تشييد الاختيار لتحريم الطبل والمزمار

ابن طولون

كتاب قد حوى دُرَرًّا ... بِعَين الحُسن ملحوظة لهَذَا قلت تَنْبِيها حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة لدار الصَّحَابَة للتراث بطنطا للنشر - وَالتَّحْقِيق - والتّوزيع المراسلات: طنطا ش المديرية - أَمَام محطة بنزين التعاون ت: 331587 - ص. ب: 477 الطبعة الأولى 1413 هـ - 1993 م

[مقدمة المحقق]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله ... نحمده ونستعينه ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمدًّا عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (¬1) {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (¬2). {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: 102. (¬2) سورة النساء: 1.

عملى فى الكتاب

أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (¬1). ثم أما بعد ... فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. عملى في الكتاب قمت بعد نسخ الكتاب وتبييضه، وتصويب أخطاء الناسخ بما يلى:- 1 - خرجت ما في هذا الكتاب من أحاديث نبوية، مع ذكر درجة كل حديث. 2 - عزوت الآيات القرآنية إلى سورها، والآثار إلى قائليها. 3 - علقت على ما استحق التعليق عليه من كلمات غامضة، أو يصعب على القارئ الوصول إلى المراد منها. ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب: 71.

ترجمة المصنف

ترجمة المصنف 1 - نسبه ونشأته العلمية:- هو شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن على بن محمد، الشهير بابن طولون، الدمشقى، الصالحى، الحنفى. ولد بصالحية دمشق بالسهم الأعلى قرب مدرسة الحاجبية سنة ثمانين وثمانمائة تقريبًا. سمع علماء بلدته، وتتلمذ على شيوخ زمانه. فبدأ في تلقى العلم وتفقه بعمه الجمال بن طولون، وسمع وقرأ على جماعة من فضلاء وقته. 2 - شيوخه الذين تلقى عنهم:- أخذ عن السيوطى إجازة مكاتبة في جماعة من المصريين، وآخرين من أهل الحجاز. وسمع وقرأ على جماعة من علماء الصالحية، منهم: القاضى ناصر الدين بن زريق، والسراج بن الصيرفى، والجمال بن المبرد الشهير بابن عبد الهادى، والشيخ أبو الفتح المزى، وابن النعيمى وغيرهم. 3 - تلاميذه الذين أخذوا عنه:- أخذ عنه جماعة من الأعيان، وبرعوا في حياته، كالشهاب الطيبى شيخ الواعظين والمحدثين، والعلاء بن عماد الدين، والنجم البهنسى خطيب دمشق، والشيخ إسماعيل النابلسى مفتى الشافعية، والزين بن سلطان مفتى الحنفية، والشهاب

4 - مناصبه العلمية

العيثاوى مفتى الشافعية، والشهاب بن أبى الوفا مفتى الحنابلة، والقاضى أكمل بن مفلح. 4 - مناصبه العلمية:- تولى تدريس الحنفية بمدرسة أبى عمر، وإمامة السليمية بالصالحية، وقصده الطلاب في النحو، ورغب الناس في السماع منه. 5 - شعره:- له شعرُ رقيقُ، يغلب عليه سمات العلماء، ومما حفظ لنا من شعره: قوله: ارحم محبك يارشا ... ترحم من الله العلى فحديث دمعى من جفا ... ك مسلسل بالأول وقوله:- ميلوا عن الدنيا ولذاتها ... فإنها ليست بمحمودة واتبعوا الحق كما ينبغى ... فإنها الأنفاس معدودة فأطيب المأكول من نحلة ... وأفخر الملبوس من دودة 6 - ثناء العلماء عليه:- * قال ابن العماد الحنبلى:- الإمام، العلامة، المسند، المؤرخ، كان ماهرًا في النحو علامة في الفقه، مشهورًا بالحديث، وكان واسع الباع في غالب العلوم المشهورة، حتى في التعبير، والطب. وفى معجم المؤلفين لكحالة قال: محدث، مسند، مؤرخ، فقيه، نحوى، مشارك في التعبير

7 - مآخذ العلماء عليه

والطب، وغيرهما من العلوم. وفى الأعلام للزركلى:- مؤرخ، عالم بالتراجم والفقه، له مشاركة في سائر العلوم. 7 - مآخذ العلماء عليه:- أُخذ عليه تلبسه ببعض مقالات الصوفية، ويبدو ذلك واضحًا في مثل مصنفه: الجواهر المضية في طب السادة الصوفية. والخير كل الخير في اتباع من سلف، والشر كل الشر في ابتداع من خلف. 8 - مصنفاته:- منه المطبوع، ومنها المخطوط، وإليك بعض ما طبع من أعماله:- 1 - التحرير المرسخ في أحوال البرزخ، طبع بدار الصحابة للتراث بطنطا. 2 - إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين. 3 - ضرب الحوطة على جميع الغوطة. 4 - القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية. 5 - قضاة دمشق. 6 - مفاكهة الخلان في حوادث الزمان. 7 - العقود الدرية. 8 - الفلك المشحون في أحوال محمد بن طولون، ترجم فيه لنفسه. 9 - الشمعة المضية في أخبار القلعة الدمشقية. 10 - اللمعات البرقية في النكت التاريخية. ومن كتبه المخطوطة ما يلى:- 1 - ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر. 2 - إنباء الأمراء بأنباء الوزراء 3 - الدرر الغوالى في الأحاديث العوالى. 4 - التنقيح لحديث التسبيح

9 - وفاته

5 - تحذير العباد من الحلول والاتحاد. 6 - أسورة الذهب فيما روى في رجب. 7 - تحفة النجباء بأحكام الطاعون والوباء. 8 - بهجة الأنام في فضائل الشام. 9 - إرسال الدمعة في بيان ساعة الإجابة يوم الجمعة. 10 - نهاية الاتعاظ وغاية الاعتبار، وغيرها. وكتب بخطه كثيرًا من الكتب، وعلق ستين جزءًا سماها بالتعليقات، كل جزء منها يشتمل على مؤلفات كثيرة، أكثرها من جمعه. ومنها كثير من تأليفات شيخه السيوطى، أو اختصار لها. 9 - وفاته:- توفى يوم الأحد حادى عشر جمادى الأولى، ودفن بتربتهم عند عمه القاضى جمال الدين بالسفح، ولم يعقب أحدًا. وكان ذلك في سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة هجرية. ولمزيد من التفصيل عليك بالرجوع إلى المراجع والمصادر التالية: 1 - الكواكب السائرة (2/ 52) للغزى. 2 - شذرات الذهب (8/ 298) لابن العماد. 3 - كشف الظنون (54، 64، 91، 106، 131، 352، 355، 376، 500، 617، 686، 689، 733، 748، 854، 861، 934، 1188، 1816) لحاجى خليفة. 4 - إيضاح المكنون (1/ 63، 101، 114، 245، 320، 481، 522) للبغدادى. 5 - هدية العارفين (6/ 240) للبغدادى. 6 - معجم المؤلفين (11/ 51) لكحالة. 7 - الأعلام (6/ 291) للزركلى. والحمد لله أولًا وآخرًا.

