تسبيح ومناجاة وثناء على ملك الأرض والسماء

محمد بن موسى الشريف

جَميْع الحقُوق محْفوظة الطّبعَة الرابعة 1425هـ - 2004 م دار الأندلس الخضراء المملكَة العَربيّة السُّعُوديَّة ـ جدَّة الإدَارة: صَ بْ 42340 جدّة 21541 هاَتفْ: 6810577 ـ فاكسْ 6810578 المكتبات حَيّ السَّلاَمة ـ شَارع عبْد الْرحمنْ السّديري ـ مركز السَلامة التجاريْ هاَتفْ ـ فاكسْ 6825209 حيّ الثّغر ـ شَارع باخشبْ ـ سوق الجَامعَة التجاريْ هَاتف: 6815027 ـ فاكسّ: 6810578 فرعّ الريَاضْ: حَيّ السّويْدي الغَربيْ ـ بجَوار أسَواقْ اليمامَة هَاتفْ: 4333731 ـ فاكسْ 4333657 http: //www. al-andalus-kh.com E-MAIL: info @ al-andalus-kh.com

تسْبّيحٌ ومُناجاةُ وثناءٌ عَلَى مَلِكِ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

((هو الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحَكَم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المُقِيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الوليّ، الحميد، المُحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البَرّ، التواب، المنتقم، العفوّ، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المُقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور)). جل جلاله

مقدمة

مقَدّمَة الحمد لله العظيم الشان، ذي القوة والجبروت والسلطان، والرحمة والستر والغفران، آثاره أنارت العقول والأذهان، وآلاؤه علّقت به القلوب والأبدان، فذلّت لخالقها العظيم، ورغبت بما عنده من الأجر والخير العميم. إن من شيء إلا يسبح بحمده، وما من مخلوق إلا سجد ـ طوعاً أو كرهاً ـ لعظمته. هدى من شاء إلى الصراط المستقيم فضلاً ومَنّاّ، وأضلّ من أراد عن النهج القويم عدلاً وعلماً، لا يُسأل عما يفعل والخلق يُسألون، لا إله إلا هو رب كل شيء والخلق مربوبون. إله واحد أحد، فرد صمد، جلّ في علاه عن الشبيه والمثيل، وتقدست أسماؤه وصفاته وتنزهت عن التشبيه والتعطيل. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى: 11 وأشهد أن لا إله إلا الله الحليم الكريم، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه، وحبيبه وخليله، فصلِّ

اللهم عليه وعلى آله وصحبه الغُرّ الميامين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: المرء في هذه الحياة مكلف بالعمل، وبتقصير الأمل، وانتظارِ الأجل على وجل، والحياة الدنيا مليئة بالمغريات الفاتنات، والمحبوباتِ الصارفات، والسفاسفِ الدنيّات، والشيطان متربص بالإنسان، ينتظر منه الغفلة حتى يصرفه إلى العصيان، وقد أقسم بعزة الرحمن الرحيم على أن ذلك منهجه لا يحيد عنه ولا يميل إلى يوم لقاء الملك الدّيان، وشياطين الإنس جاهدون في الإغواء عاملون على كل ما يورث الشقاء، في الدنيا والآخرة على السواء، فمتى يستقيم المرء مع هذا الحال، ومتى يجمع قلبه على مولاه ذي الجلال؟ في وسط هذا الخضم الهائج والبحر المائج يتذكر المرء مولاه فيقبل عليه مستعيناً متوكلاً، مناجياً وداعياً، مسبحاً ومثنياً، يستمسك منه بحبل متين، وصراط مستقيم، يسأله الرشد والثبات، والهدى والتقوى والرشادَ حتى الممات. وهذه الرسالة وضعتها لأجل هذه المعاني العليّات، ولأبين جوانب مضيئات كريمات، في فزع النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة الكرام، ومن تبعهم من السلف العظام والخلق الكرام إلى يوم الناس هذا، في فزعهم إلى الله تبارك وتعالى بالثناء والتسبيح والتقديس،

والمناجاة الكفيلة بإذهاب ما يجده العبد في نفسه من الوساوس والتلبيس، والتخويف والإحباط والتيئيس، عسى أن نقتدي بالصالحين في هذا المجال، فنفزع إلى ذكر ذي الجلال، والثناء عليه بلساني الحال والمقال، وإلى التسبيح الموصل إلى الثبات والإقامة على جميل الصفات والخِلال.

أهمية هذا البحث

أهمية هذا البحث أولاً: إحياء معاني المناجاة والثناء والتسبيح التي ضعفت في نفوس الناس اليوم، وتلاشت ـ أو كادت ـ آثارها في القلوب. وهذا مشاهد محسوس في طبقات كثير من الدعاة والصالحين والخطباء والمحاضرين، فتجدهم ـ أو جُلهم ـ يكاد كلامهم يخلو من هذه الألفاظ المرققات والمعاني العلّيات، فقست قلوب الناس وجفّت عيونهم، ولا غرابة في هذا ولا عجب؛ حيث إن مَن ذكرتُ هم قادة الناس الإيمانيون، وزعماؤهم الروحيون، وموجهوهم ومرشدوهم، ومعلموهم ومربوهم، فإذا ضعف أولئك ضعف هؤلاء، سبيلٌ ماله ثان، وطريقة معروفة نتائجها، ومشكلة وضحت أسبابها وعللها، فإذا التزم الناس قراءةَ وسماع وفهم مثل هذه التسبيحات والتحميدات يُرجى أن ترقّ قلوبهم وتخشع، وتسعفها عيونهم فتدمع، وجوارحهم فتخضع، وفي هذا كله صلاحٌ ـ إن شاء الله تعالى ـ للمجتمع والأفراد. ثانياً: جمع نصوص مختارة من الثناء والحمد والمناجاة والتسبيح لتكون بين يدي الخطباء فيزينوا بها خطبهم، وبين يدي المصنفين ليصدروا بها كتبهم، وبين يدي الصالحين يقرأونها في

ثالثا: التنبيه على أهمية مصاحبة الثناء والتسبيح للدعاء

الخلوات، وبين يدي المربين والمعلمين والموجهين ليعلموها لطلابهم والمقبلين عليهم. كما أن كثيراً من الناس سيستفيد ـ إن شاء الله تعالى ـ من هذه النصوص الإيمانية في عدد من الأوقات الفاضلة كرمضانَ والحج، وأوقات إجابة الدعاء التي وردت في شرعنا المطهر؛ وذلك لأن كثيراً من الناس لا يعرفون كيف يثنون على ربهم ويمجدونه، ولا كيف يحمدونه ويناجونه، فكانت هذه النصوص المختارة مساعدة لهم في هذا الباب يقرأونها بلا تحرج ولا شك ولا ارتياب في مضمونها ـ إن شاء الله تعالى ـ فقد هذبتها ـ كما سأذكر قريباً إن شاء الله تعالى ـ وخلصتها مما يمكن أن يكدر بعضَها من ابتداع أو غموض في اللفظ أو المعنى أو كليهما معاً. ثالثاً: التنبيه على أهمية مصاحبة الثناء والتسبيح للدعاء. إن الدعاء المقرونَ بالمناجاة والثناء والتسبيح خير من الدعاء الذي يخلو منها، وما زال الصالحون يعرفون للثناء فضلَه، وللتسبيح أثرَه، وللمناجاة أهميتَها فلا يُخلون دعاءهم منها، وهكذا كان دأب الأنبياء العظام وأصحابهم الكرام، منذ آدم عليه الصلاة والسلام إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم -. فإذا عرف الداعي هذا تقدم بالثناء بين يدي الدعاء، وخلط به المناجاة والتسبيح، حتى لا يلج على مولاه الغفور إلا وقد قدّم شروطَ القبول، وتعلم آدابَ المُثُول.

النهج الذي سلكته

النهج الذي سلكته أولاً: في المصادر المستقى منها مادة الكتاب: أـ ابتدأت الكتاب بذكر آيات كريمات مختارات فيها ثناء على الله تعالى وتسبيح، وآيات القرآن العظيم هي العمدة في هذا الباب ـ وفي كل باب ـ إذ أن أعظم مَن أثنى على الله هو الله جل جلاله، ولا يوصف سبحانه إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به أنبياؤه، فكان لا بد من هذا التقديم، وما أجمله وما أعظمه، وما أبركه وما أشرفه، وما أطهره وما أسماه وما أكرمه. ب ـ ثم تخيرت من ثناء المصطفى - صلى الله عليه وسلم - على ربه جل علاه، وتسبيحه إياه ومناجاته ما يكون بمثابة الدرة الفاخرة المكملة لذلك العِقد القرآني الفريد، والكلام الرباني المجيد، ولا يعرف أحد من البشر مِن قَدْر الله جل جلاله ما يعرفه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. واخترت الصحيح من الأحاديث والحسن، وما ليس فيه واهٍِ أو شديد الضعف أو متروك أو كذاب، وذلك أن الأخذ بالحديث ذي السند الضعيف في فضائل الأعمال مقبول عند كثير من العلماء

ثانيا: التهذيب للمادة المختارة

الكبار بشروطه المعروفة المسطرة التي راعيتها ـ بقدر الاستطاعة ـ في هذا الكتاب. ومن لا يرغب في الأخذ بالأحاديث ذات السند الضعيف فليُثن على الله بالثناء الوارد فيها بدون نسبتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستفيداً مما فيها من ألفاظ جليلة ومعان كريمة، هذا وقد كانت نسبة الأحاديث الضعيفة إلى باقي الأحاديث المختارة قليلة، ولله الحمد. جـ ـ ثم عرّجت على تسبيح الصالحين ومناجاتهم وثنائهم على الله تعالى من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الناس هذا، نظماً ونثراً، مستوعباً ما أمكنني الاستيعاب، متخيراً ما وسعني الاختيار. وقد راعيت في إثبات ثناء الصحابة وتسبيحهم ما راعيته في إثبات الأحاديث النبوية، ما وسعني ذلك وقد سبق الكلام عليها في الفقرة السابقة. ثانياً: التهذيب للمادة المختارة: أعني بالتهذيب إزالة ما شاع في كلام بعض الصالحين من المتقدمين والمتأخرين ـ خلا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ـ من ثناء وتسبيح قد يَغْمض فهمُ لفظه أو معناه أو كليهما، أو كان فيه ما لا يسوغ، أو ما يُظن أنه بدعة أو مخالفة للنهج الصحيح،

ثالثا: الاكتفاء بإيراد الثناء والتسبيح والحمد والمناجاة دون الدعاء

في الثناء والتسبيح والمناجاة، فآثرت حذف كل ذلك ,مؤثراً السلامة مما هنالك، وقد وضعت نقاطاً ثلاثة دالة على حصول حذف في النص حتى يكون القارئ على بينة تامة بما صنعته. وقد أوردت نصوصاً في الثناء والتسبيح لبعض من يُتهمون ببدعة؛ وذلك لأني نظرت إلى الحق من كلامهم فأوردته وتركت الباطل منه واجتنبته أو هذبته. أما الثناء والتسبيح الذي أجراه بعضهم في صورة مخاطبات غزلية، أو ضلالات اتحادية فقد صرفت النظر عنه ولم أتعرضه له أصلاً. وقد جريت على ذلك كله حتى يكون الثناء والمناجاة والتسبيح قريباً من نفس القارئ وأدعى لقبوله إياه بلا تردد ولا تحرج، وبلا غوص على المعاني بتكلف؛ إذ من شأن الثناء والتسبيح والمناجاة الوضوح والصفاء، بألفاظ جلية ومعاني علية، والله تعالى أعلم. وقد حذفت المكرر من الثناء والمناجاة، ودللت على ذلك بنقاط ثلاث. ثالثاً: الاكتفاء بإيراد الثناء والتسبيح والحمد والمناجاة دون الدعاء: وقد خَلّصَت الثناء من الدعاء؛ إذ أكثر ما أوردته من الثناء

رابعا: النهج العلمي الأكاديمي

والتسبيح والتحميد والمناجاة متبوع بدعاء أو مختلط به، وليس إيراد الدعاء مقصود الكتاب؛ إذ هنالك كتب كثيرة تكفلت به، ولو لم أفعل لتضخم حجم الكتاب إلى الحد الذي يخرج به عن المقصود من جَعْل الثناء والتسبيح والمناجاة قريبة لنفس القارئ ميسرة له، ومن أراد الدعاء بعد الثناء والمناجاة فليصنع، وليس عليه من حرج في خلط ما أوردته بما أراد من دعائه أو بأي دعاء مأثور آخر، والله أعلم. رابعاً: النهج العلمي الأكاديمي: قد سقت المادة مشفوعة بالنهج العلمي ((الأكاديمي)) من ترجمة للأعلام، وتخريج للأحاديث والآثار، وشرح للغريب أو الذي قد يغمض على بعض القراء دون بعض آخر، ومن بعض الفهارس النافعة الكاشفة. أما تقسيم المادة في المتن إلى فقرات علمية، ودراستها والتعليق عليها، وربط أجزائها كما يصنع بالنصوص التي تُنقد بلاغياً وتدرس، فقد نأيت عن هذا كله تقريباً؛ إذ ليست المادة مسوقةًَ مساقَ النقد والشرح والدراسة ولكن مساقَ العبرة والاتعاظ والفائدة والتأثر، ولكل مقام مقال. وقد قمت بتقسيم النصوص المختارة على حسب تواريخ وفيات أصحابها ما وسعني ذلك وما استطعته منذ زمان الصحابة

رضي الله تعالى عنهم أجمعين إلى ما انتهى إليه اختياري وما وفقني إليه الباري جل جلالة. وأرجو أن يكون ما صنعته مفيداً لقارئه والناظر فيه، وأرجو فيه الأجر والذكر الجميل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تمهيد

تمهيد إن الثناء على الله تعالى وتسبيحه وتمجيده ومناجاته أمر محمود عظيم، وخلط ذلك كله في الدعاء أمر مطلوب جليل، وقد وردت أدلة وآثار توضح هذا وتؤكده، وقد سار على هذا النهج الأنبياء العظام والملائكة الأطهار، والصالحون الأبرار، وسآتي أولاً بالأدلة من الكتاب والسنة على أهمية هذا العمل: أـ أدلة من القرآن العظيم: وردت آيات كريمات تحث على الثناء على الله تعالى وحمده وخلط ذلك بالدعاء فمن ذلك: 1ـ قال تعالى: {وَللهَِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (¬1)}. ودعاء العبد ربَّه بأسمائه الحسنى هو ثناء على الله وتمجيده، كما هو معلوم. ¬

(¬1) سورة الأعراف: آية 180

قال الإمام القرطبي (¬1) رحمه الله: (قوله تعالى: {فَادْعُوهُ بِهَا}، أي اطلبوا منه بأسمائه، فيُطلب بكل اسم ما يليق به، تقول: يا رحمن ارحمني، يا حكيم احكم لي، يا رزاق ارزقني، يا هادي اهدني، يا فتّاح افتح لي، يا تواب تُب علي، وهكذا ... فإن دعوت باسم عامٍّ قلت: يا مالك الملك ارحمني، يا عزيز احكم لي، يا لطيف ارزقني. وإن دعوت بالاسم الأعظم فقلت: يا الله فهو متضمن لكل اسم. ولا تقول: يا رزاق اهدني إلا أن تريد يا رازق ارزقني الخير ... ) (¬2). 2 ـ وقال تعالى: مخبراً عن أهل الجنة: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (¬3)}. ¬

(¬1) هو الشيخ الإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي القرطبي. إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة اطلاعه ووفور فضله. توفى سنة 671 في صعيد مصر رحمه الله تعالى. انظر ((الوافي بالوفيات)): 2/ 122 - 123. (¬2) ((الجامع لأحكام القرآن)): 7/ 327 (¬3) سورة يونس: آية 10.

ب ـ أدلة من السنة المطهرة

و {دَعْوَاهُمْ}: (أي دعاؤهم في الجنة أن يقولوا: سبحانك اللهم، وقيل بالحمد). ومعنى {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ}: (قيل: إذا أرادوا أن يسألوا شيئاً أخرجوا السؤال بلفظ التسبيح ويختمون بالحمد، وقيل: نداؤهم الخدم ليأتوهم بما شاؤوا ثم سبحوا ... ) (¬1). ب ـ أدلة من السنة المطهرة: ومما ورد في السنة المطهرة في الحث على الثناء والتسبيح وقرنه بالدعاء: 1 ـ عن فَضالة بن عُبيد (¬2) رضي الله عنه قال: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يدعو في صلاة لم يمجد الله تعالى ولم يُصلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عَجِلَ هذا)). ثم دعاه فقال له أو لغيره: ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربَّه سبحانه والثناء عليه، ثم ¬

(¬1) ((الجامع لأحكام القرآن)): 8/ 313. (¬2) فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري الأوسي. شهد أحداً وما بعدها. نزل دمشق وولي قضاءها. توفي سنة 58 رضي الله عنه. انظر ((التقريب)): 445.

يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو بما شاء)) (¬1). وفي رواية: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي فمجّد الله وحمده، وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ادع تُجب، وسل تُعْطَ)) (¬2). ونص الحديثين واضح في تفضيل الدعاء المسوق فيه التمجيد والثناء والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - على غيره من الأدعية الخالية من ذلك. 2 ـ عن الأسود بن سَريع (¬3) رضي الله عنه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إني حمدت ربي تبارك وتعالى بمحامدَ ومِدحَ، وإياك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أما إن ربك تبارك وتعالى يحب المدح، هات ما امتدحت به ربك تبارك وتعالى. ¬

(¬1) أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الدعوات: باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم: 5/ 517 وقال: حديث حسن صحيح. والحديث حسن إن شاء الله تعالى. (¬2) أخرجة الإمام النسائي في سننه: كتاب السهو: باب التمجيد والصلاة على النبي ... - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة. (¬3) الأسود بن سَريع التميمي السعدي. نزل البصرة ومات في أيام الجمل، وقيل سنة 42، رضي الله تعالى عنه. انظر ((التقريب)): 111.

قال: فجعلت أنشده ... ) (¬1). 3 ـ وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا أحدَ أغيرُ من الله، ولذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه) (¬2). 4 ـ والنبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع للخلائق يوم القيامة عند الله تبارك وتعالى، ويكون وسيلته في ذلك الثناء والحمد، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ... فأستأذن على ربي فيؤذن لي، ويلهمني محامده أحمده بها ـ لا تحضرني الآن ـ، فأحمده بتلك المحامد، وأخرّ له ساجداً ... )). وفي رواية: (( ... فأقع ساجداً لربي عز وجل، ثم يفتح علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقول: يا ¬

(¬1) قال الإمام الهيثمي: (رواه أحمد والطبراني بأسانيد، ورجال أحدهما عند أحمد رجال الصحيح). انظر ((مجمع الزوائد)): 8/ 121. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في مواضع من صحيحه منها: كتاب التفسير، تفسير سورة الأنعام.

جـ ـ الثناء على الله تعالى في الدعاء طريقة الأنبياء

محمد ارفع رأسك، سل تُعطه، واشفع تُشفع ... ) (¬1). وهكذا يظهر أن ثناء النبي - صلى الله عليه وسلم - على ربه الجليل وحمده إياه سيكون باباً لقبول السؤال في الشفاعة العظمى يوم القيامة ـ إن شاء الله ـ وهذه فائدة جليلة عظيمة للثناء والحمد والمدح بين يدي الدعاء. جـ ـ الثناء على الله تعالى في الدعاء طريقة الأنبياء: فقد قدم الأنبياء العظام ثناءَ حسناَ على الله تعالى قبل دعائهم، فمما علمناه قول الله تعالى قاصّاً دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِن شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ الْحَمْدُ للَِّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَآءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ ليِ وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (1)}. (1) سورة إبراهيم: آية 38 ـ 41.وقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام أيضاً: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَّغْفِرَ لِي ¬

(¬1) أخرجه الإمام البخاري: كتاب التفسير: سورة الإسراء: باب قوله تعالى {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}

خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لأبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (2)}. (2) سورة الشعراء: آية 78 ـ 87.وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: {رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (¬1)}. وقال تعالى قاصّاً دعاء شعيب عليه الصلاة والسلام وتقديمه الثناء فيه: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (¬2)}. وقال تعالى قاصّاً دعاء يوسفَ عليه الصلاة والسلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (¬3)}. ¬

(¬1) سورة الممتحنة: آية 4 ـ 5. (¬2) سورة الأعراف: آية 89. (¬3) سورة يوسف: آية 101.

ومما ورد في السنة المطهرة الشريفة من أساليب الدعاء الممزوج بالحمد والثناء والتسبيح قوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك الحمد مِلْءَ السموات وملْءَ الأرض ومِلْءَ ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الوسخ)) (¬1). ـ وفي حديث جابر الطويل في صحيح مسلم في حج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله بدأ بالصفا فرقى عليه، حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحّد الله وكبّره، وقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)) ثم دعا بين ذلك فقال ثلاث مرات. ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُحُوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه. قالت عائشة: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بدا حاجبُ الشمس فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله عز وجل، ثم قال: ¬

(¬1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الصلاة: باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.

((إنكم شكوتم جدب دياركم واستيخار المطر عن إبّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله ألا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه ... )) (¬1). ـ وعن أنس بن مالك أن أم سليم رضي الله تعالى عنهما غدت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: علمني كلمات أقولهن في صلاتي: فقال: ((كبري الله عشراً، وسبحي الله عشراً، واحمديه عشراً، ثم سلي ما شئت يقول: نعم، نعم)) (¬2). ـ وعن سلمة بن الأكوع (¬3) رضي الله عنه قال: ما سمعت ¬

(¬1) أخرجه الإمام أبو داود في سننه: كتاب الصلاة: باب رفع اليدين في الاستسقاء، وقال الإمام أبو داود: هذا حديث غريب إسناده جيد، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. انظر ((المستدرك)): 1/ 476. (¬2) أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الصلاة: باب ما جاء في صلاة التسبيح، وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. انظر ((المستدرك)): 1/ 462. (¬3) سلمة بن عمرو بن الأكواع الأسلمي، أبو مسلم وأبو إياس. شهد بيعة الرضوان. مات سنة 74 رضي الله عنه: انظر ((التقريب)): 248.

النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح دعاءً إلا استفتحه بسبحان ربي العلي الأعلى الوهّاب)) (¬1). ـ وهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقدم الثناء على الدعاء فيحمد له ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن علي رضي الله عنه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر رضي الله عنه ومن شاء الله من أصحابه، فمررنا بعبد الله بن مسعود وهو يصلي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من هذا؟)) فقيل: عبد الله بن مسعود. فقال: ((إن عبد الله يقرأ القرآن غَضّاً (¬2) كما أنزل)). فأثنى عبد الله على ربه وحمده فأحسن حمده على ربه، ثم سأله فأجمل المسألة، وسأله إيماناً لا يرتد، ونعيماً لا ينفد، ومرافقة محمد - صلى الله عليه وسلم - في أعلى عليين في جنانك جنان الخلد. قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((سل تُعط، سل تُعط)) مرتين، فانطلقت لأبشره، فوجدت أبا بكر قد سبقني، وكان سباقاً بالخير (¬3). ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 676، وقال: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. (¬2) غضّاً: أي حديثاً طرياَ. ((ترتيب القاموس)): غ ض ض، والمراد كما أنزل. (¬3) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 3/ 358 ـ 359، وقال: صحيح، ووافقه الذهبي.

د ـ الثناء على الله تبارك وتعالى قبل الدعاء طريقة الملائكة الأطهار

د ـ الثناء على الله تبارك وتعالى قبل الدعاء طريقة الملائكة الأطهار: فقد دعوا الله تعالى أن يغفر للمؤمنين، ويقيَهم عذاب الجحيم، وأن يدخلهم جنات عدن هم ومن صلحَ من فروعهم وأصولهم، فلما ابتهلوا إلى الله تعالى وأرادوا الدعاء قدموا عليه الثناء، فقال تعالى قاصاً طريقتهم في ثنائهم وتضرعهم: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَاتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (¬1)}. هـ ـ الثناء على الله تبارك وتعالى قبل الدعاء طريقة الصالحين: فقد ذكر الله نماذج لدعاء الصالحين في كتابه الكريم، فقال الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي ¬

(¬1) سورة غافر: آية 7 ـ 9.

الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (¬1). وقال جل من قائل: {فَقَالُواْ عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (¬2)}. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (¬3)}. فقد مزج الصالحون في دعائهم هذا بين الثناء وذكر الله تعالى والتسبيح، وبين الدعاء بدايته وفي أثنائه وفي ختامه. ¬

(¬1) سورة آل عمران: آية 190 ـ 194. (¬2) سورة يونس: آية 85 ـ 86. (¬3) سورة الحشر: آية 10

وـ كلام بعض العلماء في تقرير فائدة الثناء والحمد والتسبيح وخلط الدعاء به

وـ كلام بعض العلماء في تقرير فائدة الثناء والحمد والتسبيح وخلط الدعاء به: قال ابن القيم (¬1) رحمه الله تعالى موضحاً فائدة التسبيح والحمد والثناء في الدعاء: (الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه متضمن للطلب منه والثناء عليه بأسمائه وأوصافه ... والحمد يتضمن الحب والثناء، والحب أعلى أنواع الطلب للمحبوب، فنفس الحمد والثناء متضمن لأعظم الطلب، وهو طلب المحب، فهو دعاء حقيقة بل أحق أن يسمى دعاء من غيره من أنواع الطلب الذي هو دونه ... ) (¬2). وقال أمية بن أبي الصلت الشاعر الجاهلي (¬3): ¬

(¬1) هو الشيخ الإمام محمد بن أبي بكر الزُرَعي الدمشقي، شمس الدين ابن قيم الجوزية الحنبلي. ولد سنة 691. وكان جريء الجَنان، واسع العلم، عارفاً بالخلاف ومذاهب السلف. وكان كثير الصلاة والتلاوة، حسن الخُلق، كثير التودد. توفي رحمه الله تعالى بدمشق سنة 751، وكانت جنازته حافلة. انظر ((الدرر الكامنة)): 4/ 21 ـ 23. (¬2) ((بدائع الفوائد)): 3/ 9 ـ 10. (¬3) أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي. شاعر جاهلي حكيم، من أهل الطائف. قدم دمشق قبل الإسلام، وكان مطلعاً على الكتب القديمة. وكان متعبداً قد= =حرم الخمر على نفسه ونبذ عبادة الأوثان في الجاهلية، ثم إنه لما جاء الإسلام حسد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يسلم، والعياذ بالله. توفي سنة خمس من الهجرة، وانظر ((الأعلام)): 2/ 23.

وقال الإمام النووي

أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياءُ إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء (¬1) فالثناء باب شريف عظيم، وهو أهل أن يُبتدأ به الدعاء ويمزج به، ويختم به أيضاً. وقال الإمام النووي (¬2) رحمه الله تعالى: (أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك يختم الدعاء بهما، والآثار في هذا الباب كثيرة معروفة) (¬3). ولم يزل ديدن الصالحين أن يثنوا على الله تعالى ويحمدوه ويمجدوه قبل الدعاء، وهذا مشهور معروف من سيرتهم، فهذا الإمام موسى الكاظم (¬4) رحمه الله تعالى إذا صلى العَتَمة حمد الله ¬

(¬1) ((شرح ديوان أمية بن أبي الصلت)): 19. (¬2) يحيى بن شرف بن مُرِّي، مفتي الأمة، شيخ الإسلام، محيي الدين، أبو زكريا النووي، الحافظ الفقيه الشافعي، الزاهد، أحد الأعلام. ولد سنة 631 بـ (نوى) إحدى قرى حوران شمال الشام. قدم إلى دمشق فاجتهد في الاشتغال وألف مصنفات نفع الله بها المسلمين واشتهرت، وجُلبت إلى الأمصار. توفى بـ (نوى) سنة 676 رحمه الله تعالى. انظر ((فوات الوفيات)): 4/ 264 ـ 268، و ((الأعلام)): 8/ 149 ـ 150. (¬3) ((تصحيح الدعاء)): 335 نقلاً عن ((الأذكار)). (¬4) هو الإمام القدوة السيد موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، العلوي، المدني، نزيل بغداد، ثقة صدوق، إمام من أئمة المسلمين توفي في محبسه سنة 183 عن خمس وخمسين سنة رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 6/ 270 ـ 274.

وقال سفيان بن عيينة

ومجّده ودعاه فلم يزل كذلك حتى يزول الليل ... (¬1). وهذا ابن عُيَينة (¬2) سُئل عن قول مُطَرِّف (¬3): فإذا بَدْء الأمر من الله، وتمامه بالله، ومِلاكه الدعاء؟ قال: ألم تسمع قوله تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً (¬4) (¬5)}. وفي قولَي سفيان ومُطَرِّف حثٌ على الثناء قبل الدعاء، وبما أوردته من آيات وأحاديث وآثار وأقوال تتضح عظمة الثناء على الله تعالى وحمده، ومدحه وتمجيده ومناجاته، وأهمية أن يُقدم شيء من ذلك قبل الدعاء، وأن يخلط بالدعاء أيضاً ويُختم به، فإنه أدعى للقبول، وأقرب للاستجابة، والله أعلم. هذا وليُعلم أني قد أوردت ثناءً على الله تعالى وتسبيحاً ¬

(¬1) المصدر السابق. (¬2) سفيان بن عُيّيْنة بن ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي. ثقة، حافظ، فقيه، إمام حجه. توفي سنة 198 وله إحدى وتسعون سنة رحمه الله تعالى. انظر ((التقريب)): 245. (¬3) مُطرف بن عبد الله بن الشِخِّير العامري الخَرشي، أبو عبد الله البصري. ثقة عابد فاضل. توفي سنة 95 رحمه الله تعالى. انظر المصدر السابق: 534. (¬4) سورة الأعراف: آية 54 ـ 55. (¬5) ((البصائر والذخائر)): 4/ 78.

