تفسير غريب القرآن - الكواري

كَامِلَةُ الكَوارِي

1

• البسملة: قَوْلُ العَبْدِ: بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. • {بِسْمِ} لفظٌ جُعِلَ علامة على مسمًّى يُعْرَف به ويَتَمَيَّز عن غيره. • {اللهِ} اسم عَلَم على ذَاتِ الرَّبّ تبارك وتعالى ويُعَرفُ به. • {الرَّحْمنِ} اسْمٌ من أسْمَاء الله تعالى مُشْتَقّ من الرَّحمة، دَالّ على كثرتها فيه تَعَالَى. • {الرَّحِيمِ} اسمُ وصِفَةُ الله تعالى مُشْتَق من الرحمة، ومعناه: ذو الرحمة بعباده المُفِيضها عليهم في الدنيا والآخرة.

2

• {الحَمْدُ} مرادف للشكر على قول «الطبري»، والأكثرون ذهبوا إلى أن الحمد أعَمّ من الشكر من حيث ما يَقَعَانِ عليه؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعَدِّيَة نقول: حَمَدْتُهُ لِفُرُوسِيَّتِهِ وَلِكَرَمِهِ، فهو أعَمّ موردًا وأخص متعلقًا؛ لأنه لا يكون إلا بالقول، وأما الشُّكْرُ فَهُوَ أعَمُّ مُتعلقًا؛ لأنه يكون بالقول والفعل والنية، وأخص موردًا؛ لأن مورده النعمة فقط فلا يكون إلا على الصفات المتعدية، كَشَكَرْتُهُ على كَرَمِهِ وإِحْسَانِهِ. • {الحَمْدُ للهِ} ثَنَاءٌ أثْنَى الله به على نَفْسِهِ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه، فكأنه قال: قولوا: الحمد لله. • {رَبِّ} السيد، المالك، المتصرف، المصلح، مُرَبّي الخلق بالنعم. • {الْعَالَمِينَ} كل موجود سوى الله، وهو جَمْعٌ لَا وَاحِدَ له من لفظه مثل: (رَهْط وَقَوْم)، وقال «الفراء» و «أبو عبيدة»: العَالَم: عبارة عَمَّنْ يَعْقِلُ، وهُمْ أَرْبَع أمم: الإنس، والجن، والملائكة، والشياطين، ولا يقال للبهائم عَالَم؛ لأن هذا جمع من يعقل خاصة.

4

• {يَوْمِ الدِّينِ} يوم الجَزَاءِ والحساب، ومنه (مَنْ دَانَ نَفْسَهُ) أي: حَاسَبَ، وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفي ما عداه؛ لأنه رَبُّ العالمين، وذلك عام في الدنيا والآخرة، وإنَّما أضِيفَتْ إلى يوم الدين؛ لأنه لا ملك ظاهرٌ فيه لأحد إلا الله.

7

• {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} هم المذكورون في سورة النساء (الآيتين: 70:69) حيث قال: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا (70)}. • {المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} كُلٌّ مِنَ اليهود والنصارى، لَكِن أخَصّ أوصاف اليهود: الغضب عليهم، وأخصّ أوصاف النصارى الضَّلَال.

1

• {الم} أصَحّ الأقوال فيها أنها حروف ليست لها معنى؛ لأن القرآن نَزَلَ بلغة العرب، وليس لهذه الحروف معنى في العربية، وهذا قول «مجاهد»، وأما الحكمة منها فهي الإشارة إلى بيان إعجاز القرآن، وهذا اختيار «شيخ الإسلام» وتلميذه.

2

• {ذَلِكَ الْكِتَابُ} القرآن، وقيل: اللَّوْح المحفوظ. • {لاَ رَيْبَ فِيهِ} الرَّيْبُ: الشَّكّ المصحوب بالقَلَقِ.

7

• {خَتَمَ} غطَّى وَطَبَعَ فَلَا يدخل إليها الإيمان، كوضع الخَاتَم أو الطَّابع على الظرف حتى لا يدخله شيء. • {غِشَاوَةٌ} غِطاء على العين يمنع الرؤية.

9

• {يُخَادِعُونَ اللهَ} بإظهار الإيمان وإخفاء الكفر حتى يعصموا أنفسهم.

10

• {مَّرَضٌ} شكٌّ ونفاق وألم وخوف من افتضاح أمرهم والضرب على أيديهم.

13

• {كَمَا آمَنَ النَّاسُ} الصحابة، فهو عام أُرِيدَ به الخُصُوص، أي: كإيمان الصحابة رضي الله عنهم، وهو الإيمان بالقَلْبِ واللِّسَانِ. • {السُّفَهَاء} جمع سَفِيهٍ: ضَعِيف العقل لا يُحْسِن التصرف والتَّدْبِيرَ.

14

• {لَقُوا} اللقاء: الملاقاة والمواجهة وجهًا لوجه. • {شَيَاطِينِهِمْ} أي: رؤساءهم الذين شابهوا الشيطان، وهو من بَعُدَ عن الحق من الجنِّ والإنس.

15

• {يَمُدُّهُمْ} يُمْهِلُهم، والمَد والإمداد واحد لكن الغالب استعمال الأول في الشر، والثاني في الخير. • {طُغْيَانِهِمْ} الطّغيان: مجاوَزَةُ الحَدِّ في الأمْرِ والإِسْرَاف فيه. • {يَعْمَهُونَ} العَمَهُ: هو انْطِمَاسُ البصيرة والتَّحَيُّر في الرَّأيِ وفعله، والعَمَهُ للقَلْبِ كالعَمَى لِلْبَصَرِ وينتج عنه الحيرَة والضَّلَالُ.

17

• {مَثَلُهُمْ} صِفَتُهُم وَحَالُهم. • {اسْتَوْقَدَ نَارًا} أوْقَدَ نارًا.

18

• {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} لا يَسْمَعُون ولا يَنْطِقُون ولا يُبْصِرُون.

19

• {كَصَيِّبٍ} الصيب: المَطَرُ، من الصوب وهو النزول؛ لأن المطر يصوب؛ أي: ينزل من السحاب إلى الأرض، والمراد: أصحاب الصيب؛ لأن المشبه به الذين أصابَهُم الصيب. • {الصَّوَاعِقِ} جمع صَاعِقَة: وهي ما تُضْعِفُ؛ أي: تُهْلِكُ إما بالنار، أو بالصوت. • {حَذَرَ المَوْتِ} خوفًا من المَوْت.

20

• {يَكَادُ} يقترب. • {يَخْطَفُ} يَأْخذُ بِسُرْعة.

23

• {شُهَدَاءكُم} آلهتكم الذين تشهدون لهم بالإلوهية.

25

• {مُتَشَابِهًا} أي: يُشْبِهُ بعضه بعضًا في الجودة والحسن، ويختلف في الطعم، وتتشابه مع ثمر الدنيا في الأسماء.

26

• {لاَ يَسْتَحْيِي} لا يمنعه الحياء من ضَرْبِ الأمثال وإن صَغرت كالبَعُوضَة. • {فَمَا فَوْقَهَا} في الحقارة؛ أي: أدنى من البعوضة كجناحها، أو أعلى منها كالذبابة، و «فوق» من الأضداد تطلق على الأقل والأكثر. • {إِلَّا الْفَاسِقِينَ} الخارجون عن طاعة الله، والمراد هنا: الخروج الكامل الذي هو الكفر.

27

• {يَنقُضُونَ} النقض: الحل بعد الإبرام. • {عَهْدَ اللَّهِ} ما عهد به إلى الناس من الإيمان والطاعة له ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.

28

• {كُنتُمْ أَمْوَاتًا} قبل خلقكم، أو قبل نفخ الروح. • {فَأَحْيَاكُمْ} أي: خَلَقَكُم ونَفَخَ فيكم أرواحَكُم. • {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} عند انقضاء آجالكم. • {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} يَوْمَ القِيَامَةِ. • {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي: تُحْشَرون إلى الموقف عند الله سبحانه، فيُجَازِيكم بأعمالكم.

29

• {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} أي: علا إلى السماء، وهذا اختيار «ابن جرير»، أو قصد إلى السماء وهذا اختيار «ابن كثير». • {فَسَوَّاهُنَّ} عَدَّل خلقهن، فلا اعوجاج فيه.

30

• {خَلِيفَةً} الخليفة: الخالف لمن كان قبله، أي: من الملائكة، والمراد بالخليفة: آدم عليه السلام. • {وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} بالقتل والإيذاء. • {بِحَمْدِكَ} أي: حامدين لك. • {وَنُقَدِّسُ لَكَ} التقديس: التطهير، أي: وننزهُك عما لا يليق بك مما نسبه إليك الملحدون وافْتَرَاهُ الجاحدون.

31

• {الأَسْمَاء} أسماء المسميات كلها، وقيل: أسماء الملائكة، وأسماء ذرية آدم. • {ثُمَّ عَرَضَهُمْ} أي: عَرَضَ المسميات، وعَرْضُ الشيء: إظهاره ليعرف العارض منه حاله.

34

• {اسْجُدُوا} أمرهم بالسجود لآدم إكرامًا له وتعظيمًا، وعبودية لله تعالى، فامتثلوا أمر الله وبادروا كلّهم بالسجود.

35

• {رَغَدًا} أي: أكلًا رغدًا واسعًا كثيرًا لا عناء فيه.

36

• {فَأَزَلَهُمَا} أي: أوقعهما في الزَّلَل بتزيينه لهم. • {اهْبِطُوا} ضمير الجمع لآدم وحواء وإبليس. • {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} آدم وذريته أعداءٌ لإبليس وذريته.

37

• {فَتَلَقَّى} أي قَبِلَ وأَخَذَ. • {كَلِمَاتٍ} {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ... } الآية.

40

• {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: يا أولاد يعقوب، والأصل في (بني) للذكور، لكن إذا كانت لقبيلة أو لأمة شملت الذكور والإناث. • {اذْكُرُوا} بالقلب واللسان والجوارح. • {نِعْمَتِيَ} عليكم بإرسال الرسل وإنزال الكتاب والنجاة من فرعون وغير ذلك مما أنعمتُ به عليكم. • {أَوْفُوا بِعَهْدِي} ما أخذ عليهم في التوراة مِنَ اتِّبَاعِ محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: هو أداء الفرائض. • {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} بما ضَمِنت لكم من الجزاء. • {فَارْهَبُونِ} فخافوني ولا تخافوا غيري، والرهبة: شدة الخوف.

41

• {مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ} أي: لما في التوراة والإنجيل من أوصاف محمد. • {وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ} لا تكونوا أول مَنْ كَفَرَ، وحقُّكم أن تكونوا أول المصدقين.

44

• {الْبِرِّ} أي: الإيمان والخير. • {تَنسَوْنَ} تتركونها عن أمرها بذلك. • {تَتْلُونَ الْكِتَابَ}: تقرأون التوراة. • {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} سُمِّيَ العقل عقلًا؛ لأنه يعقلُ به ما ينفعه من الخير، ويتعقل به عمَّا يضرُّه.

45

• {وَاسْتَعِينُوا} الاستعانة: طلب العون للقدرة على القول والعمل. • {بِالصَّبْرِ} الصبر: حَبْسُ النفس على ما تَكْرَهُ. • {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} أي: الصلاة -أو الاستعانة- لَشَاقَّةٌ وثَقِيلَة. • {إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ} الخشوع هو: خُضُوعُ القَلْبِ والطمأنينة، وسُكُونُهُ لله تعالى، وانْكِسَارُهُ بين يَدَيْهِ ذُلًّا وافتقارًا، وإيمانًا به وبِلِقَاءِهِ.

46

• {يَظُنُّونَ} والظن هنا بمعنى اليَقِينِ. • {مُلَاقُو رَبِّهِمْ} بالموْتِ، وراجعون إليه يَوْمَ القيامة.

47

• {عَلَى الْعَالَمِينَ} أي: على عالمي زمانهم.

48

• {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نفْسٍ شَيْئًا} أي: لا تُغْنِي نفس عن نفس أخرى، أي عنها ما دامت كافرة. • {وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} على فرض أنها تقدمت بِعَدلٍ وهو الفداء فإنه لا يؤخذ منها.

49

• {نَجَّيْنَاكُم} النَّجَاة: الخَلاصُ من الهَلَكَةِ، كالخلاص مِنَ الغَرَقِ والخلاص من العذاب. • {آلِ فِرْعَوْنَ} أَتْبَاع فرعون، ملك مصر على عهد موسى عليه السلام. • {يَسُومُونَكُمْ} يَبْغُونَكم سوء العذاب وهو أشدُّه وأفْظَعُهُ ويُذِيقُونَكُم إيَّاه. • {يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}: يتركون ذَبْحَ البنات لِيَكْبَرْنَ لِلْخِدْمَة. • {بَلاءٌ} أي النجاة من فرعون، بلاء: إما بمعنى النعمة العظيمة، أو بمعنى الاختبار ليُعْلَمَ مَنْ يَشْكُر.

50

• {وَإِذْ فَرَقْنَا} صَيَّرْنَاه فِرْقَتَيْن، وما بينهما يبس لا ماء فيه لتسلكوه فتنجوا، والبحر هو بحر القلزم (الأحمر).

51

• {وَاعَدْنَا} وَاعَدَ في الخير والشر، والوَعْد في الخير، وأَوْعَدَ في الشر.

53

• {الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} الكتاب: التوراة، والفرقان: المعجزات التي فَرَّقَ الله تعالى بها بَيْن الحقِّ والبَاطل. • {تَهْتَدُونَ} إلى معرفة الحق في كلِّ شؤونِكم من أمور الدين والدنيا.

54

• {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} أجمعوا على أنه ليس معناه قَتْلُ كلِّ رجل نفسه، بل المراد أن يقتل بعضُهُم بعضًا.

55

• {نَرَى اللهَ جَهْرَةً} نراه عيانًا. • {الصَّاعِقَةُ} نارٌ محرقة تكون مع السحب والأمطار والرعود.

56

• {بَعَثْنَاكُم مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} أي: أحييناكم بعد الموت الحقيقي بالصاعقة لتكملوا بقية آجالكم، وليس المراد بالموت النوم؛ لأنه يسمى وفاة لا موتًا.

57

• {ظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} أي: جَعَلْنَا السَّحَابَ ظِلًّا عليكم في التيه ليقيكم حر الشمس، وسمي السحاب غمامًا؛ لأنه يغمُّ السماء؛ أي: يسترها. • {المَنَّ} أصل المَنِّ: هو ما يُكْرِمُ به اللهُ من غير تَعَبٍ، والمراد هنا شيء سائل يقع على الشجر يُشْبِهُ العَسَلَ، وقيل: نَوْعٌ مِنَ الحَلْوَى. • {والسَّلْوَى} طائر يقال له: السّمانيّ. • {مِن طَيِّبَاتِ} الطيِّب: الحلال.

58

• {الْقَرْيَةَ} أي: بيت المقدس. • {رَغَدًا} عيشًا واسعًا هنيئًا. • {الْبَابَ} أي: باب بيت المقدس، أو باب القرية. • {حِطَّةٌ} أي: قولوا هذه الكلمة، والتقدير: سؤالنا حِطَّةٌ، والمعنى: حطَّ ذنوبنا. • {نَغْفِرْ} نمحو ونستر.

59

• {رِجْزًا} وباء الطاعون. • {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} يَخْرُجُونَ عن طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

60

• {اسْتَسْقَى} طلب السقيا. • {تَعْثَوْاْ} العثُوُّ هو أشد الفساد.

61

• {بَقْلِهَا} النبات الذي ليس له ساق. • {وقِثَّآئِهَا} قيل: هو الخِيار. • {وفُومِهَا} الثوم، وقيل: الحنطة. • {أَدْنَى} أقل صلاحًا ومنفعة، كاستبدال الفوم والبقل بالمن والسلوى. • {مِصْرًا} مدينة من المدن، قيل لهم هذا وهم في التيه كالتعجيز لهم والتحدي؛ لأنهم نكلوا عن قتال الجبارين فأصيبوا بالتيه، وحرموا خيرات مدينة القدس وفلسطين. • {الذِّلَّةُ} الذل والهوان والصغار والاحتقار. • {المَسْكَنَةُ} الفقر، فترى اليهود -ولو كانوا أغنياء- كأنهم فقراء فهم أشدُّ الناسِ حرصًا على المال. • {بِغَيْرِ الحَقِّ} قَيْدٌ لبيان الواقع والتشنيع بفعلهم؛ لأنه لا يمكن قتل نبي بحق أبدًا.

62

• {هَادُوا} أي صاروا يهودًا وانتسبوا إلى دين اليهود، وهي شريعة موسى نسبة إلى جدهم «يهوذا» أكبر ولد يعقوب، سواء كان الواحد منهم من سبط يهوذا أو من باقي الأسباط، فاليهود: عَلَم أعجمي على هذه الأمة من الناس، وقيل: اليهود جمع يهودي. • {وَالنَّصَارَى} جمع نصران كسكران، والنسبة إليه: نَصْراني لتَنَاصُرِهم، فهي على هذا عربية مشتقة، وقيل: من الناصرة في شمال فلسطين، فهي علم أعجمي. • {وَالصَّابِئِينَ} أظهر الأقوال أنهم قوم ليسوا على دين اليهود، ولا النصارى، ولا المجوس، ولا المشركين، وإنما هم قَوْمٌ باقون على فطرتهم ولا يَتَدَيَّنُون بِدِين.

63

• {مِيثَاقَكُمْ} العهد الذي أُخِذَ عليكم في التوراة. • {رَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطّورَ} الطور في الأصل: اسم لكل جبل، والمراد هنا إما جبل معين، أو الجبل الذي كلَّمَ الله عليه موسى عليه السلام. • {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} أي: أقبلوا على التوراة بجِدٍّ ونَشَاط.

65

• {خَاسِئِينَ} أذلَّاء صاغرين، مُبْعَدِين عن الخَيْرِ.

66

• {فَجَعَلْنَاهَا} أي: تلك العقوبة، وقيل: القرية التي كانت حاضرة البحر جعلناها عبرة للقرى؛ لأنهم علموا بما نَزَلَ بِهِمْ من العُقُوبَةِ. • {نَكَالًا} النَّكَال والتَّنْكِيل: العقوبة التي تَمْنع الشخص من الرجوع إلى الفعل مرة أخرى، وقيل: النَّكال: العِبَر، وأصل النكال: المنع.

67

• {بَقَرَةً} هذا مُطَلق وعمومه بَدَلي، فلو ذَبَحُوا أَيَّ بَقَرَةٍ لَكَفَى.

68

• {فَارِضٌ} هي البَقَرَةُ المُسِنّة الكبيرة، وسمِّيَتْ بذلك؛ لأنها فرضت سنها أي: قطعتها وبلغت آخرها. • {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} أي: وسط بين الفارض والبكر.

69

• {صَفْرَاء فَاقِعٌ لَوْنُهَا} شَدِيدُ الصُّفْرَةِ.

71

• {لَا ذَلُولٌ} الذلول: هي الرَّضِيّة التي زالت صعوبتها، فأصبحت سَهْلَةً مُنْقَادَة، وقيل: الذَّلول: التي ذَلَّلَهَا العمل. • {تُثِيرُ الأَرْضَ} تقلبها بالمِحْرَاث فيثور غبارها، والمعنى أنها لم تستعمل في الحرث ولا في سقاية الزرع. • {مُسَلَّمَةٌ} سليمة من العيوب؛ كالعَوَر والعَرَجِ. • {لَا شِيَةَ فِيهَا} الشِّيَة: العَلَامة؛ أي: لا يوجد فيها لَوْنٌ غَيْر لَوْنِهَا في سَوَاد أو بَيَاضٍ.

72

• {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} قصة البقرة السابقة كانت لِقَتْلِ النَّفْسِ، ونسب القتل للجماعة وإن كان القاتل واحدًا لوجود القاتل فيهم. • {فَادَّارَأْتُمْ} الدَّرْءُ: الدَّفْعُ، فالمتخاصِمُونَ كل منهم يدفع عن نفسه التهمة.

73

• {اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} ولم يبين القرآن أيَّ جُزْءٍ مِنْهَا، وفي الآية إِضْمار تقديره: فضربوه فَصَارَ حَيًّا وَقَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ.

75

• {يُحَرِّفُونَهُ} التَّحْرِيفُ: المَيْلُ بِالْكَلَامِ على وَجْهٍ لَا يَدُلُّ عَلَى معناه، كَمَا قالوا في نَعْتِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - في التَّوْرَاةِ: أكْحَل العينين ربعة جعد الشعر حسن الوجه، قالوا: طويل أزرق العينين، سبط الشعر.

76

• {بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ} أي بما عرَّفكم في التوراة من نعت محمد - صلى الله عليه وسلم -.

78

• {أُمِّيُّونَ} الأمي المنسوب إلى أُمِّه، فكأنه ما زال في حجر أمه لم يتعلم القراءة. • {إِلاَّ أَمَانِيَّ} الأماني: جمع أمنية وهي إما ما يتمناه المرء في نفسه من شيء يريد الحصول عليه، وإما القراءة أي تلاوة الكتاب في تمني الكتاب إذا قرأه.

81

• {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} أحاط كفره بما له من الحسنات.

84

• {لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ} لا يَسْفِكُ بعضُكم دماءَ بعض. • {وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم} أي لا يُخْرِجُ بعضكم بعضًا من داره.

85

• {تَظَاهَرُونَ} المعاونة والمظاهرة واحد، وأصْلُهُ من الظَّهْرِ، فَكُلّ يجعل الآخر ظهرًا له ويَتَقَوَّى به. • {بِبَعْضِ الْكِتَابِ} وهو أنهم كانوا يَفْدُون الأسير، وكان الله قد أخذ عليهم أربعة عهود: تَرْكَ القتل، وتَرْكَ الإِخْرَاج، وترك المظاهرة، وفك أسراهم فأعرضوا عن الكل إلا الفداء. • {خِزْيٌ} الذل والهوان.

87

• {قَفَّيْنَا} أتْبَعْنَا، وأصْلُهُ من القَفَا، تقول: قَفَوْتُ الرَّجُل: إذا سِرْت خَلْفَه، والقائف: المتتبِّع للآثار. • {بِرُوحِ الْقُدُسِ} جِبْريل عليه السلام.

88

• {غُلْفٌ} جمع: أَغْلَف، وهو كل شيء جعلته في غلاف، فزعموا أن قلوبهم في أغْلِفَة مُغَطَّاة لا تصل إليها دعوة الرسل.

89

• {مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ} أي حكم بصدق التوراة والإنجيل، وجاء مطابقًا لما أخبرت التوراة والإنجيل، فَدَلَّ على أن التوراة والإنجيل أخبرت بالرسول باسمه، أو وصفه المميِّز لغيره. • {يَسْتَفْتِحُونَ} أي: يطلبون الفتح؛ أي: النصر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - على المشركين، والاستفتاح: الاستنصار. • {مَا عَرَفُوا} الرسول الذي عرفوا نَعْتَه وصِفَتَهُ.

93

• {سَمِعْنَا} أي: سمعنا قولك بِحَاسَّة السمع. • {وَعَصَيْنَا} أمرك؛ أي: لا نقبل ما تأمرنا به. • {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي حبّ العجل الذي عبدوه بدعوة السامري لهم.

• {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} أي: إيمانكم الذي زعمتم أنكم تُؤْمِنون بما أُنْزِل عليكم وتكفرون بما وراءه، فإن هذا الصنع هو قولكم: سمعنا وعصينا، يدل على أنكم كاذبون في قولكم: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا}.

94

• {خَالِصَةً} خاصة لا يدخلها أحدٌ سواكم. • {فَتَمَنَّوُاْ المَوْتَ} تمنُّوه في نفوسكم، واطلبوه بِأَلْسِنَتِكم، فإنَّ مَن كانت له الدار الآخرة لا خير له في بقائه في الدنيا.

96

• {حَيَاةٍ} التنكير فيها لتَعُمّ كل حياة ولو كانت ذَمِيمة. • {الَّذِينَ أَشْرَكُوا} هم غير أهل الكتاب من سائر الكفار. • {يَوَدُّ} يحب. • {بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ} بمبعده من العذاب. • {أَن يُعَمَّرَ} أي: يعيش ألف سنة.

98

• {وَمِيكَالَ} ميكال وميكائيل: مَلَكٌ مِنْ أَعْظَمِ الملائكة، وقيل: معناه عبيد الله.

100

• {نَبَذَهُ} طَرَحَهُ وألقاه غير آبه به وَلَا مُلْتَفِت إليه.

101

• {وَرَاء ظُهُورِهِمْ} أي: أعرضوا عنه ولم يَلْتَفِتُوا إليه لمُنَافَاتِهِ لِمَا هُمْ مَعْرُوفُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - كأنهم لا يعلمون، مع أنَّهم يَعْلَمُونَ حَقَّ العِلْمِ.

102

• {وَاتَّبَعُوا} أي: اليهود. • {مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} من تلا يتلوه؛ أي: تَبِعَهُ، والمعنى: ما تَتبعه الشياطين وتأخْذ بِهِ من السِّحْرِ والشَّعْوَذَةِ التي ابْتَدَعَتْهَا الشياطين ونَسَبَتْهَا إلى سُلَيْمَانَ، فَلَيْسَ تتلوا هنا بمعنى تقرأ. • {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} أي: في عَهْدِ سُلَيْمَان، أو في زمان ملك سليمان. • {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} أي لم يَتَعَلَّم السحر، وبه استدل مَنْ ذَهَبَ إلى أن السحر كفرٌ، وفي الآية دليل على أن سليمان لا يقِرّ السحر؛ لأنه لا يقر على الكفر. • {وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُوا} أي: يَتَعَلَّمون السحر، ولهذا قال سبحانه: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} فالشياطين هم الذين اتخذوا السحر. • {وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ} الجملة معطوفة على قوله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا}، أي واتبعوا أيضًا ما تتلو على الملكين بِبَابِلَ هاروت وماروت، وهاروت وماروت عطف بيان على الملكين، والمُنَزَّل عليهما شيء من السحر، وقد امتحن الله الناس بهما في ذلك الزمان بتعليم السحر لحكمة هو يعلمها، وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا: نحن فتنة فلا تكفر بتعلم السحر، وقد استدل به من قال بكفر تَعَلّم السحر، وهذا على من جعل «ما» اسمًا موصولًا، ومن المفسرين من جعل «ما» نافية؛ أي أن الله لم ينزل عليهما السِّحْرَ، وتقدير الكلام: وما كَفَرَ سليمان، وما أنزل على الملكين السحر، ولكن هاروت وماروت ومَنْ تَبِعَهُمَا مِنَ الشياطين هم الذين كفروا بالسحر وَعَلَّمُوا النَّاسَ، والأول أولى؛ لأنه ظاهر الآية.

104

• {رَاعِنَا} من المراعاة، وهي المحافظة على الشيء والعناية به، فارعني سمعك وراعني؛ أي: استمع لي، وكان اليهود يقولون: يا محمد راعنا، يريدون اسم فاعل من الرعونة، يعني أن الرسول راعن، ومعنى الرعونة: الحمق والهوج، ولمَّا دار اللفظ بين المعنيين مُنِعَ المؤمنون عنه سدًّا للذريعة. • {قُولُوا انظُرْنَا} أي: أمْهِلْنَا وانتظر ما يكون من شأننا.

106

• {أَوْ نُنسِهَا} من النسيان أي: ننسها العباد فنزيلها من قلوبهم، أو ننسها الرسول، والمراد: رفع الآية؛ لأن مجرد النسيان لا يقتضي النسخ، ومن المفسرين من فسر النسخ بإقامة غيره مقامه، وفسر الإنساء بالرَّفْعِ من غير إقامة غيره مقامه.

107

• {وَلِيٍّ} حافظ يحفظكم بتولِّي أموركم. • {نَصِيرٍ} ناصر يَدْفَع عنكم المكروهَ.

108

• {أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ} اختلف في المخاطب بالآية، فذهب بعضهم إلى أنهم اليهود، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أنَّهُم المُشْرِكُونَ، وذَهَبَ آخَرُون إلى أنهم المسْلِمُونَ، والأقوال كلها صالحة.

109

• {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} لا تؤاخذوهم ولا تَلُومُوهُمْ؛ إذِ العفو: ترك العقاب، والصفح الإعراض عن المذنب. • {حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} أي بالقتال، وهو قتال بني قريظة، وإجلاء بني النضير وفرض الجزية عليهم، وفي الآية دليل على جواز مُهَادَنَةِ الكفّار إذا لم يكن بالمسلمين قُوَّة.

111

• {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} أي: تلك المقالة أمَانِيُّهُمْ جمع أمْنِيّة، وهي ما يَتَمَنَّاهُ الإنسان ويَشْتَهِيهِ بدون سبب يصل به إليه.

114

• {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} عَمِلَ في هَدْمِهَا وتَخْرِيبِهَا، حقيقة أو بمنع الصلاة فيها وصرف الناس عن التعبد فيها؛ إذ هذا من خرابها أيضًا. • {خِزْيٌ} الذل والهوان.

115

• {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} هناك الله تعالى؛ إذ الله عز وجل محيط بخلقه فحيثما اتجه العبد شرقًا أو غربًا، شمالًا أو جنوبًا وجد الله تعالى. • {وَاسِعٌ عَلِيمٌ} يسع علمه كلَّ شيء.

117

• {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} مبدعها أي: موجدها على غير مِثَال سابق.

118

• {لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ} أي: هلا يكلمنا الله بأنك نبي فنؤمن بك. • {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} في اتفاقهم على الكفر.

121

• {حَقَّ تِلاَوَتِهِ} أي: يُحِلّونَ حَلَالَهُ وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ ويقرؤونه حق قراءته.

123

• {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} العدل: الفداء. • {وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ} وساطة أحد.

124

• {وَإِذِ ابْتَلَى} أي: امْتَحَنَ، واخْتَبَره بتكليفه بأمور شاقة. • {بِكَلِمَاتٍ} اختلف المفسرون فيها، فذهب بعضهم إلى أنها الشرائع التي أمر الله العمل بها، فهذه كلمات شرعية، وسمي التكليف بلاء؛ لأنه يشق على الأبدان، وذهب آخرون إلى أنَّها الكلمات الشرعية الكَوْنِيَّة، ومن ذلك أن الله امْتَحَنَهُ بأن أُلقِيَ في النار. • {فَأَتَمَّهُنَّ} عَمِلَ بِهِنَّ. • {إِمَامًا} الإمام: القُدْوَةُ في الخَيْرِ والشَّرِّ، والمراد هنا إمامة الخير. • {وَمِن ذُرِّيَّتِي} يجوز أن تكون للتبعيض، أو لبيان الجنس؛ أي: اجعل ذريتي كلهم أئمة. • {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} عهدي فاعل، والظالمين مفعول به، أي لا يصيب ما عهدت إليك من النبوة والإمامة من كان كافرًا، وهذا هو المراد من الظالم هنا.

125

• {مَثَابَةً} مرجعًا أي: يثوب الناس إليه، أي يرجعون من كل مكان. • {وَأَمْنًا} أي يأمن الناس فيه على دمائهم وأموالهم، وقد حرم الله هذا البلد يوم خلق السماوات والأرض. • {مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} المقام مكان القيام، وله إطلاقان: عام وخاص، فأما العام وهو مكان قيام إبراهيم للعبادة في جميع مشاعر الحج، وأما المعنى الخاص فمقام إبراهيم هو الحجر الذي قام إبراهيم عليه عند بناء البيت. • {مُصَلًّى} إن أريد به المعنى اللغوي وهو الدعاء فيشمل جميع مناسك الحج؛ لأنها محل للدعاء، وإن أريد المعنى الشرعي اختص بالركعتين خلف المقام. • {طَهِّرَا بَيْتِيَ} من الأرجاس الحسية والمعنوية. • {الْعَاكِفِينَ} أي: المقيمين عنده، والمجاورين له.

126

• {اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا} أي: مَنْ فيه؛ لأن البلد نفسه لا يوصف بالأمن. • {قَالَ وَمَن كَفَرَ} أي: قال الله: وأرزق مَنْ كَفَرَ أَيْضًا، فهي معطوفة على «مَنْ آمن» ولكنه قال في الكافر: «فأمَتِّعُهُ قليلًا». • {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} أُلْجِئه مُكْرَهًا إلى العذاب.

127

• {الْقَوَاعِدَ} القواعد: جمع قاعدة وهو الأساس.

128

• {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} منقادين لك خاضعين راضين بحكمك عابدين لك. • {أَرِنَا مَنَاسِكَنَا} عَلِّمْنَا كيف نحج بيتك تنسُّكًا وتعبدًا لك، وفي هذا دليل على أن العبادات توقيفية.

129

• {وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ} أجمع المفسرون على أن المراد بالرسول هو محمد - صلى الله عليه وسلم -. • {الْحِكْمَةَ} قيل: هي السنة، ويحتَمَل أن يكون المراد بها: مَعْرِفَة أسرار الشريعة.

132

• {وَوَصَّى بِهَا} الضمير يعود على «أسلمت لِرَبِّ العَالمَين» ويجوز أن يعود على «ملة إبراهيم» وهي الإسلام.

133

• {وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} لا إشكال في كون إسحاق وإبراهيم آباء، أما إسْمَاعيل فعَمّ والعَمّ صِنْو الأب وبمنزلته، وقيل: إنه تغليب.

135

• {كُونُوا هُودًا} يعني من اليهود، والهود: جمع هائد، مثل «عود» جمع عائد. • {حَنِيفًا} مستقيمًا على دين الله تعالى موحدًا فيه لا يشرك بالله شيئًا.

136

• {الأسْبَاطِ} هم أولاد يعقوب، وهم اثنا عشرَ ولدًا، ولكل واحد منهم من الأولاد جماعة، والسبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في العرب. • {وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ} أي آمنَّا أيضًا بالتوراة والإنجيل والكتب التي أوتيها جميع النبيين. • {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ} لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى، فالمسلمون يؤمنون بكل نبي أرسله الله وبكل كتاب أنزله الله.

137

• {شِقَاقٍ} الشقاق: المُخَالَفَةُ والمُعَانَدَةُ. • {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ} وَعْدٌ من الله تعالى لنبيه أنه سَيَكْفِيهِ مَنْ عَانَدَهُ وخَالَفَهُ من المتولين عن الحق.

138

• {صِبْغَةَ اللهِ} الصبغة اللون، والمعنى: الْزَمُوا صبغة الله أي دين الله، وإنما سماه صبغة؛ لأن أثر الدين يظهر على المتدين كما يظهر أثر الصبغ على الثوب.

152

• {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} أي: اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة. • {وَاشْكُرُوا لِي} أي اشكروا لي ما أنعمت عليكم.

153

• {وَاسْتَعِينُوا} الاستعانة: طلب المعونة والقدرة على القول أو العمل.

154

• {لَا تَشْعُرُونَ} الشعور: الإحساس بالشيء المفضي إلى العلم به.

155

• {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} أي: نَخْتَبِرُكم. • {بِشَيْءٍ} التنكير للتقليل، ويحتمل أن يكون للتكثير، وفي الآية خمس مصائب: • {مِنَ الخَوفْ} الخوف العام في البلد، والخاص في الإنسان نفسه. • {الجُوعِ} إما لقلة الطعام أو لقلة المال أو المرض. • {نَقْصٍ مِنَ الأَمَوَالِ} وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية، وغرق، وضياع، وأخذ الظَّلَمَةِ للأموال. • {وَالأنفُسِ} أي: ذهاب الأحباب من الأولاد والأقارب، والأصحاب، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد، أو بدن من تحبه. • {وَالثَّمَرَاتِ} ما يصيبها من الآفات.

156

• {مُصِيبَةٌ} المصيبة: النكبة التي يتأذّى بها الإنسان وإن صغرت، وقيل: كل ما يؤلم القلب والبدن أو كليهما مما تقدم ذكره. • {إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} أي مملوكون لله مدبرون تحت أمره وتصريفه، وهذه الكلمات ملجأ للمصابين وعصمة للممتحنين، فإنها جامعة بين الإقرار بالعبودية لله، والاعتراف بالبعث والنشور، وإن الدنيا ليست آخر كل شيء.

157

• {صَلَوَاتٌ} الصلوات هنا: المغفرة والثناء الحسن. • {وَرَحْمَةٌ} ومن رحمته إياهم أن وَفّقَهُمْ للصبر الذي ينالون به كمال الأجر. • {المُهْتَدُونَ} إلى طريق السعادة والكمال بإيمانهم وابتلاء الله تعالى لهم وصبرهم على ذلك.

158

• {مِن شَعَآئِرِ} أي: بعض شعائر الله، وليس المراد أن الجبل نفسه من الشعائر، بل المراد الطواف.

162

• {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} أي: لا يمهلون، من الإنظار، ولا يُنظرون من النظر بالعين.

164

• {اخْتِلاَفِ اللّيْلِ وَالنَّهَارِ} ما يجري فيهما من حوادث: كالحر والبرد، والنصر والخذلان، وطول الليل وقصره. • {الْفُلْكِ} الفُلْكِ: واحده وجمعه سواء، فإذا أريد الجمع يؤنث: تجري الفلك، وإذا أريد المفرد يذكر: يجري الفلك، وهي هنا بموقع الجمع (الفلك التي تجري) والمقصود السفن والمراكب ونحوها مما ألهم الله عباده صنعتها والانتفاع بها. • {تَجْرِي} تسير في البحر؛ أي: في جوفه، ويجوز أن تكون «في» بمعنى «على» أي على سطح البحر. • {وَبَثَّ فِيهَا} أي نَشَرَ وَفَرَّقَ. • {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} أي: تنويعها في اتجاهها. • {وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ} أي الغمام المُذلّل بأمر الله، وسمي سحابًا؛ لأنه ينسحب انسحابًا في الجو.

165

• {يُحِبُّونَهُمْ} صفة لأنداد، ويحتمل أن تكون استئنافية لبيان معنى اتخاذهم أندادًا.

166

• {اتُّبِعُوا} الرؤساء والسادة. • {اتَّبَعُوا} الأتباع والضعفاء. • {الأَسْبَابُ} التي يؤملون بها الانتفاع.

167

• {كَرَّةً} الرجوع إلى الدنيا.

171

• {يَنْعِقُ} يصيح، والمراد: دعاء الراعي وتصويته بالغنم. • {بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلّا دُعَاءً وَنِدَاءً} النداء يكون لجميع البهائم، والدعاء يكون للبهائم المعينة التي سَمَّاهَا باسمها فهي تقبل على الصوت، لكن إقبالها لا يعني أنها تعقل.

172

• {وَاشْكُرُوا لِلهِ} الشكر: القيام بطاعة المنعم.

173

• {حَرَّمَ} حَظَرَ ومَنَعَ. • {المَيْتَةَ} ما مات من الحَيَوَان حَتْفَ أنْفِهِ بدون تَذْكِيَةٍ. • {الدَّمَ} المسْفُوح السَّائِل، لا المختلط باللَّحْمِ. • {الْخِنزِيرِ} حيوان خبيث معروف يأكل العذرة ولا يَغَار على أنثاهُ. • {اضْطُرَّ} أكره بحكم الضرورة التي لحقته من جوع أو ضرب. • {بَاغٍ} أي: طالب للمحرم مع قدرته على الحلال، أو مع عدم جوعه. • {وَلاَ عَادٍ} أي: متجاوز الحد في تناول ما أبيح له اضطرارًا. • {فَلا إِثْمَ} لا جناح ولا ذنب عليه.

174

• {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ} لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه إنما حصل لهم بأقبح المكاسب وأعظم المحرمات، فكان جزاؤهم من جنس عملهم. • {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ} بل قد سخط عليهم وأعرض عنهم، فهذا أعظم عليهم من عذاب النار. • {وَلاَ يُزَكِّيهِمْ} أي: لا يُطَهِّرُهُمْ من الأخْلَاق الرَّذِيلَة.

175

• {الضَّلاَلَةَ} العماية المانعة من الهداية إلى المطْلوب.

176

• {لَفِي شِقَاقٍ} التنازع والعَدَاءُ حَتَّى يكون صاحبه في شق ومنازعة في آخر.

177

• {الْبِرَّ} اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ خَيْرٍ وطَاعَةٍ لله ورَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. • {وَالْيَتَامَى} جمع يَتِيم، وهو مَنْ مَاتَ والدُهُ وهو لم يبلغ الحِنْثَ. • {وَالمَسَاكِينَ} جمع مِسْكين؛ أي: فقير معدم أسْكَتَتْهُ الحَاجَةُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّف. • {وَابْنَ السَّبِيلِ} المُسَافِر البَعِيد الدَّار المنْقَطِع عن أهله وماله. • {وَالسَّائِلِينَ} جمع سائل، وهو الفقير المحتاج الذي أذن له في السؤال لدفع غَائِلَة الحاجة عن نفسه. • {وَفِي الرِّقَابِ} الرقاب جمع رقبة، والإِنفاق منها معناه: في عتقها. • {الْبَأْسَاء والضَّرَّاء} البَأْسَاء: شِدَّةُ البُؤْسِ مِنَ الفَقْرِ، والضَّرَّاء: شِدَّة الضّرّ من المَرَضِ. • {وَحِينَ الْبَأْسِ} عِنْدَ القِتَالِ واشْتِدَادِهِ في سَبِيلِ اللهِ. • {الَّذِينَ صَدَقُوا} في دَعْوَاهُم الإيمَان والبِرّ.

178

• {الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} أي المُسَاوَاة فيه، وأن يُقتل القاتل على الصفة التي قتل عليها المقتول؛ إقامةً للعدل والقِسْط بين العباد. • {الحُرُّ بِالحُرِّ} يدخل بمنطوقها الذكر بالذكر. • {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} والأنثى بالذكر، والذكر بالأنثى فَيَكُون مَنْطُوقُهَا مقدمًا على مَفْهُومِ قَوْلِهِ: {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} مع دلالة السنة على أنَّ الذَّكَرَ يُقْتَلُ بالأنثى. وخرج من عموم هذا الأبَوَانِ وإن عَلَوْا فلا يُقْتَلَان بالوَلَدِ، لورود السنة بذلك. • {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} أي: عَفَا وَلِيّ المقتول عن القَاتِلِ إلى الدِّيَةِ، أي: عَفَا بَعْضُ الأولياء فإنه يَسْقُطُ القِصَاصُ. • {بِالمَعْرُوفِ} من غير أن يشق عليه، ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب ولا يحرجه. • {وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} من غير مَطْلٍ ولا نقص ولا إساءة فِعْلِيّة أو قَوْلِيّة، فهل جزاء الإحسان إليه بالعفو إلا الإحسان بحسن القضاء؟!

179

• {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} أي: تَنْحَقِن بذلك الدِّمَاء وتنْقَمِعُ به الأشقياء؛ لأن من عَرَفَ أنه مَقْتُولٌ إذا قَتَلَ لا يَكاد يَصْدُرُ منه القَتْلُ.

180

• {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ} أي أسبابه؛ كالمرَضِ المشرف على الهلاك، وحضور أسباب المهالك. • {تَرَكَ خَيْرًا} تَرَكَ المَالَ الكَثِيرَ عرفًا. • {حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ} دلَّ على وجوب ذلك؛ لأن الحَقَّ هو الثّابِتُ.

182

• {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ} أي: من تَوَقَّعَ أو اطَّلَعَ.

184

• {يُطِيقُونَهُ} يطوِّقه؛ أي: يَتَكَلَّفُونَهُ ويَبْلُغ الطاقة منهم حتى يصبح شاقًّا عليهم. • {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} أي: خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الْفِدْيَةِ.

186

• {الدَّاعِ} الدعاء نوعان: دعَاء عِبَادَةٍ، ودُعَاء مَسْأَلة، والقُرْب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.

188

• {بِالْبَاطِلِ} خلاف الحق. • {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ} الإدلاء أصلها مأخوذة من: أدلى دلوه، والذي يدلي دلوه يريد التوصل إلى الماء، فتدلوا إلى الحكام وسيلة لأكلها بأن تعطي الحكام الرشوة ليحكم لك، أو تجْحَد الحَقّ ولا تَنْسبه لصاحبه فيحكم الحاكم لك، والضمير في قوله «بها» يعود على الأموال أو المحاكمة.

191

• {ثَقِفْتُمُوهُمْ} تَمَكَّنْتُم مِنْ قَتْلِهِمْ. • {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} الفتنة هِيَ صَدُّ الناسِ عن دينهم، فالكُفَّار يُقَاتَلُونَ حتى لا يَكون صدٌّ عن سبيل الله ويكون دين الله هو الغالب.

194

• {الشَّهْرُ الحَرَامُ} الشهر المحرم القتال فيه، والأشهر الحرُم أربعة: ثلاثة سرد وواحد فرد، فالثلاثة هي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، والرابع الفرد رجب. • {الحُرُمَاتُ} جمع حرمة كالشهر الحرام والبلد الحرام والإحرام.

195

• {التَّهْلُكَةِ} كل شيء تصير عاقبته إلى الهلاك، والمقصود: لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة وذلك بترك الإنفاق في سبيل الله؛ لأنه سَبَبُ الهَلَاك؛ حيث إنه يُقَوِّي العَدُوَّ عليكم.

196

• {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} أي: مُنِعْتُمْ عَنْ إتمام النسك، والإحصار في اللغة: الحَبْسُ. • {ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ} قيل: المراد به نفسه؛ أي: لِمَنْ لم يكن حاضرًا المسجد الحرام، وقيل: المراد بالأهل: سَكَنُهُ الذي يَسْكُنُ إليه من زَوْجَةٍ وَأَبٍ وَأمّ وأولاد. • {حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} أهل الحرم، وقيل: أهل المواقيت، وقيل: أهل مكة ومن بينهم وبين مكة دون مسافة القَصْرِ، والأول أولى.

200

• {كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ} لأنَّهم كانوا في الجاهلية يذكرون أمجاد آبائهم إذا انتهوا من المناسك، وكلٌّ يَفْخَرُ بِنَسَبِهِ، فَأَمَرَ الله أن نَذْكُرَه كَذِكْرِ الآبَاءِ. • {أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} قال بعضُهم: يعني بل أشد، وذكر «ابن القيم» أن «أو» هنا ليست بمعنى «بل» ولكنها لتخفيف ما سبق، يعني: إن لم يزيدوا فلن ينقصوا.

201

• {آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} اجمعوا بهذا الدعاء بين خَيْرِ الدنيا وخير الآخرة، وهذه الآية من جَوَامِعِ الدّعَاءِ التي عَمَّتِ الدنيا والآخرة.

202

• {نَصِيبٌ} حَظٌّ مما عَمِلُوا من الخير والدعاء. • {سَرِيعُ الْحِسَابِ} سَرِيعُ المجَازَاةِ لِعِبَادِهِ.

203

• {وَاذْكُرُوا اللهَ} بالتَّوْحِيدِ والتَّعْظِيمِ والتَّكْبِيرِ في أدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وعِنْدَ رَمْيِ الجَمَرَاتِ. • {فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} هي أيَّامُ التَّشْرِيقِ الثّلَاثة.

204

• {وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} أي: اسْتِمْرَاره في النِّفَاقِ إشهاد لله تعالى على ما في قَلْبِهِ، وقال آخرون: إن المعنى: أنْ يُقْسِمَ ويَحْلِفَ أنَّهُ مُؤْمِنٌ، والمَعْنَيَانِ حَقّ. • {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} شديد الخصومة، وقيل: إذا خاصَمْتَهُ وجَدْتَ فيه مِنَ اللَّدَدِ والصُّعُوبَةِ والتَّعَصُّبِ مَا يَتَرَتَّب على ذلك ما هو من مقابح الصفات، ليس كأخلاق المؤمنين الذين جعلوا السُّهُولَة مَرْكَبَهُم، والانقياد للحق وظيفتهم، والسماحة سجيتهم.

207

• {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ} يشري: أي يبيع؛ لأن شَرَى بمعنى باع، فإذا حذفت التاء فهي للبائع المعطي، أما اشْتَرَى فهو بمعنى ابْتَاعَ، فإذا وجدت التاء فهي للمشتري الآخذ. قال بعضهم: إن المقصود هو «صهيب الرومي» لمَّا ترك للكفار كل ما يملك حتى يهاجر، وقال أكثر المفسرين: بل هي عامة لكل المؤمنين المجاهدين في سبيل الله.

208

• {السِّلْمِ} بِكَسْرِ السِّينِ أو فَتْحِهَا، والمراد أحكام الإسلام وشرائعه. • {كَآفَّةً} حال من السلم؛ أي: ادخلوا في الإسلام جميعه ولا تدعوا شيئًا من شعائره. • {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} لا تَتَّبِعُوا وَسَاوِسَهُ، وَلَا تَسْلُكُوا طَرِيقَهُ، وما يدعوكم إليه مِنَ المَعْصِيَةِ وما يُزَيِّنُهُ لَكُمْ مِنَ الشَّرِّ، والخطوات جمع خُطْوَة: وهي مَا بَيْنَ القَدَمَيْنِ. • {عَدُوٌّ مُّبِينٌ} ظَاهِرُ العَدَاوَةِ.

209

• {فَإِن زَلَلْتُمْ} أي: عَدَلْتُم، أو: مِلْتِمْ، والمعنى متقارب؛ لأن العادل عن الشيء زَالٌّ عنه.

210

• {هَلْ يَنظُرُونَ} أي: ما يَنْتَظِرُ التَّارِكُونَ الدُّخُولَ فِي الإِسْلَامِ؟ • {إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ} أي يأتيهم الله نفسه. • {فِي ظُلَلٍ} جمع ظُلَّة، وهي مَا أظلَّكَ. • {مِنَ الْغَمَامِ} السَّحَاب الرَّقِيقُ الأبْيَضُ، وسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأنَّهُ يَغمّ؛ أي: يَسْتُرُ.

211

• {شَدِيدُ الْعِقَابِ} أي: قويُّ الجَزَاءِ بالعُقُوبَةِ، وسُمِّيَ الجَزَاء عُقُوبَة وعقابًا؛ لأنه يقع عقب الذنب مؤاخذة به.

212

• {يَسْخَرُونَ} يحتقرون ويستهزئون. • {وَالَّذِينَ اتَّقَوا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: فَوْقَ الكُفّارِ في الدَّرَجَةِ؛ لأنَّهُمْ في الجنة والكُفَّار في النَّارِ. • {بِغَيْرِ حِسَابٍ} عطاءً كثيرًا بلا حَصْر.

213

• {أُمَّةً وَاحِدَةً} جَمَاعة واحدة تَدِين بدين وَاحِد وهو دِين الإسلام، فاختلفوا بعد ذلك وتَدَافَعُوا وتَنَازَعُوا والْتَبَسَ الحَقُّ عَلَيْهِمْ. • {مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} البشَارَةُ لمنِ امْتَثَلَ وَأَطَاعَ، والإِنْذَارُ عَنِ الوُقُوعِ في المخَالَفَةِ. • {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} والظَّاهِرُ أن كل الرسل معهم كتب، وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بعض الرسل مَعهم كتب، والظاهر أن كل رسول معه كتاب. • {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} مَفْعُول لأجله عَامِلُهُ اختلف، والبَغْيُ هو العُدْوَانُ، فالَّذِينَ اخْتَلَفُوا في مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْيَهُودِ والنَّصَارَى كَان اخْتِلَافُهُمْ بَغْيًا وعُدْوَانًا.

214

• {أَمْ حَسِبْتُمْ} هَلْ ظَنَنْتُمْ، والخِطَابُ لمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ومَنْ مَعَهُ مِنَ المؤمنين. • {وَزُلْزِلُوا} الزَّلْزَلة هنا ليست زَلْزَلَةَ الأرض، وإنما المرَاد زَلْزَلَة القلوب بالمخاوف والقَلْقِ والشُّبُهَات والشَّهَوَاتِ، والإصابات في المال وفي البدن وفي النفس. • {مَتَى نَصْرُ اللهِ} أي: بلغ بهم الهَمّ والبَلَاءُ واسْتَبْطَؤوا النَّصْرَ، ولم يَبْقَ لهم صبرٌ حتى قالوا: (متى نصر الله؟) أي: طَلَبُوا النَّصْرَ وَدَعُوا به.

216

• {الْقِتَالُ} مصدر قاتل، والمراد: قِتَالُ الكُفَّار أعْدَاء الله. • {وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} مصدر بمعنى اسم المفعول، يعني: وهو مكروه لكم. • {عَسَى أَن تَكْرَهُوا} (عسى) تأتي لأربعة معان: للرجاء، والإشفاق، والتوقع، والتعليل. والظاهر أنها للتوقع أو للترجية بمعنى أن الله يريد من المخاطب أن يرجو هذا، أما الترجِّي فإن اللهَ لا يَتَرَجَّى؛ لأن كل شيء عنده هين.

217

• {قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} يعني: أن القتال في الأشهر الحرم من كبائر الذنوب، وأكثر أهل العلم على أن هذا الحكم منسوخ، والأول أظْهَر، وقد بيَّنَ الله أن الذين اعترضوا على القتال في الأشهر الحُرُم قد فعلوا ما هو أشْنَعُ من ذلك: الصدُّ عن سبيل الله، والكفر به، والمسجد الحرام، وإخراج أهله. • {وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ} يجوز أن تكون من الفعل اللازم، أي: صدهم أنفسهم عن سبيل الله، ويجوز أن تكون من المُتَعَدِّي؛ أي: صَدّهم غيرهم عن سبيل الله، وكلا الأمرين حاصل من هؤلاء المشركين. • {وَكُفْرٌ بِهِ} أي: بالله. • {وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ} إذا كان معطوفًا على الضمير «به» فالمعنى فالكفر بالمسجد الحرام عدم احترامه، وإن كان معطوفًا على قوله: «عن سبيل الله» فالمعنى: وصد عن المسجد الحرام. • {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} أي: إخراج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الذين هاجروا إلى المدينة. • {أَكْبَرُ عِندَ اللهِ} أي: أعظم إثمًا وجرمًا. • {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} الصدُّ عن سبيل الله ومنع المؤمنين، وإيذاؤهم.

219

• {وَالمَيْسِرِ} القمار، وضابطه: أن يكون فيه بين غانم أو غارم. • {كَبِيرٌ} أي في الكيفية، وفي قراءة: كثير؛ أي: في الكمية.

220

• {إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} أي مداخلتهم على وَجْهِ الإصْلَاحِ لهُمْ ولأموالهم خيرٌ من مُجَانَبَتِهِمْ. • {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} تعاشروهم في الطعام والخدمة والسُّكْنَى. • {فَإِخْوَانُكُمْ} إِخْوَانُكُمْ في الدِّينِ، ومن حق الأخ أن يخالِطَ أخَاهُ ويعينه. • {لأعْنَتَكُمْ} أي: لَشَقَّ عليكم فيما يشرعه لكم، ومن ذلك أن يَشقّ عليكم في أمر اليَتَامَى بأن لا تخالطوهم، وأن تقدِّرُوا غِذَاءَهُمْ تَقْدِيرًا بالغًا.

221

• {تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ} تتزوجوا الوَثَنِيَّات والكافِرَات اللاتِي جَعَلْنَ مع الله إلهًا آخر. • {وَلأَمَةٌ} رَقِيقة مَمْلُوكة. • {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ} يوضِّحُ لهُمْ أحْكَامَ شَرْعِهِ وأَدِلّة دِينِهِ.

222

• {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ} أي: سؤالهم عن المحيض: هل تكون المرأة بحالها بعد الحَيْضِ، كما كانت قبل ذلك، أم تجتنب مطلقًا كما يفعل اليهود؟ • {أَذًى} ضرر يضر المُجَامع في أيامه. • {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي المَحِيضِ} اتركوا جِمَاعَهُنَّ أيام الحيض. • {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} اغْتَسَلْنَ عند الجمهور، وعند الحنفية: أن ينقطع الحيض عنهن. • {فَأْتُوهُنَّ} الأمر فيه لِرَفْعِ الحَظْرِ، ومَنْ قَالَ بأنه للوجُوبِ فَضَعِيف.

223

• {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} يريد مَكَانَ إِنْجَابِ الأولاد، فَشَبَّهَ النساء بالحَرْثِ؛ لأن الأرْضَ إذا حُرِثَتْ أنْبَتَتِ الزَّرْعَ، والمَرْأَة إذا وُطِئَتْ أنْبَتَتِ الوَلَدَ بِإِذْنِ اللهِ. • {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} إِذْنٌ بِجِمَاعِ المَرْأة مُقْبِلَة أو مدبرة إذا كان ذلك في القُبُلِ الذي هو مَنْبَتُ الزَّرْعِ وهي طَاهِرَة من الحَيْضِ والنِّفَاسِ. • {وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ} أي: الطَّاعَات والعَمَلَ الصَّالِحَ، ومن ذلك أن يباشر الرجُلُ امْرَأَتَهُ ويُجَامِعُهَا على وَجْهِ القُرْبَة والاحْتِسَاب، وعلى رَجَاء تَحْصِيلِ الذّرِّيَّة الذين يَنْفَعُ اللهُ بِهِمْ.

224

• {وَلاَ تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} أي: لا تُصَيِّرُوا الحَلِفَ بِاللهِ مُعْتَرِضًا بَيْنَكُم وَبَيْنَ البِرِّ والتَّقْوَى والإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ.

225

• {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ} أي: لا يؤاخذكم بالعُقُوبَةِ، ولا بإلْزَامِ الكَفَّارَةِ. • {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} أي: نَوَيْتُمْ عَقْدَهُ كما قال: «عقدتم الأيمان» فالقُلُوبُ لها كَسْبٌ، كما أن للجوارح كسبًا.

226

• {يُؤْلُونَ} يحلفون على تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَاتِهِم.

227

• {الطَّلاَقَ} فَكّ رَابِطَة الزَّوْجِيَّةِ بقوله: هي طالق، أو مطلقة، أو طَلَّقْتُكِ.

228

• {يَتَرَبَّصْنَ} يَنْتَظِرْنَ في العدة ويحبسن أنفسهن من الزواج، ومِن المُفَسِّرينَ مَنْ ذَهَبَ إلى أن «بأنفسهن» توكيد زيدت فيه الباء. • {وَبُعُولَتُهُنَّ} أي: أزْوَاجهُنَّ، وقد يكون: إنه باعتبار ما كان، كما في قوله: «وآتوا اليتامى» أي: بعد البلوغ، وإنما اليتيم باعتبار ما كان. • {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} أي: حُقُوق الرجال أكثر من حقوق النساء، فعقل الرجل أكمل كما في شهادته، ودينُهُ أكْمَل فَإِنَّ المَرْأَةَ إذا حاضت لم تُصَلِّ، والولاية للرجال دون النساء، والزوج هو الذي ينفق، وفي الميراث للذَّكَرِ مثل حَظِّ الأُنثيين.

229

• {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} أي: الطلاق الذي فيه رجعة، وأما الثالثة فليس له رجعة.

230

• {فَإِن طَلَّقَهَا} أي: في المرة الثالثة. • {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} أي: نكاحًا صحيحًا ويَطَؤُهَا؛ لأن النكاح الشرعي لا يكون إلا صحيحًا، ويدخل فيه الوَطْءُ. • {فَإِن طَلَّقَهَا} أي: الزَّوْجُ الثَّاني، وظاهر الآية أنها تحل بمجرد عَقْدِ الثاني عليها، لكن السُّنَّة بينت أنه لا بد من الوطء.

231

• {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قيل: المراد: قَارَبَ بلوغ أجلهن؛ لأن العدة إذا انْتَهَتْ فَلَا إِمْسَاكَ، والقول الثاني: بلوغ الأجَلِ حَقِيقَةً بِطُهْرِهَا مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ حَتَّى تَغْتَسِلَ، فإذا اغْتَسَلَتْ فَقَدِ انْتَهَتِ العدة، وهذا هو المذهبُ لِظَاهِرِ الآية، أما الآخَرون فأوَّلُوا الآية بما قَارَبَ بلوغَ الأجَلِ، وقوله: «فأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» أي: رُدُّوهُنَّ إلى عِصْمَتِكُم. • {لتَعْتَدُوا} اللام لِلْعَاقِبَةِ، والمعنى: لِتَقَعُوا فِي الاعْتِدَاءِ. • {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} عَبَّرَ الله عن الإضرار بالزَّوْجَةِ وَإِمْسَاكِهَا بقوله تعالى: {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}؛ لأَنّ مَنْ ظَلَمَ غَيْرَه بِعُدْوَان فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ في الحَقِيقَةِ، ويُؤْخَذ من حَسَنَاتِهِ. • {الْحِكْمَةِ} السنَّة.

232

• {أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} أي: الخاطبين لهن، وعبَّرَ عنهم بالأزواج باعتبار ما سَيَكون، فالخِطَاب للأولياء، وقيل: الخِطَاب للأزواج وكانوا في الجاهلية إذا طَلّقَ أحَدُهُم مَنَعَهَا أن تتزوج من غيره. • {ذَلِكَ} المُشَار إليه ما سبق من الأحكام.

233

• {حَوْلَيْنِ} عَامَيْن. • {وَعلَى المَوْلُودِ لَهُ} أي: على الزَّوْجِ أو عَلَى السَّيِّد، أو الوَاطِئ بِشُبْهَةٍ. • {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} أي: لا يَحِلُّ أن تُؤْذَى أمُّ الوَلَد بمنعها من إرضاع وَلَدِهَا أو بمنعها الأَجْر على إِرْضَاعِهِ هذا في حَالِ طَلَاقِهَا أو مَوْتِ زَوْجِهَا. • {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} المُشَارُ إِلَيْهِ الرِّزْق والكِسْوَة، يعني أن على وارث المولود له مثل ما على أَبِيهِ مِنَ النَّفَقَةِ والْكِسْوَةِ. • {فِصَالًا} الفِطَام قَبْلَ الحَوْلَيْنِ، يكون برضاء الوالِدَةِ والوَالِدِ.

234

• {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} أي: وَعَشْر ليال، والمراد: عَشْرَة أيَّام لكن يُعَبَّرُ عن الأيام باللّيَالِي. • {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} الضَّمِيرُ يَعُودُ على الأزْوَاجِ المُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ، و «أجلهن» أي: مُدَّةُ العِدَّةِ.

235

• {فِيمَا عَرَّضْتُم} التَّعْرِيضُ: أَنْ يَأْتِيَ بِكَلَامٍ لَا يُصَرّح فِيهِ. • {وَلَكِن لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} ذكر كثير من المفسرين أن «السِّرّ» من أسماء النِّكاح؛ لأنه يقع بين الرجل وامرأته سرًّا، فالمَعْنَى: لا تواعِدُوهُنَّ وَعْدًا سِرًّا فيما بينكم، وإذا نُهِيَ أن يواعدها سِرًّا بالنكاح فالعَلَانِيَة أوْلَى بِالمَنْعِ. • {إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا} أي: لكِنْ قولوا، فالاستثناء مُنْقَطِعٌ. • {حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} أي: العِدَّة.

236

• {لاَّ جُنَاحَ} الإثم المترتب على المعصية. • {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ} أي: قَبْلَ الجِمَاعِ. • {أَوْ تَفْرِضُوا لهُنَّ فَرِيضَةً} قبل تَسْمِيَة المهر، أي: لا مانع أن تجمعوا بين الأمرين: بين ألا تَفْرِضُوا لهن فريضة، وبين ألَّا تَمَسّوهن، فلا جناح عليكم إذا طلقتم المرأة بعد العقد بدون مَسِيس وبدون تَسْمِيَةِ مَهْرٍ. • {وَمَتِّعُوهُنَّ} أي: إذا طلقتموهن قبل الجماع وقبل تسمية المَهْرِ، والمتعة في هذه الحال واجبة عند الجمهور، وقال مالك: هي مستحبة، والمتعة أن يعطي المرأة شيئًا من الزَّادِ واللباس وغير ذلك، وظاهر الآية أن العِبْرَةَ بِعَدَمِ المَسِّ، ومنهم من جعل الخلوة كالجِمَاعِ. • {عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ} الوسع في المال وقدره: ما يقدر عليه ويستطيعه. • {المُقْتِرِ} الضيق العيش.

237

• {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} أي: النساء المطلقات. • {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} المراد به الزوج، وقِيلَ: وليُّ المَرْأَةِ، والأوَّلُ أوْلَى.

238

• {والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} أي الفُضْلَى، وهي صلاة العصر. • {قَانِتِينَ} خاشعين.

240

• {الحَوْلِ} العام. • {فَإِنْ خَرَجْنَ} من بيت الزوج المتوفى قَبْلَ نهَايَة السنة. • {فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ} مثل التزين والنكاح.

241

• {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} «أل» من ألفاظ العموم، فيشمل كل المطلقات، ويُسْتَثْنَى من ذلك المرأة التي طلقت بعد الدخول، وبعد المسيس، واختار «شيخ الإسلام»: أن من طلقت بعد الدخول فلها المتعة مطلقًا. • {حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ} المؤمنين الذين يتقون الشرك والمعاصي.

243

• {أَلَمْ تَرَ} أي رؤية فكر لا رؤية نظر. • {خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ} لم يبينهم الله عز وجل، فقيل: إنهم من بني إسرائيل، وقيل أنهم من غيرهم. • {حَذَرَ المَوْتِ} من الوباء، عند أكثر المفسرين، وقيل: حذر الموت بالقتل. • {مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} ثُمَّ للتَّرَاخِي، ففيه دلالة على أن الله أحياهم بعد مدة إما بدعوة نبي أو بسبب آخر ليُرِيَ العبادَ آياتهِ، وفي الآية إيجاز الحذف، والتقدير: فماتوا ثم أحياهم.

245

• {يُقْرِضُ اللهَ} المراد بالقرض الحسن: هو ما جمع أوصاف الحسن، من النية الصالحة، وسَمَاحَةِ النَّفْسِ بالنَّفَقَةِ ووقوعها في مَحَلِّهَا، وأن لا يُتْبِعُها المنفق منًّا ولا أذًى ولا مُبْطِلًا ولا مُنْقِصًا.

246

• {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لهُمُ} أبهم الله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كان منه فائدة لذكره لنا. • {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا} فيه دلالة على أن النبوة أعلى من مرتبة الملك؛ لأنهم خاطبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي لهم بالملك. • {وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا} والإنسان إذا أُخْرِج من داره وبنيه فلا بد أن يقاتل لتحرير البلاد.

248

• {التَّابُوتُ} شيءٌ من الخَشَبِ يشبه الصندوق، ينزل، ويَصْطَحِبُونَه معهم، وفيه السكينة، يعني أنه كالشيء الذي يسكنهم. • {وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} هذا التابوت كان مفقودًا، وجاء به طالوت وفيه مما تَرَكَ آلُ مُوسَى وهَارُون من العِلْمِ والحِكْمَةِ، فإذا اصْطَحَبَ بَنُو إسرائيل التابوت أتَتْهُم السكينة، وفي هذا دليل على أن للسكينة تأثيرًا على القلوب.

249

• {مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ} هذا الابتلاء ليعلم من يصبر على الجهاد.

250

• {وَلمَّا بَرَزُوا} يعني طالوت وجنوده المؤمنين، ومعنى برزوا: صاروا بالبَرَازِ من الأرض، وهو ما ظهر منها واستوى.

251

• {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} من علوم الدين والدنيا، فكان يصنع الدروع ويبيعها، وكان لا يأكل إلا من عمل يده، وعلَّمَهُ منطق الطير، وعلَّمَهُ الزبور وسياسة المُلك وضبطه. • {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} هم الذين يباشرون أسباب الشر والفساد والطغيان. • {لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} وذلك بغلبة أهل الشرك على أهل التوحيد، وأهل الكفر على أهل الإيمان.

253

• {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} جعل لبعضهم من مزايا الكمال فوق ما جعله للآخر. • {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} أي بجبريل، وسمي بروح القدس؛ لأن الوحي يسمى روحًا، والقدس أي ما معه من العلم المُطَهَّر.

254

• {خُلَّةٌ} الخُلَّة: هي أعلى المحبة.

255

• {الحَيُّ} الذي جمع معاني الحياة الكاملة، من السمع والبصر، والقدرة والإرادة وغيرها، والصفات الذاتية. • {الْقَيُّومُ} تدخل فيه جميع صفات الأفعال؛ لأنه القيوم الذي قام بنفسه واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقام بجميع الموجودات، فأوجدها وأبقاها، وأَمَدَّهَا بجميع ما تحتاج إليه في وجودها وبقائها. • {سِنَةٌ} النعاس. • {وَلاَ نَوْمٌ} لأن السِّنَةَ والنوم إنما يعرضان للمخلوق الذي يعتريه الضعف والعجز والانحلال، ولا يعرضان لذي العظمة والكبرياء والجلال. • {كُرْسِيُّهُ} الكرسيُّ: موضع القدمين، ولا يعلم كنهه إلا الله تعالى. • {يَؤُودُهُ} يثقله ويشق عليه. • {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} أي: العلي بعظمته وصفاته، الذي قَهَرَ المخلوقات، ودَانَتْ له الموجودات، وخضعت له الصعاب، وذلَّتْ له الرِّقَاب. والعَظِيم: الجامع لجميع صفات العظمة والكبرياء والمجد والبَهَاءِ، الذي تحبُّه القلوب وتعظِّمُه الأرواح.

256

• {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} لا يُكْرَهُ المرء على الدخول في الدين، وإنما يعتنقه بإرادته واختياره. • {الرُّشْدُ} الإيمان. • {الْغَيِّ} الكفر. • {الطَّاغُوتِ} كل ما صَرَفَ عن عبادة الله تعالى من إنسان أو شيطان أو غيرهما. • {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} أي: مَنْ يؤمن بالله ويكفر بالطاغوت فقد استمسك بالعروة الوثقى، وفي هذا دليل على تَفَاضُلِ الأعمال؛ لأن الوثقى اسم تفضيل. • {لاَ انفِصَامَ لَهَا} لا تَنْفَكّ ولا تَنْحَلّ بحال من الأحوال.

258

• {حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ} أي جادله وناظره. • {أَنْ آتَاهُ اللهُ المُلْكَ} أي: حَاجَّ إبراهيم لكونه أُعْطِيَ مُلكًا، وقد ذكروا أن اسمه «نمرود بن كنعان» لكن القرآن أبهمه. • {فَبُهِتَ} تَحَيَّرَ وانْدَهَشَ.

259

• {عَلَى قَرْيَةٍ} اختلف المفسرون في تعيين القرية، وهي من مبهمات القرآن. • {خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} فارغة من سكانها، ساقطة على مبانيها. • {لَمْ يَتَسَنَّهْ} لم يتغير. • {نُنشِزُهَا} نُرَكِّبُ بعضها على بعض، من النشز وهو الارتفاع، فرَكَّبَ العظم على العظم الثاني في مكانه حتى صار الحمار عظامًا، ثم كساه الله لحمًا.

260

• {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى} أي: اجعلني أنظر وأرى بعيني، والسؤال عن الكيفية لا عن الإمكان؛ لأن إبراهيم لم يشك في قدرة الله. • {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن} هذا الاستفهام للتقرير وليس للإنكار. • {فَصُرْهُنَّ} بكسر الصاد مِنْ صَار يصير، وبالضم من صار يصُورُ؛ أي: أمِلْهن إليك، والصور: الميل، فصرهن؛ أي: أمِلْهُنَّ واضْمُمْهُنَّ إليك.

261

• {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} أي: حبة بذرها إنسان فأنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ. • {فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ} فتكون الجميع سبعمائة، فالحسنة إذًا في الإنفاق في سبيل الله بسبعمائة، والله يضاعف لمن يشاء.

263

• {وَمَغْفِرَةٌ} أي: مغفرة الإنسان لمن أساء إليه.

264

• {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} أي: الحَجَرُ الأملس. • {وَابِلٌ} أي: مَطَرٌ شَدِيد الوَقْعِ، شديد التتابع، فإذا أصاب المطر ترابًا على صفوان فسوف يزول التراب. • {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} أمْلَسَ لَيْسَ عليه شيء من التراب. • {لَا يَقْدِرُونَ} يعجزون عن الانتفاع بشيء من صدقاتهم الباطلة.

265

• {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} بُسْتَان في أرض مستوية جَيِّدَة طَيِّبَة. • {أَصَابَهَا وَابِلٌ} مَطَرٌ كَثِير. • {فَطَلٌّ} الطَّلّ: هو الرَّذَاذُ، وقيل: هو اللين من المَطَرِ، أي: هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبدًا؛ لأنها إن لم يصبها وابل فطل، وأيًّا كان فهو كفايتها، وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبدًا، بل يَتَقَبَّلُهُ الله ويكثره وينمِّيهِ، كل عامل بحسبه، ولهذا قال: {وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، أي: لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء. واعلم أنَّ المنَّ والأذى بالصدقة يبطل ثوابها، فللصدقة شروط سابقة كالإخلاص لله، وشروط لاحقة كَتَرْكِ المَنِّ والأَذَى.

266

• {أَصَابَهُ الْكِبَرُ} أصاب صاحب الجنة الكِبَر، فعجز عن تصريفها والقيام عليها، وله ذرية ضعفاء؛ يعني: صغارًا أو عاجزين، فالأب كبير والذرية ضعفاء. • {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} أي: أصاب الجنة إعصار؛ أي: ريح شديدة فيها نار؛ أي: حرارة شديدة فاحترقت الجنة، وهذا مثل ضربه الله للمنفق المانِّ بنفقته.

267

• {طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} أي: من خيار ما كسبتم وجيِّده، وفيه دليل على إباحة الكسب، وأنه ينقسم إلي طيب وخبيث، والمراد من هذا الإنفاق الزكاة، وقيل الصدقة. • {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِنَ الأَرْضِ} ظاهر الآية وجوب الزكاة في الخارج من الأرض مطلقًا، لكن السنة بَيَّنَتْ أنَّه لا زَكَاةَ إلا فيما يُوسَقُ ويُكَالُ، فَلَا زَكَاةَ فِي الخضْرَوَات. • {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} أي: لا تقصدوا الخبيث منه فتنفقونه. • {وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ} أي: لستم بآخذي الرديء بدلًا عن الجيد لو كان الحق لكم. • {إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ} أي: تأخذوه عن إغْمَاض، والإغْمَاضُ أخْذُ الشَّيْء على كراهيته كأنه أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ كَرَاهِيَة أن يراه.

268

• {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} أي: يُهَدِّدُكُمْ بالفقر إذا تَصَدَّقْتُمْ، ويقول للرجل: أمْسِكْ عَلَيْكَ مَالَكَ فَإِنَّكَ إِنْ تَصَدَّقْتَ افتَقَرْتَ. • {وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء} أي: البخل، وإنما فُسِّرَ بالبخل؛ لأن فحش كل شيء بحسب القرينة والسياق.

272

• {وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللهِ} يعني: لا تنفقون إنفاقًا ينفعكم إلا ما ابتغيتم به وجه الله.

273

• {أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} أي: منع الفقراء من الخروج من ديارهم في سبيل الله أي: في شريعته. • {لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ} أي: لا يَقْدِرُونَ عَلَى السَّفَرِ لِقِلَّة ذَاتِ اليَدِ أوْ لأي سَبَبٍ آخر. • {مِنَ التَّعَفُّفِ} بسبب تعفُّفِهِمْ عن السؤال، والتَّعَفُّفُ من العِفَّةِ وهي تَرْكُ الشَّيْءِ والكَفُّ عنه. • {تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ} أي: تَعْرِفُ أحْوَالَهم بَعَلَامَتِهِمْ، وهي صُفْرَةُ ألْوَانِهِمْ من الجُوعِ وَرَثَاثَةُ ثِيَابِهِمْ مِنَ الضُّر. • {إِلحَافًا} إذا نظرنا إلى اللفظ كان معناه لا يُلِحُّونَ في المسألة، وإذا نظرنا إلى السياق نُرَجِّحُ أنَّهم لا يسألون مطلقًا، فيكون النَّفْيُ لِلْقَيْدِ وهو الإلحَافُ والمقَيَّد وهو السؤال، فلا يسألون مطلقًا.

275

• {يَأْكُلُونَ الرِّبَا} يأخذونه ويتصرفون فيه بالأكل في بطونهم، وبغير الأكل، والربا هنا ربا النسيئة، وحقيقته: أن يكون لك على المرء دين فإذا حلَّ أجله ولم يقدر على تسديده تقول له: أَخِّرْ وزِدْ، فتؤخره أجلًا وتزيد في رأس المال قدرًا معينًا. • {لاَ يَقُومُونَ} من قبورهم يوم القيامة. • {إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ} ذهب الأكثر إلى أن هذا القيام يكون من قبورهم يوم القيامة فيقوم كالمصْرُوعِ الذي يَتَخَبَّطُه الشيطان، والتخبُّطُ هو الضَّرب العشوائي، والقول الثاني: إن هذا القِيَام في الدنيا؛ حيث شَبَّهَ سبحانه تصرفاتهم العشوائية الجنونية حين طلبهم الربا بحال المصروع الذي لا يعرف كيف يتصرف، ولم يختلفوا أن الشيطان يتخبط الإنسان ويصرعه في الدنيا خلافًا للمعتزلة. • {مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ} تَذْكِير وتَخْوِيف. • {فَلَهُ مَا سَلَفَ} أي: ما مَضَى، وذَنْبُهُ قبل النهي مغفور له. • {وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ} فيما يأمره ويَنْهَاه ويحل له ويحرم عليه.

276

• {يَمْحَقُ اللهُ الْرِّبَا} أي يُتْلِفُ مال المرابي حسيًّا بالإتلاف، أو مَعْنَوِيًّا بِنَزْعِ البَرَكَةِ. • {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} أي: يزيدها الحَسَنَة بِعَشْرةِ أمثالها إلى سَبْعِمِائَةِ ضَعْفٍ إلى أضعاف كثيرة، فالله يربي الصدقات؛ أي: يزيدها إمَّا زِيَادَة حِسِّيَّةً بأن ينفق عشرة فيخلف عليه عشرين، وإما بالزِّيَادَةِ المَعْنَوِيَّةِ بأن ينزل الله البَرَكَةَ في مَالِهِ. • {كَفَّارٍ أَثِيمٍ} كُلّ مُصِرٍّ على كُفْرِهِ مُتَمَادٍ في الإِثْمِ.

279

• {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا} يعني: فإن لم تتركوا ما بَقِيَ من الرِّبَا بعد تَحْرِيمِهِ. • {فَأْذَنُوا} فَأَعْلِنُوا. • {بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} هذا من أعْظَمِ مَا يَدُلّ على شَنَاعة الرِّبا؛ حيث جعل المصرَّ عليه محاربًا لله ورسُولِه. • {وَإِن تُبْتُمْ} من المعاملات الربوية.

280

• {ذُو عُسْرَةٍ} العُسْرُ نَقِيض اليُسْرِ: وهو تَعَذّر وِجْدَان المال، والمقصود: إن كان الذي عليه الحق من غُرَمَائِكُمْ مُعْسِرًا لا يجد المال. • {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} أي عليكم إِنْظَارُهُ إلى زَمَنِ اليَسَارِ وهو وجدان المال الذي يُؤَدِّيهِ في دَيْنِه. • {وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} بالإِبْرَاءِ وإِسْقَاطِ الدَّيْنِ عَنِ المَدِينِينَ المُعْسِرِين خير من مطالبته في الحَال، وخَيْر من إنظاره إلى أَجَلٍ.

282

• {إِذَا تَدَايَنتُم} أي: دَايَنَ بعضكم بَعْضًا، والدَّينُ: ما ثَبَتَ في الذِّمَّة من ثَمَنِ بَيْعٍ أو أجْرَةٍ أو صَدَاق أو قَرْضٍ أو غَيْر ذلك. • {فَاكْتُبُوهُ} أي: الدَّيْن بأجَلِهِ؛ لأنه أدْفَعُ لِلنِّزَاعِ وأَقْطَعُ لِلْخِلَافِ. • {بِالْعَدْلِ} بلا زيادة ولا نُقْصَان ولا غِشّ ولا احْتِيال، بل بالحق والإنصاف. • {وَلاَ يَأْبَ} لا يمتنع الذي يحسن الكتابة. • {وَلْيُمْلِلِ الّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ} لأنّ الإِمْلَاءَ اعْتِرَافٌ منه بالذي عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ. • {وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} لا ينقص من الدَّينِ الذي عليه شيء وَلَوْ قَلّ. • {سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا} السَّفِيهُ: الّذِي لا يُحْسِنُ التصرفات المالية، والضعيف: العاجز عن الإمْلَاءِ؛ كالأَخْرَسِ أو الشَّيخ الهرم. • {وَلِيُّهُ} من يَلِي أمره ويَتَوَلَّى شُؤُونه لِعَجْزِهِ وقُصُورِهِ. • {من رِّجَالِكُمْ} من المسلمين الأحْرَارِ دون العبيد والكفار. • {أَن تَضِلّ إْحْدَاهُمَا} تَنْسَى أو تُخْطِئ لقصر إدراكها. • {وَلاَ تَسْأَمُوْاْ} لا تضجروا أو تَمَلّوا في الكتابة ولو كان الدين صغيرًا مَبْلَغُهُ. • {أَقْسَطُ عِندَ اللهِ} أعدل في حكم الله وشرعه. • {وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ} أَثْبَتُ لها وأكثر تقريرًا؛ لأن الكتابة لا تُنْسَى، والشهادة تُنْسَى أو يموت الشاهد أو يغيب. • {وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا} أقرب أن لا تَشُكُّوا بخلاف الشَّهَادة بدون كتابة. • {تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} أي تتعاطونها، البائع يُعْطِي البِضَاعَةَ والمُشْتَرِي يعطي النقود، فلا حَاجَة إلى كِتَابَتِهَا ولا إلى حَرَجٍ أو إِثْمٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا. • {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} إذا باع أحَدٌ أحدًا دارًا أو بستانًا أو حيوانًا يُشْهِدُ على البيع. • {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} بأن يُكَلفَ ما لا يَقْدِر عَلَيْهِ، بأن يُدْعَى ليشهد في مَكَانٍ بَعِيدٍ يَشُق عليه، أو يُطَلَب إليه أن يكتب زورًا أو يشهد به. • {فُسُوقٌ بِكُمْ} أي خروج عن طاعةِ رَبِّكُمْ.

283

• {سَفَرٍ} السفر: الخروج من الدَّارِ والبَلَدِ ظاهرًا بعيدًا بمسافة أربعة برد فأكثر. • {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} فاعْتَاضُوا عن الكتابة بالرَّهن، فلْيَضَعْ المدين رهنًا لدى الدائن. • {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} أي: فليُعْطِ الدَّيْنَ الذي عليه؛ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ الكتابة، ولم يأخذ دَائِنُهُ منه رَهْنًا على دَيْنِهِ. • {آثِمٌ قَلْبُهُ} لأنّ الكتمان من عمل القلب فنسب الإثم إلى القلب.

285

• {آمَنَ الرَّسُولُ} «أل» للعهد والمراد به محمد - صلى الله عليه وسلم - صدَّق أن هذا القرآن وجملة ما فيه من الشَّرَائع والأحكام مُنَزَّلٌ مِن عند الله عزَّ وجل.

286

• {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا} التكليف: الإلْزَام بما فيه من كُلْفَةٍ وَمَشَقَّة. • {إِلاَّ وُسْعَهَا} إلا مَا تَتَّسِع لَهُ طاقتها ويكون في قدرتها. • {لَهَا مَا كَسَبَتْ} من الخَيْرِ. • {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} مِنَ الشَّرّ. • {تُؤَاخِذْنَا} تُعَاقِبْنا. • {نَسِينَا} نسيانًا غيرَ عمد. • {أَوْ أَخْطَأْنَا} فعلنا غَيْرَ مَا أَمَرْتَنَا خَطَأً مِنَّا وبدون إرَادَةٍ ولا عَزِيمَةٍ. • {إِصْرًا}: تكليفًا شاقًّا يُثْقِلُ علينا ويأسرنا، فيحبسنا عن العمل. • {مَوْلاَنَا} مالكنا وسيدنا ومتولي أمرنا، لا مولى لنا سواك.

2

• {اللهُ} عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ المُقَدَّسَةِ، عَلَمٌ عَلَى الرَّبِّ وهوَ أَعْرَفُ المَعَارِفِ على الإطْلَاقِ، ومَعْنَاهُ: المَعْبُود حُبًّا وتَعْظِيمًا. • {الحَيُّ} «أل» للاسْتِغْرَاق؛ أي: الكَامِلُ الحَيَاةِ. • {الْقَيُّومُ} على وَزْن فَيْعُول، وهو مأخوذ من القِيام، ومعناه: القَائِمُ بِنَفْسِهِ، القَائِمُ عَلَى غَيْرِهِ، الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ، والقائم على غيره فكُلّ أحدٍ محتاجٌ إليه. وفي الجَمْعِ بَيْنَ الاسْمَيْنِ الكَرِيمَيْنِ {الحَيّ القَيّوم} استغراق لجميع ما يوصف الله به بِجَمِيعِ الكَمَالَاتِ، فَفِي «الحَيِّ» كَمَال الصِّفَاتِ، وفي «القيوم» كمال الأفْعَالِ، وفِيهِمَا جَمِيعًا كَمَالُ الذَّاتِ، فهو كامل الصِّفَاتِ والأفْعَالِ والذَّاتِ.

