تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته

محمد سالم العوفي

تقديم

تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته تقديم (1) بقلم معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على المجمع إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا، والصلاة والسلام على النبي العربي الأمي، المبعوث بالهدى ودين الحق، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد أنزل الله القرآن الكريم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين، فحفظه ووعاه، وأداه كما أوحاه الله إليه وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. وكان العرب أمّة أمية لا تكتب ولا تحسب، وكان اعتمادهم على الحفظ في صدورهم. وكان القرآن يكتب في حياته صلى الله عليه وسلم وبأمره فيما تيسر من الوسائل المتاحة للكتابة في ذلك الزمن كاللخاف والعسب ونحوها. ولما توفي عليه الصلاة والسلام وتولى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة، وقتل كثير من القراء في حروب الردة أشار عمر رضي الله عنه على أبي بكر بجمع القرآن مخافة عليه من الضياع، فتم جمعه في صحف مجموعة بقيت عند أبي بكر مدة خلافته، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم آلت إلى حفصة - رضي الله عنها -، وهذه الصحف هي التي نسخت منها في عهد عثمان - رضي الله عنه - المصاحف، وبعث بها إلى الأمصار؛ لما ظهرت بوادر الاختلاف في القراءة؛ حماية للنص القرآني الكريم من أي تحريف. ثم تنوعت مظاهر العناية بالقرآن الكريم- بعد الصدر الأول -، وبخاصة من ناحية كتابته وتجويدها، وتحسينها، ثم إعجام الحروف. ومهر جمهرة من الخطاطين على مرّ العصور ببراعة الخط وجماله، وكتبوا المصاحف الخاصة والعامة، وكان الغالب في كتابة المصاحف الخط الكوفي حتى القرن الخامس الهجري، ثم كتبت بخط الثلث حتى القرن التاسع الهجري، ثم استقرت كتابتها بخط النسخ إلى وقتنا الحالي. ومع ظهور الطباعة برزت عدة طبعات مبكرة للقرآن الكريم في أوربا، اكتنفتها دوافع مريبة، ولم تلق الذيوع ولا القبول عند المسلمين؛ لما فيها من أخطاء شنيعة، ولمخالفتها قواعد الرسم العثماني. كما صدرت بعد ذلك طبعات للقرآن الكريم في بلدان أخرى، إلا أنها لم يلتزم فيها الرسم العثماني. وبقي الأمر على ذلك حتى طبع المصحف الذي كتبه الشيخ المقرئ أبو عيد رضوان بن محمد المخللاتي عام (1308 هـ) في المطبعة البهية بالقاهرة، وراعى فيه أصول الرسم والضبط، ووضع له ستة أنواع من علامات الوقف والابتداء. ثم توالت طبعات المصحف الشريف في مصر، وغيرها من أقطار العالم الإسلامي. وتعود بداية طباعة المصحف في المملكة العربية السعودية إلى عام (1369 هـ - 1949 مـ) عندما تمت طباعة مصحف باسم: مصحف مكة المكرمة، وتولَّت طباعته شركة مصحف مكة المكرمة. ثم ظهر مصحف آخر في مدينة جدة عام (1399 هـ - 1979مـ) في مطابع الروضة، بعد مراجعته، والموافقة عليه من الجهة المختصة في المملكة. وأصبحت عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن منهجًا متميزًا جديرًا بالإعجاب والتقدير؛ لما امتاز به من أسس واضحة، ومظاهر متعددة. فمن ذلك جعل القرآن الكريم أساسًا لشؤون الحكم، ومناحي الحياة، وتوجيه العلوم والمعارف - في جميع مراحل التعليم - وجهة إسلامية، مستمدة من القرآن الكريم، والسنة المشرفة، إضافة إلى إقامة مدارس خاصة لتعليم القرآن الكريم، وإنشاء كليات وأقسام ومعاهد متخصصة به في الجامعات. وأنشئت إذاعة مختصة بالقرآن الكريم، تبث الآيات المتلوَّة بأصوات أشهر القراء، وتقدم البرامج الممتعة النافعة، ويستمر بثها إلى عشرين ساعة يوميًا. وتتشرف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، بالإشراف على ست عشرة جمعية لتحفيظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده، منتشرة في أنحاء المملكة. وبالإشراف على تنظيم المسابقات الدولية والمحلية لحفظ القرآن الكريم، وتجويده وتفسيره، ومسابقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز؛ لتشجيع الحفظ، وتكريم المتسابقين من حملة كتاب الله. ومن أروع مظاهر عناية المملكة بالقرآن الكريم إقامة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة النبوية، الذي تعتز وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالإشراف عليه، وهو أكبر صرح لطباعة القرآن الكريم، ويعد من مفاخر المملكة ومآثرها الجليلة في عهد خادم الحرمين الشريفين. وقد سمي المصحف المطبوع فيه (مصحف المدينة النبوية) ، ولم يقتصر اهتمام المجمع على طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، وفق أعلى مواصفات الدقة والجودة والإتقان، بل تخطاه إلى تسجيل تلاوة القرآن الكريم بأصوات مشاهير القراء، وإلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى أهم لغات العالم وأوسعها انتشارًا وطباعتها في طبعات متميزة في الجودة وحسن الإخراج، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة. ومن البحوث المتميزة، التي تمت طباعتها في الوزارة، البحث المقدم من الأستاذ الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي، الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، بعنوان: "تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته وعناية المملكة العربية السعودية بطبعه ونشره وترجمة معانيه"، فقد اشتمل على عرض لمراحل كتابة المصحف، وطباعته، وإبراز عناية المملكة العربية السعودية بهذا الأمر، وما اضطلعت به من جهد كبير في سبيل طبعه ونشره وترجمة معانيه، وبيان أثر المجمع في هذا الصدد. فشكر الله سعيه، وضاعف له الثواب. كما نسأل الله الكريم، أن يجزل الأجر والمثوبة لقادة هذه النهضة وولاة الأمر في هذه المملكة المباركة، وأن يمدهم بعونه وتوفيقه. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

_ (1) تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته وعناية المملكة العربية السعودية بطبعه ونشره وترجمة معانيه إعداد: أ. د/ محمد سالم بن شديد العوفي الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة 1422هـ/2001م

المقدمة

المقدمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمة لا تعرف القراءة والكتابة إلا نزرًا يسيرًا، فشجع أصحابه رضوان الله عليهم على تعلم القراءة والكتابة، وسلك في ذلك وسائل كثيرة، فراجت الكتابةُ في عصره، حتى بلغ كتَّاب الوحي أكثر من أربعين كاتبًا، وزادت الكتابة انتشارًا مع توسع الفتوح ودخول أمم جديدة في الإسلام. وكتب الصحابة رضوان الله عليهم الوحي بالخط السائد في الحجاز المعروف بـ ((الجَزْم)) وهو مأخوذ من الخط الأنباري أو الحيري، وكذلك كتبت به صحف أبي بكر ومصاحف عثمان رضي الله عنهما. ومع انتشار الفتوح، ودخول بلاد جديدة في الإسلام تحسّن الخط، وظهر ما يعرف بالخط المنسوب على يد رواد الخط العربي أمثال: قُطْبَة المحرِّر المتوفى سنة 131هـ‍، وأبي علي محمد بن مُقْلَة المتوفى سنة 328هـ‍، وأبي الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب المتوفى سنة 413هـ أو 423هـ، وياقوت بن عبد الله المستَعْصِمي المتوفى سنة 698هـ، وغيرهم. وكان الغالب في كتابة المصاحف الخط الكوفي حتى القرن الخامس الهجري، ثم كُتبت بخط الثلث حتى القرن التاسع الهجري، ثم كتبت بخط النسخ حتى وقتنا الحاضر. وعندما عُرفت المطابع الحديثة في بعض البلاد الإسلامية والعربية كتركيا، ومصر، والشام، كان المصحف الشريف في مقدمة اهتماماتها، فطبع بأحجام مختلفة، إلا أنها سارت في ذلك على قواعد الرسم الإملائي الحديث حتى جاء العلامة الشيخ ((رضوان بن محمد المخَلَّلاتي)) المتوفى سنة 1311هـ، فكتب مصحفه الشهير الذي نسب إليه وطبع سنة 1308هـ، على قواعد الرسم العثماني. إن خدمة القرآن الكريم، والعناية بالمصحف الشريف شرف كبير يسعى المسلمون للفوز به، ورغم ما بذل في بعض البلاد الإسلامية من جهود في ذلك إلا أن أعظم عمل هو ما قامت به المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز رحمه الله، والذي تجلى في مظاهر متعددة. وتمثلت أبرز مظاهر هذه العناية في إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله سنة 1405هـ /1984م. يحاول هذا البحث استعراض مراحل تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته وعناية المملكة العربية السعودية بطبعه ونشره وترجمة معانيه، مستعينًا بما تيسر من مصادر، أو تقارير، ومحاولا الالتزام بالدقة في عرض المعلومة، وتوثيقها من مصادرها.. وذلك من خلال الفقرات التالية: تطور الكتابة العربية. كتابة القرآن الكريم. نقط المصحف الشريف. تجويد الخط العربي. أدوات الكتابة العربية. الزخرفة والتذهيب. تاريخ الطباعة. الطبعات المبكرة للمصحف الشريف. عناية المملكة العربية السعودية بطبع المصحف الشريف ونشره، وترجمة معانيه.

تطور الكتابة العربية

تطور الكتابة العربية عرفت العرب الكتابة في جاهليتها، وعدَّتها شرطًا في كمال الرجل العربي، مثل معرفة السباحة والرماية وركوب الخيل، وتعود معرفتهم بالكتابة إلى اتصالهم بالأمم المتحضرة في بلاد اليمن وتخوم الشام، فأنشؤوا ممالكهم على أطراف تلك البلاد، وكانت مملكة النَّبَط إحدى هذه الممالك التي قامت على أطراف بلاد الشام في الناحية الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية (169ق م - 106م) واتخذت البتراء ((سلع)) عاصمة لها، وكانت لهم صِلات بالآراميين؛ فتأثروا بهم، وتحدَّثوا لغتهم، واستنبطوا لأنفسهم خطًا خاصًا بهم عُرف بالخط النبطي، اشتق منه عرب الشمال خطهم الأول، فعرف الخط الأنباري، والخط الحيري، أو الخط المدوّر، والخط المثلث (1) . وفي الحجاز، حيث كان يحتكر أهل الذِّمة معرفة الكتابة عُرف خط التئم (2) ، أو الجَزْم (3) . وعندما ظهر الإسلام أصبحت الكتابة وسيلة هامة من وسائل نشر الدين، وضرورة من ضرورات الحكم. وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمة أمّيَة، لا تكاد تعرف القراءة والكتابة إلا نزرًا يسيرًا. قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (4) . فشجع صلى الله عليه وسلم أصحابه على تعلم الكتابة، وسلك في ذلك وسائل مختلفة، حتى إنه اشترط لفكاك الأسير من قريش في بدر تعليم عشرة من صبيان المدينة الكتابة (5) ؛ فراجت الكتابةُ في عصره صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ عدد كتّاب الوحي أكثر من أربعين كاتبًا، ومن هؤلاء: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب. فإذا غابا كتب أُبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، فإن لم يحضر أحدهما كتب غيرهما (6) . هذا عدا من كان يكتب بين يديه صلى الله عليه وسلم فيما يعرض له من أمور دينه وحوائجه، ومن هؤلاء: خالد بن سعيد بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان (7) . أو يكتب للناس مدايناتهم وعقودهم ومعاملاتهم، ومن هؤلاء: المغيرة بن شعبة، والحصين بن نُمير، وكانا ينوبان عن خالد ومعاوية إذا لم يحضرا (8) . أو يكتب أموال الصدقات، وقبائل الناس ومياههم، ومن هؤلاء: عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث، والعلاء بن عقبة (9) . أو يكتب خَرْص ثمار الحجاز، ومن هؤلاء: حذيفة بن اليمان (10) ، أو مغانم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء: مُعَيْقيب بن أبي فاطمة، حليف بني أسد (11) ، أو يكتب إلى الملوك، ويجيب عن رسائلهم، ويترجم إلى الفارسية والرومية والقبطية والحبشية، ومن هؤلاء: زيد بن ثابت (12) . وتعد الحجاز أول بلاد العرب معرفة للكتابة، وكانت قريش في مكة، وثقيف في الطائف أكثر القبائل شهرة بها، ومن أبنائهما اختير كتَّاب صحف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول، كما روى جابر بن سمرة: " لا يُمْلِيَن في مصاحفنا هذه إلا غلمان ثقيف (13) ". وعندما جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه مصاحفه قال: اجعلوا المُمْلِي من هذيل، والكاتب من ثقيف (14) .

_ (1) محمد طاهر الكردي: تاريخ الخط العربي وآدابه، ط2، مطابع الفرزدق بالرياض، 1402هـ/1982م، 73-74، وفوزي سالم عفيفي: نشأة وتطور الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي، ط1، وكالة المطبوعات بالكويت، 1400هـ/1980م، 49-52، وعبد العزيز الدالي: الخطاطة (الكتابة العربية) ، مكتبة الخانجي بمصر، 1400هـ/1980م، 22. (2) معنى التئم: المولود مع آخر في بطن واحد، وهو يشبه خط التعليق المعروف في الوقت الحاضر. ((الكردي مرجع سابق، 77)) . (3) سمي بالجَزْم، لأنه جُزِم أي قُطع من المسند، أقدم خط في بلاد العرب كان مستعملاً في الأنبار والحيرة. ((المرجع نفسه، 74)) . (4) سورة الجمعة آية: 2 (5) الدالي: مرجع سابق، 49، وعبد الفتاح القاضي: تاريخ المصحف الشريف، مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني بالقاهرة، 7. (6) أبوجعفر محمد بن حبيب: كتاب المحبَّر، المكتب التجاري ببيروت، 289، 377، وأبوعبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري، ط2، 1401هـ/1980م، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر، 12، وأحمد بن محمد بن عبدربه الأندلسي: العقد الفريد، ط3، 1407هـ/1987م، دار الكتب العلمية ببيروت، 4/244. (7) الجهشياري: مصدر سابق، 12، وابن عبدربه: مصدر سابق، 4/244. (8) الجهشياري: مصدر سابق، 12، وابن عبدربه: مصدر سابق، 4/244. (9) الجهشياري: مصدر سابق، 12، وابن عبدربه: مصدر سابق، 4/244. (10) المصدر نفسه، 4/244، والجهشياري: 12. (11) المصدر نفسه، 12، وابن عبدربه: مصدر سابق، 4/244. (12) الجهشياري: مصدر سابق، 12، وابن عبدربه: مصدر سابق، 4/244. (13) أبوالفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي: تاريخ عمر بن الخطاب، دار إحياء علوم الدين بدمشق، 149، والحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ط1، 1416هـ/1996م، دار أبي حيان بالقاهرة، 11/216. (14) الدالي: مرجع سابق، 22.

كتابة القرآن الكريم

كتابة القرآن الكريم كان القرآن الكريم يتنزل منجمًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحفظه ويبلغه للناس، ويأمر بكتابته، فيقول: ضعوا هذه السورة بجانب تلك السورة، وضعوا هذه الآية بإزاء تلك الآية، فيُحفظ ما كُتب في منزله صلى الله عليه وسلم، بعد أن ينسخ منه كتّاب الوحي نسخًا لأنفسهم. وكُتب القرآن الكريم في العسب واللخاف، والرّقاع، وقطع الأديم، وعظام الأكتاف، والأضلاع. ومن الصحابة من اكتفى بسماعه مِنْ فيه صلى الله عليه وسلم فحفظه كله، أو حفظ معظمه، أو بعضًا منه، ومنهم من كتب الآيات، ومنهم من كتب السورة، ومنهم من كتب السور، ومنهم من كتبه كله. فحُفظ القرآن في عهده صلى الله عليه وسلم في الصدور وفي السطور. ومن أشهر كتَّاب الوحي في عهد النبوة: الخلفاء الراشدون، ومعاوية بن أبي سفيان، وخالد بن الوليد، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وقد شهد العرضة الأخيرة. وكُتب القرآن الكريم كاملا في عهد النبوة إلا أنه لم يُجمع في مصحف واحد لأسباب منها: ما كان يترقبه صلى الله عليه وسلم من زيادة فيه، أو نسخ منه، ولأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعتنون بحفظه واستظهاره أكثر من عنايتهم بكتابته. وفي السنة الحادية عشرة من الهجرة وقعت معركة اليمامة المشهورة بين المرتدين بقيادة مسيلمة الكذاب، والمسلمين بقيادة خالد بن الوليد، واستحرَّ القتل في المسلمين، واستشهد منهم سبعون من القرَّاء؛ فارتاع عمر بن الخطاب، وخاف ذهاب القرآن بذهاب هؤلاء القرَّاء، ففزع إلى أبي بكر الصديق، وأشار عليه بجمع القرآن، فخاف أبوبكر أن يضع نفسه في منزلة من يزيد احتياطه للدين على احتياط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال مترددًا حتى شرح الله صدره، واطمأن إلى أن عمله مستمد من تشريع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن. وكان زيد بن ثابت مداومًا على كتابة الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن، وكان ذا عقل راجح وعدالة ورويَّة، مشهودًا له بأنه أكثر الصحابة إتقانًا لحفظ القرآن، ووعاء لحروفه، وأداء لقراءته، وضبطًا لإعرابه ولغاته؛ فوقع عليه الاختيار رغم وجود من هو أكبر منه سنًا، وأقدم إسلامًا، وأكثر فضلا. يقول زيد: (فوالله لو كلَّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن) . فشرح الله صدر زيد كما شرح صدر أبي بكر، ورغم حفظه وإتقانه، إلا أنه أخذ يتتبع القرآن، ويجمعه من العسب واللخاف والرقاع وغيرها مما كان مكتوبًا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن صدور الرجال، وكان لا يكتب شيئًا حتى يشهد شاهدان على كتابته وسماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرتّبه على حسب العرضة الأخيرة التي شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبقيت هذه الصحف في رعاية أبي بكر، ثم في رعاية عمر، ثم عند أم المؤمنين حفصة، حتى أُحرقت بعد وفاتها رضي الله عنها (1) . اتسعت الفتوح، وانتشر الصحابة في الأمصار، وأصبح أهل كل مصر يقرؤون بقراءة الصحابي الذي نزل في مصرهم؛ ففي الشام بقراءة أُبي بن كعب، وفي الكوفة بقراءة عبد الله بن مسعود، وفي البصرة بقراءة أبي موسى الأشعري. وكان مِن الصحابة الذين استقروا في البلاد المفتوحة مَن لم يشهد العرضة الأخيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقف على ما نُسخ من أحرفٍ وقراءات في هذه العرضة، بينما وقف صحابة آخرون على ذلك، وكان كل صحابي يقرأ بما وقف عليه من القرآن، فتلقى الناس عنهم ذلك، فاختلفت قراءاتهم، وخطَّأ بعضُهم بعضا. وفي فتح أذربيجان وأرمينية، في السنة الخامسة والعشرين من الهجرة اجتمع أهلُ الشام والعراق، فتذاكروا القرآن، واختلفوا فيه، حتى كادت الفتنة تقع بينهم، فكان حذيفة بن اليمان مشاركًا في هذا الفتح؛ فذعر ذعرًا شديدًا، وركب إلى عثمان في المدينة، ولم يدخل داره حتى أتى عثمان، فقال له: (يا أمير المؤمنين أدرك الناس. قال: وما ذاك؟! قال: غزوت مَرْج أرمينية، فإذا أهل الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود، فيأتون بما لم يسمع به أهل الشام، فيكفر بعضهم بعضًا (2)) . وكان عثمان قد وقع له مثل ذلك، حتى إنه خطب في الناس، وقال لهم: أنتم عندي تختلفون فيه وتلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد فيه اختلافًا، وأشد لحنًا، اجتمعوا يا أصحاب محمد، واكتبوا للناس إمامًا (3) وكتب عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها (4) . يقول زيد بن ثابت: فأمرني عثمان بن عفان أن أكتب مصحفًا، وقال: إني مُدْخل معك رجلا لبيبًا فصيحًا، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، وما اختلفتما فيه فارفعاه إليّ (5) . وفي رواية عن مصعب بن سعد: فقال عثمان: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت. قال: فأي الناس أعرب -وفي رواية أفصح-؟ قالوا: سعيد بن العاص. قال: فَلْيُمْلِ سعيد، وليكتب زيد (6) . يقول زيد بن ثابت: فلما بلغنا: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ (7) قال زيد: فقلت (التابوه) ، وقال سعيد (8) : (التابوت) . فرفعناه إلى عثمان، فكتب (التابوت) ؛ لأنها من لغة قريش التي نزل القرآن بلسانها. فرغ زيد من كتابة المصحف، فعرضه عَرْضة فلم يجد فيه قوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا (9) فلم يجدها عند المهاجرين، ولم يجدها عند الأنصار، فوجدها عند خزيمة بن ثابت. ثم عرضه عرضة أخرى، فلم يجد قوله تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) . فاستعرض المهاجرين فلم يجدها عندهم، واستعرض الأنصار فلم يجدها عندهم، حتى وجدها مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضًا، فأثبتها، ثم عرضه عرضة ثالثة فلم يجد فيه شيئًا، فعرض عثمان المصحف على صحف حفصة، فلم يختلفا في شيء، فقرّت نفسه رضي الله عنه (11) وفي رواية لمحمد بن سيرين: أن عثمان جمع لكتابة المصحف اثني عشر رجلا من المهاجرين والأنصار، منهم زيد بن ثابت، وفي روايات متفرقة منهم: مالك بن أبي عامر (جدّ مالك بن أنس) وكثير بن أفلح، وأبي بن كعب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام. يقول ابن حجر: (وكأن ابتداء الأمر كان لزيد وسعيد للمعنى المذكور فيهما في رواية مصعب، ثم احتاجوا إلى من يساعد في الكتابة بحسب الحاجة إلى عدد المصاحف التي ترسل للآفاق، فأضافوا إلى زيد من ذُكر، ثم استظهروا بأبي بن كعب في الإملاء (12)) . اختلفت الروايات في عدد المصاحف التي كتبها عثمان، فالمشهور أنها خمسة، وورد أنها أربعة، وورد أنها سبعة، بعث بها إلى مكة، والشام، واليمن، والبحرين، والبصرة، والكوفة، وأبقى واحدًا بالمدينة سُمي (المصحف الإمام) (13) . أمر عثمان بما سوى المصحف الذي كتبه والمصاحف التي استكتبها منه أن تحرق، أو تخرق (أي تدفن) (14) . وهكذا كان الجمع الثاني للقرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه، أشرف عليه بنفسه، بمشاركة كبار الصحابة رضوان الله عليهم وموافقتهم وإجماعهم، فجمع بهذا العمل الجليل كلمة المسلمين، وحسم ما ظهر بينهم من خلاف.