وتمجيداً وتقديساً على ألسنة كثير من الثقات أئمة الإسلام، وأوردت في الوقت نفسه ثناءً وتسبيحاً عن بعض من اتهم ببدع مختلفة، وليس غرض هذا الكتاب إثبات نسبة هذه البدع إليهم أو نفيها عنهم، إنما المراد هو الاستفادة من جمال ما أوردوه بعد حذف مقاطعَ منه موهمة إن اقتضى الحال ذلك ـ كما سبق أن ذكرت ـ ولنفرض جدلاً بأنهم قد حقت عليهم تلك التهم فليس هناك محذور من تخير بعض أقوالهم النافعة. قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافراً ـ أو قال: فاجراً ـ واحذروا زيغة الحكيم. قالوا: كيف نعلم أن الكافر يقول الحق؟ قال: على الحق نور) (¬1). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (¬2) رحمه الله تعالى: (والله أمرنا ألا نقول إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني ـ فضلاً عن الرافضي ـ قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد ¬

(¬1) رواه أبو داود في كتاب السنة، وأخرجه الحاكم وصححه الذهبي. (¬2) أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، مشهور, إمام من أئمة المسلمين، توفي بدمشق سنة 728.

إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق) (¬1). وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: (فإن كل طائفة معها حق وباطل، فالواجب موافقتهم فيما قالوه حق، ورد ما قالوه من الباطل ... ) (¬2). إذاً ليس هناك محذور من نقل ثناء المتهمين ببدعة ونحوهم وتسبيحهم وتقديسهم لما فيه من الفائدة، لكن بشرط أن يخلو من البدعة والضلال أو يهذب ويختصر، والله أعلم. ¬

(¬1) ((منهاج السنة النبوية)): 2/ 342. (¬2) ((طريق الهجرتين)): 387.

أولا تمجيد وثناء وتسبيح من القرآن العظيم

أولاً تمجيد وثناء وتسبيح من القرآن العظيم {بِسْمِ اللهَِ الرَّحْمَنِ الرَّحَِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (¬1)}. {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (¬2)}. {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (¬3)}. ¬

(¬1) سورة الفاتحة: آية 1 ـ 4. (¬2) سورة البقرة: آية 255. (¬3) سورة آل عمران: آية 26 ـ 27.

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2) وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (¬1)}. {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (¬2)}. {فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (¬3)}. {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (¬4)}. {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ¬

(¬1) سورة الأنعام: آية 1 ـ 3. (¬2) سورة الأنعام: آية 59 ـ 60. (¬3) سورة التوبة: آية 129. (¬4) سورة يونس: آية 61.

كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (¬1)}. {اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِّنْكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (¬2)}. {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (¬3)}. {اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (¬4)}. {وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (¬5)}. ¬

(¬1) سورة هود: آية 6. (¬2) سورة الرعد: آية 8 ـ 10. (¬3) سورة الرعد: آية 13. (¬4) سورة إبراهيم: آية 32 ـ 34. (¬5) سورة الإسراء: آية 111.

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (¬1)}. {لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (¬2)}. {اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيِمٌ (¬3)}. {قُلِ الْحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُل لاَّ ¬

(¬1) سورة الكهف: آية 1. (¬2) سورة الأنبياء: آية 87. (¬3) سورة النور: آية 35.

يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (¬1)}. {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (¬2)}. {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (¬3)}. {سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الأوَّلُ وَالآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (¬4)}. {هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ ¬

(¬1) سورة النمل: آية 59 ـ 65. (¬2) سورة الروم: آية 17 ـ 19. (¬3) سورة الجاثية: آية 36 ـ 37. (¬4) سورة الحديد: آية 1 ـ 6.

الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (¬1)}. {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (¬2)}. ¬

(¬1) سورة الحشر: آية 22 ـ 24. (¬2) سورة الإخلاص: آية 1 ـ 4.

ثانيا تمجيد وتسبيح وثناء من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -

ثانياً تمجيد وتسبيح وثناء من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ((سبحان الذي تعطف العزّ وقال به (¬1)، سبحان الذي لبس المجد وتكرم به (¬2)، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان ذي المجد والكرم، سبحان ذي الجلال والإكرام)) (¬3). ((سُبُّوح قُدّوس، ربُّ الملائكة والروح)) (¬4). ¬

(¬1) أي كأن العز شمله شمول الرداء والمعطف للإنسان، ومعنى ((قال به)): أي حكم به، أو غلب به، أو أحبه واختص به لنفسه. انظر ((تحفة الأحوذي)): 9/ 371 ـ 372. (¬2) أي ارتدى بالعظمة والكبرياء وتفضل بها وأنعم بها على عباده: المصدر السابق. (¬3) أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الدعوات: باب ما جاء ما يقول إذا قام من الليل إلى الصلاة. وقال المباركفوري: وأخرجه محمد بن نصر المروزي في ((قيام الليل))، والطبراني في معجمه الكبير، والبيهقي في كتاب الدعوات. قال المناوي:) وفي أسانيده مقال لكنها تعاضدت. ((تحفة الأحوذي)): 9/ 372. (¬4) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الصلاة: باب مايقال في الركوع والسجود. وقال الإمام الخطابي: السُبُّوح: المنزه عن كل عيب، جاء بلفظ فُعُّول، من قولك: سبحت الله أي نزهته: ((شأن الدعاء)): 154.

((سبحان ربي الأعلى)) (¬1). ((سبحان ربي العظيم)) (¬2). ((سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك)) (¬3). ((سبحان ربي العلي الأعلى الوهّاب)) (¬4). ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، لا إله إلا أنت ... )) (¬5). ((سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك)) (6). (6) أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الدعوات: باب في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعوذه في دبر كل صلاة، وقال: حديث حسن غريب. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أبو داود في سننه: كتاب الصلاة. باب ما يقوله الرجل في ركوعه. (¬2) المصدر السابق. (¬3) أخرجه الإمام الترمذي في سننه. أبواب الصلاة. باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، وقال: والعمل على هذا ـ أي هذا الحديث ـ عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم. (¬4) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 676 وصححه، ووافقه الذهبي. (¬5) المصدر السابق وصححه ووافقه الذهبي.

((سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده)) (¬1). وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((سبحان الله وبحمده، لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ... )) (¬2). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)) (¬3). ((سبحان الله ذي الملكوت والجبروت، والكبرياء والعظمة)) (¬4). ((سبحانَ الملكِ القدوس، ربِّ الملائكةِ والروح)) (¬5). وقد أثنى - صلى الله عليه وسلم - على ثناء أحد الصحابة عندما قال: ¬

(¬1) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: كتاب الدعاء: باب فضل التسبيح: 8/ 107. (¬2) أخرجه الإمام أبو داود في سننه:: كتاب الأدب: باب ما يقول إذا أصبح، بسند فيه مجهول. (¬3) أخرجه الإمام مسلم في صحيحة: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب التسبيح أو النهار وعدم النوم. (¬4) قال الإمام الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثوقون. ((مجمع الزوائد)): 2/ 110. (¬5) نقل الشوكاني صحته عن العراقي وغيره، انظر ((تحفة الذاكرين)): 128.

((اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديعُ السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام ... )) (¬1). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الحمد لله عدد ما خلق الله، والحمد لله ملء ما خلق الله، والحمد لله عدد ما في السموات والأرض، والحمد لله ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، وسبحان الله مثلهن)) (¬2). ((الحمد لله بعزته وجلاله تتم الصالحات)) (¬3). ((ربَّنا لك الحمد، مِلْءَ السموات والأرض ومِلْءَ ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناءِ والمجد، أحقُّ ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ)) (¬4). ¬

(¬1) أخرجه الإمام ابن ماجه في سننه: كتاب الدعاء: باب اسم الله الأعظم، وسنده حسن إن شاء الله تعالى. (¬2) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح والذكر: 1/ 694. (¬3) قال الشوكاني: أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) ... وأخرجه أيضاً ابن ماجه وابن السنّي، قال في ((الأذكار)) وإسناده جيد، وحسنه السيوطي. ((تحفة الذاكرين)): 58. (¬4) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الصلاة: باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.

((الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ... )) (¬1). ((الحمد لله الذي يطعم ولا يُطعم، منّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكلِّ بلاء حسن أبلانا، الحمد لله غير مُوَدّع (¬2) ولا مكافئ ولا مكفور (¬3) ولا مستغنىً عنه. الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العُرْي، وهدى من الضلالة، وبَصّر من العماية، وفضّل على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد لله رب العالمين)) (¬4). ((الحمد لله عدد ما أحصى كتابُه، والحمد لله عدد ما في كتابه، والحمد عدد ما أحصى خلقه، والحمد لله مِلْءَ ما في خلقه، والحمد لله مَلْءَ سماواته وأرضه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله على كل شيء)) (¬5). وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((اللهم أنت أحق من ذُكر، وأحق من عُبد، وأنصر من ابتُغي، وأرأف من مَلَك، وأجود من سُئل، وأوسع مَن أعطى. ¬

(¬1) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: كتاب الأطعمة: باب ما يقول إذا فرغ من طعامه. (¬2) أي غير متروك. (¬3) أي مجحود. (¬4) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 731 وصححه، ووافقه الذهبي. (¬5) قال الإمام الهيثمي: أخرجه الإمام الطبراني من طريقين وإسناد أحدهما حسن. انظر ((مجمع الزوائد)): 10/ 96.

أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كل شيء هالك إلا وجهَك. لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتُعصى فتغفر. أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حلت دون النفوس، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآثار، ونسخت الآجال. القلوب لك مُفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والأمر ما قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله الرؤوف الرحيم ... )) (¬1). وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((تمَّ نورك فهديت فلك الحمد، عظم حلمك فعفوت فلك الحمد، بسطت يدك فأعطيت فلك الحمد. ربَّنا: وجهك أكرم الوجوه، وجاهك أعظم الجاه، وعطيتك أفضل العطية وأهناها. تطاع ربَّنا فتشكر، وتُعصى ربَّنا فتغفر، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتَشفي السُقم، وتغفر الذنب، وتقبل التوبة، ولا يجزي بآلائك أحد، ولا يبلغ مدحتَك قولُ قائل)) (1). (1) قال الإمام الهيثمي: رواه أبو يعلى، والفرات لم يدرك علياً، والخليل بن مرة وثقه أبو زرعة وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. انظر ((مجمع الزوائد)): 10/ 161. ¬

(¬1) قال الإمام الهيثمي: رواه الطبراني وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف مجمع على ضعفه. انظر ((مجمع الزوائد)): 10/ 120.

وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( ... يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ... )) (¬1). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم)) (¬2). ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدّ)) (¬3). ¬

(¬1) أخرجه الإمام ابن ماجه في سننه: كتاب الأدب: باب فضل الحامدين، وأوله: عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثهم أن عبداً من عباد الله قال: يا رب لك الحمد ... والأحاديث الأربعة الماضية فيها ضعف لكن عليها نور النبوة وجلالها، والثناء على الله وتعطير الدعاء بهما ليس فيه جناح على الداعي؛ لأن الأخذ بالحديث الضعيف ـ الذي ليس هو بشديد الضعف ـ جائز في الرقائق عند كثير من العلماء، ومن لا يأخذ بالحديث الضعيف فإنه يثني على الله تعالى بهما من غير أن ينسبهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذكرت طرفاً من هذه المسألة في المقدمة. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما: كتاب الدعوات: باب الدعاء عند الكرب. (¬3) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: كتاب الدعوات: باب الدعاء بعد الصلاة. ومعنى الجَد: أي الحظ والغنى.

((لا إله إلا الله الواحد القهار، رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار)) (¬1). ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين)) (¬2). ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ... )) (¬3). ((اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد حق. اللهم لك أسلمت، وعليك توكلت، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت ... )) (¬4). ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 724، وصححه ووافقه الذهبي. (¬2) أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، وقال الذهبي: على شرط مسلم انظر ((المستدرك)): 1/ 688. (¬3) المصدر السابق. باب فضل التهليل: 8/ 106. (¬4) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: كتاب الدعوات: باب الدعاء إذا انتبه بالليل.

الحكيم ... )) (¬1). ((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)) (¬2). ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)) (¬3). وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، ولا إله إلا الله، يبقى ويفنى كل شيء)) (¬4). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الله أكبر ذو الجبروت والملكوت، وذو الكبرياء والعظمة)) (¬5). (( ... يا ذا الجلال والإكرام)) (¬6). ¬

(¬1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء. (¬2) المصدر السابق. (¬3) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. وهو جزء من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬4) قال الإمام الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه العباس بن بكار، وهو ضعيف، وثقه ابن حبان. ((مجمع الزوائد)): 10/ 140. (¬5) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 467، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. (¬6) أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 676. وقال: صحيح، ووافقه الذهبي.

((اللهم ربَّ السموات والسبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كل شيء، فالقَ الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)) (¬1). ((اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون)) (¬2). ((يا مَن أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لا يؤاخذ بالجريرة (¬3)، ولا يهتك الستر، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى (¬4)، يا منتهى كل شكوى، يا كريم الصَفح، يا عظيم المنّ، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا ربنا ويا سيدنا، ويا مولانا، ويا غاية رغبتنا أسألك يا الله أن لا تَشوي خلقي بالنار)) (¬5). ((اللهم لك الحمد كله، اللهم لا مانع لما بسطت، ولا باسط ¬

(¬1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب الدعاء عند النوم. (¬2) المصدر السابق: باب الأدعية. (¬3) هي الذنب الكائن بسبب من الأسباب: ((تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين)): 295 (¬4) أي يا مَن إليه كل مناجاة العباد: المصدر السابق. (¬5) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 729 وصححه ووافقه الذهبي.

لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت ... )) (¬1). ((اللهم أنت الأول لا شيء قبلك، وأنت الآخر فلا شيء بعدك ... )) (¬2). ((اللهم بك أصاول، وبك أحاول، وبك أقاتل)) (¬3). ((اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي ... )) (¬4). ((اللهم ربَّنا لك الحمد، مِلءَ السموات ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما بينهما ومِلءَ ما شئت من شيء بعد)) (¬5). ((اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 687 وصححه، وأخرجه أيضاً النسائي وابن حبان، انظر ((تحفة الذاكرين)): 169. (¬2) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 705، وصححه، ووافقه الذهبي. (¬3) قال الشوكاني: أصاول: أي أسطو وأقهر، وأحاول: مأخوذ من المحاولة؛ أي بك أتحرك ... وقيل: معناه احتال. ثم وثق رجال الحديث وذكر أنه من تخريج ابن السني. انظر ((تحفة الذاكرين)): 130. (¬4) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالليل. (¬5) المصدر السابق.

ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى، ونَحْفِد (¬1)، ونرجو رحمتك ونخشى عذابك؛ إن عذابك الجِدَّ (¬2) بالكفار مُلْحِق)) (¬3). ((اللهم رب السموات ورب الأرضين، وربَّنا وربَّ كل شيء، فالق الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن ... أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء، والظاهر فليس فوقك شيء، والباطن فليس دونك شيء ... )) (¬4). وري عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((اللهم إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المباركِ الأحب إليك الذي إذا دُعيت به أجبتَ، وإذا سُئلت به أعطيتَ، وإذا استُرحمت به رحمت، وإذا استُفرجت به فَرّجت ... )) (¬5). ¬

(¬1) معنى نَحْفِد: نُبادِر، أي نسارع، وأصل الحَفْد: الإسراع. انظر ((المغني)) لابن قدامة: 2/ 584. (¬2) الحق لا اللعب. (¬3) المصدر السابق، وقد أخرجه البيهقي ـ بنحوه ـ بإسناد صححه في ((السنن الكبرى)): 2/ 211. (¬4) أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الدعوات: قبل بابين من باب ما جاء فيمن يقرأ القرآن عند المنام. (¬5) أخرجه الإمام ابن ماجه في سننه: كتاب الدعاء: باب اسم الله الأعظم وفي إسناده مقال.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطَر السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ... )) (¬1). ((بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)) (¬2). ((يا حيّ يا قيوم بك أستغيث ... )) (¬3). ((بسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، التُكلان على الله)) (¬4). ((اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ... لبيك وسعديك (¬5)، والخير كله في يديك (¬6)، والشر ¬

(¬1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالليل. (¬2) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) 1/ 695، وصححه، ووافقه الذهبي. (¬3) المصدر السابق: 1/ 730، وصححه، ووافقه الذهبي. (¬4) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 700، وصححه، ووافقه الذهبي. (¬5) لبيك أي: أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة، يقال: لَبّ بالمكان ... أي أقام به، وأصل لبيك: لبّين فحذفت النون للإضافة. ومعنى سَعْديك ... مساعدةً لأمرك بعد مساعدة، ومتابعة لدينك بعد متابعة: انظر ((تحفة الأحوذي)): 9/ 378. (¬6) والخير كله في يديك: قال الخطابي وغيره: فيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على الله تعالى ومدحه بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على جهة الأدب: المصدر السابق.

ليس إليك (¬1)، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت ... اللهم ربنا لك الحمد مِلْءَ السماء ومِلْءَ الأرض ومِلْءَ مابينهما ومِلْءَ ما شئت من شي بعد ... أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله ألا أنت)) (¬2). وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل جسده، ورغم لك أنفه ... )) (¬3). ¬

(¬1) قال الإمام النووي: هذا مما يجب تأويله؛ لأن مذهب أهل الحق أن كل محدثات فعل الله تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها، وحينئذ يجب تأويله، وفيه خمسة أقوال، منها: أن معناه: لا يتقرب به إليك، ومنها: أنه لا يضاف الشر إليك على انفراده: لا يقال يا خَالق القردة والخنازير، ويا ربَ الشر ونحو هذا وإن كان خالق كل شيء أورب كل شيء وحينئذ يدخل الشر في العموم، ومنها: أن الشر لا يصعد إليك وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح، ومنها أن معناه: والشر ليس شراً بالنسبة إليك فأنك خلقته بحكمة بالغة، وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين. المصدر السابق. (¬2) أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الدعوات: حديث رقم 3482، وقال: حديث حسن صحيح. (¬3) ذكر الإمام الهيثمي أن الحديث في معجم الطبراني الكبير والصغير، وفيه يحي بن صالح الأُبِّلّي روى عنه يحيى بن بكير مناكير، وبقية رجاله رجال الصحيح: انظر ((مجمع الزوائد)): 3/ 255.

وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( ... اللهم لك الحمد شكراً، ولك المنُّ فضلاً)) (¬1). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)) (¬2). ¬

(¬1) قال الإمام الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وفيه سليمان بن سالم المدني، وهو ضعيف. ((مجمع الزوائد)): 4/ 188. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود.

ثالثا من تسبيحات الصحابة رضي الله تعالى عنهم والتابعين وثنائهم

ثالثاً من تسبيحات الصحابة رضي الله تعالى عنهم والتابعين وثنائهم 1 - قال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: ((كل شيء خاشع له، وكل شيء قائم به، غِنى كل فقير، وعزُّ كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف. من تكلم سمع نطقه، ومن سكت علم سره، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه منقلبه. لم تَركَ العيون فتخبر عنك بل كنت قبلَ الواصفين من خلقك. لم تخلق الخلق لوَحْشة، ولا استعملتهم لمنفعة، ولا يسبقك مَن طلبتَ، ولا يُفلتك من أخذت، ولا ينقص سلطانَك من عصاك، ولا يزيد في ملكك من أطاعك، ولا يرد أمرَك من سَخِط قضاءك، ولا يستغني عنك من تولى عن أمرك.

كل سر عندك علانية، وكل غيب عندك شهادة ... سبحانك ما أعظم شأنك، سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك، وما أصغر أي عظيمة في جنب قدرتك، وما أهولَ ما نرى من ملكوتك، وما أحقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك، وما أسبغَ نعَمك في الدنيا وما أصغرها في نعم الآخرة)) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رضي الله عنه: ((انقادت له الدنيا والآخرة بأزِمّتها، وقذفت إليه السموات والأرَضون مقاليدها، وسجدت له بالغدوّ والآصال الأشجار الناضرة ... وآتت أُكُلَها بكلماته الثمار اليانعة)) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رضي الله عنه: ((يا أرحم الراحمين، يا صاحبي عند شدتي، يا مؤنسي في وحدتي، يا حافظي في نعمتي، يا ولييّ في نفسي، يا كاشف كربتي، يا مستمعَ دعوتي، يا راحمَ عبرتي، يا مقيلَ عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا ركني الوثيق ... يا مولاي الشفيق، يا رب البيت العتيق ... يا فارج الهم، وكاشفَ الغم، ويا منزل القطر، ¬

(¬1) ((شرح نهج البلاغة)): 2/ 715. وقد تكلم عدد من العلماء في صحة نسبة المواعظ التي في ((نهج البلاغة)) إلى الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي عنه، والله أعلم. (¬2) المصدر السابق: 3/ 105.

ويا مجيبَ دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ... يا كاشفَ كلِّ ضرٍ وبلية، ويا عالم كُلِّ خَفِيّة، يا أرحم الراحمين ... )) (¬1). وعنه ـ أيضاً ـ رضي الله عنه قال: ((أُتي بُختَ نَصَّر بدانيال النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر به فحبس، وضَرَّى أسدين (¬2) فألقاهما في جُبِّ (¬3) معه، فطيّن عليه وعلى الأسدين خمسة أيام، ثم فتح عليه بعد خمسة أيام فوجد دانيال قائماً يصلي، والأسدان في ناحية الجب لم يعرضا له. قال بختُ نصَّر: أخبرني ماذا فعلت فدفع عنك؟ قال: قلت: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه، الحمد لله الذي لا يكل من توكل عليه إلى غيره، الحمد الله الذي هو ثقتنا حين تنقطع عنا الحيل, الحمدلله الذي هو رجاؤنا حين تسوء ظنوننا بأعمالنا، والحمد لله الذي يكشف ضرَّنا عند كُرَبنا، الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً، الحمدلله الذي يجزي بالصبر نجاة)) (¬4). ¬

(¬1) ((كنز العمال)): 2/ 259 ـ 260 نقلاً عن كتاب ((الفرج بعد الشدة)) للتنوخي. (¬2) أي عوّدهما الصيد وعلقهما به، وأغراهما به. انظر ((لسان العرب)): ض ر ا. (¬3) أي بئر. (¬4) قال الإمام السيوطي: أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الشكر)) وسنده حسن. انظر ((كنز العمال)): 2/ 655.

2 - وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما

2 - وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ((اللهم: إني أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض أن تجعلني في حرزك وحفظك وجوارك وتحت كنفك)) (¬1). 3 - وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ((اللهم: إني أسألك بنعمتك السابغة التي أنعمت بها، وبلائك الذي ابتليتني، وبفضلك الذي أفضلت علي أن تدخلني الجنة ... )) (¬2). 4 - وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم: ((يا من لا تراه العيون (¬3) ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر، يعلم مثاقيل ¬

(¬1) قال الإمام الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. انظر ((مجمع الزوائد)): 10/ 187. (¬2) قال الإمام الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح: انظر المصدر السابق: 10/ 188. (¬3) أنكر بعض العلماء الفضلاء هذا الدعاء بدعوى أنه يؤدي إلى إنكار رؤية الله في الآخرة، وهذا منه عجيب؛ إذ المقصود هو الرؤية الدنيوية ـ كما هو واضح من السياق ـ وإلا كيف يصنع بقوله تعالى: (لَن تَرَاِنى) التي أوّلها العلماء على أنها الرؤية الدنيوية كما هو معلوم، والله أعلم.

5 - وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم

الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار، وما تواري منه سماء سماء، ولا أرضٌ أرضاً، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما في وعره (¬1)، اجعل خير عمري آخره ... )) (¬2). 5 - وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم: ((اللهم: إني أسألك بأن لك الحمد لا إله ألا أنت، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم)) (¬3). 6 - وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم: ((اللهم: إني أسألك بأنك أنت لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي ¬

(¬1) أي: هو جل وعلا يعلم الأشياء كما هي فلا يحجبها عنه حاجب، ولا يجول بينه وبينها حائل، لا سماء ولا أرض ولا بحر ولا جبل. ((تحفة الذاكرين)): 228. (¬2) قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): 10/ 160: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن محمد: أبو عبد الرحمن الأذرمي وهو ثقة. فسند الحديث صحيح إن شاء الله تعالى. (¬3) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 683 وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وجاء بعده: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى)).

7 - وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم جميعا

لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد)) (¬1). 7 - وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم جميعاً: ((الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا أن يُحمد وينبغي له)) (¬2). 8 - قال علي بن الحسين (¬3) رحمه الله وهو ساجد في الحجر: (عُبيدك بفِنائك، مسكنيك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك) (¬4). وقال أيضاً رحمه الله تعالى: (سبحانك من لطيف ما ألطفك، ورؤوف ما أرأفك، وحكيم ما أتقنك. سبحانك من مليك ما أمنعك، وجواد ما أوسعك، ورفيع ما أرفعك، ذو البهاء والمجد، والكبرياء والحمد. سبحانك بسطت بالخيرات يدك، وعُرفت الهداية من عندك، ¬

(¬1) المصدر السابق. (¬2) قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله ثقات. انظر ((مجمع الزوائد)): 10/ 100. (¬3) علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، إمام من آل البيت الطاهر، ومن التابعين العابدين الزاهدين، توفي سنة 94 رحمه الله تعالى. انظر ((نزهة الفضلاء)): 1/ 404 ـ 409. (¬4) المصدر السابق: 1/ 406.

9 - وقال الحسن البصري

فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك ... سبحانك لا تُكاد ولا تُماطَل، ولا تُنازَع ولا تُجادل، ولا تُمارى ولا تُخادَع ولا تُماكَر. سبحانك سبيلك جد، وأمرك رشد، وأنت حي صمد. سبحانك قولك حُكْم، وقضاؤك حتم، وإرادتك عَزم. سبحانك لا رادّ لمشيئتك، ولا مبدل لكلماتك. سبحانك باهر الآيات، فاطَر السموات، بارئ النَسَمات. لك الحمد حمداً يدوم بدوامك، ولك الحمد حمداً خالداً بنعمتك ... ) (¬1). 9 - وقال الحسن البصري (¬2) رحمه الله تعالى: (يا صاحبي عند كل شدة، ويا نجيّي (¬3) عند كل كربة، ويا وليي عند كل نعمة، ويا مؤنسي عند كل وحشة، ويا رازقي عند كل حاجة ... ) (¬4). ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 100 ـ 101. (¬2) الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، مولى زيد بن ثابت رضي الله عنه، كان سيد أهل زمانه وسيد التابعين علماً وعملاً وفصاحة. توفي سنة 110، رحمه الله تعالى، انظر ((سير أعلام النبلاء)): 4/ 563 ـ 588. (¬3) أي يا من أناجيه. (¬4) ((المستغيثين بالله تعالى عند المهمات والحاجات)): 45.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد بما خلقتنا، ورزقتنا، وهديتنا، وأنقذتنا، وفرجت عنا، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كبتّ عدوّنا، وبسطت رزقنا، وأظهرت أمننا، وجمعت فُرقتنا، وأحسنت معافاتنا، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا، فلك الحمد على ذلك حمداً كثيراً. لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو خاصة أو عامة، أو حي أو ميت، أو شاهد أو غائب. لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت) (¬1). ¬

(¬1) ((تصحيح الدعاء)): 339.

رابعا من تسبيحات السلف وثنائهم

رابعاً من تسبيحات السلف وثنائهم 1 - قال جعفر الصادق (¬1) رحمه الله تعالى: (رب كم من نعمة أنعمت بها علي قَلّ لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قَلّ لها عندك صبري، فيا من قَلّ عند نعمته شكري فلم يرحمني، ويا من قَلّ عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبداً، ويا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً أعني على ديني بدنيا ... ) (¬2). 2 - وقال سليمان بن طَرْخان (¬3) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الإمام، أحد أعلام السلف. توفي سنة 148 رحمه الله تعالى. انظر ((نزهة الفضلاء)): 1/ 535 ـ 538. (¬2) المصدر السابق: 1/ 537. (¬3) سليمان بن طَرْخان التيمي، أو المعتمر البصري، نزل في التّيمْ فنسب إليهم. فقيه عابد. توفي سنة 143 وهو ابن سبع وتسعين رحمه الله تعالى. انظر ((التقريب)) 252.

