أول مَا تَلقاهُ من التَّصَرُّفَات الشِّرَاء، وَهُوَ تصرف باستيجاب الثّمن فِي الذِّمَّة وَذمَّة العَبْد لَهُ بِدَلِيل صِحَة إِقْرَاره فِيهَا بِالدّينِ وَالْقصاص دون الْيَد. أما الرَّاهِن مَعَ الْمُرْتَهن فَإِن التَّصَرُّف غير وَاقع للْمُرْتَهن لَكِن تعلق لَهُ بِهِ حق فَاعْتبر إِذْنه لسُقُوط حَقه. وَأما الْمكَاتب فَإِن تصرفه يُسْتَفَاد من الْكِتَابَة لَا من الْإِذْن وَصَارَ المُشْتَرِي يتَصَرَّف بِالْملكِ الْمُسْتَفَاد من البيع لَا بِإِذن البَائِع ثمَّ الْكِتَابَة إِذن عَام هَذَا قاعدتها شرعا، ثمَّ العَبْد بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ ملك للْمولى فَيملك مَنَافِع أَعْضَائِهِ. وَالْكَلَام مَنْفَعَة اللِّسَان، فَإِذا أَمر بصرفه إِلَى جِهَة لم يجز أَن يصرفهُ

إِلَى جِهَة أَن يصرفهُ إِلَى جِهَة أُخْرَى.

المسألة السابعة والعشرون بعد المائة إذا رآه يتصرف ويسكت قكز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: إِذا رَآهُ يتَصَرَّف ويسكت (قكز)) . الْمَذْهَب: لَا يصير مَأْذُونا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا ضَرَر وَلَا ضرار ". وَجه الدَّلِيل: أَن السَّيِّد إِذا رأى عَبده يتَصَرَّف وَسكت أوهم الْإِذْن لَهُ

وَفِيه غرر بالعامل فَكَمَا دفع الضَّرَر بِأَن لَا يدْفع حجر خَاص إِذْنا عَاما فنعتمدها هُنَا كَذَلِك. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: السُّكُوت كف عَن الْإِذْن فَكيف يكون إِذْنا؟ وَالسُّكُوت فِي الدّلَالَة على الْإِذْن مُتَرَدّد فَلَا يكْتَفى بِهِ كَمَا فِي التَّصَرُّف الْمَسْكُوت عَنهُ، وكما لَو رأى عَبده ينْكح أَو رأى الْمُرْتَهن يَبِيع الرَّهْن. لَهُم: العَبْد يتَصَرَّف لنَفسِهِ وَإِذن السَّيِّد كفك الْحجر عَنهُ، وبالسكوت يحصل ذَلِك وَصَارَ كالشفيع، وَقد جَاءَ السُّكُوت إِذْنا شرعا بِدَلِيل سكُوت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَمَّا يجْرِي بَين يَدَيْهِ، وبدليل صمَات الْبكر. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: سكُوت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَمَّا يجْرِي بِحَضْرَتِهِ لَيْسَ بمتردد؛ لِأَنَّهُ

يجب عَلَيْهِ الزّجر، وَترك الزّجر بعد وُجُوبه مَعْصِيّة، وَهُوَ الْمَعْصُوم الْمُطلق، وَالسَّيِّد لَا يجب عَلَيْهِ زجر عَبده عَن البيع، كَمَا لَا يجب عَلَيْهِ زَجره عَن النِّكَاح بل لَهُ أَن يسكت اسْتِخْفَافًا بِهِ. وَأما سكُوت الْبكر فَلَا أثر لَهُ حَيْثُ لَا يفْتَقر الْأَب إِلَى رِضَاهَا، وَغير الْأَب وَالْجد لَا يكْتَفى بسكوتها على رَأْي، وَإِن سلم فصماتها مَعَ قرينَة الْحيَاء ظَاهر فِي الدّلَالَة على الرِّضَا، وَقد ورد النَّص بجعله دَلِيلا وَبِمَا انْفَكَّ فِي حق الثّيّب عَن الْقَرِينَة لم يقس عَلَيْهِ فَكيف يُقَاس عَلَيْهِ البيع وَمَا ذَكرُوهُ من الضَّرَر وَالْغرر فالمتصرف اغْترَّ وَالسَّيِّد مَا غره وَالشَّفِيع يسْقط حَقه بترك الْمُبَادرَة.

المسألة الثامنة والعشرون بعد المائة المأذون هل تتعلق الديون برقبته قكح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: الْمَأْذُون هَل تتَعَلَّق الدُّيُون بِرَقَبَتِهِ؟ (قكح)) . الْمَذْهَب: لَا تتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ لَكِن بِكَسْبِهِ. عِنْدهم: تتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ حَتَّى يُبَاع بهَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... . لَهُم: ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: دين لزمَه بِرِضا مُسْتَحقَّة فَلَا يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ كَدين الاستقراض وتأثيره أَنه إِذا كَانَ بِرِضا مُسْتَحقَّة فَكَأَنَّهُ رَضِي بِالتَّأْخِيرِ والرقبة أصل من أَمْوَال السَّيِّد فَلَا يتَعَلَّق بهَا دين التِّجَارَة كَسَائِر أَمْوَاله. لَهُم: دين وَجب على العَبْد مُطلقًا وَظهر وُجُوبه فِي حق السَّيِّد، فَتعلق بِرَقَبَة العَبْد قِيَاسا على أَن الِاسْتِهْلَاك والذمة عبارَة عَن شخص الْمُلْتَزم ثمَّ ذمَّة العَبْد ضَعِيفَة فَقَوِيت بِالرَّقَبَةِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ يتَعَلَّق الدّين بِتركَتِهِ لضعف ذمَّته. مَالك:.

أَحْمد:. التكملة: أصل وجوب الدّين فِي الذِّمَّة أما تعلقه بِالرَّقَبَةِ، فَأمر زَائِد الْخصم هُوَ الْمَأْخُوذ بِبَيَان سَببه وَنسبه. فَنَقُول: الدّين يتَعَلَّق بالمرهون ورقبة العَبْد الْجَانِي وبكسبه فِي التِّجَارَة وَلَا يُمكن قِيَاس مَسْأَلَتنَا على الرَّهْن فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِهِ بتعلق الْمَالِك، وَالْمَالِك هَا هُنَا لم يُوجد مِنْهُ غير الْإِذْن فِي مُبَاشرَة سَبَب الِالْتِزَام وَحَالَة الْإِذْن لَا دين وَقد أذن لَهُ أَن يتَصَرَّف بِنَفسِهِ لَا فِي نَفسه وَلَا يُمكن تلقيه من الْجِنَايَة، فَإِن ذَلِك حق ثَبت بِغَيْر رضَا مُسْتَحقّه ونعتمد على الْإِذْن فِي النِّكَاح فَإِن النَّفَقَة وَالْمهْر يتعلقان بِكَسْبِهِ وتشبيههم إِيَّاه بالمريض وَتعلق الدّين بِتركَتِهِ فَاسد؛ لِأَن الدّين يتَعَلَّق بِمَال من عَلَيْهِ الدِّيَة عندنَا بِالْمَوْتِ

وَالْحجر عِنْد الإفلاس لِأَنَّهُ ملكه وَيتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا ملكه كَمَا يتَعَلَّق بِذِمَّة أَبِيه لَو اسْتَحَقَّه ثمَّ مَاتَ لَا لتَعلق الدّين بِرَقَبَة أَبِيه، كَيفَ ورقبة الْحر لَيست مَالا حَتَّى يتَعَلَّق بِبَدَلِهِ مُتَعَدِّيا مِنْهَا بل تعلق بِهِ ابْتِدَاء لِأَنَّهُ ملكه ورقبة العَبْد ملك سَيّده، وَلَيْسَت مَال تِجَارَة ويلزمهم تعلق الدّين بِكَسْبِهِ أَولا.

المسألة التاسعة والعشرون بعد المائة إذا أبق المأذون قكط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: إِذا أبق الْمَأْذُون (قكط)) . الْمَذْهَب: لم يصر بذلك مَحْجُورا عَلَيْهِ وَلَا يَنْعَزِل. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تصرف يملكهُ العَبْد قبل الْإِبَاق فَلَا يَزُول بالإباق كَطَلَاق زَوجته واكتساب مهرهَا ونفقتها.

لَهُم: التِّجَارَة مستفادة بِالْإِذْنِ وَسبب الْإِذْن هُوَ الْولَايَة، وَقد زَالَت بالِاتِّفَاقِ. أَلا ترَاهُ لَا يملك بَيْعه وإجارته فَوَجَبَ أَن يسْقط الْإِذْن كَمَا لَو أعْتقهُ. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: لَا نسلم أَن الْولَايَة قد زَالَت بالإباق، بل هِيَ بَاقِيَة، وَلِهَذَا يجوز بَيْعه مِمَّن يعرف مَكَانَهُ وَيقدر عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لم يَصح بَيْعه وإجارته من كل وَاحِد لتعذر قَبضه، وَأما التِّجَارَة فتتوقف على صِحَة الْإِذْن وَذَلِكَ يتَعَلَّق بِكَوْن مَوْلَاهُ بَالغا رشيدا، وَكَون العَبْد مِمَّن يَصح تصرفه والعذر عَن الْكِتَابَة وَالْعِتْق أَن رابطة الِاسْتِخْدَام قد انْقَطَعت. فَإِن قَالُوا: الْإِذْن بِحكم قرينَة الْحَال قَاصِر على مَا قبل الْكِتَابَة وَالْعِتْق لِأَنَّهُ وَقت الِاسْتِخْدَام وَذَلِكَ بِحكم الْقَرِينَة قَاصِر على مَا قبل الْإِبَاق فَإِنَّهُ وَقت الطَّاعَة. الْجَواب: إِمْكَان الِاسْتِخْدَام قَائِم، وطاعته وأمانته فِي التِّجَارَة مستمرة، وَإِنَّمَا مُخَالفَته فِي الْبعد وَإِلَّا فَهُوَ مُطِيع لَهُ فَصَارَ كَمَا لَو عصى وَفسق

وَهُوَ فِي الْبَلَد، وَأما الْقَرِينَة فَتبْطل بِمَا إِذا استولد الْجَارِيَة المأذونة فَإِن قَضِيَّة الْحَال تَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَا يرضى تبرجها للتِّجَارَة وَهِي فرَاشه.

المسألة الثلاثون بعد المائة هل للمأذون عقد الإجارة على نفسه قل

(الْمَسْأَلَة الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: هَل للمأذون عقد الْإِجَارَة على نَفسه (قل)) . الْمَذْهَب: لَا وَفِي عقدهَا على دوابه وعبيده وَجْهَان. عِنْدهم: لَا يعْقد الْإِجَارَة على نَفسه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: إِجَارَة نَفسه من مشوشات التِّجَارَة وصوارفها فَلَا يدل الْإِذْن فِي

التِّجَارَة عَلَيْهِ، وَعِنْدنَا الْمَأْذُون يقْتَصر على مُوجب الْإِذْن (لَيْسَ فِي الْإِذْن) إِجَارَته نَفسه لَا لفظا وَلَا عرفا. لَهُم: التِّجَارَة عبارَة عَن مُقَابلَة مَال بِمَال لطلب الرِّبْح وَهَذَا حَقِيقَة الْإِجَارَة وَلِهَذَا جَازَ إِجَارَة دَاره وَعَبده وَالْمَنْع بعيد إِذْ هِيَ من فَوَائِد مَال التِّجَارَة. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: إِن منعنَا إِجَارَة الدَّوَابّ فَلَا كَلَام، وَإِن جوزناها قُلْنَا: هُوَ مَأْذُون فِي أَمْوَال التِّجَارَة وَنَفسه لَيست من أَمْوَال التِّجَارَة، ونقول: الْقَرِينَة دلّت على خُرُوج إِجَارَته نَفسه من التِّجَارَة لِأَنَّهَا مَانِعَة مِنْهَا؛ لِأَن التِّجَارَة اقتناص الرِّبْح بترصد المواسم وانتهاز الفرص وَالْإِجَارَة قيد مَانع من التقلب. قَالُوا: لَو عمل فِي الْإِجَارَة الْفَاسِدَة فَلهُ أُجْرَة الْمثل ثمَّ لَهُ أَن يتَصَرَّف فِيهَا

وَيَقْضِي بهَا دُيُونه، وَكَذَلِكَ مَا يكْتَسب بالاحتشاش والاحتطاب، فَإِذا تصرف فِي بذل منفعَته جَازَ أَن يتَصَرَّف فِي منفعَته. الْجَواب: الْمَذْهَب الصَّحِيح أَنه لَا تتَعَلَّق ذمَّته بالاحتشاش والاحتطاب وَلَا خلاف أَنه لَا يتَصَرَّف فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَال تِجَارَة وَلَا يتَصَرَّف بِحَال فِي أُجْرَة الْمَنْفَعَة فَإِنَّهَا وَجَبت بالتفويت وَهِي كالأرش الْوَاجِب على قَاطع طرفه ونمنع الْمَأْذُون فِي النِّكَاح أَن يُؤجر نَفسه وَإِن سلمنَا فَهُوَ من لوازمه.

لوحة 38 من المخطوطة " أ ": يَقُولُونَ فِي السّلم فِي الْمُنْقَطع: إِن الْقُدْرَة عِنْد الْمحل شَرط، وَلَكِن مَحل الدّين قد يكون بِالْمَوْتِ والمطالبة عِنْده تتَوَجَّه لحكم العقد، إِذْ الْمَوْت لَا يلْزمه شَيْئا، وَمعنى الْأَجَل بَيَان أقْصَى مُدَّة التَّأْخِير، فَإِذا للْعقد أجلان: مَشْرُوط مَشْرُوع، ومشروع غير مَشْرُوط، وَالْعبْرَة بالشرعية لَا بالاشتراط فَوَجَبَ أَن يقدر على التَّسْلِيم عِنْد كل أجل وَمَا ذَلِك إِلَّا باستمرار الْوُجُود من العقد إِلَى الْمحل الْمَشْرُوط. وَالْجَوَاب: أَن الْمُعْتَبر هُوَ الْقُدْرَة عِنْد الْأَجَل الْمَشْرُوط؛ لِأَنَّهُ وَقت الْتِزَامه، وَكَذَلِكَ لَا يُطَالب قبله وَبِتَقْدِير الْمَوْت لَا مُطَالبَة عَلَيْهِ، وَلَا على الْوَارِث بل الْمُسْتَحق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فسخ وَإِن شَاءَ صَبر إِلَى الْمحل فَلَيْسَ فِي الْكل تَوْجِيه مُطَالبَة فِي وَقت يعجز عَنهُ.

نعم وَلَا ننكر أَن الْمَوْت أجل العقد شرعا وَلَا يلْزم أَن يعْتَبر فِيهِ مَا يعْتَبر فِي الْأَجَل الْمَشْرُوط بِدَلِيل الْعلم بالأجل فَإِنَّهُ شَرط فِي الْمَشْرُوط دون الْمَشْرُوع. فَإِن قيل: الِاحْتِرَاز عَن الْجَهْل بالأجل الْمَشْرُوع غير مُمكن (فاحتملناه والاحتراز عَن الْعَجز عِنْده مُمكن) . فَإِن تسلم فِي مُسْتَمر الْوُجُود فَلَا يحْتَمل. الْجَواب: أَن الأول أَيْضا مُمكن فَإِن تسلم حَالا لَا يَقع فِيهِ جَهَالَة الْأَجَل فيعتذرون بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تضييق بَاب الرُّخْصَة لِأَن السّلم عقد مفاليس. وَالْجَوَاب: أَن نقُول: وَكَذَلِكَ أَكثر من يحْتَاج إِلَى قبُول السّلم الدهاقين والتنا تضيق أَيْديهم فيبيعون فِي الذِّمَّة مِمَّا يتوقعون من ريع ضياعهم فَلَو قيدنَا السّلم بمستمر الْوُجُود لانسد بَاب الرُّخْصَة. من أسلم فِي ثوب على صفة خرقَة أحضرها حَال العقد لم يَصح لجَوَاز أَن تهْلك الْخِرْقَة، وَالْمُسلم فِيهِ يَنْبَغِي أَن يكون مَعْلُوما عِنْدهمَا وَعند غَيرهمَا. وَكَذَلِكَ أجل السّلم فَيجوز إِلَى مِيقَات مَعْلُوم عِنْد الْجُمْهُور

كالمهرجان، وَلَا يجوز تَعْلِيقه بأعياد الذِّمَّة إِلَّا أَن تكون مَعْرُوفَة عِنْد الْمُسلمين. وَلَا يَصح السّلم فِي أَجود الْجِنْس، وَقيل: يَصح فِي الأردا، والأردأ هُوَ بِالْإِضَافَة إِلَى أَنْوَاع ذَلِك الْجِنْس لَا الرداءة الَّتِي هِيَ عيب فالمعيب لَا يَصح السّلم فِيهِ، وَمن شَرطه قبض رَأس المَال فِي الْمجْلس.

مسائل السلم

(مسَائِل السّلم) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: السّلم فِي الْمُنْقَطع (فَلَا)) . الْمَذْهَب: صَحِيح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: لما قدم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الْمَدِينَة وجدهم يسلفون فِي الثِّمَار السّنة والسنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ: " من أسلم فليسلم فِي كيل مَعْلُوم، وَوزن مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم ".

وَجه الدَّلِيل: أَنه وجدهم يسلفون فِي الثِّمَار وَالْمرَاد بِهِ مَا لم يُوجد، وَذكر شَرط السّلم وَلم يذكر الْمَوْجُود. لَهُم: نهى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن بيع الثِّمَار قبل بَدو صَلَاحهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ السّلم، لِأَن بيع الثِّمَار بِشَرْط الْقطع جَائِز. وَقَالَ: أَرَأَيْت إِن لَو منع الله الثَّمَرَة فَبِمَ يَأْكُل أحدكُم مَال أَخِيه؟ الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أسلم فِي مضبوط بِالْوَصْفِ عَام الْوُجُود مَقْدُور على تَسْلِيمه لَدَى الْمحل

فَجَاز كالموجود عِنْد العقد فَإِن الْقُدْرَة ترَاد لوقت الْمُطَالبَة عِنْد الْمحل وَلَا مُطَالبَة قبل الْمحل فَلَا تعْتَبر الْقُدْرَة فِيهِ. لَهُم: أسلم فِيمَا لَا يقدر على تَسْلِيمه فَلَا يَصح كَالْمَعْدُومِ حَال السّلم، تَأْثِيره: فَوَات الْقُدْرَة الْمَشْرُوطَة لصِحَّة العقد، وَدَلِيل الدَّعْوَى جَوَاز فَوت الْمُسلم إِلَيْهِ وَيجوز أَن يَمُوت فَهِيَ مَعْدُومَة فِي تِلْكَ الْحَال. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: مطلع النّظر الْبَحْث عَن الْقُدْرَة على التَّسْلِيم وَلَا خلاف فِي اشْتِرَاطهَا لَكِن لَا يعْتَبر الْيَقِين فِي الْإِجْمَاع وَلَا يحْتَمل كل شكّ بِالْإِجْمَاع وَهُوَ كَالْبيع، فَإِذا بَاعَ غَائِبا صَحَّ مَعَ احْتِمَال تلفه لَكِن الْقُدْرَة عَلَيْهِ مستبقية، فاستصحب فِيهَا الْحَال، وَلَو أبق عَبده، فَأخْبر بعوده إِلَى بَلْدَة يجوز أَن يُقيم فِيهَا إِلَى حِين الْقُدْرَة عَلَيْهِ لم يَصح العقد لاستصحاب حَال الْعَدَم، وَقد

بنيت الْمَسْأَلَة على (التَّسْوِيَة بَين) الثّمن والمثمن فَإِنَّهُم يسلمُونَ أَنه لَو بَاعَ بمكيل وموزون فَكَانَ مُنْقَطِعًا صَحَّ وَالسّلم بيع الْمكيل، وَأي فرق بَين بيع الْمكيل وَالْبيع بالمكيل؟ ومعتمدهم مَا تخيلوه من أَن الثّمن حكم العقد وَالْعجز عَن تَسْلِيمه لَا يمْنَع البيع كَشِرَاء الْمُفلس وَالْعَبْد مَعَ عجزهما، وَلذَلِك جوزوا الْكِتَابَة الْحَالة وَلنَا فِي الْجَمِيع منع. ونقول: الثّمن والمثمن ركنان، عبارَة حَالَة لَا يجب فِيهَا التَّسْلِيم بِحكم الشَّرْط فَلَا يشْتَرط فِيهَا الْقُدْرَة على التَّسْلِيم قِيَاسا على مَا بعد الْمحل. وَبِالْجُمْلَةِ انعدام الْمُسلم فِيهِ فِي الْحَال لَا يعْدم وجود الْقُدْرَة فِي ثَانِي الْحَال، وَعِنْدهم يمْنَع تحقق الْقُدْرَة.

فارغة

المسألة الثانية والثلاثون بعد المائة السلم في الحال قلب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: السّلم فِي الْحَال (قلب)) . الْمَذْهَب: صَحِيح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من أسلم فليسلم إِلَى أجل مَعْلُوم "، فَجعل

الْأَجَل شرطا فِي السّلم وَنهى عَلَيْهِ السَّلَام عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان، وَرخّص فِي السّلم وَمَا رخص فِيهِ تبع بِهِ مورد الشَّرْع وَإِنَّمَا ورد السّلم مُؤَجّلا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: إِذا جَازَ السّلم مُؤَجّلا فحالا أجوز، وَعَن الْغرَر أبعد، أحد عوضي البيع فَثَبت فِي الذِّمَّة كالعوض الآخر. لَهُم: أسلم فِي معجوز عَنهُ فَلَا يَصح، إِذْ الْقُدْرَة شَرط فِي السّلم وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بالأجل لِأَنَّهُ عقد محاويج، وَصَارَ كالكتابة عنْدكُمْ فَإِنَّهَا لَا تصح إِلَّا مُؤَجّلَة. مَالك: ف. أَحْمد: ف.

التكملة: الْجَواب عَن الحَدِيث أَن مَعْنَاهُ من أسلم فِي مَكِيل فَلْيَكُن مَعْلُوم الْكَيْل، وَمن أسلم فِي مُؤَجل فَلْيَكُن مَعْلُوم الْأَجَل، وَلَا نسلم أَنه عقد محاويج، بل نوع بيع، وَالسَّبَب الظَّاهِر فِي الْقُدْرَة عندنَا كَونه حرا مُطلق التَّصَرُّفَات، فَهُوَ أهل الْملك بالاتهاب والاحتطاب وَالْإِرْث. وَعِنْدهم: الْقُدْرَة بالأجل، أما النَّهْي عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان فَالْمُرَاد بِهِ الْأَعْيَان، فَإِن الَّذِي لَا يكون عِنْد أحد وَلَيْسَ الْمَعْنى فِي هَذِه الرُّخْصَة اسْتثِْنَاء عَن تَحْرِيم بيع كَمَا تخيلوه بل الرُّخْصَة فِيهِ إِثْبَات أحد الْعِوَضَيْنِ دينا مَعَ تعين الآخر. وَبِالْجُمْلَةِ الْأَجَل وَالسّلم عندنَا رخصَة وَعِنْدهم هُوَ عَزِيمَة.

المسألة الثالثة والثلاثون بعد المائة السلم في الحيوان قلج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: السّلم فِي الْحَيَوَان (قلج)) . الْمَذْهَب: صَحِيح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: استسلف النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بكرا وَأدّى بازلا. وَقَالَ: خَيركُمْ أحسنكم قَضَاء، واستسلف ابْن الْعَاصِ فِي تجهيز جَيش بَعِيرًا ببعيرين إِلَى إبل الصَّدَقَة.

وَكَانَ ابْن عَبَّاس يسلف فِي الوصائف. لَهُم: نهى عَلَيْهِ السَّلَام عَن السّلف فِي الْحَيَوَان، وَالسَّلَف (يَشْمَل الْقَرْض وَالسّلم وَقَالَ:) لَا خير فِي بيع الْحَيَوَان نَسِيئَة، قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: آخر آيَة نزلت على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام آيَة الرِّبَا وَمَات، وَلم يبين كثيرا مِنْهَا، وَإِن من الرِّبَا السّلم فِي السن. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَرْكَان السّلم اجْتمعت وَلَا نظر إِلَّا فِي الْمحل وَمحله مَا قبل حكمه،

وَحكمه إِثْبَات الْحَيَوَان فِي الذِّمَّة، وَالْحَيَوَان يثبت فِي الذِّمَّة فَكَانَ محلا، دَلِيل ثُبُوته فِي الذِّمَّة الصَدَاق وإبل الدِّيَة والغرة. لَهُم: أسلم فِي مُخْتَلف الصِّفَات فَلَا يَصح كَمَا فِي الْجَوْهَر، وتأثيره أَن الْإِيهَام يُؤثر فِي العقد وَالْحَيَوَان لَا يضْبط بِالْوَصْفِ. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: نحمل منقولهم على مَا كَانَت الْعَرَب تعتاده من البيوعات الْفَاسِدَة إِن اعْترضُوا على حديثنا بِأَنَّهُ كَانَ فِي دَار الْحَرْب فَفِيهِ مَا يدْرَأ هَذِه الشُّبْهَة لِأَنَّهُ قَالَ أجهز جَيْشًا وَإِنَّمَا يُجهز الْجَيْش من دَار الْإِسْلَام.

فَإِن قَالُوا: إِنَّه لم يذكر الْأَجَل، قُلْنَا: الرَّاوِي ذكر المهم وَالْأَجَل كَانَ مَعْلُوما عِنْده (أَو لَعَلَّ زمن الصَّدَقَة كَانَ مَعْلُوما ومحصول كَلَامهم أَن الْمُسلم فِيهِ غير مُتَعَيّن من غَيره وَذَلِكَ بَاطِل) ، بل معنى تَعْيِينه على أَن الْمُعَامَلَات تنبني على الْمُسَامحَة والمساهلة، فَإِن من اشْترى عبدا وَرَآهُ لم يحط بِجَمِيعِ أَوْصَافه وَلَعَلَّ مِنْهَا مَا يكشفه الزَّمن الطَّوِيل وتناقضهم بالنبات. ثمَّ الْوَاجِب تَسْلِيم الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصِّفَات فِي أدنى الدَّرَجَات وَكلما تشْتَرط رُؤْيَته فِي البيع يشْتَرط وَصفه، لِأَن التِّجَارَات عُقُود مراضاة وَلنَا فِي الأكارع والرءوس منع.

المسألة الرابعة والثلاثون بعد المائة هل يجوز أن يكون رأس المال جزافا قلد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: هَل يجوز أَن يكون رَأس المَال جزَافا (قلد)) . الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: إِن كَانَ مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَلَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لَهُم: عوض فِي عقد لَا تعْتَبر فِيهِ الْمُمَاثلَة فَلَا يجب معرفَة قدره كَالثّمنِ فِي البيع. لَهُم: عقد يقْصد بِهِ الرِّفْق فِي تَأْخِير أحد بدليله فَاعْتبر معرفَة الْمِقْدَار الآخر كالقرض. مَالك: إِذا تعين بِالْعقدِ احْتِيجَ إِلَى ضبط وَصفه. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: إِن قَالُوا: على الأَصْل الَّذِي قسنا عَلَيْهِ أَنه لَا يتَعَيَّن معرفَة قدر المعوض فِيهِ فَكَذَلِك الْعِوَض، وَفِي السّلم اعْتبر قدر المعوض فَكَذَلِك الْعِوَض، فَهَذَا يبطل بِمَا إِذا كَانَ رَأس المَال مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَإِنَّهُ يعْتَبر قدر المعوض، وَلَا

تعْتَبر معرفَة قدر الْعِوَض، لِأَنَّهُ لَيْسَ إِذا اعْتبر فِي المعوض الَّذِي فِي الذِّمَّة يجب أَن يعْتَبر فِي الْعِوَض الْمعِين كَالْعلمِ بِالصِّفَاتِ فَإِنَّهَا تعْتَبر فِي المعوض لَا فِي الْعِوَض. وَأما إِذا كَانَ رَأس المَال فِي الذِّمَّة اعْتبر معرفَة الْمِقْدَار وَهَا هُنَا التَّعْيِين يُغني عَنهُ وَالسّلم يُفَارق الْقَرْض، لِأَن فِي الْقَرْض يرد الْمثل وَهَا هُنَا لَا يرد الْمثل، ونناقضهم بِمَا إِذا كَانَ رَأس المَال مذروعا. وَبِالْجُمْلَةِ لَا أثر للْجَهْل بالمقدار مَعَ التَّعْيِين.

المسألة الخامسة والثلاثون بعد المائة إذا وجد بالمسلم فيه عيبا وحدث عنده عيب قله

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: إِذا وجد بِالْمُسلمِ فِيهِ عَيْبا وَحدث عِنْده عيب (قله)) . الْمَذْهَب: يرجع بِأَرْش الْعَيْب. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أحد نَوْعي البيع فجا أَن يثبت الرُّجُوع فِيهِ بِأَرْش الْعَيْب، كَبيع الْأَعْيَان. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لَهُم: لَو عدنا بِالْأَرْشِ فسخنا العقد فِي غير الْمَعْقُود عَلَيْهِ بِدَلِيل جَوَاز إِبْدَاله لَو لم يحدث بِهِ عيب عِنْده، وَذَلِكَ لِأَن الْمَقْبُوض غير الْمَعْقُود عَلَيْهِ. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: مَا زعموه يَنْبَنِي على أَن الرُّجُوع بِالْأَرْشِ فسخ للْعقد فِي جُزْء من الْمَبِيع وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن الْمَبِيع هُوَ الْأَجْزَاء الَّتِي تنَاولهَا العقد، فَأَما الصِّحَّة والسلامة الَّتِي يثبت الأَرْض فِي مقابلتها فَلَيْسَتْ بمعقود عَلَيْهَا، ثمَّ لَو

سلمنَا هَذَا لَهُم فالمقبوض هُوَ الْمَعْقُود عَلَيْهِ، وَلِهَذَا ينفذ فِيهِ التَّصَرُّف، وَإِنَّمَا جَازَ إِبْدَاله قبل حُدُوث الْعَيْب لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ يخرج عَن أَن يكون الْمَعْقُود عَلَيْهِ فَأَما قبل الْفَسْخ فَهُوَ مَعْقُود عَلَيْهِ. وَاعْلَم أَن حرف الْمَسْأَلَة: أَن عندنَا الْمَقْبُوض هُوَ الْمَعْقُود عَلَيْهِ كَالْمَبِيعِ وَعِنْدهم الْمَقْبُوض غير الْمَعْقُود عَلَيْهِ.

مسائل الرهن

(" مسَائِل الرَّهْن ")

فارغة

لوحة 39 من المخطوطة " أ ": يجوز أَخذ الرَّهْن من كل حق ثَابت فِي الذِّمَّة يَصح اسْتِيفَاؤهُ من الرَّهْن وعقده لَيْسَ بِلَازِم قبل الْقَبْض، وَرهن العَبْد الْمُرْتَد وَبيعه جَائِز؛ لِأَن الرِّدَّة لَا تزيل ملكه وَإِنَّمَا تعرضه للتلف فَهُوَ كَالْمَرِيضِ المدنف. وَاعْلَم أَنه إِذا شَرط الْمُرْتَهن بيع الْمَرْهُون إِذا حل الْحق لم يجز أَن يَبِيعهُ بِنَفسِهِ، وَلَو وَكله الرَّاهِن فِي ذَلِك، فالوكالة فَاسِدَة، وَإِذا بَاعَ لم يَصح، قَالَ مَالك والعراقي: يَصح كَمَا لَو وَكله فِي بيع عين أُخْرَى ليقضيه دينه مِنْهَا، وَدَلِيلنَا: أَنه تَوْكِيل فِيمَا يتنافى فِيهِ الفرضان فَلم يَصح كَمَا لَو وَكله

فِي بيع شَيْء من نَفسه وينافي الفرضين أَن الرَّاهِن يُرِيد اسْتِيفَاء الثّمن وَالصَّبْر على الْمَبِيع، وَالْمُرْتَهن يُرِيد تَعْجِيل الْحق وَيُفَارق غير الرَّهْن من أَمْوَاله، لِأَن حق الْمُرْتَهن لَا يتَعَيَّن فِيهِ، فَإِن وكل الرَّاهِن غير الْمُرْتَهن صَحَّ، إِذا شرطا أَن يكون الرَّهْن على يَد عدل صَحَّ، وَإِذا قَبضه الْعدْل لزم، وَيصِح تَوْكِيل هَذَا الْعدْل فِي البيع، فَإِن عزل الرَّاهِن الْعدْل صَحَّ، وَلم يملك البيع. وَبِه قَالَ أَحْمد خلافًا لمَالِك وَلَهُم، لأَنهم قَالُوا: لَا يَنْعَزِل لِأَن الْوكَالَة صَارَت من حُقُوق الْمُرْتَهن، وَدَلِيلنَا: أَن الْوكَالَة عقد جَائِز فَلَا يلْزم الْعَاقِد الْقيام عَلَيْهَا كَسَائِر الوكالات، إِذا وضعا الرَّهْن على يَد عدل وَمَات نظرت فَإِن اتفقَا على كَونه فِي يَد عدل آخر أَو يَد الْمُرْتَهن جَازَ، وَلَو اخْتلفَا فالحاكم يَضَعهُ عِنْد من يرتضيه. فَإِن كَانَ الرَّهْن فِي يَد الْمُرْتَهن فالرهن بِحَالهِ فَإِن مَاتَ وَرَضي الرَّاهِن أَن يكون فِي يَد وَرَثَة الْمُرْتَهن كَانَ فِي أَيْديهم إِن اخْتَارُوا وَإِن أَبى لم يجْبر على ذَلِك؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِي بأمانة الْمُرْتَهن فيضعه الْحَاكِم عِنْد من يرَاهُ.

وَإِن عين الْعدْل شَيْئا لَا يجوز أَن يَبِيع إِلَّا بِهِ، وَمَعَ الْإِطْلَاق لَا يجوز غير ثمن الْمثل حَالا من نقد الْبَلَد خلافًا لَهُم، إِذا كَانَ الرَّاهِن أمة حَامِلا فضربها ضَارب فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا فعلى الْجَانِي عشر قيمَة الْأُم، وَيكون ذَلِك للرَّاهِن لِأَنَّهُ بدل الْوَلَد وَلَا يدْخل فِي الرَّهْن وَلَا يجب أرش مَا نقص بِالْولادَةِ، لِأَن ذَلِك قد دخل فِي بدل الْجَنِين. فَأَما إِذا كَانَت دَابَّة وَأَلْقَتْ جَنِينا مَيتا فَإِنَّهُ يجب مَا نقصت بِوَضْعِهِ وَيكون ذَلِك رهنا، لِأَنَّهُ بدل من الْجِنَايَة على الرَّهْن، إِذا أقرّ مقرّ بِالْجِنَايَةِ على الرَّهْن فَإِن كذباه سقط حَقّهمَا، وَإِن كذبه الرَّاهِن وَصدقه الْمُرْتَهن سقط حق الرَّاهِن وَتعلق حق الْمُرْتَهن بِأَرْش الْجِنَايَة، فَإِن قَضَاهُ الرَّاهِن من مَاله أَو أَبرَأَهُ هُوَ رَجَعَ الْأَرْش إِلَى الْمقر، لِأَن الرَّاهِن يقر أَنه لَا حق فِيهِ، وَإِن صدقه الرَّاهِن وَكذبه الْمُرْتَهن سقط حق الْمُرْتَهن من الْوَثِيقَة (وَكَانَ

للرَّاهِن الْأَرْش) .

المسألة السادسة والثلاثون بعد المائة رهن المشاع قلو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: رهن الْمشَاع (قلو)) . الْمَذْهَب: صَحِيح. عِنْدهم: خلافًا وَإِن طرت الإشاعة رِوَايَتَانِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فرهان مَقْبُوضَة} ، وَصفَة محكمَة كَمَا يُقَال: هبة مَمْلُوكَة، وَقَالَ تَعَالَى: {كل نفس بِمَا كسبت رهينة} أَي حبيسة، هَذَا دَلِيل على أَن حكم الرَّهْن الْحَبْس، قَالَ الشَّاعِر: (ففارقتك برهن لَا فكاك لَهُ ... يَوْم الْوَدَاع فأمسى الرَّهْن قد غلقا)

فَإِذا كَانَ مَعْنَاهُ الْحَبْس، فَمَعْنَى العقد لُغَة هُوَ حكمه كالتسليم فِي السّلم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الرَّهْن وَثِيقَة لجَانب الِاسْتِيفَاء؛ لِأَنَّهُ يَصح مِمَّا يَصح فِيهِ الِاسْتِيفَاء وَحَقِيقَة الْوَثِيقَة ثُبُوت زِيَادَة حق من جنس مَا كَانَ ثَابتا قبل وَصَارَ، كالكفالة تثبت بهَا من جنس مَا كَانَ ثَابتا وَهُوَ الْمُطَالبَة لَا الدّين كَذَلِك هَا هُنَا فالمستحق بيع أَمْوَاله يخْتَص الْمُرْتَهن بِهَذِهِ الْعين وَلَو ثَبت بهَا الْبَعْض لم تكن وَثِيقَة بل حَقِيقَة. لَهُم: الرَّهْن وَثِيقَة لجَانب الِاسْتِيفَاء لِأَنَّهُ يخْتَص بِمَا بِهِ الِاسْتِيفَاء فَيَنْبَغِي أَن يثبت بِهِ بعض مَا يثبت بِالِاسْتِيفَاءِ كالكفالة لما كَانَت وَثِيقَة لجَانب الْوُجُوب ثَبت بهَا بعض مَا يثبت بِحَقِيقَة الْوُجُوب، وَالثَّابِت بِالْحَقِيقَةِ ملك الْعين وَالْيَد وَلَا يُمكن إِثْبَات ملك فَثَبت ملك الْيَد، والشائع لَا يقبل ذَلِك وَمحل العقد مَا قبل حكمه.

مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: نناقضهم بِمَا إِذا رهن عينا من اثْنَيْنِ حَيْثُ قَالُوا: يَصح، وَلَو رهن من كل وَاحِد مِنْهُمَا نصفهَا قَالُوا: لَا يَصح، فَنَقُول: عقد جَازَ على عين من اثْنَيْنِ فَجَاز فِي نصفهَا من كل وَاحِد مِنْهُمَا قِيَاسا على البيع وَالْهِبَة فِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة. أما الْآيَة الَّتِي استدلوا بهَا فسياقها جوابها، وَالْمرَاد بهَا رهن مَا أمكن قَبضه حَقِيقَة وَنَقله إِلَى يَد الْمُرْتَهن وَالْآيَة أَمر بِالرَّهْنِ الْمَقْبُوض على سَبِيل الْإِرْشَاد كَمَا فِي الْإِشْهَاد وَلَيْسَ فِيهَا بَيَان حكم الرَّهْن، وَيكون تَقْيِيده الرَّهْن بالمقبوض هَاهُنَا إِشَارَة إِلَى أَن الْمَرْهُون يَنْقَسِم إِلَى مَقْبُوض وَغير مَقْبُوض، وَهَذَا أَمر بِأَحَدِهِمَا توثيقا لجَانب الْوُجُوب. ونقول: تعلق الدّين بِالْعينِ هُوَ الْمَقْصُود لأَنا سبرنا فَمَا وجدنَا غَيره،

وَلَيْسَ بتخيل مَقْصُود وَرَاء مَا ذكرنَا سوى الْيَد ويستحيل ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يُرَاد لعَينه أَو لفائدة يَسْتَحِيل أَن يُرَاد لصورته. فَإِن إِثْبَات الْيَد على ملك الْغَيْر وَحفظه تَعب مَحْض، فَإِن أُرِيد لفائدته فَلَا فَائِدَة سوى الِاسْتِيلَاء والاستيلاء غير مُسْتَحقّ وَلِهَذَا لَا يملك البيع إِلَّا بِرِضا الرَّاهِن أَو أَمر الْحَاكِم، وباطل أَن يُقَال: المُرَاد الْأَمْن من الْجُحُود، فَإِن طَرِيق ذَلِك الْإِشْهَاد، فالإشهاد أَمن من الْجُحُود، وَالرَّهْن أَمن من الْفلس. وَبِالْجُمْلَةِ نسبر ونقسم فَلَا نجد غير مَا ذكرنَا وعَلى الْمُعْتَرض بَيَان أَن الْيَد مَقْصُود وعلينا نفي ذَلِك.

المسألة السابعة والثلاثون بعد المائة منافع المرهون قلز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: مَنَافِع الْمَرْهُون (قلز)) . الْمَذْهَب: لَا نعطل على الرَّاهِن، فَلهُ الِانْتِفَاع بهَا انتفاعا لَا يبطل حق الْمُرْتَهن. عِنْدهم: لَيْسَ للرَّاهِن الِانْتِفَاع بالمرهون. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّهْن محلوب ومركوب وعَلى الَّذِي يحلبه ويركبه نَفَقَته ". وَجه الدَّلِيل: أَنه بالِاتِّفَاقِ لَا يكون محلوبا وَلَا مركوبا للْمُرْتَهن فَانْصَرف إِلَى الرَّاهِن وَهُوَ الَّذِي تجب عَلَيْهِ نَفَقَته والْحَدِيث صَحِيح وفتوى رَاوِيه بِخِلَافِهِ لَا يقْدَح فِيهِ.

لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: انْتِفَاع لَا يُؤَدِّي إِلَى تَعْطِيل حق الْمُرْتَهن فَلَا يمْنَع مِنْهُ قِيَاسا على سقِِي الدَّابَّة وعلفها؛ لِأَن حَقه فِي تعلق الدّين بِالْعينِ وَذَلِكَ لَا يسْقط بِالِانْتِفَاعِ. لَهُم: محبوسة بِحكم عقد لَهَا على اسْتِيفَاء مَال فَلَا يكون للْمَالِك الِانْتِفَاع بهَا قِيَاسا على الْمَبِيع (قبل الْقَبْض فَإِن البَائِع) إِذا حَبسه على الثّمن لم يكن للْمُشْتَرِي الِانْتِفَاع بِهِ ويبنى على الْمَسْأَلَة السَّابِقَة. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: فرض الْأَصْحَاب فِيمَا إِذا كَانَ عبدا كسوبا ليتَمَكَّن من اسْتِيفَاء منفعَته فِي يَد الْمُرْتَهن وَلَا فَائِدَة فِي هَذَا الْفَرْض إِذْ الْخصم لَا يمْنَع الِانْتِفَاع لثُبُوت يَد الْمُرْتَهن بل لزوَال يَد الرَّاهِن. ويتأيد ذَلِك بالجارية الْمُزَوجَة يستردها السَّيِّد نَهَارا للِانْتِفَاع بهَا بل أولى، فَإِن الزَّوْج قد يتَضَرَّر، وَكَذَلِكَ العَبْد الْجَانِي يتَعَلَّق الْأَرْش بِرَقَبَتِهِ وَينْتَفع بِهِ مَوْلَاهُ. وَقد نسلم أَن ملك الْيَد هُوَ الحكم وَلَكِن الْمَنْفَعَة (بِملك الْعين تملك) فَإِنَّهَا معَان حَادِثَة فِي الْعين تضيع بالتعطيل كثمار الْأَشْجَار، وَلَيْسَ الْكَلَام فِي الِانْتِفَاع، بل فِي ملك الْمَنَافِع وَالِانْتِفَاع استيفاؤها كاجتناء الثِّمَار. أما الْمَنْع قبل الْقَبْض فقد لَا يثبت حق الْحَبْس على قَول بل تسلم إِلَى المُشْتَرِي، وَإِن سلمنَا فالثمن إِن كَانَ مُؤَجّلا كَانَت الْمَنَافِع للْمُشْتَرِي لتستوفى بطريقه، وَإِن كَانَ حَالا فتمكينه من الِانْتِفَاع إِضْرَار بالبائع.

المسألة الثامنة والثلاثون بعد المائة عتق المرهون قلح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عتق الْمَرْهُون (قلح)) . الْمَذْهَب: الْمَنْصُور أَنه لَا ينفذ الآخر إِن كَانَ مُوسِرًا أنفذ وَإِلَّا فَلَا. عِنْدهم: ينفذ على كل حَال. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مسْقط حق الْمُرْتَهن فَلَا يَصح كَالْبيع اللَّازِم، وتأثيره أَن حق الْمُرْتَهن لَازم

لَا يملك الرَّاهِن إِسْقَاطه، بَيَان الدَّعْوَى: أَن حق الْمُرْتَهن مَالِي، وَالْإِعْتَاق إِسْقَاط المَال وَالْحق يتَعَلَّق بِالْعينِ وَالْإِعْتَاق تصرف فِي الْعين فَصَارَ كعتق الْمَرِيض. لَهُم: مُكَلّف أضَاف الْعتْق إِلَى ملكه فنفذ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجر وَالْمَبِيع قبل الْقَبْض وَصَارَ كالحسيات، وتأثيره أَن مَحل الْعتْق الْملك، فَإِذا سَقَطت بِهِ الْيَد كَانَ ذَلِك بيعا وَصَارَ كالمرهون إِذا قتل عبدا. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: يلْزمهُم عتق العَبْد الْمَأْذُون إِذا أحاطت بِهِ الدُّيُون فَإِنَّهُ لَا ينفذ، وَلَا يلْزمنَا عتق العَبْد الْمُسْتَأْجر، فَإِن الْإِجَارَة تتَعَلَّق بالمنافع، وَتبقى بعد الْعتْق إِلَى تَمام الْمدَّة، وَلَا يلْزم الْمَبِيع قبل الْقَبْض، إِذْ الدّين غير مُتَعَلق بِالْعينِ حَتَّى لَو أفلس المُشْتَرِي لم يقدم البَائِع بِالثّمن، نعم لَهُ فسخ البيع وَلِهَذَا يَصح رهن

الْمَبِيع من البَائِع قبل الْقَبْض بِالثّمن وَوُجُود أحد المتعلقين يمْنَع الآخر. فَإِن قَالُوا: الرّقّ ضعف شَرْعِي يتَعَلَّق بِالْمحل عقَابا على الْكفْر وَالْعِتْق يزِيل الرّقّ فتزول مَعَه الْمَالِيَّة تبعا فَلَيْسَ الْإِعْتَاق فِي مَحل الرَّهْن. وَالْجَوَاب: أَن الرّقّ اسْم الْملك فِي الْآدَمِيّ وهما اسمان مُتَرَادِفَانِ أَو نوع وجنس كالتفاح والفاكهة وعَلى التَّسْلِيم نقُول: الْعتاق تصرف من الْمَالِك وَلَيْسَ لَهُ من عَبده سوى الْملك وَالرّق إِن قدر فَهُوَ للشارع، فَكيف يملك العَبْد إِسْقَاطه، نعم إِذا سقط الْملك انْتَفَى الرّقّ.

المسألة التاسعة والثلاثون بعد المائة زوائد المرهون العينية قلط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: زَوَائِد الْمَرْهُون العينية (قلط)) . الْمَذْهَب: لَا يتَعَدَّى حكم الرَّهْن إِلَيْهَا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: نعول على الْخَبَر الْمُتَقَدّم فِي مَنَافِع الْمَرْهُون، فَإِن الْأَحْكَام متعارضة فالاستيلاء وَالتَّعْيِين للأضحية يسري، وَالنِّكَاح وَأرش الْجِنَايَة وَحقّ الرُّجُوع فِي الْهِبَة وَتَعْلِيق الْعتْق وَحقّ الْقصاص لَا يسري. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْجَارِيَة وَوَلدهَا محلان متفاصلان فرهن أَحدهمَا لَا يُوجب رهن الآخر، تَأْثِيره أَنه لم يرْهن الْوَلَد فَلَو كَانَ مَرْهُونا كَانَ رهن الْأُم، وَالأُم رهن بِمُبَاشَرَة السَّبَب فِيهَا. لَهُم: حق لَازم تعلق بِالْعينِ (فسرى إِلَى الْوَلَد) كالملك، وفقهه أَن الْوَلَد حدث فِي مَحل حق الْمُرْتَهن وَهُوَ عين الْجَارِيَة فعدي إِلَى الْفَرْع، فَإِن الْمحل إِذا انبسط انبسط الْحق عَلَيْهِ كالمالية. مَالك: يدْخل الْوَلَد لَا غير. أَحْمد: ق.

التكملة: زَعَمُوا أَن الْعقر مَرْهُون وخيالهم فِيهِ أَن الْبضْع متحابة نَحْو الْأَجْزَاء فَصَارَ الْمهْر كأرش قطع الْيَد، وَالْكَلَام عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَة وَطْء الثّيّب وَملك الْيَد لَيْسَ حكما للْعقد، وَلَو سلم فَلَيْسَ الْوَلَد جزأ من الْأُم بل مُودع فِيهَا، وَالأُم حَيَوَان وأجزاؤها مَا قَامَت بهَا الْحَيَاة، وَلَا نسلم أَن الْيَد وصف الأَصْل حَتَّى يتَعَدَّى إِلَى فَرعه فَإِن الْأَحْكَام خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين منعا وإطلاقا وَصِحَّة وَفَسَادًا وَلَا نسلم أَن الْمُتَوَلد من الشَّيْء يَتَّصِف بِصفتِهِ فَفِي المحسوس يتَوَلَّد الْأسود من الْأَبْيَض، ويتأيد (بتولد الْمَنْكُوحَة الْمُسْتَأْجرَة) .

المسألة الأربعون بعد المائة إذا تلف المرهون قم

(الْمَسْأَلَة الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا تلف الْمَرْهُون (قُم)) . الْمَذْهَب: لم يسْقط بِهِ شَيْء من الدّين إِذْ هُوَ أَمَانَة. عِنْدهم: يضمن بِأَقَلّ الْأَمريْنِ قيمَة أَو دينا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " لَا يغلق الرَّهْن من راهنه لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه ". وَجه الدَّلِيل: قَوْله من راهنه أَي من ضَمَان راهنه وَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَمَّا كَانَ تعتاده الْعَرَب من غلاق الرَّهْن. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّهْن بِمَا فِيهِ ".

وَقَوله: ذهبت الرَّهْن بِمَا فِيهَا. وَرُوِيَ أَن رجلا رهن عِنْد آخر فرسا بدين لَهُ فنفقت وَرفعت الْقِصَّة إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ للْمُرْتَهن: " ذهب حَقك ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يُوجد سَبَب الضَّمَان فَلَا يثبت لِأَنَّهُ تعلق الدّين بِالْعينِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي ضمانا؛ لِأَن الْحَبْس لتأكيد حَقه فَلَا يجوز أَن يَجْعَل سَببا لإسقاطه وتوهينه، وَعِنْدنَا أَنه إِذا قبض استوفى عين حَقه كَمَا فِي السّلم إِذا قبض الْمُسلم فِيهِ، إِذْ لَا يجوز قبض بدله.

لَهُم: المستوفي بِالدّينِ مَضْمُون فالمقبوض بوثيقة مَضْمُون، بَيَان الدَّعْوَى: أَن الدّين لَا يُمكن قَبضه لِأَنَّهُ أَمر حكمي، وَالْقَبْض حسي وَإِنَّمَا يصير مَا قَبضه مَضْمُونا ثمَّ يتساقطان مُبَادلَة شَرْعِيَّة فوثيقة الِاسْتِيفَاء تجْرِي مجْرى حَقِيقَة الِاسْتِيفَاء وَصَارَ كالمقبوض على جِهَة السّوم. مَالك: يضمن من الرَّهْن مَا يخفى هَلَاكه كالنقدين بِخِلَاف مَا يظْهر كالحيوان. أَحْمد: ق. التكملة: وَبِالْجُمْلَةِ ذمَّة الرَّاهِن مَشْغُولَة وَلم يجز سَبَب تفرغها، ونناقضهم بِمَا إِذا كَانَ الرَّهْن معدلا عِنْد ثَالِث فَإِنَّهُم سلمُوا أَن الدّين لَا يسْقط إِذا تلف، وَكَذَلِكَ ولد الْمَرْهُون مَرْهُون عِنْدهم، وَلَو تلف مَعَ بَقَاء الأَصْل لم

يسْقط بِهِ شَيْء وأخبارهم ضَعِيفَة، وَلَو سلمنَا أَن الرَّهْن أوجب ملك الْيَد لَكِن يَد مُسْتَحقَّة لإعادته والمستحقة لَا تضمن، وَلَا نسلم أَن الدُّيُون تتعارض بل تبقى، وَلِهَذَا لَو برِئ من أَحدهمَا بَقِي الآخر، وَلَو كَانَ حكم الرَّهْن ملك الْيَد فَكيف صَحَّ عِنْد ثَالِث؟ وَالْيَد الْمَأْذُون فِيهَا لَيست منَاط الضَّمَان، وَالدية اسْتِحْقَاق تمْلِيك بعض الْأَعْيَان فَإِذا تسلم الدِّرْهَم فقد ملكه، ونسلم أَن الدّين شَيْء فِي الذِّمَّة وَلكنه يتَأَدَّى بِالْعينِ، فَإِن الدَّرَاهِم الْمعينَة هِيَ الَّتِي فِي الذِّمَّة؛ لِأَن الدّين عبارَة عَن الدَّرَاهِم الْمُطلقَة أَعنِي الدِّرْهَم بحده وَحَقِيقَته، وَتَكون الْحَقِيقَة مَوْجُودَة فِي كل دِرْهَم، ويلزمهم إِذا مَاتَ الْمَرْهُون فَإِن تَجْهِيزه على الرَّاهِن وَكَذَلِكَ لَو بَاعه من الْمُرْتَهن وَجب إقباضه.

فارغة

من مسائل الرهن

(من مسَائِل الرَّهْن)

فارغة

لوحة 40 من المخطوطة " أ ": يَبِيع ولي الصَّغِير فِي رهن مَاله والارتهان لمَاله الأحظ لَهُ، إِمَّا إِن بَاعَ مَاله وَأخذ رهنا على فَاضل الثّمن عَن الْقيمَة بعد اسْتِيفَاء الْقيمَة جَازَ مثل أَن يَبِيع مَا يُسَاوِي مائَة بِمِائَة وَعشْرين وَيقبض مائَة ويرتهن على عشْرين وَهل يَأْخُذ رهنا على مائَة وَعشْرين فَفِيهِ خلاف بَين الْأَصْحَاب. وَإِمَّا إِن أقْرض وَإِنَّمَا يجوز ذَلِك إِذا خَافَ عَلَيْهِ جَائِحَة وَصَرفه إِلَى ذمَّة ثِقَة فَيجوز أَخذ الرَّهْن. وَاعْلَم أَن الأَرْض الخراجية إِن كَانَ الإِمَام تَركهَا فِي أَيدي الْغَانِمين، وَضرب الْخراج عَلَيْهَا صَحَّ رَهنهَا، وَالْخَرَاج على الرَّاهِن، وَإِن كَانَ الإِمَام قد استطاب نفوس الْغَانِمين ووقفها على الْمُسلمين لم يجز رَهنهَا. وَاعْلَم أَن رهن الْمَبِيع فِي مُدَّة الْخِيَار إِن كَانَ الْخِيَار لَهما أَو للْبَائِع لم يجز، وَإِن كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ. إِن قُلْنَا: التَّدْبِير وَصِيَّة صَحَّ رهن الْمُدبر، وَإِن قُلْنَا: هُوَ تَعْلِيق عتق بِصفة لم يَصح الرَّهْن، وَمن شَرط الرَّهْن أَن يكون مَعْلُوما إِن قَالُوا كَانَت وَاقعَة

أبي طَلْحَة فِي صدر الْإِسْلَام فاحتيج إِلَى تَأْكِيد الْفِطَام عَن الْخمر حَتَّى أَمر بِكَسْر الدنان. قُلْنَا: وَكَذَلِكَ أَيْضا ضرب الْجِزْيَة كَانَ ليستعين بِمَال الْكفَّار وَقد زَالَت هَذِه الْحَاجة فَقَالُوا: لَا تضرب الْجِزْيَة وَإِنَّمَا يتبع موارد النَّص وَلَا نعرج من هَذِه الْأَحْوَال وَلَا نسلم أَنه ورد نَص بِكَسْر الدنان، وَلَا نسلم أَن الْخمر كَانَت مُبَاحَة إِنَّمَا تَأَخّر التَّحْرِيم إِلَى مِيقَاته. قَالُوا: هَب أَن التَّخْلِيل حرَام فَمَا الدَّلِيل على تَحْرِيم الْخلّ؟ قُلْنَا: إِذا كَانَ الْفِعْل حَرَامًا دلّ على أَن الْمَفْعُول حرَام كَيْلا تتناقض الْأُمُور الشَّرْعِيَّة. قَالُوا: كَونه مُنْتَفعا بِهِ يُؤثر فِي اقْتِضَاء الْحل وَالْمَانِع الشدَّة، وَقد زَالَت، قُلْنَا: منتفع مخترع أَو متكسب إِن قُلْتُمْ حصل ابْتِدَاء من الله تَعَالَى فَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِن قُلْتُمْ حصل بكسب قُلْنَا: بكسب مَشْرُوع أَو مَحْظُور؟ الأول

مَمْنُوع، وَالثَّانِي لم يستفد بِهِ الْحل. قَالُوا: لَو كَانَت جِنَايَة اتِّخَاذ الْخمر تناسب إبِْطَال الْمَالِيَّة فتوبته من الْجِنَايَة واشتغاله بالإصلاح يُنَاسب تَحْصِيل الْمَالِيَّة. قُلْنَا: ذَلِك يَصح فِي جِنَايَة لَا يتَعَلَّق بهَا مصَالح الْخلق فَأَما مَا عجلت عُقُوبَته لمصْلحَة عَامَّة فالتوبة لَا تدرؤه كالحدود وَالْكَفَّارَات، وعقوبة اتِّخَاذ الْخمر إِتْلَاف الْمَالِيَّة وسد بَاب الْإِصْلَاح حفظا للعقول فَلَا يسْقط بِالتَّوْبَةِ كَحَد الشّرْب عِنْدهم وَأحد قولينا. أما ولد الزِّنَى، فحرمته لحقه، وَلِهَذَا يعْتَبر فِيهَا صِفَاته الَّتِي بهَا يحقن دَمه.

المسألة الحادية والأربعون بعد المائة رهن المغصوب من الغاصب قما

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: رهن الْمَغْصُوب من الْغَاصِب (قما)) . الْمَذْهَب: لَا يدْرَأ ضَمَان الْغَصْب بل يكون مَضْمُونا إِذا تلف. عِنْدهم: ينتفى ضَمَان الْغَصْب وَيبقى مَضْمُونا بِأَقَلّ الْأَمريْنِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْعين مَضْمُونَة قبل الرَّهْن والطارئ الرَّهْن وَلَا يُنَافِي الضَّمَان حَقِيقَة وَلَا حكما فَإِن الْغَاصِب مسك لغرضه، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهن، أَلا ترى أَنه لَو ارْتهن ثمَّ تعدى فَلَيْسَ الثَّوْب صَار ضَامِنا وَبَقِي مرتهنا، فَكَذَلِك إِذا غصب ثمَّ ارْتهن يَنْبَغِي أَن يكون غَاصبا وَلما لم ينتف الْغَصْب الطَّارِئ بِالرَّهْنِ الثَّابِت لم ينتف الْغَصْب الثَّابِت بِالرَّهْنِ الطَّارِئ. لَهُم: حكم الرَّهْن ثُبُوت الْيَد، فَإِذا ثبتَتْ انْتَفَى عدوان الْيَد فَيَنْتَفِي حكم الضَّمَان، لِأَن الْيَد العادية على جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَنَّهَا منسوبة إِلَى التَّعَدِّي، وَالْأُخْرَى أَنَّهَا غير مُسْتَحقَّة، فَإِذا بَطل أحد الوصفين بالإيداع وَصَارَت الْيَد منسوبة إِلَى الْملك انْتَفَى الضَّمَان، وَإِن ثبتَتْ غير مُسْتَحقَّة فَكَذَلِك إِذا تبدلت الصّفة الْأُخْرَى.

مَالك: ف. أَحْمد: ف. التكملة: فِي الْمَسْأَلَة طَرِيق آخر وَهُوَ أَنه لم يَتَجَدَّد إِلَّا مُجَرّد قَوْله: رهنت وَلم يجر إِذن فِي الْقَبْض. فَنَقُول: الْعدوان مطرد وَمَا طَرَأَ غير تَامّ، لِأَنَّهُ لم يَتَجَدَّد لَهُ حق الْإِمْسَاك، إِذْ الرَّهْن لَا يلْزم بِمُجَرَّد قَوْله: " رهنت " وَلَا بُد من إِذن فِي الْقَبْض، وجريان صُورَة النَّقْل أَو مضى مُدَّة يتَصَوَّر فِيهَا الْقَبْض، فَإِن سلمُوا أَن الرَّهْن لم يلْزم تمّ الْغَرَض، وَإِن قَالُوا: يلْزم نقلنا الْكَلَام إِلَيْهِ. وَبِالْجُمْلَةِ حكم الرَّهْن تعلق الدّين بِالْعينِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الضَّمَان كَمَا لَو قتل العَبْد الْمَغْصُوب عبد الْغَاصِب، وَتعلق الْأَرْش بِرَقَبَتِهِ وعَلى التَّسْلِيم نقُول: غَايَة الْكَلَام زَوَال صفة العدوانية وَذَلِكَ لَا يزِيد على زَوَال الْيَد العادية وبالاتفاق لَو غصبه غَيره مِنْهُ يبْقى الضَّمَان عَلَيْهِ، لِأَن يَد الْمَالِك لم

تعد والموجب تَفْوِيت يَده فَلَمَّا لم تعد لَا يبرأ خرج عَلَيْهِ الْإِيدَاع، فَإِن يَد الْمُودع (يَد الْمُودع) شرعا. وَفِي الْمَسْأَلَة منع، وللشيخ أبي عَليّ وَجه فِي منع لُزُوم الرَّهْن فَيُقَال: للرَّاهِن أَن يسْتَردّهُ قهرا بِحكم الْغَصْب، ثمَّ الْمُرْتَهن يسْتَردّهُ بِحكم الرَّهْن، وللمرتهن أَيْضا أَن يردهُ قهرا ليبرأ من الضَّمَان ثمَّ يسْتَردّهُ للرهينة.

فارغة

المسألة الثانية والأربعون بعد المائة استدانة قبض المرهون قمب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: استدانة قبض الْمَرْهُون (قمب)) . الْمَذْهَب: لَيست شرطا فِي صِحَة الرَّهْن. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد من شَرط لُزُومه الْقَبْض فَلَا يشْتَرط فِيهِ اسْتِدَامَة الْقَبْض كَالْهِبَةِ؛ لِأَن الْمَقْصُود هُوَ البيع عِنْد الْمحل وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي دوَام الْقَبْض.

لَهُم: رهن مَقْبُوض فَلَا يملك الرَّاهِن استرجاعه إِلَى يَده كَمَا لَو كَانَ الرَّهْن لَا مَنْفَعَة لَهُ، ونقول: مَحْبُوس لِاسْتِيفَاء الْحق فَاسْتحقَّ الْحَبْس على الدَّوَام كالمستأجر؛ لِأَن الْمَقْصُود التَّوَثُّق فَإِذا زَالَت يَده زَالَ التَّوَثُّق. مَالك: ف. أَحْمد:. التكملة: فرقوا بَين الرَّهْن وَالْهِبَة (فَإِن الْهِبَة) الْمُسْتَحق فِيهَا الْملك فَلم يشْتَرط لَهُ اسْتِدَامَة الْقَبْض وَهَا هُنَا الشَّرْط التوثقة فَاشْترط لَهَا اسْتِدَامَة الْقَبْض كَالْمَبِيعِ فِي يَد البَائِع، وَمَا قَالُوهُ فِي الْهِبَة يُنكر تأييد الْقَبْض فَإِنَّهُ يفْتَقر إِلَيْهِ وَإِن كَانَ الْمَقْصُود نقل الْملك، وَإِن أَرَادوا بِالْقَبْضِ فِي الرَّهْن استدامته حكما فَكَذَا نقُول، وَأَن حكم الرَّهْن ثَابت فِي مُدَّة إِجَارَة الْمَرْهُون وَلِهَذَا لَا تجوز المسافرة والتغرير بِهِ، وَإِن أَرَادوا الْقَبْض الْمشَاهد فَغير مُعْتَبر بِالْإِجْمَاع

لِأَنَّهُ يجوز رده إِلَى يَد الرَّاهِن لينْتَفع بِهِ. فَإِن قَالُوا: الْعلَّة خوف الْجُحُود بَطل بِمَا إِذا أَعَارَهُ للرَّاهِن، وَيُفَارق الرَّهْن الْإِجَارَة بِأَن الْمَقْصُود من الْإِجَارَة الْمَنَافِع وَذَلِكَ لَا يُمكن إِلَّا بِالْقَبْضِ وقياسهم على مَا لَا مَنْفَعَة فِي قِيَاس فَاسد، لِأَن مَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ لَيْسَ فِيهِ استرجاعه غَرَض صَحِيح فَإِنَّهُ لَو زوج حرَّة وَسلمهَا إِلَى زَوجهَا لم يجز لَهُ استرجاعها مِنْهُ، وَلَو زوج أمة كَانَ لَهُ استرجاعها ليستوفي مَنْفَعَتهَا.

المسألة الثالثة والأربعون بعد المائة الرهن قبل وجوب الحق قمج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: الرَّهْن قبل وجوب الْحق (قمج)) . الْمَذْهَب: لَا يَصح. عِنْدهم: يَصح شَرطه قبل، فَإِذا وَجب الْحق ارْتهن. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وَثِيقَة فِي حق فَلَا تسبق الْحق من غير حَاجَة كالإشهاد.

لَهُم: أذن فِي إمْسَاك مَاله فَجَاز تَعْلِيقه بِشَرْط، كَمَا إِذا قَالَ: إِذا جَاءَ فلَان فاقبض مِنْهُ مَالِي وَدِيعَة، ونقول: مَا لَا يبطل بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة جَازَ تَعْلِيقه بِالشّرطِ كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: قَالُوا: الشَّهَادَة إِخْبَار فَلَا تصح قبل الْمخبر بِهِ وَالرَّهْن توثقه فصح قبل كضمان الدَّرك. الْجَواب: كَمَا لَا تصح الشَّهَادَة مَا لم تثبت لَا يَصح التَّوَثُّق مَا لم يثبت، وَلنَا فِي ضَمَان الدَّرك منع، وَإِن سلمنَا قُلْنَا فِي تَصْحِيحه قبل الْوُجُوب حَاجَة، وَلَا حَاجَة هَا هُنَا ونمنع صِحَة الرَّهْن بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة. وَالْفرق بَينه وَبَين الطَّلَاق أَن الطَّلَاق يَصح تَعْلِيقه بِطُلُوع الشَّمْس ومجيء الْمَطَر، وَالرَّهْن لَا يَصح فِيهِ ذَلِك.

فَإِن قَالُوا: هُوَ إِيجَاب رهن فَجَاز قبل ثُبُوت الدّين كَالرَّهْنِ الْمَشْرُوط فِي إِيجَاب البيع قبل تَمَامه. قُلْنَا: لَيْسَ إِذا جَازَ فِي إِيجَاب البيع جَازَ قبل وجوده كَالشَّهَادَةِ تجوز فِي إِيجَاب البيع وَلَا تجوز قبل وجوده، وَلِأَن الرَّهْن فِيمَا ذَكرُوهُ لَا يسْبق الْحق لِأَنَّهُ ثَبت بِثُبُوتِهِ وَفِي مَسْأَلَتنَا يسْبق الْحق وَالرَّهْن تَابع للحق فَلَا يجوز أَن يسْبقهُ.

المسألة الرابعة والأربعون بعد المائة إذا ارتهن عصيرا فوجده خمرا واختلفا قمد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا ارْتهن عصيرا فَوَجَدَهُ خمرًا وَاخْتلفَا (قمد)) . الْمَذْهَب: القَوْل قَول الرَّاهِن فِي الْمَنْصُور. عِنْدهم: القَوْل قَول الْمُرْتَهن. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: اخْتلفَا فِي صفة يجوز حدوثها بعد الْقَبْض فَكَانَ القَوْل قَول من ينفيها كالعيب فِي الْمَبِيع.

لَهُم: رهن معيب فَكَانَ القَوْل فِيهِ قَول الْمُرْتَهن كَمَا لَو قَالَ: أقبضته معيبا وَالْمُرْتَهن يُنكر قبض الرَّهْن على وَجه يجوز قَبضه فَكَانَ القَوْل قَوْله، كَمَا لَو اخْتلفَا فِي أصل الْقَبْض. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: الْفرق بَين إِنْكَار الْعصير وَبَين إِنْكَار أصل الْقَبْض: أَن الأَصْل عدم الْقَبْض، وَهَاهُنَا الأَصْل الْقَبْض الصَّحِيح وَالدَّعْوَى عدم الصِّحَّة يدل عَلَيْهِ أَن فِي البيع لَو اخْتلفَا فِي أصل الْقَبْض كَانَ القَوْل قَول المُشْتَرِي وَلَو اخْتلفَا فِي عيب بِالْمَبِيعِ كَانَ القَوْل قَول البَائِع.

المسألة الخامسة والأربعون بعد المائة قمه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة (قمه)) . تَخْلِيل الْخمر. الْمَذْهَب: حرَام والخل من ذَلِك نجس. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أنس قَالَ: جَاءَ أَبُو طَلْحَة رَضِي الله عَنْهُمَا إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لما حرمت الْخمر فَقَالَ: عِنْدِي خمر لأيتام ورثوها فَقَالَ لَهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أرقها "، قَالَ: أَفلا أخللها؟ قَالَ: " لَا "، أَمر بالإراقة وَنهى عَن التَّخْلِيل مَعَ كَونهَا لأيتام. لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " خير خلكم خل خمركم ".

وَرُوِيَ: " يحل الدّباغ الْجلد كَمَا يحل الْخمر الْخلّ "، والمشبه بِهِ أقوى من الْمُشبه. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تصرف فِي الْخمر ليتمولها فَلَا تصح كَالْبيع، بَيَان الدَّعْوَى: أَن وضع المخلل فِيهَا تصرف. وتأثيره: أَن التَّخْلِيل قلب عين، وقلب الْأَعْيَان إِلَى الله تَعَالَى فَبَقيَ مُجَرّد التَّصَرُّف وَهُوَ حرَام، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ جَوَاز الإراقة وَلَو جَازَ التَّخْلِيل مَا جَازَت الإراقة. لَهُم: إصْلَاح جَوْهَر فَاسد وتطهير نجس فَكَانَ مَشْرُوعا كالدباغ؛ لِأَن الشَّرْع مَا ورد بالإصلاح. بَيَان الدَّعْوَى: أَن الخمرية صفة فَاسِدَة فَهُوَ يبدلها بالخلية الصَّالِحَة

وَلِهَذَا جَازَت الإراقة، فالإصلاح أولى فَصَارَ كالكافر يطْلب إِسْلَامه قبل إعدامه. مَالك: رِوَايَتَانِ. أَحْمد: ق. التكملة: لَيْسَ من كَلَام الْمَسْأَلَة فَرضهَا فِي التَّخْلِيل بالملح وَنَحْوه، فَإِن الْملقى ينجس عندنَا، ثمَّ ينجس الْخلّ وَلَا يطهر الْملح بالتخليل تلقيا مِمَّا مهدناه فِي إِزَالَة النَّجَاسَة من أَن غير المَاء لَا يطهر. نعم خُصُوص هَذِه الْمَسْأَلَة مَا إِذا خلل بِالنَّقْلِ من ظلّ إِلَى شمس أَو عَكسه. وَأما الْخمْرَة المحترمة فَهِيَ طَاهِرَة فِي جَمِيع صور التَّخْلِيل إِلَّا فِي إِلْقَاء الْملح، وَمن الْأَصْحَاب من سوى بَين المحترمة وَغَيرهَا. أما الدن حكم بِطَهَارَتِهِ على خلاف الْقيَاس، وَالْوَجْه فِي مساق هَذَا

النّظر الْمَنْع وَتَخْصِيص الحكم بالخمرة الَّتِي لَا تحرم. وعَلى الْجُمْلَة هَذِه الْمَسْأَلَة غامضة، ويعارض قَوْلهم إصْلَاح جَوْهَر فَاسد قَوْلنَا: إِفْسَاد جَوْهَر صَالح، نعني بِهِ مَا يلقى فِي الْخمر من المخللات، وَبِالْجُمْلَةِ التَّخْلِيل إبْقَاء المشتد لَا إِزَالَة الشدَّة.

من مسائل البيوع

(من مسَائِل الْبيُوع)

فارغة

لوحة 41 من المخطوطة أ: الْمُفلس إِذا حجر عَلَيْهِ تعلّقت الدُّيُون بِعَين مَاله، وَمنع من التَّصَرُّفَات فَلَو تصرف لم ينفذ تصرفه، وَمن وجد من غُرَمَائه عين مَاله كَانَ أَحَق بِهِ. وَإِذا اشْترى (شِقْصا من دَار) ثمَّ أفلس وَعلم الشَّرِيك بِالْبيعِ وَأَرَادَ الْأَخْذ بِالشُّفْعَة، وَأَرَادَ الرُّجُوع فِي الشّقص فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَن البَائِع أَحَق بِهِ.

الثَّانِي: أَن الشَّفِيع يَأْخُذ بِالشُّفْعَة وَيكون الثّمن للْبَائِع دون الْغُرَمَاء. الثَّالِث: أَن الشَّفِيع يَأْخُذ وَالْبَائِع أُسْوَة الْغُرَمَاء، وَوَجهه: أَن حق الشَّفِيع سَابق لحق البَائِع فَكَانَ مقدما عَلَيْهِ وَكَونه أُسْوَة الْغُرَمَاء، لِأَن حق البَائِع فِي الْعين لَا فِي بدلهَا، بِدَلِيل أَنه لَو بَاعهَا ثمَّ أفلس شَارك البَائِع الْغُرَمَاء فِي الثّمن، إِذا كَانَ الدّين مُؤَجّلا فَأَرَادَ الْمَدْيُون سفرا يزِيد على الْأَجَل لم يكن لغريمه مَنعه وَلَا الْمُطَالبَة بكفيل هَذَا إِذا سَافر لغير جِهَاد، فَإِن سَافر لجهاد اخْتلف الْأَصْحَاب فِيهِ. وَاعْلَم أَنه يجوز للْمَرْأَة أَن تتصرف فِي مَالهَا بِغَيْر إِذن زَوجهَا، قَالَ مَالك: إِنَّمَا تتصرف بِغَيْر إِذْنه فِي الثُّلُث، إِذا عقل الْمَجْنُون أَو بلغ الصَّبِي انْفَكَّ الْحجر عَنهُ، وَلم يفْتَقر إِلَى حكم حَاكم. وَاعْلَم أَن طَرِيق الصُّلْح على الْإِنْكَار أَن يحضر أَجْنَبِي وَيصدق الْمُدَّعِي ويصالحه، وَيجوز أَن يصالحه للْمُدَّعى عَلَيْهِ، وَيجوز أَن يصالحه لنَفسِهِ،

من شرع روشنا فِي طَرِيق نَافِذ لَا يضر بالمارة جَازَ لِأَنَّهُ ارتفق بِمَا لم يتَعَيَّن لَهُ مَالك من غير ضَرَر فَهُوَ كالمشي فِي الطَّرِيق خلافًا لَهُم، فَإِنَّهُم قَالُوا لآحاد الْمُسلمين مَنعه. فَأَما إِن وَضعه على جِهَة تضر بالمارة فَصَالحه الإِمَام عَنهُ على شَيْء لم يجز لِأَن هَذَا الْهَوَاء لَا يَصح بَيْعه مُفردا، وَلَا يجوز للْإِمَام أَن يفعل مَا يضر بِالْمُسْلِمين. وَبِالْجُمْلَةِ مَتى كَانَ ذَلِك فِي درب نَافِذ لَا يضر بِأحد لَا يُعَارضهُ جَاره مَا لم يضع خشبه عَلَيْهِ، وَلَو جَاوز نصف عرض الطَّرِيق. أما إِن كَانَ لَهُ بَاب فِي الشَّارِع وَظهر دَاره إِلَى درب مُشْتَرك لم يجز لَهُ أَن يشرع روشنا فِي ظهر دَاره؛ لِأَنَّهُ لَا حق لَهُ فِي الدَّرْب الْمُشْتَرك، فَإِن كَانَ فِيهِ بَاب فقد اخْتلف فِي ذَلِك. قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد: يجوز وأجراه مجْرى

الطَّرِيق النَّافِذ. قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب: لَيْسَ لَهُ، لِأَن الدَّرْب مَمْلُوك لقوم مُعينين، فَإِن صالحوه عَن ذَلِك لم يجز، لِأَن ذَلِك بيع الْهَوَاء دون الْقَرار، إِذا بنى صَاحب الْعُلُوّ حيطانا ليضع السّقف عَلَيْهَا، فَإِن كَانَت بآلتها الْقَدِيمَة فَهِيَ لصَاحب السّفل، وَإِن كَانَت بِآلَة جَدِيدَة فَهِيَ لصَاحب الْعُلُوّ وَلِصَاحِب السّفل سُكْنى الْبَيْت، وَلَيْسَت لَهُ أَن يدق فِي الْحِيطَان وتدا وَمَتى أَرَادَ صَاحب الْعُلُوّ النَّقْض كَانَ لَهُ ذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يجْبر على بنائِهِ. وَاعْلَم أَن للْمَالِك أَن يَبْنِي فِي ملكه حَماما بَين الدّور ومستوقد خباز وفران وَلَو بَين العطارين خلافًا لَهُم.

المسألة السادسة والأربعون بعد المائة إفلاس المشتري بالثمن قمو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: إفلاس المُشْتَرِي بِالثّمن (قمو)) . الْمَذْهَب: يثبت للْبَائِع حق الْفَسْخ مَعَ قيام الْمَبِيع. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من ابْتَاعَ سلْعَة ثمَّ أفلس فَأدْرك رجل سلْعَته فَهُوَ أَحَق بهَا ". لَهُم: روى عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ فِي مثل هَذِه الصُّورَة للْبَائِع: أُسْوَة الْغُرَمَاء.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يسلم لَهُ مَطْلُوبه من الْعِوَض فَرجع فِي مبذوله من المعوض كالمشتري إِذا لم يسلم لَهُ الْمَبِيع، وتأثيره أَن ملك الْعِوَض ملك المعوض لتحَقّق الْمُقَابلَة، فَإِن وَجب قبض الثّمن أَو تَسْلِيم بدله، فَالْكل معجوز عَنهُ. لَهُم: الْقُدْرَة على التَّسْلِيم فِي الثّمن لَا تشْتَرط لجوازه لَدَى العقد فَلَا يُوجب فَوَاتهَا بعد العقد ثُبُوت حق الْفَسْخ. دَلِيل الدَّعْوَى: جَوَاز الشِّرَاء مَعَ عدم الْقُدْرَة، وتأثيره أَن تَسْلِيم الثّمن لَيْسَ بِوَاجِب وَلَا يتَصَوَّر فالعجز عَنهُ لَا يتَصَوَّر إِذْ التَّسْلِيم لبدله لكَونه دينا وَالدّين لَا يتسلم بل يسْقط بالمقاصة. مَالك: ق.

أَحْمد: ق. التكملة: أحد عوضي الْمَبِيع فَتعذر تَسْلِيمه فَوَجَبَ حق الْفَسْخ كَالْمَبِيعِ، وَإِن أردنَا تضييقا نقيس على إِسْلَام الْمُسلم إِلَيْهِ عَن الْمُسلم فِيهِ، فَإِن سلمُوا ثُبُوت الْفَسْخ فِيهِ انتظم الْقيَاس واندفع فرقهم بَين الثّمن والمثمن، فَإِن الثّمن وَالْمُسلم فِيهِ يستويان فِي الدِّينِيَّة، وَإِن منعُوا الْمُسلم فَرضنَا فِيهَا وقسنا على انْقِطَاع الْجِنْس وَلَا يَجدونَ بَينهمَا فرقا، فَإِن الْمُؤثر فِي إِثْبَات حق الْفَسْخ تعذر الْمُسلم فِيهِ وَلَا اثر لاخْتِلَاف أَسبَاب التَّعَذُّر وَمَا قاسوا عَلَيْهِ من إفلاس المُشْتَرِي المفارق للْعقد بِمَنْع صِحَة البيع هُنَاكَ ونسوي بَين الْفلس الْمُقَارن والطارئ. فَإِن قَالُوا: انْقِطَاع الْجِنْس فِي الْمُسلم فِيهِ يُوجب حق الْفَسْخ، وَإِن تلف رَأس المَال. فَالْجَوَاب: أَنا نقف مَعَ الْفَائِدَة ثمَّ نرْجِع إِلَى بدل رَأس المَال، وَهَاهُنَا لَا فَائِدَة فِي الْفَسْخ، فَإِنَّهُ يرجع بِالثّمن حَتَّى لَو كَانَت الْقيمَة أَكثر من الثّمن. قُلْنَا: يفْسخ ويلزمهم إِذا اشْترى بفلوس فكسدت فَإِن عِنْدهم يَنْفَسِخ

العقد ونفرق بَين الثّمن وَالْمهْر بِأَن الثّمن ركن وَالْمهْر تَابع ويلزمهم عجز الْمكَاتب بإفلاسه.

المسألة السابعة والأربعون بعد المائة السفيه المبذر قمز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: السَّفِيه المبذر (قمز)) . الْمَذْهَب: يحْجر عَلَيْهِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ أَن عبد الله بن جَعْفَر اشْترى دَارا للضيفان بستين ألفا، فَبلغ ذَلِك عليا (رَضِي الله عَنهُ) فَقَالَ: " وَالله لأغدون إِلَى عُثْمَان ولأحجرن

عَلَيْهِ "، فَاغْتَمَّ عبد الله، فَأتى إِلَى الزبير وَأخْبرهُ فَقَالَ: أشركني فِيهَا فأشركه، فَلَمَّا قيل لعُثْمَان فِي ذَلِك قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحي أَن أحجر على رجل شَرِيكه الزبير لحذقه بِالتِّجَارَة. وَجه الدَّلِيل: اتِّفَاق الْمَذْكُورين على الْحجر وحيلتهم فِي الْخَلَاص. لَهُم: روى أَن حبَان بن منقذ كَانَ شَيخا يكثر الْبياعَات ويغبن فَشَكا أَهله إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وسألوه الْحجر عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي رجل لَا أَصْبِر عَن الْبياعَات، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا بَايَعت فَقل لَا خلابة، وَاشْترط الْخِيَار ثَلَاثًا ". وَجه الدَّلِيل: أَنه لم يحْجر عَلَيْهِ وَعلمه طَرِيق الْخَلَاص.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الشَّرْع نَاظر وَالسَّفِيه مختل فِي إِثْبَات النّظر وَالْحجر نظر فَيَنْبَغِي أَن يثبت كالصغير. بَيَان الدَّعْوَى: تَركه النّظر لنَفسِهِ وَنظر الشَّرْع لتارك النّظر مُتَعَيّن، إِذْ الْعلَّة فَوَات النّظر، وَلَا فرق بَين فَوَاتهَا بِالتّرْكِ أَو بفقد الْأَهْلِيَّة، وَفِيه إبْقَاء أَمْوَاله الَّتِي بهَا حَيَاته. لَهُم: مُكَلّف فَلَا يحْجر عَلَيْهِ كالرشيد، تَأْثِيره أَن التَّصَرُّف وجد من أَهله فِي مَحَله فصح، فَلَو منع منع لحقه، وَحقه لَا يمْنَع حَقه وعقله بَاقٍ بِدَلِيل الْخطاب فَكيف يحْجر عَلَيْهِ. مَالك: ق. احْمَد: ق. التكملة: حَدِيث حبَان لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لما سَأَلَ أَهله الْحجر لم يُنكر عَلَيْهِم

وَقَالَ: لَا بيع بِنَاء على قَول أَهله فَلَمَّا عرف أَنه غير سَفِيه، بل تعين فِي البيع لم يحْجر عَلَيْهِ. فَإِن قَالُوا: أَلَيْسَ لَا نولي عَلَيْهِ فِي النِّكَاح منعنَا، وَالصَّحِيح التَّسْلِيم، والعذر أَن الْبضْع لَيْسَ مَحل التبذير، ونسلم وجود الْأَهْلِيَّة بِالْعقلِ، وندعي عَارض السَّفه. قَالُوا: هُوَ جَان فَلَا نَنْظُر لَهُ، قُلْنَا: النّظر لَهُ لآدميته والعذر عَن التكاليف أننا لم نكلف السَّفِيه اتخذ الْجُهَّال السَّفه جنَّة دون التَّكْلِيف. ونقول: التَّكْلِيف يلاقي الْبدن، وَالْبدن لَيْسَ محلا للتبذير، ونقول: طَلَاقه لكَونه يلاقي النِّكَاح، وَقد أسلفنا أَن الْبضْع لَيْسَ بِمحل التبذير ويلزمهم كَونه لَا يسلم إِلَيْهِ مَاله. فَإِن قَالُوا: ذَلِك عُقُوبَة يلْزمهُم كَونه يسلم إِلَيْهِ إِذا بلغ خمْسا وَعشْرين سنة قَوْلهم قد عبر سنّ التَّأْدِيب لَا يسلم، وَلِهَذَا يحد وَيُعَزر على الجرائم.

فارغة

المسألة الثامنة والأربعون بعد المائة الصلح على الإنكار قمح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: الصُّلْح على الْإِنْكَار (قَمح)) . الْمَذْهَب: بَاطِل. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الصُّلْح جَائِز إِلَّا صلح أحل حَرَامًا أَو حرم حَلَالا ". وَلَو جَازَ الصُّلْح مَعَ الْإِنْكَار كَانَ فِيهِ إحلال الْحَرَام؛ لِأَن الْمُدَّعِي قبل الصُّلْح مَا كَانَ لَهُ أَخذ مَال الْمُدعى عَلَيْهِ فصلحه أحل مَا كَانَ حَرَامًا فَدخل فِي النَّهْي.

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَالصُّلْح خير} ، وَهَذَا مُطلق، وتقييده بِحَالَة دون حَالَة نسخ، والنسخ بِخَبَر الْوَاحِد أَو الْقيَاس لَا يجوز، وَرُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام دخل الْمَسْجِد ورجلان يتنازعان ثوبا وَقد علت أصواتهما فَقَالَ للْمُدَّعى عَلَيْهِ: " هَل لَك فِي الشّطْر "؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: " هَل لَك فِي الثُّلثَيْنِ؟ " قَالَ: نعم. وَجه الدَّلِيل: أَنه دَعَاهُ إِلَى الصُّلْح مَعَ الْإِنْكَار. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الصُّلْح مُعَاوضَة فَلَا تصح مَعَ الْإِنْكَار، تَأْثِيره أَنه لَا عوض فِيهِ، إِذْ لَا يسْتَحق على الْمُدعى عَلَيْهِ عوض فِي مُقَابلَته؛ لِأَن الْعين يغلب فِيهَا جَانب الْمُدعى عَلَيْهِ لأجل يَده، وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة فقد فقد الْعِوَض وَمَوْضِع الِاتِّفَاق صَحَّ معاوضته وَهِي حَالَة الْإِقْرَار. لَهُم: الْحق يثبت للْمُدَّعِي بِدَعْوَاهُ حملا لقَوْل الْإِنْسَان على الصدْق مهما

أمكن تَرْجِيحا للصدق لأجل الْعقل فقد ثَبت فِي حَقه فصلح أَن يَصح الصُّلْح مُعَاوضَة من جَانب الْمُدعى عَلَيْهِ كِفَايَة للشر وبذل المَال لذَلِك جَائِز، ويتأيد بِالْإِبْرَاءِ وَيصْلح الْأَجْنَبِيّ. مَالك: ف. أَحْمد: التكملة: قَالُوا: إِذا اقْتضى قَول أحد الْمُتَعَاقدين الْجَوَاز رجح، كَمَا إِذا شهد بحريّة عبد ثمَّ اشْتَرَاهُ. الْجَواب: لَيْسَ صِحَة الشِّرَاء ثمَّ اكْتِفَاء بقول أَحدهمَا أَيهمَا كَانَ بل اكْتِفَاء قَول من رَاعى الشَّرْع قَوْله بِدَلِيل أَنه لَو قَالَ: استولدت جاريتي فَأنكرهُ أَجْنَبِي وأقدم على شِرَائهَا لم يَصح، وَكَذَلِكَ لَو شهد بحريّة عبد وَشهد الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَيْضا بحريّة عبد للشَّاهِد وَردت شَهَادَتهمَا فتبادلا الْعَبْدَيْنِ

بالمعاوضة صَحَّ البيع وَالْعقد بَاطِل بِمُوجب قَول الْمُتَعَاقدين جَمِيعًا لكنه بَاطِل بقول: من لم يلْتَفت الشَّرْع إِلَيْهِ صَحِيح بِمُوجب قَول راعاه الشَّرْع، فَإِن كل مَالك يزْعم أَن مَا فِي يَده لَهُ، وَلِهَذَا لَو ادَّعَت الْمَرْأَة الطَّلَاق فَأنْكر الزَّوْج ثمَّ تخالعا صَحَّ وَلزِمَ المَال، وَإِن ادّعى الزَّوْج الطَّلَاق ثمَّ تخالعا لم يَصح، فَإِن ألزمونا صِحَة الصُّلْح بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة. قُلْنَا: إِن كَانَ قد قضى الْحَاكِم بهَا لم يَصح الصُّلْح، وَلنَا فِي صلح الْمُتَوَسّط كَلَام.

المسألة التاسعة والأربعون بعد المائة إذا مات المحال عليه مفلسا قمط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا مَاتَ الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا (قمط)) . الْمَذْهَب: لَا يرجع الْمُحْتَال على الْمُحِيل. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لي الْوَاجِد ظلم، وَمن أُحِيل على مَلِيء فَليَحْتَلْ "، وروى " من أتبع على مَلِيء فَليتبعْ "، أَمر بالاتباع

وَعِنْدهم لَا يتبع والملاءة لَيست شَرط صِحَة الْحِوَالَة، بِدَلِيل أَنَّهَا تصح على غير مَلِيء وَإِنَّمَا ذكر الملاءة بِنَاء على الْغَالِب. لَهُم: روى أَن عُثْمَان حكم بِالرُّجُوعِ فِي مثل ذَلِك وَقَالَ: لاتوى على مَال امْرِئ مُسلم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: بَرَاءَة مُطلقَة فَلَا يرجع كَمَا لَو صرح دَلِيل أصل الْبَرَاءَة سُقُوط الْمُطَالبَة لَا إِلَى غَايَة وَالْحوالَة تَقْتَضِيه لِأَنَّهَا تَحْويل من مَكَان إِلَى مَكَان فتستدعي فرَاغ الْمحل الْمَنْقُول مِنْهُ ثمَّ لَو أفلس الْمحَال عَلَيْهِ وَهُوَ حَيّ لم يعد. لَهُم: بَرَاءَة نقل وتحويل فَتكون سَلامَة الْمُنْتَقل إِلَيْهِ شرطا فِي تَمام الْبَرَاءَة كَمَا إِذا بَاعَ بِالدّينِ ثوبا من صَاحب الدّين فَإِن سَلامَة الثَّوْب شَرط وَالْحوالَة تدل على النَّقْل وَإِذا نقل قصد السَّلامَة وَالْعرْف كالشرط.

مَالك: ق. أَحْمد:. التكملة: سُقُوط الْمُطَالبَة عَن الْمُحِيل بعد ثُبُوت الدّين فِي السُّقُوط، والسقوط إِنَّمَا يكون بمانع حسي كالإعسار أَو شرطي كالتأجيل، وَقد انتفيا جَمِيعًا، فَإِن الْمُحِيل مُوسر، وَالدّين حَال. فَإِن قَالُوا: يجوز عِنْد إِثْبَات الْأَجَل ابْتِدَاء فِي الدّين الْمحَال، قُلْنَا: الْأَجَل الْمَجْهُول بالِاتِّفَاقِ لَا يجوز، وَغَايَة هَذَا الْأَجَل موت الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا ثمَّ الْمُحْتَال اسْتحق الدّين فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ فَإِن استبقينا دينه فِي ذمَّة الْمُحِيل تعدد الدّين، وَالْمُعْتَمد أَن الْإِعْسَار الطَّارِئ بعد بَرَاءَة الْمُحِيل لَا يُوجب الرُّجُوع كالعسر بالإفلاس فِي حَال الْحَيَاة، وَبَرَاءَة الْحِوَالَة بَرَاءَة

نقل لَا بَرَاءَة اعتياض، وَالرُّجُوع بِمَا يطْرَأ من الْإِعْسَار حكم الْمُعَاوضَة، وَلَيْسَ هَذَا بطرِيق الْمُعَاوضَة، لِأَنَّهُ لَا يَصح بِلَفْظ الْمُعَاوضَة وَلَا يَصح مَعَ اخْتِلَاف الْجِنْس وتفاوت الْقدر.

من مسائل الإعسار الميت المفلس والكفالة والضمان والشركة

(من مسَائِل الْإِعْسَار الْمَيِّت الْمُفلس وَالْكَفَالَة وَالضَّمان وَالشَّرِكَة) (الْمَسْأَلَة الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: من ثبتَتْ عسرته (قن)) . الْمَذْهَب: يجب تخليته وَلَا يجوز ملازمته. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} . لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من أنظر مُعسرا أظلهُ الله تَحت عَرْشه يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله "، وَهَذَا يدل على أَنه لَا يلْزم الإنظار.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كل دين لَا يملك بِهِ الْمُطَالبَة لَا يملك بِهِ الْمُلَازمَة كالمؤجل. لَهُم: دين حَال فَأشبه الدّين على الْمُوسر. مَالك: ق. وَقَالَ لَا تسمع الْبَيِّنَة على الْإِعْسَار. أَحْمد: يُؤجر وَتصرف أجرته فِي دينه. التكملة: لَا يُقَال: إِن الْمَعْنى فِي الأَصْل أَنه لَو تكفل بِهِ كَفِيل لم يُطَالب بِهِ وَفِي مَسْأَلَتنَا: لَو تكفل بِهِ كَفِيل طُولِبَ لِأَن هَذَا لَو كَانَ فوتا صَحِيحا لَا يُوجب الْفرق بَينهمَا فِي الْمُطَالبَة لمن عَلَيْهِ الدّين وَإِنَّمَا لم نوجب الْفرق بَينهمَا فِي مُطَالبَته لم نوجب الْفرق بَينهمَا فِي ملازمته، وَالْفرق بَين مَا

قاسوا عَلَيْهِ وَالْفرع أَن الأَصْل يسْتَحق بِهِ الْمُطَالبَة وَالْجِنْس بِخِلَاف الْفَرْع.

ص 42 / من المخطوطة أ: الْإِجْمَاع الْعَام كإجماع النَّاس على وجوب الصَّلَوَات وعددها، فَهَذَا لَا يسوغ مُخَالفَته، وَالْخَاص اتِّفَاق عُلَمَاء الْعَصْر على حكم الْحَادِثَة، وَمن الْإِجْمَاع مَا يكون على حكمين فِي حَادِثَة فَيدل على عدم حكم ثَالِث. وَاعْلَم أَنه إِذا كفل ببدن رجل وَشرط أَنه مَتى لم يحضرهُ فعلى الْحق الَّذِي عَلَيْهِ أَو قَالَ: عَليّ كَذَا وَكَذَا لم يَصح وَلم يجب الشَّيْء الْمَضْمُون خلافًا لَهُم. وَالْكَفَالَة ببدن الصَّبِي وَالْمَجْنُون صَحِيحَة، لِأَن الْحق فِي ذمتهما، وَقد يحْتَاج إِلَى إحضارهما للشَّهَادَة عَلَيْهِمَا بِالْإِتْلَافِ وَإِنَّمَا يَصح بِإِذن الْوَلِيّ، وَالْكَفَالَة ببدن الْمكَاتب لَا تصح، لِأَن الْحق الَّذِي عَلَيْهِ غير لَازم،

وَإِذا رهن شَيْئا وَلم يُسلمهُ وكفل آخر بِتَسْلِيمِهِ لم يَصح لِأَن التَّسْلِيم غير لَازم. وَإِذا فسخ فِي شركَة الْعَنَان أحد الشَّرِيكَيْنِ كَانَ للْآخر أَن يتَصَرَّف فِي نصيب نَفسه، وللفاسخ أَن يتَصَرَّف فِي الْجَمِيع. والقراض وَالْمُضَاربَة مُتَرَادِفَانِ، وَهُوَ أَن يدْفع شخص إِلَى شخص مَالا ليتجر لَهُ فِيهِ على أَن مَا يحصل من الرِّبْح بَينهمَا حسب مَا شرطا، فالحجازيون يسمونه قراضا، والعراقيون مُضَارَبَة، وَلَا يجوز الْقَرَاض إِلَّا بالنقدين. وَإِذا قَالَ: خُذ هَذِه الْألف قراضا على أَن لَك النّصْف إِلَّا عشرَة لم يَصح، لِأَن الرِّبْح قد يكون أقل من عشرَة. وَبِالْجُمْلَةِ تَقْدِير الرِّبْح بِغَيْر جُزْء من المَال لَا يَصح، وَإِذا دفع إِلَى رجلَيْنِ مَالا قراضا بِالنِّصْفِ فنض المَال ثَلَاثَة آلَاف فَقَالَ رب المَال: رَأس المَال أَلفَانِ فَصدقهُ أَحدهمَا وَكذبه الآخر وَقَالَ: بل رَأس المَال ألف، فَالْقَوْل

قَول الْعَامِل مَعَ يَمِينه، فَإِذا حلف كَانَ الرِّبْح أَلفَيْنِ ونصيبه مِنْهَا خَمْسمِائَة لِأَن لَهُ الرّبع فَبَقيَ أَلفَانِ وَخَمْسمِائة فَأخذ رب المَال أَلفَيْنِ رَأس المَال؛ لِأَن الآخر يصدقهُ فَيبقى خَمْسمِائَة ربحا فيقتسمانها على الثُّلُث لرب المَال الثُّلُثَانِ وللعامل الثُّلُث، لِأَن نصيب رب المَال من الرِّبْح (نصفه وَنصِيب) الْعَامِل الرّبع فيقسمان بَاقِي الرِّبْح على ثَلَاثَة، وَمَا أَخذ الجاحد فِيمَا زَاد على نصِيبه كالتالف مِنْهَا؛ لِأَن التَّالِف فِي الْمُضَاربَة يحْسب من الرِّبْح، والقراض يشبه الْوكَالَة.

الميت المفلس والكفالة والشركة

(الْمَيِّت الْمُفلس وَالْكَفَالَة وَالشَّرِكَة) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: الْمَيِّت الْمُفلس (قِنَا)) . الْمَذْهَب: يَصح ضَمَان مَا عَلَيْهِ من دين. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أُتِي بِجنَازَة ليُصَلِّي عَلَيْهَا فَقَالَ: هَل عَلَيْهِ من دين؟ قَالُوا: نعم. فَقَالَ: هَل ترك شَيْئا؟ فَقَالُوا: لَا، فَامْتنعَ من الصَّلَاة عَلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو قَتَادَة وَقَالَ: هُوَ عَليّ،

وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " الْآن بردت جلدته عَن النَّار "، وَقَوله للخثعمية: " أَرَأَيْت أَن لَو كَانَ على أَبِيك دين فقضيتيه ". لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الدّين بَاقٍ فَصحت الْكفَالَة بِهِ.

بَيَانه أَنه كَانَ مَوْجُودا إِلَى حِين الْمَوْت وَالْمَوْت لَا يسْقط الْحُقُوق لَكِن ينْقل من دَار إِلَى دَار وَصَارَ كالبر وَالْإِثْم وَلِهَذَا تبقى الْكفَالَة بعد الْمَوْت وَيصِح الْإِبْرَاء وتبرع الْأَجْنَبِيّ. لَهُم: دين سَاقِط فَلَا تصح الْكفَالَة بِهِ كَمَا بعد الْإِبْرَاء. دَلِيل السُّقُوط: أَن الذِّمَّة خربَتْ فقلم يبْق لَهُ مَحل، لِأَن الذِّمَّة الْتِزَام وعهد، والحياة من ضَرُورَة الذِّمَّة وَالْكَفَالَة الْتِزَام الْمُطَالبَة وَقد سَقَطت لِأَن الدّين عبارَة عَن وجوب تَسْلِيم وبالموت لَا يجب. مَالك: ق. أَحْمد:.

التكملة: مطلع النّظر الْبَحْث عَن حكم الضَّمَان وَمحله، وَإِلَّا فسائر متعلقاته من الضَّمَان والمضمون لَهُ، وَصِيغَة الضَّمَان لَا تخْتَلف، وَالدَّلِيل على بَقَاء الدّين صِحَة الْأَدَاء وَالْإِبْرَاء وَبَقَاء الدّين عِنْد وجوب الضَّمَان. قَالُوا: مَحل الْوُجُوب الذِّمَّة، وَقد تلفت. دَلِيل ذَلِك: سُقُوط الدّين عَن الْحَرْبِيّ إِذا استغرق لضعف الذِّمَّة، فالميت أولى، وَكَذَلِكَ حُلُول الْأَجَل لَا يُفِيد الْإِفْرَاد بالإسقاط. الْجَواب: أَن الْعَهْد وَتحمل الْأَمَانَة لَا يبطل بِالْمَوْتِ.

فارغة

المسألة الثانية والخمسون بعد المائة الكفالة بالأعيان المضمونة والأنفس قنب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: الْكفَالَة بالأعيان الْمَضْمُونَة والأنفس (قنب)) . الْمَذْهَب: لَا تصح، وَقيل: فِيهِ قَولَانِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: أجَاز ابْن مَسْعُود كَفَالَة النَّفس وعَلى ذَلِك كَانَ السّلف، وَلم يُنكره مُنكر فَكَانَ إِجْمَاعًا.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَفَالَة أَخْطَأت محلهَا فلفت. بَيَانه: أَن مَحل الْكفَالَة الدُّيُون؛ لِأَن الدُّيُون، لِأَن الْكفَالَة مَشْرُوعَة لالتزام الْحق فِي الذِّمَّة، والأعيان لَا تثبت فِي الذمم، وَوُجُوب الْعين يَنْبَنِي على الدَّعْوَى وتسلم الْعين بِالْغَصْبِ وَلم يوجدا فِي حق الْكَفِيل، فقد كفل مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه وَهُوَ الْآدَمِيّ الْمَكْفُول. لَهُم: تكفل مَضْمُون وَيجب تَسْلِيمه فصح كَمَا لَو تكفل بدين. بَيَان الدَّعْوَى: أَنا نعني كَونه مطالبا يجب عَلَيْهِ الْحُضُور وَقد أمكن تَسْلِيمه بِأَن يحضرهُ وَالتَّسْلِيم مِمَّا يعْتَاد، وَالْكَفَالَة الْتِزَام الْمُطَالبَة لَا الْتِزَام الدّين (إِذن الدّين) لَا يكون فِي جِهَتَيْنِ والمطالبة بِهِ مُمكنَة.

مَالك:. أَحْمد:. التكملة: خبر ابْن مَسْعُود ورد فِي قوم ارْتَدُّوا فاستتابهم وكفلهم عَشَائِرهمْ وَهَذِه كَفَالَة فَاسِدَة، فَإِن الْكفَالَة ببدن من عَلَيْهِ حد أَو قصاص بَاطِلَة، وَإِنَّمَا فعله ابْن مَسْعُود لمصْلحَة وَدَعوى الْإِجْمَاع بَاطِل، عبارَة تكفل بِمَا لَا يقدر على تَسْلِيمه شرعا فَلَا يَصح كَمَا لَو تكفل بالطير فِي الْهَوَاء، وَذَلِكَ (لِأَنَّهُ) إِن كفل بِغَيْر إِذن الْمَكْفُول فَهُوَ مُتَبَرّع فَلَا يلْزم الْمَكْفُول الْحُضُور مَعَه وَالْحَاكِم لَا يجبيه إِلَى إِحْضَاره، وَكَذَلِكَ الْحَال إِذا كفله فَإِنَّهُ لَا يثبت لَهُ عَلَيْهِ ولَايَة، وَلَا يُمكنهُ أَن يُطَالِبهُ بأَدَاء الدّين وَلَا إِذْنه لَهُ يُوجب عَلَيْهِ شرعا أَن

يحضر مَعَه.

المسألة الثالثة والخمسون بعد المائة ضمان المال المجهول وما لم يجب قنج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: ضَمَان المَال الْمَجْهُول وَمَا لم يجب (قنج)) . الْمَذْهَب: لَا يَصح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . ضَمَان مَال مَجْهُول بِعقد وَلَا يَصح، كَمَا لَو قَالَ: ضمن بعض مَالك على فلَان.

لَهُم: ضَمَان وَيصِح تَعْلِيقه على الْخطر فصح فِي الْمَجْهُول كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق ونقول: عقد ثَبت من غير ذكر بدل فَجَاز أَن يثبت مَعَ الْجَهَالَة كَالنِّكَاحِ. مَالك: ف. أَحْمد: (ف) . التكملة: قَالُوا: لم يكن مَعْلُوما فِي الْحَال فَهُوَ مَعْلُوم فِيمَا بعد فَصَارَ كضمان الْعَهْد والدرك وَمَا يلقِي فِي الْبَحْر. الْجَواب: هَذَا بَاطِل بِالْبيعِ، وَالْإِجَارَة فَإِنَّهُ يجوز أَن يكون مَعْلُوما فِي ثَانِي الْحَال، والجهالة فِي الْحَال نمْنَع مِنْهَا وَضَمان الدَّرك لَا يَصح فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَإِن سلمنَا فَالضَّمَان هُنَاكَ يتَنَاوَل جَمِيع الثّمن وَهُوَ مَعْلُوم، وَإِنَّمَا تحصل الْجَهَالَة فِي الثَّانِي عِنْد ظُهُور الِاسْتِحْقَاق وَهَذَا لَا يمْنَع كَون الْمَعْلُوم مَضْمُونا، كَمَا لَو بَاعَ ثَلَاثَة أعبد بِثمن وَاحِد ثمَّ اسْتحق أحدهم صَحَّ البيع فِي الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ.

وَأما ضَمَان مَا يلقِي فِي الْبَحْر فَذَلِك استدعاء إِتْلَاف على جِهَة الْقرْبَة لتخليص المَال وَلَيْسَ بِضَمَان، أَلا ترى أَنه يَصح أَن يضمن أَكثر من قيمَة الْمَتَاع ويقارن الطَّلَاق وَالْعتاق، فَإِنَّهُ يَصح على بعض مَجْهُول، أَلا ترى أَنه لَو قَالَ أحد هَؤُلَاءِ حر أَو أحد هَؤُلَاءِ: طَالِق، صَحَّ بِخِلَاف الضَّمَان. وَأما الْمهْر الْمَجْهُول يثبت فِي النِّكَاح لتلف الْبضْع وَهُوَ بِمَنْزِلَة قيمَة المُشْتَرِي فِي البيع الْفَاسِد وَفِي مَسْأَلَتنَا الْمَالِيَّة فِي الذِّمَّة بِالْعقدِ فَهُوَ كَالثّمنِ فِي البيع وَالْأُجْرَة فِي الْإِجَارَة.

المسألة الرابعة والخمسون بعد المائة إذا شرط الشريكان تفاضل الربح قند

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: إِذا شَرط الشريكان تفاضل الرِّبْح (قند)) . الْمَذْهَب: لَا يَصح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الوضيعة على رَأس المَال وَالرِّبْح على الْعَمَل ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شركَة أَخْطَأت محلهَا فلغت كَبيع الْحر. بَيَانه: أَن محلهَا المَال لَا الْعَمَل، دَلِيله أَن الْعَمَل مَعْدُوم ومجهول، وَالْمحل لَا بُد أَن يكون مَعْلُوما وموجودا، وَالَّذِي يُضَاف إِلَيْهِ عقد الشّركَة المَال فَيُقَال: عقد على هَذَا المَال، وَلذَلِك يُوجب إِحْضَار المَال. لَهُم: عقد الشّركَة مَا أوجبه الِاشْتِرَاك كعقد التَّمْلِيك، وَلَيْسَ ذَلِك اشتراكا فِي المَال، بِدَلِيل إِمْكَان الشّركَة فَلَا بُد أَن يكون حكمه اشتراكا يتعقبه، وَهُوَ الِاشْتِرَاك فِي الْعَمَل، فَكَانَ الِاشْتِرَاك فِي الْعَمَل حكمه، وَكَذَلِكَ يُرَاد للنمو والنمو يكون بِالْعَمَلِ. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: العقد وَارِد على المَال وَالْحكم ثُبُوت الشّركَة فِيهِ حَتَّى يصير بَينهمَا على الشُّيُوع، فَإِذا كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عشرَة واشتركا فَمَعْنَاه أَن أحدهم بَاعَ النّصْف الْمشَاع من مَاله بِالنِّصْفِ الْمشَاع من مَال صَاحبه فصارا شَرِيكَيْنِ فِي جَمِيع المَال، وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا عشرَة وَللْآخر خَمْسَة فَمَعْنَى الشّركَة أَن صَاحب الْعشْرَة بَاعَ ثلث مَاله مشَاعا بِثُلثي مَال صَاحبه، إِذْ هُوَ مثله قدرا فَصَارَ الْجَمِيع بَينهمَا على الشُّيُوع أَثلَاثًا. وَهَذَا لتحقيق معنى الصّرْف، لِأَنَّهُ بيع النَّقْد بِجِنْسِهِ مُتَسَاوِيا وَلذَلِك شَرط إِحْضَار الْمَالَيْنِ فِي الْمجْلس وَإِثْبَات يديهما عَلَيْهِمَا، نعم ينْفَرد عقد الصّرْف بِأَنَّهُ لَا يَصح إِلَّا مَعَ اتِّحَاد الْجِنْس وَالنَّوْع فَلَا يَصح بَين الصَّحِيح والمكسر وَالدِّينَار وَالدِّرْهَم؛ لِأَن الْمَقْصُود أَن يصير المالان مَالا وَاحِدًا صُورَة وَحكما بِخِلَاف الصّرْف، وَيدل على مَا ذَكرْنَاهُ إِضَافَة العقد إِلَى المَال، وَالْأَصْل ثُبُوت الحكم فِي مَحل الْإِضَافَة.

فارغة

المسألة الخامسة والخمسون بعد المائة شركة المفاوضة والأبدان والوجوه قنه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: شركَة الْمُفَاوضَة والأبدان وَالْوُجُوه (قنه)) . الْمَذْهَب: لَا يَصح إِلَّا شركَة الْعَنَان. عِنْدهم: تصح جَمِيعهَا إِلَّا الْأَبدَان فِي الاحتطاب والاحتشاش. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... .

لَهُم: الْإِجْمَاع مُنْعَقد من لدن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَإِلَى الْآن على الِاشْتِرَاك فِي الْأَعْمَال وَفِي الْأَثر: " تفاوضوا فَإِن فِيهِ بركَة ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد الشّركَة ليشارك أَحدهمَا الآخر فِي كَسبه، فَلَا يَصح كَمَا لَو اشْتَركَا فِي الاحتشاش. الدَّلِيل فِي الْمُفَاوضَة شركَة لَا تصح مَعَ تفاضل الْمَالَيْنِ فَلَا تصح مَعَ تساويهما. الدَّلِيل فِي شركَة الْوُجُوه شركَة على غير مَال فَلَا تصح كشركة الاحتطاب والاحتشاش. لَهُم: نوع شركَة تخْتَص باسم، فَكَانَ بهَا مَا يَصح كشركة الْعَنَان.

مَالك: الْمُفَاوضَة جَائِزَة والأبدان مَعَ اتِّفَاق الصَّنْعَة. أَحْمد: تجوز شركَة الْأَبدَان فِي كل شَيْء. التكملة: قَالُوا فِي جَمِيع هَذِه الْمسَائِل (العقد يُضَاف إِلَى الْعَمَل) وَحكمه ثُبُوت الشّركَة فِيهِ حَتَّى يصير كل وَاحِد مِنْهُمَا بعضه لَهُ اسْتِقْلَالا وَالْبَعْض لشَرِيكه نِيَابَة، وَلَا يعبد وُقُوع الشّركَة فِي الْعَمَل كَالْوَكِيلِ من رجلَيْنِ فِي شِرَاء عبد وَالْوَكِيل فِي شِرَاء نصف عبد إِذا اشْترى جَمِيعه لنَفسِهِ وكالعامل فِي الْقَرَاض، فَإِن عمله مُشْتَرك بيه وَبَينه الْمَالِك وكل جَهَالَة فِيهِ فبالربح تصير مَعْلُومَة. الْجَواب: أما الْقَرَاض فَثَبت ضَرُورَة وَهُوَ جعَالَة لَا شركَة وَتَعْلِيق الرِّبْح على تَحْصِيل الْكسْب كتعليق الْجعل على رد الْآبِق. والجهالة تحْتَمل فِيهِ للْحَاجة. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: لَا أعلم أَن فِي الدُّنْيَا شَيْئا بَاطِلا إِن لم تكن شركَة الْمُفَاوضَة بَاطِلَة، لِأَن هَذَا عقد غرر لِأَن مَا يلْزم أَحدهمَا من غَرَامَة تلْزم الآخر وَبِمَا دون هَذَا تفْسد الْعُقُود.

فارغة

الجزء 3

(الْوكَالَة وَالْعَارِية)

فارغة

لوحة 43 من المخطوطة أ: قَالَ جَابر بن عبد الله أردْت الْخُرُوج إِلَى خَيْبَر فآذنت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بذلك فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ائْتِ وَكيلِي فَخذ مَعَه خَمْسَة عشر وسْقا، فَإِن ابْتغى مِنْك آيَة فضع يدك على ترقوته، وَاعْلَم أَن الْأَيْدِي ثَلَاث: يَد أَمَانَة كَالْوَكِيلِ وَالْمُودع، وَالشَّرِيك وَالْوَصِيّ وَالْحَاكِم وَالْمُرْتَهن، وَيَد ضامنة كَالْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِير، والمساوم وَالْمُشْتَرِي شِرَاء فَاسِدا، وَيَد مُخْتَلف فِيهَا وَهِي الْأَجِير الْمُشْتَرك وَالَّذين يتولون مَال غَيرهم خَمْسَة: أَب، جد، وَصِيّ، حَاكم، وَكيل، والعقود أَرْبَعَة أضْرب: عقد لَازم

من جِهَتَيْنِ كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَالصُّلْح وَالْخلْع وَالنِّكَاح فِي أشهر الْوَجْهَيْنِ، وَمن قَالَ: إِنَّه غير لَازم من جِهَة الزَّوْج قَالَ: لِأَن الزَّوْج يملك فَسخه، وَالْجَوَاب أَنه إِنَّمَا يملك قطعه وإزالته عَنهُ، كَمَا يملك المُشْتَرِي عتق العَبْد الْمُشْتَرى، وَأما اللَّازِم من جِهَة فكالرهن، وَالْكِتَابَة، وَالرَّابِع مُخْتَلف فِيهِ وَهُوَ السَّبق وَالرَّمْي، إِن قُلْنَا: إِنَّه إِجَارَة كَانَ لَازِما، وَإِن قُلْنَا: إِنَّه جعَالَة كَانَ جَائِزا، وَاعْلَم أَن كل من يجوز لَهُ التَّصَرُّف فِي مَال غَيره لَا يجوز لَهُ أَن يَشْتَرِي لنَفسِهِ إِلَّا الْأَب خَاصَّة، إِن وكل المتداعيان وَكيلا وَاحِدًا لينوب عَنْهُمَا فَفِيهِ وَجْهَان، فَوجه الْجَوَاز: أَنه يُمكنهُ الدَّعْوَى، وَالْجَوَاب عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وَإِقَامَة الْحجَّة وَوجه عدم الْجَوَاز: يُنَافِي الفرضين، إِذا شهد أحد الشَّاهِدين أَنه وكل فلَانا فِي يَوْم الْخَمِيس، وَشهد الآخر أَنه وَكله يَوْم الْجُمُعَة لم تثبت الشَّهَادَة، لِأَن تَوْكِيل الْجُمُعَة غَيره فِي الْخَمِيس، إِذا وَكله فِي كل قَلِيل وَكثير فالوكالة فَاسِدَة، وَيجوز للْمُسلمِ أَن يُوكل ذِمِّيا، إِذا ادّعى الْوكَالَة وَأقَام شَاهدا وَامْرَأَتَيْنِ أَو حلف تمّ الْمَقْصُود، لِأَن الْغَرَض

إِثْبَات المَال دون التَّصَرُّف، إِذا تصرف الْوَكِيل فِي بيع السّلْعَة فِي السّلْعَة (صَار ضَامِنا. مِثَاله: أَن يلبس الثَّوْب) فَإِذا بَاعه بعد ذَلِك هَل يَصح بَيْعه؟ وَجْهَان، لَو شهد أحد الشَّاهِدين أَنه أقرّ بتوكيله يَوْم الْخَمِيس، وَشهد الآخر أَنه أقرّ بذلك يَوْم الْجُمُعَة صَحَّ لِأَن الإقرارين إِخْبَار، ونقول فِي مَسْأَلَة الْعَارِية إِن الْإِذْن فِي تَفْوِيت الْيَد وجد حَقِيقَة، وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي نفي الضَّمَان، فَإِنَّهُ لَو قَالَ: أتلف مَالِي وَعَلَيْك ضَمَانه لم يتناقض، نعم. لَو قَالَ: أتلف وَلَا ضَمَان عَلَيْك وَلَا يبْقى الضَّمَان، وَلَو أطلق الْإِذْن ساكتا عَن الضَّمَان حكم فِي الْأَمريْنِ بِقَرِينَة الْحَال، فَإِن شهِدت لنفي الضَّمَان انْتَفَى، وَإِن شهِدت للضَّمَان ثَبت، فالحمامي يَأْذَن فِي تَفْوِيت مَاله وقرينة الْحَال توجب الْعِوَض، وَإِنَّمَا حَال الْمُعير يشْعر بِأَنَّهُ رَضِي بتفويت الْيَد؛ لِأَنَّهُ قبض الْمَنَافِع وَلم يرض بتفويت الْملك.

الوكالة والعارية

(الْوكَالَة وَالْعَارِية) (المسالة السَّادِسَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: التَّوْكِيل من غير رضَا الْخصم (قنو) :) الْمَذْهَب: جَائِز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عدم رِضَاهُ عيب فَيرد شرعا؛ لِأَنَّهُ يطْلب زِيَادَة على الْمَقْصُود؛ لِأَن الْمَقْصُود معرفَة حَال من إِنْكَار وَإِقْرَار ليَأْخُذ أَو يُقيم بَيِّنَة وَلَا فرق بَين جَوَاب وَجَوَاب فِي تعرف الْحَال وَلَيْسَ الْحق غير الْجَواب، بل معرفَة الْحَال وَالْجَوَاب طَرِيق ذَلِك. لَهُم: الْمُدَّعِي قد اسْتحق جَوَاب الْمُدعى عَلَيْهِ وَلَا يبطل حَقه إِلَّا بِرِضَاهُ، تَأْثِيره: أَنه يتَصَرَّف فِي حَقه، وَدَلِيل الدَّعْوَى: أَن جَوَابه حق لَهُ وَلِهَذَا يحضرهُ الْحَاكِم وَيطْلب مِنْهُ الْجَواب وَيقف على طلب الْخصم وَينْتَفع بِهِ وَلَا يرضى بِالثّمن مِنْهُ، والخصومات حرَام، وَإِنَّمَا جَازَت للْحَاجة. مَالك:

أَحْمد: التكملة: الدَّعْوَى حق الْمُدَّعِي فَإِنَّهَا طلب حَقه، وَهُوَ مُسْتَقل بِالْجَمِيعِ دون صَاحبه فَيجوز أَن يُقيم فِيهِ غَيره مقَامه إِذْ هُوَ قَابل للنيابة كَسَائِر الْحُقُوق، وتعلقه بِالْغَيْر لَا يمْنَع استقلاله بِهِ، كَمَا فِي قَضَاء الدُّيُون، ويتأيد بالمريض والمخدرة وَالْمُسَافر، فتوكيل هَؤُلَاءِ ينفذ دون رضَا الْخصم، فَإِن قَالُوا: الْإِنْكَار حق الْمُدَّعِي قبل الْمُدعى عَلَيْهِ، قُلْنَا: لَا نسلم أَولا افتقار الحكم إِلَى الْإِنْكَار، وَهَذَا ظَاهر فِي حق الْغَائِب، وَأما الْحَاضِر فِي الْبَلَد فَمن أَصْحَابنَا من جوز الْقَضَاء عَلَيْهِ وَإِن سلم فَهُوَ حق الشَّرْع يَطْلُبهُ الْحَاكِم رَجَاء أَن يقر فيستغني عَن الِاجْتِهَاد فِي حَال الشُّهُود، ثمَّ إِذا حضر وَسكت عَن الْجَواب قضى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَن الْمَقْصُود أَن يعرف انْتِفَاء إِقْرَاره لَا وجود إِنْكَاره وَلَو كَانَ هَذَا الْإِنْكَار حق الْخصم لسقط بإسقاطه، ثمَّ الْإِنْكَار حق الْمُدعى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ موكول إِلَى إخْبَاره وَالْمُدَّعِي لَا يطْلب إِنْكَاره بل إِقْرَاره، وَثَمَرَة الْإِنْكَار للْمُنكر وَهُوَ يدْفع الدَّعْوَى عَنهُ، وعَلى الْحَقِيقَة الْإِنْكَار تَكْذِيب الْمُدَّعِي فَلَا يَقع حَقًا لَهُ.

فارغة

المسألة السابعة والخمسون بعد المائة الوكيل في الخصومة قنز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: الْوَكِيل فِي الْخُصُومَة (قنز) :) الْمَذْهَب: لَا يملك الْإِقْرَار. عِنْدهم: يملك ذَلِك فِي مجْلِس الحكم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وَكيل بِالْخُصُومَةِ وَلَا يملك الْإِقْرَار لِأَنَّهُ قطع الْخُصُومَة، ويتأيد بِكَوْنِهِ لَا يملكهُ خَارج الْمجْلس فَنَقُول: الْوَكِيل بِالْإِقْرَارِ لَا يملك الْخُصُومَة فَكَذَلِك

عَكسه، وَالشَّيْء لَا يُسْتَفَاد من ضِدّه، ويتأيد بِالْإِبْرَاءِ وَالصُّلْح وَالْإِقْرَار بِالدَّمِ، وأدائها صَرِيحًا. لَهُم: وَكيل بِجَوَاب الْخصم فَملك الْإِقْرَار، لِأَن التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيل بجوابها لتصح فِيمَا يملكهُ الْمُوكل، وَإِنَّمَا يملك الْجَواب، فَالْجَوَاب الْمُطلق هُوَ الْمَمْلُوك، وتسميته خُصُومَة مجَاز لقَوْله تَعَالَى: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة} ، وَلَا يُمكن الْعَمَل بحقيقته إِلَّا أَن يُقَال: الْمُوكل فيحق ومجازه يَصح فِي الْأَحْوَال كلهَا. مَالك: ق. أَحْمد:

التكملة: الْخُصُومَة عبارَة عَن فعل يبْقى الْفَاعِل مَعَه خصما وَالْإِقْرَار يضاد ذَلِك فَهُوَ عَاص للْمُوكل، ونقول: الْجَواب الْمُطلق الَّذِي جعلتم الْخُصُومَة مجَازًا عَنهُ إِقْرَار أم إِنْكَار أم شَيْء آخر؟ وَالْإِقْرَار ينبو عَنهُ لفظ الْخُصُومَة، وَتَحْقِيق الْكَشْف أَن الْمُطلق قَضِيَّة مُخْتَلفَة بَين مختلفتين كاللونية بَين السوَاد وَالْبَيَاض، وَالْجَوَاب الْمُطلق لَا يَصح إِلَّا بِقَرِينَة حَال تعرفه إِلَى المسميين، وَلِهَذَا لَا يَصح بِلَفْظ مَجْهُول يحْتَمل مَعْنيين، وَسَمَاع الْبَيِّنَة من ضَرُورَة الْخُصُومَة وَلَيْسَ الْإِقْرَار من ضَرُورَة الْخُصُومَة ثمَّ لَو وَكله فِي الْإِقْرَار لم يتَصَوَّر؛ لِأَنَّهُ يكون قد أقرّ الْمُوكل بِالْحَقِّ فللوكيل أَن يُؤَدِّي لَفظه ويخبر عَنهُ فَكيف يحمل الْوكَالَة على مَا لَو صرح بِهِ لم يَصح.

المسألة الثامنة والخمسون بعد المائة الوكيل بالبيع مطلقا قنح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: الْوَكِيل بِالْبيعِ مُطلقًا (قنح) :) الْمَذْهَب: لَا يَبِيع بِغَبن فَاحش وَلَا إِلَى أجل وَلَا بعروض. عِنْدهم: يَصح مِنْهُ ذَلِك كُله. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وَكيل مُخَالف؛ لِأَنَّهُ وَكيل فِي البيع، وَقد بَاعَ من وَجه ووهب من وَجه والتبرع لَا يملكهُ؛ وَلِأَن ملك البيع كَالْأَبِ وَالْوَصِيّ؛ وَلِأَنَّهُ بدل مَال

بِغَيْر عوض، ثمَّ الْعرف أَنه إِذا أطلق البيع فَإِنَّهُ يقْصد بِهِ المربح أَو الْعَادِل، ونقيس على الشِّرَاء، فَإِنَّهُ لَو وكل فِيهِ لم يَصح بِالْغبنِ الْفَاحِش. لَهُم: وَكيل مُوَافق فَجَاز فعله، دَلِيل ذَلِك: أَن الْمَأْمُور بِهِ هُوَ البيع وَالْمَفْعُول بيع؛ لِأَنَّهُ يَقُول: بِعْتُك كَذَا وَالْمَوْجُود شرعا هُوَ الْمَعْقُود لفظا وَحَقِيقَة مُقَابلَة مَال بِمَال وَقد وجد. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: أمره بتفويت الْملك إِلَى بدل وَمُطلق كل شَيْء يحمل على الْكَامِل مِنْهُ، فَإِنَّهُ الأَصْل فِي كل مَوْجُود وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان لَا تكون إِلَّا بِدَلِيل وَصَارَ كالرقبة الْمُطلقَة فِي الْكَفَّارَة وَيحمل على الْكَامِل ثمَّ الْبَدَل جَائِز للمبدل، وَالْخَبَر يكون بالكامل لَا بالناقص وَإِطْلَاق البيع إِن عنوا بِهِ بِالْإِضَافَة إِلَى الثّمن فَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع لكَون الْمَبِيع معينا وَإِن عنوا بِهِ بِالْإِضَافَة إِلَى

الثّمن فَهُوَ مَا ذَكرْنَاهُ من أَن التفويت إِلَى بدل مُطلق، فَالْبيع مُقَابلَة بَين مالين حَقِيقَة ولفظا، ودعواهم أَن الثّمن مسكوت عَنهُ وَاقع من ضَرُورَة البيع غير صَحِيح؛ لِأَن الْمُعَامَلَة تقوم بالمقابلة، فَمن ذكرهَا فقد ذكرهمَا كالوزن لَا يُقَال الصنجة فِي الْوَزْن مسكوت عَنْهَا فَصَارَ المالان مذكورين فِي لفظ البيع على الْإِطْلَاق، بَقِي أَن يُقَال الْمُطلق يَسْتَوِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيع المسميات حَتَّى لَو حلف لَا يعْتق حنث وبر بالسليم والمعيب. وَالْجَوَاب: أَن الْمَوْجُود الْمُطلق هُوَ الْكَامِل فَصَارَ الِاسْم الْمُطلق وَاقعا بإزائه هَذَا الأَصْل فِي الْوُجُود ثمَّ الْكَمَال مِمَّا شرع لغَرَض وَظهر بِالْمَعْنَى الَّذِي لأَجله شرع وَهُوَ الْخَبَر فِي الْمُتَنَازع فِيهِ.

المسألة التاسعة والخمسون بعد المائة مسلم وكل ذميا في شراء خمر أو خنزير قنط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: مُسلم وكل ذِمِّيا فِي شِرَاء خمر أَو خِنْزِير (قنط) :) الْمَذْهَب: لَا يَصح التَّوْكِيل وَلَا الشِّرَاء. عِنْدهم: يَصح التَّوْكِيل وَالشِّرَاء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد لَا يجوز للْمُسلمِ أَن يَتَوَلَّاهُ بِنَفسِهِ وَلَا يَصح تَوْكِيله فِيهِ كَمَا لَو

وَكله فِي تَزْوِيجه بمجوسية. لَهُم: لَو نَص على ثمن فَاشْترط بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَقع الْملك لَهُ وَلَو كَانَ الْملك لَا يَقع لَهُ لما وَقع لَهُ عِنْد الْمُخَالفَة ثمَّ الْملك من حُقُوق العقد، وَهُوَ يَتَوَلَّاهُ فَكَانَ الْملك لَهُ. مَالك: أَحْمد: التكملة: قَاعِدَة الْمَسْأَلَة: أَن الْملك فِي الْوكَالَة يَقع للْمُوكل هَذَا عندنَا وَعِنْدهم يَقع أَولا للْوَكِيل ثمَّ للْمُوكل وَيدل على أصل الْقَاعِدَة أَنه عقد تولاه الْغَيْر للْغَيْر وَصَحَّ لَهُ فانتقل الْملك إِلَى الْمَعْقُود لَهُ دون الْعَاقِد كالتوكيل فِي النِّكَاح وَلَو كَانَ وَكيلا فِي البيع كَانَ الثّمن للْمُشْتَرِي فنقيس الثّمن على الْمُثمن ثمَّ لَو اشْترى الْوَكِيل من يعْتق عَلَيْهِ لم ينعتق.

المسألة الستون بعد المائة العارية قس

(الْمَسْأَلَة السِّتُّونَ بعد الْمِائَة: الْعَارِية (قس) :) الْمَذْهَب: مَضْمُونَة. عِنْدهم: أَمَانَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْعَارِية مَضْمُونَة، والمنيحة مَرْدُودَة، والزعيم غَارِم "، وَرُوِيَ أَنه اسْتعَار درع صَفْوَان بن أُميَّة فَقَالَ: أغصبا يَا مُحَمَّد

فَقَالَ: لَا، بل عَارِية مَضْمُونَة مُؤَدَّاة، فوصف الْعَارِية بِالضَّمَانِ. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ على الْمُسْتَعِير غير الْمغل ضَمَان "، والمغل: الخائن. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قبض مَال الْغَيْر لمَنْفَعَة نَفسه لَا عَن اسْتِحْقَاق سَابق فَوَجَبَ عَلَيْهِ

الضَّمَان؛ لِأَن الْإِذْن كَانَ فِي الِاسْتِعْمَال فاقتصر عَلَيْهِ وَمَا ثَبت ضَرُورَة تعذر بهَا، وَضَمان الْعين أَمر وَرَاء الِاسْتِعْمَال فقد أَخذ مَال الْغَيْر لغرضه من غير اسْتِحْقَاق قبض فضمن كالمستام. لَهُم: قبض صدر عَن إِذن صَحِيح من جِهَة الْمَالِك فَلَا يُوجب الضَّمَان كالمستأجر؛ لِأَنَّهُ لما أذن لَهُ فِي الْمَنَافِع فَمن ضَرُورَته الْإِذْن فِي الْقَبْض، وَإِذا كَانَ قد ملكه الْمَنَافِع فالعين مَجْمُوع مَنَافِع. مَالك: ف. أَحْمد: ق. التكملة: يحمل خبرهم على ضَمَان الْأَجْزَاء الْمُسْتَحقَّة بِالِاسْتِعْمَالِ، فَإِنَّهَا مَضْمُونَة عِنْد التَّعَدِّي ومجاوزة حد الْإِذْن، ونقول: الْأَخْذ تَفْوِيت يَد الْغَيْر حسا، وَإِن كَانَ الْغَرَض الْأَخْذ كَانَ تفويتا حكما أَيْضا بِخِلَاف

الْمُودع، فَإِنَّهُ أَخذ لغَرَض الْمَالِك وَهُوَ نَائِب عَنهُ، وَيَد الْمَالِك مستمرة حكما، ثمَّ الْقَبْض لَيْسَ مَأْذُونا فِيهِ لفظا بل لَازم مَدْلُول الْإِذْن فِي الِانْتِفَاع، وَذَلِكَ لضَرُورَة الَّذِي يضْطَر إِلَيْهِ فِي تَقْدِير مَدْلُول الْإِذْن جَوَاز الْقَبْض، أما نفي الضَّمَان، فَلَا ضَرُورَة فِيهِ، أَو نقُول: مَأْذُون فِيهِ لغيره لَا لعَينه، أَو نقُول: الْإِذْن دَلِيل الرِّضَا بتفويت الْيَد وَلَيْسَ فِيهِ تعرض للضَّمَان، وَلَيْسَ من شَرط الضَّمَان قبض غير مَأْذُون فِيهِ، لِأَن المضمن تَفْوِيت الْيَد الْمُسْتَحقَّة على صَاحبهَا وَلَا يجوز أَن يُقَال: عدم الْإِذْن شَرط فِيهِ لِأَن الشَّرْط مَا يتَوَقَّف الحكم على (وجوده كَالشَّهَادَةِ فِي النِّكَاح وَمَا يتَوَقَّف الحكم) على عَدمه، فوجوده مَانع فَكَانَ الْإِذْن منافيا للضَّمَان بعد وجود سَببه، وَإِنَّمَا يُنَافِيهِ لَو لم يكن الْجمع بَين جَوَاز الْقَبْض وَوُجُوب الضَّمَان، وَقد بَينا إِمْكَانه فَإِنَّهُ يَقُول: أَذِنت فِي الْقَبْض بِشَرْط الضَّمَان وَيدل عَلَيْهِ وجوب الرَّد؛ فَلَو كَانَ الْإِذْن فِي تَفْوِيت الْيَد لَا يدل على نفي إِعَادَة الْيَد كَيفَ يدل على نفي ضَمَان الْعين؟

فارغة

الإقرار

(الْإِقْرَار)

فارغة

لوحة 44 من المخطوطة أ: قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: من شرب مُسكرا وَأقر فِي حَال سكره لزمَه مَا أقرّ بِهِ، إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف وَلم يُفَسر، فَلَو فَسرهَا بحبات حِنْطَة صَحَّ، فَإِن فَسرهَا بكلاب فَفِيهِ وَجْهَان، وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ ألف وَدِرْهَم لزمَه دِرْهَم وَرجع فِي تَفْسِير الْألف إِلَيْهِ، قَالَ أَبُو حنيفَة: إِن عطف على الْعدَد الْمُبْهم مَوْزُونا (أَو مَكِيلًا) كَانَ تَفْسِيرا لَهُ بِخِلَاف المذروع والمعدود، إِذا قَالَ مائَة وَخَمْسُونَ درهما أَو خَمْسَة وَعِشْرُونَ درهما قَالَ أَكثر الْأَصْحَاب: يكون الدِّرْهَم الْمُفَسّر عَائِدًا إِلَى الرتبتين. قَالَ ابْن خيران: يكون لما يَلِيهِ من الرتبتين.

وَاعْلَم أَن الِاسْتِثْنَاء فِي اللُّغَة صَحِيح جَائِز. قَالَ تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيس} ، وَقَالَ: {ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} ، وَيجوز (أَن يسْتَثْنى) من الْجُمْلَة أَكْثَرهَا، كَمَا يجوز أقلهَا، قَالَ ابْن درسْتوَيْه: لَا يجوز إِلَّا الْأَقَل، وَبِه قَالَ أَحْمد. دليلنا قَوْله تَعَالَى: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} ،

وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {لأغوينهم أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} فاستثنى فِي مَوضِع الغاوين من الْعباد، وَاسْتثنى فِي مَوضِع الْعباد من الغاوين. وَقَالَ الشَّاعِر: (أَدّوا الَّتِي نقصت تسعين من مائَة ... ثمَّ ابْعَثُوا حكما بِالْحَقِّ قوالا) فَإِذا قَالَ ألف إِلَّا دِرْهَم رَجَعَ فِي تَفْسِير الْألف إِلَيْهِ بِمَا إِذا أسقط مِنْهُ الدِّرْهَم بَقِي شَيْء، أَو يجوز أَن يسْتَثْنى الدِّرْهَم من غير جنسه خلافًا لِأَحْمَد وَمُحَمّد، دليلنا: اسْتثِْنَاء إِبْلِيس من الْمَلَائِكَة وَهُوَ من الْجِنّ، وَقد قيل فِي الِاسْتِثْنَاء إِنَّه خبر بعد خبر، إِذا قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم وَدِرْهَم إِلَّا دِرْهَم وَجب عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتثْنى من دِرْهَم درهما، وَلَو قَالَ ثَلَاثَة إِلَّا ثَلَاثَة إِلَّا دِرْهَمَيْنِ فَفِي ذَلِك ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَنه يلْزمه ثَلَاثَة، لِأَن الِاسْتِثْنَاء الأول رفع جَمِيع الْإِقْرَار فَبَطل (وَالثَّانِي مُعَلّق بِهِ فَبَطل بِبُطْلَانِهِ) ، وَالثَّانِي: يلْزمه دِرْهَم؛ لِأَن الِاسْتِثْنَاء الأول سقط، وَبَقِي

الثَّانِي فَسقط مِنْهُ دِرْهَمَانِ فَبَقيَ دِرْهَم، وَالثَّالِث: أَنه يلْزمه دِرْهَمَانِ، وَهُوَ الأقيس، وَلَو أقرّ بِثَوْب فِي منديل أَو بِتَمْر فِي جراب فالوعاء للْمقر؛ لِأَنَّهُ يحْتَمل فِي منديل لي، وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ كَذَا دِرْهَم بِالرَّفْع لزمَه دِرْهَم وَاحِد وَتَقْدِيره شَيْء هُوَ دِرْهَم، وَإِن قَالَه بالخفض لزمَه بعض دِرْهَم وَيكون كَذَا كِنَايَة عَن بعض مُضَاف إِلَى الدِّرْهَم، وَإِن نصب لزمَه دِرْهَم وَيكون مَنْصُوبًا على التَّفْسِير. وَمثله إِذا قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَم، فَإِنَّهُ يُفَسر ذَلِك بشيئين: أَي شَيْئَيْنِ كَانَا فَإِن قَالَ كَذَا وَكَذَا درهما لزمَه دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُ ذكر جملتين، فَإِذا فَسرهَا بدرهم عَاد التَّفْسِير إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا كَقَوْلِه عشْرين درهما، فَإِنَّهُ يعود التَّفْسِير إِلَى الْعشْرين، وَإِذا أقرّ بِعَبْد عَلَيْهِ عِمَامَة دخلت الْعِمَامَة فِي الْإِقْرَار، وَلَو قَالَ دَابَّة عَلَيْهَا سرج لم يدْخل السرج، وَلَو قَالَ دَابَّة بسرجها أقرّ بالسرج، لِأَن الْبَاء تعلق الثَّانِي بِالْأولِ، إِذا قَالَ لَهُ عَليّ كَذَا وَلم يُفَسر قبل مَا (بقوله إِلَّا الْخمر وَالْخِنْزِير؛ لِأَنَّهُمَا لَا يثبتان فِي الذِّمَّة، وَاعْلَم أَن النّسَب لَا يثبت إِلَّا بِشَاهِد وَيَمِين وَلَا بِشَاهِد وَامْرَأَتَيْنِ) .

المسألة الحادية والستون بعد المائة غرماء إقراري الصحة والمرض قسا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: غُرَمَاء إقراري الصِّحَّة وَالْمَرَض (قسا) :) الْمَذْهَب: يحاصون فِي التَّرِكَة. عِنْدهم: يتَقَدَّم غُرَمَاء الصِّحَّة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... .

لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: اسْتَويَا فِي الْوُجُوب فاستويا فِي الِاسْتِيفَاء (كدينى الْمَرَض) . دَلِيل الدَّعْوَى: أَن الْوُجُوب ظهر بقوله فِي ذمَّته، وَقَوله مَرِيضا كَقَوْلِه صَحِيحا فِيمَا هُوَ سَبَب الْوُجُوب، والذمة حَالَة الْمَرَض كهي حَال الصِّحَّة عهدا والتزاما فَإِذا اسْتَويَا وجوبا واستويا قَضَاء وَالْمَرِيض جَائِز التَّصَرُّف وَمَا فعله إِظْهَار وَاجِب وَلَا وَجه لتَعلق الدّين. لَهُم: مَحْجُور عَلَيْهِ فِي حق الْغُرَمَاء بحقهم فَلَا يقبل إِقْرَاره بِمَا يضرهم

كمن رهن مَالا ثمَّ أقرّ بِهِ، دَلِيل الْحجر: أَن حق الْغَرِيم يتَعَلَّق بِمَالِه عِنْد مَوته مُسْندًا إِلَى أول الْمَرَض، بَيَان الْإِسْنَاد أَن الْمَوْت هُوَ الْمُقْتَضِي للتعلق وَسَببه الْمَرَض وَالْمَوْت نِهَايَة الْعَجز وَأول الْمَرَض أول الْعَجز فاستند التَّعَلُّق إِلَى أول جُزْء من (أَجزَاء) السَّبَب. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: دينان ظهرا بطريقين متساويين فسوى بَينهمَا أَدَاء (كَمَا لَو ثبتا ببينتين) لَا فرق إِلَّا أَن الْإِقْرَار مظهر تَنْتفِي عَنهُ التُّهْمَة فَاكْتفى فِيهِ بقول وَاحِد، وَاعْتبر الْعدَد فِي الْبَيِّنَة، وَمحل ثُبُوت الدّين الذِّمَّة وَالْمَرَض لَا يخل بهَا، فَإِن الدّين ثَابت إِجْمَاعًا حَتَّى لَو أَبرَأَهُ غُرَمَاء الصِّحَّة أَو فضل عَنْهُم صرف إِلَى غُرَمَاء الْمَرَض وَلَا نظر إِلَى التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كإقرار متعاقبين فِي الصِّحَّة أَو فِي الْمَرَض ويتأيد بالأسباب المنشأة كالاستقراض والإتلاف

وَالشِّرَاء وَالنِّكَاح لما سوى بَينهمَا فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض، ثمَّ الْمَرَض مَجْمُوع (الآلام) وَالْمَوْت أثر الْكل، فالإقرار الثَّانِي وجد قبل تَمام سَبَب التَّعَلُّق وَالدّين عندنَا فِي الذِّمَّة فِي حالتي الْحَيَاة وَالْمَوْت لَا يتَعَلَّق بِالْمَالِ (وَهُوَ فِي حَيَاته) مُخَيّر بَين أَن يقْضِي الدّين من هَذَا المَال أَو من غَيره وَله التَّصَرُّف فِي المَال بِالْبيعِ (والاستهلاك) لَكِن بِشَرْط أَن يقْضِي الدّين من مَحل آخر، أَو نسلم أَن التَّعْلِيق عِنْد الْمَوْت، وَالْمَوْت حَادث يُنَاسب تعلق الدّين بِالْعينِ بِخِلَاف زمن الْمَرَض ثمَّ الْمَوْت شَرط هَذَا التَّعْلِيق وَتَقْدِيم الْمَشْرُوط على الشَّرْط محَال.

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: الْإِقْرَار للْوَارِث فِي مرض الْمَوْت (قسب) : الْمَذْهَب: صَحِيح فِي القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين} غير أَن آيَة الْمِيرَاث نسخت آيَة الْوَصِيَّة فَبَقيَ الدّين مُطلقًا فِي تَقْدِيمه على الْإِرْث. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْإِقْرَار مظهر ثُبُوت الدّين لِاجْتِمَاع أَرْكَانه، وكل دين ظهر ثُبُوته

وَجب أَدَاؤُهُ كإقراره فِي الصِّحَّة أَو إِقْرَاره لأَجْنَبِيّ والتبرع امْتنع حذرا من إيحاش بَاقِي الْوَرَثَة بالتخصيص وَفِيه قطيعة رحم. لَهُم: مُتَّهم فِي الْإِقْرَار بِدَلِيل مَنعه من التَّبَرُّع وَلَا ينْدَفع هَذَا بِدَلِيل عقله وَدينه لاطراد الْعرف، وَالْمَرَض أوجب حجرا فِي حق الْأَجْنَبِيّ فَهُوَ مُتَعَلق حق الْوَرَثَة وَالْمَنْع عَن التَّبَرُّع فِي حق الْغَيْر لَا يدل على الْحجر وَالثلث خَالص حَقه. مَالك: إِن اتهمَ لم يقبل وَإِلَّا قبل. أَحْمد: ف. التكملة: قَالُوا: (لَا يجوز) إِقْرَاره بِجَمِيعِ المَال لأَجْنَبِيّ؛ لِأَنَّهُ وجد نفاذا فِي الثُّلُث فَصَارَ الْبَاقِي جَمِيعه مَاله فيجد نفاذا إِلَى ثلث الْبَاقِي كَذَلِك خلاف الْوَارِث، فَإِنَّهُ لَا يجد الْإِقْرَار فِي حَقه نفاذا أصلا، قُلْنَا: فَقولُوا: لَو تبرع بِثلث المَال صَار الْبَاقِي كل مَاله فَجَاز التَّبَرُّع بِثُلثِهِ وَيبقى على مساق كَلَامهم جُزْء من المَال لَا ينفذ الْإِقْرَار فِيهِ، وَأما دَعوَاهُم التُّهْمَة فمحال، إِذْ لَيست حَال تُهْمَة، وَيبْطل بِمَا لَو أقرّ لمن يتبناه وَله ابْن عَم كاشح، فَإِنَّهُ يَصح، وَلَو

أقرّ لِابْنِ عَمه (الْكَاشِح) وَله أم ضَعِيفَة لَا يَصح، ويتأيد مَا قُلْنَاهُ بِالْإِقْرَارِ للْأَجْنَبِيّ وَلَا عذر عَنهُ إِلَّا أَنه من حَوَائِجه وَهُوَ الْعذر فِي الْإِقْرَار للْوَارِث وَظُهُور الدّين بِالْإِقْرَارِ وَالْحريَّة وَالْعقل وَسَائِر الْأَركان واتهام الْمُسلم المتدين فِي حَال يُؤمن فِيهَا الْكَافِر ويبر الْفَاجِر لَا يجوز.