3

• {بِالحَقِّ} الباء يجوز أن تكون بمعنى أنه مُتَلَبِّس بالحَقِّ؛ أي: مُشْتَمِل على الحق، فهو نَازِلٌ بِحَقٍّ لا بِبَاطِلٍ، ويحتمل أن تكون مُتَعَلِّقَةً بالتَّنْزِيلِ، يعني أنه نزول حق ليس بباطل. • {مُصَدِّقًا} وتصديقه لما بَيْنَ يَدَيْهِ لَهُ وَجْهَانِ: الوجه الأول: أنه صدقها؛ لأنها أخبرت به فَوَقَع مُصَدِّقًا لها. الوجه الثاني: مصدِّقًا لما بين يديه؛ أي: حاكمًا عليها بالصدق. فهو مصدق لِمَا سَبَقَ من الكتب بالوجْهَيْنِ المذْكُورَيْنِ؛ لأنَّ الكتب أخْبَرَتْ بِهِ فَوَقَعَ، وإذا وقع صار من عند الله عز وجل، وهذا التَّصْديق لما بين يَدَيْهِ يَشْمَلُ الوَجْهَيْنِ جَميعًا، فالقرآن شَاهِدٌ بِأَنّ التَّوْرَاة حَقٌّ، والإنْجِيل حَق، والزَّبورُ حق، وصحف إبراهيم حق، وأن الله أنْزَل على رسوله كتابًا، كذلك مُصَدِّقًا للكتب التي أخبرت به، فإن الكتب السابقة أخبرت بهذا القرآن، أنه سينزل، ووصفت النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي سينزل عليه بأوصافه التي كانوا يعرفونه بها كما يعرفونَ أبناءهم. • {لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي لما سبقه؛ لأن الذي بين يديك سابق عليك؛ لأنه أمامك فهو متقدم عليك. • {وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} قال: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ}، {وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ} اختلاف التعبير يدل على اختلاف المعنى. قال أهل العلم: إن التوراة والإنجيل نزلتا دفعة واحدة بدون تَدريج بخلاف القرآن، فإنه نزل بالتدريج.

4

• {وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ} ليس المراد بالفرقان هنا القرآن، بل المراد: أنزل ما يُبَيِّن به الفرق بين الحق والباطل، وإنما قلنا ذلك لأننا لو خصصناه بالقرآن لكان في ذلك تكرار مع قوله: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ}، مع أن التوراة والإنجيل فيهما أيضًا فرقان؛ أي: فيهما تفريق بين الحق والباطل، إذن أنزل الفرقان الذي تضمنته هذه الكتب الثلاث وهي القرآن والتوراة والإنجيل.

6

• {الأَرْحَامِ} جمع رَحِم، وهو وعاء الجنين في بَطْنِ أمِّهِ.

7

• {مُحْكَمَاتٌ} أي: مُتْقَنَات في الدلالة والحكم والخَبَرِ، فأخْبَارُهَا وأحكامها مُتْقَنَةٌ معلومة ليس فيها إشكال. وقوله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يعني أن أحكامها غير معلومة، وأخْبَارُهَا غير معلومة، فصار المُحْكَم هو المُتْقَن في الدلالة سَوَاءٌ كَانَ خَبَرًا أو حُكْمًا، والمُتَشَابِهُ هو الذي دلالته غير وَاضِحَة سَوَاء كَانَ خَبَرًا أو حُكْمًا. ولهذا نجد أن بعض الآيات لا تَدُلّ دلالة صريحة على الحكم الذي اسْتُدِلَّ بها عليه، وبعض الآيات الخَبَرِيَّة أيضًا لا تدل دلالة صريحة على الخبر الذي استدل بها عليه. • {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} أي ومنه أُخَرُ متشابهات، والاشْتِبَاهُ قَدْ يَكُونُ اشْتِبَاهًا في المعنى، بحيث يكون المعنى غير واضح، أو اشتباهًا في التَّعَارُضِ، بِحَيْثُ يظن الظانّ أن القرآن يُعَارِضُ بعضُهُ بعضًا، وهذا لا يمكن أن يَكُون. • {زَيْغٌ} أي: في قلوبهم مَيْلٌ عن الحَقِّ، فهم لا يُرِيدُونَ الحَقَّ، وإنما يَتَّبِعون المتشابه. • {ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ} أي: صَدّ الناس عن دين الله؛ لأن الفِتْنَةَ بمعنى الصَّدِّ عن دين الله. • {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} أكثر السّلَفِ وقَفَ عَلَيْهَا، وابتدأ بالرَّاسِخِين فالواو للاستئناف، والمعنى أن هذا المُتَشَابِهَ لا يَعْلَمُ تَأويلَه إلا الله، والراسَّخون يقولون آمنا به، وَوَصَلَ بعض السلف فَتَكون الواو عاطفة، والمعنى أن تأويله -أي تفسير المتشابه- يَعْلُمُه الله والراسخون، أما إذا جعلنا التأويلَ بمعنى العَاقِبَةُ والحَقِيقَةُ التي يؤول إليها الكلام فيجب الوَقْفُ؛ لأنَّ حَقَائِقَ الأشياء لا يعلمها إلا الله. • {الألْبَابِ} العُقُولُ، واللّب: العقل.

8

• {لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا} أي: لا تُزِغْهَا عن الهِدَايَةِ، وسَلّطَ الفعل على القلب؛ لأن القَلْبَ عليه مَدَارُ العَمَلِ، والعَقْلُ في القَلْبِ وليس في الدِّمَاغِ. • {وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنكَ رَحْمَةً}: أي: أعْطِنا توفيقًا وتَثْبِيتًا للذي نحن عليه من الإيمان والهُدَى. • {إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} الهِبَة: العَطِيَّة الخَالِيَةُ من الأعْوَاضِ والأَعْرَاضِ، والوَهَّاب في صِفَةِ الله تَعَالَى: يُعْطِي كل أحَدٍ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِ.

11

• {كَدَأْبِ} والدَّأب: يطلق على الشَّأْنِ مثل هذه الآية، أي: كَشَأْن، ويطلق على العادة، فإذا قلت: فلان هذا دَأبه؛ أي: هذه عادته. • {آلِ فِرْعَوْنَ} أي: أَتْبَاعه، وفرعون: اسْم عَلَم لكل من مَلَكَ مِصَر كافرًا، كَمَا أنَّ كُلَّ من ملك الروم يسمى قيصرًا، ومن ملك الفُرْسَ يسمى كِسْرَى. • {وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} وكان قبل آل فرعون أممٌ، مثل: قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، ثم بيَّنَ الله شأن آل فرعون والذين من قبلهم. • {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} الشَّرْعِيَّة والكونية، وأكثر ما يَكُونُ أَنْ يُكَذِّبُوا بالآيَاتِ الشَّرْعِيَّة؛ لأن الآيَاتِ الْكَوْنِيَّة قلَّ مَنْ يُكَذِّبُ بِهَا. فالآيات الكونية مَخْلُوقَات الله، وَقَلّ من يُنْكِر أن يكون الخالق هو الله، ولكن الآيات الشرعية التي هي الوَحْي الذي جَاءَتْ به الرُّسُل هي التي يقع فيها التكذيب، فآل فرعون كذبوا بآيات الله. • {فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ} عَجَّلَ لهم في العقوبة الدُّنْيَوِيَّة مُتَّصِلَةً بالعقوبة الأخروية.

13

• {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ} عِبْرَة ودلالة على صِدْقِ مَا أقول: «إنَّكُم سَتُغْلَبُونَ» • {فِئَتَيْنِ} فَرِيقَيْنِ الْتَقَيَا يَوْمَ بَدْرٍ. • {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ} وهم الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وكانوا ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلًا؛ سبعة وسبعون رجلًا من المهاجرين، ومائتان وستة وثلاثون رجلًا من الأنصار. • {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} وهم مُشْرِكُو مكة، وكانوا تسعمائة وخمسين رجلًا. • {يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ} أي: يرى المسلمون المشركين مِثْلَيْهِم، أي أن الله تعالى قلَّلَ المشركين في أعين المسلمين حتى اجترؤوا عليهم فَصَبَرُوا على قِتَالِهمْ. • {لِأُوْلِي الأَبْصَارِ} لذوي العقول والبصائر.

14

• {زُيِّنَ لِلنَّاسِ} المُزَيِّنُ هو الله تعالى؛ لأنه خَلَقَ جَمِيعَ مَا في الدنيا وأَبَاحَهَا لِعَبِيدِهِ، وإباحتها للعبيد تزين لها. • {حُبُّ الشَّهَوَاتِ} ولم يقل: حب النساء، أو حُبّ البنين، أو حُبّ القناطير المقنطرة، بل قال: حب الشهوات من هذه الأشياء، فسلّط الحب على الشهوات، لا على هذه الأشياء؛ لأن هذه الأشياء حُبُّهَا قد يكون محمودًا. • {مِنَ النِّسَاء} ولم يقل حب النساء، يعني: أن يتزوج الإنسان المرأة لمجرَّدِ الشهوة، لا لأمر آخر؛ لأن تزيين حب النِّساء إذا كان لغير مجرد الشهوة قد يُحْمَدُ عليه الإنسان، لكن إذا كان لمجرَّدِ الشَّهْوة فهذا من الفتنة. • {وَالْبَنِينَ} يُحِبُّ البنين لا ليكونوا عونًا له على طاعة الله، ولكن لِيَفْتَخِرَ بهم، ولا شَكَّ أن كثيرًا من الناس زُيِّنَ لهم حُبُّ البنين شهوةً، ولكن شهوة الفخر والشرف. • {الْقَنَاطِيرِ} جمع قنطار، قيل: المراد به ألف مِثْقَالٍ ذَهبًا، فإذا صارت قناطير تكون آلافًا. • {المُقَنطَرَةِ} أي: المعتنى بها، وقيل: إن القِنْطَار ما يَمْلأ مسك الثور -يعني: جلد الثور- من الذَّهَبِ، وهذا أكثر من ألف مثقال، وقد ذكر الله تعالى هذه المبالغ من الذَّهَبِ والفِضَّة؛ لأنه كلما كثر المال في الغالب افْتَتَنَ به الإنسان، فإذا كانت قناطير مقنطرة من الذهب صارت الفتنة بها أَشَدّ. • {وَالخَيْلِ} وسُمِّيَتْ خَيْلًا؛ لأن صَاحِبَها غالبا يُبْتَلَى بالخيلاء؛ لأنَّها أفخر المراكب، فالرَّاكِبُ لها يكون في قلبه خُيَلَاء، أو لأنها هي تختال في مشيتها، ولهذا ترى الخيل عند مشيتها ليست كغيرها، تَشْعُرُ بأنّ فيها ترفعًا واختيالًا، وأصحابها لا شك أنهم يرون أنفسهم فوق الناس؛ لأنها أفْخَرُ المرَاكِب في ذلك الوقت وإلى الآن. • {المُسَوَّمَةِ} قيل: معنى المُسَوَّمَة هي التي تسوم، أي: تُطْلَق لترعى، وقيل: المسومة: المُعَلَّمَةُ التي جُعِلَ عليها أعلام للزينة والفخر، مثل أن يجعل عليها ريش النعام أو أشياء أخرى تحسنها. • {مَتَاعُ} أي: المتعة التي يَتَمَتَّع بها الناس في الحياة الدنيا، وغايتها الزوال، فإما أن تزول عنها، وإما أن تزول عنك. • {الدُّنْيَا} مؤنث أدْنَى، ووصفت بهذا الوصف لِدُنُوِّ مَرْتَبَتِهَا بالنسبة للآخرة، فليست بشيء بالنسبة للآخرة.

15

• {أَؤُنَبِّئُكُم} أخْبِرُكُمْ نَبَأً عظيمًا؛ لأن النبأ لا يكون إلا بالأمر العظيم. • {بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ}: أي المذكورين في الآية السابقة من النساء والبنين ... إلخ. • {أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} زَوْجات هي الحور العين، نقيِّاتٌ من دمِ الحيض والبول وكل أذًى وقذر. • {وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} عالِمٌ بمن يؤثر ما عنده ممن يؤثر شهوات الدنيا، فيُجَازِي كُلّا على عَمَلِهِ.

17

• {الصَّابِرِينَ} على أداء الواجبات، وعن المُحَرَّمَاتِ والمنْهِيَّات في البأساء والضراء وحين البأس. • {الصَّادِقِينَ} في إيمانهم وأقوالهم وأعمالهم. • {وَالْقَانِتِينَ} المطيعين لله. • {وَالمُنفِقِينَ} أموالهم في طاعة الله، ويَدْخُل فيه نَفَقَةِ الرجل على نفسه وأهله، وصلة رحمه، والزكاة، والنفقة في جميع القربات. • {وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} المصلِّين بالسحر، وهو الوقت بعد ظُلْمَةِ اللَّيْلِ إلى طلوع الفجر.

18

• {شَهِدَ اللهُ} أي بَيَّنَ وأَعْلَم، وأَرْشَدَ عباده. • {وَأُوْلُوا الْعِلْمِ} أصْحَاب العِلْمِ الصَّحِيح المُطَابق للواقع وهم الأنبياء والعلماء. • {بِالْقِسْطِ} بالعَدْلِ في الحكم والقَوْلِ والعَمَلِ. • {الْعَزِيزُ الحَكِيمُ} الغالب ذو العِزَّةِ، التي لا تُغْلَب، والحَكِيم في كلِّ خَلْقِهِ وفعلِهِ وسَائِر تَصَرَّفَاتِهِ.

19

• {الدِّينَ} ما يُدَانُ للهِ تعالى به، أي يُطاع فيه ويُخْضَعُ له به من الشرائع والعبادات. • {الإِسْلاَمُ} الانقياد لله بالطَّاعَةِ، والخلوص من الشِّرْكِ، والمرَاد هنا ملة الإسلام. • {بَغْيًا} ظلمًا وحسدًا.

20

• {حَآجُّوكَ} جَادَلُوكَ وخَاصَمُوكَ بِحُجَجٍ بَاطِلَة واهية. • {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ} أخلصْتُ كلَّ أعمالي القلبية والبدنيه لله وحده لا شريك له. • {أُوْتُوا الْكِتَابَ} اليهود والنَّصَارى. • {وَالأُمِّيِّينَ} أي: العرب المشركين، سمُّوا بالأُميين لقلة من يقرأ ويكتب فيهم. • {تَوَلَّوْاْ} أدْبَرُوا عن الحقِّ بعد رؤيته وأعرضوا عنه بعد مَعْرِفَتِهِ.

22

• {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} بَطَلَتْ فَلَا تُقْبَل في الدُّنْيَا، ولا يجازى عليها في الآخرة. • {وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ} يَمْنَعُونَهُمْ من العَذَابِ.

23

• {أُوْتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ} أعطوا حظًّا وقسطًا من التوراة. • {يُدْعَوْنَ} يُطْلَبُ إليهم أن يَتَحَاكَمُوا فيما اختلفوا فيه من الحق إلى كتابهم الذي يؤمنون به وهو التَّوْرَاة فَيَأبون ويعرضون.

24

• {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} مقدار عبادتهم العجل. • {غَرَّهُمْ} خدعهم وأطمعهم.

25

• {وَوُفِّيَتْ} يعني: أعطيت، ومنه قولهم: وفَّاهُ حقَّهُ، أي: أعطاه حقه وافيًا.

26

• {مَالِكَ المُلْكِ} أي مالك العِبَاد وما مَلَكوا، والسماوات والأرض وما فيهما. • {تُعِزُّ} تجعله عزيزًا قويًّا غالبًا على غيره. • {تُذِلّ} تجعله يستسلم للقهر والغلبة.

27

• {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} أي: يدخل هذا على هذا، ويحل هذا محل هذا، ويزيد في هذا وينقص في هذا، ليقيم بذلك مصالح خلقه. • {وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الحَيِّ} يخرج الحي من الميت، كما يخرج الزُّرُوع والأشجار المتنوعة من بذورها، والمؤمن من الكافر؛ والميت من الحي، كما يخرج الحَبَّ والنَّوَى، والزروع مِنَ الأشْجَارِ، والبيضة من الطائر فهو الذي يُخْرِج المتضادات بعضها من بعض، وقدِ انْقَادَتْ لَهُ جميع العناصر.

28

• {فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ} فليس من دين الله وولايته في شيء، فهو بريءٌ من الله والله بريءٌ منه كقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}. • {إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} أي: إلا أن تخافوا على أنْفُسِكُمْ في إِبْدَاءِ العَدَاوَةِ لِلْكَافِرِينَ، فَلَكُمْ في هذه الحال الرُّخْصَةُ في المُسَالمَة والمُهَادَنَةِ، لا في التولِّي الذي هو محبَّةُ القلب، الذي تتبعه النصرة. • {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} أي: فَخَافُوه واخشوه وقدِّمُوا خَشْيَتَهُ على خَشْيَةِ النَّاس، فإنه هو الذي يتولى شؤون العباد وقد أخذ بنواصيهم.

30

• {مُّحْضَرًا} حاضر يوم القيامة. • {أَمَدًا بَعِيدًا} مدى وغاية بعيدة.

33

• {اصْطَفَى آدَمَ} اخْتَارَهُ وآدم هو أبو البشر عليه السلام. • {آلَ إِبْرَاهِيمَ} لا شك أنه يَدْخل فيهم إبراهيم بالأولى، لكنه نَصَّ على آله لكثرة الرسل فيهم ولا سيما أن فيهم أفضل الرسلِ محمدًا - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من آل إبراهيم. • {آلَ عِمْرَانَ} اختلفوا في المراد بهم، فقيل: آل عمران أبي موسى؛ لأن موسى أفضل أنبياء بني إسرائيل، وقيل: آل عمران أبى مريم. • {الْعَالَمِينَ} الناس المعاصرون لهم.

34

• {ذُرِّيَّةً} أي: اصْطَفَى ذُرِّيَّة وأصْلها في ذَرَأَ بمعنى خَلَقَ، وإنما سمِّي الآباء والأبناء ذرية؛ لأنَّ الله خلق بعضهم من بعض. • {بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} أي بعضها ولد بعض. • {وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سميع لأقوال العباد وعليم بنيِّاتِهِمْ.

35

• {نَذَرْتُ} بمعنى الْتَزَمْتُ أن يكون ما في بطني محَرَّرًا من خدمتي ليكون خادمًا لِلْمَسْجِدِ الأقْصَى، وكان من عادتهم أن يَفْعَلُوا ذلك؛ أي أن الإنسان منهم ينذر ولده ليكون قائمًا بخدمة المسجد الأقصى تعظيمًا له. • {مُحَرَّرًا} خالصًا لا شركة فيه لأحد غير الله بحيث لا تنتفع به أبدًا.

36

• {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا} وَلَدَتْ حَمْلَهَا. • {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى} وهذا اعتذار منها إلى الله أنها وضعتها أنثى، والأنثى ليس من العادة أن تخدم المَسْجد، فكأنها تَعْتَذِرُ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ عن هذا النذر. • {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} يعني العابدة بلغتهم، وأرادت بذلك أن يفضلها الله على نساء الدنيا. • {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أي: أُحَصِّنُها وأحفظها بِجَنَابِكَ من الشَّيْطَانِ فلا يقربها ولا يقرب ذُرِّيَّتَها، فاسْتَجَابَ اللهُ تَعَالَى لها وحَفِظَهَا وَحَفِظَ وَلَدَها عِيسى عليه السلام فلم يقربه شيطان قط.

37

• {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} أي: رَضِيَهَا منها وقَبِلَهَا، كالشيء يهْدَى للكريم فيتقبله ويثيب عليه. • {وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} ربَّاها تَرْبِيَةً عَجِيبَةً دِينِيَّةً، أخلاقية، أدبية، كملت بكل أحوالها وصلحت بها أقوالها وأفعالها. • {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} أي: يَسَّرَ لَهَا زكريا كافلًا، وهذا من منة الله على العبد أن يجعل من يتولى تربيته من الكافلين المصلحين. • {الْمِحْرَابَ} مقصورة ملاحقة للْمَسْجِدِ، وقيل: أي مَكَان للعبادة. • {وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا} طعامًا، وقيل فَاكِهَة في غير وقتها.

38

• {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} ولدًا مباركًا تَقِيًّا صالحًا والذّرِّيَّة تطلق على الواحد والجمع والذكر والأنثى. • {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} سَامِعُهُ ومجيبه.

39

• {فَنَادَتْهُ المَلآئِكَةُ} أي: جبريل عليه السلام، وإنما أخبر عنه بلفظ الجمع تعظيمًا لشأنه. • {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ} هي عيسى عليه السلام؛ لأنه كان بكلمة الله تعالى (كن). • {وَسَيِّدًا} السيد هو الرئيس الذي يُتْبَع ويُنْتَهَى إلى قوله، وكان يحيي عليه السلام سيد المؤمنين ورئيسهم في الدين والعلم والحلم. • {وَحَصُورًا} هو الذي لا يُولَدُ له ولا شهوةَ له في النساء، وقيل: هو الذي عُصِمَ وحُفِظَ من الذنوب والشهوات الضارة، وهذا أَلْيَقُ المَعْنَيَيْنِ.

40

• {امْرَأَتِي عَاقِرٌ} عقيم لا تلد. • {كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} لا يُعْجِزه شيء، وهو قادر أن يَهَبَكَ الولد على الكبر منك ومن زوجك.

41

• {اجْعَل لِّيَ آيَةً} علامة أَعْلَمُ بها وَقْتَ حَمْلِ امْرَأَتِي فأزيد من العبادة والشكر لك. • {إِلاَّ رَمْزًا} إشارة بالعين أو اليد والإيماء بالرأس. • {سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} عَظِّمْ ربَّك ونَزِّهْهُ عن النقائص بالعَشِيِّ: ما بين زوال الشمس إلى غروبها، والإبْكَار: ما بَيْنَ طلوع الفجر إلى الضحى.

42

• {اصْطَفَاكِ} اختارَكِ لِعِبَادَتِهِ وَحُسْنِ طَاعَتِهِ. • {طَهَّرَكِ} من الذنوب وسائر النقائص المُخِلّة بالولاية لله تعالى.

43

• {اقْنُتِي لِرَبِّكِ} أطِيعِي رَبَّكِ وَاخْشَعِي. • {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} كناية عن صلاة الجماعة في بيت المقدس.

44

• {أَنبَاء الْغَيْبِ} أخبار الغَيْب وهو حديث (زَكَرِيَّا ويحيى ومريم وعيسى). • {نُوحِيهِ إِلَيكَ} نُلْقِيهِ إِلَيْكَ؛ لأنَّكَ لا يمكن أن تعلم أخبار الأمم الماضية إلا بِوَحْيٍ مِنَ اللهِ. • {إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ} اختلف العلماء في تفسيرها، فقيل: إنها على ظاهرها أنهم ألقوا أقلامهم التي يكتبون بها، وقيل: إن المراد بها سِهَامُهُم التي تكون في النصل يرمون بها، وسميت قلمًا؛ لأنها تُشْبِهُهُ في الاسْتِطَالَةِ، ودقة الرأس، وظاهر القرآن أن المراد بالأقلامِ الأقلامُ حقيقةً التي يكتب بها، ولا نعدل عن ظاهر القرآن إلا بدليل. • {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} يربيها ويقوم بمصلحتها.

45

• {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} سَمَّاهُ كَلِمَة؛ لأنه كان من الكلمة وهي (كن). • {اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} اختار الله تعالى له اسم المسيح؛ لأنه كان لا يَمْسَح ذا عَاهةٍ إلا بَرِئَ، أو لِكَثْرَةِ مَسْحِهِ الأرض وسَيْرِهِ فيها، أو من المسْحة وهي الجَمَال، والمعنى الأول أشهر. والمسيح فعيل بمعنى فاعل، إلا على قول من يقول: إن المراد بذلك المسح من الجمال، فهذا يكون بمعنى مفعول. • {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} شريفًا رفيعًا ذا جاه وقَدْرٍ في الدنيا بسبب النبوة، وفي الآخرة بِسَبِبِ عُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ في الجَنَّةِ. • {وَمِنَ المُقَرَّبِينَ} الذين هم أقْرَبُ الخَلَائِقِ إلى الله وأعْلَاهمْ دَرَجَةً، وهذه بشارة لا يشبهها شيء في البشارات.

46

• {يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ} صغيرًا في المهد يقول: (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا (. • {كَهْلًا} الكَهَالَةُ في اللغة: هي اجتماع القوة واكتمال الشباب، والكَهْلُ عند العرب هو الذي جَاوَزَ الثَّلاثِين. • {وَمِنَ الصَّالِحِينَ} الذين أصْلَحَ الله قُلوبَهُمْ بمعرفته وَحُبِّهِ، وألْسِنَتَهُمْ بالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَذكره، وجوارحهم بطاعته وخدمته.

47

• {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} يصيبني رَجُلٌ، وقولها تعجبًا لا شَكًّا في قدرة الله؛ إِذْ لَمْ تَكُن الْعَادَةُ جَرَتْ أَنْ يُولَدَ ولد من غير أب. • {كُن فَيَكُونُ} ليعلم العِبَادُ أنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير.

48

• {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ} جِنْس الكتب السابقة والحكم بَيْنَ الناس ويعطيه النبوة. • {وَالْحِكْمَةَ} العِلْمُ وأحكام الشَّرِائع. • {وَالتَّوْرَاةَ} التي نَزَلَتْ عَلَى موسى عليه السلام. • {وَالإِنجِيلَ} الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ.

49

• {أَخْلُقُ لَكُمْ} أُصَوِّرُ لكم، لا الخلق الَّذِي هُوَ الإنشاء والاختراع؛ إذ ذاك لله تعالى. • {كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ}: كَصُورَةِ الطَّيْرِ. • {الأكْمَهَ} الَّذِي وُلِدَ أَعْمَى. • {الأَبْرَصَ} ذو البرص وهو مَرَضٌ عياء عَجَزَ عنه الطبُّ القديمُ والحديثُ، وَالْبَرَصُ: بياضٌ يُصِيبُ الْجلْدَ الْبَشَرِيَّ. • {وَمَا تَدَّخِرُونَ} تَحْبِسُونَ وَتُخْفُونَ عن أطفالكم من الطعام وغيرِه. • {لآيَةً لَّكُمْ} لَدَلَالَةً عَلَى صِدْقِي (أني رسولٌ من الله).

52

• {أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} عَلِمَ فِيهِمُ الكفرَ به وبما جاء به وَهَمَّهَمُ بِأَذِيَّتِهِ. • {الحَوَارِيُّونَ} الأنصارُ وهم أصفياءُ عِيسَى وَخَوَاصُّهُ.

53

• {مَعَ الشَّاهِدِينَ} الَّذِينَ شَهِدُوا لأنبيائِكَ بالصِّدْقِ، واتَّبَعُوا أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ.

54

• {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ} الضميرُ يعودُ عَلَى الَّذِينَ كفروا بعيسى، والمكرُ: هُوَ أن يُتَوَصَّلَ إلى الانتقام من خَصْمِهِ بأسبابٍ غيرِ مُتَوَقَّعَةٍ، يعني بأسبابٍ خَفِيَّةٍ ينتقمُ مِنْ خَصْمِهِ والمضادِّ له بأسبابٍ خَفِيَّةٍ، وَيُشْبِهُهُ الخداعُ.

55

• {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} أي: إِنِّي قَابِضُكَ، مأخوذةٌ من قولهم: تُوِفِّيَ الدائنُ دَيْنَهُ أي: قَبَضَهُ، وَعِيسَى قد قَبَضَهُ اللهُ إليه في السماءِ وَرَفعَهُ حتى ينزلَ في آخِرِ الزمانِ، هذا قولٌ. والقول الثاني: مُتَوَفِّيكَ وَفَاةَ نَوْمٍ، يعني مُنيمُكَ؛ لأن النائمَ مُتَوَفًّى، قال اللهُ تعالى: {اللهُ يَتَوَفّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} (الزمر: 42) وقال: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} (الأنعام: 60). والقول الثالث: أنها وفاةٌ حقيقيةٌ، تَوَفَّاهُ اللهُ وفاةً حقيقيةً وَسَيُحْيِيهِ في آخِرِ الزمان وينزل إلى الدنيا، والصحيح أنها وفاةُ نَوْمٍ؛ لأن الله عز وجل لمَّا أراد أن يرفعه إلى السماء أَنَامَهُ ليسهل عَلَيْهِ الانتقالُ من الأرض إلى السماء؛ لأن الانتقالَ من الأرض إلى السماء ليس بالأمر الْهَيِّنِ لطولِ المسافة وَبُعْدِهَا ورؤية الأهوال فيما بَيْنَ السماء والأرض وفي السماوات أيضًا، فَأَنَامَهُ الله ثم رَفَعَهُ نَائمًا حتى وَصَلَ إلى السماء، لَكِنَّ هذا القولَ لا يُنَافِي القولَ الأولَ الَّذِي معناه: قَابِضُكَ؛ لأن نهايتَها واحدةٌ، أما القول الثالث: أنها وفاةُ موتٍ، فقولٌ ضعيفٌ يُضَعِّفُهُ قولُه تعالى: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (النساء: 159)، قَبْلَ مَوْتِهِ أي: عِيسَى، وهذا يَدُلُّ عَلَى أنه لم يَمُتْ، ولأن الله تعالى لم يَبْعَثْ أحدًا بعد الموت فيبقى كما في نزول عيسى عَلَيْهِ السلام في آخِرِ الزمان؛ ولأنه -أعني إطلاقَ الوفاةِ عَلَى النوم- كثيرٌ من القرآن، يعني ليس بمعنًى غَرِيبٍ حتى نقولَ: لا يَصِحُّ حَمْلُها عليه، بل هُوَ معنًى له كثرةٌ في القرآن.

58

• {وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ} الْمُحْكَمُ الْمَمْنُوعُ من الباطل والمرادُ به القرآنُ.

59

• {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ} المماثلةُ الحَاصِلَةُ بَيْنَ آدَمَ وَعِيسَى عليهما السلامُ هي: إن كُلًّا منهما خُلِقَ من غير أَبٍ، وَخُلِقَ بكلمة التكوين وهي: «كُنْ». فَمَنْ أقرَّ بأن الله خَلَقَ آدمَ من تراب وهو أبلغُ في القدرة فَلِمَ لا يُقِرُّ بأن الله خَلَقَ عيسى من مريم من غير أب، بل الشأن في خَلْقِ آدمَ أعجبُ وأغربُ.

60

• {المُمْتَرِينَ} أي من الشَّاكِّينَ، وهذا خطاب للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به أمته لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يَشُكَّ.

61

• {نَبْتَهِلْ} أَصْلُ الابْتِهَالِ: الاجتهادُ في الدعاء بِاللَّعْنِ وغيره برفع الْيَدَيْنِ مَدًّا. • {فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} أي نقولُ في دعائنا جميعًا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَعْنَتَكَ عَلَى الْكَاذِبِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ.

64

• {كَلَمَةٍ سَوَاء} ادْعُ اليهودَ والنَّصَارَى قائلًا: تَعَالَوْا نُقِرُّ بكلمةٍ موجودةٍ فِيمَا أُنْزِلَ إلينا وفيما أُنْزِل إليكم مِنَ الْوَحْيِ. • {أَرْبَابًا} جمع رَبٍّ وهو المألوه المُطَاعُ بغيرِ طاعةِ الله تَعَالَى.

67

• {كَانَ حَنِيفًا} مائلًا عن الأديان كُلِّهَا إلى التوحيد. • {مُّسْلِمًا} مُطِيعًا لله عَابِدًا له، وكان دينُه الإسلامَ.

68

• {أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} أَحَقُّ بالنسبةِ إلى إبراهيم وَمُوالاتِهِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ عَلَى التوحيدِ.

69

• {وَدَّت طَّآئِفَةٌ} أَحَبَّتْ فرقةٌ وهم الأحبارُ والرؤساءُ فيهم.

72

• {وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} أَوَّلُهُ هُوَ الصباحُ، وآخِرُهُ هُوَ المساءُ حيث قال بعضُ اليهودِ لبعضٍ: ادْخُلُوا دينَ محمد أَوَّلَ النهارِ دُونَ اعتقادِ القلبِ ثم اكْفُرُوا آخِرَ النهارِ.

73

• {وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ} هذا من قولِ اليهود بعضِهم لبعضٍ، أيْ: ولا تُصَدِّقُوا إلا لمَنْ وَافَقَ مِلَّتَكُمْ التي أنتم عليها وهي اليهوديةُ.

75

• {تَأمَنْهُ} ائْتَمَنَهُ عَلَى كذا: وَضَعَهُ عنده أمانةً وآمَنَهُ عَلَيْهِ فلم يَخَفْهُ. • {بِقِنطَارٍ} وَزْنٌ مَعْرُوفٌ، والمراد هنا أنه مِنْ ذَهَبٍ بدليلِ الدينارِ. • {إِلّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا} أي: ملازمًا له تطالبه به ليلَ نهارَ.

77

• {لاَ خَلاَقَ لَهُمْ} لا حظَّ ولا نصيبَ لهم في خيراتِ الآخرةِ ونعيمِ الجِنَانِ.

78

• {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم} يحرفُونَ ألسنتَهم بالكلام كأنهم يقرؤون الكتابَ.

79

• {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} أي: ما ينبغي لبشر، وهو جميعُ بَنِي آدمَ لا واحدَ له من لَفْظِهِ كالقوم، وَيُوضَعُ مَوْضِعَ الواحدِ والْجَمْعِ. • {رَبَّانِيِّينَ} قال سيبويه: الرَّبَّانِيُّ: المنسوبُ إلى الرب بمعنى كونه عالمًا به ومواظبًا عَلَى طاعته. • {وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} وَبِسَبَبِ دِرَاسَتِكُمْ للكتابِ.

81

• {مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ} أَصْلُ الميثاق في اللغة: عَقْدٌ يُؤَكَّدُ بيمين، ومعنى ميثاق النبيين ما وَثَّقُوا به عَلَى أنفسهم من طاعةِ الله فيما أَمَرَهُمْ به وَنَهَاهُمْ عنه. • {إِصْرِي} الإِصْرُ: الْعَهْدُ الثَّقِيلُ.

83

• {طَوْعًا وَكَرْهًا} الطَّوْعُ: الانقيادُ والاتباع بسهولة، والْكَرْهُ: ما كان من ذلك بمشقة وإباء من النفس والمعنى: أنه لا سبيل لأحد من الخلق إلى الامتناع عَلَى الله مِنْ مُرَادِهِ. (87 ({لَعْنَةَ اللهِ وَالمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} طَرْدُ اللهِ لهم مِنْ كُلِّ خيرٍ، ولعنةُ الملائكةِ والناسِ: دُعَاؤُهُمْ عليهم بذلك.

88

• {لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} أي: لا يُؤَخَّرُونَ عَنْ وقتِ العذابِ، ولا يُؤَخَّرُ عنهم من وقتٍ إلى وقتٍ. • {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} وَلَا هُمْ يُمْهَلُونَ.

91

• {مِّلْءُ الأرْضِ} مَا يَمْلأهَا مِنَ الذَّهَبِ. • {وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} ولو قَدَّمَهُ فداءً لنفسه من النار ما قُبِلَ منه.

92

• {حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} من جَيِّدِ أموالكم وأَنْفَسِهَا عندكم.

93

• {كُلّ الطّعَامِ} سَائِرُ أنواعِ المطعوماتِ. • {حِلًّا} حَلاَلاً لهم، وَسُمِّيَ حَلالًا لانحلالِ عُقْدَةِ الْحَظْرِ عنه. • {لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} أَوْلَادُ يعقوبَ الملقَّبِ بإسرائيلَ، المُنْحَدِرُونَ من أبنائه الاثْنَيْ عَشَرَ إلى يومنا هذا. • {حَرَّمَ} حظر ومنع.

95

• {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} دِينَه، وهي عبادة الله تعالى بما شَرَعَ به وَنَبْذُ الشِّرْكِ والبِدَعِ.

96

• {بِبَكَّةَ} مكة. • {مُبَارَكًا} أَصْلُ البركةِ النموُّ والزيادةُ؛ لأن الطاعاتِ وسائرَ العباداتِ تَتَضَاعَفُ وَيَزْدَادُ ثَوَابُهَا عِنْدَهُ.

97

• {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} الْحِجْرُ الَّذِي كان يقومُ عَلَيْهِ عندَ بناءِ البيتِ.

99

• {تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ} تَصْرِفُونَ عَنْ دينِ الله وهو الإسلامُ مَنْ آمَنَ وذلك بإلقاءِ الشُّبَهِ والشكوكِ وبِإِنْكَارِهِمْ صفةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - التي في كُتُبِهِمْ. • {تَبْغُونَهَا عِوَجًا} العِوجُ بالكسر: الزَّيْغُ وَالمَيْلُ عن الاستواءِ في الدينِ والقولِ والعملِ، والمعنى: لِمَ تَطْلِبُونَ الزيغَ والميلَ في سبيل الله بإلقاءِ الشُّبَهِ في قلوبِ الضعفاءِ.

101

• {يَعْتَصِم بِاللهِ} يَسْتَمْسِكْ بدينه وطاعته.

102

• {حَقَّ تُقَاتِهِ} حَقَّ تَقْوَاهُ بأن يُطاعَ فلا يُعْصَى، ويُشْكَرَ فلا يُكْفَرُ، ويُذْكَرَ فلا يُنْسَى.

103

• {وَاعْتَصِمُوا} تَمَسَّكُوا. • {بِحَبْلِ اللهِ} كتابُه القرآنُ ودينُه الإسلامُ؛ لأن الكتابَ والدِّينَ هما الصلةُ التي تربطُ المسلمَ بربِّه، وكلّ ما يربط ويشدُّ شيئًا بآخَرَ هُوَ سببٌ وَحَبْلٌ. • {إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء} قَبْلَ الإِسْلاَمِ. • {فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} بالإسلامِ وَنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصلاةُ والسلامُ. • {شَفَا حُفْرَةٍ} حافَّتُهَا وَطَرَفُهَا، بحيث لو غَفَلَ الواقفُ عليها وَقَعَ فيها. • {فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا} بِهِدايتِكُمْ إلى الإسلامِ وبذلك أَنْجَاكُمْ من النارِ.

104

• {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ} الأُمَّةُ: أفرادٌ من البشرِ وغيرِهم تَرْبُطُهُمْ رابطةُ جِنْسٍ أو لغةٍ أو دِينٍ ويكون أَمْرُهُمْ واحدًا، والمراد بالأُمَّةِ هنا: المجَاهِدُونَ وهيئاتُ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ. • {الخَيْرِ} الإسلامُ وكلُّ ما ينفع الإنسانَ في حياته الأُولَى والآخرة من الإيمانِ والعملِ الصالحِ. • {المَعْرُوفِ} كُلّ ما عَرَّفَهُ الشرعُ فَأَمَرَ به لنفعِه وصلاحِه للفردِ والجماعةِ. • {المُنكَرِ} ضِدُّ المعروفِ وهو ما نهى عنه الشرعُ لضررِه وإفسادِه للفردِ أو الجماعةِ. والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر فرضُ كفايةٍ، وهو بِحَقِّ العلماءِ وولاةِ الأمر أَخَصُّ وَأَلْزمُ. • {المُفْلِحُونَ} الفائزون.

105

• {تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} هُمْ أهلُ الكتابِ من اليهودِ والنصارى.

106

• {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} تَبْيَضُّ وجوهُ المؤمنينَ وَتَسْوَدُّ وجوهُ الكافرينَ، البياضُ: كنايةٌ عن الفَرَحِ والسُّرُورِ، والسَّوَادُ: كنايةٌ عن الحزنِ والغَمِّ.

110

• {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} وُجِدْتُمْ أَفْضَلَ وَأَبْرَكَ أُمَّةٍ وُجِدَتْ عَلَى الأرض. • {أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أُظْهِرَت وأُبْرِزَتْ لهداية الناس وَنَفْعِهِمْ.

111

• {أَذًى} الأَذَى: الضَّرَرُ الْيَسِيرُ. • {يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ} يَنْهَزِمُونَ وَيَفِرُّونَ من المعركة.

112

• {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} أَحَاطَتْ بهم المذلةُ وَلَصِقَتْ بهم حتى لا تُفَارِقَهُمْ. والمراد بالذلة: قتلُهم، وغنيمةُ أموالهم وَضَرْبُ الجزيةِ عليهم. • {أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} حَيْثُمَا وُجِدُوا. • {إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللهِ} إلا بعهدٍ من الله وهو أن يُسَلِّمُوا فتزولَ عنهم الذلةُ. • {وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} أي: وَعَهْدٌ من المؤمنين يُزِيلُ الجزيةَ. • {وَبَآؤُوا} رَجَعُوا. • {المَسْكَنَةُ} كما يُضْرَبُ البيتُ عَلَى أهله فَهُمْ سَاكِنُونَ في المسكنة غيرَ خارجينَ منها، والمسكنةُ: قيل: هي الجزية، وقيل: التَّظَاهُرُ بالفقرِ.

113

• {لَيْسُوا سَوَاء} غَيْرُ مُتَسَاوِينَ. • {أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} جماعةٌ قائمةٌ ثابتةٌ عَلَى الإيمانِ والعملِ الصالحِ.

114

• {وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ} يَبْتَدِرُونَهَا خشيةَ الفواتِ.

115

• {فَلَن يُكْفَرُوْهُ} فلن يُجْحَدُوه بل يُعْتَرَفُ لهم به وَيُجْزَوْنَ به وَافِيًا.

116

• {لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ} لن تَدْفَعَ عنهم عذابَ الله الَّذِي اسْتَحَقُّوهُ يومَ القيامةِ.

117

• {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} بردٌ شديدٌ، وهي الريح التي تَقْتُلُ الزرعَ وتُفْسِدُهُ. • {حَرْثَ قَوْمٍ} ما تُحْرَثُ له الأرضُ وهو الزرعُ.

118

• {بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ}: أَصْلُ الْبِطَانَةِ: بطانةُ الثوبِ، شُبِّهَ بها بطانةُ الرجل وخاصتُه وهم مَنْ يُطْلِعُهُمْ عَلَى أَسْرَارِهِ ثقةً فيهم. • {لاَ يَألُونَكُمْ} لا يُقَصِّرُونَ في إفسادِ الأمورِ عليكم. • {خَبَالًا} فَسَادًا مِنْ أمورِ دِينِكُمْ ودُنْيَاكُمْ. • {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} أَحَبُّوا مَشَقَّتَكُمْ.

119

• {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} من شدة الغيظ عليكم؛ لأن المغتاظ إذا اشْتَدَّ به الغيظُ يَعَضُّ عَلَى أُصْبِعِهِ عَلَى عَادَةِ الْبَشَرِ، والغيظُ: هُوَ شدةُ الغضبِ. • {مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} هذا دعاءٌ عليهم أن يَزْدَادُوا غيظًا حتى يَهْلَكُوا كلما يرون من قوة الإسلام وعزة أهله، والمعنى: ابْقَوْا إلى الممات بغيظكم.

120

• {تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ} يأتيكم الخيرُ كالنصرِ والتأييدِ والقوةِ والخيرِ. • {وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ} ما يسؤوكم كالهزيمةِ أو الموتِ أو المجاعة ِ. • {كَيْدُهُمْ} مكرُهم بكم وَتَبْيِيتُ الشرِّ لكم. • {بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} علمًا به وقدرةً عَلَيْهِ؛ إِذْ هُمْ واقعونَ تحتَ قهرِه وعظيمِ سُلْطَانِهِ.

121

• {وَإِذْ غَدَوْتَ} الغُدُوُّ: الذَّهَابُ أَوَّلَ النَّهَارِ. • {مِنْ أَهْلِكَ} أَهْلُ الرَّجُلِ: زوجُه وأولادُه، ومِنْ لابتداءِ الغايةِ؛ إذ خرج - صلى الله عليه وسلم - صباحَ السبتِ من بيته إلى أُحُدٍ حيث نَزَلَ المشركون به يومَ الأربعاءِ. • {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} تُنْزِلُ المجاهدين الأماكنَ التي رأيتَها صالحةً للنزولِ فيها في ساحةِ المعركةِ.

122

• {هَمَّت} حَدَّثَتْ نفسُها بالرجوع إلى المدينة، وَتَوَجَّهَتْ إرادتُها إلى ذلك. • {أَن تَفْشَلاَ} تَضْعفَا وَتَعُودَا إلى ديارهما تَارِكِينَ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ مَعَهُ يخوضون المعركةَ وحدَهم.

123

• {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ} في عددِكم وعُدَّتِكم فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر في قِلَّةِ ظَهْرٍ وَرَثَاثَةِ سِلاَحٍ، وأعداؤهم يناهزونَ الأَلْفَ في كمال العُدَّةِ وَالسِّلاَحِ.

124

• {مِّنَ المَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ} وَعَدَهُمُ اللهُ بنزولِ الملائكةِ لِتُقَوِّي قلوبَهم وَيَثِقُوا بنصرِ اللهِ ويعزموا عَلَى الثبات، واختلف الناسُ: هل كان هذا الإمدادُ فيه من الملائكة مباشرةً للقتال كما قاله بعضهم، أو أن ذلك تثبيتٌ من الله لعباده المؤمنين، وإلقاءِ الرعبِ في قلوبِ المشركينَ كما قاله كثيرٌ من المفسرين.

125

• {وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ} أي: يأتيكم المشركونَ من وَقْتِهِمْ وَسَاعَتِهِمْ. • {مُسَوِّمِينَ} مُعَلَّمِينَ بعلاماتٍ تَعْرِفُونَهُمْ بها.

126

• {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم} اطْمِئْنَانُ الْقُلُوبِ: سُكُونُهَا وَذَهَابُ الْخَوْفِ عَنْهَا.

127

• {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الطَرَفُ: الطَّائِفَةُ، يريد: لِيُهْلِكَ مِنْ جيشِ العدوِّ طائفةً. • {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} يُخْزِيهِمْ وَيُذِلُّهُمْ، وأصلُ الكبتِ في اللغة صرعُ الشيء عَلَى وجهه، والمعنى: أنه يَصْرَعُهُمْ عَلَى وجوههم، والمراد منه: القتلُ والهزيمةُ. • {فَيَنقَلِبُوا خَآئِبِينَ} يَرْجِعُوا خَاسِرِينَ لم ينالوا شيئًا من الَّذِي أَمَّلُوهُ من الظَّفَرِ بكم.

128

• {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ} الأمرُ: هُوَ الشأنُ، والمرادُ هنا توبةُ الله عَلَى الكافرين أو تعذيبُهم. والمعنى: ليس لك من أمرِ مصالحِ عبادي شيءٌ إلا ما أُوْحِيَ إليكَ، فإن الله تعالى هُوَ مالِكُ أَمْرِهِمْ، فَإِمَّا أن يتوبَ عليهم ويهديَهم فَيُسْلِمُوا أو يُهْلِكَهُمْ وَيُعَذِّبَهُمْ إنْ أَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ.

129

• {وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} يَسْتُرُ ذنوبَ عِبَادِهِ وَيَغْفِرُهَا لهم وَيَرْحَمُهُمْ بِرَفْعِ العقوبةِ عَنْهُمْ عَاجِلًا.

130

• {لاَ تَأكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} نَهَاهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عن أكلِ الربا أضعافًا مضاعفةً، وذلك هُوَ ما اعتاده أهلُ الجاهليةِ وَمَنْ لا يبالي بالأوامرِ الشرعيةِ مِنْ أنه إذا حلَّ الدَّيْنُ عَلَى المُعْسِرِ ولم يحصل منه شيء قالوا له: إما أن تَقْضِيَ ما عليك مِنَ الدَّيْنِ، وإما نزيد في المدة، ونزيد ما في ذِمَّتِكَ وسينفع غريمه، ويلتزمُ ذلك اغتنامًا لراحتِه الحاضرةِ فيزيد بذلك ما في ذمته أضعافًا مضاعفةً من غير نفع ولا انتفاع.

133

• {وَسَارِعُوا} المسارعةُ إلى الشيء: المبادرة إليه بدون توانٍ ولا تراخٍ.

134

• {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} كَظْمُ الْغَيْظِ: حَبْسُهُ، والغيظُ: أَلَمٌ نفسيٌّ يَحْدُثُ إذا أُوذِيَ المرءُ في بَدَنِهِ أو عِرْضِهِ أو مَالِهِ، وَحَبْسُ الغيظِ: عدمُ إِظْهَارِهِ عَلَى الجوارحِ بسبٍّ أو ضربٍ ونحوهما للتَّشَفِّي وَالانْتِقَامِ. • {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} العَفْوُ: عَدَمُ المؤاخذةِ للمسيءِ مع القدرةِ عَلَى ذلك. • {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} المُحْسِنُونَ: هُمُ الَّذِينَ يَبَرُّونَ وَلَا يُسِيئُونَ في قولٍ أو عملٍ.

135

• {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}: الفاحشةُ: الفِعْلَةُ القبيحةُ الشديدةُ القبحِ كالزنى وكبائرِ الذنوبِ، وقيل هي الفِعْلَةُ الكبيرةُ، أَوْ مَا دُونَ ذلك كَتَرْكِ وَاجِبٍ، أو فِعْلِ مُحَرَّمِ فَدَنَّسُوهَا بذلك فكان هذا ظُلْمًا لها. • {ذَكَرُوا اللهَ} ذَكَرُوا وَعِيدَهُ وَعِقَابَهُ وأنَّ اللهَ يسألهم عن ذلك يومَ الفَزَعِ الأكبرِ، فسألوه المغفرةَ لذنوبهم، والسَّتْرَ لعيوبهم. • {وَلَمْ يُصِرُّوا} الإصرارُ: هُوَ الشدةُ عَلَى الشيءِ والربطُ عَلَيْهِ، والمقصودُ أنهم يُسَارِعُونَ إلى التَّوْبَةِ. • {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم مُخَالِفُونَ للشرعِ بتركهم مَا أَوْجَبَ، وبِفِعْلِهِمْ ما حَرَّمَ.

136

• {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} نِعْمَ ثَوَابُ المُطِيعِينَ الجَنَّةُ.

137

• {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} خَلَتْ: أي مَضَتْ، وَسُنَنٌ: جَمْعُ سُنَّةٍ وهي السيرةُ والطريقةُ التي يكون عليها الفردُ أو الجماعةُ، وَسُنَنُ الله تعالى في خَلْقِهِ قانونُه الماضي في الخلق.

138

• {بَيَانٌ لِّلنَّاسِ} أي: ما ذُكِرَ من الآيات بيانٌ للناس يَتَبَيَّنُونَ الهُدَى من الضلالِ ولازِمَها مِنَ الفَلَاحِ وَالخُسْرَانِ.

139

• {وَلاَ تَهِنُوا} أي: لا تَضْعُفُوا فَتَقْعُدُوا عن الجهادِ والعملِ. • {وَلاَ تَحْزَنُوا} عَلَى ما فَاتَكُمْ مِنْ رِجَالِكُمْ. • {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ} أي الغالبونَ لأعدائكم، المنتصرون عليهم، وذلك فيما مَضَى وفيما هُوَ آتٍ مستقبلًا بشرطِ إيمانِكم وَتَقْوَاكُمْ.

140

• {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} إِنْ يُصِبْكُمْ جِرَاحٌ مِنْ أَحَدٍ. • {فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ} يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ. • {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} المُدَاوَلَةُ: نَقْلُ الشَّيْءِ من واحدٍ لآخَرٍ والمعنى: أن أيام الدنيا هي دُوُلٌ بَيْنَ الناس، فَيَوْمٌ لهؤلاء وَيَوْمٌ لهؤلاء، فكانت الدَّوْلَةُ للمسلمين عَلَى المشركين في بَدْرٍ حتى قَتَلُوا منهم سبعين رجلًا وَأَسَرُوا سبعين، وَأُدِيلَ المشركون من المسلمين يومَ أُحُدٍ حتى جرحوا منهم سبعين وقتلوا خمسًا وسبعين.

141

• {وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: وَلِيُطَهِّرَهُمْ من ذنوبهم وَيُزِيلَهَا عنهم، وَأَصْلُ المَحْصِ في اللغةِ: التَّنْقِيَةُ وَالإِزَالَةُ.

142

• {أَمْ حَسِبْتُمْ} بَلْ ظَنَنْتُمْ فلا يَنْبَغِي أن تَظُنُّوا هذا الظنَّ، فالاستفهامُ إنكاريٌّ.

143

• {وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ} قيل: إن قومًا من المسلمين تَمَنَّوْا يومًا كيوم بَدْرٍ ليقاتلوا فيه وَيُسْتَشْهَدُوا فأراهم الله يومَ أُحُدٍ ومعنى تَمَنَّوْنَ الموتَ: تطلبون أسبابَ الموت وهو القتالُ والجهادُ من قَبْلِ أن تَلْقَوْا يومَ أُحُدٍ.

144

• {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أي: قَضَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ بَلَّغُوا رسالتَهم وماتوا. • {انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} رَجَعْتُمْ عن الإسلامِ إلى الكُفْرِ.

145

• {كِتَابًا مُّؤَجَّلًا} كَتَبَ تعالى آجالَ الناسِ مُؤَقَّتَةً بِمَوَاقِيتِهَا فلا تَتَقَدَّمُ ولا تَتَأَخَّرُ.

146

• {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} أي: رَبَّانِيُّونَ عُلَمَاءُ صُلَحَاءُ وَأَتْقِيَاءُ عَابِدُونَ. • {وَمَا اسْتَكَانُوا} مَا خَضَعُوا وَلَا ذَلُّوا لِعَدُوِّهِمْ.

147

• {وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} الإسرافُ: هُوَ مجاوزةُ الحَدِّ في الأمورِ ذاتِ الحدودِ التي ينبغي أن يُوقَفَ عِنْدَهَا.

148

• {ثَوَابَ الدُّنْيَا} مِنَ النَّصْرِ والظَّفَرِ وَالْغَنِيمَةِ. • {حُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} وهو الفوزُ بِرِضَا رَبِّهِمْ، والنعيمُ المقيمُ الَّذِي قد سَلِمَ مِنْ جميع المُنْكَرَاتِ، وما ذَاكَ إلا أنهم أَحْسَنُوا له الأعمالَ فَجَزَاهُمْ أَحْسَنَ الجَزَاءِ.

150

• {بَلِ اللهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} بل أَطِيعُوا اللهَ رَبَّكُمْ وَوَلِيَّكُمْ وَمَوْلَاكُمْ فإنه خيرُ مَنْ يُطَاعُ وَأَحَقُّ مَنْ يُطَاعُ وَاطْلُبُوا النَّصْرَ بِطَاعَتِهِ فَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ.

151

• {الرُّعْبَ} شِدَّةُ الخوفِ مع تَوَقُّعِ الهَزِيمَةِ وَالمَكْرُوهِ. • {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} حجةً وبرهانًا، والسلطانُ: القوةُ والقدرةُ، وَسُمِّيَتِ الحجةُ سُلْطَانًا لِقُوَّتِهَا عَلَى دَفْعِ الْبَاطِلِ.

152

• {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ} أَنْجَزَكُمْ ما وَعَدَكُمْ عَلَى لسانِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - بقولِه للرُّمَاةِ: اثْبُتُوا أَمَاكِنَكُمْ فَإِنَّا لا نزال غَالِبِينَ ما ثَبَتُّمْ مَكَانَكُمْ. • {إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ} تَقْتُلُونَهُمْ؛ إِذِ الحَسُّ: القتلُ، يقال: حَسَّهُ إذا قَتَلَهُ فَأَبْطَلَ حِسَّهُ. • {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} ضَعُفْتُمْ وَجَبُنْتُمْ عَنِ الْقِتَالِ. • {وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ} اخْتَلَفْتُمْ في مَقَامِكُمْ حيث أقامَكم رسولُ الله في أُحُدٍ. • {وَعَصَيْتُم} أَمْرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أَمَرَكُمْ مِنْ لزومِ مَرْكَزِكُمْ.

153

• {إِذْ تُصْعِدُونَ} تذهبون في الأرض فَارِّينَ من المعركة يقال: أَصْعَدَ إذا ذَهَبَ في صعيدِ الأرضِ. • {وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ} لا تَلْوُون رؤوسكم عَلَى أَحَدٍ تلتفتون إليه. • {فَأَثَابَكُمْ غُمَّا بِغَمٍّ}: جَزَاكُمْ عَلَى مَعْصِيَتِكُمْ وَفرَارِكُمْ غمًّا عَلَى غمٍّ، والغَمُّ: أَلَمُ النفسِ وَضِيقُ الصَّدْرِ.

154

• {أَمَنَةً} أَمْنًا. • {نُّعَاسًا} النُّعَاسُ: استرخاءٌ يُصِيبُ الجسمَ قَبْلَ النومِ، قيل: هُوَ أَخَفُّ من النوم. • {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ} أي: لا يُفَكِّرُونَ إلا في نجاةِ أنفسهم غيرَ مُكْتَرِثِينَ بما أصابَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه. • {ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ} هُوَ اعتقادُهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قُتِلَ أو أنه لا يُنْصَر. • {وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} ليختبرَ ما في صدوركم من الإخلاصِ. • {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} التمحيصُ: هُوَ التمييزُ وهو إظهارُ شيءٍ من شيءٍ، كإظهارِ الإيمانِ من النِّفَاقِ، وَالحُبِّ من الكُرْهِ. • {وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} بالأشياءِ الموجودةِ فيها وهي الأسرارُ والضمائرُ.

155

• {إِنَّمَا اسْتَزَلّهُمُ الشَّيْطَانُ} أَوْقَعَهُمْ في الزَّلَلِ وهو الخطيئةُ والتي كانت الفِرَارَ من الجِهَادِ.

156

• {ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ} ضَرَبُوا في الأرضِ بِأَقْدَامِهِمْ مُسَافِرِينَ للتجارة غالبًا. • {حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} الحسرةُ: أَلَمٌ يأخذ بِخِنَاقِ النَّفْسِ بسبب فوتِ مرغوبٍ أو فَقْدِ محبوبٍ.

159

• {لِنتَ لَهُمْ} كُنْتَ رَفِيقًا بهم تُعَامِلُهُمْ بالرفقِ واللطفِ. • {فَظًّا} خَشِنًا في مُعَامَلَتِكَ، شَرِسًا في أخلاقكَ وحاشاه - صلى الله عليه وسلم -. • {غَلِيظَ الْقَلْبِ} هُوَ قَاسِي القلب سَيِّءُ الخُلُقِ، قَلِيلُ الاحْتِمَالِ. • {لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} أَيْ: تَفَرَّقُوا وَذَهَبُوا تَارِكِيكَ وَشَأْنَكَ.

160

• {وَإِن يَخْذُلْكُمْ} كما فَعَلَ يومَ أُحدٍ حيث وَكَلَكُمْ إلى أَنْفُسِكُمْ لمخالفتكم أَمْرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

161

• {يَغُلَّ} أي: يأخذ من الغنيمة خُفْيَةً؛ إذ الغل والغلول بمعنى السرقة من الغنائم قبل قِسْمَتِهَا، والمعنى: وما كان لنبي أن يخونَ؛ لأن النبوةَ والخيانةَ لا يَجْتَمِعَانِ.

162

• {رِضْوَانَ اللهِ} المرادُ مَا يُوجِبُ رضوانَه من الإيمانِ والصدقِ والجهادِ. • {بِسَخْطٍ مِّنَ اللهِ} غَضَبُهُ الشديدُ عَلَى الفاسقين عن أَمْرِهِ المُؤْذِينَ رسولَه - صلى الله عليه وسلم -.

165

• {مُّصِيبَةٌ} مُفْرَدُ المصائبِ: ما يُصِيبُ الإنسانَ من سوءٍ، وأسوؤها مصيبةُ الموتِ.

170

• {وَيَسْتَبْشِرُونَ} يَفْرَحُونَ، وَالِاسْتِبْشَارُ: هُوَ الفرحُ والسرورُ الَّذِي يَحْصُلُ للإنسانِ عَلَى مَنْهَجِ الإيمانِ والجهادِ في سبيلِ الله. • {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في الآخرةِ. • {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} عَلَى ما فَاتَهُمْ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا.

172

• {مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} الْقَرْحُ: هُوَ أَلَمُ الْجِرَاحَاتِ.

173

• {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} يكفينا اللهُ مَا أَرَادُونَا به من الأذى.

175

• {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ} أَهْلُ طَاعَتِهِ والاستجابةِ إليه فيما يَدْعُوهُمْ إليه مِنَ الشَّرِّ والفَسَادِ.

176

• {وَلاَ يَحْزُنكَ} الحُزْنُ: غَمٌّ يُصِيبُ الإنسانَ لرؤيةِ أو سماعِ ما يَسُوؤُهُ وَيَكْرَهُهُ.

178

• {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} الْإِمْلَاءُ: الْإِمْهَالُ والإرخاءُ بعد البطش بهم وَتَرْكُ الضربِ عَلَى أيديهم بِكُفْرِهِمْ. • {لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} الإثمُ: كلُّ ضارٍّ قبيحٍ، وَأَصْلُهُ الكفرُ والشِّرْكُ.

179

• {لِيَذَرَ} لِيَتْرُكَ. • {حَتَّىَ يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} يَمِيزَ بَيْنَ مَنْ خَبُثَتْ نَفْسُهُ بالشرك والمعاصي وَمَنْ طَهُرَتْ نفسُه بالإيمانِ والعملِ الصالحِ.

180

• {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} يُجْعَلُ طَوْقًا في عُنُقِ أَحَدِهِمْ. • {مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ولا يتحولُ ميراثُها إلا إليه وحدَه عزَّ وَجَلَّ.

183

• {بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} القربان: ما يُتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى من حيوانٍ وغيرِه، يُوضَعُ في مكانٍ فَتَنْزِلُ عَلَيْهِ نارٌ بيضاءُ من السماء فَتَحْرِقُهُ.

185

• {زُحْزِحَ} أُخْرِجَ.

187

• {مِيثَاقَ} العهدُ المؤَكَّدُ بِالْيَمِينِ. • {وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} إخفاءُ الشيء حتى لا يُرى ولا يُعلَمَ.

188

• {بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} بِمِنْجَاةٍ من العذاب في الدنيا. ولهم في الآخرة عذابٌ أليمٌ.

192

• {أَخْزَيْتَهُ} أَذْلَلْتُهُ وَأَشْقَيْتُهُ.

195

• {وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} مما لا عينٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.

196

• {لاَ يَغُرَّنَّكَ} لا يَكُنْ منكَ اغترارٌ، والمخاطَبُ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - والمرادُ أصحابُه وأَتْبَاعُهُ. • {تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاَدِ} تَصَرُّفُهُمْ فيها بالتجارةِ والزراعةِ والأموالِ والمآكِلِ والمَشَارِبِ.

197

• {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} يَتَمَتَّعُونَ بِهِ أَعْوَامًا وَيَنْتَهِي. • {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} أَمَاكِنُهُمْ بعد التمتع القليل إلى جهنمَ يَأْوُونَ إليها فيخلدون فيها أبدًا.

198

• {نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللهِ} النُّزُلُ: ما يُعَدُّ للضيف مِنْ قِرًى: طعامٍ وشرابٍ وفراشٍ. • {لِلأَبْرَارِ} جَمْعُ بَارٍّ وهو المطيعُ لله ورسولِه الصادقُ في طاعتِه.

199

• {خَاشِعِينَ لِلهِ}: مُطِيعِينَ، مُخْبِتِينَ له عز وجل. • {لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} لا يَجْحَدُونَ أحكامَ اللهِ وما أَمَرَ ببيانه للناس مقابلَ مَنَافِعَ تَحْصُلُ لهم.

200

• {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} الصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ ورسولِه - صلى الله عليه وسلم -، وَالمُصَابَرَةُ: الثباتُ والصمودُ أَمَامَ العَدُوِّ. • {وَرَابِطُوا} المرابطةُ: لزومُ الثغور مَنْعًا للعَدُوِّ من التسربِ إلى ديارِ المسلمين. • {تُفْلِحُونَ} تفوزون بالظَّفَرِ المرغوبِ، والسلامةِ من المرهوب، في الدنيا والآخرة.

2

• {حُوبًا} الإثمُ والذَّنْبُ.

3

• {تُقْسِطُوا} تَعْدِلُوا بالنفقةِ والقَسْمِ. • {تَعُولُوا} تَظْلِمُوا.

4

• صَدُقَاتِهِنَّ} مُهُورُهُنَّ. • {نِحْلَةً} فَرِيضَةً مُسَمَّاةً وأَصْلُهَا العطيةُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّعِ.

5

• {السُّفَهَاء} السَّفِيهُ هُوَ كُلُّ مَنْ لا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ في المال، وقيل: المرادُ هنا اليَتَامَى. • {قِيَامًا} جَعَلَ فيها قِوَامَ مَعَاشِكُمْ وَقَضَاءَ حَاجَاتِكُمْ الدينيةِ كالحجِّ وغيرِه، والدنيويةِ كالنفقةِ وغيرِها.

6

• {وَبِدَارًا} أي مبادرةً فَتُبَادِرُونَ إلى أَكْلِ مَالِ اليتيمِ مخافةَ أن يَكْبَرُوا فَيَمْنَعُوكُمْ منها.

8

• {إِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} أي قسمةَ الميراث.

12

• {كَلاَلَةً} الكلالةُ: هي أن يَهْلِكَ هَالِكٌ ولا يتركَ ولدا وإن نَزَلَ، ولا يَتْرُكَ وَالِدًا وإن عَلَا.

15

• {فَأَمْسِكُوهُنَّ} فَاحْبِسُوهُنَّ.

20

• {اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ} أي: تَطْلِيقَ المرأةِ وَالتَّزَوُّجَ بِأُخْرَى.

21

• {أَفْضَى} الجماعُ.

23

• {وَرَبَائِبُكُمُ} هي بنتُ الزوجةِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ. • {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} لَكِنْ مَا مَضَى فَمَعْفُوٌّ عنه.

24

• {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء} أصلُ الإحصانِ المنعُ، ويطلق عَلَى المرأةِ ذاتِ الزوجِ، والعفيفةِ، والُحرَّةِ، والمسلمةِ، والمرادُ ذواتُ الأزواجِ فإنه يَحْرُمُ نكاحُهُنَّ ما دُمْنَ في ذِمَّةِ الزَّوْجِ. • {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي إلا السبايا فَيَحِلُّ لمالكهن الوطءُ بعد الاستبراءِ ولو كان لهن أزواجٌ. • {مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: مُتَزَوِّجِينَ غيرَ زَانِينَ.

25

• {طَوْلًا} الغِنَى والسَّعَة، والمرادُ به هنا المهرُ والنفقةُ. • {المُحْصَنَاتِ} أي: الحَرَائِرُ. • {أَخْدَانٍ} جمع خِدْنٍ: وهو الصاحبُ وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وهو أن يَكُونَ للمرأةِ خِدْنٌ يَزْنِي بِهَا في السِّرِّ. • {الْعَنَتَ} الزنا، وإنما سُمِّيَ الزنا بالعنتِ لِمَا يَعْقُبُهُ مِنَ المشَقَّةِ.

26

• {سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} طرائقَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الأنبياءِ والصالحينَ لِتَنْهَجُوا نَهْجَهُمْ.

27

• {أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} تَحِيدُوا عن طريقِ الطُّهْرِ والصفاءِ إلى طريق الخُبْثُ وَالْكَدَرُ بِارْتِكَابِ اَلمُحَرَّمَاتِ.

30

• {عُدْوَانًا وَظُلْمًا} اعْتِدَاء يكون فيه ظالمًا.

31

• {نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} أي: صَغَائِرَكُمْ.

33

• {مَوَالِيَ} أولياءَ، وهم الورثةُ، فَلُكِلِّ إنسانٍ مَوَالٍ يَرِثُونَهُ. • {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} المعاقدةُ: المحالفةُ، وكان الرجل يحالف الرجلَ ليس بينهما نسبٌ فَيَرِثً أحدُهُمَا الآخَرَ.

34

• {نُشُوزَهُنَّ} أي: تَعَالِيَهُنَّ وَمَعْصِيَتَهُنَّ. • {فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} أي: لا تَطْلُبُوا لَهُنَّ طَرِيقًا تَتَوَصَّلُونَ به إلى ضَرْبِهِنَّ بعدَ أن أَطَعْنَكُمْ.

35

• {شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الشِّقَاقُ: المُنَازَعَةُ والخصومةُ حتى يُصْبِحَ كُلُّ وَاحِدٍ في شِقٍّ مُقَابِلٍ.

36

• {الجَارِ ذِي الْقُرْبَى} أي: الَّذِي قَرُبَ جِوَارُهُ مِنْكَ، وقيل: القريبُ لِنَسَبٍ أو مُصَاهَرَةٍ. • {الجَارِ الجُنُبِ} أي: البعيدُ عَنْكَ في الجوارِ أو في النسب، وقيل: الْأَجْنَبِيُّ مُؤْمِنًا كَانَ أو كَافِرًا. • {الصَّاحِبِ بِالجَنبِ} أي الزوجةُ والصديقُ الملازِمُ كالتلميذِ والرفيقِ في السَّفَرِ.

41

• {بِشَهِيدٍ} أي بنبي يشهد عَلَى الأمة ولها.

42

• {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} يعني: لو صَارُوا فيها وَسُوِّيَتْ عليهم فلا يَخْرُجُونَ منها.

43

• {سُكَارَى} جمع: سَكْرَانَ، وهو مَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا فَسَتَرَ عَقْلَهُ وَغَطَّاهُ. • {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} اقْصُدُوا تُرَابًا طَاهِرًا.

46

• {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} أي يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اسْمَعْ، ثم يقولون في أنفسهم: (لَا سَمِعْتَ) يَدْعُونَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ السَّمَاعِ، وقيل: غَيْرُ مَقْبُولٍ مَا نَسْمَعُهُ مِنْكَ. • {رَاعِنَا} أَصْلُهُ مِنَ المُرَاعَاةِ فيجعلونَه من الرُّعُونَةِ، والرُّعُونَةُ: الحُمْقُ. • {لَيًّا} أي: تَحْرِيفًا.

47

• {نَطْمِسَ وُجُوهًا} نُذْهِبُ آثَارَهَا بِطَمْسِ الأَعْيُنِ، وَإِذْهَابِ أَحْدَاقِهَا. • {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} نجعل الوجهَ قَفا والقَفَا وَجْهًا. • {كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} لَعْنُهُمْ: جَعْلُهُمْ قِرَدَةً خِزْيًا لهم وعذابًا مُهِينًا.

49

• {فَتِيلًا} خَيْطُ النَّوَاةِ الَّذِي يَكُونُ في وَسَطِهَا.

51

• {الْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ} اسمٌ لِكُلِّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ سواء كَانَا صَنَمَيْنِ أو رَجُلَيْنِ.

53

• {نَقِيرًا} النَّقْرُ: الْحُفْرَةُ التي في ظَهْرِ النَّوَاةِ.

57

• {ظِلًّا ظَلِيلًا} أي: دائمًا لا تَنْسَخُهُ الشَّمْسُ.

58

• {نِعِمَّا} أي: نِعْمَ الشيءُ الَّذِي يَعِظُكُمْ به وهو أداءُ الأمانةِ والحكمُ بالعدلِ.

59

• {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} أحسنُ عاقبةً؛ لأن تأويلَ الشيء ما يَؤُولُ إليه في آخِرِ الأَمْرِ.

63

• {قَوْلًا بَلِيغًا} كَلَامًا قَوِيًّا يَبْلُغُ شِغَافَ قلوبهم لِبَلَاغَتِهِ وَفَصَاحَتِهِ.

66

• {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} أي: للإيمانِ في قلوبِهم.

69

• {الصِّدِّيقِينَ} جمع: صِدِّيقٍ، وهو من غَلَبَ عَلَيْهِ الصدقُ في أقواله وأحواله؛ لكثرة ما يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصدقَ. • {وَالشُّهَدَاء} جمع: شَهِيدٍ، وهو مَنْ مات في المعركة، ومثله مَنْ شَهِدَ بصحةِ الإسلامِ بالحُجَّةِ والبُرْهَانِ. • {وَالصَّالِحِينَ} جَمْعُ صَالِحٍ، وهو مَنْ أَدَّى حقوقَ الله تعالى، وأدى حقوقَ العبادِ، وَصَلُحَتْ نفسُه وَصَلُحَ عملُه.

71

• {ثُبَاتٍ} الثُّبَةُ: الجماعةُ، والثُّبَاتُ جمعُ ثُبَةٍ، أي: جماعات متفرقة.

72

• {لَّيُبَطِّئَنَّ} أي يَتَبَاطَأُ ويتثاقلُ عن الخروج فلا يخرج، وقيل: يُثَبِّطُ غيرَه عن الجهاد.

78

• {بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} حُصُونٌ مُشَيَّدَةٌ بِالشِّيدِ وهو الجَصُّ.

83

• {أَذَاعُوا بِهِ} أي: أَشَاعُوهُ بَيْنَ النَّاسِ.

84

• {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ} حُثَّهُمْ عَلَى الجهادِ وَحَرِّضْهُمْ عَلَى الْقِتَالِ. • {أَشَدُّ تَنكِيلًا} أَيْ: تَعْذِيبًا.

85

• {لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا} أي نصيبٌ من وزرها. • {مُّقِيتًا} أي مُقْتَدِرًا، مِنْ أَقَاتَ عَلَى الشيءِ: إذا قَدَرَ عَلَيْهِ، وقيل: حافظًا مأخوذٌ من القوتِ وهو ما تُحْفَظُ به الحياةُ.

88

• {أَرْكَسَهُم} أي نَكَّسَهُمْ وَرَدَّهُمْ إلى كُفْرِهِمْ.

90

• {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي: ضَاقَتْ. • {السَّلَمَ} الاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ.

91

• {أُرْكِسُوا فِيِهَا} رجعوا إلى الشرك. • {السَّلَمَ} الِاسْتِسْلَامُ وَالصُّلْحُ وَالِانْقِيَادُ. • {ثِقِفْتُمُوهُمْ} تَمَكَّنْتُمْ مِنْهُمْ.

92

• {إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا} أي إلا أن يَتَصَدَّقَ أهلُ القتيلِ عَلَى القاتلِ بِالدِّيَةِ وَيَعْفُوا عنه.

94

• {لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ} أي: لا تقولوا لمن حَيَّاكُمْ بتحية الإسلام، أو لِمَنْ أَظْهَرَ لكم ما يدلُّ عَلَى إسلامه، أو لمن ألقى إليكم الاستسلامَ والانقيادَ: لستَ مُؤْمِنًا، وإنما فعلتَ ذلك خوفَ القتلِ.

95

• {أُوْلِي الضَّرَرِ} هُمُ الْعُمْيَانُ وَالْعُرْجُ وَالمَرْضَى.

98

• {حِيلَةً} أي قدرةً عَلَى التَّحَوُّلِ، أي أسبابَ التخلص.

100

• {مُرَاغَمًا} المُرَاغَمُ: مَوْضِعُ المُرَاغَمَةِ كالمُزَاحَمَةِ مَوْضِعُ المُزَاحَمَةِ، والمُقَاتَلُ موضع المُقَاتَلَةِ، وَرَاغَمَ: هَاجَرَ، والمعنى: أنَّ مَنْ أَسْلَمَ كان يخرج عن قومه مُرَاغِمًا: أي مُهَاجِرًا وَمُتَحَوِّلًا من الرُّغَامِ وهو التراب.

103

• {كِتَابًا مَّوْقُوتًا} فرضًا ذاتَ وقتٍ مُعَيَّنٍ تُؤَدَّى فيه لا تَتَقَدَّمُهُ ولا تَتَأَخَّرُ عنه.

105

• {وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا} أي جَيِّدَ الخصومةِ فلا تَكُنْ مُدَافِعًا عنهم ولا مُعِينًا لهم.

107

• {يَخْتَانُونَ} الخيانةُ والنفاقُ واحدٌ، إلا أن الخيانةَ تَخْتَصُّ بنقضِ العهدِ والأمانةِ، والنِّفَاقُ يختص بِالدِّينِ، ويختانون ها هنا يُرَاوِدُونَ أنفسَهم بالخيانة، ويظلمون أنفسَهم بالخيانة، وَسُمُّوا بذلك؛ لأن مَنْ أَقْدَمَ عَلَى الذنب فقد خَانَ نَفْسَهُ.

108

• {يَسْتَخْفُونَ} يَطْلُبُونَ إخفاءَ أنفسِهم عن الناس. • {يُبَيِّتُونَ} يُدَبِّرُونَ الأمرَ في خفاءٍ وَمَكْرٍ وَخَدِيعَةٍ.

117

• {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا} أي: مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إلا إِنَاثًا أي: أَوْثَانًا وَأَصْنَامًا، مُسَمَّيَاتٌ بِأَسْمَاءِ الإناثِ، كـ (العُزَّى) و (مَنَاةَ) ونحوهما، ومن المعلوم أن الاسمَ دَالٌّ عَلَى المُسَمَّى، فإذا كانت أسماؤها أسماءً مؤنثةً ناقصةً، دَلَّ ذلك عَلَى نقصِ المسميات بتلك الأسماء، وَفَقْدِهَا لصفاتِ الكمالِ، وقيل: إن المرادَ بالإناث هنا الأمواتُ؛ لأن الميتَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ لفظُ أُنْثَى عندَ العربِ بجامعِ عدمِ النَّفْعِ. • {وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا} أي إبليسَ، والمَرِيدُ وَالَمارِدُ هُوَ المُتَمَرِّدُ العَاتِي الخارجُ عن الطاعة.

118

• {نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} حَظًّا مُعَيَّنًا، أو حِصَّةً مَعْلُومَةً.

119

• {فَلَيُبَتِّكُنَّ} أي: فَلَيُقَطِّعُنَّ، والبتكُ: القطعُ.

121

• {مَحِيصًا} أي: ليس لهم منها مَفَرٌّ ولا مَهْرَبٌ، فالمحيصُ هُوَ المهربُ والمخَلْصُ يقال: (وقعوا في حَيْصَ بَيْصَ) و (في حَاصَ بَاصَ) أي: في أمر يَعْسُرُ التخلصُ منه، ويقال: حَاصَ عن الشيء: أي عَدَلَ فليس لهم محيصٌ أي معدل.

127

• {وَيَسْتَفْتُونَكَ} يطلبون منك الفتيا في شأن النساء وميراثهن.

128

• {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ} الشُّحُّ: أَقْبَحُ البُخْلِ، وحقيقته الحرصُ عَلَى مَنْعِ الخير، وإنما قال: وَأُحْضِرَتِ الأنفسُ الشحَّ؛ لأنه كالأمر اللازم للنفوس؛ لأنها مطبوعةٌ عَلَى الشُّحِّ، ومعنى الآية أن كل واحد من الزوجين يَشُحُّ بنصيبه عن الآخَر، فالمرأةُ تَشُحُّ عَلَى مكانها من زوجها، والرجلُ يَشُحُّ إذا كان غيرُها أحبَّ إليه منها.

135

• {تَلْوُوا} أي: تميلوا إلى غير الحق.

141

• {يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} ينتظرون متى يحصل لكم انهزامٌ أو انكسارٌ، فيعلنون عن كفرهم. • {نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} أي: نَسْتَوْلِي عليكم وَنَمْنَعكُمْ من المؤمنين إِنْ قاتلوكم.

145

• {الدَّرْكِ الأَسْفَلِ} الدركُ: كالطَّابِقِ، والدَّرْكَةُ كالدَّرَجَةِ.

154

• {مِّيثَاقًا غَلِيظًا} عَهْدًا مُؤَكَّدًا بِالأَيْمَانِ.

171

• {وَكَلِمَتُهُ} كلمةٌ تَكَلَّمَ بها اللهُ فكان بها عيسى، ولم يكن تلك الكلمةَ وإنما كان بها، وهذا من بابِ إضافةِ التشريفِ والتكريمِ. • {وَرُوحٌ مِّنْهُ} أي: من الأرواح التي خَلَقَهَا وَكَمَّلَهَا بالصفاتِ الفاضلةِ، والأخلاقِ الكاملةِ.

172

• {لَّن يَسْتَنكِفَ} أي: لن يَأْنَفَ ولن يَتَكَبَّرَ.

1

• {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الوفاءُ والإيفاءُ: الإتيانُ بالشيء وافيًا لا نقصَ فيه، والعقودُ واحدها عقدٌ وهو في الأصل ضِدّ الحل. • {بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} هي الإبل والبقر والغنم، وَسُمِّيَتِ البهيمةُ بهيمةً: لإبهَامِهَا من جهةِ نَقْصِ نُطْقِهَا وَفَهْمِهَا، وعدمِ تمييزِها وعَقْلِهَا، ومنه بابٌ مُبْهَمٌ أي: مُغْلَقٌ، وليلٌ بَهِيمٌ لا يُمَيَّزُ ما فيه من الظلام.

2

• {شَعَآئِرَ اللهِ} جمع شعيرة، وهي هنا مناسكُ الحج والعمرة وإحلالُ الشعائر أن يُتَهَاوَنَ بحرمتها فلا تُحَلُّ مناسكُ الحجِّ والعمرةِ بأن يقع منكم الإخلالُ بشيءٍ منها. • {الشَّهْرَ الحَرَامَ} رجب، وهو شهرُ مُضَرَ الَّذِي كانت تُعَظِّمُهُ. • {الهَدْيَ} ما يُهدى للبيت والحرمِ من بهيمةِ الأنعامِ. • {الْقَلآئِدَ} واحدُها قِلَادَةٌ، وهي ما يُعَلَّقُ في العُنُقِ، وكانوا يُقَلِّدُونَ الإبلَ من الهَدْيِ بِنَعْلٍ أو حَبْلٍ، لِيُعْرَفَ فلا يَتَعَرَّضَ له أحدٌ، وقيل: يُقْصَدُ بها الأنعامُ التي تُقَلَّدُ عند إهدائها إلى البيتِ. • {آمِّينَ} قَاصِدِينَ، والمعنى: لا تَتَعَرَّضُوا بالأذى والصَّدِّ للحُجَّاجِ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ الحَجَّ.

3

• {المَيْتَةُ} ما مَاتَ من بهيمةِ الأنعامِ حَتْفَ أَنْفِهِ أي: بِدُونِ تَذْكِيَةٍ. • {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ} أي: ما ذُكِرَ عَلَيْهِ اسم غيرُ اسم الله تعالى مثلَ المسيحِ، أو الْوَلِيِّ، أو صَنَمٍ. • {المُنْخَنِقَةُ} أي بِحَبْلٍ ونحوِه فَمَاتَتْ. • {المَوْقُوذَةُ} أي: المضروبة بِعَصًا أو حَجَرٍ فماتت به. • {المُتَرَدِّيَةُ} الساقطةُ من عالٍ إلى أسفلَ مثل السطح والجدار والجبل فماتت. • {النَّطِيحَةُ} ما ماتت بسبب نَطْحِ أُخْتِهَا لها بقرونها أو رأسها. • {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} أي: ما أَكَلَهَا الذئبُ وغيرُه من الحيواناتِ المفترسةِ. • {الأَزْلاَمِ} جمع زَلَمٍ، وهي عيدانٌ يَسْتَقْسِمُونَ بها في الجاهلية لمعرفةِ الخيرِ والشَّرِّ. • {مَخْمَصَةٍ} المخمصةُ: شِدَّةُ الجوعِ حتى يَضْمُرَ البطنُ لقلةِ الغذاءِ به. • {مُتَجَانِفٍ} مَائِلٍ.

4

• {الجَوَارِحِ} أي الْكَوَاسِبِ، يعني الصَّوَائِدَ، واحدتُها جارحةٌ، والجَرْحُ: الكَسْبُ من قوله: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}. • {مُكَلِّبِينَ} مُعَلِّمِينَ الكلابَ الاصطيادَ.

5

• {مُحْصِنِينَ} أي مُتَعَفِّفِينَ بالتَّزَوُّجِ.

8

• {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} أي: لا يَحْمِلَنَّكُمْ. • {شَنَآنُ} بُغْضٌ وَعَدَاوَةٌ.

12

• {نَقِيبًا} النقيبُ: الضَّمِينُ والكفيلُ الباحثُ عن القومِ وعن أَحْوَالهِمْ، لقد أَمَرَ الله موسى أن يسيرَ ببني إسرائيلَ إلى الأرضِ المقدسةِ؛ ليجاهدوا مَنْ فيها مِنَ الْعَدُوِّ، وقال: إني نَاصِرُكَ عليهم، وَخُذْ من قَوْمِكَ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا من كل سَبْطٍ نَقِيبًا يكون كَفِيلًا عَلَى قومه بالوفاء عَلَى ما أُمِرُوا به. • {عَزَّرْتُمُوهُمْ} أي: نَصَرْتُمُوهُمْ وَدَافَعْتُمْ عنهم فالتعزيرُ هُوَ التعظيمُ والتوقيرُ والنُّصْرَةُ.

14

• {فَأَغْرَيْنَا} أي: سَلَّطْنَا بعضَهم عَلَى بعض، وصار بينهم من الشرورِ والإِحَنِ ما يقتضي بُغْضَ بعضهم بعضًا ومعاداةَ بعضهم بعضًا إلى يوم القيامة.

19

• {فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ} أي: فُتُورٍ وَسُكُونٍ وَانْقِطَاعٍ.

21

• {الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ} أي: بيتُ المَقْدِسِ أو أرضِ الشَّامِ عَامَّةً.

26

• {يَتِيهُونَ} يَتَحَيَّرُونَ، والتِّيهُ هُوَ الحَيْرَةُ. • {فَلاَ تَأْسَ} الأَسَى: هُوَ الحزنُ، يقال: أَسَيْتُ عَلَيْهِ أَسًى، وَأَسَيْتُ له، وحقيقتُه اتباعُ الفائتِ بِالْغَمِّ.

27

• {قُرْبَانًا} القُرْبَانُ: ما يُتَقَرَّبُ به إلى اللهِ تعالى كالصلاةِ والصَّدَقَاتِ.

29

• {تَبُوءَ} تَرْجِعُ.

31

• {يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ} يَسْتُرُ بالترابِ جَسَدَ أخيه، وقيل فيه سَوْءَةً؛ لأن النظرَ إلى الميت تَكْرَهُهُ النفوسُ، والسَّوْءَةُ: ما يُكْرَهُ النظرُ إليه.

38

• {نَكَالًا} عُقُوبَةً.

42

• {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} كَثِيرُو الأَكْلِ للحرامِ كالرِّشْوَةِ والرِّبَا.

44

• {الرَّبَّانِيُّونَ} جَمْعُ: رَبَّانِيٍّ، وهو العالِمُ المُرَبِّي الحَكِيمُ. • {الأَحْبَارُ} جمع: حَبْرٍ، وهو العالِم من أَهْلِ الكتاب.