10 - "الدرة المضية" رسالة في الشجرة النبوية. 11 - "بحر الدم في من تكلم فيه أحمد بن حنبل بمدح أو ذم". (ب) من كتبه المخطوطية:- 1 - النهاية في اتصال الرواية. 2 - تاريخ الإسلام. 3 - الميرة حل مشاكل السيرة. 4 - إخبار الإخوان عن أحوال الجان. 5 - أخبار الأذكياء. 6 - الاختيار في بيع العقار. 7 - الإرشاد إلى حكم موت الأولاد. 8 - إرشاد الحائر إلى علم الكبائر. 9 - تحفة الوصول إلى علم الأصول. 10 - التمهيد في الكلام على التوحيد. 11 - العقد التام فيمن زوجه النبى عليه الصلاة والسلام،

وله تسمية أخرى 12 - القواعد الكلية والضوابط الفقهية. 13 - معارف الأنعام في فضائل الشهور والأيام. 14 - وقوع البلاء في البخل والبخلاء. 15 - الهدية في أدلة المسائل الخفية. إلى غير ذلك من مصنفاته العلمية. وأخيرًا توفى ابن عبد الهادى سنة تسع وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون. ولمزيد من التفصيل والإيضاح حول ترجمته يرجع إلى المراجع، والمصادر التالية:- 1 - شذرات الذهب (8/ 43). 2 - الضوء اللامع (10/ 308). 3 - كشف الظنون (743)، (938)، (1097) وغير ذلك.

4 - هدية العارفين (6/ 560). 5 - الأعلام للزركلى (8/ 225). 6 - معجم المؤلفين لكحالة (13/ 289). والحمد لله رب العالمين.

وصف مخطوط الكتاب

وصف مخطوط الكتاب عثرت على مخطوط هذا الكتاب الطيب - بفضل الله تعالى - في دار الكتب المصرية العامرة بذخائر التراث. يوجد مخطوط هذا الجزء تحت رمز (مجاميع) برقم (759) على ميكرو فيلم برقم (1673)، ويقع في (3) ورقات أى في (6) صفحات. ويقع في كل صفحة حوالى (23) سطرًا، والخط جيد، وإن كان ينقص الأعلام بعض النقاط، ويوجد في السطر حوالى (13) كلمة. وهى ضمن مجموعة كلها للمصنف رحمه الله تعالى: وقد كتب على الصفحة الأولى ما نصه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الحمد لله الهادى إلى اتباع السنن، واجتناب البدع، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه، أهل الزجر والردع.

وبعد فهذا تعليق سميته "تشييد الاختيار لتحريم الطبل والمزمار". وفى الصفحة الأخيرة بعض الأشعار.

بداية الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الهادى إلى اتباع السنن واجتناب البدع، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أهل الزجر والردع وبعد. فهذا تعليق سميته (تشييد الاختيار لتحريم الطبل والمزمار) وهو ما: 1 - أخبرنا أبو المحاسن يوسف بن حسن الصالحى بقراءتى عليه، أنا النظام عمر بن إبراهيم بن مفلح، عن الحافظ أبى بكر محمد بن عبد الله بن المحب، أنا قاضى القضاة تقى الدين أبو الفضل سليمان بن حمزة بن أبى عمر سماعًا عليه بالجامع المظفرى بسفح قاسيون، أنا الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسى سماعًا عليه ح. وشافهتنى عاليًّا أم عبد الرزاق خديجة ابنة عبد الكريم الأرموية عن أم محمد عائشة بنت المحتسب العمرى، عن أم محمد ست الفقهاء ابنة إبراهيم الواسطى، عن الحافظ ضياء الدين، أنا أبو طاهر البارك بن أبى المعالى ببغداد أن

هبة الله بن محمد بن عبد الواحد أخبرهم قراءة عليه ح. 2 - قال شيخنا: وأنا جدى أبو العباس أحمد بن حسن بن عبد الهادى أنا أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة، أنا أبو الحسن على بن أحمد السعدى، أنا حنبل بن عبد الله، أنا هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، أنا الحسن بن على، أنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثنى أبى، ثنا أحمد بن عبد الملك وعبد الجبار بن محمد قالا: ثنا عبيد الله - يعنى ابن عمرو- عن عبد الكريم، عن قيس بن حَبْتَر، عن ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله تعالى حرم عليكم الخمر والميسر والكوبة" وقال: "كل مسكر خمر" (¬1) كذا ¬

_ (¬1) حديثٌ صحيحٌ. أخرج أحمد (1/ 289، 350)، وأبو داود (3482) مختصرًا، والطيالسى (2755)، والطبرانى (12601) في الكبير، والبيهقى (10/ 213, 221) في سننه الكبرى. * رجاله: 1 - عبيد الله بن عمرو، هو الرقى، يكنى أبا وهب، أسدى، وهو ثقةٌ، فقد وثقه ابن معين، والنسائى، وأبو حاتم، وغيرهم، وحديثه في الكتب الستة، مات سنة 80 هـ: انظر التهذيب (7/ 42)، التقريب (1/ 537). 2 - عبد الكريم، وهو ابن مالك، الجزرى، ثقةٌ، وثقه أحمد، وأبو زرعة وأبو حاتم، ومن قبلهم سفيان، حديثه في الكتب =

رواه الإمام أحمد في مسنده والكوبة هى الطبل. ¬

_ = الستة، مات سنة 127 هـ. انظر التقريب (1/ 516)، التهذيب (7/ 274). 3 - قيس بن حبتر، ثقةٌ، وثقة النسائى، وأبو زرعة، وجهله ابن حزم!!، أخرج له أبو داود، انظر: التهذيب (8/ 389)، والتقريب (2/ 128). * وفى الباب عن ابن عمرو، أخرجه أحمد (2/ 165, 167، 171, 172)، وأبو داود (3685)، ومن حديث قيس بن سعد، أخرجه أحمد (3/ 422)، وفى الباب عن ابن عمر. * فائدة لغوية: الكُوبة: الشطرنجة، والكوبة: الطبل، والنرد. والكوبة: الطبل الصغير المخصر. قال أبو عبيد: أما الكوبة، فإن محمد بن كثير أخبرنى أن الكوبة النرد في كلام أهل اليمن، وقال غيره: الكوبة: الطبل. انظر: لسان العرب (1/ 729). وقد رجح أنها الطبل رواية سفيان عن على بن بذيمة عن قيس به قال سفيان: قلت لعلى بن بذيمة: ما الكوبة؟ قال: الطبل. أخرجه أحمد (1/ 274). وعلق على ذلك الألبانى، فقال: والراجح أنه الطبل لجزم على بن بذيمة به، وهو أحد رواته، والراوى أدرى بمروية من غيره. انظر: الصحيحة (1806).