_ (1) القاضي: مرجع سابق، 45-50. (2) ابن حجر: مصدر سابق، 11/214. (3) أبوجعفر محمد بن جرير الطبري: تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل القرآن) ، تحقيق محمود محمد شاكر، ط2، دار المعارف بمصر، 1/62، وابن حجر: مصدر سابق، 11/215. (4) المصدر نفسه، 11/205. (5) الطبري: مصدر سابق، 1/60. (6) المصدر نفسه، 1/600، وابن حجر: مصدر سابق، 11/216. (7) البقرة، آية 248. (8) في الأصل ((أبان)) ، وجاء في فتح الباري (11/216) أن هذا وهم من راوي الخبر ((عمارة بن غزية)) لأن أبان قُتل بالشام في خلافة عمر. (9) الأحزاب، آية 23. (10) التوبة، آية 128، 129. (11) الطبري: مصدر سابق، 1/60، وأبومحمد عبد الحق بن عطية الأندلسي: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ((تفسير ابن عطية)) تحقيق: الرّحالي الفاروق، وعبد الله بن إبراهيم الأنصاري، والسيد عبد العال السيد إبراهيم، ومحمد الشافعي صادق العناني، ط1، الدوحة 1398هـ/1977م، 1/52. (12) ابن حجر: مصدر سابق، 11/216. (13) المصدر نفسه، 11/218.ويقال للمصاحف الأخرى المرسلة للأمصار: المصاحف الأئمة لأنه يقتدي بها عموم أهل كل مصر في القراءة والكتابة. (14) ابن عطية: مصدر سابق، 1/53.

نقط المصحف الشريف

نَقْط المصحف الشريف كُتبت مصاحف عثمان خالية من النقط والشكل؛ حتى تحتمل قراءتُها الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم، وعندما أرسلها إلى الأمصار رضي بها الجميع، ونسخوا على غرارها مصاحف كثيرة خالية من النقط والشكل (1) . واستمروا على ذلك أكثر من أربعين سنة. وخلال هذه الفترة توسعت الفتوح، ودخلت أممٌ كثيرة لا تتكلم العربية في الإسلام؛ فتفشت العجمة بين الناس، وكثر اللحن، حتى بين العرب أنفسهم؛ بسبب كثرة اختلاطهم ومصاهرتهم للعجم، ولما كان المصحف الشريف غير منقوط خشي ولاة أمر المسلمين عليه أن يتطرق له اللحن والتحريف. وكان أول من التفت إلى نقط المصحف الشريف هو زياد بن أبيه؛ ولذلك قصة، وهي: أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى زياد عندما كان واليًا على البصرة (45-53هـ‍) أن يبعث إليه ابنه عبيد الله، ولما دخل عليه وجده يلحن في كلامه، فكتب إلى زياد يلومه على وقوع ابنه في اللحن، فبعث زياد إلى أبي الأسود الدؤلي (2) يقول له: ((إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت مِن ألسنة العرب، فلو وضعت شيئًا يُصلح به الناسُ كلامَهم، ويعربون به كتاب الله)) . فاعتذر أبو الأسود فلجأ زياد إلى حيلة؛ بأن وضع في طريقه رجلا وقال له: إذا مرّ بك أبو الأسود فاقرأ شيئًا من القرآن، وتعمد اللحن فيه. فلما مرّ به قرأ قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (3) ، بجرّ لام رسوله، فشق ذلك على أبي الأسود، وقال: ((عزّ وجه الله أن يتبرأ من رسوله)) . وقال لزياد: ((قد أجبتك إلى ما طلبت، ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن)) ، واختار رجلا من عبد القيس، وقال له: ((خذ المصحف، وصِبغًا يخالف لون المداد، فإذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه، وإذا كسرتها فانقط واحدة أسفله، وإذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف (أي أمامه) ، فإذا أتبعت شيئًا من هذه الحركات غنة (أي تنوينًا) ، فانقط نقطتين)) . فأخذ أبو الأسود يقرأ المصحف بالتأني، والكاتب يضع النقط، واستمر على ذلك حتى أعرب المصحف كله، وكان كلما أتم الكاتب صحيفة، أعاد أبو الأسود نظره فيها (4) . وجاء تلاميذ أبي الأسود بعده، وتفننوا في شكل النقطة؛ فمنهم مَن جعلها مربعة، ومنهم من جعلها مدورة مطموسة الوسط، ومنهم من جعلها مدورة خالية الوسط (5) . وكانوا لا يضعون شيئًا أمام الحرف الساكن، أما إذا كان منونًا فيضعون نقطتين فوقه، أو تحته، أو عن شماله؛ واحدة للدلالة على أن النون مدغمة أو مخفاة، وفي تطور لاحق وضعوا للسكون جرة أفقية فوق الحرف منفصلة عنه، وجعلوا علامة الحرف المشدد كالقوس، ولألف الوصل جرة متصلة بها في أعلاها، إذا كان قبلها فتحة، وفي أسفلها إذا كان قبلها كسرة، وفي وسطها إذا كان قبلها ضمة هكذا، وذلك باللون الأحمر (6) . وكان هذا النقط يُسمى شكلا أو ضبطًا؛ لأنه يدل على شكل الحرف وصورته، وما يعرض له من حركة، أو سكون، أو شد، أو مد، ونحو ذلك. وكانت الآراء مختلفة في أول من وضع هذا النقط، إلا أن أكثر هذه الآراء يذهب إلى أن المخترع الأول لهذا النوع من النقط هو أبو الأسود الدؤلي. كما كانت الآراء مختلفة بين جوازه والأخذ به، وكراهته والرغبة عنه؛ جوازه لما فيه من البيان والضبط والتقييد، وكراهته؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم عندما جمعوا القرآن، وكتبوا المصاحف جردوها من النقط والشكل، فلو كان مطلوبًا لما جردوها، يقول القلقشندي: ((وأما أهل التوقيع في زماننا فإنهم يرغبون عنه (أي النقط) ؛ خشية الإظلام بالنقط والشكل، إلا ما فيه إلباس على ما مر، وأهل الدَّيْونة (7) لا يرون بشيء من ذلك أصلا ويعدون ذلك من عيوب الكتابة، وإن دعت الحاجة إليه)) (8) . أما نقط الإعجام، فهو ما يدل على ذات الحرف، ويميز المتشابه منه؛ لمنع العجمة، أو اللبس. كحروف الباء والتاء والثاء والياء، والجيم والحاء والخاء، والراء والزاي، والسين والشين، والعين والغين، والفاء والقاف، ونحوها مما يتفق في الرسم ويختلف في النطق، فقد دعت الحاجة إليه عندما كثر الداخلون في الإسلام من الأعاجم، وكثر التصحيف في لغة العرب، وخيف على القرآن أن تمتد له يد العبث. واختلفت الآراء في أول من أخذ بهذا النقط، وأرجحها في ذلك ما ذهب إلى أن أول من قام به هما: نصر بن عاصم (9) ويحيى بن يَعْمَر (10) ؛ وذلك عندما أمر الخليفة الأموي عبدُالملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق (75-95هـ) أن يضع علاجًا لمشكلة تفشي العجمة، وكثرة التصحيف، فاختار كلا من نصر بن عاصم، ويحيى بن يَعْمَر لهذه المهمة؛ لأنهما أعرف أهل عصرهما بعلوم العربية وأسرارها، وفنون القراءات وتوجيهها (11) وبعد البحث والتروي، قررا إحياء نقط الإعجام (12) ، وقررا الأخذ بالإهمال والإعجام، مثلا الدال والذال، تهمل الأولى وتعجم الثانية بنقطة واحدة فوقية، وكذلك الراء والزاي، والصاد والضاد، والطاء والظاء، والعين والغين. أما السين والشين، فأهملت الأولى وأعجمت الثانية بثلاث نقط فوقية؛ لأنها ثلاث أسنان، فلو أعجمت الثانية واحدة لتوهم متوهم أن الحرف الذي تحت النقطة نون والباقي حرفان مثل الباء والتاء تسوهل في إعجامهما. أما الباء والتاء والثاء والنون والياء، فأعجمت كلها، والجيم والحاء والخاء، أعجمت الجيم والخاء، وأهملت الحاء، أما الفاء والقاف، فإن القياس أن تهمل الأولى وتعجم الثانية، إلا أن المشارقة نقطوا الفاء بواحدة فوقية، والقاف باثنتين فوقيتين أيضًا، أما المغاربة فذهبوا إلى نقط الفاء بواحدة تحتية، والقاف بواحدة فوقية.. وهكذا كان نقط الإعجام في بقية الأحرف (13) . وقد أخذ نقط الإعجام في بدايته شكل التدوير، ثم تطور بعد ذلك وأخذ شكل المربع، وشكل المدور المطموس الوسط، كما استخدمت الجرة الصغيرة فوق الحرف وتحته (14) . وكتب هذا النوع من النقط بلون مداد المصحف؛ حتى لا يشتبه بنقط الإعراب، واستمر الوضع على ذلك حتى نهاية الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية سنة 132هـ، حيث تفنن الناس خلال هذه الفترة في اتخاذ الألوان في نقط مصاحفهم، ففي المدينة استخدموا السواد للحروف ونقط الإعجام، والحمرة للحركات والسكون والتشديد والتخفيف، والصفرة للهمزات، وفي الأندلس استخدموا أربعة ألوان: السواد للحروف، والحمرة لنقط الإعراب، والصفرة للهمزات، والخضرة لألِفات الوصل، أما في العراق فاستخدموا السواد لكتابة حروف المصحف ونُقط الإعجام، والحمرة لنقط الإعراب (الحركات والهمزات) ، واستخدم في بعض المصاحف الخاصة الحمرة للرفع والخفض والنصب، والخضرة للهمزة المجردة، والصفرة للهمزة المشدَّدة. فاستخدام السواد كان عند الجميع لحروف المصحف ونقط الإعجام، والألوان الأخرى لغيرهما (15) . امتلأت المصاحف بالألوان المتعددة ((التي أصبحت عبئًا على عقل القارئ، وصعوبة على قلم الكاتب)) (16) ، وكان النقط جميعه مدورًا سواء نقط الإعراب أو الإعجام، فوقع الناس في الخلط بين الحروف. واتفقت الآراء على أن يجعل نقط الإعراب (الشكل) بمداد الكتابة نفسه تيسيرًا على الناس، فأخذ إمام اللغة: الخليل بن أحمد الفراهيدي (17) على عاتقه القيام بهذا العمل؛ فجعل الفتحة ألفًا صغيرة مضطجعة فوق الحرف، والكسرة ياء صغيرة تحته، والضمة واوًا صغيرة فوقه. وإن كان الحرف منوّنًا كرر الحرف، وجعل ما فيه إدغام من السكون الشديد رأس شين بغير نقط (سـ‍) ، وما ليس فيه إدغام من السكون الخفيف رأس خاء بلا نقط (حـ‍) والهمزة رأس عين (عـ‍) ، وفوق ألف الوصل رأس صاد (صـ) ، وللمد الواجب ميمًا صغيرة مع جزء من الدال (مد) . يقول الدالي (18) : ((وبهذا وضع الخليل ثماني علامات: الفتحة، والضمة، والكسرة، والسكون، والشدة، والمدة، والصلة، والهمزة، وبهذه الطريقة أمكن أن يجمع بين الكتابة والإعجام والشكل بلون واحد)) .

_ (1) القاضي: مرجع سابق، 73. (2) هو: ظالم بن عمرو الدؤلي الكناني، من سادات التابعين، شهد مع علي معركة صفين سنة 37هـ، وهو أول من وضع علم النحو، وأول من نقط المصحف، توفي في طاعون عمواس سنة 69هـ. ((خير الدين الزركلي: الأعلام، ط3، 3/340)) . (3) التوبة، آية 3. (4) أبوالعباس أحمد بن علي القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية بالقاهرة، 3/156، وعبد الحي الفرماوي: قصة النقط والشكل في المصحف الشريف، مطبعة حسان بالقاهرة، 59-65، والدالي: مرجع سابق، 55، والقاضي: مرجع سابق، 74-75. (5) القلقشندي: مرجع سابق، 3/151، والفرماوي: مرجع سابق، 65. (6) الدالي: مرجع سابق، 56، والفرماوي: مرجع سابق، 65/66، وخالد عبد الرحمن العك: تاريخ توثيق نص القرآن الكريم، ط2 1406هـ/1986م، دار الفكر بدمشق، 112. (7) الدَّيونة: لعل المقصود بهم موظفو ديوان الإنشاء. (8) القلقشندي: مصدر سابق، 3/158. (9) هو: نصر بن عاصم الليثي النحوي، المعروف بنصر الحروف، من قدماء التابعين، فقيهٌ عالمٌ بالعربية، يسند إلى أبي الأسود الدؤلي في القرآن والنحو، توفي سنة 89هـ. ((الزركلي: مرجع سابق، 8/343)) . (10) هو: أبوسعيد يحيى بن يَعْمَر القيسي العدواني، من التابعين، يقول بتفضيل آل البيت، دون أي تنقيص لأحد من الصحابة، عالمٌ بالقرآن والنحو، توفي سنة 129هـ. ((المرجع نفسه 9/225)) . (11) أبوالعباس شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق إحسان عباس، دار الثقافة ببيروت، 2/32. (12) كان النقط معروفاً قديماً عند اليهود، والسريان، والآكاديين، والآراميين، والنبط، وعُرف النقط عند العرب قبل كتابة المصاحف، إلا أن استعماله كان قليلاً؛ لعدم الحاجة إليه، حتى إنه كان معروفاً بعد ظهور الإسلام لدى الصحابة؛ فقد أثبتت الاكتشافات الأثرية ذلك في وثيقة بردي من أحد عمال عمرو بن العاص على ((أهناسة)) في مصر مؤرخة في سنة 22هـ/641م، وفي نقش قرب الطائف في عهد معاوية بن أبي سفيان مؤرخ في سنة 58هـ/676م. ((الفرماوي: مرجع سابق، 28، 32، 38)) . (13) القلقشندي: مصدر سابق، 3/ 152-155، والدالي: مرجع سابق، 60-62، والفرماوي: مرجع سابق، 72-86. (14) المرجع نفسه، 80. (15) المرجع نفسه، 82-85. (16) المرجع نفسه، 93. (17) هو: الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي، من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، عاش فقيراً صابراً، وكان شعث الرأس شاحب اللون، متمزق الثياب، توفي سنة 170هـ/786م. ((الزركلي: مرجع سابق، 2/363)) . (18) الدالي: مرجع سابق، 62، وانظر الفرماوي: مرجع سابق، 93-94.