46

• {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم} أي أَتْبَعْنَا عَلَى آثَارِهِمُ الأنبياءَ.

48

• {وَمُهَيْمِنًا} أي شَاهِدًا وَأَمِينًا، وَحَاكِمًا عَلَيْهِ وَمُحَقِّقًا للحق الَّذِي فيه، وَمُبْطِلًا للباطل الَّذِي اتَّصَفَ به. • {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} شَرِيعَةً تَعْمَلُونَ بها وسبيلًا تَسْلُكُونَهُ لِسَعَادَتِكُمْ وَكَمَالِكُمْ من سُنَنِ الْهُدَى.

52

• {دَآئِرَةٌ} أي: يَدُورُ الدهرُ علينا إما بِقَحْطٍ، وإما أن يظفر اليهودُ بالمسلمين فلا يدوم الأمرُ لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا القولُ أشبهُ بالمعنى كأنه من دَارَتْ تدور، أي: نخشى أن يدورَ الأمرُ، والدورةُ والدائرةُ في المكروه، كما يقال دَوْلَةٌ في المحبوب.

54

• {مَن يَرْتَدَّ} أي: يَرْجِعُ إلى الكُفْرِ بعد إيمانه.

63

• {السُّحْتَ} الحرامَ.

64

• {مَغْلُولَةٌ} مَقْبُوضَةٌ كنايةً عن البخل. • {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} دعاءٌ عليهم بأن يُحْرَمُوا الإنفاقَ في الخير وفيما ينفعهم.

66

• {أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ} مُعْتَدِلَةٌ لا غاليةٌ مفرطةٌ، ولا جَافِيَةٌ مُفَرِّطَةٌ.

67

• {يَعْصِمُكَ} يَحْفَظُكَ حفظًا لا يصل إليك معه أحدٌ بسوء.

82

• {قِسِّيسِينَ} جمع قِسٍّ، وهو رئيسُ النصارى في العلم والدين. • {رُهْبَانًا} جمع رَاهِبٍ، وهو المنقطعُ للعبادة في الصوامع.

89

• {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ} لا يعاقبكم اللهُ باللغو الَّذِي هُوَ ما كان بِغَيْرِ قَصْدِ الْيَمِينِ. • {عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ} عَزَمْتُمْ عليها بقلوبكم بأن تفعلوا أو لا تفعلوا. • {مِنْ أَوْسَطِ} أَغْلَبُهُ ولا هُوَ من أَعْلَاهُ، ولا هُوَ من أَدْنَاهُ. • {أَهْلِيكُمْ} مِنْ زَوْجَةٍ وَوَلَدٍ.

90

• {المَيْسِرُ} الْقِمَارُ. • {الأَنصَابُ} جمع نُصُبٍ، وهو ما يُنْصَبُ للتقربِ به إلى الله، أو التَّبَرُّكِ به، وَلِتَعْظِيمِهِ.

96

• {لِلسَّيَّارَةِ} للمسافرين جَمْعُ: سيَّار.

97

• {الْكَعْبَةَ} كلُّ بناءٍ مربعٍ، والمراد به هنا بيتُ الله الحرامُ.

103

• {بَحِيرَةٍ} وهي الناقةُ يَشُقُّونَ أُذُنَهَا شَقًّا واسعًا إذا أَنْتَجَتْ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ، وكان الخامسُ أنثى، ولا تُرْكَبُ ولا تَرْعَى، وإذا كان الخامسُ ذَكَرًا نُحِرَ فَأَكَلَهُ الرجالُ والنِّسَاءُ. • {سَآئِبَةٍ} وهي: ناقةٌ، أو بقرةٌ، أو شاةٌ إذا بَلَغَتْ سِنًّا اصْطَلَحُوا عليه، سَيَّبُوهَا، فلا تُرْكَبُ، ولا يُحْمَلُ عليها، ولا تُؤْكَلُ، وبعضهم يُنْذِرُ شَيْئًا من مَالِهِ، يَجْعَلُهُ سَائِبَةً. • {وَصِيلَةٍ} هي الشَّاةُ إذا وَلَدَتْ ذَكَرًا كان لآلهتهم، وإذا وَلَدَتْ أنثى كانت لهم، وإذا وَلَدَتْ ذَكَرًا وأنثى قالوا: وَصَلَتْ أَخَاهَا فلا تُذْبَحُ ويكون الذَّكَرُ لهم. • {حَامٍ} هُوَ الفحلُ يُولَدُ من ظَهْرِهِ عَشَرَةُ أَبْطُنٍ، فيقولون: حَمَى ظَهْرَهُ فلا يُحْمَلُ عَلَيْهِ ولا يُمْنَعُ من مَاءٍ ولا مَرْعَى.

110

• {كَهْلًا} مَنْ جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ مِنَ الْعُمْرِ.

114

• {عِيدًا} أي: يَوْمًا يعود علينا كُلَّ عام نذكر اللهَ تعالى فيه وَنَشْكُرُهُ.

1

• {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} خلق. • {يَعْدِلُونَ} أي: يُسَوُّونَ به غيرَه فيعبدونَه مَعَهُ، فالعَدْلُ هُوَ التسويةُ، تقول: عَدَلْتُ فُلَانًا بِفُلَانٍ إذا سَوَّيْتَهُ به.

6

• {مِّدْرَارًا} أي: مَطَرًا مُتَتَابِعًا مُتَوَاصِلًا غَزِيرًا.

7

• {قِرْطَاسٍ} اسمٌ للصحيفةِ سواءٌ أكان من وَرَقٍ أم من غَيْرِهِ.

10

• {حَاقَ} أي: أَحَاطَ.

25

• {أَكِنَّةً} أَغْطِيَةٌ، جمع كِنَانٍ أي غطاء؛ لأنه يُكِنُّ الشيءَ أي يَسْتُرُهُ. • {الوَقْر} بفتحِ الواوِ وسكونِ القافِ: الصَّمَمُ الشَّدِيدُ. • {أَسَاطِيرُ} جمع أُسْطُورَةٍ بضم الهمزةِ وسكونِ السينِ وهي القِصَّةُ والخبرُ عن المَاضِينَ، والأظهرُ أن الأسطورةَ لفظٌ مُعَرَّبٌ عن الرومية أصله إِسْطُورْيَةْ بكسر الهمزة وهو القصة.

26

• {يَنْهَوْنَ عَنْهُ} أي: يَبْعُدُونَ عن القُرْآنِ أو عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

31

• {أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} بِئْسَ مَا يَحْمِلُونَ مِنْ أَوْزَارٍ.

38

• {مِن دَآبَّةٍ} الدَّابَّةُ كُلُّ ما يَدِبُّ عَلَى الأرضِ من إنسانٍ وحيوانٍ.

44

• {مُّبْلِسُونَ} أي: آيِسُونَ، والإِبْلَاسُ: الإِيَاسُ، وقيل: لَفْظُ إبليسَ مُشْتَقٌّ من هذه المادةِ وهو مُشْكِلٌ لِكَوْنِهِ أَعْجَمِيًّا.

46

• {يَصْدِفُونَ} أي: يُعْرِضُونَ إِعْرَاضًا شَدِيدًا.

52

• {الْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} الغداةُ: أَوَّلُ النهار، وَالْعَشِيُّ: مِنَ الزَّوَالِ إلى الصباحِ، وَيُقْصَدُ بالغداةِ والعشيِّ استيعابُ الزمانِ والأيامِ كما يُقْصَدُ بِالمَشْرِقِ والمغربِ استيعابُ الأَمْكِنَةِ.

59

• {مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} المفَاتِحُ: جَمْعُ مَفْتَحٍ، بفتحِ الميمِ، أي: المخْزَنُ.

60

• {يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ} أي: يُنِيمُكُمْ باسْتِتَارِ الأرواحِ وَحَجْبِهَا عن الحياةِ كالموت. • {جَرَحْتُم} كَسَبْتُمْ.

63

• {تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} التَّضَرُّعُ: الدعاءُ بِتَذَلُّلٍ، وَخُفْيَةً بدون جَهْرِ بالدُّعَاءِ.

64

• {كَرْبٍ} الكَرْبُ: الشِّدَّةُ المُوجِبَةُ لِلْحُزْنِ وأَلَمِ الجسدِ والنفسِ.

67

• {لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ} المُسْتَقَرُّ: موضعُ الاسْتِقْرَارِ، والنَّبَأُ: الخبرُ العظيمُ.

70

• {تُبْسَلَ} أي: لأن لا تَهْلِكَ نفسٌ بسببِ الجناياتِ التي عُمِلَتْ في الدنيا، والإبسالُ تسليمُ المرءِ نفسَه للهلاك. • {أُبْسِلُوا} أي: أُهْلِكُوا وأَيِسُوا من الخيرِ.

71

• {اسْتَهْوَتْهُ} أَوْقَعَتْهُ في الهَوَى.

76

• {جَنَّ} أَظْلَمَ. • {أَفَلَ} غَابَ.

77

• {بَازِغًا} طَالِعًا.

80

• {وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ} جَادَلُوهُ وَحَاوَلُوا غَلْبَهُ بِالحُجَّةِ، والحُجَّةُ: البَيِّنَةُ والدَّلِيلُ القَوِيُّ. • {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ} أُتَجَادِلُونَنِي في توحيدِ الله وقد هَدَانِي إليه، فكيف أَتْرُكُهُ وَأَنَا منه عَلَى بَيِّنَةٍ.

93

• {غَمَرَاتِ المَوْتِ} شَدَائِدُهُ عند نَزْعِ الرُّوحِ. • {بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ} للضَّرْبِ وإخْرَاجِ الرُّوحِ. • {عَذَابَ الهُونِ} أي عذابَ الذُّلِّ وَالمَهَانَةِ.

94

• {فُرَادَى} واحدًا واحدًا لَيْسَ مع أَحَدِكُمْ مَالٌ ولا رِجَالٌ. • {خَوَّلْنَاكُمْ} التَّخْوِيلُ هُوَ التَّفَضُّلُ بالعَطَاءِ، قِيلَ: أَصْلُهُ إعطاءُ الخَوَلِ بفتحتين وهو الخدمُ، أي: إعطاءُ العبيدِ، ثم اسْتُعْمِلَ مَجَازًا في إعطاءِ مُطْلَقِ ما يَنْفَعُ أي تَرَكْتُمْ ما أَنْعَمْنَا به عليكم من مَالٍ وغيرِه. • {تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} أَيْ: تفرَّق وَصْلُ المودةِ، وَالْبَيْنُ من الأضدادِ يكون بمعنى الوصل ويكون بمعنى الفِرَاقِ.

96

• {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} شَاقُّ الضياءِ عن الظُّلْمَةِ.

98

• {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} أي: فَلَكُمْ مَكَانُ اسْتِقْرَارٍ، وَمَكَانُ اسْتِيدَاعٍ، وأكثرُ أَهْلِ التفسيرِ يقولون: المُسْتَقَرُّ ما كان في الرَّحِمِ، والمستودعُ ما كان في الصُّلْبِ، وقيل: فَمُسْتَقَرٌّ أي في القبرِ، وقيل: في الأَرْضِ.

99

• {طَلْعِهَا} وهو الكُفُرَّى، والوعاءُ قبل ظهور الْقِنْوِ منه، فيخرج من ذلك الوعاءِ. • {مُّتَرَاكِبًا} أي: سَنَابِلَ فيها الحَبُّ يَرْكَبُ بعضُه فوق بعضٍ مثلَ سنابلِ القَمْحِ والشَّعِيرِ. • {قِنْوَانٌ} عَنَاقِيُد جَمْعُ قِنْوٍ، وقنوانٌ جُمِعَ عَلَى حَدِّ التَّثْنِيَةِ مثل: صِنْوَانٍ، والصِّنْوُ المِثْلُ، قال «الكرماني»: لا نَظِيرَ لهما. • {دَانِيَةٌ} قريبةٌ. • {مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} يقال: اشْتَبَهَ الشيئانِ وَتَشَابَهَا إذا اسْتَوَيَا وَتَسَاوَيَا، والتقدير: وأخرجنا الزيتونَ مُتَشَابِهًا وغيرَ مُتَشَابِهٍ، والرمانُ كذلك بعضُه مُتَشَابِهٌ وبعضُه غيرُ مُتَشَابِهٍ في القَدْرِ واللَّوْنِ والطَّعْمِ. • {وَيَنْعِهِ} نُضْجِهِ، واليَنْعُ مصدر ينع أي: أَدْرَكَ، وقيل: جَمْعُ يَانِعٍ كتَاجِرٍ وَتَجْرٍ.

100

• {خَرَقُوا} معنى خَرَقُوا: اخْتَلَقُوا وَكَذَبُوا، أي: جَعَلُوا له كَذِبًا بَنِينَ كما قالت النصارى: المسيحُ ابنُ الله، وكما قالت اليهود: عُزَيْرٌ ابنُ الله.

105

• {نُصَرِّفُ الآيَاتِ} نُجْرِيهَا في مجارٍ تِبْيَانًا للحق وتوضيحًا. • {دَرَسْتَ} قَرَأْتَ.

111

• {قُبُلًا} مقابلةً ومواجهةً وَمُعَايَنَةً.

112

• {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ} وهذا عبارةٌ عما يُوَسْوِسُ به شياطينُ الجنِّ إلى شياطين الإنس، وَسُمِّيَ وَحْيًا؛ لأنه إما يكون خُفْيَةً، وَجُعِلَ تمويههم زُخْرُفًا لتزيينهم إياه، وكلُّ شيء حَسَنٌ مُمُوَّهٌ يُسَمَّى زُخْرُفًا، والغرورُ: الباطلُ.

113

• {وَلِتَصْغَى} تَمِيلُ. • {وَلِيَقْتَرِفُوا} الاقترافُ: افتعالٌ، مِنْ قَرَفَ إذا كسب سيئةً يقال: قَرَفَ واقْتَرَفَ وَقَارَفَ، والاقترافُ يكون في الحسنة والسيئة، وفي الإثم أَكْثَرُ.

115

• {صِدْقًا وَعَدْلًا} صِدْقًا في الأخبار، فكل ما أَخْبَرَ به القرآنُ هُوَ صِدْقٌ، وعدلًا في الأحكام، فليس في القرآن حُكْمُ جَوْرٍ وَظُلْمٍ أَبَدًا بل كل أحكامِه عادلةٌ.

116

• {يَخْرُصُونَ} يَكْذِبُونَ.

124

• {صَغَارٌ} الصَّغَارُ: أَشَدُّ الذُّلِّ، والصَّغَارُ في القَدْرِ والصِّغَرُ في السِّنِّ وغيرِه.

125

• {يَشْرَحْ صَدْرَهُ} شَرْحُ الصَّدْرِ: توسعتُه لقبولِ الحقِّ وَتَحَمُّلِ الواردِ عَلَيْهِ من أنوار الإيمان، وعلامةُ ذلك: الإنابةُ إلى دارِ الخلودِ، والتجافي عن دَارِ الغُرُورِ، والاستعدادُ للموت قبل نُزُولِهِ. • {حَرَجًا} ضَيِّقًا لا يتسع لقَبُولِ الحَقِّ، ولا لنورِ الإيمانِ.

128

• {اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} انتفعَ كُلٌّ مِنَّا بصاحبه، أي: تَبَادَلْنَا المنافعَ بيننا حتى الموتِ.

136

• {ذَرَأَ} خَلَقَ. • {مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ} الحَرْثُ: كُلُّ مَا يُحْرَثُ له الأرضُ من الزروع، والأنعامُ: الإبلُ والبقرُ والغنمُ.

137

• {لِيُرْدُوهُمْ} أي يُهْلِكُوهُمْ، والرَّدَى: الهَلَاكُ.

138

• {حِجْرٌ} أي حرامٌ وأصلُه المنعُ، والمعنى أنهم حَرَّمُوا أَنْعَامًا وهي البَحِيرَةُ والسَّائِبَةُ والوَصِيلَةُ وَالْحَامِي، وَحَرْثًا جعلوه لأصنامهم.

141

• {مَّعْرُوشَاتٍ} ما يُعْمَلُ له العريشُ من العنبِ، وما لا يُعْرَشُ له من سائرِ الأشجارِ. • {حَقَّهُ} ما وَجَبَ فيه من الزكاةِ. • {يَوْمَ حَصَادِهِ} يومَ حَصَادِهِ إن كان حبًّا، وجُذَاذِه إن كان نَخْلًا.

142

• {حَمُولَةً} الحمولةُ: الكبيرةُ من الإبل والبقر الَّذِي يَحْمِلُ عَلَيْهِ الناسُ الأثقالَ. • {وَفَرْشًا} ما كان من الأنعام صَغِيرًا لا يَصْلُحُ للحَمْلِ، سُمِّيَتْ فَرْشًا لِدُنُوِّهَا من الأرض، والأرضُ يُطْلَقُ عليها اسمُ الفِرَاشِ.

145

• {مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} مَحْظُورًا ممنوعًا عَلَى آكِلٍ يَأْكُلُهُ.

146

• {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} أي: التي لا تُفَرَّقُ أصابعُه كالإبل والنَّعَامِ، وذلك أن بعض الحيوانات أو الطيور نَجِدُ تَشَقّقَ أصبعها ظاهرًا والأصابعَ مُفَصَّلَةً ومُنْفَرِجَةً بعضُها عن بعض، فهذه ليست حَرَامًا عَلَيْهِمْ، ونوعًا نَجِدُ أصابعَها غيرَ مفصولةٍ وغيرَ مُنْفَرِجَةٍ مِثْلَ الإبلِ والنَّعَامِ والبطِّ والإِوَزِّ وهي ذو الظفر وهي المحرمة عَلَى اليهود. • {إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} أي: تُحَرَّمُ شُحُومُ البقرِ والغنمِ إلا الشحومَ التي عَلَى ظُهُورِهَا والشحومَ التي تكونُ حَوْلَ الحَوَايَا وهي الأمعاءُ، وإلا الشُّحُومَ التي اخْتَلَطَتْ بِعَظْمٍ، قال بعضُهم: والحاصلُ أن الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ شَحْمُ الجَوْفِ، وَشَحْمُ الكُلْيَةِ، وما عداهما حَلَالٌ لَهُمْ.

157

• {صَدَفَ} أَيْ: أَعْرَضَ.

159

• {فَرَّقُوا دِينَهُمْ} جَعَلُوهُ طَرَائِقَ وَمَذَاهِبَ تَتَعَادَى. • {وَكَانُوا شِيَعًا} طَوَائِفَ وَأَحْزَابًا.

162

• {وَنُسُكِي} ذَبْحِي تَقَرُّبًا إلى الله. • {وَمَحْيَايَ} حَيَاتِي.

165

• {خَلاَئِفَ الأَرْضِ} أي: في الأرض يَخْلُفُ بعضُهم بعضًا، واحِدُهُمْ خَلِيفَةٌ.

4

• {بَأْسُنَا} عَذَابُنَا. • {بَيَاتًا} لَيْلًا قَبْلَ أن يُصْبِحُوا. • {قَآئِلُونَ} وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ وهي نومُ نِصْفِ النَّهَارِ للاسْتِرَاحَةِ.

7

• {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ} أَيْ: عَلَى الخَلْقِ كُلِّهِمْ ما عَمِلُوا بِعِلْمٍ منه تَعَالَى لأعمالهم.

18

• {مَذْؤُومًا} مَذْمُومًا، والذَّأْمُ: أَشَدُّ الْعَيْبِ. • {مَّدْحُورًا} مَطْرُودًا.

26

• {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} مِنَ اللِّبَاسِ الحِسِّيِّ؛ فَإِنَّ لباسَ التقوى يستمر مع العبد، لا يَبْلَى ولا يَبِيدُ، وهو جمالُ القلبِ والروحِ، أما اللباسُ الظَّاهِرِيُّ فغايتُه أن يسترَ العورةَ الظاهرةَ، في وقتٍ من الأوقات. أن يكون جمالًا للإنسان وليس وراءَ ذلك منه نَفْعٌ.

31

• {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أَيِ: اسْتُرُوا عَوْرَاتِكُمْ عندَ الصلاةِ كُلِّهَا، فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا، فَإِنَّ سَتْرَهَا زينةٌ للبَدَنِ، كما أَنَّ كَشْفَهَا يَجْعَلُ البدنَ قَبِيحًا مُشَوَّهًا، وقيل: اللباسُ: النظيفُ الحَسَنُ.

40

• {حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} أي: حتى يدخلَ البعيرُ الَّذِي هُوَ أكبرُ الحيواناتِ جِسْمًا في خرق الإبرة الَّذِي هُوَ من أضيقِ الأشياءِ، وهذا مِنْ بابِ تعليقِ الشيءِ بالمُحَالِ.

41

• {لهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ} أي: فِرَاشٌ مِنْ تَحْتِهِمْ. {وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} جَمْعُ غَاشِيَةٍ، وهي الغِطَاءُ، أي: نيرانٌ تَغْشَاهُمْ وتحيط بهم مِنْ تحتهم ومِنْ فوقهم.

43

• {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}: وهذا من كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ عَلَى أَهْلِ الجنَّةِ بأن يَقْلَعَ الله الغِلَّ الَّذِي كان في قلوبهم والتنافسَ الَّذِي كان بَيْنَهُمْ، حتى يكونوا إخوانًا مُتَحَابِّينَ، وَأَخِلَّاءَ مُتَصَافِينَ.

45

• {يَبْغُونَهَا عِوَجًا}: أي مُنْحَرِفَةً صَادَّةً عن سواءِ السبيلِ.

46

• {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} أي: بَيْنَ أصحابِ الجنةِ وأصحابِ النار حِجَابٌ يقال له الأعرافُ لا من الجنة ولا من النار، يُشْرِفُ عَلَى الدَّارَيْنِ، وينظر من عَلَيْهِ حالَ الفَرِيقَيْنِ، وعلى هذا الحجابِ رجالٌ يعرفون كُلًّا من أهلِ الجنةِ وأهلِ النارِ بعلاماتٍ. • {يَعْرِفُونَ كُلًا بِسِيمَاهُمْ} السِّيَما: العَلَامَةُ، وَسِيمَا المؤمنين بَيَاضُ الوجوهِ وَنَضْرَتُهَا، فَوُجُوهُهُمْ مُسْفِرَةٌ ضاحكة مُسْتَبْشِرَةٌ، وَسِيمَا الكافرين سَوَادُ الوجوهِ، فَوُجُوهُهُمْ عليها غَبْرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتْرَةٌ.

54

• {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}: أَوَّلُهَا يومُ الأحدِ وآخِرُهَا يومُ الجمعةِ، خَلَقَهُمَا وَأَوْدَعَ فيهما مِنْ أَمْرِهِ مَا أَوْدَعَ. • {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}: العرشُ العظيمُ الَّذِي يَسَعُ السماواتِ والأرضَ، وما فيهما وما بينهما، استوى استواءً يليقُ بجَلَالِهِ، وعظمتِه وسلطانِه. • {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} يأتي بالليلِ عَلَى النهارِ فَيُغَطِّيهِ حتى يذهبَ بنُورِهِ. • {يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} أي: سريعًا بلا انقطاعٍ كأنه لسرعةِ مُضِيِّهِ يَطْلُبُ النَّهَارَ، والمعنى: كلَّ ما جاء الليل ذَهَبَ النهارُ، وكلَّ ما جاء النهارُ ذَهَبَ الليلُ وهكذا أبدًا عَلَى الدوام حتى يقضي الله هذا الْعَالَمَ وينتقلَ العبادُ إلى دارٍ غيرِ هذه الدارِ. • {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} أي: بتسخيرِه وتدبيرِه الدالِّ عَلَى ما له من أوصافِ الكمالِ، فَخَلْقُهَا وَعِظَمُهَا دَالٌّ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وما فيها من الإحكامِ والانتظامِ والإتقانِ، دَالّ عَلَى كمالِ حِكْمَتِهِ.

56

• {خَوْفًا وَطَمَعًا} أي: خَوْفًا من عقابه، وَطَمَعًا في ثَوَابِهِ.

57

• {بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي: الرياحُ الُمبَشِّرَاتُ بالغَيْثِ، التي تُثِيرُهُ بإذنِ اللهِ، فَيَسْتَبْشِرُ الخَلْقُ بِرَحْمَةِ اللهِ. • {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ} أي: الرياحُ. • {سَحَابًا ثِقَالًا} قد أَثَارَهُ بعضُها، وَأَلفَهُ ريحٌ أخرى وَأَلْقَحَتْهُ ريحٌ أُخْرَى. • {سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ} قد كَادَتْ تَهْلِكُ حَيَوَانَاتُهُ، وَكَادَ أَهْلُهُ أن يَيْأَسُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ. • {فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاء} أي: الماءَ الغزيرَ من ذلك السحابِ، وَسَخَّرَ اللهُ له ريحًا تُدِرُّهُ، وريحًا تُفَرِّقُهُ بإذن الله.

58

• {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} أي: طَيِّبُ التُّرْبَةِ والمادةِ إذا نزل عَلَيْهِ المطرُ يخرجُ نَبَاتُهُ بإرادةِ اللهِ ومشيئتِه، فليستِ الأسبابُ مُسْتَقِلَّةً بوجودِ الأشياءِ حتى يأذنَ اللهُ بذلك. {وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} إلا عَسِرًا بِمَشَقَّةٍ، والنَّكِدُ: الْعَسِرُ المُمْتَنِعُ عن إعطاءِ الخيرِ، فيكونُ نَبَاتًا خَاسًّا لا نَفْعَ فيه ولا بَرَكَةَ.

64

• {الْفُلْكِ} السفينةُ التي أَمَرَ اللهُ تعالى نُوحًا عَلَيْهِ السلامُ بِصُنْعِهَا. • {عَمِينَ} عَمِيَتْ قُلُوبُهُمْ عن معرفةِ اللهِ، يقال: رَجُلٌ أَعْمَى في البصرِ، وعَمٍ في البصيرةِ.

74

• {وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ} أي: أَنْزَلَكُمْ وَأَسْكَنَكُمْ، مُشْتَقٌّ من البَوْءِ وهو الرجوعُ؛ لأن المرءَ يَرْجِعُ إلى منزلِه ومسكنِه. • {تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا} أي: مِنَ الأراضي السهلةِ التي ليست بجبالٍ. • {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} كما هُوَ مُشَاهَدٌ إلى الآن من آثَارِهِمْ التي في الجبالِ، من المساكنِ والحجرِ ونحوِها، وهي باقيةٌ ما بَقِيَتِ الجبالُ. • {فَاذْكُرُوا آلاء اللهِ} أي: نِعَمَهُ وما خَوَّلَكُمْ من الفضلِ والرزقِ والقوةِ. • {ولاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} الْعُثُوُّ: أَشَدُّ الفَسَادِ، والمقصودُ: لا تُخَرِّبُوا في الأرضِ بالفسادِ والمعاصي.

78

• {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} الزلزلةُ الشديدةُ، وَأَصْلُ الرَّجْفَةِ: حَرَكَةٌ شَدِيدَةٌ مع صَوْتٍ. • {جَاثِمِينَ} أَصْلُ الجُثُومِ البُرُوكُ عَلَى الرُّكَبِ، وقيل: جَثَمَ الناسُ أي: قَعَدُوا لا حِرَاكَ بهم، وهو التعبيرُ الدقيقُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أن الواحدَ منهم إن كان واقفًا ظَلَّ عَلَى وُقُوفِهِ، وإن كان قاعدًا ظَلَّ عَلَى قعوده، وإن كان نائمًا ظَلَّ عَلَى نومه، فالجاثمُ هُوَ مَنْ لَزِمَ مكانَه فلم يَبْرَحْ أو لَصِقَ بالأَرْضِ.

81

• {شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء} أي: تَذَرُونَ النساءَ التي خلقهن اللهُ لكم، وفيهن المستمتَعُ الموافقُ للشهوةِ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أدبارِ الرجالِ، التي هي غايةُ ما يكون من الشناعةِ والخَبَثِ.

83

• {الْغَابِرِينَ} أي الهَالِكِينَ، والغابرُ يُطْلَقُ عَلَى المنقَضِي، وَيُطْلَقُ عَلَى الباقي؛ فهو من أسماءِ الأضدادِ وَأَشْهَرُ إِطْلَاقَيْهِ هُوَ المُنْقَضِي، ولذلك يقال: غَبَرَ بمعنى هَلَكَ، وهو المراد هنا، أي: كانت من الهالكين وَهَلَكَتْ مع مَنْ هَلَكَ، ويطلق عَلَى الباقي فيكون قوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} أي: الباقينَ في عذابِ الله.

84

• {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا} أي حجارةً حارَّةً شديدةً، مِنْ سِجِّيلٍ، وَجَعَلَ اللهُ عَالِيَهَا سَافِلَهَا.

85

• {لاَ تَبْخَسُوا} أي: لا تَنْقُصُوا، وهو يكون في السلعةِ بالتعييبِ والتزهيدِ فيها، أو المخادعةِ عن القيمة، والاحتيالِ في التَّزَيُّدِ في الكيلِ والنقصانِ منه، وكلّ ذلك من أَكْلِ المالِ بالباطل، وهو مَنْهِيٌّ عنه في كلِّ الأممِ السابقةِ.

86

• {تَبْغُونَهَا عِوَجًا} أي: تَبْغُونَ سبيلَ اللهِ تكون مُعْوَجَّةً، وتُمِيلُونَهَا اتِّبَاعًا لأهوائكم. • {إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} أي: نَمَّاكُمْ بما أَنْعَمَ عليكم من الزوجاتِ، والنسلِ، والصحةِ، وَإِدْرَارِ الأَرْزَاقِ.

89

• {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا} أي: يَمْتَنِعُ عَلَى مِثْلِنَا أن نعودَ فيها؛ فَإِنَّ هذا مِنَ المُحَالِ، فَآيَسَهُمْ عَلَيْهِ الصلاةُ والسلامُ مِنْ كَوْنِهِ يُوَافِقُهُمْ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَمِنْ جِهَةِ أنهم كَارِهُونَ لها مُبْغِضُونَ لما هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ. • {افْتَحْ بَيْنَنَا} أَيِ: احْكُمْ بَيْنَنَا، وأهل عُمانَ يُسَمُّونَ القَاضِي الفَاتِحَ؛ لأنه يَفْتَحُ مَوَاضِعَ الحَقِّ. • {وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} وَفَتْحُهُ تعالى لعبادِه نَوْعَانِ: فَتْحُ الْعِلْمِ، يَتَبَيَّنُ بِهِ الحقُّ من الباطل، والهُدَى مِنَ الضَّلَالِ، وَمَنْ هُوَ المُسْتَقِيمُ عَلَى الصراطِ مِمَّنْ هُوَ مُنْحَرِفٌ. النوع الثاني: فَتْحُهُ بالجزاءِ وإيقاعِ العقوبةِ عَلَى الظَّالِمينَ، والنجاةِ والإكرامِ للصالحين.

91

• {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} أي الزلزلةُ الشديدةُ.

92

• {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ} أي لم يُقِيمُوا إقامةً مُقْتَرِنَةً بِتَنَعُّمِ العَيْشِ.

93

• {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} أَحْزَنُ، والمرادُ: كَيْفَ أَحْزَنُ عَلَى قوم لا خيرَ فيهم أَتَاهُمُ الخيرُ فَرَدُّوهُ ولم يَقْبَلُوهُ، ولا يليق بهم إلا الشرُّ، فهؤلاء غيرُ حَقِيقِينَ أن يُحْزَنَ عليهم، بل يُفْرَحُ بإهلاكهم وَمَحْقِهِمْ فَيُعَاذُ بكَ اللهم من الخِزْيِ والفضيحةِ.

95

• {عَفَوا} حتى كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أموالُهم، يقال: عفا الشَّعْرُ إذا كَثُرَ وَطَالَ.

99

• {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ} حيث يَسْتَدْرِجُهُمْ من حيث لا يعلمون وَيُمْلِي لهم، إن كَيْدَهُ مَتِينٌ.

102

• {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ} أي: وَمَا وَجَدْنَا لأكثرِ الأممِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إليهم الرسلُ مِنْ عَهْدٍ، أي: من ثباتِ والتزامِ الوصية لله التي أَوْصَى بها جميعَ العالمَين، ولا انْقَادُوا لأوامره التي سَاقَهَا إليهم عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ.

105

• {حَقِيقٌ} فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وهو مُشْتَقٌّ مِنْ حَقَّ بمعنى وَجَبَ وَثَبَتَ أي مُتَعَيِّنٌ وَوَاجِبٌ عَلَى قولِ الحقِّ عَلَى الله، وقيل: حريصٌ.

109

• {لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} أي: مَاهِرٌ في سِحْرِهِ.

111

• {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} أخِّرْ، وقيل: احْبِسْهُمَا وَأَمْهِلْهُمَا.

117

• {تَلْقَفُ} تَلْقَفُ وَتَلْهَمُ وَتَلْقَمُ: بمعنًى واحدٍ، أي: تَبْتَلِعُ. • {يَأْفِكُونَ} يَكْذِبُونَ: أي: بَلَعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَتَوْا به من السحر، وأصل الإفكِ قَلْبُ الشيءِ عن غير وجهه الأصلي، ومنه قيل للكذاب أفَّاك؛ لأنه يَقْلِبُ الكلامَ عن وجهه الصحيح إلى الباطل، فالإفكُ يكون في القول بالكذب، ويكون في العمل بالسحر.

119

• {وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ} أي: حقيرين قَدِ اضْمَحَلَّ باطِلُهُمْ، وَتَلَاشَى سِحْرُهُمْ، ولم يحصل لهم المقصودُ الَّذِي ظَنُّوا حُصُولَهُ.

126

• {وَمَا تَنقِمُ} وما تَكْرَهُ منا، وما تعيب علينا، وليس لنا ذنبٌ تُعَذِّبُنَا عليه. • {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} أي: أَفِضْ علينا صَبْرًا عظيمًا؛ لأن هذه محنةٌ عظيمةٌ.

127

• {نَسْتَحْيِي} أي: نُبْقِي، والاستحياءُ مبالغةٌ في الإحياء؛ فالسين والتاء فيه للمبالغة.

130

• {بِالسِّنِينَ} أي: بالجدب والقحط يقال: أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ؛ أي: جَدْبٌ، وتقديره: جَدْبُ سَنَةٍ.

131

• {الحَسَنَةُ} النِّعْمَةُ والرخاءُ والخصبُ وزيادةُ الثمراتِ. • {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ} أي: يتشاءموا، وأصلُ التطيرِ التشاؤمُ، أي: أَلْصَقُوا الشرَّ الَّذِي نَالَهُمْ بوجودهم، وقالوا: ما أَصَابَنَا هذا البلاءُ إلا بِسَبَبِهِمْ. • {طَائِرُهُمْ عِندَ اللهُ} أي: أن البلاءَ الَّذِي نزل بهم إنما هُوَ مقسومٌ لهم من عند الله، ومُقَدَّرٌ عليهم في علمه بسبب فسادِهم وسوءِ عِنَادِهِمْ.

133

• {الطُّوفَانَ} هُوَ السيلُ الغالبُ من الماء الَّذِي يغمرُ جهاتٍ كثيرةً وَيَطْغَى عَلَى المنازلِ والمزارعِ. • {القُمَّلَ} السوسُ الَّذِي يَظْهَرُ في القمح فَأَكَلَ حُبُوبَهُمْ. • {الضَّفَادِعَ} فقد كانت كثيرةً فَأَفْسَدَتْ مَنَازِلَهُمْ. • {الدَّمَ} اخْتَلَطَ بِمَائِهِمْ، وقيل: سَالَ النِّيلُ عليهم دَمًا.

134

• {الرِّجْزُ} العذابُ.

135

• {يَنكُثُونَ} أي: يَنْقُضُونَ الْعَهْدَ الَّذِي قَطَعُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، ويُصِرُّون عَلَى الفسادِ والعنادِ، والنكثُ في الأصل: نَقْضُ الغَزْلِ، ثم اسْتُعْمِلَ في نقضِ العهدِ.

136

• {الْيَمِّ} البحرُ الَّذِي لا يُدْرَكُ قَعْرُهُ، وَسُمِّيَ البحرُ يَمًّا؛ لأنه يُقْصَدُ، والتيممُ القصدُ.

137

• {يَعْرِشُونَ} مِنَ الْعَرْشِ أي: يَبْنُونَ، أو من العريش أي عروش العنب.

138

• {جَاوَزْنَا} المجاوزةُ: البعدُ عن المكان عَقِبَ المرورِ فيه، يقال: جَاوَزَ بمعنى جَازَ. • {يَعْكُفُونَ} يُقِيمُونَ.

139

• {مُتَبَّرٌ} أي: هَالِكٌ خَاسِرٌ، وَالتّبْرُ وَالتَّبَارُ: هُوَ الهلاكُ، وَالتَّتْبِيرُ: هُوَ الإهلاكُ والتدميرُ.

141

• {بَلاء} مِنْحَةٌ، أو مِحْنَةٌ.

143

• {جَعَلَهُ دَكًّا} أي: انْهَالَ مثل الرَّمْلِ، وانزعاجًا من رؤية الله وعدمِ ثبوتِه لها. • {صَعِقًا} أي: مَغْشِيًّا عَلَيْهِ في حالةِ إغماءٍ، وَقِيلَ مَيْتًا.

145

• {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} أي: بِجِدٍّ وَحَزْمٍ وَنَشَاطٍ.

148

• {خُوَارٌ} صَوْتُ الْبَقَرِ.

149

• {سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ} نَدِمُوا عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ.

154

• {لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} أي: يَخَافُونَ مِنْهُ وَيَخْشَوْنَهُ.

155

• {لِمِيقَاتِنَا} الميقاتُ الَّذِي وقَّتَهُ اللهُ لِأَخْذِ التَّوْرَاةِ.

156

• {هُدْنَا إِلَيْكَ} أي: تُبْنَا إِلَيْكَ.

157

• {إِصْرَهُمْ} يَعْنِي ثِقَلَهُمْ، وَأَصْلُ الْإِصْرِ: الثِّقْلُ الَّذِي يَأْصِرُ صَاحِبَهُ أي: يَحْبِسُهُ عن الحركةِ لِثَقَلِهِ، والمرادُ به هُنَا: التكاليفُ الصعبةُ. • {الأَغْلاَلَ} وهي الأحكامُ الشَّاقَّةُ، كوجوبِ قَتْلِ النفسِ في التوبةِ، وَقَطْعِ موضعِ النجاسةِ من الثوبِ، وتعيينِ القصاصِ عَلَى القاتلِ، وتحريمِ أَخْذِ الديةِ وغيرِ ذلك.

160

• {أَسْبَاطًا} السِّبْطُ: الجماعةُ أو القبيلةُ الراجعونَ إلى أَصْلٍ واحدٍ، والمعروفُ أن السِّبْطَ هُوَ ابنُ البنتِ، وَقَدْ تُطْلَقُ هذه اللفظةُ عَلَى ابنِ الابنِ، وَلَكِنْ هي في الأساس لابْنِ البنتِ، ولذلك سُمِّيَ الحسنُ والحسينُ سِبْطَيْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. • {انبَجَسَتْ} أي انْفَجَرَتْ، وقيل: أَوَّلُ الاِنْفِجَارِ.

163

• {حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} قُرْبَ الْبَحْرِ. • {شُرَّعًا} ظَاهِرَة عَلَى الماءِ.

165

• {بَئِيسٍ} أي: شَدِيدٌ من البأسِ وهو الشِّدَّةُ.

166

• {عَتَوْاْ} فلما أَبَوْا أن يرجعوا عن المعصية، وَالْعُتُوُّ عبارة عن الإباءِ والعصيانِ.

168

• {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} أي بِالْيُسْرِ وَالْعُسْرِ.

169

• {خَلَفَ} بالإِسْكَانِ والتحريك: مَنْ يَأْتِي بعد غيرِه صَالحًا أو طَالحًا، وَذَكَرَ بعضُهم أن الغالبَ في الإسكان أنه يَخْتَصُّ بالطالح، والتحريكُ بالصالح كالولد الصالح. • {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى} الْعَرَضُ: جميعُ متاعِ الدنيا، والأدنى أَفْعَلُ تفضيلٍ مِنْ فِعْلِ «دَنَا»، والدنيا مؤنثُ الأَدْنَى، والأَدْنَى هُوَ الأَقْرَبُ، والدنيا هي القربى، وسمي عَرَضُ الدنيا أَدْنَى لِقُرْبِهِ وَخِسَّتِهِ وَفَنَائِهِ. • {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} أي: قَرَأُوا ما في التوراةِ.

170

• {يُمَسَّكُونَ} يَتَمَسَّكُونَ بالتوراةِ، والمرادُ بالتمسكِ بالكتابِ: العملُ بما فيه من تحليلِ حَلَالِهِ وتحريمِ حَرَامِهِ وإقامةِ حُدُودِهِ.

171

• {نَتَقْنَا الجَبَلَ} أي: قَلَعْنَا وَرَفَعْنَا جبلَ الطُّورِ فوقَ بني إسرائيل.

172

• {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} أي: أَخْرَجَ من أصلابهم ذريتَهم، وَجَعَلَهُمْ يتناسلون ويتوالدون، قَرْنًا بعد قَرْنٍ. • {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}: أي: وحين أخرجهم من بطونِ أمهاتِهم، وأصلابِ آبائهم، قَرَّرَهُمْ بإثباتِ ربوبيته، بِمَا أَوْدَعَهُ في فِطَرِهِمْ من الإقرارِ بأنه رَبُّهُمْ وَخَالِقُهُمْ وَمَلِيكُهُمْ. • {قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} قَدْ أَقْرَرْنَا بذلك، فإن الله تعالى قد فَطَرَ عبادَه عَلَى الدِّينِ الحنيفِ القَيِّمِ، فَكُلُّ واحدٍ مَفْطُورٌ عَلَى ذلك، ولكنَّ الفطرةَ قد تُغَيَّرُ وتُبَدَّلُ بما يَطْرَأُ عَلَى العقولِ من العقائدِ الفاسدةِ.

175

• {انسَلَخَ مِنْهَا} أي: خَرَجَ منها وَكَفَرَ بها. • {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أي: لَحِقَهُ وَأَدْرَكَهُ لِيُزَيِّنَ له الشرَّ، وقيل: تَسَلَّطَ عَلَيْهِ حين خَرَجَ من الحصنِ الحصينِ، وصار إلى أسفلِ سَافِلِينَ فَأَزَّهُ إلى المعاصي أَزًّا. • {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} أي: الضَّالِّينَ الْكَافِرِينَ.

176

• {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} بأن نُوَفِّقُهُ للعمل بها فيرتفعُ في الدنيا والآخرة، فَيَتَحَصَّنُ من أعدائه. • {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ} أي: إلى الشهواتِ السفليةِ والمقاصدِ الدنيويةِ. • {كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} أي: لا يزال لَاهِثًا فِي كُلِّ حَالٍ، وهذا لا يزال حَرِيصًا حِرْصًا قَاطِعًا قَلْبَهُ لا يَسُدُّ فَاقَتَهُ شيءٌ مِنَ الدُّنْيَا.

179

• {ذَرَأْنَا} خَلَقْنَا. • {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} أي: كالبهائم التي فَقَدَتِ العقولَ بِإِيثَارِهِمْ ما يَفْنَى عَلَى ما يَبْقَى، بل هم أَضَلُّ من البهائم؛ لأن البهائمَ مُسْتَعْمَلَةٌ فيما خُلِقَتْ له، ولها آذانٌ تُدْرِكُ بها مَضَرَّتَهَا من مَنْفَعَتِهَا، فلذلك كانتْ أَحْسَنَ حَالًا منهم.

183

• {أُمْلِي} أُمْهِلُهُمْ وَأُطِيلُ مُدَّةَ أَعْمَارِهِمْ وَأَنْعَامِهِمْ.

187

• {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} مَتَى وُقُوعُهَا. • {حَفِيٌّ} كأنكَ عَالِمٌ بها كثيرُ السؤالِ عنها، والحفيُّ المُسْتَقْصِي في السؤالِ.

189

• {تَغَشَّاهَا} جَامَعَهَا؛ إِذْ قَدَّرَ البَارِي أن يكون من تلك الشهوةِ وذلك الجماعِ النَّسْلُ. • {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} وذلك ابتداءُ الحمل، لا تُحِسُّ به الأنثى ولا يُثْقِلُهَا. • {فَمَرَّتْ بِهِ} أي: لم تَتَفَطَّنْ له ولم تُفَكِّرْ في شأنه، فهي ذاهبةٌ جائيةٌ تقضي حَوَائِجَهَا لخفةِ الحَمْلِ في الأشهرِ الأولَى. • {فَلَمَّا أَثْقَلَت} أَيْ: صَارَتْ ذَاتَ ثِقَلٍ بِكَبَرِ الْوَلَدِ في بَطْنِهَا. • {دَعَوَا اللهَ} أي دَعَا الزَّوْجَانِ ربَّهُمَا.

200

• {يَنزَغَنَّكَ} أَصْلُ النَّزْغِ: الإزعاجُ بالحركة إلى الشرِّ والإفسادِ، يقال: نزغتُ بَيْنَ القومِ إذا أفسدتَ بَيْنَهُمْ، وَنَزْغُ الشيطانِ وَسْوَسَتُهُ، والمعنى: وَإِمَّا يُصِيبَنَّكَ يَا مُحَمَّدُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَسْوَسَةٌ.

201

• {طَائِفٌ} معنى الطائف في الأصل: الشيءُ يَلُمُّ بالإنسانِ، والمرادُ هنا لمَّةُ الشيطانِ وَوَسْوَسَتُهُ، والمعنى: إن الَّذِينَ اتقوا الشركَ والمعاصيَ إذا لَحِقَهُمْ شيءٌ من وسوسةِ الشيطانِ تَفَكَّرُوا في قدرةِ الله عليهم، وإنعامِه إليهم فتركوا المعصيةَ.

202

• {لاَ يُقْصِرُونَ} أي: لا يَكُفُّ الشياطينُ عن إِغْوَائِهِمْ.

203

• {لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا} أي: هَلَّا اخْتَرَعْتَ الآياتِ مِنْ عِنْدِكَ. • {بَصَآئِرُ} دلائلُ وَحِجَجٌ مِنْ رَبِّكُمْ تُبَصِّرُكُمْ وجوهَ الحَقِّ، وَأَصْلُ البصائرِ من الإبصارِ، وهو ظهورُ الشيءِ حتى يُبْصِرَهُ الإِنْسَانُ، وَلمَّا كان القرآنُ سَبَبًا لبصائرِ العقولِ في دلائلِ التوحيدِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسمُ البَصَائِرِ.

205

• {تَضَرُّعًا} أي: تَذَلُّلًا وَخُضُوعًا. • {وَخِيفَةً} أي: خَوْفًا من الله، فالخيفةُ مَصْدَرٌ كالخَوْفِ. • {الْغُدُوِّ} جَمْعُ: غُدْوَةٍ، وهي ما بَيْنَ صلاةِ الفجرِ إلى طلوعِ الشمسِ. • {الآصَالِ} جَمْعُ أُصُلٍ، والأُصُلُ: جمع أَصِيلٍ، وهو ما بعد العَصرِ إلى الغروب، والمعنى: اذْكُرْ ربَّكَ في الصباحِ والمساءِ، وقيل: المرادُ إدامة الذِّكْرِ للهِ تعالى.

1

• {الأَنفَالِ} الْغَنَائِمُ. • {أَصْلِحُوا ذَاتَ بِيْنِكُمْ} أَيْ: حَقِيقَةَ بَيْنِكُمْ، والبينُ الوصلةُ والرابطةُ التي تَرْبِطُ بعضَكم ببعض من المودةِ والإخاءِ، قال ابن عاشور: «وَاعْلَمْ أني لم أَقِفْ عَلَى استعمالِ ذَاتِ بَيْنَ في كلامِ العربِ، فَأَحْسِبُ أنه من مُبْتَكَرَاتِ الْقُرْآنِ».

2

• {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي: خَافَتْ وَرَهَبَتْ، فَأَوْجَبَتْ لهم خشيةُ اللهِ تعالى الانكفافَ عن المَحَارِمِ؛ فَإِنَّ خوفَ الله أكبرُ عَلَامَاتِهِ أن يَحْجِزُ صاحبَه عن الذنوب. • {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي: يَعْتَمِدُونَ في قلوبهم عَلَى اللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له في جَلْبِ مَصَالِحهِمْ، وَدَفْعِ مَضَارِّهِمْ الدينيةِ والدنيويةِ، وَيَثِقُونَ بالله تعالى أنه سيفعل ذلك.

7

• {إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ} أي: أَوْحَى اللهُ إلى رسولِه - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ خروجهم إلى بَدْرٍ أنكم سَتُنْصَرُونَ إِمَّا بِالْعِيرِ وهي قافلةُ قريشٍ الآتيةُ من الشامِ تَحْمِلُ البضائعَ والتجاراتِ، وإما طائفةِ النفيرِ وهو جيشُ قريشٍ التي جاءت من مكةَ للنجدةِ لقتالكم (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ)، والشوكةُ السلاحُ وهي طائفةُ العيرِ؛ لأنها غنيمةٌ صافيةٌ عن كَدَرِ القتالِ.

9

• {تَسْتَغِيثُونَ} الاستغاثةُ: طَلَبُ الغوثِ والمعونةِ للتخلصِ مِنْ شِدَّةٍ، والمعنى: وَاذْكُرُوا أيها المؤمنونَ إذ تستغيثونَ رَبَّكُمْ وَتَطْلُبُونَ مِنْهُ النَّصْرَ. • {مُرْدِفِينَ} مِنْ أَرْدَفَهُ: إذا أَرْكَبَهُ وَرَاءَهُ، والمرادُ أن الله عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَ الملائكةَ مُتَتَابِعِينَ.

11

• {أَمَنَةً مِّنْهُ} أَمَانًا وَأَمْنًا وَأَمَنَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. • {رِجْزَ الشَّيْطَانِ} وَسْوَسَتُهُ التي أَلْقَاهَا فِي قُلُوبِكُمْ.

12

• {فَوْقَ الأَعْنَاقِ} أي: أَعْلَى الأَعْنَاقِ. • {بَنَانٍ} أي: أَطْرَافُ الأَصَابِعِ.

13

• {شَآقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ} أي: خَالَفُوا، وَسُمِّيَتِ العداوةُ مُشَاقَّةً؛ لأن كُلًّا مِنَ المُتَعَادِيَيْنِ يكونُ في شِقٍّ غيرِ الّذِي يكونُ فيه الآخَرُ فالمشاقةُ العداوةُ.

14

• {ذَلِكُمْ} أي القتلُ والخِزْيُ. • {فَذُوقُوهُ} في الدنيا.

15

• {زَحْفًا} الزَّحْفُ: الدُّنُوُّ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَأَصْلُهُ الانْدِفَاعُ عَلَى الأَلْيَةِ، ثم سُمِّيَ كُلّ مَاشٍ في الحرب إلى آخَرَ زَاحِفًا، والمعنى: إذا لَقِيتُمُ الّذِينَ كَفَرُوا في الحرب وكأنهم لكثرتهم يزحفون نحوكم زحفًا: {فَلَا تُوَلّوهُمُ الْأَدْبَارَ} فلا تَفِرُّوا مِنْهُمْ وَتُعْطُوهُمْ ظُهُورَكُمْ.

16

• {إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ} أي: مَائِلًا من جهة إلى أخرى ليتمكن من ضَرْبِ العدوِّ وقتالِه، فَالمتَحَرِّفُ هُوَ المُنْحَرِفُ من جانبٍ إلى آخَرَ من الحَرْفِ وهو الطَّرْفُ. • {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} أي: مُنْضَمًّا إلى جماعةٍ، يقال: تَحَوَّزَ وَتَحَيَّزَ وَانْحَازَ بمعنًى واحدٍ.

18

• {وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} أي مُضْعِفُ كُلِّ مَكْرٍ وَكَيْدٍ يَكِيدُونَ بِهِ الإسلامَ وأهلَه، وَجَاعِلُ مَكْرِهِمْ مُحِيقًا بِهِمْ.

19

• {إِن تَسْتَفْتِحُوا} يُخَاطِبُ المُشْرِكِينَ: إن تَطْلُبُوا النَّصْرَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فقد جاءكم النصرُ، لَكِنْ عَلَيْكُمْ، وَهَذَا استهزاءٌ بهم.

30

• {لِيُثْبِتُوكَ} لِيَحْبِسُوكَ.

35

• {مُكَاء} الصَّفِيرُ. • {تَصْدِيَةً} التَّصْفِيقُ، وقيل: التَّصْدِيَةُ: صَدُّهُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ.

37

• {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا} فَيَجْمَعُهُ وَيَضُمُّ بَعْضَهُ إلى بَعْضٍ حتى يَتَرَاكَمَ.

42

• {بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} أي: بِجِهَةِ الوادِي القريبةِ، والدنيا هنا تأنيثُ الأَدْنَى. • {بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} أَي: الْبَعِيدَةِ، والقُصْوَى تَأْنِيثُ الأَقْصَى. • {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} يَعْنِي أن ركبَ أبي سفيانَ الَّذِي فيه عِيرُ قريشٍ كانوا في مَوْضِعٍ أسفلَ من موضعِ المؤمنينَ إلى ساحلِ الْبَحْرِ.

46

• {تَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي: قُوَّتُكُمْ.

47

• {بَطَرًا} البَطَرُ: الطُّغْيَانُ بِالنِّعْمَةِ وَتَرْكُ شُكْرِهَا، أو التَّقَوِّي بِنِعَمِ اللهِ عَلَى مَعَاصِيهِ.

48

• {وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} أي: قال الشيطانُ: إني مُجِيرٌ لكم وَضَامِنٌ أن لا يأتيَكم أحدٌ من ورائكم بما تَكْرَهُونَ. • {نَكَصَ} لمَّا رأى الشيطانُ الملائكةَ رَجَعَ وَوَلَّى هَارِبًا.

49

• {غَرَّ} خَدَعَ.

57

• {تَثْقَفَنَّهُمْ} ثَقِفَهُ أي: أَدْرَكَهُ وَظَفِرَ بِهِ، أي: فَإِنْ وَجَدْتَهُمْ وَظَفِرْتَ بهم في حربٍ أَيِ انْتَصَرْتَ عليهم. • {فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} أي: افْعَلْ بِهِمْ فِعْلًا مِنَ العُقُوبَةِ يَتَفَرَّقُ بِهِ مَنْ وَرَاءَهُمْ.

58

• {فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء} عَهْدَهُمْ، أي: ارْمِهِ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ أنه لا عَهْدَ بينكَ وبينهم. {عَلَى سَوَاء} أي حتى يستويَ عِلْمُكَ وَعِلْمُهُمْ بِذَلِكَ، ولا يَحِلُّ لكَ أن تَغْدِرَهُمْ، أو تَسْعَى في شيءٍ مما مَنَعَهُ مُوجِبُ العهدِ حتى تُخْبِرَهُمْ بذلك. • (59) {سَبَقُوا} أَفْلَتُوا من القتلِ أو نَجَوْا من الأَسْرِ.

67

• {يُثْخِنَ} يُكْثِرَ مِنَ الْقَتْلِ.

72

• {مِّن وَلاَيَتِهِم} الوَلايةُ، بِفَتْحِ الوَاوِ: النُّصْرَةُ، والوِلَايَةُ بِكَسْرِهَا: الإِمَارَةُ.

2

• {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} السِّيَاحَةُ والسَّيْحُ: الذَّهَابُ في الأرضِ وَالسَّيْرُ فيها حَسْبَمَا يَشَاءُ الشَّخْصُ.

4

• {ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ} أي لَمْ يَنْقُضُوا شَيْئًا من شروطِ العَهْدِ.

5

• {وَاحْصُرُوهُمْ} احْبِسُوهُمْ وَضَيِّقُوا عَلَيْهِمْ وَامْنَعُوهُمْ من التَّصَرُّفِ في البلادِ. • {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} المَرْصَدُ: الموضعُ الَّذِي يُرْقَبُ فيه العَدُوُّ، أي: اقْعُدُوا لهم عَلَى كُلِّ طَرِيقٍ وَمَمَرٍّ يَسْلُكُونَهُ حتى تُضَيِّقُوا عليهم سُبُلَ الدّنْيَا.

6

• {اسْتَجَارَكَ} أَيْ: طَلَبَ جِوَارَكَ، أَيْ: حِمَايَتَكَ.

8

• {لاَ يَرْقُبُوا} لَا يَحْفَظُوا وَلَا يُرَاعُوا. • {إِلًّا} الإِلُّ هَا هُنَا: القَرَابَةُ، وَالْإِلُّ: لفظٌ مشتركٌ يُطْلَقُ عَلَى العَهْدِ والحِلْفِ والجِوَارِ، وقيل الإِلّ: الله تعالى، وَاسْتَبْعَدَهُ الحُذَّاقُ. • {وَلاَ ذِمَّةً} أي: وَلَا عَهْدًا.

13

• {وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} حَيْثُ نَقَضُوا العهدَ وأعانُوا عليكم، وذلك حين أَعَانَتْ قريشٌ -وهم مُعَاهِدُونَ- بني بكرٍ حُلَفَاءَهُمْ عَلَى خُزَاعَةَ حلفاءِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَاتَلُوا معهم كما هُوَ مذكورٌ مبسوطٌ في السِّيرَةِ.

16

• {وَلِيجَةً} كُلُّ شيءٍ أَدْخَلْتَهُ في شيء ليس منه فهو وَلِيجَةٌ، والرجلُ يكون في القوم وليس منهم فهو وليجةٌ فيهم، والمراد بالوليجةِ في الآية: الْبِطَانَةُ من غير المسلمين، وهي أن يَتَّخِذَ المسلمُ دَخِيلًا من المشركين وَخَلِيطًا.

24

• {فَتَرَبَّصُوا} أي انْتَظِرُوا ما يَحِلُّ بكم من العقابِ.

26

• {وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا} وَهُمُ الملائكةُ أَنْزَلَهُمُ اللهُ معونةً للمسلمين يومَ حُنَيْنٍ، يُثَبِّتُونَهُمْ وَيُبَشِّرُونَهُمْ بِالنَّصْرِ.

28

• {نَجَسٌ} أي: خُبَثَاءُ في عقائدهم وأعمالهم، وأي نَجَاسَةٍ أَبْلَغُ مِمَّنْ كان يَعْبُدُ مع الله آلهةً، لا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ ولا تُغْنِي عنه شيئا؟! • {عَيْلَةً} فَقْرٌ وَحَاجَةٌ.

30

• {يُضَاهِؤُونَ} يُشَابِهُونَ.

37

• {النَّسِيءُ} أي التأخيرُ لحرمةِ شهرٍ إلى آخَرَ، كما كان أهلُ الجاهليةِ يستعملونه من تأخيرِ حرمةِ المُحَرَّمِ إذا هَلَّ وَهُمْ في قتالٍ إلى صَفَرٍ «زِيَادَةً فِي الْكُفْرِ» لِكُفْرِهِمْ بِحُكْمِ اللهِ فِيهِ. • {لِّيُوَاطِؤُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ} أي: لِيُوَافِقُوهَا في العددِ، فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ. • {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} أي: زَيَّنَتْ لهم الشياطينُ الأعمالَ السيئةَ، فَرَأَوْهَا حسنةً، بسببِ العقيدةِ المزيَّنَةِ في قُلُوبِهِمْ.

38

• {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} أي: تَكَاسَلْتُمْ وَمِلْتُمْ إلى الأرضِ وَالدَّعَةِ.

41

• {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} في العُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالمنْشَطِ وَالمكْرَهِ، وَالحَرِّ وَالبَرْدِ، وفي جميعِ الأحوالِ.

42

• {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} أي: لو كان ما تَدْعُوهُمْ إليه غَنِيمَةً قريبةَ التَّنَاوُلِ. • {سَفَرًا قَاصِدًا} القَاصِدُ والْقَصْدُ: المُعْتَدِلُ، أي: لو كان سَفَرًا سَهْلًا لا عناءَ فيه. • {وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ}: أي: طَالَتْ عليهم المسافةُ، وَصَعُبَ عليهم السفرُ.

46

• {انبِعَاثَهُمْ} أي: خُرُوجَهُمْ مَعَكُمْ، والانبعاثُ: مِنْ بَعَثَهُ إِذَا أَرْسَلَهُ. • {فَثَبَّطَهُمْ} عَوَّقَهُمْ عن الخروجِ، والتَّثْبِيطُ: التعويقُ عن الأَمْرِ والحَبْسُ عنه، أي: صَرْفُهُمْ عن الجهاد، ولم يَبْعَثْ فيهم الهمةَ للخروجِ.

47

• {خَبَالًا} أي: فَسَادًا وَشَرًّا. • {ولأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ} أَسْرَعُوا بَيْنَكُمْ بالنميمةِ والفسادِ والأحاديثِ الكاذبةِ، والإيضاعُ: سُرْعَةُ السَّيْرِ، والخِلَالُ جَمْعُ خَلَلٍ، وَالخَلَلُ: الْفُرْجَةُ بَيْنَ الشيئين.

56

• {يَفْرَقُونَ} يَخَافُونَ دائمًا أن يَظْهَرُوا عَلَى ما هُمْ عَلَيْهِ من النِّفَاقِ، وَالْفَرَقُ: الخوفُ الشديدُ الَّذِي يَفْرَقُ بَيْنَ القلبِ وَإِدْرَاكِهِ.

57

• {مَلْجَأً} الملجأُ هُوَ المكان الَّذِي يَلْجَأُ إليه الخائفُ لِيَعْتَصِمَ به كحصنٍ أو قلعةٍ أو جزيرةٍ في بَحْرٍ. • {مَغَارَاتٍ} جَمْعُ مَغَارَةٍ وهي الغارُ أو الكهفُ المتَّسِعُ في الجبل الَّذِي يستطيعُ الإنسانُ الولوجَ فيه وَيَسْتَتِرُ بِدَاخِلِهِ. • {مُدَّخَلًا} بالتشديد مُفْتَعَلٌ: اسْمُ مَكَانٍ للإدخالِ الَّذِي هُوَ افْتِعَالٌ من الدخولِ وهو السَّرَبُ في الأرض يدخله الإنسانُ بِمَشَقَّةٍ. • {لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ} أي: لَرَجَعُوا عَنْكُمْ وَدَخَلُوا إلى أَحَدِ الأشياءِ المذكورةِ في الآيةِ. • {يَجْمَحُونَ} يُسْرِعُونَ الخُطَا لشدةِ خَوْفِهِمْ، وعظيمِ بغضِهم للإسلامِ وأهلِه، والجُمُوحُ: السرعةُ التي لا يَرُدُّهَا شيءٌ، أي: إن هذه الأماكنَ التي ذَكَرَهَا القرآنُ هي شَرُّ الأماكنِ وَأَضْيَقُهَا، ومع هذا لو وَجَدَ المنافقون وَاحِدًا منها لَأَسْرَعُوا إليه وَاخْتَفُوا فيه، وهذا تصويرٌ في منتهى الروعةِ لتوضيحِ مَدَى حَنَقِهِمْ عَلَى المسلمين، وَخَوْفِهِمْ مِنْهُمْ.

59

• {إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ} أي: مُتَضَرِّعُونَ في جَلْبِ مَنَافِعِنَا، وَدَفْعِ مَضَارِّنَا.

60

• {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} أي: الزكواتُ الواجبةُ. • {لِلْفُقَرَاء وَالمَسَاكِينِ} الفقراءُ والمساكينُ، وهم في هذا الموضع صنفانِ مُتَفَاوِتَانِ: فالفقيرُ أَشَدُّ حاجةً من المسكينِ؛ لأن اللهَ بَدَأَ بهم، ولا يَبْدَأ إلا بالأهم فألاهم، فَفَسَّرَ الفقيرَ بأنه الَّذِي لا يجد شيئًا، أو يجدُ بعضَ كفايته دونَ نِصْفِهَا. والمسكينُ: هُوَ الَّذِي يجد نصفَها فأكثرَ، ولا يجدُ تَمَامَ كفايتِه؛ لأنه لو وُجِدَ لكان غَنِيًّا، فَيَعْطونَ من الزكاة ما يزولُ به فقرُهم وَمَسْكَنَتُهُمْ. • {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} وَهُمْ كُلُّ مَنْ لَهُ عَمَلٌ وَشُغْلٌ فِيهَا، مِنْ حَافِظٍ لها وَجَابٍ لها من أهلها ونحوِه فَيُعْطَوْنَ لأجلِ عمَالَتِهِمْ، وهي أجرةٌ لأعمالهم فيها. • {وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} وهو السَّيِّدُ المطاعُ في قومه، ممن يُرْجَى إسلامُه، أو يُخْشَى شَرُّهُ أو يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ قوةُ إيمانه، أو إسلامُ نَظِيرِهِ، أو جِبَايتُهَا ممن لا يُعْطِيهَا فَيُعْطَى مَا يَحْصُلُ به التألّفُ وَالمَصْلَحَةُ. • {وَفِي الرِّقَابِ} وهم المكاتَبُون الّذِينَ قد اشْتَرَوْا أنفسَهم من سَادَاتِهِمْ، فهم يَسْعَوْنَ في تحصيلِ ما يَفُكّ رِقَابَهُمْ، فَيُعَانُونَ عَلَى ذلك من الزكاةِ، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ المُسْلِمَةِ التي في حَبْسِ الكفارِ دَاخِل في هذا بَلْ أَوْلَى. • {وَالْغَارِمِينَ} وهم قِسْمَانِ: أَحُدُهَمَا الغارمونَ لإصلاحِ ذاتِ الْبَيْنِ، وهو أن يكونَ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ من الناس شَرٌّ وَفِتْنَةٌ فَيَتَوَّسَطُ الرجلُ للإصلاحِ بينهم بما يبذلُه لأحدهم، أو لهم كُلِّهِمْ، فَيُجْعَلُ له نصيبٌ من الزكاةِ ليكونَ أَنْشَطَ له وَأَقْوَى لِعَزْمِهِ فَيُعْطَى ولو كان غَنِيًّا. والثاني: مَنْ غَرِمَ لنفسه ثُمَّ أعْسِرَ فإنه يُعْطَى ما يُوفِّي به دَيْنَهُ. • {وَفِي سَبِيلِ اللهِ} أي الغَازِي في سبيل الله، وهم الغزاةُ المُتَطَوِّعَةُ الَّذِينَ لا دِيوَانَ لهم. فَيُعْطَوْنَ من الزكاة ما يُعِينُهُمْ عَلَى غَزْوِهِمْ، مِنْ ثَمَنِ السِّلَاحِ أَوْ دَابَّةٍ أو نفقةٍ له ولعيالِه. قال كَثِيرٌ من الفقهاء: إِنْ تَفَرَّغَ القادرُ عَلَى الكسبِ لطلبِ العلمِ أُعْطِيَ من الزكاة؛ لأن الْعِلْمَ داخلٌ في الجهاد في سبيل الله. • {وَابْنِ السَّبِيلِ} وهو الغريبُ المنقطعُ به في غيرِ بَلَدِهِ. فَيُعْطَى من الزكاةِ ما يُوصِلُهُ إلى بَلَدِهِ.

61

• {الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} بالأقوالِ الرديئةِ والعيبِ له وَلِدِينِهِ.

69

• {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} أي: وَخُضْتُمْ بالباطلِ والزورِ، وَجَادَلْتُمْ بالباطلِ لِتَدْحَضُوا بِهِ الحَقَّ.

70

• {وَالمُؤْتَفِكَاتِ} مَدَائِنُ قَوْمِ لُوطٍ، ائْتُفِكَتْ بهم: أي انْقَلَبَتْ.

74

• {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} وَذَلِكَ حينَ هَمُّوا بالفتكِ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غزوةِ تبوكَ، فَقَصَّ اللهُ عَلَيْهِ نَبَأَهُمْ، فَأَمَرَ مَنْ يَصُدُّهُمْ عَنْ قَصْدِهِمْ.

79

• {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} أي: يَعِيبُونَ وَيَطْعَنُونَ. • {المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} فيقولون: مُرَاءُونَ، قَصْدُهُمُ الفَخْرُ وَالرِّيَاءُ.

81

• {بِمَقْعَدِهِمْ} المقعدُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أي: بِقُعُودِهِمْ، أي: فَرِحُوا بِقُعُودِهِمْ لِأَجَلٍ. • {خِلاَفَ رَسُولِ اللهِ} لُغَةٌ في خَلْف، يقال: جلستُ خِلَافَ فُلَانٍ وَخَلْفَهُ أي: بَعْدَهُ، وَمِنْ نُكَتِ اختيارِ لَفْظِ خِلَاف دُونَ خَلْف أنه يُشِيرُ إلى أن قعودَهم كان مُخَالَفَةً لإرادةِ رسولِ اللهِ حين اسْتَنْفَرَ الناسَ كُلّهُمْ لِلْغَزْوِ.

83

• {مَعَ الخَالِفِينَ} أي: المُتَخَلِّفِينَ عَنْ تَبُوكَ من النساءِ والأطفالِ وأصحابِ الأعذارِ.

84

• {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ} مِنَ المُنَافِقِينَ. • {وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ} بَعْدَ الدَّفْنِ لِتَدْعُوَ له، فَإِنَّ صلاتَه - صلى الله عليه وسلم - ووقوفَه عَلَى قبورِهم شفاعةٌ مِنْهُ لَهُمْ، ولا تنفعُ فيهم الشفاعةُ.

86

• {أُوْلُوا الطَّوْلِ} الطَّوْلُ بالفتحِ: السَّعَةُ فِي المَالِ.

90

• {المُعَذِّرُونَ} المُعْتَذِرُونَ بمعنى المَعْذُورِينَ أي أصحابُ الأعذارِ الصادقةِ.

98

• {مَغْرَمًا} المَغْرَمُ: التزامُ مَا لم يَلْزَمُ، والمعنى: وَمِنَ الأَعْرَابِ -وَهُمُ المنافقونَ مِنْهُمْ- مَنْ يَعْتَبِرُ ما يتصدقُ به غَرَامَةً وخسرانًا؛ لأنه لا يَرْجُو عَلَى إِنْفَاقِهِ أَجْرًا وَلَا ثَوَابًا، وإنما يُنْفِقُهُ خَوْفًا وَرِيَاءً. • {الدَّوَائِرَ} دَوَائِرُ الزَّمَانِ: صُرُوفُهُ التي تأتي مرةً بخير ومرةً بِشَرٍّ، يعني: ما أَحَاطَ بالإنسان مِنْهُ.

100

• {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ} هم الَّذِينَ سبقوا هذه الأمةَ، وَبَدَرُوهَا للإيمانِ والهجرةِ والجهادِ، وإقامةِ دينِ اللهِ.

101

• {مَرَدُوا} استمروا عَلَيْهِ ولم يتوبوا.

103

• {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي ادْعُ لهم، أي للمؤمنين عمومًا وخصوصًا، عندما يدفعون إليك زكاةَ أموالهم. • {إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} أي: طُمَأْنِينَةٌ لقلوبهم، واستبشارٌ لهم.

104

• {يَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} أي: يَقْبَلُهَا، ويأخذُها بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لأحدهم كما يُرَبِّي الرجلُ فُلُوَّهُ، حتى تكون التمرةُ الواحدةُ كالجبلِ العظيمِ، فكيف بما هُوَ أكبرُ وأكثرُ من ذلك.

107

• {إِرْصَادًا} أي: بَنَوْهُ تَرَقُّبًا وانتظارًا لمَنْ حَارَبَ اللهَ ورسولَه.

109

• {شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} عَلَى طَرَفِ جانبِ وَادٍ مُشْرِفٍ عَلَى السقوطِ، والشَّفَا: طرفُ الشيءِ وَحَرْفُهُ، والجرفُ: جانبُ الوادي قَدْ جَرَفَهُ السيلُ فَصَارَ مائلا إلى السقوطِ، والهَارِي: المتصدعُ الَّذِي أَشْرَفَ عَلَى السقوطِ، فهو من هَارَ يَهُورُ فهو هَائِرٌ إذا صَارَ وَاهِيًا، وقيل من هَارَ يَهَارُ: إذا تَهَدَّمَ وَسَقَطَ.

110

• {إِلَّا أَن تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ} بأن يَنْدَمُوا غايةَ النَّدَمِ، ويتوبوا إلى ربهم، ويخافوه غايةَ الخوفِ؛ فبذلك يَعْفُو اللهُ عَنْهُمْ.

112

• {السَّائِحُونَ} جَمْعُ سَائِحٍ، والسياحةُ: استمرارُ الذَّهَابِ في الأرضِ، أي: السائرون في الأرضِ لِلتَّذَكُّرِ والاعتبارِ، أو لطلبِ الْعِلْمِ والجهادِ، وقيل: السائحون الصائمون المُمْسِكُونَ عن المُفْطِرَاتِ وَالشَّهَوَاتِ.

114

• {أوَّاهٌ} كثيرُ التَّأَوُّهِ والخوفِ، وقيل: كثيرُ الخشوعِ والتضرعِ.

118

• {بِمَا رَحُبَتْ} أي: بِرَحْبَتِهَا وَسَعَتِهَا، وَتَقَلَّصَتْ حتى لم تَعُدْ تَسَعُهُمْ عَلَى طُولِهَا وَعَرْضِهَا.

120

• {ظَمَأٌ} شِدَّةُ الْعَطَشِ. • {نَصَبٌ} الإِعْيَاءُ والتَّعَبُ. • {مَخْمَصَةٌ} الجوعُ الشديدُ. • {نَّيْلًا} مَصْدَرٌ، يقال: نَالَ مِنْهُ إذا أَصَابَهُ إما بالأَسْرِ أو القتلِ أو الهزيمةِ.

126

• {يُفْتَنُونَ} أي: يُبْتَلَوْنَ وَيُخْتَبَرُونَ في كل عامٍ مرةً أو مرتين، وذلك إما بِكَشْفِ أَسْتَارِهِمْ، أو نَصْرِ المؤمنين بِدُونِهِمْ، أو بالغزوِ والجهادِ، أو بالشدةِ والبلاءِ.

128

• {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} شديدٌ عَلَيْهِ عَنَتُكُمْ وَمَشَقّتُكُمْ ووقوعُ المكروهِ بكم، والعنتُ: المَشَقّةُ ولقاءُ المكروهِ. • {حَرِيصٌ عَلَيْكُم} أي: يُحِبُّ لكم الخيرَ، ويسعى جُهْدَهُ في إيصاله إليكم، وَيَحْرِصُ عَلَى هِدَايَتِكُمْ إلى الإيمانِ، وَيَكْرَهُ لَكُمُ الشَّرَّ، ويسعى جُهْدَهُ في تنفيركم عنه.

2

• {قَدَمَ صِدْقٍ} أي: أَجْرًا حَسَنًا بما قدموه من الأعمالِ الصالحةِ، قال أبو عبيدةَ: كُلّ سابقٍ في خيرٍ أو شَرٍّ فهو عند العرب قَدَمٌ، يقال: لفلانٍ قَدَمٌ في الإسلام: أي: سَابِقَةٌ، والسببُ في إطلاق لفظِ الْقَدَمِ عَلَى هذا المعنى أن السعيَ والسبقَ لا يَحْصُلُ إلا بِالْقَدَمِ، فَسُمِّيَ المسببُ باسم السببِ، كما سُمِّيَتِ النعمةُ يدًا لأنها تُعْطَى بِالْيَدِ.

24

• {حَصِيدًا} مَحْصُودَةٌ مَقْطُوعَةٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، والمرادُ هَلَاكُهَا وَذَهَابُ زَرْعِهَا وَثِمَارِهَا. • {كَأَن لَّمْ تَغْنَ} كأن لم تكن عَامِرَةً آنِفًا بالزرعِ والنباتِ والأشجارِ.

26

• {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى} وهي الجنةُ الكاملةُ في حُسْنِهَا. • {وَزِيَادَةٌ} وهي النظرُ إلى وَجْهِ اللهِ الكريمِ، وَسَمَاعُ كَلَامِهِ، والفوزُ بِرضَاهُ، والبهجةُ بِقُرْبِهِ، فبهذا حَصَّلَ لهم أَعْلَى ما يَتَمَنَّاهُ المُتَمَنُّونَ، ويسأله السائلون. • {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ} أي: يَعْلُوهَا غُبَارٌ، يقال: ما علا من الغبارِ في الهواء يُسَمَّى قَتَرًا، وما دَنَا من الأرض يُسَمَّى غَبْرَةً، تقول: رَهِقَهُ بِالْكَسْرِ يَرْهَقُهُ رَهَقًا أي: غَشِيَهُ.

27

• {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} يَغْشَاهُمْ خِزْيٌ وَذُلٌّ وَهَوَانٌ.

28

• {فَزَيَّلْنَا} فَرقْنَا بَيْنَ الْعَابِدِينَ وَالمَعْبُودِينَ، وَقَطَعْنَا ما كان بينهم من التواصلِ في الدنيا، يقال: زَيَّلْتُهُ فَتَزَيَّلَ، أي: فَرَّقْتُهُ فَتَفَرَّقَ، والمزايلةُ: المفارقةُ.

54

• {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ} الإسرارُ يكون بمعنى الإخفاءِ وبمعنى الإظهارِ فهو من الأَضْدَادِ، وَالنَّدَامَةُ: الحسرةُ لوقوعِ شيءٍ، أو فواتِ شيءٍ، وَأَصْلُهَا اللّزُومُ، ومنه النديمُ؛ لأنه يُلَازِمُ المُجَالِسَ له، والمعنى أنهم أظهروا الحسرةَ والندمَ لمَّا عَايَنُوا العذابَ وَأَبْصَرُوهُ يومَ القيامةِ.

61

• {تُفِيضُونَ} حِينَ تَدْخُلُونَ وتأخذونَ في ذلك العَمَلِ، والإفاضةُ: الدخولُ في العملِ عَلَى جِهَةِ الانتصابِ له والاندفاعِ فيه. • {يَعْزُبُ} يَغِيبُ.

71

• {غُمَّةً} خَفِيًّا مَسْتُورًا، بَلْ أَظْهَرُوهُ، وَجَاهَرُونِي بِهِ.

78

• {لِتَلْفِتَنَا} لِتَصْرِفَنَا.

87

• {أَن تَبَوَّآ} أي: اتّخِذَا لِقَوْمِكُمَا بمصرَ بُيُوتًا للصلاة تكون مساجدَ تُصَلّونَ فيها سِرًّا من فرعونَ وَمَلَئِهِ، يقال: تَبَوَّأَ فلانٌ لِنَفْسِهِ بَيْتًا: إذا اتَّخَذَهُ مَبَاءَةً أي: وَطَنًا وَمَنْزِلًا. • {قِبْلَةً} أي: اجْعَلُوا مَسَاجِدَكُمْ إلى الْقِبْلَةِ، وَقِبْلَةُ اليهودِ هي بيتُ المقدسِ، سُمِّيَتْ قِبْلَةً لأنّ المُصَلِّيَ يَجْعَلُ وَجْهَهُ مُقَابِلًا لها.

100

• {الرِّجْسَ} العذابَ.

5

• {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} أي أن المشركين يَكْتُمُونَ ما فيها من العَدَاوَةِ لمحمد - صلى الله عليه وسلم -. • {لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} أي: لِيَخْتَبِئُوا مِنَ اللهِ بِسَيِّئِ أَعْمَالِهمْ فلا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رَسُولُهُ.

22

• {لاَ جَرَمَ} لا بدَّ، وَأَصْلُ الجَرَمِ: القَطْعُ؛ ولهذا قال بعضُهم: لا قطع قاطع، وَمَنْ فَسَّرَهَا بـ «حَقًّا» أو «لَا مَحَالَةَ» فَسَّرَهَا بالمعنى المرادِ.

27

• {أَرَاذِلُنَا} أي: فَقَرَاؤُنَا وَسِفْلَتُنَا، وأصحابُ الحِرَفِ الدنيئةِ فِينَا، واَلأَرَاذِلُ: جَمْعُ أَرْذُل، والأَرْذُل جَمْعُ رَذْلٍ، وهو الدُّونُ من كُلِّ شَيْءٍ، وإنما قالوا ذلك جهلًا منهم أيضًا؛ لأن الرفعةَ في الدين، ومتابعةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تكون بالشَّرَفِ والمالِ والمناصبِ العاليةِ، بل تكون للفقراءِ الخاملينَ وغيرِهم، ولا تَضُرُّهُمْ خِسَّةُ صَنَائِعِهِمْ إذا حَسُنَتْ سِيرَتُهُمْ في الدين. • {بَادِيَ الرَّأْيِ} يعني أنهم اتَّبَعُوكَ في أولِ الرأيِ من غيرِ تَثَبُّتٍ وَتَفَكُّرٍ في أَمْرِكَ، ولو تفكروا ما اتَّبَعُوكَ، وقيل: ظاهرُ الرأي، أي: اتَّبَعُوكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنُهُمْ عَلَى خِلَافِ ذلك، يقال: بَدَا يَبْدُو إِذَا ظَهَرَ.

28

• {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} أَنُكْرِهُكُمْ عَلَى ما تَحَقَّقْنَاهُ وَشَكَكْتُمْ أَنْتُمْ فِيهِ.

31

• {تَزْدَرِي} تَحْتَقِرُ.

36

• {فَلاَ تَبْتَئِسْ} فلا تَغْتَمَّ ولا تَحْزَنْ بِهَلَاكِهِمْ، والْبُؤْسُ: الحُزْنُ.

40

• {فَارَ التَّنُّورُ} الفَوْرُ: الغَلَيَانُ، يقال: فَارَتِ الْقِدْرُ إذا غَلَتْ، والتَّنُّورُ اسمُ الموضعِ الَّذِي يُخْبَزُ فيه، وقيل: المرادُ: وَجْهُ الأرضِ، أي: إذا رَأَيْتَ وَجْهَ الأرضِ يَفُورُ بالماءِ فَارْكَبْ في السفينةِ، وقيل: إنه تَنُّورٌ حَقِيقِيٌّ جُعِلَ فَوَرَانُ الماءِ منه علامةً عَلَى رُكُوبِ السفينةِ، وقيل: هُوَ كنايةٌ عَنِ اشْتِدَادِ الأَمْرِ وَصُعُوبَتِهِ وَتَمْثِيلٌ لحصولِ العذابِ، وذلك مثلُ قولهم: حَمِيَ الوطيسُ إذا اشتدتِ الحربُ، يقال: فَارَتْ قِدْرُ القَوْمِ إذا اشْتَدَّ حَرْبُهُمْ.

44

• {أَقْلِعِي} أَمْسِكِي عَنِ المَطَرِ. • {غِيضَ المَاءُ} نَقَصَ وَنَضَبَ، يقال: غَاضَ الماءُ إذا نَقَصَ وَذَهَبَ.

54

• {اعْتَرَاكَ} عَرَاكَ وَاعْتَرَاكَ بمعنًى واحدٍ، وهو أَصَابَكَ، يقال: اعْتَرَانِي كذا أي: أَصَابَنِي كما يقال: عَرَانِي نُعَاسٌ أو تَفْكِيرٌ، أي: أَصَابَنِي.

63

• {تَخْسِيرٍ} أي: فما تَزِيدُونَنِي بِاحْتِجَاجِكُمْ بِدِينِ آبَائِكُمْ غيرَ بَصِيرَةٍ بِخَسَارَتِكُمْ.

69

• {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} العِجْلُ: وَلَدُ البَقْرَةِ،، وَالحَنِيذُ: المَشْوِيُّ عَلَى الحجارةِ المُحْمَاةِ في حفرةٍ مِنَ الأَرْضِ.

70

• {نَكِرَهُمْ} أي اسْتَنْكَرَ منهم عَدَمَ الأكلِ وَظَنَّ أنهم قد جَاءُوهُ بِشَرٍّ.

71

• {فَضَحِكَتْ} الضَّحِكُ مَعْرُوفٌ، ومنهم مَنْ فَسَّرَهُ بِالحَيْضِ.

77

• {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} يُقَالُ لمن لا يُطِيقُ الأَمْرَ: «ضَاقَ بِهِ ذَرْعًا» وَأَصْلُ الذَّرْعِ بَسْطُ اليَدِ، فكأنكَ تُرِيدُ: مَدَدْتُ يَدِي إليه فَلَمْ أَنَلْهُ، وربما قالوا: ضِقْتُ بِهِ ذَرْعًا. • {عَصِيبٌ} شَدِيدُ الشَّرِّ أو الأَذَى.

78

• {يُهْرَعُونَ} يُسْرِعُونَ إليه وفي نفوسهم حالةٌ تُشْبِهُ الحُمَّى، قال «الكسَائِيُّ» و «الفَرَّاءُ»: لا يكونُ الإهراعُ إلا إِسْرَاعًا مع رِعْدَةٍ، أو حُمَّى، أي: لما في نفوسهم من ثورةِ الفاحشةِ، ويكون الفعلُ بلفظِ المجهولِ كما جَاءَ: عَنَيْتُ حَاجَتَكَ.

80

• {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} كقبيلةٍ مانعةٍ لمَنَعَتْكُمْ، وهذا بِحَسَبِ الأسبابِ المحسوسةِ، وإلا فإنه يَأْوي إلى أَقْوَى الأركانِ وهو الله، الَّذِي لا يقومُ لِقُوَّتِهِ أَحَدٌ.

81

• {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ} فَسِرْ بأهلِ بيتِكَ الصالحين في بعضِ الليلِ، فَالسُّرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ، والقِطْعُ مِنَ الليلِ بَعْضُهُ.

82

• {سِجِّيلٍ} طِينٌ مُتَحَجِّرٌ. • {مَّنضُودٍ} أي: وُضِعَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ وَأُعِدَّ لِعَذَابِهِمْ، فالمنضودُ: الموضوعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فالمعنى هنا أنها مُتَتَابِعَةٌ مُتَتَالِيَةٌ في النزولِ ليس بينهما فترةٌ.

83

• {مُّسَوَّمَةً} مُعَلَّمَةٌ بِعَلَامَةٍ.