3 - وقال عمر بن ذر

(سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عدد ما خلق، وعدد ما هو خالق، وزِنّة ما خلق، وزِنة ما هو خالق، ومِلء ما خلق ومِلء ما هو خالق، وملء سمواته ومِلء أرضه ومثل ذلك وأضعاف ذلك، وعدد خلقه، وزنة عرشه، ومنتهى رحمته، ومدادَ كلماته، ومبلغَ رضاه حتى يرضى وإذا رضي، وعدد ما ذكره به خلقه في جميع ما مضى، وعدد ما هم ذاكروه فيما بقي، في كل سنة وشهر وجهة ويوم وليلة وساعة من الساعات وشَمٍّ ونفس من الأنفاس من أبد الآباد: أبد الدنيا وأبد الآخرة، وأكثر من ذلك، لا ينقطع أوله ولا ينفد آخره) (¬1). 3 - وقال عمر بن ذر (¬2) رحمه الله تعالى: (اللهم: إنا قد أطعناك في أحب الأشياء إليك أن تطاع فيه: الإيمان بك والإقرار بك، ولم نعصك في أبغض الأشياء أن تُعصى فيه: الكفر والجحد بك، اللهم فاغفر لنا بينهما. وأنت قلت {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن ¬

(¬1) ((إتحاف السادة المتقين)): 5/ 316. (¬2) الإمام الزاهد العابد، أبو ذر الهمداني الكوفي، ثقة بليغ. توفي سنة 153 رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 6/ 385 ـ 390.

4 - وقال أحد السلف

يَمُوتُ (¬1)}، ونحن نقسم بالله جهد أيماننا لتبعَثَن من يموت، أفتراك تجمع بين أهل القَسَمين في دار واحدة) (¬2). 4 - وقال أحد السلف: (سبحان الذي في السماء عرشه، سبحان الذي في الأرض حكمه، سبحان الذي في القبر قضاؤه، سبحان الذي في البحر سبيله، سبحان الذي في النار سلطانه، سبحان الذي في الجنة رحمته، سبحان الذي في القيامة عدله. سبحان الذي رفع السماء، سبحان من بسط الأرض، سبحان الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه) (¬3). 5 - ودعا إبراهيم بن أدهم (¬4) رحمه الله تعالى فقال: (سبحانك سبحانك يا علي يا عظيم، يا بارىء، يا رحيم، يا عزيز، يا جبار. ¬

(¬1) سورة النحل: آية 38. (¬2) ((سيرة أعلام النبلاء)): 6/ 385 ـ 390. (¬3) ((طهارة القلوب)): 190. (¬4) إبراهيم بن أدهم بن منصور، القدوة الإمام العارف، سيد الزهاد، أبو إسحاق العِجْلي الخراساني البَلْخي، نزيل الشام. ولد في حدود المائة. وتوفي سنة 162 رحمه الله تعالى. انظر ترجمته في ((سيرة أعلام النبلاء)): 7/ 387 ـ 396.

6 - وقال أحد السلف

سبحان من سبحت له السموات بأكنافها (¬1)، وسبحان مَن سبحت له البحار بأمواجها، وسبحان من سبحت له الجبال بأصدائها، وسبحان من سبحت له الحيتان بلغاتها، وسبحان من سبحت له النجوم في السماء بأبراجها، وسبحان من سبحت له الأشجار بأصولها وثمارها، وسبحان من سبحت له السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهن ومن عليهن، سبحان من سبح له كل شيء من مخلوقاته، تباركت وتعاليت. سبحانك سبحانك يا حي يا قيوم، يا عليم، يا حليم. سبحانك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك تحيي وتميت، وأنت حي لا تموت، بيدك الخير وأنت على كل شيء قدير) (¬2). 6 - وقال أحد السلف: (يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين. يا من ليس معه ربٌّ يُدعى، ويا من ليس فوقه خالق يُخشى، ويا من ليس له وزير يُؤتى، ولا حاجب يُرشَ. يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا جوداً وكرماً، وعلى كثرة الحوائج إلا تفضيلاً وإحساناً ... ¬

(¬1) أي: بأطرافها: انظر ((إتحاف السادة المتقين)): 5/ 319. (¬2) المصدر السابق.

7 - وقال مسمع بن عاصم

يا من لا يشغله شأن عن شأن، ولا سمع عن سمع، ولا تشتبه عليه الأصوات، يا من لا تُغلِّطه المسائل ولا تختلف عليه اللغات. يا من لا يُبْرمه إلحاحُ الملحين، ولا تضجره مسألة السائلين، أذقنا بَرْدَ عفوك وحلاوة مناجاتك) (¬1). 7 - وقال مسمع بن عاصم (¬2) رحمه الله تعالى: سمعت عابداً من أهل البحرين يقول في مناجاته ـ سمعته من جوف الليل من حيث لا يعلم بمكاني ـ: ( ... طوبى لقلوب ملأتها خشيتُك، واستولت عليها محبتك، فخشيتك قاطعة لها عن سبيل كل معصية خوفاً لحلول سخطك، ومحبتك مانعة لها من كل لذة غير لذة مناجاتك، نافيةً لها عن كل ما يشغلها عن ذكرك، محببة إليها الاجتهاد في خدمتك، ثم بكى. ثم قال: ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 104 ـ 105. (¬2) أبو سنان مسمع بن عاصم، من عُبّاد أهل البصرة ومتقنيهم، لكنه ليس مشهوراً بالنقل، وما له حديث مسند يرجع إليه، والحكايات في فضائله كثيرة وروى عنه أهل البصرة. انظر ((لسان الميزان)): 6/ 42.

8 - وقال الإمام الليث

واحزناه من خوف فوت الآخرة حيث لا رجعة إلى الدنيا، ولا حيلة ولا عثرةَ تُقال، ولا توبة تُنال. يا رب: أشرقت بنورك السموات، وأنارت بوجهك الظلمات، وحجبتَ جلالك عن العيون ... فناجاك من بسيط الأرض النبيون والصديقون فسمعت النجوى وعلمت السر وأخفى. سيدي: خشعت لك رقبتي، وخشع لك قلبي لتدخلني في رحمتك وتكرمني بعزتك، وتنظر إلي نظرة تجبرني بها يا كريم) (¬1). 8 - وقال الإمام الليث (¬2) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علماً، ووسع كلَّ شيء حفظاً، والحمد لله الذي أحاط بكل شيء سلطانُه، ووسعت كلَّ ¬

(¬1) ((الصلاة والتهجد)): 393. (¬2) الليث بن سعد بن عبد الرحمن، الإمام الحافظ شيخ الإسلام، وعالم الديار المصرية، أبو الحارث الفهمي بالولاء. ولد بقرقشندة ـ قرية بمصر ـ سنة 94. كان فقيه مصر= =ومحدثها، ورئيسها بحيث إن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلى رأيه ومشورته، ولقد أراده المنصور على أن يتولى مصر فأبى. توفي سنة 175 رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 8/ 136 ـ 163. وأنا في شك من نسبة هذا الثناء لليث بن سعد، والله أعلم.

شيء رحمتهُ. اللهم: لك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك. اللهم: لك الحمد على ما تأخذ وتعطي، ولك الحمد على ما تميت وتُحيي. اللهم: لك الحمد كله، بيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله: علانيتهُ وسرُّه، أوله وآخره. اللهم: إني أحمدك بمحامدك كلها، ما علمت منها وما لم أعلم. اللهم: إني أحمدك بالذي أنت أهله، وأذكر آلاءك وأشكر نعماءك، وعدلك في قضائك، وقدرتَك في سلطانك ... سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ... يا فعالاً لما يريد، يا ذا البطش الشديد، يا ذا العز المنيع، يا

9 - قال أبو نواس

ذا الجاه الرفيع، يا خير الغافرين، يا خير الرازقين، يا خير الفاصلين، يا خير المنعمين، يا خير الناصرين، يا أحكم الحاكمين، يا أسرع الحاسبين، يا أرحم الراحمين، يا وارث الأرض ومن عليها وأنت خير الوارثين ... ) (¬1). 9 - قال أبو نواس (¬2) عندما حج: إلهنا ما أعدلَك ... مليكَ كلِّ مَن ملك لبيك قد لبيتُ لك ... لبيك إن الحمد لك ... والملكَ لا شريك لك ما خاب عبد سألك ... أنت له حيث سلك لولاك يا رب هلك ... لبيك إن الحمد لك ... والملكَ لا شريك لك كل نبي وملك ... وكل مَن أَهَلّ لك وكل عبد سألك ... سبحَ أو لبى فلك ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 107 ـ 111. (¬2) الحسن بن هانئ الحكمي، رئيس الشعراء. ولد بالأهواز، ونشأ بالبصرة، وسمع الحديث من طائفة. ومدح الخلفاء والوزراء، ونظمه في الذِروة. وله أشعار في المجون والخمور. توفي سنة 195 أو التي بعدها، وانظر ((سير أعلام النبلاء)): 9/ 279 ـ 281.

لبيك إن الحمد لك ... والملك لا شريك لك والليل لما أن حَلَك ... والسابحات في الفَلك (¬1) على مجاري المنسلك (¬2) ... لبيك إن الحمد لك ... والملكَ لا شريك لك اعمل وبادِرْ أجلك ... واختم بخير عملك (¬3) لبيك إن الحمد لك ... والملك لا شريك لك (¬4) وقال أيضاً: يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسن ... فبمن يلوذ ويستجير المجرم أدعوك ربي كما أمرت تضرعاً ... فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم ¬

(¬1) حلك: أي أظلم. (¬2) لعل المنسلك: الطريق والمدخل. انظر ((لسان العرب)): س ل ك. (¬3) بادر أي سابق. (¬4) ((ديوان أبي نواس)): 481.

10 - قالت شعوانة

مالي إليك وسيلة إلا الرجا ... وجميل عفوك ثم إني مسلم (¬1) 10 - قالت شعوانة (¬2) رحمها الله تعالى: (إلهي: ما أشوقني إلى لقائك، وأعظم رجائي لجزائك، وأنت الكريم الذي لا يخيب لديك أمل الآملين، ولا يبطل عندك شوق المشتاقين ... إلهي: إن غفرت فمن أولى منك بذلك، وإن عذبت فمن أعدل منك هنالك. إلهي: لولا ذنوبي ما خفت عقابك، ولولا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك) (¬3). ¬

(¬1) المصدر السابق: 587. (¬2) إحدى العابدات البكّاءات من بلدة الأُبلَّة، لها ترجمة في ((صفوة الصفوة)): 4/ 53 ـ 57، وكلها في أخبار زهدها وبكائها، وكانت تعيش في القرن الثاني الهجري، وتعد من طبقة عقلاء المجانين. (¬3) ((طهارة القلوب)): 165.

11 - وقالت ريحانة

11 - وقالت ريحانة (¬1) رحمها الله تعالى: (إلهي: أنت سيدي وأملي، ومَن به تمام عملي، أعوذ بك من بدن لا ينتصب بين يديك، وأعوذ بك من عين لا تبكي شوقاً إليك. إلهي: أنت الذي صرفت عن جفون المشتاقين لذيذ النعاس، وأنت الذي سلمت قلوب العارفين من اعتراض الوسواس، وأنت الذي خصصت أوليائك بخصائص الإخلاص، وأنت الذي توليت أحباءك واطّلعت على سرائرهم، وأشرفت على مكنونات ضمائرهم ... ) (¬2). 12 - وقالت امرأة من العابدات: (سبحانك: ما أضيق الطريق على من لم تكن دليلَه، وما أوحش البلاد على من لم تكن أنيسَه) (¬3). ¬

(¬1) مثل التي قبلها: من طبقة عقلاء المجانين، من بلدة الأُبلَّة. انظر المصدر السابق: 57. (¬2) ((الصلاة والتهجد)): 391. (¬3) المصدر السابق: 393.

13 - وقال معروف الكرخي

13 - وقال معروف الكَرْخي (¬1) رحمه الله تعالى: (سيدي: إليك تقرب المتقربون في الخلوات، أنت الذي سجد لك الليل والنهار، والفلك الدوّار، والبحر الزخّار، وكل شيء عندك بمقدار، وأنت العلي القهار) (¬2). 14 - وقال الشافعي الإمام رحمه الله تعالى: (اللهم: بك ملاذي قبل أن ألوذ، وبك غياثي قبل أن أغُوث، يا من ذلت له رقاب الفراعنة، وخضعت له مقاليد الجبابرة، اللهم ذكرك شعاري ودثاري (¬3)، ونومي وقراري ... ) (¬4). وقال رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) علم الزهاد، بركة العصر، أبو محفوظ البغدادي. كان أبواه نصرانيين ثم أسلما. له مواعظ جميلة وكلام رائق معجب. وكان كثير الكرامات، مجاب الدعوة. توفي سنة مائتين رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 9/ 339 ـ 345. (¬2) ((الأدب في التراث الصوفي)): 114. (¬3) الشعار هو ماولي جسد الإنسان من الثياب، والدثار ما هو فوق الشعار. انظر ((المعجم الوسيط)): د ث ر، ش ع ر. والمراد أن ذكر الله هو شغله في سره وعلانيته، وملازم له ومحيط به كملازمة الثياب لجسد الإنسان، والله أعلم. (¬4) ((الأرَج في الفرج)): 39 ـ 40.

إليك إلهَ الخلق أرفع رغبتي ... وإن كنتُ يا ذا المن والجود مجرما ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سُلّما تعاظمني ذنبي فلما قرنتُه ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرما فلولاك لم يصمد لإبليس عابد ... وكيف وقد أغوى صفيك آدما فإن تعف عني تعفُ عن متمرد ... ظلوم غشوم لا يزايل مأثما (¬1) وإن تنتقم مني فلست بآيس ... ولو أدخلت نفسي بجرمي جهنما ¬

(¬1) أي لا يفارق الإثم، وهذا من تواضعه وانكساره، رحمه الله تعالى.

15 - وقال أبو العتاهية

فجرمي عظيم من قديم وحادث ... وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسما ألست الذي غذّيتني وهديتني ... ولا زلتَ مَنّاناً علي ومنعما عسى مَن له الإحسان يغفر زَلتي ... ويستر أوزاري وما قد تقدما (¬1) 15 - وقال أبو العتاهية (¬2) رحمه الله تعالى: وهو الخفي الظاهر الملك الذي ... ج هو لم يَزَلْ ملكاً على العرش استوى وهو المقدرُ والمدبرُ خلقَه ... ج وهو الذي في الملك ليس له سِوى ¬

(¬1) انظر ديوان الإمام الشافعي: 78 ـ 79. وهناك ثلاثة أبيات من قوله: فإن تعف عني إلى قوله وأجسما ليست في الديوان، وكذلك البيت الأول، وانظر ((الأدب في التراث الصوفي)): 248. (¬2) رأس الشعراء، الأديب الصالح الواحد، أو إسحاق إسماعيل بن قاسم بن سويد العنزي بالولاء، الكوفي، نزيل بغداد. لقب بأبي العتاهية لاضطراب فيه. سار شعره لجودته وحُسْنه وعدم تقعره. تنسّك آخر عمره، وقال في المواعظ والزهد فأجاد. وكان أبو نواس يعظمه ويتأدب معه لدينه. توفي رحمه الله تعالى ببغداد سنة 211 وله ثلاث وثمانون سنة أو نحوها. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 10/ 195 ـ 198.

وهو الذي يقضي بما هو أهله ... فينا ولا يُقضى عليه إذا قضى (¬1) وقال ـ أيضاً رحمه الله تعالى: سبحان مَن لم تزل له حُجَجٌ ... قامت على الخلق بمعرفته قد علموا أنه الإله ولكن ... عجز الواصفون عن صفته (¬2) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: فيا عجباً كيف يُعصى الإلهُ ... أم كيف يجحده الجاحدُ ولله في كل تحريكة ... وفي كل تسكينة شاهدُ وفي كل شيءٌ له آيةٌ ... تدل على أنه واحدُ (¬3) وقال رحمه الله تعالى: كلُّ يوم يأت برزقٍ جديدِ ... من مليكٍ لنا غنيٍّ حميدِ قاهرٍ قادرٍ رحيم لطيفٍ ... ظاهرٍ باطنٍ قريبٍ بعيدِ ¬

(¬1) ((شرح ديوان أبي العتاهية)): 9. (¬2) المصدر السابق: 59. (¬3) المصدر السابق: 70.

حجبته الغيوبُ عن كل عينٍ ... وهو فيها أنسٌ لكل وحيدِ حسبنا اللهُ ربُّنا هو مولى ... خيرُ مولىّ ونحن شرُّ عبيدِ (¬1) وقال رحمه الله تعالى: وتصريف هذا الخلق لله وحده ... وكلٌّ إليه لا محالة راجعُ ولله في الدنيا أعاجيب جَمّةٌ ... تدلُّ على تدبيره وبدائعُ ولله أسرارُ الأمور وإن جرت ... بها ظاهراً بين العباد المنافعُ ولله أحكام القضاء بعلمه ... ألا فهو معطِ ما يشاء ومانع (¬2) ُ وقال رحمه الله تعالى: لا ربَّ أرجوه لي سواكا ... إن لم يَخِبْ سَعْي من رجاكا ¬

(¬1) المصدر السابق: 85. (¬2) المصدر السابق: 150.

أنت الذي لم تَزلْ خفياً ... لم يَبْلُغِ الوهمُ منتهاكا إن أنت لم تهدنا ضللنا ... يا ربُّ إن الهدى هداكا أحطت علماً بنا جميعاً ... أنت ترانا ولا نراكا (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: تعالى الواحدُ الصمدُ الجليلُ ... وحاشى أن يكون له عديلُ هو الملك العزيز وكلُّ شيءٍ ... سواه فهو منُتّقِصٌ ذليلُ وما من مذهبٍ إلا إليهِ ... وإن سبيلَه لهو السبيلُ وإن له لَمَنّاً ليس يُحصى ... وإن عطاءه لهو الجزيلُ وإن عطاءَه عَدْلٌ علينا ... وكل بلائه حسنٌ جميلُ وكل مُفَوّه أثنى عليه ... لَيْبلُغه فمنحسر كليلُ (¬2) ¬

(¬1) المصدر السابق: 182. (¬2) المصدر السابق: 201 ـ 202.

وقال ـ أيضاُ ـ رحمه الله تعالى: والله أكرمُ مَن رَجَوْتَ نوالَه ... والله أعظمُ مَن يُنيل نوالاً ملكٌ تواضعت الملوكُ لعزه ... وجلالِه سبحانه وتعالى (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: والله يقضي في الأمور بعلمه ... والمرءُ يُحمدُ مرةً ويلامُ ولِدائم الملكوت ربٌّ لم يَزَلْ ... مَلِكاً تَقَطّعُ دونه الأوهامُ ما كلُّ شيء كان أو هو كائن ... إلا وقد جَفّت به الأقلام فالحمد لله الذي هو دائمٌ ... أبداً وليس لما سواه دوامُ ¬

(¬1) المصدر السابق: 215 ـ 216.

والحمد لله الذي لجلاله ج ... ولحلمه تتصاغر الأحلام والحمد لله الذي هو لم يَزَلْ ... لا تستقلُّ بعلمه الأفهام سبحانه ملكٌ تعالى جدُّه ... ولوجهه الإجلال والإكرام (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: سبحان مَن وسع العباد ... بعدله في حكمهِ وبعفوه وبعطفه ... وبلطفه وبحلمهِ وجميع ما هو كائن ... يجري بسابق علمهِ (¬2) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: إلهي لا تعذبني فإني ... مُقِرٌّ بالذي قد كان مني ومالي حيلةٌ إلا رجائي ... وعفوك إن عفوتَ وحسنُ ظني ¬

(¬1) المصدر السابق: 245 ـ 246. (¬2) المصدر السابق: 249 ـ 250.

فكم من زَلّة لي بين البرايا ... وأنت علي ذو فضلٍ ومَنٍّ إذا فكرتُ في قُدُمي عليها ... عضضت أناملي وقرعتُ سني يظن الناس بي خيراً وإني ... لشرُّ الناس إن لم تعف عني أُجن بزهرة الدنيا جنوناً ... وأُفني العمر فيها بالتمني وبين يدي محتبس وثقيل ... كأني قد دُعيت له كأني ولو أني صدقتُ الزهد فيها ... قلبتُ لأهلها ظهر المِجَن (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: الحمد لله اللطيفِ بنا ... ستر القبيح وأظهر الحسنا ما تنقضي عنَّا له مِننٌ ... حتى يجددَ ضعفها مِننا (¬2) ¬

(¬1) المصدر السابق: 264. (¬2) المصدر السابق.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: سبحان من يُعطي المُنى بخواطرٍ ... في النفس لم ينطق بهن لسان سبحان مَن لا شيءَ يحجبُ علمَه ... فالسر أجمعُ عنده إعلانُ سبحان مَن هو لا يزال مُسَبَّحاً ... أبداً وليس لغيره السُبحان ملكٌ عزيزٌ لا يفارق عِزّهُ ... يُعصى ويرجى عنده الغفرانُ ويح ابنِ آدم كيف ترقد عينُه ... عن ربه ولعله غضبانُ (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: سبحان مَن لم يَزَلْ عَلِيّاً ... ليس له في العلوِّ ثانِ قضى على خلقه المنايا ... فكلُّ حيٍّ سواه فانِ (¬2) ¬

(¬1) المصدر السابق: 258 ـ 259. (¬2) المصدر السابق: 270.

16 - ذو النون المصري

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: ياربِّ أنت خلقتني ... وخلقتَ لي وخلقتَ مني (¬1) سبحانك اللهم عالمَ ... كلِّ غيب مُسْتكِنٍّ (¬2) مالي بشكرك طاقةٌ ... يا سيدي إن لم تُعنِّي (¬3) 16 - وكان ذو النون المصري (¬4) رحمه الله تعالى إذا قام إلى الصلاة قال: (يا إلهي: بأي رِجل أمشي إليك؟ أم بأي عين أنظر إليك؟ أم بأي لسان أناجيك؟ أم بأي يد أدعوك؟ ولكن الثقة بكرمك حملتني على الجراءة، وإن العبد إذا ¬

(¬1) أي خلقت لي أنواعاً من النعم وخلقت مني أولاداً. (¬2) أي مخفي. (¬3) المصدر السابق. (¬4) الزاهد، شيخ الديار المصرية، ثوبان بن إبراهيم، أبو الفَيْض. وكان عالماً فصيحاً حكيماً واعظاً، توفي سنة 245، وكان من أبناء التسعين رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 1/ 532 ـ 536.

ضاقت عليه حيلته قَلّ حياؤه) (¬1). وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: ما أصغي إلى حفيف شجر، ولا صوت حيوان، ولا خرير ماء، ولا ترنم طائر إلا وجدتها شاهدةً بوحدانيتك، دالة على أن ليس كمثلك شيء، وأنك غالب لا تُغلب، وعدل لا تجور) (¬2). وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: سمع العابدون بذكر عذابك فخشعوا، وسمع المذنبون بحسن عفوك فطمعوا. إلهي: إن كانت الخطايا أسقطتني لديك فاعف عني بحسن توكلي عليك. إلهي: لك تسبح كل شجرة، ولك تمجد كل مَدَرة (¬3)، ولك تسبح ¬

(¬1) ((طهارة القلوب)): 279. (¬2) ((الأدب في التراث الصوفي)): 114. (¬3) المدرة قطعة الطين اليابسة، جمعها مَدَر.

الطير في أوكارها، والوحوش في قفارها، والحيتان في قعور بحارها بأصوات خفية، ونغمات بَكِيّة (¬1). إلهي ... خشع لك قلبي وجسدي، وصرخ إليك صوتي، وأنت الكريم الرؤوف الرحيم، الذي لا يضجره النداء، ولا يُبْرمه إلحاح الملحين بالدعاء، ولا يخيب رجاء المرتجين ... ) (¬2). وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: وسيلتي إليك أَنعُمُك علي، وشفِيعي إليك إحسانك إلي ... ابتدأتني برحمتك من قبل أن أكون شيئاً مذكوراً، وخلقتني من تراب، ثم أسكنتني الأصلاب، ونقلتني إلى الأرحام، ولم تخرجني ـ برأفتك ـ في دولة أئمة الكفر الذين نقضوا عهدك وكذبوا رسلك، ثم بجودك أخرجتني برحمتك ... وفي دولة أئمة الهدى. ثم أنشأت خلقي من منيٍّ يُمنى. ¬

(¬1) ملؤها البكاء والأسى. (¬2) ((الصلاة والتهجد)):392.

ثم أظهرتني إلى الدنيا تاماً سوياً، وحفظتني في المهد صغيراً صبياً، ورزقتني من الغذاء لبناً مَرِياً، وكفلتني في جحور الأمهات، وأسكنت قلوبهن رقة لي وشفقة علي، وربيتني بأحسن تربية، ودبرتني بأحسن تدبير، وكَلأتني (¬1) من طوارق الجن، وسلمتني من شياطين الإنس، وصنتني من زيادة في بدني مما يُشينني، من نقص فيه يعييني فتباركت ربي وتعاليت، يا رحيم. فلما استهللت بالكلام أتممت علي سوابغ الإنعام، وأبنتني زائداً في كل عام، فتعاليت يا ذا الجلال والإكرام. حتى إذا ملكتني شأني، وشددت أركاني أكملتَ لي عقلي، ورفعتَ حجابَ الغفلة عن قلبي، وألهمتني النظر في عجيب صنائعك، وبدائع عجائبك، وأوضحت لي حجتك، ودللتني على نفسك، وعرفتني ما جاءت به رسلك، ورزقتني من أنواع المعاش، وصنوف الرياش بمنك العظيم وإحسانك القديم ... ثم لم تَرْضَ لي بنعمة واحدة دون أن أتممت علي جميع النعم، وصرفت عني كل بلوى، وأعلمتني الفجور لأجتنبه، والتقوى لأقترفه، وأرشدتني إلى ما يقربني إليك زُلفى، فأن دعوتك أجبتني، وإن سألتك أعطيتني، وإن حمدتك شكرتني، وإن شكرتك زدتني. ¬

(¬1) أي رعيتني.

إلهي: فأي نعمك أحصي عدده، وأي عطائك أقوم بشكره: ما أسبغت علي من النعماء، أو ما صرفت عني من الضراء. إلهي: أشهد لك بما شهد لك به باطني وظاهري، وأركاني وجوارحي. إلهي: إني لا أطيق إحصاء نعمك فكيف أطيق شكرك عليها، وقد قلت وقولك الحق: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا (¬1)}، أم كيف يستغرق شكري نعمك وشكرك من أعظم النعم عندي، وأنت المنعم به علي كما قلت سيدي: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ (¬2)}، وقد صدقت في قولك إلهي وسيدي، وقد بَلّغَتْ رسلك بما أنزلت إليهم من وحيك، غير أني أقول بجهدي ومنتهى علمي ومجهود وُسْعي ومبلغ طاقتي: الحمد لله على جميع إحسانه؛ حمداً يعدل حمد الملائكة والمقربين والأنبياء والمرسلين) (¬3). ¬

(¬1) سورة إبراهيم: آية 34. (¬2) سورة النحل: آية 53. (¬3) ((المكنون)): 191 ـ 194.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: إن ثقتي بك، وإن ألهتني الغفلات عنك، وأبعدتني العثرات منك بالاغترار ... أنا نعمة منك، وأنا قَدَر من قَدَرك، أجري في قدرك، وأسرح في نعمتك ... فأسألك يا منتهى السؤالات، وأرغب إليك يا موضع الحاجات، سؤال مَن كذّب كل رجاء إلا منك، ورغبةَ من رغب عن كل ثقة إلا عنك ... يا من لا تمل من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين، ولا تَكِلُّ من الرغبات إليه مدامع الخاشعين ... من ذا الذي ذاق حلاوة مناجاتك فلَهَى بمرضاة بشر عن طاعتك ومرضاتك ... أنا عبدك وابن عبدك، قائم بين يديك، متوسل بكرمك إليك ... يا من يُعصى ويُتاب إليه فيرضى كأنه لم يُعْصَ، بكرم لا يوصف وتَحنُّن لا يُنعت. يا حنّان بشفقته، يا متجاوز بعظمته ...

يا قريباً لا يبعد عن المقترفين (¬1)، ويا ودوداً لا يعجل على المذنبين، اغفر لي وارحمني يا أرحم الراحمين) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (يا حبيب التائبين، ويا سرور العابدين، ويا أنيس المتفردين، ويا حرزَ اللاجئين، ويا ظهير المنقطعين ... يا من أذاق قلوب العابدين لذةَ الحمد، وحلاوةَ الانقطاع إليه. يا من يقبل من تاب، ويعفو عمن أناب ... يا من يتأنى على الخطائين، ويحلم عن الجاهلين ... يا من لا يضيع مطيعاً ولا ينسى صفياً. يا من سمح بالنوال، ويا من جاد بالإفضال. يا ذا الذي استدرك بالتوبة ذنوبنا، وكشف بالرحمة غمومنا، وصفح عن جُرمنا بعد جهلنا، وأحسن إلينا بعد إساءتنا ... ) (¬3). وقال ـ أيضاً رحمه الله تعالى: (إلهي: ¬

(¬1) أي المقترفين للسيئات. (¬2) المصدر السابق: 195 ـ 197. (¬3) المصدر السابق: 198 ـ 199.