تجويد الخط

تجويد الخط جاء في الفهرست: أنَّ أول مَن كتب المصاحف في الصدر الأول، ووصف بحسن الخط ((خالد بن أبي الهياج (1)) ) ، وكان كاتباً للوليد بن عبد الملك (86-89 هـ/705-708م) ، كتب له المصاحف والأشعارَ والأخبار، وهو الذي كتب في قِبلة المسجد النبوي بالذهب من (والشمس وضحاها) إلى آخر القرآن، وكان عمر بن عبد العزيز مِمن اطّلع على خطّه وأعجب به، وطلب منه أن يكتب له مصحفًا تفنّن في خطه، فقلَّبه عمر واستحسنه إلا أنه استكثر ثمنه فرده عليه (2) . ثم جاء بعده ((مالك بن دينار (3)) ) ، وهو مولى لأسامة بن لؤي بن غالب (4) ، ويكنّى بأبي يحيى، واشتهر بتجويد الخط، وكتب المصاحف مقابل أجر كان يتقاضاه. وممن اشتهر بتجويد الخط في العصر الأموي أيضًا ((قطبة المحرِّر (5)) ) وهو من كتَّاب الدولة، يقول عنه ابن النديم: ((استخرج الأقلام الأربعة (6) ، واشتق بعضها من بعض، وكان قطبة من أكتب الناس على الأرض بالعربية)) . وإليه ينسب تحويل الخط العربي من الكوفي إلى الخط الذي هو عليه الآن (7) . أما في العصر العباسي، وفي خلافة أبي العباس السفاح (132-136 هـ‍/ 749-754م) فقد انتهت جودة الخط إلى ((الضحاك بن عجلان)) يقول ابن النديم (8) : ((فزاد على قطبة، فكان بعده أكتب الخلق)) . وممن جوَّد الخطَ في عهدي المنصور (136-158 هـ / 754-775م) والمهدي (158- 169 هـ/775-785م) ((إسحاق بن حمَّاد)) الذي زاد في تجويده على ((الضحاك بن عجلان)) . وظل الخط العربي يرقى ويتنوع حتى وصل إلى عشرين نوعًا على رأس المائة الثالثة من الهجرة عندما انتهت رئاسة الخط إلى الوزير أبي علي محمد بن علي بن مقلة (9) ، وأخيه أبي عبد الله الحسن بن علي (10) . يقول ابن النديم (11) : ((وهذان رجلان لم يُرَ مثلهما في الماضي إلى وقتنا هذا (12) ، وعلى خط أبيهما مقلة كتبا.. وقد كتب في زمانهما جماعة، وبعدهما من أهلهما وأولادهما، فلم يقاربوهما، وإنما يندر للواحد منهما الحرف بعد الحرف، والكلمة بعد الكلمة، وإنما الكمال كان لأبي علي وأبي عبد الله.. ورأيت مصحفًا بخط جدهما مقلة)) . قام الوزير ابن مقلة بحصر الأنواع التي وصل إليها الخطُّ العربي في عصره إلى ستة أنواع هي: الثلث، والنسخ، والتوقيع، والريحان، والمحقق، والرقاع (13) . وهو الذي أكمل ما بدأه قطبة المحرِّر من تحويل الخط الكوفي إلى الشكل الذي هو عليه الآن (14) . وأول من قدَّر مقاييس وأبعاد النقط، وأحكم ضبطها وهندسها (15) . ومع نهاية القرن الرابع الهجري، وبداية القرن الخامس الهجري انتقلت رئاسة الخط العربي إلى أبي الحسن علي بن هلال الكاتب البغدادي المعروف بابن البواب، أو بابن الستري (16) ، وكان حافظًا للقرآن، وكان يقال له: الناقل الأول (17) ؛ لأنه هذب وعظَّم وصحَّح خطوط ابن مقلة في النسخ والثلث اللذين قلبهما من الخط الكوفي (18) ، واخترع ابن البواب عدَّة أقلام، وبلغ في جودة الخط مبلغًا عظيمًا، لم يبلغه أحد مثله (19) . وفي القرن السابع الهجري انتهت رئاسة الخط إلى عدد من الخطاطين منهم: ياقوت (20) بن عبد الله الموصلي أمين الدين الملكي، المتوفى سنة 618 هـ‍، كاتب السلطان ملكشاه (465-485 هـ‍/ 1072-1092م) ، وقد أخذ الخط عن الشيخة المحدِّثة الكاتبة ((شهدة بنت أحمد الإبَري الدينوري (21)) ) ، المتوفاة ببغداد سنة 574 هـ‍، وهي ممن أخذ الخط عن ابن البواب، وكان ياقوت الموصلي مولعًا بنسخ معجم " الصحاح "، للجوهري، وكتب منه نسخًا كثيرة، باع النسخة بمائة دينار (22) . ومنهم ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي، شهاب الدين، المتوفى سنة 626هـ‍ (23) ، صاحب كتاب ((معجم البلدان)) ، وكتاب ((معجم الأدباء)) (24) . ومنهم ياقوت بن عبد الله الرومي المُستَعْصِمي (25) ، المتوفى ببغداد سنة 698 هـ، وهو من أشهر من جوَّد الخط في ذلك الزمن، قلَّد ابن مقلة، وابن البواب، وكان أديبًا شاعرًا خازنًا بدار الكتب المستنصرية. يقول عنه طاش كبري زاده (26) : ((وهو الذي طبق الأرض شرقًا وغربًا اسمه، وسار ذكره مسير الأمطار في الأمصار، وأذعن لصنعته الكل، واعترفوا بالعجز عن مداناة رتبته فضلا عن الوصول إليها؛ لأنه سحر في الكتابة سحرًا لو رآه السامري لقال: إن هذا سحر حلال)) . وكان ياقوت المستعصمي يمثل نهاية الاحتكار العراقي للخط المجوَّد المنسوب، حيث أخذت المراكز الثقافية الأخرى في العالم الإسلامي تنافس بغداد في الاهتمام بالخط وتجويده (27) . ففي مصر عُرف تجويد الخط منذ عصر الدولة الطولونية (254-292 هـ‍/868-905م) ، وفي العصر الفاطمي (358-567 هـ‍/968-1171م) وصلت إلى مستوى المنافسة مع بغداد عاصمة العباسيين، واستمرت كذلك في عصر الأيوبيين (569-650 هـ‍/ 1174-1252م) إلى أن جاء العصر المملوكي (648-932 هـ‍/1220-1517م) ، حيث بلغت مركز الصدارة، وظهرت فيها كتبٌ تناولت نظريات فن الخط وتعليمه، مثل: مقدمة ابن خلدون، وصبح الأعشى للقلقشندي (28) . وفي شمال الشام تطور فنُّ الخط منذ أواخر القرن الخامس الهجري، وأجاد السوريون الشماليون خط النسخ، وخطَّ الطومار ومشتقاته (29) . وفي تركيا، حيث قامت الدولة العثمانية (699-1341 هـ‍/1299-1922م) بلغت العناية بتجويد الخط حدًّا بعيدًا، وأنشئت في الآستانة سنة 1326 هـ‍ أول مدرسة خاصة لتعليم الخط والنقش والتذهيب (30) ، وطوَّروا ما أخذوه من مدارس سبقتهم في تجويد الخط؛ مثل: قلم الثلث والثلثين اللذين أخذوهما من المدرسة المصرية، وخط النسخ من السلاجقة، بل وزادوا على ذلك أقلامًا جديدة لأول مرة؛ مثل الرقعة، والديواني، وجلي الديواني، وتفردوا أيضًا بخط الطغراء، وهو في أصله توقيع سلطاني، وخط الإجازة وهو يجمع بين النسخ والثلث، والهمايوني، وهو خط مُوَلّد عن الديواني. لم يتفوق الأتراك العثمانيون في الخط فقط، بل وفي تذهيب المصاحف وزخرفتها. ولم يزل الأتراك ممسكين بزمام التفوق في تطور الخط العربي حتى سنة 1342 هـ‍ عندما استبدلوا بالحرف العربي الحرفَ اللاتيني، حيث انتقل قياد التفوق الخطي إلى مصر مرة أخرى (31) . فقد استقدم الملك فؤاد (1335-1355 هـ‍ / 1917-1936م) في سنة 1921م أشهر الخطاطين في الآستانة، وهو الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي (32) ، فكتب له مصحفًا في ستة شهور، وذهّبه وزخرفه في ثمانية شهور. وفي منتصف شهر أكتوبر سنة 1922م فُتحت مدرسةٌ لتعليم الخطوط العربية، وكان في مقدمة أساتذتها الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي، وقد تخرجت أول دفعة في هذه المدرسة في يونيه سنة 1925م، وبعد فترة ألحق بها قسم في فن الزخرفة والتذهيب (33) . استقطبت مصر عددًا من الخطاطين الأتراك منهم: عبد الله بك الزهدي (خطاط المسجد النبوي، المتوفى بمصر سنة 1296 هـ) ، ومحمد عبد العزيز الرفاعي، وأحمد كامل، تخرج على أيديهم عدد من الخطاطين المصريين، وغيرهم من مختلف البلاد الإسلامية (34) . وفي إيران لم تكن العناية بالخط العربي، وكتابة المصاحف أقل منها في تركيا، ونبغ الإيرانيون في مجال التذهيب، حتى تفوقوا على الأتراك في هذا الفن، كما عرفوا خطوطًا خاصة بهم منها: خط الشكسته، وهو أقدم خط عرفه الفرس، وخط التعليق، وهو خط فارسي ظهر في أواخر القرن السابع الهجري، وخط النسخ تعليق الذي يجمع بين خطي النسخ والتعليق، الذي ظهر في القرن التاسع الهجري. وفي الوقت الذي أخذ فيه الأتراك عن الفرس خط التعليق وبرعوا فيه، فإن الفرس لم ينجحوا في إجادة الخط الديواني الذي أخذوه من الأتراك (35) .أما شمال إفريقية فقد انتقل الخط إليها عن طريق المدينة، ثم الشام (36) ، فعُرف الخط المغربي، وانتشر في شمال إفريقية ووسطها وغربها وفي الأندلس. ومن الخطوط التي ظهرت في هذا الجزء من العالم الإسلامي خط القيروان الذي اتخذ الخط الكوفي أساسًا له، وخط المهدية، وخط الأندلس الذي احتل المكانة الأولى في كل شمال إفريقية في أواخر عهد الموحدين (524-668 هـ‍/1130-1269م) ، ثم ظهر الخط الفاسي، ثم ظهر الخط السوداني الذي عرف اعتبارًا من القرن السابع الهجري (37) .وفي الجناح الشرقي من البلاد الإسلامية كان الغزنويون، والسلاجقة العظام لا يقلون اهتمامًا بالخط عن نظرائهم في البلاد الإسلامية الأخرى، ومثلهم في ذلك الإيلخانيون، والتيموريون، والجلائرون في القرنين السابع والثامن الهجريين (38) .

_ (1) ترجم له محمد طاهر الكردي في كتابه ((تاريخ الخط العربي وآدابه)) ص368. ولم يزد عما جاء في المتن. (2) أبوالفرج محمد بن يعقوب إسحاق، المعروف بالوراق: الفهرست، تحقيق رضا تجدد بن علي زين العابدين الحائري المازندراني، طهران 1391هـ/1971م، ص 9. (3) جاء في ((الأعلام)) (6/134) مالك بن دينار البصري، أبويحيى، من رواة الحديث، كان ورعاً، يأكل من كسبه، ويكتب المصاحف بالأجرة، توفي في البصرة سنة 131هـ/748م. (4) توفي سنة 154هـ/770م. (5) ابن النديم: مصدر سابق، 10. (6) لم يحدد ابن النديم هذه الأقلام، ولعل منها قلم الطومار الذي كان يعبِّر عن عرض القلم الجليل، المعروف قبل قطبة. انظر كتاب ((فن الخط العربي، مولده وتطوره، حتى العصر الحاضر، إعداد مصطفى اُغُور درمان، ترجمة صالح سعداوي، إشراف أكمل الدين إحسان أوغلي، ط1، استانبول 1411هـ/1990م، 19-20)) . (7) ابن النديم: مصدر سابق، 10. (8) المصدر نفسه، 10. (9) هو: أبو علي محمد بن علي بن حسين بن مقلة، ولد بعد عصر يوم الخميس لتسع بقين من شوال سنة 272هـ، وكان وزيراً للمقتدر بالله، ثم القاهر بالله، ثم الراضي بالله، الذي مات في عهده محبوساً بعد أن قُطعت يده ولسانه، بسبب وشاية الحاجب ابن رائق، وذلك في يوم الأحد لعشرين خلون من شوال سنة 328هـ. ((المصدر نفسه، 12، والدالي: مرجع سابق، 66)) . (10) ولد فجر يوم الأربعاء سلخ شهر رمضان سنة 278هـ، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة 338هـ. ((ابن النديم: مصدر سابق، 12)) . (11) المصدر نفسه، 12. (12) توفي ابن النديم في يوم الأربعاء لعشرين بقين من شعبان سنة 380هـ ببغداد. (13) عفيفي: مرجع سابق، 102. (14) الكردي: مرجع سابق، 80، والدالي: مرجع سابق، 66. (15) الكردي: مرجع سابق، 80. (16) يقال له ((ابن الستري)) ؛ لأن أباه كان بواباً، والبواب يلازم ستر الباب، وتوفي ببغداد يوم الخميس ثاني جمادى الأولى سنة 423هـ، وقيل سنة 413هـ، ودفن بجوار الإمام أحمد بن حنبل. ((ابن خلكان: مصدر سابق، 3/342-344، وأبو الفدا الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير: البداية والنهاية، ط1 دار أبي حيان بالقاهرة 1416هـ/1996م، 12/21، والزركلي: مرجع سابق، 5/183)) . (17) وقيل إن الناقل الأول، هو الحسن البصري، الذي أخذ الخط عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ((الدالي: مرجع سابق 67)) . (18) المرجع نفسه، 67. (19) ابن خلكان: مصدر سابق، 3/342، وابن كثير: مصدر سابق، 12/21. (20) هو: ياقوت بن عبد الله الموصلي، أمين الدين، عُرف بالملكي نسبة إلى ملكشاه السلجوقي، توفي بالموصل سنة 618هـ/1221م. ((ابن كثير: مصدر سابق 13/128، وجمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية، 5/283، والأعلام، 9/156)) . (21) هي: فخر النساء شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الإبَري، كانت من العلماء، وكتبت الخط الجيد، وكان لها السماع العالي، توفيت ببغداد بعد عصر يوم الأحد ثالث عشر المحرم سنة 754هـ، والإبَري، نسبة إلى الإبَر. ((ابن خلكان: مصدر سابق، 2/477-478، والزركلي: مرجع سابق، 3/259)) . (22) القلقشندي: مصدر سابق، 3/84، والدالي: مرجع سابق، 267، والكردي: مرجع سابق، 80. (23) هو: ياقوت بن عبد الله الرومي الجنس والمولد، الحموي المولى، البغدادي الدار، الملقب شها

أدوات الكتابة

أدوات الكتابة (1) كانت أدوات الكتابة قبل ظهور المطابع ووسائل التقنية الحديثة، تتكون من: 1- المِقْلَمة: وهي المكان الذي توضع فيه الأقلام. 2- الأقلام، أو المِزْبَر (2) : وكانت تؤخذ من لب الجريد الأخضر، ثم أخذت من القصب الفارسي، وشاع استخدام القصب والحبر الأسود حتى سنة 1330هـ، عندما عرف الناس استخدام الريشة المصنوعة من المعادن، فكتبوا بها بالحبر الأزرق، ثم شاع استخدام أقلام الجيب (الحبر والجاف) (3) . وتميزت أقلام القصب عن غيرها بسهولة استعمالها، وقدرتها على إظهار قواعد الخط، يقطعها الكاتب كما يشاء بحسب نوع الكتابة وحجم الخط، أما أقلام المعدن فلا تؤدي قواعد الخط كما ينبغي، وإن كانت في كتابة الحروف الإفرنجية أفضل من أقلام القصب؛ لأن أحد جانبي الحرف الإفرنجي أغلظ من الآخر، فبإمكان الكاتب أن يضغط على أقلام المعدن فينفرج سن المعدن، فيغلظ المكان الذي يريده من الحرف، وهذا لا يتأتى مع أقلام القصب إلا بصعوبة، وربما تلف القلم (4) . 3- المُدْيَة: وهي السكين التي يُبرى بها القلم ويُقَطّ. 4- المِقَطُّ: عود صلب، وسطح تقط رؤوس الأقلام عليه. 5- المِحْبَرة: وهي التي يوضع فيها الحبر. 6- المِلْوَاق: وهو عود -يفضل أن يكون من الأبنوس- يحرك به الحبر في الدواة، ويفضل أن يكون مستديرًا مخروطًا، عريض الرأس ثخينه. 7- المَرْمَلة: اسمها القديم المِتْرَبَة، وهي علبة يوضع فيها الرمل الأصفر، أو الأحمر، أو ما هو بين الحمرة والصفرة، لرش الكتابة بعد كتابتها، فيزيدها جمالا. 8- المِنْشأة: علبة يوضع فيها النشا بعد طبخه، حيث يكوِّن مادة لاصقة مثل الغِراء. 9- المِنْفَذُ: وهي آلة تشبه المخرز؛ لحزم الورق. 10- المِلْزَم: خشبتان يشدّ وسطهما بحديدة؛ لتمنع الورق من الانزلاق حال الكتابة، وتحبسه بالمحبس وهو ما يعرف اليوم بماسك الورق. 11- المِفْرَشة: وهي خرقة من الكتان، أو الصوف ونحوه، تفرش تحت الأقلام. 12- المِمْسحة: وتُسمى الدفتر، وهي خِرقة متراكبة من صوف، أو حرير، يُمسح القلم بباطنها عند الفراغ من الكتابة؛ لئلا يجف عليه الحبرُ فيفسد، وغالباً ما تكون مدورة مخرومة الوسط، أو مستطيلة. 13- المسقاة: وهي إناء لطيف يصب الماء، أو ماء الورد في المِحْبَرةِ، وتسمى الماوَرْديّة. 14- المِسْطَرة: وهي آلة من خشب مستقيمة الجنبين، يسطر عليها ما يُحتاج إلى تسطيره من الكتابة ومتعلّقاتها، وهي المسطرة المعروفة حاليًا، وأكثر ما يحتاج إليها المذَهِّب. 15- المِصْقَلة: وهي التي يُصْقَلُ بها الذهب بعد كتابته. 16- المِهْرَق: وهو القرطاس الذي يكتب فيه. 17- المِسَنُّ: وهو آلة تتخذ لإحداد السكين. 18- المِداد والحبر: سمى المداد؛ لأنه يمدُّ القلم، أيْ يعينه، وسُمي الزيت مداداً؛ لأن السراج يُمدّ به، أما الحبر فأصله اللون، وأجوده ما اتّخذ من سُخَام النِّفط، ومنه ما يُناسب الكاغِد (الورق) ، وهو حبر الدّخان، ومنه ما يناسب الرّق ويسمى الحبر الرأس، ولا دخان فيه (5) . 19- الجلد: ومنه الرَّق، وهو ما يرقق من الجلود ليُكتب فيه، وتؤخذ من صغار العجول والحِمْلان والجدَاء والغزلان (6) . يقول القلقشندي: ((وقد أجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على كتابة القرآن في الرق؛ لطول بقائه، أو لأنه الموجود عندهم حينئذٍ (7)) ) . وقد سمي رقاً؛ لجمْعه بين الرقة والمتانة وطول البقاء (8) . وكان أهل الأندلس ممن اشتهروا بكتابة مصاحفهم في رقوق (9) . والأديم: وهو جلد أحمر مدبوغ، عُرف في الجاهلية، وكُتب عليه الوحي في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم. والقضيم: وهو جلد أبيض كُتب عليه الوحي في عصر الرسالة. 20- كما كان من أدوات الكتابة في عصر الرسالة: الحجارة، واللخاف وهي الحجارة الرقاق البيض، والعظام (عظم الكتف، والأضلاع) ، والخشب، والعسيب، وهو السعفة أو جريدة النخل إذا يبست وكشط خوصها (10) .

_ (1) اعتمدت هذه الفقرة اعتماداً رئيساً على ما ذكر القلقشندي المتوفى سنة 821هـ/1418م في كتابه ((صبح الأعشى)) 2/444-481. (2) جاء في صبح الأعشى، 2/444: من قولهم زبرت الكتاب إذا أتقنت كتابته، ومنه سميت الكتب زُبُرًا كما في قوله تعالى: (وإنه لفي زُبر الأولين) الشعراء /196، وفي حديث أبي بكر أنه دعا في مرضه بدواة ومِزْبر، أي قلم. (3) الكردي: مرجع سابق، 98، والدالي: مرجع سابق، 119، وعفيفي: مرجع سابق، 193. (4) الكردي: مرجع سابق، 98-99، وعفيفي: مرجع سابق، 193. (5) القلقشندي: مصدر سابق، 2/471-477. (6) المصدر نفسه، 2/484، والدالي: مرجع سابق، 105. (7) القلقشندي: مصدر سابق، 2/486. (8) الكردي: مرجع سابق، 99. (9) الدالي: مرجع سابق، 106. (10) المرجع نفسه، 105-111.

الزخرفة والتذهيب

الزخرفة والتذهيب لم تكن المصاحف التي كتبت في عهد عثمان بن عفان خالية من النقط والشكل فقط، بل كانت أيضًا خالية من التحلية والتذهيب، والتعشير، وعلامات الفصل بين السور، ولم تعرف الزخرفة وتحلية المصاحف إلا في العصر العباسي، وكانت الصفحات الأولى والأخيرة وعناوين السور تحظى بعناية أكثر في تذهيبها وزخرفتها، وربما اشترك أكثر من واحد في زخرفة آيات المصحف الشريف وتذهيبها وكتابتها، وربما استغرقوا في ذلك أكثر من عام (1) . وكانت المصاحف في الصدر الأول من الإسلام على هيئة سجل، أو لفافة قد تشتمل الواحدة منها على سورة أو أكثر، ثم أخذت الشكل الأفقي، أو العمودي في فترة العصر الأموي وما بعده (2) . وكانت تجلد تجليدًا فنيًا حسب إمكانات ذلك العصر (3) .

_ (1) عفيفي: مرجع سابق 232، 235 (2) عبد الله بن محمد المنيف: دراسة فنية لمصحف مبكر، يعود للقرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي، مكتوب بخط الجليل أو الجليل الشامي، محفوظ في مكتبة الملك فهد الوطنية، ط1 1418هـ/1998م، 48، والمصاحف المبكرة وأهميتها، مجلة الفيصل، ع 267، رمضان 1419هـ، ديسمبر 1998م، يناير 1999م، 5. (3) عفيفي: مرجع سابق، 235.