86

• {بَقِيَّةُ اللهِ} أي: ما بَقِيَ لَكُمْ من الحَلَالِ بعد إيفاءِ الكَيْلِ والوزنِ خَيْرٌ لكم مما تأخذونَه بِالتَّطْفِيفِ.

89

• {لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} لَا يَحْمِلَنَّكُمْ خِلَافِي، وَعَدَاوَتِي، وقيل: فِرَاقِي.

91

• {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ} وَلَوْلَا قوةُ عَشِيرَتِكَ وَعِزُّهُمْ فِينَا لَقَتَلْنَاكَ رَجْمًا بالحجارةِ.

92

• {ظِهْرِيًّا} طَرَحْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، غَيْرَ عَابِئِينَ بِهِ.

99

• {الرِّفْدُ المَرْفُودُ} الرِّفْدُ اسْمُ الْعَطِيَّةِ، يقال: رَفَدْتُهُ أَرْفِدُهُ رفدًا أي: أَعَنْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ، وَرِفْدُ فِرْعَوْنَ وقومِه يومَ القيامةِ هي النارُ وَبِئْسَ هذا الرفدُ المرفودُ، أي: العطاءُ المُعْطَى لهم؛ لأنه عطاءُ الخزيِ والنكالِ وَغُصَصُ الموتِ والعذابِ.

100

• {مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ} بعضُها بَاقٍ، وبعضها هَالِكٌ؛ كالزرعِ المحصودِ.

101

• {تَتْبِيبٍ} ما زَادَتْهُمْ عبادةُ غيرِ اللهِ إلا الخسرانَ والهلاكَ، والتَّتْبِيبُ: التخسيرُ، يقال: تَبَّ إذا خَسِرَ، وَتَبَّبَهُ غيرُه إذا أَوْقَعَهُ في الخُسْرَانِ.

106

• {زَفِيرٌ} صوتٌ شديدٌ عند خروجِ النَّفَسِ من صُدُورِهِمْ يُشْبِهُ أولَ نهيقِ الحمارِ من شدةِ الحرّ والضيقِ والعذابِ في نارِ جَهَنَّمَ. • {شَهِيقٌ} صَوْتُ رَدِّ النَّفَسِ إلى الصدرِ مع سُرْعَةٍ وَجَهْدٍ، وهو يشبهُ آخِرَ صوتِ الحمارِ في النهيقِ، والزفيرُ والشهيقُ مِنْ أَصْوَاتِ المَحْزُونِينَ.

108

• {مَجْذُوذٍ} مَقْطُوعٌ.

114

• {طَرَفَيِ النَّهَارِ} أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ، قال «مجاهدٌ»: الطَّرَفُ الأولُ صلاةُ الصبحِ، والثاني الظهرُ والعصرُ. • {وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} المغربُ والعِشَاءُ، فيكون المرادُ الأمرَ بأداءِ الصلواتِ الخمسِ بأوقاتها، وَالزُّلَفُ جمع زُلْفَةٍ، وأصل الزُّلْفَةِ: المنْزِلَةُ القَرِيبَةُ.

120

• {فِي هَذِهِ} في هذه السورةِ، وقيل: الدُّنْيَا، وقيل: أَنْبَاءِ الرُّسُلِ.

8

• {عُصْبَةٌ} قَالَ جُمْهُورُ اللُّغَوِيُّونَ: تُطْلَقُ العُصْبَةُ عَلَى الجماعةِ مِنْ عَشَرَةٍ إلى أربعينَ، وعن «ابن عباس» أنها من ثلاثة إلى عَشَرَةٍ، وَذَهَبَ إليه بَعْضُ أهلِ اللغةِ.

9

• {يَخْلُ} أي: يَخْلُصُ وَيَصْفُو لكم حُبُّ أبيكم فَيُقْبِلُ عَلَيْكُمْ.

10

• {غَيَابَةِ الجُبِّ} أَلْقَوْهُ فِي أَسْفَلِ الجُبِّ وَظُلْمَتِهِ التي تُغَيِّبُهُ عن الناظرينَ، وَالْغَيَابَةُ: كُلّ موضعٍ سَتَرَ شيئًا وَغَيَّبَهُ عن النَّظَرِ، والجُبُّ: البِئْرُ الكبيرةُ غيرُ المَطْوِيَّةِ، سُمِّيَ بذلك لأنه جُبَّ أي: قُطِعَ وَلَمْ يُطْوَ. • {السَّيَّارَةِ} أي: يأخذه بعضُ المُسَافِرِينَ فيذهبُ به إلى ناحيةٍ أُخْرَى فتستريحون منه، والالتقاطُ: أَخْذُ الشَّيْءِ من الطريق، أو من حيث لا يَحْتَسِبُ، وَالسَّيَّارَةُ: الجَمْعُ الَّذِينَ يَسِيرُونَ في الطريقِ للسَّفَرِ.

12

• {يَرْتَعْ} يَتَّسِعُ في أَكْلِ الفواكهِ وغيرِها، والرَّتْعُ: هُوَ الاتِّسَاعُ في الملاذ، يقال: رَتَعَ فُلَانٌ في مَالِهِ إذا أَنْفَقَهُ في شَهَوَاتِهِ.

20

• {شَرَوْهُ} بَاعُوهُ. • {بِثَمَنٍ بَخْسٍ} قَلِيلٌ نَاقِصٌ، وَقِيلَ: حَرَامٌ، وَقِيلَ: ظُلْمٌ. • {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} لَمْ تَصِلْ إلى حَدِّ الوَزْنِ، وهي بيانٌ للثمن البَخْسِ؛ لأن مِنْ عادتهم أنه إذا بَلَغَتِ الدراهمُ أَرْبَعِينَ وَزَنُوهَا وَزْنًا، وإذا كانت أَقَلَّ من ذلك عَدُّوهَا عَدًّا، فمعنى هذا: أن يوسفَ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. {الزَّاهِدِينَ} الرَّاغِبِينَ عنه الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الخَلَاصَ مِنْهُ، والزَّهْدُ فِي الشيءِ: قِلَّةُ الرَّغْبَةِ فِيهِ.

23

• {رَاوَدَتْهُ} أَصْلُ المُرَاوَدَةِ: الإرادةُ وَالطَّلَبُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، والمعنى أن امرأةَ العزيزِ طَلَبَتْ مِنْ يُوسُفَ الفِعْلَ القَبِيحَ، وَدَعَتْهُ إلى نَفْسِهَا لِيُوَاقِعَهَا.

30

• {فَتَاهَا} الْفَتَى هُوَ الَّذِي في سِنِّ الشبابِ وَيُكْنَى بِهِ عن المملوكِ وعن الخادمِ كما يُكْنَى بالغلامِ والجاريةِ وهو المرادُ هنا، والعربُ تُسَمِّي المملوكَ فتًى ولو شَيْخًا.

33

• {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} أَمِلْ إليهن، يقال: صَبَا فلانٌ إلى كذا إذا مَالَ إليه.

43

• {عِجَافٌ} جمع عَجْفَاءَ وهي البقرةُ الهزيلةُ.

47

• {دَأَبًا} مُتَتَابِعَةً مُتَتَالِيَةً.

54

• {مَكِينٌ} صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ مَكُنَ -بضمِّ الكافِ- إذا صَارَ ذَا مَكَانَةٍ وهي المرتبةُ العظيمةُ، وهي مُشْتَقَّةٌ من المكان.

65

• {نَمِيرُ أَهْلَنَا} أي نَجْلِبُ لهم المِيرَةَ بِكَسْرِ الميمِ بَعْدَهَا ياءٌ سَاكِنَةٌ وهي الطعامُ يَجْلِبُهُ الإنسانُ مِنْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، والِميرَةُ: الطَّعَامُ يَمْتَارُهُ الإنسانُ، وَالِميرَةُ جَلْبُ الطَّعَامِ، ويقال: مَارَ أَهْلَهُ يَمِيرُهُمْ مَيْرًا إذا حَمَلَ الطَّعَامَ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ.

69

• {آوَى} ضَمَّ إليه أَخَاهُ شَقِيقَهُ. • {فَلاَ تَبْتَئِسْ} لَا تَحْزَنْ.

80

• {خَلَصُوا نَجِيًّا} انْفَرَدُوا عن الناس وحدَهم وَخَلَا بعضُهم ببعضٍ يَتَنَاجَوْنَ وَيَتَشَاوَرُونَ سِرًّا.

84

• {ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ} فيه قَوْلَانِ: أحدُهما: أنه ضَعُفَ بَصَرُهُ لبياضٍ قَدْ حَصَلَ فيه من كثرةِ بُكَائِهِ، والقولُ الثاني: أنه ذَهَبَ بَصَرُهُ، وبه قال مجاهد. • {كَظِيمٌ} مَغْمُومٌ مَكْرُوبٌ كَاظِمٌ لِلْحُزْنِ لَا يُظْهِرُهُ بَيْنَ الناسِ.

85

• {تَفْتَأُ} أي: لَا تَفْتَأُ، يعني: لا تَزَالُ تذكرُ يوسفَ، ولا تَفْتُرُ عن حُبِّهِ. • {حَرَضًا} أي: تَالِفًا، والحَرَضُ: فَسَادٌ في العقلِ والجسمِ من شدةِ الحُزْنِ.

86

• {بَثِّي} قال «ابْنُ قُتَيْبَةَ»: البَثُّ أَشَدُّ الحُزْنِ، وذلك لأن الإنسانَ إذا سَتَرَ الحزنَ وَكَتَمَهُ كان همًّا، فإذا ذكره لغيره كان بثًّا، فَالْبَثّ: أَشَدُّ الحُزْنِ، والحُزْنُ: الهَمُّ، والمعنى: إنما أَشْكُو حُزْنِي العظيمَ وَحُزْنِي القليلَ إلى اللهِ لا إليكم ولا إلى غيرِكم، فَخَلّونِي وَشِكَايَتِي.

87

• {فَتَحَسَّسُوا} اطْلُبُوا خَبَرَهُمَا، والتَّحَسُّسُ: طَلَبُ الشيءِ بالحواسِّ.

88

• {مُزْجَاةٍ} مَرْفُوضَةٌ لِقِلَّتِهَا، أو رَدَاءَتِهَا وَكَسَادِهَا.

92

• {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} التَّثْرِيبُ: التَّعْيِيرُ والتَّوْبِيخُ، أي: لا تَعْيِيرَ ولا تَوْبِيخَ ولا لَوْمَ عليكم اليومَ، وكأنه قال: لئن كان هذا اليوم هُوَ يومُ التثريبِ والتقريعِ والتوبيخِ، فأنا لا أُقَرِّعُكُمْ وَلَا أُوَبِّخُكُمْ.

94

• {لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} أي: لَوْلَا أَنْ تَنْسِبُونِي إلى ضَعْفِ العَقْلِ وَفَسَادِ الرَّأْيِ لَصَدَّقْتُمُونِي أني أَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ، وَأَصْلُ التَّفْنِيدِ: مِنَ الفَنَدِ، وهو ضَعْفُ الرَّأْيِ.

100

• {نَزغَ} أَفْسَدَ مَا بَيْنَنَا بسببِ الحسدِ، وَأَصْلُ النَّزْغِ: الدُّخُولُ فِي أَمْرٍ لِإِفْسَادِهِ.

107

• {غَاشِيَةٌ} عُقُوبَةٌ تَغْشَاهُمْ.

3

• {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} يَجْعَلُ الليلَ يُغَطِّي النَّهَارَ فَيَسْتُرُ بِظُلْمَتِهِ ضَوْءَهُ، وكذلك يَجْعَلُ النَّهَارَ يُغَطِّي الليلَ فَيَسْتُرُ بِضِيَائِهِ ظُلْمَتَهُ، والغشاءُ: الغطاءُ.

4

• {قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ} بِقَاعٌ مُتَلَاصِقَةٌ مع اختلافها في التربةِ، فَمِنْهَا طَيِّبَةٌ خَصْبَةٌ، ومنها مُجْدِبَةٌ قَاحِلَةٌ، ومنها بيضاءُ نَاصِعَةٌ، ومنها سوداءُ قَاتِمَةٌ. • {وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ} وهي النخلاتُ المتلاصقاتُ يَجْتَمِعْنَ من أصلٍ واحدٍ، جَمْعُ صِنْوٍ.

5

• {الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} يَوْمَ القِيَامَةِ، والأغلالُ: جَمْعُ غُلٍّ، وهو طَوْقٌ من حديدٍ تُشَدُّ بِهِ الْيَدُ إلى العُنُقِ.

6

• {المَثُلاَتُ} جمع مَثُلَةٍ -بِفَتْحِ الميمِ وَضَمِّ الثَّاءِ كَسَمُرَةٍ وَصَدَقَةٍ، وبضمِّ الميمِ وسكونِ الثاءِ كَغُرْفَةٍ- وهي العقوبةُ الشديدةُ التي تكون مَثَلًا ليرتدعَ غيرُه به.

8

• {تَغِيضُ} تَنْقُصُ.

10

• {مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ} مُسْتَتِرٌ بأعمالِه في ظلمةِ الليلِ. • {سَارِبٌ بِالنَّهَارِ} ظَاهِرٌ بذَهَابِهِ وأعمالِه في طريقِه بالنهار، مُسْتَعْلِنٌ لا يَسْتَخْفِي، والسِّرْبُ: الطريقُ، والحاصلُ أنه يستوي في عِلْمِهِ تعالى السِّرُّ والجهرُ والمُسْتَخْفِي في الظلمات، والظاهرُ في الطرقاتِ، وفي هذه الآياتِ رَدٌّ عَلَى أولئك المُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يؤمنون بِعِلْمِ اللهِ بجميعِ الأشياءِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى بَعْثِ جَمِيعِ الأحياءِ.

11

• {مُعَقِّبَاتٌ} جَمَاعَاتٌ مِنَ المَلَائِكَةِ؛ لأن بعضَهم يَعْقِبُ بَعْضًا، وقيل: معناه: لِلْمَلِكِ من مُلُوكِ الدُّنْيَا حَرَسٌ يَتَعَاقَبُونَ في حِرَاسَتِهِ، وقيل: الضميرُ راجعٌ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وعلى المعنى الأولِ: يكونُ الضميرُ رَاجِعًا إلى الإنسانِ.

12

• {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} أي: وَيَخْلُقُ سبحانَه السحابَ المُثْقَلَ بالماءِ الكثيرِ، فينزل بالمطرِ الغزيرِ، فَيُحْيِي به الأرضَ بعدَ مَوْتِهَا، والسَّحَابُ: اسمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ سَحَابَةٌ، والثِّقَالُ: جَمْعُ ثَقِيلَةٍ.

15

• {وَظِلالُهُم} الظلالُ جَمْعُ ظِلٍّ: وهو الخيالُ الَّذِي يَظْهَرُ للأشياءِ التي لها جِسْمٌ عند بزوغِ الشمسِ أو القمرِ، أي: وَظِلَالُ الأشياءِ كُلِّهَا خَاضِعَةٌ للهِ مُنْقَادَةٌ لِحُكْمِهِ وَأَمْرِهِ. • {بِالْغُدُوِّ} جمع غَدَاةٍ: وهي أولُ النَّهَارِ. • {وَالآصَالِ} جمع أُصُلٍ، والأُصُلُ: جَمْعُ أَصِيلٍ: وهو آخِرُ النَّهَارِ، والمرادُ: جَمِيعُ الأَوْقَاتِ.

17

• {فَاحْتَمَلَ} حَمَلَ. • {زَبَدًا} الرَّغْوَةُ التي تَعْلُو وَجْهَ الماءِ. • {رَّابِيًا} طَافِيًا مُرْتَفِعًا. • {جُفَاء} مَا رَمَى به الوادي مِنَ الزَّبَدِ إلى جَوَانِبِهِ، يُقَالُ: أَجْفَاهُ الوادي؛ أَيْ: رَمَى به.

31

• {يَيْأَسِ} يَعْلَمُ بِلُغَةِ بَعْضِ العَرَبِ.

41

• {نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} النَّقْصُ: الذَّهَابُ من الشيء بحيثُ يَقِلُّ مقدارُه، والأطرافُ جَمْعُ طَرَفٍ، وهي الجوانبُ من الأرض، أو الطوائفُ من الناسِ، والمعنى: أَوَلَمْ تَرَ قريشٌ هلاكَ مَنْ قَبْلَهُمْ، وخرابَ أَرْضِهِمْ، أفلا يَخَافُونَ أن يَحِلَّ بهم مثلُ ذلك، والاستفهامُ في الآية استفهامُ تقريرٍ، أي: لقد أريناهم النقصانَ في الأرضِ بالخرابِ، والنقصانَ بالكفارِ بالهلاكِ؛ لِيَعْلَمُوا أن تأخيرَ العذابِ عنهم ليس عن عَجْزٍ، وَلَكِنْ عن حِكْمَةٍ، لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. • {لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} لا رَادَّ لقضائه، ولا يَتَعَقَّبُ حُكْمَهُ أَحَدٌ بنقضٍ ولا تغييرٍ، والمُعَقِّبُ هُوَ الَّذِي يُعَقِّبُ غيرَه بالردِّ والإبطالِ.

5

• {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ} والمرادُ بأيامِ اللهِ: وَقَائِعُهُ في الأممِ وَحَوَادِثُهُ الشديدةُ الشاملةُ لِلنِّعَمِ وَالنِّقَمِ، أي: عِظْهُمْ بالترغيبِ والترهيبِ وَحَدِّثْهُمْ بما وَقَعَ لهم وَلمَنْ قَبْلَهُمْ من النِّعَمِ والنِّقَمِ ليكونَ ذلك أبلغَ في التأثيرِ.

9

• {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} أي: جَعَلَ أولئك الأقوامُ الَّذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَيْدِيَهُمْ في أفواهِ أَنْفُسِهِمْ لِيَعَضُّوا عليها تَعَجُّبًا، أو تَغَيُّظًا مما جاء به الرسلُ؛ إِذْ كانَ فيه تسفيهُ أَحْلَامِهِمْ.

15

• {اسْتَفْتَحُوا} أي طَلَبُوا الفتحَ بِالنُّصْرَةِ عَلَى الأَعْدَاءِ.

16

• {صَدِيدٍ} ما يسيلُ مِنْ جَوْفِ أهلِ النارِ وَجُلُودِهِمْ من القيحِ والدَّمِ، وهو في حرارتِه يَشْوِي الوجوهَ ويقطعُ الأمعاءَ.

17

• {يَتَجَرَّعُهُ} يُسْقَاهُ جُرْعَةً بَعْدَ جُرْعَةٍ. • {وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} ولا يَقْدِرُ عَلَى ابْتِلَاعِهِ إلا بعد إبطاءٍ لحَرَارَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ، والسوغُ: جَرَيَانُ الشَّرَابِ في الحَلْقِ بِسُهُولَةٍ، يقال: سَاغَ الشرابُ في الحلقِ: إذا سَهُلَ انْحِدَارُهُ فيه.

21

• {أَجَزِعْنَا} الجَزَعُ: مَرْتَبَةٌ قُصْوَى مِنْ مَرَاتِبِ الحُزْنِ؛ يَصْرِفُ الإنسانَ عما كان يُؤَمِّلُهُ. • {مَحِيصٍ} مَصْدرٌ مِيمِيٌّ كالمغيبِ والمشيبِ وهو النجاةُ، يقال: حَاصَ عنه أي: نَجَا مِنْهُ، ويجوز أن يكون اسمَ مَكَانٍ مِنْ حَاصَ أيضًا، أي: ما لنا مَلْجَأ أو مكانٌ نَنْجُو فِيهِ.

22

• {بِمُصْرِخِكُمْ} بِمُغِيثِكُمْ.

26

• {اجْتُثَّتْ} قُطِعَتْ وَاقْتُلِعَتْ مِنْ أصلها القريبِ من سطحِ الأرضِ، وَأَصْلُ الاجْتِثَاثِ: أَخْذُ الجُثّةِ كُلِّهَا.

28

• {دَارَ الْبَوَارِ} يَعْنِي: دَارَ الهَلَاكِ، والبوارُ: الكَسَادُ، وَبَارَتِ السوقُ: إذا كَسَدَتْ، والبُورُ: الأرضُ الخرابُ التي لم تُزْرَعْ، وَبَارَ عَمَلُهُ: بَطَلَ، وَدَارُ البَوَارِ: دارُ الهلاكِ وهي جَهَنَّمُ.

37

• {تَهْوِي إِلَيْهِمْ} تَمِيلُ إليهم، وَتَأْتِيهُمْ مُسْرِعَةً، أو: تَحِنُّ إليهم، وقيل: تَرْتَفِعُ، وقيل: تَنْزِلُ.

43

• {مُهْطِعِينَ} مُسْرِعِينَ إلى الدَّاعِي، وقيل: المُهْطِعُ: الدَّائِمُ النَّظَرِ. • {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} رَافِعِيهَا، وقيل: خَافِضِيهَا من الذِّلَّةِ. • {لاَ يَرْتَدُّ} لا يَرْجِعُ. • {طَرْفُهُمْ} نَظَرُهُمْ. • {هَوَاء} أي: خَالِيَةٌ من العقلِ والفَهْمِ لِفَرْطِ الحيرةِ والدهشةِ، ويقال للجبانِ والأحمقِ: قَلْبُهُ هواءٌ أي: لا قوةَ ولا رأيَ له.

49

• {مُقَرَّنِينَ} مَشْدُودِينَ بعضُهم إلى بعضٍ، يقال: قَرَنْتُ الشيءَ بالشيءِ إذا شَدَدْتَهُ معه في رِبَاطٍ وَاحِدٍ. • {الأَصْفَادِ} أي الأغلالِ والقيودِ، وَاحِدُهَا صَفَدٌ.

50

• {سَرَابِيلُهُم} جَمْعُ سِرْبَالٍ وهو القميصُ. • {قَطِرَانٍ} هُوَ القَارُ الأَسْوَدُ والزِّفْتُ، وَيُشْبِهُ المادةَ التي تُطْلَى بها الطّرُقُ الآنَ، وقيل: النُّحَاسُ.

2

• {رُبَمَا} رُبَّمَا تُسْتَعْمَلُ مُخَفَّفَةً وَمُشَدَّدَةً، وأصلُها أن تُسْتَعْمَلَ في القليلِ، وقد تُسْتَعْمَلُ في الكثيرِ، والمعنى: يَتَمَنَّى الكفارُ في أوقاتٍ كثيرةٍ لَوْ كانوا مُسْلِمِينَ، وذلك كُلَّمَا عَايَنُوا نوعًا من أنواعِ العذابِ أو ذَاقُوهُ عِنْدَ المَوْتِ أو في المَحْشَرِ أو فِي جهنم، يَتَمَنَّوْنَ لو كانوا في الدنيا مع المسلمين.

10

• {فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ} الَّذِينَ سَبَقُوا أُمَّتَكَ، وَالشِّيَعُ جَمْعُ شِيعَةٍ، وهي الفِرْقَةُ والطَّائِفَةُ من الناس المتآلفةِ المُتَّفِقَةِ الكَلِمَةِ، والشِّيَعُ في الآيَةِ: أَهْلُ القُرَى والأُمَمُ الماضِيَةُ.

12

• {نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ المُجْرِمِينَ} أي: نَسْلُكُ الذِّكْرَ المُنَزَّلَ (القُرْآنَ) في عقولهم لِتَقُومَ الحُجَّةُ عليهم عَلَى سُنَّةِ إبلاغِ الرسالاتِ لمَنْ قَبْلَهَمُ، فَهُمْ يَسْمَعُونَهُ وَيَفْهَمُونَهُ، ولكنه لا يَسْتَقِرُّ في عقولهم استقرارَ تَصْدِيقٍ وَإِذْعَانٍ، وَالسَّلْكُ: إِدْخَالُ الشيءِ في الشيءِ كَإِدْخَالِ الخيطِ في المَخِيطِ.

14

• {يَعْرُجُونَ} يَصْعَدُونَ.

15

• {سُكِّرَتْ} أي: سُدَّتْ، من قَوْلِكَ: سَكَّرْتُ النَّهْرَ، إذا سَدَدْتُهُ.

22

• {لَوَاقِحَ} جمع لَاقِحَةٍ أي: حَوَامِلَ تَحْمِلُ السَّحَابَ، وَاللِّقَاحُ للشَّجَرِ، والخيرُ والنَّفْعُ للنَّاسِ.

26

• {صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} الصَّلْصَالُ: الطِّينُ اليَابِسُ الَّذِي إذا نَقَرْتَهُ سمعتَ له صَلْصَلَةً، أي: صَوْتًا، والحَمَأ: الطينُ الأسودُ، والمَسْنُونُ: المُتَغَيِّرُ، قال «القرطبي»: كَانَ آدَمُ أولَ الأمرِ تُرَابًا مُتَفَرِّقَ الأَجْزَاءِ، ثم بُلَّ فَصَارَ طِينًا، ثم تُرِكَ حتى أُنْتِنَ فَصَارَ حَمَأً مَسْنُونًا، أي: مُتَغَيِّرًا، ثم يَبُسَ فَصَارَ صَلْصَالًا، ثم نَفَخَ فيه الروحَ فَكَانَ بَشَرًا سَوِيًّا.

27

• {نَارِ السَّمُومِ} مِنْ نَارٍ لا دُخَانَ لها، والسَّمُومُ أيضًا: الريحُ الحَارَّةُ التي تَقْتُلُ، سُمِّيَتْ سَمُومًا؛ لتأثيرِها عَلَى مَسَامِّ الجِسْمِ.

29

• {قَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} خَرُّوا.

38

• {الْوَقْتِ المَعْلُومِ} النفخةِ الأُولَى، وإنما سَمَّاهُ مَعْلُومًا؛ لأنه لا يَعْلَمُهُ غيرُه.

60

• {الْغَابِرِينَ} أي: البَاقِينَ مع الكفار لِيَهْلِكُوا معهم.

72

• {لَعَمْرُكَ} قَسَمِي، والخطابُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه: وَحَيَاتِكَ يا محمدُ، وما خَلَقَ اللهُ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ من محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وما أَقْسَمَ بحياةِ أحدٍ إلا بحياته تَشْرِيفًا له، والعَمْرُ بفتحِ العينِ وَضَمِّهَا معناهما واحدٌ، وهو اسمٌ لمدةِ عِمَارَةِ بَدَنِ الإنسانِ بالروحِ وبقائِه مُدَّةَ حياتِه، وَقِيلَ: الخطابُ لِلُوطٍ، والقَسَمُ بحياتِه. • {سَكْرَتِهِمْ} ذَهَابُ العَقْلِ مُشْتَقَّةٌ من السَّكْرِ بفتحِ السينِ وهو السدُّ، والمرادُ هنا حيرتُهم وَضَلَالتُهُمْ.

75

• {لِلْمُتَوَسِّمِينَ} النَّاظِرِينَ نَظَرَ اعْتِبَارِ وَاتِّعَاظٍ، وقيل: المُتَفَرِّسِينَ، وقيل: المُبْصِرِينَ، وهذه الآيةُ أَصْلٌ في الفِرَاسَةِ -بِكَسْرِ الفَاءِ-؛ وهي: مَلَكَةٌ صَيَّادَةٌ لمعرفةِ أخلاقِ الإنسانِ وأحوالِه بأحوالِه الظاهرةِ.

76

• {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ} وَإِنَّ قَرْيَةَ قَوْمِ لُوطٍ لَبِطَرِيقٍ وَاضِحٍ تَرَوْنَهَا حِينَ سَفَرِكُمْ إلى الشَّامِ.

80

• {أَصْحَابُ الحِجْرِ} هُمْ ثَمُودُ، وَالحِجْرُ: وَادِيهِمْ؛ بَيْنَ المدينةِ والشَّامِ، وقيل: الحِجْرُ: مدينةُ ثَمُودَ.

90

• {المُقْتَسِمِينَ} أي: أهل الكتابِ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا القرآنَ اسْتِهْزَاءً به، وقيل: كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فبعضُهم قال: إِنَّهُ شِعْرٌ، وبعضُهم قال: أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ.

91

• {عِضِينَ} أي: أجزاءً مُتَفَرِّقَةً بعضُه شِعْرٌ، وَبَعْضُهُ سِحْرٌ، وقيل: إيمانُهم ببعضِ الكتابِ وَكُفْرُهُمْ بِبَعْضٍ.

4

• {خَصِيمٌ مُّبِينٌ}: بَيِّنُ الخُصُومَةِ، كَثِيرُ المُجَادَلَةِ، يُكَذِّبُ الرِّسَالَةَ وَيُنْكِرُ القيامةَ.

5

• {دِفْءٌ} ما يُسْتَدْفَأُ به من لِبَاسٍ.

6

• {حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} الإِرَاحَةُ: رَدُّ الأنعامِ بِالْعَشِيِّ إلى مَرَاحِهَا حيث تَأوِي إليه بالليلِ، وَتَسْرِيحُهَا إخراجُها بالغَدَاةِ إلى المَرْعَى، والتَّجَمُّلُ بها كَامِنٌ بالانتفاعِ بها؛ لأنه من أَعْظَمِ أَغْرَاضِ أَصْحَابِ المَوَاشِي، وَقَدَّمَ الإِرَاحَةَ عَلَى التَّسْرِيحِ؛ لأن الجمالَ في الإراحةِ أظهرُ إذا أَقْبَلَتْ مَلْأَى البُطُونِ وَالضُّرُوعِ، فَيَعْظُمُ وَقْعُهَا عِنْدَ النَّاسِ.

9

• {وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} بَيَانُ الطَّرِيقِ، وَتَقْوِيمُهَا؛ بِنَصْبِ الحجَجِ، وَإِرْسَالِ الرُّسُلِ.

10

• {تُسِيمُونَ} تَرْعَوْنَ أَنْعَامَكُمْ.

14

• {حِلْيَةً} زِينَةً كَاللُّؤْلُؤِ. • {مَوَاخِرَ} جَمْعُ مَاخِرَةٍ، والمَخْرُ: هُوَ الشَّقُّ، أي أن السفينةَ تَشُقُّ الماءَ.

15

• {أَن تَمِيدَ بِكُمْ} لِئَلَّا تَمِيلَ وَتَضْطَرِبَ بِكُمْ، والمَيْدُ هُوَ اضْطِرَابُ الشيءِ العظيمِ كالأرض.

44

• {الزُّبُرِ} الكُتُبُ، مِنْ زَبَرْتُ الكتابَ: إذا قَرَأْتَهُ، وَزَبَرْتُ الكِتَابَ: كَتَبْتُهُ، وقيل: الزَّجْرُ، وَسُمِّيَ الكتابُ بذلك؛ لأنه يَزْجُرُ النَّاسَ عن ذلك.

46

• {تَقَلُّبِهِمْ} في أَسْفَارِهِمْ، وَتَصَرُّفِهِمْ في أعمالهم؛ فإن اللهَ تعالى قَادِرٌ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ في السَّفَرِ وَالحَضَرِ، والليلِ والنهارِ.

47

• {عَلَى تَخَوُّفٍ} عَلَى تَنَقُّصٍ في أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهمْ، وقيل: أن يُهْلِكَ قَرْيَةً فتخافُ الأُخْرَى، وقيل: عَلَى عَجَلٍ.

48

• {يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ} يَمِيلُ ظِلُّ الشيءِ من جانبٍ إلى جانبٍ فيكونُ في أولِ النهارِ عَلَى حالٍ ثم يَتَقَلَّصُ ويعودُ في آخِرِ النهارِ عَلَى حالةٍ أُخْرَى، والفيءُ في اللغةِ الرجوعُ، يقال: فَاءَ يَفِيءُ: إذا رَجَعَ، وَسُمِّيَ الظِّلّ فَيْئًا؛ لأنه يَرْجِعُ من المغربِ إلى المَشْرِقِ، والظلالُ جَمْعُ ظِلٍّ، وَجَمَعَ الظلالَ لأنه أَرَادَ الكثرةَ.

52

• {لَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} أي: له العبادةُ دَائِمًا، وقيل: خَالِصًا.

53

• {تَجْأَرُونَ} تَضِجُّونَ وَتَرْفَعُونَ أَصْوَاتَكُمْ بالدعاءِ والاستغاثةِ به، ولا تَدْعُونَ غَيْرَهُ، وَأَصْلُ الجُؤَارِ: رَفْعُ الصَّوْتِ الشَّدِيدُ.

58

• {كَظِيمٌ} أي: مُمْتَلِئٌ غَمًّا وَحُزْنًا وَغَيْظًا.

59

• {عَلَى هُونٍ} هَوَانٍ؛ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وقيل: بمعنى: قليلٍ؛ بلغة تميم، وقيل: عَلَى بلاءٍ وَمَشَقّةٍ.

62

• {مُفْرَطُونَ} مُعَجَّلُونَ إلى النارِ وَمُقَدَّمُونَ إليها وَمَنْسِيُّونَ فيها، والفارطُ الَّذِي يتقدمُ إلى الماء، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ» أي: مُتَقَدِّمُكُمْ.

66

• {مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} الفَرْثُ: ما يكونُ في الكَرِشِ مِنْ مَأْكُولٍ لَمْ يَتِمَّ هَضْمُهُ وَإِخْرَاجُهُ رَوَثًا.

72

• {حَفَدَةً} الحَفَدَةُ جَمْعُ حَافِدٍ، وهو في اللغة: المُسْرِعُ في الخدمة، المُسَارِعُ إلى الطاعة، ومنه: وَنَحْفِدُ. والمرادُ بِالحَفَدَةِ أولادُ البَنِينَ، أي: جَعَلَ لكم من أزواجكم بَنِينَ، ومن البَنِينَ حَفَدَةً.

80

• {تَسْتَخِفُّونَهَا} يَخِفُّ عليكم حَمْلُهَا. • {ظَعْنِكُمْ} يومِ سَيْرِكُمْ وَرَحِيلِكُمْ في أَسْفَارِكُمْ، والظعنُ: سَيْرُ أهلِ الباديةِ للانتجاعِ والتحولِ من موضعٍ إلى آخَرَ.

81

• {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} البَأْسُ في القرآن هو: القِتَالُ، والمرادُ بالسرابيلِ: الدروعُ.

84

• {يُسْتَعْتَبُونَ} يُسْتَرْضَوْنَ، والاِسْتِعْتَابُ: طَلَبُ العتابِ وذلك ليُزِيلَ العاتبُ من نفسه الغضبَ عَلَى خَصْمِهِ، والاسمُ: العُتْبَى، أي: الرِّضَى، وهو رجوعُ المعتوبِ عَلَيْهِ إلى ما يُرْضِي العاتبَ، يقال: استعتب فلانٌ فلانًا فأعتبه إذا أرضاه، والمعنى أن الكفار لا يُكَلَّفُونَ أن يُرْضُوا رَبَّهُمْ يومَ القِيَامَةِ؛ لأن الآخرةَ ليست بدارِ تكليفٍ، ولا يُتْرَكُونَ إلى الرجوعِ إلى الدنيا فَيَتُوبُوا وَيُرْضُوا رَبَّهُمْ.

92

• {دَخَلًا} الدَّخَلُ: الدَّغَلُ والخَدِيعَةُ وَالغِشُّ والفَسَادُ، قال «أبو عبيدة»: كل أَمْرٍ لم يكن صحيحًا فهو دَخَلٌ، وَأَصْلُ الدَّخَلِ: مَا يَدْخُلُ في الشيءِ عَلَى سَبِيلِ الفَسَادِ وليس منه، والمعنى: لا تَجْعَلُوا أَيْمَانَكُمُ الداخلةَ في عهودكم سَبَبًا للغشِّ والخديعةِ بَيْنَكُمْ. • {أَرْبَى}: أَكْثَر عَدَدًا.

101

• {مُفْتَرٍ} كَاذِبٌ مُخْتَلِقٌ.

1

• {المَسْجِدِ الأَقْصَى} الأَبْعَدُ وَهُوَ بَيْتُ المَقْدِسِ.

4

• {عُلُوًّا كَبِيرًا} بَغْيًا عَظِيمًا.

5

• {وَعْدُ أُولاهُمَا} وَعْدُ أُولَى الإِفْسَادَتَيْنِ. • {أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أَصْحَابُ قُوَّةٍ في الحَرْبِ والبَطْشِ. • {فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ} الجَوْسُ: طَلَبُ الشيءِ بِاسْتِقْصَاءٍ، أي: تَرَدَّدُوا باستقصاءِ وَسَطِ دِيَارِكُمْ لطَلَبِكُمْ وَقَتْلِكُمْ.

6

• {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} ثم أَعَدْنَا لكم الدولةَ عليهم، والغلبةَ عَلَى الَّذِينَ بُعِثُوا عليكم حين تُبْتُمْ وَرَجَعْتُمْ عن الفساد، والكَرُّ: الرُّجُوعُ، والكَرَّةُ: المرَّةُ منه. • {نَفِيرًا} عَدَدًا؛ وهو مَصْدَرُ نَفَرَ: إذا خَرَجَ مُسْرِعًا.

7

• {وَعْدُ الآخِرَةِ} أي: مَوْعِدُ الفَسَادِ الثَّانِي. • {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْاْ} لِيُدَمِّرُوا ما اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أن تكونَ «ما» ظرفيةً؛ أي: لِيُفْسِدُوا مُدَّةَ عُلُوِّهِمْ.

8

• {حَصِيرًا} أُخِذَ مِنْ قَوْلِكَ: حَصَرْتُ الرَّجُلَ إذا حَبَسْتَهُ فهو مَحْصُورٌ، وهذا حَصِيرُهُ؛ أي: مَحْبِسُهُ، والحصيرُ المنسوجُ، وقال «الحسن»: «فِرَاشًا وَمِهَادًا»، وقال «أبو عبيدة»: «ويجوزُ أن تكون جَهَنَّمُ لهم مِهَادًا بمنزلةِ الحصيرِ، والحصيرُ البساطُ الصغيرُ».

13

• {طَآئِرَهُ} عَمَلُهُ مِنْ خَيْرٍ أو شَرٍّ، وَسُمِّيَ طَائِرًا لِمَا كانت العربُ عَلَيْهِ من التَّيَمُّنِ والتشاؤمِ بالطيرِ، وقيل: شَقَاؤُهُ وَسَعَادَتُهُ، وقيل: ما يُصِيبُهُ. • {فِي عُنُقِهِ} خُصَّ بذلك مِنْ بَيْنِ سائرِ أجزاءِ البدنِ؛ لأن العنقَ مَحَلُّ الطَّوْقِ الَّذِي يُطَوَّقُهُ الإنسانُ فلا يستطيعُ فِكَاكَهُ، ومن هنا يقال: افْعَلْ كَذَا وَإِثْمُهُ فِي عُنُقِي.

18

• {مَدْحُورًا} أي: مَطْرُودًا، فالدَّحْرُ هُوَ الإبعادُ، والمَدْحُورُ هُوَ المُبْعَدُ والمَطْرُودُ، يقال: اللهم ادْحَرْ عَنَّا الشيطانَ أي: أَبْعِدْهُ.

25

• {لِلأَوَّابِينَ} للتَّوَّابِينَ العَائِدِينَ إلى اللهِ، مِنْ آبَ يَؤُوبُ: إذا رَجَعَ.

29

• {مَحْسُورًا} مُعْدَمًا، وَالمَحْسُورُ: المُنْقَطِعُ عن المقاصدِ والنفقةِ بسبب الفقرِ، وقال الزَّجَّاجُ: المحسورُ الَّذِي قد بلغ الغايةَ في التعبِ والإعياءِ.

31

• {إِمْلاقٍ} فَقْر. • {خِطْئًا كَبِيرًا} أي: إِثْمًا عَظِيمًا، فالخِطْأُ بِكَسْرِ الخَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ مَصْدَرُ خَطِئَ بِوَزْنِ فَرِحَ: إذا أَصَابَ إِثْمًا، ولا يكونُ الإثمُ إلا عَنْ عَمْدٍ، وأما الخَطَأُ بِفَتْحِ الخاءِ والطَّاءِ فهو ضِدُّ العَمْدِ، وَفِعْلُهُ أَخْطَأَ، وَاسْمُ الفَاعِلِ مُخْطِئٌ، فيقال: خَطِئَ: إذا أَثِمَ، وأخطأ: إذا فَاتَهُ الصَّوَابُ، ويقال: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

35

• {القِسْطَاسِ} المِيزَانُ.

36

• {وَلاَ تَقْفُ} القَفْوُ هُوَ الإِتْبَاعُ، يقال: قَفَاهُ يَقْفُوهُ إذا اتَّبَعَهُ وهو مشتقٌّ من اسم القفا، وهو ما وراءَ العُنُقِ، فمعنى لا تَقْفُ: أي لا تَتَّبِعْ ما لا تَعْلَمُهُ، ولا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُهُ.

46

• {أَكِنَّةً} أَغْطِيَةً.

49

• {رُفَاتًا} مَا بُولِغُ في دَقِّهِ وَتَفْتِيتِهِ، وقيل: هُوَ الترابُ.

51

• {فَسَيُنْغِضُونَ} فَسَيُحَرِّكُونَهَا نَحْوَكَ إذا قُلْتَ لهم ذلك مُسْتَهْزِئِينَ مُتَعَجِّبِينَ، يقال: نَغَضَ رَأْسَهُ نَغْضًا وَنُغُوضًا؛ أي: تَحَرَّكَ، وَأَنْغَضَ رَأْسَهُ أي: حَرَّكَهُ كالمُتَعَجِّبِ مِنَ الشَّيْءِ.

60

• {وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ} شَجَرَةُ الزَّقُّومِ، والملعونةُ: المَذْمُومَةُ، وقيل: الملعونُ آكِلُهَا.

62

• {لأَحْتَنِكَنَّ} أي: لَأَسْتَوْلِيَنَّ عليهم فَأَقُودُهُمْ إلى الغوايةِ، مَأْخُوذٌ من الاحْتِنَاكِ، وهو وَضْعُ الرَّاكِبِ اللِّجَامَ في حَنَكِ الفرسِ لِيَرْكَبَهُ وَيُسَيِّرَهُ، وقيل: المَعْنَى: لَأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ، مَأْخُوذٌ مِنَ احْتَنَكَ الجرادُ الزرعَ إذا أَكَلَهُ كُلَّهُ.

64

• {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} اسْتَخْفِفْ وَاخْدَعْ بالدعاءِ إلى المعاصِي، وقيل: بالمزاميرِ. • {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} أي: صِحْ عليهم، واسْتَنْفِرْ لهم مَنْ شِئْتَ مِنْ رُكْبَانِ جُنْدِكَ وَمُشَاتِهِمْ، واجْمَعْ لهم مكايدَك وحبائلَك، وَأَصْلُ الإِجْلَابِ: السَّوْقُ بِجَلَبَةٍ، والجلبةُ الصِّيَاحُ، قال «ابن عباس»: إِنَّ له خَيْلًا وَرَجِلًا مِنَ الجِنِّ والإِنْسِ، فما كان من رَاكِبٍ وَمَاشٍ يَدْعُو إلى مَعْصِيَةٍ، أو يُقَاتِلُ لضلالةٍ فهو من خَيْلِ إِبْلِيسِ وَرَجَّالَتِهِ.

66

• {يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ} الإزجاءُ: السَّوْقُ، والفُلْكُ: السُّفُنُ، وإزجاءُ الفُلْكِ سَوْقُهُ بالريح اللينة، والبحرُ: الماءُ الكثيرُ عَذْبًا كَانَ أَوْ مَالِحًا.

68

• {حَاصِبًا} رِيحًا شَدِيدَةً، وهي التي تَرْمِي بالحَصْبَاءِ، وهي الحَصَى الصغارُ، فَيُهْلِككُمْ.

69

• {قَاصِفًا} أي: ريحًا شديدةً عاصفةً لا تَمُرُّ بشيءٍ إلا قَصَفَتْهُ وَكَسَرَتْهُ، والقصفُ: الكَسْرُ. • {تَبِيعًا} مُطَالِبًا يُطَالِبُنَا بما فَعَلْنَاهُ بِكُمْ.

71

• {بِإِمَامِهِمْ} أي: بِنَبِيِّهِمْ، فيقال: يَا أُمَّةَ فُلَانٍ، وَسُمِّيَ النَّبِيُّ إِمَامًا؛ لأنه يُرْجَعُ إليه في تَعَرُّفِ أَعْمَالِهمْ. • {فَتِيلًا} ولا يُنْقَصُونَ من ثوابِ أعمالهم أَدْنَى شيءٍ، ولو قَدْرَ فَتِيلٍ، والفَتِيلُ هُوَ الخيطُ الرقيقُ الَّذِي في شَقِّ النَّوَاةِ.

73

• {لَيَفْتِنُونَكَ} أي: يَسْتَنْزِلُونَكَ عَنِ الحقِّ، أي: يَطْلُبُونَ نُزُولَكَ عَنْهُ.

75

• {ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ} أي: ضِعْفَ عذابِ الدنيا والآخرةِ أي: لَعَذَّبْنَاكَ مِثْلَيْ مَا نُعَذِّبُ غَيْرَكَ في الدنيا والآخرةِ، وهذا غايةُ الوعيدِ؛ لأنه كُلَّمَا كانتِ الدرجةُ أَعْلَى كان العذابُ عِنْدَ المُخَالَفَةِ أَعْظَمَ.

76

• {يَسْتَفِزُّونَكَ} لِيُزْعِجُوكَ بِعَدَاوَتِهِمْ.

78

• {دُلُوكِ الشَّمْسِ} أي: مَيْلُهَا. • {غَسَقِ اللَّيْلِ} أي: ظُهُورُ ظُلْمَتِه، والغَسَقُ أَوَّلُ اللَّيْلِ. • {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي: صَلَاةُ الفَجْرِ.

83

• {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} تَكَبَّرَ وَتَبَاعَدَ بنفسه عن الخضوعِ لِرَبِّهِ، والاعتراف بفضله.

84

• {عَلَى شَاكِلَتِهِ} عَلَى طريقتِه ومذهبِه التي تُشَابِهُ حالَه في الهُدَى والضَّلَالِ، فَمَنْ كانت نَفْسُهُ شريفةً طاهرةً صَدَرَتْ عنه أفعالٌ جَمِيلَةٌ، وأخلاقٌ زكيةٌ طاهرةٌ، وَمَنْ كانت نَفْسُهُ خبيثةً صَدَرَتْ عنه أفعالٌ سَيِّئَةٌ رَدِيئَةٌ، وهذا مدحٌ للمؤمنِ، وَذَمٌّ للكَافِرِ.

85

• {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} الرُّوحُ: الَّذِي به حياةُ البَدَنِ، وقيل: جبريلُ، وقيل: مَلَكٌ مِنَ المَلَائِكَةِ.

88

• {ظَهِيرًا} مُعِينًا وَنَصِيرًا.

90

• {يَنبُوعًا} عَيْنًا غزيرةً تَنْبُعُ الماءَ.

92

• {كِسَفًا} قِطَعًا، جمع كِسْفَةٍ، يُشِيرُونَ بقولهم: كَمَا زَعَمْتَ إلى قولِ اللهِ تعالى: {إِنْ نَشَأ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ}. • {قَبِيلًا} مُقَابِلًا، وقيل: قَبِيلَةً قَبِيلَةً، وقيل كَفِيلًا، والقبيلُ والكفيلُ والزعيمُ سواءٌ.

93

• {زُخْرُفٍ} مِنْ ذَهَبٍ، وأصلُ الزُّخْرُفِ الزِّينَةُ، والمُزَخْرِفُ المُزَيِّنُ.

97

• {خَبَتْ} سَكَنَ لَهَبُهَا؛ لأنها أَكَلَتْ لُحُومَهُمْ، فلم يَبْقَ شيءٌ لزيادةِ لَهَبِهَا إلا إعادةُ لُحُومِهِمْ؛ فَتُعَادُ.

100

• {وَكَانَ الإنسَانُ} أي الكافرُ، أو أن كلَّ إنسانٍ في طَبْعِهِ هذا الحرصُ إلا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ. • {قَتُورًا} بَخِيلًا مُمْسِكًا.

102

• {مَثْبُورًا} هَالِكًا مَصْرُوفًا عن الخيرِ، وقيل: مَلْعُونًا، وقيل: مَغْلُوبًا.

104

• {لَفِيفًا} اللفيفُ هُوَ الجماعاتُ المختلطةُ مِنْ أصنافٍ شَتَّى من شريفٍ وَدَنِيءٍ وَمُطِيعٍ وَعَاصٍ وقويٍّ وضعيفٍ، وَكُلّ شَيْءٍ خَلَطْتَهُ بغيرِه فَقَدْ لَفَفْتَهُ، فهو مَصْدَرُ قَوْلِكَ: لَفَتُّ الشَّيْءَ: أَيْ جَمَعْتُهُ.

110

• {وَلاَ تُخَافِتْ} المُخَافَتَةُ: خَفْضُ الصَّوْتِ.

6

• {بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} أي: مُهْلِكٌ نَفْسَكَ وَقَاتِلُهَا. • {عَلَى آثَارِهِمْ} أي: مِنْ بَعْدِ تَوَلِّيهِمْ عَنْكَ.

8

• {صَعِيدًا جُرُزًا} الصَّعِيدُ: وَجْهُ الأَرْضِ، وقيل: الترابُ، والجُرُزُ: الأَمْلَسُ اليابسُ الّذِي لا نَبَاتَ فِيهِ، والمرادُ: فَنَاءُ مَا عَلَى الأرضِ مِنَ الزِّينَةِ والأموالِ وَزَوَالُهَا، وأن المَرْجِعَ إلى الله فَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، فلا تَأْسَ يا محمدُ ولا تَحْزَنْ بما تَسْمَعُ منهم وما تَرَى، وهذا تسليةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وتهديدٌ للمشركين.

9

• {وَالرَّقِيمِ} هُوَ اسمُ كتابٍ كُتِبَ في شَأْنِهِمْ، أو اسمُ الجبلِ الَّذِي فيه الكهفُ، أو اسمُ الكلبِ أو قريتِهم، أو اسمُ الوادي الَّذِي فيه الكهفُ.

12

• {أَمَدًا} مدَّة معلومة مُحَدَّدَة.

16

• {مِرْفَقًا} مَا يُرْفَقُ بِهِ؛ أَيْ: ما يُنْتَفَعُ به.

17

• {تَزَاوَرُ} تَمِيلُ. • {تَقْرِضُهُمْ} أي: تَتْرُكُهُمْ وَتَتَجَاوَزُهُمْ وَتَعْدِلُ عَنْهُمْ جِهَةَ الشِّمَالِ من الكهفِ، والمعنى أن الشمس لا تُصِيبُهُمْ في ابتداءِ النهارِ ولا في آخِرِهِ؛ لأن الكهفَ كان عَلَى حالةٍ لا تَدْخُلُهُ الشمسُ، والمقصودُ بيانُ حِفْظِهِمْ عَنْ تَطَرُّقِ الْبِلَى، وَتَغَيُّرِ الأبدانِ والألوانِ إليهم والتَّأَذِّي بِحَرٍّ أو بَرْدٍ كَرَامَةً لهم. • {فَجْوَةٍ} مُتَّسَع.

18

• {بِالْوَصِيدِ} بِبَابِ الكَهْفِ أو فِنَائِهِ، وقيل: التُّرَاب، وقيل: عَتَبَة البَابِ؛ أي: مَدْخَله.

19

• {وَلَا يُشْعِرَنَّ} وَلَا يُعْلِمَنَّ بِكُمْ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وقيل: إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ فلا يُوقِعْنَ إِخْوَانَهُ فيما وَقَعَ فيه.

21

• {أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} أَطْلَعْنَا عليهم.

27

• {مُلْتَحَدًا} مَلْجَأً وَحِرْزًا تَعْدِلُ إليه.

28

• {فُرُطًا} إِسْرَافًا وَتَضْيِيعًا، وَتَفْرِيطًا، وَنَدَمًا.

29

• {سُرَادِقُهَا} السُّرَادقُ: البيتُ المصنوعُ من القماشِ، فَالآيَةُ عَلَى تَشْبِيهِ مَا يحيط بهم من النارِ بالسرادقِ المحيطِ بِمَنْ فِيهِ. • {كَالمُهْلِ} مَا أُذِيبَ من الرَّصَاصِ وَشِبْهِهِ، وقيل: قَيْحٌ وَدَمٌ أَسْوَدُ، وقيل: الرَّمَادُ. • {مُرْتَفَقًا} مَنْزِلًا وَمَقَرًّا، وأصل المُرْتَفَقِ: المُتَّكَأ، يقال: ارْتَفَقْتُ، أي: اتَّكَأْتُ عَلَى المِرْفَقِ، قال بعض المفسرين: وإنما وَصَفَ النَّارَ بذلك لمقابلةِ قوله تعالى في الجنة: حَسُنَتْ مُرْتَفَقًا، وإلا فلا ارتفاقَ لأهلِ النارِ ولا مُتَّكَأ.

31

• {سُندُسٍ} الحريرُ الرقيقُ. • {إِسْتَبْرَقٍ} الحريرُ الغليظُ. • {الْأَرَائِكِ} الأَسِرَّةُ، وقيل: الفُرُشُ، وقيل: السُّرُرُ المُزَيَّنَةُ بِالسَّتَائِرِ.

32

• {حَفَفْنَاهُمَا} أَحَطْنَاهُمَا.

40

• {حُسْبَانًا} نَارٌ من السماءِ، وهي الصواعقُ فَتُهْلِكُهَا، والحُسْبَانُ جمعُ حسبانةٍ، والحُسْبَانَةُ: الصَّاعِقَةُ، والصاعقةُ: قِطْعَةٌ من نَارٍ لها صوتٌ عَظِيمٌ. • {زَلَقًا} أي: أَرْضًا جَرْدَاءَ بَيْضَاءَ لا يَنْبُتُ فيها نَبَاتٌ، ولا يَثْبُتُ عليها قَدَمٌ لملاسَتِهَا، وهي أسوأُ أَرْضٍ، بعد أن كانت جنة أَنْفَعِ أَرْضٍ وَأَجْمَلِهَا، وَالصَّعِيدُ: الترابُ، والزَّلَقُ في الأصل مَصْدَرُ زَلِقَتْ رِجْلُهُ: إِذَا زَلَّتْ ولم تَثْبُتْ، وَالمَزْلَقَةُ: الموضعُ الَّذِي لا يَثْبُتُ عَلَيْهِ قَدَمٌ لمَلَاسَتِهِ، والمعنى أنها أَصْبَحَتْ أَرْضًا مَلْسَاءَ ليس فيها زَرْعٌ وَلَا شَجَرٌ.

41

• {غَوْرًا} غَائِرًا في أعماقِ الأرضِ.

44

• {الْوَلَايَةُ} بالفتحِ: النَّصْرُ وَالمُوَالَاةُ، وبالكسرِ: المُلْكُ.

45

• {هَشِيمًا} مُتَكَسِّرًا مُتَفَتِّتًا من اليُبْسِ. • {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} أي تُفَرِّقُهُ.

46

• {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} الأَعْمَالُ الصالحةُ من سائرِ العباداتِ.

52

• {مَوْبِقًا} أَوْبَقَهُ: أَهْلَكَهُ، وَوَبَقَ يَبِقُ وُبُوقًا: هَلَكَ، والمَوْبِقُ مَكَانُ الهلاكِ، قال: «ابنُ عباسٍ»: هُوَ وَادٍ في جَهَنَّمَ، وقال «ابنُ الأعرابي»: كُلُّ شيءٍ حَاجِزٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فهو مَوْبِقٌ.

53

• {مَصْرِفًا} مَعْدِلًا يَنْصَرِفُونَ إليه، وَمَلْجَأً يَلْجَؤُونَ إليه؛ لأنها أَحَاطَتْ بهم من كُلِّ جَانِبٍ.

56

• {لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَقَّ} أي: جَادَلُوا بالباطلِ لِيُزِيلُوا الحقَّ وَيُبْطِلُوا الدِّينَ، وليس ذلك بِحَاصِلٍ لهم، وَأَصْلُ الدَّحْضِ: الزَّلَقُ، يقال: دَحَضَتْ رِجْلُهُ أي: زَلِقَتْ.

58

• {مَوْئِلًا} مَلْجَأً وَمَنْجًى.

60

• {لَا أَبْرَحُ} لا أَزَالُ أَسِيرُ. • {مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} وهو المكانُ الَّذِي أُوحِيَ إليه أَنَّكَ سَتَجِدُ فِيهِ عَبْدًا من عبادِ اللهِ العَالِمينَ. • {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} زَمَنًا طَوِيلًا، والحُقُبُ عِنْدَ العَرَبِ غيرُ مُحَدَّدٍ بِزَمَنٍ، ومن المفسرين مَنْ حَدَّهُ بثمانينَ ألفَ سَنَةٍ، أو غيرِ ذلك.

61

• {سَرَبًا} السَّرَبُ: المَسْلَكُ وَالشِّقُّ الطويلُ، أي: ذَهَبَ فِي البَحْرِ.

71

• {خَرَقَهَا} ثَقَبَهَا وَشَقَّهَا.

73

• {وَلَا تُرْهِقْنِي} وَلَا تُكَلِّفْنِي وَلَا تَغْشَنِي، يقال: رَهِقَهُ إذا غَشِيَهُ.

74

• {زَكِيَّةً} طَاهِرَةً لم تَتَلَوَّثْ رُوحُهَا بالذُّنُوبِ.

83

• {ذِي الْقَرْنَيْنِ} قيل: هُوَ نَبِيٌّ، وقيل: عَبْدٌ صَالِحٌ، وكان بعد ثَمُودَ، وقيل: قَبْلَهَا، وَسُمِّيَ ذَا القَرْنَيْنِ؛ لأنه مَلَكَ مُدَّةَ قَرْنَيْنِ، وقيل: لأنه وَصَلَ طَرَفَيِ العَالَمِ، أو: لأن له ذُؤَابَتَيْنِ مِنَ الشَّعْرِ في رَأْسِهِ.

85

• {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: فَأَتْبَعَ السَّبَبَ سَبَبًا آخَرَ حتى انتهى إلى مُرَادِهِ.

86

• {عَيْنٍ حَمِئَةٍ} فِي رُؤْيَةِ العينِ لا في الحقيقةِ؛ لأنها لا تَلْتَصِقُ في الأرضِ، وهي أعظمُ منها أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، فَمَغْرِبُ الشمسِ هُوَ المكانُ الَّذِي يَرَى الرَّائِي أن الشمسَ تَغْرُبُ عنده، وهو يختلفُ بالنسبة للمَوَاضِعِ، فبعضُ المواضعِ يَرَى الرَّائِي أن الشمسَ تَغْرُبُ خَلْفَ جَبَلٍ، وفي بعضها يَرَى أنها تَغْرُبُ في الماء كما إذا كان عَلَى سَاحِلِ بَحْرٍ، وفي بعضٍ آخَرَ يَرَى أنها تَغْرُبُ في الرمالِ إذا كان في صحراءَ مكشوفةٍ، والحَمَأُ: الطِّينُ الأَسْوَدُ، وَعَيْنٌ حَمِئَةٌ: عينٌ ذاتُ حَمِئَةٍ، أي: ذَاتُ طِينٍ أَسْوَدَ، ولعله لمَّا وَصَلَ إلى مُنْتَهَى العُمْرَانِ كان وراءَه بِرَكٌ ومستنقعاتٌ ذاتُ طِينٍ أسودَ كأنها عيونُ ماءٍ، حيث يَكْثُرُ العُشْبُ، ويتجمعُ الناسُ، وَيَرَى الرَّائِي كأنَّ الشمسَ تغيبُ في تلك العيونِ والبِرَكِ، واللهُ أَعْلَمُ.

93

• {بَيْنَ السَّدَّيْنِ} بَيْنَ الجَبَلَيْنِ.

95

• {رَدْمًا} حَاجِزًا حَصِينًا، والرَّدْمُ: ما جُعِلَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ حتى يتصلَ ويقومَ من ذلك حجابٌ مَنِيعٌ، فهو أَقْوَى من السَّدِّ؛ لأن السَّدَّ اسمٌ لكلِّ ما يُسَدُّ به مَنِيعًا كان أو غيرَ مَنِيعٍ.

96

• {زُبَرَ الحَدِيدِ} أَعْطُونِي وَاجْمَعُوا لي قِطَعَ الحديدِ، جمع زُبرة، فَأَتَوْهُ بها، وبالحَطَبِ، فَجَعَلَ الحَطَبَ عَلَى الحديدِ والحديدَ عَلَى الحَطَبِ، وَكَوَّمَهُمَا في الفتحةِ بَيْنَ الحَاجِزَيْنِ. • {بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} حتى سَاوَى الحديدُ والحَطَبُ قِمَّتَيِ الجَبَلَيْنِ، وَسَدَّ الحَاجِزَ بَيْنَهُمَا، والصَّدَفَانِ: جَانِبَا الجَبَلَيْنِ، سُمِّيَا بذلك؛ لأنهما يَتَصَادَفَانِ، أي: يَتَقَابَلَانِ. • {قِطْرًا} نُحَاسًا مُذَابًا، وقيل: حَدِيدًا ذَائِبًا، وقيل: رَصَاصًا مُذَابًا.

97

• {أَن يَظْهَرُوهُ} أي: فَمَا اسْتَطَاعَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أن يَعْلُوَا ظهرَ السدِّ ويَتَسَوَّرُوهُ لِعُلُوِّهِ وَمَلَاسَتِهِ.

108

• {حِوَلًا} تَحْوِيلًا.

3

• {نِدَاءً خَفِيًّا} سِرًّا بَعِيدًا عَنِ الرِّيَاءِ.

4

• {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} رَقَّ وَضَعُفَ لِكِبَرِ سِنِّي. • {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} انْتَشَرَ الشَّيْبُ في شَعْرِ رَأْسِي انْتِشَارَ النَّارِ في الحَطَبِ. • {شَقِيًّا} أي: لم تَكُنْ يَا رَبِّ تَرُدَّنِي خَائِبًا وَلَا مَحْرُومًا من الإجابةِ بل لم تَزَلْ بي حَفِيًّا وَلِدُعَائِي مُجِيبًا.

5

• {خِفْتُ المَوَالِيَ مِن وَرَاءِي} أي: من بعدِ مَوْتِي، والموالي هنا بنو العَمِّ والأقاربِ العصباتِ الَّذِينَ يَلُونَهُ في النَّسَبِ، والعربُ تُسَمِّي بني العمِّ المَوَالِي جَمْعُ مَوْلًى، وَخَوْفُهُ كان من أن يُغَيِّرُوا الدِّينَ ولا يُحْسِنُوا الخِلَافَةَ بعدَه عَلَى أُمَّتِهِ، فَطَلَبَ عَقِبًا صَالِحًا يُقْتَدَى به في إحياءِ الدِّينِ.

7

• {سَمِيًّا} لَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ قَبْلَهُ بهذا الاسمِ.

8

• {عِتِيًّا} أي: بَلَغْتُ النِّهَايَةَ في الكِبَرِ واليُبْسِ والجَفَافِ، يقال: عَتَا الشيخُ يَعْتُو عِتِيًّا: كَبِرَ وَوَلَّى، وليس هذا مِنْ زَكَرِيَّا عَلَى معنى الإنكارِ لما أخبرَ اللهُ تعالى به، وإنما عَلَى سبيلِ التعجبِ من قدرةِ الله تعالى أن يُخْرِجَ وَلَدًا من امرأةٍ عَاقِرٍ وشيخٍ كَبِيرٍ.

10

• {سَوِيًّا} صَحِيحًا سَلِيمَ الخُلُقِ ليس بِكَ مَرَضٌ وَلَا خَرَسٌ.

11

• {الْمِحْرَابِ} المُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فيه وهو المسجدُ.

12

• {صَبِيًّا} حَالَ كَوْنِهِ صَغِيرًا.

13

• {حَنَانًا} وَآتَيْنَاهُ حَنَانًا من عِنْدِنَا، والحنانُ: الرحمةُ والشفقةُ.

16

• {انتَبَذَتْ} اعْتَزَلَتْ وَانْفَرَدَتْ عَنْهُمْ.

20

• {بَغِيًّا} زَانِيَةً.

22

• {قَصِيًّا} بَعِيدًا.

24

• {سَرِيًّا} جَدْوَلَ مَاءٍ، أو نَهَرًا يقال له: سَرِيٌّ، أو: سَيِّدًا وهو: عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.

27

• {فَرِيًّا} مُخْتَلَقًا مُفْتَعَلًا من الافتراءِ الَّذِي هُوَ الكذبُ، يقال: فَرَى وَأَفْرَى، أي: كَذِبَ.

28

• {يَا أُخْتَ هَارُونَ} اخْتَلَفُوا فيه عَلَى أقوالٍ: فَقِيلَ: هارونُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا من بني إسرائيل يُنْسَبُ إليه مَنْ يُعْرَفُ بالصَّلَاحِ، وقيل: إنه هارونُ أَخُو مُوسَى، فَنُسِبَتْ إليه لأنها من وَلَدِهِ، وقيل: إنه كان أَخَاهَا لأبيها وَأُمِّهَا، وقيل: إنه كان رَجُلًا فَاسِقًا مُعْلِنًا بالفِسْقِ وَنُسِبَتْ إليه من بَابِ التَّقْرِيعِ.

46

• {مَلِيًّا} زَمَانًا طَوِيلًا، وقيل: سَالمًا من عُقُوبَتِي.

47

• {حَفِيًّا} أي: بَرًّا لَطِيفًا، والحَفِيُّ: المُبالِغُ في البِرِّ والإلْطَافِ، يقال: حَفِيَ به وَتَحَفَّى: إذا بَرَّهُ.

52

• {نَجِيًّا} أي: مُنَاجِيًا، وذلك بأن كَلَّمَهُ اللهُ من غير وَاسِطَةٍ، وَأَسْمَعَهُ كَلَامَهُ.

59

• {خَلْفٌ} أَوْلَادُ سُوءٍ، وَهُمُ اليهودُ؛ وقيل: هم من هذه الأمة يَتَبَارَوْنَ بالزنا، وقد سَبَقَ أن أكثرَ ما يُسْتَعْمَلُ الخَلْفُ بِسُكُونِ اللامِ في العَقِبِ السَّيِّئِ، وبالفتحِ بالعَقِبِ الصَّالِحِ.

68

• {جِثِيًّا} بَارِكِينَ عَلَى الرُّكَبِ من الذُّلّ جَمْعُ جَاثٍ، وذلك يومَ القيامةِ.

69

• {شِيعَةٍ} طائفةٌ تَعَاوَنَتْ عَلَى الباطلِ وَتَشَيَّعَ بعضُها لبعضٍ.

70

• {صِلِيًّا} دخولًا ومقاساةً لِحَرِّهَا.

71

• {وَارِدُهَا} مارًّا بها، أو دَاخِلًا فيها، وتكونُ عَلَى الُمؤمنينَ بَرْدًا وَسَلَامًا.

73

• {نَدِيًّا} مَجْلِسًا وَمُجْتَمَعًا، والنَّدِيُّ والنَّادِي: المكانُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فيه وُجُوهُ الناسِ للتشاورِ في أُمُورِهِمْ.

74

• {أَحْسَنُ أَثَاثًا} أي: أَحْسَنُ مَتَاعًا وأموالًا من أهل مَكَّةَ، والأثاثُ: مَتَاعُ البيتِ، وقيل: ما جَدَّ من الفُرُشِ. {وَرِءْيًا}: هيئةً ومنظرًا.

76

• {مَرَدًّا} أي: مَرْجِعًا وَعَاقِبَةً، فَالمَرَدُّ هُوَ المَرْجِعُ، والمرادُ به عاقبةُ الأَمْرِ.

83

• {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} أي: تُزْعِجُهُمْ من الطاعةِ إلى المعصيةِ إِزْعَاجًا، وَتُغْرِيهِمْ بالشرِّ إِغْرَاءً حتى تُوقِعَهُمْ في النارِ، وَالأَزُّ: التهييجُ والإغراءُ، وَأَصْلُهُ الحركةُ والغَلَيَانُ.

85

• {وَفْدًا} والوفدُ جَمْعُ وَافِدٍ، وَهُمُ القومُ الكرامُ يخرجون إلى مَلِكٍ في أَمْرٍ عَظِيمٍ.

86

• {وِرْدًا} عِطَاشًا، والوِرْدُ: القومُ يَرِدُونَ الماءَ، فَسُمِّيَ العِطَاشُ وِردًا لطلبهم ورودَ الماءِ، والوِرْدُ أيضًا: الماءُ الَّذِي يُورَدُ.

90

• {يَتَفَطَّرْنَ} يَتَشَقَّقْنَ. • {تَخِرُّ} أي تَسْقُطُ. • {هَدًّا} هَدْمًا.

97

• {قَوْمًا لُّدًّا} شَدِيدِي الخُصُومَةِ وَالمُعَانَدَةِ، وَاللّدُّ جَمْعُ الأَلَدِّ، وهو المُخَاصِمُ وَالمُجَادِلُ بالباطلِ.

98

• {رِكْزًا} صَوْتًا خَفِيًّا.

8

• {الحُسْنَى} مُؤَنَّثُ الأحسنِ المُفَضَّل عَلَى الحَسَنِ.

10

• {بِقَبَسٍ} بنارٍ مُقْتَبَسَةٍ في رأسِ فتيلةٍ أو عُودٍ.

12

• {طُوًى} اسم لِلْوَادِي.

16

• {فَتَرْدَى} فَتَهْلِكُ.

18

• {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} أضربُ بها الشجرَ لِيَتَسَاقَطَ الورقُ عَلَى غنمي فتأكلُ منه، ويحتمل أن يكون المرادُ: أَسُوقُ بها غَنَمِي.

22

• {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} أَصْلُ الجناحِ للطائرِ ثم أُطْلِقَ عَلَى اليدِ والعَضُدِ والجَنْبِ وهو المرادُ هنا، وقيل: أَصْلُ الجناحِ من الجُنُوحِ وهو الميلُ؛ لأن الطائرَ يَمِيلُ به في طَيَرَانِه، وَعَضُدُ الإنسانِ جناحُه؛ لأن مِنْ جهتِه يُمِيلُ اليدَ حيث شاء صاحبُها، فالمعنى: اجْعَلْ يَدَكَ إلى جَنْبِكَ تَحْتَ عَضُدِكَ، وَجَنَاحَا الإنسانِ: جَنْبَاهُ.

27

• {عُقْدَةً} حُبْسَةً كَغُرْفَةٍ، والعقدةُ: مَوْضِعُ رَبْطِ بعضِ الخيطِ أو الخيطِ ببعضٍ آخَرَ، وأُطْلِقَتْ عَلَى عُسْرِ النطقِ بالكلامِ، أو ببعضِ الحروفِ، ويقال: حُبْسَةٌ، فَشَبَّهَ مُوسَى حُبْسَةَ لِسَانِهِ بالعُقْدَةِ في الحَبْلِ ونَحْوِهِ.

28

• {يَفْقَهُوا قَوْلِي} أي: يَفْهَمُوا قولي، وهو فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ؛ لأنه جوابُ الدعاءِ أي الطلب، وعلامةُ جَزْمِهِ حذفُ النونِ.

31

• {أَزْرِي} ظَهْرِي.

37

• {مَنَنَّا} أَنْعَمْنَا.

39

• {التَّابُوتِ} الصُّنْدُوقِ.

40

• {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} أي: اخْتَبَرْنَاكَ اخْتِبَارًا، اخْتَبَرَهُ بالخوفِ والهربِ، واختبره بالغربةِ ومفارقةِ الأهلِ والوطنِ، وَامْتَحَنَهُ بالخدمةِ وَرَعْيِ الغَنَمِ، قال «ابن عباس»: الفُتُونُ: وُقُوعُهُ في محنةٍ بعد محنةٍ، وقد خَلَّصَهُ اللهُ منها.

42

• {وَلَا تَنِيَا} أي: لا تَفْتُرَا ولا تُقَصِّرَا.

45

• {أَنْ يَفْرُطَ} أي: أَنْ يَعْجَلَ علينا بالقتلِ والعقوبةِ، وَالْفَارِطُ: الَّذِي يَتَقَدَّمُ القومَ إلى الماءِ.

54

• {أُولِي النُّهَى} أي: أصحابُ العقولِ؛ لأن النُّهْيَةَ العقلُ، وَسُمِّيَ نُهْيَةً لأنه يَنْهَى صَاحِبَهُ عن القبائحِ.

58

• {مَكَانًا سُوًى} مَكَانًا عَدْلًا وَسَطًا تَسْتَوِي مَسَافَةُ الفَرِيقَيْنِ إِلَيْهِ.

59

• {يَوْمُ الزِّينَةِ} أي: يومُ عِيدٍ لَهُمْ، كانوا يَتَزَيَّنُونَ فيه وَيَقْعُدُونَ عن العملِ.

61

• {فَيُسْحِتَكُمْ} أي: يَسْتَأْصِلُكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ بعذابٍ شديدٍ.

63

• {المُثْلَى} مُؤَنَّثُ الأَمْثَلِ وهو الأَشْرَفُ.

72

• {نُّؤْثِرَكَ} نُفَضِّلَكَ وَنَخْتَارَكَ.

77

• {دَرَكًا} أي: لَا تَخَافُ إِدْرَاكَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ.

84

• {هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي} آتُونَ بَعْدِي وَلَيْسُوا بِبَعِيدِينَ.

88

• {خُوَارٌ} صَوْتُ البَقَرِ.

94

• {تَرْقُبْ} أي: لم تَحْفَظْ قَوْلِي لَكَ: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}، والرقيبُ: الحافظُ.

96

• {مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ الرَّسُولِ جِبْرِيلَ.

97

• {لَا مِسَاسَ} لا يَمَسَّنِي أَحَدٌ، فَعُقُوبَتُكَ أنه لا يَقْتَرِبُ مِنْكَ أَحَدٌ.

103

• {يَتَخَافَتُونَ} أَصْلُ الخَفْتِ في اللُّغَةِ: السُّكُونُ، ثم قِيلَ لمن خَفَضَ صَوْتَهُ: خَفَتَهُ، والمعنى يقول بعضهم لبعض في المَحْشَرِ سِرًّا.

104

• {أَمْثَلُهُمْ} أَعْدَلُهُمْ.

106

• {صَفْصَفًا} أي: أَرْضًا مَلْسَاءَ مُسْتَوِيَةً لا نباتَ فيها، والقاعُ: الأرضُ الملساءُ بلا نباتٍ ولا بناءٍ، والصفصفُ: المُسْتَوِي من الأرض، كأنه عَلَى صَفٍّ وَاحِدٍ في اسْتِوَائِهِ.

107

• {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} أي: لا تَرَى انْخِفَاضًا ولا ارْتِفَاعًا، أي: سُوِّيَتْ فلا عُلُوَّ فيها ولا انْخِفَاضَ، وَأَصْلُ العِوَجِ المَيْلُ، وَيُسْتَعْمَلُ في المَعَانِي بِكَسْرِ العَيْنِ، وفي الأعيان بِفَتْحِهَا، ولما سُوِّيَتِ الأرضُ استواءً لا يُوجَدُ فيها أيُّ اعوجاجٍ جَرَتْ مَجْرَى المَعَانِي، وَالأَمْتُ في اللغة: المَكَانُ المُرْتَفِعُ.

108

• {هَمْسًا} أي: صَوْتًا خَفِيًّا بتحريكِ الشفاهِ، أو بتحريكِ الأقدامِ، وَأَصْلُ الهَمْسِ: الخَفَاءِ.

112

• {وَلَا هَضْمًا} أي: بِنَقْصٍ من حَسَنَاتِهِ، وَأَصْلُ الهَضْمِ: النَّقْصُ وَالْكَسْرُ.

121

• {يَخْصِفَانِ} يُلْصِقَانِ الورقَ بعضَه عَلَى بعضٍ، ومنه: خَصَفْتُ نَعْلِي، إذا أطبقتَ عليها رُقْعَةً، وَأَطْبَقْتَ طَاقًا عَلَى طَاقٍ.

124

• {ضَنْكًا} أي: عَيْشًا ضَيِّقًا نَكِدًا، وَالضَّنْكُ: الضِّيقُ.

131

• {زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا} بَهْجَتَهَا وَبُهْرُجَهَا؛ شَبَّهَ الدنيا بجمالِ الزَّهْرَةِ الَّذِي يبدو بَهِيجًا، ثم لا يَلْبَثُ أن يَذْبُلَ وَيَضْمَحِلَّ.

10

• {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} شَرَفُكُمْ.

15

• {حَصِيدًا خَامِدِينَ} الحصيدُ فَعِيلٌ بمعنى مفعول، أي: المحصودُ، والحصدُ هُوَ حَزُّ الزرعِ والنباتِ بالمِنْجَلِ لا باليد، والخامدُ اسم فاعلٍ من خَمَدَتِ النارُ تَخْمُدُ بِضَمِّ الميمِ إذا زال لَهِيبُهَا، ومعناه: إنهم حُصِدُوا بالسيفِ والموتِ، كما يُحْصَدُ الزرعُ فلم يبقَ منهم بقيةٌ.

17

• {لهْوًا} كل ما يُتَلَهَّى به كالمرأةِ والولدِ. • {مِن لَّدُنَّا} أي: مِنْ عِنْدِنَا من وِلْدَانِ الجنةِ والحُورِ العِينِ، وهذا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أن لله صاحبةً وولدًا، تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.

18

• {فَيَدْمَغُهُ} يَشِجُّ رَأْسَهُ حتى تَبْلُغَ الشَّجَّةُ دِمَاغَهُ فَيَهْلِكُ.

19

• {وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} الِاسْتِحْسَارُ: مَصْدَرٌ كالحُسُورِ وهو التَّعَبُ، فالسينُ والتاءُ فيه للمبالغةِ في الوصفِ كالاستكبارِ والاستنكارِ، أي: لا يَصْدُرُ منهم الاستحسارُ الَّذِي هُوَ التعبُ الشديدُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ عِمْلُهُمُ العظيمُ، أي: لا يقع منهم ما لو قام بعمله غيرُهم لَاسْتَحْسَرَ.

30

• {كَانَتَا رَتْقًا} الرَّتْقُ: هُوَ الاتصالُ والتلاصقُ بَيْنَ أجزاءِ الشيءِ، وَالْفَتْقُ ضِدُّهُ وهو الانفصالُ والتباعدُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ المُلْتَصِقَيْنِ. • {فَفَتَقْنَاهُمَا} أي: فَصَلْنَا بينهما، والفتقُ: الفصلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، والرَّتْقُ: ضِدُّ الفَتْقِ وهو التِئَامُهُمَا، فإذا قيل: مَتَى رَأَوْهُمَا رَتْقًا حتى جاء تقريرُهم بِذَلِكَ، فالجواب: أن القرآنَ لمَّا ذَكَرَ ذلك، وهو معجزةٌ خالدةٌ قام ذلك مقامَ المرئي المُشَاهَدِ، وَتَلَاصُقُ الأرضِ والسماءِ في الأصل، وَتَبَايُنُهُمَا جَائِزَانِ في العقلِ، ولا بد لتحويلِ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ من مُخَصِّصٍ، وهو اللهُ تعالى، ففي الآية إذًا دليلٌ عَلَى وجودِ الخالقِ القادرِ المُرِيدِ، وهذه الآيةُ من آياتِ القرآنِ العِلْمِيَّةِ التي قَرَّرَتْ مَسْأَلَةً لم تَكُنْ معروفةً يَوْمَئِذٍ. • {وَجَعَلْنَا مِنَ المَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} أي: أَحْيَيْنَا بالماءِ الَّذِي يَنْزِلُ من السماءِ كُلَّ شَيْءٍ من الحيوانِ، ويدخلُ فيه النباتُ والشجرُ؛ وذلك لأن الماءَ سببُ الحياةِ، وقال المُفَسِّرُونَ: إن كُلَّ شيءٍ حَيٍّ فهو مخلوقٌ من الماءِ.

31

• {رَوَاسِيَ} أي: الجبالَ؛ لأنها رَسَتْ في الأرضِ، أي: رَسَخَتْ فيها. • {أَن تَمِيدَ} أي: تَمِيلُ، وقيل: تَضْطَرِبُ بالذهابِ في الجهاتِ. • {فِجَاجًا} مَسَالِكَ، واحدُها فَجٌّ، وَكُلُّ فَتْحٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فهو فَجٌّ.

33

• {كُلٌّ فِي فَلَكٍ} في مَدَارٍ، والفَلَكُ: مَدَارُ النُّجُومِ، وهو في اللغة كُلُّ مُسْتَدِيرٍ. • {يَسْبَحُونَ} يَسِيرُونَ، وقيل: يَدُورُونَ، وأصل السَّبْحِ: العَوْمُ في الماء، ثم جُعِلَ كُلُّ مُسْرِعٍ في سَيْرِهِ سَابِحًا، وَفَرَسٌ سَبُوحٌ: مُسْرِعٌ.

40

• {فَتَبْهَتُهُم} فتُحَيِّرُهُمْ وَتَغْلِبُهُمْ، يُقَالُ: بَهَتَهُ يَبْهَتُهُ: إذا وَاجَهَهُ بشيءٍ يُحَيِّرُهُ.

41

• {فَحَاقَ بِالَّذِينَ} نَزَلَ وَأَحَاطَ.

42

• {يَكْلَؤُكُم} يَحْفَظُكُمْ.

43

• {وَلَا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ} لَا يُصْحَبُونَ مِنَّا بِنَصْرٍ ولا حِفْظٍ.

46

• {نَفْحَةٌ} النَّفْحَةُ في اللغةِ: الدُّفْعَةُ اليَسِيرَةُ، والمعنى: وَلَئِنْ مَسَّهُمْ أَقَلُّ شَيْءٍ مِنَ العَذَابِ.

58

• {جُذَاذًا} بِضَمِّ الجيمِ اسمٌ، جَمْعُ جُذَاذَةٍ وهي فُعَالَةٌ مِثْلُ قُلَامَةٍ وَكُنَاسَةٍ من الجَذِّ وهو القطعُ؛ أي: كَسَّرَهُمْ وَجَعَلَهُمْ قِطَعًا.

78

• {نَفَشَتْ} دَخَلَتْ، أو رَعَتْ لَيْلًا، والنَّفْشُ: أن تَرْعَى البهائمُ لَيْلًا، والهَمَلُ: أن تَرْعَى نَهَارًا.

96

• {حَدَبٍ} من كل مُرْتَفَعٍ من الأرضِ يُسْرِعُونَ.

98

• {حَصَبُ جَهَنَّمَ} حَطَبُهَا.

100

• {زَفِيرٌ} أي: أَنِينٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ من شدةِ ما ينالهم من العذابِ، والزفيرُ صوتُ نَفَسِ المَغْمُومِ يَخْرُجُ من القَلْبِ.

102

• {حَسِيسَهَا} الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ تَسْمَعُهُ من الشيءِ يَتَحَرَّكُ قريبًا مِنْكَ.

105

• {الزَّبُورِ} الكتابُ المزبورُ، والمراد: الكتبُ المُنَزَّلَةُ كالتوراةِ والإنجيلِ. • {الْأَرْضَ} أَرْض الجَنَّةِ، وبه قال الأكثرون، وقيل: أرضُ الدنيا أو أرضُ الكُفَّارِ، وقيل: الأرضُ المقدسةُ.

1

• {زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ} أي: زَلْزَلَةُ يومِ القيامةِ، وَسُمِّيَتِ القيامةُ سَاعَةً؛ لأنها تَفْجَأُ الناسَ بغتةً في ساعةٍ لا يعلمها إلا اللهُ تعالى، والزلزلةُ: شِدَّةُ الحَرَكَةِ، وأصلُ الكلمة من زَلَّ عن الموضع؛ أي: زَالَ عنه وَتَحَرَّكَ، وهذه الكلمةُ تُسْتَعْمَلُ في تهويلِ الشيءِ.

2

• {تَذْهَلُ} تَسْلُو وَتَنْسَى، والذهولُ: الذهابُ عن الشيء مع دَهْشَةٍ.

5

• {عَلَقَةٍ} قِطْعَةُ دَمٍ جَامِدٍ. • {مُّضْغَةٍ} قِطْعَةُ لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ. • {مُخَلَّقَةٍ} مُصَوَّرَةٌ خَلْقًا تَامًّا. • {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ} أي نُثْبِتُ ما نشاءُ إلى وَضْع الحَمْلِ، وما لم نَشَأْهُ تُسْقِطُهُ الأرحامُ. • {أَرْذَلِ الْعُمُرِ} الهَرَمُ والخَرَفُ. • {هَامِدَةً} يَابِسَةً لا نباتَ فيها. • {بَهِيجٍ} حَسَنٍ يَسُرُّ النَّاظِرِينَ، والبَهْجَةُ: الحُسْنُ والجَمَالُ.

9

• {ثَانِيَ عِطْفِهِ} لَاوِيًا عُنُقَهُ، وَعَادِلًا جَانِبَهُ، وَالْعِطْفُ: الجَانِبُ، بمعنى مُعْرِضًا مُتَكَبِّرًا.

13

• {الْعَشِيرُ} الصَّاحِبُ المُلَازِمُ.

15

• {بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء} بِحَبْلٍ إلى سَقْفِ بَيْتِهِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ أي: فَلْيَخْتَنِقْ.

20

• {يُصْهَرُ بِهِ} يُذَابُ.

21

• {مَقَامِعُ} سِيَاطٌ أو مَطَارِقُ يُضْرَبُونَ بها في نارِ جَهَنَّمَ، والمقامعُ جَمْعُ مِقْمَعَةٍ، وَسُمِّيَتْ بذلك لأنها تَقْمَعُ المضروبَ، أي: تُذِلُّهُ.

25

• {الْعَاكِفُ} أي: المقيمُ فيه، والحاضرُ عنده من أهل مكةَ والحَرَمِ. • {الْبَادِ} أي: أهلُ الباديةِ الآتُونَ إليه من مكانٍ بعيدٍ، أي: إن أهل مكة ليسوا أَحقَّ به مِمَّنْ جاءه من مكان بعيد، فَهُمْ في تعظيمِه والتعبدِ فيه سَوَاءٌ.