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: إِذا أقرّ بِمَال عَظِيم (قسج) : الْمَذْهَب: قبل تَفْسِيره بِأَيّ قدر كَانَ. عِنْدهم: الْعَظِيم مِائَتَا دِرْهَم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: اجتاز عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ على قوم (يحلفُونَ) بَين

الرُّكْن وَالْمقَام ثمَّ قَالَ: " أَعلَى دم أم على مَال عَظِيم "؟ ففهم من الْعَظِيم زِيَادَة على أصل المَال، وَالشَّافِعِيّ (غلظ) الْيَمين بنصاب الزَّكَاة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْعَظِيم لفظ مُجمل يرجع فِي تَفْسِيره إِلَيْهِ كَلَفْظِ المَال، وَبَيَان الْإِجْمَال أَنه يحْتَمل عَظِيم الجثة وعظيم الْقدر وَبِمَعْنى أَن قدره عَظِيم، فَإِذا كَانَ كَذَلِك (فقصر العظمة) على عشرَة أَو على مِائَتَيْنِ لَا معنى لَهُ. لَهُم: لفظان مُخْتَلِفَانِ فَلَا بُد من مَعْنيين مُخْتَلفين كَقَوْلِه مَال جيد، إِذْ لَا يقبل مِنْهُ رَدِيء، وَإِنَّمَا نزلناه على الْعشْرَة؛ لِأَنَّهُ نِصَاب السّرقَة أَو الْمِائَتَيْنِ بِخَبَر عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، وَهَذَا من تَفْرِيع الْمَذْهَب، إِنَّمَا النزاع فِي أَنه لَا يقبل فِي تَفْسِيره مَال مُطلق. مَالك: ق، وَقيل: قدر الدِّيَة، وَقيل مَا يزِيد على الْمُطلق. أَحْمد:

التكملة: بَقِي أَن يُقَال لَو أقرّ بِمَال نزل على أقل مَا يتمول، فَإِذا قَالَ عَظِيم وَجب أَن يكون لهَذِهِ الزِّيَادَة فَائِدَة، وَالْجَوَاب: أَن من الْأَصْحَاب من قَالَ: يجب أَن يُفَسر بِمَال عَظِيم الحجم أَو يزِيد على أقل مَا يتمول بِشَيْء، وَالْمذهب أَنه لَا يشْتَرط بل نقُول مَفْهُوم لفظ المَال مَا ينْتَفع بِهِ وَلَيْسَ من ضَرُورَته التَّقْوِيم والعصمة وَالضَّمان بِدَلِيل الْخمر وَالْخِنْزِير والحبة الْبر، فَلهُ تَفْسِير الْعَظِيم بالمتقوم وبتباين مَفْهُوم اللفظتين، بَقِي أَن يُقَال هَذَا الْمَعْنى ثَابت فِي لَفْظَة المَال فَيكون الْعَظِيم تَكْرَارا، فَنَقُول هَذَا الْمَعْنى لَا يثبت بِمَفْهُوم نفس المَال إِذْ وَصفه مِمَّا ينْتَفع بِهِ وَلكنه لَازم شَرْعِي، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا بَيَان محمل صَحِيح فَصَارَ كَقَوْلِه لَك مَال مُتَقَوّم، أَو نقُول: قدر أَنه فسره بِمَفْهُوم لفظ المَال تَأْكِيدًا لَهُ فَيجب أَن يقبل، إِذْ التَّأْكِيد مَعْهُود فِي المَال كَقَوْلِهِم مَال مُتَمَوّل، وَعبد مَمْلُوك وَعشرَة كَامِلَة فغايته أَنه عِنْد الْإِطْلَاق يشْعر بِزِيَادَة معنى ويتأيد بِمَا لَو قَالَ خطير ونفيس، فقد سلم أَكْثَرهم ذَلِك، وَالْفرق بَين الْجَوْدَة والعظم أَن الْجَوْدَة مضبوطة، والعظم غير مضبوطة.

فارغة

المسألة الرابعة والستون بعد المائة إذا أقر بعض الورثة بدين وأنكر الآخر قسد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: إِذا أقرّ بعض الْوَرَثَة بدين وَأنكر الآخر (قسد) :) الْمَذْهَب: لم يُؤَاخذ إِلَّا بِنَصِيبِهِ فِي الْمَنْصُور. عِنْدهم: يُؤَدِّي من نصِيبه جَمِيع مَا أقرّ بِهِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين} ، وَجه الدّين: أَنه لَا يخلص للْوَارِث التَّرِكَة إِلَّا بعد الدّين، وَهَذَا قد اعْترف بِالدّينِ وَصَارَ مَا صَار إِلَى غَيره من الْوَرَثَة كالمغصوب. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: بِتَصْدِيق أَحدهمَا لَا يثبت إِلَّا نصف الدّين وَلَا يقْضِي مَا زَاد، كَمَا لَو

صدقه فِي النّصْف خَاصَّة؛ لِأَن الدَّعْوَى على الْمَيِّت والمصدق غَيره فَيَنْبَغِي أَن لَا يقبل إِلَّا أَنه قبل بطرِيق الْخلَافَة، وَإِنَّمَا خَلفه فِي النّصْف وَصَارَ كَمَا لَو أقرّ أحد الشَّرِيكَيْنِ على العَبْد الْجَانِي فَإِنَّهُ يُؤَاخذ بِحقِّهِ. لَهُم: اعْترف بِجَمِيعِ الدّين فَلَزِمَهُ، فَإِنَّهُ زعم بِإِقْرَارِهِ أَن لَا حق لَهُ فِيمَا فِي يَده إِلَّا بعد وُصُول صَاحب الدّين إِلَى حَقه فعومل بِمَا فِي زَعمه وَصَارَ مَا فِي يَده حَقًا للْغَرِيم فَقبل إِقْرَاره على نَفسه. مَالك: أَحْمد: التكملة: الْمَوْت سَبَب زَوَال ملك الْمَيِّت وَحُصُول ملك الْوَارِث وَتعلق الدّين بِالتَّرِكَةِ وَالْكل وَاقع مَعًا كَمَا عرف من اقْترن الْأَحْكَام بالأسباب سَوَاء قضينا حكم الْمَوْت، أَو إِسْنَاده إِلَى الْمَرَض فَاعْتقد أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه أَن النّظر إِلَى ملك الْمَيِّت أولى، فَإِنَّهُ الأَصْل وَملك الْوَارِث يتلَقَّى مِنْهُ فقضاء دينه أولى، ثمَّ يصرف الْبَاقِي إِلَى الْوَرَثَة، فَكَانَ فِي التَّقْدِير كَأَنَّهُ

رهن عَبده ثمَّ مَاتَ أَو أقرّ بِالدّينِ وَمَات، فَكَانَ الدّين مُتَعَلقا واعتقد الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد أَن النّظر إِلَى جَانب الْوَارِثين واشتراك ملكهم، فَكَأَن الدّين تعلق بِملك مُشْتَرك. عبارَة: أقرّ بدين مُتَعَلق بِمَال مُشْتَرك فَيلْغُو فِي نصيب شَرِيكه ويؤاخذ بِنَصِيبِهِ كَمَا لَو أقرّ بِجِنَايَة عبد مُشْتَرك، وَتَقْرِيره: أَن الدّين لَا يَصح من حَيْثُ الْإِقْرَار على ذمَّة الْمَيِّت؛ لِأَن قَول الْإِنْسَان لَا يقبل فِي حق غَيره إِلَّا فِي الشَّهَادَة. وَالْحَاصِل أَنه أقرّ فِي ملكه وَملك شَرِيكه فيؤاخذ فِي ملكه.

المسألة الخامسة والستون بعد المائة إذا أقر الابن المستغرق للأب بأخ قسه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: إِذا أقرّ الابْن الْمُسْتَغْرق للْأَب بِأَخ (قسه) :) الْمَذْهَب: ثَبت نسبه وَورث فَإِن أقرّ اثْنَان بِأَخ رَابِع وَأنكر الثَّالِث لم يثبت النّسَب. عِنْدهم: الْخلاف فِي الطَّرفَيْنِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ترافع سعد بن أبي وَقاص وَعبد بن زَمعَة إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام

فِي ولد وليدة زَمعَة، فَزعم سعد أَنه ابْن أَخِيه عتبَة، وَقَالَ عبد هُوَ أخي ولد على فرَاش أبي فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " هُوَ لَك يَا عبد الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر " وَكَانَ سعد يزْعم أَن أَخَاهُ أوصى إِلَيْهِ بِهِ لوطيء جاهلي وَزَمعَة زوج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَلم يُوَافق على الْإِقْرَار وَقَالَ لَهَا: احتجبي عَنهُ. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

إِقْرَار مِمَّن يحوز الْمِيرَاث فصح كَمَا لَو كَانَا اثْنَيْنِ وَعكس ذَلِك، والتأثير أَن الْإِقْرَار على الْغَيْر لَا يَصح إِلَّا أَنه قبل بطرِيق الْخلَافَة وَأَنه قَائِم مقَام الْوَارِث، والمشاركة فِي الْمِيرَاث فرع على ثُبُوت النّسَب وثبوته فِي حق الْوَارِث فرع ثُبُوته فِي حق الْمَيِّت. لَهُم: شَهَادَة فِي حق الْمَيِّت فَلَا تثبت بِالْوَاحِدِ كالشهادات، بَيَان الدَّعْوَى: أَن الْأُخوة مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا من رجل وَاحِد، وَالْحكم فرع الْعلَّة، فالثابت كَلَامه أَنه إِن أثبت هُوَ شَهَادَة على الْمَيِّت بِالْإِقْرَارِ فِي حق الْمقر وَالشَّهَادَة فِي حق الْغَيْر وَلِهَذَا ينْسب إِلَى الْأَب فَلَا بُد من الْعدَد وَلما فِيهِ من شُبْهَة الْإِقْرَار شَاركهُ فِي المَال. مَالك: ف. أَحْمد:

التكملة: ساعدونا على أَن الْمقر لَهُ لَو أكذب الْمقر أَو كَانَ أسن من الْأَب أَو كَانَ مَعْرُوف النّسَب بِغَيْرِهِ أَو كَانَ أَبوهُ قد نَفَاهُ بِاللّعانِ أَنه لَا يثبت الْمِيرَاث فَنَقُول: طلب مِيرَاث الْبُنُوَّة وَلَيْسَ ابْنا شرعا فَلَا يسعف بِهِ كَمَا فِي الْمسَائِل الْأَرْبَع، لِأَن الْبُنُوَّة ثبتَتْ، فاستلحاق الْوَالِد لَا بِدَعْوَى الابْن وَيثبت بإلحاق من لَهُ رُتْبَة الْخلَافَة أَو بالفراش وَلَا معنى للإقرار بالأخوة، وَإِنَّمَا هِيَ بنوة الْأَب وبنوة الْأَب لَا تقبل التجزيء، وَالدَّلِيل الْقَاطِع أَنه لَا يصير عَمَّا لأَوْلَاد الْمقر المنكرين وَلَا حفدة لجده الْمُنكر وَلَو كَانَ أَخا لَهُ كَانَ عَم وَلَده، فَإِن قَالُوا: يصير عَمَّا ويرثهم ناقضوا، فَإِنَّهُ يحْتَاج أَن يزاحم الْعم الْمُنكر وَهَذَا لَا يجوز، فَإِن زعموه شَهَادَة، فالشهادة تفْتَقر إِلَى الْعَدَالَة وقيود أخر وَكلهَا مُنْتَفٍ وَيسمع قَول امْرَأَة فاسقة أَو كَافِرَة تقر أَن هَذَا أخي من غير تقدم دَعْوَى وإنكار، وَبعد هَذَا كُله النّسَب أَمر كَبِير

يتَعَلَّق عَلَيْهِ عدَّة أَحْكَام وَهُوَ مُشْتَرك بَين الْمقر وَالْمقر بِهِ وَكَيف تكون (شَهَادَة) وَالْمقر ذُو حَظّ فِيهِ.

لوحة 45 من المخطوطة " أ ": إِذا كَانَ الْمَغْصُوب قَائِما رد، وَإِن كَانَ تَالِفا، فَإِن كَانَ من ذَوَات الْأَمْثَال كالحبوب والأدهان رد مثله، وَإِن كَانَ مِمَّا يتَفَاوَت كالثياب، وَالْحَيَوَان فَالْقيمَة، وَحكى المالكيون أَن من جنى على ذَات فأتلف غَرَض صَاحبهَا مِنْهَا فالمجني عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رَجَعَ بِمَا نقصت، وَإِن شَاءَ سلمهَا وَأخذ قيمتهَا، وصوروا فِي ذَنْب حمَار القَاضِي. قَالَ أَبُو حنيفَة: من قلع عين دَابَّة كالبعير وَالْبَقَرَة وَجب عَلَيْهِ نصف قيمتهَا، وَقيل الرّبع، وَشَرطهَا أَن تكون مُنْتَفعا بهَا من جِهَتَيْنِ، لَا كالحمار إِذا غصب عصيرا فتخمر فِي يَده وَجب عَلَيْهِ إراقته ورد مثل الْعصير، وَإِن صَار فِي يَده خلا رده، ورد مَا بَين قِيمَته عصيرا وخلا

إِن كَانَت قِيمَته نقصت بتخليله، وَمن الْأَصْحَاب من خرج وَجها آخر وَقَالَ: يجب عَلَيْهِ مثل الْعصير ورد الْخلّ، لِأَن الْعصير تلف بالتخمير فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانه، وَإِن عَاد خلا كَمَا قُلْنَا فِيهِ. إِذا سمنت الْجَارِيَة الْمَغْصُوبَة ثمَّ ذهب سمنها، ثمَّ عَاد فَإِنَّهُ يردهَا وَيضمن السّمن الأول على أحد الْوَجْهَيْنِ. إِذا فتح قفصا على طَائِر وهيجه ضمن، وَإِن لم يهيجه ووقف زَمَانا طَويلا فَلَا ضَمَان. إِذا فتح دَارا وَدخل آخر فَأخذ المَال فَلَا ضَمَان على الفاتح. إِذا حل زقا فَسَأَلَ مَا فِيهِ ضمن؛ لِأَن السَّائِل لَا اخْتِيَار لَهُ. إِذا سرق فردة خرق قيمتهَا دِرْهَمَانِ وأتلفها وَقيمتهَا جَمِيعًا عشرَة دَرَاهِم فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن الْوَاجِب دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُ قيمَة مَا أتلف، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ ثَمَانِيَة؛ لِأَنَّهُ الْقدر الَّذِي نقصته الْقيمَة بِإِتْلَاف أحد الْخُفَّيْنِ، وَلَا يخْتَلف الْأَصْحَاب أَن الْقطع لَا يجب لِأَن مَا زَاد على الدرهمين ضمنه فِي ذمَّته لتفريقه بَين الْخُفَّيْنِ، وَمَا فِي ذمَّته لَا

يجب بِهِ الْقطع كَمَا لَو ذبح شَاة تَسَاوِي ربع دِينَار فِي الْحِرْز فنقصت قيمتهَا، ثمَّ أخرجهَا، فَإِنَّهُ لَا قطع عَلَيْهِ، إِذا غصب أَمْرَد فَنَبَتَتْ لحيته ونقصت قِيمَته بذلك ضمن النَّقْص، إِذا غصب جَارِيَة قيمتهَا مائَة فَسَمنت (فِي يَده أَو تعلمت) صَنْعَة فبلغت ألفا ثمَّ هزلت فِي يَده أَو نسيت الصِّنَاعَة فَعَاد إِلَى قيمتهَا وَجب عَلَيْهِ ردهَا ورد تِسْعمائَة. قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجب عَلَيْهِ رد ذَلِك إِلَّا أَن يكون طَالبه بهَا فِي تِلْكَ الْحَال فَمَنعه، وَلَو غصب جَارِيَة قيمتهَا مائَة فَسَمنت فبلغت قيمتهَا ألفا وتعلمت صَنْعَة فبلغت قيمتهَا أَلفَيْنِ ثمَّ هزلت ونسيت الصَّنْعَة فَعَادَت إِلَى مائَة، فَإِنَّهُ يردهَا وَيرد ألفا وَتِسْعمِائَة، وَإِن بلغت بالسمن ألفا ثمَّ عَادَتْ بالهزال إِلَى مائَة ثمَّ تعلمت صَنْعَة فبلغت ألفا ثمَّ نسيتهَا فَعَادَت إِلَى مائَة فَإِنَّهُ يردهَا وَيرد ألفا وَثَمَانمِائَة؛ لِأَنَّهَا نقصت بالهزال تِسْعمائَة وبنسيان الصَّنْعَة تِسْعمائَة، من اشْترى شِرَاء فَاسِدا لم يملك بِهِ وَكَانَ الْمُشْتَرى مَضْمُونا

عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ وَعَلِيهِ أُجْرَة مثله للمدة الَّتِي (يُقيم فِي يَده) . وَاعْلَم أَنه لَا ينظر إِلَى الْأَسْوَاق وَمَعْنَاهُ أَن يغصب عينا تَسَاوِي مائَة فيزيد سوقها فتبلغ ألفا ثمَّ يرجع إِلَى مائَة فَإِنَّهُ لَا يُطَالب بِالزَّائِدِ.

مسائل الغصب

(مسَائِل الْغَصْب) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: إِذا فَقَأَ عَيْني عبد (قسو) .) الْمَذْهَب: ضمن كَمَال قِيمَته وَلم يملكهُ فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: إِذا ضمنه ملكه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَاجِب بدل الْيَدَيْنِ، فَلَا يقف ضمانهما على إِزَالَة ملك الْعين كَمَا لَو فَقَأَ عينا وَاحِدَة. وَدَلِيل الدَّعْوَى: أَنه ضَمَان جِنَايَة، وَالْجِنَايَة على الْعين وَالضَّمان لما فَاتَ، وَالْغَائِب هُوَ الْعين، وَلَا نسلم أَن الْمُغَلب الْمَالِيَّة بل الدمية، والآدمي دم، وإلحاق الطّرف بِالنَّفسِ أنسب. لَهُم: العَبْد مَال وَلَا يبْقى للْمَالِك مَعَ أَخذ كَمَال قِيمَته كمن خرق ثوبا خرقا فَاحِشا، تَأْثِيره أَن معنى الْمَالِيَّة تغلب على أَطْرَاف العَبْد، فجهة الْمَالِيَّة لَا بُد من اعْتِبَارهَا، وَالْوَاجِب كَمَال بدل الذَّات وَلَا يبْقى مَعَ الْمُبدل. مَالك: يجب بِالْجِنَايَةِ مَا نقص إِلَّا فِي الْمُوَضّحَة وَمَا بعْدهَا من الشجاج. أَحْمد: ق.

التكملة: جِنَايَة لَو قدرت على الْمُدبر اقْتَضَت ضمانا من غير ملك الْعين فَكَذَلِك الْقِنّ قِيَاسا على قطع إِحْدَى الْيَدَيْنِ، فَإِنَّهُم سلمُوا أَنه (يضمن) بِنصْف الْقيمَة وَلَا يملك، قَالُوا: إِنَّمَا لم يملك فِي هَذِه الصُّورَة؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى محَال، بَيَانه لَو كَانَ قيمَة العَبْد سِتّمائَة ونقصت قِيمَته بِالْقطعِ مِائَتَيْنِ بَقِي مَعَه أَرْبَعمِائَة لَهُ نصفهَا مَعَ ثلثمِائة تبلغ خَمْسمِائَة، فَلَو ملك الْغَاصِب النّصْف فَاتَ من حق الْمَالِك مائَة، قُلْنَا: فَإِذا صَار مَعَه أَرْبَعمِائَة وثلثمائة كملت سَبْعمِائة وَهَذَا أَكثر من الْقيمَة بِمِائَة فَهَلا ملك الْغَاصِب ربع العَبْد بِمِائَة ثمَّ إِذا التزموا أَن العَبْد مَال لَزِمَهُم أَنه يُؤْخَذ الْأَرْش كَمَا فِي الْأَمْوَال وَيبقى على الْملك وَهَذَا مَذْهَب مُحَمَّد وَقَول (لنا إِن قَالُوا) : أَطْرَاف العَبْد لَا تقوم وَحدهَا: لِأَن قوامها بِالنَّفسِ، قُلْنَا: بل تقوم على انفرادها؛ لِأَن التَّقْوِيم بِالْمَنْفَعَةِ وكل عُضْو لَهُ مَنْفَعَة لَكِن قِيَاس طرف العَبْد إِلَى نَفسه قِيَاس طرف الْحر إِلَى نَفسه وَالْحر هُوَ الْمُسْتَعْمل أَطْرَافه فضمن لَهُ، وَالسَّيِّد يسْتَعْمل طرف عَبده فضمن لَهُ، والحرف أَن الْمُغَلب فِي أَطْرَاف العَبْد قَضِيَّة الدمية عندنَا وَعِنْدهم الْمَالِيَّة.

فارغة

المسألة السابعة والستون بعد المائة المضمونات بالغصب قسز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: المضمونات بِالْغَصْبِ (قسز) :) الْمَذْهَب: لَا يملكهَا الْغَاصِب. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤَدِّيه "، وَجه الدَّلِيل أَنه يجب عَلَيْهِ رد الْعين فَمَا أَدَّاهُ هُوَ عوض عَنْهَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْغَصْب جِنَايَة فَلَا يكون سَببا للْملك كَمَا فِي حق الْمُدبر، وَذَلِكَ لِأَن الْملك حكم شَرْعِي فَيَقْتَضِي سَببا شَرْعِيًّا، وَالْغَصْب عدوان فَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ

أَحْكَام الشَّرْع، وَالضَّمان لَا يصلح أَن يكون مملكا؛ لِأَن الضَّمَان مَبْنِيّ على الْغَصْب الَّذِي هُوَ السَّبَب، فَإِذا لم يصلح السَّبَب لم يصلح مَا بني عَلَيْهِ. لَهُم: الْغَصْب سَبَب ملك الْبَدَل فَيكون سَببا لملك الْمُبدل كَالْبيع حَتَّى لَا يجْتَمع فِي ملكه الْبَدَل الْمُبدل وَالْملك حَاصِل فِي الْبَدَل، بِدَلِيل ثُبُوت قضايا الْأَمْلَاك وَهُوَ بدل الْعين؛ لِأَن الْوَاجِب جَمِيع بدل الْعين وَبَعضهَا أَو معنى فِيهَا لَا يجوز أَن يُقَابل بِجَمِيعِ بدلهَا، والعذر عَن الْمُدبر أَنه قد اسْتحق الْعتْق. مَالك: أَحْمد: التكملة: غَايَة مَا علينا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة استبطاؤهم تسبب الْملك وَإِبْطَال كل مَا يذكرُونَهُ ونقول: الْملك مَعْصُوم فَلَا يملك إِلَّا بِسَبَب من قبل الْمَالِك وَفَاء لحق الْعِصْمَة، وَالْمَوْجُود هُوَ الْغَصْب وَهُوَ عدوان، وَالضَّمان جبر مَا فَاتَ من الْيَد وَلَا يَصح الْفَوات مَا بَقِي، ويتأيد بِمَا لَو اخْتلف فِي قيمَة

الْمَغْصُوب وَحلف الْغَاصِب، فَإِنَّهُ يضمن بقوله وَيَمِينه وَلَا يملك، فَإِن قَالُوا: الْغَصْب يصلح أَن يكون مملكا؛ لِأَنَّهُ عبارَة عَن ثُبُوت يَد وَلَو كَانَ على مُبَاح صلح، الْجَواب: أَن هَذَا لَو صَحَّ أبطل مُعظم قَوَاعِد الشَّرِيعَة، وَرُبمَا قَالُوا لما ملك الْبَدَل ملك الْمُبدل، وَالْجَوَاب: أَنا لَا نسلم أَن المَال بدل الْعين، وَإِنَّمَا هُوَ بدل الْيَد، وَالْأَخْذ سَبَب الْملك بِشَرْط خلو الْعين عَن ملك، وَأما وَالْأَخْذ حرَام فَلَا ثمَّ وَلَو قَدرنَا الرِّضَا كَانَ يجب أَن يَزُول الْملك عِنْد الضَّمَان لَا عِنْد الْغَصْب كَمَا يَقُولُونَ ويلزمهم أَنه لَا ينفذ عتقه، والحرف أَن الْغَصْب عندنَا لَا يصلح سَببا للْملك وَإِنَّمَا الضَّمَان فِي مُقَابلَة الْيَد الْفَائِتَة، وَعِنْدهم يصلح للْملك وَالضَّمان فِي مُقَابلَة الْعين.

المسألة الثامنة والستون بعد المائة زوائد المغصوب قسح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: زَوَائِد الْمَغْصُوب (قسح) :) الْمَذْهَب: مَضْمُونَة على الْغَاصِب. عِنْدهم: غير مَضْمُونَة إِلَّا أَن تطلب مِنْهُ فَمنعهَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَلَد مَغْصُوب فَيكون مَضْمُونا كالأم، دَلِيل ذَلِك: إِثْبَات الْيَد عَلَيْهِ

بعدوانية وَهُوَ حد الْغَصْب، ويتأيد بالغاصب من الْغَائِب، فَإِنَّهُ مَا فَوت الْيَد المحقة بل أثبت يَده على مَال الْغَيْر بعدوان. لَهُم: الزَّوَائِد لَيست مَغْصُوبَة فَلَا تكون مَضْمُونَة كَالْوَدِيعَةِ واللقطة، ذَلِك لِأَنَّهُ لم يصنع فِي الْوَلَد شَيْئا وَرُبمَا لم يعلم بِوُجُودِهِ فَكيف يعد غَاصبا لَهُ وَالْولد دخل فِي يَده بِغَيْر اخْتِيَاره وَلَا عدوانية ليده، فَإِن الْملك خلق فِي الأَصْل للتَّصَرُّف بِإِثْبَات الْيَد عَلَيْهِ ومناط الضَّمَان الْإِضْرَار بتفويت حق الْغَيْر وَلم يُوجد هَاهُنَا. مَالك: يفرق بَين أَن يكون حَال الْغَصْب حَائِلا أَو حَامِلا فالحائل لَا يضمن. أَحْمد: ق. التكملة: أثبت يَده العادية على مَحل قَابل للضَّمَان، فَدخل فِي ضَمَانه، كَمَا إِذا أَخذ صيد الْحرم وَولد فِي يَده فَإِن الْوَلَد مَضْمُون بالجزاء إِجْمَاعًا،

وَإِثْبَات الْيَد على الأَصْل تسبب إِلَى إِثْبَات الْيَد على الْفَرْع، والمتسبب كالمباشر بِدَلِيل حافر الْبِئْر، ونفيهم العدوانية أَمر شنع، فَإِن المَال وَإِن خلق للتَّصَرُّف لَكِن إِذا اخْتصَّ بِهِ مَالك صَار حَقه مَانِعا مِنْهُ، وَإِن اعتذروا عَن الْغَاصِب من الْغَاصِب فَإِنَّهُ فَوت عَلَيْهِ إِثْبَات الْيَد وَعَن اللّقطَة بِأَنَّهُ لَو تَركهَا أَخذهَا رَبهَا أَو أَمِين يحفظها عَلَيْهِ فليأخذوا مثله فِي الْمَسْأَلَة فَإِن حُصُول الْوَلَد على ملكه سَبَب إِمْكَان الْأَخْذ للْمَالِك حسا وَشرعا لَوْلَا يَد الْغَاصِب فَهُوَ دَافع مكنه الْمَالِك وَدفع الشَّيْء بعد سَببه يقوم مقَام قطعه بعد ثُبُوته فِي حكم الضَّمَان كمن غر بحريّة جَارِيَة، وشتان بَين يَد الْغَاصِب وَيَد الْمُودع؛ لِأَن الْمُودع يَده للْمَالِك وَالْغَاصِب يَده لنَفسِهِ، ويلزمهم الْمُودع إِذا جحد، فَإِنَّهُ مَا فَوت يَد الْمَالِك وَمَعَ هَذَا يضمن، وَكَذَلِكَ الْمُلْتَقط إِذا جحد فَإِنَّهُ مَا فَوت يدا، وحد الْغَصْب أَنه إِثْبَات الْيَد على مَال الْغَيْر بعدوان وَزَادُوا لَهُم فِي الْحَد مَعَ تَفْوِيت يَد الْمَالِك.

المسألة التاسعة والستون بعد المائة منافع المغصوب قسط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: مَنَافِع الْمَغْصُوب: (قسط) :) الْمَذْهَب: تضمن بالفوات والتفويت تَحت الْيَد العادية. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَمْوَال معصومة فتضمن، دَلِيل الدَّعْوَى أَن المَال يعلم شرعا وَقد قَامَ دَلِيله وَهُوَ الِاعْتِيَاض عَنْهَا بِالْإِجَارَة وَكَونهَا تصلح صَدَاقا وَالْمَال مَا يعده

النَّاس مَالا وَقد ثبتَتْ الْيَد عَلَيْهَا، وَيَد كل شَيْء بِحَسبِهِ فَهُوَ إِذا إِمَّا مستوف لَهَا أَو متسبب إِلَى إتلافها والأعيان وَالْمَنَافِع أَمْوَال. لَهُم: ضَمَان الْعدوان مُقَيّد بِالْمثلِ معقولا ونصا، وَلَيْسَت الْأَعْيَان وَالْمَنَافِع متماثلة. دَلِيل عدم الْمُمَاثلَة: كَونهَا أعراضا وجواهر، وَإِذا لم تضمن الْمَنَافِع بالمنافع فبالدراهم أولى ثمَّ الْمَنَافِع لَيست أَمْوَالًا أصلا؛ لِأَنَّهَا قبل وجودهَا لم تُوصَف بِشَيْء وَحَالَة الْوُجُود مَشْغُولَة بِالْعدمِ لم تحدث على ملك الْغَاصِب وتتلف بِنَفسِهَا. مَالك: ف. أَحْمد:

التكملة: الْكَلَام فِي الْمَنَافِع منهجان: إِمَّا أَن نقومها أَو نعطلها فتفوت. فنفرض فِي الأول ونقول: مَنْفَعَة تضمن فِي العقد الصَّحِيح وَالْفَاسِد فتضمن فِي الِاسْتِيفَاء على ظن العقد كمنفعة الْبضْع، وَهَذَا الْفَرْض فِيمَا إِذا اسْتعْمل عبدا ظَنّه مُسْتَأْجرًا وَهَذَا تضييق عَلَيْهِم، وَلَا يَجدونَ فرقا بَين الْمَوْطُوءَة بِشُبْهَة والمركوب بِشُبْهَة، وَإِن تركنَا هَذَا الْفَرْض قُلْنَا: مُسْتَعْمل عِنْد الْغَيْر فِي حياطته مفوت على الْمَالِك شَيْئا مُتَقَوّما شرعا فضمنه كمفوت الْحر وَأم الْوَلَد وَسَائِر الْأَمْوَال، وَثمّ طَرِيق يسْتَغْنى بهَا عَن الْخَوْض فِي تَحْقِيق الْمَنَافِع وَهِي أَن نقُول لكل مَالك فِي ملكه حقان: الْعين وَالْيَد وهما معصومان وتفويت الْعين يضمن فَكَذَلِك تَفْوِيت الْيَد، فَإِن قَالُوا: الْيَد الْمَاضِيَة لَا يُمكن تفويتها والمستقبلة لم تثبت، قُلْنَا: هَذَا من الْكَلَام لَو اعْتبر لامتنع التفويت وَالضَّمان الشَّرْعِيّ، فَإِن من أتلف حَيَوَانا ضمنه، وَمَعْنَاهُ

تَفْوِيت حَيَاته لَا إعدام عينه، والحياة الْمَاضِيَة لم تفت والمستقبلة لم تحصل وَمعنى اسْتِيفَاء الْمَنَافِع استهلاكه فِي جِهَة المنتفع بهَا كَأَكْل الْخبز، والحرف أَن الْمَالِيَّة عندنَا قَائِمَة بالمنافع كالأعيان وَيتَصَوَّر غصبهَا خلافًا لَهُم.

المسألة السبعون بعد المائة المستكرهة على الزنا قع

(الْمَسْأَلَة السبعون بعد الْمِائَة: المستكرهة على الزِّنَا (قع) :) الْمَذْهَب: تسْتَحقّ الْمهْر. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَالَ تَعَالَى: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم} الْآيَة. أوجب المثلية فِي الْعدوان وَلَا مثلية بَين الْبضْع وَالْمَال؛ لِأَن الْأَمْوَال تتقابل صُورَة وَمعنى والمعنيان معدومان بَين الْبضْع وَالْمَال، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " ادرءوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ "، وَالْمَال ثَبت مَعَ الشُّبُهَات فَكيف يُوجب الْفِعْل

الْوَاحِد الضدين؟ الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ندعي تقومها بِدَلِيل تقومها بِالْعقدِ وَفِي وَطْء الشُّبْهَة، والقيم بِقدر الرغبات فقد فَوت حَقًا مُتَقَوّما دون رِضَاهَا لَهَا فَيضمنهُ لَهَا (بمنافع بدنهَا فَإِن منعُوا الأَصْل عدنا إِلَى) مَنَافِع الْمَغْصُوب وَثبتت الْمَالِيَّة والتقوم والإتلاف فِي جنس الْمَنَافِع، فَإِن سلمُوا فالجمع بَين الْبضْع وَالْمَنَافِع سهل، فَإِن مَنَافِع الْأَعْضَاء بحسبها. لَهُم: ننكر أَولا وجود الْمَنَافِع وماليتها وتقومها ثمَّ نسلم أَن الْمَنَافِع تضمن بِالْمَالِ، ثمَّ ننكر وجوب الْمهْر لتَحْرِيم الْفِعْل وَوُجُوب الْحَد، ونقول: وَطْء تمحض عُدْوانًا فَلَا يُوجب مهْرا قِيَاسا على المطاوعة؛ لِأَن الْحَد ضَمَان زاجر وَالْمهْر ضَمَان جَائِز، وَالْأَصْل فِي الضَّمَان الزّجر والجبر بدل وَالْقَصْد حفظ الْمحل، وَيحصل ذَلِك بالزجر. مَالك: ق. أَحْمد: أصح روايتيه مثل مَذْهَبنَا.

التكملة: نفحص عَن منَاط إِيجَاب الْمهْر فِي وَطْء الشُّبْهَة وَلَا يجوز أَن يكون لظن الْوَاطِئ مَعَ غلطه نفي أَن يكون لتفويت مَنْفَعَة الْبضْع، وَهَذَا حَاصِل فِي مَسْأَلَتنَا، فَإِن قيل: الْمهْر يجب بِالْعقدِ، وَالْوَطْء بِالشُّبْهَةِ يُقَاس عَلَيْهِ كالنسب، قُلْنَا: لَو كَانَ الحكم فِي الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ مَنْصُوصا صلح أَن يُقَاس عَلَيْهِ لكنه مُلْحق بالمنصوص فَيَنْبَغِي أَن نبحث عَن وَجه الْإِلْحَاق وَنَنْظُر هَل مثله فِي مَسْأَلَتنَا، ومنشأ خيالهم اشْتِرَاك لَفْظِي الْعِصْمَة وَالضَّمان، أما الْعِصْمَة فَتطلق حَقِيقَة فِي الْمَعْنى الْقَائِم بِالْمحل الْمُقْتَضِي تَحْرِيم إِبَاحَته، وَوجه الْحَقِيقَة فِيهِ أَن الْعِصْمَة هِيَ الْحِفْظ وَالْحُرْمَة، والمعصوم هُوَ الْمَحْفُوظ وَمُطلق الْعِصْمَة مجَاز فِي الْمَعْنى الْمُقْتَضِي بِالْمحل تضمين التّلف إِذْ فِي إِيجَاب قيمَة الشَّيْء مَا يخيل أَن الْمُتْلف كالمحفوظ وهما مَعْنيانِ متباينان لتباين أثريهما؛ لِأَن أَحدهمَا يمْنَع من الْإِتْلَاف قبل وُقُوعه وَيتَعَلَّق بالتكليف، وَالثَّانِي: تضمين الْمُكَلف (وَيتَعَلَّق بالمكلف) ، وَغَيره فَإِذا

تَحْرِيم الْبضْع عصمَة وَالضَّمان للتفويت فهما مَعْنيانِ، فَمَتَى وجدا وجد مَا يتَعَلَّق بهما أَو وجد أَحدهمَا يَقْتَضِي مَا يتَعَلَّق بِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ عندنَا مَنْفَعَة الْبضْع مُتَقَومَة.

فارغة

بقية مسائل الغصب

(بَقِيَّة مسَائِل الْغَصْب)

فارغة

لوحة 46 من المخطوطة " أ ": إِذا غصب أَرضًا فغرسها لزمَه قلع الْغَرْس وتسوية الأَرْض وَأُجْرَة الْمثل إِذا غصب دَارا فجصصها وزوقها كَانَ للْمَالِك مُطَالبَته بقلع الجص والتزويق؛ لِأَنَّهُ ملك الْغَاصِب شغل بِهِ ملك الْمَالِك، فَإِن نقصت قيمَة الدَّار بِإِزَالَة ذَلِك عَمَّا كَانَت قبل التزويق لزم الْغَاصِب التَّفَاوُت، وَإِن لم ينقص لم تلْزمهُ إِلَّا أُجْرَة الْمثل الْمدَّة الَّتِي أَقَامَت فِي يَده، فَأَما إِن لم يُطَالِبهُ الْمَالِك بقلعه وَأَرَادَ الْغَاصِب قلعه كَانَ لَهُ ذَلِك، فَإِن وهبه الْغَاصِب للْمَالِك هَل يجْبر على قبُوله؟ وَجْهَان، فَأَما إِذا نقل تُرَاب أَرض كَانَ عَلَيْهِ إِعَادَته إِن طَالبه الْمَالِك، فَإِن لم يُطَالِبهُ لم يكن لَهُ إِعَادَته، إِذا رأى دَابَّة قَائِمَة مَعَ صَاحبهَا فركبها لم يضمنهَا إِلَّا أَن ينقلها من مَكَانهَا، إِذا غصب زيتا فأغلاه فَكَانَ صَاعَيْنِ تَسَاوِي أَرْبَعَة دَرَاهِم فَعَاد بعد الطَّبْخ إِلَى صَاع يُسَاوِي أَرْبَعَة دَرَاهِم فَعَلَيهِ بدل الصَّاع التَّالِف وَلَا يحْتَسب لَهُ بِزِيَادَة قيمَة الصَّاع الثَّانِي، فَلَو كَانَ عوض الزَّيْت عصيرا وَالْحَال الْحَال فَفِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا حكمه

حكم الزَّيْت، وَالثَّانِي لَا يضمن شَيْئا؛ لِأَن التَّالِف بالنَّار مائية لَا قيمَة لَهَا، إِذا غصب ثوبا وزعفرانا لمَالِك وَاحِد فصبغ الثَّوْب بالزعفران، فَكَانَت قيمَة الثَّوْب عشرَة وَقِيمَة الزَّعْفَرَان عشرَة وَكَانَ بعد الصَّبْغ يُسَاوِي عشْرين فَلَا شَيْء على الْغَاصِب، وَإِن صَار يُسَاوِي ثَلَاثِينَ، فَلَا شَيْء للْغَاصِب؛ لِأَن أثر فعله فِي ملك غَيره فَأَما إِن نقصت الْقيمَة فَصَاحب الثَّوْب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رَضِي وَإِن شَاءَ طَالب بِنُقْصَان الْقيمَة، إِذا غصب شَاة وأحضر قصابا فذبحها كَانَ للْمَالِك أَن يستردها وَله مَا بَين قيمتهَا حَيَّة وذبيحة يُطَالب بهَا من شَاءَ من الْغَاصِب والقصاب، فَإِن غرم القصاب رَجَعَ القصاب على الْغَاصِب، وَإِذا غصب شَاة وأنزى عَلَيْهَا فَحله كَانَ الْوَلَد لصَاحب الشَّاة، وَإِن غصب فحلا وأنزاه على شاته كَانَ الْوَلَد لَهُ (لِأَنَّهُ يتبع الْأُم) ، وَلَا أُجْرَة عَلَيْهِ، لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام " نهى عَن عسب الْفَحْل " إِلَّا أَن يكون قيمَة الْفَحْل قد نقصت بذلك فَيلْزمهُ مَا نقص.

فارغة.

المسألة الحادية والسبعون بعد المائة غصب العقار قعا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: غصب الْعقار (قعا) :) الْمَذْهَب: مُتَصَوّر وَيضمن بِالْغَصْبِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من غصب شبْرًا من أَرض طوق بِهِ من سبع أَرضين يَوْم الْقِيَامَة ". وَجه الدَّلِيل قَوْله: " غصب "، وَإِنَّمَا لم يذكر الضَّمَان؛ لِأَنَّهُ تعرض لأحكام الْآخِرَة فوزانه قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} وَالْكَلَام بحقيقته حَتَّى يقوم دَلِيل الْمجَاز. لَهُم: قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من غصب شبْرًا من أَرض طوق بِهِ من سبع أَرضين يَوْم الْقِيَامَة "، وَجه الدَّلِيل: لوكان الضَّمَان وَاجِبا لذكره (وَقَوله غصب)

اسْتِعَارَة، وَقد رُوِيَ سرق أَرضًا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ... . لَهُم: الْغَصْب لَا يتَصَوَّر إِلَّا حَيْثُ يتَصَوَّر النَّقْل، وَأكْثر مَا يقدر منع الْمَالِك التَّصَرُّف وَهَذَا تصرف فِي الْملك لَا فِي الْعين، فَلَا يعد غصبا، وَالضَّمان يكون بِالْغَصْبِ، وَإِن تصورت الْيَد فِي الْعقار فَهِيَ حكمِيَّة. مَالك: ق. أَحْمد: إِن شغل الأَرْض بِفِعْلِهِ ضمن فَيكون مذْهبه: أَن لَا ضَمَان بِالْغَصْبِ. التكملة: أقرب الْمسَائِل اسْتِيلَاء الْمُسلمين على عقار فَإِنَّهُ يُفِيد الْملك كالمنقول وَمَا

هُوَ المملك من منقولهم المضمن من مَنْقُول دَار الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ حكم عقارهم وَقد سلمُوا أَن من جلس على بِسَاط الْغَيْر أَو ركب دَابَّته ضمن من غير نقل وَلَا سير، وَكَذَلِكَ الْمُودع إِذا جحد الْوَدِيعَة وَالْمَوْجُود مِنْهُ قَول مُجَرّد، وَالْيَد عبارَة عَن الْقُدْرَة والاستيلاء على الشَّيْء لِاسْتِيفَاء مَا خلق لَهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ يتَفَاوَت بتفاوت الْأَعْيَان. قَوْلهم: إِزَالَة (يَد الْمَالِك) لم يكن بِإِثْبَات الْيَد عَلَيْهِ غير صَحِيح لأَنا بَينا أَن الْيَد هِيَ الْقُدْرَة وَالتَّصَرُّف اسْتِعْمَال الشَّيْء فِيمَا خلق لَهُ، وَلَا يخفى أَن الْعين الْوَاحِدَة لَا تقبل التَّصَرُّف من شَخْصَيْنِ.

المسألة الثانية والسبعون بعد المائة إذا غصب ساجة أدرجها في بنائه قعب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا غصب ساجة أدرجها فِي بنائِهِ (قَعْب) :) الْمَذْهَب: نزعت بِحَق الْمَالِك. عِنْدهم: ينْتَقل إِلَى الْقيمَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترده ". لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ... .

لَهُم: اجْتمع حق الْمَالِك وَالْغَاصِب فَقدم حق الْغَاصِب لقِيَامه من كل وَجه فَإِن الساجة صَارَت كالهالكة لبيعها الْبناء وَصَارَت عقارا يسْتَحق بِالشُّفْعَة وَحقّ صَاحب الْعقار غير مجبور، وَحقّ الْمَالِك مجبور بِالْقيمَةِ. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: حق الْمَالِك الْمَعْصُوم بَاقٍ فِي الساجة وَفعل الْغَاصِب لَا يصلح لإِزَالَة ملكه فَيجب الرَّد عِنْد الْإِمْكَان، غَايَة مَا فِي الْبَاب أَن الْغَاصِب تلْزمهُ خسارة فِي الرَّد وَذَلِكَ مَعْهُود فِي مؤونة الرَّد وإبدال حق الْمَالِك بِالضَّمَانِ إبِْطَال لَهُ فِي الْمَعْنى وَذَلِكَ مُمْتَنع إِلَّا بِرِضَاهُ، ونقول: مَا جَازَ رده وَجب رده، فَإِن قَالُوا: لَا يجوز رده فَإِنَّهُ يُفْضِي إِلَى سفه كَانَ كَامِلا شنيعا

يأباه الشَّرْع، فَإِن الْخُرُوج من الْمَظَالِم حسن، وَلَو أَرَادَ صَاحب الْبناء نقضه لغَرَض جَازَ، أما من غصب خيطا (خاط بِهِ جرحه أَو جرح) عَبده فَإِنَّمَا لم يَنْزعهُ، فَإنَّا قَدرنَا (الْخَيط تَالِفا) لحُرْمَة الْآدَمِيّ وَله أشباه شرعا، فَإِنَّهُ لَو اضْطر فِي المخمصة جَازَ لَهُ أكل مَال غَيره، وَبِالْجُمْلَةِ الساجة بَاقِيَة وردهَا غير مُتَعَذر يدْخل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِذا غصب ثوبا فَصله قَمِيصًا وأمثال هَذِه الْوَاقِعَة، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: هُوَ بالصنعة قد أخرجهَا عَن أَن تكون بَاقِيَة من كل وَجه ويعدلون إِلَى الْقيمَة والمثار وَاحِد.

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا غصب حِنْطَة فطحنها (قعج) : الْمَذْهَب: يغرم أرش نقص إِن كَانَ وَالْعين للْمَالِك. عِنْدهم: يضمن قيمَة الْمَغْصُوب ويملكه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْخَبَر الشريف ( ... ) . لَهُم: دعِي النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى ضِيَافَة فَقدم إِلَيْهِ شَاة مصلية فَأخذ لقْمَة، وَجعل يلوكها وَلَا يسيغها وَقَالَ: " إِن الشَّاة تُخبرنِي أَنَّهَا ذبحت بِغَيْر حق فَقَالُوا: نعم. هِيَ لبَعض جيراننا أخذناها لنعطيهم الثّمن فَقَالَ: أطعموها الْأُسَارَى ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَغْصُوب لَو لم يُغَيِّرهُ الْغَاصِب لم يملكهُ فَإِذا غَيره وَجب أَن لَا يملكهُ كَمَا لَو قطع الشَّاة الْمَغْصُوبَة وَلم يطبخها. لَهُم: أخرج الْعين عَن الْمَعْنى الْمَقْصُود بهَا بِزِيَادَة صفة فَزَالَ ملك الْمَالِك بِالْإِتْلَافِ كَمَا لَو وطئ جَارِيَة ابْنه فأحبلها. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: الْمَعْنى فِي الأَصْل أَنه لم تذْهب منفعَته الْمَقْصُودَة بِخِلَاف مَسْأَلَتنَا وألزمونا إِذا أحرق الشَّاة والعذر أَنه بِالذبْحِ قبل الطَّبْخ قد فَوت مَنَافِع الْحَيَاة من الدّرّ والنسل والحرث، وَأما التحريق فقد أخرج الْعين عَن الِانْتِفَاع، وَبِالْجُمْلَةِ فعل الْغَاصِب عدوان من كل وَجه خلافًا لَهُم، وَهَذِه الْمَسْأَلَة وَالَّتِي بعْدهَا تبنى على هَذَا الْحَرْف وعَلى أَنه مَا أحدث بِفِعْلِهِ عينا

أُخْرَى، وَيَقُولُونَ: مَالِيَّة الْحِنْطَة غير مَالِيَّة الدَّقِيق فَإِنَّهُمَا يفترقان اسْما وَصُورَة، وَقد بطلت الْمعَانِي الحنطية بِفعل الْغَاصِب فضمنها، وَالْجَوَاب أَن مَالِيَّة الْحِنْطَة بِكَوْنِهَا قوتا وَهَذَا الْمَعْنى لَا يبطل بالطحن بل يصير أقرب إِلَى الْمَقْصُود، وَإِنَّمَا تَتَفَاوَت الْحِنْطَة والدقيق بالادخار فَإِن كَانَ ذَلِك ينقص الْحِنْطَة ضمنه الْغَاصِب، بَقِي أَن الْحِنْطَة كَانَت متهيئة لأغراض وماليتها بِاعْتِبَار الْكل وَقد فَاتَ بَعْضهَا فَكيف يهدر؟ الْجَواب: أَن الْعين إِذا استعدت لوجوه من الِانْتِفَاع بالتقوم بآحادها على الْبَدَل؛ لِأَن من ضَرُورَة صرفهَا إِلَى جِهَة صرفهَا عَن بَاقِي الْجِهَات وَالْمُعْتَبر تَقْوِيم الْعين فِي كل حَال.

المسألة الرابعة والسبعون بعد المائة إذا غصب حنطة فبذرها قعد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا غصب حِنْطَة فبذرها (قعد) :) الْمَذْهَب: الزَّرْع للْمَالِك. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ملك الْغَاصِب لَا بُد لَهُ من سَبَب، وَهَذِه الْأَفْعَال عدوانات، ويلزمهم إِذا

غزل الْقطن أَو طبع النقرة، فَإِن هَذِه الْأَفْعَال لَا تبطل ملك الْمَالِك وَالْعين بَاقِيَة إِنَّمَا تَغَيَّرت صفتهَا، وَمن ملك الشَّيْء، فَإِنَّمَا ملكه ناميا؛ لِأَن قيام الْملك بالجواهر سَبَب ملك مَا يقوم بهَا. لَهُم: الْعين الْمَغْصُوبَة صَارَت هالكة وَحدثت عين أُخْرَى بِدَلِيل زَوَال الِاسْم وَالصُّورَة وَالْمعْنَى، وَدَلِيل اخْتِلَاف الْجِنْس أَنه لَا يجوز أَخذ أَحدهمَا عَن الآخر فِي السّلم فَحدثت الْعين بِفعل الْغَاصِب فَتكون لَهُ، أما إِذا أَلْقَت الرّيح حَبَّة فِي أرضه فَنَبَتَتْ فالزرع لمَالِك الْحبَّة؛ لِأَنَّهُ لم يحدث بِفعل صَاحب الأَرْض. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: يدعونَ أَن مَالِيَّة الْحِنْطَة غير مَالِيَّة الدَّقِيق، وَالْجَوَاب: هَذِه الْمَالِيَّة وَإِن سلم أَنَّهَا حَادِثَة لَكِنَّهَا حدثت فِي ملكه فَيخْتَص بهَا وَلَا يقطع ملكه عَنْهَا، ومذهبنا على جادة الشَّرْع، قَالُوا: نَص الشَّافِعِي على أَنه لَو غصب حِنْطَة

وبلها حَتَّى تعفنت أَنه يُخَيّر الْمَالِك بَين الْقيمَة وَتَكون الْحِنْطَة للْغَاصِب وَالْأَرْش، وَتَكون الْحِنْطَة للْمَغْصُوب مِنْهُ، فَهَلا أجزتم ذَلِك فِي الْحِنْطَة المطحونة، قُلْنَا: حكم يبْقى حَقه وأزال ملكه بتمليكه (فَلم تتناقض هَذِه الْقَاعِدَة وَلم يبْق إِلَّا التَّخْيِير، وَلَا يلْزم التَّعَرُّض لَهُ وَقد خرج قَول آخر أَنه لَا يُخَيّر، قَالُوا: وَقد نَص على أَنه لَو خلط) الْغَاصِب الزَّيْت بِزَيْت نَفسه فَلهُ أَن يُعْطي الْمَالِك من مَوضِع آخر وَهَذَا تمْلِيك بِالْغَصْبِ، قُلْنَا: وَفِيه قَول آخر أَنه يُشَارك الْمَالِك فِيهِ وَالْمَنْع مُتَعَيّن هَاهُنَا؛ لِأَن غَايَة الْمُمكن أَن يُقَال: تعذر الرَّد وَصَارَ كالهالك وَلَيْسَ الْمَالِك فِي هَذَا التَّقْدِير بِأولى من الْغَاصِب، بَقِي أَن يُقَال: (هلك مَال) الْغَاصِب لما خلطه بِملك الْمَالِك أَو يُقَال: هما شريكان وَالْأَوْجه الْمَنْع.

المسألة الخامسة والسبعون بعد المائة إذا خرق الثوب خرقا فاحشا قعه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا خرق الثَّوْب خرقا فَاحِشا (قعه) :) الْمَذْهَب: ضمن الْأَرْش لمَالِكه. عِنْدهم: الْمَالِك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه قيمَة الثَّوْب وَسلمهُ إِلَيْهِ وَإِن شَاءَ أرش الْجِنَايَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أتلف جُزْءا من جملَة فَلَا يُطَالب بِبَدَل الْجَمِيع، كَمَا لَو قطع إِحْدَى يَدي عبد، وَالْفرق بَين أرش الثَّوْب وَبَين مَا إِذا قطع يَدي عبد أَن أرش الْيَدَيْنِ قدره الشَّرْع بِقدر قيمَة الْجُمْلَة، وَأرش الثَّوْب غير مُقَدّر.

لَهُم: كل عين لَو أتلفهَا لوَجَبَ عَلَيْهِ بدلهَا جَازَ أَن يجب عَلَيْهِ قدر ذَلِك الْبَدَل بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا مَعَ بَقَاء عينهَا كَمَا لَو غصب طَعَاما فبله. مَالك: أَحْمد: التكملة: لَيْسَ إِذا وَجب الْبَدَل بِإِتْلَاف الْجَمِيع وَجب بِإِتْلَاف الْبَعْض، أَلا ترى أَن مَالا تذْهب منفعَته الْمَقْصُودَة بِإِتْلَاف بعضه كالحبوب والأدهان لَو أتلفهَا جَمِيعهَا لزمَه كَمَال الضَّمَان، ثمَّ لَا يلْزمه كَمَال الْبَدَل بِإِتْلَاف بَعْضهَا، أما إِذا بل الطَّعَام لَا يسلم فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَإِن سلمنَا فالجناية فِيهِ لم تَسْتَقِر وَلَا تناهى النُّقْصَان، وَالظَّاهِر أَنه إِذا تناهى لم يبْق مِنْهُ مَاله قيمَة فَيصير فِي معنى من أَخذ الثَّوْب رمى بِهِ إِلَى نَار فَإِنَّهُ يلْزمه كَمَال قِيمَته، وَفِي مَسْأَلَتنَا

قد أتلف جُزْءا وَاسْتقر فِيهِ الْجِنَايَة فَلم نجز الْمُطَالبَة بِقِيمَة الْجَمِيع.

مسائل الغصب

(مسَائِل الْغَصْب)

فارغة

لوحة 47 من المخطوطة " أ ": قَالَ أَبُو حنيفَة بالاستحسان، (قَالَ الشَّافِعِي رحمهمَا الله) من اسْتحْسنَ فقد شرع، وَالِاسْتِحْسَان ثَلَاث مَرَاتِب: مَا يستحسنه الْمُجْتَهد بعقله وَلَا شكّ أَنه يجوز وُرُود التَّعَبُّد بِهِ عقلا، فَلَو ورد الشَّرْع بَان مَا سبق إِلَى أوهامكم فاستحسنتموه فَهُوَ حكم من الله لجَاز، لَكِن وُقُوع التَّعَبُّد بِهِ لَا يعرف من ضَرُورَة الْعقل وَنَظره إِلَّا أَن يرد فِيهِ مسموع وَلَو ورد لَكَانَ لَا يثبت بِخَبَر الْوَاحِد، فَإِن جعل الِاسْتِحْسَان مدْركا من مدارك الْأَحْكَام ينزل منزلَة الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع، فَلَا يثبت بِخَبَر الْوَاحِد. الثَّانِي: مَا يقطع بِهِ لهواه وَهَذَا لَا يجوز إِجْمَاعًا. الثَّالِث: أَن يَقُوله بِدَلِيل مثل أَن يحكم على الْحَادِثَة بنظائرها لدَلِيل حَاصِل من الْكتاب مثل قَوْله: " مَالِي صَدَقَة "، فَالْقِيَاس لُزُوم التَّصَدُّق بِكُل مَا يُسمى مَالا، اسْتحْسنَ أَبُو حنيفَة التَّخْصِيص بِمَال الزَّكَاة لقَوْله تَعَالَى: {خُذ من أَمْوَالهم} ، وَمثل هَذَا لَا يُنكر شبهه لَهُم قَالُوا: قَالَ الله تَعَالَى:

{الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} . وَالْجَوَاب: أَن اتِّبَاع أحسن مَا أنزل إِلَيْنَا هُوَ اتِّبَاع الْأَدِلَّة فبينوا أَن هَذَا مِمَّا أنزل شبهه قَالُوا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " مَا رَآهُ الْمُسلمُونَ حسنا فَهُوَ حسن عِنْد الله تَعَالَى "، وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خبر وَاحِد. جَوَاب آخر: المُرَاد بِهِ جَمِيع الْمُسلمين أَو آحادهم إِن أُرِيد الْجَمِيع فَهُوَ صَحِيح؛ لِأَنَّهُ لَا يجْتَمع على الْخَطَأ وَإِن أُرِيد الْآحَاد لزم الِاسْتِحْسَان الْعَوام، قَالُوا: الْأمة استحسنت دُخُول الْحمام من غير تَقْدِير أُجْرَة، وَشرب المَال من السقاء، وَالْجَوَاب: من أَيْن عَرَفْتُمْ أَن الْأمة فعلت ذَلِك من غير دَلِيل، وَلَعَلَّ الدَّلِيل جَرَيَان ذَلِك من عصر الرَّسُول وَقرر عَلَيْهِ لأجل الْمَشَقَّة وَهِي سَبَب الرُّخْصَة، وَجَوَاب آخر تَسْلِيم السقاء المَاء إِبَاحَة، وَإِذا أتْلفه متْلف فَعَلَيهِ ثمن الْمثل؛ لِأَن قرينَة حَاله تدل على الْعِوَض، وَكَذَلِكَ الحمامي فَلَيْسَ

هَذَا ببدع بل بِقِيَاس، فرع لِابْنِ الْحداد إِذا غصب عبدا فجنى جِنَايَة تزيد على قِيمَته ثمَّ مَاتَ العَبْد كَانَ على الْغَاصِب قِيمَته فَإِذا أَخذهَا السَّيِّد تعلق أرش الْجِنَايَة بهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَت مُتَعَلقَة بِالْعَبدِ فتعلقت بِبَدَلِهِ، كَمَا أَن الرَّهْن إِذا أتْلفه متْلف وجهت قِيمَته وَتعلق الدّين بهَا، فَإِذا أَخذ ولي الْجِنَايَة الْقيمَة من الْمَالِك رَجَعَ الْمَالِك بِقِيمَة أُخْرَى؛ لِأَن الْقيمَة الَّتِي أَخذهَا اسْتحقَّت بِسَبَب كَانَ فِي يَد الْغَاصِب، فَكَانَت من ضَمَانه، قَالَ: وَلَو كَانَ العَبْد وَدِيعَة فجنى جِنَايَة استغرقت قِيمَته، ثمَّ إِن الْمُودع قَتله وَجَبت عَلَيْهِ قِيمَته وَتعلق بهَا أرش الْجِنَايَة فَإِذا أَخذهَا ولي الْجِنَايَة لم يرجع على

الْمُودع؛ لِأَنَّهُ جنى وَهُوَ غير مَضْمُون عَلَيْهِ، إِذا أَزَال الْمُسلم تأليف صَلِيب لم يضمنهُ، وَإِن كسر مِنْهُ مَا يصلح لغير ذَلِك ضمن. من غصب صَغِيرا حرا ثمَّ مَاتَ فِي يَده لم يضمن بِخِلَاف مَا لَو كَانَ عبدا، وَكَذَا إِذا كَانَ كَبِيرا قَالَ ابْن أبي هُرَيْرَة: يضمن منفعَته وَهَذَا غير صَحِيح؛ لِأَن الْمَنْفَعَة تلفت فِي يَد مَالِكهَا، وَهُوَ كَمَا لَو كَانَ عَلَيْهِ ثِيَاب فبليت فِي زمن الْغَصْب.

المسألة السادسة والسبعون بعد المائة إذا فقأ عيني فرس قعو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا فَقَأَ عَيْني فرس (قعو) :) الْمَذْهَب: لزمَه أرش مَا نقص. عِنْدهم: عَلَيْهِ رفع الْقيمَة اسْتِحْسَانًا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: رُوِيَ عَن عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: فِي عين الدَّابَّة ربع الْقيمَة.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَا لَا يضمن سَائِر أَطْرَافه، بمقدر لَا يضمن عينه بمقدر كالشاة. لَهُم: حَيَوَان يسْتَحق لأَجله سهم من الْغَنِيمَة فَكَانَ بدل عينه مُقَدرا كالآدمي. مَالك: أَحْمد: التكملة: أما الْأَثر الَّذِي رَوَوْهُ فَيحْتَمل أَن يَكُونَا أوجبا أرش النُّقْصَان فَوَافَقَ ذَلِك ربع الْقيمَة كَمَا رُوِيَ عَن أبي بكر وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا أوجبا فِي الْعين الْقَائِمَة ثلث الدِّيَة، وَكَانَ ذَلِك على طَرِيق الْحُكُومَة وَوَافَقَ الثُّلُث

وَالْوَصْف الَّذِي ذَكرُوهُ فِي دليلهم لَا تَأْثِير لَهُ فِي تَقْرِير الْبَدَل؛ لِأَن الصَّبِي وَالْكَافِر لَا يسْتَحق لأَجلهَا سهم ويتقدر بدل عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا، وَعِنْدهم يدل عَن الْبَقَرَة وَالْبَعِير مُقَدّر وَلَا يسْتَحق لأجلهما سهم ثمَّ الْمَعْنى فِي الأَصْل أَن بدل سَائِر أَطْرَافه مُقَدّر؛ وَلِأَن الْآدَمِيّ لما تقدر بدل عينه وَجب فِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة، فَلَو كَانَ فِي مَسْأَلَتنَا مُقَدرا لوَجَبَ نصف قِيمَته.

المسألة السابعة والسبعون بعد المائة المسلم إذا أراق خمر الذمي قعز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: الْمُسلم إِذا أراق خمر الذِّمِّيّ (قعز) :) الْمَذْهَب: لَا ضَمَان عَلَيْهِ. عِنْدهم: يضمن الْمُسلم بِالْقيمَةِ وَالذِّمِّيّ بِالْمثلِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " حرمت الْخمْرَة لعينها "، أَي لِمَعْنى فِيهَا، وَهِي الشدَّة المطربة وَالْعلَّة مَوْجُودَة فِي حق الْكَافِر حسب وجودهَا فِي حق الْمُسلم، وَلعن فِيهَا عشرَة، واللعن الشَّرْعِيّ لَا يُطلق إِلَّا فِي الْحَرَام. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة.

وَجه الدَّلِيل: هَذَا الْخطاب مَعَ الْمُسلمين (وَكَانَت الْخمر قبل نُزُولهَا حَلَالا) . وَالْخطاب خَاص بِالْمُسْلِمين فَبَقيَ فِي حق الْكَافِر على الأَصْل، وَفِي الْآيَة مَوَاضِع تدل على اختصاصها بِالْمُسْلِمين. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْخمر نَجِسَة فَلَا يجب ضَمَانهَا كالميتة وَهُوَ إِتْلَاف ورد على مَحل غير مُتَقَوّم فَلَا يُوجب الضَّمَان كالميتة وَالدَّم وَكَونه لَا يضمن بِالْمثلِ الْمُمكن دَلِيل عدم الضَّمَان؛ لِأَن ذَوَات الْأَمْثَال تضمن بِالْمثلِ وَالْخمر من ذَوَات الْمثل فَعدم الضَّمَان بِالْمثلِ مَعَ الْإِمْكَان دَلِيل سُقُوط الضَّمَان. لَهُم: فَاتَ الضَّمَان فِي حق الْكفَّار، فَلَا يثبت كالقبلة لأهل قبَاء كَيْلا يُكَلف مَا لَا نطيق بَيَانه أَنهم مقرون على اعْتِقَادهم وَقد أمرنَا بترك التَّعَرُّض لَهُم وَعقد الذِّمَّة إِذا عصم عينا قَومهَا.

مَالك: يجب الضَّمَان. أَحْمد: التكملة: مثار النّظر الْبَحْث عَن عِلّة انْتِفَاء الضَّمَان فِي خمر الْمُسلم فَنَقُول: الأَصْل فِي الْخمر تَحْرِيم الشّرْب الثَّابِت بِالْإِجْمَاع ثمَّ يتبعهُ وجوب الإراقة إعداما للعين ثمَّ الْحَد جَزَاء ثمَّ التَّنْجِيس تنفيرا ثمَّ سُقُوط المغرم إهانة فَصَارَ كالحشرات، وَهَذَا الْمَعْنى مَوْجُود فِي خمر الْكَافِر، ويتأيد بِانْتِفَاء ضَمَان الْمثل مَعَ أَنه أقرب إِلَى جبر حَقه وَهُوَ متيسر، وَوُجُوب الْمثل المتيسر يمْنَع وجوب الْقيمَة كَمَا فِي سَائِر الضمانات فَسقط الْمثل إِجْمَاعًا وَالْقيمَة اسْتِدْلَالا، فَإِن اعتذروا بِأَن الْمُسلم لَا يملك الْخمر وَلَا يتَمَكَّن من تمليكها لم يسْتَقرّ على أصلهم لما جوزوا للْمُسلمِ أَن يُوكل ذِمِّيا يتجر لَهُ فِي الْخمر، وَتَصِح التِّجَارَة، وَتَكون الْأَثْمَان والأرباح للْمُسلمِ فليؤد مِمَّا اشْترى وَكيله فَإِن قَالُوا: فِيهِ إذلال، قُلْنَا: الإذلال بأَدَاء المَال الْمُتَقَوم أَكثر، وَأما الْآيَة

فالتحريم فِيهَا عَام وَالْخطاب مَعَ الْمُسلمين لشرفهم، ثمَّ إِنَّهَا دلّت على معنى ذاتي فِي الْخمر لَا تخْتَلف باخْتلَاف المخاطبين.

المسألة الثامنة والسبعون بعد المائة إذا غصب جارية فحملت في يده وولدت قعح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا غصب جَارِيَة فَحملت فِي يَده وَولدت (قعح) :) الْمَذْهَب: نُقْصَان الْولادَة فِي الْأُم لَا يجْبرهُ الْوَلَد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: النُّقْصَان فَوَات جُزْء والجزء مَضْمُون على الْغَاصِب وَالْولد ملك الْمَالِك فَلَا يضمن ملكه بِملكه وَالضَّمان لَا يسْقط إِلَّا بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاء ونمنع اتِّحَاد

السَّبَب ونسلمه، ونقول: لَا يصلح الْوَلَد أَن يخلف لكَونه ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ. لَهُم: الْوَلَد قَامَ مقَام النَّقْص فانعدم كَمَا لَو هزلت ثمَّ سمنت وَذَلِكَ؛ لِأَن سَبَب الزِّيَادَة وَالنَّقْص وَاحِد وَهُوَ الْوَضع؛ لِأَن الْوَلَد لَا يقوم بِنَفسِهِ قبل الْولادَة وَالسَّبَب الْوَاحِد إِذا أخرج عَن ملكه مَالا وَأدْخل مَالا كَانَ الدَّاخِل خلفا عَن الْخَارِج. مَالك: أَحْمد: التكملة: الْجَارِيَة مَغْصُوبَة بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وصفاتها الَّتِي قَامَت بهَا الْمَالِيَّة وكل مَغْصُوب عجز عَن تَسْلِيمه وَجب ضَمَانه، وَهَذَا شَأْن مَا فَاتَ من الْأُم

وَالْولد لَا يصلح جَابِرا؛ لِأَنَّهُ لَو انْتَفَى نُقْصَان الْأُم كَانَ الْوَلَد مَمْلُوكا وجبر ملك الْإِنْسَان يملكهُ لَا وَجه لَهُ، ويتأيد بِمَا إِذا مَاتَت الْأُم فَإِن الْوَلَد لَا يجبرها إِجْمَاعًا، وَإِن كَانَ فِيهِ وَفَاء بهَا ثمَّ لَو كَانَ الْوَلَد أقل من قيمَة النُّقْصَان لزم الْغَاصِب قدر التَّفَاوُت، ثمَّ قَالُوا لَو أمْسكهَا حَتَّى زَادَت قيمَة الْوَلَد وساوت قدر النُّقْصَان انْتَفَى الضَّمَان، وَهَذِه زِيَادَة حدثت لَا بِالْولادَةِ، ثمَّ لَو الْتزم الْأَرْش وردهما ثمَّ صَار الْوَلَد بِقدر التَّفَاوُت، قَالُوا: لَا يُعَاد الْأَرْش، وكل هَذَا تنَاقض، ثمَّ نمْنَع اتِّحَاد السَّبَب؛ فَإِن سَبَب النُّقْصَان الْولادَة وَسبب مَالِيَّة الْوَلَد الْعلُوق، فَإِنَّهُ مَال

قبل الِانْفِصَال بِدَلِيل أَن الْجَنِين إِذا كَانَ بَين مالكين وَعتق أَحدهمَا نصِيبه ضمن نصيب الآخر، وَإِن ضرب بَطنهَا فأجهضت ضمن نصيب الشَّرِيك.

المسألة التاسعة والسبعون بعد المائة إذا قدم الغاصب الطعام المغصوب إلى المالك فأكله بحكم الضيافة قعط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا قدم الْغَاصِب الطَّعَام الْمَغْصُوب إِلَى الْمَالِك فَأَكله بِحكم الضِّيَافَة (قعط) :) الْمَذْهَب: الضَّمَان على الْغَاصِب فِي القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يَأْتِ بِالرَّدِّ الْمُسْتَحق فَلَا يبرأ، بَيَانه: أَنه لم يصل إِلَيْهِ مَا أزيل فَإِنَّهُ أزيل

يَد الْمَالِك من الْملك وَأعَاد يَد الْإِبَاحَة بِدَلِيل أَن يَد الْمَالِك لَهَا أَحْكَام كَالْبيع وَالْهِبَة، ثمَّ قد غره، فَإِنَّهُ رُبمَا لَو علم أَنه لَهُ لم يَأْكُلهُ وَقد تتَصَوَّر يَد الْمَالِك وَلَا يكون بل كَمَا لَو اكترى دَارا قد أجرهَا. لَهُم: أَتَى بِالرَّدِّ الْمُسْتَحق عَلَيْهِ فبرئ من الضَّمَان كَمَا لَو علم. بَيَان الدَّعْوَى: أَن الْمُسْتَحق عَلَيْهِ عود يَد الْمَالِك، وَقد عَادَتْ وَلَا تكون يَد الْمَالِك إِلَّا يَد ملك بِدَلِيل أَنه لَو شَرط تَعْدِيل الرَّهْن عِنْد الْمَالِك لم يَصح، وَتَقْرِيره أَن الْمَالِك عَاد إِلَى الْمَالِك وَلَا يضمن الْغَاصِب. مَالك: أَحْمد: التكملة: تخيلوا أَن عوده إِلَى يَد الْمَالِك يجْبر الْيَد الْفَائِتَة، وَلَيْسَ كَذَلِك؛ لِأَنَّهُ مَا عَادَتْ يَد الْمَالِك الْفَائِتَة. بَيَانه: أَن الْيَد الْمُعْتَبرَة شرعا هِيَ الْقُدْرَة لَا الْجَارِحَة، وَالْقُدْرَة تخْتَلف فَمن قدر على جَمِيع التَّصَرُّفَات فِي عين كَانَ لَهُ

عَلَيْهَا يَد ملك فَإِن قدر على مُجَرّد الْحِفْظ لنَفسِهِ كَانَ مسترهنا فَإِن كَانَ ذَلِك للْمَالِك كَانَ مستودعا فَإِن قدر على مُجَرّد التَّصَرُّف كَانَ مُبَاحا، ونقول: قد يتَصَوَّر من الْمَالِك فعل فِي الْمَغْصُوب يُوجب الضَّمَان كالإتلاف وَالشِّرَاء وَالْهِبَة وَالْغَصْب وَالْعَارِية، هَذِه أَسبَاب جِهَات الضَّمَان، وَكَذَلِكَ لَو صدرت من أَجْنَبِي ضمن للْغَاصِب، فَلَو صدرت من الْمَالِك وطالب الْغَاصِب عَاد الْغَاصِب عَلَيْهِ، أما فِي مَسْأَلَتنَا هَذَا الْفِعْل لَا يعود بِهِ الْغَاصِب على الْمَالِك إِذْ لَو عَاد الْمَالِك عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غره فالصورة أَن يُطَالب الْمَالِك الْغَاصِب بِالْعينِ فَيُطَالب الْغَاصِب بِالضَّمَانِ فيطالبه الْمَالِك بِضَمَان الْغرَر فيستقر الضَّمَان على الْغَاصِب فَنحْن نقدر الضَّمَان عَلَيْهِ ابْتِدَاء لما كَانَ يُفْضِي إِلَيْهِ.

المسألة الثمانون بعد المائة إذا غصب شيئا وتلف في يده قف

(الْمَسْأَلَة الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: إِذا غصب شَيْئا وَتلف فِي يَده (قف) :) الْمَذْهَب: يضمن بِأَكْثَرَ قِيمَته من حِين الْغَصْب إِلَى حِين التّلف. عِنْدهم: يضمن قِيمَته وَقت الْغَصْب. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كل حَال ثبتَتْ فِيهَا يَد الْغَاصِب على الْمَغْصُوب جَازَ أَن تضمن قِيمَته فِيهِ كابتداء الْغَصْب.

لَهُم: مَضْمُون بِالْقَبْضِ فَاعْتبر فِيهِ الْقيمَة حَال الْقَبْض كَالْمَرْأَةِ إِذا قبضت صَدَاقهَا. مَالك: أَحْمد: تعْتَبر الْقيمَة حِين التّلف. التكملة: قَالُوا فِي الِابْتِدَاء نقل الْمَغْصُوب عَن يَد الْمَالِك فضمن فِي تِلْكَ الْحَال وَهَاهُنَا لم ينْقل الْمَغْصُوب فَلم يطْلب بِقِيمَتِه كَمَا بعد التّلف، وَالْجَوَاب: لَا يمْتَنع أَن ينْقل وَيلْزمهُ الضَّمَان كَالْمُودعِ إِذا جحد الْوَدِيعَة وَيُفَارق مَا بعد التّلف، فَإِنَّهُ لَيْسَ بغاصب للعين، إِذْ رِوَايَته أَنه لَا يُطَالب بردهَا، وَأما الْمَرْأَة، فَالَّذِي قَبضته صَدَاقهَا وَمَالهَا وَمَا يحدث يحدث على ملكهَا.

لوحة 48 من المخطوطة " أ ": للْمُفلس الْأَخْذ بِالشُّفْعَة وَالْعَفو؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذ فِي ذمَّته وَلَيْسَ بمحجور عَلَيْهِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الْمكَاتب، أما الْمَأْذُون فَلهُ الْأَخْذ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفو، وَالْقَوْل فِي ثمن الشّقص قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْبناء، قَوْله وَإِذا ورث اثْنَان دَارا بَينهمَا نِصْفَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا وَورثه ابناه فَبَاعَ أَحدهمَا نصِيبه، فَإِن الشُّفْعَة تثبت لِأَخِيهِ وَعَمه هَذَا الْقيَاس، قَالَ مَالك: الْأَخ أولى بِهِ؛ لِأَنَّهُ أخص بِالشّركَةِ من الْعم وَحقّ الشُّفْعَة يُورث، وَبِه قَالَ مَالك خلافًا للعراقي وَأحمد يُورث على قدر الْحُقُوق، ومالا يحْتَمل الْقِسْمَة كالحمام وَالدَّار الصَّغِيرَة لَا شُفْعَة فِيهِ، وعهدة المُشْتَرِي على البَائِع، وعهدة الشَّفِيع على المُشْتَرِي، ويتوصل إِلَى إِسْقَاط الشُّفْعَة بِأَن يقر البَائِع بِسَهْم من الشّقص لولد المُشْتَرِي وَهُوَ صَغِير ثمَّ يَشْتَرِي لَهُ الْأَب الْبَاقِي، وَمن ذَلِك أَن يعْقد البيع بِثمن مَعْلُوم وَيذكر أَنه عوضا فِيهِ وَفَاء

بِالْقيمَةِ أحضراه مجْلِس العقد، وَإِذا أذن الشَّفِيع فِي البيع أَو أَبْرَأ من الشُّفْعَة قبل العقد لم تسْقط شفعته، والمطالبة على الْفَوْر مَا لم يمْنَع من ذَلِك عذر، فَإِذا لَقِي المُشْتَرِي بدأه بِالسَّلَامِ ثمَّ بالمطالبة، إِذا أَرَادَ فِي الْمُسَاقَاة أَن يشتركا فِي الزَّرْع على مَا يشرطانه أعَار صَاحب الأَرْض الأكار نصف أرضه وَيكون الْبذر بَينهمَا؛ أَولا يسْتَحق رب الأَرْض على الأكار أُجْرَة نصف الأَرْض وَيعْمل الأكار على الأَرْض، فَتكون الْغلَّة بَينهمَا وَلَا يسْتَحق الْعَامِل أُجْرَة نصف عمله؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مُتَطَوّع بِمَا بذل، قَالَ الْمُزنِيّ: يكون الْبذر بَينهمَا ويكري صَاحب الأَرْض الأكار نصف أرضه بِأَلف ويكتري مِنْهُ نصف عمله على نصفه وَعمل عوامل بِأَلف ويتقاصان بذلك، وَتَكون الْغلَّة بَينهمَا، وَيُمكن بأسهل من ذَلِك، وَهُوَ أَن يكريه نصف أرضه بِعَمَلِهِ وَعمل عوامله على نصِيبه، وَإِن أَرَادَ أَن يكون الْبذر من أَحدهمَا، فَإِن كَانَ من رب المَال اسْتَأْجر مِنْهُ نصف عمله وَعمل عوامله على نصفه بِنصْف الْبذر وَنصف الأَرْض، وَإِن كَانَ الْبذر من الأكار اسْتَأْجر مِنْهُ بِنصْف عمله وَعمل عوامله وَنصف الْبذر نصف الأَرْض وتفتقر هَذِه الْإِجَارَة إِلَى تَقْدِير الْمدَّة ورؤية الأَرْض والعوامل، إِذا كَانَ على النّخل

المُشْتَرِي ثَمَرَة لم يثبت فِي الثَّمَرَة الشُّفْعَة خلافًا لَهُ.

الشفعة والمساقاة

(الشُّفْعَة وَالْمُسَاقَاة) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: مُسْتَحقّ الشُّفْعَة (قفا) :) الْمَذْهَب: الشَّرِيك. عِنْدهم: الشَّرِيك وَالْجَار. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِنَّمَا الشُّفْعَة فِيمَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود، وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة " وَالْخَبَر صَحِيح، وَذكر تصريف الطّرق؛ لِأَنَّهُ الْغَالِب وَإِلَّا الأَصْل وُقُوع الْحُدُود، فَلَا يلْزم كوننا لَا نعتبر تصريف الطّرق.

لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " جَار الدَّار أَحَق بِالدَّار "، وروى جَابر: " جَار الدَّار أَحَق بشفعة الدَّار. ينْتَظر بهَا إِن كَانَ غَائِبا إِن كَانَ طريقهما وَاحِدًا "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْجَار أَحَق بصقبه "، وَالْكَلَام لحقيقته، وَلَا يحمل على الْمجَاز إِلَّا بِدَلِيل. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْقيَاس يمْنَع الْأَخْذ بِالشُّفْعَة؛ لِأَنَّهُ يملك مَال الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه، لِأَن الشَّرْع ورد فِي الخليط فبقينا فِي الْجَار على مُقْتَضى الأَصْل، وَالضَّرَر لَا

يدْفع بِالضَّرَرِ وَلَو كَانَ الْجَار يسْتَحق الشّركَة بجواره فأقدم الشَّرِيك عَلَيْهِ. لَهُم: الشُّفْعَة وَردت بعلة الضَّرَر لسوء الْمُشَاركَة، وَالضَّرَر مَدْفُوع بِأخذ الشّقص من الدخيل وَهَذَا الضَّرَر مَوْجُود فِي الْجوَار؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِل الْملك اتِّصَال قَرَار وتأبيد فَاسْتحقَّ الشُّفْعَة كالشريك. مَالك: وَافق وَقَالَ أَيْضا تثبت فِي السفن. أَحْمد: ق. التكملة: بعض منقولهم مُجمل مثل الصقب، وَبَعضه فِي رَاوِيه مطْعن، ومنقولنا ثَبت السَّنَد، وَمَا يَصح من منقولهم محمله على الشَّرِيك، وَقد يُسمى جارا، وَقد تسمى الزَّوْجَة جارا:

(أيا جارتا بيني فَإنَّك طالقه ... ) ونقول: إِذا أثبت الشَّرْع الشُّفْعَة فِي الشّركَة فَبِأَي طَرِيق يُقَاس عَلَيْهَا الْجوَار وَالضَّرَر على الشَّرِيك أَكثر لما فِيهِ من مؤونة الْقِسْمَة ثمَّ لَو تَسَاويا مَا قدم الشَّرِيك على الْجَار وَمَا يقدر من الْخُصُومَة فَفِي الشّركَة مثله وَذَلِكَ ينْدَفع بالسلطان. وحرف الْمَسْأَلَة: أَن الشُّفْعَة عِنْدَمَا معللة بِدفع ضَرَر الْقِسْمَة وَعِنْدهم بِرَفْع ضَرَر الدخيل.

فارغة

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: الشّقص الممهور (قفب) : الْمَذْهَب: تثبت فِيهِ الشُّفْعَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من كَانَ لَهُ أَرض أَو نخل فَلَا يَبِيعهَا حَتَّى يعرضهَا على شَرِيكه، فَإِذا بَاعهَا وَلم يُؤذنهُ فشريكه أَحَق بهَا "، وَجه الدَّلِيل قَوْله: " فَإِن بَاعهَا " جعل البيع شرطا فِي الْأَخْذ بِالشُّفْعَة، وَهَذِه الْعُقُود لَيست بيعا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

شقص مَمْلُوك بعوض فثبتت فِيهِ الشُّفْعَة كَالْبيع، وَالْعلَّة دفع الضَّرَر لَا نفس البيع والمماثلة حَاصِلَة بِالْمثلِ وبالقيمة، وَلَا شكّ أَنه تقابله قيمَة وَهِي مُتَقَومَة بِدَلِيل العقد الصَّحِيح وَالْفَاسِد، فقد وَجب السَّبَب الدَّاعِي إِلَى إِثْبَات الشُّفْعَة وَتحقّق شَرطه فَثَبت. لَهُم: شقص مَمْلُوك لَا فِي مُقَابلَة مَال فَلم يُؤْخَذ بِالشُّفْعَة كَالْهِبَةِ. تَأْثِيره: أَن الشُّفْعَة تملك بِمَا ملك المُشْتَرِي فَيكون إِذا ملكه بِمَالِه مثل وَلَا مثل للمنافع فقد ملك الشّقص بِمَا لَيْسَ بِمَال وَلَا تثبت فِيهِ الشُّفْعَة كَمَا لَو ملكه هبة. مَالك: تثبت الشُّفْعَة بِقِيمَة الشّقص. أَحْمد: التكملة: الصُّورَة الْمَفْرُوضَة قد صَار فِيهَا بعض الدَّار مَبِيعًا وَلَا شُفْعَة عِنْدهم،

وَهَذَا مَال ملك بِمَال فَأَي عذر لَهُم عَن سُقُوط الشُّفْعَة فِيهِ، وَجَوَاز منقولهم ظَاهر، وَنحن نعمل بِهِ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيل نفي الشُّفْعَة فِيمَا سوى البيع والعذر عَن الْهِبَة أَنه لَا عوض لَهَا سوى الْمِنَّة أَو الثَّوَاب، وَلَا يُمكن الْأَخْذ بهَا، قَالُوا: وَمثل ذَلِك فِي الْمهْر، فَإِن الْمَرْأَة رغبت فِيهِ مَعَ أُمُور أخر من الزَّوْج وَذَلِكَ لَا يُمكن أَن يُؤْخَذ بِهِ، وَالْجَوَاب: أَنه لَا أثر لذَلِك بل الْأَثر لما يظْهر فِي العقد، وَذَلِكَ بِمَثَابَة مَا لَو بَاعَ الشّقص من قَرِيبه يُرِيد بِهِ صلَة رَحمَه، فَإِنَّهُ لَا يلْتَفت إِلَى هَذَا وَيُؤْخَذ بِمَا ظهر فِي العقد، والحرف أَن مَا قوبل بِهِ الشّقص من الْبضْع وَالْمَنَافِع هِيَ أَعْيَان مَضْمُونَة عندنَا كَسَائِر الْأَمْوَال خلافًا لَهُم.

فارغة

المسألة الثالثة والثمانون بعد المائة كيف نقسم الشفعة بين الشركاء قفج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: كَيفَ نقسم الشُّفْعَة بَين الشُّرَكَاء (قفج) :) الْمَذْهَب: على السِّهَام فِي القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: على الرُّءُوس وَهُوَ القَوْل الثَّانِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الشُّفْعَة حق الْملك فتقسم على قدره كالغلة وَالرِّبْح، ذَلِك لِأَن الشُّفْعَة

حق، وَإِنَّمَا اسْتحق بِملك نصِيبه، فَمَعْنَاه أَنه يسْتَحق بِملكه وَحُقُوق الْملك تتبع الْملك فتقدر بِهِ، فَأصل الْملك لأصل الشُّفْعَة وَالْقدر لقدر مَا يَأْخُذ إِن زوحم. لَهُم: اسْتَووا فِي سَبَب الِاسْتِحْقَاق فاستووا فِي الْأَسْبَاب، لِأَن الشُّفْعَة بِأَصْل الْملك لَا بِقَدرِهِ بِدَلِيل تَسَاوِي من قل نصِيبه وَمن كثر فِي الْأَخْذ بهَا، ذَلِك؛ لِأَن الشّركَة عِلّة الِاسْتِحْقَاق، ونقيس على الزِّيَادَة فِي عدَّة الشُّهُود إِقَامَة الْبَيِّنَة بِاثْنَيْنِ وَالزِّيَادَة فِي الْخراج. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: يلْزمهُم الفرسان والرجالة، فَإِن كل فريق مِنْهُم إِذا انْفَرد انْفَرد بِالْغَنِيمَةِ وَإِذا اجْتَمعُوا تفاوتت الْقِسْمَة بَينهم، ويلزمهم إِذا قطع يَد إِنْسَان، فَإِن

أرش الْجِنَايَة يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ، فَلَو قتل آخر تعلّقت أَيْضا الْجِنَايَة بِرَقَبَتِهِ (فَإِذا بِيعَتْ رقبته) قسمت الْقيمَة بَينهمَا، وَلَو خلف رجل بِنْتا وأختا، فَإِن الْفَاضِل عَن الْبِنْت للْأُخْت، فَلَو كَانَ من الْأُخْت أَخ قسم بَينهمَا الْبَاقِي. عبارَة: فَائِدَة مَالِيَّة سَببهَا الْملك فتتوزع على قدر الْملك كالأرباح ونسلم لَهُم أَن أصل الْملك عِلّة كَامِلَة لإزعاج المُشْتَرِي وَدفع ضَرَره، لَكِن كل وَاحِد مسَاوٍ لصَاحبه فِي ذَلِك لَا جرم دفع كل ضَرَر عَن كل وَاحِد مِنْهُم بإزعاج المُشْتَرِي، فَأَما تَحْصِيل الْملك للشَّفِيع وتوسعة ريعه ففائدة ملكه وَالْكَلَام فِي تنَازع الشفعاء عِنْد الْقِسْمَة، وَلَا كَلَام بَين الشفعاء وَالْمُشْتَرِي ورد الْملك عَلَيْهِم من فَوَائِد ملكهم، فَإِذا انْفَرد وَاحِد فَهُوَ لَهُ وَأقرب مِثَال لما نَحن فِيهِ الْغَنِيمَة سِيمَا فِي الْأَرَاضِي وَالْمَسْأَلَة مُحْتَملَة.

المسالة الرابعة والثمانون بعد المائة إذا بنى المشتري أو غرس قفد

(المسالة الرَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: إِذا بنى المُشْتَرِي أَو غرس (قفد) :) الْمَذْهَب: لم ينْقض مَا بناه مجَّانا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: بِنَاء بِحَق وَلَا ينْقض بِنَاؤُه مجَّانا كَمَا لَو لم يكن شَفِيع، ذَلِك لِأَنَّهُ بنى فِي ملكه وَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَلم يتَعَلَّق بِهِ حق الْغَيْر، ثمَّ لَو بَاعَ أَو وهب صَحَّ

وَهُوَ محق فِي تصرفه، فَالْحق أَن ينظر لَهُم أَو يَأْخُذ الشَّفِيع مَعَ ثمن الْبناء ويتأيد بِمَا أَنه لَا ينْقض زرعه. لَهُم: تصرف من المُشْتَرِي يُؤَدِّي إِلَى إبِْطَال حق الشَّفِيع، فَجَاز للشَّفِيع نقضه كَمَا لَو بَاعه، وتحقيقه أَن الشَّرْع مكنه من الْوُصُول إِلَى الْمَبِيع بِدَلِيل الْقُدْرَة، وَالزِّيَادَة إبِْطَال حَقه وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْمُسِيء على حق نَفسه. مَالك: أَحْمد: التكملة: من لَا يقْلع زرعه قلع زرع الْغَاصِب لَا ينْقض بِنَاؤُه نقض بِنَاء الْغَاصِب كالمستعير إِذا اسْتعَار مُدَّة وَبنى وغرس أَو المُشْتَرِي إِذا رد عَلَيْهِ عوض الشّقص بِالْعَيْبِ، فَإِن البَائِع وَإِن اسْتحق اسْتِرْدَاده لَا ينْقض عَلَيْهِ، واحترزنا بقولنَا قلع زرع الْغَاصِب عَن منع لَهُم فَإِنَّهُم يَقُولُونَ بقلع زرعه إِن لم يبْذل الْأُجْرَة وَلَا يقْلع إِن بذل، وَهَذِه تميزه عَن الْغَاصِب واحترزنا بقولنَا لَا ينْقض بِنَقْض بِنَاء الْغَاصِب عَمَّا سلطناه عَلَيْهِ من النَّقْض لَكِن بِالْأَرْشِ،

والإنصاف أَن للْمُشْتَرِي ملكا وللشفيع حَقًا وَالضَّرَر متقابل لَكِن أَهْون الضررين أولى بِالِاحْتِمَالِ، فَكَمَا أَن الإهمال فِي الزَّرْع أَهْون من الْإِبْطَال بِالْقَلْعِ، فَكَذَلِك الْإِبْدَال أَهْون من الْإِبْطَال بِالنَّقْضِ.

المسألة الخامسة والثمانون بعد المائة المساقاة على النخل والكرم قفه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: الْمُسَاقَاة على النّخل وَالْكَرم (قفه) :) الْمَذْهَب: مُعَاملَة صَحِيحَة وَفِي سَائِر الشّجر قَولَانِ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: لما فتح عَلَيْهِ السَّلَام خَيْبَر عنْوَة أصَاب صفراء وبيضاء وَحَدَائِق فَقَسمهَا على الْغَانِمين، فاستغلوها فنقصت الثِّمَار فِي أَيْديهم فَقَالَ الخيابرة: نَحن أعلم بِأَمْر النخيل فساقاهم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَن يكون شطر الثِّمَار لَهُم،

والْحَدِيث نَص ومساقه دفع كل تَأْوِيل، فَإِنَّهُ بعث عبد الله بن رَوَاحَة خرصها، وَقَالَ: إِن شِئْتُم فلكم، وَإِن شِئْتُم فلي. لَهُم: رُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَن المخابرة، فَإِن كَانَت مُشْتَقَّة من الْخَبِير وَهُوَ الأكار فَتطلق على الْمُسَاقَاة أَيْضا، وَإِن كَانَت من تصريف خَيْبَر فَهِيَ نهي عَن هَذِه الْمُعَامَلَة الَّتِي كَانُوا يرونها. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عين لَا تزكو ثمارها إِلَّا بِالْعَمَلِ عَلَيْهَا، فَإِذا لم تجز إِجَارَتهَا للمنفعة الْمَقْصُودَة جَازَ أَن يعْقد عَلَيْهَا بِبَعْض نمائها كالدنانير وَالدَّرَاهِم.

لَهُم: نوع إِجَارَة فَلَا يَصح على هَذَا الْوَجْه كالمزارعة، الدَّلِيل على أَنَّهَا إِجَارَة أَنه لَا بُد فِيهَا من إِعْلَام الْمدَّة وَالْجهل بِقدر الْعِوَض يبطل. وَدَلِيل الْجَهْل: أَن النَّمَاء مَجْهُول وَمثله لَا يَجْعَل أُجْرَة (وَلَو جعل أُجْرَة) هَذَا الْعَامِل مَا يخرج من نخيل آخر لم يجز وَيُخَالف الْقَرَاض؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأُجْرَة وَلَا يشْتَرط فِيهِ علم الْمدَّة. مَالك: تجوز الْمُسَاقَاة على جَمِيع الشّجر. أَحْمد: ق. التكملة: لفظ الْمُسَاقَاة فِي الْخَبَر يرد قَوْلهم: إِنَّهَا كَانَت مصالحة والمعاملة مَعَ الذِّمَّة كهي مَعَ الْمُسلمين، فَإِن ادعوا أَنهم كَانُوا أرقاء فَبَاطِل؛ لِأَنَّهُ لم ينْقل ذَلِك وَقد كَانُوا أَرْبَعِينَ ألفا وَلم ينْقل بيع وَاحِد مِنْهُم، وَيشْهد لما قُلْنَا أثر جلي ذكره الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم اتَّفقُوا على صِحَة

الْقَرَاض وَلَا ينْعَقد الْإِجْمَاع إِلَّا عَن تَوْقِيف أَو قِيَاس وَلَا تَوْقِيف فِيهِ، فَلم يكن مُسْتَند إِلَّا فهم صِحَة الْمُسَاقَاة واعتقادهم أَن الْقَرَاض فِي مَعْنَاهَا وَلَا يخفى تفَاوت الْعقْدَيْنِ وابتناؤها على حَاجَة الْأَغْنِيَاء، والعمال لاستنماء المَال، فَإِن قَالُوا: اسْتِئْجَار بِبَعْض النَّمَاء الْحَادِث من الأَصْل الْمُسْتَأْجر، فَلم يجز كَمَا لَو اسْتَأْجرهُ لرعي غنمه بِبَعْض أَوْلَادهَا. فَالْجَوَاب: لَيْسَ، إِذا لم يَصح بِبَعْض النَّمَاء فِي بعض الْأَعْيَان لَا يَصح فِي غَيرهَا، أَلا ترى أَن البيع لَا يَصح فِي كثير من الْأَعْيَان وَيصِح فِي كثير، فَكَذَلِك الْإِجَارَة لَا تصح فِي بعض الْمَنَافِع وَتَصِح فِي بعض.

فارغة

لوحة 49 من المخطوطة " أ ": الْإِجَارَة لَازِمَة. قَالَ الْخصم: يجوز للمكتري أَن يفْسخ الْإِجَارَة لعذر، وَاعْلَم أَن الْمَنْفَعَة تحدث على ملك الْمُسْتَأْجر خلافًا لَهُم، فعندهم تحدث على ملك الْمُؤَجّر، إِذا أكراه دَارا شهرا وَأَرَادَ أَن يكريها شهرا بعده من غير الْمُكْتَرِي لم يجز، وَالْإِجَارَة نوع من البيع يَقع على الْمَنَافِع، وَالْإِجَارَة تتَنَاوَل الْعين حَتَّى تستوفي مَنَافِعهَا، وَقَالَ أَكثر الْأَصْحَاب تتَنَاوَل الْمَنَافِع، وَإِذا اكترى دَابَّة وَجَاوَزَ بهَا الْمسَافَة المقررة، فَإِن كَانَ صَاحبهَا مَعهَا وَتَلفت بعد نزُول الْمُكْتَرِي فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَإِن تلفت تَحْتَهُ فقد تلفت بفعلين: أَحدهمَا مضمن، وَالْآخر غير مضمن فَمَاذَا يجب؟ قيل: نصف قيمتهَا، وَقيل: تسْقط الْقيمَة على الْمسَافَة وَتُؤْخَذ بِالنِّسْبَةِ لما زَاد على المقررة، فَأَما إِن لم يكن صَاحبهَا مَعهَا وَتَلفت فِي الْمسَافَة الزَّائِدَة ضمنهَا قولا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا تلفت تَحت يَده، إِذا قَالَ: أجرتك هَذِه الدَّار كل شهر بدرهم، وَلم يعين عدد الشُّهُور، فَالْإِجَارَة فَاسِدَة فِي الْمَشْهُور، وَقَالَ فِي

الْإِمْلَاء: تصح فِي الشَّهْر الأول وَتبطل فِيمَا عداهُ، إِذا اكترى دَارا وَأَرَادَ أَن يكريها قبل الْقَبْض لم يجز فِي الْمَشْهُور، وَأما بعد الْقَبْض فَيجوز أَن يكريها حَتَّى من الْمكْرِي خلافًا لَهُم فِي الْمكْرِي، وَيجوز للمكتري أَن يكْرِي الدَّار وَلَو بِأَكْثَرَ مِمَّا اكترى بِهِ، قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز بِأَكْثَرَ مِمَّا اكترى وَهل يثبت فِي الْإِجَارَة خِيَار الْمجْلس وَجْهَان، وَأما خِيَار الشَّرْط فَلَا يدْخل فِي الْإِجَارَة خلافًا لَهُم؛ لِأَنَّهُ عقد يقْصد بِهِ الْمَنْفَعَة فَلَا يثبت فِيهِ خِيَار الشَّرْط كَالنِّكَاحِ، وَإِذا أجر مَنْفَعَة بِمَنْفَعَة جَازَ خلافًا لَهُم ووافقوا فِيمَا إِذا كَانَتَا لَا من جنس وَاحِد، وَحجَّتنَا: أَنَّهُمَا منفعتان وَيجوز عقد الْإِجَارَة على كل وَاحِد مِنْهُمَا فَجَاز إِن يَجْعَل إِحْدَاهمَا عوضا عَن الْأُخْرَى كَمَا لَو كَانَتَا من جِنْسَيْنِ، وَلَا يُقَال إِن الْجِنْس الْوَاحِد حرم النِّسَاء فِي الْأَعْيَان، فَكَذَلِك الْمَنَافِع، لأَنا نقُول: الْإِجَارَة لَيست نسَاء، لِأَن النِّسَاء أَن يتَأَخَّر الْحق إِلَى أجل، وَالْأَجَل فِي الْإِجَارَة يسْتَوْفى بِهِ الْحق، وَإِذا اسْتَأْجر ظِئْرًا بكسوتها ونفقتها

لم يجز خلافًا لَهُم، فَإِنَّهُم قَالُوا يجوز اسْتِحْسَانًا، وَحجَّتنَا: أَنه عقد مُعَاوضَة، فَلَا يجوز أَن يَجْعَل الْعِوَض فِيهِ الطعمة، وَالْكِسْوَة كَالْبيع وَيجوز بيع الدَّار الْمُسْتَأْجرَة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ خلافًا لَهُم؛ لِأَنَّهُ عقد تقصد بِهِ الْمَنْفَعَة، فَلَا يمْنَع البيع كَالنِّكَاحِ، وَإِذا أعتق العَبْد الْمُسْتَأْجر عتق. وَلَيْسَ للْعَبد الْخِيَار فِي فسخ الْإِجَارَة خلافًا لَهُم، لِأَن هَذَا عقد لَازم قبل أَن يملك التَّصَرُّف فَلَا يملك فَسخه بِملك التَّصَرُّف، كَمَا لَو زوج الْأَب ابْنَته ثمَّ بلغت، والعذر عَن الْأمة إِذا عتقت تَحت عبد مَا عَلَيْهَا من ضَرَر. وَإِذا أجر الْوَلِيّ الصَّبِي الَّذِي فِي حجره ثمَّ بلغ، فَلَا خِيَار لَهُ خلافًا لَهُم. وَيجوز اسْتِئْجَار الْمَصَاحِف والدفاتر للنَّظَر فِيهَا خلافًا لَهُم، وَالْحجّة: أَنَّهَا مَنْفَعَة مَقْصُودَة يجوز إعارتها فَجَاز إِجَارَتهَا.

مسائل الإجارة

(مسَائِل الْإِجَارَة) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: الْأُجْرَة (قفو) :) الْمَذْهَب: تتعجل إِلَّا أَن يشْتَرط التَّأْجِيل. عِنْدهم: تتأجل إِلَّا أَن يشْتَرط التَّعْجِيل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} ، وَجه الدَّلِيل: أَنه سمي مَا يبْذل فِي الْبضْع مَالا فَلَا خلاف أَن الْمَنَافِع تبذل فِي الصَدَاق، فَدلَّ على ماليتها. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} ، وَجه الدَّلِيل: أَنه علق اسْتِحْقَاق الْأُجْرَة بِفعل الْإِرْضَاع، وعندكم يسْتَحق بِمُطلق العقد. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عوض فِي بيع فَيملك بِنَفس العقد، وتحقيقه: أَن الْمَنَافِع جعلت بِمَنْزِلَة

الْأَعْيَان حكما بِدَلِيل صِحَة العقد عَلَيْهَا، وَالْعقد لَا بُد لَهُ من مَحل، وَبِذَلِك ملك بعد الْإِجَارَة وَيملك مَا يقابلها وَلِهَذَا يَجْعَل صَدَاقا. لَهُم: عقد مُعَاوضَة مُطلقَة بِمُقْتَضى التَّسَاوِي فِي الْملك، وَلم يملك المعوض بِنَفس العقد فَلَا يملك الْعِوَض، ذَلِك لِأَن الْمَنْفَعَة مَعْدُومَة وَلَيْسَت مورد الْملك وَلَيْسَت مَالا؛ لِأَنَّهَا تتجدد. مَالك: يجب يَوْمًا وَيَوْما ويوافق الْقَرَافِيّ. أَحْمد: التكملة: قَوْله اسْتَأْجَرت بِكَذَا كَقَوْلِه: اشْتريت بِكَذَا، وَمُطلق هَذِه الْأَلْفَاظ الْإِلْزَام، والالتزام الْمُطلق منتجز اللُّزُوم، فَلَا فرق بَين أَن يَقُول اسْتَأْجَرت الدَّار شهرا وَعلي كَذَا، وَبَين أَن يَقُول لفُلَان عَليّ كَذَا أَو لله عَليّ

كَذَا، فاللفظ دَال على تنجز اللُّزُوم وَلَو أخر الْبَدَل إِلَى اسْتِيفَاء جَمِيع الْمُبدل كَانَ ذَلِك تأجيرا للبدل عَن الْمُبدل، فَإِن قيل: يملك بِكُل جُزْء مَا يَسْتَوْفِيه جُزْءا فآحاد الْأَجْزَاء لَا يتقوم، فَإِنَّهُ لَو أفرد بِالْعقدِ لم يَصح، فَكيف ينزل العقد على تَقْدِير لَو صرح بِهِ لم يَصح وَلَو لم يسْتَحق الْأُجْرَة بِمُطلق العقد لما ملك بِشَرْط التَّعْجِيل، يدل عَلَيْهِ أَنه لَو ضمن الْأُجْرَة ضَامِن صَحَّ وَهُوَ توثقه لجَانب الْوُجُوب وَيصِح الرَّهْن عَلَيْهَا وَهُوَ توثقة لجَانب الِاسْتِيفَاء وَيصِح الْإِبْرَاء عَن الْأُجْرَة وَالْإِبْرَاء إِمَّا تملك، أَو إِسْقَاط وَيصِح الشِّرَاء بِهَذِهِ الْأُجْرَة، ثمَّ عقد الْإِجَارَة يتَعَدَّى إِلَى غير الْعَاقِد، فَلَا بُد من مَحل وَالْعقد الَّذِي لَا يتَعَدَّى النّذر، وَأَمْثَاله وَبِالْجُمْلَةِ اعْتِبَار حَقِيقَة الْوُجُود فِي الْمَنَافِع يتَعَذَّر لَكِن يقدر ذَلِك ضَرُورَة تَصْحِيح العقد.

وحرف الْمَسْأَلَة أَن الْمَنَافِع وَإِن كنت مَعْدُومَة إِلَّا أَن الشَّارِع قدرهَا مَوْجُودَة، وَعِنْدهم هِيَ مَعْدُومَة.

المسألة السابعة والثمانون بعد المائة موت أحد المستأجرين قفز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: موت أحد المستأجرين (قفز) :) الْمَذْهَب: لَا يفْسخ الْإِجَارَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمَنَافِع نزلت منزلَة الْأَعْيَان حكما فَجرى فِيهَا الْإِرْث كالأعيان، والحوادث تستند إِلَى أَسبَابهَا كمن نصب شبكة ثمَّ مَاتَ أَو حفر بِئْرا فِي مَحل عدوان، فالصيد لناصب الشبكة وَالْغُرْم على حافر الْبِئْر وَالْإِرْث أوسع من العقد، فَإِنَّهُ يَصح فِي الْمَجْهُول.

لَهُم: الشُّفْعَة مَعْدُومَة فَلَا يَتَنَاوَلهَا العقد وَإِنَّمَا تَنْعَقِد عِنْد وجودهَا شَيْئا فَشَيْئًا، وَإِن مَاتَ الْمُؤَجّر لم ينْعَقد العقد فِيمَا يحدث؛ لِأَن الْعين الْآن مَمْلُوكَة للْوَارِث فَتحدث الْمَنْفَعَة على ملكه. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: نسلم جدلا أَن الْمَنَافِع لم تقدر مَوْجُودَة إِلَّا أَنه جرى سَبَب ملكهَا فِي حَال الْحَيَاة، فَإِذا وجدت اسْتندَ الْملك إِلَى السَّبَب السَّابِق فِي حَال الْحَيَاة كناصب الحبالة، وحافر الْبِئْر، وَلَا يلْزمنَا كَون الْعَارِية تبطل بِالْمَوْتِ لِأَنَّهَا عقد إِبَاحَة لَا عقد تمْلِيك. ووزان مَسْأَلَتنَا إِذا أجر عَبده ثمَّ أعْتقهُ، فَإِن الْعتْق كالموت فِي كَونه قَاطعا للْملك، وَمَعَ هَذَا الْإِجَارَة لَا تبطل وَالْمَنَافِع

عندنَا تملك على حَالهَا، قَالُوا: لَو أوصى بِرَقَبَة لشخص وبمنافعها لآخر فَرد صَاحب الْمَنْفَعَة الْوَصِيَّة عَادَتْ الْمَنْفَعَة إِلَى الْمُوصى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، لَا إِلَى الْوَرَثَة، فَدلَّ على أَن الْمَنْفَعَة لَا تورث على انفرادها، وَهَذَا فِيهِ منع، بل تعود الْمَنْفَعَة إِلَى الْوَرَثَة. حرف الْمَسْأَلَة: أَن الْمَنَافِع قدرت مَوْجُودَة حكما فملكها الْمُسْتَأْجر وورثت عَنهُ.

المسألة الثامنة والثمانون بعد المائة إجارة المشاع قفح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: إِجَارَة الْمشَاع (قفح) :) الْمَذْهَب: صَحِيحَة. عِنْدهم: بَاطِلَة من الشَّرِيك. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْإِجَارَة بيع النافع وَبيع الْمشَاع جَائِز لِأَن الْمشَاع لَهُ مَنْفَعَة إِذْ هُوَ جُزْء

جملَة منتفع بهَا وَلِهَذَا تجب الْأُجْرَة إِذا سكن دَارا اسْتَأْجر فِيهَا جُزْءا مشَاعا وَتَسْلِيم الدَّار تَسْلِيم الْمَنَافِع، وَصَارَ كَمَا لَو أجر من رجلَيْنِ، فَقَوله أجرتكما كَقَوْلِه أجرتك وأجرتك. لَهُم: أجر مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه، فَلَا يَصح كَمَا لَو أجر الْمَغْصُوب؛ لِأَن تَسْلِيم الْمَنَافِع باستيفائها بِدَلِيل أَن الدَّار إِذا سلمت إِلَى الْمُسْتَأْجر فانهدمت قبل الِانْتِفَاع كَانَت فِي ضَمَان الْمُؤَجّر وَالِانْتِفَاع بالمشاع لَا يتَصَوَّر كسكنى نصف الدَّار وركوب نَص الدَّابَّة مشَاعا. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: إِذا أجر من اثْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا طرت الإشاعة وَلم يمْنَع صِحَة العقد وَكلما منع مُقَارنَة الِانْعِقَاد منع طاريه وَهَذَا عِنْدهم أولى لِأَن الْمَنَافِع لَا تملك إِلَّا شَيْئا فَشَيْئًا، فَكَانَ الطاري قد قَارن ابْتِدَاء مَا.

عبارَة: وجد العقد من أَهله وصادف مَحَله واقترن بِشَرْطِهِ وَهُوَ الْقُدْرَة على التَّسْلِيم فصح، وَتَسْلِيم كل شَيْء على حسب حَاله، وَالْإِجَارَة عقد مُعَاوضَة وعقود الْمُعَاوَضَات تبتنى على الْعرف كَمَا إِذا بَاعَ بِنَقْد مُطلق، فَإِن من اشْترى دَارا مَمْلُوءَة أقمشة كَانَ عَلَيْهِ تفريغها لَكِن كَمَا جرت الْعَادة بِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ عندنَا يُمكن تَسْلِيم الْمشَاع.

المسألة التاسعة والثمانون بعد المائة الأجير المشترك قفط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: الْأَجِير الْمُشْتَرك (قفط) :) الْمَذْهَب: لَا يضمن مهما اقتصد فِي عمله فِي الْمَنْصُور. عِنْدهم: خلافًا وَهُوَ القَوْل الآخر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حصل الْفساد بِفعل مَأْذُون فِيهِ من جِهَة الْمَالِك، فَلَا يجب عَلَيْهِ الضَّمَان كالأجير الْمُنْفَرد؛ لِأَنَّهُ دق دق مثله، وَهَذَا هُوَ الْمَأْذُون فِيهِ وَالْمُنْفَرد عَلَيْهِ

الْمَنْفَعَة لَا الْعَمَل وَالضَّمان مُؤَاخذَة فَيَقْتَضِي عُدْوانًا وَلَا عدوان وَصَارَ كالفاصد وَأَمْثَاله حَيْثُ لَا ضَمَان عَلَيْهِم. لَهُم: حصل الْفساد بِفعل غير مَأْذُون فِيهِ فَيجب الضَّمَان كَمَا إِذا لم يقْصد؛ لِأَنَّهُ أذن لَهُ فِي الدق المزين لَا المخرق، والأجير بَائِع عمله وَالْإِطْلَاق يَقْتَضِي السَّلامَة كالبياعات والمعيب لَا يكون سليما وَلَا يدْخل تَحت العقد الْمُطلق فَهُوَ عيب تولد من عمل مَضْمُون، فَكَانَ مَضْمُونا. مَالك: يضمن. أَحْمد: ق. التكملة: بِالْجُمْلَةِ الْأَجِير الْمُنْفَرد نقص مَا فِي الدق من مثله قد يسلم وَقد لَا يسلم وَالْعقد مُطلق، فَلم لَا يخْتَص بِالتَّسْلِيمِ وسلامة الْعَاقِبَة غير مَقْدُور لَهُ والعقود لَا ترد على غير مَقْدُور وَيُخَالف التَّغْرِير، فَإِنَّهُ عقد مَأْذُون فِيهِ

لَكِن بِحَيْثُ لَا يسري، فَكَانَ فِيهِ نوع عسر وغرر لكنه يحْتَمل، وَالْإِجَارَة لَا تحْتَمل الْعرف لَكِنَّهَا تكون فِيمَا يوثق بِتَسْلِيمِهِ، ونناقضهم بالفصد والحجامة، فَإِنَّهُ يقْصد السَّلامَة وَالصَّلَاح ثمَّ إِذا صَار قتلا لَا ضَمَان، فَإِن قَالُوا: لَا يُمكن أَن يُقَال لَهُ: اجرح جرحا لَا يسري بَطل عَلَيْهِم بسراية الْقصاص، فَإِنَّهَا مَضْمُونَة عِنْدهم، وَلَا يزَال نلزمهم الْأَجِير الْمُنْفَرد ونناقضهم بِهِ ونجمع بَينهمَا بالحجام والفاصد وَعمل الْمُنْفَرد أَيْضا مَضْمُون وَالْأُجْرَة تَسْتَقِر بِعَمَلِهِ وَلَكِن أقيم التَّمَكُّن مقَام الِاسْتِيفَاء فِي تَقْرِير الْعِوَض على أَن ضَمَان الْمُقَابلَة بالمعاقدة لَا يُوجب ضَمَان الغرامة وَلَا يُنَاسِبه. والحرف أَن أظهر الْقَوْلَيْنِ أَن يَده يَد أَمَانَة.

المسألة التسعون بعد المائة شرط الإجارة في ابتداء المدة قص

(الْمَسْأَلَة التِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: شَرط الْإِجَارَة فِي ابْتِدَاء الْمدَّة (قصّ) :) الْمَذْهَب: أَن تقارن العقد. عِنْدهم: يجوز أَن تتأخر عَنهُ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

عقد مُعَاوضَة على معِين شَرط تَأْخِير تَسْلِيم الْمَعْقُود عَلَيْهِ فَلم يَصح كَمَا لَو شَرط تَأْخِير التَّسْلِيم فِي الْمَبِيع بِشَرْط الْمُعَاوضَة الْمَحْضَة كَون الْمَعْقُود عَلَيْهِ مَوْجُودا معينا مَقْدُورًا على تَسْلِيمه وَهَذِه الشَّرَائِط سَقَطت لَا مُطلقًا لَكِن بطرِيق إِقَامَة ذِي الْمَنْفَعَة مقَامهَا فَلم يجز تَأْخِيره عَن العقد. لَهُم: كل شَيْئَيْنِ جَازَ العقد عَلَيْهِمَا صَفْقَة وَاحِدَة جَازَ العقد على كل وَاحِد مِنْهُمَا مُنْفَردا كالعبدين وَقد عقد على مَنْفَعَة تستوفى حَالا فحالا فَجَاز أَن يَقع على مَا يتَأَخَّر فِيهِ اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة كَالنِّكَاحِ على الصَّغِيرَة. مَالك: إِذا أطلق اقْتضى أَن يكون عقيب العقد. أَحْمد: التكملة: لما قَامَ ذُو الْمَنْفَعَة مقَام الْمَنْفَعَة كَانَ من شَرط عُقُود الْمُعَاوَضَات تعقب التَّسْلِيم حَتَّى لم يجز أَن يتَأَخَّر فِي البيع أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام بِالشّرطِ، وَأما فِي

الْإِجَارَة، فَلَا يجوز شَرط أَكثر من أَرْبَعَة أَيَّام لم يجز تَأْخِير التسليط وَقد تسامحنا بِإِقَامَة ذِي الْمَنْفَعَة مقَامهَا فَلَا نتسامح بترك التسليط قَالُوا: هُوَ فِي الْحَال ملك الْمَنْفَعَة فِي الشَّهْر الْمُقَابل إِلَّا أَن ذَلِك تَأْجِيل، فَالْجَوَاب: لَو كَانَ كَذَلِك جَازَ تَعْجِيل الْأُجْرَة، ثمَّ نقُول: تراخي الْأَجَل فِي الْمَعْقُود عَلَيْهِ على خلاف الْقيَاس، وَإِنَّمَا جَازَ فِي السّلم للْحَاجة، فَإِن قَالُوا: هَذَا كَالْوَصِيَّةِ بثمرة وَاحِدَة وبالقراض يُوجب استحقاقا فِي ربح لم يُوجد، فَالْجَوَاب: أَن الْوَصِيَّة تفارق عقد البيع فتفارق الْإِجَارَة، والحرف أَن عندنَا أُقِيمَت الْعين مقَام الْمَنَافِع فتحتاج أَن يصادفها العقد، وَعِنْدهم العقد على الْمَنَافِع.

إحياء الموات والوقف والهبة واللقطة

(إحْيَاء الْموَات وَالْوَقْف وَالْهِبَة واللقطة)

فارغة

النقيع لخيل المسلمين ولا حمى إلا لله ورسوله ويجوز للإمام أن يحمي للمسلمين موضعا حمى عمر رضوان الله عليه موضعا وولى عليه مولى يقال له هني وقال يا هني ضم جناحك للناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوته مجابة وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة

لوحة 50 من المخطوطة " أ ": حمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النقيع لخيل الْمُسلمين وَلَا حمى إِلَّا لله وَرَسُوله، وَيجوز للْإِمَام أَن يحمي للْمُسلمين موضعا، حمى عمر رضوَان الله عَلَيْهِ موضعا، وَولى عَلَيْهِ مولى يُقَال لَهُ هني وَقَالَ: يَا هني ضم جناحك للنَّاس، وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم، فَإِن دَعوته مجابة، وَأدْخل رب الصريمة وَرب الْغَنِيمَة وَإِيَّاك وَنعم ابْن عَفَّان وَنعم ابْن عَوْف، فَإِنَّهُمَا إِن تهْلك ماشيتهما يرجعا إِلَى نخل وَزرع، وَإِن رب الصريمة وَالْغنيمَة يأتيني بعياله وَيَقُول: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أفتاركهم أَنا لَا أَبَا لَك والكلأ

أَهْون عَليّ من الدِّينَار وَالدِّرْهَم والحقوق هِيَ الَّتِي لابد للمحيا مِنْهَا. قَالَ أَبُو حنيفَة: حَرِيم الْبِئْر أَرْبَعُونَ ذِرَاعا، وَالْعين خَمْسُونَ ذِرَاعا، (وَإِذا خرب الْمَسْجِد أَو الْمحلة أَو الدَّار الْمَوْقُوفَة على جِهَة لم يجز نقص ذَلِك وَلَا نَقله إِلَى غَيره وَبِه قَالَ مَالك. قَالَ أَحْمد: إِذا خربَتْ الدَّار جَازَ بيعهَا وَيصرف ثمنهَا إِلَى وقف آخر، إِذا شَرط فِي الْوَقْف أَن يخرج من شَاءَ من أهل الْوَقْف وَيدخل من شَاءَ كَانَ فَاسِدا؛ لِأَنَّهُ شَرط مَا يباين

مُقْتَضى العقد. وَاعْلَم أَن الْوَقْف فِي الْمَرَض وَصِيَّة) (وَاعْلَم أَن الْحَيَوَان الْكَبِير الجثة لَا يكون لقطَة فِي الصَّحَارِي، فَمن أَخذه ضمنه، وَاخْتلف فِيهِ فِي الْعمرَان، قيل: تكون لقطَة؛ لِأَنَّهُ لَا يَهْتَدِي للسقي والعلف وَسَوَاء فِي التَّعْرِيف قَلِيل اللّقطَة وكثيرها مِمَّا تبتغيه النَّفس وتطلبه، فَأَما غير ذَلِك فَيجوز للملتقط الِانْتِفَاع بِهِ من غير تَعْرِيف النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام تَمْرَة فَقَالَ: " لَوْلَا أَنِّي أخْشَى أَن تكون من تمر الصَّدَقَة لأكلتها "، وقدرها مَالك بِربع دِينَار، وَأَبُو حنيفَة بِعشْرَة دَرَاهِم، وَمن أَصْحَابنَا من قدرهَا بِدِينَار) . مَا خرب من بِلَاد الْمُسلمين، وباد أَهله لَا يملك بِالْإِحْيَاءِ خلافًا، وَالْحجّة أَنَّهَا أَرض جرى عَلَيْهَا ملك من لَهُ حُرْمَة، فَلَا يملك بِالْإِحْيَاءِ كَمَا لَو عرف مَالِكهَا، وَالْفِقْه فِيهِ أَنه لَا يَخْلُو أَن يكون لمَالِكهَا وَارِث أم لَا فَإِن كَانَ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا فَهِيَ لبيت المَال.

وَاعْلَم أَن الْحَشِيش النَّابِت فِي الأَرْض الْمَمْلُوكَة لمَالِك الأَرْض، وَقَالَ أَبُو حنيفَة غير مَمْلُوك وَلَا يجوز بَيْعه إِلَّا بعد الْحِيَازَة، لنا أَنه نَمَاء ملكه لم يملكهُ غَيره فَوَجَبَ أَن يكون لَهُ كالحطب والقصب (إِذا وقف على وَلَده وَولد وَلَده دخل فِيهِ ولد الْبَنَات خلافًا لَهُم، لنا أَنه أضَاف أَوْلَاد الْأَوْلَاد إِلَيْهِم فَإِذا دخل ولد الْبَنِينَ، وَجب أَن يدْخل ولد الْبَنَات؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْإِضَافَة سَوَاء، وَإِذا اسْتثْنى الْوَاقِف أَن ينْفق على نَفسه فِي حَيَاته لم يجز خلافًا لَهُ، لنا أَنه أَزَال ملكه لَا إِلَى مَالك، فَهُوَ كَمَا لَو أعتق عَبده وَشرط أَن تكون غَلَّته لَهُ، وَلَا يُقَال: إِن مَنْفَعَة العَبْد لَا تكون مُسْتَحقَّة للْمُعْتق بِحَال، وَقد تكون مَنْفَعَة الْمَوْقُوف للْوَاقِف كَمَا لَو وقف بِئْرا، فَإِنَّهُ يُشَارك فِيهَا الْمُسلمين) ؛ (لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَمَا ذكر فَالْوَاجِب أَن يكون جُزْءا من مَنْفَعَة الْمَوْقُوف بِإِطْلَاق الْوَقْف كَمَا كَانَ لَهُ ذَلِك فِيمَا اعتبروا بِهِ) .

المسألة الحادية والتسعون بعد المائة إذن الإمام في إحياء الموات قصا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: إِذن الإِمَام فِي إحْيَاء الْموَات (قصا) :) الْمَذْهَب: لَا يفْتَقر إِلَيْهِ الْمُسلم وَلَا يملك بِهِ الْكَافِر. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ "، وَقَوله: موتان الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ، ثمَّ هِيَ لكم مني أَيهَا الْمُسلمُونَ خَاصَّة جعل

الْأَحْيَاء سَببا للْملك وَلم يشرط إِذن الإِمَام، ثمَّ خصص الْمُسلمين بذلك. لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ للمرء إِلَّا مَا طابت بِهِ نفس إِمَامه "، وَقَوله: " عادي الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مُبَاح فِي عَرصَة التمول، فَلَا يفْتَقر إِلَى إِذن الإِمَام كالصيود، دَلِيل الْإِبَاحَة كَونه لم تثبت عَلَيْهِ يَد، وَالْيَد تصلح للتَّمَلُّك، بِدَلِيل مَا لَو اتَّصل بِهِ إِذن الإِمَام، وَأما الذِّمِّيّ فَلَو ملك بِالْإِحْيَاءِ صَار أصلا فِي دَار الْإِسْلَام وَهُوَ سَاكن بِأُجْرَة وَلَا ولَايَة للْإِمَام على الْمُبَاحَات والإقطاع للترجيح. لَهُم: للْإِمَام ولَايَة على ذَلِك، فَلَا يملك بِغَيْر إِذْنه كَمَال بَيت المَال، دَلِيل الدَّعْوَى الإقطاع، وتأثيره أَن الافتيات عَلَيْهِ لَا يجوز وَالذِّمِّيّ يملك بِالسَّبَبِ الَّذِي يملك الْمُسلم فَصَارَ كَالْبيع والاحتطاب والاحتشاش.

مَالك: مَا قرب من الْعِمَارَة بِحَيْثُ يتشاح فِيهِ يحْتَاج إِلَى إِذن، وَيجوز للذِّمِّيّ. أَحْمد: التكملة: الْعلمَاء وَإِن اخْتلفُوا فِي أَن الْأَمْوَال أَصْلهَا الْحَظْر أَو الْإِبَاحَة فَلم يَخْتَلِفُوا أَن الصَّيْد والحشيش والموات (خَال من ملك) ، وَأَنه مَتى تثبت عَلَيْهِ الْيَد ملك، ثمَّ الَّذِي يحصل بِهِ الْملك فِي مَوضِع الْوِفَاق الْإِحْيَاء لَا الْإِذْن فَإِنَّهُ لَو أذن لَهُ وَلم يحي لم يملك، وَولَايَة الإِمَام لَا تخرجه عَن التَّمْلِيك بِالْإِحْيَاءِ، كَمَا أَن لَهُ ولَايَة التَّقْدِيم فِي الصَّلَوَات، ثمَّ يتَقَدَّم بِغَيْر إِذْنه وَيصِح، وَكَذَلِكَ الْحَاكِم لَهُ تَقْدِيم من شَاءَ من الْخُصُوم، ثمَّ يسْبق أَحدهمَا بِالدَّعْوَى، فَيصح سماعهَا. فَإِن قَالُوا: الْموَات كَانَ للْكفَّار ثمَّ ملكه الْمُسلمُونَ وَالْإِمَام وليهم. قُلْنَا: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنه لَو خرب قوم من الْمُسلمين الْموَات أَن يضمنوه

وَلَا خلاف أَنه يجوز لآحاد الْمُسلمين حفر الْأَرَاضِي، وَنقل ترابها للتطيين وَشِرَاء الْكَافِر ابتنى على ملك غَيره فَهُوَ فِيهِ تبع. وَقَوْلهمْ حق الْكَافِر من الدُّنْيَا أَكثر من الْمُسلم، فسنتكلم عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَة الِاسْتِيلَاء. والحرف أَن الْموَات عندنَا تجْرِي مجْرى الْمُبَاحَات وَأَن الذِّمِّيّ لَيْسَ من أهل الدَّار.

المسألة الثانية والتسعون بعد المائة الوقف قصب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: الْوَقْف (قصب) .) الْمَذْهَب: يلْزم بِنَفسِهِ لَا يفْتَقر إِلَى حكم حَاكم. عِنْدهم: لَا يلْزم إِلَّا بِحكم حَاكم أَو يخرج مخرج الْوَصَايَا ويتسع لَهُ الثُّلُث. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: نقل عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَنهم وقفُوا أملاكهم، مِنْهُم: أَبُو بكر وَعُثْمَان، وَعَائِشَة وَطَلْحَة وَعبد الرَّحْمَن وَابْن مَسْعُود والمسور والمقداد، وَلم يرجع أحد مِنْهُم وَلَا من ذُرِّيتهمْ وَهَذَا يُورث

علما ضَرُورِيًّا. لَهُم: قَالَ عبد الله بن عَبَّاس: جَاءَ مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام بِإِطْلَاق الْوَقْف، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: لَا حبس عَن فَرَائض الله، وَقَالَ: لَا حبس بعد سُورَة النِّسَاء، وَجَاء أَبَا عبد الله بن زيد إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَا: إِنَّه قد تصدق بحائطه وَهُوَ قوام عيشنا فَرده النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْهِمَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

إِزَالَة ملك على وَجه الْقرْبَة، فَكَانَ لَازِما بِنَفسِهِ كَالْعِتْقِ. أَو نقُول: تحبيس أصل وتسبيل ثَمَرَة فَلَزِمَ بِنَفسِهِ كَمَا لَو وقف أَرضًا مَسْجِدا، وَالْعلَّة فِي لُزُوم الْوَقْف مساس الْحَاجة إِلَيْهِ، وَالْحَاجة إِلَى الفنادق والقناطر أَعم من الْمَسَاجِد وَكَذَلِكَ الرَّبْط والمدارس. لَهُم: الْوَقْف لَا يزِيل الْملك بِنَفسِهِ، بِدَلِيل الْعَمَل بِشَرْطِهِ، وَلَو زَالَ الْملك لما بَقِي الْعَمَل بِشَرْطِهِ وَصَارَ كالمساجد الَّتِي لَا يتبع فِيهَا شَرط الْوَاقِف فِيمَن يُصَلِّي فِيهَا، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يدل على زَوَال الْملك لَا سِيمَا وَهُوَ تَعْطِيل الْأَمْوَال وتمليك الْمَعْدُوم للمعدوم. مَالك: الْوَقْف لَا يَزُول ملكه عَن الْوَقْف. أَحْمد: التكملة: نقيس الْمدرسَة على الْمَسْجِد وننصر أَن الْملك فِي الْوَقْف لله تَعَالَى: ونقول: الصَّلَاة قربَة يفْتَقر فِي إِقَامَتهَا إِلَى بقْعَة، وَكَذَلِكَ دراسة الْعلم وَتعلم الْقُرْآن والجميع أَوْصَاف بقْعَة مَمْلُوكَة بِجِهَة الْعِبَادَة، فَإِن قَالُوا: وَالْمَسْجِد

أَيْضا لَا يلْزم بقوله بل إِذا صلى فِيهِ وَاحِد، قُلْنَا: فَقولُوا فِي الْمدرسَة كَذَلِك يلْزم إِذا درس فِيهَا وَاحِد ثمَّ لَو راعيتم فِي الْمَسَاجِد قِيَاس الهبات، فالملك خَارج إِلَى الله تَعَالَى فَقولُوا: يحْتَاج أَن يُصَلِّي فِيهِ نَائِب الله تَعَالَى وَهُوَ الإِمَام، وَفِي اتِّبَاع شَرط الْوَاقِف فِي الْمَسْجِد اخْتِلَاف بَين الْأَصْحَاب، مِنْهُم من قَالَ لَو خصصه بأصحاب الحَدِيث مثلا فِي إِقَامَة شعاره لم يجز لغَيرهم والاعتماد فِي الْوَقْف على الحَدِيث.

فارغة

المسألة الثالثة والتسعون بعد المائة الهبة قصج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: الْهِبَة (قصج) :) الْمَذْهَب: لَا رُجُوع بعد الْقَبْض إِلَّا للْأَب، وَفِي الْأُم خلاف. عِنْدهم: لَا يرجع الْقَرِيب بل الْغَرِيب. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يحل لأحد أَن يهب هبة وَيرجع فِيهَا إِلَّا الْأَب فِيمَا وهبه لوَلَده ". وَرُوِيَ أَن النُّعْمَان بن بشير أنحله أَبوهُ غُلَاما وَأخْبر بذلك النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: " أكل ولدك نحلته " قَالَ: لَا. قَالَ: فاسترده.

لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْوَاهِب أَحَق بهبته مَا لم يثب مِنْهَا ". وَرُوِيَ عَن عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: من وهب من ذَوي مَحَارمه فَلَا رُجُوع لَهُ، وَدَلِيل اقتضائها الْعِوَض قَوْله تَعَالَى: {فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا} ، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " من اصْطنع إِلَيْكُم مَعْرُوفا فكافئوه ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد تمّ بركنيه مُفِيد لحكمه فَلَا يكون للْوَاهِب الرُّجُوع فِيهِ بِنَفسِهِ كَالْبيع. بَيَان الحكم جَوَاز الْوَطْء، وَلم يُوجد سَبَب الْفَسْخ إِلَّا العقد، وَالشَّيْء لَا يصلح سَببا للنقيض وَلَا ولَايَة للْوَاهِب على رد ملكه من ملك الْمَوْهُوب لَهُ والعوض لَيْسَ مَقْصُود الْهِبَة. لَهُم: عقد تخلف عَنهُ مَقْصُوده فَثَبت فِيهِ حق الْفَسْخ كالعيب، دَلِيل ذَلِك أَن الْمَقْصُود الْعِوَض، وَهُوَ مَعْلُوم شرعا وَعرفا، وذوو الْمَحَارِم قد حصل لَهُ من جانبهم الثَّوَاب وَهُوَ غَرَض صَحِيح. مَالك: يلْزم بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول. أَحْمد: ف.

التكملة: منقولهم ضَعِيف السَّنَد، والتحية رد السَّلَام، وبنوا كَلَامهم على دعويين: إِحْدَاهمَا: أَن كل هبة تَقْتَضِي بِحكم الْحَال عوضا، وَالْأُخْرَى: أَن الْعِوَض لم يسلم لَهُ، وهما ممنوعان، فَإِن الْهِبَة لَو اقْتَضَت عوضا لبطلت دون تَفْضِيل الْعِوَض، كَمَا لَو ذكر عوضا مَجْهُولا ثمَّ لَو كَانَ كَمَا زَعَمُوا كَانَت الْهِبَة بيعا، وَالْبيع تمْلِيك بِبَدَل وَهَذَا تمْلِيك بِغَيْر بدل، وتنعقد الْهِبَة بِشَرْط الثَّوَاب بيعا على رَأْي كَمَا ينْعَقد البيع بِغَيْر ثمن هبة على رَأْي، وَبِالْجُمْلَةِ لَو كَانَت الْهِبَة تبتني على الْعِوَض بِقَرِينَة الْحَال لكَانَتْ كَلَفْظِ البيع دون تَعْرِيف الْعِوَض مُفسد، وَمهما أكل الْمُتَّهب من الْمَوْهُوب فقد فَاتَ الْعِوَض فليطالب بِقِيمَتِه، ثمَّ الْعَاقِل لَا يهب درهما طَمَعا

فِي دِرْهَم، وَعِنْدهم أَنه لَو أَخذ درهما بَطل رُجُوعه مَعَ أَنه يحْتَمل أَنه أَخذه على رَجَاء غَيره، وَكَانَ يَنْبَغِي على هَذَا أَن يفْسد فِي أَمْوَال الرِّبَا.

المسألة الرابعة والتسعون بعد المائة هبة المشاع احتمل القسمة أو لم يحتمل قصد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: هبة الْمشَاع احْتمل الْقِسْمَة أَو لم يحْتَمل (قصد) :) الْمَذْهَب: صَحِيحَة توجب الْملك مَعَ الْقَبْض. عِنْدهم: توجب الْملك الْمشَاع غير الْمُحْتَمل الْقِسْمَة لَا فِي الْمُحْتَمل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَالَ الصّديق لعَائِشَة: كنت أنحلتك جذاذ عشْرين وسْقا وَإنَّك مَا حُزْتِيهِ وَلَا قبضتيه وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْم مَال الْوَارِث، وَجه الدَّلِيل قَوْله:

" حُزْتِيهِ "، فَدلَّ أَن الْقَبْض بالحيازة، وروى جمَاعَة من الصَّحَابَة أَنهم قَالُوا: لَا تتمّ الْهِبَة إِلَّا أَن تكون محوزة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد تمْلِيك فِي الْمشَاع فَأثْبت حكمه كَالْبيع، وتأثيره أَن مَا هُوَ مَحل الْملك هُوَ مَحل الْهِبَة، وَلِهَذَا ينْعَقد العقد فِي الْمشَاع، فقد تحقق من الْأَهْل فِي الْمحل وَالتَّسْلِيم فِي الْمشَاع حسب التَّسْلِيم فِي الْمُقَرّر، وَالدَّلِيل على قبض الْمشَاع البيع وَرَأس المَال فِي السّلم. لَهُم: الْقَبْض ركن فِي بَاب الْهِبَة، وَلم يُوجد بِتَمَامِهِ فَصَارَ كَمَا لَو لم يتم الْقبُول، وَبَيَانه: أَن الْقَبْض إِنَّمَا يتم بِالْقِسْمَةِ فِيمَا تحتمله؛ لِأَن الْقَبْض عبارَة عَن الْحِيَازَة. مَالك: ق.

أَحْمد: التكملة: الْقَبْض مَعَ الشُّيُوع تَامّ وَلَا نزيدهم على الْقَبْض بِالْبيعِ، فَإِنَّهُ يُفِيد نقل الضَّمَان والتسليط على التَّصَرُّف، وَكَذَلِكَ الْقَبْض فِي البيع الْفَاسِد مَعَ الشُّيُوع يُفِيد الْملك، وَكَذَلِكَ لَو سلم إِلَيْهِ ألفا نصفا قرضا وَنصفا قراضا ملك النّصْف الَّذِي هُوَ قرض على الشُّيُوع، وَكَذَلِكَ لَو وهب اثْنَان من وَاحِد وَقبض دفْعَة وَاحِدَة لزم عِنْدهم وَلم يصدر من كل وَاحِد إِلَّا التسليط على الْمشَاع، قَالُوا: الدَّلِيل على أَن الْقِسْمَة من تَمام الْقَبْض أَن من اشْترى شِقْصا مشفوعا مشَاعا وقاسمه البَائِع، فَإِن الشَّفِيع يَأْخُذهُ بِالشُّفْعَة وَلَا تنقص الْقيمَة، وَلَو لم تكن من تَمام الْقَبْض لنقضها كَسَائِر تَصَرُّفَات المُشْتَرِي، وَالْجَوَاب أَن الْقيمَة تَقْرِير حق الشَّفِيع فَكيف ينقضها،

قَالُوا: فَالْمُشْتَرِي يُطَالب بِالْقيمَةِ قبل الْقَبْض وَلَوْلَا أَنَّهَا من الْقَبْض لما جَازَ ذَلِك، وَالْجَوَاب: إِن قُلْنَا إِن الْقِسْمَة بيع فَلَا تصح قبل الْقَبْض؛ لِأَن التَّصَرُّفَات قبل الْقَبْض ممتنعة عندنَا لضعف الْملك، وَإِن قُلْنَا: إِنَّهَا تَمْيِيز وَإِقْرَار فَهَذَا قبض حَقِيقَة.

المسألة الخامسة والتسعون بعد المائة جهة اللقطة بعد تعريف سنة قصه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: جِهَة اللّقطَة بعد تَعْرِيف سنة (قصه) :) الْمَذْهَب: جِهَة التَّمْلِيك بِشَرْط الضَّمَان للغني وَالْفَقِير. عِنْدهم: جِهَة الصَّدَقَة فَتجوز للْفَقِير لَا للغني وَيتَصَدَّق بهَا على نَفسه بِشَرْط الضَّمَان. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ أَن سَائِلًا سَأَلَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن اللّقطَة، فَقَالَ: " اعرف عفاصها ووكاءها وَعرفهَا سنة، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا فشأنك بهَا "، والتقط أبي بن كَعْب صرة فِيهَا ثلثمِائة دِينَار فَقَالَ لَهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام:

عرفهَا حولا ثمَّ قَالَ: استمتع بهَا ". لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من الْتقط لقطَة فليعرفها حولا كَامِلا، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا تصدق بهَا، فَإِن قدم رَبهَا وَرَضي بِالْأَجْرِ وَإِلَّا ضمن لَهُ ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: من جَازَ لَهُ الِالْتِقَاط جَازَ لَهُ الْإِنْفَاق بعد التَّعْرِيف كالفقير؛ لِأَن اللّقطَة مَال الْغَائِب فِي يَده وَحقه الْحِفْظ، وَالْحِفْظ إِمَّا بالإمساك أَو يملك بِشَرْط ضَمَان فَيصير مَحْفُوظًا فِي ذمَّته، وَالصَّدَََقَة (تبطل بِالضَّمَانِ وَلَو وَجب لتعين) .

لَهُم: من لَا تحل لَهُ الصَّدَقَة لَا تحل لَهُ اللّقطَة، تَأْثِيره: أَن النّظر للْمَالِك وَاجِد وجهة التَّصَدُّق أجمع للنَّظَر من جِهَة التَّمْلِيك، فالصدقة وُصُول المَال إِلَيْهِ بِالْأَجْرِ. مَالك: يملكهَا الْغَنِيّ دون الْفَقِير، وَلَا قطّ الْحَيَوَان الصَّغِير إِذا أكله لَا غرم عَلَيْهِ. أَحْمد: إِذا وجد بَهِيمَة فِي ملكة ملكهَا. التكملة: الْمُعْتَمد على حَدِيث الْجُهَنِيّ الَّذِي جمع أَنْوَاع الضوال وَحَدِيث أبي بن كَعْب قَالَ الشَّافِعِي: كَانَ من مياسير الصَّحَابَة، وَأما الْقيَاس فَلَا مدْخل لَهُ فِي مبادئ أَحْكَام على أَن الْقيَاس يَقْتَضِي أَن ملك الْمَالِك لَا يَزُول إِلَّا بِسَبَب من جِهَته، وَقِيَاس الْغَنِيّ على الْفَقِير لَا يجوز إِلَّا أَنا لَو

قَدرنَا توارد الْأَحَادِيث فِي الدّلَالَة على زَوَال ملكه ونقتدي فِيهِ الْإِزَالَة بالتصدق وبالتمليك وأردنا أَن نرجح أحد المسلكين فجانبنا أقرب، فَإِن فِيهِ إحْيَاء حق الْمَالِك بترغيب النُّفُوس فِي الْتِقَاطه وتملكه بِشَرْط الضَّمَان وَلَا ثَوَاب فِي الْمُعَاوضَة، وَمَا ذَكرُوهُ ينفر عَن الِالْتِقَاط فَلَا يرغب فِيهِ إِلَّا أولو الطمع.

مسائل الفرائض

(مسَائِل الْفَرَائِض)

فارغة

لوحة 51 من المخطوطة أ: تكلم فِي جَمِيع أَبْوَاب الْفَرَائِض عَليّ، زيد، ابْن مَسْعُود، ابْن عَبَّاس، وَتكلم فِي أَكْثَرهَا أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان، معَاذ، قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام " أفرضكم زيد "، وخطب عمر بالجابية وَقَالَ: من أحب أَن يسْأَل عَن الْقُرْآن فليسل أبي بن كَعْب، وَمن أحب الْفَرَائِض فليسل زيدا، وَمن أحب الْفِقْه فمعاذ وروى ابْن الْمَاجشون، ... ... ... ... ... ... ... ... ...

عَن ابْن شهَاب: لَو هلك عُثْمَان وَزيد فِي بعض الزَّمَان لهلك علم الْفَرَائِض، وَخلاف الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي الْفَرَائِض على ز أَقسَام (سَبْعَة) : أ - (1) فَرَائض الصلب، ب - (2) حكم الْعَوْل. ج - (3) الرَّد.، د - (4) الْجدَّات. هـ - (5) الْجد.، و - (6) الْوَلَاء. ز - (7) ذَوُو الْأَرْحَام. وَمَتى اجْتمع عَليّ وَزيد على حكم، فَإِن تابعهما ابْن عَبَّاس خالفهما ابْن مَسْعُود وَبِالْعَكْسِ، وَرُبمَا اجْتمع عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَخَالفهُم زيد، وَإِذا اجْتمع ثَلَاثَة مِنْهُم على أصل فِي الْفَرَائِض فهم على ضَرْبَيْنِ: أَن يجتمعوا على أصل الْبَاب وفروعه كاجتماع عَليّ وَزيد وَابْن مَسْعُود على

تعصيب الْأَخَوَات مَعَ الْبَنَات وَبَنَات الابْن وَلَا خلاف بَينهم فِي فروع هَذَا الْبَاب، فَأَما ابْن عَبَّاس فأسقطهن. الضَّرْب الثَّانِي: أَن يجتمعوا على أصل ويختلفوا فِي فروعه كاجتماع (عَليّ وَزيد) وَابْن مَسْعُود على تَوْرِيث الْأُخوة وَالْأَخَوَات مَعَ الْجد، ثمَّ اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة توريثهم وَخَالفهُم ابْن (عَبَّاس فِي الأَصْل) فأسقطهم، وَكَذَلِكَ اجْتمع عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس على القَوْل بِالرَّدِّ مَعَ اخْتلَافهمْ فِي كيفيته وَخَالفهُم زيد فِي الأَصْل، واجتماع هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة اجْتِمَاع الْفُقَهَاء، وكل مَسْأَلَة انْفَرد فِيهَا عَليّ تَابعه ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن صَالح، وتابع زيدا مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأكْثر

الْمَدَنِيين، وتابع ابْن مَسْعُود عَلْقَمَة وَالْأسود، وَتَابعه مَسْرُوق فِي بَاب الْجد، وتابع أَبُو حنيفَة فِي الْجد أَبَا بكر وَابْن عَبَّاس، وَالْمجْمَع على توريثهم

الابْن وَابْنه وَإِن سفل، وَالْأَب وَأَبوهُ وَإِن علا، (وَالْأَخ من) كل جِهَة وَابْن الْأَخ إِلَّا من الْأُم، وَالْعم إِلَّا من الْأُم وَالزَّوْج وَمولى النِّعْمَة، وَالْبِنْت وَبنت الابْن وَإِن نزلت دَرَجَة أَبِيهَا، وَالأُم وَالْجدّة من الْجِهَتَيْنِ، وَالْأُخْت من كل جِهَة وَالزَّوْجَة ومولاة النِّعْمَة، وَتسقط بنت الابْن بالابن، والأجداد بِالْأَبِ، والجدات بِالْأُمِّ، وَيسْقط ولد الْأُم بأَرْبعَة؛ بِالْوَلَدِ وَولد الابْن، وَالْأَب وَالْجد. وَيسْقط ولد الابْن بِثَلَاثَة بالابن وَابْن الابْن وَالْأَب، وَيسْقط ولد الْأَب بهؤلاء الثَّلَاثَة وبالأخ من الْأَبَوَيْنِ. إِذا اسْتكْمل (الْبَنَات الثُّلثَيْنِ سقط بَنَات الابْن إِلَّا أَن يكون مَعَهُنَّ أَو أنزل مِنْهُنَّ ابْن ابْن فيعصبهن، وَإِذا اسْتكْمل الْأَخَوَات من الْأَبَوَيْنِ الثُّلثَيْنِ سقط الْأَخَوَات من الْأَب إِلَّا أَن) يكون مَعَهُنَّ أَخ لَهُنَّ فيعصبهن. والعصبة إِذا انْفَرد ورث المَال (وَإِذا كَانَ مَعَهم) ذُو فرض يُدْلِي بِهِ، وَكَانَ الْبَاقِي للْعصبَةِ، فَإِن استغرقت الْفُرُوض المَال سقط.