3 - وبه إلى الحافظ ضياء الدين، أنا أبو طاهر بركات بن إبراهيم بن بركات الخشوعى قراءة عليه قيل له: أخبركم أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الحسن السليمى، أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكنانى، أخبرنى أبو القاسم تمام ابن محمد بن عبد الله الرازى، أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ابن محمد، ثنا حفص بن عمر، ثنا عاصم بن على، ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، وعن الثقة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بعثت بهدم الطبل والمزمار" (¬2). ¬

_ (¬2) حديث ضعيفٌ. وأخرجه ابن الجوزى (ص / 226) في تلبيس إبليس من نفس الطريق، وعنده: عن مالك بن يخامر الثقة. * رجاله: 1 - عاصم بن على، صدوقٌ، أخرج له البخارى، والترمذى، وابن ماجة، مات سنة 221 هـ. انظر: التقريب (1/ 384)، والميزان (3/ 355). 2 - عبد الرحمن بن ثوبان، صدوقٌ يخطئ، وتغير بآخره، أخرج له البخارى في الأدب المفرد، والأربعة في سننهم مات سنة 165 هـ. انظر: التقريب (1/ 474)، والتهذيب (6/ 150 - 152). 3 - ثابت بن ثوبان، ثقةٌ، أخرج له البخارى في الأدب المفرد، وأبو داود، والترمذى، وابن ماجة، انظر: التقريب (1/ 115).=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 4 - مكحول، الدمشقى، ثقةٌ، فقيهٌ، لكنه كثير الإرسال، والتدليس، أخرجه له مسلمٌ، والأربعة في سننهم. انظر: الميزان (4/ 177)، التقريب (2/ 273)، والتهذيب (10/ 290) وهو علة الحديث، والله أعلم. 5 - الثقة، سُمى عند ابن الجوزى، من رواية محمد بن سويد الطحان، فقال عن مالك بن يخامر الثقة عن عكرمة عن ابن عباس. ومالك هذا وثقة ابن حبان، وابن سعد، والعجلى، واختلف في صحبته، والصحيح عدم ثبوتها، وقد أخرج له البخارى، والأربعة في سننهم، انظر: التهذيب (10/ 24)، والتقريب (2/ 229). 6 - عكرمة، التابعى، الجليل، مولى ابن عباس، ثقةٌ، علمٌ، ثبتٌ، أخرج له البخارى تعليقًا، ومسلمٌ، والأربعة، مات سنة 107 هـ. انظر: التقريب (2/ 30). * وقد أخرجه من حديث على، أخرجه أبو بكر الشافعى في الغيلانيات، وعنه ابن الجوزى في تلبيس إبليس (ص / 226) من طريق عباد بن يعقوب عن موسى بن عمير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على به مرفوعًا، ولفظه: "بعثت بكسر المزامير" أ- في سنده عباد بن يعقوب، صدوقُ أُتهم في دينه، أخرج له البخاري والترمذي، وابن حبان، مات سنة، 250 هـ انظر:=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الميزان (2/ 379)، التقريب (1/ 395). ب- موسى بن عمير، هو أبو هارون الجعدى الأعمى، متروكٌ، واتهمه أبو حاتم بالكذب، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات، انظر: الميزان (4/ 215)، والتقريب (2/ 287)، التهذيب (10/ 365 - 366). جـ - جعفر بن محمد هو الصادق، صدوقٌ، فقيهٌ، أخرج له البخارى في الأدب المفرد، ومسلمٌ والأربعة في سننهم، انظر: التقريب (1/ 132). د- محمد بن على بن الحسين، ثقةٌ، حديثه في الكتب الستة، انظر: التقريب (2/ 192) و- على بن الحسين، زين العابدين، ثقةٌ حديثه في الكتب الستة، لكنه لم يسمع من جده ابن أبى طالب رضى الله عنه، انظر: التقريب (2/ 35). وعليه فلا يصلح هذا الحديث شاهدًا لما سبق * قد أورده الهندى (40689) في الكنز، وعزاه للنسائى- أظنه في الكبرى-، ولأبى بكر الشافعى في الغيلانيات، وعقبه: سنده ضعيف!!

4 - وبه إليه أنا أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلانى بأصبهان أن فاطمة بنت عبد الله أخبرتهم قراءة عليها أنا محمد بن عبد الله بن ريذه أنا سليمان بن أحمد الطبرانى ثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا يحيى بن بكير، حدثنى يحيى بن صالح الأيلى، عن إسماعيل بن أمية، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال إبليس لربه: يارب قد أهبط آدام وقد علمت أنه سيكون كتاب ورسل، فما كتابهم ورسلهم؟ قال: رسلهم الملائكة، والنبيون منهم، وكتبهم: التوراة، والزبور، والإنجيل والفرقان. قال: فما كتابى؟ قال: كتابك الوشم، وقرآنك الشعر، ورسلك الكهنة، وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه، وشرابك كل مسكر، وصدقك: الكذب، وبيتك الحمام ومصايدك النساء، ومسجدك الأسواق، ومؤذنك المزمار (¬3) " ¬

_ (¬3) حديث ضعيف. أخرجه الطبرانى (11181) في الكبير، وقال الهيثمى: فيه يحيى بن صالح الأيلى، ضعفه العقيلى، انظر: مجمع الزوائد (1/ 114). أ- رجاله: 1 - يحيى بن بكير، ابن عبد الله ينسب إلى جده, وهو ثقةٌ، أخرج له الشيخان، وابن ماجة، مات سنة 231 هـ. انظر: التقريب (2/ 351) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 2 - الأيلى، روى عنه يحيى بن بكير مناكير، قاله العقيلى، وقال ابن عدى: له أحاديث كلها غير محفوظة، انظر: الميزان (4/ 386)، اللسان (6/ 362). 3 - إسماعيل، الأموى ثقةٌ، حديثه في الكتب الستة، مات سنة 144 هـ. انظر التقريب (1/ 67)، التهذيب (1/ 283). 4 - عبيد بن عمير، الليثى، ثقةٌ، عابدٌ، حديثه في الكتب الستة، مات سنة 68 هـ. انظر: التهذيب (7/ 71)، التقريب (1/ 544). ب - أخرجه من حديث أبى أمامة، ابن أبى لدنيا في مكائد الشيطان، كما في إغاثة اللهفان (1/ 269)، والطبرانى (7837) في الكبير من طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة، وقال الهثيمى: فيه على بن يزيد، وعبد الله بن زحر، ضعفاء، انظر: المجمع (8/ 119). د- تنبيه هام. صح أحد أطراف الحديث، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قال إبليس: كُلُّ خلقك بينت رزقه، ففيما رزقتني؟ قال: فيما لم يذكر اسمى عليه" أخرجه أبو نعيم (8/ 126) في الحلية، من طريق الهثيم بن أيوب الطالقانى عن فضيل بن عياض عن منصور عن مسلم البطين عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال: قريب من حديث منصور، وفضيل لم يروه عنه متصلًا إلا الهثيم. قال الألبانى: هو ثقة نبيل، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، فالحديث صحيح الإسناد. و- وقد أورد الحديث ابن القيم في الإغاثة (1/ 269) عن قتادة من قوله، وقال: هذا المعروف فيه وقفه. وشواهد هذا الأثر كثيرة، فكل جملة منه لها شواهد من السنة، أو من القرآن. فكون السحر من عمل الشيطان، شاهده قوله تعالى:- {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [سورة البقرة 102] وأما كون الشعر قرآنه، فلما علم الله رسوله القرآن، وهو كلامه صانه عن تعليم قرآن الشيطان، وأخبر أنه لا ينبغى له، فقال: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [سورة يس: 69]. وأما كون الوشم كتابه، فإنه من عمله وتزيينه، فلهذا لعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الواشمة والمستوشمة، فلعن الكاتبة والمكتوب عليها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأما كون الميتة، ومتروك التسمية طعامه، فإن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر عليه اسم الله، ويشارك أكله، والميتة لا يذكر عليها اسم الله تعالى، فهى وكل طعام لا يذكر عليه اسم الله عز وجل من طعامه. وأما كون المسكر شرابه، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [سورة المائدة 90]. فهو يشرب من الشراب الذى عمل أوليائه بأمره، وشاركهم في عمله، فيشاركهم في عمله وشربه، وإثمه، وعقوبته. وأما كون الأسواق مجلسه، ففى الحديث الآخر: "أنه يركز رايته بالسوق". ولهذا يحضره اللغو، واللغط، والصخب، والخيانة، والغش، وكثير من عمله. وأما كون الحمام بيته، فشاهده كونه غير محل للصلاة، لأنه محل كشف العورات، وهو بيت مؤسس على النار، وهى مادة الشيطان التى خلفه الله منها. وأما كون المزمار مؤذنه ففى غاية المناسبة، فإن الغناء قرآنه، والرقص والتصفيق اللذين هما المكاء، والتصدية صلاته، فلا بد =