17 - وقال يحيى بن معاذ الرازي

إن كان صغُر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي. إلهي: أنا عبدك المسكين كيف أنقلب من عندك محروماً، وقد كان حسن ظني بجودك أن تقبلني بالنجاة مرحوماً ... إلهي: فلا تُبْطِل صدق رجائي لك بين الآدميين. إلهي: سمع العابدون بذكرك فخضعوا، وسمع المذنبون بحسن عفوك فطمعوا. إلهي: إن كانت أسقطتني الخطايا لديك فاصفحها لي بحسن توكلي عليك) (¬1). 17 - وقال يحيى بن معاذ الرازي (¬2) رحمه الله تعالى: (يا من يأوي كلُّ معتمد إليه، ويستغني به كل منقطع إليه. ¬

(¬1) المصدر السابق: 206 ـ 207. (¬2) الواعظ، من كبار المشايخ، له كلام جيد ومواعظ مشهورة. توفي سنة 258 رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 13/ 15 ـ 16.

يا من جعل دني توحيدَه، وعبادتي تمجيدَه، وجعل أطيب ساعاتي منه خَلَواتي، وألذ أوقاتي منه مناجاتي ... إلهي: قسا قلبي، وجهلت أمري، وبخلت بالماء عيني ... سيدي: أبعد الإيمان تعذبني، ومن مُقَطّعات النيران تُلبسني، وإلى جهنم مع الأشقياء تحشرني، وإلى مالك خازنها تُسْلمني، وفيها يا ذا العفو والإحسان تدخلني، وعفَوك الذي كنت أرجو تحرمني ... ) (¬1)؟ وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله: (إلهي: كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، مددت إليك يداً بالذنوب مملوءة, ويميناً بالرجاء مشحونة، حُقّ لمن دعا بالندم تذللاً أن تُجيبه بالكرم تفضيلاً ... إلهي: يكون من الفقير المحتاج الدعاء والمسألة، ويكون من الغني ¬

(¬1) ((الصلاة والتهجد)): 389 ـ 390.

18 - وقال الإمام الطبري

الجواد النيل والعطية) (¬1). 18 - وقال الإمام الطبري (¬2) رحمه الله تعالى: (الحمد لله ... الذي هتف في أسماع العالمين ألسنُ أدلته، شاهدةَ أنه الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا عدلَ له معادل، ولا مثلَ له مماثل، ولا شريك له مُظاهر، ولا ولدَ له ولا والد، ولم يكن له صاحبة ولا كفواً أحد، وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة، والعزيز الذي ذلت لعزته الملوك الأعزة، وخشعت لمهابة سطوته ذَوو المهابة، وأذعن له جميع الخلق بالطاعة طوعاً وكرهاً ... فكل موجود إلى وحدانيته داع، وكل محسوس إلى ربوبيته هاد بما وسمهم به من آثار الصنعة من نقص وزيادة، وحجز وحاجة ... ) (¬3). 19 - وقال الإمام ابن خزيمة (¬4) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) المصدر السابق: 390 ـ 391. (¬2) أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد، الإمام العلم المجتهد. ولد سنة 224 بآمُل طَبَرِستان. وكان من أفراد الدهر علماً وذكاءً وكثرة تصانيف. وكان من كبار أئمة الاجتهاد. أكثر الترحال في طلب العلم، ثم استقر ببغداد وتوفي بها سنة 310: انظر ((سير أعلام النبلاء)): 14/ 267 ـ 282. (¬3) ((جامع البيان)): 1/ 3. (¬4) الحافظ الحجة الفقيه، شيخ الإسلام، إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خُزيمة، أبو بكر السُلمي النيسابوري الشافعي، صاحب التصانيف. ولد سنة 223، وعُني في حداثته بالحديث والفقه حتى صار يضرب به المثل في سعة العلم والإتقان. توفي رحمه الله تعالى سنة 311. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 14/ 365 ـ 382.

(الحمد لله العلي العظيم، الحكيم الكريم، السميع البصير، اللطيف الخبير، ذي النِعَم السوابغ (¬1)، والفضل الواسع، والحجج البوالغ ... علا ربنا فكان فوق سماواته عالياً، ثم على عرشه استوى، يعلم السر وأخفى، ويسمع الكلام والنجوى، لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا في لُجَج البحار ولا في الهواء. والحمد لله الذي أنزل القرآن بعلمه، وأنشأ خلق الإنسان من تراب بيده، ثم كونه بكلمته، واصطفى رسوله إبراهيم عليه السلام بخُلّته (¬2)، ونادى كليمه موسى صلوات الله عليه فقربه نجياً، وكلمه تكليماً، وأمر نبيه نوحاً عليه السلام بصنعة الفلك على عينه، وخبرنا أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه ... وأشهد أن لا إله إلا الله إلهاً واحداً، فرداً صمداً، قاهراً قادراً، رؤوفاً رحيماً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكاً له في ملكه، العدل في قضائه، الحكيم في فعاله، القائم بين خلقه بالقسط، الممتن على المؤمنين بفضله، بذل لهم الإحسان، وزين في قلوبهم الإيمان، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان ... ) (¬3). ¬

(¬1) أي الكاملات. (¬2) الخُلة: كمال المحبة. (¬3) ((كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب)): 7 ـ 8.

20 - وقال الإمام الخطابي

20 - وقال الإمام الخطابي (¬1) رحمه الله تعالى: (الحمد لله المستَحْمَدِ إلى خلقه بلطيف صنعه، البَرِّ بعباده، العاطف عليهم بفضله، موئلِ المؤمنين ومولاهم، وكهفِ الآيبين به وملجئهم ... كُل مَن خلقه يفزع في حاجته إليه، ويُعَوّل عند الحوادث والكوارث عليه. سبحانه من لطيف لم تَخْفَ عليه مُضْمراتُ القلوب فيفصح له عنها بنطقٍ بيان، ولم تستتر دونه مُضَمَّنات الغيوب فيعبِّرُ له عنها بحركةٍ لسان، لكنه أنطق الألسن بذكره، لتستمر على وَلَه العبودية، وتظهَر به شواهد أعلام الربوبية ... ) (¬2). ¬

(¬1) الشيخ الإمام. العلامة الحافظ، اللغوي، أبو سليمان حَمْد بن محمد بن إبراهيم البُسْتِي الخطابي، صاحب التصانيف. ولد سنة بضع عشرة وثلاثمائة. رحل في الحديث وقراءة العلوم، وفي شيوخه كثرة. توفي رحمه الله تعالى بـ ((بُسْت)) ـ من أرض أفغانستان اليوم ـ سنة 388، وانظر ((سير أعلام النبلاء)): 17/ 23 ـ 28. (¬2) ((شأن الدعاء)): 1 ـ 2.

خامسا من تسبيحات المتأخرين وثنائهم

خامساً من تسبيحات المتأخرين وثنائهم 1 - قال أبو حيان التوحيدي (¬1) رحمه الله تعالى: (اللهم: إنك الحق المبين، والإله المعبود، والكريم المنان، والمحسن المتفضل، بك أحيا، وبك أموت، وإليك أصير، وإياك أؤمّل) (¬2). وقال: (اللهم: ¬

(¬1) علي بن محمد بن العباس، أبو حيان التوحيدي. شيرازي وقيل نيسابوري. اختلف الناس فيه اختلافاً بيناً، فمن قائل إنه زنديق، ومن موثق. طلبه الوزير المُهَلبي ليقتله فهرب منه ومات في الاستتار. كان متأدباً، متصوفاً، متفنناً في علوم كثيرة، واسع الدراية والرواية. توفي سنة 414 رحمه الله تعالى. انظر ((الوافي بالوفيات)): 22/ 39 ـ 41، و ((سير أعلام النبلاء)): 17/ 119 ـ 123. (¬2) ((البصائر والذخائر)): 2/ 5.

أنت الحي القيوم، والأول الدائم، والإله القديم، والبارئ المصور، والخالق المقدس، والجبار الرفيع، والقهار المنيع، والملَك الصَفوح، والوهاب المَنوح، والرحمن الرؤوف، والحنّان العَطوف، والمنان اللطيف، مالك الذوائب (¬1). والنواصي، وحافظ الدواني والقواصي، ومصرِّف الطوائع والعواصي. إلهي: وأنت الظاهر الذي لا يجحدك جاحد إلا زايلته الطمأنينة، وأسلمه اليأس، وأوحشه القنوط، ورحلت عنه العصمة فتردد بين رجاء قد نأى عنه التوفيق، وبين أمل قد حفت به الخيبة، وطمع يحوم على أرجاء التكذيب ... ، لا يُرى إلا موهون المُنَّة (¬2)، مفسوخَ القوة، مسلوبَ العُدّة ... عقله عقل طائر، ولُبّه لب حائر، وحكمه حكمُ جائر ... إن سمع زيّف، وإن قال حَرّف، وإن قضى خَرّف ... إلهي: أنت الباطن الذي لا يرومك رائم (¬3)، ولا يحوم حول حقيقتك حائم إلا غشيه من نور إلهيتك، وعزٍّ سلطانك، وعجيب ¬

(¬1) الذوائب: الشعر المضفور في الرأس. انظر ((لسان العرب)): ذ أب. (¬2) أي ضعيف القوة. (¬3) أي لا يطلبك طالب.

قدرتك، وباهر برهانك، وغرائب غيوبك، وخفيِّ شأنك، ومَخُوف سطوتك، ومرجوِّ إحسانك ما يرده خاسئاً حسيراً، ويزحزحه عن الغاية خجلاً مبهوراً ... إلهي: فعلك يدل عليك الأسماع والأبصار، وحكمتك تعجب منك الألباب والأفكار، لك السلطان والمملكة، وبيدك النجاة والهَلَكة، وإليك إلهي المفرّ، ومعك المَقَرّ ... ) (¬1). وقال: (اللهم: عيك أتوكل، وبك أستعين، وفيك أُوالي، وإليك أنتسب، ومنك أَفْرق، ومعك أستأنس، ولك أُمَجِّد، وإياك أسأل ... ) (¬2). وقال: (اللهم: إنك بدأت بالصُنع (¬3) وأنت أهله، فأنعم بالتوفيق فإنك أهله. اللهم: ¬

(¬1) ((البصائر والذخائر)): 3/ 5 ـ 6. (¬2) المصدر السابق: 4/ 5. (¬3) أي النعمة.

إنا نتضاءل عن مشاهدة عظمتك، ونُدِلُّ عليك عند تواترِ برِّك، ونذل لك عند ظهور آياتك، ونلح عليك عند علمنا بجودك ... ونتوسل إليك بتوحيد لا ينتمي إليه خَلق، ولا يفارقه حق) (¬1). وقال أيضاً: (اللهم: إني أبرأ إليك من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكيل إلا عليك، ومن الطلب إلا منك، ومن الرضا إلا عنك , ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الصبر إلا على بابك، وأسألك أن تجعل الإخلاص قرين عقيدتي، والشكر على نعمتك شعاري ودثاري (¬2)، والنظرَ في ملكوتك دأبي ودَيْدَني، والانقياد لك شأني وشغلي، والخوف منك أمني وإيماني، واللياذ بذكرك بهجتي وسروري. اللهم: تتابع بِرك، واتصل خيرك، وعظم رِفدك (¬3)، وتناهى ¬

(¬1) ((البصائر)): 5/ 7. (¬2) الشعار مالا مس الجسد، والدثار مالبس فوق الشعار من الثياب، والمقصود أن شكر النعم ديدنه ومُلابسٌ له ومخالط (¬3) أي عطاؤك.

إحسانك، وصدق وعدك، وبَرّ قسمك، وعمَّت فواضلك، وتمَّت نوافلك، ولم تسبق حاجة إلا قد قضيتها وتكفلت بقضائها، فاختم ذلك كله بالرضا والمغفرة، إنك أهل ذلك، والقادر عليه ... ) (¬1). وقال: (اللهم: إنك بك نعز كما أنا بغيرك نذل، وإياك نرجو كما أنا من غيرك نيأس، وإليك نفوض كما أنا عن غيرك نُعرض، أذنت لنا في دعائك، وأدنيتنا إلى فِنائك، وهيأتنا لعطائك ... وعممتنا بآلائك، وغمستنا في نعمائك ... ، ولا طفتنا بظاهر قولك، وتوليتنا بباطن فعلك ... ) (¬2). وقال: (اللهم: إن الرغبات بك منوطة (¬3) ... والحاجات ببابك مرفوعة ... والأخبار بجودك شائعة، والآمال نحوك نازعة ... (¬4)، والثناء عليك متصل، ووصفك بالكرم معروف، والخلائق إلى لطفك ¬

(¬1) ((البصائر)): 5/ 8. (¬2) ((شرح نهج البلاغة)): 3/ 751. (¬3) أي معلقة. (¬4) أي متجهة.

محتاجة، والرجاء فيك قوي، والظنون بك جميلة، والأعناق لعزك خاضعة، والنفوس إلى مواصلتك مشتاقة ... لأنك الإله العظيم، والرب الرحيم، والجواد الكريم، والسميع العليم، تملك العالم كله، وما بعده، وما قبله، ولك فيه تصاريف القدرة، وخَفِيّات الحكمة، ونوافذ الإرادة (¬1)، ولك فيه ما لا ندريه مما تخفيه ولا تبديه. جللت عن الإجلال، وعظمت عن التعظيم، وقد أزف ورودنا إليك، ووقوفنا بين يديك، وظننّا ما قد علمتَ ورجاؤنا ما قد عرفت، فكن عند ظننا بك، وحقق رجاءنا فيك، فما خالفناك جرأة عليك، ولا عصيناك تََقَحُّماً في سخطك، ولا اتبعنا هوانا استهزاء بأمرك ونهيك، ولكن غلبت علينا جواذب الطينية التي عجنتنا بها، وبذور الفطرة التي أنبتّنا منها، فاسترخت قيودنا عن ضبط أنفسنا، وغربت ألبابنا (¬2) عن تحصيل حظوظنا (¬3)، ولسنا ندّعي حجة ولكن نسألك رأفة، فبسترك السابغ الذيّال، وفضلك الذي يستوعب كل مقال إلا تمّمت ما سلف منك إلينا (¬4)، وعطفت بجودك الفيّاض علينا ... وأقررت عيوننا، ¬

(¬1) أي الإرادة الماضية النافذة. (¬2) أي غابت عقولنا. (¬3) أي الأخروية. (¬4) أي من الفضل.

وحققت آمالنا، إنك أهل ذلك، وأنت على كل شيء قدير) (¬1). وقال: (اللهم: لك أذل، وبك أعِز، وإليك أشتاق، ومنك أفْرق (¬2)، وتوحيدك أعتقد، وعليك أعتمد، ورضاك أبتغي، وسُخطَك أخاف، ونقمتَك أستشعر ... وعفَوك أرجو، وفيك أتحير، ومعك أطمئن، وإياك أعبد، وإياك أستعين، لا رغبة إلا ما ِنِيط (¬3) بك، ولا عمل إلا ما زكِّي لوجهك، ولا طاعة إلا ما قابله ثوابك، ولا سالم إلا ما أحاط به لطفك، ولا هالك إلا من قعد عنه توفيقك، ولا مقبول إلا من سبقت له الحسنى منك. إلهي: من عرفك قاربك، ومن نكرك حُرم نصيبه منك، ومن أثبتك سكن معك، ومن نفاك قَلِق إليك، ومن عبدك أخلص لك ... ومَن عظّمك ذهل فؤاده عند جلالك، ومن وثق بك ألقى مقاليده إليك. إلهي: ¬

(¬1) المصدر السابق: 3/ 752؟ (¬2) أي: أخاف. (¬3) أي عُلِّق.

ظهرت بالقدرة فوجب الاعتراف بك، وبَطَنْتَ بالحكمة فوجب التسليم لك، وبدأت بالإحسان فسارت الآمال إليك، وكنت أهلاً للتمام فوقفت الأطماع عليك، وبحثت العقول عنك فنكصت على أعقابها بالحيرة فيك، وذلك أن سرك لا يرام حَوْزه (¬1) ... وفعلك لا يُجحد تأثيره، لك الأمارة والعلامة، وبك السلامة والاستقامة، وإليك الشوق والحنين، وفيك الشك واليقين) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: اللهم: إنا نفتتح كلامَنا بذكرك ودعائك استعطافاً لك؛ ليكون نصيبنا منك بحسَب تفضلك لا بحسب استحقاقنا، ونختم ـ أيضاً ـ كلامنا بما بدأنا به رغبة في رحمتك لنا وتجاوزك عنا ورفقك بنا ... ) (¬3). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: ¬

(¬1) أي لا تدرك معرفته وتحصيله. (¬2) ((البصائر والذخائر)): 8/ 5 ـ 6. (¬3) ((الإشارات الإلهية)): 180.

إنا نسألُك لا عن ثقةٍ ببياضِ وجوهنا عندك، وحُسنِ أفعالنا معك، وسوالف إحساننا قِبَلَك، ولكن عن ثقة بكرمك الفائض، وطمع في رحمتك الواسعة، نعم وعن توحيد لا يشوبُهُ إشراك، ومعرفةٍ لا يخالطها إنكار. يا مُسبلَ الأستار، ويا واهبَ الأعمار، ويا منشئ الأخبار، ويا مولجَ الليل في النهار) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: إنا عليك نُقبل، وإياك نسأل، وإليك نسترسل، وبك نتوسَّل، ورضاكَ نبغي، ورحمتَك نرجو، وعَفْوك نُؤمِّل) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (إلهنا: إياك نمجدُ ونُسبِّح لأنا عبيدك، بك نقوم وإليك ننتسِب، وبأياديك نعترف، وبفضلك نعيش) (¬3). وقال ـ أيضاً رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) المصدر السابق: 1. (¬2) المصدر السابق: 20. (¬3) المصدر السابق: 32.

(يا أعزَّ مَن دُعي، وأكرمَ من أجاب، يا أولُ يا آخر، يا باطنُ يا ظاهر، يا غائبُ يا حاضر، يا جابرُ يا كاسر، يا شاكر يا عاذِر يا هادي يا ناصر، يا قوي يا قادر) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (أنت المُطَّلع على خَبء الضمير، والمحيط بكلِّ مستور، والمصافي كل من صافاك، والموالي كل من والاك ... وأنت الموجود في كل زمان، والصاحبُ لكل إنسان، لا تخفى عنك ذرةٌ، ولا تفوتك خَطْرة؛ تَجْزي بالحسنة أضعافها، وتمحو السيئة عن أصحابها؛ لك الآلاء الخفية، والأيادي الجليلة (¬2)، والآثار المكشوفة، والأخبار المعروفة) (¬3). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (إلهنا: لا جمالَ إلا لوجهك، ولا إتقانَ إلى لفعلك، ولا نفاذ إلا لحُكمك، ولا بهجة إلا لعالَمك، ولا نور إلا ما سطع من لَدُنك، ولا صواب إلا في قضائك، ولا حلاوة إلا في كلامك، ولا قوام إلا بتأييدك، ولا تمام إلا بترتيبك، ولا صلاح إلا بتهذيبك، ولا ¬

(¬1) المصدر السابق: 57. (¬2) الأيادي: النعم. (¬3) المصدر السابق: 78.

مَضاء إلا بتسبيبك (¬1)، ولا سكون إلا في فنائك، ولا هناءة إلا في عطائك، ولا حكمة إلا في أنبائك، ولا أنسَ إلا مع أوليائك، ولا نشرَ إلا لآلائك، ولا بصيرة إلا بإلهامك، ولا سكينة إلا بإلمامك، ولا حجة إلا في أحكامك، ولا تدبير إلا بين نَقْضك وإبرامك، ولا وصفَ إلا لك، ولا وَجْد إلا بك، ولا توكل إلا عليك، ولا رحمة إلا منك، ولا تهالُك إلا عليك، ولا خير إلا عنك، ولا شرفَ إلا بتشريفك، ولا استبانة إلا بتعريفك، ولا اهتداء إلا بتوقيفك (¬2)، ولا إجابة إلا بتلطيفك، ولا رُشد إلا في تكليفك) (¬3). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: إياك نقصد بآمالنا، وعليك نُثني بصنوف أقوالنا، ورضوانك نبتغي بأعمالنا، وإليك نرجعُ في اختلاف أحوالنا، وعليك نُلِحُّ في طلبنا وسؤالنا، لأنك لكل راجٍ ملاذٌ، ولكل خائف معاذ، ندعوك دعاء المضطرين، ونتعرض لك تعرّض المُعْتَرّين (¬4)) (¬5). ¬

(¬1) أي لا مضاء للأمور بدون إرادتك، ومعنى مضاء: نفاذ. (¬2) أي بتعريفك. (¬3) المصدر السابق: 102. (¬4) قالت المحققة: المعترون: الفقراء أو المتعرضون للمعروف من غير أن يسألوا. (¬5) المصدر السابق: 130.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: إنا لا نصلح بوجه حتى تصلحنا، ولا ننجو حتى تنجينا، ولا ننال ما نتمناه إلا بعد أن تُقَرِّبه إلينا، وتهيئه لنا وتؤهلنا، فافعل ذلك، اللهم، فإنه لا يكبُر عليك شيء، ولا يضل عنك شيء، ومهما كان منك فلا يكونن المقت والإعراض، فإن ذلك شقاء الأبد وشماتة الأعداء ... اللهم: هذه أشعارنا وأبشارنا (¬1) تبيت معترفة بأنك إلهنا وخالقنا، وكافلنا ورازقنا، ووَليُّنا وهادينا، وناصِرُنا وكافينا، ليس لنا ربٌ سواك، ولا إله غيرك ... ) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (إلهنا: نحن عبيدك، متصرفون على إرادتك، مُتقلِّبون بين مشيئتك وحكمك، مترددون بين قدرتك وحكمتك، آملون روادفَ عَطْفِك ورحمتك، معترفون بسوابغ إحسانك ونعمتك، خائفون من ¬

(¬1) قالت المحققة: الأشعار: جمع شعر، والأبشار: الجلود. (¬2) المصدر السابق: 197 ـ 198.

عواقب سطوتك ونقمتك ... إلهي: كلُّ ما أقوله فأنت فوقه، وكلُّ ما أُضمِرُه فأنت أعلى منه، فالقولُ لا يأتي على حقك في نعمتك، والضمير لا يحيط بكُنْهك، وكيف نقدر على شيء من ذلك، وقد ملكتنا في الأول حين خلقتنا، وقدرت علينا في الثاني حين صرفتنا؟ فالقول وإن كان فيك فهو منك، والخاطر وإن كان من أجلك فهو لك، من الجهل أن أصفك بغير ما وصفتَ به نفسك، ومن سُوء الأدب أن أعرِّفَك بغير ما عرَّفَتني به حقيقتُك، ومن الجُرأة أن أعترض على حُكمك وإن ساءني، ومن الخِذْلان أن أظُنَّ أن تدبيري لنفسي أصلحُ من تدبيرك، كيف يكونُ الظنُّ صواباً والعجز مني ظاهرٌ والقدرة منك شائعة؟ هيهات: أسلمتُ لك وجهي سائلاً رِفْدَك (¬1)، وأضرعت لك خدي طالباً فضل ما عندك، وهجرتُ كل من ثناني إلى غيركُ (¬2)، وكذَّبتُ كل من أيأسني من خيرك، وعاديت فيك كلَّ من أشار إلى سواك ... اللهم: إنا إن ذكرناك فبتوفيقك، وإن وصفناك فبتأييدك، وإن لَهيِنا ¬

(¬1) أي عطاءك. (¬2) أي هجرت كل من حاول أن يصرفني عن طاعتك.

عن بعض ذلك فلنفوذ حكمك فينا وأمرك) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: إنه لا غَني إلا من أغنيته، ولا مكْفِي إلا من كَفيته، ولا محفوظ إلا مَن حفظته، فأغننا واكفِنا واحفظنا، وإذا أردت بقومٍ سوءاً فميزنا عنهم، يا أرحم الراحمين. إلهنا: الرغباتُ بك موصولة، والآمال عليك مقصورة، والخدود لقدرتك ضارعة، والوجوه لوجهك عانية، والأرواح إليك مَشوقة، والنفوس إلى كهف غيبك مَسوقة، والأماني بك مَنُوطة (¬2)، والأيدي نحوك مبسوطة، والهمم إلى طلب مرضاتك مرفوعة، وآلاؤك عند جميع الخلق مشهودة ومسموعة، فآتِنا اللهم من لَدُنك ما لاق بكرمك، وانف عنّا ما قد نفانا عن بابك، واشرح صدورنا للثقة بك، ووفقنا لما يُبيِّض وجوهًنا عندك، ويُطيل ألستننا في تحميدك وتمجيدك، يا نعم المولى ونعم النصير) (¬3). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) المصدر السابق: 208 ـ 210. (¬2) أي مُعلقة. (¬3) المصدر السابق: 257.

(إلهنا: جهلوك فخالفوك، ونكروك فجحدوك، ولو فطنوا لما فاتهم منك لأحبوك، ولو أحبوك لعَبَدوك، ولو عبدوك لعرفوك، ولو عرفوك لكنت لهم فوق الأم الرؤوم (¬1) والأب الرحيم، يا ذا الجلال والإكرام) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (طُوبى لمن سبقت له منك الحسنى فصار بين أهل السموات والأرض من أولي الاغتباط ... إلهنا: سوابقُ مِنَنِك تدعو إلى الاعتراف بفضلك، وسوابغ نِعَمك تبعثُ على العبادة لك، وروادفُ بِرِّك تستنفدُ قُوى الشاكرين على ذلك، وسوالفُ لطفك تأتي على آخر ما يقدرُ عليه الوالهُ المتهالك، بدعائك أجبناك، وبإرادتك أردناك، وبصنعك عَرَفناك، وبإذنك وَصَفْناك، ومن أجل ما عهدنا منك اشتقناك، وبجهالتنا عَصَيْناك، وبفرطِ دالتنا قصدناك، وبسوء آدابنا جَفَوْناك، وبحسن توفيقك استعطفناك، ولولا جودُك ما سألناك ... ¬

(¬1) أي العطوف. (¬2) المصدر السابق: 355.

وآلاؤك أظهرُ من أن تُنكر: قدرةٌ محفوفةٌ بالحكمة، وحكمة مكفوفةٌ بالقدرة، ونعمةُ محوطةٌ بالرحمة، ورحمةٌ منوطةٌ بالنعمة، فكلُّ شيء منك لا ئقٌ بالربوبية، وكلُّ شيءٍ لك سائق إلى العبودية، عززتَ موجوداً، وكرمت معبوداً، وحضرت مشهوداً، وسُئلت مقصوداً) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (إلهنا: لك عَنَتِ الوجوه، ولقدرتِك ذلَّتِ الصّعاب، ولفضلك توجهَّت الرٍّغاب، وعلى بابكَ أُنِيخَتِ الرِّكاب، وفي فنائك طُرِحَت الرِحال، وبك نِيط (¬2) الرجاء، وإليك توجهت السرائر، وبمناجاتك تلذذت الضمائر) (¬3). وقال ـ أيضاَ ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: إنا أليك نَفْزع، وبابَك نَقرع، ولقدرتك نخضع، ومن عقابك نخشع، وبفضلك نَرْوى ونشبع، وفي رياضك نلهو ونرتع) (¬4). ¬

(¬1) المصدر السابق: 372 ـ 373. (¬2) أي عُلق. (¬3) المصدر السابق: 409 ـ 410. (¬4) المصدر السابق: 416.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: وإن كانت بلوانا منك، فإن شكوانا أيضاً إليك، فبعزَّتك إلا أخذت بأيدينا، وبَعَثْتَ رأفتك وحنانك إلينا، وكنتَ لنا عند اليأسِ الغالب علينا، ولا تِكلنا في كلِّ حال وعلى كلِّ وجه إلى غيرِك، فإن الظنَّ بك وإن طردتنا أحسنُ من الظنِّ بغيرِكَ وإن قَبِلنا، والرجاء فيك وإن حرمتنا أقوى من الرجاء في سواك وإن أعطانا. إليك نفزع، وبك نُلوذُ، وإياك نعْبُد، وعليك نتوكَّل، وبأسمائك الحُسنى نلْهَج، وبصفاتك المحمودة نبهج، وبابك نقرع، وجنَابَك نرعى، وبِذكرك نتلذَّذ وإليك نسعى، يا ذا الجلال والإكرام) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: إن حاجتنا إليك شديدة، وأيدينا إلى جودك ممدودة، وضمائرنا على توحيدك معقودة ... ) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) المصدر السابق: 419. (¬2) المصدر السابق: 451.