تاريخ الطباعة

تاريخ الطباعة في أوروبا: يوحنا جوتنبرج (1397-1468م) اسم لمع في مدينة ((ماينز)) بألمانيا، وارتبط باختراع فن المطابع، وذلك عام 840‍ هـ/1436م، وكان هذا الاكتشاف إيذانًا بعصر جديد في انتشار العلم والتقاء الحضارات، وتبادل الثقافات. وظهر أول كتاب مطبوع في أوروبا -على الأرجح- ما بين (844-854هـ / 1440-1450م) وذلك بالحروف اللاتينية المتحركة. ورغم السرية التي أحاط بها جوتنبرج اختراعه إلا أن الطباعة انتشرت انتشارًا سريعًا في البلاد الأوروبية الأخرى؛ حيث ظهرت الطباعة في روما سنة 870هـ‍/1465م، وفي البندقية سنة 874هـ‍/1469م، وفي باريس سنة 875هـ‍/1470م، وفي برشلونة سنة 876هـ‍/1471م، وفي إنجلترا سنة 879هـ‍/1474م. وفي عام 1486م عُرفت الطباعة بالحروف العربية، وطبع في عام 1505م في مدينة غرناطة كتابان بالعربية هما: وسائل تعلُّم قراءة اللغة العربية ومعرفتها، ومعجم عربي بحروف قشتالية، بتوجيه من الملك فردينان وزوجته إيزابيلا. في تركيا: تاريخ دخول المطابع الحديثة إلى تركيا مضطرب، لم تتفق المصادر على تحديد بدايته؛ حيث ورد أن بداية معرفة الأتراك للمطابع الحديثة كان مع دخول المهاجرين اليهود إلى الأراضي العثمانية، عندما حملوا معهم مطبعة تطبع الكتب بعدة لغات هي: العبرية، واليونانية، واللاتينية، والإسبانية، فطُبعت التوراة مع تفسيرها في عام 1494م، وطبع كتابٌ في قواعد اللغة العبرية عام 1495م، وطبعت كتب أخرى بعدة لغات في عهد السلطان بايزيد الثاني (886-918هـ‍ /1481-1512م) بلغت تسعة عشر كتابًا. ويؤكد بعضُ الباحثين أن الآستانة عاصمة الأتراك العثمانيين هي أول بلد شرقي يعرف المطابع الحديثة، ويرجع ذلك إلى عام 1551م، في عهد السلطان سليمان الأول القانوني (926-974هـ/ 1520-1566م) ، وكانت ترجمة التوراة إلى اللغة العربية، والتي قام بها سعيد الفيومي هي أول كتاب يطبع في تركيا في ذلك العام، وقد طبعت بحروف عبرية. ويذكر موريس ميخائيل أن أول مطبعة تطبع بحروف عربية في اسطنبول هي التي أسسها إبراهيم الهنغاري عام 1727م (1139هـ) ، وسمح له بطباعة الكتب عدا القرآن الكريم، ويبدو أن أول كتاب يظهر في هذه المطبعة هو كتاب ((قاموس وان لي)) في مجلدين، بين عامي 1729-1730م، وهو ترجمة تركية لقاموس ((الصحاح)) للجوهري، ويقترب معه إلى حد كبير الدكتور سهيل صابان في تحديد تاريخ أول مطبعة بالحروف العربية تظهر في تركيا لصاحبيها سعيد حلبي، وإبراهيم متفرقة، وذلك عام 1139هـ‍ (1726م) . وفي رأي آخر أن كتب الحكمة والتاريخ والطب والفلك طبعت مع بداية عام 1716م، عندما صدرت فتوى من شيخ الإسلام عبد الله أفندي بجواز طبعها. ولعل هذا الاضطراب في تحديد بداية تاريخ دخول المطابع إلى تركيا لا يحجب بعض الأمور الواضحة حول معرفة الأتراك العثمانيين للمطابع الحديثة، وهي: 1- أن تركيا العثمانية أول البلاد الشرقية معرفة للمطابع. 2- تأخر الطباعة بالحروف العربية عنها بالحروف الأخرى. 3- تردد الأتراك في طباعة كتبهم، حتى صدور فتوى بجواز ذلك. 4- أن العلماء الأتراك حرَّموا طباعة المصحف الشريف؛ خوفًا عليه من التحريف. 5- أن الإذن بطباعة الكتب بالحروف العربية جاء متدرجًا، ففي البداية سمح بطباعة الكتب في مجال الطب والفلك والحكمة والتاريخ، ثم أُذن بطباعة الكتب الأخرى. في بلاد الشام: عرف لبنان الطباعة في وقت مبكر، وهذا يعود إلى سنة 1610م (1018هـ) ، عندما أنشئت المطبعة المارونية على يد رهبان دير قزحيا (قزوحية) ، وكان أول كتاب يطبع فيها هو كتاب ((سفر المزامير)) الذي طبع بعمودين، أحدهما بالسريانية، والآخر بالعربية، إلا أن هذه المطبعة واجهت صعوبات لم تمكنها من الاستمرار في عملها. ثم ظهرت مطبعة دير ماريوحنا الصايغ عام 1734م، أنشأها عبد الله بن زخريا (الزاخر) المتوفى عام 1748م، وكان أول كتاب يطبع فيها ((ميزان الزمان)) . وفي عام 1753م ظهرت في بيروت مطبعة القديس جاورجيوس، وفي عام 1834م نقلت المطبعة الأمريكية للمبعوثين الأمريكان -التي أنشئت في مالطا عام 1822م- إلى بيروت، وطبعت فيها كتب كثيرة في الأدب والتاريخ. وتعد المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين التي ظهرت عام 1854م أول مطبعة تخرج عن الصبغة المسيحية، وتقوم بنشر العديد من كتب اللغة والأدب. وفي عام 1867م أنشأ بطرس البستاني مطبعة المعارف. أما سوريا، فهي أيضًا من أوائل البلاد العربية معرفة بالطباعة، وتعد مطبعة حلب من أقدم المطابع العربية، حيث ظهرت عام 1706م وبعد أكثر من مائة عام على ظهور هذه المطبعة ظهرت مطبعة أخرى حجرية في حلب أيضًا، هي مطبعة بلفنطي وذلك عام 1841م، ثم مطبعة الطائفة المارونية بحلب أيضًا عام 1857م، وفي حلب أيضًا ظهرت مطبعة جريدة فرات عام 1867م، أما دمشق فقد ظهرت فيها مطبعة الروماني عام 1855م، ومطبعة ولاية دمشق عام 1864م. أما فلسطين والأردن، فيرجع ظهور المطابع فيها إلى عام 1830م عندما أنشئت مطبعة في فلسطين تطبع بالعبرية، ثم ظهرت مطبعة أخرى في القدس عام 1846م، تطبع بالعربية، ولم تعرف الأردن المطابع إلا بعد الحرب العالمية الأولى، عندما أنشئت مطبعة خليل نصر في عمَّان عام 1922م، ثم ظهرت مطبعة الحكومة عام 1925. وأمّا في العراق، فرغم أنها عرفت أول مطبعة حجرية عام 1830م إلا أن أهم مطبعة ظهرت فيها كانت عام 1856م، في مدينة الموصل، على يد الرهبان الدومنيكان. وفي مصر: ارتبط ظهور الطباعة بحملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798م، الذي حمل معه ثلاث مطابع مجهزة بحروف عربية ويونانية وفرنسية، وكان الهدف الأساس لهذه المطابع هو طباعة المنشورات والأوامر، وكانت تقوم بعملها في عرض البحر، حتى دخلت الحملة القاهرة، فنقلت إليها، وعرفت بالمطبعة الأهلية، وتوقفت هذه المطبعة بانتهاء الحملة الفرنسية عام 1801م، ولم يُعرف مصيرها. وبعد حوالي عشرين عامًا، وفي عام 1819م، أو 1821م أنشأ والي مصر محمد علي باشا (1184-1265هـ / 1770-1849م) مطبعة على أنقاض المطبعة الأهلية، عُرفت بالمطبعة الأهلية أيضًا، ثم نُقلت إلى بولاق، فعرفت بمطبعة بولاق، أو المطبعة الأميرية، وكانت هذه المطبعة ثورة في عالم المعرفة، طبع فيها في مدة وجيزة من عام 1289هـ إلى عام 1295هـ أكثر من نصف مليون نسخة، ولم تتوقف خلال تسعين سنة من عملها المتواصل غير فترة يسيرة بين عامي 1861 و 1862م بين عهدي محمد علي والخديوي إسماعيل (1245-1312‍ هـ/ 1830-1895م) . إثر انهيار إمبراطورية محمد علي باشا، ظهرت قيادات ضعيفة لم تستطع مواصلة مسيرة البناء المعرفي الذي شيد أساسه محمد علي باشا. وبعد أربعين سنة من إنشاء مطبعة بولاق (الأميرية) التي أسهمت إسهامًا كبيرًا في إثراء المعرفة الإنسانية بطبع روائع التراث الإسلامي ونشرها، توالى ظهور بعض المطابع الأهلية مثل: مطبعة الوطن عام 1860م، ومطبعة وادي النيل عام 1866م، ومطبعة جمعية المعارف عام 1868م، والمطبعة الخيرية بالجمالية، والمطبعة العثمانية، والمطبعة الأزهرية، والمطبعة الشرفية أو الكاستلية، والمطبعة الرحمانية، وغيرها من المطابع. وفي شبه الجزيرة العربية: رجَّح الدكتور يحيى محمود جنيد أن عام 1297هـ (1879م) هو العام الذي ظهرت فيه الطباعة في اليمن، وذلك بعد مناقشته لمختلف الروايات التي أشارت إلى تواريخ متعددة عن بداية الطباعة في اليمن هي: 1289هـ‍ (1872م) ، و 1292هـ‍ (1875م) ، و 1294هـ‍ (1877م) ، و1297هـ‍ (1879م) . وكانت الدولة العثمانية هي التي قامت بإنشاء هذه المطبعة، وخصصتها لما يخدم مصالحها، ولم يُطبع فيها أي كتاب بالعربية، وعرفت هذه المطبعة بمطبعة صنعاء، أو مطبعة الولاية، أو مطبعة ولاية اليمن، ويصفها الدكتور يحيى بأنها مطبعة يدوية هزيلة، لا تطبع أكثر من صفحتين. وعلى يد والي الحجاز من قبل الأتراك، الوزير عثمان نوري باشا أنشئت أول مطبعة في الحجاز في مكة المكرمة عام 1300 هـ (1882م) ، وصفت بأنها يدوية، وأن وسائلها كانت محدودة، ولم تكن في مستوى المطابع الكبرى التي ظهرت في مصر، والتي اتجه إليها علماء الحجاز لطبع مؤلفاتهم. وسميت هذه المطبعة بالمطبعة الميرية، أو مطبعة الولاية، أو مطبعة ولاية الحجاز. وكانت موضع عناية الدولة العثمانية حتى آلت إلى الحكومة الهاشمية، فامتدت لها يد الإهمال إلى أن دخلت الحجاز في حكم الملك عبد العزيز -رحمه الله تعالى-، فدبَّتْ فيها الحياة مرة أخرى، وسميت بمطبعة أم القرى. كما ظهر في الحجاز العديد من المطابع الأخرى، مثل مطبعة شمس الحقيقة بمكة، التي ظهرت عام 1327هـ (1909م) ، ومطبعة الترقي الماجدية بمكة عام 1327هـ، ومطبعة الإصلاح في جدة عام 1327هـ أيضًا، فانتشرت المطابع في المملكة العربية السعودية، وزاد عدد المطبوعات، وأرسلت أول بعثة إلى مطبعة بولاق بمصر للتخصص في فن الطباعة وفروعه عام 1375هـ ‍.

الطبعات المبكرة للمصحف الشريف

الطبعات المبكرة للمصحف الشريف في أوروبا: (1) تحدث الدكتور يحيى محمود جنيد عن طبعات ثلاث للمصحف الشريف في أوربا في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، هي: طبعة البندقية عام 1537م أو 1538م، وطبعة هامبورج عام 1694م، وطبعة بتافيا عام 1698م. وكانت الطبعة الأولى يلفها الغموض في تحديد تاريخها، ومكانها والجهة المشرفة عليها ومصيرها، فقيل في تاريخ طبعها: إنه كان في عام 1499م، وقيل: عام 1508م، وقيل: عام 1518م، وقيل: عام 1530م، وقيل: عام 1538م، أي أن هذه النسخة طبعت في الفترة ما بين 1499م و 1538م، دون الاتفاق على تاريخ محدَّد. أما مكان الطبع فاختلف فيه أيضُا: فقيل: في البندقية. وقيل: في روما. وكذلك المشرف على طبعه قيل: باغنين، وقيل: بافاني، وقيل: باجانيني، ورغم ما يتردد من شك حول اكتشاف نسخة من هذه الطبعة في مكتبة الدير الفرنسسكاني القديس ميخائيل بالبندقية على يد أنجيلا نيوفو Angela Novo (2) ، إلا أن هناك اتفاقًا على أن هذه الطبعة أتلفت بأمر من البابا، وإذا كان هناك من الباحثين من يرجع سبب إتلافها إلى رداءة طباعتها، وعدم تقيدها بالرسم الصحيح للمصحف، حسب ما اتفق عليه علماء المسلمين، مما جعل المسلمين يحجمون عن اقتنائها، إلا أن تدخل البابا وأمره بإتلافها يوحي بأن هناك دافعًا دينيًا أيضًا وراء إتلاف هذه الطبعة (3) . أما طبعة هامبورج Hamburgh في عام 1125 هـ (1694م) ، فقد قام بها مستشرق ألماني ينتمي إلى الطائفة البروتستنتية، هو إبراهام هنكلمان Ebrahami Hincklmani (4) ، وقد حدَّد أن هدفه من هذه الطبعة ليس نشر الإسلام بين البروتستانت، وإنما التعرف على العربية والإسلام (5) . استغرق نص القرآن في هذه الطبعة خمسمائة وستين صفحة، كل صفحة تتكون من سبعة عشر إلى تسعة عشر سطرًا، وطبعت بحروف مقطعة، وبحبر أسود ثخين، على ورق كاغد أوربي، يعود إلى القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) ، وامتلأت بأخطاء كثيرة، بعضها ناتج عن تبديل حرف مكان حرف، وبعضها بسبب سقوط حرف من كلمة غيَّر المعنى المراد منها، وأخطاء أخرى تتعلق بأسماء السور، ويبدو أن عدم إتقان القائم على الطبعة للعربية، إضافة إلى محاولة تشويه النص القرآني الكريم وراء هذه الأخطاء (6) . ويذكر الدكتور يحيى: أن بعض المكتبات في العالم تضم نسخًا من هذه الطبعة، منها نسخة في دار الكتب المصرية برقم 176 مصاحف، ونسخة في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض (7) . طبعة بتافيا: صدرت هذه الطبعة من مطبعة السمناريين عام 1698م، وهي على قسمين: القسم الأول يضم نص القرآن الكريم، وترجمته، وتعليقات، وقد قام بإعداد هذا القسم الراهب الإيطالي لود فيكو مراشي Ludvico marracei Lucersi، وتمتاز هذه الطبعة بتطور حروفها قياسًا بالطبعتين السابقتين (8) . وفي روسيا طبع المصحف الشريف في ((سانت بترسبورغ)) عام 1787م، وأشرف على هذه الطبعة مولاي عثمان، وفي عام 1848م ظهرت طبعة أخرى في ((قازان)) أشرف عليها محمد شاكر مرتضى أوغلي، وتقع في 466 صفحة، بمقاس 351×189مم، التزم فيها بالرسم العثماني، ولم يلتزم بذكر أرقام الآيات، وكتبت علامات الوقف فوق السطور، وقد ألحق بهذه الطبعة قائمة بما فيها من الأخطاء وبيان الصواب فيها (9) . وفي عام 1834م ظهرت طبعة خاصة للمصحف الشريف في مدينة ((ليبزيغ)) أشرف عليها ((فلوجل)) Flügel، ورغم اهتمام الأوربيين بها، وإقبالهم عليها، إلا أنها لم تحظ بعناية المسلمين؛ لمخالفتها قواعد الرسم العثماني الصحيح (10) . وفي إيران طبع المصحف طبعتين حجريتين في كل من طهران عام 1244هـ (1828م) ، وتبريز عام 1248هـ (1833م) (11) . كما ظهرت طبعات أخرى في الهند وفي الآستانه اعتبارًا من عام 1887م (12) . إلا أن الملاحظ على جميع تلك الطبعات عدم التزامها بقواعد الرسم العثماني، الذي حظي بإجماع صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجرت على قواعد الرسم الإملائي الحديث إلا في نزرٍ يسير من الكلمات كتبت بالرسم العثماني (13) . واستمر الوضع على ذلك حتى عام 1308هـ (1890م) عندما قامت المطبعة البهية بالقاهرة، لصاحبها ((محمد أبو زيد)) بطبع المصحف الذي كتبه الشيخ المحقق."رضوان بن محمد" الشهير بالمخللاتي (14) ، والتزم فيه بخصائص الرسم العثماني، واعتنى بأماكن الوقوف مميزًا كل وقف بعلامة دالة عليه، التاء للوقف التام، والكاف للكافي، والحاء للحسن، والصاد للصالح، والجيم للجائز، والميم للمفهوم، كما قدّم له بمقدمة ذكر فيها أنه حرر رسمه وضبطه على ما في كتاب "المقنع " للإمام الداني (15) ، وكتاب "التنزيل " لأبي داود (16) ، ولخص فيها تاريخ كتابة القرآن في العهد النبوي، وجمْعه في عهدَي أبي بكر وعثمان -رضي الله عنهما-، كما لخص فيها مباحث الرسم والضبط.. (17) . عُرف هذا المصحف بمصحف المخللاتي، وكان المقدم على غيره من المصاحف، إلا أن رداءة ورقه، وسوء طباعته الحجرية، دفع مشيخة الأزهر إلى تكوين لجنة تضم: الشيخ محمد علي خلف الحسيني، الشهير بالحداد، والأساتذة: حفني ناصف، ومصطفى عناني، وأحمد الإسكندري؛ للنظر فيه، وفي ما ظهر من هنات في رسمه وضبطه، فكُتب مصحف بخط الشيخ محمد علي خلف الحسيني، على قواعد الرسم العثماني، وضُبط على ما يوافق رواية حفص عن عاصم، على حسب ما ورد في كتاب ((الطراز على ضبط الخراز (18)) ) للتَّنَسي (19) ، مع إبدال علامات الأندلسيين والمغاربة، بعلامات الخليل بن أحمد وتلاميذه من المشارقة، وظهرت الطبعة الأولى منه عام 1342هـ (1923م) ، فتلقاها العالم الإسلامي بالرضا والقبول (20) . وبعد نفاذ هذه الطبعة كوِّنت لجنة بإشراف شيخ الأزهر، وعضوية عدد من علمائه: الشيخ عبد الفتاح القاضي، والشيخ محمد علي النجار، والشيخ علي محمد الضبّاع، والشيخ عبد الحليم بسيوني، راجعت المصحف على أمهات كتب القراءات والرسم والضبط والتفسير وعلوم القرآن، وصححت ما في الطبعة الأولى من هنات في الرسم والضبط، وطبع طبعة ثانية مدققة ومحققة (21) . ثم توالت طبعات المصحف الشريف في مدن مختلفة من العالم الإسلامي مع تطور آلات الطباعة وانتشارها، بما فيها المغرب العربي، الذي لم يتأخر كثيرًا في طباعة المصحف الشريف عن المشرق، وإن لم يُعرف على وجه الدقة تاريخ بدء الطباعة فيها، إلا أنها التزمت في علامات الضبط بما جاء عند الخراز (22) .