5 - وبه إليه أنا القاضى أبو الحسن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد العسرى ببغداد أن هبة الله بن محمد بن عبد الواحد أخبرهم قراءة عليه، أن محمد بن محمد بن غيلان، أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا موسى بن عمير، عن جعفر بن محمد، ¬

_ = لهذه الصلاة من مؤذنٍ، وإمامٍ، ومأموم، فالمؤذن المزمار، والإمام المغنى، والمأموم الحاضرون. وأما كون الكذب حديثه، فهو الكاذب، الآمر بالكذب المزين له، فكل كذب يقع في العالم فهو من تعليمه وحديثه. وأما كون الكهنة رسله فلأن المشركين يهرعون إليهم، ويفزعون إليهم في أمورهم العظام، ويصدقونهم، ويتحاكمون إليهم، ويرضون بحكمهم، كما يفعل أتباع الرسل بالرسل فإن الناس قسمان: أتباع الكهنة، وأتباع رسل الله، فلا يجتمع في العبد أن يكون من هؤلاء، وهؤلاء، لا يبعد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدر قربه من الكاهن، ويكذب الرسول بقدر تصديقه للكاهن. وقوله:"اجعل لى مصايد؟. قال: مصايدك النساء" فالنساء أعظم شبكة له يصطاد بهن الرجل. انظر: الإغاثة (1/ 270 - 272).

عن أبيه، عن جده عن على قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بعثت بكسر المزامير، وأقسم ربى لا يشرب عبد في الدنيا خمرا إلا سقاه الله يوم القيامة حميما معذبا بعد أو مفغورًا له" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كسب المغنية والمغنى حرام وكسب الزانية سحت، وحق على الله ألا يدخل الجنة بدنًا نبت من السحت" (¬4). 6 - وبه إليه أنا زاهر بن أحمد بن حامد الثقفى بقراءتى عليه بأصبهان قلت له: أخبرك الحسين بن عبد الملك الحلال قراءة عليه أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ أنا أبو يعلى أحمد بن على الموصلى ثنا زهير، ثنا عبد الله بن جعفر الرقى، ثنا أبو المليح، عن ميمون، عن نافع قال كنا مع ابن عمر في سفر فسمع صوت زامر فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل عن الطريق ثم قال يا نافع أتسمع؟ قلت: لا. فراجع الطريق ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل (¬5). ¬

_ (¬4) حديثٌ ضعيفٌ جدًا. سبق تخريجه برقم (2). (¬5) حديثٌ صحيحٌ وأخرجه أبو داود (4925)، والبيهقى (10/ 222) في سننه. أ- رجاله: 1 - عبد الله الرقى، أبو عبد الرحمن ثقةٌ، حديثه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = في الكتب الستة، مات سنة 220 هـ. انظر: التقريب (1/ 406)، التهذيب (5/ 173). 2 - أبو المليح، هو الحسن بن عمر الرقى، ثقةٌ، أخرج له البخارى، وأبو داود، والنسائى، وابن ماجة، مات سنة 181 هـ. انظر: التقريب (1/ 169)، التهذيب (2/ 309). 3 - ميمون، هو ابن مهران، الجزرى، ثقةٌ، فقيهٌ، أخرج له البخارى في الأدب المفرد، ومسلمٌ والأربعة في سننهم، مات سنة 111 هـ. انظر التقريب (2/ 292)، والتهذيب (10/ 390). 4 - نافع أبو عبيد الله المدنى، هو مولى بن عمر، ثقةٌ، فقيهٌ، حديثه في في الكتب الستة مات سنة 117 هـ. انظر: التهذيب (10/ 412 - 413)، التقريب (2/ 296). ب- وأخرجه ابن سعد (4/ 163) في طبقاته، وأبو داود (4924)، وأبو نعيم (6/ 129) في الحلية، وابن الجوزى (ص / 224) في تلبيس إبليس، والبيهقى (10/ 222) من طريق الوليد بن مسلم، وعبد الأعلى بن مسهر ثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر به. رجاله: 1 - الوليد بن مسلم، القرشى، ثقة، لكنه كثير التدليس، لكنه صرح ههنا بالتحديث، فانتفت علة التدليس، حديثه في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الكتب الستة، مات في سنة 194 هـ، انظر: التهذيب (11/ 151)، التقريب (2/ 336). 2 - ابن مسهر ثقةٌ، ثبتٌ، أخرج له أصحاب الأصول الستة، مات سنة 218 هـ، وله نسخة مشهورة عالية، وفقنى الله لإخراجها، انظر: التهذيب (6/ 98)، وسير أعلام النبلاء (10/ 228). 3 - سعيد بن عبد العزيز، التنوخى، ثقةٌ، لكنه اختلط في آخر عمره، أخرج له البخارى في الأدب المفرد، ومسلمٌ، والأربعة في سننهم، مات سنة 167 هـ. انظر: التهذيب (4/ 59)، التقريب (1/ 301). 4 - سليمان بن موسى، الأموى، صدوقٌ في حديثه بعض لين، أخرج له مسلم، والأربعة في سننهم، مات سنة 119 هـ. انظر: التهذيب (4/ 237)، التقريب (1/ 331) وهذا سندٌ حسنٌ، وبالطريق السابق فهو صحيحٌ. جـ- أخرجه أبو داود (4925) من طريق محمود بن خالد عن أبيه عن مطعم بن المقدام عن نافع به. رجاله: - 1 محمود بن خالد، السلمى، ثقةٌ، أخرج له أبو داود، والنسائى، وابن ماجة، مات سنة 247 هـ. انظر: التقريب (2/ 232)، التهذيب (10/ 61). =