2 - وقال أبو نعيم الأصبهاني

(يا حبيب القلوب، يا من يطّلع على الغيوب، ويغفر الذنوب، ويستر العيوب ... ) (¬1). 2 - وقال أبو نعيم الأصبهاني (¬2) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الواحد الأحد، الماجِد الصمد، مُوَقٍّتِ الآجال، ومقدرِ الأعمار، وسامع الأقوال، وعالمِ الأحوال، مثبتِ الآثار، ووارث الأعمار ... البصير، السميع، العزيز، المنيع، الذي مَن رفع فهو الرفيع، ومن وضع فهو الوضيع ... ) (¬3). 3 - قال هلال بن المُحَسِّن الصابئ (¬4) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الجليل ثناؤه، الجميل بلاؤه، الجزيل عطاؤه، الظليل غطاؤه، القاهر سلطانه، الباهر إحسانه، البادية حكمته، ¬

(¬1) المصدر السابق: 458. (¬2) أحمد بن عبد الله بن أحمد، الإمام الحافظ، الثقة العلامة، شيخ الإسلام، أبو نعيم المِهراني الأصبهاني الصوفي الأحول. ولد سنة 336، وتوفي سنة 430. وكان حافظاً عالماً مرحولاً إليه. انظر ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)): 17/ 453 ـ 464. (¬3) معرفة الصحابة: 1 | 5. (¬4) أبو الحسن هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ، الحراني الكاتب حفيد أبي إسحاق الصابئ صاحب الرسائل المشهورة، وكان أبوه وجده من الصابئة فأسلم هلال في آخر عمره. ولد سنة 359. وتوفي سنة 448 رحمه الله تعالى: انظر ((وفيات الأعيان)): 6/ 101 ـ 105.

الشاملة رحمته، المأمول عطفه، المحذور سطوه، أحمده على ما أسبغ من النعمة، وظاهر من المنّة، وأسبل من الستر، ويسّر من العسر، وقرّب من النجاح، وقدّر من الصلاح، حمداً يقضي الحق المفروض، ويقتضي المزيد المضمون) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله: (الحمد لله، الباهر برهانه، القاهر سلطانه، ملك الأملاك، ومدبر الأفلاك، الذي لا تدركه الحواس، ولا تشبهه الأجناس، ولا تبلغه الأوهام، ولا تحيط به الأفهام، ربّ الأرض والسموات، وغافر الذنب والسيئات، وسامع الدعوات عند إجابة الرغبات، وراحم العبرات عند إقالة العثرات، يوم تخشع الأصوات، وتختلف اللغات ـ ويحشر الأحياء والأموات، وتكثر الحسرات من فوات الحسنات، وتعظم الروعات من بدو العورات، وتعنو الوجوه لله الواحد القهّار، خالق الليل والنهار، وشاقّ البحار والأنهار، ومجري القضايا والأقدار، وعالم الخفايا والأسرار، وواعد العفو والغفران، وصامن المنّ والإحسان، ذلكم الله ربكم فاعبدوه مخلصين له الدين) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) ((غرر البلاغة)): 76. (¬2) المصدر السابق: ص 77.

4 - وقال الإمام البيهقي

(الحمد لله سامع الأصوات، وناشر الأموات، وراحم العبرات، ومقيل العثرات، ومولي النعم السابغات، وكاشف الغمم المطبقات، أحمده على ما قبل من الدعوات الصاعدات، وأجاب من الرغبات الصادرات، وستر من العورات الفاضحات، وغفر من الذنوب الموبقات، حمداً أرجو به القرب إليه، والزلفة لديه) (¬1). 4 - وقال الإمام البيهقي (¬2) رحمه الله تعالى: (الحمد لله ... العليم القدير، العلي الكبير، الولي الحميد، العزيز المجيد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، له الخلق والأمر، وبه النفع والضر، وله الحكم والتقدير، وله الملك والتدبير، ليس له في صفاته شبيه ولا نظير، ولا له في إلهيته شريك ولا ظهير، ولا له في ملكه عديل ولا وزير، ولا له في سلطانه ولي ولا نصير، فهو المتفرد بالملك والقدرة، والسطان والعظمة، لا اعتراض عليه في ملكه، ولا عتاب عليه في تدبيره، ولا لَوْمَ في تقديره. ¬

(¬1) المصدر السابق: ص 82. (¬2) الشيخ الإمام العلامة، أبو بكر احمد بن الحسين بن علي الخراساني البيهقي. ولد سنة 384، وسمع من طائفة كثيرة، وبورك في علمه وتصانيفه، وله عدد من المصنفات النافعة. كان ورعاً زاهداً قانعاً، وكان أهلاً للاجتهاد. توفي رحمه الله تعالى سنة 458، ودفن بـ ((بيهق)) من أعمال نيسابور. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 18/ 163 ـ 170.

5 - وقال الخطيب البغدادي

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً أحداً، سيداً صمداً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً ... والحمد لله الذي خلق الخلق بقدرته ... وجعلهم دليلاً على إلهيته، فكل مفطور شاهد بوحدانيته، وكل مخلوق دال على ربوبيته. وخلق الجن والإنس ليأمرهم بعبادته، من غير حاجة له إليهم ولا إلى أحد من بَرِيَّته ... ) (¬1). 5 - وقال الخطيب البغدادي (¬2) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون , لا يحصي عددَ نعمته العادون، ولا يؤدي حق شكره المتحمدون، ولا يبلغ مدى عظمته الواصفون، بديع السموات والأرض، وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون. أحمده على الآلاء، وأشكره على النَعْماء، وأستعين به ¬

(¬1) ((دلائل النبوة)): 1/ 5 ـ 6. (¬2) الإمام العلامة المفتي الحافظ الناقد، محدث الوقت، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي، صاحب التصانيف. ولد سنة 392، واعتنى بشأنه حتى صار أحفظ أهل عصره على الإطلاق، وكان من كبار الشافعية، وله مصنفات كثيرة. توفي سنة 463 ببغداد، ورحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 18/ 270 وما بعدها، و ((الأعلام)): 1/ 172.

6 - وقال شيذلة

في الشدة والرخاء، وأتوكل عليه فيما أجراه من القدر والقضاء ... ) (¬1). 6 - وقال شَيْذَلَة (¬2) رحمه الله تعالى: (إلهي: أذنبت في بعض الأوقات، وآمنت بك في كل الأوقات، فكيف يغلب بعضُ عمري مذنباً جميعَ عمري مؤمناً؟ إلهي: لو سألتني حسناتي لجعلتها لك مع شدة حاجتي إليها، وأنا عبد، فكيف لا أرجو أن تهب لي سيئاتي مع غناك عنها، وأنت ربِ. فيا من أعطانا خيرَ ما في خزائنه ـ وهو الإيمان به قبل السؤال ـ لا تمنعنا أوسعَ ما في خزائنك وهو العفو مع السؤال. إلهي: حجتي حاجتي، وعُدتي فاقتي (¬3)، فارحمني. ¬

(¬1) ((تاريخ بغداد)): 1/ 3. (¬2) عَزيزي بن عبد الملك بن منصور، أبو المعالي الواعظ، الملقب، بـ ((شيذلة)). من أهل جيلان. كان زاهداً متقللاً من الدنيا، وكان شيخ الوعاظ، فقيهاً فاضلاً فصيحاً، أصولياً متكلماً، صوفياً. توفي سنة 494 ببغداد رحمه الله تعالى. انظر ((طبقات الشافعية الكبرى)): 5/ 235 ـ 237. (¬3) أي أن عُدته التي يرجو بها غفران الله هي فقره إليه.

7 - قال الشيخ عبد القادر الجيلاني

إلهي: كيف أمتنع بالذنب من الدعاء ولا أراك تمنع مع الذنب من العطاء، فأن غفرت فخير راحم أنت، وإن عذبت فغير ظالم أنت. إلهي: أسألك تذللاً فأعطني تفضلاً) (¬1). 7 - قال الشيخ عبد القادر الجيلاني (¬2) رحمه الله تعالى: (الحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، عدد خلقه، ومداد كلماته، وزنة عرشه، ورضاء نفسه، وعدد كل شفع ووتر، ورطب ويابس في كتاب مبين، وجميع ما خلق ربنا وذرأ وبرا، خالق بلا مثال أبداً سرمداً، طيباً مباركاً، الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأمات وأحيا، وأضحك وأبكى، وقرَّب وأدنى ... وأسعد وأشقى، ومنع وأعطى. الذي بكلمته قامت سبع الشداد، وبها رست الرواسي والأوتاد، واستقرت الأرض المهاد، فلا مقنوطاً من رحمته، ولا ¬

(¬1) المصدر السابق. (¬2) الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة، شيخ الإسلام، علم الأولياء، محيي الدين، أو محمد عبد القادر بن عبد الله بن جَنَكي دوست، الجيلي الحنبلي، شيخ بغداد، ولد بجيلان سنة 471، وقدم بغداد شاباً. وكان كثير الذكر، دائم الفكر، سريع الدمعة. توفي سنة 561، وشيعه خلق لا يحصون. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 20/ 439 ـ 451.

مأموناً من مكره وغيرته، وإنفاذ أقضيته وفعله وأمره، ولا مستنكفاً عن عبادته، ولا مخلواً من نعمته ... ) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: يا من تُحَلّ بذكره ... عُقَد النوائب والشدائد يا من إليه المشتكى ... وإليه أمر الخلق عائد يا حيّ يا قيوم يا صمد ... تنزهَ عن مُضادِدْ أنت العليم بما بُليتُ ... به وأنت عليه شاهد أنت المنزه يابديعَ ... الخلق عن ولد ووالد أنت الرقيب على العباد ... وأنت في الملكوت واحد أنت المعز لمن أطاعك ... والمذل لكل جاحد فرج بحولك كربتي ... يا من له حسن العوائد أنت الميسر والمسهل والمسـ ... ـبب والمسهد والمساعد (¬2) ¬

(¬1) ((فتوح الغيب)): 8. (¬2) المصدر السابق: 199 ـ 200.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (إلهي: تعرض لك ... المتعرضون، وقصدك القاصدون، وأمّل فضلَك ومعروفك الطالبون، ولك ... نفحات وجوائز، وعطايا ومواهب، تمن بها على من تشاء من عبادك، وتمنعها ممن لم تسبق له العناية منك، وهأنذا عبدك الفقير إليك، المؤملُ فضلك ومعروفك ... ) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي بتحميده يستفتح كل كتاب، وبذكره يُصّدر كل خطاب، وبحمده يتنعم أهل النعيم في دار الجزاء والثواب، وباسمه يُشفى كل داء، وبه يُكشف كلُّ غمة وبلاء، إليه ترفع الأيدي بالتضرع والدعاء، في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، وهو سامع لجميع الأصوات، بفنون الخطاب على اختلاف اللغات، والمجيب للمضطر الدعاء، فله الحمد على ما أولى وأسدى، وله الشكر على ما أنعم وأعطى، وأوضح المحجة وهدى ... ) (¬2). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: ((يا نورَ الأنوار، يا عالم الأسرار، يا مدبرَ الليل والنهار، يا ملكُ يا عزيز يا قهار، يا رحيم يا ودود يا غفار. يا علاّم الغيوب، يا مقلبَ القلوب، يا ستار العيوب، يا ¬

(¬1) ((كنز النجاح والسرور)) 48. (¬2) ((الغُنية)): 1/ 48.

غفار الذنوب. يا رب الأرباب، يا منزل الكتاب، يا سريع الحساب، يا من إذا دُعي أجاب. يا رحيم يا رحمن، يا قريبُ يا مجيب، يا حنانُ يا منان، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم لك الحمد وأنت المستعان، وعليك التكلان ... يا من عليه يتوكل المتوكلون، يا من إليه يلجأ الخائفون، يا من بكرمه وجميل عوائده يتعلق الراجون، يا من بسلطان قهره وعظيم رحمته وبره يستغيث المضطرون، يا من لوُسْع عطائه وجميل فضله ونعمائه تُبسط الأيدي ويسأله السائلون. إلهي: بابك مفتوح للسائل، وفضلك مبذول للنائل، وإليك منتهى الشكوى وغاية المسائل. يا من إليه رَفْعُ الشكوى، يا عالم السر والنجوى، يا من يسمع ويرى ... يا من إذا دُعي أجاب، يا سريعَ الحساب، يا ربَّ الأرباب، يا عظيمَ الجناب، يا كريمُ يا وهاب ... ) (¬1). ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 85 ـ 87.

8 - وقال أبو القاسم السهيلي

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (سبحان الله تسبيحاً يليق بجلال مَن له السُبُحات (¬1)، والحمد لله كثيراً يوافي نعمه ويكافئ مزيده على جميع الحالات ... ولا إله إلا الله توحيدَ ... مُخَلِّصٍ قَلْبَه ... من الشكوك والشبهات، والله أكبر من أن يُحاطَ ويُدرَك بل هو مدرك محيط بكل الجهات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رفيع الدرجات. إلهنا: تعاظمت على الكبراء والعظماء فأنت الله الكبير العظيم، وتكرمت على الفقراء والأغنياء فأنت الله الغني الكريم، ومننت على العصاة والطائعين بسَعة رحمتك فأنت الله الرحمن الرحيم، تعلم سرنا وجهرنا وأنت أعلم بنا منا فأنت العليم ... ) (¬2). 8 - وقال أبو القاسم السُهَيْلي (¬3) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) السُبُحات: مواضع السجود، إذا نسبت لله فهي أنواره جلّ جلاله، وانظر ((ترتيب القاموس المحيط)): س ب ح. (¬2) ((جامع الثناء على الله)): 90 ـ 91. (¬3) عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد، الإمام الخيِّر أبو القاسم الخَثعْمي السُهيلي الأندلسي المالقّي، الحافظ، صاحب المصنفات. كُف بصره وهو ابن سبع عشرة سنة. وكان عالماً بالعربية والقراءات، بارعاً في ذلك وتصدر للإقراء والتدريس والحديث، وبَعُد صيته وجَلّ قدرُه، وله مصنفات جليلة. توفي سنة 581 رحمه الله تعالى. انظر ((الوافي بالوفيات)): 18/ 170 ـ 172.

يا مَن يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعدُّ لك ما يُتوقعُ يا من يُرجّى للشدائد كلها ... يا من إليه المشتكى والمَفْزَعُ يا من خزائن رزقه في قول: كُن ... امنن فإن الخير عندك أجمع مالي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالافتقار إليك ربي أضْرعُ مالي سوى قرعي لبابك حيلة فلئن رُدِدْتُ فأيَّ باب أقرع ... ومن الذي أدعو وأهتف باسمه إن كان فضلك عن فقيرك يُمنعُ ... حاشا لجودك أن تقنط عاصياً الفضل أجزل والمواهب أوسعُ (¬1) ¬

(¬1) المصدر السابق، وقد جاءت بعض الأبيات على غير المشهور فعدلتها.

9 - وقال الشيخ عبد الحق الإشبيلي

9 - وقال الشيخ عبد الحق الإشبيلي (¬1) رحمه الله تعالى: (هو الولي الحميد، هو المبدئ المعيد، هو على كل شيء شهيد ... جواد لا يبخل، رقيب لا يَذْهل، عالم لا يجهل، حليم لا يَعْجل ... من عَزّ بغيره ذَلّ، ومن عَدَل عن طريقه زَلّ، ومن لم يهتد بكتابه المنير ضَلّ ... ) (¬2). وقال أيضاً: (سبحان الواحدِ الأحد، سبحان الفردِ الصمد ... رفع السماء بغير عَمَد ... ) (¬3). وقال أيضاً: ¬

(¬1) عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي، أو محمد الإشبيلي، ويُعرف بابن الخرّاط. ولد سنة 510، نزل بجاية فنشر بها علمه وصنّف، وولي الخطابة والصلاة بجامعها. وكان فقيهاً حافظاً عالماً بالحديث وعلله، عارفاً بالرجال، موصوفاً بالخير والصلاح، والزهد والورع، ولزوم السنة والتقلل من الدنيا، مشاركاً في الأدب وقول الشعر، وله تصانيف متعددة. توفي ببجاية بعد محنة نالته من قبل الولاة سنة 581 رحمه الله تعالى. ((الديباج المذهب)): 2/ 59 ـ 60. (¬2) ((تمجيد الله تعالى)): 18 ـ 22. (¬3) المصدر السابق: 36.

10 - قال ابن الفرس

(سبحان العلي الكبير، سبحان اللطيف الخبير ... سبحان مَن يخلق ما يشاء ويختار. إلهٌ جَلّ وعلا، وعَذُب اسمه في الأفواه وحلا ... ) (¬1). وقال أيضاً: (سبحان المقدسِ عن التشبيه، المستحق للتعظيم والتنزيه ... هو الغني الكريم، هو التواب الرحيم ... ) (¬2). وقال أيضاً: (سبحان القائِم بمصالح البرية، العالمِ بالأسرار الخفية ... ) (¬3). 10 - قال ابن الفَرَس (¬4) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) المصدر السابق: 43. (¬2) المصدر السابق:93. (¬3) المصدر السابق: 102. (¬4) عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي، من أهل غرناطة، يعرف بـ (ابن الفرس)، ويكنى بأبي عبد الله. ولد سنة 524، وتفقه في الحديث وأصول الفقه وأصول الدين، وتعلم القراءات. وكان محققاً للعلوم على تفاريعها، وأخذ في كل فن منها، وكان شاعراً، وتولى القضاء في أماكن متعددة، والحسبة والشرطة. توفي رحمه الله تعالى سنة 599، وحضر جنازته بشر كثير وكسروا نعشه وتقسموه. انظر ((الديباج المذهب)) 2/ 133 ـ 135، و ((الأعلام)): 4/ 168.

يا مَن له وجب الكمالُ بذاته ... فالكلُّ غايةُ فوزِهم لُقْياهُ أنت الذي لما تعالى جَدُّه ... قَصُرت خطى الألباب دون حماهُ (¬1) أنت الذي امتلأ الوجود بحمده ... لمّا غدا ملآنَ من نُعماهُ أنت الذي خلق الوجود بأسره ... مِن بين أعلاهُ إلى أدناهُ ... أنت الذي خصصتنا بوجودنا ... أنت الذي عَرّفتنا معناهُ ... سبحان مَن ملأ الوجودَ أدلةً ... لِيلُوح ما أخفى بما أبداهُ سبحان مَن جعل التفكر سلماً ... يسمو اللبيب به إلى مَرْقاهُ ... سبحان مَن أحيا قلوب عباده ... بلوائحٍ من فَيْض نورِ هداهُ ¬

(¬1) أي تعالت عظمته، وخُطى الألباب أي أفكار العقول وتوهماتها.

11 - وقال ياقوت الحموي

هل بعد معرفة الإلهِ زيادةٌ ... إلا استدامة ما يُديمُ رضاهُ ... مولاي لا آوي لغيرك إنه ... حُرم الهدى من لم تكن مأواه ... مولاي أُنْسُكَ لم يَدَعْ لي وحشةً ... إلا محا ظلماءَها بسَناهُ مولاي جودك لم يدعْ لي مطلباً ... إلا وتممه إلى أقصاهُ لم ينقطع أحدٌ إليك محجةً ... إلا وأصبح حامداً عُقباهُ عجز الأام عن امتداحك إنه ... تتضاءل الأفكار دون مداهُ من كان يعرف أنك الحقُّ الذي ... بهر العقولَ فحسْبه وكفاهُ (¬1) 11 - وقال ياقوت الحموي (¬2) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) ((التَشَوُّف)): 448 ـ 449. (¬2) الأديب الأوحد، شهاب الدين الرومي، مولى عسكر الحموي، السفّار، النحوي، الأخباري، المؤرخ، ذو التأليف الحاكمة بالبلاغة وسعة العلم، أعتقه مولاه فنسخ بالأجرة، وكان ذكياً، شاعراً متفنناً، جيد الإنشاء. توفي سنة 626 عن نيف وخمسين سنة رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 22/ 312 ـ 313.

12 - وقال الإمام المنذري

(الحمد لله ذي القدرة القاهرة، والآيات الباهرة، والآلاء (¬1) الظاهرة والنعم المتظاهرة، حمداً يُؤذن بمزيد نعمه، ويكون حصناً مانعاً من نِقَمه ... ) (¬2). 12 - وقال الإمام المنذري (¬3) رحمه الله تعالى: (الحمد لله المبدئ المعيد، الغني الحميد، ذي العفو الواسع والعقاب الشديد، مَن هداه فهو السعيد السديد، ومن أضله فهو الطريد البعيد، ومن أرشده إلى سبيل النجاة ووفقه فهو الرشيد كل الرشيد. يعلم ما ظهر وما بَطَن، وما خفي وما عَلَن ... وهو أقرب ¬

(¬1) أي النعم. (¬2) ((معجم الأدباء)): 1/ 45. ومعنى (يؤذن بمزيد نعمه) أي يُعلم بأن هناك نعماً قادمة جزاء الحمد على النعم السالفة، ولعله مأخوذ من قوله تعالى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} والله تعالى أعلم. (¬3) الإمام العلامة، الحافظ المحقق، شيخ الإسلام، زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشامي الأصل المصري الشافعي. ولد سنة 581، وتفي سنة 656 رحمه الله تعالى. انظر ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)): 23/ 319 ـ 324.

13 - وقال أبو الحسن الشاذلي

إلى كل مريد من حبل الوريد ... أحمده وهو أهل الحمد والتحميد، والشكر والشكر لديه من أسباب المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد، والبطش الشديد ... ) (¬1). 13 - وقال أبو الحسن الشاذِلي (¬2) رحمه الله تعالى: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين: ولقد شكا إليك يعقوب فخلصته من حزنه، ورددت عليه ما ذهب من بصره، وجمعت بينه وبين ولده. ولقد ناداك نوحٌ من قبلُ فنجيته من كربه. ولقد ناداك أيوب من بعدُ فكشفت ما به من ضره. ولقد ناداك يونس فنجيته من غمه. ¬

(¬1) ((الترغيب والترهيب)): 1/ 35. (¬2) علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذِلي المغربي، أبو الحسن، رأس الطائفة الشاذلية من المتصوفة، وصاحب الأوراد المسماة ((حزبَ الشاذلي)). ولد في بلاد غمارة بريف المغرب سنة 591، وتفقه وتصوف بتونس. وسكن شاذلة بقرب تونس فنسب إليها ... رحل إلى بلاد المشرق فحج ودخل العراق، ثم سكن الإسكندرية، وتوفي بصحراء عَيْذاب في طريقه إلى الحج سنة 656. وكان ضريراً، رحمه الله تعالى. انظر ((الأعلام)): 4/ 305.

ولقد ناداك زكريا فوهبت له ولداً من صُلْبه بعد يأس أهله وكبر سنه. ولقد علمت ما نزل بإبراهيم فأنقذته من نار عدوه. وأنجيت لوطاً وأهله من العذاب النازل بقومه. فهأنذا عبدُك: إن تعذبني بجميع ما علمت فأنا حقيق به، وإن ترحمني كما رحمتهم ـ مع عِظَم إجرامي ـ فأنت أولى بذلك، وأحق من أكرم به ... ) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (ربِّ: لمن أقصد وأنت المقصود، وإلى مَن أتوجه وأنت الموجود، ومَن ذا الذي يعطي وأنت صاحب الكرم والجود، ومن ذا الذي أسأل وأنت الرب المعبود، وهل في الوجود ربٌّ سواك فيُدعى، أم هل في الملك إله غيرك فيُرجى وإليه يُسعى، أم هل كريمٌ غيرُك يطلب منه العطا، أم هل جواد سواك فيُسأل منه الرضا، أم هل حليم غيرك فيُنال منه الفضل والنُعمى، أم هل رحيم غيرك في الأرض والسما، أم هل حاكم سواك فترفع إليه الشكوى، أم هل ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 156 ـ 157.

طبيب غيرك فيكشف الضر والبلوى، أم هل رؤوف غيرك للعبد الفقير يعتمد عليه، أم هل مليك سواك تبسط الأكف بالدعاء إليه، فليس إلا كَرمُك وجودك لقضاء الحاجات، وليس إلا فضلك ونعمك لإجابة الدعوات. يا من لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، يا من يجير ولا يُجار عليه ... ربِّ: إلى من أشتكي وأنت العليم القادر، أم إلى من ألتجئ وأنت الكريم الساتر، أم بمن أستنصر وأنت الولي الناصر، أم بمن أستغيث وأنت الولي القاهر، أم من ذا الذي يجبر كسري وأنت للقلوب جابر، أم من ذا الذي يغفر ذنبي وأنت الرحيم الغافر. أنت العليم بما في السرائر، الخبير بما تخفيه الضمائر، المطلع على ما تحويه الخواطر. يا من هو فوق عباده قاهر، يا من مطلع عليهم وناظر، يا من هو قريب وحاضر، يا من هو الأول والآخر، والباطن والظاهر، يا إله العباد، يا كريم يا جواد، يا صاحب الجود والكرم والإحسان، يا ذا الفضل والنِعَم والغفران ... يا من عليه يتوكل المتوكلون، يا من إليه يلجأ الخائفون، يا من بكرمه وجميل عوائده يتعلق الراجون، يا من بسلطان قهره

وعظيم قدرته يستغيث المضطرون، يا من بوسيع عطائه وسعةِ رحمته وجزيل فضله وجميل منته تُبسط الأيدي ويسأل السائلون ... يا مفرِّج الكربات، وغافر الخطيئات، وقاضي الحاجات، ومستجيب الدعوات ... وكاشف الظلمات، ودافع البليات، وسائر العورات، ورفيع الدرجات، وإله الأرض والسموات ... يا من عليه المُتكل، يا من إذا شاء فعل، ولا يُسأل عما يفعل. يا من لا يُبْرمه سؤال مَن سأل .. . يا من أجاب نوحاً في قومه، يا من نصر إبراهيم على أعدائه، يا من رد يوسف على يعقوب، يا من كشف الضرَّ عن أيوب، يا من أجاب دعوة زكريا، يا من قَبِل تسبيح يونس بن مَتّى ... إلهي: قد وجدتك رحيماً فكيف لا أرجوك، ووجدتك ناصراً معيناً فكيف لا أدعوك. مَن لي إذا قطعتني، ومن ذا الذي يضرني إذا نفعتني، ومن الذي يعذبني إذا رحمتني، ومن ذا الذي يَقْرَبُني بسوء إذا نجيتني، ومن ذا الذي يمرضني إذا عافيتني ... ) (¬1). ¬

(¬1) المصدر السابق: 165 ـ 170.

14 - وقال أبو شامة

14 - وقال أبو شامة (¬1) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي بلطفه تصلح الأعمال، وبكرمه وجوده تُدرك الآمال، وعلى وفق مشيئته تتصرف الأفعال، وبإرادته تتغير الأحوال،، وإليه المصير والمرجع والمآل. سبحانه هو الباقي بلا زوال ... عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، ذو العرش والمعارج والطَوْل (¬2) والإكرام والجلال. نحمده على ما أسبغ من الإنعام والإفضال، ومن به من الإحسان والنوال، حمداً لا توازنه الجبال، مِلْءَ السموات والأرض وعلى كل حال) (¬3). 15 - وقال الإمام القرطبي (¬4) رحمه الله تعالى: (الحمد لله المبتدئ بحمد نفسه قبل أن يحمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرب الصمد الواحد , الحي القيوم الذي لا يموت، ذو الجلال والإكرام، والمواهب ¬

(¬1) الإمام الكبير، العلامة ذو الفنون، شهاب الدين أبو القاسم، عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم، المقدسي الأصل، الشافعي، الفقيه المقرئ النحوي. ولد سنة 599 بدمشق، وكان مقبلاً على العلم ذا صفات حميدة، توفي بعد محنة لحقته سنة 665 رحمه الله تعالى. انظر ((الوافي بالوفيات)): 18/ 113 ـ 116، وانظر ((الذيل على الروضتين)) له، 37 ـ 45، فقد ترجم لنفسه فيه ترجمة حسنة. (¬2) أي القدرة والغنى. (¬3) ((كتاب الروضتين)): 1/ 2. (¬4) تقدمت ترجمته ص 20.

16 - وقال الإمام النووي

العظام، والمتكلم بالقرآن، والخالق للإنسان، والمنعم عليه بالإيمان ... ) (¬1). 16 - وقال الإمام النووي (¬2) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مقدرِ الأقدار، مصرفِ الأمور، مُكَوِّرِ (¬3) الليل على النهار، تذكرةً لأولي القلوب والأبصار، وتبصرة لذوي الألباب والاعتبار. الذي أيقظ من خلقه مَن اصطفاه فأدخلهم في جملة الأخيار، ووفق من اجتباه من عبيده فجعله من المقربين الأبرار، وبصّر من أحبه فزهدهم في هذه الدار، فاجتهدوا في مرضاته والتأهب لدار القرار، واجتنابِ ما يسخطه والحذر من عذاب النار، وأخذوا أنفسهم بالجد في طاعته وملازمة ذكره بالعشي والإبكار، وعند تغاير الأحوال، وجميع آناء الليل والنهار، فاستنارت قلوبهم بلوامع الأنوار. أحمده أبلغ الحمد على جميع نعمه، وأسأله المزيد من فضله وكرمه. وأشهد أن لا إله إلا الله العظيم، الواحد الأحد الصمد العزيز ¬

(¬1) ((الجامع لأحكام القرآن)): 1/ 1. (¬2) تقدمت ترجمته ص 32. (¬3) أي يدخل في هذا، والتكوير: طرح الشيء على الشيء. ((دليل الفالحين)): 1/ 15.