27

• {ضَامِرٍ} كُلُّ ما يُرْكَبُ من بعيرٍ وَفَرَسٍ وغيرِ ذلك.

28

• {الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} الشَّدِيد الْفَقْر.

29

• {تَفَثَهُمْ} أي: لِيُزِيلُوا أَدْرَانَهُمْ وَأَوْسَاخَهُمْ، وَالتَّفَثُ: الوَسَخُ، والمرادُ منه الخروجُ عن الإحرامِ بالحَلْقِ أو التَّقْصِيرِ وتقليمِ الأَظْفَارِ، وَلُبْسِ الثِّيَابِ.

34

• {المُخْبِتِينَ} الخَاشِعِينَ.

36

• {وَالْبُدْنَ} جمع بَدَنَةٍ، وهي ما يُسَاقُ للحَرَمِ، وَسُمِّيَتْ بُدْنًا لِضَخَامَتِهَا مأخوذةٌ من البَدَانَةِ، وقال «الشافعي»: لا تُطْلَقُ البدنُ إلا عَلَى الإِبِلِ، وقال آخرون: تُطْلَقُ عَلَى الإِبِلِ والبَقَرِ. • {صَوَافَّ} قَائِمَاتٍ قَدْ صَفَفْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَأَرْجُلَهُنَّ. • {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} سَقَطَتْ عَلَى جُنُوبِهَا عَلَى الأرضِ. • {الْقَانِعَ} المُتَعَفِّفَ الَّذِي يَقْنَعُ بما يُعْطَى من غيرِ مَسْأَلَةٍ ولا تَعَرُّضٍ. • {المُعْتَرَّ} السَّائِل، أو المُتَعَرِّض للنَّاسِ، ولو من غيرِ سؤالٍ، يقال: اعْتَرَهُ، وَاعْتَرَاهُ، وَعَرَهُ، وَعَرَاهُ: إذا تَعَرَّضَ لما عنده، أو طَلَبَهُ.

38

• {خَوَّانٍ} كَثِيرُ الخِيَانَةِ.

40

• {صَوَامِعُ وَبِيَعٌ} مَعَابِدُ الرُّهْبَانِ، وَكَنَائِسُ النَّصَارَى.

45

• {خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} خَرَّتْ سُقُوفُهَا عَلَى الأرضِ. • {مَشِيدٍ} مَبْنِيٌّ بِالشِّيدِ وهو الجَصُّ، أو مرفوعُ البُنْيَانِ.

51

• {مُعَاجِزِينَ} مُعَانِدِينَ وَظَانِّينَ أنهم يُعْجِزُونَنَا.

54

• {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} فَتَطْمَئِنّ وَتَسْكُن.

72

• {يَكَادُونَ يَسْطُونَ} أي: يُوشِكُونَ أن يَبْطِشُوا، والسَّطْوَةُ: شِدَّةُ البَطْشِ.

73

• {ضَعُفَ الطّالِبُ وَالمَطْلُوبُ} الصَّنَمُ وَالذُّبَابُ.

10

(10، 11) {هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} الَّذِي هُوَ أَعْلَى الجَنَّةِ وَوَسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا؛ لأنهم حَلُّوا من صِفَاتِ الخيرِ أَعْلَاهَا وَذُرْوَتَهَا، أو المرادُ بذلك جميعُ الجَنَّةِ؛ لِيَدْخُلَ بذلك عمومُ المؤمنين عَلَى درجاتهم في مراتبهم، كُلّ بحسب حاله.

12

• {سُلَالَةٍ} خُلَاصَةٍ، وَالسَّلُّ: اسْتِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ.

13

• {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ} أي: جِنْسَ الآدَمِيِّينَ. • {نُطْفَةً} تَخْرُجُ مِنْ بَيْنَ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ فَتَسْتَقِرُّ. • {فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} وهو: الرَّحِمُ مَحْفُوظٌ من الفسادِ والريحِ وَغَيْرِهِ.

14

• {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ} النُّطْفَةُ: قَطْرَةُ المَاءِ، أي: المنيُّ الَّذِي يُفْرِزُهُ الفَحْلُ. • {عَلَقَةً} أي: الدَّمُ المُتَجَمِّدُ الَّذِي يَعْلَقُ بالأصبعِ لو حَاوَلَ أَحَدٌ أن يَرْفَعَهُ بأصبعه كَمُحِّ البَيْضِ. {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} أي: قِطْعَةَ لَحْمٍ صَغِيرَةً، بِقَدْرِ مَا يُمْضَغُ من صِغَرِهَا. • {فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا} عِظَامًا صُلْبَةٌ، قد تَخَلَّلَتِ اللَّحْمَ، بحسبِ حَاجَةِ البَدَنِ إليها. • {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لحْمًا} أي: جَعَلْنَا اللَّحْمَ كِسْوَةً للْعِظَامِ، كما جعلنا العظامَ عِمَادًا لِلَّحْمِ. • {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}: أي غيرَ تلك المُضْغَةِ؛ إِذْ بعدَ نَفْخِ الروحِ فيها صَارَتْ إِنْسَانًا. • {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ} أي: تَعَاظَمَ وَكَثُرَ خَيْرُهُ، فَخَلْقُهُ كُلُّهُ حَسَنٌ، والإنسانُ مِنْ أَحْسَنِ مَخْلُوقَاتِهِ، بل هُوَ أَحْسَنُهَا عَلَى الإطلاقِ كما قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، ولهذا كانت خَوَاصُّهُ أفضلَ المخلوقاتِ وَأَكْمَلَهَا.

17

• {سَبْعَ طَرَائِقَ} أي: سبعَ سَمَاوَاتٍ، وإنما سَمَّاهَا طَرَائِقَ لأنَّ بَعْضَهَا فوقَ بَعْضٍ، والعربُ تُسَمِّي كُلَّ شيء فَوْقَ شَيْءٍ طَرِيقَةً.

20

• {طُورِ سَيْنَاء} الجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللهُ مُوسَى عليه. • {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ} أي: ومعها الدُّهْنُ وهو زَيْتُ الزَّيْتُونُ.

25

• {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} أي: مَجْنُونٌ. • {فَتَرَبَّصُوا} أي: انْتَظِرُوا به. • {حَتَّى حِينٍ} إلى أن يأتيَ الموتُ.

41

• {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء} أي: هَشِيمًا يَابِسًا بمنزلةِ غثاءِ السَّيْلِ المُلْقَى في جنباتِ الوادِي.

54

• {فِي غَمْرَتِهِمْ} في حَيْرَتِهِمْ وَضَلَالِهمْ، فَهُمْ بمنزلةِ مَنْ تَقَدَّمَ، ولَا يَضِقْ صدرُك بتأخيرِ العذابِ عنهم، والغمرةُ في اللّغَةِ: ما يَغْمُرُ الشيءَ وَيَعْلُوهُ وَيَسْتُرُهُ.

64

• {يَجْأَرُونَ} يَجْزَعُونَ وَيَصِيحُونَ وَيَسْتَغِيثُونَ، وأصلُ الجُؤَارِ رَفْعُ الصوتِ بالتضرعِ.

66

• {تَنكِصُونَ} تَرْجِعُونَ إلى وراء؛ وهي أَقْبَحُ مِشْيَةٍ؛ لأن صَاحِبَهَا لا يَرَى ما وَرَاءَهُ.

67

• {سَامِرًا} السَّامِرُ: اسْمٌ مُفْرَدٌ بِمَعْنَى الجَمْعِ، أي: سُمَّارًا، وهم الجماعةُ يَتَحَدَّثُونَ بالليلِ، مأخوذٌ من السَّمَرِ، وهو ظِلُّ القَمَرِ، وقد كان أهلُ مَكَّةَ يتحدثون حَوْلَ الكعبةِ في سَمَرِ القَمَرِ، وكان جُلّ حَدِيثِهِمْ ذِكْرَ القُرْآنِ، والتَّوَاصِي بِهَجْرِهِ.

72

• {خَرْجًا} أُجْرَةً.

75

• {لَلَجُّوا} لَجَّ فِي الأَمْرِ: تَمَادَى فيه، وَاللَّجَاجُ بفتحِ اللامِ: الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الخِصَامِ وَعَدَمُ الإِقْلَاعِ عَنْ ذَلِكَ.

76

• {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} أي: خَضَعُوا وَذَلُّوا.

77

• {مُبْلِسُونَ} آيِسُونَ.

88

• {يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} يَغِيثُ مَنْ يَشَاءُ، ولا يُغِيثُ أَحَدٌ مِنْهُ أَحَدًا. (97، 98) {وَقُل رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} أي: أَعُوذُ بِكَ من الشرِّ الَّذِي يُصِيبُنِي بسببِ مُبَاشَرَتِهِمْ، وَهَمْزِهِمْ وَمَسِّهِمْ، ومن الشرِّ الَّذِي بسببِ حُضُورِهِمْ وَوَسْوَسَتِهِمْ، وهذه استعاذةٌ من مادةِ الشرِّ كُلِّهِ وَأَصْلِهِ، ويدخل فيها الاستعاذةُ من جميع نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ، وَمِنْ مَسِّهِ وَوَسْوَسَتِهِ، فإذا أعاذَ اللهُ عبدَه من هذا الشرِّ وَأَجَابَ دُعَاءَهُ سَلِمَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَوُفِّقَ لِكُلِّ خَيْرٍ.

100

• {وَمِن وَرَاءِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي: مِنْ أَمَامِهِمْ وَبَيْنَ أيدِيهم بَرْزَخٌ، وهو الحَاجِزُ بَيْنَ الشيئين، فهو هنا: الحَاجِزُ بَيْنَ الدنيا والآخِرَةِ، وفي هذا البَرْزَخِ يَتَنَعَّمُ المُطِيعُونَ، وَيُعَذَّبُ العَاصُونَ من ابتداءِ مَوْتِهِمْ، واستقرارِهم في قُبُورِهِمْ إلى يومِ يُبْعَثُونَ.

104

• {تَلْفَحُ} تَحْرِقُ. • {كَالِحُونَ} عَابِسُونَ، قال أهلُ اللغةِ: الكُلُوحُ: تَكَشُّرٌ في عُبُوسٍ، وَالْكَالِحُ الَّذِي تَشَمَّرَتْ شَفَتَاهُ، وَبَدَتْ أَسْنَانُهُ.

110

• {سِخْرِيًّا} سُخْرِيَةً وَاسْتِهْزَاءً.

113

• {فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ} الملائكةَ الَّذِينَ يعدُّون أعمالَ العبادِ.

115

• {عَبَثًا} أي: سُدًى وَبَاطِلًا.

11

• {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} أي: الكذب الشنيع، وهو رَمْيُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها. • {عُصْبَةٌ مِّنكُمْ} أي: جَمَاعَةٌ مُنْتَسِبُونَ إليكم يا مَعْشَرَ المؤمنين، مِنْهُمُ المؤمنُ الصَّادِقُ في إيمانه، لكنه اغْتَرَّ بترويجِ المنافقين، وَمِنْهُمُ المنافقُ {الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} أي: مُعْظَمَ الإِفْكِ، وهو المنافقُ الخبيثُ «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنُ سَلُولٍ» لَعَنَهُ اللهُ.

15

• {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} أي: تَتَلَقَّفُونَهُ، وَيُلْقِيهِ بعضُكم إلى بعضٍ وتستوشون حَدِيثَهُ، وهو قولٌ بَاطِلٌ.

19

• {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} أي: الأمورَ الشنيعةَ المُسْتَقْبَحَةَ، فَيُحِبُّونَ أن تَشْتَهِرَ الفاحشةُ.

22

• {وَلَا يَأْتَلِ} أي: لَا يَحْلِفْ.

23

• {الْغَافِلَاتِ} اللاتي لم يَخْطُرْ ذلك بِقُلُوبِهِنَّ.

26

• {الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} أي: كُلُّ خبيثٍ من الرجالِ والنساءِ، والكلماتِ والأفعالِ، مُنَاسِبٌ لِلْخَبِيثِ وَمُوَافِقٌ لَهُ، وَمُقْتَرِنٌ به، وَمُشَاكِلٌ له، وَكُلّ طَيِّبٍ من الرجالِ والنساءِ والكلماتِ والأفعالِ مُنَاسِبٌ للطَّيِّبِ وَمُوَافِقٌ له، وَمُقْتَرِنٌ به، وَمُشَاكِلٌ له. فهذه كلمة عَامَّةٌ وَحَصْرٌ، لا يَخْرُجُ منه شيءٌ، مِنْ أَعْظَمِ مُفْرَدَاتِهِ أن الأنبياءَ خُصُوصًا أُولِي العَزْمِ منهم، خصوصًا سَيِّدَهُمْ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الطَّيِّبِينَ مِنَ الخَلْقِ عَلَى الإطلاقِ، لا يُنَاسِبُهُمْ إلا كُلّ طَيِّبٍ مِنَ النِّسَاءِ.

30

• {يَغُضُّوا} غَضُّ البَصَرِ: خَفْضُهُ بِحَيْثُ تَمْتَنِعُ الرُّؤْيَةُ.

31

• {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} كَالثِّيَابِ الجَمِيلَةِ وَالحُلِيِّ. • {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي: الثِّيَابُ الظَّاهِرَةُ، التي جَرَتِ العَادَةُ بِلُبْسِهَا إذا لم يكن في ذلك مَا يَدْعُو إلى الفتنةِ بها. • {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} أي: وَالَّذِينَ يَتْبَعُونَكُمْ، ويتعلقون بِكُمْ من الرجالِ الَّذِينَ لا إربةَ لهم في هذه الشهوةِ كالمعتوهِ الَّذِي لا يَدْرِي ما هُنَالِكَ، وكالعِنِّينِ الَّذِي لم يَبْقَ له شهوةٌ، لا في فَرْجِهِ، ولا في قلبه؛ فإن هذا لا محذورَ مِنْ نَظَرِهِ. • {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء} أي: الأطفال الَّذِينَ دُونَ التمييز، فإنه يجوز نَظَرُهُمْ للنساءِ الأجانبِ، وَعَلَّلَ تعالى ذلك بأنهم لم يَظْهَرُوا عَلَى عوراتِ النساءِ، أي: ليس لهم عِلْمٌ بذلك، ولا وُجِدَتْ فيهم الشهوةُ بَعْدُ.

32

• {الْأَيَامَى} الأَيَامَى: جَمْعُ أَيِّمٍ، وهو مَنْ لا زَوْجَ له رَجُلًا كان أو امرأةً، بِكْرًا كَانَ أو ثَيِّبًا.

33

• {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ} أي: في الطَّالِبِينَ للكِتَابَةِ. • {خَيْرًا} أَيْ قُدْرَةً عَلَى التَّكَسُّبِ، وَصَلَاحًا في دِينِهِ؛ لأن في الكتابةِ تَحْصِيلَ المَصْلَحَتَيْنِ، مصلحةِ العِتْقِ والحريةِ، ومصلحةِ العِوَضِ الَّذِي يَبْذُلُهُ في فداءِ نَفْسِهِ، وربما جَدَّ وَاجْتَهَدَ وَأَدْرَكَ لِسَيِّدِهِ في مدةِ الكتابةِ من المال، ما لا يَحْصُلُ عَلَيْهِ في رِقِّهِ. • {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ} أي: إِمَاءَكُمْ. • {عَلَى الْبِغَاء} أي: أَنْ تَكُونَ زَانِيَةً.

35

• {كَمِشْكَاةٍ} المِشْكَاةُ: فُرْجَةٌ في الجدارِ مِثْلُ الكُوَّةِ لكنها غيرُ نَافِذَةٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً فَهِيَ الكُوَّةُ، وهي أَجْمَعُ للضَّوْءِ، والمصباحُ فيها أكثرُ إنارةً منه في غيرها. • {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} شَدِيدُ الإنَارَةِ نُسِبَ إلى الدُّرِّ في صَفَائِهِ وَحُسْنِهِ، أي: إن الزجاجةَ لِصَفَائِهَا وجودةِ جَوْهَرِهَا وَتَوَهُّجِهَا بنورِ المصباحِ كأنها كوكبٌ شديدُ الإضاءةِ.

39

• {بِقِيعَةٍ} الْقِيعَةُ وَالْقَاعُ: ما انْبَسَطَ من الأَرْضِ وَاتَّسَعَ ولم يكن فيه نباتٌ.

40

• {بَحْرٍ لجِّيٍّ} ذُو لُجَجٍ، وَاللُّجَّةُ مُعْظَمُ الماءِ وَغَزِيرُهُ كما هي الحالُ في المحيطاتِ.

43

• {يُزْجِي} يَسُوقُ. • {رُكَامًا} مُتَرَاكِمًا بعضُه فوقَ بَعْضٍ، والرَّكْمُ: جَمْعُ الشَّيْءِ، يقال: رَكَمَ الشيءَ يَرْكُمُهُ رَكْمًا إذا جَمَعَهُ وألقى بعضَه عَلَى بعضٍ. • {الْوَدْقَ} المَطَرُ. • {مِنْ خِلَالِهِ} مِنْ فُرُوجِ السَّحَابِ. • {سَنَا بَرْقِهِ} أي: ضوءُ ذلك البرقِ الَّذِي في السحابِ، والبرقُ هُوَ اللَّمَعَانُ الَّذِي يَظْهَرُ من خلالِ السَّحَابِ.

49

• {مُذْعِنِينَ} مُسْرِعِينَ مُنْقَادِينَ مُطِيعِينَ.

54

• {عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ} مِنْ إِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ وَبَيَانِهَا بالقولِ والعملِ. • {وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ} مِنْ وُجُوبِ قَبُولِ الشَّرْعِ.

58

• {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} أي: لِلْقَائِلَةِ، وَسَطَ النهارِ.

59

• {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ} وهو إنزالُ المنيِّ يَقْظَةً أو مَنَامًا.

60

• {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء} قَعَدْنَ عن الحيضِ لِكِبَرِ سِنِّهِنَّ.

63

• {يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا} يَنْصَرِفُونَ عَنْ حَفْرِ الخَنْدَقِ خُفْيَةً وَرَوَغَانًا.

3

• {نُشُورًا} النُّشُورُ: الإِحْيَاءُ بَعْدَ المَوْتِ.

12

• {تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} صَوْتًا مُزْعِجًا مِنْ تَغَيُّظِهَا عَلَى أصحابِها المشركين بالله الكافرين به، والغَيْظُ: الغَضَبُ الشَّدِيدُ.

13

• {مُقَرَّنِينَ} مُصَفَّدِينَ، قُرِنَتْ أَيْدِيهِمْ إلى أَعْنَاقِهِمْ في الأغلالِ، أو قُرِنُوا مع الشَّيَاطِينِ. • {ثُبُورًا} هَلَاكًا.

18

• {بُورًا} هَلْكَى، جَمْعُ بَائِرٍ أي: هَالِكٍ.

21

• {وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا} طَغَوْا طُغْيَانًا كَبِيرًا حتى طَالَبُوا بنزولِ الملائكةِ ورؤيةِ الربِّ تَعَالَى.

22

• {حِجْرًا مَّحْجُورًا} أي: تَقُولُ الملائكةُ: حَرَامًا مُحرَّمًا عليكم أن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ.

23

• {هَبَاء} الهباءُ: ما يَخْرُجُ من الكُوَّةِ مع ضوءِ الشمسِ شَبِيهٌ بِالْغُبَارِ، يُضْرَبُ مَثَلًا في مُحَقَّرَاتِ الأُمُورِ. • {مَنثُورًا} مُفَرَّقًا.

25

• {بِالْغَمَامِ} الغَمَامُ: هُوَ سحابٌ أبيضُ رَقِيقٌ.

30

• {مَهْجُورًا} مَتْرُوكًا.

47

• {سُبَاتًا} رَاحَةً لِأَبْدَانِكُمْ.

49

• {أَنَاسِيَّ} جمع إِنْسَانٍ، أو جمع إِنْسِيٍّ، وهو واحدُ الإِنْسِ مثل: كُرْسِيٍّ وَكَرَاسِيَّ.

53

• {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} أَرْسَلَهُمَا مُتَجَاوِرَيْنِ، لا يبغي أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ فَيُفْسِدُهُ، وَيُخْرِجُهُ عن طَبِيعَتِهِ، والبحرُ: الماءُ الكثيرُ سواءٌ كان مَالِحًا أو حُلْوًا، وَأَرَادَ بالبحرين: البحرَ المالحَ، والنهرَ الكبيرَ. • {مِلْحٌ أُجَاجٌ} شَدِيدُ المُلُوحَةِ.

61

• {بُرُوجًا} النُّجُومُ، عُمُومُهَا أو مَنَازِلُ الشَّمْسِ والقمرِ التي تَنْزِلُ مَنْزِلَةً مَنْزِلَةً، وهي بمنزلةِ البروجِ والقِلَاعِ للمُدُنِ في حِفْظِهَا، كذلك النجومُ بِمَنْزِلَةِ البروجِ المَجْعُولَةِ للحراسةِ؛ فإنها رُجُومٌ لِلشَّيَاطِينِ. • {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا} فيه النورُ والحرارةُ، وهي الشمسُ. • {وَقَمَرًا مُّنِيرًا} فيه النورُ لا الحَرَارَةُ، وهذا من أدلةِ عَظَمَتِهِ وَكَثْرَةِ إِحْسَانِهِ، فإن ما فيها من الخَلْقِ البَاهِرِ والتدبيرِ المُنَظَّمِ والجَمالِ العظيمِ دَالّ عَلَى عَظَمَةِ خَالِقِهَا في أوصافِه كُلِّهَا، وما فيها من المصالحِ لِلْخَلْقِِ والمنَافِعِ دَلِيلٌ عَلَى كَثْرَةِ خَيْرَاتِهِ.

63

• {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} أي: سَاكِنِينَ مُتَوَاضِعِينَ للهِ وَلِلْخَلْقِ، فهذا وصفٌ لهم بالوَقَارِ والسَّكِينَةِ والتواضعِ للهِ ولعِبَادِهِ. • {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ} أي: خطابَ جَهْلٍ، بدليلِ إضافةِ الفِعْلِ، وَإِسْنَادِهِ لهذا الوَصْفِ. • {قَالُوا سَلَامًا} أي: خَاطَبُوهُمْ خِطَابًا يَسْلَمُونَ فيه مِنَ الإِثْمِ، وَيَسْلَمُونَ من مُقَابَلَةِ الجَاهِلِ بِجَهْلِهِ، وهذا مدحٌ لهم بالحِلْمِ الكثيرِ، ومقابلةِ المُسِيءِ بالإحسانِ.

65

• {غَرَامًا} مُلَازِمًا لأَهْلِهَا بمنزلةِ مُلَازَمَةِ الغَرِيمِ لِغَرِيمِهِ.

74

• {وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} أي: تَقَرُّ بِهِمْ أَعْيُنُنَا. • {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: أَوْصِلْنَا يَا رَبَّنَا إلى هذه الدرجةِ العاليةِ، درجةِ الصِّدِّيقِينَ وَالْكُمَّلِ من عبادِ اللهِ الصَّالحِينَ، وهي درجةُ الإمامةِ في الدِّينِ، وأن يكونوا قُدْوَةً لِلْمُتَّقِينَ في أَقْوَالهِمْ وأَفْعَالِهمْ.

75

• {الْغُرْفَةَ} المنازلُ الرفيعةُ والمساكنُ الأنيقةُ الجَامِعَةُ لكلِّ مَا يُشْتَهَى.

77

• {مَا يَعْبَأُ} ما يُبَالِي وَمَا يَهْتَمُّ. • {لِزَامًا} أي: مُلَازِمًا لَكُمْ.

3

• {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} أي: مُهْلِكُهَا وَشَاقٌّ عَلَيْهَا.

50

• {لَا ضَيْرَ} لَا ضَرَرَ.

54

• {لَشِرْذِمَةٌ} أي: طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مِنَ النَّاسِ.

55

• {لَغَائِظُونَ} الغيظُ: أَشَدُّ الغَضَبِ.

63

• {انفَلَقَ} انْشَقَّ. • {كَالطَّوْدِ} كَالْجَبَلِ.

64

• {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} أَدْنَيْنَا مِنَ «البحرِ الأحمرِ» فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، ومعنى (ثَمَّ): هناك.

89

• {إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} والقلبُ السليمُ مَعْنَاهُ: الَّذِي سَلِمَ من الشركِ والشَّكِّ ومحبةِ الشرِّ والإصرارِ عَلَى البِدْعَةِ والذنوبِ، وَيَلْزَمُ من سلامتِه مما ذُكِرَ اتِّصَافُهُ بِأَضْدَادِهَا من الإخلاصِ والعِلْمِ واليقينِ ومحبةِ الخيرِ وَتَزْيِينِهِ في قَلْبِهِ، وأن تكون إرادتُه ومحبتُه تابعةً لمحبةِ اللهِ، وَهَوَاهُ تَابِعًا لما جَاءَ عَنِ اللهِ.

94

• {فَكُبْكِبُوا} طُرِحُوا في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.

101

• {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} أي: قَرِيبٌ مُصَافٍ، يَنْفَعُنَا بِأَدْنَى نَفْعٍ، كما جَرَتِ العَادَةُ بذلك في الدنيا، فَأَيِسُوا من كُلِّ خَيْرٍ، وَأُبْلِسُوا بما كَسَبُوا، وَتَمَنَّوُا العودةَ إلى الدنيا لِيَعْمَلُوا صَالِحًا.

111

• {الْأَرْذَلُونَ} أي السِّفْلَةُ مِنَ النَّاسِ، عَيَّرُوهُمْ؛ لأنهم لم يكونوا من أغنيائهم، والأَرْذَلُونَ جَمْعُ الأَرْذَلِ، وهو الدُّونُ الخسيسُ، والرَّذَالَةُ: الخِسَّةُ والدَّنَاءَةُ، وَاعْلَمْ أن الغِنَى غِنَى الدِّينِ، والنَّسَبَ نَسَبُ التَّقْوَى، ولا يجوزُ أن يُسَمَّى المؤمنُ رَذْلًا وإن كان أفقرَ الناسِ وَأَوْضَعَهُمْ نَسَبًا.

128

• {رِيْعٍ} بِكُلِّ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ من الأرضِ، والرِّيعُ: ما ارتفعَ من الأرضِ.

148

• {طَلْعُهَا} أي: ثَمَرُهَا الَّذِي يَطْلُعُ مِنْهَا، والطَّلْعُ لُغةً: اسُمٌ مُشْتَقٌّ من الطلوعِ، وهو الظُّهُورُ. • {هَضِيمٌ} الهَضِيمُ: الَّلِّينُ النَّضِيجُ، وقيل: الَّذِي ليس فيه نَوَى، وقيل: سَهْلُ الهَضْمِ.

149

• {فَارِهِينَ} صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ بِدُونِ أَلِفٍ بعدَ الفاءِ مُشْتَقٌّ من الفَرَاهَةِ وهي الحِذْقُ والكِيَاسَةُ أي: عَارِفِينَ حَذِقِينَ بِنَحْتِ البُيُوتِ من الجبالِ بحيثِ تَصِيرُ بِالنَّحْتِ كأنها مَدِينَةٌ مَبْنِيَّةٌ.

168

• {مِنَ الْقَالِينَ} مِنَ المُبْغِضِينَ، والقلَى: البُغْضُ.

184

• {الْجِبِلَّةَ} الخَلِيقَةُ.

196

• {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} أي: قد بَشَّرَتْ به كُتُبُ الأَوَّلِينَ وَصَدَّقَتْهُ، وهو لمَّا نَزَلَ طِبْقَ ما أَخْبَرَتْ بِهِ صَدَّقَهَا، بل جاءَ بالحقِّ، وَصَدَّقَ المُرْسَلِينَ.

198

• {الْأَعْجَمِينَ} الَّذِينَ لا يَفْقَهُونَ لِسَانَهُمْ، ولا يَقْدِرُونَ عَلَى التَّعْبِيرِ كما يَنْبَغِي.

215

• {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} بِلِينِ جَانِبِكَ، وَلُطْفِ خِطَابِكَ لَهُمْ، وَتَوَدُّدِكَ وَتَحَبُّبِكَ إليهم، وَحُسْنِ خُلُقِكَ والإحسانِ التَّامِّ بِهِمْ، وَقَدْ فَعَلَ - صلى الله عليه وسلم - ذلك كما قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.

225

• {يَهِيمُونَ} يَذْهَبُونَ في كلِّ وَجْهٍ؛ تَارَةً في الهِجَاءِ، وَتَارَةً في المُجُونِ، وَتَارَةً في المَدِيحِ، وَتَارَةً في الغَزَلِ.

7

• {آنَسْتُ نَارًا} أَبْصَرْتُ نَارًا مِنْ بُعْدِ، حَصَلَ لي بها بعضُ الأُنْسِ. • {بِشِهَابٍ قَبَسٍ} أي: شُعْلَة نَارٍ في رَأْسِ عُودٍ، والشِّهَابُ: كُلُّ ذِي نُورٍ نَحْوَ الكَوْكَبِ، والعُودُ: المَوْقِدُ، وَالْقَبَسُ: اسمٌ لما يُقْتَبَسُ مِنْ جَمْرٍ وَمَا أَشْبَهَهُ. • {تَصْطَلُونَ} تَسْتَدْفِئُونَ مِنَ الْبَرْدِ.

16

• {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} أي: وَرِثَ عِلْمَهُ وَنُبَوَّتَهُ، فَانْضَمَّ عِلْمُ أَبِيهِ إلى عِلْمِهِ. • {مَنطِقَ الطّيْرِ} فَكَانَ عَلَيْهِ الصلاةُ والسلامُ يَفْقَهُ ما تَقُولُ وَتَتَكَلَّمُ به، كما رَاجَعَ الهُدْهُدَ وَرَاجَعَهُ، وكما فَهِمَ قَوْلَ النَّمْلَةِ لِلنَّمْلِ.

17

• {يُوزَعُونَ} يُجْمَعُونَ مِنْ أَطْرَافِهِمْ.

23

• {لَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} سَرِيرٌ كَبِيرٌ.

25

• {الخَبْءَ} الخَفِيَّ المَخْبُوءَ.

26

• {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} الَّذِي هُوَ سَقْفُ المخلوقاتِ، وَوَسِعَ الأَرْضَ وَالسَّماواتِ.

34

• {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} أي: جَعَلَ الرؤساءُ السادةُ أَشْرَافَ الناسِ مِنَ الأَرْذَلِينَ.

39

• {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ} الْعِفْرِيتُ هو: القويُّ النشيطُ جِدًّا.

40

• {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ} قال المفسرون: هُوَ رَجُلٌ عَالِمٌ صَالِحٌ عند سُلَيْمَانَ يقال له: «آصف بن برخيا» كان يَعْرِفُ اسْمَ اللهِ الأَعْظَمَ، الَّذِي إذا دُعِيَ اللهُ به أَجَابَ، وإذا سُئِلَ به أَعْطَى.

41

• {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} أي: غَيِّرُوهُ بِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ.

44

• {الصَّرْحَ} القَصْرَ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ قد أَمَرَ بِبِنَاءِ قَصْرٍ مِنَ الزُّجَاجِ أُقِيمَتْ أَرْضِيَّتُهُ فَوْقَ الماءِ. • {لجَّة} الماءُ المُجْتَمِعُ الكثيرُ. • {مُمَرَّدٌ} أَمْلَسُ، ومنه الأمردُ للشَّابِّ الَّذِي لا شَعْرَ في وَجْهِهِ. • {قَوَارِيرَ} زُجَاجٍ.

48

• {تِسْعَةُ رَهْطٍ} تِسْعَةُ رِجَالٍ.

49

• {لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أي: لَنَأْتِيَنَّهُمْ لَيْلًا هُوَ وَأَهْلَهُ فَلَنَقْتُلَنَّهُمْ.

61

• {وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} أي: جِبَالًا تُرْسِيهَا وَتُثَبِّتُهَا، لِئَلَّا تَمِيدَ، وتكون أَوْتَادًا لها؛ لِئَلَّا تَضْطَرِبَ. • {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ} البَحْرِ المَالِحِ وَالبَحْرِ العَذْبِ. • {حَاجِزًا} يَمْنَعُ من اخْتِلَاطِهِمَا، فَتَفُوتُ المنفعةُ المقصودةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، بل جَعَلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا من الأرضِ، جَعَلَ مَجْرَى الأَنْهَارِ في الأرضِ مُبْعَدَةً عن البحارِ، فَتَحْصُلُ منها مَقَاصِدُهَا وَمَصَالِحُهَا.

72

• {رَدِفَ} قَرُبَ وَدَنَا.

4

• {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} في مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَجُنُودِهِ وَجَبَرُوتِهِ، فَصَارَ مِنْ أَهْلِ العُلُوِّ فيها، لا مِنَ الأَعْلَيْنِ فِيهَا.

8

• {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} أي: لِتَكُونَ العاقبةُ والمآلُ من هذا الالتقاطِ، أن يكون عَدُوًّا لهم وَحَزَنًا يُحْزِنُهُمْ، بِسَبَبِ أن الحذرَ لا يَنْفَعُ من القَدَرِ، وأن الَّذِي خَافُوا منه من بَنِي إسرائيلَ، قَيَّضَ اللهُ أن يكونَ زَعِيمَهُمْ، يَتَرَبَّى تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وعلى نَظَرِهِمْ وَبِكَفَالَتِهِمْ.

11

• {قُصِّيهِ} اتَّبِعِي أَثَرَهُ.

14

• {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} من القُوَّةِ والعَقْلِ وَاللُّبِّ، وذلك نحوَ أَرْبَعِينَ سَنَةً في الغَالِبِ. • {وَاسْتَوَى} فَكَمُلَتْ فيه تِلْكَ الأُمُورُ.

15

• {فَوَكَزَهُ} ضَرَبَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ.

17

• {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا} أي: مُعِينًا وَمُسَاعِدًا.

21

• {يَتَرَقَّبُ} أي: يَنْتَظِرُ الطَّلَبَ، هل يَلْحَقُهُ فَيَأْخُذُهُ، وَالتَّرَقُّبُ: انْتِظَارُ المَكْرُوهِ، ثُمَّ لَجَأَ مُوسَى إلى رَبِّهِ تعالى لِعِلْمِهِ أنه لا مَلْجَأَ إلا إليه.

22

• {تِلْقَاء مَدْيَنَ} أي: قَاصِدًا بِوَجْهِهِ مَدْيَنَ، وهو جَنُوبِيُّ فِلَسْطِينَ، حيث لا مُلْكَ فيه لِفِرْعَوْنَ.

23

• {وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} أي: وَصَلَ، فَالوُرُودُ هنا معناه الوصولُ والبلوغُ. • {تَذُودَانِ} الذَّوْدُ: السَّوْقُ وَالطَّرْدُ وَالدَّفْعُ.

26

• {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} وَهَذَانِ الوَصْفَانِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُمَا في كُلِّ مَنْ يَتَوَلَّى للإنسانِ عَمَلًا بِإِجَارَةٍ أو غَيْرِهَا، فإن الخللَ لا يكون إلا بِفَقْدِهِمَا، أو فَقْدِ إِحْدَاهُمَا، وأما بِاجْتِمَاعِهِمَ؛ افإن العملَ يَتِمُّ وَيَكْمُلُ.

29

• {جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} قِطْعَةٌ مِنَ الجَمْرِ، وَالجَذْوَةُ: الجَمْرَةُ المُلْتَهِبَةُ.

31

• {كَأَنَّهَا جَانٌّ} حَيَّةٌ تَتَحَرَّكُ وَتَضْطَرِبُ بِسُرْعَةٍ، والجانُّ: ذَكَرُ الحَيَّاتِ العَظِيمُ.

35

• {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} أي: نُعَاوِنُكَ به وَنُقَوِّيكَ.

44

• {بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} بِجَانِبِ الطُّورِ الْغَرْبِيِّ.

45

• {ثَاوِيًا} مُقِيمًا.

51

• {وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} تَابَعْنَاهُ وَوَاصَلْنَاهُ وَأَنْزَلْنَاهُ لِأَهْلِ مكةَ شيئًا فشيئًا رَحْمَةً بِهِمْ وَلُطْفًا.

57

• {نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} أي: بالقتلِ والأَسْرِ، وَنَهْبِ الأموالِ؛ فإن الناسَ قد عَادَوْكَ وَخَالَفُوكَ، فلو تَابَعْنَاكَ لَتَعَرَّضْنَا لمُعَادَاةِ الناسِ كُلِّهِمْ، ولم يكن لنا بِهِمْ طَاقَةٌ، وهذا الكلامُ منهم يَدُلُّ عَلَى سُوءِ الظَّنِّ باللهِ تعالى، وأنه لا يَنْصُرُ دِينَهُ، ولا يُعْلِي كَلِمَتَهُ.

66

• {فَعَمِيَتْ} فَخَفِيَتْ.

71

• {سَرْمَدًا} دَائِمًا لا يَنْقَطِعُ.

76

• {لَتَنُوأُ} أي: مَفَاتِحُ خَزَائِنِ كُنُوزِهِ لَتُثْقِلُ الجماعةَ القَوِيَّةَ، وتَمِيلُ بهم لِثِقَلِهَا، يُقَالُ: نَاءَ بِالحِمْلِ: نَهَضَ به مُثْقَلًا وَنَاءَ به الحِمْلُ: أَثْقَلَهُ، والعصبة من الرجال: ما بَيْنَ العَشَرَةِ إلى الأَرْبَعِينَ.

77

• {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} أي: لَا نَأْمُرُكَ أن تتصدقَ بجميعِ مَالِكَ، وَتَبْقَى ضَائِعًا، بل أَنْفِقْ لِآخِرَتِكَ، وَاسْتَمْتِعْ بالدُّنْيَا اسْتِمْتَاعًا لا يَثْلُمُ دِينَكَ، وَلَا يَضُرُّ بِآخِرَتِكَ.

80

• {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} الَّذِينَ عَرَفُوا حقائقَ الأشياءِ، وَنَظَرُوا إلى بَاطِنِ الدنيا، حِينَ نَظَرَ غيرُهم إلى ظَاهِرِهَا. • {وَيْلَكُمْ} مُتَوَجِّعِينَ مما تَمنَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ، رَائِينَ لِحَالِهمْ، مُنْكِرِينَ لِمَقَالِهمْ.

82

• {وَيْكَأَنَّهُ} وَيْ: كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ، أي: عَجَبًا.

85

• {فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أَنْزَلَ عليكَ القُرْآنَ وَأَوْجَبَ عليكَ العملَ به. • {إِلَى مَعَادٍ} إلى مكانٍ تَعُودُ إليه، وَاخْتَلَفَ المفسرونَ فيه عَلَى أقوالٍ منها: أنه المقامُ المحمودُ، وقيل: بَلَدُكَ مكةُ، وقيل: الجنةُ، وقيل: البعثُ، وقيل: الموتُ.

87

• {وَلَا يَصُدُّنَّكَ} لا يَصْرِفَنَّكَ عن العملِ بآياتِ اللهِ بَعْدَ أن أَنْزَلَها اللهُ عَلَيْكَ، فَأَبْلِغِ الآيَاتِ وَلَا تُبَالِ بِمَكْرِهِمْ، وَلَا يَخْدَعُنَّكَ عَنْهَا، وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ.

4

• {أَن يَسْبِقُونَا} أن يَفُوتُونَا وَيَفْلِتُوا مِنَّا فَلَا نَقْدِرُ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ.

13

• {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} أَيْ: أَثْقَالَ ذُنُوبِهِمْ التي عَمِلُوهَا. • {وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} وهي الذنوبُ التي حَصَلَتْ بِسَبَبِهِمْ وَمِنْ جَرَائِمِهِمْ، فالذنبُ الَّذِي فَعَلَهُ التَّابِعُ لِكُلٍّ مِنَ التَّابِعِ والمتبوعِ حِصَّةٌ مِنْهُ حَصَلَتْ، هذا لأنه فَعَلَهُ وَبَاشَرَهُ، وَالمَتْبُوعُ لأنَّهُ تَسَبَّبَ فِي فِعْلِهِ وَدَعَا إِلَيْهِ.

14

• {الطُّوفَانُ} الماءُ الكثيرُ الَّذِي طَافَ بِهِمْ وَعَلَاهُمْ فَأَغْرَقَهُمْ.

20

• {ثُمَّ اللهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} أي: يَخْلُقُهُمْ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ المَوْتِ.

29

• {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} تَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ بِالْقَتْلِ وَأَخْذِ المَالِ. • {فِي نَادِيكُمُ} فِي مَجْلِسِكُمْ.

33

• {سِيءَ بِهِمْ} حَصَلَتْ لَهُ مساءةٌ وغمٌّ مَخَافَةَ أن يَقْصِدَهُمْ قَوْمُهُ بِسُوءٍ. • {ذَرْعًا} ضَاقَ صَدْرُهُ وَعَجَزَ عَنِ احْتِمَالِ الأَمْرِ لخوفِه من قَوْمِهِ أَنْ يَنَالُوا ضَيْفَهُ بِسُوءٍ، وَضِيقُ الذَّرْعِ وَالذِّرَاعِ كِنَايَةٌ عَنِ العَجْزِ وَفَقْدِ الطَّاقَةِ.

34

• {رِجْزًا} عَذَابًا.

37

• {الرَّجْفَةُ} الزَّلْزَلَةُ الشَّدِيدَةُ.

38

• {مُسْتَبْصِرِينَ} ذَوِي بَصَائِرَ لمَّا عَلَّمَتْهُمْ رُسُلُهُمْ.

40

• {حَاصِبًا} رِيحًا تأتي بالحَصْباءِ، وهي الحَصَا الصِّغَارُ.

45

• {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالمُنكَرِ} فالفحشاءُ: كلُّ ما اسْتُعْظِمَ وَاسْتُفْحِشَ من المعاصي التي تشتهيها النفوسُ، والمُنْكَرُ: كُلّ معصيةٍ تُنْكِرُهَا العقولُ والفِطَرُ.

64

• {وَمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلّا لهْوٌ وَلَعِبٌ} تَلْهُو بها القلوبُ، وتلعب بها الأَبْدَانُ، بسببِ ما جَعَلَ اللهُ فيها من الزينةِ واللذاتِ والشهواتِ الخالبةِ للقلوبِ المُعْرِضَةِ الباهجةِ للعيونِ الغافلةِ، المُفْرِحَةِ للنفوسِ المُبْطِلَةِ الباطلةِ، ثم تزولُ سَرِيعًا، وتنقضي جميعًا، ولم يَحْصُلْ منها مُحِبُّهَا إلا عَلَى الندمِ والخسرانِ.

9

• {وَأَثَارُوا الْأَرْضَ} قَلَبُوهَا لِلْحَرْثِ وَالْغَرْسِ. • {وَعَمَرُوهَا} بالبناءِ والسُّكْنَى.

10

• {السُّوأَى} أي: النارُ، والسوأى: مُؤَنَّثُ الأَسْوَءِ، كالحُسْنَى تَأْنِيثِ الأَحْسَنِ.

12

• {يُبْلِسُ} يَيْأَسُ.

15

• {فِي رَوْضَةٍ} في جَنَّةٍ، والروضةُ البستانُ الَّذِي هُوَ في غايةِ النَّضَارَةِ. • {يُحْبَرُونَ} يُسَرُّونَ وَيَفُرَحُونَ، وَيَتَلَقَّوْنَ فيها التكريمَ والتنعيمَ والحَبْرَةُ: السرورُ والفرحُ، والحَبْرُ: الحُبُورُ: وهو السرورُ.

27

• {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} قال الشيخُ «عبدُ الرحمنِ السعديُّ»: وهو -أي: إعادةُ الخَلْقِ بعد مَوْتِهِمْ- أَهْوَنُ عَلَيْهِ من ابتداءِ خَلْقِهِمْ، وهذا بالنسبة إلى الأذهانِ والعقولِ، فإذا كان قادرًا عَلَى الابتداءِ الَّذِي تُقِرُّونَ به كانت قُدْرَتُهُ عَلَى الإعادةِ التي هي أهونُ أَوْلَى وَأَوْلَى. انتهى.

30

• {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} أي: انْصِبْهُ وَوَجِّهْهُ {لِلدِّينِ} الَّذِي هُوَ الإسلامُ والإيمانُ والإحسانُ بأن تَتَوَجَّهَ بقلبكَ وَقَصْدِكَ وَبَدَنِكَ إلى إقامةِ شرائعِ الدينِ الظاهرةِ كالصلاةِ والزكاةِ والصومِ والحجِّ ونحوها، وشرائعِه الباطنةِ كالمحبةِ والخوفِ والرجاءِ والإنابةِ. وَخَصَّ اللهُ إقامةَ الوجهِ؛ لأن إقبالَ الوجهِ تَبَعٌ لإقبالِ القلبِ.

43

• {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} أي: يَتَفَرَّقُونَ عن ذلك اليومِ، وَيَصْدُرُونَ أَشْتَاتًا مُتَفَاوِتِينَ لِيُرَوا أَعْمَالَهُمْ.

44

• {يَمْهَدُونَ} يُوَطِّئُونَ المجالسَ في الآخرةِ وَيُسَوُّونَهَا، ولا ينتفعُ اللهُ بذلك، والمهادُ: الفِرَاشُ، وقد مَهَدْتُ الفِرَاشَ: بَسَطْتُهُ وَوَطَّأتُهُ، وتمهيدُ الأمورِ: تَسْوِيَتُهَا.

48

• {كِسَفًا} قِطَعًا، جمع كِسْفَةٍ، فَتَارَةً يَجْعَلُهُ مُنْبَسِطًا يَأْخُذُ وَجْهَ السَّمَاءِ، وتارةً يَجْعَلُهُ قِطَعًا مُتَفَرِّقَةً.

49

• {لَمُبْلِسِينَ} يَائِسِينَ.

57

• {وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} أي: لا يُطْلَبُ مِنْهُمُ العُتْبَى وَهِيَ الرِّضَا.

6

• {لهْوَ الحَدِيثِ} أي: الأحاديثَ المُلْهِيَةَ للقلوبِ، الصَّادَّةَ لها عن أَجَلِّ مَطْلُوبٍ، فدخل في هذا كلّ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ، وَكُلّ لَغْوٍ وَبَاطِلٍ.

7

• {وَقْرًا} صَمَمًا، والوَقْرُ: الثِّقَلُ في الأُذُنِ. • {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} بِشَارَةً تُؤَثِّرُ فِي قَلْبِهِ الحُزْنَ وَالغَمَّ، وفي بُشْرَتِهِ السوءُ والظلمةُ والغبرةُ. بعذاب أليم: مُؤْلِمٌ لِقَلْبِهِ وَلِبَدَنِهِ، لا يقادر قَدره، ولا يُدْرَى بِعَظِيمِ أَمْرِهِ، فهذه بشارةُ أهلِ الشَّرِّ، فلا نِعْمَتِ البشارةُ.

10

• {وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ} أي: نَشَرَ في الأرضِ الواسعةِ من جميعِ أصنافِ الدوابِّ التي هي مُسَخَّرَةٌ لِبَنِي آدَمَ، ولمصالحهم وَمَنَافِعِهِمْ.

13

• {وَهُوَ يَعِظُهُ} الوَعْظُ: الأَمْرُ وَالنَّهْيُ المَقْرُونُ بالترغيبِ والتَّرْهِيبِ.

14

• {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} أي: مَشَقَّةً عَلَى مَشَقَّةٍ، فلا تزالُ تُلَاقِي المشاقَّ، من حين يكونُ نطفةً من الوَحَمِ والمرضِ والضَّعْفِ والثِّقَلِ وَتَغَيُّرِ الحَالِ، ثم وَجَعِ الوِلَادَةِ ذلك الوجعُ الشديدُ.

15

• {وَإِن جَاهَدَاكَ} أي: اجْتَهَدَ وَالِدَاكَ.

16

• {حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ} التي هي أصغرُ الأشياءِ وَأَحْقَرُهَا.

18

• {ولا تُصَعِّرْ} لا تُمِلْ وَجْهَكَ تَكَبُّرًا، وَالصَّعَرُ: المَيْلُ. • {مَرَحًا} أي: بَطَرًا، فَخْرًا بالنِّعَمِ، نَاسِيًا المُنْعِمَ، مُعْجَبًا بِنَفْسِكَ.

19

• {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} أي: امْشِ مُتَوَاضِعًا مُسْتَكِينًا، لا مَشْيَ البَطَرِ والتَّكَبُّرِ، ولا مشيَ التَّمَاوُتِ. • {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ} أَدَبًا مع الناسِ ومع اللهِ. • {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ} أي: أَفْظَعُهَا وَأَبْشَعُهَا. • {لَصَوْتُ الحَمِيرِ} فلو كان في رَفْعِ الصوتِ البليغِ فائدةٌ ومصلحةٌ لمَا اختصَّ بذلك الحمارُ الَّذِي قد عُلِمَتْ خِسَّتُهُ وَبَلَادَتُهُ.

20

• {أَسْبَغَ} أَتَمَّ وَأَكْمَلَ عليكم النِّعَمَ الظاهرةَ المدركَةَ بالحسِّ كالشمسِ والقمرِ والبحارِ والصحةِ، والنِّعَمِ الباطنةِ كالمعرفةِ والعقلِ.

27

• {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} مِدَادًا يَسْتَمِدُّ بها، لَتَكَسَّرَتْ تلك الأقلامُ وَلَفَنِيَ ذلك المدادُ، و {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}.

32

• {خَتَّارٍ} غَدَّارٍ، والخَتْر: أسوأُ الغَدْرِ.

34

• {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا} مِنْ كَسْبِ دِينِهَا وَدُنْيَاهَا.

10

• {ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} أُخْفِينَا فيها، وَصِرْنَا تُرَابًا مَخْلُوطًا بِتُرَابِهَا.

16

• {تَتَجَافَى} تَتَبَاعَدُ عن الفُرُشِ.

21

• {مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى} مَصَائِبِ الدُّنْيَا، أو: الجوعِ، أو: القتلِ، أو: الحدودِ، أو: مَا أَصَابَهُمْ بِبَدْرٍ، وقيل: عذابُ القبرِ، وَيَحْتَمِلُ جميع ذلك.

27

• {نَسُوقُ المَاء} من السماءِ والأنهارِ والعيونِ في أوقاتِه المناسبةِ. • {الْأَرْضِ الجُرُزِ} الأرضُ اليابسةُ التي جَفَّ نَبَاتُهَا.

28

• {الْفَتْحُ} الفَصْلُ والحُكْمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، وهو يومُ القيامةِ.

10

• {زَاغَت الْأَبْصَارُ} مَالَتْ، فَزَيْغُ البَصَرِ ألَّا يَرَى ما يَتَوَجَّهُ إليه أو يريدُ أن يَتَوَجَّهَ إلى صَوْبٍ فيقعُ إلى صوبٍ آخَرَ من شِدَّةِ الرُّعْبِ.

11

• {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} بالخوفِ والقلقِ والجوعِ لِيَتَبَيَّنَ إيمانُهم ويزيدَ إِيقَانُهُمْ.

13

• {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ} يُرِيدُونَ «يا أهلَ المدينةِ»، فَنَادَوْهُمْ باسمِ الوطنِ المُنْبِئِ عن التسميةِ فيه، إشارةً إلى أن الدينَ والأخوةَ الإيمانيةَ ليس لَهُمَا في قلوبهم قَدْرٌ، وأن الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذلك مجردُ الخورِ الطبيعيِّ. • {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} مُنْكَشِفَةٌ لِلْعَدُوِّ، أو خاليةٌ لمن أرادَ دُخُولَهَا.

14

• {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا} أي: لو دَخَلَ الكفارُ إليها من نَوَاحِيهَا.

18

• {المُعَوِّقِينَ} المُثَبِّطِينَ الَّذِينَ يُعَوِّقُونَ المسلمين عن الجهادِ وَيَمْنَعُونَهُمْ بِأَقْوَالِهمْ وَأَفْعَالِهمْ.

19

• {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} جَمْعُ: شَحِيحٍ، أي: يَشُحُّونَ بِالخيرِ أو الغنيمةِ أو القتالِ. • {سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} آذَوْكُمْ بالكلامِ الشديدِ، ومنُّوا عليكم بالحضورِ مَعَكُمْ، وَخَاصَمُوكُمْ بطلبِ الغنيمةِ، ففي الحربِ جُبَنَاءُ، وفي الغَيْبَةِ وَالخُصُومَةِ بُلَغَاءُ، وَالسَّلْقُ: شِدَّةُ القَوْلِ باللسانِ، وَسَلَقَهُ بالكلامِ: آذَاهُ به، وَالحِدَادُ: جَمْعُ حَدِيدٍ، أي: شَدِيدٍ.

26

• {مِن صَيَاصِيهِمْ} مِنْ حُصُونِهِمْ، والصِّيصَةُ: الحِصْنُ، وكل ما امْتُنِعَ به، والجمع صَيَاصٍ.

28

• {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} أي: أُفَارِقُكُنَّ من دون مُغَاضَبَةٍ ولا مُشَاتَمَةٍ، بل بِسَعَةِ صَدْرٍ، وانشراحِ بَالٍ.

32

• {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} ولم يَقُلْ: «فَلَا تَلِنَّ بِالْقَوْلِ»؛ وذلك لأن المنهيَّ عنه القولُ اللَّيِّنُ الَّذِي فيه خضوعُ المرأةِ للرجلِ، وَانْكِسَارُهَا عنده، والخاضعُ هو: الَّذِي يطمع فيه، بخلاف مَنْ تَكَلَّمَ كلامًا لَيِّنًا ليس فيه خضوعٌ، بل ربما صار فيه ترفعٌ وَقَهْرٌ للخَصْمِ. • {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي: مرضُ شهوةِ الحرامِ، فإنه مُسْتَعِدٌّ، ينتظر أَدْنَى مُحَرِّكٍ يحركه؛ لأن قلبَه غيرُ صحيح؛ فإن القلبَ الصحيحَ ليس فيه شهوةٌ لِما حَرَّمَ اللهُ.

37

• {أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ} أي: بالإسلامِ. • {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتقِ والإرشادِ والتعليمِ حين جاءك مُشَاوِرًا في فِرَاقِهَا. • {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا} أي: طَابَتْ نَفْسُهُ، وَرَغِبَ عنها وَفَارَقَهَا.

50

• {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ} أي: وَأَبَحْنَا لك أيها النبيُّ ما لم نُبِحْ لهم، ووسعنا عليك ما لم نُوَسِّعْ عَلَى غَيْرِكَ.

53

• {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} غير مُنْتَظِرِينَ وقتَ استوائه، وَمُتَحَيِّنِينَ نُضْجَهُ.

59

• {يُدْنِينَ} يُرْخِينَ.

60

• {وَالمُرْجِفُونَ} الإِرْجَافُ: هُوَ إشاعةُ الأَخْبَارِ، والمُرْجِفُونَ: قَوْمٌ يَتَلَقَّوْنَ الأخبارَ فَيُحَدِّثُونَ عنها في المجالسِ والنَّوَادِي وَيُخْبِرُونَ بها مَنْ يَسْأَلُ وَمَنْ لَا يَسْأَلُ، ومعنى الإرجافِ هنا أن اليهودَ والمنافقين يُرْجِفُونَ بما يُؤْذِي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين والمسلماتِ. • {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} الإغراءُ هُوَ الحضُّ والتحريضُ عَلَى الفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: لَنُغْرِيَنَّكَ بهم؛ أي: لَنُسَلِّطَنَّكَ عليهم فَتَسْتَأْصِلُهُمْ بالقتلِ والتشريدِ بِأَمْرِنَا لكَ بذلك، ثم لا يُجَاوِرُونَكَ وَلَا يُسَاكِنُونَكَ، ولا يَعُودُونَ إلى مجاورتِكَ في المدينة إلا زمانًا قليلًا حيثما يَتَأَهَّبُونَ لِلْخُرُوجِ.

3

• {لا يَعْزُبُ} لا يَغِيبُ.

7

• {مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} قُطِّعْتُمْ كُلَّ تَقْطِيعٍ.

9

• {كِسَفًا} قِطَعًا، جَمْعُ كِسْفَةٍ أي: قِطْعَةٍ.

10

• {أَوِّبِي} التأويبُ هُوَ الترجيعُ، أي: تَرْجِيعُ الصوتِ، فَأَوِّبِي مَعَهُ أي: رَجِّعِي معه التسبيحَ وَرَدِّدِيهِ، وقيل: التأويبُ بمعنى التَّسْبِيحِ. • {وَأَلَنَّا} جَعَلْنَاهُ في اللِّينِ كَالعَجِينَةِ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ.

11

• {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أي: أَمَرْنَاهُ: أَنِ اعْمَلْ دُرُوعًا وَاسِعَةً تَامَّةً كَامِلَةً تُغَطِّي الجِسْمَ، والسَّابِغُ هُوَ الَّذِي يُغَطِّي كُلَّ ما هُوَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُ. • {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} السَّرْدُ: نَسْجُ الدروعِ، وَيُقَالُ: السَّرْدُ وَالزَّرْدُ، أي: لا تَعْمَلْهَا صَغِيرَةً فَتَضْعُفْ وَلَا يَقْوَى الدِّرْعُ عَلَى الدِّفَاعِ، ولا تَعْمَلْهَا كبيرةً فَتَثْقُلْ عَلَى لَابِسِهَا، وذلك تَقْدِيرُهَا.

12

• {غُدُوُّهَا شَهْرٌ} الْغُدُوُّ: سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ إلى الزوالِ، والغدوةُ اسمٌ للوقتِ من طلوعِ الفجرِ إلى طلوعِ الشمسِ. • {وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} الرواحُ: سيرُ آخِرِ النهارِ في الرجوعِ، والرَّوَاحُ: اسمٌ للوقتِ من زوالِ الشمسِ إلى الليلِ، والمعنى: أن الله تعالى سَخَّرَ لِسُلَيْمَانَ الريحَ تَسِيرُ بِأَمْرِهِ بِغَدَاةٍ وَاحِدَةٍ مَسِيرَةَ شَهْرٍ عَلَى الأَقْدَامِ، وتَرُوحُ بِرَوَاحٍ واحدٍ مَسِيرَةَ شهرٍ آخَرَ، فيكون جَرْيُهَا في اليومِ الواحدِ مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ. • {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} أي: أَجْرَيْنَا له عَيْنًا من النُّحَاسِ المُذَابِ، وَالْقِطْرُ: النحاسُ المذابُ، وقيل: أَذَابَ اللهُ لسليمانَ النحاسَ، كما أَلَانَ لداودَ الحديدَ.

13

• {مَحَارِيبَ} أي: قُصُورٌ وَمَبَانٍ مُرْتَفِعَةٌ، والمحرابُ في اللغةِ: كُلُّ موضعٍ مُرْتَفِعٍ، وقيل للمكان الَّذِي يُصلَّى فيه: محرابٌ؛ لأنه يجب أن يُرْفَعَ وَيُعَظَّمَ. • {وَجِفَانٍ} جمع جَفْنَةٍ وهي القصعةُ العظيمةُ التي يجْفَنُ فيها الماءُ. • {كَالجَوَابِ} كالحِيَاضِ، جمع جَابِيَةٍ، وهي الحوضُ العظيمُ الَّذِي يُجْمَعُ فيه الماءُ. • {وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ} ثَابِتَاتٌ عَلَى الأَثَافِي لا تَتَحَرَّكُ لِعِظَمِهِنَّ وَكِبَرِهِنَّ، والقدورُ جَمْعُ قِدْرٍ، وهي أوعيةٌ تُصْنَعُ من النحاسِ أو الفخارِ أو تُنْحَتُ من الحجارةِ.

14

• {مِنسَأَتَهُ} عَصَاهُ.

15

• {لِسَبَإٍ} قبيلةُ سبأٍ اليَمَانِيَّةِ، سُمِّيَتْ بِاسْمِ جَدٍّ لهم من العَرَبِ.

16

• {سَيْلَ الْعَرِمِ} العَرِمُ: قال «ابنُ عباسٍ»: هُوَ السَّدُّ العظيمُ، وقيل: السيلُ العظيمُ الَّذِي لا يُطَاقُ، والعَرِمُ مُشْتَقٌّ من العَرَامَةِ وهي الشدةُ، ومنه: رَجُلٌ عَارِمٌ، أي: شَدِيدٌ، والمعنى: فَأَرْسَلْنَا عليهم سَيْلًا عَظِيمًا جَرَفَ السَّدَّ، فَلَمْ يَعُدِ الماءُ يُخْتَزَنُ لِوَقْتِ الحَاجَةِ. • {خَمْطٍ} شَجَرُ الأَرَاكِ، وقيل: كلُّ شَجَرْ ذِي شَوْكٍ، وكلُّ نَبْتٍ أَخَذَ طَعْمًا من المرارةِ حتى لا يُمْكِن أَكْلُهُ فهو خَمْطٌ. • {وَأَثْلٍ} شَجَرٌ، وقيل: الخَشَبُ.

20

• {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} صَدَقَ ظَنُّ إبليسَ في الكفارِ ومنهم سبأ بأنه يستطيعُ إِغْوَاءَهُمْ.

23

• {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} التَّفْزِيعُ: إِزَالَةُ الفَزَعِ أي الخَوْفِ، والمعنى: حتى إذا كُشِفَ الخوفُ عن قلوبِ الشافعينَ والمشفوعِ لهم في المَحْشَرِ.

37

• {زُلْفَى} قُرْبَى.

45

• {مِعْشَارَ} المعشارُ والعُشْرُ لُغَتَانِ، وقيل: المِعْشَارُ عُشْرُ العُشْرِ، وقيل: المِعْشَارُ هُوَ عُشْرُ العَشِيرِ، والعَشِيرُ هُوَ عُشْرُ العُشْرِ فيكون جُزْءًا من أَلْفِ جُزْءٍ.

51

• {فَزِعُوا} خَافُوا. • {فَلَا فَوْتَ} الفَوْتُ: هُوَ التفلُّتُ والخلاصُ من العقابِ، أي: ليس لهم عنه مَهْرَبٌ.

52

• {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ} مِنْ أَيْنَ لهم تَنَاوُلُ ما يُرِيدُونَ وهو رُجُوعُهُمْ إلى الدنيا وَهُمْ فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ، والمرادُ: استبعادُ وُصُولِهمْ إلى مَطْلُوبِهِمْ، ولا يكون التناوشُ إلا لشيءٍ قريبٍ سَهْلٍ، فَالتَّنَاوُشُ: التناولُ، وهو الأخذُ بِسُهُولَةٍ.

53

• {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} بِقَذْفِهِمُ البَاطِلِ لِيُدْحِضُوا به الحقَّ، ولكن لا سبيلَ إلى ذلك، كما لا سبيلَ للرَّامِي من مكانٍ بعيدٍ إلى إصابةِ الغَرَضِ، فكذلك الباطلُ من المُحَالِ أن يَغْلِبَ الحقَّ أو يَدْفَعَهُ.

10

• {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} مِنْ قِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَكُلِّ كلامٍ حَسَنٍ طَيِّبٍ فَيُرْفَعُ إلى اللهِ وَيُعْرَضُ عليه، وَيُثْنِي اللهُ عَلَى صَاحِبِهِ بَيْنَ المَلَأِ الأَعْلَى. • {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} مِنْ أَعْمَالِ القلوبِ وأعمالِ الجَوَارِحِ. • {يَرْفَعُهُ} يَرْفَعُهُ اللهُ تعالى إليه أيضًا كَالْكَلِمِ الطَّيِّبِ. وقيل: العملُ الصالحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّبَ، فيكون رَفْعُ الكَلِمِ الطيبِ بحسبِ أعمالِ العبدِ الصالحةِ، فهي التي تَرْفَعُ كَلِمَهُ الطَّيِّبَ، فإذا لم يكن له عَمَلٌ صَالِحٌ لَمْ يُرْفَعْ له قَوْلٌ إلى اللهِ تَعَالَى.

11

• {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} أي: عُمْرُ الَّذِي كَانَ مُعَمَّرًا عُمْرًا طَوِيلًا {إِلَّا} بِعِلْمِهِ تَعَالَى، أو ما يُنْقَصُ من عُمْرِ الإنسانِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِ أن يصلَ إليه، لولا ما سَلَكَهُ من أسبابِ قِصَرِ العُمْرِ؛ كَالزِّنَا وعقوقِ الوَالِدَيْنِ وَقَطِيعَةِ الأَرْحَامِ ونحوِ ذلك مما ذُكِرَ أنها من أسبابِ قِصَرِ العُمْرِ. والمعنى: أن طولَ العُمْرِ وَقِصَرَهُ بِسَبَبٍ وَبِغَيْرِ سَبَبٍ، كُلُّهُ بِعِلْمِهِ تَعَالَى، وقد أَثْبَتَ ذَلِكَ: {فِي كِتَابٍ} حَوَى مَا يَجْرِي عَلَى العبدِ في جميعِ أَوْقَاتِهِ وَأَيَّامِ حَيَاتِهِ.

12

• {عَذْبٌ فُرَاتٌ} الفُرَاتُ: الماءُ العَذْبُ الَّذِي يَكْسِرُ العَطَشَ. • {مَوَاخِرَ} جَوَارِيَ تَشُقُّ الماءَ، وَهِيَ مُقْبِلَةٌ وَمُدْبِرَةٌ، وَالمَخْرُ: الشَّقُّ، وَقَدْ مَخَرَتِ السَّفِينَةُ تَمْخَرُ: إِذَا شَقَّتِ الماءَ.

13

• {مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} أي: لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا، لا قَلِيلًا، ولا كَثِيرًا؛ حتى ولا القِطْمِيرَ الَّذِي هُوَ أَحْقَرُ الأَشْيَاءِ.

14

• {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} أي: لا أَحَدٌ يُنْبِئُكَ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ العَلِيمِ الخبيرِ، فَاجْزِمْ بأن هذا الأمرَ الَّذِي نَبَّأَ به كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ، فَلَا تَشُكَّ وَلَا تَمْتَرِ.

18

• {مُثْقَلَةٌ} هي التي أَثْقَلَتْهَا الذُّنُوبُ والأَوْزَارُ.

21

• {الحَرُورُ} الرِّيحُ الحَارَّةُ المُحْرِقَةُ.

27

• {جُدَدٌ} الطُّرُقُ التي في الجبالِ؛ إِذِ الجُدَّةُ: الطريقُ، وَمِنْهُ جَادَّةُ الطَّرِيقِ، والجبالُ مختلفةُ الألوانِ. • {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} شَدِيدُ السَّوَادِ، والغرابيبُ جَمْعُ غِرْبِيبٍ، والعربُ تقولُ للشديدِ السوادِ الَّذِي لَوْنُهُ كَلَوْنِ الغُرَابِ الأَسْوَدِ: غِرْبِيبٌ، والمرادُ بها الجبالُ، وقيل: الأوديةُ.

32

• {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} وَهُمْ هذه الأُمَّةُ. • {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} بِالمَعَاصِي التي هي دُونَ الكُفْرِ. • {وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ} مُقْتَصِرٌ عَلَى ما يَجِبُ عَلَيْهِ، تَارِكٌ لِلْمُحَرَّمِ. • {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ} أي: سَارَعَ فيها وَاجْتَهَدَ فَسَبَقَ غَيْرَهُ، وهو المُؤَدِّي للفرائضِ، المُكْثِرُ من النوافلِ، التَّارِكُ لِلْمُحَرَّمِ وَالمَكْرُوهِ.

34

• {الحَزَنَ} وَهُوَ الهَمُّ وَالمَصَائِبُ وَالخَوْفُ، وَكُلُّ ما يُفْقِدُ الإنسانَ السُّرُورَ.

35

• {أَحَلَّنَا} أَنْزَلَنَا وَأَسْكَنَنَا.

37

• {يَصْطَرِخُونَ} يَسْتَغِيثُونَ وَيَصِيحُونَ في النَّارِ، وَالصُّرَاخُ: الصَّوْتُ العَالِي.

39

• {خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ} يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَالخَلَائِفُ جَمْعُ خَلِيفَةٍ.

40

• {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ} نَصِيبٌ.

41

• {تَزُولَا} تَفْنَيَا.

8

• {أَغْلاَلًا} جَمْعُ غُلٍّ، وَهُوَ القَيْدُ الثَّقِيلُ. • {فَهُم مُّقْمَحُونَ} رَافِعُو رُؤُوسِهِمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الإِطْرَاقَ، والإِقْمَاحُ: رَفْعُ الرَّأْسِ وَغَضُّ البَصَرِ، يقال: أَقْمَحَهُ الغُلُّ: إِذَا تَرَكَ رَأْسَهُ مَرْفُوعًا.

12

• {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} أي: مِنَ الأَعْمَالِ وَالنِّيَّاتِ وغيرِها، في كتابٍ هُوَ أُمُّ الكُتُبِ وإليه مَرْجِعُ الكُتُبِ التي تكون بِأَيْدِي الملائكةِ، وهو اللوحُ المَحْفُوظُ.

29

• {خَامِدُونَ} مَيِّتُونَ، شبَّهَ مَوْتَهُمْ بِخُمُودِ النَّارِ، وهو انْطِفَاؤُهَا.

37

• {نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} أي: نَفْصِلُ، وَسَمَّى اللهُ هذا الفصلَ سَلْخًا؛ لأنه يُشْبِهُ سَلْخَ الجِلْدِ من البهيمةِ، وهذا الانسلاخُ يأتي شيئًا فشيئًا، لَكِنْ إذا تَكَامَلَ الانسلاخُ وُجِدَتِ الظلمةُ كَامِلَةً، وفي الآية دلالةٌ عَلَى أن الأصلَ هُوَ الظلامُ، وأن النهارَ طَارِئٌ عليه.

38

• {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أي: دَائِمًا تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لها، قَدَّرَهُ اللهُ لها لا تَتَعَدَّاهُ ولا تُقَصِّرُ عنه، وليس لها تَصَرُّفٌ في نَفْسِهَا، ولا استعصاءٌ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تعالى.

39

• {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} يَنْزِلُهَا، كُلَّ ليلةٍ يَنْزِلُ منها واحدةً، {حَتَّى} صَغُرَ جِدًّا. • {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} العُرْجُونُ: هُوَ العودُ الَّذِي كان يَحْمِلُ عُنْقُودَ الْبَلَحِ إذا قُطِعَ عنه العنقودُ، والقديمُ: الَّذِي مضى عَلَى قَطْعِهِ سَنَةٌ فإنه يَتَقَوَّسُ وَيَنْحَنِي كالقوسِ، شُبِّهَ القمرُ به عند انتهائِه إلى آخِرِ مَنَازِلِهِ.

40

• {فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي: يَتَرَدَّدُونَ عَلَى الدوامِ، فَكُلُّ هذا دليلٌ ظَاهِرٌ، وبرهانٌ بَاهِرٌ عَلَى عَظَمَةِ الخَالِقِ.

41

• {المَشْحُونِ} أي: المَمْلُوءِ رُكْبَانًا وَأَمْتِعَةً.

43

• {فَلَا صَرِيخَ} لا مُغِيثَ لهم، والصريخُ: صوتُ المُسْتَصْرِخِ، والصَّارِخُ والمُغِيثُ والمُسْتَغِيثُ، وَهُوَ مِنَ الأَضْدَادِ.

49

• {يَخِصِّمُونَ} يَخْتَصِمُونَ في أَمْرِ الدنيا مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَصَخَبٍ في الأسواقِ، وَهُمْ أَغْفَلُ ما يَكُونُونَ عَنْهَا.

51

• {الْأَجْدَاثِ} القُبُورِ. • {يَنسِلُونَ} أَيْ: يَخْرُجُونَ مُسْرِعِينَ.

58

• {سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} هذا كلامُ الربِّ تعالى لأهلِ الجنةِ، وسلامُهُ عليهم، وَأَكَّدَهُ بقوله: {قَوْلًا} وإذا سَلَّمَ عليهم الربُّ الرحيمُ حَصَلَتْ لهم السلامةُ التامةُ من جميع الوجوهِ، وَحَصَلَتْ لهم التحيةُ التي لا تحيةَ أَعْلَى منها، ولا نعيمَ مِثْلهَا.

59

• {وَامْتَازُوا} يُقَالُ للمجرمين يومَ القيامةِ تَحْقِيرًا وَتَوْبِيخًا: انْعَزِلُوا بعيدًا عن المؤمنينَ الصَّالحِينَ، ولا تُخَالِطُوهُمْ فإنكم لم تكونوا معهم في الدنيا، ولن تكونوا معهم في الآخِرَةِ.

62

• {جِبِلًّا} خَلْقًا كَثِيرًا بسببِ إِصْغَائِكُمْ إِلَيْهِ وطاعتكم له، وجِبِلًّا: جَمْعُ جَبِيلٍ، وقيل: جمع جِبِلَّةٍ، وَالْجِبِلَّةُ: الأُمَّةُ والجَمَاعَةُ.

66

• {لَطَمَسْنَا} لأَعْمَيْنَاهُمْ، وَأَذْهَبْنَا أبصارَهم، كما عَمِيَتْ قلوبُهم عن الهُدَى، والطَّمْسُ: تَغْطِيَةُ شِقِّ العَيْنِ حتى تَعُودَ مَمْسُوحَةً.

68

• {نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ} أي: يَعُودُ إلى الحالةِ التي ابتدأَ منها، حالةِ الضَّعْفِ، ضَعْفِ العَقْلِ، وَضَعْفِ القُوَّةِ.

1

• {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} هي الملائكةُ التي تَصُفُّ في السماء كَصُفُوفِ الخَلْقِ في الصلاةِ في الدنيا.

2

• {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} هي الملائكةُ تَزْجُرُ السحابَ وَتَسُوقُهُ، أو تَزْجُرُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الزَّجْرَ من الكَفَرَةِ والعُصَاةِ عند قَبْضِ أرواحِهِمْ، أو عندَ الحَشْرِ، أو عندَ السَّوْقِ إلى جَهَنَّمَ، والزَّجْرُ: النَّهْيُ وَالمَنْعُ والسَّوْقُ والدَّفْعُ بِقُوَّةِ الصَّوْتِ.

3

• {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} هم الملائكةُ الَّذِينَ يَتْلُونَ كَلَامَ اللهِ تَعَالَى، وَجَائِزٌ أن تكونَ الملائكةُ وغيرُهم مِمَّنْ يَتْلُو ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى.

7

• {مَارِدٍ} عَاتٍ، وَالمَارِدُ: العَاتِي من الإنسِ وَالجِنِّ.

9

• {دُحُورًا} أَيْ: إِبْعَادًا وَطَرْدًا. • {وَاصِبٌ} أي دَائِمٌ، وَقِيلَ: مُوجِعٌ.

10

• {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ} أي: إلا من تَلَقّفَ من الشياطينِ المَرَدَةِ الكلمةَ الواحدةَ عَلَى وَجْهِ الخُفْيَةِ وَالسَّرِقَةِ. • {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} تَارَةً يُدْرِكُهُ قبلَ أن يُوصِلَهَا إلى أوليائِه، فينقطعَ خبرُ السماءِ، وتارةً يُخْبِرُ بها قبل أن يُدْرِكَهُ الشِّهَابُ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ، يُرَوِّجُونَهَا بسببِ الكلمةِ التي سُمِعَتْ من السماءِ.

11

• {لَازِبٍ} لَاصِقٌ، لَازِقٌ، لَازِمٌ، لَازِبٌ، أَلْفَاظٌ أَرْبَعَةٌ مُتَقَارِبَةٌ.

14

• {يَسْتَسْخِرُونَ} أي: يُبَالِغُونَ في السخريةِ والاستهزاءِ.

19

• {زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ، وهي نفخةُ البعثِ، وَسُمِّيَتْ زَجْرَةً لمَا فيها من مَعْنَى السَّوْقِ وَالشِّدَّةِ وَالْعُنْفِ.

22

• {وَأَزْوَاجَهُمْ} أَشْبَاهُهُمْ وَمَنْ هُمْ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ في الفُجُورِ والعِصْيَانِ.

28

• {عَنِ الْيَمِينِ} عن طريقِ اليمينِ التي هي طريقُ الخيرِ، أو المرادُ باليمين: القوةُ أو القَسَمُ.

45

• {بِكَأسٍ مِن مَّعِينٍ} مِنْ خَمْرٍ يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الأرضِ كأنهارِ الماءِ، والكأسُ في اللغة اسمٌ لكل إناءٍ مع شرابِه فإذا كان فارغًا فليس بكأس، والعربُ تقول للإناء إذا كان فيه خَمْرٌ كأسٌ، والمَعِينُ: الجَارِي عَلَى وجهِ الأرضِ الظاهرُ للعيونِ.

47

• {لَا فِيهَا غَوْلٌ} لا تَغْتَالُ عقولَهَم كخمرِ الدنيا وَتُفْسِدُهَا، والغَوْلُ: الإهلاكُ والإفسادُ. • {يُنزَفُونَ} أي لا يَسْكَرُونَ، ولا يَنْقَطِعُ شرابُها عنهم، وتلك أَجْمَلُ أوصافِ الشرابِ، يقال: نَزَفَ الشاربُ: إذا ذَهَبَ عَقْلُهُ، ويقال للسكران: نَزِيفٌ، ويقال: نَزَفَ الشرابُ إذا ذَهَبَ وَنَفَذَ، وإنما صَرَفَ اللهُ السُّكْرَ عن أهلِ الجنةِ لِئَلَّا ينقطعَ الِالْتِذَاذُ عنهم بالنعيم.

48

• {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قَصَرْنَ أَبْصَارَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. عِينٌ: جَمْعُ عَيْنَاءَ، وهي المرأةُ الواسعةُ العَيْنِ في جَمَالٍ.

49

• {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} المكنونُ هُوَ المستورُ الَّذِي لا تَمَسُّهُ الأيدي ولا يُصَابُ بالغُبَارِ، والبَيْضُ المكنونُ هُوَ بَيْضُ النَّعَامِ، والنَّعَامُ يُكِنُّ بَيْضَهُ في حُفَرٍ في الرملِ وَيَفْرِشُ لها من دَقِيقِ رِيشِهِ، ويقال: كَنَنْتُ الشيءَ إذا صُنْتَهُ، وَأَكْنَنْتُهُ: أَخْفَيْتُهُ.

53

• {لَمَدِينُونَ} لمُحَاسَبُونَ.

56

• {لَتُرْدِينِ} لَتُهْلِكُنِي بِإِغْوَائِكَ.

62

• {نُزُلًا} النُّزُلُ: ما يُقَدَّمُ في الضيافةِ للنَّازِلِ.

67

• {لَشَوْبًا} لخَلْطًا من ماءٍ حَارٍّ، وَشَابَ: خَلَطَ.

70

• {يُهْرَعُونَ} يُسْرِعُونَ بِشِدَّةٍ.

91

• {فَرَاغَ} أي: ذَهَبَ خُفْيَةً إلى أصنامهم، وَأَصْلُ الروغِ والروغانِ الميلُ.

94

• {يَزِفُّونَ} يُسْرِعُونَ، وَزَفِيفُ النَّعَامِ: ابْتِدَاءُ عَدْوِهِ.

103

• {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} صَرَعَهُ عَلَى الأرض، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إلى القِبْلَةِ، وَوَضَعَ السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِهِ، قَبِلْنَا ذلك منه وَاكْتَفَيْنَا، قيل: كان ذلك بِمَنًى، والتَّلّ: الدفعُ والصرعُ، والجَبِينُ: فوق الصَّدْغِ، وهما جَبِينَانِ عن يمينِ الجبهةِ وَشِمَالها.

125

• {بَعْلًا} صَنَمًا يُسَمَّى بَعْلًا.

130

• {إِلْ يَاسِينَ} إِلْيَاسَ.

135

• {فِي الْغَابِرِينَ} البَاقِينَ في العَذَابِ.

140

• {أَبَقَ} هَرَبَ. • {المَشْحُونِ} المَلِيءِ بالرُّكَّابِ.

141

• {فَسَاهَمَ} يُونُسُ مع رُكَّابِ السَّفِينَةِ، أي: قَارَعَهُمْ بالسِّهَامِ، والمساهمةُ: إلقاءُ السهامِ عَلَى جِهَةِ القُرْعَةِ. • {مِنْ المُدْحَضِينَ} أي من المغلُوبِينَ بها.

142

• {وَهُوَ مُلِيمٌ} آتٍ بما يُلَامُ عليه؛ لأنه فَارَقَ قَوْمَهُ قبل أن يَأْذَنَ اللهُ له، وكان عَلَيْهِ أن يُصَابِرَ، وإن كان تَرَكَهَمُ غَضَبًا لله تعالى.

145

• {بِالْعَرَاء} العَرَاءُ: المكانُ الخالي من الشَّجَرِ كأنَّ اشْتِقَاقَهُ من العُرْيِ.

146

• {يَقْطِينٍ} القرعُ عِنْدَ الأَكْثَرِ.

162

• {بِفَاتِنِينَ} أي: بِمُضِلِّينَ من قولهم: فَتَنَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ امْرَأَتَهُ إذا أَفْسَدَهَا عليه.

1

• {ذِي الذِّكْرِ} الشَّرَفِ والبيانِ والموعظةِ، والبيانِ لما يحتاجُه الناسُ.

2

• {فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} في حميَّةٍ وَتَكَبُّرٍ عن الإيمانِ بهذا القرآنِ والإذعانِ له: {وَشِقَاقٍ} وَمُخَالَفَةٍ وَمُعَانَدَةٍ للهِ وَرَسُولِهِ.

3

• {فَنَادَوْا} اسْتَغَاثُوا أو دَعَوْا حين رَأَوُا العذابَ. • {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} أَيْ لَيْسَ حِينَ فِرَارٌ، والمنَاصُ: مَصْدَرُ نَاصَ يَنُوصُ نَوْصًا وَمَنَاصًا، وهو الفِرَارُ والمَهْرَبُ، وقيل: المَطْلَبُ، وقيل: التَّأَخّرُ، والمعنى: لا مَنْجَى وَلَا فَوْتَ.

5

• {عُجَابٌ} العُجَابُ وَالْعَجِيبُ بِمَعْنًى.

10

• {فَلْيَرْتَقُوا} الأمرُ للتعجيزِ أي: فَلْيَصْعَدُوا. • {فِي الْأَسْبَابِ} أبوابِ السَّمَاءِ.

15

• {فَوَاقٍ} رَاحَةٍ وَإِفَاقَةٍ، وبالضَّمِّ: ما بَيْنَ الحَلْبَتَيْنِ أي: ما لها انْتِظَارٌ، وقيل: هما سَوَاءٌ.

16

• {قِطَّنَا} حَظَّنَا، أي: ما كَتَبْتَ لنا من الرزق، وقيل: من الجنة، وقيل: من العَذَابِ.

17

• {ذَا الْأَيْدِ} القُوَّةِ. • {أَوَّابٌ} رَجَّاعٌ إلى الله.

18

• {بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} أي: في طَرَفَيِ النَّهَارِ؛ إذ العشيُّ من وقت الزوال إلى الليل، والإشراقُ: ابيضاضُ الشمسِ بعد طُلُوعِهَا، وهو وقتُ الضُّحَى، يقال: شَرَقَتِ الشَّمْسُ إذا طَلَعَتْ، وَأَشْرَقَتْ إذا أَضَاءَتْ.

19

• {وَالطّيْرَ مَحْشُورَةً} أي: مُجْتَمِعَةً حَوْلَهُ.

20

• {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} القضاءَ بالعَدْلِ، والكلامِ البَيِّنِ، وقيل: «أَمَّا بَعْدُ» قِيلَ: هُوَ أولُ مَنْ قَالَها، وقيل: تَكْلِيفَ المُدَّعِي البَيِّنَةَ والمُنْكِرَ اليَمِينَ.

22

• {وَلَا تُشْطِطْ} ولا تَجُرْ في حُكْمِكَ، والشَّطَطُ: مُجَاوَزَةُ الحَدِّ، وَتَخَطِّي الحَقِّ.

23

• {إِنَّ هَذَا أَخِي} نَصَّ عَلَى الأُخُوَّةِ في الدِّينِ أو النَّسَبِ أو الصداقةِ؛ لاقتضائها عدمَ البَغْيِ، وأن بغيةَ الصادرِ منه أعظمُ مِنْ غَيْرِهِ. • {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} النَّعْجَةُ: أُنْثَى الغَنَمِ. • {أَكْفِلْنِيهَا} أَعْطِنِيهَا، وَاجْعَلْهَا لي في مِلْكِي وَكَفَالَتِي. • {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} غَلَبَنِي في القولِ والجدالِ.

24

• {الْخُلَطَاء} أي الشركاءِ في زَرْعٍ أو مَاشِيَةٍ أو تِجَارَةٍ.

25

• {لَزُلْفَى} لَقُرْبَى وَمَكَانَةً رَفِيعَةً. • {وَحُسْنَ مَآبٍ} وَحُسْنَ مَرْجِعٍ.

31

• {الصَّافِنَاتُ} أي الَّتِي تَرْفَعُ إحدى يديها أو رجليها وتقف عَلَى مُقَدَّمِ حافرها، والصافناتُ وصفٌ لموصوفٍ محذوفٍ اسْتُغْنِيَ عن ذكره لدلالة الصفةِ عَلَيْهِ؛ لأن الصافنَ لا يكون إلا من الخيلِ. • {الْجِيَادُ} السِّرَاعُ، جمع جَوَادٍ، سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنها تَجُودُ بالرَّكْضِ، والمعنى: أنها إذا اسْتُوقِفَتْ سَكَنَتْ، وإذا رَكَضَتْ سَبَقَتْ.

32

• {حُبَّ الخَيْرِ} الخَيْلِ، وقيل: المالِ. • {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} حتى تَوَارَتِ الخيلُ بأن دَخَلَتِ اصْطَبْلَاتِهَا، والأكثر: أنها الشمسُ؛ بدلالةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {بِالْعَشِيِّ}.