_ (1) المرجع الأساس في هذه الفقرة، الدكتور يحيى محمود جنيد في بحثه ((تاريخ طباعة القرآن الكريم باللغة العربية في أوربا في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين)) مجلة عالم الكتب، م15، ع5 الربيعان 1415هـ، سبتمبر-أكتوبر 1994م، 516-525. (2) وذلك في دراسة نشرتها عام 1987م في دورية La Bibliofila بعنوان IL corano Arabo ritravato، ترجمة في العدد المزدوج 53 , 54 من المجلة التاريخية المغربية عام 1989م. (3) يحيى جنيد: مرجع سابق 516-520. (4) توفي عام 1965م. المرجع نفسه، 520. (5) المرجع نفسه، 520. (6) المرجع نفسه، 520-522، والدكتور صبحي الصالح: مباحث في علوم القرآن، ط8/1990م، دار العلم للملايين ببيروت، 99، وغانم قدوري الحمد، رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية، ط1/1402هـ (1982م) ، بغداد، 601-603. (7) يحيى جنيد: مرجع سابق، 522. (8) المرجع نفسه، 523، وصبحي الصالح، مرجع سابق، 99. (9) المرجع نفسه، 99، وغانم قدوري، مرجع سابق، 603، ويحيى جنيد، مرجع سابق، 510-511. (10) صبحي الصالح، مرجع سابق، 99-100. (11) المرجع نفسه، 99. (12) المرجع نفسه، 100. (13) القاضي، مرجع سابق، 90. (14) هو: رضوان بن محمد بن سليمان، أبو عيد، المعروف بالمخَلَّلاتي، من العلماء بالقراءات، ومن مؤلفاته: فتح المقفلات، وشفاء الصدور، والقول الوجيز في فواصل الكتاب العزيز. توفي عام 1311هـ (1893م) . ((الزركلي: مرجع سابق، 3/53)) . (15) هو: عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو عمرو الداني، ويعرف بابن الصيرفي، من الأئمة في علوم القرآن ورواياته وتفسيره، وهو من دانية بالأندلس، كانت ولادته عام 371 هـ (981م) ووفاته في بلده عام 444هـ (1053م) ، من مصنفاته: المقنع، والاهتداء في الوقف والابتداء، والبيان في عَدِّ آي القرآن، وغيرها. ((الزركلي: مرجع سابق، 4/366-367)) . (16) هو: سليمان بن نجاح، من علماء التفسير، ولد ونشأ في قرطبة بالأندلس، وتنقل بين دانية وبلنسية، من مؤلفاته: البيان في علوم القرآن، والتبيين لهجاء التنزيل، وكانت ولادته عام 413هـ (1022م) ووفاته عام 496هـ (1103م) . ((الزركلي: مرجع سابق، 3/200)) . (17) القاضي، مرجع سابق، 91-92. (18) هو: محمد بن محمد بن إبراهيم، أبو عبد الله الشريشي، الشهير بالخراز، من علماء القراءات، وهو من أهل فارس، وأصله من شريش، من مؤلفاته: مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن، توفي عام 718هـ (1318م) . ((الزركلي: مرجع سابق، 7/262، وغانم قدوري، مرجع سابق، 179-182)) . (19) هو: محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التَّنَسي، أبو عبد الله، ينسب إلى تنس من أعمال تلمسان، فقيه وأديب، من مؤلفاته: نظم الدرر والعقيان في دولة آل زيان، توفي عام 899هـ (1494م) . ((الزركلي: مرجع سابق، 7/116)) . (20) القاضي، مرجع سابق، 92-94، وصبحي الصالح، مرجع سابق، 100، وغانم قدوري: مرجع سابق، 100. (21) القاضي: مرجع سابق، 94. (22) غانم قدوري: مرجع سابق، 605.

طباعة المصحف الشريف في المملكة العربية السعودية

طباعة المصحف الشريف في المملكة العربية السعودية تعود بداية طباعة المصحف الشريف في المملكة العربية السعودية إلى عام 1369هـ‍ عندما ظهر المصحف المعروف بمصحف مكة المكرمة، الذي طبعته شركة مصحف مكة المكرمة. ففي مقال للأستاذ عبد القدوس الأنصاري في مجلة المنهل (1) ، ذكر أن فكرة طباعة هذا المصحف كانت للأستاذ محمد سعيد عبد المقصود عندما كان مديرًا لمطبعة أم القرى الحكومية، إلا أنه توفي قبل تحقيقها، ثم تبنى المشروع الأساتذة: محمد علي مغربي، وإبراهيم النوري، وعبد الله باحمدين (2) ، وفي بيان إجمالي عن هذا المصحف في جريدة أم القرى (3) ، ذكر أنه عندما نضجت فكرة طباعة مصحف مكة المكرمة، تكوَّنت شركة مساهمة محدودة سجلت رسميًا باسم ((شركة مصحف مكة المكرمة)) مؤلفة من: محمد سرور الصبان، وعبد الله باحمدين (المدير الرسمي للشركة) ، وإبراهيم نوري (المراقب العام لأعمالها) ، ومحمد علي مغربي (أمين الصندوق) ، ومحمد لبنى، وكان رأس مالها مائتي ألف ريال سعودي (4) . اشترت الشركة مقرًا لها في مكة المكرمة، واشترت آلة طباعة حديثة من أمريكا، يمكن أن يطبع فيها المصحف الشريف بأحجام مختلفة، واتفقت مع مهندسين فنيين لتركيبها. وتم الاتفاق مع الخطاط المعروف الأستاذ محمد طاهر الكردي في سنوات الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) على كتابة المصحف على قواعد الرسم العثماني، وقام بذلك خير قيام، وعندما انتهى من كتابته صححته لجنة من علماء مكة: السيد أحمد حامد التيجي أستاذ علم القراءات بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة، والشيخ عبد الظاهر أبو السمح إمام وخطيب المسجد الحرام، والسيد محمد أحمد شطا المعاون الثاني لمدير المعارف بمكة، والسيد إبراهيم سليمان النوري المفتش بمديرية المعارف بمكة، ثم أرسل إلى مشيخة الأزهر فوافقت على التصحيح، وكان شيخ القرّاء والمقارئ المصرية الشيخ محمد علي الضَّباع ممن صححه ووضع خاتمه الرسمي عليه (5) . وبعد خمس سنوات استغرقها العمل بين الكتابة والتصحيح تم الانتهاء من هذا المصحف في عام 1367هـ، وبدأ طبعه بالحجم الكبير ابتداءً من ليلة الجمعة الموافق 17 من شهر ذي القعدة عام 1368هـ‍، وانتهى في 7 من شهر ربيع الأول عام 1369هـ، ثم بدئ في طبع الحجم الصغير، وبقية الأحجام (6) . ووصفت جريدة أم القرى (7) هذا المصحف بما يلي: 1. أن ابتداء كل صفحة أول آية، كما أن نهاية كل صفحة آخر آية. 2. أن ابتداء كل جزء في أول صفحة، كما أن انتهاء كل جزء في آخر صفحة. 3. أن كل جزء عشرون صفحة ما عدا جزء عمّ. 4. أن علامات الأحزاب وأنصافها وأرباعها قوسية هلالية. 5. أن علامات السجدات رسم الكعبة. 6. أن النقوش التي حول الفاتحة في الصفحة الأولى، وحول أوائل البقرة في الصفحة الثانية مركبة من كلمة مكة بالأحرف الكوفية. 7. وضع بعد نهاية المصحف في آخره دعاء جامع يتلى عند ختم القرآن، وهو مختار من الأدعية المأثورة. وكان صدى ظهور هذا المصحف واسعًا في داخل المملكة وخارجها، وكانت فرحة الملك عبد العزيز رحمه الله بظهوره كبيرة، وقدم للقائمين عليه دعمًا ماديًا ومعنويًا سخيًا، وكذلك أصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء وكبار موظفي الدولة (8) ، كما لاقى استحسان المسلمين في خارج المملكة وثناءهم، وأشادت به الصحف الصادرة في بعض تلك البلاد (9) . وبعد ثلاثين عامًا من ظهور مصحف مكة، ظهر مصحف آخر في مدينة جدة، وذلك في عام 1399هـ، بمطابع الروضة، بعد مراجعته والموافقة عليه من الجهة المخولة بذلك في المملكة العربية السعودية، وأشرف على هذه الطبعة عدد من القائمين على المطبعة وعلى رأسهم: الأستاذ عبد الله باعكضه مدير عام مطابع الروضة، وزميلاه: محمد طرموم، ومحمد بلجون (10) . وفي شهر المحرم من عام 1405هـ (1984م) أُعلن عن افتتاح أعظم وأكبر مطبعة في العالم تقوم على خدمة القرآن الكريم في المدينة المنورة، وهو أول عمل حكومي رسمي لطباعة القرآن الكريم، وفتح عظيم نفع الله به ملايين المسلمين في مختلف بقاع الأرض. وقبل الحديث عن هذه المنشأة، نتعرف على عناية هذه الدولة بالقرآن الكريم، منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله.

_ (1) ج2 السنة العاشرة، صفر 1369هـ (نوفمبر 1949م) 55. (2) المرجع والعدد نفسه، 55. (3) ع 1312، الجمعة 2 شعبان 1369هـ (19 مايو 1950م) . (4) المرجع والعدد نفسه. (5) المرجع والعدد نفسه، والمنهل: مرجع وعدد سابق. (6) جريدة أم القرى: مرجع وعدد سابق، وذكر عبد القدوس الأنصاري في مجلة المنهل (مرجع وعدد سابق) أن الطباعة بدأت في أواخر عام 1368هـ، وانتهت في أواخر المحرم عام 1369هـ. (7) مرجع وعدد سابق. (8) جريدة أم القرى: مرجع وعدد سابق. (9) المرجع نفسه: ع 1351، الجمعة 16 جمادى الأولى 1370هـ (23 فبراير 1951م) . (10) عبد القدوس الأنصاري: افتتاحية المنهل م 40 ذي القعدة وذي الحجة 1399هـ / أكتوبر ونوفمبر 1979م.

عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم

عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم القرآن الكريم منهج حياة، ونظام حكم، ومصدر استلهام، قامت به، ونهضت وتفوقت بهديه، فمنذ أن تفتحت عينا الملك عبد العزيز على الحياة، كان الدرس الأول الذي وعاه في صباه هو القرآن، تلاوة وتدبرًا وحفظًا، وظل ملازمًا له طوال حياته في عسره ويسره، وفرحه وحزنه، وسفره وإقامته، وحربه وسلمه، يبدأ يومه بالقرآن، ويختمه بالقرآن، لم تُضْعِف صلته به أُبهة ملك، ولا عظم سلطان، بل كان كلما اتسع ملكه، وقوي سلطانه تَرْقَى وتَقْوى صلته بالقرآن، طالما سكب العبرات وهو يتلوه تلاوة الخاشع المتبتل المتدبر، خوفًا من الله، ورجاء في ثوابه. ربّى أبناءه على حب القرآن والتمسك به، وتعهده بالتلاوة والحفظ، وقد كان يومًا عظيمًا ذلك الذي يختم فيه أحد أبنائه قراءة القرآن، يحتفي به احتفاء عظيمًا. ففي صباح يوم السبت 14 من رجب عام 1353هـ‍ احتفل في الرياض بختم قراءة القرآن لصاحب السمو الملكي الأمير مشعل، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان (1) . وفي يوم الثلاثاء 14 من رجب عام 1358هـ أقيم احتفال في مدرسة الأمراء بختم صاحب السمو الملكي الأمير متعب لقراءة القرآن، وقد قرأ في الحفل آخر جزء بقي عليه، وألقى خطبة بهذه المناسبة، كما خطب أيضًا في الحفل أصحاب السمو الملكي الأمراء: عبد المحسن، ومشعل، وسلطان (2) . وفي يوم الاثنين 19 من رمضان عام 1359هـ، احتفلت مدرسة الأمراء بختم الأمير محمد بن أحمد بن الإمام عبد الرحمن تلاوة القرآن الكريم (3) . وفي صباح يوم الاثنين 14 من رجب عام 1361هـ، احتفلت مدرسة الأمراء بختم صاحب السمو الملكي الأمير بدر لقراءة القرآن الكريم، ورعى الحفل ولي العهد -في ذلك الوقت- صاحب السمو الملكي الأمير سعود، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير ناصر -أمير الرياض في ذلك الوقت- وكان حفلا مهيبًا عبرت فيه الأسرة الكريمة عن غبطتها وسرورها، وألقى عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء خطبًا بليغة بهذه المناسبة منهم الأمراء: مساعد، وعبد المحسن، ومشعل، وسلطان من طلاب السنة الثقافية، والأمراء: عبد الرحمن، ومتعب، وطلال، ومشاري من طلاب السنة الثانية الابتدائية، والأمير تركي من طلاب السنة الأولى الابتدائية، والأمير نواف، ونايف من طلاب السنة الثانية التحضيرية، والأمير فهد بن محمد بن عبد العزيز من طلاب السنة الثانية الابتدائية (4) (5) . وفي صباح الأحد 12 من شعبان عام 1364هـ احتفلت مدرسة الأمراء بختم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان قراءة القرآن الكريم، وحضر الحفل ولي العهد، الأمير سعود، وتلا الأمير سلمان في هذا الحفل آخر حزب بقي عليه من القرآن، ثم تلا صاحب السمو الملكي الأمير تركي شيئًا من دعاء ختم القرآن، ثم تقدم للخطابة أصحاب السمو الملكي الأمراء: عبد الرحمن، ومتعب، وطلال، ومشاري، وبدر، وتركي، ونايف، معبرين عن سعادتهم بختم أخيهم لتلاوة القرآن الكريم (6) . وفي صباح الخميس 17 من شوال عام 1365هـ أقامت مدرسة الأبناء حفلا بمناسبة ختم صاحب السمو الملكي الأمير فواز لتلاوة القرآن الكريم، وحضر الحفل ولي العهد الأمير سعود، وخطب فيه أصحاب السمو الملكي الأمراء: بدر، وتركي، ونواف، ونايف، وسلمان، وسعود بن ناصر بن عبد العزير (7) . أصبح الاحتفال بختم القرآن الكريم، تلاوة وحفظًا عادة حسنة سار عليها الناس في هذه البلاد الطيبة، سواء على المستوى الرسمي من خلال الجمعيات والمؤسسات القائمة على تعليم القرآن الكريم، أو على المستوى الفردي، وكثيرًا ما يحضر هذه الاحتفالات الأمراء، والوزراء، وكبار الوجهاء، وكبار الموظفين، وعامة الناس. لقد تجلت عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم في مظاهر عديدة أخرى: 1. ففي مجال التعليم للبنين والبنات قامت الأسس التي بني عليها على الإيمان بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولا والتصور الإسلامي الكامل للكون والحياة، وأن الوجود كله خاضع لما سنَّه الله تعالى؛ ليقوم كل مخلوق بوظيفته دون خلل، أو اضطراب، وتوجيه العلوم والمعارف بمختلف أنواعها وموادها- منهجًا وتأليفًا وتدريسًا وجهة إسلامية في معالجة قضاياها، والحكم على نظرياتها وطرق استثمارها حتى تكون منبثقة من الإسلام، متناسقة مع التفكير الإسلامي السديد (8) . فبالإضافة إلى الاهتمام بالقرآن الكريم (تلاوة وحفظًا وتفسيرًا) في مراحل التعليم المختلفة، أقيمت مدارس خاصة بتحفيظ القرآن الكريم ابتدائية ومتوسطة وثانوية، بل وكليات وأقسام متخصصة في بعض الجامعات، بالجامعة الإسلامية بالمدينة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة. 2. وفي المجال الإعلامي هناك ندوات ودروس ومحاضرات تبث عبر الإذاعة والتلفاز عن القرآن وتلاوته وتفسيره والعلوم المتعلقة به، إضافة إلى إنشاء إذاعة خاصة بالقرآن الكريم في مكة المكرمة عام 1392هـ‍/1972م وفي العام نفسه أنشئت إذاعة أخرى بالرياض، ودمجتا في إذاعة واحدة في غرة المحرم عام 1413هـ الموافق 18/10/1993م، سميت إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية بالرياض، وفُتحت فروع لها في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة (9) . وتقوم هذه الإذاعة بإذاعة آيات مجوَّدة ومرتلة، وتقديم أحاديث وبرامج مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة (10) . ويستمر بثها يوميًا على مدار الساعة، من ذلك 75% لتلاوات قرآنية، والباقي لعلوم القرآن والسنة النبوية، ويشمل بثها العالم العربي، وشرق آسيا وجنوبها ووسطها وشمال ووسط إفريقيا (11) . 3. ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم إنشاء ستة عشر جمعية خيرية لتحفيظ القرآن الكريم، منتشرة في أنحاء المملكة، تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تتلخص أهدافها في: 1. تعليم القرآن الكريم لأبناء المسلمين تلاوة وتجويدًا وتفسيرًا. 2. تحفيظ القرآن الكريم للناشئة. 3. إعداد المدرسين الأكفاء لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه. 4. تهيئة قراء وحفظة لإمامة المصلين في الصلاة. 5. تهذيب أخلاق الناشئة بما يتعلمونه من كتاب ربهم. 6. إحياء جانب مهم من جوانب رسالة المسجد. وفي إحصائية للفصل الدراسي الأول لعام 1419هـ‍ / 1420‍ بلغ مجموع الطلبة والطالبات في هذه الجمعيات (272.219) طالب وطالبة، ومجموع الحِلق والفصول (10.787) حلقة وفصلا ومجموع المعلمين والمعلمات (9.290) معلما ومعلمة (12) . 4. ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم تنظيم المسابقات في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتفسيره، ليس على مستوى المملكة بل وعلى مستوى العالم، وتمَّ تكوين أمانة عامة للإشراف على المسابقتين عام 1399هـ، وهي تتبع حاليًا وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. وتجرى المسابقة المحلية في الرياض في كل عام في خمسة فروع هي: الفرع الأول، حفظ القرآن الكريم كاملا مع التجويد والترتيل، وتفسير جزء من القرآن يحدد كل عام، والفرع الثاني حفظ القرآن الكريم كاملا مع التلاوة والتجويد، والفرع الثالث حفظ عشرين جزءًا مع التلاوة والتجويد، والفرع الرابع حفظ عشرة أجزاء مع التلاوة والتجويد، والفرع الخامس حفظ خمسة أجزاء مع حسن الصوت والتلاوة. وقد بلغ عدد المشاركين في المسابقات المحلية حتى عام 1418‍ هـ (1412) متسابقًا (13) . أما المسابقة الدولية فيعود إنشاؤها إلى صدور الأمر الكريم ذي الرقم (25281) المؤرخ في 12/11/1398هـ، على أن تقام كل عام في مكة المكرمة في خمسة فروع كالمسابقة المحلية، وتشرف عليها لجنة تحكيم دولية. وبلغ عدد المشاركين في هذه المسابقة حتى عام 1419هـ (3135) متسابقًا من مختلف أنحاء العالم (14) . وفي شوال من عام 1418هـ‍ أعلن عن جائزة كبرى لحفظ القرآن الكريم هي جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز تقام في الرياض في كل عام، وتشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وبلغ مجموع جوائزها حوالي مليون وخمسمائة ألف ريال سعودي يدفعها سموه الكريم من حسابه الخاص؛ رعاية للقرآن وتشجيعًا على حفظه وحسن تلاوته وهي موزعة على النحو التالي: الفرع الفائز الأول الفائز الثاني الفائز الثالث الأول 70.000 68.000 66.000 الثاني 50.000 48.000 46.000 الثالث 40.000 38.000 36.000 الرابع 30.000 28.000 26.000 الخامس 20.000 18.000 16.000 ومثل ذلك للفائزات من الطالبات، إضافة إلى نفقات نثرية تصل إلى ألفي ريال لكل متسابق أو متسابقة. 5. ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم طباعته بطريقة برايل، إذ تتراوح نسبة عدد المكفوفين في العالم ما بين 1-3%، منهم خمسة وعشرون مليونًا تقريبًا من المسلمين، وفي المملكة العربية السعودية حسب المسح الذي قامت به وزارة المعارف عام 1401هـ‍ عشرون ألف كفيف. وأصبحت هذه الفئة من العالم الإسلامي هدفًا للمنصرين، وأصحاب الأهواء المنحرفة، فوجَّهت لهم برامجها، ودرَّبتهم على مهارات ومهن متنوعة، وحرصت على تخريجهم معاول هدم ضد الإسلام والمسلمين مستغلة ما يتمتع به بعضهم من ذكاء وفطنة. والاهتمام والعناية بهذه الفئة في البلاد والمنظمات والهيئات غير الإسلامية يقابله فتور وغياب في البلاد والهيئات الإسلامية. ففي بريطانيا (مثلا) تصدر أكثر من أربعمائة صحيفة ما بين لمسية وسمعية موجهة للمكفوفين، وفي أمريكا ستة آلاف صحيفة لمسية، وفي بعض الدول الشيوعية السابقة تصدر أكثر من تسعين ألف صحيفة لمسية، بينما لا يوجد في العالم العربي والإسلامي سوى خمس مجلات لمسية، ربما توقف بعضها لأسباب فنية ومالية. بذلت جهود في كل من: مصر، والأردن، وتونس لطبع القرآن الكريم بطريقة برايل، إلا أنها لا تُوَفِّي حاجة المكفوفين، وبخاصة أن بعض هذه الدول توقف عملها في ذلك؛ لأسباب خارجة عن إرادتها (15) . وفي المملكة العربية السعودية تتولى وزارة المعارف، ممثلة في الأمانة العامة للتربية الخاصة العناية بهذا المشروع، بدعم سخي من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وهي تبذل جهودًا طيبة حاليًا لتلبية حاجة المكفوفين من المصاحف المطبوعة بطريقة برايل وغيرها من المطبوعات النافعة والمفيدة. 6. ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم ترجمة معانيه إلى اللغات المختلفة، فقد تبرع الملك فيصل رحمه الله بطبع ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة اليوربا التي يتحدث بها أكثر من سبعة عشر مليونًا في إفريقيا، وقد طبع خمسة وعشرون ألف نسخة من هذه الترجمة على نفقته الخاصة (16) . وجاء في مجلة "المنهل" (17) أن إحدى الصحف العربية نشرت ما يلي: ((تم توزيع معاني القرآن الكريم التي طبعت على نفقة جلالة الملك خالد بن عبد العزيز المفدى، خادم الحرمين الشريفين بمختلف اللغات، وذلك على جميع المراكز والمؤسسات والمكاتب التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وكذلك تم توزيعها على مراكز الدعاة التابعين للرابطة)) .