المسألة السادسة والتسعون بعد المائة الصبي المميز الذي يعقل عقل مثله قصو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: الصَّبِي الْمُمَيز الَّذِي يعقل عقل مثله (قصو) :) الْمَذْهَب: لَا يَصح إِسْلَامه، وَقيل: يَصح فِي حكم الْآخِرَة. عِنْدهم: يَصح إِسْلَامه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث: عَن الصَّبِي ... الحَدِيث "، وَجه الدَّلِيل أَنه لما رفع الْقَلَم رفع الْخطاب فَلَا يُخَاطب بِالْإِسْلَامِ، وَلَا يَصح صدوره مِنْهُ. لَهُم: رُوِيَ أَن عليا كرم الله وَجهه وَهُوَ طِفْل قَالَ:

(سبقتكموا إِلَى الْإِسْلَام طفْلا ... صَغِيرا مَا بلغت أَوَان حلمي) الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يعرف إِسْلَامه فَلَا يحكم، لِأَن الِاعْتِقَاد ركن وَلم يعرفهُ وَخَبره مُحْتَمل أَن يكون قد عرف وَلم يعْتَقد، وَدَلِيل الشَّرْع اتَّصل بِخَبَر الْبَالِغ دون الصَّبِي، وَالدَّلِيل عدم خطابه بِالْإِسْلَامِ وَهَذَا اعْتِقَاد كَامِل فَيَقْتَضِي نظرا كَامِلا وَالْإِسْلَام لَا يعقل إِلَّا بعد تقدم الْإِلْزَام كَمَا لَا يعقل جَوَاب إِلَّا بعد سُؤال. لَهُم: خبر عَن اعْتِقَاد صَحِيح فصح كَالْبَالِغِ؛ لِأَنَّهُ يخبر عَن التَّوْحِيد بشرائطه وَهُوَ أهل الِاعْتِقَاد بعقله وتمييزه وَقد وجد مِنْهُ الْإِسْلَام فصح، وَالْإِسْلَام فرض فَلَا يسْقط بِعُذْر الصِّبَا. مَالك: لَا يكون مُسلما بِإِسْلَام الْأُم. أَحْمد:

التكملة: الْأَحْكَام الدنيوبة مُتَعَلقَة بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ الاستسلام الَّذِي لَا يعقل إِلَّا بخطاب وَفرق بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام. قَالَ الله تَعَالَى: {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} ، وَلِهَذَا لم يعقل الْإِسْلَام قبل وُرُود الشَّرْع، وَلَكِن عقلت الْمعرفَة وَالنَّظَر؛ لِأَنَّهُ لَا إِلْزَام فإسلام الصَّبِي كإسلام من أسلم قبل الْبعْثَة، فَإِن الشَّرِيعَة لم تلْزم الصَّبِي، وَإِنَّمَا حلنا بَينه وَبَين أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قد بَدَت مِنْهُ مخايل الْإِسْلَام، فَرُبمَا رداه وَدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين لكَونه مُسلما فِي أَحْكَام الْآخِرَة، وَالله أعلم بسريرته، فَإِن قَالُوا أوجب عَلَيْهِ الْإِسْلَام عقله، فَالْجَوَاب أَن الْعقل لَا يُوجب شَيْئا وَلَا نسلم عِقَاب صبيان الْكفَّار. ونقول: من صَحَّ إِسْلَامه تبعا لِأَبَوَيْهِ لم يَصح إِسْلَامه لنَفسِهِ كَيْلا يصير التَّابِع أصلا ونقف مَعَ هَذَا الْحَرْف وَهُوَ أَن الْإِسْلَام بحقيقته لَا يُوجد من صبي، وَلَا يُمكن أَن يُقَال: إِن الْإِسْلَام وَاجِب فِي ذمَّته، لِأَن إِيجَاب الْعِبَادَات والتكاليف فِي الذِّمَّة محَال، إِذْ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا خطاب طلب الْفِعْل، وَذَلِكَ لَا يعقل فِي الذِّمَّة، فَإِن ناقضونا بالذمي، فَإِنَّهُ غير مَحْمُول على الْإِسْلَام، وَلَو أسلم قُلْنَا من قَالَ إِنَّه غير مَحْمُول على الْإِسْلَام، وَهل الْجِزْيَة إِلَّا حمل على الْإِسْلَام لكَونهَا عُقُوبَة.

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: الْفَاضِل عَن سِهَام ذَوي الْفُرُوض (قصز) : الْمَذْهَب: لبيت المَال إِن لم يكن ثمَّ عصبَة. عِنْدهم: يرد على ذَوي الْفُرُوض. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن الله تَعَالَى لم يكل مواريثكم إِلَى ملك مقرب، وَلَا نَبِي مُرْسل، وَإِنَّمَا قسمهَا بِنَفسِهِ فَقَسمهَا أحسن قسم فَأعْطى كل ذِي حق حَقه أَلا لَا وَصِيَّة لوَارث ". لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لَا رد على الزَّوْجَيْنِ فَكَذَلِك ذَوُو الْفَرْض؛ لِأَن مُقْتَضى فرضهم

وَاحِد، وَلِهَذَا اسْتَووا فِي الْعَوْل، وَالنِّكَاح قرَابَة كَمَا أَن الْوَلَاء يحدث قرَابَة، وَالله تَعَالَى قدر الْفُرُوض وَحدهَا وَذَلِكَ يَنْفِي الزِّيَادَة، وجهة الْمُسلم جِهَة وارثة فالفاضل مَصْرُوف إِلَيْهِم؛ لأَنهم يتحملون الْعقل كالورثة. لَهُم: إِذا ضَاقَ المَال عَنْهُم قسم على قدر سِهَامهمْ فَكَذَا إِذا اتَّسع، وَذَلِكَ لِأَن الله تَعَالَى لما ذكر سِهَامهمْ مَا أَرَادَ أعيانها، وَإِنَّمَا أَرَادَ نسب بَعضهم إِلَى بعض وَأما الزَّوْجَانِ فبالموت انْقَطع مَا بَينهمَا وَإِنَّمَا توارثا بِحرْمَة العقد. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: قَالُوا: للْبِنْت النّصْف مِيرَاثا بِحَق الْبُنُوَّة، وَالْبَاقِي لَهَا بالرحم الْمُرْسلَة الَّتِي شاركت بهَا سَائِر الْأَقَارِب، وَالْجَوَاب: أَن هَذِه الرَّحِم صَارَت مقتضية الْحق بِقَضَاء حق الْبُنُوَّة؛ لِأَن الْبُنُوَّة تَتَضَمَّن الرحمية الْمُرْسلَة لَا محَالة،

فالرحمية من الْبُنُوَّة بِمَنْزِلَة السّقف من الْبَيْت والخمسة من السِّتَّة، فَمن ملك بَيْتا بِعشْرَة دَرَاهِم لَا يملك السّقف بِعشْرَة أُخْرَى، فَإِن من ملك الْبَيْت ملك السّقف، وَلَو كَانَت الرحمية الْعَامَّة قَضِيَّة شَامِلَة للْجَمِيع لوَجَبَ أَن يقسم الْبَاقِي بَين ذَوي الْفُرُوض بِعَدَد رُءُوسهم وَلَا نفضل بِنْتا على أم. عبارَة ذُو سهم لَا تعصيب لَهُ فَلَا يرد عَلَيْهِ كالزوج. ومخرجهما من ج فرض كل اثْنَتَيْنِ فَصَاعِدا من الْبَنَات أَو بَنَات الابْن أَو الْأَخَوَات من الْأَبَوَيْنِ أَو الْأَخَوَات من الْأَب، وَالثلث ومخرجه مخرج

الثُّلثَيْنِ فرض كل اثْنَيْنِ فَصَاعِدا من ولد الْأُم ذكرهم وأنثاهم فِيهِ سَوَاء وَهُوَ للْأُم مَعَ عدم الْوَلَد وَعدم الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدا من الْأُخوة وَالْأَخَوَات، وَالسُّدُس ومخرجه من و، فرض كل وَاحِد من الْأَبَوَيْنِ مَعَ الْوَلَد، وَهُوَ للْأُم مَعَ كل اثْنَيْنِ فَصَاعِدا من الْأُخوة وَالْأَخَوَات، وَالْجد مَعَ الْوَلَد، وَالْجدّة أَو الْجدَّات، ولبنت الابْن أَو بَنَات الابْن مَعَ بنت الصلب تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ، وَللْأُخْت من الْأَب، أَو الْأَخَوَات من الْأَب مَعَ الْأُخْت من الْأَبَوَيْنِ تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وللواحد من ولد الْأُم. شَذَّ عَن الْأُصُول مَسْأَلَتَانِ: (زوج وأبوان، وَزَوْجَة وأبوان، للْأُم فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ثلث الْبَاقِي بعد فرض الزَّوْجَيْنِ هما العمريتان) .

المسألة الثامنة والتسعون بعد المائة ذوو الأرحام قصح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: ذَوُو الْأَرْحَام (قصح) :) الْمَذْهَب: لَا يَرِثُونَ. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ الله تَعَالَى: {وَلكُل جعلنَا موَالِي مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} ، وَالْمولى يُطلق على الْعصبَة هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ عمم الْكل وَجعل لكل إِنْسَان عصبَة، وَالْجهل بهَا لَا يَقْتَضِي صرف المَال إِلَى غير مُسْتَحقّ، وَرُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ عَن مِيرَاث الْعمة وَالْخَالَة فَركب إِلَى قبَاء يستمطر الْوَحْي وَيَقُول: اللَّهُمَّ عمَّة وَخَالَة، وَعَاد فَقَالَ: لَا مِيرَاث لَهُنَّ.

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} ، وَقَوله: {وللرجال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ وللنساء نصيب} . قَالَ وَاسع بن حبَان: توفّي ثَابت بن الدحداح وَلم يدع وَارِثا

فَدفع رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام مَاله إِلَى ابْن أُخْته أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ "، وَأعْطى عمر الْخَالَة الثُّلُث، والعمة الثُّلثَيْنِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

الْإِرْث عرف توقيفا لَا قِيَاسا لكَونهَا مقادير شَرْعِيَّة تحرم بنت الْبِنْت، وتورث ابْن الْعم فَيتبع النَّص وَلَا نَص فِي ذَوي الْأَرْحَام والمقدرات على أَصله لَا تثبت قِيَاسا، وانعقد الْإِجْمَاع أَن كل أُنْثَى وارثة يعصبها أَخُوهَا، ونرى بنت الْأَخ لَا يعصبها أَخُوهَا، فَدلَّ على أَنَّهَا غير وارثة وَبِالْجُمْلَةِ الْقيَاس لَا يجرى فِي الْمِيرَاث. لَهُم: الْإِرْث يبْنى على الْولَايَة وَكلما قطعهَا قِطْعَة كالرق وَاخْتِلَاف الدّين، وَالْمِيرَاث يقدم فِيهِ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب كالولاية، وَالْوَارِث نَائِب عَن الْمَيِّت يَبْنِي ملكه على ملكه، وَحَوله على حوله وَيرد بِالْعَيْبِ، وذوو الْأَرْحَام لَهُم الْولَايَة؛ لأَنهم يبذلون التَّجْهِيز والتكفين والدفن. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: الْآيَة الَّتِي استدلوا بهَا مجملة لَيْسَ فِيهَا تعرض للميراث، فيكفينا

دَعْوَى الْإِجْمَال، ونحملها على الْحَضَانَة والتربية والتجهيز والتكفين، وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ بهم الْأَقَارِب الْمَذْكُورين فِي آيَة الْمِيرَاث، وَقَوله فِي كتاب الله يدل على ذَلِك؛ لِأَن ذَوي الْأَرْحَام لم يذكرُوا فِي كتاب الله، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْخَال معَارض بأحاديثنا، وَيحْتَمل أَن يكون منهاجه كَقَوْلِه: " الْجُوع زَاد من لَا زَاد لَهُ ". وَمَعَ تعَارض الْأَحَادِيث لَا يستبعد التَّأْوِيل الْغَرِيب ثمَّ المَال يصرف إِلَى جِهَة الْإِسْلَام لَا إِلَى جِهَة الْمُسلمين، فَلَا وَجه لقَولهم (ترجح) ذَوي الْأَرْحَام، فَإِنَّهُ يخرج أَيْضا فِي عمَارَة قناطر ومصالح وَيصرف إِلَى الرَّقِيق وَالْكَافِر إِذا تعلق بِهِ مصلحَة (الْإِسْلَام وَبِالْجُمْلَةِ نصيب الرَّحِم للتوارث كالنسب حكم شَرْعِي لَا بُد لَهُ من مُسْتَند، وَإِمَّا أَن يثبت أصلا أَو فرعا لَا أصل لَهُ، وَلم يرد فِي ذَلِك) نَص وَمَوْضِع النَّص لَا يُقَاس عَلَيْهِ هَاهُنَا؛ لأَنهم لَيْسُوا على قِيَاس ذَوي الْفُرُوض، حَيْثُ لم

يقدر لَهُم وَلَا على قِيَاس الْعَصَبَات؛ لأَنهم لَا يَأْخُذُونَ مَا فضل عَن الْفُرُوض (بل يرد على الْفُرُوض ويحرمون) .

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: المشركة (قصط) : الْمَذْهَب: يُشَارك ولد الْأَبَوَيْنِ وَالأُم. عِنْدهم: يستأثر ولد الْأُم بسهمهم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: هبوا أَن أباهم كَانَ حمارا، فَمَا زادهم ذَلِك إِلَّا قربا، وَقيل: بل ولد الْأَبَوَيْنِ قَالَ ذَلِك لعمر. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شاركهم فِي قرَابَة الْأُم، وَانْفَرَدَ بِقرَابَة الْأَب، فَإِذا لم يُوجب التَّقْدِيم لم يُوجب التَّأْخِير، وَإِنَّمَا قدمت قرَابَة الْأُم لقوتها فعمرت قرَابَة الْأُم وَلما لم تظهر قرَابَة الْأُبُوَّة ظَهرت قرَابَة الأمومة، وَفِي هَذِه الصُّورَة يَرث بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ. لَهُم: عصبَة لم تَجِد (فضلا فَسقط) كالأخ من الْأَب، وَهَذَا لِأَن قرَابَة الْأُم هَاهُنَا للترجيح (فَلَا تكون للاستحقاق) وَلَو كَانَت سَببا لَاسْتَحَقَّ الْفَرْض والتعصيب، وَدَلِيل بَقَاء تعصيبه أَنه فِي هَذِه الْحَالة تسْقط الْأُخْت من الْأَب ثمَّ لَو أَن ولد الْأُم وَاحِد وَولد الْأَب عشرَة فلجميعهم السُّدس. مَالك: ق. أَحْمد: ف.

التكملة: حرمانهم مَعَ الْمُسَاوَاة فِي الِاسْتِحْقَاق لَا وَجه لَهُ؛ لأَنهم لم يتميزوا إِلَّا بِقرَابَة الْأَب وقرابة الْأُم تَابِعَة لقرابة الْأَب سَاقِطَة الْعبْرَة إِذا أمكن الْعَمَل بِقرَابَة الْأَب، وَأما إِذا لم يُمكن فَجعل قرَابَة الْأُم سَاقِطَة مَعَ وجودهَا خَارج عَن الإفادة، وَبِهَذَا نجيب عَن الصُّورَة الَّتِي فِيهَا وَاحِد من ولد الْأُم، وعدة من ولد الْأَبَوَيْنِ، فَإِن تمّ ظهر ابْن قرَابَة الْأُم فَهُوَ إِذا عصبَة، وَقد وجد فِي حَقه سَبَب آخر فَصَارَ كَابْن عَم هُوَ أَخ لأم.

المسألة المائتان الجد مع الأخوة والأخوات ر

(الْمَسْأَلَة المائتان: الْجد مَعَ الْأُخوة وَالْأَخَوَات (ر) :) الْمَذْهَب: لَا يحجبهم بل يقاسمهم. عِنْدهم: يحجبهم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {مِلَّة أبيكم إِبْرَاهِيم} ، وَقَوله تَعَالَى إِخْبَارًا عَن يُوسُف: {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق} ، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " ارموا بني إِسْمَاعِيل "، وَقَوله تَعَالَى: (وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح

آباؤكم} . وَجه الدَّلِيل: أَن اسْم الْأَب يُطلق على الْجد فحجب كَالْأَبِ الْأَدْنَى. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْجد وَالْأَخ اسْتَويَا فِي الإدلاء إِلَى الْمَيِّت فاشتركا فِي الْمِيرَاث كالأخوين لِأَن الْجد أَبُو أَبِيه، وَالِابْن ابْن ابْنه، والإدلاء بالبنوة فِي التَّعْصِيب أقوى من الْأُبُوَّة، بِدَلِيل تَقْدِيم الابْن على الْأَب وَإِن سمي الْجد أَبَا فعلى طَرِيق الْمجَاز. لَهُم: كل حكم يثبت للْأَب يثبت للْجدّ من الاستبداد بِالْولَايَةِ ورد الشَّهَادَة ودرء الْقصاص وَالْعِتْق عِنْد الْملك وَملك المَال عِنْد الْحَاجة، وَإِذا استولد جَارِيَته ملكهَا، فَإِذا كَانَ كَذَلِك ساواه فِي حجب الْأُخوة، ثمَّ إِن الْأَخ يسْقط إِذا بَقِي فَرْضه وَلَا يُشَارِكهُ دَائِما. مَالك: ق.

أَحْمد: ف. التكملة: جِهَة الْأُخوة مورثة بِنَصّ الْكتاب فحجب المدلي بهَا إِنَّمَا يَسْتَقِيم بِنَصّ أَو قِيَاس على نَص وَلم يثبت حجب الْأَخ الْجد نصا، وَإِنَّمَا حجب الْأَب، وَالِابْن وَابْن الابْن، وَلَيْسَ الْجد فِي معنى وَاحِد من هَؤُلَاءِ ويرجح الْأَب على الْأَخ، لَا لأجل أَنه بِنَفس البعضية بل للبعضية المتأكدة بِالْقربِ، فَإِن كَانَ الْجد يدل بالبعضية، فَلَيْسَ لَهُ قرب، وَإِن نزل الْجد منزلَة الْأَب فِي الْأَحْكَام الَّتِي ذكروها فقد نزل الْأَخ بِمَنْزِلَة الابْن عِنْد عدم الابْن فِي أَنه عصب أُخْته بِخِلَاف الْعم وَابْن الْأَخ، وَأَن الذّكر ليستغرق وَالْأُنْثَى النّصْف، والانثيين الثُّلُثَانِ وَالْجد يُفَارق الْأَب فِي الْمِيرَاث فِي العمريتين، وَبِالْجُمْلَةِ الْجد وَارِث، وَالْأَخ وَارِث فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يسقطا مَعًا، أَو

يسْقط أَحدهمَا، وَيَرِث الآخر، وإسقاطهما مَعًا لَا يُمكن، وَالتَّرْجِيح يحكم فَبَقيَ أَن يرثا مَعًا، فَأَما تفاصيل أَحْوَالهم فبالتوقيف وَاتِّبَاع الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم حجَّة إِذا اجْتمع الْجد مَعَ الْأُم أَخذ مثلي مَا يَأْخُذ الْأُخوة لَا ينقصُونَ الْأُم من السُّدس، فَلَا ينقصُونَ الْجد من ضعف السُّدس.

لوحة 52 من المخطوطة أ: إِذا ورد نَص بتعليق حكم على وصف وَظَهَرت الْمُنَاسبَة لِمَعْنى يتضمنه ذَلِك الْوَصْف وَانْقطع أثر صُورَة الْوَصْف كَانَ اعْتِبَاره على مذاق التحكمات الجامدة الَّتِي لَا نستشف مِنْهَا مخايل الْمَعْنى وَجب إِحَالَة الحكم على مُتَضَمّن الْوَصْف، وَإِن كَانَ للوصف خُصُوص أثر فَلَا سَبِيل إِلَى الْغَايَة، وَقد يُفْضِي هَذَا إِلَى نفي الحكم مَعَ وجود الْوَصْف لانفكاكه عَن الْمَعْنى الْمُنَاسب، فَبِهَذَا قد يُزَاد على المنقوص وَينْقص وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الْقَاتِل لَا يَرث " الصَّحِيح أَن الْقَاتِل قصاصا وحدا يَرث لأَنا فهمنا من الْقَتْل أمرا، ذَلِك الْأَمر مَخْصُوص بِبَعْض أَنْوَاع الْقَتْل فَنَقُول: لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يناط الحرمان بِالْقَتْلِ لصورته أَو لِمَعْنى يتضمنه، وَذَلِكَ الْمَعْنى إِذا كَانَ مناسبا لَا بُد من اعْتِبَاره. وَقد اضْطربَ رَأْي الْمُجْتَهدين فِي منَاط الحكم من الْقَتْل، وَالْقَتْل يَنْقَسِم إِلَى عمد وَخطأ، وَالْخَطَأ يَنْقَسِم إِلَى: مبَاشر وتسبب، فالشافعي عمم الحرمان، وَأَبُو حنيفَة خصص بالمباشر وَقَالَ: من حفر بِئْرا فِي مَحل

عدوان فتردى فِيهَا قَرِيبه وَرثهُ، وَكَأَنَّهُ يَقُول قَائِلا حَقِيقَة، فَإِن الْهَلَاك حصل بالحركة لَا بِالْحفرِ، وَعِنْدنَا هُوَ قَاتل بِدَلِيل الدِّيَة وَالْكَفَّارَة، وَالْقَتْل فِي حق الْقَاتِل يَنْقَسِم إِلَى مَا يصدر عَن مُكَلّف، وَإِلَى مَا يصدر عَن غير مُكَلّف، وَيَنْبَنِي على ذَلِك مَسْأَلَة الصَّبِي وَالْمَجْنُون، ثمَّ الْقَتْل الْعمد يَنْقَسِم إِلَى مَحْظُور وَغير مَحْظُور، والمحظور لَا محَالة ينْدَرج تَحت الْعُمُوم، وَغير الْمَحْظُور يَنْقَسِم إِلَى مُبَاح كَالْقَتْلِ قصاصا وَقتل الصَّائِل والباغي، وَإِلَى وَاجِب كَالْقَتْلِ حدا فتردد الشَّافِعِي فِي هَذِه الصُّورَة وَقطع أَن كل قتل مَضْمُون بدية أَو كَفَّارَة، أَو قتل فَهُوَ يُوجب الحرمان، وَمَا لَا يُوجب شَيْئا فَهُوَ هدر. ثمَّ ثار بعد هَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْوَصِيَّة للْقَاتِل فَمنع مِنْهَا الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة، وَهَذَا زِيَادَة على الْمَنْصُوص عملا بِالْمَعْنَى، إِمَّا تشوفا إِلَى مُقَابلَة المتعجل بضد قَصده، أَو نظرا إِلَى أَن المَال المستعجل بَاب وَاحِد يسْتَحق تَارَة بِقرَابَة وَتارَة بزوجيه وَتارَة بِوَصِيَّة، فَمَا كَانَ عِلّة الْإِسْقَاط فِي أَحدهَا كَانَ عِلّة فِي الْبَوَاقِي، وأحق الْعَصَبَات البنون ثمَّ بنوهم، ثمَّ الْأَب، ثمَّ الْجد، وَقد ذكرنَا حَاله مَعَ الْأُخوة، ثمَّ بَنو الْأَب، ثمَّ بنوهم، ثمَّ بَنو الْجد، ثمَّ بنوهم، وعَلى هَذَا لَا يَرث بَنو أَب (أَعلَى وَهُنَاكَ بَنو أَب) أقرب مِنْهُم، وَإِن سفلوا وَأولى ولد كل أَب أقربهم إِلَيْهِ فاستووا فأولاهم من

كَانَ لأَب وَأم والبنون وبنوهم والأخوة من الْأَبَوَيْنِ والأخوة من الْأَب يعصبون أخواتهم ويمنعونهن الْفَرْض ويقتسمون مَا ورثوا للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَالْأَخَوَات مَعَ الْبَنَات عصبَة يرثن ويحجبن كالأخوة، وَقد يجْتَمع للْأَب وَالْجد الْفَرْض والتعصيب مَعَ إناث الْوَلَد.

مسائل من الفرائض

(مسَائِل من الْفَرَائِض) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة بعد الْمِائَتَيْنِ: الْمُرْتَد إِذا مَاتَ أَو قتل مُرْتَدا (را) :) الْمَذْهَب: كَانَ مَاله فَيْئا. عِنْدهم: مَا اكْتَسبهُ قبل الرِّدَّة لوَرثَته الْمُسلمين، مَا اكْتَسبهُ بعد الرِّدَّة فَيْء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَلَا الْكَافِر الْمُسلم "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا توارث بَين أهل ملتين شَتَّى "، وَهَذَا نَص فِي

الْبَاب. لَهُم: قتل عَليّ رَضِي الله عَنهُ الْمُسْتَوْرد الْعجلِيّ على ردته، وَصرف مَاله إِلَى ورثته الْمُسلمين، قَالَ زيد بن ثَابت أَرْسلنِي أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مُنْصَرفه من قتال الْمُرْتَدين، وَأَمرَنِي أَن أجعَل مَال كل وَاحِد مِنْهُم لوَرثَته من الْمُسلمين، وَلم يرد خِلَافه عَن أحد.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَافِر فَلَا يَرِثهُ الْمُسلمُونَ كَسَائِر الْكفَّار، لِأَن الْمُوَالَاة شَرط الْإِرْث، لِأَن الوراثة خلَافَة فِي الْملك، فَإِذا انْقَضتْ الْمُوَالَاة انْقَطَعت الْخلَافَة، وَلِهَذَا قَطعنَا الْمِيرَاث، وَلَا نسلم ثُبُوت حكم الْإِسْلَام لَهُ، وَإِنَّمَا لم يقسم مَاله رَجَاء فيئته. لَهُم: الْمُرْتَد لَهُ حكم الْإِسْلَام، بِدَلِيل أَنه لَا يكون مَاله فَيْئا فِي الْحَال، وَأَنه لَا يقر على كفره وَيُؤمر بِقَضَاء الصَّلَوَات وَولده من الْكِتَابِيَّة مُسلم، وَالْمَال تبع النَّفس فورث كَالْمُسلمِ. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْآثَار الَّتِي نقلوها عَن آحَاد الصَّحَابَة فدعواهم فِيهَا الْإِجْمَاع لَا وَجه لَهُ؛ لِأَن الْخلاف تحقق من التَّابِعين وَلَوْلَا أَن الْخلاف عَن الصَّحَابَة لما تحقق من التَّابِعين، وَلَعَلَّ أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فعل ذَلِك لمصْلحَة رَآهَا.

قَوْلهم: مُسلم حكما كَلَام لَا أصل لَهُ، فَإِنَّهُ مَتى تحقق الْكفْر انْتَفَى الْإِسْلَام، وَأما قَضَاؤُهُ الصَّلَوَات فَهَذَا الحكم عندنَا يخْتَص بالكافر أَيْضا لِكَوْنِهِمَا مخاطبين بِفُرُوع الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا سقط عَن الْكَافِر تَخْفِيفًا، أما الْمُرْتَد فَلَا يسْتَحق التَّخْفِيف وَالْولد يتبع أمه لِأَنَّهَا جُزْء مِنْهُ دينا، وَالَّذِي يدل على أَنه كَافِر حَقِيقَة وَحكما شرع الْقَتْل فِي حَقه على كفره وَكَونه لَا يَرث الْمُسلم وَلَا الْمُرْتَد، والمرء يُورث من حَيْثُ يَرث، ثمَّ فِي أَي وَقت يُورث، أيورث وَهُوَ حَيّ؟ هَذَا محَال، لِأَن مِيرَاث الْأَحْيَاء لَا يَصح، وَإِذا مَاتَ فَهُوَ كَافِر حَقِيقَة، ويلزمهم مَا اكْتَسبهُ مُرْتَدا، فَإِنَّهُم لم يورثوا بِهِ عَنهُ، ثمَّ نقُول: الرِّدَّة أبطلت عصمَة النَّفس فأبطلت عصمَة المَال، لِأَن المَال تَابع للنَّفس.

فارغة

المسألة الثانية بعد المائتين القتل من الصبي والمجنون ر ب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة بعد الْمِائَتَيْنِ: الْقَتْل من الصَّبِي وَالْمَجْنُون (ر ب) :) الْمَذْهَب: يَقْتَضِي حرمَان الْمِيرَاث. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ للْقَاتِل من الْمِيرَاث شَيْء "، وَهَذَا عَام. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قتل بِغَيْر حق فَيُوجب حرمَان الْإِرْث، لِأَن حرمَان الْمِيرَاث يتَعَلَّق بِنَفس الْقَتْل سَوَاء كَانَ عُدْوانًا أَو مؤثما، بِدَلِيل الْخَطَأ، وفقهه أَن سَبَب الحرمان قطع الْمُوَالَاة الَّتِي هِيَ شَرط الْإِرْث. لَهُم: جَزَاء فعل مَحْظُور لَا يتَعَلَّق بِفعل الصَّبِي وَالْمَجْنُون، دَلِيله الْقود، وتأثيره: أَن حرمَان الْمِيرَاث لَيْسَ فِيهِ جبر (الْمحل وَقد جبر) بِالدِّيَةِ وَإِنَّمَا يُقَابل جَزَاء الْفِعْل، وَالْجَزَاء يفْتَقر إِلَى حظرية وخطاب. مَالك: الْقَاتِل عمدا لَا يَرث. أَحْمد: ق. التكملة: بِالْقَتْلِ قطع الوصلة فَلَا يثبت فِي حَقه مَا هُوَ وصلَة كَمَا فِي حق الْبَالِغ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَتْلِ قطع الرَّحِم الَّتِي هِيَ سَبَب الْمِيرَاث، ثمَّ يلْزمهُم الخاطئ، فَإِن فعله غير مؤثم، وَمَعَ هَذَا حرمه الْمِيرَاث، وَبِالْجُمْلَةِ الْعلَّة فِي

قطع الْمِيرَاث قطع الْمُوَالَاة، قَوْلهم فِي الْموضع الْمُتَّفق عَلَيْهِ قد استعجل مَا أَخّرهُ الله تَعَالَى، قُلْنَا: يبطل بِأم الْوَلَد، وَالْمُدبر وَصَاحب الدّين الْمُؤَجل، فَإِن الْمُدبر وَأم الْوَلَد يعتقان، والغريم يسْتَحق الدّين، أما الْقَتْل الْوَاجِب، وَالْقَتْل الْمُبَاح، قُلْنَا فيهمَا منع، فَنَقُول: يحرم الْمِيرَاث، وَإِن شِئْنَا خرجناه على طريقتنا؛ لأَنا قُلْنَا بِغَيْر حق، وَهَذَا قَاتل بِحَق.

المسالة الثالثة بعد المائتين القرابات بنكاح المجوس ووطء شبهة ر ج

(المسالة الثَّالِثَة بعد الْمِائَتَيْنِ: الْقرَابَات بِنِكَاح الْمَجُوس وَوَطْء شُبْهَة (ر ج) :) الْمَذْهَب: يَرث بأقوى قرابتيه. عِنْدهم: يَرث بهما. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شخص وَاحِد فَلَا يجمع بَين فرضين كَمَا لَو كَانَت زَوجته هِيَ بنت أَو هِيَ أم، وَذَلِكَ لِأَن الْفُرُوض مقدرَة لَا يجوز الْمَزِيد عَلَيْهَا كالحدود والعبادات، قَالَ الشَّافِعِي: لَو قضينا بذلك لزم مِنْهُ أَن تحجب نَفسهَا وَذَلِكَ مستبعد. لَهُم: قرابتان لَهما اسمان فورث بهما كَابْن الْعم إِذا كَانَ أَخا لأم، والأسباب إِذا تعدّدت تعدّدت مسبباتها، ثمَّ الْأَب وَالْجد يجْتَمع لكل مِنْهُمَا الْفَرْض والتعصيب بِجِهَة وَاحِدَة، فَلِأَن يجْتَمع لشخص فرضان بجهتين كَانَ أولى. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: الْجمع فِي التَّوَارُث بقرابتين حكم شَرْعِي لَا يعرف إِلَّا بِدَلِيل شَرْعِي

وَهُوَ النَّص، أَو الْقيَاس على مَنْصُوص وَلَا نَص وَلَا أصل يُقَاس عَلَيْهِ، فَإِن قستموه على ابْن الْعم الْأَخ من الْأُم لم يَصح أَولا؛ لِأَن هَذِه قَرَابَات أذن الشَّارِع فِيهَا، وَثَانِيا؛ لِأَنَّهَا فرض وتعصيب. قَالُوا: إِذا ورثنا بالأمومة مُفْردَة وبالأخوة مُفْردَة، فالجمع بَينهمَا لَا يزِيد عَلَيْهِمَا، وَالْجَوَاب: أَنه شرع كل وَاحِد مِنْهُمَا يدل على الْأُخْرَى وَلم يشرع الْجمع، قَوْلهم: الْجمع لَا يزِيد على الْإِفْرَاد مناكرة للمعقول وينتقص عَلَيْهِم بالأخت من الْأَبَوَيْنِ.

المسألة الرابعة بعد المائتين إذا قتل العادل الباغي ر د

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة بعد الْمِائَتَيْنِ: إِذا قتل الْعَادِل الْبَاغِي (ر د) :) الْمَذْهَب: لَا يَرث. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عُمُوم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ للْقَاتِل من مَال مقتوله شَيْء "، وَقَالَ تَعَالَى: {فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي حَتَّى تفيء إِلَى أَمر الله} أَمر بِالْقِتَالِ لَا بِالْقَتْلِ. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمَأْمُور بِهِ الْقِتَال لَا الْقَتْل، فوجود الْقَتْل فِيهِ تعد من وَجه فَأوجب حرمَان الْإِرْث كالمؤدب وَالْإِجْمَاع وَاقع على أَنا لَا نذفف على جريحهم وَلَا نقْتل أسيرهم، وَلَا نبدأهم بِقِتَال، فالقصد كف شرهم لَا إعدامهم فَصَارَ كالروح. لَهُم: مَأْمُور بِالْقِتَالِ وَهُوَ سَبَب الْقَتْل فَسقط عَنهُ مُوجب حكم الْقَتْل كَالْقصاصِ وَالْكَفَّارَة؛ لِأَنَّهُ لما أذن فِيهِ اسْتَحَالَ أَن يُؤَاخذ بِهِ كَمَا فِي الجلاد بل أولى، فَإِن الْجلد لَا يُفْضِي إِلَى الْقَتْل غَالِبا، والقتال يُفْضِي إِلَى الْقَتْل غَالِبا. مَالك: أَحْمد: التكملة: قَالُوا: فعل الْمُؤَدب وَالزَّوْج مُتَعَدٍّ، فَلهَذَا أوجب الضَّمَان وَالْكَفَّارَة

وَهَذَا الْفِعْل لَا يُوجب ضمانا وَلَا كَفَّارَة، فَلَا يحرم الْإِرْث. الْجَواب: قد بَينا وَجه التَّعَدِّي فِيهِ، فَإِنَّهُ أَمر بِالْقِتَالِ لَا بِالْقَتْلِ لَكِن لما كَانَ التَّعَدِّي فِيهِ أقل لم يُوجب الضَّمَان وَلَا الْكَفَّارَة، وَالْفرق فِي هَذَا يُوجب الْفرق فِي الْمِيرَاث، أَلا ترى أَن الْعَامِد يلْزمه الْقصاص والخاطئ لَا يلْزمه، وَمَعَ هَذَا اتفقَا فِي حرمَان الْإِرْث، ثمَّ إِن المصول عَلَيْهِ إِذا قتل الصَّائِل لَا ضَمَان وَلَا كَفَّارَة وَمَعَ هَذَا لَا يَرث، وَيدل على جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ أَن الْخِتَان يحرم الْمِيرَاث إِذا قتل، وَقد فعل فعلا مَأْمُورا بِهِ، ثمَّ هُوَ عنْدكُمْ شبه عمد، وَبِالْجُمْلَةِ الْمَسْأَلَة مشكلة لعدم الضَّمَان وَالْكَفَّارَة.

المسألة الخامسة بعد المائتين الموالاة ر هـ

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة بعد الْمِائَتَيْنِ: الْمُوَالَاة (ر هـ) :) الْمَذْهَب: لَا يُورث بهَا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: سَبَب لَا يُورث بِهِ مَعَ وجود السَّبَب بِحَال، وَلَا يُورث بِهِ مَعَ فَقده كالرضاع.

لَهُم: الْإِرْث مرّة بِالْفَرْضِ وَمرَّة بِالتَّعْصِيبِ ثمَّ الْإِرْث بِالْفَرْضِ يسْتَحق بمعنيين أَحدهمَا يلْحقهُ الْفَسْخ وَهُوَ النِّكَاح، وَالْآخر لَا يلْحقهُ الْفَسْخ، وَهُوَ النّسَب (فَيجب أَن يكون فِي التَّعْصِيب كَذَلِك، فَالَّذِي يلْحقهُ الْفَسْخ الْمُوَالَاة وَالَّذِي لَا يلْحقهُ الْفَسْخ النّسَب) . مَالك: أَحْمد: التكملة: قَالُوا: الرَّضَاع لم يسْتَحق بِهِ الْإِرْث فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام والموالاة اسْتحق بهَا. الْجَواب: لَيْسَ إِذا ورث فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام ورث بِهِ الْآن كالهجرة، قَالُوا: الْإِرْث ثَبت بَين الرجل وَالْمَرْأَة بِثَلَاثَة أوجه: الْعتْق، وَالنّسب، وَعقد النِّكَاح فَيجب أَن يثبت بَين الرجلَيْن والمرأتين من ثَلَاثَة أوجه، وَهَذَا يَنْقَلِب عَلَيْهِم، فَإِن الْإِرْث لَا يثبت (والمرأتين من ثَلَاثَة أوجه وَهَذَا يَنْقَلِب عَلَيْهِم، فَإِن الْإِرْث لَا يثبت من الرجل) بَين الرجلَيْن من أَرْبَعَة أوجه

فَيجب أَن يثبت بَين الرجل وَالْمَرْأَة من أَرْبَعَة أوجه. من هوامش لوحة 52 أ: اعْلَم أَن مخرج كل كسر عدد مَا فِي الْوَاحِد من أَمْثَاله، فمخرج النّصْف من اثْنَيْنِ، وَالثلث من ثَلَاثَة، فَإِذا أردْت مخرج كسرين فَمَا زَاد، عملت مخرج كسرين مِنْهُمَا بِأَن تنظر إِن كَانَ سمى أحد المخرجين بعد سمى الْمخْرج الآخر فالمعدود، وَهُوَ مخرج الكسرين، وَإِن باينه ضربت أَحدهمَا فِي الآخر، وَإِن وَافقه ضربت وفْق أَحدهمَا فِي الآخر، فَإِذا عملت مخرجا لكسرين عملت بِهِ، وبمخرج الْكسر الثَّالِث كَذَلِك، فعلى هَذَا مخرج ثلث وَربع وَسدس من اثْنَي عشر ومخرج ثلث وَثمن وَسدس من أَربع وَعشْرين، والعددان المتوافقان هما اللَّذَان بعدهمَا عدد ثَالِث، وهما متفقان بِأَكْثَرَ مَا بعدهمَا، والعول هُوَ أَن تزيد السِّهَام على الْمخْرج، وَأَنت إِذا جمعت السِّهَام فمهما بلغت فَهُوَ أصل الْمَسْأَلَة. مِثَاله: زوج وَأُخْت وَأم، أَصْلهَا من سِتَّة: للزَّوْج ثَلَاثَة، وَللْأُخْت ثَلَاثَة، وَللْأُمّ اثْنَان تعول إِلَى ثَمَانِيَة، فَصَارَ ذَلِك أصل الْمَسْأَلَة، فقد كَانَ للزَّوْج نصف يصير لَهُ ربع وَثمن، وَكَذَلِكَ للْأُخْت، وَكَانَ للْأُم الثُّلُث فَيصير لَهَا الرّبع. قَالَ بعض الْأَصْحَاب: كل قتل مَضْمُون لَا إِرْث مَعَه، وَقيل مَتى لحقته التُّهْمَة بِوَجْه لَا يَرث.

مَذْهَب عَليّ رضوَان الله عَلَيْهِ أَن دِيَة الْمَقْتُول لِلْعَاقِلَةِ. الْوَلَاء الْمُرَتّب على الْعتْق يُورث بِهِ، وَلَا يُورث وَهُوَ للكبر من الْعَصَبَات، مِثَاله: مُعتق مَاتَ وَخلف ابْنَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا وَخلف ابْنا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق فَمَاله لِابْنِ مُعْتقه، وَلَا شَيْء لِابْنِ الابْن الدارج، وَالنِّسَاء لَا يرثن إِلَّا من أعتقن أَو أعتق من أعتقن. اخْتصم عَليّ وَالزُّبَيْر فِي موَالِي صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب فَقَالَ عَليّ: أَنا أَحَق؛ لِأَنِّي أَعقل عَنْهُم، وَقَالَ الزبير: أَنا أَحَق لأَنهم موَالِي أُمِّي قضى عمر بِأَن يعقل عَنْهُم عَليّ ويرثهم الزبير.

مسائل الوصايا

(مسَائِل الْوَصَايَا)

فارغة

لوحة 53 من المخطوطة أ: إِذا أوصى لوَاحِد بِنصْف، وَلآخر بِثلث، وَلآخر بِربع فَالْمَال وَالثلث بَينهم على يج. قَالَ أَبُو حنيفَة: يعْطى صَاحب النّصْف مَه، وَصَاحب الثُّلُث مج، وَصَاحب الرّبع مب؛ لِأَن صَاحب النّصْف فضل صَاحب الثُّلُث بسهمين من يب فيدفعان إِلَيْهِ وهما يفضلان صَاحب الرّبع كل وَاحِد بِسَهْم فبقى ح بَينهم أَثلَاثًا، فَإِن لم تجز الْوَرَثَة فَعِنْدَ أبي حنيفَة أَن من أوصى لَهُ بِأَكْثَرَ من الثُّلُث إِنَّمَا تضرب بِالثُّلثِ. وَاعْلَم أَنه إِذا قَالَ: إِن كَانَ فِي بَطْنك ذكر فَلهُ دِينَارَانِ، وَإِن كَانَ أُنْثَى فدينار، فَإِن كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى فَلهُ مَا قَالَه، وَإِن كَانَ ذكرا وَأُنْثَى فَلَهُمَا ثَلَاثَة دَنَانِير، فَأَما إِن قَالَ: إِن كَانَ مَا فِي بَطْنك أَو حملك ذكرا فَلهُ

دِينَارَانِ (وَإِن كَانَ أُنْثَى فَلهُ دِينَار) ، فَكَانَ تؤما ذكرا وَأُنْثَى فَلَا شَيْء لَهُ، وَإِذا أوصى لما تحمل فُلَانَة صَحَّ، وَإِذا أوصى بِمَنْفَعَة أمة على التأييد أَو مُدَّة مَعْلُومَة صَحَّ، وَفِي النَّفَقَة ثَلَاثَة أوجه على الْوَصِيّ لَهُ أَو فِي كسب الْمُوصى بِهِ، أَو بَيت المَال، وَوجه هَذَا الْوَجْه: أَنه حَيَوَان مُحْتَرم، وَإِن وَطئهَا الْمُوصي لَهُ فَلَا حد عَلَيْهِ، وَلَا يملك (وَطئهَا، وَإِن) وَطئهَا الْوَارِث لَا حد عَلَيْهِ، وَعَلِيهِ الْمهْر للْمُوصى لَهُ، وَإِذا أعتق أمته فِي مَرضه الْمخوف وَتَزَوجهَا ثمَّ مَاتَ لم تَرثه؛ لِأَنَّهَا لَو ورثته كَانَ عتقهَا وَصِيَّة للْوَارِث، وَإِن أبطل الْعتْق بَطل النِّكَاح وَالْمِيرَاث جَمِيعًا، فصححنا الْعتْق وَالنِّكَاح وأبطلنا الْمِيرَاث. وَفِي ملك الْمُوصى لَهُ ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا تدخل فِي ملكه بِغَيْر اخْتِيَاره وَلَيْسَ هَذَا مَشْهُورا وَوجه: أَنه يسْتَحق بِالْمَوْتِ فَهُوَ كالميراث؛ وَلِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يبْقى على الْمَيِّت؛ لِأَنَّهُ صَار جمادا وَلَا يجوز أَن ينْتَقل إِلَى الْوَارِث لقَوْله تَعَالَى: {من بعد وَصِيَّة} فَبَقيَ أَن ينْتَقل إِلَى الْمُوصى لَهُ،

وَالثَّانِي: أَن يملك بِالْقبُولِ، وينتقل بِالْمَوْتِ إِلَى الْوَرَثَة وَهُوَ مَذْهَبهم؛ لِأَنَّهُ تمْلِيك لغير معِين فَلم يسْبق الْملك الْقبُول كَسَائِر الْعُقُود، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنا نتبين بِالْقبُولِ أَنه انْتقل إِلَيْهِ من حِين الْمَوْت اخْتِيَار الْمُزنِيّ، فَإِن رد أَو قبل الْمَوْت لم يُؤثر، وَإِن رد بعد الْمَوْت وَقبل الْقبُول نفذ، وَإِن رد بعد الْمَوْت وَالْقَبُول وَالْقَبْض لم يَصح وَإِن كَانَ قبل الْقَبْض فَفِيهِ خلاف، وَإِذا مَاتَ الْمُوصى لَهُ قَامَ وَارثه مقَامه فِي الْقبُول وَالرَّدّ، قَالَ أَبُو حنيفَة: يملك بِمَوْتِهِ، لنا أَنه تمْلِيك يفْتَقر إِلَى الْقبُول، فَإِذا مَاتَ قبل الْقبُول لم يتم كَالْبيع إِذا أوصى لأقارب فلَان دخل فِيهِ كل أَقَاربه والوالدون والمولودون، وحجته فِي الْوَالِدين والمولودين قَوْله تَعَالَى: {للْوَالِدين والأقربين} ، وَالْجَوَاب: أَولا نقُول من دخل فِي عقد الْأمان باسم الْقَرَابَة دخل فِي الْوَصِيَّة باسم الْقَرَابَة كذي الرَّحِم الْمحرم وإفراد الْوَالِدين والمولودين بِالذكر لَا يخرجهم عَن الْقَرَابَة، كَمَا أَن إِفْرَاد جِبْرِيل وَمِيكَائِيل بِالذكر عَن الْمَلَائِكَة لَا يخرجهم من الْمَلَائِكَة.

المسألة السادسة بعد المائتين إذا أوصى بثلث ماله أو بنصفه رو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة بعد الْمِائَتَيْنِ: إِذا أوصى بِثلث مَاله أَو بِنصفِهِ (رو) :) الْمَذْهَب: يقسم الثُّلُث أَو مَا أجَاز الْوَرَثَة على خَمْسَة. عِنْدهم: يقسم على سَهْمَيْنِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لسعد: " تصدق بِالثُّلثِ وَالثلث كثير "، وَقَوله: " إِن الله جعل لكم فِي آخر أعماركم ثلث أَمْوَالكُم زِيَادَة فِي حسناتكم ".

وَجه الدَّلِيل: أَنه عَلَيْهِ السَّلَام عين الثُّلُث للْوَصِيَّة فَمَا زَاد عَلَيْهَا لَيْسَ مَال الْمُوصي فَتبْطل الْوَصِيَّة بِهِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: صادفت الْوَصِيَّة ملك الْمُوصي، فانعقدت بِدَلِيل أَن الْوَرَثَة لَو أجازوها كَانَ التَّمْلِيك مُضَافا إِلَى الْمُوصي مَذْهَبهم، وَقَوْلنَا: وَالْوَصِيَّة صَحِيحَة وللورثة حق الِاعْتِرَاض لرفع ضَرَر فأبطلت الْوَصِيَّة فِيمَا يتضررون بِهِ، وَنفي التَّفَاوُت الَّذِي قَصده الْمُوصي، وَالْوَصِيَّة يتشوف الشَّرْع إِلَى

صِحَّتهَا بِدَلِيل نفوذها فِي الْمَجْهُول. لَهُم: مَا زَاد على الثُّلُث يصادم حق الْوَرَثَة بِيَقِين، فَإِذا ردُّوهُ بَطل، كَمَا لَو أوصى بِثلث مَاله وَنصف مَال جَاره، وَدَلِيل مصادمته حق الْوَارِث ارتداده برده. مَالك: ق. أَحْمد:. التكملة: يلْزمهُم إِذا أوصى بستمائة، وَلآخر بسبعمائة وَمَاله ألف ورد الْوَرَثَة فَإِنَّهُمَا يقتسمان على نِسْبَة الْوَصِيّين، وَكَذَلِكَ لَو عتق عَبْدَيْنِ بِهَذِهِ النِّسْبَة أَو حابى ويلزمهم إِذا أوصى بِالثُّلثِ وَالرّبع وَالسُّدُس وَبِالْجُمْلَةِ بكسور هِيَ فِيمَا دون الثُّلُث ورد الْوَرَثَة، فَإِن الثُّلُث يقسم بَين هَؤُلَاءِ على

قدر وصاياهم. وَالْوَصِيَّة تحْتَمل مَا لَا تحتمله عُقُود الْمُعَاوَضَات من الْجَهْل والعدم وتراخي الْقبُول مرحمة للعباد، وَيَنْبَغِي أَن يفْرض الْكَلَام فِيمَا إِذا وصّى لعالم بِنصْف مَاله، ولجاهل بِالثُّلثِ ليظْهر غَرَض الْمُوصي فِي التَّفَاوُت وَيكون للْمُوصي قصدان: أَحدهمَا زحمة الْوَرَثَة بالوصايا، وَالْآخر التَّفَاوُت بتفضيل الْعَالم على الْجَاهِل فالوارث يدْفع مَا يتَعَلَّق بِهِ وَله ذَلِك فَيبقى قصد التَّفَاوُت، أما لَو أوصى بِالزِّيَادَةِ على مَاله فَهُوَ غير صَحِيح.

فارغة

المسألة السابعة بعد المائتين إذا أوصى بجميع ماله ولا وارث له ر ز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة بعد الْمِائَتَيْنِ: إِذا أوصى بِجَمِيعِ مَاله وَلَا وَارِث لَهُ (ر ز) :) الْمَذْهَب: نفذ فِي الثُّلُث وَبَطل فِي الْبَاقِي. عِنْدهم: تنفذ فِي الْجَمِيع. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن الله جعل لكم فِي آخر أعماركم ثلث أَمْوَالكُم "، وَجه الدَّلِيل: أَنه جعل لَهُ الثُّلُث، فَمَا زَاد لَيْسَ لَهُ (إِذا أوصى بِجَمِيعِ مَاله وَلَا وَارِث لَهُ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أحد روايتيه الْوَصِيَّة صَحِيحَة) . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْمُسلمُونَ وَرَثَة؛ لأَنهم يعْقلُونَ عَنهُ، وَإِن كَانَ ذِمِّيا حموه فَلهم الْولَايَة الَّتِي يسْتَحق الْمِيرَاث بهَا وَيجب الْقصاص لَهُم، فَلهَذَا قُلْنَا: مَاله لَهُم (بوصيته وَقد صادمت) حُقُوقهم فارتدت كَمَا لَو كَانَ لَهُ وَرَثَة من النّسَب. لَهُم: لَا وَارِث لَهُ فنفذت وَصيته فِي الْجَمِيع والمسلمون لَيْسُوا وَرَثَة بِدَلِيل أَنه يجوز تَفْضِيل الْأُنْثَى على الذّكر، وَلَو أوصى لآحاد الْمُسلمين صَحَّ وَلَا تصح الْوَصِيَّة لوَارث وَبَيت المَال للأموال الضائعة لَا بِحكم الْإِرْث. مَالك: ق أَحْمد: ف. التكملة: تصرف فِيمَا لم يُعْط فَلم ينفذ، فَإِن قَالُوا: خُوطِبَ من لَهُ وَرَثَة

لِئَلَّا يدعهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس، فَالْجَوَاب بل هُوَ خطاب عَام، وَلِهَذَا لَا فرق بَين أَن يكون الْوَرَثَة أَغْنِيَاء أَو فُقَرَاء وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام أعرب عَن صُورَة حَال الْمُخَاطب وَرُبمَا منعُوا أَن من لَا وَارِث لَهُ يقتل قَاتله، وَهَذَا لعمري مَذْهَب مُحَمَّد، ونقول: جِهَة الْإِسْلَام هِيَ الوارثة لَا آحَاد الْمُسلمين وَلِهَذَا تصرف فِي مصَالح الدَّار وَيُمكن أَن يرتكب أَن الْمُسلمين هم الْوَارِث يمْتَنع أَن يُعْطي الإِمَام من أوصى لَهُ غير الْوَصِيَّة وَمَا يجْرِي هَذَا المجرى.

المسألة الثامنة بعد المائتين الموصي إليه بالتصرف في نوع ر ح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة بعد الْمِائَتَيْنِ: الْمُوصي إِلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي نوع (ر ح) :) الْمَذْهَب: لَا يملك التَّصَرُّف فِي سواهُ ويوصي. عِنْدهم: لَهُ التَّصَرُّف فِي سَائِر الْأَنْوَاع ويوصي الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تصرف بالتفويض فَهُوَ كَالْوَكِيلِ وَالْمُضَارب، تَحْقِيقه إِن قبل التَّفْوِيض مَا

كَانَ لَهُ التَّصَرُّف فقد نَهَاهُ عَن الْبَاقِي أَو سكت عَنهُ فَبَقيَ مَا لم يَأْمُرهُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّفْوِيض كَمَا قبل التَّفْوِيض. لَهُم: تصرف بِحكم الْولَايَة فَلَا يخْتَص تصرفه بِنَوْع كولي عهد الإِمَام وَالْحَاكِم عِنْد عدم الْأَب، الدَّلِيل على أَنَّهَا ولَايَة أَنَّهَا لَا تصح من الْفَاسِق وَالْوَكِيل يجوز أَن يكون فَاسِقًا، ثمَّ إِنَّهَا تُضَاف إِلَى مَا بعد الْمَوْت وَبعد الْمَوْت نزُول أَمْلَاك الْمُوصي، فَكيف يملكهَا غَيره، وَالْولَايَة لَا تتجزأ فَصَارَ كَمَا لَو قَالَ طلقت بعضك، فَإِنَّهُ يُطلق الْكل. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: الْوَصِيَّة ولَايَة، وَالْولَايَة لَا تتجزأ وَمَا لَا يتَجَزَّأ فإثبات بعضه إِثْبَات كُله، وَهَذِه غير مسلمة، أما الدَّلِيل على أَنَّهَا لَيست ولَايَة فكونها تصح لعبد الْأَطْفَال الْمُوصى إِلَيْهِم، وَعبد الطِّفْل لَيْسَ لَهُ ولَايَة عَلَيْهِ،

فَإِن قَالُوا: شَرط الْوكَالَة أَن تبقى ولَايَة الْمُوكل، قُلْنَا: فَشرط الْولَايَة أَن تنقل مَاله وَلَيْسَ لَهُ ولَايَة بعد الْمَوْت، وَلَو أَرَادَ الْأَب أَن ينصب وَصِيّا على أطفاله بعد الْبلُوغ تنقل الْقُوَّة لَهُ هَل الْبلُوغ مَا كَانَ لَهُ ذَلِك، بل يقدر بَقَاء ولَايَة الْأَب بعد الْمَوْت لحَاجَة الطِّفْل، وَإِنَّمَا انْعَزل الْوَكِيل بِالْمَوْتِ؛ لِأَن تصرفه كَانَ فِي حَالَة الْحَيَاة، وَالْإِطْلَاق يفهم مِنْهُ ذَلِك، وهب أَنا سلمنَا كَونهَا ولَايَة لَكِن سَببهَا التَّفْوِيض فتقدرت بِهِ، ثمَّ ولَايَة الْوَصِيّ تخَالف ولَايَة الْأَب، فَإِنَّهَا يجوز أَن تقدر بِزَمَان وبحادثة كقدوم غَائِب، وَيجوز أَن يُوصي إِلَى اثْنَيْنِ، وَولَايَة الْأَب عَامَّة، وَبِالْجُمْلَةِ لكل عقد حكم وتحتمل بعض الْعُقُود مَا لَا يحْتَمل بعض، وَلكُل ولَايَة قُوَّة، فولاية الْأَب فَوق ولَايَة الْوَصِيّ.

المسألة التاسعة بعد المائتين الوصية للقاتل ر ط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة بعد الْمِائَتَيْنِ: الْوَصِيَّة للْقَاتِل (ر ط) :) الْمَذْهَب: صَحِيحَة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: لَا تصح. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} . لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عقد تمْلِيك فصح للْقَاتِل كَسَائِر التمليكات، دَلِيل ذَلِك افتقاره إِلَى

الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَالْملك يحصل فِيهَا بِالْعقدِ، وَلِهَذَا اعْتبر أَهْلِيَّة الْعَاقِد فَصَارَ محسنا قدر إساءة الْمُوصى لَهُ ومقابلة الْمُسِيء بِالْإِحْسَانِ حسن. لَهُم: الْمُوصى لَهُ خَليفَة الْمُوصي، والخلافة إِنَّمَا تتَحَقَّق بعد الْمَوْت فَصَارَت الْوَصِيَّة بِمَثَابَة الْقَرَابَة، فَالْوَصِيَّة والقرابة سببان، إِلَّا أَن أَحدهمَا اسْتِخْلَاف شَرْعِي وَالْآخر بِفعل العَبْد، ثمَّ الْوَارِث يحرم بِالْقَتْلِ فَكَذَا الْمُوصى لَهُ وَلَيْسَت عقد تمْلِيك بِدَلِيل تَعْلِيقهَا على مَا بعد الْمَوْت، وعَلى الْمَجْهُول والمعدوم. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: إِذا فَرضنَا الْكَلَام فِيمَا إِذا تقدم الْجرْح كَانَ أظهر؛ لِأَن الْمُوصي قد رَضِي بِفعل الْمُوصى لَهُ وقابل إساءته بِإِحْسَان، وَالشَّرْع لَا ينْهَى عَن ذَلِك، بل يحث عَلَيْهِ، وَمن الْأَدَب النَّبَوِيّ: " أحسن إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْك " ثمَّ هَذَا عقد تمْلِيك صَدَقَة أَو هبة كَيفَ قدر إِلَّا أَنه أوسع بَابا من التمليكات وَالْقَتْل

إِنَّمَا يُنَافِي الْإِرْث فَلم يكن فِي معنى الْمَنْصُوص، وَمَا يوردونه من الاستعجال ومؤاخذة الْمُسِيء بَاطِل بالمستولدة إِذا قتلت مَوْلَاهَا، فَإِنَّهَا تنعتق كَمَا تقدم، ثمَّ لَيْسَ الْمَوْت سَببا للاستحقاق، بل عقد الْوَصِيَّة ثمَّ الْقَتْل يُنَاسب منع الْمِيرَاث لما فِيهِ من قطع الْمُوَالَاة الَّتِي عَلَيْهَا مدَار الْإِرْث، وَلِهَذَا لَا نورث الرَّقِيق وَالْكَافِر لانْقِطَاع الْمُوَالَاة، وَالْقَتْل ضد الْمُوَالَاة، لِأَن الْمُوَالَاة عبارَة عَن التعاون على أَسبَاب الْبَقَاء وعذقها الشَّرْع بِالْقَرَابَةِ فَلم يلْتَفت إِلَى آحَاد الصُّور من الْكَاشِح والمحب، وَبِالْجُمْلَةِ مَتى أثبت الشَّرْع، حكما مَقْرُونا بِسَبَب فإلحاق غَيره بِهِ عَارِيا عَن تِلْكَ الْمُنَاسبَة تجاسر على الشَّرْع.

الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: إِذا اشْترى الْوَصِيّ شَيْئا من مَال الْيَتِيم (ر ى) : الْمَذْهَب: لم يَصح. عِنْدهم: يجوز بِأَكْثَرَ من ثمن الْمثل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يَشْتَرِي الْوَصِيّ من مَال الْيَتِيم شَيْئا وَلَا الإِمَام من الْمغنم شَيْئا " وَلم يفصل. لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: من لَا يجوز لَهُ أَن يَشْتَرِي بِثمن الْمثل لَا يجوز لَهُ أَن يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ كَالْوَكِيلِ. لَهُم: تصرف بِولَايَة مُسْتَحقَّة فَجَاز أَن يَشْتَرِي قِيَاسا على الْجد، وَيُخَالف الْوَكِيل، فَإِنَّهُ يتَصَرَّف بِالْإِذْنِ. مَالك: أَحْمد: التكملة: دَعوَاهُم أَنه تصرف بِحكم الْولَايَة قد تقدم جَوَابه، وَعِنْدنَا يتَصَرَّف

بالتفويض وَيتَوَجَّهُ عَلَيْهِم كَونه لَا يشترى بِثمن الْمثل نقصا أبدا، وَقد تفرق بَينه وَبَين الْجد، لِأَن الْجد يجوز أَن يَشْتَرِي بِثمن الْمثل.

الوديعة وما بعدها من ربع البيوع

(الْوَدِيعَة وَمَا بعْدهَا من ربع الْبيُوع)

فارغة

وخمسه يقسم على خمسة كخمس الغنيمة خمسه لرسول الله مقسوم على

لوحة 54 من المخطوطة أ: إِذا أَرَادَ الْمُودع سفرا كَانَ لَهُ رد الْوَدِيعَة إِلَى صَاحبهَا أَو وَكيله، فَإِن دَفعهَا إِلَى الْحَاكِم مَعَ وجود أَحدهمَا ضمن، فَإِن لم يحضر أَحدهمَا وَاحْتَاجَ إِلَى السّفر دَفعهَا إِلَى الْحَاكِم وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ، فَلَو دَفنهَا وَلم يعلم بهَا أحدا ضمن، وَكَذَا إِذا أعلم بهَا غير ثِقَة، فَإِذا حَضرته الْوَفَاة جرى مجْرى السّفر، وَإِن أودعها عِنْد ثِقَة جَازَ مَعَ عدم الْحَاكِم، وَإِذا جن الْمُودع أَو حجر عَلَيْهِ لسفه كَانَ على الْمُودع رد الْوَدِيعَة إِلَى الْحَاكِم؛ لِأَن إِذْنه فِي الْإِيدَاع بَطل والناظر عَلَيْهِ الْحَاكِم، إِذا أودع دَرَاهِم فِي كيس فَكسر الْخَتْم أَو حل الشد ضمن؛ لِأَنَّهُ خرق حرز الْوَدِيعَة وهتك حرمتهَا، وَإِن خرق فَوق الشد ضمن مَا خرق. وَاعْلَم أَن الْغَنِيمَة مَا أَخذ من الْمُشْركين بالقهر وَالْغَلَبَة، والفيء مَا انجلوا عَنهُ، والجزية والعشور وأموال الْخراج مقسوم على خَمْسَة: للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، لِذَوي الْقُرْبَى وهم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب ابْنا عبد منَاف، لِلْيَتَامَى، للْمَسَاكِين، لِابْنِ السَّبِيل، فَأَما الْفَيْء فَأَرْبَعَة أخماسه كَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وخمسه يقسم على خَمْسَة كخمس الْغَنِيمَة خمسه لرَسُول الله مقسوم على

أَرْبَعَة أَخْمَاس فَيكون من عشْرين سَهْما، فَلَمَّا توفّي (النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام) انْتقل السهْم الَّذِي كَانَ لَهُ من الْخمس إِلَى الْمصَالح، وَأما أَرْبَعَة أَخْمَاس الْفَيْء فَفِيهَا قَولَانِ: أَحدهَا أَنَّهَا انْتَقَلت إِلَى المرابطين؛ لِأَن بهم ينتصر الْإِسْلَام كَمَا كَانَ ينتصر بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام، وَالْقَوْل الثَّانِي أَنَّهَا لمصَالح الْمُسلمين. مَسْأَلَة: إِذا قَالَ الإِمَام من أَخذ شَيْئا فَهُوَ لَهُ فَهُوَ شَرط بَاطِل خلافًا لَهُم، لنا آيَة الْغَنِيمَة وَعِنْدهم لَا يُخَمّس. مَسْأَلَة: إِذا فتح بَلَدا وملكت أَرض وَجب قسمتهَا بَين الْغَانِمين، قَالَ أَبُو حنيفَة الإِمَام بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أجلاهم مِنْهَا وَأقر غَيرهم من الْكفَّار فِيهَا، وَإِن شَاءَ قسمهَا بَين الْغَانِمين، وَإِن شَاءَ أقرّ أَهلهَا فِيهَا بالخراج. لنا آيَة الْغَنِيمَة وَلِأَنَّهُ نوع مَال فَلم تكن قسمته موكولة إِلَى اخْتِيَار الإِمَام كالمنقولات. وَلَا يُقَال: إِن المنقولات لَا يَصح وضع الْخراج عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِك

الْعقار؛ لأَنا لَا نسلم أَنه يجوز ضرب الْخراج عَلَيْهَا وَمَا فعله عمر فِي أَرض السوَاد إِنَّمَا هُوَ أُجْرَة أَو ثمن. مَسْأَلَة: الإِمَام بِالْخِيَارِ فِي أُسَارَى الْمُشْركين بَين الْقَتْل والاسترقاق والمن وَالْفِدَاء. قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز الْمَنّ وَالْفِدَاء. لنا مَا رُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام من على ثُمَامَة بن أَثَال، وَإِنَّمَا يفعل الإِمَام ذَلِك إِذا علم أَن فِيهِ مصلحَة، وَأما سِلَاحهمْ فَإِنَّمَا لم يدْفع إِلَيْهِم؛ لِأَنَّهُ صَار مَمْلُوكا. مَسْأَلَة: لَا يجوز صرف شَيْء من الصَّدقَات المفروضات إِلَى (الْكفَّار قَالَ الْخصم: يجوز صرف صَدَقَة الْفطر إِلَى أهل الذِّمَّة) .

الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: إِذا تعدى الْمُودع فِي الْوَدِيعَة (ريا) : الْمَذْهَب: يضمن، فَإِن عَاد إِلَى الوثاق لم يبرأ من الضَّمَان. عِنْدهم: يبرأ من الضَّمَان بعوده. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤَدِّيه "، وَجه الدَّلِيل أَن يَده قد صَارَت عَادِية آخذة، فَالضَّمَان عَلَيْهِ إِلَى أَن يرد، فَمن ادّعى الرَّد أَو طريان قَاطع للضَّمَان فَعَلَيهِ الدَّلِيل. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: زَالَت يَد الْوَدِيعَة فارتفع العقد؛ لِأَنَّهَا دخلت فِي ضَمَان الْمُودع وَصَارَت

يَده عَادِية؛ لِأَن يَده عَادِية فِي الْحِفْظ، فَإِذا خَان فقد استردها، ثمَّ لَو أودع الْغَاصِب صَار أَمينا فَإِذا خَان الْأمين صَار غَاصبا والأشياء تعرف بنظائرها. لَهُم: مُودع مُوَافق فبرئ من الضَّمَان؛ لِأَن العقد لم يرْتَفع كالإيمان لَا يرْتَفع بترك الصَّلَاة؛ وَلِأَنَّهُ أَمر بِالْحِفْظِ وَالْخلاف لَا يلاقي الْأَمر حَتَّى يرفعهُ إِنَّمَا يلاقي الْمَأْمُور والوديعة عقد حفظ على الْعُمُوم فَأَي وَقت يحفظ فقد جَاءَ بِمُقْتَضى العقد ثمَّ لَو خَان فِي بعض الْوَدِيعَة بَقِي أَمينا، فَكَذَلِك فِي بعض الزَّمَان. مَالك: أَحْمد: التكملة: قَالُوا: لَو رد إِلَى يَد وَكيل الْمَالِك أَو نَائِبه خرج عَن الْعهْدَة والآن مهما عَاد إِلَى الْحِفْظ فقد رد إِلَى الْيَد الثَّابِتَة الممسكة لأَمره فِي الْحِفْظ فَخرج عَن الْعهْدَة. الْجَواب: ذَلِك صَحِيح إِن ثَبت أَن الْمَالِك رَاض بائتمانه بعد الْخِيَانَة، فَإِن الْخِيَانَة هدمت الْأَمَانَة، وَإِذا انْهَدم الْحِرْز لم يرض الْمَالِك بإيداع مَاله

فِيهِ، قَالُوا: حَال المَال قَاطِعَة بِطَلَب الْحِفْظ وإرادته فِي كل وَقت (ونعد الْخِيَانَة بعض الْأَحْوَال) ، الْجَواب: نعم يُؤثر الْحِفْظ لَكِن على كَرَاهِيَة كَمَا يُؤثر حفظ مَاله الَّذِي فِي يَد الْغَاصِب وَلَا يدل على أَن يَد الْغَاصِب يَد أَمَانَة. قَالُوا: إِن نظرتم إِلَى شوب قلبه بالخيانة فَهُوَ كَمَا لَو سمع بِفِسْقِهِ أَو رَآهُ قد أَخذ مَال غَيره وخان فِي وَدِيعَة أُخْرَى. الْجَواب: هَذِه احتمالات يجوز أَن يطيب الْقلب مَعهَا، أما إِذا خَان فِي هَذِه الْوَدِيعَة لم يبْق احْتِمَال، قَالُوا: مَا ذكرتموه بَاطِل بالمستأجر على الْحِفْظ إِذا خَان ثمَّ عَاد أَمينا فَإِنَّهُ يسْتَحق الْأُجْرَة. الْجَواب: إِنَّه إِن اُسْتُؤْجِرَ على حفظ مَال وخان فِيهِ لَا يبرأ عَن الضَّمَان؛ لِأَن العقد اقْتضى جعل يَده حرْزا أَو مُقَابلَة مَنْفَعَة فِي الْحِفْظ (بِأُجْرَة) .

فارغة

المسألة الثانية عشرة بعد المائتين إذا أودع صبيا فأتلف الوديعة ريب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: إِذا أودع صَبيا فأتلف الْوَدِيعَة (ريب) :) الْمَذْهَب: يجب الضَّمَان فِي مَال الصَّبِي وَيتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد. عِنْدهم: لَا ضَمَان على الصَّبِي وَيتَعَلَّق بِذِمَّة العَبْد يتبع بِهِ إِذا عتق. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... . لَهُم: ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَاجِب ضَمَان اسْتِهْلَاك فيؤاخذ بِهِ الصَّبِي كَالْبَالِغِ؛ لِأَن الصّبيان يؤاخذون بِضَمَان الْأَفْعَال وَمن ضمن المَال بِالْإِتْلَافِ قبل الْإِيدَاع ضمنه بعد الْإِيدَاع بذلك كَالْبَالِغِ، وَمن شِيمَة الْمُرَاهق أَن يحفظ وَلَو أودع عبدا فأتلفه وَجب الضَّمَان، وَضَمان الْإِتْلَاف حكمه يَدُور مَعَ الْإِتْلَاف فَمَتَى وجد وجد. لَهُم: هُوَ بالإيداع للصَّبِيّ مسلط على الِاسْتِهْلَاك وَلَا ضَمَان؛ لِأَنَّهُ أثبت للصَّبِيّ يدا على المَال فَهُوَ رَاض بِالْإِتْلَافِ وَصَارَ كتقديم الطَّعَام، وللإنسان ملكان ملك عين وَملك يَد، وَقد أثبت للصَّبِيّ ملك الْيَد، وَقد تملك بِالْيَدِ مُفْردَة عَن الْعين كَالْمكَاتبِ والمأذون وَالْوَكِيل.

أَحْمد: التكملة: نمْنَع من أَنه مكنه من الْإِتْلَاف بل استحفظه، وَإِن سلمناه، فالتمكن لَا يسْقط الضَّمَان كمن ترك مَتَاعه فِي مفازة، أَو شمر فرسه، فقد رفع يَده عَن الْمَتَاع وَالْفرس وَالضَّمان على متلفهما ذَلِك لِأَن الْمُسَلط على التَّصَرُّفَات لَيْسَ هُوَ ملك الْيَد بل ملك الْعين، وَإِنَّمَا ترَاد الْيَد لنقل الضَّمَان وَالْقَبْض، وأسعد النَّاس بذلك أَبُو حنيفَة، فَإِنَّهُ قَالَ: بيع الْعقار قبل الْقَبْض صَحِيح فَنَقُول الْمكَاتب مَا تصرف بِملك الْيَد، بل لَهُ ملك الْعين من وَجه، وَكَذَلِكَ الْمَأْذُون يتَصَرَّف بِملك الْعين؛ لِأَنَّهُ نَائِب عَن سَيّده، ثمَّ الْيَد تقسم إِلَى يَد ملك وَيَد أَمَانَة وَلم يثبت للصَّبِيّ يَد الْملك إِنَّمَا ثبتَتْ لَهُ يَد الْوَدِيعَة، وَمَعْنَاهَا جعل يَده نائبة عَن يَد الْمَالِك فِي الْحِفْظ، فَكَأَنَّهُ ضم يدا

أُخْرَى حافظة لهَذَا الْملك إِلَى يَده ويلزمهم إِذا أودعهُ عبدا، فَإِنَّهُ يضمن، فَإِن قَالُوا مَا مكنه من الْإِتْلَاف؛ لِأَن السَّيِّد لَا يملك دم العَبْد بَطل بِمَا لَو صرح بِالْإِذْنِ فِي قَتله، فَإِنَّهُ يسْقط الضَّمَان.

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: السَّلب (ريج) : الْمَذْهَب: يسْتَحقّهُ الْقَاتِل. عِنْدهم: لَا يسْتَحق إِلَّا أَن يُنَادي الإِمَام بذلك. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أَيّمَا مُسلم قتل مُشْركًا فَلهُ سلبه "، وَقَالَ: " من قتل قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة فَلهُ سلبه "، وَقَول الشَّارِع مَحْمُول أبدا على تَقْرِير الْقَوَاعِد. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ للمرء إِلَّا مَا طابت بِهِ نفس إِمَامه ".

وَخبر اللَّذين قتلا أَبَا جهل، وَأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أعْطى سلبه أَحدهمَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَال تفرد الْقَاتِل باستيلائه عَلَيْهِ، فتفرد بِملكه كالصيد، وَنزل هَذَا الأَصْل فِي الْغَنَائِم خوف الْفساد بالاشتغال عَن الْقِتَال بالغنائم، أما هَاهُنَا فقد كفى شَره وَانْفَرَدَ بقتْله فَانْفَرد بسلبه. لَهُم: مَأْخُوذ بشوكة الْمُسلمين فَكَانَ مقسوما بَينهم كَسَائِر الْغَنَائِم، بَيَانه: أَنه لَوْلَا قوتهم لم يقف وَيقتل وَصَارَ كالواحد ينْفَرد بِفَتْح حصن. مَالك: ف. أَحْمد:

التكملة: لزِيَادَة العناء تَأْثِير فِي زِيَادَة الِاسْتِحْقَاق، بِدَلِيل فضل الْفَارِس على الراجل فليعلل ذَلِك بالترغيب، فَإِن اعْترضُوا بتفاصيل الْمَذْهَب من حرمَان قَاتل المنهزم، وَقَاتل من أثخنه غَيره قلب عَلَيْهِم بِمَا لَو نَادَى الإِمَام وَظهر الْجَواب، يفهم معنى التَّخْصِيص بالترغيب من قبل الْمقَاتل لَا المنهزم ونقول: هَذَا مَال مُبَاح وَطَرِيق اسْتِحْقَاقه حيازته، وَالْأَمْوَال وَإِن كَانَت للْكفَّار إِلَّا أَنَّهَا قدرت مُبَاحَة حَتَّى ملكت بِالِاسْتِيلَاءِ، وَهَذَا الْقيَاس كَانَ يَقْتَضِي أَن يملك الْغَنَائِم كل من حازها لَكِن ترك ذَلِك لمصْلحَة وسياسة حَرْب.

فارغة

المسألة الرابعة عشرة بعد المائتين إذا جاوز الدرب فارسا فنفق فرسه ريد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: إِذا جَاوز الدَّرْب فَارِسًا فنفق فرسه (ريد) :) الْمَذْهَب: لم يسْتَحق سهم الْفَارِس. عِنْدهم: يسْتَحق. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة " علق الْغَنِيمَة بالشهود، وَهُوَ يُوَافق الْقيَاس، فَكيف يلْحق بِهِ دُخُول الدَّرْب وَلم يساوه؟ لَهُم: قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا يطئون موطئا يغِيظ الْكفَّار وَلَا ينالون من عَدو نيلا إِلَّا كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح} فَجعل مُجَرّد وَطْء دِيَارهمْ جهادا

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمن رِبَاط الْخَيل ترهبون بِهِ عَدو الله} وَقد حصل الإرهاب بِدُخُول الدَّار. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لَا يُوجد سَبَب اسْتِحْقَاق الْفَارِس فَلَا يسْتَحق سهم الْفَارِس، كَمَا لَو هلك قبل الدَّرْب؛ لِأَن السَّبَب قِتَالهمْ فَارِسًا، فالجهاد فعل فَهُوَ كضرب زيد لَا يُوجد بِدُونِ ضربه. لَهُم: مُجَاهِد فَارس فَاسْتحقَّ سهم فَارس؛ لِأَن دُخُول دَار الْحَرْب جِهَاد؛ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْجِهَاد، وَلَو شهد الْوَقْعَة فَارِسًا وَلم يُقَاتل اسْتحق، وَأول السَّبَب يُفْضِي إِلَى نهايته وَلِهَذَا أقيم الْأَجَل مقَام حَقِيقَة الْقُدْرَة فِي السّلم. مَالك: أَحْمد:

التكملة: عبارَة: شهد الْحَرْب رَاجِلا فَلَا يسْتَحق سهم فَارس كَمَا لَو كَانَ مستعارا، أَو بَاعَ الْفرس. قَالُوا: لَا خلاف أَن حَيَاة الْفرس إِلَى (حِين تَمام الِاسْتِيلَاء غير مُعْتَبر) ، وَسبب ملك الْغَنِيمَة الِاسْتِيلَاء، وَأول أَسبَاب الِاسْتِيلَاء دُخُول الدَّار لما فِيهِ من الْقَهْر وَالْغَلَبَة، وَلِهَذَا يتَعَيَّن على الْمُسلم الْجِهَاد إِذا دخل الْكفَّار أَطْرَاف بِلَادهمْ فاعتبرنا دُخُول الدَّار. الْجَواب: السَّبَب مَا نَصبه الشَّرْع سَببا، وَهُوَ شُهُود الْحَرْب، وَفِيه مُنَاسبَة، والقتال هُوَ الْمُؤثر فِي الْقَهْر ثمَّ مُبَاشرَة عينه لم تشْتَرط بل الاستعداد لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ من الحزم اشْتِغَال الْجَمِيع بِالْقِتَالِ، وكل مَا يذكرُونَهُ منقوض بِمَا لَو بَاعَ الْفرس أَو مَاتَ الْفَارِس أَو كَانَ الْفرس مستعارا.

المسألة الخامسة عشرة بعد المائتين استيعاب الأصناف الثمانية في الصدقات ريه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: اسْتِيعَاب الْأَصْنَاف الثَّمَانِية فِي الصَّدقَات (ريه) :) الْمَذْهَب: وَاجِب. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} الْآيَة. أضَاف الصَّدقَات إِلَيْهِم بلام التَّمْلِيك وَعطف الْبَعْض على الْبَعْض فَاقْتضى الِاشْتِرَاك. لَهُم: ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} الْآيَة، وَجه الدَّلِيل: أَنه جعل عَطاء الْفُقَرَاء خيرا، وَالصَّدقَات إِذا أطلقت شرعا أُرِيد بهَا الْفَرْض. قَالَ تَعَالَى: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ملك مُضَاف إِلَى أَصْنَاف بأوصاف فَوَجَبَ أَن يستووا استحقاقا قِيَاسا على مَا لَو أوصى لَهُم. لَهُم: الزكوات لله تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا عبَادَة مَحْضَة فَهِيَ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة غير أَن الْفُقَرَاء لَهُم رزق على الله تَعَالَى بوعده، فأحيلوا على الْأَغْنِيَاء والجهات إِلَى عَددهَا جِهَات حاجات؛ فأيها وَقع جَازَ وَصَارَ بِمَثَابَة إِضَافَة الصَّلَاة إِلَى الْكَعْبَة وَلَا يجب استيعابها. مَالك: يدْفع إِلَى أمسهم حَاجَة. أَحْمد: من ملك خمسين درهما لم يجز لَهُ الْأَخْذ. التكملة: الْمُعْتَمد الْآيَة المسوقة لَا بِأَنَّهُ صرف الصَّدقَات إِلَى الْمَذْكُورين إِمَّا حَقًا لَهُم أَو نَفَقَة دَاره برابطة قرَابَة الْإِسْلَام، أَو حَقًا لله تَعَالَى صرف إِلَيْهِ

بِوَاسِطَة أَيْديهم وكيفما مَا قدر، فَالظَّاهِر (مستغن باستيفائهم) وَإِيجَاب الصّرْف إِلَى جَمِيعهم بِلَا حَاجَة إِلَى الْخَوْض فِي أَن الْحق لله أَو للْفُقَرَاء، فالقراءة تَقْتَضِي الصّرْف إِلَيْهِم على الِاسْتِيعَاب، فَإِن قَالُوا صِيغَة الْآيَة إِخْبَار فَلم يُؤْخَذ مِنْهُ الْوُجُوب، إِنَّمَا الْوُجُوب مَأْخُوذ من قَوْله تَعَالَى: {وَآتوا الزَّكَاة} والمأخوذ من هَذِه الْآيَة جَوَاز صرفهَا إِلَيْهِم. الْجَواب: لَو كَانَ الْمَقْصُود مَا ذَكرُوهُ قَالَ: إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء أَو الْمَسَاكِين فَلَمَّا عدل عَن صِيغَة التَّخْيِير إِلَى صِيغَة التَّشْرِيك دلّ على مَا قُلْنَاهُ، فَإِن قَالُوا: الْوَاو بِمَعْنى أَو. قُلْنَا: الظَّاهِر مَا قُلْنَاهُ فعلى مدعي غَيره

الدَّلِيل.

الجزء 4

(كتاب النِّكَاح) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: الْمَرْأَة هَل تملك عقد النِّكَاح ولَايَة أَو نِيَابَة أَو اسْتِقْلَال؟ (ريو)) : الْمَذْهَب: لَا فِي الْأَطْرَاف الثَّلَاثَة. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أَيّمَا امْرَأَة أنكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل بَاطِل بَاطِل، فَإِن مَسهَا، فلهَا الْمهْر بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا، فَإِن اشتجروا فالسلطان ولي من لَا ولي لَهُ "، أثبت الْولَايَة عَلَيْهَا، وأكد

الْبطلَان بالتكرار، وعلق الْمهْر على الْمَسِيس لَا على العقد، وسمى الزَّوْج مستحلا، وَكَانَت عَائِشَة تخْطب وتعقد سواهَا. لَهُم: قَالَ الله تَعَالَى: {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} ، وَجه الدَّلِيل أَنه أضَاف النِّكَاح إِلَيْهَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قدرَة التَّزْوِيج ولَايَة، فَلَا تثبت للْمَرْأَة كالقضاء والإمامة، ونعني بِالْولَايَةِ إِثْبَات حكم لمصْلحَة يَرَاهَا الْمُثبت، فالتصرفات بَين نَائِب يعقل النَّقْل بِالِاسْتِيفَاءِ والإسقاط، ونقف على الْعقل وَالْملك وَالرِّضَا كَالْبيع، وَآخر يشغل محلا فَارغًا كالصيد، وَآخر يتَعَيَّن فِيهِ مصلحَة الْإِثْبَات، فَيحْتَاج إِلَى نظر كَالنِّكَاحِ وَالْوَلِيّ حَقه المرعي ذَلِك ونفرض فِي غير الكفؤ. لَهُم: تصرفت فِي مَحْض حَقّهَا وَهِي من أهل التَّصَرُّف، فصح كَمَا لَو باعت

مَالهَا، وَلَا شكّ أَن ملكهَا لنَفسهَا آكِد من ملكهَا لمالها، ثمَّ لَو أقرَّت بِالنِّكَاحِ صَحَّ وَالْإِقْرَار والإنشاء يتجاريان وَالنِّكَاح حَقّهَا لعود مقاصده إِلَيْهَا فَيعْتَبر لَهُ كَمَال عقلهَا كالخطاب وَلَا يقف على نَقصهَا الإضافي فَيسْقط عَنْهَا. مَالك: لَا تزوج نَفسهَا إِن كَانَت جليلة. أَحْمد: ق. التكملة: قَالُوا: الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم عَن الزُّهْرِيّ، فَقَالَ الزُّهْرِيّ: لَا أعرفهُ، فَصَارَ كشاهد الأَصْل إِذا أنكر شَهَادَة شَاهد الْفَرْع. ثمَّ المُرَاد بِالْحَدِيثِ نِكَاح غير الكفؤ، وَهُوَ السَّابِق إِلَى الْفَهم، وَقَوله: " بَاطِل ": أَي سيبطله الْوَلِيّ. ثمَّ مَقْصُود الحَدِيث صِحَة نِكَاحهَا بِإِذن الْوَلِيّ وَهُوَ مَحْمُول على الْأمة؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي لَهَا ولي، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة، فَإِنَّهُ لما قَالَ: بِإِذن وَليهَا اقْتضى الَّتِي لَهَا ولي، وَالْجَوَاب: رُجُوع الزُّهْرِيّ لَا يُؤثر فَلَعَلَّهُ نسي، وللدارقطني كتاب فِيمَن روى وَنسي، وَفرق بَين الرِّوَايَة وَالشَّهَادَة، فَإنَّا نسْمع من رَاوِي الْفَرْع مَعَ وجود رَاوِي الأَصْل، وَلَا نقبل شَهَادَة الْفَرْع مَعَ إِمْكَان شَاهد الأَصْل، ثمَّ قَوْله: نكحت لم يخصص الكفؤ بل أطلق،

وتأكيد الْبطلَان يدل على نجازه، وعَلى قَوْلهم قد لَا يبطل، فَإِن الْوَلِيّ رُبمَا رَضِي، وَدَلِيل الْخطاب عِنْدهم لَيْسَ بِحجَّة، فَإِن قَالُوا: الْمَرْأَة تملك ذَاتهَا فلهَا نقل مَنَافِعهَا كَالْإِجَارَةِ، فَالْجَوَاب: أَن اسْتِيفَاء مَنْفَعَة الْبضْع لَا يتَصَوَّر من الْمَرْأَة وَالنِّكَاح حق عَلَيْهَا للزَّوْج، وكلامنا فِي الِاسْتِقْلَال وَالْولَايَة أظهر، وَكَلَامهم فِي الْوكَالَة أظهر، فَإِن الْوَلِيّ يَسْتَوْفِي نظره، وَتبقى الْحَاجة إِلَى عبارَة، وَالْمَرْأَة تملك ذَلِك فِي العقد إِلَّا النِّكَاح، وَالنِّكَاح الْحَال عبارَة من قبل نَفسهَا فَلَا يَصح. والحرف أَنا نلحق النِّكَاح بالولايات ونسكت عَن النِّسَاء، وهم ينحون

بِهِ نَحْو التَّصَرُّفَات الْمَالِيَّة. يسْتَحبّ أَن يَأْتِي بِالْخطْبَةِ الَّتِي رَوَاهَا ابْن مَسْعُود: الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهد اللَّهِ فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، {وَاتَّقوا اللَّهِ الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام إِن اللَّهِ كَانَ عَلَيْكُم رقيبا} ، {اتَّقوا اللَّهِ حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} ، {اتَّقوا اللَّهِ وَقُولُوا قولا سديدا يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم وَمن يطع اللَّهِ وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما} . وَيسْتَحب أَن يَقُول فِي آخرهَا: وَالنِّكَاح مِمَّا أَمر اللَّهِ بِهِ وَندب إِلَيْهِ، وَأما الْخطْبَة الَّتِي تتخلل النِّكَاح، فَهِيَ أَن يَقُول الْوَلِيّ: بِسم اللَّهِ وَصلى اللَّهِ على رَسُول اللَّهِ، أوصيكم بتقوى اللَّهِ، زَوجتك فُلَانَة، وَيَقُول الزَّوْج: قبلت ذَلِك إِلَّا أَنه يَقُول مَعَ زَوجتك: قبلت هَذَا النِّكَاح، قَالَ الشَّافِعِي: وَاجِب الْوَلِيّ أَن

يَقُول مَا قَالَ ابْن عمر: أنكحتك على مَا أَمر اللَّهِ من إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان. قَالَ أَبُو دَاوُد: إِن كَانَت بكرا زَوجهَا الْوَلِيّ، وَإِن كَانَت ثَيِّبًا زوجت نَفسهَا. ابْن جريج والإمامية يَقُولُونَ بِالْمُتْعَةِ، وَرجع عَنْهَا ابْن عَبَّاس، وَصورتهَا: أَن يَتَزَوَّجهَا إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة أَو مَجْهُولَة، قَالَ الشَّاعِر: (أَقُول للشَّيْخ لما طَال محبسه ... يَا صَاح هَل لَك فِي فَتْوَى ابْن عَبَّاس) (يَا صَاح هَل لَك فِي بَيْضَاء بهكنة ... تكون مثواك حَتَّى مصدر النَّاس)

المسألة السابعة عشرة بعد المائتين ريز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: ريز:) هَل لكل وَاحِد من الْأَب وَالْجد إِجْبَار الْبكر الْبَالِغَة على النِّكَاح.؟ . الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: لَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا، وَالْبكْر تستأمر فِي نَفسهَا، وإذنها صماتها "، قسم النِّسَاء قسمَيْنِ، وخصصهما بحكمين، فَلَمَّا خصص الْبكر بالاكتفاء بالصمات انعكس فِي الثّيّب، فَإِذا خصص الثّيّب بِأَنَّهَا أَحَق يَنْبَغِي أَن ينعكس فِي الْبكر. لَهُم: رُوِيَ أَن خنساء أخْبرت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَن أَبَاهَا زَوجهَا وَهِي كارهة

فَخَيرهَا، وَرُوِيَ أَن فتاة جَاءَت إِلَى عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا وَقَالَت: إِن أبي زَوجنِي من ابْن عَم لي أرفع خسيسته، فحكت ذَلِك للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَرد نِكَاحهَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْولَايَة مستمرة عَلَيْهَا بعد الْبلُوغ، وَلَيْسَ فِي إجبارها تَفْوِيت رَأْي عَلَيْهَا، فَجَاز إجبارها؛ لِأَن سَبَب الْولَايَة الْأُنُوثَة، والاستقلال بِالتَّزْوِيجِ يبتني على وجود الِاسْتِقْلَال فِي حق المزوج، والمسلط فِي الصغر كَمَال حَال الْأَب لِأَن الْأَجْنَبِيّ لَا يُزَوّجهَا مَعَ صغرها، وَالْمعْنَى أَن النِّكَاح إرفاق وَحقه أَن لَا يشرع لَوْلَا الْحَاجة، فَاحْتَاجَ إِلَى كَمَال. لَهُم: بَالِغَة عَاقِلَة رَشِيدَة فَلَا تجبر كالثيب. تَأْثِيره: أَن الثيوبة تدل على كَمَال الْحَال، وَالْعلَّة الصغر؛ لكَون النِّكَاح

مصلحَة كَمَا هُوَ فِي حق الرجل، وَعَلِيهِ الْولَايَة فِي حق الذّكر الصَّغِير وَلَا يُطَالب الْوَلِيّ ويجبره على النِّكَاح، وَإِذا عينت كُفؤًا يقدم على تعْيين الْوَلِيّ، وَإِنَّمَا صَار صماتها إِذْنا لنَصّ مُعَلل بالخفر. مَالك: ق. أَحْمد: وَافق، وَأما الصَّغِيرَة، فَإِنَّهَا يجبرها الْأَب. التكملة: قَالُوا: مَفْهُوم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الثّيّب أَحَق " أَن الْبكر لَيست أَحَق، أما كَون الْوَلِيّ أَحَق، فَلَيْسَ من ضَرُورَته، الْجَواب: الْكَلَام إِذا خرج جملَة اعْتبر جملَة، وَمعنى جَمِيع الْكَلَام تَرْجِيح جَانب الثّيّب على الْوَلِيّ، فمفهومه تَرْجِيح جَانب الْوَلِيّ على الْبكر، قَالُوا: إِذا لم يدل الْمَنْطُوق عنْدكُمْ على اسْتِقْلَال الثّيّب بِالتَّزْوِيجِ كَيفَ يدل الْمَفْهُوم على اسْتِقْلَال الْوَلِيّ بتزويج الْبكر؟ ! الْجَواب: لعمرى أَن اللَّفْظ دلّ على اسْتِقْلَال الثّيّب، لَكنا تَرَكْنَاهُ لقَوْله: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي "، وَخبر الخنساء روى البُخَارِيّ أَنَّهَا

كَانَت ثَيِّبًا، وَالْخَبَر الآخر فِيهِ إِشَارَة إِلَى عدم الْكَفَاءَة وَلَعَلَّه كَانَ ابْن عَم لأم وَلَا نسلم أَن تَعْيِينهَا الكفؤ يقدم على تعْيين الْوَلِيّ، نعم، لَا ننكر أَن الأولى اتِّبَاع رأيها كَمَا أَن الأولى اتِّبَاع الْوَلِيّ، غَرَض الصَّبِي فِي جنس الطَّعَام الَّذِي يشتهيه، وَلَو اشْترى لَهُ غَيره جَازَ وَالْمَنْع جيد فِي الجدل، والحرف أَن مضرَّة النِّكَاح فِي حَقّهَا احتملت لبَقَاء النَّوْع وهون بالشهوة وَالْوَلِيّ يملكهُ فِي الصغر وَالْكبر، وَعِنْدهم هُوَ مصلحَة وَهِي الْآن قادرة عَلَيْهِ.

المسألة الثامنة عشرة بعد المائتين ريح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: (ريح) :) الثّيّب الصَّغِيرَة هَل يجبرها الْوَلِيّ على النِّكَاح؟ . الْمَذْهَب: لَا. بل ينْتَظر بُلُوغهَا واستنطاقها. عِنْدهم: تجبر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: وَجه الدَّلِيل من الْخَبَر السَّابِق بِإِثْبَات الأحقية وَأدنى درجتها وجوب استئمارها، وَقد جَاءَ مُطلقًا: " لَا تنْكح الثّيّب حَتَّى تستأمر "، وَمَتى وقف الحكم على شَرط فَاتَ بفواته. لَهُم: ...

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ثيب فَلَا تزوج دون إِذْنهَا كالبالغة؛ لِأَن الثيوبة ممارسة تكسبها خبْرَة تميز بهَا بَين رجل وَرجل، فإذنها آكِد فِي الألفة وَإِنَّمَا للْوَلِيّ زفافها عِنْد تَكَامل الْمصلحَة فِي حَال الْبكارَة والمصلحة هَاهُنَا فِي إِذْنهَا. لَهُم: صَغِيرَة فَزَوجهَا أَبوهَا كالبكر؛ لِأَن النِّكَاح شرع لمصلحتها وَمَا فِيهِ من ملك عَلَيْهَا فَهُوَ وَسِيلَة مصلحتها، وَهِي عاجزة فَقَامَ أَبوهَا مقَامهَا، وَلَا يخْتَلف هَذَا بالبكارة والثيوبة كَمَا فِي ولَايَة المَال. مَالك: أَحْمد: التكملة: الْعلَّة عِنْدهم الصغر، وَعِنْدنَا الْأُنُوثَة، فَإِذا فَوت عَلَيْهَا رَأْي لم يجز، وَقد حصل لَهَا بالثيوبة نوع رَأْي، وتقرر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَأَخَوَاتهَا أَن النِّكَاح ضَرَر فِي حق الْمَرْأَة بِالْوَضْعِ؛ لكَونه إرقاقا وتمليكا واستفراشا، وَفِيه

إذلال يَجْعَلهَا مصب فضلته الَّتِي يتَأَذَّى بهَا فَهِيَ والمستحم سَوَاء، وَلِهَذَا إِذا تعرى الْوَطْء عَن الْحل كَانَ عارا غير أَن دواعي الشَّهْوَة فِي الْمَرْأَة يهون عَلَيْهَا الْمَعْنى وكل ذَلِك لتَحْصِيل الْغَرَض الْكُلِّي من بَقَاء النَّوْع الْإِنْسِي. والحرف أَن مصلحَة النِّكَاح عَامَّة، وَالْمَرْأَة مَحَله وَالْوَلِيّ يسْتَقلّ بِهِ ومراجعة الثّيّب أقرب فشرطت، وَلم يُمكن تَحْصِيله فلغا، وَعِنْدهم هِيَ عاجزة للصغر فَقَامَ الْوَلِيّ مقَامهَا.

المسألة التاسعة عشرة بعد المائتين ريط المصابة بالفجور

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة بعد الْمِائَتَيْنِ: (ريط) : المصابة بِالْفُجُورِ:) الْمَذْهَب: وَاجِب استنطاقها. عِنْدهم: يَكْفِي صماتها. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ظَاهر قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا وَالْبكْر تستأمر وإذنها صماتها "، فالاكتفاء بالصمات خَاصَّة للبكر، وَهَذِه لَيست بكرا حَقِيقَة؛ لِأَنَّهُ لَو أوصى للأبكار لم تدخل فِيهِنَّ. لَهُم: لما قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْبكر تستأمر "، قَالَت عَائِشَة: إِنَّهَا تَسْتَحي، فَقَالَ: " إِذْنهَا صماتها "، علل عَلَيْهِ السَّلَام بِالْحَيَاءِ، وَيحسن

التَّعْلِيل بِهِ؛ لِأَنَّهُ عقلة على اللِّسَان، وَالْحيَاء مَوْجُود هَاهُنَا، وَالْفَرْض فِي المكرهة أَو فِيمَن خالطت مرّة خُفْيَة وَذَلِكَ لَا يزِيل الْحيَاء بل يزِيدهُ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ثَابت بوقاع تَامّ، فَلَا نكتفي بصماتها كَالْوَطْءِ الْحَلَال، وَذَلِكَ لاعْتِبَار رِضَاهَا فِي التَّصَرُّف فِي نَفسهَا ناطقة يعْتَبر رِضَاهَا فِي العقد، فَاشْترط نطقها كالمنكوحة؛ لِأَن رِضَاهَا مُعْتَبر وَيعلم بالنطق (فَأَما غير النُّطْق) إِن دلّ فبقرينة، لَا أَنه وضع كَذَلِك. لَهُم: وجد عِلّة الِاكْتِفَاء بالصمات فَاكْتفى كالبكر، وَالْعلَّة تعذر الْإِذْن، والصمات إِذن بِدَلِيل الحمامي والمضيف. وَالتَّحْقِيق: أَن الْإِذْن يحصل تَارَة بالعبارة وَتارَة بِمَا يقوم مقَامهَا. مَالك: لَا يجوز نِكَاح الْحَامِل من زنى.

أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: قَالُوا: الْمَنْقُول حِكَايَة حَال الثّيّب بِنِكَاح، فَإِنَّهَا تنطق غَالِبا، الْجَواب: مُطلق كَلَام الشَّارِع يحمل على شرع الْأَحْكَام وتخصيصه بالمنكوحة؛ لِأَنَّهَا فِي الْغَالِب تحْتَاج إِلَى دَلِيل وَإِن التزمنا أَن الرِّضَا إِنَّمَا يحصل بالنطق ألزمونا الْبكر. وَالْجَوَاب: إِن كَانَ المزوج أَبَا أَو جدا، فَلَا يُرَاجِعهَا وَلَا يشْتَرط رِضَاهَا، فَإِنَّهُ مجبر، وَإِن زَوجهَا عَم أَو أَخ اعْتبر رِضَاهَا نطقا وَلَا يَكْفِي الصمت وَبِهَذَا الْمَنْع تستمر الطَّرِيقَة، ونقول: هِيَ قادرة على النُّطْق لصِحَّة آلَته، وَالْأَصْل اعْتِبَار النُّطْق، بِدَلِيل أَن من قدر عَلَيْهِ لَا يعدل عَنهُ، إِن ألزمونا كَونهَا لَا تسمى ثَيِّبًا فِي حق الرَّجْم، فَالْجَوَاب: أَن الرَّجْم خصص بِبَعْض الثّيّب بِدَلِيل دلّ عَلَيْهِ، كَمَا خصص بِالْحرَّةِ الْبَالِغَة الْمسلمَة أَيْضا على أصلهم، كَمَا أخرج عَنهُ المصابة بِشُبْهَة وَهِي ثيب، وَبِالْجُمْلَةِ: الْوُقُوف

على الْحيَاء وَعَدَمه بالقرائن لَا ينْحَصر، فوقفنا مَعَ الثيوبة الَّتِي علق الشَّرْع الاستنطاق عَلَيْهَا.

المسألة العشرون بعد المائتين رك ولاية الفاسق النكاح

(الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: (رك) : ولَايَة الْفَاسِق النِّكَاح:) الْمَذْهَب: لَا تصح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " النِّكَاح رق، فَلْينْظر أحدكُم أَيْن يضع كريمته؟ ". أوجب النّظر وَذكر النّظر عليته وَالْفَاسِق قَاصِر عَن النّظر. لَهُم: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَمَال النّظر باجتماع أَسبَابه وتوفر دواعيه، وَذَلِكَ بِالْعَدَالَةِ والقرابة؛ ليجمع بَين الشَّفَقَة والرادع الديني وَهَذَا مَا نظر لنَفسِهِ فَكيف ينظر لغيره؟ ! وَلذَلِك لَا يَلِي المَال. لَهُم: ملئ على نَفسه فولي على غَيره؛ لِأَن عِلّة الْولَايَة كَمَال الشَّخْص بِالْعقلِ وَالْبُلُوغ وَالْحريَّة فيتعدى إِلَى غَيره بِالسَّبَبِ المعدى، ثمَّ الْكَافِر يتَوَلَّى الْكَافِرَة، وَالْكفْر يزِيد على الْفسق، وَكَذَلِكَ المستور الْعَدَالَة تصح ولَايَته، وَلَو كَانَت الْعَدَالَة شرطا لوَجَبَ الشَّك فِيهِ، ثمَّ السَّيِّد الْفَاسِق يجْبر رَقِيقه. مَالك: ف. أَحْمد: وَافق فِي أحد الْوَجْهَيْنِ.

التكملة: ندعي افتقار هَذَا العقد إِلَى نظر كَامِل، هَذِه مُقَدّمَة إِن تورعنا فِيهَا دللنا بِأَنَّهُ إرفاق، الْمُقدمَة الثَّانِيَة: أَن الْفَاسِق نَاقص النّظر بِدَلِيل سلبة الِاسْتِقْلَال فِي التَّصَرُّفَات، وشفقة الْإِنْسَان على وَلَده لَيست ضَرُورِيَّة، وَرُبمَا كَانَت فِيمَا يَدُور بَين وَلَده وأجنبي، فَأَما إِن كَانَ لِلْفَاسِقِ غَرَض فَهُوَ يقدمهُ على مصلحَة وَلَده، وَالْمَانِع عَن هَذَا الْخلق وازع الشَّرْع، وَأما الْمَشْهُور الْعَدَالَة فنعارضهم بالمستور الْحُرِّيَّة، ثمَّ الْمُعْتَبر ظَاهر الْعَدَالَة الَّتِي يكون بهَا مَقْبُول القَوْل، ونمنع الْكَافِر، وَمَعَ التَّسْلِيم هُوَ عدل فِي دينه، وتزويج السَّيِّد عَبده مَمْنُوع، وَفِي الْأمة قد نقل مَا كَانَ لَهُ إِلَى الزَّوْج، ثمَّ فسق السَّيِّد لَا يُؤثر تُهْمَة فِي ملكه، وَأما إِذا عضلها، فَإِنَّمَا لم يَنْعَزِل، وَإِن كَانَ نوع فسق؛ لِأَن العضل لَا يتَصَوَّر إِلَّا بعد طلب الْبَالِغَة، وَذَلِكَ فِي ولَايَة الاستئمار،

وَنحن نقُول على وَجه: إِن الْفَاسِق أهل ولَايَة الاستئمار، ثمَّ إِن سلم فَهَذِهِ صَغِيرَة لَا تُؤثر فِي الْعَدَالَة. والحرف أَنا نعتبر الْعَدَالَة الوازعة وهم يعتبرون الشَّفَقَة.

(لوحة 56 من المخطوطة أ:) (تَعْلِيل الشَّرْط بِذكر مُنَاسبَة بَينه وَبَين الْمَشْرُوط كتعليل الْأَسْبَاب بإبداء مناسباتها مَعَ الْأَحْكَام، غير أَن كل وَاحِد يُعلل على حسب مَوْضِعه فَوضع السَّبَب أَن وجوده يَقْتَضِي ثُبُوت الحكم، والمعلل يبين أَن وجوده يُنَاسب ثُبُوت الحكم، وَوضع الشَّرْط أَن عَدمه يمْنَع ثُبُوت الحكم، فَحق الْمُعَلل أَن يبين أَن انتفاءه يُنَاسب انْتِفَاء الحكم، وَهَذَا كالزنى مَعَ الْإِحْصَان، فَإِن الزِّنَى سَبَب يُنَاسب وجوده ثُبُوت الحكم فَإِنَّهُ جِنَايَة، وَالْحَد عُقُوبَة، والإحصان شَرط، فَنَاسَبَ انتفاؤه انْتِفَاء الحكم أَن غير الْمُحصن لَا يتَمَكَّن من التَّوَسُّع فِي الْمُبَاح، وَلزِمَ من هَذَا أَن نبين مُنَاسبَة عدم الشَّاهِدين وَانْتِفَاء حكم العقد. ثمَّ الْمُنَاسب مَا أَشَارَ إِلَى رِعَايَة أَمر مَقْصُود للشَّرْع، وَقد بَان أَن قصد الشَّرْع حفظ الدّين وَالْعقل وَالنَّفس وَالْمَال، فَكلما قَامَ بِحِفْظ هَذِه فَهُوَ مُنَاسِب وَاقع فِي رتب الضَّرُورَة، وَكلما انتهض بِحِفْظ مصالحها وتهيئتها وتربيتها فَهُوَ فِي رُتْبَة الكمالات والتتمة، وَبَين هَاتين الرتبتين رتب الْحَاجَات. مِثَاله أَن حضَانَة الصَّغِير وتربيته من رُتْبَة الضَّرُورَة؛ لِأَن بِهِ حفظ

الْأَنْفس، فَأَما اتِّصَاله إِلَى كفؤ فِي الزَّوْج، فَمن تَكْمِلَة عيشته وتتمة مصْلحَته، وَبَين ذَلِك أصل تَزْوِيجه، فَإِن (حُضُور الكفؤ) فرْصَة بَينهُنَّ وَإِذا اعْتبرت هَذِه الرتب وَجدتهَا فِي هَذِه الْأُمُور الْخَمْسَة وَبَين الرُّتْبَة الْعَالِيَة والطرف الآخر مَرَاتِب كَثِيرَة يسْلك فِيهَا الْعقل ويرجح الْبَعْض على الْبَعْض) . وَاعْلَم أَن النِّكَاح لَا يدْخلهُ خِيَار الشَّرْط وَلَا خِيَار الْمجْلس؛ لِأَن الْعَادة جَارِيَة بالبحث قبل العقد. وَاعْلَم أَن الْقسم للحرائر وعماد الْقسم اللَّيْل، إِذا كَانَ عِنْده أَربع نسْوَة فسافرت وَاحِدَة بِغَيْر إِذْنه وظلم وَاحِدَة، فَلم يقسم لَهَا وَأقَام عِنْد الآخرتين ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ أَرَادَ أَن يقْضِي للمظلومة وقدمت الظالمة، فَإِنَّهُ يقسم للمظلومة ج أَيَّام وللقادمة أخمسة أدوار فَيحصل للمظلومة ية يَوْمًا عشرَة قَضَاء وَخَمْسَة أَدَاء وللقادمة ة،

ثمَّ يسْتَأْنف الْقِسْمَة وَيجوز لَهُ الِانْفِرَاد عَن الْجَمِيع لَكِن لَا يجوز لَهُ أَن يخص الْبَعْض دون الْبَعْض، وَمن أَرَادَ أَن يتَزَوَّج بأمته وَله ابْنَانِ زوجه ابْنه مِنْهَا، قَالَه ابْن الْحداد، وَقيل: يُزَوجهُ السُّلْطَان، وكل النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَمْرو بن أُميَّة فِي نِكَاح أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان إِذا زَوجهَا وكيلان من اثْنَيْنِ فَالنِّكَاح للسابق، وَإِن جهل السَّابِق فسد النِّكَاح، قَالَ مَالك: يكون للسابق إِن لم يدْخل بهَا الثَّانِي، وَإِذا أَرَادَ الْحَاكِم أَن يتَزَوَّج من لَا ولي لَهَا، فَإِنَّهُ يرفع ذَلِك (إِلَى الإِمَام ليزوجه بِنَفسِهِ أَو يولي

من يُزَوجهُ وَلَا يتَوَلَّى طرفِي العقد، وَإِذا أَرَادَ الإِمَام أَن يُزَوّج من لَا ولي لَهَا فَفِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا أَنه يتَوَلَّى) طرفِي العقد، وَقيل: يُزَوجهُ الْحَاكِم، وَلَيْسَ الْحَاكِم وَكيلا لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ نَائِب عَن الْمُسلمين؛ وَلِهَذَا لَيْسَ للْإِمَام عَزله من غير سَبَب.

من مسائل النكاح

(من مسَائِل النِّكَاح) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركا: حُضُور الْفَاسِقين.) الْمَذْهَب: لَا ينْعَقد النِّكَاح بهما. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي مرشد وشاهدي عدل "، وَمُطلق كَلَام الشَّارِع يصرف إِلَى الْمَعْهُود الشَّرْعِيّ، والمعهود الْعُدُول كَمَا فِي

قَوْله تَعَالَى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشهود "، وَجه الدَّلِيل: أَنه ذكر الشُّهُود وَلم يشرط الْعَدَالَة، ويعبر بِالشَّهَادَةِ عَن الْحُضُور، قَالَ تَعَالَى: {مَا أشهدتهم خلق السَّمَوَات} أَي: مَا أحضرتهم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: فقد شَرط انْعِقَاد النِّكَاح، فَلَا ينْعَقد؛ لِأَن الشَّرْط حُضُور شُهُود، وَالْفَاسِق لَا شَهَادَة لَهُ، وَلِأَنَّهَا شَهَادَة فتختص بِالْعَدَالَةِ كالحدود؛ لِأَن الشَّهَادَة حَيْثُ وضعت كَانَت لإِثْبَات الدَّعْوَى، وَلَا تتَصَوَّر الشَّهَادَة من فَاسق، بِدَلِيل مَا لَو وكل فِي البيع بِشَرْط الْإِشْهَاد، فَإِنَّهُ يخْتَص بِالْعَدْلِ.

لَهُم: الْفَاسِق من أهل الْولَايَة فَيكون من أهل الشَّهَادَة؛ لِأَن الْمُعْتَبر تَنْفِيذ القَوْل على الْغَيْر، وَبَيَان الْأَهْلِيَّة أَن الشَّهَادَة قَول صَحِيح فأهله من كَانَ صَحِيح القَوْل. مَالك: لَا يفْتَقر إِلَى شَهَادَة. أَحْمد: ق. التكملة: إِن حملُوا الشَّهَادَة على الْحُضُور قُلْنَا: مُطلق كَلَام الشَّارِع ينْصَرف إِلَى الْمَعْهُود، ويلزمهم تَعْدِيل امْرَأتَيْنِ بِرَجُل، وَهَذَا من خَواص الشَّهَادَات، ثمَّ النِّكَاح شرع لمصْلحَة الْخلق، وحافظ الشَّرْع عَلَيْهِ وصانه بالشهود عَن الْفَوات بالجحود كَيْلا يتَبَيَّن الْمَطْلُوب مِنْهُ، وَطَرِيق الصيانة فِيهِ الْإِشْهَاد وللشرع فِي تمهيد هَذِه الطَّرِيق مسلكان؛ أَحدهمَا: الْأَمر بِالْإِشْهَادِ وَالْآخر: اشْتِرَاط الشَّهَادَة، وَاشْتِرَاط الشَّهَادَة آكِد من الْأَمر بهَا؛ لِأَن الزَّوْجَيْنِ إِذا علما أَن لَا وُصُول إِلَى مقصودهما إِلَّا بِالشَّهَادَةِ اعتمداها وَلَو

كَانَ أمرا يحصل لَهما الْمَقْصُود دونه، فَلَمَّا رَأينَا الشَّارِع قد شَرط الشَّهَادَة عرفنَا أَنه شَرطهَا لتحقيق مقصودها وَهُوَ الْإِثْبَات. قَالُوا: لَو حضر مراهقان وعبدان قد علق عتقهما على مَا يُوجد سَاعَة العقد، فالإثبات بهم مُمكن، وعندكم لَا يَصح. وَالْجَوَاب: أَن هَذَا الْإِلْزَام عكس الدَّلِيل، فَإنَّا لَا ندعي أَن كل نِكَاح أمكن إثْبَاته وَجب أَن ينْعَقد بل ادعينا أَن مَا لَا يُمكن إثْبَاته لَا ينْعَقد.

المسألة الثانية والعشرون بعدالمائتين ركب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ بعدالمائتين: ركب:) هَل ينْعَقد النِّكَاح بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول. لنا: الحَدِيث الْمُقدم، وَظَاهره اشْتِرَاط رجلَيْنِ، وَإِن سمي رجل وَامْرَأَة شَاهِدين فَهَذَا قطعا لَا يعْمل بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصح كَشَهَادَة رجل وَامْرَأَة، وتعديل امْرَأتَيْنِ بِرَجُل أَمر شَرْعِي ورد فِي المَال، فَمَا الْجَامِع بَينه وَبَين النِّكَاح؟ ! . لَهُم: ... ... ... ... ... ... ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لَيْسَ للنِّسَاء شَهَادَة أصلا؛ لِأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى ضبط ابْتِدَاء وَحفظ دواما

وَأَدَاء على الْوَجْه، وتقصر النِّسَاء عَن ذَلِك، بِدَلِيل أَنَّهَا لَا تسمع شَهَادَتهنَّ منفردات، وَمن لَا يثبت النِّكَاح بقوله لَا ينْعَقد بِحُضُورِهِ. لَهُم: أهل الشَّهَادَة بِدَلِيل المَال؛ لِأَن الشَّهَادَة قَول صَحِيح، وَقَوْلها صَحِيح، وشهادتهن أصل، بِدَلِيل قبُولهَا مَعَ إِمْكَان شَهَادَة الرِّجَال فَهِيَ مَقْبُولَة الْإِقْرَار مُطلقًا، فَتكون مَقْبُولَة الشَّهَادَة كَالرّجلِ، غَرَض التَّنْفِيذ بِالْإِطْلَاقِ احْتِرَازًا من العَبْد، وَالْجَامِع أَن الشَّهَادَة وَالْإِقْرَار خبران، ويتأيد بالرواية، فَإِنَّهَا تقبل مِنْهَا. مَالك: من شَرط النِّكَاح ترك التواصي بِالْكِتْمَانِ. أَحْمد: ق. التكملة: الْعدَد فِي الشَّهَادَة متلقى من الشَّرْع، وَقد جَاءَ فِي الزِّنَى أَرْبَعَة، وَفِي

المداينة (رجل وَامْرَأَتَانِ) ، وَقَالَ فِي الرّجْعَة: (ذَوي عدل) ، وَقَالَ فِي النِّكَاح: (شَاهِدي عدل) ، والمنصوصات لَا تغير وَمَا لَيْسَ بمنصوص يلْحق بالمنصوص وَلَو جرى الْقيَاس لجَاز فِي الزِّنَى رجلَانِ وَأَرْبع نسْوَة ثمَّ الْأَلْيَق بِحَال النِّسَاء أَلا يشهدن وَلَا يتبرجن، وَاعْتِبَار الشَّهَادَة بِالْإِقْرَارِ بَاطِل، فَإِن العَبْد يقر على نَفسه فَيقبل وَلَا تقبل شَهَادَته، وَإِنَّمَا يرد إِقْرَاره فِيمَا يتَعَلَّق بالسيد من الْأَمْوَال. وَصحت الرِّوَايَة من الْمَرْأَة كَمَا صحت من العَبْد، وَلم تصح شَهَادَته، وَالْفِقْه فِيهِ أَن الرِّوَايَة لَا تخْتَص بشخص بل يقوم بهَا جمَاعَة، فَإِن نَسِيَهَا شخص ذكرهَا آخر، وَالشَّهَادَة يستحفظ فِيهَا اثْنَان، وفوات معنى الشَّهَادَة لنُقْصَان عقل الْمَرْأَة، وَلَوْلَا ذَلِك مَا عدل رجل امْرَأتَيْنِ.

المسألة الثالثة والعشرون بعد المائتين ركج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركج:) غير الْأَب وَالْجد هَل يُزَوّج الصَّغِيرَة؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم، وَيثبت لَهَا الْخِيَار عِنْد الْبلُوغ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: توفّي عُثْمَان بن مَظْعُون وَأوصى فِي أَمر ابْنَته إِلَى أَخِيه قدامَة،

قَالَ ابْن عمر: فَزَوجهَا مني، فجَاء الْمُغيرَة إِلَى أمهَا ورغبها فِي المَال فرغبت وَرفعت الْقِصَّة إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فَرد نِكَاحهَا، وَقَالَ: " إِنَّهَا يتيمة، وَإِنَّهَا لَا تنْكح إِلَّا بِإِذْنِهَا ". وَجه الِاسْتِدْلَال ظَاهر. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يتم بعد الْبلُوغ ". لَهُم: ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: يدل على أَن نِكَاح الصَّغِير يفْتَقر إِلَى كَمَال نظر، وندعي أَن الْعم مثلا قَاصِر النّظر، دَلِيل الْمُقدمَة الأولى مَا لَا يخفى من الِاحْتِيَاط فِي النِّكَاح، وَخَوف غوائله، وَدَلِيل الْمُقدمَة الثَّانِيَة: كَون العقد لَا يلْزم، وَكَون الْعم لَا يتَصَرَّف فِي المَال، وَإِن وَقع الْفَرْض فِي الْحَاكِم لم يستقم فضل المَال، فتعلل بقصور الشَّفَقَة. لَهُم: الْعم مشارك فِي أصل الشَّفَقَة، (والتفاوت فِي مَرَاتِب الشَّفَقَة) غير مُعْتَبر، وتعطيل الْيَتِيمَة بعد وجود الكفؤ ضَرَر، فَقُلْنَا: يَصح مِنْهُ أصل العقد لوُجُود أصل الشَّفَقَة ولتفاوت الشَّفَقَة لَا يلْزم، وَإِن فرض فِي الْحَاكِم قيل: تصرف فِي مَالهَا فتصرف فِي بَعْضهَا. مَالك:

أَحْمد: التكملة: بِالْجُمْلَةِ ولَايَة الْإِجْبَار حَيْثُ وجدت نصا أَو قِيَاسا على نَص، وَلَا نَص فِي الْأَخ وَلَا إِجْمَاع، وَطَرِيق إثْبَاته الاحتداء، وَالْمجْمَع عَلَيْهِ الْأَب وَالْجد وَلَيْسَ الْأَخ فِي مَعْنَاهُمَا فَإِن الأَصْل إِذا تصرف فِي فروعه كَانَ كالتصرف فِي نَفسه وَلَا خَفَاء بالفرقان بَين الْأَخ وَالْأَب فِي ذَلِك، وَلذَلِك لَا يَلِي المَال، وَلَا يلْزم عقده النِّكَاح؛ كل ذَلِك لغوامض غوائل النِّكَاح، وَإِثْبَات (الْخِيَار لَهَا) لَا يُفِيد بعد الوقاع وَلَا يتدارك الضَّرَر مَعَ إِثْبَات الْجَوَاز وَخيَار الرُّؤْيَة أَمر بدع فِي النِّكَاح لَا يشْهد لَهُ أصل، وَأما الْحَاكِم ولي المَال لما فِيهِ من مصلحَة الْيَتِيم كَيْلا تَأْكُله النَّفَقَات، وغوائل المَال قريبَة، وَثمن الْمثل مَعْرُوف.

وَحَاصِل الْكَلَام أَن أَمر النِّكَاح عَظِيم، ومضرته خُفْيَة، وَإِنَّمَا يصير عقد مصلحَة إِذا صدر من ذِي شَفَقَة كَامِلَة، وَأما بعد الْبلُوغ فعندنا كَمَا قبل الْبلُوغ إِنَّمَا تملك ولَايَة الاستئمار وَهِي من أهل الِاخْتِيَار، وكلامنا فِي ولَايَة الْإِجْبَار، وَأما تَزْوِيج الْمَجْنُونَة، فَإِنَّمَا جَازَ مَعَ فَتْوَى الطِّبّ، وَهَذَا من بَاب دفع المضار لَا من بَاب اقتناص الْمصَالح.

المسألة الرابعة والعشرون بعد المائتين ركد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركد:) هَل يُزَوّج الابْن أمه بالبنوة؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي "، وَالِابْن لَيْسَ بولِي للْأُم بِدَلِيل سِيَاق الْخَبَر الَّذِي رَوَوْهُ، فَإِن أم سَلمَة قَالَت: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَة مصبية غيرى وأوليائي غيب، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " أما المصبية فَسَيَكْفِيكَهُم اللَّهِ، وَأما الْغيرَة فأسأل اللَّهِ يذهبها عَنْك، وَأما الْأَوْلِيَاء فَلَا أرى فيهم أحدا يكرهني ".

لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْولَايَة للعصبات ". وَجه الدَّلِيل كَون الابْن عصبَة. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لعمر بن أم سَلمَة: " يَا غُلَام، فزوج أمك من رَسُول اللَّهِ ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: غير منتم إِلَى شجرتها فَلَا يملك إنكاحها كالخال، وَتَقْرِيره مَا تقدم من كَون النِّكَاح مصلحَة عَامَّة تحْتَاج إِلَى رَأْي ثاقب وَنظر صائب، وَدَلِيل قُصُور الْوَلَد عَن ذَلِك عدم إعراضه فِي الْكَفَاءَة وَكَون الأنفة تحمله على كَرَاهِيَة هَذَا الشأ. لَهُم: الابْن أقرب النَّاس إِلَيْهَا فَزَوجهَا كَالْأَبِ، وَتَقْرِيره كَون النِّكَاح شرع

لمصلحتها، وَكَون الابْن عَالما بالمصالح، وتقديمه على الْعَصَبَات فِي الْإِرْث دَلِيل قربه، والموانع لَا أثر لَهَا كَمَا لَو كَانَ قَاضِيا أَو ابْن عَم. مَالك: الابْن أولى من الْأَب. أَحْمد:. التكملة: إِن فرض الْكَلَام فِي تَزْوِيج الْأُم أَو الْأَب المجنونين فالأصلح منع ذَلِك، ونقول: لَا يملك تَزْوِيج هَؤُلَاءِ أحد، لِأَن مَقَاصِد النِّكَاح فَاتَت فِي حَقهم، وَلَو طرى الْجُنُون لفسخ العقد، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُشِير الْأَطِبَّاء بذلك فَينزل منزلَة الدَّوَاء. ثمَّ إِثْبَات الْولَايَة للِابْن بالإجبار على أحد أَبَوَيْهِ الْمَجْنُون إِنَّمَا تثبت بِنَصّ، وَلَا نَص (أَو إِجْمَاع) ، وَلَا إِجْمَاع، أَو بِقِيَاس على غَيره وَالْمجْمَع عَلَيْهِم الْأَب وَالْجد وَالْحَاكِم وَلَيْسَ الابْن فِي معنى

وَاحِد مِنْهُم، أما إلحاقة بِالْأَبِ، فَلَا يُمكن لِأَن الْولَايَة منصب تَقْتَضِيه رُتْبَة الْأَب لَا رُتْبَة الابْن، وَإِن كَانَ النّظر إِلَى جَانب الْمولى عَلَيْهِ، فمراعاة الْأَب لمصَالح فَرعه لَا تناسبها مُرَاعَاة الْوَلَد لمصَالح الْأُم. وَالْجَوَاب عَن منقولهم: إِمَّا أَن ذَلِك خَاص برَسُول اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَام) وَإِمَّا لِأَن الْوَلَد كَانَ ابْن عَم أمه. وَأما الصُّورَة الَّتِي لَا أثر لمنع الابْن من الْكَفَاءَة فِيهَا هِيَ أَن تتَزَوَّج شريفة بنبطي وتلد مِنْهُ ثمَّ تبين عَنهُ ثمَّ تعود إِلَيْهِ، فَلَيْسَ للْوَلَد الِاعْتِرَاض عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ رُبمَا منعُوا فِي غير هَذِه الصُّورَة، وَقَالُوا: للْوَلَد الِاعْتِرَاض فِي الْكَفَاءَة والْحَدِيث الآخر عَن ثَبت، ونقول: الابْن يُدْلِي بِأَبِيهِ وَأمه، وَالأُم لَا تصلح عندنَا أَن تكون ولية نَفسهَا، وَالِابْن لَا يكون ولي نِكَاحهَا، قَالَه الْقفال.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركه. إِذا رضيت أقل من مهر الْمثل. الْمَذْهَب: لم يكن للأولياء الِاعْتِرَاض عَلَيْهَا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . لَهُم: ... ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

تصرفت فِي حَقّهَا وَهِي من أهل التَّصَرُّف فَلَا يعْتَرض عَلَيْهَا كَمَا لَو باعت مَالهَا بالبخس، دَلِيل كَون الْمهْر حَقّهَا تصرفها فِيهِ حبسا وَاسْتِيفَاء وإبراء، وَإِن قدر مثل مَنَافِعهَا فمنافعها مَالهَا، وَإِن قدر الْبضْع جزءها، فإهدارها للطرف إِن لم يُؤثر فِي الْإِبَاحَة أثر فِي نفي الضَّمَان. لَهُم: نقيس نُقْصَان الْمهْر على فَوَات الْكَفَاءَة، وَالْجَامِع أَن الزَّوْجَيْنِ يتعادلان فِي المنصب غَالِبا، ونقصان الْمهْر شين للنسب، ثمَّ ضَرَر بنساء عشيرتها، ثمَّ تَقْرِير الْمهْر إِلَى عشرَة حق الشَّرْع، وَإِلَى مهر الْمثل حق الْأَوْلِيَاء لتأثرهم بِهِ، ونسلم أَن الْمهْر حَقّهَا لكنه عبارَة عَن الْوَاجِب، وَالْكَلَام فِي الْوُجُوب، وَصَارَ كَالزَّكَاةِ تجب لله وَالْوَاجِب للْفُقَرَاء. مَالك: أَحْمد: ق.

التكملة: الِاعْتِرَاض على عقدهَا بِالْفَسْخِ إِمَّا بِنَصّ أَو قِيَاس، وَلَا نَص، وَلَا أصل بتخيل إِلْحَاقه بِهِ سوى الِاعْتِرَاض عِنْد فَوت الْكَفَاءَة، وَلَيْسَ هَذَا فِي مَعْنَاهُ لِأَن الِاعْتِرَاض على تصرف الْغَيْر فِي حَقه إِذا ثَبت تضرر عَظِيم لَهُ وَقع فِي النُّفُوس اعتياد يثبت بِضَرَر دونه، وَلذَلِك ثبتَتْ شُفْعَة المساهم لَا المجاور، ثمَّ لَو زوجت نَفسهَا بالنخالة أَو بقشور الرُّمَّان لم يعْتَرض عَلَيْهَا، وَقِيمَة بضع الْمَرْأَة يخْتَلف باخْتلَاف الرغبات فَرب نسيبة قَليلَة الْمهْر ووضيعة كَثِيرَة الْمهْر، فَلَيْسَ الْمهْر معيار النّسَب، بل مَحل الْمهْر من الْبضْع مَحل الثّمن من الْمُثمن (ويصل الْإِضْرَار بنساء الْعَشِيرَة منقوض) بِمَا لَو رَضِي الْوَلِيّ، وتحقيقه أَن النُّقْصَان لَا يحط من مهر الْمَوْطُوءَة بِالشُّبْهَةِ بل يعْتَبر قانون مهر الْمثل فِي الْعَشِيرَة، ثمَّ نعتبر بعده فَضِيلَة إِن كَانَت فِيهَا أَو فِي غَيرهَا، ونقيصة إِن كَانَت فِيهَا أَو فِي غَيرهَا، وَكَذَلِكَ الْمُسَامحَة (من إِحْدَاهُنَّ

تخْتَص بهَا) .

(لوحة 57 من المخطوطة أ:) هَذَا الْفَصْل يَقع فِيمَا إِذا زوج مولاته من نَفسه ويدور فِي كثير من الْمسَائِل. نسلم وجود الْأَهْلِيَّة والمحلية والصيغة ونقول: الصِّحَّة حكم شَرْعِي مَعْنَاهُ اعْتِبَاره هَذَا العقد فِي إِيجَاب حكمه، فَلَا بُد من سَبَب وأمارة تدل على ثُبُوته فالأهلية عبارَة عَن صِفَات إِذا اجْتمعت لشخص أمكن أَن يعْتَبر قَوْله وَفعله فِي مجاري الْأَحْكَام، والمحلية مَجْمُوع صِفَات فِي الْمحل تقبل مَقْصُود الحكم فَيمكن إِثْبَات الحكم فِيهَا، والصيغة أَلْفَاظ منظومة يُمكن جلب الحكم بهَا، فَإِذا اجْتمعت الْأَهْلِيَّة والمحلية والصيغة وَهِي الْأَركان أمكن أَن يَصح العقد، وَمَعْنَاهُ لَو صَحَّ لم يُنَاقض أصلا شَرْعِيًّا وَلَا عقليا، لَكِن مَا الدَّلِيل على وُقُوع هَذِه الْعلَّة الممكنة وثبوتها؟ فَلَيْسَ كل مُمكن وَاقع لَكِن الْمُمكن مَا اسْتَوَى طرفاه وجودا وعدما، فَإِن وجد مَا يرجحه ثَبت وَإِلَّا بَقِي على عَدمه. فَإِن قَالُوا: (الأَصْل اعْتِبَار كَلَام الْعَاقِل فَنَقُول: هَذَا الأَصْل إِن ادعيتموه عقلا فمحال؛ لِأَنَّهُ لَا مجَال للعقول فِي الْأَحْكَام، وَإِن ادعيتموه

شرعا، فَلَا يتعرف إِلَّا من نَص أَو إِجْمَاع أَو قِيَاس عَلَيْهِمَا، فَإِن قَالُوا: إِنَّمَا أعْطى الْعقل لاعْتِبَار قَوْله وَفعله، قُلْنَا: لِإِمْكَان اعْتِبَار قَوْله وَفعله أم لوجوبهما؟ ! للإمكان مُسلم للْوُجُوب وَلَا نسلم. مَسْأَلَة: الْموقف بَاطِل خلافًا لَهُم. لنا: إِن إِذن الْوَلِيّ شَرط فِي الاستباحة فَإِذا تَأَخّر عَن العقد لم يَصح كَالشَّهَادَةِ. مَسْأَلَة لَا ينْعَقد نِكَاح الْمُسلم مَعَ الذِّمِّيَّة بِشَهَادَة أهل الذِّمَّة خلافًا لَهُم. لنا: أَن من لَا ينْعَقد بِشَهَادَتِهِ نِكَاح مُسلمين لَا ينْعَقد بِشَهَادَتِهِ نِكَاح مُسلم وذمية كَالْعَبْدِ وَالصَّبِيّ وَلَا يحسن قِيَاس شَهَادَته على ولَايَته؛ لِأَن الْولَايَة تستدعي الشَّفَقَة وَطلب الْمصلحَة للْمولى عَلَيْهِ، وَالْكفْر لَا يُنَافِي ذَلِك وَالشَّهَادَة تستدعي حفظ الْحق وَالْكفْر يُنَافِي ذَلِك، فَإِنَّهُ لَو كَانَ الْمُنكر الزَّوْج لم تَنْفَع شَهَادَة الذِّمَّة.

مَسْأَلَة: الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ وَالْأَخ من الْأَب سَوَاء فِي الْولَايَة فِي القَوْل الْقَدِيم، وَيقدم الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ فِي القَوْل الْجَدِيد، ومذهبهم الْحجَّة: أَخَوان يُزَوّج كل وَاحِد مِنْهُمَا إِذا انْفَرد، فَإِذا اجْتمعَا تَسَاويا كَمَا تَسَاويا فِي الإدلاء وَلَا حجَّة فِي التَّقْدِيم بِالْمِيرَاثِ، فَإِن المشركة يقدم ولد الْأُم على ولد الْأَبَوَيْنِ وَلَا يقدم فِي الْولَايَة؛ وَذَلِكَ لِأَن قرَابَة الْأُم لَهَا مدْخل فِي الْمِيرَاث فرجح بهَا وَلَا مدْخل لَهَا فِي الْولَايَة فَلَا تَقْتَضِي التَّرْجِيح.

من مسائل النكاح

(من مسَائِل النِّكَاح) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركو.) إِذا زوج ابْنَته الصَّغِيرَة بِدُونِ مهر الْمثل. الْمَذْهَب: يجب مهر الْمثل وَإِذا زَوجهَا من غير كفؤ لم ينْعَقد. عِنْدهم: يجب الْمُسَمّى، وَينْعَقد. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . لَهُم: ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد يتَضَمَّن إِضْرَارًا فَلَا ينْعَقد عَلَيْهَا كَمَا لَو بَاعَ مَالهَا بخسا؛ لِأَن العقد فوض إِلَيْهِ لينشئه وفْق الْمصَالح، وَعدم الْكَفَاءَة ونقصان الْمهْر يضاد الْمصَالح وَلَو فعلت هِيَ هَذَا رد عَلَيْهَا؛ وَلِأَن ترد هِيَ عَلَيْهِ أولى لِأَن يتَصَرَّف لَهَا. لَهُم: الْبضْع لَيْسَ مَالا حَتَّى يُقَال ينزل عَنهُ بِمَا لَا يُسَاوِيه وَغَايَة مَا يقدر أَنه امْتنع عَن تَحْصِيل زِيَادَة لَهَا، وَلَعَلَّه راقب فِي ذَلِك مصلحَة أُخْرَى، وشفقته تحقق ذَلِك، ثمَّ النِّكَاح لم يقْصد لِلْمَالِ، فَالْمَال فِيهِ تبع. مَالك: ف. أَحْمد: ف.

التكملة: رُبمَا منعُوا أَنه يضر بهَا وَأَن الْمصلحَة فِي رِعَايَة الْكَفَاءَة وَالْمهْر فَحسب، وَزَعَمُوا أَن وَرَاء ذَلِك مصَالح، الْوَلِيّ أعرف بهَا، وَالْجَوَاب: أَن الْكَفَاءَة وَمهر الْمثل حَيْثُ شرعا كَانَا لابتغاء الْمصَالح، وَلذَلِك اعْتِرَاض عِنْد فواتهما، ولعمري أَن الْأَب ولي ابْنَته لَكِن فِي تَحْصِيل مَا لَيْسَ لَهَا أما تَفْوِيت مَالهَا فَلَا، أَلا ترى أَنه ينهب وَيفْعل الْوَصِيَّة لَهَا وَلَا يهب وَلَا يعْتق مَالهَا (كَذَلِك مَا نَحن فِيهِ يضر بهَا، فَلَا تملكه) ، وَيُمكن أَن نقُول: الْمهْر مُقَابل المَال وَمَنْفَعَة الْبضْع مَال، وَإِن سلمنَا أَنه غير تَفْوِيت فَهُوَ يحصل لما تيَسّر تَحْصِيله من غير ضَرَر وَلَا غرر، وَذَلِكَ وَاجِب على الْوَلِيّ كَمَا إِذا طلب مَالهَا بِأَكْثَرَ من ثمن الْمثل، فَإِنَّهُ لَا يَصح، فَإِن قَالُوا: هَذَا فَوَات يعود إِلَى بدل، فَإِنَّهُ مَا فعل ذَلِك إِلَّا وَقد رأى فِي الزَّوْج مصَالح توفّي على مهر الْمثل، وَالْجَوَاب رِعَايَة مثل ذَلِك لَا يُوقف الْأَحْكَام عَلَيْهِ بل يُرَاعى

مَا جعله الشَّرْع مصلحَة وَلِهَذَا لَو خَالع زَوْجَة الصَّبِي الشوهاء على أَضْعَاف مهرهَا لم يجز. الْحَرْف الْخَاص بِالْمهْرِ أَنه عندنَا مَقْصُود بِالْعقدِ وَعِنْدهم تَابع، والحرف الْعَام أَن عندنَا فِيهِ ضَرَر خلافًا لَهُم.

المسألة السابعة والعشرون بعد المائتين ركز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركز.) الْوَلِيّ الْأَقْرَب إِذا غَابَ غيبَة مُنْقَطِعَة. الْمَذْهَب: الْحَاكِم نَائِب الْأَبْعَد وَلَا تنْتَقل الْولَايَة إِلَى الْأَقْرَب دَارا. عِنْدهم: ينْتَقل الْولَايَة إِلَى الْأَبْعَد. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ...

لَهُم: ... ... ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْأَقْرَب دَارا مَحْجُوب عَن الْولَايَة بالأقرب نسبا، وَهُوَ بَاقٍ فَبَقيَ الْحجب؛ لِأَن الْعلَّة الْقَرَابَة وأهلية النّظر وَتمكن الِانْتِفَاع بالمراسلة وَإِن خيف الْفَوات بالسلطان، وَالدَّلِيل على بَقَاء ولَايَته: بَقَاء سَببهَا وَهِي الْقَرَابَة الباعثة على النّظر ويتأيد بِمَا لَو زَوجهَا حَيْثُ هُوَ رُبمَا لَو كَانَ لَهُ وَكيل حَاضر. لَهُم: زَالَت ولَايَة الْأَقْرَب نسبا فانتقلت إِلَى الْأَقْرَب دَارا كَمَا لَو مَاتَ أَو جن، الدَّلِيل على الزَّوَال أَن الْولَايَة ترَاد للنَّظَر وَقد فَاتَ وَلَيْسَ الْمُعْتَبر أَهْلِيَّة النّظر بل انْتِفَاع الْمَرْأَة بِهِ وَهَذَا الْمطلب قد فَاتَ فَصَارَ كفوات الْأَهْلِيَّة ثمَّ ثُبُوت الْولَايَة لَهما يرجح الْأَقْرَب دَارا.

مَالك: أَحْمد: ف. التكملة: لَهُم فِي طرفِي ولَايَة المَال منع، وَإِن سلمُوا فعذرهم أَنه يُمكن نَقله بسهولة، بِخِلَاف الْمَرْأَة، فَإِنَّهَا تحْتَاج إِلَى محرم ومراعاة مصَالح الْبضْع أَكثر من مُرَاعَاة مصَالح المَال، وَمِنْهُم من يسلم بَقَاء ولَايَة الْأَقْرَب نسبا وندعي أَيْضا ثُبُوتهَا للأقرب دَارا أَو نفرض كَمَا لَو غَابَ الْأَب وَالْجد حَاضر فَإِن قرَابَة الْجد ثَابِتَة، وَإِنَّمَا بِفضل الْأَب إِذا بالأكملية فَإِذا غَابَ فَاتَ هَذَا الْقدر، وقابل ضَرَر غيبته نفع الأكملية، الْجَواب: بِالْجُمْلَةِ منع انْقِطَاع نظره، فَإِن أَهْلِيَّة النّظر كَامِلَة قَائِمَة والباعث على النّظر تَامّ، وَإِن عرضت حَاجَة حاقة، فَالْحكم يُزَوّج، قَالُوا: احْتِمَال تَزْوِيجه إِيَّاهَا فِي الْغَيْبَة أَمر بعيد. الْجَواب: الِاحْتِمَالَات الْبَعِيدَة لَا تعْتَبر فِي إِثْبَات الْأَحْكَام ابْتِدَاء أما

بَقَاؤُهَا دواما فَيعْتَبر فِيهِ كل احْتِمَال وَإِن بعد، (والفارق أَن الحكم فِي الِابْتِدَاء على النَّفْي) ، فَيحْتَاج فِي إثْبَاته إِلَى أَرْكَانه وشرائطه أما الثَّابِت، فَالْأَصْل بَقَاؤُهُ، والعضل لَازم لَهُم جدا من جِهَة أَنه يُزَوّجهَا الْحَاكِم، وَلَا ينْتَقل إِلَى الْبعيد النّسَب إِذا عضلها الْقَرِيب النّسَب.

المسألة الثامنة والعشرون بعد المائتين ركح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركح.) إِذا زوج أحد الْأَوْلِيَاء من غير كُفْء. الْمَذْهَب: لَا ينْعَقد فِي قَول، وَينْعَقد فِي قَول، وَينْعَقد غير لَازم فِي قَول. عِنْدهم: ينْعَقد وَيلْزم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . لَهُم: ... ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْحق مُتَعَدد فإسقاط أحد الْمُسْتَحقّين لَا يُوجب إِسْقَاط الآخر كالشفعة وَالْقصاص؛ لِأَن السَّبَب هُوَ الْأُخوة مثلا، وكل أَخ يُدْلِي بأخوة كَامِلَة، وَلَيْسَ يقف كَمَال أخوته على أَخ آخر فَهِيَ عقد تضمن ضَرَرا لسَائِر الْأَوْلِيَاء، فَوَجَبَ أَلا يلْزم قِيَاسا على مَا لَو عضل الْوَلِيّ، فَزَوجهَا الْحَاكِم، فَإِن للعاضل الْفَسْخ. لَهُم: عقد صدر من ولي كَامِل الْولَايَة، فَوَجَبَ أَن يلْزم كَمَا لَو انْفَرد دَلِيل ذَلِك أَن الْحق لَا يتَجَزَّأ، فَلَا يثبت بعضه كالإيمان.