17 - وقال حازم القرطاجني

الحكيم) (¬1). 17 - وقال حازم القرطاجني (¬2) رحمه الله تعالى: سبحان من سبحته ألسنُ الأمم ... تبسيح حَمدٍ بما أَوْلى من النعمِ سبحان من سبحته ألسنٌ عرفت ... بأن تسبيحه من أفضل العِصَمِ سبحان من سبحته ألسنٌ نطقت ... من عالمٍ في حجاب الغيب مكتتم سبحان من سبحت حمداً ملائكةٌ ... له بلا فَترة تَعْرو ولا سَأم (¬3) سبحان من سبحت سَبْعٌ له سبحت ... من السموات ذات الأنجم العُتُمِ (¬4) ¬

(¬1) مقدمة ((الأذكار)) للنووي. (¬2) حازم بن محمد بن حسن، شيخ البلاغة والأدب، أبو الحسن الأنصاري المغربي. توفي وله ست وسبعون سنة في سنة 684 رحمه الله تعالى. من أهل قَرطاجنّة بالأندلس، وكان يلقب بـ ((هنيّ الدين)): انظر ((الوافي بالوفيات)): 11/ 271. (¬3) الفَترة: الانقطاع. (¬4) أي النجوم المظلمة بسبب الغبرة التي في السماء. انظر ((لسان العرب)): ع ت م.

سبحان من سبحت شمس النهار له ... والبدر بدرالدُجى والشُهْب في الظُلَم أن سبحان من سبح الليل البهيم له ... وسبّح الصبح يبدي ثَغْر مبتسم سبحان من سبح الجسم الجماد له ... بمنطق من لسان الحال مُنْفَهِم سبحان من سبح الحي الفصيح له ... بمنطق من صريح اللفظ ملتئم سبحان من فجر الأنهار أسفلها ... وأنشأ السحب منها في ذُرى القمم سبحان عالم ما في العالمين معاً ... من كل ما دق أو ظلّ ذا ضخم سبحان من كل حين في الوجود له ... إعدام موجود او إيجاد منعدم سبحان من خلق الإنسان من عَلَق ... ورده بعد أمشاج إلى رِمَم

سبحان من شاء سُكنى الروح في جسد ... ئ باقٍ إلى أمد لا بد مُخْتَرَم (¬1) سبحان من كل شيء عنده لمدى ... مثل الشباب الذي يفضي إلى الهرم سبحان من جعل الدنيا وصورتها ... مثل الخيال سرى والعيش كالحلم سبحان من جعل الدنيا محببة ... ملتذة مع ما فيها من الألم سبحان من حبب الأخرى لطائفة ... سمت إلى أشرف الدارين بالهمم سبحان من ينشر الموتى ويبعثهم ... للفصل ما بين ظَلاّم ومُظّلمِ سبحان من بينهم بالعدل يحكم في ... يومٍ به ليس غير الله من حَكم سبحان من جَلّ في سلطانه وعلا ... عن أن يُرى معه حكم لمحتكم ¬

(¬1) أي ناقص منقطع: انظر المصدر السابق: خ ر م.

سبحان من شاء تدبير الأمور على ... ما خطّ تقريرَه في اللوح بالقلم سبحان من ألهم العبَد السعيدَ لما ... أضحى الشقي إليه غيرَ ملتهم سبحان من ضلل الأشقى بمعصيته ... فظلّ عن طُرُق التوفيق وهو عَمِ سبحان من إن يشْأ يَجْزِ المسيء وإن ... يشأ عفا عن كبير الإثم واللَّممِ سبحان من منه نرجو عفوَ مقتدر ... ونستعيذ به من بطش منتقم سبحان من يُعدم الموجودَ حين يشا ... سبحان من أوجد الأشياء من عدم سبحان من لم يُحط خلق به وله ... إحاطة بجميع الخلق كلهم سبحان من بدليل الوحي زاد هدى ... من اهتدى بدليل العقل والفِهَم

سبحان من شاء إمداد العقول بما ... أوحى إلى رُسْله في الأعْصُر القِدَم سبحان من تمم الحسنى بخاتمهم ... محمد خير مبعوث ومختتم (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: سبحان من سبحته الشُهْب والفلك ... ج والشمس والبدر والإصباح والحَلَكُ (¬2) واللوح والقلمُ العلويُّ سبحه ... واللُّوح والعرش والكرسي والمَلكُ (¬3) ... والإنس والجن مازالت تسبحه والوحش في بيدها والطير والسمك ... سبحان من لم تغب عنه الغيوب ومن له على الغيب سرٌ ليس ينتهك ... ¬

(¬1) ((قصائد ومقطعات)): 188 ـ 193. (¬2) أي الظلام. (¬3) اللوح ـ بالضم ـ الهواء بين السماء والأرض: ((لسان العرب)) ل وح.

18 - قال الشيخ عبد العزيز الديريني

سبحان من عجزت عنه العقول فلم ... تدركه والعجز عن إداركه دَرَكُ سبحان مَن لترجّي عفوه سكنت ... نفوسنا ولها من خوفه حَرَكُ ربٌّ تقدس في سلطانه وعلا ... وجَلّ عن كل ما قد قال مُؤتَفِكُ (¬1) 18 - قال الشيخ عبد العزيز الدِّيرِيني (¬2) رحمه الله تعالى: (اللهم: ياذا الجلال والإكرام، يا عزيز لا تحيط بجلاله الأوهام، يا من لا غنى لشيء عنه، يا من لا بد لكل شيءٍ منه، يا من رزق كل شيء عليه، ومصير كل شيء إليه، يا من يعطي من لا يسأله، ويجود على من لا يؤمله، ها نحن عبيدك الخاضعون لهيبتك، المتذللون لعزك وعظمتك، الراجون جميلَ رحمتك، أمرتنا ¬

(¬1) ((قصائد ومقطعات)): 174 ـ 175. (¬2) عبد العزيز بن أحمد بن سعيد الدَميريّ الدِّيرينّي، الشيخ الزاهد، القدوة العارف، صاحب الأحوال والكرامات، والمصنفات والنظم الكثير، نظم عدداً من كتب الفقه والتفسير. كان متقشفاً مخشوشناً، حسن الأخلاق، سليم الباطن. ولد سنة 612، وتوفي سنة 694 وقيل سنة 697 رحمه الله تعالى. انظر ((طبقات الشافعية الكبرى)): 8/ 191 ـ 208.

ففرطنا ولم تقطع عنا نعَمك، ونهيتنا فعصينا ولم تقطع عنا كرمك، وظلمنا أنفسنا مع فقرنا إليك فلم تقطع عنا غناك يا كريم ... ) (¬1). وقال رحمه الله: (الحمد لله الغفور الودود، الكريم المقصود، الملك المعبود، القديم الوجود، العميم الجود، ... لا يخفى عليه دبيب النملة السوداء في الليالي السود، ويسمع حِسّ الدود في خلال العود، ويرى جريان الماء في باطن الجلمود (¬2)، وتردد الأنفاس في الهبوط والصعود، القادر؛ فما سواه فهو بقدرته موجود، وبمشيئته تصاريف الأقدار، وبقسمته الإدبار والسعود (¬3) ... ، أباد بسطوته قوم نوح وأهلك عاداً وقوم هود، وسلط ضعيف البعوض بقدرته على نمرود ... ) (¬4). وقال رحمه الله: (الحمد لله منشئ الموجودات، وباعث الأموات، وسامع الأصوات، ومجيب الدعوات، وكاشف الكربات. ¬

(¬1) ((طهارة القلوب)): 28. (¬2) أي الصخر الأصم. (¬3) أي السعادة. (¬4) المصدر السابق: 101.

عالم الأسرار، وغافر الإصرار، ومنجي الأبرار، ومهلك الفجّار ... الأول الذي ليس له ابتداء، الآخر الذي ليس له انتهاء، الصمد الذي ليس له وزراء، الواحد الذي ليس له شركاء ... العليم الخبير، القدير السميع البصير، المنفرد بالتدبير ... سبحان مَن نوّر بمعرفته قلوب أحبابه، وطهر سرائرهم فتمتعوا بخطابه ... يا خيبةَ من لم يؤيده الحكيم الحليم، يا حسرة من لم يقبله الملك العظيم، يا مصيبة مَن فاته هذا الجود العميم .. ) (¬1). وقال رحمه الله تعالى: إليك وإلا لا تشد الركائبُ ... ومنك وإلا لا تُنال الرغائبُ فيك وإلا فالرجاء مخيبٌ ... وعنك وإلا فالمحدث كاذبُ لديك وإلا لا قرار يطيب لي ... عليك وإلا لا تسيل السواكب (¬2) وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: ¬

(¬1) المصدر السابق: 197. (¬2) المصدر السابق: 238.

كيف يحيط بك عقل أنت خلقته؟ أم كيف يدركك بصر أنت شققته؟ أم كيف يدنو منك فكر أنت وفقته؟ أم كيف يحصي الثناءَ عليك لسان أنت أنطقته؟ ... إلهي: كيف يناجيك في الصلوات من يعصيك في الخلوات، لولا حلمك؟ أم كيف يدعوك في الحاجات من ينساك عند الشهوات لولا فضلك؟ ... اللهم: يا حبيب كل غريب، ويا أنيس كل كئيب: أي منقطع إليك لم تكفه بنعمتك؟ أم أي طالب لم تلقه برحمتك؟ أم أي هاجر هجر فيك الخلق فلم تصله؟ أم أي محب خلا بذكرك فلم تؤنسه؟ أم أي داع دعاك فلم تُجبه؟ ...

إلهي: كيف نتجاسر على السؤال مع الخطايا والزلات؟ أم كيف نستغني عن السؤال مع الفقر والفاقات؟ ... يا حبيب القلوب أين أحبابك؟ يا أنيس المنفردين أين طلابك؟ من الذي عاملك فلم يربح؟ من الذي التجأ إليك فلم يفرح؟ ومن وصل إلى بساط قربك واشتهى أن يبرح؟ لا قوة على طاعتك إلا بإعانتك، ولا حول عن معصيتك إلا بمشيئتك، ولا ملجأ منك إلا إليك، ولا خير يُرجى إلا في يديك) (¬1). وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: لولا أنك بالفضل تجود ما كان عبدك إلى الذنب يعود. ولولا محبتك للغفران ما أمهلت من يبارزك بالعصيان، وأسبلت سترك على من أسبل ذيل النسيان، وقابلت إساءتنا منك بالإحسان. ¬

(¬1) ((طهارة القلوب)): 283.

إلهي: ما أمرتنا بالاستغفار إلا وأنت تريد المغفرة، ولولا كرمك ما ألهمتنا المعذرة. أنت المبتدئ بالنوال قبل السؤال، والمعطي من الإفضال فوق الآمال، إنا لا نرجو إلا غفرانك، ولا نطلب إلا إحسانك ... إلهي: أنت المحسن وأنا المسيء، ومن شأن المحسن إتمام إحسانه، ومن شأن المسيء الاعتراف بعدوانه. يا من أمهل وما أهمل، وستر حتى كأنه قد غفر، أنت الغني وأنا الفقير، وأنت العزيز وأنا الحقير ... ) (¬1). وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: من أطمَعَنا في عفوك وجودك وكرمك، وألهمنا شكر نعمائك، وأتى بنا إلى بابك، ورغّبَنا فيما عددته لأحبابك، هل ذلك كله إلا منك؟ دللتنا عليك وجئت بنا إليك ... ¬

(¬1) المصدر السابق: 283 ـ 284.

واخيبة مَن طردته عن بابك، واحسرةَ من أبعدته عن طريق أحبابك. إلهي: إن كانت رحمتك للمحسنين فإلى أين تذهب آمال المذنبين) (¬1). وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: أعطيتنا الإيمان قبل السؤال، وهو أفضل ما تعطيه من النوال، والكريم لا يرجع في هبته، والغني لا يعود في عطيته. إلهي: ببابك أنخنا، ولمعروفك تعرضنا، وبكرمك تعلقنا، وبتقصيرنا اعترفنا، وأنت أكرم مسؤؤل وأعظم مأمول. ببابك ربي قد أنخت ركائبي ... وماليَ من أرجوه يا خير واهب فإن جدت بالفضل الذي أنت أهله ... فيا نُجْحَ آمالي بنيل رغائبي ¬

(¬1) المصدر السابق: 284 ـ 285.

وإن أبعدَتْني عن حماك خطيئتي ... فيا خيبة المسعى وضيعة جانبي ... اللهم: ارحم عباداً غرهم طول إمهالك، وأطمعهم دوام إفضالك، ومدوا أيديهم إلى كريم نوالك، وتيقنوا أن لا غنى لهم عن سؤالك) (¬1). وقال رحمه الله تعالى: (اللهم: يا حبيب التائبين، ويا سرور العابدين، ويا قرةَ أعين العارفين، ويا أنيس المنفردين، ويا حرز اللاجئين، ويا ظهر المنقطعين، ويا من حَنّت إليه قلوب الصديقين، اجعلنا من أوليائك المتقين وحزبك المفلحين. اللهم: وإن كانت ذنوبنا فظيعة فإنا لم نرد بها القطيعة ... إلى من نلتجئ إن صرفتنا؟ إلى أين نذهب إن طردتنا؟ بمن نتوسل إن حجبتنا؟ من يُقبل علينا إن أعرضت عنا؟ ¬

(¬1) المصدر السابق: 286.

إلهي: كيف تردنا الذنوب عن سؤالك ونحن الفقراء إلى نوالك؟ ها نحن قد أنخنا ببابك، فتعطف علينا مع أحبابك. إلهي: أنت لنا كما تحب فاجعلنا لك كما تحب. إلهي: كل فرح بغيرك زائل، وكل شغل بسواك باطل، والسرور بك هو السرور، والسرور بغيرك هو الغرور. اللهم: إنك قبلت الوفاء من السحرة حين ذكروك مرة وسجدوا لك سجدة، وإنا لم نزل مقرين بربوبيتك، معترفين بوحدانيتك، ما سجدنا قط إلا بين يديك، ولا رفعنا حوائجنا إلا إليك ... ) (¬1). وقال رحمه الله تعالى: (إلهي: إن كنا لا نقدر على التوبة فأنت تقدر على المغفرة. ¬

(¬1) المصدر السابق: 287 ـ 288.

إلهي: قد أطعناك في أكبر الطاعات: الإيمان بك، والافتقار إليك، وتركنا أكبر السيئات: الشرك بك، والافتراء عليك، فاغفر لنا ما بينهما ولا تخُجلنا بين يديك. إلهي: إن ذنوبنا صغيرة في جنب عفوك، وإن كانت كبيرة في جنب نهيك. إلهي: لو أردت إهانتنا لم تَهْدنا، ولو أردت فضيحتنا لم تسترنا، فتممِ اللهم ما به بدأتنا، ولا تسلبنا ما به أكرمتنا. إلهي: أتحرق وجهاً بالنار كان لك ساجداً؟ ولساناً كان لك ذاكراً؟ وقلباً كان بك عارفاً؟ إلهي: أنت ملاذنا إن ضاقت الحيل، وملجؤنا إذا انقطع الأمل، بذكرك نتنعم ونفتخر، وإلى جودك نلتجئ ونفتقر، فبك فخرنا وإليك فقرنا:

بذكرك يا مولى الورى نتنعمُ ... وقد خاب قوم عن سبيلك قد عَمُوا شهدنا يقيناً أن علمك واسع ... وأنت ترى ما في القلوب وتعلم إلهي تحملنا ذنوباً عظيمة ... أسأنا وقصرنا وجودك أعظم سترنا معاصينا عن الخلق غفلة ... وأنت ترانا قم تعفو وترحم وحَقَّك ما فينا مسيء يسره ... صدودك عنه بل يُذَلّ ويندم سكتنا عن الشكوى حياء وهيبة ... وحاجتنا بالمقتضى تتكلم إذا كان ذل العبد بالحال ناطقاً ... فهل يستطيع عنه ويكتم إلهي فجد واصفح وأصلح قلوبنا ... فأنت الذي تولي الجميل وتكرم

19 - وقال الشيخ ابن عطاء الله السكندري

ألست الذي قربت قوماً فوُفِّقوا ... ووفقتهم حتى أنابوا وأسلموا وقلتَ استقيموا منةً وتكرماً ... وأنت الذي قومتهم فتقوموا لهم في الدجا أُنسٌ بذكرك دائماً ... فهم في الليالي ساجدون وقُوّمُ نظرتَ إليهم نظرة بتعطف ... فعاشوا بها والخلق سَكْرى ونُوّمُ لك الحمد عاملنا بما أنت أهله ... وسامح وسلمنا فأنت المُسَلِّمُ اللهم: دلنا بك عليك، وارحم ذلنا بين يديك، واجعل رغبتنا فيما لديك، ولا تحرمنا بذنوبنا ولا تطرد بعيوبنا ... ) (¬1). 19 - وقال الشيخ ابن عطاء الله السَكَندري (¬2) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) المصدر السابق: 288 ـ 290. (¬2) أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله، تاج الدين أبو الفضل الإسكندراني الشاذلي. كان المتكلم على لسان الصوفية في زمانه، وكان يعظ الناس. توفي سنة 709 رحمه الله تعالى. انظر ((الدرر الكامنة)): 1/ 291 ـ 293.

(الحمد لله المنفرد بالخلق والتدبير، الواحد في الحكم والتقدير، الملك الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ليس له في ملكه وزير، الملك الذي لا يخرج عن ملكه كبير ولا صغير، المتقدس في كمال وصفه عن الشبيه والنظير ... العليم الذي لا يخفى عليه ما في الضمير، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. العالم الذي أحاط علمه بمبادئ الأمور ونهاياتها، السميع الذي لا فضل في سمعه بن جهر الأصوات وإخفائها، الرزَّاق وهو المنعم على الخليقة بإيصال أقواتها، القيوم وهو المتكفل بها في جميع حالاتها، الواهب وهو الذي مَنّ على النفوس بوجود حياتها، القدير وهو المعيد لها بعد وجود وفاتها، الحسيب وهو المجازي لها يوم قدومها عليه بحسناتها وسيئاتها، فسبحانه مِن إله مَنّ على العباد بالجود قبل الوجود، وقام لهم بأرزاقهم مع كلتا حالتيهم من إقرار وجحود ... ) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (إلهي: أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيراً في فقري. ¬

(¬1) ((التنوير)): 2.

إلهي: أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولاً في جهلي. إلهي: مني ما يليق بلؤمي، ومنك ما يليق بكرمك. إلهي: ما أعطفك بي مع عظيم جهلي، وما أرحمك بي مع قبيح فعلي، وما أقربك مني وما أبعدني عنك. إلهي: حكمك النافذ ومشيئتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالاً، ولا لذي حال حالاً. إلهي: كيف يُستدل بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المُظهِرَ لك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟) (¬1). ¬

(¬1) ((الأدب في التراث الصوفي)): 114 ـ 115.

20 - وقال الإمام ابن القيم

20 - وقال الإمام ابن القيم (¬1) رحمه الله تعالى: (الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. لا "إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأرضين، ومالك يوم الدين، الذي لا فوز إلا في طاعته، ولا عز إلا في التذلل لعظمته، ولا غنى إلا في الافتقار إلا رحمته، ولا هدى إلا في الاستهداء بنوره، ولا حياة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في قربه، ولا صلاح للقلب ولا فلاح إلا في الإخلاص له وتوحيد حبه. الذي إذا أُطيع شَكر، وإذا عُصي تاب وغفر، وإذا دُعي أجاب، وإذا عومل أثاب. والحمد لله الذي شهدت بالربوبية جميع مخلوقاته، وأقرت له بالإلهية جميعُ مصنوعاته، شهدت بأنه الله الذي لا إله إلا هو بما أودعها من عجائب صنعته وبدائع آياته. وسبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. ولا إله إلا الله وحده , لا شريك له في إلهيته، كما لا شريك ¬

(¬1) تقدمت ترجمته ص 31.

21 - وقال الإمام ابن كثير

له في ربوبيته، ولا شبيه له في ذاته، ولا في أفعاله، ولا في صفاته ... والله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. وسبحان من سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها، والأرض وسكانها، والبحار وحيتانها، والنجوم والجبال، والشجر والدواب، والآكام (¬1) والرمال، وكل رطب ويابس، وكل حي وميت: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن من شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (¬2)}. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرض والسموات، وخلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله تعالى رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه ... ) (¬3). 21 - وقال الإمام ابن كثير (¬4) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) التلال والروابي. (¬2) سورة الإسراء: آية 44. (¬3) ((زاد المعاد)): 1/ 33 ـ 34. (¬4) هو الشيخ الإمام إسماعيل بن عمر بن كثير البُصروي، عماد الدين. ولد سنة سبعمائة أو بعدها بيسير، ونشأ بدمشق، وسمع من طائفة، واشتغل بالحديث، وجمع التفسير والتاريخ، وله عدة مصنفات سارت في البلاد، وكان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة. توفي سنة 774. وكان قد أضرّ في أواخر عمره: انظر ((الدرر الكامنة)): 1/ 399 ـ 400.

22 - وقال لسان ابن الخطيب

(الحمد لله الأول الآخر، الباطن الظاهر، الذي بكل شيء عليم، الأول فليس قبله شيء، الآخر فليس بعده شيء، الظاهر فليس فوقه شيء، الباطن فليس دونه شيء ... يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء ... وهو العلي الكبير المتعال ... الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً. ورفع السموات بغير عمد، وزينها بالكواكب الزاهرات، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً. أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه يملأ أرجاء السموات والأرضين، دائماً أبدَا الآبدين، ودهرَ الداهرين، إلى يوم الدين، في كل ساعة وآن ووقت وحين، كما ينبغي لجلاله العظيم، وسلطانه القديم، ووجهه الكريم ... ) (¬1). 22 - وقال لسان ابن الخطيب (¬2) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) ((البداية والنهاية)): 1/ 4 ـ 5. (¬2) محمد بن عبد الله بن سيد السلماني، قرطبي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، لسان الدين ابن الخطيب. ولد سنة 713 بـ ((لوشة))، وقرأ القرآن والقراءات والعربية، وتأدب، وأخذ المنطق والحساب والطب وبرز فيه، وتولع بالشعر ونبغ فيه وله قصائد كثيرة جداً، ومصنفات كثيرة، وترسّل ففاق أقرانه، واستوزره السلطان مرتين، وكان يلقب بذي الوزارتين: السيف والقلم، سعى بعض حساده فيه فقتل في محنة جرت عليه سنة 776 رحمه الله تعالى. انظر ((الدرر الكامنة)): 4/ 88 ـ 93، و ((الأعلام)): 6/ 235.

23 - قال ابن رجب

الحمد لله الذي مصداقه ... في كل شيء أنه خَلاّقُهُ الحمد لله الذي دليله ... في كل شيء واضحٌ سبيلُه والحمد لله الذي مَن جحدهْ ... فإنما ينكر رباً أوجدهْ والحمد لله الذي مَن أنكره ... فإنما ينكر رباً صوره (¬1) 23 - قال ابن رجب (¬2) رحمه الله تعالى: (سبحان من ذكره قوت القلوب وقرة العيون، وسرور النفوس، وروح الحياة وحياة الأرواح، وتبارك الذي من خشيته تتجافى عن المضاجع الجنوب، وبرجاء رحمته تتنفس عن نفوس الخائفين الكروب، وبروح محبته تطمئن القلوب وترتاح، ما طابت الدنيا إلا بذكره ومعرفته، ولا الآخرة إلا بقربه ورؤيته ... فكل قلوب تألهت سواه فهي فاسدة ليس لها صلاح، وكل صدور خلت من هيبته وتقواه فهي ضيقة ليس لها انشراح، وكل نفوس أعرضت عن ذكره فهي مظلمة الأرجاء {اللهُ نُورُ ¬

(¬1) ((لسان الدين ابن الخطيب: حياته وتراثه الفكري)): 271. (1) (¬2) عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي الدمشقي الحنبلي، الشيخ المحدث الحافظ، زين الدين. ولد سنة 706 ببغداد، وقدم دمشق، وأكثر الاشتغال حتى مهر، وصنف. توفي سنة 795 رحمه الله تعالى. انظر ((الدرر الكامنة)): 2/ 428 ـ 429.

24 - وقال عبد الرحيم البرعي

السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} (¬1) (¬2). 24 - وقال عبد الرحيم البرعي (¬3) رحمه الله تعالى: هو أولٌ هو آخرٌ هو ظاهر ... هو باطنٌ ليس العيون تراهُ سل عنه ذراتِ الوجودِ فإنها ... تدعوه معبوداً لها رباهُ أبدى بمحكمه صنعه من نطفةٍ ... بشراً سوياً جَلّ مَن سواهُ وبنى السموات العُلى والعرشُ والـ ... ــكرسي ثم علا الجميع عُلاهُ ... تجري الرياح على اختلاف هبوبها ... عن إذنه والفلك والأمواهُ (¬4) ¬

(¬1) سورة النور: آية 35. (¬2) ((استنشاق نسيم الأنس)): 17. (¬3) عبد الرحيم بن علي البرعي الهاجري اليمني، الشيخ العالم الشاعر. أخذ النحو والفقه على جماعة من علماء عصره حتى تأهل للتدريس وأتته الطلبة من أماكن شتى فدرّس، وأفتى واشتهر بالعلم توفي سنة 803 رحمه الله تعالى. انظر ((ملحق البدر الطالع)): 120. (¬4) جمع مياه.

25 - وقال محمد بن إبراهيم بن الوزير

يا ذا الجلالٍ وذا الجمالِ وذ الكرم ... يا منعماً عَمّ الأنامَ نداهُ ... (¬1) 25 - وقال محمد بن إبراهيم بن الوزير (¬2) رحمه الله تعالى: أُرَجِّيك إذْ كنتُ أهل الرَجا ... وأخشاك إني من ألظالمينا وأسألك إذ كنتُ قد ... علمتُ بحبك للسائلينا وفوضت أمري بعد الدُعا ... بحقٍّ إلى أحكم الحاكمينا إذا شئت أعفيتني من ذنوبي ... وسامحت يا أرحم الراحمينا وهذا الذي أنت أهل له ... وأنت تحث به المحسنينا وأنت الذي قلتَ لا تقنطوا ... خطاباً خصصتَ به المسرفينا (¬3) ¬

(¬1) ((تاريخ الأدب العربي)): 5/ 195 ـ 196، ونقله عن ((شعر الغناء الصنعاني)): 181. (¬2) محمد بن إبراهيم بن علي، السيد الحسني، الإمام الكبير، المجتهد المطلق، المعروف بـ ((ابن الوزير)). ولد سنة 775، وقرأ على أكابر مشايخ صنعاء وسائر المدن اليمنية ومكة، وتبحر في جميع العلوم، وفاق الأقران، واشتهر صيته، وطار علمه في الأقطار، وله مصنفات مهمة كثيرة، وقيل إن اليمن لن يُنجب مثله. توفي رحمه الله تعالى سنة 840. انظر ((البدر الطالع)): 2/ 81 ـ 93. (¬3) ((تاريخ الأدب العربي)): 5/ 192، نقله عن ديوان ((مدائح إلهية)) لابن الوزير.

26 - وقال ابن عاصم الغرناطي

26 - وقال ابن عاصم الغرناطي (¬1) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي بقدره الحزن والفرح والمساءة والسرور، وبيده القبض والبسط، والرفع والخفض، والغنى والفقر، والخلق والأمر، وإليه ترجع الأمور. وبقضائه المعافاة والابتلاء ... والسراء والضراء، والسُقم والإبراء، والخفاء والظهور. وبمشيئته الشقاء والسعادة، والبَدءُ والإعادة، والعزة والذلة، والكثرة والقلة، والحسنات والسيئات، والآثام والأجور. وعن علمه الإيمان والكفر، والعٌرْف والنُكر، والإقبال والإعراض، والتسليم والاعتراض ... والخشية والغرور. ومن موعوده النعيم والجحيم، والسلسبيل والحميم، والرَوح والسَموم، والطلح والزقوم، والأساور والأغلال، والآرائك والأنكال، والفوز والخَسار، والحبور والثبور ... نحمده سبحانه وبحمده تتم الطلبات، ولمجده ترفع ¬

(¬1) أبو يحيى محمد بن محمد بن محمد القيسي الغرناطي الأندلسي المالكي، قاضي الجماعة. كان بليغاً متقدماً في الفنون والعلوم مع الحفظ والتحقيق. توفي رحمه الله تعالى سنة 857 مقتولاً في محنة لحقته. انظر ترجمته مفصلة في مقدمة كتاب ((جنة الرضى)) المأخوذ منه هذا الحمد والتسبيح.

27 - وقال الضمدي

الرغبات، وبفضله تستجلب الخيرات، وبعونه تستدفع الشرور. ونشكره جل وعلا، وشكره عمل لا يضيع، وأمل لا يخيب، وذخيرة لا تبيد، وتجارة لا تبور. ونستغيث به في كل كرب أَلَمّ، وفي كل خطب أهم، فمنه الإعانة، وبه الاستغاثة، وإليه النشور) (¬1). 27 - وقال الضمدي (¬2) رحمه الله تعالى: إن مسنا الضرُّ أو ضاقت بنا الحيل ... فلن يخيب لنا في ربنا أملُ ... الله في كل خطب حسبنا وكفى ... إليه نرفع شكوانا ونبتهلُ من ذا نلوذ به في كشف كُربتنا ... ومن عليه سوى الرحمنِ نتكلُ ... ¬

(¬1) ((جنة الرضى)): 1/ 93 ـ 94. (¬2) محمد بن علي بن عمر الضمديّ التهاميّ. ولد سنة 883 بهجرة ضمد من المخلاف السليمانيّ بتهامة. ونشأ نشأة صالحة حيث حفظ القرآن، وارتحل لطلب العلم إلى أماكن متعددة باليمن وإلى مكة ثم استقر بضمد، وانصرف الى التدريس والفتيا، وكان من الذين تبحروا في فنون عديدة، وكان كريم الخلق، وله نظم فائق وخط حسن. توفي سنة 990 بعد أن عمر طويلاً رحمه الله تعالى.