_ (1) جريدة أم القرى: ع 514، الجمعة 10/7/1353هـ = 9 أكتوبر 1934م. (2) المرجع نفسه، ع 768، الجمعة 17 رجب 1358هـ (1 سبتمبر 1939م) . (3) المرجع نفسه، عدد يوم الجمعة 8 شوال 1359هـ (8 نوفمبر 1949م) . (4) المرجع نفسه، ع 919، الجمعة 25/7/1361هـ = 7 أغسطس 1942م. (5) نص هذه الخطب منشور في المرجع نفسه، ع 922، الجمعة 16 شعبان 1361هـ = 27 أغسطس 1942م. (6) المرجع نفسه، ع 1066، الجمعة 24/8/1364هـ (3 أغسطس 1945م) . (7) المرجع نفسه، ع 1125، الجمعة 25/10/1365هـ

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف تتجلى أروع مظاهر العناية بالقرآن الكريم التي قامت بها المملكة العربية السعودية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة. فعندما كثرت الطبعات التجارية وغيرها للمصحف الشريف، والتي لم تَحْظَ بالعناية الكافية من التدقيق والضبط وحسن الطباعة والإخراج، وفَّق الله ولاة الأمر في هذه البلاد لإنشاء مجمع لطباعة المصحف الشريف، وزوّد بأرقى التجهيزات الطباعية الحديثة، وأمهر الفنيين المختصين في مجال الطباعة. ووقع الاختيار على مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لتكون مقرًّا لهذه المنشأة العظيمة؛ لمكانتها في نفوس المسلمين، ولأنها عاصمة الإسلام الأولى التي تنزل فيها الوحي على خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وشع منها نور القرآن فأضاء أنحاء المعمورة. واتفق على تسمية المصحف الذي يتم طبعه في هذا المجمع بمصحف المدينة النبوية؛ تيمنًا بهذه البقعة المباركة. ففي السادس عشر من شهر المحرم عام 1403هـ‍، تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بوضع حجر الأساس لهذا المشروع العملاق، وقال عند وضع حجر الأساس: ((بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بركة الله العلي القدير، إننا نرجو أن يكون هذا المشروع خيرًا وبركة لخدمة القرآن الكريم أولا والإسلام والمسلمين ثانيًا، راجيًا من الله العلي القدير العون والتوفيق في أمورنا الدينية والدنيوية، وأن يوفق هذا المشروع الكبير لخدمة ما أنشئ من أجله، وهو القرآن الكريم، لينتفع به المسلمون، وليتدبروا معانيه)) . وفي السادس من شهر صفر عام 1405هـ، الموافق 30 أكتوبر 1984 كان حدثًا عظيمًا أثلج صدور المسلمين عندما أزاح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز الستار إيذانًا بتشغيل المجمع، بعد أن اكتمل بناؤه وتجهيزاته الفنية والبشرية، وسطر في سجل المجمع الكلمات التالية: ((لقد كنت قبل سنتين في هذا المكان لوضع حجر الأساس لهذا المشروع العظيم، وفي هذه المدينة التي كانت أعظم مدينة فرح أهلها بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا خير عون له في شدائد الأمور، وانطلقت منها الدعوة، دعوة الخير والبركة للعالم أجمع. وفي هذا اليوم أجد أن ما كان حلمًا يتحقق على أفضل مستوى، ولذلك يجب على كل مواطن في المملكة العربية السعودية أن يشكر الله على هذه النعمة الكبرى، وأرجو أن يوفقني الله أن أقوم بخدمة ديني ثم وطني، وجميع المسلمين، وأرجو من الله التوفيق)) . يقع المجمع في الشمال الغربي من المدينة المنورة على طريق تبوك، على مساحة تقدر بمئتين وخمسين ألف متر مربع، وهو عبارة عن وحدة عمرانية متكاملة في مرافقها المختلفة، حيث يضم مسجدًا، ومبنى للإدارة، وساحة كبيرة للطباعة، ومستودعات للمواد الأولية، ومستودعات للإنتاج التام، ومجموعة من الوحدات السكنية للموظفين غير المتزوجين، ومجموعة من الفلل السكنية لكبار الموظفين، ومركزًا للتسوق، ومطاعم، وملاعب رياضية، ومكاتب بريد ومستوصفًا وغير ذلك من المرافق. أما أهم أهدافه فهي: 1. طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي. 2. ترجمة وطباعة معاني وتفسير القرآن الكريم إلى أهم وأوسع اللغات انتشارًا. 3. تسجيل تلاوة القرآن الكريم بأصوات مشاهير القراء. 4. إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم، والسنة والسيرة النبوية المطهرة. 5. نشر إصدارات المجمع على الشبكات العالمية. 6. تلبية حاجة المسلمين في الداخل والخارج من إصداراته المختلفة. طُبع المصحف الشريف في المجمع برواية حفص عن عاصم، وهي الرواية التي يُقرأ بها في معظم بلاد العالم الإسلامي، وكتب هذا المصحف على قواعد الرسم العثماني، وضُبط على ما قرره علماء الضبط مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، وعدد آياته 6236 آية وفقًا للعدد الكوفي، ومجموع صفحات 604 صفحة تنتهي كل صفحة بآية، وطبع بأحجام مختلفة هي: الجيب، والثمن، والربع، والعادي 75جم، والعادي 45جم، والممتاز، والجوامعي العادي 75جم والجوامعي العادي 45جم، والجوامعي الخاص، والجوامعي الفاخر، والملكي الفاخر، إضافة إلى طبعه مجزأ: جزء عم، وجزء تبارك، وجزء قد سمع، والعشر الأخير، وربع ياسين، ومصحف بكامله مجزأ على ستة أقسام. كما طُبع برواية ورش عن نافع المدني، وهي الرواية التي يُقرأ بها في معظم دول المغرب العربي (المغرب، والجزائر، وتونس، وموريتانيا) إضافة إلى السنغال، وتشاد، ونيجيريا، وكتب هذا المصحف بالخط المشرقي على حسب قواعد الرسم العثماني، وضُبط بالضبط المغربي، وعدد آياته 6214 آية وفقًا لعدد المدني الأخير، ومجموع صفحاته 559 صفحة. وطبع بالحجم العادي 75جم، والجوامعي الخاص. كما طبع برواية الدوري عن أبي عمرو البصري، وكتب بالخط المشرقي على حسب قواعد الرسم العثماني، وضبط على ما قرره علماء الضبط مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، ما عدا بعضًا يسيرًا، فقد روعي في ضبطه مذهب أكثر المغاربة، وما جرى العمل به في السودان. وعدد آياته 6214 آية وفقًا للعدد المدني الأول، ومجموع صفحاته 521 صفحة، ولا تنتهي صفحاته بآية، وطبع بالحجم العادي 75جم. كما طبع مصحف نسخ تعليق برواية حفص عن عاصم، على حسب قواعد الرسم والضبط المتعارف عليها في باكستان وما جاورها، وعدد آياته 6236 آية وفقًا للعدد الكوفي، وعدد صفحاته 611 صفحة، وطبع بالحجم العادي 75جم. أما المصاحف المخطوطة والمعدَّة للطبع فهي: مصحف برواية حفص عن عاصم لا تنتهي صفحاته بآية، وفق قواعد الرسم العثماني، وضبط على ما قرره علماء الضبط، مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، وعدد آياته 6236 آية وفقًا للعدد الكوفي، ومجموع صفحاته 521 صفحة. مصحف برواية حفص عن عاصم تنتهي صفحاته بآية وفق قواعد الرسم العثماني، وضبط على ما قرره علماء الضبط، مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، وعدد آياته 6236 آية وفقًا للعدد الكوفي، ومجموع صفحاته 604 صفحة. مصحف برواية قالون عن نافع المدني، والعمل جارٍ لإعداد هذا المصحف.

أسلوب العمل في كتابة مصاحف المجمع وطبعها

أسلوب العمل في كتابة مصاحف المجمع وطبعها تكتب مصاحف المجمع بيد خطاط متمرس، مشهود له بالتفوق في كتابة المصاحف، هو الخطاط عثمان طه. وتشرف على كتابة المصاحف وطبعها لجنة علمية مختارة بعناية من المختصين في علوم التجويد، والقراءات، والرسم، والضبط، وعدِّ الآي، والوقوف، والتفسير، والفقه، واللغة، والنحو والصرف، وهي حالياً مكونة برئاسة فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي وعضوية أصحاب الفضيلة: عبد الرافع رضوان علي، وعبد الحكيم عبد السلام خاطر، ومحمد الأمين ولد أيدا عبد القادر، ومحمد الإغاثة ولد الشيخ، ومحمد عبد الرحمن أطول العمر، ومحمد عبد الله زين العابدين، ويوسف محمد شفيع عبد الرحيم، ومحمد تميم الزعبي. تسير اللجنة في عملها وفق خطة دقيقة، وتراجع العمل خطوة خطوة، فكل عضو فيها يطالع نسخة من أصل المصحف المخطوط على انفراد، ويقرؤها ويدقق فيها آية آية، وكلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، وحركة حركة، إضافة إلى المصطلحات والرموز، مستعيناً في ذلك بآلة تكبير حسب الحاجة، ويدوِّن ما يقف عليه من ملحوظات في بيان معدّ لذلك، ويوقع عليه باسمه، ثم تجتمع اللجنة لمناقشة ما دوِّن في البيانات، وتصاغ الملحوظات في بيان واحد بعد حذف المكرر، ثم يجتمع أعضاء اللجنة لمناقشة هذا البيان بكل جزئياته، فما أُجمع عليه يوقع من الجميع، ويعتمد عليه في تصحيح الأصل، الذي يعاد مرة أخرى للجنة، وتتبع الأسلوب نفسه حتى تطمئن اللجنة على سلامة ما كُتب. ثم تأذن اللجنة بالبدء بالتحضير للطباعة ((المونتاج)) ، وتقوم بمراجعة العمل في هذه المرحلة بدقة متناهية، حتى تطمئن على سلامة التحضير للطباعة النهائية للمصحف الشريف. وتتلخص الضوابط التي تسير عليها اللجنة في مراجعتها للمصحف الشريف فيما يلي: 1 - اشتراط الإجماع في كل خطوة، والمصادر الأساسية من كتب المتقدمين وكتب المتأخرين هي المرجع في حسم أي خلاف. 2 - التمسك بالحجة إن ظهرت، وإسقاط ما عداها، والحجة مبنية على الرواية وكلام الأئمة المتقدمين، ولا دخل للرأي والاستحسان فيها. 3 - اتباع قواعد الرسم العثماني، الذي حظي بإجماع الصحابة والتابعين. 4 - تجريد المصحف مما عدا القرآن الكريم لقوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم: ((لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فَلْيَمْحُه)) (1) وذلك خشية اختلاط نص القرآن بغيره والتباس ذلك على الناس، مما قد يكون مدخلا وسبباً للتحريف والزيادة، متأسية في ذلك بما سار عليه الصحابة رضي الله عنهم في تجريد المصاحف العثمانية مما سوى القرآن الكريم، مما لم يحظ بالتواتر والقطع واليقين كترقيم السور، وعدد آياتها وبيان المكي والمدني منها، مما هو داخل في نطاق النص القرآني، حيث يمكن تفصيل الأقوال فيه وبيان الراجح من المرجوح في كتب التفسير، وعلوم القرآن الكريم. 5 - أما أسماء السور، ورموز الوقوف، والنقْط والشكل، فقد دعت الحاجة إلى إثباتها؛ لالتصاقها بالنص القرآني. أما ما هو خارج نطاق النص القرآني في حواشي الصفحات، كاسم السورة، ورقم الجزء، أو في جانب الصفحات، كرموز الأجزاء، والأحزاب، والأرباع، والأعشار، والأخماس، ورموز السجدات والسكتات، فلقلّة المحذور فيها؛ لبعدها عن مجال النص القرآني أثبتت بإخراج طباعي يختلف عن النص القرآني. لا تنتهي المراجعة والتصحيح عند هذا الحد، بل تمرّ بعد ذلك بخطوات دقيقة وفق أنظمة ومعايير معدَّة بعناية وإحكام، من أجل المحافظة على سلامة النص القرآني من أي خطأ، وحسن الإخراج الطباعي، وأنشئت من أجل ذلك إدارة من أهم إدارات المجمع هي ((إدارة مراقبة الإنتاج)) ، تضم: (أ) مراقبة النص. (ب) المراقبة النوعية للإنتاج. (ج) المراقبة النهائية للإنتاج. (أ) قسم مراقبة النص، وفيه ما يصل إلى ثلاثين مراقباً من المختصين في الرسم، والضبط، وعد الآي، والوقوف، ومن الحافظين المتقنين لكتاب الله تعالى بالروايات المختلفة. ويبدأ عمل هذا القسم مع أول خطوة من خطوات الطباعة، ويتوزع في ثلاثة أقسام: 1 - قسم مراقبة التجهيز؛ ومهامه التأكد من سلامة تركيب الصور (المونتاج) ، وسلامة عمل الألواح الطباعية (البليتات) من خلال مراقبة التجارب الابتدائية للطباعة (الأوزليد) . 2 - قسم مراقبة النص الابتدائية، ويقوم المختصون في هذا القسم بمراقبة ملزمة خلال ربع الساعة الأولى من بدء الطباعة، ثم مراقبة ملزمة كل ساعة، فإذا لُحظ أي خطأ؛ كضعف في الحرف، أو في شكله، أو في نقْطه، أو قطعٍ في الحرف، والشكل والنقْط، أوقفت آلة الطباعة فوراً حتى يتم تصحيح ذلك الخطأ. ويوقِّع جميع العاملين في هذا القسم على كل ملزمة تتم مراجعتها، وتحفظ في المكان المخصص لها حيث يمكن الرجوع إليها عند الحاجة، كما تُسجل أي ملحوظة تكتشف في سجلات خاصة بذلك. 3 - قسم مراقبة النص النهائية: ويقوم بمراجعة الملازم مراجعة نهائية بعد طبعها، وبعد مراجعتها من قسم المراقبة الابتدائية، وبالأسلوب نفسه الذي يسير عليه القسم السابق، وتحفظ الملازم التي تتم مراجعتها، بعد التوقيع عليها من أعضاء اللجنة للرجوع إليها عند الحاجة. (ب) أما قسم المراقبة النوعية للإنتاج، فهو المسؤول عن مراقبة العمل على خطوط الإنتاج، وتحديد الأخطاء، وما يمكن إصلاحه، وما يجب إتلافه، ويتفرع العمل في هذا القسم إلى ما يلي: 1 - قسم المراقبة النوعية على المواد: للتأكد من مطابقة المواد الأولية للمواصفات المحدَّدة، بإجراء الاختبارات والفحوصات الميدانية والمخبرية، والتأكد من سلامة تخزين المواد الأولية في مستودعات المجمع حسب الأساليب الصحيحة للتخزين، والتأكد من توافر أنظمة سلامة التعامل مع المواد الأولية وشبه المصنعة، والمصنعة على مختلف مراحل الإنتاج، والتأكد من توافر الظروف المناخية الملائمة، كدرجة الحرارة والرطوبة ونوعية الماء، إضافة إلى متابعة تسليم المواد الأولية لمراحل الإنتاج المختلفة. 2 - قسم المراقبة النوعية على أعمال التحضير والتصوير، وألواح الطباعة، ويقوم بمراقبة هذه الأعمال حتى تبدأ مرحلة الطباعة. 3 - قسم المراقبة النوعية للإنتاج، وتبدأ مهمة هذا القسم مع بدء أعمال الطباعة؛ للتأكد من سلامة المواد الأولية الداخلة في تصنيع العمل الطباعي وجودتها، وبخاصة الورق والأحبار، ومطابقتها للمواصفات والمعايير المطلوبة وفق ما يلي: الحد المسموح به النقاط الفنية التي يجب التأكد منها على آلة الطباعة وإنتاجها م 0.00 يجب أن تكون المسافات بين حدود المساحة المطبوعة وأطراف الصفحة متماشية مع المواصفات الفنية ووفقاً لما تم تحديده، وأي زيادة أو نقص في هذه المسافات غير مقبولة. 1 mm 0.0 mm 02.0- عدم ضبط الألوان 2 لا يسمح به الخطأ في تسلسل الصفحات 3 لا يسمح به عدم مطابقة المادة المطبوعة للأصل (كسلامة النص ووجود كل الإشارات الموجودة على الصفحات المطلوب طباعتها) . 4 + أو - 5% عدم مطابقة المادة المطبوعة للعينة المعتمدة (كاللون وكثافة الحبر) + أو - 5% تطابق درجة الانعكاس للورق المستعمل في الطباعة مع ما تم الموافقة عليه. 6 لا يسمح بها الطباعة المزدوجة (Doubling) لا يسمح به التمشيح الحبري على الصفحات 8 لا يسمح به حذف أجزاء من الحروف والنقاط المطبوعة 9 لا يسمح به عيوب في النظافة العامة (نقاط حبر، زيت.) على النص وداخل الصفحات 10 لا يسمح به عيوب في الورق 11 لا يسمح بها عيوب في الطباعة ناتجة عن تنظيف الوسيط المطاطي (Blanket) 12 1 ملم الطي (في حالة آلات الطباعة الشريطية) وعدم ضبطه حسب علامات الطي الموجودة على الملزمة، أو عدم تطابق الإطارات 13 لا يسمح به التكسير الورقي 14 لا يسمح به التمزيق الورقي أو التخريم 15 لا يسمح بها الرطوبة الزائدة على الورق أثناء الطباعة 16 لا يسمح به المشح الحبري من ناقل الملازم أو آلة التربيط 17 4 - قسم المراقبة النوعية على التجليد؛ لمراقبة طرق التصنيع، وفحص عينات من إنتاج كل مرحلة للتأكد من اتباع الشروط والمعايير المقررة، وخلو الإنتاج في كل مرحلة مما يؤثر في المرحلة اللاحقة من عيوب، أو في مستوى جودة الإنتاج النهائي، وذلك ابتداءً من طي صحائف الطباعة الورقية، أو تجميع الملازم بالنسبة للطباعة الشريطية، وانتهاءً بالتجليد، وفق المواصفات والمعايير الفنية التالية: الحد المسموح به النقاط الفنية التي يجب التأكد منها في التجليد النهائي (غلاف مقوى) م كل ما يظهر من عيوب في الطباعة أو غيرها وصلت إلى قسم التجليد يتم إيقافها قبل البدء بعملية التجليد لا يسمح به غراء زائد لأكثر من 2 ملم في منطقة التصاق القميص بالكتاب 1 لا يسمح به فارق القص 2 لا يسمح بها ضربة السكين الظاهرة على الكتاب 3 لا يسمح به عدم وجود شريط التحديد 4 لا يسمح به التدوير الذي يؤدي إلى تدريج بالملازم أو يؤدي لفرق في التلبيس 5 لا يسمح به الشاش الظاهر أو غير الموجود 6 2 ملم طول الحبكة (طويلة - قصيرة) أو زيادة غراء 7 1 ملم ارتفاع الحبكة إلى جهة رأس الكعب 8 + 1 ملم فارق التلبيس (الغلاف) لا يسمح بها العلامات التي تظهر على الكتاب أثناء عملية التلبيس 10 لا يسمح بها الخصرة غير الجيدة 11 لا يسمح به القميص غير اللاصق 12 لا يسمح به أي عيوب أو عدم تناسق في الإخراج (الشكل النهائي) 13 لا يسمح به الفسخ بأشكاله المختلفة 14 الحد المسموح به النقاط الفنية التي يجب التأكد منها في التجليد النهائي (غلاف مرن) م لا يسمح به الفسخ بأشكاله المختلفة 1 1 ملم الغراء الناقص 2 + 1 ملم فرق التغليف (التلبيس) لا يسمح بها ظهور تكسير أو ضربات أو علامات أو أوساخ بعد عملية التغليف 4 الحد المسموح به النقاط الفنية للتجميع م لا يسمح بها ملزمة في غير موضعها الصحيح 1 لا يسمح به التمشيح الحبري الحاصل من كثرة الملازم على مغذي الآلة بالملازم 2 لا يسمح به التكسير الورقي 3 لا يسمح بها الأوساخ الطباعية 4 لا يسمح بها ملزمة مكررة أو ناقصة أو مقلوبة 5 الحد المسموح به النقاط الفنية للخياطة م - الحاسب الآلي جزء لا يتجزأ من الآلة وفي حالة وجود عطل به يجب إيقاف الآلة مباشرة. - في حالة حدوث أي اختلاف في الملازم أثناء عمل الآلة يجب أن يعيد المشغل كامل ملازم الكتاب إلى بداية مرحلة الخياطة. لا يسمح به الملازم في غير موضعها الصحيح، أو زيادة أو نقص أو قلب فيها 1 لا يسمح بها الأخطاء الحاصلة عن ضربة الإبرة والشنكل والميبر 2 لا يسمح به تشريم الملازم 3 لا يسمح بها خياطة رخوة أو مشدودة 4 لا يسمح به التمشيح الظاهر على الملازم 5 لا يسمح به تمزيق بالملازم 6 لا يسمح بها كتب مخيطة بعضها مع بعض 7 لا يسمح بها ملازم غير مخيطة من الداخل 8 الحد المسموح به النقاط الفنية للخياطة السرجية م لا يسمح بها القطبة الناقصة إذا كان المصحف الواحد لا يتعدى أربع قطب 1 1 ملم وجود مسافة بين الإطارين المتقابلين نتيجة للطي 2 لا يسمح بها الخياطة الجانبية 3 لا يسمح به تنسيل الخيوط 4 النقاط الفنية لقطع الكرتون يجب أن تكون المقاسات صحيحة مائة في المائة كما يجب التأكد من دقة القص وجودته (عدم وجود عيوب في الأطراف نتيجة للقص) ، وكذلك التأكد من وضع الكرتون عند القص بحيث تكون الألياف باتجاه واحد الحد المسموح به النقاط الفنية لقطع الجلد م 1 ملم فرق مقاس الجلد بالطول أو بالعرض 1 لا يسمح به تعدد الألوان 2 لا يسمح به تمشيح أو ضربات 3 الحد المسمو