33

• {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} جَعَلَ يَمْسَحُ سُوقَ الخَيْلِ وَأَعْنَاقَهَا مَسْحًا بِيَدِهِ محبَّةً لها، وقيل: كَوَى سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا وَحَبَسَهَا في سبيلِ اللهِ، وقيل: قَطَعَ أَعْنَاقَهَا وَسُوقَهَا بالسيفِ؛ وهو بَعِيدٌ -وإن قال به الجمهورُ- لأنه لا ذَنْبَ لها؛ ولا دليلَ عليه، والسُّوقُ: جَمْعُ سَاقٍ.

34

• {جَسَدًا} شِقُّ رجلٍ.

36

• {رُخَاءً} أي رَخْوَةً لَيِّنَةً. • {حَيْثُ أَصَابَ} حَيْثُ أَرَادَ، والعربُ تقول: أَصَابَ الصَّوَابَ، وَأَخْطَأَ الجوابَ؛ أي: أراد الصوابَ وأَخْطَأَ الجَوَابَ.

37

• {بَنَّاء} البَنَّاءُ: الَّذِي يَبْنِي، وهو اسمُ فاعلٍ مَصُوغٌ عَلَى زِنَةِ المبالغةِ للدلالةِ عَلَى معنى الصناعةِ مِثْلَ نَجَّارٍ وَحَدَّادٍ. • {وَغَوَّاصٍ} الَّذِي يَغُوصُ في البَحْرِ.

38

• {مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} مَشْدُودِينَ في القيودِ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ للتَّأْدِيبِ، والأَصْفَادُ: جَمْعُ صَفَدٍ، وهو القيدُ والغُلُّ الَّذِي يُوثَقُ به الأَسِيرُ.

39

• {فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي: أَعْطِ مَنْ شِئْتَ وَأَطْلِقْ مَنْ شِئْتَ وَاحْبِسْ مَنْ شِئْتَ.

41

• {بِنُصْبٍ} بِمَشَقَّةٍ وَضُرٍّ وَشَرٍّ. • {وَعَذَابٍ} ما أَصَابَ نَفْسَهُ وَجَسَدَهُ، وَأَسْنَدَ المَسَّ إلى الشيطانِ لما وَسْوَسَ له في مَرَضِهِ من الجَزَعِ وَكَرَاهَةِ البَلَاءِ، ولأنَّ الشرَّ يُنْسَبُ إليه.

44

• {ضِغْثًا} حِزْمَةً من الحشيشِ أو العِيدَانِ.

46

• {أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} اصْطَفَيْنَاهُمْ، وَجَعَلْنَاهُمْ لنا خَالِصِينَ {بِخَالِصَةٍ} أي: بِخَصْلَةٍ خَالِصَةٍ لا شَوْبَ فيها، وهي: {ذِكْرَى الدَّارِ} الآخِرَةِ، فلقد كانوا يَذْكُرُونَ الآخرةَ ويعملون لها، ويُذَكِّرونَ الناسَ بها، وَيَدْعُونَهُمْ إليها.

52

• {أَتْرَابٌ} مُستَوِياتٌ في العُمْرِ.

54

• {نَفَادٍ} انْقِطَاعٌ.

57

• {وَغَسَّاقٌ} ما يَغْسِقُ من صديدِ أهلِ النارِ، أي يَسِيلُ.

58

• {مِن شَكْلِهِ} من مثل الحميمِ والغساقِ: {أَزْوَاجٌ} أَصْنَافٌ أُخَرُ من العذابِ.

59

• {مُقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} أي: دَاخِلُونَ مَعَكُمْ، والاقتحامُ: الدخولُ في الشيءِ بشدةٍ وصعوبةٍ.

86

• {مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} التَّكَلُّفُ ومعالجة الكُلْفَةِ وهي ما يَشُقُّ عَلَى المرءِ عَمَلُهُ وَالْتِزَامُهُ لِكَوْنِهِ يُحْرِجُهُ أو يَشُقُّ عليه، ومادةُ التَّفَعُّلِ تدل عَلَى معالجةِ ما ليس بِسَهْلٍ، فالمتكلفُ هُوَ الَّذِي يَتَطَلَّبُ ما ليس له، أو يَدَّعِي عِلْمَ ما لا يَعْلَمُهُ، فالمعنى هنا: ما أنا بِمُدَّعِي النبوةِ باطلًا من غير ما يُوحَى إِلَيَّ.

3

• {زُلْفَى} تَقَرُّبًا، وَتَشْفَعُ لنا عِنْدَ اللهِ.

5

• {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ} يُدْخِلُ كُلًّا عَلَى الآخَرِ، وَأَصْلُهُ: اللَّفُّ، والجَمْعُ، ومنه: كَوَّرَ العِمَامَةَ.

6

• {فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} ظُلْمَةِ الرَّحِمِ وَالْبَطْنِ وَالمَشِيمَةِ.

8

• {خَوَّلَهُ} أَعْطَاهُ ومَلَّكَهُ.

16

• {ظُلَلٌ} الظُّلَّةُ: ما يُغَطِّي من فوق كالسقف، وَسُمِّيَ ظُلَّةً مع أنه من تحتهم؛ باعتبار مَنْ تَحْتَهُمْ؛ لأن النارَ دَرَكَاتٌ.

21

• {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ} أَدْخَلَهُ في الأرضِ فَصَارَ جَارِيًا تحتها يَنْبُعُ منها، والينابيعُ جمع يُنْبُوعٍ وهو عَيْنُ الماءِ. • {يَهِيجُ} يَجِفُّ وَيَيْبَسُ. • {حُطَامًا} فُتَاتًا مُتَكَسِّرًا.

22

• {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ} أي: لَا تَلِينُ لِكِتَابِهِ، ولا تتذكرُ آياتِه، ولا تَطْمَئِنُّ بِذِكْرِهِ، بل هي مُعْرِضَةٌ عن رَبِّهَا، مُلْتَفِتَةٌ إلى غيره، فهؤلاء لهم الويلُ الشديدُ، والشرُّ الكبيرُ.

23

• {مُتَشَابِهًا} يُشْبِهُ بعضُه بعضًا في الحُسْنِ والائتلافِ وعدمِ الاختلافِ بوجهٍ من الوجوهِ، وَيُصَدِّقُ بعضُه بَعْضًا. • {مَثَانِيَ} واحدها مَثْنًى من التثنيةِ أي التكريرِ، ثنَّى فيها أقاصيصَ الأنبياءِ وذِكْرَ الجنةِ والنارِ، أو يُثَنِّي فيها الحكمَ بتصريفها في ضروبِ البيانِ، أو يُثَنَّى في القراءةِ فلا يُمَلُّ.

28

• {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} أي: ليس فيه خَلَلٌ ولا نقصٌ بوجهٍ من الوجوهِ، لا في ألفاظه، ولا في مَعَانِيهِ، وهذا يستلزمُ كمالَ اعتدالِه واستقامتَه، كما قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّمًا} (الكهف: 1).

29

• {مُتَشَاكِسُونَ} مُخْتَلِفُونَ. • {سَلَمًا لِّرَجُلٍ} أي: خَالِصًا له.

45

• {اشْمَأَزَّتْ} نَفَرَتْ.

56

• {فِي جَنبِ اللهِ} في جَانِبِ حَقِّ اللهِ.

61

• {بِمَفَازَتِهِمْ} بِمَنْجَاتِهِمْ من العَذَابِ، وَفَلَاحُهُمْ وَفَوْزُهُمْ بالجنةِ، وسببُ مَنْجَاتِهِمْ: عَمَلُهُمُ الصَّالِحُ، والمفازةُ: المَنْجَاةُ من العذابِ.

63

• {مَقَالِيدُ} مَفَاتِيحُ جَمْعُ مِقْلَادٍ، والمقاليدُ: المَفَاتِيحُ.

68

• {فَصَعِقَ} فَمَاتَ.

71

• {زُمَرًا} جمع زُمْرَةٍ وهي الفَوْجُ من الناسِ المتبوعِ بِفَوْجٍ آخَرَ فلا يقال: مَرَّتْ زُمْرَةٌ مِنَ الناسِ إلا إذا كانت مَتْبُوعَةً بأُخْرَى.

74

• {نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء} أي: نَنْزِلُ منها أَيَّ مَكَانٍ شِئْنَا، ونتناولُ منها أَيَّ نَعِيمٍ أَرَدْنَا، ليس مَمْنُوعٌ عنا شَيْءٌ نُرِيدُهُ.

75

• {حَافِّيْنَ} أي: مُحِيطِينَ بِعَرْشِ الرَّحْمَنِ، فَالحَفُّ هُوَ الإحداقُ بالشيءِ، يقال: حَدَّقَ حَدْقًا إذا أَحَاطَ به مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.

3

• {الطَّوْلِ} السَّعَةِ، وَيُطْلَق عَلَى سَعَةِ الفَضْلِ وَسَعَةِ المالِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ القُدْرَةِ، وَأَصْلُ الطَّوْلِ: الإِنْعَامُ الَّذِي تَطُولُ مُدَّتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ.

5

• {لِيُدْحِضُوا} لِيَزِيلُوا به الحقَّ وَيُبْطِلُوهُ.

10

• {لَمَقْتُ اللهِ} أَشَدُّ البُغْضِ.

11

• {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ أي: أَمَتَّنَا مَرَّتَيْنِ: الأُولَى عندما كُنَّا عَدَمًا فَخَلَقْتَنَا، والثانيةُ عندما أَمَتَّنَا في الدنيا بِقَبْضِ أَرْوَاحِنَا، وَأَحْيَيْتَنَا مَرَّتَيْنِ: الأُولَى لمَّا أَخْرَجْتَنَا من بُطُونِ أمَّهَاتِنَا أَحْيَاءً، فهذه مرةٌ، وَالثَّانِيَةُ: بَعْدَ أن بَعَثْتَنَا مِنْ قُبُورِنَا أَحْيَاءً.

15

• {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} أي: العَلِيُّ الأَعْلَى، الَّذِي اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ، وَاخْتَصَّ به، وَارْتَفَعَتْ دَرَجَاتُهُ ارْتِفَاعًا بَايَنَ به مَخْلُوقَاتِهِ، وَارْتَفَعَ به قَدْرُهُ، وَجلَّتْ أَوْصَافُهُ، وَتَعَالَتْ ذَاتُهُ، أن يُتَقَرَّبَ إليه إلا بالعملِ الزَّكِيِّ الطَّاهِرِ المُطَهَّرِ وهو الإخلاصُ، الَّذِي يَرْفَعُ دَرَجَاتِ أَصْحَابِهِ، وَيُقَرِّبُهُمْ إليه، ويجعلهم فوقَ خَلْقِهِ. • {يُلْقِي الرُّوحَ} أي: الوحيَ الَّذِي للأرواحِ والقلوبِ بمنزلةِ الأرواحِ للأجسادِ، فكما أن الجسدَ بدون الروحِ لا يحيا ولا يعيش، فالروحُ والقلبُ بدون روحِ الوحيِ لا يَصْلُحُ ولا يُفْلِحُ، فهو تعالى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} الَّذِي فيه نَفْعُ العِبَادِ وَمَصْلَحَتُهُمْ. • {التَّلَاقِ} لأنه يَلْتَقِي فيه الخَلْقُ، والخَلْقُ والخَالِقُ، والظَّالِمُ والمَظْلُومُ، وَالمرْءُ وَعَمَلُهُ.

18

• {الْآزِفَةِ} القريبةُ، وَهِيَ القِيَامَةُ.

19

• {خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} خِيَانَتهَا وَمُسَارَقَتهَا، أي: النظرَ إلى ما يَحِلُّ، وهو النظرُ الَّذِي يُخْفِيهِ العبدُ عن جَلِيسِهِ.

32

• {التَّنَادِ} يومُ القِيَامَةِ، سُمِّيَ بذلك؛ لأنه يَكْثُرُ فيه النداءُ، فَتُنَادَى كلُّ أُمَّةٍ بِإِمَامِهِمْ، ويُنَادَى فيه بالشقاوةِ والسعادةِ، ويُنَادِي أَهْلُ الجَنَّةِ أهلَ النار، وأهلُ النارِ أَهْلَ الجَنَّةِ.

43

• {لَا جَرَمَ} حَقًّا يَقِينًا.

72

• {يُسْجَرُونَ} يُطْرَحُونَ فَيَكُونُونَ وَقُودًا لها.

80

• {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ} مِنَ الوُصُولِ إلى الأَقْطَارِ البعيدةِ، وحصولِ السرورِ بها، والفرحِ عِنْدَ أَهْلِهَا.

3

• {فُصِّلَتْ} بُيِّنَتْ وَمُيِّزَتْ آيَاتُهُ غَايَةَ البَيَانِ.

5

• {أَكِنَّةٍ} أَغْطِيَةٍ. • {وَقْرٌ} ثِقَلٌ وَصَمَمٌ.

9

• {أَندَادًا} شُرَكَاءَ.

10

• {رَوَاسِيَ} جِبَالًا ثَوَابِتَ.

16

• {صَرْصَرًا} يجوز أن يكون من الصَّرِيرِ، فَالصَّرْصَرُ: الرِّيحُ العَاصِفَةُ التي يكون لها صَرْصَرَةٌ أي: دَوِيٌّ في هُبُوبِهَا من شِدَّةِ سُرْعَةِ تَنَقّلِهَا، ويجوز أن تكون من الصرِّ أي البَرْدِ.

17

• {الهُونِ} الهَوَانُ.

25

• {قَيَّضْنَا} هَيَّأْنَا وَيَسَّرْنَا.

35

• {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} لِكَوْنِهَا من خصالِ خَوَاصِّ الخَلْقِ، التي يَنَالُ بها العبدُ الرِّفْعَةَ في الدنيا والآخرةِ، التي هي من أكبرِ خِصَالِ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ.

36

• {يَنزَغَنَّكَ} يُوَسْوِسُ لكَ الشيطانُ بِتَرْكِ خَيْرٍ أو فِعْلِ شَرٍّ.

40

• {يُلْحِدُونَ} يَمِيلُونَ بآياتِ اللهِ عن الثوابِ بأيِّ وَجْهٍ كَانَ، إما بإنكارِها أو جحودِها أو تَحْرِيفِهَا.

44

• {لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} أي: هلاَّ بُيِّنَتْ آياتُه، وَوُضِّحَتْ وَفُسِّرَتْ. • {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} أي: كيف يكون محمدٌ عَرَبِيًّا والكتابُ أعجميٌّ؟! هذا لا يكون. • {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءً} أي: يهديهم لطريقِ الرُّشْدِ، والصراطِ المستقيمِ، وَيُعَلِّمُهُمْ من العلوم النافعةِ ما به تَحْصُلُ الهدايةُ التَّامَّةُ، وَشِفَاءً لهم من الأَسْقَامِ البَدَنِيَّةِ، والأَسْقَامِ القَلْبِيَّةِ. • {أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} أي: يُنَادَوْنَ إلى الإيمانِ، وَيُدْعَوْنَ إليه، فلا يَسْتَجِيبُونَ بمنزلةِ الّذِي يُنَادَى وهو في مكانٍ بعيدٍ، لا يَسْمَعُ داعيًا، ولا يُجِيبُ مُنَادِيًا، والمقصودُ: أن الَّذِينَ لا يؤمنون بالقرآنِ لا يَنْتَفِعُونَ بِهُدَاهُ، ولا يُبْصِرُونَ بِنُورِهِ، ولا يَسْتَفِيدُونَ مِنْهُ خَيْرًا؛ لأنهم سَدُّوا عَلَى أنفسهم أبوابَ الهُدَى، بِإِعْرَاضِهِمْ وَكُفْرِهِمْ.

47

• {مِنْ أَكْمَامِهَا} مِنْ أَوْعِيَتِهَا، والكُمُّ وِعَاءُ الثّمَرَةِ قَبْلَ أن يَنْشَقَّ. • {آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} أي: أَعْلَمْنَاكَ يَا رَبَّنَا، وَاشْهَدْ علينا أنه ما مِنَّا مِنْ أَحَدٍ يشهدُ بصحةِ إِلَهيَّتِهِمْ وَشَرِكَتِهِمْ، فَكُلّنَا الآنَ رَجَعْنَا إلى بُطْلَانِ عِبَادَتِهَا، وَتَبَرَّأنَا مِنْهَا.

48

• {مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ} أي: مُنْقِذٌ يُنْقِذُهُمْ، وَلَا مُغِيثٌ، وَلَا مَلْجَأ، فهذه عَاقِبَةُ مَنْ أَشْرَكَ بالله غَيْرَهُ، بَيَّنَهَا اللهُ لِعِبَادِهِ، لِيَحْذَرُوا الشِّرْكَ بِهِ.

51

• {فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ} أي: كَثِيرٌ جِدًّا لِعَدَمِ صَبْرِهِ فلا صَبْرَ في الضَّرَّاءِ ولا شُكْرَ في الرَّخَاءِ إلا مَنْ هَدَاهُ اللهُ ومَنَّ عَلَيْهِ.

5

• {يَتَفَطَّرْنَ} يَتَشَقَّقْنَ مِنْ عَظَمَةِ الرَّحْمَنِ. • {مِن فَوْقِهِنَّ} مِنْ فَوْقِ الأَرَضِينَ.

7

• {لِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى} وهي مَكَّةُ المُكَرَّمَةُ.

11

• {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي: ليس يُشْبِهُهُ تَعَالَى ولا يُمَاثِلُهُ شيءٌ من مخلوقاتِه، لا في ذاتِه ولا في أَسْمَائِهِ، ولا في صِفَاتِهِ، ولا في أَفْعَالِهِ.

12

• {مَقَالِيدُ} مَفَاتِيحُ خَزَائِنِهَا مِنَ المَطَرِ وَالنَّبَاتِ.

14

• {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} ظُلْمًا وَحَسَدًا.

18

• {يُمَارُونَ} يَشُكُّونَ.

20

• {حَرْثَ الْآخِرَةِ} ثَوَابَ الآخِرَةِ وَأَجْرَهَا. • {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} بأن نُضَاعِفَ عَمَلَهُ وَجَزَاءَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً. • {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} قَدْ حُرِمَ الجنةَ ونعيمَها، واسْتَحَقَّ النارَ وَجَحِيمَهَا.

21

• {كَلِمَةُ الْفَصْلِ} الأَجَلُ المُسَمَّى الَّذِي أُخِّرَ العذابُ فيه إلى يومِ القيامةِ.

22

• {مُشْفِقِينَ} خَائِفِينَ.

23

• {إِلّا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} أي: لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلا أَجْرًا وَاحِدًا هُوَ لَكُمْ، وَعَائِدُ نَفْعِهِ إِلَيْكُمْ، وهو: أن تَوَدُّونِي وَتُحِبُّونِي في القَرَابَةِ، أي: لِأَجْلِ القَرَابَةِ، ويكون عَلَى هذا المودة الزائدة مودة الإيمانِ، فإن مودةَ الإيمانِ بالرسولِ، وتقديمَ مَحَبَّتِهِ عَلَى جميعِ المَحَابِّ بَعْدَ مَحَبَّةِ اللهِ فرضٌ عَلَى كل مُسْلِمٍ، وهؤلاء طُلِبَ منهم زيادةً عَلَى ذلك أن يُحِبُّوهُ لِأَجْلِ القَرَابَةِ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد بَاشَرَ بِدَعْوَتِهِ أَقْرَبَ الناسِ إليه، حتى إنه قيل: إنه ليس في بطونِ قريشٍ أَحَدٌ إلَّا وَلِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فيه قَرَابَةٌ. وقيل: إلَّا مَوَدَّةَ اللهِ تعالى الصادقةَ، وهي التي يَصْحَبُهَا التَّقَرُّبُ إلى الله، والتوسلُ بِطَاعَتِهِ، الدالة عَلَى صِحَّتِهَا وَصِدْقِهَا. • {يَقْتَرِفْ} يَكْتَسِبْ.

24

• {وَيُحِقُ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} الكَوْنِيَّةِ التي لا تُبَدَّلُ ولا تُغَيَّرُ، وَوَعْدِهِ الصادقِ، وَكَلِمَاتِهِ الدينيةِ التي تُحَقِّقُ ما شَرَعَهُ من الحقِّ، وَتُثَبِّتُهُ في القلوبِ، وَتُبَصِّرُ أُولِي الأَلْبَابِ.

32

• {كَالْأَعْلَامِ} كَالجِبَالِ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ عِنْدَ العَرَبِ فَهُوَ عَلَمٌ.

33

• {رَوَاكِدَ} سَوَاكِنَ.

34

• {يُوبِقْهُنَّ} يُهْلِكُهُنَّ.

35

• {مَحِيصٍ} مَهْرَبٌ.

39

• {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ} أي: وَصَلَ إليهم مِنْ أَعْدَائِهِمْ. • {هُمْ يَنتَصِرُونَ} لِقُوَّتِهِمْ وَعِزَّتِهِمْ، ولم يكونوا أَذِلَّاءَ عَاجِزِينَ عن الانتصارِ.

45

• {مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} أي ذَلِيلٍ يُسَارِقُونَ النَّظَرَ مِنْ شِدَّةِ الخَوْفِ.

53

• {أَلَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأمُورُ} أي: تَرْجِعُ جَمِيعُ أُمُورِ الخيرِ وَالشَّرِّ، فَيُجَازَى كُلًّا بِعَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.

5

• {صَفْحًا} أَيْ: إِعْرَاضًا.

8

• {مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} مَضَتْ أَمْثَالُهمْ وَأَخْبَارُهُمْ وَهَلَاكُهُمْ وَبَيَّنَّا لكم ما فيها مِنْ عِظَةٍ.

10

• {سُبُلًا} طُرُقًا وَمَنَافِذَ بَيْنَ سَلَاسِلِ الجِبَالِ المُتَّصِلَةِ تَنْفُذُونَ إلى ما وَرَاءَهَا مِنَ الأَقْطَارِ.

13

• {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} لِتَسْتَقِرُّوا عَلَى ظُهُورِ الفُلْكِ وَالأَنْعَامِ. • {مُقْرِنِينَ} مُطِيقِينَ وَقَادِرِينَ.

15

• {جُزْءًا} أي: جَعَلُوا من عِبَادِهِ –كالملائكةِ- بَعْضًا منه.

17

• {كَظِيمٌ} مُمْتَلِئٌ هَمًّا وَحُزْنًا.

18

• {يُنَشَّأُ} أَيْ يُرَبَّى. • {فِي الْحِلْيَةِ} في الزينةِ: قال المُفَسِّرُونَ: والمرادُ بذلك البناتُ؛ فَإِنَّهُنَّ رُبِّينَ في الحُلِيِّ.

23

• {مُتْرَفُوهَا} مُنَعَّمُوهَا.

28

• {فِي عَقِبِهِ} في ذُرِّيَّتِهِ فلم يَزَلْ فيهم مَنْ يُوَحِّدُ اللهَ.

31

• {مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ} مَكَّةَ وَالطّائِفِ.

32

• {سُخْرِيًّا} أي: يَسْتَخْدِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

33

• {سُقُفًا} جَمْعُ سَقْفٍ. • {وَمَعَارِجَ} مَصَاعِدَ جَمْعُ مِعْرَاجٍ وَهُوَ السُّلَّمُ. • {يَظْهَرُونَ} يَعْلُونَ عليها إلى الصُّعُودِ.

35

• {وَزُخْرُفًا} أي: زَخْرَفَ لهم دُنْيَاهُمْ بأنواعِ الزخارفِ، وَأَعْطَاهُمْ ما يَشْتَهُونَ، والزخرفُ: الذهبُ والزينةُ.

36

• {وَمَنْ يَعْشُ} يُعْرِضُ، يُظْلِمُ بَصَرَهُ عَنْهُ كأنَّ عَلَيْهِ غِشَاوَةً، وَالْعَشَا: سُوءُ البَصَرِ لَيْلًا وَنَهَارًا. • {نُقَيِّضْ} نَجْعَلُ له شَيْطَانًا يُلَازِمُهُ لإِغْوَائِهِ.

50

• {يَنكُثُونَ} يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ.

53

• {أَسْوِرَةٌ} جَمْعُ سِوَارٍ.

54

• {فَاسْتَخَفّ} وَجَدَهُمْ خِفَافَ العُقُولِ.

55

• {آسَفُونَا} أَغْضَبُونَا بِأَفْعَالهِمْ.

75

• {وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} أي: آيِسُونَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، غيرُ رَاجِينَ لِلْفَرَجِ.

79

• {أَمْ أَبْرَمُوا} أي: أَبْرَمَ المُكَذِّبُونَ بالحقِّ المُعَانِدُونَ.

89

• {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} أي: اصْفَحْ عَنْهُمْ ما يَأْتِيكَ من أَذِيَّتِهِمْ القَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، وَاعْفُ عَنْهُمْ، ولا يَبْدُرْ مِنْكَ لهم إلا السلامُ الَّذِي يُقَابِلُ به أُولُو الأَلْبَابِ وَالْبَصَائِرِ الجَاهِلِينَ.

10

• {بِدُخَانٍ} وهو ما أَصَابَهُمْ مِنْ شِدَّةِ الجُوعِ بسببِ القحطِ حين دَعَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يَجْعَلَ سِنِينَهُمْ كَسِنِي يُوسُفَ.

14

• {مُعَلَّمٌ} يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ. • {مَجْنُونٌ} أَصَابَهُ مَسٌّ مِنَ الجِنِّ وليسَ بِرَسُولٍ.

16

• {الْبَطْشَةَ} يَوْمَ القِيَامَةِ، وقيل: يَوْمَ بَدْرٍ.

18

• {أَنْ أَدُّوا} مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ.

19

• {وَأَنْ لّا تَعْلُوا عَلَى اللهِ} بِالِاسْتِكْبَارِ عَنْ عِبَادَتِهِ والعُلُوِّ عَلَى عِبَادِ اللهِ.

24

• {رَهْوًا} سَاكِنًا، وقيل: مُنْفَرِجًا.

29

• {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ} لَمْ يَحْزَنْ عليهم أَحَدٌ ولم يَيْأَسْ عَلَى فِرَاقِهِمْ بل اسْتُبْشِرَ بِهَلَاكِهِمْ.

45

• {كَالمُهْلِ} أي الصديدِ المُنْتِنِ خَبِيثِ الريحِ والطعمِ، شديدِ الحرارةِ.

47

• {فَاعْتِلُوهُ} ادْفَعُوهُ وَسُوقُوهُ بِالْعُنْفِ، والعَتْلُ: الأَخْذُ وَالجَذْبُ بِعُنْفٍ.

53

• {سُندُسٍ} مَا رَقَّ مِنَ الحَرِيرِ. • {إِسْتَبْرَقٍ} ما غَلُظَ مِنَ الحَرِيرِ.

7

• {أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} كذًّابٌ فَاجِرٌ كَثِيرُ الإِثْمِ.

12

• {لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} بأنواعِ التجاراتِ والمكاسبِ.

13

• {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ} أَيْ: مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وهذا شاملٌ لِأَجْرَامِ السماواتِ والأرضِ، ولما أَوْدَعَ اللهُ فيهما من الشمسِ والقمرِ والكواكبِ والثوابتِ والسياراتِ وأنواعِ الحيواناتِ، وأصنافِ الأشجارِ والثمراتِ وأجناسِ المعادنِ، وغيرِ ذلك مما هُوَ مُعَدٌّ لمصالحِ بني آدَمَ، ومصالحِ ما هُوَ من ضَرُورَاتِهِ.

18

• {عَلَى شَرِيعَةٍ} عَلَى طريقةٍ وَمِنْهَاجٍ، والشريعةُ في اللغةِ: المذهبُ والملةُ، والشرائعُ في الدينِ: المذاهبُ التي شَرَعَهَا اللهُ لِخَلْقِهِ. • {مِنَ الْأَمْرِ} أَمْرِ الدِّينِ.

20

• {بَصَائِرُ} تَحْصُلُ به التبصرةُ في جميعِ الأمورِ للناسِ فَيَحْصُلُ به الانتفاعُ للمُؤْمِنِينَ.

21

• {اجْتَرَحُوا} الاجْتِرَاحُ: الاكْتِسَابُ، وَمِنْهُ الجَارِحَةُ للأعضاءِ التي يُكْتَسَبُ بها كالأَيْدِي.

28

• {جَاثِيَةً} عَلَى الرُّكَبِ رُعْبًا، وهي جلسةُ المُذْنِبِ الخائفِ بَيْنَ يَدَيِ الحاكمِ يَنْتَظِرُ القَضَاءَ، والجُثُوُّ: الجلوسُ عَلَى الرُّكَبِ.

33

• {وَحَاقَ بِهِم} نَزَلَ بِهِمْ وَأَحَاطَ.

34

• {نَنسَاكُمْ} نَتْرُكُكُمْ فِي العَذَابِ.

4

• {أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ} أي: بَقِيَّةٍ مِنْ عِلْمٍ يُؤْثَرُ عن الأَوَّلِينَ وَيُسْنَدُ إليهم يَشْهَدُ بصحةِ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ من الشِّرْكِ.

8

• {تُفِيضُونَ فِيهِ} تَخُوضُونَ فيه مِنَ القَدْحِ والتَّكْذِيبِ.

9

• {بِدْعًا} أي ما كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ مِنَ الرُّسُلِ، فَقَدْ كان قَبْلِي رُسُلٌ.

21

• {بِالْأَحْقَافِ} دِيَارُ عادٍ بَيْنَ عُمانَ وَعَدْنٍ في جنوبِ الجزيرةِ، والأحقافُ جَمْعُ حِقْفٍ، وهو ما اسْتَطَالَ مِنَ الرَّمْلِ العظيمِ، واعْوَجَّ ولم يَبْلُغْ أن يَكُونَ جَبَلًا.

22

• {لِتَأْفِكَنَا} لِتَصْرِفَنَا عَنْ عِبَادَةِ الآلهةِ.

24

• {عَارِضًا} سَحَابًا عَرَضَ وَظَهَرَ في الأُفُقِ.

29

• {صَرَفْنَا} أَمَلْنَا.

35

• {بَلَاغٌ} أَيْ: هَذِهِ الدُّنْيَا، مَتَاعُهَا وَشَهْوَتُهَا وَلَذَّاتُهَا بُلْغَةٌ مُنَغَّصَةٌ، وَدَفْعُ وَقْتٍ حَاضِرٍ قَلِيلٍ.

1

• {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ الخيريةَ كَصِلَةِ الأرحامِ، فَلَيْسَ لها أَثَرٌ يَوْمَ القِيَامَةِ.

2

• {أَصْلَحَ بَالَهُمْ} أَصْلَحَ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ وَقُلُوبَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ.

4

• {أَثْخَنتُمُوهُمْ} أي: أَكْثَرْتُمُ القتلَ فيهم. • {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} أي: فَأْسِرُوهُمْ، وَشُدُّوا وَثَاقَهَمْ حتى لا يَفْلِتُوا، والوَثَاقُ بفتحِ الواوِ وكسرِها: اسمٌ لما يُشَدُّ به الأَسْرَى مِنْ حَبْلٍ وَغَيْرِهِ. • {أَوْزَارَهَا} إلى أن يَضَعُوا أَسْلِحَتَهُمْ، وَأَصْلُ الوِزْرِ: ما يحمله الإنسانُ، وَسُمِّيَ السلاحُ وِزْرًا لأنه يُحْمَلُ.

6

• {عَرَّفَهَا لَهُمْ} أَيْ عرَّفَهُمْ مَنَازِلَهمْ فِيهَا.

15

• {آسِنٍ} المتغيرُ لِطُولِ المُكْثِ.

20

• {فَأَوْلَى لَهُمْ} أي: أَوْلَى لهم أن يَمْتَثِلُوا الأمرَ الواقعَ المحتمَ عليهم، وأجدرُ بهم طاعةً لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

24

• {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} أي: قَدْ أُغْلِقَ عَلَى ما فيها من الإعراضِ والغفلةِ والاعتراضِ، وَأُقْفِلَتْ فلا يَدْخُلُهَا خيرٌ أَبَدًا، هذا هُوَ الوَاقِعُ.

37

• {فَيُحْفِكُمْ} أي يُلِحُّ عَلَيْكُمْ، يقال: أَحْفَى بالمسألةِ وَأَلْحَفَ وَأَلَحَّ، بمعنًى وَاحِدٍ.

4

• {السَّكِينَةَ} الطُّمَأْنِينَةَ والسُّكُونَ والثباتَ عند نُزُولِ الِمحَنِ.

6

• {ظَنَّ السَّوْءِ} السَّوْءِ: ما يَسُوءُ الإِنْسَانَ مِنْ شرٍّ أو هَزِيمَةٍ. • {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} في الدنيا بِالذُّلِّ وَالهَوَانِ، وفي الآخِرَةِ بِجَهَنَّمَ، والدائرةُ عبارةٌ عَمَّا يُحِيطُ بالإنسانِ من المَصَائِبِ والشُّرُورِ.

9

• {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} أي: تُعَزِّرُوا الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - وَتُوَقِّرُوهُ، أي: تُعَظِّمُوهُ وَتُجِلّوهُ، وَتَقُومُوا بِحُقُوقِهِ، كما كانت له المنَّةُ العظيمةُ في رِقَابِكُمْ.

10

• {نَكَثَ} نَقَضَ عَهْدَهُ فلم يُقَاتِلْ مع الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين.

24

• {بِبَطْنِ مَكَّةَ} بِالحُدَيْبِيَةِ.

25

• {وَالهَدْيَ مَعْكُوفًا} مَحْبُوسًا أن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ في مَكَّةَ. • {مَعَرَّةٌ} إِثْمٌ وَشِدَّةٌ. • {لَوْ تَزَيَّلُوا} أي: لو تَمَيزَّ المؤمنون وزالوا مِنْ بَيْنَ أَظْهُرِ الكُفَّارِ.

26

• {الحَمِيَّةَ} الأَنَفَةُ المانِعَةُ من قَبُولِ الحَقِّ، ولذا مَنَعُوا الرسولَ وأصحابَه مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ.

29

• {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} أي: أَوْرَثَهُمُ السجودُ البهاءَ والخشوعَ والسَّمْتَ الحَسَنَ يُعْرَفُونَ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ. • {فَآزَرَهُ} أي: أَعَانَهُ وَقَوَّاهُ. • {فَاسْتَغْلَظَ} أي: غَلُظَ غِلَظًا شَدِيدًا في نَوْعِهِ، فَالسِّينُ والتَّاءُ للمبالغةِ مثل اسْتَجَابَ. • {عَلَى سُوقِهِ} عَلَى أصُولِهِ وَعِيدَانِهِ، جَمْعُ سَاقٍ.

3

• {يَغُضُّونَ} يَخْفِضُونَ.

11

• {وَلَا تَلْمِزُوا} لا تَعِيبُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا؛ فَإِنَّكُمْ كَفَرْدٍ وَاحِدٍ، واللَّمْزُ بالقولِ، والهَمْزُ بالفِعْلِ. • {وَلَا تَنَابَزُوا} لا يُعَيِّرْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَيُلَقِّبُهُ بِلَقَبٍ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ فيه، فالنَّبْزُ: اللقبُ، وأما الألقابُ غيرُ المَذْمُومَةِ فلا تَدْخُلُ في هذا. • {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} أي: بِئْسَمَا تَبَدَّلْتُمْ عن الإيمانِ والعملِ بِشَرَائِعِهِ، وما يقتضيهِ بالإعراضِ عن أوامرِه ونواهِيه، باسم الفسوقِ والعِصْيانِ، الَّذِي هُوَ التَّنَابُزُ بالألقابِ.

12

• {وَلَا تَجَسَّسُوا} لا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِ المسلمين وَمَعَايِبَهُمْ بالبحثِ عنها والاطلاعِ عليها.

14

• {لَا يَلِتْكُم} لا يُنْقِصُكُمْ.

17

• {يَمُنُّونَ} المَنُّ: ذِكْرُ الأَيَادِي تَعْرِيضًا للشُّكْرِ.

5

• {مَرِيجٍ} مُضْطَرِبٍ مُخْتَلِطٍ، فَتَارَةً يَقُولُونَ: سِحْرٌ، وَأُخْرَى شِعْرٌ، وَمَرَّةً أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ، فَهُمْ لحيرتهم لا يَسْتَقِرُّونَ عَلَى رَأْيٍ، قال بعض العلماء: مَنْ تَرَكَ الحقَّ مَرَجَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، والْتَبَسَ عَلَيْهِ دِينُهُ.

6

• {فُرُوجٍ} شُقُوقٍ.

9

• {حَبَّ الحَصِيدِ} ما يُحْصَدُ كالقَمْحِ والشَّعِيرِ، أصله: الحَبُّ الحَصِيدُ؛ كما يقال: مَسْجِدُ الجَامِعِ، ومثله: حَبْلُ الوَرِيدِ.

10

• {بَاسِقَاتٍ} طَوِيلَاتٍ. • {نَضِيدٌ} المنضودُ أي: مَنْضُودٌ بَعْضُهُ فوقَ بَعْضٍ، أي: مُصَفَّفٌ بَعْضُهُ فوقَ بَعْضٍ.

15

• {أَفَعَيِينَا} أَفَعَجِزْنَا.

18

• {عَتِيدٌ} حَاضِرٌ لا يَغِيبُ.

19

• {تَحِيدُ} ذلك الموتُ الَّذِي كُنْتَ تَفِرُّ مِنْهُ.

21

• {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} السائقُ: مَلَكٌ يَسُوقُ إلى المَحْشَرِ، وَالشَّهِيدُ: مَلَكٌ يَشْهَدُ بالعَمَلِ، وقيل: هذا في الكَافِرِ.

22

• {غِطَاءكَ} رَفَعْنَا عَنْكَ الحِجَابَ الَّذِي كان بَيْنَكَ وَبَيْنَ أُمُورِ الآخِرَةِ، وقيل: كُشِفَ الغِطَاءُ، وَبَانَ الخَفِيُّ وَاتَّضَحَ كُلّ شَيْءٍ.

23

• {قَرِينُهُ} مَلَكُهُ المُوَكَّلُ بِحِفْظِ أَعْمَالِهِ، فَكُلُّ إنسانٍ له مَلَكٌ عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، {عَتِيدٌ} حَاضِرٌ.

31

• {وَأُزْلِفَتِ} أي: أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ، فَالإِزْلَافُ: التَّقْرِيبُ مُشْتَقُّ مِنَ الزُّلَفِ بالتَّحْرِيكِ وَهُوَ القُرْبَى.

32

• {أَوَّابٍ} رجَّاعٍ إلى طاعةِ اللهِ.

36

• {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ} سَارُوا وَتَقَلَّبُوا فيها، وَسَلَكُوا كُلَّ طَرِيقٍ، والنَّقْبُ: الخرقُ والدخولُ في الشيء، والتَّنْقِيبُ: البحثُ والطلبُ. {مَحِيصٍ} مَهْرَبٌ يَهْرُبُونَ إليه.

38

• {لُغُوبٍ} تَعَبٌ.

41

• {المُنَادِ} إِسْرَافِيلُ، مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنَ الأَرْضِ.

1

• {وَالذَّارِيَاتِ} الرِّيَاحِ.

2

• {فَالحَامِلَاتِ} السُّحُبُ. • {وِقْرًا} الوِقْرُ: الحَمْلُ الثّقِيلُ.

3

• {فَالجَارِيَاتِ} السُّفُنُ. • {يُسْرًا} سُهُولَةً.

4

• {فَالمُقَسِّمَاتِ} المَلَائِكَةُ.

7

• {الحُبُكِ} أَقْسَمَ بالسماءِ صاحبةِ الخَلْقِ الحَسَنِ المستوي المُنَسَّقِ كتنسيقِ الزردِ المتشابكِ المتداخلِ الحلقاتِ، وقيل: ذاتُ الزينةِ بالنجومِ، وقيل: ذاتُ الطُّرُقِ التي تسيرُ فيها الكواكبُ، والحُبُكُ جَمْعُ حَبِيكَةٍ، قال «ابن الأعرابي»: كُلُّ شيءٍ أَحْكَمْتَهُ وَأَحْسَنْتَ عَمَلَهُ فَقَدِ احْتَبَكْتَهُ، يقال: حَبَكَ الثَّوْبَ يَحْبِكُهُ حَبْكًا؛ أي: أَجَادَ نَسْجَهُ.

10

• {الخَرَّاصُونَ} الكَاذِبُونَ الَّذِينَ يقولون بالخَرْصِ والكَذِبِ وَالظَّنِّ.

11

• {غَمْرَةٍ} لُجَّةٌ مِنَ الكُفْرِ وَالجَهْلِ والضَّلَالِ.

13

• {يُفْتَنُونَ} يُعَذَّبُونَ.

17

• {قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} الهُجُوعُ: النَّوْمُ لَيْلًا، أي: كان هُجُوعُهُمْ، أي: نَوْمُهُمْ بالليلِ قليلًا. وَأَمَّا أَكْثَرُ الليلِ فإنهم قَانِتُونَ لِرَبِّهِمْ، ما بَيْنَ صلاةٍ وقراءةٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ وَتَضَرُّعٍ.

18

• {وَبِالْأَسْحَارِ} التي هي قُبَيْلَ الفَجْرِ.

28

• {خِيفَةً} خَوْفًا.

29

• {فِي صَرَّةٍ} في صَيْحَةٍ شَدِيدَةٍ.

39

• {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} بِجُمُوعِهِ وَجُنُودِهِ الَّذِينَ يَتَقَوَّى بهم، والرُّكْنُ: ما يَرْكَنُ إليه الإنسانُ من مالٍ وَجُنْدٍ، ورُكْنُ الشيءِ: جَانِبُهُ الأَقْوَى، والرُّكْنُ: جَانِبُ البَدَنِ أَيْضًا.

40

• {مُلِيمٌ} آتٍ بما يُلَامُ عَلَيْهِ من الكُفْرِ والتَّكْذِيبِ وَدَعْوَى الرُّبُوبِيَّةِ.

42

• {كَالرَّمِيمِ} أي: كالرِّمَمِ الباليةِ، فالذي أَهْلَكَهُمْ عَلَى قُوَّتِهِمْ وَبَطْشِهِمْ، دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ قُوَّتِهِ وَاقْتِدَارِهِ، الَّذِي لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، المُنْتَقِمُ مِمَّنْ عَصَاهُ.

48

• {المَاهِدُونَ} الَّذِي مَهَدَ الأرضَ وَبَسَطَهَا.

59

• {ذَنُوبًا} أي: نَصِيبًا من العَذَابِ مِثْلَ نصيبِ نُظَرَائِهِمْ من كفارِ الأُمَمِ السالفةِ، قال «الجوهري»: الذَّنُوبُ: النَّصِيبُ، والذَّنُوبُ: الدَّلْوُ الملأى مَاءً.

1

• {وَالطُّورِ} الجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللهُ عَلَيْهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.

2

• {مَسْطُورٍ} مَكْتُوبٌ، أما اللوحُ المحفوظُ، أو القرآنُ يَكْتُبُهُ المؤمنون في المصاحفِ.

3

• {رَقٍّ مَّنشُورٍ} مَبْسُوطٌ وَمَفْتُوحٌ، والرَّقُّ: ما يُكْتَبُ فيه، وهو جِلْدٌ رَقِيقٌ، وَكُلّ صَحِيفَةٍ فهي رَقٌّ لِرِقَّةِ حَوَاشِيهَا.

4

• {المَعْمُورِ} تَعْمُرُهُ الملائكةُ وَيُعْبَدُ اللهُ فيه وهو البيتُ الَّذِي فَوْقَ السماءِ السابعةِ، مَعْمُورٌ مَدَى الأَوْقَاتِ، وقيل: بيتُ اللهِ الحرامِ الَّذِي يَأْتُونَ إليه في الحجِّ والعُمْرَةِ.

5

• {وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ} السَّمَاءُ.

6

• {وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ} المملوءُ المجموعُ مَاؤُهُ، وقيل: المُتَّقِدُ نَارًا.

9

• {تَمُورُ} تَتَحَرَّكُ.

13

• {يُدَعُّونَ} يُدْفَعُونَ بِعُنْفٍ.

18

• {فَاكِهِينَ} مُتَلَذِّذِينَ بِأَكْلِ الفَوَاكِهِ الكَثِيرَةِ.

21

• {أَلَتْنَاهُم} أَنْقَصْنَاهُمْ.

23

• {يَتَنَازَعُونَ} تَدُورُ كَأْسُ الرَّحِيقِ وَالخَمْرِ عليهم، وَيَتَعَاطَوْنَهَا فيما بينهم.

24

• {مَكْنُونٌ} مَصُونٌ.

26

• {مُشْفِقِينَ} خَائِفِينَ من عذابِ اللهِ.

27

• {عَذَابَ السَّمُومِ} أي: العذاب الحارّ الشديد حَرّهُ، قيل: سُمِّيَتِ الريحُ الحارَّةُ سَمُومًا؛ لأنها تَدْخُلُ المَسَامَّ.

30

• {رَيْبَ المَنُونِ} حَوَادِثُ الدَّهْرِ.

32

• {طَاغُونَ} مُتَجَاوِزُونَ الحَدَّ في الكُفْرِ.

37

• {المُصَيْطِرُونَ} المُتَسَلِّطُونَ عَلَى خَلْقِ اللهِ بالقَهْرِ والغَلَبَةِ.

40

• {مَغْرَمٍ} الغرامةُ وهي التزامُ الإنسانِ ما ليس عليه.

44

• {كِسْفًا} بَعْضًا، والكِسْفُ: جَمْعُ كِسْفَةٍ وهي القطعةُ من الشيءِ، وقيل: الكِسْفَةُ وَالْكِسْفُ وَاحِدٌ. • {مَرْكُومٌ} بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ.

1

• {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} أَقْسَمَ بالنجومِ إذا غَرَبَتْ، فالنجمُ هنا لفظُه واحدٌ، ومعناه الجمعُ، وَهَوِيُّهُ: غُرُوبُهُ، وقيل: المرادُ بالنجم الثّرَيَّا، والعربُ تسمي الثريا نَجْمًا.

2

• {مَا ضَلَّ} ما جَهِلَ. • {وَمَا غَوَى} ما عَانَدَ؛ لأن مخالفةَ الحقِّ إما أن تكون عن جهلٍ أو عن غَيٍّ.

5

• {شَدِيدُ الْقُوَى} صِفَةٌ لموصوفٍ محذوفٍ؛ أي: عَلَّمَهُ مَلَكٌ شَدِيدُ القُوَى وهو جِبْرِيلُ.

6

• {ذُو مِرَّةٍ} صَاحِبُ قُوَّةٍ.

14

• {سِدْرَةِ المُنْتَهَى} شَجْرَةٌ فَوْقَ السماءِ السابعةِ سُمِّيَتِ المنتهى؛ لأنه يَنْتَهِي إليها ما يَعْرُجُ من الأرضِ.

15

• {جَنَّةُ المَأْوَى} أي: الجنةُ الجامعةُ لكلِّ نَعِيمٍ، بحيث كانت مَحَلًّا تَنْتَهِي إليه الأَمَانِي، وترغبُ فيه الإراداتُ، وتأوي إليها الرغباتُ، وهذا دليلٌ عَلَى أن الجنةَ في أعلى الأماكنِ، وفوقَ السماءِ السابعةِ.

17

• {مَا زَاغَ الْبَصَرُ} مَا مَالَ، أي: ما زَاغَ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً عن مَقْصُودِهِ. • {وَمَا طَغَى} أي: وما تَجَاوَزَ البَصَرَ، وهذا كمالُ الأدبِ منه - صلى الله عليه وسلم - أن قَامَ مَقَامًا أَقَامَهُ اللهُ فيه ولم يُقَصِّرْ عنه ولَا تَجَاوَزَهُ، وَلَا حَادَ عَنْهُ.

18

• {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} من الجنةِ والنارِ وغيرِ ذلك من الآياتِ التي رآها - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ أُسْرِيَ به.

22

• {ضِيزَى} جَائِرَةٌ عن العَدْلِ، خَارِجَةٌ عن الصَّوَابِ، حيث جَعَلْتُمْ لِرَبِّكُمْ ما تَكْرَهُونَ لِأَنْفُسِكُمْ، وهذا توبيخٌ لهم عَلَى صَنِيعِهِمْ، يقال: ضَازَ في الحُكْمِ أي: جَارَ.

28

• {الظَّنَّ} الظَّنُّ هنا الوَهْمُ الكَاذِبُ.

30

• {ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِنَ الْعِلْمِ} المُشَارُ إليه كَوْنُهُمْ مُعْرِضِينَ لا يُرِيدُونَ إلا الحياةَ الدنيا، فهذا مُنْتَهَى عِلْمِهِمْ وَغَايَتُهُ، فلا يَلْتَفِتُونَ إلى أَمْرِ الدِّينِ.

32

• {إِلَّا اللَّمَمَ} وهي الذنوبُ الصغارُ التي لا يُصِرُّ عليها صاحبُها، أو التي يُلِمُّ العبدُ بها المرةَ بعد المرةِ، عَلَى وجهِ النُّدْرَةِ وَالقِلَّةِ، فهذه ليس مجردُ الإِقْدَامِ عليها مُخْرِجًا للعبدِ من أن يكون من المُحْسِنِينَ، فإن هذه مع الإتيانِ بالواجباتِ وَتَرْكِ المُحَرَّمَاتِ تدخلُ تحتَ مغفرةِ اللهِ التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.

34

• {وَأَكْدَى} قَطَعَ عَطِيَّتَهُ وَأَمْسَكَ.

43

• {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} أي: هُوَ الَّذِي أَوْجَدَ أَسْبَابَ الضَّحِكِ والبُكَاءِ، وهو الخيرُ والشرُّ، والفرحُ والسرورُ، والهمُّ والحُزْنُ، وهو سبحانه له الحكمةُ البالغةُ في ذلك.

44

• {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} أي: هُوَ المُنْفَرِدُ بالإيجادِ والإعدامِ، والذي أَوْجَدَ الخَلْقَ وَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ، سَيُعِيدُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَيُجَازِيهِمْ بتلك الأعمالِ التي عَمِلُوهَا في دارِ الدنيا.

48

• {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} أي: أَغْنَى العبادَ بتيسيرِ أَمْرِ مَعَاشِهِمْ من التجاراتِ وأنواعِ المكاسبِ مِنَ الحِرَفِ وغيرِها، وَأَقْنَى؛ أي: أَفَادَ عِبَادَهُ من الأموالِ بجميعِ أنواعِها ما يَصِيرُونَ به مُقْتَنِينَ لها، وَمَالِكِينَ لكثيرٍ من الأَعْيَانِ.

49

• {الشِّعْرَى} اسْمُ نَجْمٍ.

53

• {وَالمُؤْتَفِكَةَ} صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، أي القرى المؤتفكةَ وهي قُرَى قَوْمِ لُوطٍ. • {أَهْوَى} أَسْقَطَهَا بِهِمْ.

57

• {أَزِفَتْ الْآزِفَةُ} قَرُبَتِ القِيَامَةُ.

61

• {سَامِدُونَ} لَاهُونَ غَافِلُونَ عَمَّا يُطْلَبُ مِنْكُمْ، والسُّمُودُ: اللَّهْوُ، والسَّامِدُ: اللَّاهِي.

4

• {مُزْدَجَرٌ} ما فيه زَجْرٌ لهم عن الكُفْرِ لو قَبِلُوهُ، وَمُزْدَجَرٌ: مِنَ الزَّجْرِ: يقال: زَجَرَهُ وَازْدَجَرَهُ فَانْزَجَرَ وَازْدَجَرَ، أي: كَفَّهُ فَكَفَّ.

6

• {نُكُرٍ} يَوْمَ يَدْعُو دَاعِي القيامةِ إلى شيءٍ نُكُرٍ، أي: أَمْرٍ فَظِيعٍ تُنْكِرُهُ الخليقةُ، فَلَا شَيْءَ أَنْكَرَ عَلَى النفوسِ من ذلك اليومِ.

8

• {مُهْطِعِينَ} مُسْرِعِينَ إلى الداعي وهو إِسْرَافِيلُ.

9

• {وَازْدُجِرَ} أَيْ: زَجَرُوهُ عن أداءِ رسالتِه بالشتمِ والتهديدِ.

11

• {مُنْهَمِرٍ} أي كثيرٌ سريعُ الانْصِبَابِ.

13

• {دُسُرٍ} مَسَامِيرَ.

19

• {صَرْصَرًا} أَيْ: رِيحٌ ذَاتُ صَرِيرٍ لِقُوَّتِهَا وَشِدَّتِهَا، وقيل: شَدِيدَةُ البرودةِ.

20

• {تَنزِعُ النَّاسَ} مِنْ شِدَّتِهَا، فَتَرْفَعُهُمْ إِلَى جَوِّ السَّمَاءِ، ثم تَدْفَعُهُمْ بالأرضِ فَتُهْلِكهُمْ. • {مُنقَعِرٍ} مُنْقَطِعٌ مِنْ مَكَانِهِ سَاقِطٌ عَلَى الأَرْضِ، وَشَبَّهَهُمْ بِأَعْجَازِ النَّخْلِ لطُولِ أَجْسَامِهِمْ وَقُوَّةِ أَبْدَانِهِمْ.

23

• {النُّذُرِ} جمع نَذِيرٍ وهو الرَّسُولُ، وقيل: هي الآيَاتُ.

25

• {أَشِرٌ} مُتَكَبِّرٌ بَطِرٌ، أي: ليس كما يَدَّعِيهِ، وإنما يريدُ أن يلتمسَ التكبرَ علينا، والأَشر: المَرَحُ والتَّجَبُّرُ، أو كثيرُ الكذبِ والشرِّ.

28

• {مُحْتَضَرٌ} أي: كلُّ نَصِيبٍ من الماءِ يحضرُه مَنْ كَانَتْ نَوْبَتُهُ، فالناقةُ تَحْضُرُ الماءَ يومَ وِرْدِهَا، وهم يَحْضُرُونَهُ يومَ وِرْدِهِمْ، فَمَلَّتْ ثَمُودُ هذه القسمةَ.

31

• {كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ} وَالمُحْتَظِرُ: هُوَ الرجلُ الَّذِي يَجْعَلُ لِغَنَمِهِ حظيرةً من الشجرِ والشَّوْكِ، فما سَقَطَ من ذلك وَدَاسَتْهُ الغنمُ فهو الهشيمُ، والمعنى كأنهم هلكوا من أَمَدٍ بَعِيدٍ.

34

• {حَاصِبًا} أي: رَيِحًا تَرْمِيهِمْ بالحَصْبَاءِ وهي الحَصَى.

36

• {فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} تَشَكَّكُوا فيه ولم يُؤْمِنُوا به.

37

• {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} صَيَّرْنَا أَعْيُنَهُمْ مَمْسُوحَةً فلا يُبْصِرُونَ.

43

• {فِي الزُّبُرِ} في الكُتُبِ التي أَنْزَلَها عَلَى الأَنْبِيَاءِ.

51

• {أَشْيَاعَكُمْ} أَشْبَاهَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ السابقين الَّذِينَ كَذَّبُوا كما كَذَّبْتُمْ.

4

• {الْبَيَانَ} الإعرابَ عَمَّا في النفسِ نُطْقًا وَكِتَابَةً.

6

• {النَّجْمُ} وهو ما لا سَاقَ له من النباتِ، واشْتِقَاقُ النجمِ من النجوم، وهو الطُّلُوعُ وَالظُّهُورُ. • {وَالشَّجَرُ} ما له سَاقٌ.

11

• {الْأَكْمَامِ} جَمْعُ كُمٍّ وهو غلافُ الثمرةِ.

12

• {الْعَصْفِ} التِّبْنُ، وقيل: وَرَقُ الشجرِ والزرعِ. • {الرَّيْحَانُ} الريحانُ المعروفُ الَّذِي يُشَمُّ وهو ذو رائحةٍ طَيِّبَةٍ.

14

• {صَلْصَالٍ} طِينٌ يَابِسٌ له صَلْصَلَةٌ: أي صوتٌ إذا نُقِرَ. • {كَالْفَخَّارِ} أي الطينِ المطبوخِ بالنارِ، وَيُسَمَّى بالخَزَفِ.

15

• {مَارِجٍ} أي اللهبُ الخالصُ الَّذِي لا دُخَانَ فيه.

19

• {مَرَجَ} المَرْجُ: الإرسالُ كقوله: مَرَجَ الدَّابَّةَ أَرْسَلَهَا تَرْعَى، والمعنى أَرْسَلَ البَحْرَيْنِ.

20

• {بَرْزَخٌ} حَاجِزٌ.

24

• {لَهُ الجَوَارِ} السُّفُنُ الجَارِيَةُ.

35

• {شُوَاظٌ} اللهبُ الَّذِي لا يُخَالِطُهُ دخانٌ؛ لأنه قد كَمُلَ اشْتِعَالُهُ وذلك أَشَدُّ إِحْرَاقًا.

37

• {فَكَانَتْ وَرْدَةً} أي أن السماءَ كانت كالوردةِ الحمراءِ في اللون. • {كَالدِّهَانِ} الدِّهَانُ: ما يُدْهَنُ به من زيتٍ وَنَحْوِهِ.

44

• {آنٍ} الَّذِي انتهى حَرُّهُ وَاشْتَدَّ وَبَلَغَ حَدًّا لا مزيدَ عليه.

48

• {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} ذَوَاتَا مُثَنَّى ذَاتٍ، بمعنى صاحبة، وَالأَفْنَانُ جَمْعُ فَنَنٍ بفتحتين وهو الغصن، والمقصودُ هنا أفنانٌ عظيمةٌ كثيرةٌ.

54

• {جَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ} أي: وَمَا يُجْنَى من ثمارِ الجنةِ قَرِيبُ التَّنَاوُلِ.

64

• {مُدْهَامَّتَانِ} سَوْدَاوَانِ مِنْ رَيِّهمَا، وشدةِ خُضْرَتِهِمَا؛ لأن الخضرةَ إذا اشْتَدَّتْ ضَرَبَتْ إلى السوادِ.

66

• {نَضَّاخَتَانِ} تَفُورَانِ بالماءِ.

76

• {عَلَى رَفْرَفٍ} رِيَاضٍ، أو: بُسُطٍ، أو: وَسَائِدَ. • {وَعَبْقَرِيٍّ} العَبْقَرِيُّ عند العربِ: كُلُّ جليلٍ فاضلٍ فَاخِرٍ من الرجالِ والنساءِ أو الأشياءِ، وَعَبْقَرٌ مَوْضِعٌ تَزْعُمُ العربُ أنه من أرضِ الجنِّ، ثم نسبوا إليه كلَّ شيء تعجبوا من حَذْقِهِ وجودةِ صَنْعَتِهِ وقوته، ولهذا ذَكَرَ المفسرون أن العبقريَّ هُوَ الفُرُشُ الجيدةُ، ولهذا يسمى الجيدُ من كل شيء عَبْقَرِيًّا.

4

• {رُجَّتِ} حُرِّكَتْ وَزُلْزِلَتْ.

5

• {وَبُسَّتِ} فُتَّتْ.

6

• {هَبَاء} الهَبَاءُ: ما يلوحُ في خيوطِ شعاعِ الشمسِ من دقيقِ الغُبَارِ.

13

• {ثُلَّةٌ} جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ.

15

• {مَوْضُونَةٍ} مَنْسُوجَةٌ بِالذَّهَبِ، وقيل: مَصْفُوفَةٌ.

18

• {مَعِينٍ} جَارِيَةٌ مِنْ نَهْرٍ لا يَنْقَطِعُ أَبَدًا.

28

• {مَخْضُودٍ} بِلَا شَوْكٍ.

29

• {وَطَلْحٍ} أي مَوْزٍ. • {مَنضُودٍ} مُتَرَاكِمٌ.

30

• {مَمْدُودٍ} دَائِمٌ.

37

• {عُرُبًا} جَمْعُ عَرُوبٍ، والعَرُوبُ: المُتَحَبِّبَةُ إلى زَوْجِهَا، ويقال: العاشقةُ لزوجِها الحَسَنَةُ التَّبَعُّلِ. • {أَتْرَابًا} عَلَى سِنٍّ وَاحِدٍ لا تَخْتَلِفُ.

42

• {سَمُومٍ} حَرُّ النَّارِ.

43

• {يَحْمُومٍ} دُخَانٌ أَسْوَدُ.

46

• {الْحِنثِ الْعَظِيمِ} الذَّنْبُ العَظِيمُ، وهو الشِّرْكُ.

52

• {زَقُّومٍ} شَجَرٌ كَرِيهُ المَنْظَرِ كَرِيهُ الطَّعْمِ.

55

• {الْهِيمِ} الإبلُ العِطَاشُ، والهُيَامُ: داءٌ تشرب معه الإبلُ فلا تَرْوَى.

60

• {بِمَسْبُوقِينَ} بِعَاجِزِينَ وَمَغْلُوبِينَ، بل نَحْنُ قَادِرُونَ.

65

• {تَفَكَّهُونَ} تَتَعَجَّبُونَ.

66

• {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} لَحِقَنَا الغُرْمُ بهذا الزرعِ الَّذِي صَارَ حُطَامًا.

69

• {المُزْنِ} السَّحَابُ.

73

• {لِلْمُقْوِينَ} للمُسَافِرِينَ، سُمُّو بذلك لنزولهم القِوَى، وهي الأرضُ القَفْرُ الخاليةُ البعيدةُ من العمرانِ، وخَصَّ المُقِوِينَ لأنهم أكثرُ انْتِفَاعًا بالنارِ من المقيمين، فَهُمْ يَسْتَدْفِئُونَ بها، وَيُنْضِجُونَ الطعامَ عليها، وَيَطْرُدُونَ السِّبَاعَ، وَيَهْدُونَ الضَّالَّ إلى غيرِ ذلك من المنافعِ.

81

• {مُدْهِنُونَ} مُكذِّبُونَ، والمُدْهِنُ والمُدَاهِنُ: الكذابُ والمنافقُ، والإدهانُ: الجريُ في الباطلِ عَلَى خلافِ الظاهرِ.

7

• {مُسْتَخْلَفِينَ} جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ في التَّصَرُّفِ فيه، فالله هُوَ الَّذِي مَلَّكَكُمْ هذا المالَ.

8

• {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ} حين أَخْرَجَكُمْ من ظَهْرِ آدَمَ في عالَم الذَّرِّ عَلَى القولِ بصحةِ الحديثِ، وَصَحَّحَ بعضُ أهلِ التفسيرِ أن الميثاقَ هُوَ الفطرةُ والعقلُ والفهمُ الَّذِي نُدْرِكُ به ما يَنْفَعُنَا وَيَضُرُّنَا.

10

• {وَلِلهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} كلُّ ما في السماواتِ والأرضِ راجعٌ إلى اللهِ بانقراضِ العالَم كرجوعِ الميراثِ إلى الوارثِ، ولا يَبْقَى لهم منه شيءٌ.

13

• {بِسُورٍ} أي: حَائِطٌ مَنِيعٌ، وحصنٌ حَصِينٌ.

14

• {فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} أي بالنفاقِ والكُفْرِ. • {وَتَرَبَّصْتُمْ} انْتَظَرْتُمْ بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ معه الدَّوَائِرَ.

16

• {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} ألم يَحِنِ الوقتُ لخشوعِ قُلُوبِهِمْ. • {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} طَالَ عليهم الزمانُ بَعْدَ أَنْبِيَائِهِمْ فَنَسُوا ما ذُكِّرُوا به.

20

• {وَزِينَةٌ} أي: تَزَيُّنٌ في اللباسِ والطعامِ والشرابِ والمراكبِ والدُّورِ والقُصُورِ والجَاهِ وغيرِ ذلك. • {وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} أي: كَلُّ وَاحِدٍ من أهلها يُرِيدُ مفاخرةَ الدنيا، وَأَنْ يكونَ هُوَ الغالبَ في أُمُورِهَا، والذي له الشهرةُ في أحوالها. • {وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} أي: كلٌّ يُرِيدُ أن يكونَ هُوَ الكاثِرَ لغيرِه، في المالِ والولدِ. • {ثُمَّ يَهِيجُ} يَيْبَسُ وَيَجِفُّ.

25

• {وَالْمِيزَانَ} وهو العدلُ في الأقوالِ والأفعالِ.

28

• {كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} يُؤْتِكُمْ مِثْلَيْنِ من الأَجْرِ عَلَى إيمانكم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وإيمانكم بِمَنْ قَبْلَهُ، والكِفْلُ: الحظُّ والنَّصِيبُ.

5

• {يُحَادُّونَ} المُحَادَّةُ: المُشَاقَّةُ وَالمُعَادَاةُ. • {كُبِتُوا} أُهْلِكُوا، وقيل: لُعِنُوا.

7

• {نَجْوَى} النَّجْوَى: التَّحَدُّثُ سِرًّا.

11

• {انشُزُوا} قُومُوا.

13

• {أَأَشْفَقْتُمْ} الإِشْفَاقُ: الخوفُ مِنَ المَكْرُوهِ.

14

• {قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِم} نَزَلَتْ في المنافقين، وذلك أنهم تَوَلَّوُا اليهودَ.

19

• {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} اسْتَوْلَى عليهم وَزَيَّنَ لهم أَعْمَالَهُمْ، وَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ.

22

• {مَنْ حَادَّ اللهَ} عَادَاهُ وَخَالَفَهُ. • {بِرُوحٍ مِّنْهُ} بِتَوْفِيقٍ وَنَصْرٍ وَتَأْيِيدٍ، وَقِيلَ: بِالْقُرْآنِ، وقيل: بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السلامُ.

2

• {لِأَوَّلِ الحَشْرِ} لأَوَّلِ مَوْضِعِ الحَشْرِ وهو الشَّامُ، وذلك أن أكثرَ بَنِي النَّضِيرِ خَرَجُوا إلى الشامِ، وقيل: المرادُ الجَلَاءُ مِنْ أَرْضِهِمْ، وَإِخْرَاجُهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ هُوَ أَوَّلُ الحَشْرِ. • {يُخْرِبُونَ} يَهْدِمُونَ. • {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} فَاتَّعِظُوا بما نَزَلَ بهم يا ذَوِي البَصَائِرِ السَّلِيمَةِ والعقولِ الراجحةِ؛ فإن السعيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.

3

• {الجَلَاءَ} الخُرُوجَ مِنْ أَوْطَانِهِمْ.

4

• {شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ} عَادَوْهُمَا وَحَارَبُوهُمَا، وَسَعَوْا في مَعْصِيَتِهِمَا.

5

• {لِينَةٍ} اللِّينَةُ: كُلُّ نَخْلَةٍ سوى العَجْوَةِ، والجمعُ اللِّينُ، وقيل: اللِّينَةُ وَالنَّخْلَةُ اسْمَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

6

• {مَا أَفَاءَ} مَا رَدَّ اللهُ وَأُرْجِعَ لِيَدِ رَسُولِهِ مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ. {أَوْجَفْتُمْ} من الإِيجَافِ، وهو السَّيْرُ السَّرِيعُ.

7

• {دُولَةً} مُتَدَاوَلًا بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ.

9

• {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} أي: الأنصارُ الَّذِينَ نَزَلُوا المدينةَ وأَلِفُوا الإيمانَ بعدما اخْتَارُوهُ عَلَى الكُفْرِ. • {خَصَاصَةٌ} حاجةٌ مَاسَّةٌ لما بِأَيْدِيهِمْ. • {شُحَّ نَفْسِهِ} الشحُّ: لُؤْمُ النَّفْسِ، وَيَلْزَمُ منه البخلُ مع الحرصِ، وقيل: البُخْلُ والشُّحُّ سَوَاءٌ.

10

• {غِلًّا} الغِلُّ: الحَسَدُ وَالْبُغْضُ.

12

• {لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ} لَيَفرُّنَّ جميعًا مُنْهَزِمِينَ، ولا ينفعهم نَصْرُ بعضِهم لبعض.

15

• {وَبَالَ أَمْرِهِمْ} لَاقَوْا سوءَ عاقبةِ كُفْرِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

19

• {نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ} نَسُوا ذِكْرَ اللهِ وَحَقَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عليهم فَأَنْسَاهُمْ حَظَّ أَنْفُسِهِمْ مِنَ الخَيْرِ.

21

• {مُّتَصَدِّعًا} مُتَشَقِّقًا مُنْفَطِرًا.

22

• {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} عَالِمُ السِّرِّ والعَلَانِيَةِ.

23

• {المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ}: • {الْقُدُّوسُ} المُنَزَّهُ السالمُ من عيبٍ ونقصٍ، المُعَظَّمُ المُمَجَّدُ؛ لأن القُدُّوسَ يدل عَلَى التنزيهِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ، والتعظيمُ للهِ في أوصافِه وَجَلَالِهِ. • {السَّلَامُ} ذو السَّلَامَةِ الَّذِي سَلِمَ من كُلِّ عَيْبٍ، وَبَرِئَ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ. • {المُؤْمِنُ} المُصَدِّقُ لِرُسُلِهِ وأنبيائه بما جاءوا به بالآياتِ البَيِّنَاتِ. • {المُهَيْمِنُ} الشهيدُ عَلَى عِبَادِهِ بأعمالهم، الرقيبُ عليهم. • {الْعَزِيزُ} الَّذِي لا يُغالَبُ ولا يُمانَعُ، بل قد قَهَرَ كُلَّ شيء، وَخَضَعَ له كُلُّ شَيْءٍ. • {الجَبَّارُ} الَّذِي قَهَرَ جَمِيعَ العِبَادِ، وَأَذْعَنَ له سائرُ الخَلْقِ، الَّذِي يَجْبُرُ الكَسْرَ، ويُغْنِي الفَقِيرَ. • {المُتَكَبِّرُ} الذي له الكبرياءُ والعظمةُ، المتنزهُ عن جميعِ العيوبِ والظُّلْمِ والجَوْرِ.

24

• {الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ}: • {الخَالِقُ} لِجَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ. • {الْبَارِئُ} لِلْمَبْرُوآتِ. • {المُصَوِّرُ} للمُصَوَّرَاتِ، وهذه الأسماءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالخَلْقِ والتَّدْبِيرِ والتَّقْدِيرِ، وَإِنَّ ذلك كُلَّهُ قد انْفَرَدَ اللهُ به فلم يُشَارِكْهُ فيه مُشَارِكٌ.

2

• {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ} إِنْ يَظْفَرُوا بِكُمْ وَيَتَمَكَّنُوا مِنْكُمْ. • {يَبْسُطُوا} يَمُدُّوا.

3

• {يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} يفْرقُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِكُمْ يومَ القيامةِ، وقيل: يَحْكُمُ بينكم فَيُدْخِلُ المؤمنَ الجنةَ وَيُدْخِلُ الكَافِرَ النَّارَ.

4

• {إنا بُرآؤُا} أَبْرِيَاءُ جَمْعُ بَرِيءٍ. • {إِلَيْكَ أَنَبْنَا} رَجَعْنَا بالعبادةِ والطاعةِ. • {إِلَيْكَ المَصِيرُ} المرجعُ والمآبُ في الآخرةِ.

5

• {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} لا تُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَنَا عن دِينِنَا، أو لا تَنْصُرْهُمْ علينا فيقولوا: غَلَبْنَاهُمْ؛ لأنهم عَلَى باطلٍ وَيَزْدَادُوا كُفْرًا وَطُغْيَانًا.

8

• {تَبَرُّوهُمْ} تُكْرِمُوهُمْ وَتُحْسِنُوا إليهم قَوْلًا وَفِعْلًا.

9

• {وَظَاهَرُوا} عَاوَنُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ. • {أَن تَوَلَّوْهُمْ} أن تَتَّخِذُوهُمْ أولياءَ وَأَنْصَارًا.

10

• {فَامْتَحِنُوهُنَّ} فَاخْتَبِرُوهُنَّ لِتَعْلَمُوا مَدَى رَغْبَتِهِنَّ في الإِسْلَامِ. فقيل: كُنَّ يُسْتَحْلَفْنَ باللهِ مَا خَرَجْنَ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، ولا رغبةً من أرضٍ إلى أرضٍ، ولا لالتماسِ دُنْيَا، بل حُبًّا للهِ وَرَسُولِهِ، ورغبةً في دِينِهِ. • {وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا} رُدُّوا عَلَى الأزواجِ الكفارِ مَا أَنْفَقُوا عَلَى زَوْجَاتِهِمْ المؤمناتِ إذا طَالَبُوا بذلك وهو المَهْرُ الَّذِي أَنْفَقُوهُ، وَهَذَا مِنَ الوَفَاءِ بالعهدِ وَمَكَارِمِ الأخلاقِ في الإسلامِ. • {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} بِعُقُودِ الكَوَافِرِ، وَالْعِصَمُ مُفْرَدُهَا عِصْمَةٌ.

11

• {وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} بِأَنِ ارْتَدَّتِ المُسْلِمَةُ فَرَجَعَتْ إلى دارِ الكُفْرِ، ولو أَهْل كتاب، ولم يُعْطُوكُمُ المهورَ التي دَفَعْتُمْ لهنَّ. • {فَعَاقَبْتُمْ} أَصَبْتُمْ عُقْبَى مِنْهُنَّ، أي: صَارَ الأمرُ إليكم بَعْدَهُنَّ، وَغَزَوْتُمْ وَغَنِمْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ.

12

• {يُبَايِعْنَكَ} أي: قَاصِدَاتٍ لمُبَايَعَتِكَ عَلَى الإسلامِ. • {بِبُهْتَانٍ} أي: الكَذِبُ. • {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} أي: لَا يُلْحِقْنَ بِأَزْوَاجِهِنَّ أَوْلَادًا لَيْسُوا مِنْهُمْ. • {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} أي: في كلِّ ما هُوَ طاعةٌ لله كالنَّهْيِ عن النَّوْحِ، وتمزيقِ الثيابِ، وجزِّ الشَّعْرِ، وَشَقِّ الجَيْبِ، وَخَمْشِ الوجوهِ والدعاءِ بِدَعْوَى الجاهليةِ.

13

• {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} كَيَأْسِهِمْ مِنْ بَعْثِ مَوْتَاهُمْ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ البَعْثِ.

3

• {مَقْتًا} المَقْتُ هُوَ أَشَدُّ البُغْضِ.

4

• {صَفًّا} أي: يَصُفُّونَ أَنْفُسَهُمْ صَفًّا عندَ القِتَالِ، وَلَا يَزُولُونَ عن أماكنهم عند النِّزَالِ.

5

• {زَاغُوا} عَدَلُوا وَجَارُوا عن قَصْدِ السَّبِيلِ.

6

• {اسْمُهُ أَحْمَدُ} اسمُ نَبِينَا - صلى الله عليه وسلم - وَتَفْسِيرُهُ في الأصلِ الَّذِي يُحْمَدُ بما فِيهِ من خصالِ الخيرِ أكثرَ مما يُحْمَدُ غَيْرُهُ. • {سِحْرٌ مُّبِينٌ} خِدَاعٌ وَتَضْلِيلٌ وَاضِحٌ بَيِّنٌ.

13

• {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا} وَلَكُمْ تِجَارَةٌ أُخْرَى في العَاجِلِ مع الثَّوَابِ الآجِلِ أو يُعْطِكُمْ نِعْمَةً أُخْرَى تَشْتَهُونَهَا.

14

• {أَنصَارَ اللهِ} الأنصارُ جَمْعُ نَصِيرٍ وهو الناصرُ شديدُ النُّصْرَةِ. • {لِلْحَوَارِيِّينَ} الحَوَارِيُّونَ: أَتْبَاعُ عِيسَى وَأَصْفِيَاؤُهُ، جَمْعُ حَوَارِيٍّ، وَهُوَ صَفِيُّ الرَّجُلِ وَخَاصَّتُهُ، وقيل: سُمُّوا بالحواريين لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ. • {ظَاهِرِينَ} غَالِبِينَ بالحُجَّةِ والبُرْهَانِ.

2

• {الْأُمِّيِّينَ} أي: العربَ، وَسُمُّوا بذلك؛ لأنه لم يَنْزِلْ عليهم كتابٌ. • {يُزَكِّيهِمْ} يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ الكُفْرِ. • {الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} القرآنَ والسُّنَّةَ والفِقْهَ في الدين.

3

• {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} وَبَعَثَهُ اللهُ في غيرِ العربِ من المؤمنين إلى يومِ القيامةِ؛ لأن رسالتَه عَامَّةٌ إلى جميعِ البشرِ.

5

• {حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} أي: كُلِّفُوا عِلْمَهَا والعَمَلَ بِمَا فِيهَا. • {أَسْفَارًا} وَاحِدُهُ سِفْرٌ وهو الكتابُ الكبيرُ، وَسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنه يُسْفِرُ عَنِ المَعْنَى إِذَا قُرِئَ.

6

• {هَادُوا} تَهَوَّدُوا.

8

• {فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} لم يَقُلْ: مُدْرِكُكُمْ؛ تَأْكِيدًا في أنه لا خلاصَ منه ولا فَوْتَ.

9

• {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} فَامْضُوا إلى ذِكْرِ اللهِ، وصلاةِ الجمعةِ، وسماعِ الخطبةِ، وليس المرادُ مِنَ السَّعْيِ الإسراعَ في المَشْيِ.

11

• {انفَضُّوا} انْصَرَفُوا. • {تَرَكُوكَ قَائِمًا} أي: عَلَى المِنْبَرِ تَخْطُبُ ليس مَعَكَ إلا قليلٌ مِنْهُمْ.

2

• {جُنَّةً} يَسْتَتِرُونَ بها وَيَمْنَعُونَ بها أَنْفُسَهُمْ وَذَرَارِيَهُمْ وَأَمْوَالهَمْ.

3

• {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي: خُتِمَ عَلَيْهَا بسببِ كُفْرِهِمْ فلا يَدْخُلُهَا إيمانٌ بَعْدَ ذلك.

4

• {تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} هَيْئَاتُهُمْ وَمَنَاظِرُهُمْ تُعْجِبُ مَنْ يَرَاهَا لما فيها من النَّضَارَةِ والرَّوْنَقِ. • {خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} لَا حَرَكَةَ فيها ولا مَنْفَعَةَ، وَلَا يُنَالُ منها إلا الضررُ المحضُ. • {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} كانوا إذا سَمِعُوا صَيْحَةً ظَنُّوا أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، ممَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ قُلُوبِهِمْ وَرَيْبِهَا. • {هُمُ الْعَدُوُّ} لأن العَدُوَّ البارزَ المتميزَ أهونُ من الْعَدُوِّ الذي لا يُشْعَرُ به، وهو مُخَادِعٌ مَاكِرٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَلِيٌّ، وَهُوَ العَدُوُّ المُبِينُ. • {قَاتَلَهُمُ اللهُ} أي: لَعَنَهُمْ أو هُوَ تَعْلِيمٌ للمؤمنين أن يقولوا ذلك. • {أَنَّى يُؤْفَكُونَ}: كيف يُصْرَفُونَ عَنْ دِينِ اللهِ بعدما تَبَيَّنَتْ أَدِلَّتُهُ وَاتَّضَحَتْ مَعَالِمُهُ إلى الكُفْرِ.

5

• {لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ} أي: حَرَّكُوهَا اسْتِهْزَاءً بذلك وَرَغْبَةً عن الاستغفارِ.

7

• {حَتَّى يَنفَضُّوا} يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ. • {وَلِلهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: بِيَدِهِ مفاتيحُ الرزقِ وهو يُعْطِي وَيَقْسِمُ ما يَشَاءُ لِعِبَادِهِ، ولا يَقْدِرُ أَحَدٌ أن يَحْرِمَ أَحَدًا نَصِيبَهُ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ له.

8

• {الْعِزَّةُ} الغَلَبَةُ والقُوَّةُ.

3

• {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} أي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَهُمْ في أَكْمَلِ صُورَةٍ وَأَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَأَجْمَلِ شَكْلٍ.

4

• {وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي: بما في قلوبكم من الأسرارِ والمعتقداتِ والأحاديثِ الخَفِيَّةِ.

5

• {وَبَالَ أَمْرِهِمْ} الوَبَالُ: الثِّقَلُ وَالشِّدَّةُ، وهو ما أُصِيبُوا به من عذابِ الدنيا.

9

• {التَّغَابُنِ} يَغْبِنُ فيه أهلُ المحشرِ بعضُهم بَعْضًا، فيَغْبِنُ فيه أهلُ الحقِّ أهلَ الباطلِ، ولا غَبْنَ أَعْظَمَ مِنْ غَبْنِ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ.

10

• {وَبِئْسَ المَصِيرُ} المرجعُ والمآبُ؛ لأنها جَمَعَتْ كُلَّ بُؤْسٍ وَشِدَّةٍ وَشَقَاءٍ وَعَذَابٍ.

11

• {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} وَهَذَا عَامٌّ لجميعِ المصائبِ في النَّفْسِ والمالِ والولدِ وَنَحْوِهِمْ. فجميعُ ما أَصَابَ العبادَ بقضاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ قَدْ سَبَقَ ذلك عِلْم اللهِ، وَجَرَى به قَلَمُهُ، وَنَفَذَتْ مَشِيئَتُهُ، واقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ.

14

• {وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا} لأن الجزاءَ من جِنْسِ العَمَلِ، فَمَنْ عَفَا عَفَا اللهُ عنه، وَمَنْ صَفَحَ صَفَحَ اللهُ عنه، وَمَنْ عَامَلَ اللهَ فيما يُحِبُّ وَعَامَلَ عِبَادَهُ فيما يُحِبُّونَ وَيَنْفَعُهُمْ نَالَ مَحَبَّةَ اللهِ وَمَحَبَّةَ عِبَادِهِ وَاسْتَوْثَقَ له أَمْرُهُ.

1

• {طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي: لأجلِ عِدَّتِهِنَّ بأن يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا وهي طاهرةٌ في طُهْرٍ لم يُجَامِعْهَا فيه، فهذا الطلاقُ هُوَ الَّذِي تكونُ العدةُ فيه واضحةً بَيِّنَةً. • {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} الإحصاءُ: مَعْرِفَةُ العَدِّ وَضَبْطُهُ، وهو مُشْتَقٌّ من الحَصَى وهي صِغَارُ الحِجَارَةِ. • {بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} إلا أن يَفْحَشْنَ عليكم فُحْشًا بَيِّنًا بالعصيانِ وسوءِ المعاملةِ وَمُنْكَرِ القَوْلِ، فلا سُكْنَى لهن عَلَيْكُمْ، وقيل: المرادُ الزِّنَا، وقيل: جَمِيعُ المعَاصِي من القَذْفِ وَالزِّنَا وَغَيْرِهَا. • {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} وذلك بأن يُوقِعَ اللهُ في قَلْبِكَ حُبَّهَا، والرغبةَ في مُرَاجَعَتِهَا بعد الطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ.

2

• {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} فإذا بَلَغَ المطَلَّقَاتُ اللَّوَاتِي في عِدَّةِ أَجَلِهِنَّ، وَذَلِكَ حينَ قَرُبَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهِنَّ. • {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} أي: عَلَى وَجْهِ المُعَاشَرَةِ الحَسَنَةِ والصُّحْبَةِ الطَّيِّبَةِ، لا عَلَى وَجْهِ الضَرَرِ والشَّرِّ والحَبْسِ. • {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} أي: فِرَاقًا لا مَحْذُورَ فِيهِ من غيرِ تَشَاتُمٍ ولا تَخَاصُمٍ، ولا قَهْرٍ لها عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا. • {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} عَلَى الإمساكِ إن أَمْسَكْتُمُوهُنَّ، وعندَ الطلاقِ إن طَلَّقْتُمُوهُنَّ.

3

• {بَالِغُ أَمْرِهِ} أي: مُنْفِذُ أَمْرِهِ لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ.

6

• {وُجْدِكُمْ} مِنْ سَعَتِكُمْ وَطَاقَتِكُمْ التي تَجِدُونَ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ. • {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ} وَلَا تُؤْذُونَهُنَّ. • {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ} الِائْتِمَارُ بِمَعْنَى التَّآمُرِ، كالِاشْتِوَارِ بمعنى التَّشَاوُرِ، وهذا خطابٌ للأزواجِ والزوجاتِ الَّذِينَ وَقَعَ بَيْنَهُمْ الفِرَاقُ بالطَّلَاقِ. • {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ} وإن اخْتَلَفْتُمْ وَتَضَايَقْتُمْ في أَمْرِ الرَّضَاعِ، فشَحَّ الأَبُ في الأُجْرَةِ، وَاشْتَطَّتِ الأُمُّ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ.

7

• {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أَيْ: كَانَ مُضَيَّقًا عَلَيْهِ في الرِّزْقِ فَقِيرًا.

8

• {عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} أَيْ: عَصَتْ وَطَغَتْ، والمرادُ أهلُ القريةِ.

12

• {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} خَلَقَ سَبْعَ أَرَضِينَ. • {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} مَا بَيْنَ السماءِ السابعةِ والأرضِ السابعةِ، وأنزلَ الأمرَ وهو: الشرائعُ والأحكامُ الدينيةُ التي أَوْحَاهَا إلى رُسُلِهِ لتذكيرِ العبادِ وَوَعْظِهِمْ، وكذلك الأوامرُ الكونيةُ والقَدَرِيَّةُ التي يُدَبِّرُ بها الخَلْقَ.

1

• {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} هَذَا عِتَابٌ من اللهِ تعالى لِنَبِيِّهِ حِينَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ سُرِّيَّتَهُ «مَارِيَةَ» أَوْ شُرْبَ العَسَلِ؛ مراعاةً لِخَاطِرِ بَعْضِ زَوْجَاتِهِ في قِصَّةٍ مَعْرُوفَةٍ.

2

• {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} هذا عَامٌّ في جميعِ أَيْمَانِ المؤمنين، أي: قَدْ شَرَعَ لَكُمْ، وقَدَّرَ ما به تَتَحَلَّلُ أَيْمَانُكُمْ قَبْلَ الحِنْثِ، وما به تَتَكَفَّرُ بَعْدَ الحِنْثِ.