7 - وأخبرنا العلامة شمس الدين محمد بن عثمان الكبتى بقراءتى عليه أنا أبو العباس بن زيد، أنا ابن طولبغا، أنا عبد الرحيم بن أبى اليسر، أنا جدى، أنا أبو طاهر الخشوعى ح. 8 - وأنا عاليًا أبو البقاء محمد بن العماد العمرى، عن أبي الوفاء إبراهيم بن محمد الحلبى، عن أبى عبد الله محمد بن أحمد بن العز، عن أبى الحسن المنصورى، عن أبى طاهر الخشوعى، أنا أبو محمد بن الأكفانى، أنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا الحسين بن صفوان، أنا أبو بكر بن أبى الدنيا، ثنا محمد بن عثمان العجلى، ثنا عبد الله بن نمير، ثنا ابن أبى ليلى، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، عن عبد ¬

_ = 2 - خالد بن أبى خالد، وهو بن يزيد السلمى، مقبولٌ، أخرج له أبو داود، وابن ماجة انظر: التهذيب (3/ 130 - 131)، التقريب (1/ 221). 3 - ابن المقدام، الصنعانى، صدوقٌ، أخرج له أبو داود، والنسائى، انظر: التقريب (2/ 253). وسنده حسنٌ في الشواهد والمتابعات.

الله الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير الشيطان وصوت عند مصيبة: خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان". (¬6). ¬

_ (¬6) حديثٌ حسنٌ. أخرجه ابن سعد (1/ 138) في طبقاته، والترمذى (11، 1) وقال: حسن صحيح، والحاكم (4/ 40)، وابن أبى شيبة (3/ 266) في مصنفه وابن أبى الدنيا (21/ 7) في ذم الملاهى مخطوط، والبغوى (1530) في شرح السنة، والبيهقى (4/ 69) في سننه الكبرى، وابن الجوزى (ص/ 225 - 226) في تلبيس إبليس. كلهم من طُرقٍ عن ابن أبى ليلى عن عطاء عن ابن عمر، وعن جابر عن عبد الرحمن بن عوف. أ- رجاله: 1 - ابن أبى ليلى، صدوقٌ سيء الحفظ، حديثه عند أصحاب السنن الأربعة، مات سنة 148 هـ. انظر: التقريب (2/ 184)، التهذيب (9/ 302). 2 - عطاء هو ابن أبى رباح، ثقةٌ، لكنه كثير الإرسال، حديثه في الكتب السنة، مات سنة 114 هـ. انظر: طبقات ابن سعد (5/ 346)، التهذيب (7/ 199). ب- له شاهدٌ من حديث أنس، أورده الهيثمى في مجمع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الزوائد (3/ 13) وقال: رواه البزار، ورجاله ثقات. أ- من حديث ابن عوف، رواه أبو يعلى، والبزار، وفيه ابن أبى ليلى، وفيه كلامٌ، قاله الهيثمى (3/ 17). د- ومن حديث أنس أخرجه أبو بكر الشافعى، في "الرباعيات" (2/ 22/ 1)، وقال الألبانى: إسناد رجاله موثقون، غير الكديمى، وهو متهم بوضع الحديث، لكنه قد توبع على هذا الحديث، فأخرجه الضياء (131/ 1) في المختارة، من طريقين آخرين، وأخرجه من كلام الحسن، ابن أبى الدنيا (21/ 7) في ذم الملاهى. و-[فائدة]: قال ابن القيم رحمه الله في الإغاثة (1/ 273):- فانظر إلى هذا النهى المؤكد بتسميتة صوت الغناء صوتًا أحمق ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، فإن لم يستفد التحريم من هذا، لم نستفده من نهى أبدًا. فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه، وسماه صوتًا أحمق فاجرًا، وجعله والنياحة التى لعن فاعلها أخوين؟! وأخرج النهى عنهما مخرجًا واحدًا، ووصفهما بالحمق،

9 - وبه إلى ابن أبى الدنيا، ثنا شجاع بن الأشرس، ثنا حشرج ابن نباته، عن أبى عبد الملك، عن عبد الله بن أنيس، عن جده، عن أبى أمامة قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله بعثنى رحمة، وهدى للعالمين، بعثنى لأسحق المعازف، والمزامير، وأمر الجاهلية، والأوثان، وحلف ربى بعزته لا يشرب الخمر أحد في الدنيا ألا سقاه مثلها من الحميم يوم القيامة، مغفور له أو معذب، ولا يدعها أحد في الدنيا ألا سقيه إياها من حظيرة القدس حتى تقنع نفسه" (¬7). ¬

_ (¬7) حديث ضعيفٌ. أخرجه ابن أبى الدنيا (25/ 9) في ذم الملاهى مخطوط وأحمد (5/ 257، 268)، والعقيلى (3/ 255) في الضعفاء الكبير، والطبرانى (7803) (7852) في الكبير، كلهم من طرق عن فرج بن فضالة عن على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة به، ماعدا ابن أبى الدنيا فعن شجاع عن يشرج عن على بن أنيس عن جده. قال الهيثمى في مجمع الزوائد (5/ 69): فيه على بن يزيد، وهو ضعيفٌ. رجاله: 1 - فرج بن فضاله الشامى، ضعيفٌ، أخرج له أبو داود، والترمذى، وابن ماجة، مات سنة 179 هـ. انظر: التهذيب =

10 - وبه إلى الحافظ ضياء الدين أن محمد بن أحمد بن ¬

_ = (8/ 260)، الميزان (3/ 343). 2 - على بن يزيد، الألهانى، ضعيفٌ، أخرج له الترمذى، وابن ماجة، انظر: الميزان (3/ 160) التهذيب (7/ 396)، التقريب (2/ 46). 3 - القاسم بن عبد الرحمن، صاحب أبى أمامة، صدوقٌ، أخرج له البخارى في الأدب المفرد، والأربعة في سننهم، مات سنة 112 هـ. انظر: التقريب (2/ 118). أما سند ابن أبى الدنيا فرجاله كالتالى: 1 - شجاع بن الأشرس، أحد الثقات، وثقة ابن معين، وأبو زرعة، انظر تاريخ بغداد (9/ 250). 2 - حشرج بن نباته، بضم النون، صدوقٌ لم يخرج له سوى الترمذى،، انظر: التقريب (1/ 181). 3 - أبو عبد الملك، هو على بن يزيد، السابق. 4 - عبد الله بن أنيس، له صحبة، أخرج له البخارى في الأدب المفرد، ومسلمٌ، والأربعة في سننهم، انظر: الجرح والتعديل (5/ 3)، التهذيب (5/ 150)، التقريب (1/ 402). فاتضح أن علة الحديث هو على بن يزيد.