مَالك: أَحْمد: التكملة: يلْزمهُم على أصلهم إِذا زوجت نَفسهَا من غير كُفْء وأفهمه أَن قطع النِّكَاح أَو دَفعه ثَابت للأخوة وفَاقا وكل وَاحِد مِنْهُم على قَوْلنَا ولي لَا الْوَلِيّ وَالْمَسْأَلَة فرع النِّكَاح بِلَا ولي وَسِيَاق الْكَلَام أَنه لَا يَصح دون الْوَلِيّ، ثمَّ الْوَلِيّ قد يتحد وَقد يَتَعَدَّد والمتعدد فِي حكم الْولَايَة كالواحد لِأَن سَبَب الْولَايَة وَاحِد وَهُوَ الْأُخوة مثلا، وَهَذَا الْحق يُضَاف بِكَمَالِهِ إِلَى كل أَخ، وَمُقْتَضى الْقيَاس أَن لَا ينْعَقد إِلَّا بهم جَمِيعًا، وَإِن كَانَ الزَّوْج كُفؤًا قَالُوا: هَذَا الْمُمْتَنع لَو كَانَ مُنْفَردا لامتنع العقد بامتناعه، وَكَذَلِكَ هَذَا الزَّوْج لَو كَانَ مُنْفَردا لصَحَّ العقد بتزويجه من غير كُفْء. الْجَواب: هما وليان وَقد تعَارض فيهمَا سَببا الْفساد وَالصِّحَّة فسقطا إِذْ لَيْسَ أَحدهمَا أولى بِالِاعْتِبَارِ، فَبَقيَ الْأَمر على مَا كَانَ أَو يرجح جَانب

الْفساد حُرْمَة الأبضاع والعذر عَن التَّزْوِيج من الْكُفْء كَونه ينْفَرد بِهِ دون الآخر. وَالْجَوَاب: أَن الْمَرْأَة إِذا طلبت الْكُفْء وَجب على الْكل الرِّضَا حَتَّى يَعْصِي الْمُمْتَنع وكل من لزمَه الرِّضَا فِي أَمر معِين استغني عَن مُرَاجعَته كالشفيع يتَمَلَّك الشّقص من غير مُرَاجعَة المُشْتَرِي؛ لِأَن الشَّرْع ألزمهُ الرِّضَا بِثمن العقد، والحرف أَن عندنَا يثبت لكل وَاحِد مِنْهُم حق كَامِل وَعِنْدهم الْحق الْوَاحِد ثَابت للْجَمِيع.

المسألة التاسعة والعشرون بعد المائتين ركط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: ركط.) هَل يُزَوّج الْوَلِيّ مولاته من نَفسه؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم، وَيَكْفِي أَن يَقُول: زوجتها من نَفسِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... . . لَهُم: ... ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَمَانَة شَرْعِيَّة فَلَا تثبت فِي مَظَنَّة التُّهْمَة كَالشَّهَادَةِ، فَإِن الشَّارِع فوض العقد إِلَى الْوَلِيّ ليحتاط لَهُ بِنَظَر تَامّ، والمرء مُتَّهم فِيمَا يعود إِلَى نَفسه، وَلَيْسَ الْمَحْذُور بخس حَقّهَا بل بخس حق الشَّرْع من العقد الَّذِي يشْتَمل على مصَالح تدوم وَتبقى ويتأيد بالوكيل، فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِي من نَفسه. لَهُم: التعويل على أَرْكَان العقد من الْأَهْلِيَّة والمحلية والصيغة وَلَا حَادث إِلَّا اتِّحَاد الْعقْدَيْنِ وَذَلِكَ غير مَانع، فَإِن الشَّخْص الْوَاحِد قد يُضَاف إِلَيْهِ أَمْرَانِ بسببين كالأخ من الْأُم إِذا كَانَ ابْن عَم يتأيد بِبيع الْأَب مَال الصَّغِير فِي نَفسه. مَالك: ف. أَحْمد: يُوكل من يُزَوّجهَا مِنْهُ وَلَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفسِهِ.

التكملة: التَّزْوِيج فعل شَرْعِي والشرعي يثبت على مذاق الحسية، وَالْأَفْعَال الحسية المتعدية يَنْقَسِم إِلَى مَا يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد وَإِلَى مَا يتَعَدَّى إِلَى مفعولين، والأركان الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة يتحد الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، ويلزمنا على هَذَا أَنه يَنْبَغِي أَن يَصح تَزْوِيج الْوَكِيل من نَفسه إِذا كَانَ من جِهَة الْوَلِيّ لِأَنَّهُ مَا اتَّحد الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، فَمن الْأَصْحَاب من قَالَ: يَصح، وَالْجَوَاز (أَن التَّزْوِيج صدر من الْوَكِيل حسا) ، وَالْمُوكل فاثم، فَكيف يُضَاف الْفِعْل إِلَى الْمُوكل وَهُوَ خلاف الْحس وَخلاف الشَّرْع أَيْضا؟ ! فَإِنَّهُ لَو حلف لَا يتَزَوَّج وَتزَوج وَكيله لم يَحْنَث وَالْوَكِيل لَو حلف لَا يتَزَوَّج وَتزَوج بِالْوكَالَةِ حنث، بَقِي علينا الْأَب، فَإِنَّهُ يَبِيع مَال ابْنه الصَّغِير من نَفسه وَقد اتَّحد البَائِع والمبتاع. وَهُوَ عَلَيْهِم أَيْضا، فَإِنَّهُم منعُوا الْوَكِيل أَن يَبِيع من نَفسه والتقصي عَن عُهْدَة إِلْزَام الْأَب أَن البيع وَإِن صدر من الْأَب حسا فَهُوَ من الابْن شرعا، وَذَلِكَ لمعنيين فِي حق الْأَب خَاصَّة. أَحدهمَا: قِيَاس البعضية، وَالْآخر: الرِّفْق بالطفل.

والحرف أَن النِّكَاح عندنَا حق الشَّرْع لمصْلحَة عَامَّة فَاحْتَاجَ إِلَى تَامّ النّظر وَنظر الْمَرْء لنَفسِهِ تُهْمَة. وَعِنْدهم هُوَ حق الْمَرْأَة، فَزَوجهَا بالنيابة ويتزوج بالاستقال.

المسألة الثلاثون بعد المائتين رل

(الْمَسْأَلَة الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رل 230:) هَل يجْبر السَّيِّد عَبده على النِّكَاح؟ . الْمَذْهَب: أظهر الْقَوْلَيْنِ لَا، وَيجوز إِجْبَار العَبْد الصَّغِير وَالْإِمَاء. عِنْدهم: يجْبر الْجَمِيع. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . لَهُم: ... ... ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: بَالغ عَاقل فَلَا يجْبر على النِّكَاح كَالْحرِّ، وَتَقْرِيره أَن الْبلُوغ يتَضَمَّن أصل الْعقل، والذكورية تفِيد كَمَاله، وَكَمَال الْعقل يُنَاسب أَهْلِيَّة الِاسْتِقْلَال،

فَالْعقد حَقه وَهُوَ من أهل مُبَاشَرَته وغنمه لَهُ وغرمه عَلَيْهِ وَالنَّفس الَّتِي بهَا صَار ناكحا غير مَمْلُوكَة للسَّيِّد؛ لِأَنَّهَا لَيست مَالا. لَهُم: ملك عينة، فَملك تَزْوِيجه كالأمة، تَأْثِيره أَن ملك الرَّقَبَة سَبَب ملك النِّكَاح فِي حق الْأمة؛ لِأَن النِّكَاح يرد على الْعين أَو مَا هُوَ فِي حكم الْعين، فَالْعَبْد ملك السَّيِّد وَالنِّكَاح شرع لمصلحته فَجَاز انشاؤه لاصلاح ملكه كالأمة. مَالك: ف. أَحْمد: ق. التكملة: ولَايَة الْإِجْبَار إِمَّا أَن تثبت ابْتِدَاء من جِهَة الشَّرْع أَو قِيَاسا على مَنْصُوص وَلَا نَص وَلَا أصل يُقَاس عَلَيْهِ، فَإِن الْملك لَيْسَ فِي معنى الْقَرَابَة، وَلَيْسَ هَذَا تَصرفا مِنْهُ لنَفسِهِ حَتَّى ينزل منزلَة بيع العَبْد وَلَيْسَ مستصلحا ملكه إِذْ الصّلاح بِالْوَطْءِ وَهُوَ غير مجبر عَلَيْهِ، بل هُوَ قَادر على الطَّلَاق. لم يبْق إِلَّا مَأْخَذ الْولَايَة على الْغَيْر، وَلَا سَبَب إِلَّا ملك الرَّقَبَة، فَلَا بُد من دَلِيل على ملك الرَّقَبَة سَبَب هَذِه الْولَايَة، وَلَا أصل يُقَاس عَلَيْهِ إِلَّا الْأمة، وَالْفرق بَين

الْأمة وَالْعَبْد أَولا لأَنا لَا نسلم أَنه يُزَوّج الْأمة لولاية الْإِجْبَار لَكِن بطرِيق التَّصَرُّف فِي حق نَفسه، فَإِن الْبضْع ملكه فَصَارَ كَالْإِجَارَةِ فمعقول النِّكَاح على الْأمة ملك الْمَنْفَعَة ومعقول النِّكَاح على العَبْد إِلْزَام ذمَّته المَال وَتَحْصِيل ملك النِّكَاح لَيْسَ لَهُ، وَلَيْسَ للسَّيِّد أَن يلْزم ذمَّة العَبْد مَالا وَلذَلِك لَا يجْبرهُ على الْكِتَابَة، وَإِن سلمنَا أَنه قبل الولايات لَكِن للسَّيِّد فِي الْأمة ملك الرَّقَبَة وَملك الْمَنْفَعَة.

لوحة من المخطوطة أ

(لوحة 58 من المخطوطة أ:) إِذا كتب إِلَى الْوَلِيّ: زَوجنِي وليتك فقرأه الْوَلِيّ بِحَضْرَة شَاهِدين وَقَالَ: زَوجتك لم ينْعَقد. وَاعْلَم أَن من تزوج بِامْرَأَة حرم عَلَيْهِ أمهاتها على التَّأْبِيد وَتحرم بنتهَا تَحْرِيم جمع إِلَّا أَن يدْخل بهَا فَتحرم بنتهَا على على التَّأْبِيد وكل من يحرم عَلَيْهِ تَحْرِيم جمع يَصح نِكَاحهَا فِي عدَّة من حرمت بِسَبَبِهَا إِذا كَانَت الطَّلقَة ثَلَاثًا، وَالْأمة إِذا قتلت نَفسهَا أَو قَتلهَا سَيِّدهَا قبل الدُّخُول سقط الْمهْر، وَإِن قتلت الْحرَّة نَفسهَا فلهَا الْمهْر أما إِذا قتل الزَّوْجَة زَوجهَا أَو أَجْنَبِي اسْتَقر مهرهَا أمة كَانَت أَو حرَّة قَالَ الاصطخري: إِن كَانَت أمة سقط مهرهَا، لِأَن الْأمة كالمتاع إِذا تلف قبل الْقَبْض، وَبَعض الْأَصْحَاب يَقُول: فِي الْمَوْت مثل ذَلِك وَهَذَا لَيْسَ

بِصَحِيح؛ لِأَن الْأمة فِي أَحْكَام النِّكَاح كَالْحرَّةِ يَصح طَلاقهَا وظهارها وَالْإِيلَاء عَلَيْهَا، وَإِذا وطىء الْأَب جَارِيَة ابْنه نظرت، فَإِن لم تحمل مِنْهُ فَلَا يَخْلُو أما أَن يكون قد وَطئهَا الابْن أَولا، فَإِن لم يكن وَطئهَا فَلَا حد لشُبْهَة الْملك فِي مَال الْوَلَد، وَإِن كَانَ قد وَطئهَا الْوَلَد فَفِي الْحَد وَجْهَان، وَأما الْمهْر فَيجب فِي الْوَجْه الأول؛ لِأَن كل وَطْء يسْقط فِيهِ الْحَد للشُّبْهَة يجب فِيهِ الْمهْر وكل مَوضِع سقط الْحَد وَوَجَب الْمهْر حرمت على الابْن على التَّأْبِيد وَلَا تجب الْقيمَة، لِأَن ملك الابْن قَائِم، فَأَما إِذا أحبلها فَحكم الْحَد وَالْمهْر على مَا سبق، وَبَقِي الْكَلَام فِي الِاسْتِيلَاد وَقيمتهَا وَقِيمَة الْوَلَد، أما الِاسْتِيلَاد فَإِن الْوَلَد حر، وَهل تصير أم ولد؟ قَولَانِ: وَجه كَونهَا أم ولد أَنَّهَا علقت مِنْهُ بَحر بِحَق الْملك فَصَارَت أم ولد كَالْوَطْءِ فِي ملكه، وَيُفَارق الزَّوْجَة؛ لِأَنَّهَا حملت بمملوك. قَالَ بعض الْأَصْحَاب: لَا يتَصَوَّر أَن يتَزَوَّج الْأَب بِجَارِيَة ابْنه؛ لِأَن الابْن يجب عَلَيْهِ أَن يعف أَبَاهُ فَلَا يجوز للْأَب أَن يتَزَوَّج بِجَارِيَة ابْنه لوُجُود الطول، وَمِنْهُم من قَالَ: يتَصَوَّر بِأَن يكون للِابْن أمة يحْتَاج إِلَيْهَا لَا غنى لخدمته بِهِ عَنْهَا وَلَا يملك غَيرهَا مَا يعف بِهِ أَبَاهُ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْأَب صَحِيحا فعلى أحد الْقَوْلَيْنِ لَا يجب على الابْن نَفَقَته وَلَا إعفافه، فَيجوز أَن يتَزَوَّج بأمته على أَن فِي إعفاف الابْن قَوْلَيْنِ، وَإِذا وطىء الْأمة حرم عَلَيْهِ أمهَا وبنتها على التَّأْبِيد كَالْحرَّةِ؛ لِأَن هَذَا وَطْء لَهُ حُرْمَة يتَعَلَّق بِهِ لُحُوق النّسَب من أحَاط علمه بِمَدِينَة مَا من يحرم عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَن يتَزَوَّج من الْمَدِينَة وَلَو

اخْتلطت هَذِه الْمُحرمَة بِعَدَد مَحْصُور لم يجز، وَيجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فِي ملك الْيَمين لَا فِي الْوَطْء؛ لِأَنَّهُ يقْصد بِملك الْيَمين التمول، فَإِذا أَرَادَ وَطْء وَاحِدَة حرم الْأُخْرَى على نَفسه بِبيع اَوْ كِتَابَة أَو عتق أَو تَزْوِيج، فَإِن رَهنهَا لم يكف، وَإِن كَانَ مَمْنُوعًا من وَطئهَا؛ لِأَن ذَلِك لحق الْمُرْتَهن، وَإِذا تزوج لَهُ ابْن أمْرَأَة لَهَا بنت وَبِالْعَكْسِ جَازَ أَن يتَزَوَّج وَلَده من وَلَدهَا، فَلَو ولدت ولدا كَانَ أَخُوهُ مزوجا بأخته، وَإِذا تزوج بِامْرَأَة جَازَ لَهُ أَن يُزَوّج ابْنه بأمها. مَسْأَلَة: إِذا قبل امْرَأَة هَل تحرم أمهَا وابنتها؟ قَولَانِ: أَحدهمَا لَا تحرم، (وَالثَّانِي تحرم) وَهُوَ مَذْهَبهم. لنا: أَنه لمس لَا يُوجب الْغسْل فَلَا يُوجب تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة كالنظر إِلَى وَجههَا.

المسألة الحادية والثلاثون بعد المائتين رلا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلا.) بِأَيّ لفظ ينْعَقد النِّكَاح؟ . الْمَذْهَب: بالإنكاح وَالتَّزْوِيج ومعناهما الْخَاص بِكُل لِسَان. عِنْدهم: ينْعَقد بِهَذَا وَبِكُل لفظ يُنبئ عَن التَّمْلِيك. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَامْرَأَة مُؤمنَة ... ...} الْآيَة، وَجه الدَّلِيل أَنه جعل الْهِبَة خَالِصَة للنَّبِي، وَالضَّمِير فِي خَالِصَة عَائِد إِلَى الْهِبَة لَا إِلَى الزَّوْجَة (فكون الزَّوْجَة) خَالِصَة لَهُ قد اسْتُفِيدَ من آيَة أُخْرَى، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " (استحللتم فروجهن) بِكَلِمَة اللَّهِ " أَلا وَهِي النِّكَاح وَالتَّزْوِيج.

لَهُم: صِحَة نِكَاح النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِلَفْظ الْهِبَة دَلِيل على أَن لفظ الْإِنْكَاح لَا يعْتَبر، وَرُوِيَ أَنه قَالَ لأعرابي: " ملكتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: النِّكَاح عقد خَاص شرع لحكم خَاص وَثَمَرَة خَاصَّة، فَلَا ينْعَقد إِلَّا بِلَفْظِهِ الْخَاص بِهِ وَالنِّكَاح لفظ لَا ينْعَقد بِهِ البيع (فَوَجَبَ أَن لَا ينْعَقد النِّكَاح بِالْبيعِ) ؛ لِأَن الأَصْل فِي الْأَلْفَاظ أَن تتحد دلالتها وَالْمجَاز فِيهَا عَارض. لَهُم: تصرف أمكن العقد بمجازة فَلَا يلغى، بَيَان الْإِمْكَان أَنه كنى بِالسَّبَبِ عَن الْمُسَبّب، وَذَلِكَ جَائِز لُغَة، وَملك النِّكَاح ملك مَنْفَعَة، وَملك البيع ملك رَقَبَة، وبواسطة الْمَنْفَعَة نعمل بِهِ تَصْحِيحا لكَلَام الْعَاقِل أَو

نجعله حَقِيقَة؛ لِأَنَّهُ تمْلِيك فِي النِّكَاح. مَالك: بوافق الْخصم وَيشْتَرط ذكر الْمهْر. أَحْمد: ق. التكملة: مَعْقُود النِّكَاح من أغمض مَا يطلع عَلَيْهِ، وَقد اضْطَرَبَتْ فِيهِ مسالك الْفُقَهَاء، وَبِالْجُمْلَةِ ينطوي على مَقَاصِد غَرِيبَة لَا تعرب عَنْهَا العبارت الْمَوْضُوعَة لسَائِر الْعُقُود، وَالشَّرْع نصب عبارتي التَّزْوِيج والإنكاح وهما لَا ينبئان عَن مَقْصُود على وضع اللُّغَة وانعقد العقد بهما بتحكم الشَّرْع، فَمَا عداهما من الْأَلْفَاظ لَا يقوم مقامهما، غَايَته أَن يكون مُجملا ومجازا وَلَو جَازَ مثل ذَلِك جَازَ بِلَفْظ الْإِجَارَة والإحلال. وصحيح لفظ منقولهم: زوجتكها على أَن الرَّاوِي لَفْظَة ملكتكها مطعون فِيهِ، ونمنع

جَرَيَان الْملك فِي النِّكَاح، وَلَا نقُول: حكمه الْحل اللَّازِم على الزَّوْجِيَّة الشَّرْعِيَّة وَكَيف يقدر ملك الزَّوْج الْمَرْأَة وَالْمَنْفَعَة مُشْتَركَة بَينهمَا؟ فَإِن قَالُوا: عبر عَن السَّبَب بالمسبب، قُلْنَا: الْمُسَبّب الَّذِي يعبر بِالسَّبَبِ عَنهُ يَنْبَغِي أَن يكون لَازِما للسبب أبدا كالمطر مَعَ السَّحَاب وَملك الْمَنْفَعَة دون ملك الذَّات أَكثر وجودا مِنْهُ مَعَ ملك الذَّات، فَإِذا بَطل اللُّزُوم بَطل الِاسْتِعْمَال.

المسألة الثانية والثلاثون بعد المائتين رلب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلب) نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت الْبَائِن. الْمَذْهَب: يجوز وَيجوز نِكَاح أَربع سواهَا. عِنْدهم: لَا يجوز شَيْء من ذَلِك. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} ، وَقَوله تَعَالَى: {فانكحوا مَا طَابَ لكم} ، وَقَوله تَعَالَى: {ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} ، وَلَيْسَ الْمَحْذُور عَلَيْهِ الْعَجز عَن الانفاق؛ لِأَنَّهُ يجوز أَن يستكثر السراري لَكِن الْمَحْذُور عَلَيْهِ الْعَجز عَن التحصين الْمُسْتَحق بِالنِّكَاحِ وَقد زَالَ بِالطَّلَاق هَذَا حجَّة فِي نِكَاح الْأَرْبَعَة سوى الْبَائِن.

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} ، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " مَلْعُون مَلْعُون من جمع مَاءَهُ فِي رحم أُخْتَيْنِ ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمحرم الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ نِكَاحا وَلم يُوجد؛ لِأَن الطَّلَاق أَزَال الْحل وَهِي الْآن انعدمت من قبل النِّكَاح؛ لِأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى مُحَلل، ويتأيد بِوُجُوب الْحَد عَلَيْهِ إِذا وَطئهَا، ثمَّ الْمحرم الْجمع وَلم يفعل الْجمع فَإِن بَقِي نِكَاح فَمن فعل اللَّهِ تَعَالَى. لَهُم: تربص عَن طَلَاق فَمنع التَّزْوِيج بأختها كالرجعية، ذَلِك لِأَن الْعدة من النِّكَاح على معنى أَن النِّكَاح قَائِم من وَجه، دَلِيل ذَلِك أَن عدَّة الْمُتَوفَّى حق النِّكَاح، فَإِنَّهَا تجب حَيْثُ لَا مَاء وَلَا توهم مَاء ثمَّ الْفراش قَائِم بِدَلِيل لحاق النّسَب وَملك الْيَد بَاقٍ.

مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: لَهُم منع بعيد فِي وجوب الْحَد وَكَيف يَصح وَلَو وَطئهَا بعد الْمُحَلّل وَجب الْحَد وَهِي أقرب إِلَى الْحل والمأخذ بفرق معنى الْآيَة الْمُحرمَة وَالْجمع يَسْتَدْعِي مجموعا ومجموعا فِيهِ وجامعا، وَالنَّظَر فِي الْمَجْمُوع فِيهِ وَلَا يجوز أَن يكون الْوَطْء؛ لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر، فَإِنَّهُ يتعاقب، وَلَا الْحَبْس، فَإِنَّهُ يجوز لَهُ نِكَاح أُخْت الْمُسْتَوْلدَة وَأُخْت المستبرأة فاتضح أَن الْمَجْمُوع فِيهِ النِّكَاح وَلَا نِكَاح فِي حق المبتوتة وَمَا تخيلوه من بَقَاء النِّكَاح بِالسُّكْنَى وَالْحَبْس وَالنَّفقَة غير صَحِيح، فَلَيْسَ النِّكَاح شَيْئا من ذَلِك وَلَو كَانَ النِّكَاح بَاقِيا لدرأ الْحَد وَلَو بشبهته. ثمَّ حق الشَّيْء لَا يقوم مقَام حَقِيقَته بِدَلِيل أَنَّهَا بعد الْعدة تبقى مُحرمَة على ابْن الزَّوْج، وَأَبِيهِ وتدوم حُرْمَة الْمُصَاهَرَة وَالْعدة وَجَبت عندنَا مُوجب شغل الرَّحِم بِالْمَاءِ وَكَذَلِكَ ثبتَتْ بِوَطْء

الشُّبْهَة وقدرت بِالْأَقْرَاءِ دون الْأَشْهر بِخِلَاف عدَّة الْوَفَاة، فَإِن ادعوا أَن الْمحرم للْجَمِيع الغيظ المفضي إِلَى قطيعة الرَّحِم، لم نسلم لَهُم كل غيظ بل الغيظ الْجَارِي فِي النِّكَاح. قَالَ تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن فَإِن لم تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم وحلائل أَبْنَائِكُم} . {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم} . {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف} . فالمحرمات أَرْبَعَة عشر: بِالنّسَبِ سبع بالرضاعة اثْنَتَانِ، بالصهر

أَربع، بِالْجمعِ وَاحِدَة. من أسرار الشَّرْع أَن الرجل يكون محرما لامْرَأَة أَبِيه بعد الْبَيْنُونَة، وَلَا يكون الْأَب محرما لَهَا، وَهَذَا حَال الْأَب مَعَ زَوْجَة الابْن تعجب مِنْهُ الْقفال. الإمامية: يجوز للرجل أَن يتَزَوَّج الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وخالتها بعد أَن يستأذنها.

المسألة الثالثة والثلاثون بعد المائتين رلج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلج.) المخلوقة من مَاء الزِّنَى. الْمَذْهَب: يحل لَهُ نِكَاحهَا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عُمُوم الْآيَة السَّابِقَة، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْوَلَد للْفراش ". وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف} ، وَجه الدَّلِيل أَن النّصْف للْبِنْت، وَلَيْسَ لهَذِهِ حق فِي الْمِيرَاث.

لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم} ، وَهَذِه بنته حَقِيقَة وَبضْعَة بِدَلِيل قَوْله لفاطمة: " بضعَة مني " فالبنت مُحرمَة بِنَصّ الْكتاب، وَهِي بِوَضْع اللُّغَة من يخلق من مَاء الرجل، وخاطب الْعَرَب بعرفهم. والبنوة تُعْطِي الِاتِّصَال كَمَا يُقَال: ابْن سَبِيل. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نِكَاح وجد من أَهله فِي محلّة بشرائطه فتم، والمقدر مَانِعا الْآيَة المُرَاد بهَا الْبِنْت شرعا، وَلَو أوصى لبنات فلَان لم تشاركهن بنت الزنية، وَكَذَلِكَ لَا تعْتق عَلَيْهِ إِذا اشْتَرَاهَا كَمَا تعْتق بنت الرشدة.

لَهُم: الْمحرم فِي حق الْبِنْت البعضية لما فِي النِّكَاح من الإذلال، وَيحرم على الْمَرْء أَن يرق نَفسه، وَذَلِكَ معنى مُنَاسِب، وَلِهَذَا لم يملك أَوْلَاده فِي ملك الْيَمين، وَثَبت حُرْمَة الرَّضَاع لما فِيهَا من بعضية، وَالْمُعْتَبر مَا أنشز الْعظم، فعلة التَّحْرِيم الرَّضَاع، وَلَا نسب كَذَلِك هَاهُنَا (وَلَا يحرم نسب ذَلِك للبعضية) . مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: البعضية لَا تناسب التَّحْرِيم، فَإِن النِّكَاح لَا ملك فِيهِ وَلَا ذل، (بل هُوَ مُتْعَة، وإلذاذ، وَفِيه معنى التحصين) ، وَلَو كَانَ فِيهِ ذل لمنع فِي حق الْأَجْنَبِيّ، وَإِن كَانَ لابد مِنْهُ فأجزاء الْإِنْسَان أولى بِاحْتِمَال إذلاله، ثمَّ عَلَيْهِ

امْتنَاع نِكَاح بنت الرشدة النّسَب، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي رفع الْحجاب والتربية فَتحصل شَفَقَة توجب انحباس الشَّهْوَة، ثمَّ لَو حلت لَهُ لامتد طرفه إِلَيْهَا وَخيف الْفِتْنَة من ذَلِك فَكَانَ النّسَب منافيا لشرع النِّكَاح، فَهَذِهِ الْمعَانِي وَلعن ناكح يَده إِنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ يسفح مَاءَهُ لَا للْحُرْمَة والبعضية كَمَا زَعَمُوا، وَثُبُوت نَسَبهَا من الْأُم مُشكل علينا وَعَلَيْهِم؛ لِأَنَّهُ سَبَب الْإِرْث وَالنَّفقَة وَسَائِر الْأَحْكَام بعد قيام الزِّنَى، والعذر عَنهُ أَن منَاط النّسَب البعضية المحسوسة أَو المستندة إِلَى سَبَب شَرْعِي وَهِي من جَانب الْأُم محسوسة، وَكَذَلِكَ تبع الْوَلَد الْأُم رقا وحرية، (فَالْمُعْتَبر من جَانب الْأُم الْفراش وَمن جَانب الْأُم المحسوس) .

المسألة الرابعة والثلاثون بعد المائتين رلد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلد.) يُوجب الزِّنَى حُرْمَة الْمُصَاهَرَة. الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} ، وَجه الدَّلِيل أَنه قَالَ ذَلِك بعد عد الْمُحرمَات وَلَيْسَ الْمُتَنَازع فِيهِ مِنْهُنَّ، فَإِن أبدوا مُحرمَات لَيْسَ فِي الْآيَة، فَذَلِك تَخْصِيص النَّص وَلَا يمْنَع الِاحْتِجَاج بِالْبَاقِي. لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم} ، وَجه الدَّلِيل تنَاول لفظ النِّكَاح الْحَلَال وَالْحرَام.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حُرْمَة الْمُصَاهَرَة وصلَة شَرْعِيَّة فَلَا تعلق على الزِّنَى كالنسب، ذَلِك لِأَن بهَا تنسج الْأَنْسَاب وَيحصل التعاضد وَذَلِكَ نعْمَة لَا يَقْتَضِي تَعْلِيقهَا على الزِّنَى فَهُوَ وَطْء بمحض عُدْوانًا، فَلَا يثبت حُرْمَة الْمُصَاهَرَة كَمَا لَو كَانَ بصغيرة أَو فِي غير المأتى. لَهُم: الْوَطْء سَبَب البعضية فَأوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة، ذَلِك لِأَنَّهُ يُوجب اخْتِلَاط الماءين والبعضية تَقْتَضِي الْحُرْمَة وتنافي الرّقّ. مَالك: ق. أَحْمد: ف. وَإِذا لَاطَ بِغُلَام حرم عَلَيْهِ بنته وَأُخْته. التكملة: إِن قيل: لم أثبتم الْمُصَاهَرَة بِوَطْء الشُّبْهَة؟ قُلْنَا: لِأَن اللَّهِ تَعَالَى

جمع بَين النّسَب والصهر وَثَبت النّسَب إِجْمَاعًا فَثَبت الصهر، وَإِن منعُوا العدوانية زَعَمُوا أَن هَذَا الْوَطْء مُبَاح من حَيْثُ أَنه حرث فِي مَحَله المقتضيه، وَهِي الْأُنُوثَة، وَإِنَّمَا حرم من خوف اخْتِلَاط الْمِيَاه وَانْتِفَاء الْولَايَة عَن الْمحل فَصَارَ كالاصطياد بفرس الْغَيْر وَالصَّلَاة فِي دَار الْغَيْر، وَوَجَب الْحَد لَا لذات الْوَطْء بل لصفته وَكَونه فِي ملك الْغَيْر، فَالْجَوَاب مطالبتهم بِالسَّبَبِ الْمُبِيح قَوْلهم هِيَ مَحل الْحَرْث (قُلْنَا جعلنَا بَين لبحث الْحَرْث) أَو ليمكن إِن زَعَمُوا الْوُجُوب لم يَجدوا إِلَيْهِ سَبِيلا إِلَّا بِالْعودِ إِلَى مَسْأَلَة التحسين والتقبيح، وَإِن زَعَمُوا الْإِمْكَان مُسلم لَكِن يفْتَقر إِلَى دَلِيل فِي ثُبُوته، وَلنَا أَن نمْنَع الْجُزْئِيَّة بَين الْوَالِد وَالْولد وَمَا هِيَ إِلَّا فضلَة مستحيلة انفصلت مِنْهُ كَسَائِر الفضلات أجْرى اللَّهِ سنَنه بِخلق الْوَلَد مِنْهَا، وَإِن سلم فِي الْوَلَد فَكيف يدعى فِي الْأَبَوَيْنِ وهما شخصان منفصلان؟ .

مَذْهَب عَليّ وَقَول مُجَاهِد: أَن أُمَّهَات النِّسَاء يحرمن بِالدُّخُولِ بِالنسَاء كَمَا تحرم الربائب بِالدُّخُولِ بالأمهات. الإمامية: من زنى بِامْرَأَة لَهَا بنت حرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا، وَإِن فَارقهَا البعل، وَكَذَلِكَ إِن كَانَت فِي الْعدة، وَلَو عقد على امْرَأَة مُعْتَدَّة وَقد علم بذلك لم تحل لَهُ أبدا.

المسألة الخامسة والثلاثون بعد المائتين رله

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رله.) إِذا استولد الْأَب جَارِيَة ابْنه. الْمَذْهَب: لزمَه الْمهْر وَالْقيمَة. عِنْدهم: تلْزمهُ الْقيمَة دون الْمهْر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول. لنا: ... ... ... ... . لَهُم: ... ... ... ... . . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وَطْء فِي ملك الْغَيْر، فَيلْزمهُ الضَّمَان كَمَا لَو لم تحبل، وَلَو طئ

أحد الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَة الْمُشْتَركَة، فَإِنَّهُ يجب نصف الْمهْر وَنصف الْقيمَة، وَذَلِكَ لِأَن الْوَطْء فِي ملك الْغَيْر لَا يَخْلُو عَن ضَمَان زجرا (وجبر عقر أَو عُقُوبَة) ، وَملك الْوَلَد مَعْصُوم بِالْإِسْلَامِ وَالدَّار. لَهُم: الْوَطْء وَاقع فِي ملكه بِدَلِيل ثُبُوت النّسَب، فَإِن النّسَب لَا يُمكن إثْبَاته دونه ولولاه كَانَ حَرَامًا وَلم يثبت النّسَب، نعم لم يجب عِنْد عدم الإحبال لقَوْله: " أَنْت وَمَالك لأَبِيك "، (أما أحد الشَّرِيكَيْنِ) ، فالاستيلاء حَاصِل بِالْملكِ فِي (نصِيبه ثمَّ سرى) إِلَى نصيب شَرِيكه بِالْقيمَةِ، فَهُوَ فعل أوجب ضَمَان الْكل، فَلَا يُوجب ضَمَان الْجُزْء كَقطع الْيَد إِذا سرى. مَالك:. أَحْمد:.

التكملة: الْمُصَحح للسبب فِي حق التَّمْلِيك أَن لَهُ أَن يتَمَلَّك الْجَارِيَة مَتى شَاءَ وَذَلِكَ مخرج الْفِعْل عَن العدوانية الْمَحْضَة فَيثبت النّسَب وَلَا يلْزم حل وَطْء الابْن لِأَن لَهُ حَقِيقَة الْملك، فَإِن قَالُوا: ضَمَان الْجُزْء دَاخل فِي ضَمَان الْكل لم نسلم أَن الْفَائِت بِالْوَطْءِ من الْمَضْمُون بِالْقيمَةِ بل الْقيمَة بدل الذَّات وَالْمهْر بدل مَنْفَعَة الْبضْع، وَكَيف يَسْتَقِيم الْقيَاس على سرَايَة الْقطع، وَلَو قطع غَيره ثمَّ حز رقبته لم تجب إِلَّا دِيَة وَاحِدَة، وَلَو وَطئهَا ثمَّ قَتلهَا وَجب الْمهْر وَالْقيمَة؟ ! وَبِالْجُمْلَةِ يَقُولُونَ: الِاسْتِيلَاء قد صَحَّ وَلَا يَصح إِلَّا فِي ملكه، وَطَرِيقه تملك الْجَارِيَة عِنْد الِاسْتِيلَاء صِيَانة لجزئه والاستيلاء بِالْوَطْءِ، فأثبتنا الْملك قبل الِاسْتِيلَاء ليخلق الْوَلَد حرا. وَالْجَوَاب: أَن التَّمْلِيك والاستيلاء يَكْفِي فِيهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " أَنْت وَمَالك لأَبِيك "، فَلَا حَاجَة إِلَى هَذِه التعذرات.

لوحة من المخطوطة أ

(لوحة 59 من المخطوطة أ:) نقيس فِي نِكَاح الْأمة مَا إِذا كَانَ تَحْتَهُ حرَّة وَالْعلَّة كَونه مرق وَلَده قَالُوا: إِنَّمَا لم يجز فِي الأَصْل لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تنْكح الْأمة على الْحرَّة "، وَلَيْسَ ذَلِك مُعَللا بالإرقاق بل بِسَبَب آخر، وَهُوَ أَن الرّقّ مُؤثر فِي تنصف حُقُوق الرَّقِيق، ظهر ذَلِك فِي حق العَبْد حَتَّى لَا ينْكح إِلَّا اثْنَتَيْنِ، فالأمة لم يُمكن تنصف الزَّوْج فَنصف بالأحوال. وَقُلْنَا: تحل لمن لَيْسَ تَحْتَهُ حرَّة وَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرك لما لم يُمكن توزيع ذَاته على موَالِيه وزع بَينهم بِالزَّمَانِ، وَهَذِه الْعلَّة لَا تتقاصى خوف الْعَنَت وفقد الطول، وَهَذِه الْعلَّة مُؤثرَة؛ لِأَنَّهَا ظَهرت فِي قسم الْأمة، وَالْعلَّة المؤثرة أولى من غَيرهَا، وَالْجَوَاب: أَن مَا يتَضَمَّن التنصيف لَا حصر لَهُ إِذْ يجوز أَن ينْكح العَبْد دون الْأَحْرَار وَمن هُوَ أكبر سنا مِنْهَا دون من هُوَ أَصْغَر إِلَى غير ذَلِك،

فَلم اقْتصر فِي التنصيف على مَا ذكرْتُمْ؟ ! مَسْأَلَة: النّظر إِلَى الْفرج لَا يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة خلافًا لَهُ، لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وَقد سُئِلَ عَن الرجل يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ، أتحرم عَلَيْهِ أمهَا وابنتها؟ فَقَالَ: " لَا يحرم الْحَرَام الْحَلَال " وللخصم خبر يُوَافق فتواه لَكِن يرويهِ حَفْص عَن لَيْث، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة مَوْقُوفا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَفْص وَلَيْث ضعيفان. مَسْأَلَة لَا يجوز للْحرّ أَن يتَزَوَّج بِأَكْثَرَ من أمة وَاحِدَة، قَالَ أَبُو حنيفَة: لَهُ أَن يتَزَوَّج بِأَرْبَع لنا أَنه حر لَا يخْشَى الْعَنَت فَلَا يحل لَهُ نِكَاح الْأمة كَمَا لَو كَانَت تَحْتَهُ حرَّة. مَسْأَلَة: يجوز للْعَبد أَن يتَزَوَّج بِأمة وَلَو كَانَ تَحْتَهُ حرَّة خلافًا

لَهُ، لنا: أَنه عبد فَجَاز لَهُ التَّزَوُّج بِأمة كَمَا لَو لم تكن تَحْتَهُ حرَّة. مَسْأَلَة: يجوز للْمُسلمِ أَن يجْبر الذِّمِّيَّة على الْغسْل من الْحيض خلافًا لَهُ. لنا: أَن حدث الْحيض يجْرِي مجْرى الْحيض فِي تَحْرِيم الْوَطْء بِدَلِيل الْمسلمَة، وَإِذا كَانَ الْوَطْء محرما ملك إجبارها على الْغسْل ليتوصل مَعَه إِلَى اسْتِيفَاء حَقه خرج غسل الْجَنَابَة على مَا قُلْنَاهُ؛ لِأَن إِبَاحَة الْوَطْء لَا يقف عَلَيْهِ وعَلى أحد الْقَوْلَيْنِ هُوَ مثل غسل الْحيض، ولعمرى يحْتَاج الْغسْل إِلَى نِيَّة لَكِن إِذا أمكنت، فَأَما إِذا تَعَذَّرَتْ فَلَا تشْتَرط وَصَارَ كَنَفس الْغسْل، فَإِن الاستباحة تقف على غسل جَمِيع الْبدن، فَلَو تعذر غسل بعضه أَجْزَأَ غسل الْبَاقِي. مَسْأَلَة: إِذا شَرط أَنه إِذا وَطئهَا فَلَا نِكَاح بَينهمَا فَالنِّكَاح بَاطِل. قَالَ أَبُو حنيفَة يَصح وَيَلْغُو الشَّرْط، لنا أَنه نِكَاح شَرط فِيهِ انْقِطَاعه دون غَايَته، فَلم يَصح، كَمَا لَو قَالَ: زَوجتك إِلَى شهر.

المسألة السادسة والثلاثون بعد المائتين رلو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلو) أَيجوزُ للْأَب نِكَاح جَارِيَة الابْن؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . لَهُم: ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: جَارِيَة لَهُ فِيهَا شُبْهَة ملك فَسقط بهَا الْحَد فَمنع من التَّزْوِيج بهَا كجارية مُكَاتبَة؛ وَذَلِكَ لِأَن حق الْملك ثَابت فِي ملك الابْن وينتقل حَقِيقَة

عِنْد الِاسْتِيلَاد فينفسخ النِّكَاح، والداعي إِلَى نقل الْملك حريَّة الْوَلَد، ثمَّ العقد يُفْضِي إِلَى الْوَطْء وَالْوَطْء يُفْضِي إِلَى الْحَبل ثمَّ الْوَلَد ثمَّ فسخ النِّكَاح فَصَارَ النِّكَاح عَبَثا. لَهُم: لَا حق لَهُ فِيهَا فَيصح نِكَاحهَا، وتوقع الِانْفِسَاخ لَا يمْنَع صِحَة النِّكَاح كَمَا لَو نكح جَارِيَة قريبَة فَهِيَ تعرض أَن يَمُوت فيرثها، ثمَّ لَو منع هَذَا ابْتِدَاء منع دواما، وَلَو اشْترى الابْن مَنْكُوحَة الْأَب لم يَنْفَسِخ العقد، وَلَو اشْترى الْمكَاتب زَوْجَة السَّيِّد يَنْفَسِخ النِّكَاح. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: نمْنَع أَن للسَّيِّد حَقِيقَة ملك فِي مَال الْمكَاتب بِدَلِيل أَنه يَشْتَرِي مِنْهُ، ومحال أَن يَشْتَرِي ملك نَفسه، وَالدَّلِيل على أَن للْأَب حق ملك قدرته على التَّصَرُّف ونفوذ استيلاده، وَهَذَا فَارق الْوَارِث حَيْثُ لَا ينفذ تصرفه فِي

ملك الْمُورث، وَأما إِلْزَام الدَّوَام فمندفع فَإِن دوَام الْملك أقوى من ابْتِدَائه، فَإنَّا فِي الِابْتِدَاء نحاول إِثْبَات حكم مُمْتَنع فنحتاج إِلَى شُرُوط، وَفِي الدَّوَام نحتاج إِلَى قَاطع، وَظُهُور احْتِمَال الْفساد يمْنَع الِانْعِقَاد، وَلَا يقطع الدَّوَام، أَلا ترى أَن الرِّدَّة تمنع أول النِّكَاح وَلَو ارْتَدَّت مَنْكُوحَة لم يَنْقَطِع نِكَاحهَا فِي الْحَال بل إِذا أصرت على الْكفْر، كَذَلِك إِذا طَرَأَ ملك الابْن فِي الْمَنْكُوحَة للْأَب احْتمل أَن يبْقى إِلَى الإحبال وَاحْتمل أَن يَزُول فَلم نقطع بِالِاحْتِمَالِ، فَإِن أفْضى إِلَى الِاسْتِيلَاد قطع، وَأما حَقِيقَة الْملك فَهِيَ مُنَافِيَة للنِّكَاح، وَلَا يَنْضَم الشَّيْء إِلَى منافيه، وَملك الْمكَاتب يمْنَع الِانْقِطَاع عِنْد طريانه كملك الابْن، وَهَذَا الْمَنْع يتَعَيَّن طردا للْقِيَاس.

المسألة السابعة والثلاثون بعد المائتين رلز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلز.) الْحر الْوَاجِد طول الْحرَّة. الْمَذْهَب: لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة. عِنْدهم: يجوز. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا (أَن ينْكح الْمُحْصنَات} ... ... ... ... . .) الْآيَة، فيتلقى مورد النَّص بِالْقبُولِ، واستبقينا أصل الِامْتِنَاع فِيمَا عدا صُورَة الْمُسْتَثْنى، وَلم يستفد حكم (فَسَاد) نِكَاح الْأمة من مَدْلُول الْآيَة بل الأَصْل الِامْتِنَاع، فَإِن الْآدَمِيَّة تنَافِي ملكي الْيَمين وَالنِّكَاح. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فانكحوا مَا طَابَ لكم} ، وَقَوله: (وَأحل لكم مَا

وَرَاء ذَلِكُم} . وَجه الدَّلِيل: أَنَّهَا لَيست من الْمُحرمَات وَقد دخلت تَحت عُمُوم (مَا طَابَ لكم) . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نِكَاح الْأمة أُبِيح للضَّرُورَة، فَلَا يجوز عِنْد عدمهَا، دَلِيل الدَّعْوَى أَن فِيهِ تَعْرِيض الْوَلَد للرق وَيجب على الْمَرْء صِيَانة جزئه عَن الرّقّ وَهُوَ مستغن عَن نِكَاح الْأمة، فَلَا تحل لَهُ كَمَا لَو كَانَت فِي نِكَاحه حرَّة. لَهُم: محللة للأزواج نِكَاحا فَجَاز تَزْوِيجهَا، وَإِن لم يعجز. دَلِيل الدَّعْوَى: الْآيَة، وَكَونهَا أُنْثَى آدمية وَمحل مُتَصَوّر النِّكَاح من قَضَاء الشَّهْوَة وَطلب الْوَلَد، وَلَو قَالَ السَّيِّد لعَبْدِهِ: تزوج حرَّة أَو أمة جَازَ لَهُ الْأمة. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: صون الْوَلَد عَن الرّقّ نوع نظر لَيْسَ بَعيدا عَن مناهج الشَّرْع. قَالُوا كَيفَ يمْنَع النِّكَاح لفَوَات صفة الْحُرِّيَّة فِي الْوَلَد وَلَو نكح عقيما أَو رتقاء جَازَ مَعَ فَوَات الْوَلَد؛ وَذَلِكَ لِأَن الْوَلَد من ثَمَرَات النِّكَاح، فَلَا تتَوَقَّف صِحَة الأَصْل عَلَيْهِ. الْجَواب: الْعَقِيم والرتقاء لَيْسَ فِيهِ إِلَّا عدم الْوَلَد، وَذَلِكَ غير مَحْذُور، لَكِن الْحُصُول على وصف فَاسد مَحْذُور، وَلذَلِك يجوز الِامْتِنَاع عَن الْوَطْء وَفِيه عدم الْوَلَد، وَلَا يجوز وَطْء الْمُعْتَدَّة حذرا من خلط النّسَب، قَالُوا: إِذا نكح حرَّة وَتَحْته أمة جَازَ لَهُ أَن يَطَأهَا، وَإِن كَانَ مرقا لوَلَده، قُلْنَا: الْعلَّة منتصبة لنفي نِكَاح المستغني، فَلَا يرد هَذَا عَلَيْهِ نقصا لِأَن الشَّرَائِط تعْتَبر لابتداء الِانْعِقَاد وَقد منع الْمُزنِيّ هَذِه الْمَسْأَلَة، الْجَواب عَن الْمَنْقُول: أما قَوْله تَعَالَى: {فانكحوا مَا طَابَ لكم} ، أَرَادَ مَا حل وَفِيه النزاع، وَلَفظ النِّسَاء لَا يتَنَاوَل الْإِمَاء وَالْمرَاد نِكَاح الْحَرَائِر بِدَلِيل قَوْله: {مثنى وَثَلَاث وَربَاع} ، أما قَوْله: {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} فَهُوَ اسْتثِْنَاء عَن الْمُحرمَات بِأَسْبَاب

إضافية بَين الناكح والمنكوحة كالرضيع وَالرّضَاع، فَأَما الْمُحرمَات بأوصاف ذاتية كالكفر وَالرّق فَلم يذكرن. قَالَ الثَّوْريّ: إِن خَافَ الْعَنَت جَازَ لَهُ نِكَاح أمة وَإِن وجد طول حرَّة. قَالَ بعض أهل الْمَدِينَة: من عشق أمة وَخَافَ على نَفسه الْعَنَت بهَا جَازَ أَن ينْكِحهَا وَإِن كَانَ تَحْتَهُ حرَّة. حَكَاهُ الْقفال. قَالَ الْمُزنِيّ: إِن وجد طول بعد نِكَاح الْأمة انْفَسَخ نِكَاحهَا.

المسألة الثامنة والثلاثون بعد المائتين رلح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلح.) نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة. الْمَذْهَب: لَا تحل لمُسلم. عِنْدهم: تحل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} ، وَذَلِكَ تَقْيِيد بعد إِطْلَاق؛ لِأَن لَفْظَة (الفتيات) تتَنَاوَل المؤمنة والكافرة لكنه اسْتِدْرَاك بعد إِطْلَاق وَقيد بِذكر الْإِيمَان فَجرى مجْرى الشَّرْط كَمَا لَو قَالَ: أصرف مَالِي إِلَى الْعلمَاء الْفُقَرَاء، وَقَالَ تَعَالَى: {والطيبات للطيبين} . لَهُم: ... ... ... ... ... ...

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الأَصْل الْمَنْع من نِكَاح الْإِمَاء إِلَّا مَا اسْتثْنِي فَيجب رِعَايَة قيد الْإِيمَان فِيهِ، وَالْأَصْل امْتنَاع النِّكَاح بَين الْكفَّار وَالْمُسْلِمين؛ لِأَن مُعظم مَقَاصِد النِّكَاح لَا تتمّ بَينهم والمباينة ظَاهِرَة والنصوص فِي النَّهْي عَن مقارنتهم كَثِيرَة، وَإِنَّمَا اسْتثْنِي من ذَلِك صُورَة وَاحِدَة لمصْلحَة فَبَقيت فِي الْبَاقِي على الأَصْل. لَهُم: امْرَأَة لَو كَانَت حرَّة يحل نِكَاحهَا، فَكَذَلِك إِذا كَانَت أمة كالمسلمة، أَو امْرَأَة لَو كَانَت مسلمة يحل نِكَاحهَا، فَكَذَلِك إِذا كَانَت كِتَابِيَّة قِيَاسا على الْحرَّة؛ ذَلِك لِأَن الْأُنُوثَة مَحل النِّكَاح وَالْكفْر غير مَانع بِدَلِيل الْحرَّة، فَإِذا تمهدت الْمَحَلِّيَّة وانتفى الْمَانِع جَازَ النِّكَاح. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: لَا يخفى أَن الْعلَّة إِذا كَانَت ذَات وصفين لَا يمْنَع كل وَاحِد مِنْهُمَا مُفردا

وَهَذَا جَوَاب قَوْلهم: أَن الْأمة يجوز نِكَاحهَا، والحرة الْكِتَابِيَّة يجوز نِكَاحهَا، وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَن الرّقّ وَالْكفْر كل وَاحِد مِنْهُمَا على حَاله يُوجب امْتنَاع النِّكَاح أصلا، وَحَيْثُ شرع نِكَاح الرقيقة أَو الْكَافِرَة كَانَ رخصَة على خلاف الأَصْل والرخص لَا تتعدى مواردها بشرع الرُّخْصَة عِنْد قيام أصل وَاحِد مَانع من المرخص فِيهِ لَا يلْزم شرعها عِنْد اجْتِمَاع أصلين مانعين، وَلِهَذَا قَالَ الْأَصْحَاب: الْأمة الْكِتَابِيَّة اعتورها النُّقْصَان. أَبُو ثَوْر: يحل نِكَاح الْمَجُوس.

قَالَ ابْن عَبَّاس: نِكَاح الْأمة خير من الاستمناء وَهُوَ خير من الزِّنَى. الإمامية: تحد المستمني على يَده. رخص فِيهِ ابْن دِينَار.

المسألة التاسعة والثلاثون بعد المائتين رلط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رلط.) الْكَافِر إِذا أسلم عَن أُخْتَيْنِ أَو أَكثر من أَربع نسْوَة. الْمَذْهَب: يخْتَار الْعدَد الْمَشْرُوع ويندفع نِكَاح الْبَاقِيَات. عِنْدهم: يتدافع نِكَاحَيْنِ إِن كَانَ فِي عقد وَاحِد وَلَا يَصح مَا سبق. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: أسلم غيلَان بن سَلمَة عَن عشر نسْوَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " اختر أَرْبعا مِنْهُنَّ، وَفَارق سائرهن "، وَأسلم الْحَارِث بن قيس عَن

ثَمَان نسْوَة فَأمره أَن يخْتَار أَرْبعا وَيُفَارق أَرْبعا، قَالَ: ففارقت أقدمهن صُحْبَة، وَأسلم فيزور الديلمي عَن أُخْتَيْنِ فَقَالَ لَهُ: " اختر وَاحِدَة وَفَارق الْأُخْرَى ". لَهُم: ... ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أنكحة الْكفَّار وَقعت على الصِّحَّة وطرى تَحْرِيم الْبَقَاء على الْجمع، فَإِذا أبطلنا نِكَاح إِحْدَاهمَا أَزَال الْجمع، دَلِيل صِحَة أنكحتهم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " ولدت من نِكَاح لَا من سفاح "، ثمَّ لَو كَانَت الْخَامِسَة أَو إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَأسلم بَقِي النِّكَاح. لَهُم: الْمحرم الْجمع وَهُوَ بعد الْإِسْلَام جَامع بَين الْأُخْتَيْنِ وَالْخمس، تَأْثِيره أَن الْجمع فعل ينْطَلق على بَقَاء الْمَجْمُوع كَمَا ينْطَلق على ابْتِدَائه فبقاء الْمَجْمُوع كابتدائه حكما؛ لِأَنَّهُ لَو حلف لَا يلبس فاستدام حنث، فَإِذا كَانَ جَامعا بعد الْإِسْلَام حرم الْجَمِيع كابتداء الْجمع. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " اختر أَرْبعا مِنْهُنَّ وَفَارق سائرهن " يدْفع قَوْلهم: إِنَّه أمره بِالِاخْتِيَارِ، وَعين الْعدَد الْمُخْتَار وَلم يعين الْفِعْل الَّذِي بِهِ الِاخْتِيَار لِأَن هَذَا لَا يلائم مَذْهَبهم فعندهم لَا اخْتِيَار لَهُ إِن نكحوا على التَّعَاقُب، فَإِنَّهُ يَصح الْأَوَائِل، وَإِن نكحوا مَعًا بَطل الْجمع بقوله عَلَيْهِ السَّلَام: " اختر أَرْبعا مِنْهُنَّ "، وَتَعْيِين الْعدَد يدْفع هَذَا الْوَهم، ثمَّ اخْتِيَار ابْتِدَاء النِّكَاح فِي أَربع على رَأْيهمْ إِنَّمَا يكون إِذا نكحن دفْعَة وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام لم يستفصل وَتَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة لَا يجوز، وَلَا ندعي أَنه عَلَيْهِ السَّلَام علم مَوَاقِيت أنكحته، فَهَذَا مُسْتَحِيل، كَيفَ وَقد قَالَ: فعمدت إِلَى أقدمهن

صُحْبَة ففارقتها، وَالْفِقْه أَن دفع النِّكَاح بعد الْإِسْلَام شرع ضَرُورَة، والضرورة تنْدَفع برد أحد النكاحين، فَلَا حَاجَة إِلَى رد الآخر، ذَلِك ليرغب الْكَفَّارَة فِي الْإِسْلَام وليمتنع من كل مَا يتَضَمَّن تنفيرا، وَلذَلِك مَا أَخَذْنَاهُم بِمَا صدر مِنْهُم قبله، وَلَا نسلم أَنه جَامع بَين الْأُخْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أسلم انْدفع أحد النكاحين، وَالْخطاب عندنَا يلاقي الْكفَّار، فَإِذا نكح أُخْتَيْنِ لم ينْعَقد النكاحان جَمِيعًا.

المسألة الأربعون بعد المائتين رم

(الْمَسْأَلَة الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رم.) إِذا ارْتَدَّ بعد ارتداد زَوجته؟ الْمَذْهَب: لم ينْدَفع فسخ النِّكَاح. عِنْدهم: ينْدَفع. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... . لَهُم: حَدِيث الرِّدَّة أَن الصّديق أقرهم على أنكحتهم، وَلَا يلْزم على هَذَا احْتِمَال اخْتِلَاف الْأزْوَاج فِيمَا بَينهم فِي الرِّدَّة، فَإِن ذَلِك لَا طَرِيق إِلَى تعرفه فَيقدر أَنهم توافقوا جَمِيعًا وَصَارَ الْأَقَارِب الْمَوْتَى بغرق لَا يُورث بَعضهم من بعض وَيقدر مَوْتهمْ مَعًا، وَلَو ادعينا الْإِجْمَاع فِي حَادِثَة الرِّدَّة لساغ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

ردة الْمَرْأَة تفوت محلية الْحل فِي حق الْمُسلم، وَالْمُرْتَدّ مؤاخذ بِجَمِيعِ علائق الْإِسْلَام، وَلذَلِك منع من وَطْء الْمُرْتَدَّة وَمن ابْتِدَاء نِكَاحهَا ويستحيل أَن يُضَاف إِلَى اخْتِلَاف الدّين؛ لِأَنَّهُ يجوز للْمُسلمِ نِكَاح الذِّمِّيَّة، فَدلَّ على أَن الرِّدَّة فوتت محلية الْحل وَلذَلِك حرم وَطْؤُهَا بِملك الْيَمين أَيْضا على الْمُرْتَد. لَهُم: لم يختلفا دينا وَلَا دَارا فَلم تقع الْفرْقَة كَمَا لَو أسلما، وَذَلِكَ لِأَن النِّكَاح يَنْفَسِخ عِنْد ردتها باخْتلَاف الدّين، وَكَذَلِكَ يَنْفَسِخ بردة الزَّوْج إِذا انْفَرد، وَأما الِابْتِدَاء، فَإِنَّهُ لم ينْعَقد لتَحْرِيم الْوَطْء كَمَا لَا ينْعَقد نِكَاح الْمُعْتَدَّة، ودوام النِّكَاح لَا يَنْقَطِع بالعدة. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: قَوْلهم: تَحْرِيم الْوَطْء يمْنَع الِابْتِدَاء وَلَا يمْنَع الدَّوَام كالعدة بَاطِل؛ فَإِن كل مَا يُوجب تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا يقطع الدَّوَام وَيدْفَع الِابْتِدَاء كالرضاع، فَإِن فرقوا بِأَن الرِّدَّة يتَوَقَّع انقطاعها بَطل بِالْملكِ بِجِهَة الشِّرَاء، فَإِنَّهُ يتَوَقَّع انْقِطَاعه بِالْفَسْخِ وَغَيره، وَمَعَ ذَلِك قطع الدَّوَام، فَإِن قَالُوا: لَا نسلم قطع ابْتِدَاء النِّكَاح وَلَا نحرم الْوَطْء، قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا مذهبا لأبي حنيفَة. الْجَواب عَن حَدِيث الرِّدَّة، أَن الصّديق رَضِي اللَّهِ عَنهُ بنى على جَرَيَان ذَلِك بعد الْمَسِيس وَالْعود قبل مُضِيّ الْعدة، أَو لَعَلَّه نبه على إِعَادَة النِّكَاح وَلم ينْقل، أَو لَعَلَّه رأى ذَلِك رَأيا وَنحن نخالفه، ونقول: هما مُخْتَلِفَانِ فِي الدّين حكما، وَإِن اتحدا صُورَة؛ لِأَن أَحْكَام الْإِسْلَام بَاقِيَة فِي حق الْمُرْتَد لم يعطل تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَلَا يجوز أَن يَسْتَفِيد بردته مَقْصُوده، وَلِهَذَا يلْزم قَضَاء الصَّلَوَات بِخِلَاف الْكَافِر الْأَصْلِيّ.

لوحة من المخطوطة أ

(لوحة 60 من المخطوطة أ:) إِذا زوج أمته من عَبده بِمِائَة وَقيمتهَا مائَة وَهُوَ يملك مائَة أُخْرَى لَا مَال لَهُ سوى ذَلِك وَأعْتق الْأمة أَو أوصى بِعتْقِهَا لم يكن لَهَا أَن تخْتَار (فرقة الزَّوْج قبل الدُّخُول؛ لِأَن ذَلِك يسْقط) الْمهْر فَلَا يخرج من الثُّلُث وَإِذا لم يخرج من الثُّلُث لم ينفذ الْعتْق فِي جَمِيعهَا وَإِذا لم تعْتق جَمِيعهَا لم يثبت لَهَا خِيَار فجر ثُبُوت الْخِيَار لَهَا إِسْقَاطه فَسقط الْخِيَار وَثَبت الْعتْق. وَاعْلَم أَن خِيَار الْمُعتقَة فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال: على الْفَوْر، تراخي ثَلَاثَة أَيَّام مَا لم يَمَسهَا باختيارها، إِذا قَامَت فَإِن كَانَ قد سمى لَهَا صَدَاقا فَهُوَ للسَّيِّد، وَإِن كَانَت مفوضة فَإِن كَانَ دخل بهَا قبل الْعتْق فالصداق للسَّيِّد، رُوِيَ أَن عُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ حضر عقد ملاك وَتَوَلَّى الْخطْبَة ومقدمات العقد ثمَّ قَالَ: اعقدوا فَإنَّا قوم حرم وروى عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " الْمحرم لَا ينْكح وَلَا ينْكح "، وَعمل عُثْمَان بِالْحَدِيثِ يمْنَع من تَأْوِيل الحَدِيث

بِحمْل النِّكَاح على الْوَطْء، فعلى هَذَا نِكَاح الْمحرم وإنكاحه بَاطِل خلافًا لَهُم، وتعلقوا بِمَا روى ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نكح محرما، قُلْنَا: روى الْأَصَم وَهُوَ عَتيق مَيْمُونَة أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نكح مَيْمُونَة بسرف وهما حلالان، قَالَ الشَّافِعِي: كَانَ ابْن عَبَّاس يعْتَقد أَنه من قلد الْهَدْي وَأَشْعرهُ فقد أحرم من غير تَلْبِيَة وَطواف، فَلَعَلَّهُ رأى ذَاك من رَسُول اللَّهِ وَأطلق لَفظه بِنَاء على اعْتِقَاده، ثمَّ النِّكَاح مَحل خَصَائِص

النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى صَحَّ من غير ولي وَبلا شُهُود وَبِغير مهر، فَكيف يتْرك نَصه الصَّرِيح بِخَاصَّة ثبتَتْ لَهُ، وَالْقِيَاس ظَاهر من جانبهم؛ لِأَن الْإِحْرَام عبَادَة والعبادات لَا تمنع النِّكَاح وَإِن منع بَعْضهَا الْوَطْء، وَغَايَة مَا يتَكَلَّف لنا أَن الْإِحْرَام يمْنَع استحلال الْوَطْء فَمنع النِّكَاح كالعدة؛ لِأَن مَقْصُود شرع النِّكَاح حل الْوَطْء فَإِذا لم يكن تَحْقِيقه عقيب العقد لم يجز شَرعه فِي الْحَال كالعدة، وَيُخَالف الصَّوْم وَالِاعْتِكَاف؛ فَإِن التخلي عَنْهُمَا بعد التَّلَبُّس بهما مُمكن، إِذا قَالَ: زَوجتك بِنْتي على أَن تزَوجنِي بنتك وَيكون مهر كل وَاحِدَة مِنْهُمَا كَذَا وَكَذَا سَوَاء اتّفق المهران أَو اخْتلفَا فَإِن هَاهُنَا لَا يكون شغارا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تشريك وَيكون النكاحان صَحِيحَيْنِ وَالْمهْر فَاسد؛ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ سمى مهْرا جَائِزا إِلَّا أَنه شَرط نِكَاح إِحْدَاهمَا فِي نِكَاح الْأُخْرَى، وَذَلِكَ لَا يلْزم وَإِذا لم يلْزم وَجب أَن يرد الْمهْر إِلَى مَا حصل من الْمُحَابَاة لأَجله وَذَلِكَ مَجْهُول، ففسد الْمهْر دون العقد، وَصَارَ كَمَا لَو قَالَ: بِعْتُك هَذِه السّلْعَة بِأَلف على أَن تبيعني سلعتك، فَإِن البيع فَاسد؛ لِأَنَّهُ شَرط شرطا فَاسِدا يعود بِجَهَالَة الثّمن، إِلَّا أَن فِي البيع إِذا فسد الثّمن فسد العقد بِخِلَاف النِّكَاح فَإِن قَالَ: زَوجتك بِنْتي وَيكون بضع بِنْتي مهْرا لبنتك بَطل نِكَاح بنت الْمُوجب؛ لِأَنَّهُ شرك فِي بَعْضهَا وَلم يفْسد نِكَاح الْأُخْرَى.

المسألة الحادية والأربعون بعد المائتين رما

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رما.) إِذا ارْتَدَّ أحد الزَّوْجَيْنِ بعد الدُّخُول. الْمَذْهَب: لم تنتجز الْفرْقَة وَتوقف على انْقِضَاء الْعدة. عِنْدهم: تنتجز قبل الْمَسِيس. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . . لَهُم: ... ... ... ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

اخْتِلَاف دين طرى على نِكَاح صَحِيح متأكد بِالدُّخُولِ فَجَاز أَن يبْقى مَعَه النِّكَاح كَمَا إِذا أسلم أَحدهمَا، ذَلِك لِأَن النِّكَاح مِمَّا يتشوف الشَّرْع إِلَى إثْبَاته لإِقَامَة النَّوْع الْإِنْسِي. لَهُم: الرِّدَّة تنَافِي النِّكَاح فَبَطل، ذَلِك لِأَن النِّكَاح وصلَة، وَالرِّدَّة تقطع الْوَصْل والعصمة، وَلِهَذَا حرم الِاسْتِمْتَاع لَا إِلَى غَايَة، وَلَا بَقَاء للنِّكَاح مَعَ الْمنَافِي. مَالك: رِوَايَتَانِ. أَحْمد: ق. التكملة: جَوَاب من يَقُول: الرِّدَّة مُنَافِيَة للنِّكَاح أَن نقُول: الْمنَافِي إِمَّا ضد الْمَعْنى الَّذِي ثَبت لَهُ ذَلِك الحكم، وَإِمَّا مُبْطل الْمَعْنى، وَالرِّدَّة ضد الْإِسْلَام لَا ضد الْحل (فَإِن الْحل) لم يكن ثَابتا بِالْإِسْلَامِ بِدَلِيل الْكَافرين، وَإِن نَظرنَا إِلَى الْإِبْطَال بِالرّدَّةِ فالردة لم تبطل الإنسانية والذكورية والأنوثية الَّتِي تثبت الْأَهْلِيَّة والمحلية، نعم هِيَ مَانِعَة للنِّكَاح، وَالْمَانِع يَنْقَسِم إِلَى مؤبد كالرضاع

والصهر وهما يمنعان ابْتِدَاء النِّكَاح ودوامه، وَمُطلق يُرْجَى زَوَاله، وَإِن لم يتَعَيَّن وقته كالعدة، وَهِي تمنع الِابْتِدَاء دون الدَّوَام، فَإِذا عرف هَذَا فالردة تَنْقَسِم إِلَى مَا يصدر عَن كفر مُسْتَقر فِي الْقلب يبْقى طول الْعُمر غَالِبا، وَإِلَى وسواس يَزُول، فألحقنا ردة الْعُمر بِالرّضَاعِ وردة الوسواس بالعدة.

المسألة الثانية والأربعون بعد المائتين رمب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمب.) إِذا هَاجر الْحَرْبِيّ إِلَيْنَا بِذِمَّة مُؤَكدَة. الْمَذْهَب: لم يَنْقَطِع نِكَاحه. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {أَو من كَانَ مَيتا} ، وَمَا شابهها من آيَات الْكتاب الْعَزِيز. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: اخْتِلَاف الدَّار لَا يَنْبَغِي أَن يكون مؤثرا فِي الْقطع كَمَا لَو دخل الْمُسلم

دَار الْحَرْب، وفقهه أَن ذَلِك يرجع إِلَى تبَاين الأصقاع وَذَلِكَ لَا أثر لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يزِيد على الدّين، وَاخْتِلَاف الدّين لَا أثر لَهُ. لَهُم: الْكَافِر ميت حكما بِدَلِيل الْكتاب؛ لِأَن من فَاتَ مِنْهُ مَا خلق لَهُ وَجحد الصَّانِع سقط تقومه وزالت عصمته فَصَارَ مَيتا، وَالنِّكَاح عماد وصلَة يَقْتَضِي السكن والألفة وَذَلِكَ يَزُول باخْتلَاف الدَّار. ويتأيد بالحربي المسبي، فَإِن نِكَاحه يَنْقَطِع وَلَيْسَ ذَلِك لرقه فالرق لَا يُنَافِي النِّكَاح. مَالك: أَحْمد: التكملة: قَالُوا: العَبْد إِذا هَاجر إِلَيْنَا انْقَطع عَنهُ ملك السَّيِّد فلينقطع ملك الزَّوْج إِذا هَاجَرت الزَّوْجَة. قُلْنَا: فِيهِ خلاف، وَقد قيل: لَا يَنْقَطِع، فَإِن منع فينقلب عَلَيْهِم، فَإِن السَّيِّد لَو هَاجر لم يَنْقَطِع ملكه عَن العَبْد، وَالزَّوْج بمثابته، وَالسَّبَب فِيهِ أَن ملك السَّيِّد ملك يَمِين فثبتت على الْمَمْلُوك يَد الِاسْتِيلَاء مَقْصُودا، وَإِن ملك النِّكَاح لَا ينْدَرج تَحت الِاسْتِيلَاء، فَلذَلِك

لم يَنْقَطِع باستيلاء الْمَرْأَة على نَفسهَا. ثمَّ الذِّمِّيّ عندنَا حر لَا حجر عَلَيْهِ مَتى شَاءَ الِانْصِرَاف لزمنا أَن نبلغه مأمنه، والباعث على عوده إِلَى دَاره الْكفْر، فَإِذا اجْتمعت الْمقدرَة والباعث وَلَا مَانع فَكيف يلْحق بالموتى؟ ، ويتأيد كلما قدمْنَاهُ بِمَا إِذا هَاجر الْمُسلم إِلَى دَار الْحَرْب وقطن، فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِع نِكَاحه عَن زَوْجَاته المخلفات عندنَا. والحرف: أَن الدَّار لَا تصلح لفسخ النِّكَاح عندنَا، وَعِنْدهم تصلح.

المسألة الثالثة والأربعون بعد المائتين رمح

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمح.) إِذا عتقت الْأمة تَحت حر. الْمَذْهَب: لَا خِيَار لَهَا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عتقت بَرِيرَة تَحت عبد يُقَال لَهُ: مغيث فَخَيرهَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَت عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا: وَلَو كَانَ زَوجهَا حرا لما خَيرهَا، وَنقل أَن عَائِشَة قَالَت لَهَا: " إِن شِئْت أَقمت تَحت العَبْد " هَذَا الْمَنْقُول خرجه مُسلم،

ومنقولهم مَوْقُوف على الْأسود. لَهُم: رُوِيَ أَن بَرِيرَة عتقت تَحت عبد فَخَيرهَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ: " ملكت نَفسك فاختاري "، فَلَو كَانَ حرا لما خَيرهَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تبدلت حَالَة تنَاولهَا عقد النِّكَاح بِحَالَة تنَاوله عقد النِّكَاح، فَلَا يثبت لَهَا الِاخْتِيَار كَمَا لَو كَانَت مَرِيضَة فبرئت، دَلِيل ذَلِك أَنَّهَا لَو اخْتَارَتْ لم يحْتَج إِلَى عقد، وتحقيقه أَن الْمُسَاوَاة بَين الزَّوْجَيْنِ توجب قرارا وتأكيدا. لَهُم: بِالْعِتْقِ ازْدَادَ ملك الزَّوْج عَلَيْهَا؛ لِأَن ملك الْحل فِي الْأمة على النّصْف من الْحرَّة فَثَبت لَهَا دفع الزِّيَادَة.

مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: عبارَة ملك مَعْصُوم فَلَا يجوز إِبْطَاله إِلَّا بِسَبَب من الْمَالِك كملك الْيَمين، وَذَلِكَ؛ لِأَن حق الزَّوْج كَامِل فِي زَوجته الْأمة لَكِن منع من اسْتِيفَاء بعضه لقِيَام حق السَّيِّد وضيق الْمحل عَن الْوَفَاء بِالْجَمِيعِ، أَلا ترى أَنه لَو ظفر بالجارية فِي نوبَة السَّيِّد حل لَهُ مِنْهَا مَا يحل فِي نوبَته، فَإِذا زَالَت الزحمة حصلت لَهُ، وَهَذَا يُنَاسب تَقْرِير النِّكَاح لَا إِبْطَاله. ثمَّ هم المطالبون بِمَا يُوجب الْخِيَار حَيْثُ لَا نَص فِيهِ، وَالْفِقْه فِيهِ أَن السَّيِّد عقد بولايته وعقده للْأمة وَلِهَذَا لَا يَصح أَن يلْزمهَا بِالتَّزْوِيجِ من مجبوب وَإِن ألزمها البيع من مجبوب فَصَارَ كَالْأَبِ إِذا زوج الصَّغِيرَة، وروايتهم " ملكت نَفسك فاختاري " زِيَادَة فِي الحَدِيث لم تثبت، وَلَو صَحَّ فَمَعْنَاه: ملكت الْخِيَار فاختاري. والحرف أَن فسخ النِّكَاح تَحت العَبْد مُسْتَنده إِضْرَار ينشأ من نقص الزَّوْج هَذَا عندنَا أَنَّهَا ملكت نَفسهَا أَو تجدّد لَهَا (ملك أَو تجدّد) زِيَادَة ملك عَلَيْهَا.

المسألة الرابعة والأربعون بعد المائتين رمد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمد.) يَنْفَسِخ النِّكَاح بالعيوب الْخمس. الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: لَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ} ، وَجه الدَّلِيل: التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَيْنِ فِي الْحُقُوق، وَالزَّوْجَة تفسخ بالجب والعنة، فليفسخ الزَّوْج بالرتق والقرن. لَهُم: ... ... ... ...

الدليل من المعقول

(الدَّلِيل من الْمَعْقُول:) لنا: النِّكَاح إِثْبَات حق فِي مَحل بعوض فإطلاقه يَقْتَضِي سَلامَة حق الِاسْتِمْتَاع وَالْمحل وَالْمَنَافِع، وكل حق ثَبت بِعقد جَازَ إِبْطَاله بِرَفْع العقد؛ لِأَن الْمحل كَانَ خَالِيا ثمَّ اشْتغل فأعيد إِلَى الأَصْل، ويتأيد بِخِيَار الْعتْق. لَهُم: عقد النِّكَاح لَا يقبل الْفَسْخ، دَلِيل الدَّعْوَى عدم الْإِقَالَة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْوَطْء مُسْتَحقّ لَهما لتحصين الدّين، فَإِن أثبتنا الْمُطَالبَة للزَّوْج دونهَا فَاكْتفى بداعية طبعها عبارَة: ضَرَر ينشأ من فَوَات مَقْصُود العقد يشرع دَفعه بِدفع أصل العقد كَمَا لَو كَانَ فِي البيع، وَتَقْرِيره أَن من زوج أمته من شخص وباعها من غَيره وَخرجت رتقاء فقد وجد لكل وَاحِد مِنْهُمَا عقد هُوَ

السَّبَب وَملك هُوَ الحكم ملك الْيَمين للْمُشْتَرِي وَملك النِّكَاح للزَّوْج والذات تقبل الْملك من وَجْهَيْن، ثمَّ ثَبت الْخِيَار للْمُشْتَرِي دفعا للضَّرَر، فَكَذَلِك الزَّوْج وَطَرِيق دفع الضَّرَر رفع العقد وَإِن أمكن الزَّوْج بِالطَّلَاق فَكَذَلِك يُمكن المُشْتَرِي بِالْبيعِ، وفقهه: أَن فَوَات الْمَقْصُود الْخَاص بِالْعُقُودِ تَقْتَضِي بُطْلَانهَا، وَحَقِيقَة الْفَسْخ لَيْسَ نقل أَمْلَاك وأعيان لَكِن إِعَادَة مَا كَانَ على مَا كَانَ، وَلِهَذَا صَحَّ الْفَسْخ فِي السّلم، وَلَيْسَ الدَّاعِي إِلَى الْفَسْخ فِي البيع خُصُوص وصف المَال بل الْعُمُوم الضَّرَر، وَسبب الْفَسْخ لَيْسَ العقد كَمَا ظنوه لَكِن يخْتَلف الْمَقْصُود، وَبِالْجُمْلَةِ: النِّكَاح عندنَا قَابل للْفَسْخ خلافًا لَهُم.

المسألة الخامسة والأربعون بعد المائتين رمه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمه.) نِكَاح الشّغَار. الْمَذْهَب: بَاطِل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: نهى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن نِكَاح الشّغَار.

لَهُم: ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تعلل الْبطلَان بِالتَّعْلِيقِ حَتَّى لَو ترك الصِّيغَة الْأَخِيرَة صَحَّ العقد فَنَقُول: أضَاف الْبضْع إِلَى الزَّوْج وَإِلَى ابْنة الزَّوْج سَوَاء قَدرنَا الْإِضَافَة على الشَّرِيك أَو يكمل كل وَاحِد مِنْهُمَا، فَإِذا لم تكمل الْإِضَافَة للزَّوْج لم يفد الْحل؛ لِأَن الأَصْل فِي الأبضاع الْحُرْمَة، فَصَارَ كإضافته إِلَى رجلَيْنِ. لَهُم: أضَاف الْبضْع من يملك وَهُوَ الزَّوْج إِلَى من لَا يملك وَهُوَ ابْنَته فصح فِي حق من يملك كَمَا لَو أوصى لزيد وللرياح، أَو زَوجهَا من زيد وَمن الْحَائِط، وغايته أَنه شَرط شرطا فَاسِدا وَالنِّكَاح لَا يبطل بِالشّرطِ الْفَاسِد

كَمَا لَو شَرط أَن لَا يتسرى عَلَيْهَا. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: إِن قيل: قد اخْتلفت الْإِضَافَة، فَإِنَّهُ أضَاف إِلَى الزَّوْج ملك النِّكَاح وَإِلَى ابْنَته ملك الْيَمين فَكَانَت كل إِضَافَة كَامِلَة، فَالْجَوَاب: انقسام الْملك إِلَى نِكَاح وَيَمِين ينشأ من الْمحل، وَإِلَّا حَقِيقَة التَّمْلِيك وَاحِد كتمليك الْعين وتمليك الْمَنْفَعَة، فصح أَن الْإِضَافَة إِلَيْهِمَا من جِهَة وَاحِدَة، والتعدد أورث نقصا فِي كل وَاحِد فتقاعد عَن اقْتِضَاء حكمه، والحرف أَنه أضَاف بضع ابْنَته إِلَى الزَّوْج وَإِلَى ابْنَته فبطلت الإضافتان، وَعِنْدهم أضَاف إِلَى

الزَّوْج حسب.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

كتاب الصداق

(كتاب الصَدَاق)

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

كتاب الصداق

(كتاب الصَدَاق) (لوحة 61 من المخطوطة أ:) قَالَ عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ: لَا تغَالوا فِي صدقَات النِّسَاء مَا يبلغنِي أَن أحدا سَاق أَكثر مِمَّا سَارِق رَسُول اللَّهِ إِلَّا جعلت الْفضل فِي بَيت المَال فَاعْتَرَضتهُ امْرَأَة، وَقَالَت: كتاب اللَّهِ أَحَق أَن يتبع، يُعْطِينَا اللَّهِ ويمنعنا ابْن الْخطاب! فَقَالَ: أَيْن؟ قَالَت: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} ، فَقَالَ عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ: كل النَّاس أفقه من عمر. وروى أَن مهر أم كُلْثُوم ابْنه

على أَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم، وَالْمُسْتَحب تَخْفيف الْمهْر قَالَت عَائِشَة: كَانَ صدَاق النَّبِي لزوجاته اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة من الذَّهَب ونشا، وَيجوز أَن يَتَزَوَّجهَا على أَن يعلمهَا الْقُرْآن خلافًا لَهُم، ويكرهه أَحْمد وَمَالك (وَإِذا وهبت صَدَاقهَا قبل الدُّخُول فقد عفت عَن النّصْف فَإِن كَانَ بَاقِيا فِي ذمَّة الزَّوْج صَحَّ وَلم يفْتَقر هبة الْعين، وَوجه كَونه لَا يفْتَقر إِلَى الْقبُول: أَنه إِبْرَاء أَو إِسْقَاط كإسقاط الْقصاص وَالشُّفْعَة، وَإِذا عفت الْمَرْأَة، وَكَانَ الصَدَاق عينا احْتَاجَ إِلَى الْقبُول، لِأَنَّهُ تمْلِيك لَا يَصح بِلَفْظ الْإِبْرَاء. مَسْأَلَة: إِذا تلف الصَدَاق قبل الْقَبْض وَجب الرُّجُوع إِلَى مهر الْمثل فِي الْجَدِيد، وَإِلَى الْقيمَة فِي الْقَدِيم، ومذهبهم لنا أَنه عوض معِين، فَإِذا تلف

قبل الْقَبْض وَتعذر الرُّجُوع إِلَى المعوض وَجب الرُّجُوع إِلَى قيمَة الْعِوَض كَمَا إِذا اشْترى عبدا بِجَارِيَة وَقبض العَبْد وَهلك فِي يَده ثمَّ مَاتَت الْجَارِيَة قبل الْقَبْض. مَسْأَلَة: الزِّيَادَة فِي الصَدَاق لَا تلْحق بِالْعقدِ خلافًا لَهُ. لنا: أَن مَا لَا يَتَّصِف بِالطَّلَاق قبل الدُّخُول لَا يسْتَقرّ مهْرا بِالدُّخُولِ كَالْخمرِ وَالْخِنْزِير، قَوْلهم: إِن بعد العقد حَالَة يملكَانِ فِيهَا التَّصَرُّف فِي النِّكَاح بِالطَّلَاق وَالْفَسْخ فَجَاز لَهما التَّصَرُّف فِي الزِّيَادَة على الْمهْر كحالة العقد لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ إِذا ذكر حَالَة العقد فقد بذل فِي مُقَابلَة مَا لَا يملكهُ وَهَاهُنَا بذل فِي مُقَابلَة ملكه فَصَارَ كَمَا لَو اشْترى مَاله من وَكيله. مَسْأَلَة: إِذا طلق المفوضة بعد الدُّخُول وَجب لَهَا الْمُتْعَة فِي الْجَدِيد خلافًا لَهُم. لنا: أَنَّهَا مُطلقَة لم تحصل على مَال مُجَرّد عَن مُقَابلَة الْإِتْلَاف، فَوَجَبَ لَهَا الْمُتْعَة كالمفوضة قبل الدُّخُول، وَلَا يُقَال: فِيمَا قستم عَلَيْهِ عري نِكَاحهَا عَن الْمهْر فشرع لَهَا الْمُتْعَة، وَهَاهُنَا لم يعر عَن الْمهْر فَصَارَ كَمَا لَو سمى

لَهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول، وَالْجَوَاب أَن وجوب الْمهْر لَا يمْنَع من وجوب أَمر آخر كَمَا منع من النَّفَقَة وَالسُّكْنَى، وَأما الْمُسَمّى لَهَا إِذا طَلقهَا قبل الدُّخُول فَمن أَصْحَابنَا من لم يسلم على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَإِن سلمنَا فَالْمَعْنى فِيهِ أَنه حصل لَهَا مَال فِي مُقَابلَة الابتذال بِالْعقدِ والحزن على الْفِرَاق فَقَامَ مقَام الْمُتْعَة، وَفِي مَسْأَلَتنَا الَّذِي حصل لَهَا مهر فِي مُقَابلَة الْوَطْء فَيجب أَن تجب الْمُتْعَة للابتذال والحزن على الْفِرَاق، وَتَقْرِير الْمُتْعَة رَاجع إِلَى اجْتِهَاد الْحَاكِم بِشَرْط أَن لَا يزِيد على نصف الْمهْر إِن كَانَ فِي النِّكَاح أَو نصف مهر الْمثل.

المسألة السادسة والأربعون بعد المائتين رمو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمو.) هَل ينْعَقد الْمهْر بِمِقْدَار؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: أَقَله عشرَة دَرَاهِم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} علق على مُطلق المَال فالوقوف مَعَ مِقْدَار نسخ للإطلاق، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من نكح امْرَأَة على كف من طَعَام كَانَ لَهَا صَدَاقا "، وَقَوله: " وَلَو كَانَ خَاتمًا من حَدِيد ".

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {إِن تَبْتَغُوا بأموالكم} . والحل الْمُسْتَثْنى عَن الأَصْل بِقَيْد لَا يُوجد دونه. وَقَالَ تَعَالَى فِي قصَّة الواهبة: {خَالِصَة لَك} فَلَو لم يتَقَيَّد فِي نِكَاح غَيره بِمهْر بَطل التَّخْصِيص، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمهْر شرع فِي النِّكَاح عوضا، ومقداره فِي العوضية وَاحِد، فالجميع مَال، فالمهر حق الْمَرْأَة بِدَلِيل أَنَّهَا تستوفيه وتبرئ مِنْهُ وَالْوَاجِب حَقّهَا،

وَالْوُجُوب صفته، ومحال أَن يُفَارق الْوَصْف الْمَوْصُوف. لَهُم: وجوب الْمهْر حق اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيل أَنه لَا يقبل تراضيهما على الِانْعِقَاد دونه، فعندما يجب بِالْعقدِ وعندكم بِالدُّخُولِ، ذَلِك لِأَن حق اللَّهِ مُتَعَلق بالأبضاع بِدَلِيل حد الزِّنَى، وَحقّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يتَأَدَّى إِلَّا بِمَال مُقَدّر إِظْهَارًا للخطر، وَأَقل مَال شرِيف هَذَا، ويتأيد بِوُجُوب مهر المفوضة. مَالك: أَقَله نِصَاب السّرقَة. أَحْمد: التكملة: الْوُجُوب حق الْمَرْأَة، وَلَا نوجب للمفوضة، وَإِن سلم أصل الْوُجُوب فَلَا مُسْتَند للتقدير، فَإِن صِيَانة الْبضْع قد حصل بِكَثْرَة الشُّرُوط وصونه على الْبَذْل وَالْإِبَاحَة حَاصِل بِأَيّ مَال كَانَ، وَإِن لم يكن بُد من التَّقْدِير فالخمسة تصلح؛ لِأَنَّهَا تجب فِي نِصَاب زَكَاة، بل أقل مَا يتمول خطير شرعا يستباح بِهِ دم الصَّائِل عِنْد الدّفع، وَبِالْجُمْلَةِ: الْخصم هُوَ الْمُدَّعِي للتقدير فَهُوَ المطالب

بِبَيَان المأخذ، وَلَا شكّ أَن الْخصم لَو رد إِلَى مُجَرّد الْآيَة لتلقى من عمومها جَوَاز الابتغاء بِكُل مَال، وَإِنَّمَا قدر بِدَلِيل ظهر لَهُ فَوَجَبَ أَن يبديه، وَمن الْعجب أَنهم قَالُوا: لَو صرح بِنَفْي الْمهْر اسْتحق كَمَال الْمثل وَلَو صرح بِخَمْسَة لم يسْتَحق إِلَّا عشرَة.

زفر: مهر الْمثل. النَّخعِيّ: أَقَله 40 درهما. سعيد بن جُبَير: 50 درهما. ابْن شبْرمَة: 5 دَرَاهِم.

المسألة السابعة والأربعون بعد المائتين رمز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمز) هَل تسْتَحقّ المفوضة الْمهْر بِالْعقدِ؟ الْمَذْهَب: أظهر الْقَوْلَيْنِ أَنَّهَا لَا تسْتَحقّ بل يجب بِالْوَطْءِ مهر الْمثل. عِنْدهم: تسْتَحقّ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} جعل الابتغاء بِالْمَالِ يدل على أَنه لَا يجوز دونه، وَدلّ على أَن المَال عوض أَيْضا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

الْمهْر زَائِد فِي النِّكَاح فَلَا يثبت مَعَ النَّفْي كالزائد على مهر الْمثل، بِدَلِيل أَن العقد لَا يفْسد بفساده، وَلَيْسَ شرطا فِي النِّكَاح، فَإِن شَرط الشَّيْء مَا سبقه أَو قاربه، وَلم يشرع النِّكَاح لكسب المَال. لَهُم: عقد بعوض فَلَا ينْعَقد دونه كَالْبيع، ذَلِك لِأَن حل الْوَطْء يَسْتَدْعِي ملكا فِي الْمحل (وَلَيْسَ الْمحل) مُبَاحا كالحشيش والحطب فَاحْتَاجَ إِلَى عوض، وَلَو لم يكن الْعِوَض ملازما للنِّكَاح لانقسم إِلَى ذِي عوض (وَغير ذِي عوض) ، وَلَو كَانَ كَذَلِك جَازَ لوَلِيّ الطفلة أَن يُزَوّجهَا من غير عوض. مَالك: إِن طقها قبل الْفَرْض فالمتعة مُسْتَحقَّة. أَحْمد: ف. التكملة: النِّكَاح لَيْسَ فِيهِ ملك عندنَا بل حكمه الزَّوْجِيَّة، وَهِي قَضِيَّة شَرْعِيَّة

مقدرَة على مذاق المحسوس وَحَقِيقَة المحسوس اجْتِمَاع فردين ليصيرا شَيْئا وَاحِدًا كشقي المقراضين، قَالُوا: لَيْسَ يجب الْمهْر بِالْوَطْءِ وَلَو كَانَ مجَّانا لما وَجب، قُلْنَا: قد منع القَاضِي حُسَيْن ذَلِك، وَمَعَ التَّسْلِيم نقُول: وَجب لَا بدل الْبضْع، فَإِنَّهَا محللة بِالنِّكَاحِ، بل لِأَن النِّكَاح اشْتَمَل على ملك زَائِد ظهر أَثَره فِي الْحجر، فالمهر مُقَابل بِهِ عِنْد التَّسْمِيَة غير أَن يَد الْمَالِك لَا تتأكد إِلَّا بِالْوَطْءِ.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

المسألة الثامنة والأربعون بعد المائتين رمح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمح.) هَل تقرر الْخلْوَة الصَّحِيحَة الْمهْر؟ الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَإِن طلقتموهن ... ...} الْآيَة، فالتوصلة باللمس وَاجِبَة قبل الطَّلَاق، فَإِن كَانَت الْآيَة لإِسْقَاط النّصْف فقد بَقِي النّصْف، وَإِن كَانَت لإِيجَاب النّصْف فإيجاب الْوَاجِب لَا معنى لَهُ، وَلَا تحمل على اللَّمْس بِالْيَدِ، فَإِنَّهُ لَو كَانَ فِي مَلأ من النَّاس لم يُقرر الْمهْر، فاللمس هُوَ الوقاع. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من كشف خمار امْرَأَة فَعَلَيهِ مهرهَا " فَألْحق

غير الْمَسِيس بالمسيس، وَقَالَ عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ لعنين قرر عَلَيْهِ الْمهْر: مَا ذنبهن إِن جَاءَ الْعَجز من قبلكُمْ؟ نبه على أَن الْوَاجِب عَلَيْهِنَّ التَّسْلِيم لَا غير. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: خلْوَة خلت عَن الْمَسِيس فَلَا تقرر الْمهْر كالفاسدة، وعَلى هَذَا نسلم أَن النِّكَاح مُعَاوضَة، ويلزمهم سُقُوط الْمهْر على قِيَاس الْمُعَاوَضَات، فَإِن الْبضْع الَّذِي هُوَ المعوض بزعمهم قد عَاد إِلَيْهِمَا سليما. لَهُم: أَتَت بِالتَّسْلِيمِ الْوَاجِب عَلَيْهَا فَيَنْبَغِي أَن يتَأَكَّد الْوَاجِب لَهَا من الْعِوَض كَمَا لَو سلم الدَّار الْمُسْتَأْجرَة، وَذَلِكَ لِأَن الْوَاجِب عَلَيْهَا تَسْلِيم هُوَ غَايَة وسعهَا فاستحقت مَا لَهَا بِمَا عَلَيْهَا لتتحقق الْمُقَابلَة، والمعاوضة تثبت لكل حَقًا على الآخر، ثمَّ الزَّوْج بسبيل من تَقْرِير حَقه بِالْوَطْءِ فَيجب أَن

تكون الْمَرْأَة بسبيل من تَقْرِير حَقّهَا بالتمكن كَيْلا يضْربهَا. مَالك: إِذا خلا بهَا وَادعت الدُّخُول فَالْقَوْل قَوْلهَا. أَحْمد: ف. التكملة: الطَّرِيق فِي تَقْرِير حَقّهَا أَن ترفعه إِلَى الْحَاكِم فيجبره على الْوَطْء كَمَا قَالُوا فِي زَوْجَة الْمَجْبُوب، وَقُلْنَا فِي زَوْجَة الْمولى، ثمَّ التَّسْلِيم والتسلم متلازمان، فَلَمَّا لم يُوجد (التَّسْلِيم لم يُوجد) التسلم، وَالْفرق بَين الْإِجَارَة ومسألتنا أَن يفهم أَن الِاسْتِيفَاء يتَضَمَّن حُصُول الْغَرَض للْمُسْتَأْجر وفواته فِي حق الْمُؤَجّر، والمقتضي لقرار الْعِوَض فَوَاته فِي حق الْمكْرِي تَحْقِيقا لِمَعْنى الْجَبْر وَقد تحقق الْفَوات عِنْد التَّمْكِين، أما هَاهُنَا فبالخلوة لَا يفوتها شَيْء لِأَن مَنْفَعَة الْبضْع لَا تفوت إِلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحر إِذا أجر نَفسه فَهُوَ بالتمكين يعطل نَفسه، وَالضَّابِط أَن فَوَات الْمَعْقُود عَلَيْهِ فِي جِهَة الْوَفَاء

بِحكم العقد سَبَب لتقرير الْعِوَض، وَهَذَا يُوجد عِنْد الِاسْتِيفَاء والتمكين جَمِيعًا فِي سَائِر الْعُقُود وَلَا يُوجد فِي النِّكَاح إِلَّا عِنْد الِاسْتِيفَاء.

المسألة التاسعة والأربعون بعد المائتين رمط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رمط.) إِذا وهبت الْمَرْأَة صَدَاقهَا من زَوجهَا. الْمَذْهَب: يرجع عَلَيْهَا بِقِيمَة نصف الْمهْر فِي القَوْل الْمَنْصُور. عِنْدهم: لَا يرجع وَهُوَ القَوْل الثَّانِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الْآيَة العزيزة. وَجه الدَّلِيل أَنه أثبت الرُّجُوع إِلَى النّصْف إِن أمكن، وأجمعت الْأمة على أَنه إِن لم يُمكن رَجَعَ إِلَى الْقيمَة. لَهُم: ... ... ...

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مُطلقَة غير ممسوسة فَثَبت للزَّوْج عَلَيْهَا نصف الْمهْر بِإِثْبَات اللَّهِ تَعَالَى عِنْد الطَّلَاق، وَلَو كَانَ عين الْمهْر تالفة كَانَ لَهُ قيمَة النّصْف، وَالْخَارِج عَن ملكهَا كالتالف فِي هَذَا الْمَعْنى فَلَا يمْنَع ذَلِك عوده إِلَى ملكه كَمَا لَو وهبته من اجنبي ووهبه لَهَا وكما لَو ابتاعه مِنْهَا، وَلَا يمْنَع ذَلِك عوده إِلَيْهَا مجَّانا كَمَا لَو وهبت لعبد الزَّوْج. لَهُم: الصَدَاق عَاد إِلَيْهِ مِنْهَا فَلَا يرجع إِلَيْهَا عِنْد الطَّلَاق بِشَيْء كَمَا لَو كَانَ دينا فأبرأته مِنْهُ، ذَلِك لأَنا لَو خلينا وَالْقِيَاس كُنَّا إِمَّا أَن نرد الصَدَاق كُله إِذا عَاد المعوض إِلَيْهَا سليما أَو نقرره كُله لِأَن الزَّوْج يسْقط ملكه كالعتاق فِي ملك الْيَمين لَكِن الشَّرْع حكم برد النّصْف وَقرر النّصْف ثمَّ كَانَ (تَقْرِير النّصْف مُسْندًا) إِلَى أصل العقد فَكَانَ الرَّد كَذَلِك فملكها النّصْف غير متقرر. مَالك: ف.

أَحْمد: ف. التكملة: الْخصم هُوَ الْمُدَّعِي كَون الْهِبَة من الزَّوْج مَانِعا من الرُّجُوع فَعَلَيهِ الدَّلِيل، فَإِن قيل: إِنَّمَا يعدل إِلَى الْقيمَة عِنْد فقد الْعين وَعين الصَدَاق قَائِمَة فِي يَده فليمسكه عَن جِهَة الصَدَاق، ذَلِك لِأَن الْهِبَة مَوْقُوفَة فَإِن سلمت الْعَاقِبَة عَن الطَّلَاق سلم مَا قدرناه من هبة وَإِن طلق انْصَرف إِلَى جِهَة الصَدَاق كَالزَّكَاةِ تعجل قبل مُضِيّ الْحول فنحكم بِكَوْنِهَا زَكَاة (بِشَرْط سَلامَة النّصاب) ، فَإِن لم يسلم كَانَت صَدَقَة، وَالْجَوَاب: إِن إِمْسَاكه عَن جِهَة الصَدَاق يُعَارضهُ إمسكاه عَن جِهَة الاتهاب فَمَا الْمُرَجح؟ وَبِالْجُمْلَةِ لَا نسلم عود الصَدَاق إِلَيْهِ، فَإِن مَعْنَاهُ عود ملك الصَدَاق لَا عينه بِدَلِيل الْمسَائِل الْمَذْكُورَة، وَالطَّلَاق لَا يفْسخ عقد النِّكَاح وَلَا عقد الصَدَاق حَتَّى ينْتَقض الْملك فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إِسْقَاط ملك الْبضْع، وَلَكِن الشَّرْع أثبت للزَّوْج ملكا جَدِيدا فِي نصف الصَدَاق لكَونه بذل المَال فِي طلب مَقْصُود وَلم يحصل لَهُ مَقْصُوده، ونعلم ظَاهرا أَن الزَّوْج إِنَّمَا يقدم على الطَّلَاق لضَرُورَة فنجبره على الْمهْر مَعَ فَوَات الْمَقْصُود إِضْرَارًا بِهِ فَأعْطَاهُ نصف الْمهْر وَقد تعذر هَاهُنَا بِخُرُوج الصَدَاق عَن ملكهَا فَرجع إِلَى الْقيمَة.

المسألة الخمسون بعد المائتين رن

(الْمَسْأَلَة الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رن.) إِذا تزَوجهَا على ثوب هروي. الْمَذْهَب: فَسدتْ التَّسْمِيَة وَوَجَب مهر الْمثل. عِنْدهم: التَّسْمِيَة صَحِيحَة وَيجب الْوسط. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . . لَهُم: ... ... . . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمُسَمّى مَجْهُول فَيفْسد، وَيجب مهر الْمثل كَمَا لَو قَالَ: ثوبا أَو حَيَوَانا

مطلقين، وتأثيره أَن الْمُسَمّى يُرَاد للوصول إِلَيْهِ وجهله يمْنَع لاخْتِلَاف الصِّفَات فيتعارض الْوَصْف غَيره. لَهُم: تَسْمِيَة مَال لَا بازاء مَال فصح مَعَ جَهَالَة الْوَصْف كتسمية الشَّرْع الزكوات وأسنان الدِّيات، ذَلِك لِأَن الْبضْع لَيْسَ مَالا. وتأثيره أَن العقد يصير التزاما بِمَال؛ لِأَنَّهُ عدم بِالْإِضَافَة إِلَى الْمُعَارضَة وَابْتِدَاء الْتِزَام المَال صَحِيح من الْجَهَالَة، دَلِيله: الْإِقْرَار بِالْمَجْهُولِ. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة. أَحْمد: ف.

التكملة: نمْنَع دَعوَاهُم أَنه لَيْسَ بِمَال ونسلمها وندعي التقوم وَلَا نسلم أَنه الْتِزَام ابْتِدَاء إِذْ قد بذله فِي مُقَابلَة شَيْء وَإِذا كَانَ مُتَقَوّما فَالْقيمَة الشَّرْعِيَّة أولى، وَلَو صَحَّ مَا قَالُوهُ من النُّزُول على الْوسط صَحَّ أَن يُزَوجهُ إِحْدَى بَنَاته إِذا كَانَ لَهُ ثَلَاث كبرى ووسطى وصغرى وَيصرف إِلَى الْوُسْطَى، ولوجب أَن يَصح التسلم على هَذَا الْوَجْه، فَإِن قَالُوا: الصَدَاق أحد عوضي النِّكَاح، فصح مَجْهُولا كالبضع فنقلت فَلَا يَصح غير معِين كالبضع؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ إِذا لم تعْتَبر فِي أحد الْعِوَضَيْنِ لم يعْتَبر فِي الآخر كَالْقَبْضِ فِي السّلم وَالْمُعْتَبر الْوَصْف، فَإِن قَالُوا: جَهَالَة مهر الْمثل أَكثر، فَالْجَوَاب: مهر الْمثل يجب بِتَلف الْبضْع عَلَيْهَا بِعقد النِّكَاح وَمَا يجب بِالْإِتْلَافِ يَصح أَن يكون مَجْهُولا وَهَاهُنَا عوض يجب بِالشّرطِ وَالتَّسْمِيَة فَلَا يَصح مَجْهُولا كالعوض فِي البيع وَالْإِجَازَة.

الصفحة فارغة

(الصفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

لوحة من المخطوطة أ

(لوحة 62 من المخطوطة أ:) إِذا خالعت فِي مَرضهَا فمهر الْمثل من رَأس المَال وَمَا زَاد من الثُّلُث خلافًا لَهُ وَقَوله تَعَالَى: {لعدتهن} أَي فِي عدتهن، وَالْعدة: الطُّهْر الَّذِي لم يصبهَا فِيهِ. قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} أَي فِي يَوْم الْقِيَامَة. وَاعْلَم أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام طلق حَفْصَة ثمَّ رَاجعهَا. وَاعْلَم أَن الطَّلَاق فِي الطُّهْر الَّذِي جَامعهَا فِيهِ وَطَلَاق الْحَائِض مَكْرُوه، وَطَلَاق الْمولي وَمن قضى عَلَيْهِ الحكمان وَاجِب، وَطَلَاق الْمُوَافقَة مَكْرُوه، وَطَلَاق من بَينهمَا نبوة مُسْتَحبّ، وَمَسْأَلَة حل الْجمع بَين الطلقات تنبني على فهم هَذِه الْقَاعِدَة وَهِي معنى

الْمَشْرُوع وَغير الْمَشْرُوع، وَقبُول الْمَشْرُوع يُطلق بِمَعْنى الْمُبَاح وَمُقَابِله غير الْمَشْرُوع بِمَعْنى الْمَحْظُور وَالْمَكْرُوه، وَقد يُطلق الْمَشْرُوع بِمَعْنى الْمَوْضُوع شرعا سَببا أَو حكما أَو شرطا، ويقابله غير الْمَشْرُوع بِمَعْنى المعرض عَنهُ الملغي فِي حق الْأَحْكَام إِذْ قد يقسم الشَّرْع إِلَى شرع الْإِبَاحَة وَالْإِطْلَاق، وَإِلَى شرع الْوَضع وَالِاعْتِبَار، ثمَّ الْوَضع يقسم إِلَى مَا وضع على وفْق الْمصلحَة الْعَامَّة وَالْحكمَة الْكُلية وَتسَمى عَزِيمَة؛ وَإِلَى مَا وضع على خلاف الأَصْل لحَاجَة أَو ضَرُورَة خَاصَّة فتسمى رخصَة، وَنَنْظُر هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَى مَسْأَلَة التخلي من جِهَة كَون النِّكَاح عِنْدهم سنة فنقيضه بِدعَة، ونقول: النِّكَاح تأباه الْحُرِّيَّة، وَاعْلَم أَن من لم يدْخل بهَا لَيْسَ فِي طَلاقهَا سنة وَلَا بِدعَة وَكَذَلِكَ من دخل بهَا إِذا كَانَت حَامِلا أَو صَغِيرَة أَو آيسة، وَإِنَّمَا السّنة والبدعة فِي طَلَاق الْمَدْخُول بهَا إِذا كَانَت حَائِلا من ذَوَات الْأَقْرَاء، فَإِذا قَالَ لإحدى من لَا سنة وَلَا بِدعَة فِي طَلاقهَا: أَنْت طَالِق للسّنة أَو للبدعة وَقع فِي الْحَال، وَاعْلَم أَن الْعدَد لَيْسَ فِيهِ سنة وَلَا بِدعَة عندنَا، وَإِنَّمَا

تتَعَلَّق السّنة والبدعة بِالْوَقْتِ، فَإِذا أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة، فَإِن كَانَت فِي زمَان السّنة أَعنِي طهرا لم يصبهَا فِيهِ وَقعت الثَّلَاث، وَإِن كَانَت فِي زمَان الْبِدْعَة لم يَقع عَلَيْهَا شَيْء فِي زمَان السّنة، وَإِن قَالَ: إِذا حِضْت فَأَنت طَالِق فَهَذَا قد أوقع طَلَاق الْبِدْعَة وأثم بِهِ. وَإِن قَالَ: إِذا طهرت فَأَنت طَالِق، فقد أوقع طَلَاق السّنة، وَإِذا قَالَ: أَنْت طَالِق ملْء مَكَّة أَو ملْء الدُّنْيَا وَقعت وَاحِدَة، لِأَن الطَّلَاق حكم فَإِذا وَقع وَقع فِي جَمِيع الدُّنْيَا، قَالَ أَبُو حنيفَة: تقع بَائِنَة، إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق أَكثر الطَّلَاق وَقع ثَلَاثًا لِأَن الطَّلَاق وَقع ثَلَاثًا؛ لِأَن الطَّلَاق يُوصف بِالْكَثْرَةِ، إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق أكمل الطَّلَاق وَقعت وَاحِدَة سنة، إِذا قَالَ لَهَا: إِن بدأتك بالْكلَام فَأَنت طَالِق فَقَالَت: إِن بدأتك بالْكلَام فَعَبْدي حر فكلمها وكلمته لم تطلق وَلم يَقع الْعتْق، إِذا قَالَ لَهَا وَهِي واقفة فِي مَاء جَار: إِن وقفت فِي هَذَا المَاء فَأَنت طَالِق وَإِن خرجت فَأَنت طَالِق فوقفت أَو

خرجت لم تطلق، لِأَن المَاء الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ لم تقف فِيهِ، إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق إِن شِئْت فَقَالَت: قد شِئْت إِن شِئْت فَقَالَ: قد شِئْت لم تطلق، لِأَن الْمَشِيئَة خبر عَمَّا فِي نَفسهَا من الْإِرَادَة وَذَلِكَ لَا يتَعَلَّق بِشَرْط؛ لِأَنَّهُ إِخْبَار عَن فعل مَاض فَلم تقع مشيئتها بِوُجُوب مَشِيئَته؛ وَلِأَنَّهَا أخرت الْجَواب وَيجب على الْفَوْر.

مسائل الخلع والطلاق

(مسَائِل الْخلْع وَالطَّلَاق) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنا.) مَا هُوَ الْخلْع؟ . الْمَذْهَب: فسخ على الْمَنْصُور حَتَّى لَو تكَرر لم يحْتَج إِلَى مُحَلل. عِنْدهم: طَلَاق وَهُوَ القَوْل الآخر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... . . لَهُم: ... ... ...

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: فرقة تعرب عَن صَرِيح الطَّلَاق وَنِيَّته، فَكَانَت فسخا، كَمَا إِذا اشْترى الْمَمْلُوكَة (إِذا عتقت الْأمة تَحت عبد فَاخْتَارَتْ الْفِرَاق) وَالْخلْع يشْعر (بِمَعْنى الْفَسْخ) كخلع الْعظم وَالثَّوْب، وعَلى هَذَا القَوْل لَو نوى بِهِ الطَّلَاق لم يَصح لكَونه صَرِيحًا فِي معنى الْفَسْخ، وَقد تَقول: هُوَ ظَاهر فِي الْفَسْخ وبالنية يصرف إِلَى الطَّلَاق. لَهُم: فرقة مُتَعَلقَة بِسَبَب يخْتَص النِّكَاح، فَكَانَت طَلَاقا كَمَا لَو طَلقهَا على مَال؛ وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ فسخا مَا صَار بِالنِّيَّةِ طَلَاقا كَمَا أَن الطَّلَاق لَا يصير بِالنِّيَّةِ فسخا. مَالك: ف. أَحْمد: ق.

التكملة: قَالُوا: لَو كَانَ فسخا لسقط الْمهْر قبل الْمَسِيس وَبعده، قُلْنَا: يسْقط الْمهْر فِي الْجَانِبَيْنِ، بَيَانه أَن الممسوسة إِذا اخْتلعت سقط مهرهَا لَكِن لزمَه مهر الْمثل بِالْوَطْءِ ولابد من معيار فِيهِ فَكَانَ المعيار مَا تَرَاضيا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فِي غير الممسوسة، فَإِنَّهَا تسْتَحقّ الْمُتْعَة عِنْد الطَّلَاق، فَكَانَ نصف الْمُسَمّى مُتْعَة النِّكَاح وَقد سقط الْمهْر كُله، قَالُوا: لَو كَانَ فسخا لما جَازَ على عوض جَدِيد كَسَائِر الْعُقُود. قُلْنَا: لَيْسَ مَال الْخلْع عوضا، وَإِنَّمَا هُوَ مَال قد أثر عينا للزَّوْج فِي الْخلْع، وَبِذَلِك نطق الْكتاب الْعَزِيز فالخلع فسخ، وَالْمَال زَائِد لطلب الْخَلَاص وَالْمَسْأَلَة دقيقة لِأَن قبُول العقد للْفَسْخ يحْتَاج إِلَى دَلِيل من نَص وَلَا نَص، أَو بِقِيَاس على عقد قَابل للْفَسْخ يَدعِي أَنه مشبه لعقد النِّكَاح فِي عِلّة قبُول الْفَسْخ، وللقياس مسلكان. أَحدهمَا: الْقيَاس على مَا ثَبت فِي النِّكَاح من أَنْوَاع الْقطع وَهُوَ ثَلَاثَة: الطَّلَاق وارتفاع النِّكَاح ضَرُورَة الرَّضَاع وَأَمْثَاله، وأنواع الْخِيَار كَمَا فِي الْجب والعنة والمعتقة تَحت العَبْد، والمسلك الآخر قِيَاس النِّكَاح على الْعُقُود الثَّابِتَة، والحرف أَن النِّكَاح عندنَا قَابل للْفَسْخ.

طَاوس: لَا يجوز أَن يَأْخُذ أَكثر مِمَّا أَعْطَاهَا. الْحسن الْبَصْرِيّ: لَا يجوز الْخلْع إِلَّا عِنْد سُلْطَان. الزُّهْرِيّ: الزَّوْج بِالْخِيَارِ بَين إمْسَاك الْعِوَض وَلَا رَجْعَة، أَو رده وَالرَّجْعَة.

المسألة الثانية والخمسون بعد المائتين رنب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنب.) هَل يلْحق المختلعة طَلَاق؟ الْمَذْهَب: لَا، وَإِن كَانَت مُعْتَدَّة. عِنْدهم: يلْحقهَا الصَّرِيح دون الْكِنَايَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " المختلعة لَا يلْحقهَا صَرِيح الطَّلَاق، وَإِن كَانَت فِي الْعدة ". لَهُم: قَالَ تَعَالَى: {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} إِلَى قَوْله {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود اللَّهِ فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} إِلَى قَوْله: (فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من

بعد} شرع الْخلْع عقيب الطَّلَاق الرَّجْعِيّ، وَبَين أَن الطَّلَاق الثَّلَاث إِذا وَقع فَوت الْحل، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " المختلعة يلْحقهَا الطَّلَاق صَرِيحًا مَا دَامَت فِي الْعدة ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الطَّلَاق شرع لقطع النِّكَاح، وَلَا نِكَاح فِي الْمحل فَلَا يَقع الطَّلَاق كالمعتدة عَن الشُّبْهَة والمفسوخ نِكَاحهَا، دَلِيل الْمُقدمَة الأولى: أَن من طلق انْقَطع نِكَاحه، دَلِيل الْمُقدمَة الثَّانِيَة: أَن الْخلْع فسخ وَلَا وجود للمفسوخ بعد الْفَسْخ. لَهُم: لم يوضع الطَّلَاق لإِزَالَة الْملك فَلَا تفْتَقر صِحَّته إِلَى ملك، ونقول: طَلَاق صدر من أَهله فِي مَحل تَحت ولَايَته فَينْعَقد كالطلقة الثَّانِيَة فِي حق الرَّجْعِيَّة، وَذَلِكَ لِأَن حكم الطَّلَاق الْحُرْمَة لَا إِزَالَة النِّكَاح، فَإِنَّهُ مُرَاد

الشَّرْع فَلَا نفهم لَهُ مزيلا، وَالْعدة من آثَار النِّكَاح، فَإِن فِيهِ ملك حل وَملك يَد وَالْعدة إبْقَاء ملك الْيَد. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْمُعْتَمد أَن الطَّلَاق تصرف تمْلِيك يملك النِّكَاح وَيُسْتَفَاد مِنْهُ فَيَنْقَطِع بِزَوَال ملك النِّكَاح كالظهار وَالْإِيلَاء وَالرَّجْعَة وَالْخلْع والإبانة فَإِن قَالُوا الْعدة من حُقُوق النِّكَاح بِدَلِيل ثُبُوت النّسَب وَالنَّفقَة وَالسُّكْنَى، فَإِن انْتَفَى النِّكَاح من وَجه فَهُوَ بَاقٍ من وَجه، فَلْيَكُن ملك الطَّلَاق آخر مَا يرْتَفع تَغْلِيبًا لجَانب الْحَظْر، قُلْنَا: هلا طردتم ذَلِك فِي الْخلْع وَالْإِيلَاء وَالظِّهَار، فَهَذِهِ نقوض صَرِيحَة، وينتقض بالعدة فِي حق من انْفَسَخ نِكَاحهَا بِالرّدَّةِ، ثمَّ الْعدة وَجَبت عندنَا لحق المَاء الْمُحْتَرَم لَا حَقًا للنِّكَاح، فَعدَّة الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ وَالنَّفقَة مَمْنُوعَة إِلَّا فِي حق الْحَامِل لأجل الْحمل وَالسَّبَب هُوَ عندنَا من اثر النِّكَاح السَّابِق حَتَّى إِذا تراخت الْولادَة لم تحْتَمل الْعلُوق إِلَّا فِي الْعدة لم تثبت، وَأما السُّكْنَى فَمُسلم وَهُوَ حكم عدَّة وَجَبت عقب الطَّلَاق لَا

حكم النِّكَاح، وَأما سُكْنى النِّكَاح فقد انْقَطع بِدَلِيل أَن وجوب السُّكْنَى فِي النِّكَاح يسْقط بِرِضا الزَّوْجَة وَهَذَا لَا يسْقط. والحرف أَن ملك الطَّلَاق يثبت بِنَاء على النِّكَاح؛ لِأَنَّهُ قَاطع لَهُ، هَذَا عندنَا، وَعِنْدهم يثبت ابْتِدَاء كَالْبيع وَأَمْثَاله.

المسألة الثالثة والخمسون بعد المائتين رنج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنج.) تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْملكِ. الْمَذْهَب: بَاطِل. عِنْدهم: صَحِيح. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا طَلَاق قبل النِّكَاح ". لَهُم: ... ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: من لَا يملك الطَّلَاق الْمُبَاشر لَا تَنْعَقِد لَهُ صفة الطَّلَاق، دَلِيله: الصَّبِي وَالْمَجْنُون، وَالتَّعْلِيق تمهيد سَبَب الطَّلَاق، لِأَن قَوْله: أَنْت طَالِق سَبَب وَقد ذكره، فَإِذا قَالَ: إِن دخلت الدَّار فقد أَتَى بِكَلَام آخر يعْمل بِهِ للْحَاجة فَيكون شرطا دخل على الحكم لَا على السَّبَب فَمَا أعدم قَوْله: أَنْت طَالِق فَرجع إِلَى الحكم فَانْدفع؟ لَهُم: التَّعْلِيق عقد يَمِين، فَلَا يشْتَرط فِي صِحَّته وجود ملك النِّكَاح كاليمين بِاللَّه تَعَالَى، ذَلِك لِأَنَّهَا شَرط وَجَزَاء عقد على نَفسه بِهِ أمرا مَا، وَكَذَلِكَ تكون الْأَيْمَان فَهُوَ يتَصَرَّف فِي نَفسه فَلَا يفْتَقر إِلَى سوى محلهَا وَهُوَ نفس الْحَالِف. مَالك: إِن عين ذَلِك بِمدَّة صَحَّ وَإِلَّا لَغَا. أَحْمد: وَافق فِي الطَّلَاق، وَفِي الْعتْق رِوَايَتَانِ. التكملة: معنى التَّطْلِيق إِيقَاع الطَّلَاق، ومساق كَلَامهم أَن التَّطْلِيق تصرف فِي

الطَّلَاق مُقَدّر شَرْعِي شرع بِنَاء لَا ابْتِدَاء، فَإِنَّهُ شرع لقطع النِّكَاح، فَكَانَ شَرعه قبله عَبَثا، ويتأيد بِالتَّعْلِيقِ الْمُطلق، فَإِنَّهُم وافقوا على أَنه لَا يَقع، صورته: أَن يَقُول لأجنبية: إِن دخلت الدَّار، فَأَنت طَالِق، وَإِنَّمَا لم يَصح لانْتِفَاء الْملك وَإِلَّا هُوَ أهل الْإِيقَاع الطَّلَاق والصيغة مفيدة، وَلم يعْدم سوى الْولَايَة، وَإِن سلمنَا أَن التَّعْلِيق يَمِين لَكِن نقُول: شَرط صِحَّته كَونه فِي ملك، وَالْحَاصِل أَن وُقُوع الطَّلَاق مَبْنِيّ على انْعِقَاد الْيَمين وانعقاده مَشْرُوط بِكَوْن الطَّلَاق مَعْلُوم الْوُقُوع وَهُوَ مَحل النزاع. إِلْزَام لَو قَالَ لأجنبية: تَزَوَّجتك على ألف وطلقتك على مائَة فَقَالَت: تزوجت وَقبلت الطَّلَاق انْعَقَد التَّزْوِيج وَلم يَقع الطَّلَاق، والخصم يَدعِي ملك التَّعْلِيق قبل النِّكَاح فَهُوَ المطالب بِالْحجَّةِ. والحرف: أَن عندنَا التَّصَرُّف فِي الطَّلَاق دون ملكه لَا يتَصَوَّر، وَعِنْدهم التَّعْلِيق لَيْسَ طَلَاقا فِي الْحَال، وَإِنَّمَا يصير طَلَاقا عِنْد وجود الصّفة.

المسألة الرابعة والخمسون بعد المائتين رند

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رند.) الْجمع بَين الطلقات. الْمَذْهَب: مُبَاح وَالْأولَى التدرج فِيهِنَّ. عِنْدهم: بِدعَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {لَا جنَاح عَلَيْكُم إِن طلّقْتُم النِّسَاء مَا لم تمَسُّوهُنَّ} ، وَقَوله تَعَالَى: {فطلقوهن لعدتهن} ، وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يغن اللَّهِ كلا من سعته} كَمَا قَالَ: {فانكحوا} . لَهُم: قيل للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِن فلَانا طلق زَوجته ألفا، فَقَالَ: بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاث فِي مَعْصِيّة اللَّهِ "، وطلق رجل زَوجته بَين يَدَيْهِ ثَلَاثًا فَغَضب، وَقَالَ: " أَتَلْعَبُونَ بِكِتَاب اللَّهِ! "، وَقَالَ: " تزوجوا وَلَا تطلقوا، فَإِنَّهُ يَهْتَز

لَهُ عرش الرَّحْمَن "، " وَأبْغض الْمُبَاحَات إِلَى اللَّهِ الطَّلَاق "، وَقَالَ تَعَالَى: {الطَّلَاق مَرَّتَانِ ... ... ... ... .} الْآيَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الطلقات الثَّلَاث مَمْلُوكَة ومشروعة، فَلم يكره إيقاعها جملَة كَطَلَاق الْأَرْبَع نسْوَة، دَلِيل المشروعية الْآيَات، ونقول: طلقات جَازَ تفريقها على الْأَقْرَاء فَجَاز تفريقها على أَيَّام قرء وَاحِد كطلقات أَربع نسْوَة، وَتَقْرِيره أَن الْملك دَلِيل الْإِبَاحَة. لَهُم: أصل الطَّلَاق مَحْظُور بِدَلِيل الْآثَار المروية وَهُوَ نَظِير النِّكَاح الْمُسْتَحبّ فَكَانَ مَكْرُوها والواحدة رخص فِيهَا فبقينا فِي الزَّائِد على الأَصْل، وَكَون الشَّرْع شرع الطَّلَاق سَببا ورتب عَلَيْهِ حكما لَا يدل على حلّه بِدَلِيل الزِّنَى وَالسَّرِقَة وَالظِّهَار، فَإِنَّهُ نصبها أسبابا للْأَحْكَام وَهِي مُحرمَة. مَالك: ف.

أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: يدلون على كَرَاهِيَة الطَّلَاق بِتَحْرِيمِهِ فِي زمَان الْحيض وَالطُّهْر الَّذِي جَامعهَا فِيهِ إِذْ الْحيض زمَان النفرة وَالطُّهْر الَّذِي جَامعهَا فِيهِ زمَان فتور الشَّهْوَة والطلقة الْوَاحِدَة تحقق الْخَلَاص، وَالزَّائِد عَلَيْهَا وَاقع فِي مَحل الِاسْتِغْنَاء. الْجَواب: نعم الطَّلَاق على خلاف قِيَاس النِّكَاح وَلَكِن النِّكَاح على خلاف الأَصْل لِأَن الْحُرِّيَّة فِي الْمحل تأباه، فَكَانَ الطَّلَاق ردا إِلَى الأَصْل كالعتاق فِي ملك الْيَمين، نعم يتَقرَّب بالعتاق؛ لِأَنَّهُ إِسْقَاط لمحض حق العَبْد وَالطَّلَاق لَا يتَقرَّب بِهِ، فَإِن النِّكَاح يتَعَلَّق بِحَق الشَّرْع وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام طلق عِنْد الْحَاجة، ويتأيد بتكميل الْمبعض وتأبيد الموقت وَتَصْحِيح الْمُعَلق والمبهم وكل هَذَا يُنَاقض مَا قرروه، والأسباب تَنْقَسِم إِلَى مَا شرع للعباد وَإِلَى مَا شرع عَلَيْهِم، ويتبين ذَلِك فِي الثمرات، فَإِن الْحَد مِمَّا شرع للعباد عَلَيْهِم، وَالْملك فِي البيع مِمَّا شرع سَببه لَهُم، وَبِالْجُمْلَةِ شرع الطَّلَاق عندنَا شرع العزائم كَالْبيع، وَعِنْدهم شرع على منهاج الرُّخص.

المسألة الخامسة والخمسون بعد المائتين رنه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنه.) الْكِنَايَات هَل تقطع الرّجْعَة؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: تقطع بقوله: اعْتدي واستبرئي رَحِمك وَأَنت وَاحِدَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... .

لَهُم: ... ... ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَاقِع بِالْكِنَايَةِ طَلَاق، وَحكم الطَّلَاق الرّجْعَة دَلِيل الدَّعْوَى أَن عندنَا الْجِهَة فِي رفع النِّكَاح الطَّلَاق، وَعِنْدهم: الطَّلَاق أُبِيح للْحَاجة ويندفع بِلَفْظِهِ، وَالْوَاقِع طَلَاق بِدَلِيل أَنه ينتقص بِهِ الْعدَد فقد وجد سَبَب حق الرّجْعَة بِشَرْطِهِ سليما عَن معَارض، فَيجب إثْبَاته؛ لِأَن سَببهَا النِّكَاح المتأكد لما فِيهِ من الألفة. لَهُم: الزَّوْج يملك الْإِبَانَة، وَالْمحل يقبلهَا، وَله أَهْلِيَّة التَّصَرُّف بِالْعقلِ وَالْبُلُوغ فصح كَمَا لَو كَانَ قبل الْمَسِيس وَبعد الْعدة، وبالخلع أَيْضا يملكهَا، وَلَا نظر إِلَى المعوض فِي تمْلِيك مَا لَيْسَ لَهُ، وَالْمعْنَى أَنه مَالك للنِّكَاح، فَملك إِسْقَاطه. مَالك: الْكِنَايَات الظَّاهِرَة يَقع بهَا الثَّلَاث.

أَحْمد: الْكِنَايَات الظَّاهِرَة ثَلَاث وَإِن نوى وَاحِدَة، والخفية يَقع بهَا مَا نوى. التكملة: انْعَقَد الْإِجْمَاع على أَن الرّجْعَة لَا تَنْقَطِع بقوله: أَنْت طَالِق وَلَا تحصل الْبَيْنُونَة، فَلَا يَخْلُو إِمَّا إِن كَانَ ذَلِك من حَيْثُ أَن الْبَيْنُونَة غير مَمْلُوكَة لَهُ أَو من حَيْثُ أَن اللَّفْظ قَاصِر، وَلَا قُصُور فِي اللَّفْظ بِدَلِيل حُصُولهَا بِمُجَرَّد الطَّلَاق قبل الْمَسِيس وإنباء اللَّفْظ عَن مَوْضُوعه فِي اللِّسَان لَا تخْتَلف بالمسيس وَعَدَمه، وأدل الْأَلْفَاظ على مضادة النِّكَاح الطَّلَاق، ونمنع أَن الْقيَاس يَقْتَضِي انْقِطَاع الرّجْعَة بعد الطَّلَاق، ونفرق بَين الطَّلَاق وَالْعِتْق وَالْإِبْرَاء بِكَوْن الشَّرْع يتشوف إِلَى الْعتْق وَأَمْثَاله وَلَا يتشوف إِلَى الطَّلَاق لَكِن إِلَى ضِدّه، ويلزمهم مَا سلموه من الْكِنَايَات الثَّلَاث ونعتذر

عَمَّا قبل الْمَسِيس بِكَوْن النِّكَاح مَا تَأَكد، ونعتذر عَن الْخلْع بِأَنا لَو جَوَّزنَا لَهُ الرُّجُوع أضررنا بِالْمَرْأَةِ، وَلَا نسلم أَن الصَّادِر إبانة بل طَلَاق، بَيَانه: أَن اللَّفْظ إِذا جعل كِنَايَة عَن غَيره فالمذكور حَقِيقَة هُوَ الْمَنوِي المكنى عَنهُ دون الملفوظ فَإِن من نَادَى آدَمِيًّا بليدا يَا حمَار كَانَ المنادى الْآدَمِيّ، يدل عَلَيْهِ أَن نِيَّة الطَّلَاق لَا بُد مِنْهَا فَإِذا تبين أَن الْوَاقِع طَلَاق ثمَّ الرّجْعَة عَقِيبه مجمع عَلَيْهَا، وَلَا يعنيهم الاسترواح إِلَى لفظ الْإِبَانَة. والحرف: أَن عندنَا الْإِبَانَة بعد الْمَسِيس غير مَمْلُوكَة لَهُ بِغَيْر عوض وَلَا اسْتِيفَاء عدد، وَعِنْدهم: هِيَ مَمْلُوكَة.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

(لوحة 63 من المخطوطة أ:) إِذا كتب بِالطَّلَاق فَإِن تلفظ بِهِ وَقع، وَإِن تلفظ بِهِ وَلم ينْو لم يَقع خلافًا لِأَحْمَد؛ لِأَن (الْكِتَابَة تحْتَمل) تجويد الْخط وتجربة الْقَلَم، وَإِذا كتب أَنْت طَالِق ثمَّ استمد وَكتب إِذا وصل إِلَيْك كتابي نظرت، فَإِن فعل ذَلِك لِحَاجَتِهِ إِلَى الاستمداد لم يَقع الطَّلَاق إِلَّا بوصول الْكتاب، وَإِن فعل ذَلِك من غير حَاجَة وَقع الطَّلَاق فِي الْحَال، وَلم يتَعَلَّق بِالشّرطِ، وَهَذَا مثل أَن يَقُول: أَنْت طَالِق ثمَّ يسكت ثمَّ يَقُول: إِن دخلت الدَّار، فَإِنَّهُ لَا يتَعَلَّق بِالشّرطِ، وَلَو سكت لانْقِطَاع نَفسه ثمَّ ذكر الشَّرْط تعلق بِهِ، وَاعْلَم أَن من أصل الشَّافِعِي أَن كل قبُول فِي تمْلِيك، فَإِنَّمَا هُوَ على الْفَوْر، وَاعْلَم أَنه إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا وَقع الثَّلَاث لِأَن من شَرط الْمُسْتَثْنى أَن يبْقى بعده شَيْء من الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق أول آخر الشَّهْر قيل: يَقع فِي السَّادِس عشر، وَقيل: أول الْيَوْم الْأَخير، إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق فِي شهر قبل مَا بعد قبله رَمَضَان، الْأَظْهر أَنه شَوَّال؛ لِأَنَّهُ أوقع الطَّلَاق فِي شهر وَصفه بِأَن قَالَ: قبل مَا بعد قبله رَمَضَان، ذَلِك يَقْتَضِي أَن قبله

رَمَضَان لِأَن مَا بعد قبل الشَّهْر هُوَ الشَّهْر نَفسه وَقَبله رَمَضَان. وَإِذ قَالَ: إِذا طَلقتك فَأَنت طَالِق وَقع طَلْقَتَانِ. مَسْأَلَة: إِذا قَالَ لَهَا فِي حَال الْغَضَب كِنَايَة من كنايات الطَّلَاق لم يَقع حَتَّى يَنْوِي، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَقع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع من غير نِيَّة وَهِي: اخْتَارِي، واعتدى، وأمرك بِيَدِك، لنا: أَن كل لفظ فِي الرِّضَا مَعْنَاهُ مَعْنَاهُ فِي الْغَضَب، وَلَا نظر إِلَى الْحَال يَقْتَضِي الشتم، فَإِن الْكِنَايَات الَّتِي سلموها تصلح للسبب. مَسْأَلَة: إِذا قَالَ: أَنْت بَائِن وَنوى طَلْقَتَيْنِ وَقع خلافًا لَهُم؟ لنا: أَن من ملك إِيقَاع طَلْقَتَيْنِ ملك إيقاعهما بقوله: أَنْت بَائِن كَالْحرِّ تَحْتَهُ أمة، قَوْلهم: إِن هَذَا اللَّفْظ غير مُحْتَمل للعدد، وَإِنَّمَا أوقعنا الثَّلَاث لِأَن الثَّلَاث إِحْدَى البينونتين وَاللَّفْظ مُحْتَمل لَهَا فأوقعناها من طَرِيق الْمَعْنى لَا من طَرِيق الْعدَد، لَا يَصح؛ لِأَن لفظ بَائِن يحْتَمل مَا يُفَسر بِهِ.

مَسْأَلَة: إِذا قَالَ: إِذا لم أطلقك فَأَنت طَالِق فَمضى زمَان يُمكنهُ أَن يطلقهَا فِيهِ فَلم يُطلق وَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هُوَ على التَّرَاخِي إِلَى الْمَوْت، وَالشَّافِعِيّ ينظر إِلَى أَن إِذا ظرف زمَان فَهِيَ مثل مَتى، وَأَبُو حنيفَة ينظر إِلَى احتمالها للشّرط فَهِيَ عِنْده مثل (أَن وَقد تجازى) بمتى، قَالَ الشَّاعِر: (مَتى تأته تعشو إِلَى ضوء ناره ... تَجِد خير نَار عِنْدهَا خير موقد) وَللَّه در الْقَائِل: تِلْكَ نَار مُوسَى. مَسْأَلَة: إِذا قَالَ لامْرَأَته: أَنْت عَليّ حرَام وَنوى تَحْرِيمهَا بِغَيْر طَلَاق لَزِمته كَفَّارَة يَمِين، وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ ذَلِك لأمته، قَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ يَمِين يصير بهَا موليا من زَوجته حَالفا فِي أمته، لنا أَنه كِنَايَة فِي الطَّلَاق فَلَا تَنْعَقِد بهَا الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى كَسَائِر الْكِنَايَات، وَتعلق الْكَفَّارَة بهَا لَا يلْزم،

فَإِن الْكَفَّارَة تتَعَلَّق عِنْدهم بِالْحِنْثِ لَا بِاللَّفْظِ. مَسْأَلَة: إِذا قَالَ: هَذَا الطَّعَام عَليّ حرَام لم (يتَعَلَّق بِهِ شَيْء، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هُوَ يَمِين يتَعَلَّق بِالْحِنْثِ بهَا الْكَفَّارَة، لنا: أَنه لفظ لم يذكر فِيهِ اسْم اللَّهِ تَعَالَى فَلم يكن يَمِينا) .

المسألة السادسة والخمسون بعد المائتين رنو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنو) أيصح اسْتِعْمَال الطَّلَاق وكناياته فِي الْعتاق؟ . الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: لَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . لَهُم: ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: (نوى بِلَفْظ يحْتَملهُ فَيَقَع مَا نوى كاستعمال الْعتاق فِي الطَّلَاق)

وَتَقْرِيره أَن الْملك قيد فِي الْمحل، وَحجر على الْمَمْلُوك (وَالطَّلَاق يشْعر بِإِسْقَاط ملك الْيَمين) ، وَالطَّلَاق يسْقط بِإِسْقَاط الْحجر، وَالطَّلَاق إِسْقَاط ملك النِّكَاح، وَاسْتِعْمَال الْمسْقط فِي مَحل قَابل للسقوط من أقرب وُجُوه الْمجَاز. لَهُم: شَرط تَصْحِيح الْمجَاز هُوَ الِاتِّصَال بَين اللَّفْظَيْنِ والمقاربة فِي الْمَعْنى الْخَاص وَقد انْتهى من الطَّلَاق وَالْعتاق لُغَة وَشرعا، فَإِن حكم اللَّفْظَيْنِ شرعا مدلولهما لُغَة وَالرّق ضعف وَالْعِتْق قُوَّة، عتق الطَّائِر إِذا كبر وَنبت جنَاحه، وثوب رَقِيق: أَي ضَعِيف النسج، وَمعنى الطَّلَاق غير ذَلِك. مَالك: أَحْمد: التكملة: نسلم أَن النِّكَاح رق، وَأَن الطَّلَاق حل، أما خيالهم فِي ملك الْيَمين أَنه

يعْتَمد ضعفا فِي الْمحل وَالْعِتْق يحدث قُوَّة فَهُوَ بَاطِل، فَإِن، عِلّة الِاسْتِقْلَال فِي الْمَوْضِعَيْنِ هِيَ الإنسانية وَالْملك فِيهَا على خلاف الأَصْل، وَعند الزَّوَال يظْهر الِاسْتِقْلَال بِالْعِلَّةِ الْأَصْلِيَّة، ودعواهم أَن الشَّرْع أبطل فِي الرَّقِيق ثَمَرَة الإنسانية والحقه بالبهائم مصادم للْإِجْمَاع، فَإِنَّهُ أهل الْعِبَادَات، وَله مالكية النِّكَاح وَالْيَمِين حَتَّى يَصح مِنْهُم إنْشَاء التمليكات كلهَا، نعم لَا يسْتَقلّ الْملك عَلَيْهِ فَتَلقاهُ السَّيِّد لمَانع الرّقّ، وَعِنْدنَا يتَمَلَّك الْمولى، نعم. يفترقان فِي أَمريْن: أَحدهمَا أَن ملك الْيَمين يثبت إلزاما من الشَّرْع وَملك النِّكَاح بِالْتِزَام من الْمَرْأَة وَهَذَا لَا يُغير حَقِيقَة الشَّيْء، وَالْآخر أَن العَبْد فِي ملك الْيَمين أَعم ليحصل مَقْصُود الْملك بِخِلَاف النِّكَاح، فَإِن حق الزَّوْج (فضل بِهَذَا الْقدر من العَبْد) ، وَإِذا تبين أَن الْملكَيْنِ على خلاف الأَصْل فيستثنى فِي كل وَاحِد من الأَصْل بِقدر الْحَاجة.

الصفحة فارغة

(الصفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

المسألة السابعة والخمسون بعد المائتين رنز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنز.) إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق وَنوى عددا. الْمَذْهَب: وَقع. عِنْدهم: تقع وَاحِدَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... لَهُم: ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نوى بِلَفْظِهِ مَا يجوز أَن يُرَاد بِهِ فَصحت نِيَّته كنية الثَّلَاث فِي قَوْله: أَنْت

بَائِن، ونقول: الطَّلَاق فعل يفْتَقر إِلَى فَاعل ومفعول بِهِ، وَالْكل مُجمل يحسن الاستفسار عَنهُ إِن لم يذكر، فَإِذا ثَبت الْإِجْمَال، وَهُوَ مُحْتَمل للعدد صَحَّ بِالنِّيَّةِ. لَهُم: قَوْله: أَنْت طَالِق وصف الْمَرْأَة بِصفة، والذات الموصوفة متحدة فتتحد الصّفة الْقَائِمَة بهَا، فَكَانَت نِيَّته لَغوا وَقد نوى مَا لَا يحْتَملهُ لَفظه فَبَطل كَمَا لَو قَالَ: اسْقِنِي وَنوى الطَّلَاق. مَالك: ... ... ... ... . . أَحْمد: خَالف إِلَّا أَن يَقُول: أَنْت طَالِق للسّنة أَو طَلِّقِي نَفسك، فَإِنَّهُ إِذا نوى الثَّلَاث وَقعت. التكملة: حَقِيقَة الْمَسْأَلَة يَتَّضِح بالبحث عَن وَجه تَأْثِير النِّيَّة فِي اللَّفْظ، وَلَا أثر لَهَا إِلَّا فِي تعْيين أحد الِاحْتِمَالَات سَوَاء كَانَت متقابلة كاللفظ الْمُشْتَرك أَو كَانَ

(أَحدهَا) أظهر مَعَ التأويلات، أما اللَّفْظ النَّص لَا تعْمل فِيهِ النِّيَّة، نعم رُبمَا يقْتَرن بِالْفَظِّ احتمالات لمعان لَازِمَة كالزمان وَالْمَكَان (فالنية إِلَى الصَّلَاة) وَالصَّوْم وَسَائِر الْأَفْعَال، فَلَو نوى بعض الْأَزْمِنَة بِلَفْظ الْفِعْل مَا وَقع فمعتقد الْخصم أَن الطلقات الَّتِي يَنْوِي عَددهَا لَازم اللَّفْظ، وَنحن نعتقدها مَدْلُول اللَّفْظ، ويلزمهم إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق وَأَشَارَ بأصابعه الثَّلَاث، فَإِنَّهُ يَقع وَلَو لم يكن مَدْلُول اللَّفْظ مَا وَقع بِالْإِشَارَةِ، ويلزمهم مَا لَو قَالَ لوَكِيله: طلق زَوْجَتي وَنوى الثَّلَاث فَقَالَ الْوَكِيل: طلقت، فَإِنَّهُ يَقع الثَّلَاث وَهَذَا لَا جَوَاب عَنهُ، ويلزمهم إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ يَقع، وَقَوله: " ثَلَاثًا " تَفْسِير لشَيْء لأَجله كَانَ مَنْصُوبًا.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

المسألة الثامنة والخمسون بعد المائتين رنح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنح) إِذا قَالَ: أَنا مِنْك طَالِق وَنوى الطَّلَاق. الْمَذْهَب: وَقع. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فانكحوا مَا طَابَ لكم} ، وَقَالَ: {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} ، وَقَالَ: {فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن} ، وَجه الدَّلِيل: تسميتهما متناكحين فَالْحكم يعمهما فَحكم الطَّلَاق أَيْضا يعمهما. لَهُم: ... ... ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الطَّلَاق وَاقع بِكُل لفظ مُحْتَمل وَهَذَا مُحْتَمل وَلَا يتقاصر عَن قَوْله: اعْتدى أَو الحقي بأهلك، فَإِنَّهُ عبر بِالسَّبَبِ عَن الْمُسَبّب وَهَاهُنَا قد صرح (فَإِن عَلَيْهِ) بِالنِّكَاحِ نوع تكلّف وحجرا لحقها فَحسن أَن يَقُول: أَنا مِنْك طَالِق. لَهُم: تصرف أَخطَأ مَحَله فلغا، ذَلِك لِأَن الرجل لَيْسَ محلا للنِّكَاح فَإِن النِّكَاح رق، وَله الْحَبْس وَالْمَنْع. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: المُرَاد بِالطَّلَاق الْخَلَاص الْعرفِيّ فَهُوَ كَقَوْلِه: أَنا مِنْك باين، وَهَذَا لَازم

لَهُم، وَجَمِيع مَا سلموه من قَوْله: اعْتدى والحقي بأهلك لَيْسَ من ضَرُورَة الطَّلَاق، فَإِن ألزمونا إِذا قَالَ لزوجته: أَنا مِنْك حر فَفِيهِ لنا منع، فَنَقُول: يَقع الطَّلَاق مَعَ النِّيَّة، فَإِن ألزمونا إِذا قَالَ: أحللت أختك، فَالْجَوَاب: أَن هَذِه الْمَسْأَلَة غير منصوصة فَنَقُول: يَقع الطَّلَاق حملا على قَوْله: اعْتدي، وكل مَا يذكرُونَهُ من هَذِه الْمسَائِل نُشبههُ بالمسائل الَّتِي اجْتَمَعنَا عَلَيْهَا، فَإِن فرقوا بَينهَا فرقنا، وَبِالْجُمْلَةِ نطالبهم بِالْفرقِ بَينهَا وَبَين قَوْله: اعْتدي، ونفرق بِمَا يفرقون بِهِ، وَكَونهَا فِي حَبسه لَا يدل على ملك كَمَا أَنه فِي حبس الزَّوْجَات الْأَرْبَع عَن خَامِسَة وَفِي حبس زَوجته عَن أُخْتهَا.

المسألة التاسعة والخمسون بعد المائتين رنط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رنط.) إِضَافَة الطَّلَاق إِلَى جُزْء معِين. الْمَذْهَب: وَقع وسرى. عِنْدهم: لَا إِلَّا أَن يضيفه إِلَى الْوَجْه وَالرَّأْس والرقبة والفرج. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فطلقوهن} وَجه الدَّلِيل: أَن الْمُضمر هُوَ جمَاعَة النِّسَاء لَا لأجزائهن، فَإِنَّهَا تَابِعَة فأصالة الطَّلَاق فِيهَا لَا يجوز.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَحل النِّكَاح، فَكَانَ مَحل الطَّلَاق كالوجه وَالرَّأْس، لِأَن الْمَرْأَة مَحل فأجزاؤها مَحل، وَالْبَعْض فِي مَحل الطَّلَاق كالبعض فِي الطَّلَاق، وَبَعض الطَّلَاق كل، كَذَلِك بعض الْمحل كل فِي محلية الْوَاقِع وَصَارَ كالجزء الشَّائِع. لَهُم: الْيَد لَيست محلا للطَّلَاق فلغت، بَيَانه: أَنَّهَا لَيست محلا للنِّكَاح وَإِنَّمَا مَحل النِّكَاح الْمَرْأَة. مَالك: أَحْمد: يَقع إِذا أضَاف إِلَى عُضْو لَا تبقى الْحَيَاة مَعَ انْفِصَاله. التكملة: كل جملَة لَا تتجزأ فِي حكم الطَّلَاق فَذكر بعضه كذكر كُله بِدَلِيل الزَّمَان وَالْمَكَان والجزء الشَّائِع، وَصورته أَن تَقول: أَنْت طَالِق فِي هَذَا

الشَّهْر فِي هَذِه الدَّار، أَو نصفك طَالِق أَو نصف طَلْقَة، ونقول: أَي فرق بَين أَن يَقُول: نصفك طَالِق أَو نصفك الْأَعْلَى طَالِق أَو الْأَسْفَل أَو الْأَيْسَر أَو الْأَيْمن؟ ! فَإِن سلمُوا فِي الْأَعْلَى والأسفل ترقينا فِي الْعشْر وَعشر الْعشْر وَيكون الْأَمر فِيهِ رَاجعا إِلَى حد الإصبع مثلا، فَإِن منعُوا إِذا قل الْجُزْء نطالبهم بالمرد، فَإِن قَالُوا: يكون من مَقَاصِد النِّكَاح والتناسل يلْزمهُم إِذا قَالَ: جَمِيع بدنك سوى فرجك، وأرشق صِيغَة فِي الْبَيَان أَن من قَالَ لزوجته: إِن مسستك فَأَنت طَالِق فمس يَدهَا طلقت إِجْمَاعًا فَنَقُول: إِن لم تكن الْيَد الممسوسة مِنْهَا، فَلَا يَقع الطَّلَاق الْمُعَلق عَلَيْهَا، وَإِن كَانَ مِنْهَا فليقع الطَّلَاق الْمُنجز الْمُضَاف إِلَيْهَا، فَإِن ألزمونا بَقَاء اسْم الْمَرْأَة بعد زَوَال الْيَد فَذَلِك لِأَن الِاسْم الْمَوْضُوع بِإِزَاءِ الْجُمْلَة فَصَارَ كالعسكر إِذا انْفَصل مِنْهُ عشرَة مثلا، فَإِن اسْم الْعَسْكَر بَاقٍ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ النَّفر (الْمُنْفَصِل جُزْءا) مِنْهُ.

المسألة الستون بعد المائتين رس

(الْمَسْأَلَة السِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رس.) طَلَاق الْمُكْره وعتاقه وَيَمِينه الْمَذْهَب: لَا يَقع شَيْء من ذَلِك. عِنْدهم: يَقع الْجَمِيع. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} وَقَوله تَعَالَى: {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد} .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حق مَعْصُوم فَلَا يقطع بِسَبَب من الْمُسْتَحق كرها كحق الشُّفْعَة، لِأَن عصمَة الْملك وحرمته تَقْتَضِي إبْقَاء ملكه لَهُ مَا دَامَ يُؤثر بَقَاؤُهُ وَالْمعْنَى جلي فِي الْمُنَاسبَة؛ لِأَنَّهُ يتم بِهِ حسم مَادَّة الظُّلم وَالْملك الْمَعْصُوم لَا يَنْقَطِع إِلَّا بِسَبَب صادر مِنْهُ مُضَاف إِلَيْهِ من وَجه (وَإِلَى الْمُكْره من وَجه) . لَهُم: طَلَاق صدر من أَهله تَحت ولَايَته فنفذ كَطَلَاق الهازل لِأَن التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة أَسبَاب الْأَحْكَام على وزان التَّصَرُّفَات الحسية بِالنِّسْبَةِ إِلَى آثارها، وَفِي اعْتِبَار قَول الْآدَمِيّ بَيَان شرفه وتميزه عَن غَيره من الْحَيَوَان سِيمَا وَهَذِه التَّصَرُّفَات الْمُتَنَازع فِيهَا لم يشرع طَرِيق فَسخهَا وردهَا بِخِلَاف البيع وَالْإِجَارَة. مَالك: ق. أَحْمد: وَافق وَقَالَ: الْوَعيد لَيْسَ بإكراه.