تسجيل تلاوة القرآن الكريم

تسجيل تلاوة القرآن الكريم جانب مهم من جوانب الاهتمام والعناية بكتاب الله الكريم، ويسير العمل فيه بالدقة نفسها التي يسير فيها في كتابة المصحف الشريف وطباعته؛ حيث يخضع لمراجعة وتصحيح من قبل لجنة تسمى "اللجنة العلمية لمراجعة التسجيلات" برئاسة فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي وعضوية أصحاب الفضيلة: أحمد عبد العزيز أحمد الزيات، وعبد الرافع رضوان علي، وعبد الحكيم عبد السلام خاطر. ويتم تسجيل التلاوة في ((استديو)) مجهز بأحدث أجهزة التسجيل، وتقوم اللجنة بمتابعة القارئ في أثناء التلاوة، ويدوِّن كل عضو ملحوظاته في بيان خاص بذلك، وتناقش هذه الملحوظات، ويطلب إلى القارئ تصحيح ما أُجمع على تصحيحه منها في اليوم الذي تلا فيه، وهكذا يستمر العمل حتى تنتهي تلاوة كامل المصحف، فتراجع اللجنة مرة أخرى التلاوة بكاملها وتتخذ الخطوات السابقة نفسها حتى تطمئن على سلامة التسجيل، وتوقِّع على إجازة العمل. ثم تتابع بعد ذلك خطوات الاستنساخ من الشريط الأصل إلى شريط ماستر ¼ بوصة ثم إلى قرص CD ثم إلى بكرات تعبئة أشرطة الكاسيت, وفي كل مرحلة يخضع العمل لمراقبة عاملين وفنيين متخصصين حتى يظهر التسجيل على مستوى جيد من الدقة العلمية والفنية. وربما استغرق القارئ سنة إلى ثلاث سنوات لتسجيل تلاوة القرآن كاملا وقد تمَّ حتى الآن التسجيل لكل من: فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي برواية حفص، ورواية قالون، والشيخ إبراهيم الأخضر القيم برواية حفص، والشيخ الدكتور محمد أيوب برواية حفص، والشيخ الدكتور عبد الله بن عمر بصفر برواية حفص، ويجري العمل حالياً على التسجيل للشيخ الدكتور عماد زهير حافظ برواية حفص عن عاصم بقَصْر المنفصل، كما أن هناك تهيئة لتسجيل مصحف معلم. ويأخذ المجمع في الوقت الحالي بأسلوب التسجيل على أشرطة الكاسيت، أما التسجيل بواسطة الأقراص المضغوطة C.D، فقد تم الانتهاء من إعداد دراسة متكاملة للأخذ بهذا الأسلوب الذي سيتم تنفيذه قريباً إن شاء الله.

الترجمات

الترجمات يقوم المجمع بترجمة معاني القرآن الكريم إلى العديد من اللغات العالمية، وقد أسهم إسهاماً كبيراً في تيسير فهم القرآن الكريم على ملايين المسلمين الذين لا يتكلمون اللغة العربية، وللمزيد من العناية بالترجمات أنشئ في المجمع في عام 1416هـ/1996م مركزٌ متخصصٌ للترجمات من أهدافه: القيام بأعمال ترجمات معاني وتفسير القرآن الكريم إلى لغات العالم. دراسة المشكلات المرتبطة بترجمات معاني القرآن الكريم، وتقديم الحلول المناسبة لها. إجراء البحوث والدراسات في مجال الترجمات. تسجيل ترجمة معاني القرآن الكريم في أشرطة صوتية وأسطوانات الليزر. ترجمة ما يحتاج إليه المسلمون من العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم. القيام بالمشروعات البحثية التي تخدم أعمال الترجمات مثل: إصدار دليل ببليوجرافي للترجمات التي تمت في العالم لمعاني القرآن الكريم، والاستفادة من الجهود السابقة في هذا المجال. إعداد المعاجم الخاصة بالقرآن الكريم، والتي تساعد في ترجمة معانيه مثل: معجم الألفاظ القرآنية، ومعجم المصطلحات الإسلامية.. تترجم إلى اللغات؛ لغرض المساعدة في أعمال الترجمات. ويتكون المركز في الوقت الحالي من الوحدات البحثية التالية: وحدة اللغات الأوربية، وحدة اللغات الإفريقية، وحدة اللغات الآسيوية، وحدة المعاجم اللغوية للألفاظ القرآنية والإسلامية، وحدة المعلومات، وحدة النشر والتوزيع. وتمَّ تأسيس مكتبة متخصصة في الترجمات لمختلف اللغات، زُوِّدت بالمصادر الأصلية والأعمال المرجعية والمعاجم اللغوية في كثير من لغات العالم ولهجاته. كما بُنِيَتْ فيه قاعدة معلومات مناسبة بواسطة الحاسب الآلي، عن الترجمات، وأشهر المترجمين، ولغات العالم ولهجاته، وأعداد سكانه. وله مجلس علمي، ويضم عدداً من المختصين في علوم الشريعة، واللغات الأجنبية، يقوم بالتخطيط ووضع البرامج والمشروعات العلمية، ويتلقى الاقتراحات في مجال الترجمات لدراستها وتقديم توصياته بشأنه. أما الترجمات التي قام بها المجمع حتى عام 1421هـ‍ فتصل إلى اثنتين وثلاثين ترجمة هي: الأردية، والإسبانية، والألبانية، والإندونيسية، والإنكليزية، والأنكو، والأرومية (صوتية) ، والإيغورية، والبراهوئية، والبشتو، والبنغالية، والبورمية، والبوسنية، والتاميلية، والتايلندية، والتركية، والزولو، والصومالية، والصينية، والفارسية، والفرنسية، والقازاقية، والكشميرية، والكورية، والمقدونية، والمليبارية، والهوسا، واليوربا، واليونانية، والتغالوغ، والإيرانونية، والأمهرية.

الدراسات القرآنية

الدراسات القرآنية يواجه الباحث المتخصص في علوم القرآن كثيراً من العناء حين يحتاج إلى مادة قرآنية، أو معلومة في القرآن، أو أن يتعرف على مفهوم قرآني، أو لفظة قرآنية معينة، فلا يجد عملا مرجعياً دقيقاً غير أعمال قام بها مستشرقون ارتكبوا فيها من الأخطاء، وبثوا فيها من الشبهات ما يجعل الرجوع إليها أمراً يحفّه خطر الانزلاق. وفي الوقت الذي قصّر فيه العلماء المسلمون في خدمة القرآن الكريم وتيسير سبل البحث فيه نجد أن علماء اليهود والنصارى خدموا كتبهم المحرَّفة خدمة علمية بحثية جيدة، ففي القرون الثلاثة الأخيرة صدرت عنهم مئات الكتب المرجعية التي تخدم البحث في مجال كتب العهد القديم، والعهد الجديد والتلمود، وكذلك ظهرت عشرات من دوائر المعارف والموسوعات، والمعاجم اللغوية والفهارس والمداخل والقوائم الببليوجرافية. ومن هنا برزت فكرة إنشاء مركز للدراسات القرآنية في المجمع في عام 1416هـ، حدِّدت أهدافه في: إجراء الدراسات والبحوث في مجال القرآن الكريم. توفير الأعمال المرجعية لخدمة البحث في القرآن الكريم، مثل: الأعمال المعجمية التي ترصد ألفاظ القرآن، وتشرحها لغوياً، واصطلاحياً، وتحدد أماكن ورودها في القرآن الكريم، والأماكن وأسماء الحيوان والنبات والمعادن وألفاظ الحضارة والتاريخ والمعاجم الشارحة للغريب والمعرَّب في ضوء المعرفة الحديثة باللغات القديمة. وكذلك إصدار الأعمال المرجعية الأخرى، مثل دائرة معارف القرآن الكريم، وموسوعات القرآن المختلفة، والمداخل التفسيرية للقرآن الكريم، والقوائم الببليوجرافية للبحوث القرآنية، والفهارس للأعمال المخطوطة والمطبوعة، والتفاسير الحديثة الموسَّعة والمختصرة. إنشاء دائرة معارف إسلامية بواسطة كتَّاب مسلمين والعمل على ترجمتها إلى اللغات المختلفة. تحديث الدراسات القرآنية في العالم الإسلامي، وذلك من خلال الاستفادة من التقدم العلمي الحديث، وما نتج عنه من ثروة في المعرفة والمعلومات والوسائل والأدوات، والمناهج، والاستفادة على وجه الخصوص من زيادة المعرفة الإنسانية وتقدمها في مجال التاريخ والحضارة والديانات واللغات القديمة. تخليص التفسير القرآني من الانحرافات والإسرائيليات والتفاسير الخاطئة، وإصدار أعمال تفسيرية جديدة خالية من الإسرائيليات والأفكار الأجنبية المنحرفة. بيان أصالة المفاهيم القرآنية والاستفادة من القرآن الكريم في تأصيل العلوم الإنسانية والاجتماعية، وبيان التوجيه القرآني للعلوم. عمل الدراسات الخاصة ببيان الإعجاز القرآني في ضوء المعرفة الحديثة والتقدم العلمي الحديث. جمع المعلومات حول القرآن الكريم من بحوث ومقالات، وتقارير وندوات ومؤتمرات، ووثائق ومخطوطات، وفهارس وترجمات وأعلام، وتكوين شعبة للمعلومات القرآنية. إعداد المادة الصالحة للتعريف بالقرآن الكريم في أسلوب عصري يُراعى فيه حسن العرض والإيجاز وجمال الإخراج؛ لتعريف المسلمين وغير المسلمين بالمفاهيم القرآنية. دراسة آراء المستشرقين حول القرآن الكريم دراسة نقدية، تهتم ببيان أخطائهم وشبهاتهم وتفنيدها. إعداد مجموعة مختارة من الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية وتأهيلهم لغويًّا وعلميًّا، وذلك لتكوين قاعدة علمية إسلامية لخدمة بحوث القرآن الكريم. عقد المؤتمرات والندوات والدورات العلمية في علوم القرآن الكريم لخدمة أهداف المركز. وللمركز مجلس علمي يشرف على أعماله العلمية، ويقوم بوضع الخطط، والبرامج والمشروعات العلمية، وتلقِّي المقترحات وإصدار التوصيات بشأنها وغيرها من المهام. ويتكون من الوحدات البحثية التالية: وحدة الدراسات اللغوية والأعمال المرجعية. وحدة دائرة المعارف القرآنية. وحدة دائرة المعارف الإسلامية. وحدة بحوث التفسير. وحدة تحقيق التراث. وحدة الدراسات القرآنية عند المستشرقين. كما أن له هياكله العلمية والإدارية المختلفة التي تساعد على تحقيق أهدافه، وبنيت فيه مكتبة متخصصة زُوِّدت بأمهات المصادر في القرآن الكريم وعلومه، ويسعى إلى تأسيس مكتبات نوعية متخصصة، تقوم على خدمة الوحدات البحثية، وتأسيس وحدة معلومات تجمع كل ما يتعلق بالقرآن الكريم. ويعكف المركز في الوقت الحالي على إصدار " فهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم"، الذي سيظهر قريبًا إن شاء الله تعالى، كما يعكف على تحقيق كتاب " الإتقان " للسيوطي. كما أنه أسهم إسهامًا فاعلا في إصدار "التفسير الميسَّر"، وهو أحدث عمل صدر من المجمع، اشترك في إعداده عدد من العلماء بإشراف ومتابعة معالي الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على المجمع سابقًا، وقد روعي في إعداده الضوابط التالية: 1. تقديم ما صح من التفسير بالمأثور عن غيره. 2. الاقتصار في النقل على القول الصحيح، أو الأرجح. 3. إبراز الهداية القرآنية، ومقاصد الشريعة الإسلامية من خلال التفسير. 4. كون العبارة مختصرة سهلة، مع بيان معاني الألفاظ الغريبة أثناء التفسير. 5. كون التفسير بالقدْر الذي تتسع له حاشية ((مصحف المدينة النبوية)) . 6. وقوف المفسر على المعنى المساوي، وتجنب الزيادة الواردة في آيات أخرى حتى تفسر في موضعها. 7. إيراد معنى الآية مباشرة دون حاجة إلى الأخبار إلا ما دعت إليه الضرورة. 8. كون التفسير وفق رواية حفص عن عاصم. 9. تجنب ذكر القراءات ومسائل النحو والإعراب. 10. مراعاة المفسِّر أن هذا التفسير سيترجم إلى لغات مختلفة. 11. تجنب ذكر المصطلحات التي تتعذر ترجمتها. 12. تفسير كل آية على حدة، ولا تعاد ألفاظ النص القرآني في التفسير إلا لضرورة، ويذكر في بداية كل آية رقمها. وكوّنت لجنتان، واحدة في المجمع والأخرى في الوزارة برئاسة معالي الوزير، لمراجعة عمل المفسرين والتدقيق فيه والتأكد من التقيد بما حدد له من ضوابط. وطبع هذا التفسير طبعة أنيقة بثلاثة أحجام: كبير، ووسط، وصغير، وكان الإقبال عليه شديدًا، والانطباع عنه طيبًا، حتى إن الطبعة الأولى منه نفدت فور صدورها، ويجري العمل في الوقت الحالي على طباعته طبعة ثانية.