28 - وقال أبو السعود الجارحي

خزائن الله تغني كل مفتقر ... وفي يد الله للسؤال ما سألوا وسائل الله مازالت مسائله ... مقبولة ما لها رد ولا مللُ فافزع إلى الله واقرع باب رحمته ... فهو الرجاء لمن أعيت به السُبُلُ كم أنقذ الله مضطراً برحمته ... وكم أنال ذوي الآمال ما أملوا فأنت أكرم من يُدعى وأرحمُ من ... يُرجى وأمرك فيما شئت ممتثل 28 - وقال أبو السعود الجارحي (¬1) رحمه الله تعالى: (يامن آنس عباده الأبرار وأولياءه المقربين الأخيار بمناجاته ... ¬

(¬1) كان كثير المجاهدات والكرامات، له في مصر القبول التام عند الخاص والعام، وله تلامذة كثر، وله أحوال عجيبة غريبة لا تقبل بميزان الشرع المطهر، توفي سنة نيف وثلاثين وتسعمائة، رحمه الله تعالى. انظر ترجمته على التفصيل في ((الطبقات الكبرى)) للشعراني: 2/ 129 ـ 130، ولم يرد فيها تحديد اسمه.

يا من أمات وأحيا، وأقصى وأدنى، وأسعد وأشقى، وأضل وهدى، وأفقر وأغنى، وأبلى وعافى، وقدّر وقضى، كل بعظيم تدبيره وسالف أقداره. رب: أي باب يقصد غيرُ بابك؟ وأي جناب يتوجه إليه غير جنابك؟ وأنت العلي العظيم الذي لا حول ولا قوة لنا إلا بك. رب: إلى مَن أقصد وأنت المقصود؟ وإلى من أتوجه وأنت الحي الموجود؟ ومن ذا الذي يعطي وأنت صاحب الجود؛ ومن ذا الذي يُسأل وأنت الرب المعبود. يا من لا ملجأ منه إلا إليه، يا من يُجير ولا يجار عليه. رب: إلى من أشتكي وأنت العليم القادر؟ أم بمن نستنصر وأنت الولي الناصر؛ أم بمن أستعين وأنت القوي القاهر؟ أم إلى من أتوجه وأنت الكريم الساتر. يا من هو الأول والآخر والظاهر والباطن ... يا مفرجَ الكربات، يا مزيل العظيمات، يا مجيب الدعوات، يا غافر الزلات، يا ساتر العورات، يا رفيع الدرجات، يا رب

29 - وقال أبو الحسن البكري

الأرضين والسموات ... يا من هو عوني وملجئي ومولاي وسندي ... ) (¬1). 29 - وقال أبو الحسن البكري (¬2) رحمه الله تعالى: (إلهي: من أنا وما علمي وما عملي، وما وجودي بصلاحي وزللي، وما سؤلي وما أملي، وما جودي وما بخلي ... أنت المبدئ المعيد، الولي الحميد، الكريم المجيد، ذو الآلاء الظاهرة، والنعم المتوافرة ... يا ولي يا حميد: أمرت ونهيت، وحكمت وقضيت، فلك الحمد فيهما. مهما قضيت فتسليم وسلام، ومهما أمرتَ فلك فيه أحكام. يا مكون الأكوان، يا ربَّ كل زمان، يا واحد يا أحد يا ديّان (¬3): ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 275 ـ 277. (¬2) علي بن محمد بن علي، أبو الحسن البكري الصديقي. مفسر متصوف مصري، من علماء الشافعية. ولد بالقاهرة سنة 899، وكان يقيم عاماً بها وعاماً بمكة. له مصنفات كثيرة، وشاع ذكره في الأرض مع صغر سنه. توفي بالقاهرة سنة 952 رحمه الله تعالى. انظر ((الأعلام)): 7/ 57. أما المغزى فقد سماه محمد بن محمد، ورجح الزركلي أن يكون اسمه ((محمد علي)) مركباً، انظر ((الكواكب السائرة)): 2/ 194. (¬3) الدّيان: القهار والقاضي والحاكم: ((ترتيب القاموس المحيط)) د ي ن.

دانٍ لك من أدنيتَ، وبعيد عنك من أقصيت، لا إله إلا أنت سبحانك ربَّ العالمين، أنت الحامد قبل حمد الحامدين، الموجود قبل وبعد الأولين والآخرين، يا حنان يا منان يا إله العالمين) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: بوجودكم تتجمل الأوقات ... وبوجودكم تتنزل الأقواتُ وبشكركم تتحدث الركبانُ والبـ ... ـلدان والعمران والفَلواتُ (¬2) لله ما أحلى قديمَ حديثكم ... ذاك الذي هو للقلوب حياةُ (¬3) تحي قلوب العارفين بذكركم ... والجاهلون قلوبهم أمواتُ وقع النداء لنا ألستُ بربكم ... قلنا بلى وأجابت الذراتُ ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 238 ـ 239. (¬2) أي الصحاري. (¬3) ماكان السلف الصالح يطلقون لفظة القديم على كلام الله تعالى.

شهد الشهود وأثبت القاضي على ... إشهادكم وتسجّل الإثباتُ وعلى قديم العهد نحن إلى اللِقا ... هيهات أن تتحول الحالاتُ واهاً على أحوال قوم أعرضوا ... عن بابكم كم فاتهم خيراتُ ومن احتمى يوماً بغير حماكمُ ... حَلّت به الآفات والهَلَكاتُ يا نائمين تيقظوا من نومكم ... لم يبق مِن قُرب الحبيب سباتُ يا معرضين عن الكريم تعرضوا ... فلربكم في دهركم نفحاتُ خلّوا الغرور فكل شيء هالك ... لا شك إلا الله والطاعاتُ (¬1) ¬

(¬1) ((الكواكب السائرة)): 2/ 194 ـ 197.

30 - وقال الشيخ أبو بكر بن سالم باعلوي

30 - وقال الشيخ أبو بكر بن سالم باعلوي (¬1) رحمه الله تعالى: (اللهم: يا عظيم السلطان، يا قديم الإحسان، يا دائم النعم، يا كثير الخير، يا واسع العطايا، يا باسط الرزق، يا خفيَّ اللطُف، يا جميل الصُنع، يا جميل الستر، يا حليماً لا يعجل، يا كريماً لا يبخل ... اللهم: يا ميسرَ كلِّ عسير، ويا جابر كلِّ كسير، ويا صاحب كلِّ فريد، ويا مغني كلِّ فقير، ويا مقويَ كلِّ ضعيف ... ) (¬2). 31 - وقال السيد محمد البكري (¬3) رحمه الله تعالى: (يا منفِّسَ كُربِة كلِّ مكروب، ويا كاشف الضُرِّ والبلوى عن ¬

(¬1) المرشد الرباني، أبو بكر بن سالم بن عبد الله، الحسيني. ولد بمدينة تريم سنة 919، وتفي سنة 992 رحمه الله تعالى، وله عدة رسائل وكتب، وله شعر كثير. انظر ترجمته ـ بتفصيل لا بأس به ـ في ((تاريخ الشعراء الحضرميين)) 1/ 167 ـ 171. (¬2) ((مخ العبادة)) 191. (¬3) محمد بن محمد بن محمد البكري الصديقي، أبو المكارم شمس الدين. من علماء المتصوفين. ولد بمصر سنة 93، وكان له شعر جيد. وله كتب ورسائل في التصوف والعبادات، وله حزب معروف باسم حزب البكري. توفي بمصر سنة 994 رحمه الله تعالى. انظر ((الأعلام)): 7/ 60.

32 - وقال زين العابدين البكري

أيوب، ويا من أَقرَ بيوسف عينَ صفيه ونبيه يعقوب، ونجى نوحاً من الغرق، وإبراهيم من الحَرَق، ويونس َ من الظلمات، وسلم موسى من شر الجبابرة العُتاة، وأعاذ محمداً - صلى الله عليه وسلم - من شياطين الإنس والجِنّة ... يالله يا رحمن يا رحيم، ياحيُّ يا قيوم يا عليّ يا عظيم، يا ذا الجلال والإكرام، أنت الله الرحمن الرحيم، المحيط السريع الظاهر الناصر الكريم. سبحانك فيك المرغوب، ومنك المطلوب والمرهوب .. . أنت الحق الذي لا حق سواه ولا معه غيره ولا شيء لولاه، لك العظمة والسلطان، والملك والقدرة ورفعة الشان. خلقت الخلقَ رحمة منك من غير حاجة لك في خلقهم ورزقهم، ومددتهم بما شئت وتكفلت بأجلهم ورزقهم. لك الحمد وسعت كل شيء رحمةً وعلماً، وغفرت الذنوب وسترت العيوب حناناً منك ورأفة وحلماً ... ) (¬1). 32 - وقال زين العابدين البكري (¬2) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 246 ـ 248. (¬2) محمد بن محمد بن محمد، أبو السرور زين العابدين البكري، ويسمى تاج العارفين. ولد سنة 971، وكان مفتي السلطنة بمصر، وهو أول من لقب بهذا اللقب في الديار المصرية. كان آية في علم التصوف، وله بعض التآليف. توفي سنة 1007 رحمه الله تعالى عن ست وثلاثين سنة. انظر ((الأعلام)): 7/ 61، و ((خلاصة الأثر)): 1/ 474.

(اللهم: إنك ولي حميد، جواد وفيّ مجيد، كاشف الكربات، وباسط الخيرات، ومجيب الدعوات، ورب الأرضيين والسموات، قولك الحق، ووعدك الصدق، وقد وعدت بالنجاة عبادك المؤمنين, لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وعَدك وعدَك يارب العالمين. يا فالق الحَبِّ والنوى. لا أضل وبك أهتدي، ولا أَغوي وبسلطانك أقتدي. يا باسط يا ودود، يا ملك يا معبود، يا حيّ قبل كل حيّ، ويا حي بعد كل حَيّ، ويا حيّ حين لا حَيّ) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (يا الله يا رحمنُ يا رحيم، يا حيّ يا قيوم، يا علي يا عظيم، يا ذا الجلال والإكرام، يا صانع كلِّ مصنوع، ويا جابَر كلِّ كسير، ويا مؤنسَ كلِّ وحيد، ويا صاحبَ كل غريب، ويا قريباً غير بعيد، ويا حاضراً غير غائب، ويا غالباً غير مغلوب، ويا شاهد كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى ... ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 249.

33 - وقال محمد بن عبد الله بن يحيى شرف الدين

يا سابق الفَوْت (¬1)، ويا سامع الصوت، ويا كاسيَ العظام لحماً بعد الموت، أنت ربي ورب الأرباب، ومسيِّر السحاب، ومعتق الرقاب ... اللهم: إنك الحق القوي القاهر ... القيومُ القدير الباطن الظاهر (¬2)، السُّبّوحُ القدوس العليم بما تُكِنّ (¬3) السرائر، المهيمن اللطيف المحيط بمكنونات الضمائر ... ) (¬4). 33 - وقال محمد بن عبد الله بن يحيى شرف الدين (¬5) رحمه الله تعالى: ثقتي أنت يا كريمَ الذاتِ ... إن جفتني أحبتي وثقاتي ¬

(¬1) أي سابق السَبق. (¬2) الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، كما ورد تفسيره في الحديث: ((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)). (¬3) أي بما تخفي. (¬4) ((جامع الثناء على الله)): 250 ـ 251. (¬5) السيد محمد بن عبد الله بن الإمام شر الدين: الشاعر المشهور المجيد، وغالب شعره موشحات في غاية الرقة والانسجام، وللناس إليها ميل. توفي سنة 1016 رحمه الله تعالى وكان مائلاً إلى الصوفية ميلاً زائداً. انظر ((البدر الطالع)): 2/ 194 ـ 196.

أنت ربي وأنت حسبي يارب ... وأنت المغيث في الأزماتِ ... من أنادي سواك يا حيُّ يا قيوم ... يا ذا السناءِ والسَمَحاتِ يا مجيب الدعاء ويا سامع الأصـ ... ــوات وهناً يا راحم العبرات ربِّ مالي وسيلة أرتجي منك ... ثواباً بها سوى طلباتي ليس لي قربةٌ أقدمها بين ... يدي دعوتي من الحسناتِ أنا مَن قد عرفتَ مقترفُ الذنب ... عظيمُ الذنوب والهفواتِ ... (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: لا تكلْني ياذا الجلال إلى نفسي ... يوما فالعجز مركز نفسي ... ¬

(¬1) ((الروض المرهوم)): 40.

إن تكلني يا ذا الجلالِ تعاليت ... إلى من سواك جنٍّ وإنسِ فإلى عَوْزةٍ وعجز تَكِلنُي ... وإلى ضيعة تكلني وتعسي فوكيلي كن أنت يارب في كل ... أموري ومن فوق عرش وكرسي أنت يارب عصمتي ومعيني ... ووكيلي حقاً وذكرك أُنسي (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: يا رب يا الله يا عالماً ... ما يكتم المرء وما يعلنُ سبحانك اللهم يا سامع ... الأصوات إذا ما هتف المؤمنُ (¬2) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: بمن يستغيث العبد إلا بمولاه ... ويهتف في الَلأْواء إلا بأسماهُ ... ¬

(¬1) المصدر السابق: 95. (¬2) المصدر السابق: 176.

ويا ملك الدارين ملكك دائم ... وقدسك يا قدوس أشرق مَرْآهُ ... وأنت حسيبي يا حبيبُ وجُنّتي ... وسيفي فيما نابني: حسي اللهُ ... وكن بي حفياً يا رقيبُ فأنت يا ... مجيب الذي إن يدعه العبدُ لبّاهُ ... ويا مالكَ الملكِ الذي خضعت له ... العوالم كلٌّ يرتجيه ويخشاه ... إلهي ومعبودي وربي وسيدي ... وجاعل تكويني من الطين مبداهُ ... إلهي مجيبَ السائلين، ببابك ... المؤمَّلِ داعٍ فاستجب ربي دعواهُ ... بأسمائك الحسنى أتى متوسلاً ... ومستشفعاً إذ ليس وجهٌ ولا جاهُ ... أيا سامعاً صوتَ الهواجس في ... خفيِّ سرائرنا يا حافظَ ما نسيناهُ ... (¬1) ¬

(¬1) المصدر السابق: 192 ـ 198.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: قل يا مجيب السائلين فلم يَخِبْ ... أحدٌ إذا ما قال يا الله ... فرد عظيم لم يلد أحداً ولم ... يولد تبارك ما أجلَّ ثناه وِتر قديم لم يكن أحدٌ له ... كفؤاً يداني مجده حاشاه وهو المحيط بكل معلوم وما ... أحد يحيط بعلمه إلا هو ... (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: ما ذكر الذاكرون ما ذكروا ... أشرفَ من لا إله إلا الله ... في دار دنيا ودار آخرة ... أشهد أن لا إله إلا الله ... والحمد لله لا شبيه له ... سبحانه لا إله إلا الله ¬

(¬1) المصدر السابق: 198.

ألا له الخلق كله وله ... الأمر لا إله إلا الله ... سبحان ذي العرش لا شريك له ... في ملكه لا إله إلا الله الله الله لا شريك له ... سبحانه لا إله إلا الله ... هل من إله سواه نسأله ... حاجاتنا لا إله إلا الله ... هل من إله سواه يكشف ما ... حَلَّ بنا لا إله إلا الله هل من إله لنا نلوذ به ... في كربنا لا إله إلا الله ... هل من إله يزيدنا كرماً ... من فضله لا إله إلا الله (¬1) ¬

(¬1) المصدر السابق: 199 ـ 203.

34 - وقال الأمير الصنعاني

34 - وقال الأمير الصنعاني (¬1) رحمه الله تعالى: يا رجائي وهل سواك رجائي ... أنت سُؤلي في شدتي ورخائي ... كلنا عالةٌ على الملك الجبار ... ذي المجدِ صاحب ِالكبرياءِ ... (¬2) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: لك الحمد حمداً طيب اللفظ والمعنى ... لك الحمد حمداً دائماً أبداً مِنّا ... لك الحمد إذ علمتني الحمدَ والثَنا ... ولولاك لم أعرفه لفظاً ولا معنى ... (¬3) ¬

(¬1) السيد محمد بن إسماعيل بن صلاح الحسني الكحلاني ثم الصنعاني المعروف بالأمير. الإمام الكبير المجتهد المطلق، صاحب التصانيف. ولد سنة 1099 بكحلان ثم انتقل إلى= =صنعاء سنة 1107، وأخذ عن علمائها، ورحل إلى مكة والمدينة وقرأ الحديث على علمائها، وبرع في جميع العلوم وفاق الأقران وتفرد برئاسة العلم في صنعاء، وأعلن الاجتهاد ونفر من التقليد فجرت عليه خطوب ومحن. وله مصنفات جليلة نافعة. توفي سنة 1182 رحمه الله تعالى. انظر ((البدر الطالع)): 2/ 133 ـ 139. (¬2) ((ديوان الأمير الصنعاني)): 55 ـ 56. (¬3) المصدر السابق: 403.

35 - وقال السيد الحداد

35 - وقال السيد الحداد (¬1) رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي لا يخيب من أمّله، ولا يرد من سأله، ولا يقطع مَن وصله، ولا يبخس من عامله، ولا يسلب من شكره، ولا يخذل مَن نصره، ولا يوحِش من استأنس بذكره، ولا يُسْلم من استسلم لقهره، ولا يكل مَن توكل عليه، ولا يهمل من وثق به والتجأ إليه، ولا يضل من استمسك بكتابه، ولا يذل من لاذ بجنابه ... ) (¬2). 36 - وقال الإمام الشوكاني (¬3) رحمه الله تعالى: ¬

(¬1) السيد العلامة الحبيب عبد الله بن علوي الحداد. ولد بـ ((تريم)) من حضرموت سنة 1044، وكف بصره وهو في الرابعة من عمره، وحفظ القرآن الكريم وعدداً من المتون، واعتنى أبواه به تربية وتهذيباً حتى نبغ وفاق الأقران. كان عابداً منذ صغره، شغوفاً بمختلف العلوم، ميالاً إلى الأدب والشعر، كثير الاهتمام بشؤون المجتمع، عاملاً للإصلاح، له كتب كثيرة وديون شعر. توفي رحمه الله تعالى سنة 1132. انظر ترجمته في ((التعليقات على شمس الظهيرة)): 2/ 568 ـ 571. وانظر ((المختار المصون)): 3/ 1514 ـ 1518. (¬2) ((المختار المصون)): 3/ 1517. (¬3) محمد بن علي بن محمد الشوكاني ثم الصنعاني. ولد سنة 1173 في هجرة شوكان، ونشأ بصنعاء فحفظ القرآن وعدداً من المتون، ثم اشتغل بالقراءة والطلب على المشايخ، ولم يرتحل إرضاء لوالديه، وأفتى وعمره عشرون عاماً، وله عدد من المصنفات النافعة،= =وادعى الاجتهاد وعمره أقل من ثلاثين سنة. وتولى القضاء. توفي سنة 1250 رحمه الله تعالى. انظر ترجمته مفصلة في ((البدر الطالع)): 2/ 214 ـ 225.

يارب من ذا يجير مَن ذا ... يُغيث مَن ذا يُعينُ غيرُك أجِرْ أعذني من الأعادي ... أغِثْ بخير فالخير خيرُك (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: أعطيتني الجليلا ... منحتني الجزيلا سوغتني الجميلا ... تفضلاً وَطوْلا بأي لفظ أشكرك ... بأي حمد أذكرك الحمد للرحمن ... والشكر للديان والمدح للمنان ... على العطا الهتانِ (¬2) وله ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: أنت الذي يعطي ويمنع والذي ... يولي وينفع عالماً وجهولاً ما قدرُ ما أبغيه من إفضال مَن ... مَلَك البسيطةَ عرضَها والطولا (¬3) ¬

(¬1) ((أسلاك الجوهر)): 216. (¬2) المصدر السابق: 217. (¬3) أي الأرض المبسوطة.

37 - وقال الشيخ أحمد بن إدريس السنوسي

يا ربِّ قد عودتُ نَفسي عادة ... ألا أكون لمن سواك سؤولا (¬1) 37 - وقال الشيخ أحمد بن إدريس السنوسي (¬2): (يا رحمنَ الدنيا والآخرة ورحيمَهما إني عبدك ببابك، ذليلك ببابك، أسيرك ببابك، مسكينك ببابك، ضيفك ببابك يا رب العالمين، الطالح ببابك يا غياث المستغيثين، مهمومُك ببابك يا كاشفَ كلِّ كربِ المكروبين ... إلهي: أنت الغافر وأنا المسيء، وهل يرحم المسيء إلا الغافرُ. مولاي مولاي إلهي: أنت الرب وأنا العبد، وهل يرحم العبد إلا الرب. مولاي مولاي إلهي: ¬

(¬1) المصدر السابق: 291. (¬2) أبو العباس أحمد بن إدريس الشريف الإدريسي الحسني، صاحب الطريقة الأحمدية المعروفة بالمغرب. ولد في ميسور ـ قرية من قرى فاس ـ سنة 1172، وتعلم بفاس الفقه والتفسير والحديث. وانتقل إلى مكة سنة 1214 فأقام نحو ثلاثين سنة، ورحل إلى اليمن سنة 1246 فسكن صبيا إلى أن مات بها سنة 1253، وهو جد الأدارسة الذين كانت لهم إمارة في تهامة عسير واليمن. انظر ((الأعلام)): 1/ 95.

أنت المالك وأنا المملوك، وهل يرحم المملوكَ إلا المالكُ. مولاي مولاي إلهي: أنت العزيز وأنا الذليل، وهل يرحم الذليلَ إلا العزيزُ. مولاي مولاي إلهي: أنت الرزاق وأنا المرزوق، وهل يرحم المرزوق إلا الرزاقُ ... أنت تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي ياإلهي. آهٍ من كثرة الذنوب والعصيان. آهٍ من كثرة الظلم والجفاء ... اللهم: إن ترحمني فأنت أهل، وإن تعذبني فأنا أهل، يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة، ويا أرحم الراحمين، ويا خير الناصرين، ويا خير الغافرين، حسبي الله وحده) (¬1). ¬

(¬1) ((مجموعة شريفة)): المغني: 26 ـ 29.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (الحمد لله بجميع محامده كلها ما علمت منها وما لم أعلم، على جميع نعمه كلاها ما علمت منها وما لم أعلم، عدد خلقه كلهم ما علمت منهم وما لم أعلم ... اللهم: لك الحمد حمداً كثيراً دائماً مثل ما حمدت به نفسَك، وأضعافَ ما تستوجبه من جميع خلقك، حمداً خالداً مع خلودك ... ولك الحمد حمداً كثيراً دائماً مثل ما حمدت به نفسك، وأضعاف ما تستوجبه من جميع خلقك، حمداً كثيراً لا يريد قائله إلا رضاك. ولك الحمد حمداً كثيراً دائماً مثل ما حمدت به نفسك، وأضعاف ما تستوجبه من جميع خلقك، حمداً كثيراً ملياً عند كلِّ طرفه عين وتنفس نَفَس ... ) (¬1). وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: (اللهم: أنت الله الملك الحق المبين ... المتعزز بالعظمة والكبرياء، المنفرد بالبقاء، الحي القيوم، القادر المقتدر، الجبار القهار ... ¬

(¬1) ((مجموعة شريفة)): 33 ـ 35.

يا غفور يا شكور، يا حليم يا كريم، يا صبور، يا رحيم. اللهم: إني أحمدك وأنت المحمود، وأنت للحمد أهل، وأشكرك وأنت المشكور، وأنت للشكر أهل ... إلهي: لا أذكر منك إلا الجميلَ، ولم أرَ منك إلا التفضيل، خيرُ ك لي شامل، وصنعك لي كامل، ولطفك لي كافل، وبرُّك لي غامر، وفضلك علي دائم متواتر، ونعمك عندي متصلة ... أمّنتَ خوفي، وصدقت رجائي، وحققت آمالي، وصاحبتني في أسفاري ... وعافيت أمراضي ... ولم تُشمت بي أعدائي وحسّادي، ورميت من رماني بسوء، وكفيتني شرَّ من عاداني ... تواضعت الملوك لهيبتك، وعنت الوجوه بذلة الاستكانة لِعزتك، وانقاد كلُّ شيء لعظمتك، واستسلم كل شيء لقدرتك، وخضعت لك الرقاب ... اللهم: لك الحمد حمداً كثيراً دائماً مثل ما حمدت به نفسك وأضعاف ما حمدك به الحامدون، وسبحك به المسبحون، ومجدك به الممجدون، وكبرك به المكبرون، وهلّلك به

38 - وقال الأستاذ محمد بهجة الأثري

المهللون، وقدسك به المقدسون، ووحّدك به الموحدون، وعظمك به المعظمون، واستغفرك به المستغفرون ... ) (¬1). 38 - وقال الأستاذ محمد بهجة الأثري (¬2) رحمه الله تعالى: عن كل وجهٍ قد صرفتُ عبادتي ... وعبدت وجهَك وحده مختاراً منك الوجود بدايةً وإليك بَعْـ ... ـدُ نهايةً وبك استقر قراراً ... أنت الموحّد صانعاً ومدبراً ... تَهَبُ الحياةَ وتُمسك الأقدار ... لله سَبّح في السموات العلى ... والأرضِ ما يبدو وما يتوارى (¬3) ¬

(¬1) ((جامع الثناء على الله)): 278 ـ 283. (¬2) محمد بهجة بن محمود بن عبد القادر المعروف بالأثري، ولد سنة 1322 ببغداد، وتعلم الفرنسية والتركية والإنجليزية، وأخذ عن علماء العراق الكبار، وتضلع من علوم كثيرة. أسس جمعية الشبان المسلمين ببغداد، واختير عضواً في مجامع ولجان كثيرة،= =وعين مديراً عاماً للأوقاف، ومنح جائزة الملك فيصل وغيرها، وله مصنفات كثيرة. توفي سنة 1416. انظر ((إتمام الأعلام))، ص 224 ـ 225. (¬3) ((ديوان الأثري)): 53 ـ 54.

وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: كلٌّ يُسبح في السموات العلى ... والأرض للمتفرد الخَلاّقِ ... ولوجهه عَنَتِ الوجوه وسبح ... الملكوتُ مِن بَهْرٍ ومن أشواقِ ... يا بارئ الأكوان مِن عدمٍ وي ... مُنشيْ الحياةِ وباسطَ الأرزاقِ بك وحدك اللهم جال تفكُّري ... وهواك ملئُ قلبيَ الخفّاقِ (¬1) وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى: ربِّ حارت في كُنهك الأفكارُ ... كلما فكَّرتْ عراها انبهارُ كيف تسمو إلى اكتناهك خَلْقٌ ... هُنّ عن فهم خَلْقهن قِصارُ بهرتها هذي الطبيعة والحُسنُ ... وهذي الآيات والأنوارُ ... ¬

(¬1) المصدر السابق: 56 ـ 57.

39 - وقالت الدكتورة عاتكة الخزرجية

ربِّ أنت الغنيُّ وحدك والخّلْقُ ... عيالٌ بهم إليك افتقارُ لك وجهتُ يا إلهيَ وجهي ... ولأنوار وجهك الإكبارُ (¬1) 39 - وقالت الدكتورة عاتكة الخزرجية: يسبحك الخلق في كل آن ... ويعنو لهيبتك القانتون ويغدو على بابك الأقوياء ... ويرجو مواساتك المتعبون ويسألك الرحمة الأتقياء ... ويأوي إلى ظلك المذنبون وتُحنى الجباه لعزِّ الإله ... ويخضع للأكبر الكابرون! تباركت سُبِّحت ياذا الجلال ... ويا من إليه غداّ ينسلون ¬

(¬1) المصدر السابق: 58.

ويا مجريَ الفلك فوق البحار ... ومن باطن الصخر ثج العيون ويا مجري الشمس في أفقها ... وكلّ على فلك يسبحون تباركت كيف سلخت النهار ... من الليل كيف مسخت القرون وكيف بَرَيْتهم من رغام ... وكلٌ إلى أجل سائرون وسويت بينهُمُ بالحِمام ... وروّضت فيهم جماح الحَرُون (¬1) تباركت كيف قسمت الجُدود ... وكيف يقال بها العاثرون (¬2) وسعت بحلمك طيش الجهول ... وغيّ الكفور ولؤم الخؤون ¬

(¬1) الحَرُون: أي المعاند. (¬2) الجدود: الحظوظ.