التكملة: نسائلهم مَا يعنون باسم الطَّلَاق، أيعنون بِهِ الصِّيغَة اللُّغَوِيَّة، أم الصِّيغَة الْمُعْتَبرَة شرعا؟ أما اللَّفْظ اللّغَوِيّ فَمُسلم وجوده لَكِن لم قَالُوا: يَنْقَطِع النِّكَاح بِهِ والصيغة الشَّرْعِيَّة لم تُوجد والانعقاد وَالِاعْتِبَار وصفان شرعيان للفظ المحسوس ثمَّ الْمُعْتَبر المنعقد ينتهض سَببا ينصب الشَّرْع؟ وَبَيَان هَذِه الْأَلْفَاظ أَن الشَّارِع جعل البيع سَببا مثلا، وَالْبيع اسْم مَجْمُوع من حُرُوف انتظمت كلمة ثمَّ مَجْمُوع كَلِمَات انتظمت كلَاما فَلَا اجْتِمَاع لَهَا فِي الْجِنْس فاعتبار الشَّرْع مَعْنَاهُ إمْسَاك الْجُزْء الأول فِي تَقْرِيره، وَكَذَلِكَ فِي سَائِر الْأَجْزَاء فتصرف الشَّرْع فِي كلمتي الْإِيجَاب وَالْقَبُول يرْبط إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى، وَمثل ذَلِك فِي الطَّلَاق يحْتَاج إِلَى الِاعْتِبَار

الشَّرْعِيّ فَمَا الدَّلِيل على الِاعْتِبَار؟ وَالشَّرْع يُرَاعِي الْمصَالح وَلَا مصلحَة فِي هَذَا.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 64 من المخطوطة أ:) (قَالَ: مَتى وَقع عَلَيْك طَلَاقي فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا، اخْتلف الْأَصْحَاب فِي ذَلِك؛ ذهب ابْن الْحداد والقفال وَالْقَاضِي أَبُو الطّيب إِلَى أَنه وَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق. وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَنه يَقع الطَّلَاق الْمُبَاشر دون الْمُعَلق بِصفة، قَالَ ابْن الْقَاص: وَإِن طلق امْرَأَته بِصفة وَقع الطَّلَاق لمجيء الصّفة إِلَّا وَاحِد وَهُوَ إِذا قَالَ لامْرَأَته: أَنْت طَالِق الْيَوْم ثَلَاثًا إِن طَلقتك غَدا وَاحِدَة (وَطَلقهَا غَدا وَاحِدَة) ، وَقعت دون الثَّلَاث وَحكي هَذَا عَن ابْن سُرَيج، فَإِنَّهُ قَالَ: إِذا قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا: إِذا طَلقتك فَأَنت طَالِق أُخْرَى قبل الَّتِي أوقعهَا عَلَيْك وَطَلقهَا وَقعت الَّتِي أوقعهَا وَلم تقع الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَو وَقعت لم تقع هَذِه الَّتِي أوقعهَا، وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَنه يَقع الطَّلَاق الْمُبَاشر وَتَمام الثَّلَاث من الْمُعَلق بِصفة وَبِه قَالَ الْخصم، فَأَما من قَالَ: لَا يَقع عَلَيْهَا طَلَاق أصلا تعلق بِأَنَّهُ إِن وَقع عَلَيْهَا مَا أوقعه وَجب أَن يَقع الطَّلَاق

الْمُعَلق بِهِ لِأَن الشَّرْط إِذا حصل وَجب حُصُول الْمَشْرُوط، وَإِذا وَقع قبله ثَلَاثًا لم يَقع مَا أوقعه؛ لِأَنَّهُ لَا يملك أَكثر من ثَلَاث، وَإِذا لم يَقع مَا أوقعه (لم يَقع) الثَّلَاث فإثبات هَذَا الطَّلَاق يُؤدى إِلَى نَفْيه فَلم يجز إثْبَاته وإيقاعه) ، قَالُوا: وَهَذَا مثل مَا قَالَه الشَّافِعِي: إِذا زوج الرجل عَبده من حرَّة بِصَدَاق ضمنه لَهَا ثمَّ بَاعهَا العَبْد بِالصَّدَاقِ قبل الدُّخُول لم يَصح البيع؛ لِأَنَّهُ لَو صَحَّ ملكت زَوجهَا وَإِذا ملكته انْفَسَخ النِّكَاح وَإِذا انْفَسَخ سقط مهرهَا، لِأَن الْفَسْخ كَانَ من جِهَتهَا قبل الدُّخُول فَإِذا سقط الْمهْر بَطل البيع؛ لِأَنَّهُ هُوَ عرضه فأفسد البيع لِأَن ثُبُوته يُؤَدِّي إِلَى نَفْيه كَذَلِك هَاهُنَا، وَمن قَالَ: يَقع الْمُنجز خَاصَّة، قَالَ: الْمُنجز طَلَاق أوقعه على زَوجته وَهُوَ مِمَّن يملك الطَّلَاق فَوَقع، فَأَما الْمُعَلق بِهِ فإيقاعه يُؤَدِّي إِلَى نَفْيه وَنفي الْمُبَاشر، فَيجب أَلا يَقع وَيحسن أَن يعلق هَذَا الطَّلَاق على مَشِيئَة اللَّهِ تَعَالَى وَيَقُول: مَتى وَقع على امْرَأَتي طَلَاقي دون أَن أستخير اللَّهِ تَعَالَى، فَهِيَ طَالِق قبله ثَلَاثًا، وَإِذا قَالَ: أَنْت طَالِق إِن شَاءَ اللَّهِ وَقع فِي الْحَال بِخِلَاف إِن، وَإِذا قَالَ طَالِق مَرِيضَة لم يَقع إِلَّا إِذا مَرضت، لِأَن الْحَال بِمَنْزِلَة الظّرْف للْفِعْل فَلَا يَقع قبلهَا، وَلَو قَالَ: مَرِيضَة كَانَ كَمَا لَو نصب وَيكون لحنا، واللحن

لَا يُغير الْمَعْنى، قَالَ الْبَنْدَنِيجِيّ: إِن كَانَ نحويا وَقع الطَّلَاق فِي الْحَال لِأَن مَرِيضَة صفة لَهَا وَهَذَا غير صَحِيح لِأَن مَرِيضَة نكرَة وَهِي معرفَة، (وَإِذا قَالَ: أَنْت طَالِق 5 (5) الاج (3) قَالَ الطَّبَرِيّ: تطلق ج (3) وَجهه: أَن 5 لَا تكون طَلَاقا، وَإِنَّمَا يكون الْموقع مِنْهَا ج (3) فَإِذا اسْتثْنى (ج (3) فَإِن كَانَ اسْتثْنى الْجَمِيع، فَلم يَصح الِاسْتِثْنَاء وَوَقع الْموقع، قَالَ أَكثر الْأَصْحَاب: يَقع ب (2) ، وَلَو قَالَ: أَنْت طَالِق 5 الْأَب وَقع على قَول الطَّبَرِيّ ا) ، وَلَو) طَلقهَا فِي مرض مخوف وَقيل: قبل أَن يعافى لَا يَقع فِي أحد الْقَوْلَيْنِ.

من مسائل الطلاق

(من مسَائِل الطَّلَاق) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسا.) إِذا طَلقهَا وَاحِدَة أَو ثِنْتَيْنِ ونكحت غَيره ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بِنِكَاح جَدِيد. الْمَذْهَب: كَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَا بَقِي من الطلقات. عِنْدهم: يملك عَلَيْهَا ثَلَاثًا كَمَا لَو نكحت غَيره بعد الثَّلَاث. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {الطَّلَاق مَرَّتَانِ ... ... .} الْآيَة، وَجه الدَّلِيل قَوْله: {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} ، وَهَذَا مُطلق وَحَتَّى للغاية فَيَقْتَضِي مَا يكون لَهُ غَايَة (وَالَّذِي يكون لَهُ غَايَة التَّحْرِيم، وَلَا تَحْرِيم فِي الطَّلقَة الْوَاحِدَة) . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لعن اللَّهِ الْمُحَلّل والمحلل لَهُ} ، وَجه الدَّلِيل: أَنه

سَمَّاهُ محللا كالمبيض والمسود فَمن وجد وجد أَثَره. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يجد الزَّوْج الثَّانِي مَحل الْعَمَل، فَلَا يعْمل؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَيْهِ، إِنَّمَا الْحَاجة عِنْد الثَّلَاث وَهِي مُطلقَة ثَلَاثًا، فَلَا تحل إِلَّا بعد الْإِصَابَة من زوج آخر كَمَا لَو لم يتَحَلَّل النِّكَاح، ذَلِك لِأَن الطلقات الثَّلَاث مَحْذُورَة لما فِيهِ من إيغار قلب الْمَرْأَة وفوات النِّكَاح الَّذِي هُوَ مُتَعَلق بالمقاصد. لَهُم: وجد الزَّوْج الثَّانِي مَحل عمله فَعمل، بَيَانه أَنه مُحَلل، وَإِثْبَات الْحل لَهُ أصل فِي الشَّرْع كالطلقات الثَّلَاث، فَإِن الزَّوْج رفع التَّحْرِيم، والمناسبة أَن هَذَا نوع تشف وزجر عَن الْإِتْيَان بِهَذَا الْفِعْل. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: قبل وَطْء الزَّوْج الثَّانِي لم يبْق لَهُ إِلَّا ملك الْبَاقِي، وَالْأَصْل اسْتِصْحَاب

الْحَال فِي الحكم إِلَى طريان مغير، والمغير هُوَ الْوَطْء، وَلَا يصير مغيرا إِلَّا بِجعْل الشَّرْع وَلَا يعرف ذَلِك إِلَّا بِنَصّ أَو قِيَاس على مَنْصُوص وَلَا نَص إِلَّا بعد ثَلَاث وَلم يفهم مِنْهُ التَّغْيِير بل فهم مِنْهُ كَونه غَايَة التَّحْرِيم كانتهاء تَحْرِيم الْوَطْء للصيام بِمُضِيِّ الْيَوْم، فَإِذا لم يكن تَحْرِيم لم يعقل انْتِهَاء، وَالْوَطْء لَا يُنَاسب التَّحْلِيل وَأي مُنَاسبَة بَين أَن يخالط زيد زَوجته فَتحل لعَمْرو، فَإِذا انْتَفَت الْمُنَاسبَة انْتَفَى التَّأْثِير فَبَقيَ غَايَة مَحْضَة، فَإِن قَالُوا: يُنَاسب لكَونه عُقُوبَة قُلْنَا: أَولا لَا يكون عُقُوبَة على مُبَاح فَإِن تَفْرِيق الطَّلَاق على الْأَقْرَاء هُوَ السّنة عِنْدهم، فَكيف يُعَاقب عَلَيْهَا؟ وهب أَنه عُقُوبَة، فَإِنَّمَا يكون عُقُوبَة بعد الثَّلَاث فَأَما قبلهَا فَلَا، وَصَارَ كَمَا لَو قطع يَد شخص ثمَّ سرق لَا يكون الْقطع الْمُتَقَدّم عُقُوبَة على السّرقَة الْمُتَأَخِّرَة، فَإِن الْعُقُوبَات لَا تتقدم على الجرائم.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

المسألة الثانية والستون بعد المائتين رسب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسب.) بِمَاذَا تعْتَبر عدَّة الطَّلَاق؟ . الْمَذْهَب: بِالرِّجَالِ وَالْحر يُطلق ثَلَاثًا وَإِن كَانَ تَحْتَهُ أمة. عِنْدهم: بِالنسَاء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الطَّلَاق بِالرِّجَالِ وَالْعدة بِالنسَاء "، ثمَّ قد وَفينَا فِي جَانب الْمَرْأَة بالعدة، فَيجب أَن نفي فِي جَانب الرجل بِالطَّلَاق. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " يُطلق العَبْد طَلْقَتَيْنِ وَتعْتَد الْمَرْأَة بقرءين ". لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " طَلَاق الْأمة ثِنْتَانِ، وعدتها حيضتان ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ملك يخْتَلف بِالرّقِّ وَالْحريَّة فَاعْتبر فِيهِ جَانب الْمَالِك قِيَاسا على ملك النِّكَاح، فَإِن الْحر بِالْإِجْمَاع ينْكح أَرْبعا وَالْعَبْد اثْنَتَيْنِ، ذَلِك لِأَن الْحُرِّيَّة تشعر بِالْإِطْلَاقِ والتوسعة فِي الإملاك وَالرّق يُنبئ عَن الضّيق، وَالطَّلَاق شرع لحَاجَة الزَّوْج أصلا وعددا وَلذَلِك فوض إِلَيْهِ فيناسب أَن يعْتَبر فِيهِ جَانِبه كالقسم لما شرع لحاجتها اعْتبر جَانبهَا. لَهُم: الطَّلَاق لإِزَالَة الْحل والحل نعْمَة وكرامة إِذْ النِّكَاح يعتمده وَهُوَ عقد مصلحَة من الْجَانِبَيْنِ وحظ الرَّقِيق فِي النعم والكرامات دون حَظّ الْأَحْرَار فَكَانَ حَال الْأمة دون الْحرَّة وَلِهَذَا امْتنع نِكَاح الْأمة إِلَّا فِي حَال عدم الْحرَّة أَو طولهَا وتفاوتا فِي الْقسم وَالْعدة قَضَاء لحق الْحل الْمُقْتَضى لَا لصيانة المَاء بِدَلِيل عدَّة الْوَفَاء. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: يَقُولُونَ فِي الزَّوْج إِذا كَانَ عبدا: إِنَّا مَا أهملناه بل وَفينَا بِحَق التنصيف فِي النِّكَاح، فَوَجَبَ أَن يكون فِي هَذَا النّصْف مثل الْحر، الْجَواب: عَن الْعدة أَن التَّعَبُّد فِيهَا غَالب حَتَّى وَجَبت مَعَ تَيَقّن الْبَرَاءَة فالتحقت بالتكاليف وَاعْتبر فِيهَا جَانب الْمُكَلف بهَا. ومنقولهم رَوَاهُ مظَاهر بن أسلم وَهُوَ مَتْرُوك، ثمَّ ننزله على الْأمة إِذا كَانَت عِنْد عبد وَهُوَ الْأَكْثَر وقوعا، وَمثل هَذَا مُتَعَيّن للْجَمِيع بَين الْأَحَادِيث المتعارضة.

المسألة الثالثة والستون بعد المائتين رسج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسج.) المبتوتة فِي مرض الْمَوْت. الْمَذْهَب: لَا تَرث فِي أصح الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: تَرث فِي الْعدة وَهُوَ القَوْل الآخر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... ... ... ... . . لَهُم: رُوِيَ أَن عُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ ورث زَوْجَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مِنْهُ، وَكَانَ طَلقهَا فِي مرض الْمَوْت، وَقَالَ: من فر من كتاب اللَّهِ رد إِلَيْهِ،

وانتشر هَذَا الْقَضَاء فِي الصَّحَابَة (فَكَانَ إِجْمَاعًا) . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يُوجد سَبَب الِاسْتِحْقَاق فَلَا يَرث كَمَا لَو انْقَضتْ الْعدة، وكطلاق الصِّحَّة لِأَن السَّبَب النِّكَاح، وَالطَّلَاق قَاطع وَلَا مَانع مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاح فِي الْمَرَض، فَلَو خلينا وَالْقِيَاس مَا جعلنَا النِّكَاح مورثا، فَإِن زمَان الْإِرْث بعد الْمَوْت وَلَا نِكَاح حينذ لَكِن الشَّرْع نَصبه سَببا يكون عِنْد نهايته وَهَاهُنَا قد انْقَطع. لَهُم: النِّكَاح قَائِم فِي حق الْإِرْث فَصَارَ كَمَا قبل الطَّلَاق، ذَلِك لِأَن حَقّهَا تعلق بِمَا لَهُ لِأَن الْمَرَض سَبَب التَّعَلُّق، فَإِذا طَلقهَا فقد رام إبِْطَال سَبَب حَقّهَا، فَلَا يَصح وَلَو عتق عَبده فِي مَرضه لم يَصح مُتَّهمًا فِي إبِْطَال حَقّهَا. مَالك: ف. أَحْمد: ف. التكملة: دَعوَاهُم الْإِجْمَاع لَا مطمع فِيهِ فَإِنَّهُ نقل عَن زيد بن ثَابت قَالَ: لَو كَانَ

الْأَمر إِلَيّ مَا ورثتها وَلَو سلم سكُوت الضِّدّ مَا كَانَ إِجْمَاعًا، فَإِن الحكم فِي مَوضِع الِاجْتِهَاد وَللْإِمَام أَن يجْتَهد، ثمَّ قد رُوِيَ أَنه كَانَ بعد انْقِضَاء الْعدة وَلَا يُمكن قِيَاس حَالَة الْبطلَان على حَالَة عَدمه، فَإِن تمّ لَهَا أَن تغسله وَلَا تغسله هَاهُنَا، ثمَّ الْإِرْث فِي مَحل الْإِجْمَاع على خلاف الْقيَاس فَكيف يُقَاس عَلَيْهِ؟ وَالْمُعْتَمد أَن سَبَب إرثها النِّكَاح، وَقد أثبت بِالطَّلَاق الثَّلَاث، وَلذَلِك انْقَطع إِرْث الزَّوْج مِنْهَا وَلم يبْق إِلَّا الْعدة وعلقتها لَا تصلح للتوريث بِدَلِيل حَالَة الصِّحَّة وَحَالَة سؤالها وبدليل جَانب الزَّوْج وَمَا تعلقوا بِهِ من التُّهْمَة لَا أثر لَهُ وَيبْطل بِمَا لَو طَلقهَا قبل الدُّخُول وَبِمَا بعد الْعدة وَبِمَا لَو كَانَ ابْن عَم مكاشح فتبنى لقيطا أَو نكح على زَوجته ثَلَاثًا أَو نفى وَلَده بِاللّعانِ، فَإِن كل ذَلِك نَافِذ مَعَ التُّهْمَة وَمنع الْعتاق وَالْهِبَة لَيْسَ لحق الْوَارِث بل لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لِأَن تدع وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تَدعهُمْ عَالَة " وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف طلق زَوجته لسؤالها.

صفحة فارغة ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

المسألة الرابعة والستون بعد المائتين رسد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسد.) بِمَاذَا تحصل الرّجْعَة. الْمَذْهَب: بالْقَوْل فَقَط. عِنْدهم: بِالْوَطْءِ أَو النّظر إِلَى الْفرج، ونزولها عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِم، ولمسه إِيَّاهَا بشهوه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... . لَهُم: قَالَ اللَّهِ تبَارك وَتَعَالَى: {فإمساك بِمَعْرُوف} ، وَقَالَ تَعَالَى:

{وبعولتهن أَحَق بردهن} . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الرّجْعَة سَبَب يَقْتَضِي ملك الْبضْع، فَلَا يَصح بِغَيْر القَوْل كَالنِّكَاحِ، ولسنا نقيس سَببا بِسَبَب، بل ندعي أَن مَحل النزاع غير مَحل الْوِفَاق، ذَلِك لِأَن الطَّلَاق قَاطع حكم النِّكَاح وَالْوَطْء لَيْسَ بِمَثَابَة القَوْل، فَإِنَّهُ مُحْتَمل وَشرف الْبضْع (ينبي عَن تَرْبِيَته) على فعل مُحْتَمل وَيدل على أصل الْكَلَام أَن الْإِشْهَاد على الرّجْعَة مَأْمُور بِهِ إِيجَابا واستحبابا فَلَا شَهَادَة على الْوَطْء. لَهُم: الْمَأْمُور بِهِ الْإِمْسَاك، وَالْوَطْء إمْسَاك، فَإِن قَوْله: أَمْسَكت فِي حكم الْوَعْد، تَحْقِيقه بِالْفِعْلِ فاعتبار نفس الْفِعْل أولى، وَذَلِكَ لِأَن الطَّلَاق لَا يزِيل الْملك بل يفوت الْحل فَيفوت الْملك ضَرُورَة، ثمَّ لَو قُلْنَا: إِنَّه يزِيل الْملك فشرطه انْقِضَاء الْعدة وَالرَّجْعَة تمنع تَمام الِانْقِضَاء وَالسَّبَب دون شَرطه عدم فِي حق الحكم. مَالك: إِن نوى بذلك الرّجْعَة حصلت.

أَحْمد: وَافق الْخصم. التكملة: نفرض فِي اللَّمْس ونقول: فعل من قَادر على القَوْل فَلَا تحصل بِهِ الرّجْعَة كالخلوة، مَعَ أَن الْخلْوَة على أصلهم نازلة منزلَة الْوَطْء فِي إِيجَاب الْعدة وَتَقْرِير الْمهْر، وَلَا شكّ فِي أَن لَهَا دلَالَة على الرّجْعَة كاللمس، أَو نفرض فِي نُزُولهَا عَلَيْهِ أَو نقُول: فعل مِمَّن لَا تحصل لَهُ الرّجْعَة بقوله فَلَا تُؤثر كاللمس من جِهَتهَا وَهُوَ نَائِم، قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه اللَّهِ: لَا نتبع إِلَّا اللَّفْظ الْمَوْضُوع للدلالة على الرِّضَا الَّذِي هُوَ نَص فِيهِ لَا يحْتَمل غَيره، فَإِن الْوَطْء مثلا يدل على إِرَادَة (الْوَطْء لَا إِرَادَة) النِّكَاح، أما إِذا أسلم عَن أُخْتَيْنِ فوطئ أَحدهمَا أَو أبهم الطَّلَاق وَالْعتاق ووطئ فَلَا نسلم فيهمَا. وَاعْلَم أَن من مَذْهَبنَا أَن الرّجْعَة ابْتِدَاء حل (لَا اسْتِدَامَة حل) قَالَ الشَّافِعِي: وَلما لم يكن نِكَاح وَلَا طَلَاق إِلَّا بالْقَوْل لم تكن رَجْعَة إِلَّا

بالْقَوْل وَهَذَا تَنْبِيه على أَن الْفِعْل لَيْسَ فِي معنى القَوْل فِي الأبضاع لِأَن مبناها على الِاحْتِيَاط.

المسألة الخامسة والستون بعد المائتين رسه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسه.) وَطْء الرَّجْعِيَّة. الْمَذْهَب: حرَام. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... لَهُم: ... ... ... ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ملك العقد عَلَيْهِ سَبَب الزَّوَال، فَلَا يُفِيد حل الْوَطْء كالملك (فِي

الْمُكَاتبَة) ومنهاج إِثْبَات السَّبَبِيَّة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِد، فَإِن ملك النِّكَاح وَالْيَمِين يَنْقَطِع بعد الطَّلَاق وَالْكِتَابَة وَملك الْإِنْسَان لَا يَنْقَطِع إِلَّا بِسَبَب من جِهَته وَلم يصدر مِنْهُ سوى الطَّلَاق، وَالْأَصْل فِي الأبضاع الْحُرْمَة والحل عَارض بِخِلَاف الْأَمْوَال، وَلِهَذَا يطْلب فِي كل امْرَأَة دَلِيل الْحل وَفِي كل مَال دَلِيل الْحُرْمَة. لَهُم: بَقَاء الْملك دَلِيل بَقَاء الْحل، وَدَلِيل بَقَاء الْملك وُقُوع الطَّلَاق الثَّانِي وَلَا يجوز أَن يَدعِي زَوَال الْملك وَبَقَاء العقد، فَإِنَّهُمَا متلازمان وَلِهَذَا لم يَصح فِيهِ شَرط الْخِيَار الْمنَافِي للْملك وَيدل عَلَيْهِ ظِهَار الرَّجْعِيَّة، فَإِنَّهُ يَصح مَعَ أَن حكمه التَّحْرِيم، وَكَذَلِكَ قَوْله: " أَنْت عَليّ حرَام " ينْعَقد وَيُوجب الْكَفَّارَة، وَتَحْرِيم الْمُحرمَة محَال. مَالك: ق. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: سلمُوا أَنه تحرم الْخلْوَة بهَا والمسافرة بهَا لَا على قصد الارتجاع، وَمهما حرمت الْخلْوَة فالوطء أولى؛ لِأَنَّهَا لأَجله تحرم، ونقول: الطَّلَاق فِي

الأَصْل ضد النِّكَاح، وَلَو كَانَت بعد الطَّلَاق كَمَا كَانَت قبله لما احتسب عَلَيْهَا بالعدة، لِأَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن الْعدة جعلت قَضَاء لحق النِّكَاح أَو الْوَطْء، فَلَا يَقع فِي صلب النِّكَاح، وَإِنَّمَا تقع بعد اختلاله، وَلذَلِك إِذا قَالَ: مهما استنقيت بَرَاءَة رَحِمك فَأَنت طَالِق، فَإِذا طلقت لَزِمَهَا الِاسْتِئْنَاف، وَإِذا أَبَانهَا وشرعت فِي الْعدة ثمَّ نَكَحَهَا انْقَطَعت الْعدة الْوَاقِعَة بعد الْبَيْنُونَة، حَتَّى لَو مَضَت بَقِيَّة الْمدَّة فِي صلب النِّكَاح وَطَلقهَا فِي النِّكَاح بعد الْمَسِيس يلْزمهَا العودة إِلَى الْعدة بعد الطَّلَاق وَمَا مضى فِي صلب النِّكَاح تَعْتَد بِهِ والرجعية عِنْدهم جَارِيَة فِي صلب النِّكَاح.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 65 من المخطوطة أ:) إِذا وطئ الْمولي هَل تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة؟ قَولَانِ: الْجَدِيد تجب، وَبِه قَالَ الْعِرَاقِيّ، وَإِذا (طلبت الْمَرْأَة الْفَيْئَة) أَو الطَّلَاق لزمَه أَحدهمَا، فَإِن لم يفئ فَهَل يُطلق الْحَاكِم عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْقَدِيم: لَا يُطلق عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يضيق عَلَيْهِ حَتَّى يُطلق، وَفِي الْجَدِيد: يُطلق عَلَيْهِ، وَالطَّلَاق الْوَاجِب على الْمولي رَجْعِيّ، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد خلافًا لَهُم، فَإِنَّهُم قَالُوا: يَقع بَائِنا بِانْقِضَاء الْعدة، إِذا قَالَ لزوجاته: وَالله لَا أقربكن، قيل: يكون موليا من الْجَمِيع، وَقيل: إِنَّمَا يكون موليا من الَّتِي تبقى أخيرا إِذا وطئ صواحبها، إِذا قَالَ: أَنْت عَليّ كأمي إِن أَرَادَ بِهِ التوقير لم يكن ظِهَارًا، وَكَذَا إِن قَالَ: مثل أُخْتِي فَإِن أَرَادَ التَّحْرِيم كَانَ ظِهَارًا، وَإِن أطلق لم يكن

ظِهَارًا، وَاعْلَم أَن الْكَفَّارَة تجب بالظهار، وَالْعود أَن يمْسِكهَا زَمَانا يُمكنهُ فِيهِ الطَّلَاق فَلَا: يطلقهَا، قَالَ مَالك، وَأحمد: الْعود: الْعَزْم على الْوَطْء. قَالَ أَبُو حنيفَة: الْكَفَّارَة شَرط إِبَاحَة الْوَطْء وَلَيْسَت وَاجِبَة عَلَيْهِ، فَإِن وطئ قبل أَن يكفر فقد فعل محرما، وَلم تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَيُقَال لَهُ: لَا يحل لَك الْوَطْء ثَانِيًا حَتَّى تكفر، وَجَاء فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ يعودون لما قَالُوا} ، يَعْنِي وَالَّذين كَانَت عَادَتهم أَن يَقُولُوا هَذَا القَوْل قطعوه بِالْإِسْلَامِ ثمَّ يعودون لمثله، وَجه آخر: ثمَّ يعودون لما قَالُوا بِمَعْنى يتداركون مَا قَالُوا كَمَا يُقَال: عَاد عنت على مَا أفسد أَي تَدَارُكه بالإصلاح. " وَاعْلَم أَن من شَرط الْفَرْع أَلا يكون مَعْلُوم الحكم بِالنَّصِّ (فَإِنَّهُ إِذا علم بِالنَّصِّ) ، وعدينا إِلَيْهِ مَا يُخَالِفهُ لم يجز وَإِن عدينا إِلَيْهِ مَا يُوَافقهُ فَهُوَ عَبث، قَالُوا: فالرقبة مَنْصُوص عَلَيْهَا فِي كَفَّارَة الظِّهَار وَكَفَّارَة الْقَتْل وَاسْتِعْمَال النصين من غير قِيَاس مُمكن فَلم قستم أَحدهمَا على الآخر؟

وَالْجَوَاب أَنا تعرضنا لحكم النَّص بالمنصوص عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ عَام فِيهِ، وَذَلِكَ جَائِز بَيَانه أَن قَوْله: {فَتَحْرِير رَقَبَة} لَيْسَ نصا فِي أَن الْإِيمَان لَا يشْتَرط لكنه يشْعر بِهِ لعُمُوم الصِّيغَة وَنحن عَرفْنَاهُ بِالْقِيَاسِ وحملنا الرَّقَبَة الْمُطلقَة على الرَّقَبَة السليمة بطرِيق التَّخْصِيص كَمَا حملنَا السَّارِق الْمُطلق على سَارِق النّصاب، وَمن شَرط الْفَرْع أَن تكون عِلّة الأَصْل بَائِنَة فِيهِ) ، وَمن شَرطه أَلا يتَقَدَّم فِي الثُّبُوت على الأَصْل مِثَاله: قِيَاس الْوضُوء على التَّيَمُّم مَعَ تَأَخّر التَّيَمُّم عَنهُ، وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَنه لابد أَن يعْتَقد لافتقار الْوضُوء إِلَى النِّيَّة دلَالَة سوى التَّيَمُّم فتعضد تِلْكَ الدّلَالَة بِدلَالَة أُخْرَى، فَإِذا اعتقدنا عَلَيْهِ دَلِيلا لم يمْتَنع الِاسْتِدْلَال بِالتَّيَمُّمِ وَصَارَ كَمَا تبين أَن الْعَالم يدل على قدم الصَّانِع لَكِن لَيْسَ وجود الصَّانِع حَاصِلا بِهَذَا الدَّلِيل، وَمن شَرطه أَلا يُقَاس الْفَرْع بِالْأَصْلِ فِي التَّخْفِيف والتغليظ والثبوت والسقوط، وَالتَّحْقِيق أَنه مَتى كَانَت الْعلَّة الجامعة للفرع وَالْأَصْل مُنَاسبَة لم تنَلْ بالافتراق ".

الإيلاء والظهار والكفارة

(الْإِيلَاء وَالظِّهَار وَالْكَفَّارَة) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رشو.) الْمولي. الْمَذْهَب: بعد الْمدَّة يُوقف على الْفَيْئَة أَو الطَّلَاق. عِنْدهم: يَقع الطَّلَاق بِمُضِيِّ الْمدَّة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر} وَجه الدَّلِيل: تسميه إِيلَاء لَا طَلَاقا، وَتَقْدِيره بالمدة فَمن جعله طَلَاقا فَعَلَيهِ الدَّلِيل. لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر} ، وَجه

الدَّلِيل: أَنه قدره بأَرْبعَة أشهر فَمن زَاد على مُدَّة التَّرَبُّص فقد زَاد على النَّص. قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا: كَانَ الْإِيلَاء طَلَاق الْجَاهِلِيَّة فَزَاد الشَّرْع فِيهِ أَََجَلًا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حلف على منع حق من حُقُوق النِّكَاح، فَلَا يَنْقَطِع بِهِ نِكَاحه كالحلف على منع النَّفَقَة، وَفِي الصُّورَتَيْنِ الطَّلَاق لدفع الضَّرَر، وَإِنَّمَا قدر الشَّرْع الْمدَّة فِي الْإِيلَاء فَلَا تصرف فِيهِ. لَهُم: الطَّلَاق يزِيل الْملك فَيحرم الْوَطْء، وَالْيَمِين يحرم الْفِعْل فَجَاز أَن يقوم مقَامه، يدل عَلَيْهِ أَن من حلف لَا يطَأ أَجْنَبِيَّة ثمَّ نَكَحَهَا لم يكن إِيلَاء وَتحقّق الضَّرَر الَّذِي تخيلتم دَفعه لَا يخْتَلف بتقدم السَّبَب وتأخره كالعنة فَهُوَ طَلَاق وَالشَّرْع فسخ يُنجزهُ بالأجل ليَكُون مخلصا للزَّوْج وَكَذَلِكَ لَو حلف ثَلَاثَة أشهر (ثمَّ ثَلَاثَة أشهر) لم يكن إِيلَاء وَالضَّرَر قَائِم فَعرف كَونه طَلَاقا لَا ضَرَرا.

مَالك: وَافق القَوْل الْجَدِيد، وَقَالَ: الْحَالِف بِغَيْر اللَّهِ مول. أَحْمد: إِن حلف بِغَيْر اللَّهِ لَا يكون موليا. التكملة: قَول ابْن عَبَّاس: حِكَايَة حكم الْجَاهِلِيَّة لَا يلْزم اتِّبَاعه، وَقَوله: زَاد فِيهِ أَََجَلًا حِكَايَة عَن اعْتِقَاده، وَذَلِكَ لَا يلْزمنَا، وَلَا نسلم أَن الْيَمين يحرم الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أما اخْتِصَاص الْإِيلَاء بِالنِّكَاحِ، فَذَلِك لِأَن الْمَدْفُوع مضرَّة تحققت بالْقَوْل وَالْفِعْل جَمِيعًا، فَإِنَّهُ آذاها بِاللِّسَانِ ثمَّ بالامتناع، فَإِذا سبق القَوْل النِّكَاح لم يكن إِيذَاء بالْقَوْل وَدَلِيل اعْتِبَار القَوْل بالإيلاء أَنه بعد الْمدَّة (لَو عجز عَن الْوَطْء) ، وَفَاء بالْقَوْل صَحَّ، وَمَسْأَلَة الْإِيلَاء ثَلَاثَة أشهر مَمْنُوعَة، وعَلى التَّسْلِيم نقُول: الْمَشْرُوع هُوَ الطَّلَاق بعد أَرْبَعَة أشهر بِحكم الْيَمين السَّابِقَة فقد انْحَلَّت لثَلَاثَة أشهر وَالْيَمِين الثَّانِيَة لم تتمّ

مدَّتهَا، فَكَانَ غير الْمَشْرُوع لَا يبْقى إِلَّا أَن هَذَا إِذا اعْتبر صَار حِيلَة فِي المضارة وَالشَّرْع لم يحسم بَاب الْحِيَل كحيلة إِزَالَة الْملك فِي إِسْقَاط الزَّكَاة وحيل التَّخَلُّص من الزِّنَى وَإِسْقَاط الْقطع بانفراد أحد اللصين بالنقب وَذَلِكَ لِأَن الْقَوَاعِد بنيت على الْمَقَاصِد الْكُلية ثمَّ لَا تنفك قَاعِدَة من حِيلَة تَنْقَضِي بهَا عهدتها، وَبِالْجُمْلَةِ مستندنا إِلَى حَقِيقَة الْإِيلَاء وَصورته فَإِنَّهُ يَمِين وصيغته إِخْبَار عَن الانكفاف عَن الْفِعْل فَصَارَ كَمَا لَو أَضَافَهُ إِلَى إطعامه وَمن حَيْثُ الْمَعْنى إِيجَاب الْكَفَّارَة فِيهِ مَعَ الْحِنْث هَذَا ظَاهره وباطنه، فَمن ادّعى كَونه طَلَاقا فَعَلَيهِ الدَّلِيل.

الصفحة فارغة

(الصفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

المسألة السابعة والستون بعد المائتين رسز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسز.) ظِهَار الذِّمِّيّ. الْمَذْهَب: صَحِيح. عِنْدهم: لَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي صَخْر البياضي حِين ظَاهر ثمَّ وطئ:

" اسْتغْفر رَبك وَلَا تعد حَتَّى تكفر "، وَجه الدَّلِيل أَن حكم الظِّهَار حُرْمَة مُؤَقَّتَة فَلَو صححناها من الْكَافِر كَانَت الْحُرْمَة غير مُؤَقَّتَة لِأَن الْكَفَّارَة لَا تصح مِنْهُ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: التَّحْرِيم لَا يصلح حكما للظهار؛ لِأَنَّهُ تَحْقِيق غَرَض الْمظَاهر، وَالْكَفَّارَة أَيْضا لَا تصلح؛ لِأَنَّهَا ماحية لَهُ، وَالْحكم لَا يمحو السَّبَب، فَحكمه إِذا التأثيم وَالْكَفَّارَة شَرط حل الْوَطْء، وَنسبَة الْكَفَّارَة إِلَى الظِّهَار نِسْبَة التَّوْبَة إِلَى الذَّنب، وَالْكَافِر أهل أَن يَأْثَم وَلَا يُنَافِي حَاله اشْتِرَاط الْكَفَّارَة كاشتراط الشَّهَادَة فِي نِكَاحه. لَهُم: الْكَفَّارَة عبَادَة، وَهِي حكم الظِّهَار، وَالْكَافِر لَيْسَ أَهلا لِلْعِبَادَةِ، دَلِيل كَونهَا عبَادَة بأدائها بِالصَّوْمِ بَدَلا من الْعتْق ومبدلا عَن الْإِطْعَام وَالشَّيْء لَا يَخْلُو عَنهُ بدله ومبدله ويفتقر إِلَى نِيَّة ويعقب بالثواب ومحو الْإِثْم ويفوض أَدَاؤُهَا إِلَى الْمُكَلف والعقوبات يستوفيها السُّلْطَان.

مَالك: ف. أَحْمد: ق. التكملة: الْوُجُوب يتلَقَّى من خطاب الْإِيجَاب لكَونه تكليفا، والشروط والأسباب تتلقى من خطاب الْوَضع بقصور أحد الخطابين عَن الْكَافِر لَا يبْقى سَببه وَهُوَ الْإِسْلَام لَا يقتضى قُصُور الْخطاب الآخر عَنهُ، فالكفارة وَاجِبَة على الْمُسلم بِإِسْلَامِهِ عِنْد ظِهَاره وَهِي مَشْرُوطَة فِي حل وَطئه وهما حكمان من جِهَتَيْنِ وَالْكَافِر يثبت فِي حَقه بِأحد الْحكمَيْنِ وَهُوَ الِاشْتِرَاط فَصَارَ كنصب البيع وَنصب الشَّهَادَة فِي النِّكَاح وَجَمِيع مَا حققوه من متشابه الْعِبَادَات مَوْجُودَة فِي كَفَّارَة الْفطر وَقد قضوا بِأَنَّهَا عُقُوبَة حَتَّى أسقطوها بِالشُّبُهَاتِ، فَلم يوجبوا على الْمُفطر أَيَّامًا إِلَّا كَفَّارَة وَاحِد ونفوها عَمَّن جَامع فِي صدر النَّهَار ثمَّ مرض أَو سَافر فِي آخِره ثمَّ الْكَفَّارَة قسم بِنَفسِهَا لَا عُقُوبَة وَلَا عبَادَة، لِأَن الْعِبَادَة مَا وَجب ابْتِدَاء ابتلاء وَالْكَفَّارَة تبنى على أَسبَاب غير مَشْرُوعَة والعقوبة مَا شرعت زاجرة وَالْكَفَّارَة فِي مَحل انْتِفَاء الزّجر كاليمين والحنث فالكفارة كاسمها ستارة لأثر الْفِعْل،

وَالنِّيَّة فِي الْكَفَّارَة للتمييز لَا للقربة، وَيُمكن أَن نقُول: وَجب عَلَيْهِ الصَّوْم وَهُوَ بسبيل من أَدَائِهِ بِشَرْط تَقْدِيم الْإِسْلَام كَالصَّلَاةِ فِي حق الْمُحدث.

المسألة الثامنة والستون بعد المائتين رسح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسح.) إِذا وطئ الْمظَاهر عَنْهَا فِي أثْنَاء شهرى الصَّوْم. الْمَذْهَب: لم يَنْقَطِع التَّتَابُع. عِنْدهم: يَنْقَطِع وَيلْزمهُ الِاسْتِئْنَاف كَيفَ وطئ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من قبل أَن يتماسا} ، وَجه الدَّلِيل: أَن الْمَأْمُور بِهِ شَهْرَان متتابعان وَقد أَتَى بِهِ، وَالْوَطْء لَيْلًا لَو قدح فِي التَّتَابُع دون إِفْسَاد الصَّوْم لقدح الزِّنَى لَيْلًا فَإِذا لم يَنْقَطِع بالزنى لم يَنْقَطِع بِوَطْء الزَّوْجَة. لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من قبل أَن يتماسا} ، وَجه

الدَّلِيل أَن الْمَأْمُور بِهِ، وَطْء قبل الْمَسِيس فيفهم مِنْهُ التعرية والتخلية (فَإِذا عجز عَن التَّقْدِيم لم يعجز عَن التَّخْلِيَة) . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: المستديم أسعد حَالا من المستأنف، وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل الْغُرُوب} ، فَلَو شرع فِي صَلَاة الْعَصْر فغربت الشَّمْس أَمر بالإتمام لَا بالاستئناف، وَلَو فَرضنَا فِيمَا لَو جَامع فِي لَيْلَة تسع وَخمسين كَانَ وُقُوع تسع وَخمسين يَوْمًا قبل الْمَسِيس أولى من وُقُوع الْجَمِيع بعده. لَهُم: الْكَفَّارَة لَا تَسْتَقِر فِي الذِّمَّة، نعم إِذا أَرَادَ الْوَطْء حيل بَينهمَا إِلَى أَوَان إِخْرَاج الْكَفَّارَة زجرا، وَلَا يتم غَرَض الزّجر إِلَّا بِمَا ذكرنَا فَأنْتم فهمتم

بالتقديم (تمحيص أثر الْجِنَايَة) ، وَنحن نفهم إتْمَام غَرَض الزّجر. مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: النّظر إِلَى شَائِبَة الزّجر يُنَاقض مَا قرروه على أَن كل مَا يتخيل من الشائبتين فقد تأدى بِإِخْرَاج الْكَفَّارَة فَهِيَ الزاجرة وَهِي الممحصة، فَإِن قَالُوا: الْمَفْهُوم من التَّتَابُع صِيَام اللَّيْل، وَالنَّهَار غير أَن ضَرُورَة البشرية رخصت فِي الْفطر لَيْلًا فَبَقيَ الصَّوْم حكما كالمعتكف شهرا عَن نَذره، فَإِنَّهُ يخرج لقَضَاء حَاجته ضَرُورَة وَيبقى حكم الِاعْتِكَاف حَالَة الْخُرُوج حَتَّى لَو وطئ بَطل الِاعْتِكَاف، وَالْجَوَاب: تَقْدِير بَقَاء الصَّوْم لَيْلًا محَال لِأَن الشَّارِع مَا جعل

اللَّيْل مَحل الصَّوْم وَالْفطر فِيهِ عَزِيمَة كَالصَّوْمِ فِي نَهَار رَمَضَان بِدَلِيل تَحْرِيم الْوِصَال والرخصة لَا يحرم تَركهَا، أَلا ترى أَن الْمُعْتَكف لَو لَازم الْمَسْجِد وَلم يخرج للضَّرُورَة حَتَّى أرهقت جَازَ ذَلِك ثمَّ لَو وطئ غير الْمظَاهر عَنْهَا جَازَ وَكَونه بِاللَّيْلِ لم يبطل التَّتَابُع، وشأن الرُّخص الِاقْتِصَار على حد الْحَاجة.

المسألة التاسعة والستون بعد المائتين رسط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رسط.) إِعْتَاق الرَّقَبَة الْكَافِرَة. الْمَذْهَب: لَا تجزي عَن الْكَفَّارَة. عِنْدهم: يَجْزِي إِلَّا عَن كَفَّارَة الْقَتْل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة} . أَمر بالتحرير وَلم يَأْتِ بِهِ لِأَن الْكَافِر لَا يقبل أثر الْعتْق، فَإِن رقّه قَائِم (بِبَقَاء نَفسه) وَهُوَ الْكفْر وَالرّق ثَابت فِي الْكفَّار بدار الْحَرْب، وَلِهَذَا ثَبت فِي حق النِّسَاء، وَإِن لم يقاتلن. لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة} . وَجه الدَّلِيل أَنه أَمر بتحرير رَقَبَة مُطلقَة فَزِيَادَة وصف الْإِيمَان يحْتَاج إِلَى دَلِيل وَالزِّيَادَة على النَّص نسخ فَامْتنعَ بِالْقِيَاسِ.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تَحْرِير فِي تَكْفِير فَاشْترط فِيهِ الْإِيمَان قِيَاسا على كَفَّارَة الْقَتْل، وَالْعلَّة الجامعة كَون الْإِيمَان يُنَاسب إسداء النعم وَصَارَ كَالزَّكَاةِ، فَإِن مصرفها الْمُسلمُونَ لهَذِهِ النِّسْبَة. لَهُم: أَتَى بِمَا أَمر بِهِ الدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه أَمر بِمُطلق الرَّقَبَة، وَلَا يلْزم اشْتِرَاط السَّلامَة، فَإِن الْمُطلق يحمل على الْكَامِل وَالْعَيْب نُقْصَان الْأَجْزَاء المحسوسة الَّتِي كَانَت الرَّقَبَة رَقَبَة بمجموعها، وَلَا يلْزم زَوَال الْعقل والتضرر فِي سَائِر القوى، فَإِنَّهَا مُلْحقَة بالأجزاء بِدَلِيل تَكْمِيل الضَّمَان، وَلَا يلْزم الْمُرْتَد فَإِنَّهُ هَالك حكما، وَبِالْجُمْلَةِ: الْعتْق إِسْقَاط وَقد وجد. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: لَيْسَ فِي اشْتِرَاط الْإِيمَان نسخ، لِأَن النّسخ إِثْبَات مَا دلّ الْكتاب على

نَفْيه أَو نفي مَا دلّ على ثُبُوته وَالْإِيمَان مسكوت عَنهُ فِي كَفَّارَة الْيَمين والظهارة، فَلم يكن إثْبَاته نسخا، نعم لَو لم يدل دَلِيل على اشْتِرَاط الْإِيمَان لأجزأ الْكَافِر لِأَن فِي الْكتاب الْعَزِيز إِيجَاب الرَّقَبَة من غير ذكر الْإِيمَان، فَهُوَ بَيَان لَا نسخ ثمَّ جَمِيع مسَائِل التَّقْيِيد نقض عَلَيْهِم، فَإِن مُطلق لفظ الرَّقَبَة يُطلق على الْمَعِيب وَالْمَجْنُون وَالْمُرْتَدّ حَتَّى لَو قَالَ: رقابي أَحْرَار عتق الْجَمِيع، فَإِذا هِيَ قيود أثبتناها بأدلة، وَبِالْجُمْلَةِ: لَا يُنكر الْخصم أَن الشَّرْع قصد بالعتاق تَخْلِيص العَبْد من الرّقّ، وَأَن هَذَا يُنَاسب الْإِسْلَام وَلَو كَانَ الْمَقْصُود الْإِسْقَاط لحصل بقتل العَبْد، فَإِن قَالُوا: فِي الْقَتْل عدوان فرضناه فِي عبد وَجب للسَّيِّد عَلَيْهِ قصاص، وعَلى الْحَقِيقَة المتسبب إِلَيْهِ حُصُول الْعتْق لَا عدم الرّقّ.

المسألة السبعون بعد المائتين رع

(الْمَسْأَلَة السبعون بعد الْمِائَتَيْنِ: رع.) إِعْتَاق الْمكَاتب عَن الْكَفَّارَة. الْمَذْهَب: لَا يُجزئ. عِنْدهم: يُجزئ إِن كَانَ مَا أدّى. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... . . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْمكَاتب عبد، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم. أثبت كَونه عبدا، وَالْآيَة تَقْتَضِي إِعْتَاق عبد مُؤمن وَهَذَا عبد مُؤمن. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْملك فِي الْمكَاتب نَاقص بِدَلِيل تخلف آثَار الْملك فِي حق السَّيِّد، فَإِنَّهُ لَو جنى عَلَيْهَا أَو وَطئهَا لزمَه الْأَرْش أَو الْعقر وَالْعِتْق تسْتَحقّ الْكِتَابَة فَلَا تتأدى بِهِ الْكَفَّارَة لِأَن الشَّيْء الْوَاحِد لَا يَقع عَن جِهَتَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَن الْكِتَابَة (وَاجِبَة النُّجُوم) فِي ذمَّة العَبْد وَإِن خَالف الأَصْل لَكِن الشَّرْع اعْتَبرهُ فَهُوَ عتق عَن الْكِتَابَة لَا عَن الْكَفَّارَة. لَهُم: حكم الْكِتَابَة فك الْحجر لَا إِثْبَات الْحُرِّيَّة فَهُوَ كالمأذون لَكِن فك الْحجر عَن الْمكَاتب (للْمكَاتب) ، وَعَن الْمَأْذُون للسَّيِّد وَامْتِنَاع تَصَرُّفَات (السَّيِّد)

لزوَال الْيَد وَإِلَّا الذَّات مَمْلُوكَة لَهُ وَكَونه يستتبع الإكساب وَالْأَوْلَاد لِأَن بِالْعِتْقِ انْفَسَخت الْكِتَابَة فِي حق السَّيِّد وَوَقع عَن الْكَفَّارَة وَبَقِي فِي حق العَبْد كل ذَلِك تشوفا إِلَى تَحْصِيل الْعتْق ... مَالك: ق. أَحْمد: وَافق الْخصم. التكملة: ثُبُوت الْوَلَاء للْمكَاتب دَلِيل على أَنه يعْتق وَلم يُوجد مَا يصير بِهِ معتقا سوى الْكِتَابَة الَّتِي هِيَ عقد عتاقه فالعتاق من جِهَة الْكَفَّارَة إبِْطَال لهَذَا الْعتْق. يبْقى أَن الْعتاق صَحِيح وَذَلِكَ أَبْرَأ من النُّجُوم، وَللسَّيِّد الْإِبْرَاء فَجعل عبارَة عَمَّا يملك كَمَا لَو قَالُوا فِي الْوَارِث: يعْتق لمكاتب أَبِيه مَعَ أَنه لَا يملكهُ عِنْدهم ذَلِك لِأَنَّهُ أَبرَأَهُ عَن النُّجُوم، وَلنَا أَن نتعرض لمحال العَبْد

دون سَبَب الْعتْق وجهته ونقدر ملكا لَا يقدر السَّيِّد على إبقائه فَلَا يَجْزِي إِسْقَاطه عَن الْكَفَّارَة كالملك فِي الْمُسْتَوْلدَة، وَتَقْرِيره أَن التَّقَرُّب إِلَى المعبود إِنَّمَا يكون ببذل مَا لَو لم يبذله لبقي لَهُ إِلَّا بِمَا هُوَ معرض للزوال شَاءَ أم أَبى والمناسبة فِي ذَلِك ظَاهِرَة لما فِيهِ من الِابْتِلَاء والامتحان بل هَذَا آكِد من الْمُسْتَوْلدَة؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَة بحياته بِدَلِيل حل وَطئهَا واللزوم فِي حق السَّيِّد بِالْإِضَافَة إِلَى الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاء، ونعتذر على العَبْد الْمُعَلق عتقه على طُلُوع الشَّمْس مثلا بِأَنَّهُ يقدر على اسْتِبْقَاء مَالِيَّته بِبيعِهِ.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 66 من المخطوطة أ:) قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لن يَجْزِي والدا وَلَده ... . . "، الْخَبَر، مخرجه مخرج قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يلج الْجمل} مَعْنَاهُ أَن الْوَلَد لَا يَجْزِي الْوَالِد وَكَانَ الْوَالِد ينعتق لَا بِإِعْتَاق الْوَلَد، وَالله أعلم. مَسْأَلَة: إِذا ملك رَقَبَة يحْتَاج إِلَيْهَا لخدمته لم يلْزمه عتقهَا خلافًا لَهُ. لنا: هُوَ أَن حَاجته تستغرق مَا مَعَه، فَكَانَ كَعَدَمِهِ فِي جَوَاز الِانْتِقَال إِلَى الْبَدَل كَمَا لَو كَانَ لَهُ مسكن يحْتَاج إِلَيْهِ، وَلَا يُقَال: الْمسكن لَيْسَ من جنس مَا يكفر بِهِ وَلَا هُوَ ثمن لَهُ وَهَاهُنَا وَاحِد لرقبة تجزي فِي الْكَفَّارَة؛ لِأَن معنى الأَصْل يبطل (بالمسكن الثَّانِي وَالثَّالِث وَمعنى الْفَرْع) ينكسر بِمَا إِذا وجد مَاء يحْتَاج إِلَيْهِ لشربه فَإِنَّهُ يجوز لَهُ الِانْتِقَال إِلَى التَّيَمُّم وَإِن كَانَ المَاء الَّذِي مَعَه يَجْزِي فِي الطَّهَارَة؛ وَلِأَنَّهُ لَو لزمَه العَبْد مَعَ وجود الْحَاجة إِلَيْهِ لم يفْتَرق

الْحَال بَين أَن يكون مَا مَعَه من جنس مَا يَجْزِي فِي الْكَفَّارَة أَو غَيره كَمَا لَو كَانَ عَلَيْهِ دين لَازم، فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. مَسْأَلَة: لَا يجب تعْيين النِّيَّة فِي الْكَفَّارَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ عَلَيْهِ كفارتان من جِنْسَيْنِ مُخْتَلفين وَجب عَلَيْهِ التَّعْيِين. لنا: هُوَ أَنَّهَا حُقُوق مخرجة على وَجه التَّكْفِير، فَلم تفْتَقر إِلَى نِيَّة التَّعْيِين كَمَا لَو كَانَت من جنس وَاحِد، وَلَا يُقَال: إِن فِي الأَصْل اتّفق الْمُوجب والموجب، فَلم يفْتَقر إِلَى التَّعْيِين وَهَاهُنَا عبادتان مُخْتَلِفَتَانِ فِي الْمُوجب والموجب، فافتقر إِلَى التَّعْيِين كالظهر وَالْعصر؛ لِأَن معنى الأَصْل يبطل بظهري يَوْمَيْنِ وَمعنى الْفَرْع لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِير لذكر العبادتين فِي الأَصْل لِأَن الصَّلَاة الْوَاحِدَة أَيْضا تفْتَقر إِلَى التَّعْيِين ثمَّ يَجْعَل ذَلِك مُعَارضَة فِي الأَصْل، ونقول: الصَّلَاة تفْتَقر إِلَى التَّعْيِين وَإِن كَانَت وَاحِدَة، وَالْكَفَّارَات لَو انْفَرَدت وَاحِدَة لم تفْتَقر إِلَى التَّعْيِين، فَكَذَلِك إِذا كَانَ مَعهَا غَيرهَا كصلاتي التَّطَوُّع. مَسْأَلَة: إِذا عتق نصفي عَبْدَيْنِ أَجزَأَهُ عَن كَفَّارَته على أصح الْوُجُوه خلافًا لَهُم، لنا: هُوَ أَنه أخرج رَقَبَة كَامِلَة فَجَاز أَن تجزي فِي الْكَفَّارَة كَمَا لَو عتق نصفي رَقَبَة وَاحِدَة وَيُخَالف الْإِطْعَام لِأَن النَّص ورد فِيهِ بِقدر

الْمخْرج وَعدد الْمَسَاكِين. مَسْأَلَة: لَا يجوز دفع الْكَفَّارَة إِلَى ذمِّي خلافًا لَهُ. لنا: هُوَ أَنه لَا يجوز دفع زَكَاة المَال إِلَيْهِ، فَلَا يجوز صرف الْكَفَّارَة إِلَيْهِ كالحربي وَالْمُرْتَدّ والمستأمن، فَإِن قَالُوا: هُوَ من أهل الدَّار منعنَا، وَإِنَّمَا يقر فِيهَا بالجزية. مَسْأَلَة: لَا يجوز صرف الْكَفَّارَة إِلَى الْمكَاتب (خلافًا لَهُ. لنا هُوَ أَنه مَنْقُوص بِالرّقِّ، فَلَا يجوز صرف الْكَفَّارَة إِلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْقِنّ وكمكاتب نَفسه) .

من مسائل العتق والكفارة

(من مسَائِل الْعتْق وَالْكَفَّارَة) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعا.) من اشْترى من يعْتق عَلَيْهِ على نِيَّة الْكَفَّارَة. الْمَذْهَب: لم يجز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ...

لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لن يَجْزِي والدا وَلَده حَتَّى يجده مَمْلُوكا فيشتريه فيعتقه " أَي بالشرى كَقَوْلِهِم: أطْعمهُ فأشبعه أَي بِالْإِطْعَامِ، وَمن اشْترى نصف قَرِيبه قوم عَلَيْهِ بِالنَّصِّ وَلَو كَانَ عتقا عَلَيْهِ دون إِعْتَاقه لما قوم عَلَيْهِ كَمَا لَو ورث نصف قَرِيبه. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عتق يَسْتَغْنِي فِي الْوُقُوع عَن قَصده فَلَا ينْصَرف إِلَى جِهَته كَالْعِتْقِ الْمُعَلق على الشرى، وَصورته إِذا قَالَ للْعَبد: إِن بِعْتُك واشتريتك فَأَنت حر، وَذَلِكَ لِأَن الْمَأْمُور بِهِ إِزَالَة الْملك والشرى تَحْصِيل الْملك بِدَلِيل شرى الْأَجْنَبِيّ، وَقد انْعَقَد هَاهُنَا حَتَّى علق عَلَيْهِ الْعتْق، وَالْعِتْق بِالْقَرَابَةِ حكم شَرْعِي بِغَيْر اخْتِيَار. لَهُم: الْملك يُنَاسب الصِّلَة كالقرابة بِدَلِيل أَن من ملك عبدا وَجب عَلَيْهِ نَفَقَته، كَمَا تجب نَفَقَة قَرِيبه الْفَقِير، فَإِذا اجْتمع الْملك والقرابة فِي مَحل النزاع وَحكم

الشَّرْع بِحُصُول الْعتْق وَهُوَ يصلح أَن يكون صلَة أضيف إِلَى الوصفين فالعلة مركبة من جزءين وَالْملك هُوَ الْأَخير فأضيف إِلَيْهِ كَأَجر من يلقى فِي السَّفِينَة فيغرق ويتأيد بِثُبُوت الْولَايَة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: تَسْمِيَته معتقا فِي الحَدِيث مجَاز، فالقرابة عِلّة الْعتْق والشرى مهد مَحل الْعتْق وَالْمُشْتَرِي جمع بَينهمَا فَقرب الْمحل من الْعلَّة فَصَارَ كمن قرب الْقطن من النَّار، فَإِنَّهُ يُسمى محرقا والحقيقة أَن يُوقد النَّار فِي مَحل يقبل أَثَرهَا عِلّة الإحراق وَكَذَلِكَ حافر الْبِئْر يضمن من تردى فِيهَا كحاز الرَّقَبَة، وَإِنَّمَا يثبت لَهُ الْوَلَاء؛ لِأَنَّهُ حكم الْعتْق عَلَيْهِ لَا حكم الْإِعْتَاق، أَلا ترى أَن من وَرثهُ قَرِيبه وَهُوَ نَائِم أَو صبي عتق عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ الْوَلَاء من غير إِعْتَاق غير أَن الْعتْق لَا يحصل فِي الْغَالِب إِلَّا بِالْإِعْتَاقِ فإخراج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَلَامه مخرج الْغَالِب وَالْملك لَا يُنَاسب الصَّبِي، وَإِنَّمَا تطلق لَهُ التَّصَرُّفَات الَّتِي لَهُ لَا الَّتِي

عَلَيْهِ، والإنفاق تَخْيِير لكنه لحُرْمَة الزَّوْج كَيْلا يضيع حَتَّى لَو لم يملك الْمَالِك مَا يُنْفِقهُ وَجب فِي بَيت المَال وعَلى مياسير الْمُسلمين حَتَّى لَو تَرَكُوهُ حرجوا، ونمنع مَسْأَلَة السَّفِينَة وَرُبمَا قَالُوا: الشَّرْط وَالسَّبَب اصْطِلَاح الْفُقَهَاء، وَقصد الشَّرْع بِالْعِتْقِ لرقبة اخْتِيَارا وَقد حصل وَرُبمَا سلمنَا نَحن أَن الشرى عِلّة مُسْتَقلَّة لَكِن فِي التَّصَرُّف خلل، فَإِنَّهُ إِذا أعتق أَبَاهُ أَو ابْنه كَانَ الْحَظ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بعضه فَصَارَ كَمَا لَو اشْترى عبد نَفسه بنية الْكَفَّارَة، فَإِنَّهُ لَا يَجْزِي.

المسألة الثانية والسبعون بعد المائتين رعب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعب.) إِذا قَالَ: أعتق عَبدك عني وَنوى صرفه إِلَى الْكَفَّارَة فَقَالَ: أعتقت. الْمَذْهَب: وَقع عَن الْكَفَّارَة. عِنْدهم: لَا يَقع. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... لَهُم: ... ... ... ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عتق أمكن تَصْحِيحه عَن الْمسَائِل فصح كَمَا لَو ذكر الْعِوَض، بَيَانه: أَن

الْملك قد أدرج وَالْملك حَاصِل بعوض كالملك الْحَاصِل بِغَيْر عوض فَصَارَ كَمَا لَو قَالَ: أطْعم عني عشرَة مَسَاكِين عَن كَفَّارَة يَمِين، فَإِنَّهُ يَصح، وَإِن لم يذكر الْعِوَض، ونناقضهم بالتماسه بِعقد فَاسد وَلَا يُفِيد إِلَّا بِالْقَبْضِ. لَهُم: الْملك فِي الْمَوْهُوب مَوْقُوف على الْقَبْض، وَالْقَبْض فعل فَلَا ينْدَرج فِي القَوْل بِخِلَاف البيع، فَإِنَّهُ من جنس الالتماس والإسعاف وَلَا يلْزم البيع الْفَاسِد حَيْثُ يفْتَقر إِلَى الْقَبْض وَلَو وَقع هَاهُنَا أَجْزَأَ لِأَن الْقَبْض لَيْسَ ركنا فِي البيع لكنه اعْتبر هَاهُنَا لضعف الْملك. مَالك: إِذا أعتق عَن غَيره صَحَّ كَمَا لَو قضى دين غَيره. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: لَيْسَ معنى درج البيع فِي الْإِعْتَاق على مِثَال طي شَيْء فِي شَيْء حَتَّى يعْتَبر بَينهمَا نوع تجانس بل مَعْنَاهُ أَن البيع الْوَاقِع مُقَدّر الْوُجُود شرعا وَإِن كَانَ مَعْدُوما حسا فالشارع يقدر بيعا، وَيثبت حكمه، فَلذَلِك يقدر هبة

وَيثبت حكمهَا وَيُمكن أَن يُقَال: لَا حَاجَة إِلَى تَقْدِير البيع وَالْهِبَة بل الْوَاقِع من ضَرُورَة تَصْحِيح اللَّفْظ هُوَ الْملك وَقد قدر الشَّرْع انْتِقَاله لِأَن الملتمس أهل الالتماس والمسعف أهل الْإِسْعَاف وَالْعِتْق الملتمس لَا يَسْتَحِيل أَن يَقع من الملتمس وَالْحق لَا يعدوهما فَلَمَّا توافقا عَلَيْهِ قدر الشَّرْع مَا هُوَ ضَرُورَة تصرفهما تشوفا إِلَى تَصْحِيح الْعتْق وَالْوَاقِع من ضَرُورَة الشَّيْء لَا يطْلب لَهُ سَبَب وَلَا يمْتَنع إِثْبَات ملك دون بيع وَهبة كَالْوَصِيَّةِ تفِيد الْملك بِالْمَوْتِ أَو الْقبُول من غير عوض وَلَا قبض وَهَذَا ملك قدره الشَّرْع لضَرُورَة صِحَة اللَّفْظ فلتقدرها هُنَا وَالْجَامِع خَاصَّة الْعتْق وتشوف الشَّرْع إِلَيْهِ وَالْمَال فِي الأَصْل مبذول فدَاء لترغيب المَال فِي الْإِجَابَة لَا ثمنا للْملك الْمُقدر وَهَذَا مُتَوَجّه.

المسألة الثالثة والسبعون بعد المائتين رعج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعج.) اسْتِيعَاب الْمَسَاكِين السِّتين أَو الْعشْرَة فِي كفارتي الظِّهَار وَالْيَمِين. الْمَذْهَب: وَاجِب. عِنْدهم: لَو صرف إِلَى مِسْكين وَاحِد فِي أَيَّام تفي عدد الْمَسَاكِين جَازَ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} ، وَهَذَا ظَاهر، وَهُوَ كَقَوْل الْمُوصي اصرف هَذَا الطَّعَام إِلَى سِتِّينَ مِسْكينا، فَيَقْتَضِي اللَّفْظ وجوب الِاسْتِيعَاب لَهُم: ... ... ... ... ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَاجِب التَّمْلِيك من سِتِّينَ فَيكون تَمْلِيكًا مِمَّن هُوَ مُسْتَحقّ لَهُ وَحقا لمن وَجب تَمْلِيكه كَمَا فِي الزَّكَاة، وَإِذا كَانَت حُقُوق سِتِّينَ فَلَا يَجْزِي وَاحِد. لَهُم. الْكَفَّارَة وَجَبت لله تَعَالَى ابتلاء وزجرا بتنقيص المَال فَحسب، نعم عين الشَّارِع مصرفه وَهُوَ الْمِسْكِين لَا لذاته بل لسد خلته وسد خلة شخص سِتِّينَ يَوْمًا كسد خلة سِتِّينَ مِسْكينا يَوْمًا فَهُوَ أحد ركني الْكَفَّارَة فَلَا يشْتَرط تعدده فِي الْأَجْزَاء قِيَاسا للمصروف إِلَيْهِ على المصروف فِيهِ فَإِنَّهُ لَو صرف الْمَدّ إِلَى وَاحِد واستعاده صَحَّ صرفه إِلَى آخر. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: إِنَّمَا يتَعَلَّق بِالْآيَةِ وظاهرها وجوب الِاسْتِيعَاب، ومبدأ التَّعْلِيل فِي التَّأْوِيل كَون الْوَاجِب حق اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ بعد التَّسْلِيم لَا يُنَافِي وجوب الِاسْتِيعَاب بعد تَحْقِيق الْأَمر بِهِ، وَمَا تخيلوه من تنقيص وسد خلة (لَا يُوجب) ترك الظَّاهِر؛ لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون الْمَقْصُود سد خلة سِتِّينَ مِسْكينا استظهارا

بِإِجْمَاع هممهم وبركات دعواتهم فِي غَرَض التمحيص والمحو؛ لِأَن الْغَالِب أَن الْجمع الْكثير يشْتَمل على مجاب الدعْوَة، فَإِن قَالُوا: مَعْنَاهُ (فإطعام طَعَام) سِتِّينَ مِسْكينا فَالْجَوَاب أَن هَذَا تعسف ظَاهر؛ لِأَن الْإِطْعَام يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يسْتَقلّ بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا، أَحدهمَا الطَّعَام، وَالْآخر الْمطعم، وَالله تَعَالَى ذكر أحد المفعولين وَهُوَ الْمطعم، وَترك الثَّانِي وَهُوَ الطَّعَام فإلغاء الْمَفْعُول الْمُصَرّح بِهِ وإدراج الْمَحْذُوف مراغمة، فَإِن قيل: فقد قَالَ: " فليستنج بِثَلَاثَة أَحْجَار " وأقيم حجر وَاحِد ذُو ثَلَاث شعب مقَامهَا، فَالْجَوَاب: قد رُوِيَ ثَلَاث مسحات أَيْضا؛ وَلِأَنَّهُ علم قطعا أَن مَا عداهُ مسَاوٍ لَهُ فِي الْمَقْصُود وَلم يظْهر بَينهمَا فرق، وَهَاهُنَا أظهر فرق بَين الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة.

المسألة الرابعة والسبعون بعد المائتين رعد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعد.) التفدية والتعشية فِي الْكَفَّارَة. الْمَذْهَب: لَا يَجْزِي بل لَا بُد من التَّمْلِيك. عِنْدهم: يَجْزِي. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فإطعام} ، وَقد وجد كَقَوْلِه عز وَجل: {ويطعمون الطَّعَام على حبه} . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قربَة مَالِيَّة مقصودها إِخْرَاج المَال إِلَى المحاويج فَتعين فِيهَا التَّمْلِيك قِيَاسا

على الْكسْوَة والعة على أقوى مَرَاتِب الشّبَه وأنهما خصلتان من خِصَال الْكَفَّارَة شرعتا لعوض وَاحِد (على شخص وَاحِد) ، وَإِن تشوفنا إِلَى الْمَعْنى فالتمليك أتم من التسليط. لَهُم: من لزمَه إطْعَام قوم قبل مِنْهُ إِبَاحَة الطَّعَام لَهُم، دَلِيله: نَفَقَة الزَّوْجَات؛ لِأَن الْمَقْصُود سد الْخلَّة وَلَا يفوت إِلَّا التَّصَرُّفَات كَالْبيع وَلم تصرف الْكَفَّارَة إِلَيْهِم للتِّجَارَة، وَأما الْكسْوَة فَهِيَ اسْم الثَّوْب وَلَا يصرف إِلَى الْمِسْكِين إِلَّا بالتمليك والإعارة لَيْسَ فِيهَا إِلَّا صرف الْمَنَافِع. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: نمْنَع الأَصْل الَّذِي قاسوا عَلَيْهِ ونقول: لَا يَكْفِي التَّقْدِيم إِلَى الزَّوْجَة بل يحْتَاج إِلَى تمليكها، وَالْفرق بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ أَن لِلزَّوْجَاتِ أَن يسقطن

ذَلِك، وَلَيْسَ للْفُقَرَاء إِسْقَاطه، قَوْلهم: الظَّاهِر الْإِطْعَام وَقد حصل، الْجَواب: الْإِطْعَام بِالْوَضْعِ الْحَقِيقِيّ الْإِيجَار فَإِذا أوجره الطَّعَام وَوصل إِلَى معدته وشبع سمي إطعاما حَقِيقَة وَذَلِكَ غير مَشْرُوط وَيحْتَمل التَّقْدِيم كَمَا ذَكرُوهُ وَيحْتَمل التَّمْلِيك كَمَا قَالَ الرَّاوِي: أطْعم رَسُول الله الْجدّة السُّدس، وَتَأْويل التَّمْلِيك لما فِيهِ من رِعَايَة حق الْمِسْكِين أولى، يدل عَلَيْهِ أَنه لَو ملكه الْحبّ (وَتلف لم يلْزمه إِبْدَاله، وَلَو قدم الطَّعَام إِلَيْهِ وَتلف لزمَه إِبْدَاله، يدل عَلَيْهِ أَنه لَو ملكه الْحبّ) كَفاهُ وَلَو كَانَ الْوَاجِب التَّمْكِين من الْأكل لوَجَبَ مُؤنَة الْخبز والطحن حَتَّى يستعد للْأَكْل.

المسألة الخامسة والسبعون بعد المائتين رعه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعه.) بِأَيّ الْأَحْوَال يعْتَبر فِي الْكَفَّارَات. الْمَذْهَب: بِحَال الْوُجُوب فِي قَوْله فَيلْزمهُ الْإِعْتَاق إِن كَانَ مُوسِرًا وَلَا ينْتَقل إِلَى الصَّوْم وَإِن أعْسر وَبِالْعَكْسِ. عِنْدهم: بِحَال الْأَدَاء وَهُوَ قَول لنا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... الْآيَة العزيزة. لَهُم: الْآيَة العزيزة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: انْعَقَد السَّبَب مُوجبا للإعتاق، وَالْأَصْل بَقَاء الْوُجُوب إِلَى حِين الْأَدَاء. دَلِيل الْوُجُوب سِيَاق الْآيَة وَتوجه الْخطاب فِي الْحَال بِهِ وإجراؤه على الْأَمر عِنْد الْأَدَاء (وَالْقَضَاء بسقوطه) تحكم من غير دَلِيل، وَكَذَلِكَ تقرر عِنْد

وجوب الصَّوْم حَتَّى تجب باسم التَّكْفِير، فاعتبرت فِيهِ حَالَة الْوُجُوب كالحدود. لَهُم: الصّيام بدل الْعتْق بِدَلِيل نظم الْآيَة وَتوقف الْوُجُوب فِي أَحدهمَا على الْعَجز عَن الآخر وشأن الْبَدَل أَن يُصَار إِلَيْهِ عِنْد الْعَجز كالتيمم مَعَ الْوضُوء وَالْقيمَة مَعَ الْمثل فِي الضَّمَان وَالْأَشْهر مَعَ الْأَقْرَاء فَإِذا لَا يبْقى الْبَدَل مَعَ الْقُدْرَة على الْمُبدل وَصَارَ كَالصَّلَاةِ إِذا فَاتَت حَالَة قدرَة الْقيام صلى قَاعِدا فَإِن وجد قبل الْقَضَاء قدرَة قَامَ. مَالك: ف. أَحْمد: ق. التكملة: نمْنَع قَضِيَّة الْبَدَلِيَّة بل هما واجبان مُخْتَلِفَانِ فِي حالتين وَلَيْسَ فِي الْآيَة إِلَّا بَيَان وَاجِب كل حَالَة إِذْ الْبَدَل مَا يقوم مقَام الْمُبدل من بعض الْوُجُوه فِي تَحْصِيل مَقْصُود الْمُبدل، فَإِنَّهُ لَو كَانَ مثله من كل وَجه صَار أصلا مُسْتقِلّا

بِنَفسِهِ فالتيمم يُبِيح الصَّلَاة، وَالْوُضُوء يرفع الْحَد، فتباح الصَّلَاة لوُجُود شُرُوطهَا وَهُوَ الطَّهَارَة، وَأما الصَّوْم فَهُوَ مثل الْإِعْتَاق مُطلقًا فِي مَقْصُود الْكَفَّارَة من محو الْإِثْم والذنب وَحل وَطْء الْمظَاهر عَنْهَا وَجَوَاز الْإِقْدَام على الْمَحْلُوف عَلَيْهِ من غير فرق فَبَطل معنى الْبَدَلِيَّة وَصَارَ كخصال الْكَفَّارَة المخيرة، نعم جَمِيعًا ينسبان إِلَى سَبَب وَاحِد وَذَلِكَ لَا يُوجب الْبَدَلِيَّة كالرجم وَالْجَلد واجبان فِي الزِّنَى بحالتي الْبكارَة والثيابة وَالْجَلد مائَة مَعَ الْجلد خمسين فِي حالتي الرّقّ وَالْحريَّة، ثمَّ لَو تبدلت الْحَال بإحصان لم يَنْقَلِب الْجلد رجما، وَلَو عتق العَبْد لم تصر الْخَمْسُونَ مائَة، ثمَّ الزَّكَاة وَاجِب مَال فِي الذِّمَّة وَلِهَذَا نوجبه فِي قتل الصَّبِي وَالْمَجْنُون كإيجاب الزَّكَاة فِي مَالهمَا، ونقول: الْكَفَّارَة اسْم جنس كالعبادة، ثمَّ الصَّوْم وَالصَّلَاة واجبان مُخْتَلِفَانِ وَإِن شملهما قَضِيَّة الْعِبَادَة وَكَذَلِكَ الصَّوْم مَعَ الْإِعْتَاق فالعدول إِلَى أَحدهمَا إِسْقَاط الْوَاجِب الأول.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 67 من المخطوطة: أ:) إِذا لَاعن الزَّوْج وَجب حد الزَّوْجَة إِلَّا أَن تلاعن، وَعِنْدهم الْوَاجِب عَلَيْهَا اللّعان وتحبس عَلَيْهِ، وَالْحجّة أَن الشَّارِع لما أَقَامَ اللّعان مقَام الشُّهُود فِي حق الزَّوْج فلتعمل على الأَصْل تَحْقِيقا لِمَعْنى الْبَدَلِيَّة ويتأيد بقوله تَعَالَى: {ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب أَن تشهد أَربع شهادت بِاللَّه} ، وَالْعَذَاب هُوَ الْحَد قَالَ تَعَالَى: {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} وَلَا يَسْتَقِيم حمله على الْحَبْس لِأَن الْحَبْس لَا يَقع مَقْصُودا بل وَسِيلَة إِلَى اسْتِيفَاء مَقْصُود. وَاعْلَم أَن الْحر الْمُسلم إِذا قذف زَوجته الذِّمِّيَّة أَو الْأمة لَاعن خلافًا

لَهُم ومعتمدنا الْآيَة. فَإِن قيل: اللّعان يسْقط الْحَد الْوَاجِب عنْدكُمْ وَيدْفَع الْوُجُوب عندنَا وَالزَّوْج لم يتَعَرَّض للحد هَاهُنَا، وَالْجَوَاب أَن اللّعان شرع لإِسْقَاط الْحَد وَنفي النّسَب وَقطع الْفراش والتشفي من الزَّوْجَة، وآحاد هَذِه الْمَقَاصِد تستقل بشرعه، فَإِن قيل: اللّعان حكمه وجوب الْحَد عَلَيْهِمَا وَلَيْسَت أَهلا لَهُ، قُلْنَا: لَا نسلم أَنه حكمه بل وجوب الْحَد لثُبُوت الزِّنَى، وَإِن سلمنَا فَلَا نسلم أَنَّهَا لَيست من أهل اللّعان. وَاعْلَم أَن الْأَخْرَس أهل الْقَذْف وَاللّعان خلافًا لَهُم، أما أَهْلِيَّة الْقَذْف فَلِأَن إِشَارَته قَامَت مقَام الْعبارَة فِي جَمِيع التَّصَرُّفَات إنْشَاء وإقرارا، فَإِن قيل: ذَلِك خلاف الأَصْل بِاعْتِبَار الْحَاجة وَلَا حَاجَة لَهُ فِي تَصْحِيح قذفه إِذْ مُوجبه الْحَد أَو اللّعان فالنظر لَهُ فِي إِبْطَاله، وَالْجَوَاب: أَن قذف الزَّوْج بِهِ حَاجَة إِلَى تَصْحِيحه لنفي النّسَب وَقذف الْأَجْنَبِيّ

يصحح لحَاجَة الْمَقْذُوف يرحض عَنهُ الْعَار فَصَارَ كإقرار الْأَخْرَس بِالْقَتْلِ يصحح لحَاجَة مُسْتَحقّ الْقصاص، وَاعْلَم أَن النّسَب يَنْتَفِي فِي النِّكَاح الْفَاسِد، وَكَذَا فِي الصَّحِيح بعد انْقِطَاعه بِالْخلْعِ، وَعِنْدهم لَا يُلَاعن إِلَّا فِي نِكَاح، وَالْمُعْتَمد أَن اللّعان شرع لحَاجَة دفع النّسَب وَالْحَاجة قَائِمَة وَلَا فقه فِي اعْتِبَار النِّكَاح، وَاعْلَم أَنه لَا يجب الْحَد على الْملَاعن بِقَذْف الْأَجْنَبِيّ مَعَ الزَّوْجَة خلافًا لَهُم، ومعتمدنا دَعْوَى الشُّبْهَة، فَإِن الرِّيبَة وَاحِدَة أضافها إِلَيْهِمَا وَصدق بِاللّعانِ فِي حق الزَّوْجَة فَانْتقضَ ذَلِك شُبْهَة بدرء الْحَد، وَقد تعرض الْعجْلَاني لِشَرِيك، ... ... ... ... ... . .

ابْن السحماء وَلم يحد الْعجْلَاني، وَإِنَّمَا يجب الْحَد على الْأَجْنَبِيّ؛ لِأَن الْحجَّة مَا كملت وَالْحَد يسْقط بِالشُّبْهَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِم: لَو أقرّ الْمَقْذُوف بالزنى مرّة سقط الْحَد عَن الْقَاذِف وَلم يحد الْمَقْذُوف لعدم التّكْرَار. وَاعْلَم أَنه إِذا شهد على زَوجته من ثَلَاثَة لم يثبت الزِّنَى خلافًا لَهُم. وَالْمُعْتَمد أَنه شهد بِالْجِنَايَةِ على مَحل حَقه فَلَا يقبل كَمَا إِذا شهد على زنى أمته المطاوعة ونسلم سُقُوط الْمهْر كَيْلا يتَضَمَّن جلد مَنْفَعَة، فَإِن منعُوا الأَصْل فَرضنَا فِيهِ وقسناه على مَا إِذا شهد على قطاع الطَّرِيق بقتل عَبده مَعَ الْعَفو عَن الدِّيَة وَالْقصاص. والحرف أَن الشَّهَادَة أَن يشْهد الْغَيْر على الْغَيْر، فَإِذا شهد لنَفسِهِ جَازَ

دَعْوَى حَقِيقَة شَهَادَة لفظا وَلَا يُمكن إنجاز قيام حَقه بِالْمحل فعندهم مورد الْعقل الذَّات.

مسائل اللعان

(مسَائِل اللّعان) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعو.) مَا يُوجب قذف الزَّوْجَة. الْمَذْهَب: الْحَد، وَاللّعان دَافع لَهُ. عِنْدهم: اللّعان حسب، فَإِن امْتنع حبس حَتَّى يُلَاعن. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ} ، فعموم الْآيَة يتَنَاوَل الزَّوْج، نعم دَخلهَا التَّخْصِيص فاستثني عَنْهَا الزَّوْج الْقَاذِف إِذا لَاعن فَبَقيَ الْمُمْتَنع عَن اللّعان تَحت الْعُمُوم. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه} فَبين حَال الْأزْوَاج وَذكر مَا عَلَيْهِم بفاء التعقيب، وَبِهَذَا خَرجُوا عَن عُمُوم الْآيَة الأولى فوزان قَوْله تَعَالَى فِي

تِلْكَ: {فاجلدوا} قَوْله فِي هَذِه: {فشهادة} . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قذف مُحصنَة، وَمُوجب قذف الْمُحْصنَات الْحَد كَمَا قبل النِّكَاح؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِير للنِّكَاح فِي إِسْقَاط مُوجب الْجِنَايَات فَسقط الْحَد فِي اللّعان حَيْثُ أَتَى بِحجَّة جعلت علما على صدقه فَصَارَ كالبينة. لَهُم: (اللّعان عُقُوبَة) لاحْتِمَال الْكَذِب المهلك، وَهُوَ كالحد للْأَجْنَبِيّ، وَله نكاية فِي النَّفس، وتأثير فِي الْمُرُوءَة، وَيثبت الْحُرْمَة، وَلَو كَانَ حجَّة مَا ثبتَتْ هَذِه الْأَحْكَام؛ لِأَنَّهُ لَا إِشْعَار فِي اللّعان بِقطع النِّكَاح وَثُبُوت الْحُرْمَة. مَالك: ق. أَحْمد: إِذا لم يُلَاعن حد، وَإِن لَاعن لم يجب الْحَد على الْمَرْأَة وَفِي

حَبسهَا رِوَايَتَانِ. التكملة: سِيَاق الْآيَة حجَّة عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ ذكر الزَّوْج ورميه وَعدم الشُّهُود، ثمَّ ذكر اللّعان وشرعه فِي حق الزَّوْج بَدَلا عَن الشُّهُود، لَا مُوجبا للرمي بفاء الْبَدَلِيَّة لقَوْله تَعَالَى: {فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} . وَمَا تخيلوه من الْمَشَقَّة فِي اللّعان فَذَلِك من جبن النُّفُوس؛ وَمثله تَغْلِيظ الْأَيْمَان فِي مجْلِس الحكم، فَإِن الْيَمين شرعت حجَّة لَا عُقُوبَة وَإِن تَضَمَّنت كلفة فَالْعِبْرَة بِجِهَة المشروعية لَا بِمَا يلْزم عَنْهَا، وَيدل على نفي معنى الْعقُوبَة سَبَب نزُول الْآيَة لِأَن الْعجْلَاني لما قذف زَوجته هم النَّبِي بحده فَنزلت فسر بهَا سُرُورًا شَدِيدا وعدها الصَّحَابَة فِي حَقه نعْمَة، وَأما الْحُرْمَة، فقد ثبتَتْ فِي مَحل لَيْسَ فِيهِ عُقُوبَة كَحُرْمَةِ الرَّضَاع، وَلَعَلَّ ذَلِك كَرَامَة، فَإِن الصُّحْبَة بَينهمَا بعد اللّعان لَا تلتئم، ثمَّ عِنْدهم لَو أكذب نَفسه بعد اللّعان جَازَ لَهُ نِكَاحهَا، وَبِالْجُمْلَةِ: الزَّوْج معدول بِهِ قِيَاس قذف الْأَجَانِب، فَإِنَّهُ يطلع من زَوجته على أَمر لَا يفضى عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ شُهُود، فَكَانَ اللّعان مخلصا لَهُ، وَعرض الزَّوْجَة مصون عَن الزَّوْج كَمَا كَانَ قبل

النِّكَاح، وكما صينت نَفسهَا بِالْقصاصِ يصان عرضهَا بِالْحَدِّ.

المسألة السابعة والسبعون بعد المائتين رعز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعز.) العَبْد الْمَحْدُود وَالذِّمِّيّ. الْمَذْهَب: من أهل اللّعان. عِنْدهم: تعْتَبر الْحُرِّيَّة وَالْإِسْلَام وَالْعَدَالَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: الدَّلِيل على شَائِبَة الْيَمين قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام للعجلاني: " قُم فاحلف "، وَقَوله بعد لعد لعان الْمَرْأَة: " لَوْلَا اللّعان كَانَ لي وَلها شَأْن "، فَكل زوج رام لَا شُهُود لَهُ متناول بِاللَّفْظِ. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم} ، والمستثنى يجب

أَن يكون من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، هَذَا يدل على أَن اللّعان شَهَادَة، فَيجب أَن يَأْتِي بِلَفْظ الشَّهَادَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: من صَحَّ طَلَاقه أَو يَمِينه أَو إيلاؤه صَحَّ لِعَانه كَالْمُسلمِ الْحر، وَالْمعْنَى الدَّاعِي إِلَى شرع اللّعان لما اسْتَوَى فِيهِ كل زوج أعمى أَو بَصِير، عدل أَو فَاسق اسْتَوَى فِيهِ الْحر وَالْعَبْد وَالْكَافِر وَالْمُسلم، لِأَن الْمَعْنى يعم الْجَمِيع فَيجب تَعْمِيم الحكم تمهيدا لهَذِهِ الْقَاعِدَة وقطعا للنَّظَر المفضي إِلَى الْأَيْمَان والشهادات، وَاللّعان أصل قَائِم بِنَفسِهِ. لَهُم: اللّعان شَهَادَة، وَهَؤُلَاء لَيْسُوا من أهل الشَّهَادَة. مَالك: ق. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: الْإِنْصَاف أَن فِي اللّعان شائبتين: يَمِين وَشَهَادَة فلكونه، تَصْدِيق الْمَرْء نَفسه بقوله الْمُؤَكّد باسم اللَّهِ تَعَالَى هُوَ يَمِين؛ لِأَن هَذَا حد الْأَيْمَان، وَأَنه

يتَكَرَّر من شخص وَاحِد، ثمَّ لَا يُمكن تمحيص شَائِبَة الْيَمين، فَإِنَّهُ يُخَالف قِيَاس الْأَيْمَان إِجْمَاعًا حَيْثُ هُوَ يَمِين الْمُدَّعِي لإِثْبَات مَا يَدعِيهِ ابْتِدَاء، وَإنَّهُ لَو امْتنع عَن اللّعان فَلهُ أَن يعود إِلَيْهِ، وَحقّ الْيَمين يبطل بِالنّكُولِ وَيُخَالف قِيَاس الشَّهَادَات، فَإِنَّهُ شَهَادَة الْمَرْء لنَفسِهِ فِي مَحل عرضه وَذَلِكَ غير مَشْرُوع، وَشَهَادَة الْأَعْمَى فِي المحسوس لَا تقبل وَشَهَادَة الْفَاسِق فِي الْحُدُود لَا تقبل وَشَهَادَة الْوَاحِد لَا يحكم بهَا وَاللّعان قَول الْوَاحِد لنَفسِهِ، وَإِن كَانَ أعمى فَاسِقًا، ثمَّ لَا نسلم أَن العَبْد لَيْسَ من أهل الشَّهَادَة، فَإِن الْأَهْلِيَّة بِصِفَات تُؤثر فِي تَحْقِيق التَّصَرُّف على وَجه يتوفر عَلَيْهِ مَقْصُوده، وَذَلِكَ بِالْعقلِ الَّذِي هُوَ آلَة الضَّبْط والفهم وَالْحِفْظ، وبالعدالة الَّتِي تؤمن غائلة الْكَذِب، وَمَا عَداهَا صِفَات مُعْتَبرَة للقبول إِمَّا تعبدا كالحرية أَو لِمَعْنى كالبصر وَالْإِسْلَام، والأهلية اصْطِلَاح فقهي وَالْآيَة جعلت كل زوج رام أَهلا للشَّهَادَة الَّتِي هِيَ اللّعان، وَاللّعان رَأس بِنَفسِهِ مُنْقَطع عَن الشَّهَادَات والأيمان.

المسألة الثامنة والسبعون بعد المائتين رعح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: (رعح) :) إِذا أقرّ بِوَطْء أمته وَأَتَتْ بِولد يُمكن إِسْنَاده إِلَيْهِ لحقه. الْمَذْهَب: يلْحقهُ إِن لم يدع الْعَزْل أَو الِاسْتِبْرَاء. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: مَا نقل فِي وليدة زَمعَة وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْوَلَد للْفراش "، وَهُوَ صُورَة النزاع، فَأَبُو حنيفَة لما بلغه مُطلق الْخَبَر حمله على الْمَنْكُوحَة وَالشَّافِعِيّ لما عرف السَّبَب أثبت فرَاش الْأمة.

لَهُم: ... ... ... ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَطْء سَبَب ظَاهر للعلوق كالجرح للزهوق، ثمَّ لَو أقرّ بِالْجرْحِ أضيف الزهوق إِلَيْهِ، وَإِن أمكن أَن يكون الزهوق بِسَبَب آخر، كَذَلِك هَاهُنَا، ويتأيد بِالْوَطْءِ بِشُبْهَة وَلَا تَأْثِير للظن بعد زَوَاله. لَهُم: الْإِقْرَار بِالْوَطْءِ يكون إِقْرَارا بِالْوَلَدِ لَو كَانَ الْوَطْء سَبَب الْوَلَد، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِنَّهُ إيلاج أَثَره الْإِنْزَال، والعلوق أَمر زَائِد، وَإِنَّمَا لحق بالفراش وَلَيْسَت فراشا، فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون شراها للتِّجَارَة فوطء الْأمة لَا يتَعَيَّن لاتخاذها فراشا فقد يقْصد قَضَاء الشَّهْوَة مَعَ بَقَاء الْمَالِيَّة. مَالك:. أَحْمد:.

التكملة: الْوَطْء سَبَب للْوَلَد بمدلول الْعرف وَالْعقل وَالشَّرْع " تناكحوا تكثروا "، وَلما وَطئهَا وَلم يعْزل وَلم يستبرئ، فقد جعلهَا فراشا لِأَن بِالْعَزْلِ يعرف صرف فعل الْوَطْء عَن جِهَة الِاسْتِيلَاد، وبالاستبراء يعرف أَنه نَدم على الْوَطْء وردهَا إِلَى جِهَة التِّجَارَة، وَذَلِكَ كمن يحرث أَرضًا (بعد أَن) اتخذها مزرعة فَلَو لم ينثر الْبذر فِيهَا لم يتم فعله، وَإِن نثر الْبذر ثمَّ هجرها، وَلم يسقها يُقَال: نَدم على فعله، وَمَتى انْتَفَت هَذِه الْعَوَارِض كَانَ الْفِعْل بِنَفسِهِ اتِّخَاذ مزرعة، كَذَلِك هَاهُنَا، فَإِن فرقوا بَين الفراشين بِجَوَاز الْعَزْل منعناه فيهمَا أَو جوزناه فيهمَا على الصَّحِيح، فَإِنَّهُ لَا فرق بَين الِامْتِنَاع من أصل الْوَطْء أَو الِامْتِنَاع من إرْسَال المَاء، وَإِن فرقوا

بامتناع اللّعان فِي الْأمة منعناه على رَأْي، وَإِن سلمنَا فالعذر استغناؤه بِدَعْوَى الْعَزْل والاستبراء عَن اللّعان، وَإِن فرقوا بِأَن الْمُسْتَوْلدَة عِنْد الْعتْق تَعْتَد بِثَلَاثَة أَقراء لزوَال الْفراش وَالْأمة الموطؤة بقرء ومنعناه فِي الْمُسْتَوْلدَة واكتفينا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بقرء وَهُوَ دَلِيل بَرَاءَة الرَّحِم إِلَّا فِي النِّكَاح تعبدا وَامْتِنَاع بيع الْمُسْتَوْلدَة لحُرْمَة الْوَلَد وَلَا ولد هَاهُنَا.

من مسائل اللعان وأول مسائل العدة

(من مسَائِل اللّعان وَأول مسَائِل الْعدة) (الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رعط.) النِّكَاح الَّذِي لم يتَّصل بِهِ إِمْكَان الْوَطْء. الْمَذْهَب: لَا يثبت فرَاش النّسَب. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا} ، وَقَالَ: {وَبث مِنْهُمَا رجَالًا} الْآيَة، وَجه الدَّلِيل إخْبَاره أَن خلق الْبشر من المَاء لَكِن أَقَمْنَا الْفراش مقَام الْوَطْء المفضي إِلَيْهِ لاشْتِمَاله عَلَيْهِ فَإِذا انْتَفَى يَقِينا لم يبْق مَا كَانَ وَسِيلَة إِلَيْهِ. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْوَلَد للْفراش ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يُوجد مَا يَقْتَضِي ثُبُوت النّسَب فَلَا يثبت؛ لِأَن السَّبَب الْوَطْء بِصفة مَخْصُوصَة، وَلم يُوجد، لِأَن أصل ثُبُوت النّسَب البعضية رأفة بِالْوَلَدِ وليكون ذخْرا لوالده، فَإِذا تحقق انْتِفَاء البعضية لم يكن بَينهمَا تراحم. لَهُم: قِيَاس السَّبَب يُوجب ثُبُوت الحكم؛ لِأَن الْمَعْنى الْخَفي لَا يُمكن أَن يكون منَاط الحكم فَانْقَطع النّظر عَنهُ وَتعلق الحكم بِالسَّبَبِ الْمَنْصُوب شرعا، وَنَظِيره السّفر مَعَ الْمَشَقَّة وَلَو اشْترى بكرا أَو مس امْرَأَة يتَيَقَّن انْتِفَاء الشّغل وَوَجَب الِاسْتِبْرَاء مَعَ ذَلِك. مَالك: أَحْمد: التكملة: الْخَبَر ورد فِي وَاقعَة مُعينَة وَهِي وليدة زَمعَة، وَالْمرَاد بِالْوَلَدِ الْمَذْكُور ذَلِك الْمعِين وَالْألف وَاللَّام هَاهُنَا لتعريف الْمَعْهُود، وتلحق بِهِ كل صُورَة كَانَت فِي مَعْنَاهُ، وَكَانَ إِمْكَان الْوَطْء قَائِما بهَا، وَيجوز أَن يثبت الحكم عِنْد السَّبَب من غير تعْيين الْعلُوق مِنْهُ، أما أَن يثبت مَعَ تعْيين الانتفاء فَلَا وَهَذَا كالجرح يثبت الزهوق مَعَ إِمْكَان أَن يكون الْمَوْت بِغَيْرِهِ فَلَو تعقبه حز الرَّقَبَة انْقَطع

أثر الْجرْح وأضيف الزهوق إِلَى (حز الرَّقَبَة) ، وَأما الْمَشَقَّة فالسفر لَا يَنْفَكّ عَنْهَا إِذا قايست حَال كل مُسَافر إِلَى إِقَامَته، وَكَذَلِكَ تجدّد الْملك لَا يَخْلُو عَن احْتِمَال الشّغل، فَإِن الْبكر يُمكن علوقها وعود الْجلْدَة والإمكانات كَبِيرَة، فَإِن قَالُوا: المشرقي يُمكن أَن يصل إِلَى المغربية بِضَرْب من الكرامات أَو السحر، قُلْنَا: الْأُمُور الشَّرْعِيَّة لَا يجوز تَعْلِيقهَا على هَذِه الِاحْتِمَالَات.

المسألة الثمانون بعد المائتين رف

(الْمَسْأَلَة الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: (رف) :) هَل يُورث حد الْقَذْف؟ وَهل يسْقط بِعَفْو الْمَقْذُوف؟ . الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: لَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . لَهُم:

قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة فِي الَّذين آمنُوا} يدل على أَنه لحق اللَّهِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لَو أقرّ بِالْقَذْفِ ثمَّ رَجَعَ لم يسْقط، وَلَو كَانَ الْمُغَلب حق اللَّهِ لسقط وَلَو تَسَاويا فَكَذَلِك دَرأ للحد بِالشُّبُهَاتِ، فَلَمَّا لم يسْقط دلّ على أَن الشَّرْع رعى فِيهِ حق الْآدَمِيّ هَذَا فِي صُورَة الْعَفو، وَيُقَال فِي الْإِرْث: كَانَ الْحق ثَابتا على وَجه يَسْتَوْفِيه الإِمَام مَعَ طلب الْمَقْذُوف والحادث الْمَوْت، وَلَا يُنَافِي قيام الْوَارِث مقَام الْمَوْرُوث كَمَا قَامَ مقَامه فِي دَعْوَى السّرقَة. لَهُم: لَو أَبَاحَ الْمَقْذُوف قذفه وَجب الْحَد فَإِذا عَفا كَانَ أولى بألا يسْقط، لِأَن الْإِبَاحَة تمنع انْعِقَاد السَّبَب وَالْعَفو إِسْقَاط الْوَاجِب، وَلذَلِك لَو اسْتَوْفَاهُ الْمَقْذُوف لم يبرأ جَانب الْقَاذِف، ثمَّ شَرط الْإِقَامَة طلبه وَقد تعذر بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا توقف على طلب الْمَقْذُوف؛ لِأَن قعوده عَنهُ (لَا يُورث تُهْمَة

لِأَن لَهُ حَقًا) . مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: يدل على أَن الْحَد لحق العَبْد أَن عرضه مصون لَهُ، وَالْقَذْف جِنَايَة عَلَيْهِ، فإلحاق الْعَار بِهِ مَعَ مَا فِيهِ من التشفي فَصَارَ كَالْقصاصِ الْوَاجِب بقتْله وَكَذَا لَا يسْقط بتقادم الْعَهْد، وَيدل على أَنه لحق اللَّهِ كَونه إِشَاعَة فَاحِشَة إِمَّا بهتانا عَلَيْهِ أَو لغير قصد إِقَامَة الْحِسْبَة، فَإِذا الشَّهَادَة وَالْعرض مَعْصُوم لله وَلِلْعَبْدِ، ثمَّ نعتذر بتشطره فِي حق العَبْد أَن التأثر برمي حر أَكثر من التأثر برمي عبد، وَيمْتَنع اسْتِيفَاء الْحَد إِذا أَبَاحَ الْمَقْذُوف قذف نَفسه، وَكَذَلِكَ نقُول: لَو اسْتَوْفَاهُ وَقع موقعه. وَاعْلَم أَن فِي الْحُقُوق مَا يمحض حَقًا لله تَعَالَى كالرمي، وَمَا يمحض حَقًا للآدمي كالبعضية، وَمَا فِيهِ الشائبتان مَعًا كَالْقَتْلِ حق اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ يُوجب الْكَفَّارَة وَحقّ الْآدَمِيّ الْقصاص أَو الدِّيَة، وَكَذَلِكَ حد السّرقَة الْغرم

للآدمي وَالْقطع حق اللَّهِ تَعَالَى، وَالْقَذْف من هَذَا الْقَبِيل، وَحقّ الْآدَمِيّ فِيهِ أظهر؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي إِلَّا بِطَلَبِهِ، وَلَا يَسْتَوْفِيه الْحَاكِم بِعِلْمِهِ، وَلَا بِكِتَاب قَاض وَلَا بِشَهَادَة على شَهَادَة.

لوحة من المخطوطة أ

(لوحة 68 من المخطوطة أ:) إِذا كَانَت الْمُطلقَة من ذَوَات الْأَقْرَاء، فَإِن طَلقهَا طَاهِرا فَأَقل مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعدة لب يَوْمًا، ولحظه وَاحِدَة، وَلَا بُد من لَحْظَة أُخْرَى لتصدق، وَإِن لم تكن هَذِه اللحظة من الْعدة، وَذَلِكَ أَنه يحْتَمل أَن يكون طَلقهَا فِي اللحظة الْأَخِيرَة من الطُّهْر ثمَّ تحيض يَوْمًا وَلَيْلَة وتطهر، ية فَإِذا انْقَضى الطُّهْر انْقَضتْ الْعدة، لِأَن اللحظة الأولة قرء والطهران الْآخرَانِ قُرْآن إِلَّا أَنَّهَا لم تعلم إِلَّا بِمُضِيِّ لَحْظَة أُخْرَى من الْحيض بعد الطُّهْر، وَإِن كَانَت أمة فبمضي يو يَوْمًا ولحظتين، وَإِن طَلقهَا حَائِضًا قبل قَوْلهَا بعد مز يَوْمًا،

ولحظتين، وَهُوَ أَنه يحْتَمل أَن يكون فِي اللحظة الْأَخِيرَة من الْحيض ثمَّ تطهر يه يَوْمًا ثمَّ تحيض يَوْمًا وَلَيْلَة، ثمَّ تطهر أَيْضا يه يَوْمًا ثمَّ ترى الدَّم لَحْظَة وَاحِدَة، وَإِن كَانَت أمة فبمضي لَا يَوْمًا ولحظتين، وَإِن كَانَت حَائِلا فبأن يمْضِي بعد العقد، وَإِمْكَان الْوَطْء ف يَوْمًا، لِأَن الْوَلَد لَا يتَبَيَّن فِيهِ الْخلق إِلَّا فِي ف يَوْمًا. وَاعْلَم أَن الْعدَد بِالْأَقْرَاءِ وَيجب على من تحيض إِذا فَارَقت زَوجهَا بعد الدُّخُول أَو وطِئت بِشُبْهَة وَيُوضَع الْحمل يكون مِمَّن لحقه الْحمل وَإِن نَفَاهُ سَوَاء فَارقهَا حَيا أَو مَيتا وَالْعدة بالشهور على ضَرْبَيْنِ: عدَّة الْوَفَاة أَرْبَعَة أشهر وَعشر تجب على من توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَهِي حَائِل سَوَاء كَانَت من ذَوَات الْأَقْرَاء أَو لم تكن، وَسَوَاء دخل بهَا الزَّوْج أَو لم يدْخل، وَالثَّانيَِة ثَلَاثَة أشهر وَهِي عدَّة الصَّغِيرَة والآيسة إِذا وَطئهَا الزَّوْج أَو الْأَجْنَبِيّ بِشُبْهَة وَإِذا قَالَ: إِذا ولدت فَأَنت طَالِق فَولدت وَمضى مز يَوْمًا ولحظة وأخبرت بِانْقِضَاء عدتهَا قبل لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن تَلد وَلَا ترى الدَّم وتطهر يه يَوْمًا ثمَّ تحيض يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ تطهر يه يَوْمًا ثمَّ ترى الدَّم لَحْظَة.

وَإِذا اشْترى جَارِيَة فَلَا يجوز لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا، وَلَو أعْتقهَا وَأَرَادَ أَن يَتَزَوَّجهَا خلافًا لَهُم، وَوَقعت للرشيد فأفتاه أَبُو يُوسُف أَن يعتقها ويتزوجها، وَاعْلَم أَن الْعدة بالأطهار عندنَا، وَعِنْدهم بِالْحيضِ، وَحجَّتنَا أَن الْمَشْرُوع هُوَ الطَّلَاق السّني لقَوْله تَعَالَى: {فطلقوهن لعدتهن} أَي فِي زمَان إِمْكَان عدتهن فَوَجَبَ أَن يكون الزَّمَان عقب الطَّلَاق محسوبا من الْعدة، وإلغاء بَقِيَّة الطُّهْر والاحتساب من الْحيض يطول الْعدة عَلَيْهَا ويضر بهَا، وَكَذَلِكَ الِاسْتِبْرَاء، فَإِن الشِّرَاء لَا يخْتَص بِحَالَة الطُّهْر حَتَّى يلْزم الاحتساب بعده فَنَظَرْنَا إِلَى مَقْصُود الْبَرَاءَة وحصولها بِالْحيضِ ثمَّ الْمَقْصُود الْبَرَاءَة لحل الْوَطْء، فَيجب أَن يشرع على جِهَة يُفْضِي آخرهَا إِلَى الْوَطْء، وَفِي الطَّلَاق الْمَقْصُود النِّكَاح وَيجوز أَن يَقع فِي زمن الْحيض يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} أَي: يكففن أَنْفسهنَّ عَن الْوَطْء فليتخص ذَلِك بِزَمَان إِمْكَان حل الْوَطْء وَهُوَ الطُّهْر وَوَطْء الْحَائِض مَمْنُوع فِي غير زمَان التَّرَبُّص، فَإِن قَالُوا: يُفْضِي قَوْلكُم إِلَى أَن تكون الْعدة ثَلَاثَة أَقراء إِلَّا زمَان الطُّهْر، قُلْنَا: ورأيكم يُفْضِي إِلَى ثَلَاثَة أَقراء وزمان الطُّهْر.

المسألة الحادية والثمانون بعد المائتين رفا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفا.) عدَّة الزَّوْج هَل تَنْقَضِي بِوَضْع حمل من غَيره؟ . الْمَذْهَب: (لَا، وَيَسْتَوِي فِيهِ الزِّنَى والشبهة وعدتا الْوَفَاة وَالطَّلَاق) . عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} وَقَوله: {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} وَتحمل الْحَامِل من الزَّوْج على الِاسْتِثْنَاء من الْعُمُوم بِدَلِيل فَتبقى الْحَامِل من غَيره تَحت الْعُمُوم. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي امْرَأَة أنكحت على قرب وَفَاة الزَّوْج: " لَو وضعت

وَالزَّوْج على السرير حلت "، فَصَارَ الْوَضع نوع عدَّة كالأقراء وَلَيْسَ أَحدهمَا بَدَلا عَن الْأُخَر وَهَذَا لَا ينْتَقل إِلَى الْحمل الطَّارِئ فِي الْعدة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْحَامِل من الزَّوْج الأول قاضية حق الزَّوْج بحضانة الْجَنِين وَحفظه، وتمكينها من الْخُرُوج وَالنِّكَاح يبطل هَذِه الْمَقَاصِد، فالعدة عبارَة عَن هَذَا الْحق للزَّوْج عَلَيْهَا وبقضائه انْقِضَاء الْعدة، وَهَذَا الْمَعْنى مَعْدُوم فِي حمل الزِّنَى بِأَنَّهُ غير مَحْفُوظ شرعا فَيبقى حق الزَّوْج. لَهُم: ... ... ... ... ... ... ... ... ...

مَالك: أَحْمد: التكملة: نمْنَع إلحاقهم الزِّنَى بِحمْل الزَّوْج بِدَلِيل الْحمل الطَّارِئ فِي الْعدة، فَإِنَّهُ لَو كَانَ من الزَّوْج انْتَقَلت إِلَى عدَّة الْحمل وَانْقَضَت بِوَضْعِهِ، وَإِن كَانَ من الزِّنَى لَا تَنْقَضِي الْعدة بِوَضْعِهِ، فَإِن قَالُوا: مَا صرتم إِلَيْهِ يمْنَع شرع الْعدة فِي حق غير الْحَامِل، قُلْنَا: الْحَائِل إِن كَانَت غير ممسوسة فَلَا عدَّة، وَإِن مَسهَا فَهُوَ سَبَب ظَاهر فِي الْحمل فَتعْتَد لَهُ، فالعدة زمَان ضرب لحفظ الْوَلَد إِمَّا علما أَو ظنا، وَأما عدَّة الْوَفَاة، فَإِن كَانَت مَوْطُوءَة فنهج القَوْل مَا سبق، وَإِن كَانَت غير ممسوسة، فَهُوَ زمَان حداد إِظْهَارًا للتأسف. وعدة الصبية والآيسة على خلاف القياسين حفظ الْحمل وَبَرَاءَة الرَّحِم فقد فقدا جَمِيعًا فَلَا يرد نقضا) . وَجَوَاب الْآيَة أَنَّهَا دَلِيل على انْقِضَاء أجل (الْحمل لَا غير فَيتَنَاوَل حد

حمل لَهُ أجل مَضْرُوب شرعا وَحمل الزِّنَى لَيْسَ لَهُ أجل تتناوله الْآيَة، أما حمل الشُّبْهَة فينقضي أَجله بِوَضْعِهِ وَلَا يلْزم انْقِضَاء حق) الزَّوْج، وَالْخَبَر ورد فِي وَاقعَة عين فيلتحق بهَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا، وَلم يثبت أَن ذَلِك الْحمل كَانَ من غير زوج وَلَو كَانَ الْمَقْصُود الْبَرَاءَة لحصل إِذا كَانَ حمل الزَّانِي مُسْتَيْقنًا فَإنَّا نعلم يَقِينا فراغها من مَاء الزَّوْج. الثَّلَاثَة قُرُوء عندنَا أطهار وَبِه قَالَ مَالك، وَعِنْدهم حيض.

الْمُعْتَدَّة: لَا تخرج من دَار الطَّلَاق إِلَّا بِفَاحِشَة، وَقيل: هِيَ إِيذَاء الأحماء ببذاء اللِّسَان. قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: الْفَاحِشَة: الزِّنَى. الإمامية: الْآيَة من النِّسَاء بِالسِّنِّ لَا عدَّة عَلَيْهَا، وعدة الْحَامِل الْمُطلقَة أقرب الْأَجَليْنِ المتوفي عَنْهَا زَوجهَا أبعد الْأَجَليْنِ.

المسألة الثانية والثمانون بعد المائتين رفب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفب:) إِذا أقرَّت بِانْقِضَاء عدتهَا ثمَّ أَتَت بِولد يحْتَمل أَن يكون الْعلُوق (بِهِ من النِّكَاح) . الْمَذْهَب: لحق النّسَب مَا لم تنْكح زوجا يحْتَمل الْعلُوق مِنْهُ. عِنْدهم: لَا يلْحق النّسَب. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْوَلَد للْفراش ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

وجد سَبَب ثُبُوت النّسَب فَثَبت دَلِيل وجود النّسَب توهم الْعلُوق فِي النِّكَاح فَإِنَّهُ لَا يُمكن اعْتِبَار سَبَب سوى هَذَا لتعذر ظُهُور الْوَطْء وَالْمَاء فَيبقى التَّوَهُّم خَاصَّة إحتياطا فِي إثْبَاته لحق الْوَلَد فَصَارَ كَمَا قبل الْإِقْرَار. لَهُم: أَتَت بِولد يُمكن أَن يكون الْعلُوق بِهِ بِوَطْء حَادث بعد الْإِقْرَار فَلَا يثبت النّسَب من الأول كَمَا لَو تزوجته، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أمينة على الْعدَد فَإِذا أمكن حمل قَوْلهَا على الصدْق حمل؛ لِأَن الْأمين لَا يكذب فِي خَبره مَعَ وجود مَحل الصدْق. مَالك: أَحْمد: التكملة: نبحث عَن معنى الحَدِيث؛ وَمَعْنَاهُ: الْوَلَد لصَاحب الْفراش فَإِنَّهُ سيق لبَيَان نِسْبَة الْوَلَد إِلَى أَبِيه، لِأَن نسب الْأُم ظَاهر فَتَارَة يعلق الحكم على

حَقِيقَة الاستفراش كَوَطْء الشُّبْهَة إِجْمَاعًا، وَالْوَطْء فِي ملك الْيَمين عندنَا، وَتارَة يعلق على النِّكَاح الَّذِي هُوَ مَظَنَّة الاستفراش لعسر الإطلاع على حَقِيقَة الْوَطْء فمهما أمكن إِلْحَاق الْوَلَد بِهِ لحق إِلَّا إِذا تعذر ذَلِك إِمَّا بِانْقِضَاء أقْصَى مُدَّة الْحمل أَو بِنِكَاح آخر وَلَا نظر إِلَى انْتِفَاء الْفراش حَالَة الِانْفِصَال كَمَا فِي وَطْء الشُّبْهَة وَملك الْيَمين بل نراعيه حَالَة إِمْكَان الْعلُوق، يدل عَلَيْهِ إِذا جَاءَت بِولد فِي عدَّة البائنة بِحَيْثُ يُمكن استتار الْعلُوق إِلَى النِّكَاح إِذْ النّسَب يلْحقهُ مَعَ انْتِفَاء الْفراش بِالطَّلَاق الثَّلَاث.

المسألة الثالثة والثمانون بعد المائتين رفج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفج:) العدتان من رجلَيْنِ. الْمَذْهَب: لَا تتداخلان. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} ، وَقَوله: {فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} كل ذَلِك إِشَارَة إِلَى طلب فعل مِنْهَا وَهُوَ فعل الْكَفّ عَن النِّكَاح وأسبابه من الزِّينَة والتبرج، وَلَا يخفى أَدَاء حقين بِأَحَدِهِمَا. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ} ، وَقَوله: {أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} ، وَالْأَجَل زمَان تَأْخِير الحكم بعد انْعِقَاد السَّبَب كَذَلِك الطَّلَاق

يَقْتَضِي ردهَا إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل النِّكَاح منطلقة، وتأخيره لتعرف بَرَاءَة الرَّحِم، فَإِذا انْقَضى أقْصَى الْأَجَليْنِ اندرج فِيهِ أقربهما كآجال الدُّيُون. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: إِذا فعلين فِي مَحل وَاحِد فِي وَقت وَاحِد غير مَعْقُول كصومي ظِهَار وَيَمِين وَلَا فرق بَين الْعدة وَالصَّوْم فِي كَونهمَا إمساكين وَإِن اخْتلفَا فِي الممسك عَنهُ وَفِي زمَان الْإِمْسَاك. لَهُم: الْمَقْصُود تَأْخِير النِّكَاح إِلَى مُضِيّ الْأَجَل، وَترك أَشْيَاء مُتعَدِّدَة فِي وَقت وَاحِد مُمكن، فَإِن الْجمع بَين الصَّلَاة والزنى فِي وَقت وَاحِد (محَال وتركهما فِي وَقت وَاحِد) مُمكن فَصَارَ كَمَا لَو حرم الْجِمَاع على الْمَرْأَة بِالصَّوْمِ وَالْإِحْرَام وَالْحيض، فَإِن الِانْتِهَاء عَن الْكل فِي (حَالَة وَاحِدَة) مُمكن. مَالك: أَحْمد:

التكملة: مدَار نَظرنَا على الْجمع بَين التَّعَبُّد والبراءة والتربص والكف والانتهاء إِلَى مُدَّة والخصم يَبْنِي على إبِْطَال الْجَمِيع وَتَجْرِيد التّرْك الْمَحْض، فمسلكنا أولى فِي الِاحْتِيَاط ونفرض فِي الْحَائِل الْمُعْتَدَّة من الزَّوْج ثمَّ وطِئت بِشُبْهَة، فَنَقُول: حمل من غير الزَّوْج فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عدَّة الزَّوْج كالحمل من الزِّنَى إِذا كَانَ الْحمل طارئا وَقد سلموه وَالْأَصْل شَاهد وَالْمعْنَى مُنَاسِب وَتَسْمِيَة الْعدة أَََجَلًا خطأ، فَإِن الْعدة اسْم لجَمِيع هَذِه الْمدَّة وَالْأَجَل غَايَة كل مُدَّة مقدرَة ومنقطعها قَالَ تَعَالَى: {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ} ، وَقَالَ: {فَإِذا جَاءَ أَجلهم} ثمَّ الْمدَّة المضروبة تَنْقَسِم إِلَى مَا شرعت لتأخير حق العقد لسَبَب كأجل الدّين، وَإِلَى مُدَّة يُوفى فِيهَا حق كَالْإِجَارَةِ {فَلَمَّا قضى مُوسَى الْأَجَل} ، وَمَا نَحن فِيهِ من هَذَا الْقَبِيل وَمَا ذَكرُوهُ من الْقَبِيل الأول، وَالدَّلِيل على أَن الْبَرَاءَة لَيست كل الْقَصْد أَنه لَو علق طَلاقهَا

على بَرَاءَة رَحمهَا وَوَقع الطَّلَاق اعْتدت، وَأما انْقِضَاء الْعدة مَعَ الْجُنُون وَالْإِغْمَاء فَتلك أَحْوَال نادرة لَا تنقص الْأَجَل كَمَا فِي الصَّوْم، وَأما تدَاخل عدتي شخص نمْنَع، وَإِن سلمنَا، فالمستحق وَاحِد فَصَارَ كتعدد الوطيات مِنْهُ، وَمِثَال ذَلِك جراحتان من شخص وَاحِد وجراحتان من شَخْصَيْنِ.

المسألة الرابعة والثمانون بعد المائتين رفد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفد:) إِذا انعتقت أم الْوَلَد إِمَّا بِعِتْق السَّيِّد أَو بِمَوْتِهِ. الْمَذْهَب: تربصت قرءا وَاحِدًا. عِنْدهم: اعْتدت ثَلَاثَة أَقراء. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... . لَهُم: ... ... ... ...

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تربص سَببه الْوَطْء فِي ملك يَمِين فَيقدر بقرء وَاحِد كاستبراء الْأمة الْمُشْتَرَاة، وَتَحْقِيق وصف الْعلَّة الْمُنَاسبَة، لِأَن الْوَطْء سَبَب شغل الرَّحِم وَالْحَاجة ماسة إِلَى تعرف الْبَرَاءَة والمدة المضروبة صَالِحَة للتعرف، وَالْمعْنَى مُنَاسِب، وَالْأَصْل شَاهد، لَا فرق إِلَّا أَن الِاسْتِبْرَاء بعد سَبَب الْحل وَهُوَ الشِّرَاء وَفِي الْفَرْع بعد الْحل وَهُوَ النِّكَاح. لَهُم: الْعدة قَضَاء لحق الْفراش بِاسْتِيفَاء أَثَره بعد زَوَاله، والفراش هَاهُنَا ثَابت بِدَلِيل ثُبُوت النّسَب من غير استلحاق فَوَجَبَ قَضَاء حَقه بِالثلَاثِ ونقصان الْفراش إِن سلم فَلَا يزِيد على عَدمه وَلَو ظن أَنَّهَا مَنْكُوحَة اعْتدت بِثَلَاثَة أَقراء فالناقص أولى. مَالك: أَحْمد: التكملة: قَضَاء حق الْوَارِث غير مَعْقُول فَلَا نَتْرُك الْمَعْنى الْمُخْتَار من طلب

الْبَرَاءَة، بِمَا لَا يعقل كَيفَ وَإِنَّمَا استقام لَهُم تِلْكَ الدَّعْوَى فِي النِّكَاح بعد الْوَفَاة فَإِنَّهَا وَجَبت من غير مَسِيس، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي مَحل النزاع، وعَلى التَّسْلِيم نقُول: الْفراش نَاقص، بِدَلِيل أَن الْوَلَد يَنْتَفِي مِنْهُ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاء لَا بِاللّعانِ والجبر بِالْحُرِّيَّةِ الطارية بعد الْفراش غير مَعْقُول؛ لِأَنَّهُ لَا يلتقي الجابر بالمجبور، كَيفَ وَالْحريَّة تنَافِي فرَاش ملك الْيَمين فَكيف تجبر نَقصه.

المسألة الخامسة والثمانون بعد المائتين رفه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفه.) الْمُعْتَدَّة الْبَائِن الْحَائِل. الْمَذْهَب: لَا تسْتَحقّ نَفَقَة الْحَامِل لَكِن تسْتَحقّ السُّكْنَى. عِنْدهم: تسْتَحقّ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا قَوْله تَعَالَى: {أسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم وَلَا تضاروهن لتضيقوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كن أولات حمل فأنفقوا عَلَيْهِنَّ} فإطلاق الْمسكن (فِي جملَة) المطلقات وَتَخْصِيص النَّفَقَة بأولات الْحمل دَلِيل التَّخْصِيص قَالَت فَاطِمَة بنت قيس: طَلقنِي زَوجي ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا

سُكْنى لَك وَلَا نَفَقَة " وَالْخَبَر صَحِيح. لَهُم: لما سمع عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ خبر فَاطِمَة بنت قيس قَالَ: كَيفَ نَدع كتاب رَبنَا بقول امْرَأَة لَعَلَّهَا أنسيت أَو شبه عَلَيْهَا ففهم عمر من كتاب اللَّهِ تَعَالَى إِيجَاب السُّكْنَى وَالنَّفقَة وبمقتضى ذَلِك رد قَوْلهَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ملك وَجب بِسَبَب الزَّوْجِيَّة على وَجه نَفَقَة الزَّوْجَات فَتسقط بِانْقِطَاع الزَّوْجِيَّة، وَقد انْقَطَعت بالبتات من كل وَجه وَلَيْسَ للزَّوْج عَلَيْهَا ملك يَد. لَهُم: محبوسة عَن نِكَاحه فاستحقت النَّفَقَة كالرجعية؛ لِأَن الْعدة للنِّكَاح بِدَلِيل عدَّة الْوَفَاة حَيْثُ لَا مَاء وَلَا يَد وَالْيَد قَائِمَة بعد الطَّلَاق، فَوَجَبت النَّفَقَة لِأَن الْحَبْس يُوجب ذَلِك وَصَارَ كرزق الْحَاكِم والمفتي لما عطلوا عَن المكسب

وَجَبت نَفَقَتهم فِي بَيت المَال،، وَكَذَلِكَ وَجَبت لَهَا السُّكْنَى. مَالك: ق. أَحْمد: لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا سُكْنى. التكملة: قَالُوا: الْآيَة نبهت بالأعلى على الْأَدْنَى، فَإِن مُدَّة الْحمل تزيد على مُدَّة الْأَقْرَاء، قُلْنَا: الْأَمر بِالْعَكْسِ فَإِن الْحمل لَا يزِيد على سنتَيْن عِنْدهم (وَالْأَمر إِنَّمَا يبلغ سِنِين) ، فَإِن زَعَمُوا أَن فِي الْقِرَاءَة تَقْدِيمًا أَو تَأْخِيرا فالقرآن لَا يثبت بالرواية الشاذة، ومطلع النّظر أَن الْعدة حكم الْوَطْء الْمُحْتَرَم وَالنِّكَاح مُنْقَطع بِجَمِيعِ علائقه فَلَا تبقى نَفَقَة وَكَلَامهم يبتني على أَن نَفَقَة النِّكَاح بِالْحَبْسِ وَأَن حبس النِّكَاح بَاقٍ فَلَا تسلم بل هِيَ محتبسة بِقَضَاء حق التزمته بِالْعقدِ، وزمان تَسْلِيم الْمُسْتَحق لَا يضمن كمن اشْترى شَيْئا لَا يُمكن تَسْلِيمه إِلَّا فِي أَيَّام فالبائع محتبس بِتَسْلِيمِهِ فِي تِلْكَ الْأَيَّام بِغَيْر نَفَقَة من الْمُشْتَرى فالنفقة إِذا بتعطيل مَنَافِعهَا فَإِنَّهَا تبقى مرصدة لحظ الزَّوْج فِي زمن الْعدة يتَمَكَّن من مَنَافِعهَا وَأكْثر مَنَافِع النِّسَاء فِي الْبيُوت لَا فِي الْأَسْوَاق ثمَّ

الْحَبْس هَاهُنَا للشَّرْع وَهَذَا لَا يسْقط بِإِسْقَاط الزَّوْج وَنَفَقَة الْحَامِل بِسَبَب الْحمل وَهِي أَحَق النَّاس بِولَايَة الْحمل.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 69 من المخطوطة أ:) جَاءَت هِنْد زَوْجَة أبي سُفْيَان إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَت: يَا رَسُول اللَّهِ إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح لَا يعطيني مَا يَكْفِينِي إِلَّا مَا أخذت مِنْهُ سرا فَهَل فِي ذَلِك شَيْء؟ فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَام: " خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ ". فَوَائِد الحَدِيث: أَنه يجوز للْمَرْأَة أَن تخرج من بَيتهَا لحَاجَة، وَأَن تستفتي الْعلمَاء فِيمَا يعرض لَهَا، فَإِن صَوتهَا لَيْسَ بِعَوْرَة، وَأَن للْإنْسَان أَن يذكر مَا فِي غَيره من عيب عِنْد حَاجته إِلَى ذَلِك، وَأَن الْحَاكِم يحكم بِعِلْمِهِ، وَأَنه يقْضِي على الْغَائِب، وَالْأَشْبَه أَنه أفتاها لَا قضى لَهَا، فَإِن أَبَا سُفْيَان كَانَ حَاضرا، وَأَن المراة تلِي نَفَقَة وَلَدهَا، وَأَن من لَهُ حق على غَيره يجوز أَن

والأمر كذلك والاعتراض عليه أن الله تعالى علق الحرمة بمطلق الرضاع فقال وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم والتقييد بالخمس زيادة على النص وذلك نسخ فيمتنع بخبر الواحد وقد أجبنا عن هذا المعنى

يَأْخُذ مِنْهُ بِغَيْر علمه، وَأَنه يجوز أَن يكون من جنس حَقه، وَأَن نَفَقَتهَا وَنَفَقَة وَلَدهَا وَاجِبَة بِالْمَعْرُوفِ، وَأَن النَّفَقَة على الْأَب دون الْأُم، وَاعْلَم أَن الرَّضَاع الَّذِي تتَعَلَّق بِهِ الْحُرْمَة خمس رَضعَات متفرقات إِذا استعط بِاللَّبنِ خمس مَرَّات تعلق بِهِ التَّحْرِيم؛ لِأَن الرَّأْس جَوف، إِذا حقن بِهِ قَولَانِ عِنْدهم تثبت الْحُرْمَة برضعة وَاحِدَة، ومعتمدنا قَول عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا: أنزل فِي الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات نسخ مِنْهَا خمس وَبقيت خمس رَضعَات مَعْلُومَات وَتُوفِّي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالْأَمر كَذَلِك، والاعتراض عَلَيْهِ أَن اللَّهِ تَعَالَى علق الْحُرْمَة بِمُطلق الرَّضَاع فَقَالَ: {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم} وَالتَّقْيِيد بالخمس زِيَادَة على النَّص (وَذَلِكَ) نسخ فَيمْتَنع بِخَبَر الْوَاحِد، وَقد أجبنا عَن هَذَا الْمَعْنى.

وَالدَّلِيل على إبِْطَال مَذْهَبهم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تحرم المصة وَلَا المصتان وَلَا الإملاجة وَلَا الإملاجتان "، فَإِن زَعَمُوا أَنه نسخ حَتَّى سُئِلَ ابْن عَبَّاس أَن نَاسا يَقُولُونَ: الرضعة الْوَاحِدَة لَا تحرم فَقَالَ: كَانَ ذَلِك ثمَّ نسخ عارضناهم بقول عَائِشَة، فَإِن استروحوا إِلَى الْقيَاس على الْوَطْء فِي إِثْبَات حُرْمَة الْمُصَاهَرَة وارتباطه بِهِ دون الْعدَد وَقَالُوا: إِذا لم يعْتَبر كَمَال مُدَّة الرَّضَاع، فَلَا مرد لَهُ إِلَّا مُجَرّدَة، قُلْنَا: هَذَا جمع بِالْقِيَاسِ فِي مَحل الْفرق بِالنَّصِّ ثمَّ الْفَارِق الْمَعْنَوِيّ أَن الْوَطْء سَبَب الْحُرْمَة من حَيْثُ إِنَّه سَبَب النّسَب بالعلوق وَهَذَا الْمَعْنى لَا يزْدَاد بالتكرار، فَإِن المحبل مِنْهَا وَاحِدَة والإرضاع سَبَب الْحُرْمَة بِاعْتِبَار مَا فِيهِ من النشز وَهَذَا يخْتَلف بالقلة وَالْكَثْرَة فَقضى الشَّرْع بِأَن الْكثير مُعْتَبر وَضبط ذَلِك بالخمس.

النفقات والرضاع والتخلي

(النَّفَقَات وَالرّضَاع والتخلي) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفو.) الْإِعْسَار بِالنَّفَقَةِ. الْمَذْهَب: يُوجب فسخ النِّكَاح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ تَعَالَى: {فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} ، وَقَالَ: {فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو فارقوهن بِمَعْرُوف} ، وَجه الِاسْتِدْلَال: أَن

التسريح بِالْإِحْسَانِ مُتَعَيّن عِنْد فَوَات الْإِمْسَاك بِالْمَعْرُوفِ. لَهُم: ... ... ... ... . . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نقُول: يتَعَيَّن التسريح وَلَا نتعرض لبَيَان أَنه فسخ أَو طَلَاق، بل إِذا امْتنع الزَّوْج عَنهُ تولاه الْحَاكِم كَسَائِر الْحُقُوق، وَالنَّفقَة حق ثَبت فِي النِّكَاح كِفَايَة لحاجتها (يتَكَرَّر مَعَ الْأَيَّام) ، ويتأيد بِفَسْخ نِكَاح الْمَجْبُوب والعنين،

بل أولى، فمدافعة الْبَاءَة، أيسر من مدافعة الْجُوع. لَهُم: النَّفَقَة تَابِعَة للنِّكَاح، فَإِنَّهُ لَيْسَ من عُقُود الْمُعَاوَضَات واكتساب المَال فَلَا يَنْفَسِخ بهَا، وَإِنَّمَا يَنْفَسِخ بِمَا هُوَ أصل فِيهِ وَهُوَ الْوَطْء، ثمَّ إِن اللَّهِ أنظر الْمُعسر (فَمَا) مضى مُنْقَطع الْمُطَالبَة، وَلَا تجب نَفَقَته مَا لم يَأْتِ فَكيف يفْسخ، ثمَّ المَال يُمكن تَحْصِيله من جِهَات فَلَا يَنْفَسِخ بفواته بِخِلَاف الْوَطْء وَالِاعْتِبَار بِنَفَقَة الْمُسْتَوْلدَة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: نمْنَع كَون المَال تبعا بل شرع صِيَانة للنِّسَاء لضعفهن، فالبعل يَكْفِي الْمَرْأَة ويحصنها وَلَيْسَ الْوَطْء كل الْمَقْصد، فَإِن النِّكَاح ينْعَقد بِدُونِهِ فِي صُورَة الرتقاء والعنين وَلَا يتَصَوَّر قيام العقد بالتوابع، فَلَو كَانَ المَال تَابعا لما انْعَقَد

نِكَاح رتقاء بعنين وَفضل الْأَنْصَار، وَانْقِطَاع الْمُطَالبَة مُسلم، وَذَلِكَ لَا يمْنَع ثُبُوت الْفَسْخ، فالمجبوب لَا يُطَالب بِالْوَطْءِ، وَيفْسخ نِكَاحه، ثمَّ الْغَالِب من حَال النِّسَاء الْعَجز عَن الْكسْب وَعِنْدهَا نقُول: التسريح بِالْإِحْسَانِ مُعْتَبر بِنَصّ الشَّرْع فليحاكم إِلَى الْإِنْصَاف أرفع العقد عَنْهَا لمتحصن بِزَوْج أحسن آخر فِي مناهج الشَّرْع أم رفع الْحَبْس على مَا يَقُولُونَ حَتَّى تتخلى عَن الْقَيْد وتتردد فِي طلب المعاش مَعَ مَا عَلَيْهِ الْخلق من دواعي الْفساد؟ وَلَا يخفى أَن الأول أولى.

المسألة السابعة والثمانون بعد المائتين رفز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفز.) نَفَقَة الْأَقَارِب. الْمَذْهَب: تخْتَص بالأصول وَالْفُرُوع. عِنْدهم: تثبت لكل ذِي رحم محرم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... لَهُم: قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقوا اللَّهِ الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} أَي والأرحام أَن تقطعوها، وَقَوله: {وتقطعوا أَرْحَامكُم} ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: أَنا الرَّحْمَن وَهَذَا الرَّحِم شققت لَهُ اسْما من اسْمِي فَمن

وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته ". فَنَقُول: وَمن صلَة الرَّحِم النَّفَقَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْقَرَابَة سَبَب استلحاق النّسَب وبعموم وصفهَا لَا يعْتَبر، والنزاع فِي تعْيين الْقَيْد الشَّرْعِيّ شرطا مَعهَا أهوَ الْحُرِّيَّة أم الرَّحِم.؟ وَالْحريَّة كَمَال قرَابَة لَهَا مزِيد تَأْثِير فَهِيَ رحم وَزِيَادَة وَمَعَهَا اقتران بِموضع الْإِجْمَاع معنى لَهُ مزِيد مُنَاسبَة لم يجز حذفه عَن دَرَجَة الِاعْتِبَار. لَهُم: الرَّحِم قرَابَة تحرم القطيعة فتوجب صلَة الْإِنْفَاق، ويتأيد بِتَحْرِيم النِّكَاح لما فِيهِ من الاستفراش وَالْجمع بَين محرمين كَيْلا تحدث الْبغضَاء، وَلَا ننكر اخْتِصَاص الْحُرِّيَّة بمزيد تَأْكِيد أوجب لَهُ النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَاف الدّين وَذَلِكَ لَا يمْنَع إِلْحَاق الرَّحِم بِهِ كَالْإِرْثِ يقدم فِيهِ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب مَعَ الِاشْتِرَاك فِي أصل الْمِيرَاث مَالك: لَا تجب على الْجد نَفَقَة، وَلَا تجب نَفَقَة الْأُم.

أَحْمد: تجب على الْوَارِث كالأخ وَابْنه وَالْعم وَابْنه. التكملة: يتأيد مزِيد الْحُرِّيَّة بِإِيجَاب نَفَقَة المولودين. وَاعْلَم أَنه يتعارض فِي الْمَسْأَلَة أصلان؛ لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يُقَال: الأَصْل أَلا تجب نَفَقَة أحد على أحد، فَإِن الْملك مَعْصُوم وفقر الْقَرِيب مرصد لَهُ بَيت المَال، فَحَيْثُ وَجَبت النَّفَقَة لِلْأُصُولِ وَالْفُرُوع قبلنَا وَبَقِي مَا عداهُ على الأَصْل، وَيحْتَمل أَن يُقَال: الأَصْل نَفَقَة كل فَقير لكَون المَال مخلوقا للْمصَالح غير أَن ذَلِك على الْإِطْلَاق لَا يُمكن فَأثْبت ضرب من الِاخْتِصَاص وَهُوَ الْملك، فالفاضل عَن الْحَاجة لَا يحل مَنعه عَن حَاجَة الْغَيْر فَحَيْثُ منع الْإِجْمَاع عَن الْأَجَانِب بَقِي فِي الْأَقَارِب على الأَصْل، وَحَاصِل كَلَامهم الِاسْتِدْلَال بِتَحْرِيم القطيعة على إِيجَاب الصِّلَة وَذَلِكَ فَاسد، فَإِن القطيعة إِضْرَار والصلة نفع، وَلَيْسَ فِي وجوب كف الْأَذَى مَا يُوجب احْتِمَال المؤونة كَمَا فِي حق جَمِيع الْمُسلمين فثم دَرَجَة وسطى وَهِي أَلا ينفع وَلَا يضر، وَتَحْرِيم النِّكَاح لَا يعقل مَعْنَاهُ، وَلَو تركنَا وَالْقِيَاس لما اهتدينا إِلَيْهِ، وَلَا تقاس عَلَيْهِ النَّفَقَة.

المسألة الثامنة والثمانون بعد المائتين رفح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفح.) نَفَقَة الزَّوْجَة. الْمَذْهَب: تتقرر فِي الذِّمَّة وَلَا تسْقط بمرور الزَّمَان. عِنْدهم: ف إِلَّا أَن يقررها الْحَاكِم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . لَهُم: ... ... ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَال وَجب فِي الذِّمَّة، فَلَا يسْقط بِمُضِيِّ الزَّمَان كالمهر والديون، ذَلِك لِأَن الْوَاجِب حق الْمَرْأَة، وَالْأَصْل أَن الْحق الْمَعْصُوم لَا يسْقط دون الِاسْتِيفَاء ومرور الزَّمَان يُنَاسب تَأْكِيد الْحُقُوق، وَالسَّبَب الْحَبْس أَو تَفْوِيت مَنَافِع الزَّوْجَة على اخْتِلَاف المذهبين وَقد تقررا بكمالهما فَلم يسْقط الْعِوَض. لَهُم: نَفَقَة لَا تقرر فِي الذِّمَّة كَنَفَقَة الْقَرِيب، ذَلِك لِأَن الْوَاجِب كِفَايَة الْوَقْت والماضي تستحيل كِفَايَته لتقضيه، نعم إِذا اتَّصل بِهِ الْقَضَاء تقرر؛ لِأَن فِيهِ مشابة الأعواض لكَونه وَاجِبا فِي عقد مُعَاوضَة، وَنَفَقَة الْقَرِيب مَحْض صلَة. مَالك: ق. أَحْمد: رِوَايَتَانِ. التكملة: رُبمَا يتخيل أَن نَفَقَة الْقَرِيب تسْقط وَلَيْسَ كَذَلِك، لَكِن بَقَاء وَاجِب الْيَوْم يمْنَع وجوب نَفَقَة غَد، فَإِن شَرط وُجُوبهَا الْحَاجة وَهُوَ مستغن بِوَاجِب أمس الْبَاقِي فِي ذمَّة الْقَرِيب، فَصَارَ كَمَا لَو اسْتَوْفَاهُ وَلم يَأْكُلهُ، وكما لَو اسْتغنى

بدين لَهُ على غَيره بِخِلَاف الْمُتَنَازع فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تشْتَرط فِيهِ الْحَاجة بل لَو كَانَت غنية وَجَبت نَفَقَتهَا، وَالْفرق بَين النفقتين تقرر نَفَقَة بِقَضَاء القَاضِي دون نَفَقَة الْقَرِيب، كَمَا قَالُوا: كَيفَ توجبون الْقَضَاء وَهُوَ مَجْهُول الْقدر؟ ، قُلْنَا: هُوَ متقدر عندنَا على الْمُوسر والمعسر تلقيا من الْكتاب الْعَزِيز وَتَقْدِير طَعَام الْمَسَاكِين فِي الْكَفَّارَات.

المسألة التاسعة والثمانون بعد المائتين رفط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رفط:) إِذا ارتضع الصَّبِي من ثدي ميتَة. الْمَذْهَب: لم تثبت حُرْمَة الرَّضَاع. . عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّضَاع مَا أنبت اللَّحْم "، وَهَذَا رضَاع.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: جثة منفكة عَن الْحل وَالْحُرْمَة فَلَا يتَعَلَّق بلبنها حُرْمَة الرَّضَاع كالبهيمة، ذَلِك؛ لِأَن الْأُخوة فِي النّسَب وَالرّضَاع لسَبَب قرَابَة لاصقة بَينهمَا، وَإِنَّمَا هِيَ فرع الأمومة، فَإِذا بطلت الأمومة بَطل مَا يتَعَلَّق بهَا. لَهُم: نقيس على حَال الْحَيَاة، وَالْمُنَاسِب فِي الْجَمِيع أَن منَاط حُرْمَة النّسَب وَالرّضَاع هِيَ الْجُزْئِيَّة، وَذَلِكَ ثَابت بَين المرتضعين، وَمَوْت الْمَرْأَة لَا يفكها عَن الْحُرْمَة، فَإِنَّهَا تبقى محلا لحل النّظر واللمس، وَلَيْسَ اللَّبن للميتة، وَإِنَّمَا حصل حَال الْحَيَاة، فَصَارَ كلبن فِي ظرف (نجس) .

مَالك: ف. أَحْمد: ف. التكملة: مُجَرّد وُصُول اللَّبن المغذي إِلَى جَوف الصَّبِي عديم الْأَثر فِي الحكم، فَإِن جَمِيع الأغذية فِي مَعْنَاهُ وَلَا حكم لَهَا فَلَا يتم الْكَلَام إِلَّا بِنِسْبَة اللَّبن إِلَى صَاحب اللَّبن وتلقي الحكم مِنْهَا، وَلَا نسلم أَن اللَّبن جُزْء لِأَن الْجُزْئِيَّة سَبَب التَّحْرِيم، وَإِن سلمنَا فَلَيْسَتْ الْأُخوة جزئية لاصقة، أما إِذا حلب اللَّبن فِي إِنَاء وَسقي الصَّبِي بعد موت الْمَرْأَة إِن ألزمونا هَذِه الْمَسْأَلَة منعنَا منعا محتجا فِي الْمَذْهَب مأخذه اسْتِحَالَة الأمومة.