خدمة السنة والسيرة النبوية

خدمة السنة والسيرة النبوية القرآن الكريم وحي الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم باللفظ والمعنى، والسنة وحي الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بالمعنى، وإقرار الله تعالى لما صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم باجتهاده من قول، أو فعل، فهما من منبع واحد. وإذا كان القرآن الكريم المصدر الأول للإسلام، فإن السنة المصدر الثاني؛ فالقرآن المصدر الأول للعقيدة، والأخلاق، والمثل، والشرائع الإسلامية، والسنة المصدر الثاني التطبيقي والبياني الموضح والمتمم للقرآن الكريم. ففي كتاب الله تعالى الأصول العامة للأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات والأخلاق، دون التعرض إلى تفاصيلها، وفي السنة النبوية توضيح معاني القرآن الكريم، وتفصيل مجمله، وتخصيص عامه، وتقييد مطلقه، وتأكيد ما ورد فيه من أوامر ونواهٍ وآداب وتشريعات.. وغيرها، وتطبيق قواعده الكلية، والأصول العامة فيه على الأمور الفرعية (1) . قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (2) . وقال صلى الله عليه وسلم، كما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) (3) . وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمَّا ولَّى شريحًا قضاء الكوفة قال له: انظر ما تبيَّن لك في كتاب الله، فلا تسأل عنه أحدًا، وما لم يتبيّن لك فاتبع فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما لم يتبيّن لك في السنة فاجتهد رأيك، واستشر أهل العلم والصلاح (4) . أما سيرته صلى الله عليه وسلم فهي خير معلِّمٍ ومثقِفٍ ومهذِّب ومؤدِّب، وهي المدرسة التي تخرج فيها أمثل النماذج البشرية (الصحابة رضوان الله عليهم) ، وكان السلف الصالح يتدارسون السيرة، ويحفظونها، ويلقنونها أبناءهم، فما أجدر المسلمين اليوم أن يتعلموها، ويعلموها غيرهم، ويتخذوها نبراساً يسيرون على ضوئه في تربية أبنائهم (5) . من هنا جاء اهتمام ولاة الأمر في هذه البلاد بأمر السنة والسيرة النبوية مكملا لاهتمامهم بكتاب الله سبحانه وتعالى، فجمعوا بين خيري العناية بالمصدرين الأساسين للتشريع الإسلامي، حيث صدر الأمر الكريم في 20/ 4/ 1406 هـ برقم 5/793/م بالموافقة على قيام الجامعة الإسلامية بتنفيذ التوصية الخاصة بإنشاء مركز لخدمة السنة والسيرة النبوية، يكون مؤسسة علمية مستقلة، بالتعاون مع المجمع لطباعة ما يتم إعداده وتحقيقه، على أن تكون نفقات التشغيل على حساب المجمع. أهداف المركز: جمع وحفظ الكتب المخطوطة والمطبوعة والوثائق والمعلومات المتعلقة بالسنة والسيرة النبوية، وتيسيرها للباحثين. إعداد موسوعة في الحديث النبوي، وموسوعات أخرى في خدمة السنة النبوية وفقاً للخطط التي يضعها مجلس المركز. تحقيق ما يمكن من كتب السنة والسيرة النبوية، وإعداد البحوث العلمية التي تخدمها. ترجمة ما تدعو الحاجة إليه من كتب السنة والسيرة النبوية، وما يتعلق بها، وترجمة ما ينشر باللغات الأعجمية عن السنة والسيرة. ردّ الأباطيل، ودفع الشبهات عن ساحة السنة والسيرة النبوية. نشر الأعمال المنجزة في المركز في مجال التأليف، والتحقيق والترجمة. التعاون مع المراكز والهيئات والمؤسسات العلمية التي تعمل في خدمة السنة والسيرة النبوية داخل المملكة وخارجها، فيما يخدم المركز، وتحقيق أهدافه. الاستفادة من خبرات ذوي الشهرة العلمية في السنة والسيرة النبوية. الاستفادة من الحاسب الآلي في جمع السنة، وبرمجة المعلومات المتعلقة بها وبعلومها. وتتلخص أهم إنجازات المركز فيما يلي: أولا في مجال الموسوعات: موسوعة الرواة: أنجز المركز مراحل المقابلة، وضبط النص، والعنصرة الآلية، والمراجعة اليدوية للعنصرة والترميز، ومراجعة الترميز والتشغيل الموسوعي، وذلك لعدد 502 مجلدًا. موسوعة المتون: أنجزت مراحل الإدخال، والمقابلة، والتصحيح، والترميز، والعلامات العلمية، والعنصرة الآلية، وإثبات أرقام التخريج، ومراجعة الترميز، والتشغيل الموسوعي لعدد 683 مجلداً. موسوعة السيرة النبوية: أنجزت مراحل الإدخال، والمقابلة، والتصحيح، لعدد 41 مجلداً. وبذا يصبح مجموع المجلدات التي تم العمل فيها في الموسوعات منذ إنشاء المجمع (1226) مجلداً. ثانياً: في مجال الحاسب الآلي: مرحلة التصميم والتنفيذ: تم إنجاز عدد من الأعمال، منها: 1- برنامج الاستعلام اللفظي تحت النوافذ 95. 2- إنشاء برنامج الطباعة للأحاديث المعروضة في نظام الاستعلام اللفظي. 3- إنشاء برنامج طباعة لأطراف الحديث المستخرجة بواسطة الاستعلام اللفظي. 4- إنشاء قاعدة بيانات لأطراف الحديث، وإنشاء برنامج للبحث اللفظي الحرّ. 5- إنشاء برنامج للبحث عن الأحاديث ذات الرقم العام الواحد. 6- برنامج التمييز الآلي المساعد في تمييز الرواة. 7- برنامج إدخال الآية والسورة إلى قواعد بيانات التقسيم الموضوعي. مرحلة اختبار البرامج: تم الانتهاء من اختبار البرامج من 1-5. تم تعديل عدد من البرامج؛ للتوافق مع متطلبات الموسوعات المتجددة. تم التوثيق الأولي لبرامج موسوعة السيرة والتقسيم الموضوعي، وتم تحديد النواقص لهذه التوثيقات. ثالثاً: قسم الدراسة والتحقيق: كتاب " إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف الكتب العشرة "، لأحمد بن حجر العسقلاني: ويصل إلى ثمانية عشر مجلداً، طبعت منه الأجزاء (1-17) ، وبقية الأجزاء تحت المراجعة. طبْع كتاب " الأحاديث الواردة في فضائل المدينة "، للدكتور صالح بن حامد الرفاعي في مجلد واحد. طبْع كتاب " بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث " لعلي بن سليمان الهيثمي، في مجلدين. طبْع كتاب " المستشرقون والسيرة النبوية " (العهد المكي) للدكتور محمد مهر علي، في مجلدين. كتاب " لسان الميزان " لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي: ويجري تقويم الأجزاء (1، 3، 4، 5، 6) أما الجزآن (2، 7) فتحت التحقيق. سنن أبي داود: ويجري تقويم الجزأين (3، 4) وتحقيق الجزأين (1، 2) . وتحت التحقيق حالياً: سنن النسائي، وسنن ابن ماجه.

_ (1) الدكتور صديق عبد العظيم أبو حسن، والدكتور محمد نبيل غانم: دراسات في السنة النبوية الشريفة، ط1 1400هـ/1980م، مكتبة الفلاح، الكويت، 24/38. (2) الحشر، آية 7. (3) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم 7280. ((أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ط1 1416هـ/1996م، دار أبي حيان بالقاهرة، 17/58)) . (4) صديق عبد العظيم، ومحمد نبيل، مرجع سابق، 28-29. (5) محمد بن محمد أبو شهبة: السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، ط3 1417هـ/1996م، دار القلم بدمشق، ج1 7، 8.

تدريب العاملين في المجمع وتأهيلهم

تدريب العاملين في المجمع وتأهيلهم التدريب عملية مستمرة تستهدف الفرد والعمل الذي يقوم به، لإحداث تغيرات سلوكية وفنية، لمقابلة احتياجات محددة حالية أو مستقبلة، للفرد أو للعمل، أو المجتمع الذي يستفيد من المنتج النهائي للمجمع. ونظراً لما للتدريب من أهمية - حتى أصبح واحداً من السياسات اليومية للإدارة تطبقها على العاملين في مختلف المستويات التنظيمية - فقد كان موضع اهتمام المجمع. فأنشأ مركزاً للتدريب والتأهيل الفني يُعنى بالأمور التالية: إجراء الدراسات النظرية والميدانية التي تؤدي إلى تجميع وترتيب المعلومات اللازمة لإعداد برامج التدريب. تحديد برامج التدريب الواجب تنفيذها لرفع مستوى الأداء العملي سواء بكفاءات جديدة للوفاء باحتياجات العمل، أو بزيادة مهارات وقدرات الموظفين. تقويم خطط التدريب في المراحل كافة. معالجة نواحي القصور والانحرافات الناتجة عن تنفيذ خطط التدريب. إعداد برنامج متكامل عن كل دورة تدريبية، وتنفيذه. ويشمل التدريب في المجمع، تدريبًا على رأس العمل، وتدريبًا داخل المملكة في معاهد وكليات ومراكز تدريب متخصصة، وتدريبًا خارج المملكة في معاهد وكليات ومراكز تدريب متخصصة. ويتوزع التدريب على الفنيين، ومساعدي الفنيين في مختلف التخصصات التي يحتاج إليها المجمع، وأهمها: الصيانة، والطباعة، والتجليد، والأعمال الأخرى المساندة. ولا يقتصر التدريب في المجمع على منسوبيه فقط، بل يتعاون مع الجهات الأخرى في تدريب منسوبيها فيما ينظمه من دورات. وبلغ عدد الدورات الفنية التي نظمها المركز منذ إنشائه في عام 1406هـ حتى عام 1420هـ‍ إحدى عشرة دورة، وتتراوح مدة كل دورة من ستة شهور إلى اثني عشر شهراً، تخرج فيها 297، (مئتان وسبعة وتسعون) متدرباً التحقوا بخطوط الإنتاج المختلفة في المجمع.

الخاتمة

الخاتمة وبعد: فقد كان القرآن الكريم موضع اهتمام المسلمين من أول يوم تنزل فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعاه الصحابة وحفظوه، وكتبوه، وطبقوا ما فيه، وكان ما قام به أبوبكر الصديق بمشورة عمر رضي الله عنهما من جمع القرآن مما هو مكتوب أو محفوظ في عهده صلى الله عليه وسلم عملا عظيماً حُفظ به القرآن، وسار على نهجه عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما جمع الناس على مصحف واحد ومنع الاختلاف بين المسلمين، وقد نال زيد بن ثابت رضي الله عنه شرف تحمل مسؤولية جمع القرآن في عهد أبي بكر، وكتابته في عهد عثمان. وكان حرص المسلمين على تَعَلُّم الكتابة، وتطوير الخط مرتبطاً بحرصهم على قراءة القرآن الكريم وتدبره وحفظه، والعناية بكتابته ونشره. وما قام به أبو الأسود الدؤلي وتلاميذه من بعده من نَقْطٍ للمصحف الشريف بتوجيه من زياد ابن أبيه والي الخليفة معاوية بن أبي سفيان على العراق عملٌ مفيدٌ حفظ القرآن الكريم من اللحن والتحريف، ومثل ذلك ما قام به نصر بن عاصم، ويحيى بن يَعْمَر بأمر من والي الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي، عندما كثر اللحن، وتفشَّت العجمة، فكان عملهما عظيماً حفظا به القرآن من العبث والتصحيف، عندما فرَّقا بين الحروف المتفقة رسماً والمختلفة نطقاً، وهو ما يعرف بنقْط الإعجام. ولم يكن المسلمون في العصر العباسي أقل اهتماماً بكتاب الله الكريم منهم في العصر الأموي، حيث قام إمام اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي وتلاميذه من بعده بتطوير نقْط الإعراب (الشكل) على هيئة تميزت بالوضوح، وسهولة الفهم. ثم تفنن المسلمون في العصور اللاحقة في تجويد كتابة مصاحفهم وزخرفتها وتذهيبها والعناية بها، وفي كل عصر، بل وفي كل قطر برز خطاطون بلغوا الكمال في حسن الخط وتجويده، فجاؤوا بما يُبْهر من الخطوط المنسوبة، التي خلَّدت ذكرهم على مرّ العصور، وعلى رأس هؤلاء قُطْبة بن المحرِّر، وابن مقلة، وابن البواب، والمستعصمي. لم يؤثر ظهور المطابع الحديثة في اهتمام المسلمين بجودة الخط، والتفنن في كتابة مصاحفهم، واستمروا على ذلك حتى وقتنا الحاضر، رغم ما يشهده من زخم في وسائل التقنية الحديثة التي تعنى بالكتابة وزخرفتها وتطويرها. وفي أوربا كانت بداية معرفة المطابع الحديثة، وفي أوربا كانت بداية طباعة المصحف الشريف، إلا أنها طباعة رديئة ومحرفة، لم تلتزم بما أجمع عليه المسلمون في رسم مصاحفهم، فكان مصير تلك الطبعات العزوف عنها وإهمالها. وعندما عرف المسلمون الأتراك المطابع الحديثة المصنوعة في الغرب أحجموا عن طباعة مصاحفهم فيها احتراماً وتقديساً لكتاب الله الكريم، حتى صدرت فتوى من علمائهم بجواز ذلك. لم يلتزم المسلمون في بعض البلاد في العصور المتأخرة بقواعد الرسم العثماني في كتابة مصاحفهم، بل ساروا فيها على قواعد الرسم الإملائي الحديث، حتى كتب رضوان بن محمد المخلَّلاتي مصحفه الشهير، وطبع في عام 1308هـ‍، فالتزم فيه بالقواعد التي أجمع عليها وارتضاها الصحابة والتابعون. تنامى اهتمام المسلمين بكتابة المصحف الشريف وطباعته واستخدام وسائل الطبع الحديثة في بعض البلاد الإسلامية، والعمل على نشر القرآن الكريم بوسائل مختلفة، وكان أعظم عناية بالقرآن الكريم في الوقت الحاضر هو ما قامت به المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله. وتجلت هذه العناية في مظاهر عديدة، في التربية والتعليم، وفي المناشط الإعلامية المتنوعة، وفي إقامة هيئات (جمعيات) تنتشر حلقها ومدارسها في كل قرية ومدينة، وفي رصد الجوائز السنية لمسابقات سنوية محلية ودولية، وتعد جائزة سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم للطلاب والطالبات على مستوى المملكة أحدث الروافد المباركة لهذا العمل الجليل. ويمثل إنشاء مجمع لخدمة القرآن الكريم والسنة والسيرة النبوية المطهرة أعظم حدث يشهده العالم الإسلامي اليوم، وهو الذي شيده وتعهده بالعناية والاهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله في مهبط الوحي ومنبع الرسالة (المدينة المنورة) عام 1405هـ‍/1984م فخُدم القرآن الكريم في هذا المجمع خدمة لا مثيل لها. وبلغت العناية بسلامة نصه، والاهتمام بجمال طبعه وإخراجه حدًّا بعيداً نال التقدير والإعجاب، فحرص المسلمون في كل مكان على اقتناء مصحف المدينة النبوية، والقراءة فيه. سدّ المجمع حاجة ماسة عند المسلمين لمصاحف متقنة سليمة في رسمها وضبطها من أي خطأ أو تحريف، سار في كتابتها على ما ارتضاه وأجمع عليه الصحابةُ والتابعون، وبلغ إنتاجه حتى عام 1421هـ أكثر من مائة وخمسة وستين مليون نسخة من مختلف الإصدارات، وزع منه على المسلمين في مختلف أنحاء العالم أكثر من مائة وعشرين مليون نسخة هدية من حكومة المملكة العربية السعودية إيماناً منها برسالتها، وإدراكاً لمسؤوليتها تجاه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخدمة للدين ونشره في أرجاء الأرض. لم تقتصر عناية المملكة العربية السعودية على طبع المصحف الشريف ونشره، بل امتدت إلى ترجمة معانيه إلى لغات العالم التي بلغت حتى عام 1421هـ اثنتين وثلاثين لغة، وكذلك العناية بتفسيره وعلومه المختلفة والعناية بالسنة النبوية والسيرة النبوية المطهرة. وتحظى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بشرف القيام على نصيب وافر من مظاهر العناية بالقرآن الكريم في المملكة العربية السعودية؛ كالإشراف على الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، والإشراف على المسابقات المحلية والدولية ومسابقة سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز، وسنام هذا الشرف هو قيامها وإشرافها على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.

الخطوط

الخطوط نماذج تمثل تطور الخط العربي (شكل 1) (شكل 2) (شكل 3) (شكل 4) (شكل 5) (شكل 6) (شكل 7) (شكل 8) (شكل 9)

الصور

الصور (شكل 10) (شكل 11) (شكل 12) (شكل 13) (شكل 14) (شكل 15) (شكل 16) (شكل 17)

الإحصائيات

الإحصائيات يبلغ متوسط الإنتاج السنوي لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة حاليا (10.000.000ع) عشرة ملايين نسخة من مختلف الإصدارات، وباستطاعة المجمع أن ينتج سنويا 30.000.000ع) ثلاثين مليون نسخة إذا شغل بكامل طاقته. بلغ إنتاج المجمع منذ إنشائه حتى نهاية عام 1420هـ (153.348.718) مائة وثلاثة وخمسين مليونا وثلاثمائة وثمانية وأربعين ألفا وسبعمائة وثماني عشرة نسخة. بلغ ما تم توزيعه من إصدارات المجمع للمسلمين في الداخل والخارج هدية من المملكة العربية السعودية مجانا بدون مقابل حتى نهاية شهر ذي القعدة من عام 1420هـ (121.043.903) نسخة حسب الجهات التالية: المجموع المنصرف من الترجمات المنصرف من المرتلات المنصرف من الأجزاء والكتب المنصرف من المصاحف الجهة م 95225368 10864439 410506 31867871 52082552 قارة آسيا 1 7789504 1049398 35070 782274 5922762 قارة أفريقيا 2 2845800 2083408 14869 37860 709663 قارة أوربا 3 688588 405854 4202 27506 251026 قارة أمريكا 4 107520 54800 2560 16550 33610 قارة أستراليا 5 711331 27866 8476 11642 663347 معارض المملكة في الخارج 6 13675792 1377667 15 - 12298110 هدية حجاج بيت الله الحرام 7 121043903 15863432 475698 32743703 71961070 الإجمالي بلغ عدد العاملين في المجمع حتى عام 1420 هـ حوالي (1800) عامل ما بين عالم وفني وإداري نسبة السعوديين منهم حوالي 70%.

كشاف المراجع

كشاف المراجع 1. إبراهيم متفرقة وجهوده في إنشاء المطبعة العربية ومطبوعاته: د. سهيل صابان، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1416 هـ. 2. البداية والنهاية: أبو الفداء الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير، الطبعة الأولى، دار أبي حيان – القاهرة، 1416هـ - 1996م. 3. تاريخ توثيق نص القرآن الكريم: خالد عبد الرحمن العك، الطبعة الثانية 1406هـ – 1986م، دار الفكر بدمشق. 4. تاريخ عمر بن الخطاب: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي، دار إحياء علوم الدين بدمشق. 5. تاريخ المصحف الشريف: عبد الفتاح القاضي، مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني بالقاهرة. 6. تاريخ الخط العربي وآدابه: محمد طاهر الكردي، الطبعة الثانية، مطابع الفرزدق بالرياض، 1402هـ – 1982م. 7. تاريخ طباعة القرآن الكريم باللغة العربية في أوربا، في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين: د. يحيى محمود جنيد، مجلة عالم الكتب م 15، ع 15، 1415هـ، 1994م. 8. جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. تحقيق محمود محمد شاكر، الطبعة الثانية، دار المعارف بمصر. 9. حركة إحياء التراث قبل توحيد الجزيرة: د. أحمد محمد الضبيب، مجلة الدارة، ع 1، ربيع الأول، 1395هـ. 10. الخطاطة (الكتابة العربية) عبد العزيز الدالي، مكتبة الخانجي، مصر، 1400هـ – 1998م. 11. دراسة فنية لمصحف مبكر: عبد الله بن محمد المنيف، الطبعة الأولى، 1418هـ 1998م. 12. دراسات في السنة النبوية الشريفة: د. صديق عبد العظيم، د. محمد نبيل غانم، الطبعة الأولى، 1400هـ – 1980م، الكويت، مكتبة الفلاح. 13. رسم المصحف، دراسة لغوية تاريخية: د. غانم قدوري الحمد، الطبعة الأولى، 1402هـ – 1982م، بغداد. 14. سياسة التعلم في المملكة العربية السعودية، أسسها وأهدافها ووسائل تحقيقها، مطابع بحر العلوم، الرياض، 1404هـ. 15. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة: د. محمد محمد أبو شهبة، الطبعة الثالثة، 1417هـ – 1996م، دار القلم بدمشق. 16. صبح الأعشى في صناعة الإنشا: أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية بالقاهرة. 17. الطباعة في شبه الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر الميلادي، للدكتور يحيى محمود جنيد، الطبعة الأولى 1419هـ، 1998م، دار أجأ، الرياض. 18. صحيح مسلم بشرح النووي: تحقيق عصام الصبابطي وآخرين، الطبعة الأولى 1415هـ - 1995هـ. 19. العقد الفريد: لأحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، الطبعة الثالثة 1407هـ – 1987م، دار الكتب العلمية، بيروت. 20. عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم: إعداد مركز البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، الطبعة الأولى، 1418هـ. 21. الفهرست: لأبي الفرج محمد بن يعقوب إسحاق المعروف بالوراق، تحقيق رضا تجدّد بن علي الحائري المازندراني، طهران، 1391هـ – 1971م. 22. فتح الباري بشرح صحيح البخاري: للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الطبعة الأولى 1416هـ – 1996م، دار أبي حيان، القاهرة. 23. فن الخط العربي، مولده وتطوره حتى العصر الحاضر: إعداد مصطفى أغور درمان، ترجمة صالح سعداوي، الطبعة الأول إستانبول، 1411هـ – 1990م. 24. قصة النقط والشكل في المصحف الشريف: عبد الحي الفرماوي، مطبعة حسان بالقاهرة. 25. الكتاب، تحريره ونشره، د. موريس ميخائيل، 1416هـ، مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض. 26. مكة المكرمة في نهاية القرن الثالث عشر الهجري: و. ك. سنوك هور خرونيه، ترجمة محمد بن محمود السرياني ومعراج بن نواب الدين، الطبعة الأولى، 1411هـ – 1990م، نادي مكة الأدبي. 27. مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي: د. محمود محمد الطناحي، الطبعة الخامسة، 1405هـ – 1984م، مطبعة المدني بالقاهرة. 28. المحبر لأبي جعفر محمد بن حبيب، المكتب التجاري، بيروت. 29. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لأبي محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي، تحقيق: الرحالي الفاروق وعبد الله الأنصاري، الطبعة الأولى الدوحة، 1398هـ – 1977م. 30. مباحث في علوم القرآن: د. صبحي الصالح، الطبعة الثانية 1990م – دار العلم للملايين، بيروت. 31. النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لجمال الدين أبي المحاسن يوسف تغري بردي، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية. 32. نشأة وتطور الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي: فوزي سالم عفيفي –الطبعة الأولى- وكالة المطبوعات – الكويت. 33. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان، تحقيق د. إحسان عباس، دار الثقافة بيروت. 34. الوزراء والكتاب: لأبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الثانية، 1401هـ – 1980م. 35. تجربة كيف يكون هذا 2006م

§1/1