نصر بقراءتى عليه قلت له: أخبرك أبو على الحسن بن أحمد الحداد وأنت حاضر، أنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله ابن حسنويه إجازة، أنا عبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، ثنا القاضى أحمد بن عمرو بن أبى عاصم، ثنا أبى ثنا شبيب، ثنا أنس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: صوت مزمار عند النعمة، وصوت اللعن عند المصيبة" (¬8). ¬

_ (¬8) حديثٌ حسنٌ. ورواه البزار، ورجاله ثقات كما في المجمع (3/ 13). رجاله: 1 - ابن أبى عاصم، حافظٌ كثير الحديث، صاحب المسند، مات سنة 287 هـ. انظر: الجرح والتعديل (2/ 67)، التذكرة (2/ 640)، اللسان (6/ 349). 2 - أبو عاصم النبيل، هو الضحاك بن مخلد، ثقةٌ، حديثه في الكتب الستة، مات سنة 212 هـ. انظر: طبقات ابن سعد (7/ 295)، التذكرة (1/ 366)، الميزان (2/ 325). 3 - شبيب بن بشر، البجلى، صدوقٌ يخطئ أخرج له الترمذى، وابن ماجة، انظر: التهذيب (4/ 306)، التقريب (1/ 346). وللحديث شاهد جابر مرّ تخريجه.

وبه إلى ابن أبى الدنيا حدثنى إسماعيل بن أبى الحارث ثنا محمد بن مقاتل، أنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن عياش، ثنا عثمان بن نويرة قال: "دُعى شهر بن حوشب إلى وليمةٍ، وأنا معه فدخلنا فأصبنا من طعامهم فلما سمع شهر المزمار وضع أصبعيه في أذنيه، وخرج حتى لم يسمعه (¬9) " ¬

_ (¬9) فيه من لم أقف عليه. أخرجه ابن عساكر (8/ 171) كما أشار محقق السير (4/ 374). رجاله: 1 - إسماعيل بن أبى الحارث، هو ابن أسد، صدوقٌ، أخرج له أبو داود، وابن ماجة، مات سنة 258 هـ. انظر: التقريب (1/ 67). 2 - محمد بن مقاتل، الكسائى، ثقة، أخرج له البخارى، مات سنة 226 هـ. انظر التهذيب (9/ 469)، التقريب (2/ 209). 3 - ابن المبارك، هو عبد الله، شيخ الإسلام، ثقةٌ، عابدٌ، حديثه في الكتب الستة مات سنة 181 هـ. انظر الحلية (8/ 162)، التهذيب (5/ 382). 4 - إسماعيل بن عياش، صدوقٌ في روايتة عن أهل بلده، مُخلط في غيرهم، حديثه عند أصحاب السنن، مات سنة 181 هـ. انظر: الميزان (1/ 240)، التهذيب (1/ 321) 5 - ابن نويرة لم أقف عليه.

12 - وبه إليه ثنا حمدون بن سعد المؤدب، ثنا زيا وأبو السكن قال: كان زبيد إذا دعى إلى العرس فإن سمع صوت بربط أو مزمار لم يدخل (¬10). 13 - وبه إليه ثنا أحمد بن حاتم الطويل، ثنا زافر بن سليمان، عن حمزة الزيات، عن شبل،، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (¬11) قال بالمزامير، {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} قال: كل راكبٍ في معصية في خيل إبليس وكل رجلٍ سعت في معصية الله فهى من رجل إبليس (¬12). ¬

(¬10) فيه من لم أقف عليه. أخرجه ابن أبي الدنيا (26/ 9) مخطوط. (¬11) سورة الإسراء: 64. (¬12) خبرٌ صحيحٌ. أخرجه ابن أبى الدنيا (25/ 9) مخطوط. أ- رجاله: 1 - أحمد الطويل، هو ابن حاتم، ثقةٌ، انظر: الجرح والتعديل (2/ 48)، تاريخ بغداد (4/ 112). 2 - زافر، هو أبو سليمان القهستانى، صدوقٌ، كثير الأوهام، أخرج له الترمذى، وابن ماجة، انظر: التهذيب (3/ 304)، والتقريب (1/ 256). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 3 - حمزة الزيات، هو ابن حبيب، صدوقٌ زاهدٌ، أخرج له مسلمٌ والأربعة في سننهم، انظر: التقريب (1/ 199). 4 - شبل بن عباد، المكى، ثقةٌ، أخرج له البخارى، وأبو داود والنسائى، وابن ماجة، انظر: التهذيب (4/ 305)، والتقريب (1/ 346). 5 - ابن أبى نجيح، ثقةٌ، وربما دلس، حديثه في الكتب الستة، مات سنة 131 هـ. انظر: الجرح والتعديل (5/ 203)، التهذيب (6/ 54). فهذا سندٌ حسنٌ إن صح سماع ابن أبى نجيح، ولم يدلسه. ب- أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره، من طريق يحيى بن المغيرة عن جرير. عن منصور عن مجاهد، كما في إغاثة اللهفان (1/ 274). وهذا سندٌ حسنٌ فيه ابن المغيرة، صدوقٌ كما في التقريب (2/ 358). جـ - أخرجه ابن أبى حاتم، من طريق يحيى بن المغيرة عن جرير عن ليث عن مجاهد، انظر المصدر السابق. وهذا سند حسنٌ في الشواهد والمتابعات، بسبب الليث بن أبى سليم. د - أخرجه ابن جرير (15/ 81) في تفسيره من طريق =

14 - وبه إليه حدثنى داود بن عمرو الضبى، ثنا عبد الله ابن المبارك عن مالك عن أنس، عن محمد بن المنكدر قال: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم عن اللهو ومزامير الشيطان؟ أسكنوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة: أسمعوهم حمدى، وثنائى، وأعلموهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (¬13). ¬

_ = ابن إدريس عن ليث عن مجاهد. و- عزاه السيوطى في الدر المنثور (4/ 192) إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر. (¬13) إسناده منقطع ورجاله ثقات. أخرجه ابن أبى الدنيا (26/ 9) مخطوط ذم الملاهى، أ- رجاله: 1 - داود بن عمرو، أبو سليمان الضبى ثقةٌ، أخرج له مسلمٌ والترمذى، مات سنة 228 هـ. انظر: الجرح والتعديل (3/ 420)، التهذيب (3/ 195). 2 - ابن المبارك، سبق ترجمته. 3 - مالك بن أنس، إمام الهجرة، رأس المتقين، ثقة متين، حديثه في الكتب الستة مات سنة 179 هـ. انظر: الحلية (6/ 316)، التهذيب (10/ 5). =