المسألة التسعون بعد المائتين رص

(الْمَسْأَلَة التِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رص.) التخلي لنوافل الْعِبَادَة. الْمَذْهَب: أفضل من النِّكَاح. عِنْدهم: النِّكَاح أفضل. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا} والحصور: هُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء مَعَ الْقُدْرَة، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أحب الْمُبَاحَات إِلَى اللَّهِ النِّكَاح "؛ سَمَّاهُ مُبَاحا، وَقَوله: " ثوابك على قدر نصبك "، وتعب الْعِبَادَة أَكثر. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فانكحوا مَا طَابَ لكم} ، وَقَول النَّبِي غ = عَلَيْهِ السَّلَام:

" تناكحوا تكثروا " " وَيَا معشر الشَّبَاب عَلَيْكُم بِالنِّكَاحِ، من تزوج فقد أحصن ثُلثي دينه "، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يواظب عَلَيْهِ. وَقَالَ الْبَراء: زوجوني زوجوني لَا ألْقى اللَّهِ عزبا، فَإِن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " شِرَاركُمْ عُزَّابُكُمْ ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجد سَبَب زِيَادَة الثَّوَاب فِي جَانب الْعِبَادَة فَوَجَبَ أَن يكون ثَوَابهَا أَكثر، كل ذَلِك حث عَلَيْهَا فَفِي النِّكَاح من دَعْوَى الطَّبْع مَا يَكْفِي فِي الْحَث عَلَيْهِ. لَهُم: عقد تتَعَلَّق بِهِ مصَالح دينية ودنيوية، فَوَجَبَ أَن يكون أولى من النَّوَافِل قِيَاسا على الْإِمَامَة وَالْقَضَاء فجهة الْمصَالح الدِّينِيَّة مُتَابعَة الْأَمر وصون الْفرج وَتَحْصِيل الْوَلَد من المصلحتين، والدنيوية الاعتضاد والسكن وَغير ذَلِك. مَالك: أَحْمد:

التكملة: الْأَوَامِر لَا تدل على الْوُجُوب مُطلقًا، بل بإزائها أوَامِر بِالْعبَادَة، قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا ربكُم} ، {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} ثمَّ مَا ذكر من قيام الْغَرَض يحصل بالتواق، وَكَذَلِكَ صون الْفرج يخَاف على التائق، وعَلى الْجُمْلَة الْأَوْلَوِيَّة متعارضة وَرُبمَا كَانَت مُتَقَارِبَة لَكِن إِذا حققنا جِهَة غير التائق كَانَت الْعِبَادَة أولى، فَإِن النِّكَاح مَعَ مَا فِيهِ من الْمصَالح يُوقع أَيْضا فِي مَحْظُورَات بِسَبَب اكْتِسَاب المَال والمداراة الَّتِي رُبمَا لم يقم بهَا فَإِن حصل مصلحَة فقد فَاتَهُ مصَالح.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

كتاب الجنايات

(كتاب الْجِنَايَات)

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

كتاب الجنايات

(كتاب الْجِنَايَات) (اللوحة رقم 70 من المخطوطة أ:) مَسْأَلَة: الْمُسلم بالذمي مَبْنِيَّة على أَنَّهُمَا متفاوتان فِي الْعِصْمَة عندنَا، وَعِنْدهم متساويان، فَنَقُول أَولا فِي بَيَان الْعِصْمَة: إِنَّهَا معنى شَرْعِي مُقَدّر فِي الْمحل يَقْتَضِي صيانته بِقدر الْإِمْكَان، وَمن آثارها تَحْرِيم إِتْلَافه وتأثيم الْمُتْلف وَإِيجَاب الضَّمَان عَلَيْهِ وَالْقصاص، والخصم يعْتَقد أَن الْقصاص شرع زجرا فَهُوَ جَزَاء الْقَتْل عَاجلا كالعقوبة الأخروية، ومعتقدنا أَن الْقصاص أحد الضمانين ثمَّ الْكَفَّارَة، ونظن أَنَّهَا بدل الْمحل، وَلَيْسَ كَذَلِك؛ لِأَنَّهَا تجب فِي الظِّهَار والحنث، وَلَيْسَ ثمَّ مَحل مَضْمُون وَإِنَّمَا وَقع هَذَا فِي الخيال من جَزَاء الصَّيْد، فَإِنَّهُ ينحى بِهِ نَحْو الْإِبْدَال وَقد يُسمى كَفَّارَة على الْحَقِيقَة شرعت لتمحو أثر الْفِعْل، فَإِن قيل: الْعِصْمَة عبارَة عَن الْمَنْع الشَّرْعِيّ من الْفِعْل وَذَلِكَ يعم قتل الْمُسلم وَالذِّمِّيّ على سَوَاء وَالْمعْنَى الْمُقدر فِي الْمحل

غير مَعْقُول، قُلْنَا المقدرات الشَّرْعِيَّة تعرف بأسبابها وآثارها كالملك الْمُقدر فِي الْمحل يعرف بِسَبَبِهِ وَهُوَ إِطْلَاق التَّصَرُّف فَإِن الْمُقدر فِي الْمحل يعرف بِسَبَبِهِ وَهُوَ البيع وأثره وَهُوَ إِطْلَاق التَّصَرُّف، فَإِن الْمُقدر الشَّرْعِيّ لَا يحسن، وَإِنَّمَا يعرف بمقتضيه وَمُقْتَضَاهُ كَذَلِك الْعِصْمَة، فَإِن الْمحل إِذا كَانَ كَافِرًا ثمَّ أسلم تَغَيَّرت أَحْكَامه حَتَّى ارْتبط بقتْله مَا لم يكن قبل وَحَال الْقَاتِل تخْتَلف بِكفْر الْمَقْتُول وإسلامه فَعرف أَن تغير الْأَحْكَام لاخْتِلَاف حَال الْمحل فالحال الْحَادِثَة منَاط هَذِه الْأَحْكَام وَهِي الْمُسَمَّاة عصمَة وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: " عصموا منى دِمَاءَهُمْ "، ثمَّ الْمحل مَعْصُوم فِي حق الصَّبِي، وَلَو كَانَت الْعِصْمَة خطابا للْفَاعِل لاستحالت فِي حق الصَّبِي، وَاعْلَم أَنه يَنْبَغِي للسَّائِل أَن يكْشف مَا يسْأَل عَنهُ ليَقَع الْجَواب بِحَسبِهِ، فَإِنَّهُ لَو قَالَ: مَا تَقول فِي النَّبِيذ؟ لم يحسن؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم سُؤَاله عَن نَجَاسَته، أَو عَن حد شربه، أَو جَوَاز الْوضُوء بِهِ فَيَنْبَغِي للسَّائِل أَن يذكر مَقْصُوده من هَذِه المطالب وَلَا يُكَلف المسؤول استفساره، وَكَذَا لَا يَقُول بقتل الْمُسلم بالكافر لَكِن يخصص بالذمي وَقيل: إِن كَانَ المسؤول شافعيا صَحَّ لِأَن الْمُسلم لَا يقتل عِنْده

بالكافر أصلا، وَإِن كَانَ حنفيا لم يَصح، وَاعْلَم أَن حق الْمَعْطُوف أَن يُشَارك الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي أصل الحكم لَا فِي تفاصيله قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا وَآتُوهُمْ} عطف الإيتاء الْوَاجِب على الْكِتَابَة المستحبة، وَكَذَلِكَ قَوْله: {كلوا من ثمره} إِلَى أَن قَالَ: {وَآتوا حَقه} . وَمن هَذَا النمط عطف الْمعَاهد على الْمُسلم؛ فَكَأَنَّهُ حرم قتل الْمُسلم إِذا قتل وَحرم قتل الْمعَاهد ابْتِدَاء، ثمَّ الْمعَاهد يُسمى نَادرا بِالْإِضَافَة إِلَى طبقَة الْكفَّار والمسمى النَّادِر يجوز أَن يخرج عَن عُمُوم اللَّفْظ إِلَّا أَن يقْتَصر عَلَيْهِ. وَاعْلَم أَنه إِذا قتل حر كَافِر عبدا مُسلما لم يقتل، وَكَذَلِكَ لَو قتل عبد مُسلم حرا كَافِرًا، وَإِن قتل من نصفه حر وَنصفه عبد عبدا لم يقتل، فَإِن قتل من هُوَ مثله قيل: لَا يقتل أَيْضا وَفِيه نظر؛ لِأَن الْقصاص يَقع بَين الجملتين وهما سَوَاء.

كتاب الجنايات

(كتاب الْجِنَايَات) (الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصا.) أيقتل الْمُسلم بالذمي؟ الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَلنْ يَجْعَل اللَّهِ للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم وهم يَد على من سواهُم، أَلا لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر "، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

(وَقَول عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ) إِشَارَة إِلَى مَا فِي الصَّحِيفَة: الْعقل، وفكاك الْأَسير، وَألا يقتل مُؤمن بِكَافِر. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص} ، {وَمن قتل مَظْلُوما} وَهَذَا عَام يجْرِي على عُمُومه إِلَّا مَا خصّه الدَّلِيل، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: (" الْعمد قَود " وَكَونه عَلَيْهِ السَّلَام) أقاد مُسلما بذمي وَقَالَ: " أَنا أَحَق من وفى بِذِمَّتِهِ " جعل الْقود مَعْلُول الْوَفَاء بِالذِّمةِ، وَقَالَ: " وَلَا ذُو

عهد فِي عَهده " وَذَلِكَ يدل على أَن المُرَاد بالكافر فِي الْخَبَر الْمَشْهُور الْحَرْبِيّ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول. لنا: الْكفْر مُبِيح للدم والذمة حاظرة فقيام عين الْمُبِيح مَعَ اسْتِمْرَار الحاظر يَكْفِي شُبْهَة فِي دَرْء الْعقُوبَة، الدَّلِيل عَلَيْهِ قيام الْملك فِي الْجَارِيَة الْمُشْتَركَة وَفِي الْأُخْت من الرَّضَاع والمجوسية من كَونه يدْرَأ الْعقُوبَة وَالدَّلِيل على أَن الْكفْر مُبِيح كَونه أَعلَى الجرائم وَكَون الْقَتْل أَعلَى الْعُقُوبَات. لَهُم: دم الذِّمِّيّ مَضْمُون بالقود فِي الْجُمْلَة فضمن فِي حق الْمُسلم، دَلِيل كَونه مَضْمُونا بقتل الذِّمِّيّ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَن الْقصاص يعْتَمد الْأَهْلِيَّة والمحلية وَالسَّبَب، فلولا تَكَامل هَذِه الْأَشْيَاء مَا قتل بِهِ الذِّمِّيّ وَلَو كَانَ الْكفْر مبيحا لمنع طارية اسْتِيفَاء الْقصاص والتعدي إِلَى المَال فَلم يقطع الْمُسلم بِسَرِقَة مَال الذِّمِّيّ. مَالك: ق.

أَحْمد: ق. التكملة: من الْمحَال حمل خبرنَا على الْحَرْبِيّ الَّذِي أمرنَا بقتاله وَقَتله، ووزانه قَوْلك: من صَامَ لَا يصلب وَمن زكى لَا يرْجم، وخبرهم يرويهِ الْبَيْلَمَانِي مُرْسلا، ويروى أَن الْمَقْتُول عبد اللَّهِ بن أُميَّة الضمرِي وَقد عَاشَ إِلَى عهد عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ ثمَّ لَو سلم لَهُم مَا يحملون الْخَبَر عَلَيْهِ فَأَي ضَرُورَة تلجئ إِلَى ذَلِك؟ وَمَا الْمَانِع من إجرائه على الْعُمُوم؟ وَمنع الْمُسَاوَاة بَين الْمُسلم وَالْكَافِر مَعَ اخْتِلَافهمَا فِي أعظم الْأَشْيَاء وَهُوَ الْإِيمَان فالكفر إِذا سَبَب الإهدار إِمَّا بِنَفسِهِ أَو بِوَاسِطَة الحراب وَالْإِسْلَام سَبَب الْعِصْمَة للْمُسلمِ وَمِنْه تنشأ عصمَة الْكَافِر، قَوْلهم: الْإِسْلَام الطَّارِئ لَا يمْنَع قُلْنَا: هَذِه

الصُّورَة لَا نَص للشَّافِعِيّ فِيهَا فتمنع، وَأما الْقطع فِي السّرقَة، فاليد لَا تقطع فِي مُقَابلَة المَال كَيفَ وَالْمَال مَرْدُود وَالْيَد مَقْطُوعَة بل الْحَد وَاجِب لله تَعَالَى لكَون السّرقَة فَاحِشَة فِي نَفسهَا، ثمَّ يلْزمهُم يَد الْمُسلم تقطع بِسَرِقَة مَال الذِّمِّيَّة وَلَا تقطع يَده بِيَدِهَا فَدلَّ على أَن مَنْهَج قطع السّرقَة غير مَنْهَج قطع الْقصاص. عبارَة: مَنْقُوص بالْكفْر فَلَا يقتل بِهِ الْمُسلم كالحربي، ذَلِك لِأَن الْقصاص يعْتَمد الْمُسَاوَاة وَمِنْه اسْمه وَاسم الْمُقْتَص، وَإِنَّمَا لم تعْتَبر الْمُسَاوَاة فِي الْعدَد والذكورية؛ لِأَن الْإِجْمَاع انْعَقَد على ترك ذَلِك قَالَ عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ: " لَو تمالأ أهل صنعاء أقدتهم بِهِ " وَكَانَ ذَلِك لحكمة الردع والزجر.

المسألة الثانية والتسعون بعد المائتين رصب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصب.) أيقتل الْحر بِالْعَبدِ؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ} ، فَظَاهره يَقْتَضِي أَلا يقتل حر بِعَبْد لَكِن قيل للتّنْبِيه، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: لَا يقتل حر بِعَبْد " قَالَ عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ: من السّنة أَلا يقتل حر بِعَبْد، وهم عمر بقتل مُسلم بذمي فَقَالَ لَهُ زيد: أتقتل أَخَاك بعبدك، وَهَذَا عبارَة عَن اتِّفَاق الصَّحَابَة.

لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من حرق حرقناه إِلَى قَوْله: وَمن قتل عَبده قَتَلْنَاهُ " دلّ هَذَا اللَّفْظ بتنبيهه أَن من قتل عبد غَيره قتل بطرِيق الأولى إِلَّا أَنه قَامَ الدَّلِيل على انتساخ الْمَنْطُوق بِهِ فَبَقيَ الْمَفْهُوم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمُتْلف مَنْقُوص بِالرّقِّ فَلَا يُؤْخَذ بِهِ الْحر. الدَّلِيل عَلَيْهِ الْأَطْرَاف، ذَلِك لانتقاص النفسية بالمالية، وَالْقصاص يعْتَمد الْمُسَاوَاة وَالْعَبْد صَار مبتذلا ممتهنا كَالْبَهَائِمِ وَالْقصاص تَعْظِيم لحظر الْمحل، والآدمي خلق ليَكُون مستسخرا لَا مستحسرا وَالسَّيِّد يعتقهُ بوحده حكما كَالْأَبِ، يدل عَلَيْهِ أَن الْحر لَا يقتل بالمكاتب فبالعبد أولى. لَهُم: مَضْمُون بالقود فِي الْجُمْلَة فضمن بِحَق الْحر كَالْحرِّ بَيَان أَنه

مَضْمُون بالقود أَنه يقتل بِهِ عبد مثله فَلَو قدر مَانِعا فِي حق الْحر كَانَ الرّقّ. وَالرّق لَا يُورث شُبْهَة؛ لِأَنَّهُ لَو أورث شُبْهَة فِي الْمحل لما قتل العَبْد كَيفَ والقيمتان قائمتان فِي حَقه الموثمة وَهِي كَونه أدميا والمقومة بِالدَّار ثمَّ قبُول إِقْرَاره فِيمَا يُوجب سفك دَمه (دَلِيل على أَن دَمه لَهُ لَا لسَيِّده) . مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: لَيْسَ إِذا قتل العَبْد بِعَبْد مثله يدل على أَنه يقتل بِهِ الْحر، أَلا ترى أَن الْمَجُوسِيّ يتَزَوَّج مَجُوسِيَّة وَلَا يتَزَوَّج بهَا الْمُسلم، ونقول: العَبْد دم وَمَال بِدَلِيل بَيْعه ويلزمهم الطّرف أما قصد الْإِقْرَار فيؤاخذ بِهِ لِأَن مبناه على الصدْق وَانْتِفَاء التُّهْمَة، وَالسَّيِّد مُتَّهم فِي إِقْرَاره على العَبْد، ثمَّ لَو كَانَت الْمَالِيَّة زِيَادَة فِي الْمحل لأفردت الذِّمِّيَّة بِضَمَان، وَالَّذِي يدل على أَن محلية الْقصاص للسَّيِّد أَنه لَا ضَمَان على من أذن لَهُ، وَبِالْجُمْلَةِ: نقيس النَّفس على الطّرف. فَإِن فرقوا بَينهمَا بِأَن الْكَفَّارَة تجب فِي النَّفس دون الطّرف.

فَالْجَوَاب: أَن الْكَفَّارَة قضيتها بعيدَة عَن الْقصاص وَلذَلِك لَا تثبت عِنْدهم فِي الْعمد وَتثبت فِي الْخَطَأ وَالدَّم هُوَ الْفَائِت فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَتجب فِي الظِّهَار كَمَا تجب فِي الْقَتْل، وَعِنْدنَا لَا فرق بَين الطّرف وَالنَّفس، وكما نقْتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ نقطع أَطْرَافهم بطرفه، وَلَو تصور فِي النَّفس مَا يتَصَوَّر فِي الطّرف من الشلل وَزِيَادَة الإصبع لمنعنا الْقصاص مَعَ التَّفَاوُت وَحَيْثُ نتخيل زِيَادَة تمنع الْقصاص وَذَلِكَ من حق الْحَامِل.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

المسألة الثالثة والتسعون بعد المائتين رصج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصج.) بِمَاذَا يضمن العَبْد إِذا قتل؟ . الْمَذْهَب: بِقِيمَة مَا بلغت. عِنْدهم: إِن زَادَت على دِيَة الْحر ردَّتْ إِلَيْهَا وَنقص عشرَة دَرَاهِم، وَفِي الْأمة خَمْسَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . . لَهُم: ... ... ... ... . . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَاجِب هُوَ الْقيمَة فَيَنْبَغِي أَن تبلغ مَا بلغت كالبهيمة؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ دِيَة

لوَجَبَ الْمَعْهُود، والذمية أصل فِي القوام، والمالية أصل فِي نظر الشَّرْع، وهب أَن الْوَاجِب بدل نفس إِلَّا أَنه بدل معياره الْمَالِيَّة بِدَلِيل الْقَلِيل الْقيمَة. لَهُم: الْمُغَلب جَانب الذِّمِّيَّة وَلَا يُزَاد على دِيَة الْحر، لِأَن فِي العَبْد ذِمِّيَّة ومالية والمالية تَابِعَة للذمية، وَجعل الْوَاجِب فِي مُقَابلَة الأمثل أولى؛ سِيمَا وَالسَّبَب هُوَ الْقَتْل وَهُوَ فعل يحل الْحَيَاة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الدَّلِيل على أَن الْوَاجِب سلك بِهِ مَسْلَك الْبَدَل عَن المَال، وَأَن النَّفس تطلب قيمتهَا وانعمرت بالمالية أُمُور، مِنْهَا: أَن العَبْد إِذا قتل قبل الْقَبْض فِي البيع لم يَنْفَسِخ، وَلَو مَاتَ انْفَسَخ، وَلَو وَجَبت الْقيمَة بَدَلا عَن النَّفس وَالنَّفس لَيست مَالا فقد فَاتَت الْمَالِيَّة الَّتِي هِيَ مورد العقد فَوَجَبَ أَن تبطل. وَمِنْهَا أَن العَبْد الْمَرْهُون إِذا قتل جعل بدله رهنا وَحقّ الْمُرْتَهن لَا يتَعَلَّق

إِلَّا بمالية. وَمِنْهَا: أَن السَّيِّد لَو قتل العَبْد الْمَرْهُون غرم للْمُرْتَهن، والمالية فَاتَت عِنْدهم تَابِعَة لفَوَات الْأَطْرَاف كفوات الْبضْع عِنْد قتل المراة، وَمَا فَاتَ تَابعا لَا ضَمَان لَهُ، وَالْقَتْل تصرف فِي النَّفس وَلَيْسَت مَالا، وَمن الْعجب أَنهم قَالُوا: السَّيِّد يضمنهُ بأقصى قِيمَته وَلَو زَادَت على دِيَة الْحر، وَالْأَجْنَبِيّ لَا يضمنهُ للْمُرْتَهن إِلَّا بِدُونِ دِيَة الْحر. وَمِنْهَا: أَن حول التِّجَارَة لَا يَنْقَطِع بقتل العَبْد بل يسْتَمر على قِيمَته. وَمِنْهَا: أَن الْبَدَل مَصْرُوف إِلَى السَّيِّد. كل هَذِه شَوَاهِد على تَغْلِيب الْمَالِيَّة.

المسألة الرابعة والتسعون بعد المائتين رصد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصد.) إِذا اشْترك جمَاعَة فِي قطع يَد. الْمَذْهَب: قطعُوا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . . لَهُم: ... ... ... ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَا صين بِالْقصاصِ عَن الْمُنْفَرد بِالْجِنَايَةِ صين عَن المشتركين فِي الْجِنَايَة

كالنفس، ذَلِك لِاتِّفَاق النَّفس والطرف فِي منَاط الْقصاص، فَأَي معنى قدر فِي النَّفس يُوجب الْقصاص فَمثله فِي الطّرف. لَهُم: الْقصاص جَزَاء الْعدوان وَهُوَ مُقَيّد بِالْمثلِ وَإِذا قَطعنَا يدين بيد لم تحصل الْمُمَاثلَة، وَذَلِكَ لِأَن الْقطع يتَجَزَّأ، وكما لَا يقطع يَد بيدين لَا تقطع يدين بيد، وَإِنَّمَا قتلنَا الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ لِأَن الْقَتْل لَا يتَجَزَّأ، وَلَا أثر عَن عمر، ثمَّ إِذا كَانَت الصَّحِيحَة لَا تُؤْخَذ بالشلا وَهُوَ فَوَات وصف ففوات الْعدَد أولى. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: حَاصِل النّظر التَّفْرِقَة وَالْجمع بَين النَّفس والطرف فَنَقُول: أحد

موجبي التفويت فالطرف الْمَعْصُوم تساوى النَّفس فِيهِ كالموجب الثَّانِي، ذَلِك لِأَن التفويت فِي الْمَوْضِعَيْنِ يُوجب تَارَة الْقصاص وَتارَة الدِّيَة، وَقد اسْتَويَا فِي الدِّيَة فِي حالتي الْإِفْرَاد والاجتماع، كَذَا فِي الْقصاص فالديتان تتوزع على الْجَمَاعَة وكأنا نستدل بِإِحْدَى النتيجتين على الْأُخْرَى. فَإِن قَالُوا: النَّفس لَا تتجزأ، قُلْنَا: وَكَذَلِكَ لَا يَتَعَدَّد فَلَا ينْسب إِلَى كل وَاحِد على الْكَمَال، ثمَّ نقُول: الْيَد مركبة من أَجزَاء لَا تتجزأ وَقد فعل الْجَمِيع فِي كل جُزْء فعلا وَاحِدًا فَهُوَ بِمَثَابَة النَّفس ونقول: النَّفس تتجزأ استحقاقا، وَإِن لم تتجزأ ذاتا ثمَّ إِن عنيتم أَن الصَّادِر من كل وَاحِد قطع بعض الْيَد فَمَمْنُوع، وَإِن عنيتم أَنه بعض قطع الْيَد فَمُسلم، وَإِن قطع الْبَعْض مَعْنَاهُ أَنه يَنْقَطِع بِفعل أَحدهمَا غير مَا يَنْقَطِع بِفعل الآخر وَبَعض الْقطع هُوَ أَن يجْتَمع الْأَفْعَال وَيكون الْجَمِيع قطعا وَاحِدًا، لِأَن الْقطع عبارَة عَمَّا يحصل بِهِ الِانْقِطَاع فالقطع مُتحد ضَرُورَة اتِّحَاد الْمحل.

المسألة الخامسة والتسعون بعد المائتين رصه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصه.) هَل يقتل الْوَاحِد بِالْجَمَاعَة قصاصا؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... لَهُم: ... ... ... . . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْجَمَاعَة أَمْثَال الْوَاحِد، فَلَا يقابلهم، لِأَن الضَّمَان إِمَّا أَن يكون مُقَابلَة

الْفِعْل وَلم يتقاوما، لِأَن الْمَوْجُود قتل وَاحِد وَالنَّفس الْوَاحِدَة لَا تحْتَمل إِلَّا قتلا وَاحِدًا والمستغرق بآحاد الْحُقُوق لَا يتَأَدَّى بِهِ الْجَمِيع قِيَاسا للنَّفس على الطّرف. لَهُم: الْجَمَاعَة يقتلُون بِالْوَاحِدِ فَقتل بِالْجَمَاعَة، دَلِيل الْمُمَاثلَة قَتلهمْ بِهِ، وَذَلِكَ أَن الْوَاحِد إِذا قتل عشر قتلات فَإِذا قَتله عشرَة فقد وجد فِيهِ عشر قتلات وَحَقِيقَة الْقَتْل جرح يتعقبه زهوق الرّوح. مَالك: ف. أَحْمد: إِن طلبُوا الْقصاص قتل بهم وَإِلَّا بِمن طلب. التكملة: الاجتزاء بِالْوَاحِدِ عَن الْجَمِيع لَا يَقع، وَلَو بَادر أحد الْأَوْلِيَاء وَقتل كَانَ مُسْتَوْفيا حَقه فَثَبت أَن الْقَاتِل لَا يَتَّسِع لأكْثر من قتل وَاحِد؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِيهِ زِيَادَة للَزِمَ الْوَلِيّ الْمُنْفَرد لأَجلهَا شَيْء فَنَقُول: مَا يتَأَدَّى بِهِ حق الْآحَاد لَا يتَأَدَّى بِهِ حق الْجَمِيع كالطرف، وَلَا فرق بَين النَّفس والطرف فِي منَاط الْقصاص وَيدل على أصل الْقَاعِدَة أَن شريك الخاطئ بِالْإِجْمَاع وَشريك

الْأَب عِنْدهم لَا قصاص عَلَيْهِمَا، وَلَو كَانَ قتلا كَامِلا مَا امْتنع عَنْهُمَا الْقصاص فَإِن ألزمونا تعدد الْكَفَّارَة على شُرَكَاء الْقَتْل منعنَا، ثمَّ من عَلَيْهِ قصاص وحد زنى يقتل قصاصا وَلَو كَانَ فِيهِ وَفَاء بالحقين قتل بهما، قَوْلهم: حد الْقَتْل جرح يتعقبه زهوق الرّوح بَاطِل بِمَا لَو جرح زيد فزهقت نفس عَمْرو وَهَذَا جرح يعقبه زهوق الرّوح، فَإِن قيل: أردنَا بِهِ روح الْمَجْرُوح لزم مَا لَو جرح وحز الرَّقَبَة، فَإِن قَالُوا: نُرِيد زهوق روح الْمَجْرُوح بِالْجرْحِ، قُلْنَا: فهاهنا لَا يتَحَقَّق فَإِنَّهُ يُمكن أَن يكون الزهوق بِالْجرْحِ الآخر.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 71 من المخطوطة أ:) الْعمد: أَن يقْصد ضربه بِمَا يقتل غَالِبا. الْخَطَأ: أَن لَا يَقْصِدهُ مثل الَّذِي يَرْمِي فَيُصِيب إنْسَانا. شبه الْعمد: أَن يَقْصِدهُ لَكِن بِمَا لَا يقتل غَالِبا. وَاعْلَم أَن الدِّيَة الْمُغَلَّظَة تجب فِي الْعمد وَشبهه، والمخففة فِي الْخَطَأ، فالمغلظة ل 30 حَقه ل 30 جَذَعَة م 40 حوامل، قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة: كه 25 بنت مَخَاض كه 25 بنت لبون كه 25 حَقه كه 25 جَذَعَة، وَتجب فِي الْعمد الْمَحْض فِي (مَال الْقَاتِل) حَالَة وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد، قَالَ الْخصم: تجب مُؤَجّلَة فِي ثَلَاث سِنِين. وَاعْلَم أَن دِيَة الْخَطَأ تتغلظ بِالْقَتْلِ فِي الْحرم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم أَو كَانَ ذَا رحم محرم من النّسَب خلافًا لَهُم ولمالك، وَالْمَدينَة على القَوْل الْجَدِيد

لَا يحرم صيدها فَلَا تغلظ فِيهَا الدِّيَة. وَاعْلَم أَن دِيَة الخطا ك (20) بنت مَخَاض ك (20) ابْن لبون ك (20) حَقه، ك (20) جَذَعَة. إِن أعوزت الْإِبِل اخْتلف قَول الشَّافِعِي؛ قَالَ فِي الْقَدِيم: على أهل الذَّهَب غ / 1000 / دِينَار، وعَلى أهل الْوَرق 12000 دِرْهَم، وَبِه قَالَ مَالك، وَفِي الْجَدِيد: إِذا أعوزت الْإِبِل رَجَعَ إِلَى قيمتهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يجوز الْعُدُول إِلَى النَّقْدَيْنِ مَعَ وجود الْإِبِل. وَالدية عِنْد أبي حنيفَة يغ 10000 دِرْهَم، وَتجب دِيَة شبه الْعمد على الْعَاقِلَة مُؤَجّلَة ثَلَاث سِنِين. إِذا قتل الزَّوْج زَوجته وَله مِنْهَا ابْن يَرِثهَا لم يجب الْقصاص.

أَبَوَانِ لَهما ابْنَانِ قتل أَحدهمَا الْأَب وَقتل الآخر الْأُم وَجب الْقصاص على قَاتل الْأُم لِأَن قَاتل الْأَب ورث الْقصاص عَلَيْهِ أمه وَالْأَخ فَلَمَّا قتل الْأَخ الْأُم يَرِثهَا وورثها قَاتل الْأَب، فانتقل الْقصاص إِلَيْهِ فَسقط وَيسْقط حق شريكها إِلَى سَبْعَة أَثمَان الدِّيَة لِأَن حَقّهَا الثّمن. أَربع أخوة قتل الثَّانِي الْكَبِير، وَقتل الثَّالِث الصَّغِير، وَجب الْقصاص على قَاتل الْكَبِير. إِذا قطعت امْرَأَة يَد رجل فَقطع يَدهَا ثمَّ مَاتَ فلوليه الْقصاص، فَإِن عَفا على مَال فعلى أحد الْوَجْهَيْنِ ثَلَاثَة أَربَاع الدِّيَة، لِأَن دِيَة يَد الْمَرْأَة نصف دِيَة يَد الرجل، وَالثَّانِي: نصف الدِّيَة اعْتِبَارا بيد الرجل فَلَو قطعت يَدَيْهِ فَقطع يَديهَا ثمَّ مَاتَ فعلى أحد الْوَجْهَيْنِ: الْعَفو على نصف الدِّيَة وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الْعَفو؛ لِأَنَّهُ استوفى بدل يَده وَقيمتهَا الْكَامِلَة فَلَو قطعت يَدي رجل وَرجلَيْهِ فَقطع يَديهَا ورجليها ثمَّ مَاتَ واندمل جرحها فلولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ الْقصاص وَلَيْسَ لَهُ الْعَفو على مَال وَجها وَاحِدًا لِأَن قيمَة يَديهَا

ورجليها دِيَة الرجل. وَاعْلَم أَن الدِّيَة لَا تتغلظ عِنْدهم بِالْقَتْلِ فِي الْحرم، ومعتمدنا قَضَاء عمر وَعُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا فِي امراة قتلت فِي المطاف بالأقدام وإيجابهم ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم: سِتَّة آلَاف للدية وألفين للحرم، وَقَول الصَّحَابِيّ إِذا خَالف الْقيَاس دلّ على نَص سَمعه من الرَّسُول فَالْآن كلما يذكرهُ الْخصم من قِيَاس فَهُوَ حجَّة لنا؛ لِأَن الصَّحَابِيّ مَا خَالفه إِلَّا اتكالا على نَص سَمعه، فَإِن ألزمونا ابْن عَبَّاس غلظ الدِّيَة مرَّتَيْنِ بسببين، قُلْنَا: ذَلِك قِيَاس فَإِنَّهُ اعْتقد أَن تعدد الْأَسْبَاب يُوجب تعدد الْأَحْكَام فَلَا نقلده فِي هَذَا الْقيَاس.

المسألة السادسة والتسعون بعد المائتين رصو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصو.) الْقَتْل بالمثقل. الْمَذْهَب: يُوجب الْقصاص. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عمومات الْكتاب الْعَزِيز فِي قتل الْقَاتِل بالمقتول، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْعمد قَود " وَقَوله: " من حرق حرقناه " وَرُوِيَ أَن يَهُودِيّا رضخ رَأس جَارِيَة فَأمر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَن يرضح رَأس الْيَهُودِيّ بَين حجرين.

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد} . قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أَلا إِن فِي قَتِيل عمد الْخَطَأ قَتِيل السَّوْط والعصا مائَة من الْإِبِل "، وَقَالَ: " كل شَيْء خطأ إِلَّا بِالسَّيْفِ، وَلَا قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ، وَلَا قَود إِلَّا بحديد ". لنا: قتل عمد مَحْض، بَيَان الْقَتْل أَن من صلب شخصا أَو حرقه فقد قَتله،

وَالْقَتْل مَأْخُوذ من الْكسر يُقَال: قتلت الْخمر، والعمدية ظَاهِرَة، وَآلَة الشَّيْء مَا يصلح لَهُ وَيحصل بِهِ، والمثقل صَالح للْقَتْل وتخريب الْبَاطِن وَقد وجد. لَهُم: قتل تمكنت الشُّبْهَة مِنْهُ فَلَا يُوجب الْقصاص، ذَلِك لِأَن الشُّبْهَة فِي الْآلَة أَن المثقل لَيْسَ آله الْقَتْل حَيْثُ لم يخلق لَهُ وَالْقَتْل تخريب البنية ظَاهرا وَبَاطنا، فَأَما زهوق الرّوح فَلَيْسَ إِلَيْنَا. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: إِن جَحَدُوا العمدية قُلْنَا: الشَّرْع أمرنَا برجم الزَّانِي ويستحيل أَن نتعبد بالْخَطَأ أَو بِشُبْهَة على أَنا لَا نحتاج إِلَى تَقْرِير أَن هَذَا عمد فتقرير

الضروريات يخفيها، فَإِن قَالُوا: الْقصاص مَنُوط بِصُورَة الْجرْح فَإِن الْعمد لَا اطلَاع عَلَيْهِ، وَلذَلِك علق على غرز الإبرة إِن لم يعقب فِي الْمحل ورما شَدِيدا لم يُوجب الْقصاص، والمرجع فِي هَذَا إِلَى الْعَادَات، وَالْعرْف فِي الْعمد أَنه كل فعل قصد بِهِ عين الشَّخْص وَعلم حُصُول الْمَوْت بِهِ قطعا، وحد شُبْهَة الْعمد مَا لم يعلم قطعا أَن الْمَوْت حَاصِل بِهِ، فَإِن قَالُوا: الْآلَة غير معدة للْقَتْل بَطل بِالْقِيَاسِ والمثبت وَفِيمَا صَارُوا إِلَيْهِ خرم قَاعِدَة الْقصاص، فَإِن النَّاس إِذا علمُوا أَنهم لَا يقتلُون بِالْقَتْلِ بالمثقل فَعَلُوهُ ذَرِيعَة إِلَى الْفساد ودرء الْعقُوبَة عَنْهُم ويلزمهم أَن يَحْنَث لَو حلف مَا قتلت وَأَن الْكَفَّارَة تجب بِهَذَا الْقَتْل، وَأما حَدِيثهمْ (فمتروك الظَّاهِر فَإِن قَتِيل) الْعَصَا لَو كَانَ مجروحا وَجب الْقصاص فَالْمُرَاد بِالْحَدِيثِ مَا جرت بِهِ الْعَادة

من التَّأْدِيب.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

المسألة السابعة والتسعون بعد المائتين رصز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصز.) مُوجب الْعمد فِي القَوْل الْمَنْصُور. الْمَذْهَب: أحد أَمريْن إِمَّا الْقصاص وَإِمَّا الدِّيَة. عِنْدهم: الْقصاص هُوَ الْوَاجِب. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " ثمَّ أَنْتُم يَا خُزَاعَة قتلتم هَذَا الْقَتِيل من هُذَيْل وَأَنا وَالله عَاقِلَة، فَمن قتل بعده قَتِيلا فأهله بَين خيرتين إِن أَحبُّوا قتلوا وَإِن أَحبُّوا أخذُوا الْعقل "، جعل الْخيرَة إِلَى الْأَوْلِيَاء. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص ... ... . .} الْآيَة، أوجب الْقصاص نصا فَمن زَاد الدِّيَة فقد نسخ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم ... ... . .}

الْآيَة وَقَالَ: {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} ، وَقَالَ: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عين معصومة مَضْمُونَة فتضمن بِالْمَالِ كَسَائِر الْأَعْيَان، لِأَن الْوَاجِب حق آدَمِيّ، وَهُوَ مَبْنِيّ على التَّحْصِيل لَا التفويت والتحصيل بِالْمَالِ، أما الْقصاص فَزِيَادَة تَفْوِيت إِلَّا أَنه بدل توقيفي للتشفي فَلَا يمْنَع الْبَدَل القياسي فَثَبت التَّخْيِير بِتَعَدُّد الْمَقْصد وَسقط الْجمع لِاتِّحَاد الْمَضْمُون. لَهُم: عدوان مَحْض فَلَا يُوجب المَال قِيَاسا على الزِّنَى وَلَا شكّ فِي العدوانية وضمانها مُقَيّد بِالْمثلِ بِدَلِيل الْآيَة وَالْعدْل يَقْتَضِي ذَلِك، وَمن أتلف مثلهَا لزمَه مثله لَا يمْتَنع وَالنَّفس مثل النَّفس وَالْقَتْل كَالْقَتْلِ فَإِن تحمل الْأَمَانَة يشْتَرك فِيهَا الْقَاتِل والمقتول وَلها خلقا فقد قدر على اسْتِيفَاء جنس حَقه بِكَمَالِهِ فَلَا يعدل عَنهُ. مَالك: رِوَايَتَانِ؟ .

أَحْمد: ق. التكملة: عبارَة: عوضان مُخْتَلِفَانِ اسْتَويَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّبَب فَيُخَير الْمُسْتَحق بَينهمَا كَمَا لَو كَانَ رَأس الشاج أَصْغَر من رَأس المشجوج، ونقول: الْآدَمِيّ نفس من وَجه؛ لِأَنَّهُ مستعد لاستعمال الْأَشْيَاء، مَال من وَجه؛ لِأَنَّهُ مستعد أَن يسْتَعْمل فَالدِّيَة بدله من حَيْثُ هُوَ مَال وبدله لَهُ أَو لخليفته فالأدلة أَوْلَوِيَّة نفس الْجَانِي أَو المَال، وَمعنى حُصُول الشَّيْء للْإنْسَان أَن يتَمَكَّن من التَّصَرُّف فِيهِ نَحْو مَا جرت بِهِ الْعَادة تَارَة بالتحصيل كالتجارة وَتارَة بالتفويت كوقود الْحَطب، وَالْقصاص من هَذَا الْقَبِيل، قَوْلهم: هُوَ عدوان إِن أَرَادوا بِهِ أَنه مُخَالفَة الْأَمر فَمَا وَجب الضَّمَان لذَلِك بِدَلِيل بَقَاء التَّحْرِيم بعد إِبَاحَة الْإِنْسَان نَفسه، فَإِن أَرَادوا بِهِ تَعَديا على الْغَيْر فَمُسلم، ونسلم أَنه مُقَيّد بِالْمثلِ، وَلَكِن بِالْمثلِ الْمُمكن لَا الْمُطلق، قَوْله تَعَالَى: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم} ، ورد فِي تَحْرِيم الْقَتْل فِي الْأَشْهر الْحرم، وَقَوله: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} لَا يمس مَقْصُود الْمَسْأَلَة لأَنا لَا نسلم أَن الْقصاص وَالدية جزاءان بل عوضان.

المسألة الثامنة والتسعون بعد المائتين رصح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصح.) الْمُكْره على الْقَتْل. الْمَذْهَب: يلْزمه الْقصاص فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: لَا يلْزمه وَهُوَ القَوْل الآخر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} ، وَالْمرَاد هَاهُنَا بالسلطان بالِاتِّفَاقِ سلطنة الْقَتْل.

لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ "، وَمَعْلُوم أَنه لم يرد صُورَة الْفِعْل وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ رفع حكمه الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْقَتْل بعد الْإِكْرَاه كَالْقَتْلِ قبل الْإِكْرَاه فِي الْمَعْنى الْمُقْتَضِي لإِيجَاب الْقصاص؛ لِأَن الْقَتْل أوجب بِكَوْنِهِ عمدا مَحْضا محرما وَقد وجد دَلِيل الجرم التأثيم، وَرُبمَا قسنا على الْمُضْطَر فِي المخمصة إِذا قتل مَعْصُوما وَأكله، وَإِن كَانَ فِيهِ منع نقلنا الْكَلَام إِلَيْهِ. لَهُم: قَتله دفعا لشر الْإِكْرَاه فَلَا يلْزمه الْقصاص، كَمَا لَو قتل الْمُكْره لِأَن فعل الْمُكْره انْتقل إِلَيْهِ وَصَارَ الْمُكْره آلَة لَهُ. وَدَلِيل انْتِقَال الْفِعْل: نَقله عِنْد إِتْلَاف المَال فَوَجَبَ الضَّمَان على الْمُكْره، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَو تَركه وطبعه لم يفعل

وَصَارَ كالسهم. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: لَا نزاع فِي أَنه قَاتل، وَالْقَتْل عبارَة عَن حَرَكَة حَادِثَة فِي مَحل الْقُدْرَة مَوْقُوفَة على إِرَادَة الْفَاعِل، يدل عَلَيْهِ أَن الزِّنَى وَالْقَتْل يحرمان على الْمُكْره، وَشرب الْخمر، وَإِتْلَاف المَال يجبان عَلَيْهِ، وَكلمَة الرِّدَّة تُبَاح لَهُ، وَالْحكم لَا يتَعَلَّق إِلَّا بِفعل فَاعل مُخْتَار، وكل فعل تسبقه دَاعِيَة من النَّفس والدواعي تخْتَلف، فَإِن زادوا فِي حد الْقَتْل الْمُوجب للْقصَاص الِاخْتِيَار (قُلْنَا: اعْتِبَار صفة الِاخْتِيَار) بِنَاء على أَن الْقصاص عُقُوبَة تستدعي جِنَايَة وَالْقصاص عندنَا عوض فَلَا يَسْتَدْعِي إِلَّا إِتْلَاف نفس

مَعْصُوم. نعم، لم يجب على الْمُخطئ (لِأَن جِهَة العوضية فِيهِ للتشفي) ، وَلَا يعقل التشفي من الخاطئ، وَلَو سلمنَا أَنه عُقُوبَة فالجناية من الْمُكْره متكاملة، وَالْمَشَقَّة إِذا لم تنف التَّكْلِيف لَا توجب تَخْفيف الْجِنَايَة كَمَا لَو فر من الصَّفّ، وَوُجُوب الْقصاص لَيْسَ بِاعْتِبَار تَحْرِيم الْفِعْل فَلَا يكون الْمُبِيح شُبْهَة، ثمَّ الْإِكْرَاه لَا يُبِيح الْقَتْل وَإِيجَاب الْقصاص على الْمُكْره؛ لِأَنَّهُ قَاتل بِجِهَة أُخْرَى.

المسألة التاسعة والتسعون بعد المائتين رصط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: رصط.) شُهُود الْقصاص إِذا رجعُوا وَقَالُوا: تعمدنا قتل هَذَا الْمَعْصُوم وَقد قتل. الْمَذْهَب: وَجب عَلَيْهِم الْقصاص. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: شهد رجلَانِ عِنْد عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ على رجل بِالسَّرقَةِ ثمَّ رجعا وَقَالا: أَخْطَأنَا، السَّارِق غَيره فَقَالَ: " لَو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما " علق الْقطع على التعمد فَيَنْبَغِي إِذا وجد أَن يجب. لَهُم: ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قَتله فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقود وَذَلِكَ لوُجُوب الدِّيَة الْمُغَلَّظَة عَلَيْهِم؛ وَلِأَنَّهُم أهدروا دم الْمَشْهُود عَلَيْهِ وحركة اللِّسَان إِذا أفضت إِلَى الْقَتْل كحركة الْيَد وَالسَّبَب الْقوي ينزل منزلَة الْمُبَاشرَة، وَالْقَتْل مَوْجُود مِنْهُم إِمَّا حكما وَإِمَّا حَقِيقَة. لَهُم: الْقَتْل مُبَاشرَة (جُزْء الْفِعْل) مُبَاشرَة وَلم يُوجد ذَلِك؛ لِأَنَّهُ جَزَاء الْعدوان، وَالْمَوْجُود مِنْهُم إِيجَاب فَكيف يجازون عَلَيْهِ بالإيجاد؟ وقصارى مَا نقدر أَنهم مكنوا مِنْهُم كالممسك وَكَمن رفع (جنَّة المتترس) . مَالك: أَحْمد:

التكملة: نسوى بَينهم وَبَين الْمُكْره، وَمَا قَتله بِحكم الْقَتْل بل بِحكم السَّبَب، وَلذَلِك لَو وَقع الْقَتْل خطأ، وَالسَّبَب عَامِد كَمَا لَو خيل إِلَى إِنْسَان أَن بَين يَدَيْهِ صيدا وأكرهه على الرَّمْي، فَكَانَ آدَمِيًّا، قتل الْعَامِد الْمُكْره، وَالدَّلِيل على أَن السَّبَب سَبَب: ملقي الْحَيَّة ومشلي الْأسد. عبارَة: أحد موجبي التفويت فنيط بِشَهَادَة الزُّور قِيَاسا للْقصَاص على الدِّيَة الْمُغَلَّظَة، لِأَن الْقصاص ضَمَان الْمحل كالدية والتفويت الْحكمِي كالحسي بِدَلِيل الْأَمْوَال، أما لَو عَادوا قبل الْقَتْل فَمَا فوتوا الْعِصْمَة، وَلَو مَاتَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ، فَمَا فَاتَ بِجِهَة تفويتهم، وَيدل عَلَيْهِ انْتِفَاء الدِّيَة فِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ.

المسألة الثلاثمائة ش

(الْمَسْأَلَة الثلاثمائة: ش.) إِذا ثَبت الْقصاص بَين صغَار وكبار. الْمَذْهَب: لم يكن للكبار الِانْفِرَاد باستيفائه. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل: من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... لَهُم: قصَّة ابْن ملجم، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

وَقَتله الْحسن رَضِي اللَّهِ عَنهُ قصاصا وَفِي الْوَرَثَة صغَار وكبار وَلم ينكروا ذَلِك فَكَانَ إِجْمَاعًا، قَالَ الشَّافِعِي: إِن ابْن ملجم قتل عليا رَضِي اللَّهِ عَنهُ متأولا فأقيد بِهِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حق مُشْتَرك بَين جمَاعَة فَلَا يجوز لأَحَدهم أَن ينْفَرد باستيفائه كَسَائِر الْحُقُوق، وَإِذا انْفَرد الْكَبِير فقد استوفى حَقه وَحقّ الصَّغِير وَلَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهِ، وَحقّ الْقصاص يثبت للمقتول يثبت للمقتول لِأَن سَببه وجد فِي حَقه، وَالْقصاص أحد الْبَدَلَيْنِ فَالدِّيَة تثبت لَهُ ثمَّ لوَرثَته كَذَلِك الْقصاص. لَهُم: حق لَا يتَجَزَّأ ثَبت بِسَبَب لَا يتَجَزَّأ، فَثَبت لكل وَاحِد على الْكَمَال، بَيَان عدم التجزئ أَنه لَا يتَجَزَّأ اسْتِيفَاء، فَلَا يتَجَزَّأ ثبوتا، فَإِذا اسْتَوْفَاهُ، فقد استوفى حَقه، فَلم يبْق للْآخر حق لفَوَات مَحل الْحق وَسَببه الْقَرَابَة وَهِي كَامِلَة ثمَّ هُوَ من جنس الولايات وَهِي للكبار فَهِيَ (كولاية النِّكَاح) .

مَالك: ف. أَحْمد: ق. التكملة: طَريقَة السَّمْعَانِيّ نسلم أَن الْحق لكل وَاحِد كَامِل غير أَنه بِكُل حَال مُتحد والمتحد إِذا أضيف جمعه إِلَى زيد خلا مِنْهُ عَمْرو، فَإِذا انْفَرد باستيفائه جمع مَعَ احْتِمَال إِضَافَته إِلَى شَرِيكه ثَبت شُبْهَة عدم الِاسْتِحْقَاق فمنعت الِاسْتِيفَاء الدَّلِيل عَلَيْهِ إِذا عَفا بعض الْوَرَثَة أَو كَانَ بَين حَاضر وغائب، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَوْفِيه الْحَاضِر خيفة أَن يَسْتَوْفِي حَقًا سَاقِطا ليوهم عَفْو الْغَائِب، وَأما قتل ابْن ملجم؛ لِأَنَّهُ يسْعَى فِي الأَرْض فَسَادًا، وَلَعَلَّ اجْتِهَاد الْحسن رَضِي اللَّهِ عَنهُ أدّى إِلَى ذَلِك، وَالْحَاصِل أَن الْقصاص عوض قَابل للتجزي، وَالْوَرَثَة يستحقونه إِرْثا، وَالصَّبِيّ أهل لاستحقاقه، فَيلْزم بِهَذِهِ الْمُقدمَات أَنه شريك الْكَبِير، والخصم يُنَازع فِي الْجَمِيع

ونقسيس الْقصاص على الدِّيَة، فَإِنَّهَا تثبت لَهُم بِالْوَجْهِ الَّذِي ثَبت بِهِ الْقصاص، وَالدَّلِيل على التجزئة العَبْد الْمُشْتَرك إِذا قتل فَإِن الْقصاص لمَالِكه وَتفرد عَفْو أحد الشَّرِيكَيْنِ فِي نصِيبه، ثمَّ أَهْلِيَّة الصَّبِي ظَاهِرَة بِدَلِيل أَنه يسْتَحق الدِّيَة، وَأما إِنْكَار الْإِرْث فِيهِ فمحال بِدَلِيل أَنه ثَبت للْوَارِث وتمنعه مَوَانِع الْإِرْث.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 72 من المخطوطة أ:) " الشجاج الَّتِي قبل الْمُوَضّحَة لَيْسَ فِيهَا قصاص وَلَا تَقْدِير، والموضحة فِيهَا الْقصاص وأرشها خمس من الْإِبِل نصف عشر الدِّيَة وَمَا دونهَا لَا قصاص فِيهِ لَكِن أرش مُقَدّر، وَفِي الهاشمة عشر أبل، وَفِي المنقلة خَمْسَة عشر، والآمة ثلث الدِّيَة؛ لِأَنَّهَا جَائِفَة، وَكَذَلِكَ الدامغة "، فَإِذا كَانَت الشَّجَّة فَوق الْمُوَضّحَة كَانَ فِيهَا الْقصاص فِي الْمُوَضّحَة وَأخذ أرش مَا بَقِي، فَفِي الهاشمة مُوضحَة وَخمْس من الْإِبِل، والمنقلة مُوضحَة وَعشر إبل، وَفِي الآمة يقْتَصّ مُوضحَة وَيَأْخُذ الْبَاقِي. وَاعْلَم أَنه إِذا استوفى قطع الْيَد بِآلَة مَسْمُومَة فسرى السم إِلَى النَّفس فقد مَاتَ من سببين: الْقطع والسم، وَالْقطع غير مَضْمُون فَيجب عَلَيْهِ نصف الدِّيَة. وَاعْلَم أَن فِي الْمُوَضّحَة إِن كَانَت فِي غير الرَّأْس وَالْوَجْه فَفِيهَا الْقصاص، وَلَا يجب الْمُقدر بل حُكُومَة، وَإِذا رَمَاه بِسَهْم فأنفذه فهما جائفتان فيهمَا ثلثا الدِّيَة. وَاعْلَم أَن إذهاب الْبكارَة لَيست جَائِفَة، فَإِن كَانَت أمة وَجب مَا نقصت وَإِن كَانَت حرَّة فَفِيهَا حُكُومَة، وَإِن كَانَ بِوَطْء إِكْرَاه فالمهر والحكومة، وَإِذا

قطع أذنية فَذهب سَمعه فديتان، لِأَن مَنْفَعَة السّمع لَيست فِي الْأذن، وَهُوَ كَمَا لَو قطع أَنفه فَذهب شمه، بِخِلَاف اللِّسَان فَإِن مَنْفَعَة الْكَلَام فِيهِ. وَاعْلَم أَن فِي الْعقل الدِّيَة، فَإِن كَانَ يجن يَوْمًا وَيَوْما فَنصف الدِّيَة وبحسابه وَفِي الأجفان الْأَرْبَعَة الدِّيَة، إِذا استؤصلت الشّعْر فِي العوالي ثلثا الدِّيَة، وَفِي الأسفلين الثُّلُث، فِي الْأَهْدَاب الْحُكُومَة، إِن قطع الجفون مَعَ الْأَهْدَاب فَفِيهَا وَجْهَان: أَحدهمَا الدِّيَة حسب لِأَن الشّعْر إِذا كَانَ على الْعُضْو تبعه فِي الضَّمَان، وَالثَّانِي: تجب الْحُكُومَة فِي الشّعْر، وَفِي الْأنف الدِّيَة، وَهِي فِي المارن مِنْهُ، وَهُوَ مارق دون القصبة. إِن جنى على لِسَانه فَأذْهب بعض كَلَامه وزع الدِّيَة على الْحُرُوف وَهِي 28 قَالَ الاصطخري: الِاعْتِبَار بحروف اللِّسَان، وَفِي كل سنّ خمس من الْإِبِل فَإِن زَادَت على عشْرين فَفِيهَا وَجْهَان: أَحدهمَا تجب الدِّيَة وَلَا يُزَاد عَلَيْهَا، وَالثَّانِي تجب فِيهَا حَتَّى لب (32) سنا، وحد الْيَد من الْكُوع، قَالَ قوم: من الْمرْفق، وَفِي أُصْبُعه عشر من الْإِبِل، وَفِي أُنْمُلَة ثَلَاث وَثلث وَفِي أُنْمُلَة الْإِبْهَام خمس.

وَاعْلَم أَن الدِّيَة فِي قدم الْأَعْرَج وَيَد الأعسم. وَاعْلَم أَن فِي ثدي الرجل حُكُومَة، وَفِي ثدي الْمَرْأَة الدِّيَة فَإِن صَارَت جَائِفَة فَالدِّيَة وَثلثا الدِّيَة هَذَا فِي الْمَرْأَة. وَاعْلَم أَن فِي الضلع جملا، إِذا اصطدم الفارسان فماتا فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف دِيَة صَاحبه. مَسْأَلَة: يقطع طرف العَبْد بِطرف العَبْد خلافًا لَهُم، لنا أَن كل شَخْصَيْنِ جرى الْقصاص بَينهمَا فِي النَّفس جرى الْقصاص بَينهمَا فِي الطّرف السَّلِيم كالحرين، وَلَا يمْنَع من ذَلِك أَن تَسَاوِي الحرين فِي الْأَطْرَاف مَقْطُوع بِهِ شرعا بِخِلَاف الْعَبْدَيْنِ؛ لأَنا فِي عبد قَلِيل الْقيمَة نقطع يَد عبد كثير الْقيمَة، وَأخذ النَّاقِص بالكامل جَائِز.

المسألة الحادية بعد الثلاثمائة شا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة بعد الثلاثمائة: شا.) إِذا قطع يَمِيني رجلَيْنِ. الْمَذْهَب: يقطع بِمن بَدَأَ بِهِ وبمن لَهُ الْقرعَة إِن قطعهمَا مَعًا، وَللْآخر الدِّيَة. عِنْدهم: يقطع بهما، ونؤخذ الدِّيَة لَهما فِي الصُّورَتَيْنِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... لَهُم: ... ... ... ... . . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: بعض الْيَد لَا تسْتَحقّ قصاصا ابْتِدَاء فَلَا تسْتَحقّ إِيفَاء، فَإِنَّهُ لَو قطع

بعض يَد لم تقطع بعض يَده، وَالْمحل مَشْغُول بِحَق الأول لَا يَتَّسِع للثَّانِي أَو لكل وَاحِد لَا بِعَيْنِه، فَيتَعَيَّن بِالْقُرْعَةِ وَالْمحل مَمْلُوك للمستقص بِدَلِيل أَنه يعْفُو ويعارض. لَهُم: اسْتَويَا فِي سَبَب الِاسْتِحْقَاق فاستويا فِي الِاسْتِحْقَاق كالشفعاء وَالْوَرَثَة لِأَن الِاسْتِحْقَاق فرع على سَببه، وَالْقصاص إِبَاحَة فعل فِي الْمحل لَا أَنه يملكهُ بِدَلِيل أَن ضَمَان يَد الْجَانِي لَو قطعهَا أَجْنَبِي للجاني لَا للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، وَحكم هَذَا وَحكم الدِّيات كَحكم الْمُبَاحَات إِنَّمَا يملك بالحيازة. مَالك: أَحْمد: التكملة: عبارَة: مَحل وَاحِد فَلَا يضمن بِالْقصاصِ وَالدية لشخص وَاحِد كالنفس وَالْحكم مجمع عَلَيْهِ فِي النَّفس فعندنا يقتل بأحدهم وَتُؤْخَذ الدِّيَة

للباقين، وَعِنْدهم يقتل بِالْجَمِيعِ، وَالْعلَّة أَن الْقصاص وَالدية عوضان مُخْتَلِفَانِ، ونسلم الاسْتوَاء فِي سَبَب الِاسْتِحْقَاق، وتوزع الْيَد فِي ذَاتهَا لَكِن لَا نسلم توزعها فِي الِاسْتِيفَاء فَإِن كل جُزْء لَا يتَجَزَّأ تأثر بِفعل الْجَمِيع فَلم يُمكن أَن يُضَاف الْبَعْض إِلَى أحدهم والصادر من كل وَاحِد بعض الْقطع لَا قطع الْبَعْض كَمَا تقدم. ونقول: الْآدَمِيّ خلق مَعْصُوما أَو عصم بِسَبَب فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون سَقَطت عصمته لِمَعْنى فِيهِ، وَلَو كَانَ كَذَلِك كَانَ لكل أحد قَتله كالزاني الْمُحصن، فَبَقيَ أَنه سَقَطت عصمته، لِأَن ذمَّة الْمَمْلُوك للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، فَإِذا ملكه الأول لم يَتَّسِع للْبَاقِي، فَإِن الْمَبِيع لَا يُبَاع.

المسألة الثانية بعد الثلثمائة شب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة بعد الثلثمائة: شب.) شريك الْأَب. الْمَذْهَب: يجب عَلَيْهِ الْقصاص. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ظواهر النُّصُوص الدَّالَّة على إِيجَاب الْقصاص فِي الْعَامِد، وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} دَلِيل على أَن كل وَاحِد يُؤَاخذ بِفِعْلِهِ لَا بِفعل شَرِيكه. لَهُم: ... ... ... ...

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تمّ السَّبَب فِي الشَّرِيك فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقصاص بِدَلِيل قيام السَّبَب مَا لَو كَانَ الشَّرِيك أَجْنَبِيّا، فَإِن الْقود يجب وَمَا وَجب بِفعل غَيره، وَسبب الْوُجُوب الْقَتْل الْعمد، وَقد وجد مِنْهُمَا، نعم، تعذر اسْتِيفَاء الْقصاص من الْأَب لأمر يعود إِلَيْهِ، فَصَارَ كَمَا لَو رميا إِلَى إِنْسَان فَقبل الْإِصَابَة مَاتَ أَحدهمَا. لَهُم: زهقت الرّوح بفعلين: أَحدهمَا مُوجب وَالْآخر غير مُوجب، فَلَا يجب كشريك الخاطئ، لِأَن هَذِه شُبْهَة تسْقط لإيجاد الْقَتْل والمقتول فالقتل الْمَوْجُود من أَحدهمَا هُوَ الْقَتْل الْمَوْجُود من الآخر فَيكون عين مَا يُوجب عين مَا لَا يُوجب هَذَا محَال، وَدَلِيل عدم الْوُجُوب على الْأَب حُرْمَة الْأُبُوَّة. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: يبْحَث عَن وَجه اعْتِبَار السَّبَب حَالَة الِاشْتِرَاك فَنَقُول: سَبَب الْقصاص أَو الدِّيَة هُوَ الْقَتْل إِجْمَاعًا، إِذْ هُوَ مُتحد بِدَلِيل اتِّحَاد الْأَثر وَالْمحل وَقد صدر هَذَا الْوَاحِد مِنْهُمَا على معنى أَن مَجْمُوع الْفِعْل صَار قتلا وَاحِدًا فالصادر من كل وَاحِد بعض مَا صَار قتلا، وَدَعوى كَمَال الْقَتْل من كل وَاحِد مِنْهُمَا بَاطِل وَلَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ الْقصاص على شريك المخطىء، واتحاد الْمحل بعد كَمَال الجنايتين لَا يُورث شُبْهَة كقذف شَخْصَيْنِ لشخص، أَو زنيتين بِامْرَأَة، فالسبب الْكَامِل لابد مِنْهُ فِي حق كل وَاحِد وَصَارَ كالإيجاب وَالْقَبُول لعقدين، فإضافة الْقَتْل إِلَى كل وَاحِد على تَقْدِير صُدُور الْفِعْل مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَن تكون جَمِيع الْأَفْعَال بِحَيْثُ لَو صدرت من هَذَا الَّذِي يُوجب عَلَيْهِ الْقصاص لوَجَبَ وَلَا يَسْتَدْعِي إِلَّا العمدية والعدوانية، وَإِمَّا أَن يمْنَع امْتنَاع وجوب الْقود على الْأَب، بل نقُول: وَجب وَسقط كَمَا لَو اشْترى أَبَاهُ أَو سلم اندفاعه بعد انْعِقَاد سَببه أَو اندفاعه مُطلقًا لَكِن لِمَعْنى فِي الْفَاعِل لَا

فِي الْفِعْل، بِخِلَاف الخاطئ فَإِن الْخلَل فِي الْفِعْل فَلهَذَا يُوصف بِهِ فَيُقَال: قتل خطأ.

المسألة الثالثة بعد الثلثمائة شج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة بعد الثلثمائة: شج.) سرَايَة الْقصاص. الْمَذْهَب: مهدرة. عِنْدهم: مَضْمُونَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . . لَهُم: ... ... ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا:

قطع مَشْرُوع فَلَا تكون سرايته مَضْمُونَة كَقطع السّرقَة، بَيَان ذَلِك أَن قطع الْيَد حَقه، فَلَا يجب بِاسْتِيفَاء حَقه ضَمَان عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُون فِيهِ على الْإِطْلَاق بِغَيْر شَرط، والسراية لَيست فعله، فَلَا يُكَلف عدمهَا، والاحتراز عَنْهَا غير مُمكن فقد تلفت نَفسه فِي الْوَفَاء بِمُوجب الْجِنَايَة فَهدر كالسارق. لَهُم: قتل بِغَيْر حق فَيكون مَضْمُونا، دَلِيل الدَّعْوَى أَن الْقَتْل قد وجد وَلَا يخْتَلف بِكَوْن الْفِعْل مَأْذُونا فِيهِ كالمضطر فِي المخمصة، فَإِنَّهُ مَأْذُون فِي تنَاول مَال الْغَيْر وَيضمن، فالإذن يسْقط الْإِثْم لَا الضَّمَان فَإِن الْمحل مَعْصُوم وَحقه فِيهِ الْقطع لَا الْقَتْل. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْمَوْجُود مِنْهُ الْقطع حَقِيقَة، فَإِنَّهُ إبانة الْمفصل وَبِأَن صَار قتلا لَا يُخرجهُ عَن كَونه قطعا فَإِن الْقطع أَعم من الْقَتْل وَيُؤْخَذ فِي حَده فَهُوَ بالحيوانية مَعَ

الإنسانية، يدل عَلَيْهِ أَن من ادّعى أَن فلَانا قطع يَد عَبدِي وَشهد لَهُ أحد الشَّاهِدين بِأَنَّهُ قطع وَشهد الآخر بِأَنَّهُ قتل لم يثبت دَعْوَاهُ، وَلَو شهد الآخر بِأَنَّهُ قطع وسرى ثَبت الْقطع، وَلَو كَانَت السَّرَايَة تبطل كَونه قطعا لبطلت الشَّهَادَة كالصورة الأولى، وَمُطلق الْقَتْل لَيْسَ سَببا للضَّمَان بِدَلِيل قتل الإِمَام للسارق وَالزَّانِي وَكَذَلِكَ الصَّائِل. وَبِالْجُمْلَةِ كل فعل كَانَ مُسْتَحقّ الْإِيقَاع فِي الْمحل إِذا سرى كَانَت النَّفس مهدرة، وَلَيْسَ الْفِعْل ذَا جِهَتَيْنِ قطع وَقتل، بل فعل وَاحِد لَهُ وصفان خَاص وعام، فَإِذا أثبتنا حكما بأخص وَصفيه فقد أثبتنا الْأَعَمّ. ثمَّ الهاشمة: وَهِي الَّتِي تهشم الْعظم.

ثمَّ المنقلة: وَهِي الَّتِي تهشم الْعظم وتنقل مِنْهُ مَا رق. ثمَّ الآمة: وَهِي الَّتِي تبلغ أم الرَّأْس، وَهِي المأمومة أَيْضا، وَأم الرَّأْس هِيَ الخريطة الَّتِي فِيهَا الدِّمَاغ، وَقيل: هِيَ الدامغة، وَقيل: الدامغة الَّتِي تخسف الدِّمَاغ وَلَا حَيَاة بعْدهَا. وَقد ذكرت الدامعة بعد الدامية؛ لِأَنَّهَا تَدْمَع بَعْدَمَا دميت، والموضحة أَن تقرع الْعظم بالمرود إِن كَانَت من الْجَسَد.

المسألة الرابعة بعد الثلثمائة شد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة بعد الثلثمائة: شدّ.) الْمُمَاثلَة فِي جِهَة اسْتِيفَاء الْقصاص. الْمَذْهَب: مُعْتَبرَة. عِنْدهم: لَا تعْتَبر ويقتصر على السَّيْف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ أَن يَهُودِيّا رضخ رَأس جَارِيَة من الْأَنْصَار فرضخ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأس الْيَهُودِيّ بَين حجرين، ونتمسك بقوله تَعَالَى: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} ، وَقَوله: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ، وَلَا قَود إِلَّا بحديدة ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْوَاجِب يُسمى باسم الْقصاص وَهُوَ يُنبئ عَن الْمُمَاثلَة؛ لِأَنَّهُ من اقتصاص الْأَثر، وكما تعْتَبر الْمُمَاثلَة فِي الأَصْل تعْتَبر فِي الْوَصْف. لَهُم: الْقطع إِذا سرى صَار قتلا وَسقط حكم الطّرف، دَلِيله قتل الْخَطَأ، فَإِنَّهُ إِذا قطع يَده وسرت وَجب عَلَيْهِ الدِّيَة وَسقط أرش الْيَد فقد تعدى عَلَيْهِ بِجرح قَاتل، فَلَا يسْتَوْجب إِلَّا الْقَتْل، لِأَن الْقطع الساري قتل من أَوله. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: الْحَاصِل أَن كلا يَدعِي أَن الْمُمَاثلَة فِي الْقصاص متحققة فِي مذْهبه، فَنحْن ندعي أَنا نقابل الْفِعْل بِالْفِعْلِ، وهم يدعونَ أَنا لَو فعلنَا ذَلِك وَلم يمت احتجنا إِلَى حز رقبته، وَهَذِه زِيَادَة على الْفِعْل، فَنَقُول: الْقَتْل

حصل بِالسّرَايَةِ وَهُوَ أَشد من قتل الصَّبْر، فَلَا يحصل بِهِ تَمام التشفي، وتوقع الزِّيَادَة فِي ثَانِي الْحَال لَا يمْنَع اعْتِبَار الْمُمَاثلَة، فَإنَّا نقطع طرف الْقَاطِع مَعَ إِمْكَان السَّرَايَة، وَأما الْجَائِفَة، وأمثالها إِذا لم (تسر لم نعتمدها فَكَذَلِك) إِذا سرت، وَإِنَّمَا جَازَ للْوَلِيّ الْعُدُول إِلَى حز الرَّقَبَة لكَونه أخف. وَبِالْجُمْلَةِ: الرَّقَبَة أحد الْأَطْرَاف وَالْمَقْصُود الْقَتْل فَمن أَي طرف (حصل كَانَ) .

المسألة الخامسة بعد الثلثمائة شه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة بعد الثلثمائة: شه.) مُسْتَحقّ الْقصاص فِي النَّفس إِذا قطع الطّرف وَعَفا عَن النَّفس. الْمَذْهَب: لم يلْزمه أرش الْيَد سَوَاء وقف الْقطع أَو سرى. عِنْدهم: إِن وقف ضمن، وَإِن سرى لَا يضمن، وَالضَّمان بِالدِّيَةِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . . لَهُم: ... ... ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: يَد قطعت على وَجه الإهدار فطريان العاصم لَا يرد ذَلِك مَضْمُونا

كالمرتد، قد استوفى بعض حَقه وَأسْقط الْبَعْض، فَلَا يلْزمه الضَّمَان، كَمَا لَو اسْتحق الْقصاص فِي الطّرف فَقطع أُنْمُلَة وَعَفا ذَلِك، لِأَن النَّفس هَذِه الْجُمْلَة يدل عَلَيْهِ أَنه لَو شهد لَهُ بِالْقصاصِ فَقطع الطّرف ثمَّ عَاد الشَّاهِد ضمن وَلَوْلَا أَنه أثبت حَقًا فِي الطّرف لما ضمن. لَهُم: تعدى بِقطع الطّرف فضمنه كَمَا لَو قطعه ابْتِدَاء، ذَلِك لِأَن الْقطع غير الْقَتْل، وَلَو أَن من لَهُ الْقصاص طَالب من عَلَيْهِ الْقصاص بِأَن يُمكنهُ من قطع يَده لم يلْزمه ذَلِك، وَلَو أَن شَفِيع شقص ذِي شجر قطع بعض الشّجر وَنزل عَن الشُّفْعَة ضمن الشّجر، وَلَو لم ينزل لم يضمن. مَالك: يجب على الْوَلِيّ الْقصاص فِي الْيَد. أَحْمد: تلْزمهُ الدِّيَة عَفا أَو لم يعف. التكملة: مَسْأَلَة الْمُرْتَد لَازمه لَهُم، وَلَا فرق بَينهَا وَبَين مَسْأَلَتنَا إِلَّا فِي أَن الْمُرْتَد مهدر على الْعُمُوم، وَهَذَا على الْخُصُوص لمستحق الْقصاص، ثمَّ لَو كَانَ مَعْصُوما لوَجَبَ الضَّمَان، وَإِن حز الرَّقَبَة بعده، وآكد من ذَلِك إِذا اندمل وحز بعد ذَلِك، وَالْيَد عنْدكُمْ معصومة، وَإِنَّمَا لم تهدر لضَرُورَة الِاتِّصَال بِالْبدنِ عِنْد الْقَتْل، وَهَاهُنَا هِيَ غير مُتَّصِلَة فَهُوَ كَمَا لَو قطعه أَجْنَبِي لم يكن

لصَاحب قصاص النَّفس أَن يضمنهُ، يدل عَلَيْهِ أَنه لَو قطع طرف إِنْسَان ثمَّ اسْتحق نَفسه لم يسْقط ضَمَان الْقطع، وَقد صَارَت الْيَد إِلَى حَالَة لَو بقيت لَكَانَ يستوفيها وَلَكِن لما قطع وَبَقِي على حكم الْعِصْمَة لم يُؤثر فِيهِ مَا طرا، وَأما مَسْأَلَة الشُّفْعَة لَا نسلم بل يجب الضَّمَان بِكُل حَال، وَإِن سلم، فَهُوَ مُخَيّر فِي طَرِيق الضَّمَان؛ لِأَنَّهُ إِذا بدل الثّمن بِالثّمن بدل جَمِيع الدَّار بأجزائها، وَقد أثبت لَهُ الشَّارِع هَذِه الْخيرَة أَن يضمن بِالْقيمَةِ إِن لم يَأْخُذ وبالثمن أَن أَخذ، وَبِالْجُمْلَةِ: الْقطع وَاقع على وَجه الإهدار فَلَا يعود مَضْمُونا.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 73 من المخطوطة أ:) مَا دون أرش الْمُوَضّحَة يضْرب على الْعَاقِلَة خلافًا لَهُ، فَنَقُول: ضرب الدِّيَة على الْعَاقِلَة، وَإِن كَانَ على خلاف الْقيَاس، فقد الْمَعْنى الْمُقْتَضِي للاستيفاء وَالْخلاف فِي تَعْيِينه فَاعْتقد الْخصم أَن الْمَعْنى فِيهِ التَّخْفِيف فِي حق القاتلين؛ لأَنهم كَانُوا أحلاس السِّلَاح فَكثر وُقُوع الْقَتْل الْخَطَأ بَينهم فَلَو ضرب الْجَمِيع على الخاطئ لكفوا عَن حمل السِّلَاح وبادت الْحَوْزَة بذلك فَضرب بعض الدِّيَة على الْعَاقِلَة، وَهَذَا مَذْهَبهم، وَهَذَا الْمَعْنى يَقْتَضِي تحمل الدِّيَة عِنْد كَثْرَة المَال، إِمَّا إِذا قل فَلَا يثقل على الْجَانِي، وَالتَّقْدِير أخذناه من الشَّرْع فِي الْجَنِين، وَذَلِكَ خمس إبل فَهُوَ أول الْكَثْرَة، وَإِمَّا معتقدنا فَهُوَ أَن تحمل الْعَاقِلَة لشرف الْقَتْل مُبَالغَة فِي صَوته، وَلَا يخفى أَن المَال الْمَضْرُوب على الْجَمَاعَة أنص وَلم يضْرب على الْجَانِي لتتحد جِهَة الْوُجُوب وجهة الِاسْتِيفَاء وَهَذَا المعني ضرب الْكل على الْعَاقِلَة كَثِيرَة وقليلة، وَمَا تخيلوه لَا يَنْتَظِم، فَإِن الْقلَّة وَالْكَثْرَة تخْتَلف باخْتلَاف الْغنى والفقر، ثمَّ الْقَلِيل إِذا توالى صَار كثيرا، ثمَّ نسألهم عَن الضَّابِط فَإِن قَالُوا: كل قَلِيل يبْقى عَلَيْهِ وكل كثير يضْرب عَلَيْهِم، بَطل لما ذَكرْنَاهُ من اخْتِلَاف الْقلَّة وَالْكَثْرَة

بالأشخاص. فَإِن قَالُوا: أقل مُقَدّر شرعا، بَطل بدية أُنْمُلَة وَاحِدَة، فَإِنَّهُم لَا يرَوْنَ تحمل ذَلِك، فَإِن قَالُوا: بدل النَّفس يتَحَمَّل وَمَا دونه فَلَا يبطل بِبَعِير وَاحِد تجب قيمَة عبد، فَإِن قَالُوا: هُوَ بدل نفس نصا، قُلْنَا: بَاطِل بِأَرْش الْمُوَضّحَة، فَإِن قَالُوا: هُوَ مثل بدل النَّفس، بَطل بجراحة توجب بَعِيرًا فَإِنَّهُ مثل بدل نفس العَبْد، فَلَا يسْتَقرّ قدمهم فِي مقَام التَّقْدِير. مَسْأَلَة: يجرى الْقصاص بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث فِي الْأَطْرَاف خلافًا لَهُم. لنا: أَن كل قصاص ثَبت بَين الذُّكُور ثَبت بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث كالنفس، وَلَا أثر لقصورهن عَن رُتْبَة الْعَدَالَة، فالعدل يقاص الْفَاسِق وَاخْتِلَاف الْمَنَافِع لَا عِبْرَة بِهِ وَالْمكَاتب يقاص الْحر، وَإِنَّمَا لم يقطع الْيَمين باليسار لاختلافهما نوعا، ثمَّ تبطل بيد الأعسر تعْمل عمل الْيَمين وَلَا تقطع بهَا. مَسْأَلَة: إِذا حبس صَغِيرا فِي بَيت فلدغه حَيَوَان فَمَاتَ لَا يضمنهُ

خلافًا لَهُم. لنا: هُوَ أَن مَا لَا يضمنهُ إِذا مَاتَ حتف أَنفه لَا يضمنهُ إِذا مَاتَ لديغا كَالْوَدِيعَةِ وَالْحر الْكَبِير، ونفرض فِي حر حبس فِي بَيت مظلم بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الِاحْتِرَاز عَن الْحَيَوَان، وَيُفَارق حفر الْبِئْر، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الصَّغِير وَالْكَبِير. مَسْأَلَة: إِذا مَاتَ الْقَاتِل وَجَبت الدِّيَة للْوَلِيّ خلافًا لَهُم، وَالْفِقْه فِيهِ أَن الْقود حق ثَابت يسْقط بِرِضا صَاحبه فَإِذا مَاتَ رَجَعَ إِلَى الْبَدَل كَمَا لَو عَفا أحد الشَّرِيكَيْنِ. مَسْأَلَة: إِذا قطع يَد رجل ذَات خَمْسَة أَصَابِع وَيَد الْقَاطِع ذَات أَرْبَعَة أَصَابِع فالمقطوع بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ اقْتصّ وَأخذ أرش الإصبع وَإِن شَاءَ عَفا وَأخذ دِيَة الْيَد. قَالَ أَبُو حنيفَة: إِن شَاءَ أَخذ الدِّيَة، وَإِن شَاءَ اقْتصّ وَلَا يَأْخُذ الْأَرْش. لنا أَن الإصبع مَقْصُودَة بِالْقصاصِ وَالْأَرْش، فَإِذا وَجب الْقصاص عِنْد وجوده وَجب الْأَرْش عِنْد عَدمه كَمَا لَو قطع أصبعين لرجل وللقاطع أَحدهمَا، وَالِاعْتِبَار باسيتفاء الْحق لَا بِوَضْع السكين حَيْثُ وَضعهَا الْجَانِي.

المسألة السادسة بعد الثلثمائة شو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة بعد الثلثمائة: شو.) إِذا قطع أَحدهمَا من الْكُوع وَالْآخر من الْمرْفق. الْمَذْهَب: وَجب الْقصاص عَلَيْهِمَا. عِنْدهم: يجب على الثَّانِي دون الأول. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... . لَهُم: ... ... ... ... .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: اشْتَركَا فِي سَبَب الْقصاص مُوجب الْقصاص عَلَيْهِمَا كَمَا لَو اخْتلف الْمحل، ذَلِك لِأَن السَّبَب هُوَ الْجرْح المفضي إِلَى الزهوق، وَإِنَّمَا صَار سَببا لما يحدث من الْأَلَم، ولاشك أَن الأول ضعفت بِهِ الرّوح حَتَّى لَا تحمل قفل الثَّانِي. لَهُم: الْقَاتِل هُوَ الثَّانِي فَلَزِمَهُ الْقصاص كَمَا لَو قطع الأول الْيَد وحز الثَّانِي الرَّقَبَة ذَلِك لِأَن الْفِعْل الأول انْعَدم بانعدام مَحَله، وَلِهَذَا يعالج اللدغ بقلع مَحل اللدغة، يدل عَلَيْهِ مَا لَو اندمل الْموضع وَقطع الثَّانِي، فَإِنَّهُ لَا يقتل الأول وَإِن كَانَ أثر الْأَلَم بَاقِيا. مَالك: أَحْمد: ق. التكملة: حَاز الرَّقَبَة مَا قتل بتراكم الْأَلَم بل بِفعل جَدِيد مُسْتَقل، أما هَاهُنَا فَالْأول نزف من الدَّم مَا أَوْهَى بِهِ الْقُوَّة فضعفت الْأَعْضَاء لذَلِك، ثمَّ هَذَا الْجَارِح

الثَّانِي أضَاف ألما إِلَى ألم فزهقت النَّفس بالفعلين وَهَذَا مَعْرُوف من مجاري الْعَادَات، وَكَذَلِكَ نقُول: بعد الِانْدِمَال إِن كَانَ بِحَيْثُ يُمكن إِضَافَة الْمَوْت إِلَى الأول وكما أَن الأول غير مُسْتَقل فَالثَّانِي غير مُسْتَقل.

المسألة السابعة بعد الثلثمائة شز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة بعد الثلثمائة: شز.) مُبَاح الدَّم إِذا التجأ إِلَى الْحرم. الْمَذْهَب: لَا يعصمه. عِنْدهم: يعصمه (وَلَكِن ألجئ إِلَى الْإِخْرَاج) . الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْحرم لَا يعيذ عَاصِيا وَلَا فَارًّا بخربة وَلَا دم ". لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {أَو لم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا ... ...} الْآيَة، والأمن إِنَّمَا يكون للخائف، وَقَوله تَعَالَى: {وَمن دخله كَانَ آمنا} إِشَارَة لى من

يعقل. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجد سَبَب الْقَتْل وَوَجَب فاستوفى كالطرف، فَلَو منع مَانع كَانَ لحُرْمَة الْحرم وَلَا يجوز أَن يكون مَانِعا، لأَنا إِنَّمَا نستوفي بِإِذن اللَّهِ حق اللَّهِ أَو حق عَبده وَطَاعَة أَمر اللَّهِ تَعْظِيمًا لله. لَهُم: الْحرم بقْعَة جليلة ميزت عَن سَائِر الْبِقَاع بِالْإِضَافَة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذا أفادت الملتجئ أَمَانًا كَانَ مناسبا، اعْتبر ذَلِك بِالشَّاهِدِ من دور الْمُلُوك وَلذَلِك يعْصم الصَّيْد فالآدمي أولى؛ لِأَن الْإِبَاحَة فِي الْآدَمِيّ عارضة، وَفِي الصَّيْد أَصْلِيَّة، وَإِنَّمَا لم يعْصم الطّرف لأَنا ننحو بِهِ نَحْو الْأَمْوَال، وَلم يعْصم من قتل فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خرق الْحُرْمَة. مَالك: ق. أَحْمد:

التكملة: نَحن لَا نمْنَع أَن للحرم حُرْمَة غير أَن الْحق الثَّابِت يُنَاسب إِطْلَاق الِاسْتِيفَاء وَلَو قتل فِي الْحرم وَقع مُسْتَحقّا بِلَا خلاف، وَلَا يَأْثَم المستوفي للْقَتْل من حَيْثُ إِنَّه استوفى حَقه، نعم يَأْثَم بهتك الْحُرْمَة كالمصلي فِي دَار مَغْصُوبَة، وَكَذَلِكَ الْحَامِل الجانية يمْتَنع قَتلهَا لَا لأجل اسْتِيفَاء الْقصاص، بل لمَكَان الْوَلَد، فَمن اشْتغل بِإِثْبَات قيام الْحق وَجَوَاز الِاسْتِيفَاء وَنفي الْإِثْم كَانَ عادلا عَن نهج الْكَلَام، فالإنصاف أَن هَذَا يقتل اجْتمع فِيهِ مَعْنيانِ: مُطلق ومانع، فعصمه النُّفُوس مُطلقَة والبقعة مَانِعَة، لَكنا نرجح الْإِطْلَاق لِأَن حق العَبْد شرع لنفعه ومصلحته، وَالله تَعَالَى مستغن عَن الْحُقُوق، وَحقّ العَبْد مبْنى على الشُّح، وَحقّ اللَّهِ على المساهلة، فتقديم حق العَبْد لِحَاجَتِهِ لَا لشرفه، ويتأيد بِمن اجْتمع عَلَيْهِ قصاص وحد، فَإِنَّهُ يقدم الْقصاص، وَأما الصَّيْد، فَلَا حق فِيهِ لأحد قبل الْحِيَازَة ويلزمهم الطّرف.

المسألة الثامنة بعد الثلاثمائة شح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة بعد الثلاثمائة: شح.) دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ الذِّمَّة. الْمَذْهَب: ثلث دِيَة الْمُسلم، والمجوسي 800 دِرْهَم. عِنْدهم: مثل دِيَة الْمُسلم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي النَّفس المؤمنة مائَة من الْإِبِل "، خص المؤمنة بِكَمَال الدِّيَة، وَرُوِيَ أَن عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ قضى فِي دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ بأَرْبعَة آلَاف، ودية الْمَجُوسِيّ ثَمَانمِائَة دِرْهَم. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله} ، كَمَا قَالَ فِي حق الْمُسلم: {ودية مسلمة إِلَى أَهله} ، وَرُوِيَ

أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ودى قتل عَمْرو بن أُميَّة بدية حُرَّيْنِ، وَرُوِيَ عبَادَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ مثل دِيَة الْمُسلم ". الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: نقض الْكفْر أعظم من نقص الْأُنُوثَة وَأولى بِالنُّقْصَانِ، ذَلِك لِأَن الْقيَاس يَقْتَضِي أَن لَا يضمن الْآدَمِيّ بِالْمَالِ لعدم الْمُمَاثلَة، وَإِنَّمَا ضمن بِالنَّصِّ فاقتصر عَلَيْهِ، وَعلل بالشرف، والشرف قِيَامه بِمَا خلق لَهُ من الْعِبَادَة. لَهُم: حر ذكر فَأشبه الْمُسلم، ذَلِك لِأَن الدِّيَة بدل النَّفس، وكماله بِكَمَال النَّفس وكمالها بِكَمَال الْمَالِكِيَّة الَّتِي اخْتصَّ بهَا من بَين سَائِر الْحَيَوَانَات وَهِي مالكية المَال وَالنِّكَاح. مَالك: وَافق فِي الْمَجُوسِيّ، وَفِي البَاقِينَ نصف الدِّيَة.

أَحْمد: إِذا قتلا عمدا فَالدِّيَة، وَإِن قتلا خطأ فَنصف الدِّيَة. التكملة: التَّضْمِين من آثَار الْعِصْمَة وَقد افْتَرقَا فِيهَا، لِأَن العاصم فِي حق الْمُسلم إِسْلَامه، وَهِي معنى ذاتي، وَفِي حق الذِّمِّيّ الْأمان وَهُوَ معنى عرضي، فالمسلم مَعْصُوم بِعَيْنِه، وَالذِّمِّيّ مَعْصُوم لغيره، والمعصوم لغيره يقدر فِي ذَاته، ثمَّ كَمَال دِيَة الْإِنْسَان بِكَمَالِهِ وَكَمَال كل شَيْء ببلوغ مَا خلق لَهُ والآدمي خلق لِلْعِبَادَةِ المكتسبة بِكَمَال الْعقل الَّذِي بِهِ يتَحَمَّل الْأَمَانَة، وَلذَلِك نقص بدل الْأُنُوثَة لنُقْصَان عقل الْأُنْثَى، وَبدل الْجَنِين حَيْثُ لم تكمل بنيته، وَإِنَّمَا لم ينقص بدل الصَّبِي لقُرْبه من رُتْبَة الْكَمَال، وَنقص الْمَجْنُون عَارض يُرْجَى زَوَاله، وَهَذِه الرُّتْبَة نقص عَنْهَا الْكَافِر فنقصت دِيَته، وَيجوز أَن يظْهر أثر الْكفْر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِدَلِيل ضرب الْجِزْيَة والذل بِالرّقِّ، فَإِذا ثَبت أصل التَّفَاوُت، فالتقدير تلقيناه من الْأَثر الْمَرْوِيّ عَن عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ رَضِي اللَّهِ عَنهُ.

المسألة التاسعة بعد الثلثمائة شط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة بعد الثلثمائة: شط.) إِفْسَاد منابت الشُّعُور الْخَمْسَة. الْمَذْهَب: لَا يُوجب كَمَال الدِّيَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا ... ... ... . .} الْآيَة. عدد الْمَنَافِع الْمُنعم بهَا على الْآدَمِيّ وَلم يذكر الْجمال. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة} فرق بَين الْمَنْفَعَة والزينة، وَقَالَ: {وَلكم فِيهَا جمال حِين تريحون} . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: لم يفوت إِلَّا مُجَرّد جمال فَلم تجب عَلَيْهِ الدِّيَة كحلق شعر الصَّدْر، ذَلِك لِأَن الْقيَاس يَقْتَضِي أَن لَا يجب فِي الأبعاض مَا يجب فِي الْجُمْلَة، وَلَيْسَ

الْجمال مثل الْمَنْفَعَة فَيلْحق بهَا والقوام بالمنافع لَا بالجمال. لَهُم: فَوت الْجمال على الْكَمَال فَيلْزمهُ كَمَال الدِّيَة كَمَا لَو قطع الْأذن الشاخصة ومارن الْأنف، ونفرض فِي الْأَصَم والأخشم، ذَلِك لِأَن الْجمال مَطْلُوب كالمنفعة، والرغبات متوجهة إِلَيْهِ، وَالْمَال يبْذل فِيهِ وَهَذَا يُنَاسب إِيجَاب الدِّيَة كالمنفعة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: أصل الضَّمَان مُتَّفق عَلَيْهِ، والنزاع فِي التَّقْدِير وَلَا نَص فِيهِ وَلَا يُمكن رده إِلَى الأَصْل لِأَن الْمَعْنى فِي الأَصْل لَا يُنَاسب تعْيين مِقْدَار فَامْتنعَ إثْبَاته. أما الْحُكُومَة فِي تَقْوِيم يخْتَلف باخْتلَاف الصِّفَات فَلَا تفْتَقر إِلَى نَص (والشارع نزل) الْأَطْرَاف منزلَة النَّفس لِأَن بهَا بقاءها، ونمنع

وجوب الدِّيَة فِي أذن الْأَصَم ومارن الأخشم، وَإِنَّمَا نوجب فِي الصَّحِيحَيْنِ، لِأَن فيهمَا مَنْفَعَة حفظ الصَّوْت والرائحة، ثمَّ نقُول: أَي جمال فِي شَارِب بِغَيْر لحية أَو لحية بِغَيْر شَارِب؟ ثمَّ الْجمال بِمَجْمُوع صِفَات من حسن الْبشرَة وَبَقَاء اللَّوْن وتناسب الْخلقَة، وَالشعر بعد ذَلِك تَابع فَهُوَ حسن بِغَيْرِهِ لَا بِنَفسِهِ، فَإِن قَالُوا: فِي الأشفار مَنْفَعَة، قُلْنَا: هِيَ نافعة للجفن، وَلِهَذَا لَو قطع الجفن بِشعرِهِ تَبعته وَوَجَبَت دِيَة وَاحِدَة.

المسألة العاشرة بعد الثلثمائة شي

(الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة بعد الثلثمائة: شي.) جَنِين الْأمة. الْمَذْهَب: يعْتَبر بِقِيمَة أمه فَيجب عشر قيمتهَا. عِنْدهم: يعْتَبر بِقِيمَة نَفسه وَيجب عشرهَا إِن كَانَ أُنْثَى وَنصف عشرهَا إِن كَانَ ذكرا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . لَهُم: ... ... ... ...

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْجَنِين يتَعَذَّر تقويمه بِنَفسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقف على صِفَاته فاعتبرناه بِأُمِّهِ، يدل عَلَيْهِ أَنه جُزْء مِنْهَا يتغذى بهَا كأجزائها ويتبعها بيعا وإرثا وَوَصِيَّة، وَلَو كَانَ يعْتَبر بِنَفسِهِ لضمن بدية كَامِلَة. لَهُم: إِذا اعتبرتم الْجَنِين بِأُمِّهِ رُبمَا أدّى إِلَى أَن تكون قِيمَته مَيتا أَكثر من قِيمَته حَيا حَيْثُ تكون قِيمَته عشْرين وَقِيمَة الْأُم ألف فَصَارَت قِيمَته بذلك مائَة، بل هُوَ شخص مُنْفَرد بِجِنَايَة فَانْفَرد بضمانه، يدل عَلَيْهِ أَنه مُنْفَرد عَنْهَا فِي الْأَحْكَام الْمَالِيَّة يُورث وَيَرِث ويوصى بِهِ وَله وَيصرف الضَّمَان إِلَى أَقَاربه لَا إِلَى أمه وَهَذَا يدل على انْفِصَاله. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: منشأ الْخلاف أَن الْجَنِين الْحر الْمَضْمُون عِنْد إعواز الْغرَّة بِخمْس من الْإِبِل فَنحْن نعتقد أَن المرعي نسبته إِلَى الْأُم بِعشر دِيَتهَا فأوجبنا عشر دِيَة الْأمة، وَبِالْجُمْلَةِ ثمَّ شائبتان متقاومتان الِاتِّصَال والانفصال والاتصال أولى لِأَن اعْتِبَار الْجَنِين بِنَفسِهِ يتَعَذَّر؛ لِأَنَّهُ رُبمَا خرج قطعا أَو مُضْغَة وَلَو خرج صَحِيحا لم يُمكن أَن يقوم لِأَن الْمعَانِي لَا تدْرك فِيهِ، قَوْلهم: إِذا اعتبرناه بِالْأُمِّ رُبمَا زَاد بدله، قُلْنَا: وَمَا الْمَانِع من ذَلِك؟ وَيجوز أَن يزِيد بدل بَهِيمَة على بدل آدَمِيّ.

اللوجة من المخطوطة أ

(اللوجة 74 من المخطوطة أ:) لَا دَلِيل على النَّافِي عِنْد قوم، وَعَلِيهِ الدَّلِيل عِنْد آخَرين، وَقيل: عَلَيْهِ الدَّلِيل فِي العقليات دون الشرعيات، وَالْمُخْتَار أَن مَا لَيْسَ بضروري وَلَا يعرف إِلَّا بِدَلِيل فالنفي فِيهِ كالإثبات، وَيُقَال للنافي: مَا ادعيت نَفْيه عرفت ذَلِك فِيهِ بِدَلِيل أظهره بِغَيْر دَلِيل إِن كَانَ ضَرُورِيًّا فلنشترك فِيهِ، وَإِن كَانَ بِغَيْر دَلِيل فَهُوَ شَاك، وَالْجَاهِل لَا يُكَلف الدَّلِيل على جَهله، وَلَو لم يجب الدَّلِيل على النَّافِي لسعدنا فِي الصَّانِع والنبوات، وَلِأَن كل مُثبت مَقْصُود فِي صُورَة النَّفْي فَقَالَ: عوض مُحدث لَيْسَ بقديم، وَأما جَاحد الدّين فَهُوَ يعلم بَرَاءَة ذمَّته وَلَا طَرِيق إِلَى مشاركته فِي ذَلِك وَإِذا وَقع مثل ذَلِك فِي العقليات اشْترك الْكل فِيهِ ثمَّ إِن يَمِينه دَلِيل. وَاعْلَم أَنه لَا حجَّة فِي اسْتِصْحَاب الْإِجْمَاع فِي مَحل الْخلاف. مِثَاله: مَسْأَلَة: الْمُرْتَدَّة، واستصحاب الْحَال فِي عصمتها كَمَا يفعل الْخصم فالخصم لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يَقُول: أَنا ناف وَلَا دَلِيل على النَّافِي، وَقد تقدم أَن عَلَيْهِ الدَّلِيل، وَإِمَّا أَن يظنّ أَنه أَقَامَ دَلِيلا، وَإِن ظن ذَلِك فقد أَخطَأ فَإِن الحكم

إِنَّمَا يستدام إِذا دلّ دَلِيل على دَوَامه فَمَا الدَّلِيل على دوَام الْعِصْمَة إِن كَانَ نصا فأبرزه فَلَعَلَّهُ يدل على الْعِصْمَة مَعَ عدم الرِّدَّة؟ أَو ترك دَلِيلا عَاما، فلابد من دَلِيل التَّخْصِيص بِهَذِهِ الْحَال، وَإِن كَانَ إِجْمَاعًا، فالإجماع مُنْعَقد على الْعِصْمَة قبل الرِّدَّة، أما حَال الرِّدَّة فموضع الْخلاف وَلَو كَانَ إِجْمَاعًا كَانَ مخالفه خارقا للْإِجْمَاع (وكل ذَلِك يضاد) نفس الْخلاف لَا يُمكن استصحابه مَعَ الْخلاف وَالْإِجْمَاع يضاد الْخلاف، وَلَيْسَ كَذَلِك الْعُمُوم وَالظَّاهِر وأدلة الْعقل، فَإِن الْخلاف لَا يضادها، فَإِن الْمُخَالف يقر بِأَن الْعُمُوم يتَنَاوَل مَحل الْخلاف بصورته (لَكِن نخصصه) بِدَلِيل والمخالف لَا يسلم شُمُول الْإِجْمَاع لمحل الْخلاف، فَإِن قَالُوا: لم تنكرون على من يَقُول: إِن الأَصْل أَن مَا ثَبت دَامَ إِلَى حِين وجود الْقَاطِع فَلَا يفْتَقر الدَّوَام إِلَى دَلِيل؟ قُلْنَا: كلما ثَبت وَجَاز أَن يَدُوم وَأَن لَا يَدُوم فَلَا بُد لدوامه من دَلِيل سوى دَلِيل الثُّبُوت كجلوس زيد فِي السُّوق إِذا لم يعْهَد مِنْهُ دوَام ذَلِك، وَلَوْلَا التعارف أَن الْجِدَار إِذا ثَبت لم ينهدم إِلَّا بهادم لافتقر

ثُبُوته إِلَى دَلِيل. (وَاعْلَم أَنه إِذا كَانَ للمقتول جد وَأَخ لِأَبَوَيْنِ وَأَخ لأَب وَقُلْنَا: أَن الْأَيْمَان تقسم، فَإِنَّهُ يحلف الْجد 17 يَمِينا وَالْأَخ من أبوين: 34 يَمِينا وَلَا يحلف الْأَخ من الْأَب؛ لِأَنَّهُ غير وَارِث، وَلَو كَانَ مَوضِع أَخ لأَب أُخْت لأَب حلف الْجد ... ... ... ... ... يَمِينا وَالْأَخ. وَلَو ترك جدا وَخُنْثَى مُشكلا من أَبِيه، فَإِن الْجد يحلف ثُلثي الْأَيْمَان وَيَأْخُذ نصف الدِّيَة وَالْخُنْثَى يحلف نصف الْأَيْمَان وَيَأْخُذ ثلث الدِّيَة فَيحلف على أَكثر مَا يسْتَحق لتَكون الْيَمين على يَقِين وَالْأَخْذ بِيَقِين) .

المسألة الحادية عشرة بعد الثلثمائة شيا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيا.) الْقسَامَة مَعَ اللوث. الْمَذْهَب: يبْدَأ بأيمان المدعين وَتجب لَهُم الدِّيَة إِذا. عِنْدهم: يحلف الْمُدعى عَلَيْهِ فَحسب ويغرمون الدِّيَة بعد ذَلِك. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: محيصة وَعبد اللَّهِ خرجا إِلَى خَيْبَر فَقتل عبد اللَّهِ فجَاء محيصة

وحويصة عماه، وَعبد الرَّحْمَن أَخُوهُ إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وقصا عَلَيْهِ قصَّته فَقَالَ: " أتحلفون خمسين يَمِينا وتستحقون دم صَاحبكُم " فَأَبَوا، فَقَالَ: " إِذن تحلف الْيَهُود "، فَلم تطب نُفُوسهم فوداه النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر، وَرُوِيَ أَن رجلا أَتَى إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: أخي قتل فِي بني فلَان فَقَالَ: " اجْمَعْ خمسين رجلا يحلفُونَ أَنهم مَا قَتَلُوهُ وَلَا عرفُوا لَهُ قَاتلا " فَقَالَ لَيْسَ لي من أخي إِلَّا ذَلِك؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " وَلَك مائَة من

الْإِبِل ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْيَمين حجَّة فِي حق من قويت جنبته كالمنكر وَالْمُودع والملاعن، وَفِي مَسْأَلَتنَا قويت جنبتهم لوُجُود اللوث، ثمَّ بينتهم لَا تقطع الْخُصُومَة فَإِن الدِّيَة وَاجِبَة عَلَيْهِم. لَهُم: الْيَمين شرعت دافعة لَا مثبتة، فَلَا نشرعها هَاهُنَا مثبتة، كَيفَ وَهِي مَشْرُوعَة لإبقاء مَا كَانَ على مَا كَانَ، وَأما سَبَب وجوب الدِّيَة، فَإِن أهل الْمحلة بِمَثَابَة عَاقِلَة الْقَاتِل، والعاقلة تدي لوُجُود الْقَتْل مِنْهَا لأخذهم بِالْحِفْظِ. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: لنا عدَّة نُصُوص أَنه بَدَأَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْقسَامَة بِيَمِين الْمُدَّعِي ثمَّ الْيَمين

لَا ترَاد إِلَّا لقطع الْخُصُومَة وَالدية هَاهُنَا وَاجِبَة بعد الْيَمين فَمَا وَقت الْيَمين المَال، وَلَا المَال الْيَمين، يدل عَلَيْهِ أَنه إِذا حلف الْمُدعى عَلَيْهِ، فَلَا يجوز أَن يجب بِيَمِينِهِ شَيْء وَتبقى مُجَرّد الدَّعْوَى وَلَا يجب بهَا شَيْء، ومنقولهم فِيهِ طعن، فَقَوْلهم: الْعَاقِلَة التزموا الْحِفْظ هَذَا بَاطِل بل هُوَ شَيْء ثَبت نصا غير مُعَلل، قَوْلهم: يتم قبله حكما كَيفَ يكون كَذَلِك؟ وَالْقَاتِل الْمُبَاشر معِين، ثمَّ لَو التزموا بِالْحِفْظِ وصرحوا بِهِ مَا لَزِمَهُم شَيْء شرعا فَكيف يلْزمهُم بطرِيق الدّلَالَة وَلَو كَانَ الْغرم يجب لأجل التناصر لوَجَبَ على سكان الْمحلة كَمَا يجب على الْملاك، فَكيف يخص بالملاك.

المسألة الثانية عشرة بعد الثلثمائة شيب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيب.) الْقَتْل الْعمد. الْمَذْهَب: يُوجب الْكَفَّارَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى ابْن الْأَسْقَع قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي صَاحب لنا أوجب النَّار على نَفسه بِالْقَتْلِ فَقَالَ: " أعتقوا عَنهُ رَقَبَة يعْتق اللَّهِ بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار "، وَالَّذِي يُوجب النَّار هُوَ الْمُتَعَمد، وَكَون النَّبِي لم (يستفصل دَلِيلا على إِيجَاب) الْكَفَّارَة فِي جنس الْقَتْل.

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} جعل اللَّهِ ذَلِك جزاءه فَزِيَادَة الْكَفَّارَة نسخ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} ، فَبين أَن التَّكْفِير يجْرِي فِي الصَّغَائِر، وَقَالَ تَعَالَى: {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} ، فَجعل الْكَفَّارَة حَسَنَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حق مَضْمُون فِي النَّفس بِالْكَفَّارَةِ فضمن فِي الْعمد وَالْخَطَأ كحق الْآدَمِيّ، ذَلِك لِأَن لله حَقًا هُوَ الْمَضْمُون فِي النَّفس فِي الْخَطَأ إِجْمَاعًا، والعمد لَا يسْقط ضَمَان الْمُتْلفَات وَالْكَفَّارَة مُؤَاخذَة وعقوبة تناسب العمدية. لَهُم: الْعدوان الْمَحْض لَا يصلح سَببا لِلْكَفَّارَةِ كالردة والزنى، ذَلِك لِأَن الْكَفَّارَة فِيهَا معنى التَّكْفِير لكَونهَا تتأدى بِالصَّوْمِ، وَاسْمهَا يُعْطي ذَلِك، والعدوان لَا يكون سَبَب الْعِبَادَة.

مَالك: ف. أَحْمد: التكملة: النَّص ورد فِي الْخَطَأ ثمَّ ألحق بِهِ شبه الْعمد، وَإِن فَارقه فِي تَغْلِيظ الدِّيَة لاشْتِمَاله عَلَيْهِ والعمد يشْتَمل على شبه الْعمد فَكَانَ مُشْتَمِلًا على الْخَطَأ وَزِيَادَة الْجِنَايَة توجب التَّغْلِيظ، وَحَاصِل الْكَلَام أَن الْكَفَّارَة جبر الْمحل أوجزاء الْفِعْل، ونقول: الْمَقْتُول اشْتَمَل على مَالِيَّة ونفسية، فالمالية تهيئة لِأَن ينْتَفع بِهِ وَلذَلِك ملك بِالسَّبْيِ، والنفسية تهيئة لِأَن تملك، وَذَلِكَ حق العَبْد وباعتباره صَار مَضْمُونا بِالْقصاصِ، وتهيئة لِلْعِبَادَةِ وَذَلِكَ لله وَبِه يضمن بِالْكَفَّارَةِ، وَمعنى قَوْلنَا: " حق اللَّهِ " أَي شَيْء يحصل السَّعَادَة عِنْد اللَّهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى مستغن عَن الْحُقُوق، وَقَوله تَعَالَى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} لَا يمْنَع إِيجَاب الْكَفَّارَة؛ لأَنا لَا نعدها جَزَاء لَكِن جبرا، وَالدَّلِيل على أَن فِي العَبْد حَقًا لله كَونه لَا يستباح قَتله بإباحته، وَقَوله: {جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا} يدل على أَنه قتل مستحلا ثمَّ الْآيَة لم تتعرض لأحكام الدُّنْيَا.

المسألة الثالثة عشرة بعد الثلثمائة شيج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيج.) مَا أتْلفه الْبُغَاة على أهل الْعدْل. الْمَذْهَب: مَضْمُون فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: لَا يضمن وَهُوَ القَوْل الْأَخير. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... . . لَهُم: روى الزُّهْرِيّ عَن إِجْمَاع الصَّحَابَة على أَن كل دم أريق على تَأْوِيل الْإِسْلَام، فَهُوَ هدر، وَقد أَجمعُوا بعد الْقِتَال فَلم يُطَالب بَعضهم بَعْضًا بِدَم وَلَا مَال.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: إِتْلَاف بِغَيْر حق فَأوجب الضَّمَان كَأَهل الْعدْل، دَلِيل الدَّعْوَى: إثمهم بإتلافهم وَالْمَال مَعْصُوم، والبغاة ملتزمو أَحْكَام الْإِسْلَام وَقد وجد السَّبَب وَهُوَ إِتْلَاف بِغَيْر حق ونمنع إِلْحَاق التاويل الْفَاسِد بِالصَّحِيحِ بطرِيق الْإِثْم. لَهُم: أتلفوا بِتَأْوِيل فَاسد فَينزل منزلَة التَّأْوِيل الصَّحِيح فِي سُقُوط الضَّمَان كَأَهل الْحَرْب، ذَلِك لِأَن الضَّمَان يجب بالإلزام والالتزام وَقد عدما، يدل عَلَيْهِ أَن أحكامهم نَافِذَة فِيمَا أَقَامُوا من حد وَأخذُوا من زَكَاة، وشهادتهم مَقْبُولَة عِنْد قُضَاة أهل الْعدْل. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: إِن كَانَ الضَّمَان مجتمعه الْمُتْلف ذُو ذمَّة والمتلف مَعْصُوم مُحْتَرم، والإتلاف منفك عَن اسْتِحْقَاق وَعَن شُبْهَة اسْتِحْقَاق، والعدوان لَا يصلح

لنفي الضَّمَان بِخِلَاف الْعَادِل، فَإِنَّهُ محق بِالْقِتَالِ يحملهُ على الظَّاهِر وَلَا يضمن مَا يتْلف لضَرُورَة قِتَاله حَتَّى لَو اتلف فِي غير الْقِتَال ضمن، وعَلى مساق الْكَلَام يضمن الْحَرْبِيّ مَا أتْلفه ونطالبه بِهِ مَعَ الظفر إِن لم يسلم لَكِن الْإِسْلَام يجب مَا قبله، ونقول: الْمُعْتَبر فِي الْخطاب إِمْكَان الْبَلَاغ، وَإِمَّا تَنْفِيذ أحكامهم فلحفظ الْحُقُوق فِي الْقطر الَّذِي استولوا عَلَيْهِ.

المسألة الرابعة عشرة بعد الثلثمائة شيد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيد.) الْمُرْتَدَّة. الْمَذْهَب: تقتل. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ "، وَلَفظه: " من " تَشْمَل الذّكر وَالْأُنْثَى إِذا اجْتَمعُوا. " من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ ". " من تعلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَهُوَ آمن ". وَلَو قَالَ: من دخل دَاري فَأكْرمه لزمَه إكرام من يدْخل من النِّسَاء.

لَهُم: رُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَن قتل النِّسَاء: " مَا بالها قتلت وَلم تقَاتل؟ أدركوا خَالِدا فَقولُوا لَهُ: لَا تقتل امْرَأَة وَلَا ذُرِّيَّة وَلَا عسيفا ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجد الْمُقْتَضِي للْقَتْل، وَهُوَ الْكفْر وَامْتنع قتل الْكَافِرَة الْأَصْلِيَّة لمصْلحَة وأقيم الرّقّ مقَامه، وَهَذِه كَافِرَة معاندة، فتحتم قَتلهَا كالمرتد، لِأَن الْكفْر عناد لَا يُمكن الصّرْف عَنهُ إِلَّا بالتخويف، وَلَا تخويف أبلغ من الْقَتْل. لَهُم: الْقَتْل لَيْسَ عُقُوبَة على الْكفْر بل على الْمُحَاربَة وَالْمَرْأَة غير محاربة، وَالْكفْر جِنَايَة على حق اللَّهِ تَعَالَى وعقوبته فِي الْآخِرَة وَمَا عجل من عُقُوبَة فلمصالح الْعباد، ثمَّ الْكَافِرَة الْأَصْلِيَّة لَا تقتل، وَإِن قتل الْكَافِر الْأَصْلِيّ. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: قَوْلهم: الْكَافِر الْأَصْلِيّ يقتل؛ لِأَنَّهُ حَرْب، والكافرة الْأَصْلِيَّة لَا تقتل؛ لِأَنَّهَا لَيست حَربًا، قضيتان فيهمَا النزاع، وَلَا نَخُوض فِي ذَلِك بل نمْنَع الْمُقدمَة الثَّالِثَة، وَهِي قَوْلهم: الْمُرْتَد يقتل؛ لِأَنَّهُ حَرْب، لَيْسَ لذَلِك بل لتبديل الدّين وَالدَّلِيل الْقَاطِع أَن الْكَافِر الْأَصْلِيّ يقر مَعَ الْجِزْيَة بِخِلَاف الْمُرْتَد، وَيُوجد هَذَا فِي الْكَافِر الرئيس والراهب والعسيف. وَبِالْجُمْلَةِ لَيست الرِّدَّة مثل الْكفْر الْأَصْلِيّ حَتَّى تقاس الْمُرْتَدَّة على الْكَافِرَة الْأَصْلِيَّة. بَيَان أَن الْمُرْتَد معاند أَنه أصر على بَاطِل عرف بُطْلَانه، فَإِن ألزمونا شرع قتل الْكَافِر الوثني وَهُوَ غير معاند فَهَذَا عكس الْعلَّة فَإنَّا لم نلزم إِلَّا قتل كل معاند فِي كفره، فَأَما الْقَتْل فبسبب آخر لَا يمْتَنع، فَإِن قَالُوا: يَكْفِي التخويف بالنَّار. قُلْنَا: والتخويف بِالْقَتْلِ لَا يُنَافِي التخويف بالنَّار بِدَلِيل الْمُرْتَد، ومعتمدهم أَن حُرْمَة قَتلهَا ثَابِتَة قبل الرِّدَّة وَالرِّدَّة غير صَالِحَة للْإِبَاحَة، وَالْجَوَاب أَن مَا ذَكرُوهُ اسْتِصْحَاب الْإِجْمَاع فِي مَحل الْخلاف، فَلَا يكفيهم بَيَان أَن الرِّدَّة غير مبيحة مَا لم يثبتوا أَن سَبَب التَّحْرِيم بَاقٍ فالمرحم عندنَا الْإِسْلَام.

المسألة الخامسة عشرة بعد الثلثمائة شيه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيه.) أَمَان العَبْد الْمَحْجُور عَلَيْهِ. الْمَذْهَب: صَحِيح. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: عُمُوم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " وَلَا ذُو عهد فِي عَهده "، والمستأمن من العَبْد ذُو عهد، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " يسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم ". قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: أَدْنَاهُم عبيدهم. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {ضرب اللَّهِ مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} ، وَمَا قدر عَلَيْهِ من التَّصَرُّفَات فبدليل دلّ عَلَيْهِ.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْأمان دفع الشَّرّ عَن الْمُسلم فملكه بعلة الْإِسْلَام، ثمَّ العَبْد يملك الْجِهَاد بِمَا فِيهِ من نَفسه يتَحَمَّل بهَا الْأَمَانَة، ثمَّ الْأمان لإسماع كَلَام اللَّهِ، وَالْعَبْد يملك الإسماع فَملك الطَّرِيق إِلَيْهِ فَهُوَ يملك الْأمان، إِمَّا لِأَنَّهُ كفى بِهِ شرا أَو بِكَوْنِهِ طَرِيق إسماع كَلَام اللَّهِ تَعَالَى. لَهُم: لَا يملك الْجِهَاد، فَلَا يملك الْأمان كَالصَّبِيِّ، ذَلِك لِأَن الْجِهَاد يكون بِالنَّفسِ أَو بِالْمَالِ وَهَذَا لَا يملكهَا وَلِهَذَا يَأْثَم إِذا جَاهد بِغَيْر إِذن، والأمان جِهَاد أَو تبع الْجِهَاد؛ لِأَنَّهُ من مصَالح الْجِهَاد. مَالك: أَحْمد: التكملة: العَبْد يملك الْقِتَال، فَإِنَّهُ مُخَاطب متحمل للأمانة كَالْحرِّ، مَعَ أَنه مَال

منتفع بِهِ فَفِيهِ شائبتان: يملك الْأمان بِإِحْدَاهُمَا، نعم وعديل الْقِتَال لَكِن يحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى مَنَافِعه الْمَمْلُوكَة عَلَيْهِ فَهُوَ الْمقَاتل بِاعْتِبَار النفسية المعاند بِاعْتِبَار الْمَالِيَّة، فَكَانَ بِالْقِتَالِ مُطيعًا عَاصِيا كالمصلي فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة، يدل عَلَيْهِ مَا إِذا أذن لَهُ السَّيِّد، فَإِنَّهُ يملك وَيُسْتَفَاد بِالْإِذْنِ مَا يَقع للْإِذْن كَبيع مَاله، أما الرَّاهِن لَا يَسْتَفِيد من إِذن الْمُرْتَهن بيع مَال نَفسه بل البيع مَمْلُوك لَهُ بِملك الْمحل غير أَن حق الْمُرْتَهن مَانع فَاعْتبر إِذْنه لسُقُوط حَقه، وَلَا نقُول: الْأمان شرع لدفع شَرّ الْكفَّار، بل ليتَمَكَّن الْكَافِر من اسْتِمَاع كَلَام اللَّهِ، وَأَن سلمنَا أَنه تبع الْجِهَاد فَيقبل الِانْفِصَال عَن الأَصْل، فَإِن الْحر الزَّمن وَالْمَرْأَة لَا يملكَانِ الْجِهَاد (لانْتِفَاء بَيِّنَة الْجِهَاد) ، ويملكان الْأمان اسْتِقْلَالا، وَهَذَا كإسلام الصَّبِي الْمُمَيز يحصل تَارَة تبعا لِأَبَوَيْهِ، وَأُخْرَى باستقلاله عِنْدهم وَأحد قولينا.

مسائل الحدود

(مسَائِل الْحُدُود) (اللوحة 75 من المخطوطة أ:) مَسْأَلَة: الْمُكْره على الزِّنَى لَا يجب عَلَيْهِ الْحَد فِي الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الْمُكْره سُلْطَانا أَو حَاكما لم يجب، فَنَقُول: مَا وَجب بِهِ الْحَد إِذا فعله (مُخْتَارًا لم يجب) بِهِ الْحَد إِذا فعله مكْرها كشرب الْخمر، قَالُوا: الْإِكْرَاه على الزِّنَى لَا يَتَأَتَّى من الرجل لمَكَان خَوفه وَلما يَأْتِي من الْمَرْأَة لم يُوجب الْحَد عَلَيْهَا، قُلْنَا: الْخَوْف إِنَّمَا يكون إِن لَو لم يفعل ويلزمهم السُّلْطَان وَالْحَاكِم. مَسْأَلَة: إِذا وطئ امْرَأَة فِي فرَاشه ظَنّهَا زَوجته لم يحد خلافًا لَهُم، فَنَقُول: وَطئهَا مُعْتَقدًا حلهَا فَلم يجب عَلَيْهِ الْحَد كَمَا لَو زفت إِلَيْهِ. مَسْأَلَة: تقبل الشَّهَادَة على الزِّنَى وَإِن تَفَرَّقت فِي مجَالِس خلافًا لَهُ. فَنَقُول: كل شَهَادَة يثبت بهَا الْحق إِذا تأدت فِي مجْلِس يثبت بهَا الْحق إِذا تأدت فِي مجَالِس كَسَائِر الشَّهَادَات، وَأما شَهَادَة النِّكَاح فالمقصود بهَا إِظْهَار العقد، وَذَلِكَ لَا يحصل إِلَّا عِنْد الِاجْتِمَاع وَإِلَّا شهد أَحدهمَا على العقد وَالْآخر على الْإِقْرَار.

برجم ماعز ولم يشهده ولم يستنب وأما مذهب الخصم فما روي أن عليا رضي الله عنه لما رجم الهمدانية لفها في عباءة وحفر لها حفيرة ثم قام فحمد الله وقال أيها الناس إن الرجم رجمان رجم سر ورجم علانية فرجم السر أن تشهد عليه الشهود فحينئذ

مَسْأَلَة: الشَّهَادَة على الزِّنَى وَالسَّرِقَة وَالشرب تقبل وَإِن تقادم عَهده خلافًا لَهُ، فَنَقُول: كلما ثَبت بِهِ الْحق الحَدِيث ثَبت بِهِ الْحق الْقَدِيم كَالْإِقْرَارِ بِهَذِهِ الْحُدُود أَو الشَّهَادَة بِالْقصاصِ، وَمَا تخيلوه من تُهْمَة فتنتفي عَن الْعدْل وَيحْتَمل أَنه أخر إِقَامَة الشَّهَادَة ليرتئي فِي هَذَا الْمقَام المزلق، وَإِن فرقوا بَين الْقصاص والزنى بِأَن الْقصاص والزنى فَإِن للْقصَاص من يُطَالب بِهِ، لم يفرقُوا بَينه وَبَين السّرقَة، فَإِن للسرقة من يُطَالب بهَا وَحكمهَا عِنْدهم حكم الزِّنَى. مَسْأَلَة: لَا يجب على الإِمَام وَالشُّهُود حُضُور الرَّجْم، والبداية بِهِ بل هُوَ كَسَائِر الْحُدُود، وَلَقَد أَمر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - برجم مَاعِز وَلم يشهده وَلم يستنب، وَأما مَذْهَب الْخصم فَمَا رُوِيَ أَن عليا رَضِي اللَّهِ عَنهُ لما رجم الهمدانية لفها فِي عباءة وحفر لَهَا حفيرة ثمَّ قَامَ فَحَمدَ اللَّهِ وَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الرَّجْم رجمان: رجم سر ورجم عَلَانيَة، فرجم السِّرّ أَن تشهد عَلَيْهِ الشُّهُود فَحِينَئِذٍ يبْدَأ الشُّهُود ثمَّ الإِمَام ثمَّ النَّاس، ورجم الْعَلَانِيَة: أَن يشْهد على الْمَرْأَة مَا فِي بَطنهَا فَيبْدَأ الإِمَام بِالرَّجمِ ثمَّ النَّاس.

مَسْأَلَة: إِذا شهد أَرْبَعَة على الزِّنَا ثمَّ رَجَعَ وَاحِد مِنْهُم لزمَه الْحَد دون البَاقِينَ، وَلَو انْفَرد الْوَاحِد مِنْهُم بِالشَّهَادَةِ فَقَوْلَانِ. والخصم يُوجب الْحَد فِي الصُّورَتَيْنِ، ونظرنا فِي غَايَة الظُّهُور فَإِن جَوَاز الشَّهَادَة لَا أقل من أَن تثبت شُبْهَة فِيمَا يسْقط بِالشُّبْهَةِ، فالسبب الْمُبِيح للشَّهَادَة أَنه إِخْبَار على وَجه خَاص وَلَا يتَعَلَّق بِشَهَادَة غَيره فَلَيْسَ على بَصِيرَة من أَمر غَيره، وَغَايَة الْخصم التَّمَسُّك بأثر عمر وَأَنه حد أَبَا بكرَة لما شهد على الْمُغيرَة، ... ... ... ... ... ... ... ... . .

وتخلف أَخُوهُ زِيَاد، قَالُوا: وَهَذَا حكم مُخَالف للْقِيَاس، وَالْجَوَاب: أَولا هَذَا مِمَّا انْفَرد بِهِ عمر وَلَقَد خَالفه أَبُو بكرَة وأصر على شَهَادَته حَتَّى هم عمر بحده ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ عَليّ: إِن حددته وَجب الْحَد على الْمُغيرَة، وَهَذَا أَمر يتَعَلَّق بالإقالة، فلعمر أَن يحكم فِيهِ بِاجْتِهَاد ويسلك بِهِ جادة الْقيَاس حَتَّى لَا يتَّخذ النَّاس الشَّهَادَة وَسِيلَة إِلَى الْقَذْف، وَنحن لَا نرى هَذَا الْقيَاس، فَإِن الْعدْل الَّذِي يقبل قَوْله فِي الشَّهَادَة لَا يتخذها سَببا إِلَى الْقَذْف.

مسائل الحدود

(مسَائِل الْحُدُود) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيو.) إِذا زنى الْبكر. الْمَذْهَب: وَجب الْحَد والتغريب. عِنْدهم: لَا يجب التَّغْرِيب. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: خرج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ذَات يَوْم فَقَالَ: " خُذُوا عني، خُذُوا عني قد جعل اللَّهِ لَهُنَّ سَبِيلا: الْبكر بالبكر جلد مائَة وتغريب عَام، وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم "، وَقَوله فِي قصَّة العسيف: " الشَّاة والوليدة رد عَلَيْك وعَلى ابْنك جلد مائَة وتغريب عَام "، وَنقل ذَلِك عَن الشَّيْخَيْنِ.

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا} ، فَمن زَاد التَّغْرِيب فقد نسخ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الزِّنَى من فرَاغ البال، وَالسّفر سَبَب الْمَشَقَّة، وَالْإِنْسَان يبلغ فِي بَلَده من الْغَرَض مَا لَا يبلغ غَرِيبا، فصلح التَّغْرِيب حدا، كَيفَ وَقد قرن الْإِخْرَاج من الوطن بِالْقَتْلِ، فالتحق بأشد الْعُقُوبَات. لَهُم: التَّغْرِيب لَا يصلح حدا؛ لِأَن الْحَد مَا منع، والتغريب يعرض للزنى وَيفتح بَابه لزوَال الْحيَاء فِي الغربة، وَلَو غربت الْمَرْأَة ومحرمها كَانَ عِقَاب من لم يجن. مَالك: يغرب الرجل لَا الْمَرْأَة. أَحْمد: وَافق فِي التَّغْرِيب، والمحصن يجلد ويرجم.

التكملة: دوران قَوْلهم فِي التَّغْرِيب أَنه يرفع الْحيَاء، فَلَا يشرع قَول من يَقُول: الْحَد على ملإ من النَّاس يرفع الْحيَاء، فَلَا يشرع وَلَا قَائِل بذلك، لَكِن يُقَال: الْحَد عُقُوبَة زاجرة فَمَتَى عَاد عَادَتْ الْعقُوبَة، ثمَّ إِنَّا تلقينا التَّغْرِيب من النَّص، فَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى معنى، وَيُمكن أَن يُعلل بمحو أثر الْفَاحِشَة ببعد جَانبهَا، ثمَّ الحَدِيث بَيَان لقَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل اللَّهِ لَهُنَّ سَبِيلا} ، فَإِن قيل: كَانَ الْجلد كل الْحَد، فبالتغريب صَار بعضه، قُلْنَا: كُلية الْحَد عبارَة عَن شرع الْحَد وَانْتِفَاء غَيره، أما شرع الْحَد فدلت عَلَيْهِ الْآيَة وَلم تدل على انْتِفَاء غَيره بِعَدَمِ دَلِيل عَلَيْهِ، فَإِذا ورد بِهِ دَلِيل شرع، وَلم ينْسَخ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ لم يثبت شَيْئا تَضَمَّنت الْآيَة نُسْخَة، وَلَعَلَّ الأولى فِي الجدل تَسْلِيم كَون الْجلد كل الْحَد وَشرع التَّغْرِيب لاندراس ذكر الْفَاحِشَة فَهُوَ وَاجِب آخر غير الْحَد.

المسألة السابعة عشرة بعد الثلثمائة شيز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيز.) هَل الْإِسْلَام شَرط فِي الْإِحْصَان؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: نعم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام رجم يهوديين زَنَيَا، قَالَ ابْن عمر: وَكَانَا قد أحصنا، فَإِن قَالُوا: رجمهما بِحكم التَّوْرَاة، قُلْنَا: بِهِ أُسْوَة، وَشرع من قبلنَا شرع لنا مَا لم ينْسَخ، فَإِن قَالُوا: رجمهما سياسة، فَكَذَا نقُول: وَهل الْحَد إِلَّا سياسة. لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من أشرك بِاللَّه فَلَيْسَ بمحصن ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الجنايتان وَاحِد، وَالْكفْر بالتغليظ أولى، وَبَيَان استوائهما أَنَّهُمَا ارْتِكَاب

مَحْظُور الشَّرْع وَالْكفْر لَا يسْقط الْخطاب. لَهُم: الدّين يعْتَبر إِجْمَاعًا فَاعْتبر كَمَاله، ذَلِك لِأَن الزِّنَى لَا يكون بِجِنَايَة إِلَّا بعد اعْتِقَاد الْحُرْمَة وَذَلِكَ بِالدّينِ، وَيَنْبَغِي أَن يعْتَقد دينا هُوَ نعْمَة، وَكَمَال النِّعْمَة لَا بُد مِنْهُ لكَمَال الْعقُوبَة، وَالنعْمَة الْكَامِلَة هُوَ الْإِسْلَام وَهُوَ حد يعْتَبر فِي وُجُوبه الْإِحْصَان فَاعْتبر الْإِسْلَام كَحَد الْقَذْف. مَالك: ف. أَحْمد: التكملة: الْكفَّار يكمل جلد أبكارهم ورجم ثيبهم كالمسلمين لِأَن الْفِعْل يعْتَبر للحد بِصفة كَونه جِنَايَة وَتثبت هَذِه الصّفة بِقِيَام خطاب التَّحْرِيم واعتقاد الْفَاعِل قيام الْخطاب واستواء الْكَافِر وَالْمُسلم الثيبين فِي الْمَعْنى يُوجب التَّسْوِيَة فِي الْحَد لَا فَارق إِلَّا الْكفْر، وَهُوَ جِنَايَة تناسب التَّغْلِيظ لَا

التَّخْفِيف وَلَو أثر الْكفْر تَخْفِيفًا لتشطر الْجلد، فَإِن التشطير أيسر من الْإِسْقَاط، ثمَّ الْمُعْتَبر فِي الْحَد هُوَ الْحُرِّيَّة وَالْعقل والإصابة فِي الْحَلَال وَالدّين، وَقد اكتفينا فِي كل مِنْهَا بِمَا وَقع عَلَيْهِ الِاسْم وَيَكْفِي من الدّين هَاهُنَا اعْتِقَاد التَّحْرِيم.

المسألة الثامنة عشرة بعد الثلثمائة ك شيح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة بعد الثلثمائة ك شيح.) الْعدَد فِي الْإِقْرَار بالزنى. الْمَذْهَب: لَا يعْتَبر. عِنْدهم: يحْتَاج إِلَى أَرْبَعَة أقارير. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: خبر الغامدية، وَأَنَّهَا أقرَّت مرّة وَقَالَت فِي الثَّانِيَة: أتردني كَمَا رددت ماعزا، وَلم يُنكر النَّبِي عَلَيْهَا وَلَا قَالَ لَهَا: تحْتَاج إِلَى أَرْبَعَة أقارير، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " واغد يَا أنيس إِلَى امْرَأَة هَذَا فَإِن اعْترفت فارجمها ". لَهُم: قصَّة مَاعِز وَأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أعرض عَنهُ حَتَّى أقرّ أَرْبَعَة أقارير ثمَّ قَالَ لَهُ: " الْآن أَقرَرت أَرْبعا ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجد سَبَب وجوب الْحَد، فَوَجَبَ ذَلِك، لِأَن الْإِقْرَار سَبَب الْوُجُوب

وَقد وجد وَصَارَ حجَّة باعترافه مَعَ عدم التُّهْمَة. لَهُم: نقيس على الشَّهَادَة فَنَقُول: إِحْدَى حجتي الزِّنَى فاختصت بِزِيَادَة عدد كَالشَّهَادَةِ، كل ذَلِك سترا لهَذِهِ الْحَال الْفَاحِشَة حَتَّى ضيق عَلَيْهَا بتكثير الشُّهُود وتكرير الأقارير. مَالك: ق. أَحْمد: ف. التكملة: قَضِيَّة مَاعِز لَا حجَّة فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أعرض كَيْلا يسمع الْفَاحِشَة، وَمَا كَانَ مقرا إِنَّمَا كَانَ يَقُول: طهرني، وَكَأن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أنكر حَاله وَلِهَذَا سَأَلَهُ وَسَأَلَ عَنهُ وَفرق بَين الْإِقْرَار وَالشَّهَادَة لِأَن فِي زِيَادَة الشَّهَادَة معنى وتوثقة لَيست فِي تكْرَار الْإِقْرَار، والمستند فِي هَذِه الْمَسْأَلَة النُّصُوص، والخوض فِي الْقيَاس لَا وَجه لَهُ، فَإِن المقدرات لَا تعرف بِالْقِيَاسِ.

المسألة التاسعة عشرة بعد الثلثمائة شيط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة بعد الثلثمائة: شيط.) الْعَاقِلَة إِذا مكنت صَبيا أَو مَجْنُونا أَو مكْرها. الْمَذْهَب: وَجب عَلَيْهَا الْحَد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِيَة وَالزَّانِي ... } الْآيَة، سَمَّاهَا زَانِيَة وَبَدَأَ بهَا وَالِاسْم بحقيقته حَتَّى يقوم دَلِيل الْمجَاز، ووزان الْآيَة قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة} ، سوى بَينهمَا حدا واسما. لَهُم: قَول اللَّهِ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} ، وَجه الدَّلِيل: إِضَافَة الْفِعْل إِلَى الرجل وَجعل النِّسَاء محلا كالأرض لِلْحَارِثِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الدَّلِيل على أَنَّهَا زَانِيَة الِاسْم والحقيقة وَوُجُوب حد الزِّنَى عَلَيْهَا وَلم تكن

بزانية فِي مَحل الْإِجْمَاع لِمَعْنى فِي الرجل لَكِن لِمَعْنى فِيهَا، يدل عَلَيْهِ أَن الرجل لَو زنا بصغيرة سمي زَانيا، وَصُورَة فعل الزِّنَى مَوْجُودَة مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ قضى شَهْوَة الْفرج على غير الْوَجْه الشَّرْعِيّ. لَهُم: لَيست زَانِيَة، فَلَا تحد، لِأَن الزِّنَى حَرَكَة الرجل، يُقَال: زنا فِي الْجَبَل إِذا صعد، وَمحل الْفِعْل لَا يُشَارك الْفِعْل، وَالْفرق بَينهمَا: أَن الْمَرْأَة مَوْطُوءَة وَالرجل واطئ وَيجب الْمهْر عَلَيْهِ لَهَا لَكِن وَجب الْحَد عَلَيْهَا حَيْثُ مكنت من زنا وأفعال هَؤُلَاءِ لَيست زنى فَلَا يجب عَلَيْهَا الْحَد وَسميت زَانِيَة مجَازًا. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: يشْهد لكَونهَا زَانِيَة وجوب الْحَد على من قَالَ لَهَا: زَنَيْت وَتعلق الْبر والحنث بِفِعْلِهَا إِذا عقدت الْيَمين على الزِّنَى، وَقَول الغامدية زَنَيْت لقَوْل مَاعِز، وَقَوْلهمْ: إِن الزِّنَى فعل، جَوَابه أَن نقُول. تمكينها فعل أم لَيْسَ بِفعل؟ فَإِن لم يكن فعلا فَبِمَ عَصَتْ وحدت وعماذا زجرت؟ وَبِالْجُمْلَةِ

تسمى زَانِيَة وَالْمَوْجُود مِنْهَا فعل التَّمْكِين من الْإِيلَاج، والحقيقة أَن الزِّنَى من كل وَاحِد مِنْهُمَا هُوَ فعله الْمحرم عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعَة الْمَخْصُوصَة وَهُوَ قَضَاء وطر الْفرج بطرِيق مَقْصُود محرم قطعا هَذَا حد الزِّنَى، فالرجل بالإيلاج، وَإِن كَانَ مَعَ عَاقِلَة أَو مَجْنُونَة، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة بالتمكين، وداعية الْمَرْأَة كداعية الرجل، وَحَقِيقَة الْجِمَاع التقاء الختانين، وَإِنَّمَا سمي الرجل واطئا وَالْمَرْأَة مَوْطُوءَة؛ لِأَن الْغَالِب سُكُون الْمَرْأَة وحركة الرجل، وَإِلَّا البضعان متماسان أَحدهمَا مُحِيط وَالْآخر محاط بِهِ وَالْفِعْل وَاحِد.

المسألة العشرون بعد الثلثمائة شك

(الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكّ.) إِذا عقد على ذَوَات مَحَارمه كَأُمِّهِ وَأُخْته ووطئ. الْمَذْهَب: حد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} ، أضَاف التَّحْرِيم إِلَى عينهن فخرجن عَن أَن يكن محلا. لَهُم: ... ... ... . . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَون الْمحل محلا إِنَّمَا يعرف بِالشَّرْعِ لَا حسا، وَالأُم فِي حق الابْن لَيست

محلا فَصَارَ العقد عَلَيْهَا كلا عقد فَوَجَبَ الْحَد، ثمَّ الأَصْل فِي الأبضاع التَّحْرِيم، وَإِنَّمَا يستباح بِالْعُقُودِ الشَّرْعِيَّة، فَهُوَ إِذن عقد أَخطَأ مَحَله قطعا فَلَا يثير شُبْهَة كَمَا لَو عقد على غُلَام. لَهُم: وَطْء وجد عقيب عقد مُعْتَبر فأسقط الْحَد قِيَاسا على مَا لَو وطئ فِي نِكَاح بِغَيْر ولي وَلَا شُهُود، ذَلِك لِأَن العقد صَادف مَحَله لِأَن الْمَرْأَة مَحل العقد بِدَلِيل حَالهَا مَعَ الْأَجْنَبِيّ وبكونها أُنْثَى آدمية، ثمَّ الشُّبْهَة من مشابهة هَذَا العقد للْعقد الْحَلَال، ويتأيد بِمَا لَو أشترى أُخْته رضَاعًا، فَإِنَّهُ لَا يحد بِوَطْئِهَا. مَالك: ف. أَحْمد: التكملة: أجمعنا على أَنه لَو اشْترى أمه وَوَطئهَا مَعَ الْعلم بِحُصُول الْعتْق وَجب الْحَد فَإِن يجب عَلَيْهِ فِي النِّكَاح أولى؛ لِأَن الشِّرَاء عقد العقد وَأفَاد الْملك، ثمَّ الْقَرَابَة قطعته، وَعِنْدهم لَو طرى على النِّكَاح رضَاع أَو مصاهرة، ووطئ

مَعَ الْعلم وَجب الْحَد، فَنَقُول: إِذا كَانَ طريان ذَلِك يدْفع شُبْهَة عقد قد سبق (فَلِأَن تنفى بِهِ) الشُّبْهَة أولى، فَإِن قَالُوا: مَا الشُّبْهَة الدارئة للحد؟ قُلْنَا: هِيَ شُبْهَة فِي الْفَاعِل، وَهِي جَهله بِالتَّحْرِيمِ، وَذَلِكَ إِذا ظن الْمَوْطُوءَة منكوحته أَو أمته أَو أَمْثَال ذَلِك، أَو اشْتِبَاه تَحْرِيم الْفِعْل على الْعلمَاء كَالنِّكَاحِ بِغَيْر ولي ولاى شُهُود، فَإنَّا لَا نعلم محرم هُوَ ام لَا؟ وعَلى هَذَا نِكَاح الْمُتْعَة يجب فِيهِ الْحَد، لِأَن بُطْلَانه مَعْلُوم، الثَّالِث قيام الْمُبِيح بِعَيْنِه كالملك فِي الْأُخْت من الرَّضَاع وَالْجَارِيَة الْمَنْكُوحَة وَالْجَارِيَة الْمُشْتَركَة وَفِيه اخْتلف قَول الشَّافِعِي، فَإِن منع انحصرت الشُّبْهَة فِي قسمَيْنِ، وَإِن سلم، فَلِأَن عين الْبضْع للْمَالِك وَلِهَذَا يصرف إِلَيْهِ بدله، وَإِنَّمَا منع من الْوَطْء لمَانع فَصَارَ كَمَا لَو منع عَن وَطْء زَوجته حيض، والاستئجار على الزِّنَى هَذَا طَرِيقه، فَإِنَّهُ بَاطِل قطعا وَهِي مَسْأَلَة مُفْردَة.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 76 من المخطوطة أ:) الْإِجَارَة عقد شرع بطرِيق الضَّرُورَة لدفع حَاجَة يعْتَاد دَفعهَا بطرِيق الْإِجَارَة لَا لتمليك مُطلق للمنفعة، أَلا ترى أَنه (لَو اسْتَأْجر الْأَشْجَار يستظل بهَا ويجفف عَلَيْهَا) ثَوْبه لم يَصح، وَإِن كَانَت مَنْفَعَة حَقِيقَة إِلَّا أَنه لَا يحْتَاج إِلَى استيفائها عَادَة كَذَلِك هَاهُنَا مَنَافِع الْبضْع لَا يعْتَاد استيفاؤها بطرِيق الْإِجَارَة، فَلَا تكون الْإِجَارَة سَببا للتَّمْلِيك فِيهَا، وَمِمَّا يلْتَحق بِمَسْأَلَة السَّيِّد وَعَبده أَن نقُول: اسْم الْحق مُشْتَرك يسْتَعْمل تَارَة فِي معنى مُفْرد وَيكون نقيض الْبَاطِل، وَيسْتَعْمل مُضَافا وَهُوَ الَّذِي يخْتَص بِهِ الْغَيْر وَيطْلب مِنْهُ رِعَايَة جَانِبه لِأَن كل شَيْء سَبَب لِمَعْنى يطْلب مِنْهُ، فَمن كَانَ ذَلِك الْمَعْنى مَطْلُوبا لَهُ كَانَ الْحق لَهُ وَتبين إِذا أَن الْحَد ينْتَفع بِهِ الْمَالِك لِأَن بِهِ يصلح ملكه، فَيملكهُ كَمَا يملك التَّعْزِير. مَسْأَلَة: يقطع السَّارِق فِي ربع دِينَار، وَعِنْدهم فِي عشرَة دَرَاهِم، لنا: مَا رَوَت عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " لَا يقطع السَّارِق إِلَّا فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا " لِأَنَّهُ سرق ربع دِينَار من حرز مثله لَا

شُبْهَة لَهُ فِيهِ وَالسَّارِق من أهل الْقطع، فَوَجَبَ الْقطع كَمَا لَو هتك الْحُرْمَة مَعَ آخر وَأخذ ربع دِينَار وَأخذ شَرِيكه تَمام دينارين، وَلَا يُقَال: إِن الْمَعْنى فِي الأَصْل أَن الْمَسْرُوق لَو قسم بَينهمَا نِصْفَيْنِ يحصل لكل وَاحِد مِنْهُمَا مَا يجوز أَن يكون صَدَاقا فَجَاز أَن يجب الْقطع. وَفِي مَسْأَلَتنَا الْمَسْرُوق قدر لَا يتَقَدَّر بِهِ الْمهْر، فَلَا يتَقَدَّر بِهِ نِصَاب السّرقَة كَمَا دون الرّبع، لِأَن معنى الأَصْل يبطل بِمَا إِذا وقف أَحدهمَا خَارج الْحِرْز وَدخل الآخر وَأخذ دينارين، فَإِنَّهُ لَا يجب الْقطع على الْخَارِج وَإِن كَانَ الْمَأْخُوذ نِصَابا فِي حق كل وَاحِد مِنْهُمَا، وَمعنى الْفَرْع لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إِذا لم يتَقَدَّر بِهِ عوض فِي عقد لم يتَقَدَّر بِهِ النّصاب. مَسْأَلَة: يجب الْقطع بِسَرِقَة الْمُصحف وَغَيره من الْكتب خلافًا لَهُ. لنا: أَن مَا تعلق بِهِ الْقطع قبل أَن يكْتب عَلَيْهِ تعلق بِهِ بعد الْكِتَابَة كالثياب، وَالِاخْتِلَاف فِي بيع الْمَصَاحِف حدث بعد زمن النَّبِي فَلَا يُغير حدا

ثَبت فِي زمن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِن قَالُوا: حُقُوق النَّاس مُتَعَلقَة بالمصحف لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " تعلمُوا الْقُرْآن "، والتعلم لَا يكون إِلَّا بالتمكين، قُلْنَا: الْوَاجِب تعلم فَاتِحَة الْكتاب والتعلم لَا يُنَافِي الْيَد. وَاعْلَم أَن أَبَا حنيفَة لَا يُوجب الْقطع بِسَرِقَة الْكتب وَإِن كَانَ عَلَيْهَا حلي قِيمَته نِصَاب، لِأَن الْمَقْصُود مِنْهَا الْقِرَاءَة لَا المَال، وَإِذا سرق إِنَاء من فضَّة قِيمَته نِصَاب وَفِيه مَاء أَو خمر وَجب الْقطع عندنَا خلافًا لَهُم، والملاهي إِن كَانَت مفصلة قيمتهَا ربع دِينَار وَجب الْقطع.

المسألة الحادية والعشرون بعد الثلثمائة شكا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكا.) إِذا اسْتَأْجر امْرَأَة ليزني بهَا فزنى. الْمَذْهَب: وَجب الْحَد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... . . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وآتوهن أُجُورهنَّ} أَي مهورهن، وَالْمهْر خَاصَّة للنِّكَاح فقد وجد بِشُبْهَة النِّكَاح فدرأ الْحَد، وَرُوِيَ أَن أمْرَأَة استسقت رَاعيا فأبي إِلَّا أَن تمكنه فَفعلت فَرفعت الْقِصَّة إِلَى عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ فدرأ الْحَد عَنْهَا.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: زَان فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَد، دَلِيل ذَلِك مَا قبل هَذَا العقد، فَلَو خرج عَن الزِّنَى لَكَانَ بِهِ، وَهَذَا عقد بَاطِل وجوده عدم فقد أَخطَأ مَحَله؛ لِأَن الْبضْع لَيْسَ مَالا وَلَا شُبْهَة إِذْ لم يُصَادف مَحَله وَلَو صَحَّ دَعْوَى الْمجَاز انْعَقَد بِهِ النِّكَاح. لَهُم: عقد الْإِجَارَة يحْتَمل أَن يجوز بِهِ عَن النِّكَاح؛ لِأَنَّهُمَا يعقدان على الْمَنْفَعَة وَإِذا اتّفق مَحل الْعقْدَيْنِ احْتمل الْمجَاز بِأَحَدِهِمَا عَن الآخر، فَكَانَ ذَلِك شُبْهَة، وَلَو قَالَ: أمهرتك لأزني بك سقط الْحَد، وَإِن منعتم ألزمناكم أَن لَو قَالَ: نكحتك لأزني بك وَالْمهْر من خَواص النِّكَاح. مَالك: أَحْمد: التكملة: أما أثر عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ فقد قيل: إِن الْمَرْأَة كَانَت قريبَة عهد بِالْإِسْلَامِ جاهلة بِتَحْرِيم الزِّنَى، ثمَّ هُوَ مَذْهَب وَاحِد من الصَّحَابَة فِي مَحل الِاجْتِهَاد فَلَا يُقَلّد، وَبِالْجُمْلَةِ نقُول: الْإِجَارَة عقد مَالِي يعْتَمد ملك الْيَمين،

والمستمتع يدْخل بِملك النِّكَاح، فقد أَخطَأ العقد مَحَله وَالْمهْر لَازم للنِّكَاح، وَوُجُود لَازم الشَّيْء لَا يثبت شُبْهَة فِيهِ كَمَا لَو زنى بمشهد عدُول وَولي، فَإِن هَذَا شَرط النِّكَاح ولازمه وَيجب الْحَد، وَيدل عَلَيْهِ أَنه إِذا قَالَ لغيره: زَنَيْت بعوض وَجب عَلَيْهِ الْحَد، ثمَّ الْمُسْتَوْفى بِالْعقدِ إِن كَانَ مَنْفَعَة حَقِيقَة لَكِن حكمه حكم الأجراء لِأَن الشَّرْع أعْطى مَنَافِع الْبضْع أَحْكَام الْأَعْيَان وَهَذَا لَا يجْرِي فِيهَا الْبَدَل وَالْإِبَاحَة بِخِلَاف سَائِر الْمَنَافِع، وَلِهَذَا التَّأْبِيد شَرط التَّمْلِيك فِيهَا، وَلِهَذَا قَالُوا: وَطْء الثّيّب يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ.

المسألة الثانية والعشرون بعد الثلثمائة شكب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكب.) اللواط. الْمَذْهَب: يُوجب الْحَد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من وجدتموه يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوهُ: الْفَاعِل وَالْمَفْعُول "، وروى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ: " إِذا

أَتَى الرجل الرجل فهما زانيان ". لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: االواط مثل الزِّنَى فَيُوجب مَا يُوجب فَهُوَ كَالْقَتْلِ بالمدية بإضافته إِلَى السَّيْف والمماثلة صُورَة وَمعنى؛ لِأَنَّهُ إيلاج فرج فِي فرج محرم لقَضَاء الشَّهْوَة والفرج مشتهى طبعا محرم شرعا ونمنع عدم جَرَيَان الْقيَاس فِي الْأَسْمَاء.

لَهُم: هَذَا لَيْسَ بزنى، لِأَن لَهُ اسْما يَخُصُّهُ والأسماء لَا تثبت بِالْقِيَاسِ وينفى عَنهُ الزِّنَى وَلَيْسَ فِي معنى الزِّنَى؛ لِأَن الزِّنَى يفْسد الْفرش ودواعيه آكِد؛ لِأَنَّهُ من الْجَانِبَيْنِ، فَلَا يلْحق اللواط بِهِ، فَلَا هُوَ هُوَ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ. مَالك: يرْجم بكرا كَانَ أَو ثَيِّبًا. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: طَرِيق الْمَعْنى تَنْقِيح المناط فِي حد الزِّنَى فَنَقُول: الْحَد عُقُوبَة فَيعْتَبر (لَهُ مَا هُوَ جِنَايَة) ، وَفعل الْجِنَايَة إيلاج فرج فِي فرج كَمَا ذكر وَقد وجد باللواط، يبْقى أَن الزِّنَى فِي مَحل الْحَرْث وَهُوَ مفْسدَة للنسب، وَهَذِه زِيَادَة غير مُعْتَبرَة إِجْمَاعًا بِدَلِيل الزِّنَى بالصغيرة، وَالْحكم الْمُعَلل بِمَعْنى إِنَّمَا يدار على سَبَب ظَاهر إِذا احْتمل ذَلِك السَّبَب ذَلِك الْمَعْنى واشتمل عَلَيْهِ، أما إِذا عرف انْتِفَاء ذَلِك الْمَعْنى قطعا، فَلَا يعْتَبر كالجرح المستعقب الزهوق هُوَ مُوجب الْقصاص؛ لِأَنَّهُ سَبَب الزهوق غَالِبا، وَمَعَ ذَلِك لَو تعقبه حز الرَّقَبَة

لم يبْق سَببا، فَإِن قيل: كَيفَ بَقِي فرق بَين الْمُحصن وَالْبكْر فِي جَانب (الْمَفْعُول والإحصان عديم الْأَثر فِي حَقه؟ ، قُلْنَا: لَا يشرع فِي الْمَفْعُول بِهِ) غير الْجلد على هَذَا المساق.