3

• {أَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ} أَخْبَرَهُ اللهُ بذلك الخبرِ الَّذِي أَذَاعَتْهُ. • {عَرَّفَ بَعْضَهُ} عَرَّفَهَا ببعضِ ما قالت وَأَعْرَضَ عن بَعْضِهِ كَرَمًا مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - وَحِلْمًا. • {الْعَلِيمُ الخَبِيرُ} العَلِيمُ بِعِبَادِهِ والخبيرُ بِأُمُورِهِمْ، الَّذِي لا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.

4

• {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} مَالَتْ قُلُوبُكُمَا إلى التوبةِ من التَّظَاهُرِ عَلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والخطابُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. • {تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} تَتَعَاوَنَا وَتَتَّفِقَا. • {فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ} أَيْ: نَاصِرُهُ. • {وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ} مَنْ صَلَحَ مِنْ عِبَادِهِ المؤمنين كأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَنْ يَعْدَمَ نَاصِرًا يَنْصُرُهُ. • {وَالمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} أي: ظُهَرَاءُ وَأَعْوَانٌ لَهُ.

5

• {مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ} جَامِعَاتٌ بَيْنَ الإِسْلَامِ وَهُوَ القِيَامُ بالشَّرَائِعِ الظاهرةِ، والإيمانِ وهو القيامُ بالشرائعِ الباطنةِ مِنَ العَقَائِدِ وأعمالِ القلوبِ. • {قَانِتَاتٍ} القُنُوتُ: دَوَامُ الطَّاعَةِ وَاسْتِمْرَارُهَا. • {تَائِبَاتٍ} عَمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ، فَوَصَفَهُنَّ بالقيامِ بما يُحِبُّهُ اللهُ، والتوبةُ عمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ. • {عَابِدَاتٍ} مُتَذَلِّلَاتٌ لله بِطَاعَتِهِ. • {سَائِحَاتٍ} صَائِمَاتٌ أَوْ مُهَاجِرَاتٌ. • {ثَيِّبَاتٍ} جَمْعُ ثَيِّبٍ، وهي التي تَزَوَّجَتْ ثُمَّ بَانَتْ من زَوْجِهَا بِوَجْهٍ من الوُجُوهِ. • {وَأَبْكَارًا} جَمْعُ بِكْرٍ وهي المرأةُ العذراءُ.

6

• {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} جَنِّبُوا أَنْفُسَكُمْ وَجَنِّبُوا أَهْلِيكُمْ الوقوعَ في النارِ، وذلك بِتَرْكِ المَعَاصِي، وَفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَحَمْلِ الأَهْلِ وَتَوْجِيهِهِمْ إلى ما يُرْضِي اللهَ، وَيُجَنِّبَهُمْ سَخَطَهُ.

8

• {تَوْبَةً نَّصُوحًا} التوبةُ العامَّةُ الشاملةُ لجميعِ الذنوبِ وتكون صادقةً بأن لا يُعَادَ إلى الذَّنْبِ ولا يُرَادُ العودةُ إليه، وقيل: هي الصادقةُ الخالصةُ من شَائِبَةِ الهَوَى والتَّرَدُّدِ.

9

• {اغْلُظْ عَلَيْهِمْ} أي: اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى الفَرِيقَيْنِ، عَلَى المنافقين باللسانِ، وعلى الكافرين بالسِّنَانِ.

10

• {فَخَانَتَاهُمَا} في الدينِ بأن كَانَتَا عَلَى غَيْرِ دِينِ زَوْجَيْهِمَا، وهذا هُوَ المرادُ بالخيانةِ لا خيانةِ النَّسَبِ وَالْفِرَاشِ؛ فَإِنَّهُ ما بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطّ، وما كَانَ اللهُ ليجعلَ امرأةَ أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِ بَغِيًّا.

12

• {أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} حَفِظَتْهُ وَصَانَتْهُ عَنِ الفَاحِشَةِ. • {فَنَفَخْنَا فِيهِ} أَيْ: فَنَفَخَ جِبْرِيلُ بِأَمْرِنَا في فَرْجِهَا، وقيل: في جَيْبِ دِرْعِهَا. • {مِنَ الْقَانِتِينَ} مِنَ المُدَاوِمِينَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ بِخَشْيَةٍ وَخُشُوعٍ.

1

• {تَبَارَكَ} أَيْ: تَعَاظَمَ وَتَعَالَى وَكَثُرَ خَيْرُهُ، وَعَمَّ إِحْسَانُهُ. • {الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} مُلْكُ العَالَمِ العُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، فهو الَّذِي خَلَقَهُ وَيَتَصَرَّفُ فيه بما شَاءَ في الأحكامِ القَدَرِيَّةِ، والأحكامِ الدينيةِ التابعةِ لحِكْمَتِهِ.

2

• {الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ} أي: قَدَّرَ لِعِبَادِهِ أن يُحْيِيَهُمْ ثم يُمِيتَهُمْ. • {لِيَبْلُوَكُمْ} لِيَخْتَبِرَكُمْ وَيُعَامِلَكُمْ معاملة المُمْتَحِنِ المُخْتَبِرِ لَكُمْ. • {أَحْسَنُ عَمَلًا} أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ.

3

• {طِبَاقًا} كُلُّ وَاحِدَةٍ فَوْقَ الأُخْرَى ولَسْنَ طبقةً واحدةً، وَخَلْقُهَا في غَايَةِ الحُسْنِ وَالإِتْقَانِ. • {مِن تَفَاوُتٍ} مِنْ خَلَلٍ وَنَقْصٍ. • {فُطُورٍ} أي: شُقُوقٌ وَتَصَدُّعٌ، والفطورُ جَمْعُ فِطْرٍ وهو الشِّقُّ.

4

• {كَرَّتَيْنِ} أي: مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، كَرَّرَ النظرَ لِيَتَّضِحَ الأَمْرُ وَيَذْهَبَ الشَّكُّ، فالمرادُ التكريرُ وليس الاقتصارَ عَلَى مَرَّتَيْنِ. • {خَاسِئًا} صَاغِرًا ذَلِيلًا بَعِيدًا عن أن يَرَى شَيْئًا من الخَلَلِ والفُطُورِ. • {وَهُوَ حَسِيرٌ} كَلِيلٌ مُتْعَبٌ مُنْقَطِعٌ لم يُدْرِكْ ما طَلَبَ.

5

• {بِمَصَابِيحَ} وهي النجومُ عَلَى اختلافِها في النورِ والضياءِ؛ فَإِنَّهُ لَوْلَا مَا فيها من النجومِ لكانت سَقْفًا مُظْلِمًا، لا حُسْنَ فيه وَلَا جَمَالَ. • {رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ} الَّذِينَ يُرِيدُونَ اسْتِرَاقَ خَبَرِ السَّمَاءِ.

7

• {شَهِيقًا} صَوْتًا مُخِيفًا مُنْكَرًا، والشهيقُ: أَوَّلُ صَوْتِ نَهِيقِ الحِمَارِ، وهو أَقْبَحُ الأَصْوَاتِ. • {تَفُورُ} أي: تَغْلِي بهم غَلَيَانِ المِرْجَلِ بما فيه.

8

• {تَكَادُ تَمَيَّزُ} أي: تَقْتَرِبُ أن تَنْقَطِعَ. • {الْغَيْظِ} مِنْ أَشَدِّ الغَضَبِ. • {فَوْجٌ} جَمَاعَةٌ، أي: كُلَّمَا طُرِحَ فيها جماعةٌ من الكُفَّارِ. • {نَذِيرٌ} أي: رَسُولٌ يُنْذِرُكُمْ عذابَ اللهِ يومَ القيامةِ.

11

• {فَسُحْقًا} أي: بُعْدًا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ.

15

• {الْأَرْضَ ذَلُولًا} سَهْلَةً لِلْمَشْيِ وَالسَّيْرِ عليها. • {مَنَاكِبِهَا} جَوَانِبِهَا وَنَوَاحِيهَا. • {إِلَيْهِ النُّشُورُ} المَرْجِعُ بَعْدَ البَعْثِ.

16

• {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} وَهُوَ رَبُّكُمُ الأَعْلَى. • {فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} تَتَحَرَّكُ بِكُمْ وَتَضْطَرِبُ.

17

• {حَاصِبًا} أي: عَذَابًا من السَّمَاءِ يَحْصِبُكُمْ، وَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْكُمْ. • {كَيْفَ نَذِيرِ} أَيْ: كَيْفَ كَانَ إِنْذَارِي لمن تَخَلَّفَ عنه وَكَذَّبَ بِهِ.

18

• {كَانَ نَكِيرِ} أي: كَيْفَ كان إِنْكَارِي عليهم، وَمُعَاقَبَتِي لهم، لقد كان عَظِيمًا شَدِيدًا.

19

• {صَافَّاتٍ} أي: صَافَّةً لأَجْنَحَتِهَا في الهواء، وَتَبْسُطُهَا عِنْدَ طَيَرَانِهَا. • {ويَقْبِضْنَ} أي: يَضَعْنَ أَجْنِحَتَهُنَّ.

20

• {غُرُورٍ} أي: غَرَّهُمْ الشيطانُ بأن لا عذابَ يَنْزِلُ بِهِمْ.

21

• {لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} أَيِ اسْتَمَرُّوا في قَسْوَتِهِمْ وَعَدَمِ لِينِهِمْ لِلْحَقِّ، والنفورِ هُوَ الشرودُ عَنِ الحَقِّ.

22

• {مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} سَاقِطًا عَلَى وَجْهِهِ يَعْثُرُ كُلَّ سَاعَةٍ وَيَمْشِي مُتَعَسِّفًا لا يَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ. • {يَمْشِي سَوِيًّا} مُسْتَوِيًا مُنْتَصِبًا سَالمًا مِنَ العُثُورِ وَالخُرُورِ.

24

• {ذَرَأَكُمْ} أي: بَثَّكُمْ في أَقْطَارِهَا، وَأَسْكَنَكُمْ في أَرْجَائِهَا، وَأَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ، وَأَسْدَى إليكم من النِّعَمِ ما به تَنْتَفِعُونَ.

27

• {رَأَوْهُ زُلْفَةً} قَرِيبًا، أي: رَأَوُا العَذَابَ قَرِيبًا. • {سِيئَتْ} أَيِ: اسْوَدَّتْ وَعَلَتْهَا الكَآبَةُ، وَغَشِيَتْهَا الذِّلَّةُ. • {بِهِ تَدَّعُونَ} أي: تَطْلُبُونَ أَنْ يعجلَ لَكُمْ بِهِ.

30

• {غَوْرًا} غَائِرًا ذَاهِبًا في الأرضِ لا تَنَالُهُ الأَيْدِي ولا الدِّلَاءُ. • {مَاء مَّعِينٍ} ظَاهِرٍ جَارٍ عَلَى وَجْهِ الأرضِ تَرَاهُ العُيُونُ وَتَنَالُهُ الأَيْدِي وَيَصِلُ إليه مَنْ أَرَادَهُ.

1

• {وَالْقَلَمِ} يُقْسِمُ اللهُ تعالى بالقَلَمِ وهو اسْمُ جِنْسٍ شَامِلٌ للأَقْلَامِ التي تُكْتَبُ بها العُلُومُ. • {يَسْطُرُونَ} يُسْطَرُ بها المَنْثُورُ والمَنْظُومُ.

2

• {مَا أَنتَ} أَيْ: يَا مُحَمَّدُ. • {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} أي: بِإِنْعَامِهِ عَلَيْكَ بالنبوةِ والحكمةِ وَرَجَاحَةِ العَقْلِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ.

3

• {غَيْرَ مَمْنُونٍ} غَيْرَ مَقْطُوعٍ عَنْكَ ولا مَنْقُوصٍ عَلَيْكَ.

5

• {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ} تَرَى وَيَرَوْنَ، يَعْنِي المُشْرِكِينَ. والمقصودُ: سَتَعْلَمُ يا مُحَمَّدُ وَيَعْلَمُ مُكَذِّبُوكَ عَمَّا قَرِيبٍ، وهذا وَعْدٌ له وَوَعِيدٌ لهم.

6

• {بِأَييِّكُمُ المَفْتُونُ} أَيُّكُمُ المَجْنُونُ، والمفتونُ: المجنونُ الَّذِي فَتَنَهُ الشيطانُ وَابْتَلَاهُ.

9

• {تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} أي: لَوْ تَلِينُ لهم في دِينِكَ بإجابتكَ إياهم، وَبِالرُّكُونِ إلى آلهتهم فَيَلِينُونَ لَكَ في عِبَادَةِ إِلَهِكَ.

10

• {كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ} كُلَّ ذِي إِكْثَارٍ لِلْحَلِفِ بالباطلِ، فَهُوَ حَقِيرٌ ذَلِيلٌ.

11

• {هَمَّازٍ} عَيَّابٌ طَعَّانٌ مُغْتَابٌ. • {مَشَّاء بِنَمِيمٍ} سَارَعَ بالكلامِ بَيْنَ الناسِ عَلَى وَجْهِ الإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ.

12

• {مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} بَخِيْلٌ بِمَالِهِ مُمْسِكٌ له عَنِ المُحْتَاجِينَ. • {مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} عَلَى الناس ظَلُومٌ، مُتَجَاوِزٌ لِلْحَقِّ.

13

• {عُتُلٍّ} غَلِيظٌ جَافٍ. • {زَنِيمٍ} مَعْرُوفٌ بِالشَّرِّ كما تُعْرَفُ الشاةُ بِزَنَمَتِهَا، والزَّنَمَةُ: شَيْءٌ يكون للمَعْزِ في أُذُنِهَا كالقِرَاطِ، وَقِيلَ: الزَّنِيمُ هُوَ الدَّاعِي المُلْصَقُ في القومِ وليسَ مِنْهُمْ.

15

• {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} حِكَايَاتُهُمْ وَخُرَافَاتُهُمْ التي سَطَّرُوهَا مِنْ كُتُبِهِمْ، جَمْعُ أُسْطُورَةٍ.

16

• {سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ} سَنَكْوِيهِ عَلَى أَنْفِهِ يومَ القيامةِ مَهَانَةً له، وَعَلَمًا يُعْرَفُ به، والسِّمَةُ: العَلَامَةُ، وَتَخْصِيصُ الأَنْفِ بِالذِّكْرِ لأنَّ الوَسْمَ عَلَيْهِ أَبْشَعُ، والتعبيرُ بلفظِ الخرطومِ استخفافٌ به؛ لأنه لا يُسْتَعْمَلُ إلا في الفيلِ، فإذا اسْتُعْمِلَ في الإنسانِ كان دَلِيلًا عَلَى التَّحْقِيرِ.

17

• {بَلَوْنَاهُمْ} عَامَلْنَاهُمْ مُعَامَلَةَ الاخْتِبَارِ وَالِابْتِلَاءِ. • {أَصْحَابَ الجَنَّةِ} أَهْلَ البُسْتَانِ كَانُوا بِصَنْعَاءَ. • {أَقْسَمُوا} حَلَفُوا فيما بَيْنَهُمْ. • {لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} لَيَقْطَعُنَّ ثِمَارَهَا وَقْتَ الصَّبَاحِ قبلَ انتشارِ الفقراءِ كي لا يَشْعُرُوا بِهِمْ فلا يَعْطُونَ منها ما كان أَبُوهُمْ يَتَصَدَّقُ به عليهم منها.

18

• {وَلَا يَسْتَثْنُونَ}: وَلَا يَسْتَثْنُونَ في يَمِينِهِمْ مَشِيئَةَ اللهِ تعالى، (لَا يَقُولُونَ: إِنْ شَاءَ اللهُ) وَقِيلَ: يَذْكُرُونَ اللهَ وَيُنَزِّهُونَهُ.

19

• {طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ} نَارٌ أَحْرَقَتْهَا، وقيل: طَرَقَهَا طَارِقٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ.

20

• {كَالصَّرِيمِ} كالليلِ الأسودِ الشديدِ الظلمةِ والسوادِ.

22

• {حَرْثِكُمْ} أي: غَلَّةِ جَنَّتِكُمْ، وقيل: فيها حرثٌ لِأَنَّهُمْ عَمِلُوا فيها. • {صَارِمِينَ} قَاصِدِينَ قَطْعَ ثَمَرِهِ.

23

• {يَتَخَافَتُونَ} أي: يَتَشَاوَرُونَ بِأَصْوَاتٍ مُنْخَفِضَةٍ غيرِ مرتفعةٍ حتى لا يسْمَعَ بِهِمْ.

25

• {حَرْدٍ قَادِرِينَ} أَيْ: غَدَوْا صَبَاحًا مُصَمِّمِينَ عَلَى مَنْعِ المَسَاكِينِ وَحِرْمَانِهِمْ ظَانِّينَ أنهم قَادِرُونَ عَلَى ذلك، والحَرْدُ: القَصْدُ، يقال: حَرَدَ يحْرِد حَرْدًا.

26

• {إِنَّا لَضَالّونَ} أي: مُخْطِئُونَ الطَّرِيقَ، أي: ما هذا طريقَ جَنَّتِنَا ولا هي هذه.

27

• {مَحْرُومُونَ} حُرِمْنَا مَنْفَعَةَ جَنَّتِنَا بِذَهَابِ حَرْثِهَا.

30

• {يَتَلَاوَمُونَ} يَلُومُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

31

• {إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} مُتَعَدِّينَ أَمْرَ رَبِّنَا، مُتَجَاوِزِينَ حَدَّ العَقْلِ والشَّرْعِ بِقَصْدِنَا مَنْعَ المساكين حُقُوقَهُمْ.

32

• {رَاغِبُونَ} أي: طَالِبُونَ منه الخيرَ، وَرَاجُونَ لِعَفْوِهِ.

36

• {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} إِذْ تَجْعَلُونَ المُطِيعَ للهِ في عِبَادَتِهِ والعَاصِيَ في كَرَامَتِهِ سَوَاءً.

38

• {لَمَا تَخَيَّرُونَ} بِأَنَّ لَكُمْ ما تَخْتَارُونَ من الأمورِ لِأَنْفُسِكُمْ.

39

• {بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} أي: لكم عُهُودٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالأَيْمَانِ تَبْلُغُ ذلك اليومَ وَتَنْتَهِي إليه.

40

• {زَعِيمٌ} كَفِيلٌ وَضَامِنٌ.

43

• {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} ذَلِيلَةٌ لا يستطيعون رَفْعَهَا. • {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} تَغْشَاهُمْ ذِلَّةٌ شَدِيدَةٌ وَحَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ.

44

• {سَنَسْتَدْرِجُهُم} سَنُدْنِيهِمْ من العَذَابِ دَرَجَةً دَرَجَةً، وَنَأْخُذُهُمْ عَلَى غَفْلَةٍ. وقيل: حيث يُمَدُّونَ بالأموالِ والأولادِ والأرزاقِ والأعمالِ لِيَغْتَرُّوا وَيَسْتَمِرُّوا عَلَى ما يَضُرُّهُمْ، وهذا مِنْ كَيْدِ اللهِ لهم، وَكَيْدُ اللهِ لِأَعْدَائِهِ مَتِينٌ قَوِيٌّ.

46

• {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} أي: أَتَطْلُبُ أيها الرسولُ مِنْ هؤلاء المشركين أَجْرًا عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، فَيَثْقُلُ عليهم حَمْلُ الغَرَامَاتِ في أموالهم فَيُثَبِّطُهُمْ ذلك عن الإيمانِ. والمعنى: لَسْتَ تَطْلُبُ منهم أَجْرًا حتى أُثْقِلَ عليهم ذلك.

48

• {كَصَاحِبِ الحُوتِ} يُونُسَ عَلَيْهِ السلامُ، أي: لَا تَكُنْ مِثْلَهُ في الغضبِ والضَّجَرِ. • {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} أي: وهو في بَطْنِهَا قَدْ كَظَمَتْ عليه، أو نَادَى وهو مُغْتَمٌّ مُهْتَمٌّ فقال: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ».

49

• {لَنُبِذَ بِالْعَرَاء} لَطُرِحَ في العراءِ، وهي الأرضُ الخاليةُ التي ليس فيها جَبَلٌ ولا شَجَرٌ يَسْتُرُ. {وَهُوَ مَذْمُومٌ} مَلُومٌ مُعَاتَبٌ، لكنه رُحِمَ وعُذِرَ، فَنُبِذَ غَيْرَ مَذْمُومٍ.

50

• {فَاجْتَبَاهُ} اخْتَارَهُ وَنَقَّاهُ مِنْ كُلِّ كَدَرٍ.

51

• {لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} أي: ينظرون إليكَ نَظَرًا شَدِيدًا بالعَدَاوَةِ يَكَادُ يُسْقِطُكَ عَلَى الأَرْضِ.

52

• {ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} مِنَ الإِنْسِ وَالجِنِّ.

1

• {الحَاقَّةُ} من أسماءِ يومِ القيامةِ؛ لأنها تَحِقُّ وَتَتَنَزَّلُ بالخَلْقِ، تَظْهَرُ فيها حقائقُ وأمورٌ وَمُخَبَّآتُ الصُّدُورِ.

2

• {مَا الحَاقَّةُ} استفهامٌ معناه التفخيمُ لِشَأْنِهَا، والتعظيمُ لِهَوْلِهَا، أي: أَيُّ شَيْءٍ هِيَ.

4

• {بِالْقَارِعَةِ} بالقيامةِ، سُمِّيَتْ بالقَارِعَةِ كما سُمِّيَتْ حَاقَّةً؛ لأنها تَقْرَعُ الناسَ بِأَهْوَالِهَا، يقال: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ؛ أي: أَهْوَالُهُ وَشَدَائِدُهُ.

5

• {بِالطَّاغِيَةِ} وهي الصيحةُ العظيمةُ الفظيعةُ التي قَطَّعتْ قُلُوبَهُمْ وَزَهَقَتْ لها أَرْوَاحُهُمْ فَأَصْبَحُوا مَوْتَى لا يُرَى إلا مَسَاكِنُهُمْ وَجُثَثُهُمْ.

6

• {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} قَوِيَّةٍ شَدِيدَةِ الهُبُوبِ، لها صَوْتٌ بَلَغَ صَوْتَ الرَّعْدِ القَاصِفِ. • {عَاتِيَةٍ} شَدِيدَة قد تَجَاوَزَتِ الحَدَّ في عَصْفِهَا وَهُبُوبِهَا.

7

• {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ} سَلَّطَهَا عليهم. • {حُسُومًا} مُتَتَابِعَاتِ الهُبُوبِ بلا فَاصِلٍ كَتَتَابُعِ الكيِّ القَاطِعِ لِلدَّاءِ. • {أَعْجَازُ نَخْلٍ} أي: أُصُولُ نَخْلٍ سَاقِطَةٌ، فَارِغَةٌ ليس في جَوْفِهَا شَيْءٌ.

9

• {المُؤْتَفِكَاتُ بِالخَاطِئَةِ} أي: أَهْلُهَا، وَهِيَ قُرَى لُوطٍ بالفِعْلَاتِ ذَاتِ الخَطَأِ.

10

• {أَخْذَةً رَّابِيَةً} أي: زَائِدَةً في الشِّدَّةِ عَلَى عُقُوبَاتِ غَيْرِهِمْ؛ لأن أَفْعَالَهُمْ كانت زائدةً في القُبْحِ.

11

• {طَغَى المَاء} ارْتَفَعَ الماءُ، وذلك في طُوفَانِ نُوحٍ عَلَيْهِ السلامُ. • {الجَارِيَةِ} أي السفينةِ التي صَنَعَهَا نوحٌ وَنَجَا بها هُوَ ومَنْ مَعَهُ مِنَ المؤمنين.

12

• {تَذْكِرَةً} عِبْرَةً وَمَوْعِظَةً تَسْتَدِلُّونَ بها عَلَى عظيمِ قُدْرَةِ اللهِ وَشِدَّةِ انْتِقَامِهِ. • {تَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} تَحْفَظُهَا بَعْدَ سَمَاعِهَا أُذُنٌ حَافِظَةٌ لما جاء من عند الله.

13

• {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} هي النفخةُ الأُولَى التي يموتُ عندها الناسُ.

14

• {حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} رُفِعَتَا عَنْ مَوَاضِعِهِمَا. • {فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} دُقَّتَا وَضُرِبَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حتى تَنْدَقَّ وَتَرْجِعَ كَثِيبًا مَهِيلًا وَهَبَاءً مُنْبَثًّا، وهذا من أَنْبَاءِ الغيبِ، واللهُ أَعْلَمُ لحقيقتِه وَطَرِيقَتِهِ.

16

• {انشَقَّتِ السَّمَاءُ} تَشَقَّقَتْ وَتَصَدَّعَتْ وَتَبَدَّلَتْ أَحْوَالُهَا. • {وَاهِيَةٌ} ضَعِيفَةٌ مُسْتَرْخِيَةٌ لِتَشَقُّقِهَا بَعْدَ أن كانت قَوِيَّةً مُحْكَمَةً.

17

• {عَلَى أَرْجَائِهَا} عَلَى جَوَانِبِهَا.

19

• {هَاؤُمُ}: أي: دُونَكُمْ كِتَابِي فَاقْرَؤُوهُ؛ فإنه يُبَشِّرُ بالخيراتِ وأنواعِ الكراماتِ، ومغفرةِ الذنوبِ وَسَتْرِ العُيُوبِ.

23

• {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} أَيْ: ثَمَرُهَا وَجَنَاهَا من أنواعِ الفواكهِ قَرِيبَةٌ سَهْلَةُ التَّنَاوُلِ عَلَى أَهْلِهَا، يَنَالُهَا أَهْلُهَا قِيَامًا وَقُعُودًا وَمُتَّكِئينَ.

27

• {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} يقول: يا لَيْتَ الموتةَ التي مُتُّها في الدنيا كانت هي الفراغَ من كل ما بَعْدَهَا حتى لا أُبْعَثَ.

30

• {فَغُلُّوهُ} اجْعَلُوا الغُلَّ في عُنُقِهِ، واجْمَعُوا يَدَيْهِ إلى رَقَبَتِهِ.

31

• {الجَحِيمَ صَلُّوهُ} أَدْخِلُوهُ في جَهَنَّمَ، وَأَحْرِقُوهُ بِهَا.

34

• {لَا يَحُضُّ} ولا يَحُثُّ نَفْسَهُ ولا أَهْلَهُ.

35

• {حَمِيمٌ} قَرِيبٌ أو صَدِيقٌ يَشْفَعُ له؛ لينجوَ من عذابِ اللهِ أو يفوزَ بثوابِه.

36

• {غِسْلِينٍ} وهو صديدُ أهلِ النَّارِ الَّذِي هُوَ في غايةِ الحرارةِ والمرارةِ، ونتنِ الريحِ وَقُبْحِ الطَّعْمِ.

37

• {الخَاطِؤُونَ} الكافرونَ، أصحابُ الخَطَايَا، يقال: خَطِئَ الرجلُ إذا تَعَمَّدَ الذَّنْبَ. (44، 45) {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} فلو قُدِّرَ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاشَاهُ وَكَلَّا- تَقَوَّلَ عَلَى اللهِ لَعَاجَلَهُ بالعقوبةِ، وَأَخَذَهُ أَخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِرٍ؛ لأنه حَكِيمٌ قَدِيرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

46

• {الْوَتِينَ} وهو عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بِالْقَلْبِ إذا انْقَطَعَ هَلَكَ منه الإنسانُ.

1

• {سَأَلَ سَائِلٌ} دَعَا دَاعٍ، وهو «النضرُ بنُ الحَارِثِ» القرشيُّ أو غيرُه من المكذبين، فقالوا: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.

3

• {ذِي المَعَارِجِ} الدرجاتِ التي تَرْتَقِي فيها الملائكةُ.

4

• {وَالرُّوحُ} جبريلُ، وَإِفْرَادُهُ بِالذِّكْرِ -وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ المَلَائِكَةِ- لِشَرَفِهِ وَفَضْلِهِ وَمَنْزِلَتِهِ. • {كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} مُدَّةُ يَوْمِ القِيَامَةِ؛ لأنه طَوِيلٌ عَلَى الكَافِرِينَ، وقيل: مُدَّةُ العروجِ لغيرِ الملائكةِ.

5

• {صَبْرًا جَمِيلًا} لا جَزَعَ فيه وَلَا شَكْوَى.

8

• {كَالمُهْلِ} كَعَكَرِ الزَّيْتِ، وقيل: ما أُذِيبَ من النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ.

9

• {كَالْعِهْنِ} أي الصوفِ المصبوغِ، وقيل: المصبوغ مُطْلَقًا.

10

• {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} أي: قَرِيبٌ قَرِيبَهُ؛ لانشغالِ كُلٍّ بِحَالِهِ.

11

• {يُبَصَّرُونَهُمْ} أي: يُبْصِرُ كُلُّ حَمِيمٍ حَمِيمَهُ؛ إذ لا يَخْفَى منهم أحدٌ عن أحدٍ، ولا يتساءلون، ولا يُكَلِّمُ بعضُهم بَعْضًا.

13

• {فَصِيلَتِهِ} عَشِيرَته التي تَضُمُّهُ إليها نَسَبًا وَتَحْمِيهِ من الأذَى عند الشدةِ.

15

• {لَظَى} مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ، وَاشْتِقَاقُهَا مِنَ التَّلَظِّي، وهو التَّلَهُّبُ.

16

• {نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى} تَنْزِعُ جِلْدَةَ الرأسِ وَتَأْتِي عَلَى مَكَارِمِ الوجهِ وَحُسْنِهِ وَتَبْرِي الجِلْدَ من العظمِ حتى لا تَتْرُكَ شَيْئًا.

18

• {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} أَيْ: جَمَعَ المالَ وَأَمْسَكَهُ في وِعَائِهِ ولم يُؤَدِّ حَقَّ اللهِ مِنْهُ.

19

• {هَلُوعًا} الهلعُ في اللغةِ أَشَدُّ الحِرْصِ، وأسوءُ الجَزَعِ وَأَفْحَشُهُ، والمعنى أن الإنسانَ سريعُ الجزعِ، شديدُ الحِرْصِ.

20

• {جَزُوعًا} الجزعُ حُزْنًا يَصْرِفُ الإنسانَ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ وَيَقْطَعُهُ عنه.

21

• {مَنُوعًا} بَخِيلًا كثيرَ المنعِ والإمساكِ.

23

• {عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} لا يَشْغَلُهُمْ عنها شَاغِلٌ، وقلوبهم مُعَلَّقَةٌ بها، فَهُمْ فِي صَلَاةٍ دَائِمَةٍ.

24

• {حَقٌّ مَّعْلُومٌ} وهو الزكاةُ؛ لأن فيه قَيْدًا (مَعْلُومًا).

25

• {لِّلسَّائِلِ وَالمَحْرُومِ} المُحْتَاجِ الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ.

32

• {لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} حَافِظُونَ لَهَا، وَقَائِمُونَ بها، والأمانةُ والعهدُ يَجْمَعَانِ كُلَّ مَا يَحْمِلُهُ الإنسانُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وهذا يَعُمُّ كُلَّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ، وما هُوَ بَيْنَهُ وبينَ الناسِ.

33

• {بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} يُقِيمُونَهَا عندَ الحُكَّامِ عَلَى ما كانت عَلَيْهِ من قريبٍ أو بعيدٍ من دُونِ تَحْرِيفٍ ولا تَبْدِيلٍ، وإقامةُ الشهاداتِ من جُمْلَةِ الأماناتِ إلا أنه خَصَّهَا بالذِّكْرِ لِفَضْلِهَا؛ لأن بها تَحْيَا الحقوقُ وَتُطَهَّرُ، وفي تَرْكِهَا تموتُ وَتَضِيعُ.

34

• {عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} يُحَافِظُونَ عَلَى أَرْكَانِهَا وَآدَابِهَا؛ لأنها أَعْظَمُ عباداتِ الإسلامِ.

35

• {مُّكْرَمُونَ} فِيهَا بأنواعِ اللَّذَّاتِ وَالمَسَرَّاتِ.

36

• {مُهْطِعِينَ} مُسْرِعِينَ إِلَيْكَ، مُتَطَلِّعِينَ نَحْوَكَ، مُدِيمِي النظرِ إليكَ، وقد كان المشركون يَجْلِسُونَ إلى الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - وَيَسْمَعُونَ كلامَه وَيَسْتَهْزِئُونَ به، وَيُكَذِّبُونَهُ.

37

• {عِزِينَ} جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقَةً.

41

• {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} بِمَغْلُوبِينَ وَلَا عَاجِزِينَ.

43

• {الْأَجْدَاثِ} القُبُورِ. • {سِرَاعًا} جَمْعُ سَرِيعٍ، يُسَابِقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. • {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ} النُّصُبُ هُوَ ما نُصِبَ للإِسْرَاعِ إليه كالعَلَمِ والرَّايَةِ أو ما نُصِبَ لِيُعْبَدَ مِنْ دُونِ اللهِ، وهي الأصنامُ. • {يُوفِضُونَ} يُسْرِعُونَ، والإيفاضُ: الإسراعُ.

1

• {أَنذِرْ قَوْمَكَ} خَوِّفْهُمْ وَحَذِّرْهُمْ.

2

• {نَذِيرٌ مُّبِينٌ} أُبَيِّنُ لكم رسالةَ اللهِ، وَأَدْعُوكُمْ إلى اتِّبَاعِهَا.

6

• {فِرَارًا} عما دَعَوْتهُمْ إليه وَبُعْدًا عنه.

7

• {اسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} أي: تَغَطَّوْا بها حتى لا يَنْظُرُوا إِلَيَّ ولا يَرَوْنِي. • {أَصَرُّوا} ثَبَتُوا عَلَى ما هُمْ فيه من الكُفْرِ.

11

• {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَارًا} أي: يُنْزِلُ عليكم المطرَ مُتَتَابِعًا كُلَّمَا دَعَتِ الحَاجَةُ إليه.

13

• {لَا تَرْجُونَ لِلهِ وَقَارًا} أي: لا تَخَافُونَ للهِ عَظَمَتَهُ وَكِبْرِيَاءَهُ، وهو القاهرُ فَوْقَ عِبَادِهِ.

14

• {خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} أي: حَالًا بعد حَالٍ، فَطَوْرًا نطفة وطورًا عَلَقَة، وَطَوْرًا مُضْغَةٌ.

15

• {سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} كُلّ سَمَاءٍ فَوْقَ الأُخْرَى.

16

• {الْقَمَرَ فِيهِنَّ} أيْ: في السماواتِ، وهو في السماءِ الدنيا مِنْهُنَّ. • {نُورًا} مُنَوِّرًا لِوَجْهِ الأرضِ. • {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} أي: مُضِيئَةً كالمصباحِ لأَهْلِ الأرضِ.

17

• {وَاللهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} يعني: آدَمَ، خَلَقَهُ اللهُ من أَدِيمِ الأرضِ.

18

• {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا} بَعْدَ المَوْتِ. • {يُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} مِنْهَا يَوْمَ البَعْثِ.

19

• {الْأَرْضَ بِسَاطًا} تَسْتَقِرُّونَ عليها وَتَمْتَهِدُونَهَا، وقيل: كالبِسَاطِ تَتَقَلَّبُونَ عليها كما يَتَقَلَّبُ الرَّجُلُ عَلَى بِسَاطِهِ.

20

• {سُبُلًا فِجَاجًا} طُرُقًا وَاسِعَةً.

22

• {مَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} تَآمَرُوا تَآمُرًا عَظِيمًا، كبارًا: كَبِيرًا، وَالماكِرُونَ هُمُ الرُّؤَسَاءُ وَالقَادَةُ، وَمَكْرُهُمْ: احتيالُهم في الدِّينِ، وَكَيْدُهُمْ لنوحٍ عَلَيْهِ السلامُ، وَصَدُّ الناسِ عن الإيمانِ به والاستماعِ إليه.

23

• {لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} لا تَتْرُكُنَّ عِبَادَةَ آلِهَتِكُمْ. • {وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} هذه أسماءُ آلهتِهِمْ وَأَصْنَامِهِمْ، وإنما أَفْرَدُوهَا بالذِّكْرِ؛ لِكَوْنِهَا أَعْظَمَ آلِهَتِهِمْ وأكبرَ أَصْنَامِهِمْ.

26

• {مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} مَنْ يَدُورُ فيها فَيَجِيءُ وَيَذْهَبُ.

28

• {تَبَارًا} هَلَاكًا وَخَسَارًا.

1

• {أَنَّهُ اسْتَمَعَ} أَيْ: إلى قِرَاءَتِي. • {نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ} أي: عَدَدٌ مِنَ الجِنِّ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالْعَشَرَةِ. • {قُرْآنًا عَجَبًا} أي: يُتَعَجَّبُ مِنْهُ لِفَصَاحَتِهِ وَغَزَارَةِ مَعَانِيهِ.

3

• {جَدُّ رَبِّنَا} أَيْ: تَنْزِيهُ جَلَالِ رَبِّنَا وَعَظَمَتِهِ عَمَّا نُسِبَ إليه.

4

• {سَفِيهُنَا} جَاهِلُنَا. • {شَطَطًا} الشَّطَطُ: مُجَاوَزَةُ الحَدِّ، والمعنى: قَوْلًا مُفْرِطًا في الكُفْرِ والضَّلَالِ، وهو نِسْبَةُ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ للهِ تَعَالَى.

6

• {يَعُوذُونَ} يَسْتَعِيذُونَ، أي: كان الإنسُ يَعُوذُونَ بِالجِنِّ عندَ المخاوفِ وَالْأَفْزَاعِ، وَيَعْبُدُونَهُمْ فَزَادَ الإنسُ الجنَّ رَهَقًا. • {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}: أي: طُغْيَانًا وَتَكَبُّرًا، لمَّا رَأَوُا الإنسَ يَعْبُدُونَهُمْ، وَيَسْتَعِيذُونَ بِهِمْ.

8

• {لَمَسْنَا السَّمَاء} أي: طَلَبْنَا بلوغَ السماءِ واستماعَ كلامِ أهلها كما جَرَتْ بذلك عَادَتُنَا. وَأَصْلُ اللَّمْسِ: المَسُّ، فَاسْتُعِيرَ للطلبِ؛ لأن الماسَّ طَالِبٌ مُتَعَرِّفٌ. • {مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا} عَنِ الوُصُولِ إلى أَرْجَائِهَا وَالدُّنُوِّ مِنْهَا. • {شُهُبًا} أي: نُجُومٌ يُرْمَى بها الشياطينُ، أو يُؤْخَذُ منها شِهَابٌ فَيُرمَى به.

9

• {مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} فَنَتَلَقَّفُ من أخبارِ السماءِ ما شَاءَ اللهُ. • {شِهَابًا رَّصَدًا} أي: أُرْصِدَ وَأُعِدَّ لِرَمْيِ الشياطينِ وإبعادِهم عن السَّمْعِ.

11

• {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أي: قَوْمٌ دُونَ الصَّالحِينَ مَرْتَبَةً، وَيَدْخُلُ فيهم العصاةُ وغيرُ الكَامِلِينَ في الصَّلَاحِ. • {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي: مذاهبَ مختلفةً؛ إذ الطرائقُ جَمْعُ طَرِيقَةٍ، والْقِدَدُ جمع قُدَّةٍ وهي الضروبُ والأجناسُ المختلفةُ.

12

• {وَأَنَّا ظَنَنَّا} عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا.

13

• {بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} نَقْصًا مِنْ ثَوَابِهِ، وَلَا ظُلْمًا يَغْشَاهُ وَيَنْزِلُ به.

14

• {الْقَاسِطُونَ} الجَائِرُونَ، من «قَسَطَ» بمعنى ظَلَمَ، والمُقْسِطُونَ هم العَادِلُونَ. • {تَحَرَّوْا رَشَدًا} أي: أَصَابُوا طَرِيقَ الرُّشْدِ، المُوصِلَ لهم إلى الجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا.

15

• {لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} وذلك جزاءً عَلَى أَعْمَالِهمْ.

16

• {مَاء غَدَقًا} طَاهِرًا كَثِيرًا.

17

• {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} لِنَبْلُوَهُمْ به حتى يَرْجِعُوا لما كُتِبَ عَلَيْهِمْ. • {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} شَاقًّا يَعْلُوهُ وَيَغْلِبُهُ فلا يُطِيقُهُ، والصَّعَدُ: المَشَقَّةُ.

19

• {لِبَدًا} كَادَ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ازْدِحَامًا.

22

• {مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا} مَكَانًا يَعْصِمُنِي.

25

• {أَمَدًا} أي: غَايَةً طَوِيلَةً.

27

• {يَسْلُكُ} يدْخِلُ وَيَسِيرُ. • {رَصَدًا} الملائكةُ يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللهِ.

28

• {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} أَيْ: ضَبَطَ كُلَّ شَيْءٍ ضَبْطًا تَامًّا بحيث لا يَفُوتُهُ مِنْ عِلْمِ خَلْقِهِ شَيْءٌ أَبَدًا.

1

• {يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ} المُتَغَطِّي بِثِيَابِهِ: أي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

2

• {قُمِ اللَّيْلَ} للصلاةِ والعبادةِ، وَحَدُّ الليلِ مِنْ غُرُوبِ الشمسِ إلى طلوعِ الفَجْرِ.

5

• {قَوْلًا ثَقِيلًا} أي: قُرْآنًا «ثَقِيلًا» ثَقِيلًا العَمَلُ به لما يَحْوِي مِنَ التَّكَالِيفِ.

6

• {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} سَاعَةَ اللَّيْلِ، وَكُلُّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الليلِ نَاشِئَةٌ. • {أَشَدُّ وَطْئًا} أي: أَثْقَلُ عَلَى المُصَلِّي مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وذلك لِأَنَّ الليلَ وَقْتُ مَنَامٍ، فَمَنْ شَغَلَهُ بالعبادةِ فَقَدْ تَحَمَّلَ المَشَقَّةَ العظيمةَ، وقيل: أَشَدُّ مُوَاطَأَةً للقلبِ عَلَى تَفَهُّمِ القُرْآنِ؛ لأن الليلَ أَجْمَعُ للخَوَاطِرِ وَأَفْرَغُ لِلْقَلْبِ. • {وَأَقْوَمُ قِيلًا} أَشَدُّ اسْتِقَامَةً وَأَثْبَتُ قِرَاءَةً، وَأَبْيَنُ تِلَاوَةً لحضُوُر ِالقَلْبِ في الليلِ لهدوءِ الأصواتِ وانقطاع الحَرَكَاتِ.

7

• {سَبْحًا طَوِيلًا} أي: دُمْ عَلَى ذِكْرِهِ في الليلِ والنهارِ بالتسبيحِ والتهليلِ والتحميدِ والتكبيرِ والصلاةِ وقراءةِ القُرْآنِ.

8

• {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} أي: انْقَطِعْ بِعِبَادَتِكَ له، وَأَخْلِصْ له بها ولا تُشْرِكْ به غَيْرَهُ، والتَّبَتُّلُ: هُوَ الانقطاعُ إلى عبادةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

10

• {هَجْرًا جَمِيلًا} الهَجْرُ الجَمِيلُ: هُوَ الَّذِي لا يُصَاحِبُهُ أَذًى.

11

• {ذَرْنِي وَالمُكَذِّبِينَ} أي: دَعْنِي وإياهم ولا تَهْتَمَّ بهم؛ فإني أَكْفِيكَ أَمْرَهُمْ، وَأَنْتَقِمُ لَكَ مِنْهُمْ. • {أُولِي النَّعْمَةِ} المُتْرَفِينَ أصحابِ النِّعَمِ وَالْغِنَى وَالتَّرَفِ.

12

• {أَنكَالًا} جَمْعُ نِكْلٍ وَهُوَ القيدُ الثقيلُ يُوضَعُ في الأَرْجُلِ فَيمْنَعُ من الحركةِ.

13

• {ذَا غُصَّةٍ} لا يَسُوغٌ في الحَلْقِ كَالزَّقُّومِ وَالضَّرِيعِ وَالْغِسْلِينِ.

14

• {تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} تَتَحَرَّكُ وَتَضْطَرِبُ بِمَنْ عَلَيْهَا، وَالرَّجْفَةُ: الزَّلْزَلَةُ الشَّدِيدَةُ. • {كَثِيبًا مَّهِيلًا} رَمْلًا سَائِلًا يَتَحَرَّكُ أَسْفَلُهُ فَيَنْهَالُ أَعْلَاهُ.

16

• {أَخْذًا وَبِيلًا} أَيْ: شَدِيدًا بَلِيغًا.

18

• {السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ} مُنْشَقٌّ بِهِ، والسماءُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ.

20

• {لَن تُحْصُوهُ} تُطِيقُوا قِيَامَهُ، أو تَحْفَظُوا مَوَاقِيتَهُ، وَأَصْلُ الإِحْصَاءِ مَعْرِفَةُ عَدَدِ الشَّيْءِ؛ لأنهم كانوا إذا عَدُّوا شَيْئًا جَعَلُوا لكلِّ وَاحِدٍ حَصَاةً. • {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أَيْ: فَخَفَّفَ عَنْكُمْ وَأَمَرَكُمْ بما تَيَسَّرَ عليكم، سواءٌ زَادَ عَلَى المِقْدَارِ أو نَقَصَ. • {يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} يُسَافِرُونَ فيها للتِّجَارَةِ. • {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} المَفْرُوضَةَ. • {قَرْضًا حَسَنًا} القَرْضُ الحَسَنُ: مَا كَانَ مِنَ المَالِ الحَلَالِ، وما كان خَالِصًا لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى.

1

• {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} أي المُتَغَطِّي بِثِيَابِهِ وهو النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

4

• {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أَيْ: نَفْسَكَ فَطَهِّرْ مِنَ الإِثْمِ، والعربُ تقولُ: فُلَانٌ دَنِسُ الثِّيَابِ يُرِيدُونَ عَيْبُهُ في نَفْسِهِ، وفلانٌ نَقِيُّ الثِّيَابِ وَالجَيْبِ يُرِيدُونَ مِدْحَتَهُ.

5

• {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} الأوثانَ، وقالوا: الإثمَ، والرُّجْزَ والرِّجْسَ وَاحِدٌ.

6

• {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} لا تُعْطِ عَطِيَّةً تَلْتَمِسْ أَكْثَرَ مِنْهَا، وقيل: لا تَمْنُنْ عَلَى اللهِ بِعَمَلِكَ مُسْتَكْثِرَهُ.

8

• {نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} نُفِخَ في الصورِ، وهو القَرْنُ الَّذِي يَنْفُخُ فيه «إِسْرَافِيلُ» وهي النفخةُ الثانيةُ، والنقرُ في كلامِ العربِ: الصوتُ.

9

• {عَسِيرٌ} شديدٌ، وكذلك عصيبٌ غَيْرُ سَهْلٍ.

11

• {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} أي: دَعْنِي والذي خَلَقْتُهُ وَحِيدًا فَرِيدًا وكِلْهُ إِلَيَّ، قال أكثرُ المفسرين: هُوَ «الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيُّ».

14

• {وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا} بَسَطْتُ له في العيشِ بَسْطًا حتى أَقَامَ بِبَلْدَتِهِ مُطْمَئِنًا مُتْرَفًا، والتمهيدُ عندَ العربِ التوطئةُ والتهيئةُ، وكان الوليدُ من أكابرِ قريشٍ.

16

• {عَنِيدًا} مُنْكِرًا وَمُعَانِدًا.

17

• {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} سَأُكَلِّفُهُ عَذَابًا شَاقًّا لا يُطَاقُ.

18

• {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} أي: فيما يَقُولُ عن القُرْآنِ الَّذِي سَمِعَهُ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدَّرَ في نَفْسِهِ ذلك.

19

• {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} أي: فَلُعِنَ كيف قَدَّرَ ما هُوَ قَائِلٌ فيه.

21

• {ثُمَّ نَظَرَ} أي: تَرَوَّى في ذلك، وقيل: فَكَّرَ بأيِّ شيءٍ يدفعُ القرآنَ وَيَقْدَحُ فيه.

22

• {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} قَطَبَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ.

23

• {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} عَنِ الإِيمَانِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -.

24

• {إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} يُرْوَى وَيُحْكَى عَنِ السَّحْرَةِ.

26

• {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} أي: سَأُدْخِلُهُ النَّارَ.

28

• {لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ} أَيْ: لا تَتْرُكُ لهم عَظْمًا ولا تَذَرُ لهم لَحْمًا وَلَا دَمًا إلا أَحْرَقَتْهُ وَأَهْلَكَتْهُ، ثم يعودُ كَمَا كَانَ.

29

• {لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ} مُغَيِّرَةٌ لِلْبَشْرَةِ، أو للبشرِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

30

• {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} عَلَى النارِ تِسْعَةَ عَشَرَ من الملائكةِ هُمْ خَزَنَتُهَا وقيل: تِسْعَةَ عَشَرَ صِنْفًا من أصنافِ الملائكةِ.

31

• {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} أي: خَزَنَتُهَا مَالِكٌ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَعَهُ. • {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ} أي: كَوْنُهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ. • {إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} أي: يَسْتَخِفُّوا بهم فَيَزْدَادُوا ضَلَالًا. • {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} مَرَضُ النِّفَاقِ. • {مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا} أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ أَرَادَ اللهُ بِهَذَا العددِ الغريبِ؟ اسْتِنْكَارًا منهم.

33

• {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} أي: وَلَّى وَمَضَى.

34

• {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} أي: أَضَاءَ وَظَهَرَ.

35

• {لَإِحْدَى الْكُبَرِ} أَيْ: إن النارَ لَإِحْدَى العَظَائِمِ الطَّامَّةِ والأُمُورِ الهَامَّةِ.

36

• {نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ} النارُ جَعَلَهَا اللهُ تَخْوِيفًا للنَّاسِ.

42

• {سَلَكَكُمْ} أَدْخَلَكُمْ. • {سَقَرَ} في جَهَنَّمَ.

45

• {الخَائِضِينَ} أي: نَخُوضُ بالباطلِ وَنُجَادِلُ به الحقَّ.

47

• {الْيَقِينُ} الموتُ.

48

• {شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} من الملائكةِ والأنبياءِ والشهداءِ والصَّالحِينَ؛ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشفاعةِ فإنه ليس للكفارِ شفيعٌ يشْفَعُ لَهُمْ.

50

• {حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ} حَمِيرٌ مَذْعُورَةٌ نَافِرَةٌ.

51

• {فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} مِنَ الأَسَدِ، وقيل: النَّبْلُ أو الرُّمَاةُ أو جَمَاعَةُ الرِّجَالِ أو ظُلْمَةُ اللَّيْلِ.

52

• {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً} أي: يُرِيدُ كُلُّ واحدٍ من هؤلاء المشركينَ أن يُنَزَّلَ عَلَيْهِ كتابٌ كَمَا أُنْزِلَ عَلَى النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم -.

56

• {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ} أي: هُوَ أَهْلٌ لِأَنْ يُتَّقَى لِعَظَمَةِ سُلْطَانِهِ وَأَلِيمِ عِقَابِهِ، وَأَهْلٌ لأن يَغْفِرَ للتَّائِبِينَ من عِبَادِهِ والمُوَحِّدِينَ.

1

• {لَا أُقْسِمُ} قِيلَ: (لَا) صِلَةٌ جِيءَ بها لتأكيدِ القَسَمِ، والمعنى: أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامةِ، وما فيه مِنْ أَهْوَالٍ، وقيل: المعنى: لَا أُقْسِمُ بهذه الأشياءِ عَلَى إثباتِ المطلوبِ فإن إثباتَه أَظْهَرُ من أن يُقْسَمَ عليه. والمقصود: ليس الأمرُ كما يَدَّعِي المشركون في أنه لا بَعْثَ ولا جَزَاءَ.

2

• {النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} المؤمنةُ أو التي تَلُومُ صَاحِبَهَا إن أَحْسَنَتْ لَامَتْ عَلَى عَدَمِ الزيادةِ، وَإِنْ أَسَاءَتْ لَامَتْ عَلى التَّقْصِيرِ.

4

• {نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ} وهي أَصَابِعُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَنَجْعَلُهَا شَيْئًا وَاحِدًا كَخُفِّ البَعِيرِ، أو حَافِرِ الحِمَارِ فلا يَأْخُذُ ما يَأْكُلُ إلا بِفِيهِ كَسَائِرِ البَهَائِمِ.

5

• {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} يُكَذِّب بما أَمَامَهُ من الحسابِ وَيُقَدِّمُ الذَّنْبَ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ.

7

• {بَرِقَ الْبَصَرُ} شَخُصَ وَتَحَيَّرَ، فتراه لا يَطْرُفُ من شدةِ الرعبِ ومن هَوْلِ مَا يَرَاهُ.

8

• {خَسَفَ الْقَمَرُ} أَظْلَمَ نُورُهُ وَذَهَبَ ضَوْؤُهُ فَلَا يَعُودُ.

9

• {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} كُوِّرَا وَذَهَبَ بِهِمَا مَعًا، وذلك يومَ القيامةِ.

11

• {لَا وَزَرَ} لا مَلْجَأَ ولا مَخْبَأَ، والوَزَرُ في اللغة: مَا يُلْجَأُ إليه من حِصْنٍ أو جَبَلٍ.

14

• {عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} شَاهِدٌ وَحُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ؛ إذ تَشْهَدُ عَلَيْهِ جَوَارِحُهُ.

18

• {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي: فَاسْتَمِعْ له، ثم اقْرَأْهُ كما أَقْرَأَكَ.

22

• {نَاضِرَةٌ} مُشْرِقَةٌ وَحَسَنَةٌ.

24

• {بَاسِرَةٌ} عَابِسَةٌ مُقَطِّبَةٌ.

25

• {فَاقِرَةٌ} تَظُنُّ أن يُفْعَلَ بها أَمْرٌ عظيمٌ من العذاب، وَالفَاقِرَة: الداهيةُ العظيمةُ والأمرُ الشديدُ الَّذِي يَكْسِرُ فِقَارِ الظَّهْرِ وَيَقْصِمُهُ.

26

• {بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} وهي العِظَامُ المكتنفةُ لِنُقْرَةِ النَّحْرِ، جمع تُرْقُوَةٍ، ويكنى ببلوغِ الروحِ التراقيَ عن الإشرافِ عَلَى المَوْتِ. والمقصود: بَلَغَتْ نَفْسُ أَحَدِهِمْ التَّرَاقِيَ عند مَمَاتِهِ وَحَشْرَجَ بها.

27

• {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} القائلُ هُمُ المَلَائِكَةُ، يَقُولُونَ: مَنْ يَرْقَى بِرُوحِهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ أَمْ مَلَائِكَةُ العَذَابِ؟ وقيل: القائلُ أَهْلُهُ، يقولون: مَنْ يَرْقِيهِ؟ مِنَ الرُّقْيَةِ.

29

• {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أي: اجْتَمَعَتِ الشَّدَائِدُ وَالْتَفَّتْ، وَعَظُمَ الأمرُ وَصَعُبَ الكَرْبُ، وَأُرِيدَ أن تَخْرُجَ الروحُ من البَدَنِ الَّذِي أَلِفَتْهُ ولم تَزَلْ مَعَهُ فَتُسَاقُ إلى اللهِ لِيُجَازِيَهَا بِأَعْمَالهَا وَيُقَرِّرَهَا بِأَفْعَالِهَا.

33

• {إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} يَتَبَخْتَرُ في مِشْيَتِهِ، وَيَخْتَالُ في زيِّهِ، وَأَصْلُ يَتَمَطَّى يَتَمَطَّطُ وهو التَّمَدُّدُ من التَّكَسُّلِ وَالتَّثَاقُلِ فهو يَتَثَاقَلُ عن الدَّاعِي إلى الحَقِّ.

34

• {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} هَذَا أُسْلُوبُ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ.

36

• {أَن يُتْرَكَ سُدًى} مُهْمَلًا لا يُؤْمَرُ ولا يُنْهَى ولا يُحَاسَبُ في الآخِرَةِ.

1

• {هَلْ أَتَى} هذا أُسْلُوبٌ اسْتِفْهَامِيٌّ يُقَالُ للتَّشْوِيقِ عِنْدَ ذِكْرِ نَبَأٍ مُهِمٍّ لِلتَّقْرِيرِ، وقيل: مَعْنَاهُ: قَدْ أَتَى.

2

• {أَمْشَاجٍ} يعني: أَخْلَاطًا، يقال: مَشَجْتُ هذا بهذا: إذا خَلَطْتَهُ به، وقيل: إذا اجْتَمَعَ مَاءُ الرَّجُلِ وَمَاءُ المَرْأَةِ فهو أَمْشَاجٌ. • {نَبْتَلِيهِ} نَخْتَبِرُهُ بالخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

3

• {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} بَيَّنَا له طريقَ الحقِّ وعرَّفْنَاهُ سَبِيلَهُ.

4

• {سَلَاسِلَا} سَلَاسِلُ: جَمْعُ سِلْسِلَةٍ وهي: قُيُودٌ تُوضَعُ في الأَرْجُلِ يُسْحَبُونَ بِهَا. • {أَغْلَالًا} جَمْعُ غُلٍّ وهو القيدُ الثقيلُ في أيديهم تُغَلُّ بها إلى أَعْنَاقِهِمْ. • {وَسَعِيرًا} نَارًا مُوقَدَةً.

5

• {كَأْسٍ} الكَأْسُ: تُطْلَقُ عَلَى إِنَاءِ الخَمْرِ، أو عَلَى الخَمْرِ نَفْسِهَا، وإذا لم يَكُنْ فيه شَرَابٌ لا يُسَمَّى كَأْسًا. • {مِزَاجُهَا} المِزَاجُ: ما يُمْزَجُ بِهِ وَيُخْلَطُ. • {كَافُورًا} ماءُ كَافُورٍ، وهو اسمُ عَيْنٍ في الجنةِ مَاؤُهَا من بياضِ الكافورِ وَرَاءِحَتِهِ وَبَرْدِهِ.

6

• {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا} أي: يَشْرَبُونَ منها الخمرَ، وَيَحْتَمِلُ أن المعنى: يَشْرَبُونَ خَمْرَهُمْ مَمْزُوجَةً بماءِ تِلْكَ العُيُونِ. • {يُفَجِّرُونَهَا} أي: يُجْرُونَها حيث شَاءُوا في مَنَازِلهِمْ وَقُصُورِهِمْ، وَأَصْلُ التفجيرِ: شَقُّ الأَرْضِ وإخراجُ الماءِ مِنْهَا.

7

• {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} وهو ما أَوْجَبَهُ الإنسانُ عَلَى نَفْسِهِ للهِ من صلاةٍ وصومٍ وذبحٍ أو غيرِها مما لم يَكُنْ وَاجِبًا بالشَّرْعِ. • {مُسْتَطِيرًا} مُنْتَشِرًا فَاشِيًا.

10

• {يَوْمًا عَبُوسًا} أي: تَعْبَسُ فيه الوجوهُ مِنْ هَوْلِهِ وَشِدَّتِهِ. • {قَمْطَرِيرًا} أي: تَنْقَبِضُ فيه العيونُ والحواجبُ، وقيل: القَمْطَرِيرُ أَشَدُّ ما يكون من الأيامِ وأطولِها في البَلَاءِ.

11

• {لَقَّاهُمْ نَضْرَةً} أي: أَعْطَاهُمْ بَدَلَ الْعُبُوسِ نَضْرَةً في الوجوهِ وَسُرُورًا في القلوبِ، والنَّضْرَةُ: البياضُ والنقاءُ في وجوههم من أَثَرِ النِّعْمَةِ.

13

• {الْأَرَائِكِ} أي: عَلَى الأَسِرَّةِ بالحجلة، وَوَاحِدُ الأَرَائِكِ أَرِيكَةٌ. • {وَلَا زَمْهَرِيرًا} ولا بَرْدًا شَدِيدًا.

14

• {دَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} أي: قَرِيبَةً منهم ظلالُ أشجارِ الجنةِ.

15

• {وَأَكْوَابٍ} أي: أَقْدَاحٍ بِلَا عُرَى. • {كَانَتْ قَوَارِيرَا} في صَفَاءِ القَوَارِيرِ وبياضِ الفضةِ.

17

• {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} الكأسُ: هُوَ الإناءُ فيه الخمرُ أي: مَمْزُوجَةٌ بِالزَّنْجَبِيلِ.

18

• {تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} السَّلْسَبِيلُ في اللغةِ اسمُ الماءِ في غايةِ السَّلَاسَةِ حَدِيدِ الجَرْيَةِ، يَسُوغُ في حُلُوقِهِمْ.

19

• {وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} أي: يَأْتُونَ عَلَى ما هم عَلَيْهِ من الشبابِ وَالطَّرَاوَةِ والنَّضَارَةِ، لا يَهْرَمُونَ ولا يَتَغَيَّرُونَ ولا يَمُوتُونَ. • {لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا} في كثرةِ اللؤلؤِ وَبَيَاضِهِ.

25

• {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} بُكْرَةً في صلاةِ الصبحِ، وَأَصِيلًا آخِرَ النَّهَارِ.

28

• {شَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} أي: شَدَدْنَا أَوْصَالَهُمْ بَعْضًا إلى بَعْضٍ بالعُرُوقِ وَالْعَصَبِ.

1

• {وَالمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} وهي الملائكةُ التي يُرْسِلُهَا اللهُ بِشُؤُونِهِ القَدَرِيَّةِ، وتدبيرِ العالَم، وبشؤونه الشرعيةِ وَوَحْيِهِ إلى رُسُلِهِ. • {عُرْفًا} حَالٌ مِنَ المُرْسَلَاتِ، أي أُرْسِلَتْ بالعُرْفِ وَالْحِكْمَةِ والمصلحةِ لا بالمُنْكَرِ والعَبَثِ.

2

• {فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} أي: الريح الشديدة الهبوب المُضِرَّةِ لشدتها.

3

• {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} الرياحُ تَنْشُرُ المطرَ وَتُفَرِّقُهُ في السماءِ نَشْرًا.

5

• {فَالمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} فالملائكةُ تُلْقِي بِالْوَحْيِ عَلَى الأنبياءِ للتذكيرِ به.

6

• {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} أي: للإعذارِ بالنسبةِ لأقوامٍ وإنذارٍ بالنسبة لِآخَرِينَ.

8

• {النُّجُومُ طُمِسَتْ} مُحِيَ نُورُهَا وَذَهَبَتْ.

9

• {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} انْشَقَّتْ وَتَصَدَّعَتْ.

10

• {الْجِبَالُ نُسِفَتْ} أي: نُسِفَتْ فإذا هي هَبَاءٌ مُنْبَثٌّ مُفَرَّقٌ هنا وهناك.

11

• {الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} أي: جُمِعَتْ لِوَقْتٍ مُحَدَّدٍ لها لِتَحْضُرَ فيه.

13

• {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} اليومُ الَّذِي يَفْصِلُ اللهُ تَعَالَى فيه بَيْنَ الخَلَائِقِ.

20

• {مَاءٍ مَهِينٍ} أي المَنِيِّ، والمَهِينُ: أَيِ الضَّعِيفُ.

21

• {قَرَارٍ مَّكِينٍ} وهو الرَّحِمُ به يَسْتَقِرُّ وَيَنْمُو.

22

• {قَدَرٍ مَّعْلُومٍ} أي: إلى وَقْتِ الوِلَادَةِ.

25

• {الْأَرْضَ كِفَاتًا} أي: تَكْفِتُ النَّاسَ، أي: تَضُمُّهُمْ أَحْيَاءً فوقَ ظَهْرِهَا، وَأَمْوَاتًا في بَطْنِهَا.

27

• {رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} الجِبَالُ عَالِيَاتٍ. • {مَاءً فُرَاتًا} أي عذبًا.

30

• {ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} أي: دُخَانُ جَهَنَّمَ قَدْ سَطَعَ، ثم افترقَ ثلاثَ فِرَقٍ لِعَظَمَتِهِ.

31

• {لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} أي: ليس فيه بَرْدُ ظِلَالِ الدنيا، ولا يُرَدُّ فيه حرُّ جَهَنَّمَ عَنْكُمْ، تكونون فيه حتى يفرغَ الحسابُ.

32

• {تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} أي: كُلُّ شَرَارَةٍ من شَرَرِهَا التي تَرْمِي بها كَالقَصْرِ من القُصُورِ في عَظَمَتِهَا.

33

• {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} أي: ضَخْمٌ كَضَخَامَةِ الجبالِ، وَتُسَمِّي العَرَبُ سُودَ الإِبِلِ صُفْرًا، قيل: والشررُ إذا تَطَايَرَ وَسَقَطَ وفيه بقيةٌ من لونِ النارِ أَشْبَهُ شَيْءٍ بالإبلِ السُّودِ.

1

• {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ} عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَسَاءَلُ هؤلاء المُشْرِكُونَ من قريشٍ يَا مُحَمَّدُ.

2

• {النَّبَإِ الْعَظِيمِ} أَعَنِ الخبرِ العظيمِ الشأنِ يَسْأَلُ بعضُهم بَعْضًا؟ قيل: قُصِدَ به القُرْآنُ.

6

• {الْأَرْضَ مِهَادًا} يَمْتَهِدُونَهَا وَيَفْتَرِشُونَهَا.

7

• {الْجِبَالَ أَوْتَادًا} أَيْ: تُثَبَّتُ بها الأرضُ كما تُثَبَّتُ الخيمةُ بالأَوْتَادِ.

8

• {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} أَصْنَافًا في النَّوْعِ والشَّكْلِ.

9

• {نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} رَاحَةً لِأَبْدَانِكُمْ، وَقَطْعًا لأَشْغَالِكُمْ.

10

• {اللَّيْلَ لِبَاسًا} تُغَطِّيكُمْ ظُلْمَتُهُ كما يُغَطِّي الثوبُ لَابِسَهُ.

11

• {النَّهَارَ مَعَاشًا} ضِيَاءً لِتَنْتَشِرُوا فيه لِمَعَاشِكُمْ.

12

• {سَبْعًا شِدَادًا} قَوِيَّةً مُحْكَمَةً، الوَاحِدَةُ شَدِيدَةٌ وَالجَمْعُ شِدَادٌ، والمقصودُ بها السماواتُ السَّبْعُ، في غايةِ القوةِ والصلابةِ والشِّدَّةِ.

13

• {سِرَاجًا وَهَّاجًا} أي: ضوءَ الشمسِ وَهَّاجًا وَقَّادًا.

14

• {المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} مِنَ السَّحَابِ الَّذِي يَتَحَلَّبُ بالمَطَرِ. وقيل: كالجاريةِ المُعْصِرِ التي دَنَا وَقْتُ حَيْضِهَا، وقيل: ثَجَّاجًا: مَاءً كَثِيرًا جِدًّا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

15

• {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا} الحَبُّ: مَا يَأْكُلُهُ الناسُ من بُرٍّ وَشَعِيرٍ وَذُرَةٍ وَأُرْزٍ، وغيرِ ذلك مما يَأْكُلُهُ الآدَمِيُّونَ، والنباتُ ما تُنْبِتُهُ الأرضُ، وقيل: سَائِرُ النباتِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ قُوتًا لِمَوَاشِيهِمْ.

16

• {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} بَسَاتِينَ مُلْتَفَّةً مُجْتَمِعَةً.

17

• {يَوْمَ الْفَصْلِ} يَوْمَ يَفْصِلُ اللهُ بَيْنَ خَلْقِهِ. • {مِيقَاتًا} ذَا وَقْتٍ مُحَدَّدٍ مُعَيَّنٍ لَدَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فلا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ.

18

• {يُنفَخُ فِي الصُّورِ} يَوْمَ يَنْفُخُ إِسْرَافِيلُ في الصُّورِ. • {فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} أي: تَأْتُونَ أيها الناسُ جَمَاعَاتٍ جَمَاعَاتٍ إلى ساحةِ فَصْلِ القَضَاءِ.

19

• {وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا} شُقِّقَتْ وَصُدِّعَتْ فَكَانَتْ طُرُقًا وقبل ذلك لا فُطُورَ فيها.

20

• {سُيِّرَتِ الْجِبَالُ} أي: ذُهِبَ بِهَا مِنْ أَمَاكِنِهَا. • {فَكَانَتْ سَرَابًا} كالسَّرَابِ الَّذِي يَظُنُّهُ مَنْ رَأَىهُ عَلَى بُعْدٍ مَاءً وهو في الحقيقةِ هَبَاءٌ.

21

• {مِرْصَادًا} مَكَانًا لِرَصْدِ الكَافِرِينَ.

22

• {لِلطَّاغِينَ} المُتَكَبِّرِينَ عَلَى اللهِ المُتَجَاوِزِينَ حُدُودَهُ.

23

• {أَحْقَابًا} دُهُورًا لا نِهَايَةَ لها.

24

• {بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} ليس فيها ما يُبَرِّدُ الجُلُودَ، ولا يَدْفَعُ عن أهلها الظمأَ.

25

• {حَمِيمًا} الحميمُ: هُوَ الماءُ الحارُّ الَّذِي يَشْوِي وُجُوهَهُمْ وَيُقَطِّعُ أَمْعَاءَهُمْ. • {وَغَسَّاقًا} وهُوَ صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ.

26

• {جَزَاءً وِفَاقًا} ثَوَابًا وَافَقَ أَعْمَالَهُمْ.

29

• {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا} كُلّ شَيْءٍ مِنْ قَلِيلٍ أو كَثِيرٍ، وَخَيْرٍ أو شَرٍّ، أَثْبَتْنَاهُ وَكَتَبْنَاهُ وَعَرَفْنَا مَبْلَغَهُ وَعَدَدَهُ.

31

• {مَفَازًا} مَنْجًى مِنَ النَّارِ إلى الجنةِ ظَفَرًا.

33

• {كَوَاعِبَ} جَمْعُ كَاعِبٍ، وَهُنَّ النِّسَاءُ النَّوَاهِدُ اللاتي قد تَكَعَّبَ ثَدْيُهُنَّ. • {أَتْرَابًا} جَمْعُ تِرْبٍ، مُسْتَوِياتٍ عَلَى سِنٍّ وَاحِدَةٍ.

34

• {كَأْسًا دِهَاقًا} أَيْ: مَمْلُوءَةً من الرَّحِيقِ لَذَّةً لِلشَّارِبِينَ.

35

• {لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا} بَاطِلًا ولا مَكْرُوهًا مِنَ القَوْلِ، وقيل: لا يَكْذِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مثلما يكونُ في الدنيا من مُنَغِّصَاتِ التَّكْذِيبِ بَيْنَ الجُلَسَاءِ.

36

• {عَطَاءً حِسَابًا} أَيْ: عَطَاءً كَثِيرًا كَافِيًا.

39

• {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} أي: سَبِيلًا يُرْجَعُ إليه وهو طاعةُ اللهِ تعالى، والعملُ الصالحُ الَّذِي يُدْنِي الإنسانَ مِنْ كَرَمِ اللهِ وَثَوَابِهِ، وَيُبَاعِدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِقَابِهِ.

1

• {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} قال جمهورُ المُفَسِّرِينَ: هي الملائكةُ تَنْزِعُ أرواحَ الكُفَّارِ في أقاصِي أَجْسَامِهِمْ نَزْعًا مُغْرِقًا في الشدةِ كما يَنْزِعُ النازعُ في القوسِ فَيَبْلُغُ بها غايةَ المَدِّ، والإغراقُ في الشيءِ: بلوغُ نِهَايَتِهِ.

2

• {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} الملائكةُ تُنْشِطُ نَفْسَ المؤمنِ فَتَقْبِضُهَا، كما يَنْشَطُ العِقَالُ مِنْ يَدِ البَعِيرِ إذا حُلَّ عنه.

3

• {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} المتردِّدَاتُ في الهواءِ صُعُودًا وَنُزُولًا، وَقِيلَ: الملائكةُ تَسْبَحُ في السماءِ بأمرِ اللهِ، أَيْ: تَنْزِلُ إلى الأرضِ.

4

• {فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا} أي: الملائكةُ تَسْبِقُ بأرواحِ المؤمنين إلى الجنةِ، وقيل: الملائكةُ تُبَادِرُ لأَمْرِ اللهِ، وتسبقُ الشياطينَ في إيصالِ الوحيِ إلى رُسُلِ اللهِ لئلا تَسْتَرِقَهُ.

5

• {فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} الملائكةُ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللهُ يُدَبِّرُونَ كَثِيرًا مِنْ أُمُورِ العالَم العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ؛ من الأمطارِ والنباتِ والرياحِ والبحارِ والأجنةِ والحيواناتِ والجنةِ والنارِ وغيرِ ذلك.

6

• {تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} النَّفْخَةُ الأُولَى تَرْجُفُ فيها الأَرْضُ وَالْجِبَالُ.

7

• {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} النفخةُ الثانيةُ التي رَدِفَتْهَا وَتَلَتْهَا.

8

• {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} خَائِفَةٌ مِنْ عِظَمِ الهولِ، وَمُنْزَعِجَةٌ مِنْ شِدَّةِ ما تَرَى وَتَسْمَعُ.

10

• {أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحَافِرَةِ} أي: رَاجِعُونَ أَحْيَاءً كما كُنَّا قَبْلَ هَلَاكِنَا، وهذا استفهامٌ إنكاريٌّ مُشْتَمِلٌ عَلَى غايةِ التعجبِ ونهايةِ الاستغرابِ.

11

• {عِظَامًا نَّخِرَةً} لَيِّنَةً فُتَاتًا بَالِيَةً.

12

• {كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} أي: رَجْعَةٌ إلى الحياةِ خَاسِرَةٌ.

13

• {زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ.

14

• {فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} أي: الخلائقُ كُلُّهُمْ عَلَى ظَهْرِ الأرضِ، والعَرَبُ تُسَمِّي الفلاةَ وَظَهْرَ الأَرْضِ: «سَاهِرَةً».

15

• {حَدِيثُ مُوسَى} أي: مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

16

• {بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى} بالوادِي الطَّاهِرِ المُبَارَكِ «طُوًى» الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه.

17

• {طَغَى} عَتَا وَتَجَاوَزَ حَدَّهُ في العُدْوَانِ.

18

• {تَزَكَّى} تُسْلِمُ وَتَتَطَهَّرُ مِنْ دَنَسِ الكُفْرِ.

19

• {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} أُرْشِدُكَ إلى معرفةِ ربكَ الحقّ. • {فَتَخْشَى} فتخشاهُ وتطيعُه فتنجو من عذابه.

20

• {الْآيَةَ الْكُبْرَى} أي العَصَا واليَدَ؛ إِذْ هِيَ مِنْ أكبرِ الآياتِ الدالةِ عَلَى صِدْقِ مُوسَى.

25

• {نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} أي: عَذَّبَهُ اللهُ تعالى عذابَ الآخرةِ وهو قَوْلُهُ: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) وَعَذَابُ الْأُولَى وهي قولُه: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}.

26

• {لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى} مَوْعِظَةً عَظِيمَةً لمن شَاءَ أَنْ يَخْشَى اللهَ وَيَتَّقِيَهُ.

28

• {رَفَعَ سَمْكَهَا} أَيْ غِلَظَهَا وَارْتِفَاعَهَا. • {فَسَوَّاهَا} بِإِحْكَامٍ وَإِتْقَانٍ يُحَيِّرُ العقولَ وَيُذْهِلُ الألبابَ.

29

• {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} أَظْلَمَ لَيْلَهَا، وَأَضَافَ الليلَ إلى السماءِ؛ لأنَّ الليلَ غروبُ الشمسِ، وَغُرُوبُهَا وَطُلُوعُهَا في السماءِ. • {أَخْرَجَ ضُحَاهَا} أَبْرَزَ وَأَظْهَرَ ضياءَ الشمسِ فَانْتَشَرَ الناسُ في مصالحِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

30

• {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} أي: بَعْدَ خَلْقِ السماءِ «دَحَاهَا» بَسَطَهَا بعد خَلْقِ السماءِ، وَأَوْدَعَ فيها مَنَافِعَهَا.

32

• {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} أي: ثَبَّتَهَا فيها لئلا تَمِيدَ بأهلها.

34

• {الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} الطَّامَّةُ: اسمٌ من أسماءِ يومِ القيامةِ، وأَصْلُ الطامةِ الداهيةُ التي تَعْلُو عَلَى كُلِّ دَاهِيَةٍ، والمقصودُ القيامةُ الكبرى والشدةُ العُظْمَى التي تهونُ عندها كلّ شِدَّةٍ.

36

• {بُرِّزَتِ الجَحِيمُ} أُظْهِرَتْ لأبصارِ النَّاظِرِينَ.

37

• {فَأَمَّا مَن طَغَى} عَتَا وَتَجَبَّرَ وَكَفَرَ باللهِ تعالى، وقيل أيضًا: مَنْ تَجَاوَزَ الحدَّ وَتَجَرَّأَ عَلَى المَعَاصِي الكِبَارِ.

39

• {المَأْوَى} المكانُ الَّذِي سَيَأْوِي إِلَيْهِ.

40

• {مَقَامَ رَبِّهِ} أي: قِيَامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ليسأله عَمَّا قَدَّمَ وَأَخَّرَ. • {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى} زَجَرَهَا عن المَيْلِ إلى المعاصي والمحارمِ التي تَشْتَهِيهَا.

42

• {السَّاعَةِ} أي: القيامةِ للحسابِ والجزاءِ. • {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} مَتَى وُقُوعُهَا وَقِيَامُهَا.

43

• {فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا} أي: لَسْتَ أنتَ في شيءٍ مِنْ عِلْمِهَا ومعرفةِ وَقْتِهَا حتى تَذْكُرَهَا لَهُمْ.

44

• {إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا} أي: مُنْتَهَى عِلْمِهَا إلى اللهِ وَحْدَهُ فلا يَعْلَمُهَا سِوَاهُ.

46

• {إِلّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} أي: عَشِيَّةَ يَوْمٍ أَوْ ضُحَى تلك العَشِيَّةِ.

1

• {عَبَسَ} قَطَّبَ وَجْهَهُ. • {وَتَوَلَّى} أَعْرَضَ.

2

• {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} أي: لأَجِلِ أَنْ جَاءَ «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» فَقَطَعَهُ عَمَّا هُوَ مشغولٌ به مِنْ دعوةِ بعضِ أشرافِ قُرَيْشٍ.

3

• {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} يَتَطَهَّرُ من ذنوبه، ومن دَنَسِ الجهلِ.

4

• {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى} أي: يَتَّعِظُ وَيَتَذَكَّرُ ما يَنْفَعُهُ فينتفعُ بتلك الذِّكْرَى.

5

• {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} عَنِ الإيمانِ والعلمِ والدينِ بالمالِ والجاهِ.

6

• {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} أي: تُقْبِلُ عَلَيْهِ وَتَتَصَدَّى له.

7

• {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} أي: ليس عليكَ بَأْسٌ مِنْ عَدَمِ تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ بالإسلامِ.

8

• {وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى} يُسْرِعُ في طَلَبِ الخيرِ من العِلْمِ والهُدَى، وهو «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».

10

• {فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى} تَتَشَاغَلُ وَتُعْرِضُ، وَأَصْلُ تَلَهَّى تَتَلَهَّى.

11

• {تَذْكِرَةٌ} أي الآياتُ عِظَةٌ لِلْخَلْقِ.

13

• {صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ} أي عِنْدَ اللهِ؛ لما فيها من العلمِ والحكمةِ أو لأنها نازلةٌ من اللوحِ المحفوظِ.

14

• {مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ} رَفِيعَةُ القَدْرِ عِنْدَ اللهِ وَمُنَزَّهَةٌ لَا يَمَسُّهَا إلا المُطَهَّرُونَ، ومصونةٌ مِنَ الشياطينِ وَالكُفَّارِ.

15

• {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} المَلَائِكَةُ يُحْصُونَ الأَعْمَالَ، وقيل: هُمُ الملائكةُ الَّذِينَ يسْفِرُونَ بَيْنَ اللهِ وبينَ رُسُلِهِ بالوحيِ، والسَّفَرَةُ جَمْعُ سَافِرٍ.

16

• {كِرَامٍ} عَلَى اللهِ لِاسْتِغْرَاقِهِمْ في عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ. • {بَرَرَةٍ} مُطِيعِينَ صَادِقِينَ، وَالْبَرَرَةُ: جَمْعُ بَارٍّ.

17

• {قُتِلَ الْإِنسَانُ} لُعِنَ الإنسانُ الكافرُ وَطُرِدَ، وهذا دعاءٌ عَلَيْهِ بِأَشْنَعِ الدَّعَوَاتِ. • {مَا أَكْفَرَهُ} أي: مَا حَمَلَهُ عَلَى الكُفْرِ، وقيل: مَا أَشَدَّ كُفْرَهُ.

19

• {مِن نُّطْفَةٍ} أي: مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. • {خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} أي: قَدَّرَ خَلْقَهُ وَسَوَّاهُ بَشَرًا سَوِيًّا، وَأَتْقَنَ قُوَاهُ الظاهرةَ والباطنةَ.

20

• {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} قيل: يَسَّرَ له الطريقَ للخروجِ من بَطْنِ أُمِّهِ، وقيل: يَسَّرَ له الطريقَ إلى تحصيلِ الخيرِ، وقيل: بيَّنَ له طريقَ الخيرِ والشَّرِّ.

21

• {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} أي: صَيَّرهُ مَقْبُورًا ولم يَجْعَلْهُ للطيرِ والسباعِ إِكْرَامًا له.

22

• {ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ} أي: إذا شَاءَ إِحْيَاءَهُ أَحْيَاهُ، وقيل: بَعَثَهُ بعد موته للجزاءِ.

23

• {لمّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} أي: ما كَلَّفَهُ به من الطاعاتِ والواجباتِ في نَفْسِهِ وَمَالِهِ.

25

• {صَبَبْنَا المَاء صَبًّا} أي: المطرَ من السَّحَابِ وَ «صَبًّا» عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ، وقيل: بِكَثْرَةٍ.

26

• {شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} بالنباتِ بعدَ نُزُولِ المَطَرِ.

30

• {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} أي: كثيرةَ الأشجارِ، والواحدةُ غَلْبَاءُ كَحَمْرَاءَ، كثيفةُ الشَّجَرِ.

31

• {وَأَبًّا} وهو ما تَأْكُلُهُ البَهَائِمُ والأَنْعَامُ.

33

• {الصَّاخَّةُ} الصَّيْحَةُ التي تَصُمُّ الآذانَ وَتَنْزَعِجُ لها الأفئدةُ، وهي: النفخةُ الثانيةُ.

38

• {مُسْفِرَةٌ} أي: مُضِيئَةٌ فَرِحَةٌ مَسْرُورَةٌ.

39

• {مُسْتَبْشِرَةٌ} بما آتَاهَا اللهُ مِنَ الكَرَامَةِ.

40

• {عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} غُبَارٌ وَكُدُورَةٌ لما نَزَلَ بها من العَذَابِ.

41

• {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} أي: ظُلْمَةٌ مِنْ سَوَادٍ، وَمَعْنَى تَرْهَقُهَا: تَغْشَاهَا.

42

• {الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} الجَامِعُونَ بَيْنَ الكُفْرِ والفُجُورِ.

1

• {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} أي: لُفَّتْ وذهبَ بِنُورِهَا، وَأَصْلُ التَّكْوِيرِ: الجَمْعُ مَأخُوذٌ من: كَارَ العِمَامَةَ إذا جَمَعَهَا وَلَفَّهَا.

2

• {النُّجُومُ انكَدَرَتْ} تَنَاثَرَتْ في السماءِ وَتَسَاقَطَتْ في الفَضَاءِ.

3

• {الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} سَيَّرَهَا اللهُ فَصَارَتْ كَثِيبًا مَهِيلًا، ثم صَارَتْ كَالْعِهْنِ المَنْفُوشِ، ثم تَغَيَّرَتْ وَصَارَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا، وَأُزِيلَتْ عَنْ أَمَاكِنِهَا.

4

• {الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} جَمْعُ عُشَرَاءَ وهي الحواملُ من الإِبِلِ التي أَتَى عليها عَشَرَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا، وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَعَزُّ ما تَكُونُ عِنْدَ العَرَبِ: {عُطِّلَتْ}: تَرَكَهَا أَهْلُهَا وَأَهْمَلُوهَا لمَا جَاءَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ القِيَامَةِ.

5

• {الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} جُمِعَتْ لِيَقْتَصَّ اللهُ مِنْ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ، وَيَرَى العِبَادُ كَمَالَ عَدْلِهِ حَتَّى إنه يَقْتَصُّ للشَّاةِ الجَمَّاء مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ، ثم يُقَالُ لها: كُونِي تُرَابًا.

6

• {الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} فُجِّرَتْ، فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا، وقيل: احْتَرَقَتْ حتى صَارَتْ نَارًا، يُقَالُ: سَجرْتُ التَّنُّورَ: إِذَا أَحْمَيْتَهُ، والمسجورُ والساجرُ في اللغةِ: المَلْآنُ، تقول: سَجرْتُ الحوضَ: إذا مَلَأْتَهُ.

7

• {النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} أي: قُرِنَ كُلُّ صَاحِبِ عَمَلٍ مَعَ نَظِيرِهِ، فَجُمِعَ الأبرارُ مع الأبرارِ، والفُجَّارُ مَعَ الفُجَّارِ.

8

• {المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} أي: البنتُ التي تُدْفَنُ حَيَّةً خَوْفَ العارِ والحَاجَةِ، ومن المعلوم أنها ليس لها ذَنْبٌ، ولكن هذا فيه توبيخٌ وتقريعٌ لِقَاتِلِهَا.

10

• {الصُّحُفُ نُشِرَتْ} أي: صُحُفُ الأَعْمَالِ فُتِحَتْ وَفُرقَتْ عَلَى أَهْلِهَا، فَآخِذٌ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ.

11

• {السَّمَاءُ كُشِطَتْ} نُزِعَتْ وجُذِبَتْ ثُمَّ طُوِيَتْ كما قال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} وقوله تعالى: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}.