ولم توصد الباب دون الجمود ... ولا دون ما أمّل التائبون حكمت فأسقطت في العالمين ... وبالعدل فليحكم الحاكمون فنارك يصلى بها الكافرون ... وجنات عدن بها المؤمنون تباركت يا ربّ هذا الوجود ... ومن باسمه سبّح العالمون ويا موقد النار من أخضر ... ومعطي من الأرض ما يشتهون ويا مخرج الحيّ من ميّت ... ومن قال للشيء كن كي يكون تباركت يا فاطر الكائنات ... ومن هم إليه غداً ينسلون فزعت لبابك أرجو حِمى ... لضعفي فأنت حِماي المصون

عبادك يا ربّ ضلوا السبيل ... وحار الدليل فما يهتدون تشامخ في أرضك الأدنياء ... فأيّانا عن غيّهم ينتهون وجارت بأحكامها الأقوياء ... فسيم الضعيف عذاباً وهون ولم يُعط من مالك الأغنياء ... وراحوا على شحهم يحرصون ولم يبق في الناس معنى الحياء ... فأمسوا بآثامهم يفخرون وضجّت مواخيرهم بالحياة ... وباتت محاريبهم في سكون .. ! عبادك يا ربّ ضلوا السبيل ... فأين الدليل؟ عسى يهتدون أخاف عليهم وأرجو لهم ... فغفراً لهم إنهم لا يعون .. !

وأنت الغفور الودود العليم ... بما قد يُسرون أو يُعلنون وأنت اللطيف الرؤوف الرحيم ... وأنت الرفيق الشفيق الحنون (¬1) ¬

(¬1) مجلة ((المعرفة)): 58 ـ 60، السنة 4، العدد 38، سنة 1965.

سادسا تسبيح بعض الصالحين لم تذكر أسماؤهم

سادساً تسبيح بعض الصالحين لم تذكر أسماؤهم 1 - قال بعض الصالحين: (لا إله إلا الله عدد الليالي والدهور. لا إله إلا الله عدد الأيام والشهور. لا إله إلا الله عدد أمواج البحور. لا إله إلا الله عدد القطر والمطر. لا إله إلا الله عدد أوراق الشجر. لا إله إلا الله عدد الرمل والحجر. لا إله إلا الله عدد الزهر والثمر. لا إله إلا الله عدد أنفاس البشر. لا إله إلا الله عدد لمح العيون. لا إله إلا الله عدد ما كان وما يكون.

2 - وقال بعض السلف الصالحين

لا إله إلا الله تعالى عما يشركون. لا إله إلا الله خير مما يجمعون. لا إله إلا الله عدد الريح في البراري والصخور (¬1). لا إله إلا الله من يومنا هذا إلى يوم يُنفخ في الصور. لا إله إلا الله عدد خلقه أجمعين. لا إله إلا الله من يومنا إلى يوم الدين) (¬2). 2 - وقال بعض السلف الصالحين: (اللهم: يا رافع الدرجات، ومنزَل البركات، ويا فاطرَ الأرضين والسموات، ضجَّت إليك الأصوات بصنوف اللغات، يسألونك الحاجات، وحاجتي إليك ... ) (¬3). 3 - وقال أحد الصالحين: (يا من لا يشغله شأن عن شأن، ولا سمع عن سمع، ولا تشتبه عليه الأصوات، يا من لا تُغَلِّطه المسائل، ولا تختلف عليه اللغات. ¬

(¬1) أي: وعدد الصخور. (¬2) ((كنز النجاح والسرور)): 118. (¬3) المصدر السابق: 123.

4 - وقال بعض الصالحين

يا من لا يُبْرمه إلحاح الملحين، ولا تضجره مسألة السائلين ... ) (¬1). 4 - وقال بعض الصالحين: (إلهي: أنت أجل وأعظم وأعز وأكرم من أن تطاع إلا بإذنك، وتُعصى إلا بعلمك؛ لأنك علام الغيوب. اللهم: إني لم آت الذنوب جرءة مني عليك ولا استخفافاً بحقك ولكن جرى بذلك قلمك، ونفذ به حكمك، والمعذرة إليك ... إلهي: مني ما يليق بلؤمي، ومنك ما يليق بكرمك ... إلهي: كيف تَكِلُني (¬2) وقد توكلت لي، وكيف أُضام (¬3) وأنت النصير لي، أم كيف أخيب وأنت الحَفِيّ بي ... إلهي: ¬

(¬1) المصدر السابق: 127. (¬2) أي تتركني إلي غيرك. (¬3) أي أضلم ويُتعدى علي.

ما ألطفك بي مع عظيم جهلي، وما أرحمك بي مع قبيح فعلي ... إلهي: كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك، وكلما أيأستني أوصافي أطمعتني منتُك ... إلهي: ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك ... إلهي: كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يُطلب من غيرك وأنت ما بدلت عادة الامتنان ... إلهي: كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف أُهان وعليك مُتّكلي ... إلهي: ما أردت بمعصيتك مخالفتك، ولا عصيتك إذ عصيتك وأنا بمكانك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولا لنظرك مستخف، ولكن سوّلت لي نفسي (¬1)، وساقتني شهوتي، وأعانني على ذلك ¬

(¬1) أي زينت.

5 - وقال بعض الصالحين

استعدادي، وغَرّني سترك المَرْخِيّ علي فعصيتك بجهلي، وخالفتك بقبيح فعلي فمِن عذابك الآن مَن يستنقذني، أو بحبل من أعتصم إن قطعتَ حبلك عني ... ) (¬1). 5 - وقال بعض الصالحين: (اللهم ... يا مالك الدنيا والآخرة، يا عالماً بما كان وما يكون، ومن إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون ... يا مبدئ يا معيد، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا العرش المجيد، أنت تفعل ما تريد ... يا عزيز يا غفار، يا كريم يا ستّار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم: يا شديد القوى، ويا شديد المِحال ... يا محسن، يا مُجْمل، يا متفضل، يا منعم، يا مكرم، يا من لا إله إلا أنت، برحمتك يا أرحم الراحمين ... ) (¬2). ¬

(¬1) ((كنز النجاح والسرور)): 81 ـ 86. (¬2) المرجع السابق: 24 ـ 25.

6 - وقال بعض الصالحين

6 - وقال بعض الصالحين: (إلهي: جُودك دلني عليك، وإحسانك قربني إليك، أشكو إليك ما لا يخفى عليك، وأسألك مالا يعْسُرُ عليك؛ إذ علمك بحالي يغني عن سؤالي. يا مفرجَ كربِ المكروبين فرج عني ما أنا فيه {لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (¬1)}. اللهم: يا ذا المَنِّ ولا يُمَنّ عليه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَوْل (¬2) والإنعام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجين (¬3)، وجار المستجيرين، ومأمن الخائفين، وكنز الطالبين ... ) (¬4). 7 - وقال بعض الصالحين: (اللهم: ¬

(¬1) سورة الأنبياء: آية 87 ـ 88. (¬2) أي القدرة والغنى. (¬3) أي اللاجئين. (¬4) المصدر السابق: 58 ـ 59.

8 - وقال بعض الصالحين رحمه الله تعالى

إن لك نسماتِ لُطفٍ إذا هَبت على مريض غفلةٍ شَفَتْه، وإن لك نفحاتِ عطف إذا توجهت إلى أسير هوىً أطلقته، وإن لك عنايات إذا لاحظت غريقاً في بحر ضلالة أنقذته، وإن لك سعادات إذا أخذت بيد شقي أسعدته، وإن لك لطائفَ كرم إذا ضاقت الحيلة لمذنب وسعته، وإن لك فضائل ونعماً إذا تحولت إلى فاسد أصلحته، وإن لك نظرات رحمة إذا نظرت بها إلى غافل أيقظته ... ) (¬1). 8 - وقال بعض الصالحين رحمه الله تعالى: (اللهم: يا مؤنسَ القلوب، ويا ساترَ العيوب، ويا كاشفَ الكروب، ويا غافرَ الذنوب، ويا عالم الغيوب، ويا مبلغَ الأمل المطلوب، قد علمتَ ما كان من مسألتي ورغبتي، واعتذاري في خلوتي، واستقالتي من ذلتي، وتنَصُّلي من خطيئتي، وأنت اللهم تعلم همتي، والمطلع على نيتي، والعالم بطويِّتي، ومالك رقبتي، والآخذ بناصيتي، وغايتي في طِلْبتي، ورجائي عند شدتي، ومؤنسي في وحدتي، وراحم عَبرتي، ومقيل عثرتي، ومجيب دعوتي، فإن كنت قصرتُ عما أمرتني، وركبت إلى ما عنه نهيتني، فبحلمك حملتني، وبسترك سترتني، فبأي لسان أذكرك، ¬

(¬1) المصدر السابق: 62 ـ 63.

9 - وقال بعض الصالحين رحمه الله تعالى

وعلى أي نعمك أشكرك، ضاق بكثرتها ذَرْعي، فيا أكرم الأكرمين، ومنتهي غاية الطالبين، ومالكَ يومِ الدين، الذي يعلم ما أُخفي في الضمير، ويدبر أمر الصغير والكبير ... ) (¬1). 9 - وقال بعض الصالحين رحمه الله تعالى: (يا أيها الجبار الأعظم، والملك الأكرم، العالم بمن سكت وتكلم، لك الفضل العظيم، والملك القديم، والوجه الكريم، العزيز من أعززته، والذليل من أذللته، والشريف من شرفته، والسعيد من أسعدته، والشقي من أشقيته، والقريب من أدنيته، والبعيد مَن أبعدته، والمحروم مَن حرمته، والرابح من أوهبته، والخاسر من عذبته، أسألك باسمك العظيم، ووجهك الكريم، وعلمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام، وغَمُض عن مناولة الأوهام، باسمك الذي جعلته على الليل فدجى، وعلى النهار فأضاء، وعلى الجبال فدكدكت، وعلى الرياح فتناثرت، وعلى السموات فارتفعت، وعلى الأصوات فخشعت؛ وعلى الملائكة فسجدت ... ) (¬2). ¬

(¬1) ((التذكرة في أحوال الموتى والدار الآخرة)): 1/ 101. (¬2) المصدر السابق: 1/ 101 ـ 102.

10 - وقال بعض الصالحين

10 - وقال بعض الصالحين: أسر الخطايا عند بابك واقف ... يخاف ويرجو الفضلَ والفضلُ أوسعُ مقرُ بأثقال الذنوب ومكثر ... ويرجوك في غفرانا فهو يطمعُ فإنك ذو الإحسان والجود والعطا ... لك المجد والإفضالُ والمنُّ أجمعُ فكم من قبيح قد سترت عن الورى ... وكم نعمٍ تترى علينا وتتبعُ ومن ذا الذي يُرجى سواك ويُتقى ... وأنت إله الحق ما شئت تصنعُ فيا من هو القدوس لا ربَّ غيره ... تباركت أنت الله للخلق مرجعُ ويا من على العرش استوى فوق خلقه ... تباركت تعطي من تشاء وتمنعُ بأسمائك الحسنى وأوصافك العلى ... توسل عبدٌ يائس يتضرعُ (¬1) ¬

(¬1) المصدر السابق: 1/ 546 ـ 547.

11 - وقال بعض الصالحين

11 - وقال بعض الصالحين: يا من إليه جميع الخلق يبتهلُ ... وكل حيّ على رُحماه يتكلُ يا من نأى فرأى ما في القلوب وما ... تحت الثرى وحجاب الليل مُنْسدلُ أنت الملاذ إذا ما أزمةٌ شملت ... وأنت ملجأُ مَن ضاقت به الحيلُ أنت المنادى به في كل حادثة ... أنت الإله وأنت الذُخرُ والأمل أنت الغياث لمن سُدت مذاهبه ... أنت الدليل لمن ضلت به السبلُ إنا قصدناك والآمال واقعة ... عليك والكل ملهوفٌ ومبتهل (¬1) ¬

(¬1) ((موارد الظمآن)): 2/ 143 ـ 144.

خاتمة

خاتمة بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد: فقد طفنا في سياحة إيمانية على مرابع الأنس، وساحات الجلال وعَرّجنا على حدائق الثناء، ورتعنا في رياض التسبيح والتهليل، وخالط أرواحنا أصنافٌ من المناجاة جليلة، ومحامد رفيعة القدر جزيلة، فلله ما أحسنَ ما أثنى الله تعالى به على نفسه، وأثنى به عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أجملَ ما أثنى عليه المثنون، وسبحه به المسبحون، ومجَّده به الممجدون، وناجاه به المناجون، وحمده به الحامدون من الصحابة والتابعين، ومن السلف الصالحين، والخلق أجمعين إلى يومنا هذا وإلى يوم الدين. هذا وما أوردته يُعد غَيْضاً من فَيْض، ورشفة من بحر خضمٍّ متلاطم، ولكن هذا الوسع وتلك الطاقة. والله المسؤول بالإثابة والنوال، وهو حسبي ونعم الوكيل، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين.

فهرست المصادر والمراجع

فهرست المصادر والمراجع القرآن الكريم. 1ـ ((إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين)) العلامة الزبيدي = محمد بن محمد الحسيني (ت 1205). نشر دار الكتب العلمية. بيروت. الطبعة الأولى سنة 1409. 2 ـ ((إتمام الأعلام)): الدكتور نزار أباظة، ومحمد رياض المالح. نشر دار صادر. بيروت. سنة 1419. 3 ـ ((أثر الدعاء في دفع المحذور وكشف البلاء)): المصنف واضع هذه الرسالة كان الله له. نشر دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع. جدة. الطبعة الثانية سنة 1419. 4 ـ ((الأدب في التراث الصوفي)): د. محمد عبدا لمنعم خفاجي. نشر مكتبة غريب القاهرة.

5 ـ ((الأذكار)): الإمام النووي = يحيى بن شرف المُرِّي (ت 676). نشر دار التراث العربي. القاهرة. الطبعة الأولى سنة 1406. 6 ـ ((استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس)): أبو الفرج ابن رجب الحنبلي = عبد الرحمن بن أحمد (ت 795). تحقيق د. أحمد الشريف. نشر المكتب الإسلامي. بيروت ودار الخاني بالرياض. الطبعة الأولى سنة 1411. 7 ـ ((أسلاك الجوهر)): ديوان الشوكاني محمد بن علي (ت 1250). تحقيق أ. حسين بن عبد الله العمري. نشر دار الفكر. دمشق. الطبعة الثانية سنة 1406. 8 ـ ((الإشارات الإلهية)) أبو حيان التوحيدي = علي بن محمد بن العباس (ت414). تحقيق د. وداد القاضي. نشر دار الثقافة. بيروت. الطبعة الثانية سنة 1402. 9 ـ ((إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي والعلماء)): المصنف واضع هذه الرسالة. نشر دار الأندلس الخضراء. جدة. الطبعة الأولى سنة 1417.

10 ـ ((الأعلام)): الأستاذ خير الدين الزركلي. نشر دار العلم للملايين. بيروت. الطبعة الخامسة سنة 1980. 11 ـ ((بدائع الفوائد)): ابن قيم الجوزية = محمد بن أبي بكر (ت 751). نشر دار الكتاب العربي. بيروت. 12 ـ ((البداية والنهاية)): الحافظ ابن كثير = إسماعيل بن عمر (ت 774). نشر دار الفكر. بيروت. 13 ـ ((البدر الطالع بمحاسن مَن بعد القرن السابع)): الإمام الشوكاني = محمد بن علي (ت 1250). نشر دار المعرفة. بيروت. 14 ـ ((البصائر والذخائر)): أبو حيان التوحيدي = علي بن محمد بن العباس (ت 414). تحقيق د. وداد القاضي. نشر دار صادر. بيروت. الطبعة الأولى سنة 1408. 15 ـ ((تاريخ الأدب العربي)): د. شوقي ضيف.

نشر دار المعارف. القاهرة. الطبعة الثانية. 16 ـ ((تاريخ بغداد)): الخطيب البغدادي = أحمد بن علي (ت 463). نشر دار الكتب العلمية. بيروت. 17 ـ ((تاريخ الشعراء الحضرميين)): السيد عبد الله بن محمد السقاف (ت 1380). نشر مكتبة المعارف. الطائف. الطبعة الثالثة سنة 1418. 18 ـ ((تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي)): المباركفوري = محمد بن عبد الرحمن (ت 1353). مراحعة أ. عبد الوهاب عبد اللطيف. نشر دار الفكر. بيروت. 19 ـ ((تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم)): الشوكاني = محمد بن علي (ت 1250). نشر دار الكتب العلمية. بيروت. 20 ـ ((التذكرة في أحوال موتى والدار الآخرة)): القرطبي = محمد بن أحمد (ت 671). تحقيق د. أحمد حجازي السقا. نشر دار الجيل. بيروت سنة 1413.

21 ـ ((ترتيب القاموس المحيط)): الطاهر الزاوي. نشر دار الكتب العلمية. بيروت. سنة 1399. 22 ـ ((الترغيب والترهيب من الحديث الشريف)): الإمام المنذري = عبد العظيم بن عبد القوي (ت 656). ضبط أ. محمد عمارة. نشر دار الفكر. بيروت. سنة 1401. 23 ـ ((تصحيح الدعاء)): الشيخ بكر أبو زيد. نشر دار العاصمة للنشر والتوزيع. الرياض. الطبعة الأولى سنة 1419. 24 ـ ((تقريب التهذيب)): الحافظ ابن حجر العسقلاني = أحمد بن علي (ت 852). تحقيق الأستاذ محمد عوامة. نشر دار الرشيد. حلب. الطبعة الأولى سنة 1406. 25 ـ ((تمجيد الله تعالى وتعظيمه)): الإمام الإشبيلي (ت 581). نشر دار الصحابة للتراث طنطا. مصر الطبعة الأولى. سنة 1413. 26 ـ ((التنوير في إسقاط التدبير)) ابن عطاء الله السَكندري = أحمد بن محمد بن عبد الكريم (ت 709).

طبع مكتبة عبد السلام شقرون. القاهرة. 27 ـ ((التَشَوُّف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي)): أبو يعقوب يوسف بن يحيى التادليّ (ت 617). تحقيق أ. أحمد التوفيق. نشر كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط. الطبعة الأولى سنة 1404. 28 ـ ((جامع البيان عن تأويل القرآن)): الإمام الطبري = محمد بن جرير (ت 310). تحقيق الشيخ أحمد شاكر ومحمود شاكر. نشر دار المعارف. القاهرة. الطبعة الثانية. 29 ـ ((جامع الثناء على الله تعالى)): الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني. طبع شركة مصطفى البابي الحلبي وأولاده. 30 ـ ((الجامع لأحكام القرآن)) الإمام القرطبي = محمد بن أحمد (ت 671). نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب. سنة 1987. 31 ـ ((جنة الرضى في التسليم لما قدر الله وقضى)): الشيخ محمد بن عاصم الغرناطي (ت 857). تحقيق د. صلاح جرار. نشر دار البشير. عمان. سنة 1410.

32 ـ ((الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)): الحافظ ابن حجر العسقلاني = أحمد بن علي (ت 852). تحقيق أ. محمد سيد جاد الحق. نشر دار الكتب الحديثة. القاهرة. 33 ـ ((دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة)): الإمام البيهقي = أحمد بن الحسين (ت 458). تحقيق د. عبد المعطي قلعجي. نشر دار الريان للتراث. القاهرة. الطبعة الأولى سنة 1408. 34 ـ ((دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين)): ابن علان الصديقي = محمد بن علان (ت 1057). تعليق أ. محمود حسن ربيع. نشر مكتبة مصطفى البابي. الحلبي. القاهرة سنة 1397. 35 ـ ((الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب)): ابن فرحون المالكي = إبراهيم بن علي (ت 799). تحقيق د. محمد الأحمدي أبو النور. نشر مكتبة التراث. القاهرة. 36 ـ ((ديوان أبي نواس)): الحسن بن هابنئ. نشر دار صادر. بيروت.

37 ـ ((ديوان الأثري)): محمد بهجة الأثري (ت 1416). مطبوعات المجمع العلمي العراقي: الطبعة الأولى سنة 1410. 38 ـ ((ديوان الإمام الشافعي)): محمد بن إدريس. نشر المكتبة الشعبية. بيروت. 39 ـ ((الروض المرهوم والدر المنظوم)): ديوان محمد بن عبد الله بن يحيى شرف الدين (ت 1010). راجعه د. محمد عبد المنعم خفاجي. نشر مكتبة ذمار الوطنية. الطائف. 40 ـ ((زاد المعاد في هدي خير العباد)): ابن قيم الجوزية = محمد بن أبي بكر (ت 751). تحقيق الشيخين شعيب وعبد القادر الأرناؤوط. نشر مؤسسة الرسالة ببيروت. الطبعة الثالثة سنة 1402. 41 ـ ((السنن الكبرى)): الحافظ البيهقي = أحمد بن الحسين (ت 458). نشر دار المعرفة. بيروت. 42 ـ ((سنن ابن ماجه)): محمد بن يزيد القزويني (ت 275).

تحقيق أ. محمد فؤاد عبد الباقي. نشر دار الحديث. القاهرة. 43 ـ ((سير أعلام النبلاء)): الحافظ الذهبي = محمد بن أحمد (ت 748). تحقيق مجموعة من الأساتذة. نشر مؤسسة الرسالة. بيروت. الطبعة الأولى. 44 ـ ((شأن الدعاء)): الإمام الخطابي = حَمْد بن محمد (ت 388). تحقيق أ. أحمد يوسف الدقاق. نشر دار المأمون للتراث. دمشق، بيروت. الطبعة الأولى سنة 1404. 45 - ((شرح ديوان أبي العتاهية)): أبو العتاهية = إسماعيل بن القاسم بن سويد. نشر دار صعب بيروت. 46 ـ ((شرح ديوان أمية بن أبي الصلت)): بتعليق سيف الدين الكاتب وأحمد عصام الكاتب. نشر دار مكتبة الحياة، بيروت. 47 ـ ((شرح نهج البلاغة)): ابن أبي الحديد = عبد الحميد بين هبة (ت 656).

تحقيق الشيخ حسن تميم. نشر دار مكتبة الحياة. بيروت. سنة 1963. 48 - ((صحيح البخاري)): محمد بن إسماعيل (ت256). نشر مكتبة الجيل. بيروت. 49 ـ ((صحيح مسلم بشرح النووي)). تحقيق مجموعة من الأساتذة. نشر دار الخير. دمشق. الطبعة الأولى. سنة 1414. 50 ـ ((صفة الصفوة)): ابن الجوزي = عبد الرحمن بن علي (ت 597). تحقيق أ. محمود فاخوري. نشر دار الوعي بحلب. الطبعة الأولى سنة 1393. 51 ـ ((الصلاة والتهجد)): ابن الخراط = عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي (ت 581). تحقيق أ. عادل أبو المعاطي. نشر دار الوفاء. الطبعة الأولى سنة 1413. 52 ـ ((طبقات الشافعية الكبرى)): تاج الدين السبكي = عبد الوهاب بن علي (ت 771). تحقيق د. عبد الفتاح الحلو، د. محمود الطناحي. نشر

عيسى البابي الحلبي. القاهرة. الطبعة الأولى. 53 ـ ((الطبقات الكبرى)): أو ((الواضح الأنوار في طبقات الأخيار)): الشعراني = عبد الوهاب بن أحمد (ت 945). نشر شركة مصطفى البابي الحلبي. القاهرة. الطبعة الأولى سنة 1373. 54 ـ ((طهارة القلوب والخضوع لعلام الغيوب)): الشيخ عبد العزيز بن أحمد الدَّيرِيني (ت 697). نشر دار أسامة. بيروت. الطبعة الأولى سنة 1407. 55 ـ ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) العظيم آبادي = محمد شمس الحق. تحقيق أ. عبد الرحمن عثمان. نشر دار الفكر. بيروت. الطبعة الثالثة. سنة 1399. 56 ـ ((غرر البلاغة)): هلال بن المحسن الصابئ (ت 448). تحقيق د. أسعد ذبيان. نشر دار الكلمة. بيروت. الطبعة الأولى سنة 1403. 57 ـ ((الغنية لطالبي طريق الحق عز وجل)): الشيخ عبد القادر الجيلاني (ت 561). تحقيق أ. فرج توفيق الوليد. نشر مكتبة الشرق. بغداد.

58 ـ ((فتوح الغيب)) الشيخ عبد القادر الجيلاني (ت 561). نشر دار الألباب. دمشق. الطبعة الثانية سنة 1413. 59 ـ ((قصائد ومقطعات صنعة أبي الحسن حازم القرطاجني)) (ت 684). تحقيق د. محمد الحبيب ابن الخوجة. نشر الدار التونسية للنشر. 60 ـ ((كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب)) ابن خزيمة = محمد بن إسحاق (311). تحقيق د. عبد العزيز الشهوان. نشر دار الرشد. الرياض. الطبعة الأولى سنة 1408. 61 ـ ((كتاب الروضتين في أخبار الدولتين)): أبو شامة المقدسي = عبد الرحمن بن إسماعيل (ت 665). نشر دار الجيل. بيروت. 62 ـ ((كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال)): المتقي الهندي = علي بن حسام الدين (ت 975). ضبط الشيخ بكري جياني. وفهرسة الشيخ صفوة السقا. نشر مؤسسة الرسالة. بيروت. الطبعة الخامسة. سنة 1405. 63 ـ ((كنز النجاح والسرور في الأدعية التي تشرح الصدور)):

الشيخ عبد الحميد قدس. الطبعة الثالثة سنة 1399، بدون مكان نشر. 64 ـ ((الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة)): نجم الدين الغزي = محمد بن محمد بن محمد (ت 1067). تحقيق د. جبرائيل جبّور. نشر دار الآفاق الجديدة. بيروت. الطبعة الثانية 1979. 65 ـ ((لسان الدين ابن الخطيب: حياته وتراثه الفكري)): أ. محمد عبد الله عنان. نشر مكتبة الخانجي. القاهرة. الطبعة الأولى سنة 1388. 66 ـ ((لسان العرب)): ابن منظور الإفريقي = محمد بن مكرم (ت 711). نشر دار صادر. بيروت. 67 ـ ((لسان الميزان)): الحافظ ابن حجر العسقلاني = أحمد بن علي (ت 852). نشر دار الفكر. بيروت. الطبعة الأولى سنة 1407. 68 ـ مجلة ((المعرفة)): مجلة ثقافية شهرية، تصدر عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي بسورية. دمشق.

69 ـ ((مجمع الزوائد ومنبع الفوائد)) الإمام الهيثمي = علي بن أبي بكر (ت 807). نشر دار المعارف. بيروت. سنة 1406. 70 ـ ((مجموعة شريفة)) مطبوعة مع ((الانوار القدسية في مقدمة الطريقة السنوسية)) لأحمد بن إدريس السنوسي. طبعت في دار الطباعة العامرة. استانبول سنة 1339. 71 ـ ((المختار المصون من أعلام القرون)): المصنف: واضع هذه الرسالة. نشر دار الأندلس الخضراء. جدة. الطبعة الأولى. سنة 1415. 72 ـ ((مخ العبادة لأهل السلوك والإرادة، من كلام الله ورسوله والسلف الصالحين القادة)). بدون اسم مصنف ولا مكان نشر ولا تاريخه!! 73 ـ ((المستدرك على الصحيحين)): أبو عبد الله الحاكم = محمد بن عبد الله (ت 405). دراسة وتحقيق أ. مصطفى عبد القادر عطا. نشر دار الكتب العلمية. بيروت. الطبعة الأولى سنة 1411. 74 ـ ((المستغيثين بالله تعالى عند المهمات والحاجات

والمتضرعين إليه سبحانه بالرغبات والدعوات وما يسر الله الكريم لهم من الإجابات والكرامات)): الإمام الحافظ ابن بشكوال = خلف بن عبد الملك (ت 578). ضبط وتعليق غنيم بن عباس بن غنيم. نشر دار المشكاة للبحث والنشر والتوزيع. القاهرة. الطبعة الأولى سنة 1414. 75 ـ ((معجم الأدباء)): ياقوت الحموي (ت 626). نشر دار الفكر. بيروت. الطبعة الثالثة. سنة 1400. 76 ـ ((المعجم الوسيط)): وضع مجموعة من الأساتذة. نشر مجمع اللغة العربية. القاهرة. 77 ـ ((معرفة الصحابة)): أبو نعيم الأصبهاني = أحمد بن عبد الله (ت 430). تحقيق أ. عادل بن يوسف العزازي. نشر دار الوطن. الرياض. الطبعة الأولى سنة 1419. 78 ـ ((المغني)): ابن قدامة = عبد الله بن أحمد (ت 620). تحقيق د. عبد الله التركي، د. عبد الفتاح الحلو. نشر هجر للطباعة والنشر. القاهرة. الطبعة الثانية سنة 1412. 79 ـ ((المكنون في مناقب ذي النون)): الحافظ السيوطي = عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911).

تحقيق الشيخ عبد الرحمن محمود. نشر مكتبة الأدباء. القاهرة. الطبعة الأولى سنة 1412. 80 ـ ((الملحق التابع للبدر الطالع)): محمد بن محمد بن يحيى بن زبارة الحسني اليمني الصنعاني. نشر مع كتاب ((البدر الطالع)) الذي سبق ذكره في هذا الفهرست. 81 ـ ((موارد الظمآن لدروس الزمان)): الشيخ عبد العزيز المحمد السلمان. الطبعة الثالثة عشرة طبعة خيرية سنة 1403. 82 ـ ((نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء)): المصنف: واضع هذه الرسالة. نشر دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع. جدة. الطبعة الأولى سنة 1411. 83 ـ ((الوافي بالوفيات)): الصفدي = خليل بن أيْبَك (ت 764). نشر فرانز شتاينر. شتوتغارت. سنة 1411.

§1/1