المسألة الثالثة والعشرون بعد الثلثمائة شكج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكج.) سَرقَة الْفَوَاكِه الرّطبَة. الْمَذْهَب: يجب فِيهِ الْقطع. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: العمومات الدَّالَّة على قطع السَّارِق، وَرُوِيَ: " لَا قطع فِي شَيْء من الثِّمَار حَتَّى يؤويها الجرين، وَلَا فِي شَيْء من الْمَوَاشِي حَتَّى يؤويها المراح ".

لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا قطع فِي ثَمَر وَلَا كثر "، وَقَالَ: " ادرءوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ "، وَذَلِكَ يخصص كثيرا من العمومات الْوَارِدَة فِي الْحُدُود. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: سرق نِصَابا كَامِلا من حرز مثله لَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ، وَالسَّارِق من أهل

الْقطع، بَيَان الْأَوْصَاف ظَاهِرَة، والمالية كَامِلَة، والتفاوت فِي الْبَقَاء لَا أثر لَهُ كالحيوان مَعَ الجماد، والقوارير مَعَ زير الْحَدِيد، والمالية بِالْعرْفِ. لَهُم: مَال تافه لَا يُوجب الْقطع أَو نَاقص الْمَالِيَّة، ذَلِك لِأَن المَال مَا يصلح للْحَال والمآل وَهَذَا إِنَّمَا يصلح للْحَال وَحَال الْمَالِيَّة لقِيَام الرُّطُوبَة الْمفْسدَة فَأعْطِي حكم التَّالِف كالمرتد لما انْعَقَد سَبَب هَلَاكه عد هَالكا. مَالك: ق. أَحْمد: التكملة: الْجمع بَين الْحَدِيثين: أَن الثِّمَار كَانَت فِي حدائقهم غير محرزة فِي غَالب الْأَمر، وَإِنَّمَا تحرز بالجرين، ثمَّ الأدهان والخلول من الْمَائِعَات وتدخر، وَكَذَلِكَ الْفَاكِهَة الرّطبَة كالعنب وَالرّطب يتمول زبيبا وَتَمْرًا ويعد من أيسر الْأَمْوَال، والطبائخ والرياحين أَمْوَال مَقْصُودَة يرغب فِيهَا

ويتجر بهَا، وَكَمَال الْمَالِيَّة بِكَمَال الْمَنَافِع والقيم، ويتأيد بِأَن ولي الْيَتِيم يجوز (لَهُ صرف) مَاله فِيهَا وَيجوز جعلهَا صَدَاقا، ثمَّ مَا لَيْسَ بِمَال فِي الْحَال كالجحش (لتوهم ضَرُورَته) مَا لَا يجب الْقطع بسرقته (فَمَا هُوَ) مَال فِي الْحَال أولى، وَالْمُرْتَدّ لَا نجعله مَيتا.

المسألة الرابعة والعشرون بعد الثلثمائة شكد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكد.) أيقيم السَّيِّد الْحَد على عَبده؟ . الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: لَا الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أقِيمُوا الْحُدُود على مَا ملكت أَيْمَانكُم "، وَظَاهره الْوُجُوب، فَلَا أقل من أَن يَقْتَضِي الْجَوَاز، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا زنت أمة أحدكُم فليجلدها الْحَد ". لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أَرْبَعَة إِلَى الْوُلَاة: الْخراج، وَالْحَد،

وَالْجُمُعَة وَالصَّدقَات ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْمَالِك أولى من السَّيِّد بِدَلِيل أَنه تقدم عَلَيْهِ فِي ولَايَة النِّكَاح وَصَارَ مثل التَّصَرُّفَات الَّتِي يلقيها السَّيِّد على عَبده، وَلَا يملك الإِمَام مثلهَا على رَعيته، وَالْحَد مشوب بِحَق الْآدَمِيّ، وَهُوَ أَيْضا من قبيل الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ ويتوقف على الْقُدْرَة وَالسَّيِّد قَادر. لَهُم: الْحَد حق لله تَعَالَى فَلَا يملك استيفاءه غير الإِمَام، لِأَنَّهُ النَّائِب بِدَلِيل سَائِر الْحُقُوق، ذَلِك خشيَة التواكل لَو فوض إِلَى آحَاد الْمُسلمين. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: الْمعول عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " أقِيمُوا الْحُدُود على مَا ملكت أَيْمَانكُم "، وَيُمكن الْجمع بَينه وَبَين قَوْله: " أَرْبَعَة إِلَى الْوُلَاة "، وَأقرب مَا يتَمَسَّك بِهِ الْقيَاس على التَّعْزِير لحق اللَّهِ تَعَالَى، فَإِن السَّيِّد يملكهُ، وَأي بعد فِي أَن يُقَال: استنبت السادات بِحكم الْمصلحَة فِي اسْتِيفَاء هَذَا الْحق كَمَا فِي التَّعْزِير فالسيد أهل لإِقَامَة الْحَد قَادر عَلَيْهِ من عَبده فَيملكهُ، وَبَيَان الْأَهْلِيَّة أَنَّهَا بِالْعقلِ الْهَادِي إِلَى كَيْفيَّة الْإِقَامَة، وَالْإِسْلَام الْبَاعِث على فعل الْأَصْلَح، وَبِالْجُمْلَةِ: نسلم أَن الْحَد حق لله تَعَالَى وَأَن الإِمَام نَائِبه، ونبين أَن السَّيِّد فِي مَعْنَاهُ، وَلَا مجَال للتُّهمَةِ، فَإِن السَّيِّد متشوف إِلَى الْحَد ليمنعه بِهِ عَن الزِّنَى المهلك، وَأما سَماع الْبَيِّنَة فيستدعي أَهْلِيَّة الِاجْتِهَاد.

المسألة الخامسة والعشرون بعد الثلثمائة شكه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكه.) نِصَاب مَا أَصله على الْإِبَاحَة. الْمَذْهَب: يجب الْقطع بسرقته. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: العمومات. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " النَّاس شُرَكَاء فِي ثَلَاث: النَّار وَالْمَاء والكلأ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي الشّركَة أبدا لَكِن بالحيازة اخْتصَّ بِهِ قوم فَبَقيَ مُجَرّد اسْم الشّركَة شُبْهَة فِي إِسْقَاط الْحَد، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: لَا قطع على سَارِق الطير.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْعبارَة: ونقول: الْإِبَاحَة لَا تصلح شُبْهَة لعدمها فِي الْحَال، فَصَارَ كتقدم الْملك وَلَيْسَت تافهة، لِأَن الْمرجع فِي ذَلِك إِلَى الرغبات والقيم والأسواق. لَهُم: تافه فَلَا يقطع بسرقته كَمَا دون النّصاب، ذَلِك لقلَّة الرَّغْبَة، وَالنُّقْصَان من حَيْثُ الْجِنْس أولى بِالِاعْتِبَارِ من النُّقْصَان من حَيْثُ الْقدر. مَالك: أَحْمد: التكملة: المُرَاد بقَوْلهمْ: مَا قبل الْإِحْرَاز إِجْمَاعًا، وَإِمَّا إِسْقَاط الْحَد عَن الْأَب بِسَرِقَة مَال ابْنه فَذَلِك لأجل حق النَّفَقَة، وَأَن مَاله معرض لِحَاجَتِهِ وعصمة يَده من حَاجته، وَلَيْسَ الْوَلَد ملك الْأَب، وَلذَلِك يجب عَلَيْهِ حد الزِّنَى إِذا زنى بأمته، وَإِنَّمَا يسْقط الْقصاص لقَوْله: " لَا يقتل وَالِده بولده "،

وتناقضهم بالآبنوس والساج فقد نَص أَو حنيفَة: أَنه يجب الْقطع بسرقتهما مَعَ أَنَّهُمَا كَانَا على الْإِبَاحَة، وَكَذَلِكَ الْخشب المنحوت، وَدَعوى تفاهة هَذِه الْأَمْوَال وقاحة فَإِن الرغبات متوجهة نَحْوهَا، والبازي الْمُثمن يُرْسل فِي طلب الصَّيْد لعزته، والرغبات تخْتَلف، والمعول عَلَيْهَا فِي كل وَقت وعَلى الْقيمَة، ويتأيد بإصداقها وشرائها للْيَتِيم، ثمَّ التفاهة لَا تسْقط الْحَد بِدَلِيل سَرقَة قشور الرُّمَّان وأقماع الباذنجان وخليع الْحصْر إِذا بلغ ذَلِك نِصَابا، وَخبر الطير لم يَصح، وَإِن صَحَّ فَالْمُرَاد بِهِ الموكر على شجر الْبُسْتَان.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 77 من المخطوطة أ:) إِذا ابتلع جَوْهَرَة فِي الْحِرْز لم تخرج الْجَوْهَرَة مِنْهُ وَلَا قطع عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أتلفهَا بذلك، فَهُوَ كَمَا لَو أكل الطَّعَام فِي الْحِرْز، وَأما إِن خرجت مِنْهُ فَهَل يجب الْقطع؟ وَجْهَان: وَجه وُجُوبه: أَنَّهَا خرجت فِي وعَاء فَهُوَ أخرجهَا فِي كمه، وَوجه عدم الْوُجُوب أَنه ضمنهَا بالبلع فَكَانَ إتلافا؛ لِأَنَّهُ أكره على إخْرَاجهَا حَيْثُ لَا يُمكنهُ الْخُرُوج بِدُونِهَا، وَإِذا اشْترك جمَاعَة فِي السّرقَة، فَإِن بلغ مَا سَرقُوهُ إِذا قسم عَلَيْهِم ربع دِينَار للْوَاحِد وَجب الْقطع، فَإِن انْفَرد كل وَاحِد بِإِخْرَاج شَيْء اعْتبر بِنَفسِهِ إِن بلغ مَا أخرجه نِصَابا قطع، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجمع مَا اخرجوه وَيقسم بَينهم، فَإِن أصَاب الْوَاحِد نِصَابا قطعُوا، فَيكون الْخلاف فِي صُورَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَن يخرج الْوَاحِد أقل من نِصَاب فيقطعان عِنْده إِذا تمّ نصابين، وَعِنْدنَا يقطع الَّذِي أخرج أَكثر من نِصَاب، فَإِن سرق الْوَاحِد نِصَابا وَالْآخر أقل من نِصَاب قطع سَارِق النّصاب عندنَا وَعِنْدهم لَا يقْطَعَانِ، وَفِي السّرقَة بَين الزَّوْجَيْنِ ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا أَنه لَا قطع بَينهمَا لما بَينهمَا من الِاتِّحَاد الْعرفِيّ وَهَذَا

مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه اللَّهِ، وَالثَّانِي أَن بَينهمَا الْقطع؛ لِأَنَّهُ اتِّحَاد لم يُوجِبهُ الشَّرْع، وَالثَّالِث أَن الزَّوْجَة لَا تقطع لأجل حق النَّفَقَة وَالزَّوْج يقطع، وخيال أبي حنيفَة فِي الزَّوْج أقرب لأجل حق النَّفَقَة، وَغَايَة جَوَابنَا عَنهُ: أَن النَّفَقَة لَيست حكم الزَّوْجِيَّة، وَإِنَّمَا هِيَ حكم التَّمْكِين، وَلذَلِك أسقط بالنشوز مَعَ قيام النِّكَاح، فَإِن قيل: النِّكَاح سَبَب التَّمْكِين فيضاف الحكم إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَب النّسَب، قُلْنَا: نعم. النِّكَاح يُوجب التَّمْكِين، وَأما فعل التَّمْكِين فمرتبط باختيارها، فَلَا يُضَاف فعل التَّمْكِين إِلَى النِّكَاح، أَو نقُول: وَجَبت النَّفَقَة فِي النِّكَاح وجوب الأعواض والأعواض يَقْتَضِي اخْتِصَاص حكم الشُّبْهَة فِيهَا بِمحل الْعِوَض وَلَا يتعداه كالغريم لَهُ حق من مَال صَاحبه بِجِهَة العوضية فَلَو سرق مَاله قطع والاتحاد الْعرفِيّ رُبمَا يأباه ذَوُو الْمُرُوءَة ويترفعون عَن اسْتِعْمَال مَا يخص الزَّوْجَة. وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: الِاتِّحَاد نتيجة الْمحبَّة والعشق لَا نتيجة النِّكَاح، وَلَيْسَ التباين فِي النِّكَاح ببدع، وَلذَلِك شرع الطَّلَاق وَكَانَ هَذَا الْإِنْكَار يصادم النَّص، قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} ، والأصلح أَن يُقَال: الِاتِّحَاد النَّاشِئ عَن الزَّوْجِيَّة دون الِاتِّحَاد النَّاشِئ عَن الْقَرَابَة، فَإِن النِّكَاح بِعرْض الزَّوَال، ثمَّ النِّكَاح يُرَاد لِاتِّحَاد الْقَرَابَة بِالْوَلَدِ فَكيف يعْطى حكم الْقَرَابَة؟ وَالدَّلِيل على أَنه لَاحق للزَّوْج فِي مَال زَوجته أَنه يَزْنِي بجاريتها فَيحد.

المسألة السادسة والعشرون بعد الثلثمائة شكو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكو.) النباش. الْمَذْهَب: يقطع. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ البني عَلَيْهِ السَّلَام: " من حرق حرقناه، وَمن نبش قطعناه "، وَلَيْسَت لَفْظَة الْقطع مُحْتَملَة، وَإِنَّهَا لَا ترَاد هَاهُنَا إِلَّا لقطع الْيَد، قَالَت عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا: " سَارِق مَوتَانا سَارِق أحيائنا "، واللغة تثبت بقولِهَا وَحكم السَّارِق الْقطع.

لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا قطع على المختفي، قيل: هُوَ النباش بلغَة الْمَدَنِيين. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: سرق نِصَابا كَامِلا من حرز مثله لَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ فَوَجَبَ الْقطع، ذَلِك لِأَن السّرقَة من المسارقة وَقد وجد، والمالية ظَاهِرَة، وَلِهَذَا يجب ضَمَانه والحرز ظَاهر، لِأَن الْقَبْر مَوضِع الْكَفَن، وتكفين الْمَيِّت لَيْسَ بتضييع بل وَاجِب وَيَكْفِي مسارقة أعين النَّاس، فَهُوَ كَمَال غَابَ عَنهُ صَاحبه وقنع بأعين المارين. لَهُم: لم يُوجد سَبَب الْقطع إِذْ لم تُوجد السّرقَة، فَإِن السّرقَة أَخذ المَال على جِهَة المسارقة لَا عين المالكين وَالْأَخْذ هَاهُنَا من الْمَيِّت، ثمَّ لم يُوجد

الْحِرْز بِدَلِيل أَنه لَو كَانَ فِي الْقَبْر ثوب خَز لم يجب الْقطع بسرقته، ثمَّ قد تمكنت الشُّبْهَة من الْمَسْرُوق؛ لِأَنَّهُ أعد للبلى والقبر يملكهُ لَا يحرزه، وَإِن سَارِق الْأَعْين؛ فَلِأَنَّهُ يفعل فَاحِشَة. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: المآخذ ثَلَاثَة: إِيجَاب الْقطع عَلَيْهِ ابْتِدَاء بِالنَّصِّ على قطع النباش وقطعهم يُنَاسب ذَلِك، وَالثَّانِي أَنه سَارِق بِخَبَر عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا ولصورة فعله فَكَانَ السّرقَة حبس النبش نَوعه، وَإِنَّمَا جَازَ أَن ينفى عَنهُ لفظا؛ لِأَنَّهُ صَار لَهُ اسْما أشهر، الثَّالِث: نسلم أَنه لَيْسَ بسارق ونقطعه قِيَاسا على السَّارِق لوُجُود فعل السّرقَة مِنْهُ، فَإِنَّهُ سرق مَالا مُتَقَوّما مَعْصُوما مَقْصُود الْحِفْظ شرعا كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة: تجب كَفَّارَة الْجِمَاع على الْأكل وَإِن كَانَ النَّص ورد فِي الْجِمَاع، فَإِذا فَرضنَا فِي قبر فِي بَيت كَانَ الْكَلَام أظهر، فَإِن طرقوا الشُّبْهَة بِأَن الْكَفَن لَا مَالك لَهُ، قُلْنَا: يبطل بِمَال الْمَيِّت

الَّذِي عَلَيْهِ دين فَإِن المَال لَيْسَ لَهُ وَلَا للْوَارِث وَيجب الْقطع بسرقته وَالْمَبِيع فِي زمن الْخِيَار لَا مَالك لَهُ عِنْدهم، وعَلى الْجُمْلَة: الْكَفَن مَمْلُوك لمن هُوَ لَهُ مُتَقَوّم، وَلِهَذَا لَو أكل السَّبع الْمَيِّت كَانَ الْكَفَن للْوَارِث وَعدم الْملك لَا يخرج الْفِعْل عَن كَونه فَاحِشَة، وَلَا الْكَفَن عَن كَونه مَقْصُود الْحِفْظ عَن السراق.

المسألة السابعة والعشرون بعد الثلثمائة شكر

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكر.) هبة الْمَسْرُوق من السَّارِق. الْمَذْهَب: لَا يسْقط الْقطع. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: سرق سَارِق خميصة صَفْوَان، فَاسْتَيْقَظَ فأمسكه وَحمله إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأمر بِقطعِهِ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ. مَا أردْت هَذَا، هِيَ لَهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " هلا قبل أَن تَأتِينِي بِهِ "، وَهَذَا نَص، وَلَو أَن ثمَّ مَوضِع شُبْهَة لنبه عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْهَا إِلَى دَرْء الْحَد. لَهُم: ... ... ... ... ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ثبتَتْ السّرقَة فَوَجَبَ الْقطع، وَهِي خَالِيَة عَن شُبْهَة، ذَلِك لِأَن الْملك يقْتَصر على الْحَال وَلَا يتَقَدَّم سَببه، فَلم يُؤثر فِي السّرقَة السَّابِقَة، ووزانه مَا لَو زنى بِجَارِيَة ثمَّ اشْتَرَاهَا قبل الْإِمْضَاء وَبعد الْقَضَاء، فَإِنَّهُ لَا يسْقط الْحَد، وَكَذَلِكَ لَو اشْترى الْحِرْز الْمَسْرُوق مِنْهُ. لَهُم: سَرقَة تمكنت مِنْهَا الشُّبْهَة فمنعت من الْقطع، وَذَلِكَ لِأَن الْعين قد ملكهَا السَّارِق فالعين (الَّتِي سَرَقهَا هِيَ الْعين) الَّتِي ملكهَا، واتحاد الْعين كاتحاد الْملك، ثمَّ الْإِمْضَاء ثَمَرَة الْقَضَاء فَكلما يشرط للْقَضَاء يشرط للإمضاء؛ لِأَنَّهُ بِثمنِهِ وَبِه يظْهر. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: نستدل بِعُمُوم آيَة السّرقَة وَعَلَيْهِم التَّخْصِيص، أما إِقْرَار الْمَالِك للسارق بِالْعينِ فَيحْتَمل أَن يكون لَهُ قبل السّرقَة أَو مَعهَا أَو بعْدهَا وَهَذَا شُبْهَة، وَلذَلِك إِذا رَجَعَ الشُّهُود تختل الْحجَّة إِذْ لَيْسَ صدقهم أَولا بِأولى من صدقهم ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ لَو فسقوا تَبينا فَسَاد حَالهم أَولا: فَإِن قَالُوا: الْخُصُومَة شَرط الْقَضَاء وَالْقطع من الْقَضَاء، فَلَا يُمكن بِغَيْر خُصُومَة. قُلْنَا: لَا نسلم أَن الْخُصُومَة من شَرط الْقَضَاء بل لَو أقرّ أَو قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة حسبَة قطع، ثمَّ نقُول: الْقطع غير الْقَضَاء لِأَن الْقَضَاء إِظْهَار حكم السّرقَة أَو إثْبَاته على خلاف فِيهِ، وَالْقطع لَا يكون حكم السّرقَة؛ لِأَنَّهُ فعل محسوس، بل حكم السّرقَة وجوب الْقطع (فَإِن الْإِنْسَان بِاعْتِبَار أَنه يَمُوت ويحيا) .

المسألة الثامنة والعشرون بعد الثلثمائة شكح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكح.) الْقطع وَالْغُرْم. الْمَذْهَب: يَجْتَمِعَانِ. عِنْدهم: لَا يَجْتَمِعَانِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترد ". لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا جَزَاء بِمَا كسبا} جعل الْقطع جَزَاء الْفِعْل فَمن زَاد الْغرم فقد زَاد فِي النَّص، وَذَلِكَ نسخ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْكَلَام فِي الضَّمَان فَنَقُول: تحقق سَببه، ذَلِك لِأَن السَّبَب هُوَ أَخذ مَال

الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه؛ وَلِأَنَّهُ بِالْيَدِ فَوت على الْمَالِك الْمَنَافِع فَصَارَ كَأَنَّهُ أتلف الْعين لتعذر الِانْتِفَاع، غَايَته أَنه وَجب حَقًا لله تَعَالَى الْقطع، وَيجوز أَن يجتمعا كمن قتل صيد الْحرم الْمَمْلُوك وَمن سرق خمر ذمِّي على أصلكم يحد وَيغرم. لَهُم: سَرقَة وَردت على مَال غير مَعْصُوم وَلَا مُتَقَوّم لحق آدَمِيّ فَلَا يجب الضَّمَان، بَيَان الدَّعْوَى: وجوب الْقطع حق لله تَعَالَى بِدَلِيل أَنه لَا يسْقط بِإِسْقَاط الْآدَمِيّ، وَالْجِنَايَة على حق اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يكون ذَلِك بِأَن تنقل الْعِصْمَة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذا انْتَقَلت الْعِصْمَة إِلَى اللَّهِ ضَرُورَة لم يبْق المَال مَعْصُوما. مَالك: أَحْمد: التكملة: مطلع النّظر أَن الْقطع وَالْغُرْم حكمان مُخْتَلِفَانِ فلابد لَهما من سببين،

فَنَقُول: تعدد السَّبَب يتلَقَّى من تعدد الْفِعْل، وَقد يتلَقَّى من تعدد الْجِهَات لفعل وَاحِد فيتوفر عَلَيْهِ بِاعْتِبَار كل جِهَة حكم، وَكَانَ فِي معنى فعلين كالمصلي فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة وَاسْتِيفَاء الْقصاص من الْحَامِل، وَكَذَلِكَ السّرقَة فعل وَاحِد فلحق الْمَالِك يجب الضَّمَان، وَلحق الله تَعَالَى يجب الْقطع وَحقّ اللَّهِ تَعَالَى فِي عرض السَّارِق وَكَونه جنى عَلَيْهِ (فَإِن الْإِنْسَان بِاعْتِبَار أَنه يَمُوت ويحيا) نفس وَبِاعْتِبَار أَنه يمدح ويذم عرض، وَفِي النَّفس حق اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خلاف، وَالسَّرِقَة فَاحِشَة مُحرمَة لحق اللَّهِ تَعَالَى بِكَوْنِهَا تلطخ عرض السَّارِق، وَيجوز أَن يجب الْقطع على جَزَاء مُخَالفَة الْأَمر، لِأَن من حق اللَّهِ تَعَالَى أَو نَهْيه أَن يعظم بالامتثال فشرع الْقطع زجرا عَن الْإِخْلَال بالتعظيم وَالْغُرْم بِحَق الْآدَمِيّ.

المسألة التاسعة والعشرون بعد الثلثمائة شكط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ بعد الثلثمائة: شكط.) إِذا سرق عينا فَقطع بهَا ثمَّ سَرَقهَا. الْمَذْهَب: يقطع ثَانِيًا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: آيَة السّرقَة: {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} . لَهُم:: ... ... ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تحقق سَبَب الْقطع فَوَجَبَ كَمَا لَو ابْتَدَأَ، وَكَونه قطع بهَا نوبَة لَا تكون

شُبْهَة؛ لِأَنَّهُ حد استوفي على جريمة تقدّمت فَصَارَ بِمَثَابَة من زنى ثمَّ حد ثمَّ زنى، ثمَّ السَّارِق إِذا انتزعت الْعين من يَده بَقِي كَسَائِر الْأَجَانِب فَهُوَ كسارق آخر. لَهُم: سَقَطت الْعِصْمَة فِي حَقه حَتَّى قُلْنَا: لَا يضمنهَا، فَإِذا اشْتَرَاهَا الْمَالِك بَقِي أثر سُقُوط الْعِصْمَة شُبْهَة فِي دَرْء الْحَد ثمَّ مسْقط الْعِصْمَة الْقطع وَهُوَ قَائِم ثمَّ هُوَ حد يعْتَبر فِيهِ الْخُصُومَة، وَيُشبه حد الْقَذْف، وَلَو قذف إنْسَانا فحد ثمَّ عَاد وقذفه لم يحد. مَالك: أَحْمد: التكملة: السّرقَة بقيودها مَوْجُودَة فِي الْمرة الثَّانِيَة، وَالْحَاجة ماسة إِلَى شرع الْقطع (واتحاد الْعين وَالسَّارِق لَا يثير شُبْهَة كَمَا فِي الزِّنَى) وَالْقطع السَّابِق فِي مُقَابلَة الْجِنَايَة السَّابِقَة وَالثَّانِي للثَّانِيَة، فَهُوَ كَمَا لَو سَرَقهَا من مَالك آخر أَو دَخلهَا صَنْعَة والصنعة تغير الصّفة لَا الْعين، وعذرنا عَن حد الْقَاذِف أَن

الْمَقْصُود بحده بَيَان كذبه كَيْلا يتَغَيَّر الْمَقْذُوف وَيَكْفِي مرّة، هَذَا إِذا قذفه (بِمَا قذفه) بِهِ أَولا، فَأَما إِذا قذفه بِغَيْر مَا قذفه بِهِ أَولا يجب الْحَد، وَبِالْجُمْلَةِ نمْنَع سُقُوط الْعِصْمَة، وعَلى التَّسْلِيم نقُول: لَا معنى لَهُ إِلَّا أَن المَال صَار مَعْصُوما لله تَعَالَى حَتَّى أمكن وجوب الْقطع، وَوُجُود حَالَة تحقق وجوب الْقطع يَسْتَحِيل أَن تصير شُبْهَة فِي قطع آخر، وعَلى هَذَا لَو سرق من يَد السَّارِق وَجب الْقطع لِأَن السّرقَة من الْغَاصِب توجب الْقطع، وَإِن قُلْنَا: لَا يجب؛ فَلِأَن يَده لَيست حرْزا.

المسألة الثلاثون بعد الثلاثمائة شل

(الْمَسْأَلَة الثَّلَاثُونَ بعد الثلاثمائة: شل.) هَل تقطع الْيُسْرَى فِي الْمرة الثَّالِثَة؟ . الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: آيَة السّرقَة، وَالْحجّة قَوْله تَعَالَى: {أَيْدِيهِمَا} ؛ فَظَاهر الْآيَة يدل على جمع، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من سرق فَاقْطَعُوا يَده الْيُمْنَى "، ثمَّ من سرق كَذَلِك حَتَّى استوعب الْأَطْرَاف وَقَالَ فِي الْخَامِسَة: " الْقَتْل ". لَهُم: رُوِيَ عَن عَليّ رضوَان اللَّهِ عَلَيْهِ أَنه أُتِي بسارق مَقْطُوع الْيَد وَالرجل

فَقَالَ: إِنِّي لأستحيي من اللَّهِ تَعَالَى أَن لَا أترك لَهُ يدا يَأْكُل بهَا ويستنجي بهَا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: إِيجَاب الْقطع فِي إِحْدَى الْيَدَيْنِ إِيجَاب فِي الْأُخْرَى لتساويهما؛ لِأَن التَّنْصِيص على شَيْء تنصيص على مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ كَالْعَبْدِ وَالْأمة، ثمَّ الْيَسَار مَحل قطع بِدَلِيل مَا لَو قطعهَا الإِمَام، فَإِنَّهُ يسْقط الْحَد وَيجْزِي ثمَّ هِيَ آلَة الْجِنَايَة كاليمنى. لَهُم: قطع الْيَدَيْنِ إِتْلَاف حكما فَلَا يشرع كالحقيقي، دَلِيل ذَلِك وجوب كل الدِّيَة والجثة صَارَت تالفة بِالْإِضَافَة إِلَى معنى الْبدن، وَلِهَذَا لَا يقطع فِي الثَّانِيَة مَعَ أَنَّهَا أقرب إِلَى أُخْتهَا من الرجل، وَالْحَد يَنْبَغِي أَن يكون زاجرا لَا متلفا. مَالك:

أَحْمد: التكملة: جَمِيع الْأَيْدِي مَحل الْقطع بِدَلِيل الْآيَة؛ لِأَنَّهُ ذكر الْأَيْدِي بِصِيغَة الْجمع، واليسرى مَحل، فَإِنَّهَا مَحل مَقْصُود الْقطع وَهُوَ حِكْمَة الزّجر، وَلَا نسلم أَن قطع الْيَدَيْنِ إهلاك، فَإِن النَّفس بَاقِيَة من كل وَجه، بِدَلِيل وجوب الْقصاص وَالدية، وهب أَنه كَذَلِك فَمَا الْمَانِع مِنْهُ؟ أَلَيْسَ الأول قطعا؟ وَالثَّانِي فِي مَعْنَاهُ، وَمنع إِضَافَة الحكم إِلَى الآخر ونمنع مَسْأَلَة الزورق والأمتعة، وَلَا دَلِيل لَهُم على أَن هَذَا الْقطع غير مَشْرُوع.

الصفحة الفارغة

(الصفحة الفارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 78 من المخطوطة أ:) (اسْتعْمل الْمُتَأَخّرُونَ من أَصْحَابنَا) الْقيَاس فِي إِثْبَات اسْم الْخمر للنبيذ ثمَّ أدخلوه بعد ذَلِك فِي الْعُمُوم الْوَارِد فِي تَحْرِيم الْخمر، قَالَ بعض الْأَصْحَاب: ذَلِك من طَرِيق الِاسْم العادم دون الْقيَاس، لِأَن الْخمر مَا خامر الْعقل وستره، وَهَذَا الْمَعْنى مَوْجُود فِي النَّبِيذ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " كل مُسكر خمر "، وَيدل على أَن مَا جَازَ ثُبُوته بِخَبَر الْوَاحِد جَازَ ثُبُوته بِالْقِيَاسِ كأحكام الْفُرُوع، ثمَّ قد وجدنَا أَسمَاء كَثِيرَة وضعت بعد اللُّغَة كالجنس والأسماء المعربة كالنمارق والإستبرق، فَإِذا جَازَ نقل غير

الْعَرَبِيّ إِلَى الْعَرَبِيّ فَقِيَاس بعض أَسمَاء اللُّغَة على بعض أجوز، قَالُوا: فالعربية قد فرقت فِي الصّفة الْوَاحِدَة بَين أسمائها وَلم تسْتَعْمل الْقيَاس فِيهَا فَقَالُوا للمشقوق الجفن: أشتر، وَالْأنف: أجدع، والشفة، أعلم، وسمو الْفرس الْأسود أدهم، وَلم يطلقوا ذَلِك على الْحمار، وَالْجَوَاب: أَن منع الْقيَاس فِي بعض اللُّغَة لَا يَقْتَضِي الْمَنْع فِي الْكل، فَإِن من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَا لَا يجرى الْقيَاس فِيهِ مثل اللّعان والقسامة وَلَا يدل على منع الْقيَاس من بَاقِي الْأَحْكَام، وللخصم أَن يَقُول: تَحْرِيم الْخمر كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ أَكثر شرابهم الفضيخ والبتع، وَكَانَ العنبي يجلب إِلَيْهِم فيبعد أَن يشْتَهر تَحْرِيم مَا ندر عَلَيْهِم وَيخْفى تَحْرِيم مَا اشْتهر الْجَواب: إِنَّمَا اشْتهر تَحْرِيم العنبي بِالنَّصِّ ونسلم هَاهُنَا أَن الْخمر هُوَ العنبي

خَاصَّة لَا مَا عداهُ، وَلَا يثبت تَحْرِيم غير العنبي باسم الْخمر لَكِن بالاستدلال من الِاشْتِرَاك مَعَ الْخمر فِي الْمَعْنى الْمُقْتَضِي للتَّحْرِيم وَهُوَ الْمُحَافظَة على الْعقل بِأَن يصرف عَنهُ مَا يُفْسِدهُ، قَالُوا: فَإِذا الْإِلْزَام بَاقٍ فَإِن شراب الْمَدِينَة غير العنبي، فَلم لم يَقع الاعتناء بِتَحْرِيمِهِ لَو كَانَ محرما؟ وَالْجَوَاب أَن أهل الْمَدِينَة لم يَكُونُوا مقصودين على الْخُصُوص بل قصد التَّحْرِيم على الْعُمُوم. وَاعْلَم أَن الْخِتَان وَاجِب للذكور وَالْإِنَاث البلغ عندنَا خلافًا لَهُم. قَالَ بعض الأكابر: الْخِتَان دَاع الْإِسْلَام وَالْمَسْأَلَة مشكلة، فَإِن مضمونها إِيجَاب جرح مخطر، وَذَلِكَ لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا ثَبت وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " ألق عَنْك شعر الْكفْر واختتن " لَيْسَ (بالغافي الطّهُور لقرينته) ، فَإِن قَالَ الْخصم: هُوَ قطع مؤلم، وَالْأَصْل نفي الضرار، قُلْنَا:

هَذَا كَلَام من يَنْفِي كَونه مَشْرُوعا وَهُوَ مَشْرُوع وَلَا يتَّجه لَهُم قِيَاس فِي نفي الْوُجُوب إِلَّا ويصادمه نفي الِاسْتِحْبَاب، ونقول: اتِّفَاق النَّاس على هَذَا الْقطع المؤذي من غير أَن يتَعَلَّق بمصلحة بدنية يدل على أَنهم رَأَوْهُ مِمَّا لابد مِنْهُ، وينضم إِلَى ذَلِك كشف الْعَوْرَة، وَيرد على ذَلِك ختان الصّبيان، فَإِنَّهُ غير وَاجِب وَتكشف لَهُ الْعَوْرَة، والمخلص من ذَلِك أَنا نجيز النّظر إِلَى فروج الْأَطْفَال.

المسألة الحادية والثلاثون بعد الثلثمائة شلا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلا.) النَّبِيذ قَلِيله وَكَثِيره، نيئه وطبيخه. الْمَذْهَب: حرَام. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن من التَّمْر خمرًا، وَإِن من الْبر خمرًا "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْخمر من هَاتين الشجرتين: النَّخْلَة وَالْكَرم "، وَقَالَ: " أنهاكم عَن قَلِيل مَا أسكر كَثِيره "، وَقَالَ: " كل مُسكر حرَام، وَمَا أسكر الْفرق مِنْهُ فالحسوة مِنْهُ حرَام ".

لَهُم: ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {وَمن ثَمَرَات النخيل وَالْأَعْنَاب ... ... ... .} الْآيَة، وَجه الدَّلِيل: أَنه من علينا بذلك، وَهُوَ مُطلق فِي النبئ والمطبوخ، نسخ النيئ، بَقِي الْمَطْبُوخ، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا اغتلمت عَلَيْكُم هَذِه الْأَشْرِبَة فاكسروها بِالْمَاءِ " "، وَقَول ابْن مَسْعُود: شهِدت تَحْرِيم النَّبِيذ كَمَا شهدتم ثمَّ شهِدت تحليلها فَحفِظت ونسيتم. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شراب مشتد مسكرة، فَكَانَ حَرَامًا كَالْخمرِ، وتأثيره أَن الْخمر حرمت لما تُفْضِي إِلَيْهِ من السكر المفضي إِلَى الْعَدَاوَة والبغضاء، والصد عَن الصَّلَاة فَحرم الْقَلِيل صونا عَن الْكثير، وَالْمعْنَى مَوْجُود فِي النَّبِيذ، وَيُمكن أَن

يُقَال: النَّبِيذ خمر؛ لِأَنَّهُ يخَامر الْعقل. لَهُم: فِي الْخمر مَنَافِع كَثِيرَة وَفِي النَّبِيذ، إِلَّا أَن الشَّرْع حرم الْخمر لعينها، فَبَقيَ النَّبِيذ مُبَاحا إِلَّا أَن الْمُسكر حرَام لما فِيهِ من الْأَذَى فَبَقيَ على مَا كَانَ؛ سِيمَا وَهُوَ أنموذج شراب الْآخِرَة، فَلَا بُد من مَعْرفَته. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْمَسْأَلَة من الْجَانِبَيْنِ مَبْنِيَّة على الحَدِيث، وَالسكر حرَام إِجْمَاعًا، وَللَّه حمى هُوَ مَحَارمه، وَمن حام حول الْحمى أوشك أَن يَقع فِيهِ، وَالنَّفس أَمارَة بالسوء، وَالْإِنْسَان على نَفسه بَصِيرَة. (إِن السَّلامَة من سعدى وجارتها ... أَلا تمر على حَال بواديها) ثمَّ قَوَاعِد الشَّرْع متبعة، وَمَتى حرم شَيْئا لأمر حرم مَا يُفْضِي إِلَيْهِ أَلا ترَاهُ حرم الْخلْوَة بالأجنبية، والتأفيف للْوَالِدين، وتوابع الْمَحْظُور محظورة، يدل عَلَيْهِ أَن الْقدح الَّذِي يتعقبه السكر حرَام، وَمَعْلُوم أَن السكر مَا حصل

بِهِ، وَإِنَّمَا حصل بِهِ وَبِغَيْرِهِ، فالجميع إِذا حرَام، وَالشَّرْع فِي مثل هَذَا يعرض عَن الْقدر، وَينظر إِلَى الْجِنْس، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ الرَّضَاع عِنْدهم، والمفطرات بالِاتِّفَاقِ والمذاهب تتعرف بمساقها، فَمَا أفْضى إِلَى فَسَاد فَهُوَ فَاسد، وَالله لَا يجب الْفساد، وَمن مَذْهَبهم أَن من شرب وَلم يسكر فَمَا شربه لَيْسَ بِحرَام، فَإِن ضربه الْهوى فَسَكِرَ، صَار حَرَامًا مَا شربه.

الصفحة فارغة

(الصفحة فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .

المسألة الثانية والثلاثون بعد الثلثمائة شلب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلب.) إِذا صالت بَهِيمَة مَمْلُوكَة على إِنْسَان فَقَتلهَا دفعا عَن نَفسه. الْمَذْهَب: لَا ضَمَان. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... ... لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " العجماء جَبَّار "، فَإِذا كَانَ فعلهَا هدرا كَانَ همها بِالْفِعْلِ هدرا، بِخِلَاف الْأَب وَالسَّيِّد، فَإِن فعلهمَا مُعْتَبر، وَكَذَلِكَ

العَبْد يتَعَلَّق الضَّمَان بِرَقَبَتِهِ، وَالْمَجْنُون وَالصَّبِيّ فعلهمَا مُعْتَبر، وكل وَاحِد من هَؤُلَاءِ لَا يلْزم الضَّمَان بِفِعْلِهِ إِذا صَار بِخِلَاف الْبَهِيمَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: قتلت شرعا فَلَا تضمن كصيد الْحرم، وَحقّ الْعِصْمَة أَلا يتَعَرَّض للدابة ابْتِدَاء، أما احْتِمَال الشَّرّ فَلَا نكلفه، وَقتل هَذِه الْبَهِيمَة لِمَعْنى فِيهَا هدرت كالفواسق الْخمس، والمؤذية قطعا كالمؤذية طبعا، ثمَّ هِيَ قتلت نَفسهَا بإلجائها إِيَّاه إِلَى قَتلهَا وَالْمَوْجُود مِنْهُ دفع لَا قتل. لَهُم: معصومة بِحَق الْمَالِك فَلَا يسْقط ضَمَانهَا بالصيال، دَلِيل الدَّعْوَى سُقُوط الْعِصْمَة بِإِبَاحَة الْمَالِك ولسقوط عصمته بِالرّدَّةِ، والعصمة قَائِمَة قبل الصيال فَفعل الْغَيْر لَا يهدرها، كَمَا لَو قَتله بِسَبَب المخمصة، والمعاني الْمُوجبَة للعصمة قَائِمَة. ثمَّ إِنَّه مَال وكل ذَلِك لَا يَزُول بالصيال. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة فشغلها بِالْإِتْلَافِ إِنَّمَا يُؤْخَذ من نَص فِي الْمَسْأَلَة أَو من قِيَاس على مَنْصُوص أَو مجمع عَلَيْهِ، وَلَا نَص فِي الْمَسْأَلَة وَلَا إِجْمَاع إِلَّا إِتْلَاف مَال لَا أذية بِهِ، وَإِذا أوجب الشَّرْع الضَّمَان بِإِتْلَاف مَال لَا أذية فِيهِ وَلَيْسَ فِي الْإِتْلَاف دفع لأذيته، فَلَا يكون فِي مَعْنَاهُ إِتْلَاف هُوَ دفع الأذية، فَمن أَرَادَ أَن يلغي هَذَا الْوَصْف الْمُؤثر فَعَلَيهِ الدَّلِيل، ويحقق هَذَا الْكَلَام الْمُنَاسبَة وَشَهَادَة الشَّرْع، أما الْمُنَاسبَة فواضحة إِذْ إِلْزَام الْإِنْسَان احْتِمَال الْأَذَى من مَال الْغَيْر ظلم، وَمهما قيد الدّفع بِشَرْط الضَّمَان كَانَ ظلما، وَشَهَادَة الشَّرْع دفع صيد الْحرم، وَكَذَلِكَ الْأَب إِذا صال، وَالسَّيِّد أغير على الْوَلَد وَالْعَبْد، وَكَذَلِكَ الصَّبِي وَالْمَجْنُون، وَيخرج على كلامنا أكل مَال الْغَيْر فِي المخمصة وإلقاء مَاله فِي الْبَحْر عِنْد خوف الْغَرق، فَإِن هَذَا لَيْسَ لدفع أذية المَال، وَإِنَّمَا هُوَ لحفظ النَّفس أَعنِي نفس الدَّافِع، وَإِن ادعينا أَنه لَيْسَ بِمَال عِنْد الصيال توجه، ويعارضونا بالجحش الصَّغِير وَكَونه لَيْسَ بِمَال وَيضمن، وَالْجَوَاب أَنه لَا أذية مِنْهُ.

المسألة الثالثة والثلاثون بعد الثلثمائة شلج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلج.) قسْمَة الْغَنَائِم فِي دَار الْحَرْب. الْمَذْهَب: يجوز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قسم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام غَنَائِم بدر ببدر، وَغَنَائِم خَيْبَر بِخَيْبَر،

وَغَنَائِم أَوْطَاس بأوطاس، وَبني المصطلق ببني المصطلق، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ} ، وكوننا غَانِمِينَ لَا نقف على حُصُولهَا فِي دَارنَا، فمطلق الْآيَة يُوجب الْخمس لله وَالْبَاقِي لأوليائه. لَهُم: قسم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام غَنَائِم بدر بِالْمَدِينَةِ وَغَنَائِم حنين بالجعرانة من رستاق مَكَّة، وَلَو جَازَ أَن تقسم فِي الْحَرْب مَا كلف النَّقْل.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجد سَبَب الْملك فَثَبت الْملك، هَذَا لِأَن الْقِسْمَة لَيست إِلَّا تعْيين الْأَنْصِبَاء وإقرارها، والاستيلاء هُوَ سَبَب الْملك، وَقد وجد بِدَلِيل الْمُبَاحَات وَالدَّار للْمُسلمين إِن نووا الْإِقَامَة. لَهُم: لم يتم الِاسْتِيلَاء، فَلَا يثبت المَال كَمَا قبل انْقِضَاء الْوَقْعَة، ذَلِك لِأَن الْيَد ثَابِتَة عَلَيْهَا من وَجه دون وَجه لكَونهَا فِي دَارهم، ثمَّ الْجِهَاد سَبَب الِاسْتِحْقَاق، وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بقلع شوكتهم أَو بالأمن مِنْهَا، وَذَلِكَ بالإحراز. مَالك: أَحْمد: التكملة: الِاسْتِيلَاء سَبَب الْملك، والمباح المنفك عَن اخْتِصَاص ذِي حُرْمَة هُوَ مَحَله، وَالْمُسلم أهل، ثمَّ السراق يملكُونَ أَمْوَال دَار الْحَرْب وهم بهَا

والأماكن لَا أثر لَهَا فِي التَّمْلِيك بِدَلِيل أَنه لَو فر عبد من عبيدهم إِلَى معسكر الْمُسلمين عتق، وَإِن كُنَّا فِي دَارهم وَهِي دَار تصح فِيهَا الْقِسْمَة فجازت، ذَلِك لِأَن للْإِمَام قسمتهَا، ومعسكر الإِمَام دَار من دور الْإِسْلَام، بِدَلِيل العَبْد إِذا هرب إِلَيْنَا، فَإِن ألزمونا جَوَاز أَخذ العلوفة ألزمناهم الْمَنْع من ذَلِك، وَلَعَلَّ الْعذر الْحَاجة إِلَى العلوفة.

المسألة الرابعة والثلاثون بعد الثلثمائة شلد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلد.) إِذا استولى الْكفَّار على أَمْوَال الْمُسلمين وأحرزوها بدار الْحَرْب. الْمَذْهَب: لَا يملكونها. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: رُوِيَ أَن الْمُشْركين أَغَارُوا على سرح الْمَدِينَة وفيهَا نَاقَة النَّبِي العضباء، وأسروا جَارِيَة من الْأَنْصَار، ثمَّ أَنَّهَا هربت على النَّاقة ونذرت إِن نجتها لتنحرنها، فَلَمَّا عَادَتْ إِلَى الْمَدِينَة وَعرف النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك قَالَ: " بئس مَا جزيتهَا "، واسترجعها. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ} ، وَجه الدَّلِيل: أَنه سماهم فُقَرَاء، وَرُوِيَ أَن الْكفَّار أخذُوا

أنت أحق به وقال عليه السلام هل ترك لنا عقيل من ربع الدليل من المعقول لنا محل معصوم بالإسلام فلا يملك بالاستيلاء كالرقاب وكما لو كان المستولي مسلما ونقله إلى دار الحرب ذلك لأنه مال مملوك والاستيلاء تملك

بَعِيرًا من الْمُسلمين فَلَمَّا ظهر عَلَيْهِ مَالِكه قَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنْت أَحَق بِهِ "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " هَل ترك لنا عقيل من ربع ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَحل مَعْصُوم بِالْإِسْلَامِ، فَلَا يملك بِالِاسْتِيلَاءِ كالرقاب، وكما لَو كَانَ المستولي مُسلما وَنَقله إِلَى دَار الْحَرْب، ذَلِك لِأَنَّهُ مَال مَمْلُوك، والاستيلاء تملك الْمُبَاح، وَالسَّبَب يعْمل إِذا صَادف مَحَله، وَالْكفَّار مخاطبون

بالمنهيات، وَلِهَذَا يقطع سارقهم، وَيحد زانيهم. لَهُم: سَبَب يملك بِهِ الْمُسلم مَال الْكَافِر فَملك بِهِ الْكَافِر مَال الْمُسلم كَالْبيع، لِأَن الْمُسلم وَالْكَافِر سَوَاء فِي أَحْكَام الدُّنْيَا وَنصِيب الْكَافِر أتم، وَلَو منع مَانع كَانَ الْخطاب وَالْكفَّار لَا يخاطبون بالفروع، فَهُوَ سَبَب صدر من أَهله فِي مَحَله، ذَلِك لِأَن المَال مَحل الْملك وَله خلق، وعصمته خلاف الأَصْل تثبت بخطاب المخاطبين. مَالك: ف. أَحْمد: ف. التكملة: نصب الِاسْتِيلَاء سَبَب للْملك لَا يعرف إِلَّا من نَص أَو قِيَاس على مَنْصُوص وَلَا نَص فِي الْمَسْأَلَة، وَالْأَصْل الْمجمع عَلَيْهِ الِاسْتِيلَاء على مَال مُبَاح منفك عَن اخْتِصَاص ذِي حُرْمَة كالحشيش وَالصَّيْد وَمَال الْكفَّار، وَلَيْسَ مَال الْمُسلم فِي معنى ذَلِك بِدَلِيل أَنه لَا يملكهُ مُسلم آخر بِالِاسْتِيلَاءِ،

ويلزمهم أَن الرّقاب لَا تملك بِالِاسْتِيلَاءِ، وَالْآيَة لَا حجَّة فِيهَا فَإِنَّهُ يُقَال: غصب فلَان مَال فلَان فأفقره، وَإِنَّمَا المُرَاد بِهِ زَوَال الْيَد، وَلِهَذَا يكون فَقِيرا وَيسْتَحق سهم الْفُقَرَاء إِذا انْقَطع عَن مَاله. وَقَوله: " هَل ترك لنا عقيل من ربع " أَي أخر بِهِ، ونقول: هَل الِاسْتِيلَاء سَبَب يثبت الْملك أم ناقل؟ فآخر الْقسمَيْنِ مَمْنُوع، وَالْمحل لَا يقبل الأول، فَإِنَّهُ مَمْلُوك للْمُسلمين إِجْمَاعًا، وَإِثْبَات الْملك فِي مَمْلُوك مُمْتَنع ضَرُورَة أَن المثلين لَا يَجْتَمِعَانِ، فَإِن ألزمونا اسْتِيلَاء الْمُسلم على مَال الْكفَّار منعنَا ملك الْكَافِر، لِأَن الْملك اخْتِصَاص شَرْعِي وَلَا اخْتِصَاص إِلَّا بِقطع رَحْمَة الْغَيْر وَهِي غير مُنْقَطِعَة إِجْمَاعًا، ونمنع على هَذَا صِحَة مبايعة الْكفَّار بل هُوَ احتيال فِي أَخذ أَمْوَالهم، وَذَلِكَ جَائِز.

المسألة الخامسة والثلاثون بعد الثلثمائة شله

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شله.) من أسلم وَلم يُهَاجر إِلَيْنَا. الْمَذْهَب: تضمن نَفسه وَمَاله قصاصا ودية وَكَفَّارَة. عِنْدهم: خَالف إِلَّا فِي الْكَفَّارَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: العمومات الْوَارِدَة فِي وجوب الْقصاص وَالدية بقتل الْمُسلم وَأخذ مَاله كَقَوْلِه: {النَّفس بِالنَّفسِ} ، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترد "، وَيدل على الْعِصْمَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فَإِذا قالوها عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ ". لَهُم: قَالَ تَعَالَى: {وَمن قتل مُؤمنا خطئا فَتَحْرِير رَقَبَة} ، وَقَالَ: {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة} أَرَادَ الذِّمِّيّ، وَقَالَ: {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة} أَرَادَ من أسلم فِي دَار

الْحَرْب فَأوجب الْكَفَّارَة، فَلَو أَوجَبْنَا الدِّيَة بَطل التَّقْسِيم وَعَاد الثَّلَاثَة الْأَقْسَام إِلَى قسمَيْنِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْعِصْمَة كَرَامَة، وَالْإِسْلَام يُنَاسب جلب الكرامات، وَالشَّيْء يفهم من ضِدّه، فَكَمَا فهم أَن الْكفْر مُبِيح فهم أَن الْإِسْلَام عَاصِم، وَالْإِسْلَام شكر النِّعْمَة وَيَقْتَضِي الزِّيَادَة مِنْهَا، وَلِهَذَا الْمُسلم الْمُسْتَأْمن فِي دَار الْحَرْب مَضْمُون. لَهُم: الْعِصْمَة نعْمَة دنيوية، وَالْإِسْلَام أعظم من أَن يُؤْتى فِي أُمُور الدُّنْيَا بل مقْصده الْآخِرَة، فكم من كَافِر موسع عَلَيْهِ، وَالدُّنْيَا جنَّة الْكَافِر، وَإِنَّمَا العاصم الدَّار بِدَلِيل الذِّمِّيّ، وَذَلِكَ لِأَن مَنْفَعَة الدَّار صَالِحَة للعصمة والعصمة هِيَ التقوم، والتقوم بالعبرة وَالْعبْرَة بالإحراز فِي الدَّار. مَالك: ق.

أَحْمد: ق. التكملة: إِن حملُوا الْخَبَر على الْعِصْمَة المؤثمة، قُلْنَا: هَذِه أَسمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم فتقسيم الْعِصْمَة إِلَى مؤثمة ومقومة لَا دَلِيل عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا فِي اللُّغَة عبارَة عَن الْحِفْظ، وَفِي الشَّرْع عبارَة عَن معنى مُقَدّر فِي الْمحل يَقْتَضِي حفظه والذب عَنهُ بالتأثيم والتضمين، والعصمة على الْحَقِيقَة بالفطرة لَكِنَّهَا بطلت بالْكفْر وتعود بِالْإِسْلَامِ، وَالْإِسْلَام يصلح أَن يكون عَاصِمًا لَا على معنى أَنه جرد الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة بل أَنه سلمهَا مَعَ الْأُمُور الأخروية، فَيجب أَن يزْجر عَن إِتْلَاف الْمُسلم ويعاقب عَلَيْهِ بِالْقصاصِ وَالدية لتبقى نَفسه وَمَاله يَسْتَعِين بهما على الْعِبَادَة، فَإِذا جَازَ أَن ينَال بِالْجِهَادِ الْغَنِيمَة فِي الدُّنْيَا وَالثَّوَاب فِي الْآخِرَة لم لَا يجوز بِالْإِسْلَامِ؟ الْجَواب من الْآيَة أَن للشَّافِعِيّ فِي الدِّيَة قَوْلَيْنِ فَنَقُول: تجب الدِّيَة بقتل الْمُسلم الَّذِي لم يُهَاجر إِلَيْنَا إِذا قتل خطأ وَتَكون الْآيَة ساكتة عَن الدِّيَة، واستفدناها من

مَوضِع آخر وَهُوَ قَوْله: " فِي النَّفس المؤمنة مائَة من الْإِبِل "، وَإِن قُلْنَا: لَا تجب فسقوطها لَا لكَونه فِي دَار الْحَرْب بل لَو وَقع الْقِتَال فِي دَار الْإِسْلَام وَرمي إِلَى صف الْكفَّار فَأصَاب مُسلما كَانَ كَذَلِك والعذر فِيهِ عدم التَّحَرُّز من قتل الْمُسلم إِذا كَانَ فِي جمع الْكفَّار.

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 79 من المخطوطة أ:) الشرذمة القليلة إِذا توغلوا دَار الْحَرْب وقاتلوا فَمَا كسبوا غنيمَة تخمس خلافًا لَهُم:، فَنَقُول: الْغَنِيمَة هِيَ المَال الْمَأْخُوذ من الْكفَّار بِالْجِهَادِ وَهَذَا كَذَلِك، وَلَا عِبْرَة بكمية الْمُجَاهدين إِذْ لَيْسَ لَهُ حد، {كم من فِئَة قَليلَة غلبت فِئَة كَثِيرَة بِإِذن اللَّهِ} ، بذلك نطق الْكتاب الْعَزِيز، ويتأيد بِمَا لَو دخلُوا بِإِذن الإِمَام، وَاعْلَم أَن سبي الزَّوْجَيْنِ أَو أَحدهمَا يُوجب انْفِسَاخ النِّكَاح خلافًا لَهُم، فنفرض فِي التَّزْوِيج ونقول: أحد نَوْعي الْملك فَيَنْقَطِع بالاسترقاق كملك الْيَمين بل أولى، فَإِن ملك الْيَمين أقوى، وَتَقْرِيره أَن ملك الْيَمين لم يَنْقَطِع لمنافاة بَين كَون الشَّخْص مَالِكًا ومملوكا فَإِن الْآدَمِيّ يشْتَمل على نفسية بهَا يستسخر ومالية بهَا يستسخر فالمالكية تعتمد جِهَة النفسية والملوكية تعتمد، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

جِهَة الْمَالِيَّة، وَلَا يَسْتَحِيل أَن يكون المسبي مَمْلُوكا مَالِكًا، لَكِن الشَّرْع كَمَا علم مَا يلْزم ذَلِك من التَّنَاقُض فِي ثَمَرَات الْأَحْكَام، فَإِن مُقْتَضى الرّقّ الْحجر، وَمُقْتَضى الْحُرِّيَّة الْإِطْلَاق، وَالْجمع بَين هَاتين التمرتين مُتَعَذر، فلابد من دفع إِحْدَاهمَا فدفعنا مالكيته، وَذَلِكَ أقل الضررين لكَونه غير مَعْصُوم، وَكَذَلِكَ النِّكَاح، بَقِي أَن يُقَال: النِّكَاح (مَشْرُوع) فَفِي حق العَبْد إِجْمَاعًا، (وَملك) الْيَمين غير مَشْرُوع، وَالْجَوَاب: الْمَنْع، ونقول: العَبْد يملك المَال بِتَمْلِيك السَّيِّد كَمَا يملك النِّكَاح وَلَا يلْتَزم بَينهمَا فرقا، ومعتمدهم أَن النِّكَاح ينْعَقد مُطلقًا، والسبي الطَّارِئ لَا يرد على ذَات العقد بِالْفَسْخِ،، وَلَا على حكمه بِالْقطعِ كَالطَّلَاقِ، وَلَا على شَرطه بالتفويت كالرضاع؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ من شَرط النِّكَاح انْتِفَاء الرّقّ، فَكَانَ السَّبي أَجْنَبِيّا عَن النِّكَاح، فَإِن مَحَله الذَّات بِصفة كَونهَا مَالا، وَمحل النِّكَاح الذَّات بِصفة كَونهَا إنْسَانا. الْجَواب أَنا نبطل النِّكَاح من الْوَجْه الَّذِي ذَكرُوهُ، وَإِنَّمَا يُبطلهُ لمنافاة الْحكمَيْنِ كَمَا قَررنَا وَلذَلِك يَصح النِّكَاح الطَّارِئ لِأَن الْمَالِك رَضِي بِمَا يلْزمه.

وَاعْلَم أَن الْخَيل والضب، والضبع والثعلب حَلَال خلافًا لَهُم، وَالدَّلِيل على إِبَاحَة الضَّب والضبع أَخْبَار وَردت فيهمَا، وَقد أكل خَالِد الضَّب على مائدة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَهُوَ مِمَّا تستطيبه الْعَرَب، فَمَا ينْدَرج تَحت مُطلق قَوْله تَعَالَى: {وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} ، وَالْأَصْل فِي هَذَا الْبَاب الْعَرَب، فَإِن تتبع غَيرهم يصعب، ومأخذ الْمَذْهَب تأصيل الْإِبَاحَة إِلَى وُرُود التَّحْرِيم، وَعِنْدهم بِأَصْل التَّحْرِيم إِلَى قيام دَلِيل الْمُبِيح، وَحجَّتنَا قَوْله تَعَالَى: {قل لَا أجد فِي مَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة أَو دَمًا مسفوحا أَو لحم خِنْزِير} ، ثمَّ الْتحق بذلك ذُو

الناب والمخلب العادي، وحجتهم أَن الذّبْح إِيذَاء وَالْأَصْل تَحْرِيمه، ونعتذر عَن تَحْرِيم الهر بِأَن ذَلِك مِمَّا انْعَقَد بِهِ الْإِجْمَاع وَلَعَلَّ الْعلَّة حُرْمَة الطّواف. تمّ بِحَمْد اللَّهِ

الجزء 5

(مسَائِل من السّير وَالصَّيْد) الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: (شلو) . هَل تسْقط الْجِزْيَة بِالْإِسْلَامِ أَو الْمَوْت أَو بتداخل السنين. الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

رُوِيَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " لَيْسَ على الْمُسلم جِزْيَة "، وَقَالَ: " الْإِسْلَام يجب مَا قبله "، وَرُوِيَ أَن ذِمِّيا طُولِبَ بالجزية فَأسلم فَقيل لَهُ: أسلمت مُتَعَوِّذًا (فَقَالَ: إِن فِي الْإِسْلَام مُتَعَوِّذًا) فَأخْبر بذلك عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ فَقَالَ: صدق وخلوا سَبيله. (الدَّلِيل من الْمَعْقُول:) لنا: مَال اسْتندَ لُزُومه إِلَى الْتِزَام صَحِيح فَلَا يسْقط إِلَّا بِالْأَدَاءِ أَو الْإِبْرَاء لِأَنَّهُ عوض عَن شَيْء سلم لَهُ فَلَا يسْقط بِالْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُبَاح الدَّم إِلَى أَن عقد الذِّمَّة فَأوجب الْعِصْمَة لَهُ وَأوجب عَلَيْهِ مَال فَمَاله بِمَا عَلَيْهِ وَلَيْسَت

عُقُوبَة لَكِن غَرَامَة. لَهُم الْجِزْيَة عُقُوبَة على الْكفْر فَتسقط بِالْإِسْلَامِ كَالْقَتْلِ، دَلِيل ذَلِك تَسْمِيَتهَا صغَارًا، وَاشْتقت من الْجَزَاء على الجريمة وَلِهَذَا أنف التغلبيون مِنْهَا وضاعفوها باسم الصَّدَقَة، وَيجوز أَن تكون خلفا وبدلا عَن النُّصْرَة الْوَاجِبَة على سَاكِني الدَّار لكَونه لَيْسَ من أهل النُّصْرَة فأقيم المَال مقَام النُّصْرَة، فَإِذا جَاءَ بِالْإِسْلَامِ سقط مَا كَانَ بدله. مَالك: وَافق فِي الْمَوْت وَأسْقط بِالْإِسْلَامِ. أَحْمد: خَالف فِي الْمَوْت. التكملة: سُكُون الْكفَّار فِي دَارنَا ومشاركتهم لنا فِي مرافقها وعصمتهم وَترك التَّعَرُّض لَهُم، هُوَ الْأُمُور بعوض هَذِه الْجِزْيَة، وَقد أخذُوا المعوض فَثَبت الْعِوَض، وَلَا يسْقط إِلَّا بِالْأَدَاءِ أَو الْإِبْرَاء، نعم لَا ننكر أَنه بعوض مَجْهُول لجَهَالَة آخر الْمدَّة لكنه يحْتَمل الْمصلحَة هَذَا العقد كَمَا فِي الْقَرَاض والجعالة وَضرب الْجِزْيَة بِالنعَم أشبه مِنْهُ بالعقوبات فَإِنَّهَا عوض الْقَتْل وَالرّق فَإِذا قبل

مِنْهُ عوض ذَلِك دَرَاهِم فقد أنعم عَلَيْهِ. وَسبب ذَلِك عقد الذِّمَّة والذل وَالصغَار لَيْسَ من صِفَات الْجِزْيَة ولوازمها وَإِنَّمَا هُوَ حكم الْكفْر كَمَا منع من المطاولة فِي الْبُنيان وركوب الْخَيل، وَمن ذَلِك اسْتِيفَاء الْجِزْيَة على صفة الذل وَلَو ترك الْمُسْتَوْفى هَذِه الْهَيْئَة وَقعت الْجِزْيَة موقعه. وَقَوله تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطوا} مَتْرُوك الظَّاهِر، فَإِن الْقِتَال يَنْتَهِي بِالْبَدَلِ لَا بالإعطاء، فَدلَّ على أَن الْوَاجِب الْإِلْزَام، وَيدل عَلَيْهِ صِيغَة العقد فَإِن قَول النَّبِي: قبلت، جَوَاب خطاب الإِمَام، والعصمة بِمُقْتَضى الْفطْرَة لَكِن بِشَرْط فَوَات الْكفْر والذراري من الْمُسلمين وَالْكفَّار تبع فِي جَمِيع الْأَحْكَام، والذب عَن الدَّار فرض كِفَايَة وَلَا يلْزمهُم عوضه.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

المسألة السابعة والثلاثون بعد الثلثمائة شلز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: (شلز)) هَل تُؤْخَذ الْجِزْيَة من الوثني العجمي؟ . الْمَذْهَب: لَا. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَلَا يحرمُونَ مَا حرم اللَّهِ وَرَسُوله} إِلَى قَوْله: {من الَّذين أُوتُوا الْكتاب حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد} . أَمر بِقِتَال الْكفَّار على الْإِطْلَاق وَخص أهل الْكتاب بالجزية، وَكتب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أبي مُوسَى: " خُذ من كل حالم أَو محتلم من أهل الْكتاب دِينَارا "، وَتوقف عمر فِي الْمَجُوس.

لَهُم: كَانَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يعرض نَفسه الشَّرِيفَة على الْقَبَائِل وَيَقُول: " هَل لكم فِي كلمة إِذا قُلْتُمُوهَا دَانَتْ لكم الْعَرَب وَأَدت إِلَيْكُم الْجِزْيَة الْعَجم ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْقيَاس يَقْتَضِي أَن لَا تضرب الْجِزْيَة لكَونهَا تقريرا للكفر، إِلَّا أَن الشَّرْع قررها تعبدا فنقتصر على مَحل النَّص وَإِن عللنا فَلِأَن يرى محَاسِن الْإِسْلَام كَمَا يرى محَاسِن دينه، وَهَذَا يخْتَص بِأَهْل الْكتاب وَلَيْسَت الْجِزْيَة كالرق فَإِنَّهُ إعدام حكما. لَهُم: جَازَ استرقاقهم فَجَاز أَخذ جزيتهم؛ إِذْ الْجَمِيع تَقْرِير على الدّين فَيصير منا دَارا لَا دينا. مَالك: لَا تُؤْخَذ من كفار قُرَيْش خَاصَّة.

أَحْمد: التكملة: الرِّضَا بتقرير الْكفَّار فِي دَارنَا بِدِينَار يبذلونه فِي كل سنة نوع مداهنة لَا يَقْتَضِيهِ الْقيَاس، وَإِنَّمَا عرف بِالنَّصِّ، وَالنَّص قَاصِر على الكتابيين وَتَخْصِيص الشَّيْء بِالذكر يدل على نفي الحكم عَمَّا عداهُ، ثمَّ الْوَصْف إِذا صَار مناسبا صَار مناطا للْحكم فَلم يلْحق بِهِ غَيره مَعَ فقد الْمُنَاسبَة. وَوَجهه: أَن الْجِزْيَة تَخْفيف وَرَحْمَة جوز فِي الكتابيين بِحَق كفرهم لِأَنَّهُ كَانَ صَحِيحا وَنسخ، وَلأَجل ذَلِك أَبَاحَ مناكحتهم وذبائحهم. فَإِن قيل: الْآيَة نزلت فِي الْعَرَب، قُلْنَا: إِذا فتحنا هَذَا الْبَاب سرى فِي جَمِيع آي الْكتاب الْعَزِيز، وَمَا منع أَخذ الْجِزْيَة من وَثني الْعَرَب إِلَّا لغلط كفره وتلقي حكم الْجِزْيَة من الرّقّ بِنَاء على أَنَّهَا عُقُوبَة وَلَيْسَت كَذَلِك لَكِنَّهَا عوض، ثمَّ وَإِن كَانَتَا عقوبتين إِلَّا أَن الرّقّ أَشد، وَإِن اعتذروا عَن وَثني الْعَرَب بِأَنَّهُ شَدِيد الْكفْر فكتابي الْعَرَب أَشد كفرا لِأَنَّهُ عرف وَجحد وَلم يلق النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا لَقِي من الْيَهُود، أَلا ترى أَنه يَوْم فتح مَكَّة كَانَ

أَكثر فعله الْعَفو، وَفِي خيابر كَانَ أَكثر فعله الْقَتْل.

المسألة الثامنة والثلاثون بعد الثلثمائة شلح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلح.) الْكَلْب الْمعلم إِذا أكل من فريسته. الْمَذْهَب: لم يحرم. عِنْدهم: تحرم هِيَ وَمَا قبلهَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِي أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم وَذكرت اسْم الله عَلَيْهِ فَكل "، فَقلت: وَإِن أكل؟ قَالَ: " وَإِن أكل ".

وَيحمل حَدِيثهمْ على الْكَرَاهِيَة وَهُوَ الْأَلْيَق بِحَال عدي لِأَنَّهُ كَانَ يصيد للنزهة وَكَانَ ثَعْلَبَة يصيد للْحَاجة. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} ، وَمَتى أكل فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لعدي بن حَاتِم: " إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم وَذكرت اسْم اللَّهِ عَلَيْهِ فَكل "، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ وَإِن أكل، قَالَ: " فَإِن أكل فَلَا تَأْكُل فَإِنِّي أَخَاف أَن يكون أمسك على نَفسه ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: صيد كلب معلم فَحل ذَلِك لِأَن التَّعْلِيم يصير آلَة يُجيب عِنْد الدُّعَاء ويستشلى وَترك الْأكل نوع أدب فبتركه يصير كَعبد عَاص وَصَارَ كجوارح الصَّيْد. الصُّورَة الثَّانِيَة: دليلها فريسة كلب معلم لم يَأْكُل مِنْهَا فَلَا تحرم بطارئ الْأكل كَمَا لَو ارْتَدَّ المذكي. لَهُم: صيد كلب جَاهِل فَيحرم، بَيَانه أَن ترك الْأكل ركن فِي التَّعْلِيم لِأَن مَا عداهُ من شِيمَة الْكَلْب، وَإِنَّمَا يكون معلما بترك الْأكل، فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ حَرَامًا، بِخِلَاف جوارح الطير فَإِن الْإِجَابَة والإمساك لَيْسَ من شَأْنهَا وجوارح الطير لَا يُمكن تأديبها بترك الْأكل. مَالك: ق.

أَحْمد: التكملة: الِاصْطِيَاد: هُوَ أَخذ المصيد لَا غَيره ويتوسل إِلَيْهِ تَارَة بالحبالة وَمَا شابهها، وَتارَة بالجوارح جنَاحا وسراحا، فَيصير الْكَلْب كالسهم والحبالة فوظيفته تَحْصِيل الصَّيْد. أما الْأكل وَعَدَمه فخارج عَن ذَلِك، فَيشْتَرط أَن يتبع مُرَاد الْمُرْسل فِي الْإِمْسَاك، أما فِيمَا عداهُ فَلَا حَتَّى لَو أكل الصَّيْد بعد أَن أَخذه الْمُرْسل ومزق ثِيَابه لم يقْدَح ذَلِك فِي التَّعْلِيم، ويتأيد بجارح الطير ونقول: إِنَّا لَا نعتبر فِي ابْتِدَاء التَّعْلِيم ترك الْأكل بل نسوي بَينه وَبَين الْبَازِي، رَأْي الْحَلِيمِيّ من أَصْحَابنَا وعَلى التَّسْلِيم، فَالْفرق بَينهمَا أَن بنية الطير لَا تحْتَمل التَّأْدِيب إِلَى

ترك الْأكل، وَالْكَلب يحْتَمل الضَّرْب الآخر، نسلم حُرْمَة هَذِه الفريسة ونرد النزاع إِلَى الفرائس الَّتِي لم يَأْكُل مِنْهَا فَنَقُول: الفرائس الَّتِي لم يَأْكُل مِنْهَا قد انْقَضتْ على الْحَال فَصَارَ كَمَا لَو فسق الشُّهُود بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة أوجنوا، ونقول: كَمَا يتَصَوَّر ترك الْأكل من غير الْمعلم وَلَا يدل على تَعْلِيمه يتَصَوَّر ضِدّه.

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلط مَتْرُوك التَّسْمِيَة. الْمَذْهَب: حَلَال الْأكل. عِنْدهم: إِن ترك عَامِدًا حرم. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا مَا ذكيتم} وَهَذَا مذكى، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْمُؤمن يذبح على اسْم اللَّهِ سمى أَو لم يسم "، وَقَالَت عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا: يَا رَسُول اللَّهِ إِن الْأَعْرَاب يهْدُونَ لنا لَحْمًا وَلَا نعلم سموا عَلَيْهِ أَو لَا، فَقَالَ: " عَلَيْهِ سموا أَنْتُم وكلوا ".

لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم اللَّهِ عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق} وَقَوله: {فاذكروا اسْم اللَّهِ عَلَيْهَا صواف} ، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " فَإِنَّمَا سميت على كلبك لَا على كلب غَيْرك ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: التَّسْمِيَة إصْلَاح مَأْكُول فَهِيَ كالخبز لهَذَا تصح ذباحة النَّاسِي والأخرس، ثمَّ الْمَطْلُوب الْمَشْرُوط أَن يكون من أهل التَّسْمِيَة، دَلِيله: الْمُشرك والمجوسي لَو سميا لم تحل ذباحتهما، وَتَسْمِيَة المجوسى صَحِيحَة، وَلِهَذَا تصح فِي الْإِيمَان. لَهُم: الْملَّة مُعْتَبرَة وَإِنَّمَا اعْتبرت لأجل التَّسْمِيَة لما فِي ذَلِك من تَعْظِيم المعبود،

وَيخرج على هَذَا النِّكَاح فَإِن الْملَّة غير مُعْتَبرَة لَهُ، وَلِهَذَا إِذا أَسْلمُوا عَلَيْهِ لم يبطل، ثمَّ التَّسْمِيَة لَو كَانَت فَاسِدَة بِأَن أهل بِهِ لغير اللَّهِ حرم وَهَذَا خلل فِي الْوَصْف فَترك الأَصْل أولى. مَالك: ق. أَحْمد: لَيست شرطا فِي حَال النيسان، وَفِي الْعمد رِوَايَتَانِ. التكملة: آيَة الذَّكَاة تَقْتَضِي تَحْلِيل كل مذكى، وَآيَة التَّسْمِيَة تَقْتَضِي بعمومها تَحْرِيم كل مَتْرُوك التَّسْمِيَة، والمتنازع فِيهِ مذكى مَتْرُوك التَّسْمِيَة فَإِن أحللناه بِعُمُوم آيَة الذَّكَاة لزم تَأْوِيل آيَة التَّسْمِيَة إِلَى مجازه، وَإِن حرمناه بأية التَّسْمِيَة لزم تَخْصِيص آيَة الذَّكَاة بمذكاة ذكر عَلَيْهَا اسْم الله تَعَالَى. فَتَأْوِيل آيَة التَّسْمِيَة أولى من حَيْثُ إِن ظَاهرهَا مَتْرُوك بِدَلِيل صُورَة النسْيَان، وَعُمُوم آيَة الذَّكَاة لم يتْرك فِي حَال، ثمَّ المُرَاد بِالذكر الْحكمِي لَا الْحَقِيقِيّ كَمَا فِي حَقِيقَة الْإِيمَان حَالَة الذّبْح.

عبارَة: ذَكَاة وجدت من أَهلهَا فِي محلهَا بشرائطها فأفادت الْحل كَمَا لَو نسي وَتحمل الْآيَة على الْميتَة بِدَلِيل قَوْله {وَإنَّهُ لفسق} وَمن أكل مَتْرُوك التَّسْمِيَة لَا يفسق، ثمَّ لَو كَانَت شرطا لَزِمت الْعَامِد وَالنَّاسِي سَوَاء.

هل يذكى الجنين بذكاة أمه المذهب نعم عندهم لا الدليل من المنقول لنا أبو سعيد الخدري قال سألنا النبي عليه السلام أنا ننحر الجزور ونذبح الشاة فنجذ في بطنها جنينا ميتا فنلقيه أم نأكله فقال كلوه فإن ذكاة

الْمَسْأَلَة الْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شم.) هَل يذكى الْجَنِين بِذَكَاة أمه. الْمَذْهَب: نعم. عِنْدهم: لَا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَأَلنَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنا نَنْحَر الْجَزُور ونذبح الشَّاة فنجذ فِي بَطنهَا جَنِينا مَيتا فنلقيه أم نأكله. فَقَالَ: " كلوه فَإِن ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه " أَمر بِالْأَكْلِ وَبَين الْعلَّة.

لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} وندعي أَن هَذَا ميتَة، وَقَوله: {والمنخنقة} وَهَذَا مخنوق، وَقَالَ: {إِلَّا مَا ذكيتم} اسْتثْنى المذكى بِالْحلِّ، وَهَذَا غير مذكى. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: وجود الذَّكَاة من وَجه كَاف فِي حل الْحَيَوَان عِنْد الْعَجز عَن الذَّكَاة من كل وَجه بِدَلِيل الصَّيْد فَإِن مَقْتَله حَيْثُ رمي، والجنين جُزْء من الْأُم يحيى بحياتها ويغتذي بِمَا تتغذي بِهِ أجزاؤها فَكَانَ ذَكَاته ذكاتها. لَهُم: الذَّكَاة تصرف فِي الرّوح، وَهُوَ أصل فِي الرّوح بِنَفسِهِ فَلَا يتبع فِي الذَّكَاة، وَالدَّلِيل على أَنه أصل يُمكن أَن يحيا بعد موت الْأُم ويفصل عَنْهَا،

وَمن حَيْثُ الْأَحْكَام يملك بِالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَة وَالْإِرْث وَيعتق دون الْأُم. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: إِن عنوا بِانْفِرَادِهِ أَن حَيَاته غير حَيَاتهَا فحياة كل جُزْء غير حَيَاة الآخر، فالقائم بِكُل جُزْء غير الْقَائِم بِالْآخرِ، وَذَلِكَ لَا يمْنَع الِاكْتِفَاء بِذَكَاة وَاحِدَة، وَإِن عنيتم أَن الْجَنِين مُسْتَقل كَذَلِك فَإِنَّهُ كَسَائِر الْأَجْزَاء. فالجنين جُزْء مِنْهَا فيخلق من مَائِهَا مُتَّصِل بهَا اتِّصَال خلقه، نعم نتوقع اسْتِقْلَال حَيَاته وَذَلِكَ لَا يمْنَع اتِّصَاله الْآن، ولجواز استقلاله جُزْء إِفْرَاده بِالْوَصِيَّةِ وَغَيرهَا حَتَّى إِذا لم يسْتَقلّ بطلت الْوَصِيَّة. والذكاة فِي كل حَيَوَان مَا هُوَ مَقْدُور عَلَيْهِ فِيهِ كجرح الصَّيْد أَيْن كَانَ، وَلَا قدرَة على ذبح الْجَنِين إِلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيق، ثمَّ ذَكَاة الْأُم تبرز دم الجنيبن بالاتصال الْقَائِم بَينهمَا بوسائط الْعُرُوق، وَكَذَلِكَ تمنع الْحَامِل من

الفصد خيفة على الْجَنِين.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

اللوحة 80 من المخطوطة أ: لَو رمى صيدا فأبان عضوا وَمَات حل الْعُضْو خلافًا لَهُم، فَنَقُول: مَا أَفَادَ حل الصَّيْد فَأفَاد كُله كحز الرَّقَبَة والتصنيف لِأَن الشَّارِع جعل جَمِيع بدن الصَّيْد مذبحا، وَرَأسه وَيَده فِي الطرفية وَاحِد، لَكِن الْعَادة أَن مَعَ قطع الرَّأْس لَا تبقى الْحَيَاة وَقد تبقى مَعَ قطع الطّرف فَإِذا لم تبْق مَعَ قطع الْيَد التحقت بِالرَّأْسِ، فالموجود قطعا كالموجود طبعا والحياة ثبتَتْ فِي الْكل ثبوتا وَاحِدًا، ومعتمدهم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " مَا أبين من حَيّ فَهُوَ ميت ".

وَالْجَوَاب: أَن شَرط ذَلِك بَقَاء المبان عَنهُ حَيا، وَهَاهُنَا فَرضنَا زهوق روح الصَّيْد بإبانة الطّرف فالتحق بِالرَّأْسِ وعَلى هَذَا نمْنَع حل الْعُضْو إِذا بَقِي الصَّيْد حَيا ثمَّ مَاتَ بِالسّرَايَةِ وَفِي تَحْلِيله وَجه. وَنقل عَن الشَّافِعِي رَضِي اللَّهِ عَنهُ قَولَانِ فِي الْمُضْطَر الخميص: أَحدهمَا يشْبع من الْميتَة، وَالْآخر يقْتَصر على سد الرمق وَهُوَ مَذْهَب الْخصم. فَأَما السَّبع فَأَي ضَرُورَة فِيهِ وَلَو كَانَ على هَذِه الْحَال ابْتِدَاء مَا جَازَ لَهُ التَّنَاوُل، وَلَا معنى لقَوْل من يَقُول يحْتَمل فِي الدَّوَام مَا لَا يحْتَمل فِي الِابْتِدَاء فَإنَّا نقُول: كل لقْمَة تنَاولهَا فِي ابْتِدَاء فَهُوَ يدْفع الصَّائِل يتَقَدَّر بِقدر الضَّرُورَة، وَقَول الْخصم بَاطِل، لِأَن الِاقْتِصَار على سد الرمق يُفْضِي إِلَى محَال، وَهُوَ أَنه يحْتَاج بعد سد إِلَى سد الرمق (لِأَن سد الرمق إِنَّمَا)

يحْتَملهُ هنيهة ثمَّ يعاود الْجُوع فيعاود الْميتَة فالميتة متناولة والضرورة غير مندفعة، وَالتَّحْقِيق أَن نلحظ الضَّرُورَة فِي بَقَاء الشَّخْص، وَيُبَاح لَهُ تنَاول مَا يوصله إِلَى حَيْثُ يجد الزَّاد. وَاعْلَم أَن لأجل الِاخْتِلَاف فِي اسْتِمَاع الْبَيِّنَة على الْغَائِب توصلوا فِي الحضرة إِلَى إِقَامَة شخص فِي ديوَان الحكم وَكيلا للغائبين، واسْمه المدير اشتقاقا من إدارته الْكتب على الشُّهُود. فمأخوذ على كل شرطي أَن يكْتب فِي آخر الْوَثِيقَة أَن الْمقر بهَا قد وكل المدير الْمَذْكُور ووصى إِلَيْهِ فِي الْخُصُومَة فِيمَا تضمنه ذَلِك الْكتاب، فَإِذا احْتَاجَ صَاحبه إِلَى بَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم وكل وَكيلا فَحَضَرَ الْوَكِيل وَمَعَهُ المدير وابتدأ، الْوَكِيل وَادّعى لمُوكلِه على هَذَا المدير شَيْئا فيعترف المدير بذلك الشَّيْء وينكر الْوكَالَة فَيشْهد بهَا الشُّهُود فَإِذا صحت الْوكَالَة عَاد الْوَكِيل وَادّعى لمُوكلِه مَا فِي الْكتاب وَذكر أَن فلَانا يَعْنِي الشَّخْص الَّذِي المدير وَكيله قد مَنعه هَذَا الْحق فيجيب المدير إِذا بالإنكار وَالْخُصُومَة عَن مُوكله فتقوم الْبَيِّنَة بِمحضر من المديرين ثَلَاثَة نف فهم الموكلون الْمُوصى إِلَيْهِم مُجْتَمعين

وَمُتَفَرِّقِينَ فِي كل كتاب، ولعمر اللَّهِ إِن هَذِه حِيلَة حَسَنَة شَرْعِيَّة، والمرء يعجز لَا محَالة.

المسألة الحادية والأربعون بعد الثلثمائة شما

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شما) الْأُضْحِية. الْمَذْهَب: سنة مُؤَكدَة أَو مَنْدُوب إِلَيْهَا. عِنْدهم: وَاجِبَة وَلَيْسَت فرضا. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ضحى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بكبشين أملحين أقرنين أَحدهمَا عَن نَفسه وَالْآخر عَن أمته، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ": كتب عَليّ النَّحْر وَلم يكْتب

عَلَيْكُم "، وَكَانَ الشَّيْخَانِ رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا لَا يضحيان مَخَافَة أَن ترى النَّاس أَنَّهَا وَاجِبَة، وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَشْتَرِي لَحْمًا بِدِرْهَمَيْنِ وَيَقُول: هَذَا أضحيتي. لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فصل لِرَبِّك وانحر} وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " على كل بَيت فِي كل عَام أضْحِية وعتيرة " وَقَالَ: " من لم يضح فَلَا يقربن

مصلانا ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تَفْرِيق اللَّحْم لَا يجب وَلَو وَجَبت الْأُضْحِية لوَجَبَ، فَإِن إِرَاقَة الدَّم إِتْلَاف فَلَا يجب لعَينه، وَلَو كَانَت وَاجِبَة وَجَبت على الْمُسَافِر وقضيت إِذا فَاتَت، وتفارق الْعتْق وَإِن كَانَ إِخْرَاج مَال فَإِنَّهُ يحصل بِهِ نفع العَبْد. لَهُم: مُؤَقَّتَة فَكَانَت وَاجِبَة، تَأْثِيره أَن النَّوَافِل يُوسع فِيهَا فَرُبمَا ضَاعَت بِعَدَمِ التَّأْقِيت والواجبات لَا يُمكن تضييعها فوقتت، ثمَّ الزَّمَان يُضَاف إِلَيْهَا فَيُقَال: يَوْم النَّحْر كَمَا يُقَال: يَوْم الْجُمُعَة، وَيصِح نذرها وَلَا ينذر إِلَّا مَا جنسه وَاجِب. مَالك: وَاجِبَة.

أَحْمد: ق. التكملة: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من لم يضح فَلَا يقرب مَسْجِدنَا " أَرَادَ من لم يعزم على الْأُضْحِية فَلَا يحضر تزاحم المضحين، فَإِنَّهُ لَا فَائِدَة من سَماع الْخطْبَة وشروط الْأُضْحِية، ونقول: هُوَ بِمَثَابَة صَلَاة الْعِيد فَكَأَنَّهُ قَالَ من تهاون بالأضحية فَكَأَنَّهُ تساهل بِصَلَاة الْعِيد وَتَعْيِين الْوَقْت لَا يدل على الْوُجُوب فَإِن صَلَاة الْأَضْحَى وَالضُّحَى والرواتب متعينة بأوقاتها وَلَيْسَت وَاجِبَة، وَالزَّكَاة وَالْكَفَّارَات وَاجِبَة وَلَا يتَعَيَّن وَقت أَدَائِهَا، وَكَذَلِكَ النذور. أما إِضَافَة الْيَوْم إِلَيْهِ فلبيان المشروعية فَهُوَ دون غَيره كَيَوْم الْعِيد وَيَوْم النَّفر (وَيَوْم القر) . قَوْله تَعَالَى: {وانحر} فسره عَليّ رضوَان اللَّهِ عَلَيْهِ بِوَضْع الْيَمين على الشمَال فِي الصَّلَاة، وَأما النّذر فَلَيْسَ من شَرطه الْوُجُوب فِي جنس الْمَنْذُور بل من نذر أَن يُصَلِّي مُطلقًا لزمَه أقل مَا يتَقَدَّر بِهِ وَهُوَ

رَكْعَة، ويلزمهم الِاعْتِكَاف حَيْثُ يَصح نَذره وَلَيْسَ بِوَاجِب.

المسألة الثانية والأربعون بعد الثلثمائة شمب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمب.) الْيَمين الْغمُوس. الْمَذْهَب: توجب الْكَفَّارَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان فكفارته} بَين أَن الْمُؤَاخَذَة هِيَ الْكَفَّارَة، وَقَوله تَعَالَى: {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} والحنث سَيِّئَة، وَالْكَفَّارَة حَسَنَة، وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم} . لَهُم: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد اللَّهِ وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ

لَا خلاق لَهُم فِي الأخرة} جعل كل الْجَزَاء عدم الخلاق فِي الْآخِرَة، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " خمس من الْكَبَائِر لَا كَفَّارَة فِيهِنَّ " وعد الْغمُوس مِنْهَا، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: كُنَّا نعد الْيَمين الْغمُوس من الْكَبَائِر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الْيَمين بِالطَّلَاق فِي مثل هَذِه الصُّورَة مُنْعَقد، فَكَذَلِك الْيَمين بِاللَّه وَالْكَفَّارَة مُؤَاخذَة بِيَمِين حانثة وَهَذِه حانثة، يدل على أَنَّهَا يَمِين أَنه لَو قَالَ: إِن حَلَفت فَأَنت طَالِق وَحلف على الْمَاضِي طلقت، والمنازعة فِي كَونهَا يَمِينا فسخ (فالعرب تقضي بِهِ بالماضي الْمُسْتَقْبل) ، وَقَوله فَتَارَة يكون وَعدا وَتارَة خَبرا، وَالْكل يَمِين. لَهُم: قَارن الْيَمين مَا لَو طَرَأَ عَلَيْهَا رَفعهَا وَهُوَ الْحِنْث فَمنع انْعِقَادهَا، وَهِي عدوان مَحْض، فَلَا يصلح سَببا لِلْكَفَّارَةِ كالردة، لِأَن الْكَفَّارَة دَائِرَة بَين

الْعِبَادَة والعقوبة فيستدعي شَيْئا دائرا بَين الْإِبَاحَة والحضر، وَهَذَا عَظِيم الْفِرْيَة فَلَا يُنَاسب الْكَفَّارَة حَاله، وَإِن سميت يَمِينا لجَاز. مَالك: ف. أَحْمد: ف. التكملة: الْيَمين الْفَاجِرَة سَيِّئَة وصدور السَّيئَة يُنَاسب وجوب الْحِنْث بمحوها كَمَا نطق الْخَبَر، وَهَذَا الْقدر مُشْتَرك بَين الْيَمين الْمَاضِيَة والمستقبلة، لَا فرق بَينهمَا إِلَّا أَن الْمُسْتَقْبل لَا يعرف كذبه فِي الْحَال، وَقد يعرف، كَمَا لَو حلف (لَا صعدت السَّمَاء والمضاف إِلَى الْمَاضِي قد يعرف كذبه وَصدقه، وَقد لَا يعرف كَمَا لَو حلف) أَن اللَّهِ تَعَالَى علم كَذَا وَأَرَادَ كَذَا فتنقيح المناط إِذا كَونه يَمِينا كَاذِبَة.

ونقول: العقد إِيجَاب وَقبُول يرتبط أَحدهمَا بِالْآخرِ فيصيير الكلامان وَاحِد وَمَا ينْفَرد بِهِ الْإِنْسَان من طَلَاق وعتاق وَإِن كَانَ لَهُ حكم لَا يُسمى عقدا، وَقَوله تَعَالَى: {عقدتم الْأَيْمَان} أَرَادَ عقد الْقلب بِمَعْنى تَصْحِيح الْعَزِيمَة بِخِلَاف يَمِين اللَّغْو، وَلَا معنى للْيَمِين إِلَّا الاستشهاد باسم اللَّهِ تَعَالَى على خبر فِي معرض التَّصْدِيق للمخبر، وَلَيْسَ الْقَصْد من الْيَمين الْحمل على الْفِعْل وَالْمَنْع من الْفِعْل، بل الْمَقْصُود إِظْهَار الصدْق.

المسألة الثالثة والأربعون بعد الثلثمائة شمج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمج.) التَّكْفِير بِالْمَالِ قبل الْحِنْث. الْمَذْهَب: جَائِز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لعبد الرَّحْمَن رَضِي اللَّهِ عَنهُ: " إِذا حَلَفت على يَمِين

فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا، فَكفر عَن يَمِينك وائت الَّذِي هُوَ خير "، وَرُوِيَ: " من حلف على يَمِين وَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليكفر عَن يَمِينه وليأت الَّذِي هُوَ خير "، وَيُمكن الْجمع بَين الْأَحَادِيث بِأَن يَجْزِي التَّكْفِير قبل وَبعد وَيحمل الْأَمر على الْإِبَاحَة. لَهُم: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه "، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان} نهى عَن نقض الْيَمين فَكيف تكون سَبَب الْكَفَّارَة، وَهِي سَبَب الْمَنْع فِيمَا تُفْضِي إِلَيْهِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: سَبَب مُتَرَدّد بَين الْإِيجَاب مَعَ الهتك، وَمنعه من الْبر، فَجَاز إِخْرَاج الْكَفَّارَة قبل التَّحْقِيق قِيَاسا على كَفَّارَة الْقَتْل المخرجة بعد الْجرْح وَزَكَاة

النّصاب قبل الْحول، ذَلِك لِأَن الْكَفَّارَة سَببهَا الهتك وَهُوَ عُقبى التَّعَرُّض لاسم اللَّهِ والاستشهاد بِهِ محالا، وَالْيَمِين لَا يُوجب الْبر وَلَا يعين الْأَشْيَاء بل الْمُبَاح مُبَاح. لَهُم: كفر قبل وجوب سَبَب الْكَفَّارَة فَلَا يَصح كالتكفير بعد الرَّمْي وَقبل الْإِصَابَة وَبعد حفر الْبِئْر وَقبل التردي، فاليمين لَيست سَبَب الْكَفَّارَة لِأَنَّهَا مَانِعَة من الْحِنْث وَالْيَمِين فعل مَشْرُوع وَالْكَفَّارَة بَين عُقُوبَة وَعبادَة فتقضي أمرا بَين حظر وَإِبَاحَة ثمَّ هِيَ سَبَب لَكِن بعد الْحِنْث لِأَنَّهَا حلف الْبر. مَالك: يجوز تَقْدِيم الْكَفَّارَة بالصيام أَيْضا. أَحْمد: وَافق مَالِكًا. التكملة: نسوي بَين الْيَمين والجراحة، فَكَمَا أَن الْجراحَة مزهقة ومندملة الْيَمين برة وحانثة، وَيجوز إِخْرَاج الْكَفَّارَة بعد الْجرْح فَكَذَلِك بعد الْيَمين

وَلَيْسَت الْكَفَّارَة بِكَوْن، الْفِعْل محرما بل لِأَن الْيَمين حانثة، وَإِذا فَرضنَا فِي قَوْله: " وَالله لَا طلعت الشَّمْس غَدا " سَاوَى الْجراحَة فَإِن هَذِه الْيَمين تُفْضِي إِلَى الْحِنْث قطعا، وطلوع الشَّمْس لَيْسَ من صنعه، كَمَا أَن الزهوق لَيْسَ صنعه، وَلَا يتَصَوَّر فرق بَين الصُّورَتَيْنِ إِذا فَرضنَا طُلُوع الشَّمْس، وَكَذَا إِذا قَالَ: وَالله لَا أقتل زيدا ثمَّ جرحه. قَالُوا: يكفر عَن الْقَتْل وَلَا يكفر عَن الْيَمين (أملاه مناقضة) وَيدل على أَن الْحِنْث غير تَكْفِير أَنه لَو حلف وَهُوَ عَاقل ثمَّ جن وَحنث لَزِمته الْكَفَّارَة، فَلَو وَجَبت بِفعل مَا حنث بِهِ لما وَجَبت على الْمَجْنُون حنث فعل، والتكفير بِالصَّوْمِ يجوز عندنَا قبل الْحِنْث لظَاهِر الحَدِيث، ويلزمهم أَيْضا ذَلِك فِي كَفَّارَة الْجراح، وَإِن سلمنَا فَهُوَ مَخْصُوص بِالْحَاجةِ فَكَانَ فِي وَقتهَا، وَهُوَ وَقت الطّلب، والطلب عِنْد الْحِنْث، فَإِن ألزمونا على هَذَا تَعْجِيل ابْن لبون منعنَا.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

المسألة الرابعة والأربعون بعد الثلثمائة شمد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمد.) الْقَضَاء على الْغَائِب. الْمَذْهَب: يجوز. عِنْدهم: خلاف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تقضني لأحد الْخَصْمَيْنِ حَتَّى تسمع كَلَام الآخر؛ فَإنَّك إِذا سَمِعت كَلَامهمَا عرفت كَيفَ تقضي بَينهمَا " أَمر

عَلَيْهِ السَّلَام بالحكم وَنبهَ على الْعلَّة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: بَيِّنَة أُقِيمَت بعد وجود الدَّعْوَى الصَّحِيحَة فاستحقت الْقبُول، الدَّلِيل على صِحَّتهَا وجوب سماعهَا إِمَّا للْحكم أَو للتنفيذ وَالشّرط خَفَاء الْحق لِأَن الْبَيِّنَة للتبيين وَلَيْسَ الْإِنْكَار شرطا بل الشَّرْط عدم ظُهُور الْحق وَإِنَّمَا لم تسمع على الْحَاضِر لِأَن الْإِقْرَار آكِد. لَهُم: فقد شَرط قبُول الْبَيِّنَة، ذَلِك لِأَن الشَّرْط إِنْكَار الْمُدَّعِي عَلَيْهِ، لِأَن الْبَيِّنَة (للإلزام فَتكون على جَاحد، ثمَّ الْبَيِّنَة) لَا تسمع للْغَائِب وفيهَا نظر لَهُ، فَلِأَن لَا تسمع على الْغَائِب وفيهَا نظر عَلَيْهِ أولى. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: لَو حضر وَأنكر قضي للْمُدَّعِي وَلَا عِلّة إِلَّا أَن القَاضِي عرف صدقه بطرِيق لم يجد أوضح مِنْهَا، هَذِه الْعلَّة المخيلة وَهِي جَارِيَة فِي الْغَيْبَة وَبهَا احْتَرز عَن الْحَاضِر بِالْبَلَدِ لِأَن سَماع إِقْرَاره مُمكن. فَإِن قَالُوا: يحْتَمل أَن يكون فِي غيبته مقرا، قُلْنَا الْإِقْرَار لَا يمْنَع من سَماع الْبَيِّنَة لِأَن قصارى مَا يقدر إِنْكَاره، وَلَو أنكر سَمِعت الْبَيِّنَة فَإِذا كَانَ مقرا فبها ونعمت، وَبِهَذَا يفحم الْخصم الْحَاكِم فَالْحق إِذا ثَابت للْمُدَّعِي إِمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَو بِالْإِقْرَارِ المتوهم، وَلَا يلْزم القَاضِي تعرف بِأَيِّهِمَا ثَبت الْحق وَصَارَ كَمَا لَو رأى الْإِنْسَان فِي ثَوْبه بللا وَشك فِي أَنه مني أَو مذي. قُلْنَا لَهُ: اغسل الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة فَهُوَ المستيقن بِكُل حَال، ونقول: لَو كَانَ سَماع الشَّهَادَة للنَّقْل مَا وَجب على الْحَاكِم سماعهَا وَكَانَ لَا يشْتَرط لَهَا تقدم الدَّعْوَى، وَلَا يعْتَبر لَهَا عدد، ونلزمهم إِذا كَانَ أحد الشَّرِيكَيْنِ حَاضرا أَو يُقيم (الْمَقْذُوف بَيِّنَة على إِعْتَاقه) (وَيُقِيم الْبَيِّنَة على إِذن

العَبْد) الْمَأْذُون إِذا ادّعى عَلَيْهِ شَيْئا وَكَذَلِكَ إِذا ادّعى شُفْعَة.

المسألة الخامسة والأربعون بعد الثلثمائة شمه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمه.) قَضَاء القَاضِي فِي الفسوخ والعقود الَّتِي يملك إنشاءها. الْمَذْهَب: لَا يغيرها عَن حقائقها. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِنَّكُم تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ أحدكُم أَلحن بحجته من صَاحبه، فَمن قطعت لَهُ من مَال أَخِيه شَيْئا فَلَا يأخذنه، فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من نَار ".

لَهُم: ادّعى رجل زوجية امْرَأَة عِنْد عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ وَأقَام شَاهِدي زور فَحكم بِالزَّوْجِيَّةِ، فَقَالَت الْمَرْأَة: وَالله مَا جرى بَيْننَا نِكَاح فَإِن كَانَ لابد فَزَوجنِي مِنْهُ، فَقَالَ لَهَا رَضِي اللَّهِ عَنهُ: شَاهِدَاك زوجاك. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: حكم بِشَهَادَة بَاطِلَة فَلَا ينفذ كَمَا لَو كَانَ فِي ملك مُرْسل، ذَلِك لِأَن الْقَضَاء يبتني على الْبَيِّنَة لَا يعدل عَنْهَا فَلَو قُلْنَا ينفذ فِي الْبَاطِن كَانَ مُرَتبا على غير حجَّة، وَالْقَاضِي لَا يحدث شَيْئا لم يكن فَهُوَ إِذا قَضَاء أَخطَأ حجَّته وَلم يصب مَحَله فلغا كَمَا لَو حكم بِنِكَاح أُخْته من الرَّضَاع أَو مُعْتَدَّة أَو مرتدة. لَهُم: قَضَاء ابتنى حجَّة شَرْعِيَّة فنفذ ظَاهرا وَبَاطنا كَمَا لَو حكم فِي سَائِر المجتهدات أَو تَفْرِقَة المتلاعنين، لِأَن الْحَاكِم لَا يطلع على الْبَاطِن وَلَا يكلفه

إِذا نفذ حكمه ظَاهرا اتبعهُ الْبَاطِن ضَرُورَة تَصْحِيح قَول الْعَاقِل كَمَا لَو قَالَ: اعْتِقْ عَبدك عني على كَذَا، فَقَالَ: أعتقت يضمن القَوْل إِيجَابا وقبولا. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: نعني بقولنَا: لَا ينفذ بَاطِنا أَنه لَا يحل للمزور بَينه وَبَين اللَّهِ تَعَالَى أَن يطَأ هَذِه الْمَرْأَة لِأَنَّهَا كَانَت حَرَامًا قبل الدَّعْوَى، وَطَرِيق التَّحْلِيل الأول وَوجد نِكَاحهَا بشرائطه وَلم يُوجد شَيْء من ذَلِك إِنَّمَا جرى دَعْوَى كَاذِبَة وَشَهَادَة فاجرة، وَالْخَبَر الْكَاذِب لَا يصلح لتطليق زَوْجَة الْغَيْر وتجديد نِكَاح آخر، وَذَلِكَ حرمت بعد الشَّهَادَة وَقبل الْقَضَاء، وَلم يطر بعد إِلَّا الْقَضَاء، وَلَا معنى للْقَضَاء إِلَّا إِمْضَاء مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَشهد بِهِ الشُّهُود فَهُوَ بِنَاء لَا إنْشَاء وَالْحَاكِم يُصَرح بذلك، وَكَيف يكون إنْشَاء؟ وَلَو كَانَ (إنْشَاء كَانَ) تَكْذِيبًا للشُّهُود فَإِنَّهُم أخبروا عَن وُقُوع الطَّلَاق وَالنِّكَاح من قبل فَكيف

اقْتَضَت الْبَيِّنَة حكما يتَضَمَّن نَقصهَا. وَكلما يلزمونا نلزمهم مثله فِي الْأُخْت من الرَّضَاع وَالْجَارِيَة إِذا ادّعى ملكهَا مُطلقًا، فَإِن الْحَاكِم يلْزمهَا التَّمْكِين وَيحرم عَلَيْهَا التَّمْكِين أما إِذا قَالَ الشَّافِعِي لزوجته الْحَنَفِيَّة: أَنْت بَائِن وَحكم شَافِعِيّ بِانْقِطَاع الرّجْعَة وراجع الشَّافِعِي ووطئ فَإِنَّهُ حرَام. وَالْجَوَاب: أَن يخلى بَينه وَبَين اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وأشباهها أَو نقُول: كل مُجْتَهد مُصِيب، وَبِالْجُمْلَةِ الْقَضَاء فِي مَحل الِاجْتِهَاد (فِيهِ منع) فَالْحكم بعد الْقَضَاء كَالْحكمِ قبله وَإِنَّمَا يكون بِقطع الْخِصَام.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

اللوحة من المخطوطة أ

(اللوحة 81 من المخطوطة أ:) (إِذا أعتق إِحْدَى أمتية ووطئ إِحْدَاهمَا تعيّنت للْملك، وألاخرى للحرية خلافًا لَهُم ونقول: فعل لَا يحل دون الْملك فَيحمل على مَحل الْإِيهَام على تعْيين الْمَمْلُوكَة كَمَا إِذا أبهم الطَّلَاق فِي زَوجته ووطئ فتقريره أَن الْعتْق حَاصِل، وَالْحُرْمَة ثَابِتَة، وَالْحَاجة دَاعِيَة إِلَى التَّعْيِين. وَلَا يشْتَرط صَرِيح التعين، وَالْوَطْء دَلِيل ظَاهر لَا يقدم عَلَيْهِ الْمُسلم إِلَّا فِي ملكه، وَيدل عَلَيْهِ البيع وَالْهِبَة وَالرَّهْن وَالتَّزْوِيج فَإِن هَذِه تعين، وَعِنْدهم الْوَطْء لَا يصلح دَلِيلا إِذْ لَا مُنَافَاة بَين الْوَطْء وَالْعِتْق؛ لِأَن شَرط الْمُنَافَاة بَين حكمين اتِّحَاد مَحلهمَا، وَمحل الْعتْق الرَّقَبَة، وَمحل الْوَطْء الْمَنَافِع، وَهَذَا على أصلهم، فَإِن ملك الرَّقَبَة عِنْدهم ينْفَصل عَن ملك الْمَنَافِع كَمَا تقدم فِي الثَّانِي. قَالُوا: وَالِاسْتِدْلَال بالشَّيْء على مَا يَقع من ضَرُورَته إِنَّمَا يَصح إِذا كَانَا متلازمين لَا يتفاصلان أصلا، وَملك الْيَمين مُنْفَصِل عَن ملك النِّكَاح. وَالْجَوَاب: أَن دلَالَة الْوَطْء على نفي الْعتْق دلَالَة ضَرُورِيَّة، فَإِن الْجمع

بَين الْعتْق وَالْوَطْء مُمْتَنع شرعا. فَإِن قَالُوا: الْبضْع خلق للاستمتاع كَالْمَالِ للتَّصَرُّف، وَالْأَصْل أَن من سبق إِلَيْهِ كَانَ لَهُ، غير أَن الْإِطْلَاق يُفْضِي إِلَى تشابه الْأَنْسَاب فنمنع مِنْهُ إِلَّا عِنْد اخْتِصَاصه بشخص يقطع رَحمَه الْغَيْر فَتَارَة يحصل بِملك نِكَاح، وَتارَة بِملك الْيَمين. وَبِالْجُمْلَةِ مَتى أَمن الْمَحْذُور جَازَ لَهُ الِاسْتِمْتَاع بِنَاء على الأَصْل. وَالْجَوَاب: أَن هَذَا كَلَام يُفْضِي إِلَى إِبَاحَة الإبضاع، وَهُوَ خلاف الْمَعْلُوم شرعا، فَإِن الأَصْل فِي الإبضاع الْحُرْمَة والحل يحْتَاج إِلَى دَلِيل، ذَلِك لِأَن الإنسانية صفة شرف تأبى الاستفراش لَوْلَا الرُّخْصَة لحَاجَة الْوَلَد، ثمَّ يلْزمهُم الْوَطْء فِي زمن الْخِيَار فَإِنَّهُم جَعَلُوهُ فسخا، وَالْوَطْء فِي إِحْدَى الأمتين بعد إِبْهَام البيع بِشَرْط خِيَار التَّعْيِين يكون تعينا والإلزام على

أصلهم فَكل ذَلِك تصرف فِي الرَّقَبَة وَالْوَطْء تعْيين لَهُ) . (وَاعْلَم أَن مسَائِل الْأَيْمَان مَبْنِيَّة على أصل وَاحِد وَهُوَ أَبَا حنيفَة رَحمَه اللَّهِ يظنّ أَن الْأَيْمَان إِنَّمَا أوجبت الْكَفَّارَة لِأَنَّهَا تَقْتَضِي تَحْرِيم الْفِعْل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ من جِهَة الْيَمين، فعلى هَذَا لَا تعْتَبر صُورَة الْيَمين، إِنَّمَا يعْتَبر منع النَّفس عَن الْأَمر الْمَحْلُوف عَلَيْهِ على أبلغ وَجه. فَإِذا قَالَ: إِذا فعلت كَذَا فَأَنا برىء من اللَّهِ أَو كَافِر فالكفارة تلْزمهُ، فَلَو حلف بِالنَّبِيِّ أَو الْكَعْبَة فَهُوَ دون الْحُرْمَة الْكَامِلَة، وَالشَّافِعِيّ يرى وجوب الْكَفَّارَة فِي الْأَيْمَان إِنَّمَا هُوَ بِالْجِنَايَةِ على اسْم اللَّهِ تَعَالَى بِالْحِنْثِ، فعلى هَذَا صُورَة السَّبَب مرعية، وإلحاق غَيرهَا بهَا مُمْتَنع فاختصت الْكَفَّارَة باسم اللَّهِ تَعَالَى أَو بِصفة من صِفَاته فَإِذا لَا كَفَّارَة فِي الْيَمين الْغمُوس عِنْد أبي حنيفَة

لِاسْتِحَالَة منع النَّفس عَن الْأَمر) الْمَاضِي واستحالة تأثر الْمحل بِالْحلف، (وَكَذَا تقدم الْكَفَّارَة لِأَن السَّبَب الْجِنَايَة) ، وَعِنْدنَا نقيض هَاتين القضيتين لِأَن الْجِنَايَة على الِاسْم) ،

مسائل من أدب القضاء والعتق

(مسَائِل من أدب الْقَضَاء وَالْعِتْق) (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمو.) الْقَضَاء بِالنّكُولِ. الْمَذْهَب: بَاطِل. عِنْدهم: جوزه فِي المَال وَمنعه فِي النَّفس وَالْعِتْق وَالنّسب، وناقض فِي الطّرف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَو أعطي النَّاس بدعواهم لادعى نَاس دِمَاء نَاس وَأَمْوَالهمْ لَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي، وَالْيَمِين على من أنكر ".

لَهُم: قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " شَاهِدَاك أَو يَمِينه، لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك "، جعل الْيَمين حق الْمُدَّعِي، وَأجْمع الصَّحَابَة رضوَان اللَّهِ عَلَيْهِم على ذَلِك قضى بِهِ عمر وَعُثْمَان وَشُرَيْح. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: النّكُول معنى لَا ينص على عين المحق فَلَا يكون حجَّة فِي ثُبُوت الْحق، لِأَن الْحق ثَبت بِسَبَب وَالسُّكُوت مُتَرَدّد لَا يدل على شَيْء بِعَيْنِه، وَلَيْسَت الْيَمين حَقًا للْمُدَّعِي وَكَيف تكون حَقه وَهِي تضره؟ بل هِيَ حق الْمُدعى عَلَيْهِ لقطع الْخِصَام، نعم شَرطهَا مُطَالبَة الْخصم.

لَهُم: الْيَمين خلف عَن حق الْمُدَّعِي فِي الْمُدعى فَهِيَ حَقه فَإِذا فَاتَهُ هَذَا الْحق بِالنّكُولِ رد إِلَى الأَصْل، دَلِيل أَنَّهَا حَقه توقفها على طلبه، وَبَيَان الخلفية أَن الأَصْل هُوَ الصدْق فِي خبر الْمُدعى لدينِهِ لَكِن لم يظْهر فِي حق خَصمه ليده فاليمين خلف فَإِذا كَانَت عَاد الْحق. مَالك: وَافق فِي الْأَمْوَال خَاصَّة. أَحْمد: ف. التكملة: مدعي النّكُول لم يقم الْمُدعى عَلَيْهِ بَينه فَلَا يقْضى لَهُ بِهِ قِيَاسا للطرف على النَّفس، ذَلِك لِأَن الدَّعْوَى مُحْتَملَة ويكاد يغلب فِيهَا جَانب الْكَذِب والنكول عدم مَحْض وَاحْتِمَال الْحَال فِيهِ متعارضة، فَرُبمَا خَافَ الْعَاقِبَة وَإِن صدق، قَالَ عُثْمَان: خشيت أَن يُوَافق قدر بلَاء فَيُقَال بِيَمِين عُثْمَان. وَأقرب أصل إِلَيْهَا النّكُول عَن الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يظْهر بِهِ صدق الْمُدعى عَلَيْهِ، ثمَّ النّكُول امْتنَاع عَن الْيَمين فَلَزِمَ مِنْهُ انْتِفَاء أثر الْيَمين، وَهُوَ قطع

الْخِصَام، وَهَذَا كامتناع الْمُدَّعِي من الْبَيِّنَة فَلَزِمَ أَلا يثبت حَقه، أما أَن تبطل دَعْوَاهُ فَلَا، وَلَا يقْضى بِبَرَاءَة الْمُدعى عَلَيْهِ. فَإِن قَالُوا: دين الْمُدَّعِي دَلِيل الصدْق، قُلْنَا: وَحب المَال دَلِيل الْكَذِب، وَالصَّحِيح فِي الْيَمين أَنَّهَا حق الشَّرْع لفصل الْخِصَام، وَإِلَّا فَمَا يثبت بهَا حق لأَحَدهمَا وَلَا يبطل حق، وَأما التَّوَقُّف على طلبه فَلِأَنَّهَا لقطع الْخِصَام وَلَا يكون خصام دون الطّلب، ثمَّ بدل الشَّيْء مَا يقوم مقَامه، وَالْيَمِين لَا تقوم مقَام الْحق الْمُدعى كَيفَ وَلَو حلفه ثمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَة أَخذ المَال فقد جمع بَين الْبَدَل والمبدل.

المسألة السابعة والأربعون بعد الثلثمائة شمز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمز.) بَيِّنَة ذِي الْيَد. الْمَذْهَب: مسموعة مُقَدّمَة على بَيِّنَة الْخَارِج. عِنْدهم: لَا تسمع وَتقدم إِلَّا فِي النِّتَاج وَمثله. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: (قَالَت عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا: دخل عَليّ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وأسارير وَجهه تبرق فَرحا فَقَالَ: " إِن مجززا المدلجي رأى أُسَامَة وزيدا وَقد

غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض "، وَالْحجّة فِي سرُور النَّبِي بذلك وَالْإِقْرَار عَلَيْهِ) . لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر "، وَجه الدَّلِيل حصر جَمِيع الْبَينَات للْمُدَّعِي وَجَمِيع الْأَيْمَان للْمُنكر فَلَا يجوز أَن يكون للْمُنكر بَيِّنَة وَهَاهُنَا ذُو الْيَد مُنكر. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: أَقَامَ بَيِّنَة عِنْد دَعْوَى الْملك حَاجته إِلَيْهَا ماسة فَوَجَبَ أَن تقبل؛ لِأَنَّهُ مسموعة دَعْوَاهُ مُتَمَكن من إِقَامَة الْبَيِّنَة وَسَمَاع دَعْوَاهُ صَحِيح لِأَنَّهُ ادّعى مَا يحْتَمل الصدْق. لَهُم: بَيِّنَة من غير صَاحبهَا فِي غير محلهَا فَلَا تقبل ذَاك لِأَن الْحجَج لَا

تعرف إِلَّا من الشَّرْع لِأَنَّهُ قبُول قَول الْغَيْر على الْغَيْر مَعَ الِاحْتِمَال، فَلَو سَمِعت سَمِعت لكَونه مُدعيًا وَلَيْسَ كَذَلِك، وَبَيِّنَة الْخَارِج أَكثر بَيَانا، لِأَنَّهَا تثبت ملك عين وَملك يَد وَبَيِّنَة الدَّاخِل تثبت ملك عين. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الدَّعْوَى وَالْإِنْكَار وَالْبَيِّنَة الْجَمِيع أَخْبَار، وتختلف بالإضافات فَكل مُدع لشَيْء مُنكر لنقيضه، وكل وَاحِد يُؤَاخذ بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ، فالمدعي يحْتَاج إِلَى الْبَيِّنَة ليثبت الْملك وَالْمُنكر يَكْفِيهِ إِنْكَاره أَولا، فَإِذا قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة احْتَاجَ إِلَى أَن يُقيم بَيِّنَة وَقد لَا يخْتَار الْيَمين فيعدل إِلَى الْبَيِّنَة وجنبته أقوى وَلَا أقل من أَن يُسَاوِي الْمُدَّعِي فِي سَماع بَينته. فَإِن قَالُوا: لم لم تسمع بَينته ابْتِدَاء، قُلْنَا: تسمع وَقت الْحَاجة إِلَيْهَا، وَرُبمَا منعنَا وَقُلْنَا تسمع ابْتِدَاء.

وَبِالْجُمْلَةِ: الْبَيِّنَة حجَّة مغلبة على الظَّن صدق الْمُدَّعِي غير قَاطِعَة فَتسمع عِنْد الْحَاجة إِلَى ظُهُور الصدْق، ويلزمهم النِّتَاج فَإِنَّهُ تسمع فِيهِ بَينه ذِي الْيَد.

المسألة الثامنة والأربعون بعد الثلثمائة شمح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمح.) إِذا تداعيا ولدا. الْمَذْهَب: عرض مَعَهُمَا على الْقَافة وَلحق بِأَحَدِهِمَا. عِنْدهم: لحق بهما. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ} دَلِيل على بطلَان الْقَافة،

وَقد أنكر عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ على الْقَائِف وَرُوِيَ عَنهُ وَعَن عَليّ أَنَّهُمَا قَالَا: يكون الْوَلَد مِنْهُمَا وَهَذِه حَادِثَة عَجِيبَة مثلهَا يشيع فَكَانَ إِجْمَاعًا. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: مَا يَسْتَحِيل وجوده لَا يحكم بِوُجُودِهِ، وَإِثْبَات النّسَب من اثْنَيْنِ مُسْتَحِيل، لِأَن بِنَاء الْوَلَد على المَاء، وَلِهَذَا لَا يثبت حَيْثُ لَا مَاء، وَالْأَحْكَام أَحْكَام النّسَب فَلَا يثبت إِلَّا إِذا تصور ثُبُوته. لَهُم: السَّبَب قد اسْتَويَا فِيهِ وَهُوَ الْوَطْء وَالسَّبَب لَا يطْلب لعَينه بل للحقوق الْمُتَعَلّقَة بِهِ، وَيجوز تعلقهَا برجلَيْن فَهُوَ كَمَا لَو أَقَامَا بَيِّنَة بالحقوق الَّتِي تتَعَلَّق بِالنّسَبِ مثل النَّفَقَة وَالْإِرْث والقيافة بَاطِلَة لِأَنَّهَا من أَحْكَام الْجَاهِلِيَّة وَهِي ظن وَلِهَذَا لم تسمع فِي اللّعان. مَالك: وَافق فِي ولد الْأمة الْمُشْتَركَة. أَحْمد: ق.

التكملة: الحكم بالمحال محَال، وَولد من أبوين محَال، فَإِنَّهُ خلق من مَاء أَحدهمَا بِدَلِيل أَنه لَو استلحق أحد التوأمين فَإِنَّهُ يلْحقهُ الآخر فَصَارَ كَمَا لَو حكم ببنوة من هُوَ أكبر سنا من الْأَب، أَو لأَقل من سِتَّة أشهر، أَو بِنِكَاح زَوْجَيْنِ لامْرَأَة، على أَنه مُمكن على التَّعَاقُب، أَو نقيس على مَا لَو كَانَ أحد المتداعيين عبدا أَو ذِمِّيا وَالْآخر حرا أَو مُسلما فَإِنَّهُم يلحقون بِالْحرِّ وبالمسلم وَأَحْكَام النّسَب تَابِعَة للنسب كَمَا أَن أَحْكَام النِّكَاح تَابِعَة للنِّكَاح. وَإِذا صَحَّ مَا قَالُوهُ أدّى إِلَى تنَاقض، وأثبتنا نَحن الْقيام بالْخبر، وسرور النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِهِ وَالْإِقْرَار عَلَيْهِ، وَهُوَ صلى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسلم لَا يقر على الْخَطَأ وَلَو كَانَ فِيهِ مصلحَة، وَلَو خَبره بِنَجْم فِي عَام جَدب بِفَتْح بَاب يدل على مطر مَا سر بذلك، وَإِنَّمَا رد عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ قَول الْقَائِف؛ لِأَنَّهُ ألحقهُ بالمتداعيين وَقَالَ: سَمِعت أَن الكلبة تلقح من الْكلاب وَمَا علمت ذَلِك فِي النِّسَاء.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

المسألة التاسعة والأربعون بعد الثلثمائة شمط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمط.) إِذا أعتق أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه فِي العَبْد وَهُوَ مُعسر. الْمَذْهَب: ينفذ فِي نصِيبه ويرق بَاقِيه. عِنْدهم: يَصح الْعتْق وَيسْعَى العَبْد فِي قيمَة بَاقِيه فَإِذا أدّى عتق. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من أعتق شركا لَهُ فِي عبد وَله مَال قوم عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ، وَأعْطى شركاءه حصصهم وَإِلَّا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق ورق مَا رق "، فَالْحَدِيث نَص فِي تجزئة الرّقّ ومساقه دَلِيل على نفي الِاسْتِسْعَاء، وصدره دَلِيل التَّقْوِيم.

لَهُم قَالَ: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من عتق شركا لَهُ فِي عبد فَإِن كَانَ لَهُ مَال وَجب عَلَيْهِ خلاصه وَإِلَّا استسعى العَبْد غير مشقوق عَلَيْهِ ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: تصرف فِي العَبْد بِإِعْتَاق بعضه فصح كَمَا لَو بَاعَ بعضه، وَلَا مَانع من التجزي ثبوتا إِذا رَآهُ الإِمَام. لَهُم: الرّقّ لَا يتَجَزَّأ ثبوتا فَلَا يضْرب الإِمَام الرّقّ على نصفه فَلَا يتَجَزَّأ زوالا كَيْلا يتناقض الْأَحْكَام (لِأَن الْأَحْكَام) فِي الْحر غَيرهَا

فِي الرَّقِيق من الْولَايَة وَالشَّهَادَة فَأَقَمْنَا السّعَايَة مقَام ضَمَان الشَّرِيك الْمُوسر، وَلِأَن الرّقّ ضعف وَالْعِتْق قُوَّة، والضعف وَالْقُوَّة لَا يَجْتَمِعَانِ. مَالك: يسري بأَدَاء الْقيمَة من الْمُوسر. أَحْمد: التكملة: الْمقَام الأول فِي تجزي الرّقّ وَالْحريَّة، أما تجزي الْملك فالدليل عَلَيْهِ ظَاهر فَإِنَّهُ يقبل النَّقْل وَيكون مُشْتَركا بَين جمَاعَة، وَأما الرّقّ وَالْحريَّة فَلَا نشاحهم فِيهِ، فَإِن الْأَحْكَام الْمرتبَة على الْعتْق لَا تثبت عندنَا مَا لم تكمل كالولاية وَالنِّكَاح فَإِنَّهَا مناصب تستدعي كَمَال الْحُرِّيَّة، بَقِي أَنه يملك بِبَعْضِه الْحر، وَعِنْدنَا لَا يملك لكَونه حرا لَكِن لكَونه آدَمِيًّا، وَإِنَّمَا امْتنع أَن يملك إِذا كَانَ رَقِيقا مُحَافظَة على حق السَّيِّد وَلَو أذن لَهُ لملك،

وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه. الْمقَام الثَّانِي: الِاسْتِسْعَاء وَلَا يجوز أَن يجْبر العَبْد عَلَيْهِ ليحصل لَهُ الْعتْق فَإنَّا مَا عهدنا فِي أصُول الشَّرِيعَة أَن يجْبر إِنْسَان على تَحْصِيل شَيْء لنَفسِهِ (وَلَو علق السَّيِّد عتقه على فعل مَا لم يجز أَن يجْبر على تَحْصِيله) ، يدل عَلَيْهِ أَن الْجَارِيَة الْمُشْتَركَة لَو اسْتَوْلدهَا أحد الشَّرِيكَيْنِ ثَبت لَهَا حكم الِاسْتِيلَاء فِي جَمِيعهَا، كل ذَلِك تشوفا إِلَى الْعتْق فَإِنَّهُ حق لله تَعَالَى، وَلذَلِك تُقَام الشَّهَادَة عَلَيْهِ حسبَة.

المسألة الخمسون بعد الثلثمائة شن

(الْمَسْأَلَة الْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شن) إِذا أعتق فِي مرض مَوته أعبدا لَا مَال لَهُ سواهُم. الْمَذْهَب: جعلناهم أَثلَاثًا بِاعْتِبَار الْقيمَة وأقرع بَينهم وَيعتق من فَازَ ويرق الْبَاقُونَ. عِنْدهم: يعْتق الثُّلُث فِي كل وَاحِد شَائِعا وَيسْعَى فِي الثُّلثَيْنِ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: اتّفقت هَذِه الْحَادِثَة زمن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي سِتَّة أعبد فجزأهم ثَلَاثَة أَجزَاء وأقرع بَينهم وأرق أَرْبَعَة، والْحَدِيث تَرْجَمَة الْمَذْهَب وَلَا

كَلَام فِي صِحَّته فَإِن ادعو أَنه يُخَالف الْأُصُول، قُلْنَا: خبر الْوَاحِد أصل بِنَفسِهِ، فَإِذا ورد فِي مَحل الِاجْتِهَاد عمل بِهِ وَقدم على الْقيَاس. لَهُم: ... . الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: اتفقنا على إبِْطَال الْوَصِيَّة بِمَا زَاد على الثُّلُث غير أَنا نبطل فِي أشخاص (وَأَنْتُم فِي أشقاص) فَمَا صرنا إِلَيْهِ أولى (كَيْلا نضر) بالورثة بتعجيل حق العَبْد وَتَأْخِير حَقهم فِي استسعائه وَرُبمَا لَا يرضى بِإِزَالَة حَقه من العَبْد والتعجيل لَهُ نَظِير فِي الشَّرْع فَإِن من أعتق شركا لَهُ فِي عبد قوم عَلَيْهِ وَرُبمَا تتخلص رَقَبَة العَبْد وَرُبمَا قُلْتُمْ لَا تتخلص. لَهُم: اسْتَووا فِي سَبَب الِاسْتِحْقَاق فاستووا فِي الِاسْتِحْقَاق، قِيَاسا على

الشفعاء وَالْوَرَثَة ذَلِك لِأَن الْعتْق فِي مرض الْمَوْت وَصِيَّة، فَكَأَنَّهُ أوصى برقابهم لَهُم فَصَارَ كَمَا لَو أوصى بهم لأجانب بل أولى، فَإِن اسْتِحْقَاق العَبْد لنَفسِهِ أَشد فَكَأَنَّهُ أوصى لكل وَاحِد بِنَفسِهِ فَلَا يجوز أَن يسعف الْبَعْض وَيحرم الْبَعْض. مَالك: ق. أَحْمد: ق. التكملة: الْعتْق إِسْقَاط حق الْمَالِك لإِثْبَات حق العَبْد، فَإِن الزائل بِهِ ملك الْيَمين وَلم يثبت للْعَبد، وَالْحَاصِل للْعَبد الْحُرِّيَّة وَلم تكن للسَّيِّد حَتَّى يثبتها للْعَبد، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه لَا يتَوَقَّف على قبُول العَبْد وَلَا يرْتَد برده بِخِلَاف الْوَصِيَّة، نعم تقبل فِيهِ دَعْوَاهُ وبينته؛ لِأَن الْعتْق لَازم وَهُوَ المنتفع بِهِ، وَهَذَا الْوَارِث الزَّوْجَة يثبت نِكَاحهَا على الزَّوْج ليتوسل بِهِ إِلَى أَخذ مهرهَا إِرْثا عَنْهَا فالإعتاق إِسْقَاط الْملك، لكنه أسقط الْكل وَلم يكن لَهُ إِلَّا أسقاط الثُّلُث فرددناه إِلَيْهِ بطريقه وَلم يتَضَمَّن هَذَا الرَّد إبِْطَال حق على مُسْتَحقّ بِخِلَاف

الْوَصِيَّة، فَإِنَّهُ أسقط الرّقّ عَن ثلث هَذِه الْجُمْلَة واستبقى الْملك فِي الثُّلثَيْنِ على الْإِبْهَام فَوَجَبَ إِقْرَار مَا تعلق بِهِ الْإِسْقَاط ضَرُورَة ليحصل مَقْصُود الْعتْق وَلَا طَرِيق إِلَى الْإِقْرَار بِالتَّرَاضِي، فَإِنَّهُ لَا يتَعَلَّق بشخص يُرَاجع ويسترضى فَبَقيت الْقرعَة طَرِيقا وَصَارَ كَمَا لَو أوصى بِثلث المَال للْفُقَرَاء وَالْمَال مَا لَا ينْتَفع بِهِ إِلَّا بالاستهلاك كالمطعومات فَإِنَّهُ يوزع بِالْقُرْعَةِ.

مسائل من العتق والتدبير والكتابة

اللوحة 82 من المخطوطة أ: (مسَائِل من الْعتْق وَالتَّدْبِير وَالْكِتَابَة) يَصح عتق الْحَرْبِيّ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح مِنْهُ عتق العَبْد الْحَرْبِيّ، لنا: هُوَ أَن من صَحَّ مِنْهُ عتق الْمُسلم صَحَّ مِنْهُ عتق العَبْد الْحَرْبِيّ كدار الْإِسْلَام (وَيكون الْملك فِي الْحَرْبِيّ معرضًا للزوال) (لَا يُؤثر فَإِن ملك الْمُسلم أَيْضا عِنْدهم متعرض للزوال للزوال) لَا يسْقط التَّصَرُّف كَمَا أَن النِّكَاح أَيْضا معرض للزوال ثمَّ لَا يمْنَع ذَلِك صِحَة الطَّلَاق. مَسْأَلَة: إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت لله وَنوى بِهِ الْحُرِّيَّة عتق خلافًا لَهُم. لنا أَن اللَّفْظَة تحْتَمل التَّحْرِير بِأَن تقدر أَنْت عَتيق اللَّهِ فَإِذا نوى الْوُجُوب صَحَّ كَسَائِر الْكِنَايَات، وَلَا يلْزم عَلَيْهِ إِذا قَالَ لزوجته: أَنْت لله وَنوى الطَّلَاق فَإِنَّهَا لَا تطلق، وَذَلِكَ لِأَن الطَّلَاق لَيْسَ هُوَ قربَة إِلَى الله تَعَالَى (فَإِنَّهُ أبْغض الْمُبَاحَات إِلَيْهِ) .

مَسْأَلَة: إِذْ قَالَ لعَبْدِهِ إِن كلمت فلَانا فَأَنت حر ثمَّ بَاعه وَعَاد اشْتَرَاهُ، وكلم فلَانا لم يعْتق فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَيعتق فِي الآخر، وَهُوَ مَذْهَبهم. لنا أَنه عقد سبق هَذَا الْملك فَلم يعْتق بِهِ كَمَا لَو قَالَ ذَلِك لعبد لَا يملكهُ ثمَّ اشْتَرَاهُ. مَسْأَلَة: الإيتاء وَاجِب على السَّيِّد خلافًا لَهُم، لنا قَوْله تَعَالَى: {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا وَآتُوهُمْ من مَال اللَّهِ أَتَاكُم} وَلِأَن الْعتْق إِزَالَة ملك بني على التغليب فَجَاز أَن يجب بِهِ على (المزيل لِلْمَالِ مَال بِحَال) كَالطَّلَاقِ. فَإِن قَالُوا: هُوَ عقد عاوضة فَلَا يجب فِيهِ الإيتاء كَالْبيع، فَالْجَوَاب: أَن مَوْضُوع البيع على المعاينة والمرابحة لَا يُجَاب الإيتاء فِيهِ يُخرجهُ عَن وَضعه وَالْكِتَابَة مَوْضُوعَة على المساهلة والرفق فَجَاز فِيهَا الإيتاء، وَالدَّلِيل على الْفرق بَين الْكِتَابَة وَالْبيع اسْتِحْبَاب الإيتاء فِي الْكِتَابَة إِجْمَاعًا. قَالُوا: عتق على مَال فَلَا يجب فِيهِ حط شَيْء من المَال كَمَا لَو قَالَ لَهُ:

إِن أدّيت إِلَيّ ألفا فَأَنت حر. الْجَواب: لَيْسَ إِذا لم يجب فِي نوع من الْعتْق لم يجب فِي سَائِر الْأَنْوَاع، أَلا ترى أَن الْمُتْعَة تجب فِي بعض أَنْوَاع الطَّلَاق وَلَا تجب فِي الْبَعْض، وَلِأَن الْكِتَابَة تسْتَحقّ من الرِّفْق مَا لَا يسْتَحقّهُ الْمُعَلق عتقه بِصفة، أَلا ترَاهُ ينْفَرد بِكَسْبِهِ وَيُخَير بَين الْبَقَاء على العقد وفسخه عندنَا دَائِما وعندكم مَعَ الِاعْتِبَار وَيسْتَحق جُزْءا من الصَّدقَات. قَالُوا: مَال الإيتاء مَجْهُول وإيجابه يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَة الْعِوَض، وَبِذَلِك تبطل الْكِتَابَة، الْجَواب: إِن الَّذِي عَلَيْهِ العقد مَعْلُوم والجهالة فِي ثَانِي الْحَال لَا تضر كَمَا لَو وجد المُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبا وَتعذر الرَّد فَإِنَّهُ يرجع إِلَى الْأَرْش وَذَلِكَ (رُجُوع جُزْء من الثّمن فَكَانَ الثّمن بذلك مَجْهُول الْقدر) ثمَّ الإيتاء حق (يظْهر وُجُوبه بعد العقد وَمَا هَذَا سَبيله لَا يُؤثر) فِي العقد كوجوب الزَّكَاة فِي الثّمن، فَإِن قَالُوا: لَو كَانَ وَاجِبا كَانَ مُقَدرا قُلْنَا بِنَفَقَة الْأَقَارِب وَنَفَقَة الزَّوْجَات عنْدكُمْ.

المسألة الحادية والخمسون بعد الثلثمائة شنا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنا.) إِذا قَالَ لعبد أكبر سنا مِنْهُ: أَنْت ابْني. الْمَذْهَب: لم يعْتق نوى (مَا قَالَ) أَو لم ينْو. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: لَهُم ... لَهُم: قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْبَغِي للرحمن أَن يتَّخذ ولدا إِن كل من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا} ، وَجه الدَّلِيل: أَنه نفى الْبُنُوَّة فَيَقْتَضِي ذَلِك أَنا إِذا أثبتنا الْبُنُوَّة أَن ننفي الْعُبُودِيَّة حَيْثُ الضدين لَا يَجْتَمِعَانِ.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: محيل فِي كَلَامه فلغا كَمَا لَو قَالَ: قتلت زيدا وَزيد حَيّ، أَو قَالَ: عتقتك قبل أَن تخلق لِأَن الحكم إِنَّمَا يثبت على سَببه الْمَوْجُود لَا الْمَعْدُوم فَحَيْثُ لَا سَبَب لَا مسبب، وَالْمكْره على الْإِقْرَار لَا يَصح إِقْرَاره لترجح كذبه فَمَعَ تحقق الْكَذِب أولى، يدل عَلَيْهِ أَن هَذَا الْإِقْرَار لَا يصير أم الْمقر بِهِ أم ولد. لَهُم: هَذَا كَلَام مُسْتَحِيل من حَيْثُ الْحَقِيقَة مُسلم مجَازًا فَإِنَّهُ يحصل كِنَايَة عَن حكم الْبُنُوَّة وَهِي الْحُرِّيَّة مُعْتَبرا بِالسَّبَبِ عَن الْمُسَبّب ذَلِك مُرَاعَاة لكَلَام الْعَاقِل فَنَقُول أقرّ بِالْحُرِّيَّةِ فِي مَمْلُوكه فَقبل كَمَا لَو كَانَ أَصْغَر سنا وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لعَبْدِهِ الْمَعْرُوف النّسَب: أَنْت ابْني، والاستحالة الشَّرْعِيَّة مثل الاستحالة الحسية. مَالك:. أَحْمد: وَافق.

التكملة: الْإِقْرَار مُمْتَنع اعْتِبَاره فِيمَا هُوَ الْمقر بِهِ فَكيف يعْتَبر فِي غَيره، وَفِي الْمَشْهُور نِسْبَة منع، وعَلى التَّسْلِيم نقُول: من الْمُمكن أَن يكون صَادِقا فيؤاخذ بِإِقْرَارِهِ وَأما طَرِيق التَّجَوُّز والاستعارة إِن قَالُوا: التَّعْبِير بِالسَّبَبِ عَن الْمُسَبّب ثَابت على الحتم فَهُوَ مَمْنُوع. وَإِن قَالُوا: هُوَ جَائِز أَن يكنى بِهِ فَهَذَا مُسلم، وَلَكِن أَيْن دَلِيل الْقَصْد والإرادة؟ وَنحن نسلم أَن الرجل إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت ابْني وَقصد بِهِ الْعتْق كَانَ كِنَايَة صَحِيحَة، وَإِذا فسر كَلَامه بِهِ قبل. فَأَما إِذا صرح وَقَالَ: قصدت حَقِيقَة الْبُنُوَّة فَكيف يحمل على الْمجَاز؟ نعم إِذا ورد اللَّفْظ فِي الْكتاب وَالسّنة فَهُوَ وَاجِب التَّصْحِيح فَإِنَّهُ ثَابت الصدْق قطعا فَإِذا تعذر الْحمل على الْحَقِيقَة حمل على الْمجَاز. وَأما الصَّادِر عَن أَحَدنَا يحْتَمل التَّصْحِيح والإلغاء، وَشرف الْآدَمِيّ لتمكن اعْتِبَار قِطْعَة، فإمَّا أَن يجب اعْتِبَاره وَهُوَ غير مُمكن فَكَلَام، ويلزمهم إِذا قَالَ لَهُ: أَنْت أبواي إِن قَالُوا: لَا يعْتق ناقضوا، وَإِن قَالُوا:

يعْتق، قُلْنَا: فَإِن قَالَ لَهُ أَنْت جدي، وَلَا محيد لَهُم عَن المناقضة فَإِنَّهُم قَالُوا: لَا يعْتق.

المسألة الثانية والخمسون بعد الثلثمائة شنب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنب.) من ملك محرما غير الْأُصُول وَالْفُرُوع. الْمَذْهَب: لم يعْتق. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لن يَجْزِي والدا وَلَده حَتَّى يجده مَمْلُوكا فيشتريه فيعتقه "، وَجه الدَّلِيل: أَنه جعل الْعتْق جَزَاء الْولادَة، والولادة كَرَامَة، فالعتق إِذا كَرَامَة، ثمَّ نَص على الْوَالِد وَألْحق الْإِجْمَاع بِهِ من هُوَ فِي مَعْنَاهُ فبقينا فِي الْبَاقِي على الأَصْل. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر " يرويهِ سَمُرَة،

وَرُوِيَ أَن رجلا دخل على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: " إِنِّي وجدت أخي يُبَاع فاشتريته لأعتقه، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: الْإِسْلَام أعْتقهُ عَلَيْك "، وَقَوله تَعَالَى: {وَاتَّقوا اللَّهِ الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: الشِّرَاء سَبَب مملك وَلم يُوجد قَاطع فَبَقيَ، وَالْأَمر فِي الْمجمع عَلَيْهِم على خلاف الْقيَاس أَو قِيَاس البعضية فَلَا يلْحق بِهِ غَيره، وَفرق بَين النِّكَاح ومسألتنا فَإِن النِّكَاح يبطل بِالرّضَاعِ، بِخِلَاف ملك الْيَمين، ثمَّ النِّكَاح

إِثْبَات ملك وَهَاهُنَا نقل ملك. لَهُم: قرَابَة مُحرمَة للنِّكَاح فَتعين الْعتْق عِنْد الْملك كقرابة الْوَلَاء، ذَلِك لِأَنَّهَا تُؤثر فِي إِيجَاب الصِّلَة وَتَحْرِيم القطيعة الْمُحرمَة، وَلِهَذَا حرم النِّكَاح لما فِيهِ من الافتراش، وَملك الْيَمين آكِد من ملك النِّكَاح، وَلنَا حَاجَة فِي إِثْبَات ملك الْيَمين ليَصِح العقد، وَلَا حَاجَة فِي إِثْبَات ملك النِّكَاح. مَالك: يعْتق الْأُخوة وَالْأَخَوَات. أَحْمد: وَافق الْخصم. التكملة: من لَا يُكَاتب على شخص إِذا كَانَ مكَاتبا لَا يعْتق عَلَيْهِ إِذا كَانَ حرا قِيَاسا للعم على ابْن الْعم، وَذَلِكَ أَن احْتِمَال التَّصَرُّفَات أيسر من زَوَال الْملك لِأَنَّهُ صدر من أَهله فِي مَحَله مُعْتَقدًا إِجْمَاعًا فَيُفِيد حكمه وَهُوَ مَعْصُوم فَلَا

يزَال إِلَّا بِرِضا الْمَالِك، فَهَذَا رجل ملك عبدا وَلم يعتقهُ فَوَجَبَ أَلا يعْتق وَفَاء لعصمته كَسَائِر عبيده، وَخَالف الشَّرْع هَذَا الأَصْل فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع للبعضية فَإِنَّهَا نِهَايَة الوصلة، وَالْعِتْق نِهَايَة الصِّلَة، وَهَذِه مُنَاسبَة وَقد تميزت قرَابَة الْجُزْئِيَّة عَن غَيرهَا فِي أَحْكَام الْمكَاتب ورد الشَّهَادَة من الْبَعْض للْبَعْض وَتَحْرِيم صرف الزَّكَاة إِلَيْهِ وَوُجُوب النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَاف الدّين وَتَحْرِيم حَلِيلَة أَحدهمَا بعد الْفِرَاق على الآخر كل ذَلِك يخْتَص بالأصول وَالْفُرُوع، وَبعد ظُهُور هَذِه الفوارق لَا يتحاشى أَن يلْحق بهم غَيرهم إِلَّا بِدَلِيل. فَإِن قَالُوا: النَّص ورد فِي الْأَقَارِب وَفِيهِمْ قُلْنَا نَحن مَا أَخذنَا هَذَا من النَّص بل من الْإِجْمَاع.

المسألة الثالثة والخمسون بعد الثلثمائة شنج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنج.) الْمُدبر. الْمَذْهَب: يجوز بَيْعه على أحد الْقَوْلَيْنِ. عِنْدهم: إِن كَانَ مُطلقًا لَا يجوز بَيْعه. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى جَابر بن عبد اللَّهِ رَضِي اللَّهِ عَنهُ أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بَاعَ عبدا دبره رجل بثلثمائة دِينَار. لَهُم: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْمُدبر: " لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَلَا يُورث، وَتَمام الْخَبَر: " فَهُوَ حر من الثُّلُث ".

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: (التَّدْبِير وَصِيَّة وَالْوَصِيَّة لَا تمنع من الرُّجُوع، ذَلِك لِأَنَّهَا إِيجَاب حق بعد الْمَوْت فَدلَّ على أَن لَفظه لَا يدل على الِانْعِقَاد فِي الْحَال لِأَنَّهُ إِضَافَة إِلَى مَا بعد الْمَوْت فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ كَسَائِر الْوَصَايَا وَصَارَ كالتدبير الْمُقَيد إِذا قَالَ: إِن مت وَأَنت ملكي فَأَنت حر) . لَهُم: (التَّدْبِير وَصِيَّة بِدَلِيل اعْتِبَاره من الثُّلُث وَالْوَصِيَّة خِلَافه لَا عقد تمْلِيك لِأَنَّهَا إِضَافَة التَّصَرُّف إِلَى بعد الْمَوْت، والتمليكات لَا تتَعَلَّق بِشُرُوط كَالْبيع وَالْهِبَة، وَفِي التَّدْبِير أَيْضا شَائِبَة تَعْلِيق فَإِذا اجْتمع لَهُ الْأَمْرَانِ لم يُمكن فَسخه، وَصَارَ كَأُمّ الْوَلَد لَا فرق إِلَّا أَنَّهَا اسْتحقَّت الْعتْق شرعا وَهَذَا اسْتحق شرعا) . مَالك:.

أَحْمد:. التكملة: مَمْلُوك أضيف عتقه إِلَى مَا بعد الْمَوْت فَلَا يمْنَع بَيْعه كَمَا لَو قَالَ: أَنْت حر عِنْد موتِي إِن كنت فِي ملكي وَلَا يخفي أَن الْمُطلق (أَيْضا يتنزل) على حَال قيام ملكه فالسكوت عَن هَذَا الشَّرْط وَذكره سَوَاء، ثمَّ التَّدْبِير إِمَّا تَعْلِيق الْعتْق بِصفة أَو وَصِيَّة وَالْعَبْد الْمُوصى بِهِ يجوز بَيْعه، وَكَذَلِكَ الْمُعَلق على صفة يدل عَلَيْهِ إِذا قَالَ: إِن مت من مرضِي هَذَا فَأَنت حر (أَو قَالَ: إِن مت فَأَنت حر بعد موتِي) . ونمنع كَون الْملك مُتَعَلقا بِالْمَوْتِ بل الْمُتَعَلّق بِالْمَوْتِ هُوَ الْإِعْتَاق، وَالْفرق بَين الْكَلَامَيْنِ أَن أَحدهمَا ينجز (السَّبَب فِي الْحَال وَيُؤَخر الحكم إِلَى) وجود شَرطه وَالْآخر يُؤَخر الحكم إِلَى حَال وجود الشَّرْط، وَإِنَّمَا يُفَارق هَذِه التعليقات بِأَن الْمَوْت حتم فَهَذَا كَمَا إِذا قَالَ إِذا طلعت الشَّمْس فَأَنت حر فَإِن طُلُوع الشَّمْس كالموت، فَأَما الِاسْتِيلَاء فَهُوَ فعل لَا قَول وَالشَّرْع أثبت بِهِ الْحُرِّيَّة (قسرا، وَالْفرق بَينهمَا: أَن الْمُسْتَوْلدَة تعْتَبر) من رَأس المَال وَلَا يزاحم بالديون.