12

• {الجَحِيمُ سُعِّرَتْ} أي: أُوقِدَ عَلَيْهَا فَاسْتَعَرَتْ وَالْتَهَبَتِ الْتِهَابًا لم يَكُنْ لها قَبْلَ ذَلِكَ.

13

• {الجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} قُرِّبَتْ وأُدْنِيتْ لِأَهْلِهَا لِيَدْخُلُوهَا.

14

• {مَا أَحْضَرَتْ} مِنْ خَيْرٍ فَتَصِيرُ بِهِ إلى الجَنَّةِ، أو مِنْ شَرٍّ فَتَصِيرُ بِهِ إلى النارِ.

15

• {بِالخُنَّسِ} وَصْفٌ لمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ هي النُّجُومُ، وهو جَمْعُ خَانِسٍ يقال لغةً: خَنِسَ يَخْنَسُ: إذا انْقَبَضَ وَتَأَخَّرَ، وقيل: إذا رَجَعَ.

16

• {الجَوَارِ الْكُنَّسِ} جَمْعُ جَارِيَةٍ، وَحُذِفَتِ اليَاءُ اخْتِصَارًا، والكُنَّسُ: جَمْعُ كَانِسٍ أو كَانِسَةٍ، وهو الظبيُ إذا دَخَلَ كُنَاسَهُ وهو موضعٌ في الشجرِ يَسْتَتِرُ فيه، وأصلُ الكَنْسِ: كَسْحُ القُمَامَةِ عَنْ وَجْهِ الأرضِ، فَمِنْ صِفَاتِ النجومِ أنها خُنَّسٌ، وَأَنَّهَا جَوَارٍ، وأنها كُنَّسٌ. أما الخُنُوسُ: اخْتِفَاؤُهَا في النهارِ مَعَ وُجُودِهَا في مَنَازِلِهَا كما تختفي الظِّبَاءُ بَيْنَ الأشجارِ في أَكْنِسَتِهَا عن أَعْيُنِ طلابِ صَيْدِهَا، ففي الآيةِ تَشْبِيهُ اخْتِفَاءِ النُّجُومِ في النهارِ باختفاءِ الظباءِ في أَكْنِسَتِهَا، وَتَشْبِيهُ مواقعِ النجومِ بِأَكْنِسَةِ الظباءِ، وهي نجومٌ تَخْنَسُ بالنَّهَارِ وَتَظْهَرُ بالليلِ، وَتَكْنِسُ وَقْتَ غُرُوبِهَا؛ أي: تَسْتَتِرُ كما تَكْنِسُ الظباءُ في المغارِ وهو الكِنَاسُ. (17 - 18) {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}: أي: أَقْبَلَ بظلامه أو أَدْبَرَ؛ لأن عَسْعَسَ من أسماءِ الأضدادِ، إلا أن المناسبَ هنا يكون المرادُ به إقبالَ الظلامِ؛ لمقابلته بالصبحِ إذا تَنَفَّسَ، أي: أَضَاءَ وَأَسْفَرَ وَتَبَلَّجَ.

19

• {رَسُولٍ كَرِيمٍ} أي: جِبْرِيلٌ، كَرِيمٌ عَلَى اللهِ تعالى، وَأُضِيفَ إليه القرآنُ لِنُزُولِهِ به.

20

• {ذِي قُوَّةٍ} شَدِيدُ القُوَى. • {عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} عند اللهِ تعالى ذي مكانةٍ فوقَ منازلِ الملائكةِ كلِّهم.

21

• {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} أَيْ جِبْرِيلُ مُطَاعٌ في المَلَأِ الأعلى؛ لأنه من الملائكةِ المُقَرَّبِينَ، نافذٌ فيهم أَمْرُهُ مُطَاعٌ رَأْيُهُ.

23

• {وَلَقَدْ رَأَىهُ بِالْأفُقِ المُبِينِ} أي: رَأَى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - جبريلَ عَلَيْهِ السلامُ بالأفقِ المبينِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى ما يلوحُ لِلْبَصَرِ.

24

• {عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} أي: وما هُوَ عَلَى ما أَوْحَاهُ اللهُ تعالى إليه بِشَحِيحٍ يَكْتُمُ بَعْضَهُ، بل هُوَ - صلى الله عليه وسلم - أَمِينُ أهلِ السماءِ وأهلِ الأرضِ، الَّذِي بلَّغَ رسالاتِ رَبِّهِ البلاغَ المبينَ فَلَمْ يَشُحَّ بِشَيْءٍ منه.

25

• {بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} أي: ليس القرآنُ بقولِ شيطانٍ مُسْتَرِقٍ للسمعِ مَرْجُومٍ.

1

• {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ} أَيِ: انْشَقَّتْ.

2

• {الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} أَيْ: تَسَاقَطَتْ.

3

• {الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} أَيِ: اخْتَلَطَتْ بِبَعْضِهَا وَأَصْبَحَتْ بَحْرًا وَاحِدًا، المِلْحُ والعَذْبُ سَوَاءٌ.

4

• {الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} قُلِبَ تُرَابُهَا وبُعِثَ مَوْتَاهَا.

5

• {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} مَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْرٍ أو شَرٍّ وما أَخَّرَتْ مِنْ حَسَنَةٍ أو سَيِّئَةٍ.

6

• {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أيُّ شيءٍ خَدَعَكَ وجرَّأَكَ عَلَى عِصْيَانِهِ.

7

• {فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} جَعَلَكَ سَوِيًّا سَالِمَ الأَعْضَاءِ، تَسْمَعُ وَتُبْصِرُ. • {فَعَدَلَكَ} صَيَّرَكَ مُعْتَدِلًا، مُتَنَاسِبَ الخَلْقِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ.

8

• {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ} في أَيِّ صُورَةٍ مِنْ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ، وَحُسْنٍ وَطُولٍ وَقِصَرٍ أو في صُورَةِ غَيْرِ الإِنْسَانِ.

9

• {تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} أيها الكَافِرُونَ تُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الحِسَابِ وَالجَزَاءِ.

10

• {لَحَافِظِينَ} حَافِظِينَ لِأَعْمَالِكُمْ.

11

• {كِرَامًا كَاتِبِينَ} كِرَامًا عَلَى اللهِ يَكْتُبُونَ أَقْوَالَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ.

13

• {الْأَبْرَارَ} المؤمنين المُتَّقِينَ الصَّادِقِينَ.

14

• {الْفُجَّارَ} أي: الكَافِرِينَ وَالخَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ ورسولِه.

15

• {يَصْلَوْنَهَا} يَلْزَمُونَهَا مُقَاسِينَ لِوَهْجِهَا وَحَرِّهَا.

16

• {بِغَائِبِينَ} بمُخْرَجِينَ، فلا يُفَارِقُونَهَا أَبَدًا، ولا يَغِيبُونَ عَنْهَا، بل هُمْ فيها أَبَدَ الآبِدِينَ.

19

• {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا} أَيْ: لا تَمْلِكُ من المنفعةِ شيئًا إلا من بعد أن يأذنَ اللهُ لمَنْ يشاءُ وَيَرْضَى، فالأَمْرُ لَهُ وَحْدَهُ لا يُنَازِعُهُ فيه مُنَازِعٌ ولا يُرَاجِعُهُ فيه أَحَدٌ.

1

• {وَيْلٌ} كَلِمَةُ عَذَابٍ وَعِقَابٍ، وقيل: وَادٍ في جَهَنَّمَ. • {لِّلْمُطَفِّفِينَ} التَّطْفِيفُ: النَّقْصُ مِنَ الكَيْلِ أو الوزنِ شَيْئًا طَفِيفًا، أَيْ نَزْرًا حَقِيرًا، وَرُبَّمَا كان لأحدهم صَاعَانِ يَكِيلُ للناسِ بِأَحَدِهِمَا وَيَكْتَالُ لِنَفْسِهِ بِالآخَرِ.

2

• {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} أي الَّذِينَ إذا اشْتَرَوْا لِأَنْفُسِهِمْ اسْتَوْفَوْا في الكَيْلِ وَالْوَزْنِ.

3

• {كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ} كَالُوا لَهُمْ، أو وَزَنُوا لهم. • {يُخْسِرُونَ} يَنْقُصُونَ الكيلَ أو الوزنَ.

7

• {كِتَابَ الفُجَّارِ} شَامِلٌ لكلِّ فَاجِرٍ من أنواعِ الكَفَرَةِ والمنافقين والفاسقين. • {لَفِي سِجِّينٍ} أي: كِتَابٌ مَذْكُورٌ فيه أعمالُهم الخَبِيثَةُ، والسِّجِّينُ: المَحَلُّ الضَّيِّقُ الضَّنْكُ، و «سِجِّينٌ» ضِدُّ «عِلِّيِّينَ» الَّذِي هُوَ محلّ كتابِ الأبرارِ، وقيل: سِجِّينٌ: هُوَ أسفلُ الأرضِ السابعةِ مَأْوَى الفُجَّارِ ومستقرُّهم في ميعادهم.

9

• {كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} أي: مكتوبٌ فيه أعمالُهم الخبيثةُ.

12

• {مُعْتَدٍ} أي الظالمُ المُضَيِّعُ حقوقِ ربِّه تعالى وحقوقِ غَيْرِهِ. • {أَثِيمٍ} كثيرُ الإثمِ، فهذا يَحْمِلُهُ عُدْوَانُهُ عَلَى التكذيبِ، وَيُوجِبُ له كِبْرُهُ رَدَّ الحقِّ.

13

• {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} جَمْعُ أُسْطُورَةٍ، وهي الكلامُ الَّذِي يُذْكَرُ لِلتَّسَلِّي، ولا حقيقةَ ولا أصلَ له.

14

• {رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم} غَلَبَ عليها بِتَرَاكُمِ الذنوبِ وَحَجْبِهَا عن الحقِّ. • {مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} في الكُفْرِ والمعاصي حتى أَظْلَمَتْ وَاسْوَدَّتْ.

15

• {لمحْجُوبُونَ} يُحْجَبُونَ عن رؤيةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كما حُجبوا عن رؤيةِ شريعتِه وآياتِه، فرأوا أنها أساطيرُ الأولين، وبهذه الآيةِ استدلَّ أهلُ السنةِ والجماعةِ عَلَى رؤيةِ اللهِ عزَّ وَجَلَّ.

18

• {كِتَابَ الْأَبْرَارِ} أي: صُحُفَ أعمالِ الأبرارِ وَهُمُ المُطِيعُونَ الصالحون. • {لَفِي عِلِّيِّينَ} سِجِلّ ضَخْمٌ وُضِعَ في مكانٍ عالٍ رَفِيعٍ، وعليوُّن في الأصلِ جَمْعُ: عِلِّىٍّ.

19

• {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} أي: وَمَا أَعْلَمَكَ يا محمدُ أَيُّ شَيْءٍ عليوُّن عَلَى جهةِ التفخيمِ والتعظيمِ لِعِلِّيِّينَ، و «عِليوُّن» اسمٌ لأعلى الجنةِ، فلمَّا ذُكِرَ كتابُهم ذُكِرَ أنهم في نَعِيمٍ وهو اسمٌ جامعٌ لنعيمِ القلبِ والروحِ والبدنِ.

21

• {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ} من الملائكةِ الكرامِ.

24

• {نَضْرَةَ النَّعِيمِ} أي: بَهَاؤُهُ وَنَضَارَتُهُ وَرَوْنَقُهُ.

25

• {يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ} وهو مِنْ أَطْيَبِ ما يكونُ من الأشربةِ وَأَلَذِّهَا، وقيل: اسمٌ للخمرِ الطيبةِ الصافيةِ الخاليةِ من كُلِّ مَا يُكَدِّرُ أو يُذْهِبُ العَقْلَ. • {مَخْتُومٍ} أي: ذلك الشرابُ.

26

• {خِتَامُهُ مِسْكٌ} آخِرُ طَعْمِهِ، وقيل: خَتْمُهُ الَّذِي يُخْتَمُ به، أي: يكونُ في آخِرِ الإناءِ الَّذِي يشربونَ منه الرحيقَ حُثَالَةً، وهي المسكُ الأذفرُ، وقيل: مَخْتُومٌ من أن يدخلَه شيءٌ يُنْقِصُ لَذَّتَهُ، أو يفسدُ طَعْمَهُ، وذلك الختامُ الَّذِي خُتِمَ به مِسْكٌ. • {فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ} أي: فَلْيَتَسَابَقُوا في المبادرةِ إليه بالأعمالِ المُوصلَةِ إليه، فهذا أَوْلَى ما بُذِلَتْ فيه النَّفَائِسُ. (27، 28) {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} أي: هذا الشرابُ يُمْزَجُ بهذا الطِّيبِ الَّذِي يأتي من التسنيمِ: أي من المكان المُسَنَّمِ الرفيعِ العالي، وهو جَنَّةُ عَدْنٍ، فلذلك كانت خالصةً للمُقَرَّبِينَ، الَّذِينَ هُمْ أَعْلَى الخَلْقِ منزلةً، وممزوجةً لأصحابِ اليَمِينِ، أي: مخلوطةً بالرحيقِ وغيرِه من الأشربةِ اللذيذةِ.

30

• {يَتَغَامَزُونَ} يَتَغَامَزُونَ بالمؤمنينَ عند مُرُورِهِمْ عليهم احْتِقَارًا لهم وَازْدِرَاءً.

31

• {انقَلَبُوا فَكِهِينَ} مَسْرُورِينَ مُغْتَبِطِينَ.

33

• {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} أي: ولم يُكَلِّفْهُمُ اللهُ تعالى بحفظِ أعمالهم ورعايةِ أحوالهم، وإنما هُمْ مُتَطَفِّلُونَ.

34

• {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} أي: حِينَ يَرَوْنَهُمْ في غَمَرَاتِ العذابِ يَتَقَلَّبُونَ، وقد ذهب عنهم ما كانوا يَفْتَرُونَ.

1

• {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} أي: انْفَطَرَتْ وَتَمَايَزَ بعضُها مِنْ بَعْضٍ.

2

• {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} سَمعَتْ وَأَطَاعَتْ، وَحُقَّ لها ذلك؛ فإنها مُسَخَّرَةٌ مُدَبَّرَةٌ.

3

• {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} أي: زِيدَ في سَعَتِهَا كما يُمَدُّ الأديمُ؛ أي: الجِلْدُ إذ لم يَبْقَ عليها بناءٌ ولا جَبَلٌ.

4

• {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} أي: أَلْقَتْ ما فيها من الموتى، أَلْقَتْهُمْ أَحْيَاءً عَلَى ظَهْرِهَا وَتَخَلَّتْ عما كان في بَطْنِهَا.

6

• {كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ} أي: عاملٌ كاسبٌ للخيرِ أو الشَّرِّ. • {فَمُلَاقِيهِ} أي ملاقٍ رَبَّكَ بعد موتِك فلا تُعْدَمُ منه جزاءً بالفضلِ إِنْ كُنْتَ سَعِيدًا، وبالعقوبةِ العادلةِ إن كُنْتَ شَقِيًّا.

7

• {أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} وهم المؤمنونَ يُعْطَوْنَ الصُّحُفَ التي فيها أعمالهم باليمين.

10

• {وَرَاء ظَهْرِهِ} أي: يأخذُ بشماله مِنْ وراءِ ظَهْرِهِ إِهَانَةً له.

11

• {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} أي: يدعو عَلَى نَفْسِهِ بالثبور، يقول: وَاثَبُورَاهُ يَا وَيْلَاهُ، وما أَشْبَهَ ذلك من كلماتِ الندمِ والحسرةِ، وهذا من الخِزْيِ والفضيحةِ.

14

• {إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} الحَوْرُ: الرُّجُوعُ، والمعنى: أي: أنه كان في الدنيا يَظُنُّ أنه لا يَرْجِعُ إلى الحياةِ بَعْدَ الموتِ؛ فَلِذَا لم يَعْمَلُ خَيْرًا قَطُّ ولم يَتَوَرَّعْ عن تَرْكِ الشرِّ قَطُّ لِعَدَمِ إيمانِه بالبعثِ.

16

• {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} أي الحُمْرَةِ في الأُفُقِ بعد الغروبِ.

17

• {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} أي: ضَمَّ وَجَمَعَ ما كان مُنْتَشِرًا بالنهارِ من الخَلْقِ وَالدَّوَابِّ، وذلك أن الليلَ إذا أَقْبَلَ أَوَى كلُّ شيءٍ إلى مَأْوَاهُ، والوَسقُ: ضَمُّ الشيءِ بعضِه إلى بعضٍ.

18

• {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} أي اجْتَمَعَ وَتَمَّ نُورُهُ، وذلك في الليالي البِيضِ.

19

• {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ} أي: أَطْوَارًا مُتَعَدِّدَةً وَأَحْوَالًا مُتَبَايِنَةً، من النُّطْفَةِ إلى العَلَقَةِ إلى المُضْغَةِ إلى نَفْخِ الرُّوحِ، ثم يكون وَلِيدًا وَطِفْلًا وَمُمَيِّزًا، ثم يجري عَلَيْهِ قَلَمُ التكليفِ والأَمْرُ وَالنَّهْيُ، ثم يموتُ بعد ذلك، ثم يُبْعَثُ وَيُجَازَى بأعماله. فهذه الطبقاتُ المختلفةُ الجاريةُ عَلَى العَبْدِ دَالَّةٌ عَلَى أن اللهَ وَحْدَهُ هُوَ المعبودُ المدبرُ لعبادِه بِحِكْمَتِه وَرَحْمَتِهِ، وأن العبدَ فقيرٌ عاجزٌ تَحْتَ تدبيرِ العزيزِ الرحيمِ.

23

• {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} في قُلُوبِهِمْ من الكُفْرِ والتكذيبِ، وفي نفوسِهم من الحسدِ والكِبْرِ والغِلِّ والبُغْضِ، واللهُ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَجَهْرَهُمْ.

25

• {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أي: غيرُ مَقْطُوعٍ وَلَا مَنْقُوصٍ.

1

• {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} أي: مَنَازِل الشَّمْسِ والقمرِ الاثْنَيْ عَشَرَ بُرْجًا.

2

• {وَالْيَوْمِ المَوْعُودِ} أَي: المَوْعُودِ به وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.

3

• {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} ذَكَرَ عُلَمَاءُ التفسيرِ في الشاهدِ والمشهودِ عِدَّةَ أقوالٍ، يَجْمَعُهَا أَنَّ اللهَ أَقْسَمَ بكلِّ شَاهِدٍ وَبِكُلِّ مَشْهُودٍ، والشهودُ كثيرون منهم مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - شَهِيدٌ علينا، ومنهم هذه الأُمَّةُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بما عَمِلَ من خَيْرٍ وَشَرٍّ، ومنهم الملائكةُ يشهدون يومَ القيامةِ، فَكُلّ مَنْ شَهِدَ بِحَقٍّ دَاخِلٌ في قوله: «وَشَاهِدٍ» أما المشهودُ فهو يومُ القيامةِ وما يَعْرِضُ فيه من الأهوالِ العظيمةِ.

4

• {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} أي: لُعِنَ أصحابُ الأخدودِ، وهي الحُفَرُ تُحْفَرُ في الأَرْضِ.

6

• {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ} أي: عَلَى حَافَّتِهَا وَشَفِيرِهَا.

7

• {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} يَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بما فَعَلُوا بالمؤمنين يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثم تَشْهَدُ عليهم أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ.

8

• {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ} أي: وَمَا عَابُوا أَيَّ شَيْءٍ عليهم سِوَى إيمانِهم باللهِ تعالى.

9

• {وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} عِلْمًا وَسَمْعًا وَبَصَرًا، لا يَخْفَى عَلَيْهِ منه خافيةٌ، وفي هذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لأَصْحَابِ الأخدودِ، ووَعْدُ خَيْرٍ لمن عَذَّبُوهُ عَلَى دِينِهِ مِنْ أولئك المؤمنين.

10

• {فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ} أي: أَحْرَقُوهُمْ بالنارِ ولم يَجْعَلُوا لهم خِيَارًا في ذلك إلا أن يَكْفُرُوا باللهِ.

11

• {الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} لأنه نجاةٌ مِنَ النَّارِ أَوَّلًا، وَدُخُولُ الجَنَّةِ ثَانِيًا.

12

• {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} أَخْذُهُ بالعذابِ الشَّدِيدِ لِلْجَبَابِرَةِ والظَلَمَةِ.

13

• {يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} أي: هُوَ المُتَفَرِّدُ بإبداءِ الخَلْقِ وَإِعَادَتِهِ فلا يُشَارِكُهُ في ذلك مُشَارِكٌ.

14

• {الْغَفُورُ} الَّذِي يَغْفِرُ الذنوبَ جَمِيعًا لمن تَابَ وَيَعْفُو عن السيئاتِ لمن اسْتَغْفَرَ وَأَنَابَ. • {الْوَدُودُ} مَأْخُوذَةٌ من الوُدِّ، والوُدُّ هُوَ خالصُ المحبةِ فهو جل وعلا وَدُودٌ، ومعنى وَدُودٍ مَحْبُوبٌ، وأنه حَابٌّ فهو يَشْمَلُ الوجهين جميعًا، فهو سبحانه الَّذِي يُحِبُّهُ أَحْبَابُهُ مَحَبَّةً لا يشبهها شَيْءٌ، وهو تعالى الوَدُودُ الوَادُّ لأحبابه كما قال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.

15

• {ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ} أي: صَاحِبُ العَرْشِ؛ إِذْ هُوَ خَالِقُهُ وَمَالِكُهُ، وَالمَجِيدُ: المُسْتَحِقُّ لِكَمَالِ صِفَاتِ العُلُوِّ.

17

• {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الجُنُودِ} أَيْ: قَدْ أَتَاكَ يا محمدُ خَبَرُ الجُمُوعِ الكافرةِ المُكَذِّبَةِ لأنبيائهم التي تَجْمَعُ لهم الأجنادَ لقتالهم، وحديثُهم: قِصَّةُ أَخْذِ اللهِ لهم.

20

• {وَاللهُ مِنْ وَرَاءِهِمْ مُّحِيطٌ} قَدْ أَحَاطَ بهم عِلْمًا وَقُدْرَةً، كقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}.

21

• {قُرْآنٌ مَّجِيدٌ} وَسِيعُ المعانِي عَظِيمُهَا، كثيرُ الخَيْرِ والعِلْمِ.

22

• {فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} مَحْفُوظٌ مِنَ التَّغَيُّرِ والزيادةِ والنقصِ، ومحفوظٌ من الشياطينِ، وهو: اللوحُ المحفوظُ الَّذِي قد أَثْبَتَ اللهُ فيه كلَّ شَيْءٍ.

1

• {الطَّارِقِ} كُلُّ مَا يَطْرُقُ وَيَأْتِي لَيْلًا، وسُمِّيَ النجمُ طَارِقًا لِطُلُوعِهِ لَيْلًا.

3

• {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} أي: الثُّرَيَّا، وَالثَّاقِبُ: المضيءُ الَّذِي يَثْقُبُ الظلامَ بِنُورِهِ.

4

• {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} أي: إلا عليها حافظٌ من الملائكةِ يَحْفَظُ أعمالَها الصالحةَ والسيئةَ.

6

• {مِن مَّاء دَافِقٍ} أي: مِنْ مَاءٍ ذِي انْدِفَاقٍ وهو بمعنى مَدْفُوقٍ، أي: مَصْبُوبٍ في الرَّحِمِ.

7

• {يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} الصُّلْبُ: عَظْمُ الظَّهْرِ من الرَّجُلِ، وَالتَّرَائِبُ: عِظَامُ الصَّدْرِ، والواحدةُ: تَرِيبَةٌ.

9

• {تُبْلَى السَّرَائِرُ} أي: تُخْتَبُر ضمائرُ القلوبِ في العقائدِ والنِّيَّاتِ، والسرائرُ جمع سريرةٍ كَالسِّرِّ.

11

• {وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ} الرَّجْعُ مِنْ أسماءِ المطرِ، والمقصودُ: ذاتُ المطرِ لِرُجُوعِهِ كلَّ عَامٍ.

12

• {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} أي: التَّصَدُّعِ والتَّشَقُّقِ بِالنَّبَاتِ.

13

• {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} أي: إِنَّ القُرْآنَ لَقَوْلٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الحقِّ والبَاطِلِ.

14

• {وَمَا هُوَ بِالهَزْلِ} أي: باللَّعِبِ والباطلِ بل هُوَ الجِدُّ كُلَّ الجِدِّ.

15

• {يَكِيدُونَ كَيْدًا} أي: يَعْمَلُونَ المَكَائِدَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

16

• {وَأَكِيدُ كَيْدًا} لإظهارِ الحقِّ ولو كَرِهَ الكَافِرُون، وَلِدَفْعِ ما جَاءُوا به من الباطلِ وَيُعْلَمُ بهذا مَنِ الغَالِبُ؛ فَإِنَّ الآدَمِيَّ أضعفُ وَأَحْقَرُ من أن يُغَالِبَ القَوِيَّ الْعِلْمِ في كَيْدِهِ.

17

• {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} أي: قَلِيلًا، فَسَيَعْلَمُونَ عَاقِبَةَ أَمْرِهِمْ، حين ينزلُ بهم العقابُ.

1

• {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} يَأْمُرُ تعالى بتسبيحه المُتَضَمِّنِ لِذِكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ والخضوعِ لجلاله، وأن يكونَ تَسْبِيحًا يليقُ بعظمةِ اللهِ تعالى بأن تُذْكَرَ أسماؤُه الحسنى العاليةُ عَلَى كُلِّ اسْمٍ بمعناها العظيمِ الجليلِ.

2

• {خَلَقَ فَسَوَّى} أي: خَلَقَ المخلوقاتِ فَسَوَّاهَا، أي: أَتْقَنَ وَأَحْسَنَ خَلْقَهَا.

3

• {قَدَّرَ فَهَدَى} تَقْدِيرًا تَتْبَعُهُ جميعُ المُقَدَّرَاتِ، فَهَدَى إلى ذلك جميعَ المخلوقاتِ.

4

• {أَخْرَجَ المَرْعَى} أي: أَنْبَتَ العشبَ والكلأَ.

5

• {فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى} أي: بَعْدَ الخُضْرَةِ والنُّضْرَةِ جَعَلَهُ هَشِيمًا يَابِسًا أَسْوَدَ.

6

• {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى} أي: سَنَحْفَظُ ما أَوْحَيْنَاهُ إليكَ من الكتابِ ونُوعِيهِ قَلْبَكَ، فلا تَنْسَى منه شَيْئًا. وهذه بشارةٌ من اللهِ لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ اللهَ سُيَعَلِّمُهُ عِلْمًا لا يَنْسَاهُ.

8

• {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} إنَّ اللهَ يُيَسِّرُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - لليُسْرَى في جميعِ أُمُورِهِ ويجعل شَرْعَهُ وَدِينَهُ يَسِيرًا.

9

• {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} عِظِ الناسَ يا محمدُ بالقرآنِ وَأَرْشِدْهُمْ إلى ما فِيهِ مِنْ نَفْعٍ دَائِمٍ.

10

• {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} سَيَتَّعِظُ وَيَقْبَلُ التذكيرَ مَنْ يَخْشَى اللهَ ورسولَه.

11

• {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} وَيَتَبَاعَدُ عن الذِّكْرَى فلا يَقْبَلُهَا الشقيُّ الَّذِي اخْتَارَ أن يعيشَ في هذه الدنيا كَافِرًا بربِّه جَاحِدًا لِنِعَمِهِ.

12

• {النَّارَ الْكُبْرَى} النارَ العظيمةَ الفظيعةَ.

13

• {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} أي: لا يَمُوتُ فَيَسْتَرِيحُ، ولا يَحْيَا فَيَهْنَأُ.

14

• {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} أي: فَازَ مَنْ تَطَهَّرَ بالإيمانِ وصالحِ الأعمالِ بَعْدَ التخليِّ عن الشركِ والمعاصي.

15

• {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ذَكَرَهُ بِلِسَانِهِ وَاسْتَحْضَرَ جلالَه في قَلْبِهِ، فَصَلَّى فَرْضَهُ.

18

• {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى} أي: إنَّ هذا وهو قولُه: «قَدْ أَفْلَحَ» إلى قوله: «وَأَبْقَى».

19

• {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} أي الكُتُبُ المُنَزَّلَةُ عليهما، ولم يُرِدْ أن هذه الألفاظَ بعينِها موجودةٌ في تلك الصُّحُفِ وإنما معنى هذا الكلامِ واردٌ فيها.

1

• {الْغَاشِيَةِ} أي الْقِيَامَةُ، وَسُمِّيَتِ الغاشيةَ؛ لأنها تَغْشَى الناسَ بِأَهْوَالِهَا وَأَفْزَاعِهَا.

3

• {عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ} تَعِبَةٌ في العَذَابِ، تُجرُّ عَلَى وُجُوهِهَا وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ، وقيل: تعملُ في الدنيا عَمَلًا كَثِيرًا وَتَنْصَبُ فيه، ولكن لما عُدِمَ شرطُ العملِ وهو الإيمانُ صَارَ يَوْمَ القيامةِ هَبَاءً مَنْثُورًا.

4

• {نَارًا حَامِيَةً} تَدْخُلُ نَارًا شَدِيدَةَ الحَرِّ، لا حَرَّ يَعْدِلُ حَرَّهَا.

5

• {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} شَدِيدَةِ الحرارةِ قد تَنَاهَى حَرُّهَا.

6

• {ضَرِيعٍ} أي: أخبثُ طَعَامٍ وَأَنْتَنُهُ.

7

• {لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ} لا يُسْمِنُ آكِلَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ لرفعِ الجوعِ عنه، أي: إِنَّ مَنْفَعَتَيِ الغذاءِ عنه مُنْتَفِيَتَانِ وهما إماطةُ الجوع، وإفادةُ السِّمَنِ في البَدَنِ.

8

• {نَاعِمَةٌ} أي: حَسَنَةٌ نَضِرَةٌ.

9

• {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} أي: لِعَمَلِهَا الصَّالِحَاتِ في الدنيا، وراضيةٌ في الآخِرَةِ لما رَأَتْ مِنْ ثَوَابِهَا.

10

• {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} مُرْتَفِعَةِ المكانِ والمكانةِ.

11

• {لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} كَلَامًا سَاقِطًا غَيْرَ مُرْضٍ. واللَّغْوُ واللَّاغِيَةُ بمعنًى واحدٍ وهو الكلامُ الساقطُ الَّذِي لا يُعْتَدُّ به.

12

• {عَيْنٌ جَارِيَةٌ} عَلَى وَجْهِ الأرضِ في غَيْرِ أُخْدُودٍ.

13

• {سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ} السُّرُرُ: جمع سَرِيرٍ مَرْفُوعٌ مكانًا وَقَدْرًا ومحلًّا، وارتفاعُها يُوحِي بِعَظَمَتِهَا وَطَهَارَتِهَا وتكريمِ أَهْلِهَا.

14

• {وَأَكْوَابٌ} أقداحٌ لا عُرى لها. • {مَوْضُوعَةٌ} عَلَى حَافَّةِ العَيْنِ للشُّرْبِ من أنواعِ الأشربةِ اللذيذةِ.

15

• {نَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ} أي: وَمَسَانِدُ (جَمْعُ نُمْرُقَةٍ) مَصْفُوفَةٌ الواحدةُ إلى جَنْبِ الأُخْرَى لِلِاسْتِنَادِ إليها.

16

• {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} الزَّرَابِيُّ أَعْلَى أنواعِ الفُرُشِ، وَمَبْثُوثَةٌ: مَنْشُورَةٌ في كُلِّ مَكَانٍ.

22

• {لسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} بِمُسَلَّطٍ فَتُكْرِهُهُمْ عَلَى الإيمانِ.

24

• {الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} وهو أن يُدْخِلَهُ النارَ فَيُعَذِّبَهُ فيها عَذَابًا كَبِيرًا لا يَعْلَمُ قَدْرَهُ إلا اللهُ تعالى.

1

• {وَالْفَجْرِ} أي: فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ، وهو الوقتُ الَّذِي يَنْشَقُّ فيه الضوءُ وَيَنْفَجِرُ النُّورُ.

2

• {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} أي: لَيَالِي عَشْرِ رَمَضَانَ، وقيل: فإنها ليالٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أيامٍ فَاضِلَةٍ، وَيَقَعُ فيها من العباداتِ والقُرُبَاتِ مَا لَا يَقَعُ في غَيْرِهَا.

3

• {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} أي الزَّوْجِ والفَرْدِ.

4

• {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} أي: وَقْتَ سَرَيَانِهِ، وَإِرْخَاؤُهُ: ظَلَامُهُ مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا.

5

• {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ} هل في الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ تعالى به قَسَمٌ كَافٍ مُقْنِعٌ لصاحبِ العَقْلِ الرَّاجِحِ؟!

6

• {بِعَادٍ} هي عَادٌ الأُولَى، وكان مَسْكَنُهُمْ في الأَحْقَافِ وهي كثبانُ الرملِ في جنوبِ الجزيرةِ بَيْنَ حَضْرَمَوْتَ وَالْيَمَنِ.

7

• {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} أي: عَاد إِرَمَ، وَإِرَمُ هُوَ جَدُّ عَادٍ، وقيل: إِرَمُ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ، وقيل: اسَمٌ لِلْقَرْيَةِ، وقيل غيرُ ذلك، وَذَاتُ العِمَادِ: ذاتُ الأعمدةِ والأبنيةِ القويةِ، وقد نَكَّلَ اللهُ تعالى بهم نَكَالًا عَظِيمًا مع أنهم أقوياءُ.

8

• {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} أي: لَمْ يُصْنَعْ مِثْلُهَا في البلادِ؛ لأنها قويةٌ مُحْكَمَةٌ، وهذا هُوَ الَّذِي غَرَّهُمْ، حتى قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟

9

• {جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} أي: قَطَعُوا الصخرَ وَجَعَلُوا من الصخورِ بُيُوتًا بِوَادِي القُرَى.

10

• {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ} أي: مَلِكُ مِصْرَ الَّذِي كان في عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السلامُ، «ذِي الأَوْتَادِ» ذِي المَبَانِي العظيمةِ الثابتةِ والجموعِ والجنودِ الكبيرةِ التي تَشُدُّ مُلْكَهُ.

11

• {طَغَوْا فِي الْبِلَادِ} أي: تَجَبَّرُوا فيها وَظَلَمُوا العبادَ وأكثروا فيها الفسادَ، وَتَجَاوَزُوا الحدَّ في الكُفْرِ وَالظّلْمِ والعُدْوَانِ.

13

• {سَوْطَ عَذَابٍ} نَوْعُ عَذَابٍ، وَأَصْلُ السَّوْطِ: خَلْطُ الشيءِ بَعْضِهِ ببعضٍ، وسُمِّيَ ما يُضْرَبُ به سَوْطًا؛ لأنه يُصِيبُ الجِلْدَ وَيُخَالِطُهُ.

14

• {لَبِالْمِرْصَادِ} يَرْصُدُ أَعْمَالَ العبادِ لِيَجْزِيَهُمْ عليها، فلا يفوتُه شيءٌ منها، والمرصادٌ: الطريقُ الَّذِي يُرْصَدُ فيه العدوُّ.

17

• {لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} لا تُعْطُونَهُ حَقَّهُ ولا تُحْسِنُونَ إليه مع غِنَاكُمْ.

18

• {وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أي: لا يَحُضُّ بعضُكم بعضًا عَلَى إطعامِ المحتاجين من الفقراءِ والمساكينَ؛ لِأَجْلِ الشّحِّ في الدنيا، ومَحَبَّتِهَا الشديدةِ المتمكنةِ في القلوب.

19

• {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} الميراثَ أو ميراثَ الْيَتَامَى. • {أَكْلًا لّمًّا} شَدِيدًا، واللَّمُّ: الجَمْعُ.

20

• {حُبًّا جَمًّا} حُبًّا شَدِيدًا كَثِيرًا.

21

• {إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} أي: حُرِّكَتْ حَرَكَةً شديدةً وزُلزِلَتْ زلزالًا قويًّا فلم يَبْقَ عليها شَاخِصٌ الْبَتَّةَ.

22

• {وَجَاء رَبُّكَ} مَجِيئًا يَلِيقُ بجلاله وكماله لفصلِ القضاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ. • {وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} أي: والملائكةُ صَفًّا بعد صَفٍّ.

23

• {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} أي: تُجرُّ بسبعينَ ألفَ زِمَامٍ بأيدي سَبْعِينَ ألفَ مَلَكٍ. • {يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ} أي الكافرُ ما قالت له الرسلُ مِنْ وَعْدِ اللهِ ووعيدِه يومَ لِقَائِهِ.

• {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} مِنْ أَيْنَ لهذه الذكرى أن تَنْفَعَهُ، أو أن تَرْجِعَ إليه بفائدة وقد جَاءَتْ في غيرِ وَقْتِهَا.

24

• {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ} قدمتُ الإيمانَ والعملَ الصالحَ. • {لِحَيَاتِي} أي الحياةُ الحقيقيةُ التي تَسْتَحِقُّ اسمَ الحياةِ، والتي تَسْتَحِقُّ الاستعدادَ لها والادخارَ.

25

• {لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ} أي: لا يُعَذِّبُ مثلَ عذابِ اللهِ أَحَدٌ، أي: في قُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ.

26

• {وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} أي: وَلَا يُوثِقُ أَحَدٌ مِثْلَ وَثَاقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

27

• {النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ} أي: المؤمنةُ الآمنةُ اليومَ من العذابِ لما لَاحَ لها من بشائرِ النجاةِ.

28

• {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} إلى جِوَارِهِ في دارِ كَرَامَتِهِ، أي: الجنةِ.

29

• {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} أي: في جُمْلَةِ عِبَادِي المؤمنين المُتَّقِينَ.

1

• {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} أي مَكَّةَ.

2

• {وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} أي وَأَنْتَ يا نبيَّ اللهِ -محمد - صلى الله عليه وسلم - حَلَالٌ بِمَكَّةَ.

3

• {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} أي: وَآدَمَ وَذُرِّيَّتِهُ.

4

• {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} أي: في نَصَبٍ وشدةٍ يُكَابِدُ مَصَائِبَ الدنيا، وشدائدَ الآخِرَةِ.

5

• {أَيَحْسَبُ أَنْ لَّنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} أيظن الإنسانُ الكافرُ المفتونُ بقوته المغرورُ بشدته أنه بَلَغَ منزلةً لا يَتَوَقَّعُ أن يَقْدِرَ عَلَيْهِ قادرٌ فَيَأْخُذَهُ بعمله وَيُحَاسِبَهُ عَلَى طُغْيَانِهِ؟!

6

• {أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا} أَنْفَقْتُ مَالًا كَثِيرًا في عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَنَزَلَتْ في الوليدِ بنِ المُغِيرَةِ، وقيل: هُوَ عَامٌّ لكلِّ إِنْفَاقٍ في الشهواتِ والمعاصِي؛ لأنه لا يَنْفَعُ المُنْفِقَ بما أَنْفَقَ، ولا يعودُ إليه من إنفاقه إلا الندمُ والخسارةُ، والتعبُ والقِلَّةُ، لا كمن أَنْفَقَ في مرضاةِ اللهِ وفي سبيلِ الخيرِ؛ فإنَّ هذا قد تَاجَرَ مع اللهِ وَرَبِحَ أَضْعَافَ أَضْعَافِ مَا أَنْفَقَ.

7

• {أَيَحْسَبُ أَنْ لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ}: أَيَظُنُّ أَنَّ اللهَ لا يَرَاهُ وَلَا يُحَاسِبُهُ عَلَى الصغيرةِ والكبيرةِ، بل قَدْ رَأَىهُ وَحَفِظَ أَعْمَالَهُ، وَوَكَّلَ به الكِرَامَ الكَاتِبِينَ، لِكُلِّ مَا عَمِلَ من خَيْرٍ وَشَرٍّ.

10

• {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} أي: بَيَّنَا له طريقَ الخيرِ وطريقَ الشَّرِّ، وبَيَّنَا له الهُدَى من الضَّلَالِ.

11

• {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} أي: فلا هُوَ اقْتَحَمَ العقبةَ فَيَأْمَنُ، ولا هُوَ فَعَلَ ما يَنْفَعُهُ، والاقتحامُ: الدخولُ في الأمرِ الشديدِ، والعَقَبَةُ: الطَّرِيقُ الوَعِرُ في الجبلِ يصعب سُلُوكُهَا، وَكَنَّى باقتحامِ العقبةِ: عن مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَالهَوَى والشيطانِ في أعمالِ الخيرِ والبِرِّ.

13

• {فَكُّ رَقَبَةٍ} أَعْتَقَ رَقَبَةً في سَبِيلِ اللهِ.

14

• {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} أي: في يومِ ذِي مَجَاعَةٍ وَشِدَّةٍ، وَالسَّغَبُ: الجُوعُ، وَالمَقْصُودُ أَنْ يُطْعِمَ وَقْتَ الحَاجَةِ.

15

• {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} أي: إِطْعَامُ يَتِيمٍ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ.

16

• {مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} أي فَقِيرًا لَاصِقًا بالترابِ ليس له شَيْءٌ.

17

• {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} أَوْصَى بعضُهم بعضًا بالصبرِ عَلَى طاعةِ اللهِ. • {وَتَوَاصَوْا بِالمَرْحَمَةِ} وَأَوْصَى بعضُهم بعضًا بِرَحْمَةِ الفقراءِ والمساكينِ.

18

• {أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ} أصحابُ اليَمِينِ وَهُمُ المُتَّقُونَ المُؤْمِنُونَ.

19

• {هُمْ أَصْحَابُ المَشْأَمَةِ} أي: أصحابُ الشمالِ، وَهُمُ الْكُفَّارُ وَالْفُجَّارُ.

20

• {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ} مُطْبِقةٌ لا نَافِذَةَ لها وَلَا كُوَّةَ فلا يَدْخُلُهَا هَوَاءٌ.

1

• {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} أي: نُورُهَا وَنَفْعُهَا الصَّادِرُ مِنْهَا.

2

• {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} أي: تَلَا الشَّمْسَ في السَّيْرِ، وقيل: إذا تَلَاهَا في الإضاءةِ، وما دامت الآيةُ تَحْتَمِلُ هذا وهذا، فإن القاعدةَ في علم التفسيرِ أن الآيةَ إذا احْتَمَلَتْ مَعْنَيَيْنِ لا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا وَجَبَ الأَخْذُ بهما جميعًا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا أَوْسَعُ لِلْمَعْنَى.

3

• {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} أَضَاءَهَا، وقيل: جَلَّا مَا عَلَى الأَرْضِ وَأَوْضَحَهُ.

4

• {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} أي: يَغْشَى وَجْهَ الأرضِ، فيكونُ ما عليها مُظْلِمًا.

5

• {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} أي: وَمَنْ بَنَاهَا وهو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حيث جعل السماءَ كالسقفِ للأرضِ.

6

• {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} أي: وَمَنْ بَسَطَهَا وَهُوَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

7

• {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} أي: سَوَّاهَا خِلْقَةً وَسَوَّاهَا فِطْرَةً، سواها خِلقةً حيث خَلَقَ كلَّ شيءٍ عَلَى الوجهِ الَّذِي يُنَاسِبُهُ وَيُنَاسِبُ حَالَهُ، وَسَوَّاهَا فِطْرَةً ولاسيما البشرُ؛ فإن اللهَ تعالى جَعَلَ فِطْرَتَهُمْ هي الإخلاصُ والتوحيدُ كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (الروم: 30).

8

• {فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} أَيِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلْهَمَ هذه النفوسَ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، وبدأ بالفجورِ قبل التَّقْوَى مع أن التَّقْوَى -لا شَكَّ- أَفْضَلُ، قالوا: مراعاةً لفواصلِ الآياتِ، والفجورُ: هُوَ ما يُقَابِلُ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى: طَاعَةُ اللهِ، والفجورُ: مَعْصِيَةُ اللهِ، فَكُلّ عاصٍ فَهُوَ فَاجِرٌ، وإذا كان الفاجرُ خُصَّ عُرْفًا بأنه ليس بِعَفِيفٍ، ولكن هُوَ شرعًا يَعُمُّ كلَّ مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ، وَإِلْهَامُهَا تَقْوَاهَا هُوَ المُوَافِقُ للفطرةِ؛ لأن الفجورَ خَارِجٌ عن الفِطْرَةِ.

9

• {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} أي: طَهَّرَ نَفْسَهُ من الذنوبِ، وَنَقَّاهَا من العيوبِ وَرَقَّاهَا بِطَاعَةِ اللهِ، وَعَلَّاهَا بالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

10

• {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} أي: أَخْفَى نَفْسَهُ الكريمةَ التي ليست حقيقتَه بِقَمْعِهَا وَإِخْفَائِهَا بالتدنيسِ بالرذائلِ وَالدُّنُوِّ من العيوبِ والذنوبِ.

11

• {بِطَغْوَاهَا} أي: بسببِ طُغْيَانِهَا في الشِّرْكِ وَالمَعَاصِي.

12

• {إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا} أَيِ انْطَلَقَ مُسْرِعًا أَشْقَى الْقَبِيلَةِ وهو «قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ» الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فيقال: أَشْأَمُ مِنْ قُدَارٍ.

13

• {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا} أَيْ: ذَرُوهَا وَشِرْبَهَا في يَوْمِهَا.

14

• {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} أي: قَتَلُوهَا لِيَخْلُصَ لَهُمْ مَاءُ الشِّرْبِ مِنْ يَوْمِهَا. • {فَدَمْدَمَ} أي: أَطْبَقَ عليهم العذابُ فَأَهْلَكَهُمْ بسببِ ذَنْبِهِمْ وهو تَكْذِيبُهُمْ صَالِحًا. • {بِذَنبِهِمْ} أي: بسببِ ذُنُوبِهِمْ التي هي الشِّرْكُ والتكذيبُ وَقَتْلُ الناقةِ. • {فَسَوَّاهَا} أي: سَوَّى الهلاكَ عليهم جميعًا وَعَمَّهُمْ به فلم يفْلتْ منهم أَحَدٌ.

15

• {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} أي: لا يخافُ الربُّ تعالى تَبِعَةَ إهْلَاكِهِمْ، كما يخافُ الإنسانُ عاقبةَ فِعْلِه إذا هُوَ قَتَلَ أَحَدًا أو عَذَّبَهُ، وكيف يخافُ وهو قَاهِرٌ لا يَخْرُجُ عن قَهْرِهِ وَتَصَرُّفِهِ مَخْلُوقٌ، حَكِيمٌ –سبحانه- في كُلِّ مَا قَضَاهُ وَشَرَعَهُ؟

1

• {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} أي: يَعُمُّ بِظُلْمَتِهِ كُلَّ ما بَيْنَ السماءِ والأرضِ.

2

• {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} أي: ظَهَرَ فَاسْتَضَاءُوا بِنُورِهِ، وَانْتَشَرُوا في مَصَالِحهِمْ.

3

• {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} أي: مَنْ خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى، آدَمَ وَحَوَّاءَ وَكُلَّ ذُرَّيَّتِهِمَا هُوَ اللهُ تعالى.

4

• {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} أي: إن عَمَلَكُمْ أيها الناسُ لمُخْتَلِفٌ؛ مِنْهُ الحسنةُ المُورِثَةُ لِلْجَنَّةِ، وَمِنْهُ السيئةُ الموجبةُ لِلنَّارِ.

5

• {أَعْطَى وَاتَّقَى} أعطى حقَّ اللهِ وَتَصَدَّقَ، وَاتَّقَى اللهَ وَاجْتَنَبَ مَحَارِمَهُ، وَاجْتَنَبَ الشُّحَّ.

6

• {وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} بالخِصْلَةِ الحَسَنَةِ، وهي الإسلامُ، وَعَبَّرَ عنها بعضُهم بـ (لا إله إلا الله) وما تَرَتَّبَ عليها من الأعمالِ القلبيةِ والبدنيةِ.

7

• {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} أي: فَنُيَسِّرُ له أَمْرَهُ وَنَجْعَلُهُ مُسَهَّلًا عَلَيْهِ كُلُّ خَيْرٍ، مُيَسَّرًا له تَرْكُ كُلِّ شَرٍّ؛ لأنه أَتَى بِأَسْبَابِ التَّيْسِيرِ فَيَسَّرَ اللهُ له ذلك.

8

• {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} بَخِلَ بِمَالِهِ فَأَمْسَكَهُ وَمَنَعَ حَقَّ اللهِ فيه وَاسْتَغْنَى عَنْ ثَوَابِ رَبِّهِ فَلَمْ يَعْمَلْ له ولم يَرْغَبْ فيه.

9

• {وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى} كَذَّبَ بالجنةِ وما وَعَدَ اللهُ به من الثَّوَابِ.

10

• {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} لِلشَّرِّ والنَّارِ.

11

• {إِذَا تَرَدَّى} إذا سَقَطَ في قَبْرِهِ وفي جَهَنَّمَ.

12

• {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} أي: إِنَّ الهُدَى المستقيم طريقُه يُوصِلُ إلى اللهِ، وَيُدْنِي من رِضَاهُ، وأما الضلالُ فَطُرُقُهُ مسدودةٌ عن اللهِ لا تُوصِلُ صاحِبَها إلا للعذابِ الشديدِ.

13

• {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} أي مِلْكُ ما في الدنيا والآخرةِ نُعْطِي وَنَحْرِمُ مَنْ نَشَاءُ لا مَالِكَ غَيْرنَا.

14

• {فَأَنذَرْتُكُمْ} خوَّفْتُكُمْ. • {نَارًا تَلَظَّى} أي: تَتَوَقَّدُ.

15

• {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} أي الَّذِي قُدِّرَتْ له الشقاوةُ، والشقاوةُ ضِدُّ السَّعَادَةِ.

17

• {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} أي: يُجَنَّبُ النارَ التي تَلَظَّى (الأَتْقَى) والأَتْقَى اسمُ تفضيلٍ من التَّقْوَى يعني: الَّذِي اتَّقَى اللهَ تعالى حَقَّ تُقَاتِهِ.

18

• {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ} يُعْطِي مالَه في وجوهِ البرِّ والإحسانِ. • {يَتَزَكَّى} يَطْلُبُ بذلك طَهَارَةَ نَفْسِهِ وَقُرْبَهَا مِنْ رَبِّهِ، ولا يطلبُ بما ينفعه رياءً ولا سُمْعَةً.

19

• {وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى} أي: عِنْدَ أبي بَكْرٍ، أي: ما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تُجْزَى، حتى ولا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نعمةَ الرسولِ التي لا يُمْكِنُ جَزَاؤُهَا، وهي نعمةُ الدعوةِ إلى الإسلامِ، وتعليمِ الهُدَى ودينِ الحقِّ؛ فَإِنَّ للهِ ورسولِه المنةَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وقيل: المعنى عَامٌّ لِكُلِّ مَنْ يُعْطِي ابتغاءَ وَجْهِ اللهِ لا لنعمةٍ ولا لِفَضْلٍ لِأَحَدٍ عليه.

20

• {إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} إنما أَنْفَقَ مالَه طَلَبًا لِرِضَى رَبِّهِ.

21

• {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} بما يُعْطِيهِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في الآخرةِ من الجنةِ والخيرِ والكرامةِ جزاءَ مَا فَعَلَ.

1

• {الضُّحَى} أَوَّلُ النهارِ ما بَيْنَ طلوعِ الشمسِ وارتفاعِها قِيدَ رُمْحٍ إلى الزَّوَالِ.

2

• {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} غطَّى بظلامِه المعمورةَ وسَكَنَ فسَكَنَ النَّاسُ وَخَلَدُوا إلى الرَّاحَةِ.

3

• {مَا وَدَّعَكَ} ما تَرَكَكَ ولا تَخَلَّى عَنْكَ. • {مَا قَلَى} مَا أَبْغَضَكَ.

6

• {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا} أي: فَاقِدًا الأَبَ؛ إِذْ مات والدُه قبلَ ولادتِه. • {فَآوَى} أي: فَآوَاكَ بأن ضَمَّكَ إلى جَدِّكَ عَبْدِ المُطَّلِبِ، ثم لمَّا مَاتَ كَفَلَكَ عَمّكَ «أَبُو طَالِبٍ».

7

• {ضَالًّا فَهَدَى} ضَالًّا عن مَعَالِمِ الشريعةِ غيرَ عَالِمٍ بها قبلَ نُزُولِهَا عَلَيْهِ، كقوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} وقيل: لا تعرف دِينًا ولا هُدًى فَهَدَاكَ وَهَدَى بِكَ، فهو هَادٍ مَهْدِيٌّ عَلَيْهِ الصلاةُ والسلامُ.

8

• {عَائِلًا} فَقِيرًا لا تَمْلِكُ شَيْئًا. • {فَأَغْنَى} أي: بالقناعةِ وما يَسَّرَ لكَ من مَالِ «خَدِيجَةَ» و «أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ» رضي اللهُ عنهما.

9

• {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} لَا تُذِلَّهُ وَلَا تَأْخُذْ مَالَهُ، لأن إكرامَ اليتيمِ والإحسانَ إليه من أوامرِ وحسناتِ الشريعةِ.

10

• {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} لا تَنْهَرْهُ بِزَجْرٍ وَنَحْوِهِ، ويدخل في ذلك السائلُ عن العِلْمِ والشريعةِ والسائلُ للمالِ أيضًا.

11

• {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} أي اذْكُرْ مَا أَنْعَمَ اللهُ به عليكَ شُكْرًا له عَلَى ذلك، وهذا يشمل النِّعَمَ الدينيةَ والدنيويةَ، والتحديثُ بنعمةِ اللهِ دَاعٍ لِشُكْرِهَا، وَمُوجِبٌ لِتَحْبِيبِ القلوبِ إلى مَنْ أَنْعَمَ بها؛ فإن القلوبَ مَجْبُولَةٌ عَلَى محبَّةِ المُحْسِنِ.

1

• {نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} أي بالنبوةِ وَبِشَقِّهِ وَتَطْهِيرِهِ ومَلْئِهِ إيمانًا وَحِكْمَةً.

2

• {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} حَطَطْنَا عَنْكَ عِبْأَكَ وَثِقَلَكَ، والوزرُ: الحِمْلُ الثقيلُ.

3

• {أَنقَضَ ظَهْرَكَ} أي: أَثْقَلَ ظَهْرَكَ كي يَشْعُرَ - صلى الله عليه وسلم - بِثِقَلِ السنين التي عَاشَهَا قبلَ النبوةِ لم يَعْبُدْ فيها اللهَ تَعَالَى لِفِعْلِ مَحَابِّهِ وَتَرْكِ مَكَارِهِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بذلك.

4

• {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} أَعْلَيْنَاهُ فَأَصْبَحْتَ تُذْكَرُ مَعِيَ في الأَذَانِ والإِقَامَةِ والتَّشَهُّدِ.

5

• {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} أي: مِعَ الشِّدَّةِ سُهُولَةً وَرَخَاءً بإظهارِي إياكَ عَلَى المشركين حتى تُجَاهِدَهُمْ وَتَغْلِبَهُمْ.

6

• {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} كُرِّرَ لتأكيدِ الوَعْدِ بحصولِ اليُسْرِ، وزوالِ العُسْرِ، وتعظيمِ الرجاءِ؛ ليكونَ أقوى للأملِ وَأَبْعَثَ عَلَى الصبرِ، وقد أَنْجَزَ اللهُ تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ما وَعَدَهُ، فقد فَتَحَ عَلَيْهِ البلادَ، وَانْقَادَ له العبادُ وَوَسَّعَ عَلَيْهِ الدنيا.

7

• {فَإِذَا فَرَغْتَ} مِنْ عَمَلٍ وِعِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ. • {فَانصَبْ} وَلَا يَخْل وقتٌ مِنْ أوقاتكَ مِنْ عَمَلِ طاعةٍ في سَبِيلِ مَرْضَاةِ رَبِّكَ، والنَّصَبُ: التَّعَبُ.

8

• {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} فَاضْرَعْ إليه راغبًا فيما عِنْدَهُ من الخيرِ.

2

• {طُورِ سِينِينَ} جَبَلُ الطُّورِ الَّذِي نَاجَى الرَّبُّ تعالى فيه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. ومعنى (سِيِنينَ): الحَسَنُ المُبَارَكُ.

3

• {الْبَلَدِ الْأَمِينِ} أي: مَكَّةُ المُكَرَّمَةُ؛ لأنها بلدٌ حرامٌ لا يُقَاتَلُ فيها، وَمَنْ دَخَلَهَا أَمِنَ.

4

• {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} في أجملِ صُورَةٍ في اعْتِدَالِ الخَلْقِ وَحُسْنِ التَّرْكِيبِ.

5

• {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ} أي: ذلك الإنسانُ الَّذِي خَلَقْنَاهُ في أحسنِ تَقْوِيمٍ، والمرادُ به الكافرُ الَّذِي لم يُؤْمِنْ بربِّه ولم يَشْكُرْ له نعمةَ الخَلْقِ والتَّكْرِيمِ. • {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} كان عاقبةُ أمرِه إلى النارِ وهي دَرَكَاتٌ بَعْضُهَا أَسْفَلَ بَعْضٍ.

8

• {بِأَحْكَمِ الحَاكِمِينَ} بَلَى هُوَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ صُنْعًا وَتَدْبِيرًا وَحُكْمًا وَقَضَاءً، لَا عَبَثَ في صُنْعِهِ ولا جَوْرَ في حُكْمِهِ.

2

• {مِنْ عَلَقٍ} جَمْعُ عَلَقَةٍ وهي النطفةُ في الطَّوْرِ الثاني حين يَصِيرُ عَلَقَةً، أي: قِطْعَةً من الدمِ الغليظِ.

6

• {إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى} يَتَجَاوَزُ الحدَّ المفروضَ له في سُلُوكِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ.

7

• {أَن رَأَىهُ اسْتَغْنَى} عندما يرى نَفْسَهُ قد اسْتَغْنَى بماله أو ولده أو سُلْطَانِهِ.

9

• {الَّذِي يَنْهَى} يَنْهَى عَنِ الصَّلَاةِ.

15

• {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} لَنَجُرَّنَّهُ إلى النارِ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وقيل: السَّفْعُ: الإِحْرَاقُ.

16

• {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} أي: صَاحِبُ هَذِهِ الناصيةِ هُوَ أَبُو جَهْلٍ كَاذِبٌ خَاطِئٌ؛ لأنه ادَّعَى أنه أَعزُّ أَهْلِ مَكَّةَ، وَنَهَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصلاةِ، وَتَوَعَّدَهُ عليها.

17

• {فَلْيَدْعُ نَادِيَه} رِجَالُ مَجْلِسِهِ وَمُنْتَدَاهُ، والمعنى: فَلْيَدْعُ أَبُو جَهْلٍ أَهْلَ نَادِيهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ وَمَوَالِيهِ فَلْيَنْتَصِرْ بِهِمْ، والنَّادِي: المجلسُ الَّذِي يَجْمَعُ الناسَ ولا يُسَمَّى نَادِيًا إلا إذَا كانَ فِيهِ أَهْلُهُ.

18

• {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} خُزَّانَ جَهَنَّمَ، الملائكةُ الغِلَاظُ الشِّدَادُ.

1

• {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وذلك أن اللهَ تَعَالَى ابْتَدَأَ بِإِنْزَالِ القُرْآنِ في رمضانَ في ليلةِ الْقَدْرِ، وَرَحِمَ اللهُ بها العبادَ رَحْمَةً عَامَّةً، لا يقدرُ العِبَادُ لها شُكْرًا.

2

• {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} أَيُّ شَيْءٍ أَعْلَمَكَ قَدْرَهَا، وَمَبْلَغَ فَضْلِهَا وهذا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ والتشويقِ لخَيْرِهَا.

3

• {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي: تُعَادِلُ في فَضْلِهَا أَلْفَ شَهْرٍ، فالعملُ الَّذِي يَقَعُ فيها خَيْرٌ مِنَ العَمَلِ في أَلْفِ شَهْرٍ خَالِيَةٍ مِنْهَا.

4

• {وَالرُّوحُ فِيهَا} أي: جبريلُ في ليلةِ الْقَدْرِ. • {بِإِذْنِ رَبِّهِم} أي بِأَمْرِ اللهِ تعالى لهم بالتنزيلِ فيها. • {مِّنْ كُلِّ أَمْرٍ} أي: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ قَضَاهُ اللهُ تعالى في تلك السنةِ مِنْ رِزْقٍ وَأَجَلٍ وَغَيْرِ ذلك.

5

• {سَلَامٌ هِيَ} سلامٌ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، وقيل: سَلَامٌ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَأَمَانٌ وَخَيْرٌ وَبَرَكَةٌ من أَوَّلِهَا حتى مَطْلَعِ الشَّمْسِ. • {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ.

1

• {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. • {وَالمُشْرِكِينَ} وَهُمْ عَبَدَةُ الأَوْثَانِ. • {مُنفَكِّينَ} مُنْفَصِلِينَ عن كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ، وقيل: مُنْفَصِلِينَ عن الدنيا، وقيل: مَتْرُوكِينَ مُهْمَلِينَ يفعلونَ ما يشاءون، والمقصودُ أنهم لا يزالونَ في غَيِّهِمْ وَضَلَالِهمْ وَكُفْرِهِمْ، ولا يَزِيدُهُمْ مُرُورُ الأَوْقَاتِ إلا كُفْرًا. • {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} الحجةُ الواضحةُ وهي محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - وكتابُه القرآنُ الكريمُ.

2

• {يَتْلُو} يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ. • {صُحُفًا} كِتَابًا، أي: مَا تَضَمَّنَهُ المصحفُ المكتوبُ وهو القرآنُ. • {مُطَهَّرَةً} مِنَ البَاطِلِ.

3

• {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} آياتٌ مكتوبةٌ وأحكامٌ دينيةٌ مستقيمةٌ نَاطِقَةٌ بالحقِّ.

4

• {إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} الحُجَّةُ الواضحةُ التي كانوا يَجِدُونَهَا في كُتُبِهِمْ وهي بِعْثَتُهُ - صلى الله عليه وسلم -.

5

• {حُنَفَاءَ} مَائِلِينَ عَنِ الأَدْيَانِ كُلِّهَا إلى دِينِ الإِسْلَامِ. • {دِينُ الْقَيِّمَةِ} دِينُ المِلَّةِ المستقيمةِ.

6

• {شَرُّ الْبَرِيَّةِ} شَرُّ الخَلِيقَةِ.

8

• {جَنَّاتُ عَدْنٍ} بَسَاتِينُ إِقَامَةٍ دَائِمَةٌ.

1

• {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} حُرِّكَتْ لِقِيَامِ الساعةِ، والزَّلْزَلَةُ: الحركةُ الشديدةُ مع اضْطِرَابٍ. • {زِلْزَالَهَا} حَرَكَتَهَا الشَّدِيدَةَ فَيَنْهَدِمُ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْهَا.

2

• {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} تُنْبِئُ عن نهايةِ الدنيا، وبدايةِ الآخرةِ، وقيل: تَشْهَدُ عَلَى الناسِ بما عَمِلُوا، وقيل: أَلْقَتْ كُنُوزَهَا وَمَوْتَاهَا، وقيل: الأثقالُ: جَمْعُ ثِقْلٍ وهو في الأصلِ مَتَاعُ الْبَيْتِ، جَعَلَ مَا فِي جَوْفِهَا من الدفائنِ أَثْقَالًا لها.

6

• {يَصْدُرُ النَّاسُ} يَنْصَرِفُونَ مِنْ مَوْقِفِ الحِسَابِ. • {أَشْتَاتًا} مُتَفَرِّقِينَ مُتَمَايِزِينَ، فَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ إلى الجنةَ، وَأَخَذَ ذَاتَ الشمالِ إلى النارِ، والأَشْتَاتُ: جمع شَتِيتٍ.

7

• {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} زِنَة نَمْلَةٍ صَغِيرَةٍ.

1

• {وَالْعَادِيَاتِ} الخَيْلُ تَعْدُو في الغَزْوِ. • {ضَبْحًا} الضَّبْحُ: صَوْتُ أَنْفَاسِ الخَيْلِ إذا عَدَوْنَ، وإنما أَقْسَمَ بها تَشْرِيفًا لها؛ لأنها عُدَّةُ الجِهَادِ في سبيلِ اللهِ.

2

• {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} أي: الخيلُ تُورِي النارَ وَتَقْدَحُهَا بِحَوَافِرِهَا إذا سَارَتْ مُسْرِعَةً في أرضٍ ذاتِ حِجَارَةٍ، وَالمُورِيَاتُ: جَمْعُ مُورِيَةٍ، والإيراءُ: إخراجُ النارِ.

3

• {فَالمُغِيرَاتِ صُبْحًا} الخيلُ التي تُغِيرُ عَلَى العَدُوِّ في الصباحِ، والإغارةُ: سرعةُ السَّيْرِ.

4

• {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} فهَيَّجْنَ بِشِدَّةِ عَدْوِهِنَّ في ذلك المكانِ غُبَارًا شَدِيدًا.

5

• {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} فَتَوَسَّطْنَ بذلك الغبارِ جَمْعًا من جُمُوعِ العَدُوِّ.

6

• {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} لَكَفُورٌ يَجْحَدُ نعمةَ الله تعالى عليه.

1

• {الْقَارِعَةُ} القِيَامَةُ، وَسُمِّيَتِ القَارِعَةَ؛ لأنها تَقْرَعُ القلوبَ بِأَهْوَالِهَا.

2

• {مَا الْقَارِعَةُ} أي: أَيُّ شَيْءٍ هِيَ؟ فالاستفهامُ للتهويلِ مِنْ شَأْنِهَا.

4

• {كَالْفَرَاشِ المَبْثُوثِ} أي: كَالجَرَادِ المُنْتَشِرِ يَمُوجُ بَعْضُهُ في بَعْضٍ.

5

• {كَالْعِهْنِ المَنفُوشِ} أي: كَالصُّوفِ المَنْفُوشِ الَّذِي بَقِيَ ضَعِيفًا جِدًّا، تَطِيرُ به أَدْنَى رِيحٍ.

6

• {ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ في الميزانِ عَلَى سَيِّئَاتِهِ.

7

• {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} أي: يَرْضَاهَا صَاحِبُهَا في الجَنَّةِ.

8

• {خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ في الميزانِ عَلَى حَسَنَاتِهِ.

9

• {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} مَأْوَاهُ وَمَسْكَنُهُ الهاويةُ التي يَهْوِي فيها عَلَى رَأْسِهِ وهي النَّارُ، وسُمِّيَ المسكنُ أُمًّا لأنه يَأْوِي إليه الإنسانُ كما يَأْوِي الولدُ إلى أُمِّهِ. وسُمِّيَتِ النارُ هَاوِيَةً؛ لأنها يَهْوِي فيها أَهْلُهَا مع بُعْدِ قَعْرِهَا.

11

• {نَارٌ حَامِيَةٌ} حَارَّةٌ شَدِيدَةُ الحَرِّ، قويةُ اللَّهَبِ وَالسَّعِير.

1

• {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} شَغَلَكُمُ التَّبَاهِي بِكَثْرَةِ المَالِ.

2

• {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} أي: تَشَاغَلْتُمْ بِجَمْعِ المالِ والتَّبَاهِي بِكَثْرَتِهِ حتى مُتُّمْ وَنُقِلْتُمْ إلى المقابرِ.

5

• {عِلْمَ الْيَقِينِ} عِلْمًا مُتَيَقَّنًا.

6

• {لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ} لَتَرَوُنَّ النارَ بِأَبْصَارِكُمْ بعدَ الموتِ، وهذه زيادةٌ في تأكيدِ الوعيدِ.

7

• {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} لَتَرَوُنَّ الجحيمَ رؤيةَ عينٍ حَقِيقِيَّةً، وهي اليقينُ نَفْسُهُ، وهذا خطابٌ للكفارِ وتهديدٌ لهم بعذابِ النارِ.

8

• {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} الَّذِي أَنْعَمَ به اللهُ عليكم من صحةِ الأبدانِ وكثرةِ الأموالِ والأمنِ في الأوطانِ، أَشَكَرْتُمُوهُ أَمْ كَفَرْتُمُوهُ؟

1

• {وَالْعَصْرِ} أي الدَّهْرِ كُلِّهِ.

2

• {لَفِي خُسْرٍ} نُقْصَانٍ وَخُسْرَانٍ؛ إِذْ حَيَاتُهُ هي رأسُ مَالِهِ، فإذا مَاتَ ولم يُؤْمِنْ ولم يَعْمَلْ صَالحًا خَسِرَ كُلَّ الخُسْرَانِ.

3

• {تَوَاصَوْا بِالحَقِّ} أَوْصَى بعضُهم بعضًا باعتقادِ الحقِّ وَقَوْلِهِ والعملِ به. • {تَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} أَوْصَى بَعْضُهُمْ بعضًا بالصبرِ عَلَى اعتقادِ الحقِّ وَقَوْلِهِ والعملِ به.

1

• {وَيْلٌ} عذابٌ وهلاكٌ، وقيل: وادٍ في جَهَنَّمَ. • {لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} أي الَّذِي يَطْعَنُ في أعراضِ الناسِ، وَيُظْهِرُ عُيُوبَهُمْ وَيُحَقِّرُ أعمالَهم تَلَذُّذًا بالحطِّ منهم والترفّعِ عليهم.

2

• {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ} عَدَّهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ شَغَفًا به وَتَلَذُّذًا، أو جَعَلَهُ عُدَّةً لحوادثِ الدهرِ، والمقصودُ الذمُّ عَلَى إِمْسَاكِ المالِ والبخلِ به.

4

• {لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ} لَيُطْرَحَنَّ في النارِ التي تَحْطِمُ وَتَكْسِرُ كُلَّ شَيْءٍ أُلْقِيَ فيها.

7

• {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} تُشْرِفُ عَلَى القلوبِ فَتَحْرِقُهَا.

8

• {مُّؤْصَدَةٌ} مُغْلَقَةٌ مُطْبَقَةٌ.

9

• {عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ} إن النارَ مُغْلَقَةٌ عليهم بأعمدةٍ مُطَوَّلَةٍ من أولِ أبوابها إلى آخِرِهَا، فلا يدخلُ عليهم فيها رَوْحٌ، ولا يخرج منها غَمٌّ، بل هُمْ مَنْسِيُّونَ فيها وَهِيَ مَؤْصَدَةٌ عليهم. و «العَمَدُ»: جَمْعُ عَمُودٍ، و «المُمَدَّدَةُ»: الطَّوِيلَةُ.

1

• {أَصْحَابِ الْفِيلِ} أي: مَا رَأَيْتَ مِنْ قُدْرَةِ اللهِ، وعظيمِ شَأْنِهِ ما فَعَلَهُ بأصحابِ الفيلِ الَّذِينَ كَادُوا بَيْتَهُ الحرامَ وَأَرَادُوا تَخْرِيبَهُ.

2

• {كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} أَيْ: في خَسَارَةٍ وَهَلَاكٍ.

3

• {أَبَابِيلَ} جَمَاعَاتٍ كَثِيرَةً مُتَفَرِّقَةً مُخْتَلِفَةَ الألوانِ بَعْضُهَا يَتْبَعُ بَعْضًا.

4

• {بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ} حِجَارَةٌ مُحْمَاةٌ مِنْ سِجِّيلٍ.

5

• {كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} كَوَرَقِ زَرْعٍ أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ وَدَاسَتْهُ بِأَرْجُلِهَا.

1

• {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} الإِيلَافُ: مَصْدَرُ آلَفَ الشيءَ يَأْلَفُهُ إِيلَافًا: إذا اعْتَادَهُ وَزَالَتِ الكُلْفَةُ عنه والنُّفْرَةُ مِنْهُ. و «قريش»: هُمْ وَلَدُ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ وَهُمْ قَبَائِلُ شَتَّى.

2

• {رِحْلَةَ الشِّتَاء} إلى اليَمَنِ. • {وَالصَّيْفِ} إلى الشَّامِ.

4

• {أَطْعَمَهُم مِّنْ جُوعٍ} مِنْ بَعْدِ جُوعٍ بِهَاتَيْنِ الرِّحْلَتَيْنِ وبما يحمله إليهم من الرزقِ في البلادِ في البَرِّ والبحرِ، استجابةً لدعاءِ " إبراهيمَ " عَلَيْهِ السلامُ حِينَ قال: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}. • {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} مِنْ بَعْدِ خَوْفٍ، فلقد كان العربُ يَغِيرُ بَعْضُهَا عَلَى بعضٍ، وَيَسْبِي بعضُها من بَعْضٍ، وقريشٌ آمِنَةٌ لمكانِ الحَرَمِ.

1

• {يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} هَلْ عَرَفْتَ يا محمدُ ذلك الَّذِي يُكَذِّبُ بيومِ الحسابِ والجزاءِ؟ فَإِنْ لم تَعْرِفْهُ بذاتِه فَاعْرِفْهُ بِصِفَاتِهِ، وهنا تشويقُ السامعِ ليعرفَ ما بَعْدَهُ.

2

• {الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} يَدْفَعُهُ بِعُنْفٍ عن مالِه أو حقوقِه أو الإحسانِ إليه وإطعامِه.

3

• {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} لا يُطْعِمُهُ، ولا يَحُثُّ عَلَى إِطْعَامِهِ.

5

• {عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} سَهْوَ تَرْكٍ لها وَقِلَّةِ التفاتٍ إليها، وذلك فِعْلُ المنافقين.

6

• {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ} أي: يُرَاؤُونَ بِصَلَاتِهِمْ وأعمالِهم الناسَ فلم يُخْلِصُوا للهِ تعالى في ذلك.

7

• {وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} أي: يَمْنَعُونَ إعطاءَ الشيءِ الَّذِي لا يَضُرُّ إِعْطَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ العَارِيَةِ أو الهبةِ كالإناءِ وَالدَّلْوِ وَالْفَأْسِ ونحوِ ذَلِكَ مما جَرَتِ الْعَادَةُ بِبَذْلِهِ والسماحِ به.

1

• {الْكَوْثَرَ} أي الخيرَ الكثيرَ، والفضلَ الغزيرَ الَّذِي في جُمْلَتِهِ ما يُعْطِيهِ اللهُ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - من النهرِ الَّذِي يُقَالُ له «الْكَوْثَرُ».

2

• {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} خَصَّ هَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ بِالذِّكْرِ؛ لأنهما أفضلُ العباداتِ، وَأَجَلُّ القُرُبَاتِ؛ لأن الصلاةَ تَتَضَمَّنُ الخضوعَ في القلبِ.

3

• {إِنَّ شَانِئَكَ} مُبْغِضَكَ مِنَ النَّاسِ كَائِنًا مَنْ كَانَ. • {الْأَبْتَرُ} المُنْقَطِعُ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ.

4

• {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ} أَيْ في المُسْتَقْبَلِ أَبَدًا.

6

• {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} لَكُمْ شِرْكُكُمْ وَلِي تَوْحِيدِي، كما قال تعالى: {قُلْ كُلّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ * أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}.

1

• {نَصْرُ اللهِ} النَّصْرُ: الإِعَانَةُ وَالْإِظْهَارُ عَلَى العَدُوِّ، والمقصودُ نصرُ اللهِ نَبِيَّهُ عَلَى أَعْدَائِهِ. • {وَالْفَتْحُ} يَعْنِي فَتْحَ مَكَّةَ وَكَانَ فَتْحُهَا في رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ.

1

• {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} أي: خَسِرَتْ يَدَا أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَخَسِرَ عَمَلهُ. • {وَتَبَّ} أي: خَسِرَ هُوَ بِذَاتِهِ؛ إِذْ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

2

• {مَا كَسَبَ} مِنَ المَالِ وَالْوَلَدِ وَغَيْرِهِ.

3

• {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} سَيُدْخَلُ يَوْمَ القيامةِ نَارًا تَلْتَهِبُ عَلَيْهِ فَيَذُوقُ حَرَّهَا وَيُعَذَّبُ بِلَظَاهَا.

4

• {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ} إِذْ كَانَتِ امْرَأَتُهُ أيضًا شَدِيدَةَ الأَذِيَّةِ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - تَتَعَاوَنُ مع زَوْجِهَا عَلَى الإثمِ والعُدْوَانِ، وَتُلْقِي الشَّرَّ، وتسعى غايةَ ما تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَذِيَّةٍ.

5

• {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} في عُنُقِهَا حَبْلٌ مِنْ لِيفٍ قَدْ أَحْكَمَ اللهُ فَتْلَهُ، والمَسَدُ: اللِّيفُ، والمرادُ: حَبْلٌ مِنْ نَارٍ تُعَذَّبُ به في جَهَنَّمَ.

1

• {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} أي انْحَصَرَتْ فيه الأَحَدِيَّةُ، فهو الأَحَدُ المُنْفَرِدُ بالكمالِ، والذي له الأسماءُ الحُسْنَى، والصفاتُ الكاملةُ الْعُلْيَا، والأفعالُ المُقَدَّسَةُ، الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا مَثِيلَ.

2

• {الصَّمَدُ} أَجْمَعُ ما قيل في معناه أَنَّهُ الكاملُ في صِفَاتِهِ، الَّذِي افْتَقَرَ إليه جَمِيعُ مَخْلُوقَاتِهِ، وهذا يعني أنه مُسْتَغْنٍ عن جميعِ المخلوقاتِ؛ لأنَّه كَامِلٌ، وَوَرَدَ أيضًا في تفسيرِها أن الصمدَ هُوَ الَّذِي تَصْمدُ إليه الخلائقُ في حَوَائِجَهَا، وهذا يعني أن جَمِيعَ المخلوقاتِ مُفْتَقِرَةٌ إليه، وعلى هذا فيكون المعنى الجامعُ للصَّمَدِ هو: الكاملُ في صِفَاتِهِ الَّذِي افْتَقَرَ إليه جميعُ مَخْلُوقَاتِهِ، أي: المقصودُ في جميعِ الحَوَائِجِ.

3

• {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لِكَمَالِ غِنَاهُ، وفي هذا يكونُ الردُّ عَلَى الطوائفِ المنحرفةِ من بَنِي آدَمَ وَهُمُ المشركونَ واليهودُ والنَّصَارَى؛ لأن المشركينَ جَعَلُوا الملائكةَ الَّذِينَ هم عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا، وقالوا: إن الملائكةَ بناتُ اللهِ. واليهودُ قالوا: عزيرٌ ابْنُ اللهِ، والنَّصَارَى قالوا: المسيحُ ابْنُ اللهِ فَكَذَّبَهُمُ اللهُ تعالى بقوله: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ).

4

• {كُفُوًا أَحَدٌ} أَيْ: لم يَكُنْ له أحدٌ مُسَاوٍ لا في أسمائِه ولا في صِفَاتِهِ، ولا في أَفْعَالِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فهذه الصورةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ.

1

• {أَعُوذُ} أَسْتَجِيرُ وَأَتَحَصَّنُ. • {الْفَلَقِ} الْفَلَقُ: الإصباحُ، ويجوز أن يكون أَعَمَّ من ذلك: أن الفَلَقَ كُلُّ ما يُطْلِقُهُ اللهُ تعالى من الإصباحِ والنَّوَى والحَبِّ كما قال تعالى: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} وقال: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ}.

2

• {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} مِنْ شَرِّ أَيِّ مَخْلُوقٍ خَلَقَهُ اللهُ تعالى من حيوانٍ وَغَيْرِهِ، أي: كُلُّ المخلوقاتِ حَتَّى مِنْ شَرِّ نَفْسِهِ؛ لأن النَّفْسَ أمارةٌ بالسوءِ فإذا قُلْتَ: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَأَوَّلُ ما يدخلُ فيه نَفْسكَ، كما جاء في خطبةِ الحاجةِ: «نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا».

3

• {غَاسِقٍ} أي: الليلُ إِذَا أَظْلَمَ، أو القمرُ إذا غَابَ، والصحيحُ أنه عَامٌّ لهذا وهذا. • {إِذَا وَقَبَ} أي: إِذَا دَخَلَ، فَاللَّيْلُ إِذَا دَخَلَ بِظَلَامِهِ فَهُوَ غَاسِقٌ، وكذلك القمرُ إذا أضاءَ بنورِه فإنه غَاسِقٌ، ولا يكون ذلك إلا بِاللَّيْلِ.

4

• {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} النِّسَاءُ السَّاحِرَاتُ اللَّاتِي يَنْفُثْنَ فِي العُقَدِ، وَأَصْلُ النَّفْثِ: نَفْخٌ بِلَا رِيقٍ، حيث تَنْفُثُ بِقِرَاءَةٍ مُطَلْسمَةٍ فيها أَسْمَاءُ الشَّيَاطِينِ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ تَعْقِدُ ثم تَنْفُثُ، وَهِيَ بِنَفَسْهِا الخَبِيثَةِ تُرِيدُ شَخْصًا مُعَيَّنًا فَيُؤَثِّرُ هذا السحرُ بالنسبة للمسحورِ، وَذَكَرَ اللهُ تعالى النَّفَّاثَاتِ دون النَّفَّاثِينَ؛ لأن الغالبَ أن الَّذِي يستعمل هذا النوعَ من السحرِ هُنَّ النِّسَاءُ فلهذا قال: (النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)، وَيَحْتَمِلُ أن يقالَ: إن النفاثاتَ يعني الأَنْفُسَ النَّفَّاثَاتِ فيشمل النساءَ والرِّجَالَ.

5

• {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ} الحَاسِدُ: هُوَ الَّذِي يَكْرَهُ نعمةَ اللهِ تعالى عَلَى غَيْرِهِ، والحَسَدُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَحْسِدُ وَيَكْرَهُ في قلبِه نعمةَ الله تعالى عَلَى غَيْرِهِ، لَكِنْ لا يتعرضُ للمحسودِ بشيءٍ، فَتَجِدُهُ مَهْمُومًا مَغْمُومًا مِنْ نِعَمِ اللهِ تعالى عَلَى غَيْرِهِ لكنه لا يَتَعَدَّى عَلَى صَاحِبِهِ، وَمِنْ حَسَدِ الحَاسِدِينَ العينُ التي تُصِيبُ المُعَانَ حيث يكون عِنْدَهُ كراهةٌ لِنِعَمِ اللهِ تعالى عَلَى غَيْرِهِ، فإذا أَحَسَّ بِنَفْسِهِ أن اللهَ تعالى أَنْعَمَ عَلَى فُلَانٍ بنعمةٍ خَرَجَ مِنْ نَفْسِهِ الخبيثةِ (مَعْنًى) لا نستطيعُ أن نَصِفَهُ؛ لأنه مجهولٌ فَيُصِيبُ بِالْعَيْنِ، وَمَنْ تُسَلَّطُ عَلَيْهِ أَحْيَانًا يَمُوتُ، وأحيانًا يَمْرَضُ، وأحيانًا يُجَنُّ، حتى الحَاسِدُ يَتَسَلَّطُ عَلَى الحديدِ فَيُوقِفُ اشْتِغَالَهُ. وَذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الغَاسِقَ إذا وَقَبَ، والنفاثاتِ في العُقَدِ، والحاسدَ إذا حَسَدَ؛ لأن البلاءَ كُلَّهُ في هذه الأحوالِ الثلاثةِ يَكُونُ خَفِيًّا، ولهذا السببِ خَصَّ هذه الأمورَ الثلاثةَ، وإلا فَهِيَ دَاخِلَةٌ في قوله: (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ).

1

• {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} أَسْتَجِيرُ وَأَتَحَصَّنُ بِرَبِّ الناسِ وَخَالِقِهِمْ وَمَالِكِهِمْ.

2

• {مَلِكِ النَّاسِ} سَيِّد النَّاسِ وَمَالِكهمْ وَحَاكِمهمْ، وَهُوَ المَلِكُ الَّذِي له السلطةُ العُلْيَا في الناسِ وَالتَّصَرُّفُ الكَامِلُ.

3

• {إِلَهِ النَّاسِ} أي: مَأْلُوهِهِمْ وَمَعْبُودِهِمْ، فَالمَعْبُودُ حَقًّا الَّذِي تَأْلَهُهُ القلوبُ وَتُحِبُّهُ وَتُعَظِّمُهُ، وهو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

4

• {الْوَسْوَاسِ} الخَاطِرُ مِنَ الشَّيْطَانِ، والفَرْقُ بَيْنَهُ وبينَ الإلهامِ المحمودِ الكتابُ وَالسُّنَّةُ، فما دَلَّ عَلَيْهِ الوحيُ أنه تَقْوَى مِنَ اللهِ فهو الإلهامُ. • {الخَنَّاسِ} الشيطانُ، سُمِّيَ الخَنَّاسَ؛ لأنه يَخْنَسُ، أي: يَتَأَخَّرُ عن القلبِ كُلَّمَا ذَكَرَ اللهَ، والخُنُوسُ: الرجوعُ والاختفاءُ.

5

• {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} أي: في قُلُوبِهِمْ إذا غَفَلُوا عن ذِكْرِ اللهِ، وَوَسْوَسَتُهُ: هُوَ الدعاءُ لطاعتِه بكلامٍ خَفِيٍّ يَصِلُ مفهومُه إلى القلبِ من غيرِ سَمَاعِ صَوْتٍ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فِي العُرُوقِ» رواه البخاري.

6

• {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} مِنْ شَيْطَانِ الجِنِّ وَمِنْ شَيْطَانِ الإِنْسِ، أَمَّا وَسْوَسَةُ الجِنِّ فَظَاهِرٌ؛ لأنه يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَأَمَّا وَسْوَسَةُ بَنِي آدَمَ فما أَكْثَرَ الَّذِينَ يَأْتُونَ إلى الإنسانِ يُوحُونَ إليه بِالشَّرِّ وَيُزَيِّنُونَهُ في قَلْبِهِ حتى يأخذَ هذا الكلامُ بِلُبِّهِ، وَيَنْصَرِفَ إِلَيْهِ. واللهُ تعالى أَعْلَمُ، وصلى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

§1/1