15 - وذكر الحافظ زين الدين بن رجب أن جميع آلات اللهو الموضوعة من آلالات الأعاجم لم أر عن أحد من العلماء إباحة هذا لا في عرسٍ ولا غيره، لا للرجال ولا للنساء ولا للصغار من الفريقين انتهى، وظاهر هذا لا يباح الطبل والزمر في الحرب أيضًا. 16 - وقال الجمال بن المبرد: وظاهر كلام أصحابنا لا يباح المزمار في الحرب بخلاف الطبل، وقد قال "بعض الناس يباحان فيه انتهى. وفى الواقعات للحسام الشهيد: رجل استأجر رجلًا لضرب الطبل إن كان للهو لا يجور، لأنه معصية، وإن كان للغزو أو للقافلة فأجاز لأنه طاعة انتهى. ¬

_ = ب- أخرجه الأصبهانى في الترغيب كما في الدر المنشور (5/ 153) عن ابن المنكدر. جـ - أخرجه الدينورى- وقد أتهم- في المجالسة عن مجاهد، كما في الدر المنثور (5/ 153). د- أخرجه الديلمى عن جابر مرفوعًا كما في الدر المنثور (5/ 153)، وفى مقدمة الجامع للسيوطى، ما تفرد به الديلمى، لا يصح، والله أعلم.

17 - وفى فتاوى الولوالجى: رجل استأجر رجلًا ليضرب له الطبل إن كان للهو لا يجوز وإن كان للغزو أو القافلة يجوز لأنه طاعة انتهى. وفى شرح الكافى: ولا تجوز الإجارة على شئ من الغناء والنوح والطبل والمزامير أو بشئ من اللهو ولا على الحداء وقراءة الشعر ولا غيره ولا أجر في ذلك والطبل إنما يكون منهيًّا إذا كان للهو أما إذا كان لغيره فلا بأس به كطبل الغزاة، وطبل العرس انتهى. 18 - قلت: فظاهر هذا أنه لا يجوز المزمار في العرس ويؤيده ما أخرج الحافظ أبو الشيخ الأصبهانى في كتاب الثواب عن عنتر العذرى من بنى عذرة السمالى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما امرأة زفت إلى زوجها بغير عُطل ولا مزمار شيعها سبعون ألف ملك" (¬14) انتهى. 19 - وسئل الشيخ تقى الدين بن قاضى عجلون الشافعى عن الطبل الذى يضرب به ¬

_ (¬14) لم أقف عليه. "العطل": الحلى والزينة من قلائد ونحوها. عنتر العذرى، قيل فيه: عس، وقيل: عتير.

السمادية (¬15) في حال الذكر (¬16) هل هو حلال أم حرام، وإذا كان حلالًا هل يفرق بين الضرب به في المساجد وغيرها، أو لا (¬17)؟ ووقع من خطيب في خطبة الجمعة أنه قال في حق السمادية كلامًا من جملته أنه قال: إن من يضرب الطبل حرام مطلقًا (¬18)، وأن من فعل ذلك فقد برأ من الله ورسوله (¬19)، ومن تبع السمادية فقد كفر (¬20) وهم الدجالون، ومن ¬

_ (¬15) طائفة من طوائف الصوفية التى انحرفت عن الهدى النبوى. (¬16) هذا الفعل في حال الذكر بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، والخير كل الخير في اتباع من سلف، والشر كل الشر في ابتداع من خلف. (¬17) هدا الفعل في المساجد يُعد من أفعال الفساق، ويبعد المسجد عن رسالته التربوية. (¬18) وهذا هو المستنبط من الأحاديث السابقة. (¬19) و (¬20) فعل السمادية هذا في عداد الكبائر، ولا يصل بحالٍ إلى الكفر إلا إذا استحل حرمته، وكُذبت الأدلة الشرعية الورادة فيه. =

أطعمهم، وعمل لهم ضيافة فقد عصى الله ورسوله، وأى ¬

_ = يقول ابن تيمية - رحمه الله- في الفتاوى (11/ 565) ما نصه عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع لصالحى أمته، وعبادهم، وزهادهم، أن يجتمع على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف، أو ضرب بالقضيب، أو الدف - ولا يستثنى الطبل من هذا - كما لم يبح لأحدٍ أن يخرج عن متابعته، واتباع ما جاء به من الحكمة والكتاب، لا في باطن الأمر، ولا في ظاهره، ولا لعامى، ولا لخاصى. ولكن رخص النبى - صلى الله عليه وسلم - في أنواع من اللهو في العرس ونحوه، كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس، والأفراح. وأما الرجال على عهده. فلم يكن أحد منهم يضرب بالدف، ولا يصفق بكف، بل قد ثبت في الصحيح أنه قال: "التصفيق للنساء والتسبيح للرجال". بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: "لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء". ولما كان الغناء، والضرب بالدف، والكف من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثًا، ويسمون الرجال المغنين المخانيثًا، وهذا مشهور في كلامهم.

موضع دخلوه يُغسل لأنهم نجسوه، ووقع منه في غير الخطبة أنه قال لحاكم البلد: أن من ضرب على طبل السمادية فقد كفر، واطلب الفقراء السمادية، واضرب كل واحد علقة، وخُذ من المال كذا وكذا، وإثم ذلك في رقبتى فماذا يترتب على هذا الخطيب الذى حاله عجيب بهذه الكلمات المؤلمات؟ وهل ما وقع منه في الخطبة مبطل لها؟ وهل يليق بمن هذه صفته أن يخطب بالناس في الجامع الأعظم في البلد مع تلبسه بهذا القول الذى صدر منه وجوابه على ذلك؟ وهل يليق بخطيب المسلمين وإمامهم أن يحسن لحاكم السياسة ضربهم وأخذ أموالهم؟ وما حكمه إن استحل ذلك؟ وهل يثاب من يساعد على وقاية جانب الفقراء السمادية وإكرامهم واحترامهم وكف أسباب الأذى عنهم واعتقاد بركتهم وبركة أسلافهم أم لا؟ وما حكم الله في ذلك. 20 - وأجاب: رفع إلىَّ فيما مضى وأنا في القدس الشريف في شهور سنة ثمان وتسعمائة سؤال عن طبل السمادية عند الإنشاد في مجالس الذكر هل هو حرام أم لا؟

وهل يفرق فيه بين المسجد وغيره؟ وهل من أنكره وقال بتحريمه لشمول اسم الطبل له مخطئ في ذلك أم مصيب؟ فأجبت بأن الطبل المذكور يباح ضربه وسماعه في المجالس المذكورة سواء كان في المسجد أم غيره وإنما يحرم من الطبل اللهو وهو الكوبة وهو طبل مستطيل ضيق الوسط واسع الطرفين يعتاد ضربه المخنثون قال - صلى الله عليه وسلم -"إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة" وأما غيرها من الطبول فمباح. 21 - قال الشيخان الرافعى والنووى في كتبهما تبعا لغيرهما من الأصحاب - رضى الله عنهم- ولا يحرم من الطبول غير الكوبة أى طبل الحرب والحجيج وليس طبل السمادية بصفة الكوبة، وإنما هو طبل الباز الذى هو طبل الحرب كما صرح العلماء - رضى الله عنهم - به فيدخل طبل السمادية في قول الشيخين وغيرهما السابق الشامل يحل ضربه وسماعه وغيره وقد أباح - صلى الله عليه وسلم - ضرب الدف على النكاح في المسجد، روى الترمذى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "اعلنوا هذا النكاح

واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدف" (¬21) فشمل ذلك ضربه في المسجد فليكن الطبل المذكور مثله بل أولى بالإباحة للخلاف في الدف لغير العرس والخلاف دونه في الطبل المباح، وفى الحديث الشريف أن الحبشة لعبوا بحرابهم في مسجد النبى - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر (¬22) عليهم بل كان ينظر ¬

_ (¬21) حديث ضعيف بهذا التمام. أخرجه الترمذى (1089)، وابن ماجه (1895)، وأبو نعيم (3/ 265) في الحلية، والبيهقى (7/ 290) في سننه. انظر الكلام عليه في السلسلة الضعيفة (978) للألبانى، فلقد أجاد، وأفاد، وفتح البارى (9/ 226) لابن حجر. (¬22) - قال ابن حجر: زاد أبو عوانة في صحيحه "فإنهم بنو أرفدة" وفى رواية الزهرى عن عروة: "فزجرهم عمر، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "أمنًا بنى أرفدة. وفى رواية: "فأهوى- عمر- إلى الحصباء فحصبهم بها" فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - "دعهم يا عمر". كأنه يعنى أن هذا شأنهم وطريقتهم، وهو من الأمور المباحة، فلا انكار عليهم. قال المحب الطبرى: فيه تنبيه على أنه يغتفر لهم مالا يغتفر لغيرهم، لأن الأصل في المساجد تنزيهها، فيقتصر على ماورد =

إليهم ولما زجرهم عمر- رضى الله عنه- قال - صلى الله عليه وسلم - "أمنًا يابنى أرفدة" (231) يعنى من الأمن. 22 - قال حجة الإسلام الغزالى- رحمه الله- في هذا الحديث أنواع من الرخص منها اللعب، ولا يخفى عادة الحبشة في الرقص واللعب، ومنها فعل ذلك في المسجد، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - دونكم بنى أرفدة وهو أمر باللعب والتماس له انتهى. ¬

_ = فيه النهى. وفى رواية لمسلم "جاء حبش يلعبون في المسجد". فهذا السياق يشعر بأن عادتهم ذلك في كل عيد، ففعلوا ذلك. قال الزين بن المنير: سماه لعبًا، وإن كان أصله التدريب على الحرب، وهو من الجد لما فيه من شبه اللعب، لكونه يقصد إلى الطعن، ولا يفعله، ويوم بذلك قرنه، ولو كان أباه أو ابنه. اهـ فتح البارى (2/ 442). (23) حديث صحيح. أخرجه البخارى (2/ 29)، (4/ 225)، وأحمد (2/ 308)، ومسلم (893)، والنسائى (3/ 196)، والبغوى (4/ 323) في شرح السنة، والبيهقى (10/ 17) في سننه.

وإذا جاز اللعب المذكور في المسجد فضرب الطبل (¬24) الذكور منها بل أولى بالإباحة خصوصًا إذا كان فيه تهييج للنفوس ونشاط وانبعاث لذكر الله تعالى في مجالس الذكر بل هو حينئذ مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه والحاصل أن ضرب الطبل المذكور في مجالس الذكر في المسجد وغيره مباح أو مستحب على ما ذكرنا فلا وجه للمنع منه ولا لإنكاره ومن أنكره وقال بتحريمه فهو مخطئ جاهل أو متعصب بالباطل عدل عن طريق الهدى اتباعا لغرض النفس والهوى وهو موقع لصاحبه في المهالك - عصمنا الله من ذلك- فليرجع المنكر المذكور عن إنكاره ولا يستمر على ضلاله. وأما هذا الخطيب أخذه غضب عن قريب فقد وقع في محذورات عظيمة بهذه الكلمات المنكرة الفظيعة ويستحق عليها تعازير عديدة على ما يراه الحاكم أيد الله به الدين وقمع به الفجرة المقيدين من الحبس الطويل والضرب الشديد وغيرهما ودعاله وزجر عن الوقوع في مثل ذلك ومثله لا يصلح أن يكون خطيبًا ولا إمامًا للمسلمين فيجب عزله ومنعه ¬

_ (¬24) في هذا الاستدلال نظر، وراجع كلام ابن تيمية رحمه الله.

من ذلك وهذه الخطبه باطلة بسبب ما وقع فيها من الأمور المبطلة لها وكذلك صلاة الجمعة الواقعة بعدها باطلة لفساد الخطبة المذكورة، فيجب إعادة صلاة الجمعة المذكورة (¬25)، وتمكينه لحاكم البلد المذكور ضرب الفقراء وأخذ أموالهم محرم تحريما غليظا شديدًا ويكفر بذللك إن استحله ويجرى عليه أحكام المرتدين عن دين الإسلام فيستتاب فإن أسلم بأن يأتى الشهادتين وإلا قتل بسيف الشرع الشريف (¬26) ولا يتهاون الحاكم في إقامة ما يجب على هذا الخبيت من التعازير وغيرها بسبب ما صدر منه عن الأشياء المنكرة المذكورة في حق هؤلاء الجماعة السمادية المباركين (¬27) سلالة السادة المشايخ العارفين ذوى الكرامات الظاهرة ¬

_ (¬25) انظر السابق. (¬26) وقع المفتى فيما فيه الخطيب من التسرع في استحلال الدماء، وتكفير المخطئين: (¬27) كيف يكونون فرقة من فرق الصوفية، ويكونون من المباركين؟!!

والمكاشفات المتكاثرة (¬28) - رضى الله تعالى عنهم- ومنابهم وأعاد علينا من بركاتهم، ويثاب الحاكم، وكل من قام في نصرتهم على هذا الخطيب الخبيث واستيفاء حقهم منه الثواب الجميل بالقصد الجزيل انتهى. 23 - وقال بعضهم يمدح زامرًا (¬29):- وزامر يبعث في زمرة: إلى قلوب الناس أفراحا كأن إسرافيل في نائره ينفخ في الأموات ارواحا 24 - وقال آخر يذم:- يقول في مجلسنا زامر ما لم نلق ما ألقى باصغاء ما عندكم يصل إليَّ إلى حاضر قلنا ولا شوق إلى ناء. تم التحقيق والتعليق والحمد لله ¬

_ (¬28) كل ذلك لا يغنى أن يقال لهم وعنهم: أصحاب بدعة. (¬29) وهذا عجيب كيف ينقل المصنف، ما فيه مدح للمعصية، ثم يعقبه بما يذمه، وكأن الأمر مردود إلى الأذواق؟!

§1/1