المسألة الرابعة والخمسون بعد الثلثمائة شند

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شند) إِذا مَاتَ الْمكَاتب. الْمَذْهَب: انْفَسَخت الْكِتَابَة. عِنْدهم: إِن خلف وَفَاء بالنجوم وورثة لَا تَنْفَسِخ. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ...

لَهُم " ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَيفَ بَقِي العقد بَقِي لتَحْصِيل الْمُعْتق، وَالْعِتْق لَا يتَصَوَّر تَحْصِيله بعد الْمَوْت فَبَطل لتعذر فَائِدَته، فَإِن العقد لَا ينْعَقد إِلَّا لفائدة، وَكَذَلِكَ بَقَاؤُهُ وَالْعِتْق زَوَال الرّقّ وَلَا رق فِي الْمَيِّت، وإبقاء الْمَالِكِيَّة بعد موت الْمَالِك مُمكن، فَأَما إبْقَاء المملوكية بعد موت الْمَمْلُوك لَا يُمكن.

لَهُم: موت الْمكَاتب لَا يبطل فَكَذَلِك الْمكَاتب أَنه أحد عاقدي الْكِتَابَة، وَللسَّيِّد حق فِي الْبَدَل يَنْقَلِب حَقِيقَة عِنْد الِاسْتِيفَاء، وَالْمكَاتب يَنْقَلِب لَهُ الْحق عتق وَيبقى العقد لحاجتها. مَالك:. أَحْمد:. التكملة:. (عقد تعذر إمضاؤه فَتعين انفساخه) كَمَا إِذا انْتقصَ المَال عَن النُّجُوم لِأَنَّهُ انشئ لمقصود الْعتْق وَقد تعذر، فَأَما إِن أعتقناه قبل مَوته كَانَ تَقْدِيم

(الْمَشْرُوط على الشَّرْط وَإِن أعتقناه بعد الْأَدَاء) كَانَ حكما فِي مَحل لَا يقبله وَيقدر الْمَيِّت حَيا على خلاف الْحَقِيقَة يُصَار إِلَيْهِ عِنْد (ضَرُورَة أَو قيام دَلِيل وَلم يُوجد) ، أَو صِيَانة العقد عَن الِانْفِسَاخ لَيْسَ من الضروريات. أما إِذا حفر بِئْرا ثمَّ مَاتَ فَلَا حَاجَة إِلَى تَقْدِير حَيَاته فَإِن (الْمَيِّت لَا يَنْعَدِم بل ينْقل من دَار) إِلَى دَار، وَالْمَوْت لَا يخل بِالذِّمةِ بِدَلِيل أَن الضَّمَان على الْمَيِّت الْمُعسر يبْقى بعد الْمَوْت، " الْآن بردت جلدته عَن النَّار " فَإِذا (حفر فِي حَيَاته ثمَّ سَبَب الضَّمَان) وَدَلَائِل الْفرق بَين الْمَالِك والمملوك أَنه لَو قَالَ: إِن مت فَأَنت حر، صَحَّ وَلَو فتح التَّاء لم يَصح بل لَو قَالَ: كاتبوا عَبدِي (بعد موتِي، صَحَّ، وَأما تَقْدِير الإنفاد فأبعد) كثيرا فَإِنَّهُ تَقْدِيم الْمَشْرُوط على الشَّرْط. وَمَسْأَلَة الصَّيْد فِيهَا منع، ونقول: يكون بِمَنْزِلَة الشبكة أَو (بقول السَّبَب قد انْعَقَد بِهَذَا) الصَّيْد فِي حَقه، ثمَّ العَبْد عَاقد ومعقود عَلَيْهِ فينفسخ العقد من حَيْثُ هُوَ مَعْقُود عَلَيْهِ، ونناقضهم بِمَا إِذا قذفه قَاذف (فِي حَيَاته أَو جرحه) وَكَانَ قد وصّى بِوَصِيَّة.

المسألة الخامسة والخمسون بعد الثلثمائة شنه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنه) إِذا زوج ابْنَته من مكَاتبه ثمَّ مَاتَ السَّيِّد. الْمَذْهَب: انْفَسَخ النِّكَاح عِنْدهم ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من ترك مَالا أَو حَقًا فلورثته "، وَقَالَ: " الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم "، فَحصل من ذَلِك أَنه مَال، وَأَنه مَتْرُوك للْوَرَثَة فَإِذا ملكته انْفَسَخ النِّكَاح. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} أثبت الْمِيرَاث بعد

الْوَصِيَّة وَهُوَ فِي الدّين أظهر، لِأَن سَببه لُزُوم فِي الْحَيَاة فَإِذا ثَبت فِي الدّين فَهُوَ فِي الْمكَاتب أظهر، لِأَنَّهُ اسْتحق الْعتْق وَتعين لَهُ،، وَالْمَال لَا يتَعَيَّن للدّين، فَإِذا صحت هَذِه الْمُقدمَات فَمَا انْتقل إِلَيْهَا فَالنِّكَاح قَائِم بِهِ. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ملكه فانفسخ النِّكَاح، لِأَن الْوَارِث يقوم مقَام الْمُورث يَبْنِي حوله على حوله، وَيرد بِعَيْبِهِ، وَالْمَوْت لَا يبطل الْأَمْلَاك بل ينْقل، فَدلَّ عَلَيْهِ الْمَنْع فِي ابْتِدَاء النِّكَاح. لَهُم: عقد (الْكِتَابَة مَانع من انْتِقَال الْملك فَلَا) يَنْفَسِخ (النِّكَاح، بَيَان الدَّعْوَى أَنه لَا يقبل) الِانْتِقَال بِالْبيعِ (وَغَيره فقد صَار حرا أبدا) فَيمْنَع نقل الْملك (وَكَذَلِكَ الْوَلَاء) للسَّيِّد وَلَو كَانَ انْتقل الْملك لم يثبت الْوَلَاء لَهَا. أما ابْتِدَاء النِّكَاح منعنَا مِنْهُ خيفة أَن يعجز عَن النُّجُوم، وَقد يمْنَع الِابْتِدَاء مَا لَا يمْنَع الدَّوَام، لَو نكح جَارِيَة ابْنه لم يَصح، وَلَو نكح جَارِيَة واشتراها ابْنه صَحَّ.

مَالك:. أَحْمد:. التكملة:. (قَالُوا فِي العَبْد ملك ومالكيه) فالملك إِن انْتقل إِلَى الْوَارِث فالمالكية للمورث، بِدَلِيل أَن الْولَايَة تلْزم من بَقَاء الْمَالِكِيَّة للمورث بَقَاء الْملك لَهُ. الْجَواب: (الْإِرْث يَقُول الْملك لَا يَقُول الْمَالِكِيَّة) ، لِأَن الْملك معنى مُقَدّر فِي الْمحل مُطلق التَّصَرُّف، وَالْمحل بذلك مَمْلُوك، وَهَذِه الصُّورَة تسمى ملكا، وصاحبها مَالِكًا. ونضرب مِثَالا (فَيَقُول جَوْهَرَة تحاذي) إنْسَانا بشطرها بَقِي الْإِنْسَان مَكَانَهُ وتحولت الْجَوْهَرَة وحاذت شخصا آخر بذلك الشّطْر هَذَا مِثَال البيع، وجوهرة تحاذي شخصا بشطرها انْتقل ذَلِك الشَّخْص عَن محاذاتها وحاذاها شخص آخر هُوَ الْوَارِث (فمالكية الْوَارِث) هِيَ مالكية الْمُورث، ومالكية المُشْتَرِي غير مالكية البَائِع فَيجوز أَن تَزُول الْمَالِكِيَّة بعد الْمَوْت بِعقد بَاشرهُ الْمُورث من كِتَابه أَو تَدْبِير أَو

وَصِيَّة وَلَا يمْتَنع ذَلِك بِقِيَام الْوَارِث فِيهِ مقَامه وَثَبت الْوَلَاء للمورث، لِأَنَّهُ المزيل لتِلْك الْمَالِكِيَّة بِالسَّبَبِ الَّذِي بَاشرهُ بعد قيام الْوَارِث مقَامه، وَلَا يمْتَنع ذَلِك بِحَق الْوَارِث لكَونه خَليفَة لَا أصيلا فلمستخلفه أَن يزِيل عَنهُ كَمَا يزِيل عَن نَفسه وَيلْزم الِابْتِدَاء عذرهمْ أَنه تعرض أَن يصير مَالِكًا لَهَا بَاطِل، لِأَن توقع الثَّانِي لَا يُوجب الانتفاء فِي الْحَال كَمَا لَو زوج ابْنَته من عَبده فِي مرض مَوته.

مسائل من أدب القضاء

اللوحة 83 من المخطوطة أ: (مسَائِل من أدب الْقَضَاء) إِذا طرى الْعَمى بعد تحمل الشَّهَادَة لَا يمْنَع الْأَدَاء خلافًا لَهُ، وَالْحجّة: أَن الْمُعْتَبر فِي طرف التَّحَمُّل صِفَات مِنْهَا الْبَصَر وَبعد التَّحَمُّل إِنَّمَا يحْتَاج إِلَى الْحِفْظ وآلته الْعقل فحاجة الْأَدَاء تحْتَاج إِلَى تَمْيِيز الْمَشْهُود عَلَيْهِ من غَيره، وَذَلِكَ حَاصِل بِذكر السَّبَب وَهُوَ يَكْفِي عِنْد الْعَجز عَن الْإِشَارَة بِدَلِيل الشَّهَادَة على الْغَائِب وَالْمَيِّت. قَالُوا: الأَصْل فِي التَّمْيِيز هُوَ الْإِشَارَة، وَإِنَّمَا اكتفينا بِذكر السَّبَب عِنْد الْغَيْبَة وَالْمَوْت لضَرُورَة عَامَّة، والعمى حَالَة نادرة، وَلَو كَانَ الْمُعْتَبر حُصُول الثِّقَة لَكَانَ إِذا شهد الْأَعْمَى على شخص ولازمه إِلَى حِين الْأَدَاء يَصح. وَالْجَوَاب: الْفرق بَين الْعَام والنادر غير مُسْتَقِيم إِلَّا إِذا عز الِاحْتِرَاز الْعَام وَأمكن فِي النَّادِر وَهَاهُنَا قد اسْتَويَا فِي عسر الِاحْتِرَاز؛ إِذْ الْغَايَة أَن يشْهد

بِحقِّهِ عدلا وكمالا يُمكنهُ الِاحْتِرَاز عَن موت الْمَشْهُود عَلَيْهِ وغيبته كَذَلِك لَا يُمكنهُ الِاحْتِرَاز عَن عمى الشَّاهِد، وَفِي الْمَنْع من الْإِثْبَات إبِْطَال حَقه فِي الْمَوْضِعَيْنِ فقد اشْتَركَا فِي الْمَعْنى الْمُنَاسب فَلَا بَأْس بالافتراق فِي الْعُمُوم والندور. أما تحمل الضَّرِير فَلَا حَاجَة بِصَاحِب الْحق إِلَيْهِ، وَفِي الْمَسْأَلَة منع، ونقول: إِذا لَازمه إِلَى حِين الْأَدَاء صَحَّ، وَقد أفرط مَالك فَلم يجز التَّحَمُّل أَيْضا إِذا عرف بالقرائن وقاس على الْوَطْء قَالَ: وَلَو كَانَ لحَاجَة مَعَ الْمَانِع لاختص بِوَاحِدَة وَلم تجز الْوَاحِدَة إِلَّا عِنْد الْعَنَت لنكاح الْأمة. وَالْجَوَاب: أَن الْبَصَر هُوَ الطَّرِيق فِي دفع الالتباس فالأصوات تشتبه على الضَّرِير، ومبنى الشَّهَادَة على الِاحْتِيَاط، قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أَرَأَيْت الشَّمْس؟ على مثلهَا فاشهد أَو دع ".

وَأما جَوَاز الْوَطْء فَلِأَن غَيره لَا يقوم مقَامه فِيهِ وَفِي غَيره غيبَة عَن شَهَادَته، وبمثله قنعنا بِإِشَارَة الْأَخْرَس فِي الْعُقُود دون الشَّهَادَة، بَقِي علينا لأَصْحَاب أبي حنيفَة أَن القَاضِي إِذا عمي بعد سَماع الشَّهَادَة وَقبل الْقَضَاء لَا يقْضِي فِي تِلْكَ الْحَادِثَة. وَالْجَوَاب: الْمَنْع وَمَعَ التَّسْلِيم نقُول: نفاد الْقَضَاء يعْتَمد بَقَاء النّسَب الْمُثبت للولاية، فطريان آفَة الْعَمى يَقْتَضِي الصّرْف، وَإِذا زَالَت ولَايَة الْقَضَاء تعذر الْقَضَاء فِي هَذِه الْحَادِثَة وَفِي غَيرهَا بِخِلَاف مَا نَحن فِيهِ، لِأَن تحمل الشَّهَادَة يعْتَمد دَرك الْيَقِين، وَقد حصل من هَذَا الْوَجْه، وَحَيْثُ يتَصَوَّر الْيَقِين مَعَ الْعَمى يجوز كَالشَّهَادَةِ على النّسَب. (وَمَسْأَلَة اللّعب بالشطرنج مَكْرُوه غير محرم فَلَا ترد بِهِ الشَّهَادَة خلافًا (لَهُم وقياسهم إِيَّاه على النَّرْد غير صَحِيح) لِأَن الِاعْتِمَاد فِي

النَّرْد على النَّص، وَفِي الشطرنج على التَّدْبِير، وَلأبي إِسْحَاق فِي النَّرْد خلاف، وَقد كَانَ سعيد بن الْمسيب يلْعَب بالشطرنج بِالظَّاهِرِ، والتابعي إِذا عاصر الصَّحَابَة اعْتد بِخِلَافِهِ) .

المسألة السادسة والخمسون بعد الثلثمائة شنو

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنو.) شَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا على الْولادَة. الْمَذْهَب: لَا تقبل لَكِن أَربع نسْوَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . . لَهُم: نقل عَن عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ أَنه أجَاز شَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شَهَادَة فَتعين فِيهَا الْعدَد كَسَائِر الشَّهَادَات، ذَلِك لِأَن اعْتِبَار الْعدَد كَانَ لنَوْع احْتِيَاط، وَالِاحْتِيَاط فِي الْولادَة الَّتِي هِيَ منَاط النّسَب أولى، وَشَهَادَة النِّسَاء فِيهِ للْحَاجة فَكَانَ ثَابتا، وَالِاحْتِيَاط يُنَاسب اشْتِرَاط الْعدَد، وَالظَّن الْمُسْتَفَاد من جمَاعَة أَكثر من الْمُسْتَفَاد من وَاحِد. لَهُم: خبر مسْقط فِيهِ اعْتِبَار الذكورية فَسقط الْعدَد كالرواية، ذَلِك لِأَن الْولادَة أَمر محسوس يشْتَرك فِي دركه الرجل وَالْمَرْأَة بِخِلَاف غَيره من الوقائع فَإِن صِحَّتهَا تفْتَقر إِلَى شُرُوط وقيود فاختصت بِالرِّجَالِ وَالْعدَد والولادة لَيست مِمَّا تنسى، سِيمَا والطفل بَين يَديهَا مدرج وَإِسْقَاط الذكورية لما فِيهِ من الِاطِّلَاع على الْعَوْرَة وَهَذَا الْمَحْذُور فِي الْعدَد. مَالك: تقبل امْرَأَتَانِ. أَحْمد: يقبل قَول الْمُرضعَة.

التكملة: الْخَبَر الَّذِي نقلوه مَعَ أَنه قَول وَاحِد من الصَّحَابَة فِي مَحل الِاجْتِهَاد يرويهِ جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ ضَعِيف. ونقول: الِاسْتِدْلَال بِسُقُوط الذكورية على سُقُوط الْعدَد بَاطِل بِحَال زَوَال الْفراش وَانْتِفَاء أثر الْحمل. فَإِن قَالُوا: الْفراش قرينَة مصدقة، فَهَذَا بَاطِل على أصلهم؛ لِأَن مَا يُؤَكد مَضْمُون الشَّهَادَة يمْنَع سماعهَا كبينة ذِي الْيَد، وتعليلهم بِأَنَّهُ فعل محسوس يبطل بِسَائِر الْأَشْيَاء المحسوسة فَإِن الْعدَد يعْتَبر فِيهَا. أما مَا اعتقدوه من إِسْقَاط الذكورية وَأَنه خوف النّظر إِلَى الْعَوْرَة بَاطِل فَإِنَّهُ بِنَاء على اعْتِقَادهم أَن تحمل الشَّهَادَة غير مُمكن إِلَّا بِالرُّؤْيَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن من رأى امْرَأَة حَامِلا وَدخلت بَيْتا فَارغًا وَخرجت بِولد عرف أَنه وَلَدهَا كَيفَ ورؤية الْعَوْرَة جَائِز لتحمل شَهَادَة الزِّنَى وَشَهَادَة الرِّجَال عندنَا مسموعة فِي هَذَا، بل إِجْمَاعًا حَتَّى لَو أَقَامَا شَاهِدين كَانَ مَقْبُولًا لَكِن

صرنا إِلَى التَّعْدِيل، لِأَن هَذِه الْوَاقِعَة أَكثر مَا تكون مَعَ النِّسَاء، وَقُلْنَا: أَربع نسْوَة كرجلين فَالْآن الذكورية وَالْعدَد نوعا كَمَال لَا يَنْبَغِي أَن يهملا.

المسألة السابعة والخمسون بعد الثلثمائة شنز

(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنز.) الْمَحْدُود فِي الْقَذْف إِذا تَابَ. الْمَذْهَب: قبلت شَهَادَته. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا الَّذين تَابُوا (من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا} فَإِن اللَّهِ غَفُور رَحِيم} والجمل إِذا أعقبت بِالِاسْتِثْنَاءِ فَالْأَصْل أَنه يرجع إِلَى الْجَمِيع وَلَكِن تعذر صرفه إِلَى الْجلد لوُقُوعه فصرفناه إِلَى رد الشَّهَادَة. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} ... ... ... ... . .

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شَهَادَة صدرت من أَهلهَا فِي محلهَا عِنْد مَسِيس الْحَاجة إِلَيْهَا فَقبلت كَمَا إِذا تلف قبل الْحَد، دَلِيل الْأَهْلِيَّة: حكم انْعِقَاد النِّكَاح بِحُضُور المحدودين بعد قَوْله (عَلَيْهِ السَّلَام) : " لَا نِكَاح إِلَّا بِشُهُود "، وصفات الْأَهْلِيَّة مَوْجُودَة فِيهِ حر عَاقل بَالغ مُسلم، وَبَيَان الْحَاجة إِلَى الشَّهَادَة الدَّعْوَى، وَالْحَد كَفَّارَة فَلَا يمْنَع، فحاله بعده أحسن من حَاله قبله. لَهُم: اللَّهِ تَعَالَى عطف رد الشَّهَادَة على الْجلد فهما جَزَاء الْجِنَايَة، ورد الشَّهَادَة صَالح للجزاء، من حَيْثُ إِنَّه يؤلم قلبه، وَلَيْسَ الرَّد حكم الْفسق، فَإِنَّهُ أبده فَلَا يتَصَوَّر سُقُوطه بِالتَّوْبَةِ فَصَارَ مثل الْحَد قبل الْإِقَامَة يُمكن إِسْقَاطه لَا بعْدهَا وَلَيْسَ الْقَذْف سوى الْفسق بل هُوَ نَوعه. مَالك: ق. أَحْمد: ق.

التكملة: توافقنا على أَن الْقَاذِف إِذا تَابَ قبل إِقَامَة الْحَد قبلت شَهَادَته وَلم يَتَجَدَّد سوى الْحَد وَهُوَ طهرة، ورد الشَّهَادَة إِمَّا أَن يكون مُوجب الْحَد أَو مُوجب الْقَذْف بِغَيْر وَاسِطَة، وَمُوجب الْحَد بِوَاسِطَة الْفسق لَا يصلح أَن يكون مُوجب الْحَد، لِأَنَّهُ مَعَ الْحَد مُوجبا شَيْء وَاحِد فَتعين إحالته على الْقَذْف بِنَفسِهِ أَو بِوَاسِطَة الْفسق، فَإِذا كَانَ كَذَلِك زَالَ بِالتَّوْبَةِ. وَأما إِن كَانَ بِغَيْر وَاسِطَة الْفسق بل عُقُوبَة، فالجلد قرينَة لَهُ أَو تَتِمَّة وَهَذَا يُوجب أَلا يسْقط بِالتَّوْبَةِ قبل الْحَد كَمَا لَا يسْقط الْحَد بِالتَّوْبَةِ مثل رد الشَّهَادَة فَإِنَّهُمَا مُوجبا جِنَايَة وَاحِدَة، وَإِن كَانَ مُوجب الْقَذْف بِلَا وَاسِطَة فَلم يُوقف على الْحَد، وَاعْلَم أَنهم سلمُوا أَن الْكَافِر إِذا حد فِي قذف وَأسلم قبلت شَهَادَته فنقيس الْمُسلم عَلَيْهِ. عبارَة: اسْتَويَا فِي وجود الْقَذْف الْمُوجب للحد وَفِي الْحَد وَفِي التَّوْبَة وَفِي الدُّخُول تَحت عُمُوم الْآيَة فِي رد الشَّهَادَة، وَإِقَامَة الْحَد. فَإِن قَالُوا: الْكَافِر استجد عَدَالَة لم تكن بَطل بالفاسق الَّذِي لَا عَدَالَة لَهُ، وبالعبد الْفَاسِق إِذا قذف وحد فَإِنَّهُم لم يقبلُوا شَهَادَتهمَا وَالْعَدَالَة مستجدة.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

المسألة الثامنة والخمسون بعد الثلثمائة شنح

(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنح.) شَهَادَة أهل الذِّمَّة. الْمَذْهَب: لَا تقبل. عِنْدهم: تقبل بَينهم وَالْكفْر مِلَّة وَاحِدَة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} أَرَادَ بِهِ الْمُشْركين، وَرُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أجَاز شَهَادَة أهل الذِّمَّة بَعضهم على بعض، وَقَوله: إِنَّمَا بذلوا الْجِزْيَة لتَكون دِمَاؤُهُمْ كدمائنا وَأَمْوَالهمْ كأموالنا، وَمَتى أسقطنا شَهَادَتهم ضَاعَت أَمْوَالهم.

الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: كَافِر فَلَا تكون لَهُ شَهَادَة كالمرتد، لِأَن الشَّهَادَة قَول يُوصف بِالصّدقِ وَلَا يُنَاسب حَال الْكَافِر، لِأَن الدّين هُوَ الْبَاعِث على الصدْق، وَدين الْكَافِر مَعْدُوم، وَلَا أَمَانَة لَهُ، وَالشَّهَادَة منصب يُنَافِيهِ الْكفْر، وَالْولَايَة وَالشَّهَادَة مُخْتَلِفَانِ، هَذِه إِخْبَار وَهَذِه إنْشَاء، وكما لَا تقبل رِوَايَته لَا تقبل شَهَادَته. لَهُم: الشَّهَادَة ولَايَة، وَالْكَافِر من أهل الْولَايَة، وَلِهَذَا يُزَوّج ابْنَته، وَبَيَان أَنَّهُمَا شَيْء وَاحِد أَنَّهُمَا نُفُوذ القَوْل على الْغَيْر، لَا سِيمَا وَالْحَاجة ماسة إِلَى قبُول شَهَادَتهم بَعضهم من بعض. مَالك: ق. أَحْمد: تقبل على الْمُسلمين فِي الْوَصِيَّة إِذا لم يكن غَيرهم وَلَا يقبل بَعضهم لبَعض.

التكملة: الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة يَشْتَرِكَانِ فِي الْحَقِيقَة فَكل وَاحِد إِخْبَار عَن قَول الْغَيْر أَو فعله، نعم اخْتصّت الشَّهَادَة بمزيد احْتِيَاط إِجْمَاعًا فَيجوز أَلا تقبل من بعض، من تقبل رِوَايَته. أما أَن تقبل مِمَّن ردَّتْ رِوَايَته فَلَا، وَذَلِكَ لِأَن قبُول قَول الْغَيْر على الْغَيْر منصب شَرْعِي يَسْتَدْعِي أهل الْكَمَال حَتَّى اقْتضى الْعقل وَالْبُلُوغ وَالْعَدَالَة وَالْحريَّة فالإسلام أتم، وَأَيْنَ ضرب الذل وَالصغَار والجزية من دُخُول مجَالِس الْحُكَّام وإلزام الْقُضَاة قبُول أَقْوَالهم؟ ويتأيد برد شَهَادَته على الْمُسلم، فَإِن عللوا بالعداوة فَلم قبلت شَهَادَة النَّصَارَى على الْيَهُود وَبِالْعَكْسِ، وَتقبل بِالْإِجْمَاع شَهَادَة الْمُسلم على الْكَافِر، ويتأيد بالرقيق فَإِنَّهُ لَا تقبل شَهَادَتهم، وَالرّق من أثر الْكفْر، ويتأيد بالمحدود فَإِنَّهُم يردون شَهَادَته للنقص، وَنقص الْكفْر أبلغ.

المسألة التاسعة والخمسون بعد الثلثمائة شنط

(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ بعد الثلثمائة: شنط.) الْقَضَاء بِيَمِين الْمُدَّعِي وَشَاهد. الْمَذْهَب: جَائِز. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: روى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قضى بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد الْوَاحِد، وَهَذَا الْخَبَر يرويهِ بعض وَعِشْرُونَ من الصَّحَابَة رضوَان اللَّهِ عَلَيْهِم، مِنْهُم الْخُلَفَاء الراشدون. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فاستشهدوا شيهدين من رجالكم} الْآيَة، بَين أَن رجلا

وَامْرَأَتَيْنِ أدنى مَرَاتِب الشَّهَادَة فَلَا يجوز غَيره، فَإِذا شرعتم الشَّاهِد وَالْيَمِين نسختم الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْيَمين على من أنكر "، كَيفَ يَجْعَل على من يَدعِي؟ الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: ... لَهُم: ... مَالك: وَافق وَيحلف مَعَ امْرَأتَيْنِ.

أَحْمد: ق. التكملة: الْآيَة الَّتِي احْتَجُّوا بهَا أَمر بِالْإِشْهَادِ ابْتِدَاء احْتِيَاطًا، وَنحن نسلم أَن أدنى مَأْمُور بِهِ رجل وَامْرَأَتَانِ، فَإِن الشَّاهِد وَالْيَمِين لَا يُمكن أَن يُؤمر بِهِ فِي ابْتِدَاء الوقائع، نعم إِذا مست الْحَاجة إِلَيْهِ (يقْضِي بِهِ) بِدَلِيل من السّنة وَالْآيَة ساكتة عَنهُ، أَو تَقول ذَلِك بَيَان حجَّة هِيَ شَهَادَة وَمَا نَحن فِيهِ حجَّة هِيَ شَهَادَة وَيَمِين وَهَذِه الْحجَّة غير تِلْكَ، فَالْحَدِيث إِذا غير نَاسخ لِلْآيَةِ. وَأما قَوْله: " وَالْيَمِين على من أنكر " أَرَادَ يَمِين (النَّفْي أما يَمِين) الْإِثْبَات فَهِيَ للْمُدَّعِي، فَإِن زَعَمُوا الْعُمُوم منعنَا، وَالْألف وَاللَّام لَا تُعْطِي (الِاسْتِغْرَاق مُطلقًا، بل هِيَ للمعهود السَّابِق هَاهُنَا والمعهود السَّابِق هُوَ الْيَمين الْمُعْتَادَة فِي الْعَادة) فَإِن الْأَعَمّ الْأَغْلَب فِي الْيَمين أَنَّهَا الْمُشْتَملَة على النَّفْي وَيدل عَلَيْهِ يَمِين الْمُدَّعِي فِي الرَّد، فَإِن زعموها للنَّفْي قُلْنَا فَلم نُقِيم عَلَيْهِ الْبَيِّنَة؟

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

المسألة الستون بعد الثلثمائة شس

(الْمَسْأَلَة السِّتُّونَ بعد الثلثمائة: شس.) شُهُود الطَّلَاق إِذا رجعُوا بعد الْقَضَاء. الْمَذْهَب: غرموا مهر الْمثل للزَّوْج قبل الْمَسِيس وَبعده. عِنْدهم: إِن كَانَ بعد الْمَسِيس فَلَا شَيْء، وَإِن كَانَ قبله فَعَلَيهِ نصف الْمهْر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... لنا: ... لَهُم: الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا أتلفوا مُتَقَوّما بِشَهَادَتِهِم الْبَاطِلَة فضمنوا كَالشَّهَادَةِ بِعِتْق العَبْد، دَلِيل التقوم: أَنه مقوم بِالْعقدِ وشبهة العقد وَمَنَافع الْبضْع معنى يُقَابله المَال

شرعا، وَوَطْء الشُّبْهَة لم يتْلف بِهِ ملك الزَّوْج، إِذا لم يحدث عَن ملكه فالمرأة فِي يَد نَفسهَا. لَهُم: مَنَافِع الْبضْع غير مُتَقَومَة بِالْإِتْلَافِ فَلَا تضمن بالحيلولة، وتأثيره أَنَّهَا دونهَا، وَدَلِيل الدَّعْوَى أَنَّهَا تتْلف عَلَيْهِ فِي وَطْء منكوحته بِشُبْهَة، وَالْمهْر لَهَا لَا لَهُ، وترتد الْمَرْأَة بعد الدُّخُول وَلَا ضَمَان عَلَيْهَا للزَّوْج، وَمَنَافع الْبضْع لَيست مَالا، والتقوم لِلْمَالِ، وَلَا مثل أَيْضا للبضع من الدَّرَاهِم. مَالك: ف. أَحْمد: ف. التكملة: الْأمة الْمَنْكُوحَة مَمْلُوكَة للسَّيِّد نفسا، وَللزَّوْج نِكَاحا، فالشهود إِذا شهدُوا على إِعْتَاق الْأمة وَطَلَاق الزَّوْج ثمَّ رجعُوا غرمناهم مَا يقوم بِهِ ملك الْيَمين فليغرموا مَا يقوم بِهِ ملك النِّكَاح أَعنِي الْمَمْلُوك يَمِينا ونكاحا، وَذَلِكَ على رَأْيهمْ ألزم فَإِنَّهُم يجوزون الْإِنْكَاح بِأَلْفَاظ التَّمْلِيك، ثمَّ

حَقِيقَة الْملك اخْتِصَاص شَرْعِي بِمحل منتفع بِهِ يُطلق الِانْتِفَاع الْمَشْرُوع، وَالْمَال خلق للإنتفاع، وَهَذَا الْمَعْنى يَشْمَل الْحَيَوَان والجماد، فالآدمي بِأَصْل فطرته مستعد للِانْتِفَاع بالاستخدام والإخدام فَكَانَ مَالا بِهَذَا الِاعْتِبَار. نعم فِيهِ معنى آخر وَهُوَ الَّذِي يتَحَمَّل بِهِ الْأَمَانَة فَهُوَ مَال من وَجه، لَا مَال من وَجه، وَالْمَرْأَة بأنوثتها مستعدة لنَوْع آخر من الِانْتِفَاع فَكَانَت جِهَة أُخْرَى للمالية، ثمَّ الْمَالِيَّة تَارَة للإهانة كالرق، وَتارَة للكرامة كَالنِّكَاحِ. أما وَطْء الشُّبْهَة فالفائت بِهِ مَنْفَعَة الْبضْع، والفائت بِالشَّهَادَةِ ملك الْبضْع فَافْتَرقَا.

مسائل من النذور والكتابة والعتاق والشهادة

لوحة 84 من المخطوطة أ: (مسَائِل من النذور وَالْكِتَابَة وَالْعتاق وَالشَّهَادَة) الدَّلِيل على أَنا لم نتعبد بشرع من قبلنَا خبر معَاذ، وَهِي مَسْأَلَة خلافية حَتَّى بَين الْأَصْحَاب. مَسْأَلَة: نذر التَّصَدُّق بِمَالِه يلْزمه (التَّصَدُّق بِجَمِيعِهِ، قَالَ الْخصم) : يخْتَص بِالْمَالِ الزكاتي اسْتِحْسَانًا. لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " خير المَال سكَّة مأبورة ومهرة مأمورة "، وَلِأَنَّهُ جعل جَمِيع مَاله صَدَقَة فَلم يخْتَص بِبَعْضِه كَالْوَصِيَّةِ. قَالُوا: مَا يُوجِبهُ الْإِنْسَان على نَفسه بِالنذرِ يحمل الْمُطلق مِنْهُ على مَا تقرر فِي الشَّرْع كَمَا لَو نذر الصَّلَاة حمل على صَلَاة مَشْرُوعَة، وَالْوَاجِب إِنَّمَا

يكون فِي الْأَمْوَال الزكاتية. وَالْجَوَاب: أَن اسْم الصَّلَاة مَنْقُول إِلَى هَذِه الْمَشْرُوعَة، وَالْمَال لم ينْقل عَن الْعرف الْقَدِيم فَبَقيَ على أَصله. مَسْأَلَة: إِذا نذر صَوْم يَوْم معِين فصَام قبله لم يجز خلافًا لَهُم. لنا: أَن النّذر جِهَة لإِيجَاب الصَّوْم فَإِذا قَيده بِوَقْت لم يجز تَقْدِيمه عَلَيْهِ كالمشروع، فَأَما كَونه إِذا نذر صَلَاة فِي مَسْجِد صَار لَهُ أَن يُؤَدِّيهَا فِي غَيره لِأَن الصَّلَاة لَا تخْتَص بمَكَان فِي الشَّرْع فَلم تخْتَص بِالنذرِ وَالصَّوْم يخْتَص بِالشَّرْعِ فاختص بِالنذرِ. مَسْأَلَة: إِذا مَاتَ الْوَلِيّ وَله وارثان فأبرأ أَحدهمَا الْمكَاتب عَن حِصَّته عتق مِنْهُ بِقدر حَقه خلافًا لَهُم. لنا: أَنه أَبرَأَهُ عَن جَمِيع مَاله عَلَيْهِ فَيعتق مَا فِي مقابلتها كَمَا لَو أَبرَأَهُ السَّيِّد عَن جَمِيع المَال. فَإِن قَالُوا: الْمكَاتب يعْتق بِالْأَدَاءِ على حكم ملك السَّيِّد بِدَلِيل الْوَلَاء لَهُ

وَقد ثَبت أَن الْمَيِّت لَو أَبرَأَهُ من بعض المَال لم ينعتق فَكَذَلِك هَاهُنَا. وَالْجَوَاب: أَن الْملك ينْتَقل بِالْمَوْتِ إِلَى الْوَرَثَة فالعتق فِي ملكهم، وَإِنَّمَا لم يكن الْوَلَاء لَهُم لِأَن الْمكَاتب دخل فِي ملكهم مسلوب الْوَلَاء كَمَا تدخل الْجَارِيَة الْمَنْكُوحَة فِي ملكهم مسلوبة الِاسْتِمْتَاع. مَسْأَلَة: الْمكَاتب ينْتَقل بِمَوْت السَّيِّد إِلَى ورثته خلافًا لَهُم. لنا أَنه مَمْلُوك لَا يبطل الْملك فِيهِ بِمَوْت السَّيِّد فانتقل إِلَى ورثته كالقن، وَلَا يُقَال: إِن الْقِنّ يَصح النَّقْل فِيهِ فِي حَال الْحَيَاة وَهَذَا لَا يَصح فَأشبه أم الْوَلَد لأَنا نقُول لَيْسَ إِذا لم يَصح انْتِقَال الْملك فِي الْحَيَاة لم يَصح بعد الْمَمَات كَالرَّهْنِ وَحبس الْمَبِيع. أما أم الْوَلَد فالرق زَالَ عَنْهَا بِالْمَوْتِ، فَإِن قَالُوا: الْإِرْث سَبَب من أَسبَاب انْتِقَال الْأَمْلَاك فَهُوَ كَالْبيع وَالْهِبَة وَالْوَصِيَّة، وَفِي هَذِه الْعُقُود لَا ينْتَقل ملك الْمكَاتب فَكَذَلِك فِي الْإِرْث. وَالْجَوَاب: أَن الِانْتِقَال بِالْإِرْثِ آكِد، وَلذَلِك ينْقل ملك الطير فِي الْهَوَاء والسمك فِي المَاء بِخِلَاف البيع وَالْهِبَة، والعذر عَن الْوَلَاء قد تقدم.

المسألة الحادية والستون بعد الثلثمائة شسا

(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالسِّتُّونَ بعد الثلثمائة: شسا.) نذر ذبح الْوَلَد. الْمَذْهَب: لَغْو. عِنْدهم: يَصح وَيلْزمهُ ذبح شَاة. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا نذر فِي مَعْصِيّة "، وَذبح الْوَلَد مَعْصِيّة ... ... ... ... ... ... ... . لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك} ، أَمر اللَّهِ إِبْرَاهِيم،

وَتَسْلِيم إِسْمَاعِيل دَلِيل على اعْتِقَاد الْأَمر بِالذبْحِ، ثمَّ إِن الْأَمر بِذبح الْوَلَد هُوَ الَّذِي صَار أمرا بِذبح الشَّاة بِدَلِيل لفظ الْفِدَاء فالمنسوخ محلية الذّبْح إِلَى بدل أقيم مقَامه فَتعلق بِالْبَدَلِ ذَلِك الْأَمر فَمن نذر ذبح وَلَده فقد نذر ذبح شَاة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: نذر الْمُبَاحَات لَا يَصح فَكيف الْمعاصِي فَبَان أَنه نذر نذرا أَخطَأ مَحَله، لِأَن الْوَلَد لَيْسَ محلا للذبح وَالنّذر وتناوله وَلَيْسَ ذكر الْوَلَد ذكر الشَّاة لَا صَرِيحًا وَلَا دلَالَة، وَفِي قصَّة إِبْرَاهِيم وَجب ذبح الْوَلَد ثمَّ كَانَت الشَّاة فدَاء وَهَاهُنَا مَا وجد وجوب ذبح الْوَلَد. لَهُم: الْأَمر بِذبح الْوَلَد أَمر بِذبح شَاة، وَالنُّذُور مَحْمُولَة على أُصُولهَا فِي الْأَوَامِر لِأَنَّهُ إِذا وَجب ذبح الشَّاة بِأَمْر مُبَاح مُضَاف إِلَى الْوَلَد وَجب ذَبحهَا بِنذر مُضَاف إِلَى الْوَلَد، لِأَن نذر الْوَلَد نذر ذبح شَاة وَالْفِدَاء اسْم لإِقَامَة مَحل مقَام مَحل فِي عمل مَكْرُوه قصد بِهِ الْمحل الأول كجنة الرَّامِي. مَالك:.

أَحْمد: رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا ذبح كَبْش. التكملة: النذور قرب فَلَا تصح فِي الْمعاصِي فَلَا يَصح نذر ذبح الْوَلَد كَمَا لَا يَصح نذر قَتله وَلَا نذر صَلَاة أَيَّام الْحيض، والمعقول من أَمر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْأَمر بِذبح الْوَلَد وَنسخ ذَلِك الْأَمر بِذبح شَاة، وَالْأَمر بِهَذَا (غير الْأَمر بِهَذَا وَالْأَمر) طلب لَا يعقل بِغَيْر مَطْلُوب فَإِذا تعدد الْمَطْلُوب تعدد الطّلب. وَلما كَانَ تعلق الذّبْح بِالشَّاة سَببا لانقطاعه عَن الْوَلَد صلح أَن يُسمى فدَاء مجَازًا كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث: " يسلم يَوْم الْقِيَامَة إِلَى كل مُؤمن كَافِر يدْخلهُ النَّار وَيُقَال: هَذَا فدَاء لَك من النَّار " بِمَعْنى أَنه يخلص بِسَبَبِهِ لَا على معنى أَنه جِنَايَة الْمُؤمن اقْتَضَت دُخُول الْكَافِر النَّار على أَنا لَا يلْزمنَا شرع غَيرنَا فَالْأَمْر فِي شرعنا لَا يجوز أَن يتلَقَّى من شرع غَيرنَا، فَإِذا إِذا ألغي اللَّفْظ

مِمَّا أضيف إِلَيْهِ وَهُوَ ذبح الْوَلَد لَا يُمكن اعْتِبَاره فِي غَيره.

المسألة الثانية والستون بعد الثلثمائة شسب

(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ بعد الثلثمائة: شسب.) نذر اللجاج. الْمَذْهَب: فِيهِ كَفَّارَة يَمِين. عِنْدهم: يجب الْوَفَاء بِمَا سمى وَهُوَ القَوْل الآخر. الْمَنْقُول: لنا: روى عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " النّذر يَمِين وكفارته كَفَّارَة يَمِين "، وَهَذَا نَص، وَقد صَار إِلَى قَوْلنَا الْمَنْصُور فِي

الْخلاف ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة. لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " من نذر نذرا وسمى وَجب عَلَيْهِ مَا سمى ". الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: هَذَا اللَّفْظ (شابه النّذر من الْوَجْه) الَّذِي قَالُوهُ، وَالْيَمِين من الْوَجْه الَّذِي قُلْنَاهُ، وَالْفرع إِذا تجاذبه أصلان يجب أَن يوفر عَلَيْهِ حكم الشبهتين وَيَأْخُذ مقتضاهما وَذَلِكَ بالتخيير بَين الْحكمَيْنِ. لَهُم: نذر فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاء بِمَا نذر كَسَائِر النذور، وكما لَو نذر لشفاء مريضه صَدَقَة بِشَيْء من مَاله، يدل عَلَيْهِ أَنه لَو حلف بِالطَّلَاق أَو الْعتاق وَقع، يدل عَلَيْهِ أَنه لما قَالَ: لله عَليّ كَذَا فقد عين لنَفسِهِ مخلصا من صَوْم أَو صَلَاة فَلَزِمَهُ مَا عين. مَالك:. أَحْمد:.

التكملة: من حلف بِاللَّه فَحكم الْحلف أَنه صَار بِحَال لَو وَقع الْحلف فِي قَوْله لزمَه حق اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذا قَالَ: إِن دخلت الدَّار فَللَّه عَليّ عتق، فقد خبر عَن أَنه لَا يدْخل وَلَو دخل لزمَه الْعتْق، فَكَأَنَّهُ قَالَ صَرِيحًا: لَا دخلت الدارولو دخلت فَللَّه عَليّ كَذَا وَهَذَا هُوَ النَّائِب عقيب لفظ الْيَمين. فَنَقُول: إِذا كَانَ الْمَرْء بسبيل من إِثْبَات هَذِه الْحَالة لنَفسِهِ حكما ليمينه وَقد صرح بِإِثْبَات الحكم دون ذكر السَّبَب وَجب علينا أَن نسعى فِي تَصْحِيح كَلَامه بإضمار سَببه فِيهِ وَصَارَ كَمَا لَو قَالَ: أعتق عَبدك عني، وأجابه إِلَيْهِ فَإنَّا نضمر فِيهِ البيع، وَهَذَا كَقَوْلِهِم: من حرم شَيْئا على نَفسه أَو قَالَ: إِن فعلت كَذَا فَأَنا يَهُودِيّ، أَنه يضمر فِيهِ الْيَمين لاعتقادهم أَن حكم الْيَمين تَحْرِيم الْفِعْل، كَذَلِك هَاهُنَا الْحَاصِل بِالْيمن ضَرُورَة هَذَا الشَّخْص بِحَال لَو وَقع الْحلف فِي خَبره حق اللَّهِ تَعَالَى، وَسبب ثُبُوت هَذِه الْحَالة يَمِينه فَإِذا صرح بِإِثْبَات تِلْكَ الْحَالة أضمرنا فِيهِ الْيَمين، يبْقى أَن اللَّازِم فِي الْيَمين الْكَفَّارَة، وَهَاهُنَا أخبر عَن لُزُوم صَوْم وَصَلَاة فَنَقُول: الصَّادِر مِنْهُ أَمْرَانِ: أَحدهمَا: تَعْلِيق حق اللَّهِ تَعَالَى على الْحَالِف، وَالْآخر تعين الْحق وَالْأول مَشْرُوع فاعتبرناه، وَالثَّانِي غير مَشْرُوع فألغيناه.

المسألة الثالثة والستون بعد الثلثمائة شسج

(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسِّتُّونَ بعد الثلثمائة: شسج.) الْكِتَابَة الْحَالة نجومها. الْمَذْهَب: بَاطِلَة. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: نقل عَن عُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ أَنه قَالَ لعَبْدِهِ الَّذِي ألح عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَة: " لأكاتبنك على نجمين وَالله لَا أنقصك مِنْهَا شَيْئا "، وَهَذَا فِي معرض

التَّحْدِيد دَلِيل على أَنه أدنى دَرَجَات الْوُجُوب. لَهُم: قَوْله تَعَالَى: {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} أَمر بِالْكِتَابَةِ مُطلقًا فَمن زَاد الْأَجَل على النَّص. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: شرع الْأَسْبَاب وَوضع الْعُقُود لَا يتعرف إِلَّا شرعا، والوارد الْكِتَابَة المنجمة وَلم ينْقل عَن الصَّحَابَة كِتَابَة أقل من نجمين وَالْحَالة غير المؤجلة، وَالْقِيَاس لَا يجْرِي فِي الْأَسْبَاب، ثمَّ لَا مُنَاسبَة بَين الْحُلُول والإرفاق، فَإِن الْكِتَابَة عقد إرفاق فاقتضت التَّأْجِيل. لَهُم: شرع الْمُؤَجل يدل على شرع الْحَال بطرِيق الأولى، فَإِن الأَصْل تَأْخِير مُطَالبَة فِي وَاجِب العقد، فَإِذا جَازَ التَّأْخِير جَازَ التَّعْجِيل (على وفْق الأَصْل) كَمَا قَالَ الشَّافِعِي: إِذا جَازَ السّلم مُؤَجّلا فَهُوَ حَال أجوز ثمَّ لَو كَانَ بِمُجَرَّد الإرفاق لما جَازَ أَن ينجمه لحظتين.

مَالك:. أَحْمد:. التكملة: الشَّرْع ورد بِالْكِتَابَةِ المؤجلة، والمعجلة لَيست فِي مَعْنَاهَا، الدَّلِيل على الْمُقدمَة الأولى: أَن الْكِتَابَة عرفت صورته بِفعل الصَّحَابَة، وَلم ينْقل إِلَّا كَذَلِك، وَلم يفهم هَذَا العقد العجيب الْوَضع الَّذِي هُوَ مُقَابلَة ملك الْإِنْسَان بِملكه من مُطلق الْكِتَابَة الدَّال على كتاب بل هُوَ لفظ شَرْعِي عرف بَيَانه من الرَّسُول وَالصَّحَابَة فَلم يجز التَّصَرُّف فِيهِ. الدَّلِيل على الْمُقدمَة الثَّانِيَة: أَنا لم نَعْرِف علته حَتَّى نعديه، ثمَّ إِن علل فبالإرفاق يَقْتَضِي التَّأْجِيل. فَإِن قيل: الْعِوَض منتجز فَإِن الْكِتَابَة مُقَابلَة بَين الْعتْق وَالْمَال والمعوض للْحَال بآخر مَكَان الْأَجَل ناجزا إِلَّا إِذا أَدخل الشَّرْط.

وَالْجَوَاب: أَن الْكِتَابَة مُقَابلَة الْعتْق بِالْمَالِ وَمَعْنَاهُ أَن السَّيِّد يدل على ملكه فِي مُقَابلَة مَا يلتزمه العَبْد من المَال وَالْعَبْد أهل الْإِلْزَام بالسياسة، كَمَا أَن السَّيِّد أهل الْإِزَالَة بالمالكية فانعقدت الْكِتَابَة سَببهَا لزوَال ملكه عَن العَبْد وَحُصُول ملكه فِيمَا يسلم إِلَيْهِ من النُّجُوم، وَمن الْمَعْلُوم أَن زَوَال الْملك لم ينتجز، فَكَذَلِك تِلْكَ النُّجُوم.

المسألة الرابعة والستون بعد الثلثمائة شسد

(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ بعد الثلثمائة: شسد.) إِذا استولد أمة الْغَيْر نِكَاحا ثمَّ اشْتَرَاهَا. الْمَذْهَب: لم تصر أم ولد. عِنْدهم: ف. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... لَهُم: ... الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: علقت برقيق فَلَا يثبت لَهَا حق الِاسْتِيلَاء كَمَا لَو علقت من زنى ثمَّ

اشْتَرَاهَا الزَّانِي، ذَلِك لِأَن عتق الْأُم تبع عتق الْوَلَد، كَمَا قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَام:) " أعْتقهَا وَلَدهَا " فِي الْقبْطِيَّة حِين ولدت إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِذا لم يكن الْوَلَد حرا لم تكن هِيَ حرَّة. لَهُم: أَتَت بِولد مِنْهُ (ينْسب) فَصَارَت أم ولد كَمَا لَو كَانَ فِي ملكه، ذَلِك لِأَن البعضية ثبتَتْ بَين السيدة وَالْجَارِيَة بِوَاسِطَة الْوَلَد كَمَا بَين الْأَخَوَيْنِ بِالْأَبِ فالأخ ابْن أَبِيه وَالْجَارِيَة أم وَلَده فتحققت النِّسْبَة والبعضية فتقتضي الْعتْق.

مَالك: أَحْمد:. التكملة: الْقيَاس لَا يَقْتَضِي عتق الْمُسْتَوْلدَة، فَإِن الْوَطْء نوع انْتِفَاع، وَالِانْتِفَاع بالمملوك لَا يُنَاسب زَوَال الْملك، وَامْتِنَاع البيع، غير أَن ذَلِك ثَبت نصا فِي مَارِيَة، وَمحل النَّص يشْتَمل على قيام الْملك حَالَة الْوَطْء وحرية الْوَلَد فَلَا يلْحق بِهِ غَيره حَيْثُ لم يفهم الْمَعْنى فِيهِ. فَإِن قَالُوا: الْعتْق مُضَاف إِلَى أُميَّة الْوَلَد فصلحت الأمية للتَّعْلِيل، فَالْجَوَاب: هَذَا طرد مَحْض لَا مُنَاسبَة فِيهِ فَلَا يصلح للتعدية عَن مَحل النَّص. وَأما الْإِضَافَة الشَّرْعِيَّة تدل على أَن الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا بُد مِنْهُ فِي تَحْقِيق الْمُضَاف وَنحن نسلم أَن أُميَّة الْوَلَد لابد مِنْهَا فِي تَحْقِيق هَذَا الْمَعْنى، وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي التَّعْلِيل بذلك غير لَازم، وَالسَّبَب فِيهِ أَن الْإِضَافَة هَاهُنَا

للتعريف، وَهُوَ يحصل بِذكر لَازم من لَوَازِم (الشَّيْء وَنسبَة) الْجَارِيَة إِلَيْهِ نِسْبَة تَعْرِيف لَا نِسْبَة تشريف، فَهُوَ كَقَوْلِه زَوْجَة وَلَده. وَأما نِسْبَة الابْن فعلى طَرِيق التشريف وَلذَلِك ظَهرت آثاره فِي تَحْرِيم الاستفراش وَإِيجَاب النَّفَقَة، وكل ذَلِك مُنْتَفٍ فِي الْجَارِيَة الْمُسْتَوْلدَة فَلَا يلْحق بِهِ.

المسألة الخامسة والستون بعد الثلثمائة شسه

(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ بعد الثلثمائة: شسه) شَهَادَة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر. الْمَذْهَب: مَقْبُولَة فِي الْمَنْصُور. عِنْدهم: مَرْدُودَة وَهُوَ القَوْل الآخر. الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا: ... لَهُم: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تقبل شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة وَلَا ذِي ضغن على أَخِيه وَلَا ظنين "، والظنين: الْمُتَّهم، وَوجه التُّهْمَة أَنه يعد غَنِيا بمالها

قَالَ تَعَالَى: {ووجدك عائلا فأغنى} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَرَادَ بِمَال خَدِيجَة. الدَّلِيل من الْمَعْقُول: لنا: عقد على مَنْفَعَة فَأشبه عقد الْإِجَارَة، أَو نقُول: عقد من الْعُقُود

فشابهها ذَلِك لِأَن النِّكَاح عقد لمقاصده الَّتِي ترجع إِلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْهَا الشَّهَادَة وَلَو أبان النِّكَاح شُبْهَة لتعدى إِلَى الإحماء وَكَانَ يَنْبَغِي أَلا يشْهد كل وَاحِد مِنْهُمَا لأَب الآخر وَأمه. لَهُم: مُتَّهم فِي شَهَادَته فَلَا تقبل كالوالد، وَبَيَان التُّهْمَة اتحادهما فَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا يشْهد لنَفسِهِ، وَإِذا شهد لَهَا الزَّوْج صَارَت غنية (وازداد نَفعهَا) وَهُوَ يملكهُ فقد شهد بِمَا يجر إِلَيْهِ نفعا، وَإِذا شهِدت لَهُ صَار غَنِيا فزادت نَفَقَتهَا فقد جرت إِلَى نَفسهَا نفعا. مَالك:. أَحْمد:. التكملة: نقُول: أَوْصَاف الشَّهَادَة كلهَا قَائِمَة، وَالنِّكَاح عقد مُعَاوضَة بَين الْمهْر وَالْمَنَافِع، أَو بَين الذاتين فَلَا تَأْثِير لَهُ فِيمَا يتَعَلَّق بِالشَّهَادَةِ كعقد الْإِجَارَة

بِخِلَاف الْوَلَد وَالْوَالِد، فَإِن الْقَرَابَة بَينهمَا أكيدة للبعضية والشفقة وَمَا يتخيل من اتِّحَاد الزَّوْجَيْنِ وَمَا يجْرِي هَذَا المجرى لَا أصل لَهُ شرعا وَعرفا وَلَا يجْرِي على نظام وَلَا يطرد وَالْعرْف الشَّرْعِيّ غير ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يحل لأَحَدهمَا التَّصَرُّف فِي مَال الآخر إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَإِذا وطئ الزَّوْج جَارِيَة الزَّوْجَة وَجب عَلَيْهِ الْحَد، وَلَو أَن بَينهمَا أدنى اتِّحَاد سقط الْحَد بِالشُّبْهَةِ وَالْعرْف أَيْضا فِي ذَلِك مُضْطَرب فَرب زَوْجَيْنِ بَينهمَا مُسَامَحَة وَآخَرين بَينهمَا مشاكسة. وَقَوله: {ووجدك عائلا فأغنى} ، قد قيل: المُرَاد بِهِ غنى النَّفس، أَو نقُول: ذَلِك صَحِيح فِي حق النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَخَدِيجَة (رضوَان اللَّهِ عَلَيْهَا) ، وَأَيْنَ مثلهمَا. (فَمَا كل دَار أقفرت دارة اللوى ... ولاكل بَيْضَاء الترائب زَيْنَب)

لوحة في وفي ب

(لوحة 85 فِي و 138 فِي ب:) ص / 85 / أفصل فِي الْعبارَة يَنْعَطِف على مَا تقدم. الْمعرفَة والنكرة طبيعتان للْكَلَام، والنكرة أقدم رُتْبَة، وَأَشد الْأَسْمَاء تعريفا: الْمُضْمرَات، ثمَّ الْأَعْلَام، ثمَّ الْمشَار إِلَيْهِ، ثمَّ مَا وَجه بِالْألف وَاللَّام، وَيتبع هَذِه فِي التَّعْرِيف مَا أضيف إِلَى كل وَاحِد مِنْهَا، (وَقد تَجِيء الْألف وَاللَّام لَا للتعريف) لَكِن للدلالة على الْجِنْس. قَالَ الشَّاعِر: (وَقد كنت نحار الْجَزُور ومعمل ... الْمطِي وأمضي حَيْثُ لاحي مَاضِيا) وَإِنَّمَا يتمدح بنحر جنس الجزر. وَاعْلَم أَن من حِكْمَة هَذِه اللُّغَة أَن كَانَت اللَّفْظَة الْوَاحِدَة تدل باخْتلَاف حركتها على معَان متغيرة، وَأكْثر مَا يَقع هَذَا التَّغَيُّر فِي آخر اللَّفْظَة وَهُوَ الْمُسَمّى إعرابا، فالرفع مِنْهُ يخْتَص بعمد الْكَلَام، وَالنّصب للفضلات، على هَذَا يجْرِي الْأَمر فِي الْأَغْلَب، فَلذَلِك الْفَاعِل والمخبر عَنهُ وَمن قَامَ مقامهما مَرْفُوع، وَالْمَفْعُول بِهِ وَمَا يتبعهُ من حَال ووعاء وغرض ومصدر

مَنْصُوبَة، وَحَال فَهِيَ هَيْئَة الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَتَكون من مقولة كَيفَ فِي الْأَكْثَر، فَإِذا قَالَ: أَنْت طَالِق مَرِيضَة، " لم يَقع الطَّلَاق إِلَّا إِذا كَانَت مَرِيضَة فَلَو قَالَ: مَرِيضَة " كَانَ مثل الأول وَلم يعْتد باللحن لِأَنَّهُ تَغْيِير الْمَعْنى، وَذكر الْبَنْدَنِيجِيّ فِي مذْهبه أَنه إِن كَانَ نحويا وَقع الطَّلَاق فِي الْحَال؛ لِأَن قَوْله: مَرِيضَة، صفة وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح، لِأَن مَرِيضَة نكرَة فَلَا تكون صفة لمعْرِفَة. وَأما الْحَال فَيكون نكرَة بعد معرفَة قد تمّ الْكَلَام دونهَا، وَأما الأوعية فجنسان: دَاخل فِي مقولة " مَتى " وَهُوَ الزَّمَان وَهُوَ شَدِيد التباعة للذوات والأحداث وداخل فِي مقولة " أَيْن " وَهُوَ الْمَكَان، واللزم مِنْهُ الْجِهَات، وَلِهَذَا يتَعَدَّى الْفِعْل إِلَيْهَا بِنَفسِهِ كَمَا يتَعَدَّى إِلَى أوعية الزَّمَان، ودونها فِي الرُّتْبَة الْبِقَاع كالرباط والمدرسة وَمَا وَمَا يجْرِي هَذَا المجرى أوعية مَبْنِيَّة كأمس وَقبل وَبعد؛ فَلَو قَالَ لزوجته: أَنْت طَالِق قبل رَمَضَان /، وَقع فِي الْحَال، فَلَو قَالَ: قبل: لم يَقع إِلَّا فِي آخر جُزْء من شعْبَان، فَانْظُر كَيفَ بفتحة اللَّام

وَضمّهَا تغير هَذَا التَّعْلِيق وَأما الْغَرَض فَهُوَ مَا فعلت الْفِعْل لأَجله فَإِن فعل الْعَاقِل لَا يَخْلُو عَن غَرَض ومثاله: (وأغفر عوراء الْكَرِيم ادخاره ... وَأعْرض عَن شتم اللَّئِيم تكرما) وَأما الْمصدر فَمَا أكدت بِهِ الْفِعْل (فَكَأَنَّهُ مُظَاهرَة بَين دَلِيلين، وَيكون من نفس الْفِعْل، شَاهده: (أحبك حبا لَو بليت بِمثلِهِ ... عجبت لقلبي كَيفَ يقوى ويصبر) وَيكون من غير الْفِعْل كَقَوْلِك: جلس القرفصاء، وَقد يكون الْفِعْل بمشارك يُسمى الْمَفْعُول مَعَه كَمَا لَو قَالَ: أَنْت طَالِق وجارتك، وَمُقَابل الْمَفْعُول مَعَه الْمَفْعُول دونه، وَهُوَ الْمُسْتَثْنى وَحقه إِذا كَانَ الْمُوجب الْمُطلق النصب قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلا} وَيجوز إِذا كَانَ الْإِيجَاب غير مُطلق الْبَدَل من الْمُسْتَثْنى مِنْهُ ومشاركته فِي الْإِعْرَاب فَإِن تقدم الْمُسْتَثْنى

نصب على كل حَال، قَالَ الْكُمَيْت: (وَمَا لي إِلَّا آل أَحْمد شيعَة ... وَمَالِي إِلَّا مشعب الْحق مشعب) وَاعْلَم أَن الِاسْم يتبعهُ نَعته وتأكيده وبدله وَمَا يعْطف عَلَيْهِ للْبَيَان، وَمَا يعْطف عَلَيْهِ لمُجَرّد النسق، مِثَال النَّعْت: الصِّرَاط الْمُسْتَقيم، مِثَال التَّأْكِيد: الْمَلَائِكَة كلهم وَإِن أبدلت فإمَّا أَن تبدل كلا من كل، قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين} وَبدل الْبَعْض من الْكل: {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ} ، وَبدل الاشتمال كَقَوْلِه عز وَجل: {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} ، وَبدل الْغَلَط، وقلما يَقع فِي كَلَام منقح، وَفِي الْكَلم أَلْفَاظ كالأدوات يُسْتَفَاد بهَا معَان كَثِيرَة: فَمِنْهَا: " أَن " وتختلف همزتها وَكسرهَا، فَإِن كسرتها جَازَ أَن تكون للشّرط، وَإِن فتحتها كَانَت وَمَا اتَّصل بهَا بِمَثَابَة الْمصدر، وَاخْتلف الْحَال فِيمَا لَو قَالَ: أَنْت طَالِق إِن شَاءَ اللَّهِ، والمكسورة الْهمزَة تقع حَيْثُ الِابْتِدَاء.

ب من المخطوطة أ

(85 / ب من المخطوطة أ:) (وَبعد القَوْل وَإِذا كَانَ فِي جوابها اللَّام، وَمن الأدوات الْوَاو وطبعها تكون عاطفة، وَقد تُعْطِي التَّرْتِيب إِذا لم يمْنَع مِنْهُ مَانع قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم} ، وَأخرجه فِي معرض الامتنان، فَلَا شكّ أَنه كف أَيدي الْكفَّار أَولا وَتَكون) الْوَاو للْحَال فَمن ذَلِك قَوْله: أَنْت طَالِق إِن كلمت زيدا وعمرا وخالدا مَعَ بكر. (وَمن ذَلِك لَكِن وَمَعْنَاهَا الِاسْتِدْرَاك والتوكيد) وَتعطف مَا بعْدهَا على مَا قبلهَا، وَلَا بُد أَن يكون صدر كلامك نفيا (إِذا عطفت الْمُفْرد على الْمُفْرد) وَلَا يجوز أَن تعطف بهَا الْمُفْرد على الْمُفْرد بعد الْمُوجب، فَإِن كَانَ بعْدهَا جملَة جَازَ، تَقول: " قَامَ زيد لَكِن عَمْرو لم يقم " (وَمن الأدوات من وَتَكون لابتداء الْغَايَة كَقَوْلِك زيد لَكِن عَمْرو أَي ابْتِدَاء فَضله من فضل عَمْرو، وَقد تكون للتَّبْعِيض وَتَكون للْجِنْس، تَقول: هَذَا خَاتم من

فضَّة، قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} وَتَكون زَائِدَة، تَقول: مَا جَاءَنِي من أحد، وَقد تَأتي بِمَعْنى " عَن " تَقول: رميت من الْقوس أَي عَنهُ وَتَأْتِي بِمَعْنى الْبَاء: قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر اللَّهِ} أَي بأَمْره. وَقيل: تكون بِمَعْنى " إِلَى " شَاهده: (أأزمعت من آل ليلى ابتكارا ... وشطت على ذِي نون أَن تزارا) وَتَكون قسما وَلَا تدخل إِلَّا على رب تَقول: من رَبِّي لَأَفْعَلَنَّ) . وتتلوها " إِلَى " وَمَعْنَاهَا انْتِهَاء الْغَايَة، وَتَكون بِمَعْنى " مَعَ " تَقول: " الذود إِلَى الذود إبل " وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} أَي مَعَ أَمْوَالكُم، وَيجوز أَن تكون هُنَا على بَابهَا، وَمَعْنَاهُ مُضَافَة إِلَى أَمْوَالكُم (وَمن ذَلِك غير، وَأَصلهَا أَن تكون صفة تَابِعَة لما قبلهَا تَقول: مَرَرْت بِرَجُل غير كريم، وَقد تعْمل فِي الِاسْتِثْنَاء نائبة عَن إِلَّا

كَمَا نابت إِلَّا عَنْهَا فِي بعض الْمَوَاضِع وَصَارَت صفة فَإِذا جَاءَت لَفْظَة غير مستثنية أَعْطَيْت حكم إِعْرَاب الِاسْم الَّذِي بعد إِلَّا كَمَا أعْطى الِاسْم الَّذِي بعد إِلَّا إِذا جَاءَت صفة إِعْرَاب غير فَتَقول: جَاءَ الْقَوْم غير زيد، كَمَا تَقول: جَاءَ الْقَوْم إِلَّا زيدا) . (وَمن أدوات الِاسْتِثْنَاء: سوى، وَلَا سِيمَا، وَلَا يكون، وَعدا وخلا، وحاش) . (وَاعْلَم أَن من الأدوات " لَوْلَا " وَهِي تَجِيء مخصصة كَمَا قَالَ الشَّاعِر: (تَعدونَ عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطري لَوْلَا الكمي المقنعا)

وَلَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل مظْهرا أَو مضمرا، وتجيء أَيْضا لِامْتِنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره، وَهِي مُقَابلَة " لَو " الَّتِي تَأتي لِامْتِنَاع الشَّيْء لِامْتِنَاع غَيره وَتقوم مقَام لَوْلَا المخصصة " لوما ") . (وَمن الأدوات " حَتَّى " فَإِذا جرت فمعناها الْغَايَة قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} ، وتقدر مرّة تَقْدِير " مَعَ " وَقد تَجِيء مَجِيء الْوَاو العاطفة إِلَّا أَنَّهَا تدل على التَّعْظِيم أَو التحقير) وَهَذَا الْمَعْنى لَو استقصيناه احْتَاجَ إِلَى كتاب مُفْرد وَله دساتير وَجُمْلَة فليطلب من مظانة إِن شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى.

تنبيه على أدب الجدل

(تَنْبِيه على أدب الجدل) أصل الجدل: الفتل فَكَأَن كَلَام الْخَصْمَيْنِ يلتف بعضه على بعض، وَشَاهد ذَلِك قَول الشَّاعِر: (مجدولة كالعنان واحربا ... من كل قد كالغصن مجدول) فالمتعين على من يقْصد مجَالِس الجدل أَن يقدم نِيَّة التَّقَرُّب إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بذلك، فالأعمال بِالنِّيَّاتِ، وَأَن يحضر وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار، نقيا من درن يُؤْذِي بِهِ جليسه {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} ، فَإِذا حضر بَدَأَ بِالسَّلَامِ فَهُوَ شَرِيعَة الْإِسْلَام، وَقعد حَيْثُ انْتهى بِهِ الْمجْلس {يرفع اللَّهِ الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات} ، وَيُعْطِي كل جليس من كَلَامه وإشارته حظا وافيا ونصيبا كَافِيا فَمثل كلمة طيبَة كشجرة طيبَة، ويميز عشيره (بفضيلته لَا بفضلته) (86 - أ) وبلبابه لَا بجلبابه فَرب أَشْعَث أغبر ذِي طمرين لَا

يؤبه لَهُ لَو أقسم على اللَّهِ لَأَبَره. وَيقدم خشيَة اللَّهِ أَمَام مرامه ويجعلها زِمَام كَلَامه {إِنَّمَا يخْشَى اللَّهِ من عباده الْعلمَاء} . وَإِذا شرع فِي كَلَام قد تعين عَلَيْهِ راقب إصغاء الْجَمَاعَة إِلَيْهِ حفظا للحكمة من الضّيَاع، وصونا لَهَا عَن الشياع، فَإِن من القَوْل عيالا وطابق بَين قلبه وَلسَانه وأسراره وإعلانه، عَالما أَن لِسَان الْعَاقِل وَرَاء قلبه، وَإِن مَنْطِقه عنوان لبه، ثمَّ حمد اللَّهِ واستزاده من فَضله {وَقل رب زِدْنِي علما} ، ثمَّ مهد أصلا يُمكنهُ تمشيته والذب عَنهُ وسافر بفكره فِي جَمِيع مَا يلْزمه بذلك الأَصْل فالفطن من تعرف المصادر من الْمَوَارِد، ويجتنب الْإِعْجَاب بِنَفسِهِ فَهُوَ أحد الثَّلَاث المهلكات، وَلَا يناظر من قصد أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ شرف الْمجْلس، فالعدل تَسَاوِي الْخَصْمَيْنِ فِي الحضرة وتعادلهما عِنْد حكام الْكَلَام. وَقد نبه الشَّرْع على ذَلِك فَأمر الْقُضَاة أَن يسووا بَين الْخُصُوم لحظا ولفظا ومجلسا ويجتنب مناظرة من للْجَمَاعَة ميل إِلَى ربحه وَفَوْز قدحه لعرض دنيء أَو غَرَض دُنْيَوِيّ.

لزيد بن حارثة ولعكرمة بن أبي جهل وقال للأنصار رضوان الله

(فَالنَّاس من يلق خيرا قَائِلُونَ لَهُ ... مَا يَشْتَهِي ولأم الْمُخطئ الهبل) وَبِالْجُمْلَةِ: يقْصد مَعَ خَصمه والحاضرين أقصد الطّرق إِلَى السَّلامَة وأبعدها عَن الزيغ والملامة. (وَمَا هَذِه الأخلاف إِلَّا معارة ... فَمَا اسطعت عَن معروفها فتزود) وَلَا يتحرج من تلقي القادم عَلَيْهِ واثبا مرْحَبًا فقد قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لزيد بن حَارِثَة ولعكرمة بن أبي جهل، وَقَالَ للْأَنْصَار رضوَان اللَّهِ

عَلَيْهِم: قومُوا إِلَى سيدكم سعد بن معَاذ (رَضِي اللَّهِ عَنهُ) ". ويتجنب تقعير الْكَلَام فأبغضكم إِلَى اللَّهِ الثرثارون المتفيهقون، ويلم بالإعراب إِلْمَام أولي الْأَلْبَاب فسبط الْكَلَام خير من جعده وَلَا يتبع حوشيه فَمَا أحسن مَا قَالَ الشَّاعِر:

(ميلوا إِلَى سهل الْكَلَام فَإِنَّهُ ... من خَالف مَال إِلَى الطَّرِيق الأوعر) وليحترز من تَسْلِيم كُلية وَإِن سلمهَا فَلَا يسلم مَعهَا مُوجبَة يُشَارك أحد حديها للمقدمة الْمسلمَة وَلَا يسلم موجبتين مِنْهُمَا كُلية أَو مُوجبَة وسالبة مِنْهُمَا كُلية وَلَا يتحَرَّى أَن يسلم جزئيتين أَو سالبيتين. يتلوه جدول التواريخ.

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

جدول في التواريخ

(جدول فِي التواريخ)

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

ب من المخطوطة أ

(86 / ب من المخطوطة أ:) (الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) . 1 - عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، ب = 2 2 - حَمْزَة بن عبد الْمطلب رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، ج = 3 3 - سعد بن معَاذ رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، هـ = 5 4 - النَّجَاشِيّ رَحمَه اللَّهِ تَعَالَى.، ط = 9 5 - إِبْرَاهِيم بن النَّبِي عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام.، ط = 9 6 - فَاطِمَة الزهراء رَضِي اللَّهِ عَنْهَا.، يَا = 11 7 - أَبُو بكر الصّديق رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، يج = 13 8 - أَبُو قُحَافَة رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، يه = 14

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 9 - سعد بن عبَادَة رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، يه = 15 10 - مَارِيَة الْقبْطِيَّة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا.، يو = 16 11 - معَاذ بن جبل رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، يز = 17 12 - أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، يح = 18 13 - بِلَال رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، ك = 20

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 14 - سُفْيَان بن الْحَارِث أَخُو النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام رضَاعًا.، ك = 20 15 - خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، كَا = 21 16 - عمر بن الْخطاب رَضِي اللَّهِ عَنهُ. كج = 23 17 - أم حرَام زَوْجَة عبَادَة بن الصَّامِت. كج = 23 18 - أبي بن كَعْب رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، ل = 30

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 19 - أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لَا = 31 20 - أَبُو سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ.، لَا = 31 21 - أَبُو ذَر رَضِي اللَّهِ عَنهُ لب.، = 32 22 - الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لب = 32

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 23 - عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لب = 32 24 - كَعْب الْأَحْبَار رَحمَه الله تَعَالَى.، لب = 32 25 - الْمِقْدَاد رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لج = 33 26 - عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لد = 34 27 - عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لَهُ = 35

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 28 - حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ.، لَهُ = 35 29 - طَلْحَة بَين عبيد اللَّهِ رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لَو = 36 30 - الزبير رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لَو = 36 31 - عمار بن يَاسر رَضِي اللَّهِ عَنهُ، لز = 37 32 - خُزَيْمَة رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لز = 37 33 - خباب بن الْأَرَت رَضِي اللَّهِ عَنهُ. لز = 37

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 34 - صُهَيْب رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لح = 38 35 - مُحَمَّد بن أبي بكر رَضِي اللَّهِ عَنهُ. لح = 38 36 - ابْن الأشتر رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لح = 38 37 - سهل بن حنيف رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، لح = 38 38 - مَيْمُونَة زوج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.، لط = 39

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 39 - عَليّ بن أبي طَالب رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، م = 40 40 - الْأَشْعَث بن قيس رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، م = 40 41 - عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، مج = 43 42 - زيد بن ثَابت رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، مَه = 45 43 - حَفْصَة بنت عمر زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.، مَه = 45

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 44 - عبد الرَّحْمَن بن الْوَلِيد.، مو = 46 45 - الْمُغيرَة بن شُعْبَة رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، ن = 50 46 - صَفِيَّة بنت حييّ زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ن = 50 47 - الْحسن بن عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا.، نَا = 51 48 - أَبُو أَيُّوب الانصاري رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، نَا = 51

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 49 - سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل.، نَا = 51. 50 - أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.، نب = 52 51 - كَعْب بن عجْرَة رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، نب = 52 52 - زِيَاد بن أَبِيه رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، نج = 53 53 - حَكِيم بن حزَام رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، ند = 54 54 - جرير بن عبد اللَّهِ البَجلِيّ.، ند = 54

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 55 - كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ.، ند = 54 56 - حسان بن ثَابت رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، ند = 54 57 - الْمسور بن مخرمَة بن نَوْفَل الزُّهْرِيّ.، ند = 54 58 - حويطب بن عبد الْعُزَّى.، ند = 54

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 59 - سعد بن أبي وَقاص آخر الْعشْرَة وَفَاة.، نه = 55 60 - أَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ.، نه = 56 61 - جوَيْرِية بنت الْحَارِث زوج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.، نح = 58 62 - عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي اللَّهِ عَنْهَا.، نح = 58

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 63 - عبد اللَّهِ بن عَامر.، نح = 58 64 - سعيد بن الْعَاصِ.، نح = 58 65 - عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر.، نح = 58

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 66 - أم سَلمَة زوج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.، نط = 59 67 - أَبُو هُرَيْرَة رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، نط = 59 68 - جُبَير بن مطعم.، نط = 59 69 - شيبَة بن عُثْمَان بن أبي طَلْحَة.، نط = 59 70 - مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ.، س = 60 71 - هَانِئ بن عُرْوَة.، س = 60

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 72 - مُسلم بن عقيل.، س = 60 73 - عبد اللَّهِ بن أنيس.، س = 60 74 - مسلمة بن مخلد الْأنْصَارِيّ بَدْرِي.، س = 60 75 - أُسَامَة بن زيد.، س = 60

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 76 - صَفْوَان بن الْمُعَطل.، س = 60 77 - الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، سا = 61 78 - مَيْمُونَة بنت الْحَارِث زوج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.، سا = 61 79 - الْمُنْذر بن الْجَارُود.، سا = 61 80 - عَلْقَمَة بن قيس النَّخعِيّ فَقِيه كُوفِي.، سا = 61

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 81 - عُبَيْدَة بن معتب الضَّبِّيّ مُحدث.، سج = 63 82 - القَاضِي أَبُو عَائِشَة: مَسْرُوق بن الأجدع.، سج = 63 83 - يزِيد بن مُعَاوِيَة.، سد = 64

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 84 - مُعَاوِيَة بن يزِيد.، سد = 64 85 - مَرْوَان بن الحكم.، سه = 65 86 - عبد اللَّهِ بن عَمْرو بن الْعَاصِ.، سه = 65 87 - أَبُو أُمَامَة.، سو = 66

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 88 - زيد بن أَرقم الخزرجي.، سو = 66 89 - الْمُخْتَار.، سز = 67 90 - عدي بن حَاتِم الطَّائِي.، سز = 67 91 - قيس بن الرّبيع مُحدث ضَعِيف.، سز = 67 92 - عبد اللَّهِ بن عَبَّاس.، سح = 68

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 93 - الْأَحْنَف.، سح = 68 94 - أَبُو دَاوُد اللَّيْثِيّ.، سح = 68 95 - أَبُو الْأسود الدؤَلِي.، سط = 69 96 - ظَالِم بن عَمْرو.، سط = 69

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 97 - مُصعب بن الزبير.، عب = 72 98 - عُبَيْدَة بن معمر السَّلمَانِي.، عب = 72 99 - عبد اللَّهِ بن عمر بن الْخطاب.، عج = 73 100 - عبد اللَّهِ بن الزبير.، عج = 73

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 101 - جَابر بن عبد اللَّهِ الْأنْصَارِيّ.، عج = 73 102 - أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ.، عد = 74 103 - رَافع بن خديج.، عد = 74 104 - أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن تَابِعِيّ.، عد = 74 105 - عَمْرو بن مَيْمُون الأوسي فَقِيه.، عد = 74

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 106 - عُمَيْر بن ضابئ.، عه = 75 107 - الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ فَقِيه.، عه = 75 108 - عبد الْوَاحِد بن أبي عون، تَابِعِيّ.، عه = 75

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 109 - شُرَيْح.، عح = 78 110 - عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ.، عح = 78 111 - عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عتبَة بن مَسْعُود.، عط = 79 112 - قطري بن الْفُجَاءَة.، عط = 79

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 113 - عبد اللَّهِ بن جَعْفَر.، ف = 80 114 - سُوَيْد بن غَفلَة.، ف = 80 115 - مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، فا = 81 116 - عبد اللَّهِ بن أبي أوفى.، فا = 81 117 - الْمُهلب وَابْنه الْمُغيرَة.، فب = 82

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 118 - عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى فَقِيه.، فج = 83 119 - وَاثِلَة بن الْأَسْقَع اللَّيْثِيّ.، فه = 85 120 - عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان.، فه = 85

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 121 - هِنْد بن أبي هَالة.، فه = 85 122 - عَمْرو بن حُرَيْث من مشائخ أبي حنيفَة.، فه = 85 123 - عبد الْملك بن مَرْوَان.، فو = 86. 124 - أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ.، فو = 86

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 125 - أَبُو سعيد قبيصَة بن ذُؤَيْب فَقِيه.، فو = 86 126 - عبيد اللَّهِ بن عَبَّاس.، فز = 87 86 / ب 127 - عتبَة بن عبد السّلمِيّ.، فز = 87

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 128 - عبد اللَّهِ بن بسر الْمَازِني - فَقِيه الشَّام.، فح = 88 129 - إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم مُحدث.، فح = 88 130 - خَالِد بن عبد اللَّهِ الْقَسرِي.، فط = 89

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 131 - أنس بن مَالك.، صا = 91 132 - سهل بن سعد السَّاعِدِيّ.، صا = 91 133 - زين العابدين عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا.، صد = 94 134 - سعيد بن الْمسيب.، صد = 94 135 - أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير مُحدث.، صد = 94

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 136 - أَبُو سَلمَة بن عبد الزُّهْرِيّ: فَقِيه.، صد = 94 137 - عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.، صد = 94 138 - أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن رَاهِب قُرَيْش.، صد = 94 139 - الْحجَّاج.، صه = 95 140 - سعيد بن جُبَير.، صه = 95 141 - أَبُو عمرَان بن يزِيد بن الْأسود النَّخعِيّ فَقِيه.، صو = 96

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 142 - الْوَلِيد بن عبد الْملك.، صو = 96 143 - مُحَمَّد الأشْهَلِي، تَابِعِيّ.، صو = 96 144 - عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك فَقِيه.، صز = 97 145 - كريب مولى ابْن عَبَّاس.، صَحَّ = 98

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 146 - الْوَلِيد بن عبد الْملك.، صط = 99 147 - سُلَيْمَان بن عبد الْملك.، صط = 99 148 - كثير بن سعيد الْحَضْرَمِيّ.، ق = 100 149 - أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف.، ق = 100 150 - أَبُو زيد خَارِجَة بن زيد بن ثَابت.، ق = 100

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 151 - عَمْرو بن عبد الْعَزِيز.، قا = 101 152 - أَبُو صَالح السمان مُحدث.، قا = 101 153 - عمَارَة بن أكتمه تَابِعِيّ.، قا = 101

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 154 - صَدَقَة بن خَالِد مُحدث ثِقَة.، قا = 101 155 - أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة.، قب = 102 156 - مُجَاهِد القارىء مولى عبد اللَّهِ بن السَّائِب.، قب = 102 157 - مُصعب بن سعد بن أبي وَقاص.، قح = 103

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 158 - أَبُو الشعْثَاء جَابر بن زيد فَقِيه.، قح = 103 159 - أَبُو بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.، قح = 103 160 - عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ.، قد = 104 161 - يزِيد بن الْأَصَم.، قد = 104 162 - خَالِد بن معدان الكلَاعِي مُحدث.، قد = 104

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 163 - مُوسَى بن طَلْحَة بن عبيد اللَّهِ.، قد = 104 164 - يُونُس بن عبيد مُحدث.، قد = 104 165 - عبد الْأَعْلَى بن عدي مُحدث.، قد = 104 166 - يزِيد بن عبد الْملك.، قه = 105

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 167 - عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس.، قه = 105 168 - سَالم بن عبد اللَّهِ بن عمر بن الْخطاب.، قو = 106 169 - طَاوُوس بن كيسَان فَقِيه.، قو = 106 170 - أَبُو الْعَالِيَة: رفيع بن مهْرَان فَقِيه.، قو (= 106

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 171 - أَبُو قلَابَة فَقِيه بَصرِي.، قو = 106 172 - عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ.، فز = 107 173 - سُلَيْمَان بن يسَار.، فز = 107 174 - الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر.، قح = 108 175 - مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ.، قح = 108

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 176 - الْحسن الْبَصْرِيّ رَحمَه اللَّهِ.، قي = 110 177 - وهب بن مُنَبّه.، قي = 110 178 - مُحَمَّد بن سِيرِين.، قي = 110 179 - الْمطرف بن الشخير.، قيا = 111 180 - عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ.، قيا = 111

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 181 - رَجَاء بن حَيْوَة الْكِنْدِيّ.، قيا = 111 182 - الحكم بن عتبَة فَقِيه.، قيد = 114 183 - مُحَمَّد بن الْحُسَيْن رَضِي اللَّهِ عَنْهُم.، قيد = 114 184 - عَطاء بن أبي رَبَاح.، قيد = 115

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 185 - أَبُو عبد اللَّهِ مَكْحُول الْفَقِيه.، قيو = 116 186 - عَمْرو بن سُبْرَة الْجُهَنِيّ.، قيو = 116 187 - عَليّ بن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس.، قيز = 117

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 188 - نَافِع مولى بن عمر.، قيز = 117 189 - أَبُو يحيى: حبيب بن أبي ثَابت كُوفِي.، قيز = 117 190 - أَحْمد بن عبد اللَّهِ بن يُونُس مُحدث.، قيز = 117 191 - مَيْمُون بن مهْرَان فَقِيه.، قيز = 117

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 192 - قَتَادَة.، قيز = 117 193 - فَاطِمَة. 194 - وسكينة ابنتا الْحُسَيْن رَضِي اللَّهِ عَنْهُم.، قيز = 117 195 - ابْن أبي مليكَة الْفَقِيه الْمَالِكِي.، قيز = 117 196 - أَبُو الرَّجَاء العطاردي.، قيز = 117

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 197 - مُعَاوِيَة بن هِشَام.، قيح = 118 198 - طَلْحَة بن مصرف الياعي.، قيط = 119 199 - أَسد بن عبد اللَّهِ، قيط = 119 200 - أَبُو أَيُّوب الْأَشْدَق.، قيط = 119

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 201 - أَيُّوب بن نمير الْقَارِي.، قيط = 119 202 - ابْن كثير الْقَارِي.، قك = 120 203 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم.، قك = 120 204 - أَبُو إِسْمَاعِيل حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان.، قك = 120

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 205 - مُحَمَّد بن وَاسع.، قك = 120 206 - زيد بن عَليّ، قكا = 121 207 - أَبُو قيس عبد الرَّحْمَن بن ثروان فَقِيه.، قكا = 121 208 - القَاضِي: إِيَاس بن مُعَاوِيَة.، قكب = 122

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 209 - مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس.، قكب = 122 210 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.، قكد = 124 211 - هِشَام بن عبد الْملك.، قكه = 125 212 - عَمْرو بن دِينَار.، قكه = 125 213 - يحيى بن زيد بن عَليّ.، قكه = 125 214 - الْوَلِيد بن يزِيد.، قكو = 126

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 215 - عبد اللَّهِ بن السَّائِب.، قكو = 126 216 - إِبْرَاهِيم الإِمَام.، قكز = 127 217 - مَنْصُور بن زَاذَان.، قكز = 127 218 - إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن السّديّ.، قكز = 127 219 - أَبُو عنان الْخَولَانِيّ الدَّاعِي.، قكز = 127

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 220 - أَبُو إِسْحَاق السبيعِي الدَّاعِي.،، قكز = 127 221 - بكير بن ماهان الدَّاعِي.، قكز = 127 222 - جَابر بن يزِيد الْجعْفِيّ.، ق كخ = 128 223 - أَبُو إِسْحَاق سُلَيْمَان بن خاقَان الشَّيْبَانِيّ مُحدث.، قحط = 129

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 224 - يحيى بن أبي كثير مُحدث.، قكط = 129 225 - أَبُو الزِّنَاد.، قل = 130 226 - يزِيد بن رُومَان.، قل = 130 227 - مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر.، قل = 130

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 228 - يزِيد بن أبي مَالك الْهَمدَانِي فَقِيه.، قل = 130 229 - عَطاء بن أبي مُسلم خراساني.، قل = 130 230 - حَفْص بن سُلَيْمَان.، قل = 130 231 - مَالك بن دِينَار.، قل = 130 232 - إِبْرَاهِيم بن عبد الْملك، قلا = 131

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 233 - فرقد بن يَعْقُوب السبخي.، قلا = 131 234 - أَبُو بكر بن أبي تَمِيمَة السجسْتانِي.، قلا = 131 235 - يزِيد بن الْوَلِيد بن عبد الْملك. قلب = 132 236 - مَرْوَان الْحمار.، قلب = 132

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 237 - أَبُو يسَار بن أبي نجيح مكي.، قلب = 132 238 - القَاضِي مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر.، قلب = 132 239 - أَبُو سَلمَة الْخلال وَزِير آل مُحَمَّد.، قلب = 132 240 - عُرْوَة بن رُوَيْم مُحدث.، قله = 135

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 241 - يحيى بن أبي يحيى الغساني فَقِيه أوزاعي.، قله = 135 242 - السفاح.، قلو = 136 243 - ربيعَة الرَّأْي.، قلو = 136 244 - عَطاء بن السَّائِب الثَّقَفِيّ.، قلو = 136 245 - أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي.، قلز = 137

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 246 - الفضيل بن عِيَاض.، قلز = 137 247 - دَاوُد بن أبي هِنْد.، قلح = 138 248 - أَبُو عبد اللَّهِ بن يُونُس بن عبيد، فَقِيه.، قلط = 139

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 249 - القَاضِي شريك بن عبد اللَّهِ.، قُم = 140 250 - سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس.، قُم = 140 251 - خَالِد بن مهْرَان الْحذاء.، قُم = 140

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 252 - أبان بن الصَّامِت.، قُم = 140 253 - أَبُو ثَوْر الْكِنْدِيّ.، قُم = 140 87 / أ 254 - عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول.، قمب = 142 255 - الْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي.، قمب = 142

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 256 - الْحسن بن عبد اللَّهِ.، قمب = 142 257 - الْحجَّاج بن عُثْمَان الصَّواف.، قمج = 143 258 - أَبُو الْقَاسِم سُلَيْمَان بن طهْمَان التَّيْمِيّ.، قمج = 143 259 - أَبُو عُمَيْر النسابة.، قمج = 143

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 260 - أَبُو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس الْأنْصَارِيّ.، قمج = 143 261 - أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن سُلَيْمَان البتي فَقِيه.، قمج = 143 262 - عَمْرو بن عبيد.، قمد = 144 263 - عبد الْملك بن يسَار.، قمه = 145 264 - إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد تَابِعِيّ.، قمه = 145 265 - هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير.، قمه = 145 266 - ابْن شبْرمَة فَقِيه كُوفِي.، قمد = 194

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 267 - إِبْرَاهِيم بن عقبَة مولى الزبير فَقِيه.، قمد = 144 268 - سُلَيْمَان بن دِينَار الْمُحدث.، قمد = 144 269 - أَبُو نضر مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ النسابة.، قمد = 144

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 270 - إِسْمَاعِيل بن عَليّ عَم الْمَنْصُور.، قمه = 145 271 - أَبُو هَانِئ أَشْعَث بن عبد اللَّهِ فَقِيه.، قمه = 145 272 - عُثْمَان البتي.، قمو = 146 273 - ابْن أبي ليلى.، قمو = 146 274 - سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش.، قَمح = 148 275 - أَبُو زرْعَة يحيى بن عَمْرو.، قَمح = 148

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 276 - زَكَرِيَّا بن زَائِدَة مُحدث.، قَمح = 148 277 - جَعْفَر الصَّادِق رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، قَمح = 148 278 - أَبُو الْهُذيْل مُحَمَّد بن الْوَلِيد.، قَمح = 148 279 - عِيسَى بن عمر نحوي.، قمط = 149

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 280 - ثَابت بن عمَارَة.، قمط = 149 281 - كهمس بن الْحسن.، قمط = 149 282 - مُوسَى بن نَافِع.، قمط = 149 283 - عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج.، قن = 150

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 284 - أَبُو حنيفَة النُّعْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، قن = 150 285 - ضحاك بن مُزَاحم مُحدث.، قن = 150 286 - سعيد بن أبان الْقرشِي.، قِنَا = 151 287 - أَبُو عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ.، قنب = 152 288 - طَلْحَة بن عَمْرو الْحَضْرَمِيّ.، قنب = 152 289 - أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء.، قنب = 152

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 290 - عَليّ بن صَالح بن حَيّ. قند = 154 291 - الحكم بن أبان.، قند = 154 292 - مُحَمَّد بن جَابر بن عبد اللَّهِ.، قنه = 155 293 - دَاوُد بن نصر الطَّائِي الزَّاهِد.، قنه = 155 294 - إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة.، قنه = 155

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 295 - حَمْزَة بن حبيب الْقَارئ.، قنو = 156 296 - سوار بن القَاضِي.، قنو = 156 297 - يُونُس النَّحْوِيّ.، قنو = 156

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 298 - عمر بن ذَر أول قَائِل بالإرجاء.، قنو = 156 299 - عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، مُحدث.، قنو = 156 300 - عَليّ بن أبي حَملَة: مُحدث.، قنو = 156 301 - عُثْمَان بن عَطاء، مُحدث.، قنه = 155

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 302 - مَالك بن مغول البَجلِيّ صَاحب أبي حنيفَة.، قنز = 157 303 - الْمَنْصُور.، قنح = 158 304 - أَبُو الْهُذيْل زفر بن الْهُذيْل الْعَنْبَري حَنَفِيّ.، قنح = 158 305 - أَبُو الْحَارِث بن أبي ذِئْب الْفَقِيه الْقرشِي.، قنح = 158 306 - عبد الْملك بن عُمَيْر مُحدث.، قنح = 158

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 307 - صَدَقَة السمين.، قس = 160 308 - عبد الْعَزِيز بنم أبي سَلمَة الْمَاجشون.، قس = 160 309 - إِسْرَائِيل بن يُونُس، مُحدث.، قس = 160

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 310 - سُفْيَان الثَّوْريّ.، قسد = 164 311 - القَاضِي عبد اللَّهِ بن أبي سُبْرَة.، قسب = 162 312 - شَيبَان النَّحْوِيّ.، قسد = 164 313 - اللَّيْث بن سعد.، قسه = 165 314 - أَبُو مُحَمَّد سعيد بن عبد الْعَزِيز فَقِيه الشَّام.، قسو = 165 315 - عبد اللَّهِ بن الْحسن بن الْحصين الْعَنْبَري.، قسز = 167

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 316 - الْمهْدي.، قسط = 169 317 - عبد الرَّحْمَن الْقَائِم بالأندلس.، قعا = 171 318 - الْهَادِي.، قع = 170

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 319 - مُحَمَّد بن سَلمَة: مُحدث.، قَعْب = 172 320 - عبد اللَّهِ بن لَهِيعَة فَقِيه بِمصْر.، قغد = 174 321 - عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد.، قعد = 174

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 322 - شريك بن عبد اللَّهِ النَّخعِيّ.، قعز = 177 323 - وَكِيع بن الْجراح مُحدث.، قعز = 177 324 - وضاح بن أبي عوَانَة مُحدث.، قعز = 177 325 - مَالك بن أنس الأصبحي، إِمَام دَار الْهِجْرَة.، قعط = 179

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 326 - حَمَّاد بن زيد مُحدث.، قعط = 179 327 - هِشَام الْقَائِم بالأندلس.، قف = 180 328 - عبد اللَّهِ بن الْمُبَارك: صَاحب أبي حنيفَة.، قف = 180 329 - قَاسم بن مُحَمَّد فَقِيه.، قف = 180 330 - إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش فَقِيه.، قفا = 181

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 331 - القَاضِي أَبُو يُوسُف رَحمَه اللَّهِ تَعَالَى.، قفب = 182 332 - مُوسَى بن جَعْفَر الكاظم رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا.، قفب = 182 333 - مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن دِينَار الْمَالِكِي.، قفب = 182 334 - يُوسُف بن يَعْقُوب الْمَاجشون.، قفج = 183 335 - عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن أبي عتاب مُحدث.، قفد = 184 336 - عبد الصَّمد بن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس.، قفه = 185

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 337 - عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم مُحدث.، قفه = 185 338 - عباد الْفَقِيه.، قفو = 186 339 - الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ.، قفز = 187 340 - إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن خَارِجَة، صَاحب السِّيرَة.، قفح = 188

341 - جرير بن عبد الحميد مُحدث.، قفح = 188 342 - عِيسَى بن يُونُس مُحدث.، قفح = 188 343 - مُحَمَّد بن الْحسن.، قفح = 188

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 344 - إِبْرَاهِيم بن سعد تَابِعِيّ.، قفح = 188 345 - عبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى، مُحدث.، قفط = 189 346 - الْكسَائي رَحمَه اللَّهِ تَعَالَى.، قفح = 188 347 - عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم العتقي.، قصا = 191 348 - الرشيد رَحمَه اللَّهِ.، قصج = 193

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 349 - أَبُو بكر بن عَيَّاش.، قصد = 194 350 - وَكِيع بن الْجراح.، قصج = 193 351 - مُحَمَّد بن جَعْفَر بن غنْدر.، قصج = 193 352 - جراح بن مليح.، قصز = 197

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 353 - إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية، مُحدث.، قصج = 193 354 - خلف الْأَحْمَر الراوية.، قصد = 194 355 - القَاضِي أَبُو عمر حَفْص النَّخعِيّ.، قصد = 194

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 356 - أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير مُحدث.، قصه = 195 357 - إِسْحَاق بن يُوسُف الْأَزْرَق مُحدث.، قصه = 195 358 - سُفْيَان بن عُيَيْنَة.، قصز = 197 359 - نبيه بن وهب الْقرشِي مالكي.، قصز = 197 360 - يحيى بن سعيد الْقطَّان مُحدث.، قصح = 198

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 361 - معن بن عِيسَى مُحدث.، قصح = 198 362 - أَبُو سعيد عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الْعَنْبَري.، قصح = 198 363 - أَسْبَاط بن مُحَمَّد مُحدث.، ر = 200 364 - عمر بن عبد الْوَاحِد مُحدث.، ر = 200

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 365 - أَبُو البخْترِي وهب بن وهب.، ر = 200 366 - عَليّ بن عَاصِم مُحدث.، را = 201 367 - عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم مُحدث.، را = 201 368 - الْأمين.، قصح = 198

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 369 - إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي.، رب = 202 370 - ضَمرَة بن ربيعَة مُحدث.، رب = 202 371 - النَّضر بن شُمَيْل.، رج = 203 372 - عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا رَضِي اللَّهِ عَنهُ.، رب = 202

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 373 - أَبُو دَاوُد الْحَفرِي مُحدث.، رج = 203 374 - هشيم بن بشير مُحدث.، رج = 203 375 - آدم بن سُلَيْمَان فَقِيه.، رج = 203 376 - أَبُو أَحْمد الزبيرِي.، رج = 203

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 377 - مُحَمَّد بن بشر الْعَنْبَري.، رج = 203 378 - يحيى بن آدم.، رج = 203 379 - زيد بن الْحباب العكلي مُحدث.، رج = 203 87 / ب. 380 - الإِمَام مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي.، رد = 204

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 381 - هِشَام الْكَلْبِيّ.، رد = 204 382 - سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّيَالِسِيّ.، رد = 204 383 - الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي حَنَفِيّ.، رد = 204 384 - أَبُو بكر الْحَنَفِيّ.، رد = 204

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 385 - السّري بن الحكم.، ره = 205 386 - روح بن عبَادَة.، ره = 205 387 - أَبُو عَامر الْعَقدي.، ره = 205 388 - قطرب.، رو = 206

389 - الْهَيْثَم بن عدي.، رو = 206 390 - يحيى بن معَاذ.، رو = 206 391 - محَاضِر بن الْمُوَرِّع مُحدث.، رو = 206 392 - حجاج الصَّواف مُحدث.، رو = 206

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 393 - شَبابَة بن سوار فَقِيه.، رو = 206 394 - عبد اللَّهِ بن نَافِع.، رو = 206 395 - يزِيد بن هَارُون مُحدث.، رو = 206 396 - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَعْفَر الْمَدَائِنِي مُحدث.، رو = 206

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 397 - الحكم الْقَائِم بالأندلس.، رو = 206 398 - الْفراء.، رز = 207 399 - الْوَاقِدِيّ.، رز = 207 400 - وهب بن جرير.، رز = 207

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 401 - إِبْرَاهِيم بن سعيد السمان مُحدث.، رز = 207 402 - أَبُو يحيى مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.، رز = 207 403 - كُلْثُوم بن هِشَام مُحدث.، رز = 207 404 - جَعْفَر بن عون فَقِيه.، رز = 207 405 - الْمفضل الضَّبِّيّ.، رح = 208

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 406 - شَاذان مُحدث.، رح = 208 407 - سعيد بن عَامر مُحدث.، رح = 208 408 - يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، صَاحب درب يَعْقُوب مُحدث.، رح = 208 409 - حسن بن مُوسَى الأشيب مُحدث.، رح = 208

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 410 - أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى.، رط = 209 411 - يعلى بن عبيد الطنافسي فَقِيه.، رط = 209 412 - بشر بن عمر الزهْرَانِي.، رط = 209 413 - سُرَيج بن النُّعْمَان، تَابع تَابع.، رى = 210

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 414 - أَبُو سعيد حسن بن الْحسن الْبَصْرِيّ.، رى = 210 415 - يحيى بن غيلَان مُحدث.، رى = 210 416 - أَبُو زَكَرِيَّا السالجيني مُحدث.، رى = 210 417 - أَبُو حُذَيْفَة مُوسَى بن مَسْعُود الزهْرَانِي.، ريا = 211

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 418 - أَحْمد بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ مُحدث.، ريا = 211 419 - طلق بن غَنَّام بن طلق مُحدث.، ريب = 212 420 - سعيد بن مسْعدَة الْأَخْفَش.، ريب = 212 421 - إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة.، ريب = 212

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 422 - زَكَرِيَّاء بن عدي مُحدث.، ريب = 212 423 - الْأَصْمَعِي.، ريج = 213 424 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز.، ريج = 213 425 - أَبُو مُحَمَّد بن عبد السَّلَام مالكي.، ريج = 213 426 - قبيصَة بن عقبَة فَقِيه، كُوفِي.، ريه = 215

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 427 - يَعْقُوب الطباخ فَقِيه.، ريه = 215 428 - الْمَأْمُون.، ريح = 218 429 - بشر المريسي.، ريح = 218

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 430 - عبد اللَّهِ بن الزبير الْحميدِي صَاحب الشَّافِعِي.، ريط = 219 431 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الثِّقَة.، رك = 220 432 - عَفَّان بن مُسلم الْفَقِيه.، رك = 220 433 - أَبُو مُصعب: مطرف بن يسَار الْأَصَم.، رك = 220

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 434 - أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام.، ركز = 227 435 - أَبُو الْهُذيْل الْمُتَكَلّم.، ركز = 227 436 - المعتصم.، ركز = 227 437 - أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ.، ركز = 227

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 438 - أَبُو عبد اللَّهِ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس الْمَالِكِي.، ركز = 227 439 - يحيى بن الْحمانِي مُحدث.، دكح = 228 440 - عبد اللَّهِ بن الْأَعرَابِي، نحوي.، رلا = 231 441 - وَاصل بن عَطاء.، رلا = 231

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 442 - أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن يحيى الْبُوَيْطِيّ.، رلا = 231 443 - الواثق.، رلب = 232 444 - يحيى بن معِين.، رلج = 233

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 445 - مُحَمَّد بن سَمَّاعَة.، رلج = 233 446 - دلويه الْمُحدث.، رلج = 233 447 - أَبُو بكر بن شيبَة.، رلد = 234 448 - يحيى بن أَيُّوب.، رلد = 234

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 449 - أَبُو خَيْثَمَة.، رلد = 234 450 - مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نفَيْل.، رلد = 234 451 - عَليّ بن جَعْفَر الْمقري.، رلد = 234

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 452 - الْحَارِث بن سريح النقال.، رلو = 236 453 - بشر بن الْوَلِيد.، رلز = 237 454 - عبد الرَّحْمَن بن الحكم الْقَائِم بالأندلس.، رلز = 237

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 455 - إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فَقِيه.، رلح = 238 456 - يحيى بن أَكْثَم.، رلح = 238 457 - ابْن أبي دؤاد. رلط = 239 458 - الثَّوْريّ.، رم = 240

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 459 - أَحْمد بن حَنْبَل.، رم = 240 460 - أَبُو ثَوْر الْكَلْبِيّ.، رم = 240 461 - أَبُو سعيد سَحْنُون الْمَالِكِي.، رم = 240 462 - أَبُو شُعَيْب: أَحْمد بن عَوْف الزُّهْرِيّ مالكي.، رمب = 242 463 - زيد بن بشر مالكي.، رمب = 242

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 464 - حَرْمَلَة صَاحب الشَّافِعِي.، رمج = 243 465 - مُحَمَّد بن دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ.، رمو = 246 466 - أَبُو عَليّ بن الْحُسَيْن الْكَرَابِيسِي شَافِعِيّ.، رمز = 247 467 - المتَوَكل.، رمز = 247

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 468 - الْمُنْتَصر.، رمز = 247 469 - مُحَمَّد بن عبيد مُحدث.، رند = 254 470 - المستعين.، رنب = 252

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 471 - أَبُو الْحُسَيْن عَليّ بن مُحَمَّد الفتاح العسكري.، رند = 254 472 - أَبُو حَاتِم السجسْتانِي.، رنه = 255 473 - الجاحظ.، رنو = 256 474 - البُخَارِيّ.، رنو = 256

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 475 - الْمَازِني.، رنو = 256 476 - الأشنانداني.، رنو = 256 477 - مُحَمَّد بن سَحْنُون.، رنو = 256 478 - الْحسن بن الصَّباح الزَّعْفَرَانِي الشَّافِعِي.، رس = 260

479 - الْحسن بن عَليّ الْخَالِص العسكري. رس = 260 480 - مُحَمَّد بن سعيد الصايغ الأندلسي مُحدث.، رس = 260 481 - مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن قنون أندلسي.، رسا = 261 482 - أَبُو عبد اللَّهِ مُحَمَّد بن عَبدُوس مالكي.، رسا = 261

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 483 - يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، صَاحب الشَّافِعِي.، رسد = 264 484 - أَبُو إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ.، رسد = 264 485 - أَبُو الْفضل صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل.، رسو = 266 486 - مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن عبد السَّلَام صَاحب الشَّافِعِي.، رسط = 269

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 487 - دَاوُد بن عَليّ الْأَصْفَهَانِي.، رع = 270 488 - الرّبيع بن سُلَيْمَان، صَاحب الشَّافِعِي.، رع = 270 489 - ابْن قُتَيْبَة الدينَوَرِي.، رع = 270 490 - عبد اللَّهِ بن إِسْحَاق بن سَلام.، رعا = 271 491 - مُحَمَّد الْأمَوِي الْقَائِم بالأندلس.، رعج = 273 492 - أَبُو الْعَبَّاس بن عبد الْأَعْلَى مالكي.، رعد = 274

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 493 - أَبُو بكر الْمَرْوذِيّ حنبلي.، رعد = 274 494 - أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث حنبلي.، رعه = 275 495 - الْمُوفق أَبُو طَلْحَة أَحْمد بن المتَوَكل.، رعه = 275 496 - سِيبَوَيْهٍ.، رعط = 279 497 - الْمُعْتَمد.، رعط = 279

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 498 - أَبُو بكر بن أبي الدُّنْيَا الْمُحدث.، رفا = 281 499 - أَبُو عبد اللَّهِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمَوَّاز مالكي.، رفا = 281 500 - القَاضِي إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق.، رفب = 282 501 - أَبُو سهل الرَّازِيّ.، رفب = 282

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 502 - أَبُو إِسْمَاعِيل العسكري الْفَقِيه.، رفج = 283 503 - إِبْرَاهِيم الْخَواص الزَّاهِد.، رفد = 284 504 - الْمبرد.، رفه = 285 505 - إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، الزَّاهِد.، رفه = 285

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 506 - ابْن وضاح الْفَقِيه الأندلسي.، رفه = 285 507 - أَبُو الْقَاسِم الْأنمَاطِي، صَاحب الشَّافِعِي.، رفح = 285 508 - المعتضد.، رفط = 289 509 - عبد اللَّهِ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل.، رص = 290

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 510 - أَبُو عَليّ حَنْبَل بن إِسْحَاق الْحَنْبَلِيّ.، رصح = 293 511 - ثَعْلَب.، رصا = 291 512 - أَبُو عبد اللَّهِ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي الشَّافِعِي.، رصد = 294

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 513 - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر التِّرْمِذِيّ شَافِعِيّ.، رصد = 294 514 - مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن راهوايه.، رصد = 294 515 - النوري الزَّاهِد.، رصه = 295

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 516 - أَبُو جَعْفَر بن شَيْبه، الْمُحدث.، رصز = 297 517 - القَاضِي يُوسُف بن يَعْقُوب.، رصز = 297 518 - أَبُو عبد اللَّهِ بن أبي خَيْثَمَة.، رصز = 297 519 - المكتفي.، رصه = 295

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 520 - أَبُو الْقَاسِم الْجُنَيْد.، رصز = 297 521 - أَبُو عَليّ الْحسن بن عبد اللَّهِ الْخرقِيّ الْحَنْبَلِيّ.، رصط = 299 522 - عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد الْقَائِم بالأندلس.، ش = 300 523 - أَبُو عبد اللَّهِ بن الفسطاطي الزَّاهِد.، شا = 301 524 - عمر بن أَيُّوب السَّقطِي.، شب = 302

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 525 - عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن ياسين الْفَقِيه.، شب = 302 526 - الطنافسي الْحَنْبَلِيّ.، شج = 303 527 - الجبائي.، شج = 303 528 - القَاضِي أَبُو عبد اللَّهِ الْحُسَيْن الْمحَامِلِي.، شج = 303 529 - أَبُو مُوسَى الحامض اللّغَوِيّ.، شه = 305

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 530 - أَبُو عبد اللَّهِ مُحَمَّد بن خلف بن وَكِيع.، شو = 306 531 - أَبُو الْعَبَّاس بن سُرَيج.، شو = 306 532 - أَبُو يحيى زَكَرِيَّا السَّاجِي شَافِعِيّ.، شز = 307 533 - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ.، شح = 308 534 - الحلاج.، شط = 309

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 535 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر.، شي = 310 536 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن هَارُون الْخلال الْحَنْبَلِيّ.، شيا = 311 537 - أَبُو الْحسن إِبْرَاهِيم بن السّري الزّجاج.، شيب = 312

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 538 - أَبُو الْحسن عَليّ الْأَخْفَش.، شيب = 312 539 - مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة شَافِعِيّ.، شيب = 312 540 - أَبُو حَفْص الْوَكِيل الشَّامي شَافِعِيّ.، شيب = 312

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 541 - أَبُو الْحسن عَليّ بن بشار الزَّاهِد الْحَنْبَلِيّ.، شيج = 313 542 - أَبُو عبد اللَّهِ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عفير: مُحدث.، شيه = 315 543 - الْبَغَوِيّ مُحدث.، شيز = 317 544 - القَاضِي بدر بن الْهَيْثَم.، شيز = 317

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 545 - القَاضِي أَبُو عبيد بن حربويه شَافِعِيّ.، شيز = 317 546 - ابْن أبي دَاوُد، الْمُحدث.، شيز = 317 547 - يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد الْمُحدث.، شيح = 318

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 548 - أَبُو الْحسن مَنْصُور التَّمِيمِي شَافِعِيّ.، شيح = 318 549 - أَبُو عبد اللَّهِ الزبيرِي شَافِعِيّ.، شيح = 318 550 - الطَّحَاوِيّ.، شيط = 319 551 - ابْن كيسَان النَّحْوِيّ.، شكّ = 320

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 552 - أَبُو بكر بن السراج.، شكّ = 320 553 - المقتدر.، شكّ = 320 554 - أَبُو عَليّ بن خيران شَافِعِيّ.، شكّ = 320

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 555 - ابْن دُرَيْد.، شكا = 321 556 - عبد اللَّهِ جد المصريين.، شكب = 322 557 - إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد.، شكج = 323 558 - نفطويه.، شكج = 323

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 559 - الْأَشْعَرِيّ.، شكد = 324 560 - أَبُو بكر مُجَاهِد.، شكد = 324 561 - أَبُو الْحسن عبد اللَّهِ بن أَحْمد بن الْمُفلس داوودي.، شكد = 324

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 562 - أَبُو بكر عبد اللَّهِ بن زِيَاد بن مَيْمُون شَافِعِيّ.، شكد = 324 563 - الخرائطي: صَاحب اعتلال الْقُلُوب.، شكز = 327 564 - أَبُو نعيم الْحَافِظ.، شكز = 327 565 - القَاضِي أَبُو عمر.، شكح = 328 566 - ابْن شنبوذ الْمُقْرِئ.، شكح = 328

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 567 - أَبُو سعيد الاصطخري الشَّافِعِي.، شكح = 328 568 - البربهاري الْحَنْبَلِيّ.، شكط = 329 569 - الْمحَامِلِي:، شل = 330 570 - الصَّيْرَفِي الشَّافِعِي.، شل = 330

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 571 - أَبُو الْقَاسِم: عمر بن الْحُسَيْن صَاحب الْمُخْتَصر.، شله = 335 572 - أَبُو الْعَبَّاس بن الْقَاص الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي.، شله = 335 573 - الْقفال الشَّاشِي.، شلو = 336 574 - أَبُو مُوسَى الضَّرِير الْحَنَفِيّ.، شلز = 337

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 575 - ذُو النُّون.، شلح = 338 576 - أَبُو جَعْفَر النّحاس.، شلح = 338 577 - المستكفي.، شلح = 338 578 - القاهر.، شلط = 339

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 579 - أَبُو إِسْحَاق الْمروزِي الشَّافِعِي.، شم = 340 580 - أَبُو الْحسن، عبيد اللَّهِ الْكَرْخِي حَنَفِيّ.، شم = 340 581 - أَبُو عَمْرو الطَّبَرِيّ حَنَفِيّ.، شم = 340 582 - الْمَنْصُور إِسْمَاعِيل الفاطمي.، شما = 341

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 583 - أَبُو عَليّ الشَّاشِي الْحَنَفِيّ.، شمد = 344 584 - ابْن الْحداد: صَاحب الْفُرُوع.، شمه = 345 585 - أَبُو مُحَمَّد بن عنْدك الْحَنَفِيّ.، شمز = 347 586 - أَبُو بكر الأدمِيّ الْقَارِي.، شمح = 348 587 - أَبُو عَليّ بن أبي هُرَيْرَة صَاحب ابْن سُرَيج.، شمه = 345 588 - جَعْفَر الْخُلْدِيِّ.، شمح = 348

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 589 - عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْقَائِم بالأندلس.، شن = 350 590 - أَبُو بكر النقاش الْموصِلِي.، شنا = 351 591 - أَبُو الْعَبَّاس الأبياني مالكي.، شنب = 352

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 592 - أَبُو الذّكر الْمَالِكِي قَاضِي مصر.، شند = 354 593 - أَبُو عَليّ الطَّبَرِيّ شَافِعِيّ.، شن = 350 594 - القالي.، شنه = 355 595 - أَبُو الْحسن الْمروزِي داوودي.، شنه = 355

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 596 - مُحَمَّد بن يحيى أندلسي.، شنه = 355 597 - أَبُو بكر الْآجُرِيّ.، شس = 360 598 - أَبُو الْحُسَيْن الْقطَّان، صَاحب ابْن سُرَيج.، شنط = 359 599 - أَبُو بكر ساهويه الْحَنَفِيّ.، شسا = 361 600 - أَبُو حَامِد المروروذي شَافِعِيّ.، شسب = 362

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 601 - أَبُو بكر عبد الْعَزِيز بن يزْدَاد حنبلي.، شسج = 363 602 - أَبُو عَليّ النجاد حنبلي.، شسد = 364 603 - أَبُو إِسْحَاق بن شاقلا حنبلي.، شسد = 364

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 604 - السيرافي.، شسد = 364 605 - الْمعز الْمصْرِيّ.، شسه = 365 606 - أَبُو الْعَبَّاس الْجَوْهَرِي الْمُحدث.، شسه = 365

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 607 - الحكم الْقَائِم بالأندلس.، شسو = 366 608 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الْمَرْزُبَان شَافِعِيّ.، شسو = 366 609 - أَبُو سهل الصعلوكي شَافِعِيّ.، شسط = 369

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 610 - ابْن خالويه.، شع = 370 611 - أَبُو بكر الرَّازِيّ فَقِيه حَنَفِيّ.، شع = 370 612 - أَبُو عبد اللَّهِ الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ المعتزلي.، شسط = 369 613 - أَبُو زيد الْمروزِي، صَاحب أبي إِسْحَاق.، شعا = 371

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 614 - أَبُو الْحسن التَّمِيمِي الْحَنْبَلِيّ.، شعا = 371 615 - أَبُو الْحسن الْخلال، الْمُحدث.، شعب = 372 616 - أَبُو بكر أَحْمد السبتي شَافِعِيّ.، شعب = 372

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 617 - أَبُو بكر الْأَبْهَرِيّ الْمَالِكِي.، شعه = 375 618 - أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ جرجاني شَافِعِيّ.، شعه = 375 619 - أَبُو الْقَاسِم الداركي شَافِعِيّ.، شعه = 375 620 - أَبُو الْحُسَيْن الجلابي شَافِعِيّ.، شعه = 375

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 621 - أَبُو عَليّ الْفَارِسِي.، شعز = 377 622 - أَحْمد الحمامي الْقَارِي.، شعز = 377 623 - أَبُو الْحسن الأردبيلي شَافِعِيّ.، شف = 380 624 - القَاضِي بن مَعْرُوف.، شفا = 381

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 625 - القَاضِي بن الجكار.، شفا = 381 626 - أَبُو الْحسن الماسرجسي شيخ أبي الطّيب.، شفح = 383 627 - الرماني.، شفد = 384 628 - القَاضِي التنوخي.، شفد = 384

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 629 - أَبُو عبد اللَّهِ المرزباني الأخباري.، شفد = 384 630 - أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ.، شفه = 385 631 - ابْن أبي الشَّوَارِب.، شفه = 385

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 632 - أَبُو حَفْص بن شاهين، مُحدث.، شفه = 385 633 - الْعَزِيز الْمصْرِيّ.، شفو = 386 634 - أَبُو الْحسن السكرِي، مُحدث.، شفو = 386

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 635 - أَبُو طَالب الْمَكِّيّ.، شفو = 386 636 - ابْن جني النَّحْوِيّ.، شفز = 387 637 - ابْن سمعون الْقَاص.، شفز = 378

638 - أَبُو الْفرج الْمعَافى على مَذْهَب ابْن جرير.، شص = 390 639 - الْمَنْصُور بن عَامر الْقَائِم بالأندلس.، شصب = 392 640 - القَاضِي أَبُو بكر الدقاق شَافِعِيّ.، شصب = 392

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 641 - أَبُو الْقَاسِم بن شلبون مالكي.، شصب = 392 642 - الطائع.، شصج = 393 643 - عبد اللَّهِ بن إِدْرِيس الأودي فَقِيه.، شصج = 393 644 - عبد الصَّمد الْوَاعِظ.، شصو = 396

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 645 - القَاضِي أَبُو عبد اللَّهِ الضَّبِّيّ.، شصز = 397 646 - أَبُو الْخطاب نحوي أندلسي.، شصح = 398 647 - أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ شَافِعِيّ.، شصح = 398

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 648 - أَبُو بكر بن لآل شَافِعِيّ.، شصح = 398 649 - ابْن اللبان الفرضي.، تب = 402 650 - القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني.، تج = 403 651 - أَبُو الْحسن بن خلف الْقَابِسِيّ مالكي.، تج = 403

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 652 - أَبُو عبد اللَّهِ بن حَامِد حنبلي.، تج = 403 653 - القَاضِي أَبُو الْحسن الأصطخري معتزلي.، تد = 404 654 - عبد السَّلَام الْبَصْرِيّ.، ته = 405 655 - أَبُو حَامِد الإسفرايني.، ته = 405 656 - القَاضِي أَبُو الْقَاسِم بن كج ته = 405.

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 657 - الْعَبْدي النَّحْوِيّ.، تو = 406 658 - أَبُو أَحْمد الفرضي.، تو = 406 659 - أَبُو مُحَمَّد بن عَلان، مُصَنف المعجزات أعمى.، تط = 409 560 - أَبُو الْقَاسِم البَجلِيّ شَافِعِيّ.، تي = 410

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 561 - ابْن أَسد الْمُحَرر.، تي = 410 562 - ابْن البواب.، تيب = 412 563 - الْمُفِيد فَقِيه الإمامية.، تيج = 413 564 - قَاضِي الْقُضَاة عبد الْجَبَّار المعتزلي.، تيد = 414

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 565 - أَبُو عبد اللَّهِ بن الْمعلم فَقِيه الإمامية.، تيج = 413 666 - أَبُو الْحسن بن بَشرَان، مُحدث.، تيه = 415 667 - القَاضِي أَبُو مُحَمَّد العباسي.، تيه = 415

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 668 - أَبُو عبد اللَّهِ الطَّبَرِيّ الكشفلي.، تيز = 417 669 - عَليّ بن عِيسَى الربعِي.، تيط = 419 670 - أَبُو مُحَمَّد بن بابشاذ.، تيط = 419

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 671 - أَبُو عبد اللَّهِ التبَّان الْمُتَكَلّم.، تيط = 419 672 - قَاضِي الْقُضَاة ابْن ماكوله.، تَكُ = 420 673 - الْقَادِر.، تكب = 422

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 674 - أَبُو مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن نصر الْمَالِكِي.، تكب = 422 675 - القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ.، تكد = 424 676 - القَاضِي الْبَنْدَنِيجِيّ شَافِعِيّ.، تكه = 425 677 - البرقاني شَافِعِيّ.، تكه = 425

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 678 - أَبُو الْعَبَّاس الأبيوردي الشَّافِعِي شَافِعِيّ.، تكه = 425 679 - أَبُو عَليّ بن شَاذان الراوية.، تكو = 426 680 - الظَّاهِر بن الْحَاكِم.، تكز = 427

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 681 - القَاضِي بن أبي مُوسَى الْهَاشِمِي.، تكح = 428 682 - أَبُو الْحُسَيْن الْقَدُورِيّ الْحَنَفِيّ.، تكح = 428 683 - أَبُو عَليّ بن شهَاب العكبري.، تكح = 428

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 684 - أَبُو الْقَاسِم بن بَشرَان الْمُحدث.، تل = 430 685 - أَبُو عمرَان القلاس.، تل = 430 686 - أَبُو بكر عبد الرَّحْمَن الْمَالِكِي.، تلب = 432

687 - أَبُو الطَّاهِر الغباري حنبلي.، تلب = 432 688 - أَبُو عون الْفَقِيه الأندلسي.، تلذ = 434 689 - المرتضى الموسوي فَقِيه الإمامية.، تلو = 436 690 - أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ.، تلو = 436

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 691 - الرَّوْيَانِيّ الشَّافِعِي.، تلو = 436 692 - الْقزْوِينِي الزَّاهِد.، ثمب = 442 693 - أَبُو عَليّ الصُّورِي الْمُحدث.، تما = 441. 694 - أَبُو عبيد بن بابويه الْفَقِيه السّلمِيّ.، تمب = 442

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 695 - الثمانيني النَّحْوِيّ.، تمب = 442 696 - أَبُو إِسْحَاق الْبَرْمَكِي حنبلي.، تمه = 445 697 - القَاضِي التنوخي.، تمز = 447

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 698 - أَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي.، تمز = 447 699 - أَبُو الْفَتْح سُلَيْمَان بن أَيُّوب الرَّازِيّ.، تمز = 447 700 - ابْن رَجَاء الدهان اللّغَوِيّ.، تمز = 447 701 - الدَّارمِيّ الْفَقِيه.، تمح = 448.

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 702 - الْخَوَارِزْمِيّ.، تمح = 448 703 - الوني.، تن = 450 704 - أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ.، تن = 450 705 - الْمَاوَرْدِيّ.، تن = 450

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 706 - أَبُو الْفضل بن عمروس مالكي.، تنب = 452 707 - أَبُو الْقَاسِم بن أَسد بن برهَان النَّحْوِيّ.، تنو = 456 708 - أَبُو سهل بن الْمُوفق، نيسابوري، شَافِعِيّ.، تنو = 456

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 709 - أَبُو يعلى بن الْفراء الْحَنْبَلِيّ.، تنو = 456 710 - أَبُو مَنْصُور بن عبد الْملك ابْن يُوسُف.، تس = 460 711 - أَبُو جَعْفَر الطوسي فَقِيه الإمامية.، تس = 460

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 712 - أَبُو بكر أَحْمد بن ثَابت الْخَطِيب.، تسج = 463 713 - أَبُو يعلى مُحَمَّد بن الْحسن بن حَمْزَة الْجَعْفَرِي إمامي.، تسج = 463 714 - القَاضِي أَبُو الْحسن السمناني.، تسج = 463 715 - ابْن الشهوري الْقَارِي.، تسز = 467

716 - الْقَائِم.، تسز = 467 717 - أَبُو جَعْفَر عبد الْخَالِق بن مُوسَى الْهَاشِمِي.، تع = 470 718 - القَاضِي أَبُو عبد اللَّهِ بن الْبَيْضَاوِيّ.، تع = 470 719 - ابْن النقور الْمُحدث.، تع = 470

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 720 - أَبُو عَليّ بن الْبناء الْمقري الْحَنْبَلِيّ.، تعا = 471 721 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن ثَابت الخجندي.، تعو = 476 722 - الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الفيروز أبادي.، تعو = 476 723 - أَبُو نصر بن الصّباغ.

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 724 - القَاضِي أَبُو الْحسن السيبي.، تعح = 478 725 - قَاضِي الْقُضَاة ابْن الدَّامغَانِي.، تعح = 478 726 - ابْن فورك.، تعح = 478

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 727 - أَبُو عَليّ بن الْوَلِيد.، تعح = 478 728 - أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن الْحُسَيْن الفناكي.، تعح = 478 729 - أَبُو سعد الْمُتَوَلِي.، تعح = 478 730 - أَبُو الْحسن بن فضال الْمُجَاشِعِي.، تعط = 479

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 731 - أَبُو الْقَاسِم الدبوسي.، تفب = 482 732 - ابْن علك.، تفد = 484 733 - نظام الْملك.، تفه = 485 734 - القَاضِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الْحَنْبَلِيّ.، تفو = 486

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 735 - المشطب.، تفو = 486 736 - قَاضِي الْقُضَاة الشَّامي.، تفح = 488 737 - الْمُسْتَنْصر.، تفح = 488 738 - الْمُقْتَدِي.، تفز = 487

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 739 - التَّمِيمِي الْوَاعِظ.، تفح = 488 740 - أَبُو يُوسُف الْقزْوِينِي.، تفح = 488

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 741 - القَاضِي أَبُو يُوسُف الإِسْفِرَايِينِيّ.، تفح = 488 742 - أَبُو بكر بن الْحَاجِب الْمُحدث.، تفط = 489 743 - القَاضِي أَبُو الْفضل الْهَمدَانِي.، تفط = 489

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 744 - القَاضِي جلال الْملك بن عمار.، تصب = 492 745 - القَاضِي أَبُو جَعْفَر السَّمْعَانِيّ.، تفط = 489 746 - القَاضِي عزيزي.، تصد = 494

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 747 - القَاضِي بن ودعان.، تصج = 493 748 - القَاضِي أَبُو جَعْفَر الْحَرْبِيّ.، تصد = 494 749 - أَبُو المظفر بن الخجندي.، تصد = 494 750 - الكيا الهراسي.، ثد = 504

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 751 - أَبُو سعد بن أبي عِمَامَة.، ثو = 506 752 - الْعَبدَرِي.، تصج = 394 753 - المستعلى.، تصه = 495

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 754 - أَبُو جَعْفَر المشاط.، 755 - أَبُو بكر الشَّاشِي.، ثز = 507 756 - ابْن عقيل.، ثي = 510

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 757 - القَاضِي أَبُو مُحَمَّد بن الشهرزوري.، ثيا = 511 758 - نور الْهدى الزَّيْنَبِي.، ثيب = 512 لوحة 142 من ب و 89 من أ. 759 - قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْحسن بن الدَّامغَانِي.، ثيب = 512

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 760 - المستظهر.، ثيب = 512 761 - القَاضِي عماد الدّين بن عبد الْوَهَّاب أصفهاني.، ثيه = 515 762 - زين الْإِسْلَام الْهَرَوِيّ. ثيح = 518 763 - عبد اللَّطِيف الخجندي.، ثكه = 525

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 764 - أَبُو سلمَان الْوَاعِظ.، ثكه = 525 765 - القَاضِي أَبُو عبد اللَّهِ بن الرطبي.، ثكز = 527 766 - الْمَقْدِسِي الْوَاعِظ.، ثكز = 527

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 767 - ابْن الزَّاغُونِيّ الْوَاعِظ.، ثكز = 527 768 - إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل الْأَصْبَهَانِيّ.، ثكح = 528 769 - المسترشد.، ثكط = 529 770 - شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار.، ثكط = 529

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 771 - أَبُو عَليّ الفارقي الْفَقِيه بواسط.، ثكح = 528 772 - أَبُو نصر بن موهوب الضَّرِير.، ثل = 530 773 - بهاء الدّين بن الشهرزوري.، ثلب = 532 774 - الراشد.، ثلب = 532

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 775 - القَاضِي شمس الدّين.، ثلح = 538 776 - ظهير الدّين أَبُو بكر بن الشهرزوري بِبَغْدَاد.، ثلح = 538 777 - ابْن الجواليقي.، ثمَّ = 540

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 778 - الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الشالنكي.، ثما = 541 779 - شيخ الشُّيُوخ إِسْمَاعِيل.، ثما = 541 780 - نقيب النقبا ابْن طراد.، ثما = 541 781 - الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْخَيْر البسطامي.، تمب = 542 782 - فَخر الدّين قَاضِي الْقُضَاة الزَّيْنَبِي.، ثمج = 543

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 783 - أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن غانية بغرناطة.، ثمج = 543 784 - الْحَافِظ الْمصْرِيّ.، ثَمد = 544

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 785 - الْعَبَّادِيّ.، ثمز = 547 786 - الشَّيْخ أَبُو الْحسن بن الْخلّ.، ثنب = 552 787 - أَبُو الْوَقْت.، ثنح = 553

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 788 - مُحَمَّد بن يحيى.، ثنح = 553 789 - شمس الْقُضَاة ابْن الثَّقَفِيّ.، ثند = 554 790 - الشَّيْخ عبد الْخَالِق.

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 791 - ابْن نَاصِر الْمُحدث.، ثن = 550 792 - الظافر الْمصْرِيّ.، ثمط = 549 793 - المقتفى.، ثنه = 555

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) القَاضِي أَبُو بكر قَاضِي المارستان.، ثله = 535 795 - الشَّيْخ أَحْمد الْحَرْبِيّ الْحَنْبَلِيّ.، ثند = 554

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 796 - الشَّيْخ أَبُو بكر الْمصْرِيّ.، ثمط = 544 797 - القَاضِي أَبُو الْفضل الأرموي.، ثمز = 547 798 - الشَّيْخ أَبُو مَنْصُور بن الرزاز.، ثلط = 539

الأسماء

(الْأَسْمَاء) ، (التواريخ) 799 - القَاضِي تَاج الدّين بن الشهرزوري.، ثنو = 556 800 - صدر الدّين مُحَمَّد بن الخجندي.، ثند = 554

قد تقدم لنا فِي مَوَاضِع من هَذَا التَّقْوِيم إِثْبَات أعداد إِمَّا بالرمز أَو بالهندي، وَبِهَذَا الْجَدْوَل تعرف تِلْكَ العلامات وَمَا زَاد عَلَيْهَا. (الرَّمْز) ، (الكمية) ، (الْهِنْدِيّ) ، (الرَّمْز) ، (الكمية) ، (الْهِنْدِيّ) (أ) ، (أحد) ، (1) ، (ق) ، (مائَة) ، (100) (ب) ، (اثْنَان) ، (2) ، (ر) ، (مِائَتَيْنِ) ، (200) (ج) ، (ثَلَاثَة) ، (3) ، (ش) ، (ثلثمِائة) ، (300) (د) ، (أَرْبَعَة) ، (4) ، (ت) ، (أَرْبَعمِائَة) ، (400) (هـ) ، (خَمْسَة) ، (5) ، (ث) ، (خَمْسمِائَة) ، (500) (و) ، (سِتَّة) ، (6) ، (خَ) ، (سِتّمائَة) ، (600) (ز) ، (سَبْعَة) ، (7) ، (ذ) ، (سَبْعمِائة) ، (700) (ح) ، (ثَمَانِيَة) ، (8) ، (ض) ، (ثَمَانمِائَة) ، (800) (ط) ، (تِسْعَة) ، (9) ، (ظ) ، (تِسْعمائَة) ، (900) (ي) ، (عشرَة) ، (10) ، (يَا) ، (إِحْدَى عشر) ، (11) (ك) ، (عشرُون) ، (20) ، (كب) ، (ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ) ، (22) (ل) ، (ثَلَاثُونَ) ، (30) ، (لج) ، (ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ) ، (33) (م) ، (أَرْبَعُونَ) ، (40) ، (مد) ، (أَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ) ، (44) (ن) ، (خَمْسُونَ) ، (50) ، (نه) ، (خَمْسَة وَخَمْسُونَ) ، (55) (س) ، (سِتُّونَ) ، (60) ، (سو) ، (سِتَّة وَسِتُّونَ) ، (66) (ع) ، (سَبْعُونَ) ، (70) ، (عز) ، (سَبْعَة وَسَبْعُونَ) ، (77) (ف) ، (ثَمَانُون) ، (80) ، (فح) ، (ثَمَانِيَة وَثَمَانُونَ) ، (88) (ص) ، (تسعون) ، (90) ، (صط) ، (تِسْعَة وَتسْعُونَ) ، (99)

(الرَّمْز) ، (الكمية) ، (الْهِنْدِيّ) (قيا) ، (مائَة وَأحد عشر) ، (111) (ركب) ، (مِائَتَان وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ) ، (222) (شلج) ، (ثلثمِائة وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ) ، (333) (تمد) ، (أَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ) ، (444) (ثنه) ، (خَمْسمِائَة وَخَمْسَة وَخَمْسُونَ) ، (555) (خسو) ، (سِتّمائَة وست وَسِتُّونَ) ، (666) (ذعز) ، (سَبْعمِائة وَسَبْعَة وَسَبْعُونَ) ، (777) (ضفح) ، (ثمنمائة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ) ، (888) (ضصط) ، (تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ) ، (999) (غقيا) ، (ألف وَمِائَة وَأحد عشر) ، (1111) (بغركب) ، (أَلفَانِ ومائتان وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ) ، (2222) (جفشلج) ، (ثَلَاثَة آلَاف وَأَرْبَعَة مائَة وَأَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ) ، (3333) (دغتمد) ، (أَرْبَعَة آلَاف وَأَرْبَعَة مائَة وَأَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ) ، (4444) (هغثنه) ، (خَمْسَة آلَاف وَخَمْسمِائة وَخَمْسَة وَخَمْسُونَ) ، (5555) (وغخسو) ، (سِتَّة آلَاف وسِتمِائَة وَسِتَّة وَسِتُّونَ) ، (6666) (زغذعز) ، (سَبْعَة آلَاف وَسَبْعمائة وَسَبْعَة وَسَبْعُونَ) ، (7777) ((حغضفح)) ، (ثَمَانِيَة آلَاف وَثَمَانمِائَة وَثَمَانُونَ) ، (8888) ((طغطصط)) ، (تِسْعَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ) ، (9999)

وَاعْلَم أَن عَلامَة الْخلاف (ف) ، وعلامة الْوِفَاق (ق) ، وَهَاهُنَا انْتهى بِنَا التَّحْرِير بِمَشِيئَة اللَّهِ تَعَالَى فنقف حَيْثُ انْتهى بِنَا الْقدر حامدين لله تَعَالَى، مصلين على نبيه مُحَمَّد وعَلى آله الطاهرين، وحسبنا اللَّهِ وَنعم الْوَكِيل وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين. وعَلى النُّسْخَة الَّتِي نسخت هَذِه مِنْهَا مَا صورته، قوبل بِحَسب الْإِمْكَان وَكتب مُحَمَّد بن عَليّ بن الدهان فِي التَّارِيخ وَللَّه الْحَمد والْمنَّة، والتاريخ: النّصْف من شعْبَان سنة 585 هـ. نسخت من نُسْخَة نسخت من نُسْخَة المُصَنّف رَحمَه اللَّهِ، وَكَانَ مَكْتُوب عَلَيْهَا مَا هَذِه حكايته وَوَقع الْفَرَاغ مِنْهُ فِي جُمَادَى الأولى سنة 563، وَوَافَقَ الْفَرَاغ من هَذِه النُّسْخَة الْمُبَارَكَة وتحريرها فِي آخر نَهَار الْأَرْبَعَاء السَّابِع عشر من جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وثمنمائة، رحم اللَّهِ من يترحم على كاتبها نعيم بن مُحَمَّد الْقرشِي الشَّافِعِي وعَلى سَائِر الْمُسلمين حامدا لله تَعَالَى ومصليا على نبيه مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَمُسلمًا، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.

كتاب المنبر في الفرائض

(كتاب الْمِنْبَر فِي الْفَرَائِض)

صفحة فارغة

(صفحة فارغة)

بسم الله الرحمن الرحيم

(بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم) قَالَ اللَّهِ تبَارك وَتَعَالَى: {يُوصِيكُم اللَّهِ فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف ولأبويه لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد فَإِن لم يكن لَهُ ولد وورثة أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} الْآيَة، {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم إِن لم يكن لَهُنَّ ولد فَإِن كَانَ لَهُنَّ ولد فلكم الرّبع مِمَّا تركن من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن مِمَّا تركْتُم من بعد وَصِيَّة توصون بهَا أَو دين وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة أَو امْرَأَة وَله أَخ أَو أُخْت فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث من بعد وَصِيَّة يوصى بهَا أَو دين} الْآيَة. وَقَالَ تَعَالَى: {يستفتونك قل اللَّهِ يفتيكم فِي الْكَلَالَة إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك وَهُوَ يَرِثهَا إِن لم يكن لَهَا ولد فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا ترك وَإِن كَانُوا إخْوَة رجَالًا وَنسَاء فللذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ يبين اللَّهِ لكم أَن تضلوا وَالله بِكُل شَيْء عليم} ، صدق اللَّهِ الْوَاحِد الْأَحَد المنزه عَن الصاحبة وَالْولد، جَاعل الدُّنْيَا بَين أَهلهَا دولا، وَالْآخِرَة معادا وموئلا، وَصدق رَسُوله موضح مَا اشْتبهَ من كَلَامه، وموصل مَا أجمل من أَحْكَامه، والفارق بَين حَلَاله وَحَرَامه صلى اللَّهِ عَلَيْهِ وعَلى آله، وَمَا عالت فَرِيضَة، وعادت فَرِيضَة.

وَبعد: فقد جَمعنَا فِي هَذِه الصفحة من علم الْفَرَائِض مَا فِيهِ تبصرة للمتعلم، وَتَذْكِرَة للْعَالم، وجعلناه مدرجا يسهل دركه، ويعلق بالخيال شكله، على أَنا لم نجد من رسم مثل هَذِه الرسوم، وَلَا خبر يروي هَذِه الرقوم، إِذا أردْت الْعَمَل بِهَذَا الْمِنْبَر الْمُشْتَمل على كل وَارِث انْفَرد أَو شَارك

تمر أصبعك فِي جدولين مرسومين بالوارثين فَحَيْثُ وقف بهما الْأَجْزَاء فهناك مربع فِيهِ حَقّهمَا قسْمَة الْأَعْلَى للأعلى والأسفل للأسفل على جنبتي الْقطر، وَإِن عملت ذَلِك بِالرَّدِّ وجدت ذَلِك مَكْتُوبًا بالحمرة وَيخرج من الْمسَائِل الملقبة خطوط إِلَى الْوَارِثين فِيهَا، فَإِن انْكَسَرَ سهم فريق عَلَيْهِ ضربت عدده فِي الْمَسْأَلَة وَإِن عالت إِلَّا مَعَ الْمُوَافقَة تجتزئ بضربك وفْق عدده فِي

الْمَسْأَلَة، وَإِن انْكَسَرَ على أحياز، وَافَقت بَين أعدادهم وسهامهم. فَإِن تباينوا ضربت بَعضهم فِي بعض ثمَّ فِي الْمَسْأَلَة، وَإِن توافقوا ضربت بَعضهم فِي بعض فِي الْمَسْأَلَة فتوقف الحيز والحيزين ثمَّ تضرب فيهمَا مَا اجْتمع من ضرب الْبَوَاقِي وفقها وأنفسهما الْمُجْتَمع فِي الْمَسْأَلَة وَهُوَ جُزْء السهْم الَّذِي يضْرب فِيهِ سِهَام كل وَارِث والمرتفع من الضَّرْب لَهُ إِن كَانَ وَاحِدًا أَو لحيزه إِن كَانُوا جمَاعَة. وتضم عدد الْإِنَاث إِلَى ضعف عدد الذُّكُور فِي كل عمل. وَالْخَارِج نصيب الْأُنْثَى وَضَعفه نصيب الذّكر، وَصلى اللَّهِ على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا، وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل، نعم الْمولى وَنعم النصير.

ما لا يسع الفرضي جهله

(مَا لَا يسع الفرضي جَهله) (مَا يبْدَأ بِهِ من رَأس المَال) التَّجْهِيز ومؤونة المواراة بِالْمَعْرُوفِ، ثمَّ يقْضِي الدُّيُون، وَيعتق أم الْوَلَد وَوَلدهَا الَّذين حدثوا بعد الِاسْتِيلَاء. (مَا يخرج من الثُّلُث) الْوَصِيَّة لغير وَارِث، والعطايا فِي الْمَرَض، والمحاباة، وَالْمُوصى بِعِتْقِهِ، وَمَا فضل من مهر الْمثل. (الحكم فِي الْمكَاتب) لَا يَرث وَلَا يُورث فِي الْكِتَابَة، وَإِن عجز رق، وَالْوَلَاء للكبر، وَالنِّسَاء لَا يرثن بِالْوَلَاءِ إِلَّا من أعتقن أَو أعتق من أعتقن.

التزويج والطلاق

(التَّزْوِيج وَالطَّلَاق) عقد النِّكَاح فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض سَوَاء فِي التَّوَارُث، وَالطَّلَاق الرَّجْعِيّ لَا يمْنَع الْمِيرَاث فِي الْعدة. (حكم المتلاعنين) يَقع الْفرْقَة بِلعان الزَّوْج وَيَنْقَطِع التَّوَارُث والتعصيب بِجِهَة الْأَب وَالْبَاقِي من الْفُرُوض من تَركه الْمُلَاعنَة لموَالِي أمه لَا لبيت المَال. (توارث الْمَجُوس) يتوارثون بآكد الرَّأْي، ينتمون بِهِ سوى نِكَاح الْمَحَارِم. (الحكم فِي الْمَفْقُود) الْحَاكِم يُقرر الْمدَّة وَيعْمل مَعَه وبمن مَعَه الْيَقِين إِذا مَاتَ لَهُ من يَرِثهُ.

حكم الحمل

(حكم الْحمل) مَعَ طلب الْقِسْمَة يُوقف نصيب أَرْبَعَة ذُكُور أَو نصيب الْإِنَاث إِن كَانَ أَكثر ويحجب بِالْيَقِينِ، وَإِذا اسْتهلّ الْمَوْلُود ورث وَورث. (مَوَانِع الْإِرْث) 1 -. الْكفْر. 2. الْقَتْل الْمُبَاشر. 3. الرّقّ.

تحتوي على شكل مثلث لمخطوطة.

الغرقى والهدمى

سئلها عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام على الْمِنْبَر فَقَالَ: صَار ثمنهَا تسعا وَتسَمى " البخيلة ". زَوْجَة وأبوان وابنتان المنبرية. (الغرقى والهدمى) إِذا جهل موت المتوارثين لم يتوارثوا، فَإِن لم (يجهل) وَشك فِيهِ عمل بِالْيَقِينِ، وَقد قيل: يَرث من تالد مَاله لَا من طارفه.

الْأُصُول الَّتِي تعول: أصل سِتَّة السُّدس وَالنّصف مَعَ الثُّلُث، والثلثين وتعول إِلَى عشرَة. أصل اثْنَي عشر: الرّبع مَعَ السُّدس أَو الثُّلُث وَالثُّلُثَانِ، وتعول إِلَى ثَلَاثَة عشر وَخَمْسَة عشر وَسَبْعَة عشر. أصل أَرْبَعَة وَعشْرين: السُّدس مَعَ الثّمن وتعول إِلَى سَبْعَة وَعشْرين. الخرقاء: وَتسَمى المسبعة، وَتسَمى العثمانية: أم وَأُخْت وجد.

حكم الخنثى

(حكم الْخُنْثَى) يَرث وَمن مَعَه الْيَقِين وَيُوقف الْبَاقِي على الصُّلْح أَو التَّبْيِين وَعلمه بِعَمَل الْمسَائِل على مُمكن أَحْوَاله. (الْأُصُول الَّتِي لَا تعول) 1 -. أصل اثْنَيْنِ النّصْف. 2. أصل أَرْبَعَة لربع وَحده أَو مَعَ النّصْف. 3. أصل ثَمَانِيَة الثّمن وَحده أَو مَعَ النّصْف. 4. أصل ثَلَاثَة الثُّلُث.

مربعات ابن مسعود الخمسة

(مربعات ابْن مَسْعُود الْخَمْسَة) أم، وَأُخْت، وجد. امْرَأَة، وَأم، وَأُخْت، وجد. زوج، وَأم، وجد. بنت، وَأُخْت، وجد. (مختصرة زيد) أم، أَو جدة، وَأَخ وَأُخْت للْأَب، أَو ثَلَاث أَخَوَات مَعَ الْجد. (تسعينية زيد) أَن يكون ولد الْأَب أَخَوَيْنِ وأختا مَعَ الْأُم أَو الْجدّة مَعَ الْجد.

الأخ المبارك

(الْأَخ الْمُبَارك) أختَان لأَب وَأم وَأَخ وَأُخْت لأَب لولاه لسقطت.

الأخ المشئوم

(الْأَخ المشئوم) زوج، وَأُخْت لأَب وَأم، وَأُخْت لأَب لولاه لورثت.

§1/1